Admin Strati On Court

  • Uploaded by: DRISS BENMALEK
  • 0
  • 0
  • June 2020
  • PDF

This document was uploaded by user and they confirmed that they have the permission to share it. If you are author or own the copyright of this book, please report to us by using this DMCA report form. Report DMCA


Overview

Download & View Admin Strati On Court as PDF for free.

More details

  • Words: 44,454
  • Pages: 210
‫القضاء‬ ‫الداري‬ ‫دراسة لسس ومبادئ القضاء‬ ‫الداري في العراق‬

‫الستاذ الدكتور‬ ‫مازن ليلو راضي‬ ‫‪1‬‬

‫)ربنا آتنا من‬ ‫لدنك رحمة وهيئ‬ ‫!مرنا‬ ‫‪ #‬أ‬ ‫لنا من‬ ‫‪( %‬‬ ‫!دا‬ ‫رش‬ ‫صدق ال العظيم‬ ‫الكهف ‪10‬‬

‫‪2‬‬

‫مقدمة عامة‬ ‫إن وجود الدارة طرفا) في العلقة قانونية مع الفراد‪،‬‬ ‫بما تتمتع به من سلطات وامتيازات كثيرة لشك يؤدي في‬ ‫كثير من الحيان إلى ارتكاب الدارة بعض الخطاء عندما‬ ‫تصدر قراراتها دون روية أو على عجل‪ ،‬وقد يحدث أن‬ ‫تتجاهل الدارة بعض القواعد القانونية التي سنها المشرع‬ ‫حفاظا) على مصلحة الفراد‪.‬‬ ‫ولما كانت الدارة في اتصال مستمر مع الفراد فقد‬ ‫تؤدي هذه الخطاء إلى الضرار بهم‪ ،‬ومن مقتضيات العدالة‬ ‫ومقوماتها أن تخضع الدارة لحكم القانون وأن تكون كلمة‬ ‫القانون هي العليا‪ ،‬ولبد لذلك من تنظيم رقابة قضائية‬ ‫على أعمال الدارة تضمن سيادة حكم القانون ‪.‬‬ ‫يقول الستاذ الدكتور عبد الرزاق السنهوري في هذا‬ ‫المعنى ‪ " :‬أن من كان مظلوما) وكان خصمه قويا)‬ ‫كالدارة‪ ،‬فلبد من ملذ يلوذ به ويتقدم إليه بشكواه ول‬ ‫شيء أكرم للدارة وأحفظ لمكانتها من أن تنزل مع خصمها‬ ‫إلى ساحة القضاء تنصفه أو تنتصف منه وذلك أدنى إلى‬ ‫الحق والعدل وأبقى للهيبة والحترام " ‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫وقد حمل القضاء الداري على كاهله عبء تحقيق‬ ‫التوازن بين مقتضيات المصلحة العامة التي تسعى الدارة‬ ‫إلى تحقيقها وبين حماية حقوق الفراد وحرياتهم من‬ ‫عسف الدارة إذا ما اعتدت على هذه الحقوق ‪.‬‬ ‫وقد مر القضاء الداري بتاريخ طويل قبل أن يصل إلى‬ ‫ما هو عليه اليوم‪ ،‬فقد كانت الدارة في فرنسا تتمتع‬ ‫بوظيفة مزدوجة فهي سلطة تنفيذية من جهة وقاضيه من‬ ‫جهة أخرى‪ ،‬فكانت الدارة تسمو على غيرها من الحقوق‪،‬‬ ‫وبعد أن ظهر عجز الدارة القاضية عن حماية الفراد‬ ‫وحقوقهم وتحقيق المصلحة العامة‪ ،‬دعت الضرورة إلى‬ ‫إصلح هذا الخلل وفي عام ‪ 1872‬منح مجلس الدولة‬ ‫الفرنسي اختصاصا) قضائيا) باتا) فأخذت قسمات القضاء‬ ‫الداري تتضح إل أن الدارة بقيت تمارس بعض‬ ‫الختصاصات حتى عام ‪ 1889‬عندما أصبح مجلس الدولة‬ ‫صاحب الختصاص في نظر المنازعات الدارية‪.‬‬ ‫وقد سار المشرع المصري على نهج المشرع‬ ‫الفرنسي منذ عام ‪ 1946‬بإنشاء مجلس الدولة المصري‬ ‫أما في العراق فلم يأخذ المشرع بنظام ازدواجية حتى عام‬ ‫‪ 1989‬حيث أصبح الغراق من دول القضاء المزدوج بعد‬ ‫صدور قانون تعديل قانون مجلس شورى الدولة رقم‬ ‫‪106‬لسنة ‪.1989‬‬ ‫وقد أدى القضاء الداري في العراق دورا) مهما) في‬ ‫مجال حسم المنازعات الدارية رغم حداثة عهده ‪ ،‬ويتميز‬ ‫القضاء الداري بدوره الكبير في إنشاء وخلق القواعد‬ ‫القانونية المتعلقة بنظام القانون العام على عكس القضاء‬ ‫العادي الذي يكتفي بتطبيق القواعد المحددة سلفا)‪.‬‬ ‫وسنحاول في هذه الدراسة أن نلم بموضوع الرقابة‬ ‫على أعمال الدارة من خلل تقسيمه ثلثة أبواب‪ :‬الول‬ ‫خصصناه للبحث في مبدأ المشروعية أما الباب الثاني‬ ‫فتناولنا فيه نشأة القضاء الداري وتنظيمه‪ ،‬بينما تعلق‬ ‫الباب الثالث بموضوع قضاء اللغاء‪ ،‬وفق التفصيل التي‪:‬‬

‫‪4‬‬

‫الباب الول‪ :‬مبدأ المشروعية‪.‬‬ ‫الفصل الول‪ :‬مصادر مبدأ المشروعية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬موازنة مبدأ المشروعية‪.‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬الرقابة على أعمال الدارة‪.‬‬ ‫الباب الثاني‪ :‬نشأة القضاء الداري وتنظيمه‪.‬‬ ‫الفصل الول‪ :‬نشأة القضاء الداري وتنظيمه في‬ ‫فرنسا‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬نشأة القضاء الداري وتنظيمه‬ ‫في مصر‪.‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬نشأة القضاء الداري وتنظيمه‬ ‫في العراق‪.‬‬ ‫الباب الثالث‪ :‬قضاء اللغاء‪.‬‬ ‫الفصل الول‪ :‬شروط قبول دعوى اللغاء‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬أوجه الطعن باللغاء‪.‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬إجراءات رفع دعوى اللغاء والحكم‬ ‫فيها‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫الباب الول‬ ‫مبـدأ الشروعيـة‬

‫مبـدأ الشروعيـة‬ ‫يقصد بالمشروعية أن تخضع الدولة بهيائتها وأفرادها‬ ‫جميعهم لحكام القانون وأن ل تخرج عن حدوده‪ ،‬ومن‬ ‫مقتضيات هذا المبدأ أن تحترم الدارة في تصرفاتها أحكام‬ ‫القانون‪ ،‬و إل عدت أعمالها غير مشروعة وتعرضت‬ ‫للبطلن‪.‬‬ ‫والساس الذي يقوم عليه المبدأ مرهون باختلف‬ ‫الظروف السياسية والجتماعية والقتصادية في مختلف‬ ‫الدول‪.‬‬ ‫وغالبا) ما تتفق الدول على أن هذا الخضوع هو الذي‬ ‫يمنح تصرفاتها طابع الشرعية ويضعها في مصاف الدول‬ ‫القانونية وبخروجها عنه تصبح دولة بوليسية ‪Etat de‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫‪. Police‬‬ ‫‪1‬‬

‫ ينظر بخصوص مبدأ المشروعية ‪-:‬‬‫ د‪ .‬سليمان محمد الطماوي – القضاء الداري – الكتاب الول – قضاء اللغاء –‬‫دار الفكر العربي – القاهرة – ‪ – 1996‬ص ‪ 35‬وما بعدها ‪.‬‬ ‫ د‪ .‬رأفت فودة – مصادر المشروعية الدارية ومنحنياتها – دار النهضة العربية –‬‫القاهرة – ‪ – 1995‬ص ‪ 9‬وما بعدها ‪.‬‬ ‫ د‪ .‬عبد الغني بسيوني – القضاء الداري – منشأة المعارف – السكندرية –‬‫‪ – 1996‬ص ‪.11‬‬

‫‪6‬‬

‫ولبد للدولة القانونية من مقومات وعناصر طبيعية‬ ‫جوهرية ومن هذه العناصر‪:‬‬ ‫‪ .1‬وجود دستور يحدد النظام ويضع القواعد الساسية‬ ‫لممارسة السلطة في الدولة ويبين العلقة بين‬ ‫سلطاتها الثلث التشريعية والتنفيذية والقضائية‪.‬‬ ‫‪ .2‬خضوع الدارة للقانون‪ :‬ويقتضي ذلك عدم جواز‬ ‫إصدار الدارة أي عمل أو قرار أو أمر من دون‬ ‫الرجوع لقانون وتنفيذا) لحكامه‪.‬‬ ‫‪ .3‬التقيد بمبدأ تدرج القواعد القانونية ‪ :‬ويستند ذلك‬ ‫إلى أن القواعد القانونية تتدرج بمراتب متباينة‬ ‫بحيث يسمو بعضها على البعض الخر‪.‬‬ ‫‪ .4‬تنظيم رقابة قضائية‪ :‬لكي تكتمل عناصر الدولة‬ ‫القانونية لبد من وجود تنظيم للرقابة القضائية‬ ‫على أعمال مختلف السلطات فيها‪ ،‬وتقوم بهذه‬ ‫المهمة المحاكم على اختلف أنواعها سواء أكانت‬ ‫عادية أم إدارية‪ ،‬تبعا) لطبيعة النظام القضائي‬ ‫المعمول به في الدولة كأن يكون نظام قضاء موحد‬ ‫أم نظام القضاء المزدوج‪.‬‬ ‫ويمثل القضاء الداري في الدول التي تعمل به ركيزة‬ ‫أساسية في حماية المشروعية وضمان احترام حقوق‬ ‫وحريات الفراد من جور وتعسف الدارة‪ ،‬ويتسم هذا القضاء‬ ‫بالخبرة والفاعلية في فض المنازعات التي تنشأ بين‬ ‫الفراد والدارة لكونه ليس مجرد قضاء تطبيقي كالقضاء‬ ‫المدني وإنما قضاء) إنشائيا) ل يتورع عن ابتداع الحلول‬ ‫المناسبة لتنظيم علقة الدارة بالفراد في ظل القانون‬ ‫العام‪.‬‬

‫ د‪ .‬ماجد راغب الحلو – القضاء الداري – دار المطبوعات الجامعية بالسكندرية –‬‫‪ – 1995‬ص ‪ 10‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪- Jean Rivero – Droit administrative précis Dalloz، 1970 – P 14 .‬‬ ‫‪- Benot – Le droit administrative francais 1968 – P 77 .‬‬

‫‪7‬‬

8

‫الفصل الول‬ ‫مصادر مبدأ المشروعية‬ ‫إذا كانت الدارة تلتزم باحترام القانون وتطبيقه‪ ،‬فأن‬ ‫المقصود بالقانون هنا القواعد القانونية جميعها أيا) كان‬ ‫شكلها ‪.‬‬ ‫ومصادر المشروعية هي مصادر القانون ذاته‬ ‫كالدستور وما يلحق به من قيمة قانونية عليا كإعلنات‬ ‫الحقوق ومقدمات الدساتير ثم يلي الدستور القوانين ثم‬ ‫القرارات الدارية التنظيمية و الفردية والعرف والقضاء ‪.‬‬ ‫وسنقسم هذه المصادر إلى نوعين ‪ :‬المصادر‬ ‫المكتوبة والمصادر الغير مكتوبة ‪.‬‬

‫المبحث الول‬ ‫المصادر المكتوبة‬ ‫تشمل المصادر المكتوبة الدستور والتشريع العادي‬ ‫)القانون( والتشريعات الفرعية أي اللوائح الدارية ‪.‬‬

‫المطلب الول‪ :‬التشريعـات الدستوريـة‬

‫تعــد التشــريعات الدســتورية أعلــى التشــريعات فــي‬ ‫الدولة وتقع فـي قمة الهـرم القـانوني وتسمو على القواعد‬ ‫القانونيـة الخـرى جميعـا) فهـي تحـدد شـكل الدولـة ونظـام‬ ‫الحكـم فيهـا وعلقتـه بـالمواطنين وحقـوق الفـراد وحريـاتهم‪،‬‬ ‫والختصاصــات الساســية لمختلــف الســلطات العامــة فــي‬ ‫الدولة‪.‬‬ ‫ومن ثم ينبغي أن تلتزم سلطات الدولة جميعها بالتقيد‬ ‫بأحكامه و إل عدت تصرفاتها غير مشروعة‪ ،‬والدارة بوصفها‬

‫‪9‬‬

‫جهاز السلطة التنفيذية تلتزم بقواعد الدستور ول يحق لها‬ ‫مخالفته في أعمالها إذ أن ذلك يعرض أعمالها لللغاء‬ ‫)‪(1‬‬ ‫والتعويض عما تسببه من أضرار ‪.‬‬ ‫والقواعد الدستورية ل يقصد بها مجموعة القواعد‬ ‫المكتوبة في وثيقة أو وثائق دستورية فحسب إذ من‬ ‫الممكن أن تكون تلك القواعد غير مكتوبة في ظل دستور‬ ‫عرفي يتمتع بسمو القواعد الدستورية المكتوبة ذاتها ‪.‬‬ ‫كذلك تتمتع إعلنات الحقوق وما تضمنته هذه‬ ‫العلنات من حقوق وحريات للفراد بقوة النصوص‬ ‫الدستورية فل يجوز مخالفتها ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬القانـــون‬

‫القوانين هي التشريعات التي تصدرها السلطة‬ ‫التشريعية في الدولة وهي صاحبة الختصاص في ذلك‪،‬‬ ‫وتأتي هذه التشريعات في المرتبة الثانية بعد الدستور من‬ ‫حيث التدرج القانوني وتعد المصدر الثاني من مصادر‬ ‫المشروعية ‪.‬‬ ‫والدارة بوصفها السلطة التنفيذية تخضع لحكام‬ ‫القوانين فإذا خالفت حكم القانون أو صدر عمل إداري‬ ‫استنادا) إلى القانون غير دستوري وجب إلغاء ذلك العمل ‪.‬‬ ‫والسلطة المختصة بإصدار القانون في العراق هي‬ ‫البرلمان باعتباره ممثل) للدارة العامة ويشترط في‬ ‫التشريعات التي يصدرها أن توافق أحكام الدستور وإل‬ ‫كانت غير مشروعة وجديرة بالحكم بعد دستوريتها ‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬اللوائح والنظمة‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو – المصدر السابق ‪ -‬ص ‪. 25‬‬

‫‪10‬‬

‫اللوائح هي قرارات إدارية تنظيمية تصدرها السلطة‬ ‫التنفيذية وهي واجبة الحترام من حيث أنها تمثل قواعد‬ ‫قانونية عامة مجردة تلي القانون في مرتبتها في سلم‬ ‫التدرج القانوني ‪.‬‬ ‫ومن ثم فإن هذه اللوائح أو النظمة هي بمثابة‬ ‫تشريعات من الناحية الموضوعية لنها تتضمن قواعد‬ ‫قانونية عامة مجردة تخاطب مجموع الفراد أو أفرادا)‬ ‫معينين بصفاتهم ل ذواتهم‪ ،‬إل أنها تعد قرارات إدارية من‬ ‫الناحية الشكلية لصدورها من السلطة التنفيذية ‪.‬‬ ‫ويمكن تصنيف اللوائح إلى عدة أنواع هي‪:‬‬ ‫‪ .1‬اللوائح التنفيذية ‪ :‬وهي التي تصدرها الدارة‬ ‫بغرض وضع القانون موضع التنفيذ‪ ،‬وهي تتقيد‬ ‫بالقانون وتتبعه‪ ،‬ول تملك أن تعدل فيه أو تضف إليه‬ ‫أو تعطل تنفيذه‪.‬‬

‫‪.2‬‬

‫لوائح الضرورة ‪ :‬وهي اللوائح التي تصدرها‬ ‫السلطة التنفيذية في غيبة البرلمان أو السلطة‬ ‫التشريعية لمواجهة ظروف استثنائية عاجلة تهدد‬ ‫أمن الدولة وسلمتها‪ ،‬فتملك السلطة التنفيذية من‬ ‫خللها أن تنظم أمور ينظمها القانون أصل) ويجب أن‬ ‫تعرض هذه القرارات على السلطة التشريعية في‬ ‫أقرب فرصة لقرارها‪.‬‬ ‫‪ .3‬اللوائح التنظيمية ‪ :‬وتسمى أيضا) اللوائح‬ ‫المستقلة وهي اللوائح التي تتعدى تنفيذ القوانين‬ ‫إلى تنظيم بعض المور التي لم يتطرق إليها‬ ‫القانون فتقترب وظيفتها من التشريع ‪.‬‬ ‫‪ .4‬لوائح الضبط ‪ :‬وهي تلك اللوائح التي تصدرها‬ ‫الدارة بقصد المحافظة على النظام العام بعناصره‬ ‫المختلفة‪ ،‬المن العام والصحة العامة و السكينة‬ ‫العامة‪ ،‬وهي مهمة بالغة الهمية لتعلقها مباشرة‬ ‫بحياة الفراد وتقيد حرياتهم لنها تتضمن أوامر‬ ‫ونواهي وتوقع العقوبات على مخالفيها‪ ،‬مثل لوائح‬

‫‪11‬‬

‫المرور وحماية الغذية والمشروبات والمحال العامة‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ .5‬اللوائح التفويضية ‪ :‬وهي اللوائح التي تصدرها‬ ‫السلطة التنفيذية بتفويض من السلطة التشريعية‬ ‫لتنظيم بعض المسائل الداخلة أصل) في نطاق‬ ‫التشريع ويكون لهذه القرارات قوة القانون سواء‬ ‫أصدرت في غيبة السلطة التشريعية أو في حالة‬ ‫انعقادها ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬ ‫المصادر غير المكتوبة‬ ‫تشمل المصادر غير المكتوبة للمشروعية على‬ ‫المبادئ العامة للقانون والقضاء والعرف والدارة ‪.‬‬

‫المطلب الول ‪ :‬المبادئ العامة للقانون‬

‫يقصد بالمبادئ العامة للقانون تلك المبادئ التي‬ ‫يستنبطها القضاء ويعلن ضرورة التزام الدارة بها‪ ،‬والتي‬ ‫يكشف عنها القاضي من خلل الضمير القانوني العام في‬ ‫الدولة ويطبقها على ما يعرض عليه من منازعات ‪.‬‬ ‫والمبادئ العامة للقانون ل يشترط ورودها في نص‬ ‫قانوني مكتوب فقد تكون خارجة عنه يستخلصها القاضي‬ ‫من طبيعة النظام القانوني وأهدافه القتصادية‬ ‫والسياسية والجتماعية والقيم الدينية والثقافية السائدة‬ ‫في المجتمع ‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من اختلف الفقه حول القيمة القانونية‬ ‫التي تتمتع بها المبادئ العامة للقانون‪ ،‬فقد استقر القضاء‬ ‫على تمتع هذه المبادئ بقوة ملزمة للدارة بحيث يجوز‬ ‫الطعن بإلغاء القرارات الصادرة عنها‪ ،‬وتتضمن انتهاكا) لهذه‬ ‫المبادئ والتعويض عن الضرار التي تسببها الفراد ‪.‬‬

‫‪12‬‬

‫ومن المبادئ القانونية العامة التي استخلصها مجلس‬ ‫الدولة الفرنسي وأضحت قواعدا) أساسية في القانون‬ ‫الداري ونظام القانون العام ‪ :‬مبدأ سيادة القانون‪ ،‬ومبدأ‬ ‫عدم رجعية القرارات الدارية‪ ،‬ومبدأ المساواة أمام المرافق‬ ‫العامة‪ ،‬ومبدأ المساواة أمام التكاليف العامة‪ ،‬ومبدأ الحق‬ ‫في التقاضي‪ ،‬ومبدأ عدم المساس بالحقوق المكتسبة‪،‬‬ ‫ونظرية الظروف الستثنائية ‪.‬‬ ‫والقضاء الداري بهذا المعنى ل يخلق المبادئ العامة‬ ‫للقانون إنما يقتصر دوره على كشفها والتحقق من وجودها‬ ‫في الضمير القانوني للمة‪ ،‬ولذلك فمن الواجب على‬ ‫الدارة والقضاء احترامها والتقييد بها باعتبارها قواعد ملزمة‬ ‫شأنها في ذلك شأن القواعد المكتوبة ‪.‬‬

‫‪13‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬القضاء‬

‫الصل في وظيفة القاضي تطبيق القوانين والفصل‬ ‫في المنازعات المعروضة أمامه‪ ،‬وهو ملزم قانونا) بالفصل‬ ‫في المنازعة الداخلة في اختصاصه و إل اعتبر منكرا)‬ ‫للعدالة‪ ،‬لذلك رسم المشرع للقاضي العادي السلوب‬ ‫الذي يسلكه لفض المنازعة إذا لم يجد في القواعد‬ ‫القانونية القائمة حل) للمنازعة ‪.‬‬ ‫الصل في وظيفة القاضي تطبيق القوانين والفصل في‬ ‫المنازعات المعروضة أمامه ‪ ،‬وهو ملزم قانونا) بالفصل في‬ ‫المنازعة الداخلة في اختصاصه وإل اعتبر منكرا) للعدالة ‪،‬‬ ‫لذلك رسم المشرع للقاضي السلوب الذي يسلكه لفض‬ ‫المنازعة إذا لم يجد في القواعد القانونية حل) للمنازعة ‪.‬‬

‫وعلى ذلك ل يعد القضاء مصدرا) رسميا) للقانون لدوره‬ ‫المتعلق بتطبيق النصوص التشريعية وتفسيرها وإزالة‬ ‫غموضها وإزالة التعارض المحتمل بينها ‪ ،‬ول يتعدى‬ ‫القاضي هذا المر ليصل إلى حد خلق قواعد قانونية خارج‬ ‫)‪(1‬‬ ‫نصوص التشريع ‪.‬‬ ‫إل أن الطبيعة الخاصة لقواعد القانون الداري من‬ ‫حيث عدم تقنينه وظروف نشأته وتعدد مجالت نشاطه ‪،‬‬ ‫أدى إلى أن يتجاوز القضاء الداري دور القضاء العادي‬ ‫ليتماشى مع متطلبات الحياة الدارية فيعمد إلى خلق‬ ‫مبادئ وأحكام القانون الداري ‪ ،‬فيصبح القضاء مصدر‬ ‫رسمي للقانون الداري بل من أهم مصادرها الرسمية ‪،‬‬ ‫ويتعدى دوره التشريع في كثير من الحيان ‪.‬‬ ‫وتتميز أحكام القضاء الداري بعدم خضوعها للقانون‬ ‫المدني ‪ ،‬فالقاضي الداري إذا لم يجد في المبادئ‬ ‫القانونية القائمة نصا) ينطبق على النزاع المعروض عليه‬ ‫يتولى بنفسه إنشاء القواعد اللزمة لذلك دون أن يكون‬ ‫مقيدا) بقواعد القانون المدني ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬رفعت محمد عبد الوهاب – المصدر السابق – ص ‪. 76‬‬

‫‪14‬‬

‫ومن جانب آخر أن أحكام القضاء العادي ذات حجية‬ ‫نسبية تقتصر على أطراف النزاع وموضوعه ولهذا تحدد‬ ‫قيمتها بوصفها مصدرا) تفسيرا) على النقيض من أحكام‬ ‫القضاء الداري التي تتميز بكونها حجة على الكافة ‪.‬‬ ‫وفي ذلك يتبين أن للقضاء دورا) إنشائيا) كبيرا) في‬ ‫مجال القانون الداري ومن ثم فهو يشكل مصدرا) رئيسيا)‬ ‫من مصادر المشروعية ‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للقضاء الداري فأن أحكامه تتميز بعدم‬ ‫خضوعها للقانون المدني‪ ،‬فالقاضي الداري إذا لم يجد في‬ ‫المبادئ القانونية القائمة نصا) ينطبق على النزاع المعروض‬ ‫عليه يتولى بنفسه إنشاء القواعد اللزمة لذلك دون أن‬ ‫يكون مقيدا) بقواعد القانون المدني فهو قضاء إنشائي‬ ‫يبتدع الحلول المناسبة التي تتفق وطبيعة روابط القانون‬ ‫العام واحتياجات المرافق العامة‪ ،‬ومقتضيات حسن سيرها‬ ‫واستدامتها والتي تختلف في طبيعتها عن روابط القانون‬ ‫الخاص ‪.‬‬ ‫ومن جانب آخر أن أحكام القضاء العادي ذات حجية‬ ‫نسبية تقتصر على أطراف النزاع وموضوعه ولهذا تحدد‬ ‫قيمتها بوصفها مصدرا) تفسيريا) على النقيض من أحكام‬ ‫القضاء الداري التي تتميز بكونها حجة على الكافة ‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬العرف الداري‬

‫العرف الداري هو مجموعة القواعد التي درجت‬ ‫الدارة على إتباعها في أداء وظيفتها في مجال معين من‬ ‫نشاطها وتستمر فتصبح ملزمة لها وتعد مخالفتها مخالفة‬ ‫للمشروعية تؤدي إلى إبطال تصرفاتها بالطرق المقررة‬ ‫قانونا) ‪.‬‬

‫‪15‬‬

‫ويأتي العرف الداري في مرتبة أدنى من مرتبة‬ ‫القواعد القانونية المكتوبة مما يستلزم إل يخالف نصا) من‬ ‫نصوص القانون‪ ،‬فهو مصدر تكميلي للقانون يفسر ويكمل‬ ‫ما نقص منه ‪.‬‬ ‫ويتبين من ذلك أن العرف الداري يتكون من عنصرين ‪:‬‬ ‫عنصر معنوي يتمثل في شعور الفراد والدارة بأن القاعدة‬ ‫التي سلكتها في تصرفاتها أصبحت ملزمة قانونا)‪ ،‬وعنصر‬ ‫مادي يتمثل في العتياد على الخذ بتلك القاعدة بشكل‬ ‫منتظم ومستمر بشرط أن يتبلور ذلك بمضي الزمن الكافي‬ ‫لستقرارها ‪.‬‬ ‫ومع ذلك فأن التزام الدارة باحترام العرف ل يحرمها‬ ‫من أمكان تعديله أو تغييره نهائيا) إذا اقتضت ذلك المصلحة‬ ‫العامة‪ ،‬فالدارة تملك تنظيم القاعدة التي يحكمها العرف‬ ‫بيد أن قيام العرف الجديد يتطلب توفر العنصرين السابقين‬ ‫)‪(1‬‬ ‫فل يتكون بمجرد مخالفة الدارة للعرف المطبق ‪.‬‬ ‫أما إذا خالفت الدارة العرف في حالة فردية خاصة‬ ‫دون أن تستهدف تعديله أو تغييره بدافع المصلحة العامة‬ ‫فأن قرارها أو إجراءها المخالف للعرف يكون باطل) لمخالفته‬ ‫)‪(2‬‬ ‫مبدأ المشروعية ‪.‬‬ ‫ويلزم لوجود العرف الداري إل يخالف نصا) مكتوبا)‪ ،‬فإذا‬ ‫خالفت الدارة في مسلكها نصا) قانونيا)‪ ،‬فل يجوز القول‬ ‫بوجود عرف إداري أو التمسك به‪.‬‬ ‫والعرف الداري يعد مصدرا) للقواعد القانونية في‬ ‫المجال الداري إل أنه ل يجوز اللجوء إليه إل إذا لم يجد‬ ‫القاضي الداري في نصوص القوانين واللوائح ما يمكن‬ ‫تطبيقه لحل النزاع‪ ،‬ويمكن القول بان دور العرف الداري‬ ‫أقل أهمية في مجال القانون الداري منه في مجال‬ ‫القانون الخاص‪ ،‬على اعتبار أن تكوينه يتطلب فترة طويلة‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫ د‪ .‬ماجد راغب الحلو – المصدر السابق – ص ‪. 35‬‬‫‪ -‬د‪ .‬محمود حافظ – القضاء الداري – دار النهضة العربية – القاهرة – ص ‪. 38‬‬

‫‪16‬‬

‫من الثبات والستقرار في حين تتطور أحكام القانون‬ ‫الداري وتتغير باستمرار‪.‬‬

‫الفصل الثاني‬ ‫موازنة مبدأ المشروعية‬ ‫إذا كان احترام حقوق الفراد وحرياتهم يقتضي وجود‬ ‫قواعد صارمة تمنع الدارة من العتداء على مبدأ‬ ‫المشروعية‪ ،‬فأن حسن سير المرافق العامة واستمرار أداء‬ ‫الدارة وظيفتها يقتضيان منحها من الحرية ما يساعدها‬ ‫في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب توخيا)‬ ‫للمصلحة العامة ‪.‬‬ ‫لذلك اعترف المشرع والقضاء والفقه ببعض المتيازات‬ ‫التي تملكها الدارة وتستهدف موازنة مبدأ المشروعية‬ ‫وهي‪:‬‬

‫‪17‬‬

‫• السلطة التقديرية ‪.‬‬ ‫• الظروف الستثنائية ‪.‬‬ ‫• أعمال السيادة ‪.‬‬

‫المبحـث الول‬ ‫السلطة التقديريـة‬ ‫تمارس الدارة نشاطها بأتباع أسلوبين ‪ :‬الول أن‬ ‫تمارس اختصاصا) مقيدا) وفيه يحدد المشرع الشروط لتخاذ‬ ‫قراراها مقدما) ‪ .‬مثلما هو الحال في ترقية موظف‬ ‫بالقدمية فقط فإذا ما توفرت هذه القدمية فأن الدارة‬ ‫مجبرة على التدخل وإصدار قرارها بالترقية‪.‬‬ ‫والسلوب الثاني يتمثل بممارسة الدارة اختصاصا)‬ ‫تقديريا) إذ يترك المشرع للدارة حرية اختيار وقت وأسلوب‬ ‫التدخل في إصدار قراراتها تبعا) للظروف ومن دون أن تخضع‬ ‫للرقابة ‪.‬‬ ‫فالمشرع يكتفي بوضع القاعدة العامة التي تتصف‬ ‫بالمرونة تاركا) للدارة تقدير ملئمة التصرف‪ ،‬شريطة أن‬ ‫تتوخى الصالح العام في أي عمل تقوم به وأن ل تنحرف‬ ‫عن هذه الغاية وإل كان عملها مشوبا) بعيب إساءة‬ ‫)‪(1‬‬ ‫استعمال السلطة ‪.‬‬ ‫إل أن حرية الدارة غير مطلقة في هذا المجال‬ ‫فبالضافة إلى أنها مقيدة باستهداف قراراتها المصلحة‬ ‫العامة تكون ملزمة بإتباع قواعد الختصاص والشكلية‬ ‫المحددة قانونا)‪ ،‬بينما تنصرف سلطتها التقديرية إلى سبب‬ ‫القرار الداري وهو الحالة الواقعية والقانونية التي تبرر‬

‫‪1‬‬

‫ د‪ .‬سعيد عبد المنعم الحكيم – الرقابة على أعمال الدارة في الشريعة‬‫السلمية والنظم المعاصرة – دار الفكر العربي – القاهرة ‪ – 1976‬ص ‪.71‬‬

‫‪18‬‬

‫اتخاذ القرار والمحل وهو الثر القانوني المترتب عنه حال)‬ ‫)‪(1‬‬ ‫ومباشرة‪ ،‬فهنا تتجلى سلطة الدارة التقديرية ‪.‬‬ ‫وقد منح المشرع للدارة هذه السلطة شعورا) منه‬ ‫بأنها أقدر على اختيار الوسائل المناسبة للتدخل واتخاذ‬ ‫القرار الملئم في ظروف معينة لنه مهما حاول ل يستطيع‬ ‫أن يتصور جميع الحالت التي قد تطرأ في العمل الداري‬ ‫ويرسم الحلول المناسبة لها‪ ،‬فالسلطة التقديرية ضرورة‬ ‫لحسن سير العملية الدارية وتحقيق غاياتها‬

‫القضاء والسلطة التقديرية‪:‬‬

‫إذا كانت السلطة التقديرية استثناء) من مبدأ‬ ‫المشروعية‪ ،‬فما دور القضاء في الرقابة على أعمال الدارة‬ ‫الصادرة استنادا) إلى هذه السلطة ؟ ‪.‬‬ ‫ذهب جانب من الفقه إلى أن القضاء يمتنع عن بسط‬ ‫رقابته على أعمال الدارة المستندة إلى سلطتها‬ ‫التقديرية‪ ،‬فالقاضي بحسب رأيهم يمارس رقابة‬ ‫المشروعية وليس رقابة الملئمة ول يجوز له أن يمارس‬ ‫سطوته على الدارة فيجعل من نفسه رئيسا) للسلطة‬ ‫)‪(2‬‬ ‫الدارية ‪.‬‬ ‫في حين ذهب جانب آخر من الفقه إلى جواز تدخل‬ ‫القاضي لمراقبة السلطة التقديرية على أساس ما يتمتع‬ ‫به القاضي الداري من دور في الكشف عن قواعد القانون‬ ‫الداري فيمكن له أن يحول بعض القضايا المندرجة في‬ ‫السلطة التقديرية والمرتبطة بالملئمة إلى قضايا تندرج‬ ‫تحت مبدأ المشروعية تلتزم الدارة بأتباعها و إل تعرضت‬ ‫)‪(3‬‬ ‫أعمالها للبطلن ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫ د‪ .‬ماجد راغب الحلو – المصدر السابق – ص ‪.57‬‬‫‪21‬‬

‫‪- Wade H.W.R Administrative law –oxford –1977- P 630 .‬‬ ‫‪3‬‬

‫ د‪ .‬عبد القادر باينه – القضاء الداري السس العامة والتطور التاريخي – دار‬‫توبقال للنشر المغرب – ‪ – 1985‬ص ‪. 24‬‬

‫‪19‬‬

‫والرأي الكثر قبول) في هذا المجال يذهب إلى أن‬ ‫سلطة الدارة التقليدية ل تمنع من رقابة القضاء وإنما هي‬ ‫التي تمنح الدارة مجال) واسعا) لتقدير الظروف الملئمة‬ ‫لتخاذ قراراتها وهذه الحرية مقيدة بان ل تتضمن هذه‬ ‫القرارات غلطا) بينا) أو انحرافا) بالسلطة‪ ،‬وهي بذلك ل‬ ‫تتعارض مع مبدأ المشروعية بقدر ما تخفف من اختصاصات‬ ‫الدارة المقيدة ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬ ‫الظروف الستثنائية‬ ‫تواجه الدارة في بعض الوقات ظروفا) استثنائية‬ ‫تجبرها على اتخاذ بعض الجراءات التي تعد غير مشروعة‬ ‫في الظروف العادية حماية للنظام العام وحسن سير‬ ‫المرافق العامة فتضفي على إجراءاتها تلك صفة‬ ‫المشروعية الستثنائية ‪.‬‬ ‫وعلى ذلك فأن الظرف الستثنائي أيا) كانت صورته‬ ‫حربا) أو كوارث طبيعية ل يجعل الدارة في منأى من رقابة‬ ‫القضاء بشكل مطلق‪ ،‬فل يعدو المر أن يكون توسعا)‬ ‫لقواعد المشروعية تأسيسا) على مقولة " الضرورات تبيح‬ ‫المحظورات " ‪.‬‬ ‫فالدارة تبقى مسئولة في ظل الظروف الستثنائية‬ ‫على أساس الخطأ الذي قد يقع منها‪ ،‬غير أن الخطأ في‬ ‫حالة الظروف الستثنائية يقاس بمعيار آخر ويوزن بميزان‬

‫‪20‬‬

‫مغاير لذلك الذي يوزن به في ظل الظروف العادية‪،‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫فيستلزم القضاء فيه أكبر من الجسامة ‪.‬‬ ‫وتستمد نظرية الظروف الستثنائية وجودها من‬ ‫القضاء الداري‪ ،‬غير أن المشرع قد تدخل مباشرة في‬ ‫بعض الحالت لتحديد ما إذا كان الظرف استثنائيا) أم ل ‪.‬‬ ‫وهو يمارس ذلك بأتباع أسلوبين‪ :‬الول‪ :‬أن يستصدر‬ ‫قوانين تنظم سلطات الدارة في الظروف الستثنائية بعد‬ ‫وقوعها‪ ،‬ويتسم هذا السلوب بحماية حقوق الفراد‬ ‫وحرياتهم لنه يحرم السلطة التنفيذية من اللجوء إلى‬ ‫سلطات الظروف الستثنائية إل بعد موافقة السلطة‬ ‫التشريعية‪ ،‬ويعيبه أن هناك من الظروف ما يقع بشكل‬ ‫مفاجئ ل يحتمل استصدار تلك التشريعات بالجراءات‬ ‫‪2‬‬ ‫الطويلة المعتادة ‪( ) .‬‬ ‫اما السلوب الثاني فيتمثل في اعداد تشريعات معدة‬ ‫سلفا لمواجهة الظروف الستثنائية‪.‬ول يخفى ما لهذا‬ ‫السلوب من عيوب تتمثل في احتمال إساءة الدارة‬ ‫سلطتها في إعلن حالة الظروف الستثنائية في غير وقتها‬ ‫والستفادة مما يمنحه لها المشرع من صلحيات في تقييد‬ ‫حريات الفراد وحقوقهم ‪.‬‬ ‫وقد أخذ المشرع الفرنسي بالسلوب الخير إذ منحت‬ ‫المادة السادسة عشر من دستور الجمهورية الخامسة‬ ‫الصادر عام ‪ 1958‬رئيس الجمهورية الفرنسية سلطات‬ ‫واسعة من أجل مواجهة الظروف الستثنائية ‪.‬‬ ‫وكذلك فعل المشرع االعراقي حيث حدد المشرع‬ ‫العراقي هذه الحالت في قانون السلمة الوطنية رقم ‪4‬‬ ‫لسنة ‪ 1965‬فيما يلي ‪:‬‬ ‫‪- 1‬اذا حدث خطر من غارة عدائية او اعلنت الحرب او‬ ‫قامت حالة حرب او اية حالة تهدد بوقوعها ‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫ د‪ .‬ماجد راغب الحلو – المصدر السابق – ص ‪. 53‬‬‫ د‪ .‬صبيح بشير مسكوني – القضاء الداري – في الجمهورية العربية الليبية –‬‫جامعة بنغازي – ‪ – 1974‬ص ‪. 71‬‬

‫‪21‬‬

‫‪- 2‬اذا حدث اضطراب خطير في المن العام اوتهديد‬ ‫خطير له ‪.‬‬ ‫‪- 3‬اذا حدث وباء عام او كارثة عامة ‪.‬‬ ‫كذلك اصدر المشرع امر قانون الدفاع عن السلمة‬ ‫الوطنية رقم )‪ (1‬لسنة ‪ 2004‬الذي خول رئيس الوزراء بعد‬ ‫موافقة هيئة الرئاسة بالجماع اعلن حالة الطوارىء في‬ ‫اية منطقة من العراق عند تعرض الشعب العراقي لخطر‬ ‫حال جسيم يهدد الفراد في حياتهم ‪ ،‬وناشىء من حمله‬ ‫مستمرة للعنف ‪ ،‬من أي عدد من الشخاص لمنع تشكيل‬ ‫حكومة واسعة التمثيل في العراق او تعطيل المشاركة‬ ‫السياسية السلمية لكل العراقيين او أي غرض اخر‪.‬‬

‫القضاء الداري ونظرية الظروف الستثنائية‪:‬‬

‫يمارس القضاء الداري دورا) مهما) في تحديد معالم‬ ‫نظرية الظروف الستثنائية‪ ،‬ويضع شروط الستفادة منها‬ ‫ويراقب الدارة في استخدام صلحياتهم الستثنائية حماية‬ ‫لحقوق الفراد وحرياتهم‪ ،‬وهذه الشروط هي‪:‬‬ ‫‪ .1‬وجود ظرف استثنائي يهدد النظام العام وحسن‬ ‫سير المرافق العامة سواء تمثل هذا الظرف بقيام‬ ‫حرب أو اضطراب أو كارثة طبيعية ‪.‬‬ ‫‪ .2‬أن تعجز الدارة عن أداء وظيفتها باستخدام‬ ‫سلطاتها في الظروف العادية‪ ،‬فتلجأ لستخدام‬ ‫سلطاتها الستثنائية التي توافرها هذه النظرية ‪.‬‬ ‫‪ .3‬أن تحدد ممارسة السلطة الستثنائية بمدة‬ ‫الظرف الستثنائي فل يجوز الدارة أن تستمر في‬ ‫الستفادة من المشروعية الستثنائية مدة تزيد‬ ‫على مدة الظرف الستثنائي ‪.‬‬

‫‪.4‬‬ ‫‪1‬‬

‫أن يكون الجراء المتخذ متوازنا) مع خطورة الظرف‬ ‫‪(1) .‬‬ ‫الستثنائي وفي حدود ما يقتضه‬

‫‪ -‬ينظر ‪:‬‬

‫‪22‬‬

‫وللقضاء الداري دور مهم في الرقابة على احترام‬ ‫الدارة لهذه الشروط وهو يميز هذه النظرية عن نظرية‬ ‫أعمال السيادة التي تعد خروجا) على المشروعية ويمنع‬ ‫القضاء من الرقابة على العمال الصادرة استنادا) إليها ‪.‬‬ ‫كما تتميز عن نظرية السلطة التقديرية للدارة التي يكون‬ ‫دور القضاء في الرقابة عليها محدودا) بالمقارنة مع رقابته‬ ‫على أعمال الدارة في الظروف الستثنائية ‪.‬‬ ‫فالقاضي في هذه الظروف يراقب نشاط الدارة ل‬ ‫سيما من حيث أسباب قرارها الداري والغاية التي ترمي‬ ‫إليها الدارة في اتخاذه ول يتجاوز في رقابته إلى العيوب‬ ‫الخرى‪ ،‬الختصاص والشكل والمحل وهو ما استقر عليه‬ ‫)‪(1‬‬ ‫القضاء الداري في العديد من الدول ‪.‬‬

‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪1‬‬

‫د‪ .‬أحمد مدحت على – نظرية الظروف الستثنائية – القاهرة – ‪ – 1978‬ص‬ ‫‪. 19‬‬ ‫د‪ .‬محمود حافظ – المصدر السابق – ص ‪. 44‬‬ ‫د‪ .‬سعيد عبد المنعم الحكيم – المصدر السابق – ص ‪. 49‬‬ ‫د‪ .‬عبد القادر باينه – المصدر السابق – ص ‪. 28‬‬ ‫‪ -‬د‪ .‬عبد القادر باينه – المصدر السابق – ص ‪. 28‬‬

‫‪23‬‬

‫المبحث الثالث‬ ‫نظرية أعمال السيـادة‬ ‫اختلف الفقه والقضاء في تعريف أعمال السيادة‪ ،‬وهي‬ ‫في حقيقتها قرارات إدارية تصدر عن السلطة التنفيذية‬ ‫وتتميز بعدم خضوعها لرقابة القضاء سواء أكان باللغاء أو‬ ‫بالتعويض ‪(1) .‬‬ ‫وهي بذلك تختلف عن نظريتي السلطة التقديرية‬ ‫والظروف الستثنائية التي ل تعمل إل على توسيع سلطة‬ ‫الدارة فهي تعد كما يذهب جانب من الفقه خروجا) صريحا)‬ ‫على مبدأ المشروعية ‪.‬‬ ‫وقد نشأت أعمال السيادة في فرنسا عندما حاول مجلس‬ ‫الدولة الفرنسي أن يحتفظ بوجوده في حقبة إعادة‬ ‫الملكية إلى فرنسا عندما تخلى عن الرقابة على بعض‬ ‫أعمال السلطة التنفيذية ‪(2) .‬‬ ‫وقد استلهم المشرع العراقي في قانون السلطة القضائية‬ ‫رقم )‪ (26‬لسنة ‪) 1963‬الملغي( نظرية اعمال السيادة‬ ‫و قد اصبح لها مصدرا تشريعيا في العراق حيث نصت‬ ‫‪11‬‬

‫‪- J.m.Auby – Droit Administratif, Paris 1967، P 55 .‬‬ ‫‪2‬‬

‫ وفي ذلك ذهب الفقيه هوريو إلى أن أعمال السيادة من مظاهر السياسة‬‫القضائية المرنة والحكيمة لمجلس الدولة الفرنسي لمواجهة الزمات التي كانت‬ ‫تهدد كيانه وكادت تقوض اركانه‪ ،‬فعلى أثر عودة الملكية في فرنسا عام ‪1814‬‬ ‫عزمت الحكومة على إلغاء المجلس المذكور للتخلص من رقابته فلجأ إلى‬ ‫التصالح مع الحكومة بأن تنازل عن بعض سلطاته في الرقابة على طائفة من‬ ‫اعمال الحكومة مقابل الطمئنان إلى مصيره وضمان بقائه رقيبا ‪ j‬على سائر‬ ‫العمال الدارية ‪ .‬ينظر ‪:‬‬ ‫ د ‪ .‬عبد الباقي نعمه عبد الله – نظرية أعمال السيادة في القانون المقارن –‬‫مجلة القانون المقارن – ‪ -1977‬ص ‪.33‬‬ ‫ د‪ .‬عبد الفتاح ساير داير – نظرية أعمال السيادة – رسالة دكتوراه – القاهرة –‬‫‪ – 1955‬ص ‪. 33‬‬

‫‪24‬‬

‫المادة )‪ (4‬منه على أن )ليس للمحاكم أن تنظر في كل‬ ‫ما يعتبر من أعمال السيادة( واخذ بالحكم ذاته قانون‬ ‫التنظيم القضائي رقم ‪ 160‬لسنة ‪ 1979‬حيث نص في‬ ‫مادته العاشرة على انه )ل ينظر القضاء في كل ما يعتبر‬ ‫من أعمال السيادة(‪.‬‬ ‫وعند صدور القانون رقم )‪ (106‬لسنة ‪ 1989‬وهو‬ ‫قانون التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة رقم ‪65‬‬ ‫لسنة ‪ 1979‬نص في مادته السابعة البند خامسا) على ما‬ ‫يأتي )ل تختص محكمة القضاء الداري بالنظر في الطعون‬ ‫المتعلقة بما يأتي ‪:‬‬ ‫‪- 1‬أعمال السيادة وتعتبر من أعمال السيادة المراسيم‬ ‫والقرارات التي يصدرها رئيس الجمهورية(‪ .‬ويبدو أن‬ ‫المش{رع لم يكتف‪ z‬بالنص على أعمال السيادة إبل اعتبر‬ ‫المراسيم والقرارات التي يصدرها رئيس الجمهورية من‬ ‫قبيل اعمال السيادة ول يخفى مالهذا التوجه من خطوره‬ ‫على اعتبار ان اغلب مايصدر من رئيس الجمهورية هو‬ ‫قرارات إدارية ليمكن تحصينها من رقابة القضاء واذا هذا‬ ‫الوضع كان يجد من يبرره في دوله تتبع النظام الشمولي‬ ‫في الحكم والداره فأن الصلحيات التي يمارسها رئيس‬ ‫الجمهوريه والقرارات التي يصدرها في ظل دستور العراق‬ ‫الحالي ليمكن اعتبارها بشكل من الشكال من قبيل‬ ‫أعمال السيادة‪ .‬مما يقتضي تعديل المادة السابعة البند‬ ‫خامسا) والغاء هذا الستثناء من رقابة القضاء الداري ‪.‬‬ ‫وهو ما ينسجم مع توجه المشرع الدستوري العراقي في‬ ‫الدستور الصادر عام ‪ 2005‬حيت ورد النص في الماده ‪97‬‬ ‫)يحظر النص في القوانين على تحصين اي عمل او قرار‬ ‫اداري من الطعن‪(.‬‬ ‫ومع أن المشرع في العراق قد نص على وجود ما يسمى‬ ‫بأعمال السيادة إل أنه آثر عدم وضع تعريف محدد لها على‬ ‫غرار التشريعات الخرى‪ ،‬وترك ذلك إلى القضاء والفقه‪،‬‬ ‫ولشك أن ضرورة وضع معيار لتمييز أعمال السيادة عن‬

‫‪25‬‬

‫سائر أعمال الدارة يحظى بأهمية خاصة‪ ،‬لن إطلق صفة‬ ‫عمل السيادة على تصرف إداري معين يمنحه حصانة من‬ ‫الرقابة القضائية ‪.‬‬ ‫ول يخفى ما لهذا المر من تهديد لحقوق الفراد‬ ‫وحرياتهم‪ ،‬وقد ظهر في سبيل هذا التمييز ثلثة معايير‬ ‫نبينها فيما يلي ‪:‬‬

‫المطلب الول‪ :‬معيار الباعث السياسي‬

‫معيار الباعث السياسي هو المعيار الذي اعتمده‬ ‫مجلس الدولة الفرنسي للخذ بنظرية أعال السيادة و ويعد‬ ‫حكم مجلس الدولة في قضية ‪ Le Fitte‬الصادر في‬ ‫)‪(1‬‬ ‫‪ 1/5/1822‬حجر الساس في اعتماد هذا المعيار ‪.‬‬ ‫وبمقتضاه يعد العمل من أعمال السيادة إذا كان‬ ‫الباعث عليه سياسيا)‪ ،‬أما إذا لم يكن الباعث سياسيا) فإنه‬ ‫)‪(2‬‬ ‫يعد من العمال الدارية التي تخضع لرقابة القضاء ‪.‬‬ ‫وقد أخذ مجلس الدولة بهذا المعيار ليتلفى الصطدام‬ ‫مـع الدارة لنـه معيـار مـرن يتيـح للدارة التخلـص مـن رقابـة‬ ‫القضاء بمجرد تذرعها بأن الباعث على تصرفها سياسي ‪.‬‬ ‫إل أن المجلس عدل عن هذا المعيار نتيجة لكثرة‬ ‫النتقادات الموجهة له‪ ،‬وذلك في حكمه بتاريخ ‪19/2/1875‬‬ ‫في قضية ‪ (3) . Prince Napoleon‬وحكم محكمة التنازع في‬ ‫)‪(4‬‬ ‫‪ 5/11/1880‬في قضية ‪. Marquigny‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪- C.E ler Mai 1822 La Fitte, Rec 371 .‬‬

‫‪2‬‬

‫تتعلق هذه القضية بالمطالبة بإيراد مبالغ خصصها نابليون بونابرت للميرة‬ ‫‪ Borghere‬حيث رفضت الحكومة صرفها بالستناد للقانون الصادر في ‪ 12‬يناير‬ ‫‪ 1816‬الذي حرم أعضاء أسرة نابليون من جميع الموال التي منحت لهم مجانا ‪. j‬‬ ‫ ينظر ‪:‬‬‫ د‪ .‬سليمان محمد الطماوي – القضاء الداري – المصدر السابق – ص ‪. 330‬‬‫ د‪ .‬محسن خليل – القضاء الداري ورقابته لعمال الدارة – القاهرة – ‪– 1968‬‬‫ص ‪. 131‬‬ ‫‪31‬‬

‫‪- C.E .Fevier 1875 – 2-95 G A n 38 edit P 14 .‬‬ ‫‪- T.C 5 Nov 1880، Marquigny، D 1880 –3-12 .‬‬

‫‪42‬‬

‫‪26‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬معيار طبيعة العمل‬

‫نتيجة لما وجه إلى معيار الباعث السياسي من نقد‬ ‫لجأ الفقه والقضاء إلى اعتماد طبيعة العمل ومفهومه‬ ‫لتمييز عمل السيادة عن أعمال الدارة الخرى ‪ .‬وفي‬ ‫سبيل ذلك ظهرت ثلثة اتجاهات ‪:‬‬

‫‪ -1‬التجاه الول‪:‬‬ ‫ذهب التجاه الول إلى التمييز بين العمل الداري‬ ‫والعمل الحكومي إذ عد العمل حكوميا) إذا قصد به تحقيق‬ ‫مصلحة الجماعة السياسية كلها والسهر على احترام‬ ‫دستورها‪ ،‬وسير هيئاتها العامة والشراف على علقاتها‬ ‫مع الدول الجنبية وعلى أمنها الداخلي‪ ،‬وهذا النوع من‬ ‫العمال يندرج في ضمن أعمال السيادة ويمتنع عن رقابة‬ ‫القضاء‪ ،‬أما النوع الخر الذي يتعلق بالتطبيق اليومي‬ ‫للقوانين والشراف على علقات الفراد بالدارة المركزية أو‬ ‫المحلية‪ ،‬وعلقات الهيئات الدارية‪ ،‬بعضها بالبعض الخر‬ ‫فيندرج في ضمن أعمال الدارة العتيادية التي تخضع‬ ‫لرقابة القضاء‪ (1) .‬وفي هذا التمييز يذهب الفقيه " هوريو‬ ‫" إلى أن المهمة الحكومية تنحصر في وضع الحلول‬ ‫للمور الستثنائية والسهر على تحقيق مصالح الدولة‬ ‫الرئيسية أما الوظيفة الدارية فتتركز في تسيير المصالح‬ ‫)‪(2‬‬ ‫الجارية للجمهور ‪.‬‬ ‫‪ -2‬التجاه الثاني‪:‬‬ ‫ذهب هذا التجاه إلى أن أعمال السيادة أو الحكومة‬ ‫هي العمال التي تستند إلى نصوص دستورية أما‬ ‫العمال الدارية فتستند إلى نص تشريعي عادي أو‬

‫‪1‬‬

‫ د‪ .‬سليمان محمد الطماوي – القضاء الداري – المصدر السابق – ص ‪. 331‬‬‫‪- Vedel G. Droit administrative. P.U.F Paris 1954 P 305 .‬‬

‫‪27‬‬

‫‪2‬‬

‫قرارات تنظيمية‪ (1) .‬ول يخفى ما لهذا التجاه من خطورة لنه‬ ‫يمنح الدارة فرصة استغلل الدستور لدخال الكثير من‬ ‫أعمالها في ضمن مجال أعمال السيادة ل سيما أن‬ ‫الدستور يتضمن أمورا) هي في الغالب ذات طبيعة إدارية‬ ‫بحتة كالنصوص الخاصة بتعيين بعض الموظفين في حين‬ ‫تخرج بعض العمال من نطاق أعمال السيادة برغم‬ ‫طبيعتها الحكومية ل لشيء إل لن الدستور لم ينص عليها‬ ‫صراحة‪.‬‬ ‫‪ -3‬التجاه الثالث‪:‬‬ ‫نتيجة لعجز التجاهين السابقين عن التمييز بين أعمال‬ ‫الحكومة والعمال الدارية الخرى اتجه الفقه نحو أسلوب‬ ‫يقوم على تعريف أعمال الحكومة بأنها تلك العمال التي‬ ‫تصدر عن السلطة التنفيذية بخصوص علقاتها بسلطة‬ ‫أخرى كالسلطة التشريعية أو سلطة دولة أخرى ل تخضع‬ ‫أعمالها لمراقبة القضاء‪ .‬وقد أبز هذا المعيار مفوض الدولة‬ ‫" سيلييه ‪ " Celier‬ويعتمد رأيه على أساس أن العمال‬ ‫الحكومة ل تخضع لرقابة القضاء الداري بوصف القاضي‬ ‫الداري قاضي السلطة التنفيذية‪ ،‬ولما كانت السلطة‬ ‫التقديرية ل تخضع لرقابته‪ ،‬فإن أي قرار صادر عن السلطة‬ ‫التنفيذية ويمتد أثره إلى السلطة التشريعية يخرج عن‬ ‫رقابة القضاء‪ .‬ومن جانب أخر يتصف القاضي الداري بأنه‬ ‫قاضي وطني ل دولي ومن غير المعقول أن تمتد رقابته‬ ‫لتشمل سلطة دولية وعلى ذلك فأن القرارات الصادرة عن‬ ‫السلطة التنفيذية بصدد علقاتها مع سلطة أجنبية تخرج‬ ‫)‪(2‬‬ ‫عن رقابة القضاء الداري أيضا)‪.‬‬ ‫وأيا) كان التجاه فأن التمييز بين أعمال الحكومة‬ ‫وأعمال الدارة العادية بقى غير معتد به ويفتقر إلى‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫ د‪ .‬محمود محمد حافظ – المصدر السابق – ص ‪. 123‬‬‫ د‪ .‬فاروق أحمد خماس‪ ،‬محمد عبد الله الدليمي – الوجيز في النظرية العامة‬‫للعقود الدارية – جامعة الموصل – ‪ – 1992‬ص ‪.57‬‬

‫‪28‬‬

‫أساس قانوني واضح مما دفع بالفقه إلى البحث عن معيار‬ ‫آخر يقوم على أساس حصر أعمال السيادة وهو المعيار‬ ‫الشائع في الوقت الحاضر ‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬معيار القائمة القضائية‬

‫اتجه الفقهاء إلى اعتماد التجاه القضائي لتحديد ما‬ ‫يعد من أعمال السيادة لعجزهم عن وضع معيار لتمييز‬ ‫أعمال السيادة بشكل واضح ‪.‬‬ ‫ولعل أول من نادى بهذه الفكرة العميد " هوريو "‬ ‫الذي ذهب إلى أن " العمل الحكومي هو كل عمل يقرر‬ ‫له القضاء الداري وعلى رأسه محكمة التنازع هذه‬ ‫)‪(1‬‬ ‫الصفة" ‪.‬‬ ‫وبناء) على ذلك فأن تحديد أعمال السيادة يعتمد ما‬ ‫يقرره القضاء فهو يبين هذه العمال ويحدد نطاقها‪ ،‬وقد‬ ‫أسهم مجلس الدولة الفرنسي ومحكمة التنازع في وضع‬ ‫قائمة لعمال السيادة تتضمن مجموعة من العمال‬ ‫أهمها ‪:‬‬

‫أول)‪ -‬العمال المتعلقة بعلقة الحكومة بالبرلمان‪:‬‬

‫وتشمل قرارات السلطة التنفيذية المتعلقة بالعملية‬ ‫التشريعية كاقتراح مشروع قانون وإيداع هذا المشرع أو‬ ‫سحبه‪ ،‬وكذلك القرارات الخاصة بانتخاب المجالس النيابية‬ ‫والمنازعات الناشئة عنها‪ ،‬قرارات رئيس الجمهورية‬ ‫المتعلقة بالعلقة بين السلطات الدستورية وممارسة‬ ‫الوظيفة التشريعية مثل قرار اللجوء إلى السلطات‬ ‫الستثنائية المنصوص عليها في المادة ‪ 16‬من دستور عام‬ ‫‪ 1958‬الفرنسي‪ ،‬والمرسوم بطرح مشروع قانون‬ ‫)‪(2‬‬ ‫للستفتاء ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫ د‪ .‬سليمان محمد الطماوي – المصدر السابق – ص ‪. 332‬‬‫‪21‬‬

‫‪- C.E. 2 mars 1962، Rubin de servens .‬‬ ‫‪- C.E 19 Oct 1962، Brocas، Precite .‬‬

‫‪29‬‬

‫ثانيا)‪ -‬العمال المتصلة بالعلقات الدولية‬ ‫والدبلوماسية‪:‬‬

‫فقد عد مجلس الدولة من قبيل أعمال السيادة‬ ‫القرارات المتعلقة بحماية ممتلكات الفرنسيين في الخارج‬ ‫)‪ ،(1‬ورفض عرض النزاع على محكمة العدل الدولية )‪،(2‬‬ ‫وكذلك العمال المتعلقة بالمعاهدات والتفاقيات الدولية ‪.‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫ثالثا)‪ -‬العمال المتعلقة بالحرب‪:‬‬

‫ومن هذه العمال حق الدولة في الستيلء على‬ ‫السفن المحايدة الموجودة في المياه القليمية وقت‬ ‫الحرب‪ (4)،‬وكذلك الوامر الصادرة بتغيير اتجاه السفن أو‬ ‫)‪(5‬‬ ‫الحجز عليها أو على ما تحمله من بضائع‪.‬‬ ‫وعموما) فأن القاسم المشترك بين هذه العمال يتمثل‬ ‫في تحصينها من رقابة القضاء إلغاء) وتعويضا)‪ ،‬وعلى ذلك‬ ‫فقد اعتبرها الفقه الداري ثغرة في بناء المشروعية‪،‬‬ ‫وحول القضاء رأب هذا الصدع من خلل التجاه نحو تضييق‬ ‫نطاق أعمال السيادة وإخراج بعض العمال ذات الطبيعة‬ ‫الدارية منها‪ ،‬كذلك اتجه مجلس الدولة الفرنسي إلى‬ ‫‪12‬‬

‫‪- C.E 2 mars 1966, Dame Cramencel.‬‬ ‫‪- C.E 9 Janu 1952 Geny Rec 79 .‬‬

‫‪23‬‬

‫‪3‬‬

‫ استقر القضاء الداري الفرنسي على استثناء التدابير القابلة للنفصال‬‫‪ Detachable‬عن العلقات الدبلوماسية أو التفاقيات الدولية واخضعها لرقابة‬ ‫لقضاء‪ ،‬من قبيل قرارات تسليم المجرمين فقد قرر مجلس الدولة عدم اعتبار‬ ‫طلبات تسليم المجرمين الموجه من الحكومة الفرنسية إلى حكومة أجنبية من‬ ‫أعمال السيادة ‪ .‬ينظر ‪:‬‬ ‫ مارسو لون – بروسبير في جي بريان – أحكام المبادئ في القضاء الداري‬‫الفرنسي ترجمة ‪ :‬د‪ .‬أحمد يسري – منشأة المعارف السكندرية – ‪-1991‬‬ ‫ص ‪. 33‬‬ ‫‪41‬‬

‫‪- C. E 22 nov 1957 Myrtoon steam shipco . Rec 632 .‬‬ ‫‪- C.E 3 nov 1922، Lichiardopoulos، Rec 793 .‬‬

‫‪52‬‬

‫‪30‬‬

‫التخفيف من أثر أعمال السيادة فقرر إمكان التعويض‬ ‫عنها ‪.‬‬ ‫فقد قرر المجلس بتاريخ ‪ 30/3/1966‬بأن الضرار‬ ‫الناجمة عن حوادث توصف بأنها حوادث الحرب تفتح‬ ‫للمضرور حقا) في التعويض تتحمله الدولة استنادا) إلى‬ ‫نصوص لها قوة القانون ‪(1) .‬‬ ‫ويبدو ان القضاء في العراق قد اتبع هذا السلوب في‬ ‫تحديد اعمال السيادة فقد قضت محكمة التميز في حكمها‬ ‫الصادر في ‪ …) 6/5/1966‬فانه وان كانت أعمال‬ ‫السيادة حسبما جرى الفقه والقضاء من أنها تلك العمال‬ ‫التي تصدر من الحكومة باعتبارها سلطة حكم ل سلطة‬ ‫إدارة فتباشرها بمقتضى هذه السلطة العليا لتنظيم‬ ‫علقتها بالسلطات الخرى داخلية كانت أو خارجية أو‬ ‫تتخذها اضطرارا) للمحافظة على كيان الدولة في الداخل أو‬ ‫في الذود عن سيادتها في الخارج إما لتنظيم علقات‬ ‫الحكومة بالسلطة العامة وإما لدفع الذى عن الدولة في‬ ‫الداخل أو في الخارج وهي تارة أعمال منظمة لعلقة‬ ‫الحكومة بالمجلس الوطني أو مجلس الدفاع وهي طورا)‬ ‫تكون تدابير تتخذ للدفاع عن المن العام من اضطراب‬ ‫داخلي بإعلن الحكام العرفية أو إعلن حالة الطوارئ‬ ‫…()‪ . (2‬فالمحكمة بعد أن قسمت أعمال الحكومة إلى‬ ‫أعمال الدارة العادية وأعمال تتخذها بصفتها سلطة حكم‬ ‫لتنظيم علقاتها بالسلطات الخرى أو علقاتها الخارجية أو‬ ‫تتخذها اضطرارا) للمحافظة على كيان الدولة‪ ،‬نجد أن‬ ‫المحكمة تعود وتفصل هذه العمال من خلل إيراد قائمة‬ ‫بالعمال التي تعد من قبيل أعمال السيادة ‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫ مارسولون – بروسبير في – جي – بريان – المصدر السابق – ص ‪.36‬‬‫)( أورده محمود خلف حسين‪ ،‬الحماية القانونية للفراد في مواجهة أعمال الدارة في‬ ‫العراق‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة دكتوراه مقدمة إلى كلية القانون‪ ،‬جامعة بغداد‪،1986 ،‬‬ ‫ص ‪.184‬‬

‫‪31‬‬

‫الفصل الثالث‬ ‫الرقابة على أعمال الدارة‬

‫ممــا لشــك فيــه أن الدارة فــي قيامهــا بــأداء وظيفتهــا‬ ‫تملـك أن تتقـص مـن بعـض حقـوق الفـراد وحريـاتهم‪ ،‬وحقهـا‬ ‫هـــذا ل يمكـــن تركـــه دون ضـــابط يرســـم الحـــدود الـــتي ل‬ ‫تتجاوزها مما يعرض تصرفاتها للبطلن ‪.‬‬ ‫ويفـرض هـذا المبـدأ وجـود وسـائل وأجهـزة تراقـب عمـل‬ ‫الدارة‪ ،‬وتختلــف هــذه الجهــزة بــاختلف الدولــة والنظــم‬ ‫القانونيــة المتبعــة فيهــا إل أن المســتقر فــي اغلــب الــدول‬ ‫وجــود أربعــة طــرق يضــمن مــن خللهــا الفــراد مشــروعية‬ ‫أعمال الدارة في مواجهتهم وهي‪:‬‬ ‫• الرقابة السياسية‪.‬‬ ‫• الرقابة الدارية ‪.‬‬ ‫• رقابة الهيئات المستقلة‪.‬‬ ‫• الرقابة القضائية ‪.‬‬

‫‪32‬‬

‫المبحث الول‬ ‫الرقابة السياسية‬ ‫تتخــذ الرقابــة السياســية علــى أعمــال الدارة صــور)ا‬ ‫مختلفــة‪ ،‬فقــد تتــم عــن طريــق الــرأي العــام وتمارســها‬ ‫المؤسســات الجتماعيــة والحــزاب السياســية والنقابــات‬ ‫المهنيـــة ‪ .‬كمـــا قـــد تمـــارس عـــن طريـــق المؤسســـات‬ ‫البرلمانية‪.‬‬

‫المطلب الول‪ :‬الرقابة عن طريق الرأي العام‬

‫يراد بمصطلح الرأي العام مجموعة الراء التي تسود‬ ‫مجتمع معين في وقت ما بخصوص موضوعات معينة‬ ‫)‪(1‬‬ ‫تتعلق بمصالحهم العامة والخاصة ‪.‬‬ ‫ويشترك في تكوين الرأي العام مختلف الهيئات و‬ ‫التنظيمات الشعبية والنقابية والحزبية عن طريق طرح‬ ‫أفكارها واتجاهاتها والدعوة إليها بمختلف الوسائل التي‬ ‫تؤدى الصحافة والوسائل السمعية والبصرية دورا) كبيرا)‬ ‫في نشرها وتعبئة الرأي العام وتوجيهه من خللها ‪.‬‬ ‫ومن الواضح ان هذا النوع من الرقابة له الثر البالغ‬ ‫في تنظيم أعمال الدارة ومنعها من التعسف في استعمال‬ ‫السلطة في العراق لسيما الصحافة التي تمارس حرية‬ ‫التعبير والرأي باعتبارها لسان المة والمعبرة عنها‪ ،‬والتي‬ ‫‪ - 1‬للمزيد ينظر‬ ‫ د‪ .‬محمد الشافعى أبو رأس – التنظيمات السياسية الشعبية – ‪ 1974‬ص ‪51‬‬‫ د‪ .‬سامى جمال الدين – القضاء الداري والرقابة على أعمال الدارة – دار‬‫الجامعة الجديد ص ‪.182‬‬

‫‪33‬‬

‫غالبا) ما كشفت عن بعض التجاوزات من موظفي الدارة‬ ‫العامة‪.‬‬ ‫غير إن هذا الطريق من طرق الرقابة ل يتسع تأثيره إل‬ ‫في الدول التي تكفل حرية التعبير عن طريق الرأي العام و‬ ‫التي يبلغ فيها الرأي العام من النضج ما يؤهله القيام‬ ‫بواجب الرقابة وعدم الخضوع لمصالح فئات معينة تسخر‬ ‫الرادة الشعبية و الرأي العام لتحقيق أهدافها و مصالحها‬ ‫الخاصة فتفقد بذلك حقيقة تعبيرها عن المصلحة العامة ‪.‬‬ ‫ويشترك في تكوين الرأي العام مختلف الهيئات‬ ‫والتنظيمات الشعبية ومؤسسات المجتمع المدني‬ ‫والحزاب عن طريق طرح افكارها والدعوة اليها في مختلف‬ ‫الوسائل التي تؤدي الصحافة والوسائل السمعية‬ ‫والبصرية دورا) كبيرا) في نشرها وتعبئة الجماهير وتوجيههم‬ ‫من خللها‪.‬‬ ‫‪ -1‬مؤسسات المجتمع المدني‬ ‫برز مفهوم المجتمع المدني في اطار افكار ورؤى‬ ‫بعض المفكرين والفلسفة خلل القرنين السابع عشر‬ ‫والثامن عشر والتي تعتمد افكارهم اساسا) على ان‬ ‫النسان يستمد حقوقه من الطبيعة ل من قانون يضعه‬ ‫البشر وهذه الحقوق لصيقة به تثبت بمجرد ولدته‪ .‬وان‬ ‫المجتمع المتكون من اتفاق المواطنين قد ارتأى طواعية‬ ‫الخروج من الحالة الطبيعية ليكون حكومة نتيجة عقد‬ ‫اجتماعي اختلفوا في تحديد اطرافه‪.‬‬ ‫والمفهوم المستقر للمجتمع المدني يقوم على‬ ‫اساس انه مجموعة المؤسسات والفعاليات والنشطة‬ ‫التي تحتل مركزا) وسطيا) بين العائلة باعتبارها الوحدة‬ ‫الساسية التي ينهض عليها البنيان الجتماعي والنظام‬ ‫القيمي في المجتمع من ناحية والدولة ومؤسساتها‬ ‫واجهزتها ذات الصبغة الرسمية من جهة اخرى)‪.(1‬‬ ‫‪1‬‬

‫)(‪-‬د‪ .‬عبد الحميد اسماعيل النصاري‪ ،‬نحو مفهوم عربي اسلمي للمجتمع‬ ‫المدني‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،2002 ،‬ص ‪.18‬‬

‫‪34‬‬

‫وبهذا المعنى فان منظمات المجتمع المدني تساهم‬ ‫بدور مهم في ضمان احترام الدستور وحماية حقوق الفراد‬ ‫وحرياتهم وتمثل السلوب المثل في احداث التغيير‬ ‫السلمي والتفاهم الوطني مع السلطة في سبيل تعزيز‬ ‫الديمقراطية وتنشئة الفراد على اصولها وآلياتها‪ .‬فهي‬ ‫الكفيلة بالرتقاء بالفرد وبث الوعي فيه وتعبئة الجهود‬ ‫الفردية والجماعية للتأثير في السياسات العامة وتعميق‬ ‫مفهوم احترام الدستور وسيادة القانون‪.‬‬ ‫ومن الجدير بالذكر ان العراق قد اهمل دور هذه‬ ‫المؤسسات في وقت سيطرت فيه السلطة التنفيذية على‬ ‫السلطتين التشريعية والقضائية اعتبارا) من تأسيس الدولة‬ ‫العراقية وصدور القانون الساسي العراقي عام ‪1925‬‬ ‫رغم ما منحه هذا الدستور من ضمانات في تأسيسها‪.‬‬ ‫ومن ذلك ما ورد في نص المادة )‪ (26‬من القانون‬ ‫الساسي التي منحت الملك حق تقييد الحريات بمراسيم‬ ‫اثناء عطلة البرلمان او فضه او حله وكان‪ .‬لسيما‬ ‫المرسوم رقم )‪ (19‬الصادر في ايلول عام ‪ 1954‬الذي الغت‬ ‫فيه الحكومة كافة الجمعيات والنوادي ودور التمثيل‬ ‫المجازة في العراق في ذلك الوقت والذي بلغ عددها )‬ ‫‪ (468‬جمعية وناد في كافة انحاء العراق ‪.‬‬ ‫واستمر الوضع على ما هو عليه في ظل النظام‬ ‫الجمهوري رغم ما تحويه الدساتير الجمهورية من ضمانات‬ ‫تأسيس هذه المؤسسات‪ .‬غير إنه وبعد سقوط النظام‬ ‫الدكتاتوري عام ‪ 2003‬دخل العراق مرحلة جديدة انتشرت‬ ‫فيه مؤسسات المجتمع المدني غير ان انتشارها لم‬ ‫ينعكس بقوة على المجال السياسي ولعل ذلك عائدا) الى‬ ‫عدم النضج والوعي اللزمين لدارتها‪.‬‬ ‫فقد اورد دستور جمهورية العراق الحالي في المادة )‬ ‫‪ (39‬منه‪ )):‬اول)‪ -:‬حرية تأسيس الجمعيات والحزاب‬ ‫السياسية او النضمام اليها مكفولة وينظم ذلك القانون‪.‬‬

‫‪35‬‬

‫ثانيا)‪ -:‬ل يجوز اجبار احد على النضمام الى أي حزب او‬ ‫جمعية او جهة سياسية او اجباره على الستمرار في‬ ‫العضوية فيها ((‪.‬‬ ‫‪ -2‬وسائل العلم‪.‬‬ ‫تلعب وسائل العلم دورا) سياسيا) مهما) يساهم في‬ ‫تعبئة الرأي العام الشعبي من خلل كتابات واقوال‬ ‫المفكرين والصحف والفضائيات المرأية والمسموعة‬ ‫والجتماعات والندوات التي تساهم في اطلع الجماهير‬ ‫على المشاكل الكثر إلحاحا) والتي يتعرض لها المجتمع‬ ‫وتكون مراقب جماعي لصالح الشعب من خلل انتقاد‬ ‫سياسات الحكام وكشف فضائحهم وفسادهم وانتهاكهم‬ ‫لسيادة القانون‪.‬‬

‫‪ -3‬الحزاب السياسية‪.‬‬

‫من اساسيات العمل الديمقراطي ان تسعى الحزاب‬ ‫السياسية الى تحقيق التصال الجماهيري‪ .‬فالدور‬ ‫الساسي الذي تقوم به الحزاب السياسية هو السعي‬ ‫للحصول على تأييد الفراد لبرامجها السياسية والقتصادية‬ ‫والجتماعية التي تعد بتنفيذها اذا ما وصلت الى السلطة‬ ‫عبر النتخاب‪ .‬وحتى تحقيق ذلك تبقى الحزاب مراقبة‬ ‫لعمل الداره لضمان احترامها للدستور وسيادة القانون‪.‬‬ ‫ومن الجدير بالذكر ان هذه الفرصة لم تتح للحزاب‬ ‫السياسية في العراق فقد ضمن القانون الساسي‬ ‫العراقي لعام ‪ 1925‬التعددية السياسية والتداول السلمي‬ ‫للسلطة ولم تكن الحزاب السياسية باحسن حال) في ظل‬ ‫النظام الجمهوري رغم ما حققته ثورة الرابع عشر من تموز‬ ‫عام ‪ 1958‬من منجزات عن طريق منح الحزاب السياسية‬ ‫حرية العمل وتشكيل حكومة ائتلفية ضمت كافة الحزاب‬ ‫الوطنية القائمة‪.‬‬ ‫اذ ان الواقع العملي لطبيعة النظام السياسي في‬ ‫العراق منذ تأسيس الدولة العراقية وحتى عام ‪ 2003‬يخلو‬

‫‪36‬‬

‫من ضمانة وجود احزاب سياسية قوية ومعارضة‪ ،‬قادرة‬ ‫على مراقبة السلطة وردها الى الصواب اذا ما انحرفت‬ ‫عنه احتراما) للدستور وحقوق وحريات الفراد‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬الرقابة عن طريق‬ ‫البرلمان ‪.‬‬

‫يتمثل هذا الطريق من الرقابة برقابة البرلمان على‬ ‫أعمال السلطة التنفيذية وذلك عن طريق الشكاوى‬ ‫المقدمة من الفراد و المتظمنة طلباتهم التي قد يجد‬ ‫البرلمان أنها علي قدر من الوجاهة مما يدعو إلى مواجهة‬ ‫الوزراء بحق السؤال أو الستجواب أو سحب الثقة من‬ ‫)‪(1‬‬ ‫الوزارة كلها‪.‬‬ ‫ويتحدد شكل الرقابة البرلمانية بما هو مرسوم في‬ ‫الدستور‪ ،‬وهي تختلف من دولة إلى أخرى وتكون الرقابة‬ ‫البرلمانية أقوى في النظم النيابية منها في النظم الخرى‪،‬‬ ‫حيث تكون الوزارة مسؤولة أمام البرلمان مسؤولية‬ ‫تضامنية ناهيك عن المسؤولية الفردية لكل وزير عن أعمال‬ ‫وزارته ‪.‬‬ ‫وقد كفل الدستور العراقي رقابة البرلمان على أعمال‬ ‫الحكومة احتراما) لمبدأ المشروعية عن طريق توجيه‬ ‫السؤال حول أمر يجهله أحد النواب ‪ ،‬فقد اجاز لخمسة‬ ‫وعشرين عضوا) في القل من مجلس النواب طرح موضوع‬ ‫عام للمناقشة لستيضاح سياسة واداء مجلس الوزراء‪،‬‬ ‫ولعضو مجلس النواب وبموافقة خمسة وعشرين عضوا)‪،‬‬

‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محسن خليل – القضاء الداري – المصدر السابق – ص ‪.77‬‬

‫‪37‬‬

‫توجيه استجواب الى رئيس مجلس الوزراء او الوزراء‪،‬‬ ‫لمحاسبتهم في الشؤون التي تدخل في اختصاصهم‪.‬‬ ‫وقد ورد في المادة ‪ /61‬ثامنا) من الدستور ان لمجلس‬ ‫النواب سحب الثقة من احد الوزراء بالغلبية المطلقة‪ ،‬ويعد‬ ‫مستقيل) من تاريخ قرار سحب الثقة‪ ،‬كما يملك المجلس‬ ‫بناء) على طلب خمس اعضائه وبالغلبية المطلقة لعدد‬ ‫اعضائه سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء بعد‬ ‫استجواب وجه له‪.‬‬ ‫ولكن مع ما تتمتع به الرقابة البرلمانية على أعمال‬ ‫الدارة من أهمية فإن دورها مقيد غالبا) بالرادة الحزبية‬ ‫السائدة في البرلمان التي تكون في أحيان متوافقة مع‬ ‫إرادة الحكومة لو صادف أنها من الحزب نفسه فتكون‬ ‫الحكومة الخصم والحكم وهنا يختفي دور الرقابة‬ ‫السياسية ول تحقق الحماية الكافية للفراد ضد تعسف‬ ‫الدارة خاصة في الدول غير النيابية أو التي تأخذ بنظام‬ ‫الحزب الواحد مما يقتضي تعزيزها بنوع أخر من أنواع‬

‫‪38‬‬

‫الرقابة‪ (1).‬كما ان عدم نضج الوعي السياسي لدى اعضاء‬ ‫البرلمان وافتقارهم الى الخبرة وضعف المعارضة قد تؤدي‬ ‫الى ضعف هذه الضمانة ويختفي دورها الحقيقي في‬ ‫حماية حقوق الفراد وحرياتهم‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬ ‫الرقابة الدارية‬ ‫الرقابة الدارية تتمثل في الرقابة الذاتية التي تقوم‬ ‫بها الدارة على تصرفاتها للبحث في مشروعيتها وملءمتها‬ ‫فهي رقابة مشروعية من حيث موافقتها للقانون بمعناه‬ ‫العام ورقابة ملئمة من حيث تناسبها مع الهدف الذي‬ ‫تسعى الدارة إلى تحقيقه ‪.‬‬ ‫وتبدو أهمية هذا النوع من الرقابة في إتاحة الفرصة‬ ‫للدارة التي تصدر قرارا) خاطئا) أن تعيد النظر في قراراها‬ ‫فتصححه تعديل) أو إلغاء) أو تبديل)‪ ،‬وفي ذلك حفظ لكرامة‬ ‫الدارة عندما تكتشف عدم مشروعية تصرفها أو عدم‬ ‫ملئمته بالضافة إلى أن هذا النوع من الرقابة مجاني ول‬ ‫)‪(2‬‬ ‫يتطلب أي رسوم أو مصاريف ‪.‬‬ ‫وهذه الرقابة أما أن تتم بشكل تلقائي وأما عن طريق‬ ‫تظلم ذوي الشأن ‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ ينظر ‪:‬‬‫‪ −‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو – القضاء الداري – المصدر السابق – ص ‪. 63‬‬ ‫‪ −‬د‪ .‬عبد القادر باينه – القضاء الداري – المصدر السابق – ص ‪. 40‬‬ ‫‪ −‬د‪ .‬سامي جمال الدين – القضاء الداري – المصدر السابق – ص ‪. 202‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ د‪ .‬فاروق أحمد خماس – الرقابة على أعمال الدارة – المصدر السابق – ص‬‫‪. 77‬‬

‫‪39‬‬

‫المطلب الول‪ :‬الرقابة التلقائية‬

‫يتحقــق هــذا النــوع مــن الرقابــة الداريــة عنــدما تقــوم‬ ‫الدارة تلقائيـا) ببحـث ومراجعـة تصـرفاتها لفحـص مشـروعيتها‬ ‫ومــدى موافقتهــا للقــانون وملئمتهــا للهــدف المرجــو منهــا‪،‬‬ ‫فتعمـد إلـى تصـحيح تصـرفاتها إلغـاء) أو تعـديل) وقـد يمـارس‬ ‫هـذه الرقابـة الموظـف أو الجهـة الـتي أصـدرت القـرار‪ ،‬وقـد‬ ‫يمارسها الرئيس الداري بما له من سلطة رئاسية عليه‪ ،‬أو‬ ‫الهيئة المركزيــة بمــا لهــا مــن وصــايا إداريــة علــى الهيئات‬ ‫اللمركزية ‪.‬‬ ‫وقد تتم هذه الرقابة بناء) على تقارير لجنة أو هيئة‬ ‫إدارية أخرى مهمتها مراقبة أعمال الدارة فتعمل على‬ ‫إلغاء قراراتها غير المشروعة أو إبلغ الرئيس الداري بما‬ ‫يتكشف لها من مخالفات قانونية ليتخذ الجراء المناسب‬ ‫)‪(1‬‬ ‫بخصوصها ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الرقابة بناء) على تظلم‬

‫تمارس هذه الرقابة عندما تكتشف الدارة عدم‬ ‫مشروعية تصرفها أو عدم ملئمته نتيجة تظلم يقدم إليها‬ ‫من صاحب المصلحة‪ ،‬وتختلف هذه التظلمات بحسب‬ ‫الهمية التي يمنحها إياها المشرع‪ ،‬فتكون إجبارية أحيانا)‬ ‫عندما يلزم الفراد باتباعها قبل سلوك طريق الطعن‬ ‫القضائي فيكون شرطا) لقبول دعوى اللغاء‪ ،‬مثلما فعل‬ ‫المشرع العراقي‪ ،‬حيث أخذ بفكرة التظلم الوجوبي و‬ ‫يجعله ه شرطا) عاما) بالنسبة لدعوى اللغاء‪.‬‬ ‫أما من حيث الجهة التي يقدم إليها التظلم فقد يكون‬ ‫التظلم ولئيا• أو رئاسيا) أو إلى لجنة إدارية متخصصة ‪.‬‬ ‫أول)‪ -‬التظلم الولئي‪ :‬وهو التظلم الذي يقدم إلى‬ ‫الجهة التي أصدرت القرار ويطلب إليها إلغاء القرار أو تعديله‬ ‫أو سحبه لعدم مشروعيته أو عدم ملئمته وتقوم الدارة‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو – المصدر السابق – ص ‪.64‬‬

‫‪40‬‬

‫بعد ذلك بفحص التظلم للتأكد من مدى مشروعيته واتخاذ‬ ‫)‪(1‬‬ ‫الجراءات اللزمة لتفادي ما شابه من عيوب‪.‬‬ ‫ثانيا)‪ -‬التظلم الرئاسي‪ :‬وهذا التظلم يقدم من‬ ‫صاحب المصلحة إلى رئيس من صدر عنه القرار محل‬ ‫التظلم وقد يلجأ صاحب الشأن إلى هذا النوع من التظلم‬ ‫بعد استنفاذ طريق التظلم الولئي إذا ما أصرت الجهة التي‬ ‫أصدرت القرار على رأيها ورفضت تظلمه‪.‬‬

‫ثالثــــا)‪ -‬التظلــــم المــــوجه إلــــى لجنــــة‬ ‫متخصصة‪:‬‬

‫يشـترط المشـرع فـي بعـض الحيـان أن يقـدم التظلـم‬ ‫إلـى لجنـة إداريـة خاصـة يتـم تشـكيلها وفـق شـروط معينـة‬ ‫ينــاط بهــا النظــر فــي مــدى مشــروعية وملئمــة القــرارات‬ ‫الصادرة عن الدارة والتي يتم التظلم منها ‪.‬‬ ‫وتفصل هذه اللجان في التظلمات المقدمة إلها من‬ ‫دون الرجوع إلى الرئيس الداري وغالبا) ما ينتهي تطور‬ ‫هذه اللجان إلى انتقالها نحو الرقابة القضائية كما هو‬ ‫الشأن في مجلس الدولة الفرنسي ‪.‬‬ ‫وأيا) كانت صورة الرقابة الدارية فهي ليست كافية‬ ‫لضمان مشروعية تصرفات الدارة في مواجهة الفراد إذ‬ ‫أنها تفتقر إلى الستقلل والحياد فهي تجمع صفتي‬ ‫الخصم والحكم ول يأمن جانبها من هذه الجهة برغم ما‬ ‫تتميز به هذه الرقابة من يسر إجراءاتها وقلة تكاليفها‬ ‫بالمقارنة مع الرقابة القضائية ‪.‬‬

‫المبحث الثالث‬ ‫رقابة الهيئات المستقلة‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬سامي جمال الدين – المصدر السابق – ص ‪. 205‬‬

‫‪41‬‬

‫مــن الوســائل الجديــدة الــتي اعتمــدتها بعــض الــدول‬ ‫للرقابـة علـى أعمـال الدارة‪ ،‬اسـتحداث هيئات مسـتقلة عـن‬ ‫السـلطتين التشـريعية والتنفيذيـة لتمـارس وظيفـة الرقابـة‬ ‫على تصـرفات الدارة والبحث في مدى موافقتها للقانون ‪.‬‬ ‫ونبحـث فيمـا يـأتي نمـاذج مـن هـذه الهيئات الـتي اعتمـدتها‬ ‫بعض الدول )‪.(1‬‬

‫المطلب الول‪ :‬نظام المبودسمان ‪Ombouds man‬‬ ‫أو المفوض البرلماني‬ ‫والمبودســمان كلمــة ســويدية يــراد بهــا المفــوض أو‬ ‫الممثـل ‪ .‬وهـو شـخص مكلـف مـن البرلمـان بمراقبـة الدارة‬ ‫والحكومة وحماية حقوق الفراد وحرياتهم )‪.(2‬‬ ‫وقـد اسـتحدثت السـويد هـذا النظـام فـي دسـتورها لعـام‬ ‫‪ 1809‬ليكـون وسـيلة لتحقيـق التـوازن بيـن سـلطة البرلمـان‬ ‫والســـلطة التنفيذيـــة وللحـــد مـــن تعســـف الخيـــرة فـــي‬ ‫استخدامها لمتيازاتها في مواجهة الفراد ‪.‬‬ ‫وقــد تطــور هــذا النظــام حــتى بــات يطلــق عليــه اســم‬ ‫“حـــامي المـــواطن” فهـــو الشخــــص الـــذي يلجـــأ إليـــه‬ ‫المــواطن طالب ـا) حمــايته وتــدخله إذ مــا صــادفته مشــاكل أو‬ ‫)‪(3‬‬ ‫صعوبات مع الحكومة أو الجهات الدارية‪.‬‬ ‫وللمفوض البرلماني الحق في التدخل من تلقاء نفسه‬ ‫أو بناء) على شكوى يتلقاها من الفراد أو بأي وسيلة أخرى‬ ‫يعلـم مـن خللهـا بوقـوع مخالفـة فيعمـل علـى تـوجيه الدارة‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫ د‪ .‬مازن ليلو راضي‪ ،‬نظام المبودسمان أو المفوض البرلماني ضمانه لحقوق‬‫الفراد وحرياتهم‪ ،‬مجلة القادسية – جامعة القادسية – المجلد ‪ – 3‬العدد ‪،2‬‬ ‫‪ ،1999‬العراق‪ ،‬ص ‪. 249‬‬ ‫ د‪ .‬حمدي عبد المنعم‪ ،‬نظام المبودسمان‪ ،‬مجلة العدالة – ابو ظبي‪ ،‬العدد‬‫‪ ،23‬ص ‪. 61‬‬ ‫‪ -‬د‪ .‬ليلى تكل‪ ،‬المبودسمان‪ ،‬مكتبة النجلو المصرية‪ ،1991 ،‬ص ‪.1‬‬

‫‪42‬‬

‫إلي وجوب اتباع أسلوب معين في عملها لتتدارك أخطائها‪،‬‬ ‫وله استجواب أي موظف في هذا الشأن وله إقامة الدعوى‬ ‫علـى المـوظفين المقصـرين فـي أداء واجبـاتهم ومطـالبتهم‬ ‫بالتعويــــض لمـــن لحقـــه ضـــرر مـــن جـــراء التصـــرف غيـــر‬ ‫)‪(1‬‬ ‫المشروع‪.‬‬ ‫هـذا ويقـدم المبودسـمان تقريـرا) سـنويا) إلـي البرلمـان‬ ‫يتضمن ما قام به من أعمال خلل تلك السنة‪.‬‬ ‫وبالنظر للنجاح الكبير لهذا النظام فقد أخذت العديد من‬ ‫الدول بأنظمة مشابهة له كما حصل في فنلندا التي أخذت‬ ‫بـه عـام ‪ 1919‬ثـم الـدانمارك بمقتضـى دسـتورها لعـام ‪1953‬‬ ‫وتم انتخاب أول امبودسمان فيها عام ‪ 1955‬كذلك أخذت به‬ ‫نيوزلنـدا والنرويـج عـام ‪ 1962‬والمملكـة المتحـدة وكنـدا عـام‬ ‫‪.1967‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬الوسيط الفرنسي ‪Le‬‬ ‫‪mediateur‬‬

‫أخــذت فرنســا بنظــام مشــابه لنظــام المبودســمان‬ ‫واســمته " الوســيط" لنــه يتوســط البرلمــان والحكومــة أو‬ ‫لنه وسطا) بين الرقابة البرلمانية والقضائية )‪.(2‬‬ ‫وبمـوجب القـانون رقـم "‪ "6‬فـي ‪ 3/1/1973‬يعيـن الوسـيط‬ ‫لمدة ستة سـنوات غير قابلـة للتجديد مـن رئيس الجمهوريـة‬ ‫بمرسـوم جمهـوري ول يمكـن عزلـه خلل هـذه المـدة أو إنهـاء‬ ‫ممارســة أعمــال وظيفتــه‪ .‬إل عنــدما يتعــذر عليــه القيــام‬ ‫بواجبـاته الوظيفيـة ويـترك أمـر تقريـر ذلـك إلـي لجنـة مكونـة‬ ‫مــن نــائب رئيــس مجلــس الدولــة ورئيــس محكمــة النقــض‬ ‫)‪(3‬‬ ‫ورئيس ديوان الرقابة المالية‪ ،‬ويتخذ القرار بالجماع‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫ د‪ .‬محمد انس قاسم‪ ،‬نظام المبودسمان السويدي مقارنا ‪ j‬بناظر المظالم‬‫والمحتسب في السلم – مجلة العلوم الدارية – القاهرة‪ ،‬عدد ‪ 1‬لسنة ‪،1975‬‬ ‫ص ‪. 77‬‬ ‫‪-‬د‪ .‬محمد انس قاسم‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 77‬‬

‫‪43‬‬

‫ويتمتـع الوسـيط باسـتقلل تـام فل يتلقـى أيـة تعليمـات‬ ‫مـن أيـة سـلطة ول يمكـن إلقـاء القبـض عليـه أو ملحقتـه أو‬ ‫تـوقيفه أو حجـزه بسـبب أعمـال وظيفتـه أو الراء الـتي يـدلي‬ ‫بهــا ويلــتزم الوســيط بــان يقــدم تقريــرا) ســنويا) مفص ـل) عــن‬ ‫نشـــاطه فـــي الســـنة الســـابقة إلـــي رئيـــس الجمهوريـــة‬ ‫والبرلمان )‪.(1‬‬ ‫ويملـك الوسـيط حـق تـوجيه الدارة إلـي مـا هـو كفيـل‬ ‫بتحقيـق أهـدافها‪ ،‬وتسـهيل حـل الموضـوعات محـل للنـزاع‬ ‫وتـوجيه الدارة إلـي اتبـاع أسـلوب معيـن فـي العمـل ويحـدد‬ ‫الوســيط مـدة معينـة تجيـب الدارة علـى هـذا التـوجيه فـإذا‬ ‫امتنعـت عـن الجابـة أو رفضـت الـرأي المقـترح برفـع الوسـيط‬ ‫تقريرا) بذلك إلي رئيس الجمهورية‬ ‫هــذا وقــد أوجــب القــانون الفرنســي علــى المــواطنين‬ ‫الجابة على أسئلة واستفسارات الوسيط وله في ذلك أن‬ ‫يطلب من الوزراء تسليم المستندات والملفات التي تخـص‬ ‫الموضـوعات الـتي بحثهـا ول يجـوز لـه المتنـاع عـن ذلـك وان‬ ‫كـانت الملفـات سـريه إل إذا تعلـق المـر بالـدفاع الـوطني أو‬ ‫المصالح السياسية العليا )‪.(2‬‬ ‫ويخــرج عــن اختصــاص الوســيط وفــق نــص المــادة "‪"8‬‬ ‫مــن قــانون ســنة ‪ 1973‬الرقابــة علــى أعمــال الدارة فيمــا‬ ‫يتعلــق بالمنازعــات ذات الطــابع الــوظيفي بســبب إناطــة‬ ‫الفصــل بهــا إلــي مجلــس الدولــة‪ ،‬وحســبه كفيل) بتــوفير‬ ‫الحماية اللزمة للموظفين ‪.‬‬ ‫وللهميـة الـتي يتمتـع بهـا هـذا النظـام نجـد انـه كـان قـد‬ ‫تلقى فـي عام ‪ 1974‬حـوالي ‪ 1659‬شكوى بينما وصل عدد‬

‫‪3‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫ استاذنا الدكتور علي محمد بدير – الوسيط في النظام القانوني الفرنسي‬‫لحماية الفراد مجلة العلوم القانونية‪ ،‬كلية القانون – جامعة بغداد‪ ،‬المجلد ‪ 11‬ع‬ ‫‪ ،1996 ،2‬ص ‪. 86‬‬ ‫د‪ .‬عبد القادر باينه‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 44‬‬‫‪ -‬د ‪ .‬علي محمد بدير‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 96‬‬

‫‪44‬‬

‫الشـكاوى الـتي تلقاهـا عـام ‪ 1991‬إلـي مـا يقـارب مـن ‪3000‬‬ ‫شكوى بحسب آخر الحصاءات )‪.(1‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬هيئة الدعاء العام‬ ‫السوفيتي‬

‫أنشــأ التحــاد الســوفيتي الســابق نظــام هيئة الدعــاء‬ ‫العــام ســنة ‪ 1922‬وقــد افــرد لــه دســتور عــام ‪ 1936‬خمــس‬ ‫مـواد لتحديـد اختصاصـاته ومـن اختصاصـاته الشـراف علـى‬ ‫تنفيـذ النظمـة والقـوانين ومراقبـة تقيـد الدارة بهـا وشـرعية‬ ‫إجراءاتها في حماية حقوق الفراد وحرياتهم ‪.‬‬ ‫ويمكـن أن يباشـر وظيفتـه تلـك بمراقبـة الدارة تلقائيـا) أو‬ ‫بنـاء علـى تظلـم يقـدم إليـه‪ ،‬ويعمـل علـى تصـحيح العمـال‬ ‫والقــرارات غيــر الشــرعية الصــادرة عــن الدارة )‪ .(2‬ويقتصــر‬ ‫عمل المدعي العام على التأكد من مطابقـة العمـل الداري‬ ‫للقـانون دون البحـث فـي ملئمـة الجـراء الداري أو كفـايته‪،‬‬ ‫علـى عكـس السـلوب الـذي اتبعـه المبودسـمان السـويدي‬ ‫والوســيط الفرنســي حيــث يبحثــان فــي ملئمــة التصــرف‬ ‫الداري بالضافة إلي مشروعيته )‪.(3‬‬ ‫ويعـد هـذا النظـام مسـاعدا) للقضـاء فـي الرقابـة علـى‬ ‫أعمـال الدارة وحاميـا) ل يحرمهـا فـي مواجهتهـا‪ ،‬ممـا حمـل‬ ‫المشــرع الروســي علــى البقــاء عليــه بعــد تفكــك التحــاد‬ ‫السـوفيتي علـى الرغـم مـا يكتنـف عملـه فـي بعـض الحيـان‬ ‫مــن عــدم الــتزام الدارة بــآرائه وعــدم قــدرته علــى تغييــر‬ ‫مسلكها إذا ما أصرت على رأيها ‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬

‫ د‪ .‬مازن ليلو‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪251‬‬‫ د‪ .‬عبد القادر باينه‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 43‬‬‫ د‪ .‬حاتم علي لبيب‪ ،‬نظام المفوض البرلماني في اوربا‪ ،‬مجلة مصر المعاصرة‬‫‪ ،1971‬ص ‪. 9‬‬

‫‪45‬‬

‫المطلب الرابع ‪ :‬تقدير رقابة الهيئات‬ ‫المستقلة‬

‫تتمتـع هـذه النظـم بخصـائص تميزهـا عـن سـائر وسـائل‬ ‫الرقابـة‪ ،‬فهـي علـى عكـس الرقابـة القضـائية ل تتطلـب أي‬ ‫رسـوم أو مصـاريف‪ ،‬كمـا تتمتـع بصـفة السـرعة الـتي تفتقـر‬ ‫إليها الرقابة القضائية ‪.‬‬ ‫بالضـافة إلـي عـدم أشـترطها أيـة شـكلية فـي تقـديم‬ ‫الشــكاوى كـذلك ل يشـترط فـي الشـكاوى تـوفر المصــلحة‬ ‫لمقـدمها علـى نقيـض النـزاع القضـائي ‪ .‬ولـو أن بعـض النظـم‬ ‫ذهـب إلـي اشـتراط ذلـك بعـد ازديـاد عـدد الشـكاوى المقدمـة‬ ‫إليها ‪.‬‬ ‫وغالبـا) مـا تراقـب هـذه الهيئات موضـوع ملئمـة قـرارات‬ ‫الدارة في مواجهة الفراد وتستمد سلطتها تلك من مبادئ‬ ‫العدالــة والقيــم العليــا فــي المجتمــع وروح القــانون ‪ .‬فض ـل)‬ ‫عـن إسـهامها فـي اقـتراح وتعـديل التشـريعات وفـق مـا يلئم‬ ‫التطبيق السليم لها بما يحقق الحفاظ على حقوق وحريات‬ ‫المواطنين‪.‬‬ ‫وممـا يؤخذ علـى هذه الهيئات أنهـا ليسـت ملزمـة باتخـاذ‬ ‫إجـراء معيـن فـي الشـكوى المقدمـة إليهـا مـن جهـة ول تتمتـع‬ ‫بسـلطة إصـدار قـرارات ملزمـة للدارة مـن جهـة أخـرى فهـو‬ ‫يوجهها إلي اتباع أسلوب معين في تعاملها مع الفراد ومن‬ ‫خلل ذلـك يطلـب تعـديل أو إلغـاء أو تبـديل قراراتهـا‪ ،‬فسـلطته‬ ‫أدبية في هذا الشأن )‪.(1‬‬ ‫‪1‬‬

‫ من النظم المشابهة التي اهتمت بالحفاظ على حقوق الفراد وحرياتهم في‬‫التاريخ لسلمي )نظام الحسبه( القائم على مبدأين هما المر بالمعروف والنهي‬ ‫عن المنكر وقد يمارس هذا النظام المسلم بنفسه كما يملك ولي المر ان يعين‬ ‫من يتوله انطلقا ‪ j‬من قوله تعالى “ ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير يأمرون‬ ‫بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون” اليه ‪ 104‬آل عمران ‪ .‬ال‬ ‫ان ولية المحتسب تختلف عن النظم السابقة في ان المحتسب ل يفصل ال في‬ ‫المور الظاهرة من غير ادلة فل يمارس حق الستجواب أو سماع الشهود ‪.‬‬ ‫للمزيد ينظر ‪ .:‬د‪ .‬سعيد عبد المنعم الحكيم‪ ،‬الرقابة على اعمال الدارة في‬ ‫الشريعة السلمية والنظم الوضعيى ص ‪ . 71‬و ابي الحسن الماوردي ‪ :‬الحكام‬ ‫السلطانية‪ ،‬الطبعة الثانية ‪. 1966‬‬

‫‪46‬‬

‫ويبــدو ان المشــرع الدســتوري العراقــي قــد اخــذ لول‬ ‫مـرة بهـذا السـلوب مـن الرقابـة فقـد ورد فـي نـص المـادة )‬ ‫‪ (102‬منــــه ))تعـــد المفوضـــية العليـــا لحقـــوق النســـان‬ ‫والمفوضــية العليــا المســتقلة للنتخابــات‪ ،‬وهيئة النزاهــة‬ ‫هيئات مســتقلة‪ ،‬تخضــع لرقابــة مجلــس النــواب‪ ،‬وتنظــم‬ ‫اعمالها بقانون ((‪.‬‬ ‫و ل يســعنا إل ان نرجــو ان تعــوض هــذه الهيئات فــي‬ ‫اختصاصـها السـتثناءات الخطيـرة الـتي شـابت وليـة القضـاء‬ ‫علـى اعمـال الدارة والعيـوب الكـثيرة الـتي اكتنفـت الرقابـة‬ ‫البرلمانيـة اذ ان النسـان العراقـي بحاجـة الـى المزيـد مـن‬ ‫الحمايـــة وان فـــي اســـتحداث المفوضـــية العليـــا لحقـــوق‬ ‫النسـان الـى جـانب هيئة النزاهـة الضـمانة الكيـدة لتـوفير‬ ‫ذلك‪.‬‬

‫المبحث الرابع‬ ‫الرقابـــة القضائيـــة‬ ‫تعـد رقابـة القضـاء علـى أعمـال الدارة أهـم وأجـدى صـور‬ ‫الرقابـة و اكثرهـا ضـمانا) لحقـوق الفـراد وحريـاتهم لمـا تتميـز‬ ‫بــه الرقابــة القضــائية مــن اســتقلل وحيــاد ‪ .‬ومــا تتمتــع بــه‬ ‫أحكــام القضــاء مــن قــوة وحجيــة يلــتزم الجميــع بتنفيــذها‬ ‫واحترامهـــا بمـــا فـــي ذلـــك الدارة ‪ .‬وإل تعـــرض المخـــالف‬ ‫للمسألة ‪.‬‬ ‫ومـن المسـتقر وجـود نـوعين مـن نظـم الرقابـة القضـائية‬ ‫علـى أعمـال الدارة ل يميـز النـوع الول بيـن الفـراد والدارة‬ ‫فـي مراقبـة تصـرفاتهم ويخضـعهم لنظـام قضـائي واحـد هـو‬ ‫القضـاء العـادي‪ ،‬ويسـمى بنظـام القضـاء الموحـد ‪ .‬أمـا الثـاني‬ ‫فيســمى نظــام القضــاء المــزدوج ويتــم فيــه التمييــز بيــن‬

‫‪47‬‬

‫منازعــات الفــراد ويختــص بهــا القضــاء العــادي والمنازعــات‬ ‫الدارية وتخضـع لقضاء متخصص هو القضاء الداري ‪.‬‬

‫المطلب الول ‪ :‬نظام القضاء الموحد‬

‫يســود هــذا النظــام فــي إنكلــترا والوليــات المتحــدة‬ ‫المريكيـة وبعـض الـدول الخـرى‪ ،‬ومقتضـاه أن تختـص جهـة‬ ‫قضـائية واحـدة بـالنظر فـي جميـع المنازعـات الـتي تنشـأ بيـن‬ ‫الفراد أنفسهم أو بينهم وبين الدارة أو بين الهيئات الدارية‬ ‫نفسها‬ ‫وهذا النظام يتميز بأنه أكثر اتفاق ا) مع مبدأ المشروعية‬ ‫إذ يخضـع الفـراد والدارة إلـي قضـاء واحـد وقـانون واحـد ممـا‬ ‫ل يسـمح بمنـح الدارة أي امتيـازات فـي مواجهـة الفـراد)‪.(1‬‬ ‫بالضـافة إلـي اليسـر فـي إجـراءات التقاضـي إذا مـا قـورنت‬ ‫بأسـلوب توزيـع الختصاصـات القضـائية بيـن القضـاء العـادي‬ ‫والداري في نظام القضاء المزدوج ‪.‬‬ ‫ومـع ذلـك فقـد وجـه النقـد إلـي هـذا النظـام مـن حيـث انـه‬ ‫يقضــي علــى الســتقلل الــواجب تــوفره للدارة بتــوجيهه‬ ‫الوامر إليها مما يعيق أدائها لعمالها‪ ،‬مما يدفع الدارة إلي‬ ‫استصـدار التشـريعات الـتي تمنـع الطعـن فـي قراراتهـا‪ ،‬ول‬ ‫يخفى ما لهذا من إضرار بحقوق الفراد وحرياتهم ‪.‬‬ ‫ومـن جـانب آخـر فـأن نظـام القضـاء الموحـد يـؤدي إلـي‬ ‫تقريـر مبـدأ المسـؤولية الشخصـية للمـوظفين ممـا يـدفعهم‬ ‫إلـي الخشـية مـن أداء عملهـم بـالوجه المطلـوب خوفـا) مـن‬ ‫المسـاءلة‪ ،‬وإذا مــا قـرر القضـاء تضـمين المـوظفين بنـاء) علـى‬ ‫هــذا المبــدأ فــانه يحــرم المضــرورين مــن اقتضــاء التعــويض‬ ‫المناسب لضعف إمكانية الموظف المالية غالبا) )‪.(2‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪- H. W. R. Wade، Administrative law، 1967 . P11 .‬‬ ‫‪2‬‬

‫ ينظر ‪:‬‬‫ د‪ .‬صبيح بشير مسكوني‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 81‬‬‫‪ -‬د‪ .‬سامي جمال الدين‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 229‬‬

‫‪48‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬نظام القضاء المزدوج‬

‫يقـوم هـذا النظـام علـى أسـاس وجـود جهـتين قضـائيتين‬ ‫مســتقلتين‪ ،‬جهــة القضــاء العــادي وتختــص بالفصــل فــي‬ ‫المنازعــات الــتي تنشــأ بيــن الفــراد أو بينهــم وبيــن الدارة‬ ‫عنــدما تتصــرف كشــخص مــن أشــخاص القــانون الخــاص‪،‬‬ ‫ويطبق القضاء على هذا النزاع أحكام القانون الخاص‪.‬‬ ‫وجهـة القضـاء الداري تختـص بالفصـل فـي المنازعـات‬ ‫الـتي تنشـأ بيـن الفـراد والدارة عنـدما تظهـر الخيـرة بصـفتها‬ ‫صــاحبة الســلطة وتتمتــع بامتيــازات ل يتمتــع بهــا الفــراد‬ ‫ويطبــق القضــاء الداري علــى المنازعــة قواعــد القــانون‬ ‫العام ‪.‬‬ ‫وتعــد فرنســا مهــد القضــاء الداري ومنهــا انتشــر هــذا‬ ‫النظــام فــي الكــثير مــن الــدول كبلجيكــا واليونــان‪ ،‬ومصــر‪،‬‬ ‫والعراق‪ ،‬لما يتمتع به من خصائص مهمة‪ ،‬فالقضاء الداري‬ ‫قضــاء إنشــائي يســهم فــي خلــق قواعــد القــانون العــام‬ ‫المتميــزة عــن القواعــد العاديــة فــي ظــل القــانون الخــاص‬ ‫والـتي يمكـن مـن خللهـا تحقيـق المصـلحة العامـة وحمايـة‬ ‫حقوق الفراد وحرياتهم ‪.‬‬ ‫وان وجود قضاء متخصص يمارس الرقابة على اعمال‬ ‫الســلطة التنفيذيــة يمثــل ضــمانة حقيقيــة لحقــوق الفــراد‬ ‫وحرياتهم في مواجهة تعسف الدارة‪ ،‬وتتجلى اهمية وجود‬ ‫قضـاء اداري متخصـص للفصـل فـي المنازعـات الداريـة فـي‬ ‫ان رقابة القضاء على اعمال الدارة تعتبر الجزاء الكبر لمبدأ‬ ‫الشـرعية والضـمانة الفعالـة لسـلمة تطـبيق القـانون والـتزام‬ ‫حـدودة وبـه تكتمـل عناصـر الدولـة القانونيـة وحمايـة حقـوق‬ ‫وحريات الفراد من جور وتعسف الدارة‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمد عبد الله الحراري‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 38‬‬

‫‪49‬‬

‫ول شــك فــي أن نظــام القضــاء المــزدوج كــان قــد نشــأ‬ ‫أساسـا علـى مبـدأ الفصـل بيـن السـلطات ومـن مقتضـاه منـع‬ ‫القضـاء العـادي مـن النظـر فـي المنازعـات الـتي تكـون الدارة‬ ‫طرفا) فيها احترام ا) لستقلل السلطة التنفيذية‪ ،‬وهو ما وفر‬ ‫للقضـاء الداري الكـثير مـن السـتقلل والخصوصـية يناسـب‬ ‫وظيفتــه فــي الفصــل بالمنازعــات الداريــة وإنشــاء قواعــد‬ ‫القانون الداري المتميزة أصل عن قواعد القانون الخاص‬ ‫وقـــد اتســـم القضـــاء الداري بســـرعة الفصـــل فـــي‬ ‫المنازعـات الداريـة و البسـاطة فـي الجـراءات ضـمانا) لحسـن‬ ‫سـير المرافـق العامـة‪ ،‬المـر الـذي تمليـه طبيعـة المنازعـات‬ ‫الدارية وتعلقها بالمصلحة العامة غالبا)‪.‬‬ ‫وتعــد محكمــة القضــاء الداري فــي العــراق الــتي تــم‬ ‫انشـــائها بصـــدور القـــانون رقـــم ‪ 106‬لســـنة ‪) 1989‬قـــانون‬ ‫التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة رقم ‪ 65‬لسنة‬ ‫‪ ( 1979‬ركنــا) مهمــا) مــن اركــان احــترام القــانون فتختــص‬ ‫بـالنظر فـي صـحة الوامـر والقـرارات الداريـة الـتي تصـدر عـن‬ ‫الموظفين والهيئات في دوائر الدولة والتعويض عنها‪.‬‬ ‫فقــد ورد فــي المــادة الســابعة ‪ /‬ثانيــا) مــن القــانون‬ ‫اعله‪:‬‬ ‫)) يعتبر من اسباب الطعن بوجه خاص ما يلي‪-:‬‬ ‫‪ -1‬ان يتضــمن المــر او القــرار خرق ـا) او مخالفــة للقــانون‬ ‫او النظمة والتعليمات‪.‬‬ ‫‪ -2‬ان يكـــون المـــر او القـــرار قـــد صـــدر خلفـــا) لقواعـــد‬ ‫الختصاص او معيبا) في شكله‪.‬‬ ‫‪ -3‬ان يتضـمن المـر او القـرار خطـأ فـي تطـبيق القـوانين‬ ‫او النظمة او التعليمات او تفسيرها او فيه اساءة او تعسف‬ ‫فـي اسـتعمال السـلطة ويعتـبر فـي حكـم القـرارات او الوامـر‬ ‫الـتي يجـوز الطعـن فيهـا رفـض او امتنـاع الموظـف او الهيئات‬ ‫فـي دوائر الدولـة والقطـاع الشـتراكي عـن اتخـاذ قـرار او امـر‬ ‫كان من الواجب عليه اتخاذه قانونا) ((‪.‬‬

‫‪50‬‬

‫ال انـه وجـه إلـي نظـام القضـاء المـزدوج بعـض النقـد مـن‬ ‫حيث أن وجود جهتين قضائيتين في الدولة يؤدي من جانب‬ ‫إلـي تعقيـد فـي الجـراءات وإربـاك الفـراد فـي اختيـار جهـة‬ ‫التقاضـي ويـؤدي مـن جـانب آخـر إلـي تنـازع فـي الختصـاص‬ ‫القضائي بين القضاء العادي والقضاء الداري‪.‬‬ ‫إل أن هذه المشكلة أمكن حلها عن طريق إنشاء مرجع‬ ‫للفصـل فـي تنـازع الختصـاص سـواء أكـان التنـازع إيجابيـا أم‬ ‫سـلبيا) ‪ .‬وفـي فرنسـا تـم إنشـاء محكمـة تنـازع الختصـاص‬ ‫الـتي تعـد مكملـة لنظـام القضـاء المـزدوج‪ ،‬وتعمـل علـى فـض‬ ‫التنازع على الختصاص أو التعارض بين الحكام )‪.(1‬‬ ‫كــذلك فــان المشــرع المصــري عهــد إلــي المحكمــة‬ ‫الدسـتورية العليـا المنشـأة بمـوجب القـانون رقـم ‪ 48‬لسـنة‬ ‫‪ .1979‬حسـم مشـكلة تنـازع الختصـاص‪ ،‬حيـث تنـص المـادة‬ ‫‪ 25/2‬علــــى أن تختــــص المحكمــــة " … … … الفصــــل فــــي‬ ‫تنـازع الختصـاص بتعيـن الجهـة المختصـة مـن جهـات القضـاء‬ ‫أو الهيئات ذات الختصــاص القضــائي كمــا تختــص بالفصــل‬ ‫فـي النـزاع الـذي يقـوم بشـأنه تنفيـذ حكميـن نهـائيين صـادر‬ ‫أحــدهما مــن أيــة جهــة مــن جهــات القضــاء أو هيئة ذات‬ ‫اختصاص قضائي والخرى من جهة أخرى" ‪.‬‬ ‫امـا فـي العـراق فقـد انشـأ المشـرع فـي قـانون تعـديل‬ ‫قــانون مجلــس شــورى رقــم ‪ 106‬لســنة ‪ 1989‬هيــأة تنــازع‬ ‫الختصـاص تتـالف مـن سـتة اعضـاء ‪ :‬يختـار رئيـس محكمـة‬ ‫التمييـز ثلثـه مـن بيـن اعضـاء المحكمـه ‪ ,‬امـا الثلثـه الخريـن‬ ‫فيختــارهم رئيــس مجلــس شــورى الدولــة مــن بيــن اعضــاء‬ ‫المجلــس وتجتمــع الهيــأة برئاســة رئيــس محكمــة التمييــز‬ ‫لتتــولى النظــر فــي التنــازع الحاصــل فــي الختصــاص بيــن‬ ‫القضــاء الداري والمحــاكم المــدنيه وتتخــذ الهيــأة قراراتهــا‬ ‫بالتفاق او الكثرية ‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪74‬‬

‫‪51‬‬

‫الباب الثاني‬ ‫في نشأة القضاء الداري وتنظيمه‬ ‫يرجـع الفضـل فـي نشـأة القضـاء الداري بصـفة عامـة‬ ‫إلـي القضـاء الداري الفرنسـي الـذي أسـهم فـي إبـراز دوره‬ ‫ووضع مبادئه بشكل ل يمكن تجاهله ‪.‬‬

‫‪52‬‬

‫وعلـى ذلـك نجـد أن مـن المناسـب أن نبحـث فـي نشـأة‬ ‫وتنظيــم القضــاء الداري الفرنســي ونعــرض بإيجــاز إلــي‬ ‫القضــاء الداري المصــري قبــل أن نــدرس تنظيــم القضــاء‬ ‫الداري في العراق‪.‬‬ ‫وسيكون ذلك في ثلثة فصول على التوالي ‪:‬‬ ‫الفصــل الول ‪ :‬نشــأة القضــاء الداري وتنظيمــه فــي‬ ‫فرنسا ‪.‬‬ ‫الفصــل الثــاني ‪ :‬نشــأة القضــاء الداري وتنظيمــه فــي‬ ‫مصر ‪.‬‬ ‫الفصــل الثــالث ‪ :‬نشــأة القضــاء الداري وتنظيمــه فــي‬ ‫العراق ‪.‬‬

‫الفصل الول‬ ‫نشأة القضاء الداري في فرنسا‬ ‫للوقـوف علـى نشـأة القضـاء الداري فـي فرنسـا لبـد لنـا‬ ‫من التطرق إلي بداية ظهوره وتنظيمه ونبين ذلك تباعا) في‬ ‫مبحثين ‪.‬‬

‫‪53‬‬

‫المبحث الول‬ ‫نشأة القضاء الداري في فرنسا‬ ‫تعـد فرنسـا بحـق مهـد القضـاء الداري ومنهـا انتشـر إلـي‬ ‫الـدول الخـرى وكـان ظهـور هـذا النظـام نتيجـة للفكـار الـتي‬ ‫جــاءت بهــا الثــورة الفرنســية عــام ‪ 1789‬الــتي تقــوم فــي‬ ‫السـاس علـى مبـدأ الفصـل بيـن السـلطات ومـن مقتضـياته‬ ‫منـع المحـاكم القضـائية القائمـة فـي ذلـك الـوقت مـن الفصـل‬ ‫فـي المنازعـات الداريـة للحفـاظ علـى اسـتقلل الدارة تجـاه‬ ‫السلطة القضائية ‪.‬‬ ‫وتأكيــدا) لهــذا التجــاه أصــدر رجــال الثــورة قــانون ‪24-16‬‬ ‫أغسـطس ‪ 1790‬نـص علـى إلغـاء المحـاكم القضـائية الـتي‬ ‫كانت تسمى بالبرلمانات وإنشاء ما يسمى بالدارة القاضية‬ ‫أو الـوزير القاضـي كمرحلـة أولـى قبـل إنشـاء مجلـس الدولـة‬ ‫الفرنسي ‪.‬‬ ‫وفـي مرحلـة الدارة القاضـية كـان علـى الفـراد اللجـوء‬ ‫إلـي الدارة نفسـها للتظلـم إليهـا وتقـديم الشـكوى‪ ،‬فكـانت‬ ‫الدارة هي الخصم والحكم في الوقت ذاته وكان هذا المر‬ ‫مقبـول) إلـي حـد مـا فـي ذلـك الـوقت بسـبب السـمعة السـيئة‬ ‫لقضاء “ البرلمانات” التعسفية ‪.‬‬ ‫وبنشــوء مجلــس الدولــة فــي ‪ 12‬ديســمبر ‪ 1799‬فــي‬ ‫عهــد نـابليون بونـابرت وضـعت اللبنـة الولـى للقضـاء الداري‬ ‫الفرنســـي مـــع أن اختصـــاص المجلـــس كـــان أول المـــر‬ ‫استشــاريا) يتطلــب تصــديق القنصــل‪ .‬وبســبب الثقــة الــتي‬ ‫كـان يحضـى بهـا المجلـس لـم يلبـث أن منـح اختصاصـا) قضـائيا)‬ ‫باتـا) دون الحاجـة إلـي تعقيـب جهـة أخـرى وكان ذلـك بالقـانون‬ ‫الصادر في ‪ 24‬مايو ‪. 1872‬‬ ‫ومــع أن هــذا القــانون خــول المجلــس ســلطة البــت‬ ‫النهـائي فـي المنازعـات الدارة فـانه أبقـى علـى اختصـاص‬ ‫الدارة القاضـية فل يملـك الفـراد اللجـوء إلـي مجلـس الدولـة‬ ‫إل فـي الحـوال الـتي ينـص عليهـا القـانون وفيمـا عـدا ذلـك‬

‫‪54‬‬

‫تختــص بــه الدارة القاضــية ‪ .‬ممــا أوجــد ازدواجــا) قضــائي )ا‬ ‫واسـتمر هـذا الوضـع حـتى تاريـخ ‪ 13‬ديسـمبر ‪ 1889‬عنـدما‬ ‫قبـل مجلـس الدولـة دعـوى قـدمها أحـد الفـراد مباشـرة مـن‬ ‫دون المــرور علــى الدارة فــي قضــية ‪ Cadot‬وترتــب علــى‬ ‫حكمــه فيهــا أن اصــبح مجلــس الدولــة صــاحب الختصــاص‬ ‫العام في المنازعات الدارية ‪.‬‬ ‫وبسـبب تراكـم العديـد مـن القضـايا أمـام مجلـس الدولـة‬ ‫حدد المشرع اختصاصات مجلس الدولة على سبيل الحصر‬ ‫أصــبحت المحــاكم الداريــة الــتي كــانت تســمى مجــالس‬ ‫القاليم صاحبة الختصاص العام في المنازعات الدارية‪.‬‬ ‫ثم أعقب ذلك بعض المراسيم والقرارات التي تضمنت‬ ‫بعـض الصـلحات منهـا المراسـيم الربعـة الصـادرة فـي ‪30‬‬ ‫يوليــو ‪ 1963‬المتعلقــة بتحديــد النظــام الساســي للعــاملين‬ ‫فـي المجلـس وتنظيمـه الـداخلي ونشـاطه القضـائي‪ ،‬وتـم‬ ‫تعديل هذا التنظيم بثلثة مراسيم أخرى في ‪ 26‬أغسطس‬ ‫‪ 1975‬وبمرسـوم فـي ‪ 15‬ينـاير ‪ 1980‬وآخـر فـي ‪ 16‬ينـاير ‪1981‬‬ ‫وأخيرا) في ‪. 1987‬‬

‫‪55‬‬

‫المبحث الثاني‬ ‫تنظيم مجلس الدولة الفرنسي‬ ‫يمثـل مجلـس الدولـة فـي فرنسـا قمـة القضـاء الداري‬ ‫فهــو يعلــو علــى المحــاكم الداريــة ســواء أكــانت نوعيــة أم‬ ‫متخصصة)‪.(1‬‬ ‫ويمتــاز أعضــاء المجلــس بمــؤهلت عاليــة ومتنوعــة‪،‬‬ ‫ويـرأس المجلـس رئيـس الـوزراء أو الـوزير الول وعنـد غيـابه‬ ‫وزيـر العـدل يتـم تقسـيم العمـل فـي المجلـس بحيـث يعمـل‬ ‫العضـاء الصـغر سـنا) علـى تحضـير القضـايا والملفـات بينمـا‬ ‫يتم اتخاذ القرارات النهائية من العضاء الكبر سنا) )‪.(2‬‬ ‫ووفق ـا) للمرســوم الصــادر فــي ‪ 31‬يوليــو ‪ 1945‬المعــدل‬ ‫بالمرســوم فــي ‪ 30‬ســبتمبر ‪ 1953‬يتكــون المجلــس مــن‬ ‫العضاء التين ‪:‬‬

‫أول) – المندوبون ‪: Les auditeurs‬‬

‫وهـــم يشـــغلون أدنـــى درجـــات الســـلم الداري فـــي‬ ‫المجلـس ويتـم تعيينهـم مـن بيـن خريجـي المدرسـة الوطنيـة‬ ‫للدارة الـذين يقضـون مـدة سـنتين تحـت الختبـار يتـم نقلهـم‬ ‫إلي وظيفة أخرى في حالة عدم إثبات كفاءتهم في العمل‬ ‫)‪.(3‬‬ ‫ويقســمون إلــي درجــتين الدرجــة الولــى توضــع فــي‬ ‫الســلم الول للجهــاز الداري ويتــم ترقيتهــم إلــي الدرجــة‬ ‫الثانية في حالة إثبات كفائتهم‪ ،‬وقد كانت الفكرة الساسية‬ ‫تقـوم علـى أسـاس اقتصـار عمـل المنـدوبين علـى التمريـن‬ ‫والتــدرب علــى عمــل المجلــس‪ ،‬أمــا الن فــانهم يشــاركون‬ ‫بشكل فاعل في دراسة وتحضير ملفات القضايا ‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫د‪ .‬سامي جمال الدين‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 240‬‬‫د‪ .‬عبد القادر باينة‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 103‬‬‫‪-J. Rivero – Droit administratif، 1970، P 178 .‬‬

‫‪56‬‬

‫‪3‬‬

‫ثانيا) – النواب ‪: Les maitres de requetes‬‬

‫ويتـم اختيـار ثلثـة أربـاعهم مـن المنـدوبين مـن الدرجـة‬ ‫الولـى ويعيـن الربـع الخيـر منهـم مـن الحكومـة مـن خـارج‬ ‫المجلس بشرط أن يتوفر فيهم أمران ‪:‬‬ ‫الول ‪ :‬بلوغ الثلثين من العمر على القل ‪.‬‬ ‫الثــاني ‪ :‬أن ل تقــل خــدمتهم داخــل الدارة العموميــة‬ ‫عن عشر سنوات ‪.‬‬ ‫ويتـولى النـواب تقـديم المطالعـة بشـأن موضـوع النـزاع‬ ‫ويختـار مـن بينهـم مفوضـو الحكومـة الـذين يعينـون بمرسـوم‬ ‫ويقومـون بدراسـة الـدعاوى المطروحـة أمـام المجلـس مـن‬ ‫ناحيـة الوقـائع والقـانون ويتولـون تكييفهـا واسـتخلص حكـم‬ ‫القانون فيها ‪.‬‬ ‫وهــم ل يمثلــون الحكومــة كمــا تــوحي تســميتهم فهــم‬ ‫يعبرون عن وجهة نظر القانون التي يضمنونها في ما يمكن‬ ‫اعتباره مشروع حكم كان له في كثير من الحيان دور مهم‬ ‫في تأسيس العديد من مبادئ القانون العام )‪.(1‬‬

‫ثالث ا)‪ -‬مستشارو الدولة في الخدمة العادية‪Les :‬‬ ‫‪conseillers d`Etat en service ordinaire‬‬ ‫ويتـم اختيـار ثلـثيهم مـن بيـن النـواب عـن طريـق ترقيتهـم‬ ‫ويختــار الثلــث البــاقي مــن الحكومــة بشــرط بلــوغهم ســن‬ ‫الخامسة والربعين ‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫‪-‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو – المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 86‬‬

‫‪57‬‬

‫ويتـــولى هـــؤلء مناقشـــة القضـــايا المعروضـــة علـــى‬ ‫المجلـس واتخـاذ القـرارات النهائيــة ويبلـغ عـددهم حاليـا) )‪(79‬‬ ‫مستشارا) ‪.‬‬

‫رابعا)‪ -‬رؤساء القسام ‪: Presidents de Section‬‬

‫ويبلـغ عـددهم خمسـة ويتولـون إدارة العمـل فـي أقسـام‬ ‫المجلــس الخمســة وهــي أربعــة أقســام إداريــة )قســم‬ ‫الماليــة‪ ،‬قســم الداخليــة‪ ،‬قســم الشــغال العامــة‪ ،‬القســم‬ ‫الجتمـاعي ( والقسـم الخـامس منهـا وهـو القسـم القضـائي‬ ‫الذي يختص بالفصل في المنازعات الدارية ‪.‬‬

‫خامسا)‪ -‬نائب رئيس المجلس ‪: Vice president‬‬

‫وهــو الرئيــس الفعلــي للمجلــس لن رئيــس المجلــس‬ ‫وهـو الـوزير الول أو رئيــس الـوزراء وفـي حالـة غيـابه وزيـر‬ ‫العـدل يقتصـر عملـه علـى تـولي رئاسـة الجمعيـة العموميـة‬ ‫للمجلـس فـي المناسـبات الرسـمية ضـمانا) لنتقـال مجلـس‬ ‫الدولة عن السلطة التنفيذية ‪.‬‬ ‫بجـانب هـؤلء العضـاء الـدائمين هنـاك فئات تسـهم فـي‬ ‫أعمال المجلس بشكل عارض ومنهم مستشارو الدولة في‬ ‫الخدمــة غيــر العاديــة الــذين يتولــون المشــاركة فــي بعــض‬ ‫الختصاصـــات الداريـــة دون القضـــائية وهـــم مـــن كبـــار‬ ‫المـوظفين أو المتقاعـدين أو الشخصـيات المعروفـة تعينهـم‬ ‫الحكومـة لمـدة أربـع سـنوات قابلـة للتجديـد بشـرط انقضـاء‬ ‫سنتين على عملهم خارج المجلس ‪.‬‬ ‫كـذلك يملـك الـوزراء الحضـور إلـي المجلـس والمشـاركة‬ ‫فـي المناقشـات باسـتثناء القسـم القضـائي ومـن حقهـم أن‬ ‫يطلبـوا مـن المجلـس اسـتدعاء أي شـخص للدلء برأيـه فـي‬ ‫القضايا المعروضة ‪.‬‬ ‫ويلحـظ أن أعضـاء مجلـس الدولـة ل يتمتعـون بمبـدأ عـدم‬ ‫القابلية للعزل من الناحية القانونية على أن الواقع الفعلي‬

‫‪58‬‬

‫وتاريـخ المجلـس فـي مواجهـة الحكومـة يؤكـد وجــود هـذه‬ ‫الحصـانة بسـبب المكانـة الراســخة للمجلــس فـي الضــمير‬ ‫القـانوني ل يحرمهـا‪ ،‬وهـي الضـمانة الـتي مكنتـه مـن فـرض‬ ‫استقلله عن الحكومة )‪.(1‬‬

‫المبحث الثالث‬ ‫اختصاص القضاء الداري الفرنسي‬ ‫أول)‪ -‬اختصاصات مجلس الدولة‪:‬‬

‫يمـــارس مجلـــس الدولـــة فـــي فرنســـا نـــوعين مـــن‬ ‫الختصاصات ‪ :‬اختصاصات استشارية وأخرى قضائية‪:‬‬

‫‪ –1‬الختصاصـــــــات الستشـــــــارية ‪attributions‬‬ ‫‪: consultatives‬‬

‫الوظيفـة الساسـية لمجلـس الدولـة كـانت استشـارية‬ ‫ومــا يــزال المجلــس يمــارس هــذه الوظيفــة فــي مجــالين‬ ‫المجــــال التشــــريعي والمجــــال الداري ففــــي المجــــال‬ ‫التشــريعي كــان المجلــس يشــارك فــي تحضــير القــوانين‬ ‫وإعـــداد مشـــروعاتها ‪ .‬وفـــي ذلـــك نصـــت المـــادة ‪ 39‬مـــن‬ ‫الدســـتور الفرنســـي لعـــام ‪ 1958‬علـــى وجـــوب إعـــداد‬ ‫مشـروعات القـوانين الـتي تقترحهـا الحكومـة علـى البرلمـان‬ ‫مـن مجلـس الدولـة إل أن القـوانين الـتي يقترحهـا البرلمـان ل‬ ‫يستشار المجلس بشأنها‪.‬‬ ‫أمـــا فـــي المجـــال الداري فـــان المجلـــس يمـــارس‬ ‫اختصاصـه الستشـاري فـي ثلث حـالت ‪ :‬بصـفة إجباريـة إذ‬ ‫‪1‬‬

‫ينظر ‪:‬‬‫‬‫‬‫‬‫اللغاء‬

‫د‪ .‬سامي جمال الدين‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 240‬‬ ‫د‪ .‬صبيح بشير مسكوني‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 113‬‬ ‫د‪ .‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬القضاء الداري‪ ،‬الكتاب الول‪ ،‬قضا‬ ‫ص ‪. 68‬‬

‫‪59‬‬

‫تلزم الحكومة باستشارته عند إصدارها للقرارات التنظيمية‬ ‫وكــذلك عنــد إصــدارها للقــرارات الداريــة المعروفــة باســم‬ ‫الوامر طبقا) للفصل ‪ 38‬من دستور ‪. 1958‬‬ ‫وبصـفة اختياريـة فـي الحـالت الخـرى بنـاء) علـى رغبـة‬ ‫الجهة طالبة المشورة ‪.‬‬ ‫كذلك يجوز للمجلس أن يتدخل بنفسه لبداء رأيه لثارة‬ ‫انتبـاه السـلطات العموميـة إلـي الصـلحات الـواجب مراعاتهـا‬ ‫فـي المجـالت التشـريعية والتنظيميـة والداريـة الـتي يراهـا‬ ‫مطابقـة للمصـلحة العامـة ‪ .‬وبصـدور قـانون عـام ‪ 1963‬اصـبح‬ ‫مـن الـواجب علـى المجلـس أن يقـدم تقريـرا) سـنويا) للحكومـة‬ ‫بشأن الصلحات التي يراها ضرورية ‪.‬‬

‫‪ -2‬الختصاصـــــــــات القضـــــــــائية ‪attributions‬‬ ‫‪: contentieuses‬‬

‫إذا كــان الفتــاء هــو الغــرض الســاس الــذي أنشــئ‬ ‫مجلـس الدولـة مـن اجلـه فقـد أضـحى الختصـاص القضـائي‬ ‫يحتل الجانب المهم من دوره لن مجلس الدولة يمثل أعلى‬ ‫درجات القضاء الداري في فرنسا بوصفه محكمة أول واخر‬ ‫درجة ومحكمة استئناف أو محكمة نقض‪:‬‬

‫أ‪ -‬مجلس الدولة كمحكمة أول وآخر درجة ‪:‬‬

‫قبـل عـام ‪ 1954‬كـان مجلـس الدولـة يتمتـع باختصاصـات‬ ‫واسـعة بوصـفه محكمـة أول وآخـر درجـة لنـه يمثـل الوليـة‬ ‫العامة في مجال القضاء الداري‪ ،‬إل انه بصدور مرسوم ‪30‬‬ ‫ســبتمبر ‪ 1953‬الــذي اصــبح نافــذا) فــي ينــاير‪ 1954‬أصــبحت‬ ‫المحـاكم الداريـة صـاحبة الوليـة العامـة فـي نظـر المنازعـات‬ ‫الداريـة وبسـبب تراكـم القضـايا المعروضـة أمـام المجلـس‬

‫‪60‬‬

‫وبغيــة الســراع فــي فــض المنازعــات اصــبح اختصــاص‬ ‫المجلس كأول وآخر درجة محددا) بالقضايا التية ‪:‬‬ ‫الـدعاوى المتعلقـة بإلغـاء القـرارات التنظيميـة والفرديـة‬ ‫الصادرة بشكل مراسيم‪ ،‬وإلغاء قرارات الوزراء بسبب تجاوز‬ ‫السلطة ‪.‬‬ ‫المنازعــات المتعلقــة بــالموظفين المعينيــن بمراســيم‪،‬‬ ‫فيما يتعلق بوظائفهم ‪.‬‬ ‫الـدعاوى المرفوعــة ضـد القــرارات الداريــة الــتي يمتـد‬ ‫نطاق تنفيذها إلي حدود أكثر من محكمة إدارية واحدة‪.‬‬ ‫المنازعـات الداريـة الـتي تقـع فـي منـاطق ل تـدخل فـي‬ ‫اختصاص محاكم إدارية ‪.‬‬

‫ب‪ .‬مجلس الدولة كمحكمة استئناف ‪:‬‬

‫يقوم المجلس بالنظر بصفته درجة ثانية في التقاضي‬ ‫فــــي الحكــــام الصــــادرة مــــن المحــــاكم الداريــــة فــــي‬ ‫المستعمرات ومحكمة المحاسبات‪.‬‬

‫جـ‪ .‬مجلس الدولة كمحكمة نقض ‪:‬‬

‫يمارس مجلس الدولة اختصاص محكمة نقض بالنسبة‬ ‫للحكـام الصـادرة مـن محـاكم القضـاء الداري الـتي ل يجـوز‬ ‫اســتئناف أحكامهــا أمــامه إل إذا نــص القــانون علــى خلف‬ ‫ذلك‪.‬‬

‫ثانيا)‪ -‬المحاكم الدارية ‪:‬‬

‫أنشـأت المحـاكم الداريـة فـي فرنسـا بتاريـخ ‪ 30‬سـبتمبر‬ ‫‪ 1953‬وهي وريثة في الواقع لمجالس القليم التي أنشأت‬ ‫منــذ ‪ 16‬فــبراير ‪ 1800‬لتقــديم الســـتشارات والفتــاوى إلــي‬

‫‪61‬‬

‫المحـافظين ‪ .‬وكـذلك كـانت تمـارس اختصاصـا) قضـائيا) فيمـا‬ ‫يتعلق بالضرائب المباشرة والشغال العامـة وبيع ممتلكات‬ ‫الدولــة والمخالفــات الخاصــة بالبنــاء والمنازعــات الخاصــة‬ ‫بالنتخابات الدارية المحلية)‪.(1‬‬ ‫إل انه وبموجب المرسوم الصادر في ‪ 30‬سبتمبر ‪1953‬‬ ‫أطلق على مجالس القاليم اسم المحاكم الدارية وتمتعت‬ ‫بالوليــة العامــة فــي المنازعــات الداريــة‪ ،‬ول يخــرج مــن‬ ‫اختصاصها إل الموضوعات التي حددها القانون وأناطها إلي‬ ‫جهات قضائية أخرى‪.‬‬ ‫وتملــك المحــاكم الداريــة بالضــافة إلــي اختصاصــها‬ ‫القضــائي اختصاصـا) استشـاريا) يتمثـل بإصـدار المشـورة فـي‬ ‫المســائل المعروضــة عليهــا مــن الدارة فــي نطــاق الحــدود‬ ‫القليميــة للمحكمــة‪ ،‬وهــو اختصــاص ثــانوي إذا مــا قيــس‬ ‫باختصاصها القضائي‪(2).‬‬ ‫ويترأس كل محكمة رئيس وله نائب أو نائبان وعدد من‬ ‫العضـاء ويعيـن رؤسـاء المحـاكم الداريـة وأعضـائها بواسـطة‬ ‫مراســيم بنـاء) علـى اقتراحـات وزيـر الداخليـة وموافقـة وزيـر‬ ‫العدل ‪.‬‬ ‫وتقبــل الحكــام الصــادرة مــن المحــاكم الداريــة فــي‬ ‫المنازعات الدارية الطعن أمام المحاكم الستئنافية أو أمام‬ ‫مجلس الدولة وفقا) للقانون ‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫‪- G. Vedel et Delvlov`e، Droit administratif . 1984 P- 642-647‬‬ ‫‪2‬‬

‫ ينظر ‪:‬‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫‪1‬‬

‫د‪ .‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 80‬‬ ‫سامي جمال الدين‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 247‬‬ ‫صبيح بشير مسكوني‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 116‬‬ ‫د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬المصدر السابق ص ‪. 90‬‬

‫‪A. De laubedere، Traite de droit administratif، 1984، P- 455‬‬

‫‪-‬‬

‫د‪ .‬عبد الغني السيوي المرجع السابق ص ‪2- 82 - 81‬‬

‫‪62‬‬

‫ثالثا)‪ -‬المحاكم الدارية الستئنافية‪:‬‬

‫ورغـم إنشـاء المحـاكم الداريـة سـنة ‪ 1953‬واختصاصـها‬ ‫بالفصـل فـي اغلـب المنازعـات الداريـة‪ ،‬فـان العبـء الواقـع‬ ‫علــى عــاتق مجلــس الدولــة ظــل ثقيل)‪ ،‬إذ تــتراكم أمــامه‬ ‫القضــايا ســواء باعتبارهــا محكمــة أول درجــة أو محكمــة‬ ‫اسـتئناف أو محكمـة نقـض وهـذا مـا أدى إلـي التـأخير فـي‬ ‫نظـر القضـايا وإصـدار الحكـام بشـأنها ولهـذا تـدخل المشـرع‬ ‫الفرنســي فــي ســنة ‪ 1987‬وإنشــاء محــاكم جديــدة هــي‬ ‫المحــاكم الداريــة الســتئنافية تتكــون مــن خمــس محــاكم‬ ‫موزعـة علـى أنحـاء البلد لكـي يطعـن أمامهـا فـي الحكـام‬ ‫الصادر من المحاكم الدارية )‪.(2‬‬

‫الفصل الثاني‬ ‫نشأة القضاء الداري وتنظيمه في‬ ‫مصر‬

‫‪63‬‬

‫فـي هـذا القسـم مـن الدراسـة نبحـث فـي نشـأة القضـاء‬ ‫الداري المصري وتنظيمه في مبحثين تباعا)‪.‬‬

‫المبحث الول‬ ‫نشأة القضاء الداري‬ ‫عرفت مصر نظام القضاء الداري منذ عام ‪ 1946‬وكانت‬ ‫المحــاكم العاديــة قبــل هــذا التاريــخ هــي جهــة الختصــاص‬ ‫الوحيدة للفصل في المنازعات كافة)‪.(1‬‬ ‫إذ تـم إنشـاء مجلـس الدولـة المصـري بالقـانون رقـم ‪112‬‬ ‫لســنة ‪1946‬بشــان مجلــس الدولــة واتبعــت مصــر منــذ هــذا‬ ‫التاريــخ نظــام القضــاء المــزدوج ‪ .‬وقــد مــر مجلــس الدولــة‬ ‫بتطــورات عــدة حــتى صــدور القــانون الحــالي رقــم ‪ 47‬لعــام‬ ‫‪ 1972‬وتعديلته‪.‬‬ ‫ووفقـا) لهـذا القـانون يعـد مجلـس الدولـة هيئة قضـائية‬ ‫ملحقــة بــوزير العــدل‪ ،‬ويتكــون مــن رئيــس وعــدد مــن نــواب‬ ‫الرئيــس والمستشــارين المســاعدين والنــواب والمنــدوبين‬ ‫ومن مندوبين مساعدين ‪.‬‬ ‫هذا ولم تؤثر تبعية المجلس لوزير العدل في استقلله‬ ‫فـي ممارسـة وظيفتـه إذ ل تتعـدى هـذه التبعيـة منـح الـوزير‬ ‫الشراف الداري وضمان حسن سير العمل الوظيفي‪ ،‬وهو‬ ‫‪1‬‬

‫ عرفت مصر عدة محاولت لنشاء مجلس دولة قبل عام ‪ 1946‬كان اولها عام‬‫‪ 1879‬عندما اصدر امرا ‪ j‬عاليا ‪ j‬بانشاء مجلس الدولة لكن لم يكتب له التطبيق‬ ‫وكذلك في العوام ‪ 1883‬و ‪ 1939‬و ‪ 1941‬ولم يكتب لها النجاح ايضا ‪ j‬بسبب‬ ‫الوضاع السياسية في ذلك الوقت ‪.‬‬ ‫ينظر ‪:‬‬ ‫د‪ .‬عثمان خليل عثمان‪ ،‬مجلس الدولة‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬ص ‪. 37‬‬ ‫‬‫د‪ .‬سامي جمال الدين‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 244‬‬ ‫‬‫د‪ .‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 89‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪64‬‬

‫مـا أكـدته المـادة الولـى مـن القـانون رقـم ‪ 47‬لسـنة ‪“ 1972‬‬ ‫مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة “ ‪.‬‬ ‫ولـم يولـد المجلـس قويـا) منـذ نشـأته فقـد كـان القضـاء‬ ‫العـادي صـاحب الوليـة العامـة فـي نظـر المنازعـات الداريـة‬ ‫وكــانت اختصاصــات مجلــس الدولــة محــدده علــى ســبيل‬ ‫الحصـــر فـــي القـــوانين الـــتي ســـبقت القـــانون الحـــالي‬ ‫للمجلس ‪.‬‬ ‫ففــي ظــل القــانون رقــم ‪ 112‬لســنة ‪ 1946‬والمعــدل‬ ‫بالقـانون رقـم ‪ 9‬لسـنة ‪ 1949‬كـان القضـاء العـادي ينفـرد بنظـر‬ ‫دعــاوى مســؤولية الدارة عــن أعمالهــا الماديــة ويختــص‬ ‫بالشــتراك مــع المجلــس فــي نظــر طلبــات التعــويض عــن‬ ‫القــرارات الداريــة ‪ .‬ويــترتب علــى رفــع دعــوى اللغــاء أو‬ ‫التعــويض إلــي مجلــس الدولــة عــدم جــواز رفــع دعــوى‬ ‫التعــويض أمــام المحــاكم العاديــة وإذا مــا رفعــت دعــوى‬ ‫التعــويض أمــام المحــاكم العاديــة فــانه يمتنــع رفعهــا أمــام‬ ‫مجلس الدولة ‪.‬‬ ‫كمــا كــانت المحــاكم العاديــة تنفــرد بنظــر المنازعــات‬ ‫الخاصـة بـالعقود الداريـة حـتى صـدور القـانون رقـم ‪ 9‬لسـنة‬ ‫‪1949‬والمعــدل بالقــانون رقــم ‪ 112‬لســنة ‪ 1946‬الــذي منــح‬ ‫المجلــس النظــر فــي منازعــات عقــود اللــتزام والشــغال‬ ‫العامة وعقود التوريد بالشتراك مع المحاكم العادية‪.‬‬ ‫وفـي ظـل القـانونين ‪ 165‬لسـنة ‪ 1955‬و ‪ 55‬لسـنة ‪1959‬‬ ‫اســـتمرت المحـــاكم العاديـــة تنفـــرد بـــالنظر فـــي دعـــاوى‬ ‫مســؤولية الدارة عــن أعمالهــا الماديــة فــي الــوقت الــذي‬ ‫اســـتقل بـــه مجلـــس الدولـــة بنظـــر المنازعـــات المتعلقـــة‬ ‫بالتعويض عن القرارات الدارية والعقود الدارية‪.‬‬ ‫وبصـدور القـانون رقـم ‪ 47‬لسـنة ‪ 1972‬أصـبح اختصـاص‬ ‫مجلس الدولة صـاحب الولية العامة بالنظر في المنازعات‬ ‫الدارية ما لم ينص القانون على خلف ذلك )‪.(1‬‬ ‫‪1‬‬

‫ تنص المادة ‪ 172‬من القانون رقم ‪ 47‬لسنة ‪ “ 1972‬مجلس الدولة هيئة‬‫قضائية مستقلة‪ ،‬ويختص بالفصل في المنازعات الدارية‪ ،‬وفي الدعاوى التأديبية‬

‫‪65‬‬

‫المبحث الثاني‬ ‫تنظيم مجلس الدولة المصري‬ ‫نصت المادة الثانية في الفقرة الثانية منها من القانون‬ ‫رقــم ‪ 47‬لســنة ‪ “ 1972‬ويشــكل المجلــس مــن رئيــس ومــن‬ ‫عــدد كــاف مــن نــواب الرئيــس‪ ،‬والــوكلء والمستشــارين‪،‬‬ ‫والمستشــارين المســاعدين والنــواب والمنــدوبين ‪ .‬ويلحــق‬ ‫بــالمجلس منــدوبون مســاعدون تســري عليهــم الحكــام‬ ‫الخاصـة بالمنـدوبين عـدا شـرط الحصـول علـى دبلـومين مـن‬ ‫دبلومات الدراسات العليا” ‪.‬‬ ‫ومـن هـذا المـادة يتضـح أن مجلـس الدولـة يتكـون علـى‬ ‫النحو التي ‪:‬‬

‫أول)– الرئيس ‪:‬‬

‫يعيـن بقـرار مـن رئيـس الجمهوريـة مـن بيـن نـواب رئيـس‬ ‫المجلـس بعـد أخـذ رأي جمعيـة عموميـة تشـكل مـن رئيـس‬ ‫مجلـس الدولـة ونـوابه ووكلئه والمستشـارين الـذين شـغلوا‬ ‫وظيفة مستشار لمدة سنتين على القل‪.‬‬ ‫ويعامل رئيس المجلس معاملة الوزير من حيث المرتب‬ ‫والمعـاش ‪ .‬ويشـرف الرئيـس علـى أعمـال أقسـام المجلـس‬ ‫المختلفــة ويتــولى توزيــع العمــل بينهــا والشــراف علــى‬ ‫العمال الدارية وعلى المانة العامة للمجلس ‪.‬‬

‫ثانيا)– نواب الرئيس ‪:‬‬

‫يعيـن نـواب الرئيــس بقـرار مــن رئيـس الجمهوريـة بعـد‬ ‫موافقـة الجمعيـة العموميــة للمجلـس ‪ .‬ولـم يحـدد القـانون‬ ‫عـدد هـؤلء النـواب ‪ .‬بينمـا نـص علـى عـدد مـن نـواب الرئيـس‬ ‫منهــم )نــائب رئيــس المجلــس لمحكمــة القضــاء الداري‪،‬‬ ‫ويحدد اختصاصاته الخرى “ ‪.‬‬

‫‪66‬‬

‫ونــائب رئيــس المجلــس للمحــاكم الداريــة ونــائب الرئيــس‬ ‫لهيئة مفوض الدولة ونائب الرئيس للمحاكم التأديبية ونائب‬ ‫الرئيــس لقســم الفتــوى‪ ،‬ونــائب الرئيــس لقســم التشــريع‬ ‫ونـــائب الرئيـــس للجمعيـــة العموميـــة لقســـمي الفتـــوى‬ ‫والتشـــريع‪ ،‬ونــائب الرئيــس لدارة التفــتيش الفنــي‪ ،‬ونــص‬ ‫القـانون علـى أن يحـل اقدم نـواب الرئيـس محـل الرئيـس فـي‬ ‫اختصاصاته عند غيابه ‪.‬‬

‫ثالثا)– وكلء مجلس الدولة ‪:‬‬

‫أعيـد هـذا المنصـب إلـي المجلـس بمـوجب القـانون رقـم‬ ‫‪ 17‬لسـنة ‪ 1976‬بعـد أن نـص عليـه قـانون مجلـس الدولـة رقـم‬ ‫‪ 55‬لسنة ‪ 1959‬واغفل قانون عام ‪ 1972‬النص عليه ‪.‬‬ ‫ويتــم تعييــن هــؤلء بقــرار مــن رئيــس الجمهوريــة بعــد‬ ‫موافقــة الجمعيــة العموميــة ويحلــون محــل نــواب الرئيــس‬ ‫بحسب القدمية ‪.‬‬

‫رابع ـا)– المستشــارون والمستشــارون المســاعدون‬ ‫والنواب والمندوبون ‪:‬‬

‫يعيـن هـؤلء بقـرار مـن رئيـس الجمهوريـة بعـد موافقـة‬ ‫المجلـــس الخـــاص بالشــؤون الداريـــة ‪ .‬ويتولـــون العمــل‬ ‫بأقســام المجلــس المختلفــة كــل حســب اختصاصــه الــذي‬ ‫رسمه القانون ‪.‬‬

‫خامسا)– المندوبون المساعدون ‪:‬‬ ‫ويلحقــون بمجلــس الدولــة وتســري عليهــم الحكــام‬ ‫الخاصــة بالمنــدوبين ويعينــون بالســلوب الــذي يعيــن بــه‬ ‫المنـدوبون عـدا شـرط الحصـول علـى دبلـومين مـن دبلومـات‬ ‫الدراسات العليا ‪.‬‬

‫سادسا)– المين العام ‪:‬‬

‫‪67‬‬

‫وهو بدرجة مستشار ينتدب بقرار من رئيس المجلس‪،‬‬ ‫ويعـاون الرئيـس فـي تنفيـذ اختصاصـاته لسـيما بمـا يتعلـق‬ ‫بالعمــال الداريــة ‪ .‬كمــا يقــوم برئاســة المكتــب الفنــي‬ ‫الخـاص بإعـداد البحـوث وأعمـال الترجمـة والمكتبـة وإصـدار‬ ‫مجلة المجلس ومجموعات الحكام والفتاوى‪.‬‬ ‫ومـــن الجــدير بالملحظـــة أن أعضــاء مجلـــس الدولـــة‬ ‫يتمتعــون بامتيــاز عــدم قــابليتهم للعــزل‪ ،‬بالســتناد إلــي مــا‬ ‫نصـــت بـــه المـــادة )‪ (91‬مـــن قـــانون المجلـــس بقولهـــا “‬ ‫أعضــاء مجلــس الدولــة مــن درجــة منــدوب فمــا فوقهــا غيــر‬ ‫قابلين للعزل ويسري بالنسبة لهؤلء جميع الضمانات التي‬ ‫يتمتع بها رجال القضاء‪ ،‬وتكون الهيئة المشكلة منها مجلس‬ ‫التــأديب هــي الجهــة المختصــة فــي كــل مــا يتصــل بهــذا‬ ‫الشأن‪.‬‬ ‫ومــع ذلــك إذا اتضــح أن أحــدهم فقــد الثقــة والعتبــار‬ ‫اللـذين تتطلبهـم الوظيفـة أو فقـد أسـباب الصـلحية لدائهـا‬ ‫لغيــر الســباب الصــحية‪ ،‬أحيــل إلــي المعــاش أو نقــل إلــي‬ ‫وظيفـة معادلـة غيـر قضـائية بقـرار مـن رئيـس الجمهوريـة بعـد‬ ‫موافقة مجلس التأديب“‪(1 ).‬‬

‫‪1‬‬

‫ تعديل هذا النص بمقتضى القانون رقم ‪ 136‬لسنة ‪ . 1984‬وحيث ان هذا‬‫التعديل يشمل المندوبين بعدم القابلية للعزل فقد سحب هذا الحكم على‬ ‫المندوبين المساعدين لنص القانون تسري على المندوبين المساعدين الحكام‬ ‫الخاصة بالمندوبين ‪.‬‬

‫‪68‬‬

‫المبحث الثالث‬ ‫اختصاصات مجلس الدولة المصري‬ ‫حـدد المشـرع اختصاصـات مجلـس الدولـة باختصاصـات‬ ‫استشــارية إفتائيــة واختصاصــات تشــريعية واختصاصــات‬ ‫قضائية ‪:‬‬

‫أول)– الختصاص الستشاري ‪:‬‬

‫يمـارس قسـم الفتـوى بمجلـس الدولـة وظيفـة الفتـاء‬ ‫وإبداء الرأي غير الملزم قانونا) للدارة فيما تعرضه عليه ‪.‬‬ ‫ويتكــون قســم الفتــوى مــن إدارات تخصصــيه لجهــات‬ ‫الدارة المختلفـــة مثــل إدارة رئاســة الجمهوريــة ورئاســة‬ ‫مجلــس الــوزراء والمحافظــات والــوزارات والهيئات العامــة ‪.‬‬ ‫ويرأس كل إدارة منها مستشارا) أو مستشار مساعد ‪.‬‬ ‫وعلـى الرغـم مـن أن الصـل فـي إبـداء الفتـوى اختيـاري‬ ‫يلـزم القـانون الخيـر أحيانـا باسـتفتاء إدارة الفتـوى المختصـة‬ ‫كمـا فـي حالـة إبـرام أو قبـول أو إجـازة أي عقـد أو صـلح أو‬ ‫تحكيـم أو تنفيـذ قـرار محكميـن فـي مـادة تزيـد قيمتهـا علـى‬ ‫خمسة آلف جنيه )‪.(1‬‬

‫ثانيا) – اختصاص الصياغة والعداد ‪:‬‬

‫‪1‬‬

‫تنص المادة )‪ (58‬من قانون مجلس الدولة المصري رقم ‪ 47‬لسنة ‪: 1972‬‬ ‫‬‫“ وليجوز لية وزارة أو هيئة عامة أو مصلحة من مصالح الدولة أن تبرم أو تقبل‬ ‫أو تجيز أي عقد أو صلح أو تحكيم أو تنفيذ قرار محكمين في مادة تزيد قيمتها‬ ‫على خمسة الف جنيه بغير استفتاء الدارة المختصة “ ‪.‬‬

‫‪69‬‬

‫يتـولى قسـم التشـريع بمجلــس الدولـة مهمــة صــياغة‬ ‫مشروعات القوانين والقرارات التي تحال إلي المجلس من‬ ‫دون البحث في موضوعها أو الحكم على ملءمتها )‪.(2‬‬ ‫وقـد ميـز القـانون بيـن الصـياغة والعـداد فجعـل الولـى‬ ‫إلزاميـة والثانيـة اختياريـة ‪ .‬وفـي ذلـك نصـت المـادة ‪ 63‬مـن‬ ‫القــانون رقــم ‪ 47‬لســنة ‪ “ 1972‬علــى كــل وزارة أو مصــلحة‬ ‫قبـل استصـدار أي قـانون أو قـرار مـن رئيـس الجمهوريـة ذي‬ ‫صـفة تشـريعية أو لئحـة‪ ،‬أن تعـرض المشـروع المقـترح علـى‬ ‫قسـم التشـريع لمراجعـة صـياغته‪ ،‬ويجـوز لهـا أن تعهـد إليـه‬ ‫بإعداد هذه التشريعات “‪.‬‬ ‫وقـد أنـاط القـانون فـي المـادة ‪ 64‬منـه مهمـة الصـياغة‬ ‫والعداد في حالت الستعجال إلي لجنة تشكل من رئيس‬ ‫قســم التشــريع‪ ،‬أو مــن يقــوم مقــامه ‪ .‬وأحــد مستشــاري‬ ‫القســـم ينتـــدبه رئيـــس القســـم‪ ،‬ورئيـــس إدارة الفتـــوى‬ ‫المختصـــة ‪ .‬بينمـــا تختـــص الجمعيـــة العموميـــة لقســـمي‬ ‫الفتــوى والتشــريع بمراجعــة مشــروعات القــوانين وقــرارات‬ ‫ورئيـس الجمهوريـة ذات الصـبغة التشـريعية واللـوائح الـتي‬ ‫يرى قسم التشريع إحالتها لهميتها ‪.‬‬ ‫وفي حالة عدم اللتزام بعرض مشروعات اللوائح على‬ ‫قســم التشــريع أو الجمعيــة العموميــة لقســمي الفتــوى‬ ‫والتشـــريع يـــترتب البطلن‪ ،‬مـــع أن الدارة ل تتقيـــد دائمـــا)‬ ‫بالصـيغة الـتي أعـدها المجلـس وتملـك تعـديلها إذا اقتنعـت‬ ‫بعدم ملئمتها‬

‫ثالثا)– الختصاص القضائي ‪:‬‬

‫يعـد القسـم القضـائي مـن أهـم أقسـام مجلـس الدولـة‬ ‫وهـو يتـألف طبقـا) للمــادة الثالثـة مـن قـانون مجلـس الدولـة‬ ‫من‪:‬‬

‫‪ -1‬المحكمة الدارية العليا ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫ د‪ .‬محمد العبادي‪ ،‬قضاء اللغاء‪ ،‬الطبعة الولى‪ ،‬عمان ‪ 1995‬ص ‪. 34‬‬‫د‪ .‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 136‬‬

‫‪70‬‬

‫هـي المرجـع العلـى فـي القسـم القضـائي بمجلـس‬ ‫الدولـة المصـري ‪ .‬اسـتحدثها القـانون رقـم ‪ 165‬لسـنة ‪1955‬‬ ‫ويرأســها رئيــس المجلــس‪ ،‬وتصــدر أحكامهــا مــن دوائر مــن‬ ‫خمسـة مستشـارين ‪ .‬وقـد تـم إنشـاء دوائر لفحـص الطعـون‬ ‫تشـكل مـن ثلثـة مستشـارين مـن أعضـاء المحكمـة الداريـة‬ ‫العليا‪ ،‬ومقرها القاهرة ‪.‬‬ ‫تختص هذه المحكمة بالنظر في الطعون المقدمة ضد‬ ‫الحكام الصادرة من محكمة القضاء الداري أو من المحاكم‬ ‫التأديبية في الحالت التية ‪:‬‬ ‫أ– إذا كــان الحكــم المطعــون فيــه مبني ـا) علــى مخالفــة‬ ‫القانون أو الخطأ في تطبيقه وتأويله ‪.‬‬ ‫ب‪ -‬إذا وقــع فــي الحكــم المطعــون فيــه بطلن فــي‬ ‫الجراءات اثر في الحكم ‪.‬‬ ‫جــ‪ -‬إذا صـدر الحكـم علـى خلف حكـم سـابق حـاز قـوة‬ ‫الشيء المحكوم فيه سواء دفع بهذا أو لم يدفع‪.‬‬

‫‪ -2‬محكمة القضاء الداري ‪:‬‬

‫كـــانت محكمـــة القضـــاء الداري‪ ،‬المحكمـــة الداريـــة‬ ‫الوحيــدة عنــد إنشــاء المجلــس عــام ‪ 1946‬وعلــى أثــر زيــادة‬ ‫عبئها وكثرة المعروض عليها من القضايا‪ ،‬استحدثت اللجـان‬ ‫القضائية التي حلت محلها المحاكم الدارية عام ‪.1954‬‬ ‫وطبقـا) للمـادة الرابعـة مـن قـانون مجلـس الدولـة‪ ،‬يـرأس‬ ‫محكمــة القضــاء الداري نــائب رئيــس المجلــس‪ ،‬وتصــدر‬ ‫أحكامها من دوائر تشكل من ثلثة مستشارين ‪.‬‬

‫وتمارس المحكمة نوعين من الختصاصات ‪:‬‬

‫أ– اختصاصات باعتبارها محكمة أول درجة ‪:‬‬

‫‪71‬‬

‫تختــص بنظــر المنازعــات الداريــة الــتي لــم يجعلهــا‬ ‫المشـــرع مـــن اختصـــاص المحـــاكم الداريـــة أو المحـــاكم‬ ‫التأديبية ‪.‬‬ ‫ب‪ -‬اختصاصات باعتبارها محكمة استئناف ‪:‬‬ ‫مـن جـانب آخـر تختـص المحكمـة بالفصـل فـي الطعـون‬ ‫الـتي ترفـع إليهـا ضـد الحكـام الصـادرة مـن المحـاكم الداريـة‬ ‫باعتبارها محكمة استئناف أو محكمة ثاني درجة ‪.‬‬ ‫‪ -3‬المحاكم الدارية ‪:‬‬ ‫علـى أثـر تراكـم القضـايا المعروضـة أمـام محكمـة القضـاء‬ ‫الداري انشـأ المشـرع لجانـا) قضـائية للنظـر فـي المنازعـات‬ ‫الخاصة بموظفي الدولة بموجب المرسوم بقانون رقم ‪160‬‬ ‫لسنة ‪. 1952‬‬ ‫وبسـبب فشـل هـذه التجربـة وعـدم تحقيـق الهـدف منهـا‪،‬‬ ‫اصــدر المشــرع القــانون رقــم ‪ 147‬لســنة ‪ 1954‬القاضــي‬ ‫بإنشاء المحاكم الدارية وإلغاء اللجان القضائية ‪.‬‬ ‫وطبقــا) للمــادة الخامســة مــن قــانون مجلــس الدولــة‬ ‫تشـكل هـذه المحـاكم مـن دوائر برئاسـة مستشـار وعضـوية‬ ‫اثنيـن مـن النـواب علـى القـل‪ ،‬ويكـون مقـر المحـاكم الداريـة‬ ‫فـي القـاهرة والسـكندرية ويجـوز إنشـاء محـاكم إداريـة فـي‬ ‫المحافظات بقرار من رئيس المجلس‪.‬‬ ‫تختص المحاكم الدارية بنظر بعض المنازعات الخاصة‬ ‫بشـؤون المـوظفين مـن المسـتويين الول والثـاني ومنازعـات‬ ‫العقود الدارية متى كانت قيمتها ل تجاوز خمسمائة جنيه‪.‬‬ ‫‪ -4‬المحاكم التأديبية ‪:‬‬ ‫تعـد المجـالس التأديبيـة الـتي يتـم تشـكيلها مـن رجـال‬ ‫الدارة المرجع في نظر المنازعات الخاصة بتأديب العاملين‪،‬‬ ‫وبسـبب الشـكاوى المتعلقـة بعمـل هـذه المجـالس ‪ .‬أصـدر‬ ‫المشــرع المصــري القــانون رقــم ‪ 117‬لســنة ‪ 1958‬بشــان‬ ‫النيابـة الداريـة والـذي انشـقت بمـوجبه المحـاكم التأديبيـة‬

‫‪72‬‬

‫تختـص بمنازعـات المـوظفين المعينيــن فـي وظـائف دائمـة‬ ‫والخاصة بالمخالفات المالية والدارية التي تقع منهم ‪.‬‬ ‫وتتكـــون المحـــاكم التأديبيـــة مـــن نـــوعين ‪ :‬محـــاكم‬ ‫للعـــاملين مـــن مســـتوى الدارة العليـــا ومقرهـــا القـــاهرة‬ ‫والسـكندرية وتشـكل كـل دائرة منهـا مـن ثلثـة مستشـارين‪،‬‬ ‫والمحـاكم للعـاملين مـن المسـتويات الول والثـاني والثـالث‬ ‫ومـن بمسـتواهم‪ ،‬وتتـألف مـن دوائر تتشـكل كـل دائرة منهـا‬ ‫برئاسـة مستشـار مسـاعد علـى القـل‪ ،‬وعضـوية اثنيـن مـن‬ ‫النواب على القل‪.‬‬ ‫ويتــولى أعضــاء النيابــة الداريــة الدعــاء أمــام المحــاكم‬ ‫التأديبيــة‪ ،‬ويطعــن فــي الحكــام الصــادرة مــن المحــاكم‬ ‫التأديبيـة أمـام المحكمـة الداريـة العليـا وقـد ادمـج المشـرع‬ ‫المحـاكم التأديبيـة فـي مجلـس الدولـة وجعلهـا جـزء منـه‪.‬فقـد‬ ‫نصــت المــادة )‪ (3‬مــن القــانون رقــم ‪ 47‬لســنة ‪ 1972‬بشــأن‬ ‫مجلـس الدولـة‪ ،‬علـى يتكـون القسـم القضـائي فـي مجلـس‬ ‫الدولــة مــن المحكمــة الداريــة العليــا‪ ،‬ومحكمــة القضــاء‬ ‫الداري‪ ،‬المحاكم الدارية والمحاكم التأديبية ‪.‬‬ ‫‪ -5‬هيئة مفوضي الدولة ‪:‬‬ ‫تــم اســتحداث هــذه الهيئة فــي ظــل القــانون رقــم ‪165‬‬ ‫لســنة ‪ 1955‬وتعـد طبقـا) للقــانون الحــالي جــزءا) مــن القســم‬ ‫القضــائي لمجلــس الدولــة ‪ .‬وتؤلــف مــن أحــد نــواب رئيــس‬ ‫المجلـــس رئيســـا) ومـــن عـــدد كـــاف مـــن المستشـــارين‬ ‫والمستشارين المساعدين والنواب والمندوبين ‪.‬‬ ‫وعلــى الرغــم مــن أن تســمية المفــوض بــأنه مفــوض‬ ‫الدولـة‪ ،‬هـو ل يمثـل الحكومـة وتتعلـق وظيفتـه بالـدفاع عـن‬ ‫القانون والسعي لتحقيق المصلحة العامة ‪.‬‬ ‫وتختص هيئة مفوضي الدولة بتحضير الدعوى وتهيئتها‬ ‫للمرافعة وتقديم الرأي القانوني المناسب فيها‪ ،‬وللمفوض‬ ‫أن يعــرض علــى الطرفيــن تســوية النــزاع علــى أســـاس‬

‫‪73‬‬

‫المبـادئ القانونيـة الـتي اسـتقرت عليهـا المحكمـة الداريـة‬ ‫العليـا‪ ،‬وإذا لـم يتـم حسـم النـزاع بهـذه الصـورة فـأن للمفـوض‬ ‫أن يقــوم بتقــديم تقريــر عــن الــدعوى يحــدد وقــائع الــدعوى‬ ‫والــرأي القــانوني الــذي يقــترحه والســانيد القانونيــة لهــذا‬ ‫الـرأي ويجـوز لـذوي الشـأن أن يطلعـوا علـى هـذا التقريـر وإذا‬ ‫ما صدر الحكم فأن لرئيس هيئة مفوضي الدولة الحق في‬ ‫الطعـن فيـه أمـام المحكمـة الداريـة العليـا ‪ .‬كمـا تملـك هيئة‬ ‫المفوضـــين الفصـــل فـــي طلبـــات العفـــاء مـــن الرســـوم‬ ‫القضائية ‪.‬‬ ‫ويعـد حضـور ممثـل هيئة مفوضـي الدولـة ضـروريا) لصـحة‬ ‫جلســـات محـــاكم مجلــــس الدولـــة باســـتثناء المحـــاكم‬ ‫التأديبية ‪.‬‬

‫‪74‬‬

‫الفصل الثالث‬ ‫نشأة القضاء الداري وتنظيمه في‬ ‫العراق‬ ‫اتبـع العـراق فـي أول عهـد تنظيمهـا القضـائي أسـلوبا)‬ ‫متميـزا) فلـم ياخـذ بنظـام القضـاء المـزدوج كمـا فعلـت فرنسـا‬ ‫ومصــر‪ ،‬بــل اتبعــت أســلوبا) يتمثــل فــي ازدواجيــة القــانون‬ ‫ووحـدة القضـاء والـذي بمـوجبه كـان القضـاء العـادي يبسـط‬ ‫سلطانه على جميع المنازعات في الدولة وبغض النظر عن‬ ‫أطرافهـا سواء أكـانوا مـن الفراد العاديين أم جهـة من جهـات‬ ‫الدارة إل أنه عدلت عن هذا التوجه منذ صدور القانون رقم‬ ‫)‪ ( 106‬لســنة‪ 1989‬قــانون التعــديل الثــاني لقــانون مجلــس‬ ‫شورى الدولة رقم )‪ (65‬لسنة ‪ 1979‬حيث اصبح العراق من‬ ‫الدول ذات النظام القضائي المزدوج‪،‬‬

‫المبحث الول‬ ‫نشأة القضاء الداري‬ ‫بصــدور القــانون رقــم ‪ 106‬لســنه ‪ 1989‬قــانون التعــديل‬ ‫الثـاني لقـانون مجلـس شـورى الدولـة رقـم ‪ 60‬لسـنه ‪1979‬‬ ‫انشـأ لول مـرة فـي العـراق قضـاء إداريـا مسـتقل إلـى جـانب‬ ‫القضاء العادي وبات العراق كالنظام القضائي المزدوج‪.‬‬ ‫أمـا قبـل هـذا التاريـخ فقـد عـرف العـراق بمـوجب القـانون‬ ‫‪ 140‬مــا يســمى بالمحــاكم الداريــة وهــي محــاكم تختــص‬ ‫بـالنظر فـي المنازعـات الـتي تكـون الدارة طرفـا فيهـا بصـرف‬ ‫النظــر كــون عــن المنازعــة ذات طبيعــة إداريــة مدنيــة لــذلك‬ ‫كـانت جـزء مـن القضـاء العـادي وقـد تـم الغـاء هـذه المحـاكم‬ ‫بالقــانون رقــم ‪ 16‬لســنة ‪ 1989‬كمــا عــرف قضــاء مجلــس‬ ‫النضـباط العـام الـذي يتـولى مهمـة الفصـل فـي المنازعـات‬ ‫التي تنشأ بين الموظف والدولة استنادا إلى قانون انضباط‬

‫‪75‬‬

‫مــوظفي الدولــة القطــاع الشــتراكي رقــم ‪ 69‬لســنة ‪1936‬‬ ‫وقانون الخدمة المدنية رقم ‪ 24‬لسنة ‪.1960‬‬ ‫وإذا ذهب البعض إلى أن العراق قد أخذ بنظام القضاء‬ ‫المـزدوج قبـل عـام ‪ 1989‬بالسـتناد إلـى اختصـاص مجلـس‬ ‫النضــباط العــام ‪ ,‬فــان المســتقر لــدى غالبيــة الفقهــاء أن‬ ‫النظــام القضــائي المــزدوج لــم يظهــر إل بعــد صــدور قــانون‬ ‫التعــديل الثــاني لقــانون مجلــس شــورى الدولــة عــام ‪1989‬‬ ‫والمتضمن إنشاء محكمة القضاء الداري إلى جانب مجلس‬ ‫النضباط العام‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬ ‫تنظيم مجلس شورى الدولة‬

‫أوردت المــادة الولــى المعدلــة مــن مجلــس شــورى‬ ‫الدولــة " يؤســس مجلــس يســمى مجلــس شــورى الدولــة‬ ‫يرتبـط إداريـا بـوزارة العـدل يكـون مقـره فـي بغـداد ويتـألف مـن‬ ‫رئيـس ونـائبين للرئيـس وعـدد مـن المستشـاري ل يقـل عـن‬ ‫اثنى عشرة ومن عدد من المستشارين المساعدين ل يزيد‬ ‫على نصف عدد المستشاري" ‪.‬‬ ‫فــي حيــن نصــت الفقــرة الولــى مــن المــادة الثانيــة‬ ‫المعدلــة مــن القــانون المــذكور علــى أن " يتكــون المجلــس‬ ‫مــــن الهيئة العامــــة وهيئة الرئاســــة والهيئة الموســــعة‬ ‫ممجلـس النضـباط العـام ومحكمـة القضـاء الداري وعـدد مـن‬ ‫الهيئات المتخصصـة حسـب الحاجـة" ونـبين فيمـا يلـي هـذه‬ ‫الهيئات واختصاصاتها‪:‬‬ ‫أول‪ :‬الهيئة العامــة‪ :‬وتتـــألف مـــن الرئيـــس ونـــائبيه‬ ‫والمستشــارين وتعقــد برئاســة الرئيــس وعنــد غيــابه اقــدم‬ ‫نــائبيه ويحضــر المستشــارين المســاعدون الهيئة العامــة‬ ‫ويشتركون في النقاش دون حق التصويت‪.‬‬ ‫وتختــص الهيئة العامــة كــأعلى هيئة فــي المجلـــس‬ ‫بالعمــل علــى توحيــد المبــادئ الحكــام واســتقرارها فيمــا‬ ‫يختـص بـه المجلـس فـي مجـال التقنيـن وابـداء الـرأي فـي‬

‫‪76‬‬

‫المسـائل القانونيـة كمـا تمـارس الهيئة العامـة فـي مجلـس‬ ‫شـورى الدولـة اختصاصـات محكمـة التمييـز المنصـوص عليهـا‬ ‫فـي قـانون المرافعـات المدنيـة‪ ,‬عنـد النظـر فـي الطعـن فـي‬ ‫القــرارات الصــادرة مــن مجلــس النضــباط العــام‪ (1).‬وتتخــذ‬ ‫الهيئة العامـة قراراتهـا باغلبيـة عـدد العضـاء الحاضـرين واذا‬ ‫تساوتالصوات يرجح الجانب الذي فيه الرئيس‪.‬‬ ‫ثانيــا ‪ :‬هيئة الرئاســة‪ :‬تتـــالف هيئة الرئاســـه مـــن‬ ‫الرئيــس ونــائبيه ورؤســاء الهيئات المتخصصــة وتقــدم هيئة‬ ‫الرئاسة كل ستة اشهر وكلما رات ذلك الى ديوان الرئاسة‬ ‫تقريـرا متضـمنا مـا اظهرتـه الحكـام والبحـوث مـن نقـص فـي‬ ‫التشـريع القـائم او غمـوض فيـه او حـالت اسـاءة اسـتعمال‬ ‫الســلطة مــن ايــة جهــة مــن جهــات الدارة او مجــاوزة تلــك‬ ‫الجهات لسلطاتها‪.‬‬ ‫ثالثــــا ‪ :‬الهيئه المتخصصــــه‪ :‬وتتــــالف كــــل هيئه‬ ‫متخصصـــه مـــن رئيـــس بعنـــوان مستشـــار وعـــدد مـــن‬ ‫المستشــارين المســاعدين شــرط ان لتزيــد نســبتهم علــى‬ ‫ثلث عدد المستشارين ‪.‬‬ ‫ولـم يحـدد المشـرع عـدد الهيئات المتخصصـه وتـرك ذلـك‬ ‫لمقتضـيات الحاجـة وتخصـص هـذه الهيئات بـالظر فيمـا يحيلـه‬ ‫رئيـــس المجلـــس مـــن مشـــروعات التشـــريعات والقصـــايا‬ ‫المعروضه على المجلس لدراستها وابداء الراي فيها ‪.‬‬ ‫ويخضـع مـا تنجـزه الهيئه فـي مجـال التقنيـن للمراجعـة‬ ‫النهـائيه مـن الهيئه العامـة ‪ .‬امـا المشـوره القـانونيه فيخضـع‬ ‫رايهـا لمصـادقة رئيـس المجلـس او الهيئه العـامه ‪ ,‬وللرئيـس‬ ‫ان يعـترض علـى راي الهيئه المتخصصـه ويحيلـه الـى الهيئه‬ ‫الموسعة‪.‬‬ ‫‪ -1‬كما كانت تمارس الهيئة العامة في مجلس شورى الدولة اختصاصات محكمة التمييز المنصوص عليها في قانون‬ ‫المرافعات المدنية‪ ,‬عند النظر في الطعن في القرارات الصادرة من محكمة القضاء الداري ومجلس النضباط العام لكن‬ ‫بصدور قانون المحكمة التحادية العليا اصبح الختصاص بنظر الطعون المتعلقة بقرارات من محكمة القضاء الداري‬ ‫من اختصاص المحكمة التحادية العليا‪.‬‬

‫‪77‬‬

‫رابعـا ‪ :‬الهيئة الموسـعة ‪ :‬وهـي هيئة مؤقتـة تتكـون‬ ‫كلمــا اقتضــت الحاجــة وتتــالف مــن هيئتيــن متخصصــتين‬ ‫يعينهمـا الرئيـس وتعقـد برئاسـة احـد نـائبيه ويحضـر اجتماعهـا‬ ‫المستشـارين المساعدينويشـتركون فـي النقـاش دون حـق‬ ‫التصويت ‪.‬‬ ‫وتجتمــع هــذه الهيئه عنــدما ليتفــق رئيــس المجلــس‬ ‫والهيئه المتخصصــه علــى راي واحــد فــي غيــر مشــروعات‬ ‫القـوانين فعنـد اذن تجتمـع الهيئه المتخصصـة برئاسـة رئيـس‬ ‫المجلـس لبحـث الموضـوع ثانيـة فـاذا صـدر القـرار بالتفـاق‬ ‫اصــبح نهائيــا ‪ .‬امــا اذا لــم يتــم التفــاق علــى راي موحــد‬ ‫فـالرئيس امـام خيـاران ‪ :‬امـا ان يحيـل الموضـوع الـى الهيئة‬ ‫العامـــةاو الـــى هيئة تشـــكل مـــن الهيئه المتخصصـــة ذات‬ ‫العلقـــة وهيئه اخـــرى يعينهـــا الرئيـــس مـــن بيـــن الهيئات‬ ‫المتخصصـــه الخـــرى وتســـمى هـــاتين الهيئتيـــن ) الهيئه‬ ‫الموسـعة(‪ .‬وتصـدر قـرارا نهائيـا بالتفـاق او بـالكثريه ‪ ,‬امـا‬ ‫اذا تســاوت الصــوات فيرجــح الجــانب الــذي يصــوت معــة‬ ‫الرئيس ‪.‬‬

‫خامسا ‪:‬مجلس النضباط العام ‪:‬‬

‫يتكــون مجلــس النضــباط العــام وفقــا التعــديل الثــاني‬ ‫لمجلـس شـورى الدولـة مـن رئيـس مجلـس شـورى الدولـة‬ ‫رئيسا واعضاء مجلس الشورى اعضاء طبيعيين فيه‪ ،‬وينعقد‬ ‫مجلــس النضــباط العــام لممارســة اختصاصــاته برئاســة‬ ‫الرئيس وعضوين من اعضاء مجلس الشورى‪ ،‬ويجوز انتداب‬ ‫القضـاة مـن الصـنف الول والثـاني لعضـوية مجلـس النضـباط‬ ‫العام من غير المنتدبين لعضوية مجلس شورى الدولة‪.‬‬ ‫وقد كان مجلس النضباط العام قائما قبل صدور قانون‬ ‫التعـديل الثـاني لقـانون مجلـس شـورى الدولـة إذ تـم انشـاءه‬ ‫بمـوجب قـانون انضـباط مـوظفي الدولـة رقـم ‪ 41‬لسـنة ‪1929‬‬ ‫ثـم تـولى ديـوان التـدوين القـانوني وظيفـة مجلـس النضـباط‬ ‫العـام بمـوجب قـانون ديـوان التـدوين القـانوني رقـم ‪ 49‬لسـنة‬ ‫‪ 1933‬وعنـدما صـدر قـانون انضـباط مـوظفي الدولـة رقـم ‪69‬‬

‫‪78‬‬

‫لسـنة ‪ 1936‬أحـال فـي تشـكيل المجلـس الـى مـا ينـص عليـه‬ ‫قـانون ديـوان التـدوين القـانوني‪ ،‬ثـم صـدر القـانون رقـم ‪12‬‬ ‫لسنة ‪ 1942‬بتعديل القانون المذكور‪.‬‬ ‫وعنــدما صــدر قــانون مجلــس شــورى الدولــة رقــم ‪65‬‬ ‫لسـنة ‪ 1979‬ألغـى قـانون ديـوان التـدوين القـانوني باسـتثناء‬ ‫المــادة السادســة المتعلقــة بتشــكيل مجلــس النضــباط‬ ‫العام‪.‬‬ ‫ثـم صـدر قـرار مجلـس قيـادة الثـورة المنحـل رقـم ‪1717‬‬ ‫فـــي ‪ 21/12/1981‬ليجعـــل مجلـــس النضـــباط العـــام هيئة‬ ‫مستقلة تماما عن مجلس شورى الدولة‪ ،‬يتكون من رئيس‬ ‫وعضـــوين يســـميهم وزيـــر العـــدل علـــى ان يكـــون رئيـــس‬ ‫المجلس من بين قضاة محكمة التمييز او المستشارين في‬ ‫مجلـس شـورى الدولـة او مـن قضـاة الصـنف الول وان يكـون‬ ‫العضـوان مـن قضـاة الصـنف الثـاني فـي القـل والمشـرفين‬ ‫العـدليين والمستشـارين المسـاعدين والمـدراء العـامين فـي‬ ‫وزارة العــدل‪ ،‬ويجــوز تســمية رئيــس وعضــو احتيــاط او اكــثر‬ ‫ليحل محل من يغيب منهم‪.‬‬ ‫واخيـرا وبصـدور قـانون التعـديل الثـاني لقـانون مجلـس‬ ‫شـــورى الدولـــة )القـــانون رقـــم ‪ 106‬لســـنة ‪ ( 1989‬عـــاد‬ ‫مجلـس النضـباط العـام الـى مجلـس شـورى الدولـة ليصـبح‬ ‫هيئة مـن هيئاتـه ليمـارس اختصاصـات المنصـوص عليهـا فـي‬ ‫قــانون انضــباط مــوظفي الدولــة والقطــاع العــام الحــالي‬ ‫المعدل رقم ‪ 14‬لسنة ‪ 1991‬وقانون الخدمة المدنية‪.‬‬ ‫سادســـا‪ :‬محكمـــة القضـــاء الداري‪ :‬لعـــل هـــذه‬ ‫المحكمة هي الستحداث الكثر اهمية الذي جاء به القانون‬ ‫رقـم ‪ 106‬لسـنة ‪ 1989‬اذ ورد النـص علـى تشـكيل المحكمـة‬ ‫برئاسـة قاضـي مـن الصـنف الول اومستشـار فـي مجلـس‬ ‫شــورى الدولــة وعضــوين مــن القضــاة ل يقــل صــنفهما عــن‬ ‫الصــنف الثــاني مــن صــنوف القضــاة او مــن المستشــارين‬ ‫المســاعدين فــي مجلــس شــورى الدولــة‪ .‬ويجــوز انتــداب‬ ‫القضــاة مــن الصــنف الول او الثــاني الــى محكمــة القضــاء‬

‫‪79‬‬

‫الداري مـن غيـر المنتـدبين لعضـوية مجلـس شـورى الدولـة‬ ‫وتمـارس المحكمـة مهمـة النظـر فـي صـحة القـرارات الداريـة‬ ‫الغاء وتعويضا ويكون قرار المحكمة خاضعا للطعن فيه لدى‬ ‫المحكمة التحادية العليا‪.‬‬ ‫سابعا‪ :‬هيئة التنازع‪ :‬وهـي هيئة قضـائية تتكـون مـن‬ ‫ستة اعضاء ثلثة يختارهم رئيس محكمة التمييز من اعضاء‬ ‫المحكمــة وثلثــة اخــرون يختــارهم رئيــس مجلــس شــورى‬ ‫الدولــة مــن بيــن اعضــاء المجلــس وتجتمــع برئاســة رئيــس‬ ‫محكمــة التمييــز وتختــص بحســم اشــكالت التنــازع فــي‬ ‫الختصاص بين القضاء العادي والقضاء الداري‪.‬‬

‫المبحث الثالث‬ ‫الختصاصات غير القضائيه لمجلس‬ ‫شورى الدولة‬ ‫يضـطلع مجلـس شـورى الدولـة بعـدة وظـائف منهـا مـا يتعلـق‬ ‫بالتقنين والستشارة القانونية‪.‬‬

‫المطلــب الول‪ :‬وظيفــة المجلــس فــي مجــال‬ ‫التقنين‪.‬‬

‫يمــارس مجلــس شــورى الدولــة طبقــا للمــادة الخامســة‬ ‫المعدلـة مـن قـانون مجلـس شـورى الدولـة رقـم ‪ 65‬لسـنة‬ ‫‪ 1979‬المعـــدل اعـــداد وصـــياغة مشـــروعات التشـــريعات‬ ‫المتعلقـة بـالوزارات او الجهـات غيـر المرتبطـة بـوزارة بطلـب‬ ‫من الوزير المختـص او الرئيس العلى للجهـه غيـر المرتبطة‬ ‫بــوزالرة بعــد ان يرفــق بهــا مــا يتضــمن اســس التشــريع‬ ‫المطلـوب مـع جميـع اولويـاته وآراء الـوزارات او الجهـات ذات‬ ‫العلقة ‪.‬‬

‫‪80‬‬

‫كمـا يختـص المجلـس بتـدقيق جميـع مشـروعات التشـريعات‬ ‫المعـدة مـن الـوزارات او الجهـات غيـر المرتبطـة بـوزارة مـن‬ ‫حيث الشكل والموضوع على النحو التي ‪:‬‬ ‫‪ -1‬تلـتزم الـوزارات او الجهـات غيـر المرتبطـة بـوزارة بعـرض‬ ‫مشروع القانون على الوزارات ذات الصلة لبيان رايها بشأنه‬ ‫قبل عرضه على المجلس‪.‬‬ ‫‪ -2‬يرسـل المشــروع التشــريع الــى المجلــس بكتــاب موقــع‬ ‫من الوزير المختـص او الرئيس العلى للجهـه غيـر المرتبطة‬ ‫بــوزارة مــع اســبابه المــوجبه وآراءالــوزارات او الجــات ذات‬ ‫العلقــة مشــفوعا بجميــع العمــال التحضــيرية‪ ,‬ول يجــوز‬ ‫رفعــه الــى ديــوان الرئاســة مباشــرة ال فــي الحــول الــتي‬ ‫ينسبها الديوان ‪.‬‬ ‫‪ -3‬يتـولى المجلـس دراسـة الموضـوع واعـادة صـياغتة عنـد‬ ‫القتضـاء واقـتراح البـدائل الـتي يراهـا ضـرورية وابـداء الـراى‬ ‫فيــه ورفعــه مــع توصــيات المجلــس الــى ديــوان الرئاســة‬ ‫وارســال نســخة مــن المشــروع وتوصــيات المجلــس الــى‬ ‫الوزارة او الجهه ذات العلقة‪.‬‬ ‫وفـي كـل ذلـك يسـاهم المجلـس فـي ضـمان وحـدة وحـدة‬ ‫التشـــريع وتوحيـــد اســـس الصـــياغة التشـــريعية وتوحيـــد‬ ‫المصـطلحات والتعـابير القانونيـة كمـا يلـتزم المجلـس بتقـديم‬ ‫تقريـر كـل سـتة اشـهر الـى ديـوان الرئاسـة يتضـمن مـا يكتنـف‬ ‫التشريع القائم من نقص او غموض‪.‬‬

‫المطلـب الثـاني ‪ :‬وظيفـة المجلـس فـي مجـال‬ ‫الراي والمشورة‪:‬‬

‫اشـارت المـادة السادسـة مـن قـانون مجلـس شـورى الدولـة‬ ‫الــى الختصاصــات الستشــارية لمجلــس شــورى الدولــة‬ ‫والتي يمكن اجمالها فيما يلى‪:‬‬ ‫ابــداء المشــورة القانونيــة فــي المســائل الــتي‬ ‫‪-1‬‬ ‫تعرضها عليه الجهات العليا‪.‬‬

‫‪81‬‬

‫ابـــداء المشـــورة القانونيـــة فـــي التفاقيـــات‬ ‫‪-2‬‬ ‫والمعاهدات الدوليه قبل عقدها او النضمام اليها‪.‬‬ ‫ابــداء الــرأي فــي المســائل المختلــف فيهــا بيــن‬ ‫‪-3‬‬ ‫الـوزارات او بينهـا وبيـن الجهـات غيـر المرتبطـه بـوزارة اذا‬ ‫احتكـــم اطـــراف القضـــية الـــى المجلـــس ويكـــون راي‬ ‫المجلس ملزما لها‪.‬‬ ‫‪ -4‬ابداء الرأي في المسائل القانونية اذا حصل تردد لدى‬ ‫احـدى الـوزارات اوالجهـات غيـر المرتبطـه بـوزارة علـى ان‬ ‫تشــفع بــرأي الــدائرة القانونيــة فيهــا مــع تحديــد النقــاط‬ ‫المطلـوب ابـداء الـراى بشـأنها والسـباب الـتي دعـت الـى‬ ‫عرضــها علــى المجلــس ويكــون رايــه ملزمــا للــوزارة او‬ ‫الجهه طالبة الرأي‪..‬‬ ‫توضيح الحكام القانونية عند استيضاح عنها من‬ ‫‪-5‬‬ ‫قبل احدى الوزارات او الجهات غير المرتبطه بوزارة‪.‬‬ ‫ومــن الجــدير بالــذكر انــه ليجــوز لغيــر الــوزير المختــص او‬ ‫الرئيس العلى للجهات غير المرتبطه بوزارة عرض القضايا‬ ‫علـــى المجلـــس ‪ ,‬وليجـــوز ان يبـــدي المجلـــس رأيـــة او‬ ‫مشورته في القضايا المعروضة على القضاء وفي القرارات‬ ‫التي لها مرجع قانوني للطعن‪(1).‬‬

‫المبحث الرابع‬ ‫الختصاصات القضائية لمجلس شورى الدولة‬ ‫يمارس مجلس شورى الدولة اختصاصاته القضائية باعتباره‬ ‫قضــاء اداريــا مــن خلل هيئتيــن قضــائيتين همــا مجلــس‬ ‫النضباط العام و محكمة القضاء الداري ‪.‬‬

‫المطلب الول ‪ :‬الختصاصات القضائية لمجلس النضباط العام‬ ‫‪ - 1‬المادة )‪ (8‬من قانون مجلس شورى الدوله المعدل ‪.‬‬

‫‪82‬‬

‫كـــان مجلـــس النضـــباط العـــام يمـــارس اختصاصـــاته‬ ‫القضـائية قبـل صـدور قـانون مجلـس شـورى الدولـة و قـانون‬ ‫تعديله الثاني ‪،‬فقد كان يمارس اختصاصاته بموجب قوانين‬ ‫سـابقة هـي قـانون الخدمـة المدنيـة رقـم )‪ (24‬لسـنة ‪ 1960‬و‬ ‫قـانون انضـباط مـوظفي الدولـة رقـم )‪ (69‬لسـنة ‪ 1936‬الـذي‬ ‫حـــل محلـــه قـــانون انضـــبلط مـــوظفي الدولـــة و القطـــاع‬ ‫الشتراكي رقم )‪ (14‬لسنة ‪1991‬‬ ‫غيـر ان نـص المـادة السـابعة مـن قـانون مجلـس شـورى‬ ‫الدولـة المعـدل بقـانون التعـديل الثـاني قـد نصـت علـى ان‬ ‫مجلـس شـورى الدولـة يمـارس فـي مجـال القضـاء الداري‬ ‫الختصاصـــات التـــالي ذكرهـــا ‪))..‬اول ‪:‬وظـــائف مجلـــس‬ ‫النضــباط العــام ‪ ((..‬و مــن ثــم اصــبح المجلــس فــي ضــمن‬ ‫تشكيلت مجلس شورى الدولة ‪.‬‬ ‫و يمــارس المجلــس و ظيفتــه القضــائية فــي مجــالين‬ ‫رئيسيين‪:‬‬ ‫ اختصاصاته في مجال انضباط موظفي الدولة ‪.‬‬‫ باختصاصـاته فـي مجـال النظـر فـي دعـاوى الخدمـة‬‫المدنية ‪.‬‬

‫اول‪ :‬اختصاصــاته فــي مجــال انضــباط مــوظفي‬ ‫الدولة‬

‫يختـص مجلـس النضـباط العـام بنظـر الطعـون المقدمـة‬ ‫ضــد العقوبــات التأديبيــة الصــادرة وفقــا لقــانون انضــباط‬ ‫مــوظفي الدولــة و القطــاع العــام المعــدل رقــم )‪ (14‬لســنة‬ ‫‪ 1991‬الختصاصات القضائية لمجلس النضباط العام ‪.‬‬ ‫وفـي سـبيل بيـان اختصـاص مجلـس النضـباط العـام فـي‬ ‫مجال انضباط موظفي الدولة نجد أنه من المناسب أن نبين‬ ‫مفهـوم الموظـف العـام ابتـداء) والعقوبـات الـتي يمكـن ايقاعهـا‬ ‫على الموظف وولية مجلس النضباط العام في كل ذلك ‪.‬‬

‫تعريف الموظف العام‬

‫‪83‬‬

‫لــم يــرد فــي معظــم التشــريعات تعريــف منظــم يحــدد‬ ‫المقصــود بــالموظف العــام ‪ (1).‬ويرجــع ذلــك إلــى اختلف‬ ‫الوضع القانوني للموظف العام بين دولة وأخرى وإلى صفة‬ ‫التجدد المضطرد للقانون الداري ‪.‬‬ ‫واكتفت أغلب التشريعات الصادرة في ميدان الوظيفة‬ ‫العامة بتحديد معني الموظف العام في مجال تطبيقها ‪(2).‬‬ ‫غيــر انــه وعلــى عكــس أغلــب التشــريعات نجــد أن‬ ‫المشـرع العراقـي قـد درج علـى تعريـف الموظـف العـام فـي‬ ‫صــلب قــوانين الخدمــة المدنيــة وقــوانين انضــباط مــوظفي‬ ‫الدولـة ‪ ،‬فقـد عرفـه فـي المـادة الولـى مـن قـانون انضـباط‬ ‫مـــوظفي الدولـــة رقـــم ‪ 14‬لســـنة ‪ 1991‬المعـــدل " كـــل‬ ‫شـخص عهـدت إليـه وظيفـة داخـل ملك الـوزارةأو الجهـة غيـر‬ ‫المرتبطة بوزارة " ‪.‬‬ ‫وعلـى ذلـك نـرى انـه يلـزم للتمتـع بصـفة الموظـف العـام‬ ‫ما يلي‪:‬‬ ‫‪ .1‬أن يعهــد إليــه بعمــل دائم ‪ :‬يشــترط لضــفاء صــفة‬ ‫الموظـف العـام أن يشـغل العامـل وظيفـة دائمـة داخلـة فـي‬ ‫نظـام المرفـق العـام ‪ ,‬وبـذلك ل يعـد العـاملون بصـورة مؤقتـة‬ ‫أو موسمية كالخبراء والمشاورين القانونيون موظفين ‪.‬‬ ‫ومـن متممـات العمـل الـدائم أن تكـون الوظيفـة داخلـه‬ ‫ضمن الملك الدائم في الوحدة الدارية ‪.‬‬ ‫ومن الواجب عدم الخلط بين الموظف الذي يعمل بعقد‬ ‫مـؤقت فـي وظيفـة دائمـة والوظيفـة المؤقتـة أو الموسـمية‬ ‫لن شاغل الوظيفة الولى يعد موظفا) عاما) ولو أمكن فصله‬ ‫بانتهاء مدة العقد ‪.‬‬ ‫أما الثانية فل يعد شاغلها موظف ا) عام ا) تغليب ا) للطبيعة‬ ‫اللئحيــة لعلقــة شــاغل الوظيفــة الدائمــة بــالدارة علــى‬ ‫العلقة التعاقدية ‪.‬‬ ‫‪Plantey (A) – Trate Pratique de la fonction Publique Libairie general de droit de - 1‬‬ ‫‪. Jurisprudence –1971 – P 19‬‬ ‫‪ - 2‬د‪ .‬عبد الحميد كمال حشيش – دراسات في الوظيفة العامة في النظام الفرنسي – دار النهضة العربي – القاهرة –‬ ‫‪ – 1977‬ص ‪. 165‬‬

‫‪84‬‬

‫‪ -2‬أن يعمــل الموظــف فــي خدمــة مرفــق عــام تــديره‬ ‫الدولــة أو أحــد أشــخاص القــانون العــام ‪ :‬ل يكفــى لعتبــار‬ ‫الشـخص موظفـا) عامـا) أن يعمـل فـي وظيفـة دائمـة إنمـا يلـزم‬ ‫أن يكون عملـه هذا فـي خدمة مرفق عام ‪Le Service Public‬‬ ‫وللمرفـق العـام معنيـان ‪ :‬المعنـى العضـوي ويفيـد المنظمـة‬ ‫الـتي تعمـل علـى أداء الخـدمات وإشـباع الحاجـات العامـة ‪،‬‬ ‫ويتعلق هذا التعريف بالدارة أو الجهاز الداري‬ ‫أمـا المعنـى الخـر فهـو المعنـى الموضـوعي ويتمثـل‬ ‫بالنشــاط الصــادر عــن الدارة بهــدف إشــباع حاجــات عامــة‬ ‫وقــــــد‬ ‫والذي يخضع لتنظيم وإشراف ورقابة الدولة ‪(1) .‬‬ ‫كــان المعنــى العضــوي المعنــى الشــائع فــي القضــائين‬ ‫الفرنسي والمصري ثم جمعا بين المعنيين بتطور أحكامهما‬ ‫ومن ثم استقرا على المعنى الموضوعي ‪.‬‬ ‫ويشترط لكتساب صفة الموظف العام أن تدير الدولة‬ ‫أو أحـد أشـخاص القـانون العـام هـذا المرفـق إدارة مباشـرة ‪.‬‬ ‫وبـذلك ل يعـد الموظفـون فـي المرافـق الـتي تـدار بطريقـة‬ ‫اللـــتزام مـــوظفين عمـــوميين ‪ .‬وكـــذلك العـــاملون فـــي‬ ‫الشـركات والمنشـآت الـتي ل تتمتـع بالشخصـية العتباريـة‬ ‫العامة ولو تم إنشائها بقصد إشباع حاجات عامة ‪.‬‬ ‫‪ -3‬أن تكـون توليـة الوظيفـة العامـة بواسـطة السـلطة‬ ‫المختصــة ‪:‬الشــرط الخيــر اللزم لكتســاب صــفة الموظــف‬ ‫العـــام هـــو أن يتـــم تعيينـــه بقـــرار مـــن الســـلطة صـــاحبة‬ ‫الختصاص بالتعيين ‪.‬‬ ‫فل يعـد موظفـا) عامـا) مـن يسـتولي علـى الوظيفـة دون‬ ‫قــرار بــالتعيين كــالموظف الفعلــي ‪.‬كمــا أن مجــرد تســليم‬ ‫العمـل أو تقاضـي المرتـب ل يكفـي لعتبـار المرشـح معينـا)‬

‫‪1‬‬

‫ ينظر ‪:‬‬‫د‪ .‬محمد فؤاد مهنا – القانون الداري المصري والمقارن – الجزء الول – ‪ – 1958‬ص ‪. 89‬‬ ‫د‪ .‬ثروت بدوي – مبادئ القانون الداري – مصر – ‪ – 1973‬ص ‪. 80‬‬ ‫د ‪ .‬عثمان خليل عثمان – نظرية المرافق العامة – القاهرة – ‪ – 1958‬ص ‪. 245‬‬ ‫د‪ .‬توفيق شحاته – مبادئ القانون الداري – ‪ – 1955‬ص ‪. 384‬‬

‫‪85‬‬

‫في الوظيفة إذا لم يصدر قرار التعيين بإدارة القانونية ممن‬ ‫يملك التعيين ‪(1) .‬‬

‫واجبات الموظف العام‬ ‫يجــب أن يــؤدي الموظــف العــام مهــام معينــة ضــمان )ا‬ ‫لحســـن ســـير الوظيفـــة العامـــة ‪ ,‬وقـــد تعـــرض المشـــرع‬ ‫لواجبـــات المـــوظفين‪ .‬ولبـــد مـــن الشـــارة إلـــى أن هـــذه‬ ‫الواجبـات ليسـت محـددة علـى سـبيل الحصـر ‪ ,‬وإنمـا هـي‬ ‫واجبــات عامــة ناتجــة عــن طبيعــة الوظيفــة العامــة اذا مــا‬ ‫خالفهـا فـانه يعـرض نفسـه للمسـائله والتـاديب ‪ ,‬وقـد نـص‬ ‫المشـرع علـى الساسـية منهـا فـي المـادة الثـالثه مـن قـانون‬ ‫انضباط موظفي الدولة والقطاع العام المعدل ومن اهمها ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬ ‫‪-2‬‬ ‫‪-3‬‬ ‫‪-4‬‬ ‫‪-5‬‬ ‫‪-6‬‬

‫أداء العمل‬ ‫طاعة الرؤساء‬ ‫احترام القوانين واللوائح‬ ‫عدم إفشاء أسرار الوظيفة‪.‬‬ ‫المحافظة على شرف وكرامة الوظيفة‬ ‫عدم جواز الجمع بين الوظيفة وأي عمل آخر‪.‬‬

‫تأديب الموظف العام‬ ‫إذا اخــل الموظــف العــام بــواجب مــن واجبــات الوظيفــة‬ ‫اعله ‪ ،‬لبد أن يعاقب أو يجازى تأديبيا) ‪.‬‬ ‫فـي العـادة ل يضـع المشـرع تعريفـا) محـددا) للجريمــة‬ ‫التأديبيـة )‪ (2‬كمـا هـو الشـان فـي الجريمـة الجنائيـة ويكتفـي‬ ‫‪ -1‬د‪ .‬محمد عبد ال الحراري – أصول القانون الداري الليبي – الجزء الثاني – ‪ – 1995‬ص ‪. 15‬‬ ‫‪ - 2‬اعتاد بعض الدارسين استعمال عبارة الجرائم التاديبية وهذا مما ل تجيزة اللغة الن الوصف يوقع فى التناقض‬ ‫فالجريمة لتؤدب بل هى مفسدة للداب ولكن المواخذة عليها هى التى توصف بالتاديبية اما عبارة الجرائم ذات العقوبة‬ ‫التادبية فاستعمال ليخالف القواعد اللغوية ومع ذالك آثرت استعمال عبارة ) الجرائم التادبية ( رغم مخالفتها جريا‪ Ÿ‬على‬

‫‪86‬‬

‫غالبــا) بــإيراد الوجبــات والمحظــورات وينــص علــى أن كــل‬ ‫موظف يجب أن يلتزم بهذه الواجبات ويمتنع عن كل ما يخل‬ ‫بها ‪.‬‬ ‫ولعـل خشـية المشـرع فـي إضـفاء وصـف الجريمـة علـى‬ ‫المخالفات التأديبية يعود إلى التشابه الذي قد يحصل بينها‬ ‫وبين الجريمة في المجال الجنائي ‪:‬‬ ‫لكـن الفقـه مـن جـانبه قـد سـد النقـص فـي هـذا المجـال‬ ‫فقد عرف الدكتور مغـاورى محمـد شاهين الجريمـة التأديبية‬ ‫بأنهـا إخلل بـواجب وظيفـي أو الخـروج علـى مقتضـاها بمـا‬ ‫ينعكس عليها ‪(1) .‬‬ ‫كمـا عرفهـا السـتاذ محمـد مختـار محمـد عثمـان بانهـا كـل‬ ‫فعـل أو امتنـاع عـن فعـل مخـالف لقاعـدة قانونيـة أو لمقتضـى‬ ‫الـواجب يصـدر مـن العامـل اثنـاء اداء الوظيفـة أو خارجهـا ممـا‬ ‫ينعكس عليها بغير عذر مقبول ‪(2) .‬‬ ‫ومـن الملحـظ ان هـذه التعـاريف قـد جـاءت خاليـة مـن‬ ‫الشـارة الـى دور الرادة بوصـفها ركـن مـن اركـان الجريمـة‬ ‫التأديبيـة ليمكـن ان تقـوم الجريمـة بـدونه وان هـذا التجـاه لـو‬ ‫اصـبح اتجاهـا) عامـا) فـانه سـيؤدى الـى مسـاواه حسـن النيـة‬ ‫مــن المــوظفين بســيئ النيــه ولشــك ان ذلــك يقــود الــى‬ ‫التطبيق العشوائى للمساءلة التأديبية مما يترك اثرا) سلبيا)‬ ‫على العمل فى المرفق ‪.‬‬ ‫ويمكننــا تعريــف الجريمــة التأديبيــة بأنهــا كــل فعــل أو‬ ‫امتنـاع إرادي يصـدر عـن الموظـف مـن شـانة الخلل بـواجب‬ ‫من واجبات الوظيفة التي ينص عليها القانون فهذا التعريف‬ ‫يجمـع بيـن جنبـاته أركـان الجريمـة التأديبيـة كافـة مـن ركـن‬ ‫مادي ومعنوي وشرعي وركن الصفة ‪.‬‬

‫ماذهب اليه اغلب الفقهاء‪.‬‬ ‫‪ - 1‬د‪ .‬مغاوري محمد شاهين – القرار التأديبي وضماناته ورقابته القضائية بن الفاعلية والضمان – مكتبة النجلو‬ ‫المصرية – ‪ – 1986‬ص ‪. 205‬‬ ‫‪ - 2‬د‪ .‬محمد مختار محمد عثمان – الجريمة التأديبية بين القانون الداري وعلم الدارة – ط ‪ – 1‬دار الفكر العربي –‬ ‫‪ – 1973‬ص ‪. 66‬‬

‫‪87‬‬

‫العقوبات التأديبية‬

‫العقوبــات التأديبيــة او النضــباطية كمــا اطلــق عليهــا‬ ‫المشـرع العراقـي تمثـل جـزاء الخلل بالواجبـات الوظيفيـة‬ ‫وهـذه العقوبـات توقـع علـى مرتكـبي الجـرائم التأديبيـة وهـى‬ ‫محـددة علـى سـبيل الحصـر ول يمكـن تزاوجهـا وإيقـاع عقوبـة‬ ‫أخـرى غيرهـا ‪ .‬وقـد حـدد المشـرع العراقـي فـي المـادة )‪(8‬‬ ‫فــي قــانون انضــباط مــوظفي الــدوله رقــم ‪ 14‬لســنة ‪1991‬‬ ‫المعـدل العقوبـات الـتي يجـوز ان توقـع علـى الموظـف العـام‬ ‫وهي ‪:‬‬ ‫‪ - 1‬لفــــت النظــــر‪ :‬ويكــــون باشــــعار الموظــــف تحريريــــا‬ ‫بالمخالفه التي ارتكبها وتوجيهه تحسين سلوكه الوظيفي‬ ‫ويترتب علـى هذه العقـوبه تاخيرالترفيع او الزياده مـدة ثلثـة‬ ‫اشهر ‪.‬‬ ‫‪- 2‬النـــذار ‪ :‬ويكـــون باشـــعار الموظـــف تحريريـــا بالمخـــالفه‬ ‫الـــتي ارتكبهـــا وتحـــذيره مـــن الخلل بواجبـــات الـــوظيفته‬ ‫مسـتقبل ويـترتب علـى هـذه العقـوبه تـاخيرالترفيع او الزيـاده‬ ‫مدة ستة اشهر ‪.‬‬ ‫‪- 3‬قطـع الراتـب ‪ :‬ويكـون بخصـم القسـط اليـومي مـن راتـب‬ ‫الموظـف لمـدة لتتجـاوز عشـرة ايـام بـامر تحريـري تـذكر فيـه‬ ‫المخـــالفه الـــتي ارتكبهـــا الموظـــف واســـتوجبت فـــرض‬ ‫العقــوبه ‪ ,‬ويــترتب عليهــا تــاخير الــترفيع او الزيــاده خمســة‬ ‫اشـهر فـي حالـة قطـع الراتـب لمـدة لتتجـاوز خمسـة ايـام ‪,‬‬ ‫وشـهر واحـد عـن كـل يـوم مـن ايـام قطـع الراتـب فـي حالـة‬ ‫تجاوز مدة العقوبه خمسة ايام ‪.‬‬ ‫‪ - 4‬التوبيــخ ‪ :‬ويكــون باشــعار الموظــف تحريريــا بالمخــالفه‬ ‫الــتي ارتكبهــا والســباب الــتي جعلــت ســلوكه غيــر مــرض‬ ‫ويطلــب اليــه وجــوب اجتنــاب المخــالفه لتحســين ســلوكه‬ ‫الـوظيفي ويـترتب علـى هذه العقـوبه تاخيرالترفيع او الزيـاده‬ ‫مدة سنه واحدة‬ ‫‪ -5‬انقـاص الراتـب‪ :‬ويكـون بقطـع مبلـغ مـن راتـب الموظـف‬ ‫بنسـبه لتتجـاوز ‪ %10‬مـن راتبـه الشـهري لمـدة لتقـل عـن‬

‫‪88‬‬

‫سـتة اشـهر و لتزيـد علـى سـنتين ويتـم ذلـك بـامرتحريري‬ ‫يشــعر الموظــف بالفعــل الــذي ارتكبــه ويــترتب علــى هــذه‬ ‫العقوبة تاخيرالترفيع او الزياده مدة سنتين ‪.‬‬ ‫‪ -6‬تنزيــل الــدرجه‪ :‬ويكــون بــامر تحريــري يشــعر الموظــف‬ ‫بالفعل الذي ارتكبه ويترتب على هذه العقوبة‪:‬‬ ‫أ –بالنســـبه للموظـــف الخاضـــع لقـــوانين او انظمـــه او‬ ‫قواعــد او تعليمــات خــدمه تاخــذ بنظــام الــدرجات المــاليه‬ ‫والـترفيع ‪ ,‬تنزيـل راتـب الموظـف الـى الحـد الدنـى للـدرجه‬ ‫التي دون درجته مباشره مع منحه العلوات التي نالها في‬ ‫الـدرجه المنـزل منهـا ) بقيـاس العلوة المقـررة فـي الـدرجه‬ ‫المنـزل اليهـا ( ويعـاد الراتـب الـذي كـان يتقاضـاه قبـل تنزيـل‬ ‫درجته بعد قضائه ثلث سنوات من تاريخ فرض العقوبه مع‬ ‫تدوير المدة المقضيه في راتبه الخير قبل فرض العقوبة ‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬بالنســبه للموظــف الخاضــع لقــوانين او انظمــه او‬ ‫قواعـد او تعليمـات خـدمه تاخـذ بنظـام الزيـادة كـل سـنتين ‪,‬‬ ‫تخفيــض زيــادتين مــن راتــب الموظــف ‪ ,‬ويعــاد الــى الراتــب‬ ‫الــذي كــان يتقاضــاه قيــل تنزيــل درجتــه بعــد قضــائه ثلثــة‬ ‫سـنوات مـن تاريـخ فـرض العقـوبه مـع تـدوير المـدة المقضـية‬ ‫في مرتبه الخير قبل فرض العقوبه‪.‬‬ ‫ج ‪ -‬بالنســبه للموظــف الخاضــع لقــوانين او انظمــه او‬ ‫قواعــد او تعليمــات خــدمه تاخــذ بنظــام الزيــادة الســنويه ‪,‬‬ ‫تخفيـض ثلثـة زيـادات سـنويه مـن راتـب الموظـف مـع تـدوير‬ ‫المدة المقضيه في راتبه الخير قبل فرض العقوبه‬ ‫‪ - 7‬الفصــل ‪:‬أجــاز المشــرع فــي المــادة‪ )(8‬مــن قــانون‬ ‫انضـباط مـوظفي الـدوله والقطـاع الشـتراكي إيقـاع عقوبـة‬ ‫الفصـل علـى الموظـف العـام و يكـون بتنحيـة الموظـف عـن‬ ‫الوظيفــة مــدة تحــدد بقــرار الفصــل يتضــمن الســباب الــتي‬ ‫استوجبت فرض هذه العقوبه عليه على النحو التي‪:‬‬ ‫أ – مـدة لتقـل عـن سـنة ولتزيـد علـى ثلث سـنوات‬ ‫اذا عـوقب الموظـف بـاثنين مـن العقوبـات التاليـة او باحـداهما‬ ‫لمرتيـن وارتكـب فـي المـرة الثالثـة خلل خمـس سـنوات مـن‬

‫‪89‬‬

‫تاريـــخ فـــرض العقوبـــة الولـــى فعل يســـتوجب معـــاقبته‬ ‫باحدها‪.‬‬ ‫ التوبيخ‬‫ انقاص الراتب‬‫ تنزيل الدرجه‬‫ب – مـدة بقـائه فـي السـجن اذا حكـم عليـه بـالحبس‬ ‫او السـجن عـن جريمـة غيـر مخلـة بالشـرف وذلـك اعتبـارا مـن‬ ‫تاريـخ صـدور الحكـم عليـه ‪ ,‬وتعتـبر مـدة موقـوفيته مـن ضـمن‬ ‫مـدة الفصـل ولتسـترد منـه انصـاف الرواتـب المصـروفه لـه‬ ‫خلل مدة سحب اليد ‪.‬‬ ‫‪ -8‬العــزل ‪ :‬ويكــون بتنحيــة الموظــف عــن الوظيفــة‬ ‫نهائيــا ولتجــوز اعــادة تــوظيفه فــي دوائر الــدوله والقطــاع‬ ‫الشــتراكي ‪ ,‬وذلــك بقــرار مســبب مــن الــوزير فــي احــدى‬ ‫الحالت التيه‪:‬‬ ‫أ‪ -‬اذا ثبــت ارتكــابه فعل خطيــرا يجعــل بقــاءه فــي‬ ‫خدمة الدوله مضرا بالمصلحة العامة‪.‬‬ ‫ب‪ -‬اذا حكــم عليــه عــن جنايــة ناشــئه عــن وظيفتــه‬ ‫وارتكبها بصفته الرسمية‪.‬‬ ‫ج‪ -‬اذا عــوقب بالفصــل ثــم اعيــد تــوظيفه فــارتكب‬ ‫فعل يستوجب الفصل مرة اخرى ‪.‬‬

‫شرعية العقوبة التأديبية‬

‫ل يجــوز توقيــع أي عقوبــة تأديبيــة لــم ينــص عليهــا‬ ‫المشـــرع ‪ ،‬تطبيقـــا) لمبـــدأ " شـــرعية العقوبـــة " مـــع تـــرك‬ ‫الحريــة للدارة فــي اختيــار العقوبــة المناســبة للمخالفــة‬ ‫التأديبية ‪.‬‬ ‫وعلـى هـذا السـاس ل يجـوز لسـلطة التـأديب أن توقـع‬ ‫على الموظف عقوبة لم ترد ضمن القائمة المحدودة قانون ا)‬ ‫وليــس لهــا إيقــاع عقوبــة مقنعــة مــن خلل القــرار بانتــداب‬ ‫الموظـف أو نقلـه ول تبتغـي الدارة مـن وراء ذلـك إل معـاقبته‬ ‫بغير الطريق التأديبي ‪.‬‬

‫‪90‬‬

‫فمـن المقـرر فـي الفقـه والقضـاء الدارييـن أن القـانون‬ ‫التـأديبي شـأنه شـأن القـانون الجنـائي إنمـا هـو يقـوم علـى‬ ‫مبــدأ – ل عقوبــة إل بنــص – ولهــذا فــأنه ل يجــوز لي ســبب‬ ‫مــن الســباب أن يعــاقب مــن ثبــت ارتكــابه لجريمــة تأديبيــة‬ ‫بعقوبة لم ينص عليها القانون ‪.‬‬ ‫ويتفـرع مـن مبـدأ شـرعية العقوبـة التأديبيـة أيضـا عـدم‬ ‫جـواز أن توقـع الدارة علـى الموظـف أكـثر مـن عقوبـة تأديبيـة‬ ‫على الفعل الواحد ‪.‬‬

‫السلطات التأديبيه الرئاسية‬

‫نضم قانون انضباط موظفي سلطة الرؤساء الداريين‬ ‫فـي ايقـاع العقوبـات التأديبيـة فـي حالـة مخالفـة المـوظفين‬ ‫لواجبـاته الوظيفيـة ‪ ,‬ويكـون اختصـاص هـؤلء الرؤسـاء كـامل)‬ ‫مــن حيــث تــوجيه التهــام وتكييــف الخطــأ وإصــدار العقوبــة‬ ‫المناسبة ‪.‬‬ ‫وقـد حـدد المشـرع فـي المـادة )‪ (11‬مـن قـانون انضـباط‬ ‫مـوظفي الجهـات المختصـه بفـرض العقوبـات النضـباطيه او‬ ‫التاديبيه وفق التفصيل التي‪.‬‬ ‫‪- 1‬الرئاسه ومجلس الوزراء ‪:‬‬ ‫نـص المشـرع فـي المـادة )‪ (14‬مـن مـن قـانون انضـباط‬ ‫مــوظفي الــدوله والقطــاع العــام المعــدل علــى انــه‪ ) :‬اول‪:‬‬ ‫لرئيــس الجمهوريــة أو مــن يخــوله فــرض ايــا مــن العقوبــات‬ ‫المنصـوص عليهـا فـي هـذا القـانون علـى المـوظفين التـابعين‬ ‫لـه ‪.‬ثانيـا لرئيـس مجلـس الـوزراء او الـوزير او رئيـس الـدائرة‬ ‫الغيـــر مرتبطـــة بـــوزارة فـــرض احـــدى العقوبـــات التاليـــة‬ ‫والمشموله باحكام هذا القانون ‪.‬‬ ‫أ ‪-‬انقاص الراتب‬ ‫ب ‪-‬تنزيل الدرجة‬ ‫ج ‪-‬الفصل‬

‫‪91‬‬

‫د ‪-‬العزل‪.‬‬ ‫ثالثــــا‪ :‬للموظــــف بمــــوجب الفقــــرات )اول( و ) ثانيــــا (‬ ‫من هذه المادة الطعن في قرار فرض العقوبة وفقا لحكام‬ ‫المادة )‪ (15‬من هذا القانون (‪.‬‬

‫‪- 2‬الوزير‪:‬‬

‫يملــك الــوزير بالســناد إلــى المــادة )‪ (12‬فــرض عقوبــة‬ ‫لفـت النظـر او النـذار او قطـع الراتـب علـى الموظـف الـذي‬ ‫يشـغل وظيفـة مـديرعام فمـا فـوق‪.‬امـا اذا تـبين لـه ان المـدير‬ ‫عـام فمـا فـوق قـد ارتكـب فعل يسـتوجب عقـوبه اشـد فعليـه‬ ‫ان يعرض المر على مجلس الوزراء متضمنا القتراح بفرض‬ ‫احـدى العقوبـات المنصـوص عليهـا فـي القـانون ويكـون قـرار‬ ‫مجلـس الـوزراء بهـذا الشـأن خاضـعا للطعـن فيـه وفقـا لحكـام‬ ‫المادة )‪ (15‬من القانون ‪.‬‬

‫‪- 3‬رئيس الدائرة او الموظف المخول له فرض‬ ‫العقوبة‪:‬‬

‫ولـه فـرض العقوبـات التــاليه علـى الموظـف المخـالف‬ ‫لوجبات الوظيفة العامة‬ ‫أ ‪-‬لفت النظر‬ ‫ب ‪-‬النذار‬ ‫ج ‪-‬قطع الراتب لمدة لتتجاوز خمسة ايام‬ ‫د‪ -‬التوبيخ‬ ‫امــا اذا اوصــت اللجنــه التحقيقيــه بفــرض عقوبــة اشــد‬ ‫فعلـى رئيـس الـدائرة او الموظـف المخـول احالتهـا الـى الـوزير‬ ‫لتخاذ القرار بشأنها ‪.‬‬

‫الجراءات التأديبية‬

‫نــص المشــرع العراقــي فــي المــادة )‪ (10‬مــن قــانون‬ ‫انضــباط مــوظفي الدولــة والقطــاع العــام المعــدل علــى‬

‫‪92‬‬

‫الجـراءات الـواجب اتباعهـا فـي ايقـاع العقوبـات النضـباطية‬ ‫علـى الموظـف المخـالف ‪.‬فتطلبـت تشـكيل لجنـة تحقيقيـة‬ ‫مـن رئيـس وعضـوين مـن ذوي الخـبرة علـى ان يكـون احـدهم‬ ‫حاصــل علــى شــهادة جامعيــة اوليــة فــي القــانون ‪ .‬تتــولى‬ ‫هـذة اللجنـة التحقيـق تحريريـا مـع الموظـف ‪ .‬وتوصـي الـى‬ ‫السلطة الرئاسيه بالعقوبه المقترحه اذا كان فعل الموظف‬ ‫يكون مخالفة لواجبات الموظف او توصي بغلق التحقيق اذا‬ ‫لــم يشــكل فعلــه اي مخالفــة ‪ ,‬امــا اذا تــبين لهــا ان فعــل‬ ‫الموظف يشكل جريمة نشأت من وظيفته او ارتكبها بصفته‬ ‫الرســمية فيجــب عليهــا ان توصــي باحــالته الــى المحــاكم‬ ‫المختصة ‪.‬‬ ‫مـن جـانب آخـر للـوزير ولرئيـس الـدائرة اسـنادا الـى نـص‬ ‫المــادة )‪ - 10‬رابعــا ( مــن القــانون فــرض اي مــن عقوبــات‬ ‫لفـت النظـر والنـذار وقطـع الراتـب مباشـرة بعـد اسـتجواب‬ ‫الموظــف ول شــك ان فــي ذلــك اخلل بالضــمانات الــواجب‬ ‫توافرها للموظف خاصة ‪.‬‬ ‫الطعن بقرار فرض العقوبه‪:‬‬ ‫عنــدما صــدر قــانون انضــباط مــوظفي الــدوله رقــم ‪14‬‬ ‫لسـنة ‪ 1991‬نـص علـى الطعـن فـي القـرارات الصـادرة بايقـاع‬ ‫العقوبــة النضــباطية فــي المــادة )‪ (11‬منــه ‪ ,‬وقــد جعــل‬ ‫القرارات المتضمنة عقوبة لفت النظر والنذار وقطع الراتب‬ ‫باتـة ليجـوز الطعـن بهـا امـام مجلـس النضـباط العـام ‪ .‬كمـا‬ ‫نــص علــى اعتبــارجميع العقوبــات الصــادره مــن رئاســة‬ ‫الجمهورية ومجلس الوزراء باتة ل جوز الطعن فيها ‪.‬‬ ‫ال انـه وبصـدور القـانون رقـم )‪ (5‬لسـنة ‪ ) 2008‬قـانون‬ ‫التعــديل الول لقــانون انضــباط مــوظفي الدولــة والقطــاع‬ ‫الشــتراكي( لــم تعــد هــذه العقوبــات باتــة واصــبح مــن‬ ‫الممكـن الطعـن فيهـا جميعـا امـام مجلـس النضـباط العـام‬ ‫كمــا تغيــرت تســمية القــانون الــى قــانون انضــباط مــوظفي‬ ‫الدولـــة والقطـــاع العـــام رقـــم ‪ 14‬لســـنة ‪ , 1991‬ولشـــك ان‬

‫‪93‬‬

‫هـذا التـوجه محمـود مـن المشـرع وفـي احـترام للضـمانات‬ ‫الواجب مراعاتها في النظام التاديبي‪.‬‬ ‫هـذا ولمجلـس النضـباط العـام ان يصـدر الحكـام التيـة‬ ‫في الطعون المقدمة اليه ‪:‬‬ ‫أــ رد الطعــن مــن الناحيــة الشــكلية مثــل عــدم التظلــم مــن‬ ‫القرار لدى الجهة الدارية التي اصدرته او فوات مدة الطعن‬ ‫‪.‬‬ ‫ب ــ المصـادقة علـى القـرار المطعـون فيـه اذا وجـد المجلـس‬ ‫ان ذلك القرار موافق للقانون ‪.‬‬ ‫ج ــ للمجلـس تخفيـض العقوبـة اذا كـانت العقوبـة ل تتناسـب‬ ‫مع جسامة الخطأ‬ ‫دــ للمجلـس الغـاء العقوبـة اذا وجـد ان القـرار المطعـون بـه‬ ‫معيب ‪.‬‬

‫مدة الطعن امام مجلس النضباط العام‪:‬‬

‫اشــترط المشــرع العراقــي قبــل الطعــن فــي القــرار‬ ‫الداري الخــاص بفــرض العقوبــة التظلــم مــن القــرار امــام‬ ‫الجهــة الــتي اصــدرته خلل ثلثيــن يومــا مــن تاريــخ تبليــغ‬ ‫الموظـف بقـرار فـرض العقوبـة وعلـى هـذه الجهـه البـت فـي‬ ‫التظلـم خلل ثلثيـن يومـا مـن تاريـخ التظلـم وعنـد عـدم البـت‬ ‫يعــد ذلــك رفضــا للتظلــم يجــوز عنــده الطعــن لــدى مجلــس‬ ‫النضباط العام خلل ثلثين يوما من تاريخ الرفض الصريح او‬ ‫الحكمـي للتظلـم‪ (1).‬ويعـد القـرار غيـر المطعـون فيـه خلل‬ ‫المدد المنصوص عليه اعله باتا‪.‬‬ ‫ويجـوز الطعـن بقـرار مجلـس النضـباط العـام لـدى الهيئة‬ ‫العامـة لمجلـس شـورى الدولـة خلل ثلثيـن يومـا مـن تاريـخ‬ ‫التبلــغ بــه او اعتبــاره مبلغــا ‪ ,‬ويكــون قــرار الهيئة العامــة‬ ‫الصادر نتيجة الطعن باتا وملزما‪.‬‬

‫‪ - 1‬تنظر المادة )‪ /15‬ثانيا ‪ ,‬ثالثا‪ ,‬ثالثا ( من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام المعدل رقم ‪ 14‬لسنة ‪1991‬‬

‫‪94‬‬

‫ثانيـا ‪ :‬اختصاصـات المجلـس فـي مجـال النظـر‬ ‫في دعاوى الخدمة‬ ‫يختــص مجلــس النضــباط العــام بــالنظر فــي دعــاوى‬ ‫المــوظفين الناشــئة عــن حقــوق الخدمــة بمــوجب قــانون‬ ‫الخدمــة المدنيــة رقــم)‪ (24‬لســنة ‪ 1960‬المعــدل و النظمــة‬ ‫الصادرة بمقتضاه ‪.‬‬ ‫و مــن قبيــل الــدعاوى مــا يتعلــق بالمنازعــات الخاصــة‬ ‫بـالرواتب و المخصصـات المسـتحقة للمـوظفين و احتسـاب‬ ‫القـدم للـترفيع بسـبب الحصـول علـى شـهادات الختصـاص‬ ‫الجامعيـــة و اجتيـــاز الـــدورات التدريبيـــة و احتســـاب مـــدد‬ ‫ممارســة المهنــة عنــد التعييــن و اعــادة التعييــن و القــرارات‬ ‫الخاصة بالتعيين او الترفيع او منح العلوات او الستغناء عن‬ ‫الخدمـة فـي فـترة التجربـة او اعـادة الموظـف المرفـع الـى‬ ‫وظيفته السابقة في فترة التجربة ‪ ...‬الخ ‪.‬‬ ‫و قـد مـد مجلـس النضـباط العـام اختصاصـاته لتشـمل‬ ‫المنازعـات الناشـئة عـن تطـبيق بعـض قـرارات مجلـس قيـادة‬ ‫الثــورة المنحـل ‪ ،‬فقـد بحـث فــي الـدعاوى المتعلقــة بـاجور‬ ‫المحاضرات الضافية و مكافأة نهاية الخدمة و غيرها ‪.‬‬ ‫ووليــة مجلــس النضــباط العــام بالنســبة الــى هــذه‬ ‫المنازعـات وليـة قضـاء كامـل ل تقـف عنـد مجـرد الغـاء القـرار ‪،‬‬ ‫فلـه ان يحكـم بتعـديل القـرار المطعـون فيـه او التعـويض عـن‬ ‫الضرار التي الحقها بالمدعي ‪.‬‬ ‫وقـد اوضـحت الفقـرة الثالثـة مـن المـادة )‪ (59‬مـن قـانون‬ ‫الخدمــة المدنيــة رقــم )‪ (24‬لســنة ‪ 1960‬انــه يتــوجب علــى‬ ‫الموظــف اقامــة الــدعوى بــالحقوق الناشــئة عــن تطــبيق‬ ‫القـانون المـذكور خلل ثلثيـن يومـا مـن تاريـخ التبلـغ بـالقرار‬ ‫المطعون فيه اذا كان الموظف داخل العراق ‪ ،‬و ستين يوما‬ ‫اذا كان خارج العراق ‪.‬‬

‫‪95‬‬

‫ومـن ثـم فـانه لـم يسـتلزم المشـرع التظلـم مـن القـرارات‬ ‫المتعلقــة بحقــوق الخدمــة المدنيــة قبــل الطعــن فــي قــرار‬ ‫الداره المتعلق بشؤون الخدمة المدنية‪.‬‬ ‫و يكـون حكـم مجلـس النضـباط العـام اسـتنادا الـى المـادة )‬ ‫‪ (59‬مــن القــانون المــذكور خاضــعا للطعــن فيــه امــام الهيئة‬ ‫العامـة لمجلـس شـورى الدولـة و يعـد حكـم مجلـس النضـباط‬ ‫العـام غيـر المطعـون فيـه و حكـم الهيئة العامـة فـي مجلـس‬ ‫شورى الدولة الصادر نتيجة الطعن باتا ‪.‬‬

‫المطلـــب الثـــاني ‪ :‬اختص?????اص محكمـــة القضـــاء‬ ‫الداري‬ ‫الهيئة القضــائية الخــرى الــتي يتكــون منهــا مجلــس‬ ‫شورى الدولة هي محكمة القضاء الداري ‪.‬‬ ‫وتعــد محكمــة القضــاء الداري فــي العــراق الــتي تــم‬ ‫انشـــائها بصـــدور القـــانون رقـــم ‪ 106‬لســـنة ‪) 1989‬قـــانون‬ ‫التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة رقم ‪ 65‬لسنة‬ ‫‪ ( 1979‬وفقــا للبنــد ) ثانيــا( مــن المــادة الســابعة الجهــه‬ ‫ذات الختصـاص بالنظر في صحة الوامـر والقرارات الدارية‬ ‫الــتي تصــدر عــن المــوظفين والهيئات والهيئات فــي دوائر‬ ‫الدولة والتعويض عنها‪.‬‬

‫‪96‬‬

‫فقــد ورد فــي المــادة الســابعة ‪ /‬ثانيــا) مــن القــانون‬ ‫اعله‪:‬‬ ‫)) يعتبر من اسباب الطعن بوجه خاص ما يلي‪-:‬‬ ‫‪ -1‬ان يتضــمن المــر او القــرار خرق ـا) او مخالفــة للقــانون‬ ‫او النظمة والتعليمات‪.‬‬ ‫‪ -2‬ان يكـــون المـــر او القـــرار قـــد صـــدر خلفـــا) لقواعـــد‬ ‫الختصاص او معيبا) في شكله‪.‬‬ ‫‪ -3‬ان يتضـمن المـر او القـرار خطـأ فـي تطـبيق القـوانين‬ ‫او النظمة او التعليمات او تفسيرها او فيه اساءة او تعسف‬ ‫فـي اسـتعمال السـلطة ويعتـبر فـي حكـم القـرارات او الوامـر‬ ‫الـتي يجـوز الطعـن فيهـا رفـض او امتنـاع الموظـف او الهيئات‬ ‫فـي دوائر الدولـة والقطـاع الشـتراكي عـن اتخـاذ قـرار او امـر‬ ‫كان من الواجب عليه اتخاذه قانونا) ((‪.‬‬ ‫ومـن الجـدير بالـذكر ان المشـرع العراقـي قـد اخـرج مـن‬ ‫اختصاصـات محكمـة القضـاء الداري الطعـون فـي القـرارات‬ ‫التية ‪:‬‬ ‫‪ -1‬اعمـــال الســـيادة واعتـــبر مـــن اعمـــال الســـيادة‬ ‫المراسيم والقرارات التي يصدرها رئيس الجمهورية ‪.‬‬ ‫‪ -2‬القـــرارات الداريـــة الـــتي تتخـــذ تنفيـــذا) لتوجيهـــات‬ ‫رئيس الجمهورية وفقا) لصلحياته الدستورية ‪.‬‬ ‫‪ -3‬القـرارات الداريـة الـتي رسـم القـانون طريقـا) للتظلـم‬ ‫منها او العتراض عليها او الطعن فيها ‪.‬‬ ‫وفـي ضـوء ذلـك يتـبين ان اختصاصـات المحكمـة محـدودة‬ ‫جـدا) فهـي علوة علـى حصـر اختصاصـها بـالنظر فـي صـحة‬ ‫الوامــر والقــرارات الداريــة‪ ,‬نجــد ان المشــرع قــد اســتثنى‬ ‫العديـد مـن القـرارات الداريـة مـن قبيـل المراسـيم والقـرارات‬ ‫الصـادرة مـن رئيـس الجمهوريـة والـتي اعتبرهـا مـن اعمـال‬ ‫السـيادة ‪ .‬وهـو امـر يتنـافى مـع مبـدأ المشـروعية وضـرورة‬ ‫خضـوع الدارة للقـانون ويفتـح المجـال امـام تعسـفها وانتهـاك‬ ‫حقـوق الفـراد وحريـاتهم ‪ .‬كمـا ان المتتبـع لطبيعـة النظـام‬

‫‪97‬‬

‫القــانوني العراقــي يجــد انــه زاخــر بالنصــوص الــتي ترســم‬ ‫طريق ـا) للتظلــم مــن القــرارات الصــادرة مــن بعــض الجهــات‬ ‫الداريــة امــام الدارة نفســها او امــام لجــان اداريــة او شــبه‬ ‫قضــائية وان اســتثناء المــادة الســابعة مــن قــانون مجلــس‬ ‫شـورى الدولـة هـذا النـوع مـن القـرارات مـن وليـة محكمـة‬ ‫القضــاء الداري يقضــي علــى ضــمانة مهمــة مــن ضــمانات‬ ‫التقاضـي ويحـرم الفـراد مـن السـتفادة مـن قضـاء مسـتقل‬ ‫متخصص بالمنازعات الدارية ‪.‬‬ ‫ومـع ذلـك نتلمـس توجهـا آخـر مـن المشـرع الدسـتوري‬ ‫العراقـي فـي الدسـتور الصـادر عـام ‪ 2005‬حيـت ورد النـص‬ ‫فـي المـاده ‪) 97‬يحظـر النـص فـي القـوانين علـى تحصـين اي‬ ‫عمل او قرار اداري من الطعن‪(.‬‬ ‫ومـن المهـم القـول ان قـرار محكمـة القضـاء الداري كـان‬ ‫قـابل للطعـن بـه تمييـزا لـدى الهيئة العامـة لمجلـس شـورى‬ ‫الدولة خلل ثلثين يوما مـن تاريخ التبلـغ بـه او اعتبـاره مبلغا‬ ‫حـتى أصـدر مجلـس الـوزراء – بعـد موافقـة مجلـس الرئاسـة‬ ‫– وحســب صــلحياته التشــريعية المــر المرقــم )‪ (30‬لســنة‬ ‫‪ 2005‬فـي ‪24/2/2005‬قـانون المحكمـة التحاديـة العليـا الـذي‬ ‫جعل من اختصاصها النظر في الطعون المقدمة في احكام‬ ‫محكمــة القضــاء الداري حيــث نصــت المــادة )‪ (1‬منــه علــى‬ ‫)تنشــأ محكمــة تســمى المحكمــة التحاديــة العليــا ‪،‬ويكــون‬ ‫مقرها في بغداد تمارس مهامها بشكل مستقل ل سلطان‬ ‫عليها لغير القانون(‪.‬‬ ‫وقـد نصـت المـادة الرابعـة مـن القـانون علـى اختصاصـات‬ ‫المحكمة وهي ‪:‬‬ ‫) أول" ‪ :‬الفصـــل فـــي المنازعـــات الـــتي تحصـــل بيـــن‬ ‫الحكومــة التحاديــة وحكومــات القــاليم والمحافظــات‬ ‫والبلديات والدارات المحلية ‪.‬‬ ‫ثانيــا" ‪ :‬الفصــل فـــي المنازعــات المتعلقـــة بشــرعية‬ ‫القـــوانين والقـــرارات والنظمـــة والتعليمـــات والوامـــر‬ ‫الصـادرة مـن أيـة جهـة تملـك حـق إصـدارها وإلغـاء الـتي‬

‫‪98‬‬

‫تتعـارض منهـا مـع أحكـام قـانون إدارة الدولـة العراقيـة‬ ‫للمرحلــة النتقاليــة ويكــون ذلــك بنــاء" علــى طلــب مــن‬ ‫محكمة أو جهة رسمية أو من مدع بمصلحة ‪.‬‬ ‫ثالثــا" ‪ :‬النظــر فــي الطعــون المقدمــة علــى الحكــام‬ ‫والقرارات الصادرة من محكمة القضاء الداري ‪.‬‬ ‫رابعـــا" ‪ :‬النظـــر بالـــدعاوى المقامـــة أمامهـــا بصـــفة‬ ‫اسـتئنافية وينظـم اختصاصـها بقـانون اتحـادي (‪ .‬بعـد صـدور‬ ‫الدســـتور ونفـــاذه أورد بعـــض المتغيـــرات علـــى تشـــكيل‬ ‫المحكمــة عمــا كــانت عليــه فــي قانونهــا رقــم )‪ (30‬لســنة‬ ‫‪ .2005‬أضـــاف الدســـتور اختصاصـــات جديـــدة فأصـــبحت‬ ‫‪.(93‬‬ ‫اختصاصـاتها كمـا هـو وارد فـي المـادتين ) ‪/ 52‬ثانيـا) ( و )‬ ‫)‪ (1‬وبصــدور هــذا القــانون اصــبح الطعــن باحكــام محكمــة‬ ‫‪ - 1‬وارد في المادتين ) ‪/52‬ثانيا ‪ ( j‬و )‪ (93‬من الدستور ان اختصاصات المحكمة‬ ‫كالتي‪:‬‬ ‫] تختص المحكمة التحادية العليا بما يأتي ‪:‬‬ ‫أول‪ -:‬الرقابة على دستورية القوانين والنظمة النافذة ‪.‬‬ ‫ثانيا‪ -:j‬تفسير نصوص الدستور ‪.‬‬ ‫ثالثا‪ -:j‬الفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين التحادية ‪ ,‬والقرارات‬ ‫والنظمة والتعليمات والجراءات الصادرة عن السلطة التحادية ويكفل القانون‬ ‫حق كل من مجلس الوزراء وذوي الشأن من الفراد وغيرهم حق الطعن المباشر‬ ‫لدى المحكمة ‪.‬‬ ‫رابعا ‪ -: j‬الفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة التحادية ‪ ,‬وحكومات‬ ‫القاليم والمحافظات والبلديات والدارات المحلية ‪.‬‬ ‫خامسا ‪ -: j‬الفصل في المنازعات التي تحصل فيما بين حكومات القاليم أو‬ ‫المحافظات ‪.‬‬ ‫سادسا•‪ -:‬الفصل في التهامات الموجهة إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس‬ ‫الوزراء والوزراء وينظم ذلك بقانون ‪.‬‬ ‫سابعا‪ -:j‬المصادقة على النتائج النهائية للنتخابات العامة لعضوية مجلس النواب‪.‬‬ ‫ثامنا ‪-: j‬‬ ‫الفصل في تنازع الختصاص بين القضاء التحادي ‪ ,‬والهيئات القضائية للقاليم‬ ‫والمحافظات غير المنتظمة في إقليم ‪.‬‬ ‫الفصل في تنازع الختصاص فيما بين الهيئات القضائية للقاليم ‪ ,‬أو المحافظات غير‬ ‫المنتظمة في إقليم ‪[.‬‬

‫‪99‬‬

‫القضـاء الداري امـام المحكمـة التحاديـة العليـا خلل ثلثيـن‬ ‫يومــا مــن تاريــخ التبلــغ بــه او اعتبــاره مبلغــا ويكــون قــرار‬ ‫المحكمـة غيـر المطعون فية وقرار المحكمـة التحاديـة العليـا‬ ‫الصادر نتيجة الطعن باتا ‪.‬‬ ‫وفــي الجــزء التــالي مــن الدراســة نبحــث فــي دعــوى‬ ‫اللغاء امـام محكمـة القضـاء الداري ومجلـس النضـباط العام‬ ‫وشروط اقامتها ومواعيدها‪.‬‬

‫الباب الثالث‬ ‫قضاء اللغاء‬ ‫تعريف دعوى اللغاء‪:‬‬

‫دعـوى اللغـاء هـي دعـوى قضـائية ترفـع إلـى القضـاء‬ ‫لعــدام قــرار إداري صــدر بخلف مــا يقضــي بــه القــانون‬ ‫وتسـمى أيضـا) دعـوى تجـاوز السـلطة وتعـد مـن أهـم وسـائل‬ ‫حماية المشروعية ‪.‬‬ ‫وقـد كـان للقضـاء الفرنسـي الريـادة فـي إنشـاء دعـوى‬ ‫اللغـاء‪ (1)،‬وكـان مجلـس الدولـة صـاحب الوليـة العامـة بنظـر‬ ‫الــدعاوى الداريــة منــذ عــام ‪ 1872‬وبســبب تزايــد الطعــون‬ ‫المقدمـة إلـى المجلـس أصـدر الصـلح التشـريعي فـي ‪30‬‬ ‫ســبتمبر ‪ 1953‬الــذي جعــل مجلــس الدولــة صــاحب الوليــة‬ ‫العامــة بنظــر الــدعاوى الداريــة الــتي لــم يمنــح القــانون‬ ‫اختصــاص النظــر فيهــا إلــى محــاكم إداريــة أخــرى ويمكــن‬ ‫اســتئناف أحكــام المحــاكم الداريــة أمــام مجلــس الدولــة‬ ‫الفرنسي إل إذا نص القانون على خلف ذلك ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محسن خليل – قضاء اللغاء – دار المطبوعات الجامعية ‪ ،1998‬ص ‪. 29‬‬

‫‪100‬‬

‫ومــن ثــم فــإن دعــوى اللغــاء فــي فرنســا تنظــر علــى‬ ‫درجــتين تعــرض الولــى أمــام المحــاكم الداريــة والدرجــة‬ ‫الثانيــة تعــرض أمــام مجلــس الدولــة أمــام مجلــس الدولــة‬ ‫بوصفه محكمة الستئناف ‪.‬‬ ‫أمـا فـي مصـر فـإن دعـوى اللغـاء ظهـرت بنشـؤ مجلـس‬ ‫الدولــة بمقتضــى القــانون رقــم ‪ 112‬لســنة ‪ 1946‬وكــانت‬ ‫محكمـة القضـاء الداري تختـص دون غيرهـا فـي الفصـل فـي‬ ‫دعاوى إلغاء القرارات الدارية‪ ،‬ولما أنشأت المحاكم الدارية‬ ‫والتأديبيـة أسـهمت مـع محكمـة القضـاء الداري بنظـر دعـوى‬ ‫اللغـاء كل) حسـب اختصاصـها وتنظـر المحكمـة الداريـة العليـا‬ ‫في مصر دعوى اللغاء عندما يقدم إليها الطعن في أحكام‬ ‫محكمـة القضـاء الداري بينمـا تنظـر محكمـة القضـاء الداري‬ ‫فــي الطعــون الــتي ترفــع إليهــا فــي الحكــام الصــادرة مــن‬ ‫المحاكم الدارية ‪(1) .‬‬ ‫وعلـى ذلـك فـإن دعـوى اللغـاء تنظـر فـي مصـر علـى‬ ‫درجـتين أيضـا) الدرجـة الولـى أمـام محـاكم القضـاء الداري أو‬ ‫المحــاكم الداريــة كـل حســب اختصاصــها‪ ،‬والدرجــة الثانيــة‬ ‫عنـدما تفصـل المحكمـة الداريـة العليـا فـي الطعـون المقدمـة‬ ‫إليهـا مـن محـاكم القضـاء الداري وعنـدما تفصـل الخيـرة فـي‬ ‫الطعون المقدمة إليها من المحاكم الدارية ‪.‬‬ ‫أما في العراق فقد نشأت دعوى اللغاء بنشوء القضاء‬ ‫الداري بصــدور القــانون رقــم ‪ 106‬لســنة ‪) 1989‬قــانون‬ ‫التعـديل الثـاني لقـانون مجلـس شـورى الدولـة رقـم ‪65‬‬ ‫لســـنة ‪ ( 1979‬لتختـــص بـــالنظر فـــي صـــحة الوامـــر‬ ‫والقـرارات الداريـة الـتي تصـدر عـن المـوظفين والهيئات‬ ‫فــي دوائر الدولــة والتعــويض عنهــا‪ .‬وكــانت محكمــة‬ ‫القضــاء الداري فــي محلــس شــورى الدولــة تختــص‬ ‫بقضــاء اللغــاء بصــفتها قاضــي اول درجــه وقــد اجــاز‬ ‫القانون الطعن بقرار محكمة القضاء الداري تمييزا لدى‬ ‫الهيئة العامـــة لمجلـــس شـــورى الـــدوله ) المـــادة ‪7‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬المادة الثالثة من القانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪. 1972‬‬

‫‪101‬‬

‫‪/‬ثانيـا ‪/‬ط( ‪ .‬ال انـه واسـتنادا" للمـادة‪ 44‬مـن قـانون إدارة‬ ‫الدولـة العراقيـة للمرحلـة النتقاليـة والقسـم الثـاني مـن‬ ‫ملحقــه وبنــاءا" علــى موافقــة مجلــس الرئاســة أصــدر‬ ‫مجلـس الـوزراء قـانون المحكمـة التحاديـة العليـا رقـم ‪30‬‬ ‫لسـنة ‪ 2005‬الـذي منـح المحكمـة التحاديـة العليـا فـي‬ ‫العــراق اختصـاص النظــر فـي الطعــون المقدمــة علــى‬ ‫الحكـــام والقـــرارات الصـــادرة مـــن محكمـــة القضـــاء‬ ‫الداري‪.‬‬ ‫طبيعة دعوى اللغاء ‪:‬‬ ‫دعـوى اللغـاء دعـوى موضـوعية أو عينيـة تقـوم علـى‬ ‫مخاصـمة القـرار الداري غيـر المشـروع ‪ ،‬وهـي موجهـة ضـد‬ ‫القـرار الداري ويتعيـن لقبـول الـدعوى ان يكـون القـرار قائمـا)‬ ‫ومنتجا) لثاره عند اقامة الدعوى )‪.(1‬‬ ‫وقـد ذهـب جـانب مـن الفقـه الفرنسـي إلـى أن دعـوى‬ ‫اللغـاء ليسـت دعـوى بيـن أطـراف ولكنهـا دعـوى موجهـة ضـد‬ ‫قرار وأنه إذا كان هناك مدع في إجراءات دعوى اللغاء فأنه‬ ‫ل يوجد بالمعنى الدقيق للكلمة مدعى عليـه‪ ،‬وهـو كما بينـا‬ ‫ممــا يميــز دعــوى اللغــاء مــن دعــوى القضــاء الكامــل الــتي‬ ‫تتعلــق بتــأثير القــرار فــي مركــز قــانوني شخصــي فتكــون‬ ‫الدعوى شخصية في هذه الصورة ‪.‬‬ ‫كمــا تتميــز دعــوى اللغــاء فــي أن الحكــم فيهــا يتمتــع‬ ‫بحجيـة قبـل الكافـة فـإذا تضـمن الحكـم إلغـاء القـرار الداري‬ ‫موضـــوع الـــدعوى فتعتـــبر جميـــع الجـــراءات والتصـــرفات‬ ‫القانونية والدارية التي تمت بموجبه ملغاة من تاريخ صدور‬ ‫ذلك القرار ‪.‬‬ ‫ومــن الجــدير بالــذكر ان ســلطة القاضــي فــي دعــوى‬ ‫اللغــاء تنحصــر فــي التحقــق مــن صــحة ومشــروعية القــرار‬ ‫‪1‬‬

‫د‪ .‬محمد عبد السلم مخلص – نظرية المصلحة في دعوى اللغاء – دار‬ ‫)(‬ ‫الفكر العربي – القاهرة ‪ ، 1981 0‬ص ‪. 79‬‬

‫‪102‬‬

‫الداري ومـدى مـوافقته للقـانون فـأذا رفـع احـد الفـراد الـى‬ ‫القضـاء الداري بطلـب الغـاء قـرار اداري فـأن هـذة الـدعوى‬ ‫تخـول القاضـي فحـص مشـروعية القـرار الداري فـاذا تـبين‬ ‫مخالفته للقانون حكم بالغائه ولكن دون ان يمتد حكمه الى‬ ‫أكــثر مــن ذلــك ‪ ،‬فليــس لــه تعــديل القــرار المطعــون فيــه أو‬ ‫أسـتبدال غيـره بـه ‪ .‬وعلـى هـذا السـاس يكـون قضـاء اللغـاء‬ ‫علـى عكـس القضـاء الكامـل الـذي يخـول للقاضـي سـلطات‬ ‫كاملة لحسم النزاع ‪ ،‬فالقاضي ليقتصر على الغاء قرار غير‬ ‫مشــروع ‪ ،‬وانمــا يرتــب علــى الوضــع غيــر المشــروع جميــع‬ ‫نتــائجه القانونيــة لنــه يتعلــق بــالحقوق الشخصــية لرافــع‬ ‫الـدعوى فلـه ان يحكـم بالغـاء القـرار و التعـويض عـن الضـرار‬ ‫التي ألحقها بالمدعي ومن ذلك المنازعات المتعلقة بقضاء‬ ‫التعويض عن اعمال الدارة الضاره‬ ‫كمـا يتمتـع الحكـم فـي دعـوى اللغـاء بحجيـة مطلقـة‬ ‫فـي مواجهـة الكافـة فـي الـوقت الـذي يكـون فيـه الحكـم فـي‬ ‫دعـوى القضـاء الكامـل ذو حجيـة نسـبية تقتصـر علـى اطـراف‬ ‫النزاع ‪.‬‬ ‫وقـد اجـاز المشـرع العراقـي فـي المـادة السـابعة مـن‬ ‫قــانون مجلــس شــورى الدولــة الجمــع بيــن دعــوى اللغــاء‬ ‫والقضــاء الكامــل فــي طلــب واحــد فيكــون التعــويض تابع ـا)‬ ‫لللغــاء ان كــان لــه مقتضــى‪ ,‬ومــن ثــم ل تختــص محكمــة‬ ‫القضـاء الداري بـالنظر فـي طلبـات التعـويض اذا رفعـت اليهـا‬ ‫بصفه اصلية وانما يختص بها القضاء العادي‪.‬‬ ‫وقد اسـتقر العمـل على أن يقدم المشرع علـى تحديد‬ ‫ميعـاد يتـوجب خللـه رفـع دعـوى اللغـاء لمسـوغات عمليـة‬ ‫وقانونية يمتنع على الفراد طلب اللغاء بعد انقضائها وهي‬ ‫شـهران فـي القـانون الفرنسـي وسـتون يومـا) فـي القـانون‬ ‫المصـري وسـتين يومـا مـن تاريـخ البـت فـي التظلـم او مـن‬ ‫تاريـخ انتهـاء الثلثيـن يومـا الـواجب علـى الدارة البـت فيـه اذا‬ ‫امتنعـت عـن ذلـك فـي العـراق ‪ .‬فـي حيـن ليتقيـد الطـاعن‬

‫‪103‬‬

‫فــي دعــوى القضــاء الكامــل بهــذة المواعيــد القصــيرة وانمــا‬ ‫يخضع لمدد التقادم العادية‪.‬‬

‫‪104‬‬

‫الفصل الول‬ ‫شروط قبول دعوى اللغاء‬ ‫يجـب تـوفر بعـض الشـروط لقبـول دعـوى اللغـاء حـتى‬ ‫يتمكـن القضـاء مـن نظـر الـدعوى ومخاصـمة القـرار الداري‪،‬‬ ‫فـإذا لـم تـوفر هـذه الشـروط كلهـا أو بعضـها حكـم القاضـي‬ ‫بعدم قبول الدعوى دون النظر في موضوعها‪.‬‬ ‫وللبحـــث فـــي شـــروط قبـــول دعـــوى اللغـــاء نتنـــاول‬ ‫بالدراسة المور التية‪:‬‬ ‫الشروط المتعلقة بالعمل الداري المطعون فيه ‪.‬‬ ‫الشروط المتعلقة برافع الدعوى ‪.‬‬ ‫الشرط الخاص بتظلم صاحب الشأن‬ ‫الشروط المتعلقة بميعاد رفع الدعوى ‪.‬‬

‫المبحث الول‬ ‫الشروط المتعلقة بالعمـل الداري‬ ‫عنـدما تمـارس الدارة نشـاطها فإنهـا تعمـد إلـى نـوعين‬ ‫مـن العمـال يسـمى النـوع الول العمـال الماديـة وهـي تلـك‬ ‫العمـال الـتي تجريهـا الهيئات الداريـة ول تهـدف مـن جرائهـا‬ ‫إلـى أحـداث آثـار قانونيـة مباشـرة‪ ،‬أمـا النـوع الثـاني فيسـمى‬ ‫بالعمــال والتصــرفات القانونيــة وهــي تلــك العمــال الــتي‬ ‫تجريهــا الدارة وتقصــد بهــا أحــداث آثــار قانونيــة‪ ،‬أمــا بخلــق‬ ‫مراكـز قانونيـة جديـدة أو جـراء تعـديل فـي المراكـز القانونيـة‬ ‫القائمة أو إنهائها ‪.‬‬ ‫وهـذه التصـرفات القانونيـة تتخـذ مظهريـن الول يتمثـل‬ ‫بالعمـال القانونيـة الصـادرة عـن الدارة بالشـتراك مـع بعـض‬ ‫الفــراد أو بــالهيئات الداريــة الخــرى فــي ظــل مــا يســمى‬ ‫بعقــود الدارة وينطــوي النــوع الثــاني عــن التصــرفات الــتي‬

‫‪105‬‬

‫تقـوم بهـا الدارة مـن جـانب واحـد بإرادتهـا المنفـردة وتشـمل‬ ‫القرارات الدارية ‪.‬‬ ‫والقــرارات الداريــة هــي موضــوع دعــوى اللغــاء فــإذا‬ ‫انتفى القرار الداري أضحى من غير الممكن قبول الدعوى‬ ‫دون الحاجة للبحث في الشروط الخرى ‪.‬‬ ‫وعلـى ذلـك نجـد أن مـن المناسـب البحـث فـي موضـوع‬ ‫القرار الداري وتمييزه عما قد يختلط به ‪.‬‬

‫المطلب الول‪ :‬تعريف القرار الداري‬

‫نال موضوع القرار الداري عناية الكثير من الفقهاء‪ ،‬كما‬ ‫أسـهم القضـاء الداري فـي الكشـف عـن الكـثير مـن ملمحـه‪،‬‬ ‫ومع اختلف تعريفات الفقه والقضاء للقرار الداري من حيث‬ ‫اللفاظ فأنه ينم عن مضمون واحد ‪.‬‬ ‫فقــد عرفــه العميــد " دوجــي " بــأنه كــل عمــل إداري‬ ‫يصـدر بقصـد تعـديل الوضـاع القانونيـة كمـا هـي قائمـة وقـت‬ ‫صدوره أو كما تكون في لحظة مستقبلة معينة ‪.‬‬ ‫فـي‬ ‫)‬ ‫بـأنه كـل "عمـل إداري يحـدث تغييـرا‬ ‫"‬ ‫وعرفـه بونـار‬ ‫‪1‬‬ ‫الوضاع القانونية القائمة‪( ).‬‬ ‫أمــا فــي الفقــه العربــي فقــد عرفــه الــدكتور " ســامي‬ ‫جمــال الــدين " بــأنه تعــبير عــن الرادة المنفــردة لســلطة‬ ‫إدارية بقصد أحداث أثر قانوني معين ‪(2) .‬‬ ‫وجــاء فــي تعريــف الــدكتور " ماجــد راغــب الحلــو " بــأن‬ ‫القرار الداري هو إفصاح عن إرادة منفردة يصدر عن سلطة‬ ‫إدارية ويرتب أثارا) قانونية ‪(3) .‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫ د‪ .‬حمدي ياسين عكاشة‪ ،‬القرار الداري في قضاء مجلس الدولة‪ ،‬منشأة‬‫المعارف‪ ،‬السكندرية‪ ،1987 ،‬ص ‪. 170‬‬ ‫ د‪ .‬سامي جمال الدين‪ ،‬الدعوى الدارية والجراءات أمام القضاء الداري‪،‬‬‫منشأة السكندرية‪ ،1990 ،‬ص ‪. 49‬‬ ‫‪ -‬د ‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 273‬‬

‫‪106‬‬

‫امـا فـي العـراق فقـد جـاء فـي تعريـف الـدكتور " شـاب‬ ‫تومـا منصــور " بـأن القـرار الداري هـو عمـل قـانوني يصـدر‬ ‫عـن السـلطة الداريـة مـن جـانب واحـد ويحـدث اثـرا) قانونيـا ‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫فـي حيـن عرفـة القضـاء الداري المصـري بـانه أفصـاح‬ ‫الدارة عـن إرادتهـا الملزمــة بمـا لهـا مــن سـلطة بمقتضــي‬ ‫القــوانين واللــوائح بقصــد أحــداث أثــر قــانوني معيــن ابتغــاء‬ ‫مصلحة عامة ‪(2) .‬‬

‫المطلـــب الثـــاني‪ :‬تمييـــز القـــرار الداري عـــن‬ ‫أعمال الدولة الخرى‬

‫تمـارس الدولـة وفقـا) لمبـدأ الفصـل بيـن سـلطات ثلثـة‬ ‫مهـــام أو وظـــائف هـــي الوظيفـــة التشـــريعية والوظيفـــة‬ ‫القضـائية والوظيفـة التنفيذيـة‪ ،‬فالوظيفـة التشـريعية تتضـمن‬ ‫مهمـة وضـع القواعـد السـلوكية العامـة والمجـردة وتختـص‬ ‫بممارســة الســلطة التشــريعية‪ ،‬أمــا الوظيفــة القضــائية‬ ‫فتتضــمن الفصــل فــي المنازعــات وتختــص بهــا الســلطة‬ ‫القضــائية‪ ،‬أمــا الوظيفــة التنفيذيــة فتختــص بهــا الســلطة‬ ‫التنفيذية ‪.‬‬ ‫غيــر أن هــذا المبــدأ ل يعنــى الفصــل التــام بيــن هــذه‬ ‫السلطات إذ ل تقتصر كل جهة على ممارسة وظيفة خاصة‬ ‫وإنمــا تمــارس بعــض العمــال الداخلــة أصــل) فــي نشــاط‬ ‫السلطات الخرى‪(3).‬‬ ‫فالسـلطة التشـريعية تمـارس عمل) إداريـا) عنـدما تصـدر‬ ‫الميزانية والسلطة التنفيذية قد تقوم بالفصل في خصومه‬ ‫عـن طريـق اللجـان الداريـة ذات الختصـاص القضـائي‪ ،‬بينمـا‬ ‫‪ - 1‬د‪ .‬شاب توما منصور – القانون الداري –الكتاب الثاني – الطبعة الولى ‪ 1980‬ص ‪397‬‬ ‫‪ - 2‬حكم المحكمة القضاء الداري المصري في الدعوى ‪ 263‬لسنة ‪ 1‬ق جلسة ‪ 7/1/1948‬س ‪2‬‬ ‫ص ‪.222‬‬ ‫‪3‬‬

‫ د‪ .‬محمد كامل ليله‪ ،‬النظم السياسية‪ ،‬الدولة و الحكومة‪ ،‬دار الفكر العربي‪،‬‬‫‪ ،1963‬ص ‪. 565‬‬

‫‪107‬‬

‫يمـــارس القضـــاء بعـــض الختصاصـــات الداريـــة المتعلقـــة‬ ‫بمـوظفي الهيئات القضـائية فضـل) عـن وظيفتـه الصـلية فـي‬ ‫الفصل في المنازعات ‪.‬‬ ‫لـذلك كـان مـن الـواجب تمييـز القـرار الداري عـن أعمـال‬ ‫السلطة التشريعية والسلطة القضائية ثم نبحث في تمييز‬ ‫القرار الداري عن العمل المادي للدارة والعقود الدارية ‪.‬‬

‫أول)‪ -‬القرارات الدارية والعمال التشريعية‪:‬‬

‫القــرارات الداريــة تقبــل الطعــن باللغــاء أمــام القضــاء‬ ‫الداري وعلــى العكــس مــن ذلــك فــإن القــوانين ل يمكــن‬ ‫الطعــن فيهــا إل بــالطريق الدســتوري المقــرر )‪ ،( 1‬ويــتردد‬ ‫الحــديث بيــن معيــارين لتحديــد صــفة العمــل تشــريعية أم‬ ‫لدارية ‪.‬‬ ‫‪ .1‬المعيار الشكلي‪:‬‬ ‫وفق ـا) للمعيــار الشــكلي أو العضــوي يتــم الرجــوع إلــى‬ ‫الهيئة الـتي أصـدرت العمـل أو الجـراءات الـتي اتبعـت فـي‬ ‫إصداره دون النظر إلى موضوعه‪ ،‬فإذا كان العمل صادرا) من‬ ‫السـلطة التشـريعية فهـو عمـل تشـريعي‪ ،‬أمـا إذا كـان صـادرا)‬ ‫مـن إحـدى الهيئات الداريـة بوصـفها فرعـا) مـن فـروع السـلطة‬ ‫التنفيذية فهو عمل إداري ‪.‬‬ ‫ومـن ثـم يمكـن تعريـف العمـل الداري وفـق هـذا المعيـار‬ ‫بـأنه كـل عمـل صـادر مـن فـرد أو هيئة تابعـة للدارة أثنـاء أداء‬ ‫وظيفتها ‪.‬‬ ‫فهــذا المعيــار يقــف عنــد صــفة القــائم بالعمــل دون أن‬ ‫يتعــدى ذلــك إلــى طبيعــة العمــل ذاتــه‪ ،‬وهــو معيــار ســهل‬ ‫التطـبيق لـو الـتزمت كـل سـلطة بممارسـة نشـاطها وأخـذت‬ ‫بمبــدأ الفصــل التــام بيــن الســلطات‪ ،‬إل أن طبيعــة العمــل‬ ‫تقتضـي فـي أحيـان كـثيرة وجـود نـوع مـن التـداخل والتعـاون‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوي – القضاء الداري – المصدر السابق – ص ‪. 289‬‬

‫‪108‬‬

‫بيـن السـلطات ممـا دعـى بـالفقه إلـى البحـث عـن معيـار آخـر‬ ‫للتمييز بين القرارات الدارية والعمال التشريعية ‪.‬‬ ‫‪ .2‬المعيار الموضوعي‪:‬‬ ‫يعتمـــد المعيـــار الموضـــوعي علـــى طبيعـــة العمـــل‬ ‫وموضـــوعه بصـــرف النظـــر عـــن الجهـــة الـــتي أصـــدرته أو‬ ‫الجـراءات الـتي اتبعـت فـي إصـداره فـإذا تمثـل العمـل فـي‬ ‫قاعـدة عامـة مجـردة فأنشـأ مركـزا) قانونيـا) عامـا) اعتـبر عمل)‬ ‫تشـريعيا) أمـا إذا تجسـد فـي قـرار فـردي يخـص فـردا) أو أفـرادا)‬ ‫معينيــن بــذواتهم فأنشــأ مركــزا) قانونيــا) خاصــا) اعتــبر عمل)‬ ‫إداريا) ‪(1) .‬‬ ‫وينقد أنصار هذا التجاه المعيار الشكلي لنه يقف عند‬ ‫الشـكليات وعـدم الهتمـام بطبيعـة العمـل وجـوهره‪ ،‬ويـأتي‬ ‫فـي مقدمـة أنصـار التجـاه الموضـوعي الفقيـه دوجـي وبونـار‬ ‫وجيز ‪.‬‬ ‫ويـؤمن هـؤلء الفقهـاء بـأن القـانون يقـوم علـى فكرتيـن‬ ‫أساســـيتين همـــا فكرتـــا المراكـــز القانونيـــة والعمـــال‬ ‫القانونية ‪(2) :‬‬ ‫‪ .1‬المراكــز القانونيــة‪ :‬وهــي الحالــة الــتي يوجــد فيهــا‬ ‫الفرد إزاء القانون وتقسم إلى قسمين ‪:‬‬ ‫أ‪ -‬المراكــز القانونيــة العامــة أو الموضــوعية ‪ :‬وهــو كــل‬ ‫مركز يكون محتواه واحد بالنسبة لطائفة معينة من الفراد‪،‬‬ ‫فترسـم حـدوده ومعـالمه قواعـد مجـردة متماثلـة لجميـع مـن‬ ‫يشغلون هذا المركز ومثله مركز الموظف العام في القانون‬ ‫العام والرجل المتزوج في القانون الخاص ‪.‬‬ ‫ب‪ -‬المراكــز القانونيــة الشخصــية أو الفرديــة ‪ :‬وهــي‬ ‫المراكـز الـتي يحـدد محتواهـا بالنسـبة لكـل فـرد علـى حـده‪،‬‬ ‫وهـي بهـذا تختلـف مـن شـخص إلـى آخـر ول يمكـن أن يحـدد‬ ‫‪11‬‬

‫‪- Andere de Laubader – Traite elementaire de droit administrative T1 –1973- P226.‬‬ ‫‪2‬‬

‫ للمزيد ينظر ‪ :‬د‪ .‬محمود محمد حافظ – القرار الداري – دار النهضة العربية –‬‫‪ -1993‬ص ‪ 15‬وما بعدها ‪.‬‬

‫‪109‬‬

‫القـانون مقـدما) هـذه المراكـز لنهـا تتميـز بــأنها خاصـة وذاتيـة‬ ‫ومثلـه مركـز الـدائن أو المـدين فـي القـانون الخـاص ومركـز‬ ‫المتعاقد مع الدارة في القانون العام ‪.‬‬ ‫‪ .2‬العمــال القانونيــة ‪ :‬وتمتــاز بأنهــا متغيــرة ومتطــورة‬ ‫بحسب الحاجة ويتم هذا التغيير أما بإرادة المشرع أو بإرادة‬ ‫شـــاغلها ويقســـم " دوجـــي " هـــذه العمـــال إلـــى ثلثـــة‬ ‫أقسام ‪:‬‬ ‫أ‪ -‬أعمـال مشـرعة‪ :‬وهـي كـل عمـل قـانوني ينشـئ أو‬ ‫يعـدل أو يلغـى مركـزا) قانونيـا) عامـا) أو موضــوعيا) ومـن هـذه‬ ‫العمــال القــوانين المشــرعة واللــوائح والنظمــة‪ ،‬والــتي‬ ‫تتضمن قواعد تنظيمية عامة وغير شخصية ‪.‬‬ ‫ب‪ -‬أعمــــال شخصــــية أو ذاتيــــة‪ :‬وهــــي العمــــال‬ ‫القانونيـة الـتي تنشـئ أو تتعلـق بمراكـز شخصـية ل يمكـن‬ ‫تعـديلها إل بـإرادة أطرافـه وأوضـح مثـال علـى هـذه العمـال‬ ‫العقود ‪.‬‬ ‫جـــ‪ -‬أعمــال شــرطية‪ :‬وهــي العمــال الصــادرة بصــدد‬ ‫فـرد معيـن وتسـند إليـه مركـزا) عامـا)‪ ،‬فهـي تجسـيد لقاعـدة‬ ‫عامـة علـى حالـة أو واقعـة فرديـة‪ ،‬ومثـاله فـي القـانون العـام‬ ‫قرار التعيين في وظيفة عامة‪ ،‬فهذا القرار يعد عمل) شرطيا)‬ ‫لنـه ل ينشـئ للموظـف مركـزا) شخصـيا)‪ ،‬لن هـذا المركـز كـان‬ ‫قائما) وسابقا) على قرارا التعيين ‪.‬‬ ‫ويخلــص " دوجــي " الــى ان العمــل التشــريعي هــو‬ ‫الـذي يتضـمن قاعـدة عامـة موضـوعية " قـوانين أو اللـوائح "‬ ‫بغـض النظـر عـن الهيئة أو الجـراءات المتبعـة لصـداره‪ ،‬فـي‬ ‫حيـن يعـد إداريـا) إذا اتسـم بطـابع الفرديـة وهـذا يصـدق علـى‬ ‫القرارات والعمال الفردية والعمال الشرطية ‪(1) .‬‬ ‫‪1‬‬

‫ للمزيد ينظر ‪:‬‬‫ د‪ .‬ليون دوجي – دروس في القانون العام – ترجمه ‪ :‬د‪ .‬رشدي خالد –‬‫منشورات مركز البحوث القانونية – بغداد ‪. 1981‬‬

‫‪110‬‬

‫ويبـدو أن المشـرع والقضـاء الفرنسـيان يأخـذان بالمعيـار‬ ‫الشــكلي فالصــل أن ل يقبــل الطعــن باللغــاء ضــد أعمــال‬ ‫السلطة التشريعية سواء في القوانين أو القرارات الصادرة‬ ‫مـن البرلمـان‪ ،‬واعتمـد المشـرع علـى ذلـك فـي المـر الصـادر‬ ‫فـي ‪ 31/7/1945‬المنظـم لمجلـس الدولـة‪ ،‬إذ نـص علـى أن‬ ‫محل الطعن بسبب تجاوز السلطة هو العمال الصادرة من‬ ‫السلطات الدارية المختلفة ‪.‬‬ ‫إل أن القضــاء الفرنســي لجــأ فــي بعــض الحــالت إلــى‬ ‫الخــذ بالمعيــار الموضــوعي للتمييــز بيــن العمــال الداريــة‬ ‫والعمــال التشــريعية قــابل) الطعــن باللغــاء فــي أعمــال‬ ‫البرلمـــان المتعلقـــة بتســـيير الهيئة التشـــريعية كـــاللوائح‬ ‫الداخليــة للبرلمــان والقــرارات الصــادرة بتعييــن مــوظفيه‪ ،‬ل‬ ‫ســيما بعــد صــدور المــر النظــامي فــي ‪ 17/11/1958‬الــذي‬ ‫ســمح لمــوظفي المجــالس برفــع المنازعــات ذات الطــابع‬ ‫الفردي إلى القضاء الداري ‪(1) .‬‬ ‫وهـو التجـاه الـذي اعتمـده القضـاء الداري المصـري فهـو‬ ‫وأن اعتمــد المعيــار الشــكلي قاعــدة عامــة فــي الكــثير مــن‬ ‫أحكامه إل انه اعتبر في أحكام أخرى القرارات الصادرة من‬ ‫مجلـس الشـعب بإسـقاط عضـوية أحـد أعضـاءه عمل) إداريـا)‬ ‫يقبل الطعن فيه باللغاء ‪(2) .‬‬ ‫امـا فـي العـراق فـأن اختصـاص محكمـة القضـاء ينحصـر بنظـر‬ ‫طلبـــات اللغـــاء المتعلقـــة بـــالقرارات الداريـــة ول يمتـــد‬ ‫اختصاصـــها للبحـــث فـــي مشـــروعية أعمـــال الســـلطة‬ ‫التشـريعية أخـذا) بالمعيـار الشـكلي فـي التمييـز بيـن أعمـال‬ ‫الســلطة التشــريعية والقــرارات الداريــة‪ ,‬ومــن مقتضــيات‬ ‫اعتمـاد القضـاء الداري فـي العـراق المعيـار الشـكلي انـه ل‬ ‫يجـوز الطعـن امـامه فـي العمـال التشـريعيه الصـادرة مـن‬ ‫البرلمــان عمومــا و بغــض النظــر الطبيعــة الحقيقيــة للعمــل‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫ د‪ .‬صبيح بشير مسكوني – المصدر السابق – ص ‪. 296‬‬‫ ينظر ‪ :‬حكم المحكمة الدارية العليا في ‪ 9/4/1977‬مجموعة المبادئ ص‬‫‪ 2183‬وحكم الصادر في ‪ 28/1/1978‬مجموعة المبادئ ص ‪. 2204‬‬

‫‪111‬‬

‫وهـي نتيجـة غيـر مقبولـة فـي ضـوء الكـم الكـبير مـن العمـال‬ ‫ذات الطبيعــة الداريــة الصــادرة مــن البرلمــان لســيما تلــك‬ ‫المتعلقة بشؤون اعضائة ‪.‬‬ ‫ممـا قـاد نحـو العتمـاد علـى المعيـار المـزدوج الـذي ل‬ ‫يعد العمل تشريعيا لمجرد انه صادر من السلطه التشريعية‬ ‫مالم يتضمن قاعدة عامه مجرده ‪.‬‬ ‫أمــا التصــرفات الخــرى الــتي يباشــرها خــارج نطــاق‬ ‫التشـريع فهـي ذات طبيعـة إداريـة تخضـع لرقابـة المشـروعية‬ ‫وتـدخل ضـمن وليـة القضـاء الداري باعتبارهـا قـرارات إداريـة‬ ‫ومـن مقتضـيات هـذا المعيـار ايضـا انـه ليـس جـل مايصـدر مـن‬ ‫الدارة قــرار اداري‪ ,‬ففــي حكــم حــديث لمحكمــة القضــاء‬ ‫الداري ذهبـت الـى عـدم اختصاصـها بنظـر فـي قـرار ايقـاع‬ ‫الحجز على المصوغات الذهبية الصادراستنادا قرار مجلس‬ ‫قيـــادة الثـــورة المنحـــل رقـــم ‪ 120‬فـــي ‪ 1996-10-30‬لن‬ ‫المحكمة تختص بالنظر في صحة الوامر والقرارات الدارية‬ ‫الـــتي تصــدر عــن المــوظفين والهيئات فـــي دوائر الدولــة‬ ‫والقطـاع الشـتراكي ولتختـص بـالنظر بقـرار مجلـس قيـادة‬ ‫‪1‬‬ ‫الثورة والذي له قوة القانون وليس قرارا اداري ‪.‬‬

‫ثانيا)‪ -‬القرارات الدارية والعمال القضائية‪:‬‬ ‫يشـترك القضـاء مـع الدارة فـي سـعيهما الحـثيث نحـو تطـبيق‬ ‫القـانون وتنفيـذه علـى الحـالت الفرديـة‪ ،‬فهمـا ينقلن حكـم‬

‫‪ - 1‬حكمها في الدعوى المرقمة ‪ 85/2004‬والمصدق من المحكمة النحادية العليا عدد ‪/2‬اتحادية‪/‬تمييز‪ 2005/‬غير‬ ‫منشور‬

‫‪112‬‬

‫القـانون مـن العموميـة والتجريـد إلـى الخصوصـية والواقعيـة‬ ‫وذلك بتطبيقه على الحالت الفردية ‪(1) .‬‬ ‫ويظهـر التشـابه بينهمـا أيضـا فـي أن الدارة شـأنها شـأن‬ ‫القضــاء تســهم فــي معظــم الحيــان بوظيفــة الفصــل فــي‬ ‫المنازعــات مــن خلل نظرهــا فــي تظلمــات الفــراد وفــي‬ ‫الحــالتين يكــون القــرار الداري الصــادر مــن الدارة والحكــم‬ ‫القضـــائي الصـــادر مـــن الســـلطة القضـــائية أداة لتنفيـــذ‬ ‫القانون ‪.‬‬ ‫ومع هذا التقارب سعى الفقه والقضاء إلى إيجاد معيار‬ ‫للتمييز بين العمل القضائي والعمل الداري لخطورة النتائج‬ ‫المترتبة على الخلط بينهما‪ ،‬فالقرارات الدارية يجوز بصورة‬ ‫عامــة إلغاؤهــا وتعــديلها وســحبها‪ ،‬أمــا الحكــام القضــائية‬ ‫فطرق الطعن فيها محددة تشريعيا) على سبيل الحصر ‪.‬‬ ‫وبـــرزت فـــي مجـــال التمييـــز بيـــن القـــرارات الداريـــة‬ ‫والعمـال القضـائية نظريـات عـدة يمكـن حصـرها فـي ضـمن‬ ‫معيارين ‪:‬‬ ‫‪ .1‬المعيار الشكلي‪:‬‬ ‫يقـوم هـذا المعيـار علـى أسـاس أن العمـل الداري هـو‬ ‫ذلك العمل أو القرار الذي يصدر عن فرد أو هيئة تابعة لجهة‬ ‫الدارة بصـرف النظـر عـن مضـمون وطبيعـة العمـل أو القـرار‬ ‫ذاتــه‪ ،‬بينمــا يعــد العمــل قضــائيا) إذا صــدر عــن جهــة منحهــا‬ ‫القانون ولية القضاء وفقا) لجراءات معينة‪ ،‬بصرف النظر عن‬ ‫مضمون وطبيعة العمل ‪.‬‬ ‫وهـذا المعيـار منتقـد مـن حيـث أنـه ليـس جـل العمـال‬ ‫القضائية أحكام ا)‪ ،‬بل أن منها ما يعد أعمال) إدارية بطبيعتها‪،‬‬ ‫ومــن جــانب آخــر نجــد أن المشــرع كــثيرا) مــا يخــول الجهــات‬ ‫الداريـة سـلطة الفصـل فـي بعـض المنازعـات فيكـون لهـذه‬ ‫الجهات اختصاص قضائي ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫ د‪ .‬رمزي الشاعر – المسؤولية عن أعمال السلطة القضائية – مجلة العلوم‬‫القانونية والقتصادية – س ‪11‬ع ‪ 2‬يوليو ‪ – 1969‬ص ‪. 7‬‬

‫‪113‬‬

‫وعلــى هــذا الســاس فــإن المعيــار الشــكلي ل يكفــي‬ ‫لتمييز العمال الدارية عن الحكام القضائية ‪.‬‬ ‫‪ .2‬المعيار الموضوعي‪:‬‬ ‫المعيار الموضوعي أو المادي يقوم على أساس النظر‬ ‫فــي موضــوع وطبيعــة العمــل نفســه دون اعتبــار بالســلطة‬ ‫الــتي أصــدرته‪ ،‬واعتمــد هــذا المعيــار عناصــر عــدة يتــم مــن‬ ‫خللهـا التوصـل إلـى طبيعـة ومضـمون العمـل‪ ،‬فيكـون العمـل‬ ‫قضــائيا)‪ ،‬إذ تضــمن علــى " إدعــاء بمخالفــة القــانون‪ ،‬وحــل‬ ‫قـانوني للمسـألة المطروحـة يصـاغ فــي تقريـر‪ ،‬وقـرار هـو‬ ‫النتيجة الحتمية للتقرير الذي انتهي إليه القاضي " ‪(1) .‬‬ ‫فـي حيـن يكـون العمـل إداريـا) إذا صـدر مـن سـلطة تتمتـع‬ ‫باختصاص تقديري وليس من سلطة تتمتع باختصاص مقيد‬ ‫كما في أحكام القضاء‪ ،‬وأن يصدر بشكل تلقائي وليس بناء)‬ ‫علـى طلـب مـن الفـراد وأن يكـون الغـرض مـن العمـل إشـباع‬ ‫حاجات عامة‪.‬‬ ‫ول شــك أن هــذه العناصــر ل تكفــي لتمييــز العمــال‬ ‫الداريـة عـن أعمـال القضـاء‪ ،‬لن الكـثير مـن قـرارات الدارة‬ ‫إنما يصدر عن اختصاص مقيد‪ ،‬وكثيرا) منها ل يصدر إل بطلب‬ ‫من الفراد‪.‬‬ ‫والدارة عنــدما تفصــل فــي المنازعــات باعتبارهــا جهــة‬ ‫ذات اختصــاص قضــائي إنمــا يقــترب نشــاطها مــن نشــاط‬ ‫القضاء ويهدف إلى حماية النظام القانوني للدولة‪.‬‬ ‫إزاء ذلـك نشـأ معيـار مختلـط يقـوم علـى أسـاس المـزج‬ ‫بيـن المعيـارين الشـكلي والموضـوعي إذ ينظـر إلـى طبيعـة‬ ‫العمـــل مـــن ناحيـــة‪ ،‬والشـــكل الـــذي يظهـــر فيـــه العمـــل‬ ‫والجراءات المتبعة لصدوره من ناحية أخرى ‪.‬‬ ‫والمتتبـع لحكـام مجلـس الدولـة فـي فرنسـا يجـد أنـه‬ ‫يأخـذ فـي الغـالب بالمعيـار الشـكلي لتمييـز العمـل القضـائي‬ ‫‪1‬‬

‫ د‪ .‬هاشم خالد – مفهوم العمل القضائي في ضوء الفقه وأحكام القضاء –‬‫مؤسسة شباب الجامعة – ‪ -1990‬ص ‪. 17‬‬

‫‪114‬‬

‫عــن القــرار الداري إل أنــه يتجــه فــي بعــض الحيــان إلــى‬ ‫المعيــار الموضــوعي فهــو يمــزج بيــن المعيــارين الشــكلي‬ ‫والموضـوعي لن العمـل القضـائي الـذي ل يعـد قـرارا) إداريـا)‬ ‫ول يخضع للطعن أمام القضاء الداري ل يشمل حتم ا) كل ما‬ ‫يصدر عن الجهة القضائية ‪(1) .‬‬ ‫ويبـدو أن القضـاء الداري المصـري قد واكـب هذا التجـاه‬ ‫فقــد قضــت محكمــة القضــاء الداري ‪ " :‬أن شــراح القــانون‬ ‫العــام قــد اختلفــوا فــي وضــع معــايير التفرقــة بيــن القــرار‬ ‫الداري والقرار القضائي فمنهم من أخذ بالمعيار الشكلي‪،‬‬ ‫ويتضمن أن القرار القضائي هو الذي يصدر من جهة منحها‬ ‫القـانون وليـة القضـاء‪ ،‬ومنهـم مـن أخـذ بالمعيـار الموضـوعي‬ ‫وهـو ينتهـي إلـى أن القـرار القضـائي هـو الـذي يصـدر فـي‬ ‫خصومة لبيان حكم القانون فيها و بينما رأى آخرون أن يؤخذ‬ ‫بالمعيـــارين معـــا) – الشـــكلي والموضـــوعي – وقـــد اتجـــه‬ ‫القضاء في فرنسا ثم في مصر إلى هذا الرأي الخير وعلى‬ ‫أن الراجــح هــو الخــذ بالمعيــارين معـ )ا مــع بعــض الضــوابط‪،‬‬ ‫وبيان ذلك أن القرار القضائي يفترق عن القرار الداري في‬ ‫أن الول يصــدر مــن هيئة قــد اســتمدت وليــة القضــاء مــن‬ ‫قــانون محــدد لختصاصــها مــبين لجراءاتهــا ومــا إذا كــان مــا‬ ‫تصـدره مــن أحكـام نهائيـا) أو قـابل) للطعـن مـع بيـان الهيئات‬ ‫الـتي تفصـل فـي الطعـن فـي الحالـة الثانيـة وأن يكـون هـذا‬ ‫القـرار حاسـما) فـي خصـومة‪ ،‬أي فـي نـزاع بيـن طرفيـن مـع‬ ‫بيان القواعد التي تطبق عليه ووجه الفصل فيه" ‪(2).‬‬ ‫ومن الجدير بالذكر انة ينحصر اختصاص محكمة القضاء‬ ‫بنظــر طلبــات اللغــاء المتعلقــة بــالقرارات الداريــة ول يمتــد‬ ‫اختصاصـها للبحـث فـي مشـروعية أعمـال السـلطة القضـائية‬

‫‪11‬‬

‫‪- De laubadere – Traite droit administrptif – OP –Cit – P 223 .‬‬ ‫‪2‬‬

‫ حكمها رقم ‪ 3940‬لسنة ‪7‬ق في ‪ 13/2/1954‬المجموعة ‪ 1‬لسنة ‪ 9‬بند ‪101‬‬‫ص ‪. . 128‬‬

‫‪115‬‬

‫أخذا) بمبدأ استقلل القضاء و بالمعيار الشكلي في التمييز‬ ‫بين أعمال السلطة القضائية والقرارات الدارية‪.‬‬ ‫‪ .‬ويتــبين ذلــك مــن تــوجه محكمــة القضــاء الداري فــي‬ ‫العــراق حيــث قضـت )… ومــن جهــة أخــرى وجـد أن الطعــن‬ ‫فـي هـذه الـدعوى ينصـرف فـي حقيقتـه إلـى حكـم جـزائي‬ ‫واجـب التنفيـذ ليـس للقضـاء الداري وليـة عليـه ممـا يكـون‬ ‫طعن المدعيين في هذه الدعوى غير معتبر‪ ،‬عليه واستنادا)‬ ‫‪1‬‬ ‫(‪().‬‬ ‫إلى ما تقدم قرر رد الدعوى …‬ ‫كمـا جـاء فـي فتـوى لمجلـس شـورى الدولـة أن ) قـرار‬ ‫الحجـز هـو قـرار إداري تصـدره وفقـا) للصـلحيات المخولـة لهـا‬ ‫فــي حيــن أن العقوبــات الســالبة للحريــة وهــي الســجن‬ ‫والحبـس واليـداع بالنسـبة للحـداث هـي قـرارات تصـدر عـن‬ ‫المحـاكم المختصـة وتأسيسـا علـى مـا تقـدم يـرى المجلـس‬ ‫أن قرار الحجز الصادر عن وزير الداخلية ل يعد بمنزلة الحكم‬ ‫القضائي () ‪(2‬‬ ‫كمـا اخـذت المحكمـة التحاديـة العليـا بالتجـاة ذاتـه‬ ‫فـي الـدعوى ‪ / 10‬اتحاديـة ‪ 2005 /‬بتاريـخ ‪ 2006 / 5 / 29‬و‬ ‫الذي طلبت فيه محكمة التمييز التحادية بموجب النظر في‬ ‫دســــتورية نــــص المــــادة )‪ /20‬أول – ثالثــــا ( مــــن قــــانون‬ ‫التقاعـد الموحـد رقـم ‪ 27‬لسـنة ‪ 2006‬والبـت فـي شـرعيته‬ ‫باعتبــار ان قــرار لجنــة تــدقيق قضــايا المتقاعــدين عمــل‬ ‫قضـائي ول يجـوز تمييـزة امـام مجلـس شـورى الدولـة حيـث‬ ‫تــرى الهيئة العامــة ‪ -‬لمحكمــة التمييــز ‪ -‬وبــرأي بــان النــص‬ ‫المــذكور غيــر دســتوري علــى اســاس بــان المــادة ‪ 47‬مــن‬ ‫دســـتور جمهوريـــة العـــراق نصـــت بـــان تكـــون الســـلطات‬ ‫التحاديـة مــن السـلطات التشـريعية والتنفيذيـة والقضـائية‬ ‫تمارس اختصاصاتها ومهماتها على أساس مبدأ الفصل بين‬ ‫السلطات ‪.‬‬ ‫‪- 11‬قرار محكمة القضاء الداري العدد ‪ 27/2001‬في ‪ 2/5/2000‬منشور في مجلة العدالة‪،‬‬ ‫العدد الول‪ ،2002 ،‬ص ‪92‬‬ ‫‪-2 2‬فتوى مجلس شورى الدولة رقم ‪ 2000 / 9‬في ‪ 23/2/2000‬المنشورة في مجلة‬ ‫العدالة‪،‬العدد الول ‪ ،2001 ،‬ص ‪145‬‬

‫‪116‬‬

‫وحيث أن مجلس شورى الدولة يرتبط بوزارة العدل ول‬ ‫يعــد مــن أجهــزة الســلطة القضــائية فهــو تــابع للســلطة‬ ‫التنفيذيـة ويتكـون مـن رئيـس وأعضـاء غـالبيتهم المطلقـة مـن‬ ‫غيـر القضـاة وبالتـالي فـان نظـر الطعـون مـن قبـل المجلـس‬ ‫المذكور يخل بمبدأ الفصل بين السلطات وان المادة ‪ 29‬من‬ ‫قــانون المرافعــات المدنيــة رقــم ‪ 83‬لســنة ‪ 1969‬نصــت بــان‬ ‫تســري وليــة المحــاكم المدنيــة علــى جميــع الشــخاص‬ ‫الطبيعيـة والمعنويـة بمـا فـي ذلـك الحكومـة وتختـص بالفصـل‬ ‫في كافة المنازعات إل ما استثنى بنص خاص وان التشريع‬ ‫المـذكور مـن شـانه الخلل بهـذا المبـدأ خاصـة وان الدسـتور‬ ‫الدائم وقبلـه قـانون إدارة الدولة العراقيـة للمرحلـة النتقاليـة‬ ‫نـص علـى اسـتقللية القضـاء سـيما وان المشـرع أوجـب أن‬ ‫يـرأس هيئة قضـايا المتقاعـدين قاضـي منتـدب مـن مجلـس‬ ‫القضـاء وأعضـاء آخريـن فل يجـوز النظـر تميـزا" فـي القـرارات‬ ‫الصادرة منها من قبل هيئة قضائية ‪.‬‬ ‫وقـد خلصـت المحكمـة التحاديـة العليـا الـى مـايلي ‪) :‬‬ ‫أن الفقرة )أ( من البند أول" من المادة‪ 20‬من قانون التقاعد‬ ‫الموحـد رقـم ‪ 27‬لسـنة ‪ 2006‬نصـت بتشـكيل لجنـة تسـمى )‬ ‫لجنــة تــدقيق قضــايا المتقاعــدين ( برئاســة قاضــي مــن‬ ‫الصـــنف الثـــاني ينتـــدبه مجلـــس القضـــاء وعضـــوين مـــن‬ ‫المـوظفين القـانونيين ل تقـل درجتهمـا عـن مـدير احـدهما مـن‬ ‫وزارة المالية والخر من وزارة الدفاع تتخذ قراراتها بالكثرية‬ ‫وينظر في جميع قضايا التقاعد المعترض عليها الناشئة من‬ ‫تطـبيق أحكـام القـانون المـذكور ‪ ,‬لـذا تجـد هـذه المحكمـة أن‬ ‫هذه اللجنة هي لجنة خاصة شكلت بموجب قانون التقاعد‬ ‫الموحـد رقـم ‪ 27‬لسـنة ‪ 2006‬للنظـر فـي شـؤون المتقاعـدين‬ ‫مــن مــوظفي الدولــة مــن حيــث الحقــوق التقاعديــة وان‬ ‫القــرارات الــتي تصــدرها هــي قــرارات إداريــة ذات طبيعــة‬ ‫خاصـة تغلـب عليهـا الصـفة الداريـة وليسـت قـرارات قضـائية‬ ‫صـرفة بـالرغم مـن أن اللجنـة يترأسـها قاضـي ينتـدبه مجلـس‬ ‫القضـاء لـذا فـان القـرارات الـتي تصـدرها تعتـبر قـرارات ذات‬

‫‪117‬‬

‫طبيعـة خاصـة وحيـث أن البنـد أول" مـن المـادة ‪ 20‬مـن قـانون‬ ‫التقاعــد الموحــد عيــن مرجــع الطعــن فــي القــرارات الــتي‬ ‫تصـدرها اللجنـة المـذكورة لـدى الهيئة العامـة لـذا للسـباب‬ ‫المتقدمـة فـان النـص المتقـدم المنصـوص عليـه فـي البنـد‬ ‫ثالثــا" مــن المــادة ‪ 20‬مــن قــانون التقاعــد الموحــد رقــم ‪27‬‬ ‫لسنة ‪ 2006‬ل يتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات ومبدأ‬ ‫استقلل القضاء والتدخل في شؤون السلطة القضائية من‬ ‫قبـل السـلطة التنفيذيـة ويكـون طلـب الهيئة العامـة لمحكمـة‬ ‫التميز المشار إليه أعله غير وارد ‪ ,‬لذا قرر رد الطلب ( )‪(1‬‬ ‫ومــن ذلــك يتــبين ان المحكمــة التجاديــة العليــا قــد‬ ‫اعتمـدت المعيـار الشـكلي مـن خلل عـدها القـرارات الـتي‬ ‫تصـدرها لجنـة تـدقيق قضـايا المتقاعـدين قـرارات إداريـة ذات‬ ‫طبيعـة خاصـة تغلـب عليهـا الصـفة الداريـة وليسـت قـرارات‬ ‫قضائية بحكم صدورها من جهة ادارية‪.‬‬ ‫ومــن مقتضــيات اعتمــاد القضــاء الداري فــي العــراق‬ ‫المعيــار الشــكلي انــه ل يجــوز الطعــن امــامه فــي العمــال‬ ‫القضــائية الصــادره مــن رجــال القضــاء والدعــاء العــام الان‬ ‫القضاء الداري ليمكن ان يتجاهل المعيار الموضوعي على‬ ‫سـبيل السـتثناء مـن الصـل العـام فتسـبغ الصـفة الداريـة‬ ‫علـى أعمـال الجهـة القضـائية ذات الطبيعـة الداريـة وتجيـز‬ ‫الطعــن فيهــا باللغــاء كتلــك القــرارت المتعلقــة بانظبــاط‬ ‫مـــوظفي الجهـــاز القضـــائي وشـــؤون خـــدمتهم اســـتنادا‬ ‫للمعيار المزدوج الذي ل يعد العمل قضائيا لمجرد انه صادر‬ ‫مــن الســلطه القضــائية وإنمــا يشــترط فيــه أن يفصــل فــي‬ ‫خصـومه قانونيـة أو يتعلـق بـإجراءات الفصـل فيهـا أو تنفيـذ‬ ‫الحكم الصادر بخصوصها ‪.‬‬ ‫ثالثا)‪ -‬القرارات الدارية والعمال المادية‪:‬‬ ‫العمــل المــادي مجــرد واقعــة ماديــة غيــر مــؤثرة فــي‬ ‫المراكــز القانونيــة الــتي تتصــل بهــا‪ ،‬فــإذا كــان وجــود الثــر‬ ‫‪-1‬منشور في الموقع اللكتروني للمحكمة ‪http://iraqijudicature.org/fedraljud.html‬‬

‫‪118‬‬

‫القـانوني هـو معيـار القـرارات الداريـة‪ ،‬فـأن غيبـه هـذا الثـر‬ ‫تصبح هي معيار العمال المادية ‪(1) .‬‬ ‫والعمــال الماديــة أمــا أن تكــون أفعــال) أداريــة أرادتهــا‬ ‫الدارة وتـدخلت لتحقيقهـا مثـل الجـراءات التنفيذيـة الـتي ل‬ ‫تسـمو لمرتبـة القـرار الداري كهـدم المنـازل اليلـة للسـقوط‬ ‫تنفيذا) لقرار الدارة بالهدم ‪.‬‬ ‫وقد تكون أفعال) غير إرادية تقع بطريق الخطأ والهمال‬ ‫مثل حوادث السير يسببها أحد موظفي الدارة ‪.‬‬ ‫والعمـال الماديـة ل تعتـبر مـن قبيـل العمـال القانونيـة‬ ‫الداريــة لنهــا ل ترتــب آثــارا) قانونيــة مباشــرة وتخــرج هــذه‬ ‫العمال من نطاق الطعن باللغاء أمام القضاء الداري ‪.‬‬ ‫ومـن الجـدير بالـذكر أن عـدم اعتبـار العمـل المـادي قـرارا)‬ ‫إداريـا) وأن كـان يمنـع الطعـن فيـه باللغـاء فـأنه يصـح أن يكـون‬ ‫محل) لمنازعة تختص المحاكم المدنية بنظرها كما يمكن أن‬ ‫يكون محل) لمنازعة إدارية تمس مصالح الفراد عندما يكون‬ ‫محل) لطلب التعويض على أساس دعوى القضاء الكامل ‪.‬‬ ‫رابعا)‪ -‬القرارات الدارية والعقد الداري‪:‬‬ ‫بينـا أن التصـرفات القانونيـة الـتي تجريهـا الدارة وتقصـد‬ ‫بها إلى أحداث الثار القانونية أما أن تتمثل بالتصرفات التي‬ ‫تقـوم بهـا الدارة مـن جـانب واحـد وبإدارتهـا المنفـردة وتشـمل‬ ‫القرارات والوامر الدارية ‪.‬‬ ‫وأمـا أن تتمثـل بالعمـال القانونيـة الصـادرة عـن الدارة‬ ‫بالشتراك مع بعض الفراد بحيث تتوافق الرادتان وتتجهان‬ ‫نحـو إحـداث اثـر قـانوني معيـن وتلجـأ الدارة إلـى إتبـاع هـذا‬ ‫السلوب لتحقيق هدفها في إشباع الحاجـات العامة‪ ،‬وفـق‬ ‫ما يمكن تسميته بعقود الدارة ‪.‬‬ ‫والعقــود الــتي تبرمهــا الدارة ل تخضــع لنظــام قــانوني‬ ‫واحـد‪ ،‬فهـي علـى نـوعين‪ :‬الول عقـود الدارة الـتي تخضـع‬ ‫للقانون الخاص والتي تماثل العقود التي يبرمها الفراد في‬ ‫نطـاق القـانون الخـاص‪ ،‬والنـوع الثـاني هـي العقـود الداريـة‬ ‫‪ - 1‬د‪ .‬محمد فؤاد عبد الباسط‪ ،‬القرار الداري‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬بدون سنة طبع‪،‬‬ ‫ص ‪. 94‬‬

‫‪119‬‬

‫الـتي تخضـع للقـانون العـام والـتي تبرمهـا الدارة باعتبارهـا‬ ‫سلطة عامة تستهدف تنظيم مرفق عام‪.‬‬ ‫ولـم ينـص قـانون مجلـس شـورى الدولـة علـى اختصـاص‬ ‫محكمـة القضـاء الداري بنظـر المنازعـات المتعلقـة بـالعقود‬ ‫الداريــة فهــي مــن اختصــاص المحــاكم العاديــة ‪ ،‬بحكــم أن‬ ‫وليتها تنحصر بإلغاء القرارات الدارية والتعويض عنها ‪.‬‬ ‫ومـع ذلك فقد استقر القضـاء الداري فـي فرنسا ومصر‬ ‫علــى أن القــرارات الداريــة الســابقة علــى إبــرام العقــد‬ ‫والممهــدة لنعقــاده مثــل قــرارات لجــان فحــص العطــاءات‪،‬‬ ‫ولجـان البـت فـي العطـاءات وقـرار اسـتبعاد أحـد المتقـدمين‬ ‫وقرار إرساء المناقصة أو المزايدة وقرار إلغائها هي قرارات‬ ‫إداريـة مسـتقلة عـن العقـد يجـوز الطعـن بهـا بـدعوى اللغـاء ‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫وتســـمى هـــذه النظريـــة بنظريـــة العمـــال الداريـــة‬ ‫المنفصـلة ‪ Le theorie des actes detachable‬ومقتضـاها أنـه‬ ‫يستطيع كل من له مصلحة من الغير أن يطعن باللغاء في‬ ‫هـذه القـرارات‪ ،‬أمـا المتعاقـدون فليـس لهـم أن يطعنـوا فـي‬ ‫هذه القرارات إل أمام قاضي العقد ‪.‬‬ ‫ومن الجدير بالذكر أن إلغاء القرار الداري المنفصل عن‬ ‫العقـد ل يـؤدي تلقائيـا) إلـى إلغـاء العقـد‪ ،‬فيظـل العقـد نافـذا) و‬ ‫ملزمـا) لطرافـه إلـى أن يفصـل القضـاء العـادي فـي المنازعـة‬ ‫المتعلقة به ‪.‬‬

‫فيه‬

‫المطلــب الثــالث‪ :‬خصــائص القــرار الداري المطعــون‬

‫يجـب أن تتـوافر فـي القـرار الداري خصـائص عـدة لكـي‬ ‫يمكــن الطعــن فيــه أمــام القضــاء الداري‪ ،‬فل يمكــن قبــول‬ ‫الطعن فيه لمجرد أنه قد اكتسب صفة القرار الداري ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫ عدل عليا ‪ 387/2000‬مجلة نقابة المحاميين العداد الول والثاني ‪– 2002‬‬‫ص ‪. 117‬‬

‫‪120‬‬

‫أول) ‪ :‬أن يصدر القرار من سلطة إدارية وطنية ‪:‬‬ ‫يشترط في القرار الداري أن يصدر من سلطة إدارية‬ ‫وطنيـة سـواء أكـانت داخـل حـدود الدولـة أو خارجهـا مـن دون‬ ‫النظـر إلـى مركزيـة السـلطة أو عـدم مركزيتهـا ‪ ,‬والعـبرة فـي‬ ‫تحديـد مـا إذا كـانت الجهـة الـتي أصـدرت القـرار وطنيـة أم ل‬ ‫ليــس بجنســية أعضــائها ‪ ,‬وإنمــا بمصــدر الســلطة الــتي‬ ‫تستمد منها ولية إصدار القرار ‪.‬‬ ‫ولنكـون أمـام قـرار إداري ينبغـي أن يصـدر هـذا القـرار‬ ‫مـن شـخص عـام لـه الصـفة الداريـة وقـت إصـداره ول عـبرة‬ ‫بتغيــر صــفته بعــد ذلــك ‪ ,‬وهــو مــا يميــز القــرار الداري عــن‬ ‫العمــال التشــريعية والقضــائية الــتي بيناهــا وفق ـا) للمعيــار‬ ‫الشــكلي ‪ ,‬إذ يتــم النظــر إلــى صــفة الجهــة الــتي قــامت‬ ‫بالعمل والجراءات المتبعة في إصداره ‪.‬‬ ‫ووفقـا) لهـذا الشـرط ل يمكـن اعتبـار القـرارات الصـادرة‬ ‫عـن أشـخاص القـانون الخـاص قـرارات إداريـة إل فـي حـالتين‬ ‫اعــترف فيهمــا القضــاء الداري بالصــفة الداريــة للقــرارات‬ ‫الصــادرة مــن أشــخاص القــانون الخــاص ‪ ,‬تتعلــق الحالــة‬ ‫الولـى بـالقرارات الصـادرة عـن الموظـف الفعلـي أو الظـاهر ‪,‬‬ ‫وهـو شـخص تدخل خلفـا) للقـانون فـي ممارسـة اختصاصـات‬ ‫وظيفـة عامـة ‪ ,‬متخـذا) مظهـر الموظـف القـانوني المختـص ‪.‬‬ ‫)‪ (1‬أمـا فـي الحالـة الثانيـة فتتعلـق بـالقرارات الصـادرة مـن‬ ‫ملتزم المرافق العامة ‪(2) .‬‬ ‫ثانيا) ‪ :‬صدور القرار بالدارة المنفردة للدارة ‪.‬‬ ‫يجـب أن يصـدر القـرار مـن جـانب الدارة وحـدها ‪ ,‬وهـو‬ ‫مـا يميـز القـرار الداري عـن العقـد الداري الـذي يصـدر باتفـاق‬ ‫أرادتيـــن ســـواء أكـــانت هـــاتين الرادتيـــن لشخصـــين مـــن‬ ‫‪ - 1‬ينظر ‪ :‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو – نظرية الظاهر في القانون الداري – مجلة الحقوق والشريعة‬ ‫الكويتية – س ‪ 4‬ع ‪1‬ص ‪. 58‬‬ ‫د‪ .‬زهدي يكن – القانون الداري – المكتبة العصرية – بيروت – ج ‪ – 2‬ص ‪. 386‬‬ ‫‪ - 2‬د‪ .‬عصمت عبد ال – مبادئ ونظريات القانون الداري – دار النهضة العربية – القاهرة ‪-‬‬ ‫‪ -1998‬ص ‪. 22‬‬

‫‪121‬‬

‫أشخاص القانون العام أو كان أحدها لشخص من أشخاص‬ ‫القانون الخاص ‪.‬‬ ‫والقــول بضــرورة أن يكــون العمــل الداري صــادرا) مــن‬ ‫جـانب الدارة وحـدها ليكتسـب صـفة القـرار الداري ل يعنـي‬ ‫أنـه يجـب أن يصـدر مـن فـرد واحـد ‪ ,‬فقـد يشـترك فـي تكـوينه‬ ‫أكـثر مـن فرد كل منهـم يعمل فـي مرحلـة مـن مراحـل تكوينه‬ ‫لن الجميع يعملون لحساب جهة إدارية واحدة ‪(1) .‬‬ ‫ثالثا) ‪ :‬ترتيب القرار لثار قانونية ‪.‬‬ ‫لكـي يكـون القـرار إداريـا) يجـب أن يرتـب آثـارا) قانونيـة‬ ‫وذلـك بإنشاء أو تعديل أو إلغـاء مركـز قـانوني معيـن ‪ ,‬فـإذا لـم‬ ‫يترتب على العمل الداري ذلك فإنه ل يعد قرارا) إداريا) ‪.‬‬ ‫لهـذا نجـد القضـاء الداري الفرنسـي يشـترط فـي القـرار‬ ‫المطعــون فيــه باللغــاء أن ينتــج ضــررا) برافــع الــدعوى ‪(2) .‬‬ ‫ومن ثم تكون له مصلحة في إلغاء هذا القرار ويتطلب توفر‬ ‫عنصرين أساسين للقول بوجود مصلحة للطاعن هما ‪:‬‬ ‫‪ -1‬وجـوب تولـد آثـار قانونيـة عـن القـرار المطعـون فيـه ‪,‬‬ ‫ومـن ثـم يجـب اسـتبعاد القـرارات الـتي ل يحـدث آثـارا) قانونيـة‬ ‫من نطاق دعوى اللغاء ‪(3) .‬‬ ‫‪ -2‬أن يحمـل القـرار قابليـة أحـداث آثـار قانونيـة بنفسـه ‪.‬‬ ‫)‪(4‬‬ ‫وبنــاء) علــى ذلــك فــإن العمــال التمهيديــة والتقــارير‬ ‫والمذكرات التحضرية التي تسبق اتخاذ القرار ل تعد قرارات‬ ‫إداريــة لعــدم تحقــق هــذين العنصــرين ‪ ,‬ونجــد أنــه مــن‬ ‫المناسب أن نبين مضمون بعض هذه العمال ‪:‬‬ ‫أ‪ -‬العمــال التمهيديــة والتحضــرية ‪ :‬وهــي مجموعــة‬ ‫مـــن القـــرارات الـــتي تتخـــذها الدارة وتتضـــمن رغبـــات‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمد سعيد حسين أمين – مبادئ القانون الداري – دار الثقافة الجامعية – ‪ – 1997‬ص ‪521‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪- F.Benoit – Le Droit Administratif Frncais , Dalloz , 1968 , P 577 .‬‬ ‫‪- Marcel Waline – Traite de droit Administratif 1963 , P 452 .‬‬ ‫‪- Auby et Drago – Traite de contentieux Administratif – 1963 , T 11 , P 460 .‬‬

‫‪122‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬

‫واستشــارات وتحقيقــات تمهيــدا لصــدار قــرار إداري وهــذه‬ ‫العمال ل تولد آثارا) قانونية ول يجوز الطعن فيها باللغاء ‪.‬‬ ‫ب‪ -‬المنشــورات والوامــر المصــلحية ‪ :‬وهــي العمــال‬ ‫الـتي تتضـمن تعليمـات وتوجيهـات صـادرة مـن رئيـس الـدائرة‬ ‫إلـى مرؤوسـيه لتفسـير القـوانين أو اللـوائح وكيفيـة تطبيقهـا‬ ‫وتنفيـــذها ‪ ,‬مـــا دامـــت هـــذه المنشـــورات لـــم تتعـــد هـــذا‬ ‫المضمون أما إذا تضمنت أحداث آثار في مراكز الفراد فأنها‬ ‫تصبح قرارات إدارية يقبل الطعن فيها باللغاء ‪.‬‬ ‫ج‪ -‬العمــال اللحقــة لصــدور القــرار ‪ :‬الصــل أن هــذه‬ ‫العمال ل ترتب آثرا) قانونيا) لنها أما أن تكون بمثابة إجراءات‬ ‫تنفيذيـة لقـرارات سـابقة فل يقبـل الطعـن فيهـا باللغـاء لنهـا‬ ‫تنصــب علــى تســهيل تنفيــذ القــرار الداري الســابق ‪ ,‬ول‬ ‫تشـير إلـى قـرارات مسـتقبلة فل يكـون الثـر المـترتب عليهـا‬ ‫حال) ‪.‬‬ ‫د‪ -‬الجـــراءات الداخليـــة ‪ :‬وتشـــمل إجـــراءات التنظيـــم‬ ‫ســــيرها بانتظــــام‬ ‫للمرافق العامة التي تضمن حسن‬ ‫واطـراد ‪ ,‬والجـراءات الـتي يتخـذها الرؤسـاء الداريـون فـي‬ ‫موظفيهم المتعلقة بتقسيم العمل في المرفق‬ ‫مواجهة‬ ‫وتبصير الموظفين بالطريق المثل لممارسة وظائفهم ‪.‬‬ ‫وهـذا النـوع مـن الجـراءات ل يـدخل مـن ضـمن القـرارات‬ ‫الداريـة الـتي يجـوز الطعـن بهـا أمـام دوائر القضـاء الداري‬ ‫لنها ل تؤثر في المراكز القانونية للفراد ‪.‬‬ ‫رابعا – ان يكون القرار الداري نهائيا) ‪:‬‬ ‫يشـترط فـي القـرار الداري ليكـون محل) لـدعوى اللغـاء‬ ‫ان يكـون قـرارا) اداريـا) نهائيـا) ‪ .‬ويقصـد بالنهائيـة وفقـا) لمـا هـو‬ ‫مسـتقر فـي الفقـه والقضـاء هـو عـدم خضـوع القـرار الصـادر‬ ‫من الدارة لتصديق جهة اخرى ‪.‬‬ ‫وبمعنــى آخــر ان يكــون القــرار قــد اســتنفذ جميــع‬ ‫المراحـل التحضـيرية اللزمـة لصـداره ‪ ،‬وصـدر مـن السـلطة‬

‫‪123‬‬

‫الـتي تملـك البـت فـي امـره نهائيـا) دون ان يكـون لزمـا) لنفـاذه‬ ‫وجــوب عرضــه علــى ســلطة اعلــى لعتمــاده أو التصــديق‬ ‫عليه‪.‬‬ ‫وتختلط الصفة النهائية بالنفاذ ‪ ،‬لن القرار النهائي هو‬ ‫القــرار الــذي يكــون نافــذا) بمجــرد صــدوره ‪ ،‬ال ان النهائيــة ل‬ ‫تمنــع مــن جــواز ســحبه مــن الجهــة الــتي اصــدرته أو وقــف‬ ‫تنفيــذه)‪.(1‬وكــذلك ليمنــع مــن الطعــن فــي القــرار ان تقــوم‬ ‫الجهــة المختصــة باصـداره بطلــب رأي بعــض الجهــات علـى‬ ‫سـبيل السـتئناس مـا دام لهـا وحـدها فـي النهايـة سـلطة‬ ‫التقـدير فـي المـر بغيـر لـزوم مـن تدخل لحـق مـن أي سـلطة‬ ‫اخرى للتصديق على قرارها)‪.(2‬‬ ‫وعلـى ذلـك فـالقرار الـذي يصـلح محل) للطعـن باللغـاء‬ ‫يجـب ان ينفـذ لكـي يصـبح المركـز القـانوني الـذي يحـدثه حـال‬ ‫ومـؤثرا) امـا الجـراءات التنفيذيـة أو اجـراءات التنظيـم الـداخلي‬ ‫الــتي لتــؤثر فــي مركــز قــانوني ‪ ،‬فل ينطبــق عليهــا وصــف‬ ‫القرار الداري )‪.(3‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫د‪ .‬حمدي ياسين عكاشة – القرار الداري في قضاء مجلس الدولة – منشأة‬ ‫)(‬ ‫المعارف ‪ ، 1987‬ص ‪.25‬‬ ‫د‪ .‬محمد فؤاد عبد الباسط – المصدر السابق – ص ‪. 25‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬ ‫‪() De laubader – Trait’e element de droit administratif P- 253 .‬‬ ‫وفي هذا المعنى قضت المحكمة الدارية العليا في مصر )) القرارات التي تصدرها‬ ‫مجالس تأديب العاملين بهيئة النقل العام بالقاهرة هي مجرد اعمال تحضيرية تخضع‬ ‫لتصديق السلطة الرئاسية ‪ ،‬وليس لها منزلة الحكام التأديبية التي يجوز الطعن فيها‬ ‫مباشرة امام المحكمة الدارية العليا وان القرار الصادر بالتصديق على قرار مجلس‬ ‫التأديب هو القرار الداري النهائي الذي يرد عليه الطعن(( حكمها في جلسة ‪ 22‬يناير‬ ‫‪ 1972‬القضية ‪ 357‬السنة ‪ 13‬ق المجموعة ‪ ،‬ص ‪. 156‬‬

‫‪124‬‬

‫هــذا وقــد درج المشــرع المصــري )‪ ،( 1‬علــى اشــتراط‬ ‫النهائيـة فـي القـرارات الداريــة القابلـة للطعـن باللغـاء ‪ .‬امـا‬ ‫فـي العـراق فـان المشـرع العراقـي لـم ينـص علـى شـرط أن‬ ‫يكـون القـرار نهائيـا) غيـر ان قضـاء محكمـة القضـاء الداري فـي‬ ‫العــراق يتطلــب تــوافر هــذا الشــرط ‪ ,‬وفــي ذلــك قضــت‬ ‫محكمــة القضــاء الداري فــي حكمهــا ‪/ 11‬قضــاء إداري ‪1991‬‬ ‫الصـــادر فـــي ‪ …) 26/1/1991‬قـــررت المحكمـــة رد الـــدعوى‬ ‫حيــث لــم يكــن قــرارا) نهائيــا) وحاســما) وحيــث أن القــرارات‬ ‫الداريـة الـتي يطعـن فيهـا أمـام هـذه المحكمـة هـي فقـط‬ ‫القرارات النهائية الحاسمة (‪(2).‬‬ ‫وقد أيدت الهيئة العامة في مجلس شورى الدولة قرار‬ ‫محكمــة القضــاء الداري المــذكور وذلــك بقرارهــا المرقــم‬ ‫‪/ 40‬إداري – تمييـز ‪ 1991/‬الصـادر فـي ‪ 24/12/1991‬حيـث جـاء‬ ‫فـي قرارهـا )إذ لـم تصـدر الجهـة الداريـة قـرارا) نهائيـا) فـأن‬ ‫ذلـك ل يجـوز الطعـن فيـه أمـام محكمـة القضـاء الداري لن‬ ‫‪1‬‬ ‫حرص المشرع المصري على النص على ان تكون القرارات الدارية التي‬ ‫)(‬ ‫تقبل الطعن باللغاء قرارات نهائية ‪ .‬فقد نصت المادة العاشرة من قانون مجلس‬ ‫الدولة رقم ‪ 47‬لسنة ‪ 1972‬على شرط النهائية بالنسبة لجميع القرارات الدارية التي‬ ‫يجوز الطعن فيها باللغاء امام مجلس الدولة في البنود الخاصة بهذه القرارات على‬ ‫النحو التي ‪:‬‬ ‫ثالثا ‪ : j‬الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن في القرارات‬ ‫‬‫الدارية النهائية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترفيه أو يمنح‬ ‫العداوات ‪.‬‬ ‫خامسا ‪ : j‬الطلبات التي يقدمها الفراد او الهيئات بالغاء القرارات‬ ‫‬‫الدارية النهائية ‪.‬‬ ‫سادسا ‪ : j‬الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات‬ ‫‬‫الدارية في المنازعات والضرائب والرسوم وفقا ‪ j‬للقانون الذي ينظم‬ ‫كيفية نظر هذه المنازعات امام مجلس الدولة ‪.‬‬ ‫ثامنا ‪ : j‬الطعون التي ترفع عن القرارات النهائية الصادرة من‬ ‫‬‫جهات ادارية لها اختصاص قضائي ‪ ،‬فيما عدا القرارات الصادرة من‬ ‫هيئات التوفيق والتحكيم في منازعات العمل وذلك متى كان مرجع‬ ‫الطعن عدم الختصاص أو عيب في الشكل أو مخالفة القوانين أو‬ ‫اللوائح ‪ ،‬أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها ‪.‬‬ ‫تاسعا ‪ : j‬الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بالغاء‬ ‫‬‫القرارات النهائية للسلطات التأديبية ‪.‬‬ ‫‪ - 12‬اشار اليه‪ .‬صالح إبراهيم احمد المتيوتي ‪ ،‬شروط الطعن امام محكمة القضاء الداري في‬ ‫العراق‪ ،‬رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون ‪ ،‬جامعة بغداد ‪ ،1994 ،‬ص ‪. 26‬‬

‫‪125‬‬

‫القرارات التي يطعن فيها أمامها هي فقط القرارات النهائية‬ ‫الحاسمة ()‪.(1‬‬ ‫خامسـا) – ان ليكـون القـرار الداري محصـنا) مـن الطعـن‬ ‫باللغاء ‪.‬‬ ‫إن مـــن مظـــاهر ســـيادة القـــانون ان تخضـــع جميـــع‬ ‫تصــرفات الدولــة لرقابــة القضــاء ‪ ،‬فهــو الوســيلة الوحيــدة‬ ‫للحفـاظ علـى حقـوق الفـراد فـي مواجهـة الدولـة بهيئاتهـا‬ ‫المختلفــة التشــريعية والتنفيذيــة )‪.(2‬فالقضــاء وحــدة يملــك‬ ‫تقــويم الدارة واجبارهــا علــى احــترام المشــروعية اذا مــا‬ ‫حــادت عنهــا ول شــك ان فــي ذلــك ضــمانة مهمــة لحمايــة‬ ‫حقــوق الفــراد وحريــاتهم ‪ ،‬تتــم مــن خلل الســماح للفــراد‬ ‫بــالطعن فــي قــرارات الدارة اذا مســت مصــالحهم طــالبين‬ ‫الغائها أو التعويض عنها ‪.‬‬ ‫واذا كــان الصــل خضــوع الدارة لرقابــة القضــاء فــان‬ ‫مستلزمات المصلحة العامة قد قضت بالتخفيف من صرامة‬ ‫المبـدأ فسـمحت بموازنـة مبـدأ خضـوع الدارة للقـانون ‪ ،‬وقـد‬ ‫بينـا فـي حـديثنا عـن مبـدأ المشـروعية هـذا الموضـوع بشـيء‬ ‫من التفصيل ‪.‬‬ ‫ال ان الــدول تبــالغ احيانــا) فــي اســتبعاد الكــثير مــن‬ ‫القـــرارات الداريـــة مـــن الخضــــوع للطعـــن امـــام القضـــاء‬ ‫لعتبــارات مختلفــة فبالضــافة الــى اعمــال الســيادة الــتي‬ ‫اخرجهــا المشــرع مــن رقابــة القضــاء فــي قــانون الســلطة‬ ‫القضــائية رقــم )‪ (26‬لســنة ‪) 1963‬الملغــي( فــي المــادة‪()4‬‬ ‫منـه و قـانون التنظيـم القضـائي رقـم ‪ 160‬لسـنة ‪ 1979‬فـي‬ ‫مادته العاشرة و القانون رقم )‪ (106‬لسنة ‪ 1989‬وهو قانون‬ ‫التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة رقم ‪ 65‬لسنة‬ ‫‪ 1979‬في مادته السابعة البند خامس )ا ‪.‬‬ ‫‪ -21‬المصدر نفسة ‪-‬ص ‪26‬‬ ‫‪De France , paris P‬‬‫‪()2‬‬ ‫‪. 266‬‬

‫‪G. Vedel, Droit administratif presses Universite,‬‬

‫‪126‬‬

‫فأننــا نجــد ان المشــرع العراقــي قــد اخــرج القــرارات‬ ‫الداريـة الـتي تتخـذ تنفيـذا) لتوجيهـات رئيـس الجمهوريـة وفقـا)‬ ‫لصــلحياته الدســتورية)‪ , (3‬كمــا اخــرج العديــد مــن القــرارات‬ ‫الخاصـة بتطـبيق بعـض التشـريعات مـن رقابـة القضـاء ومـن‬ ‫خلل تتبع أحكام القضاء نلمس التزامه بتطبيق ما جاءت به‬ ‫تلــك التشــريعات المانعــة فنجــده يحكــم بعــدم قبــول كافــة‬ ‫الدعاوى التي موضوعها قرارات إدارية منع المشرع القضاء‬ ‫من قبول الطعن فيها باللغاء أمامه ‪ ،‬ومن ذلك ما جاء بحكم‬ ‫محكمـــة القضـــاء الداري الصـــادر فـــي ‪) 22/9/2004‬لـــدى‬ ‫التـدقيق والمداولـة وجـد أن ابـن المـدعي طـالب فـي الصـف‬ ‫الثــالث فــي مدرســة بلط الشــهداء التابعــة لتربيــة بغــداد‬ ‫الكـرخ ‪ 2 /‬وانـه فصـل مـن المدرسـة للعـام الدراسـي ‪/ 2003‬‬ ‫‪ 2004‬بمــوجب قــرار المدرســة المرقــم ‪ 12‬فــي ‪28/2/2004‬‬ ‫وذلــك لتجــاوز غيابــاته المــدد المقــررة البالغــة )‪ (26‬يوم ـا) وان‬ ‫المــدعي اعــترض علــى القــرار لــدى تربيــة بغــداد الكــرخ ‪2/‬‬ ‫وزارة التربيــة دون نتيجــة ولــدفع وكيلــه المــدعي عليــه ‪/‬‬ ‫إضـافة لـوظيفته انـه بمـوجب القـانون رقـم )‪ (34‬لسـنة ‪1998‬‬ ‫قـانون وزارة التربيـة وبالمـادة )‪ (38‬منـه منعـت المحـاكم مـن‬ ‫ســماع الــدعاوى الــتي تقــام علــى وزارة التربيــة أو الــدوائر‬ ‫التابعة لها في كل ما يتعلق بالقبول والنتقال أو المتحانات‬ ‫أو العقوبـات النضـباطية الـتي تفـرض علـى التلميـذ والطلب‬ ‫بسـبب الرسـوب وكغيـره ولكـون الـوزارة والـدوائر كـل حسـب‬ ‫اختصاصـه حـق البـت فـي الشـكوى الـتي تنشـأ مـن هـذه‬ ‫المــور عليــه ومــن كــل مــا تقــدم يتضــح أن المــدعي ســلك‬ ‫طريـق الشـكوى لـدى المـدعي عليـه وان القـانون رقـم )‪(34‬‬ ‫‪ -3‬ومن أحكام القضاء الداري بهذا الشأن حكم محكمة القضاء الداري رقم ‪ /12‬قضاء إداري‪/‬‬ ‫‪ 1992‬في ‪) 13/2/1992‬وان القرارات التي تصدر عن ديوان الرئاسة هي التي تتم بناء‪ j‬على‬ ‫توجيهات السيد رئيس الجمهورية حسب الختصاصات الممنوحة له بموجب القانون ‪ ،‬خاصة‬ ‫وان المر المشار إليه آنفا قد صدر مخاطبا ‪ j‬جهة التنفيذ تحريريا‪ ،j‬عليه وحيث أن اختصاصات‬ ‫مجلس شورى الدولة رقم ‪ 65‬لسنة ‪ 1979‬المعدل بالقانون رقم ‪ 106‬لسنة ‪ .1989‬كما أن‬ ‫هذه المحكمة ل تختص بالقرارات الدارية التي تتخذ تنفيذا ‪ j‬لتوجيهات رئيس الجهورية وفقا ‪j‬‬ ‫لصلحياته الدستورية تطبيقا ‪ j‬لمنطوق المادة )‪ (7‬خامسا ‪ / j‬ب ‪ /‬وحيث أن القرار المطعون فيه‬ ‫قد صدر عن المدعي عليه تنفيذا ‪ j‬لمر ديوان الرئاسة فتكون دعوى المدعيين واجبه الرد لعدم‬ ‫اختصاص هذه المحكمة في نظر القرار المطعون فيه لذا قرر بالتفاق رد دعوى المدعيين(‪.‬‬

‫‪127‬‬

‫لســنة ‪ 1998‬قــانون وزارة التربيــة وبالمــادة )‪ (38‬منــه منــع‬ ‫المحـاكم مـن سـماع الـدعاوى الـتي تقـام علـى وزارة التربيـة‬ ‫والـدوائر التابعـة لهـا أو المـدارس أو المعاهـد لـذا قـرر الحكـم‬ ‫‪1‬‬ ‫()(‪.‬‬ ‫برد دعوى المدعي …‬ ‫ول شـــك ان هـــذة الســـتثناءات تتنـــافى مـــع مبـــدأ‬ ‫المشـروعية وضـرورة خضـوع الدارة للقـانون وتفتـح المجـال‬ ‫امـام تعسـفها وانتهـاك حقـوق الفـراد وحريـاتهم‪ .‬علوة علـى‬ ‫عـدم دسـتوريتها فقـد نـص الدسـتور العراقـي الصـادر عـام‬ ‫‪ 2005‬فــي المــاده ‪) 97‬يحظـــر النـــص فــي القـــوانين علــى‬ ‫تحصين اي عمل او قرار اداري من الطعن‪(.‬‬

‫فيه‬

‫سادسـا‪ :‬ان ليكـون للقـرار الداري طريقـا خاصـا للطعـن‬

‫اخــرج المشــرع فــي القــانون رقــم ‪ 106‬لســنة ‪1989‬‬ ‫)قانون التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة رقم ‪65‬‬ ‫لســنة ‪ .(1979‬وبعــد أن كــان منتظــرا منــه ان يبســط وليــة‬ ‫القضــاء الداري علــى جميــع المنازعــات الــتي تكــون الدارة‬ ‫طرفـا) فيهـا بوصـفها سـلطة عامـة‪ ،‬مـن اختصاصـات محكمـة‬ ‫القضــاء الداري العديــد مــن القــرارات الداريــة ممــا حــد مــن‬ ‫ســلطة القضــاء الداري ‪,‬اذ نصــت المــادة الســابعة‪ /‬البنــد‬ ‫خامســـا)‪ /‬الفقرتيـــن جــــ مـــن القـــانون علـــى اســـتبعاد‬ ‫) القـرارات الداريـة الـتي رسـم القـانون طريقـا) للتظلـم منهـا‬ ‫أو العتراض عليها أو الطعن فيها(‪.‬‬ ‫‪،‬‬ ‫ومن التشريعات التي رسم المشرع طريقا للطعن في‬ ‫القــرارات الداريــة الناشــئة عــن تطبيقهــا قــانون الصــلح‬ ‫الزراعـي رقـم ‪ 17‬لسـنة ‪ 1970‬وقـانون التقاعـد المـدني رقـم‬ ‫‪ 20‬لســنة ‪ 1970‬وقــانون الســتملك رقــم ‪ 12‬لســنة ‪1980‬‬ ‫الى غير ذلك من تشريعات يحفل بها النظام القانوني عين‬ ‫‪ ()1‬قرار محكمة القضاء الداري المرقم ‪ 60/2004‬والصادر في ‪ 22/9/2004‬غير منشور‬

‫‪128‬‬

‫لهــا المشــرع العراقــي مرجعــا للطعــن فيهــا امــام لجــان او‬ ‫مجالس ادارية ذات اختصاص قضائي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬ ‫الشروط المتعلقه برافع دعوى اللغاء‬ ‫من المسلم به عدم قبول أي دعوى ما لم تكن لرافعها‬ ‫مصـلحة مـن أقامتهـا‪ ،‬ومـتى مـا قـامت المصـلحة عنـد رفـع‬ ‫الـدعوى‪ ،‬فل بـد أيضـا) مـن أن تتـوافر فيـه أهليـة المخاصـمة‬ ‫لدى القضاء ‪.‬‬ ‫المطلب الول‪ :‬شرط المصلحة‬ ‫المصـلحة شـرط أساسـي لقبـول الـدعاوى كافـة ومنهـا‬ ‫دعـوى اللغـاء أمـام محكمـة القضـاء الداري‪ ،‬تعـرف المصـلحة‬ ‫عمومــا) بأنهــا )الفــائدة أو المنفعــة الــتي يمكــن أن يحصــل‬ ‫عليهـــا رافعهـــا فـــي حالـــة إجـــابته إلـــى طلبـــه ()‪ (1‬ومـــن‬ ‫المستقر قضاء) أنه ل يقبل أي طلب أو دفع ل يكون لصاحبه‬ ‫فيه مصلحة قائمة يقرها القانون‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫)( د‪ .‬ماجد راغب الحلو ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪. 319‬‬

‫‪129‬‬

‫إل أن المصـلحة فـي دعـوى اللغـاء تتميـز عـن تلـك الـتي‬ ‫تتطلبهـا الـدعاوى العاديـة أمـام المحـاكم العاديـة أو دعـوى‬ ‫القضاء الكامل ‪.‬‬ ‫أول)‪ -‬طبيعة المصحة في دعوى اللغاء‪:‬‬ ‫إذا كـان المسـتقر فـي قـوانين المرافعـات أن المصـلحة‬ ‫الـتي تـبرر قبـول الـدعوى يجـب أن تسـتند إلـى حـق اعتـدى‬ ‫عليــه أو مهــدد بالعتــداء عليــه‪ ،‬فــأن المصــلحة فــي دعــوى‬ ‫اللغـاء ل يشـترط فيهـا أن تسـتند إلـى حـق لرافعهـا اعتـدت‬ ‫عليه الدارة أو هددت بالعتداء عليه ‪.‬‬ ‫فقد درج الفقه والقضاء الداريان على أنه يكفي لقبول‬ ‫دعـوى اللغـاء تـوفر شـرط المصـلحة الشخصـية مباشـرة دون‬ ‫السـتناد إلـى حـق مكتسـب للطـاعن كمـا هـو الشـأن فـي‬ ‫القضاء المدني ‪.‬‬ ‫وعدم اشتراط استناد المصلحة في دعوى اللغاء إلى‬ ‫حــق للطــاعن أدى إلــى اتســاع ميــداينها بوصــفها دعــوى‬ ‫موضـوعية تخاصـم القـرارات الداريـة غيـر المشـروعة‪ ،‬بقصـد‬ ‫حماية مبدأ المشروعية ‪(1) .‬‬ ‫وعـزز هـذا التجـاه أن المشـرع الفرنسـي فـي القـانون‬ ‫الساسـي الـذي نظـم مجلـس الدولـة الفرنسـي الصـادر فـي‬ ‫‪ ،24/2/1872‬وفـي القـانون الحـالي فـي للمجلـس لـم يشـترط‬ ‫تـوفر المصـلحة لـدى الطـاعن فـي دعـوى اللغـاء ثـم ليـس‬ ‫للقضـاء أن يقيـد الـدعوى بهـذا الشـرط‪ ،‬ممـا دفـع جـانب مـن‬ ‫الفقه إلى القول بأن دعوى اللغاء دعوى حسبة ‪(2) .‬‬ ‫غيـر أن جـانب أخـر منهـم ذهـب إلـى أن صـمت المشـرع‬ ‫الفرنسـي عـن اشـتراط المصـلحة فـي دعـوى اللغـاء يعـود‬ ‫إلـى أنـه قـد تـرك لقضـاء مجلـس الدولـة أمـر تنظيـم دعـوى‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫ د‪ .‬عبد الغني بسيوني – المصدر السابق – ص ‪.184‬‬‫ د‪ .‬محمد عبد السلم مخلص –نظرية المصلحة في دعوى اللغاء – المصدر‬‫السابق – ص ‪.112‬‬

‫‪130‬‬

‫اللغـاء‪ ،‬فهـذه الـدعوى فـي معظـم أحكامهـا هـي مـن خلـق‬ ‫القضاء ‪(1) .‬‬ ‫وأيـا) كـان المـر فـأن القضـاء الداري فـي فرنسـا و مصـر و‬ ‫العــراق قــد اشــترط تــوافر المصــلحة لــدى الطــاعن باللغــاء‬ ‫لقبول دعواه ‪.‬‬ ‫ثانيا)‪ -‬أوصاف المصلحة في دعوى اللغاء‪:‬‬ ‫يشترط القضاء توافر أوصاف معينة في المصلحة حتى‬ ‫يتـم قبـول دعـوى اللغـاء‪ ،‬وتتحـدد هـذه الوصـاف فـي ضـرورة‬ ‫أن تكـون هـذه المصـلحة شخصـية ومباشـرة) مـن ناحيـة وأن‬ ‫تتعلق بمصلحة مادية أو أدبية من ناحية أخرى ‪.‬‬ ‫وقد اشترط المشرع العراقي في المادة السابعة من‬ ‫قـانون مجلـس شـورى الدولـة أن يكـون الطعـن المقـدم إلـى‬ ‫محكمــة القضــاء الداري مــن )ذي مصــلحة معلومــة وحالــة‬ ‫وممكنة … ( ‪.‬‬ ‫‪ .1‬المصلحة الشخصية المباشرة‪:‬‬ ‫اتفـق الفقـه والقضـاء علـى أن المصـلحة المـبررة لقبـول‬ ‫دعـوى اللغـاء أمـام القضـاء الداري لبـد أن تكـون مصـلحة‬ ‫شخصـية فل تقبـل الـدعوى مـن شـخص ل مصـلحة لـه فـي‬ ‫إلغاء القرار الداري‪ ،‬مهما كانت صلته بصاحب المصلحة ‪.‬‬ ‫فالمصـلحة الشخصـية هـي سـند قبـول دعـوى اللغـاء‬ ‫وهــي غايتهــا‪ ،‬ومــا تحقيــق المشــروعية فــي القــرار محــل‬ ‫الطعن سوى تأكيد هذه المصلحة وحمايتها ‪(2) .‬‬ ‫وتتضح المصلحة الشخصية من خلل الصلة الشخصية‬ ‫للمــدعي بــالقرار المطعــون فيــه والضــرر الــذي تســببه لــه‪،‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫ د‪ .‬سليمان محمد الطماوي – المصدر السابق – ص ‪.540‬‬‫‪ -‬د‪ .‬طعيمة الجرف –المصدر السابق – ص ‪. 213‬‬

‫‪131‬‬

‫وبمعنـى آخـر أن يكـون الطـاعن فـي حالـة قانونيـة يـؤثر فيهـا‬ ‫القرار المطعون فيه تأثيرا) مباشرا) ‪.‬‬ ‫مــع ذلــك يجــوز أن تتحــد المصــلحة عنــد مجموعــة مــن‬ ‫الفـراد وتكـون المصـلحة شخصـية تـبرر قبـول دعـوى اللغـاء‪،‬‬ ‫مثلما هو الحال في مصلحة المنتفعين من مرفق عام تقرر‬ ‫إلغـاؤه ففـي هـذه الحالـة يجـوز أن ترفـع دعـوى واحـدة تجمـع‬ ‫هـؤلء الفـراد الـذين ل ينتمـون إلـى طائفـة أو جماعـة تتمتـع‬ ‫بالشخصية المعنوية ‪(1) .‬‬ ‫‪ .2‬المصلحة المادية والمصلحة الدبية‪:‬‬ ‫اسـتقر القضـاء الداري علـى أنـه يكفـي لقبـول دعـوى‬ ‫اللغاء أن يكون للطاعن مصلحة شخصية مباشرة‪ ،‬مادية أو‬ ‫أدبيــة‪ ،‬ومــن المثلــة علــى المصــلحة الماديــة " مصــلحة‬ ‫الطاعن بإلغـاء قرار الدارة المتعلق بغلـق محلـه التجاري‪ ،‬أو‬ ‫رفضها منحه رخصة مزاولة مهنة معينة " ‪.‬‬ ‫وتتمثـل المصـلحة الدبيـة بقـرارات الداريـة الـتي تمـس‬ ‫سـمعة الموظـف واعتبـاره‪ ،‬عنـدما يطلـب إلغـاء قـرار تـأديبه‬ ‫المقنـع علـى الرغـم مـن أنـه أحيـل علـى المعـاش بنـاء) علـى‬ ‫رغبتـه)‪ ،( 2‬أو كمـا لـو تعلـق القـرار بغلـق مكـان للعبـادة أو منـع‬ ‫ممارسة الشعائر الدينية فيه ‪.‬‬

‫‪ .3‬المصلحة المحققة والمصلحة المحتملة‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫ ينظر في ذلك ‪:‬‬‫ د‪ .‬محمد ماهر أبو العينين – دعوى اللغاء أمام القضاء الداري – دار الكتب‬‫القانونية – ‪– 1998‬ص ‪.365‬‬ ‫ د‪ .‬محمد عبد السلم مخلص المصدر السابق – ص ‪.35‬‬‫ د‪ .‬طعيمة الجرف – المصدر السابق – ص ‪. 153‬‬‫ محكمة القضاء الداري المصري بتاريخ ‪ 18/1/1955‬المجموعة الجزء الثاني ‪-‬‬‫‪.1023‬‬

‫‪132‬‬

‫مــن المتفــق عليــه أنــه يجــب أن يكــون لرافــع الــدعوى‬ ‫مصـلحة محققـة حـتى يمكـن قبـول دعـوى اللغـاء‪ ،‬ويتحقـق‬ ‫ذلك بصفة عامة إذا حصل ضرر حال بمصلحة الطاعن سواء‬ ‫من الناحية المادية أو الدبية ‪.‬‬ ‫ويظهـر الشـك عنـدما تكـون المصـلحة محتملـة وعنـدما ل‬ ‫يكـون الضـرر واقعـا) فعل) علـى الطـاعن وإنمـا يحتمـل الوقـوع‬ ‫فترفع الدعوى ل لدفع الضرر الذي وقع بالفعل وإنما لتوقي‬ ‫الضرر قبل وقوعه ‪.‬‬ ‫وإذا نظرنــا إلــى اتجــاه المشــرع فــي الــدعاوى العاديــة‬ ‫نجــده قــد توســع فــي تفســير المصــلحة وســمح بقبــول‬ ‫المصلحة المحتملة على سبيل الستثناء لدفع ضرر محدق‬ ‫أو لستيثاق حق يخشى زوال دليله ‪.‬‬ ‫وإذا كـان المـر كـذلك فـي الـدعاوى العاديـة الـتي تسـتند‬ ‫فيهـا المصـلحة إلـى حـق فـأن التوسـع فـي شـرط المصـلحة‬ ‫فـي دعـوى اللغـاء يكـون مـن بـاب أولـى‪ ،‬ل سـيما أن انتظـار‬ ‫الطاعن حتى تصبح مصلحته محققة فيه مخاطرة من حيث‬ ‫احتمـال فـوات مـدة الطعـن وهـي قصـيرة غالبـا) ‪ .‬المـر الـذي‬ ‫دعـــى المشـــرع العراقـــي الـــى أجـــازة قبـــول المصـــلحة‬ ‫المحتملـة فـي دعـوى اللغـاء صـراحة وذلـك فـي الفقـرة )د (‬ ‫مــن المــادة الســابعة مــن قــانون مجلــس شــورى الدولــة‬ ‫المعـدل رقـم )‪ (65‬لسـنة ‪ 1979‬والـتي نصـت علـى )بنـاء علـى‬ ‫طعـــن ذي مصـــلحة معلومـــة وحالـــة ممكنـــة ومـــع ذلـــك‬ ‫فالمصــلحة المحتملــة تكفــي إذا كــان هنــاك مــا يــدعو إلــى‬ ‫التخوف من إلحاق ضرر بذوي الشأن( ‪.‬‬ ‫ومـن جـانب آخـر فـأن دعـوى اللغـاء مـن حيـث طبيعتهـا‬ ‫تنتمـي إلـى القضـاء الموضـوعي وتسـتهدف تحقيـق مصـلحة‬ ‫عامـة وهـذه المصـلحة محققـة دائمـا) لن الجماعـة يعنيهـا أن‬

‫‪133‬‬

‫تتـم المشـروعية علـى الـوجه الكمـل )‪،( 1‬وليـس فـي قضـاء‬ ‫محكمة القضاء الداري ما يخالف هذا التجاه ‪.‬‬ ‫ثالثا)‪ -‬وقت توفر المصلحة‪:‬‬ ‫ل خلف فـي ضـرورة تـوفر المصـلحة عنـد رفـع الـدعوى‬ ‫وإل حكـم بعـدم قبولهـا‪ ،‬ويظهـر الخلف حـول وجـوب اسـتمرار‬ ‫المصلحة حتى الفصل في الدعوى ‪.‬‬ ‫فقــد اســتقر مجلــس الدولــة الفرنســي علــى الكتفــاء‬ ‫بقيام المصلحة وقت رفع الدعوى وعدم اشتراط استمرارها‬ ‫إلـى وقـت الفصـل فيهـا ‪ .‬فـإذا زالـت هـذه المصـلحة يسـتمر‬ ‫في نظر الدعوى وإصدار حكمه ‪(1) .‬‬ ‫وأيـد الفقـه هـذا التـوجه مـن المجلـس علـى أسـاس أن‬ ‫دعــوى اللغــاء دعــوى موضــوعية تــوجه إلــى ذات القــرار‬ ‫الداري وتهــدف إلــى حمايــة مبــدأ المشــروعية وســيادة‬ ‫القانون وهي ترفع لتحقيق مصلحة الجماعة بالضافة إلى‬ ‫المصلحة الخاصة للطاعن ‪.‬‬ ‫أما مجلس الدولة المصري فقد تردد في أحكامه إذ أنه‬ ‫أخـذ أحيانـا) بضـرورة تـوفر المصـلحة فـي وقـت رفـع دعـوى ول‬ ‫يتطلب استمرارها حتى الفصل فيها ‪.‬‬ ‫ويعــود فــي أحيــان أخــرى ليشــترط وجــود المصــلحة‬ ‫واسـتمرارها لحيـن الفصـل فيهـا‪ ،‬ويبـدو أن هـذا التجـاه هـو‬ ‫الغـالب قـي القضـاء الداري المصـري‪ ،‬فقـد ذهبـت المحكمـة‬ ‫الداريــة العليــا فــي حكــم لهــا إلــى أنــه ‪ " :‬يشــترط لقبــول‬ ‫دعـوى اللغـاء أن يتـوافر فـي رافعهـا شـرط المصـلحة ويتعيـن‬ ‫تـوافر هـذا الشـرط مـن وقـت رفـع دعـوى لحيـن الفصـل فيهـا "‬ ‫‪(2) .‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫ ينظر ‪:‬‬‫ سليمان محمد الطماوي – المصدر السابق – ص ‪.352‬‬‫ د‪ .‬ماجد راغب الحلو – المصدر السابق – ص ‪.298‬‬‫ د‪ .‬عبد الغني بسيوني المصدر السابق ‪ -‬ص ‪. 496‬‬‫ حكم المحكمة الدارية العليا رقم ‪ 1915‬بتاريخ ‪ 4/4/1987‬السنة ‪ 31‬ق‬‫المجموعة السنة الثانية والثلثون – ص ‪.118‬‬

‫‪134‬‬

‫ويؤيـد السـتاذ الـدكتور سـليمان محمـد الطمـاوي هـذا‬ ‫التجـاه فيقـول أنـه لعتبـارات عمليـة يفضـل المسـلك الـذي‬ ‫يشـترط اسـتمرار المصـلحة حـتى صـدور الحكـم فـي الـدعوى‬ ‫لن ذلـك يخفـف العبـء علـى كاهـل مجلـس الدولـة مـن ناحيـة‬ ‫ولن رقابـة قضـاء اللغـاء حديثـة نسـبيا) فـي مصـر مـن ناحيـة‬ ‫أخرى ‪(1) .‬‬ ‫وأيا) كانت التبريرات فقد جانب هذا التجاه الصواب نظرا)‬ ‫للطبيعــة الموضــوعية لــدعوى اللغــاء ودورهــا المهــم فــي‬ ‫الحفـاظ علـى مبـدأ المشـروعية الـتي تتطلـب اسـتمرار نظـر‬ ‫الـدعوى وأن زالـت المصـلحة الشخصـية لرافعهـا أثنـاء السـير‬ ‫فيهـــا لن هنـــاك مصـــلحة أخـــرى تتمثـــل بحمايـــة مبـــدأ‬ ‫المشروعية وهذه المصلحة تبقى ول تزول بزوال الولى ‪.‬‬ ‫ورغـم اننـا لـم نلمـس توجـة معيـن مـن القضـاء الداري‬ ‫فــي العــراق اتجــاه هــذا الموضــوع فأننــا نرجــو ان يشــترط‬ ‫القضـــاء تـــوافر المصـــلحة وقـــت رفعهـــا دون ان يتطلـــب‬ ‫اسـتمرارها حـتى انتهـاء الـدعوى لمـا فـي ذلـك مـن أثـر فـي‬ ‫احــترام مبــدأ المشــروعية وســيادة القــانون وتماشــيا) مــع‬ ‫طبيعـة دعـوى اللغـاء والحجيـة المطلقـة للحكـام الصـادرة‬ ‫فيها‪(2).‬‬ ‫أما حالة سحب الدارة لقرارها غير لمشروع أثناء سير‬ ‫الــدعوى فــأن المحكمــة تلــزم بــالتوقف عــن الفصــل فــي‬ ‫الـدعوى لن السـحب يعـدم القـرار المطعـون فيـه منـذ صـدوره‬ ‫فلــم يعــد محل) للطعــن فيــه وتصــبح المصــلحة فــي إلغــائه‬ ‫منتفية مما يتأذى معه الحكم بانتهاء الخصومة ‪.‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬شرط الهلية‬ ‫يشـترط فـي الطـاعن بالضـافة إلـى شـرط المصـلحة أن‬ ‫يكـون أهل) للتقاضـي‪ ،‬فـإذا لـم يكـن أهل) لمباشـرة الـدعوى‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫ د‪ .‬سليمان محمد الطماوي ‪ -‬المصدر السابق ‪ -‬ص ‪. 442‬‬‫ ينظر في نفس الرأي – د‪ .‬محمد العبادي – قضاء اللغاء مكتبة دار الثقافة –‬‫ص ‪.136‬‬

‫‪135‬‬

‫بنفسـه لنقـص فـي أهليتـه‪ ،‬تعيـن علـى القاضـي رد الـدعوى‬ ‫إذ أن صـاحب الصـفة فـي إقامتهـا فـي هـذه الحالـة نـائبه أو‬ ‫وصـيه ويتعيـن علـى هـذا الخيـر أن يـبرز الوثـائق القانونيـة‬ ‫الـتي تثبـت أنـه يتصـرف نيابـة عـن صـاحب المصـلحة فاقـد‬ ‫الهليـــة أو ناقصـــها قبـــل مباشـــرة الـــدعوى ‪ .‬وقـــد حـــدد‬ ‫المشـرع العراقـي سـن الرشـد باتمـام ثمـاني عشـرة سـنة‬ ‫ميلدية‪(1) .‬‬ ‫وقـد أوضـحت المـادة ‪ 46‬مـن القـانون المـدني العراقـي‬ ‫"كــل شــخص بلــغ ســن الرشــد متمتع ـا) بقــواه العقليــة غيــر‬ ‫محجـور عليـه يكـون كامـل الهليـة لمباشـرة حقـوقه المدنيـة‬ ‫" ‪(2) .‬‬ ‫وإذا كـان الطـاعن شـخص مـن أشـخاص القـانون الخـاص‬ ‫غير الطبيعية فل يجوز لها مباشرة حق التقاضي ما لم تكن‬ ‫متمتعة بالشخصية المعنوية ‪(3) .‬‬ ‫أمــا إذا كــان الطــاعن فــي القــرار الداري جهــة إداريــة‬ ‫فينصــرف عنــدئذ مفهــوم الهليــة إلــى معنــى الختصــاص‪،‬‬ ‫ويتولى رفع دعوى تجاوز حدود السلطة الشخص المعنوي‬ ‫الــذي يتبــع لــه المرفــق العــام صــاحب المصــلحة‪ ،‬وبطبيعــة‬ ‫الحال تحدد القوانين واللوائح السلطة المختصة التي يكون‬ ‫لها حق التقاضي باسم الجهة الدارية ‪.‬‬

‫المبحث الثالث‬ ‫تظلم صاحب الشأن‬ ‫يعد أسلوب التظلم الداري أحد الوسائل التي يمنحها‬ ‫المشـرع للفـراد للمطالبـة بعـدول الدارة عـن قـرار اتخـذته‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬

‫ المادة ‪ 106‬من القانون المدني العراقي ‪.‬‬‫ المادة ‪ 46‬من القانون المدني العراقي ‪.‬‬‫‪ -‬المادة ‪ 48‬من القانون المدني العراقي‪.‬‬

‫‪136‬‬

‫بحقهـم ‪ ,‬ومـن التشـريعات مـن جعـل طريـق التظلـم الداري‬ ‫أمـرا لبـد مـن سـلوكه ابتـداء) ‪ ،‬لكـي يمكـن بعـد ذلـك قبـول‬ ‫الطعون الموجهة ضد القرارات الدارية أمام القضاء الداري‬ ‫وهو ما تطلبه المشرع العراقي حينما اشترط لقبول الطعن‬ ‫فــي القــرار الداري أمــام محكمــة القضــاء الداري أن يكــون‬ ‫الطاعن قد سلك طريق التظلم أمام الدارة )‪. (1‬‬ ‫ويمكـن ان نعـرف التظلـم الداري بـأنه طلـب يتقـدم بـه‬ ‫صـاحب الشـأن إلـى الجهـة الداريـة الـتي أصـدرت القـرار أو‬ ‫إلـى الجهـة الرئاسـية لهـا يطلـب فيـه إعـادة النظـر فـي القـرار‬ ‫الداري بالغائه اوسحبه أو تعديله ‪.‬‬ ‫والتظلــم قــد يكــون اختياريــا عنــدما يلجــأ إليــه صــاحب‬ ‫المصـلحة لمطالبـة الدارة بإعـادة النظـر فـي قرارهـا دون أن‬ ‫يلزمــه القــانون بــذلك‪ .‬والتظلــم الختيــاري هــو الصــل فــي‬ ‫فرنســا ومصــر حيــث أن القاعــدة فيهــا أن التظلــم هــو أمــر‬ ‫اختياري ‪.‬‬ ‫كمــا قــد يكــون التظلــم وجوبيــا عنــدما يلــزم القــانون‬ ‫تقــديمه إلــى الجهــة الداريــة صــاحبة القــرار ويرتــب علــى‬ ‫إغفـاله رفـض قبـول الـدعوى‪ .‬ول يأخـذ المشـرع فـي فرنسـا‬ ‫ومصــر بــالتظلم الوجــوبي إل فــي حــالت اســتثنائية نصــت‬ ‫على وجوب استنفاذهذا لطريق قبل مراجعة القضاء‪.(2) .‬‬ ‫و فــي العــراق فقــد اشــترط المشــرع العراقــي فــي‬ ‫المـــادة)‪/ 7‬البنـــد ثانيـــا) ‪ /‬و( مـــن قـــانون مجلـــس شـــورى‬ ‫الدولــة المعــدل التظلــم الوجــوبي لــدى الجهــه الداريــة‬ ‫المختصــه قبــل رفــع دعــوى اللغــاء امــام محكمــة القضــاء‬ ‫الداري فقــد ورد انــه )يشــترط قبــل تقــديم الطعــن أمــام‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫ صالح إبراهيم احمد المتيوتي‪ ،‬شروط الطعن أمام محكمة القضاء الداري في العراق‪،‬‬‫مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.154‬‬ ‫)(‪-‬نص المشرع في مصر في المادة )‪ (12‬من قانون مجلس الدولة رقم )‪ (47‬لسنة‬ ‫‪ 1972‬اشترطت التظلم من عدد من القرارات المتعلقة بالوظيفة العامة قبل رفع دعوى‬ ‫اللغاء بصددها‪.‬‬

‫‪137‬‬

‫محكمــة القضــاء الداري أن يتظلــم الطــاعن لــدى الجهــة‬ ‫الداريــة المختصــة الــتي عليهــا أن تبــت فــي التظلــم وفق ـا)‬ ‫للقـانون خلل ثلثيـن يومـا) مـن تاريـخ تسـجيل التظلـم لـديها‬ ‫وعنـد عـدم البـت فـي التظلـم أو رفضـه تقـوم محكمـة القضـاء‬ ‫الداري بتســـجيل الطعـــن لـــديها بعـــد اســـتيفاء الرســـم‬ ‫القانوني(‪.‬‬ ‫وهــذا التجــاه مــن المشــرع انمــا اراد بــه فســح‬ ‫المجـال للداره الـتي اصـدرت القـرار او الجهـه الرئاسـيه لهـا‬ ‫مراجعـة القـرار ‪ ,‬ومعالجـة عيـوبه بالغـائه او تعـديله اذا تـبين‬ ‫لهــا ان القــرار معيــب او مخــالف للقــانون ‪ .‬وبــذلك ينتهــي‬ ‫النــزاع بشــأنه بطريــق ايســر دون حاجــة الــى التقاضــي و‬ ‫اضاعة الوقت والجهد واحراج الدارة امام القضاء‪(1).‬‬ ‫ونـــرى ان التظلـــم الوجـــوبى الـــذي اشـــترطة‬ ‫المشـرع العراقـي للطعـن فـي القـرار الداري يجعـل القـرار‬ ‫المطلوب الطعن ضده من قبيل القرارات التمهيدية فل يجوز‬ ‫الطعــن فيــه باللغــاء حــتى يســلك صــاحب الشــأن طريــق‬ ‫التظلم ومن ثم الطعن في القرار الصادر فيه‪.‬‬ ‫علـى انـه وحـتى لتتمـادى الدارة فـي اطالـة مـدة‬ ‫النظـر فـي التظلـم لـدى الدارة فـانه يعتـبر فـوات ثلثيـن يومـا)‬ ‫مـن تسـجيل التظلـم دون ان تجيـب عنـه السـلطات الداريـة‬ ‫بمثابـة قـرار بالرفــض ويكـون ميعـاد رفـع الـدعوى فـي الطعـن‬ ‫امــام محكمــة القضــاء الداري خلل ســتين يومـا) مــن تاريــخ‬ ‫انقضــاء مــدة الثلثيــن يوم ـا) المــذكورة‪ ,‬او مــن تاريــخ رفــض‬ ‫التظلم رفضا صريحا ‪.‬‬ ‫ومـن الجـدير بالـذكر ان المشـرع العراقـي لـم يلـزم‬ ‫صــاحب الشــأن ان يتظلــم مــن القــرار الداري خلل فــترة‬ ‫محـددة قبـل الطعـن فـي صـحة القـرار الداري امـام محكمـة‬ ‫القضاء الداري ‪,‬بل ترك له الخيار بعد تبلغة او علمه بالقرار‬ ‫الداري ان يختـار وقـت تقـديم التظلـم ‪ .‬وهـذا التجـاة معيـب‬ ‫‪1‬‬

‫ د‪ .‬عصام عبد الوهاب البرزنجي – مجلس شورى الدولة وميلد القضاء الداري –مجلة‬‫العلوم القانونيه –كلية القانون جامعة بغداد العدد الول ‪ 1990‬ص ‪166‬‬

‫‪138‬‬

‫من حيث انه يترك المراكز القانونية معلقة مده طويلة وهذا‬ ‫يتنافى مع الستقرار الواجب في العمل الداري ‪.‬‬ ‫كما ان المشرع لم يشترط التظلم الوجوبي فيما‬ ‫يتعلق برفع الدعاوى المتعلقة بحقوق الخدمة المدنية امام‬ ‫مجلس النظباط العام‪.‬‬ ‫غير ان المشرع اشترط قبل الطعن في القرار الداري‬ ‫الخاص بفرض العقوبة التظلم منه امام الجهة التي اصدرته‬ ‫خلل ثلثيــن يومــا مــن تاريــخ تبليــغ الموظــف بقــرار فــرض‬ ‫العقوبـة وعلـى هـذه الجهـه البـت فـي التظلـم خلل ثلثيـن‬ ‫يوما من تاريخ التظلم وعند عدم البت يعد ذلك رفضا للتظلم‬ ‫يجـوز عنـده الطعـن لـدى مجلـس النضـباط العـام خلل ثلثيـن‬ ‫يوما من تاريخ الرفض الصريح او الحكمي للتظلم‪(1).‬‬ ‫وعلـى اي حـال وحـتى يقـوم التظلـم بـدوره يجـب تـوفر‬ ‫شروط معينة هي ‪:‬‬ ‫‪ -1‬ان يقـدم التظلـم مـن صـاحب الشـأن الـذي اثـر القـرار‬ ‫المتظلـم منـه فـي مركـزه القـانوني أو مـن نـائبه القـانوني اذا‬ ‫ما كان ناقص الهلية ‪.‬‬ ‫‪ -2‬ان يــوجه التظلــم الــى متخــذ القــرار نفســه وهــو مــا‬ ‫يعرف بالتظلم الولئي أو يوجه الى رئيس متخذ القرار وهو‬ ‫مـا يـدعى بـالتظلم الرئاسـي أو يقـدم الـى لجنـة متخصصـة‬ ‫بالنظر في التظلم فيدعى بالتظلم الى اللجان الدارية ‪.‬‬ ‫‪ -3‬يجـــب ان يكـــون التظلـــم مـــن القـــرار مجـــديا) ‪ .‬أي ان‬ ‫يكـون فـي وسـع الدارة المقـدم اليهـا التظلـم تعـديل القـرار أو‬ ‫الغــائه أو ســحبه فل يجــوز التظلــم مــن قــرار منــع القــانون‬ ‫التظلم منه ‪.‬‬ ‫‪ -4‬ان يكــون التظلــم واضــحا) ودال) علــى القــرار المطعــون‬ ‫فيه وان يبين مقدمة انه يرغب في الغاء او سحب أو تعديل‬ ‫القـرار المتظلـم منـه وبيـان اوجـه القصـور الـتي تلحـق هـذا‬ ‫القـرار‪ .‬امـا اذا لـم تتضـمن عبـارات التظلـم دعـوى الدارة الـى‬ ‫العـدول عـن القـرار بـأن اكتفـى بطلـب الشـفقة والعطـف مـن‬ ‫‪ - 1‬تنظر المادة )‪ /15‬ثانيا ‪9‬من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام المعدل رقم ‪ 14‬لسنة ‪1991‬‬

‫‪139‬‬

‫الجهة الدارية المختصة فأن هذا ل يعد تظلما) ول يؤدي الى‬ ‫قطع ميعاد دعوى اللغاء )‪.(1‬‬ ‫‪ -5‬ان يقــع التظلــم علــى قــرار اداري نهــائي صــدر فعل) ‪،‬‬ ‫فل يجوز التظلم من العمال التحضيرية التي تسبق اصدار‬ ‫القرار او من قرار اداري غير نهائي )‪.(2‬‬

‫المبحث الرابع‬ ‫الشروط المتعلقة بميعاد رفع الدعوى‬ ‫حرص ـا) مــن المشــرع علــى اســتقرار الوضــاع الداريــة‬ ‫والمراكـز القانونيـة حـدد مـددا) معينـة يتـوجب علـى الطـاعن‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫)( د‪ .‬محمد رفعت عبد الوهاب ‪ ،‬د‪ .‬حسين عثمان محمد عثمان – المصدر السابق –‬ ‫ص ‪. 67‬‬ ‫)( د‪ .‬صبيح بشير مسكوني – المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪. 380‬‬

‫‪140‬‬

‫اللـتزام بهـا‪ ،‬وهـذه المـدد مـن النظـام العـام ل يجـوز التفـاق‬ ‫على مخالفتها و ول يجوز بعد فواتها أن يقبل القضاء الطعن‬ ‫المـوجه ضـد القـرارات إذ تصـبح هـذه القـرارات حصـينة علـى‬ ‫اللغـاء‪ ،‬وعلـى المحكمـة أن تقضـي مـن تلقـاء نفسـها بعـدم‬ ‫قبـول الـدعوى إذا مـا رفـع إليهـا طعـن فـي قـرار إداري بعـد‬ ‫فوات هذا الميعاد ‪.‬‬ ‫وعنـدما يحـدد المشـرع هـذه المـدة يسـعى دائمـا) إلـى‬ ‫التوفيــق بيــن المصــلحة الخاصــة للطــاعن والصــالح العــام‪،‬‬ ‫فالمصـلحة الخاصـة تقتضـي أن يمنـح المشـرع الفـراد وقتـا)‬ ‫كافيـا) للطعـن فـي القـرارات الداريـة‪ ،‬بينمـا يتطلـب الصـالح‬ ‫العــام أن ل تطــول هــذه المــدة وأن ل تبقــي أعمــال الدارة‬ ‫مهـــددة باللغـــاء وأن تســـتقر الوضـــاع الداريـــة وتتحصـــن‬ ‫القــرارات الداريــة لــذلك نجــد المشــرع غالبـا) مــا يعمــد إلــى‬ ‫تحديد مواعيد قصيرة الجل ‪.‬‬ ‫المطلب الول‪ :‬بدء ميعاد الطعن‬ ‫اختلفـت التشـريعات فـي تحديـد مـدة الطعـن فـي دعـوى‬ ‫اللغاء فقد حددها المشرع الفرنسي في المر الصادر في‬ ‫‪ 31/7/1945‬الــذي أعــاد تنظيــم مجلــس الدولــة الفرنســي‬ ‫بشـهرين مـن تاريـخ نشـر القـرار الداري المطعـون فيـه فـي‬ ‫الجريــدة الرســمية أو النشــرات الــتي تعتمــدها المصــالح أو‬ ‫إعلن صاحب الشأن به ‪(1) .‬‬ ‫وفـي مصـر نصـت المـادة ‪ 24‬مـن قـانون مجلـس الدولـة‬ ‫رقــم ‪ 47‬لســنة ‪ 1972‬علــى أن‪ " :‬ميعــاد رفــع الــدعوى أمــام‬ ‫المحكمـة فيمـا يتعلـق بطلبـات اللغـاء سـتون يومـا) مـن تاريـخ‬ ‫نشـر القـرار الداري المطعـون فيـه فـي الجريـدة الرسـمية أو‬

‫‪1‬‬ ‫ القانون الصادر في فرنسا بتاريخ ‪ 7/6/1956‬والخاص بتحديد مدد رفع الدعاوى أبقى‬‫الوضع السابق في ظل المر الصادر في ‪ 31/7/1945‬وحدد مدد التقاضي وجعلها جميعا ‪j‬‬ ‫شهرين كقاعدة عامة لجميع الدعاوى عدا ما نص عليه صراحة وكذلك فعل المرسوم‬ ‫الصادر في ‪. 11/1/1965‬‬ ‫‪. Andre de laubadere op – cit، P 557-558 -‬‬

‫‪141‬‬

‫النشــرات الــتي تصــدرها المصــالح العامــة أو إعلن صــاحب‬ ‫الشأن " ‪.‬‬ ‫أمــا فــي العــراق فنجــد أن الحالــة تختلــف حيــث أن‬ ‫المشرع العراقي لم يحدد سريان ميعاد إقامة دعوى اللغاء‬ ‫بتاريـــخ نشـــر القـــرار الداري أو إعلنـــه )التبليـــغ( بحســـب‬ ‫الحـوال‪ ،‬وإنمـا حـدد هـذا السـريان مـن تاريـخ تقـديم التظلـم‬ ‫مـن قبـل صـاحب المصـلحة حيـث أن )المـادة ‪ /7‬البنـد ثانيـا) ف‬ ‫و( مـن قـانون مجلـس شـورى الدولـة المعـدل اشـترطت قبـل‬ ‫إقامــة الــدعوى أمــام محكمــة القضــاء الداري أن يتظلــم‬ ‫صـاحب الطعـن لـدى الجهـة الداريـة المختصـة والـتي يجـب‬ ‫عليهــا أن تبــت فــي التظلــم خلل ثلثيــن يومــا) مــن تاريــخ‬ ‫تسجيل التظلم لديها فإذا ما انتهت هذه المدة دون أن تقوم‬ ‫الدارة بــالبت فــي التظلــم عــد ذلــك رفض ـا) للتظلــم وعلــى‬ ‫صـاحب المصـلحة إقامـة دعـواه خلل سـتين يومـا) مـن تاريـخ‬ ‫انتهـاء الثلثيـن يومـا) الـتي حـددها المشـرع للدارة لكـي تبـت‬ ‫في التظلم وفي حالة عدم مراعاته هذه المدة فان محكمة‬ ‫القضــاء الداري تقــرر عــدم قبــول الــدعوى ال ان صــاحب‬ ‫الشــأن يســتطيع المطالبــة بــالتعويض عــن الضــرار الــتي‬ ‫اصـابته مـن جـراء القـرار الداري المعيـب امـام القضـاء العـادي‬ ‫ولــو انتهــت مــدة الطعــن باللغــاء امــام محكمــة القضــاء‬ ‫الداري ‪.‬‬ ‫وقـد بينـا سـابقا ان المشـرع العراقـي لـم يلـزم صـاحب‬ ‫الشـأن ان يتظلـم مـن القـرار الداري خلل فـترة محـددة ‪,‬بـل‬ ‫تـرك لـه الخيـار بعـد تبلغـة او علمـه بـالقرار الداري ان يختـار‬ ‫وقـت تقـديم التظلـم ‪ .‬وسـبق ان بينـا ان هـذا التجـاة معيـب‬ ‫من حيث انه يترك المراكز القانونية معلقة مده طويلة وهذا‬ ‫يتنافى مع الستقرار الواجب في العمل الداري ‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للطعن في القرارات الخاصة بفرض‬ ‫العقوبـات التأديبيـة أمـام مجلـس النضـباط العـام فـان )المـادة‬ ‫‪ 15‬ف ‪ (2‬مــن قــانون انضــباط مــوظفي الدولــة رقــم )‪(14‬‬

‫‪142‬‬

‫لســنة المعــدل ‪ 1991‬قــد أوجــب قبــل تقــديم الطعــن لــدى‬ ‫المجلـس التظلـم مـن القـرار لـدى الجهـة الـتي أصـدرته خلل‬ ‫ثلثيـن يومـا) مـن تاريـخ تبليـغ الموظـف بقـرار فـرض العقوبـة‬ ‫وعلـى الجهـة المـذكورة البـت فـي بـالتظلم خلل ثلثيـن يومـا)‬ ‫فــإذا انتهــت هــذه المــدة دون أن تبــت فيــه عــد ذلــك رفض ـا)‬ ‫للتظلـم‪ ،‬وفـي هـذه الحالـة فـان الفقـرة )‪ (3‬مـن نـص المـادة‬ ‫المــذكورة تشــترط أن يقــدم الطعــن لــدى مجلــس النضــباط‬ ‫العــام خلل ثلثيــن يوم ـا) مــن تاريــخ تبليــغ المتظلــم برفــض‬ ‫التظلم حقيقة أو حكما)‪.‬‬ ‫في حين لم يستلزم المشرع التظلم من القرارات‬ ‫المتعلقـة بحقـوق الخدمـة المدنيـة فقـد اوجبـت المـادة )‪(59‬‬ ‫مـن قـانون الخـدمه المدنيـة رقـم ‪ 24‬لسـنة ‪ 1960‬الطعـن امـام‬ ‫مجلس النضباط العام خلل مدة ثلثين يوما من تاريخ تبلغ‬ ‫الموظـف بـالقرار اذا كـان داخـل العـراق وسـتين يومـا اذا كـان‬ ‫خارج العراق‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تجاوز ميعاد الطعن باللغاء‬ ‫علـى الرغـم مـن أن القـانون حـدد مـدة الطعـن وجعلهـا‬ ‫سـتين يومـا) مـن تاريـخ انتهـاء مـدة الثلثيـن يومـا المقـررة للبـت‬ ‫فـي التظلـم حقيقـة او حكمـا فـأن هنـاك حـالت معينـة تـؤثر‬ ‫فـي هـذا الميعـاد وتعمـل علـى إطـالته وسـنعرض لهـم هـذه‬ ‫الحالت ‪(1) .‬‬ ‫أول)‪ -‬القوة القاهرة‪:‬‬

‫‪1‬‬

‫ استقر القضاء الداري في فرنسا و مصر على أن التظلم الداري يقطع ميعاد دعوى‬‫اللغاء‪ ,‬والتظلم الذي يقطع ميعاد الدعوى هو التظلم الداري الول ول قيمة بأية‬ ‫تظلمات لحقة على التظلم الذي قدم لول مرة‪ ،‬وليمكن اعتبار التظلم في العراق‬ ‫قاطعا لميعاد الطعن لنة شرط من شروط قبول الدعوى ‪.‬‬

‫‪143‬‬

‫القـوة القـاهرة تحـول بيـن المـدعي وبيـن قـدرته علـى‬ ‫إقامة الدعوى أمام القضاء لذلك استقر القضاء الداري في‬ ‫مختلـف الـدول علـى أن تقـف المـدة المحـددة للطعـن ول يبـدأ‬ ‫ســـريان مـــدة الطعـــن باللغـــاء إل بعـــد زوال هـــذه القـــوة‬ ‫القاهرة ‪.‬‬ ‫ويقصـد بـالقوة القـاهرة كـل عـذر قهـري غيـر متوقـع يمنـع‬ ‫صــاحب المصــلحة مــن رفــع دعــواه إلــى القضــاء ول يكــون‬ ‫حصول هذا العذر بسبب خطأ صاحب الشأن ‪.‬‬ ‫ويـترتب على القـوة القـاهرة تجميـد الميعاد أو وقفـه عـن‬ ‫السـريان وهـذا يعنـي أنـه يتعيـن احتسـاب المـدة السـابقة‬ ‫علـى قيـام القـوة القـاهرة ثـم إكمالهـا بعـد زوالهـا حـتى نهايـة‬ ‫الميعـاد ‪ (1) .‬وهـو مـا يختلـف عـن انقطـاع الميعـاد حيـث تبـدأ‬ ‫مــدة جديــده للطعــن بعــد زوال ســبب النقطــاع ول يتــم‬ ‫احتساب المدة السابقة علية‪.‬‬ ‫والقضــاء هــو الــذي يحــدد تــوفر أو عــدم تــوفر القــوة‬ ‫القـاهرة‪ ،‬مستخلصـا) ذلـك مـن ظـروف كـل قضـية‪ ،‬وفـي هـذا‬ ‫المجال قضت المحكمة الدارية العليا في مصر بأن المرض‬ ‫العقلـي مـن العـذار الـتي ترقـى إلـى مرتبـة القـوة القـاهرة‬ ‫الـتي تمنـع العامـل مـن مباشـرة دعـوى اللغـاء فـي ميعادهـا‬ ‫القــانوني‪ (2)،‬كــذلك قضــت بــأن العتقــال يمثــل قــوة قــاهرة‬ ‫من شأنها أن توقف سريان التقادم ‪(3) .‬‬ ‫وفـي هـذاالمجال قضـت الهيئة العامـة لمجلـس شـورى‬ ‫الدولــة فــي حكمهــا الصــادر فــي ‪ 12/7/2004‬بــان الحــرب‬ ‫وعـدم اسـتتباب المـن عـذر يقطـع مـدة الطعـن امـام محكمـة‬ ‫القضـاء الداري فقـد ورد ‪ ):‬لـدى التـدقيق والمداولـة وجـدت‬ ‫الهيئة العامة في مجلس شورى الدولة أن الطعن التميزي‬ ‫مقـدم ضـمن المـدة القانونيـة قـررت قبـوله شكل) ولـدى عطـف‬ ‫‪1‬‬ ‫ د‪ .‬سامي جمال الدين – المنازعات الدارية – منشأة المعارف السكندرية – ‪– 1984‬‬‫ص ‪.199‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ طعن إداري ‪ 352‬لسنة ‪ 23‬ق جلسة ‪ 3/12/1971‬المجموعة – ص ‪.127‬‬‫‪3‬‬ ‫ طعن إداري ‪ 1566‬لسنة ‪ 39‬ق جلسة ‪.8/5/1994‬‬‫‪ -‬د‪ .‬ماهر أبو العينين – المصدر السابق – ص ‪.602‬‬

‫‪144‬‬

‫النظــر فــي الحكــم المميــز وجــد انــه غيــر صــحيح ومخــالف‬ ‫للقـــانون‪ ،‬ذلـــك أن المـــدعي )المميـــز( ‪ ...‬قـــدم التظلـــم‬ ‫بتاريــخ ‪ 18/11/2003‬ورد تظلمــه بتاريــخ ‪ 22/11/2003‬وأقــام‬ ‫الــدعوى امــام محكمــة القضــاء الداري بتاريــخ ‪12/2/2004‬‬ ‫ونظــرا) للظــروف غيــر العتياديــة الــتي مــر بهــا القطــر خلل‬ ‫المـدة مـن ‪ 2003 / 20/3‬لغايـة ‪ 31/12/2003‬نتيجـة الحـرب ومـا‬ ‫تلهــا مــن أعمــال وعــدم اســتتباب المــن وخطــورة التنقــل‬ ‫وصعوبة مراجعة المحاكم ودوائر الدولة وحيث سبق للهيئة‬ ‫العامـة فـي مجلـس شـورى الدولـة أن اتخـذت قـرارات عـدة‬ ‫بعـدم التقيـد بالمـدد القانونيـة للطعـن المـذكور أعله تطبيقـا)‬ ‫لقواعـد العدالـة فكـان علـى المحكمـة ملحظـة هـذه الجهـة‬ ‫واحتسـاب مـدة السـتين يومـا) لتقـديم الطعـن بـالقرار الداري‬ ‫الصـــادر اعتبـــارا) مـــن تاريـــخ ‪ 2/1/2004‬باعتبـــار أن يـــوم‬ ‫‪1/1/2004‬عطلــة رســمية ونظــرا) لقيــام المــدعي )المميــز (‬ ‫بتقــديم طعنــه إلــى المحكمــة فــي ‪ 12/2/2004‬فيكــون قــد‬ ‫أقامهــا ضــمن مــدة الســتين يومــا) المنصــوص عليهــا فــي‬ ‫البنــد )ثانيــا) الفقــرة ز( مــن المــادة )‪ (7‬مــن قــانون مجلــس‬ ‫شـورى الدولـة رقـم )‪ (65‬لسـنة ‪ 1979‬وبنـاء) علـى مـا تقـدم قـرر‬ ‫نقـض الحكـم المميـز وإعـادة الـدعوى إلـى محكمتهـا للفصـل‬ ‫‪1‬‬ ‫()(‬ ‫فيها وفق ما يتراى لها من أسباب …‬ ‫ثانيا)‪ -‬رفع الدعوى إلى محكمة غير مختصة‪:‬‬ ‫جـرى القضـاء الداري فـي فرنسـا ومصـر علـى أن رفـع‬ ‫الـدعوى أمـام جهـة قضـائية غيـر مختصـة يقطـع سـريان مـدة‬ ‫الطعـن أمـام القضـاء الداري )‪ (2‬ويسـتمر هـذا النقطـاع حـتى‬ ‫صـدور حكـم بعـدم الختصـاص وصـيرورته نهائيـا) حيـث يسـري‬ ‫الميعـاد الجديـد‪ .‬ول يـؤثر هـذا الخطـأ فـي الختصـاص فـي‬ ‫الميعـاد إل مـرة واحـدة )‪ (3‬والحكمـة مـن هـذا النقطـاع فـي‬ ‫الميعـاد ل ترجـع إلـى أن رافـع الـدعوى قـد كشـف عـن رغبتـه‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( قرار مجلس شورى الدولة المرقم ‪/15‬إداري‪/‬تمييز‪ 2004/‬الصادر في ‪12/7/2994‬‬ ‫غير منشور‬ ‫ د‪ .‬عثمان خليل – المصدر السابق – ص ‪. 214‬‬‫‪ -‬د‪ .‬عثمان خليل ‪ -‬المصدر السابق – ص ‪. 214‬‬

‫‪145‬‬

‫فـي مهاجمـة القـرار المطعـون فيـه وإنمـا لن الـدعوى فـي‬ ‫هذه الحالة هي بمثابة تظلم قدم في الميعاد للدارة‪.‬‬ ‫ويشـترط فـي رفـع الـدعوى إلـى محكمـة غيـر مختصـة‬ ‫حـتى يكـون صـالحا) لقطـع ميعـاد دعـوى اللغـاء أن يتـم رفـع‬ ‫الـدعوى فـي الميعـاد العـادي لرفـع دعـوى اللغـاء أي خلل‬ ‫مدة الستين يوم ا) من تاريخ نشر القرار أو إعلنه أو العلم به‬ ‫علما) يقينيا)‪.‬‬ ‫وكـذلك يجـب أن يـبين رافـع الـدعوى انـه يختصـم جهـة‬ ‫الدارة الـتي أصـدرت القـرار أو الجهـة الداريـة الرآسـية لهـا‬ ‫ويطلـب فيهـا إلغـاء القـرار أو تعـديله‪ ،‬فمـن الضـروري أن يصـل‬ ‫إلـى الدارة طلـب المـدعى و إل فلــن يكـون لـه اثـر قياسـيا)‬ ‫بالتظلمات المقدمة إلى جهات إدارية مختصة‪.‬‬

‫‪146‬‬

‫ثالثا‪ -‬طلب المساعدة القضائية‪:‬‬ ‫قـد يرغـب الفـرد بـالطعن أمـام القضـاء الداري إل أنـه ل‬ ‫يملك مصاريف الدعوى ولكي ل تذهب حقوقه سدى يتقدم‬ ‫بطلـب المسـاعدة القضـائية لعفـائه مـن الرسـوم القضـائية‬ ‫وفـي هـذه الحالـة ينقطـع ميعـاد رفـع الـدعوى‪ ،‬ويظـل هـذا‬ ‫الميعـاد مقطوعـا) حـتى يصـدر القـرار فـي طلـب العفـاء مـن‬ ‫الرسم ‪(1) .‬‬ ‫وقـد سـاوى القضـاء الداري المقـارن مـن حيـث الثـر بيـن‬ ‫طلب العفاء من الرسوم القضائية والتظلم‪ ،‬إذ يقف سريان‬ ‫الميعاد ما دامت الجهة القضائية المختصة تبحث في طلب‬ ‫العفـاء‪ ،‬ولكـن إذا مـا صـدر القـرار وجـب رفـع الـدعوى خلل‬ ‫الستين يوما) التالية لصدوره ‪(2) .‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬أثر انتهاء ميعاد الطعن‬ ‫إذا مـا انقضـى ميعـاد الطعـن باللغـاء‪ ،‬سـقط الحـق فـي‬ ‫رفـع دعـوى اللغـاء وأصـبح القـرار الداري محصـنا)‪ ،‬فـإذا رفـع‬ ‫صـاحب الشـأن الـدعوى بعـد هـذا الميعـاد فلجهـة الدارة أن‬ ‫تـدفع بعـدم قبـول الـدعوى‪ ،‬إل أن هـذا المبـدأ ليـس مطلقـا)‬ ‫ويجــب التمييــز فــي هــذا المجــال بيــن القــرارات الفرديــة‬ ‫والقرارات التنظيمية ‪.‬‬ ‫أول)‪ -‬القرارات الفردية‪:‬‬ ‫إذا كـان القـرار الداري فرديـا) امتنـع علـى الفـراد الطعـن‬ ‫فيـه بعـد فـوات ميعـاد الطعـن‪ ،‬وكـذلك ل تسـتطيع الدارة أن‬ ‫تسـحبه أو تلغيـه إذا مـا رتـب حقوقـا) مكتسـبة‪ ،‬حفاظـا) علـى‬ ‫المصلحة العامة التي تتطلب استقرار الوضاع الدارية ولو‬ ‫كان القرار غير مشروع‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪. Andre de laubadere Op cit P 560 -1‬‬ ‫ حكم المحكمة الدارية العليا طعن إداري رقم ‪ 1655‬لسنة ‪ 2‬ق جلسة ‪14/12/1957‬‬‫‪ .‬أشار إليه د‪ .‬ماهر أبو العينين – المصدر السابق – ص ‪. 577‬‬

‫‪147‬‬

‫ومـع ذلك فقد استقر القضـاء الداري فـي فرنسا ومصر‬ ‫علـى اسـتثناء بعـض القـرارات وأجـاز سـحبها أو إلغائهـا برغـم‬ ‫انقضاء مدة الطعن ومنها ‪:‬‬ ‫‪- 1‬القـــرارات المقيـــدة للحريـــة‪ :‬أجـــاز القضـــاء إداري‬ ‫الطعـن بـالقرارات الداريـة المقيـدة للحريـة رغـم انقضـاء مـدة‬ ‫الطعـن )‪ ،( 1‬فـإذا أوقـف شـخص دون أن يكـون قـرار تـوقيفه‬ ‫مشـروعا) يسـتطيع الطعـن فـي هـذا القـرار دون التقيـد بمـدة‬ ‫الطعن المحددة قانونا) ما دام الشخص موقوفا)‪.‬‬ ‫‪- 2‬القـرار المنعـدم‪ :‬يسـتثنى مـن التقيـد بميعـاد الطعـن‬ ‫باللغــاء الطعــن بــالقرارات المعدومــة‪ ،‬فــإذا أصــيب القــرار‬ ‫الداري بعيـب جـوهري مـن شـانه أن يجـرد القـرار مـن صـفته‬ ‫كتصـرف قـانوني لينـزل بـه إلـى مرتبـة العمـل المـادي‪ ،‬عنـدها‬ ‫يجــوز لــذوي الشــأن الطعــن فــي هــذا القــرار دون التقيــد‬ ‫بالمواعيد والجراءات المقررة لرفع دعوى اللغاء‪.‬‬ ‫ومـن قبيـل القـرار المنعـدم القـرار الـذي يصـدر مـن فـرد‬ ‫عادي أو من هيئة غير مختصة بإصداره أصل) أو أن يصدر عن‬ ‫سلطة في أمور هي من اختصاص سلطة أخرى ‪.‬‬ ‫‪- 3‬القـرارات السـلبية‪ :‬القـرار السـلبي هـو ذلـك الـذي ل‬ ‫يصـدر فـي شـكل الفصـاح الصـريح عـن إرادة بإنشـاء المركـز‬ ‫القـانوني أو تعـديله أو إنهـائه‪ ،‬بـل تتخـذ الدارة موفقـا) سـلبيا)‬ ‫من التصرف في أمر كان الواجب على الدارة أن تتخذ إجراء)‬ ‫فيـه طبقـا) للقـانون واللـوائح‪ ،‬فسـكوت الدارة عـن الفصـاح‬ ‫عـن إرادتهـا بشـكل صـريح يعـد بمثابـة قـرار إداري مسـتمر ل‬ ‫يتقيد بمعياد معين للطعن‪.‬‬ ‫‪- 4‬القـــرارات الداريـــة المبنيـــة علـــى ســـلطة مقيـــدة‪:‬‬ ‫القـرارات الداريـة الـتي تصـدر بنـاء) علـى سـلطة مقيـدة بحيـث‬ ‫ل يـترك المشـرع للدارة حريـة التقـدير فيهـا‪ ،‬يكـون للدارة أن‬ ‫ترجع في هذه القرارات إذا أخطأت في تطبيق القانون دون‬

‫‪1‬‬

‫‪ -‬ماجد راغب الحلو ـ المصدر السابق ـ ص ‪. 332‬‬

‫‪148‬‬

‫التقيـد بمـدة‪ ،‬كـذلك يجـوز للفـراد أن يطعنـوا فـي مثـل هـذه‬ ‫القرارات دون التقيد بمدة الطعن باللغاء‪.‬‬ ‫ثانيا)‪ -‬القرارات التنظيمية‪:‬‬ ‫أطــردت أحكــام مجلــس الدولــة الفرنســي زمن ـا) طــويل)‬ ‫علــى رفــض طعــون اللغــاء فــي القــرارات التنظيميــة علــى‬ ‫أسـاس أنهـا تقـوم بحسـب الصـل فيهـا علـى إنشـاء وتعـديل‬ ‫وإنهاء المراكز القانونية العامة غير الشخصية ولهذا فأنها ل‬ ‫تصلح موضوعا) لطعون اللغاء ‪.‬‬ ‫غيــر أن منــذ عــام ‪ 1907‬تغيــر موقــف المجلــس فقــرر‬ ‫بـاطراد أنـه علـى الرغـم مـن الطبيعـة التشـريعية للـوائح فأنهـا‬ ‫مـا تـزال بحكـم مصـدرها أعمـال) إداريـة تصـلح بـذاتها للطعـن‬ ‫باللغاء ‪(1) .‬‬ ‫والقاعدة العامة المستقرة بالنسبة للقرارات التنظيمية‬ ‫أن الدارة تملــك تعــديلها وإلغائهــا فــي أي وقــت ومــن دون‬ ‫التقيـد بمواعيـد الطعـن‪ ،‬علـى اعتبـار أنهـا تولـد مراكـز قانونيـة‬ ‫موضـوعية عامـة ول تنشـئ بـذاتها حقوقـا) مكتسـبة يمكـن أن‬ ‫يحتج بها على الدارة ‪.‬‬ ‫أمــا بالنســبة للفــراد فقــد اســتقر القضــاء الداري فــي‬ ‫فرنسا ومصر على أن انتهاء ميعاد الطعن ل يمنع من أمكان‬ ‫تقـديم الطلـب إلـى الدارة لعـادة النظـر فـي القـرار اللئحـي‬ ‫ثـم الطعـن فـي رفـض الدارة لهـذا الطلـب فـي حـالت معينـة‬ ‫منهــا ‪ :‬صــدور تشــريع لحــق علــى اللئحــة يتعــارض مــع‬ ‫اللئحــة‪ ،‬وحالــة تغيــر الســباب الــتي صــدرت اللئحــة علــى‬ ‫أساسها ‪(2).‬‬ ‫كمـا يملـك الفـراد الطعـن باللئحـة بطريـق غيـر مباشـر‬ ‫ودون التقيــد بميعــاد اللغــاء عنــد تطبيقهــا علــى الحــالت‬ ‫الفرديـة أي بطلـب إلغـاء القـرارات الفرديـة الصـادرة تطبيقـا)‬ ‫للئحة المعيبة‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Gean Rivero op cit P 264 -2‬‬ ‫‪. Andre de laubadere Op cit P 586-587 -3‬‬ ‫‪.‬‬

‫‪149‬‬

‫الفصل الثاني‬ ‫أوجه الطعن باللغاء‬ ‫بعد أن يبحث القضاء الداري في اختصاصه بنظر‬ ‫الدعوى وتوفر الشروط الشكلية لقبولها‪ ،‬ينتقل إلى فحص‬ ‫موضوع الدعوى والبحث في أوجه إلغاء القرار المطعون‬ ‫فيه وهل خالف القانون أو وافقه ‪.‬‬ ‫وقد ظهرت أوجه اللغاء أو السباب التي يستند إليها‬ ‫الطاعن للغاء القرار الداري بجهود مجلس الدولة‬ ‫الفرنسي خلل تطور تدريجي طويل ‪ .‬وأول ما ظهر فيها‬ ‫عيب عدم الختصاص ثم ظهر عيب الشكل ثم عيب الغاية‬ ‫أو انحراف السلطة ثم عيب المحل أو مخالفة القانون‬ ‫بالمعنى الضيق‪ ،‬وأخيرا) عيب السبب الذي ظهر متأخرا) ‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫‪1‬‬

‫‪De Laubadere op .cit، p 266 -1‬‬

‫‪.‬‬

‫‪150‬‬

‫وإذا كان ظهور أوجه اللغاء في فرنسا بفضل القضاء‪،‬‬ ‫فإن ظهورها في مصر)‪ (1‬والعراق كان دفعة واحدة بنص‬ ‫المشرع ‪.‬‬ ‫فقد نص المشرع العراقي في المادة السابعة ‪ /‬ثانيا)‬ ‫من القانون رقم ‪ 106‬لسنة ‪) 1989‬قانون التعديل الثاني‬ ‫لقانون مجلس شورى الدولة رقم ‪ 65‬لسنة ‪: ( 1979‬‬ ‫)) يعتبر من اسباب الطعن بوجه خاص ما يلي‪:‬‬ ‫‪ -1‬ان يتضمن المر او القرار خرقا) او مخالفة للقانون او‬ ‫النظمة والتعليمات‪.‬‬ ‫‪ -2‬ان يكون المر او القرار قد صدر خلفا) لقواعد‬ ‫الختصاص او معيبا) في شكله‪.‬‬ ‫‪ -3‬ان يتضمن المر او القرار خطأ في تطبيق القوانين‬ ‫او النظمة او التعليمات او تفسيرها او فيه اساءة او تعسف‬ ‫في استعمال السلطة ويعتبر في حكم القرارات او الوامر‬ ‫التي يجوز الطعن فيها رفض او امتناع الموظف او الهيئات‬ ‫في دوائر الدولة والقطاع الشتراكي عن اتخاذ قرار او امر‬ ‫كان من الواجب عليه اتخاذه قانونا) ((‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫ تنص المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم ‪ 47‬لسنة ‪ 1972‬المصري ‪" :‬‬‫يشترط في طلبات إلغاء القرارات الدارية النهائية ان يكون مرجع الطعن عدم‬ ‫الختصاص او عيبا ‪ j‬في الشكل أو مخالفة القوانين أو اللوائح أو الخطأ في تطبيقها أو‬ ‫تأويلها أو إساءة استعمال السلطة " ‪.‬‬

‫‪151‬‬

‫وفي هذا الجزء من الدراسه سنبحث في عيوب القرار‬ ‫الداري او اوجه الطعن باللغاء امام محكمة القضاء‬ ‫الداري‪.‬‬ ‫المبحث الول‬ ‫عيب عدم الختصاص‬ ‫عيب عدم الختصاص أول العيوب التي أخذ بها مجلس‬ ‫الدولة الفرنسي للطعن باللغاء لما يتمتع به من أهمية‬ ‫كبيرة لكونه يتعلق بتحديد اختصاصات كل موظف عام أو‬ ‫هيئة إدارية من جهة‪ ،‬ولنه أكثر عيوب القرار الداري‬ ‫وضوحا) من جهة أخرى ‪.‬‬ ‫فمن الجدير بالذكر أن توزيع الختصاصات بين الجهات‬ ‫الدارية من الفكار الساسية التي يقوم عليها نظام‬ ‫القانون العام ويراعي فيها مصلحة الدارة التي تستدعي‬ ‫أن يتم تقسيم العمل حتى يتفرغ كل موظف لداء المهام‬ ‫المناطة به على أفضل وجه‪ ،‬كما أن قواعد الختصاص‬ ‫تحقق مصلحة الفراد من حيث أنها تسهل توجه الفراد‬ ‫إلى أقسام الدارة المختلفة وتساهم في تحديد‬ ‫المسؤولية الناتجة عن ممارسة الدارة لوظيفتها ‪.‬‬ ‫المطلب الول‪ :‬تعريف عيب عدم الختصاص‬ ‫استقر الفقه والقضاء الداري على تعريف عيب عدم‬ ‫الختصاص في دعوى اللغاء بأنه عدم القدرة على مباشرة‬ ‫عمل قانوني معين لن المشرع جعله من اختصاص سلطة‬ ‫أخرى طبقا) للقواعد المنظمة للختصاص ‪(1) .‬‬ ‫وبسبب هذا التعريف فقد شبه بعض الفقهاء قواعد‬ ‫الختصاص في القانون العام بقواعد الهلية في القانون‬ ‫‪1‬‬

‫ د‪ .‬محمد ماهر أبو العينين – المصدر السابق – ص ‪. 24‬‬‫د‪ .‬خالد سمارة الزعبي – القرار الداري – الطبعة الولى – عمان ‪ – 1993‬ص ‪. 65‬‬

‫‪152‬‬

‫الخاص لن كلهما يقوم في الساس على القدرة على‬ ‫مباشرة التصرف القانوني ‪.‬‬ ‫إل أن الختلف يتضح من حيث المقصود في كل‬ ‫منهما‪ ،‬فالهدف من قواعد الختصاص هو حماية المصلحة‬ ‫العامة أما قواعد الهلية فالهدف منها هو حماية الشخص‬ ‫ذاته‪ ،‬كما أن الهلية في القانون الخاص هي القاعدة أما‬ ‫عدم الهلية فاستثناء على هذه القاعدة‪.‬‬ ‫ويختلف الختصاص عن ذلك في أنه يستند دائما) إلى‬ ‫القانون الذي يبين حدود أمكان مباشرة العمل القانوني‬ ‫وأن سبب عدم الهلية يتركز في عدم كفاية النضوج‬ ‫العقلي للشخص بينما يكون الدافع في تحديد الختصاص‬ ‫هو العمل على التخصص وتقسيم العمل بين أعضاء‬ ‫السلطة الدارية ‪(1) .‬‬ ‫ويتميز عيب عدم الختصاص بأنه العيب الوحيد الذي‬ ‫يتعلق بالنظام العام )‪ (2‬ويترتب على ذلك أن الدفع بعدم‬ ‫الختصاص ل يسقط بالدخول في موضوع الدعوى ويجوز‬ ‫إبداؤه في أي مرحلة من مراحلها وأن على القاضي أن‬ ‫يحكم بعدم الختصاص تلقائيا) ولو لم يثيره طالب اللغاء ‪.‬‬ ‫فضل) عن أن قواعد الختصاص من عمل المشرع‬ ‫وعلى الموظف أن يحترم حدود اختصاصه لنها لم تكن قد‬ ‫وضعت لمصلحة الدارة وإنما شرعت لتحقيق الصالح العام‪،‬‬ ‫لذلك ل يجوز للدارة أن تتفق مع الفراد على تعديل قواعد‬ ‫الختصاص ول يجوز للدارة أن تتنازل عن اختصاص منحه‬ ‫لها القانون أو تضيف لختصاصاتها اختصاص آخر ‪.‬‬ ‫كما استقر القضاء الداري على أنه ل يجوز تصحيح‬ ‫عيب عدم الختصاص أو تغطيته بقرار لحق من الدارة‬ ‫‪1‬‬ ‫ ينظر ‪:‬‬‫ د‪ .‬محسن خليل – قضاء اللغاء – دار المطبوعات الجامعية – ‪ – 1989‬ص ‪. 73-72‬‬‫ د‪ .‬مصطفى أبو زيد فهمي – القضاء الداري ومجلس الدولة‪ ،‬منشأة المعارف‪– 1979 ،‬‬‫ص ‪.411‬‬ ‫ د‪ .‬سليمان محمد الطماوي – المصدر السابق – ص ‪. 290‬‬‫‪2‬‬ ‫‪. Waline، Droit administratnf – op. Cit – p 452 -3‬‬

‫‪153‬‬

‫التي تملك الختصاص وإن جاز أن تصدر قرارا) جديدا) على‬ ‫الوجه الصحيح ل ينتج أثره إل من يوم صدوره ‪.‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬صور عيب عدم الختصاص‬ ‫اتفق القضاء والفقه الداريان على وجود صورتين لعيب‬ ‫عدم الختصاص هما عيب عدم الختصاص الجسيم وهو ما‬ ‫يعرف باغتصاب السلطة‪ ،‬وعيب عدم الختصاص البسيط ‪.‬‬ ‫الول يجعل القرار منعدما) وفاقدا) لصفته كقرار إداري‬ ‫ويصبح مجرد واقعة مادية ل تلحقه حصانة ول يزيل عيبه‬ ‫فوات معياد الطعن فيه‪ ،‬أما العيب البسيط فيجعل من‬ ‫القرار باطل) إل أنه ل يفقد القرار الداري مقوماته ويتحصن‬ ‫من اللغاء بمرور الستين يوما) المحددة للطعن فيه ‪.‬‬ ‫أول)‪ -‬عيب عدم الختصاص الجسيم‪:‬‬ ‫يطلق الفقه و القضاء على عيب عدم الختصاص‬ ‫الجسيم اصطلح " اغتصاب السلطة " ويكون من أثره‬ ‫فقدان القرار لصفته وطبيعته الدارية فل يعد باطل) وقابل)‬ ‫لللغاء فحسب وإنما يعد القرار معدوما) ل تلحقه أية حصانة‬ ‫ول يزيل انعدامه فوات ميعاد الطعن فيه ول يتقيد الطعن‬ ‫فيه بشرط الميعاد‪ ،‬إذ يمكن سحبه وإلغاءه بعد انتهاء ميعاد‬ ‫الستين يوما) المحددة للطعن ‪.‬‬ ‫وعلى هذا الساس فأن تنفيذ الدارة لهذا القرار‬ ‫يشكل اعتداء• ماديا) يسمح للقضاء العادي بالتصدي لتقرير‬ ‫انعدامه‪ ،‬وأن كان المنطق القانوني السليم يفضي إلى‬ ‫القول بعدم قبول دعوى اللغاء ضد القرار الداري المعدوم‬ ‫لنه ل يترتب عليه أي اثر قانوني ‪.‬‬ ‫ومن هنا القضاء الداري مستقر على قبول الطعن ضد‬ ‫القرار الداري المعدوم ل لمجرد إلغاءه وإنما لزالة الشبهة‬ ‫المتعلقة بمشروعيته ‪.‬‬

‫‪154‬‬

‫وقد حدد القضاء الداري المقارن الحالت التي يمكن‬ ‫اعتبار القرار مشوبا) فيها بعيب عدم الختصاص الجسيم أو‬ ‫اغتصاب السلطة ونتناول فيما يأتي هذه الحالت ‪.‬‬ ‫‪ -1‬صدور القرار الداري من فرد عادي أو هيئة خاصة‪:‬‬ ‫في هذه الحالة يتدخل فرد عادي ل يتمتع بصفة‬ ‫الموظف في أعمال الدارة أو أن تتدخل هيئة خاصة في‬ ‫ذلك وهي تملك حق مباشرة الختصاصات الدارية‪ ،‬فيعد‬ ‫القرار الصادر في هذه الحالة منعدما) ول تترتب عليه أية‬ ‫آثار قانونية ‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫وهو ما درج عليه القضاء الداري في فرنسا ومصر ) (‬ ‫غير أن مجلس الدولة الفرنسي استثنى من هذه القاعدة‬ ‫حالة الموظفين الفعليين ‪Les Fonctrionsnaires de Fait‬‬ ‫والموظف الفعلي هو ذلك الشخص غير المختص الذي لم‬ ‫يقلد الوظيفة أصل) أو كان قرار تقلده الوظيفة معيبا) من‬ ‫الناحية القانونية‪ ،‬ومع ذلك تكون قراراته منتجه لثارها‪.‬‬ ‫وتقوم هذه الناحية على أساس الخذ بفكرة الظاهر‬ ‫في الحوال العادية حماية للغير حسن النية الذي يتعامل‬ ‫مع الشخص العادي لظهوره بمظهر الموظف العام‪ ،‬وتقوم‬ ‫على أساس حالة الضرورة أو لتحقيق المصلحة العامة في‬ ‫عدم توقف المرافق العامة عن أداء وظيفتها في الظروف‬ ‫الستثنائية ‪.‬‬ ‫وصار لهذا المبدأ صدى فطبق في ألمانيا في نهاية‬ ‫الحرب العالمية الولى بصدد القرارات التي اتخذتها‬ ‫مجالس المجندين ومجالس العمال سنة ‪ 1918‬فقد قرر‬ ‫القضاء فيما بعد أن هذه المجالس كانت تتصرف لتحقيق‬ ‫المصلحة العامة وقراراتها صحيحة والدولة مسؤولة عنها ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫ قضت محكمة القضاء الداري المصري ‪ " :‬أن العمل الداري ل يفقد صفته ول يكون‬‫معدوما ‪ j‬إل إذا كان مشوبا ‪ j‬بمخالفة جسيمة‪ ،‬ومن صورها أن يصدر القرار من فرد عادي‬ ‫أو أن يصدر القرار من سلطة في شان من اختصاص سلطة أخرى كأن تتولى السلطة‬ ‫التنفيذية عمل ‪ j‬من اعمال السلطة القضائية أو السلطة التشريعية " ‪.‬‬

‫‪155‬‬

‫كذلك طبق هذا الحكم على القرارات التي أصدرتها‬ ‫لجان التحرير التي ظهرت في فرنسا بعد احتلل اللمان‬ ‫لفرنسا عام ‪. 1944‬‬

‫‪ -2‬اعتداء السلطة التنفيذية على اختصاص السلطتين‬ ‫التشريعية أو القضائية‪:‬‬ ‫يحدد المشرع غالبا) اختصاصات كل سلطة من‬ ‫السلطات الثلثة التشريعية والقضائية والتنفيذية‪ ،‬فإذا‬ ‫أصدرت الدارة قرارا) في موضوع هو من اختصاص السلطة‬ ‫التشريعية أو القضائية فإن قرارها هذا يكون من قبيل‬ ‫اغتصاب السلطة ‪.‬‬ ‫ومع ان محكمة القضاء الداري في العراق لم يتسنى‬ ‫لها القضاء بهذا الخصوص فليس فيها ما يشير الى سلوك‬ ‫طريقا آخر‪.‬‬ ‫‪ -3‬صدور القرار من جهة إدارية اعتداء على اختصاص جهة‬ ‫إدارية أخرى ل تمت إليها بصلة‪:‬‬ ‫يكون مرجع العيب في هذه الصورة انتهاك قواعد‬ ‫الختصاص في نطاق الوظيفة الدارية‪ ،‬كما لو صدر‬ ‫المحافظ قرارا) هو من اختصاص وزير الثقافة ‪.‬‬ ‫وقد طبق مجلس النضباط العام في العراق في أحد‬ ‫قراراته هذه الفكرة حيث قضى في حكمه الصادر في‬ ‫‪) 26/3/1995‬وحيث أن أمين بغداد لم يكن من هيئة الوزراء‬ ‫فأنه ل يملك هذه الصلحية كما ل يملك تخويلها ويكون‬ ‫المر الداري الصادر بفصل الموظف قد وقع بناء) على‬ ‫توهم الموظف الداري بأنه يملك هذه السلطة ‪ ،‬وحيث ل‬ ‫اختصاص إل بنص فيكون حكمه حكم الغاصب لهذه‬ ‫السلطة مما يجعل القرار الصادر فيه محل الطعن من‬

‫‪156‬‬

‫القرارات المعدومة من حيث الثر القانوني ول يخضع لمدة‬ ‫الطعن المقررة قانونا)( )‪.(1‬‬

‫ثانيا)‪ -‬عيب عدم الختصاص البسيط‪:‬‬ ‫عيب عدم الختصاص البسيط يختلف عن اغتصاب‬ ‫السلطة أو عيب عدم الختصاص الجسيم في أنه ل يؤدي‬ ‫إلى انعدام القرار الداري وإنما يجعله قابل) لللغاء فقط‪،‬‬ ‫فالقرار الداري يبقى محتفظا) بمقوماته كقرار إداري ويبقى‬ ‫نافذا) حتى يصدر القضاء حكمه بإلغائه ‪.‬‬ ‫وهذا العيب أقل خطورة من عيب عدم الختصاص‬ ‫الجسيم لذلك فإن القرار المشوب به يتحصن من الطعن‬ ‫بفوات مدة الستين يوما) المحددة للطعن باللغاء ‪.‬‬ ‫ومن المور المستقرة في القضاء الداري أن هناك‬ ‫ثلث حالت مختلفة لعدم الختصاص البسيط وهي عدم‬ ‫الختصاص من حيث المكان وعدم الختصاص من حيث‬ ‫الزمان وعيب عدم الختصاص من حيث الموضوع ‪.‬‬ ‫‪ .1‬عيب عدم الختصاص من حيث المكان‪:‬‬ ‫يترتب هذه العيب في حالة تجاوز جهة الدارة للنطاق‬ ‫القليمي أو الجغرافي المحدد قانونا) لممارسة اختصاصها‪،‬‬ ‫فل يجوز للمحافظ أن يتخذ قرار خارج النطاق الجغرافي‬ ‫لمحافظته فإذا اتخذ قرار يدخل ضمن حدود محافظة أخرى‬ ‫فأنه يكون مشوبا) بعيب عدم الختصاص لصدوره خارج‬ ‫النطاق القليمي المحدد له ‪.‬‬ ‫وهذا العيب قليل الحدوث في العمل لن المشرع كثيرا•‬ ‫ما يحدد وبدقة النطاق المكاني الذي يجوز لرجل الدارة أن‬ ‫يمارس اختصاصه فيه وغالبا) ما يتقيد رجل الدارة بحدود‬ ‫هذا الختصاص ول يتعداه ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫ د‪ .‬ماهر صالح علوي ‪ ،‬مفهوم القرار الداري في أحكام القضاء الداري في العراق ‪،‬‬‫مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪80‬‬

‫‪157‬‬

‫‪ .2‬عدم الختصاص من حيث الزمان‪:‬‬ ‫ويقصد بعيب عدم الختصاص من حيث الزمان أن يصدر‬ ‫الموظف أو جهة الدارة قرارا) خارج النطاق الزمني المقرر‬ ‫لممارسته‪ ،‬كما أو أصدر رجل الدارة قرارا) إداريا) قبل صدور‬ ‫قرار تعيينه أو بعد قبول استقالته أو فصله من الوظيفة أو‬ ‫إحالته على التقاعد‪.‬‬ ‫كذلك إذا حدد المشرع مدة معينة لممارسة اختصاص‬ ‫معين أو لصدار قرار محدد فأن القرار الصادر بعد انتهاء‬ ‫المدة الزمنية المعينة لصداره يعد باطل) ومعيبا) بعدم‬ ‫الختصاص إذا اشترط المشرع ذلك فإن لم يفعل فقد درج‬ ‫القضاء الداري المقارن على عدم ترتيب البطلن ‪(1) .‬‬

‫‪ .3‬عدم الختصاص من حيث الموضوع‪:‬‬ ‫ويتحقق عدم الختصاص من الناحية الموضوعية‬ ‫عندما يصدر قرار إداري في موضوع هو من اختصاص‬ ‫موظف أو جهة إدارية غير التي قامت بإصداره فتعتدي بذلك‬ ‫على اختصاص تلك الجهة ‪.‬‬ ‫ويكون هذا العتداء أما من جهة إدارية على اختصاص‬ ‫جهة إدارية موازية أو مساوية لها‪ ،‬أو من جهة إدارية دنيا‬ ‫على اختصاص جهة إدارية عليا أو من جهة إدارية عليا‬ ‫على اختصاص جهة أدنى منها‪ ،‬أو اعتداء السلطة المركزية‬ ‫على اختصاص الهيئات اللمركزية ‪.‬‬ ‫أ‪ -‬العتداء على اختصاص جهة إدارية موازية‪:‬‬

‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عبد الغني بسيوني – المصدر السابق – ص ‪. 590‬‬

‫‪158‬‬

‫ومضمون هذا العيب أن تقوم جهة إدارية بالعتداء‬ ‫على اختصاص جهة إدارية أخرى هي مساوية أو موازية‬ ‫لها وليس هناك تبعية رئاسية أو رقابية بين هاتين الجهتين‪،‬‬ ‫كما لو أصدر وزير العدل قرارا) هو من اختصاص وزير‬ ‫التعليم ‪.‬‬ ‫أما إذا منح المشرع الختصاص في إصدار قرار معين‬ ‫لكثر من جهة ففي هذه الحالة إذا أصدرت إحدى الجهتين‬ ‫القرار يمتنع على الجهة الدارية الخرى أن تصدر قرار آخر‬ ‫يتعارض مع القرار الول ‪(1) .‬‬ ‫ب‪ -‬اعتداء جهة إدارية دنيا على اختصاص جهة أعلى‬ ‫منها‪:‬‬ ‫هذه الحالة من أكثر حالت عدم الختصاص وقوعا) في‬ ‫العمل الداري‪ ،‬وتحدث عندما يصدر المرؤوس قرارا) من‬ ‫اختصاص رئيسه دون تفويض منه‪ ،‬فإذا حصل ذلك فإن‬ ‫القرار يكون معيبا) بعدم الختصاص البسيط‪ ،‬ومثال ذلك أن‬ ‫يصدر نائب المحافظ قرارا) هو من اختصاص المحافظ ‪.‬‬ ‫جـ‪ -‬اعتداء جهة إدارية عليا على اختصاص جهة ادني‬ ‫منها‪:‬‬ ‫يتولى الرئيس الداري حق الرقابة والشراف والتوجيه‬ ‫علي أعمال مرؤ سه ضمانا لحسن سير المرفق العام‬ ‫الذي يديره ويشرف عليه ومع ذلك فقد يمنح المشرع‬ ‫المرؤوس بعض الصلحيات في إصدار قرار معين دون‬ ‫تعقيب من رئيسه الداري وفي هذه الحالة ل يجوز أن يحل‬ ‫الرئيس نفسه محل السلطة أو الجهة الدارية التي هي‬ ‫ادني منه ويتوجب علي الرئيس أن ينتظر لحين مباشرة‬ ‫الجهة الدنى ل اختصاصها ومن ثم يباشر سلطته في‬ ‫الرقابة عليه بحدود القانون ‪.‬‬ ‫وقد يحصل أن يكون الختصاص مشتركا بحيث يقوم‬ ‫بممارسته الرئيس والمرؤوس وفي هذه الحالة ل يجوز أن‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬حنا نده – المصدر السابق – ص ‪. 358‬‬

‫‪159‬‬

‫يستقل الرئيس الداري بممارسة الختصاص أل إذ مارسه‬ ‫بصحبة مرؤوسة وإل اعتبر القرار مشوبا) بعيب عدم‬ ‫الختصاص ‪(1).‬‬ ‫د‪ -‬اعتداء السلطة المركزية علي اختصاص الهيئات‬ ‫اللمركزية‪:‬‬ ‫يقوم النظام اللمركزية علي أساس وجوده مصالح‬ ‫إقليمية أو مرفقية أعترف لها المشرع بقدر محدد من‬ ‫الختصاصات وقدر معين من الستقلل في مزاولة هذه‬ ‫الختصاصات تحت وصاية السلطات المركزية في الدولة ‪.‬‬ ‫والقانون يضع حدود الشراف الذي تمارسه السلطة‬ ‫المركزية على الهيئات اللمركزية سواء اتخذت هذه الرقابة‬ ‫طابع التصديق علي القرارات المتخذة أو الحلول في بعض‬ ‫الحيان محل هذه السلطات في مباشرة جانب من‬ ‫اختصاصاتها في الحدود التي رسمها القانون‪(2) .‬‬ ‫وبناء علي ذلك ل يجوز أن تصدر السلطة المركزية قرار‬ ‫تتجاوز به الحدود القانونية التي رسمها لها المشرع‬ ‫وتمارس اختصاصا يقع في ضمن اختصاص الهيئات‬ ‫المحلية أو اللمركزية‪ ،‬ول يجوز لها أن تحل محلها في‬ ‫مباشرة اختصاص معين لم يخولها القانون حق الحلول فيه‬ ‫ول يجوز لها أن تعدل قرار اتخذته وأل كان عملها هذا مشوبا)‬ ‫بعيب عدم الختصاص ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬ ‫عيب الشكل والجراءات‬ ‫يتحقق هذا العيب عندما يصدر القرار الداري من دون‬ ‫مراعاة الدارة للشكل أو الجراءات التي نص عليها القانون‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ - 1‬د‪ -‬ماجد راغب الحلو‪ -‬المصدر السابق ‪ -‬ص ‪.371‬‬ ‫‪ - 2‬د‪-‬عبد الغني بسيوني ‪ -‬المصدر السابق ‪ -‬ص ‪. 395‬‬

‫‪160‬‬

‫ويتعلق هذا العيب بالمظهر الخارجي للقرار الداري‬ ‫ونتناول في هذا الجزء من الدراسة عيب الشكل‬ ‫والجراءات من خلل بحث مفهومه وصور قواعد الشكل‬ ‫وأخير تغطية هذا العيب ‪.‬‬

‫المطلب الول‪ :‬تعريف عيب الشكل‬ ‫يقصد بعيب الشكل في القرار الداري أن تهمل الدارة‬ ‫القواعد والجراءات الشكلية الواجب اتباعها في القرار‬ ‫الداري ‪.‬‬ ‫ومن ثم يكون القرار معيبا في شكله إذا لم تحترم‬ ‫الدارة القواعد الجرائية والشكلية المقررة لصدوره‬ ‫بمقتض القوانين واللوائح كما لو اشترط القانون إجراءات‬ ‫تمهيدية تسبق اتخاذ القرار أو استشاره جهات معينه أو‬ ‫تسبيب القرار ولم تتبع الدارة ذلك‪.‬‬ ‫والصل في القرار الداري أن ل يتطلب إصداره شكلية‬ ‫معينة أل أن القانون قد يستلزم إتباع شكل محدد أو‬ ‫إجراءات خاصة ل إصدار قرارات معينة‪ ،‬وفي غير هذه‬ ‫الحالت تتمتع الدارة بحرية تقدير واسعة في إتباع الشكل‬ ‫الملئم ل إصدار قراراتها‪.‬‬ ‫وعندما يشترط القانون إتباع شكل أو أجراء معين إنما‬ ‫يسعى من جهة لتحقيق مصلحة الفراد وعدم فسح‬ ‫المجال للدارة لصدار قرارات مجحفة بحقوقهم بطريقة‬ ‫ارتجالية‪ ،‬ومن جهة أخرى يعمل على تحقيق المصلحة‬ ‫العامة في إلزام الدارة بإتباع الصول والتروي وعدم‬ ‫التسرع في اتخاذ قرارات خاطئة ‪.‬‬

‫‪161‬‬

‫وقد رتب القضاء الداري في العراق بطلن القرار‬ ‫الداري جزاء) لمخالفة الدارة للشكليات والجراءات التي‬ ‫يتطلبها القانون فقد قضى مجلس النضباط العام في‬ ‫حكمه الصادر في ‪ … ) 27/10/2003‬فضل) عن ذلك فأن‬ ‫المعترض عليهما ‪ -‬إضافة لوظيفتهما كانا قد فرضا هذه‬ ‫العقوبة خلفا) لنص المادة )‪ (10‬منه القانون المشار إليه‬ ‫التي أوجبت إجراء التحقيق الداري مع الموظف المخالف‬ ‫من لجنة تحقيق أصولية متكونة من رئيس وعضوين‬ ‫أحدهما حاصل) على شهادة جامعية أولية في القانون‬ ‫وعليه ولكل ما تقدم ذكره قرر المجلس وبالتفاق الحكم‬ ‫بإلغاء عقوبة الفصل المطعون بها الصادرة بموجب المر‬ ‫الداري المذكور في صدر هذا الحكم ‪(1) (..‬‬ ‫ويحدد القانون بمعناه العام قواعد الشكل والجراءات‬ ‫بما ينص عليه الدستور أو التشريع العادي أو النظمة كذلك‬ ‫تؤدي المبادئ القانونية العامة دورا) مهما) في ابتداع قواعد‬ ‫شكلية غير منصوص عليها في القانون والنظمة بالستناد‬ ‫إلى روح التشريع وما يمليه العقل وحسن تقدير المور ‪.‬‬ ‫)‪(2‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬صور قواعد الشكل‬ ‫درج القضاء الداري على التمييز بين ما إذا كانت‬ ‫المخالفة في الشكل والجراءات قد تعلقت بالشروط‬ ‫الجوهرية التي تمس مصالح الفراد وبين ما إذا كانت‬ ‫المخالفة متعلقة بشروط غير جوهرية ل يترتب على‬ ‫إهدارها مساسا) بمصالحهم ويترتب البطلن بالنسبة للنوع‬ ‫الول دون الثاني ‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫ قرار مجلس النضباط العام رقم ‪ 17/2003‬الصدار في ‪ 1/7/2004‬غير منشور‪.‬‬‫ ينظر ‪:‬‬‫د‪ .‬سليمان محمد الطماوي – المصدر السابق – ص ‪. 416‬‬ ‫د‪ ،‬مصطفى أبو زيد فهمي – المصدر السابق –ص ‪. 479‬‬ ‫د‪ .‬حنا نده – المصدر السابق – ص ‪. 375‬‬ ‫د‪ .‬محمد العبادي – المصدر السابق – ص ‪. 205‬‬

‫‪162‬‬

‫والتمييز بين الشكال الجوهرية والشكال غبر‬ ‫الجوهرية مسألة تقديرية تتقرر في ضوء النصوص القانونية‬ ‫ورأي المحكمة وبصورة عامة يكون الجراء جوهريا) إذا‬ ‫وصفه القانون صراحة كذلك أو إذا رتب البطلن كجزاء على‬ ‫مخالفته ‪ .‬أما إذا صمت القانون فإن الجراء يعد جوهريا) إذا‬ ‫كان له أثر حاسم في مسلك الدارة وهي تحدد مضمون‬ ‫القرار الداري أما إذا لم يكن لذلك الجراء هذا الثر فإنه يعد‬ ‫إجراء ثانويا) ومن ثم فإن تجاهله ل يعد عيبا) يؤثر في‬ ‫مشروعية ذلك القرار ‪(1) .‬‬ ‫وقد استقر القضاء الداري على أنه ل ينبغي التشدد‬ ‫في التمسك بالقيود الشكلية إلى حد تعطيل نشاط‬ ‫الدارة‪ ،‬فالعيب الذي من شأنه أن يبطل القرار الداري هو‬ ‫ذلك الذي يؤثر في مضمون القرار أو ينتقص من الضمانات‬ ‫المقررة لصالح الفراد المخاطبين به في مواجهة الدارة‬ ‫وهو ما اعتمدة مجلس النضباط العام في احد قراراته‬ ‫حيث ذهب في حكمه الصادرة في ‪ 1997 /3/12‬إلى إعادة‬ ‫موظف إلى وظيفته بعد أن اعتبرته دائرته مستقيل) وذلك‬ ‫لن إجراءات التبليغ لم تكن قد تمت وفقا) للقانون ‪ ،‬وقد‬ ‫صادقت الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة على القرار‬ ‫المذكور لدى تمييزه أمامها )‪(2‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫) (‪ -‬د‪ .‬مصطفى ابو زيد فهمي – المصدر السابق – ص ‪. 484‬‬ ‫)( اشار اليه ماجد نجم عيدان ‪ ،‬النظام القانوني لدعوى اللغاء في العراق ‪ ،‬دراسة‬ ‫مقارنة ‪ ،‬رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الحقوق ‪ ،‬جامعة النهرين ‪ ، 2000 ،‬ص ‪– 230‬‬ ‫‪. 231‬‬

‫‪163‬‬

‫ونتناول فيما يلي هذين النوعين من قواعد الشكل‬ ‫والجراءات ‪.‬‬ ‫أول)‪ -‬الشكال التي تؤثر في مشروعية القرار الداري‪:‬‬ ‫ل يمكن أن نحصر الشكال والجراءات التي يترتب‬ ‫على مخالفتها بطلن القرار الداري‪ ،‬إل أن المستقر في‬ ‫الفقه والقضاء الداري أن أهم هذه الشكليات تتعلق بشكل‬ ‫القرار ذاته وتسبيبه والجراءات التمهيدية السابقة على‬ ‫إصداره ‪.‬‬ ‫‪ .1‬شكل القرار ذاته‪:‬‬ ‫من المتفق عليه أنه ليس للقرار الداري شكل معين‬ ‫يجب أن يصدر فيه فقد يأتي القرار شفويا) أو ضمنيا)‪ ،‬إل أن‬ ‫القانون قد يشترط أن يكون القرار مكتوبا) وفي هذه الحالة‬ ‫يتوجب على الدارة إتباع الشكل الذي تطلبه المشرع و إل‬ ‫عد قرارها مخالفا) لشكل جوهري مما يؤدي إلى أبطاله ‪.‬‬ ‫‪ .2‬تسبيب القرار الداري‪:‬‬ ‫الصل أن الدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها إل إذا‬ ‫تطلب القانون ذلك‪ ،‬فمن المبادئ المقررة أن القرار الداري‬ ‫الذي لم يشتمل على ذكر السباب التي استند عليها‪،‬‬ ‫يفترض فيه أنه صدر وفقا) للقانون وأنه يهدف لتحقيق‬ ‫المصلحة العامة‪ ،‬وهذه القرينة تصحب كل قرار إداري لم‬ ‫يذكر أسبابه وتبقى قائمة إلى أن يثبت المدعى أن‬ ‫السباب التي بنى عليها القرار المطعون فيه هي أسباب‬ ‫غير مشروعة ‪(1) .‬‬ ‫أما إذا اشترط القانون تسبيب بعض القرارات فقد‬ ‫استقر قضاء محكمة العدل العليا على أن هذا التسبيب يعد‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬طعيمة الجرف – المصدر السابق – ص ‪. 272‬‬

‫‪164‬‬

‫أحد عناصر الجانب الشكلي للقرار يترتب على إغفاله‬ ‫بطلن القرار ولو كان له سبب صحيح ‪(1) .‬‬ ‫واشتراط المشرع تسبيب بعض القرارات الدارية يعد‬ ‫من أهم الضمانات للفراد لنه يتيح للقضاء مراقبة‬ ‫مشروعيتها فضل) عن أن معرفة الفراد للسباب التي دعت‬ ‫الدارة لتخاذ قرارها يسهل عليهم الطعن فيه أمام القضاء‪،‬‬ ‫كما أن التسبيب يجعل الدارة أكثر حذرا) وروية عند إصدارها‬ ‫لقراراتها تجنبا) للطعن فيها ‪.‬‬ ‫ولتوفير هذه الضمانة يجب أن يكون التسبيب جديا)‬ ‫ومحددا) وواضحا) بما يسمح للقضاء من بسط رقابته على‬ ‫مشروعية القرار‪ ،‬و إل فإن القرار يعد بحكم الخالي من‬ ‫التسبيب مما يؤدي إلى إبطاله‪ ،‬ونظرا) للهمية التي يوليها‬ ‫المشرع لتسبيب القرارات الدارية نحد أن المشرع‬ ‫الفرنسي قد أكد في قانون ‪ 11/7/1979‬ضرورة تسبيب‬ ‫جميع القرارات الفردية التي ل تكون في مصلحة الفراد‪،‬‬ ‫واشترط أن يكون التسبيب مكتوبا) إل في حالة الضرورة‬ ‫القصوى والحالت التي تنطوي على قرارات ضمنية أو‬ ‫الصادرة في حالت مستعجلة ‪(2) .‬‬

‫‪ .3‬الجراءات السابقة على اتخاذ القرار‪:‬‬ ‫يشترط القانون في بعض الحيان على جهة الدارة‬ ‫سلوك إجراءات قبل إصدار قرارها و ويترتب على إغفال‬ ‫إتباع هذه الجراءات بطلن قراراها ‪.‬‬ ‫ومن قبيل ذلك مخالفة الدارة للجراءات الواجب‬ ‫اتباعها في قراراتها التأديبية مثل إعلن المتهم بالوقائع‬ ‫المسندة إليه قبل الجلسة المحددة لمحاكمته وبيان وصف‬ ‫التهمة وتاريخ ارتكابها وزمان ومكان محاكمته وسماع‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫ عدل عليا رقم ‪ 50/82‬مجلة نقابة المحامين ‪ ،1982‬ص ‪. 1490‬‬‫‪ -‬د‪ .‬محمد العبادي – المصدر السابق – ص ‪. 208‬‬

‫‪165‬‬

‫دفاعه عن نفسه إلى غير ذلك من إجراءات جوهرية تحقق‬ ‫الضمانات الساسية التي يقوم عليها التحقيق ‪.‬‬ ‫وقد يشترط القانون استشارة جهة معينة قبل إصدار‬ ‫الدارة قرارها‪ ،‬وقد تكون هذه الجهة فردا) أو هيئة أو لجنة‬ ‫ما‪ ،‬وقد تكون الدارة ملزمة برأي تلك الجهة أو غير ملزمة‬ ‫به وفقا) لما ينص عليه القانون‪ ،‬وهنا ل بد من الشارة إلى‬ ‫أن الدارة في هذه الحالت جميعا) ملزمة باحترام الشكلية‬ ‫التي فرضها القانون وأخذ رأي تلك الجهة وإل كان قرارها‬ ‫معيبا) وجديرا) باللغاء ‪.‬‬ ‫‪ .4‬الشكليات الخاصة باللجان والمجالس‪:‬‬ ‫يتطلب القانون أحيانا) إجراءات خاصة لنعقاد اللجان أو‬ ‫المجالس انعقادا) صحيحا) فقد ينص على ضرورة اكتمال‬ ‫النصاب القانوني ويعد الجلسة باطلة إذا اقتصرت الدعوة‬ ‫على عدد معين من العضاء دون الخرين ‪.‬‬ ‫وإذا كان حضور أعضاء المجالس واللجان وفق التكوين‬ ‫الذي حدده القانون يشكل ضمانة مهمة للفراد‪ ،‬فإنه ل‬ ‫مجال للقول بأن زيادة أعضاء هذه المجالس يشكل زيادة‬ ‫في هذه الضمانة لن الضمانات المقررة في القوانين‬ ‫واللوائح ل تتحقق إل بأتباع الجراء الذي حدده المشرع ‪.‬‬

‫ثانيا)‪ -‬الشكال التي ل تؤثر في مشروعية القرار الداري‪:‬‬ ‫من المستقر في القضاء الداري أنه ل يترتب البطلن‬ ‫على كل مخالفة للشكليات دون النظر إلى طبيعة هذه‬ ‫المخالفة ورتب البطلن على إغفال الشكليات الجوهرية‬ ‫دون الثانوية ‪ ,‬ومن الشكليات التي لتؤثر في مشروعية‬ ‫القرار الداري ‪:‬‬ ‫‪ .1‬الشكال والجراءات المقررة لمصلحة الدارة‪:‬‬ ‫على عكس الشكال المقررة لصالح الفراد‪ ،‬اعتبر‬ ‫القضاء الداري الشكال والجراءات المقرة لمصلحة الدارة‬

‫‪166‬‬

‫أشكال وإجراءات ثانوية ل يترتب على مخالفتها الحكم‬ ‫بإبطال القرار الداري وهنا ل يسمح للفراد أن يستندوا‬ ‫إلى الجراءات المقررة لمصلحة الدارة وحدها للتوصل إلى‬ ‫إلغاء القرارات الدارية ‪(1) .‬‬ ‫ومثال هذه الشكليات اشتراط تقديم ضمان مالي أو‬ ‫شخصي قبل منح رخصة معينة‪ ،‬فإذا أغفلت الدارة هذا‬ ‫الجراء فل محل للطعن ببطلن القرار الداري ‪.‬‬ ‫وهذا التجاه لم يسلم من النقد من جانبين الول أنه‬ ‫من الصعب تحديد الحالت التي تكون فيها الشكال مقررة‬ ‫لمصلحة الدارة وحدها‪ ،‬والثاني أن هذه الشكال هي في‬ ‫الحقيقة مقررة لتحقيق الصالح العام وليس الدارة‬ ‫وحدها ‪.‬‬ ‫كما أن الطبيعة الموضوعية لدعوى اللغاء التي‬ ‫تختصم القرار الداري ذاته تتعارض مع النظر إلى مصالح‬ ‫أطراف النزاع ‪(2) .‬‬ ‫‪ .2‬الشكال والجراءات التي ل تؤثر في مضمون القرار‪:‬‬ ‫يتغاضى القضاء الداري أحيانا) عن مخالفة بعض الشكليات‬ ‫التي يعدها ثانوية ل تؤثر في مضمون القرار الداري ومن‬ ‫قبيل ذلك إغفال الدارة الشارة صراحة في صلب قرارها‬ ‫إلى النصوص القانونية التي كانت الساس في إصداره‪ ،‬أو‬ ‫عدم ذكر صفات أعضاء اللجان والمجالس في صلب‬ ‫القرارات الصادرة عنها ‪.‬‬ ‫ويبدو ظاهريا) أن هذا التجاه من القضاء يهدف إلى التقليل‬ ‫من الشكليات التي تضر بعمل الدارة وتقيدها عن أداء‬ ‫وظيفتها‪ ،‬إل أن القول به ل شك سيؤدي إلى تعسف الدارة‬ ‫وادعائها بأن أغلب الجراءات والشكال ل تؤثر في مضمون‬ ‫القرار الداري ولها سلطة تقديرية في هذا المجال‪ ،‬ول‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Bonnard، Precis elementaire de droit administrative p 104 -1‬‬ ‫ د‪ .‬مصطفى أبو زيد فهمي – المصدر السابق – ص ‪. 425‬‬‫د‪ .‬عبد الغني بسيوني – المصدر السابق – ص ‪. 612‬‬

‫‪167‬‬

‫‪.‬‬

‫يخفى ما لذلك من تأثير سلبي على سلطة القضاء الداري‬ ‫في الرقابة على مشروعية قرارات الدارة ‪.‬‬ ‫ومن ثم فإن احترام المشروعية يقتضي من الدارة أن‬ ‫تلجأ إلى المشرع للغاء ما تعده مقيدا) لنشاطها من‬ ‫شكليات إذا كانت مقررة بنص تشريعي وأن تعمد إلى إلغاء‬ ‫الشكليات غير الجوهرية إذا كانت مقرر بنص لئحي ‪(1) .‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬تغطية عيب الشكل‬ ‫درج القضاء الداري المقارن على القول بأنه يمكن‬ ‫تلفي إلغاء القرار المعيب بعيب الشكل الجوهري بإتباع‬ ‫أربع وسائل يمكن عن طريقها تغطية هذا العيب وهي‬ ‫استحالة إكمال الشكليات والظروف الستثنائية وقبول‬ ‫صاحب الشأن والستيفاء اللحق للشكل ‪.‬‬ ‫أول)‪ -‬استحالة إتمام الشكليات‪:‬‬ ‫اتجه القضاء الداري في فرنسا ومصر الى القول بأنه‬ ‫إذا استحال إتمام الشكال والجراءات من الناحية المادية‬ ‫فيمكن تجاوز هذه الشكال ‪.‬‬ ‫والستحالة التي تجوز فيها للدارة أن تتحلل من‬ ‫الشكلية التي يفرضها القانون هي الستحالة المادية‬ ‫الطويلة‪ ،‬لن الستحالة المؤقتة ل تكفي لتبرير إغفال‬ ‫الدارة للشكال المطلوبة ‪(2) .‬‬ ‫ومن أمثلة الستحالة المادية المانعة من إتمام‬ ‫الشكليات عدم سماع دفاع الموظف المتهم إذا كان ذلك‬ ‫راجعا) إلى استحالة مادية حقيقية تعود إلى عدم تركه‬ ‫لعنوانه‪ ،‬واستحالة الستدلل على هذا العنوان وكذلك‬ ‫رفض أحد أعضاء اللجنة الحضور رغم تبليغه بقصد تأخير‬ ‫القرار ‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ ينظر في هذا الرأي ‪:‬‬‫ د‪ .‬محمد ماهر أبو العينين – دعوى اللغاء أمام القضاء الداري – الكتاب الثاني – المصدر السابق – ص ‪. 139‬‬‫‪2‬‬ ‫‪ -‬د‪ .‬حنا نده – المصدر السابق – ص ‪. 380‬‬

‫‪168‬‬

‫وفي ذلك قضت المحكمة الدارية العليا في مصر ‪:‬‬ ‫" الشركة قد اتخذت الجراءات اللزمة قانونا) في شأن‬ ‫عرض المر على اللجنة الثلثية قبل إصدارها قرار الفصل‬ ‫المطعون فيه‪ ،‬وأن اللجنة حاولت أن تعقد اجتماعا) أكثر من‬ ‫مرة إل أن العضو الثالث فيها " ممثل العمال " الذي ثبت‬ ‫أنه أخطر شخصيا) بمواعيد النعقاد تعمد التخلف عن‬ ‫الحضور أكثر من مرة‪ ،‬فأنه بذلك ل تتريب على الشركة من‬ ‫جهة النظر القانونية أن هي أصدرت قرارها بالفصل " ‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫ثانيا)‪ -‬الظروف الستثنائية‪:‬‬ ‫تضطر الدارة أحيانا) إلى إغفال الشكليات الواجب‬ ‫مراعاتها قانونا) تحت ضغط الظروف الستثنائية‪ ،‬وقد سبق‬ ‫أن بينا أن نظرية الظروف الستثنائية توسع من نطاق مبدأ‬ ‫المشروعية‪ ،‬وتؤدي إلى تحرر الدارة من كثير من القيود‬ ‫القانونية ومنها ما يتعلق بقواعد الشكل والجراءات فل تعد‬ ‫القرارات الصادرة مخالفة للشكال والجراءات التي يتطلبها‬ ‫القانون لصدورها في ظل هذه الظروف ‪.‬‬ ‫ثالثا)‪ -‬قبول صاحب الشأن‪:‬‬ ‫من المقرر فقها) وقضاء) أن الصل في الشكليات‬ ‫والجراءات أنها مقررة لمصلحة عامة قدرها المشرع‪ ،‬فهي‬ ‫تمس الصالح العام‪ ،‬ومن هنا فإن قبول ذوي الشأن للقرار‬ ‫المعيب ل يؤدي إلى تصحيح العيب وزوال البطلن ‪(2) .‬‬ ‫إل أن بعض أحكام القضاء الداري قد خرجت عن هذا‬ ‫التجاه وذهبت إلى قبول المخالفة أو العيب الذي انطوى‬ ‫عليه القرار الداري وتنازل من شرع الشكل لمصلحته عن‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫ القضية رقم ‪ 323‬لسنة ‪ 16‬القضائية ‪ 15‬يناير ‪ 1982‬المجموعة ص ‪. 144‬‬‫ حكم محكمة القضاء الداري المصري في القضية رقم ‪ 3884‬لسنة ‪ 8‬قضائية جلسة‬‫أول يوليو ‪ 1957‬المجموعة ص ‪. 638‬‬

‫‪169‬‬

‫التمسك بالبطلن إذا لم يكن هذا الشكل متعلقا) بالنظام‬ ‫العام ‪(1) .‬‬

‫رابعا)‪ -‬الستيفاء اللحق للشكل‪:‬‬ ‫انقسم الفقه والقضاء الداري بشأن إمكانية تصحيح‬ ‫عيب الشكل باستيفاء الجراءات أو الشكال التي أهملتها‬ ‫الدارة بعد صدور القرار المعيب فقد ذهب جانب من الفقه‬ ‫معززا) رأيه ببعض أحكام القضاء إلى عدم جواز تصحيح‬ ‫الشكال والجراءات بعد صدور القرار لن هذه الجراءات‬ ‫إنما وضعت كضمانة للفراد وللمصلحة العامة قبل إصدار‬ ‫الدارة قرارها فإذا أهملت الدارة هذه الضمانة فقرارها‬ ‫يكون معيبا) ومستحقا) لللغاء‪ ،‬ول يجوز للدارة أن تصحح‬ ‫هذا العيب لتعطي القرار أثرا) رجعيا) لن ذلك يمنح الدارة‬ ‫رخصة الخروج على قواعد الشكل ‪(2) .‬‬ ‫وذهب جانب آخر من الفقه إلى قبول تصحيح القرار‬ ‫باستيفاء الشكلية بعد صدور القرار تجنبا) للغائه ‪(3) .‬‬

‫‪1‬‬ ‫ حكم محكمة القضاء الداري المصري في القضية ‪ 1632‬لسنة ‪ 1‬قضائية جلسة ‪28‬‬‫أبريل ‪ 1957‬المجموعة ص ‪. 391‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ ينظر ‪:‬‬‫ د‪ .‬سليمان محمد الطماوي – المصدر السابق – ص ‪. 688‬‬‫ د‪ .‬عبد الغني بسيوني – المصدر السابق – ص ‪. 616‬‬‫‪3‬‬ ‫‪ -‬د‪ .‬محسن خليل – المصدر السابق – ص ‪. 469‬‬

‫‪170‬‬

‫المبحث الثالث‬ ‫عيب مخالفة القانون أو عيب المحل‬ ‫من مقتضيات مبدأ المشروعية أن يكون القرار الداري‬ ‫موافقا) من حيث الموضوع لمضمون القواعد القانونية‪ ،‬وقد‬ ‫أشارت المادة السابعة ثانيا)‪ /‬هـ ‪1/‬من قانون مجلس شورى‬ ‫الدولة المعدل الى انه ‪) :‬يعتبر من أسباب الطعن بوجه‬ ‫خاص … أن يتضمن القرار خرقا) أو مخالفة للقانون‬ ‫والنظمة والتعليمات(‪.‬‬ ‫المطلب الول‪ :‬تعريف عيب مخالفة القانون‬ ‫يطلق على عيب مخالفة القانون بمعناه الضيق عيب‬ ‫المحل وهو موضوع بحثنا في هذا المجال‪ ،‬أما عيب مخالفة‬ ‫القانون بمعناه الواسع فيشمل عيوب القرار الداري كافة‪،‬‬ ‫عيب الختصاص والشكل والسبب وعيب النحراف‬ ‫بالسلطة ‪.‬‬ ‫ويقصد بعيب المحل أن يكون القرار الداري معيبا) في‬ ‫فحواه أو مضمونه وبمعنى آخر أن يكون الثر القانوني‬ ‫المترتب على القرار الداري غير جائز أو مخالف للقانون أيا)‬ ‫كان مصدره سواء أكان مكتوبا) كأن يكون دستوريا) أو‬ ‫تشريعيا) أو لئحيا) أو غير مكتوب كالعرف والمبادئ العامة‬ ‫للقانون ‪.‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬صور مخالفة القانون‬ ‫تتنوع صور مخالفة القرار الداري للقانون فتارة تكون‬ ‫المخالفة لنص من نصوص القوانين أو اللوائح أو تطبيقاتها‬ ‫في حالة وجود القاعدة القانونية‪ ،‬وتارة تكون المخالفة في‬ ‫تفسير القوانين واللوائح أو في تطبيقاتها عندما تكون‬ ‫القاعدة القانونية غير واضحة وتحتمل التأويل ‪ .‬ومن صور‬ ‫مخالفة القانون التي اعتمدها القضاء الداري الصور‬ ‫التية ‪:‬‬

‫‪171‬‬

‫‪- 1‬المخالفة المباشرة للقانون ‪.‬‬ ‫‪- 2‬الخطأ في تفسير القاعدة القانونية ‪.‬‬ ‫‪- 3‬الخطأ في تطبيق القاعدة القانونية‪.‬‬ ‫أول)‪ -‬المخالفة المباشرة للقاعدة القانونية‪:‬‬ ‫تتحقق هذه الحالة عندما تتجاهل الدارة القاعدة‬ ‫القانونية وتتصرف كأنها غير موجودة وقد تكون هذه‬ ‫المخالفة عمدية كما لو منح رجل الدارة رخصة مزاولة‬ ‫مهنة معينة لشخص وهو يعلم أنه لم يستوف شروط منحة‬ ‫الرخصة‪ ،‬وقد تكون المخالفة غير عمدية نتيجة عدم علم‬ ‫الدارة بوجود القاعدة القانونية ‪.‬‬ ‫والمخالفة المباشرة للقاعدة القانونية أما أن تكون‬ ‫مخالفة إيجابية تتمثل بقيام الدارة بتصرف معين مخالف‬ ‫للقانون كما لو أصدرت قرارا) بتعيين موظف من دون اللتزام‬ ‫بشروط التعيين أوان تكون المخالفة للقاعدة القانونية‬ ‫سلبية تتمثل بامنتاع الدارة عن القيام بعمل يوجبه القانون‬ ‫مثل امتناعها عن منح أحد الفراد ترخيصا) استوفي شروط‬ ‫منحه ‪.‬‬ ‫والمخالفة المباشرة للقاعدة القانونية من أكثر حالت‬ ‫مخالفة القانون وقوعا) ووضوحا) في الواقع العملي‪ ،‬ومن‬ ‫ذلك مثل أن يتم احالة الموظف على التقاعد قبل بلوغة‬ ‫السن القانونية المحدده قانونا‪.‬‬ ‫ثانيا)‪ -‬الخطأ في تفسير القاعدة القانونية‪:‬‬ ‫تتحقق هذه الحالة عندما تخطأ الدارة في تفسير‬ ‫القاعدة القانونية فتعطي القاعدة معنى غير المعنى الذي‬ ‫قصد المشرع ‪.‬‬ ‫والخطأ في تفسير القاعدة القانونية أما أن يكون غير‬ ‫متعمد من جانب الدارة فيقع بسبب غموض القاعدة‬ ‫القانونية وعدم وضوحها‪ ،‬واحتمال تأويلها إلى معان عدة ‪.‬‬

‫‪172‬‬

‫وقد يكون متعمدا) حين تكون القاعدة القانونية المدعى‬ ‫بمخالفتها من الوضوح بحيث ل تحتمل الخطأ في التفسير‪،‬‬ ‫ولكن الدارة تتعمد التفسير الخاطئ‪ ،‬فيختلط عيب المحل‬ ‫في هذه الحالة بعيب النحراف السلطة ‪.‬‬ ‫وفي معنى الخطأ في التفسير أن تعمد الدارة إلى مد‬ ‫نطاق القاعدة القانونية ليشمل حالت ل تدخل في نطاقها‬ ‫أصل)‪ ،‬أو تضيف حكما) جديدا) لم تنص عليه القاعدة‬ ‫القانونية ‪(1) .‬‬ ‫ثالثا)‪ -‬الخطأ في تطبيق القاعدة القانونية‪:‬‬ ‫يكون الخطأ في تطبيق القاعدة القانونية في حالة‬ ‫مباشرة الدارة للسلطة التي منحها القانون إياها بالنسبة‬ ‫لغير الحالت التي نص عليها القانون‪ ،‬أو دون أن تتوافر‬ ‫الشروط التي حددها القانون لمباشرتها ‪(2) .‬‬ ‫فإذا صدر القانون دون الستناد إلى الوقائع المبررة‬ ‫لتخاذه أو لم يستوف الشروط التي يتطلبها القانون فأنه‬ ‫يكون جديرا) باللغاء ‪.‬‬ ‫ويتخذ الخطأ في تطبيق القانون صورتين ‪ :‬الولى‬ ‫تتمثل في حالة صدور القرار دون الستناد إلى وقائع مادية‬ ‫تؤيده‪ ،‬ومثال ذلك أن يصدر الرئيس الداري جزاء) تأديبيا)‬ ‫بمعاقبة أحد الموظفين دون أن يرتكب خطأ يجيز ذلك‬ ‫الجزاء‪ ،‬أما الثانية فتتمثل في حالة عدم تبرير الوقائع للقرار‬ ‫الداري‪ ،‬وهنا توجد وقائع معينة إل أنها ل تكفي أو لم‬ ‫تستوف الشروط القانونية اللزمة لتخاذ هذا القرار ‪.‬‬ ‫المبحث الرابع‬ ‫عيب السبب‬ ‫رقابـة القضـاء الداري علـى سـبب القـرار الداري تمثـل‬ ‫جانبـا) مهمـا) مـن جـوانب الرقابـة القضـائية علـى مشـروعية‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫ د‪ .‬عبد الغني بسيوني – المصدر السابق – ص ‪. 627‬‬‫‪ -‬د‪ .‬محمد حافظ المصدر السابق – ص ‪. 41‬‬

‫‪173‬‬

‫القــرار الداري‪ ،‬ومقتضــاها أن يبحــث القاضــي فــي مــدى‬ ‫مشـروعية الـدوافع الموضـوعية الـتي دعـت الدارة لصـدار‬ ‫قرارهــا‪ ،‬ونبحــث فيمــا يلــي عيــب الســبب ونتصــدى لرقابــة‬ ‫القضاء الداري بشأنه ‪.‬‬ ‫المطلب الول‪ :‬تعريف السبب‬ ‫سبب القرار الداري هو الحالة الواقعية أو القانونية‬ ‫التي تسبق القرار وتدفع لصداره ‪ .‬وبهذا المعنى فأن‬ ‫عيب السبب يتحقق في حالة انعدام وجود سبب يبرر‬ ‫إصدار القرار فيكون جديرا باللغاء وقد تدعي الدارة بوجود‬ ‫وقائع أو ظروف مادية دفعتها ل صدارة ثم يثبت عدم صحة‬ ‫وجودها في الواقع ‪.‬‬ ‫فإذا صدر قرار أداري دون أن يستند إلى سبب صحيح‬ ‫كما لو أصدرت الدارة قرار بمعاقبة موظف لنه أهان رئيسة‬ ‫ثم يتبين عدم صحة واقعة لهانة فان القرار يكون معيبا‬ ‫بعدم مشروعية سببه‬ ‫وقد بدأ مجلس الدولة الفرنسي رقابته علي عيب‬ ‫السبب منذ عام ‪ 1907‬بحكم مونو ‪ Mono‬برقابته علي وجود‬ ‫الوقائع وصحة تكييفا القانوني ثم حكم ديسي ‪ Dessay‬عام‬ ‫‪. 1910‬‬ ‫وقد أنكر جانب من الفقه وجود السبب كعيب مستقل‬ ‫من عيوب القرار الداري فقد ذهب العميد دوكي ‪Duguit‬‬ ‫إلى أن السبب أو الباعث الملهم ليس أل مجرد حالة‬ ‫سابقة على القرار تثير فكرة في ذهن مصدرة كما رده‬ ‫مجلس الدولة الفرنسي إلى عيب عدم الختصاص في‬ ‫حالت الختصاص المقيد وعيب الغاية في الحالت الخرى‬ ‫بينما ذهب العميد هوريو ‪ Houriou‬إلى القول بأن عيب‬ ‫السبب يندرج في ضمن عيب مخالفة القانون ‪(1).‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ ينظر ‪:‬‬‫ د‪ .‬ماجد راغب الحلو – المصدر السابق – ص ‪. 441‬‬‫‪ -‬د‪ .‬محمد كامل ليله – الرقابة على أعمال الدارة – المصدر السابق – ص ‪. 1229‬‬

‫‪174‬‬

‫إل أن الــرأي المســتقر فقهــا وقضــاء أن عيــب الســبب‬ ‫مســتقل عــن العيــوب الخــرى فقــد تقــدم أن عيــب مخالفــة‬ ‫القــانون يتعلــق بمحــل القــرار الداري وهــو الثــر القــانوني‬ ‫المـترتب علـى القـرار أو مـادته أو محتـواة وبمعنـى أخـر فـانه‬ ‫ذلـك التغييـر الـذي يحـدثه القـرار سـواء بإنشـاء أو تعـديل أو‬ ‫إلغــاء مركــز قــانوني معيــن أمــا الســبب فيتعلــق بالحالــة‬ ‫الواقعيـة أو القانونيـة الـتي قـامت قبـل إصـدار القـرار ودفعـت‬ ‫إلى إصداره‪.‬‬ ‫وفي عيب النحراف بالسلطة يتعلق العيب في الغاية‬ ‫أو الهدف الذي يسعى مصدر القرار إلى تحقيقه وهذه‬ ‫الغاية متصلة بالبواعث النفسية للشخص أو الجهة التي‬ ‫اتخذت القرار في حين يتمثل عيب السبب بعناصر ذات‬ ‫طبعية موضوعية متصلة بالقانون أو الوقائع ومستقلة عن‬ ‫الحالة النفسية لمصدر القرار ‪.‬‬

‫‪175‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬شروط السبب في القرار الداري‬ ‫استقر القضاء علي ضرورة توفر شرطين في سبب‬ ‫القرار الداري ‪:‬‬ ‫أول)‪ -‬أن يكون سبب القرار الداري موجودا)‪:‬‬ ‫وهنا يجب أن يكون القرار الداري قائما وموجودا حتى‬ ‫تاريخ اتخاذ القرار ويتفرع من هذا الشرط ضرورتان الولى‬ ‫أن تكون الحالة الواقعية أو القانونية موجودة فعل وأل كان‬ ‫القرار الداري معيبا) في سببه‪ ،‬والثاني يجب أن يستمر‬ ‫وجودها حتى صدور القرار فإذا وجدت الظروف الموضوعية‬ ‫لصدار القرار أل أنها زالت قبل إصدارة فإن القرار يكون‬ ‫معيبا في سببه وصدر في هذه الحالة‪ ،‬كما ل يعتد بالسبب‬ ‫الذي لم يكن موجودا قبل إصدار القرار أل أنه تحقق بعد‬ ‫ذلك وأن جاز أن يكون مبررا لصدور قرار جديد ‪.‬‬ ‫ثانيا)‪ -‬أن يكون السبب مشروعا)‪:‬‬ ‫وتظهر أهمية هذا الشرط في حالة السلطة المقيدة‬ ‫للدارة عندما يحدد المشرع أسبابا معينه يجب أن تسند‬ ‫إليها الدارة في إصدار بعض قراراتها فإذا استندت في‬ ‫إصدار قرارها إلى أسباب غير تلك التي حددها الشرع فأن‬ ‫قرارها يكون مستحقا لللغاء لعدم مشروعيته ويجري‬ ‫القضاء في هذه الحالة على رقابة السباب القانونية من‬ ‫حيث وجودها أو عدم وجودها وقصر سلطته على تطبيق‬ ‫حكم القانون أي علي رقابة المشروعية فقط ‪.‬وقد قضى‬ ‫مجلس النضباط العام في قرار له بتاريخ ‪12/2003 /25‬‬ ‫)إن الذي يهم المجلس في مجال هذا الطعن البحث عن‬ ‫مدى مشروعية المر الداري المطعون فيه وأصولية‬ ‫أسبابه وانسجامه مع متطلبات الصالح العام ‪ ..‬مما يكون‬ ‫المر الداري المطعون فيه قد صدر خلفا) للمشروعية‬ ‫‪1‬‬ ‫()(‬ ‫ولقواعد الختصاص وخاليا) من أسبابه القانونية …‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬اشار اليه خضر عكوبي يوسف ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪281‬‬

‫‪176‬‬

‫ومع ذلك فقد درج القضاء الداري على أنه حتى في‬ ‫مجال السلطة التقديرية ل يكفي أن يكون السبب موجودا‬ ‫بل يجب أن يكون صحيحا ومبررا لصدار القرار الداري‪.‬‬ ‫فضل) عن أن جهة الدارة كقاعدة عامة غير ملزمة‬ ‫بتسبيب قرارها أل إذا أشترط المشرع ذلك أما إذا أفصحت‬ ‫عن هذا السبب من تلقاء ذاتها فأنه يجب أن يكون صحيحا‬ ‫وحقيقيا فأن لم يكن كذلك بأن كان وهميا أو صوريا كان‬ ‫القرار الداري باطل غير منتج لي أثر ‪.‬‬ ‫أما في حالة تعدد السباب التي يستند إليها القرار‪،‬‬ ‫وتبين أن بعض السباب صحيح ومشروع والسباب الخرى‬ ‫غير مشروعة فقد استقر القضاء الداري على التفرقة بين‬ ‫السباب الدافعة أو الرئيسية وبين السباب غير الدافعة أو‬ ‫الثانوية والحكم بإلغاء القرار إذا كانت السباب المعيبة وغير‬ ‫الصحيحة هي السباب الدافعة أو الرئيسية في إصدار‬ ‫القرار ول يحكم بإلغاء القرار إذا كانت السباب المعيبة هي‬ ‫السباب غير الدافعة أو الثانوية ‪.‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬رقابة القضاء الداري على السبب‬ ‫تطورت الرقابة علي سبب القرار الداري من الرقابة‬ ‫على الوجود المادي للوقائع إلى رقابة الوصف القانوني‬ ‫للوقائع إلي أن وصلت إلي مجال الملئمة أو التناسب بين‬ ‫القرار الداري والوقائع التي دفعت ألى إصداره ‪.‬‬ ‫وبناء علي ذلك سنبحث في رقابة القضاء الداري على‬ ‫السبب في ثلث مراحل الرقابة على وجود الوقائع والرقابة‬ ‫على تكييف الوقائع والرقابة على ملئمة القرار للوقائع ‪:‬‬ ‫أول)‪ -‬الرقابة على وجود الوقائع‪:‬‬ ‫الرقابة على وجود الوقائع المادية التي استندت أليها‬ ‫الدارة في إصدار قرارها أول درجات الرقابة القضائية على‬ ‫سبب القرار الداري فإذا تبين أن القرار المطعون فيه ل‬

‫‪177‬‬

‫يقوم علي سبب يبرره فأنه يكون جديرا باللغاء لنتفاء‬ ‫الواقعة التي استند عليها‪.‬‬ ‫وقد بدأ مجلس الدولة الفرنسي في رقابته علي‬ ‫وجود الوقائع مع بداية القرن العشرين ومن أحكامه في‬ ‫هذا المجال حكم ‪ Trepont‬الذي قضي بإلغاء القرار الداري‬ ‫الخاص بإحالة الطاعن على التقاعد لعدم ثبوت الواقعة‬ ‫التي اعتمدت عليها الدارة في إصدار القرار وهي تقديم‬ ‫الطاعن طلبا بإحالته علي التقاعد ‪(1) .‬‬ ‫وسار القضاء الداري في مصر والعراق مع ما سار‬ ‫عليه مجلس الدولة الفرنسي في ذلك ‪(2) .‬‬ ‫أما إذا صدر القرار بالستناد إلى سبب تبين أنه غير‬ ‫صحيح أو وهمي وظهر من أوراق الدعوى أن هناك أسباب‬ ‫أخرى صحيحة فأنه يمكن حمل القرار على تلك السباب‪.‬‬ ‫ثانيا)‪ -‬الرقابة على تكييف الوقائع‪:‬‬ ‫وهنا تمتد رقابة القاضي الداري لتشمل الوصف‬ ‫القانوني للوقائع التي استندت أليها الدارة في إصدار‬ ‫قرارها فإذا تبين له أن الدارة أخطأت في تكييفها القانوني‬ ‫لهذه الوقائع فإنه يحكم بإلغاء القرار الداري لوجود عيب‬ ‫في سببه فإذا تحقق القاضي من وجود الوقائع التي‬ ‫استندت إليها الدارة في إصدار قرارها ينتقل البحث فيما‬ ‫إذا كانت تلك الوقائع تؤدي منطقيا إلى القرار المتخذ ‪.‬‬ ‫ومن اشهر أحكام مجلس الدولة الفرنسي في الرقابة‬ ‫على التكييف القانوني للوقائع حكمة في قضية ‪Gomel‬‬ ‫عام ‪ 1914‬فقد قضي بإلغاء قرار مدير أحد القاليم الذي‬ ‫رفض الترخيص للسيد جوميل بالبناء في منطقة أثرية‬ ‫على أساس أن هذا البناء سيشوه جمال المنظر الثري‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪. C .E 20 Janvier 1922 con col C.GRIVET R.D.P 1922 P 82 -1‬‬ ‫‪ -‬مجلس النضباط العام في قرار له بتاريخ ‪ 12/2003 /25‬مشار اليه سابقا‪.‬‬

‫‪178‬‬

‫ولما بحث المجلس التكييف القانوني للوقائع التي أستند‬ ‫إليها هذا القرار أعتبرها غير صحيحة وألغى قرار المدير‪(1).‬‬ ‫وجاء في قرار لمحكمة القضاء الداري في العراق‬ ‫بقرارها المؤرخ في ‪ ) 18/11/1996‬قرر إلغاء المر‬ ‫المتضمن حجز ومصادرة السيارة لعدم ارتكازه على سند‬ ‫من القانون وان تطبيق قرار مجلس قيادة الثورة كان في‬ ‫‪2‬‬ ‫‪().‬‬ ‫غير محله … (‬ ‫ثالثا)‪ -‬الرقابة على الملئمة‪:‬‬ ‫الصل أن ل تمتد رقابة القضاء الداري لتشمل البحث‬ ‫في مدى تناسب الوقائع مع القرار الصادر بناء عليها لن‬ ‫تقدير أهمية الوقائع وخطورتها مسألة تدخل في ضمن‬ ‫نطاق السلطة التقديرية للدارة إل أن أحكام مجلس الدولة‬ ‫في مصر وفرنسا أخذت تراقب الملئمة بين السبب والقرار‬ ‫المبني عليه ل سيما إذا كانت الملئمة شرطا من شروط‬ ‫المشروعية وأتضح ذلك جليا) في صدد القرارات المتعلقة‬ ‫بالحريات العامة وامتدت هذه الرقابة إلى ميدان القرارات‬ ‫التأديبية كذلك ‪(3) .‬‬ ‫وبـذلك يكـون القضـاء قـد توسـع فـي بسـط رقـابته علـي‬ ‫العناصـر الواقعيـة لركـن السـبب حـتى بلغـت أقصـى درجاتهـا‪،‬‬ ‫لتشــمل الملئمــة ولشــك ان رقابــة التناســب وعلــى وجــه‬ ‫الخصــوص فــي القــرارات التأديبيــة هــي المجــال الحقيقــي‬ ‫لمجلـس النضـباط فـي العـراق فمـع اعـترافه بحريـة الدارة‬ ‫فــي توقيــع الجــزء أو عــدم توقيعيــة علــي الموظــف فــأن‬ ‫مشــروعية قرارهــا تبقــي رهنــا بــأن ل يشــوبه غلــو أو عــدم‬ ‫ملئمـة بيـن الـذنب المقـترف والعقوبـة التأديبيـة ‪ .‬وفـي ذلـك‬ ‫‪1‬‬

‫‪C.E 4 Avril 1914، Gomels، 1917، 3-25 Nite Hauriou -1‬‬

‫‪2‬‬

‫منشور في مجلة العدالة ‪ ،‬العدد الثاني ‪ ، 1999‬ص ‪109‬‬ ‫ عصام عبد الوهاب البرزنجي – السلطة التقديرية للدارة والرقابة القضائية – ‪– 1971‬‬‫ص ‪ 160‬وما بعدها ‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫‪179‬‬

‫‪.‬‬

‫قضـى مجلـس النضـباط العـام فـي حكمـه بعـدد ‪122/1979‬‬ ‫فـــي ‪) 9/5/1979‬مـــن شـــروط العقوبـــة المفروضـــة علـــى‬ ‫الموظـف أن تكـون ملئمـة مـع الغايـات المسـتهدفة منهـا()‪(1‬‬ ‫واسـتمر المجلـس علـى نهجـه هـذا بعـد صـدور قـانون تعـديل‬ ‫قـانون مجلـس شـورى الدولـة رقـم ‪ 106‬لسـنة ‪ 1989‬وأصـدر‬ ‫قــرارات عديــدة تشــير إشــارة واضــحة إلــى بســط المجلــس‬ ‫رقـابته علـى التناسـب ومنهـا قـراره الـذي جـاء فيـه )وحيـث لـم‬ ‫يســـبق للمعترضـــة ان عـــوقبت خلل الســـنة ولخـــدمتها‬ ‫الطويلــة‪ ,‬فتكــون عقوبــة العــزل شــديدة ول تتناســب مــع‬ ‫الفعل‪ ,‬قررنا تخفيف العقوبة من العزل الى التوبيخ ()‪,(2‬‬

‫المبحث الخامس‬ ‫عيب إساءة استعمل السلطة أو النحراف بها‬ ‫السلطة التي تتمتع بها الدارة ليست غاية في ذاتها‬ ‫أنما هي وسيلة لتحقق الغاية المتمثلة بالمصلحة العامة‬ ‫للمجتمع‪ ،‬فإذا انحرفت الدارة في استعمال هذه السلطة‬ ‫بإصدار القرارات لتحقق أهداف تتعارض مع المصلحة‬ ‫العامة فأن قرارها يكون مشوبا) بعيب إساءة استعمال‬ ‫السلطة أو النحراف بها ويعد هذا العيب من أسباب الطعن‬ ‫باللغاء التي ترد على القرار الداري‪ ،‬ونتأول في هذا الجزء‬ ‫من الدراسة التعريف بهذا العيب وصورة ورقابة القضاء‬ ‫الداري بشأنه ‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫)‪ (3‬قرار مجلس النضباط العام برقم ‪ 122/1979‬في ‪9/5/1979‬‬ ‫منشور في مجلة العدالة ‪ ,‬العدد ‪ ,3‬السنة ‪ ,1979 ,5‬ص ‪.33‬‬ ‫)‪ (4‬قرار مجلس النضباط العام برقم ‪ 207/2004‬في ‪2004 /1/7‬‬ ‫القرار غير منشور‪.‬‬

‫‪180‬‬

‫المطلب الول‪ :‬تعريف عيب إساءة استعمال السلطة‬ ‫يكون القرار الداري معيبا بعيب إساءة استعمال‬ ‫السلطة إذا استعمل رجل الدارة صلحياته لتحقق غاية‬ ‫غير تلك التي حددها القانون ويتصل هذا العيب بنية مصدر‬ ‫القرار وبواعثه‪ ،‬لذلك يقترن هذا العيب بالسلطة التقديرية‬ ‫للدارة ول يثار إذا كانت سلطة الدارة مقيدة بحدود معينة‪.‬‬ ‫وقد حظي هذا العيب بأهمية كبيرة في القضاء‬ ‫الداري في فرنسا ومصر والردن على السواء أل أن‬ ‫أهميته تضاءلت لنه يتصل بالبواعث النفسية الخفية لجهة‬ ‫الدارة‪ ،‬وإثباته يتطلب أن يبحث القضاء في وجود هذه‬ ‫البواعث وهو غاية بعيدة المنال‪.‬‬ ‫لذلك أضفي القضاء علي هذا العيب الصفة الحتياطية‬ ‫فل يبحث في وجوده طالما أن هناك عيب أخر شاب القرار‬ ‫الداري مثل عيب عدم الختصاص أو عيب الشكل أو‬ ‫مخالفة القانون ‪(1) .‬‬ ‫وإذا كان عيب النحراف بالسلطة عيب قصدي أو‬ ‫عمدي يتعلق بنية مصدر القرار الذي غالبا ما يكون سيئ‬ ‫النية يعلم أنه سعي إلى غاية بعيدة عن المصلحة العامة‬ ‫أو غير تلك التي حددها القانون فأنه قد يحصل أن ل يقصد‬ ‫مصدر القرار البتعاد عن المصلحة العامة أل أنه يخرج على‬ ‫قاعدة تخصيص الهداف فيكون القرار مشوبا بعيب‬ ‫النحراف أيضا)‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫ ينظر ‪:‬‬‫ د‪ .‬ماجد راغب الحلو – المصدر السابق – ص ‪. 441‬‬‫ د‪ .‬عبد الغين بسيوني – المصدر السابق – ص ‪. 661‬‬‫‪ -‬د‪ .‬أحمد الغويري – المصدر السابق – ص ‪. . 383‬‬

‫‪181‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬صور إساءة استعمال السلطة‬ ‫مثلما هو الحال في سائر عيوب القرار الداري يتخذ‬ ‫عيب النحراف في استعمال السلطة صورا عده نتناولها‬ ‫تباعا) ‪.‬‬ ‫أول)‪ -‬البعد عن المصلحة العامة‪:‬‬ ‫القانون لم يعط الدارة السلطات والمتيازات أل‬ ‫باعتبارها وسائل تساعدها علي تحقيق الغاية الساسية‬ ‫التي تسعى إليها وهي المصلحة العامة ‪(1) .‬‬ ‫وإذا ما حادت الدارة عن هذا الهدف لتحقيق مصالح‬ ‫شخصية ل تمت للمصلحة العامة بصلة كمحاباة الغير أو‬ ‫تحقيق غرض سياسي أو استخدام السلطة بقصد النتقام‬ ‫فإن قراراتها تكون معيبة بعيب النحراف بالسلطة ‪.‬‬ ‫ومن الجدير بالذكر في هذا المجال انه ل يكفي في‬ ‫هذا الصدد أن يتحقق نفع لحد الشخاص لتحقيق عيب‬ ‫النحراف فإذا كان النفع أحد النتائج على القرار وليس هو‬ ‫غايته فالقرار ليس معيبا) بعيب النحراف‪ ،‬وتتحقق هذه‬ ‫الصورة في النحراف في حالت عديدة كالقرار الذي يصدر‬ ‫ببواعث سياسية أو تحديا) لحكم قضائي أو تحايل عليه أو‬ ‫بدافع النتقام)‪.(2‬‬ ‫ثانيا)‪ -‬مخالفة قاعدة تخصيص الهداف‪:‬‬ ‫على الرغم من أن الدارة تستهدف تحقيق المصلحة‬ ‫العامة دائما) فقد يحدد المشرع للدارة هدفا) خاصا) يجب أن‬ ‫تسعى قراراتها لتحقيقه وإذا ما خالفت هذا الهدف فإن‬ ‫قرارها يكون معيبا) بإساءة استعمال السلطة ولو تذرعت‬ ‫الدارة بأنها قد قصدت تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬وهذا ما‬ ‫يعرف بمبدأ تخصيص الهداف ومثال ذلك قرارات الضبط‬ ‫الداري التي حدد لها القانون أهدافا) ثلثة ل يجوز للدارة‬ ‫مخالفتها وهي المحافظة على المن العام والسكينة‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫ د ‪ .‬عبد الغين بسيوني – المصدر السابق – ص ‪. 661‬‬‫)( د‪ .‬ماجد راغب الحلو ‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.424‬‬

‫‪182‬‬

‫العامة والصحة العامة‪ ،‬فإذا خالفت الدارة هذه الهداف‬ ‫في قرار الضبط الداري فإن قراراها هذا يكون مشوبا) بعيب‬ ‫النحراف بالسلطة وجديرا) باللغاء ‪.‬‬ ‫ثالثا)‪ -‬إساءة استعمال الجراءات‪:‬‬ ‫تحصل هذه الحالة من النحراف عندما تستبدل الدارة‬ ‫الجراءات الدارية اللزمة لصدار قرار معين بإجراءات أخرى‬ ‫لتحقيق الهدف الذي تسعى إليه‪ ،‬وتلجأ الدارة إلى هذا‬ ‫السلوب أما لنها تعتقد أن الجراء الذي اتبعته ل يمض‬ ‫لتحقيق أهدافها أو أنها سعت إلى التهرب من الجراءات‬ ‫المطولة أو الشكليات المعقدة ‪.‬‬ ‫وأيا) كانت التبريرات فإن الدارة تكون قد خالفت‬ ‫الجراءات التي حددها القانون ويكون تصرفها هذا مشوبا)‬ ‫بعيب إساءة السلطة في صورة النحراف بالجراءات ‪.‬‬ ‫ومثال ذلك أن تلجأ الدارة إلى الستيلء المؤقت على‬ ‫العقارات بدل) من سيرها في طريق إجراءات نزع الملكية‬ ‫للمنفعة العامة تفاديا) لطول إجراءات نزع الملكية‪ ،‬أو أن‬ ‫تقرر الدارة انتداب موظف وهي تستهدف في الحقيقة‬ ‫معاقبته فتلجأ إلى قرارالنتداب لتجريده من ضمانات‬ ‫التأديب ‪.‬‬

‫‪183‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬إثبات عيب إساءة استعمال السلطة‬ ‫الصل في عيب النحراف بالسلطة أن يقع عبء إثباته‬ ‫على عاتق من يدعيه فإن عجز عن ذلك خسر دعواه ول‬ ‫يجوز للمحكمة أن تتصدى لهذا العيب من تلقاء نفسها‪ ،‬ل‬ ‫سيما وأن القرارات الدارية تتمتع بقرينة المشروعية وعلى‬ ‫من يدعي مخالفتها للمشروعية إثبات ذلك ‪.‬‬ ‫وبالنظر لصعوبة موقف المدعي وعجزه في أحيان‬ ‫كثيرة عن إثبات هذا النحراف ما دام يتعلق بالنواحي‬ ‫النفسية لمصدر القرار‪ ،‬فقد درج القضاء الداري على أنه‬ ‫إذا كان نص القرار أو ما تضمنه ملف الدعوى من أوراق‬ ‫ومستندات تؤدي إلى إثبات الساءة أو النحراف بالسلطة‬ ‫فإنه يجوز للقاضي أن يحكم من تلقاء نفسه بإلغاء القرار‬ ‫دون أن يحمل طالب اللغاء إقامة الدليل على وقوع‬ ‫النحراف ‪.‬‬ ‫كذلك استقر قضاء مجلس الدولة الفرنسي والمصري‬ ‫على قبول الدليل المستمد بكل طرق الثبات أو الدللة من‬ ‫مجرد قراءة القرار أو أسبابه التي بني عليها أو من طريقة‬ ‫إصدار القرار وتنفيذه والظروف التي أحاطت به لثبات عيب‬ ‫النحراف‪ ،‬وليس في القضاء الداري العراقي ما يخالف‬ ‫ذلك ‪.‬‬ ‫ويمكن للقضاء أن يستدل على وجود النحراف من‬ ‫الظروف المحيطة بالقرار وتوقيت وطريقة إصداره وتنفيذه‪،‬‬ ‫كما يجوز استدعاء الخصوم لسؤالهم عن الوقائع المحيطة‬ ‫باتخاذ القرار للوقوف على أهداف الدارة وبواعثها إذ أن‬ ‫المهم أن ل يبقى الدعاء بإساءة استعمال السلطة قول)‬ ‫مرسل) ل دليل عليه ‪.‬‬

‫‪184‬‬

‫الفصل الثالث‬ ‫إجراءات رفع دعوى اللغاء والكم فيها‬ ‫بينا سابقا شروط قبول دعوى اللغاء وكذلك أوجه‬ ‫الطعن باللغاء أو العيوب التي يمكن أن تشوب القرارات‬ ‫الدارية وتجعلها محل للطعن باللغاء وندرس فيما يلي‬ ‫إجراءات رفع دعوى اللغاء ثم نبحث الحكم باللغاء وكيفية‬ ‫تنفيذه وذلك في ثلثة مباحث‪:‬‬ ‫‪ •0‬المبحث الول ‪ :‬إجراءات رفع دعوى اللغاء ‪.‬‬ ‫‪ •1‬المبحث الثاني‪ :‬الثار المترتبة على رفع دعوى‬ ‫اللغاء ‪.‬‬ ‫‪ •2‬المبحث الثالث ‪ :‬أثار الحكم باللغاء ‪.‬‬ ‫البحث الول‬ ‫إجراءات رفع دعوى اللغاء‬ ‫تتميـز إجـراءات رفـع دعـوى اللغـاء فـي العديـد مـن الـدول‬ ‫بأنها مستقلة عن إجراءات رفع الدعاوى الخرى المنصوص‬ ‫عليها في قانون المرافعات وهي بهذا ل تشكل استثناء عن‬ ‫هذه الجراءات بقدر ما تمثل نظاما مستقل) وأساسيا) ل يعتد‬ ‫فيـه القاضـي الداري بضـرورة الرجـوع إلـي قـانون المرافعـات‬ ‫فـي حالـة عـدم وجـود النـص أو غموضـه أنمـا يسـتمد قواعـده‬ ‫مــن طبيعــة المنازعــات الداريــة وضــرورات ســير المرافــق‬ ‫العامــة ‪ .‬امــا فــي العــراق فــأن المشــرع لــم ينــص علــى‬ ‫اجراءات خاصة لرفع دعوى اللغاء غير تلك المنصوص عليها‬ ‫فــي قــانون المرافعــات ‪.‬فقــد ورد فــي المــادة الرابعــة ‪/‬‬ ‫ثانيـا ‪/‬ح مـن قـانون مجلـس شـورى الدولـة المعـدل) تسـري‬ ‫بشـأن الجـراءات الـتي تتبعهـا المحكمـة فيمـا لـم يـرد بـه نـص‬ ‫خــاص فــي هــذا القــانون ‪ ,‬الحكــام المفــررة فــي قــانون‬

‫‪185‬‬

‫المرافعـات المـدنيه واحكـام قـانون الرسـوم العدليـة بشـأن‬ ‫اسـتيفاء الرسـوم عـن الطعـون المقدمـة اليهـا او عـن الطعـون‬ ‫في قراراتها لدى الهيئه العامه لمجلس شورى الدولة(‪.‬‬ ‫ومــن الجــدير بالــذكر أن النظــام الــداخلي للمحكمــة‬ ‫التحاديـة العليـا رقـم ‪ 1‬لسـنة ‪ 2005‬قـد نـص كـذلك علـى أن‬ ‫يطبـق قـانون المرافعـات المدنيـة إذا لـم يـرد نـص خـاص فـي‬ ‫قـانون المحكمـة وفـي نظامهـا الـداخلي فقـد جـاء فـي نـص‬ ‫المـادة ‪ 19‬مـن النظـام الـداخلي للمحكمـة )) تطبـق أحكـام‬ ‫قــانون المرافعــات المدنيــة رقــم ‪ 83‬لســنة ‪ 1969‬وقــانون‬ ‫الثبـات رقـم ‪ 107‬لسـنة ‪ 1979‬فيمـا لـم يـرد نـص خـاص فـي‬ ‫قانون المحكمة التحادية العليا في هذا النظام ((‬

‫‪186‬‬

‫المطلب الول‪ :‬تحديد الجهة المدعى عليها‬ ‫بينا أن دعوى اللغاء عينيه موضوعية ويتم من خللها‬ ‫اختصام القرار الداري المطعون فيه إل أن هذا ل يتعارض‬ ‫من حيث الجراءات بأن يكون المدعى عليه في دعوى‬ ‫اللغاء هو جهة الدارة التي أصدرت القرار المطعون فيه‬ ‫باللغاء ويتم اختصام هذه الجهة الدارية في شخص من‬ ‫يمثلها قانونا ويجب أن تكون هذه الجهة متمتعة بالشخصية‬ ‫المعنوية المستقلة فمن العبث توجيه الخصومة لجهة‬ ‫إدارية ليست لها صفة التقاضي أما إذا لم تكن الجهة‬ ‫الدارية التي أصدرت القرار‬ ‫متمتعة بالشخصية المعنوية فيتم توجيه الخصومة إلى‬ ‫الوزير المختص على اعتبار أن الجهة التي أصدرت القرار‬ ‫تابعة مركزيا) لهذه الوزارة ‪ ,‬ومن ثم إذا رفعت دعوى اللغاء‬ ‫على غير ذي صفة فأنها تكون غير مقبولة وترد شكل) وعدم‬ ‫قبولها من النظام العام‪ ،‬ويجوز للمحكمة أن تقضي به من‬ ‫تلقاء نفسها ويمكن للدارة أن تدفع بذلك في أي مرحلة‬ ‫من مراحل الدعوى ‪.‬‬ ‫إل أن أحكام القضاء الداري قد استقرت على قبول‬ ‫الدعوى في حالة أخطار الجهة الدارية صاحبة الصفة‬ ‫الصلية وتقديمها دفاعا فيها فل محل للحكم بعدم قبول‬ ‫الدعوى رغم أنه قد تم رفعها أصل على شخص أخر غير‬ ‫)‪(1‬‬ ‫ذي صفة ‪.‬‬ ‫كذلك أجاز القضاء تصحيح الدعوى بإعادة توجيهها إلى‬ ‫صاحب الصفة الصلي على أن يتم ذلك خلل ميعاد رفع‬ ‫)‪(2‬‬ ‫الدعوى‪.‬‬ ‫أما إذا زالت صفة الجهة الدارية كما لو ألغيت‬ ‫شخصيتها المعنوية فأنه يتم توجيه الخصومة إلى الجهة‬ ‫الدارية التي نقلت أليها اختصاصاتها وكذلك إذا رفعت‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫حكم المحكمة الدارية العليا في مصر بتاريخ ‪ 1/2/1960‬لسنة الخامسة ص‬‫‪. 334‬‬ ‫‪ -‬حكم المحكمة الدارية العليا في مصر بتاريخ ‪ 22/11/1958‬السنة الرابعة ‪167‬‬

‫‪187‬‬

‫الدعوى في مواجهة أكثر من جهة إدارية وزالت صفة بعض‬ ‫هذه الجهات فأن الدعوى تستمر في مواجهة باقي‬ ‫الخصوم ‪.‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬صحيفة الدعوى‬ ‫أورد المشرع العراقي في المادة ‪ 46‬من قانون‬ ‫المرافعات المدنية البيانات الواجب أن تتضمنها صحيفة‬ ‫الدعوى والشروط الواجب توافرها فيها ‪.‬‬ ‫أول)‪ -‬بيانات صحيفة الدعوى‪:‬‬ ‫حددت المادة السادسة والربعون من قانون المرافعات‬ ‫المدنية رقم ‪ 83‬لسنة ‪ 1969‬البيانات التي يجب أن تحتويها‬ ‫صحيفة الدعوى بكل ما يتعلق بالنزاع‬ ‫المنظور من قبل المحكمة التي رفعت الدعوى إليها وأن‬ ‫كانت هذه البيانات من البيانات الشكلية وان أي نقص أو‬ ‫غموض فيها ‪ ,‬يلزم المدعي بإكماله خلل مدة مناسبة‬ ‫وإل تبطل الدعوى بقرار من المحكمة إذا كان هذا النقص أو‬ ‫الغموض من شأنه أن يجهل المدعى به أو المدعى عليه أو‬ ‫المحل المختار لغرض التبليغ ويمكن ان نخلص من نص‬ ‫هذه المادة وطبيعة دعوى اللغاء الى البيانات الواجب‬ ‫توافرها في صحيفة الدعوى‬ ‫‪ -1‬اسم المحكمة التي تقام الدعوى أمامها ‪.‬‬ ‫‪ -2‬تاريخ تحرير العريضة ‪.‬‬ ‫‪ -3‬اسم المدعي او " الطاعن " وصفته ومحل إقامته سواء‬ ‫أكان الطاعن فردا) أو شخصا) من أشخاص القانون الخاص أو‬ ‫العام‪ ،‬ويجوز أن يقدم مجموعة من الفراد أو الشخاص‬ ‫طلبا) واحدا في دعوى اللغاء إذا كان هناك صلة في‬ ‫الموضوع مع بيان المحل الذي يختاره المدعي لغرض‬ ‫التبليغ ‪.‬‬

‫‪188‬‬

‫‪- 4‬اسم المستدعي ضده " الجهة الدارية التي يوجه‬ ‫إليها الطعن وصفتها وعنوانها ليتم إعلنها بالصحيفة‬ ‫ومرفقاتها ‪.‬‬ ‫‪ -5‬موضوع الطلب وبيانا) بالمستندات الخطية التي يستند‬ ‫إليها المستدعي في إثبات دعواه وقائمة بأسماء الشهود‬ ‫الذين يعتمد على شهاداتهم في ذلك الثبات ‪.‬‬ ‫‪ -6‬صورة من القرار المطعون فيه أو ملخص واف له إذا كان‬ ‫قد تم تبليغه للمستدعي لكي يكون طلب اللغاء واضحا)‪.‬‬ ‫‪ -7‬صوره من التظلم المقدم وتاريخ تقديمه الى الدارة‬ ‫واجابة الدارة علية ان وجدت ‪.‬‬ ‫‪ -8‬توقيع المدعي أو وكيله إذا كان الوكيل مفوضا "‬ ‫بوكالة مصدقه عليه من جهة مختصة ‪ .‬ويجب أن تكون‬ ‫الوكالة المعطاة من المستدعي تخوله صراحة مخاصمة‬ ‫الجهة الدارية التي أصدرت القرار و إل فإن الدعوى تكون‬ ‫مستوجبة الرد شكل)‪ ،‬وفي ذلك قضت المحكمة التحادية‬ ‫العليا برد دعوى تقدم بها ممثل رئيس ديوان الوقف السني‬ ‫إضافة لوظيفته لن عريضة الدعوى موقعة من شخص ل‬ ‫صفة قانونية له بتوقيعها فورد في حكمها عدد ‪/ 14‬‬ ‫اتحادية ‪ 2006 /‬بتاريخ ‪ ) 2006 /10 /11‬لدى التدقيق‬ ‫والمداولة من المحكمة التحادية العليا وجد إن التوقيع‬ ‫المنسوب إلى المدعي في عريضة الدعوى يختلف عن‬ ‫التوقيع المنسوب إليه في الوكالة العامة المرقمة ) ‪/5/4‬‬ ‫‪ (2439‬في ‪ 2006 /9/8‬الصادرة من رئاسة ديوان الوقف‬ ‫السني ‪ /‬الدائرة القانونية ‪ /‬الموقعة من قبل رئيس‬ ‫الديوان وحيث إن وكيل المدعي أوضح للمحكمة بان‬ ‫السبب يعود إلى إن التوقيع المذيل في عريضة الدعوى‬ ‫المنسوب إلى المدعي موقع من قبل معاون رئيس ديوان‬ ‫الوقف السني )ي‪.‬ع( وعليه وحيث إن عريضة الدعوى‬ ‫موقعة من شخص ل صفة قانونية له بتوقيعها فتكون‬ ‫الدعوى مقامة من شخص ل يملك حق إقامتها وتكون‬ ‫خصومته غير موجهة وإذا كانت الخصومة غير موجهة تحكم‬

‫‪189‬‬

‫المحكمة ولو من تلقاء نفسها برد عريضة الدعوى قبل‬ ‫الدخول في أساسها وذلك عمل" بالمادة ) ‪ (80/1‬من‬ ‫قانون المرافعات المدنية رقم )‪ (83‬لسنة ‪ 1969‬المعدل لذا‬ ‫قررت المحكمة الحكم برد الدعوى مع تحميل المدعي‬ ‫إضافة لوظيفته كافة مصاريفها ( )‪( 1‬‬

‫ثانيا‪ -‬الستعانة بمحام‪:‬‬ ‫لم يشترط المشرع العراقي لقبول دعوى اللغاء‬ ‫توقيعها من محام ذو صلحية مطلقة غير ان المحكمة‬ ‫التحاديه العليا استلزمت الستعانة بمحام ذو صلحية‬ ‫مطلقة للطعن امامها لضمان جدية الطعن وموضوعيته‬ ‫وعدم إشغال المحكمة بطعون غير موضوعية‪.‬‬ ‫ثالثا…‪ -‬دفع الرسوم القضائية‪:‬‬ ‫اشـترط المشـرع أخيـرا) دفـع الرسـوم القضـائية لقامـة‬ ‫دعـوى اللغـاء وفـي ذلـك ورد فـي المـادة الرابعـة ‪ /‬ثانيـا ‪/‬ح‬ ‫مـن قـانون مجلـس شـورى الدولـة المعـدل) تسـري بشـأن‬ ‫الجـراءات الـتي تتبعهـا المحكمـة فيمـا لـم يـرد بـه نـص خـاص‬ ‫فـي هـذا القـانون ‪ ,‬الحكـام المقـررة فـي قـانون المرافعـات‬ ‫المــدنيه واحكــام قــانون الرســوم العدليــة بشــأن اســتيفاء‬ ‫الرســوم عــن الطعــون المقدمــة اليهــا او عــن الطعــون فــي‬ ‫قراراتها لدى الهيئه العامه لمجلس شورى الدولة(‪.‬‬ ‫كما ان دفع الرسم يعد تاريخا ثابتا يبين وقت‬

‫استخدام صاحب المصلحة حقه في الطعن وفي‬ ‫ذلك قضت المحكمه التحاديه العليا ‪ ) .‬ولما‬ ‫كان دفع الرسم يعتبر مبدأ للطعن بحكم المادة )‬

‫‪ (1)1‬ينظر قرار المحكمة التحادية العليا العراقية عدد ‪ /14‬اتحادية ‪ /‬بتاريخ ‪ 2006 / 10 / 11‬على‬ ‫الموقع اللكتروني ‪http//www.iraqijudicature.org/fedraljud.html‬‬

‫‪190‬‬

‫‪ (173/2‬من القانون المذكور) قانون المرافعات‬ ‫المدنية المعدل ( ‪ .‬واذ ان المدد المعينة لمراجعة‬ ‫طرق الطعن في القرارات حتمية يترتب على عدم‬ ‫مراعاتها وتجاوزها سقوط الحق في الطعن‬ ‫وتقضي المـحكمة من تلـقاء نفسها برد عريضة‬ ‫الطعن عمل) بحكم المادة )‪ (171‬من القانون‬ ‫المذكور ‪ .‬وعلــيه ولكون الطعن التمييزي مقدم‬ ‫بعد مضي المدة القانونية قرر رده شكل) )‪. ( 1‬‬ ‫البحث الثاني‬ ‫الثار التتبة على رفع دعوى اللغاء‬ ‫إذا وجد القاضي أن الشروط الشكلية متوافرة في رفع‬ ‫دعوى اللغاء انتقل لفحص القرار الداري المطعون فيه‬ ‫للحكم بإلغائه أو رفض ذلك ‪.‬‬ ‫وأن مجرد رفع الدعوى بطلب إلغاء قرار إداري ل يمكن‬ ‫أن ينال من نفاذ هذا القرار‪ ،‬فالقرار الداري تصرف قانوني‬ ‫واجب النفاذ متى استكملت شرائط نفاذه من الناحية‬ ‫القانونية ما دام لم يسحب من الدارة ولم يقضي بإلغائه‪،‬‬ ‫بحكم تمتعه بقرينة السلمة والشرعية حتى يثبت العكس‬ ‫بقرار قضائي‪ ،‬والقول بغير ذلك يؤدي إلى شل نشاط‬ ‫الدارة تماما) لن معظم نشاطها يصدر في صورة قرارات‬ ‫إدارية ولهذا تتمتع هذه القرارات بقرينة السلمة ‪.‬‬ ‫ومن ثم فإن الطعن الداري بدعوى اللغاء ل أثر له‬ ‫على نفاذ القرار الداري غير أنه يجوز استثناء) في بعض‬ ‫التشريعات وقف تنفيذ القرار بأمر القضاء متى توافرت‬ ‫شروط معينة ومع ان المشرع العراقي لم ينص على‬ ‫‪ -11‬ينظر قرار المحكمة التحادية العليا العراقية عدد ‪ / 1‬اتحادية‪/‬تمييز ‪ 2006 /‬بتاريخ‬ ‫‪ 26/2/2006‬على الموقع اللكتروني ‪http//www.iraqijudicature.org/fedraljud.html‬‬

‫‪191‬‬

‫امكان وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ‪ ,‬نرى انه ليس في‬ ‫القانون ما يمنع من ذلك في حالة توافر شروط معينه ‪.‬‬

‫‪192‬‬

‫المطلب الول‪ :‬وقف تنفيذ القرار المطعون فيه‬ ‫أجاز المشرع المصري للقضاء في المادة ‪ 49‬من‬ ‫قانون مجلس الدولة رقم ‪ 47‬لسنة ‪ 1972‬أن يأمر بوقف‬ ‫تنفيذ القرار الداري إذا طلب الطاعن ذلك في صحيفة‬ ‫الدعوى ورأت المحكمة أن نتائج التنفيذ قد يتعذر تداركها ‪.‬‬ ‫ويتضح من هذا النص أن المشرع يشترط لتلبية وقف‬ ‫التنفيذ ثلثة شروط ‪:‬‬ ‫أول)‪ -‬أن يطلب رافع دعوى اللغاء وقف التنفيذ‪:‬‬ ‫درجت أحكام القضاء الداري المقارن على ضرورة‬ ‫اتحاد طلبي اللغاء ووقف التنفيذ في صحيفة الدعوى‪،‬‬ ‫ويترتب على إغفال هذا الشرط الشكلي رد طلب وقف‬ ‫التنفيذ وعدم قبوله والحكمة من ذلك أن وقف التنفيذ طلب‬ ‫متفرع عن طلب اللغاء وتمهيدا) له‪ ،‬كما أن القرار المطعون‬ ‫فيه يتمتع بالصفة التنفيذية اعتبارا) من هذا التاريخ‪ ،‬كما أن‬ ‫الجمع بين طلب وقف التنفيذ وطلب اللغاء يحقق اتحاد بدء‬ ‫ميعاد الطعن بالقرار إلغاء) ووقفا) لغرض تفادي الختلف‬ ‫)‪(1‬‬ ‫والتفاوت في حساب هذا الميعاد " ‪.‬‬ ‫ثانيا)‪ -‬شرط الستعجال‪:‬‬ ‫ويقصد بهذا الشرط أن تنفيذ القرار يقترن باحتمال‬ ‫وقوع نتائج ل يمكن تداركها فيما لو انتظر المر لحين الفصل‬ ‫في موضوع دعوى اللغاء‪ ،‬لذلك منح المشرع القضاء‬ ‫سلطة وقف تنفيذ القرار المطعون فيه إذا انطوى تنفيذ‬ ‫القرار على خطورة تؤدي إلى نتائج يصعب تلفيها‪ ،‬خاصة‬ ‫وأن إجراءات دعوى اللغاء قد تستغرق وقتا) طويل) حتى‬ ‫الفصل في موضوعها بالقبول أو الرفض‪ ،‬على أنه يتعين إل‬ ‫يخلق الطاعن حالة الستعجال هذه أو يساهم في خلقها‬ ‫بسبب تقاعسه أو إهماله‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫ حكم المحكمة الدارية العليا في مصر جلسة ‪ 7/12/1985‬طعن ‪ 1003‬لسنة‬‫‪ 28‬ق المجموعة رقم ‪ – 19‬ص ‪. 30‬‬

‫‪193‬‬

‫وحالة الستعجال هذه هي حالة موضوعية‬ ‫تستظهرها المحكمة من وقائع الدعوى وظروفها مثال ذلك‬ ‫قرار حرمان الطالب من أداء المتحان‪ ،‬وصدور قرار يمنع‬ ‫مريض من السفر إلى الخارج لغرض العلج أو صدور قرار‬ ‫)‪(1‬‬ ‫بهدم منزل أثري‪.‬‬ ‫كما تعد القرارات المتضمنة تقييد الحرية الشخصية من‬ ‫أبرز صور الستعجال لما يترتب على تنفيذها من نتائج‬ ‫)‪(2‬‬ ‫يتعذر تداركها ‪.‬‬ ‫ثالثا)‪ -‬شرط الجدية‪:‬‬ ‫إن سلطة وقف التنفيذ مشتقة من سلطة اللغاء وفرع‬ ‫منها وبالتالي لبد لقاضي الموضوع أن يتصدى لمشروعية‬ ‫القرار الداري عند نظره طلب وقف التنفيذ‪ ،‬كما يتصدى‬ ‫لمشروعيته عند نظره دعوى اللغاء‪ ،‬فيكون عقيدة مبدئيه‬ ‫عن مشروعية القرار الداري لكي يصدر قراره في موضوع‬ ‫الدعوى‪ ،‬فقد يصدر القاضي حكمه بوقف التنفيذ‪ ،‬يستتبعه‬ ‫حكم آخر في موضوع الدعوى يرفض دعوى اللغاء ‪.‬‬ ‫وبذلك فإن الجدية التي يقوم عليها طلب وقف التنفيذ‬ ‫تعنى فحص القاضي بصورة أولية لمشروعية القرار‬ ‫الداري‪ ،‬فإذا وجد أن القرار الداري حسب الظاهر قد شابه‬ ‫عيب ما فأنه يصدر قراره بوقف التنفيذ‪ ،‬وبمعنى آخر فأن‬ ‫العقيدة التي تكونها المحكمة عن طلب وقف التنفيذ هي‬ ‫عقيدة أولية مبنية على أساس أرجحية إصدار قرارها‬ ‫باللغاء عند بحث موضوع دعوى اللغاء ‪.‬‬ ‫ويمكن أن تستظهر المحكمة جدية الطلب بوقف‬ ‫التنفيذ من خلل فحصها الولى لمشروعية القرار الداري‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫ حكم المحكمة الدارية العليا في مصر جلسة ‪ 1962-12-15‬أشار إليه عبد‬‫الحكيم فودة – الخصومة الدارية – دار المطبوعات الجامعية – السكندرية –‬ ‫‪ – 1996‬ص ‪. 358‬‬ ‫ حكم المحكمة الدارية العليا في مصر في ‪ 1951-6-30‬مجموعة المبادئ التي‬‫قررت محكمة القضاء الداري س ‪ – 6‬ص ‪. 1360‬‬

‫‪194‬‬

‫ومن خلل قرائن معينة تفيد ذلك كضئالة المستندات‬ ‫وكونها غير منتجة تعطي انطباعا) بعدم جدوى وقف التنفيذ‪،‬‬ ‫كما أن تقاعس الدارة عن إبداء دفاعها في الدعوى أو ذكر‬ ‫أسباب القرار يكون مبررا) للمحكمة في إصدار قرار وقف‬ ‫)‪(1‬‬ ‫التنفيذ ‪.‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬حجية الحكم بوقف التنفيذ وتنفيذه‬ ‫إذا اجتمعت في طلب وقف التنفيذ الشروط السابقة‬ ‫يجوز للقضاء الداري أن يأمر بوقف تنفيذ القرار الداري‬ ‫المطعون فيه‪ ،‬ونبين فيما يلي حجية الحكم الصادر بوقف‬ ‫التنفيذ وتنفيذه ‪.‬‬ ‫أول)‪ -‬حجية الحكم الصادر بوقف التنفيذ‪:‬‬ ‫الفصل في الشق المستعجل من دعوى اللغاء وهو‬ ‫طلب وقف التنفيذ‪ ،‬سابقا) على الفصل في موضوع دعوى‬ ‫اللغاء لذلك فإن الحكم الصادر في الشق المستعجل هو‬ ‫حكما) وقتيا) لصدوره في مسألة مستعجلة‪ ،‬وكما هو شأن‬ ‫جميع الحكام المستعجلة‪ ،‬فأنه ل يقيد محكمة الموضوع‬ ‫عند فصلها في دعوى اللغاء‪ ،‬فقد تقضي المحكمة بوقف‬ ‫التنفيذ ورغم ذلك تقضي في موضوع الدعوى برفض‬ ‫دعوى اللغاء والعكس صحيح ‪.‬‬ ‫غير انه حكم قطعي فيما فصل فيه‪ ،‬من وقف التنفيذ‬ ‫أو عدمه أي أن مقومات الحكام وخصائصها متوافرة فيه‬ ‫وقد استقرت أحكام القضاء الداري على تمتع الحكم‬ ‫)‪(2‬‬ ‫الصادر بوقف التنفيذ بخاصيتي التأقيت والقطعية ‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫ حكم المحكمة الدارية العليا في مصر في ‪ 7/11/1986‬أشار إليه عبد الحكيم‬‫فوده – المصدر السابق – ص ‪. 405‬‬ ‫ ينظر في ذلك ‪:‬‬‫ د‪ .‬سليمان محمد الطماوي – قضاء اللغاء – المصدر السابق – ص ‪. 883‬‬‫‪ -‬د‪ .‬عبد الغني بسيوني – القضاء الداري – المصدر السابق – ص ‪. 690‬‬

‫‪195‬‬

‫وفي ذلك قضت المحكمة التحادية العليا في العراق‬ ‫‪ 2005‬الخاص بطعن‬ ‫في حكمها عدد ‪/ 3‬اتحادية ‪/‬تمييز ‪/‬‬ ‫صاحب المصلحة بقرارمحكمة القضاء الداري برفض طلب‬ ‫وقف الجراءات المتعلقة بتنفيذ قرار اداري ‪:‬ان القرار‬ ‫المميز من الوامر على العرائض وهي من القضاء الولئي‬ ‫المنصوص علية في المادة )‪( 151‬من قانون المرافعات‬ ‫المدنية المعدل وهي غير قابلة للطعن فيها تمييزا عمل‬ ‫باحكام المادة )‪( 153/1‬من القانون المذكور اذ يتم التظلم‬ ‫منها لدى المحكمة التي اصدرتها وتفصل المحكمة في‬ ‫‪1‬‬ ‫التظلم وقرارها عمل بحكم الفقرة )‪ (3‬من المادة )‪. (153‬‬ ‫ول تقتصر حجية الحكم الصادر بوقف التنفيذ على‬ ‫موضوع ما فصل فيه من وقف التنفيذ أو رفضه‪ ،‬بل تشمل‬ ‫تلك الحجية المسائل الفرعية السابقة على الفصل في‬ ‫موضوع دعوى اللغاء كالدفع بعدم اختصاص القضاء الداري‬ ‫بنظر الدعوى أو بعدم قبولها أصل) لرفعها بعد الميعاد أو لن‬ ‫القرار المطعون فيه ليس نهائيا) ‪.‬‬ ‫ثانيا)‪ -‬تنفيذ الحكم المستعجل بوقف التنفيذ‪:‬‬ ‫يؤدي الحكم بوقف التنفيذ إلى إعادة المور بصورة‬ ‫مؤقتة إلى ما كانت عليه قبل صدور القرار الداري‬ ‫المطعون فيه‪ ،‬والسبب في تأقيت الحكم المستعجل هو‬ ‫لرتباطه بمصير دعوى اللغاء فإن توصلت المحكمة عند‬ ‫فصلها في الموضوع إلى رفض الدعوى فأن آثار الحكم‬ ‫بوقف التنفيذ تنتهي وتزول قوتها‪ ،‬وأن توصلت إلى إلغاء‬ ‫القرار الداري فأن آثار الحكم بوقف التنفيذ تمتد وتتصل‬ ‫بآثار الحكم باللغاء‪ ،‬وقد ل يختلف تنفيذ الحكم بوقف التنفيذ‬ ‫عن تنفيذ الحكم باللغاء‪ ،‬إذ يتعين على جهة الدارة في‬ ‫الحالتين اتخاذ الجراءات اليجابية لوضعها موضع التنفيذ ‪.‬‬ ‫علــى أن الحكــم بوقــف التنفيــذ قــد يــؤدي مــن الناحيــة‬ ‫العلميـة إلـى أن يصـبح الفصـل فـي موضـوع الـدعوى غيـر ذي‬ ‫‪ - 1‬حكم المحكمه عدد‪/‬اتحادية‪/‬تمييز‪ 2005/‬الخاص بالطعن في قرار محكمة القضاء الداري عدد ‪ 16/2005‬غير‬ ‫منشور‬

‫‪196‬‬

‫جــدوى‪ ،‬لن الغايــة مــن المطالبــة باللغــاء قــد يتوصــل إليهــا‬ ‫الطـاعن بحصـوله علـى الحكـم بوقـف التنفيـذ‪ ،‬ويصـبح عنـدها‬ ‫الحكـم باللغـاء غيـر ذي فـائدة مـن الناحيـة العلميـة‪ ،‬عنـدها‬ ‫تقضـي المحكمـة بإنهـاء الخصـومة فـي الـدعوى‪ ،‬مثـال ذلـك‬ ‫طلــب الطــاعن إلغــاء قــرار منــع ســفره إلــى الخــارج وطلبــه‬ ‫الحكـم بوقـف تنفيـذه‪ ،‬فـأن أصـدرت المحكمـة حكمهـا بوقـف‬ ‫التنفيــذ واســتفاد الطــاعن مــن هــذا الحكــم بــأن غــادر أرض‬ ‫الوطن‪ ،‬فأن الغاية من إلغاء القرار الداري قد تحققت بوقف‬ ‫تنفيذه‪.‬‬

‫البحث الثالث‬ ‫آثار الكم باللغاء‬ ‫بعد أن تستكمل دعوى اللغاء شرائطها الشكلية أمام‬ ‫المحكمة‪ ،‬قد تحكم بعد قبول الدعوى لرفعها من غير ذي‬ ‫صفة‪ ،‬أو على غير ذي صفة‪ ،‬أو لرفعها بعد المعياد أو أن‬ ‫تصرف الدارة غير مستكمل شرائط القرار الداري القابل‬ ‫)‪(1‬‬ ‫للطعن باللغاء‪.‬‬ ‫ثــم تتصــدى لموضــوع الــدعوى وتنحصــر ســلطتها فــي‬ ‫بحــث مشــروعية القــرار الداري لتنتهــي بالنتيجــة أمــا إلــى‬ ‫إلغـاء القـرار المشـوب بأحـد العيـوب الخمسـة المـار ذكرهـا‪ ،‬أو‬ ‫إلــى تأكيــد مشــروعية القــرار والحكــم برفــض الــدعوى ول‬ ‫تسـتطيع المحكمـة أن تـذهب أبعـد مـن ذلـك بـأن تصـدر أوامـر‬ ‫صـريحة إلـى الدارة بـأداء عمـل معيـن أو المتنـاع عـن أداءه أو‬ ‫أن تحــل نفســها محــل الدارة فــي إصــدار قــرارات إداريــة‬ ‫مشروعة محل القرارات المعيبة ‪.‬‬ ‫على أن تنفيذ الحكم باللغاء لبد أن يفضي إلى تكليف‬ ‫الدارة القيام بعمل أو المتناع عن أداء عمل‪ ،‬فالحكم‬ ‫الصادر بإلغاء قرار فصل موظف لبد أن يلزم الدارة بالقيام‬ ‫بعمل معين وهو إعادة الموظف المفصول إلى وظيفته‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوي – قضاء اللغاء – المصدر السابق – ص ‪. 855‬‬

‫‪197‬‬

‫السابقة‪ ،‬والحكم القاضي بإلغاء قرار هدم منزل لبد أن‬ ‫)‪(1‬‬ ‫يلزم الدارة بالمتناع عن تنفيذ قرارها بالهدم ‪.‬‬ ‫ويترتب على الحكم بإلغاء القرار الداري آثار معينة‬ ‫منها ما يتعلق بحجية الحكم باللغاء‪ ،‬ومنها ما يتعلق بتنفيذ‬ ‫حكم اللغاء ‪.‬‬ ‫المطلب الول‪ :‬حجية الحكم باللغاء‬ ‫تنطوي حجية الحكم باللغاء على دعوى حيازة حكم‬ ‫اللغاء حجية الشيء المحكوم فيه من ناحية وعلى قوة‬ ‫هذه الحجية وهل أنها حجية مطلقة أو نسبية من ناحية‬ ‫أخرى‪ ،‬وتتصل من ناحية ثالثة بنطاق اللغاء وهل يتناول‬ ‫القرار الداري بأكمله أم يتناول الجزاء المعيبة فقط دون‬ ‫الجزاء السليمة‪.‬‬ ‫أول)‪ -‬الحكام الصادرة في دعوى اللغاء تتمتع بقوة‬ ‫الشيء المقضي به‪:‬‬ ‫تحوز الحكام الصادرة من محكمة العدل العليا في دعوى‬ ‫اللغاء على حجية الشيء المقضي به كسائر الحكام‬ ‫القطيعة‪ ،‬وتكون حجة في ما قضت به‪(2).‬‬ ‫وفي ذلك تنص المادة السابعة ‪/‬الثانيه ‪/‬ط من قانون‬ ‫مجلس شورى الدولة المعدل)‪ .....‬يكون قرار‬ ‫المحكمة غير المطعون فيه وقرار الهيئه العامة لمجلس‬ ‫شورى الدولة الصادر نتيجة الطعن باتا وملزما (‪.‬‬ ‫وبعد ان صار يطعن في قرارات محكمة القضاء الداري‬ ‫امام المحكمة التحادية العليا جاء في المواد ‪19 -16‬من‬ ‫النظام الداخلي للمحكمة التحادية العليا رقم ‪ 1‬لسنة‬ ‫‪ 2005‬انه عند النطق بالحكم أو القرار يجب أن تودع‬ ‫مسودته في اضبارة الدعوى بعد التوقيع عليها ‪ ,‬ويلزم أن‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫ د‪ .‬صبيح بشير مسكوني – المصدر السابق – ص ‪. 449‬‬‫ ينظر في تفصيل ذلك ‪ :‬الدكتور عبد الغني بسيوني – المصدر السابق – ص‬‫‪. 698‬‬

‫‪198‬‬

‫يكون الحكم والقرار مشتمل" على أسبابه ‪ ,‬فأن لم يكن‬ ‫بالجماع أرفق الرأي المخالف مع أسبابه ‪ .‬والحكام‬ ‫والقرارات التي تصدرها المحكمة باتة ل تقبل أي طريق من‬ ‫طرق الطعن‪(1) .‬‬ ‫ويمتد أثر حجية الشيء المقضي به ليشمل الجانب‬ ‫الجرائي في الدعوى فضل) عن جانبها الموضوعي‪ ،‬ففيما‬ ‫يتعلق بالجراءات يمتنع على المحكمة التي أصدرت الحكم‬ ‫في دعوى اللغاء أن تنظر الدعوى مرة أخرى‪ ،‬إذ استنفذت‬ ‫المحكمة وليتها بمجرد إصدارها الحكم‪ ،‬ويصبح الحكم‬ ‫قطعيا) بمجرد صدوره من المحكمة‪ ،‬وليس للمحكمة الحق‬ ‫في الرجوع عن حكمها‪ ،‬كما ليس لها الحق في تعديله ‪.‬‬ ‫أما فيما يتعلق بالجانب الموضوعي‪ ،‬فأن الحكام الصادرة‬ ‫في دعوى اللغاء تعد عنوانا) للحقيقة‪ ،‬فما تضمنه الحكم‬ ‫يعد قرينة غير قابلة لثبات العكس‪ ،‬فل يجوز عرض النزاع‬ ‫مرة أخرى على أي محكمة ‪ .‬مما يستدعي ان تكون‬ ‫الحكام واضحه لتقبل التاويل وخالية من الغموض‬ ‫وفي حدود طلبات المدعي ‪ .‬وفي ذلك نقضت المحكمه‬ ‫التحاديه العليا في حكم لها قرار لمحكمة القضاء الداري‬ ‫فورد ) ‪...‬كان على المحكمة التقيد بطلبات‬

‫المدعي الواردة في عريضة الدعوى وعدم الزيادة‬ ‫عليها لن المحكمة مقيدة عند اصدار حكمها‬ ‫بعريضة الدعوى عمل) بمنطوق المادة )‪ (45‬من‬ ‫قانون المرافعات المدنية رقم ‪ 83‬لسنة ‪1969‬‬ ‫المعدل فضل) ان المحكمة لم توضح في حكمها ما‬ ‫هية الجراءات القانونية الواردة في الفقرة‬

‫‪1‬‬

‫‪ -2‬تنظر المواد ‪19 -16‬من النظام الداخلي للمحكمة التحادية العليا رقم ‪ 1‬لسنة‬ ‫‪2005‬‬

‫‪199‬‬

‫الحكمية واذا كانت العبارة المذكورة تشير الى‬ ‫حضور ممثل جمعية بناء مساكن الضباط امام دائرة‬ ‫التسجيل العقاري المختصة لخذ اقراره بشأن‬ ‫تسجيل القطعة باسم المدعى فان ذلك يعني ان‬ ‫المحكمة علقت حكمها على شرط وهو حضور‬ ‫الممثل عن الجمعية في الدائرة وحيث ان الحكام‬ ‫التي تصدرها المحاكم يجب ان تكون حاسمة‬ ‫وخالية من الغموض والتردد وغير معلقة على‬ ‫شرط بحيث تكون قابلة للتنفيذ فكان المقتضى‬ ‫ادخال جمعية بناء مساكن الضباط شخصا) ثالث‬ ‫في الدعوى للستيضاح منها عن صحة صدور‬ ‫الكتاب منها المتضمن تخصيص القطعة موضوعة‬ ‫الدعوى للمدعي وحيث ان الحكم المميز صدر دون‬ ‫مراعات المور القانونية المتقدمة مما اخل بصحة‬ ‫الحكم المميز لذا قرر نقضه()‪(1‬‬

‫ويشترط للتمسك بحجية الحكم وسبق الفصل في‬ ‫الدعوى أن يكون هناك حكما) قضائيا) قطعيا) وأن تثبت‬ ‫الحجية لمنطوقه دون أسبابه‪ ،‬لن المنطوق هو الذي‬ ‫يشتمل على قضاء المحكمة الفاصل للنزاع‪ ،‬ويستثنى من‬ ‫ذلك السباب المرتبطة ارتباطا) وثيقا) بالمنطوق‪ ،‬إذ تكتسب‬ ‫الحجية حالها حال المنطوق‪ ،‬ويشترط للتمسك بالحجية‬ ‫)‪(2‬‬ ‫أيضا اتحاد الخصوم والموضوع والسبب ‪.‬‬ ‫ثانيا)‪ -‬الحكم باللغاء يتمتع بحجية مطلقة‪:‬‬ ‫‪ - 1‬حكمها ذي العدد ‪ / 23‬اتحادية ‪/‬تمييز ‪2006 /‬بتاريخ‬ ‫‪http://www.iraqijudicature.org/fedraljud.html 18/10/2006‬‬ ‫‪2‬‬

‫ ينظر في تفصيل ذلك الدكتور طعيمة الجرف – رقابة القضاء على أعمال‬‫الدارة قضاء اللغاء – القاهرة – ‪ – 1984‬ص ‪ 329‬وما بعدها ‪.‬‬

‫‪200‬‬

‫الحكام الصادرة باللغاء حجة على الكافة فحكم اللغاء‬ ‫يسري على جميع سواء كانوا أطرافا) في الدعوى أم لم‬ ‫يكونوا‪ ،‬فيمتنع على من لم يكن طرفا) في الدعوى مخاصمة‬ ‫القرار الداري الذي قضى بإلغائه‪ ،‬كما يستفيد من آثار‬ ‫اللغاء من كان طرفا) في دعوى اللغاء ومن لم يكن طرفا)‬ ‫فيها بحكم إطلق حجية حكم اللغاء‪.‬‬ ‫وتعد الحجية المطلقة المقررة للحكام الصادرة باللغاء‬ ‫استثناء من القاعدة العامة المقررة لجميع الحكام‬ ‫القضائية وهي نسبية حجتها‪ ،‬أي اقتصار آثار الحكم على‬ ‫أطراف الدعوى دون سواهم‪ ،‬والعلة في ذلك ترجع إلى‬ ‫انتماء دعوى اللغاء إلى طائفة القضاء الموضوعي أو‬ ‫العيني ودعوى اللغاء في إطاره تخاصم القرار الداري‪،‬‬ ‫فإلغاءه يعني تصحيح اللمشروعية التي وصم بها القرار‬ ‫ومن المنطقي أن يسري هذا التصحيح في مواجهة‬ ‫الكافة ‪.‬‬ ‫وتقتصر الحجية المطلقة على الحكام الصادرة‬ ‫باللغاء‪ ،‬ول تكتسب القرارات الخرى التي تصدر في دعوى‬ ‫اللغاء دون سواهم‪ ،‬كما في حالة القرار الصادر برفض‬ ‫دعوى اللغاء‪ ،‬حيث يستطيع الطاعن أن يجدد دعواه ضد‬ ‫القرار الذي رفضت الدعوى بشأنه إذا تغيرت الظروف‬ ‫والسباب‪ ،‬ويجوز لغير الطاعن أيضا) أن يطعن في القرار‬ ‫ذاته لن القرار قد يكون صائبا) في حق الطاعن و خاطئا) في‬ ‫)‪(1‬‬ ‫حق غيره ‪.‬‬ ‫ثالثا)‪ -‬اللغاء الكلي واللغاء الجزئي‪:‬‬ ‫إذا كان الحكم القضائي بإلغاء القرار الداري يكتسب‬ ‫حجية مطلقة بمعنى أنه يزيل كل أثر للقرار الداري في‬ ‫‪1‬‬

‫ ينظر في تفصيل ذلك ‪:‬‬‫ د‪ .‬سليمان محمد الطماوي – قضاء اللغاء – المصدر السابق – ص ‪. 899‬‬‫ د‪ .‬عبد الغني بسيوين – القضاء الداري – المصدر السابق – ص ‪.690‬‬‫‪ -‬د‪ .‬طعيمة الجرف – المصدر السابق – ص ‪.230‬‬

‫‪201‬‬

‫مواجهة الكافة‪ ،‬إل أن مدى اللغاء ونطاقه أمر تحدده طلبات‬ ‫)‪(1‬‬ ‫الخصوم وما تنتهي إليه المحكمة في قضائها ‪.‬‬ ‫فقد يتناول الحكم باللغاء القرار الداري بأكمله فيزيل‬ ‫آثاره وهو ما يسمى باللغاء الكلي‪ ،‬وقد يتناول بعض أجزاء‬ ‫القرار الداري دون أجزاءه الخرى فيزيل بعض آثاره وهو ما‬ ‫يسمى باللغاء الجزئي‪ ،‬مثال ذلك أن يصدر قرار عميد‬ ‫الكلية باعتماد نتيجة امتحان سنة دراسية ثم يتضح أن‬ ‫هناك خطأ في رصد درجات أحد الطلب عندئذ يلغى القرار‬ ‫بالنسبة للطالب المذكور ويبقى القرار سليما) في أجزاءه‬ ‫الخرى‪.‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬تنفيذ حكم اللغاء‬ ‫يشتمل الحكم باللغاء على أسلوب تنفيذه وفق‬ ‫مارسمه القانون وهذا اللزام القانوني الملقى على عاتق‬ ‫الدارة بتنفيذ الحكم القضائي باللغاء يثير مسؤوليتها‬ ‫المدنية في حالة امتناعها عن التنفيذ فضل) عن المسؤولية‬ ‫الجنائية للموظف الممتنع‪ ،‬على أن تنفيذ الحكم القاضي‬ ‫باللغاء ليس سهل) ميسورا) في جميع الحوال بل قد تلقي‬ ‫تصفية الوضاع القانوينة التي تمت استنادا) إلى القرار‬ ‫الملغي العديد من الصعوبات العملية‪ ،‬والتي تتحول أحيانا)‬ ‫إلى استحالة في التنفيذ‪.‬‬ ‫ومن الجدير بالذكر أن الحكم الصادر باللغاء ل يرتب آثار‬ ‫آلية بإزالة كافة الثار القانونية التي خلفها القرار الملغي‪،‬‬ ‫و إل كان ذلك بمثابة حلول المحكمة محل الدارة في‬ ‫مباشرة اختصاصاتها الدارية‪ ،‬وإنما يتطلب التنفيذ تدخل)‬ ‫إيجابيا) من الدارة بإصدار قرار إداري جديد يقضي على آثار‬ ‫القرار الملغي ‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫ حكم المحكمة الدارية العليا في مصر في ‪ 7/11/1986‬أشار إليه عبد الحكيم‬‫فوده – المصدر السابق – ص ‪. 405‬‬

‫‪202‬‬

‫ومن ثم فانه إذا ما تقرر إلغاء القرار فانه يوجب على‬ ‫الدارة اللتزام بإعادة الحال إلى ما كان عليه كما لو لم‬ ‫يصدر القرار الملغي بحيث يترتب على الدارة التزامان او‬ ‫واجبان أساسيان‪:‬‬ ‫أول)‪ -‬الواجب اليجابي‪:‬‬ ‫يلقى هذا الواجب التزاما) على الدارة بإعادة الوضع‬ ‫إلى ما كان عليه قبل صدور القرار الملغي بإزالة كافة الثار‬ ‫القانونية والمادية التي ترتبت في ظله بأثر رجعي‪ ،‬كما‬ ‫يلزمها بهدم كافة القرارات والعمال القانونية التي استندت‬ ‫في صدورها إلى القرار الملغي ‪.‬‬ ‫أ‪ -‬التزام الدارة بإزالة آثار القرار الملغي‪:‬‬ ‫ومقتضى هذا اللتزام هو تولي الدارة إزالة كافة الثار‬ ‫القانونيـة والماديـة الـتي خلفهـا القـرار الملغـي‪ ،‬ويكلفهـا ذلـك‬ ‫إصــدار قــرار إداري بســحب القــرار الملغــي إن كــان الخيــر‬ ‫إيجابي ا)‪ ،‬مثال ذلك إصدار قرارها بفصل موظف بغير الطريق‬ ‫التــأديبي ويحكــم القضــاء بإلغــائه‪ ،‬فتنفيــذ حكــم القضــاء‬ ‫يقتضـي منـه أن يصـدر قـرارا) إداريـا) بسـحب القـرار الملغـي‬ ‫وكأن الموظف لم يغادر الوظيفة أبدا) ‪.‬‬ ‫أمـا إذا كـان قـرار الدارة سـلبيا) وحكـم القضـاء بإلغـائه‪،‬‬ ‫فـإن تنفيـذ حكـم القضـاء يـوجب عليهـا إصـدار قـرار إيجـابي‬ ‫بالموافقـة علـى طلـب صـاحب الشـأن الـذي رفضـته والـذي‬ ‫حكـم القضـاء بإلغـائه‪ ،‬كحالـة امتنـاع الدارة عـن تلبيـة طلـب‬ ‫صـاحب الشـأن بخصـوص الحصـول علـى ترخيـص معيـن‪ ،‬فـإن‬ ‫حكـم القضـاء بإلغـاء هـذا الرفـض يحتـم علـى الدارة إصـدار‬ ‫قرارها بالموافقة على الطلب المرفوض ‪.‬‬ ‫وبالضــافة إلــى الــتزام الدارة بإزالــة الثــار القانونيــة‬ ‫للقـرار الملغـي تلـتزم أيضـا) بإزالـة الثـار الماديـة الـتي خلفهـا‬ ‫قبـل وجـوب قيامهـا بـإخلء العيـن الـتي اسـتولت عليهـا دون‬

‫‪203‬‬

‫وجــه حــق أو الفــراج عــن المــواطن المعتقــل بقــرار غيــر‬ ‫)‪(1‬‬ ‫مشروع‪.‬‬ ‫وبـذلك فـإن تصـفية آثـار القـرار الملغـي يجـب أن تكـون‬ ‫كاملـة وبـأثر رجعـي بإعـادة الحـال إلـى مـا كـان عليـه قبـل‬ ‫صدوره‪ ،‬وهي نتيجة حتمية لحكم اللغاء‪ ،‬وهذه النتيجة وأن‬ ‫كـان يفرضـها المنطـق القـانوني وتلفـي التطـبيق فـي أغلـب‬ ‫الحــالت‪ ،‬إل أن تطبيقهــا فــي حــالت معينــة قــد ل يجــد لــه‬ ‫سـبيل) أمـا لتعارضـها مـع الواقـع أو أن التطـبيق يفضـي إلـى‬ ‫نتـائج غيـر مقبولـة‪ ،‬فـالموظف الـذي يلغـى قـرار تعيينـه بحكـم‬ ‫قضــائي يــترتب علــى الحكــم الــتزام الدارة بســحب قــرار‬ ‫التعييـن بـأثر رجعـي‪ ،‬فـإن المنطـق القـانوني يقضـي بـأن كـل‬ ‫مـا قـام بـه الموظـف مـن أعمـال وتصـرفات قانونيـة يلحقهـا‬ ‫البطلن اسـتنادا) إلـى مبـدأ " مـا بنـي علـى باطـل فهـو باطـل‬ ‫"‪ ،‬فل شك أن الموظف قد قام بالعديد من العمال‪ ،‬منها ما‬ ‫هو تصرفات قانونية في مواجهة الفراد ومنها ما هو أعمال‬ ‫ماديـة تـثير مسـؤولية الدارة‪ ،‬ولـو سـايرنا المنطـق القـانوني‬ ‫لفضــى إلــى نتــائج غيــر مقبولــة ولدى إلــى فقــدان الثقــة‬ ‫والطمئنـان بـالدارة العامـة الـتي يتعامـل معهـا الفـراد علـى‬ ‫أسـاس مـن الثقـة والطمأنينـة التـامتين‪ ،‬لـذلك نجـد مجلـس‬ ‫الدولـة الفرنسـي أورد اسـتثناء) علـى قاعـدة الثـر الرجعـي‬ ‫لحكــم اللغــاء واعتــبر العمــال الــتي يباشــرها الموظــف‬ ‫المخلـوع أعمـال) سـليمة تنسـب للدارة ول يلحقهـا البطلن‪،‬‬ ‫وقد أطرد مجلس الدولة الفرنسي في البداية في أحكامه‬ ‫علـى أن السـتثناء الـذي يـرد علـى قاعـدة الثـر الرجعـي ل‬ ‫يمكـن تطـبيقه إل علـى شـؤون المـوظفين‪ ،‬أمـا فيمـا عـدا ذلـك‬ ‫)‪(2‬‬ ‫فإن تلك القاعدة يجرى تطبيقها بصورة مطلقة ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫ أنظر تفصيل ذلك ‪:‬‬‫ د‪ .‬عبد الغني بسيوني – المصدر السابق – ص ‪. 705-704‬‬‫ د ‪ .‬طعيمة الجرف – المصدر السابق – ص ‪. 359 -358‬‬‫– د ‪ .‬محمد رفعت‪ ،‬ود‪ .‬حسين عثمان – المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 260-257‬‬ ‫ أنظر تفصيل ذلك ‪:‬‬‫‪ -‬د‪ .‬مصطفى أبو زيد – المصدر السابق – ص ‪.605-603‬‬

‫‪204‬‬

‫وهنالـك حـالت يكـون فيهـا تطـبيق الثـر الرجعـي لحكـم‬ ‫اللغـاء ضـربا) مـن ضـروب السـتحالة‪ ،‬وهـي حالـة قيـام الدارة‬ ‫بتنفيـذ القـرار الداري تنفيـذا) كـامل) واسـتنفاذه الغـرض الـذي‬ ‫صــدر مــن أجلــه قبــل صــدور الحكــم القضــائي بإلغــائه إذ ل‬ ‫يكتسب حينها حكم اللغاء سوى قيمة نظرية بحتة ول يجد‬ ‫ســبيل) إلــى تطــبيقه لتعارضــه مــع الواقــع‪ ،‬كمــا لــو أصــدرت‬ ‫الدارة قرارها بهدم منزل وتم هدمه قبل صدور حكم القضاء‬ ‫بإلغاء القرار ‪.‬‬ ‫غيـر أن مجلـس الدولـة الفرنسـي ل يـتردد فـي السـير‬ ‫فـي دعـوى اللغـاء وإصـدار حكمـه باللغـاء حـتى وأن اسـتحال‬ ‫تنفيـذ الحكـم احترامـا) منـه لمبـدأ الشـرعية ووضـع المـور فـي‬ ‫)‪(1‬‬ ‫نصابها القانوني الصحيح‪.‬‬ ‫لهذا السبب فقد احتاطت التشريعات لهذا المر ومنحت‬ ‫الحـق لصـاحب الشـأن فـي طلـب وقـف تنفيـذ القـرار الداري‬ ‫للحيلولة دون وقوع نتائج يتعذر تداركها بتنفيذ القرار الداري‬ ‫‪.‬‬ ‫ب‪ -‬التزام الدارة بهدم العمال القانونية‪:‬‬ ‫قد تصدر الدارة استنادا) إلى القرار المعيب عدة قرارات‬ ‫قبل إلغاءه‪ ،‬مثال ذلك صدور حكم قضائي بإلغاء قرار تعيين‬ ‫موظف كانت الدارة قد أصدرت بناء عليه عدة قرارات تتعلق‬ ‫بترقية الموظف بالدرجة والوظيفة‪ ،‬فما هو مصير هذه‬ ‫القرارات التي بنيت على القرار الصلي ؟ للجابة على هذا‬ ‫السؤال يجب التفريق بين الحالت التية ‪:‬‬ ‫‪ -1‬إذا طعن بالقرارات التابعة مع القرار الصلي في‬ ‫وقت واحد‪:‬‬

‫‪1‬‬

‫ د ‪ .‬صبيح مسكوني – المصدر السابق – ص ‪. 391‬‬‫ د ‪ .‬محمد عبد الله الحراري – المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.201‬‬‫‪ -‬د‪ .‬مصطفى أبو زيد – المصدر السابق – ص ‪. 603‬‬

‫‪205‬‬

‫فأن القضاء الداري ل يجد عناء في إلغاء القرار الصلي‬ ‫والقرارات التي بنيت عليه لعدم مشروعية سندها ‪.‬‬ ‫‪ -2‬إذا طعـن بـالقرار الصـلي وحـده فـأن هـذا الفـتراض يـثير‬ ‫عـدة احتمـالت إذا كـان القـرار الصـلي والقـرارات الـتي بنيـت‬ ‫عليـه تمثـل وحـدة ل تقبـل التجـزئة‪ ،‬فـإن إلغـاء القـرار الصـلي‬ ‫يـؤدي إلـى سـقوط القـرارات التابعـة بصـورة آليـة دون الحاجـة‬ ‫إلــى الطعــن بهــا باللغــاء‪ ،‬مثــال ذلــك ‪ :‬أن يتفــق اثنــان مــن‬ ‫الموظفين على أن يحل أحدهما محل الخر في وظيفة بناء)‬ ‫علــى موافقــة الدارة‪ ،‬فــإن إلغــاء قــرار أحــدهما ســيؤدي‬ ‫بالتبعية إلى إلغاء قرار زميله دونما الحاجة إلى الطعن فيه‬ ‫إلغاء)‪.‬‬ ‫ إذا كـان القـرار الصـلي هـو )السـبب الـدافع( لصـدار‬‫القـرار المسـتند عليـه‪ ،‬فـإن إلغـاء القـرار الصـلي يـؤدي‬ ‫إلـى إلغـاء القـرار التـابع بصـورة آليـة دون الحاجـة إلـى‬ ‫الطعـن بـه إلغـاء)‪ ،‬مثـال ذلـك صـدور قـرار تـأديبي بخصـم‬ ‫مرتـب موظـف ثـم تبعـه قـرار آخـر بتأجيـل علوتـه لمـدة‬ ‫سـتة أشـهر اسـتنادا) إلـى القـرار التـأديبي‪ ،‬فـإن اللغـاء‬ ‫القضـائي للقـرار الول يـؤدي إلـى سـقوط القـرار التـابع‬ ‫دون الحاجـة إلـى الطعـن بـه إلغـاء) أمـام القضـاء‪ ،‬لن‬ ‫القـرار الول كـان هـو السـبب الرئيسـي لصـدار القـرار‬ ‫)‪(1‬‬ ‫الثاني ‪.‬‬ ‫ وفــي حالــة مــا إذا كــان القــرار الصــلي ســببا) غيــر‬‫مباشر لصدور القرار التابع‪ ،‬فإن إلغاء القرار الصلي‬ ‫ل يـؤدي إلـى إلغـاء التـابع بصـورة آليـة‪ ،‬وإنمـا يكتسـب‬ ‫القـرار التـابع وضـعا) قانونيـا) مسـتقل) يتحصـن بمضـي‬ ‫المـدة القانونيـة‪ ،‬ولكـن يجـوز الطعـن بـه اسـتنادا) إلـى‬ ‫سـبب مسـتقل ل يمـت بصـلة إلـى القـرار الصـلي ‪.‬‬ ‫مثـال ذلـك ‪ :‬لـو أصـدرت الدارة قـرارا) إداريـا) ينطـوي‬ ‫علـى عقوبـة مقنعـة ضـد موظـف‪ ،‬ثـم قـدم الموظـف‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمد العبادي – قضاء اللغاء – المصدر السابق – ص ‪. 283‬‬

‫‪206‬‬

‫طلـب اسـتقالته مـن الخدمـة وأحـالته علـى المعـاش‬ ‫واستجابت الدارة إلى طلبه‪ ،‬فالقرار الصادر بإحالته‬ ‫علـى المعـاش سـببه المباشـر هـو السـتقالة وسـببه‬ ‫غير مباشر العقوبة المقنعة التي استفزت الموظف‬ ‫وقــدم بتأثيرهــا طلبــه بإحــالته علــى المعــاش‪ ،‬فلــو‬ ‫افترضـنا أن الموظـف طعـن بـالقرار التـأديبي وصـدر‬ ‫حكـم قضـائي بإلغـائه‪ ،‬فـإن سـقوطه ل يـؤدي إلـى‬ ‫سـقوط قـرار الحالـة علـى المعـاش‪ ،‬لن القـرار الول‬ ‫وهـو القـرار التـأديبي ليـس سـببا) مباشـرا) فـي صـدور‬ ‫)‪(1‬‬ ‫القرار الثاني وهو الحالة على المعاش‪.‬‬ ‫‪ -3‬إلغاء قرار إداري يدخل في عملية قانونية مركبة‪:‬‬ ‫طبقـا) لنظريـة العمـال المنفصـلة فـي العقـود الداريـة‬ ‫الــتي أوضــحناها ســابقا)‪ ،‬يجــوز الطعــن بــالقرارات الداريــة‬ ‫المنفصـــلة عـــن العقـــد الداري وقـــد رأينـــا أن المنازعـــات‬ ‫المتعلقـــة بالعقـــد الداري ذاتـــه ل تخضـــع لوليـــة القضـــاء‬ ‫الداري‪ ،‬ويثــور هنــا الشــكال حــول تنفيــذ أحكــام اللغــاء‬ ‫الصـادرة بخصـوص القـرارات الداريـة المنفصـلة عـن العقـد‬ ‫الداري‪ ،‬وما هو تأثير تنفيذ تلك الحكام على نفاذ العقد ؟ ‪.‬‬ ‫مــن الطــبيعي أن اللغــاء القضــائي للقــرارات الداريــة‬ ‫المنفصـلة عـن العقـد الداري قبـل إبـرام العقـد سـيؤدي إلـى‬ ‫الحيلولة دون إبرامه احتراما) لقوة الشيء المقضي به ‪.‬‬ ‫أمـا إذا حصـل اللغـاء بعـد إبـرام العقـد‪ ،‬فـإنه ل يـؤثر علـى‬ ‫نفــاذ العقــد‪ ،‬ولكــن يمكــن لطرفــي العقــد أن يحتكمــا إلــى‬ ‫قاضـي العقـد ليتـولى إلغـاء شـروط العقـد الـتي تتعـارض مـع‬ ‫حكــم اللغــاء‪ ،‬أو أن يتفقــا علــى تعــديل تلــك الشــروط بمــا‬ ‫)‪(2‬‬ ‫ينسجم وحكم اللغاء ‪.‬‬ ‫ولكـن المـر يختلـف لـو أن مـن صـدر حكـم اللغـاء لصـالحه‬ ‫ليــس طرفـا) فــي العقــد بــل أجنــبي عنــه‪ ،‬ولــم تكــن هنالــك‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫ د‪ .‬مصطفى أبو زيد فهمي – المصدر السابق – ص ‪. 615‬‬‫‪ -‬د‪ .‬عبد الغني بسيوني – المصدر السابق – ص ‪. 708‬‬

‫‪207‬‬

‫مصــلحة لطرفــي العقــد فــي تعــديل شــروطه‪ ،‬ففــي هــذه‬ ‫الحالـة ل يسـتطيع الجنـبي عـن العقـد إجبـار طرفـي العقـد‬ ‫علـى تعـديله ول يملـك الصـفة بـاللجوء إلـى القضـاء للحصـول‬ ‫على حكم بذلك‪ ،‬وبذلك يبقى حكم اللغاء نظري ا) بحت ا) ل يجد‬ ‫حيـزا) لتطـبيقه‪ ،‬ومـع ذلـك فـإن القضـاء الداري يسـتمر فـي‬ ‫النظر بدعوى اللغاء إذا عرضت أمامه بعد إبرام العقد أعمال)‬ ‫لمبـــدأ المشـــروعية الـــتي يحـــرص القضـــاء الداري علـــى‬ ‫)‪(1‬‬ ‫حراستها‪.‬‬ ‫ثانيا)‪ -‬الواجب السلبي‪:‬‬ ‫يتمثل هذا الواجب في التزام الدارة بعدم انتهاكها قوة‬ ‫الشــيء المقضــي بــه‪ ،‬فعليهــا أن تمتنــع عــن تنفيــذ القــرار‬ ‫الملغي وتتمتع أيض ا) عن الستمرار في تنفيذه أن بدأت به‪،‬‬ ‫كما يفرض هذا الواجب على الدارة أن ل تعيد إصدار القرار‬ ‫الملغـي مـن خلل إصـدارها قـرارا) جديـدا) تمنـح فيـه الحيـاة‬ ‫للقرار الملغي بصورة مباشرة ‪.‬‬

‫‪ .1‬امتناع الدارة عن تنفيذ القرار الملغي‪:‬‬ ‫إذا صــدر حكــم قضــائي بإلغــاء القــرار الداري فــإن أثــر‬ ‫الحكـم هـو إعـدام القـرار بـأثر رجعـي وكـأنه لـم يصـدر‪ ،‬ويعـد‬ ‫تنفيــذها للقــرار الملغــي عمل) مــن أعمــال العنــف ويــثير‬ ‫مسئوليتها ‪.‬‬ ‫كما أنها إذا بدأت بتنفيذ القرار وصدر حكم القضاء بإلغاء‬ ‫هذا القرار فإن عليها أن تتوقف عن التنفيذ‪ ،‬كما لو صدر قرار‬ ‫إداري بهـدم عـدة مبـاني ونفـذت الدارة علـى بعضـها فقـط‪،‬‬ ‫فإنهـا يجـب أن تكـف فـورا) عـن السـتمرار بالتنفيـذ عنـد صـدور‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬مصطفى أبو زيد – المصدر السابق – ص ‪.‬‬

‫‪208‬‬

‫الحكـم‪ (1) .‬ويعـد عـدم تنفيـذ الدارة لحكـم اللغـاء مخالفـة لقـوة‬ ‫الشـيء المقضـي بـه وهـي مخالفـة قانونيـة لمبـدأ أسـاس‬ ‫واصـل مـن الصـول العامـة الواجبـة الحـترام‪ ،‬كمـا أنـه ينطـوي‬ ‫علـــى قـــرار إداري ســـلبي خـــاطئ باعتبـــاره قـــرار إداري‬ ‫بالمتناع عن تنفيذ حكم ‪.‬‬ ‫وهـذه المخالفـة القانونيـة فضـل) عـن إمكـان الطعـن بهـا‬ ‫اســتقلل) باللغــاء‪ ،‬تمثــل خطــأ يســتوجب مســائلة الدارة‬ ‫بـالتعويض عـن الضـرار الـتي يمكـن أن يكـون قـد تعـرض لهـا‬ ‫المستفيد من الحكم ‪.‬‬ ‫‪ .2‬امتناع الدارة عن إعادة القرار الملغي‪:‬‬ ‫أن اللتزام الساسي الذي يقع على عاتق الدارة بعد‬ ‫صـدور الحكـم باللغـاء هـو امتناعهـا عـن تنفيـذ القـرار الملغـي‪،‬‬ ‫ويتفـرع عنـه أن ل تتحايـل الدارة علـى التخلـص منـه فتصـل‬ ‫إلى نفس النتيجة عن طريق إصدار قرار جديد هو عبارة عن‬ ‫صورة مستترة للقرار الملغي ‪.‬‬ ‫وهنــاك حالــة ل تســتطيع الدارة فيهــا إعــادة القــرار‬ ‫الملغــي وهــي حالــة مــا إذا كــان محــل القــرار الداري غيــر‬ ‫مشــروع‪ ،‬والمحــل هــو أثــر القــرار والثــر ل يوجــد إل فــي‬ ‫المنطــوق‪ ،‬فقــرار فصــل الموظــف محلــه وأثــره هــو فصــل‬ ‫الموظــف وهــو منطــوقه ‪ .‬مثــال ذلــك القــرار الصــادر بإبعــاد‬ ‫لجـئ سياسـي أثـره ومحلـه هـو أبعـاد هـذا اللجـئ‪ ،‬وهـذا‬ ‫المحـــل مخـــالف للدســـتور‪ ،‬فـــإذا اعـــترف القضـــاء الداري‬ ‫للطـاعن بصـفة اللجـئ السياسـي وألغـي القـرار فـإن الدارة‬ ‫ل تسـتطيع أن تقيـد هـذا الجـراء‪ ،‬أي ل تسـتطيع إصـدار قـرار‬ ‫له نفس المنطوق فهي ل تستطيع تسليمه كما تفعل مثل)‬ ‫مع الجرميين العاديين ‪.‬‬ ‫ولكـن مـن ناحيـة أخـرى تسـتطيع الدارة أن تقيـد إصـدار‬ ‫القـرار بـالمنطوق نفسـه‪ ،‬إذا كـان البطلن ل يلحـق المحـل‪،‬‬ ‫وإنمـا يلحـق النـواحي الخـرى وهـي الختصـاص والشـكل أو‬ ‫السـبب أو الغايـة بعـد إزالـة العيـب الـذي لحـق بـالقرار‪ ،‬ويتـم‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬طعيمه الجرف – المصدر السابق – ص ‪. 366-364‬‬

‫‪209‬‬

‫ذلـك بإصـدار القـرار مـن الجهـة المختـص بإصـداره‪ ،‬أو بالشـكل‬ ‫)‪(1‬‬ ‫الذي يطلبه القانون أو بناء) على سبب صحح‪.‬‬ ‫إل أن المســألة تــدق بالنســبة لعيــب إســاءة اســتعمال‬ ‫السـلطة‪ ،‬إذ أن رقابـة القضـاء تكـون أشـد عنـد إعـادة إصـدار‬ ‫)‪(2‬‬ ‫القرار الداري الملغي بعد تصحيح الهدف عند اتخاذه‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫ د‪ .‬سليمان محمد الطماوي – المصدر السابق – ص ‪904-903‬‬‫ د‪ .‬طعيمه الجرف – المصدر السابق – ص ‪. 364‬‬‫ د‪ .‬محمد العبادي‪ ،‬ص ‪284‬‬‫‪ -‬تفصيل ذلك ‪ :‬د‪ .‬أبو زيد فهمي – المصدر السابق ‪ -‬ص ‪. 599-597‬‬

‫‪210‬‬

Related Documents

Admin Strati On Court
June 2020 5
Admin
June 2020 30
Admin
November 2019 57

More Documents from "Russell Hartill"

Ta3widat Ajir
June 2020 2
June 2020 2
June 2020 1
June 2020 4
June 2020 3
June 2020 1