Subul Al-salam 08 - Nikah

  • May 2020
  • PDF

This document was uploaded by user and they confirmed that they have the permission to share it. If you are author or own the copyright of this book, please report to us by using this DMCA report form. Report DMCA


Overview

Download & View Subul Al-salam 08 - Nikah as PDF for free.

More details

  • Words: 38,784
  • Pages: 49
‫سبل السلم‬ ‫شرح بلوغ المرام‬ ‫للصنعاني‬ ‫كتاب النكاح‬

‫النكاح لغة الضم والتداخل ويستعمل في الوطء‪:‬‬ ‫وفي العقد قيل مجاز من إطلق اسم المسبب على السبب وقيل إنه حقيقة فيهما وهو مراد من قال إنه مشترك‬ ‫فيهما‪.‬‬ ‫وكثر استعماله في العقد فقيل إنه فيه حقيقة شرعية ولم يرد في الكتاب العزيز إل في العقد‪.‬‬ ‫شرَ الشبّابِ َمنِ‬ ‫ع ْن ُه قالَ‪ :‬قالَ َلنَا رسول ال صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم‪" :‬يَا َم ْع َ‬ ‫ع ْبدِ ال بنِ مَسْعودٍ رَضيَ ال َتعَالى َ‬ ‫عَنْ َ‬ ‫ع مِن كم البا َءةَ فَ ْل َي َتزَوَ جْ فإنّ ُه أَغَضّ ل ْلبَ صَر وََأحْ صَنُ للْفرج‪َ ،‬ومَ نْ ل ْم ي ستطعْ َفعََليْ هِ بال صّ ْومِ فإنّ ُه لَ هُ ِوجَاءٍ"‬ ‫ا سْتطا َ‬ ‫ُمتّفقٌ عََليْهِ‪.‬‬ ‫(عن ابن مسعود رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬يا معشر الشباب من استطاع منكم‬ ‫الباءة) بالباء الموحدة والهمزة والمد (فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج‪ ،‬ومن لم يستطع فعليه بالصوم‬ ‫فإنه لو وجاء) بكسر الواو والجيم والمد (متفق عليه)‪.‬‬ ‫وقع الخطاب منه للشباب لنهم مظنة الشهوة للنساء‪.‬‬ ‫واختلف العلماء في المراد بالباءة وال صح أن المراد ب ها الجماع فتقديره من ا ستطاع من كم الجماع لقدر ته على‬ ‫مؤنة النكاح فليتزوج ومن لم يستطع الجماع لعجزه عن مؤنته فعليه بالصوم ليدفع شهوته ويقطع شر مائه كما‬ ‫يقطع الوجاء‪.‬‬ ‫ووقع في رواية ابن حبان مدرجا تفسير الوجاء بأنه الخصاء وقيل الوجاء رض الخصيتين والخصاء سلبهما‪.‬‬ ‫والمراد أن الصوم كالوجاء‪.‬‬ ‫والمر بالتزوج يقتضي وجوبه مع القدرة على تحصيل مؤنته وإلى الوجوب ذهب داود وهو رواية عن أحمد‪.‬‬ ‫وقال ابن حزم‪ :‬وفرض على كل قادر على الوطء إن وجد أن يتزوج أو يتسرى فإن عجز عن ذلك فليكثر من‬ ‫الصوم وقال‪ :‬إنه قول جماعة من السلف‪.‬‬ ‫وذ هب الجمهور إلى أن ال مر للندب م ستدلين بأ نه تعالى خ ير ب ين التزوج والت سري بقوله‪{ :‬فواحدة أو مامل كت‬ ‫أيمانكم} والتسري ل يجب إجماعا فكذا النكاح لنه ل تخيير بين واجب وغير واجب إل أن دعوى الجماع غير‬ ‫صحيحة لخلف داود وابن حزم‪.‬‬ ‫وذكير ابين دقييق العييد أن مين الفقهاء مين قال بالوجوب على مين خاف العنيت وقدر على النكاح وتعذر علييه‬ ‫التسري وكذا حكاه القرطبي فيجب على من ل يقدر على ترك الزنا إل به‪ .‬ثم ذكر من يحرم عليه ويكره ويندب‬ ‫له ويباح‪.‬‬ ‫فيحرم على من يخل بالزوجة في الوطء والنفاق مع قدرته عليه وتوقانه إليه‪.‬‬ ‫ويكره في حق مثل هذا حيث ل إضرار بالزوجة‪.‬‬ ‫والباحة فيما إذا انتفت الدواعي والموانع‪.‬‬ ‫ويندب في حق كل من يرجى منه النسل ولو لم يكن له في الوطء شهوة لقوله صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم‪" :‬فإني مكاثر‬ ‫بكم المم" ولظواهر الحث على النكاح والمر به‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬فعليه بالصوم" إغراء بلزوم الصوم‪.‬‬ ‫وضمير عليه يعود إلى "من" فهو مخاطب في المعنى‪.‬‬

‫وإنما جعل الصوم وجاء لنه بتقليل الطعام والشراب يحصل للنفس إنكسار عن الشهوة ولسر جعله ال تعالى في‬ ‫الصوم فل ينفع تقليل الطعام وحده من دون صوم‪.‬‬ ‫وا ستدل به الخطا بي على جواز التداوي لق طع الشهوة بالدو ية وحكاه البغوي في شرح ال سنة ول كن ينب غي أن‬ ‫يح مل على دواء ي سكن الشهوة ول يقطعها بال صالة لنه قد يقوى على وجدان مؤن النكاح بل قد و عد ال من‬ ‫ي ستعف أن يغن يه من فضله ل نه ج عل الغناء غا ية لل ستعفاف ولن هم اتفقوا على م نع ال جب والخ صاء فل حق‬ ‫بذلك ما في معناه‪.‬‬ ‫وفيه الحث على تحصيل ما يغض به البصر ويحصن الفرج‪.‬‬ ‫وفيه أنه ل يتكلف للنكاح بغير الممكن كالستدانة‪.‬‬ ‫واسيتدل بيه العراقيي على أن التشرييك فيي العبادة ل يضير بخلف الرياء لكنيه يقال إن كان المشرك عبادة‬ ‫كالمشرك فيه فإنه ل يضر فإنه يحصل بالصوم تحصين الفرج وغض البصر‪.‬‬ ‫وأما تشريك المباح كما لو دخل إلى الصلة لترك خطاب من يحل خطابه فهو محل نظر يحتمل القياس على ما‬ ‫ذكر ويحتمل عدم صحة القياس‪.‬‬ ‫نعم إن دخل في الصلة لترك الخوض في الباطل أو الغيبة وسماعها كان مقصدا صحيحا‪.‬‬ ‫وا ستدل به ب عض المالك ية على تحر يم ال ستمناء ل نه لو كان مباحا لر شد إل يه ل نه أ سهل و قد أباح ال ستمناء‬ ‫بعض الحنابلة وبعض الحنفية‪.‬‬ ‫حمِ َد اللّ هَ وأَثنى عََل ْي هِ وقالَ‪" :‬لكني أَنا أُ صَلّي‬ ‫ن النبيّ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم َ‬ ‫عنْ هُ‪ :‬أَ ّ‬ ‫ع نْ َأنَس ب نِ مَال كٍ رض يَ ال َ‬ ‫وَ َ‬ ‫سنّتي فََليْس مني" ُمتّفقٌ عََليْهِ‪.‬‬ ‫عنْ ُ‬ ‫طرُ وَأتَزوّجُ النّساءَ‪َ ،‬فمَنْ رَغِبَ َ‬ ‫وََأنَامُ وَأصُومُ وُأفْ ِ‬ ‫ح ِمدَ اللّ هَ وأَثنى عََل ْي ِه وقالَ‪" :‬لكني أَنا أُصَلّي‬ ‫ن النبيّ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم َ‬ ‫ع ْن هُ‪َ :‬أ ّ‬ ‫ن َأنَس ب نِ مَالكٍ رضيَ ال َ‬ ‫عْ‬ ‫(وَ َ‬ ‫سنّتي فََليْس مني" ُمتّف قٌ عََليْ هِ) هذا اللفظ لمسلم وللحديث‬ ‫ع نْ ُ‬ ‫طرُ وَأتَزوّ جُ النّساءَ‪َ ،‬فمَ نْ رَغِ بَ َ‬ ‫وََأنَا مُ وأَ صُومُ وُأفْ ِ‬ ‫سبب وهو أنه قال أنس‪" :‬جاء ثلثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى ال عليه وآله وسلم يسألون عن عبادته‬ ‫صلى ال عليه وآله وسلم فلما أُخبروا كأنهم تقالوها فقالوا‪ :‬أين نحن من رسول ال صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم قد غفر‬ ‫ال له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر‪ ،‬فقال أحدهم‪ :‬أمّا أنا فإني أصلي الليل أبدا وقال آخر‪ :‬وأنا أصوم الدهر ول‬ ‫أفطر وقال آخر‪ :‬وأنا أعتزل النساء فل أتزوج‪ ،‬فجاء رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم إليهم فقال‪ :‬أنتم قلتم‬ ‫كذا وكذا؟ أما وال إني لخشاكم ل وأتقاكم له ولكني أنا أصلي وأنام وأصوم يييي الحديث"‪.‬‬ ‫و هو دل يل على أن المشروع هو القت صاد في العبادات دون النهماك والضرار بالن فس وه جر المألوفات كل ها‬ ‫وأن هذه الملة المحمدية مبنية شريعتها على القتصاد والتسهيل والتيسير وعدم التعسير‪{ :‬يريد ال بكم اليسر ول‬ ‫يريد بكم العسر}‪.‬‬ ‫قال الطبري‪ :‬في الحديث الرد على من منع استعمال الحلل من الطيبات مأكل وملبسا‪.‬‬ ‫قال القاضي عياض‪ :‬هذا مما اختلف فيه السلف فمنهم من ذهب إلى ما قاله الطبري ومنهم من عكس واستدل‬ ‫بقوله تعالى‪{ :‬أذهبتكم طيباتكم في حياتكم الدنيا}‪.‬‬ ‫قال‪ :‬والحق أن الية في الكفار وقد أخذ النبي صلى ال تعالى عليه وآله وسلم بالمرين‪ ،‬والولى التو سط في‬ ‫المور وعدم الفراط في ملزمة الطيبات فإنه يؤدي إلى الترفّه والبطر ول يأمن من الوقوع في الشبهات فإن‬ ‫من اعتاد ذلك قد ل يجده أحيانا فل يستطيع الصبر عنه فيقع في المحظور‪.‬‬ ‫ك ما أن من م نع من تناول ذلك أحيانا قد يفضيي به إلى التن طع و هو التكلف المؤدي إلى الخروج عن ال سنة‬ ‫المنهي عنه ويرد عليه صريح قوله تعالى‪{ :‬قل من حرم زينة ال التي أخرجها لعباده والطيبات من الرزق}‪.‬‬ ‫كما أن الخذ بالتشديد في العبادة يؤدي إلى الملل القاطع لصلها‪.‬‬ ‫وملزمية القتصيار على الفرائض مثلً وترك النفيل يفضيي إلى البطالة وعدم النشاط إلى العبادة وخيار المور‬ ‫أوسطها‪.‬‬ ‫وأراد صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم بقوله‪" :‬فمن ر غب عن سنتي" عن طريقتي "فليس مني" أي ليس من أهل الحنيفية‬ ‫السيهلة بيل الذي يتعيين علييه أن يفطير ليقوى على الصيوم وينام ليقوى على القيام وينكيح النسياء ليعيف نظره‬ ‫وفرجه‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬إن أراد من خالف هديه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم وطريقته أن الذي أتى به من العبادة أرجح مما كان عليه‬ ‫صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم فمعنى "ليس مني" أي ليس من أهل ملّتي لن اعتقاد ذلك يؤدي إلى الكفر‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫ع نِ ال ّتبَتُل نهْيا شَديدا َو َيقُولُ‪َ " :‬تزَ ّوجُوا‬ ‫ن ر سولُ ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم يَأمُرُنَا بالبَاءَة َو َينْهَى َ‬ ‫وع نه قالَ‪ :‬كا َ‬ ‫ع ْندَ أَبيي داودَ‬ ‫َهي شَا ِهدٌ ِ‬ ‫حبّانيَ‪ ،‬وَل ُ‬ ‫ابني ِ‬ ‫ححَ ُه ُ‬ ‫َصي ّ‬ ‫ح َمدُ و َ‬ ‫َاهي َأ ْ‬ ‫ْمي القِيامَةِ" رَو ُ‬ ‫ل ْن ِبيَاءَ َيو َ‬ ‫ُمي ا َ‬ ‫ا ْلوَلُو َد الْودُو َد فإنيي مُكاثِ ٌر بك ُ‬ ‫ل بنِ يسار‪.‬‬ ‫ن حديث َمعْقِ ِ‬ ‫ن مِ ْ‬ ‫حبّا َ‬ ‫والنسائي وابنِ ِ‬ ‫ع نِ ال ّتبَتُل نهْيا شَديدا‬ ‫ل ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم يَأمُرُنَا بالبَاءَة َو َينْهَى َ‬ ‫(وع نه) أي عن أ نس (قال‪ :‬كا نَ ر سو ُ‬ ‫حبّا نَ‪ ،‬وَلَ هُ شَا ِهدٌ‬ ‫ن ِ‬ ‫ححَ ُه اب ُ‬ ‫صّ‬ ‫ح َمدُ وَ َ‬ ‫ل ْن ِبيَاءَ يَوْ مَ القِيامَةِ" رَوَا هُ َأ ْ‬ ‫َويَقُولُ‪َ " :‬تزَ ّوجُوا الْوَلُودَ الْودُودَ فإ ني مُكا ِثرٌ بكُ مُ ا َ‬ ‫ن يسار)‪.‬‬ ‫لبِ‬ ‫ن حديث َمعْقِ ِ‬ ‫حبّانَ مِ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ع ْندَ أَبي داودَ والنسائي واب ِ‬ ‫ِ‬ ‫التبتل النقطاع عن النساء وترك النكاح انقطاعا إلى عبادة ال‪.‬‬ ‫وأصل البتل القطع ومنه قيل لمريم البتول وفاطمة عليها السلم البتول لنقطاعهما عن نساء زمانهما دينا وفضلً‬ ‫ورغبة في الخرة‪.‬‬ ‫والمرأة الولود كثيرة الولدة ويعرف ذلك في البكر بحال قرابتها‪.‬‬ ‫والودود المحبوبة بكثرة ما هي عليه من خصال الخير وحسن الخلق والتحبب إلى زوجها‪.‬‬ ‫والمكاثرة المفاخرة وفيه جوازها في الدار الخرة ووجه ذلك أن من ُأ ّمتُ ُه أكثر فثوابه أكثر لن له مثل أجر من‬ ‫تبعه‪.‬‬ ‫ح ا ْلمَرْأَ ُة ل ْربَعٍ‪ :‬لمالها وِلحَسَبها‬ ‫عنِ النبيّ صَلّى ال عََليْ هِ وَسَلّم قال‪ُ " :‬تنْك ُ‬ ‫عنْ هُ َ‬ ‫عنِ أَبي هُريرة رضيَ اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫وَ َ‬ ‫س ْبعَةِ‪.‬‬ ‫ت الدّينِ تَربَتْ َيدَاكَ" ُمتّ َفقٌ عََل ْيهِ مَ َع بَقيّ ِة ال ّ‬ ‫جمَالها وَلدينها‪ :‬فَاظْ َفرْ بذا ِ‬ ‫وِل َ‬ ‫(وعن أبي هريرة رضي ال عنه عن النبي صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم قال‪ :‬تنكح المرأة) أي‪ :‬الذي يرغب في نكاحها‬ ‫ويد عو إل يه خ صال أر بع (لمال ها وح سبها وجمال ها ولدين ها فاظ فر بذات الد ين تر بت يداك‪ .‬مت فق عل يه) ب ين‬ ‫الشيخين (مع بقية السبعة) الذين تقدم ذكرهم في خطبة الكتاب‪.‬‬ ‫الحد يث إخبار أن الذي يد عو الرجال إلى التزوج أ حد هذه الر بع وآخر ها عند هم ذات الد ين فأمر هم صَلّى ال‬ ‫عََليْهِ َوسَلّم أنهم إذا وجدوا ذات الدين فل يعدلوا عنها‪.‬‬ ‫و قد ورد الن هي عن نكاح المرأة لغ ير دين ها فأخرج ا بن ما جه والبزار والبيه قي من حد يث ع بد ال بن عمرو‬ ‫مرفوعا‪" :‬ل تنكحوا الن ساء لحسينهن فلعله يردي هن ول لمال هن فلعله يطغي هن وانكحو هن للد ين‪ ،‬ول مة سوداء‬ ‫خرقاء ذات دين أفضل"‪.‬‬ ‫وورد في صفة خ ير الن ساء ما أخر جه الن سائي عن أ بي هريرة ر ضي ال ع نه قال‪" :‬ق يل‪ :‬يا ر سول ال أي‬ ‫النساء خير؟ قال‪ :‬التي تسره إن نظر وتطيعه إن أمر ول تخالفه في نفسها ومالها بما يكره"‪.‬‬ ‫والحسب هو الفعل الجميل للرجل وآبائه‪.‬‬ ‫و قد ف سر الح سب بالمال في الحد يث الذي أخر جه الترمذي وح سنه من حد يث سمرة مرفوعا‪" :‬الح سب المال؛‬ ‫والكرم التقوى"‪.‬‬ ‫إل أنه ل يراد به المال في حديث الباب لذكره بجنبه فالمراد فيه المعنى الول‪.‬‬ ‫ودل الحديث على أن مصاحبة أهل الدين في كل شيء هي الولى لن مصاحبهم يستفيد من أخلقهم وبركتهم‬ ‫وطرائقهم ول سيما الزوجة فهي أولى من يعتبر دينه لنها ضجيعته وأم أولده وأمينته على ماله ومنزله وعلى‬ ‫نفسها‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬تربت يداك" أي التصقت بالتراب من الفقر وهذه الكلمة خارجة مخرج ما يعتاده الناس في المخاطبات ل‬ ‫أنه صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم قصد بها الدعاء‪.‬‬ ‫جمَ َع َب ْي َنكُمَا‬ ‫ج قالَ‪" :‬بار كَ اللّ ُه لك وبار كَ عَلَي كَ َو َ‬ ‫ن النبيّ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم كا نَ إذا رَ ّفأَ إنسانا إذا تزو َ‬ ‫عنْ ُه أَ ّ‬ ‫وَ َ‬ ‫حبّانَ‪.‬‬ ‫خزَ ْيمَةَ وابنُ ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫ححَهُ الترْمذي واب ُ‬ ‫صّ‬ ‫ح َمدُ وال ْر َبعَةُ َو َ‬ ‫خ ْيرٍ" رَوَا ُه َأ ْ‬ ‫في َ‬ ‫(وعنه) أي‪ :‬أبي هريرة (أن النبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم كان إذا رفأ) بالراء وتشديد الفاء فألف مقصورة (إنسانا‬ ‫صحّحَ ُه الترْمذي واب نُ‬ ‫ح َمدُ والرْ َبعَةُ وَ َ‬ ‫خ ْيرٍ" َروَا هُ َأ ْ‬ ‫جمَ َع َب ْينَ ُكمَا في َ‬ ‫إذا تزوج قال‪" :‬بار كَ اللّ ُه لك وبار كَ عَلَي كَ َو َ‬ ‫حبّانَ)‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫خ َز ْيمَةَ واب ُ‬ ‫ُ‬ ‫ت الرجل إذا سكنت ما به من ورع‪.‬‬ ‫ال ّرفَاءُ الموافقة وحسن المعاشرة وهو من رفأ الثوب وقيل‪ :‬من رفو ُ‬ ‫فالمراد إذا دعا صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم للمتزوج بالموافقة بينه وبين أهله وحسن العشرة بينهما قال ذلك‪.‬‬ ‫و قد أخرج بق يّ بن مخلد عن ر جل من ب ني تم يم قال‪ :‬ك نا نقول في الجاهل ية بالرفاء والبن ين فعلم نا ر سول ال‬ ‫صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم فقال قولوا‪ :‬الحديث‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫وأخرج م سلم من حد يث جابر‪ :‬أ نه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قال له‪ :‬تزو جت؟ قال‪ :‬ن عم قال‪" :‬بارك ال لك" وزاد‬ ‫الدارمي‪" :‬وبارك عليك"‪.‬‬ ‫وفيه أن الدعاء للمتزوج سنّة فيسن له أن يفعل ويدعو بما أفاده حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن‬ ‫ال نبي صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم‪" :‬إذا أفاد أحد كم امرأة أو خادما أو دا بة فليأ خذ بنا صيتها ولي قل‪ :‬الل هم إ ني أ سألك‬ ‫خيرها وخير ما جبلت عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلت عليه" رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه‪.‬‬ ‫ش ّهدَ في الحاجَةِ‪" :‬إن‬ ‫وَعَن ع ْبدِ اللّ ِه ب نِ مَ سْعو ٍد رض يَ اللّ هُ عن ُه قالَ‪ :‬عَّل َمنَا رسولُ اللّ ِه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ال ّت َ‬ ‫ن ي ْهدِ اللّ ُه فَل ُمضِلّ لَ ُه َومَ نْ ُيضْلِلْ فَل‬ ‫سنَا‪ ،‬مَ ْ‬ ‫ن شرور َأنْفُ ِ‬ ‫الح ْمدَ للّ هِ نحْمدُه ون س ْت َعيِنُ ُه َونَ سْ َتغْ ِفرُهُ‪َ ،‬و َنعُوذُ بال مِ ْ‬ ‫ع ْبدُهُي َورَسيُولُهُ" َويَ َقرَأُ ثَلثَي آياتيٍ‪ ،‬رَوَاهُي أَحمدُ والرْبعةُ‬ ‫حمّدا َ‬ ‫هاديَي لَهيُ‪ ،‬وََأشْهدُ أَن ْي ل إله إلّ اللّهُي وََأشْهدُ أَنّ ُم َ‬ ‫سنَهُ الترْمذيّ والحاكمُ‪.‬‬ ‫حّ‬ ‫َو َ‬ ‫ل اللّ هِ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم ال ّتشَ ّهدَ في الحاجَةِ) زاد‬ ‫(وَعَن ع ْب ِد اللّ هِ ب نِ مَ سْعودٍ رض يَ اللّ ُه عن هُ قالَ‪ :‬عَّل َمنَا رسو ُ‬ ‫ن شرور‬ ‫ف يه ا بن كث ير في الرشاد‪ :‬في النكاح وغيره (إن الح ْمدَ للّ هِ نحْمدُه ون س ْت َعيِنُ ُه َونَ سْ َتغْ ِفرُهُ‪َ ،‬و َنعُوذُ بال مِ ْ‬ ‫ع ْبدُ هُ‬ ‫حمّدا َ‬ ‫سنَا‪ ،‬مَ نْ ي ْهدِ اللّ ُه فَل ُمضِلّ لَ هُ َومَ نْ ُيضْلِلْ فَل هاد يَ لَ هُ‪ ،‬وََأشْهدُ أَ نْ ل إله إل اللّ هُ وََأشْهدُ أَنّ ُم َ‬ ‫َأنْفُ ِ‬ ‫حسّنَ ُه الترْمذيّ والحاكمُ‪.‬‬ ‫ث آياتٍ‪ ،‬رَوَاهُ أَحمدُ والرْبعةُ َو َ‬ ‫َورَسُوُلهُ" َويَ َقرَأُ ثَل َ‬ ‫واليات‪{ :‬يا أيها الناس اتقوا ربكم}‪.‬‬ ‫والثانية‪{ :‬يا أيها الذين امنوا اتقوا ال حق تقاته} كذا في الشرح‪.‬‬ ‫وفي الرشاد لبن كثير ع ّد اليات في نفس الحديث‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬في الحاجة" عام لكل حاجة ومنها النكاح وقد صرح به في رواية كما ذكرناه‪.‬‬ ‫وأخرج البيهقي أنه قال شعبة‪ :‬قلت لبي إسحاق‪ :‬هذه خطبة النكاح وغيرها قال‪ :‬في كل حاجة‪.‬‬ ‫وفيه دللة على سنية ذلك في النكاح وغيره ويخطب بها العاقد بنفسه حال العقد وهي من السنن المهجورة‪.‬‬ ‫وذهبت الظاهرية إلى أنها واجبة ووافقهم من الشافعية أبو عوانة وترجم في صحيحه "باب وجوب الخطبة عند‬ ‫العقد"‪.‬‬ ‫ويأتي في شرح الحديث التاسع ما يدل على عدم الوجوب‪.‬‬ ‫ن اسْتطاعَ أَنْ َي ْنظُ َر ِم ْنهَا إلى ما‬ ‫ح ُدكُم المرْأَ َة فإ ِ‬ ‫خطَبَ َأ َ‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم‪" :‬إذا َ‬ ‫ل رسُو ُ‬ ‫ن جابر قال‪ :‬قا َ‬ ‫عْ‬ ‫وَ‬ ‫ع ْندَ ال ّت ْرمِذيّ والنّسائيّ‬ ‫ححَ ُه الحاكِمُ‪ ،‬وََل ُه شاهدٌ ِ‬ ‫ح َمدُ وَأبُو داو َد ورجالُهُ ِثقَاتٌ وَصَ ّ‬ ‫يدْعو ُه إلى نكاحهِا فَلْيَفْعلْ" َروَا ُه َأ ْ‬ ‫ن أبي ُه َريْرَ َة أَنّ النبيّ صَلّى ال‬ ‫ح ّمدِ بنِ مَسْلَمَةَ‪ ،‬وَِلمُسِْلمٍ ع ْ‬ ‫ن مِنْ حديثِ ُم َ‬ ‫حبّا َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن مَاجَهْ واب ِ‬ ‫ع ْندَ اب ِ‬ ‫عَنِ المغِيرةِ‪َ ،‬و ِ‬ ‫ب فَا ْنظُ ْر إل ْيهَا"‪.‬‬ ‫ظرْتَ إليْها؟" قالَ‪ :‬ل‪ ،‬قالَ‪" :‬اذهَ ْ‬ ‫ج ا ْمرَأَةً‪َ" :‬أنَ َ‬ ‫عََليْهِ َوسَلّم قالَ ِل َرجُلٍ َتزَوّ َ‬ ‫س َتطَاعَ‬ ‫ح ُدكُ مُ ا ْل َمرْأَ َة فإن ا ْ‬ ‫خطَ بَ َأ َ‬ ‫(وعن جابر رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم "إذَا َ‬ ‫حهَا فَ ْليَ ْفعَلْ)‪.‬‬ ‫ظرَ ِم ْنهَا إلى مَا َيدْعُو ُه إلى نكَا ِ‬ ‫َأنْ ي ْن ُ‬ ‫وتمامه‪ :‬قال جابر فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها‪.‬‬ ‫(رواه أحمد وأبو داود ورجاله ثقات وصححه الحاكم وله شاهد عند الترمذي والنسائي عن المغيرة) ولفظه‪ :‬أنه‬ ‫قال له وقد خطب امرأة‪" :‬انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما"‪.‬‬ ‫(وعند ابن ماجه وابن حبان من حديث محمد بن مسلمة ولمسلم عن أبي هريرة أن النبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‬ ‫ظرْ إل ْيهَا")‪.‬‬ ‫ت إل ْيهَا؟" قال‪ :‬ل قال‪" :‬اذْهَبْ فانْ ُ‬ ‫قال لرجل تزوج امرأة)‪ :‬أي أراد ذلك‪َ"( :‬أ َنظَرْ َ‬ ‫دلت الحاديث على أنه يندب تقديم النظر إلى من يريد نكاحها وهو قول جماهير العلماء‪.‬‬ ‫والنظر إلى الوجه والكفين لنه يستدل بالوجه على الجمال أو ضده‪.‬‬ ‫والكفين على خصوبة البدن أو عدمها‪.‬‬ ‫وقال الوزاعي‪ :‬ينظر إلى مواضع اللحم‪.‬‬ ‫وقال داود‪ :‬ينظر إلى جميع بدنها‪.‬‬ ‫والحديث مطلق فينظر إلى ما يحصل له المقصود بالنظر إليه ويدل على فهم الصحابة لذلك ما رواه عبد الرزاق‬ ‫وسعيد بن منصور‪ :‬أن عمر كشف عن ساق أم كلثوم بنت علي لما بعث بها إليه لينظرها‪.‬‬ ‫ول يشترط رضا المرأة بذلك النظر بل له أن يفعل ذلك على غفلتها كما فعله جابر‪.‬‬ ‫قال أصحاب الشافعي‪ :‬ينبغي أن يكون نظره إليها قبل الخطبة حتى إن كرهها تركها من غير إيذاء بخلفه بعد‬ ‫الخطبة وإذا لم يمكنه النظر إليها استحب له أن يبعث امرأة يثق بها تنظر إليها وتخبره بصفتها‪ ،‬فقد روى أنس‪:‬‬ ‫أ نه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ب عث أم سليم إلى امرأة فقال‪" :‬انظري إلى عرقوب ها وش مي معاطف ها" أخر جه أح مد‬ ‫‪4‬‬

‫والطبراني والحاكم والبيهقي وفيه كلم وفي رواية‪" :‬شمّي عوارضها" وهي السنان التي في عرض الفم وهي‬ ‫ما بين الثنايا والضراس واحدها عارض والمراد اختبار رائحة النكهة‪.‬‬ ‫وأما المعاطف فهي ناحيتا العنق ويثبت مثل هذا الحكم للمرأة فإنها تنظر إلى خاطبها فإنه يعجبها منه ما يعجبه‬ ‫منها كذا قيل ولم يرد به حديث‪.‬‬ ‫والصل تحريم نظر الجنبي والجنبية إل بدليل كالدليل على جواز نظر الرجل لمن يريد خطبتها‪.‬‬ ‫ب أَحدُكُ مْ على خطبة أَخي هِ‬ ‫ع ْن ُهمَا قال‪ :‬قالَ رسول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬ل يخط ْ‬ ‫ع َمرَ رض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ن ابْ نِ ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫ن لَهُ" ُمتّفقٌ عََليْهِ والل ْفظُ للبُخاري‪.‬‬ ‫حَتى َي ْت ُركَ الْخاطبُ َقبْلَهُ َأوْ يأذَ َ‬ ‫طبَ ِة َأخِي هِ)‬ ‫خ ْ‬ ‫ح ُدكُمْ عَلى ِ‬ ‫خطُبْ َأ َ‬ ‫(وعن ابن عمر رضي ال عنهما قال‪ :‬قال رسول ال صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم‪" :‬ل َي ْ‬ ‫تقدّم أنها بكسر الخاء (حَتى َيتْ ُركَ ا ْلخَاطِبُ َقبْلَ ُه أَ ْو يَأذَنَ َلهُ" متفق عليه واللفظ للبخاري)‪.‬‬ ‫النهي أصله التحريم إل لدليل يصرفه عنه وادعى النووي الجماع على أنه له‪.‬‬ ‫وقال الخطابي النهي للتأديب وليس للتحريم‪.‬‬ ‫وظاهره أنه من هي عنه سواء أج يب الخاطب أم ل وقدمنا في البيع أنه ل يحرم إل بعد الجا بة والدل يل حد يث‬ ‫فاطمة بنت قيس وتقدم‪.‬‬ ‫والجماع قائم على تحريمه بعد الجابة‪.‬‬ ‫والجابة من المرأة المكلفة في الكفء ومن ولّي الصغيرة‪.‬‬ ‫وأما غير الكفء فل بد من إذن الولي على القول بأن له المنع وهذا في الجابة الصريحة وأما إذا كانت غير‬ ‫صريحة فالصح عدم التحريم وكذلك إذا لم يحصل رد ول إجابة‪.‬‬ ‫ونص الشافعي أن سكوت البكر رضا بالخاطب فهو إجابة‪.‬‬ ‫وأما العقد مع تحريم الخطبة فقال الجمهور‪ :‬يصح‪.‬‬ ‫وقال داود يفسخ النكاح قبل الدخول وبعده‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬أو يأذن له" دل على أ نه يجوز له الخطبية بعيد الذن وجوازهيا للمأذون له بالنيص ولغيره باللحاق لن‬ ‫إذ نه قد دل على إضرا به فتجوز خطبت ها ل كل من ير يد نكاح ها وتقدم الكلم على قوله "أخ يه" وأ نه أفاد التحر يم‬ ‫على خطبة المسلم ل على خطبة الكافر وتقدم الخلف فيه‪.‬‬ ‫وأ ما إذا كان الخا طب فا سقا ف هل يجوز للعف يف الخط بة على خطب ته؟ قال الم ير الح سين في الشفاء‪ :‬إ نه يجوز‬ ‫الخط بة على خط بة الفا سق ون قل عن ا بن القا سم صاحب مالك ورج حه ا بن العر بي و هو قر يب في ما إذا كا نت‬ ‫المخطوبة عفيفة فيكون الفاسق غير كفء لها فتكون خطبته كل خطبة‪.‬‬ ‫ولم يعتبر الجمهور بذلك إذا صدرت عنها علمة القبول‪.‬‬ ‫ل اللّ هِ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم فَقَال تْ‪ :‬يا‬ ‫ع ْن ُه قالَ‪ :‬جَاءَ تِ ا ْمرَأَة إلى رسو ِ‬ ‫س ْعدٍ ال سّاعديّ رض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ن َ‬ ‫سهْلِ ب ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫ظرَ إَل ْيهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم فَصَ ّعدَ ال ّنظَر فيها وَصَ ّوبَ ُه ثمّ طأطأَ‬ ‫ب لكَ نَفْسي‪ ،‬فَ َن َ‬ ‫جئْتُ أَهَ ُ‬ ‫ل اللّ ِه ِ‬ ‫رسو َ‬ ‫ض فِيها شيئا جَلَ سَتْ‪ ،‬فَقَا مَ رجلٌ مِ نْ أَصحابِه‬ ‫ت المرأَةُ َأّن ُه لَ مْ يَ ْق ِ‬ ‫ر سولُ ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم رأ سَ ُه فَلَمّا رَأَ ِ‬ ‫ن شيءٍ؟" فَقَالَ‪ :‬ل واللّ ِه يَا رسول اللّهِ‪،‬‬ ‫ع ْندَكَ ِم ْ‬ ‫جنِيها فَقَالَ‪َ " :‬فهَلْ ِ‬ ‫فَقَالَ‪ :‬يا رَسُولَ ال إنْ َلمْ َتكُنْ َلكَ بها حَاجَةٌ َفزَ ّو ْ‬ ‫ل ال صَلّى‬ ‫ل رَسُو ُ‬ ‫جدْتُ شيْئا‪ ،‬فَقَا َ‬ ‫شيْئا؟" َفذَهَبَ ثمّ َرجَعَ فَقَالَ ل واللّهِ ما َو َ‬ ‫ظرْ هَلْ تجدُ َ‬ ‫ك فا ْن ُ‬ ‫فَقالَ‪" :‬اذْهَبْ إلى أَهْلِ َ‬ ‫ن حَد يد‪،‬‬ ‫ل اللّ هِ ول خَاتَما مِ ْ‬ ‫ن حد يد" فَذَهَ بَ ثمّ َرجَ عَ فَقَالَ‪ :‬ل واللّ هِ يَا رَ سُو َ‬ ‫ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬انْظرْ وََل ْو خَاتما ِم ْ‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬مَا‬ ‫سهْلٌ‪ :‬مال ُه رداءٌ يييي فََلهَا نِ صْ ُفهُ‪ ،‬فَقَال رسو ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ن هذا إزاري يييي قا َ‬ ‫ولك ْ‬ ‫ن َلبِسَتْ ُه لمْ َيكُنْ عََليْك ِمنْهُ شيءٌ" َفجَلَسَ ال ّرجُلُ حتى إذا طَالَ‬ ‫ن عليها ِمنْ ُه شيءٌ وإ ْ‬ ‫ستَ ُه لمْ يكُ ْ‬ ‫صنَعُ بإزَاركَ؟ إنْ َلبِ ْ‬ ‫تَ ْ‬ ‫ن ال ُقرْآن؟"‬ ‫ك مِ َ‬ ‫َمجْلِ سُهُ قَا مَ‪ ،‬فَرآ هُ رَ سُولُ اللّ ِه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم مُوَلّيا فََأ َمرَ بِ هِ َفدُعِ يَ‪ ،‬فَلَما جَا َء قَالَ‪" :‬ماذا َمعَ َ‬ ‫ظ ْهرِ قَ ْلبِ كَ؟" قالَ‪ :‬نع مْ‪ ،‬قال‪" :‬اذه بْ فَ َقدْ مَّل ْك ُت َكهَا بما‬ ‫ع ّددَهَا‪ ،‬فَقَالَ‪" :‬تَ ْقرَؤهُنّ عَ نْ َ‬ ‫قَالَ َمعِي سُور ُة كذَا وَ سُورَ ُة كَذا َ‬ ‫ن ال ُقرْآن" وفي رواية‬ ‫جتُكها َفعَّلمْها مِ َ‬ ‫ظ لمُسْلمٍ‪ ،‬وفي رواي ٍة قَالَ لَهُ‪ :‬ا ْنطَلِقْ فَ َقدْ زَ ّو ْ‬ ‫َم َعكَ مِنَ ال ُقرْآن" ُمتّفَقٌ عََليْهِ واللّفْ ُ‬ ‫عنْ ُه قَالَ‪" :‬مَا تحْفَ ظُ؟" قَالَ‪:‬‬ ‫ي اللّ هُ َ‬ ‫ن أَ بي ُه َر ْيرَة َرضِ َ‬ ‫ن ال ُقرْآ نِ" ول بي داودَ عَ ْ‬ ‫للبخاريّ‪" :‬أَم َكنّاكَهَا بمَا َمعَ كَ مِ َ‬ ‫ن آيَةً"‪.‬‬ ‫عشْري َ‬ ‫سُور َة البَ َقرَة والتي تليها‪،‬قَالَ‪ُ " :‬قمْ َفعَّلمْهَا ِ‬ ‫(وعن سهل بن سعد الساعديّ رضي ال عنه قال جاءت امرأة) قال المصنف في الفتح لم أقف على اسمها (إلى‬ ‫ر سول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم فقالت‪ :‬يا ر سول ال جئت أ هب لك نف سي) أي أ مر نف سي لن الحرّ ل تملك‬ ‫رقبته (فنظر إليها رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم فصعد النظر فيها وصوّبه) في النهاية‪ :‬ومنه الحديث فصعد‬ ‫فيّ النظير و صوّبه أي ن ظر أعلي وأ سفلي وتأمل ني و هو من أدلة جواز النظير إلى من ير يد زواج ها وقال‬ ‫‪5‬‬

‫المصنف إنه تحرر عنده أنه صلى ال عليه وآله وسلم كان ل يحرم عليه النظر إلى المؤمنات الجنبيات بخلف‬ ‫ض فيها شيئا جَلَ سَتْ فقا مَ رجلٌ‬ ‫غيره (ثم طَأطَأ رسول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم رَأ سَ ُه فلما رأت المرأةُ َأّن هُ لم يق ِ‬ ‫ن لك ب ها حا جة فزوجني ها فقال‪:‬‬ ‫من ال صحابة) قال الم صنف لم أ قف على ا سمه (فقال‪ :‬يا ر سول ال إن لم َيكُ ْ‬ ‫شيْئا؟" فذهب ثم رجع‬ ‫جدْ َ‬ ‫لتِ‬ ‫ن شيءٌ؟" فقال‪ :‬ل واللّ ِه يا رسول ال‪ ،‬قال‪" :‬اذْهَ بَ إلىَ أَهْل كَ فا ْنظُرْ هَ ْ‬ ‫ع ْندَك ِم ْ‬ ‫" َفهَلْ ِ‬ ‫ظرْ ولَ ْو خَاتما) أي ولو نظرت خاتما ( ِمنْ‬ ‫فقال‪ :‬ل واللّهِ ما وجدت شيئا‪ .‬فقال رسول ال صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم "انْ ُ‬ ‫ل اللّهِ ول خَاتما من حديد) أي موجود فخاتم مبتدأ حذف خبره (ولكِنْ‬ ‫حَديدٍ" فذهب ثم رجع فقال‪ :‬ل وال يا رسو َ‬ ‫هذا إزَاري يييي قال) سهل بن سعد الراوي (ماله رداء يييي فلها نصفه‪ .‬فقال رسول ال صَلّى ال عََل ْي هِ‬ ‫ستْهُ) أي كله (لَ ْم يكُ نْ عََليْ كَ ِمنْ هُ‬ ‫ستَهُ) أي كله (لَ ْم يكُ نْ عََليْها ِمنْ هُ شيءٌ وإ نْ لبِ َ‬ ‫ن َلبِ ْ‬ ‫وَ سَلّم‪" :‬مَا تَ صْنعُ بِإزَار كَ؟ إ ْ‬ ‫شيءٌ) ولعله بهذا الجواب بيّن له أن ق سمة الرداء ل تنف عه ول تن فع المرأَة (فجلس الر جل ح تى إذا طال مجل سه‬ ‫ن الْ ُقرْآن" قال معي‬ ‫قام فرآه رسول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم موليا فأمر به فدعي به فلما جا َء قال‪" :‬مَاذَا َمعَ كَ مِ َ‬ ‫ظهْ ِر قَلْبِ كَ؟" قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪" :‬اذْهَ بْ فَ َقدْ مَّل ْك ُت َكهَا بمَا َمعَ كَ مِ نَ‬ ‫ن َ‬ ‫سورة كذا وسورة كذا عدّدها فقال‪" :‬تَ ْقرَؤُهُنّ عَ ْ‬ ‫ال ُقرْآنِ" متفق عليه واللفظ لمسلم‪.‬‬ ‫ج ُتكَهَا فعَلّمهَا من ا ْل ُقرْآ نِ" و في روا ية للبخاري "َأ ْم َكنّاكَهَا بمَا َمعَ كَ مِ نَ الْ ُقرْآ نِ"‬ ‫و في روا ية قال‪" :‬انْطَلِ قْ فَ َقدْ زَ ّو ْ‬ ‫ولبي داود عن أبي هريرة قال‪ ):‬أي رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم (مَا تحْفَظ" قال‪ :‬سورة البقرة والتي‬ ‫ن آيَةً")‪.‬‬ ‫عشْري َ‬ ‫تليها قال‪ُ " :‬قمْ َفعَِلمْهَا ِ‬ ‫دل الحديث على مسائل عديدة وقد تتبعها ابن التين وقال‪ :‬هذه إحدى وعشرين فائدة بوّب البخاري على أكثرها‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬ولنأت بأنفسها وأوضحها‪.‬‬ ‫الولى‪ :‬جواز عرض المرأة نفسها على رجل من أهل الصلح‪.‬‬ ‫وجواز النظر من الرجل وإن لم يكن خاطبا لرادة التزوج يريد‪ :‬أنه ليس جواز النظر خاصا للخاطب بل يجوز‬ ‫لمن تخطبه المرأة فإنّ نظره صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم إليها أنه أراد زواجها بعد عرضها عليه نفسها وكأنها لم تعجبه‬ ‫فأضرب عنها‪.‬‬ ‫والثانية‪ :‬ولية المام على المرأة التي ل قريب لها إذا أذنت‪ ،‬إل أن في بعض ألفاظ الحديث أنها فوضت أمرها‬ ‫إليه وذلك توكيل‪.‬‬ ‫وأ نه يع قد للمرأة من غ ير سؤال عن ولي ها هل هو موجود أو ل‪ ،‬حا ضر أو ل‪ ،‬و سؤالها هل هي في ع صمة‬ ‫رجل أو عدمه‪.‬‬ ‫ل على ظاهر الحال‪.‬‬ ‫قال الخطابي‪ :‬وإلى هذا ذهب جماعة حم ً‬ ‫وعند الهادوية أنها تحلف الغريبة احتياطا‪.‬‬ ‫الثالثة‪ :‬أن الهبة ل تثبت إل بالقبول‪.‬‬ ‫الرابعة‪ :‬أنه ل بد من الصداق في النكاح وأنه يصح أن يكون شيئا يسيرا فإن قوله‪ :‬ولو خاتما من حديد مبالغة‬ ‫في تقليله فيصح بكل ما تراضى عليه الزوجان أو من إليه ولية العقد مما فيه منفعة‪.‬‬ ‫وضابطه أن كل ما يصلح أن يكون قيمة وثمنا لشيء يصح أن يكون مهرا‪.‬‬ ‫ونقل القاضي عياض الجماع على أنه ل يصح أن يكون مما ل قيمة له ول يحل به النكاح‪.‬‬ ‫وقال ابن حزم‪ :‬يصح بكل ما يسمى شيئا ولو حبة من شعير لقوله صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم هل تجد شيئا‪.‬‬ ‫وأجيب بأن قوله صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم ولو خاتما من حديد مبالغة في التقليل وله قيمة‪.‬‬ ‫وبأن قوله في الحديث‪( :‬من استطاع منكم الباءة) ومن لم يستطع دل على أنه شيء ل يستطيعه كل واحد وحبة‬ ‫الشع ير م ستطاعة ل كل أ حد وكذلك قوله تعالى‪{ :‬و من لم ي ستطع من كم طول} وقوله تعالى‪{ :‬أن تبتغوا بأموال كم}‬ ‫دال على اعتبار المالية في الصداق حتى قال بعضهم‪ :‬أقله خمسون وقيل أربعون وقيل خمسة دراهم وإن كانت‬ ‫هذه التقادير ل دليل على اعتبارها بخصوصها‪.‬‬ ‫والحق أنه يصح بما يكون له قيمة وإن تحقرت‪.‬‬ ‫والحاد يث واليات يحت مل أن ها خر جت مخرج الغالب وأ نه ل ي قع الر ضا ه نا من الزو جة إل بكو نه مالً له‬ ‫صورة ول يطيق كل أحد تحصيله‪.‬‬ ‫الخامسة‪ :‬أنه ينبغي ذكر الصداق في العقد لنه أقطع للنزاع وأنفع للمرأة فلو عقد بغير ذكر صداق صح العقد‬ ‫ووجب لها مهر المثل بالدخول وأنه يستحب تعجيل المهر‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫ال سادسة‪ :‬أ نه يجوز الحلف وإن لم ي كن عل يه اليم ين وأ نه يجوز الحلف على ما يظ نه ل نه صلى ال عل يه وآله‬ ‫وسلم قال له بعد يمينه‪ :‬اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئا فدل أن يمينه كانت على ظنه ولو كانت ل تكون إل‬ ‫على العلم لم يكن للمر بذهابه إلى أهله فائدة‪.‬‬ ‫ال سابعة‪ :‬أ نه ل يجوز للر جل أن يخرج من مل كه ما ل بد له م نه كالذي ي ستر عور ته أو ي سد خل ته من الطعام‬ ‫والشراب لنه صلى ال عليه وآله وسلم علل منعه عن قسمة ثوبه بقوله‪( :‬إن لبسته لم يكن عليك منه شيء)‪.‬‬ ‫الثامنة‪ :‬اختبار مدعي العسار فإنه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم لم يصدقه في أول دعواه العسار حتى ظهر له قرائن‬ ‫صدقه وهو دليل على أنه ل يسمع اليمين من مدعي العسار حتى تظهر قرائن إعساره‪.‬‬ ‫التاسعة‪ :‬أنها ل تجب الخطبة للعقد لنها لم تذكر في شيء من طرق الحديث وتقدم أن الظاهرية تقول بوجوبها‬ ‫وهذا يرد قولهم‪.‬‬ ‫وأنه يصح أن يكون الصداق منفعة كالتعليم فإنه منفعة ويقاس عليه غيره ويدل عليه قصة موسى مع شعيب‪.‬‬ ‫وقد ذهب إلى جواز كونه منفعة الهادوية وخالفت الحنفية وتكلفوا لتأويل الحديث وادعوا أن التزوج بغير مهر‬ ‫من خواصه صلى ال عليه وآله وسلم وهو خلف الصل‪.‬‬ ‫العاشرة‪ :‬قوله ب ما م عك من القرآن‪ ،‬يحت مل ك ما قاله القا ضي عياض وجه ين‪ :‬أظهره ما أن يعلم ها ما م عه من‬ ‫القرآن أو قدرا معينا م نه ويكون ذلك صداقا ويؤيده قوله في ب عض طر قه ال صحيحة‪" :‬فعلم ها من القرآن" و في‬ ‫بعض ها تعي ين ع شر من اليات‪ ،‬ويحت مل أن الباء للتعل يل وأ نه زو جه ب ها بغ ير صداق إكراما له لكو نه حافظا‬ ‫لبعض من القرآن‪.‬‬ ‫ويؤ يد هذا الحتمال ق صة أم سليم مع أ بي سليم وذلك "أ نه خطب ها فقالت‪ :‬وال ما مثلك يرد ولك نك كا فر وأ نا‬ ‫مسلمة ول يحل لي أن أتزوجك فإن تسلم فذلك مهرك ول أسألك غيره فأسلم فكان ذلك مهرها" أخرجه النسائي‬ ‫وصححه عن ابن عباس وترجم له النسائي‪" :‬باب التزويج على السلم"‪.‬‬ ‫وترجم على حديث سهل هذا بقوله "باب التزويج على سورة البقرة" وهذا ترجيح منه للحتمال الثاني والحتمال‬ ‫الول أظهر كما قاله القاضي لثبوت رواية‪ :‬فعلمها من القرآن‪.‬‬ ‫الحادية عشرة‪ :‬أن النكاح ينعقد بلفظ التمليك وهو مذهب الهادوية والحنفية ول يخفى أنها قد اختلفت اللفاظ في‬ ‫الحديث فروي بالتمليك وبالتزويج وبالمكان‪.‬‬ ‫قال ابن دقيق العيد‪ :‬هذه لفظة واحدة في قصة واحدة اختل فت مع اتحاد مخرج الحديث والظا هر أن الواقع من‬ ‫النبي صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم لفظ واحد فالمرجع في هذا إلى الترجيح‪.‬‬ ‫وقد نقل عن الدارقطني أن الصواب رواية من روى قد زوجتكها وأنهم أكثر وأحفظ وأطال المصنف في الفتح‬ ‫الكلم على هذه الثلثة اللفاظ ثم قال‪ :‬فرواية التزويج والنكاح أرجح‪.‬‬ ‫وأما قول ابن التين‪ :‬إنه اجتمع أهل الحديث على أن الصحيح رواية زوجتكها وأن رواية ملكتكها وهم فيه فقد‬ ‫قال المصنف‪ :‬إن ذلك مبالغة منه‪.‬‬ ‫وقال البغوي‪ :‬الذي يظهر أنه كان بلفظ التزويج على وفق قول الخاطب زوجنيها إذ هو الغالب في لفظ العقود إذ‬ ‫قلما يختلف فيه لفظ المتعاقدين‪.‬‬ ‫وقد ذهبت الهادوية والحنفية والمشهور عن المالكية إلى جواز العقد بكل لفظ يفيد معناه إذا قرن به الصداق أو‬ ‫قصد به النكاح كالتمليك ونحوه ول يصح بلفظ العارية والجارة والوصية‪.‬‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قالَ‪" :‬أَعِْلنُوا‬ ‫ع ْنهُ مْ‪َ :‬أنّ رَسو َ‬ ‫ن أَبي ِه رَض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ع ْبدِ اللّ ِه ب نِ ال ّز َب ْيرِ عَ ْ‬ ‫ع نْ عامر بن َ‬ ‫وَ َ‬ ‫حهُ الحا ِكمُ‪.‬‬ ‫حَ‬ ‫صّ‬ ‫النّكاحَ" رَوَاهُ َأحْمدُ و َ‬ ‫(وعن عامر بن عبد ال بن الزبير) عامر تابعي سمع أباه وغيره مات سنة أربع وعشرين ومائة (عن أبيه أن‬ ‫رسول ال صلى ال عليه وآله قال‪" :‬أَعِْلنُوا ال ّنكَاحَ" رواه أحمد وصححه الحاكم)‪.‬‬ ‫وفيي الباب عين عائشية‪" :‬أعلنوا النكاح واضربوا علييه بالغربال" أي الدف أخرجيه الترمذي وفيي رواتيه[تيض]‬ ‫عيسى بن ميمون[‪/‬تض] ضعيف كما قاله الترمذي وأخرجه ابن ماجه والبيهقي وفي إسناده خالد بن إياس منكر‬ ‫الحديث‪.‬‬ ‫قال أحمد‪ :‬وأخرج الترمذي أيضا من حديث عائشة وقال حسن غريب‪" :‬أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد‬ ‫واضربوا عليه بالدفوف وليولم أحدكم ولو بشاة فإذا خطب أحدكم امرأة وقد خضب بالسواد فليعلمها ل يغرها"‪.‬‬ ‫دلت الحاديث على المر بإعلن النكاح والعلن خلف السرار‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫وعلى ال مر بضرب الغربال وف سره بالدف والحاد يث ف يه وا سعة وإن كان في كل من ها مقال إل أن ها يع ضد‬ ‫بعضها بعضا ويدل على شرعية ضرب الدف لنه أبلغ في العلن من عدمه‪.‬‬ ‫وظا هر ال مر الوجوب ولعله ل قائل به فيكون م سنونا ول كن بشرط أن ل ي صحبه محرم من التغ ني ب صوت‬ ‫شعْرٍ فيه َمدْ حِ القدود والخدود بل ينظر السلوب العربي الذي كان في عصره صلى ال‬ ‫رخيم من امرأة أجنبية ِب ِ‬ ‫تعالى عليه وعلى آله وسلم فهو المأمور به‪.‬‬ ‫وأما ما أحدثه الناس من بعد ذلك فهو غير المأمور به ول كلم في أنه في هذه العصار يقترن بمحرمات كثيرة‬ ‫فيحرم لذلك ل لنفسه‪.‬‬ ‫ل اللّ هِ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬ل‬ ‫ل رسو ُ‬ ‫ع ْن ُهمَا قالَ‪ :‬قا َ‬ ‫ن أَبي هِ رض يَ اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫ن أبي موسى عَ ْ‬ ‫ن أَبي ُبرْدةَ ب ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫حبّانَ وَأعَلّ ُه بال ْرسَالِ‪.‬‬ ‫ن المدينيّ والتّرمذيّ وابنُ ِ‬ ‫ححَ ُه اب ُ‬ ‫ح َمدُ وال ْربَعَة َوصَ ّ‬ ‫نكاح إل بوَليَ" رواه َأ ْ‬ ‫ن َمرْفُوعا‪" :‬ل ِنكَاحَ إِل ِبوَِليَ َوشَا ِه َديْنِ"‪.‬‬ ‫حصَيْ ِ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫ن بْ ِ‬ ‫عنْ ع ْمرَا ِ‬ ‫حسَنِ َ‬ ‫عنِ ال َ‬ ‫ح َمدُ َ‬ ‫لمَامُ َأ ْ‬ ‫َورَوَى ا ِ‬ ‫ح َمدُ‬ ‫ل اللّهِ صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم‪" :‬ل نكاح إلّا بوَليَ" رواه َأ ْ‬ ‫ن أَبي بُرْد َة بنِ أبي موسى عَنْ أَبي ِه قالَ‪ :‬قالَ رسو ُ‬ ‫عْ‬ ‫(وَ َ‬ ‫حبّانَ وأَعَّل ُه بإ ْرسَالِهِ)‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫ححَ ُه ابنُ المدينيّ والتّرمذيّ واب ُ‬ ‫صّ‬ ‫والرْ َبعَة َو َ‬ ‫قال ابن كثير‪ :‬قد أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم من حديث إسرائيل وأبو عوانة وشريح القاضي‬ ‫وقيس بن الربيع ويونس بن أبي إسحاق وزهير بن معاوية كلهم عن أبي إسحاق كذلك قال الترمذي‪.‬‬ ‫ورواه شعبة والثوري عن أبي إسحاق مرسلً قال‪ :‬والول عندي أصح هكذا صححه عبد الرحمن بن مهدي فيما‬ ‫حكاه ابن خزيمة عن أبي المثنى عنه‪.‬‬ ‫وقال علي بن المدي ني‪ :‬حد يث إ سرائيل في النكاح صحيح وكذا صححه البيه قي وغ ير وا حد من الحفاظ قال‪:‬‬ ‫ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده عن جابر مرفوعا‪ .‬قال الحافظ الضياء بإسناد رجاله كلهم ثقات‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬ويأ تي حد يث أ بي هريرة‪" :‬ل تزوّج المرأة المرأة ول تزوّج المرأة نف سها" وحد يث عائ شة‪" :‬إن النكاح من‬ ‫غير ولي باطل"‪.‬‬ ‫قال الحا كم‪ :‬وقد صحت الرواية ف يه عن أزواج النبي صلى ال عل يه وآله وسلم عائ شة وأم سلمة وزي نب ب نت‬ ‫جحش‪.‬‬ ‫قال‪ :‬وفي الباب عن علي وابن عباس ثم سرد ثلثين صحابيا‪.‬‬ ‫والحديث دل على أنه ل يصح النكاح إل بولي لن الصل في النفي نفي الصحة ل الكمال‪.‬‬ ‫والولي هو القرب إلى المرأة من عصبتها دون ذوي أرحامها‪.‬‬ ‫واختلف العلماء في اشتراط الولي في النكاح فالجمهور على اشتراطه وأنها ل تزوج المرأة نفسها‪.‬‬ ‫وحكى عن ابن المنذر أنه ل يعرف عن أحد من أحد من الصحابة خلف ذلك وعليه دلت الحاديث‪.‬‬ ‫وقال مالك‪ :‬يشترط في حق الشريفة ل الوضيعة فلها أن تُزوّج نفسها‪.‬‬ ‫وذه بت الحنف ية إلى أ نه ل يشترط مطلقا محتج ين بالقياس على الب يع فإن ها ت ستقل ببيع سلعتها و هو قياس فا سد‬ ‫العتبار إذ هيو قياس ميع نيص ويأتيي الكلم فيي ذلك مسيتوفى فيي شرح حدييث أبيي هريرة‪" :‬ل تزوّج المرأة‬ ‫المرأة يييي الحديث"‪.‬‬ ‫وقالت الظاهر ية‪ :‬يع تبر الولي في حق الب كر لحديث "الث يب أولى بنفسها" و سيأتي‪ ،‬ويأ تي أن المراد م نه اعتبار‬ ‫رضاها جمعا بينه وبين أحاديث اعتبار الولي‪.‬‬ ‫وقال أبو ثور‪ :‬للمرأة أن تنكح نفسها بإذن وليها لمفهوم الحديث التي‪:‬‬ ‫حهَا باطل‪ ،‬فَإ نْ‬ ‫ع نْ عائشةَ قال تْ‪ :‬قالَ رسولُ ال صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم‪َ" :‬أ ّيمَا امرَأَةٍ َن َكحَ تْ ب َغيْر إذ نِ وَِل ّيهَا َفنِكا ُ‬ ‫وَ َ‬ ‫ن ل وَليّ َل هُ" َأخْرجَ هُ الر َبعَةُ إل‬ ‫ش َتجَرُوا فال سّ ْلطَانُ وَليّ مَ ْ‬ ‫ن َفرْجِهَا‪ ،‬فإن ا ْ‬ ‫س َتحَلّ مِ ْ‬ ‫َدخَلَ ب ها فَلَ ها ال َم ْهرُ ب ما ا ْ‬ ‫ن والحا ِكمُ‪.‬‬ ‫حبّا َ‬ ‫ححَهُ َأبُو عَوَانةَ وابنُ ِ‬ ‫صّ‬ ‫النسائيّ َو َ‬ ‫ع نْ عائشةَ قال تْ‪ :‬قالَ رسولُ ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪َ" :‬أ ّيمَا امرَأَ ٍة َن َكحَ تْ ب َغيْر إذ نِ وَِل ّيهَا َفنِكاحُهَا باطل‪ ،‬فَإ نْ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ن ل وَليّ َل هُ" َأخْرجَ هُ الر َبعَةُ إل‬ ‫ش َتجَرُوا فال سّ ْلطَانُ وَليّ مَ ْ‬ ‫ن َفرْجِهَا‪ ،‬فإن ا ْ‬ ‫س َتحَلّ مِ ْ‬ ‫َدخَلَ ب ها فَلَ ها ال َم ْهرُ ب ما ا ْ‬ ‫ن والحا ِكمُ)‪.‬‬ ‫حبّا َ‬ ‫ححَهُ َأبُو عَوَانةَ وابنُ ِ‬ ‫صّ‬ ‫النسائيّ َو َ‬ ‫قال ابن كثير وصححه يحيى بن معين وغيره من الحفاظ‪.‬‬ ‫قال أبو ثور فقوله‪" :‬بغير إذن وليها" يفهم منه أنه إذا أذن لها جاز لها أن تعقد لنفسها‪.‬‬ ‫وأجيب بأنه مفهوم ل يقوى على معارضة المنطوق باشتراطه‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫واعلم أن الحنفية طعنوا في هذا الحديث بأنه رواه سليمان بن موسى عن الزهري وسئل الزهري عنه فلم يعرفه‬ ‫والذي روى هذا القدح هو إسماعيل بن علية القاضي عن ابن جريج الراوي عن سليمان أنه سأل الزهري عنه‬ ‫أي عن الحديث فلم يعرفه‪.‬‬ ‫وأجيب عنه بأنه ل يلزم من نسيان الزهري له أن يكون سليمان بن موسى وهم عليه ل سيما وقد أثنى الزهري‬ ‫على سليمان بن موسى‪.‬‬ ‫وقد طال كلم العلماء على هذا الحديث واستوفاه البيهقي في السنن الكبرى وقد عاضدته أحاديث اعتبار الولي‬ ‫وغيرها مما يأتي في شرح حديث أبي هريرة‪.‬‬ ‫وفي الحديث دليل على اعتبار إذن الولي في النكاح بعقده لها أو عقد وكيله‪.‬‬ ‫وظاهره أن المرأة تستحق المهر بالدخول وإن كان النكاح باطلً لقوله‪" :‬فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من‬ ‫فرجها"‪.‬‬ ‫وفيه دليل على أنه إذا اختل ركن من أركان النكاح فهو باطل مع العلم والجهل‪.‬‬ ‫وأن النكاح يسمى باطلً وصحيحا ول واسطة‪.‬‬ ‫وقد أثبت الواسطة الهادوية وجعلوها العقد الفاسد‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬و هو ما خالف مذ هب الزوج ين أو أحده ما جاهل ين ولم ت كن المخال فة في أ مر مج مع عل يه وتر تب عل يه‬ ‫أحكام مبينة في الفروع‪.‬‬ ‫والضميير فيي قوله‪" :‬فإن اشتجروا" عائد إلى الولياء الدال عليهيم ذكير الولي والسيياق والمراد بالشتجار منيع‬ ‫الولياء من العقد عليها وهذا هو العضل وبه تنتقل الولية إلى السلطان إن عضل القرب‪ ،‬وقيل بل تنتقل إلى‬ ‫البعد وانتقالها إلى السلطان مبني على منع القرب البعد وهو محتمل‪.‬‬ ‫ي من ل وليّ ل ها لعد مه أو لمن عه ومثله ما غي بة الولي ويؤ يد حد يث الباب ما أخر جه‬ ‫ودل على أن ال سلطان ول ّ‬ ‫الطبراني من حد يث ابن عباس مرفوعا "ل نكاح إل بول يّ والسلطان ول يّ من ل ول يّ له" وإن كان ف يه الحجاج‬ ‫بن أرطاة فقد أخرجه سفيان في جامعة‪.‬‬ ‫و من طري قة ال طبراني في الو سط بإ سناد ح سن عن ا بن عباس بل فظ‪" :‬ل نكاح إل بولي مر شد أو سلطان" ثم‬ ‫المراد بال سلطان من إل يه ال مر جائرا كان أو عادلً لعموم الحاد يث القاض ية بال مر لطا عة ال سلطان جائرا أو‬ ‫عادلً‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬بل المراد به العادل المتولي لمصالح العباد ل سلطين الجور فإنهم ليسوا بأهل لذلك‪.‬‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم قالَ‪" :‬ل ُت ْنكَ حُ اليّ مُ حتّى تُ سْتأ َمرَ‪،‬‬ ‫عنْ هُ‪ :‬أَنّ رَ سُو َ‬ ‫ن أَبي هُريرةَ رضِ يَ اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫سكُتَ" ُمتّ َفقٌ عَلَيهِ‪.‬‬ ‫ن َت ْ‬ ‫ستَأذَنَ" قالوا‪ :‬يا رسولَ اللّهِ َو َك ْيفَ إ ْذ ُنهَا؟ قالَ‪" :‬أَ ْ‬ ‫ول ُت ْنكَح الْبكْرُ حَتى ُت ْ‬ ‫(و عن أ بي هريرة ر ضي ال ع نه قال‪ :‬قال ر سول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬ل ُت ْنكَ حُ) مغ ير ال صيغة مجزوما‬ ‫ومرفوعا ومثله الذي بعده (اليّ مُ) التي فارقت زوجها بطلق أو موت (حتّى تُ سْتَأ َمرَ) من الستئمار طلب المر‬ ‫سكُتَ" متفقٌ عليه)‪.‬‬ ‫ستَأذَنَ" قالوا‪ :‬يا رسول ال وكيف إذنها؟ قال‪" :‬أَنْ َت ْ‬ ‫ح ال ِب ْكرُ حَتى ُت ْ‬ ‫(ول ُت ْنكَ ُ‬ ‫ف يه أ نه ل بد من طلب ال مر من الث يب وأمر ها فل يع قد علي ها ح تى يطلب الوَليّ ال مر من ها بالذن بالع قد‪.‬‬ ‫والمراد من ذلك اعتبار رضاها وهو معنى أحقيتها بنفسها من وليها في الحاديث‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬البكر" أراد بها البكر البالغة وعبر هنا بالستئذان وعبر في الثيب بالستئمار إشارة إلى الفرق بينهما‪.‬‬ ‫وأنه يتأكد مشاورة الثيب ويحتاج الولي إلى صريح القول بالذن منها في العقد عليها‪.‬‬ ‫والذن من البكر دائر بين القول والسكوت بخلف المر فإنه صريح في القول‪.‬‬ ‫وإنما ا ْكتُفيَ منها بالسكوت لنها قد تستحي من التصريح‪.‬‬ ‫وقد ورد في رواية عائشة قالت‪ :‬يا رسول ال إن البكر تستحي قال‪" :‬رضاها صماتها" أخرجه الشيخان‪.‬‬ ‫ولكن قال ابن المنذر يستحب أن يعلم أن سكوتها رضا‪.‬‬ ‫وقال ابن شعبان‪ :‬يقال لها ثلثا‪ :‬إن رضيت فاسكتي وإن كرهت فانطقي فأما إذا لم تنطق ولكنها بكت عند ذلك‬ ‫فق يل‪ :‬ل يكون سكوتها ر ضا مع ذلك وق يل‪ :‬ل أ ثر لبكائ ها في الم نع إل أن يقترن ب صياح ونحوه وق يل‪ :‬يع تبر‬ ‫الدمع هل هو حار فهو يدل على المنع أو بارد فهو يدل على الرضا‪.‬‬ ‫والحديث عام للولياء من الب وغيره في أنه ل بد من إذن البكر البالغة وإليه ذهب الهادوية والحنفية وآخرون‬ ‫ل بعموم الحديث هنا وبالخاص الذي أخرجه مسلم بلفظ‪" :‬والبكر يستأذنها أبوها"‪.‬‬ ‫عم ً‬ ‫ويأتي ذكر الخلف في ذلك واستيفاء الكلم عليه في شرح الحديث التي‪:‬‬ ‫‪9‬‬

‫ستَأمَرُ وإ ْذنُ ها‬ ‫ن النّبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم قالَ‪" :‬الثيّ بُ َأحَقّ بِنفْ سِها مِ نْ وَليّ ها‪ ،‬وال ِب ْكرُ تُ ْ‬ ‫عبّا سٍ‪ :‬أَ ّ‬ ‫ع نْ اب نِ َ‬ ‫وَ‬ ‫ححَهُ‬ ‫صّ‬ ‫ستَأمَرُ" رَوَا هُ َأبُو دا ُودَ والنّسائيّ و َ‬ ‫سُكو ُتهَا" رَوَا هُ مُ سِْلمٌ‪ ،‬وفي لَفْ ظٍ‪َ" :‬ليْس للولي مَ َع الثّي بِ َأ ْمرٌ‪ ،‬وا ْليَتيَمةُ تُ ْ‬ ‫حبّانَ‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫اب ُ‬ ‫ب َأحَقّ بِنفْ سِها ِم نْ وَليّ ها‪ ،‬وال ِبكْرُ‬ ‫عبّا سٍ ر ضي ال ع نه‪َ :‬أ نّ النّبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قالَ‪" :‬الثيّ ُ‬ ‫ع نْ اب نِ َ‬ ‫(و َ‬ ‫ب َأ ْمرٌ‪ ،‬وا ْليَتيَمةُ‬ ‫ستَأمَرُ وإ ْذنُ ها سُكو ُتهَا" رَوَا ُه مُ سْلِمٌ‪ ،‬و في لَفْ ظٍ) أي من روا ية ا بن عباس (لَيْس للولي مَ عَ الثّي ِ‬ ‫تُ ْ‬ ‫حبّانَ)‪.‬‬ ‫ححَهُ ابنُ ِ‬ ‫صّ‬ ‫ستَأمَرُ" رَوَاهُ َأبُو دا ُودَ والنّسائيّ و َ‬ ‫ُت ْ‬ ‫تقدم الكلم على أن المراد بأحق ية الث يب بنف سها اعتبار رضا ها كما تقدم على استئمار الب كر وقوله‪" :‬ليس للولي‬ ‫مع الث يب أ مر" أي إن لم ترض ل ما سلف من الدل يل على اعتبار رضا ها وعلى أن الع قد إلى الولي وأ ما قوله‪:‬‬ ‫"واليتمية تستأمر"‪.‬‬ ‫فاليتيمة في الشرع الصغيرة التي ل أب لها وهو دليل للناصر والشافعي في أنه ل يزوج الصغيرة إل الب لنه‬ ‫صلى ال عليه وآله وسلم قال‪" :‬تستأمر اليتيمة" ول استئمار إل بعد البلوغ إذ ل فائدة لستئمار الصغيرة‪.‬‬ ‫وذهب الحنفية إلى أنه يجوز أن يزوّجها الولياء مستدلين بظاهر قوله تعالى‪{ :‬وإن خفتم ألّ تقسطوا في اليتامى}‬ ‫الية‪ ،‬وما ذكر في سبب نزولها في أن يكون في حجر الولي ليس له رغبة في نكاحها وإنما يرغب في مالها‬ ‫فيتزوجها لذلك‪ ،‬فنهوا وليس بصريح في أنه ينكحها صغيرة لحتمال أنه يمنعها الزواج حتى تبلغ ثم يتزوجها‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬ولها بعد البلوغ الخيار قياسا على المة فإنها تخير إذا أعتقت وهي مزوجة والجامع حدوث ملك التصرف‬ ‫ول يخفى ضعف هذا القول وما يتفرع من جواز الفسخ وضعف القياس‪.‬‬ ‫ولهذا قال أ بو يو سف‪ :‬ل خيار ل ها مع قوله‪ :‬بجواز تزو يج غ ير الب ل ها كأ نه لم ي قل بالخيار لض عف القياس‬ ‫فالرجح ما ذهب إليه الشافعي‪.‬‬ ‫ج المَرْأَ ُة ال َمرْأَةَ‪ .‬ول‬ ‫ل صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬ل ُتزَوّ ُ‬ ‫عنْ ُه قالَ‪ :‬قالَ ر سو ُ‬ ‫ع نْ أَ بي ُه َريْرةَ رض يَ اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫وَ َ‬ ‫سهَا" رَوَاهُ ابنُ ماجَ ْه والدا َرقُطْنيّ وَرجالُ ُه ثِقاتٌ‪.‬‬ ‫ج ال َمرْأَةُ نَ ْف َ‬ ‫َتزَوّ ُ‬ ‫ع ْن ُه قالَ‪ :‬قالَ ر سولُ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬ل ُتزَوّ جُ ال َمرْأَ ُة ال َمرْأَةَ‪ .‬ول َتزَوّ جُ‬ ‫ن أَ بي ُهرَيْر َة رض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫(وَ َ‬ ‫سهَا" َروَا ُه ابنُ ماجَ ْه والدا َرقُطْنيّ وَرجالُ ُه ثِقاتٌ)‪.‬‬ ‫ال َمرْأَ ُة نَ ْف َ‬ ‫ف يه دليل على أن المرأة ليس ل ها ول ية في النكاح لنف سها ول لغير ها فل عبرة ل ها في النكاح إيجابا ول قبولً‬ ‫فل تزوّج نفسها بإذن الولي ول غيره ول تزوج غيرها بولية ول بوكالة ول تقبل النكاح بولية ول وكالة وهو‬ ‫قول الجمهور‪.‬‬ ‫وذهب أبو حنيفة إلى تزويج العاقلة البالغة نفسها وابنتها الصغيرة وتتوكل عن الغير لكن لو وضعت نفسها عند‬ ‫غير كفء؛ فلوليائها العتراض‪.‬‬ ‫وقال مالك‪ :‬تزوج الدنية نفسها دون الشريفة كما تقدم‪.‬‬ ‫واستدل الجمهور بالحديث بقوله تعالى‪{ :‬فل تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن} قال الشافعي‪ :‬هي أصرح آية في‬ ‫اعتبار الولي وإل ل ما كان لعضله مع نى‪ ،‬و سبب نزول ها في مع قل بن ي سار‪ :‬زوّج أخ ته فطلق ها زوج ها طل قة‬ ‫رجعية وتركها حتى انقضت عدتها ورام رجعتها فحلف أن ل يزوجها قال ففيه نزلت هذه الية‪ .‬رواه البخاري‬ ‫زاد أبو داود‪ :‬فكفرت عن يميني وأنكحتها إياه‪.‬‬ ‫فلو كان لها تزويج نفسها لم يعاتب أخاها على المتناع ولكان نزول الية لبيان أنها تزوّج نفسها‪.‬‬ ‫وب سبب نزول ال ية يعرف ض عف قول الرازي إن الضم ير للزواج وض عف قول صاحب نها ية المجت هد‪ :‬إ نه‬ ‫ليس في الية نهيهم عن العضل ول يفهم منه اشتراط إذنهم في صحة العقد ل حقيقة ول مجازا بل قد يفهم منه‬ ‫ضد هذا وهو أن الولياء ليس لهم سبيل على من يلونهم اهي‪.‬‬ ‫ويقال عليه‪ :‬قد فهم السلف شرط إذنهم في عصره صلى ال عليه وآله وسلم وبادر من نزلت فيه إلى التكفير عن‬ ‫يمي نه والع قد ولو كان ل سبيل للولياء لبان ال تعالى غا ية البيان بل كرر تعالى كون ال مر إلى الولياء في‬ ‫عدة آيات ولم يأت حرف واحد أن للمرأة إنكاح نفسها‪.‬‬ ‫ودلت أيضا أن ن سبة النكاح إلي هن في اليات م ثل {ح تى تن كح زوجا غيره} ومراد به النكاح بع قد الولي إذ لو‬ ‫فهم صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم أنها تنكح نفسها لمرها بعد نزول الية بذلك ولبان لخيها أنه ل ولية له ولم يبح له‬ ‫الحنث في يمينه والتكفير‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫ويدل لشتراط الولي ما أخر جه البخاري وأ بو داود من حد يث عروة عن عائ شة أن ها أ خبرته‪ :‬أن النكاح في‬ ‫الجاهليية كان على أربعية أنحاء منهيا نكاح الناس اليوم يخطيب الرجيل إلى الرجيل وليتيه أو ابنتيه فيصيدقها ثيم‬ ‫ينكحها ثم قالت في آخره‪ :‬فلما بعث محمد بالحق هدم نكاح الجاهلية كله إل نكاح الناس اليوم‪.‬‬ ‫فهذا دال أنيه صيلى ال علييه وآله وسيلم قرر ذلك النكاح المعتيبر فييه الولي وزاده تأكيدا بميا قيد سيمعت مين‬ ‫الحاديث ويدل على نكاحه صلى ال عليه وآله وسلم لم سلمة وقولها إنه ليس أحد من أوليائها حاضرا ولم يقل‬ ‫صلى ال عليه وآله وسلم أنكحي أنت نفسك مع أنه مقام البيان ويدل له قوله تعالى‪{ :‬ول تنكحوا المشركين} فإنه‬ ‫خطاب للولياء بأن ل ينكحوا المسلمات المشركين‪.‬‬ ‫ولو فرض أ نه يجوز ل ها إنكاح نف سها ل ما كا نت ال ية دالة على تحر يم ذلك علي هن لن القائل بأن ها تن كح نف سها‬ ‫يقول بأنه ينكحها وليها أيضا فيلزم أن الية لم تف بالدللة على تحريم إنكاح المشركين للمسلمات لنها إنما دلت‬ ‫على ن هي الولياء من إنكاح المشرك ين ل على ن هي الم سلمات أن ينك حن أنف سهن من هم و قد علم تحر يم نكاح‬ ‫المشركين المسلمات فالمر للولياء دال على أنه ليس للمرأة ولية في النكاح‪.‬‬ ‫ولقيد تكلم صياحب نهايية المجتهيد على اليية بكلم فيي غا ية السيقوط فقال‪" :‬اليية مترددة بيين أن تكون خطابا‬ ‫للولياء أو لولي ال مر ثم قال‪ :‬فإن ق يل هو عام والعام يش مل أوي ال مر والولياء قل نا‪ :‬هذا الخطاب إن ما هو‬ ‫خطاب بالمنيع والمنيع بالشرع فيسيتوي فييه الولياء وغيرهيم وكون الولي مأمورا بالمنيع بالشرع ل يوجيب له‬ ‫ولية خاصة بالذن‪ ،‬ولو قلنا إنه خطاب للولياء يوجب اشتراط إذنهم في النكاح لكان مجملً ل يصح به عمل‬ ‫ل نه ل يس ف يه ذ كر أ صناف الولياء ول مراتب هم والبيان ل يجوز تأخيره عن و قت الحا جة" اه ي والجواب أن‬ ‫الظ هر أن ال ية خطاب لكا فة المؤمن ين المكلف ين الذ ين خوطبوا ب صدرها أع ني قوله‪{ :‬ول تنكحوا المشركات‬ ‫ح تى يؤ من} والمراد ل ينكح هن من إل يه النكاح و هم الولياء أو خطاب للولياء ومن هم المراء ع ند فقد هم أو‬ ‫عضل هم ل ما عر فت من قوله "فإن اشتجروا فال سلطان ولي من ل ولي ل ها" فب طل قوله إ نه متردد ب ين خطاب‬ ‫الولياء وأولي المر‪.‬‬ ‫وقوله‪ :‬قلنيا‪ :‬هذا الخطاب إنميا هيو خطاب بالمنيع بالشرع "قلنيا" نعيم قوله‪ :‬والمنيع بالشرع يسيتوي فييه الولياء‬ ‫وغيرهم "قلنا" هذا كلم في غاية السقوط فإن المنع بالشرع هنا الولياء الذين يتولون العقد إما جوازا كما تقوله‬ ‫الحنفية أو شرطا كما يقوله غيرهم‪.‬‬ ‫فالجنبي بمعزل عن المنع لنه ل ولية له على بنات زيد مثلً فما معنى نهيه عن شيء ليس من تكليفه فهذا‬ ‫تكليف يخص الولياء فهو كمنع الغني من السؤال ومنع النساء عن التبرج‪.‬‬ ‫فالتكاليف الشرعية منها ما ي خص الذكور ومنها ما يخص الناث ومنها ما يخص بعضا من الفريق ين أو فردا‬ ‫منهما ومنها ما يعم الفريقين وإن أراد أنه يجب على الجنبي النكار على من يزوج مسلم بمشرك فخروج من‬ ‫البحث‪.‬‬ ‫وقوله‪ :‬ولو قلنا إنه خطاب للولياء لكان مجملً ل يصح به عمل‪ ،‬جوابه أنه ليس بمجمل إذ الولياء معروفون‬ ‫في زمان من أنزلت علي هم ال ية وقد كان معروفا عند هم‪ .‬أل ترى إلى قول عائ شة‪ :‬يخ طب الر جل إلى الر جل‬ ‫وليته فإنه دال على أن الولياء معروفون‪.‬‬ ‫وكذلك قول أم سلمة له صلى ال عل يه وآله و سلم ل يس‪ :‬أ حد من أوليائي حاضرا‪ .‬وإن ما ذكر نا هذا ل نه ن قل‬ ‫الشارح رحمه ال كلم النهاية وهو طويل وجنح إلى رأي الحنفية واستقواه الشارح ولم يقو في نظري ما قاله‬ ‫فأحببت أن أنبه على بعض ما فيه‪.‬‬ ‫ولول محبة الختصار لنقلته بطوله وأبنت ما فيه‪.‬‬ ‫ومن الدلة على اعتبار الولي قوله صلى ال عليه وآله وسلم‪" :‬الثيب أحق بنفسها من وليها" فإنه أثبت حقا للولي‬ ‫كما يفيده لفظ "أحق" وأحقيته هي الولية وأحقيتها رضاها فإنه ل يصح عقده بها إل بعده فحقها بنفسها آكد من‬ ‫حقه لتوقف حقه على إذنها‪.‬‬ ‫ع نِ الشّغار" وَالشّغارُ أَ نْ‬ ‫ع ْن ُهمَا قَالَ‪":‬نهى ر سُولُ اللّ هِ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم َ‬ ‫عمَ َر رَضي اللّ هُ َ‬ ‫ع نِ اب نِ ُ‬ ‫ع نْ نَافِ عٍ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫خرَ عَلى أ نّ‬ ‫صدَاقٌ‪ُ ،‬متّفَ قٌ عََليْ هِ‪ ،‬وَاتّفَقَا مِ نْ َوجْ هٍ آ َ‬ ‫خرُ ا ْب َنتَ هُ وََليْ سَ َب ْي َن ُهمَا َ‬ ‫ن ُيزَ ّوجَ ُه ال َ‬ ‫ُيزَوّ جَ ال ّرجُلُ ا ْب َنتَ هُ عَلى َأ ْ‬ ‫تَفْسيرَ الشّغار ِمنْ كَلمِ نَافعٍ‪.‬‬ ‫(وعن نافع عن ابن عمر قال‪ :‬نهى رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم عن الشغار) فسره بقوله‪( :‬أَ نْ ُيزَوّ جَ‬ ‫س َب ْي َنهُمَا صَداقٌ" متفق عليه)‪.‬‬ ‫خرُ ا ْب َنتَهُ وليْ َ‬ ‫جهُ ال َ‬ ‫ن يُزَ ّو َ‬ ‫ال ّرجُلُ ا ْب َنتَهُ عَلى أ ْ‬ ‫‪11‬‬

‫قال الشافعي‪ :‬ل أدري التفسير عن النبي صلى ال تعالى عليه وعلى آله وسلم أو عن ابن عمر أو عن نافع أو‬ ‫عن مالك؟ حكاه عنه البيهقي في المعرفة‪.‬‬ ‫(واتفقا من وجه آخر على أن تفسير الشغار من كلم نافع)‪.‬‬ ‫وقال الخطييب‪ :‬إنيه لييس من كلم النيبي صيلى ال تعالى عل يه وآله وسيلم وإنميا هيو قول مالك وصيل بالمتين‬ ‫المرفوع وقد بيّن ذلك ابن مهدي والقعنبي ويدل على أنه من كلم مالك أنه أخرجه الدارقطني من طريق خالد‬ ‫بن مخلد عن مالك قال‪:‬‬ ‫سمعت أن الشغار أن يزوّج الرجل‪ ...‬إلخ‪.‬‬ ‫وأما البخاري فصرح في كتاب الحيل أن تفسير الشغار من قول نافع‪.‬‬ ‫قال القر طبي‪" :‬تف سير الشغار ب ما ذ كر صحيح موا فق ل ما ذكره أ هل الل غة فإن كان مرفوعا ف هو المق صود وإن‬ ‫كان من قول الصحابي فمقبول أيضا لنه أعلم بالمقال وأفقه بالحال" اهي‪.‬‬ ‫وإذا ثبت النهي عنه فقد اختلف الفقهاء هل هو باطل أو غير باطل؟‬ ‫فذهبت الهادوية والشافعي ومالك إلى أنه باطل للنهي عنه وهو يقتضي البطلن‪.‬‬ ‫وللفقهاء خلف في علة النهي ل نطول به فكلها أقوال تخمينية‪.‬‬ ‫ويظهر من قوله في الحديث "ل صداق بينهما" أنه علة النهي‪.‬‬ ‫وذهبت الحنفية وطائفة إلى أن النكاح صحيح ويلغو ما ذكر فيه عملً بعموم قوله تعالى‪{ :‬فانكحوا ما طاب لكم‬ ‫من النساء} ويجاب بأنه خصه النهي‪.‬‬ ‫ت أَ نْ َأبَاهَا زَ ّوجَهَا‬ ‫ت النّبيّ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم َفذَ َكرَ ْ‬ ‫ع ْنهُمَا‪" :‬أَنّ جَاريَةً بكْرا َأتَ ِ‬ ‫ن اب نِ عَبا سٍ رَض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫وَ َ‬ ‫ن مَاجَهْ وُأعِلّ بالرْسَالِ‪.‬‬ ‫ح َمدُ وََأبُو دَاودَ واب ُ‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم" رَوَا ُه َأ ْ‬ ‫خّيرَهَا رسُو ُ‬ ‫وَ ِهيَ كارهِةٌ َف َ‬ ‫جهَا‬ ‫ن َأبَاهَا زَ ّو َ‬ ‫ت أَ ْ‬ ‫ع ْن ُهمَا‪" :‬أَنّ جَاريَ ًة بكْرا َأتَ تِ النّبيّ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم َف َذكَرَ ْ‬ ‫ع نِ اب نِ عَبا سٍ رَض يَ اللّ هُ َ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ن مَاجَهْ وُأعِلّ بالرْسَالِ)‪.‬‬ ‫ح َمدُ وََأبُو دَاودَ واب ُ‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم" رَوَا ُه َأ ْ‬ ‫خّيرَهَا رسُو ُ‬ ‫وَ ِهيَ كارهِةٌ َف َ‬ ‫وأجيب عنه بأنه رواه أيوب بن سويد عن الثوري عن أيوب موصولً وكذلك رواه معمر بن سليمان الرقي عن‬ ‫زيد بن حبان عن أيوب موصولً‪.‬‬ ‫وإذا اختلف في وصل الحديث وإرساله فالحكم لمن وصله‪.‬‬ ‫قال المصنف‪ :‬الطعن في الحديث ل معنى له لنه له طرقا يقوي بعضها بعضا اهي‪.‬‬ ‫وقد تقدّم حديث أبي هريرة المتفق عليه وفيه‪" :‬ول تنكح البكر حتى تستأذن" وهذا الحديث أفاد ما أفاده فدل على‬ ‫تحريم إجبار الب لبنته البكر على النكاح وغيره من الولياء بالولى‪.‬‬ ‫وإلى عدم جواز إجبار الب ذه بت الهادو ية والحنف ية ل ما ذ كر ولحد يث م سلم "والب كر ي ستأذنها أبو ها" وإن قال‬ ‫البيهقي‪ :‬زيادة الب في الحديث غير محفوظة فقد ردّه المصنف بأنها زيادة عدل يعني فيعمل بها‪.‬‬ ‫وذهيب أحميد وإسيحاق والشافعيي إلى أن للب إجبار بنتيه البكير البالغية على النكاح عملً بمفهوم "الثييب أحيق‬ ‫بنفسها" كما تقدم فإنه دل أن البكر بخلفها وأن الولي أحق بها‪.‬‬ ‫ويردّ بأنه مفهوم ل يقاوم المنطوق وبأنه لو أخذ بعمومه لزم في حق غير الب من الولياء وأن ل يخص الب‬ ‫بجواز الجبار‪.‬‬ ‫وقال البيه قي في تقو ية كلم الشاف عي‪ :‬إن حد يث ا بن عباس هذا محمول على أ نه زوّج ها من غ ير ك فء قال‬ ‫المصنف‪ :‬جواب البيهقي هو المعتمد لنها واقعة عين فل يثبت الحكم بها تعميما‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬كلم هذين المامين محاماة عن كلم الشافعي ومذهبهم وإل فتأويل البيهقي ل دليل عليه فلو كان كما قال‬ ‫لذكر ته المرأة بل قالت‪ :‬إ نه زوّج ها و هي كار هة فالعلة كراهت ها فعلي ها علق التخي ير لن ها المذكورة فكأ نه قال‬ ‫صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم‪ :‬إذا كنت كارهة فأنت بالخيار‪.‬‬ ‫وقوله المصنف‪" :‬إنها واقعة عين" كلم غير صحيح بل كحكم عام لعموم علته فأينما وجدت الكراهة ثبت الحكم‪.‬‬ ‫و قد أخرج الن سائي عن عائ شة‪" :‬أن فتاة دخلت علي ها‪ ،‬فقالت‪ :‬إن أ بي زوّج ني من ا بن أخ يه ير فع بي خ سيسته‬ ‫وأ نا كار هة قالت‪ :‬اجل سي ح تى يأ تي ر سول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم فجاء ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‬ ‫فأخبرته فأرسل إلى أبيها فدعاه فجعل المر إليها فقالت‪ :‬يا رسول ال قد أجزت ما صنع أبي ولكن أردت أن‬ ‫أعلم النساء أن ليس للباء من المر شيء"‪.‬‬ ‫والظاهر أنها بكر ولعلها البكر التي في حديث ابن عباس وقد زوجها أبوها كفئا ابن أخيه‪.‬‬ ‫‪12‬‬

‫وإن كانت ثيبا فقد صرحت أنه ليس مرادها إل إعلم النساء أنه ليس للباء من المر شيء ولفظ النساء عام‬ ‫للثيب والبكر وقد قالت هذا عنده صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم فأَقرّها عليه‪.‬‬ ‫والمراد بنفي المر عن الباء نفي التزويج للكراهة لن السياق في ذلك فل يقال هو عام لكل شيء‪.‬‬ ‫جهَا وَِليّانِ َفهِيَ‬ ‫ي صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم قالَ‪َ" :‬أ ّيمَا امْرَأَ ٍة زَ ّو َ‬ ‫عنْهُ عَنِ النّب ّ‬ ‫س ُمرَةَ رضيَ اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن الحَسَنِ عَ ْ‬ ‫عِ‬ ‫وَ َ‬ ‫سنَ ُه التّ ْرمِذيّ‪.‬‬ ‫حّ‬ ‫ح َمدُ وَال ْر َبعَةُ َو َ‬ ‫للوّلِ ِم ْن ُهمَا" رَوَا ُه َأ ْ‬ ‫(وعن الحسن) هو أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن مولى زيد بن ثابت ولد لسنتين بقيتا من خلفة عمر بالمدينة‬ ‫وقدم الب صرة ب عد مق تل عثمان‪ .‬وق يل إ نه ل قي عليا بالمدي نة وأ ما بالب صرة فلم ت صح رؤي ته إياه وكان إمام وق ته‬ ‫علما وزهدا وورعا مات في رجب سنة عشرة ومائة (عن سمرة رضي ال عنه عن النبي صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم‪:‬‬ ‫جهَا وِليّان َفهِي لِلوّل ِم ْنهُمَا" رواه أحمد والربعة وحسنه الترمذي)‪.‬‬ ‫"َأ ّيمَا ا ْمرَأَ ٍة زَ ّو َ‬ ‫تقدم ذكر الخلف في سماع الحسن من سمرة‪.‬‬ ‫ورواه الشافعي وأحمد والنسائي من طريق قتادة عن الحسن عن عقبة بن عامر‪.‬‬ ‫قال الترمذي‪ :‬الحسن عن سمرة في هذا أصح‪.‬‬ ‫قال ابن المديني‪ :‬لم يسمع الحسن عن عقبة شيئا‪.‬‬ ‫والحد يث دل يل على أن المرأة إذا ع قد ل ها وليان لرجل ين وكان الع قد مترتبا أن ها للول منه ما سواء د خل ب ها‬ ‫الثاني أو ل‪.‬‬ ‫أما إذا دخل بها عالما فإجماع أنه زنا‪ ،‬وأنها للول‪ ،‬وكذلك إن دخل بها جاهلً إل أنه ل حدّ عليه‪ .‬للجهل‪.‬‬ ‫فإن وقع العقدان في وقت واحد بطل وكذا إذا علم ثم التبس فإنهما يبطلن إل أنها إذا أقرت الزوجة أو دخل بها‬ ‫أحيد الزوجيين برضاهيا فإن ذلك يقرر العقيد الذي أقرّت بسيبقه إذ الحيق عليهيا فإقرارهيا صيحيح وكذا الدخول‬ ‫برضاها فإنه قرينة السبق لوجوب الحمل على السلمة‪.‬‬ ‫ن مَوَاليِ ِه أَوْ‬ ‫ج ِب َغيْ ِر إذْ ِ‬ ‫ع ْبدٍ تَزو َ‬ ‫ل اللّهِ صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم‪َ" :‬أ ّيمَا َ‬ ‫ل رسو ُ‬ ‫عنْهُ قالَ‪ :‬قَا َ‬ ‫ن جَابرٍ رَضيَ اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫عْ‬ ‫وَ َ‬ ‫حبّانَ‪.‬‬ ‫ححَهُ َوكَذلكَ صححهُ ابنُ ِ‬ ‫صّ‬ ‫أَهِْلهِ َفهُوَ عَاهرٌ" رَوا ُه أَحمدُ وأبو دَاودَ وَالتّ ْر ِم ِذيّ َو َ‬ ‫ع ْبدٍ تَزوجَ ِب َغ ْيرِ إذْنِ َموَاليِهِ َأوْ أَهِْلهِ‬ ‫ع ْن ُه قالَ‪ :‬قَالَ رسولُ اللّ ِه صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم‪َ" :‬أ ّيمَا َ‬ ‫ن جَابرٍ رَضيَ اللّهُ َ‬ ‫عْ‬ ‫(وَ َ‬ ‫حبّانَ)‪.‬‬ ‫صحّحَهُ َوكَذلكَ) صححهُ (ابنُ ِ‬ ‫َفهُوَ عَاهرٌ") أي زان (رَواهُ أَحمدُ وأبو دَاودَ وَال ّت ْرمِ ِذيّ َو َ‬ ‫ورواه من حديث ابن عمر موقوفا وأنه وجد عبدا له تزوج بغير إذنه ففرق بينهما وأبطل عقده وضربه الحدّ‪.‬‬ ‫والحديث دليل على أن نكاح العبد بغير إذن مالكه باطل وحكمه حكم الزنا عند الجمهور إل أنه يسقط عنه الحد‬ ‫إذا كان جاهلً للتحريم ويلحق به النسب‪.‬‬ ‫وذهب داود إلى أن نكاح العبد بغير إذن مالكه صحيح لن النكاح عنده فرض عين فهو كسائر فروض العين ل‬ ‫يفتقر إلى إذن السيد وكأنه لم يثبت لديه الحديث‪.‬‬ ‫وقال المام يحيى‪ :‬إن العقد الباطل ل يكون له حكم الزنا هنا ولو كان عالما بالتحريم لن العقد شبهة يدرأ بها‬ ‫الحدّ‪.‬‬ ‫و هل ين فذ عقده بالجازة من سيده؟ فقال النا صر والشاف عي‪ :‬ل ينفذه بالجازة ل نه سماه ال نبي صلى ال تعالى‬ ‫عليه وعلى آله وسلم عاهرا‪.‬‬ ‫وأجييب بأن المراد إذا لم تحصيل الجازة إل أن الشافعيي ل يقول بالعقيد الموقوف أصيلً‪ .‬والمراد بالعاهير أنيه‬ ‫كالعاهر وأنه ليس بزان حقيقة‪.‬‬ ‫ع ّم ِتهَا وَل َبيْ نَ‬ ‫جمَ عُ َبيْ نَ ا ْل َمرْأَةِ َو َ‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قَالَ‪" :‬ل ُي ْ‬ ‫ن رَ سُو َ‬ ‫عنْ ُه أَ ْ‬ ‫ن أَبي ُه َر ْيرَةَ رَضي اللّ هُ َ‬ ‫عْ‬ ‫وَ َ‬ ‫ا ْل َمرْأَةِ َوخَاَل ِتهَا" ُمتّ َفقٌ عََل ْيهِ‪.‬‬ ‫جمَ عُ) بل فظ المضارع المب ني‬ ‫(و عن أ بي هريرة ر ضي ال ع نه أن ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قال‪" :‬ل ُي ْ‬ ‫للمجهول و "ل" نافية فهو مرفوع ومعناه النهي وقد ورد في إحدى روايات الصحيح بلفظ‪ :‬نهى رسول ال صَلّى‬ ‫ع ّم ِتهَا ول َبيْنَ ا ْل َمرْأَةِ وخَالتِها" متفق عليه)‪.‬‬ ‫ال عََليْهِ َوسَلّم أن يجمع ( َبيْنَ ا ْل َمرْأَةِ و َ‬ ‫فيه دليل على تحريم الجمع بين من ذكر‪.‬‬ ‫قال الشافعي‪ :‬يحرم الجمع بين من ذكر وهو قول من لقيته من المفتين ل خلف بينهم في ذلك‪.‬‬ ‫ومثله قال الترمذي وقال ابن المنذر‪ :‬لست أعلم في منع ذلك اختلفا اليوم وإنما قال بالجواز فرقة من الخوارج‪.‬‬ ‫ونقل الجماع أيضا ابن عبد البر وابن حزم والقرطبي والنووي‪.‬‬ ‫ول يخفى أن هذا الحديث خصص عموم قوله تعالى‪{ :‬وأحل لكم ما وراء ذالكم}‪.‬‬ ‫‪13‬‬

‫ق يل‪ :‬ويلزم الحنف ية أن يجوّزوا الج مع ب ين من ذ كر لن أ صولهم تقد يم عموم الكتاب على أخبار الحاد إل أ نه‬ ‫أجاب صاحب الهداية بأنه حديث مشهور والمشهور له حكم القطعي سيما مع الجماع من المة وعدم العتداد‬ ‫بالمخالف‪.‬‬ ‫ح ا ْل ُمحْر مُ وَل ُي ْنكِ حُ" رَوَا هُ‬ ‫عنْ ُه قالَ‪ :‬قالَ رسولُ اللّ ِه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬ل َي ْنكِ ُ‬ ‫ع ُثمَا نَ رض يَ اللّ هُ َتعَالَى َ‬ ‫ع نْ ُ‬ ‫وَ َ‬ ‫خطَبُ عَلَيهِ"‪.‬‬ ‫حبّانَ‪" :‬ول ُي ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ُمسِْلمٌ‪ ،‬وَفي روَاي ِة لَهُ‪" :‬وَل َيخْطُبُ" َوزَادَ اب ُ‬ ‫(و عن عثمان ر ضي ال ع نه قال‪ :‬قال ر سول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬ل َي ْنكِ حُ) بف تح حرف المضار عة من‬ ‫خطُ بُ) أي‬ ‫حرِ مُ ول ُي ْنكِ حُ) بض مه من أن كح (رواه م سلم و في روا ية له) أي لم سلم عن عثمان (ول َي ْ‬ ‫ن كح ("ا ْل ُم ْ‬ ‫خطَبُ عََليْهِ")‪.‬‬ ‫لنفسه أو لغيره "زاد ابن حبان "ول ُي ْ‬ ‫وتقدم ذلك في كتاب الحج إل قوله‪" :‬ول يخطب عليه" والمراد أنه ل يخطب أحد منه وليته‪.‬‬ ‫ع ْن ُهمَا قالَ‪" :‬تزَوّجَ النّبي صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم َم ْيمُون َة وَهُ َو ُمحْرمٌ" ُمتّفقٌ عََل ْيهِ‪،‬‬ ‫عبّاسٍ رضيَ اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫ن ابْنِ َ‬ ‫عِ‬ ‫وَ َ‬ ‫جهَا وَ ُهوَ حَللٌ"‪.‬‬ ‫ن النّبيّ صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم تَزَ ّو َ‬ ‫ع ْنهَا‪" :‬أَ ّ‬ ‫ضيَ الّلهُ َ‬ ‫سهَا رَ ِ‬ ‫ن َم ْيمُونَ َة نَ ْف ِ‬ ‫وَل ُمسْلِمٍ عَ ْ‬ ‫ج رسول ال صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم ميمونةَ وهو ُمحْرم‪ .‬متفقٌ عليه)‪.‬‬ ‫(وعن ابن عباس رضي ال عنهما قال‪ :‬تزو َ‬ ‫الحديث قد أكثر الناس فيه الكلم لمخالفة ابن عباس لغيره‪.‬‬ ‫قال ا بن ع بد البر‪ :‬اختل فت الثار في هذا الح كم ل كن الروا ية أ نه تزوج ها و هو حلل جاءت من طرق ش تى‬ ‫وحديث ابن عباس صحيح السناد لكن الوهم إلى الواحد أقرب من الوهم إلى الجماعة‪.‬‬ ‫فأقل أحوال الخبرين أن يتعارضا فتطلب الح جة من غيرهما وحديث عثمان صحيح في منع نكاح المحرم فهو‬ ‫المعتمد انتهى‪.‬‬ ‫وقال الثرم‪ :‬قلت لحمد‪ :‬إن أبا ثور يقول بأي شيء يدفع حديث ابن عباس أي مع صحته قال‪ :‬ال المستعان‪.‬‬ ‫ابن المسيب يقول‪ :‬وهم ابن عباس وميمونة تقول‪ :‬تزوجني وهو حلل انتهى‪.‬‬ ‫يريد بقول ميمونة ما رواه عنها مسلم وهو‪:‬‬ ‫(ولمسلم عن ميمونة نفسها‪ :‬أن النبي صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم تزوجها وهو حلل)‪.‬‬ ‫وع ضد حديث ها حد يث عثمان و قد تُ ُؤوّلَ حد يث ا بن عباس بأن مع نى "و هو محرم" أي دا خل في الحرم أو في‬ ‫الشهر الحرم جزم بهذا التأويل ابن حبان في صحيحه وهو تأويل بعيد ل تساعد عليه الحاديث‪ .‬وقد تقدم الكلم‬ ‫في هذا في الحج‪.‬‬ ‫حقّ الشّرُوطِ أَنْ ُيوَفى بِهِ مَا‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم‪" :‬إنّ َأ َ‬ ‫عنْ ُه قالَ‪ :‬قالَ رَسُو ُ‬ ‫ن عامِر رَضي اللّهُ َ‬ ‫عنْ عُ ْق َبةَ ب ِ‬ ‫وَ َ‬ ‫س َتحْلَ ْل ُتمْ بِ ِه الْ ُفرُوجَ" ُمتّفقٌ عََليْهِ‪.‬‬ ‫اْ‬ ‫س َتحْلَ ْل ُتمْ بِ هِ‬ ‫ن يُوَفى بِ ِه مَا ا ْ‬ ‫شرُو طِ أَ ْ‬ ‫حقّ ال ّ‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬إنّ َأ َ‬ ‫ن عامِر قالَ‪ :‬قالَ رَ سُو ُ‬ ‫ع نْ عُ ْقبَ َة ب ِ‬ ‫(وَ َ‬ ‫الْ ُفرُوجَ" ُمتّفقٌ عََليْهِ‪.‬‬ ‫أي أحق الشروط بالوفاء شروط النكاح لن أمره أحوط وبابه أضيق‪.‬‬ ‫والحد يث دل يل على أن الشروط المذكورة في ع قد النكاح يتع ين الوفاء ب ها و سواء كان الشرط عرضا أو مالً‬ ‫حيث كان الشرط للمرأة‪.‬‬ ‫لن استحلل البضع إنما يكون فيما يتعلق بها أو ترضاه لغيرها‪.‬‬ ‫وللعلماء في المسألة أقوال‪:‬‬ ‫قال الخطابي‪ :‬الشروط في النكاح مختلف فيها‪.‬‬ ‫فمن ها ما ي جب الوفاء به اتفاقا و هو ما أ مر ال تعالى به من إم ساك بمعروف أو ت سريح بإح سان وعل يه ح مل‬ ‫بعضهم هذا الحديث‪.‬‬ ‫ومنها ما ل يوفى به اتفاقا كطلق أختها لما ورد من النهي عنه‪.‬‬ ‫ومنها ما اختلف فيه كاشتراط أن ل يتزوج عليها ول يتسرى ول ينقلها من منزلها إلى منزله‪.‬‬ ‫وأما ما يشترطه العاقد لنفسه خارجا عن الصداق فقيل‪ :‬هو للمرأة مطلقا وهو قول الهادوية وعطاء وجماعة‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬هو لمن شرطه وقيل‪ :‬يختص ذلك بالب دون غيره من الولياء‪.‬‬ ‫وقال مالك‪ :‬إن وقع في حال العقد فهو من جملة المهر أو خارجا عنه فهو لمن وهب له‪.‬‬ ‫ودليله ما أخر جه الن سائي من حد يث عمرو بن شع يب عن أب يه عن جده يرف عه بل فظ‪" :‬أي ما امرأة نك حت على‬ ‫صداق أو حباء أو عدة قبل عصمة النكاح فهو لها وما كان بعد عصمة النكاح فهو لمن أعطيه وأحق ما أكرم‬ ‫عليه الرجل ابنته أو أخته"‪.‬‬ ‫‪14‬‬

‫وأخرج نحوه الترمذي من حديث عروة عن عائشة ثم قال‪ :‬والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من الصحابة‬ ‫منهم[اث] عمر[‪/‬اث] قال‪:‬‬ ‫إذا تزوج الرجل المرأة بشرط أن ل يخرجها لزم‪ ،‬وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق‪.‬‬ ‫إل أنه قد تعقب بأن نقله عن الشافعي غريب والمعروف عن الشافعية أن المراد من الشروط هي التي ل تنافي‬ ‫النكاح بل تكون من مقتضيا ته ومقا صده كاشتراط ح سن العشرة والنفاق والك سوة وال سكنى وأن ل يق صر في‬ ‫شيء من حقها من قسمة ونفقة وكشرطه عليها أل تخرج إل بإذنه وأن ل تتصرف في متاعه ونحو ذلك‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬هذه الشروط إن أرادوا أ نه يح مل علي ها الحد يث ف قد قلّلوا فائد ته لن هذه أمور لز مة للع قد ل تفت قر إلى‬ ‫شرط وإن أرادوا غير ذلك فما هو؟‪.‬‬ ‫نعم لو شرطت ما ينافي العقد كأن ل يقسم لها ول يتسرى عليها فل يجب الوفاء به‪.‬‬ ‫قال الترمذي‪ :‬قال[اث] عل يّ[‪/‬اث] رض يَ ال ع نه‪ :‬سبق شرط ال شرط ها‪ .‬فالمراد في الحديث الشروط الجائزة‬ ‫ل المنهي عنها فأما شرطها أن ل يخرجها من منزلها فهذا شرط غير منهي عنه فيتعين الوفاء به‪.‬‬ ‫ن الكْوَع قالَ‪َ " :‬رخّ صَ رَ سُولُ اللّ ِه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم عَا مَ َأ ْوطَا سٍ في ا ْل ُم ْتعَةِ ثَلث َة َأيّا مٍ ثمّ َنهَى‬ ‫ن سََلمَ َة ب ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫عنْها" َروَا ُه ُمسْلمٌ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ص رَ سُولُ اللّ هِ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم عَا مَ أَ ْوطَا سٍ في ا ْل ُم ْتعَةِ‬ ‫عنْ هُ قالَ‪" :‬رَخّ َ‬ ‫ن الكْوَع َرضِ يَ ال َ‬ ‫ع نْ سََلمَ َة ب ِ‬ ‫(وَ َ‬ ‫عنْها" رَوَاهُ ُمسْلمٌ‪.‬‬ ‫ثَلث َة َأيّامٍ ثمّ َنهَى َ‬ ‫اعلم أن حقيقة المتعة كما في كتب المامية هي النكاح المؤقت بأمد معلوم أو مجهول وغايته إلى خمسة وأربعين‬ ‫يوم ويرت فع النكاح بانقضاء المؤ قت في المنقط عة الح يض وبحيضت ين في الحائض وبأرب عة أش هر وع شر في‬ ‫المتوفى عنها زوجها‪.‬‬ ‫وحكمه أل يثبت لها مهر غير المشروط ول تثبت لها نفقة ول توارث ول عدة إل الستبراء بما ذكر‪.‬‬ ‫ول يثبت به نسب إل أن يشترط وتحرم المصاهرة بسببه‪ ،‬هذا كلمهم‪.‬‬ ‫وحديث سلمة هذا أفاد أنه صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم رخص في المتعة ثم نهى عنها واستمر النهي ونسخت الرخصة‪،‬‬ ‫وإلى نسخها ذهب الجماهير من السلف والخلف‪ .‬وقد روي نسخها بعد الترخيص في ستة مواطن‪:‬‬ ‫الول‪ :‬في خيبر‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬في عمرة القضاء‪.‬‬ ‫الثالث‪ :‬عام الفتح‪.‬‬ ‫الرابع‪ :‬عام أوطاس‪.‬‬ ‫الخامس‪ :‬غزوة تبوك‪.‬‬ ‫السادس‪ :‬في حجة الوداع‪.‬‬ ‫فهذه التي وردت إل أن في ثبوت بعضها خلفا‪.‬‬ ‫قال النووي‪ :‬الصواب أن تحريمها وإباحتها وقعا مرتين فكانت مباحة قبل خيبر ثم حرمت فيها ثم أبيحت عام‬ ‫الفتح وهو عام أوطاس ثم حرمت تحريما مؤبدا‪.‬‬ ‫وإلى هذا التحريم ذهب أكثر المة وذهب إلى بقاء الرخصة جماعة من الصحابة وروي رجوعهم وقولهم بالنسخ‬ ‫ومن أولئك[اث] ابن عباس[‪/‬اث]‪ ،‬روي عنه بقاء الرخصة ثم رجع عنه إلى القول بالتحريم‪ .‬قال البخاري‪ :‬بين‬ ‫عليّ رضي ال عنه عن النبي صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم أنه منسوخ‪.‬‬ ‫وأخرج ابن ماجه عن عمر بإسناد صحيح أنه خطب فقال‪ :‬إن رسول ال صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم أذن لنا في المتعة‬ ‫ثلثا ثم حرمها وال ل أعلم أحدا تمتع وهو محصن إل رجمته بالحجارة‪.‬‬ ‫وقال[اث] ا بن ع مر[‪/‬اث]‪ :‬نها نا ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم و ما ك نا م سافحين‪ .‬إ سناده قوي والقول بأن‬ ‫إباحت ها قطع يّ ون سخها ظن يّ غ ير صحيح لن الراو ين لباحت ها رووا ن سخها وذلك إ ما قطع يّ في الطرف ين أو‬ ‫ظني في الطرفين كذا في الشرح‪.‬‬ ‫و في نها ية المجت هد أن ها تواترت الخبار بالتحر يم إل أن ها اختل فت في الو قت الذي وقع ف يه التحر يم انت هى و قد‬ ‫بسطنا القول في تحريمها في حواشي ضوء النهار‪.‬‬ ‫خ ْي َبرَ" ُمتّ َفقٌ عََليْهِ‪.‬‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم عَن ا ْل ُم ْتعَةِ عَامَ َ‬ ‫ع ْنهُ قالَ‪" :‬نهى رسُو ُ‬ ‫عنْ عَليَ رضي اللّهُ َتعَالَى َ‬ ‫وَ َ‬ ‫خ َرجَ هُ‬ ‫خ ْيبَرَ" َأ ْ‬ ‫ل الحُمُر الهِْلّيةِ يَوْ َم َ‬ ‫ن َأكْ ِ‬ ‫ن ُم ْتعَ ِة النّ سَاءِ‪ ،‬وَعَ ْ‬ ‫ل ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم نَهَى عَ ْ‬ ‫عنْ هُ‪" :‬أَنّ رَ سو َ‬ ‫وَ َ‬ ‫س ْبعَ ُة إل أَبا داودَ‪.‬‬ ‫ال ّ‬ ‫‪15‬‬

‫ت أَذنْ تُ َلكُ مْ في‬ ‫عنْ ُه أَنّ رَ سُولَ اللّ هِ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قالَ‪" :‬إني ُكنْ ُ‬ ‫ع نْ أَبي هِ رض يَ اللّ هُ َ‬ ‫سبْرَةَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ع نْ رَبيع بْ ِ‬ ‫وَ َ‬ ‫خذُوا‬ ‫سبِيَلهَا ول تَأ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ع ْن َدهُ ِم ْنهُنّ شي ٌء فَ ْليُخَ ّ‬ ‫حرّمَ ذلكَ إلى َيوْمِ الْ ِقيَامَةِ‪َ ،‬فمَنْ كَانَ ِ‬ ‫س ِت ْمتَاعِ ِمنَ النّساءِ‪ ،‬وَإنّ اللّهَ َقدْ َ‬ ‫ال ْ‬ ‫حبّانَ‪.‬‬ ‫ح َمدُ وابْنُ ِ‬ ‫ن مَاجَهْ وََأ ْ‬ ‫خرَجَ ُه ُمسْلمٌ وأبو داودَ والنّسائيّ واب ُ‬ ‫شيْئا" َأ ْ‬ ‫مما آ َت ْي ُتمُو ُهنّ َ‬ ‫(وعن عليّ رضيَ ال عنه قال‪ :‬نهى رسول ال صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم عن المتعة عام خيبر‪ .‬متفق عليه)‪.‬‬ ‫لفظه في البخاري‪" :‬إن النبي صلى ال عليه وآله وسلم نهى عن المتعة وعن الحمر الهلية زمن خيبر" بالخاء‬ ‫المعجمة أوله والراء آخره‪.‬‬ ‫وقد وهم من رواه عام حنين بمهملة أوله ونون آخره أخرجه النسائي والدارقطني ونبه على أنه وهم‪.‬‬ ‫ثم الظاهر أن الظرف في رواية البخاري متعلق بالمرين معا المتعة ولحوم الحمر الهلية‪.‬‬ ‫وح كى البيه قي عن الحميدي أ نه كان يقول سفيان بن عيي نة‪ :‬في خ يبر يتعلق بالح مر الهل ية ل بالمت عة‪ .‬قال‬ ‫البيهقي‪ :‬وهو محتمل ذلك ولكن أكثر الروايات يفيد تعلّ َقهُ بهما‪.‬‬ ‫وفي رواية لحمد من طريق معمر بسنده أنه بلغه‪ :‬أن ابن عباس رخص في متعة النساء فقال له‪ :‬إن رسول ال‬ ‫صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم نهى عنه يوم خيبر وعن لحوم الحمر الهلية‪.‬‬ ‫إل أنه قال السهيلي‪ :‬إنه ل يعرف عن أهل السير ورواة الثار أنه نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر قال‪ :‬والذي‬ ‫يظهر أنه وقع تقديم وتأخير‪.‬‬ ‫وقد ذكر ابن عبد البر أن الحميدي ذكر عن ابن عيينة أن النهي زمن خيبر عن لحوم الحمر الهلية وأما المتعة‬ ‫فكان في غير يوم خيبر‪.‬‬ ‫وقال أبو عوانة في صحيحه‪ :‬سمعت أهل العلم يقولون‪ :‬معنى حديث علي أنه نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر؛‬ ‫وأما المتعة فسكت عنها وإنما نهى عنها يوم الفتح‪.‬‬ ‫والحامل لهؤلء على ما سمعت ثبوت الرخصة بعد زمن خيبر ول تقوم لعليّ الحجة على ابن عباس إل إذا وقع‬ ‫النهي أخيرا إل أنه يمكن النفصال عن ذلك بأن عليا رضي ال عنه لم تبلغه فيها يوم الفتح لوقوع النهي عن‬ ‫قرب ويمكن أن عليا عرف بالرخصة يوم الفتح ولكن فهم توقيت الترخيص وهو أيام شدة الحاجة مع العزوبة‬ ‫وبعد مضي ذلك فهي باقية على أصل التحريم المتقدم فتقوم له الحجة على ابن عباس‪.‬‬ ‫وأما قول ابن القيم‪ :‬إن المسلمين لم يكونوا يستمتعون بالكتابيات يريد فيقوى أن النهي لم يقع عام خيبر إذ لم يقع‬ ‫هناك نكاح متعية فقيد يجاب عنيه بأنيه قيد يكون هناك مشركات غيير كتابيات فإن أهيل خييبر كانوا يصياهرون‬ ‫الوس والخزرج قبل السلم فلعله كان هناك من نساء الوس والخزرج من يستمتعون منهن‪.‬‬ ‫ل له" رَوَا ُه َأحْمدُ‬ ‫ل والمحَلّ َ‬ ‫ن رَ سُولُ اللّ ِه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ا ْل ُمحَلّ َ‬ ‫ع ْن هُ قَالَ‪َ" :‬لعَ َ‬ ‫ن مَ سْعودٍ رض يَ ال َ‬ ‫ع نِ اب ِ‬ ‫وَ َ‬ ‫خرَجَ ُه الربعةُ إل ال ّنسَائيّ‪.‬‬ ‫ي َأ ْ‬ ‫ححَهُ‪ ،‬وفي البابِ عَنْ عَل َ‬ ‫والنّسائيّ والترمذيّ وص ّ‬ ‫ل والمحَلّلَ له" رَوَا ُه َأحْمدُ‬ ‫عنْ ُه قَالَ‪َ" :‬لعَ نَ رَ سُولُ اللّ ِه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ا ْل ُمحَلّ َ‬ ‫ن اب نِ مَ سْعودٍ رض يَ ال َ‬ ‫ع ِ‬ ‫(وَ َ‬ ‫خرَجَ ُه الربعةُ إل ال ّنسَائيّ)‪.‬‬ ‫ي َأ ْ‬ ‫ححَهُ‪ ،‬وفي البابِ عَنْ عَل َ‬ ‫والنّسائيّ والترمذيّ وص ّ‬ ‫وصحح حديث ابن مسعود ابن القطان وابن دقيق العيد على شرط البخاري‪.‬‬ ‫وقال الترمذي حديث حسن صحيح والعمل عليه عند أهل العلم منهم عمر وعثمان وعبد ال بن عمر وهو قول‬ ‫الفقهاء من التابعين‪.‬‬ ‫وأما حديث علي رضي ال عنه ففي إسناده[تض] مجالد[‪/‬تض] وهو ضعيف وصححه ابن السكن وأعله الترمذي‬ ‫ورواه ابن ماجه والحاكم من حديث عقبة بن عامر ولفظه قال‪ :‬قال رسول ال صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم‪" :‬أل أخبركم‬ ‫بالتيس المستعار؟ قالوا‪ :‬بلى يا رسول ال قال‪ :‬فهو المحلّل‪ ،‬لعن ال المحلّل والمحلّل له"‪.‬‬ ‫والحد يث دل يل على تحر يم التحل يل ل نه ل يكون الل عن إل على فا عل المحرم و كل محرّم منه يّ ع نه والن هي‬ ‫يقتضي فساد العقد‪ .‬واللعن وإن كان ذلك للفاعل لكنه علق بوصف يصح أن يكون علة الحكم‪.‬‬ ‫وذكروا للتحليل صورا منها أن يقول له في العقد‪ :‬إذا أحللتها فل نكاح وهذا مثل نكاح المتعة لجل التوقيت‪.‬‬ ‫ومنها أن يقول في العقد‪ :‬إذا أحللتها طلقتها‪.‬‬ ‫ومنها أن يكون مضمرا عند العقد بأن يتواطأ على التحليل ول يكون النكاح الدائم هو المقصود‪.‬‬ ‫وظاهر شمول اللعن فساد العقد لجميع الصور وفي بعضها خلف بل دليل ناهض فل يشتغل بها‪.‬‬ ‫ح الزّا ني ال َمجْلُودُ إل ِمثْلَ هُ" رَوَا هُ أح َمدُ وأَ بو‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬ل َي ْنكِ ُ‬ ‫ل ر سو ُ‬ ‫ن أ بي ُه َريْرةَ قال‪ :‬قَا َ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫داو َد ورجالُ ُه ثُقاتٌ‪.‬‬ ‫‪16‬‬

‫ح الزّاني ال َمجْلُو ُد إل ِمثْلَ هُ"‬ ‫ع نْ أبي ُهرَيْر َة رضي ال عنه قال‪ :‬قَالَ ر سولُ ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬ل َي ْنكِ ُ‬ ‫(وَ َ‬ ‫رَوَاهُ أح َمدُ وأَبو داودَ ورجاُلهُ ثُقاتٌ)‪.‬‬ ‫الحديث دليل على أنه يحرّم على المرأة أن تزوج بمن ظهر زناه ولعل الوصف بالمجلود بناء على الغلب في‬ ‫حق من ظهر منه الزنا وكذلك يحرم عليه أن يتزوج بالزانية التي ظهر زناها‪ .‬وهذا الحديث موافق قوله تعالى‪:‬‬ ‫{وحُرم ذلك على المؤمن ين} إل أ نه ح مل الحد يث وال ية الك ثر من العلماء على أن مع نى ل ين كح ل ير غب‬ ‫الزاني المجلود إل في مثله والزانية ل ترغب في نكاح غير العاهر هكذا تأولوهما‪.‬‬ ‫والذي يدل عل يه الحد يث وال ية الن هي عن ذلك ل الخبار عن مجرد الرغ بة وأ نه يحرم نكاح الزا ني العفي فة‬ ‫والعفيف الزان ية ول أصرح من قوله‪{ :‬وحُرم ذلك على المؤمنين} أي كاملي اليمان الذين هم ليسوا بزناة وإل‬ ‫فإن الزاني ل يخرج من مسمى اليمان عند الكثر‪.‬‬ ‫ل بَ ها َفَأرَادَ‬ ‫عنْهَا قال تْ‪" :‬طَلّ قَ رجُلٌ امرََأتَ ُه ثَلثا َفتَزَ ّوجَهَا َرجُلٌ ثمّ طَلّقَهَا َقبْلَ أَ نْ َي ْدخُ َ‬ ‫ع نْ عَا ِئشَةَ رض يَ اللّ هُ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫خرُ مِ نْ‬ ‫ن ذلك‪ ،‬فَقَالَ‪" :‬ل‪ ،‬حتّى َيذُو قَ ال َ‬ ‫زَ ْوجُهَا الوّلُ َأ نْ يتز ّوجَ ها ف سئِلَ ر سولُ اللّ هِ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم عَ ْ‬ ‫سيْلَ ِتهَا ما ذَاقَ الولُ" ُمتّفقٌ عََليْهِ‪ ،‬واللّفظُ ل ُمسْلم‪.‬‬ ‫عَ‬ ‫ُ‬ ‫(و عن عائ شة ر ضي ال عن ها قالت‪ :‬طلق ر جل امرأ ته ثلثا فتزوج ها ر جل ثم طلق ها ق بل أن يد خل ب ها فأراد‬ ‫خرُ مِ نْ‬ ‫زوجها الول أن يتزوجها فسئل رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم عن ذلك فقال‪" :‬ل‪ ،‬حتّى يَذو قَ ال َ‬ ‫سيْلَتِها) مصغر عسل وأنث لن العسل مؤنث وقيل إنه يذكر ويؤنث (ما ذَاقَ الوّلُ" متفق عليه واللفظ لمسلم)‪.‬‬ ‫عَ‬ ‫ُ‬ ‫اختلف في المراد بالعسيلة فقيل‪ :‬إنزال المني وأن التحليل ل يكون إل بذلك وذهب إليه الحسن‪.‬‬ ‫وقال الجمهور‪ :‬ذوق العسيلة كناية عن المجامعة وهو تغييب الحشفة من الرجل في فرج المرأة ويكفي منه ما‬ ‫يوجب الحدّ ويوجب الصداق‪.‬‬ ‫وقال الزهري‪ :‬الصواب أن معنى العسيلة حلوة الجماع التي تحصل بتغييب الحشفة‪.‬‬ ‫قال أبو عبيدة‪ :‬العسيلة لذة الجماع والعرب تسمي كل شيء تستلذه عسلً والحديث محتمل‪.‬‬ ‫وأ ما قول سعيد بن الم سيب إ نه يح صل التحل يل بالع قد ال صحيح فقال ا بن المنذر‪ :‬ل نعلم أحدا واف قه عل يه إل‬ ‫الخوارج ولعله لم يبلغه الحديث فأخذ بظاهر القرآن‪.‬‬ ‫وأما رواية ذلك عن سعيد بن جبير فل يوجد مسندا عنه في كتاب إنما نقله أبو جعفر النحاس في معاني القرآن‬ ‫وتبعه عبد الوهاب المالكي في شرح الرسالة وقد حكى ابن الجوزي مثل قول ابن المسيب عن داود‪.‬‬ ‫باب الكفاءة والخيار‬ ‫الكفاءة المساواة أو المماثلة والكفاءة في الدين معتبرة فل يحل تزوج مسلمة بكافر إجماعا‪.‬‬ ‫ضهُ مْ َأ ْكفَاءُ‬ ‫ضهُ ْم َأكْفَاءُ َبعْ ضٍ‪ ،‬والموَالي َبعْ ُ‬ ‫ع َمرَ قالَ‪ :‬قالَ رسولُ اللّ ِه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬ا ْل َعرَ بُ ِبعَ ُ‬ ‫عَن ابْ نِ ُ‬ ‫ع نْ‬ ‫ع ْندَ ا ْل َبزّارِ َ‬ ‫ستَ ْن َكرَهُ َأبُو حات مٍ‪ ،‬وَلَ ُه شَا ِهدٌ ِ‬ ‫سمّ‪ ،‬وا ْ‬ ‫حجّاما" روا ُه الحاكِ مُ وَفي إسنادِهِ رَا ٍو لَ مْ يُ ْ‬ ‫َبعْ ضٍ‪ ،‬إل حائِكا َأوْ َ‬ ‫س َندٍ ُمنْقَطعٍ‪.‬‬ ‫جبَلٍ ِب َ‬ ‫ن َ‬ ‫ُمعَاذ ب ِ‬ ‫ضهُمْ َأكْفَاءُ َبعْضٍ‪ ،‬والموَالي‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم‪" :‬ا ْل َعرَبُ ِب َع ُ‬ ‫ل رسو ُ‬ ‫ع َمرَ رضي ال عنه قالَ‪ :‬قا َ‬ ‫(عَن ابْنِ ُ‬ ‫ستَ ْن َكرَهُ َأبُو حات مٍ‪ ،‬وَلَ ُه شَا ِهدٌ‬ ‫سمّ‪ ،‬وا ْ‬ ‫حجّاما" روا ُه الحاكِ مُ وَفي إسنادِهِ رَا ٍو لَ مْ يُ ْ‬ ‫ضهُ مْ َأ ْكفَاءُ َبعْ ضٍ‪ ،‬إل حائِكا َأوْ َ‬ ‫َب ْع ُ‬ ‫سنَدٍ ُمنْقَطعٍ)‪.‬‬ ‫ل ِب َ‬ ‫جبَ ٍ‬ ‫ن ُمعَاذ بنِ َ‬ ‫ع ْندَ ا ْل َبزّارِ عَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫وسأل ابن أبي حا تم عن هذا الحد يث أباه فقال‪ :‬هذا كذب ل أصل له وقال في موضع آ خر‪ :‬با طل‪ ،‬ورواه ا بن‬ ‫عبد البر في التمهيد‪.‬‬ ‫قال الدارقطني في العلل‪ :‬ل يصح‪ .‬وحدّث به هشام بن عبيد الراوي فزاد فيه بعد (أو حجاما)‪ :‬أو دباغا؛ فاجتمع‬ ‫عليه الدباغون وهموا به‪.‬‬ ‫قال ابن عبد البر‪ :‬هذا منكر موضوع وله طرق كلها واهية‪.‬‬ ‫والحديث دليل على أن العرب سواء في الكفاءة بعضهم لبعض وأن الموالي ليسوا أكفاء لهم‪.‬‬ ‫وقيد اختلف العلماء فيي المعتيبر مين الكفاءة اختلفا كثيرا والذي يقوى هيو ميا ذهيب إلييه زييد بين علي ومالك‬ ‫ويروى عن[اث] عمر[‪/‬اث] و[اث]ابن مسعود[‪/‬اث]و ابن سيرين وعمر بن عبد العزيز وهو أحد قولي الناصر‬ ‫أن المع تبر الد ين لقوله تعالى‪{ :‬أن أكرم كم ع ند ال أتقا كم} ولحد يث‪" :‬الناس كل هم ولد آدم" وتما مه‪" :‬وآدم من‬ ‫تراب" أخرجه ابن سعد من حديث أبي هريرة وليس فيه لفظ كلهم "والناس كأسنان المشط ل فضل لحد على‬ ‫أحد إل بالتقوى" أخرجه ابن لل بلفظ قريب من لفظ حديث سهل بن سعد‪.‬‬ ‫‪17‬‬

‫وأشار البخاري إلى ن صرة هذا القول ح يث قال‪ :‬باب الكفاء في الد ين وقوله تعالى‪{ :‬و هو الذي خلق من الماء‬ ‫بشرا}‪ .‬فاستنبط من الية الكريمة المساواة بين بني آدم ثم أردفه بإنكاح أبي حذيفة من سالم بابنة أخيه هند بنت‬ ‫الوليد بن عتبة بن ربيعة وسالم مولى لمرأة من النصار وقد تقدم حديث‪" :‬فعليك بذات الدين" وقد خطب النبي‬ ‫ع ّبيّةَ ييييي بضيم المهملة وكسيرها‬ ‫صَيلّى ال عََليْهِي وَسَيلّم يوم فتيح مكية فقال‪" :‬الحميد ل الذي أذهيب عنكيم ُ‬ ‫يييي الجاهلية وتكبرها‪ ،‬يا أيها الناس إنما الناس رجلن‪ :‬مؤمن تقي كريم على ال‪ ،‬وفاجر شقي هين على‬ ‫ال‪ ،‬ثم قرأ الية" وقال صَلّى ال عََليْ ِه َوسَلّم‪" :‬من سره أن يكون أكرم الناس فليتق ال"‪.‬‬ ‫فجعل صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم اللتفات إلى النساب من عبية الجاهلية وتكبرها فكيف يعتبرها المؤمن ويبني عليها‬ ‫حكما شرعيا؟‬ ‫وفي الحديث‪" :‬أربع من أمور الجاهلية ل يتركها الناس‪ .‬ثم ذكر منها الفخر بالنساب" أخرجه ابن جرير من‬ ‫حديث ابن عباس‪.‬‬ ‫وفي الحاديث شيء كثير في ذم اللتفات إلى الترفع بها‪ .‬وقد أمر صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم بني بياضة بإنكاح أبي‬ ‫ه ند الحجام وقال‪" :‬إن ما هو امرؤ من الم سلمين" فن به على الو جه المقت ضي لم ساواتهم و هو التفاق في و صف‬ ‫السلم‪.‬‬ ‫وللناس في هذه الم سألة عجائب ل تدور على دل يل غ ير ال كبرياء والتر فع ول إله إل ال كم حر مت المؤمنات‬ ‫النكاح لكبرياء الولياء واستعظامهم أنفسهم‪ .‬اللهم إنا نبرأ إليك من شرط وَّلدَهُ الهوى ورباه الكبرياء‪.‬‬ ‫ولقد منعت الفاطميات في جهة اليمن ما أحل ال لهن من النكاح لقول بعض أهل مذهب الهادوية إنه يحرم نكاح‬ ‫الفاطمية إل من فاطمي من غير دليل ذكروه وليس مذهبا لمام المذهب الهادي عليه السلم بل زوج بناته من‬ ‫الطبريين‪.‬‬ ‫وإن ما ن شأ هذا القول من بعده في أيام المام أح مد بن سليمان وتبع هم ب يت ريا ستها فقالوا بل سان الحال تحرم‬ ‫شرائفهم على الفاطميين إل من مثلهم وكل ذلك من غير علم ول هدى ول كتاب منير بل ثبت خلف ما قالوه‬ ‫عن سيد البشر كما دل له‪:‬‬ ‫عنْهَا‪" :‬أَنّ النّبيَ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قالَ لَ ها‪ :‬ا ْنكِحِي أُ سَامَةَ" رَوَا هُ‬ ‫طمَةَ ِبنْ تِ َقيْ سٍ ر ضي اللّ هُ َتعَالَى َ‬ ‫ن فَا ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫ُمسِْلمٌ‪.‬‬ ‫ي صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم قالَ لَها‪ :‬ا ْن ِكحِي ُأسَامَةَ" رَوَا ُه ُمسِْلمٌ)‪.‬‬ ‫ن النّب َ‬ ‫ع ْنهَا‪" :‬أَ ّ‬ ‫ت َقيْسٍ رضي اللّهُ َ‬ ‫طمَةَ ِبنْ ِ‬ ‫عنْ فَا ِ‬ ‫(وَ َ‬ ‫وفاطمة قرشية فهرية أخت الضحاك بن قيس وهي من المهاجرات الول كانت ذات جمال وفضل وكمال جاءت‬ ‫إلى رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم بعد أن طلقها أبو عمرو بن حفص بن المغيرة بعد انقضاء عدّتها منه‬ ‫فأخبرته أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباها فقال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪" :‬أمّا أبو جهم فل‬ ‫يضع عصاه عن عاتقه وأما معاوية فصعلوك ل مال له انكحي أسامة بن زيد يييي الحديث" فأمرها بنكاح‬ ‫أُسامة موله ابن موله وهي قرشية وقدّمه على أكفائها ممن ذكر ول أعلم أنه طلب من أحد أوليائها إسقاط حقه‪.‬‬ ‫وكأن المصنف رحمه ال أورد هذا الحديث بعد بيان ضعف الحديث الول للشارة إلى أنه ل عبرة في الكفاءة‬ ‫بغير الدين كما أورد لذلك قوله‪:‬‬ ‫عنْ هُ أَنّ ال نبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم قال‪ " :‬يا ب ني َبيَاض َة ا ْن ِكحُوا أَ با ِه ْندٍ‬ ‫ن أَ بي ُه َريْرة رض يَ اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫ج ّيدٍ‪.‬‬ ‫س َندٍ َ‬ ‫حجّاما‪ ،‬رَوَاهُ أَبو دا ُودَ والحا ِكمُ ب َ‬ ‫وأن ِكحُوا إل ْيهِ" وَكانَ َ‬ ‫ع ْنهُ َأنّ النبي صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم قال‪" :‬يا بني َبيَاضةَ ا ْن ِكحُوا أَبا ِه ْندٍ) اسمه‬ ‫عنْ أَبي ُهرَيْرة رضيَ اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫(وَ َ‬ ‫حجّاما‪ ،‬رَوَا هُ أَبو‬ ‫يسار وهو الذي حجم النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم وكان مولى لبني بياضة (وأن ِكحُوا إليْ هِ" وَكا نَ َ‬ ‫ج ّيدٍ)‪.‬‬ ‫س َندٍ َ‬ ‫دا ُو َد والحا ِكمُ ب َ‬ ‫ف هو من أدلة عدم اعتبار كفاءة الن ساب و قد صح أن بللً ن كح هالة ب نت عوف أ خت ع بد الرح من بن عوف‬ ‫وعرض عمر بن الخطاب ابنته حفصة على سلمان الفارسي‪.‬‬ ‫عتَقَتْ" ُمتّفقٌ عََليْهِ في حديثٍ طويلٍ‪ ،‬ولمُسْلمٍ‬ ‫جهَا حين َ‬ ‫خيّرَتْ بريرَةُ عَلى زَ ْو ِ‬ ‫عنْها قالَتْ‪ُ " :‬‬ ‫عنْ عَائشَةَ رضيَ اللّهُ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫عبّا سٍ‬ ‫ن ابْ نِ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ل َأ ْثبَ تُ‪ ،‬وَ صَحّ َ‬ ‫ع ْنهَا‪ :‬أن زوجها كان عبدا‪ .‬وفي رواية عن ها‪ :‬كان حرا والوّ ُ‬ ‫عنها َرضِ يَ اللّ هُ َ‬ ‫عبْدا‪.‬‬ ‫ع ْندَ ا ْل ُبخَاريّ َأنّ ُه كانَ َ‬ ‫عنْهُ ِ‬ ‫ي اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫َرضِ َ‬ ‫ث طويلٍ‪،‬‬ ‫عتَقَ تْ" ُمتّف قٌ عََل ْي ِه في حدي ٍ‬ ‫خّيرَ تْ بريرَةُ عَلى زَ ْوجِهَا ح ين َ‬ ‫عنْ ها قالَ تْ‪ُ " :‬‬ ‫ع نْ عَائشَ َة رض يَ اللّ هُ َ‬ ‫(وَ َ‬ ‫عنْهَا‪ :‬أن زوجهيا كان عبدا‪ .‬وفيي روايية عنهيا‪ :‬كان حرا والوّلُ َأ ْثبَتيُ) لنيه جزم‬ ‫ولمُسيْلمٍ عنهيا َرضِي َي اللّهُي َ‬ ‫عبْدا)‪.‬‬ ‫ع ْن َد ا ْل ُبخَاريّ َأنّ ُه كانَ َ‬ ‫عنْهُ ِ‬ ‫ضيَ اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫عبّاسٍ َر ِ‬ ‫ن ابْنِ َ‬ ‫البخاري أنه كان عبد ال ولذا قال‪َ ( :‬وصَحّ عَ ِ‬ ‫‪18‬‬

‫ورواه علماء المدينة وإذا روى علماء المدينة شيئا رأوه فهو أصح‪.‬‬ ‫وأخرجه أبو داود من حديث ابن عباس بلفظ‪" :‬إن زوج بريرة كان عبدا أسود يسمى مغيثا فخيرها النبي صلى‬ ‫ال عليه وآله وسلم وأمرها أن تعتد"‪.‬‬ ‫وفي البخاري عن ابن عباس‪" :‬ذاك مغيث عبد بني فلن يعني زوج بريرة"‪.‬‬ ‫وفي أخرى عند البخاري‪" :‬كان زوج بريرة عبدا أسود يقال له مغيث"‪.‬‬ ‫قال الدارقطني‪ :‬لم تختلف الرواية عن عروة عن عائشة أنه كان عبدا‪ .‬وكذا قال جعفر بن محمد عن أبيه عن‬ ‫عائشة‪.‬‬ ‫قال النووي‪ :‬يؤ يد قول من قال كان عبدا قول عائ شة‪ :‬كان عبدا فأ خبرت و هي صاحبة الق صة بأ نه كان عبدا‪.‬‬ ‫فصح رجحان كونه عبدا قوّة وكثرة وحفظا‪.‬‬ ‫والحديث دليل على ثبوت الخيار للمعتقة بعد عتقها في زوجها إذا كان عبدا وهو إجماع‪.‬‬ ‫واختلف إذا كان حرّا فقيل ليثبت لها الخيار وهو قول الجمهور قالوا‪ :‬لن العلة في ثبوت الخيار‪ .‬إذا كان عبدا‬ ‫هو عدم المكافأة من الع بد للحرة في كث ير من الحكام فإذا عت قت ث بت ل ها الخيار من البقاء في ع صمته‪ .‬أو‬ ‫المفارقة لنها في وقت العقد عليها لم تكن من أهل الختيار‪.‬‬ ‫وذهبت الهادوية والشعبي وآخرون إلى أنه يثبت لها الخيار‪ .‬وإن كان حرا‪ .‬احتجوا بأنه قد ورد في رواية‪ :‬أن‬ ‫زوج بريرة كان حرا‪ .‬وردّه الولون بأنها رواية مرجوحة ل يعمل بها‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬ولنها عند تزويجها لم يكن لها اختيار‪ .‬فإن سيدها يزوجها وإن كرهت فإذا أعتقت تجدد لها حال لم يكن‬ ‫قبل ذلك‪.‬‬ ‫قال ابن القيم‪" :‬في تخييرها ثلثة مآخذ وذكر مأخذين وضعفهما ثم ذكر الثالث وهو أرجحها وتحقيقه أن السيد‬ ‫ع قد علي ها بح كم الملك ح يث كان مالكا لرقبت ها ومنافع ها والع تق يقت ضي تمل يك الرق بة والمنا فع للمع تق وهذا‬ ‫مقصود العتق وحكمته فإذا مل كت رقبتها ملكت بضعها ومنافعها ومن جملتها منافع البضع فل يملك عليها إل‬ ‫باختيارها فخيرها الشارع بين المرين البقاء تحت الزوج أو الفسخ منه وقد جاء في بعض طرق حديث بريرة‪:‬‬ ‫"ملكت نفسك فاختاري"‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬و هو من تعل يق الح كم و هو الختيار على ملك ها لنف سها ف هو إشارة إلى علة التخي ير وهذا يقت ضي ثبوت‬ ‫الخيار إن كانت تحت حرّ‪.‬‬ ‫وهل يقع الفسخ بلفظ الختيار؟ قيل‪ :‬نعم كما يدل له قوله في الحديث‪" :‬خيرت"‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬ل بد من لفظ الفسخ‪.‬‬ ‫ثم إذا اختارت نفسها لم يكن للزوج الرجعة عليها وإنما يراجعها بعقد جديد إن رضيت به ول يزال لها الخيار‬ ‫بعد علمها ما لم يطأها لما أخرجه أحمد عنه صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم‪" :‬إذا عتقت المة فهي بالخيار ما لم يطأها إن‬ ‫تشأ فارقته وإن وطئها فل خيار لها وأخرجه الدارقطني بلفظ‪" :‬إن قاربك فل خيار لك" فدل أن الوطء مانع من‬ ‫الخيار وإليه ذهب الحنابلة‪.‬‬ ‫واعلم أن هذا الحديث جليل قد ذكره العلماء في مواضع من كتبهم في الزكاة وفي العتق وفي البيع وفي النكاح‬ ‫وذكره البخاري في البيع وأطال المصنف في عدة ما استخرج منه من الفوائد حتى بلغت مائة واثنتين وعشرين‬ ‫فائدة فنذكر ما له تعلق بالباب الذي نحن بصدده‪.‬‬ ‫(منها) جواز بيع أحد الزوجين الرقيقين دون الخر‪ ،‬وأن بيع المة المزوجة ل يكون طلقا وأن عتقها ل يكون‬ ‫طلقا ول فسخا‪.‬‬ ‫وأن للرقيق أن يسعى في فكاك رقبته من الرق‪ ،‬وأن الكفارة معتبرة في الحرية‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬قد أشار في الحديث إلى سبب تخييرها وهو ملكها نفسها كما عرفت فل يتم هذا وأن اعتبارها يسقط برضا‬ ‫المرأة ال تي ل ولي ل ها‪ .‬وم ما ذ كر في ق صة بريرة أن زوج ها كان يتبع ها في سكك المدي نة يتحدر دم عه لفرط‬ ‫محبته لها قالوا‪ :‬فيؤخذ منه أن الحب يذهب الحياء وأنه يعذر من كان كذلك إذا كان بغير اختيار منه فيعذر أهل‬ ‫المح بة في ال إذا ح صل ل هم الو جد ع ند سماع ما يفهمون م نه الشارة إلى أحوال هم ح يث يغت فر من هم ما ل‬ ‫يحصل عن اختيار كالرقص ونحوه‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬ل يخ فى أن زوج بريرة ب كى من فراق مح به فم حب ال يب كي شوقا إلى لقائه وخوفا من سخطه ك ما كان‬ ‫ر سول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم يب كي ع ند سماع القرآن وكذلك أ صحابه و من تبع هم بإح سان‪ .‬وأ ما الر قص‬ ‫والتصفيق فشأن أهل الفسق والخلعة ل شأن من يحب ال ويخشاه فأعجب لهذا المأخذ الذي أخذوه من الحديث‬ ‫‪19‬‬

‫وذكره الم صنف في الف تح ثم سرد ف يه غ ير ما ذكرناه وأبلغ فوائده إلى العدد الذي و صفناه و في بعض ها خفاء‬ ‫وتكلف ل يليق بمثل كلم رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪.‬‬ ‫ل اللّ هِ إني أَ سَْلمْتُ وَتحْتي‬ ‫عنْ ُه َتعَالَى قالَ‪ :‬قل تُ‪ :‬يَا ر سُو َ‬ ‫ع نْ أَبي ِه رض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ن فَ ْيرُوزَ ال ّديَْل ِميّ َ‬ ‫ع نِ الضّحا كِ ب ِ‬ ‫وَ َ‬ ‫ححَهُ اب نُ‬ ‫صّ‬ ‫ح َمدُ والرْبع ُة إل النّسائيّ وَ َ‬ ‫شئْ تَ" رَوَا هُ َأ ْ‬ ‫أُختا نِ؟ فَقَالَ ر سُولُ اللّ ِه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬طلّ قْ َأ ّي َتهُما ِ‬ ‫حبّانَ والدّا َرقُطْنيّ وَا ْل َب ْيهَ ِقيّ وأَعّلهُ ا ْل ُبخَاريّ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫(وعين الضحاك) تابعيي معروف روى عين أبييه (ابين فيروز) بفتيح الفاء وسيكون المثناة التحتيية وضيم الراء‬ ‫وسكون الواو آخره زاي هو أبو عبد ال (الديلمي) ويقال الحميري لنزوله حمير وهو من أبناء فارس من فرس‬ ‫صنعاء كان ممن وفد على النبي صلى ال عليه وآله وسلم وهو الذي قتل العنسي الكذاب الذي ادعى النبوة في‬ ‫سنة إحدى عشرة وأتى حين قتله النبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم وهو مريض مرض موته وكان بين ظهوره وقتله‬ ‫أربعة أشهر (عن أبيه رضي ال عنه قال‪ :‬قلت يا رسول ال إني أسلمت وتحتي أختان فقال رسول ال صَلّى ال‬ ‫شئْ تَ" رواه أحمد والربعة إل النسائي وصححه ابن حبان والدارقطني والبيهقي وأعله‬ ‫عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬طَلّ قْ َأ ّي َت ُهمَا ِ‬ ‫جيْشاني يييي بفتح الجيم وسكون المثناة التحتية‬ ‫البخاري) بأنه رواه الضحاك عن أبيه ورواه عنه أبو وهب ال َ‬ ‫والشين المعجمة فنون‪.‬‬ ‫قال البخاري‪ :‬ل نعرف سماع بعضهم من بعض‪.‬‬ ‫والحد يث دل يل على اعتبار أنك حة الكفار وإن خال فت نكاح ال سلم وأن ها ل تخرج المرأة من الزوج إل بطلق‬ ‫بعد السلم وأنه يبقى بعد السلم بل تجديد عقد وهذا مذهب مالك وأحمد والشافعي وداود‪.‬‬ ‫وع ند الهادو ية والحنف ية أ نه ل ي قر م نه إل ما وا فق ال سلم وتأولوا هذا الحد يث بأن المراد بالطلق العتزال‬ ‫وإمساك الخت الخرى التي بقيت عنده بعقد جديد‪.‬‬ ‫ول يخ فى أ نه تأو يل متع سف وك يف يخا طب ر سول ال صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم من د خل في ال سلم ولم يعرف‬ ‫الحكام بمثل هذا وكذلك تأولوا مثل هذا قوله‪:‬‬ ‫شرُ نِسْوَ ٍة َفأَسَْلمْنَ َمعَهُ َفَأ َمرَ ُه النّبيّ صَلّى ال‬ ‫عْ‬ ‫غيْلن بْنَ سََلمَةَ أَسَْلمَ وََلهُ َ‬ ‫عنْهُ‪" :‬أَنّ َ‬ ‫ن َأبِي ِه رَضيَ اللّهُ َ‬ ‫عْ‬ ‫ن سَاِلمٍ َ‬ ‫عْ‬ ‫وَ َ‬ ‫حبّا نَ والحَاكِ مُ وََأعَلّ ُه ا ْل ُبخَاريّ وَأبُو ُزرْعَةَ‬ ‫ن ِ‬ ‫صحّحَ ُه ابْ ُ‬ ‫خيّرَ ِم ْنهُنّ َأرْبعا" رَوَا ُه َأحْمدُ وال ّت ْرمِذيّ وَ َ‬ ‫ن َي َت َ‬ ‫عََليْ هِ وَ سَلّم أَ ْ‬ ‫وَأبُو حَاتِمٍ‪.‬‬ ‫(وعن سالم عن أبيه رضي ال عنه) عبد ال بن عمر (أن غيلن بن سلمة) هو ممن أسلم بعد فتح الطائف ولم‬ ‫يهاجر وهو من أعيان ثقيف ومات في خلفة عمر (أسلم وله عشر نسوة فأسلمن معه فأمره النبي صَلّى ال عََليْهِ‬ ‫َوسَلّم أن يتخير منهن أربعا‪ .‬رواه أحمد والترمذي وصححه ابن حبان والحاكم وأعله البخاري وأبو زرعة)‪.‬‬ ‫قال الترمذي‪ :‬قال البخاري هذا الحديث غير محفوظ‪.‬‬ ‫وأطال المصنف في التلخيص الكلم على الحديث‪.‬‬ ‫وأخصر منه وأحسن إفادة كلم ابن كثير في الرشاد‪ .‬قال عقب سياقه له‪ :‬رواه المامان أبو عبد ال محمد بن‬ ‫إدريس الشافعي وأحمد بن حنبل والترمذي وابن ماجه وهذا السناد رجاله على شرط الشيخين إل أن الترمذي‬ ‫يقول‪ :‬سمعت البخاري يقول‪ :‬هذا حديث غير محفوظ والصحيح ما روى شعيب وغيره عن الزهري قال‪ :‬حدثت‬ ‫عن محمد بن شعيب الثقفي أن غيلن فذكره‪.‬‬ ‫قال البخاري‪ :‬وإنما حديث الزهري عن سالم عن أبيه‪ :‬أن رجلً من ثقيف طلق نساءه فقال له عمر‪ :‬لتراجعن‬ ‫نساءك الحديث‪.‬‬ ‫قال ابن كثير‪ :‬قلت‪ :‬قد جمع المام أحمد في روايته لهذا الحديث بين هذين الحديثين بهذا السند فليس ما ذكره‬ ‫البخاري قادحا وساق رواية النسائي له برجال ثقات إل أنه يرد على ابن كثير ما نقله الثرم عن أحمد أنه قال‪:‬‬ ‫هذا الحديث غير صحيح والعمل عليه‪.‬‬ ‫وهو دليل على ما دلّ عليه حديث الضحاك‪ .‬ومن تأول ذلك تأول هذا‪.‬‬ ‫"فائدة" سبقت إشارة إلى قصة تطليق رجل من ثقيف نساءه‪ .‬وذلك أنه اختار أربعا فلما كان في عهد عمر طلق‬ ‫نساءه وقسم ماله بين بنيه فلما بلغ ذلك عمر قال‪" :‬إني لظن الشيطان مما يسترق من السمع سمع بموتك فقذفه‬ ‫في نفسك وأعلمك أنك ل تمكث إل قليلً وأيم لتراجعن نساءك ولترجعن مالك أو لورثهن منك ولمرن بقبرك‬ ‫فليرجم كما رجم قبر أبي رغال الحديث"‪.‬‬ ‫ووقع في الوسيط ابن غيلن وهو وهم بل هو غيلن‪.‬‬ ‫وأشد منه وهما ما وقع في مختصر ابن الحاجب ابن عيلن بالعين المهملة‪.‬‬ ‫‪20‬‬

‫و في سنن أ بي داود‪" :‬أن ق يس بن الحرث أ سلم وعنده ثمان ن سوة فأمره ال نبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم أن يختار‬ ‫أربعا"‪.‬‬ ‫وروى الشافعي والبيهقي عن نوفل بن معاوية أنه قال‪ :‬أسلمت وتحتي خمس نسوة فسألت النبي صلى ال عليه‬ ‫وآله وسلم فقال‪ :‬فارق واحدة وأمسك أربعا‪ ،‬فعمدت إلى أقدمهن عندي عاقر من ستين سنة ففارقتها‪.‬‬ ‫وعاش نوفل بن معاوية مائة وعشرين سنة ستين في السلم وستين في الجاهلية‪.‬‬ ‫و في كلم ع مر ما يدل على إبطال الحيلة لم نع التور يث وأن الشيطان قد يقذف في قلب الع بد ما ي سترقه من‬ ‫السمع من أحواله وأنه يرجم القبر عقوبة للعاصي وإهانة وتحذيرا عن مثل ما فعله‪.‬‬ ‫سنِينَ‬ ‫ن ال ّربِ يع َب ْعدَ سِتّ ِ‬ ‫ي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ا ْب َنتَ ُه َز ْينَ بَ عَلى أَ بي ا ْلعَا صِ بْ ِ‬ ‫س قالَ‪َ " :‬ردّ النّب ّ‬ ‫عبّا ٍ‬ ‫ع نِ اب نِ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫صحّحَ ُه َأحْمدُ والحا ِكمُ‪.‬‬ ‫ح َمدُ وال ْربَعةُ إل النسائيّ َو َ‬ ‫بالنّكاحِ الوّلِ وََلمْ ُيحْدثْ نِكاحا" رَوَا ُه َأ ْ‬ ‫ع ْن ُهمَا قالَ‪َ " :‬ردّ النّبيّ صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم ا ْب َنتَ ُه َز ْينَ بَ عَلى أَبي ا ْلعَا صِ ْب نِ ال ّربِيع‬ ‫عبّا سٍ َرضِ يَ الّل هُ َ‬ ‫ع نِ اب نِ َ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ححَ ُه َأحْمدُ والحا ِكمُ)‪.‬‬ ‫صّ‬ ‫ح َمدُ وال ْربَعةُ إل النسائيّ َو َ‬ ‫ن بالنّكاحِ الوّلِ وََل ْم ُيحْدثْ نِكاحا" رَوَاهُ َأ ْ‬ ‫سنِي َ‬ ‫ت ِ‬ ‫َب ْعدَ سِ ّ‬ ‫قال الترمذي‪ :‬ح سن ول يس بإ سناده بأس وفي ل فظ لح مد كان إ سلمها ق بل إ سلمه ب ست سنين وع نى بإ سلمها‬ ‫هجرت ها ب عد وق عة بدر بقل يل ووق عة بدر كا نت في رمضان من ال سنة الثان ية من هجر ته صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‬ ‫وحرمت المسلمات على الكفار في الحديبية سنة ست من ذي القعدة منها فيكون مكثها بعد ذلك نحوا من سنتين‬ ‫ولهذا ورد في رواية أبي داود ردها عليه بعد سنتين وهكذا قرر ذلك أبو بكر البيهقي‪.‬‬ ‫قال الترمذي‪ :‬ل يعرف وجه هذا الحديث‪ ،‬يشير إلى أنه كيف ردها عليه بعد ست سنين أو ثلث أو سنتين وهو‬ ‫مش كل لستبعاد أن تبقى عدّتها هذه المدة ولم يذ هب أحد إلى تقر ير المسلمة ت حت الكافر إذا تأخر إ سلمه عن‬ ‫إسلمها‪.‬‬ ‫نقل الجماع في ذلك ابن عبد البر وأشار إلى أن بعض أهل الظاهر جوزه ورد بالجماع وتعقب بثبوت الخلف‬ ‫فيه عن علي والنخعي أخرجه ابن أبي شيبة عنهما وبه أفتى حمّاد شيخ أبي حنيفة فروى عن علي أنه قال‪" :‬في‬ ‫الزوجين الكافرين يسلم أحدهما‪" :‬هو أملك لبضعها ما دامت في دار هجرتها" وفي رواية‪" :‬هو أولى بها ما لم‬ ‫تخرج من مصرها"‪.‬‬ ‫وفي رواية عن الزهري أنه‪ :‬إن أسلمت ولم يسلم زوجها فهما على نكاحهما ما لم يفرق بينهما سلطان‪.‬‬ ‫وقال الجمهور‪ :‬إن أ سلمت الحرب ية وزوج ها حر بي و هي مدخول ب ها فإن أ سلم و هي في العدة فالنكاح باق وإن‬ ‫أسلم بعد انقضاء عدتها وقعت الفرقة بينهما وهذا الذي ادعى عليه الجماع في البحر‪ .‬وادّعاه ابن عبد البر كما‬ ‫عرفت‪.‬‬ ‫وتأول الجمهور حد يث زي نب بأن عدت ها لم ت كن قد انق ضت وذلك ب عد نزول آ ية التحر يم لبقاء الم سلمة ت حت‬ ‫الكافر وهو مقدار سنتين وأشهر لن الحيض قد يتأخر مع بعض النساء فردّها صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم لما كانت‬ ‫العدة غير منقضية‪.‬‬ ‫وقيل المراد بقوله بالنكاح الول‪ :‬أنه لم يحدث زيادة شرط ول مهر ورد هذا ابن القيم وقال‪:‬‬ ‫ل نعرف اعتبار العدة في شيء من الحاديث ول كان النبي صلى ال عليه وآله وسلم يسأل المرأة هل انقضت‬ ‫عدتها أم ل‪.‬‬ ‫ول ريب أن السلم لو كان بمجرده فرقة لكانت فرقة بائنة ل رجعية فل أثر للعدة في بقاء النكاح‪.‬‬ ‫فلو كان السلم قد نجز الفرقة بينهما لم يكن أحق بها في العدة ولكن الذي دلّ عليه حكمه صلى ال عليه وآله‬ ‫وسلم أن النكاح موقوف فإن أسلم قبل انقضاء عدتها فهي زوجته‪.‬‬ ‫وإن انق ضت عدت ها فل ها أن تن كح من شاءت‪ .‬وإن أح بت انتظر ته فإن أ سلم كا نت زوج ته من غ ير حا جة إلى‬ ‫تجديد نكاح‪.‬‬ ‫ول يعلم أحد جدّد بعد السلم نكاحه البتة بل كان الواقع أحد المرين إما افتراقهما ونكاحها غيره وإما بقاؤهما‬ ‫عليه وإن تأخر إسلمه‪.‬‬ ‫وأما تنجيز الفرقة ومراعاة العدة فل يعلم أن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم قضى بواحد منهما مع كثرة‬ ‫من أسلم في عهده‪ .‬وقرب إسلم أحد الزوجين من الخر وبعده منه‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ولول إقراره صلى ال تعالى عل يه وآله و سلم الزوج ين على نكاحه ما وإن تأ خر إ سلم أحده ما عن ال خر‬ ‫بعد صلح الحديبية وزمن الفتح لقلنا بتعجيل الفرقة بالسلم من غير اعتبار عدة لقوله تعالى‪{ :‬ل هن حل لهم‬ ‫‪21‬‬

‫ول هم يحلون ل هن} وقوله تعالى‪{ :‬ول تم سكوا بع صم الكوا فر} ثم سرد قضا يا تو كد ما ذ هب إل يه و هو أقرب‬ ‫القوال في المسألة‪.‬‬ ‫جدّ هِ‪" :‬أَنّ النّبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم َردّ ا ْب َنتَ ُه زَ ْينَ بَ عَلى أبي الْعاص بن‬ ‫ن َ‬ ‫ع نْ أَبي هِ ع ْ‬ ‫ش َعيْ بٍ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫عمْرو ب ِ‬ ‫ع نْ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ش َعيْبٍ‪.‬‬ ‫ن ُ‬ ‫عمْرو بْ ِ‬ ‫عبّاسٍ َأجْو ُد إسْنادا‪ ،‬وال َعمَلُ عَلى حديثِ َ‬ ‫الربيع ِبنِكاحٍ جَديدٍ"‪ .‬قَالَ التّرمِ ِذيّ حَديثُ ا ْبنِ َ‬ ‫جدّ هِ‪" :‬أَنّ النّبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم َردّ ا ْب َنتَ ُه َز ْينَ بَ عَلى أبي الْعاص بن‬ ‫ن َ‬ ‫ن أَبي هِ ع ْ‬ ‫ش َعيْ بٍ عَ ْ‬ ‫عمْرو ب نِ ُ‬ ‫ع نْ َ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ش َعيْبٍ)‪.‬‬ ‫ن ُ‬ ‫عمْرو بْ ِ‬ ‫عبّاسٍ َأجْو ُد إسْنادا‪ ،‬وال َعمَلُ عَلى حديثِ َ‬ ‫الربيع ِبنِكاحٍ جَديدٍ"‪ .‬قَالَ التّرمِ ِذيّ حَديثُ ا ْبنِ َ‬ ‫قال الحافظ ابن كثير في الرشاد‪ :‬قال المام أحمد‪ :‬هذا حديث ضعيف وحجاج لم يسمعه من عمرو بن شعيب‬ ‫إنما سمعه من محمد بن عبد ال العزرمي والعزرمي ل يساوي حديثه شيئا‪ ،‬قال‪ :‬والصحيح حديث ابن عباس‬ ‫يعني المتقدم‪ ،‬وهكذا قال البخاري والترمذي والدارقطني والبيهقي وحكاه عن حفاظ الحديث‪.‬‬ ‫وأما‪ :‬ابن عبد البر فإنه جنح إلى ترجيح رواية عمرو بن شعيب وجمع بينه وبين حديث ابن عباس فحمل قوله‬ ‫في حديث ابن عباس بالنكاح الول أي بشروطه ومعنى لم يحدث شيئا أي لم يزد على ذلك شيئا‪ .‬وقد أشرنا إليه‬ ‫آنفا‪.‬‬ ‫قال‪ :‬وحديث عمرو بن شعيب تعضده الصول وقد صرح فيه بوقوع عقد جديد ومهر جديد‪ .‬والخذ بالصريح‬ ‫أولى من الخذ بالمحتمل انتهى‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬يرد تأو يل حد يث ا بن عباس ت صريح ا بن عباس في روا ية‪" :‬فلم يحدث شهادة ول صداقا" رواه ا بن كث ير‬ ‫في الرشاد ونسبه إلى إخراج المام أحمد له‪.‬‬ ‫وأ ما قول الترمذي‪ :‬والع مل على حد يث عمرو بن شع يب فإ نه ير يد ع مل أ هل العراق‪ ،‬ول يخ فى أن عمل هم‬ ‫بالحديث الضعيف وهجر القوي ل يقوى بل يضعف ما ذهبوا إليه من العمل‪.‬‬ ‫ع ْنهُ ما قالَ‪" :‬أَ سَْلمَتِ ا ْمرَأَ ٌة َفتَزَ ّوجَ تْ َفجَاءَ زَ ْوجُ ها فَقَال‪ :‬يَا رَ سُولَ اللّ هِ‪ِ ،‬إنّ ي ُكنْ تُ‬ ‫عبّا سٍ رض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ن اب نِ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫وَ َ‬ ‫جهَا الوّلِ"‬ ‫خرِ َو َردّهَا إلى زَ ْو ِ‬ ‫جهَا ال َ‬ ‫ن زَ ْو ِ‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ِم ْ‬ ‫عهَا رسو ُ‬ ‫ت بإ سْلمِي‪ ،‬فَا ْنتَزَ َ‬ ‫أَ سَْلمْتُ َوعَِلمَ ْ‬ ‫حبّانَ والحا ِكمُ‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫ححَ ُه اب ُ‬ ‫صّ‬ ‫ن مَاجَه و َ‬ ‫ح َمدُ وَأبُو دَاودَ وابْ ُ‬ ‫رَوَاهُ َأ ْ‬ ‫ل اللّ هِ‪ِ ،‬إنّي ُكنْ تُ‬ ‫ت فَجَا َء زَ ْوجُها فَقَال‪ :‬يَا رَ سُو َ‬ ‫ع ْنهُما قالَ‪" :‬أَ سَْلمَتِ ا ْمرَأَ ٌة فَ َتزَ ّوجَ ْ‬ ‫عبّا سٍ رض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ع نِ اب نِ َ‬ ‫(وَ َ‬ ‫جهَا الوّلِ"‬ ‫خرِ َو َردّهَا إلى زَ ْو ِ‬ ‫جهَا ال َ‬ ‫ن زَ ْو ِ‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ِم ْ‬ ‫عهَا رسو ُ‬ ‫ت بإ سْلمِي‪ ،‬فَا ْنتَزَ َ‬ ‫أَ سَْلمْتُ َوعَِلمَ ْ‬ ‫حبّانَ والحا ِكمُ)‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫ححَ ُه اب ُ‬ ‫صّ‬ ‫ن مَاجَه و َ‬ ‫ح َمدُ وَأبُو دَاودَ وابْ ُ‬ ‫رَوَاهُ َأ ْ‬ ‫الحديث دليل على أنه إذا أسلم الزوج وعلمت امرأته بإسلمه فهي في عقد نكاحه وإن تزوجت فهو تزوج باطل‬ ‫تنتزع من الزوج الخر‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬وعل مت بإ سلمي" يحتمل أ نه أسلم ب عد انقضاء عدت ها أو قبل ها وأن ها ترد إل يه على كل حال وأن علم ها‬ ‫بإسلمه قبل تزوجها بغيره يبطل نكاحها مطلقا سواء انقضت عدتها أم ل؛ فهو من الدلة لكلم ابن القيم الذي‬ ‫قدمناه لن تر كه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ال ستفصال هل عل مت ب عد انقضاء العدة أو ل‪ :‬دل يل على أ نه ل ح كم‬ ‫للعدة‪.‬‬ ‫ج من شاءت ل تتم هذه القضية إل على تقدير‬ ‫إل أنه على كلم ابن القيم الذي قدمناه أنها بعد انقضاء عدتها تزَوّ ُ‬ ‫تزوجها في العدة كذا قاله الشارح رحمه ال‪.‬‬ ‫ول يخفى أنه مشكل لنه إن كان عقد الخر بعد انقضاء عدتها من الول فنكاحها صحيح وإن كان قبل انقضاء‬ ‫عدتها فهو باطل إل أن يقال إنه أسلم وهي في العدة وإذا أسلم وهي فيها فالنكاح باق بينهما فتزوجها بعد إسلمه‬ ‫باطل لنها باقية في عقد نكاحها فهذا أقرب‪.‬‬ ‫ن بني غِفَار فََلمّا‬ ‫ج رَ سولُ اللّ ِه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم الْعالي َة مِ ْ‬ ‫ع نْ َأبِي ِه قَالَ‪َ :‬تزَوّ َ‬ ‫جرَةَ َ‬ ‫عْ‬ ‫ن َكعْ بِ ب نِ ُ‬ ‫ع نْ َز ْيدِ ب ِ‬ ‫وَ َ‬ ‫حهَا َبيَاضا‪ ،‬فَقَال النّبيّ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬ا ْلبَ سِي ِثيَابَ كِ وَا ْلحَقِي ِبأَهْلِ كِ"‬ ‫شِ‬ ‫ضعَ تْ ِثيَا َبهَا رَأَى ِب َك ْ‬ ‫َدخَلَ تْ عَلَي هِ َو َو َ‬ ‫ختِلفا كثيرا‪.‬‬ ‫ش ْيخِهِ ا ْ‬ ‫ختُِلفَ عََليْ ِه في َ‬ ‫جهُولٌ‪ ،‬وا ْ‬ ‫ن َز ْيدٍ وَ ُهوَ َم ْ‬ ‫سنَادِ ِه جميلُ ب ُ‬ ‫وََأ َمرَ َلهَا بالصّدَاق‪ .‬رَوَا ُه الحاكمُ‪ ،‬وفي إ ْ‬ ‫(وعن زيد بن كعب بن عجرة عن أبيه قال‪ :‬تزوج رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم العاِليَ َة من بَني غِفَار) بكسر‬ ‫الغين المعج مة ففاء خفيفة فراء بعد اللف قبيلة معرو فة (فلما دخلت عليه ووض عت ثيابها رأى بكشح ها) بف تح‬ ‫الكاف فشين معجمة فحاء مهملة هو ما بين الخاصرتين إلى الضلع كما في القاموس (بياضا فقال‪" :‬ا ْلبَسي ِثيَابَك‬ ‫وا ْلحَقِي بأَهْلِ كِ" وأمر لها بالصداق‪ :‬رواه الحاكم وفي إسناده جميل بن زيد وهو مجهول واختلف عليه في شيخه‬ ‫اختلفا كثيرا)‪.‬‬ ‫‪22‬‬

‫اختلف في الحديث عن جميل فقيل عنه كما قال المصنف وقيل عن ابن عمر وقيل عن كعب بن عجرة وقيل‬ ‫عن كعب بن زيد‪.‬‬ ‫والحديث فيه دليل على أن البرص منفر ول يدل الحديث على أنه يفسخ به النكاح صريحا لحتمال قوله صَلّى‬ ‫ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬الحقي بأهلك" أنه قصد الطلق إل أنه قد روى هذا الحديث ابن كثير بلفظ‪ :‬أنه صَلّى ال عََل ْي هِ‬ ‫وَ سَلّم تزوج امرأة من بني غفار فلما دخلت عليه رأى بكشحها وضحا فردها إلى أهلها وقال‪" :‬دلستم عل يّ" فهو‬ ‫دليل على الفسخ‪.‬‬ ‫وهذا الحديث ذكره ابن كثير في باب الخيار في النكاح والرد بالعيب‪.‬‬ ‫وقد اختلف العلماء في فسخ النكاح بالعيوب فذهب أكثر المة إلى ثبوته وإن اختلفوا في التفاصيل‪.‬‬ ‫فروي عن[اث] علي[‪/‬اث] و[اث]عمر[‪/‬اث] أنها ل ترد النساء إل من أربع‪ :‬من الجنون والجذام والبرص والداء‬ ‫في الفرج وإسناده منقطع‪.‬‬ ‫وروى البيهقي بإسناد جيد عن [اث]ابن عباس[‪/‬اث] رضي ال عنه‪" :‬أربع ل يجزن في بيع ول نكاح‪ :‬المجنونة‬ ‫والمجذومة والبرصاء والعفلء"‪.‬‬ ‫والرجل يشارك المرأة في ذلك ويرد بالجب والعنة على خلف في العنة وفي أنواع من المنفرات خلف‪.‬‬ ‫واختار ا بن الق يم أن كل ع يب ين فر الزوج ال خر م نه ول ي حل به مق صود النكاح من المودة والرح مة يو جب‬ ‫الخيار وهو أولى من البيع كما أن الشروط المشروطة في النكاح أولى بالوفاء من الشرط في البيع‪.‬‬ ‫قال‪ :‬و من تدبر مقا صد الشرع في م صادره وموارده وعدله وحكم ته و ما اشتملت عل يه من الم صالح لم ي خف‬ ‫عليه رجحان هذا القول وقربه من قواعد الشريعة‪.‬‬ ‫وقال‪ :‬وأما القتصار على عيبين أو ثلثة أو أربعة أو خمسة أو ستة أو سبعة أو ثمانية دون ما هو أولى منها‬ ‫أو م ساويها فل و جه له فالع مى والخرس والطرش وكون ها مقطو عة اليد ين أو الرجل ين أو إحداه ما من أع ظم‬ ‫المنفرات وال سكوت ع نه من أق بح التدل يس وال غش و هو مناف للد ين والطلق إن ما ين صرف إلى ال سلمة ف هو‬ ‫كالمشروط عرفا‪.‬‬ ‫قال‪ :‬وقد قال أمير المؤمن ين عمر بن الخطاب ل من تزوج امرأة وهو ل يولد له‪ :‬أخبر ها أنك عقيم‪ .‬فماذا تقول‬ ‫في العيوب الذي هذا عندها كمال ل نقص انتهى‪.‬‬ ‫وذهب داودو ابن حزم إلى أنه ل يفسخ النكاح بعيب ألبتة وكأنه لما لم يثبت الحديث به ول يقولون بالقياس لم‬ ‫يقولوا بالفسخ‪.‬‬ ‫جدَهَا‬ ‫ج ا ْمرَأَةً َف َدخَلَ ب ها فَ َو َ‬ ‫عنْ ُه قالَ‪َ" :‬أيّمَا َرجُلٍ َتزَوّ َ‬ ‫ن الْخطْا بِ رض يَ ال َ‬ ‫ع َمرَ ب َ‬ ‫ب أَنّ ُ‬ ‫ن المُ سَيّ ِ‬ ‫ع نْ سَعيدِ ب ِ‬ ‫وَ َ‬ ‫ن َمنْصُور‬ ‫خ َرجَهُ سَعيدُ ب ُ‬ ‫غرّهُ ِمنْها" َأ ْ‬ ‫جنُونَ ًة أَ ْو َمجُذومَ ًة فََلهَا الصّداقُ بمسِيسِ ِه إيّاها‪ ،‬وَهُ َو لَهُ عَلى منْ َ‬ ‫َبرْصَا َء أَ ْو َم ْ‬ ‫جهَا بالخيَار‪ ،‬فإنْ‬ ‫عنْ عَليَ َنحْوَهُ َوزَاد‪َ" :‬أوْ بها قَرنٌ َفزَ ْو ُ‬ ‫ش ْيبَةَ وَرجَالُهُ ثِقاتٌ‪َ ،‬و َروَى سعيدٌ َأيّضا َ‬ ‫َومَالكٌ وابنُ أَبي َ‬ ‫ن أَ نْ‬ ‫ع َمرُ في ا ْل ِعنّي ِ‬ ‫سيّبِ أَيضا قَالَ‪" :‬قَضَى ُ‬ ‫ن ا ْلمُ َ‬ ‫ن طري قِ سَعيدِ ب ِ‬ ‫جهَا"‪َ .‬ومِ ْ‬ ‫ل مِ نْ َف ْر ِ‬ ‫ستَحَ ّ‬ ‫سهَا فََلهَا ا ْل َمهْ ُر بما ا ْ‬ ‫مَ ّ‬ ‫سنَةً" ورجاُلهُ ثِقَاتٌ‪.‬‬ ‫يُؤجّلَ َ‬ ‫(و عن سعيد بن الم سيب أن ع مر بن الخطاب ر ضي ال ع نه قال‪ :‬أي ما ر جل تزوّ حَ امرأ ًة فدخلَ ب ها فوجد ها‬ ‫غرّهُ منها‪ .‬أخرجه سعيد بن منصور‬ ‫برصاء أو مجنونة أو مجذومة فلها الصداق بمَسِيسِ ِه إياها وهو َل ُه على مَنْ َ‬ ‫ومالك وابن أبي شيبة ورجاله ثقات)‪.‬‬ ‫تقدم الكلم في الف سخ بالع يب‪ .‬وقوله "و هو" أي الم هر له أي للزوج على من غرّه من ها‪ .‬أي ير جع عل يه وإل يه‬ ‫ذهب الهادي ومالك وأصحاب الشافعي وذلك لنه غرم لحقه بسببه‪.‬‬ ‫إل أنهم اشترطوا علمه بالعيب فإذا كان جاهلً فل غرم عليه‪.‬‬ ‫وقول عمر‪" :‬على من غرّه" دال على ذلك إذ ل غرر منه إل مع العلم‪.‬‬ ‫وذهب أبو حنيفة والشافعي إلى أنه ل رجوع إل أن الشافعي قال بها في الجديد‪.‬‬ ‫قال ابين كثيير فيي الرشاد‪ :‬وقيد حكيى الشافعيي فيي القدييم عين[اث] عمير[‪/‬اث] و[اث]علي[‪/‬اث] و[اث]ابين‬ ‫عباس[‪/‬اث] في المغرور يرجع بالمهر على من غرّه ويعتضد بما تقدم من قوله صلى ال عليه وآله وسلم‪" :‬من‬ ‫غشنا فليس منا"‪.‬‬ ‫ثم قال الشافعي في الجديد‪ :‬وإنما تركنا ذلك لحديث‪" :‬أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فإن أصابها‬ ‫فلها الصداق بما استحل من فرجها"‪.‬‬ ‫‪23‬‬

‫قال‪ :‬فج عل ل ها ال صداق في النكاح البا طل و هي ال تي غر ته فلن يج عل ل ها ال صداق بل رجوع على الغارّ في‬ ‫النكاح الصحيح الذي الزوج فيه مخير بطريق الولى انتهى‪.‬‬ ‫وقد يقال هذا مطلق مقيد بحديث الباب‪.‬‬ ‫(وروى سعيد أيضا) يعني ابن منصور (عن عل يّ رض يَ ال عنه نحوه وزاد‪ :‬أو بها قَرْ نٌ" بفتح القاف وسكون‬ ‫الراء هو العفلة بفتح العين المهملة وفتح الفاء واللم وهي تخرج في ُقبُل النساء وحيا الناقة كالدرة في الرجال‬ ‫(فزوجُها بالخيار فإن َمسّها فلها المهرُ بما اس َتحَلّ ِمنْ َف ْرجِهَا)‪.‬‬ ‫(ومن طريق سعيد بن المسيب أيضا) أي وأخرج سعيد بن منصور من طريق ابن المسيب‪( :‬قال‪ :‬قضى عمر‬ ‫رضي ال عنه في العنين أن يؤجل سنة‪ ،‬ورجاله ثقات) بالمهملة فنون فمثناة تحتية فنون بزنة سكين‪ ،‬هو من ل‬ ‫يأتي النساء عجزا لعدم انتشار ذكره‪ ،‬ول يريدهن‪.‬‬ ‫والسم العنانة والتعنين والعنينة بالكسر ويشدّد والعنة بالضم السم أيضا من عنن عن امرأته حكم عليه القاضي‬ ‫بذلك أو منع بالسحر‪ .‬وهذا الثر دال على أنها عيب يفسخ بها النكاح بعد تحققها‪.‬‬ ‫واختلفوا في ذلك‪.‬‬ ‫والقائلون بالفسخ اختلفوا أيضا في إمهاله‪ .‬ليحصل التحقيق‪.‬‬ ‫فقيل يمهل سنة وهو مروي عن[اث] عمر[‪/‬اث] و[اث]ابن مسعود[‪/‬اث]‪.‬‬ ‫وروي عن[اث] عثمان[‪/‬اث] أنه لم يؤجله‪.‬‬ ‫وعن الحارث بن عبد ال يؤجل عشرة أشهر‪.‬‬ ‫وذهب أحمد والهادي وجماعة إلى أنه ل فسخ في ذلك‪ .‬واستدلوا بأن الصل عدم الفسخ وهو أثر ل حجة فيه‬ ‫وبأنه صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم لم يخير امرأة رفاعة وقد شكت منه ذلك وهو في موضع التعليم‪.‬‬ ‫وقد أجاب في البحر بقوله‪ :‬قلنا‪ :‬لعل زوجها أنكر والظاهر معه‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬ل يخفى أن امرأة رفاعة لم تشك من رفاعة فإنه كان قد طلقها فتزوجها عبد الرحمن بن الزبير فجاءت‬ ‫تش كو إل يه صلى ال عل يه وآله و سلم إن ما م عه م ثل هد بة الثوب فقال صلى ال عل يه وآله و سلم‪" :‬أتريد ين أن‬ ‫ترجعي إلى رفاعة؟ ل حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته"‪.‬‬ ‫و في المو طأ‪" :‬أن رفا عة طلق امرأ ته تمي مة ب نت و هب في ع هد ر سول ال صلى ال عل يه وآله و سلم ثلث‬ ‫فنكحت عبد الرحمن بن الزبير فأعرض عنها فلم يستطع أن يمسها ففارقها فأراد رفاعة أن ينكحها وهو زوجها‬ ‫الوّل؛ فقال صلى ال عليه وآله وسلم‪ :‬أتريدين يييي الحديث"‪.‬‬ ‫وبهذا يعرف عدم صحة الستدلل بقصة رفاعة فإنها لم تطلب الفسخ بل فهم منها صلى ال تعالى عليه وعلى‬ ‫آله وسلم أنها تريد أن يراجعها رفاعة فأخبرها أن عبد الرحمن حيث لم يذق عسيلتها ول ذاقت عسيلته ل يحلها‬ ‫لرفاعة‪.‬‬ ‫وكيف يحمل حديثها على طلبها الفسخ وقد أخرج مالك في الموطأ‪" :‬أن عبد الرحمن لم يستطع أن يمسها فطلقها‬ ‫فأراد رفاعة أن ينكحها وهو زوجها الول‪ .‬فجاءت تستفتي رسول ال صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم فأجابها بأنها ل تحل‬ ‫له"‪.‬‬ ‫وأما قصة أبي ركانة وهي‪" :‬أنه نكح امرأة من مزينة فجات إلى النبي صلى ال عليه وآله وسلم فقالت‪ :‬ما يغني‬ ‫عني إل كما تغني عني هذه الشعرة يييي لشعرة أخذتها من رأسها يييي ففرق بيني وبينه فأخذت النبي‬ ‫صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم حمية فدعا بركانة وإخوته ثم قال لجلسائه أترون فلنا يييي يعني ولدا له يييي يشبه‬ ‫منه كذا وكذا من عبد يزيد وفلنا لبنه الخر يشبه منه كذا وكذا قالوا‪ :‬نعم قال النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم لعبد‬ ‫يزيد‪ :‬طلقها ففعل يييي الحديث" أخرجه أبو داود عن ابن عباس‪.‬‬ ‫والظاهر أنه لم يثبت عنده صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم ما ادعته المرأة من العنة لنها خلف الصل‪.‬‬ ‫ولنه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم تعرف أولده بالقيافة وسأله عنها أصحابه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم فدل أنه لم يثبت له‬ ‫أنه عنين فأمره الطلق إرشادا إلى أنه ينبغي له فراقها حيث طلبت ذلك منه ل أنه يجب عليه‪.‬‬ ‫"فائدة" قال ابن المنذر‪ :‬اختلفوا في المرأة تطالب الرجل بالجماع فقال الكثرون‪ .‬إن وطئها بعد أن دخل بها مرة‬ ‫واحدة لم يؤجل أجل العنين وهو قول الوزاعي والثوري وأبي حنيفة ومالك والشافعي وإسحاق‪.‬‬ ‫وقال أبو ثور‪ :‬إن ترك جماعها لعلة أجل لها سنة وإن كان لغير علة فل تأجيل‪.‬‬ ‫وقال عياض‪ :‬اتفيق كافية العلماء أن للمرأة حقا فيي الجماع فيثبيت الخيار لهيا إذا تزوجيت المجبوب والممسيوح‬ ‫جاهلة بهما ويضرب للعنين سنة لختبار زوال ما به انتهى‪.‬‬ ‫‪24‬‬

‫قلت‪ :‬ولم يستدلوا على مقدار الجل بالسنة بدليل ناهض إنما يذكر الفقهاء أنه لجل أن تمر به الفصول الربعة‬ ‫فيتبين حينئذ حاله‪.‬‬ ‫باب عشرة النساء‬ ‫بكسر العين وسكون الشين المعجمة أي عشرة الرجال أي الزواج النساء أي الزوجات‪.‬‬ ‫عنْ ُه قالَ‪ :‬قالَ رَ سولُ اللّ هِ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬مَلْعُو نٌ َم نْ أَتَى امْرأَ ًة في ُدبُر ها"‬ ‫ن أَ بي ُه َريْرَ َة رَض يَ اللّ هُ َ‬ ‫عَ ْ‬ ‫ل بالرْسالِ‪.‬‬ ‫رَوَاهُ َأبُو داودَ والنّسائيّ والّل ْفظُ لَهُ‪ ،‬وَرجَالُ ُه ثِقَاتٌ‪ ،‬لكن أُعِ ّ‬ ‫ن َأتَى امْرأَةً في ُدبُرها"‬ ‫ن مَ ْ‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬مَ ْلعُو ٌ‬ ‫عنْ ُه قالَ‪ :‬قالَ رَسو ُ‬ ‫ن أَبي ُه َر ْيرَةَ رَض يَ اللّ هُ َ‬ ‫(عَ ْ‬ ‫ل بالرْسالِ)‪.‬‬ ‫رَوَاهُ َأبُو داودَ والنّسائيّ والّل ْفظُ لَهُ‪ ،‬وَرجَالُ ُه ثِقَاتٌ‪ ،‬لكن أُعِ ّ‬ ‫ي هذا الحد يث بلف ظه من طرق كثيرة عن جما عة من ال صحابة من هم عل يّ بن أ بي طالب ر ضي ال ع نه‬ ‫رُوِ َ‬ ‫وع مر وخزي مة وعلي بن طلق وطلق بن عل يّ وا بن م سعود وجابر وا بن عباس وا بن ع مر والبراء وعق بة بن‬ ‫عامر وأنس وأبو ذرّ وفي طرقة جميعها كلم ولكنه مع كثرة الطرق واختلف الرواة يشدّ بعض طرقه بعضا‪.‬‬ ‫ويدل على تحريم إتيان النساء في أدبارهن وإلى هذا ذهبت المة يييي إل القليل يييي للحديث‪.‬‬ ‫هذا ولن ال صل تحر يم المباشرة إل ما أحله ال ولم ي حل تعالى إل الق بل ك ما دل له قوله‪{ :‬فاتوا حرث كم أ نى‬ ‫شئتم} وقوله‪{ :‬فأتوهن من حيث أمركم ال}‪.‬‬ ‫فأباح مو ضع الحرث والمطلوب من الحرث نبات الزرع فكذلك الن ساء الغرض من إتيان هن هو طلب الن سل ل‬ ‫قضاء الشهوة و هو ل يكون إل في الق بل فيحرم ما عدا مو ضع الحرث ول يقاس عل يه غيرة لعدم المشاب هة في‬ ‫كونه محل للزرع‪.‬‬ ‫وأ ما حل ال ستمتاع في ما عدا الفرج فمأخوذ من دل يل آ خر و هو جواز مباشرة الحائض في ما عدا الفرج وذه بت‬ ‫المامية إلى جواز إتيان الزوجة والمة بل المملوك في الدبر‪.‬‬ ‫وروي عن الشاف عي أ نه قال‪ :‬لم ي صح في تحليله ول تحري مه ش يء والقياس أ نه حلل؛ ول كن قال الرب يع‪ :‬وال‬ ‫الذي ل إله إل هو لقد نص الشافعي على تحريمه في ستة كتب ويقال‪ :‬إنه كان يقول بحله في القديم‪.‬‬ ‫وفي الهدي النبوي عن الشافعي أنه قال‪ :‬ل أرخص فيه بل أنهى عنه وقال‪ :‬إن من نقل عن الئمة إباحته فقد‬ ‫غلط عليهم أفحش الغلط وأقبحه وإنما الذي أباحوه أن يكون الدبر طريقا إلى الوطء في الفرج فيطأ من الدبر ل‬ ‫في الدبر فاشتبه على السامع انتهى‪.‬‬ ‫ويروى جواز ذلك عن مالك وأنكره أصحابه وقد أطال الشارح القول في المسألة بما ل حاجة إلى استيفائه هنا‬ ‫وقرر آخرا تحريم ذلك‪ ،‬ومن أدلة تحريمه قوله‪:‬‬ ‫ل اللّ هِ صَلّى ال عََل ْي هِ وَسَلّم‪" :‬ل َي ْنظُر اللّ ُه إلى َرجُلٍ أَتى َرجُلً‬ ‫ع ْن ُهمَا قالَ‪ :‬قالَ رسو ُ‬ ‫عبّاسٍ رضيَ اللّ هُ َ‬ ‫ن اب نِ َ‬ ‫عْ‬ ‫وَ َ‬ ‫ل بالْ َوقْفِ‪.‬‬ ‫حبّانَ وَأُعِ ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫َأوْ ا ْمرَأَ ًة في ُدبُرهَا" رَوَا ُه ال ّت ْر ِمذِيّ وال ّنسَائي واب ُ‬ ‫ع ْن ُهمَا قالَ‪ :‬قالَ رسولُ اللّ ِه صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم‪" :‬ل َي ْنظُر اللّهُ إلى َرجُلٍ أَتى َرجُلً‬ ‫عبّاسٍ رضيَ اللّهُ َ‬ ‫عنْ ابنِ َ‬ ‫(وَ َ‬ ‫علّ بالْ َوقْ فِ) على ابن عباس ولكن المسألةَ ل مسرحَ‬ ‫حبّا نَ وَأُ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫َأوْ ا ْمرَأَ ًة في ُدبُرهَا" رَوَا ُه التّ ْر ِم ِذيّ والنّ سَائي واب ُ‬ ‫للجتهادَ فيها سيما ذكر هذا النوع من الوعيد فإنه ل يدرك بالجتهاد فله حكم الرفع‪.‬‬ ‫ن يُؤ ِم نُ باللّ هِ واليو مِ الخِر فَل يُؤذِ‬ ‫ن النبيّ صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم قال‪" :‬مَ نْ كا َ‬ ‫ع ْن هُ عَ ِ‬ ‫ع نْ أَبي ُه َر ْيرَة رض يَ ال َ‬ ‫وَ َ‬ ‫سرْتَهُ‬ ‫ن ذَ َهبْتَ تقيمُ ُه َك َ‬ ‫ج شيءٍ في الضّلَعِ أعْلهُ‪ ،‬فإ ْ‬ ‫ن ضِلَعٍ وإن َأعْو َ‬ ‫ن مِ ْ‬ ‫ن خُلِقْ َ‬ ‫خيْرا فإنهُ ّ‬ ‫ستَ ْوصُوا بالنّسا ِء َ‬ ‫جَارَهُ‪ ،‬وَا ْ‬ ‫ستَ ْم َتعْتَ ب ها‬ ‫خ ْيرَا" ُمتّفَ قٌ عََليْ هِ‪ ،‬وَاللّفْ ظُ لل ُبخَاريّ‪ .‬وَلم سْلم‪" :‬فإن ا ْ‬ ‫ستَ ْوصُوا بالن سَاءِ َ‬ ‫عوَ جَ‪ ،‬فَا ْ‬ ‫وإ نْ تَر ْكتَ ُه لَ ْم َيزَلْ أَ ْ‬ ‫سرُهَا طَل ُقهَا"‪.‬‬ ‫سرْتهَا َو َك ْ‬ ‫عوَجٌ‪ ،‬وإنْ ذَ َهبْتَ تُقي ُمهَا َك َ‬ ‫س َت ْم َتعْتَ بها وبها ِ‬ ‫اْ‬ ‫ن يُ ْؤ ِمنُ بال وا ْليَوْمِ الخَر فل‬ ‫(وعن أبي هريرة رضي ال عنه عن النبي صلى ال عليه وآله وسلم قال‪" :‬مَنْ كا َ‬ ‫ن ضِلَ عٍ) بك سر الضاء المعج مة وف تح اللم وإ سكانها وا حد‬ ‫ن مِ ْ‬ ‫خيْرا فإ ّنهُنّ خُلِقْ َ‬ ‫ستَ ْوصُوا بالنّ سَا ِء َ‬ ‫ُي ْؤذِ جَارَ هُ وا ْ‬ ‫ج فا سْتَ ْوصُوا‬ ‫ن َت َركْتَ ُه لَ مْ َيزَلْ َأعْوَ َ‬ ‫ن الضّلَ عِ َأعْل هُ فإ نْ ذَ َهبَ تْ تُقِيمُ هُ كَ سَ ْرتَهُ وإ ْ‬ ‫الضلع (وإنّ أعْوَ جَ شْي ٍء مِ َ‬ ‫خيْرا) أي اقبلوا الو صية في هن والمع نى أ ني أو صيكم ب هن خيرا أو المع نى يو صي بعض كم بعضا في هن‬ ‫بالنّ سَاءِ َ‬ ‫عوَ جٌ) هو بك سر أوله على‬ ‫ستَ ْم َتعْتَ ب ها وب ها ِ‬ ‫س َتمْ َتعْتَ ب ها ا ْ‬ ‫خيرا (مت فق عل يه والل فظ للبخاري‪ ،‬ولم سلم "فإ نِ ا ْ‬ ‫سرُهَا طَل ُقهَا)‪.‬‬ ‫ت تُقي ُمهَا َكسَرْتها و َك ْ‬ ‫الرجح (وإنّ ذَ َهبْ َ‬ ‫الحد يث دل يل على ع ظم حق الجار وأن من آذى الجار فل يس بمؤ من بال واليوم ال خر وهذا إن كان يلزم م نه‬ ‫كفر من آذى جاره إل أنه محمول على المبالغة لن من حق اليمان ذلك فل ينبغي لمؤمن التصاف به‪.‬‬ ‫وقد عدّ أذى الجار من الكبائر فالمراد من كان يؤمن إيمانا كاملً وقد وصى ال على الجار في القرآن‪.‬‬ ‫‪25‬‬

‫وحدّ الجار إلى أربعين دارا كما أخرج الطبراني أنه‪" :‬أتى النبي صلى ال عليه وآله وسلم رجل فقال‪ :‬يا رسول‬ ‫ال إني نزلت في محل بني فلن وإن أشدهم لي أذى أقربهم إليّ دارا فبعث النبي صلى ال عليه وآله وسلم أبا‬ ‫بكرا وعمر وعليا رضي ال عنهم يأتون في المسجد فيصيحون على أن أربعين دارا جار ول يدخل الجنة من‬ ‫خاف جاره بوائقه"‪.‬‬ ‫وأخرج الطبراني في الكبير والوسط‪" :‬إن ال ليدفع بالمؤمن الصالح عن مائة بيت من جيرانه" وهذا فيه زيادة‬ ‫على الول والذية للمؤمن مطلقا محرمة قال تعالى‪{ :‬والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا وإثما‬ ‫مبينا} ولك نه في حق الجار أشدّ تحريما فل يغت فر م نه ش يء و هو كل ما ي عد في العرف أذى ح تى ورد في‬ ‫الحديث‪" :‬أنه ل يؤذيه بقتار قدره إل أن يغرف له من مرقته ول يحجز عنه الريح إل بإذنه وإن اشترى فاكهة‬ ‫أهدى إليه منها"‪.‬‬ ‫وحقوق الجار مستوفاة في الحياء للغزالي‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬واستوصوا" تقدّم بيان معناه وعلله بقوله‪ :‬فإنهن خلقن من ضلع يريد خلقن خلقا فيه اعوجاج لنهن خلقن‬ ‫من أ صل معوج والمراد أن حواء أ صلها خل قت من ضلع آدم ك ما قال تعالى‪{ :‬وخلق من ها زوج ها} ب عد قوله‪:‬‬ ‫{خلقكم من نفس واحدة}‪.‬‬ ‫وأخرج ابن إسحاق من حديث[اث] ابن عباس[‪/‬اث]‪" :‬إن حواء خلقت من ضلع آدم القصر اليسر وهو نائم"‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬وإن أعوج ما في الضلع" إخبار بأنها خلقت من أعوج أجزاء الضلع مبالغة في إثبات هذه الصفة لهن‪.‬‬ ‫وضمير قوله‪" :‬تقيمه وكسرته" للضلع وهو يذكر ويؤنث وكذا جاء في لفظ البخاري‪ :‬تقيمها وكسرتها‪ ،‬ويحتمل‬ ‫أنه للمرأة ورواية مسلم صريحة في ذلك حيث قال‪" :‬وكسرها طلقها"‪.‬‬ ‫والحد يث ف يه ال مر بالو صية بالن ساء والحتمال ل هن وال صبر على عوج أخلق هن وأ نه ل سبيل إلى إ صلح‬ ‫أخلقهن بل ل بد من العوج فيها وأنه من أصل الخلقة وتقدم ضبط العوج هنا‪.‬‬ ‫وقد قال أهل اللغة؛ العوج‪ :‬بالفتح في كل منتصب كالحائط والعود وشبههما وبالكسر ما كان في بساط أو معاش‬ ‫أو دين ويقال‪ :‬فلن في دينه عوج بالكسر‪.‬‬ ‫غزْوَ ٍة فََلمَا قَدمْنا المدينَةَ ذَ َه ْبنَا ِل َن ْدخُلَ فَقَالَ‪َ" :‬أ ْمهِلُوا حَتى‬ ‫ع نْ جابرٍ قالَ‪ُ :‬كنّا مَ َع النّبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم في َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ح ُدكُمْ‬ ‫حدّ المُغيبةُ" ُمتْفقٌ عََل ْيهِ‪ ،‬وفي روَاي ٍة للبُخاريّ‪" :‬إذَا َأطَال َأ َ‬ ‫س َت ِ‬ ‫ش ِعثَةُ َو َت ْ‬ ‫عشَاءً) ِل َكيْ َت ْم َتشِطَ ال ّ‬ ‫َت ْدخُلُوا َليْلً" ( َيعْني ِ‬ ‫ا ْل َغ ْيبَ َة فَل يطْ ُرقْ أَهْلَ ُه َليْلً"‪.‬‬ ‫(وعن جابر رضي ال عنه قال‪ :‬كنا مع النبي صلى ال عليه وآله وسلم في غزوة فلما قدمنا المدينة ذهبنا لندخل‬ ‫ش ِعثَةُ) بفتح‬ ‫ي َت ْمتَشِطَ ال ّ‬ ‫عشَاءً يييي ِلكَ ْ‬ ‫فقال صلى ال عليه وآله وسلم‪َ" :‬أ ْمهِلُوا حَتى َت ْدخُلُوا ليْلً يييي يعْني ِ‬ ‫حدّ) بسين وحاء مهملتين (ا ْل ُمغِيبَةُ) بضم الميم وكسر المعجمة‬ ‫س َت ِ‬ ‫الشين المعجمة وكسر العين المهملة فمثلثة (وتَ ْ‬ ‫بعدها مثناة تحتية ساكنة فموحدة مفتوحة التي غاب عنها زوجها (متفق عليه)‪ .‬فيه دليل على أنه يحسن التأني‬ ‫للقادم على أهله حتيى يشعروا بقدو مه ق بل و صوله بزمان يتسيع ل ما ذكير من تح سين هيئات مين غاب عن هن‬ ‫أزواجهن من المتشاط وإزالة الشعر بالموسى مثلً من المحلت التي يح سن إزالته منها وذلك لئل يهجم على‬ ‫أهله وهم في هيئة غير مناسبة فينفر الزوج عنهن والمراد إذا سافر سفرا يطيل فيه الغيبة كما دل له قوله‪.‬‬ ‫َهي ليْلً) قال أهيل اللغية‪ :‬الطروق‬ ‫ُقي أَهْل ُ‬ ‫ُمي ا ْل َغ ْيبَ َة فل َيطْر ْ‬ ‫حدُك ُ‬ ‫ل َأ َ‬ ‫(وفيي روايية البخاري) أي عين جابر (إذَا َأطَا َ‬ ‫المجيء بالليل من سفر وغيره على غفلة ويقال لكل آت بالليل طارق ول يقال في النهار إل مجازا وقوله‪" :‬ليلً"‬ ‫ظاهره تقييد النهي بالليل وأنه ل كراهة في دخوله إلى أهله نهارا من غير شعورهم واختلف في علة التفرقة بين‬ ‫الليل والنهار‪.‬‬ ‫فعلل البخاري فيي ترجمية الباب بقوله‪" :‬باب ل يطرق الرجيل أهله ليلً إذا أطال الغيبية مخافية أن يتخوّنهيم أو‬ ‫يتلمس عثرات هم" فعلى هذا التعل يل يكون الل يل جزء العلة لن الري بة تغلب في الليل وتندر في النهار وإن كا نت‬ ‫العلة ما صرح به‪ .‬وهو قوله‪" :‬لكي تمتشط إلى آخره" فهو حاصل في الليل والنهار‪.‬‬ ‫قيل‪ :‬ويحتمل أن يكون معتبرا على كل التقديرين‪ ،‬فإن الغرض منه التنظيف والتزيين وتحصيل لكمال الغرض‬ ‫من قضاء الشهوة وذلك في الغلب يكون في الل يل فالقادم في النهار يتأ نى ليح صل لزوج ته التنظ يف والتزي ين‬ ‫لوقت المباشرة‪ ،‬وهو الليل بخلف القادم في الليل‪ .‬وكذلك ما يخشى منه من العثور على وجود أجنبي‪ ،‬وهو في‬ ‫الغلب يكون في الليل‪.‬‬ ‫و قد أخرج ا بن خزي مة عن ا بن ع مر قال‪ :‬ن هى ر سول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم أن تطرق الن ساء ليلً فطرق‬ ‫رجلن كلهما فوجد يييي يريد كل واحد منهما يييي مع امرأته ما يكره‪.‬‬ ‫‪26‬‬

‫وأخرج أبو عوانة في صحيحه من حديث جابر‪" :‬أن عبد ال بن رواحة أتى امرأته ليلً وعندها امرأة تمشطها‬ ‫فظنها رجلً فأشار إليها بالسيف‪ ،‬فلما ذكر ذلك للنبي صلى ال عليه وآله وسلم نهى أن يطرق الرجل أهله ليلً"‪.‬‬ ‫و في الحد يث ال حث على الب عد عن تت بع عورات ال هل‪ ،‬وال حث على ما يجلب التودّد والتحاب ب ين الزوج ين‬ ‫وعدم التعرض لما يوجب سوء الظنّ بالهل‪ ،‬وبغيرهم أولى‪.‬‬ ‫وف يه أن ال ستحداد ونحوه م ما تتز ين به المرأة لزوج ها محبوب للشرع‪ ،‬وأ نه ل يس من تغي ير خلق ال المن هي‬ ‫عنه‪.‬‬ ‫ع ْندَ ال َمنْزلَةً‬ ‫ن شرّ النّاس ِ‬ ‫ل اللّهِ صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم‪" :‬إ ّ‬ ‫ل رسُو ُ‬ ‫عنْهُ قَالَ‪ :‬قا َ‬ ‫خدْريّ رضيَ ال َ‬ ‫ن أَبي سَعيد ال ُ‬ ‫عْ‬ ‫وَ َ‬ ‫خ َرجَ ُه ُمسْلِمٌ‪.‬‬ ‫سرّهَا" َأ ْ‬ ‫شرُ ِ‬ ‫َي ْومَ الْ ِقيَامَ ِة ال ّرجُلُ يُ ْفضِي إلى ا ْمرََأتِهِ َوتُ ْفضِي إَل ْيهِ ثمّ َي ْن ُ‬ ‫ع ْندَ اللّ هِ‬ ‫(و عن أ بي سعيد الخدري ر ضي ال ع نه قال‪ :‬قال ر سول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬إنّ شَرّ النّا سِ ِ‬ ‫َمنْزلَ ًة يَوْ مَ الْ َقيَامَ ِة ال ّرجُلُ يُ ْفضِي إلى ا ْمرََأتِ هِ) من أفضى الرجل إلى المرأة جامعها أو خل بها جامع أو ل‪ ،‬كما‬ ‫سرّهَا") أي وتنشر سره (أخرجه مسلم) إل أنه بلفظ "إن من أشر الناس"‪.‬‬ ‫شرُ ِ‬ ‫في القاموس (وتُ ْفضِي إليْ ِه ُثمّ ينْ ُ‬ ‫قال القا ضي عياض‪ :‬وأ هل الن حو يقولون‪ :‬ل يجوز أ شر وأخ ير وإن ما يقال هو خ ير م نه وشرّ م نه قال‪ :‬و قد‬ ‫جاءت الحاديث الصحيحة باللغتين جميعا وهي حجة في جوازهما جميعا وأنهما لغتان‪.‬‬ ‫والحد يث دليل على تحريم إفشاء الرجل ما ي قع بي نه وبين امرأته من أمور الوقاع ووصف تفا صيل ذلك‪ ،‬وما‬ ‫يجري من المرأة فيه من قول أو فعل ونحوه‪.‬‬ ‫وأما مجرّد ذكر الوقاع فإذا لم يكن لحاجة فذكره مكروه لنه خلف المروءة وقد قال صلى ال عليه وآله وسلم‪:‬‬ ‫"من كان يؤمن بال واليوم الخر فليقل خيرا أو ليصمت"‪.‬‬ ‫فإن د عت إل يه حا جة أو ترت بت عل يه فائدة‪ ،‬بأن كان ين كر إعرا ضه عن ها أو تد عي عل يه الع جز عن الجماع أو‬ ‫نحيو ذلك فل كراهية فيي ذكره كميا قال صيلى ال علييه وآله وسيلم‪" :‬إنيي لفعله أنيا وهذه" وقال لبيي طلحية‪:‬‬ ‫"أعرستم الليلة" وقال لجابر‪" :‬الكيس الكيس"‪.‬‬ ‫كذلك المرأة ل يجوز لها إفشاء سره؛ وقد ورد به النص أيضا‪.‬‬ ‫ط ِعمُها‬ ‫ح ِدنَا عََليْهِ؟ قال‪ُ " :‬ت ْ‬ ‫ج َأ َ‬ ‫حقّ َزوْ ِ‬ ‫ل اللّهِ مَا َ‬ ‫عنْ ُه قالَ‪ :‬قُلْتُ‪ :‬يَا رَسُو َ‬ ‫ن أَبيهِ رَضيَ اللّهُ َ‬ ‫ن حَكيم بنِ ُمعَاو َيةَ عَ ْ‬ ‫عْ‬ ‫وَ َ‬ ‫حمَدُ وَأَبُو داودَ‬ ‫ضرِ بِ ا ْل َوجْ هَ ول تُ َقبّ حْ‪ ،‬وَل َت ْهجُ ْر إل في ا ْل َبيْ تِ" رَوَا ُه َأ ْ‬ ‫سيْتَ‪ ،‬وَل َت ْ‬ ‫إذا َأكَلْ تَ‪َ ،‬و َتكْ سُوهَا إذا اكْت َ‬ ‫حبّانَ وَا ْلحَا ِكمُ‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫ححَهُ اب ُ‬ ‫صّ‬ ‫وال ّنسَائيّ وَابْنُ مَاجَهْ‪ ،‬وَعَّلقَ ا ْل ُبخَاريّ َبعْضَهُ‪َ ،‬و َ‬ ‫(وعن حكيم بن معاوية) أي ابن حيدة بفتح الحاء المهملة فمثناة تحتية ساكنة فدال مهملة ومعاوية صحابي روى‬ ‫عنه ابنه حكيم وروى عن حكيم ابنه َبهْز بفتح الموحدة وسكون الهاء فزاي (عن أبيه رضي ال عنه قال‪ :‬قلت‪:‬‬ ‫طعِ َمهَا‬ ‫يا رسول ال ما حق زوج أحدنا) هكذا بعدم التاء هي اللغة الفصيحة وجاء زوجة بالتاء (عليه؟‪ ،‬قال‪ُ " :‬ت ْ‬ ‫ّحي ول َت ْهجُ ْر إل فيي ا ْل َبيْتيِ" رواه أحميد وأبيو داود‬ ‫ْهي ول تُ َقب ْ‬ ‫ْربي الْ َوج َ‬ ‫َسييْتَ ول َتض ِ‬ ‫ْتي وتكْسيُوهَا إذا ا ْكت َ‬ ‫إذا َأكَل َ‬ ‫والنسائي وابن ماجه وعلق البخاري بعضه)‪.‬‬ ‫حيث قال‪" :‬باب هجر النبي صلى ال تعالى عليه وعلى آله وسلم نساءه في غير بيوتهنّ"‪.‬‬ ‫ويذكر عن معاوية بن حيدة رفعه‪" :‬ول تهجر إل في البيت" والول أصح (وصححه ابن حبان والحاكم)‪.‬‬ ‫دل الحديث على وجوب نفقة الزوجة وكسوتها‪.‬‬ ‫وأن النفقة بقدر سعته ل يكلف فوق وسعه لقوله‪" :‬إذا أكلت" كذا قيل وفي أخذه من هذا اللفظ خفاء‪.‬‬ ‫فمتى قدر على تحصيل النفقة وجب عليه أن ل يختص بها دون زوجته ولعله مقيد بما زاد على قدر سدّ خلته‬ ‫لحديث "ابدأ بنفسك" ومثله القول في الكسوة‪.‬‬ ‫وفي الحديث دليل على جواز الضرب تأديبا إل أنه منهي عن ضرب الوجه للزوجة وغيرها وقوله‪ :‬ل تقبح أي‬ ‫ل تسمعها ما تكره وتقول‪ :‬قبحك ال ونحوه من الكلم الجافي‪.‬‬ ‫ومعنى قوله‪" :‬ل تهجر إل في البيت" أنه إذا أراد هجرها في المضجع تأديبا لها كما قال تعالى‪{ :‬واهجروهن في‬ ‫المضاجع} فل يهجرها إل في البيت ول يتحوّل إلى دار أخرى أو يحوّلها إليها‪.‬‬ ‫إل أن روا ية البخاري ال تي ذكرنا ها دلت أ نه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم ه جر ن ساءه في غ ير بيوت هن وخرج إلى‬ ‫مشربة له‪.‬‬ ‫وقد قال البخاري‪ :‬إن هذا أصح من حديث معاوية‪.‬‬ ‫هذا وقيد يقال دل فعله على جواز هجرهين فيي غيير البيوت وحدييث معاويية على هجرهين فيي البيوت ويكون‬ ‫مفهوم الحصر غير مراد واختلف في تفسير الهجر‪.‬‬ ‫‪27‬‬

‫فالجمهور فسروه بترك الدخول عليهن والقامة عندهن على ظاهر الية وهو من الهجران بمعنى البعد‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬يضاجعها ويوليها ظهره‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬يترك جماعها‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬يجامعها ول يكلمها‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬من الهجر الغلظ في القول‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬من الهجار وهو الحبل الذي يربط به البعير أي أوثقوهن في البيوت قاله الطبري واستدل له ووهاه ابن‬ ‫العربي‪.‬‬ ‫ن ُدبُرِهَا في ُقبُلِهَا كا نَ ا ْلوََلدُ َأحْوَلَ‬ ‫ع ْبدِ اللّ هِ قالَ‪ :‬كانَ تِ ا ْل َيهُودُ تَقُولُ‪ :‬إذا أَتَى ال ّرجُلُ ا ْمرََأتَ ُه مِ ْ‬ ‫ع نْ جَابر بْ نِ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫َف َنزَلَتْ‪{ :‬نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} ُمتّ َفقٌ عََليْهِ والّل ْفظُ ِل ُمسْلِمٍ‪.‬‬ ‫ن ُد ُبرِهَا في ُقبُِلهَا كانَ‬ ‫ع ْب ِد اللّ ِه رضي ال عنهما قالَ‪ :‬كانَتِ ا ْل َيهُو ُد تَقُولُ‪ :‬إذا َأتَى ال ّرجُلُ ا ْمرََأتَهُ مِ ْ‬ ‫عنْ جَابر بْنِ َ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ظ ِل ُمسْلِمٍ)‪.‬‬ ‫ل َفنَزَلَتْ‪{ :‬نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} ُمتّ َفقٌ عََليْهِ واللّ ْف ُ‬ ‫ا ْلوََلدُ َأحْوَ َ‬ ‫ولفظ البخاري سمعت جابرا يقول‪ :‬كانت اليهود تقول‪ :‬إذا جامعها من ورائها يييي أي في قبلها كما فسرته‬ ‫حوَل فنزلت‪{ :‬نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم}‪.‬‬ ‫الرواية الولى يييي جاء الولد أ ْ‬ ‫واختلف الروايات في سبب نزولها على ثلثة أقوال‪.‬‬ ‫الول‪ :‬ما ذكره المصنف من رواية الشيخين أنه في إتيان المرأة من ورائها في قبلها وأخرج هذا المعنى جماعة‬ ‫من المحدثين عن جابر وغيره واجتمع فيه ستة وثلثون طريقا في بعضها أنه ل يحل إل في القبل وفي أكثرها‬ ‫الردّ على اليهود‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬أنها نزلت في حل إتيان دبر الزوجة أخرجه جماعة عن [اث]ابن عمر[‪/‬اث] من اثني عشر طريقا‪.‬‬ ‫الثالث‪ :‬أن ها نزلت في حل العزل عن الزو جة أخر جه أئ مة من أ هل الحد يث عن[اث] ا بن عباس[‪/‬اث] و عن‬ ‫[اث]ا بن ع مر[‪/‬اث] و عن [اث]ا بن الم سيب[‪/‬اث] ول يخ فى أن ما في ال صحيحين مقدّم على غيره فالرا جح هو‬ ‫القول الول‪.‬‬ ‫وابن عمر قد اختلفت عنه الرواية والقول بأنه أريد بها العزل ل يناسبه لفظ الية هذا‪.‬‬ ‫وقد روي عن ابن الحنفية أن معنى قوله تعالى‪{ :‬أنى شئتم} فهو بيان للفظ "أنى" وأنه معنى "إذا" فل يدل على‬ ‫شيء مما ذكر أنه سبب النزول على أن إتيان الزوجة موكول إلى مشيئة الزوج‪.‬‬ ‫ح َدكُ مْ إذا َأرَادَ َأ نْ يأت يَ‬ ‫عنْهما قالَ‪ :‬قالَ رسول اللّ هِ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪َ" :‬لوْ أَنّ َأ َ‬ ‫س رضي اللّ هُ َ‬ ‫عبّا ٍ‬ ‫ع نْ اب نِ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ضرّ هُ‬ ‫ن يُ َق ّدرْ َب ْينَ ُهمَا وََلدٌ في ذلك لَ مْ َي ُ‬ ‫شيْطا نَ مَا رَ َز ْقتَنَا فَإنّ ُه إ ْ‬ ‫جنّ بِ ال ّ‬ ‫ج ّن ْبنَا الشيّطا نَ َو َ‬ ‫أَهَْل هُ قالَ‪ :‬بِ سْمِ اللّ هِ‪ ،‬الل ُهمّ َ‬ ‫ش ْيطَانُ َأبَدا" ُمتّ َفقٌ عََليْهِ‪.‬‬ ‫ال ّ‬ ‫حدَكُ مْ إذا َأرَادَ َأ نْ يأت يَ‬ ‫عنْهما قالَ‪ :‬قالَ رسول اللّ ِه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬لَ ْو أَنّ َأ َ‬ ‫عبّا سٍ رضي اللّ هُ َ‬ ‫ع نْ اب نِ َ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ضرّ هُ‬ ‫ن يُ َق ّدرْ َب ْينَ ُهمَا وََلدٌ في ذلك لَ مْ َي ُ‬ ‫شيْطا نَ مَا رَ َز ْقتَنَا فَإنّ ُه إ ْ‬ ‫جنّ بِ ال ّ‬ ‫ج ّن ْبنَا الشيّطا نَ َو َ‬ ‫أَهَْل هُ قالَ‪ :‬بِ سْمِ اللّ هِ‪ ،‬الل ُهمّ َ‬ ‫ش ْيطَانُ َأبَدا" ُمتّ َفقٌ عََليْهِ)‪.‬‬ ‫ال ّ‬ ‫هذا ل فظ مسلم والحديث دل يل على أ نه يكون القول قبل المباشرة عند الرادة وهذه الروا ية تف سر روا ية‪" :‬لو أن‬ ‫أحد كم يقول ح ين يأ تي أهله" يييي أخرج ها البخاري يييي بأن المراد ح ين ير يد وضم ير جنب نا للر جل‬ ‫وامرأته‪.‬‬ ‫وفي رواية الطبراني‪ :‬جنبني وجنب ما رزقتني بالفراد‪.‬‬ ‫وقوله‪ :‬لم يضره الشيطان أبدا أي‪ :‬لم يسلط عليه‪.‬‬ ‫قال القاضي عياض‪ :‬نفي الضرر على جهة العموم في جميع أنواع الضرر غير مراد وإن كان الظاهر العموم‬ ‫في جميع الحوال من صيغة النفي مع التأبيد وذلك لما ثبت في الحديث من أن كل ابن آدم يطعن الشيطان في‬ ‫بطنه حين يولد إل مريم وابنها فإن في هذا الطعن نوع ضرر في الجملة مع أن ذلك سبب صراخه‪ .‬قلت‪ :‬هذا‬ ‫من القاضي مبني على عموم الضرر الديني والدنيوي‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬ليس المراد إل الديني وأنه يكون من جملة العباد الذي قال تعالى فيهم‪{ :‬إن عبادي ليس لك عليهم سلطان}‬ ‫ويؤيد هذا أنه أخرج عبد الرزاق عن الحسن وفيه‪ :‬فكان يرجى إن حملت به أن يكون ولدا صالحا وهو مرسل‬ ‫ولكنه ل يقال من قبل الرأي‪.‬‬ ‫قال ابن دقيق العيد‪ :‬يحتمل أنه ل يضره في دينه ولكن يلزم منه العصمة وليست إل للنبياء‪.‬‬ ‫‪28‬‬

‫و قد أج يب بأن الع صمة في حق ال نبياء على ج هة الوجوب و في حق من دُعِ يَ لجله بهذا الدعاء على ج هة‬ ‫الجواز فل يبعد أن يوجد من ل يصدر منه معصية عمدا‪ ،‬وإن لم يكن ذلك واجبا له‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬لم يضره لم يفتنه في دينه إلى الكفر‪ ،‬وليس المراد عصمته عن المعصية‪.‬‬ ‫وق يل‪ :‬لم يضره مشار كة الشيطان لب يه في جماع أ مه‪ ،‬ويؤيده ما جاء عن مجا هد‪ :‬أن الذي يجا مع ول ي سمي‬ ‫يلتف الشيطان على إحليله فيجامع معه‪ ،‬قيل‪ :‬ولعل هذا أقرب الجوبة‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬إل أنه لم يذكر من أخرجه عن مجاهد ثم هو مرسل ثم الحديث سيق لفائدة تحصل للولد ول تحصل على‬ ‫هذا ولعله يقول إن عدم مشاركة الشيطان لبيه في جماع أمه فائدته عائدة على الولد أيضا‪.‬‬ ‫وفي الحديث استحباب التسمية وبيان بركتها في كل حال وأن يعت صم بال وذكره من الشيطان والتبرك با سمه‬ ‫والستعاذة به من جميع السواء‪.‬‬ ‫وفيه أن الشيطان ل يفارق ابن آدم في حال من الحوال إل إذا ذكر ال‪.‬‬ ‫ت أَنْ‬ ‫عنْهُ عَنِ النّبي صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم قالَ‪" :‬إذا دَعَا ال ّرجُلُ امرَأتَ ُه إلى فرَاشِهِ َفَأبَ ْ‬ ‫ن أَبي ُه َريْرةَ رَضيَ اللّهُ َ‬ ‫عْ‬ ‫وَ َ‬ ‫سمَاءِ‬ ‫صبِحَ" ُمتّف قٌ عََل ْي هِ والّلفْ ظُ لل ُبخَاريّ‪ ،‬وَلمُ سِْلمٍ‪" :‬كا نَ الذي في ال ّ‬ ‫ن َل َع َنتْهَا المَل ِئكَ ُة حَ تى تُ ْ‬ ‫ضبَا َ‬ ‫غ ْ‬ ‫تجِيءَ َفبَا تَ َ‬ ‫ع ْنهَا"‪.‬‬ ‫سَاخِطا عََل ْيهَا حَتى َيرْضى َ‬ ‫(وعن أبي هريرة رضي ال عنه عن النبي صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم قال‪" :‬إذَا دَعَا ال ّرجُلُ ا ْمرََأتَهُ إلى ِفرَاشِهِ فَأبَتْ َأنْ‬ ‫صبِحَ") أي وتر جع عن الع صيان ف في ب عض ألفاظ البخاري ح تى‬ ‫ن َل َع َنتْهَا ا ْلمَل ِئكَ ُة حَ تى تُ ْ‬ ‫ضبَا َ‬ ‫غ ْ‬ ‫تَجيءَ َفبَا تَ َ‬ ‫ع ْنهَا") إخبار بأنه‬ ‫سمَاءِ سَاخِطا عََل ْيهَا حَتى َيرْضى َ‬ ‫ترجع (متفق عليه واللفظ للبخاري ولمسلم "كان الّذي في ال ّ‬ ‫يجب على المرأة إجابة زوجها أي إذا دعاها للجماع لن قوله إلى فراشه كناية عن الجماع كما في قوله‪" :‬الولد‬ ‫للفراش"‪.‬‬ ‫ودلييل الوجوب لعين الملئكية لهيا إذ ل يلعنون إل عين أمير ال ول يكون إل عقوبية ول عقوبية إل على ترك‬ ‫واجب‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬حتى تصبح" دليل على وجوب الجابة في الليل‪ .‬ول مفهوم له لنه خرج ذكره مخرج الغالب وإل فإنه‬ ‫يجب عليها إجابته نهارا‪.‬‬ ‫وقد أخرج غير مقيد بالليل ابن خزيمة وابن حبان مرفوعا‪" :‬ثلثة ل تقبل لهم صلة ول تصعد لهم إلى السماء‬ ‫حسنة‪" :‬العبد البق حتى يرجع والسكران حتى يصحو والمرأة الساخط عليها زوجها حتى يرضى"‪.‬‬ ‫وإن كان هذا في سخطه مطلقا ولو لعدم طاعت ها في غ ير الجماع ول يس ف يه ل عن إل أن ف يه وعيدا شديدا يد خل‬ ‫فيه عدم طاعتها له في جماعها من ليل أو نهار‪.‬‬ ‫وزاد البخاري في رواي ته في بدء الخلق‪" :‬فبات غضبان علي ها" أي زوج ها وق يل هذه الزيادة يت جه وقوع الل عن‬ ‫عليها لنها حينئذ يتحقق ثبوت معصيتها بخلف ما إذا لم يغضب من ذلك فإنها ل تستحق اللعن‪.‬‬ ‫وفي قوله‪" :‬لعنتها الملئكة" دللة على أن منع من عليه الحق عمن هو له وقد طلبه يوجب سخط ال تعالى على‬ ‫المانع سواء كان الحق في بدن أو مال‪.‬‬ ‫ق يل‪ :‬ويدل على أ نه يجوز ل عن العا صي الم سلم إذا كان على و جه الرهاب عل يه ق بل أن يوا قع المع صية فإذا‬ ‫واقعها دعي له بالتوبة والمغفرة‪.‬‬ ‫قال المصنف في الفتح بعد نقله لهذا عن المهلب‪" :‬ليس هذا التقييد مستفادا من الحديث بل من أدلة أخرى‪.‬‬ ‫والحق أن منع اللعن أراد به معناه اللغوي وهو البعاد من الرحمة‪ .‬وهذا ل يليق أن يدعى به على المسلم بل‬ ‫يطلب له الهداية والتوبة والرجوع عن المعصية والذي أجازه أراد معناه العرفي وهو مطلق السب ول يخفى أن‬ ‫محله إذا كان بحيث يرتدع العاصي به وينزجر‪.‬‬ ‫ولعن الملئكة ل يلزم منه جواز اللعن منا فإن التكليف مختلف" انتهى كلمه‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬قول المهلب إ نه يل عن ق بل وقوع المع صية للرهاب كلم مردود فإ نه ل يجوز لع نه ق بل إيقا عه ل ها أ صلً‬ ‫لن سبب اللعن وقوعها منه فقبل وقوع السبب ل وجه ليقاع المسبب‪.‬‬ ‫ثم إنه رتب في الحديث لعن الملئكة على إباء المرأة عن الجابة وأحاديث "لعن ال شارب الخمر" رتب فيها‬ ‫اللعن على وصف كونه شاربا وقول الحافظ بأنه إن أريد معناه العرفي جاز‪ :‬ل يخفى أنه غير مراد للشارع إل‬ ‫المعنى اللغوي‪.‬‬ ‫والتحقيق أن ال تعالى أخبرنا أن الملئكة تلعن من ذكر وبأنه تعالى لعن شارب الخمر ولم يأمرنا بلعنه فإن ورد‬ ‫المر بلعنه وجب علينا المتثال ولعنه ما لم تعلم توبته وندب لنا الدعاء له بالتوفيق للتوبة والستغفار‪.‬‬ ‫‪29‬‬

‫وقد أخبر ال تعالى أن الملئكة تلعن من ذكر ومعلوم أنه عن أمر ال وأخبر أنهم يستغفرون لمن في الرض‬ ‫وهو عام يشتمل من يلعنونهم من أهل إلى الستغفار ل أنها مقيدة بقوله‪{ :‬ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما‬ ‫فاغفر للذين تابوا} كما قيل‪ :‬لن التائب مغفور له‪.‬‬ ‫وإنما دعاؤهم له بالمغفرة تعبد وزيادة تنويه بشأن التائبين‪.‬‬ ‫وأما شمول عمومها للكفار فمعلوم أنه غير مراد وبهذا يعرف أن الملئكة قاموا بالمرين كما أشرنا إليه‪.‬‬ ‫وفي الحديث رعاية ال لعبده ولعن من عصاه في قضاء شهوته منه وأي رعاية أعظم من رعاية الملك الكبير‬ ‫للعبد الحقير؟ فليكن لنعم موله ذاكرا ولياديه شاكرا ومن معاصيه محاذرا ولهذه النكتة الشريفة من كلم رسول‬ ‫ال صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم مذاكرا‪.‬‬ ‫ُسيتَ ْوصِلَةَ والواشمةَ‬ ‫َاصيلَةَ وا ْلم ْ‬ ‫َني الْو ِ‬ ‫َسيلّم َلع َ‬ ‫ْهي و َ‬ ‫صيلّى ال عََلي ِ‬ ‫ع ْنهُميا‪" :‬أَنّ النّبيّ َ‬ ‫ّهي َ‬ ‫رضيي الل ُ‬ ‫َ‬ ‫ع َمرَ‬ ‫ابني ُ‬ ‫َني ِ‬ ‫وَع ِ‬ ‫شمَةَ" ُمتّفقٌ عَلَيهِ‪.‬‬ ‫ستَ ْو ِ‬ ‫وال ُم ْ‬ ‫الواصيلَة) بالصياد المهملة‬ ‫ِ‬ ‫(وعين ابين عمير رضيي ال عنهميا‪ :‬أن النيبي صيلى ال علييه وآله وسيلم لعين‬ ‫ستَ ْوشِم َة متفق عليه)‪.‬‬ ‫شمَةَ) بالشين المعجمة (وال ُم ْ‬ ‫(والمستوصِلَةَ‪ ،‬والوا ِ‬ ‫الواصلة هي المرأة التي تصل شعرها بشعر غيرها سواء فعلته لنفسها أو لغيرها‪.‬‬ ‫والمستوصلة التي تطلب فعل ذلك وزاد في الشرح‪ :‬ويفعل بها ول يدل عليه اللفظ‪.‬‬ ‫والواشمة فاعلة الوشم وهو أن تغرز إبرة ونحوها في ظهر كفها أو شفتها أو نحوهما من بدنها حتى يسيل الدم‬ ‫ثم تحشو ذلك الموضع بالكحل والنورة فيخضر‪.‬‬ ‫والمستوشمة الطالبة لذلك والحديث دليل على تحريم الربعة الشياء المذكورة في الحديث‪.‬‬ ‫فالوصل محرم للمرأة مطلقا بشعر محرم أو غيره آدمي أو غيره سواء كانت المرأة ذات زينة أو ل‪ ،‬مزوّجة أو‬ ‫غير مزوّجة‪.‬‬ ‫وللهادوية و الشافعي خلف وتفاصيل ل ينهض عليها دليل بل الحاديث قاضية بالتحريم مطلقا لوصل الشعر‬ ‫واستيصاله كما هي قاضية بتحريم الوشم وسؤاله ودل اللعن أن هذه المعاصي من الكبائر‪.‬‬ ‫هذا وقد علل الوشم في بعض الحاديث بأنه تغيير لخلق ال‪.‬‬ ‫ول يقال إن الخضاب بالحناء ونحوه تشمله العلة وإن شملته فهو مخصوص بالجماع وبأنه قد وقع في عصره‬ ‫صلى ال عليه وآله وسلم بل أمر بتغيير بياض أصابع المرأة بالخضاب كما في قصة هند‪.‬‬ ‫فأما وصل الشعر بالحرير ونحوه من الخرق فقال القاضي عياض‪ :‬اختلف العلماء في المسألة‪:‬‬ ‫فقال مالك وال طبري وكثيرون أو قال الكثرون‪ :‬الو صل ممنوع ب كل ش يء سواء و صلته ب صوف أو حر ير أو‬ ‫خرق‪ .‬واحتجوا بحديث مسلم عن جابر أن النبي صلى ال عليه وآله وسلم‪" :‬زجر أن تصل المرأة برأسها شيئا"‪.‬‬ ‫وقال الليث بن سعد‪ :‬النهي مختص بالوصل بالشعر ول بأس بوصله بصوف أو خرق وغير ذلك‪.‬‬ ‫وقال بعضهم‪ :‬يجوز بكل شيء وهو مروي عن عائشة ول يصح عنها‪.‬‬ ‫قال القاضي‪ :‬وأما ربط خيوط الحرير الملونة ونحوها مما ل يشبه الشعر فليس بمنهي عنه لنه ليس بوصل ول‬ ‫لمعنى مقصود من الوصل وإنما هو للتجمل والتحسين انتهى‪.‬‬ ‫ومراده من المعنى المناسب هو ما في ذلك من الخداع للزوج فما كان لونه مغايرا للون الشعر فل خداع فيه‪.‬‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم في ُأنَا سٍ وَ َهوَ يَقُولُ‪:‬‬ ‫ضرْ تُ رَ سُو َ‬ ‫ع ْنهَا قَالَ تْ‪" :‬حَ َ‬ ‫ع نْ جُذامَ َة ِبنْ تِ وَهْ بٍ رض يَ ال َ‬ ‫وَ َ‬ ‫شيْئا" ثمّ‬ ‫ضرّ ذلكَ َأوْلدَهُمْ َ‬ ‫ظرْتُ في الرّومِ وَفارسَ فَإذا هُمْ ُيغِيلُونَ َأوْلدَهُمْ فَل ي ُ‬ ‫ن أ ْنهَى عَنِ ا ْلغِيلَ ِة َفنَ َ‬ ‫"لَ َق ْد َه َممْتُ أ ْ‬ ‫خ ِفيّ" رَوَا ُه ُمسْلِمٌ‪.‬‬ ‫ن ا ْل َعزْلِ فَقَالَ َرسُولُ اللّ ِه صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم‪" :‬ذلك الْوَأدُ ال َ‬ ‫سأَلُوهُ عَ ِ‬ ‫(وعن جذامة بنت وهب رضي ال عنها) بضم الجيم وذال معجمة ويروى بالدال المهملة قيل وهو تصحيف هي‬ ‫حضَرْ تُ‬ ‫أخت عكاشة بن محصن من أُمه هاجرت مع قومها وكانت تحت أنيس بن قتادة مصغر أنس‪( :‬قالت‪َ :‬‬ ‫ن ا ْلغِيلَةِ) بكسر الغين المعجمة‬ ‫ل اللّ ِه صلى ال عليه وآله وسلم في أُنا سٍ وهو يقولُ‪ :‬لقَذ َه َممْ تُ أ نْ َأ ْنهَى عَ ِ‬ ‫رسو َ‬ ‫شيْئا" ثم سألوه عن العزل‬ ‫ك أَوْلدَهُمْ َ‬ ‫فمثناة تحتية (فنَظرْتُ في الرّومِ وفارسَ فإذا هُمْ يُغيِلُونَ أوْلدَهُمْ فَل يُضرّ ذل َ‬ ‫فقال رسول ال صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم‪" :‬ذلكَ ا ْلوَأدُ ا ْلخَ ِفيّ" رواه مسلم)‪.‬‬ ‫اشت مل الحد يث على م سألتين‪" :‬الولى الغيلة" تقدم ضبط ها ويقال ل ها الغ يل بف تح الغ ين مع ف تح المثناة التح ية‬ ‫والغيال بكسر الغين المراد بها مجامعة الرجل امرأته وهي ترضع كما قاله مالك والصمعي وغيرهما‪.‬‬

‫‪30‬‬

‫وقيل‪ :‬هي أن ترضع المرأة وهي حامل والطباء يقولون إن ذلك داء والعرب تكرهه وتتقيه ولكن النبي صلى‬ ‫ال عل يه وآله و سلم رد علي هم وبيّن عدم الضرر الذي زع مه العرب والطباء بأن فار سا والروم تف عل ذلك ول‬ ‫ضرر يحدث مع الولد‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬فإذا هم يغيلون" من أغال يغيل‪.‬‬ ‫"والمسألة الثانية العزل" وهو بفتح العين المهملة وسكون الزاي وهو أن ينزع بعد اليلج لينزل خارج الفرج‪.‬‬ ‫وهو يفعل لحد أمرين‪ :‬أما في حق المة فلئل تحمل كراهة لمجيء الولد من المة لنه مع ذلك يتعذر بيعها‬ ‫وأما في حق الحرة فكراهة ضرر الرضيع إن كان أو لئل تحمل المرأة‪.‬‬ ‫وقوله في جواب سؤالهم عنه‪" :‬أنه الوأد الخفي" دال على تحريمه لن الوأد دفن البنت حية‪.‬‬ ‫وبالتحريم جزم ابن حزم محتجا بحديث الكتاب هذا‪.‬‬ ‫وقال الجمهور‪ :‬يجوز عن الحرة بإذنها وعن المة السرية بغير إذنها ولهم خلف في المة المزوّجة بحرّ‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬وحدييث الكتاب معارض بحديثيين‪ :‬الول عين جابر قال‪ :‬كانيت لنيا جوار وكنيا نعزل فقالت اليهود تلك‬ ‫الموءودة الصغرى فسئل رسول ال صلى ال تعالى عليه وعلى آله وسلم عن ذلك فقال‪" :‬كذبت اليهود ولو أراد‬ ‫ال خلقه لم تستطع ردّه" أخرجه النسائي والترمذي وصححه‪.‬‬ ‫والثا ني أخر جه الن سائي من حد يث أ بي هريرة نحوه قال الطحاوي‪ :‬والج مع ب ين الحاد يث‪ :‬بح مل الن هي في‬ ‫حديث جذامة على التنزيه‪.‬‬ ‫ورجح ابن حزم حديث جذامة وأن النهي فيه للتحريم بأن حديث غيرها مرجح لصل الباحة وحديثها مانع فمن‬ ‫ادّعى أنه أبيح بعد المنع فعليه البيان‪.‬‬ ‫ونوزع ابين حزم فيي دللة قوله صيلى ال علييه وآله وسيلم‪" :‬ذلك الوأد الخفيي" على الصيراحة بالتحرييم لن‬ ‫التحريم للوأد المحقق الذي هو قطع حياة محققة والعزل وإن شبهه صلى ال عليه وآله وسلم به فإنما هو قطع‬ ‫لما يؤدي إلى الحياة والمشبه دون المشبه به‪.‬‬ ‫وإنما سماه وأدا لما تعلق به من قصد منع الحمل وأما علة النهي عن العزل فالحاديث دالة على أن وجهه أنه‬ ‫معاندة للقدر وهو دال على عدم التفرقة بين الحرة والمة‪.‬‬ ‫"فائدة" معال جة المرأة ل سقاط النط فة ق بل ن فخ الروح يتفرع جوازه وعد مه على الخلف في العزل و من أجازه‬ ‫أجاز المعالجة ومن حرّمه حرّم هذا بالولى‪.‬‬ ‫ويل حق بهذا تعا طي المرأة ما يق طع الحبَل من أ صله و قد أف تى ب عض الشافع ية بالم نع و هو مش كل على قول هم‬ ‫بإباحة العزل مطلقا‪.‬‬ ‫ع ْنهَا وَأ ْكرَ ُه أ نْ‬ ‫ل اللّ هِ إنّ لي جاريةً وَأنَا أعْزلُ َ‬ ‫عنْ هُ أنّ َرجُلً قالَ‪ :‬يَا ر سُو َ‬ ‫سعِيد الخدْريّ رضي اللّ هُ َ‬ ‫ن أبي َ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫صغْرَى؟ قالَ‪َ " :‬ك َذبَ تِ ا ْل َيهُودُ َلوْ َأرَادَ ال‬ ‫حدّ ثُ أَنّ ا ْل َعزْلَ ا ْل َموْءُودة ال ّ‬ ‫حمِلَ وََأنَا أُريدُ مَا يُريدُ ال ّرجَالُ وإنّ ا ْل َيهُودَ َت َ‬ ‫َت ْ‬ ‫طحَاويّ وَرجالُ ُه ثِقاتٌ‪.‬‬ ‫حمَدُ وََأبُو دَا ُودَ وَاللّ ْفظُ َلهُ وَال ّنسَائي وال ّ‬ ‫طعْتَ َأنْ َتصْرفَهُ" رَوَا ُه َأ ْ‬ ‫س َت َ‬ ‫أنْ َيخْلُ َقهُ مَا ا ْ‬ ‫ع ْنهَا وَأ ْكرَ هُ أ نْ‬ ‫ع ْن هُ أنّ َرجُلً قالَ‪ :‬يَا ر سُولَ اللّ هِ إنّ لي جاريةً وَأنَا أعْزلُ َ‬ ‫سعِيد الخدْريّ رضي اللّ هُ َ‬ ‫ن أبي َ‬ ‫ع ْ‬ ‫(وَ َ‬ ‫صغْرَى؟ قالَ‪َ " :‬ك َذبَ تِ ا ْل َيهُودُ َلوْ َأرَادَ ال‬ ‫حدّ ثُ أَنّ ا ْل َعزْلَ ا ْل َموْءُودة ال ّ‬ ‫حمِلَ وََأنَا أُريدُ مَا يُريدُ ال ّرجَالُ وإنّ ا ْل َيهُودَ َت َ‬ ‫َت ْ‬ ‫طحَاويّ وَرجالُ ُه ثِقاتٌ)‪.‬‬ ‫حمَدُ وََأبُو دَا ُودَ وَاللّ ْفظُ َلهُ وَال ّنسَائي وال ّ‬ ‫طعْتَ َأنْ َتصْرفَهُ" رَوَا ُه َأ ْ‬ ‫س َت َ‬ ‫أنْ َيخْلُ َقهُ مَا ا ْ‬ ‫الحد يث قد عارض حد يث الن هي وت سميته صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم العزل الوأد الخ في و في هذا كذب اليهود في‬ ‫تسميته الموءودة الصغرى‪.‬‬ ‫وقد جمع بينهما بأن حديث النهي حمل على التنزيه وتكذيب اليهود لنهم أرادوا التحريم الحقيقي‪.‬‬ ‫وقوله‪ :‬لو أراد أن يخل قه يييي إلى آخره يييي معناه أ نه تعالى إذا قدّر خلق ن فس فل بد من خلق ها وأ نه‬ ‫يسبقكم الماء فل تقدرون على دفعه ول ينفعكم الحرص على ذلك فقد يسبق الماء من غير شعور العازل لتمام ما‬ ‫قدّره ال‪.‬‬ ‫و قد أخرج أح مد والبزار من حد يث أ نس و صححه ا بن حبان‪" :‬أن رجلً سأل عن العزل فقال ال نبي صَلّى ال‬ ‫عََليْ هِ وَ سَلّم‪ :‬لو أن الماء الذي يكون منه الولد أهرقته على صخرة لخرج ال منها ولدا" وله شاهدان في الكبير‬ ‫للطبراني عن ابن عباس وفي الوسط له عن ابن مسعود‪.‬‬ ‫عنْ هُ‬ ‫شيْئا ُينْهَى َ‬ ‫ن َينْزلُ وَلَ ْو كان َ‬ ‫ل ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم وَالْ ُقرْآ ُ‬ ‫ع ْهدِ رَ سُو ِ‬ ‫ن جابرٍ قَالَ‪" :‬كُنّا َنعْزلُ عَلى َ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫عنْهُ"‪.‬‬ ‫ع ْنهُ ا ْل ُقرْآنُ" ُمتّ َفقٌ عََل ْيهِ‪ ،‬وَِل ُمسِْلمٍ‪َ " :‬فبَلَغَ ذلكَ نِبيّ اللّ ِه صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم فَلمْ َي ْنهَنَا َ‬ ‫َل َنهَانَا َ‬ ‫‪31‬‬

‫(وعن جابر رضي ال عنه قال‪ :‬كنا نعزل على عهد صلى ال عليه وآله وسلم والقرآن ينزل لو كان شيء ُينْهى‬ ‫عنه لنهانا عنه القرآن‪ .‬متفق عليه) إل أن قوله‪ :‬لو كان شيء ُينْهى عنه إلى آخره لم يذكره البخاري وإنما رواه‬ ‫مسلم من كلم سفيان أحد رواته وظاهره أنه قاله استنباطا‪.‬‬ ‫قال المصنف في الفتح‪ :‬تتبعت المسانيد فوجدت أكثر رواته عن سفيان ل يذكرون هذه الزيادة اهي‪.‬‬ ‫وقد وقع لصاحب العمدة مثل ما وقع للمصنف هنا فجعل الزيادة من الحديث‪.‬‬ ‫وشرحها ابن دقيق العيد واستغرب استدلل جابر بتقرير ال لهم‪( .‬ولمسلم) أي عن جابر (فبلغ ذلك نبيّ صلى‬ ‫ال عليه وآله وسلم فلم ينهنا عنه)‪.‬‬ ‫فدل تقريره صلى ال عليه وآله وسلم لهم على جوازه وقد قيل‪ :‬إنه أراد جابر بالقرآن ما يقرأ أعم من المتعبد‬ ‫بتلو ته أو غيره م ما يو حي إل يه فكأ نه يقول‪ :‬فعل نا في ز من التشر يع ولو كان حراما لم ن قر عل يه ق يل‪ :‬فيزول‬ ‫استغراب ابن دقيق العيد إل أنه ل بد من علم النبي صلى ال عليه وآله وسلم بأنهم فعلوه‪.‬‬ ‫والحديث دليل على جواز العزل ول ينافيه كراهة التنزيه كما دل له أحاديث النهي‪.‬‬ ‫خ َرجَاهُ‬ ‫حدٍ" َأ ْ‬ ‫ن َيطُوفُ عَلى نِسَائِ ِه ِبغُسْلٍ وا ِ‬ ‫عنْ َأنَس بنِ مَالكٍ رضيَ اللّ ُه ع ْنهُ‪" :‬أَنّ النّبي صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم كا َ‬ ‫وَ َ‬ ‫واللّ ْفظُ ِل ُمسِْلمٍ‪.‬‬ ‫حدٍ"‬ ‫ن َيطُو فُ عَلى نِ سَائِ ِه ِبغُ سْلٍ وا ِ‬ ‫ن مَال كٍ رض يَ اللّ هُ ع ْن هُ‪" :‬أَنّ النّبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم كا َ‬ ‫ع نْ أَنَس ب ِ‬ ‫(وَ َ‬ ‫خ َرجَاهُ واللّ ْفظُ ِل ُمسِْلمٍ)‪.‬‬ ‫َأ ْ‬ ‫تقدم الكلم عل يه في باب الغ سل وا ستدل به على أ نه لم ي كن الق سم ب ين ن سائه صلى ال عل يه وآله و سلم عل يه‬ ‫واجبا‪.‬‬ ‫وقال ابن العربي‪ :‬إنه كان للنبي صلى ال عليه وآله وسلم ساعة من النهار ل يجب عليه فيها القسم وهي بعد‬ ‫العصر فإن اشتغل عنها كانت بعد المغرب‪.‬‬ ‫وكأنه أخذه من حديث عائشة الذي أخرجه البخاري‪" :‬أنه صلى ال تعالى عليه وآله وسلم كان إذا انصرف من‬ ‫العصر دخل على نسائه فيدنو من إحداهن"‪.‬‬ ‫فقولها‪ :‬فيدنو يحتمل أنه للوقاع إل أن في بعض رواياته من غير وقاع فهو ل يتم مأخذا لبن العربي‪.‬‬ ‫وقد أخرج البخاري من حديث أنس‪" :‬أنه صلى ال عليه وآله وسلم كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة وله‬ ‫يومئذ تسع نسوة"‪.‬‬ ‫ول يتم أن يراد بالليلة بعد المغرب كما قاله لنه ل يتسع ذلك الوقت سيما مع النتظار لصلة العشاء لفعل ذلك‪.‬‬ ‫كذا ق يل‪ :‬و هو مجرد ا ستبعاد وإل فالظا هر ات ساعه لذلك ف قد كان صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم يؤ خر العشاء أو ل نه‬ ‫أعطى قوّة في ذلك لم يعطها غيره‪.‬‬ ‫والحديث دليل أنه كان ل يجب القسم عليه لنسائه وهو ظاهر قوله تعالى‪{ :‬ترجي من تشاء منهن} وذهب إليه‬ ‫جماعة من أهل العلم‪.‬‬ ‫والجمهور يقولون ي جب عل يه الق سم وتأولوا هذا الحد يث بأ نه كان يف عل ذلك بر ضا صاحبة النو بة وبأ نه يحت مل‬ ‫فعله عند استيفاء القسم ثم يستأنف القسمة وبأنه يحتمل أنه فعل ذلك قبل وجوب القسم‪.‬‬ ‫ن إحدى عشرة" ويجمع بين الروايتين بأن يحمل قول من‬ ‫وقوله‪" :‬وله يومئذ تسع نسوة" وفي رواية البخاري‪" :‬وه ّ‬ ‫قال تسع نظرا إلى الزوجات التي اجتمعن عنده ولم يجتمع عنده أكثر من تسع وأنه مات عن تسع كما قال أنس‬ ‫أخرجه الضياء عنه في المختارة‪.‬‬ ‫ومن قال‪ :‬إحدى عشرة أدخل مارية القبطية وريحانة فيهن ويطلق عليهما لفظ نسائه تغليبا‪.‬‬ ‫و في الحد يث دللة على أ نه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم كان أك مل الرجال في الرجول ية ح يث كان له هذه القوّة و قد‬ ‫أخرج البخاري أنه كان له قوّة ثلثين رجلً وفي رواية السماعيلي قوّة أربعين ومثله لبي نعيم في صفة الجنة‬ ‫وزاد من رجال أهل الجنة‪.‬‬ ‫وقد أخرج أحمد والنسائي وصححه الحاكم من حديث زيد بن أرقم‪" :‬إن الرجل في الجنة ليعطى قوّة مائة في‬ ‫الكل والشرب والجماع والشهوة"‪.‬‬ ‫باب الصداق‬ ‫ال صداق بف تح ال صاد المهملة وك سرها مأخوذ من ال صدق لشعاره ب صدق رغ بة الزوج في الزو جة وف يه سبع‬ ‫لغات وله ثمانية أسماء يجمعها قوله‪:‬‬ ‫[شع] صداق ومهر نحلة وفريضة‬ ‫‪32‬‬

‫حباء وأجر ثم عقر علئق[‪/‬شع]‬ ‫وكان الصداق في شرع من قبلنا للولياء كما قال صاحب المستعذب على المذهب‪.‬‬ ‫عتْ َقهَا صدَا َقهَا" ُمتّفقٌ عََليْهِ‪.‬‬ ‫جعَلَ ِ‬ ‫ع َتقَ صَ ِفيّ َة َو َ‬ ‫عنِ النْبي صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم‪َ" :‬أنّ ُه أَ ْ‬ ‫عنْهُ َ‬ ‫ن أَنسٍ رضيَ اللّهُ َ‬ ‫عَ ْ‬ ‫عتْ َقهَا صدَا َقهَا" ُمتّفقٌ عََل ْيهِ)‪.‬‬ ‫جعَلَ ِ‬ ‫ع َتقَ صَ ِفيّةَ َو َ‬ ‫ن النْبي صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم‪َ" :‬أنّهُ َأ ْ‬ ‫ع ْنهُ عَ ِ‬ ‫ن أَنسٍ رضيَ اللّهُ َ‬ ‫(عَ ْ‬ ‫هي أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب من سبط هرون بن عمران كانت تحت ابن أبي الحقيق وقتل يوم‬ ‫خيبر ووقعت صفية في السبي فاصطفاها رسول ال صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم فأعتقها وتزوّجها وجعل عتقها صداقها‬ ‫وماتت سنة خمسين وقيل غير ذلك‪.‬‬ ‫والحديث دليل على صحة جعل العتق صداقا‪ :‬أيّ عبارة وقعت تفيد ذلك‪ .‬وللفقهاء عّدة عبارات في كيفية العبارة‬ ‫في هذا المعنى‪.‬‬ ‫وذهب إلى صحة جعل العتق مهرا الهادوية و أحمد وإسحاق وغيرهم واستدلوا بهذا الحديث‪.‬‬ ‫وذهب الكثر إلى عدم صحة جعل العتق مهرا وأجابوا عن الحديث بأنه صلى ال عليه وآله وسلم أعتقها بشرط‬ ‫أن يتزوّجها فوجب له عليها قيمتها وكانت معلومة فتزوّجها بها‪.‬‬ ‫ويرد هذا التأويل أنه في مسلم بلفظ‪" :‬ثم تزوّجها وجعل عتقها صداقها"‪.‬‬ ‫وفيه‪ :‬أنه قال عبد العزيز راويه‪ :‬قال ثابت لنس بعد أن روى الحديث‪ :‬ما أصدقها؟ قال‪ :‬نَفْ سَها وأعتقها؛ فإنه‬ ‫ظاهر أنه جعل نفس العتق صداقا‪.‬‬ ‫وأما قول من قال إن هذا شيء فهمه أنس فعبر به ويجوز أن فهمه غير صحيح فجوابه أنه أعرف باللفظ وأفهم‬ ‫له وقد صرح بأنه صلى ال تعالى عليه وعلى آله وسلم جعل العتق صداقا فهو راو لفعله صلى ال تعالى عليه‬ ‫وآله وسيلم وحسين الظين بيه لثقتيه يوجيب قبول روايتيه للفعال كميا يجيب قبولهيا للقوال وإل لزم ر ّد القوال‬ ‫والفعال إذ لم ينقل الصحابة اللفظ النبوي إل في شيء قليل وأكثر ما يروونه بالمعنى كما هو معروف ورواية‬ ‫المعنى عمدتها فهمه‪.‬‬ ‫وقوله‪ :‬إنه لم يرفعه أنس بل قاله تظننا خلف ظاهر لفظه فإنه قال‪ :‬جعل يييي يريد النبي صلى ال عليه‬ ‫وآله وسلم يييي صداقها عتقها‪ .‬وقد أخرج الطبراني وأبو الشيخ من حديث صفية قالت‪" :‬أعتقني النبي صلى‬ ‫ال عليه وآله وسلم وجعل عتقي صداقي" وهو صريح فيما رواه أنس وأنه لم يقل ذلك‪ ،‬تظننا كما قيل‪.‬‬ ‫وإنما خالف الجمهور الحديث وتأولوه قالوا لنه خالف القياس لوجهين‪:‬‬ ‫أحدهما‪ :‬أن عقدها على نفسها إما أن يقع قبل عتقها وهو محال وإما بعده وذلك غير لزم لها‪.‬‬ ‫والثاني‪ :‬أنا إن جعلنا العتق صداقا فإما يتقرر العتق حالة الرق وهو محال أيضا لتناقضهما أو حالة الحرية فليزم‬ ‫سبقها على العقد فيلزم وجود العتق حال فرض عدمه وهو محال ل نّ الصداق ل بد أن يتقدّم تقرره على الزوج‬ ‫إما نصا وإما حكما حتى تملك الزوجة طلبه ول يتأتى مثل ذلك في العتق فاستحال أن يكون صداقا‪.‬‬ ‫وأجيب أولً‪ :‬أنه بعد صحة القصة ل يبالى بهذه المناسبات‪.‬‬ ‫وثانيا‪ :‬بعد تسليم ما قالوه فالجواب عن الوّل يكون بعد العتق وإذا امتنعت من العقد لزمها السعاية بقيمتها ول‬ ‫محذور في ذلك‪.‬‬ ‫وعن الثاني بأن العتق منفعة يصح المعاوضة عنها والمنفعة إذا كانت كذلك صح العقد عليها مثل سكنى الدار‬ ‫وخدمة الزوج ونحو ذلك‪.‬‬ ‫وأما قول من قال إنّ ثواب العتق عظيم فل ينبغي أن يفوت بجعله صداقا وكان يمكن جعل المهر غيره‪.‬‬ ‫فجوابه أنه صلى ال عليه وآله وسلم يفعل المفضول لبيان التشريع ويكون ثوابه أكثر من ثواب الفضل فهو في‬ ‫حقه أفضل‪ .‬وأما جعل حديث عائشة في قصة جويرية مؤيدا لحديث صفية ولفظه‪" :‬أنه صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم قال‬ ‫لجويرية لما جاءت تستعينه في كتابت ها‪ :‬هل لك أن أق ضي عنك كتابتك وأتزوّجك قالت‪ :‬قد فعلت" أخر جه أ بو‬ ‫داود‪.‬‬ ‫فل يخفى أنه ليس فيه تعرض للمهر ول غيره فليس مما نحن فيه‪.‬‬ ‫صدَاقُ رَسُول‬ ‫ن َ‬ ‫ع ْنهَا‪ :‬كَمْ كا َ‬ ‫عنْهُ َأّن ُه قالَ‪" :‬سأَلْتُ عَا ِئشَةَ َرضِيَ اللّهُ َ‬ ‫ن رَضي اللّهُ َ‬ ‫ع ْبدِ ال ّرحْم ِ‬ ‫ن أَبي سََلمَةَ ب نِ َ‬ ‫عْ‬ ‫وَ َ‬ ‫عشَرة أُو ِقيّةً َو َنشّا‪ ،‬قالَ تْ‪َ :‬أ َتدْري مَا النّشّ؟ قالَ‪:‬‬ ‫ج هِ ا ِثنْ تي َ‬ ‫ن صَدَاقُهُ لزْوَا ِ‬ ‫ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم؟ قالَ تْ‪ :‬كَا َ‬ ‫ج هِ" رَوَا هُ‬ ‫سمِائَ ِة ِدرْهَ مٍ؛ َفهَذا صَداقُ رَ سُولِ اللّ ُه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم لزْوَا ِ‬ ‫خمْ ُ‬ ‫صفُ أُوقِيّةٍ‪َ ،‬فتِل كَ َ‬ ‫قلْ تُ‪ :‬ل قالَ تْ‪ :‬نِ ْ‬ ‫ُمسْلمٌ‪.‬‬ ‫‪33‬‬

‫(وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن رضي ال عنه) هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي أحد‬ ‫الفقهاء السبعة المشهورين بالفقه بالمدينة في قول من مشاهير التابعين وأعلمهم يقال إن اسمه كنيته‪.‬‬ ‫وهو كثير الحديث واسع الرواية سمع عن جماعة من الصحابة وأخذ عنه جماعة مات سنة أربع وسبعين وقيل‬ ‫أربع ومائة وهو في سبعين سنة (قال‪ :‬سألت عائشة زوج النبي صلى ال عليه تعالى وعلى آله وسلم‪ :‬كم صداق‬ ‫ر سول ال صلى ال تعالى عل يه وعلى آله و سلم؟ قالت‪ :‬كان صداقه لزوا جه اثن تي عشرة أوق ية) ب ضم الهمزة‬ ‫وتشد يد المثناة التحت ية (و َنشّا) بف تح النون وش ين معج مة مشددة‪( .‬قالت‪ :‬أتدري ما النّ شُ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬ل‪ .‬قالت‪:‬‬ ‫نصف أوقية فتلك خمسمائة درهم فهذا صداق رسول ال صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم لزواجه‪ .‬رواه مسلم)‪.‬‬ ‫المراد في الحديث أوقية الحجاز وهي أربعون درهما وكان كلم عائشة هذا بناء على الغلب وإل فإن صداقها‬ ‫هذا المقدار وأم حبي بة أ صدقها النجا شي عن ال نبي صلى ال عل يه وآله و سلم بأرب عة آلف در هم وأرب عة آلف‬ ‫دينار إل إنه كان تبرعا منه إكراما لرسول ال صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم ولم يكن عن أمره صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم‪.‬‬ ‫وقد استحب الشافعية جعل المهر خمسمائة درهم تأسيا‪.‬‬ ‫وأما أقل المهر الذي يصح به العقد فقد قدّمناه أما أكثره فل حدّ له إجماعا قال تعالى‪{ :‬واتيتم إحداهن قنطارا}‪.‬‬ ‫والقنطار ق يل إ نه ألف ومائ تا أوق ية ذهبا وق يل ملء م سك ثور ذهبا وق يل سبعون ألف مثقال وق يل مائة ر طل‬ ‫ذهبا‪.‬‬ ‫و قد كان أراد ع مر ق صر أكثره على قدر مهور أزواج ال نبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم ورد الزيادة إلى ب يت المال‬ ‫وتكلم به في الخطبة فردّت عليه امرأة محتجة بقوله تعالى‪{ :‬واتيتم إحداهن قنطارا} فرجع وقال‪ :‬كلكم أفْقَه من‬ ‫عمر‪.‬‬ ‫عنْدي‬ ‫شيْئا" قالَ‪ :‬مَا ِ‬ ‫طهَا َ‬ ‫عِ‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم‪" :‬أَ ْ‬ ‫ي فَاطمةَ قالَ لهُ رسو ُ‬ ‫س قالَ‪ :‬لمّا تَزوّجَ عَل ّ‬ ‫عبّا ٍ‬ ‫عنِ ابنِ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ححَهُ الحا ِكمُ‪.‬‬ ‫صّ‬ ‫ط ِميّةُ؟" رَوَاهُ َأبُو دا ُودَ وال ّنسَائيّ َو َ‬ ‫حَ‬ ‫عكَ ال ُ‬ ‫ن ِدرْ ُ‬ ‫شيءٌ‪ ،‬قالَ‪َ " :‬فأَيْ َ‬ ‫(وعن ابن عباس رضي ال عنهما قال‪ :‬لما تزوّج عَليّ فاطمَة رضي ال عنها)‪.‬‬ ‫هي سيدة نساء العالمين تزوّجها علي رضي ال عنه في السنة الثانية من الهجرة في شهر رمضان وبنى عليها‬ ‫في ذي الحجة ولدت له الحسن والحسين والمحسن وزينب ورقية وأم كلثوم وماتت بالمدينة بعد موته صلى ال‬ ‫عل يه وآله و سلم بثل ثة أش هر و قد ب سطنا ترجمت ها في الرو ضة الند ية (قال له ر سول ال صلى ال عل يه وآله‬ ‫طمِيّةُ؟") بضم الحاء المهملة وفتح الطاء نسبة إلى‬ ‫حَ‬ ‫طهَا شيّئا" قال‪ :‬ما عندي شيء قال‪" :‬فَأيْنَ ِدرْعُكَ ا ْل ُ‬ ‫عِ‬ ‫وسلم‪" :‬أ ْ‬ ‫حطمة من محارب بطن من عبد القيس كانوا يعملون الدروع (رواه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم)‪.‬‬ ‫فيه دليل على أنه ينبغي تقديم شيء للزوجة قبل الدخول بها جبرا لخاطرها وهو المعروف عند الناس كافة ولم‬ ‫يذكر في الرواية هل أعطاها درعه المذكور أو غيرها‪.‬‬ ‫وقد وردت روايات في تعيين ما أعطى عليّ فاطمة رضي ال عنهما إل أنها غير مسندة‪.‬‬ ‫ل اللّهِ صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم‪َ" :‬أ ّيمَا ا ْمرَأَةٍ‬ ‫ع ْن ُهمَا قالَ‪ :‬قالَ رسو ُ‬ ‫جدّه رضي اللّهُ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ش َعيْبٍ عَنْ أَبيهِ عَ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫عمْرو ب ِ‬ ‫عنْ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫عطِيَ هُ‪،‬‬ ‫صمَة النّكاح َفهُوَ ِل َم نْ ُأ ْ‬ ‫ن َب ْعدَ عِ ْ‬ ‫صمَةِ النّكا حِ َفهُ َو لَهَا‪ ،‬وَمَا كا َ‬ ‫ع َدةٍ َقبْلَ عِ ْ‬ ‫حبَاءٍ أَوّ ِ‬ ‫ق أَ ْو ِ‬ ‫َن َكحَ تْ عَلى صَدا ٍ‬ ‫ختُهُ" رَوَاهُ َأحْمدُ وال ْربَعَ ُة إل الت ْر ِم ِذيّ‪.‬‬ ‫حقّ مَا ُأكْرمَ ال ّرجُلُ عََليْ ِه ا ْب َنتُ ُه أَ ْو ُأ ْ‬ ‫وََأ َ‬ ‫(وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪َ" :‬أ ّيمَا ا ْمرَأَةٍ نكحَتْ عَلى‬ ‫عدَةٍ)‬ ‫حبَاءٍ) بكسر الحاء المهملة فموحدة فهمزة ممدودة العطية للغير أو للزوجة زائد على مهرها (أوْ ِ‬ ‫صَداق أوْ ِ‬ ‫صمَ ِة ال ّنكَاح‬ ‫ن ب ْعدَ عِ ْ‬ ‫صمَةِ النّكاح َفهُوَ َلهَا ومَا كا َ‬ ‫بكسر الع ين المهملة ما و عد به الزوج وإن لم يح ضر ( َقبْلَ عِ ْ‬ ‫ختُهُ" رواه أحمد والربعة إل الترمذي)‪.‬‬ ‫حقّ مَا ُأكْرمَ ال ّرجُلُ عَلْيهِ ا ْب َنتُهُ أ ْو ُأ ْ‬ ‫طيَهُ وَأ َ‬ ‫عِ‬ ‫َفهُ َو ِلمَنْ ُأ ْ‬ ‫الحديث دليل على أن ما سماه الزوج قبل العقد فهو للزوجة‪ .‬وإن كان تسميته لغيرها من أب وأخ كذلك ما كان‬ ‫عند العقد وفي المسألة خلف‪.‬‬ ‫فذهب إلى ما أفاده الحديث‪ :‬الهادي ومالك وعمر بن عبد العزيز والثوري‪.‬‬ ‫وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أن الشرط لزم لمن ذكر من أخ أو أب والنكاح صحيح‪.‬‬ ‫وذهب الشافعي إلى أن تسمية المهر تكون فاسدة ولها صداق المثل‪.‬‬ ‫وذ هب مالك إلى أ نه إن كان الشرط ع ند الع قد ف هو لبن ته وإن كان ب عد النكاح ف هو له قال في نها ية المجت هد‪:‬‬ ‫"وسبب اختلفهم تشبيه النكاح في ذلك بالبيع‪ ،‬فمن شبهه بالوكيل ببيع السلعة وشرط لنفسه حباء قال‪ :‬ل يجوز‬ ‫النكاح ك ما ل يجوز الب يع‪ .‬و من ج عل النكاح في ذلك مخالفا للب يع قال‪ :‬يجوز وأ ما تفر يق مالك فل نه اته مه إذا‬ ‫‪34‬‬

‫كان الشرط في ع قد النكاح أن يكون ذلك اشتراط لنف سه نق صانا على صداق مثل ها ولم يته مه إذا كان ب عد انعقاد‬ ‫النكاح والتفاق على الصداق" انتهى وإنما علل ذلك بما سمعت ولم يذكر الحديث لن فيه مقالً‪.‬‬ ‫هذا وأما ما يعطي الزوج في العرف مما هو للتلف كالطعام ونحوه فإن شرط في العقد كان مهرا وما سلم قبل‬ ‫العقد كان إباحة فيصح الرجوع فيه مع بقائه إذا كان في العادة يسلم للتلف وإن كان يسلم للبقاء رجع في قيمته‬ ‫بعد تلفه إل أن يتمنعوا من تزويجه رجع بقيمته في الطرفين جميعا‪.‬‬ ‫وإذا ما تت الزو جة أو امت نع هو من التزو يج كان له الرجوع في ما ب قي وفي ما سلم للبقاء وفي ما تلف ق بل الو قت‬ ‫الذي يعتاد التلف فيه‪ .‬ل فيما عدا ذلك وفيما سلمه بعد العقد هبة أو هدية على حسب الحال أو رشوة إن لم تسلم‬ ‫الزو جة وكان مشروطا مع الع قد ل صغيره وفعيل ذلك جاز التناول م نه لمين يعتاد لمثله كالقرا بة وغيرهيم لن‬ ‫الزوج إنما شرطه وسلمه ليفعل ذلك ل ليبقى ملكا للزوج والعرف معتبر في هذا‪.‬‬ ‫صدَاقا وَلَ مْ َي ْدخُلْ بهَا حَتى مَا تَ؟‬ ‫ن َرجُلٍ َتزَوّج ا ْمرَأَةً وَلَ ْم يَفْر ضْ َلهَا َ‬ ‫سئِلَ عَ ْ‬ ‫سعُودٍ‪َ" :‬أّن هُ ُ‬ ‫ع نِ ابن مَ ْ‬ ‫ع نْ عَلْ َقمَةَ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫سنَانٍ‬ ‫شطَ طَ‪ ،‬وَعََليْهَا ا ْل ِعدّةُ وَلَهَا المِيرَا ثُ‪ ،‬فَقَا مَ َمعْقِلُ ب نُ ِ‬ ‫سعُودٍ‪ :‬لَهَا ِمثْلُ صَداقِ ن سَائهَا ل َوكْ سَ وَل َ‬ ‫فَقَالَ اب نُ مَ ْ‬ ‫ج ِعيّ فَقَالَ‪ :‬قَضَى رسُولُ اللّ ِه صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم في بَرْوَعَ ِبنْتِ وَاشِقٍ يييي ا ْمرَأَةٍ ِمنّا يييي ِمثْلَ مَا‬ ‫شَ‬ ‫ال ْ‬ ‫جمَاعَةٌ‪.‬‬ ‫سنَ ُه َ‬ ‫حّ‬ ‫ححَ ُه التّرمذيّ َو َ‬ ‫صّ‬ ‫ح َمدُ وَالرْ َبعَةُ َو َ‬ ‫سعُودٍ" رَوَاهُ َأ ْ‬ ‫ضيْتَ‪ ،‬فَفَرحَ بها ابنُ َم ْ‬ ‫َق َ‬ ‫(وعن علقمة) أي ابن قيس أبي شبل بن مالك من بني بكر بن النخع روى عن عمر وابن مسعود وهو تابعي‬ ‫سئِلَ‬ ‫جليل اشتهر بحديث ابن مسعود وصحبته وهو عم السود النخعي مات سنة إحدى وستين (عن ابن مسعود ُ‬ ‫ت فقال ابن مسعود‪ :‬لها مثل صداقِ نِسائِها ل‬ ‫ن َرجُلٍ َتزَوّجَ امرأَ ًة ولم يَفْرضْ لها صَداقا ولم َي ْدخُلْ بها حتى ما َ‬ ‫عَ ْ‬ ‫َوكْ سَ) بفتح الواو وسكون الكاف وسين مهملة هو النقص أي ل ينقص من مهر نسائها (ول شَطَ طَ) بفتح الشين‬ ‫ث فقام‬ ‫وبالطاء المهملة وهو الجور أي ل يجار على الزوج بزيادة مهرها على نسائها (وعليها ال ِعدّةُ ولها الميرا ُ‬ ‫معقيل) بفتيح المييم وسيكون العيين المهملة وكسير القاف (ابين سينان) بكسير السيين المهملة فنون فألف فنون‬ ‫(الشجعي) بفتح الهمزة وشين معجمة ساكنة ومعقل هو أبو محمد شهد فتح مكة ونزل الكوفة‪ .‬وحديثه في أهل‬ ‫الكوفية وقتيل يوم الحرة صيبرا (فقال‪ :‬قضيى رسيول ال ص َيلّى ال عََليْه ِي وَس َيلّم فيي َبرْوَع) بفتيح الباء الموحدة‬ ‫ت وا شق) بواو مفتو حة فألف فش ين معج مة فقاف (امرأة م نا) بك سر‬ ‫و سكون الراء وف تح الواو فع ين مهملة ( ِبنْ ِ‬ ‫الميم فنون مشددة فألف (مثل ما قضيت ففرح بها ابن مسعود‪ .‬رواه أحمد والربعة وصححه الترمذي وحسنه‬ ‫جماعة) منهم ابن مهدي وابن حزم وقال‪ :‬ل مغمز فيه لصحة إسناده ومثله قال البيهقي في الخلفيات‪.‬‬ ‫وقال الشافعي‪ :‬ل أحفظه من وجه يثبت مثله وقال‪ :‬لو ثبت حديث بروع لقلت به‪ .‬وقال في الم‪ :‬إن كان يثبت‬ ‫عن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم فهو أول المور ول حجة في أحد دون رسول ال صلى ال عليه وآله‬ ‫وسلم وإن كبر ول شيء في قوله إل طاعة ال بالتسليم له ولم أحفظه عنه من وجه يثبت مثله‪.‬‬ ‫مرة يقال عن معقل بن سنان ومرة عن معقل بن يسار ومرة عن بعض أشجع ول يسمى‪.‬‬ ‫هذا تضعيف الشافعي بالضطراب وضعفه الواقدي بأنه حديث ورد إلى المدينة من أهل الكوفة فما عرفه أهل‬ ‫المدينة‪.‬‬ ‫ل على عقبيه‪.‬‬ ‫وقد روي عن عليّ رضي ال عنه أنه رده بأن معقل بن سنان أعرابي بَوّا ٌ‬ ‫وأجيب بأن الضطراب غير قادح لنه متردد بين صحابي وصحابي وهذا ل يطعن به في الرواية وعن بعض‬ ‫أشجع فل يضر أيضا لنه قد فسر ذلك البعض بمعقل فقد تبين أن ذلك البعض صحابي‪.‬‬ ‫وأما عدم معرفة علماء المدينة له فل يقدح بها مع عدالة الراوي‪.‬‬ ‫وأما الرواية عن علي رضي ال عنه فقال في البدر المنير‪ :‬لم يصح عنه‪.‬‬ ‫وقد روى الحاكم من حديث حرملة بن يحيى أنه قال‪ :‬سمعت الشافعي يقول‪ :‬إن صح حديث بروع بنت واشق‬ ‫قلت به‪ .‬قال الحاكم‪ :‬قلت‪ :‬صح فقل به‪.‬‬ ‫وذكر الدارقطني الختلف فيه في العلل ثم قال‪ :‬وأنسبها إسنادا حديث قتادة إل أنه لم يحفظ اسم الصحابي قلت‪:‬‬ ‫ل ي ضر جهالة ا سمه على رأي المحدث ين‪ .‬و ما قال الم صنف من أن لحد يث بروع شاهدا من حد يث عق بة بن‬ ‫عا مر أن ر سول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم زوج امرأة رجلً فد خل ب ها ولم يفرض ل ها صداقا فحضر ته الوفاة‬ ‫فقال‪ :‬أشهدكم أن سهمي بخيبر لها‪ .‬أخرجه أبو داود والحاكم‪.‬‬ ‫فل يخ فى أن ل شهادة له على ذلك لن هذا في امرأة د خل ب ها زوج ها ن عم ف يه شا هد أ نه ي صح النكاح بغ ير‬ ‫تسمية والحد يث دليل على أن المرأة ت ستحق كمال المهر بالموت وإن لم يسم لها الزوج ول د خل بها وتستحق‬ ‫مهر مثلها‪.‬‬ ‫‪35‬‬

‫وفي المسألة قولن‪:‬‬ ‫الول‪ :‬العمل بالحديث وأنها تستحق المهر كما ذكر وقول[اث] ابن مسعود[‪/‬اث] اجتهاد موافق الدليل وقول أبي‬ ‫حنيفة وأحمد وآخرين والدليل الحديث وما طعن به فيه قد سمعت دفعه‪.‬‬ ‫والثاني‪ :‬ل تستحق إل الميراث لعلي وابن عباس وابن عمر والهادي ومالك وأحد قولي الشافعي رحمه ال قالوا‪:‬‬ ‫لن الصداق عوض فإذا لم يستوف الزوج المعوّض عنه لم يلزم قياسا على ثمن المبيع قالوا‪ :‬والحديث فيه تلك‬ ‫المطاعن قلنا‪ :‬المطاعن قد دفعت فنهض الحديث للستدلل فهو أولى من القياس‪.‬‬ ‫عطَى في صَداقِ ا ْمرَأَ ٍة سَويقا‬ ‫ع ْن ُهمَا أنّ النّبيّ صَلّى ال عََليْ هِ وَسَلّم قال‪" :‬مَن أَ ْ‬ ‫ع ْبدَ ال رضيَ اللّ هُ َ‬ ‫عنْ جابر ب نِ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫خ َرجَهُ َأبُو دَاودَ وَأشَارَ إلى َت ْرجِيحِ َوقْفِهِ‪.‬‬ ‫س َتحَلّ" َأ ْ‬ ‫َأوْ َتمْرا فَ َقدِ ا ْ‬ ‫عطَى في صَدَاقِ ا ْمرَأَةٍ سَويقا)‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫(وعن جابر بن عبد ال رضي ال عنهما أن النبي صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم قال‪" :‬مَ ْ‬ ‫هو دق يق الق مح المقلو أو الذرة أو الشع ير أو غير ها (أو تمرا ف قد ا ستحل"‪ .‬أخر جه أ بو داود وأشار إلى ترج يح‬ ‫وقفه)‪ .‬وقال المصنف في التلخيص‪ :‬فيه[ تض] موسى بن مسلم بن رومان[‪/‬تض] وهو ضعيف وروي موقوفا‬ ‫وهو أقوى انتهى‪.‬‬ ‫فكان عليه أن يشير إلى أن فيه ضعفا على عادته وأخرجه الشافعي بلغا‪.‬‬ ‫والحديث دليل على أنه يصح كون المهر من غير الدراهم والدنانير وأنه يجزي مطلق السويق والتمر وظاهره‬ ‫وإن قل‪ .‬وتقدّمت أقاويل العلماء في قدر أقل المهر في شرح حديث الواهبة نفسها‪.‬‬ ‫ح ا ْمرَأَةٍ‬ ‫عنْ هُ‪" :‬أَنّ النّبيّ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم أَجازَ نكا َ‬ ‫ع نْ أَبي ِه رَض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ن رَبيعةَ َ‬ ‫ع ْبدِ اللّ ِه ب نِ عامر ب ِ‬ ‫ع نْ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ححَهُ َوخُوِلفَ في ذلكَ‪.‬‬ ‫صّ‬ ‫خ َرجَهُ ال ّت ْر ِم ِذيّ َو َ‬ ‫عَلى َنعَْليْنِ" َأ ْ‬ ‫(وعن عبد ال بن عامر بن ربيعة" العنزي بفتح العين وسكون النون وبالزاي في نسبه خلف كثير قبض النبي‬ ‫صلى ال عليه وآله وسلم وهو في أربع سنين أو خمس‪ .‬مات عبد ال المذكور سنة خمس وثمانين وقيل سنة‬ ‫ت سعين ( عن أب يه‪ :‬أن ال نبي صلى ال عل يه وآله و سلم أجاز نكاح امرأة على نعل ين‪ .‬أخر جه الترمذي و صححه‬ ‫وخولف) أي الترمذي ( في ذلك) أي في الت صحيح‪ .‬ل فظ الحد يث‪ :‬أن امرأة من ب ني فزارة تزو جت على نعل ين‬ ‫فقال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪" :‬رضيت من نفسك ومالك بنعلين" قالت‪ :‬نعم فأجازه‪.‬‬ ‫والحديث دليل على صحة جعل المهر أي شيء له ثمن وقد أسلف أن كل ما صح جعله ثمنا صح جعله مهرا‬ ‫وفيه مأخذ لما ورد في غيره من أنها ل تتصرف المرأة في مالها إل برأي زوجها‪.‬‬ ‫خرَجَ هُ‬ ‫ج النّبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم رجُلً ا ْمرَأَ ًة بخاتَم ِم نْ حدَيد" َأ ْ‬ ‫عنْ ُه قالَ‪" :‬زَوّ َ‬ ‫س ْعدِ رضي اللّ هُ َ‬ ‫سهْلِ ب نِ َ‬ ‫ع نْ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ل المتقدّم في أَوائِلِ النّكاحِ‪.‬‬ ‫ن الحديثِ الطّوي ِ‬ ‫طرَفٌ مِ َ‬ ‫الحا ِكمُ‪ ،‬وَهُ َو َ‬ ‫(وعن سهل بن سعد رضي ال عنه قال‪ :‬زوّج النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم رجلً امرأة بخاتم من حديد‪ .‬أخرجه‬ ‫الحاكم)‪.‬‬ ‫قد تقدم حديث سهل في الواهبة نفسها بطوله وفيه أنه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم أمر من خطبها أن يلتمس ولو خاتما‬ ‫من حديد فلم يجده فزوّ جه إياها على تعليم ها شيئا من القرآن فإن كان هذا هو ذلك الحديث فلم ي تم جعل الم هر‬ ‫خاتما من حديد كما عرفت وإن أريد غيره فيحتمل وهو بعيد لقول المصنف (وهو طرف من الحديث الطويل‬ ‫المتقدم فيي أوائل النكاح) وعلى تقديير أنيه أرييد ذلك الحدييث فتأويله أنيه ص َيلّى ال عََليْهِي وَس َيلّم أذن فيي جعيل‬ ‫الصداق خاتما من حديد وإن لم يتم العقد عليه‪.‬‬ ‫س َندِهِ‬ ‫خ َرجَ ُه الدارَ ُقطْنيّ م ْوقُوفا و في َ‬ ‫شرَةِ َدرَاهِ مَ" َأ ْ‬ ‫عَ‬ ‫عنْ ُه قالَ‪" :‬ل َيكُو نُ ال َم ْهرُ َأقَلّ مِ نْ َ‬ ‫ع نْ عل يَ رض يَ اللّ هُ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫مَقَالٌ‪.‬‬ ‫(و عن عل يّ ر ضي ال ع نه قال‪ :‬ل يكون الم هر أ قل من عشرة درا هم‪ .‬أخر جه الدارقط ني موقوفا و في سنده‬ ‫مقال) أي موقوف على عليّ رضي ال عنه‪.‬‬ ‫وقد روي من حديث جابر مرفوعا ولم يصح‪.‬‬ ‫والحدييث معارض للحادييث المتقدمية المرفوعية الدالة على صيحة أي شييء يصيح جعله مهرا كميا عرفيت‪.‬‬ ‫والمقال الذي في الحديث هو أن فيه مبشر بن عبيد قال أحمد‪ :‬كان يضع الحديث‪.‬‬ ‫خ َرجَهُ َأبُو‬ ‫عنْ ُه قالَ‪ :‬قالَ َرسُولُ اللّ ِه صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم‪" :‬خَ ْيرُ الصّداقِ َأ ْيسَرُهُ" َأ ْ‬ ‫عنْ عُ ْق َبةَ بنِ عَا ِمرٍ رَضي اللّهُ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ححَ ُه الحاكمُ‪.‬‬ ‫صّ‬ ‫دَاودَ َو َ‬ ‫خ َرجَ هُ‬ ‫خيْرُ ال صّداقِ َأيْ سَرُهُ" َأ ْ‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪َ " :‬‬ ‫عنْ ُه قالَ‪ :‬قالَ رَ سُو ُ‬ ‫ع نْ عُ ْقبَ َة ب نِ عَا ِمرٍ رَضي اللّ هُ َ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ححَهُ الحاكمُ‪.‬‬ ‫صّ‬ ‫َأبُو دَاودَ َو َ‬ ‫‪36‬‬

‫ف يه دللة على استحباب تخف يف الم هر وأن غير الي سر على خلف ذلك وإن كان جائزا كما أشارت إل يه ال ية‬ ‫الكريم في قوله‪{ :‬واتيتم إحداهن قنطارا من ذهب} وتقدم أن عمر نهى عن المغالة في المهور فقالت امرأة‪ :‬ليس‬ ‫ذلك إليك يا عمر إن ال يقول‪{ :‬واتيتم إحداهن قنطارا من ذهب}‪.‬‬ ‫قال[اث] عمر[‪/‬اث]‪ :‬امرأة خاصمت عمر فخصمته‪ .‬أخرجه عبد الرزاق‪.‬‬ ‫وقوله في الرواية‪ :‬من ذهب هي قراءة ابن مسعود وله طرق بألفاظ مختلفة وتحتمل أن الخيرية بركة المرأة ففي‬ ‫لحديث "أبركهن أيسرهن مؤنة"‪.‬‬ ‫ل اللّ هِ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم حين ُأ ْدخِلَ تْ‬ ‫ن رَ سُو ِ‬ ‫ت مِ ْ‬ ‫ت الجَوْ نِ َت َع ّوذَ ْ‬ ‫ع ْمرَ َة بنْ َ‬ ‫ن عا ِئشَةَ رضي اللّ ُه عنها‪َ :‬أنّ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫ن مَاجَ هْ وفي‬ ‫خرَجَهُ اب ُ‬ ‫ت بمعَاذٍ" َفطَلّ َقهَا وََأمَ َر أُسَامَةَ َف َم ّت َعهَا بثلث ِة َأثْوابٍ‪َ ،‬أ ْ‬ ‫عذْ ِ‬ ‫جهَا) فَقَال‪" :‬لَ َقدْ ُ‬ ‫عََليْ ِه ( َتعْني لمّا َتزَ ّو َ‬ ‫ع ِديّ‪.‬‬ ‫ن حَديثِ أبي أسيدٍ السّا ِ‬ ‫ح مِ ْ‬ ‫سنَادِهِ رَا ٍو َم ْترُوكٌ‪ .‬وأصْلُ ال ِقصّ ِة في الصّحي ِ‬ ‫إْ‬ ‫(و عن عائ شة ر ضي ال عن ها أن عمرة ب نت الجوْن) بف تح الج يم و سكون الواو فنون (تعوّذت من ر سول ال‬ ‫ت بمعَاذٍ) بف تح‬ ‫عذْ ِ‬ ‫صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم وآله ح ين أُدخلت عل يه يييي تع ني ل ما تزوج ها يييي فقال‪" :‬لَ َقدْ ُ‬ ‫الميم ما يستعاذ به (فطلقها وأمر أُسامة فمتعها بثلثة أثواب‪ .‬أخرجه ابن ماجه وفي إسناده راوه متروك‪ .‬وأصل‬ ‫القصة في الصحيح من حديث أبي أسيد الساعدي)‪.‬‬ ‫وقد سماها في الحديث عمرة ووقع مع ذلك اختلف في اسمها ونسبها كثير لكنه ل يتعلق به حكم شرعي‪.‬‬ ‫واختلف في سبب تعوذها منه ففي رواية أخرجها ابن سعد‪ :‬أنه صلى ال عليه وآله وسلم لما دخل عليها وكانت‬ ‫من أج مل الن ساء فدا خل ن ساءه صلى ال تعالى عل يه و سلم غيرة‪ ،‬فق يل ل ها‪ :‬إن ما تح ظى المرأة ع ند ر سول ال‬ ‫صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم أن تقول إذا دخلت عليه أعوذ بال منك"‪.‬‬ ‫و في روا ية أخرج ها ا بن سعد أيضا بإ سناد البخاري‪" :‬إن عائ شة وحف صة دخل تا علي ها أول ما قد مت مشطتا ها‬ ‫وخضبتا ها وقالت ل ها إحداه ما‪ :‬إن ال نبي صلى ال تعالى عل يه و سلم يعج به من المرأة إذا د خل علي ها أن تقول‬ ‫أعوذ بال منك" وقيل في سببه غير ذلك‪.‬‬ ‫والحديث دليل على شرعية المتعة للمطلقة قبل الدخول واتفق الكثر على وجوبها في حق من لم يُس ّم لها صداقا‬ ‫إل عن الليث ومالك وقد قال تعالى‪{ :‬ل جناح عليكم إن طلقتم النساء}‪.‬‬ ‫وظاهر المر الوجوب‪.‬‬ ‫ن قال‪ :‬هو على الزوج‬ ‫وأخرج البيهقي في سننه عن ابن عباس قال‪" :‬المس النكاح والفريضة الصداق ومتعوه ّ‬ ‫يتزوّج المرأة ولم ي سم ل ها صداقا ثم يطلق ها ق بل أن يد خل ب ها‪ ،‬فأمره ال أن يمتع ها على قدر ع سره وي سره‬ ‫يييي الحديث"‪.‬‬ ‫وقد أخرج عنه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم‪" :‬متعة الطلق أعلها الخادم ودون ذلك الورق ودون ذلك‬ ‫الكسوة"‪.‬‬ ‫نعم هذه المرأة التي متعها صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم يحتمل أنه لم يسم لها صداقا فمتعها كما قضت به الية ويحتمل‬ ‫أنه كان سمى لها فمتعها إحسانا منه وفضلً‪.‬‬ ‫وأما تمتيع من لم يسم الزوج لها مهرا ودخل بها ثم فارقها فقد اختلف في ذلك‪.‬‬ ‫فذهب[اث] علي[‪/‬اث] و[اث]عمر[‪/‬اث] والشافعي إلى وجوبها أيضا بقوله تعالى‪{ :‬وللمطلقات متاع بالمعروف}‪.‬‬ ‫وذهبت الهادوية والحنفية إلى أنه ل يجب إل مهر المثل ل غير‪ .‬قالوا‪ :‬وعموم الية مخصوص بمن لم يكن قد‬ ‫دخل بها والذي خصّه الية الخرى التي أوجب فيها المتعة لنه شرط فيها عدم المس وهذا قد مس‪.‬‬ ‫وأما قوله تعالى‪{ :‬فتعالين أمتعكن} فإنه يحتمل نفقة العدّة ول دليل مع الحتمال‪.‬‬ ‫هذا وقد سبقت إشارة إلى أن الليث ل يقول بوجوب المتعة مطلقا واستدل له بأنها لو كانت واجبة لكانت مقدرة‬ ‫ودفع بأن نفقة القريب واجبة ول تقدير لها‪.‬‬ ‫باب الوليمة‬ ‫الوليمة مشتقة من الوَلْم بفتح الواو وسكون اللم وهو الجمع لن الزوجين يجتمعان قاله الزهري وغيره والفعل‬ ‫منها أولم‪ ،‬تقع على كل طعام يتخذ لسرور حادث ووليمة العرس ما يتخذ عند الدخول وما يتخذ عند الملك‪.‬‬ ‫عوْ فٍ َأثَر صُ ْفرَةٍ‬ ‫ع ْب ِد الرّحْمن ب نِ َ‬ ‫عَ نْ َأنَ سٍ ب نِ مَالِ كٍ رَض يَ اللّ هُ عنْ هُ أنّ النّبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم رَأَى على َ‬ ‫ك أَوْلِ مْ وََلوْ‬ ‫ن ذَهَ بٍ‪ ،‬قَالَ‪" :‬بَارَ كَ اللّ ُه ل َ‬ ‫ت ا ْمرَأَةً عَلى وزن نَوَاةٍ ِم ْ‬ ‫فَقَالَ‪ " :‬ما هَذا؟" قالَ‪ :‬يا رَ سُولَ اللّ ِه إني َتزَ ّوجْ ُ‬ ‫بشَاةٍ" ُمتّ َفقٌ عََليْهِ والل ْفظُ ل ُمسْلمٍ‪.‬‬ ‫‪37‬‬

‫عوْ فٍ َأثَر صُ ْفرَ ٍة‬ ‫ع ْبدِ ال ّرحْمن ب نِ َ‬ ‫ن َأنَ سٍ ب نِ مَالِ كٍ رَض يَ اللّ ُه عنْ هُ أنّ النّبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم رَأَى على َ‬ ‫(عَ ْ‬ ‫ك أَوْلِ مْ وََلوْ‬ ‫ن ذَهَ بٍ‪ ،‬قَالَ‪" :‬بَارَ كَ اللّ ُه ل َ‬ ‫ت ا ْمرَأَةً عَلى وزن نَوَاةٍ ِم ْ‬ ‫فَقَالَ‪ " :‬ما هَذا؟" قالَ‪ :‬يا رَ سُولَ اللّ ِه إني َتزَ ّوجْ ُ‬ ‫بشَاةٍ" ُمتّ َفقٌ عََليْهِ والل ْفظُ ل ُمسْلمٍ)‪.‬‬ ‫جاء في الروايات بيان الصفرة بأنها ردغ من زعفران وهو بفتح الراء ودال مهملة وغين معجمة أثر الزعفران‪.‬‬ ‫"فإن قل تَ" قد علم الن هي عن التزع فر فك يف لم ينكره صلى ال تعالى عل يه وآله و سلم؟ قل تُ‪( :‬هذا مخ صص‬ ‫للنهي بجوازه للعروس)‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬يحتمل أنها كانت في ثيابه دون بدنه بناء على جوازه في الثوب وقد منع جوازه فيه أبو حنيفة والشافعي‬ ‫ومن تبعهما‪.‬‬ ‫والقول بجوازه فيي الثياب مروي عين مالك وعلماء المدينية واسيتدل لهيم بمفهوم النهيي الثابيت فيي الحادييث‬ ‫الصحيحة كحديث أبي موسى مرفوعا‪" :‬ل يقبل ال صلة رجل في جسده شيء من الخلوق"‪.‬‬ ‫وأجيب بأن ذلك مفهوم ل يقاوم النهي الثابت في الحاديث الصحيحة وبأن قصة عبد الرحمن كانت قبل النهي‬ ‫في أول الهجرة وبأنه يحتمل أنه الصفرة التي رآها رسول ال صلى ال تعالى عليه وسلم كانت من جهة امرأته‬ ‫تعلقت به فكان ذلك غير مقصود له‪ ،‬ورجح هذا النووي وعزاه للمحققين وبنى عليه البيضاوي‪.‬‬ ‫وقوله‪ :‬على وزن نواة من ذ هب ق يل المراد واحدة نوى الت مر ق يل‪ :‬كان يومئذ ر بع دينار‪ ،‬ورد بأن نوى الت مر‬ ‫يختلف فكيف يجعل معيارا لما يوزن‪.‬‬ ‫وقيل إن النواة من ذ هب عبارة عما قيمته خمسة دراهم من الورق وجزم به الخطابي واختاره الزهري ونقله‬ ‫عياض عن أكثر العلماء ويؤيده أن في رواية البيهقي وزن نواة من ذهب قومت خمسة دراهم‪.‬‬ ‫وفي رواية عند البيهقي عن قتادة‪ :‬قومت ثلثة دراهم وثلثا وإسناده ضعيف لكن جزم به أحمد وقيل في قدرها‬ ‫غير ذلك‪.‬‬ ‫وعن بعض المالكية أن النواة عند أهل المدينة ربع دينار‪.‬‬ ‫والحد يث دليل أنه يد عى للعروس بالبركة وقد نال عبد الرحمن بركة الدعوة النبوية حتى قال‪ :‬فلقد رأيتني لو‬ ‫رفعت حجرا لرجوت أن أصيب ذهبا أو فضة‪ .‬رواه البخاري عنه في آخر هذه الرواية وفي قوله‪:‬‬ ‫"أولم ولو بشاة" دليل على وجوب الوليمة في العرس وإليه ذهب الظاهرية قيل‪ :‬وهو نص الشافعي في الم ويدل‬ ‫له‪:‬‬ ‫ي فاطمة‪" :‬ل بد من وليمة" وسنده ل‬ ‫ما أخرجه أحمد من حديث بريدة أنه صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم قال لما خطب عل ّ‬ ‫بأس به وهو يدل على لزوم الوليمة وهو في معنى الوجوب‪.‬‬ ‫وما أخرجه أبو الشيخ والطبراني في الوسط من حديث أبي هريرة مرفوعا‪" :‬الوليمة حق وسنة فمن دعي ولم‬ ‫يجب فقد عصى" والظاهر من الحق الوجوب‪.‬‬ ‫وقال أحمد‪ :‬الوليمة سنة‪.‬‬ ‫وقال الجمهور‪ :‬مندوبة‪.‬‬ ‫وقال ابن بطال‪ :‬ل أعلم أحدا أوجبها وكأنه لم يعرف الخلف واستدل على الندبية بما قال الشافعي‪ :‬ل أعلم أمر‬ ‫بذلك غير عبد الرحمن ول أعلم أنه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم ترك الوليمة رواه عنه البيهقي فجعل ذلك مستندا إلى‬ ‫كون الوليمة غير واجبة ول يخفى ما فيه‪.‬‬ ‫واختلف العلماء في وقت الوليمة هل هي العقد أو عقبه أو عند الدخول وهي أقوال في مذهب المالكية‪.‬‬ ‫ومنهم من قال عند العقد وبعد الدخول‪.‬‬ ‫وصرح الماوردي من الشافعية بأنها عند الدخول قال السبكي‪ :‬والمنقول من فعل النبي صلى ال عليه وآله وسلم‬ ‫أنها بعد الدخول وكأنه يشير إلى قصة زواج زينب بنت جحش لقول أنس‪ :‬أصبح يييي يعني النبي صلى ال‬ ‫عليه وآله وسلم يييي عروسا بزينب فدعا القوم‪ ،‬وقد ترجم عليه البيهقي "باب وقت الوليمة"‪.‬‬ ‫وأما مقدارها فظاهر الحديث أن الشاة أقل ما تجزىء إل أنه قد ثبت أنه صلى ال عليه وآله وسلم أولم على أم‬ ‫سلمة وغيرها بأقل من شاة وأولم على زينب بشاة‪.‬‬ ‫وقال[اث] أنس[‪/‬اث]‪ :‬لم يولم على غير زينب بأكثر مما أولم عليها‪.‬‬ ‫إل أنه أولم على ميمونة بنت الحارث لما تزوجها بمكة عام القضية يييي وطلب من أهل مكة أن يحضروا‬ ‫فامتنعوا يييي بأكثر من وليمته على زينب وكأن أنسا يريد أنه وقع في وليمة زينب بالشاة من البركة في‬ ‫‪38‬‬

‫الطعام ما لم ي قع في غير ها فإ نه أش بع الناس خبزا ولحما فكأن المراد لم يش بع أحدا خبزا ولحما في ولي مة من‬ ‫ولئمه صلى ال عليه وآله وسلم أكثر مما وقع في وليمة زينب رضي ال عنها‪.‬‬ ‫ح ُدكُ ْم إلى وَلِيمَ ٍة فَ ْليَأتهَا"‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬إذا ُدعِي أ َ‬ ‫ع َمرَ رض يَ اللّ ُه عنهما قالَ‪ :‬قالَ رسو ُ‬ ‫ع نِ اب نِ ُ‬ ‫وَ َ‬ ‫حوَهُ"‪.‬‬ ‫عرْسا كانَ َأوْ َن ْ‬ ‫ح ُد ُكمْ َأخَا ُه فَلْ ُيجِبْ ُ‬ ‫ُمتّفقٌ عََليْهِ‪ ،‬ول ُمسِْلمٍ‪" :‬إذا دَعَا َأ َ‬ ‫ح ُدكُ مْ إلى وَلِيمَةٍ فَ ْليَأتهَا"‬ ‫ع َمرَ رض يَ اللّ هُ عنهما قالَ‪ :‬قالَ رسولُ ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬إذا دُعِي أ َ‬ ‫ع نِ اب نِ ُ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ن أَ ْو َنحْوَهُ)‪.‬‬ ‫عرْسا كا َ‬ ‫ح ُدكُمْ َأخَا ُه فَ ْل ُيجِبْ ُ‬ ‫ُمتّفقٌ عََليْهِ‪ ،‬ول ُمسِْلمٍ) أي‪ :‬عن ابن عمر مرفوعا‪( :‬إذا دَعَا َأ َ‬ ‫الحدييث الول دال على وجوب الجابية إلى الوليمية والثانيي دال على وجوبهيا إلى كيل دعوة ول تعارض بيين‬ ‫الروايتين وإن كانا عن راو واحد‪.‬‬ ‫وقد أخذت الظاهرية وبعض الشافعية بظاهره فقالوا‪ :‬تجب الجابة إلى الدعوة مطلقا‪.‬‬ ‫وزعم ابن حزم أنه قول جمهور الصحابة والتابعين‪.‬‬ ‫ومنهم من فرق بين وليمة العرس وغيرها فنقل ابن عبد البر وعياض والنووي التفاق على وجوب إجابة وليمة‬ ‫العرس وصرح جمهور الشافعية والحنابلة بأنها فرض عين ونص عليه مالك‪.‬‬ ‫وعن البعض فرض كفاية وفي كلم الشافعي ما يدل على وجوب الجابة في وليمة العرس وعدم الرخصة في‬ ‫غيرها فإنه قال‪ :‬إتيان دعوة الوليمة حق والوليمة التي تعرف وليمة العرس وكل دعوة دعي إليها رجل وليمة‬ ‫فل أرخص لحد في تركها ولو تركها لم يتبين أنه عاص كما تبين لي في وليمة العرس‪.‬‬ ‫وفي البحر للمهدي حكاية إجماع العترة على عدم وجوب الجابة في الولئم كلها‪.‬‬ ‫هذا وعلى القول بالوجوب فقد قال ابن دقيق العيد في شرح اللمام‪:‬‬ ‫وقد يسوغ ترك الجابة لعذار‪ :‬منها أن يكون في الطعام شبهة أو يخص بها الغنياء أو يكون هناك من يتأذى‬ ‫بحضوره معيه أو ل يلييق لمجالسيته أو يدعوه لخوف شره أو لطميع فيي جاهيه أو ليعاونيه على باطيل أو يكون‬ ‫هناك من كر من خ مر أو ل هو أو فراش حر ير أو ستر لجدران الب يت أو صورة في الب يت أو يعتذر إلى الدا عي‬ ‫فيتر كه أو كا نت في الثالث ك ما يأ تي فهذه العذار ونحو ها في ترك ها على القول بالوجوب وعلى القول بالندب‬ ‫بالولى‪.‬‬ ‫وهذا مأخوذ م ما علم من الشري عة و من قضا يا وق عت لل صحابة ك ما في البخاري أن أ با أيوب دعاه ا بن ع مر‬ ‫فرأى في البيت سترا على الجدران فقال ابن عمر‪ :‬غلبنا عليه النساء فقال‪ :‬من كنت أخشى عليه فلم أكن أخشى‬ ‫عليك وال ل أطعم لك طعاما فرجع‪ ،‬أخرجه البخاري تعليقا ووصله أحمد ومسدّد في مسنده‪.‬‬ ‫وأخرج الطبراني عن سالم بن عبد ال بن عمر قال‪ :‬عرست في عهد أبي فأذنا الناس فكان أبو أيوب فيمن أذنا‬ ‫وقد ستروا بيتي ببجاد أخضر فأقبل أبو أيوب فاطلع فرآه فقال‪ :‬يا عبد ال أتسترون الجدر فقال أبي واستحى‪:‬‬ ‫غلبنا عليه النساء يا أبا أيوب فقال‪ :‬من خشيت أن تغلبه النساء فذكروه‪.‬‬ ‫وفي رواية‪ :‬فأقبل أصحاب النبي صلى ال عليه وآله وسلم يدخلون الوّل فالوّل حتى أقبل أبو أيوب وفيه‪:‬‬ ‫فقال عبد ال‪ :‬أقسمت عليك لترجعن فقال‪ :‬وأنا أعزم على نفسي أن ل أدخل يومي هذا ثم انصرف‪.‬‬ ‫وأخرج أحمد في كتاب الزهد‪ :‬أ نّ رجلً دعا ابن عمر إلى عرس فإذا بيته قد ستر بالكرور فقال ابن عمر‪ :‬يا‬ ‫فلن متى تحوّلت الكعبة في بيتك ثم قال لنفر معه من أصحاب محمد صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪ :‬ليهتك كل رجل ما‬ ‫يليه‪ ،‬والحديث وما قبله دليل على تحريم ستر الجدران‪.‬‬ ‫و قد أخرج أ بو داود وغيره من حد يث ا بن عباس مرفوعا‪" :‬ل ت ستروا الجدر بالثياب" وف يه ض عف وله شا هد‪،‬‬ ‫وأخرج البيه قي وغيره من حد يث سلمان موقوفا أنه أنكر ستر الب يت فقال‪ :‬محموم بيتكم أو تحوّلت الكع بة؟ ثم‬ ‫قال‪ :‬ل أدخله حتى يهتك‪.‬‬ ‫والمسألة فيها خلف‪ :‬جزم جماعة بالتحريم لستر الجدار وجمهور الشافعية على أنه مكروه‪.‬‬ ‫ن ال لم يأمرنا أن نك سو الحجارة والط ين" وجذب الستر‬ ‫وقد أخرج مسلم أنه صلى ال عل يه وآله وسلم قال‪" :‬إ ّ‬ ‫حتى هتكه في قصة معروفة‪ :‬وقد كنا كتبنا في هذا رسالة جواب سؤال في مدّة قديمة‪.‬‬ ‫وقد أخرج الطبراني في الوسط من حديث عمران بن حصين نهى رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم عن إجابة‬ ‫طعام الفاسقين‪.‬‬ ‫وأخرج النسيائي مين حدييث جابر مرفوعا‪" :‬مين كان يؤمين بال واليوم الخير فل يقعيد على مائدة يدار عليهيا‬ ‫الخمر" وإسناده جيد وأخرجه الترمذي من وجه آخر عن جابر وفيه ضعف وأخرجه أحمد من حديث عمر‪.‬‬ ‫وبالجملة الدعوة مقتضية للجابة وحصول المنكر مانع عنها فتعارض المانع والمقتضي والحكم للمانع‪.‬‬ ‫‪39‬‬

‫ل ال صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم‪" :‬شَرّ الطّعامِ طَعامُ الْوليمَ ِة ُي ْمنَعُها مَنْ‬ ‫ن أبي ُه َريْرةَ رضي اللّ ُه عن ُه قالَ‪ :‬قالَ رسُو ُ‬ ‫عْ‬ ‫وَ َ‬ ‫خ َرجَهُ ُمسِْلمٌ‪.‬‬ ‫ب الدّعْ َوةَ فَ َقدْ عصى ال َو َرسُوَلهُ" َأ ْ‬ ‫ن َلمْ َيجِ ِ‬ ‫يأتيِها و ُيدْعَى إل ْيهَا مَنْ يَأبَاهَا‪َ ،‬ومَ ْ‬ ‫طعَا مُ الْولِيمَةِ‬ ‫طعَا مِ َ‬ ‫شرّ ال ّ‬ ‫(و عن أ بي هريرة ر ضي ال ع نه قال‪ :‬قال ر سول ال صلى ال عل يه وآله و سلم‪َ " :‬‬ ‫ُي ْم َنعُ ها مَن يأتِي ها) و هم الفقراء ك ما يدل له حد يث ا بن عباس ع ند ال طبراني‪" :‬بئس الطعام طعام الولي مة يد عى‬ ‫إليها الشبعان ويمنع عنها الجيعان" اهي فلو شملت الدعوة الفريقين زالت الشرية عنها (و ُي ْدعَى إل ْيهَا مَ نْ يَأبَاهَا)‬ ‫عوَ َة فَ َقدْ عصى اللّهَ َو َرسُوَلهُ" أخرجه مسلم)‪.‬‬ ‫ب الدّ ْ‬ ‫يعني الغنياء (و َمنْ َلمْ ُيجِ ِ‬ ‫المراد من الولي مة ولي مة العرس ل ما تقدم قريبا من أن ها إذا أطل قت من غ ير تقي يد ان صرفت إلى ولي مة العرس‬ ‫وشرية طعامها قد بين وجهه‪.‬‬ ‫قوله‪ :‬يدعى إليها من يأباها فإنها جملة مستأنفة بيان لوجهة شرية الطعام‪.‬‬ ‫والحديث دليل على أنه يجب على من يدعى الجابة ولو كانت إلى شر طعام وأنه يعصي ال ورسوله من لم‬ ‫يجب وتقدّم الكلم على ذلك‪.‬‬ ‫ن صائما‬ ‫ن كا َ‬ ‫ح ُدكُ مْ فَ ْل َيجِ بْ‪ ،‬فإ ْ‬ ‫عنْ ُه رَضِ يَ ال عن ُه قالَ‪ :‬قالَ ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬إذا دُعِ يَ أ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ن شَاءَ‬ ‫طعِ مَ وَإ ْ‬ ‫ن شاءَ َ‬ ‫خ َرجَ ُه مُ سِْلمٌ َأيْضا‪ ،‬وََل ُه مِ نْ حدي ثِ جابرٍ َنحْوَ هُ َوقَالَ‪" :‬إ ْ‬ ‫طعَ مْ" أ ْ‬ ‫ن مُ ْفطِرا فَلْ َي ْ‬ ‫ن كا َ‬ ‫فَ ْليُ صَلّ‪ ،‬وَإِ ْ‬ ‫َت َركَ"‪.‬‬ ‫ن صائِما‬ ‫ح ُدكُ مْ فَ ْل ُيجِ بْ فإ نْ كا َ‬ ‫(وع نه) أي أ بي هريرة (قال‪ :‬قال ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬إذَا دُعِ يَ َأ َ‬ ‫ط َعمْ" أخرجه مسلم)‪.‬‬ ‫ن مُ ْفطِرا ف ْليَ ْ‬ ‫ف ْل ُيصَلّ وإنْ كا َ‬ ‫فيه دليل على أنه يجب على من كان صائما أن ل يعتذر بالصوم ثم إنه قد اختلف في المراد من الصلة‪.‬‬ ‫فقال الجمهور‪ :‬المراد فليدع ل هل الطعام بالمغفرة والبر كة وق يل‪ :‬المراد بال صلة المعرو فة أي يشت غل بال صلة‬ ‫ليحصل فضلها وينال بركتها أهل الطعام والحاضرون وظاهره أنه ل يلزمه الفطار ليجيب‪.‬‬ ‫فإن كان صومه فرضا فل خلف أنه يحرم عليه الفطار وإن كان نفلً جاز له‪.‬‬ ‫وظا هر قوله‪ :‬فليط عم وجوب ال كل و قد اختلف العلماء في ذلك وال صح ع ند الشافع ية أ نه ل ي جب ال كل في‬ ‫طعام الوليمة ول غيرها وقيل‪ :‬يجب لظاهر المر وأقله لقمة ول تجب الزيادة‪.‬‬ ‫وقال من لم يوجب الكل‪ :‬المر للندب والقرينة الصارفة إليه قوله‪( :‬وله) أي (من حديث جابر رضي ال عنه‬ ‫ِمي وإن شَاءَ َترَكيَ") فإنيه خ ّيرَه والتخييير دلييل على عدم الوجوب للكيل ولذلك أورده‬ ‫طع َ‬ ‫"فإني شَا َء َ‬ ‫ّ‬ ‫نحوه وقال‪:‬‬ ‫المصنف عقيب حديث أبي هريرة‪.‬‬ ‫سنّةٌ‪،‬‬ ‫طعَامُ يَوْمِ الثّاني ُ‬ ‫حقّ‪َ ،‬و َ‬ ‫ل يَوْمٍ َ‬ ‫طعَامُ الوَلِيمَ ِة أَوّ َ‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم‪َ " :‬‬ ‫سعُودٍ قالَ‪ :‬قالَ رسو ُ‬ ‫ن مَ ّ‬ ‫عنِ اب ِ‬ ‫وَ َ‬ ‫س َت ْغرَبَهُ وَرجَالُ ُه رجَالُ ال صّحيح‪ ،‬وَلَ ُه شَاهدٌ‬ ‫سمّعَ اللّ ُه بِ هِ" رَوَا هُ ال ّت ّرمِذيّ وا ْ‬ ‫سمّعَ َ‬ ‫س ْمعَةٌ‪َ ،‬و َم نْ َ‬ ‫طعَا مُ َيوْ مِ الثّالِ ثِ ُ‬ ‫َو َ‬ ‫ع ْن َد ابنِ مَاجَهْ‪.‬‬ ‫ن َأنْسٍ ِ‬ ‫عَ ْ‬ ‫طعَا مُ الْوَلِي َمةِ أوّلَ َيوْ مٍ حَ قٌ) أي‬ ‫(و عن ا بن م سعود ر ضي ال ع نه قال‪ :‬قال ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪َ " :‬‬ ‫طعَامُي َيوْمِي الثّالثِي سيْمعَة ومَن ْي سَيمّعَ سَيمّعَ ال بِهيِ" رواه الترمذي‬ ‫طعَامُي َيوْمِي الثّانيي سُينّةٌ و َ‬ ‫واجيب أو مندوب ( َو َ‬ ‫واستغربه) وقال‪ :‬ل نعرفه إل من حديث زياد بن عبد ال البكائي وهو كثير الغرائب والمناكير‪ .‬قال المصنف‬ ‫كالراد على الترمذي ما لفظه‪( :‬ورجاله رجال الصحيح) إل أنه قال المصنف إن زيادا مختلف فيه وشيخه عطاء‬ ‫بن السائب اختلط وسماعه منه بعد اختلطه انتهى‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬وحينئذ فل يصح قوله إن رجاله رجال الصحيح ثم قال‪:‬‬ ‫(وله شا هد عن أ نس ع ند ا بن ما جه) و في إ سناده[ تض] ع بد الملك بن ح سين[‪ /‬تض] و هو ضع يف و في الباب‬ ‫أحاديث ل تخلو عن مقال‪.‬‬ ‫والحديث دليل على شرعية الضيافة في الوليمة يومين ففي أول يوم واجبة كما يفيده لفظ حق لنه الثابت اللزم‬ ‫وتقدم الكلم في ذلك‪.‬‬ ‫وفي اليوم الثاني سنة أي طريقة مستمرة يعتاد الناس فعلها ل يدخل صاحبها الرياء والتسميع‪.‬‬ ‫وفي اليوم الثالث رياء وسمعة فيكون فعلها حراما والجابة إليها كذلك وعليه أكثر العلماء‪.‬‬ ‫قال النووي‪ :‬إذا أولم ثلثا فالجابة في اليوم الثالث مكروهة وفي اليوم الثاني ل تجب مطلقا ول يكون استحبابها‬ ‫فيه كاستحبابها في اليوم الول‪.‬‬ ‫وذ هب جما عة إلى أ نه ل تكره في الثالث لغ ير المد عو في اليوم الول والثا ني ل نه إذا كان المدعوون كثير ين‬ ‫ويشق جمعهم في يوم واحد فدعا في كل يوم فريقا لم يكن في ذلك رياء ول سمعة وهذا قريب‪.‬‬ ‫‪40‬‬

‫وجنح البخاري إلى أنه ل بأس بالضيافة ولو إلى سبعة أيام حيث قال‪" :‬باب حق إجابة الوليمة والدعوة ومن أولم‬ ‫سبعة أيام ونحوه" ولم يوقت النبي صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم يوما ول يومين‪.‬‬ ‫وأشار بذلك إلى ما أخرجه ابن أبي شيبة من طريق حفصة بنت سيرين قالت‪ :‬لمّا تزوج أبي دعا الصحابة سبعة‬ ‫أيام وفي رواية ثمانية أيام‪ ،‬وإليها أشار البخاري بقوله‪" :‬أو نحوه"‪.‬‬ ‫وفي قوله‪" :‬ولم يوقت" ما يدل على عدم صحة حديث الباب عنده‪.‬‬ ‫قال القاضي عياض‪ :‬استحب أصحابنا لهل السعة كونها أسبوعا فأخذت المالكية بما دل عليه كلم البخاري‪.‬‬ ‫ن مِ نْ‬ ‫ش ْيبَ َة ر ضي اللّ ُه عن ها قالَ تْ‪" :‬أَوْلَ مْ النّبيّ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم عَلى َبعْ ضِ نِ سَائِ ِه ِب ُمدّيْ ِ‬ ‫ع نْ صَ ِفيّ َة ِبنْ تِ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫خ َرجَ ُه ا ْل ُبخَاريّ‪.‬‬ ‫شعِير" َأ ْ‬ ‫َ‬ ‫(وعن صفية بنت شيبة) أي ابن عثمان بن أبي طلحة الحجبي من بني عبد الدار قيل‪ :‬إنها رأت النبي صلى ال‬ ‫عليه وآله وسلم وقيل‪ :‬إنها لم تره‪ .‬وجزم ابن سعد بأنها تابعية (قالت‪َ :‬أوْلَمَ النبيّ صلى ال عليه وآله وسلم على‬ ‫ض نِسائِ ِه بمدّين من شعير‪ .‬أخرجه البخاري)‪.‬‬ ‫َبعْ ِ‬ ‫قال المصنف‪ :‬لم أقف على تعيين اسمها يعني بعض نسائه المذكورة هنا قال‪ :‬وفي الباب أحاديث تدل على أنها‬ ‫أم سلمة‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬إنها وليمة عليّ بفاطمة رضي ال عنها وأراد ببعض نسائه من تنسب إليه من النساء في الجملة وإن كان‬ ‫خلف المتبادر إل أنه يدل له ما أخرجه الطبراني من حديث أسماء بنت عميس قالت‪ :‬لقد أولَم عليّ بفاطمة فما‬ ‫كان وليمة في ذلك الزمان أفضل من وليمته رهن درعه عند يهودي بشطر شعير ولعله المراد بمدّين من شعير‬ ‫لن المدّ ين ن صف صاع فكأ نه قال ش طر صاع فينط بق على الق صة ال تي في الباب ويكون ن سبة الولي مة إلى‬ ‫رسول ال صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم مجازية إما لكونه الذي وفى اليهودي من شعيره أو لغير ذلك‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬ول يخ فى أ نه تكلف ول ما نع أن يولم صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم بمدّ ين ويولم عليّ أيضا بمد ين والمذكور في‬ ‫الباب وليمته صلى ال عليه وآله وسلم‪.‬‬ ‫ت ا ْلمُسْلمينَ‬ ‫ث َليَالٍ ُيبْنى عََل ْيهِ بِصَ ِفيّ َة َفدَعَوْ ُ‬ ‫خ ْيبَ َر والمدينة ثَل َ‬ ‫ن َ‬ ‫س قالَ‪َ :‬أقَامَ النّبي صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم َبيْ َ‬ ‫عنْ َأنَ ٍ‬ ‫وَ َ‬ ‫سطَتْ َفأُلْقِ يَ عََل ْيهَا ال ّت ْمرُ والقِ طُ‬ ‫خبْز ول َلحْ مٍ‪َ ،‬ومَا كان فِيها إل أ نْ أ َمرَ بالنْطا عِ َفبُ ِ‬ ‫إلى وَلِي َمتِ ِه َفمَا كان فيها مِ نْ ُ‬ ‫سمْنُ" ُمتّفقٌ عََل ْيهِ واللّ ْفظُ للبُخاريّ‪.‬‬ ‫وَال ّ‬ ‫(وعن أنس رضي ال عنه قال‪ :‬أقام رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم بين خيبرَ والمدينةِ ثل ثَ ليال ُي ْبنَى)‬ ‫ت المسلمين إلى وليمته‬ ‫مغير الصيغة (عليه بصفية) أي يبنى عليه خباء جديد بسبب صفية أو بمصاحبتها (و َدعَوْ ُ‬ ‫فما كان فيها من خبر ول لحم وما كان فيها إل أن أمر بالنطاع فبسطت فألقى عليها التمر والقط)‪.‬‬ ‫وفي القاموس القط ككتف وإبل شيء يتخذ من المخيض الغنمي (والسمن) ومجموع هذه الشياء يسمى حيسا‬ ‫(متفق عليه واللفظ للبخاري) فيه إجزاء الوليمة بغير ذبح شاة والبناء بالمرأة في السفر وإيثار الجديدة بثلثة أيام‬ ‫وإن كانوا في السفر‪.‬‬ ‫حدُ ُهمَا‬ ‫سبَقَ َأ َ‬ ‫ن َفَأجِبْ َأقْربهما بابا‪ ،‬فإن َ‬ ‫ج َتمَعَ داعِيا ِ‬ ‫ن أصْحابٍ النّبي صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم قالَ‪" :‬إذا ا ْ‬ ‫عنْ َرجُلٍ مِ ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫ضعِيفٌ‪.‬‬ ‫سنَدُ ُه َ‬ ‫س َبقَ" رَوَا ُه َأبُو دَاودَ َو َ‬ ‫َفَأجِبِ الذي َ‬ ‫ن فَأجِ بْ أَق َر َبهُمَا بابا) زاد في‬ ‫عيَا ِ‬ ‫ج َتمَ عَ دَا ِ‬ ‫(و عن ر جل من أ صحاب ال نبي صلى ال عل يه وآله و سلم قال‪" :‬إذَا ا ّ‬ ‫س ِبقَ" رواه أبو داود وسنده‬ ‫حدُ ُهمَا فَأجِ بِ الذي َ‬ ‫سبَقَ َأ َ‬ ‫ن َ‬ ‫التلخيص‪ :‬فإن أقربهما إليك بابا أقربهما إليك جوارا (فإ ْ‬ ‫ضعيف)‪.‬‬ ‫ول كن رجال إ سناده موثقون ول يدرى ما و جه ض عف سنده فإ نه رواه أ بو داود عن هناد بن ال سري عن ع بد‬ ‫السلم بن حرب عن أبي خالد الدالني عن أبي العلء الودي عن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن رجل من‬ ‫أصحاب النبي صلى ال عليه وآله وسلم وكل هؤلء وثقهم الئمة إل أبا خالد الدالني فإنهم اختلفوا فيه‪.‬‬ ‫فوثقه أبو حاتم وقال أح مد وابن مع ين ل بأس به وقال ابن حبان‪ :‬ل يجوز الحتجاج به وقال ابن عدي حدي ثه‬ ‫لين وقال شريك‪ :‬كان مرجئا‪.‬‬ ‫والحديث على سياق المصنف ظا ِهرُ هُ الوق فُ وفيه دليلٌ على أنه إذا اجتمع داعيان فالحق بالجابة السبق فإن‬ ‫استويا قدم الجار‪ .‬والجار على مراتب فأحقهم أقربهم بابا فإن استويا أقرع بينهم‪.‬‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََليْ ِه َوسَلّم‪" :‬ل آكُلُ ُم ّتكِئا" رَواهُ البُخاريّ‪.‬‬ ‫حيْفَ َة رضي اللّهُ عنه قالَ‪ :‬قالَ رسُو ُ‬ ‫جَ‬ ‫عنْ َأبِي ُ‬ ‫وَ َ‬ ‫ل ُم ّتكِئا" رَواهُ البُخاريّ)‪.‬‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم‪" :‬ل آكُ ُ‬ ‫حيْفَةَ رضي اللّهُ عنه قالَ‪ :‬قالَ رسُو ُ‬ ‫جَ‬ ‫عنْ َأبِي ُ‬ ‫(وَ َ‬ ‫‪41‬‬

‫التكاء مأخوذ من الوكاء والتاء بدل الواو والوكاء هو ما يش ّد به الك يس أو غيره فكأ نه أو كأ مقعد ته ويشدّ ها‬ ‫بالقعود على الوطاء الذي تحته ومعناه الستواء على وطاء متمكنا‪.‬‬ ‫قال الخطا بي‪ :‬المتكىء ه نا هو المتم كن في جلو سه من التر بع وشب هه المعت مد على الوطاء تح ته قال‪ :‬و من‬ ‫استوى قاعدا على وطاء فهو متكىء‪.‬‬ ‫والعا مة ل تعرف المتكىء إل من مال على أ حد شق يه ومع نى الحد يث‪ :‬إذا أكلت ل أق عد متكئا كف عل من ير يد‬ ‫ال ستكثار من ال كل ول كن آ كل بل غة فيكون قعودي م ستوفزا‪ .‬و من ح مل التكاء على الم يل على أ حد الشق ين‪،‬‬ ‫تأول ذلك على مذ هب أ هل ال طب بأن ذلك ف يه ضرر فإ نه ل ينحدر في مجاري الطعام سهلً ول ي سيغه هنيئا‬ ‫وربما تأذى به‪.‬‬ ‫ل َبيَميِنِكَ‪ ،‬و ُكلْ ممّا‬ ‫سمّ اللّهَ‪َ ،‬وكُ ْ‬ ‫ل اللّهِ صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم‪" :‬يَا غُلمُ َ‬ ‫ع َمرَ بنِ أبي سََلمَ َة قالَ‪ :‬قالَ لي رَسُو ُ‬ ‫عنْ ُ‬ ‫وَ َ‬ ‫يَلِيكَ" ُمتّفقٌ عَلَيهِ‪.‬‬ ‫ل َبيَم ِينِ كَ‪ ،‬وكُلْ‬ ‫سمّ اللّ هَ‪َ ،‬وكُ ْ‬ ‫ن أبي سََلمَةَ قالَ‪ :‬قالَ لي رَ سُولُ اللّ هِ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬يَا غُل مُ َ‬ ‫ع َمرَ ب ِ‬ ‫ع نْ ُ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ممّا يَلِيكَ" ُمتّفقٌ عَلَيهِ)‪.‬‬ ‫الحديث دليل على وجوب التسمية للمر بها وقيل‪ :‬إنها مستحبة في الكل ويقاس عليه الشرب‪.‬‬ ‫قال العلماء‪ :‬ويستحب أن يجهر بالتسمية ليسمع غيره وينبهه عليها فإن تركها لي سبب نسيان أو غيره في أول‬ ‫الطعام فليقل في أثنائه‪ :‬بسم ال أوله وآخره‪ ،‬لحديث أبي داود والترمذي وغيرهما‪ .‬قال الترمذي‪ :‬حسن صحيح‬ ‫أنه صلى ال عليه وآله وسلم قال‪:‬‬ ‫"إذا أكل أحدكم فليذكر اسم ال فإن نسي أن يذكر ال في أوله فليقل بسم ال أوله وآخره"‪.‬‬ ‫وينبغي أن يسمي كل واحد من الكلين فإن سمى واحد فقط فقد حصل بتسميته السنة‪ ،‬قاله الشافعي‪.‬‬ ‫وي ستدل بأ نه صلى ال عل يه وآله و سلم أ خبر أن الشيطان ي ستحل الطعام الذي لم يذ كر ا سم ال عل يه فإن ذكره‬ ‫واحد من الكلين صدق عليه أنه ذكر اسم ال عليه‪.‬‬ ‫وفي الحديث دليل على وجوب الكل باليمين للمر به أيضا ويزيده تأكيدا‪ :‬أنه صلى ال عليه وآله وسلم أخبر‬ ‫بأن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله وفعل الشيطان يحرم على النسان‪.‬‬ ‫َسيلّم بشماله فقال‪ :‬كيل بيمينيك فقال ل أسيتطيع قال‪ :‬ل‬ ‫ْهي و َ‬ ‫صيلّى ال عََلي ِ‬ ‫ويزيده تأكيدا‪ :‬أن رجلً أكيل عنده َ‬ ‫استطعت ما منعه إل الكبر فما رفعها إلى فيه‪ .‬أخرجه مسلم ول يدعو صلى ال عليه وآله وسلم إل على من‬ ‫ترك الواجب‪.‬‬ ‫وأما كون الدعاء لتكبره فهو محتمل أيضا ول ينافي أن الدعاء عليه للمرين معا‪.‬‬ ‫وفي قوله‪ :‬و كل م ما يليك دليل أ نه ي جب الكل م ما يل يه وأنه ينب غي ح سن العشرة للجل يس وأن ل يحصل من‬ ‫النسان ما يسوء جليسه مما فيه سوء عشرة‪ ،‬وترك مروءة‪.‬‬ ‫فقد يتقذر جليسه ذلك ل سيما في الثريد والمراق ونحوها إل في مثل الفاكهة‪.‬‬ ‫فإنه قد أخرج الترمذي وغيره من حديث عكراش بن ذؤيب قال‪ :‬أتينا بجفنة كثيرة الثريد والوذر وهو بفتح الواو‬ ‫وفتح الذال المعج مة فراء ج مع وذرة قط عة من اللحم ل عظم في ها فخبطت بيدي في نواحيها وأكل ر سول ال‬ ‫سرَى على يدِي اليمنى ثم قال‪ :‬يا عكراش كل من موضع‬ ‫صلى ال عليه وآله وسلم من بين يديه فقبض بيدِ ِه اليُ ْ‬ ‫وا حد فإ نه طعام واحد ثم أتينا بط بق ف يه ألوان الت مر فجعلت آكل من ب ين يدي وجالت يد ر سول ال صلى ال‬ ‫عليه وآله وسلم في الطبق‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬يا عكراش كل من حيث شئت فإنه غير لون واحد‪.‬‬ ‫فهذا يدل على التفر قة ب ين الطع مة والفوا كه بل يدل على أ نه إذا تعدّد لون المأكول من طعام أو غيره فله أن‬ ‫يأكل من أي جانب وكذلك إذا لم يبق تحت يد الكل شيء فله أن يتبع ذلك ولو من سائر الجوانب‪.‬‬ ‫فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أنس‪ :‬أن خياطا دعا النبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم لطعام صنعه قال‪ :‬فذهبت‬ ‫مع النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم فقرب خبز شعير ومرقا فيه دباء وقديد فرأيت النبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم يتتبع‬ ‫الدباء من حوالي القصعة أي جوانبها فلم أزل أتتبع الدباء من يومئذ‪.‬‬ ‫وفي الحديث قال أنس‪ :‬فلما رأيت ذلك جعلت ألقيه إليه ول أطعمه وهو دليل على تطلبه له من جميع القصعة‬ ‫لمحبته له‪.‬‬ ‫هذا ومما نهي عنه الكل من وسط القصعة كما يدل له الحديث التي وهو قوله‪:‬‬ ‫‪42‬‬

‫جوَا ِنبِهَا ول تأكُلوا مِ نْ‬ ‫ن ثَريدٍ فَقَالَ‪" :‬كُلُوا مِ نْ َ‬ ‫ي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ُأتِ يَ ِبقَ صْعَ ٍة مِ ْ‬ ‫ن النّ ب ّ‬ ‫س أَ ّ‬ ‫عبّا ٍ‬ ‫ع نْ اب نِ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫س َندُهُ صَحيحٌ‪.‬‬ ‫طهَا" رَوَاهُ ال ْر َبعَةُ وَهذا َل ْفظُ النسائيّ َو َ‬ ‫سِ‬ ‫طهَا فإن الْب َركَ َة َتنْزلُ في َو َ‬ ‫َوسَ ِ‬ ‫ن جَوَا ِن ِبهَا ول‬ ‫صعَةٍ ِمنْ ثَريدٍ فَقَالَ‪" :‬كُلُوا مِ ْ‬ ‫ن النّبيّ صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم ُأتِيَ بِقَ ْ‬ ‫عبّاسٍ رضي ال عنه أَ ّ‬ ‫عنْ ابنِ َ‬ ‫(وَ َ‬ ‫س َندُ ُه صَحيحٌ‪.‬‬ ‫طهَا" رَوَا ُه ال ْربَعَ ُة وَهذا لَ ْفظُ النسائيّ َو َ‬ ‫سِ‬ ‫طهَا فإن الْب َركَةَ َتنْزلُ في َو َ‬ ‫سِ‬ ‫تأكُلوا مِنْ َو َ‬ ‫دل على الن هي عن ال كل من و سط الق صعة وعلله بأ نه تنزل البر كة في و سطها وكأ نه إذا أ كل م نه لم ينزل‬ ‫البركة على الطعام والنهي يقتضي التحريم وسواء كان الكل وحده أو مع جماعة‪.‬‬ ‫ن كَرهَ هُ‬ ‫شيْئا َأكَلَ هُ وإ ْ‬ ‫طعَاما قَطّ‪ ،‬كا نَ إذا اش َتهَى َ‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم َ‬ ‫ب رسُو ُ‬ ‫ن أَبي ُه َريْرة قالَ‪" :‬مَا عا َ‬ ‫عْ‬ ‫وَ َ‬ ‫َت َركَهُ" ُمتّفقٌ عََليْهِ‪.‬‬ ‫فيه إخبار بعدم عيبه صلى ال عليه وآله وسلم للطعام وذمه له فل يقول هو مالح أو حامض أو نحو ذلك‪.‬‬ ‫وحاصله أنه دل على عدم عنايته صلى ال عليه وآله وسلم بالكل بل ما اشتهاه أكله وما لم يشتهه تركه وليس‬ ‫في تركه ذلك دليل على أنه يحرم عيب الطعام‪.‬‬ ‫ن يَأكلُ‬ ‫شيْطا َ‬ ‫عنْ هُ عَ نْ النّبيّ صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم قالَ‪" :‬ل تأكُلُوا بالشّمالِ فإنّ ال ّ‬ ‫ن جَابرٍ رَض يَ اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫بالشّمالِ" رَوَا ُه ُمسْلمٌ‪.‬‬ ‫شيْطا نَ يَأكلُ‬ ‫ن النّبيّ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قالَ‪" :‬ل تأكُلُوا بالشّمالِ فإنّ ال ّ‬ ‫ع ْن هُ عَ ْ‬ ‫ن جَابرٍ رَض يَ اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫ع ْ‬ ‫(وَ َ‬ ‫بالشّمالِ" رَوَا ُه ُمسْلمٌ)‪.‬‬ ‫تقدم أنه من أدلة تحريم الكل بالشمال وإن ذهب الجماهير إلى كراهته ل غير وقد ورد في الشرب كذلك أيضا‬ ‫وهو دليل على أن الشيطان يأكل أكلً حقيقيا‪.‬‬ ‫ح ُدكُ مْ فَل َي َتنَفّ سْ في الناءِ" ُمتّف قٌ‬ ‫ع ْن هُ َأنّ النّبيّ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قالَ‪" :‬إذا شر بَ َأ َ‬ ‫ي ال َ‬ ‫ع نْ أَبي َقتَادَةَ رض َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ححَهُ الترمذيّ‪.‬‬ ‫عبّاسٍ رضي ال عنهما َنحْوَهُ‪َ ،‬وزَادَ‪َ " :‬و َينْ ُفخُ فِيهِ" وَص ّ‬ ‫عََليْهِ‪ ،‬ولبي دَا ُودَ عَن ابن َ‬ ‫س في النا ِء (ثلثا)‬ ‫ح ُدكُمْ فل َي َتنَفَ ْ‬ ‫(وعن أبي قتادة رضي ال عنه أن النبي صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم قال‪" :‬إذَا شَرَب َأ َ‬ ‫" متفق عليه)‪.‬‬ ‫وقد أخرج الشيخان من حديث أنس‪ :‬أنه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم كان يتنفس في الشراب ثلثا أي في أثناء الشراب‬ ‫ل أنه في إناء الشراب‪.‬‬ ‫وورد تعليل ذلك في رواية مسلم أنه أروى أي أقمع للعطش وأبرأ أي أكثر برأ لما فيه من الهضم ومن سلمته‬ ‫من التأثير في برد المعدة وَأ ْمرَأُ أي أكثرُ مراءَ ًة لما فيه من السهولة‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬العلة خشية تقذيره على غيره لنه قد يخرج شيء من الفم فيتصل بالماء فيقذره على غيره‪.‬‬ ‫خ فِيهِ" وصححه الترمذي)‪.‬‬ ‫(ولبي داود عن ابن عباس رضي ال عنهما) أي مرفوعا (وزاد) على ما ذكر (و َينْفُ ْ‬ ‫فيه دللة على تحريم النفخ في الناء وأخرج الترمذي من حديث أبي سعيد‪ :‬أ نّ النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم نهى‬ ‫عن النفخ في الشراب فقال رجل‪:‬‬ ‫القذاة أراها في الناء‪ ،‬فقال‪ :‬أهرقها‪.‬‬ ‫ن القد حَ عن فِي كَ ثم تنف سْ في الشرب ثلث مرات‪ .‬ومن حديث ابن‬ ‫قال‪ :‬فإني ل أروى من نفس واحد‪ ،‬قال‪ :‬فََأبِ ِ‬ ‫عباس رضيي ال عنهميا قال‪ :‬قال رسيول ال صيلى ال علييه وآله وسيلم‪" :‬ل تشربوا واحدا" أي شربا واحدا‬ ‫ن المرّتين سنة‬ ‫كشرب البعير "ولكن اشربوا مثنى وثلث وسموا إذا أنتم شربتم واحمدوا إذا أنت رفعتم" وأفاد أ ّ‬ ‫أيضا؛ نعم‪.‬‬ ‫ن رسول ال صلى ال عليه‬ ‫وقد ورد النهي عن الشرب من فم السقاء فأخرج الشيخان من حديث ابن عباس‪ :‬أ ّ‬ ‫وآله وسلم نهى عن الشرب من في السقاء‪.‬‬ ‫وأخر جا من حد يث أ بي سعيد قال‪ :‬ن هى ر سول ال صلى ال عل يه وآله و سلم عن اختناث ال سقية‪ ،‬زاد في‬ ‫رواية‪ :‬واختناثها أن يقلب رأسها ثم يشرب منه‪.‬‬ ‫وقد عارضه حديث كبشة قالت‪ :‬دخل عليّ رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم فشرب من في قربة معلقة فقمت‬ ‫إلى فيها فقطعته أي أخذته شفاء نتبرك به ونستشفى به‪ .‬أخرجه الترمذي وقال‪ :‬حسن غريب صحيح‪.‬‬ ‫ن النهي إنما هو في السقاء الكبير والقربة هي الصغيرة‪.‬‬ ‫وأخرجه ابن ماجه‪ ،‬وجمع بينهما بأ ّ‬ ‫أو أن النهي للتنزيه لئل يتخذه الناس عادة دون الندرة‪.‬‬ ‫وعلة الن هي أن ها قد تكون ف يه دا بة فتخرج إلى في الشارب فيبتلع ها مع الماء ك ما ورد أ نه شرب ر جل من في‬ ‫السقاء فخرجت منه حية‪ .‬وكذلك ثبت النهي عن الشرب قائما‪.‬‬ ‫‪43‬‬

‫فأخرج مسلم من حديث أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪" :‬ل يشربن أحدكم قائما فمن‬ ‫نَسِييَ فليسيتقيء" أي يتقييأ‪ ،‬وفيي روايية عين أنيس‪ :‬زجير عين الشرب قائما؛ قال قتادة‪ :‬قلنيا فالكيل‪ ،‬قال‪ :‬أشيد‬ ‫وأخبث‪.‬‬ ‫ولكنه عارضه ما أخرجه مسلم من حديث ابن عباس قال‪ :‬سقيت رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم من زمزم‬ ‫فشرب وهو قائم‪.‬‬ ‫وفي لفظ‪ :‬أن رسول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم شرب من زمزم وهو قائم‪ .‬وفي صحيح البخاري أن عليا رضي‬ ‫ال عنه شرب قائما وقال‪:‬‬ ‫رأيت رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم فعل كما رأيتموني‪ .‬وجمع بينهما بأن النهي للتنزيه فعله صَلّى ال عََليْ هِ‬ ‫وَ سَلّم بيانا لجواز ذلك فهو واجب في حقه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم لبيان التشريع وقد وقع منه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‬ ‫مثل هذا في صور كثيرة‪.‬‬ ‫وأ ما التق يؤ ل من شرب قائما فإ نه يستحب للحد يث ال صحيح الوارد بذلك وظا هر حديث التق يؤ أنه ي ستحب مطلقا‬ ‫لعامد وناس ونحوهما‪.‬‬ ‫وقال القاضي عياض‪ :‬إنه من شرب ناسيا فل خلف بين العلماء أنه ليس عليه أن يتقيأ‪ ،‬نعم ومن آداب الشرب‬ ‫أ نه إذا كان ع ند الشارب جل ساء وأراد أن يع مم الجل ساء أن يبدأ ب من عن يمي نه ك ما أخرج الشيخان من حد يث‬ ‫أنس‪ :‬أنه أعطى صَلّى ال عََليْ هِ وَسَلّم القدح فشرب وعن يساره أبو بكر وعن يمينه أعرابي فقال عمر‪ :‬أعط أبا‬ ‫بكر يا رسول ال فأعطى العرابي الذي عن يمينه ثم قال‪ :‬اليمن فاليمن‪.‬‬ ‫وأخرجا من حديث سهل بن سعد قال‪ُ :‬أتِ يَ النبي صلى ال عليه وآله وسلم بقدح فشرب منه وعن يمينه غلم‬ ‫أ صغر القوم هو ع بد ال بن عباس والشياخ عن ي ساره فقال‪ :‬يا غلم أَتأذن أن أعط يه الشياخ فقال‪ :‬ما ك نت‬ ‫لوثر بفضل منك أحدا يا رسول ال فأعطاه إياه‪.‬‬ ‫ومن مكروهات الشرب أن تشرب من ثلمة القدح لما أخرجه أبو داود من حديث أبي سعيد الخدري‪ :‬نهى رسول‬ ‫ال صلى ال عليه وآله وسلم عن الشرب من ثلمة القدح‪.‬‬ ‫باب القسم بين الزوجات‬ ‫عنْهَا قالَ تْ‪ :‬كا نَ ر سولُ ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم يَقْ سِ ُم ِلنِ سَائِهِ َف َي ْعدِلُ ويَقولُ‪" :‬الّلهُمّ هذا‬ ‫عَ نْ عَائِشَ َة رض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ن والحاكِ مُ وََلكِ نْ َرجّ حَ ال ّت ْر ِمذِيّ‬ ‫ن حبّا َ‬ ‫ححَهُ اب ُ‬ ‫صّ‬ ‫سمِي فِيما َأمْلِ كُ فَل تُُلمْني فيمَا تمْلِ كُ وَل َأمْلِ كُ" رَوَا ُه ال ْربَعَةُ وَ َ‬ ‫قَ ْ‬ ‫إ ْرسَالَهُ‪.‬‬ ‫(عن عائشة رضي ال عنها قالت‪ :‬كان رسول ال صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم يقسم بين نسائه ويعدل ويقول‪" :‬الّل ُهمّ هذَا‬ ‫سمِي) بف تح القاف (فِيمَا َأمْلِ كُ) و هو ال مبيت مع كل واحدة في نوبت ها (فَل تُلمْ ني فِي ما َتمْلِ كُ ول َأمْلِ كُ) قال‬ ‫قَ ْ‬ ‫الترمذي‪ :‬يعني الحب والمودّة (رواه الربعة وصححه ابن حبان والحاكم ولكن رجح الترمذي إرساله)‪.‬‬ ‫قال أبو زرعة‪ :‬ل أعلم أحدا تابع حماد بن سلمة على وصله لكن صححه ابن حبان من طريق حماد بن سلمة‬ ‫عن أيوب السختياني عن أبي قلبة عن عبد ال بن يزيد عن عائشة موصولً‪.‬‬ ‫والذي رواه مرسلً هو حماد بن يزيد عن أيوب عن أبي قلبة عن عائشة‪.‬‬ ‫قال الترمذي‪ :‬المرسل أصح‪ .‬قلت‪ :‬بعد تصحيح ابن حبان الوصل فقد تعاضد الموصل والمرسل‪.‬‬ ‫دل الحديث على أنه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم كان يقسم بين نسائه‪ ،‬وتقدمت الشارة إلى أنه هل كان واجبا عليه أم‬ ‫ل؟ ق يل‪ :‬وكان الق سم عل يه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم غ ير وا جب لقوله تعالى‪{ :‬تُر جي من تشاء من هن} قال ب عض‬ ‫المفسرين‪ :‬إنه أباح ال له أن يترك التسوية والقسم بين أزواجه حتى إنه ليؤخر من شاء منهن عن نوبتها ويطأ‬ ‫مين يشاء فيي غيير نوبتهيا‪ ،‬وأن ذلك مين خصيائصه ص َيلّى ال عََليْه ِي وَس َيلّم بناء على أن الضميير فيي "منهين"‬ ‫للزوجات‪.‬‬ ‫وإذا ثبت أنه ل يجب القسم عليه صَلّى ال عََل ْي هِ وَسَلّم فإنه كان يقسم بينهن من حسن عشرته وكمال حسن خلقه‬ ‫وتأليف قلوب نسائه‪.‬‬ ‫والحد يث يدل على أن المح بة وم يل القلب أ مر غ ير مقدور للع بد بل هو من ال تعالى ل يمل كه الع بد ويدل له‬ ‫{ولكن ال ألف بينهم} بعد قوله‪{ :‬لو أنفقت ما في الرض جميعا ما ألفت بينهم} وبه فسر {واعلموا أن ال يحول‬ ‫بين المرء وقلبه}‪.‬‬ ‫ن كانَ تْ لَ ُه ا ْمرََأتَا نِ َفمَالَ إلى إحْدا ُهمَا‬ ‫عنْ هُ أنّ النّبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم قال‪" :‬مَ ْ‬ ‫ع نْ أَبي ُه َر ْيرَةَ رضي اللّ هُ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫س َندَهُ صحيحٌ‪.‬‬ ‫ح َمدُ والرْبعَةُ َو َ‬ ‫جا َء يَ ْومَ القيامَةِ َوشِقّ ُه مائلٌ" رَوَا ُه َأ ْ‬ ‫‪44‬‬

‫ن كانَ تْ َل هُ ا ْمرََأتَا نِ َفمَالَ إلى إحْداهُمَا‬ ‫ع ْن هُ أنّ النّبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قال‪" :‬مَ ْ‬ ‫ع نْ أَبي ُهرَ ْيرَ َة رضي اللّ هُ َ‬ ‫(وَ َ‬ ‫س َندَهُ صحيحٌ)‪.‬‬ ‫ح َمدُ والرْبعَةُ َو َ‬ ‫جا َء يَ ْومَ القيامَةِ َوشِقّ ُه مائلٌ" رَوَا ُه َأ ْ‬ ‫الحد يث دل يل على أ نه ي جب على الزوج الت سوية ب ين الزوجات ويحرم عل يه الم يل إلى إحدا هن و قد قال تعالى‪:‬‬ ‫{فل تميلوا كل الميل} والمراد الميل في القسم والنفاق ل في المحبة لما عرفت من أنها مما ل يملكه العبد‪.‬‬ ‫ومفهوم قوله‪{ :‬كل الميل} جواز اليسير ولكن إطلق الحديث ينفي ذلك ويحتمل تقييد الحديث بمفهوم الية‪.‬‬ ‫سمَ‪ ،‬وإذا‬ ‫سبْعا ثمّ قَ َ‬ ‫ع ْندَ ها َ‬ ‫ب أَقا مَ ِ‬ ‫ج ال ّرجُلُ ا ْل ِب ْكرَ عَلى ال ّثيّ ِ‬ ‫سنّ ِة إذا َتزَوّ َ‬ ‫ع ْن هُ قالَ‪" :‬مِ نَ ال ّ‬ ‫س ر ضي اللّ هُ َ‬ ‫ع نْ َأنَ ٍ‬ ‫وَ َ‬ ‫سمَ" ُمتّفقٌ عََليْهِ وَالل ْفظُ ل ْل ُبخَاري‪.‬‬ ‫ع ْندَهَا ثلثا ثمّ َق َ‬ ‫ج ال ّثيّبَ َأقَامَ ِ‬ ‫َتزَوّ َ‬ ‫سبْعا ثمّ قَ سَمَ‪ ،‬وإذا‬ ‫ع ْندَ ها َ‬ ‫ب أَقا مَ ِ‬ ‫سنّ ِة إذا َتزَوّ جَ ال ّرجُلُ ا ْل ِب ْكرَ عَلى ال ّثيّ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫عنْ هُ قالَ‪" :‬مِ َ‬ ‫س ر ضي اللّ هُ َ‬ ‫ن َأنَ ٍ‬ ‫ع ْ‬ ‫(وَ َ‬ ‫سمَ" ُمتّفقٌ عََليْهِ وَالل ْفظُ ل ْل ُبخَاري)‪.‬‬ ‫ع ْندَهَا ثلثا ثمّ َق َ‬ ‫ج ال ّثيّبَ َأقَامَ ِ‬ ‫َتزَوّ َ‬ ‫يريد من سنّة النبي صلى ال تعالى عليه وآله وسلم فله حكم الرفع‪.‬‬ ‫ولذا قال أبو قل بة راويه عن أ نس‪ :‬ولو شئت لقلت‪ :‬إن أن سا رفعه إلى النبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم يريد فيكون‬ ‫رواية بالمعنى إذ معنى من السنة هو الرفع إل إنه رأى المحافظة على قول أنس أولى وذلك لن كونه مرفوعا‬ ‫إنما هو بطريق اجتهادي محتمل والرفع نص وليس للراوي أن ينقل ما هو محتمل إلى ما هو نص غير محتمل‬ ‫كذا قاله ابن دقيق العيد‪.‬‬ ‫وبالجملة إنهم ل يعنون بالسنة إل سنة النبي صلى ال عليه وآله وسلم‪.‬‬ ‫وقد قال سالم‪ :‬وهل يعنون يييي يريد الصحابة يييي بذلك إل سنة النبي صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم؟‪.‬‬ ‫والحديث قد أخرجه أئمة من المحدثين عن أنس مرفوعا من طرق مختلفة عن أبي قلبة‪.‬‬ ‫والحديث دليل على إيثار الجديدة لمن كانت عنده زوجة وقال ابن عبد البر‪:‬‬ ‫جمهور العلماء على أن ذلك حيق المرأة بسيبب الزفاف سيواء أكانيت عنده زوجية أم ل واختاره النووي لكين‬ ‫الحديث دل على أنه فيمن كانت عنده زوجة‪.‬‬ ‫وقد ذهب إلى التفرقة بين البكر والثيب بما ذكر الجمهور فظاهر الحديث أنه واجب وأنه حق للزوجة الجديدة‬ ‫وفي الكل خلف لم يقم عليه دليل يقاوم الحاديث‪.‬‬ ‫والمراد باليثار في البقاء عندها ما كان متعارفا حال الخطاب‪.‬‬ ‫والظاهر أن اليثار يكون بالمبيت والقيلولة ل استغراق ساعات الليل والنهار عندها كما قاله جماعة‪.‬‬ ‫حتى قال ابن دقيق العيد‪ :‬إنه أفرط بعض الفقهاء حتى جعل مقامه عندها عذرا في إسقاط الجمعة‪.‬‬ ‫وتجب الموالة في السبع والثلث فلو فرق وجب الستئناف‪.‬‬ ‫ول فرق بين الحرة والمة فلو تزوج أخرى في مدة السبع أو الثلث فالظاهر أنه يتم ذلك لنه قد صار مستحقا‬ ‫لها‪.‬‬ ‫ع ْندَهِا ثلثا َوقَالَ‪" :‬إنّ هُ ليس بِ كِ‬ ‫عنْها أنّ النّبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم لمّا َتزَ ّوجَها أَقا مَ ِ‬ ‫ن ُأمّ سََلمَةَ رضي اللّ هُ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫س ّبعْتُ ِلنِسائي" َروَا ُه ُمسْلمٌ‪.‬‬ ‫س ّبعْتُ لكِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫س ّبعْتُ لكِ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫شئْتِ َ‬ ‫عَلى أَهْلكِ َهوَانٌ‪ ،‬إنّ ِ‬ ‫(وعن أم سلمة رضي ال عنها أن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم لمّا تزوجها أقام عندها ثلثا وقال‪" :‬إنّ هُ‬ ‫س ّبعْتُ‬ ‫س ّبعْتُ ل كِ َ‬ ‫س ّبعْتُ ل كِ) أي أتم مت عندك سبعا (وإ نّ َ‬ ‫ت َ‬ ‫شئْ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫َليْ سَ بِ كِ عَلَى أَهْلِ كِ) ير يد نف سه (هَوَان‪ :‬إ ّ‬ ‫ِل ِنسَائي" رواه مسلم)‪.‬‬ ‫وزاد في روا ية‪ :‬د خل علي ها فل ما أراد أن َيخْر جَ أخذت بثو به فقال ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬إن شئت‬ ‫زدت لك وحاسبتك‪ :‬للبكر سبع وللثيب ثلث"‪.‬‬ ‫ل ما تقدّم على استحقاق البكر والثيب ما ذكر من العدد ودلت الحاديث على أنه إذا تعدى الزوج المدة المقدرة‬ ‫دّ‬ ‫بر ضا المرأة سقط حق ها من اليثار وو جب علي ها القضاء لذلك وأ ما إذا كان بغ ير رضا ها فحقّ ها ثا بت و هو‬ ‫مفهوم قوله صلى ال عليه وآله وسلم‪" :‬إن شئت"‪.‬‬ ‫ومعنى قوله‪" :‬ليس بك على أهلك هوان" أن ل يلحقك منا هوان ول نضيع مما تستحقينه شيئا بل تأخذينه كاملً‬ ‫ثم أعلمها أن إليها الختيار بين ثلث بل قضاء وبين سبع ويقضي نساءه‪.‬‬ ‫وفيه حسن ملطفة الهل وإبانة ما يجب لهم وما ل يجب والتخيير لهم فيما هو لهم‪.‬‬ ‫ن النّبي صَلّى ال عََليْ ِه َوسَلّم َي ْقسِمُ لِعا ِئشَ َة يَ ْو َمهَا ويومَ‬ ‫ت يَ ْو َمهَا ِلعَا ِئشَةَ وَكا َ‬ ‫ن سَ ْودَ َة بنْت َز ْمعَةَ وَ َهبَ ْ‬ ‫عنْ عَائِشَةَ‪" :‬أَ ّ‬ ‫وَ َ‬ ‫سَ ْو َدةَ" ُمتّ َفقٌ عََل ْيهِ‪.‬‬ ‫‪45‬‬

‫(وعن عائشة رضي ال عنها أن سودة بنت زمعة) بفتح الزاي والميم وعين مهملة وكان صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‬ ‫تزوج سودة بمكة بعد موت خديجة وتوفيت بالمدينة سنة أربع وخمسين (وهبت يومها لعائشة وكان النبي صَلّى‬ ‫ال عََليْهِ َوسَلّم يقسم لعائشة يومها ويوم سودة‪ .‬متفق عليه)‪.‬‬ ‫زاد البخاري‪" :‬وليلتها" وزاد أيضا في آخره‪" :‬تبتغي بذلك رضا رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم" أخرجه أبو‬ ‫داود وذكر فيه سبب الهبة بسند رجاله رجال مسلم‪" :‬أن سودة حين أسنت وخافت أن يفارقها رسول ال صَلّى‬ ‫ال عََليْ هِ وَ سَلّم قالت‪ :‬يا ر سول ال يو مي لعائ شة فق بل ذلك من ها" ففي ها وأشباه ها نزلت‪{ :‬وإن امرأة خا فت من‬ ‫بعلها نشوزا أو إعراضا}‪.‬‬ ‫وأخرج ابن سعد برجال ثقات من رواية القاسم بن أبي بزة مرسلً‪" :‬أن النبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم طلقها يعني‬ ‫سودة فقعدت على طريقه وقالت‪ :‬والذي بعثك بالحق ما لي في الرجال حاجة ولكني أحب أن أبعث مع نسائك‬ ‫يوم القيا مة فأنشدك بالذي أنزل عل يك الكتاب هل طلقت ني بوجدة وجدت ها عل يّ؟ قال‪ :‬ل‪ .‬قالت‪ :‬فأنشدك ال ل ما‬ ‫راجعتني‪ ،‬فراجعها قالت‪ :‬فإني جعلت يومي لعائشة حِبة رسول ال صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم"‪.‬‬ ‫وفي الحديث دليل على جواز هبة المرأة نوبتها لضرتها ويعتبر رضا الزوج لن له حقا في الزوجة فليس لها‬ ‫أن تسقط حقه إل برضاه‪.‬‬ ‫واختلف الفقهاء إذا وهبت نوبتها للزوج فقال الكثر‪ :‬تصح ويخص بها الزوج من أراد وهذا هو الظاهر وقيل‪:‬‬ ‫ليس له ذلك بل تصير كالمعدومة وقيل‪ :‬إن قالت له‪ :‬خصّ بها من شئت جاز‪ ،‬ل إذا أطلقت له‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬ويصح الرجوع للمرأة فيما وهبت من نوبتها لن الحق يتجدد‪.‬‬ ‫ل اللّ هِ صَلّى ال عََليْ هِ‬ ‫ن ر سو ُ‬ ‫ن ُأخْ تي كا َ‬ ‫عنْ ها‪" :‬يَا ابْ َ‬ ‫عنْ هُ قالَ‪ :‬قَالَ تْ عَا ِئشَ ُة رَض يَ ال َ‬ ‫عرْوَ َة ر ضي اللّ هُ َ‬ ‫ع نْ ُ‬ ‫وَ َ‬ ‫ل يَوْ ٌم إل وَهُ َو َيطُوفُ عََل ْينَا جميعا َف َيدْنُو مِنْ‬ ‫عنْدنَا‪ ،‬وكانَ قَ ّ‬ ‫ن ُم ْكثِهِ ِ‬ ‫سمِ ِم ْ‬ ‫ضنَا عَلى َبعْضٍ في الْقَ ْ‬ ‫وَسَلّم ل يُ َفضّلُ َبعْ َ‬ ‫ححَهُ‬ ‫صّ‬ ‫ظ لَ هُ وَ َ‬ ‫ح َمدُ وَأَ بو دَا ُودَ واللّف ُ‬ ‫ع ْندَهَا" رَوَا ُه َأ ْ‬ ‫غ ْيرَ مَ سيِسٍ حَ تى َيبْلُ َغ الّ تي ُهوَ َي ْومُ ها َف َيبِي تَ ِ‬ ‫ل ا ْمرَأَةٍ مِ نْ َ‬ ‫كُ ّ‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم إذا صلىّ ا ْلعَ صْرَ دَارَ‬ ‫ع ْنهَا قالَ تْ‪" :‬كان رسو ُ‬ ‫الحاك مُ‪ ،‬وَلمُ سْلِمٍ عَ نْ عَائشَةَ َرضِ يَ اللّ هُ َ‬ ‫عَلى نِسائِه ثمّ َي ْدنُو ِم ْنهُنّ" الحديثَ‪.‬‬ ‫ن أخ تي كا نَ ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ل ُي َفضّلُ‬ ‫(و عن عروة قال‪ :‬قالت عائ شة ر ضي ال عن ها‪ :‬يا ابْ َ‬ ‫طرُ قُ علينا جميعا فيدنو من كل واحدةٍ من‬ ‫ن ُم ْكثِ هِ عندنا وكان قلّ يوم إل وهو َي ْ‬ ‫ض في القَسمْ مِ ْ‬ ‫َب ْعضَنا على َبعْ ٍ‬ ‫غيْر مَ سيسٍ) وفي رواية بغير وقاع ف هو المراد هنا (حتى يبلغ التي هو يومها فيبيت عندها‪ .‬رواه أحمد وأ بو‬ ‫َ‬ ‫داود واللفظ له وصححه الحاكم)‪.‬‬ ‫فيه دليل على أنه يجوز للرجل الدخول على من لم يكن في يومها من نسائه والتأنيس لها واللمس والتقبيل‪.‬‬ ‫وفيه بيان حسن خلقه صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم وأنه كان خير الناس لهله‪.‬‬ ‫وفي هذا رد لما قاله ابن العربي وقد أشرنا إليه سابقا أنه كان له صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم ساعة من النهار ل يجب‬ ‫عليه القسم فيها وهي بعد العصر قال المصنف‪ :‬لم أجد لما قاله دليلً وقد عين الساعة التي يدور فيها الحديث‬ ‫التي وهو قوله‪:‬‬ ‫(ولمسلم عن عائشة ر ضي ال عنها كان ر سول ال صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم إذا صلى العصرَ دارَ على ن سائِ ِه ثم‬ ‫يدنون ِم ْنهُنّ) أي دنو لمس وتقبيل من دون وقاع كما عرفت‪.‬‬ ‫ن أَنا‬ ‫ت فيهِ‪َ" :‬أيْ َ‬ ‫سأَلُ في م َرضِ ِه الذي مَا َ‬ ‫عنْ عَا ِئشَةَ رَضيَ اللّ ُه عنها‪" :‬أَنّ رَسُولَ اللّ ِه صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم كانَ يَ ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫ت عا ِئشَةَ" متفقٌ عَليهِ‪.‬‬ ‫ث شَاءَ َفكَانَ في َبيْ ِ‬ ‫حيْ ُ‬ ‫جهُ َيكُونُ َ‬ ‫غدا؟" يُريدُ َي ْومَ عائشةَ‪َ ،‬فأَذنَ َلهُ َأزْوَا ُ‬ ‫سأَلُ في مرَضِ ِه الذي مَا تَ في هِ‪َ" :‬أيْ نَ‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم كا نَ يَ ْ‬ ‫ع نْ عَا ِئشَةَ رَض يَ اللّ ُه عنها‪" :‬أَنّ رَ سُو َ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ت عا ِئشَةَ" متفقٌ عَليهِ)‪.‬‬ ‫ن في َبيْ ِ‬ ‫حيْثُ شَاءَ َفكَا َ‬ ‫ن َ‬ ‫أَنا غدا؟" يُريدُ يَ ْومَ عائشةَ‪َ ،‬فأَذنَ َل ُه َأزْوَاجُ ُه َيكُو ُ‬ ‫وفي رواية وكان أول ما بدىء به من مرضه في بيت ميمونة أخرجها البخاري في آخر كتاب المغازي وقوله‪:‬‬ ‫فأذن له أزواجه‪.‬‬ ‫ووقع عند أحمد عن عائشة أنه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قال‪ :‬إني ل أستطيع أن أدور بيوتكن فإن شئتن أذنتن لي‬ ‫فأذنّ له‪.‬‬ ‫ووقع عند ابن سعد بإسناد صحيح عن الزهري‪ :‬أن فاطمة هي التي خاطبت أمهات المؤمنين وقالت‪ :‬إنه يشق‬ ‫علييه الختلف ويمكين أنيه اسيتأذن صيلى ال علييه وآله وسيلم واسيتأذنت له فاطمية رضيي ال عنهيا فيجتميع‬ ‫الحديثان‪.‬‬ ‫‪46‬‬

‫ووقع في رواية‪ :‬أنه دخل بيت عائشة يوم الثنين ومات يوم الثنين الذي يليه والحديث دليل على أن المرأة إذا‬ ‫أذنت كان مسقطا لحقها من النوبة وأنه ل تكفي القرعة إذا مرض كما تكفي إذا سافر كما دل له قوله‪:‬‬ ‫خرَجَ بهَا‬ ‫سهْ ُمهَا َ‬ ‫خرَجَ َ‬ ‫ن رسولُ اللّ ِه صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم إذَا أرَادَ سَفَرا َأ ْقرَعَ َبيْنَ نِسَائِهِ َفَأ َيتَهُنّ َ‬ ‫ع ْنهَا قَالَتْ‪" :‬كا َ‬ ‫وَ َ‬ ‫َمعَهُ" ُمتّ َفقٌ عََل ْيهِ‪.‬‬ ‫خرَ جَ‬ ‫ن نِ سَائِ ِه َفأَ َي َتهُنّ َ‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم إذَا أرَادَ سَفَرا َأقْرَ عَ َبيْ َ‬ ‫(وعنها) أي عائ شة (قَالَ تْ‪" :‬كا نَ ر سو ُ‬ ‫خرَجَ بهَا َمعَهُ" ُمتّ َفقٌ عََليْهِ)‪.‬‬ ‫س ْه ُمهَا َ‬ ‫َ‬ ‫وأخرجه ابن سعد وزاد فيه عنها‪" :‬فكان إذا خرج سهم غيري عرف فيه الكراهية"‪.‬‬ ‫دل الحدييث على القرعية بيين الزوجات لمين أراد سيفرا وأراد إخراج إحداهين معيه وهذا فعيل ل يدل على‬ ‫الوجوب‪.‬‬ ‫وذهب الشافعي إلى وجوبه‪.‬‬ ‫وذهبت الهادوية إلى أن له السفر بمن شاء وأنه ل تلزمه القرعة قال‪ :‬لنه ل يجب عليه القسم في السفر وفعله‬ ‫صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم إن ما كان من مكارم أخل قه ول طف شمائله وح سن معامل ته فإن سافر بزو جة فل ي جب‬ ‫القضاء لغير من سافر بها‪.‬‬ ‫وقال أبو حنيفة‪ :‬يجب القضاء سواء كان سفره بقرعة أو بغيرها‪.‬‬ ‫وقال الشافعي‪ :‬إن كان بقرعة لم يجب القضاء وإن كان بغيرها وجب عليه القضاء ول دليل على الوجوب مطلقا‬ ‫ول مفصلً‪.‬‬ ‫وال ستدلل بأن الق سم وا جب وأ نه ل ي سقط الوا جب بال سفر جوا به أن ال سفر أ سقط هذا الوا جب بدل يل أن له أن‬ ‫يسافر ول يخرج منهن أحدا فإنه ل يجب عليه بعد عوده قضاء أيام سفره لهن اتفاقا‪.‬‬ ‫والقراع ل يدل الحديث على وجوبه لما عرفت أنه فعل‪.‬‬ ‫وفي الحديث دليل على اعتبار القرعة بين الشركاء ونحوهم‪.‬‬ ‫والمشهور عن المالكية والحنفية عدم اعتبار القرعة قال القاضي عياض‪ :‬وهو مشهور عن مالك وأصحابه لنه‬ ‫من باب الحظ والقمار‪.‬‬ ‫وحكي عن الحنفية إجازتها اهي‪.‬‬ ‫واحتج من منع من القرعة بأن بعض النساء قد تكون أنفع في السفر من غيرها فلو خرجت القرعة للتي ل نفع‬ ‫فيها في السفر لضر بحال الزوج‪.‬‬ ‫وكذا قد يكون بعض النساء أقوم برعاية مصالح بيت الرجل في الحضر فلو خرجت القرعة عليها بالسفر لضر‬ ‫بحال الزوج من رعاية مصالح بيت الرجل في الحضر‪.‬‬ ‫وقال القر طبي‪ :‬تخ تص مشروع ية القر عة ب ما إذا اتف قت أحوال هن لئل ي خص واحدة فيكون ترجيحا بل مر جح‬ ‫قيل‪ :‬هذا تخصيص لعموم الحديث بالمعنى الذي شرع لجل الحكم‪ .‬والجري على ظاهره كما ذهب إليه الشافعي‬ ‫أقوم‪.‬‬ ‫ح ُدكُ ُم امْرََأتَ هُ جَ ْلدَ‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬ل َيجِْلدْ َأ َ‬ ‫ع ْن ُه قالَ‪ :‬قالَ رَ سُو ُ‬ ‫ع ْبدِ اللّ ِه بْ نِ َز ْمعَةَ رضي اللّ هُ َ‬ ‫ع نْ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ا ْل َع ْبدِ" رَواهُ ال ُبخَاريّ‪.‬‬ ‫(وعن عبد ال بن زمعة رضي ال عنه) هو ابن السود بن عبد المطلب بن أسد بن عبد العزى صحابي مشهور‬ ‫وليس له في البخاري سوى هذا الحديث وعداده في أهل المدينة (قال‪ :‬قال رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬ل‬ ‫ح ُدكُ مُ ا ْمرََأتَ هُ جَ ْلدَ ا ْل َع ْبدِ") بالن صب على الم صدرية (رواه البخاري) وتما مه ف يه " ثم يجامع ها" و في روا ية‪:‬‬ ‫َيجِْلدْ َأ َ‬ ‫"ولعله أن يضاجعها"‪.‬‬ ‫وفيي الحدييث دلييل على جواز ضرب المرأة ضربا خفيفا لقوله‪ :‬جلد العبيد‪ ،‬ولقوله فيي روايية أبيي داود‪" :‬ول‬ ‫تضرب طعينتك ضربك أمتك"‪ ،‬وفي لفظ للنسائي‪" :‬كما تضرب العبد أو المة"‪.‬‬ ‫وفيي روايية للبخاري‪" :‬ضرب الفحيل أو العبيد" فإنهيا دالة على جواز الضرب إل أنيه ل يبلغ ضرب الحيوانات‬ ‫والمماليك‪.‬‬ ‫وقد قال تعالى‪{ :‬واضربوهن} ودل على جواز ضرب غير الزوجات فيما ذكر ضربا شديدا‪.‬‬ ‫و قد أخرج الن سائي من حد يث عائ شة ما ضرب ر سول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم امرأة له ول خادما قط ول‬ ‫ضرب بيده قط إل في سبيل ال أو تنتهك محارم ال فينتقم ل‪.‬‬ ‫باب الخلع‬ ‫‪47‬‬

‫ب ضم المعج مة و سكون اللم هو فراق الزو جة على مال‪ ،‬مأخوذ من خلع الثوب لن المرأة لباس الر جل مجازا‬ ‫وضم المصدر تفرقة بين المعنى الحقيقي والمجازي والصل فيه قوله تعالى‪{ :‬وإن خفتم أل يقيما حدود ال فل‬ ‫جناح عليهما فيما افتدت}‪.‬‬ ‫ت النّبيّ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم فَقَالَ تْ‪ :‬يَا رسولَ اللّ هِ‬ ‫ع ْن ُهمَا‪َ :‬أنّ ا ْمرَأَةَ ثاب تِ بْ نِ َقيْ سٍ َأتَ ِ‬ ‫س رض يَ اللّ هُ َ‬ ‫عبّا ٍ‬ ‫عَ نِ اب نِ َ‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ‬ ‫ل رسو ُ‬ ‫ثَابِ تُ ب نُ َقيْ سٍ مَا َأعِي بُ عََل ْي ِه في خُلُ قٍ ول دي نٍ وَلكني َأ ْكرَ هُ ا ْل ُك ْفرَ في ال سْلمِ‪ ،‬فقا َ‬ ‫حدِيقَ َة َوطَلّقْهَا َتطْلِي َقةً"‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬ا ْقبَلِ ال َ‬ ‫ل ر سُو ُ‬ ‫وَ سَلّم‪َ" :‬أ َترُدّي نَ عَلَي ِه حَدي َقتَ هُ؟" فَقَالَ تْ‪َ :‬نعَ مْ‪ ،‬فقا َ‬ ‫ختََلعَتْ‬ ‫ن َقيْسٍ ا ْ‬ ‫ت بْ ِ‬ ‫سنَهُ‪" :‬أَنّ امَرأَ َة ثَاب ِ‬ ‫رَوَا ُه ال ُبخَاريّ‪ ،‬وفي روَايَ ٍة لهُ‪" :‬وَأ َمرَ ُه ِبطَل ِقهَا"‪ .‬وَلبي دَاودَ وَال ّترْمِذيّ َوحَ ّ‬ ‫ع ْندَ اب نِ‬ ‫جدّه ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ب عن أب يه َ‬ ‫ش َعيْ ٍ‬ ‫عمْرو بْن ُ‬ ‫حيْضَةً"‪ .‬و في روايةِ َ‬ ‫عدّت ها َ‬ ‫جعَلَ النّبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ِ‬ ‫ِمنْ هُ َف َ‬ ‫حمَدَ‬ ‫ج ِههِ"‪ .‬ول ْ‬ ‫ن دَميما وَأَنّ ا ْمرَأَتَ ُه قالَتْ‪َ :‬لوْل َمخَافَةُ اللّ ِه إذا َدخَلَ عَليّ َلبَصَقْتُ في َو ْ‬ ‫مَاجَهْ‪" :‬أَنّ ثابتَ بن َقيْسٍ كا َ‬ ‫ح ْثمَةَ‪َ " :‬وكَانَ ذلكَ َأوّلَ خُلْ ٍع في السْلمِ"‪.‬‬ ‫سهْلِ ْبنِ أَبي َ‬ ‫حدِيثِ َ‬ ‫مِن َ‬ ‫ن َقيْ سٍ) سماها البخاري جميلة ذكره عن عكر مة مر سلً‬ ‫تب ِ‬ ‫( عن ا بن عباس ر ضي ال عنه ما أن امرأة ثاب ِ‬ ‫ت النّبيَ صلى ال عليه‬ ‫وأخرج البيهقي مرسلً أن اسمها زينب بنت عبد ال بن أبّي بن سلول وقيل غير ذلك (أتَ ِ‬ ‫ن َقيْ سٍ) هو خزر جي أن صاري ش هد أحدا و ما بعد ها و هو من أعيان‬ ‫ل اللّ ِه ثاب تُ ب ُ‬ ‫وآله و سلم فقالت‪ :‬يا ر سو َ‬ ‫الصحابة كان خطيبا للن صار ولر سول ل صلى ال تعالى عل يه وآله وسلم وشهد له النبي صلى ال عل يه وآله‬ ‫وسلم بالجنة (ما أعي بُ) روى بالمثناة الفوقية مضمومة ومكسورة من العتب وبالمثناة التحتية ساكنة من العيب‬ ‫ن ولكني َأ ْكرَ ُه الكُ ْفرَ في السلمِ‬ ‫وهو أوفق بالمراد (عليه في خُلُقٍ) ضم الخاء وضم اللم ويجوز سكونها (ول دِي ٍ‬ ‫حدِي َقتَهُ؟" فقالتْ‪ :‬نعم فقال رسول ال صلى ال عليه وآله‬ ‫فقال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪َ" :‬أ َترُدّينَ عََليْ ِه َ‬ ‫حدِيقَةَ َوطَلّقْهَا َتطْلِيقَةً" رواه البخاري‪ .‬و في روا ية له‪ :‬وأمره بطلق ها‪ ،‬ول بي داود والترمذي أي‪:‬‬ ‫و سلم‪" :‬ا ْقبَلِ ا ْل َ‬ ‫من حديث ابن عباس وحسنه‪" :‬أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه فجعل النبي صلى ال عليه وآله وسلم عدّتها‬ ‫حيضة)‪.‬‬ ‫قولها‪ :‬أكره الكفر في السلم أي أكره من القامة عنده أن أقع فيما يقتضي الكفر‪.‬‬ ‫والمراد ما يضاد السلم من النشوز وبغض الزوج وغير ذلك أطلقت على ما ينافي خلق السلم الكفر مبالغة‬ ‫ويحتمل غير ذلك‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬حديقته" أي بستانه ففي الرواية أنه كان تزوجها على حديقة نخل‪.‬‬ ‫الحديث فيه دليل على شرعية الخلع وصحته وأنه يحل أخذ العوض من المرأة‪.‬‬ ‫واختلف العلماء هل يشترط في صحته أن تكون المرأة ناشزة أم ل‪.‬‬ ‫فذهب إلى الول الهادي والظاهرية واختاره ابن المنذر مستدلين بقصة ثابت هذه فإن طلب الطلق نشوز‪.‬‬ ‫وبقوله تعالى‪{ :‬إل أن يخافا أن ل يقيما حدود ال} وقوله‪{ :‬إل أن يأتين بفاحشة مبينة}‪.‬‬ ‫وذهب أبو حنيفة والشافعي والمؤيد وأكثر أهل العلم إلى الثاني وقالوا‪ :‬يصح الخلع مع التراضي بين الزوجين‬ ‫وإن كانت الحال مستقيمة بينهما ويحل العوض لقوله تعالى‪{ :‬فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا} ولم تفرق‪.‬‬ ‫ولحديث‪" :‬إل بطيبة من نفسه" وقالوا‪ :‬إنه ليس في حديث ثابت هذا دليل على الشتراط والية يحتمل أن الخوف‬ ‫فيهيا وهيو الظنّي والحسيبان يكون فيي المسيتقبل فيدل على جوازه وإن كان الحال مسيتقيما بينهميا وهميا مقيمان‬ ‫لحدود ال في الحال‪.‬‬ ‫ويحتمل أن يراد أن يعلما أل يقيما حدود ال ول يكون العلم إل لتحققه في الحال كذا قيل‪.‬‬ ‫وقد يقال إن العلم ل ينافي أن يكون النشوز مستقبلً والمراد إني أعلم في الحال أني ل أحتمل معه إقامة حدود‬ ‫ال في الستقبال وحينئذ فل دليل على اشتراط النشوز في الية على التقديرين‪.‬‬ ‫ودل الحديث على أن يأخذ الزوج منها ما أعطاه من غير زيادة‪.‬‬ ‫واختلف هل تجوز الزيادة أم ل فذهب الشافعي ومالك إلى أنها تحل الزيادة إذا كان النشوز من المرأة قال مالك‪:‬‬ ‫لم أزل أسمع أن الفدية تجوز بالصداق وبأكثر منه لقوله تعالى‪{ :‬ل جناح عليهما فيما افتدت به}‪.‬‬ ‫قال ابن بطال‪ :‬ذهب الجمهور إلى أنه يجوز للرجل أن يأخذ في الخلع أكثر مما أعطاها وقال مالك‪ :‬لم أر أحدا‬ ‫ممن يقتدي به منع ذلك لكنه ليس من مكارم الخلق‪.‬‬ ‫وأما الرواية التي فيها أنه قال صلى ال عليه وآله وسلم‪" :‬أما الزيادة فل" فلم يثبت رفعها‪.‬‬ ‫وذهب عطاء وطاوس وأحمد وإسحاق والهادوية وآخرون إلى أنها ل تجوز الزيادة لحديث الباب‪.‬‬ ‫‪48‬‬

‫ولما ورد من رواية‪" :‬أما الزيادة فل" فإنه قد أخرجها في آخر حديث الباب البيهقي وابن ماجه عن ابن جريج‬ ‫عن عطاء مر سلً ومثله ع ند الدارقطنيي وأنهيا قالت ل ما قال ل ها النيبي صَلّى ال عََليْهِي وَ سَلّم‪" :‬أتردّ ين علييه‬ ‫حديقته؟" قالت‪ :‬وزيادة‪ ،‬قال النبي صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم‪" :‬أمّا الزيادة فل" الحديث ورجاله ثقات إل أنه مرسل‪.‬‬ ‫وأجاب‪ :‬من قال بجواز الزيادة أنه ل دللة في حديث الباب على الزيادة نفيا ول إثباتا‪.‬‬ ‫وحديث‪" :‬أما الزيادة فل" تقدّم الجواب عنه بأنه لم يثبت رفعها وأنه مرسل وإن ثبت رفعها فلعله خرج مخرج‬ ‫المشورة عليها والرأي وأنه ل يلزمها ل أنه خرج مخرج الخبار عن تحريمها على الزوج‪.‬‬ ‫وأما أمره صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم بتطليقه لها فإنه أمر إرشاد ل إيجاب كذا قيل‪.‬‬ ‫والظا هر بقاؤه على أ صله من اليجاب ويدل له قوله تعالى‪{ :‬فإم ساك بمعروف أو ت سريح بإح سان} فإن المراد‬ ‫يجب عليه أحد المرين وهنا قد تعذر المساك بمعروف لطلبها للفراق فيتعين عليه التسريح بإحسان‪.‬‬ ‫ثم الظاهر إنه يقع الخلع بلفظ الطلق وأن المواطأة على ردّ المهر لجل الطلق يصير بها الطلق خلعا‪.‬‬ ‫واختلفوا إذا كان بلفظ الخلع فذهبت الهادوية وجمهور العلماء إلى أنه طلق وحجتهم أنه لفظ ل يملكه إل الزوج‬ ‫فكان طلقا ولو كان فسخا لما جاز على غير الصداق كالقالة وهو يجوز عند الجمهور بما قل أو كثر فدل أنه‬ ‫طلق‪.‬‬ ‫وذهب[اث] ابن عباس[‪/‬اث] وآخرون إلى أنه فسخ وهو مشهور مذهب أحمد ويدل له أنه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‬ ‫أمرها أن تعتدّ بحيضة‪.‬‬ ‫قال الخطابي‪ :‬في هذا أقوى دليل لمن قال إن الخلع فسخ وليس بطلق إذا لو كان طلقا لم يكتف بحيضة للعدّة‪.‬‬ ‫وا ستدل القائل بأ نه ف سخ أ نه تعالى ذ كر في كتا به الطلق قال‪{ :‬الطلق مرتان} ثم ذ كر الفتداء ثم قال‪{ :‬فإن‬ ‫طلقها فل تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره}‪.‬‬ ‫فلو كان الفتداء طلقا لكان الطلق الذي ل ت حل له إل من ب عد زوج هو الطلق الرا بع وهذا ال ستدلل مروي‬ ‫عن ا بن عباس فإ نه سأله ر جل طلق امرأ ته طلقت ين ثم اختلع ها قال‪ :‬ن عم ينكح ها فإن ينكح ها فإن الخلع ل يس‬ ‫بطلق‪ ،‬ذكر ال الطلق في أوّل الية وآخرها والخلع فيما بين ذلك فليس الخلع بشيء ثم قال‪{ :‬الطلق مرتان}‬ ‫ثم قرأ‪{ :‬فإن طلقها فل تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره}‪.‬‬ ‫وقد قرّرنا أنه ليس بطلق في منحة الغفار حاشية ضوء النهاء ووضحنا هناك الدلة وبسطناها‪.‬‬ ‫ثم من قال إنه طلق يقول إنه طلق بائن لنه لو كان للزوج الرجعة لم يكن للفتداء بها فائدة‪.‬‬ ‫وللفقهاء أبحاث طويلة وفروع كثيرة في الك تب الفقه ية في ما يتعلق بالخلع ومق صودنا شرح ما دل عل يه الحد يث‬ ‫على أنه قد زدنا على ذلك ما يحتاج إليه‪.‬‬ ‫(وفي رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه عند ابن ماجه أن ثابت بن قيس كان دميما وأن امرأته قالت‪:‬‬ ‫جهِهِ)‪.‬‬ ‫ت في َو ْ‬ ‫ي َلبَصَقْ ُ‬ ‫لول مخافَةُ اللّهِ إذا َدخَلَ عَل ّ‬ ‫جتَمِ عُ‬ ‫ل اللّ هِ ل َي ْ‬ ‫وفي رواية عن ابن عباس أن امرأة ثابت أتت رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم فقالت‪ :‬يا رسو َ‬ ‫شدّهُم سَوادا وأق صرُ ُهمْ قا مة‬ ‫عدّ ٍة فإذا هُ َو َأ َ‬ ‫ت جانِ بَ الخبِاءِ َفرََأيْتُ ُه َأ ْقبَلَ في ِ‬ ‫ت أبدا إ ني رفع ُ‬ ‫رَأ سِي ورَأ سُ ثَاب ٍ‬ ‫ح ُهمْ َوجْها‪ .‬الحديث فصرح الحديث بسبب طلبها الخلع‪.‬‬ ‫وَأ ْقبَ ُ‬ ‫ل خُلْ عٍ في السلم) أنه‬ ‫ح ْثمَةَ) بفتح الحاء المهملة فمثلثة ساكنة (وكان ذلك أوّ َ‬ ‫(ولحمد من حديث سهل بن أبي َ‬ ‫أول خلع وقع في عصره صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم وقيل إنه وقع في الجاهلية وهو أن عامر بن الظّرب بفتح الظاء‬ ‫المعجمة وكسر الراء ثم موحدة زوج ابنته من ابن أخيه عامر بن الحارث فلما دخلت عليه نفرت منه فشكا إلى‬ ‫أبيها فقال‪ :‬ل أجمع عليك فراق أهلك ومالك وقد خلعتها منك بما أعطيتها‪ .‬زعم بعض العلماء أن هذا كان أول‬ ‫خلع في العرب‬

‫‪49‬‬

Related Documents

Nikah
November 2019 44
Nikah
August 2019 46
Nikah
November 2019 41
Nikah
May 2020 36
Nikah
December 2019 48