Subul Al-salam 09 - Thalaq

  • May 2020
  • PDF

This document was uploaded by user and they confirmed that they have the permission to share it. If you are author or own the copyright of this book, please report to us by using this DMCA report form. Report DMCA


Overview

Download & View Subul Al-salam 09 - Thalaq as PDF for free.

More details

  • Words: 8,544
  • Pages: 11
‫سبل السلم‬ ‫شرح بلوغ المرام‬ ‫للصنعاني‬ ‫كتاب الطلق‬

‫هيو لغية حيل الوثاق‪ .‬مشتيق مين الطلق وهيو الرسيال والترك وفلن طلق اليديين بالخيير أي كثيير البذل‬ ‫والرسال لهما بذلك وفي الشرع حل عقدة التزويج قال إمام الحرمين‪ :‬هو لفظ جاهلي ورد السلم بتقريره‪.‬‬ ‫ل إلى اللّهِ الطّلقُ" رَوَاهُ‬ ‫ع ْن ُهمَا قالَ‪ :‬قالَ رَسُولُ اللّ ِه صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم‪َ" :‬أ ْبغَضُ الحل ِ‬ ‫ع َمرَ رضيَ ال َ‬ ‫عَنِ ابنِ ُ‬ ‫ححَهُ الحا ِكمُ َو َرجّحَ أبو حاتم إرسالَهُ‪.‬‬ ‫ن مَاجَ ْه وص ّ‬ ‫أَبو داودَ واب ُ‬ ‫ض ا ْلحَللِ إلى اللّ ِه الطّلقُ" رواه‬ ‫(عن ابن عمر رضي ال عنهما قال‪ :‬قال رسول ال صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم‪َ" :‬أ ْبغَ ُ‬ ‫أبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم ورجح أبو حاتم إرساله) وكذا الدارقطني والبيهقي رجحا الرسال‪.‬‬ ‫الحديث فيه دليل على أن في الحلل أشياء مبغوضة إلى ال تعالى وأن أبغضها الطلق فيكون مجازا عن كونه‬ ‫ل ثواب ف يه ول قر بة في فعله‪ .‬وم ثل ب عض العلماء المبغوض من الحلل بال صلة المكتو بة في غ ير الم سجد‬ ‫لغير عذر‪.‬‬ ‫والحديث دليل على أنه يحسن تجنب إيقاع الطلق ما وجد عنه مندوحة‪.‬‬ ‫وقيد قسيم بعيض العلماء الطلق إلى الحكام الخمسية فالحرام الطلق البدعيي والمكروه الواقيع بغيير سيبب ميع‬ ‫استقامة الحال وهذا هو القسم المبغوض مع حله‪.‬‬ ‫ع َمرُ رَ سُولَ اللّ هِ‬ ‫ل اللّ هِ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم فسأَلَ ُ‬ ‫ع ْهدِ رَ سُو ِ‬ ‫ع َمرَ َأّن ُه طَلّ قَ ا ْمرََأتَ هُ وَهِ يَ حَائِ ضٌ في َ‬ ‫ن ابْ نِ ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫وَ َ‬ ‫ض ثمّ َتطْ ُهرَ‪ ،‬ثمّ إن شاءَ‬ ‫جعْهَا ثمّ ِل َي ْت ُركْهَا ح تى َتطْ ُهرَ ثمّ تحي َ‬ ‫ع نْ ذل كَ؟ فَقَالَ‪ُ " :‬مرْ ُه فَلْيُرا ِ‬ ‫صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم َ‬ ‫ن ُتطَلّقَ لهَا النساء" ُمتّفَقٌ عََل ْيهِ‪ ،‬وفي‬ ‫عزّ وجَلّ َأ ْ‬ ‫ن َيمَسّ؛ َفتِلْكَ ا ْل ِعدّ ُة التي َأ َمرَ اللّهُ َ‬ ‫ن شَاءَ طَلّقَ َقبْلَ َأ ْ‬ ‫سكَ َب ْعدُ وَإ ْ‬ ‫َأمْ َ‬ ‫سبَتْ َتطْلِيقةً"‪ ،‬وفي روايةٍ‬ ‫جعْها ثمّ ل ُيطَلّ ْقهَا طَاهرا أَ ْو حَامِلً"‪ ،‬وفي ُأخْرى ل ْل ُبخَاريّ‪َ " :‬وحُ ِ‬ ‫روَا َيةٍ لمُ سِْلمٍ‪ُ " :‬مرْ ُه فَلْيُرا ِ‬ ‫ج َعهَا‬ ‫ل اللّ هِ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم َأ َمرَني أَ نْ ُأرَا ِ‬ ‫ن فإنّ رَ سُو َ‬ ‫عمَرَ‪َ" :‬أمّا َأنْ تَ طَلّقتَها واحِد ًة َأوْ ا ْثنَتيْ ِ‬ ‫لمُ سْلِمٍ‪ ،‬قالَ ابْ نُ ُ‬ ‫ت طَلْ ْق َتهَا ثلثا فَ َقدْ‬ ‫ن َأمَ سّهَا‪ ،‬وََأمّا َأنْ َ‬ ‫ل أَ ْ‬ ‫طهُرَ ثمّ ُأطَلّ َقهَا قب َ‬ ‫خرَى ثمّ ُأ ْمهِلَها حَتى َت ْ‬ ‫ح ْيضَةً ُأ ْ‬ ‫س َكهَا حَتى تحي ضَ َ‬ ‫ثمّ ُأمْ ِ‬ ‫ع َمرَ‪ :‬فَ َردّهَا عَليّ وَلَ مْ َيرَهَا‬ ‫ع ْبدُ اللّ ِه ب نُ ُ‬ ‫خرَى قالَ َ‬ ‫ن طَل قِ ا ْمرََأتِك"‪ ،‬وفي رواي ٍة ُأ ْ‬ ‫ك فِيما َأ َمرَ كَ ب هِ ِم ْ‬ ‫صيْتَ َربّ َ‬ ‫عَ َ‬ ‫ت فَلْ ُيطَّلقْ أَ ْو ل ُي ْمسِكْ"‪.‬‬ ‫طهُرَ ْ‬ ‫شيْئا وقالَ‪" :‬إذا َ‬ ‫َ‬ ‫(وعن ابن عمر رضي ال عنهما أنّه طَلّ قَ امرََأتَ هُ وهِ يَ حائض في عهد رسول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم فسأل‬ ‫ظ ُهرَ ُثمّ َتحِي ضَ ُثمّ‬ ‫س ْكهَا حَتى َت ْ‬ ‫جعْها ُثمّ ِل ُيمْ ِ‬ ‫عمر رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم عن ذلك فقال‪ُ " :‬مرْ هُ ف ْل ُيرَا ِ‬ ‫ن تُطلّ قَ لهَا النّ سَاءُ"‬ ‫ك ا ْل ِعدّةُ التي َأ َمرَ اللّ هُ عزّ وجل أ ْ‬ ‫ن َيمَ سّ َفتِلْ َ‬ ‫ن شاءَ َأمْ سَكَ َب ْعدُ وإ نْ شَا َء طَلّ قَ َقبْلَ أ ْ‬ ‫ط ُهرَ ّثمّ إ ْ‬ ‫َت ْ‬ ‫متفق عليه)‪.‬‬ ‫في قوله‪ :‬مره فليراجعها دليل على أن المر لبن عمر بالمراجعة النبيّ صلى ال عليه وعلى آله وسلم فإن عمر‬ ‫مأمور بالتبليغ عن النبي صلى ال عليه وآله وسلم إلى ابنه بأنه مأمور بالمراجعة‪.‬‬ ‫فهو نظير قوله تعالى‪{ :‬قل لعبادي الذين امنوا يقيموا الصلة} فإنه صَلّى ال عََليْ ِه وَسَلّم مأمور بأن يأمرنا بإقامة‬ ‫الصلة فنحن مأمورون من ال تعالى‪.‬‬ ‫وا بن ع مر كذلك مأمور من ال نبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم فل يتو هم أن هذه الم سألة من باب م سألة هل ال مر‬ ‫بالمر بالشيء أمر بذلك الشيء‪.‬‬ ‫وإنما تلك المسألة مثل قوله صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم‪" :‬مروا أولدكم بالصلة لسبع" الحديث ل مثل هذه‪.‬‬ ‫وإذا عرفت أنه مأمور منه صلى ال عليه وآله وسلم بالمراجعة فهل المر للوجوب فتجب الرجعة أم ل؟‬ ‫ذهب إلى الول مالك وهو رواية عن أحمد وصحح صاحب الهداية من الحنفية وجوبها وهو قول داود ودليلهم‬ ‫المر بها‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫قالوا‪ :‬فإذا امتنع الرجل منها أدّبه الحاكم فإن أصر على المتناع ارتجع الحاكم عنه‪.‬‬ ‫وذ هب الجمهور إلى أن ها م ستحبة ف قط قالوا‪ :‬لن ابتداء النكاح ل ي جب فا ستدامته كذلك فكان القياس قري نة على‬ ‫أن المر للندب‪.‬‬ ‫وأجيب بأن الطلق لما كان محرما في الحيض كانت استدامة النكاح فيه واجبة‪.‬‬ ‫وفي قوله‪ :‬حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر دليل على أنه ل يطلق إل في الطهر الثاني دون الول‪.‬‬ ‫وقد ذهب إلى تحريم الطلق فيه مالك وهو الصح عند الشافعية وذهب أبو حنيفة إلى أن النتظار إلى الطهر‬ ‫ج ْعهَا ُثمّ ل ُيطَلّ ْقهَا‬ ‫الثاني مندوب وكذا عن أحمد مستدلين بقوله‪( :‬وفي رواية لمسلم) أي عن ابن عمر‪ُ ( :‬مرْ ُه فَ ْليُرَا ِ‬ ‫طَاهِرا أَ ْو حَامِلً)‪.‬‬ ‫فأطلق الطهر ولن التحريم إنما كان لجل الحيض فإذا زال‪ :‬زال موجب التحريم فجاز طلقها في هذا كما جاز‬ ‫في الذي بعده وكما يجوز في الطهر الذي لم يتقدمه طلق في حيضة ول يخفى قرب ما قالوه‪.‬‬ ‫وفيي قوله‪ :‬قبيل أن يميس دلييل على أنيه إذا طلّق فيي الطهير بعيد الميس فإنيه طلق بدعيي محرّم وبيه صيرح‬ ‫الجمهور‪.‬‬ ‫وقال بعض المالكية‪ :‬إنه يجبر على الرجعة فيه كما إذا طلق وهي حائض‪.‬‬ ‫وفي قوله‪ :‬ثم تطهر وقوله‪ :‬طاهرا خلف للفقهاء هل المراد به انقطاع الدم؟ أو ل بد من الغسل؟‬ ‫فعن أح مد روايتان والرا جح أ نه ل بد من اعتبار الغسل لما مرّ في رواية الن سائي‪ :‬فإذا اغت سلت من حيضتها‬ ‫الخرى فل يمسها حتى يطلقها وإن شاء أن يمسكها أمسكها وهو مفسر لقوله (طاهرا)‪ .‬وقوله (ثم تطهر) وقوله‬ ‫(تلك العدة التي أمر ال أن تطلق لها النساء) أي أذن في قوله‪{ :‬فطلقوهن لعدتهن}‪.‬‬ ‫وفي رواية مسلم قال ابن عمر‪ :‬وقرأ النبي صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم {يا أيها النبي} الية‪.‬‬ ‫وفي الحديث دليل على أن القراء الطهار للمر بطلقها في الطهر وقوله‪{ :‬فطلقوهن لعدتهن} أي وقت ابتداء‬ ‫عدتهن‪.‬‬ ‫وفي قوله‪ :‬أو حاملً دليل على أن طلق الحامل سني وإليه ذهب الجمهور‪.‬‬ ‫وإذا عرفت أن الطلق البدعي منهي عنه محرم فقد اختلف فيه هل يقع ويعتد به أم ل يقع فقال الجمهور‪ :‬يقع‬ ‫سبَتْ َتطْلِيقَة") وهو بضم الحاء‬ ‫مستدلين بقوله في هذا الحديث (وفي أُخرى) أي في رواية أخرى (للبخاري "وحُ ِ‬ ‫المهملة ومبني للمجهول من الحساب والمراد جعلها واحدة من الثلث التطليقات التي يملكها الزوج‪.‬‬ ‫ولكنه لم يصرح بالفاعل هنا فإن كان الفاعل ابن عمر فل حجة فيه وإن كان النبي صلى ال تعالى عليه وعلى‬ ‫آله وسلم فهو الحجة‪.‬‬ ‫إل أنه قد صرح بالفاعل في غير هذه الرواية كما في مسند ابن وهب بلفظ وزاد ابن أبي ذئب في الحديث‪ :‬عن‬ ‫النبي صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم وهي واحدة‪ ،‬وأخرجه الدارقطني من حديث ابن أبي ذئب وابن إسحاق جميعا عن‬ ‫نافع عن ابن عمر عن النبي صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم قال‪ :‬هي واحدة‪.‬‬ ‫وقد ورد أن الحاسب لها هو النبي صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم من طرق يقوّي بعضها بعضا‪.‬‬ ‫(وفي رواية لمسلم قال ابن عمر) أي لما سأله سائل‪( :‬أما أنت طلقتها واحدة أو اثنتين فإن رسول ال صَلّى ال‬ ‫عََليْ ِه وَ سَلّم أمر ني أن أراجع ها ثم أم سكها ح تى تح يض حي ضة أخرى ثم أمهل ها ح تى تط هر ثم أطلق ها ق بل أن‬ ‫أم سّها وأ ما أ نت طلقت ها ثلثا ف قد ع صيت ر بك في ما أمرك به من طلق امرأ تك) دل على تحر يم الطلق في‬ ‫الحيض‪.‬‬ ‫وقيد يدل له‪" :‬أمرنيي أن أراجعهيا" على وقوع الطلق إذ الرجعية فرع الوقوع وفييه بحيث وخالف فييه طاوس‬ ‫والخوارج والروافض وحكاه في البحر عن الباقر والصادق والناصر قالوا‪ :‬ل يقع شيء ونصر هذا القول ابن‬ ‫حزم ورجحه ابن تيمية وابن القيم واستدلوا بقوله‪( :‬وفي رواية أخرى) أي لمسلم عن ابن عمر‪( :‬قال عبد ال بن‬ ‫عمر‪ :‬فردّها عليّ ولم يرها شيئا وقال‪ :‬إذا طهرت فليطلق أو ليمسك)‪.‬‬ ‫ومثله في رواية أبي داود‪ :‬فردها عليّ ولم يرها شيئا‪ ،‬وإسناده على شرط الصحيح‪.‬‬ ‫إل أنه قال ابن عبد البر في قوله‪( :‬ولم يرها شيئا) منكرٌ لم يقله غير أبي الزبير وليس بحجة فيما خالفه فيه مثله‬ ‫فكيف بمن هو أثبت منه ولو صح لكان معناها وال أعلم‪ :‬ولم يرها شيئا مستقيما لكونها لم تقع على السنة‪.‬‬ ‫وقال الخطا بي‪ :‬قال أ هل الحد يث لم يرو أ بو الزب ير حديثا أن كر من هذا ويحت مل أن معناه‪ :‬لم ير ها شيئا تحرم‬ ‫معه المراجعة أو لم يرها شيئا جائزا في السنة ماضيا في الختيار وإن كان لزما له‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫نقل البيهقي في المعرفة عن الشافعي أنه ذكر رواية أبي الزبير فقال‪ :‬نافع أثبت من أبي الزبير والثبت من‬ ‫الحديثين أولى أن يؤخذ به إذا تخالفا‪ .‬وقد وافق نافعا غيره من أهل التثبت‪.‬‬ ‫قال‪ :‬وح مل قوله‪ :‬ولم ير ها شيئا على أ نه لم يعد ها شيئا صوابا غ ير خ طإ بل يؤ مر صاحبه أل يق يم عل يه ل نه‬ ‫أمره بالمراجعة ولو كان طلقها طاهرا لم يؤمر بذلك‪.‬‬ ‫فهو كما يقال للرجل إذا أخطأ في فعله أو أخطأ في جوابه إنه لم يصنع شيئا أي لم يصنع شيئا صوابا‪.‬‬ ‫وقد أطال ابن القيم الكلم على نصرة عدم الوقوع ولكن بعد ثبوت أنه صَلّى ال عََل ْي هِ وَسَلّم حسبها تطليقة تطيح‬ ‫كل عبارة ويضيع كل صنيع وقد كنا نفتي بعدم الوقوع وكتبنا فيه رسالة وتوقفنا مدة ثم رأينا وقوعه‪.‬‬ ‫ل من عدم الوقوع لدلة قو ية سقتها في ر سالة سميناها "الدل يل‬ ‫(ت نبيه) ثم إ نه قوي عندي ما ك نت أف تي به أو ً‬ ‫الشرعي في عدم وقوع الطلق البدعي" ومن الدلة أنه مسمى ومنسوب إلى البدعة وكل بدعة ضللة والضللة‬ ‫ل تدخل في نفوذ حكم شرعي ول يقع بها بل هي باطلة‪.‬‬ ‫ولن الرواة لحديث ابن عمر اتفقوا على أن المسند المرفوع في هذا الحديث غير مذكور فيه أن النبي صَلّى ال‬ ‫عََليْهِ َوسَلّم حسب تلك التطليقة على ابن عمر ول قال له قد وقعت ول رواه ابن عمر مرفوعا‪.‬‬ ‫بل في صحيح مسلم ما دل على أن وقوعها إنما هو رأي لبن عمر وأنه سئل عن ذلك فقال‪ :‬وما لي ل أعتد‬ ‫بها وإن كنت قد عجزت واستحمقت‪.‬‬ ‫وهذا يدل على أنيه ل يعلم فيي ذلك نصيا نبويا لنيه لو كان عنده لم يترك روايتيه ويتعلق بهذه العلة العليلة فإن‬ ‫العجز والحمق ل مدخل لهما في صحة الطلق‪.‬‬ ‫ولو كان عنده نص نبوي لقال‪ :‬وما لي ل أعتد بها وقد أمرني رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم أن أعتد بها‪.‬‬ ‫و قد صرح المام ال كبير مح مد بن إبراه يم الوز ير بأ نه قد ات فق الرواة على عدم ر فع الوقوع في الروا ية إل يه‬ ‫صلى ال تعالى عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬ ‫وقد ساق السيد محمد ست عشر حجة على عدم وقوع الطلق البدعي ولخصناها في رسالتنا المذكورة وبعد هذا‬ ‫تعرف رجوعنا عما هنا فيلحق هذا في نسخ سبل السلم‪.‬‬ ‫وأما الستدلل على الوقوع بقوله فليراجعها ول رجعة إل بعد طلق فهو غير ناهض لن الرجعة المقيدة ببعد‬ ‫الطلق عرف شرعي متأخر إذ هي لغة أعم من ذلك‪.‬‬ ‫ودل الحديث على تحريم الطلق في الحيض وبأن الرجعة يستقل بها الزوج من دون رضا المرأة والولي لنه‬ ‫جعل ذلك إليه ولقوله تعالى‪{ :‬وبعولتهن أحق بردهن في ذلك}‪.‬‬ ‫وبأن الحامل ل تحيض لقوله‪ :‬طاهرا أو حاملً فدل على أنها ل تحيض لطلق الطلق فيه‪.‬‬ ‫وأجيب بأن حيض الحامل لما لم يكن له أثر في تطويل العدّة لم يعتبر لن عدّتها بوضع الحمل وأن القراء في‬ ‫العدة هي الطهار‪.‬‬ ‫قال الغزالي‪ :‬ويستثنى من تحريم طلق الحائض طلق المخالعة لن النبي صلى ال وآله وسلم لم يستفصل حال‬ ‫امرأة ثابت هل هي طاهرة أو حائض مع أمره له بالطلق‪.‬‬ ‫والشافعي يذهب إلى أن ترك الستفصال في مقام الحتمال ينزل منزلة العموم في المقال‪.‬‬ ‫ل اللّ هِ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‬ ‫ع ْه ِد رَ سُو ِ‬ ‫ع ْن ُهمَا قالَ‪" :‬كان الطّل قُ عَلى َ‬ ‫ى اللّ هُ َ‬ ‫عبّا سٍ رَض َ‬ ‫ن ابْ نِ َ‬ ‫[رح] يييي َوعَ ِ‬ ‫ستَ ْعجَلُوا في َأمْر كانَتْ َلهُمْ فيهِ‬ ‫ع َمرُ‪ :‬إنّ الناسَ َقدِ ا ْ‬ ‫ق الثلثِ واحِدةٌ‪ ،‬فقالَ ُ‬ ‫ع َمرَ طَل ُ‬ ‫س َنتَينِ ِمنْ خِلفَةِ ُ‬ ‫وأَبي َب ْكرٍ وَ َ‬ ‫ض ْينَاهُ عََل ْي ِهمْ‪َ ،‬فَأمْضَاهُ عََل ْي ِهمْ" رَوَا ُه ُمسْلمٌ‪.‬‬ ‫َأنَا ٌة فل ْو أمْ َ‬ ‫ع ْهدِ رَ سُولِ اللّ ِه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم وأَ بي َب ْكرٍ‬ ‫ع ْنهُمَا قالَ‪" :‬كان الطّل قُ عَلى َ‬ ‫عبّا سٍ رَضىَ اللّ هُ َ‬ ‫ن ابْ نِ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫(وَ َ‬ ‫س َتعْجَلُوا في َأمْر كانَتْ َلهُمْ في ِه َأنَاةٌ) بفتح‬ ‫ع َمرُ‪ :‬إنّ الناسَ َقدِ ا ْ‬ ‫ع َمرَ طَلقُ الثلثِ واحِدةٌ‪ ،‬فقالَ ُ‬ ‫ن خِلفَةِ ُ‬ ‫س َنتَينِ ِم ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫ض ْينَاهُ عََل ْيهِمْ‪َ ،‬فَأمْضَاهُ عََل ْي ِهمْ" رَوَا ُه ُمسْلمٌ)‪.‬‬ ‫الهمزة أي مهملة (فلوْ أ ْم َ‬ ‫الحديث ثابت من طرق عن ابن عباس‪.‬‬ ‫وقد استشكل أنه كيف يصح من عمر مخالفة ما كان في عصره صلى ال عليه وآله وسلم ثم في عصر أبي بكر‬ ‫ثم في أول أيامه‪.‬‬ ‫وظاهر كلم ابن عباس أنه كان الجماع على ذلك‪.‬‬ ‫وأجيب عنه بستة أجوبة‪:‬‬

‫‪3‬‬

‫الول‪ :‬أنه كان الحكم كذلك ثم نسخ في عصره صلى ال عليه وآله وسلم فقد أخرج أبو داود من طريق يزيد‬ ‫النحوي عن عكرمة عن ابن عباس قال‪ :‬كان الر جل إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها وإن طلقها ثلثا فن سخ‬ ‫ذلك اهي‪.‬‬ ‫إل أنه لم يشتهر النسخ فبقي الحكم المنسوخ معمولً به إلى أن أنكره عمر‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬إن ثبتت رواية النسخ فذاك‪.‬‬ ‫وإل فإنه يضعف هذا قول عمر‪ :‬إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة إلخ‪ ،‬فإنه واضح في أنه رأي‬ ‫محض ل سنة فيه وما في بعض ألفاظه عند مسلم أنه قال ابن عباس لبي الصهباء‪ :‬لما تتابع الناس في الطلق‬ ‫في عهد عمر فأجازه عليهم‪.‬‬ ‫ثانيها‪ :‬أن حديث ابن عباس هذا مضطرب قال القرطبي في شرح مسلم‪ :‬وقع فيه مع الختلف على ابن عباس‬ ‫الضطراب في لف ظه فظا هر سياقه أن هذا الح كم منقول عن جم يع أ هل ذلك الع صر والعادة تقت ضي أن يظ هر‬ ‫ذلك وينتشر ول ينفرد به ابن عباس فهذا يقتضي التوقف عن العمل بظاهره إذا لم يقتض القطع ببطلنه اهي‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬وهذا مجرّد استبعاد فإنه كم من سنّة وحادثة انفرد بها راو ول يضر سيما مثل ابن عباس بحر المة‪.‬‬ ‫ويؤيد ما قاله ابن عباس من أنها كانت الثلث واحدة ما يأتي من حديث أبي ركانة وإن كان فيه كلم وسيأتي‪.‬‬ ‫الثالث‪ :‬أن هذا الحديث ورد في صورة خاصة هي قول المطلق‪ :‬أنت طالق أنت طالق‪ .‬وذلك أنه كان في عصر‬ ‫النبوة و ما ب عد النبوّة و ما بعده وكان حال الناس محمولً على ال سلمة وال صدق فيق بل قول من ادّ عى أن الل فظ‬ ‫الثاني تأكيد ل تأسيس طلق آخر ويصدق في دعواه فلما رأى عمر َت َغيّرَ أحوال الناس وغلبة الدعاوى الباطلة‬ ‫رأى مين المصيلحة أن يجري المتكلم على ظاهير قوله ول يصيدق فيي دعوى ضميره‪ .‬وهذا الجواب ارتضاه‬ ‫القرطبي‪ ،‬قال النووي‪ :‬هو أصح الجوبة‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬ول يخ فى أ نه تقر ير لكون ن هي ع مر رأيا محضا و مع ذلك فالناس مختلفون في كل ع صر في هم ال صادق‬ ‫ل في ن فس ال مر فيح كم‬ ‫والكاذب و ما يعرف ما في ضم ير الن سان إل من كل مه فيق بل قوله وإن كان مبط ً‬ ‫بالظاهر وال يتولى السرائر مع أن ظاهر قول ابن عباس طلق الثلث واحدة أنه كان ذلك بأية عبارة وقعت‪.‬‬ ‫الرابع‪ :‬أن معنى قوله كان طلق الثلث واحدة‪ :‬أَن الطلق الذي يوقع في عهده صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم وعهد أبي‬ ‫بكر إنما كان يوقع في الغالب واحدة ل يوقع ثلثا فمراده أن هذا الطلق الذي توقعونه ثلثا كان يوقع في ذلك‬ ‫العهد واحدة فيكون قوله فلو أمضيناه عليهم بمعنى لو أجريناه على حكم ما شرع من وقوع الثلث‪.‬‬ ‫وهذا الجواب يتنزل على قوله اسيتعجلوا فيي أمير كان لهيم فييه أناة تنزلً قريبا مين غيير تكلف ويكون معناه‬ ‫الخبار عن اختلف عادات الناس في إيقاع الطلق ل في وقوعه فالحكم متقرّر‪.‬‬ ‫وقد رجح هذا التأويل ابن العربي ونسبه إلى أبي زرعة وكذا البيهقي أخرجه عنه قال‪ :‬معناه أن ما تطلقون أنتم‬ ‫ثلثا كانوا يطلقون واحدة‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬وهذا ي تم إن ات فق على أ نه لم ي قع في ع صر النبوّة إر سال ثلث تطليقات دف عة واحدة وحد يث أ بي ركا نة‬ ‫وغيره يدفعه وينبو عنه قول عمر‪" :‬فلو أمضيناه" فإنه ظاهر في أنه لم يكن مضى في ذلك العصر حتى رأى‬ ‫إمضاءه وهو دليل وقوعه في عصر النبوّة لكنه لم يمض فليس فيه أنه كان وقوع الثلث دفعة واحدة نادرا في‬ ‫ذلك العصر‪.‬‬ ‫الخامس‪ :‬أن قول ابن عباس‪ :‬كان طلق الثلث ليس له حكم الرفع فهو موقوف عليه‪.‬‬ ‫وهذا الجواب ضعيف لما تقرّر في أصول الحديث وأصول الفقه أن (كنا نفعل) (وكانوا يفعلون) له حكم الرفع‪.‬‬ ‫السادس‪ :‬أنه أريد بقوله‪ :‬طلق الثلث واحدة هو لفظ البتة إذا قال‪ :‬أنت طالق البتة وكما سيأتي في حديث ركانة‬ ‫فكان إذا قال القائل ذلك ُقبِلَ َت ْفسِيرُهُ بالواحدة وبالثلث فلما كان في عصر عمر لم يقبل منه التفسير بالواحدة‪.‬‬ ‫ق يل‪ :‬وأشار إلى هذا البخاري فإ نه أد خل في هذا الباب الثار ال تي في ها الب تة والحاد يث في ها الت صريح بالثلث‬ ‫كأنه يشير إلى عدم الفرق بينهما وأن البتة إذا أطلقت حملت على الثلث إل إذا أراد المطلق واحدة فيقبل فروى‬ ‫بعض الرواة البتة بلفظ الثلث يريد أن أصل حديث ابن عباس كان طلق البتة على عهد رسول ال صلى ال‬ ‫تعالى عليه وآله وسلم وعهد أبي بكر إلى آخره‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬ول يخفى بعد هذا التأويل وتوهيم الراوي في التبديل‪.‬‬ ‫ويبعده أن الطلق بل فظ الب تة في غا ية الندور فل يح مل عل يه ما و قع؛ ك يف وقول ع مر‪ :‬قد ا ستعجلوا في أ مر‬ ‫كانت لهم فيه أناة يدل أن ذلك واقع أيضا في عصر النبوّة‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫والقرب أن هذا رأي من عمر ترجح له كما منع من متعة الحج وغيرها وكل واحد يؤخذ من قوله ويترك غير‬ ‫رسول ال صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم وكونه خالف ما كان على عهده صلى ال تعالى عليه وآله وسلم فهو نظير متعة‬ ‫الحج بل ريب‪.‬‬ ‫والتكلفات في الجوبة ليوافق ما ثبت في عصر النبوّة ل يليق فقد ثبت عن عمر اجتهادات يعسر تطبيقها على‬ ‫ذلك نعم إن أمكن التطبيق على وجه صحيح فهو المراد‪.‬‬ ‫ل طَلّ قَ ا ْمرََأتَ ُه ثل ثَ‬ ‫ل اللّ هِ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم عَ نْ َرجُ ٍ‬ ‫عنْ ُه قالَ‪ :‬أُخ ْبرَ رَ سُو ُ‬ ‫حمُودِ بْ نِ لَبيدٍ رض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ن َم ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫ظهُ ِركُ مْ" حتى قَا مَ َرجُلٌ فَقَالَ‪ :‬يا ر سُول اللّ ِه أَل‬ ‫ن َأ ْ‬ ‫ب بكتا بِ ال وََأنَا َبيْ َ‬ ‫ن ثمّ قالَ‪َ" :‬أيُ ْلعَ ُ‬ ‫ضبَا َ‬ ‫غ ْ‬ ‫ت جميعا فَقَا مَ َ‬ ‫َتطْلِيقا ِ‬ ‫َأ ْقتُلُهُ؟ رَوَا ُه النسائي َورُوَاتُ ُه مُ َوثّقُون‪.‬‬ ‫(وعن محمود بن لبيد رضي ال عنه) ابن أبي رافع النصاري الشهلي ولد على عهد رسول ال صَلّى ال عََل ْيهِ‬ ‫وَ سَلّم وحدث عنه أحاديث قال البخاري‪ :‬له صحبة وقال أبو حاتم‪ :‬ل نعرف له صحبة وذكره مسلم في التابعين‬ ‫وكان من العلماء مات سنة ست وتسعين وقد ترجم له أحمد في مسنده وأخرج له أحاديث ليس فيها شيء صرح‬ ‫خبِ َر رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم عن رجل طَلّ قَ امرََأتَ هُ ثَل ثَ تطليقا تٍ جَميعا فقا مَ‬ ‫فيه بالسماع (قال‪ُ :‬أ ْ‬ ‫ل اللّ ِه أل َأ ْقتُلُهُ‪ .‬رواه النسائي‬ ‫ن أظْه ِركُمْ؟" حتى قام رجل فقال‪ :‬يا رسو َ‬ ‫غضْبَان ثم قال‪" :‬أيُ ْلعَبِ ب ِكتَابِ اللّهِ وَأنَا َبيْ َ‬ ‫َ‬ ‫ورواته موثقون)‪.‬‬ ‫الحد يث دل يل على أن ج مع الثلث التطليقات بد عة واختلف العلماء في ذلك فذ هب الهادو ية و أ بو حني فة ومالك‬ ‫إلى أنه بدعة‪.‬‬ ‫وذهب الشافعي وحمد والمام يحيى إلى أنه ليس ببدعة ول مكروه‪.‬‬ ‫وا ستدل الوّلون بغض به صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم وبقوله‪ :‬أيل عب بكتاب ال وب ما أخر جه سعيد بن من صور ب سند‬ ‫صحيح عن أنس‪ :‬أن عمر كان إذا أتي برجل طلق امرأته ثلثا أوجع ظهره ضربا وكأنه أخذ تحريمه من قوله‬ ‫َسيلّم‪ :‬أيلعيب بكتاب ال‪ .‬اسيتدل آخرون بقوله تعالى‪{ :‬فطلقوهين لعدتهين} وبقوله‪{ :‬والطلق‬ ‫ْهي و َ‬ ‫صيلّى ال عََلي ِ‬ ‫َ‬ ‫مرتان} وبما يأتي في حديث اللعان أنه طلقها الزوج ثلثا بحضرته صَلّى ال عََليْ ِه َوسَلّم ولم ينكر عليه‪.‬‬ ‫وأجيب بأن اليتين مطلقتان والحديث صريح بتحريم الثلث فتقيد به اليتان‪.‬‬ ‫وبأن طلق الملعن لزوجته ليس طلقا في محله لنها بانت بمجرد اللعان كما يأتي‪:‬‬ ‫واعلم أن حديث محمود لم يكن فيه دليل على أنه صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم أمضى عليه الثلث أو جعلها واحدة وإنما‬ ‫ذكره المصنف إخبارا بأنها قد وقعت التطليقات الثلث في عصره‪.‬‬ ‫ل ال صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم‪:‬‬ ‫ع ْن ُهمَا قالَ‪ :‬طَلّقَ أَبو ُركَانَةَ ُأمّ ُركَانَةَ فَقَالَ ل ُه رسُو ُ‬ ‫عبّاسٍ رَضي اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫ن ابْ نِ َ‬ ‫عْ‬ ‫وَ َ‬ ‫ح َمدَ‪" :‬طَلّ قَ أَ بو‬ ‫جعْهَا" رَوَا هُ أَبُو دَا ُودَ‪ ،‬و في َلفْ ظٍ ل ْ‬ ‫"رَا جع ا ْمرََأتَ كَ" فَقَالَ‪ :‬إنّ ي طَلّ ْقتُهَا ثلثا؟ قالَ‪َ " :‬قدْ عَِلمْ تُ‪ ،‬رَا ِ‬ ‫حدَةٌ" وفي‬ ‫حدٍ ثلثا َفحَز نَ عََل ْيهَا‪ ،‬فَقالَ لَ هُ رَ سُولُ اللّ ِه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬فإ ّنهَا وا ِ‬ ‫رُكانَةَ ا ْمرََأتَ هُ في َمجْلِ سٍ وا ِ‬ ‫س َه ْيمَةَ‬ ‫ن ِمنْ هُ‪" :‬أَنّ َأبَا رُكان َة طَلّ قَ ا ْمرََأتَ هُ ُ‬ ‫ج هٍ آخرَ َأحْس َ‬ ‫سحَاقَ وَفي ِه مَقَالٌ‪َ ،‬و َقدْ رَوَى أبُو داودَ مِ نْ َو ْ‬ ‫نإ ْ‬ ‫س َندِ ِهمَا ابْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ح َدةً‪َ ،‬ف َردّهَا إَليْ ِه النّبي صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم"‪.‬‬ ‫أَ ْل َبتّ َة فَقَالَ‪ :‬واللّهِ مَا َأ َردْتُ بها إل وَا ِ‬ ‫(وعن ابن عباس رضي ال عنهما قال‪ :‬طلق أبو ركانة) بضم الراء وبعد اللف نون (أم ركانة فقال النبي صَلّى‬ ‫ج ْعهَا" رواه أبو داود)‪.‬‬ ‫ت رَا ِ‬ ‫ال عََليْهِ َوسَلّم‪" :‬رَاجِعِ امْرَأ َتكَ" قال‪ :‬إني طلقتها ثلثا قال‪َ " :‬قدْ عَِلمْ ُ‬ ‫(وفي لفظ لحمد) أي عن ابن عباس (طلق أبو ركانة امرأته في مجلس واحد ثلثا فحزن عليها فقال له رسول‬ ‫حدَةٌ" وفي سندهما) أي حديث أبي داود وحديث أحمد (ابن إسحاق) أي محمد‬ ‫ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬فإنّها وا ِ‬ ‫صاحب السيرة‪( :‬وفيه مقال)‪.‬‬ ‫وقد حققنا في ثمرات النظر في علم أهل الثر وفي إرشاد النقاد إلى تيسير الجتهاد عدم صحة القدح بما يجرح‬ ‫روايته (وقد روى أبو داود من وجه آخر أحسن منه أن أبا ركانة طلّق امرأته سهيمة) المهملة مضمومة تصغير‬ ‫سهمة (البتة فقال‪ :‬وال ما أردث بها إل واحدة فردها إليه النبي صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم)‪.‬‬ ‫وأخرجه أبو يعلى وصححه‪ ،‬وطرقه كلها من رواية محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن‬ ‫عباس‪.‬‬ ‫وقد عمل العلماء بمثل هذا السناد في عدة من الحكام مثل حديث‪ :‬أنه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم رد ابنته على أبي‬ ‫العاص بالنكاح الول‪ ،‬تقدم‪ .‬و قد صححه أ بو داود ل نه أخر جه أيضا من طر يق أخرى و هي ال تي أشار إلي ها‬ ‫الم صنف بقوله أح سن م نه و هي أ نه أخر جه من حد يث نا فع بن عج ير بن ع بد يز يد بن ركا نة (أن ركا نة)‬ ‫الحديث‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫وصححه أيضا ابن حبان والحاكم وفيه خلف بين العلماء بين مصحح ومضعف‪.‬‬ ‫والحديث دليل على أن إرسال الثلث التطليقات في مجلس واحد يكون طلقة واحدة‪.‬‬ ‫وقد اختلف العلماء في المسألة على أربعة أقوال‪:‬‬ ‫الول‪ :‬أنه ل يقع بها شيء لنها طلق بدعة وتقدم ذكرهم وأدلتهم‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬أنه يقع به الثلث وإليه ذهب[اث] عمر[‪/‬اث] و[اث]ابن عباس[‪/‬اث] و[اث]عائشة[‪/‬اث] ورواية عن[اث]‬ ‫علي[‪/‬اث] والفقهاء الربعة وجمهور السلف والخلف واستدلوا بآيات الطلق وأنها لم تفرّق بين واحدة ول ثلث‪.‬‬ ‫وأجيب بما سلف أنها مطلقات تحتمل التقييد بالحاديث واستدلوا بما في الصحيحين‪ :‬أن عويمرا العجلني طلق‬ ‫امرأته ثلثا بحضرته صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم ولم ينكر عليه فدل على إباحة جمع الثلث وعلى وقوعها وأجيب بأن‬ ‫هذا التقرير ل يدل على الجواز ول على وقوع الثلث لن النهي إنما هو فيما يكون في طلق رافع لنكاح كان‬ ‫مطلوب الدوام‪ ،‬والمل عن أو قع الطلق على ظن أ نه ب قي له إم ساكها ولم يعلم أ نه باللعان ح صلت فر قة ال بد‬ ‫سواء كان فراقه بنفس اللعان أو بتفريق الحاكم فل يدل على المطلوب‪.‬‬ ‫واستدلوا بما في المتفق عليه أيضا في حديث فاطمة بنت قيس‪ :‬أن زوجها طلقها ثلثا وأنه صَلّى ال عََليْ ِه وَسَلّم‬ ‫لما أخبر بذلك قال‪ :‬ليس لها نفقة وعليها العدة‪.‬‬ ‫وأجييب بأنيه لييس فيي الحدييث تصيريح بأنيه أوقيع الثلث فيي مجلس واحيد فل يدل على المطلوب قالوا‪ :‬عدم‬ ‫استفصاله صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم هل كان في مجلس أو مجالس دال على أنه ل فرق في ذلك‪.‬‬ ‫ويجاب عنه بأنه لم يستفصل لنه كان الواقع في ذلك العصر غالبا عدم إرسال الثلث كما تقدم‪.‬‬ ‫وقول نا‪ :‬غالبا لئل يقال‪ :‬قد أ سلفنا أن ها وق عت الثلث في ع صر النبوة ل نا نقول‪ :‬ن عم ل كن نادرا وم ثل هذا ما‬ ‫استدلوا به من حديث عائشة‪ :‬أن رجلً طلق امرأته ثلثا فتزوجت فطلق الخر فسئل رسول ال صلى ال عليه‬ ‫وعلى آله وسلم أتحل للول؟ قال‪ :‬ل حتى يذوق عسيلتها أخرجه البخاري‪.‬‬ ‫والجواب عنه هو ما سلف ولهم أدلة من السنة فيها ضعف فل تقوم بها حجة فل نعظم بها حجم الكتاب‪.‬‬ ‫وكذلك ما استدلوا به من فتاوى الصحابة أقوال أفراد ل تقوم بها حجة‪.‬‬ ‫القول الثالث‪ :‬إنهيا تقيع بهيا واحدة رجعيية وهيو مروي عين[اث] علي[‪/‬اث] و[اث]ابين عباس[‪/‬اث] وذهيب إلييه‬ ‫الهادي والقاسم والصادق والباقر ونصره أبو العباس ابن تيمية وتبعه ابن القيم تلميذه على نصره‪.‬‬ ‫واستدلوا بما مرّ من حديثي ابن عباس وهما صريحان في المطلوب وبأن أدلة غيره من القوال غير ناهضة‪.‬‬ ‫أما الول والثاني فلما عرفت ويأتي ما في غيرهما‪.‬‬ ‫القول الرا بع‪ :‬أ نه يفرق ب ين المدخول ب ها وغير ها فت قع الثلث على المدخول ب ها وت قع على غ ير المدخول ب ها‬ ‫واحدة وهو قول جماعة من أصحاب ابن عباس وإليه ذهب إسحاق بن راهويه واستدلوا بما وقع في رواية أبي‬ ‫داود‪:‬‬ ‫"أما علمت أن الرجل كان إذا طلق امرأته ثلثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول ال صَلّى ال‬ ‫عََليْهِ َوسَلّم الحديث"‪.‬‬ ‫وبالقياس فإنه إذا قال‪ :‬أنت طالق بانت منه بذلك فإذا أعاد اللفظ لم يصادف محلً للطلق فكان لغوا‪.‬‬ ‫وأج يب ب ما مرّ من ثبوت ذلك في حق المدخولة وغير ها فمفهوم حد يث أ بي داود ل يقاوم عموم أحاد يث ا بن‬ ‫عباس‪.‬‬ ‫واعلم أن ظاهر الحاديث أنه ل فرق بين أن يقول‪ :‬أنت طالق ثلثا أو يكرر هذا اللفظ ثلثا وفي كتب الفروع‬ ‫أقوال وخلف في التفرقة بين اللفاظ لم يستند إلى دليل واضح‪.‬‬ ‫وقيد أطال الباحثون فيي الفروع فيي هذه المسيألة القوال وقيد أطبيق أهيل المذاهيب الربعية على وقوع الثلث‬ ‫متابعية لمضاء عمير لهيا واشتيد نكيرهيم على مين خالف ذلك وصيارت هذه المسيألة علما عندهيم للرافضية‬ ‫والمخالفين‪ ،‬وعوقب بسبب الفتيا بها شيخ السلم ابن تيم ية وطيف بتلميذه الحافظ ابن القيم على جمل بسبب‬ ‫الفتوى بعدم وقوع الثلث‪.‬‬ ‫ول يخفى أن هذه محض عصبية شديدة في مسألة فرعية قد اختلف فيها سلف المة وخلفها فل نكير على من‬ ‫ذ هب إلى قول من القوال المختلف في ها ك ما هو معروف و ها ه نا يتم يز المن صف من غيره من فحول النظار‬ ‫والتقياء من الرجال‪.‬‬ ‫جدّ‪:‬‬ ‫جدّ وَ َهزْلُهُنّ ِ‬ ‫جدّهُنّ ِ‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬ثَل ثٌ ِ‬ ‫ع نْ أَ بي ُه َر ْيرَةَ ر ضي اللّ ُه عن ُه قالَ‪ :‬قالَ ر سو ُ‬ ‫وَ َ‬ ‫خرَ‬ ‫ج ٍه آ َ‬ ‫ي مِ نْ َو ْ‬ ‫عدِ َ‬ ‫ححَ ُه الحاك مُ‪ ،‬و في روا ية ل بن َ‬ ‫صّ‬ ‫جعَةُ" رَوَا ُه ال ْربَعَ ُة إل النّ سائيّ وَ َ‬ ‫النّكا حُ وَالطّل قُ وال ّر ْ‬ ‫‪6‬‬

‫ن ال صّامِتِ رَ َفعَ هُ‪" :‬ل َيجُوزُ‬ ‫عبَاد َة ب ِ‬ ‫ن حدي ثِ ُ‬ ‫ن أَ بي أُ سامَةَ مِ ْ‬ ‫ضَعي فٍ‪" :‬الطّل قُ وَالنّكا حُ وَا ْل ِعتَا قُ"‪ ،‬ول ْلحَار ثِ ب ِ‬ ‫س َندُهُ ضعيفٌ‪.‬‬ ‫جبْنَ" َو َ‬ ‫ب في ثلثٍ‪ :‬الطّلقِ والنّكاحِ وَال ِعتَاقِ َفمَنْ قَاَلهُنّ فَ َقدْ َو َ‬ ‫الّلعِ ُ‬ ‫جدّ‪:‬‬ ‫جدّ و َهزُْلهُنّ ِ‬ ‫جدّهُنّ ِ‬ ‫(وعن أبي هريرة رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪" :‬ثلثٌ ِ‬ ‫النكا حُ والطّل قُ وال ّرجْعَة" رواه الرب عة إل الن سائي و صححه الحا كم‪ ،‬و في روا ية) عن أ بي هريرة ر ضي ال‬ ‫عنه (لبن عدي من وجه آخر ضعيف "الطّلقُ وا ْلعِتاقُ وال ّنكَاحُ") وقد بين معناها قوله‪:‬‬ ‫(وللحارث بن أ بي أ سامة من حد يث عبادة بن ال صامت رف عه‪" :‬ل يجُوزُ الّلعِ بُ في ثَل ثٍ‪ :‬الطّل قِ وال ّنكَا حِ‬ ‫ج ْبنَ"‪ .‬وسنده ضعيف) لن فيه [تض]ابن لهيعة[‪/‬تض] وفيه انقطاع أيضا‪.‬‬ ‫ن فَ َقدْ َو َ‬ ‫ن قَالهُ ّ‬ ‫وا ْل ِعتَاقِ َفمَ ْ‬ ‫والحاديث دلت على وقوع الطلق من الهازل وأنه ل يحتاج إلى النية في الصريح وإليه ذهب الهادوية والحنفية‬ ‫والشافعية‪.‬‬ ‫وذهب أحمد والناصر والصادق والباقر إلى أنه ل بد من النية لعموم حديث العمال بالنيات‪.‬‬ ‫وأجيب بأنه عام خصه ما ذكر من الحاديث ويأتي الكلم في العتق‪.‬‬ ‫سهَا مَا لَ مْ‬ ‫ح ّدثَ تْ ِب هِ َأنْفُ َ‬ ‫ن ُأمّتي مَا َ‬ ‫ن اللّ َه َتعَالَى َتجَا َوزَ عَ ْ‬ ‫ن النّبيّ صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم قَالَ‪" :‬إ ّ‬ ‫ع نْ أَبي ُه َر ْيرَةَ عَ ِ‬ ‫وَ َ‬ ‫َت ْعمَلْ َأوْ َتكَّلمْ" ُمتّفقٌ عََليْهِ‪.‬‬ ‫ح ّدثَ تْ‬ ‫ع نْ ُأمّتي مَا َ‬ ‫ن اللّ َه َتعَالَى َتجَا َوزَ َ‬ ‫ن النّبيّ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم قَالَ‪" :‬إ ّ‬ ‫ع نْ أَبي ُهرَ ْيرَ َة رضي ال عنه عَ ِ‬ ‫(وَ َ‬ ‫سهَا مَا َل ْم َت ْعمَلْ أَ ْو َتكَّلمْ" ُمتّفقٌ عََليْهِ)‪.‬‬ ‫ِبهِ َأنْ ُف َ‬ ‫ورواه ابن ماجه من حديث أبي هريرة بلفظ‪ :‬عما توسوس به صدورها بدل‪ :‬ما حدثت به أنفسها وزاد في آخره‬ ‫"وما استكرهوا عليه"‪.‬‬ ‫قال المصنف‪ :‬وأظن الزيادة هذه مدرجة كأنها دخلت على هشام بن عمار من حديث في حديث‪.‬‬ ‫والحديث دليل على أنه ل يقع الطلق بحديث النفس وهو قول الجمهور‪.‬‬ ‫وروي عن ابن سيرين والزهري ورواية عن مالك بأنه إذا طلق في نفسه وقع الطلق وقواه ابن العربي بأن من‬ ‫اعت قد الك فر بقل به و من أ صر على المع صية أ ثم وكذلك من قذف م سلما بقل به و كل ذلك من أعمال القلب دون‬ ‫اللسان‪.‬‬ ‫ويجاب عنه بأن الحديث المذكور أخبر عن ال تعالى بأنه ل يؤاخذ المة بحديث نفسها وأنه تعالى قال‪{ :‬ليكلف‬ ‫ال نفسا إل وسعها} وحديث النفس يخرج عن الوسع‪ .‬نعم السترسال مع النفس في باطل أحاديثها يصير العبد‬ ‫عازما على الفعل فيخاف منه الوقوع فيما يحرم فهو الذي ينبغي أن يسارع بقطعه إذا خطر‪.‬‬ ‫وأما احتجاج ابن العربي بالكفر والرياء فل يخفى أنهما من أعمال القلب فهما مخصوصان من الحديث‪.‬‬ ‫على أن العتقاد وقصد الرياء قد خرجا عن حديث النفس وأما المصر على المعصية فالثم على عمل المعصية‬ ‫المتقدم على ال صرار فإ نه دال على أ نه لم ي تب عن ها وا ستدل به على أن من ك تب الطلق طل قت امرأ ته ل نه‬ ‫عزم بقلبه وعمل بكتابته وهو قول الجمهور‪.‬‬ ‫وشرط مالك فيه الشهاد على ذلك وسيأتي‪:‬‬ ‫طأَ‬ ‫خَ‬ ‫ن ُأمّ تي ا ْل َ‬ ‫ن النّبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم قالَ‪" :‬إن ال َوضَ عَ عَ ْ‬ ‫ع ْنهُمَا عَ ِ‬ ‫س ر ضي ال َتعَالَى َ‬ ‫عبّا ٍ‬ ‫ع نِ اب نِ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ن مَاجَهْ والحاكِ ْم وقالَ أَبو حاتم‪ :‬ل َي ْثبُتُ‪.‬‬ ‫ستُكْرهُوا عََليْهِ" رَوَا ُه اب ُ‬ ‫والنّسيانَ َومَا ا ْ‬ ‫خطَأَ‬ ‫ع ْنهُمَا عَ نِ النّبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قالَ‪" :‬إن ال َوضَ عَ عَ نْ ُأمّ تي ا ْل َ‬ ‫عبّا سٍ ر ضي ال َتعَالَى َ‬ ‫ن اب نِ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ن مَاجَهْ والحاكِ ْم وقالَ أَبو حاتم‪ :‬ل َي ْثبُتُ)‪.‬‬ ‫ستُكْرهُوا عََليْهِ" رَوَا ُه اب ُ‬ ‫والنّسيانَ َومَا ا ْ‬ ‫وقال النووي في الروضة في تعليق الطلق‪ :‬إنه حديث حسن وكذا قال في أواخر الربعين له اهي‪.‬‬ ‫وللحديث أسانيد وقال ابن أبي حاتم إنه سأل أباه عن أسانيده فقال‪ :‬هذه أحاديث منكرة كلها موضوعة‪.‬‬ ‫وقال ع بد ال بن أح مد في العلل‪ :‬سألت أ بي ع نه فأنكره جدا وقال‪ :‬ل يس يروى هذا إل عن الح سن عن ال نبي‬ ‫صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم‪.‬‬ ‫ونقل الخلل عن أحمد أنه قال‪ :‬من زعم أن الخطأ والنسيان مرفوع فقد خالف كتاب ال وسنة رسول ال صَلّى‬ ‫ال عََليْهِ َوسَلّم فإن ال أوجب في قتل النفس الخطأ الكفارة‪.‬‬ ‫والحديث دليل على أن الحكام الخروية من العقاب معفوّة عن المة المحمدية إذا صدرت عن خطإ أو نسيان‬ ‫أو إكراه‪.‬‬ ‫وأما ابتناء الحكام والثار الشرعية عليها ففي ذلك خلف بين العلماء‪.‬‬ ‫فاختلفوا في طلق الناسي فعن الحسن أنه كان يراه كالعمد إل إذا اشترط أخرجه ابن أبي شيبة عنه‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫وعن عطاء وهو قول الجمهور أنه ل يكون طلقا للحديث وكذا ذهب الجماهير أنه ل يقع طلق الخاطىء وعن‬ ‫الحنفية يقع‪.‬‬ ‫واختلف في طلق المكره فعند الجماهير ل يقع‪.‬‬ ‫ويروى عين النخعيي وبيه قالت الحنفيية إنيه يقيع واسيتدل الجمهور بقوله تعالى‪{ :‬إل مين أكره وقلبيه مطمئن‬ ‫باليمان}‪.‬‬ ‫وقال عطاء‪ :‬الشرك أع ظم من الطلق وقرر الشاف عي ال ستدلل بأن ال تعالى لمّا و ضع الك فر ع من تل فظ به‬ ‫حال الكراه وأسقط عنه أحكام الكفر كذلك سقط عن المكره دون الكفر لن العظم إذا سقط سقط ما هو دونه‬ ‫بطريق الولى‪.‬‬ ‫ن َلكُ مْ في ر سولِ اللّ هِ صَلّى ال عََليْ هِ‬ ‫س بشيءٍ‪َ ،‬وقَالَ‪ :‬لَ َقدْ كا َ‬ ‫حرّ مَ ال ّرجُلُ ا ْمرََأتَ هُ َليْ َ‬ ‫س قَالَ‪" :‬إذا َ‬ ‫عبّا ٍ‬ ‫ع نِ اب نِ َ‬ ‫وَ‬ ‫ح ّرمَ ال ّرجُلُ ا ْمرََأتَ ُه فَهُ َو يمينٌ يكَ ّفرُهَا"‪.‬‬ ‫عبّاسٍ‪" :‬إذا َ‬ ‫ن ابْنِ َ‬ ‫سنَةٌ" رَوَاهُ ال ُبخَاريّ‪ ،‬ول ُمسْلمٍ عَ ِ‬ ‫حَ‬ ‫َوسَلّم ُأسْوَ ٌة َ‬ ‫ل اللّ هِ‬ ‫ن َلكُ مْ في ر سو ِ‬ ‫س بشيءٍ‪َ ،‬وقَالَ‪ :‬لَ َق ْد كا َ‬ ‫حرّ مَ ال ّرجُلُ ا ْمرََأتَ ُه َليْ َ‬ ‫عبّا سٍ ر ضي ال ع نه قَالَ‪" :‬إذا َ‬ ‫ن اب نِ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫(و َ‬ ‫ل ا ْمرَأَتَ ُه َفهُوَ يمي نٌ‬ ‫حرّ َم الرّجُ ُ‬ ‫عبّا سٍ‪" :‬إذا َ‬ ‫ن ابْ نِ َ‬ ‫سنَةٌ" َروَا ُه ال ُبخَاريّ‪ ،‬ولمُ سْلمٍ عَ ِ‬ ‫صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم أُ سْ َوةٌ حَ َ‬ ‫يكَ ّفرُهَا")‪.‬‬ ‫الحد يث موقوف وف يه دل يل على أن تحر يم الزو جة ل يكون طلقا وإن كان يلزم ف يه كفارة يم ين ك ما دلت له‬ ‫روا ية م سلم فمراده ل يس بطلق ل أ نه ل ح كم له أ صلً‪ .‬و قد أخرج ع نه البخاري هذا الحد يث بل فظ إذا حرم‬ ‫الرجل امرأته فإنما هي يمين يكفرها فدل على أنه المراد بقوله ليس بشيء أنه ليس بطلق‪.‬‬ ‫ويحتمل أنه أراد ل يلزم فيه شيء وتكون رواية أنه يمين رواية أخرى فيكون له قولن في المسألة‪.‬‬ ‫والمسألة اختلف فيها السلف من الصحابة والتابعين والخلف من الئمة المجتهدين حتى بلغت القوال إلى ثلثة‬ ‫ل أصولً وتفرعت إلى عشرين مذهبا‪.‬‬ ‫عشر قو ً‬ ‫الول‪ :‬أنه لغو ل حكم له في شيء من الشياء وهو قول جماعة من السلف وقول الظاهرية والحجة على ذلك‬ ‫أن التحريم والتحليل إلى ال تعالى كما قال تعالى‪{ :‬ول تقولوا لما تصف ألسنتكم} وقد قال لنبيه صلى ال عليه‬ ‫وآله وسلم‪{ :‬لم تحرم ما أحل ال لك} وقال تعالى‪{ :‬يا أيها الذين امنوا ل تحرموا طيبات ما أحل لكم}‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬ولنه ل فرق بين تحليل الحرام وتحريم الحلل فلما كان الول باطلً فليكن الثاني باطلً‪.‬‬ ‫ثم قوله‪ :‬هي حرام إن أراد به النشاء فإنشاء التحريم ليس إليه وإن أراد به الخبار فهو كذب‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬ونظرنا إلى ما سوى هذا القول يعني من القوال التي هي في المسألة فوجدناها أقوالً مضطربة ل برهان‬ ‫عليها من ال فيتعين القول بهذا‪.‬‬ ‫وهذا القول يدل عليه حديث ابن عباس وتلوته لقوله تعالى‪{ :‬لقد كان لكم في رسول ال إسوة حسنة} فإنه دال‬ ‫على أ نه ل يحرم بالتحر يم ما حر مه على نف سه فإن ال تعالى أن كر على ر سوله تحر يم ما أ حل ال له وظاهره‬ ‫أنها ل تلزم الكفارة‪.‬‬ ‫وأما قوله تعالى‪{ :‬قد فرض لكم تحلّة أيمانكم} فإنها كفارة حلفه صلى ال عليه وآله وسلم كما أخرجه الطبري‬ ‫بسند صحيح عن زيد بن أسلم التابعي المشهور قال‪ :‬أصاب رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم أم إبراهيم ولده‬ ‫في بيت بعض نسائه فقالت‪ :‬يا رسول ال في بيتي وعلى فراشي فجعلها عليه حراما فقالت‪ :‬يا رسول ال كيف‬ ‫تحرّم الحلل؟ فحلف بال ل يصيبها فنزلت‪.‬‬ ‫هذا أحد القولين فيما حرّمه صلى ال عليه وآله وسلم وسيأتي القول الخر في تحريم إيلئه صلى ال عليه وآله‬ ‫وسلم‪.‬‬ ‫والحد يث وإن كان مر سلً ف قد أخرج الن سائي ب سند صحيح عن أ نس ر ضي ال ع نه‪ :‬أن ال نبي صلى ال عل يه‬ ‫وآله وسلم كانت له أمة يطؤها فلم تزل به حفصة وعائشة حتى حرمها فأنزل ال‪{ :‬يا أيها النبي لم تحرم} وهذا‬ ‫أصح طرق سبب النزول والمرسل عن زيد قد شهد له هذا‪ ،‬فالكفارة لليمين ل مجرّد التحريم‪.‬‬ ‫ي حرام‪ :‬لغو‪ ،‬وإنما يلزمه كفارة‬ ‫وقد فهم هذا زيد بن أسلم فقال بعد روايته القصة يقول الرجل لمرأته أنت عل ّ‬ ‫يمين إن حلف‪ .‬وحينئذ فالسوة برسول ال صلى ال تعالى عليه وعلى آله وسلم إلغاء التحريم والتكفير إن حلف‬ ‫وهذا القول أقرب القوال المذكورة وأرجحها عندي فلم أسرد شيئا منها‪.‬‬ ‫ن َلمّا ُأ ْدخِلَ تْ عَلى رَ سُولِ اللّ هِ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم و َدنَا ِم ْنهَا‬ ‫جوْ ِ‬ ‫ع ْنهَا أَنّ ا ْبنَةَ ا ْل َ‬ ‫ع نْ عا ِئشَ َة رضي اللّ هُ َتعَالَى َ‬ ‫وَ َ‬ ‫حقِي بأَهِْلكِ" رَوَا ُه البُخاريّ‪.‬‬ ‫عذْتِ ب َعظِيم ا ْل َ‬ ‫قالتْ‪ :‬أَعُوذُ باللّ ِه ِم ْنكَ‪ ،‬فَقَالَ لها‪" :‬لَ َقدْ ُ‬ ‫‪8‬‬

‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم و َدنَا ِم ْنهَا‬ ‫ن َلمّا ُأ ْدخِلَ تْ عَلى رَ سُو ِ‬ ‫ع ْنهَا أَنّ ا ْبنَ َة ا ْلجَوْ ِ‬ ‫ع نْ عا ِئشَةَ رضي اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫(وَ َ‬ ‫حقِي بأَهِْلكِ" رَوَا ُه البُخاريّ)‪.‬‬ ‫عذْتِ ب َعظِيم ا ْل َ‬ ‫قالتْ‪ :‬أَعُوذُ باللّ ِه ِم ْنكَ‪ ،‬فَقَالَ لها‪" :‬لَ َقدْ ُ‬ ‫اختلف في اسم ابنة الجون المذكورة اختلفا كثيرا ونفع تعيينها قليل فل نشتغل بنقله‪.‬‬ ‫أخرج ا بن سعد من طر يق ع بد الوا حد بن أ بي عون قال‪ :‬قدم النعمان بن أ بي الجون الكندي على ر سول ال‬ ‫صلى ال عليه وآله وسلم فقال‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬أزوّجك أجمل أيم في العرب كانت تحت ابن عم لها فتوفي وقد‬ ‫رغبت فيك؟ قال‪ :‬نعم قال‪ :‬فابعث من يحملها إليك فبعث معه أبا أسيد الساعدي قال أبو أسيد‪ :‬فأقمت ثلثة أيام‬ ‫ثم تحملت ب ها م عي في مح فة فأقبلت ب ها ح تى قد مت المدي نة فأنزلت ها في ب ني ساعدة ووج هت إلى ر سول ال‬ ‫صلى ال عليه وآله وسلم وهو في بني عمرو بن عوف فأخبرته الحديث‪.‬‬ ‫قال ابن أبي عون‪ :‬وكان ذلك في ربيع الول سنة سبع ثم أخرج ذلك من طريقين‪.‬‬ ‫و في تمام الق صة ق يل ل ها‪ :‬ا ستعيذي م نه فإ نه أح ظى لك عنده وخد عت ل ما رئي من جمال ها وذ كر لر سول ال‬ ‫صلى ال عليه وآله وسلم من حملها على ما قالت‪.‬‬ ‫قال‪ :‬إنهن صواحب يوسف وكيدهن‪.‬‬ ‫والحدييث دلييل على أن قول الرجيل لمرأتيه‪ :‬الحقيي بأهلك طلق لنيه لم يرو أنيه زاد غيير ذلك فيكون كنايية‬ ‫طلق إذا أريد به الطلق كان طلقا قال البيهقي‪ :‬زاد ابن أبي ذئب عن الزهري الحقي بأهلك جعلها تطليقة‪.‬‬ ‫ويدل على أنه كناية طلق أنه قد جاء في قصة كعب بن مالك أنه لمّا قيل له اعتزل امرأتك قال الحقي بأهلك‬ ‫فكوني عندهم ولم يرد الطلق فلم تطلق وإلى هذا ذهب الفقهاء الربعة وغيرهم‪.‬‬ ‫وقالت الظاهرية‪ :‬ل يقع الطلق بالحقي بأهلك‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬وال نبي صلى ال عل يه وآله و سلم لم ي كن قد ع قد باب نة الجون وإن ما أر سل إلي ها ليخطب ها إذ الروايات قد‬ ‫اختل فت في ق صتها ويدل على أ نه لم ي كن ع قد ب ها ما في صحيح البخاري أ نه صلى ال عل يه وآله و سلم قال‪:‬‬ ‫( هبي لي نف سك قالت‪ :‬و هل ت هب المل كة نف سها لل سوقة فأهوى لي ضع يده علي ها لت سكن فقالت‪ :‬أعوذ بال م نك)‬ ‫قالوا‪ :‬فطلب الهبة دال على أنه لم يكن عقد بها ويبعد ما قالوه‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬ليضع يده) ورواية (فلما دخل عليها) فإن ذلك إنما يكون مع الزوجة‪.‬‬ ‫وأما قوله‪ :‬هبي لي نفسك فإنه قال تطييبا لخاطرها واستمالة لقلبها ويؤيده ما سلف من رواية‪ :‬أنها رغبت فيك‪.‬‬ ‫وقد روي اتفاقه مع أبيها على مقدار صداقها وهذه وإن لم تكن صرائح في العقد بها إل أنه أقرب الحتمالين‪.‬‬ ‫عتْ قَ إل َب ْعدَ‬ ‫ل اللّ هِ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬ل طَل قَ إل ب ْعدَ نِكاح‪ ،‬ول ِ‬ ‫عنْ ُه قالَ‪ :‬قالَ ر سُو ُ‬ ‫ن جابرٍ رض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫سنَادُ ُه حَسَنٌ‪،‬‬ ‫خ َرمَة ِمثْلَهُ وإ ْ‬ ‫ن َم ْ‬ ‫ن ا ْلمِسْوَر ب ِ‬ ‫ن مَاجَهْ عَ ِ‬ ‫خرَجَ ابْ ُ‬ ‫ححَ ُه الحاكِمُ وَ ُهوَ َمعْلُولٌ‪ ،‬وََأ ْ‬ ‫صّ‬ ‫مِلْكٍ" رَوَاهُ أَبو َيعْلى و َ‬ ‫ل َأيْضا‪.‬‬ ‫لكنّ ُه َمعْلُو ٌ‬ ‫عتْ قَ إل‬ ‫(وعن جابر رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪" :‬ل طَل قَ إل َب ْعدَ ِنكَا حٍ ول ِ‬ ‫َب ْعدَ مِلْ كٍ" رواه أبو يعلى وصححه الحاكم) وقال‪ :‬أنا متعجب من الشيخين كيف أهمله ل قد صح على شرطهما‬ ‫من حديث ابن عمر وعائشة وعبد ال بن عباس ومعاذ بن جبل وجابر انتهى‪( .‬وهو معلول) بما قاله الدارقطني‪:‬‬ ‫الصحيح مرسل ليس فيه جابر‪.‬‬ ‫قال يحيى بن معين‪" :‬ل يصح عن النبي صلى ال عليه وآله وسلم‪ :‬ل طلق قبل نكاح"‪.‬‬ ‫وقال ابن عبد البر‪ :‬روي من وجوه إل إنها عند أهل العلم بالحديث معلولة انتهى‪.‬‬ ‫ولكنه يشهد له قوله‪:‬‬ ‫خرَ مة) بف تح الم يم‬ ‫(وأخرج ا بن ما جه عن الم سور) بك سر الم يم و سكون ال سين المهملة وف تح الواو فراء (ا بن َم ْ‬ ‫فخاء معجمة ساكنة (مثله وإسناده حسن لكنه معلول أيضا) لنه اختلف فيه على الزهري‪.‬‬ ‫قال علي بن الحسين بن واقد عن هشام عن سعيد عن الزهري عن عروة عن المسور‪.‬‬ ‫وقال حماد بن خالد عن هشام عن سعيد عن الزهري عن عروة عن عائ شة و عن أ بي ب كر و عن أ بي هريرة‬ ‫وأبي موسى الشعري وأبي سعيد الخدري وعمران بن حصين وغيرهم‪ ،‬ذكرها البيهقي في الخلفيات‪.‬‬ ‫وقال البيهقي‪ :‬أصح حديث فيه حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده‪ ،‬قال الترمذي‪ :‬هو أحسن شيء روي‬ ‫في هذا الباب‪.‬‬ ‫ولفظه عند أصحاب السنن‪" :‬ليس على رجل طلق فيما ل يملك" الحديث‪.‬‬ ‫قال البيهقي‪ :‬قال البخاري‪ :‬أصح شيء فيه وأشهره حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ويأتي‪.‬‬ ‫‪9‬‬

‫وحديث الزهري عن عائشة وعن علي ومداره على جويبر عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي وجويبر‬ ‫متروك‪.‬‬ ‫ثم قال البيهقي‪ :‬ورواه ابن ماجه بإسناد حسن‪.‬‬ ‫والحد يث دل يل على أ نه ل ي قع الطلق على المرأة الجنب ية فإن كان تنجيزا فإجماع وإن كان تعليقا بالنكاح كأن‬ ‫يقول إن نكحت فلنة فهي طالق ففيه ثلث أقوال‪:‬‬ ‫الول‪ :‬أنه ل يقع مطلقا وهو قول الهادوية والشافعية وأحمد وداود وآخرين ورواه البخاري عن اثنين وعشرين‬ ‫صحابيا‪.‬‬ ‫ودليل هذا القول حديث الباب وإن كان فيه مقال من قبل السناد فهو متأيد بكثرة الطرق وما أحسن ما قال ابن‬ ‫عباس قال ال تعالى‪{ :‬يا أيها الذين امنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن} ولم يقل إذا طلقتموهن ثم نكحتموهن‬ ‫وبأ نه إذا قال المطلق إن تزو جت فل نة هي طالق مطلق لجنب ية فإن ها ح ين أن شأ الطلق أجنب ية والمتجدد هو‬ ‫نكاحها فهو كما لو قال لجنبية إن دخلت الدار فأنت طالق فدخلت وهي زوجته لم تطلق إجماعا‪.‬‬ ‫وذهب أبو حنيفة وهو أحد قوَليْ المؤيد بال إلى أنه يصح التطليق مطلقا‪.‬‬ ‫ل امرأةٍ أَتزوجُ ها من ب ني فلن أو من بلد كذا‬ ‫وذ هب مالك وآخرون إلى التف صيل فقالوا‪ :‬إن خَ صّ بأن يقول ك ّ‬ ‫فهي طالق أو قال‪ :‬في وقت كذا وقع الطلق‪.‬‬ ‫وإن عمم وقال‪ :‬كل امرأة أتزوجها فهي طالق لم يقع شيء‪.‬‬ ‫وقال في نهاية المجت هد‪ :‬سبب الخلف هل من شرط وقوع الطلق وجود الملك متقدما على الطلق بالزمان أو‬ ‫ليس من شرطه فمن قال هو من شرطه قال ل يتعلق الطلق بالجنبية ومن قال ليس من شرطه إل وجود الملك‬ ‫فقط قال‪ :‬يقع‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬دعوى الشرطية تحتاج إلى دليل ومن لم يدعها فالصل معه‪.‬‬ ‫ثم قال‪ :‬وأما الفرق بين التخصيص والتعميم فاستحسان مبني على المصلحة وذلك إذا وقع فيه التعميم فلو قلنا‬ ‫بوقوعه امتنع منه التزويج فلم يجد سبيلً إلى النكاح الحلل فكان من باب النذر بالمعصية وأما إذا خصص فل‬ ‫يمتنع منه ذلك اهي‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬سبق الجواب عن هذا بعدم الدليل على الشرطية‪.‬‬ ‫هذا والخلف في الع تق م ثل الخلف في الطلق في صح ع ند أ بي حني فة وأ صحابه وع ند أح مد في أ صح قول يه‬ ‫ل على‬ ‫وعليه أصحابه ومنهم ابن القيم فإنه فرق بين الطلق والعتاق فأبطله في الول وقال به في الثاني مستد ً‬ ‫الثاني بأن العتق له قوة وسراية فإنه يسري إلى ملك الغير‪.‬‬ ‫ولنه يصح أن يجعل الملك سببا للعتق كما لو اشترى عبدا ليعتقه عن كفارة أو نذر أو اشتراه بشرط العتق‪.‬‬ ‫ولن العتق من باب القرب والطاعات‪ ،‬وهو يصح النذر به وإن لم يكن حال النذر به مملوكا كقولك‪ :‬لئن آتاني‬ ‫ال من فضله لصدقنّ بكذا وكذا‪ ،‬ذكره في الهدي النبوي‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬ول يخ فى ما ف يه فإن ال سراية إلى ملك الغ ير تفر عت من إعتا قه ل ما يمل كه من الش قص فح كم الشارع‬ ‫بالسراية لعدم تبعض العتق وأما قوله‪ :‬ولنه يصح أن يجعل الملك سببا للعتق كما لو اشترى عبدا ليعتقه فيجاب‬ ‫عنه بأنه ل يعتق هذا الذي اشتراه إل بإعتاقه كما قال ليعتقه وهذا عتق لما يملكه‪.‬‬ ‫وأما قوله‪ :‬إنه يصح النذر ومثله بقوله‪ :‬لئن آتاني ال من فضله فهذه فيها خلف ودليل المخالف أنه قال صَلّى‬ ‫ال عََليْهِ َوسَلّم ل نذر فيما ل يملك ابن آدم كما يفيده قوله‪:‬‬ ‫ع ْن ُهمَا قالَ‪ :‬قالَ رسولُ ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬ل َن ْذرَ‬ ‫جدّ ِه رضي اللّ هُ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ش َعيْ بٍ عَ نْ َأبِي هِ عَ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫عمْرو بْ ِ‬ ‫ع نْ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫خرَجَ ُه أَبُو داودَ وَال ّت ْرمِذيّ‬ ‫عتْ قَ لَ ُه فِيمَا ل َيمْلِ كُ‪ ،‬ول طَل قَ لَ ُه في ما ل يمْل كُ" َأ ْ‬ ‫ن آدَ مَ في ما ل َيمْلِ كُ‪ ،‬وَل ِ‬ ‫لبْ ِ‬ ‫ح مَا و َردَ فيه‪.‬‬ ‫ن ا ْل ُبخَاريّ َأّنهُ َأصَ ّ‬ ‫صحّحَهُ‪َ ،‬ونُقِلَ عَ ِ‬ ‫َو َ‬ ‫جدّ ِه قالَ‪ :‬قالَ ر سولُ ال صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم‪" :‬ل َن ْذرَ لبْ نِ آدَ مَ في ما ل‬ ‫ن َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن َأبِي هِ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ش َعيْ بٍ َ‬ ‫عمْرو بْ نِ ُ‬ ‫ع نْ َ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ع نِ‬ ‫ححَهُ‪َ ،‬ونُقِلَ َ‬ ‫صّ‬ ‫خ َرجَ هُ أَبُو داودَ وَال ّت ْرمِذيّ وَ َ‬ ‫عتْ قَ لَ ُه فِيمَا ل َيمْلِ كُ‪ ،‬ول طَل قَ َل هُ في ما ل يمْل كُ" َأ ْ‬ ‫َيمْلِ كُ‪ ،‬وَل ِ‬ ‫ح مَا و َر َد فيه)‪.‬‬ ‫ي َأنّهُ َأصَ ّ‬ ‫ا ْل ُبخَار ّ‬ ‫تقدم الكلم في ذلك مستوفى‪.‬‬ ‫عنْهَا عَ نِ النّبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قالَ‪" :‬رُف عَ ا ْلقَلَ مُ عَ نْ ثَلثَةٍ‪ :‬ع نِ النّائ مِ حتى‬ ‫ن عائشَةَ ر ضي ال َتعَالَى َ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫ححَهُ‬ ‫ل أَ ْو يُفيقَ" رَوَا ُه َأحَمدُ وال ْر َبعَةُ إل الترمِذيّ وص ّ‬ ‫عنِ المَجنْونِ حتى َيعْقِ َ‬ ‫ن الصّغير حَتى َي ْك ُبرَ‪ ،‬وَ َ‬ ‫س َتيْ ِقظَ‪ ،‬وَعَ ِ‬ ‫يَ ْ‬ ‫حبّانَ‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫خ َرجَ ُه اب ُ‬ ‫الحاكمُ وَأ ْ‬ ‫‪10‬‬

‫(وعن عائشة رضي ال عنها عن النبي صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم‪" :‬رُفع ا ْلقَلَمُ") أي ليس يجري أصالة ل أنه رفع بعد‬ ‫وضع‪.‬‬ ‫والمراد برفع القلم عدم المؤاخذة ل قلم الثواب فل ينافيه صحة إسلم الصبي المميز كما ثبت في غلم اليهودي‬ ‫الذي كان يخدم النبي صلى ال عليه وآله وسلم فعرض عليه النبي صلى ال عليه وآله وسلم السلم فأسلم فقال‪:‬‬ ‫الحمد ل الذي أَنقذه من النار‪.‬‬ ‫وكذلك ثبت أن امرأة رفعت إليه صلى ال عليه وآله وسلم صبيا فقالت‪ :‬ألهذا حج؟ فقال‪ :‬نعم ولك أجر‪ .‬ونحو‬ ‫هذا كثير في الحاديث‪.‬‬ ‫ن حَ تى َيعْقِلَ أ ْو يُفِي قَ" رواه أح مد‬ ‫ن ال صّغير حَ تى ي ْكبُرَ‪ ،‬وعَ نِ ا ْل َمجْنو ِ‬ ‫(عَ نْ ثَلثةٍ‪ :‬عَ نِ النّائِ مِ حَ تى يَ سْ َتيْ ِقظَ وعَ ِ‬ ‫والربعة إل الترمذي وصححه الحاكم وأخرجه ابن حبان)‪.‬‬ ‫الحد يث ف يه كلم كث ير لئ مة الحد يث وف يه دل يل على أن الثل ثة ل يتعلق ب هم تكل يف و هو في النائم الم ستغرق‬ ‫إجماع والصغير الذي ل تمييز له وفيه خلف إذا عقل وميّز‪.‬‬ ‫والحديث جعل غاية رفع القلم عنه إلى أن يكبر فقيل‪ :‬إلى أن يطيق الصيام ويحصي الصلة وهذا لحمد‪.‬‬ ‫وق يل‪ :‬إذا بلغ اثن تي عشرة سنة وق يل‪ :‬إذا نا هز الحتلم وق يل‪ :‬إذا بلغ والبلوغ يكون في حق الذ كر مع إنزال‬ ‫المني إجماعا وفي حق النثى عند الهادوية وبلوغ خمس عشرة سنة وإنبات الشعر ال سود المتجعد في العا نة‬ ‫بعد تسع سنين عند الهادوية وكذلك المناء في حال اليقظة إذا كان لشهوة وفي الكل خلف معروف‪.‬‬ ‫وأما المجنون فالمراد به زائل العقل فيدخل فيه السكران والطفل كما يدخل المجنون‪.‬‬ ‫وقد اختلف في طلق السكران على قولين‪:‬‬ ‫الول‪ :‬أنه ل يقع وإليه ذهب عثمان وجابر وزيد و عمر بن عبد العزيز وجماعة من السلف وهو مذهب أحمد‬ ‫وأ هل الظا هر لهذا الحد يث ولقوله تعالى‪{ :‬ل تقربوا ال صلة وأن تم سكارى ح تى تعلموا ما تقولون} فج عل قول‬ ‫ال سكران غ ير مع تبر ل نه ل يعلم ما يقول وبأ نه غ ير مكلف لنعقاد الجماع على أن من شرط التكل يف الع قل‬ ‫ومن ل يعقل ما يقول فليس بمكلف أو بأنه كان يلزم أن يقع طلقه إذا كان مكرها على شربها أو غير عالم بأنها‬ ‫خمر ول يقوله المخالف‪.‬‬ ‫الثانيي‪ :‬وقوع طلق ال سكران ويروى عن[اث] علي[‪/‬اث] و[اث]ابين عباس[‪/‬اث] وجما عة من ال صحابة و عن‬ ‫الهادي وأبي حنيفة والشافعي ومالك واحتج لهم بقوله تعالى‪{ :‬ل تقربوا الصلة وأنتم سكارى} فإنه نهي لهم عن‬ ‫قربانها حال السكر‪.‬‬ ‫والنهي يقتضي أنهم مكلفون حال سكرهم والمكلف يصح منه النشاءات‪.‬‬ ‫وبأن إيقاع الطلق عقوبه له‪.‬‬ ‫وبأن ترتيب الطلق على التطليق من باب ربط الحكام بأسبابها فل يؤثر فيه السكر‪.‬‬ ‫وبأن الصحابة أقاموه مقام الصاحي في كلمه فإنهم قالوا‪ :‬إذا شرب سكر وإذا سكر هذي فإذا هذي افترى وحد‬ ‫المفتري ثمانون‪.‬‬ ‫وبأنه أخرج سعيد بن منصور عنه صلى ال عليه وآله وسلم‪" :‬ل قيلولة في الطلق"‪.‬‬ ‫وأج يب بأن ال ية خطاب ل هم حال صحوهم ونهْ يٌ ل هم ق بل سكرهم أن يقربوا ال صلة حالة أن هم ل يعلمون ما‬ ‫يقولون فهي دليل لنا كما سلف‪.‬‬ ‫وبأن جعل الطلق عقوبة يحتاج إلى دليل على المعاقبة للسكران بفراق أهله فإن ال لم يجعل عقوبته إل الحدّ‪.‬‬ ‫وبأن ترتيب الطلق على التطليق محل النزاع‪.‬‬ ‫وقد قال أحمد والبتّي‪ :‬إنه ل يلزمه عقد ول بيع ول غيره‪.‬‬ ‫على أنه يلزمهم القول بترتيب الطلق على التطليق صحة طلق المجنون والنائم والسكران غير العاصي بسكره‬ ‫والصبي‪.‬‬ ‫وبأن ما نقل عن الصحابة بأنهم قالوا إذا شرب إلى آخره فقال ابن حزم‪ :‬إنه خبر مكذوب باطل متناقض فإن فيه‬ ‫إيجاب الحد على من هذي والهاذي ل حد عليه‪.‬‬ ‫وبأن حديث‪ :‬ل قيلولة في طلق خبر غير صحيح وإن صح فالمراد طلق المكلف العاقل دون من ل يعقل ولهم‬ ‫أدلة غير هذه ل تنهض على المدعي‪.‬‬

‫‪11‬‬

Related Documents