Subul Al-salam 04 - Zakat

  • May 2020
  • PDF

This document was uploaded by user and they confirmed that they have the permission to share it. If you are author or own the copyright of this book, please report to us by using this DMCA report form. Report DMCA


Overview

Download & View Subul Al-salam 04 - Zakat as PDF for free.

More details

  • Words: 18,345
  • Pages: 23
‫سبل السلم‬ ‫شرح بلوغ المرام‬ ‫للصنعاني‬ ‫كتاب الزكاة‬

‫الزكاة ل غة مشتر كة ب ين النماء والطهارة‪ ،‬وتطلق على ال صدقة الواج بة والمندو بة والنف قة والع فو وال حق‪ ،‬و هي‬ ‫أحضد أركان السضلم الخمسضة بإجماع المضة‪ ،‬وبمضا علم مضن ضرورة الديضن‪ ،‬واختلف فضي أي سضنة فرضضت فقال‬ ‫الكثر‪ :‬إنها فرضت في السنة الثانية من الهجرة قبل فرض رمضان‪ ،‬ويأتي بيان متى فرض في بابه‪.‬‬ ‫ن ض َف َذكَرَ‬ ‫ع ْنهُما‪ :‬أَنّ ال ّن ِبيّ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم َبعَ ثَ ُمعَاذا إِلَى ا ْل َيمَ ِ‬ ‫عبّا سٍ َرضِ يَ ال َ‬ ‫ن ابْ نِ َ‬ ‫[رح ‪ ]1/065‬ض عَ ْ‬ ‫غ ِنيَا ِئهِ مْ‪َ ،‬ف ُت َردّ فُقَرَا ِئهِ مْ"‪ُ .‬متّفَ قٌ عََل ْي هِ‪،‬‬ ‫خذُ ِم نْ َأ ْ‬ ‫صدَقَ ًة فِي َأ ْموَاِلهِ مْ تُؤ َ‬ ‫حدِي ثَ ض َو ِفيْ هِ‪" :‬إنّ ال َقدِ ا ْفتَرَ ضَ عََل ْيهِ مِ َ‬ ‫ا ْل َ‬ ‫وَاللّ ْفظُ لِ ْل ُبخَارِيّ‪.‬‬ ‫(عن ابن عباس أن النبي صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم بعث معاذا إلى اليمين فذكر الحديث وفيه إن ال قد افترض عليهم‬ ‫الصدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم‪ .‬متفق عليه واللفظ للبخاري) كان بعثه صَلّى ال عََليْ هِ‬ ‫وَ سَلّم لمعاذ إلى الي من سنة ع شر ق بل حج ال نبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم ك ما ذكره البخاري في أوا خر المغازي‬ ‫وقيل‪ :‬كان آخر المغازي‪ ،‬وقيل‪ :‬كان آخر سنة تسع عند منصرفه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم من غزوة تبوك‪ ،‬وقيل‪:‬‬ ‫سنة ثمان بعد الفتح وبقي فيه إلى خلفة أبي بكر‪.‬‬ ‫والحديث في البخاري‪ ،‬ولفظه‪ ،‬عن ابن عباس أنه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم لما بعث معاذا إلى اليمن قال له‪" :‬إنك‬ ‫تقدم على قوم أ هل كتاب فلي كن أول ما تدعو هم إل يه عبادة ال‪ ،‬فإذا عرفوا ال فأ خبرهم أن ال قد فرض علي هم‬ ‫خ مس صلوات في يوم هم وليلتهضم‪ ،‬فإذا فعلوا فأخضبرهم أن ال قد فرض علي هم الزكاة في أموال هم تؤ خذ من‬ ‫أغنيائهضم وترد فضي فقرائهضم‪ ،‬فإذا أطاعوك فخضذ منهضم وتوق ل كرائم أموال الناس"‪ .‬واسضتدل بقوله‪" :‬تؤخضذ مضن‬ ‫أموالهم" أن المام هو الذي يتولى قبض الزكاة وصرفها إما بنفسه أو بنائه فمن امتنع منها أخذت منه قهرا‪ ،‬وقد‬ ‫بين صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم المراد من ذلك ببعثة السعاة‪ .‬واستدل بقوله‪" :‬ترد على فقرائهم" أنه يكفي إخراج الزكاة‬ ‫في صنف واحد‪ ،‬وقيل‪ :‬يحتمل أنه خص الفقراء لكونهم الغالب في ذلك فل دليل على ما ذكر ولعله أريد بالفقير‬ ‫من يحل إليه الصرف فيدخل المسكين عند من يقول إن المسكين أعلى حالً من الفقير‪ ،‬ومن قال بالعكس فالمر‬ ‫واضح‪.‬‬ ‫ص َدقَةِ الّتِي فَ َرضَهَا‬ ‫عنْ هُ َكتَ بَ َل هُ‪َ :‬هذِ هِ َفرِيضَ ُة ال ّ‬ ‫صدّيقَ َرضِ يَ ال َ‬ ‫[رح ‪ ]2/165‬ض وَعَ نْ َأنَ سٍ أَنّ أَبَا َبكْرٍ ال ّ‬ ‫لبِلِ َفمَا‬ ‫ناِ‬ ‫عشْرِي نَ ِم َ‬ ‫رَ سُولَ ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم عَلَى ا ْلمُ سِْلمِينَ وَاّلتِي َأ َمرَ ال ِبهَا رَ سُوَلهُ‪" :‬فِي كُلّ َأ ْربَ عٍ َو ِ‬ ‫ض ُأ ْثنَى‪ ،‬فَإِ نْ لَ مْ‬ ‫ن فِيهَا ِبنْ تٌ َمخَا ٍ‬ ‫خمْ سٍ َوثَلثِي َ‬ ‫ن إِلَى َ‬ ‫شرِي َ‬ ‫عْ‬ ‫خمْسا وَ ِ‬ ‫ت َ‬ ‫خمْ سٍ شَاة‪َ ،‬فإِذا بََلغَ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫دُو َنهَا ا ْل َغنَ مُ‪ :‬فِي كُ ّ‬ ‫ت ستا وَأ ْر َبعِي نَ إِلَى‬ ‫خمْ سٍ وََأ ْر َبعِي نَ ففِيهَا بن تٌ َلبُون ُأ ْنثَى فإِذا بََلغَ ْ‬ ‫ن إِلَى َ‬ ‫ن فَابْ نُ َلبُو نٍ َذ َكرٌ فِإذَا بََلغَ تْ ستا وثَلثِي َ‬ ‫َتكُ ْ‬ ‫ستّا و سَبعينَ‬ ‫ت ِ‬ ‫عةٌ‪ ،‬فَِإذَا بََلغَ ْ‬ ‫جذَ َ‬ ‫س ْبعَينَ فَفِيهَا َ‬ ‫خمْ سٍ وَ َ‬ ‫ستّينَ إِلَى َ‬ ‫سِتين ففِيها حقة طُروق الجمل‪َ ،‬فِإذَا بََلغَ تْ وَاحدَةٌ وَ ِ‬ ‫جمَلِ‪َ ،‬فِإذَا زَادَ تْ‬ ‫طرُو َقتَا ا ْل َ‬ ‫ن َ‬ ‫شرِي نَ َومَائِةَ فَفِيهَا حِ ّقتَا ِ‬ ‫عْ‬ ‫ن إِلَى ِ‬ ‫حدَى َوتِ سْعي َ‬ ‫ن فَفِيها ِب ْنتَا َلبُو نٍ‪َ ،‬فِإذَا بََلغَ تْ ِإ ْ‬ ‫سعِي َ‬ ‫إِلَى تِ ْ‬ ‫لبِلِ فََليْسَ‬ ‫ناِ‬ ‫ن َمعَ ُه إِل َأ ْربَعٌ مِ َ‬ ‫ن لَمْ َيكُ ْ‬ ‫خمْسِينَ حقّةٌ‪َ ،‬ومَ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ل َأ ْر َبعِينَ ِبنْتُ َلبُون‪َ ،‬وفِي كُ ّ‬ ‫شرِينَ َومَائِةٍ فَفِي كُ ّ‬ ‫عْ‬ ‫عَلَى ِ‬ ‫شرِي نَ َومَائِ ِة شَا ٍة شَاةٌ‪ ،‬فَِإذَا‬ ‫عْ‬ ‫ن إِلَى ِ‬ ‫ص َدقَة ا ْل َغنَم فِي سَائِم َتهَا إِذعّ كَانَ تْ َأ ْر َبعِي َ‬ ‫ن َيشَا َء َربّهَا‪َ .‬وفِي َ‬ ‫صدَقَ ٌة إِل أَ ْ‬ ‫فِيهَا َ‬ ‫شيَا هِ‪َ ،‬فِإذَا‬ ‫شرِي نَ وَمائَ ِة إِلَى مَا َئتَيْ نِ فَفِيهَا شَاتَا نِ‪َ ،‬فإِذَا زَاد تْ عَلَى ما َئتَيْ نِ إِلَى ثَل ِثمَائِ ٍة فَفِيهَا ثَل ثُ ِ‬ ‫زَادَ تْ عَلَى ع ْ‬ ‫حدَةً فََليْ سَ فِيهَا‬ ‫ن َأ ْر َبعِي نَ شَا ٍة شاةٌ وَا ِ‬ ‫ل مائَةٍ شَاةٌ‪َ .‬فِإذَا كانَ تْ سَا ِئمَةُ ال ّرجُلِ نَاقَ صَةً مِ ْ‬ ‫زَادَ تْ عَلَى ثَل َثمَائِةٍ فَفِي كُ ّ‬ ‫ن َفإِ ّن ُهمَا‬ ‫طيْ ِ‬ ‫ن مِنْ خَِل َ‬ ‫خشْيَ َة الصّدقَةِ‪َ ،‬ومَا كَا َ‬ ‫ج َتمِعِ َ‬ ‫ن ُم ْ‬ ‫ن ُمتَ َفرّق وَل يُ َفرّقُ َبيْ َ‬ ‫جمَعُ َبيْ َ‬ ‫ن َيشَاءَ َر ّبهَا‪ ،‬وَل ُي ْ‬ ‫صدَقَةٌ‪ ،‬إِل أ ْ‬ ‫َ‬ ‫ص ّدقُ‪ ،‬وَفِي‬ ‫ن َيشَاءَ ا ْلمُ ّ‬ ‫عوَارٍ‪ ،‬وَل َتيْ سُ إِل َأ ْ‬ ‫ص َدقَةِ َه ِرمَةٌ‪ ،‬وَل ذَا تُ َ‬ ‫ج فِي ال ّ‬ ‫جعَا نِ َب ْي َنهُمَا بِال سّ ِويّة‪ ،‬وَل يُخرَ ُ‬ ‫َت َترَا َ‬ ‫ن بََلغَتْ‬ ‫صدَقَ ٌة إِل َأنْ َيشَاءَ َر ّبهَا‪َ ،‬ومَ ْ‬ ‫ن إِل تِسْعينَ وَمائَة فَلَيْسَ فِيهَا َ‬ ‫ن لَمْ َتكُ ْ‬ ‫ال ّرقّةِ‪ :‬فِي ما َئتَيْ ِدرْهَمٍ ُربْعُ ا ْل ُعشْرِ‪ ،‬فَإِ ْ‬ ‫س َت ْيسَ َرتَا‬ ‫جعَلُ َم َعهَا شَا َتيْ نِ ِإ نِ ا ْ‬ ‫ع ْندَ ُه حِقّةٌ‪َ ،‬فِإ ّنهَا تُقْبلُ ِم ْن هُ‪َ ،‬و َي ْ‬ ‫عةٌ وَ ِ‬ ‫جذَ َ‬ ‫ع ْندَ هُ َ‬ ‫عةِ وََليْ سَتْ ِ‬ ‫جذَ َ‬ ‫ص َدقَةُ ا ْل َ‬ ‫لبِلِ َ‬ ‫ع ْندَ هُ ِم نَ ا ِ‬ ‫ِ‬

‫عةُ‪،‬‬ ‫جذَ َ‬ ‫جذَعَةُ‪َ ،‬فِإ ّنهَا تُ ْقبَلُ ِمنْ ُه ا ْل َ‬ ‫ع ْندَ ُه ا ْل َ‬ ‫ع ْندَ ُه ا ْلحِقّةُ‪ ،‬وَ ِ‬ ‫صدَقَ ُة ا ْلحِقّةِ وََليْسَتْ ِ‬ ‫ع ْندَ ُه َ‬ ‫شرِينَ ِدرْهَما‪َ ،‬ومَنْ بََلغَتْ ِ‬ ‫عْ‬ ‫َلهُ‪ ،‬أَوْ ِ‬ ‫ن دِرْهَما َأوْ شَا َتيْنِ" رَوَاهُ ا ْل ُبخَا ِريّ‪.‬‬ ‫عشْرِي َ‬ ‫َو ُيعْطِي ِه ا ْل ُمصَ ّدقُ ِ‬ ‫صدّيق رضي ال عنه كتب له) لما وجهه إلى البحرين عاملً (هذه فريضة الصدقة) أي‬ ‫(وعن أنس أن أبا بكر ال ّ‬ ‫نسخة فريضة الصدقة حذف المضاف للعلم به وفيه جواز إطلق الصدقة على الزكاة خلفا لمن منع ذلك‪ .‬واعلم‬ ‫أن في البخاري تصدير الكتاب هذا ببسم ال الرحمن الرحيم (التي فرضها رسول ال صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم على‬ ‫المسلمين) فيه دللة على أن الحديث مرفوع‪ ،‬والمراد بفرضها قدرها لن وجوبها ثابت بنص القرآن كما يدل له‬ ‫قوله‪( :‬وال تي أ مر ال ب ها ر سوله) أي أ نه تعالى أمره بتقد ير أنواع ها وأجنا سها والقدر المخرج من ها ك ما بي نه‬ ‫التف صيل بقوله‪ ( :‬في كل أر بع وعشر ين من ال بل ف ما دون ها الغ نم) هو مبتدأ مؤ خر و خبره قوله في كل أر بع‬ ‫وعشرني إلى فما دونها (في كل خمس شاة) فيها تعيين إخراج الغنم في مثل ذلك وهو قول مالك وأح مد‪ ،‬فلو‬ ‫أخرج بعيرا لم ي جز‪ .‬وقال الجمهور‪ :‬يجز يه قالوا‪ :‬لن ال صل أن ت جب من ج نس المال‪ ،‬وإن ما عدل ع نه رفقا‬ ‫بالمالك‪ ،‬فإذا ر جع باختياره إلى الصل أجزأه‪ ،‬إن كا نت قي مة البع ير الذي يخر جه دون قي مة الر بع الشياه فف يه‬ ‫خلف ع ند الشافع ية وغير هم‪ ،‬قال الم صنف في الف تح‪ :‬والق يس أن ل يجزىء‪( ،‬فإذا بل غت) أي ال بل‪( ،‬خم سا‬ ‫وعشرين إلى خمس وثلثين ففيها بنت مخاض أنثى) زاده تأكيدا وإل فقد علمت والمخاض بفتح الميم وتخفيف‬ ‫المعجمة آخره معجمة وهي من البل ما استكمل السنة الولى ودخل في الثانية إلى آخرها سمي بذلك ذكرا كان‬ ‫أو أنثى لن أمه من المخاض أي الحوامل ل واحد له من لفظه والماخض الحامل التي دخل وقت حملها‪ ،‬وإن لم‬ ‫تحمل وضمير فيها للبل التي بلغت خمسا وعشرون فإنها تجب فيها بنت مخاض من حين تبلغ عدتها خمسا‬ ‫في ها ب نت مخاض من ح ين تبلغ عدت ها خم سا وعشر ين إلى أن تنت هي إلى خ مس وثلث ين‪ ،‬وبهذا قال الجمهور‪،‬‬ ‫وروي عن عل يّ عل يه ال سلم أ نه ي جب في الخ مس والعشر ين خ مس شياه لحد يث مرفوع ورد بذلك‪ ،‬وحد يث‬ ‫حجّ ة فلذا لم ي قل به الجمهور‪( ،‬فإن لم‬ ‫موقوف عن عل يّ عليه ال سلم‪ ،‬ول كن المرفوع ضع يف والموقوف ل يس ب ُ‬ ‫تكن) أي توجد (فابن لبون ذكر) هو من البل ما تستكمل السنة الثانية ودخل في الثالثة إلى تمامها سمي بذلك‬ ‫لن أمه ذات لبن‪ ،‬ويقال‪ :‬بنت اللبون للنثى وإنما زاد قوله‪" :‬ذكر مع قوله ابن لبون للتأكيد كما لبون أنثى فإذا‬ ‫بلغت ستا وأربعين إلى ستين ففيها حقة) بكسر الحاء المهملة وتشديد القاف‪ ،‬وهي من البل ما استكمل ال سنة‬ ‫الثال ثة ود خل في الراب عة إلى تمام ها ويقال للذ كر حق سميت بذلك لستحقاقها أن يح مل علي ها ويركبها الف حل‪،‬‬ ‫ولذلك قال‪( :‬طروق الجمل) بفتح أوله أي مطروقته فعولة بمعنى مفعولة‪ ،‬والمراد من شأنها أن تقبل ذلك وإن لم‬ ‫يطرقها‪( ،‬فإذا بلغت) أي البل (واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة) بفتح الجيم والذال المعجمة وهي‬ ‫التي أتت عليها أربع سنين ودخلت في الخامسة‪( ،‬فإذا بلغت) أي البل (ستا وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون)‬ ‫تقدم بيانه‪( ،‬فإذا بلغت) أي البل (إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الجمل) تقدم بيانه‪( ،‬فإذا‬ ‫زادت) أي البل (على عشرين ومائة) أي واحدة فصاعدا كما هو قول الجمهور‪ ،‬ويدل له كتاب عمر رضي ال‬ ‫ع نه‪" ،‬فإذا كا نت إحدى وعشر ين ومائة ففي ها ثلث بنات لبون ح تى تبلغ ت سعا وعشر ين ومائة" ومقتضاه أن ما‬ ‫زاد مائة وثلثين‪ ،‬فإنه يجب فيها بنتا لبون وحقة‪ ،‬فإذا بلغت مائة وأربعين فيها بنت لبون وحقتان‪.‬‬ ‫و عن أ بي حني فة إذا زادت على عشر ين ومائة رج عت إلى فري ضة الغ نم فيكون في كل خ مس وعشر ين ومائة‬ ‫ثلث بنات لبون وشاة‪ .‬قلت‪ :‬والحديث إنما ذكر فيه حكم كل أربعين وخمسين فمع بلوغ إحدى وعشرين ومائة‬ ‫يلزم ثلث بنات لبون عن كل أربعين بنت لبون ولم يبين فيه الحكم في الخمس والعشرين ونحوها فيحتمل ما‬ ‫قاله أبو حنيفة ويحتمل أنها وقص حتى تبلغ مائة وثلثين كما قدمناه وال أعلم (ففي كل َأرْبعين بن تُ َلبُون وفي‬ ‫كل خمسين حِقّةٌ ومن لم يكُنْ مع ُه إل َأرْبع من البل فَلَيس فيها صدقة إل أن يشاء ربّها) أي أن يخرج عنها نفلً‬ ‫منه‪ ،‬وإل فل واجب عليه فهو استثناء منقطع ذكر لدفع توهم نشأ من قوله "فليس فيه صدقة" أن المنفي مطلق‬ ‫الصدقة لحتمال اللفظ له وإن كان غير مقصود‪.‬‬ ‫فهذه صدقة البل الواجبة فصلت في هذا الحديث الجليل وظاهره وجوب أعيان ما ذكر‪ ،‬إل أنه سيأتي قريبا أن‬ ‫لم يجد العين الواجبة أجزأه غيرها‪.‬‬ ‫وأما زكاة الغنم فقد بينها قوله (وفي صدقة الغنم في سائمتها) بدل من صدقة الغنم بإعادة العامل وهو خبر مقدم‪.‬‬ ‫والسائمة من الغنم الراعية غير المعلوفة‪ .‬وأعلم أنه أفاد مفهوم السوم أنه شرط في وجوب زكاة الغنم‪ ،‬وقال به‬ ‫الجمهور‪ .‬وقال مالك وربيعة‪ :‬ل يشترط وقال داود‪ :‬يشترط في الغنم لهذا الحديث‪ .‬قلنا‪ :‬وفي البل لما أخرجه‬ ‫أبو داود والنسائي من حديث بهز بن حكيم بلفظ "في كل سائمة إبل" وسيأتي‪ ،‬نعم البقر لم يأت فيها ذكر السوم‬ ‫وإن ما قا سوها على ال بل والغ نم (إذا كا نت أربع ين إلى عشر ين ومائة شاة) بال جر تمي يز مائة والشاة ت عم الذ كر‬ ‫‪2‬‬

‫والنثى والضأن والمعز (شاةٌ) مبتدأ خبره ما تقدم من قوله في صدقة الغنم‪ ،‬فإن في الربعين شاة إلى عشرين‬ ‫ومائة (فإذا زادت على عشريضن ومائة إلى مائتيضن ففيهضا شاتان‪ ،‬فإذا زادت على مائتيضن إلى ثلثمائة ففيهضا ثلث‬ ‫شياه‪ ،‬فإذا زادت على ثلثمائة ففي كل مائة شاة) ظاهر أنها ل تجب الشاة الرابعة حتى تفي أربعمائة وهو قول‬ ‫الجمهور‪ ،‬وفي رواية عن أحمد وبعض الكوفيين إذا زادت على ثلثمائة واحدة وجبت الربع (فإذا كانت سائمة‬ ‫الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة فليس فيها صدقة) واجبة (إل أن يشاء ربها) إخراج صدقة نفلً كما سلف‬ ‫(ول يجمضع) بالبناء للمفعول (بيضن متفرق ول يفرّق مثله مشدد الراء (بيضن مجتمضع خشيضة الصضدقة) مفعول له‪.‬‬ ‫والج مع ب ين المفترق صورته أن يكون ثلث ن فر مثلً ول كل وا حد أربعون شاة و قد و جب على كل وا حد من هم‬ ‫الصدقة فإذا وصل إليهم المصدق جمعوها ليكون عليهم فيها شاة واحدة فنهوا عن ذلك‪.‬‬ ‫و صورة التفر يق ب ين مجت مع أن الخليط ين ل كل منه ما مائة شاة وشاة فيكون عليه ما في ها ثلث شياه‪ ،‬فإذا و صل‬ ‫إليهما المصدق فرقا غنمهما فلم يكن على كل واحد منهما سوى شاة واحدة‪ ،‬فنهو عن ذلك‪ .‬قال ابن الثير‪ :‬هذا‬ ‫الذي سمعته في ذلك‪.‬‬ ‫وقال الخطا بي‪ :‬قال الشاف عي‪ :‬الخطاب في هذا للم صدق ولرب المال‪ .‬قال‪ :‬والخش ية خشيتان خش ية ال ساعي أن‬ ‫تقضل الصضدقة‪ ،‬وخشيضة رب المال أن يقضل ماله فأمضر كضل واحضد منهمضا أن ل يحدث فضي المال شيئا مضن الجمضع‬ ‫والتفريق خشية الصدقة (وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما) والتراجع بين الخليطين أن يكون لحدهما‬ ‫مثلً أربعون بقرة وللخر ثلثون بقرة‪ ،‬ومالهما مشترك‪ ،‬فأخذ الساعي عن الربعين مسنة‪ ،‬وعن الثلثين تبيعا‪،‬‬ ‫فير جع باذل الم سنة بثل ثة أ سباعها على خلي طه‪ ،‬وباذل ال تبيع بأرب عة أ سباعه على خلي طه‪ ،‬لن كل وا حد من‬ ‫السنين واجب على الشيوع‪ ،‬كأن المال ملك واحد‪.‬‬ ‫وفي قوله (بال سّويّة) دليل على أن الساعي إذا ظلم أحدهما‪ ،‬فأخذ منه زيادة على فرضه فإنه ل يرجع بها على‬ ‫شري كه‪ ،‬وإن ما يغرم له قي مة ما يخ صه من الوا جب دون الزيادة‪ ،‬كذا في الشرح‪ ،‬ولو ق يل مثلً إ نه يدل أنه ما‬ ‫يتساويان في الحق والظلم لما بعد الحديث عن إفادة ذلك‪.‬‬ ‫(ول يخرج) مبني للمجهول (في الصدقة هرمة) بفتح الهاء وكسر الراء‪ :‬الكبيرة التي سقطت أسنانها (ول ذا تُ‬ ‫عوار) بف تح الع ين المهملة وضم ها وق يل بالف تح معي بة الع ين وبال ضم عوراء الع ين‪ ،‬ويد خل في ذلك المرض‪،‬‬ ‫والولى أن تكون مفتوحة ليشمل ذات العيب‪ ،‬فيدخل ما أفاده حديث أبي داود "ول يعدي الهرمة ول الدرنة ول‬ ‫شرَط اللئيمة ولكن من وسط أموالكم فإن ال لم يسألكم خيره ول أمركم بشره"‪ .‬انتهى والدرنة‪:‬‬ ‫المريضة ول ال ّ‬ ‫الجرباء من الدرن الوسخ والشرَطَ اللئيمة هي رذّال المال‪ ،‬وقيل‪ :‬صغاره وشراره‪ ،‬قاله في النهاية (ول َتيْسٌ إل‬ ‫ن يشاءَ المُص ّدقُ) اختلف في ضبطه فالكثر على أنه بالتشديد وأصله المتصدق أدغمت التاء بعد قلبها صادا‪،‬‬ ‫أ ْ‬ ‫والمراد به‪ :‬المالك‪.‬‬ ‫وال ستثناء را جع إلى ال خر و هو الت يس‪ ،‬وذلك أ نه إذا لم ي كن معدّا للنزاء ف هو من الخيار وللمالك أن يخرج‬ ‫الفضل‪.‬‬ ‫ويحت مل رده إلى الجم يع‪ ،‬ويف يد أن للمالك إخراج الهر مة وذات العوار إذا كا نت ثمي نة‪ ،‬قيمت ها أك ثر من الو سط‬ ‫الواجب‪ ،‬وفي هذا خلف بين المفرّعين‪.‬‬ ‫وقيل إن ضبطه بالتخفيف‪ ،‬والمراد به الساعي فيدل على أن له الجتهاد في نظر الصلح للفقراء‪ ،‬وأنه كالوكيل‬ ‫فتقيد مشيئته بالمصلحة‪ ،‬فيعود الستثناء إلى الجميع على هذا‪ ،‬وهذا إذا كانت الغنم مختلفة‪ .‬فلو كانت معيبة كلها‬ ‫أو تيوسا أجزأه إخراج واحدة‪.‬‬ ‫وعن المالكية يشتري شاة مجزئة عملً بظاهر الحديث‪ .‬وهذه زكاة الغنم وتقدمت زكاة البل وتأتي زكاة البقر‪.‬‬ ‫وأما الفضة فقد أفاد الواجب منها قوله (وفي الرّقة) بكسر الراء وتخفيف القاف وهي الفضة الخالصة ("في مائتي‬ ‫درْ هم" رُبُ ُع ا ْلعُ شر) أي ي جب إخراج ر بع عشر ها زكاة ويأ تي ال نص على الذ هب (فإن لَ مْ تكُن) أي الف ضة (إل‬ ‫تسعين) درهما (ومائة فليس فيها صدقة إل أ نْ يشا َء ربّها) ‪ ،‬كما عرفت‪ ،‬وفي قوله تسعين ومائة ما يوهم أنها‬ ‫إذا زادت على التسعين والمائة قبل بلوغ المائتين أن فيها صدقة‪ ،‬وليس كذلك‪ ،‬بل إنما ذكره لنه آخر عقد قبل‬ ‫المائة‪ ،‬والحساب إذا جاوز الحاد كان تركيبه بالعقود‪ ،‬كالعشرات والمئين‪ ،‬واللوف‪ ،‬فذكر التسعين لذلك‪.‬‬ ‫عنْد هُ من البل صدقة عنْده) أي في‬ ‫ن بََلغَتْ ِ‬ ‫ثم ذكر حكما من أحكام زكاة البل قد أشرنا إلى أنه يأتي بقوله (وم ْ‬ ‫ل معها) أي توفية لها (شاتيْن إن استيسرنا ل هُ‬ ‫ملكه (وعند ُه حِقّ ٌة فإنها تقبل منه الحقة) عوضا عن الجذعة (ويجع ُ‬ ‫َأوْ عشرين درْهما) إذا لم تتيسر له الشاتان‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫و في الحد يث دل يل أن هذا القدر هو جبر التفاوت ما ب ين الح قة والجذ عة (و من بل غت عنده صدقةُ الح قة) ال تي‬ ‫عرفت قدرها (وليست عنده الحقة‪ ،‬وعنده الجذعة فإنها تقبل منه الجذعة) وإن كانت زائدة على ما يلزمه‪ ،‬فل‬ ‫يكلف تح صيل ما ل يس عنده (ويعط يه الْم صدق) مقا بل ما زاد عنده (شات ين أو عشر ين درهما") ك ما سلف في‬ ‫عكسه (رواه البخاري)‪.‬‬ ‫قد اختلف في قدر التفاوت في سائر السنان‪ ،‬فذهب الشافعي إلى أن التفاوت بين كل سنين كما ذكر في الحديث‪.‬‬ ‫وذ هب الهادو ية إلى أن الوا جب هو زيادة ف ضل القي مة من رب المال أو ردّ الف ضل من الم صدق‪ ،‬وير جع في‬ ‫ذلك إلى التقو يم‪ ،‬قالوا‪ :‬بدل يل أ نه ورد في روا ية "عشرة درا هم أو شاة" و ما ذلك إل أن التقو يم يختلف باختلف‬ ‫الزمان والمكان فيجب الرجوع إلى التقويم‪ ،‬وقد أشار البخاري إلى ذلك فإنه أورد حديث أبي بكر في باب أخذ‬ ‫ص أو لَبي سٍ في ال صدقة‬ ‫العروض من الزكاة وذ كر في ذلك قول معاذ ل هل الي من "ائتو ني بعرض ثياب كم خمي ٍ‬ ‫مكان الشعير والذرة أهون عليكم وخير لصحاب محمد صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم بالمدينة" ويأتي استيفاء ذلك‪.‬‬ ‫ن فأَ َمرَ هُ َأ نْ‬ ‫جبَلٍ رضي ال عن هُ‪" :‬أَنّ النّبيّ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم َب َعثَ هُ إلى اليم ِ‬ ‫[رح ‪ ]3‬ضضضض وعن معاذ بن َ‬ ‫ل حالِ مٍ دينارا أ ْو عدله معافريا" رواه‬ ‫ن كُلّ أربع ين مُ سنةً‪ ،‬و من ك ّ‬ ‫ن بقر ًة تبيعا أَ ْو تَبيعةً‪ ،‬و ِم ْ‬ ‫خذَ من ك ّل ثلثي َ‬ ‫يأ ُ‬ ‫ظ لحْمد وحسّنهُ الترمذي وأَشار إلى اختلفٍ في وصله وصححه ابنُ حبّان والحاكم‪.‬‬ ‫الْخمسة واللف ُ‬ ‫(وعن معاذ بن جبل رضي ال عنه أن النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم بعثه إلى اليمن فأمره أن يأخذ من كل ثلثين‬ ‫بقرة تبيعا أو تبي عة) ف يه أ نه مخ ير ب ين المر ين وال تبيع ذو الحول ذكرا كان أو أن ثى (و من كل أربع ين م سنة)‬ ‫وهي ذات الحولين (ومن كل حالم دينارا) أي محتلم وقد أخرجه بهذا اللفظ أبو داود والمراد به الجزية ممن لم‬ ‫ي في الي من‬ ‫يسلم (أو عدله) بفتح الع ين المهملة وسكون الدال المهملة (معافريا) نسبة إلى معافر زنة مساجد ح ّ‬ ‫إليهم تنسب الثياب المعافرية يقال ثوب معافري (رواه الخمسة واللفظ لحمد وحسنه الترمذي وأشار إلى اختلف‬ ‫في وصله) لفظ الترمذي بعد إخراجه‪ :‬وروى بعضهم هذا الحديث عن العمش عن أبي وائل عن مسروق‪" :‬أن‬ ‫النبي صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم بعث معاذا إلى اليمن فأمره أن يأخذ"‪ .‬قال‪ :‬وهذا أصح‪ ،‬أي من روايته عن مسروق‬ ‫عن معاذ عن النبي صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم (وصححه ابن حبان والحاكم) وإنما رجح الترمذي الرواية المرسلة لن‬ ‫رواية التصال اعترضت بأن مسروقا لم يلق معاذا‪ .‬وأجيب عنه بأن مسروقا همداني النسب من وداعة يماني‬ ‫الدار‪ ،‬وقدكان فضي أيام معاذ باليمضن فاللقاء ممكضن بينهمضا فهضو محكوم باتصضاله على رأي الجمهور‪ .‬قلت‪ :‬وكأن‬ ‫رأي الترمذي رأيُ البخاري أنه ل بد من تحقق اللقاء‪.‬‬ ‫والحديث دليل على وجوب الزكاة في البقر وأن نصابها ما ذكر هو مجمع عليه في المرين‪.‬‬ ‫وقال ابن عبد البر‪ :‬ل خلف بين العلماء أن السنة في زكاة البقر على ما في حديث معاذ‪ ،‬وأنه النصاب المجمع‬ ‫عليه‪.‬‬ ‫وفيه دللة على أنه ل يجب فيما دون الثلثين شيء‪ .‬وفيه خلف للزهري فقال‪ :‬يجب في كل خمس شاة قياسا‬ ‫على البل‪ .‬وأجاب الجمهور بأن النصاب ل يثبت بالقياس وبأنه قد روي "ليس فيما دون ثلثين من البقر شيء"‬ ‫وهو وإن كان مجهول السناد‪ ،‬فمفهوم حديث معاذ يؤيده‪.‬‬ ‫[رح ‪ ]4‬ضضضض وعن عمرو بن شعي بٍ عن أبيه عن جده رض يَ اللّ ُه عنهم قال‪ :‬قال رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ‬ ‫َوسَلّم‪" :‬تُؤخذُ صدقات المسلمين على مياههمْ" روا ُه أَحمدُ‪ ،‬ولبي داودَ "ول تؤخذُ صدقا ُت ُهمْ إل في دورهم"‪.‬‬ ‫خذُ‬ ‫(و عن عمرو بن شع يب عن أب يه عن جده ر ضي ال عن هم قال‪ :‬قال ر سول ال صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم‪" :‬تُؤ َ‬ ‫صدقات المُسلمين على مياههم" رواه أحمد؛ ولبي داود) من حديث عمرو بن شعيب (أيضا "ل تُؤخ ُذ صدقاتهم‬ ‫إل في دورهم" وعند النسائي وأبي داود في لفظ من حديث عمرو أيضا "ل جلب ول جنب ول تؤخذ صدقاتهم‬ ‫إل في دورهم" أي ل تجلب الماشية إلى المصدق بل هو الذي يأتي لرب المال‪.‬‬ ‫معنى ل جنب أنه حيث يكون المصدق بأقصى مواضع أصحاب الصدقة فتجنب إليه‪ ،‬فنهي عن ذلك وفيه تفسير‬ ‫آخر يخرجه عن هذا الباب‪.‬‬ ‫والحاديضث دلت على أن المصضدق هضو الذي يأتضي إلى رب المال‪ ،‬فيأخضذ الصضدقة‪ ،‬ولفضظ أحمضد خاص بزكاة‬ ‫الماشيضة‪ ،‬ولفضظ أبضي داود عام لكضل صضدقة‪ ،‬وقضد أخرج أبضو داود عضن جابر بضن عتيضك مرفوعا "سضيأتيكم ركضب‬ ‫مبغضون فإذا أتوكضم فرحبوا بهضم وخلوا بينهضم وبيضن مضا يبتغون‪ ،‬فإن عدلوا فلنفسضهم‪ ،‬وإن ظلموا فعليهضا‬ ‫وأرضوهم‪ ،‬وإن تمام زكاتكم رضاهم" فهذا يدل أنهم ينزلون بأهل الموال وأنهم يرضونهم وإن ظلموهم‪ ،‬وعند‬ ‫أحمد من حديث أنس قال‪" :‬أتى رجل من بني تميم فقال‪ :‬يا رسول ال إذا أديت الزكاة إلى رسولك‪ ،‬فقد برئت‬ ‫منها إلى ال ور سوله؟ قال‪ :‬نعم ولك أجر ها وإثم ها على من بدل ها" وأخرج م سلم حد يث جابر مرفوعا "أرضوا‬ ‫‪4‬‬

‫َسضلّم فقالوا‪ :‬إن أناسضا مضن المصضدقين يأتوننضا‬ ‫ْهض و َ‬ ‫صضلّى ال عََلي ِ‬ ‫مصضدقكم" فضي جواب ناس مضن العراب أتوه َ‬ ‫فيظلمون نا‪ ،‬إل أن في البخاري أن من سئل أك ثر م ما و جب عل يه فل يعط يه الم صدق وج مع بي نه وب ين هذه‬ ‫الحاديث أن ذلك حيث يطلب الزيادة على الواجب من غير تأويل‪ ،‬وهذه الحاديث حيث طلبها متأولً‪ ،‬وإن رآه‬ ‫صاحب المال ظالما‪.‬‬ ‫ع نْ أَبي هُريرة رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪َ" :‬ليْ سَ على المُسلم‬ ‫[رح ‪ ]5‬ضضضض وَ َ‬ ‫عبْده ول في فرس ِه صَدقةٌ" رواهُ ا ْلبُخاريّ‪ .‬ولمسلم "ليس في العبد صدق ٌة إل صَدقةُ ال ِفطْر"‪.‬‬ ‫في َ‬ ‫الحديث نص على أنه ل زكاة في العبيد ول الخيل وهو إجماع فيما كان للخدمة والركوب‪.‬‬ ‫وأمضا الخ يل المعدة للنتاج ففيضا خلف للحنف ية وتفا صيل واحتجوا بحديضث "فضي كل فرس سضائمة دينار أو عشرة‬ ‫دراهم" أخرجه الدارقطني والبيهقي وضعفاه‪ .‬وأجيب بأنه ل يقاوم حديث النفي الصحيح‪ ،‬واتفقت هذه الواقعة في‬ ‫زمن مروان فتشاور الصحابة في ذلك فروى أبو هريرة الحديث "ليس على الرجل في عبده ول فرسه صدقة"‬ ‫فقال [اث]مروان لز يد بن ثا بت[‪/‬اث]‪ :‬ما تقول يا أ با سعيد؟ فقال أ بو هريرة‪ :‬عجبا من مروان أحد ثه بحد يث‬ ‫رسول ال صلى ال تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو يقول‪ :‬ما تقول يا أبا سعيد‪ :‬فقال ز يد‪ :‬صدق رسول ال‬ ‫صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم إنما أراد به الفرس الغازي فأمر تاجر يطلب نسلها ففيها ال صدقة‪ ،‬فقال‪ :‬كم قال‪ :‬في كل‬ ‫فرس دينار أو عشرة دراهم‪.‬‬ ‫وقالت الظاهرية‪ :‬ل تجب الزكاة في الخيل‪ ،‬ولو كانت للتجارة‪ ،‬وأجيب بأن زكاة التجارة واجبة بالجماع‪ ،‬كما‬ ‫نقله ابن المنذر‪ .‬قلت‪ :‬كيف الجماع‪ ،‬وهذا خلف الظاهرية‪.‬‬ ‫ع نْ جدَه رض يَ اللّ ُه عن هم قال‪ :‬قال ر سول ال صَلّى ال عََل ْي هِ‬ ‫ع نْ أَب يه َ‬ ‫[رح ‪ ]6‬ضضضض وع نْ بَهْز بن حك يم َ‬ ‫ن أَعْطاها ُمؤْتجرا بها فَلَ هُ َأجْرها‪،‬‬ ‫ل سائمة إبل في َأرْبعين بنْ تُ َلبُون ل تُفرّق إبلٌ ع نْ حسابها‪ ،‬مَ ْ‬ ‫وَ سَلّم‪" :‬في ك ّ‬ ‫ن عزمات ربّنا‪ ،‬ل يحلّ لل محمد منها شيءٍ" رواهُ أَحمد وأَبو داودَ‬ ‫عزْمةً ِم ْ‬ ‫ن َم َنعَها فإنّا آخذوها َوشَطر ماله َ‬ ‫وم ْ‬ ‫والنسائيّ وصحّحه الحاكم وعلق الشافعي القوْلَ بهِ على ُثبُوته‪.‬‬ ‫ح ْيدَة بفتضح الحاء المهملة‬ ‫(وعضن بَهْز) بفتضح الباء الموحدة وسضكون الهاء والزاي (ابضن حكيضم) ابضن معاويضة بضن َ‬ ‫وسكون المثناة التحتية وفتح الدال المهملة القشيري بضم القاف وفتح المعجمة‪ ،‬وبهز تابعي مختلف في الحتجاج‬ ‫به فقال يحيى بن معين في هذه الترجمة‪ :‬إسناد صحيح إذا كان من دون بهز ثقة‪ ،‬وقال أبو حاتم‪ :‬هو شيخ يكتب‬ ‫حديثه ول يحتج به‪ ،‬وقال الشافعي‪ :‬ليس بحجة‪ ،‬وقال الذهبي‪ :‬ما تركه عالم قط (عن أبيه عن جده رضي ال‬ ‫ل سائمة إبل‬ ‫عنهم) عن معاوية بن حيدة صحابي (قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال تعالى عليه وآله وسلم‪" :‬في ك ّ‬ ‫في أربعين بنتُ َلبُون) تقدم في حديث أنس أن بنت اللبون تجب من ست وثلثين إلى خمس وأربعين فهو يصدق‬ ‫على أنه يجب في الربعين بنت لبون‪ ،‬ومفهوم العدد هنا مطرح زيادة ونقصانا لنه عارضه المنطوق الصريح‬ ‫ل عن حسابها) معناه أن المالك ل يفرق ملكه عن ملك غيره حيث كانا خليطين كما‬ ‫وهو حديث أنس (ل تُفرّق إب ٌ‬ ‫تقدم ( من أعطا ها مؤتجرا ب ها) أي قا صدا لل جر بإعطائ ها (فله أَجرُ ها‪ ،‬و من منع ها فإنّا آخذو ها وشطرَ ماله‪،‬‬ ‫عزْمة) يجوز رفعه على أنه خبر مبتدإ محذوف ونصبه على المصدرية وهو مصدر مؤكد لنفسه‪ ،‬مثل‪ :‬له عليّ‬ ‫ن أخذ ذلك يجد‬ ‫ألف درهم اعترافا‪ ،‬والناصب له فعل يدل عليه جملة فإنا آخذوها‪ ،‬والعزمة الجد في المر يعني أ ّ‬ ‫فيضه لنضه واجضب مفروض (مضن عزَمات ربّنضا ل يحلّ لل محمضد منهضا شيضء" رواه أحمضد وأ بو داود والنسضائي‪،‬‬ ‫وصححه الحاكم وعلق الشافعي القول به على ثبوته) فإنه قال‪ :‬هذا الحديث ل يثبته أهل العلم بالحديث ولو ثبت‬ ‫لقلنا به‪ ،‬وقال ابن حبان كان ضضضض يع ني بهزا ضضضض يخط يء كثيرا ولول هذا الحديث لدخل ته في الثقات‬ ‫وهو ممن استخير ال فيه‪.‬‬ ‫والحديث دليل على أنه يأخذ المام الزكاة قهرا ممن منعها‪ ،‬والظاهر أنه مجمع عليه‪ ،‬أن نية المام كافية وأنها‬ ‫تجزيء من هي عليه‪ ،‬وإن فاته الجر فقط سقط عنه الوجوب‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬وشطر ماله" هو عطف على الضمير المنصوب في آخذو ها‪ ،‬والمراد من الشطر الب عض‪ .‬وظاهره أن‬ ‫ذلك عقوبة بأخذ جزء من المال على منعه إخراج الزكاة‪ ،‬وقد قيل‪ :‬إن ذلك منسوخ ولم يقم مدعي النسخ دليلً‬ ‫على النسخ بل دل على عدمه أحاديث أخر ذكره في الشرح‪.‬‬ ‫وأما قول المصنف‪ :‬إنه ل دليل في حديث بهز على جواز العقوبة بالمال لن الرواية "وشطر ماله" بضم الشين‬ ‫فعل مبني للمجهول أي جعل ماله شطرين ويتخير عليه المصدق ويأخذ الصدقة من خير الشطرين عقوبة لمنعه‬ ‫شطّر ماله أي جعل ماله‬ ‫الزكاة‪ .‬قلت‪ :‬وفي النهاية ما لفظه‪ :‬قال الحربي‪ :‬غلط الراوي في لفظ الرواية إنما هي و ُ‬ ‫شطرين إلى آخر ما ذكره المصنف‪ ،‬وإلى مثله جنح صاحب ضوء النهار فيه وفي غيره من رسائله‪ ،‬وذكرنا في‬ ‫‪5‬‬

‫حواشيه أنه على هذه الرواية أيضا دال على جواز العقوبة بالمال إذ الخذ من خير الشطرين عقوبة بأخذ زيادة‬ ‫على الواجب إذ الواجب الوسط غير الخيار‪ .‬ثم رأيت الشارح أشار إلى هذا الذي قلناه في حواشي ضوء النهار‬ ‫قبل الوقوف على كلمه‪ ،‬ثم رأيت النووي بعد مدة طويلة يذكر ما ذكرناه بعينه ردّا على من قال إنه على تلك‬ ‫الرواية ل دليل فيه على جواز العقوبة بالمال ولفظه‪ :‬إذا تخير المصدق وأخذ من خير الشطرين فقد أخذ زيادة‬ ‫على الوا جب و هي عقو بة بالمال‪ ،‬إل أن حد يث ب هز هذا لو صحّ فل يدل إل على هذه العقو بة بخ صوصها في‬ ‫مانع الزكاة ل غيره‪.‬‬ ‫وهذا الشطر المأخوذ يكون زكاة كله أي حكمه حكمها أخذا ومصرفا ل يلحق بالزكاة غيرها في ذلك لنه ألحق‬ ‫بالقياس ول نص على عل ته‪ ،‬وغ ير ال نص من أدلة العلة ل يف يد ظنا يع مل به‪ ،‬سيما و قد تقرّرت حر مة مال‬ ‫المسلم بالدلة القطعية كحرمة دمه‪ ،‬ل يحل أخذ شيء منه إل بدليل قاطع ول دليل بل هذا الوارد في حديث بهز‬ ‫ن فكيف يؤخذ به ويقدم على القطعي‪.‬‬ ‫آحادي ل يفيد إل الظ ّ‬ ‫ل ينكره العقل والشرع‪ ،‬وصارت‬ ‫ولقد استرسل أهل المر في هذه العصار في أخذ الموال في العقوبة استرسا ً‬ ‫تناط الوليات بجهال ل يعرفون من الشرع شيئا ول من المر‪ ،‬فليس همهم إل قبض المال من كل من لهم عليه‬ ‫ول ية‪ ،‬وي سمونه‪ :‬أدبا وتأديبا وي صرفونه في حاجات هم وأقوات هم وك سب الوطان وعمارة الم ساكن في الوطان‬ ‫فإنا ل وإنا إليه راجعون‪.‬‬ ‫ومن هم من يض يع حد ال سرقة أو شرب الم سكر ويق بض عل يه مالً‪ .‬ومن هم من يج مع بينه ما فيق يم ال حد ويق بض‬ ‫المال وكل ذلك محرم ضرورة دينية‪ ،‬لكنه شاب عليه الكبير وشب عليه الصغير وترك العلماء النكير فزاد الشر‬ ‫في المر الخطير‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬ل تحل لل محمد" يأتي الكلم في هذا الحكم مستوفي إن شاء ال تعالى‪.‬‬ ‫[رح ‪ ]7‬ضضضض وع نْ عليّ رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬إذا كانت لك مائتا درهم‬ ‫وحال علي ها الحوْلُ‪ ،‬ففي ها خم س ُة درا هم‪ ،‬ول يس عل يك شي ٌء ح تى يكون لك عشرون دينارا وحالَ عََليْ ها الحول‪،‬‬ ‫حسَنٌ‬ ‫ف دينار‪ ،‬فما زادَ فبحساب ذلك‪ ،‬وََليْس في مَالٍ زكاةٌ حتى يحول عليه الحولُ" رَواهُ أَبو داود و ُهوَ َ‬ ‫ففيها نصْ ُ‬ ‫وقد اختلف في رفعهِ‪.‬‬ ‫(و عن علي ر ضي ال ع نه قال‪ :‬قال ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬إذا كا نت لك مائ تا در هم وحال علي ها‬ ‫الحول ففيها خمسة دراهم) ربع عشرها (وليس عليك شيء) أي في الذهب (حتى يكون لك عشرون دينارا وحال‬ ‫علي ها الحول ففي ها ن صف دينار‪ ،‬ف ما زاد فبح ساب ذلك‪ ،‬ول يس في مال زكاة ح تى يحول عل يه الحولُ" رواه أ بو‬ ‫داود وهو حسن وقد اختلف في رفعه) أخرج الحديث أبو داود مرفوعا من حديث الحارث العور إل قوله‪" :‬فما‬ ‫زاد فبحساب ذلك" قال‪ :‬فل أدري أعليّ يقول فبحساب ذلك أو يرفعه إلى النبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪ ،‬وإل قوله‪:‬‬ ‫ليضس فضي المال زكاة إلى آخره" انتهضى فأفاد كلم أبضي داود أن فضي رفعضه بجملتضه اختلفا‪ ،‬ونبضه المصضنف فضي‬ ‫التلخيص على أنه معلوم وبيّن علّته‪ ،‬ولكنه أخرج الدارقطني الجملة الخرى من حديث ابن عمر مرفوعا بلفظ‬ ‫"ل زكاة في مال امريء حتى يحول عل يه الحول" وأخرى أيضا عن عائشة مرفوعا "ليس في المال زكاة ح تى‬ ‫يحول عليه الحول" وله طريق أخرى عنها‪.‬‬ ‫والحديث دليل على أن نصاب الفضة مائتا درهم وهو إجماع‪ ،‬وإنما الخلف في قدر الدرهم فإن فيه خلفا كثيرا‬ ‫سرده في الشرح ولم يأت بما يشفي وتسكن النفس إليه في قدره‪ ،‬وفي شرح الدميري أن كل درهم ستة دوانيق‬ ‫وكل عشرة دراهم سبعة مثاقيل‪ ،‬والمثقال لم يتغير في جاهلية ول إسلم‪ ،‬قال‪ :‬وأجمع المسلمون على هذا‪.‬‬ ‫وقرر في المنار بعد بحث طويل أن نصاب الفضة من القروش الموجودة على رأي الهادوية ثلثة عشر قرشا‪،‬‬ ‫على رأي الشافعية أربعة عشر‪ ،‬وعلى رأي الحنفية عشرون وتزيد قليلً‪.‬‬ ‫وأن نصاب الذهب عند الهادوية خمسة عشر أحمر‪ ،‬وعشرون عند الحنفية ثم قال‪ :‬وهذا تقريب‪.‬‬ ‫وفيه أن قدر زكاة المائتي الدرهم ربع العشر وهو إجماع‪.‬‬ ‫وقوله "ف ما زاد فبح ساب ذلك" قد عر فت أن في رف عه خلفا وعلى ثبو ته فيدل على أ نه ي جب في الزائد‪ ،‬وقال‬ ‫بذلك جما عة من العلماء وروي عن علي و عن ا بن ع مر أنه ما قال‪ :‬ما زاد على الن صاب من الذ هب والف ضة‬ ‫ففيه أي الزائد ربع العشر في قليله وكثيره‪ ،‬وأنه ل وقص فيهما‪ .‬ولعلهم يحملون حديث جابر التي بلفظ "وليس‬ ‫فيما دون خمس أواق صدقة" على ما إذا انفردت عن نصاب منهما إل إذا كانت مضافة إلى نصاب منهما وهذا‬ ‫الخلف في الذهب والفضة‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫وأما الحبوب فقال النووي في شرح مسلم‪ :‬إنهم أجمعوا فيما زاد على خمسة أوسق أنها تجب زكاته بحسابه وأنه‬ ‫ل أوقاص فيها اهض‪ .‬وحملوا ما يأتي من حديث أبي سعيد بلفظ "وليس فيما دون خمسة أوساق من تمر ول حب‬ ‫صدقة" على ما لم ين ضم إلى خمسة أو سق وهذا يقوي مذ هب علي وا بن عمر رضي ال عنهم الذي قدمناه في‬ ‫النقدين‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬ول يس عل يك ش يء ح تى يكون لك عشرون دينارا" ف يه ح كم ن صاب الذ هب وقدر زكا ته وأ نه عشرون‬ ‫دينارا وفيها نصف دينار‪ ،‬وهو أيضا ربع عشرها‪ ،‬وهو عام لكل فضة وذهب مضروبين أو غير مضروبين‪،‬‬ ‫وفي حديث أبي سعيد مرفوعا أخرجه الدارقطني وفيه "ول يحل في الورق زكاة حتى يبلغ خمس أواق" وأخرج‬ ‫أيضا من حديث جابر مرفوعا "ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة"‪.‬‬ ‫وأما الذهب ففيه هذا الحد يث ونقل المصنف عن الشافعي أنه قال‪ :‬فرض رسول ال صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم في‬ ‫الورق صدقة فأخذ المسلمون بعده في الذهب صدقة إما بخبر لم يبلغنا وإما قياسا‪ .‬وقال ابن عبد البر‪ :‬لم يثبت‬ ‫عن النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَسَلّم في الذهب شيء من جهة نقل الحاد الثقات‪ ،‬وذكر هذا الحديث الذي أخرجه أبو‬ ‫داود وأخرجه الدارقطني‪ .‬قلت‪ :‬لكن قوله تعالى‪{ :‬وللذين يكنزون الذهب والفضة ول ينفقوا منها في سبيل ال}‬ ‫الية منبه على أن في الذهب حقا ل‪ ،‬وأخرج البخاري وأبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من‬ ‫حديث أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول ال صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم‪" :‬ما من صاحب ذهب ول فضة ل يؤدي حقها إل‬ ‫جعلت له يوم القيامضة صضفائح وأحمضي عل يه" الحديضث؛ فحقهضا هو زكات ها وفضي الباب عدة أحاديضث يش ّد بعضهضا‬ ‫سردها في الدرّ المنثور‪.‬‬ ‫ول بد في نصاب الذهب والفضة من أن يكونا خالصين من الغش‪ ،‬وفي شرح الدميري على المنهاج أنه إذا كان‬ ‫الغش يماثل أجرة الضرب والتلخيص فيتسامح به وبه عمل الناس على الخراج منها‪.‬‬ ‫ودل الحد يث على أ نه ل زكاة في المال ح تى يحول عل يه الحول‪ ،‬و هو قول الجماه ير وف يه خلف لجما عة من‬ ‫الصضحابة والتابعيضن وبعضض الل وداود فقالوا‪ :‬إنضه ل يشترط الحول لطلق حديضث "وفضي الرقضة ربضع العشضر"‬ ‫وأجيب بأنه مقيد بهذا الحديث وما عضده من الشواهد‪ ،‬ومن شواهده أيضا‪:‬‬ ‫[رح ‪ ]8‬ضضضض وللترمذيّ عن ا بن عُمَر ر ضي ال عنه ما " من ا ستفادَ مالً فل زكاة عل يه ح تى يحولَ عَلَيْه‬ ‫ح وقْ ُفهُ‪.‬‬ ‫الحولُ" والرّاج ُ‬ ‫(وللترمذي عن ابن عمر رضي ال عنهما‪ :‬من استفاد مالً فل زكاة عليه حتى يحول عليه الحول) رواه مرفوعا‬ ‫(والراجضح وفقضه) إل أن له حكضم الرفضع إذ ل مسضرح للجتهاد فيضه‪ ،‬ويؤيده آثار صضحيحة عضن الخلفاء الربعضة‬ ‫وغيرهم فإذا حال عليه الحول فينبغي المبادرة بإخراجها‪.‬‬ ‫ف قد أخرج الشاف عي والبخاري في التار يخ من حد يث عائ شة مرفوعا " ما خال طت ال صدقة مالً قط إل أهلك ته"‬ ‫وأخرج الحميدي وزاد "يكون قد و جب عل يك في مالك صدقة فل تخرج ها فيهلك الحرام الحلل" قال ا بن تيم ية‬ ‫في المنتقى‪ :‬قد احتج به من يرى تعلق الزكاة بالعين‪.‬‬ ‫صدَقةٌ" روا هُ أَ بو داودَ والدارقُط ني‬ ‫عنْ هُ قال‪ :‬لَيْس في ا ْلبَقَر الْعوامِل َ‬ ‫[رح ‪ ]9‬ضضضض وَعَ نْ علي ر ضي ال َ‬ ‫والرّاجحُ وقفهُ أَيضا‪.‬‬ ‫(وعن علي رضي ال عنه قال‪ :‬ليس في البقر العوامل صدقة‪ ،‬رواه أبو داود والدارقطني والراجح وقفه) قال‬ ‫المصنف‪ :‬قال البيهقي‪ :‬رواه النفيلي عن زهير بالشك في وقفه ورفعه إل أن ذكره المصنف بلفظ "ليس في البقر‬ ‫العوامل شيء" ورواه بلفظ الكتاب من حديث ابن عباس ونسبه للدارقطني وفيه متروك‪ ،‬وأخرجه الدارقطني من‬ ‫حديث علي عليه السلم وأخرجه من حديث جابر إل أنه بلفظ "ليس في البقر المثيرة صدقة" وضعف البيهقي‬ ‫إسناده‪.‬‬ ‫والحديث دليل على أنه ل يجب في البقر العوامل شيء وظاهره سواء كانت سائمة أو معلوفة وقد ثبتت شرطية‬ ‫ال سوم في الغ نم في البخاري و في ال بل في حد يث ب هز ع ند أ بي داود والن سائي‪ ،‬قال الدميري‪ :‬وألح قت الب قر‬ ‫بهما‪.‬‬ ‫عمْروٍ رضي اللّ ُه عنهم أنّ رسولَ ال‬ ‫جدّه عبد ال ب نِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن أَبيه عَ ْ‬ ‫عمْرو بن شعيب عَ ْ‬ ‫[رح ‪ ]10‬ضضضض وَعَن َ‬ ‫رواهض الترمذي‬ ‫ُ‬ ‫َهض الصضّدقةُ"‬ ‫ْهض حتضى تأكُل ُ‬ ‫لهض ول يت ُرك ُ‬ ‫َهض مالٌ فَ ْل َيتّجرْ ُ‬ ‫َنض ولي يتيما ل ُ‬ ‫َسضلّم قالَ‪" :‬م ْ‬ ‫ْهض و َ‬ ‫صضلّى ال عََلي ِ‬ ‫َ‬ ‫والدار ُقطْني وإسناد ُه ضعيفٌ وَلَ ُه شاهدٌ مُرسَلٌ عند الشافعي‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫(وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد ال بن عمرو رضي ال عنهم أن رسول ال صلى ال تعالى عليه‬ ‫ل ف ْليَتّجرْ له ول يتركْ ُه حتى تأكُلَ ُه الصّدقة"‪ .‬روا هُ الترمذي والدارقطني‬ ‫ي يتيما ل هُ ما ٌ‬ ‫وعلى آله وسلم قال‪" :‬م نْ ول َ‬ ‫وإسناده ضعيف" لن فيه[تض] المثنى بن الصباح[‪/‬تض] في رواية الترمذي والمثنى ضعيف‪ ،‬ورواية الدارقطني‬ ‫فيها مندل بن علي والعرزمي متروك ولكن قال المصنف‪( :‬وله) أي لحديث عمرو (شاهد مرسل عند الشافعي)‬ ‫هو قوله صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم‪" :‬ابتغوا في أموال اليتام ل تأكلها الزكاة" أخرجه من رواية ابن جريج عن يوسف‬ ‫بن ماهك مرسلً وأكده الشافعي بعموم الحاديث الصحيحة في إيجاب الزكاة مطلقا‪ ،‬وقد روي مثل حديث عمرو‬ ‫أيضا عن أنس وعن ابن عمرو موقوفا‪ ،‬وعن علي عليه السلم فإنه أخرج الدارقطني من حديث أبي رافع قال‪:‬‬ ‫لل أبي رافع أموال عند علي فلما دفعها إليهم وجدوها تنقص فحسبوها مع الزكاة فوجدوها تامة فأتوا عليّا فقال‪:‬‬ ‫كنتم ترون أن يكون عندي مال ل أزكيه‪ .‬وعن عائشة أخرجه مالك في الموطأ أنها كانت تخرج زكاة أيتام كانوا‬ ‫في حجرها‪.‬‬ ‫ف في ال كل دللة على وجوب الزكاة في مال ال صبي كالمكلف‪ ،‬وي جب على وليّه الخراج و هو رأي الجمهور‪،‬‬ ‫وروي عن ابن مسعود أنه يخرجه الصبي بعد تكليفه‪ ،‬وذهب ابن عباس وجماعة إلى أنه يلزمه إخراج العشر‬ ‫من ماله لعموم أدل ته ل غ ير لحد يث "ر فع القلم"‪ .‬قلت‪ :‬ول يخ فى أ نه ل دللة ف يه وأن العموم في الع شر أيضا‬ ‫حاصل في غيره كحديث "في الرقة ربع العشر" ونحوه‪.‬‬ ‫ع نْ عبد ال بن أَبي َأوْفى رضي ال ع ْنهُما قالَ‪" :‬كان رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم إذا‬ ‫[رح ‪ ]11‬ضضضض وَ َ‬ ‫أَتاه قومٌ بصدَقَتهمْ قال‪" :‬اللهم صلّ عليهم" مُتفقٌ عليه‪.‬‬ ‫هذا منضه صضلى ال عليضه وآله وسضلم امتثالً لقوله تعالى‪{ :‬خضذ من أموالهضم صضدقة} ضضضضض إلى قوله ضضضضض‬ ‫{وصل علهم} فإنه أمره ال بالصلة عليهم ففعلها بلفظها حيث قال‪" :‬اللهم صل على آل أبي فلن" وقد ورد أنه‬ ‫دعا لهم بالبركة كما أخرجه النسائي أنه قال في رجل بعث بالزكاة‪" :‬اللهم بارك فيه وفي أهله"‪.‬‬ ‫وقال بعض الظاهرية بوجوب ذلك على المام كأنه أخذه من المر في الية‪ ،‬ور ّد بأنه لو وجب لعلمه صَلّى ال‬ ‫عََليْ هِ وَ سَلّم السعاة ولم ينقل‪ ،‬فالمر محمول في الية على أنه خاص به صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم فإنه الذي صلته‬ ‫سكن لهم‪.‬‬ ‫واستدل بالحديث على جواز الصلة على غير النبياء‪ ،‬وأنه يدعو المصدق بهذا الدعاء لمن أتى بصدقة‪ ،‬وكرهه‬ ‫مالك‪.‬‬ ‫وقال الخطا بي‪ :‬أ صل ال صلة الدعاء إل أ نه يختلف بح سب المد عو له ف صلة ال نبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم على‬ ‫أمته دعاء لهم بالمغفرة‪ ،‬وصلتهم عليه دعاء له بزيادة القربى والزلفى ولذلك كان ل يليق بغيره‪.‬‬ ‫عنْ هُ‪" :‬أَنّ العباس رضي اللّ هُ عن هُ سأَل النبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم في‬ ‫[رح ‪ ]12‬ضضضض وَعَ نْ علي رضي اللّ هُ َ‬ ‫تعجيل صَدقت ِه قبْلَ أن تحلّ فرخّص ل ُه في ذلك"‪ .‬رواهُ التّرمذي والحاكم‪.‬‬ ‫قال الترمذي‪ :‬وفي الباب عن ابن عباس‪:‬‬ ‫قال‪ :‬و قد اختلف أ هل العلم في تعج يل الزكاة ق بل محل ها‪ ،‬ورأى طائ فة من أ هل العلم أن ل يعجل ها و به يقول‬ ‫سفيان‪ .‬وقال أكثر أهل العلم‪ :‬إن عجلها قبل محلها أجزأت عنه‪ .‬انتهى وقد روى الحديث أحمد وأصحاب السنن‬ ‫والبيه قي وقال‪ :‬قال الشاف عي "روى أ نه صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم ت سلف صدقة مال العباس ق بل أن ت حل" ول أدري‬ ‫أث بت أم ل؟ قال البيه قي‪ :‬ع نى بذلك هذا الحد يث و هو معت ضد بحد يث أ بي البحتري عن علي عل يه ال سلم أن‬ ‫النبي صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم قال‪" :‬إنا كنا احتجنا فأسلفنا العباس صدقة عامين" ورجاله ثقات إل أنه منقطع‪ .‬وقد‬ ‫َسضلّم تقدم مضن العباس زكاة عاميضن‪ ،‬واختلف‬ ‫ْهض و َ‬ ‫صضلّى ال عََلي ِ‬ ‫ورد هذا مضن طرق بألفاظ مجموعهضا يدل أنضه َ‬ ‫الروايات هل هو استلف ذلك أو تقدمه ولعلهما واقعان معا‪.‬‬ ‫وهضو دليضل على جواز تعجيضل الزكاة‪ .‬وإليضه ذهضب الكثضر كمضا قاله الترمذي وغيره‪ ،‬ولكنضه مخصضوص جوازه‬ ‫بالمالك‪ ،‬ول يصح من المتصرف بالوصاية والولية‪ ،‬واستدل من منع التعجيل مطلقا بحديث‪" :‬إنه ل زكاة حتى‬ ‫يحول الحول" كما دلت له الحاديث التي تقدمت‪.‬‬ ‫والجواب أنه ل وجوب حتى يحول عليه الحول‪ ،‬وهذا ل ينفي جواز التعجيل‪ .‬وبأنه كالصلة قبل الوقت؛ وأجيب‬ ‫بأنه ل قياس مع النص‪.‬‬ ‫عنْهما ع نْ ر سُول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قال‪َ" :‬ليْس فيما‬ ‫[رح ‪ ]13‬ضضضض وع نْ جابرِ بن عبد ال رضي ال َ‬ ‫س ذُ ْودٍ من البل صدقةٌ‪ ،‬ولَيس فيما دُون خمس ِة أَوْسق‬ ‫خمْ ِ‬ ‫دون خم سِ أَواق من ال َورِق صَدقة‪ ،‬وليْس فيما دُون َ‬ ‫من الثمر صدقةٌ" روا ُه مسلمٌ‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫(و عن جابر ر ضي ال ع نه عن ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قال‪" :‬ل يس في ما دون خ مس أَوا قٍ) وو قع في‬ ‫مسلم أواقي بالياء وفي غيره بحذفها وكلهما صحيح فإنه جمع أوقية ويجوز في جمعهما الوجهان كما صرح به‬ ‫أهل اللغة (من الورق) بفتح الواو وكسرها وكسر الراء وإسكانها الفضة مطلقا (صدقة‪ ،‬وليس فيما دون خمس‬ ‫ذود) ف تح الذال المعج مة وسكون الواو المهملة هي ما ب ين الثلث إلى الع شر (من ال بل) ل وا حد له من لف ظه‬ ‫(صدقة‪ ،‬وليس فيما دون خمسة أَ ْوسُق من الثّمر) بالمثلثة مفتوحة والميم (صَدقةٌ" رواه مسلم)‪.‬‬ ‫الحد يث صرح بمفاه يم العداد ال تي سلفت في بيان الن صباء‪ ،‬إذ قد عر فت أ نه تقدم أن ن صاب ال بل خ مس‪،‬‬ ‫ون صاب الف ضة مائ تا در هم ضضضض و هي خ مس أواق ضضضض؛ وأ ما ن صب الطعام فلم يتقدم وإن ما عرف هذا‬ ‫بنفي الواجب فيما دون خمسة أوسق أنه يجب في الخمسة بمفهوم النفي‪.‬‬ ‫خمْسةِ َأوْساق منْ َتمْر ول حَب صَدقة" وأَصلُ حديث‬ ‫ن َ‬ ‫[رح ‪ ]14‬ضضضض ولهُ من حديث أَبي سعيد "ليس فيما دو َ‬ ‫أَبي سعيد متّفقٌ عليه‪.‬‬ ‫ن تَمْر") بالمثناة‬ ‫(وله) أي لم سلم و هو‪ ( :‬من حد يث أ بي سعيد ر ضي ال ع نه "لَيْس في ما دون خم سة أوْ ساق مِ ْ‬ ‫الفوق ية (ول حب صدقةٌ" وأ صل حد يث أ بي سعيد مت فق عل يه) الحد يث ت صريح أيضا ب ما سلف من مفاه يم‬ ‫الحاديث إل التمر فلم يتقدم فيه شيء‪.‬‬ ‫والوساق جمع وسقٍ بفتح الواو وكسرها‪ ،‬والوسق ستون صاعا والصاع أربعة أمداد فالخمسة الوساق ثلثمائة‬ ‫صضاع‪ ،‬والمدّ‪ :‬رطضل وثلث‪ ،‬قال الداودي‪ :‬معياره الذي ل يختلف أربضع حفنات بكفضي الرجضل الذي ليضس بعظيضم‬ ‫الكفين ول صغيرهما‪ ،‬قال صاحب القاموس بعد حكايته لهذا القول‪ :‬وجربت ذلك فوجدته صحيحا‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫والحد يث دل يل على أ نه ل زكاة في ما لم يبلغ هذه المقاد ير من الورِق وال بل والث مر والت مر لطفا من ال بعباده‬ ‫وتخفيفا وهو اتفاق في الولين وأمّا الثالث ففيه خلف بسبب ما عارضه من الحديث بعده وهو قوله‪:‬‬ ‫[رح ‪ ]15‬ضضضض وعن سالم ب نِ عبد ال ع نْ أَبيه رضي اللّ ُه ع ْنهُما عن النّبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قال‪" :‬فيما‬ ‫صفُ ا ْلعُشر" روا هُ البُخاريّ‪ ،‬ولبي داودَ "إذا‬ ‫سقت ال سّماء والعُيون أَ ْو كان عثريا العُشر‪ ،‬وفيما سُقيَ بالّنضْح ن ْ‬ ‫ن َبعْلً ا ْلعُشرُ‪ ،‬وفيما سُقي بالسّواني أَو النّضح نصف العُشر"‪.‬‬ ‫كا َ‬ ‫(وعن سالم بن عبد ال) بن عمر (عن أبيه رضي ال عنهما) عبد ال ابن عمر (عن النبي صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم‬ ‫قال‪" :‬في ما سقت ال سماءُ) بم طر أو ثلج أو برد أو طلّ (والعيون) النهار الجار ية ال تي ي سقى من ها بإ ساحة الماء‬ ‫من غير اغتراف له (أو كان عثريا) بفتح المهملة وفتح المثلثة وكسر الراء وتشديد المثناة التحتية‪ ،‬قال الخطابي‪:‬‬ ‫هو الذي يشرب بعروقه لنه عثر على الماء وذلك حيث كان الماء قريبا من وجه الرض‪ ،‬فيغرس عليه فيصل‬ ‫الماء إلى العروق من غ ير سقي‪ ،‬وف يه أقوال أ خر و ما ذكرناه أقرب ها (العشرُ) مبتدأ خبره ماتقدم من قوله في ما‬ ‫سقت أو أ نه فا عل محذوف أي في ما ذ كر ي جب (وفي ما سقي بالنّضْح) بف تح النون و سكون الضاد فحاء مهملة‪:‬‬ ‫ال سانية من ال بل والب قر وغير ها من الرجال (ن صف العُ شر" رواه البخاري ول بي داود) من حد يث سالم ("إذا‬ ‫كان َبعْلً) عوضا عن قوله عثريا وهو بفتح الموحدة وضم العين المهملة كذا في الشرح وفي القاموس إنه ساكن‬ ‫الع ين ف سره بأ نه كل ن خل وش جر وزرع ل ي سقى أو ما سقته ال سماء و هو الن خل الذي يشرب بعرو قه (الع شر‬ ‫وفيما سُقِي بال سّواني أَو الّنضْح) دل عطفه عليه على التغاير‪ ،‬وأن السواني المراد بها الدواب‪ ،‬والنضح ما كان‬ ‫بغيرها كنضح الرجال باللة والمراد من الكل ما كان سقيه بتعب وعناء (نصف العُشر)‪.‬‬ ‫وهذا الحديث دل على التفرقة بين ما سقي بالسواني وبين ما سقي بماء السماء والنهار‪ ،‬وحكمته واضحة وهو‬ ‫زيادة التعب والعناء‪ ،‬فنقص بعض ما يجب رفقا من ال تعالى بعباده‪.‬‬ ‫ودل على أنضه يجضب فضي قليضل مضا أخرجضت الرض وكثيره الزكاة‪ ،‬على مضا ذكضر‪ ،‬وهذا معارض بحديضث جابر‬ ‫وحديث أبي سعيد‪ ،‬واختلف العلماء في الحكم في ذلك‪.‬‬ ‫فالجمهور أن حديث الوساق مخصص لحديث سالم وأنه ل زكاة فيما لم يبلغ الخمسة الوساق‪.‬‬ ‫وذ هب جما عة من هم ز يد بن علي وأ بو حني فة إلى أ نه ل ي خص بل يع مل بعمو مه في جب في قل يل ما أخر جت‬ ‫الرض وكثيره‪.‬‬ ‫والحق مع أهل القول الول لن حديث الوساق حديث صحيح ورد لبيان القدر الذي تجب فيه الزكاة‪ ،‬كما ورد‬ ‫حديث مائتي الدرهم لبيان ذلك مع ورود "في الرقة ربع العشر"‪ ،‬ولم يقل أحد إنه يجب في قليل الفضة وكثيرها‬ ‫الزكاة وإنما الخلف هل يجب في القليل منها إذا كانت قد بلغت النصاب كما عرفت وذلك لنه لم يرد حديث‬ ‫" في الر قة ر بع الع شر" إل لبيان أن هذا الج نس ي جب ف يه الزكاة‪ ،‬وأ ما قدر ما ي جب ف يه فموكول إلى الحد يث‬ ‫ال تبيين له بمائ تي در هم فكذا ه نا قوله "في ما سقت ال سماء الع شر" أي في هذا الج نس ي جب الع شر وأ ما بيان ما‬ ‫‪9‬‬

‫يجب فيه فموكول إلى حديث الوساق‪ ،‬وزاده إيضاحا قوله في الحديث "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة" كأنه‬ ‫ما ورد إل لدفع ما يتوهم من عموم "فيما سقت السماء العشر" كما ورد في ذلك في قوله "وليس فيما دون خمسة‬ ‫أوقي من الورق صدقة" ثم إذا تعارض العامّ والخاص كان العمل بالخاص عند جهل التاريخ كما هنا فإنه أظهر‬ ‫القوال في الصول‪.‬‬ ‫[رح ‪ ]16‬ضضضض وع نْ أَبي موسى الشْعريّ ومُعاذ رض يَ اللّ هُ ع ْنهُما أَنّ النْبيّ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قالَ َلهُما‪:‬‬ ‫ن هذ ِه الصناف الربعَةِ‪ :‬الشّعير والحنْط ِة والزّبيبِ والتّمرِ" رواهُ الطّبرانيّ والحاكمُ‪.‬‬ ‫"ل تأخُذوا الصّدقة إل م ْ‬ ‫(وعن أبي موسى الشعري ومعاذ رضي ال عنهما أن النبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم قال لهما‪ ):‬حين بعثهما إلى‬ ‫الي من يعلمان الناس أ مر دين هم‪"( :‬ل تأخذوا ال صّدقة إل من هذه ال صناف الرب عة الشع ير والحن طة والزب يب‬ ‫والتّ مر" رواه ال طبراني والحا كم) والدارقط ني‪ .‬قال البيه قي روا ته ثقات ومت صل وروى ال طبراني من حد يث‬ ‫ن رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم الزكاة في هذه الربعة ضضضض فذكرها"‬ ‫موسى بن طلحة عن عمر "إنما س ّ‬ ‫قال أبو زرعة‪ :‬موسى عن عمر‪ :‬مرسل‪.‬‬ ‫والحديث دليل على أنه ل تجب الزكاة إل في الربعة المذكورة ل غير وإلى ذلك ذهب الحسن البصري والحسن‬ ‫بن صالح والثوري والشعبي وابن سيرين وروي عن أحمد‪ ،‬ول يجب عندهم في الذرة ونحوها‪.‬‬ ‫وأ ما حد يث عمرو بن شع يب عن أب يه عن جده فذ كر الرب عة وف يه زيادة الذرة رواه الدارقط ني من دون ذ كر‬ ‫الذرة‪ ،‬وابن ماجه بذكرها فقد قال المصنف‪ :‬إنه حديث واه‪ ،‬وفي الباب مراسيل فيها ذكر الذرة قال البيهقي‪ :‬إنه‬ ‫يؤكد بعضها بعضا كذا قال‪ ،‬والظهر أنها ل تقاوم حديث الكتاب وما فيه من الحصر‪.‬‬ ‫و قد ألحضق الشاف عي الذرة بالقياس على الرب عة المذكورة بجا مع القتيات في الختيار‪ ،‬واحترز بالختيار ع ما‬ ‫يقتات فضي المجاعات فإنهضا ل تجضب فيضه‪ ،‬فمضن كان رأ يه الع مل بالقياس لز مه‪ ،‬هذا إن قام الدليضل على أن العلة‬ ‫القتيات ومن ل يراه دليلً لم يقل به‪.‬‬ ‫وذ هب الهادو ية إلى إن ها ت جب في كل ما أخر جت الرض لعموم الدلة ن حو "في ما سقت ال سماء الع شر" إل‬ ‫الحشيش والحطب لقوله صلى ال عليه وآله وسلم‪" :‬الناس شركاء في ثلث" وقاسوا الحطب على الحشيش قال‬ ‫الشارح‪ :‬والحديث أي حديث معاذ وأبي موسى وارد على الجميع‪ ،‬والظاهر مع من قال به‪ .‬قلت‪ :‬لنه حصر ل‬ ‫يقاو مه العموم ول القياس‪ ،‬و به يعرف أ نه ل يقا مه حد يث " خذ ال حب من ال حب" الحد يث أخر جه أ بو داود ل نه‬ ‫عموم‪ ،‬فالو ضح دليل مع الحاضر ين للوجوب في الرب عة‪ ،‬وقال في المنار‪ :‬إن ما عدا الرب عة م حل احتياط‬ ‫أخذا وتركا‪ ،‬والذي يقوى أ نه ل يؤ خذ من غير ها‪ .‬قلت‪ :‬ال صل المقطوع به حر مة مال الم سلم ول يخرج ع نه‬ ‫إل بدليل قاطع وهذا المذكور ل يرفع ذلك الصل وأيضا فالصل براءة الذمه وهذان الصلن لم يرفعهما ذليل‬ ‫يقاومه ما فل يس م حل الحتياط إل ترك ال خذ من الذرة وغير ها م ما لم يأت به إل مجرد العموم الذي قد ث بت‬ ‫تخصيصه‪.‬‬ ‫ب فعفوٌ عفَا‬ ‫خ وال ّرمّا نُ والْق صَ ُ‬ ‫ن مُعاذ رض يَ ال ع نه قالَ‪" :‬فأَمّا ال ِقثّاءُ والْبطي ُ‬ ‫[رح ‪ ]17‬ضضضض وللدارقطنيّ ع ْ‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم" وإسْنادُ ُه ضَعيفٌ‪.‬‬ ‫ع ْن ُه رسو ُ‬ ‫(وللدارقطنضي عضن معاذ رضضي ال عنضه قال‪ :‬فأمضا القثاء والبطيضخ والرمان والقصضب) بالقاف والصضاد المهملة‬ ‫والضاد المعج مة معا (فع فو ع فا ع نه ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪ .‬وإ سناده ضع يف) لن في إ سناده[ تض]‬ ‫مح مد بن ع بد ال العزر مي[‪ /‬تض] بف تح الع ين المهملة و سكون الزاي وف تح الراء كذا في حوا شي بلوغ المرام‬ ‫بخط السيد محمد بن إبراهيم بن المفضل رحمه ال‪ ،‬والذي في الدراقطني من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه‬ ‫عن جده قال‪" :‬سئل عبد ال بن عمرو عن نبات الرض البقل والقثاء والخيار فقال‪ :‬ليس في البقول زكاة" فهذا‬ ‫الذي من رواية محمد بن عبيد ال العرزمي‪ ،‬وأما رواية معاذ التي في الكتاب فقال المصنف في التلخيص‪ :‬فيها‬ ‫ضعف وانقطاع إل أن معناه قد أفاده الحصر في الربعة الشياء المذكورة في الحديث الول وحديث "ليس في‬ ‫الخضروات صدقة" أخرجه الدارقطني مرفوعا من طريق موسى بن طلحة عن معاذ‪.‬‬ ‫وقول الترمذي لم يصح رفعه‪ :‬إنما يريد المرسل من حديث موسى بن طلحة عن النبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪.‬‬ ‫فموسى بن طلحة تابعي عدل يلزم من يقبل المراسيل قبول ما أرسله‪.‬‬ ‫وقد ثبت عن علي وعمر موقوفا وله حكم الرفع‪ .‬والخضروات ما ل يكال ول يقتات‪.‬‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬إذا‬ ‫حثْمة رضي اللّ ُه عن هُ قالَ‪َ" :‬أمَرَنا رسو ُ‬ ‫[رح ‪ ]18‬ضضضض وع نْ سهْل ب نِ أَبي َ‬ ‫ث فَدعوا الرّ بع" روا ُه الخ مس إل اب نَ ماجةْ و صححهُ اب نُ حبّا نَ‬ ‫ث فإ نْ لَم تدَعُوا الثّل َ‬ ‫خر صْ ُتمْ َفخُذوا ودَعُوا الثل َ‬ ‫والحاكمُ‪.‬‬ ‫‪10‬‬

‫ح ْثمَة رضي ال عنه) بفتح الحاء المهملة وسكون المثلثة (قال‪ :‬أمرنا رسول ال صَلّى ال‬ ‫(وعن سهل بن أبي َ‬ ‫عََليْ ِه وَ سَلّم إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث) لهل المال (فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع‪ .‬رواه الخمسة إل ابن‬ ‫ماجه وصححه ابن حبان والحاكم) وفي إسناده مجهول الحال كما قال ابن القطاع لكن قال الحاكم‪ :‬له شاهد متفق‬ ‫على صحته‪ ،‬أن [اث]ع مر[‪/‬اث] أ مر به‪ ،‬كأ نه أشار إلى ما أخر جه ع بد الرزاق وا بن أ بي شب ية وأ بو عب يد أن‬ ‫عمر كان يقول للخارص‪" :‬دع لهم قدر ما يأكلون وقدر ما يقع" وأخرج ابن عبد البر عن جابر مرفوعا "خففوا‬ ‫في الخرص فإن في المال العرية والوطية والكلة" الحديث‪.‬‬ ‫وقد اختلف في معنى الحديث على قولين‪ :‬أحدهما‪ :‬أن يترك الثلث أو الربع من العشر‪ .‬وثانيهما‪ :‬أن يترك ذلك‬ ‫من نفس الثمر قبل أن يعشر‪.‬‬ ‫وقال الشافعي‪ :‬معناه أن يدع ثلث الزكاة أو ربعها ليفرقها هو بنفسه على أقاربه وجيرانه‪ ،‬وقيل‪ :‬يدع له ولهله‬ ‫قدر ما يأكلون ول يخرص؛ قال في الشرح‪ :‬والولى الرجوع إلى ما صرحت به رواية جابر وهو التخفيف في‬ ‫الخرص ويترك من العشر قدر الربع أو الثالث فإن المور المذكورة قد ل تدرك الحصاد فل تجب فيها الزكاة‪.‬‬ ‫قال ابن تيمية‪ :‬إن الحديث جار على قواعد الشريعة ومحاسنها موافق لقوله صلى ال عليه وآله وسلم‪" :‬ليس في‬ ‫الخضرات صدقة" ل نه قد جرت العادة أ نه ل بد لرب المال ب عد كمال ال صلح أن يأ كل هو وعياله ويطعموا‬ ‫الناس ما ل يدخر ول يبقى فكان ما جرى العرف بإطعامه وأكله بمنزلة الحضروات التي ل تدخر‪ ،‬يوضح ذلك‬ ‫بأن هذا العرف الجاري بمنزلة ما ل يم كن تر كه‪ ،‬فإ نه ل بد للنفوس من ال كل من الثمار الرط بة‪ ،‬ول بد من‬ ‫الطعام بحيث يكون ترك ذلك مضرا بها وشاقا عليها اهض‪.‬‬ ‫ن ُيخْر صَ‬ ‫عتّاب ب نِ أَ سيدٍ ر ضي ال عن ُه قالَ‪" :‬أَمرَ ر سولُ ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم أَ ْ‬ ‫[رح]‪ 19‬ضضضض وع نْ َ‬ ‫ص النّخلُ وتؤخذ زكاتُهُ زبيبا" روا ُه الخمس وفيه انقطاعٌ‪.‬‬ ‫ب كما ُيخْرَ ُ‬ ‫ا ْل ِعنَ ُ‬ ‫(و عن عتّاب ر ضي ال ع نه) بف تح المهملة وتشد يد المثناة الفوق ية آخره موحدة (ا بن أَ سيد) بف تح الهمزة وك سر‬ ‫السين المهملة وسكون المثناة التحتية (قال‪ :‬أمر رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم أن يخرص العنب كما يخرص‬ ‫النخل وتؤخذ زكاته زبيبا رواه الخمس وفيه انقطاع) لنه رواه سعيد بن المسيب عن عتاب‪ ،‬وقد قال أبو داود‪:‬‬ ‫إنه لم يسمع منه‪ ،‬قال أبو حاتم‪ :‬الصحيح عن سعيد بن المسيب أن النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم وآله أمر عتابا‪،‬‬ ‫مرسل‪ ،‬قال النوري‪ :‬هذا الحديث وإن كان مرسلً فهو يعتضد بقول الئمة‪.‬‬ ‫والحد يث دل يل على وجوب خرص الث مر والع نب‪ ،‬لن قول الرواي "أ مر" يف هم أ نه أ تى صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‬ ‫بصيغة تفيد المر‪ ،‬والصل فيه الوجوب‪ ،‬وبالوجوب قال الشافعي‪:‬‬ ‫وقال الهادوية‪ :‬إنه مندوب‪.‬‬ ‫وقال أبو حنيفة‪ :‬إنه محرم‪ ،‬لنه رجم بالغيب‪ .‬وأجيب عنه بأنه عمل بالظن ورد به أمر الشارع‪.‬‬ ‫ويكفي فيه خارص واحد عدل لن الفاسق ل يقبل خبره‪ ،‬عارف لن الجاهل بالشيء ليس من أهل الجتهاد فيه‪،‬‬ ‫لنه صلى ال عليه وآله وسلم كان يبعث عبد ال بن رواحة وحده يخرص على أهل خيبر‪ ،‬ولنه كالحاكم يجتهد‬ ‫ويعمل‪.‬‬ ‫فإن أصابت الثمرة جائحة بعد الخرص فقال ابن عبد البر‪ :‬أجمع من يحفظ عنه العلم أن المخروص إذا أصابته‬ ‫جائحة قبل الجذاذ فل ضمان‪.‬‬ ‫وفائدة الخرص أمن الخيانة من رب المال ولذلك يجب عليه البينة في دعوى النقص بعد الخرص‪ ،‬وضبط حق‬ ‫الفقراء على المالك‪ ،‬ومطالبة المصدق بقدر ما خرصه‪ ،‬وانتفاع المالك بالكل ونحوه‪.‬‬ ‫واعلم أن النص ورد بخرص النخل والعنب‪ ،‬قيل‪ :‬ويقاس عليه غيره مما يمكن ضبطه وإحاطة النظر به‪ .‬وقيل‬ ‫يقتصر على محل النص‪ .‬وهو القرب لعدم النص على العلة‪.‬‬ ‫وعند الهاوية والشافعية أنه ل خرص في الزرع لتعذر ضبطه لستتاره بالقشر‪.‬‬ ‫وإذا ادعى المخروص عليه النقص بسبب يمكن إقامة البينة عليه وجب إقامتها‪ ،‬وإل صدق بيمينه‪.‬‬ ‫وصفة الخرص أن يطوف بالشجرة‪ ،‬ويرى جميع ثمرتها ويقول‪ :‬خرصها كذا وكذا رطبا‪ ،‬ويجيء منه كذا وكذا‬ ‫يابسا‪.‬‬ ‫ي صَلّى ال عََليْ هِ‬ ‫ت النّب ّ‬ ‫[رح]‪ 20‬ضضضض وعن عمْرو بن شعيب عن أَبيه عن جده رضي ال عنهم أن امرأَ ًة أَت ِ‬ ‫ن زكاة هذه؟" قال تْ‪ :‬ل قال‪" :‬أَيس ّركَ َأ نْ‬ ‫ن ذهب فقال لها‪َ" :‬أتُعطي َ‬ ‫ن مِ ْ‬ ‫وَ سَلّم َو َم َعهَا ابن ٌة لها وفي يد ابنتها مسكتا ِ‬ ‫ن نارٍ؟" َفأَلْقتهما‪ ،‬روا ُه الثلثةُ وإسناد ُه قو يٌ وصحح ُه الحاك مُ من حديث‬ ‫يُ سَ ّورَك اللّ هُ بهما يوْ مَ القيامة سوارين م ْ‬ ‫عائشة‪.‬‬ ‫‪11‬‬

‫(وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي ال عنه أن امرأة) هي أسماء بنت يزيد بن السكن (أتت النبي‬ ‫صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم ومع ها ابنة ل ها وفي يد ابنت ها مَ سَكتان غليظتان) بف تح الم يم وف تح ال سين المهملة والواحدة‬ ‫ن يسورك ال‬ ‫سرّك أَ ْ‬ ‫مسكة وهي السورة والخلخيل (من ذهب فقال لها‪َ" :‬أ ُتعْطين زكاة هذه؟" قالت‪ :‬ل‪ ،‬قال‪َ" :‬أيَ ُ‬ ‫بهما يوْم القيامة سوارين من نار"؟ فألقتهما‪ .‬رواه الثلثة وإسناده قوي) ورواه أبو داود من حديث حسين المعلم‬ ‫وهو ثقة فقول الترمذي إنه ل يعرف إل من طريق ابن لهيعة غير صحيح (وصححه الحاكم من حديث عائشة)‬ ‫وحديث عائشة أخرجه الحاكم وغيره ولفظه "إنها دخلت على رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم فرأى في يدها‬ ‫فتخات من ورق فقال‪ :‬ما هذا يا عائشة؟ فقالت‪ :‬صغتهن لتزين لك بهن يا رسول ال؛ فقال‪ :‬أتؤدين زكاتهن؟‬ ‫قالت‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬هن حسبك من النار"‪ .‬قال الحاكم‪ :‬إسناده على شرط الشيخين‪.‬‬ ‫والحد يث دل يل على وجوب الزكاة في الحل ية وظاهره أ نه ل ن صاب ل ها لمره صلى ال تعالى عل يه وآله و سلم‬ ‫بتزكية هذه المذكورة ول تكون خمس أواقي في الغلب‪ ،‬وفي المسألة أربعة أقوال‪:‬‬ ‫الول‪ :‬وجوب الزكاة وهو مذهب الهادوية وجماعة من السلف وأحد أقوال الشافعي عمل بهذه الحاديث‪.‬‬ ‫والثاني‪ :‬ل تجب الزكاة في الحلية‪ ،‬وهو مذهب مالك وأحمد والشافعي في أحد أقواله‪ ،‬لثار وردت عن السلف‬ ‫قاضية بعد وجوبها في الحلية ولكن بعد صحة الحديث ل أثر للثار‪.‬‬ ‫والثالث‪ :‬أن زكاة الحلية عاريتهما‪ ،‬كما روى الدارقطني عن أنس وأسماء بنت أبي بكر‪.‬‬ ‫الرابع‪ :‬أنها تجب فيها الزكاة مرة واحدة رواه عن أنس‪.‬‬ ‫وأظهر القوال دليلً وجوبها لصحة الحديث وقوته وأما نصابها فعند الموجبين نصاب النقدين‪ ،‬وظاهر حديثها‬ ‫الطلق وكأنهم قيدوه بأحاديث النقدين ويقوي الوجوب قوله‪:‬‬ ‫[رح]‪ 21‬ضضضض وَعَ نْ ُأمّ سََلمَة رضي ال عنها َأنّها كان تْ تَلْبس أَ ْوضَاحا من ذهب فقالت‪ :‬يا رسول ال أَكنزٌ‬ ‫َهوَ؟ قال‪" :‬إذا َأدّيت زكاتَهُ فََليْس بكنز" رواه أبو دَاود والدارقطني وصحّح ُه الحاكمُ‪.‬‬ ‫(وعن أم سلمة رضي ال عنها كانت تلبس أوضاحا) في النهاية هي نوع من الحلي يعلم من الفضة سميت بها‬ ‫بياض ها واحد ها و ضح انت هى وقوله ( من ذ هب) يدل على أن ها ت سمى إذا كا نت من الذ هب أوضاحا (فقلت‪ :‬يا‬ ‫رسول ال أكنز هو؟" أي يدخل تحت آية {الذين يكنزون الذهب والفضة} (قال‪ :‬إذا أَديت زكاته فليس بكنز‪ ،‬رواه‬ ‫أبو داود والدارقطني وصححه الحاكم)‪.‬‬ ‫فيه دليل كما في الذي قبله على وجوب زكاة الحل ية‪ ،‬وأن كل مال أخر جت زكا ته ليس بك نز فل يشمله الوعيد‬ ‫في الية‪.‬‬ ‫ل ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم يأمُرُنا أن‬ ‫ب رضي اللّ ُه عنهُما قال‪" :‬كان رسو ُ‬ ‫جنْد ٍ‬ ‫سمُرة بن ُ‬ ‫ع نْ َ‬ ‫[رح]‪ 22‬ضضضض وَ َ‬ ‫ن الذي َن ُعدّه للبيع" روا ُه أَبو داود وإسنادُ ُه ليّنٌ‪.‬‬ ‫ُنخْرج الصّدقة م َ‬ ‫لنه من رواية سليمان بن سمرة وهو مجهول وأخرجه الدراقطني والبزار من حديثه أيضا‪.‬‬ ‫والحديث دليل على وجوب الزكاة في مال التجارة‪.‬‬ ‫واستدل للوجوب أيضا بقوله تعالى‪{ :‬وأنفقوا من طيبات ما كسبتم} قال مجاهد‪ :‬نزلت في التجارة‪.‬‬ ‫وبما أخرجه الحاكم أنه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قال‪ :‬في البل صدقتها وفي البقر صدقتها وفي البز صدقته" والبز‬ ‫بالباء الموحدة والزاي المعجمة ما يبيعه البزازون‪ ،‬كذا ضبطه الدارقطني والبيهقي‪.‬‬ ‫قال ا بن المنذر‪ :‬الجماع قائم على وجوب الزكاة في مال التجارة‪ ،‬وم من قال بوجوب ها الفقهاء ال سبعة قال‪ :‬ل كن‬ ‫ل يكفر جاحدها للختلف فيها‪.‬‬ ‫ع نْ أَ بي هريرة ر ضي ال عن هُ أنّ ر سُول اللّ هِ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قالَ‪" :‬وفضي الركاز‬ ‫[رح]‪ 23‬ضضضض وَ َ‬ ‫خمُس" ُمتّفقٌ عليه‪.‬‬ ‫ال ُ‬ ‫‪ 23‬ضضضض وعن أبي هريرة رضي ال عنه أن رسول ال صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم قال‪ :‬وفي الركاز) بكسر الراء‬ ‫آخره زاي‪ :‬المدفون يؤخذ من غير أن يطلب بكثير عمل (الخمس "متفق عليه")‪.‬‬ ‫للعلماء في الحقيقة الركاز قولن‪.‬‬ ‫الول‪ :‬أنه المال المدفون في الرض من كنوز الجاهلية‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬أنه المعادن‪.‬‬ ‫قال مالك بالول قال‪ :‬وأما المعادن فتؤخذ فيها الزكاة لنها بمنزلة الزرع ومثله قال الشافعي‪ .‬وإلى الثاني ذهبت‬ ‫الهادوية وهو قول أبي حنيفة‪.‬‬ ‫‪12‬‬

‫ويدل للول قوله صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬العجماء جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس" أخرجه البخاري فإنه‬ ‫ظاهر أنه غير المعدن وخص الشافعي الركاز بالذهب والفضة لما أخرجه البيهقي‪" :‬أنهم قالوا‪ :‬وما الركاز يا‬ ‫رسول ال؟ قال‪ :‬الذهب والفضة التي خلقت في الرض يوم خلقت" إل أنه قيل‪ :‬إن هذا التفسير رواية ضعيفة‬ ‫واع تبر الن صاب الشاف عي ومالك وأح مد عمل بحد يث "ل يس في ما دون خ مس أواق صدقة" في ن صاب الذ هب‬ ‫والفضة وإلى أنه يجب ربع العشر بحديث‪" :‬وفي الرقة ربع العشر" بخلف الركاز‪ :‬فيجب فيه الخمس ول يعتبر‬ ‫فيه النصاب‪ ،‬ووجه الحكمة في التفرقة أن أخذ الركاز بسهولة من غير تعب‪ ،‬بخلف المستخرج من المعدن فإنه‬ ‫ل بد فيه من المشقة‪.‬‬ ‫وذه بت الهادو ية إلى أ نه ي جب الخ مس في المعدن والركاز وأ نه ل تقد ير له ما بالن صاب بل ي جب في القل يل‬ ‫والكث ير وإلى أ نه ي عم كل ما ا ستحرج من الب حر والبر من ظاهره ما أو باطنه ما فيش مل الر صاص والنحاس‬ ‫والحديد والنفط والملح والحب والحشيش‪.‬‬ ‫والمتيقن بالنص‪ :‬الذهب والفضة‪ ،‬وما عداهما الصل فيه عدم الوجوب حتى يقوم الدليل‪ ،‬وقد كانت هذه الشياء‬ ‫موجودة في ع صر النبوة ول يعلم أ نه أ خذ في ها خم سا ولم يرد إل حد يث الركاز و هو في الظ هر في الذ هب‬ ‫والفضة وآية {واعلموا أنما علمتم من شيء} وهي في غنائم الحرب‪.‬‬ ‫جدّه رضي ال عنهُ ْم أَنّ رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‬ ‫عمْرو بن شُعيب عن أَبيه عن َ‬ ‫ع نْ َ‬ ‫[رح]‪ 24‬ضضضض وَ َ‬ ‫قالَ في َكنْز َوجَد ُه رجلٌ في خَربةٍ‪" :‬إ نْ وجدت هُ في قَريْة م سْكونة فعَرّفه‪ ،‬وإن وجدته في قرية غير مَ سْكون ٍة ففيه‬ ‫خمُس" أَخرجه ابن ماج ْه بإسناد حسنٍ‪.‬‬ ‫وفي الرّكاز ال ُ‬ ‫في قوله‪" :‬فف يه و في الركاز" بيان أ نه قد صار ملكا لواجده وأ نه ي جب عل يه إخراج خم سه وهذا الذي يجده في‬ ‫قرية لم يسمه الشارع ركازا لنه لم يستخرجه من باطن الرض بل ظاهره أنه وجد في ظاهر القرية‪.‬‬ ‫وذهب الشافعي ومن تبعه إلى أنه يشترط في الركاز أمران‪ :‬كونه جاهليا‪ ،‬وكونه في موات‪ ،‬فإن وجد في شارع‬ ‫أو م سجد فلق طة‪ ،‬لن يد الم سلمين عل يه و قد ج هل مال كه فيكون لق طة‪ ،‬وإن و جد في ملك ش خص فللش خص‬ ‫المالك‪ ،‬إن لم ينفه عن ملكه‪ ،‬فإن نفاه عن ملكه فلمن ملكه عنه‪ ،‬وهكذا حتى تنتهي إلى المحيي للرض ووجه ما‬ ‫ذهب إليه الشافعي ما أخرجه هو عن عمرو بن شعيب بلفظ‪ :‬أن النبي صلى ال عليه وآله وسلم قال في كنز‬ ‫وجده ر جل في خر بة جاهل ية‪" :‬إن وجد ته في قر ية م سكونة أو في سبيل ميتاء فعرّ فه وإن وجد ته في خر بة‬ ‫جاهلية أو في قرية غير مسكونة ففيه وفي الركاز الخمس"‪.‬‬ ‫خذَ من المعاد نِ‬ ‫ل ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم َأ َ‬ ‫ث رضي اللّ هُ عن هُ "َأنّ رسو َ‬ ‫[رح]‪ 25‬ضضضض وع نْ بلل بن الحار ِ‬ ‫ال َقبَلية الصّدقة" روا ُه أَبو داود‪.‬‬ ‫(وعن بلل بن الحارث رضي ال عنه) هو المزني وفد على رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَسَلّم سنة خمس وسكن‬ ‫المدينة وكان أحد من يحمل ألوية مزينة يوم الفتح روى عنه ابنه الحارث مات سنة ستين وله ثمانون سنة (أن‬ ‫ضّم أخضذ مضن المعادن ال َقبَليضة) بف تح القاف وفتضح الموحدة وكسضر اللم وياء مشددة‬ ‫ضّى ال عََليْهِض وَسَل‬ ‫رسضول ال صَل‬ ‫مفتوحة وهو موضع بناحية الفرع (الصدقة‪ .‬رواه أبو داود) وفي الموطأ عن ربيعة عن غير واحد من علمائهم‬ ‫أنه صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم أقطع بلل بن الحرث المعادن القبلية وأخذ منها الزكاة دون الخمس‪.‬‬ ‫قال الشافعي بعد أن روى حديث مالك‪ :‬ليس هذا مما يثبته أهل الحديث ولم يكن فيه رواية عن النبي صَلّى ال‬ ‫عََليْ ِه وَ سَلّم إل إقطاعه‪ ،‬وأما الزكاة في المعادن دون الخمس فليست مروية عن النبي صلى ال عليه وآله وسلم‪.‬‬ ‫قال البيهقي‪ :‬هو كما قال الشافعي في رواية مالك‪.‬‬ ‫والحد يث يدل على وجوب ال صدقة في المعادن ويحت مل أ نه أر يد ب ها الخ مس وذ هب غير هم إلى الثا ني و هو‬ ‫وجوب الخمس لقوله‪" :‬وفي الركاز الخمس" وإن كان فيه احتمال كما سلف‪.‬‬ ‫باب صدقة الفطر‬ ‫أي الفطار وأضيفت إليه لنه سببها كما يدل له ما في بعض روايات البخاري‪ ":‬زكاة الفطر من رمضان"‪.‬‬ ‫ع ْنهُما قال‪" :‬فرض رسول ال صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم زكاة الفطر صاعا‬ ‫[رح ‪ ]1‬ضضضض عَن ابن عُمر رضي اللّهُ َ‬ ‫حرّ والذّكر والنْثى وال صّغير والكبير من المسلمين‪ ،‬وأَمر بها َأ نْ‬ ‫ن َتمْر أَ ْو صَاعا من شعير‪ ،‬على الْعبد وال ُ‬ ‫مِ ْ‬ ‫ل خُرُوج النّاس إلى الصلة" مُت َفقٌ عَلَيهِ‪.‬‬ ‫تُؤدّى قَبْ َ‬ ‫‪13‬‬

‫(وعن ابن عمر رضي ال عنهما قال‪ :‬فرض رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم زكاة الفطر صاعا) نصب على‬ ‫التمي يز أو بدل من زكاة بيان ل ها ( من ت مر أو صاعا من شع ير على الع بد والحرّ والذ كر والن ثى وال صغير‬ ‫والكبير من المسلمين وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلة‪ .‬متفق عليه)‪.‬‬ ‫الحديضث دليضل على وجوب صضدقة الفطضر لقوله‪" :‬فرض" فإنضه بمعنضى ألزم وأوجضب‪ .‬قال إسضحاق‪ :‬هضي واجبضة‬ ‫بالجماع وكأ نه ما علم في ها الخلف لداود وب عض الشافع ية فإن هم قائلون‪ :‬إن ها سنة وتأولوا "فرض" بأن المراد‬ ‫قدر‪ ،‬ورد هذا التأويل بأنه خلف الظاهر‪.‬‬ ‫وأما القول بأنها كانت فرضا ثم نسخت بالزكاة لحديث قيس بن سعد بن عبادة "أمرنا رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ‬ ‫وَ سَلّم بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة فلما نزلت الزكاة لم يأمرنا ولم ينهنا ونحن نفعله" فهو قول غير صحيح‬ ‫لن الحد يث ف يه راوه مجهول ولو سُلم ب صحته فل يس ف يه دل يل على الن سخ‪ ،‬لن عدم أمره ل هم ب صدقة الف طر‬ ‫ثانيا‪ ،‬ل يشعر بأنها نسخت‪ ،‬فإنه يكفي المر الوّل ول يرفعه عدم المر‪.‬‬ ‫والحد يث دل يل على عموم وجوب ها على العب يد والحرار‪ ،‬الذكور والناث‪ ،‬صغيرا و كبيرا‪ ،‬وغنيا وفقيرا‪ .‬و قد‬ ‫أخرج البيهقي من حديث عبد ال بن أبي ثعلبة أو ثعلبة بن عبدال مرفوعا "أدّوا صاعا من قمح عن كل إنسان‪،‬‬ ‫ذكرا أو أن ثى‪ ،‬صغيرا أو كبيرا‪ ،‬غنيا أو فقيرا‪ ،‬أو مملوكا أما الغ ني فيزك يه ال وأ ما الفق ير فير ّد ال عليه أك ثر‬ ‫مما أعطى" قال المنذري في مختصر السنن‪ :‬في إسناده النعمان بن راشد ل يحتج بحديثه‪.‬‬ ‫نعضم‪ :‬العبضد تلزم موله عنضد مضن يقول إنضه ل يملك‪ ،‬ومضن يقول إنضه يملك تلزمضه‪ ،‬وكذلك الزوجضة يلزم زوجهضا‪،‬‬ ‫والخادم مخدومة‪ ،‬والقريب من تلزمه نفقته لحديث "أدّوا صدقة الفطر عمن تمونون" أخرجه الدارقطني والبيهقي‬ ‫وإسناده ضعيف ولذلك وقع الخلف في المسألة كما هو مبسوط في الشرح وغيره‪.‬‬ ‫وأما الصغير فتلزم في ماله إن كان له مال كما تلزمه الزكاة في ماله‪ .‬وإن لم يكن له مال لزمت منفقه كما يقول‬ ‫الجمهور‪ ،‬وقيضل تلزم الب مطلقا‪ ،‬وقيضل ل تجضب على الصضغير أصضلً لنهضا شرعضت طهرة للصضائم مضن اللغضو‬ ‫والرفث وطعمة للمساكين كما يأتي‪:‬‬ ‫وأجيب بأنه خرج على الغلب فل يقاومه تصريح حديث ابن عمر بإيجابها على الصغير‪.‬‬ ‫وهو أيضا دال على أنه يجب صاع على كل إنسان من التمر والشعير ول خلف في ذلك وكذلك ورد صاع من‬ ‫زبيب‪.‬‬ ‫وقوله فضي الحديضث "مضن المسضلمين" لئمضة الحديضث كلم طويضل فضي هذه الزيادة لنضه لم يتفضق عليهضا الرواة لهذا‬ ‫الحديث إل أنها على تقدير زيادة من عدل فتقبل‪ ،‬ويدل على اشتراط السلم في وجوب صدقة الفطر وأنها ل‬ ‫تجب على الكافر عن نفسه وهذا متفق عليه؛ وهل يخرجها المسلم عن عبده الكافر؟ فقال الجمهور‪ :‬ل‪.‬‬ ‫وقالت الحنفية وغيرهم‪ :‬تجب مستدلين بحديث "ليس على المسلم في عبده صدقة إل صدقة الفطر" وأجيب بأن‬ ‫حديث الباب خاص والخاص يقضي به على العام فعموم قوله عبده مخصص بقوله من المسلمين‪.‬‬ ‫وأما قول الطحاوي إن المسلمين صفة للمخرجين ل للمخرج عنهم فإنه يأباه ظاهر الحديث فإنه فيه العبد وكذا‬ ‫الصغير وهم ممن يخرج عنهم‪ ،‬فدل على أن صفة السلم ل تختص بالمخرجين ويؤيده حديث مسلم بلفظ "على‬ ‫كل نفس من المسلمين حر أو عبد"‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلة" يدل على أن المبادرة بها هي المأمور بها‪ ،‬فلو أخرها‬ ‫عن الصلة أثم وخرجت عن كونها صدقة فطر‪ ،‬وصارت صدقة من الصدقات ويؤكد ذلك قوله‪.‬‬ ‫غنُو ُهمْ عن الطوافِ في هذا اليوم"‪.‬‬ ‫[رح ‪ ]2‬ضضضض ولبن عدي مِنْ َوجْه آخر والدارقطني بإسناد ضعيف "أَ ْ‬ ‫(ولبن عبدي من وجه آخر والدارقطني عنه رضي ال عنه) أي من حديث ابن عمر (بإسناد ضعيف) لن فيه‬ ‫[ تض]مح مد بن ع مر الواقدي[‪ /‬تض] ("أَغنو هم) أي الفقراء ( عن الطّواف) في الز قة وال سواق لطلب المعاش‬ ‫(في هذا اليوم") أي يوم العيد وإغناؤهم يكون بإعطائهم صدقة أول اليوم‪.‬‬ ‫[رح ‪ ]3‬ضضضض وع نْ أَبي سعيدٍ الْخدريّ رضي اللّ ُه عن هُ قال‪ُ " :‬كنّا نُعطيها في زمن النّبيّ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‬ ‫ن شعيرٍ أو صاعا من زبي بٍ" متف قٌ عَلَيه‪ ،‬وفي رواي ٍة "أ ْو صاعا‬ ‫صاعا م نْ طعام أو صاعا من تمرٍ أ ْو صاعا م ْ‬ ‫ت أُخر جه في ز من ر سول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم"‬ ‫من أَ قط" قال أَبُو سعيد‪" :‬أَمّا أَ نا فل أَزالُ ُأخْرجُ هُ ك ما كن ُ‬ ‫ج أَبدا إل صاعا"‪.‬‬ ‫ولبي داودَ "ل أخر ُ‬

‫‪14‬‬

‫(وعن أبي سعيد رضي ال عنه قال‪ :‬كنا نعطيها) أي صدقة الفطر (في زمان النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَسَلّم صاعا‬ ‫من طعام أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من زبيب‪ .‬متفق عليه وفي رواية أو صاعا من أقط)‬ ‫بفتح الهمزة وهو لبن مجفف يابس مستحجر يطبخ به‪ ،‬كما في النهاية‪.‬‬ ‫ول خلف فيما ذكر أنه يجب فيه صاع‪ ،‬وإنما الخلف في الحنطة فإنه أخرج ابن خزيمة عن سفيان عن ابن‬ ‫عمر أنه لما كان معاوية عدل الناس نصف صاع بر بصاع شعير وذلك أنه لم يأت نص في الحنطة أنه يخرج‬ ‫فيها صاع‪.‬‬ ‫والقول بأن أبا سعيد أراد بالطعام الحنطة في حديثه هذا غير صحيح كما حققه المصنف في فتح الباري‪ ،‬قال ابن‬ ‫المنذر‪ :‬ل نعلم في القمح خبرا ثابتا نعت مد عليه عن النبي صلى ال عل يه وآله وسلم‪ ،‬ولم ي كن البر في المدي نة‬ ‫ذلك الوقت‪ ،‬إل الشي اليسير منه‪ ،‬فلما كثر في زمن الصحابة‪ ،‬رأوا أن نصف صاع منه يقوم مقام صاع من‬ ‫شعير‪ ،‬وهم الئمة فغير جائز أن يعدل عن قولهم إل إلى قول مثلهم‪ ،‬ول يخفى أنه قد خالف أبو سعيد كما يفيده‬ ‫قوله قال الراوي‪( :‬قال أبو سعيد‪ :‬أما أ نا فل أزال أخر جه) أي الصاع (ك ما ك نت أخر جه في زمان ر سول ال‬ ‫صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم‪ .‬ولبي داود) عن أبي سعيد (ل أخرج أبدا إل صاعا) أي من أي قوت‪.‬‬ ‫أخرج ابن خزيمة والحاكم‪ :‬قال أبو سعيد‪ :‬وقد ذكر صدقة رمضان فقال‪ :‬ل أخرج إل ما كنت أخرج على عهد‬ ‫رسول ال صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم صاعا من تمر أو صاعا من حنطة أو صاعا من شعير أو صاعا من أقط‪ ،‬فقال‬ ‫له رجل من القوم‪ :‬أو مدّين من قمح قال‪ :‬ل تلك فعل معاوية ل أقبلها ول أعلم بها" لكنه قال ابن خزيمة‪ :‬ذكر‬ ‫الحنطة في خبر أبي سعيد غير محفوظ ول أدري ممن الوهم‪.‬‬ ‫وقال النووي‪ :‬تمسك بقول معاوية من قال بالمدين من الحنطة‪ ،‬وفيه نظر لنه فعل صحابي وقد خالفه فيه أبو‬ ‫سعيد وغيره من الصحابة ممن هو أطول صحبة منه وأعلم بحال النبي صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم‪ ،‬وقد صرح معاوية‬ ‫بأنه رأي رآه ل أنه سمعه من النبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪ ،‬كما أخرجه البيهقي في السنن من حديث أبي سعيد‬ ‫"أ نه قدم معاو ية حاجا أو معتمرا فكلم الناس على الم نبر فكان في ما كلم به الناس أ نه قال‪ :‬إ ني أرى مدي نة من‬ ‫سمراء الشام تعدل صاعا من تمر فأخذ بذلك الناس فقال أبو سعيد‪" :‬أما أنا فل أزال أخر جه" الحد يث المذكور‬ ‫في الكتاب فهذا صريح أنه رأي معاوية‪.‬‬ ‫قال البيهقي بعد إيراد أحاديث في الباب ما لفظه‪ :‬وقد وردت أخبار عن النبي صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم في صاع من‬ ‫برّ ووردت أخبار في نصف صاع ول يصح شيء من ذلك وقد بينت علة كل واحد منها في الخلفيات انتهى‪.‬‬ ‫[رح ‪ ]4‬ضضضض و عن ا بن عبّاس ر ضي ال عنه ما قال‪" :‬فرض ر سولُ ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم زكاة الف طر‬ ‫ن َأدّا ها قبلَ ال صّلة فه يَ زكا ٌة مَ ْقبُولةٌ‪ ،‬ومَ نْ َأدّا ها بَعْد‬ ‫طعْم ًة للم ساكين‪َ ،‬فمَ ْ‬ ‫ن اللّ غو والرّ فث‪ ،‬و ُ‬ ‫طهْرةً لل صائم م َ‬ ‫ُ‬ ‫الصّلة فَهي صَدقةٌ مَن الصّدقات" رواهُ َأبُو داود وابن ماجَهُ وَصحّحه الحاكم‪.‬‬ ‫طهْرة لل صّائم من‬ ‫(وعن ابن عباس رضي ال عنهما قال‪ :‬فرض رسول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم زكاة الفطر " ُ‬ ‫اللغو والرّفث) والواقع منه في صومه (وطعمة للمساكين‪ ،‬فمن َأدّاها قبْل الصلة) أي صلة العيد (فهي زكاةٌ‬ ‫مقبولةٌ‪ ،‬ومن أدّاها بعد الصّلة فهي صدقةٌ من الصّدقات" رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم)‪.‬‬ ‫فيه دليل على وجوبها لقوله فرض كما سلف‪.‬‬ ‫ودليل على أن الصدقات تكفر السيئات‪..‬‬ ‫ودل يل على أن و قت إخراج ها ق بل صلة الع يد وأن وجوب ها مؤ قت‪ ،‬فق يل‪ :‬ت جب من ف جر أول شوال‪ ،‬لقوله‪:‬‬ ‫"أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم" وقيل‪ :‬من غروب آخر يوم من رمضان لقوله‪" :‬طهرة للصائم" وقيل‪ :‬تجب‬ ‫بمضي الوقتين عملً بالدليلين‪.‬‬ ‫وفي جواز تقديمها أقوال‪ :‬منهم من ألحقها بالزكاة فقال‪ :‬يجوز تقديمها ولو إلى عامين‪ ،‬ومنهم من قال يجوز في‬ ‫رمضان ل قبله لن لها سببين الصوم والفطار فل تتقدمهما كالنصاب والحول‪ ،‬وقيل ل تقدم على وقت وجوبها‬ ‫إل ما يغتفر كاليوم واليومين وأدلة القوال كا ترى‪.‬‬ ‫وفي قوله‪" :‬طعمة للمساكين" دليل على اختصاصهم بها وإليه ذهب جماعة من الل‪.‬‬ ‫وذهضب آخرون إلى أنهضا كالزكاة تصضرف فضي الثمانيضة الصضناف واسضتقواه المهدي لعموم (إنمضا الصضدقات)‬ ‫والتنصيص على بعض الصناف ل يلزم منه التخصيص‪ ،‬فإنه قد وقع الزكاة ولم يقل أحد بتخصيص مصرفها‬ ‫ففي حديث معاذ‪" :‬أمرت أن آخذها من أغنيائكم وأردها في فقرائكم"‪.‬‬ ‫باب صدقة التطوع أي النفل‬ ‫‪15‬‬

‫ن النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قال‪" :‬سبْعةٌ يظلّهم ال في ظلّه‬ ‫ن أَبي هُريرة رضي ال عن هُ ع ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫[رح ‪ ]1‬ضضضض َ‬ ‫ق يمينُ هُ" ُمتّف قٌ‬ ‫شمَالُ هُ ما ُتنْفِ ُ‬ ‫َيوْم ل ظلّ إل ظلّه" َف َذكَ َر الحديث وفي ِه "ورجلٌ تصدّق ب صَدقة فأخفاها حتى ل تعْلَ مَ َ‬ ‫عليه‪.‬‬ ‫(عن أبي هريرة رضي ال عنه عن النبي صلى ال عليه وآله وسلم قال‪" :‬سبعة يظلّهم ال في ظلّه يوم ل ظلّ‬ ‫إل ظله" فذكضر الحديضث) فضي تعداد السضبعة‪ ،‬وهضم‪ :‬المام العادل وشاب نشضأ فضي عبادة ربضه ورجضل قلبضه معلق‬ ‫بالمساجد ورجلن تحابا في ال اجتمعا على ذلك وافترقا عليه ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال‪ :‬إني‬ ‫أخاف ال ور جل ذ كر ال خاليا ففا ضت عيناه (وف يه "ر جل ت صدّق ب صدقة فأَخفا ها ح تى ل تعلم شماله ما تن فق‬ ‫يمينه" متفق عليه) قيل‪ :‬المراد بالظل الحماية والكنف كما يقال أنا في فلن‪ ،‬قيل والمراد‪ :‬ظل عرشه ويدل ما‬ ‫أخرجه سعيد بن منصور من حديث سلمان "سبعة يظلهم ال في ظل عرشه" وبه جزم القرطبي‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬أخفى" بلفظ الفعل الماضي حال بتقدير قد‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬حتى ل تعلم شماله" مبالغة في الخفاء وتبعيد الصدقة عن مظان الرياء‪ ،‬ويحتمل أنه على حذف مضاف‬ ‫أي عن شماله‪.‬‬ ‫وف يه دل يل على ف ضل إخفاء ال صدقة على إبدائ ها‪ ،‬إل أن يعلم أن في إظهار ها ترغيبا للناس في القتداء‪ ،‬وأ نه‬ ‫يحرس سره عن داعية الرياء‪ .‬وقد قال تعالى‪{ :‬إن تبدوا الصدقات فنعما هي}‪.‬‬ ‫والصدقة في الحديث عامة للواجبة والنافلة‪ ،‬فل يظن أنها خاصة بالنافلة حيث جعله المصنف في بابها‪.‬‬ ‫واعلم أنه ل مفهوم يعمل به في قوله‪" :‬ورجل تصدق" فإن المرأة كذلك إل في المامة‪ ،‬ول مفهوم أيضا للعدد‪،‬‬ ‫فقضد وردت خصضال تقتضضي الظضل وأبلغهضا المصضنف فضي الفتضح إلى ثمان عشريضن خصضلة وزاد عليهضا الحافضظ‬ ‫ال سيوطي ح تى أبلغ ها إلى سبعين وأفرد ها بالتأل يف ثم لخ صها في كرا سة سماها "بزوغ الهلل في الخ صال‬ ‫المقتضية للظلل"‪.‬‬ ‫ل ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم يقُول‪" :‬كلّ‬ ‫[رح ‪ ]2‬ضضضض وع نْ عُقب َة ب نِ عا مر رض يَ ال ع نه قال‪ :‬سمعتُ ر سو َ‬ ‫حبّان والحاكمُ‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫امرىءٍ في ظلّ صدقتِ ِه حتى يُ ْفصَل بين النّاس" روا ُه اب ُ‬ ‫(و عن عقبة بن عا مر ر ضي ال ع نه قال‪ :‬سمعت ر سول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم يقول‪" :‬كلّ امرىءٍ في ظلّ‬ ‫صَد َقتِهِ") أي يوم القيامة أعم من صدقته الواجبة والنافلة ("حتى يفصل بين الناس" رواه ابن حبان والحاكم)‪.‬‬ ‫فيه حث على الصدقة‪ ،‬وأما كونه في ظلها فيحتمل الحقيقة وأنها تأتي أعيان الصدقة فتدفع عنه حرّ الشمس أو‬ ‫المراد في كنفها وحمايتها‪.‬‬ ‫و من فوائد صدقة الن فل أن ها تكون توف ية ل صدقة الفرض إن وجدت في الخرة ناق صة ك ما أخر جه الحا كم في‬ ‫الكنى من حديث ابن عمر وفيه‪" :‬وانظروا في زكاة عبدي فإن كان ضيع منها شيئا فانظروا هل تجدون لعبدي‬ ‫نافلة من صدقة لتتموا بها ما نقص من الزكاة" فيؤخذ ذلك على فرائض ال وذلك برحمة ال وعدله‪.‬‬ ‫[رح ‪ ]3‬ضضضض وعَ نْ أبي سعيد الخدري رضي ال عنه عن النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قال‪َ" :‬أيّما مُ سْلم ك سَا‬ ‫خضْر الجنّة‪ ،‬وَأيّما مسلم أَطعم مُسلما على جوعٍ أَطعمهُ ال من ثمار الجنّة‪،‬‬ ‫عرْيٍ كساهُ ال من ُ‬ ‫مُسْلما َثوْبا على ُ‬ ‫ظ َمإٍ سقاه اللّ ُه من الرّحيق المختوم" رواهُ أَبو داو ُد وفي إسناده لينٌ‪.‬‬ ‫وََأيّما ُمسْلم سقى مُسلما على َ‬ ‫(وعن أبي سعيد الخدري رضي ال عنه عن النبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم قال‪َ :‬أ ّيمَا مُسلم كسا مُ سْلما ثوبا على‬ ‫عرْى ك سا ُه ال من خ ضر الجنّة) أي في ثياب ها الخ ضر (وَأيّ ما مُ سلم أطْع مَ مُ سلما) مت صفا بكو نه (على جوع‬ ‫ُ‬ ‫أطعمه ال من ثمار الجنّة‪ ،‬وَأيّما مسلم سقى مسلما) متصفا بكونه (على ظمأ سقاهُ ال من الرحيق) هو الخالص‬ ‫من الشراب الذي ل غش فيه (المختوم") الذي تختم أوانيه وهو عبارة عن نفاستها (رواه أبو داود وفي إسناده‬ ‫لين) لم يبين الشارح وجهه‪ ،‬وفي مختصر السنن للمنذري في إسناده أبو خالد يزيد بن عبد الرحمن المعروف‬ ‫بالدالني وقد أثنى عليه غير واحد وتكلم فيه غير واحد‪.‬‬ ‫وفي الحديث الحث على أنواع البر وإعطائها من هو مفتقر إليها وكون الجزاء عليها من جنس الفعل‪.‬‬ ‫ع ْن ُه عن النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قال‪" :‬ال َيدُ العُلْيا خَيرٌ من‬ ‫[رح ‪ ]4‬ضضضض وع نْ حكيم بن حزِام رضي ال َ‬ ‫س َتغْن ُي ْغنِ هِ‬ ‫ن ي سْ َتعْ ِففْ يُعفه ال‪َ ،‬و َم نْ ي ْ‬ ‫ن ظهْر غ ِنىً‪ ،‬ومَ ْ‬ ‫اليدِ السفلى‪ ،‬وابْدأ بم نْ َتعُول‪ ،‬وخ ْيرُ ال صّدق ِة ما كان ع ْ‬ ‫اللّهُ" ُمتّفقٌ عليه واللّ ْفظُ للبخاريّ‪.‬‬ ‫أكثر التفاسير وعليه الكثرون أن اليد العليا يد المعطي والسفلى يد السائل‪ ،‬وقيل يد المتعفف ولو بعد أن يمد إليه‬ ‫المعطي‪ ،‬وعلوها معنوي وقيل العليا المعطية والسفلى المانعة‪.‬‬ ‫‪16‬‬

‫وقال قوم من المتصوفة‪ :‬اليد الخذة أفضل من المعطية مطلقا قال ابن قتيبة‪ :‬ما رأى هؤلء إل قوما استطابوا‬ ‫السؤال فهم يحتجون للدناءة‪ ،‬ونعم ما قال‪.‬‬ ‫وقد ورد التفسير النبوي بأن اليد العليا التي تعطي ول تأخذ‪ ،‬أخرجه إسحاق في مسنده عن حكيم بن حزام قال‪:‬‬ ‫يا رسول ال ما اليد العليا فذكره‪.‬‬ ‫وفي الحديث دليل على البداءة بنفسه وعياله لنهم الهم‪.‬‬ ‫وفيه أن أفضل الصدقة ما بقي بعد إخراجها صاحبها مستغنيا إذ معنى أفضل الصدقة ما أبقى المتصدق من ماله‬ ‫ما ي ستظهر به على حوائ جه وم صالحه لن المت صدق بجم يع ماله يندم غالبا وي حب إذا احتاج أ نه لم يت صدق‪،‬‬ ‫ولفظ الظهر كما قال الخطابي‪ :‬يورد في مثل هذا اتساعا في الكلم وقيل غير ذلك‪.‬‬ ‫واختلف العلماء فضي صضدقة الرجضل بجميضع ماله فقال القاضضي عياض‪ :‬إنضه جوزه العلماء وأئمضة المصضار‪ ،‬قال‬ ‫الطبراني ومع جوازه فالمستحب أن ل يفعله وأن يقتصر على الثلث‪.‬‬ ‫والولى أن يقال‪ :‬من تصدق بماله كله وكان صبورا على الفاقة ول عيال له أو له عيال يصبرون فل كلم في‬ ‫ح سن ذلك ويدل له قوله تعالى‪{ :‬ويؤثرون على أنف سهم} {ويطعمون الطعام على ح به} و من لم ي كن بهذه المثا بة‬ ‫كره له ذلك‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬ومن يستعفف" أي عن المسألة "يعفه ال" أي يعينه ال على العفة "ومن يستغن" بما عنده وإن قل "يغنه‬ ‫ال" بإلقاء القناعة في قلبه والقنوع بما عنده‪.‬‬ ‫ج ْهدُ المُقِلّ‪،‬‬ ‫عنْ ُه قال‪ :‬قيلَ‪ :‬يا رسول ال َأيّ ال صّدقة أَفضلُ؟ قال‪ُ " :‬‬ ‫[رح ‪ ]5‬ضضضض وعن أَبي هريرة رض يَ ال َ‬ ‫ن خزيمة وابن حبّان والحاكم‪.‬‬ ‫ح َمدُ وأَبو داود وصححه اب ُ‬ ‫وابدأ بمن تَعولُ" َأخْرجَهُ َأ ْ‬ ‫الجهْد بضم الجيم وسكون الهاء الوسع والطاقة وبالفتح المشقة‪ ،‬وقيل‪ :‬المبالغة والغاية‪ .‬وقيل‪ :‬هما لغتان بمعنى‬ ‫قال في النها ية‪ :‬أي قدر ما يحتمله القل يل من المال وهذا بمع نى حد يث " سبق در هم مائة ألف در هم ر جل له‬ ‫درهمان أ خذ أحده ما فت صدق به ور جل له مال كث ير فأ خذ من عر ضه مائه ألف در هم فت صدق ب ها" أخر جه‬ ‫النسائي من حديث أبي ذر‪ ،‬وأخرجه ابن حبان والحاكم من حديث أبي هريرة‪ ،‬ووجه الجمع بين هذا الحديث‬ ‫والذي قبله ما قاله البيهقي ولفظه‪ :‬والجمع بين قوله صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى"‬ ‫وقوله‪" :‬أفضل الصدقة جهد المقل" أنه يختلف باختلف أحوال الناس في الصبر على الفاقة والشدة والكتفاء بأقل‬ ‫الكفاية وساق أحاديث تدل على ذلك‪.‬‬ ‫ل ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬ت صَدّقوا" فقال‬ ‫[رح ‪ ]6‬ضضضض وع ْن هُ أي أبي هريرة رض يَ ال عنه قال‪ :‬قال رسو ُ‬ ‫عنْدي آخرُ‪ ،‬قالَ‪" :‬ت صدق به على ولدك"‬ ‫صدّق به على نَفْ سك" قال‪ِ :‬‬ ‫َرجُلٌ‪ :‬يا ر سولَ اللّ هِ عندي دينارٌ؟ قالَ‪" :‬تَ َ‬ ‫ت َأبْ صَرُ" روا ُه أَ بو داودَ والن سائيّ‬ ‫عنْدي آ خر‪ ،‬قال‪َ" :‬أنْ َ‬ ‫قال‪ :‬عندي آخرُ‪ ،‬قال‪" :‬ت صَدّق به على خاد مك" قال‪ِ :‬‬ ‫وصحّحه ابن حبّان والحاكم‪.‬‬ ‫ولم يذكر في هذا الحديث الزوجة وقد وردت في صحيح مسلم مقدمة على الولد‪.‬‬ ‫وفيه أن النفقة على النفس صدقة وأنه يبدأ بها ثم على الزوجة ثم على الولد ثم على العبد إن كان أو مطلق من‬ ‫يخدمه ثم حيث شاء ويأتي في النفقات تحقيق النفقة على من تجب له أوّل فأوّل‪.‬‬ ‫ت المرْأَة من طعام‬ ‫[رح ‪ ]7‬ضضضض وعَ نْ عائشة رضي ال عنْها قال تْ‪ :‬قال النبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَسَلّم‪" :‬إذا أَنفَ َق ِ‬ ‫ضهُ مْ من‬ ‫ص َبعْ ُ‬ ‫َبيْتها غيرَ مُفْسد ٍة كان لها أَجرُها بما َأنْفَقَ تْ ولزوجها َأجْرُ ُه بما ا ْكتَ سَبَ وللخازن ِمثْلُ ذلك ل َينْقُ ُ‬ ‫َأجْر بعض شيئا" ُمتّفقٌ عََليْهِ‪.‬‬ ‫وهذا الدليل للمالكية وجوابه أنه ليس إجماعهم حجة ولو أجمعوا كما عرف في الصول على أنه ل يتم دعوى‬ ‫إجماع هم‪ ،‬ف قد أخرج الترمذي وا بن خزي مة و صححه أن أ با سعيد أ تى ومروان يخ طب ف صلهما فأراد حرس‬ ‫مروان أن يمنعوه فأبى حتى صلهما ثم قال‪ :‬ما كنت لدعهما بعد أن سمعت رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‬ ‫يأمر بهما‪.‬‬ ‫(وعن عائشة رضي ال عنها قالت‪ :‬قال رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬إذا أَنفقت المرأة من طعام بيتها غير‬ ‫جرُ ُه بما اكتسب وللخازن مثل‬ ‫مفسدة) كأن المراد غير مسرفة في النفاق (كان لها أجرُها بما أَنفق تْ ولزوْجها َأ ْ‬ ‫ذلك ل ينقص بعضهم من َأجْر بعض شيئا" متفق عليه)‪.‬‬ ‫ف يه دل يل جواز ت صدق المرأة من ب يت زوج ها‪ ،‬والمراد إنفاق ها من الطعام الذي ل ها ف يه ت صرف ب صفته للزوج‬ ‫ومن يتعلق به شرط أن يكون ذلك بغير إضرار وأن ل يخل بنفقتهم‪.‬‬ ‫‪17‬‬

‫قال ا بن العر بي‪ :‬قد اختلف ال سلف في ذلك فمن هم من أجازه في الش يء الي سير الذي ل يؤ به له ول يظ هر به‬ ‫النقصان‪ ،‬ومنهم من حمله على ما إذا أذن الزوج ولو بطريق الجمال‪ ،‬وهو اختيار البخاري ويدل له ما أخرجه‬ ‫الترمذي عن أبي أمامة قال‪ :‬قال رسول ال صَلّى ال عََليْ ِه وَسَلّم‪" :‬ل تنفق المرأة من بيت زوجها إل بإذنه" قال‪:‬‬ ‫يا رسول ال ول الطعام؟ قال‪" :‬ذلك أفضل أموالنا" إل أنه قد عارضه ما أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة‬ ‫بلفظ "إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها من غير أمره فلها نصف أجره" ولعله يقال في الجمع بينهما‪ :‬إن إنفاقها‬ ‫مع إذنه تستحق الجر كاملً ومع عدم الذن نصف الجر‪ ،‬وأن النهي عن إنفاقها من غير إذنه إذا عرفت منه‬ ‫الف قر أو الب خل فل ي حل ل ها النفاق إل بإذ نه‪ ،‬بخلف ما إذا عر فت م نه خلف ذلك‪ ،‬جاز ل ها النفاق من غ ير‬ ‫إذنه‪ ،‬ولها نصف أجره‪.‬‬ ‫ومن هم من قال المراد بنف قة المرأة والع بد والخادم‪ :‬النف قة على عيال صاحب المال في م صالحه‪ ،‬و هو بع يد من‬ ‫لفظ الحديث‪.‬‬ ‫ومنهضم مضن فرق بيضن المرأة والخادم فقال‪ :‬المرأة لهضا حضق فضي مال الزوج والتصضرف فضي بيتضه‪ ،‬فجاز لهضا أن‬ ‫تتصدق‪ ،‬بخلف الخادم فليس له تصرف في مال موله فيشترط الذن فيه‪.‬‬ ‫ويرد عليه أن المرأة ليس لها التصرف إل في القدر الذي تستحقه‪ ،‬وإذا تصدقت منه اختصت بأجره ثم‬ ‫ظاهره أنهم سواء في الجر‪ ،‬ويحتمل أن المراد بالمثل حصول الجر في الجملة وإن كان أجر المكتسب أوفر‬ ‫إل في حديث أبي هريرة "ولها نصف أجره" فهو يشعر بالمساواة‪.‬‬ ‫سعْ ُودٍ فقالت‪ :‬يا رسول‬ ‫[رح ‪ ]8‬ضضضض وع نْ أَبي سعيدٍ الخدْري رضي ال عن ُه قالَ‪" :‬جاءَت زينب امرأَ ُة ابن م َ‬ ‫حقّ َم نْ‬ ‫سعُود َأنّ هُ وولد ُه َأ َ‬ ‫صدّقَ ب ِه فَزَعَ مَ اب نُ م ْ‬ ‫ن َأتَ َ‬ ‫ال إنّ كَ َأ َمرْ تَ اليوْ مَ بال صّدقة وكان عندي حُليّ لي فأَرد تُ َأ ْ‬ ‫صدّقت به‬ ‫ن تَ َ‬ ‫تَ ص ّدقْتُ به علي هم؟ قال ال نبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪ " :‬صَ َدقَ ا بن مَ سعود‪َ ،‬زوْجُك وولدُ كِ أَحقّ م ْ‬ ‫عليهم" رَوَاهُ البخاري‪.‬‬ ‫فيه دللة على أن الصدقة على من كان أقرب من المتصدق أفضل وأولى‪ .‬والحديث ظاهر في صدقة الواجب‪،‬‬ ‫ويحت مل أن المراد ب ها التطوع‪ ،‬والول أو ضح ويؤيده ما أخر جه الخباري " عن زي نب امرأة ا بن م سعود أن ها‬ ‫قالت‪ :‬يا رسول ال أيجزي عنا أن نجعل الصدقة في زوج فقير وأبناء أخ أيتام في حجورنا؟ فقال لها رسول ال‬ ‫صلى ال عل يه وآله وسلم‪ :‬لك أجر لقولها "أيجزي" ولقوله‪" :‬صدقة وصلة" إذا الصدقة عند الطلق تتبادر في‬ ‫الواجبة وبهذا جزم المازني‪.‬‬ ‫و هو دل يل على جواز صرف زكاة المرأة في زوج ها و هو قول الجمهور وف يه خلف ل بي حني فة‪ ،‬ول دل يل له‬ ‫يقاوم النص المذكور ومن استدل له بأنها تعود إليها فكأنها ما خرجت عنها فقد أورد عليه أنه يلزمه منع صرفها‬ ‫صدقة التطوع في زوجها مع أنها يجوز صرفها فيه اتفاقا‪.‬‬ ‫وأما الزوج فاتفقوا على أنه ل تجوز له صرف صدقة واجبة في زوجته قالوا‪ :‬لن نفقتها واجبة عليه فتستغني‬ ‫بها عن الزكاة قاله المصنف في الفتح‪ ،‬وعندي في هذا الخير توقف لن غنى المرأة بوجوب النفقة عل زوجها‬ ‫ل يصيرها غنية الغنى الذي يمنع من حل الزكاة لها‪.‬‬ ‫و في قوله "وولده" ما يدل على إجزائ ها في الولد إل أ نه اد عى ا بن المنذر الجماع على عدم جواز صرفها إلى‬ ‫الولد وحملوا الحديث على أنه في غير الواجبة أو أن الصرف إلى الزوج ضضضض وهو المنفق على الولد أو‬ ‫أن الولد للزوج ولم يكونوا منها كما يشعر به ما وقع في رواية أخرى "على زوجها وأيتام في حجرها" ولعلهم‬ ‫أولد زوجها سموا أيتاما باعتبار اليتم من الم‪.‬‬ ‫[رح ‪ ]9‬ضضضض و عن ا بن عُمَر ر ضي ال ع ْنهُ ما قال‪ :‬قال ر سول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪ " :‬ما يزال الرّجُلُ‬ ‫عةُ َلحْم" متفقٌ عليه‪.‬‬ ‫سأَلُ النّاسَ حتى يأتيَ ي ْومَ القيامة وليس في وجهِهِ ُمزْ َ‬ ‫َي ْ‬ ‫(و عن ا بن ع مر ر ضي ال عنه ما قال‪ :‬قال ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪ " :‬ما يزال الر جل) والمرأة (ي سأل‬ ‫الناس) أموالهم (حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة) بضم الميم وسكون الزاى فعين مهملة (لحم" متفق‬ ‫عليه)‪.‬‬ ‫الحديث دليل على قبح كثرة السؤال‪ ،‬وأن كل مسألة تذهب من وجهه قطعة لحم حتى ل يبقى فيه شيء لقوله ما‬ ‫يزال‪.‬‬ ‫ولفظ الناس عام مخصوص بالسلطان كما يأتي‪.‬‬

‫‪18‬‬

‫والحديث مطلق في قبح السؤال مطلقا وقيده البخاري بمن يسأل تكثرا كما يأتي يعني من سأل وهو غني فإنه‬ ‫ترجم له‪ :‬بباب من سأل الناس تكثرا‪ ،‬ل من سأل لحاجة فإنه يباح له ذلك ويأتي قريبا بيان الغني الذي يمنع من‬ ‫السؤال‪.‬‬ ‫قال الخطابي‪ :‬معنى قوله "وليس في وجهه لحم"‪ :‬يحتمل أن يكون المراد به يأتي ساقطا ل قدر له ول جاه‪ ،‬أو‬ ‫يعذب في وجهه حتى يسقط لحمه عقوبة له في موضع الجناية لكونه أذل وجهه بالسؤال‪ ،‬أو أنه يبعث ووجهه‬ ‫عظم ليكون ذلك شعاره الذي يعرف به‪.‬‬ ‫ويؤيد الول ما أخرجه الطبراني والبزار من حديث مسعود بن عمرو مرفوعا "ل يزال العبد يسأل وهو غن يٌ‬ ‫حتى يخلق وجهه فل يكون له عند ال وجه" وفيه أقوال أخر‪.‬‬ ‫ل النّاس‬ ‫سأَ َ‬ ‫[رح ‪ ]10‬ضضضض وعن أَبي هريرة رضي ال عن ُه قال‪ :‬قالَ رسولُ ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬مَ نْ َ‬ ‫ستَقِلّ َأوْ ليسْتكْثر" رواهُ ُمسْلمٌ‪.‬‬ ‫جمْرا فَلْ َي ْ‬ ‫سأَلُ َ‬ ‫َأمْواَل ُهمْ َت َكثّرا فإنما َي ْ‬ ‫قال ابن العربي‪ :‬إن قوله‪" :‬فإنما يسأل جمرا" معناه أنه يعاقب بالنار‪ ،‬ويحتمل أن يكون حقيقة أي أنه يصير ما‬ ‫يأخذه جمرا يكوى به كما في مانع الزكاة‪.‬‬ ‫وقوله "فلي ستقل" أ مر للته كم ومثله ما ع طف عل يه‪ ،‬أو للتهد يد من باب (اعملوا ما شئ تم) و هو مش عر بتحر يم‬ ‫السؤال للستكثار‪.‬‬ ‫خذَ أَحدكُ مْ‬ ‫[رح ‪ ]11‬ضضضض وعن الزب ْيرِ بن العوّام رض يَ اللّ هُ عنه عن النبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم قال‪" :‬لَ نْ يأ ُ‬ ‫عطَ ْو ُه أَوْ‬ ‫س أَ ْ‬ ‫ن أَ نْ يسأل النا َ‬ ‫حزْمةٍ من الح طب على ظهره فيبيعَها فيكفّ ال ب ها َوجْ هه خ ْيرٌ َل ُه مِ ْ‬ ‫حبْلَ هُ فيأتَي ب ُ‬ ‫َ‬ ‫َم َنعُوه" رواهُ البخاريّ‪.‬‬ ‫ن َيَأخُذَ أحَدكم حبله فيأتي بحزمة‬ ‫(وعن الزبير بن العوام رضي ال عنه عن النبي صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم قال‪ :‬ل ْ‬ ‫من الحطب على ظهره فيبيعها فيكف بها) أن بقيمتها (وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه رواه‬ ‫البخاري)‪.‬‬ ‫الحديث دل على ما دل عليه قبله من قبح السؤال مع الحاجة وزاد بالحث على الكتساب ولو أدخل على نفسه‬ ‫المش قة‪ ،‬وذلك ل ما يد خل ال سائل على نف سه من ذل ال سؤال وذلة الردّ إن لم يع طه الم سؤول‪ ،‬ول ما يد خل على‬ ‫المسؤول من الضيق في ماله أن أعطى كل من يسأل‪.‬‬ ‫وللشافع ية وجهان في سؤال من له قدرة على التكسب أصحهما أنه حرام لظاهر الحاد يث‪ ،‬والثاني أ نه مكروه‬ ‫بثلثة شروط أنه ل يذل نفسه ول يلح في السؤال ول يؤذي المسؤول فإن فقد أحدها فهو حرام بالتفاق‪.‬‬ ‫جنْدبُ رضيَ ال عنهُما قال‪ :‬قال رسول ال صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم‪" :‬المسألة كدّ‬ ‫س ْمرَةَ بن ُ‬ ‫[رح ‪ ]12‬ضضضض وعنْ َ‬ ‫سأَلَ ال ّرجُلُ سُلطانا َأ ْو في أَمر ل ُبدّ ِمنْهُ" روا ُه الترمذي وصححهُ‪.‬‬ ‫نيْ‬ ‫جهَ ُه إل أ ْ‬ ‫يكدّ بها ال ّرجُلُ و ْ‬ ‫أي سؤال الرجل أموال الناس كدّ أي خدش وهو الثر وفي رواية كُدوح بضم الكاف‪.‬‬ ‫وأما سؤاله من السلطان فإ نه لمذمة ف يه‪ ،‬لنه إنما يسأل مما هو حق له في بيت المال ول م نة للسلطان في‬ ‫السائل لنه وكيل فهو كسؤال النسان وكيله أن يعطيه من حقه الذي لديه وظاهره أنه وإن سأل السلطان تكثرا‬ ‫فإنه ل بأس فيه ول إثم لنه جعل قسيما للمر الذي ل بد منه‪ ،‬وقد فسر المر الذي ل بد منه حديث قبيصة‬ ‫وفيه "ل يحل السؤال إل لثلثة‪ :‬ذي فقر مدقع أو دم موجع أو غرم مفظع" الحديث‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬أو في أمر ل بد منه" أي ل يتم له حصوله مع ضرورته إل بسؤال ويأتي حديث قبيصة قريبا وهومبين‬ ‫ومفسر المر الذي ل بد منه‪.‬‬ ‫باب قسمة الصدقات‬ ‫أي قسمة ال الصدقات بين مصارفها‬ ‫خدْريّ ر ضي ال ع ْن ُه قال‪ :‬قال ر سول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬ل تحِلّ‬ ‫ن أَ بي سعيدٍ ال ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫[رح ‪ ]1‬ضضضض َ‬ ‫الصّدق ُة لغَنيّ إل لخمسةٍ‪ :‬لعاملٍ عليها أَ ْو رجل اشتراها بمالهِ‪َ ،‬أوْ غارم‪ ،‬أَ ْو غاز في سبيل ال‪ ،‬أَ ْو مسكين تُصُدق‬ ‫ل بالرسال‪.‬‬ ‫عليه منها َفأَهْدى منها لغنّي" روا ُه أَحمدُ وأبو داود وابن ماجه وصحّحهُ الحاكمُ وَُأعِ ّ‬ ‫ظاهره إعلل مضا أخرجضه المذكورون جميعا وفضي الشرح أن التضي أعلت بالرسضال روايضة الحاكضم التضي حكضم‬ ‫بصحتها‪.‬‬

‫‪19‬‬

‫وقوله‪" :‬لغني" قد اختلفت القوال في حدى الغنى الذي يحرم به قبض الصدقة على أقوال‪ ،‬وليس عليها ما تسكن‬ ‫له النفس من الستدلل لن المبحث ليس لغويا حتى يرجع فيه إلى تفسير لغة ولنه في اللغة أمر نسبي ل يتعين‬ ‫في قدر‪.‬‬ ‫ووردت أحاديث معينة لقدر الغنى الذي يحرم به السؤال كحديث أبي سعيد عند النسائي "من سأل وله أوقية فقد‬ ‫ألحف" وعند أبي داود "من سأل منكم وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا" وأخرج أيضا "من سؤل وله ما يغنيه‬ ‫فإن ما ي ستكثر من النار‪ ،‬قالوا‪ :‬و ما يغن يه؟ قال‪ :‬قدر ما يعش يه ويغد يه" صححه ا بن حبان‪ ،‬فهذا قدر الغ نى الذي‬ ‫يحرم مع السؤال‪.‬‬ ‫وأ ما الغ نى الذي يحرم م عه ق بض الزكاة فالظا هر أ نه من ت جب عل يه الزكاة و هو من يملك مائ تي در هم‪ ،‬لقوله‬ ‫صلى ال تعالى عليه وعلى آله وسلم‪" :‬أمرت أن آخذها من أغنيائكم وأردّها في فقرائكم" فقابل بين الغنى وأفاد‬ ‫أنه من تجب عليه الصدقة وبين الفقير وأخبر أنه من تردّ فيه الصدقة؛ هذا أقرب ما يقال فيه وقد بيناه في رسالة‬ ‫جواب سؤال‪.‬‬ ‫وأفاد حديث الباب حلها للعامل عليها وإن كان غنيا‪ ،‬لنه يأخذ أجره على علمه ل لفقره‪.‬‬ ‫وكذلك من اشتراها بماله فإنها قد وافقت مصرفها وصارت ملكا له‪ ،‬فإذا باعها فقد باع ما ليس بزكاة حين البيع‬ ‫بل ما هو ملك له‪.‬‬ ‫وكذلك الغرم ت حل له وإن كان غنيا‪ .‬وكذلك الغازي ي حل له أن يتج هز من الزكاة وإن كان غنيا ل نه ساع في‬ ‫سبيل ال‪.‬‬ ‫قال الشارح‪ :‬ويلحق به من كان قائما بمصلحة عامة من مصالح المسلمين كالقضاء والفتاء والتدريس وإن كان‬ ‫غنيا‪ .‬وأدخل أبو عبيد من كان في مصلحة عامة في العاملين وأشار إليه البخاري حيث قال‪" :‬باب رزق الحاكم‬ ‫والعامل ين علي ها" وأراد بالرزق ما يرز قه المام من ب يت المال ل من يقوم بم صالح الم سلمين كالقضاء والفت يا‬ ‫والتدريس فله الخذ من الزكاة فيما يقوم به مدة القيام بالمصلحة وإن كان غنيا‪.‬‬ ‫قال الطضبري‪ :‬إنضه ذهضب الجمهور إلى جواز أخضذ القاضضي الجرة على الحكضم لنضه يشغله الحكضم عضن القيام‬ ‫بمصالحه‪ ،‬غير أن طائفة من السلف كرهوا ذلك ولم يحرموه‪.‬‬ ‫وقالت طائفة‪ :‬أخذ الرزق على القضاء إن كانت جهة الخذ من الحلل كان جائزا إجماعا ومن تركه فإنما تركه‬ ‫تورّعضا‪ ،‬وأمضا إذا كانضت هناك شبهضة فالولى الترك‪ ،‬ويحرم إذا كان المال يؤخضذ لبيضت المال مضن غيضر وجهضه‪،‬‬ ‫واختلف إذا كان الغالب حراما‪.‬‬ ‫وأما الخذ من المتحاكمين ففي جوازه خلف‪ ،‬ومن جوزه فقد شرط له شرائط ويأتي ذكر ذلك في باب القضاء‬ ‫وإنما لما تعرَض له الشارح هنا تعرضنا له‪.‬‬ ‫ع َبيْد ال بن عَديّ بن الخيار رضي اللّ هُ عنْ هُ َأنّ َرجُلَيْ نِ ح ّدثَا هُ أ ّنهُما َأتَيا رسول ال صَلّى‬ ‫[رح ‪ ]2‬ضضضض وعن ُ‬ ‫ال عََليْ هِ وَ سَلّم ي سأَلنه من ال صّدقة فقَلّب فيه ما الب صر فرآهُ ما جَ ْلدَيْن فقال‪" :‬إن شئت ما أَعطيتُك ما ول حظّ في ها‬ ‫لغنيٍ ول لقويٍ مُك َتسِبٍ" روا ُه أَحمدُ وقوّاه وأبو داودَ والنسائيّ‪.‬‬ ‫(وعن عبيد ال بن عدي بن الخيار رضي ال عنه) بكسر الخاء المعجمة فمثناه تحتية آخره راء وعبيد ال يقال‬ ‫إنه ولد على عهد رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم يعد في التابعين روى عن عمر وعثمان وغيرهما (أن‬ ‫رجلين حدثاه أنهما أتيا رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَسَلّم يسألنه من الصدقة فقلب فيهما النظر) فسر ذلك الرواية‬ ‫ط ْيتُكُمَا ولحَظّ فِي ها ِل َغنِ يَ ولَا لِقَو يَ‬ ‫عَ‬ ‫ش ْئتُ ما َأ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫الخرى بل فظ فر فع في نا الن ظر وخف ضه (فرآه ما جلد ين فقال‪" :‬إ ْ‬ ‫ُم ْك َتسِبٍ" رواه أحمد وقواه أبو داود والنسائي) قال أحمد بن حنبل‪ :‬ما أجوده من حديث‪.‬‬ ‫وقوله "إن شئت ما" أي إن أ خذ ال صدقة ذلة فإن رضيت ما ب ها أعطيتك ما‪ ،‬أو أن ها حرام على الجلد فإن شئت ما تناول‬ ‫الحرام أعطيتكما‪ ،‬قاله توبيخا وتغليظا‪.‬‬ ‫والحديث من أدلة تحريم الصدقة على الغني وهو تصريح بمفهوم الية وإن اختلف في تحقيق الغنى كما سلف‬ ‫وعلى القوي المكتسب لن حرفته صيرته في حكم الغني ومن أجاز له تأول الحديث بما ل يقبل‪.‬‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬إنّ‬ ‫[رح ‪ ]3‬ضضضض وع نْ قبيصة بن مخارق الهلليّ رضي ال عن هُ قال‪ :‬قال رسو ُ‬ ‫ل أَصضابتْهُ‬ ‫حمَالةً فحَلْت لَهُض المسضأَلَة حتضى يُصضيبها ثضم يمسضك‪ ،‬ورج ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫حمّ َ‬ ‫المسضألة ل َتحِلُ إل لحضد ثلثضة‪َ :‬رجُلٍ َت َ‬ ‫جائحَ ٌة اجتاح تْ مال هُ َفحَلّت ل هُ الم سْأَلَ ُة ح تى ي صيب قواما م نْ عي شٍ‪ ،‬ور جل أَ صابت ُه فاق ٌة ح تى يقولَ ثلث ٌة من‬ ‫ن من‬ ‫ذوي الح جى مِ نْ قَوْ مه‪ :‬لَ َق ْد أ صابت فلنا فاق ٌة فحَلّ تْ َل ُه الم سأَل ُة ح تى يُ صيب قواما مِ نْ عَيْش فمَا سواهُ ّ‬ ‫حبّانَ‪.‬‬ ‫ن خزيمةَ وابنُ ِ‬ ‫سحْتا" روا ُه ُمسْلمٌ وأبو داودَ واب ُ‬ ‫سحْتٌ يأكُلُها صاحبُها ُ‬ ‫المسأَلة يا قبيص ُة ُ‬ ‫‪20‬‬

‫(وعن قَبيصة رضي ال عنه) بفتح القاف فموحدة مكسورة فمثناه تحتية فصاد مهملة (ابن مخُارِق) بضم الميم‬ ‫فخاء معجمة فراء مكسورة بعد اللف فقاف (الهللي) وفد على النبي صلى ال عليه وآله وسلم‪ ،‬عداده في أهل‬ ‫حدِ ثلَاثةٍ‪:‬‬ ‫سأَلَ َة لَا َتحِلّ إل لِأ َ‬ ‫البصرة روى عنه ابنه قطن وغيره (قال‪ :‬قال رسول ال صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم "إنّ ا ْلمَ ْ‬ ‫حمَالَةً) بف تح الحاء المهملة و هو المال يتحمله‬ ‫حمّلَ َ‬ ‫َرجُلٍ) بالك سر بدل من ثل ثة وي صح رف عه بتقد ير أحد هم ( َت َ‬ ‫جتَاحَتْ) أي أهلكت‬ ‫ل َأصَابتْ ُه جَائَحِةٌ) أي آفة (ا ْ‬ ‫حتّى يُص ِيبَها ُثمّ ُي ْمسِك‪ ،‬و َرجُ ٍ‬ ‫سأَلَ ُة َ‬ ‫النسان عن غيره ( َفحَلتْ َلهُ ا ْل َم ْ‬ ‫عيْ شٍ‪ ،‬و َرجُلٍ أَ صَابْتهُ‬ ‫حتّى يُصيِبَ قِواما) بكسر القاف ما يقوم بحاجته وسد خلته (مِ نْ َ‬ ‫سأَلَةُ َ‬ ‫ت لَ هُ ا ْلمَ ْ‬ ‫(مَاَل هُ‪َ ،‬فحَل ْ‬ ‫ن قَ ْومِ هِ) لَأنهم أخبر‬ ‫حجَى) بكسر المهملة والجيم مقصور‪ :‬العقل (مِ ْ‬ ‫ل ثلثَة مِ نْ ذَوي ا ْل ِ‬ ‫حتّى يقُو َ‬ ‫فَاقَةَ) أي حاجة ( َ‬ ‫عيْشٍ‪ ،‬فَما‬ ‫حتّى يصيبَ قِوَامَا) بكسر القاف (مِنْ َ‬ ‫سأَلَةُ َ‬ ‫بحاله يقولون أو قائلين‪( :‬ل َقدْ أصَابتْ فُلنا فَاقَة َفحَلّتْ لَ ُه ا ْلمَ ْ‬ ‫سحْتٌ) ب ضم ال سين المهملة (يأكُلُ ها) أي ال صدقة‪ ،‬أ نت ل نه ج عل ال سحت عبارة‬ ‫سأَلَ ِة يا َقبِي صَ ُة ُ‬ ‫سِوَا ُهنّ ِم نَ ا ْلمَ ْ‬ ‫سحْتا) السحت الحرام الذي ل يحل كسبه لنه يسحت البركة أي يذهبها (رواه مسلم وأبو‬ ‫عنها وإل فالضمير له ( ُ‬ ‫داود وابن خزيمة وابن حبان)‪.‬‬ ‫الحديث دليل على أنها تحرم المسألة إل لثلثة‪:‬‬ ‫الول‪ :‬لمن تحمل حمالة وذلك أن يتحمل النسان عن غيره دينا أو دية أو يصالح بمال بين طائفتين‪ ،‬فإنها تحل‬ ‫له المسألة‪ ،‬وظاهره إن كان غنيا فإنه ل يلزمه تسليمه من ماله وهذا هو أحد الخمسة الذين يحل لهم أخذ الصدقة‬ ‫وإن كانوا أغنياء كما سلف في حديث أبي سعيد‪.‬‬ ‫والثاني‪ :‬من أصاب ماله آفة سماوية أو أرضية كالبرد والغرق ونحوه بحيث لم يبق له ما يقوم بعي شه حلت له‬ ‫المسألة حتى يحصل له ما يقوم بحاله ويسد خلته‪.‬‬ ‫والثالث‪ :‬من أصابته فاقه‪ ،‬ولكن ل تحل له المسألة إل أن يشهد له من أهل بلده لنهم أخبر بحاله ثلثة من ذوي‬ ‫العقول ل من غلب عليه الغباوة والتغفيل وإلى كونهم ثلثة ذهبت الشافعية للنص فقالوا‪ :‬ل يقبل في العسار أقل‬ ‫مضن ثلثضة‪ ،‬وذهضب غيرهضم إلى كفايضة الثنيضن قياسضا على سضائر الشهادات وحملوا الحديضث على الندب‪ ،‬ثضم هذا‬ ‫محمول على من كان معروفا بالغنى ثم افتقر‪ ،‬أما إذا لم يكن كذلك فإنه يحل له السؤال وإن لم يشهدوا له بالفاقة‬ ‫يقبل قوله‪.‬‬ ‫وقد ذهب إلى تحريم السؤال ابن أبي ليلى وأنها تسقط به العدالة‪.‬‬ ‫والظاهر من الحاديث تحريم السؤال إل للثلثة المذكورين‪ ،‬أو أن يكون المسؤول السلطان كما سلف‪.‬‬ ‫ع ْبدِ المُطلب بن ربي عة بن الحارث ر ضي ال عن ُه قال‪ :‬قال ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ‬ ‫[رح ‪ ]4‬ضضضض وع نْ َ‬ ‫ل لمحمد ول لل محمد"‬ ‫وَ سَلّم‪" :‬إن الصدق َة ل تنبغي لل محمد‪ ،‬إنما هي أَوْساخُ الناس" وفي رواية "وإنها ل تح ّ‬ ‫رواهُ ُمسْلمٌ‪.‬‬ ‫(وعن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث رضي ال عنه) ابن عبد المطلب ابن هاشم سكن المدينة ثم تحول منها‬ ‫إلى دمشق ومات بها سنة اثنتين وستين وكان قد أتى إلى رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم يطلب منه أن يجعله‬ ‫ل على بعض الزكاة فقال له رسول ال صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم‪ :‬الحديث وفيه قصة (قال‪ :‬قال رسول ال صَلّى‬ ‫عام ً‬ ‫ص َدقَةَ ل ت ْنبَغِي للِ مُح ّمدٍ‪ ،‬إ ّنمَا ه يَ أوْ سَاخُ النّا سِ) هو بيان لعلة التحريم (وفي رواية) أَي‬ ‫ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬إنّ ال ّ‬ ‫حمّدٍ رواه م سلم) فأفاد أن ل فظ لينب غي أراد به ل ت حل‬ ‫لمُ‬ ‫حمّ د ول ل ِ‬ ‫ل لم َ‬ ‫لم سلم عن ع بد المطلب (وإنّهَا ل َتحِ ّ‬ ‫فيفيد التحريم أيضا وليس لعبد المطلب المذكور في الكتب الستة غير هذا الحديث‪.‬‬ ‫وهو دليل على تحريم الزكاة على محمد صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪ .‬فأما عليه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم فإنه إجماع‪ ،‬وكذا‬ ‫اد عى الجماع على حرمت ها على آله‪ :‬أ بو طالب وا بن قدا مة‪ ،‬ون قل الجواز عن أ بي حني فة‪ ،‬وق يل‪ :‬إن منعوا‬ ‫خمس الخمس‪.‬‬ ‫والتحريم هو الذي دلت عليه الحاديث‪ ،‬ومن قال بخلفها قال متأ ّولً لها‪ ،‬ول وجه للتأويل‪ ،‬وإنما يجب التأويل‬ ‫إذا قام على الحا جة إل يه ذل يل؛ والتعل يل بأن ها أو ساخ الناس قاض بتحر يم ال صدقة الواج بة علي ها ل النافلة لن ها‬ ‫هي التي يطهر بها من يخرجها كما قال تعالى‪{ :‬خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} إل أن الية نزلت‬ ‫في صدقة النفل كما هو معروف في كتب التفسير‪.‬‬ ‫وقد ذهبت طائفة إلى تحريم صدقة النفل أيضا على الل واخترناه في حواشي ضوء النهار لعموم الدلة‪.‬‬ ‫وفيه أنه صَلّى ال عََليْ هِ وَسَلّم كرم آله عن أن يكونوا محل للغسالة؛ وشرفهم عنها‪ ،‬وهذه العلة المنصوصة‪ ،‬وقد‬ ‫ورد التعليل عند "أبي نعيم" مرفوعا بأن لهم في خمس الخمس ما يكفيهم ويغنيهم‪ ،‬فهما علتان منصوصتان ول‬ ‫‪21‬‬

‫يلزم من منع هم عن الخ مس أن ت حل ل هم فإن من م نع الن سان عن ماله وح قه ل يكون من عه له محللً ما حرم‬ ‫عليه‪ ،‬وقد بسطنا القول في رسالة مستقلة‪.‬‬ ‫و في المراد بالل خلف والقرب ما ف سرهم به الراوي‪ ،‬ز يد بن أر قم بأن هم‪ :‬آل علي وآل العباس وآل جع فر‬ ‫وآل عقيل انتهى‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬ويزيد آل الحارث بن عبد المطلب لهذا الحديث‪ .‬فهذا تفسير الراوي وهو مقدم على تفسير غيره فالرجوع‬ ‫إل يه تف سير آل مح مد ه نا هو الظا هر لن ل فظ الل مشترك وتف سير راو يه دل يل على المراد من معان يه فهؤلء‬ ‫الذين فسرهم به زيد بن أرقم وهو في صحيح مسلم وإنما تفسيرهم هنا ببني هاشم اللزم منه دخول من أسلم من‬ ‫أولد أبي لهب ونحوهم فهو تفسير بخلف تفسير الراوى وكذلك يدخل في تحريم الزكاة عليهم بنو المطلب بن‬ ‫عبد مناف كما يدخلون معهم في قسمة الخمس كما يفيد الحديث بعده؛ وهو قوله‪:‬‬ ‫طعِمٍ رضي ال عنه قالَ‪ :‬مشيتُ أنا وعثمان بنُ عفانَ إلى النبي صَلّى ال عََليْهِ‬ ‫[رح ‪ ]5‬ضضضض وعنْ جُبيرِ بن ُم ْ‬ ‫خيْبر وتركتنا ونحن و ُهمْ بمنزلةٍ واحدةٍ؟ فقال رسول ال‬ ‫خمُس َ‬ ‫طيْت بَني المطلب من ُ‬ ‫َوسَلّم فقُلنْا‪ :‬يا رسول ال أَع َ‬ ‫صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم‪" :‬إنّما بنُو المطلب وبنُو هاشمٍ شيءٌ واحدٌ" روا ُه البخاري‪.‬‬ ‫طعِم رضي ال عنه) بضم الميم وسكون‬ ‫جبَير) بضم الجيم وفتح الباء الموحدة وسكون الياء التحتية (ابن ُم ْ‬ ‫(وعن ُ‬ ‫الطاء وكسر العين المهملة‪ ،‬بن نوفل بن عبد مناف القرشي أسلم قبل الفتح ونزل المدينة ومات بها سنة أربع‬ ‫وخمسين وقيل غير ذلك (قال‪ :‬مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى النبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم فقلنا‪ :‬يا رسول ال‬ ‫أعط يت ب ني المطلب من خ مس خ يبر وتركت نا ون حن و هم بمنزلة واحدة‪ ،‬فقال ر سول ال صلى ال عل يه وآله‬ ‫ب وبُ نو هَاشِ مٍ") المراد بب ني ها شم آل علي آل جع فر وآل عق يل وآل العباس وآل الحارث‬ ‫و سلم‪" :‬إنّمَا بُ نو ا ْلمُطل ِ‬ ‫ولم يدخل آل أبي لهب في ذلك لنه لم يسلم منهم في عصره صَلّى ال عََليْ ِه وَسَلّم أحد‪ ،‬وقيل بل أسلم منهم عتبة‬ ‫شيْءٌ واحِد" رواه البخار)‪.‬‬ ‫ومعتب ابنا أبي لهب وثبتا معه صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم في خيبر ( َ‬ ‫الحد يث دل يل على أن ب ني المطلب يشاركون ب ني ها شم في سهم ذوي القر بي وتحر يم الزكاة أيضا دون من‬ ‫عداهم وإن كانوا في النسب سواء وعلله صلى ال تعالى عليه وآله وسلم باستمرارهم على الموالة كما في لفظ‬ ‫آخر تعليله "بأنهم لم يفارقونا في جاهلية ول إسلم" فصاروا كالشيء الواحد في الحكام وهو دليل واضح في‬ ‫ذلك وذهب إليه الشافعي‪.‬‬ ‫وخالفه الجمهور وقالوا‪ :‬إنه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم أعطاهم على جهة التفضل ل الستحقاق وهو خلف الظاهر‬ ‫بل قوله "شيء واحد" دليل على أنهم يشاركونهم في استحقاق الخمس وتحريم الزكاة‪.‬‬ ‫واعلم أن بني المطلب هم أولد المطلب بن عبد مناف‪.‬‬ ‫وجبير بن مطعم من أولد نوفل بن عبد مناف‪ ،‬وعثمان من أولد عبد شمس بن عبد مناف‪ ،‬فبنو المطلب وبنو‬ ‫ع بد ش مس وب نو نو فل أولد عم في در جة واحدة‪ ،‬فلذا قال عثمان و جبير بن مط عم لل نبي صلى ال عل يه وآله‬ ‫وسلم‪ :‬إنهم وبني المطلب بمنزلة واحدة لن الكل أبناء عم‪.‬‬ ‫[رح ‪ ]6‬ضضضض وع نْ أَبي رافع رضي ال عنه َأنّ النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَسَلّم بعثَ رجُلً على الصدقة من بني‬ ‫سأَلُهُ‪ ،‬فأَتا هُ‬ ‫ب منها‪ ،‬فقال‪ :‬ل حتى آت يَ النبيَ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم فأَ ْ‬ ‫حبْني فإنك تُصي ُ‬ ‫صَ‬ ‫مخزوم فقال لبي رافع‪ :‬ا ْ‬ ‫حبّان‪.‬‬ ‫ن خُزيم َة وابنُ ِ‬ ‫ن أَنفسهم وإنّا ل تحلّ لنَا الصّدقةُ" رواهُ َأحْمدُ والثلثة واب ُ‬ ‫فسأله فقال‪" :‬مولى ال َقوْم مِ ْ‬ ‫(وعن أبي رافع رضي ال عنه) هو أبو رافع مولى رسول ال صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم‪ ،‬قيل‪ :‬اسمه إبراهيم‪ ،‬وقيل‪:‬‬ ‫هرمزُ وق يل‪ :‬كان للعباس فوه به لر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم بإ سلمه‪ ،‬فل ما أ سلم العباس ب شر أ بو را فع‬ ‫ر سول ال صلى ال تعالى عل يه وعلى آله و سلم فأعت قه‪ ،‬مات في خل فة علي ك ما قاله ا بن ع بد البر (أن ال نبي‬ ‫صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم بعث رجلً على الصدقة) أي على قبضها (من بنى مخزوم) اسمه الرقم (فقال لبي رافع‪:‬‬ ‫ا صحبني فإ نك ت صيب من ها فقال‪ :‬ل ح تى آ تي ال نبي صلى ال عل يه وآله و سلم فأ سأله فأتاه ف سأله فقال‪" :‬مولى‬ ‫القوم من أَنفسهم وإنها ل تحل لنا الصدقة" رواه أحمد والثلثة وابن خزيمة وابن حبان)‪.‬‬ ‫الحديث دليل على أن حكم مولى آل محمد صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم حكمهم في تحريم الصدقة‪.‬‬ ‫قال ابن عبد البر في التمهيد‪ :‬لنه ل خلف بين المسلمين في عدم حل الصدقة للنبي صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم ولبني‬ ‫هاشم ولمواليهم اهض‪.‬‬ ‫وذهبت جماعة إلى عدم تحريمها عليهم لعدم المشاركة في النسب‪ ،‬ولنه ليس لهم في الخمس سهم‪ .‬وأجيب بأن‬ ‫النص ل تقدم عليه هذه العلل فهي مردودة فإنها ترفع النص؛ قال ابن عبد البر‪ :‬هذا خلف الثابت من النص‪ ،‬ثم‬ ‫هذا نص على تحر يم العمالة على الموالي وبالولى على آل مح مد صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم ل نه أراد الر جل الذي‬ ‫‪22‬‬

‫عرض على أبي رافع أن يول يه على ب عض عمله الذي وله النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم فينال عمالة ل أنه أراد‬ ‫أن يعط يه من أجر ته فإ نه جائز ل بي را فع أخذه إذ هو دا خل ت حت الخم سة الذ ين ت حل ل هم ل نه قد ملك ذلك‬ ‫الرجل أجرته فيعطيه من ملكه فهو حلل لبي رافع فهو نظير قوله فيما سلف "ورجل تصدق عليه منها فأهدى‬ ‫منها"‪.‬‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‬ ‫ن أَبيه رضي ال عنُهم أنّ رسو َ‬ ‫ع ْب ِد ال بن عُمر عَ ْ‬ ‫[رح ‪ ]7‬ضضضض وعن سالم بن َ‬ ‫ك مِ نْ‬ ‫صدّقْ به‪ ،‬وما جاءَ َ‬ ‫خذْ هُ َف َتمَوّلْ ُه أَ ْو تَ َ‬ ‫عطِه َأفْقَر منّي‪َ ،‬فيَقُول‪ُ " :‬‬ ‫ع َمرَ بن الخطاب العْطاءَ فيقولُ َأ ْ‬ ‫ن ُيعْطي ُ‬ ‫كا َ‬ ‫خذْهُ‪َ ،‬ومَا ل فل ُت ْتبِعه نَفْسك" روا ُه مسلمٌ‪.‬‬ ‫ل فَ ُ‬ ‫هذا المال وَأنْت غير مشرفٍ ول سائ ٍ‬ ‫(وعن سالم بن عبد ال بن عمر رضي ال عنهم عن أبيه أن رسول ال صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم كان يعطي عمر‬ ‫شرِ فٍ)‬ ‫غ ْيرُ ُم ْ‬ ‫ن هذَا المْالِ وَأنْ تَ َ‬ ‫ص ّدقْ بِ هِ ومَا جَاء كَ ِم ْ‬ ‫خذْ ُه َفتَمَوّ ْل ُه أَ ْو تَ َ‬ ‫العطاء فيقول أع طه أف قر م ني فيقول‪ُ :‬‬ ‫بالش ين المعج مة والراء والفاء من الشراف و هو التعرض للش يء والحرص عل يه (ول سَائِلٍ‪َ ،‬فخُدْ ُه ومَا ل فل‬ ‫سكَ") أي ل تعلق ها بطل به (رواه م سلم) الحد يث أفاد أن العا مل بنب غي له أن يأ خذ العمالة ول يرد ها فإن‬ ‫ُتتْبعْ هُ نَفْ َ‬ ‫الحديث في العمالة كما صرح به في رواية مسلم‪ .‬والكثر على أن المر في قوله فخذه للندب وقيل‪ :‬للوجوب‪.‬‬ ‫قيل‪ :‬وهو مندوب في كل عطية يعطاها النسان فإنه يندب له قبولها بالشرطين المذكورين في الحديث‪ .‬هذا إذا‬ ‫كان المال الذي يعطيه منه حللً‪.‬‬ ‫وأ ما عط ية ال سلطان الجائر وغيره م من ماله حلل وحرام فقال ا بن المنذر‪ :‬إن أخذ ها جائز مر خص ف يه‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫وحجة ذلك أنه تعالى قال في اليهود‪{ :‬سمّاعون للكذب أكّالون للسحت} وقد رهن صَلّى ال عََليْ ِه وَسَلّم درعه من‬ ‫يهودي مضع علمضه بذلك وكذا أخضذ الجزيضة منهضم مضع علمضه بذلك‪ .‬وإن كثيرا مضن أموالهضم مضن ثمضن الخنزيضر‬ ‫والمعاملت الباطلة انتهى‪.‬‬ ‫وفي الجامع الكافي‪ :‬إن عطية السلطان الجائر ل ترد لنه إن علم أن ذلك عين مال المسلم وجب قبولها وتسليمه‬ ‫إلى مال كه وإن كان ملتب سا ف هو مظل مة ي صرفها على م ستحقها وإن كان ذلك ع ين مال الجائر فف يه تقل يل لباطله‬ ‫وأخذ ما يستعين بإنفاقه على معصيته؛ وهو كلم حسن جار على قواعد الشريعة إل أنه يشترط في ذلك أن يأمن‬ ‫القا بض على نف سه من مح بة المح سن الذي جبلت النفوس على حب من أح سن إلي ها‪ ،‬وأن ل يو هم الغ ير أن‬ ‫السلطان على الحق حيث قبض ما أعطاه‪ .‬وقد بسطنا في حواشي ضوء النهار في كتاب البيع ما هو أوسع من‬ ‫هذا‪.‬‬

‫‪23‬‬

Related Documents

Zakat
May 2020 46
Zakat
November 2019 55
Zakat
May 2020 36
Zakat
May 2020 34
Zakat
June 2020 25