سبل السلم شرح بلوغ المرام للصنعاني كتاب الصيام
الصيام لغة :المساك وفي الشرع" :إمساك مخصوص" وهو المساك عن الكل والشرب والجماع وغيرها مما ورد به الشرع " في النهار على الو جه المشروع" ويت بع ذاك الم ساك عن الل غو والر فث وغيره ما من الكلم المحرّم والمكروه ،لورود الحاديصث بالنهصي عنهصا فصي الصصوم زياده على غيره ،فصي وقصت مخصصوص بشروط مخصوصة تفصلها الحاديث التية .وكان مبدأ فرضه في السنة الثانية من الهجرة. ل ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم" :ل تَقَدموا رمضا نَ ن أَبي هريرة رضي ال عنه قال :قال رسو ُ [رح ]1صصصص ع ْ ن إل رجلٌ كان يصومُ صوما فليصمهُ" ُمتّفقٌ عليه. بصوم يومٍ ول يومي ِ ( عن أ بي هريرة ر ضي ال ع نه قال :قال ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم" :ل تقدموا رمضان) ف يه دل يل على أطلق هذا اللفظ على شهر رمضان ،وحديث أبي هريرة عند أحمد وغيره مرفوعا "ل تقولوا جاء رمضان فإن رمضان اسم من أسماء ال ولكن قولوا جاء شهر رمضان" حديث ضعيف ل يقاوم ما ثبت في الصحيح (بصوم يوم ول يومين إل رجل) كذا في نسخ بلوغ المرام ولفظه في البخاري "إل أن يكون رجل" قال المصنف :يكون تامة أي يوجد رجل وفظ مسلم "إل رجل" قلت :وهو قياس العربية لنه استثناء متصل من مذكور (كان يصوم صوما فليصمه" متفق عليه). الحديث دليل على تحريم صوم يوم أو يومين قبل رمضان ،قال الترمذي بعد رواية الحديث :والعمل على هذا عنصد أهصل العلم كرهوا أن يتعجصل الرجصل الصصيام قبصل دخول رمضان لمعنصى رمضان انتهصى .وقوله :لمعنصى رمضان تقي يد للن هي بأ نه مشروط بكون ال صوم احتياطا ،ل لو كان ال صوم صوما مطلقا كالن فل المطلق والنذر ونحوه .قلت :ول يخفى أنه يعد هذا التقييد يلزم منه جواز تقدم رمضان بأي صوم كان وهو خلف طاهر النهي فإنه عام لم يستثن منه إل صوم من اعتاد صوم أيام معلومة ووافق ذلك آخر يوم من شعبان ،ولو أراد صلى ال عل يه وآله و سلم ال صوم المق يد ب ما ذ كر لقال :إل متنفل أو ن حو هذا الل فظ .وإن ما ن هى عن تقد يم رمضان لن الشارع قد علق الدخول في صوم رمضان برؤية هلله ،فالمتقدم عليه مخالف للنص أمرا ونهيا. وف يه إبطال ل ما يفعله الباطن ية من تقدم ال صوم بيوم أو يوم ين ق بل رؤ ية هلل رمضان ،وزعم هم أن اللم في قوله "صوموا لرؤيته" :في معنى مستقبلين لها ،وذلك لن الحدث يفيد أن اللم ل يصح حملها عن هذا المعنى، وإن وردت له في موضع. وذهب بعض العلماء إلى أن النهي عن الصوم من بعد النصف الول من يوم سادس عشر من شعبان لحديث أي هريرة مرفوعا "إذا انتصف شعبان فل تصوموا" أخرجه أصحاب السنن وغيرهم. وقيل :إنه يكره بعد النتصاف ويحرم قبل رمضان بيوم أو يومين. وقال آخرون :يجوز من ب عد انت صافه ويحرم قبله بيوم أو يوم ين .أ ما جواز الول فل نه ال صل وحد يث أ بي هريرة ضعيف ،قال أحمد وابن معين :إنه منكر .وأما تحريم الثاني فلحديث الكتاب وهو قول حسن. [رح ]2صصصص وعن عمّارِ بن ياسرٍ رض يَ ال عنه قال" :من صام اليوْ مَ الذي يشكّ فيه فقد عصى أَبا القاسم ن خزيمة وابنُ حبّان. صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم" وذكره البخاري تعليقا ووصل ُه الخمسة وصححه اب ُ (وعن عمار بن ياسر رضي ال عنه قال :من صام اليوم الذي يشك) مغير الصيغة مسند إلى (فيه فقد عصى أبا القا سم صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم .ذكره البخاري تعليقا وو صله) إلى عمار ،وزاد الم صنف في الف تح :الحا كم وأن هم وصلوه من طريق عمرو بن قيس عن أبي آسحاق عنه ولفظه عندهم "كنا عند عمار بن ياسر فأتي بشاة مصلية فقال :كلوا فتنحى بعض القوم فقال :إني صائم فقال عمار :من صام ..ألخ (الخمسة وصححه ابن خزيمة وابن
حبان) قال وابن عبد البر :هو مسند عندهم ل يختلفون في ذلك انتهى .وهو موقوف لفظا مرفوع حكما ،ومعناه مستفاد من أحاديث النهي عن استقبال رمضان بصوم ،وأحاديث المر بالصوم لرؤيته. والحديث وما في معناه يدل على تحريم صومه وإليه ذهب الشافعي ،واختلف الصحابة في ذلك ،منهم من قال بجواز صومه ،ومنعم من منع منه وعده عصيانا لبي القاسم ،والدلة مع المحرمين. وأما ما أخرجه الشافعي عن فاطمة بنت الحسين أن عليا رضي ال عنه قال" :لن أصوم يوما من شعبان أحب إل يّ من أن أف طر يوما من رمضان .ف هو أ ثر منق طع .على أ نه ليس في يوم شك مجرد ،بل ب عد أن ش هد عنده رجل على رؤية الهلل فصام وأمر الناس بالصيام وقال :لن أصوم إلخ. ومما هو نص في الباب حديث ابن عباس "فإن حال بينكم وبينه سحاب فأكملوا العدة ثلثين ول تستقبلوا الشهر استقبالً" أخرجه أحمد وأصحاب النبي وابن خزيمة وأبو يعلى ،وأخرجه الطيالسي بلفظ "ول تستقبلوا رمضان بيوم من شعبان" وأخر جه الدارقط ني و صححه ا بن خزي مة في صحيحه ،ول بي داود من حد يث عائ شة "كان رسول ال صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم يتحفظ من شعبان ما ل يتحفظ من غيره يصوم لرؤية الهلل" أي هلل رمضان "فإن غم عليه عدد ثلثين يوما ثم صام" وأخرج أبو داود من حديث حذيفة مرفوعا "ل تقدموا الشهر حتى تروا الهلل أو تكملوا العدة" وفي الباب أحاديث واسعة دالة على تحريم صوم يوم الشك من ذلك قوله: صّم يقول" :إذا صّى ال عََليْهِص وَسَل [رح ]3صصصصص وعن ْص ابنِص عُمُر رضصي ال عنهمصا قال :سصمعت رسصول ال صَل رأيتموه ُص فصصُوموا وإذا رأَيتموهُص فأَفطروا ،فإن غُمّ عليكم ْص فاقْدرُوا له" متّفقٌص عليصه ،ولمسصلمٌ" :فإن أُغمَى عليكصم فاقُ ُدرُوا له ثلثين" وللبخاري "فَأكْملوا العِدة ثلثين". (و عن ا بن ع مر ر ضي ال عنه ما قال :سمعت ر سول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم يقول" :إذا رأيتموه) أي الهلل (ف صوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غُمّ) ب ضم الغ ين المعج مة وتشد يد الم يم أي حال بين كم وبي نه غ يم (علك يم فاقدروا لهُ" متفق عليه). الحديصث دليصل على وجوب صصوم رمضان لرؤيصة هلله ،وإفطار أول يوم مصن شوال لرؤيصة الهلل .وظاهره اشتراط رؤ ية الجم يع له من المخا طبين ل كن قام الجماع على عدم وجوب ذلك بل المراد ما يث بت به الح كم الشرعي من إخبار الواحد العدل أن الثنين على خلف في ذلك. فمع نى إذا رأيتموه أي إذا وجدت في ما بين كم الرؤ ية ،فيدل هذا على أن رؤ ية بلد رؤ ية لجم يع أ هل البلد فيلزم الحكم. وق يل :ل يع تبر لن قوله إذا رأيتموه خطاب لناس مخ صوصين به و في الم سألة أقوال ل يس على أحد ها دل يل ناهض ،والقرب لزوم أهل بلد الرؤية وما يتصل بها من الجهات التي على سمتها. وفي قوله" :لرؤيته" دليل على أن الواحد إذا انفرد برؤية الهلل لزمه الصوم والفطار وهو قول أئمة الل وأئمة المذاهب الربعة في الصوم ،واختلفوا في الفطار فقال الشافعي :يفطر ويخفيه. وقال الك ثر :يستمر صائما احتياطا ،كذا قاله في الشرح .ولكنه تقدم له في أول باب صلة العيد ين أنه لم ي قل بأنه يترك يقين نفسه ويتابع حكم الناس إل محمد بن الحسن الشيباني وأن الجمهور يقولون إنه يتعين عليه حكم نفسه فيما يتيقنه فناقض هنا ما سلف. و سبب الخلف :قول ا بن عباس لكر يب إ نه ل يعت قد برؤ ية الهلل و هو بالشام بل يوا فق أ هل المدي نة في صوم الحادي والثلث ين باعتبار رؤ ية الشام ل نه يوم الثلث ين ع ند أ هل المدي نة .وقال :ا بن عباس إن ذلك من ال سنة. وتقدم الحديث وليس بنص فيما احتجوا به لحتماله كما تقدم فالحق أنه يعمل بيقين نفسه صوما وإفطارا ويحسن التك تم به ما صونا للعباد عن إثم هم بإ ساءة ال ظن به (ولم سلم) أي عن ا بن ع مر (فإن أُغْ مي عل يك فاقدروا ل هُ ثلثين" وللبخاري أي عن ابن عمر ("فأكملوا العدة ثلثين"). قوله فاقدروا له هو أ مر همز ته همزة و صل ،وتك سر الدال وت ضم ،وق يل :ال ضم خ طأ ،وف سر المراد به قوله فاقدروا له ثلث ين وأكملوا العدة ثلث ين ،والمع نى أفطروا يوم الثلث ين واح سبوا تمام الش هر وهذا أح سن تفا سيره وفيه تفاسير أخر نقلها الشارح خارجة عن ظاهر المراد من الحديث. قال ابن بطال :في الحديث دفع لمراعاة المنجمين وإنما المعول عليه رؤية الهلة وقد نهينا عن التكلف ،وقد قال الباجصي صصصصص فصي الرد على مصن قال إنصه يجوز للحاسصب والمنجصم وغيرهمصا الصصوم والفطار اعتمادا على النجوم صصصص :إن إجماع السلف حجة عليهم ،وقال ابن بزيزة :هو مذهب باطل قد نهت الشريعة عن الخوض في علم النجوم لنها حدس وتخمين ليس فيها قطع. 2
قال الشارح :قلت :والجواب الوا ضح علي هم ما أخر جه البخاري عن ا بن ع مر أ نه صلى صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قال" :إنا أمّة أمية ل نكتب ول نحسب الشهر هكذا وهكذا .يعني تسعا وعشرين مرة وثلثين مرة. [رح ]4صصصص ولهُ في حديث أَبي هُريرةَ" :فأَكملوا عدة شعْبان ثلثين". (وله) أي البخاري (في حديث أبو هريرة "فأَكملوا عدة شعبان ثلثين") وهو تصريح بمفاد المر بالصوم لرؤيته في رواية "فإن غم فأكملوا العدة" أي عدة شعبان. وهذه الحاديث نصوص في أنه ل صوم ول إفطار إل بالرؤية للهلل أو إكمال العدة. س الهلل فأَخبَرتُ النّبيّ صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم ع َمرَرضي اللّ ُه عنهما قال" :تراءَى النّا ُ [رح ]5صصصص وَعَنْ ابْن ُ َأنّي رَأ ْيتُ ُه فصامَ وَأ َمرَ النّاس بصيامِهِ" رواهُ أبو داود وصحّحه ابنُ حبّان والحاكم. الحد يث دل يل على الع مل ب خبر الوا حد في ال صوم دخولً ف يه و هو مذ هب طائ فة من أئ مة العلم .ويشترط ف يه العدالة. وذهب آخرون :إلى أنه ل بد من الثنين لنها شهادة ،واستدلوا بخبر رواه النسائي عن عبد الرحمن بن الخطاب أنه قال جالست أصحاب رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم وسألتهم وحدثوني أن رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قال " :صوموا لرؤي ته وأفطروا لرؤي ته فإن غمّ علي كم فأكملوا عدة شعبان ثلث ين يوما إل أن يش هد شاهدان" فدل بمفهومه أنه ل يكفي الواحد. وأج يب ع نه بأ نه مفهوم والمنطوق الذي أفاده حد يث ا بن ع مر وحد يث العرا بي ال تي أقوى م نه ،ويدل على قبول خبر الواحد فيقبل بخبر المرأة والعبد. وأ ما الخروج م نه فالظا هر أن ال صوم والفطار في كفا ية خبر الوا حد .وأ ما حد يث ا بن عباس وا بن ع مر أ نه صَلّى ال عََليْ هِ وَسَلّم "أجاز خبر واحد على هلل رمضان ،وكان ل يجيز شهادة الفطار إل بشهادة رجلين" فإنه ضعفه الدارقطني وقال :تفرّد به[تض] حفص بن عمر اليلي[/تض] وهو ضعيف. ويدل لقبول خبر الواحد في الصوم دخولً أيضا قوله: عبّا سٍ ر ضي ال عنه ما أَنّ أَعرابيا جا َء إلى ال نبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم فقال :إنّ ي [رح ]6صصصص و عن اب نِ َ ش َهدُ أنّ محمدا رسول ال؟" قال :نعمْ ،قالَ " :فأَذّنْ رََأيْتُ الهلل ،فقال" :أَتشهد َأنْ ل إله إل ال؟" قال :نعم ،قالَ :أ َت ْ ن حبّان ورجّح النسائيّ إرْسَالَهُ. ن َيصُوموا غدا" رواهُ الخمس ُة وصحّحهُ ابنُ خُزيمةَ واب ُ ل أَ ْ في النّاس يا بل ُ فيه دليل كالذي قبله على قبول خبر الواحد في الصوم. ودللة على أن الصل في المسلمين العدالة إذا لم يطلب صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم من العرابي إل الشهادة. وفيصه أن المصر فصي الهلل جار مجرى الخبار ل الشهادة وإنصه يكفصي فصي اليمان القرار بالشهادتيصن ول يلزم التبري من سائر الديان. ن لَ ْم ُي َبيّت الصّيامَ [رح] صصصص وعن حَفْص َة ُأمّ المُؤمنين رضي ال عنها َأنّ النّبيّ صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم قال" :م ْ ل التّرمذيّ والن سائي إلى ترج يح َوقْفِ هِ وصحّح ُه َمرْفُوعا اب نُ خُزيْ مة َقبْلَ الفجر فل صيام ل هُ" روا ُه الخمْ س ُة ومَا َ حبّان ،وللدارقطني" :ل صيام لمن لَم يْفَرضْه منَ الليل". ن ِ واب ُ (وعن حفصة أم المؤمنين رضي ال عنها أن النبي صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم قال" :من لم يبيت الصيام قبل الفجر فل صيام ل هُ" رواه الخمسة ومال الترمذي .والنسائي إلى ترجيح وقفه) على حفصة (وصححه مرفوعا ابن خزيمة وابن حبان وللدارقطني) أي عن حفصة ("ل صيام لمنْ لم يفرضه من الليّل") الحديث. اختلف الئمة في رفعه ووقفه ،وقال أبو محمد بن حزم :الختلف فيه يزيد الخبر قوة .لن من رواه مرفوعا قد رواه موقوفا ،وقد أخرجه الطبراني من طريق أخرى وقال :رجالها ثقات. و هو يدل على أ نه ل ي صح ال صيام إل ب تبييت الن ية و هو أن ينوي ال صيام في أي جزء من الل يل ،وأول وقت ها الغروب وذلك لن الصصوم عمصل والعمال بالنيات ،وأجزاء النهار غيصر منفصصلة مصن الليصل بفاصصل يتحقصق فل يتحقق إل إذا كانت النية واقعة في جزء من الليل. وتشترط النية لكل يوم على انفراده وهذا مشهور من مذهب أحمد وله قول أنه إذا نوى من أول الشهر تجزئة، وقوّى هذا القول ا بن عق يل بأ نه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قال" :ل كل امر يء ما نوى" وهذا قد نوى جم يع الش هر، ولن رمضان بمنزلة العبادة الواحدة لن الف طر في ليال ية عبادة أيضا ي ستعان ب ها على صوم نهاره وأطال في الستدلل على هذا بما يدل على قوّته. والحديث عام للفرض والنفل والقضاء والنذر معينا مطلقا وفيه خلف وتفاصيل. 3
واستدل من قال بعدم وجوب التبييت بحديث البخاري "أنه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم بعث رجل ينادي في الناس يوم عاشوراء أن مصن أكصل فليتصم أو فليصصم ومصن لم يأكصل فل يأكصل" قالوا :وقصد كان واجبا ثصم نسصخ وجوبصه بصصوم رمضان ،ون سخ وجو به ل ير فع سائر الحكام فق يس عل يه رمضان و ما في حك مه من النذر المع ين والتطوع ف خص عموم "فل صيام له" بالقياس وبحد يث عائ شة ال تي فإ نه دل على أ نه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم كان ي صوم تطوعا من غير تبييت النية. وأجيب بأن صوم عاشوراء غير مساو لصوم رمضان حتى يقاس عليه فإنه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ألزم المساك من قد أكل ولمن لم يأكل فعلم أنه أمر خاص .ولنه إنما أجزأ عاشوراء بغير تبييت لتعذره فيقاس عليه ما سواه كمن نام حتى أصبح ،على أن ل يلزم من تمام المساك ووجوبه ،أنه صوم مجزيء وأما حديث عائشة وهو: [رح ]8صصصص وع نْ عائشة رضي ال عنها قالت :دخل عليّ النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ذات يو مٍ فقال" :هلْ حيْسٌ ،فقال" :أرينيه فَلَقد أَصبحْتُ ي لنا َ عندكمْ شيءٌ؟" قُلنا :ل ،قال" :فإني إذا صائمٌ" ثمّ أَتانا يوْما آخر ،فقلنا أُهد َ صائما" َفأَكل ،روا ُه مسلمٌ. ي النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم يوم فقال" :هل عندكم شيءٌ"؟ قلنا :ل؛ (وعن عائشة رضي ال عنه قالت؛ دخل عل ّ قال" :فإني إذا صائمٌ" ثم أتانا يوما آخر ،فقلت :أهدي لنا حيْس) بفتح الحاء المهملة فمثناة تحتية فسين مهملة هو التمر مع السمن والقط (قال" :أَرينيه فلقدْ أصبحت صائما" فأكل .رواه مسلم). فالجواب عنه أنه أعم من أن يكون بيت الصوم أول فيحمل على التبييت لن المحتمل يرد إلى العام ونحوه على أن في بعض روايات حديثها" :إني أصبحت صائما". والحا صل أن ال صل عموم حد يث ال تبييت وعدم الفرق ب ين الفرض والن فل والقضاء والنذر ولم ي قم ما ير فع هذين الصلين فتعين البقاء عليهما. س ْعدٍ رضي ال ع ْنهُما أَ نْ رسولَ ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قال" :ل يزالُ النا سُ [رح ]9صصصص وعن سهِل ب نِ َ بخير ما عجّلوا ا ْل ِفطْر" ُمتّ َفقٌ عََليْهِ. (وعن سهل بن سعد رضي ال عنه) هو أن العباس سهل بن سعد بن مالك أنصاري خزرجي يقال كان اسمه حزنا ف سماه ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم سهل مات ال نبي صلى ال عل يه وآله وسلم وله خ مس عشرة سنة ومات سهل بالمدينة سنة إحدى وتسعين وقيل ثمان وثمانين وهو آخر من مات من الصحابة بالمدينة (أن رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قال" :ل يزال الناس بخ ير ما عجلوا الف طر" مت فق عل يه) زاد أح مد "وأخروا ال سحور" زاد أبو داود "لن اليهود والنصارى يؤخرون الفطار إلى اشتباك النجوم" قال في شرح المصابيح :ثم صار في ملتنا شعارا لهل البدعة وسمة لهم. والحديث دليل على استحباب تعجيل الفطار إذا تحقق غروب الشمس بالرؤية أو بأخبار من يجوز العمل بقوله، و قد ذ كر العلة و هي مخال فة اليهود والن صارى ،قال المهلب :والحك مة في ذلك أ نه ل يزاد في النهار من الل يل ولنه أرفق بالصائم وأقوى له على العبادة. قال الشافعي :تعجيل الفطار مستحب ول يكره تأخيره إل لمن تعمده ورأى الفضل فيه. قلت :في إباحته صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم المواصلة إلى السحر كما في حديث أبي سعيد ما يدل على أنه ل كراهة إذا كان ذلك سياسة للنفس ودفعا لشهوتها إل أن قوله: [رح ]10صصصص ولل ّترْمذي ِم نْ حديث أَبي هُريْرة رضي ال عنه عن النبيّ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم قالَ" :قالَ ال عجَُل ُهمْ فطْرا". ب عبادي إليّ أَ ْ عزّ وجلّ :أَح ّ َ دال على أن تعجيل الفطار أحب إلى ال تعالى من تأخيره ،وأن إباحة المواصلة إلى السحر ل تكون أفضل من تعج يل الفطار ،أو يراد بعبادي الذي يفطرون ول يوا صلون إلى ال سحر وأ ما ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم فإنه خارج عن عموم الحديث لتصريحه صلى ال عليه وآله وسلم بأنه ليس مثلهم كما يأتي فهو أحب الصائمين إلى ال تعالى وإن لم يكن أعجلهم فطرا لنه قد أذن له في الوصال ولو أياما متصلة كما يأتي: سحْرُوا فإن ل ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم" :تَ َ ن مَال كٍ رضي ال عنْ ُه قال :قال رسو ُ [رح ]11صصصص وع نْ أَنس ب ِ سحُور بركةً" ُمتّفقٌ عَلَيه. في ال ّ (وعن أنس رضي ال عنه قال :قال رسول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم" :تسحّروا فإ نّ في ال سّحور) بفتح المهملة اسم لما يتسحر به وروي بالضم على أنه مصدر (بركة) .متفق عليه .زاد أحمد من حديث أبي سعيد "فل تدعوه ولو أن يتجرع أحدكم جرعة من ماء فإن ال وملئكته يصلون على المتسحرين". 4
وظاهر المر وجوب التسحر ،ولكنه صرفه عنه إلى الندب ما ثبت من مواصلته صَلّى ال عََليْ ِه وَسَلّم ومواصلة أصحابه ،ويأتي الكلم في حكم الوصال. ونقل ابن المنذر الجماع على أن التسحر مندوب. والبركة المشار إليها فيه اتباع السنّة ،ومخالفة "أهل الكتاب لحديث مسلم مرفوعا "فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر" والتقوي به على العبادة ،وزيادة النشاط ،والتسبب للصدقة على من سأل وقت السحر. ضبّيّ رضي ال عن هُ عن النبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم قال" :إذا َأ ْفطَر ع نْ سلمان ب نِ عامر ال ّ [رح] صصصصص و َ طهُورٌ" روا ُه الخمسة وصحّح ُه ابنُ خزيمةَ وابن حبّان ح ُدكُمْ فَ ْليُفطر على تمرٍ ،فإن لَم يجدْ فَلْيُفطْر على ما ٍء فِإنّهُ َ َأ َ والحاكمُ. (وعن سلمان بن عامر الضبي رضي ال عنه) قال ابن عبد البر في الستيعاب .إنه ليس من الصحابة ضبي غي سلمان بن عامر المذكور (عن رسول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم قال" :إذا َأفْطر أَحدكم فليفطر على تمر فإن لم يجد فلْيفطر على ما ٍء فإنّه طهورٌ" رواه الخمسة وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم). والحد يث قد روي من حد يث[ تض] عمران بن ح صين[ /تض] وف يه ض عف ،و من حد يث أ نس رواه الترمذي والحاكم وصححه ،ورواه أيضا الترمذي والنسائي وغيرهم من حديث أنس من فعله صلى ال عليه وآله وسلم قال" :كان رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي فإن لم يكن فعلى تمرات ،فإن لم يكن حسا حسوات من الماء". وورد في عدد التمر أنها ثلث ،وفي الباب روايات في معنى ما ذكرناه. ودل على أن الفطار ب ما ذ كر هو ال سنة .قال ا بن الق يم :وهذا من كمال شفق ته صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم على أم ته ونصصحهم ،فإن إعطاء الطبيعصة الشصي الحلو مصع خل ّو المعدة أدعصى إلى قبوله ،وانتفاع القوى بصه ،ل سصيما القوة البا صرة ،فإن ها تقوى به ،وأ ما الماء فإن الك بد يح صل ل ها بال صوم نوع ي بس ،فإن رط بت بالماء ك مل انتفاع ها بالغذاء بعده ،هذا مع ما في الت مر والماء من الخا صية ال تي ل ها تأث ير في صلح القلب ل يعلم ها إل أطباء القلوب. [رح ]13صصصص وعنْ أَبي هُريرة رضي ال عنه قال :نَهى رسُولُ ال صَلّى ال عََليْ ِه وَسَلّم عن الوصال ،فقال رجلٌ من المسلمين :فإنك تواصلُ يا ر سُولَ ال؟ فقال" :وأيّك ْم ِمثْلي؟ إني أَبي تُ ُيطْعمني ربّي وَي سْقيني" فلمّا أَبوا خرَ الهللُ لزد ُتكُمْ" كال ُم َنكّل لهُم حين أَن َي ْن َتهُوا عن الوصال واصل بهم يوْما ثمّ يوما ثمّ رَأوُا الهلل ،فقال" :لوْ تَأ ّ أَبوْا أَن َينْتهواُ ،متّ َفقٌ علَيه. (وعن أبي هريرة رضي ال عنه قال :نهى رسول ال صَلّى ال عََليْ ِه وَسَلّم عن الوصال) هو ترك الفطر بالنهار وفي ليالي رمضان بالقصد (فقال رجل من المسلمين) قال المصنف :لم أقف على اسمه (فإنك تواصل يا رسول ال فقال" :وأيكم مثلي؟ إ ني أَب يت يطعم ني ر بي وي سْقيني" فلما أ بو أن ينتهوا عن الو صال ،واصل ب هم يوما ثم ل لزدتكُ مْ" كالمن كل ل هم ح ين أبوا أن ينتهوا .مت فق عل يه) الحد يث ع ند الشيخ ين رأوا الهلل فقال" :ل ْو تأَخرَ الهل ُ من حديث أبي هريرة وابن عمر وعائشة وأنس وتفرّد مسلم بإخراجه عن أبي سعيد. وهو دليل على تحريم الوصال لنه الصل في النهي وقد أبيح الوصال إلى السحر لحديث أبي سعيد "فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر". و في حد يث أ بي سعيد هذا :دل يل على أن إم ساك ب عض الل يل موا صلة .و هو يردّ على من قال :إن الل يل ل يس محلً للصوم فل ينعقد بنيته. وفي الحديث دللة على أن الوصال من خصائصه صلى ال عليه وآله وسلم ،وقد اختلف في حق غيره ،فقيل: بالتحريم مطلقا ،وقيل :محرّم في حق من يشق عليه ،ويباح لمن ل يشق عليه ،الول رأى الكثر للنهي وأصله التحريم. واستدل من قال :إنه ل يحرم ،بأنه صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم واصل بهم ،ولو كان النهي للتحريم لما أقرّهم عليه فهو قرينة أنه للكراهة رحمة لهم وتخفيفا عنهم ،ولنه أخرج أبو داود عن رجل من الصحابة" :نهى رسول ال صلى ال عل يه وآله و سلم عن الحجا مة والموا صلة ولم يحرّمه ما إبقاء على أ صحابه" .إ سناده صحيح ،وإبقاء متعلق بقوله نهى .وروى البزار والطبراني في الوسط من حديث سمرة "نهى النبي صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم عن الوصال وليصس بالعزيمصة" ويدل له أيضا مواصصلة الصصحابة ،فروى ابصن أبصي شيبصة بإسصناد صصحيح "أن ابصن الزبيصر كان يواصصل خم سة ع شر يوما" وذ كر ذلك عن جما عة غيره فلو فهموا التحريصم ل ما فعلوه ،ويدل للجواز أيضا ما أخرجه ابن السكن مرفوعا "إن ال لم يكتب الصيام بالليل فمن شاء فليتبعني ول أجر له". 5
قالوا :والتعليل بأنه من فعل النصارى ل يقتضي التحريم. واعتذر الجمهور عن موا صلته صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم بال صحابة بأن ذلك كان تقريعا ل هم وتنكيلً ب هم .واحت مل جواز ذلك ل جل م صلحة الن هي في تأك يد زجر هم لن هم إذا باشروه ظهرت ل هم حك مة الن هي ،وكان ذلك أد عى إلى قبوله ،ل ما يتر تب عل يه من الملل في العبادة والتق صير في ما هو أ هم م نه ،وأر جح من وظائف العبادات، والقرب من القوال هو التفصيل. وقوله صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم" :وأيكم مثلي"؟ استفهام إنكار وتوبيخ أي أيكم على صفتي ومنزلتي من ربي. واختلف في قوله" :يطعمني ويسقيني" فقيل :هو على حقيقته ،كان يطعم ويسقى من عند ال ،وتعقب بأنه لو كان كذلك لم يكن مواصلً .وأجيب عنه :بأنه ما كان من طعام الجنة على جهة التكريم ،فإنه ل ينافي التكليف ،ول يكون له حكم طعام الدنيا. وقال ابن القيم :المراد ما يغذيه ال من معارفه وما يفيضه على قلبه من لذة مناجاته ،وقرة عينه بقربه ،وتنعمه بحبصه والشوق إليصه ،وتوابصع ذلك مصن الحوال ،التصي هصي غذاء القلوب ،وتنعيصم الرواح ،وقرة العيصن ،وبهجصة النفوس ،وللقلب والروح بها أعظم وأجود غذاء وأنفعه ،وقد يقوي هذا الغذاء حتى يغني عن غذاء الجسام برهة من الزمان ،كما قيل شعرا: [شع] لها أحاديث من ذكراك تشغلها عن الشراب وتلهيها عن الزاد[/شع] [شع] لها بوجهك نور يستضاء له ومن حديثك في أعقابها حادي[/شع] و من له أد نى معر فة أو تشوّق ،يعلم ا ستغناء الج سم بغذاء القلب والروح ،عن كث ير من الغذاء الحيوا ني ،ول سيما المسرور الفرحان ،الظافر بمطلوبه الذي قرّت عينه بمحبوبه ،وتنعم بقربه والرضا عنه .وساق هذا المعنى واختار هذا الوجه في الطعام والسقاء. سحَر فقد أذن صَلّى ال عََليْ هِ وَسَلّم فيه كما في حديث البخاري عن أبي سعيد أنه سمع النبي وأما الوصال إلى ال ّ صلى ال عليه وآله وسلم يقول" :ل تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر". وأ ما حد يث ع مر في ال صحيحين مرفوعا" :إذا أق بل الل يل من هه نا وأدبر النهار من هه نا وغر بت الش مس ف قد أفطر الصائم" فإنه ل ينافي الوصال ،لن المراد بأفطر دخل في وقت الفطار ،ل أنه صار مفطرا حقيقة ،كما قيل ل نه لو صار مفطرا حقيقة لما ورد الحث على تعجيل الفطار ،ول النهي عن الوصال ،ول استقام الذن بالوصال إلى السحر. ل الزّور ن لَ مْ َيدَ عْ قَوْ َ ل ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم :مَ ْ ع ْن هُ ر ضي اللّ هُ ع نه قال" :قال ر سو ُ [رح ]14صصصص و َ طعَامَهُ وشرابَهُ" روا ُه البُخاريّ وأَبو داود واللّ ْفظُ لهُ. ل فََليْسَ للّ ِه حَاجةٌ في َأنْ َي َدعَ َ وال َعمَلَ ب ِه والجهْ َ (وعنه) أي أبي هريرة (رضي ال عنه قال :قال رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم" :من لم يدع قول الزور) أي الكذب (والع مل به ،والج هل) أي ال سفه (فل يس ل حا جة) أي إرادة ( في أَن يدع شرا به وطعا مه" رواه البخاري وأبو داود واللفظ له). الحديث دليل على تحريم الكذب والعمل به وتحريم السفه على الصائم ،وهما محرمان على غير الصائم أيضا، إل أن التحريم في حقه آكد ،كتأكد تحريم الزنا من الشيخ ،والخيلء من الفقير. والمراد مصن قوله" :فليصس ل حاجصة" أي إرادة بيان عظصم ارتكاب مصا ذكصر ،وأن صصيامه كل صصيام ،ول معنصى لعتبار المفهوم هنا ،فإن ال ل يحتاج إلى أحد ،وهو الغني سبحانه ،ذكره ابن بطال ،وقيل :هو كناية عن عدم القبول ،ك ما يقول المغ ضب ل من ردّ شيئا عل يه :ل حا جة لي في كذا ،وق يل :إن معناه أن ثواب ال صيام ل يقاوم في حكم الموازنة ما يستحق من العقاب لما ذكر. هذا وقد ورد في الحديث الخر "فإن شاتمه أحد أو سابه فليقل :إني صائم" فل تشتم مبتدئا ول مجاوبا. هذا وقد ورد في الحديث الخر "فإن شاتمه أحد أو سابه فليقل إني صائم" فل تشتم مبتدئا ول مجاوبا. ع نْ عائشةَ ر ضي ال عن ها قال تْ" :كا نَ ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم يُ َقبّلُ وَهُو صائمٌ [رح ]15صصصص و َ ويُباشرُ وهُ َو صائمٌ ،ولكنه كانَ َأمَْل َك ُكمْ لرْبهِ" ُمتّفقٌ عليه واللفظٌ لمسلم ،وزاد في رواي ٍة "في َر َمضَان". (و عن عائ شة ر ضي ال عن ها قالت :كان ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم يق بل و هو صائم ويبا شر) المباشرة الملمسة وقد ترد بمعنى الوطء في الفرج وليس بمراد هنا (وهو صائم ،ولكنه كان أملككم لربْه) بكسر الهمزة 6
وسكون الراء فموحدة وهو حاجة النفس ووطرها وقال المصنف في التلخيص :معناه لعضوه (متفق عليه واللفظ لمسلم وزاد) أي مسلم (في رواية :في رمضان). قال العلماء :معنى الحديث أنه ينبغي لكم الحتراز من ال ُقبْلة ،ول تتوهموا أنكم مثل رسول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم في استباحتها ،لنه يملك نفسه ،ويأمن من وقوع القبلة أن يتولد عنها إنزال أو شهوة ،أو هيجان نفس ،أو نحو ذلك ،وأنتم ل تأمنون ذلك ،فطريقكم كف النفس على ذلك .وأخرج النسائي من طريق السود "قلت لعائشة: أيبا شر ال صائم؟ قالت :ل ،قلت :أل يس ر سول ال صلى ال عل يه وآله و سلم كان يبا شر و هو صائم؟ قالت :إ نه كان أملككم لربه" وظاهر هذا :أنها اعتقدت أن ذلك خاص به صلى ال عليه وآله وسلم. قال القرطبي :وهو اجتهاد منها .وقيل :الظاهر أنها ترى كراهة القبلة لغيره صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم كراهة تنزيه ل تحريم كما يدل له قولها :أملككم لربه .وفي كتاب الصيام لبي يوسف القاضي من طريق حماد بن سلمة: "سئلت عائشة عن المباشرة للصائم فكرهتها". وظا هر حد يث الباب جواز القبلة والمباشرة لل صائم لدل يل التأ سي به صلى ال عل يه وآله و سلم ولن ها ذكرت عائشة الحديث جوابا عمّن سأل عن القبلة وهو صائم ،وجوابها قاض بالباحة مستدلة بما كان يفعله صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم ،وفي المسألة أقوال: الول :للمالكية أنه مكروه مطلقا. الثاني :أنه محرّم مستدلين بقوله تعالى{ :فالن باشروهن} فإنه منع المباشرة في النهار ،وأجيب بأن المراد بها في ال ية الجماع ،و قد ب ين ذلك فعله صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ك ما أفاده حد يث الباب ،وقال قوم :إن ها تحرم القبلة وقالوا :إن من قبل بطل صومه. الثالث:أنه مباح ،وبالغ بعض الظاهرية فقال :إنه مستحب. الرا بع:التف صيل .فقال :يكره للشاب ويباح للش يخ ،ويروى عن ا بن عباس ودليله ما أخر جه أ بو داود :أ نه أتاه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ر جل ف سأله عن المباشرة لل صائم فر خص له وأتاه آ خر ف سأله فنهاه فإذا الذي ر خص له شيخ والذي نهاه شاب. الخا مس:إن مالك نف سه جاز له وإل فل ،و هو مروي عن الشاف عي وا ستدل له بحد يث ع مر بن أ بي سلمة :ل ما سأل النبي صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم فأخبرته أمه أم سلمة أنه صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم يصنع ذلك ،فقال :يا رسول ال قد غفر ال لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال" :إني أخشاكم ل" فدل على أنه ل فرق بين الشاب والشيخ وإل لبينه صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم لعمر ،ل سيما وعمر كان في ابتداء تكليفه. وقد ظهر مما عرفت أن الباحة أقوى القوال .ويدل لذلك ما أخرجه أحمد وأبو داود من حديث[اث] عمر بن الخطاب[/اث] قال :هش شت يوما فقبلت وأ نا صائم فأت يت ال نبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم فقلت :صنعت اليوم أمرا عظيما ،فقبلت وأنا صائم فقال رسول ال صَلّى ال عََليْ ِه وَسَلّم :أرأيت لو تمضمضت بماء وأنت صائم؟ قلت :ل بأس بذلك ،فقال رسول ال صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم :ففيم .انتهى. قوله :هششت بفتح الهاء وكسر الشين المعجمة بعدها شين معجمة ساكنة معناه ارتحت وخففت. واختلفوا أيضا فيما إذا قبل أو نظر أو باشر فأنزل أو أمذى :فعن الشافعي وغيره :أنه يقضي إذا أنزل في غير النظر ول قضاء في المذاء. وقال مالك :يقضي في كل ذلك ويكفر إل في المذاء فيقضي فقط .وثمة خلفات أخر الظهر أنه ل قضاء ول كفارة إل على من جامع ،وإلحاق غير المجامع به بعيد. تنبيه :قوله "وهو صائم" :ل يدل أنه قبلها وهي صائمة ،وقد أخرج ابن حبان في صحيحه عن عائشة :كان يقبل بعض نسائه في الفريضة والتطوع .ثم ساق بإسناده "أن النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم كان ل يمس وجهها وهي صائمة" وقال :ليس بين الخبرين تضا ّد لنه كان يملك إربه ونبه بفعله ذلك على جواز هذا الفعل لمن هو بمثابة حاله وترك استعماله إذا كانت المرأة صائمة علما منه بما ركب في النساء من الضعف عند الشياء التي ترد عليهن انتهى. ح َتجَمَ ع ْنهُما" :أَنّ النّبي صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم احْتجمَ وهُ َو ُمحْرمٌ وا ْ عبّاسٍ رضي اللّهُ َ [رح ]16صصصص وعن ابنِ َ وهُو صَائمٌ" رَوَاه البُخاريّ. قيل :ظاهره أنه وقع منه المران المذكوران مفترقين وأنه احتجم وهو صائم واحتجم وهو محرم ولكنه لم يقع ذلك في وقت واحد لنه لم يكن صائما في إحرامه ،إذا أراد إحرامه وهو في حجة الوداع إذ ليس في رمضان 7
ول كان محرما في سفره في رمضان عام الف تح ول في ش يء من عمره ال تي اعتمر ها ،وإن احت مل أ نه صام نفل إل أنه لم يعرف ذلك .وفي الحديث روايات. وقال أحمد :إن أصحاب ابن عباس ل يذكرون صياما ،وقال أبو حاتم :أخطأ فيه شريك إنما هو احتجم وأعطى الحجام أجرته ،وشريك حدّث به من حفظه وقد ساء حفظه فعلى هذا الثابت إنما هو الحجامة. والحديث يحتمل أنه إخبار عن كل جملة على حدة وأن المراد احتجم وهو محرم في وقت ،واحتجم وهو صائم في وقت آخر ،والقرينة على هذا معرفة أنه لم يتفق له اجتماع الحرام والصيام. وأما تغليط شريك وانتقاده على ذلك اللفظ فأمر بعيد والحمل على صحة لفظ روايته مع تأويلها أولى. و قد اختلف في من احت جم و هو صائم فذ هب إلى أن ها ل تف طر ال صائم :الك ثر من الئ مة .وقالوا :إن هذا نا سخ لحديث شداد بن أوس وهو: عنْ شدّاد بن َأوْسٍ رضي ال عنه َأنّ النّبي صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم أَتى على رجُلٍ بالبقيع وهُو [رح ]17صصصص و َ يحتجم في رمضان فقالَ" :أفْطر الحاج مُ والمحجو مُ" روا هُ الخمس ُة إل ال ّترْمذي وصحّحة أَحمد وابن خ َزيْمة واب نُ حبّان. الحد يث قد صححه البخاري وغيره وأخر جه الئ مة عن ستة ع شر من ال صحابة ،وقال ال سيوطي في الجا مع الصغير :إنه متواتر. وهو دليل على أن الحجامة تفطر الصائم من حاجم ومحجوم له ،وقد ذهبت طائفة قليلة إلى ذلك منهم أحمد بن حنبل وأتباعه لحديث شدّاد. وذ هب آخرون إلى أ نه يف طر المحجوم له وأ ما الحا جم فإ نه ل يف طر عمل بالحد يث هذا في الطرف الول فل أدري ما الذي أوجب العمل ببعضه دون بعض. وأما الجمهور القائلون أنه ل يفطر حاجم ول محجوم له :فأجابوا عن حديث شداد هذا أنه منسوخ لن حديث ابن عباس متأ خر ل نه صحب ال نبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم عام ح جه و هو سنة ع شر وشداد صحبه عام الف تح ،كذا حكي عن الشافعي قال :وتوقي الحجامة احتياطا أحب إليّ .ويؤيد النسخ ما يأتي في حديث أنس في قصة جعفر بن أبي طالب .وقد أخرج الحازمي من حديث أبي سعيد مثله. قال أبو محمد بن حزم :إن حديث "أفطر الحاجم والمحجوم" ثابت بل ريب لكن وجدنا في حديث "أنه صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم ن هى عن الحجا مة لل صائم و عن الموا صلة ولم يحرمه ما إبقاء على أ صحابه" إ سناده صحيح .و قد أخرج ابن أبي شيبة ما يؤيد ذلك من حديث صصصص أبي سعيد "أنه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم رخص في الحجامة للصائم" والرخصة إنما تكون بعد العزيمة فدل على النسخ سواء كان حاجما أو محجوما. وق يل :إ نه يدل على الكرا هة ويدل ل ها حد يث أ نس ال تي ،وق يل إن ما قاله صلى ال تعالى وعلى آله و سلم في خاص ،وهو أنه م ّر بهما وهما يغتابان الناس رواه الوحاظي عن يزيد بن ربيعة عن أبي الشعث الصنعاني أنه قال" :إن ما قال ر سول ال صلى ال عل يه وآله و سلم :أف طر الحا جم والمحجوم له ،لنه ما كا نا يغتابان الناس". وقال ابن خزيمة في هذا التأويل :إنه أعجوبة ،لن القائل به ل يقول إن الغيبة تفطر الصائم .وقال أحمد :ومن سلم من الغي بة؟ تلو كان الغي بة تف طر ما كان ل نا صوم .و قد و جه الشاف عي هذا القول ،وح مل الشاف عي الفطار بالغي بة على سقوط أ جر ال صوم م ثل قوله صلى ال تعالى عل يه وعلى آله و سلم للمتكلم والخط يب يخ طب" :ل جمعة له" ولم يأمره بالعادة فدل على أنه أراد سقوط الجر وحينئذ فل وجه لجعله أعجوبة كما قال ابن خزيمة. وقال البغوي :المراد بإفطاره ما تعرضه ما للفطار أ ما الحا جم فل نه ل يأ من و صول ش يء من الدم إلى جو فه عند المص وأما المحجوم فلنه ل يأمن ضعف قوّته بخروج الدم فيؤول إلى الفطار. قال ا بن تيم ية في ردّ هذا التأو يل :إن قوله صلى ال تعالى عل يه وعلى آله و سلم" :أف طر الحا جم والمحجوم له" نص في ح صول الف طر له ما فل يجوز أن يعت قد بقاء صومهما وال نبي صلى ال تعالى عل يه وعلى آله و سلم مخبر عنهما بالفطر ل سيما وقد أطلق هذا القول إطلقا من غير أن يقرنه بقرينة تدل على أن ظاهره غير مراد فلو جاز أن يريد مقاربة الفطر دون حقيقته لكان ذلك تلبيسا ل تبيينا للحكم انتهى .قلت :ول ريب في أن هذا هو الذي دل له قوله: عنْ ُه قالَ" :أوّلُ ما كُرهت الحجامةُ للصائمِ أَنّ جعَفْر بن أبي [رح ]18صصصص وعَ نْ َأنَس بن مالك رضي اللّ هُ َ طالب احْتج مَ وَهُ َو صائمٌ َف َمرّ ب ِه النّبيّ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم فقالَ" :أفَطَر هذان" ثمّ رخّص النبيّ صَلّى ال عََليْ هِ َوسَلّم َب ْعدُ في الحجام ِة للصائم ،وكان أنس يحتجمُ وهو صائم ،رواه الدارقطني وقواه. قال :إن رجاله ثقات ول تعلم له علة ،وتقدم أنه من أدلة النسخ لحديث شداد. 8
ن النّبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم اكتحل في رمضا نَ وهو صائمٌ" [رح ]19صصصص وعن عائشةَ رض يَ اللّ ُه عنها "أ ّ ب شيءٌ. رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف وقال الترمذيّ :ل يصح في هذا البا ِ ثم قال :واختلف أ هل العلم في الك حل لل صائم فكر هه بعض هم و هو قول سفيان وا بن المبارك وأح مد وإ سحاق. ورخص بعض أهل العلم في الكحل للصائم وهو قول الشافعي انتهى. وخالف ابن شبرمة وابن أبي ليلى فقال :إنه يفطر لقوله صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم "الفطر مما دخل وليس مما خرج" وإذا وجد طعمه فقد دخل وأجيب عنه :بأنا ل نسلم كونه داخل لن العين ليست بمنفذ وإنما يصل من المسام فإن النسان قد يدلك قدميه بالحنظل فيجد طعمه في فيه ول يفطر وحديث "الفطر مما دخل" علقه البخاري عن ابن عباس ووصله عنه ابن أبي شيبة. وأ ما ما أخر جه أ بو داود ع نه صلى ال عل يه وآله و سلم قال في الث مد" :ليت قه ال صائم" فقال أ بو داود :قال لي يحيى بن معين :هو منكر. عنْ هُ قال :قالَ ر سولُ ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم" :مَ نْ ن سَى وهُو [رح ]20صصصص وع نْ أَبي هريرة ر ضي ال َ صَائمٌ َفأَكلَ أَ ْو شرب فليتمّ صَ ْو َمهُ فإنّما أَطعمهُ اللّهُ وسقاهُ" ُمتّفقٌ عليه ،وللحاكم" :من َأ ْفطَر في رمضان ناسيا فَل َقضَاءَ عليه ول كفارة" وهُو صحيحٌ. (وعن أبي هريرة رضي ال عنه قال :قال رسول ال صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم" :من نسي وهِو صائمٌ فأَكل أو شرب فلْيتمّ صوْم ُه فإنما أَطعمهُ ال وسقاه) وفي رواية الترمذي "فإنما هو رزق ساقه ال إليه" (متفق عليه وللحاكم) أي من حديث أبي هريرة (من أفطر في رمضان ناسيا فل قضاءَ عليه ول كفارة وهو صحيح) وورد في لفظ "من أفطر" يعم الجماع وإنما خص الكل والشرب لكونهما الغالب في النسيان كما قاله ابن دقيق العيد. والحد يث دل يل على أن من أ كل أو شرب أو جا مع نا سيا ل صومه فإ نه ل يفطره ذلك لدللة قوله" :فلي تم صومه" على أنه صائم حقيقة وهذا قول الجمهور وزيد بن علي والباقر وأحمد بن عيسى والمام يحيى .والفريقين. وذ هب غير هم إلى أ نه يف طر قالوا :لن الم ساك عن المفطرات ر كن ال صوم فحك مه ح كم من ن سي ركنا من الصصلة فإنصه تجصب عليصه العادة وإن كان ناسصيا وتأولوا قوله" :فليتصم صصومه" بأن المراد فليتصم إمسصاكه عصن المفطرات. وأجيب بأن قوله" :فل قضاء عليه ول كفارة" صريح في صحة صومه وعدم قضائه له .أخرج الدارقطني إسقاط القضاء في رواية أبي رافع وسعيد المقبري والوليد بن عبد الرحمن وعطاء بن يسار كلهم عن أبي هريرة وأفتى به جماعة من الصحابة منهم عل يّ عليه السلم وزيد بن ثابت وأبو هريرة وابن عمر كما قاله :ابن المنذر وابن حزم. وفي سقوط القضاء أحاديث يشدّ بعضها بعضا ويتم الحتجاج بها. وأما القياس على الصلة فهو قياس فاسد العتبار لنه في مقابلة النص ،على أنه منازع في الصل .وقد أخرج أحمد عن مولة لبعض الصحابيات :أنها كانت عند النبي صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم فأتي بقصعة من ثريد فأكلت منها ثم تذكرت أنها صائمة فقال لها ذو اليدين :الن بعد ما شبعت .فقال النبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم" :أتمي صومك فإنمصا هصو رزق سصاقه ال إليصك" وروى عبصد الرزاق :أن إنسصانا جاء إلى أبصي هريرة فقال له :أصصبحت صصائما وطعمت فقال :ل بأس ،قال :ثم دخلت على إنسان فنسيت فطعمت قال أبو هريرة :أنت إنسان لم تتعود الصيام. عنْ أَبي هُريرة رضي اللّ هُ عن هُ قال :قالَ رسولُ ال صَلّى ال عََليْ هِ وَسَلّم" :مَ نْ َذرَعَ ُه القيءُ [رح ]21صصصص و َ فل قضاءَ عليه ،ومن اسْتقاءَ فعليه القضاءُ" روا ُه الخمسة وأَعّلهُ أَحمد وَقوّا ُه الدّارقطنيّ. ع هُ ا ْلقَيءُ) بالذال المعجمة (وعن أبي هريرة رضي ال عنه قال :قال رسول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم" :من َذرَ َ والراء والع ين المهملت ين أي سبقه وغل به في الخروج (فل قضاءَ عل يه ،و من ا سْتقاءَ) أي طلب الق يء باختياره (فعلي ْه القضاءُ" رواه الخمسصة وأعله أحمصد) بأنصه غلط (وقواه الدارقطنصي) وقال البخاري :ل أراه محفوظا وقصد روي من غ ير و جه ول ي صح إ سناده ،وأنكره أح مد وقال :ل يس من ذا بش يء ،قال الخطا بي :ير يد أ نه غ ير محفوظ ،وقد قال الحاكم :صحيح على شرطهما. والحد يث دل يل على أ نه ل يف طر بالق يء الغاب لقوله" :فل قضاء عل يه" إذ عدم القضاء فرع ال صحة .وعلى أ نه يفطر من طلب القيء واستجلبه ،وظاهره وإن لم يخرج له قيء لمره بالقضاء. ون قل ا بن المنذر الجماع على أن تع مد الق يء يف طر .قلت :ولك نه روي عن ا بن عباس ومالك وربي عة والهادي أن القيء ل يفطر مطلقا إل إذا رجع منه شيء فإنه يفطر ،وحجتهم ما أخرجه الترمذي والبيهقي بإسناد ضعيف "ثلث ل يفطرن :الق يء والحجا مة والحتلم" ويجاب ع نه بحمله على من ذر عه الق يء جمعا ب ين الدلة وحمل 9
للعام في الخاص وعلى أن العام غ ير صحيح والخاص أر جح م نه سندا فالع مل به أولى وإن عارض ته البراءة الصلية. خرَج عا مَ الْفت حِ [رح ]22صصصص وعن جابر بن عبد ال رضي ال عنهما "أنّ رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم َ ن ماءٍ َف َرفَعهُ حتى َنظَرَ الناسُ إليهِ إلى مكّة في رمضان فصام حتّى بَلَ َغ كُراع الْغميم فَصَام النّاسُ ،ثمّ دعا بقدح م ْ ل ل هُ إنّ ثمّ شر بَ فقيل ل ُه َب ْعدَ ذلك إنّ بعض الناس قدْ صامَ؟ فقال" :أُولئ كَ العُصاةُ ،أُولئ كَ ا ْلعُصاةُ" وفي لفظ "فقي َ النّاس قدْ شقّ عََليْهمُ الصّيام وإنما ينْظرون فيما فعلتَ ،فدعا بقدح منْ ما ٍء بعد العصر فشرب" روا ُه مسلمٌ. (و عن جابر بن ع بد ال ر ضي ال عنه ما أن ر سول ال صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم خرج عام الف تح إلى م كة في رمضان) سنة ثمان من الهجرة قال ابن إسحاق وغيره :إنه خرج يوم العاشر منه (فصام حتى بلغ كُراع الغميم) ب ضم الكاف فراء آخره مهملة ،والغم يم بمعج مة مفتو حة و هو واد أمام ع سفان (ف صام الناس ،ثم د عا بقدح من ماء فرف عه ح تى ن ظر الناس إل يه ،ثم شرب) ليعلم الناس بإفطار بإفطاره (فق يل له ب عد ذلك :إن ب عض الناس قد صام فقال" :أُولئك العُصاةُ أُولئك العُصاة" وفي لفظ :فقيل له إن الناس قد شق عليهم الصيام وإنما ينظرون فيما فعلت فدعا بقدح من ماء بعد العصر ،فشرب .رواه مسلم). الحد يث دل يل على أن الم سافر له أن ي صوم وله أن يف طر وأن له الفطار وإن صام أك ثر النهار :وخالف فصي الطرف الول داود والمامية فقالوا :ل يجزيء الصوم لقوله تعالى{ :فعد ٌة من أيام أخر} وبقوله" :أولئك العصاة" قوله" :ليس من البر الصيام في السفر". وخالفهم الجماهير فقالوا :يجزئه صومه لفعله صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم والية ل دليل فها على عدم الجزاء وقوله: "أولئك العصاة" إنما هو لمخالفتهم لمره بالفطار وقد تعين عليهم. وفيه أنه ليس في الحديث أنه أمرهم ،وإنما يتم على أن فعله يقتضي الوجوب .وأما حديث "ليس من البر" فإنما قاله صَلّى ال عََليْ ِه وَسَلّم :فيمن شق عليه الصيام نعم يتم الستدلل بتحريم الصوم في السفر على من شق عليه فإ نه إن ما أف طر صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم لقول هم إن هم قد شق علي هم ال صيام والذ ين صاموا ب عد ذلك و صفهم بأن هم عصاة. وأ ما جواز الفطار إن صام أك ثر النهار فذ هب أيضا إلى جوازه الجماه ير وعلق الشاف عي القول به على صحة الحديث ،وهذا إذا نوى الصيام في السفر فأما إذا دخل فيه وهو مقيم ثم سافر في أثناء يومه. فذهب الجمهور إلى أنه ليس له الفطار ،وأجازه أحمد وإسحاق وغيرهم والظاهر معهم لنه مسافر. وأما الفضل فذهبت الهادوية وأبو حنفية والشافعي إلى أن الصوم أفضل للمسافر حيث ل مشقة عليه ول ضرر فإن تضرر فالفطر أفضل. وقال أح مد وإ سحاق وآخرون :الف طر أفضل مطلقا بالحاد يث التي اح تج ب ها من قال ل يجزىء ال صوم .قالوا: وتلك الحاد يث وإن دلت على الم نع ل كن حد يث حمزة بن عمرو ال تي وقوله" :و من أ حب أن ي صوم فل جناح عليه" وأفاد بنفيه الجناح ،أنه ل بأس به ل أنه محرم ول أفضل. واحتج من قال بأن الصوم الفضل أنه كان غالب فعله صَلّى ال عََليْ ِه وَسَلّم في أسفاره ،ول يخفى أنه ل بد من الدليل على الكثرية وتأولوا أحاديث المنع بأنه لمن يشق عليه الصوم. وقال آخرون :الصوم والفطار سواء لتعادل الحاد يث في ذلك وهو ظا هر حديث أنس "سافرنا مع ر سول ال صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم فلم يعب الصائم على المفطر ول المفطر على الصائم" وظاهره التسوية. عمْرو السلمي رضي ال عنهُ أنّ ُه قال :يا رسول ال أَجدُ بي قوّ ًة على الصيام [رح ]23صصصص وعنْ حمز َة بنِ َ ن أَخذ بها فحسنٌ ،و َمنْ في السّفر َفهَلْ عليّ جُناحٌ؟ فقال رسول ال صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم" :هي ُرخْصةٌ من ال فم ْ عمْرو سأَلَ. ن يصوم فل جناحَ عليه" رواهُ مُسلمٌ وأَصلهُ في ا ْل ُمتّفق عليه منْ حديث عائشةَ أنّ حمز َة بن َ ب أَ ْ َأحَ ّ (و عن حمزة بن عمرو ال سلمي ر ضي ال ع نه) هو أ بو صالح أو مح مد ،حمزة بالحاء المهملة وزاي ي عد في أهل الحجاز .روى عنه ابنه محمد وعائشة مات سنة إحدى وستين وله ثمانون سنة (أنه قال :يا رسول ال أجد بي قوّة على الصيام في السفر ،فهل على جناح؟ فقال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم" :هي رخصة من ال فمن أخذ بها فحسنٌ ومن أحب أن يصوم فل جناح عليه" رواه مسلم وأصله في المتفق عليه من حديث عائشة أن حمزة بن عمرو سأل) وفي لفظ مسلم "إني رجل أسرد الصوم أفأصوم في السفر؟ قال :صم إن شئت وأفطر إن شئت" ففي هذا اللفظ دللة على أنهما سواء وتقدم الكلم في ذلك.
10
وقد استدل بالحديث من يرى أنه ل يكره صوم الدهر وذلك أنه أخبر أنه يسرد الصوم فأقرّه ولم ينكر عليه وهو في ال سفر ف في الح ضر بالولى وذلك إذا كان يض عف به عن وا جب ول يفوت ب سبه عل يه حق وبشرط فطره العيدين والتشريق. وأ ما إنكاره صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم على ا بن عمرو صوم الد هر فل يعارض هذا تل نه علم صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم أ نه سيضعف ع نه وهكذا كان فإ نه ض عف آ خر عمره وكان يقول :يا ليت ني قبلت رخ صة ر سول ال صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم وكان صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم يحب العمل الدائم وإن قل ويحثهم عليه. ن كُلّ يوْم [رح ]24صصصص و عن ا بن عبّاس رض يَ ال عنه ما قالُ " :رخّ صَ للش يخ ال كبير أَن يُفطرَ ويُط عم عَ ْ مسْكينا ول قضاء عََليْه" رواهُ الدراقُطنيّ والحاكم وصحّحاهُ. اعلم أ نه اختلف الناس في قوله تعالى{ :وعلى الذ ين يطيقو نه فدي ٌة طعام م سكين} والمشهور أن ها من سوخة ،وأ نه كان أول فرض الصيام أن من شاء أطعم مسكينا وأفطر ومن شاء صام .ثم نسخت بقوله تعالى{ :فمن شهد منكم الشهر فليصمه} وقيل بقوله{ :وقال قوم :هي غير منسوخة منهم ابن عباس كما هنا وروي عنه أنه كان يقرؤها (وعلى الذ ين يطوّقو نه) أي يكلفو نه ويقول :لي ست بمن سوخة هي للش يخ ال كبير والمرأة الهر مة وهذا هو الذي أخرجه عنه من ذكره المصنف .وفي سنن الدارقطني عن ابن عباس؛ "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين واحد فمن تطوع خيرا صصصص قال :زاد مسكينا آخر صصصص فهو خير له قال :وليست منسوخة إل أنه رخص للش يخ ال كبير الذي ل ي ستطيع ال صيام" إ سناده صحيح ثا بت ،وف يه أيضا ل ير خص في هذا إل لل كبير الذي ل يطيق الصيام أو مريض ل يشفى صصصص قال :وهذا صحيح صصصص. وعين في رواية قدر الطعام وإنه نصف صاع من حنطة .وأخرج أيضا عن ابن عباس وابن عمر في الحامل والمر ضع :أنه ما يفطران ول قضاء .وأخرج مثله عن جما عة من ال صحابة وإنه ما يطعمان كل يوم م سكينا. وأخرج عن أنس بن مالك أنه ضعف عاما عن الصوم فصنع جفنة من ثريد فدعا ثلثين مسكينا فأشبعهم" وفي المسألة خلف بين السلف. فالجمهور أن الطعام لزم في حق من لم يطق الصيام لكبر ،منسوخ في غيره. وقال جماعة من السلف :الطعام منسوخ وليس على الكبير إذا لم يطق الصيام إطعام. وقال مالك :يستحب له الطعام .وقيل غير ذلك والظهر ما قاله ابن عباس. والمراد بالش يخ :العا جز عن ال صوم .ثم الظا هر أن حدي ثه موقوف ويحت مل أن المراد ر خص ال نبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم فغير الصيغة للعلم بذلك فإن الترخيص إنما يكون توقيفا ويحتمل أنه فهمه ابن عباس من الية وهو القرب. ل إلى النبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم فقال :هََلكْ تُ ع نْ أَبي هُريرة رضي ال عنْ ُه قال :جاءَ رجُ ٌ [رح ]25صصصص و َ ل تَجدُ ما تُعت قُ رقبة؟" قال :ل، ت على امرأَتي في رمضان فقال" :ه ْ يا رسول ال قال" :وما أَهْلَكك؟" قال :وقعْ ُ ستَطيعُ أَن تَصومَ شهرين مُتتابعين؟" قال :ل ،قال" :فهل تَجدُ ما تُطع مُ ستّين م سْكينا؟" قال :ل ،قال: قال" :فهل تَ ْ ص ّدقْ بهذا" فقال :أَعلى َأفْقَر ِمنّا؟ فما بيْنَ ل َبتَيها ثمّ جلس فأَتي النبي صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم ب َعرَقٍ فيه تمرٌ فقال" :تَ َ ت أَنياب هُ ،ثم قالَ" :اذ هب فأَطعم ُه أَهلك" روا هُ أَ هل ب يت َأحْوج منّا فَضَ حك النّبيّ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ح تى بد ْ السبّعة واللفظ لمسْلمٍ. (وعن أبي هريرة رضي ال عنه قال :جاء رجل) هو سلمة أو سلمان بن صخر البياضي (إلى النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم فقال :هلكت يا رسول ال قال" :ما أَهْلكك"؟ قال :وقعت على امرأتي في رمضان قال" :هل تجد ما ُتعْتق رقبة") بالنصب بدل من ما (قال :ل ،قال" :فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين"؟ قال :ل ،قال" :فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا"؟) الجمهور أن لكل م سكين مدّ من طعام ربع صاع (قال :ل .قال :ثم جلس فأت يَ) بضم الهمزة مغير الصيغة (النبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَسَلّم بعرق) بفتح العين المهملة والراء ثم قاف (فيه تمر) ورد في رواية في غير الصحيحين فيه خمسة عشر صاعا وفي أخرى عشرون (فقال" :تصدق بهذا" قال :أعلى أفقر منا؟ فما بين لبتيها) تثنية لبة وهي الحرة ويقال فيها لوبة ونوبة بالنون وهي غير مهموزة (أهل بيت أحوج إليه منا فضحك النبي صلى ال عليه وآله وسلم حتى بدت أنيابه ثم قال :اذهب فأَطعمه أهلك رواه السبعة واللفظ لمسلم). الحديث دليل على وجوب الكفار على من جامع في نهار رمضان عامدا ،وذكر النووي أنه إجماع ،معسرا كان أو موسرا فالمعسر تثبت في ذمته على أحد قولين للشافعية ثانيهما ل تستقر في ذمته لنه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم لم يبين له أنها باقية عليه. 11
واختلف في الرق بة فإن ها ه نا مطل قة فالجمهور :قيدو ها بالمؤم نة حملً للمطلق ه نا على المق يد في كفارة الق تل، قالوا :لن كلم ال في حكم الخطاب الواحد فيترتب فيه المطلق على المقيد. وقالت الحنفية :ل يحمل المطلق على المقيد مطلقا فتجزيء الرقبة الكافرة. وقيل :يفصل في ذلك وهو أنه يقيد المطلق إذا اقتضى القياس التقييد فيكون تقييدا بالقياس كالتخصيص بالقياس وهو مذهب الجمهور ،والعلة الجامعة هنا هو أن جميع ذلك كفارة عن ذنب مكفر للخطيئة والمسألة مبسوطة في الصول. ثم الحديث ظاهر في أن الكفارة مرتبة كما ذكر في الحديث فل يجزيء العدول إلى الثاني مع إمكان الول ،ول إلى الثالث مع إمكان الثا ني لوقو عه مرتبا في روا ية ال صحيحين ،وروى الزهري الترت يب عن ثلث ين نف سا أو أكثر. ورواية التخيير مرجوحة مع ثبوت الترتيب في الصحيحين ،ويؤيد رواية الترتيب أنه الواقع في كفارة الظهار وهذه الكفارة شبيهة بها. قوله" :ستين مسكينا" ظاهر مفهومه أنه ل يجزيء إل إطعام هذا العدد فل يجزيء أقل من ذلك. وقال الحنفية :يجزيء الصرف في واحد ففي القدوري من كتبهم فإن أطعم مسكينا واحدا ستين يوما أجزأه عندنا وإن أعطاه في يوم واحد لم يجزه إل عن يومه. وقوله" :اذ هب فأطع مه أهلك" ف يه قولن للعلماء :أحده ما :أن هذه كفارة و من قاعدة الكفارات أن ل ت صرف في النفس لكنه صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم خصه بذلك ،ورد بأن الصل عدم الخصوصية ،الثاني :أن الكفارة ساقطة عنه لعساره ويدل له حديث علي رضي ال عنه" :كله أنت وعيالك فقد كفر ال عنك" إل أنه حديث ضعيف ،أو أنها باق ية في ذم ته والذي أعطاه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم صدقة عل يه وعلى أهله ل ما عر فه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم من حاجتهم. وقالت الهادوية وجماعة :إن الكفارة غير واجبة أصلً ل على موسر ول معسر قالوا :لنه أباح له أن يأكل منها ولو كا نت واج بة ل ما جاز ذلك و هو ا ستدلل غ ير نا هض لن المراد ظا هر في الوجوب وإبا حة ال كل ل تدل على أنها كفارة بل فيها الحتمالت التي سلفت. وا ستدل المهدي في الب حر على عدم وجوب الكفار بأ نه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قال للمجا مع" :ا ستغفر ال و صم يوما مكانه" ولم يذكرها وأجيب عنه بأنه قد ثبت رواية المر بها عند السبعة بهذا الحديث المذكور هنا. واعلم أ نه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم لم يأمره في هذه الروا ية بقضاء اليوم الذي جا مع ف يه إل أ نه ورد في روا ية أخرجها أبو داود من حديث أبي هريرة بلفظ "كله أنت وأهل بيتك وصم يوما واستغفر ال". وإلى وجوب القضاء ذهبت الهادوية والشافعي لعموم قوله تعالى{ :فعدة من أيام أخر} وفي قول الشافعي أنه ل قضاء لنه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم لم يأمره إل بالكفارة ل غير .وأجيب :بأنه اتكل صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم على ما علم من الية .هذا حكم ما يجب على الرجل. وأ ما المرأة ال تي جامع ها ف قد ا ستدل بهذا الحد يث أ نه ل يلزم إل كفارة واحدة وأن ها ل ت جب على الزو جة و هو الصح من قولي الشافعي وبه قال الوزاعي. وذهب الجمهور إلى وجوبها على المرأة أيضا قالوا :وإنما لم يذكرها النبي صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم مع الزوج لنها لم تعترف واعتراف الزوج ل يو جب علي ها الح كم ،أو لحتمال أن المرأة لم ت كن صائمة بأن تكون طاهرة من الح يض ب عد طلوع الف جر ،أو أن بيان الح كم في حق الر جل يث بت الح كم في المرأة أيضا ل ما علم من تعم يم الحكام ،أو أنه عرف فقرها كما ظهر من حال زوجها. واعلم أن هذا حديث جليل كثير الفوائد قال المصنف في فتح الباري :إنه قد اعتنى بعض المتأخرين ممن أدرك شيوخنا بهذا الحديث فتكلم عليه في مجلدين جمع فيهما ألف فائدة وفائدة انتهى وما ذكرناه فيه كفاية لما فيه من الحكام وقد طوّل الشارح فيه ناقلً من فتح الباري. جنُبا م نْ عنْهما "أَنّ النّبيّ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم كان يُصبحُ ُ [رح ]26صصصص وعَ نْ عائشة وُأمّ سلَمة رضي ال َ جماع ثم يغتسل ويصُوم" ُمتّفقٌ عََليْهِ ،وزا َد ُمسْلمٌ في حديث ُأمّ سََلمَ َة "ول يقْضي". فيه دليل على صحة صوم من أصبح أي دخل في الصباح وهو جنب من جماع وإلى هذا ذهب الجمهور .وقال النووي :إنه إجماع .وقد عارضه ما أخرجه أحمد وابن حبان من حديث أبي هريرة قال :قال رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم" :إذا نودي للصلة صلة الصبح وأحدكم جنب فل يصم يومه" وأجاب الجمهور بأنه منسوخ وأن أبا هريرة رجع عنه لما روي له حديث عائشة وأم سلمة وأفتى بقولهما. 12
ويدل للنسخ ما أخرجه مسلم وابن حبان وابن خزيمة عن عائشة أن رجلً جاء إلى النبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم يستفتيه وهي تسمع من وراء حجاب فقال :يا رسول ال تدركني الصلة أي صلة الصبح وأنا جنب فقال النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم" :وأنا تدركني الصلة وأنا جنب فأصوم .قال :لست مثلنا يا رسول ال قد غفر ال لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ،فقال :وال إني لرجو أن أكون أخشاكم ل وأعلمكم بما أتقي" وقد ذهب إلى النسخ ابن المنذر والخطابي وغيرهما. وهذا الحديث يدفع قول من قال إن ذلك كان خاصا به صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم. ورد البخاري حد يث أ بي هريرة بأن حد يث عائ شة أقوى سندا ح تى قال ا بن ع بد البر :إ نه صح وتوا تر .وأ ما حديث أبي هريرة فأكثر الروايات أنه كان يفتي به ورواية الرفع أقل ومع التعارض يرجح لقوة الطريق. [رح ]27صصصص وعنْ عائشة رضي اللّهُ عنها أنّ النبي صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم قال" :من مات وعليه صيا ٌم صامَ عنْهُ وليّهُ" متّفقٌ عليه. َ فيه دليل على أنه يجزيء الميت صيام وليه عنه إذا ما مات وعليه صوم واجب .والخبار في معنى المر أي ليصم عنه وليه والصل فيه الوجوب إل أنه قد ادعى الجماع على أنه للندب. والمراد في الولي :كل قريب ،وقيل :الوارث خاصة ،وقيل :عصبته؛ وفي المسألة خلف: فقال أصحاب الحديث وأبو ثور وجماعة :إنه يجزيء صوم الولي عن الميت لهذا الحديث الصحيح. وذهبت جماعة من الل ومالك وأبو حنيفة :أنه ل صيام عن الميت وإنما الواجب الكفارة ،لما أخرجه المترمذي من حديث ابن عمر مرفوعا "من مات وعليه صيام أطعم عنه مكان كل يوم مسكين" إل أنه قال بعد إخراجه: غريب ل نعرفه إل من هذا الوجه ،والصحيح أنه موقوف على ابن عمر. قالوا :ول نه ورد عن ا بن عباس وعائ شة الفت يا بالطعام ،ول نه الموا فق ل سائر العبادات فإ نه ل يقوم ب ها مكلف عن مكلف ،والحج مخصوص. وأجيب بأن الثار المروية عن فتيا عائشة وابن عباس ل تقاوم الحديث الصحيح. وأما قيام مكلف بعبادة عن غيره فقد ثبت في الحج بالنص الثابت فيثبت في الصوم به فل عذر عن العمل به. واعتذر المالكية عنه بعدم عمل أهل المدينة به مبني على أن تركهم العمل بالحديث حجة وليس كذلك كما عرف في ال صول ،وكذلك اعتذار الحنف ية بأن الراوي أف تى بخلف ما روى عذر غ ير مقبول إذ ال عبرة ب ما روى ل بما رأى كما عرف فيها أيضا. ثم اختلف القائلون بإجزاء الصيام عن الميت هل يختص ذلك بالولي أو ل ،فقيل :ل يختص بالولي بل لو صام عنه الجنبي بأمره أجزأ كما في الحج وإنما ذكر الولي في الحديث للغالب ،وقيل :يصح أن يستقل به الجنبي بغير أمر لنه قد شبهه صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم بالدين حيث قال" :فدين ال أحق أن يقضى" فكما أن الدين ل يختص بقضائه القريب فالصوم مثله وللقريب أن يستنيب. باب صوم التطوع وما نُهي عن صومه ن صوم ن أَبي َقتَادة النصاري رضي اللّ هُ عن ُه أَنّ رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم سُئلَ ع ْ [رح ]1صصصص عَ ْ سنَة الماضية" وسُئل ن صَوْم يوْم عاشُوراءَ فقال" :يُكفّر ال ّ عْ يوْمِ عرفة فقال" :يُكفّر السّنةَ الماضية والباقية" وسئل َ ي فيه" روا ُه مسلمٌ. ت فيهِ ،ويوم ُبعِثت فيه ،أَ ْو ُأنْزلَ عل ّ ن صوْم يوْم الثنين فقال" :ذلك ي ْومٌ وُلد ُ عْ قد استشكل تكفير ما لم يقع وهو ذنب السنة التية ،وأجيب بأن المراد أنه يوفق فيها لعدم التيان بذنب ،وسماه تكفيرا لمناسبة الماضية أو أنه إن أوقع فيها ذنبا وفق للتيان بما يكفره. وأما صوم يوم عاشوراء وهو العاشر من شهر المحرم عند الجماهير فإنه قد كان واجبا قبل فرض رمضان ثم صار بعده مستحبا: وأفاد الحديث أن صوم يوم عرفة أفضل من صوم يوم عاشوراء ،وعلل صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم شرعية صوم يوم الثنين بأنه ولد فيه وبعث فيه أو أنزل عليه فيه وكأنه شك من الراوي وقد اتفق أنه صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم ولد فيه وبعث فيه. وفيه دللة على أنه ينبغي تعظيم اليوم الذي أحدث ال فيه على عبده نعمة ،بصومه والتقرب فيه. وقد ورد في حديث أسامة تعليل صومه صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم يوم الثنين والخميس :بأنه يوم تعرض فيه العمال وأنه يحب أن يعرض عمله وهو صائم .ول منافاة بين التعليلين. ل اللّ ِه صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم قال" :م نْ صامَ ع ْنهُ أنّ رسو َ [رح ]2صصصص وع نْ أبي أَيوب النصاريّ رضي اللّ هُ َ ن كصيام الدّهر" روا ُه مُسلمٌ. رمضان ثمّ َأ ْتبَع ُه ستّا منْ شوّال كا َ 13
(وعن أبي أيوب النصاري رضي ال عنه أن رسول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَسَلّم قال" :من صام رمضان ثم اتبعه ستا) هكذا ورد مؤنثا مع أن مميزه أيام وهي مذكر لن اسم العدد إذا لم يذكر مميزه جاز فيه الوجهان كم صرح النحاة (من شوّال كان كصيام الدهر" رواه مسلم). فيه دليل على استحباب صوم ستة أيام من شوال وهو مذهب جماعة من الل وأحمد والشافعي. وقال مالك :يكره صومها قال :ل نه ما رأى أحدا من أ هل العلم ي صومها ولئل ي ظن وجوب ها .الجواب أ نه ب عد ثبوت ال نص بذلك ل ح كم لهذه التعليلت و ما أح سن ما قاله ا بن ع بد البر :إ نه لم يبلغ مالكا هذا الحد يث يع ني حديث مسلم. واعلم أن أجر صومها يحصل لمن صامها متفرقة أو متوالية ومن صامها عقيب العيد أو في أثناء الشهر .وفي سنن الترمذي عن ابن المبارك أنه اختار أن يكون ستة أيام من أول شوال ،وقد روى عن ابن المبارك أنه قال: من صام ستة أيام من شوال متفرقا فهو جائز .قلت :ول دليل على اختيار كونها من أول شوال إذ من أتى بها في شوال في أي أيامه صدق عليه أنه اتبع رمضان ستا من شوال. وإنما شبهها بصيام الدهر لن الحسنة بعشر أمثالها فرمضان بعشرة أشهر وست من شوال بشهرين .وليس في الحديث دليل على مشروعية صيام الدهر ويأتي بيانه في آخر الباب. واعلم أنه قال التقي السبكي :إنه قد طعن في هذا الحديث من ل فهم له مغترا بقول الترمذي إنه حسن يريد في رواية سعد بن سعيد النصاري أخي يحيى بن سعيد .قلت :ووجه الغترار أن الترمذي لم يصفه بالصحة بل بالحسن وكأنه في نسخة .الذي رأيناه في سنن الترمذي بعد سياقه للحديث ما لفظه :قال أبو عيسى :حديث أبي أيوب حد يث ح سن صحيح ثم قال :و سعد بن سعيد هو أ خو يح يى بن سعيد الن صاري و قد تكلم ب عض أ هل الحديث في سعد بن سعيد بن من قبل حفظه انتهى .قلت :قال ابن دحية :إنه قال أحمد بن حنبل :سعد بن سعيد ضعيف الحديث وقال النسائي :ليس بالقوى وقال أبو حاتم :ل يجوز الشتغال بحديث سعد بن سعيد انتهى. ثم قال ابن السبكي :وقد اعتنى شيخنا أبو محمد الدمياطي بجمع طرقه فأسنده عن بضعة وعشرين رجل رووه عن سعد بن سعيد وأكثرهم حفاظ ثقات منهم السفيانان ،وتابع سعدا على روايته أخوه يحيى وعبد ربه وصفوان بن سليم وغيرهم ورواه أيضا عن النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ثوبان وأبو هريرة وجابر وابن عباس والبراء بن عازب وعائشة ولفظ ثوبان "من صام رمضان فشهره بعشره ومن صام ستة أيام بعد الفطر فذلك صيام السنة" رواه أحمد والنسائي. [رح ]3صصصص وعن أَبي سعيد الخدري رضي ال عن ُه قال :قال رسول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم" :ما من ع ْبدٍ َيصُوم يوْما في سبيل ال إل باعد ال بذلك اليومْ عنْ وجههِ النّار سبعين خريفا" ُمتّفقٌ عليه واللفظ لمسلمٍ. ع ْبدٍ يصوم يوما في (وعن أبي سعيد الخدري رضي ال عنه قال :قال رسول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم" :ما من َ سبيل ال) هو إذا أطلق يراد به الجهاد (إل باعد ال بذلك اليوم عن وجهه النار سبعين خريفا" متفق عليه واللفظ لمسلم). فيه دللة على فضيلة الصوم في الجهاد ما لم يضعف بسبه عن قتال عدوّه وكأن فضيلة ذلك لنه جمع بين جهاد نفسه في طعامة وشرابه وشهوته ،وكنى بقوله" :باعد ال بينه وبين النار سبعين خريفا" عن سلمته من عذابها. ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ي صُوم حتى نقولَ ل [رح ]4صصصص وع نْ عائشة رض يَ ال عنّها قال تْ" :كا نَ رسو ُ س َت ْكمَل صيامَ ش هر قطّ إل يُف طر ،ويفُ طر ح تى نقول ل ي صوم ،و ما رأيْت ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ا ْ رمضَانَ ،ومَا رََأ ْيتُهُ في شهرٍ َأكْثر ِمنْهُ صياما في شَعبانَ" ُمتّفقٌ عََليْه واللفظ لمسْلمٍ. ف يه دل يل على أن صومه صلى ال عل يه وآله و سلم لم ي كن مخت صا بش هر دون ش هر وأ نه كان صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم يسرد الصيام أحيانا ويسرد الفطر أحيانا ولعل كان يفعل ما يقتضيه الحال من تجرده عن الشغال ،فيتابع الصوم ومن عكس ذلك فيتابع الفطار. ودليل على أنه يخص شعبان بالصوم أكثر من غيره وقد نبهت عائشة على علة ذلك فأخرج الطبراني عنها" :أنه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم كان ي صوم ثل ثة أيام في كل ش هر فرب ما أ خر ذلك فيجت مع صوم ال سنة في صوم شعبان" وفيه[تض] ابن أبي ليلى[/تض] وهو ضعيف. وقيل :كان يصوم ذلك تعظيما لرمضان كما أخرجه الترمذي من حديث أنس وغيره :أنه سئل رسول ال صلى ال تعالى عل يه وعلى آله و سلم أي ال صوم أف ضل؟ فقال :شعبان تعظيما لرمضان" قال الترمذي :ف يه صدقة بن موسى وهو عندهم ليس بالقوي. 14
وقيل :كان يصومه لنه شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان؛ كما أخرجه النسائي وأبو داود وصححه ابن خزيمة عن أسامة بن زيد قال :قلت :يا رسول ال لم أرك تصوم في شهر في الشهور ما تصوم في شعبان قال: "ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه العمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع فيه عملي وأنا صائم" ،قلت :ويحتمل أنه كان يصومه لهذه الحكم كلها. و قد عورض حد يث" :أن صوم شعبان أف ضل ال صوم ب عد رمضان ب ما أخر جه م سلم من حد يث أ بي هريرة مرفوعا "أفضصل الصصوم بعصد رمضان صصوم المحرم" وأورد عليصه أنصه لو كان أفضصل لحافصظ على الكثار مصن صيامه .وحديث عائشة يقتضي أنه كان أكثر صيامة في شعبان ،فأجيب بأن تفضيل صوم المحرّم بالنظر إلى الشهر الحرم وفضل شعبان مطلقا وأما عدم إكثاره لصوم المحرّم فقال النووي :لنه إنما علم ذلك آخر عمره. [رح ]5صصصص وع نْ أَبي ذرّ رضي ال عنْه قال" :أ َمرَنا رسولُ ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم أَ نْ نَ صُوم من الشهر ثلث َة َأيّام :ثلثَ عشرة وَأرْبع عشرة وخمسَ عشرة" رواه النسائيّ والتّرمذيّ وصحّحه ابن حبّانَ. الحديث ورد من طرق عديدة من حديث أبي هريرة بلفظ "فإن كنت صائما فصم الغرّ :أي البيض" أخرجه أحمد والنسائي وابن حبان .وفي بعض ألفاظه عند النسائي" :فإن كنت صائما فصم البيض ثلث عشرة وأربع عشرة وخ مس عشرة" وأخرج أ صحاب ال سنن من حد يث قتادة بن ملحان "كان ر سول ال صلى ال عل يه وآله و سلم يأمرنا أن نصوم البيض ثلث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة .وقال :هي كهيئة الدهر" وأخرج النسائي من حديث جرير مرفوعا "صيام ثلثة أيام من كل شهر كصيام الدهر ثلث اليام البيض" الحديث وإسناده صحيح. ووردت أحاديث في صيام ثلثة أيام من كل شهر مطلقة ومبينة بغير الثلثة .وأخرج أصحاب السنن وصححه ا بن خزي مة من حد يث ا بن م سعود" :أن ال نبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم كان ي صوم عدة ثل ثة أيام من كل ش هر". وأخرجه مسلم من حديث عائشة "كان رسول ال صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم يصوم من كل شهر ثلثة أيام ما يبالي في أي الشهر صام". وأما المبينة بغير الثلث فهي ما أخر جه أبو داود والنسائي من حديث حفصة "كان رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ي صوم في كل ش هر ثل ثة أيام :الثن ين والخم يس والثن ين من الجم عة الخرى" ول معار ضة ب ين هذه الحاد يث فإن ها كل ها دالة على ندب ية صوم كل ما ورد ،و كل من الرواة ح كى ما اطلع عل يه إل أن ما أ مر به وحث عليه ووصى به أولى وأفضل. وأمصا فعله صصلى ال تعالى عليصه وعلى آله وسصلم فلعله كان يعرض له مصا يشغله عصن مراعاة ذلك ،وقصد عيصن الشارع أيام الب يض وللعلماء في تعي ين الثل ثة اليام ال تي يندب صومها من كل ش هر أقوال عشرة سردها في الشرح. عنْ هُ أَنّ ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قالَ" :ل يحلّ للمرْأَ ِة أَ نْ [رح ]6صصصص وَعَ نْ أَ بي ُه َريْرة رض يَ ال َ غ ْيرَ رَمضانَ". ظ للبُخاري ،زَادَ أَبو داودَ " : تصومَ وزوْجها شاهدٌ إل بإذْنهِ" مُتفقٌ عََليْهِ واللف ُ (و عن أ بي هريرة ر ضي ال ع نه أن ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قال" :ل ي حل للمرأة) أي المزوّ جة بدل يل قوله (أن تصوم وزوجها شاهد) أي حاضر (إل بإذنه" متفق عليه واللفظ للبخاري زاد أبو داود "غير رمضان"). فيه دليل على أن الوفاء بحق الزوج أولى من التطوع بالصوم ،وأما رمضان فإنه يجب عليها وإن كره الزوج، ويقاس عليه القضاء فلو صامت النفل بغير إذنه كانت فاعلة لمحرّم. [رح ]7صصصص وَعَ نْ أَبي سعيد ا ْلخُد ِريّ رضي ال عن هُ "أنّ رسول ال صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم َنهَى عَ نْ صيام َي ْو َميْن :يَوْم الْفطْر َويَ ْومِ ال ّنحْر" ُمتّفقٌ عََل ْيهِ. ف يه دل يل على تحر يم صوم هذ ين اليوم ين ،لن أ صل الن هي التحر يم وإل يه ذ هب الجمهور فلو نذر صومهما لم ينعقد نذره في الظهر لنه نذر بمعصية ،وقيل :يصوم مكانهما عنهما. ل ال صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّمَ" :أيّامُ َأكْل وشربٍ عنْ ُن َبيْش َة ال ُهذَليّ رضي اللّ ُه ع ْنهُ قالَ :قال رَسُو ُ [رح ]8صصصص وَ َ عزّ َوجَلّ" رواهُ ُمسْلمٌ. وذكرِ ال َ (و عن ُن َبيْ شة) ب ضم النون وف تح الباء الموحدة و سكون المثناة التحت ية وش ين معج مة يقال له نبي شة الخ ير ا بن عمرو وقيل :ابن عبد ال (الهذلي رضي ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم" :أيام التشريق" وهي ثلثة أيام بعد النحر ،وقيل يومان بعد النحر "أيام أَكل وشرب وذكر ال عزّ وجل" رواه مسلم) .وأخرجه مسلم أيضا من حديث كعب بن مالك ،وابن حبان من حديث أبي هريرة ،والنسائي من حديث بشر بن سحيم،
15
وأصحاب السنن من حديث عقبة بن عامر ،والبزار من حديث ابن عمر" :أيام التشريق أيام أكل وشرب وصلة فل يصومها أحد". وأخرج أ بو داود من حد يث ع مر في ق صته" :أ نه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم كان يأمر هم بإفطار ها وينها هم عن صيامها" أي أيام التشر يق .وأخرج الدارقط ني من حد يث ع بد ال بن حذا فة ال سمي" :أيام التشر يق أيام أ كل وشرب وبعال" البعال مواقعة النساء. والحديث وما سقناه في معناه دال على النهي عن الصوم أيام التشريق وإنما اختلف هل هو نهي تحريم أو تنزيه فذ هب إلى أ نه للتحر يم مطلقا جما عة من ال سلف وغير هم وإل يه ذ هب الشاف عي في المشهور وهؤلء قالوا :ل ي صومها المتم تع ول غيره وجعلوه مخ صصا لقوله تعالى{ :ثل ثة أيام في ال حج} لن ال ية عا مة في ما ق بل يوم النحر وما بعده والحديث خصوصها لكونه مقصودا بالدللة على أنها ليست محل للصوم ،وأن ذاتها باعتبار ما هي مؤهلة له كأنها منافية للصوم. وذهبت الهادوية :إلى أنه يصومها المتمتع الفاقد للهدي ،كما يفيده سياق الية ،ورواية ذلك عن عليّ عليه السلم قالوا :ول يصومها القارن والمحصر إذا فقد الهدي. وذهب آخرون :إلى أنه يصومها المتمتع ومن تعذر عليه الهدي المحصر والقارن لعموم الية ولما أفاده: صمْنَ إل ِلمَ نْ عمَر رض يَ اللّ هُ عنهم قال :لم ُيرَخّص في َأيّام التّشري قِ أَ نْ يُ َ [رح ]9صصصص وعن عائشةَ وابن ُ جدِ ا ْل َه ّديَ" رَواه البُخاريّ. َلمْ َي ِ فإنصه أفاد أن صصوم أيام التشريصق جائز رخصصة لمصن لم يجصد الهدي وكان متمتعا أو قارنا أو محصصرا لطلق الحديث بناء على أن فاعل "يرخص" هو رسول ال صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم وأنه مرفوع وفي ذلك أقوال ثلثة: ثالثها أنه إن أضاف ذلك إلى عهده صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم كان حجة وإل فل وقد ورد التصريح بالفاعل في رواية للدارقطني والطحاوي إل أنها بإسناد ضعيف لفظها "رخص رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم للمتمتع إذا لم يجد الهدي أن يصوم أيام التشريق" إل أنه خص المتمتع فل يكون ح جة ل هل هذا القول وقد روي من فعل عائ شة وأبي بكر وفتيا لعليّ رضي ال عنهم. وذهب جماعة إلى أن النهي للتنزيه وأنه يجوز صومها لكل واحد وهو قول ل ينهض عليه دليل. عنْهُ عن النبي صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم قال" :ل تخُصّوا ليْلةَ ا ْلجُمعةِ [رح ]10صصصص وعَن أَبي هُريرة رضي اللّهُ َ ن بين الليالي ،ول تخ صّوا يو مَ الجُمعة بصيامٍ م نْ بين اليام إل أن يكو نَ في صَ ْومٍ يَ صُومُ ُه أَحدُكم" روا هُ بقيا مٍ م ْ مسلمٌ. الحديصث دليصل على تحريصم تخصصيص ليلة الجمعصة بالعبادة ،وتلوة غيصر معتادة إل مصا ورد بصه النصص على ذلك كقراءة سورة الكهف فإنه ورد تخصيص ليلة الجمعة بقراءتها وسور أُخر وردت بها أحاديث فيها مقال. و قد دل هذا بعمو مه على عدم مشروع ية صلة الرغائب في أول ليلة الجم عة من ر جب ولو ث بت حديث ها لكان مخصصا لها من عموم النهي لكن حديثها تكلم العلماء عليه وحكموا بأنه موضوع. ودل على تحريم الن فل ب صوم يوم ها منفردا قال ابن المنذر :ث بت النهي عن صوم الجمعة ك ما ثبت عن صوم العيد. وقال أبو جعفر الطبري :يفرق بين العيد والجمعة بأن الجماع منعقد على تحريم صوم العيد ولو صام قبله أو بعده. وذ هب الجمهور إلى أن الن هي عن إفراد الجم عة بال صوم للتنز يه م ستدلين بحد يث ا بن م سعود "كان ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم يصوم من كل شهر ثلثة أيام وقلما كان يفطر يوم الجمعة" أخرجه الترمذي وحسنه فكان فعله صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم قرينة على أن النهي ليس للتحريم .وأجيب عنه بأنه يحتمل أنه كان يصوم يوما قبله أو بعده ومع الحتمال ل يتم الستدلل. واختلف في وجه حكمة تحريم صومه على أقوال أظهرها أنه يوم عيد كما روي من حديث أبي هريرة مرفوعا "يوم الجمعة يوم عيدكم وأخرج ابن أبي شيبة بإسناد حسن عن علي رضي ال عنه قال" :من كان منكم متطوعا من الش هر فلي صم يوم الخم يس ول ي صم يوم الجم عة فإ نه يوم طعام وشراب وذ كر" وهذا أيضا من أدلة تحر يم صومه ول يلزم أن يكون كالع يد من كل و جه فإ نه تزول حر مة صومه ب صيام يوم قبله ويوم بعده ك ما يفيده قوله: ن أَح ُدكُ مْ يَوْم [رح ]11صصصص وعن هُ أَيضا رضي ال عن هُ قال :قالَ رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم" :ل يصومَ ّ الجمعْة إل َأنْ َيصُومَ يوْما َقبْلهُ َأوْ َيوْما َبعْدهُ" ُمتّفقٌ عَلَيه. 16
فإ نه دال على زوال تحر يم صومه لحك مة ل نعله ما فلو أفرده بال صوم و جب فطره ك ما يفيده ما أخر جه أح مد والبخاري وأ بو داود من حد يث جوير ية أن ال نبي صلى ال عل يه وآله و سلم د خل عل يه في يوم جم عة و هي صائمة فقال ل ها" :أ صمت أ مس؟" قالت :ل ،قال" :ت صومين غدا؟" قالت :ل قال" :فافطري" وال صل في ال مر الوجوب. صّم قالَ" :إذا انْتصصفَ شعبانُص فل صّى ال عََليْهِص وَسَل عنْهُص أَيضا رضصي اللّ هُ عنهُص أَنّ ر سولَ ال صَل 12صصصصص وَ َ ح َمدُ. تصومُوا" رواه الخمْسةُ واستنْكرَ ُه َأ ْ َسصلّم قال" :إذا انتصصف شعبان فل ْهص و َ صصلّى ال عََلي ِ (وعنصه) أي أبصي هريرة رضصي ال عنصه (أنصه رسصول ال َ تصوموا" رواه الخمسة واستنكره أحمد) وصححه ابن حبان وغيره وإنما استنكره أحمد لنه من رواية العلء بن عبد الرحمن .قلت :وهو من رجال مسلم قال المصنف في التقريب :إنه صدوق وربما وهم. والحديث دليل على النهي عن الصوم في شعبان بعد انتصافه ولكنه مقيد بحد يث "إل أن يوافق صوما معتادا" كما تقدم واختلف العلماء في ذلك. فذ هب كث ير من الشافع ية إلى التحر يم لهذا الن هي :وق يل :إ نه يكره إل ق بل رمضان بيوم أو يوم ين فإ نه محرم، وقيل :ل يكره ،وقيل :إنه مندوب وأن الحديث مؤوّل بمن يضعفه الصوم وكأنهم استدلوا بحديث "أنه صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم كان يصل شعبان برمضان" ول يخفى أنه إذا تعارض القول والفعل كان القول مقدما. ت بُسْر رضي ال عنها َأنّ رَسُول ال صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم قالَ" :ل تَصُومُوا صمّاءِ بن ِ [رح ]13صصصص وعن ال ّ ضغْ ها" روا ُه الخم سةُ ب أَوْ عو َد شَجرَةٍ فَ ْليَم ُ عنَ ٍ َيوْ مَ ال سبّتِ إل في ما ا ْفتُرض عليك مْ ،فإن لم ي جد أَحدُ كم إل لحاءَ ِ ل أَبو داود :هُو مَنسوخٌ. ت إل أنّ ُه ُمضْطَربٌ وقد أَنكر ُه مالك وقا َ ورجال ُه ثِقا ٌ (وعن الصماء) بالصاد المهملة (بنت بُسر رضي ال عنها) بالموحدة مضمومة وسين مهملة اسمها ُب َهيّة بضم الموحدة وفتح الهاء وتشديد المثناة التحتية وقيل اسمها بهيمة بزيادة الميم هي أخت عبد ال بن بسر روى عنها أخوها عبد ال (أن رسول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم قال" :ل تصوموا يوم السبت ،إل فيما افترض عليكم فإن لم يجد أحدكم إل َلحَاءَ) بفتح اللم فحاء مهملة ممدودة (عنب) بكسر المهلمة وفتح النون فموحدة الفاكهة المعروفة والمراد قشره (أو عود شجرة فليمضغ ها") أي يطعم ها ب ها للف طر (رواه الخم سة ورجاله ثقات إل أ نه مضطرب وقد أنكره مالك وقال أبو داود :هو منسوخ). أما الضطراب فلنه رواه عبد ال بن بسر عن أخته الصماء ،وقيل عن عبد ال ،وليس فيه ذكر أخته ،قيل: وليست هذه بعلة قادحة فإنه صحابي ،وقيل :عن أبيه بسر ،وقيل :عن الصماء عن عائشة ،قال النسائي :هذا حديصث مضطرب ،قال المصصنف :يحتمصل أن يكون عنصد عبصد ال عصن أبيصه وعصن أختصه بواسصطة ،وهذه طريقصة صحيحة ،وقد رجع عبد الحق الطريق الولى وتبع في ذلك الدارقطني لكن هذا التلون في الحديث الواحد بإسناد الواحد مع اتحاد المخرج يوهي الرواية وينبيء بقلة الضبط إل أن يكون من الحفاظ المكثرين المعروفين بجمع طرق الحد يث فل يكون ذلك دال على قلة الض بط ول يس ال مر ه نا كذلك بل اختلف ف يه على الراوي أيضا عن ع بد ال بن ب سر .وأ ما إنكار مالك له فإ نه قال أ بو داود عن مالك إ نه قال هذا كذب ،أ ما قول أ بي داود :إ نه منسوخ ،فلعله أراد أن ناسخه قوله: ل اللّ ِه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم َأكْثرُ ما كان يَ صُو ُم من ع نْ ُأمّ سََلمَةَ رضي ال عنها أنّ ر سُو َ [رح ]14صصصص و َ ن أُخالف هم" أَخرج ُه الن سائيّ ن يقُولُ" :إنه ما يْو ما عيدٍ للمشرك ين وأَ نا أُر يد أَ ْ سبْتِ َويْو مُ الحدِ .وكا َ اليا مِ َيوْ ُم ال ّ ن خُزيْمَ َة وهذا اللفظُ له. وصحح ُه اب ُ فالنهي عن صومه كان أول المر حيث كان صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم يحب موافقة أهل الكتاب ،ثم كان آخر آمره صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم مخالفتهم كما صرح به الحديث نفسه. وقيل بل النهي كان عن إفراده بالصوم إل أنه صام ما قبله أو ما بعده .وأخرج الترمذي من حديث عائشة قالت: "كان ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ي صوم من الش هر ال سبت وال حد والثن ين و من الش هر ال خر الثلثاء والربعاء والخميصس" وحديصث الكتاب دال على اسصتحباب صصوم السصبت والحصد مخالفصة لهصل الكتاب ،وظاهره صوم كل على النفراد والجتماع. عرَفَة عنْ ُه "أنّ النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم نهى ع نْ صوم يو مْ َ [رح ]15صصصص وع نْ أْبي هريرة رضي ال َ ن خزيمة والحاكم واستنكرَهُ العُقيليّ. ب َعرَفةَ" روا ُه الخمسةُ غير الترمذي وصحّح ُه ابْ ُ
17
لن في إسناده[تض] مهديا الهجري[ /تض] ضع فه العقيلي وقال :ل يتابع عل يه والراوي ع نه مختلف ف يه ،قلت: في الخلصة إنه قال ابن معين :ل أعرفه ،وأما الحاكم فصحح حديثه وأقره الذهبي في مختصر المستدرك ولم يعده من الضعفاء في المعنى وأما الراوي عنه فإنه حوشب بن عبدل قال المصنف في التقريب :إنه ثقة. والحديث ظاهر في تحريم صوم يوم عرفة بعرفة ،وإليه ذهب يحيى بن سعيد النصاري وقال :يجب إفطاره على الحاج ،وقيل :ل بأس به إذا لم يضعف عن الدعاء ،ونقل عن الشافعي واختاره الخطابي ،والجمهور على أنه يستحب إفطاره. وأ ما هو صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ف قد صح أ نه كان يوم عر فة مفطرا في حج ته ول كن ل يدل تر كه ال صوم على تحريمصه .نعصم يدل أن الفطار هصو الفضصل لنصه ص َصلّى ال عََليْه ِص وَس َصلّم ل يفعصل إل الفضصل إل أنصه قصد يفعصل المفضول لبيان الجواز فيكون في ح قه أف ضل ل ما ف يه من التشر يع والتبل يغ بالف عل ،ول كن الظ هر التحر يم ل نه أصل النهي. عمْرو رضي ال عنهما قال :قال رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم" :ل صامَ [رح] 16صصصص وع نْ عبد ال ب نِ َ ن صامَ البدَ" متفقٌ عَليه. مْ اختلف في معناه قال شارح الم صابيح :ف سر هذا من وجه ين أحده ما أ نه على مع نى الدعاء عل يه زجرا له عن صنيعة؛ والخر على سبيل الخبار ،والمعنى أنه بمكابدة صورة الجوع وح ّر الظمإ لعتياده الصوم حتى خف عليه لم يفتقر إلى الصبر على الجهد الذي يتعلق به الثواب فكأنه لم يصم ولم تحصل له فضيلة الصوم ويؤيد أنه للخبار قوله: ن حديث أَبي قتادة بلفظ "ل صام ول َأفْطر". [رح ]17صصصص ولمسْلمٍ م ْ ويؤيده أيضا حد يث الترمذي ع نه بل فظ "لم ي صم ولم يف طر" قال ا بن العر بي :إن كان معناه الدعاء .فياو يح من أ صابه دعاء ال نبي صلى ال عل يه وآله و سلم وإن كان معناه ال خبر فياو يح من أ خبر ع نه ال نبي صَلّى ال عََليْ هِ َوسَلّم أنه لم يصم ،وإذا لم يصم شرعا فكيف يكتب له ثواب. وقد اختلف العلماء في صيام البد فقال بتحريمه طائفة وهو اختيار ابن خزيمة لهذا الحديث وما في معناه. وذهب طائفة إلى جوازه وهو اختيار ابن المنذر وتأولوا أحاديث النهي عن صيام الدهر بأن المراد من صامه مع اليام المنهي عنها من العيدين وأيام التشريق وهو تأويل مردود بنهيه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم لبن عمرو عن صوم الدهر وتعليله بأن لنفسه عليه حقا ولهله حقا ولضيفه حقا ولقوله" :أما أنا فأصوم وأفطر فمن رغب عن سنتي فليس مني" .فالتحريم هو الوجه دليلً ومن أدلته ما أخرجه أحمد والنسائي وابن خزيمة من حديث أبي موسى مرفوعا "من صام الدهر ضيقت عليه جهنم وعقد بيده". قال الجمهور :ويستحب صوم الدهر لمن ل يضعفه عن حق وتأولوا أحاديث النهي تأويلً غير راجح ،واستدلوا بأنه صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم شبه صوم ست من شوال مع رمضان وشبه صوم ثلثة أيام من كل شهر بصوم الدهر فلول أن صاحبه يستحق الثواب لما شبه به. وأجيب :بأن ذلك على تقدير مشروعيته فإنها تغني عنه كما أغنت الخمس الصلوات عن الخمسين التي قد كانت فرضت مع أنه لو صلها أحد لوجوبها لم يستحق ثوابا بل يستحق العقاب نعم أخرج ابن السني من حديث أبي هريرة مرفوعا "من صام الدهر فقد وهب نفسه من ال عز وجل" إل أنا ل ندري ما صحته. باب العتكاف وقيام رمضان العتكاف لغة :لزوم الشيء وحبس النفس عليه ،وشرعا :المقام في المسجد من شخص مخصوص على صفة مخصصوصة "وقيام رمضان" أي قيام لياليصه مصصليا أو تاليا .قال النووي :قيام رمضان يحصصل بصصلة التراويصح وهو إشارة إلى أنه ل يشترط استغراق كل الليل بصلة النافلة فيه ويأتي ما في كلم النووي. ل ال صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم قال" :مَنْ قام رمضان إيمانا ن أَبي هُريرة رضي ال ع ْن ُه أَنّ رسو َ [رح ]1صصصص ع ْ واحْتسَابا غُ ِفرَ لَ ُه ما تَ َق ّدمَ مِن َذ ْنبِه" ُمتّفقٌ عَلَيهِ. ( عن أ بي هريرة ر ضي ال ع نه أن ر سول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم قال " :من قام رمضان إيمانا) أي ت صديقا بوعصد ال للثواب (واحتسصابا) منصصوب على أنصه مفعول لجله ،كالذي عطصف عليصه أي طلبا لوجصه ال وثوابصه، والحتساب من الحسب كالعتداد من العدد ،وإنما قيل فيمن ينوي بعمله وجه ال احتسبه لنه له حينئذ أن يعتد عمله ،فجعل في حال مباشرة الفعل كأنه معتد به قاله في النهاية (غفر ل ُه ما تقدم من ذنبه" متفق عليه) يحتمل أنه يريد قيام جميع لياليه وأن من قام بعضها ل يحصل له ما ذكره من المغفرة ،وهو الظاهر ،وإطلق الذنب شامل للكبائر والصغائر. 18
وقال النووي :المعروف أنه يختص بالصغائر ،وبه جزم إمام الحرمين ،ونسبه عياض لهل السنة ،وهو مبني على أنها ل تغفر الكبائر إل بالتوبة. وقد زاد النسائي في روايته "ما تقدم وما تأخر" وقد أخرجها أحمد ،وأخرجت من طريق مالك وتقدم معنى مغفرة الذنب المتأخر. والحد يث دل يل على فضيلة قيام رمضان ،والذي يظ هر أ نه يح صل ب صلة الو تر إحدى عشرة رك عة ،ك ما كان صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم يفعل في رمضان وغيره كما سلف في حديث عائشة .وأما التراويح على ما اعتيد الن فلم تقع في عصره صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم إنما كان ابتدعها عمر في خلفته وأمر أُبيا أن يجمع بالناس واختلف في القدر الذي كان ي صلي به أب يّ فق يل كان ي صلي ب هم إحدى ع شر رك عة وروي إحدى وعشرون وروي عشرون ركعة وقيل ثلث وعشرون وقيل غير ذلك وقد قدمنا تحقيق ذلك. ن رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم إذا دخلت العشرُ :أَي ع نْ عائشةَ رضي ال عنْها قالت :كا َ [رح ]2صصصص و َ ن رمضان ،شدّ مِئزَرَهُ وََأحْيا َليْلهُ وََأيْقظَ أَهَْلهُ" متّفقٌ عليه. ا ْلعَشرُ الخيرة م ْ (وعن عائشة رضي ال عنها قالت :كان رسول ال صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم إذا دخلت العشر أي العشر الخيرة من رمضان) هذا التفسصير مدرج مصن كلم الراوي (شدة مئزره) أي اعتزل النسصاء (وأحيصا ليله وأيقصظ أهله .متفصق عليه) وقيل في تفسير "شد مئزره" :أنه كنائة عن التشمير للعبادة ،قيل :ويحتمل أن يكون المعنى أنه شد مئزره جمعه فلم يحلله ،واعتزل النساء وشمر للعبادة إل أنه يبعده ما روي عن علي رضي ال عنه بلفظ" :فشد مئزره واعتزل الن ساء" فإن الع طف يقت ضي المغايرة ،وإيقاع الحياء على الل يل مجاز عقلي لكو نه زمانا للحياء نف سه والمراد به السهر. وقوله" :أيقظ أهله" أي للصلة والعبادة وإنما خص بذلك صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم آخر رمضان لقرب خروج وقت العبادة فيجتهد فيه لن خاتمة العمل ،والعمال بخواتيمها. [رح ]3صصصص وعنها رضي ال عنها "أنّ النّبيّ صَلّى ال عََل ْي هِ وَسَلّم كان يعتك فُ العشر الواخر من رمضان جهُ من َبعْدهِ" متفقٌ عليه. حتى توافا ُه اللّ ُه عزّ وجلّ ،ثمّ اعتكف َأزْوا ُ (وعنها) أي عائشة رضي ال عنها (أن النبي صلى ال عليه وآله وسلم كان يعتكف العشر الواخر من رمضان حتى توفاه ال عز وجل ثم اعتكف أزواجه من بعده .متفق عليه). فيه دليل على أن العتكاف سنة واظب عليها رسول ال صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم وأزواجه من بعده. قال أبو داود عن أحمد :ل أعلم عن أحد من العلماء خلفا أن العتكاف مسنون .وأما المقصود منه فهو جمع القلب على ال تعالى بالخلوة مع خلوّ المعدة والقبال عليه تعالى والتنعم بذكره والعراض عما عداه. عنْها قال تْ" :كان النّبيّ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم إذا أَراد َأ نْ َيعْتكِ فَ صلى الْفجْر [رح ]4صصصص وعنها رضي اللّ هُ َ ل ُم ْعتَكَ َفةُ" ُمتّفقٌ عَلَيه. ثمّ َدخَ َ (وعنها) أي عائشة رضي ال عنها (قالت :كان النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه .متفق عليه. في دل يل على أن أوّل العتكاف ب عد صلة الف جر ،و هو ظا هر في ذلك ،و قد خالف ف يه من قال :إ نه يد خل المسجد قبل طلوع الف جر إذا كان معتكفا نهارا وق بل غروب الشمس إذا كان معتكفا ليلً وُأوّل الحد يث بأ نه كان يطلع الف جر و هو صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم في الم سجد ،و من ب عد صلته الف جر يخلو بنف سه في الم حل الذي أعده لعتكافه .قلت :ول يخفى بُعده فإنها كانت عادته صَلّى ال عََليْ ِه َوسَلّم أنه ل يخرج من منزله إل عند القامة. ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم َل ُيدْخلُ عليّ رأ سَهُ وهُو [رح ]5صصصص وعنها رضي اللّ ُه عنها قال تْ" :إن كان رسو ُ ت إل لحاجة إذا كان ُمعْتكفا" متفقٌ عليه واللفظ للبخاريّ. في المسجد فُأ َرجّلهُ ،وكان ل يدخل الْبي َ (وعنها) أي عائشة رضي ال عنها (قالت :إن كان رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ليُدخل عل يّ رأسه وهو في المسجد فأُرجّله وكان ل يدخل البيت إل لحاجة إذا كان معتكفا .متفق عليه واللفظ للبخاري). في الحديث دليل على أنه ل يخرج المعتكف من المسجد بكل بدنه ،وأن خروج بعض بدنه ل يضر. وفيه أنه يشرع للمعتكف النظافة والحلق والتزين. وعلى أن العمل اليسير من الفعال الخاصة بالنسان يجوز فعلها وهو في المسجد. وعلى جواز استخدام الرجل لزوجته.
19
وقوله" :إل لحا جة" يدل على أ نه ل يخرج المعت كف من الم سجد إل لل مر الضروري والحا جة ف سرها الزهري بالبول والغائط ،و قد ات فق على ا ستثنائهما واختلف في غيره ما من الحاجات ،كال كل والشرب ،وأل حق بالبول والغائط :جواز الخروج للفصد والحجامة ونحوهما. [رح ]6صصصص وعنْ ها ر ضي ال عنْ ها قالت" :ال سّنّ ُة على المُعت كف أ نّ ل يعودَ مريضا ،ول يشْهدَ جنازةً ،ول خرُ جَ لحاجَ ٍة إل لَ ما ل ُبدّ َل هُ ِمنْ هُ .ول اعتكاف إل ب صومٍ ،ول اعتكاف إل في يم سّ امرأ ًة ول يباشر ها ،ول ي ْ ح وقفُ آخرهِ. َمسْجدٍ جامع" روا ُه أَبو داودَ ول بأس برجاله إل أنّ الرّاج َ (وعن ها) أي عائ شة ر ضي ال عن ها (قالت :ال سنة على المعت كف أن ل يعود مريضا ول يش هد جنازة ول ي مس امرأة ول يباشرها ول يخرج لحاجة إل لما ل بد له منه) مما سلف ونحوه (ول اعتكاف إل بصوم ول اعتكاف إل فصي مسصجد جامصع .رواه أبصو داود ول بأس برجاله إل أن الراجصح وقصف آخره) مصن قولهصا "ول اعتكاف إل بصوم" وقال المصنف :جزم الدارقطني أن القدر الذي من حديث عائشة قولها" :ل يخرج إل لحاجة" وما عداه ممن دونها انتهى من فتح الباري وهنا قال :إن آخره موقوف. وفيه دللة على أنه ل يخرج المعتكف لشيء مما عينته هذه الرواية وأنه أيضا ل يخرج لشهود الجمعة وأنه إن فعل أيّ ذلك بطل اعتكافه وفي المسألة خلف كبير ولكن الدليل قائم على ما ذكرناه. وأ ما اشتراط ال صوم فف يه خلف أيضا وهذا الحد يث الموقوف دال على اشترا طه وف يه أحاد يث من ها في ن في شرطيته ومنها في إثباته والكل ل ينهض حجة إل أن العتكاف عرف من فعله صَلّى ال عََليْ ِه وَسَلّم ولم يعتكف إل صائما .واعتكافه في العشر الول من شوال الظاهر أنه صامها ولم يعتكف إل من ثاني شوال لن يوم العيد يوم شغله بالصلة والخطبة والخروج إلى الجبانة إل أنه ل يقوم بمجرد الفعل حجة على الشرطية. وأما اشتراط المسجد فالكثر على شرطيته إل عن بعض العلماء ،والمراد من كونه جامعا أن تقام فيه الصلوات وإلى هذا ذهصب أحمصد وأبصو حنيفصة .وقال الجمهور :يجوز فصي كصل مسصجد إل لمصن تلزمصه الجمعصة فاسصتحب له الشافعي الجامع وفيه مثل ما في الصوم من أنه صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم لم يعتكف إل في مسجده وهو مسجد جامع، ومن الحاديث الدالة عل عدم شرطية الصيام قوله: ن ال نبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم قال" :ل يس على المعت كف [رح ]7صصصص و عن ا بن عبّاس ر ضي ال عنه ما أ ّ ي والحاكم والراجح وقفه أيضا. ن يجعلَ ُه على نفسه" رواه الدارقطن ّ صيامٌ إل أَ ّ على ا بن عباس ،قال البيه قي :ال صحيح أ نه موقوف ورف عه و هم .قلت :وللجتهاد في هذا م سرح فل يقوم دليلً على عدم الشرطية .وأما قوله" :إل أن يجعله على نفسه" فالمراد أن ينذر الصوم. [رح ]8صصصص وعن ابن عمر رضي ال عنهما أنّ رجالً من أصحاب النّبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ُأرُوا ليْلة الْقدرِ في المنام في ال سّبع الوا خر ،فقال ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم" :أُرَى رُؤياكُ مْ قدْ تواطأَ تْ في ال سبّع سبْع الواخرِ" ُمتّفقٌ عليه. حرّهَا في ال ّ ن ُم َتحَرّيها فَ ْليَ َت َ ن كا َ الواخِر فَمَ ْ (وعن ابن عمر رضي ال عنهما أن رجالً من أصحاب النبي صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم) قال المصنف :لم أقف على ت سمية أ حد من هؤلء وقولهُ( :أرُوا) ب ضم الهمزة على البناء للمجهول (ليلة القدر في المنام) أي ق يل ل هم في المنام هي في ال سبعِ الوَا خر ،فقال ر سول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم" :أرى ب ضم الهمزة أي ظن (رؤيا كم قدْ تواطأَت) أي تواف قت لفظا ومع نى" ( في ال سبع الوا خر ف من كان متحري ها فليتحر ها في ال سبع الوا خر :مت فق عليه) وأخرج مسلم من حديث ابن عمر مرفوعا "التمسوها في العشر الواخر فإن ضعف أحدكم أو عجز فل يغل بن على السبع البوا قي" وأخرج أح مد" :رأى رجل أن ليلة القدر سبع وعشر ين أو كذا وكذا" قال النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم" :التمسوها في العشر البواقي في الوتر منها" وروى أحمد من حديث عل يّ مرفوعا "إن غلبتم فل تغلبوا على السصبع البواقصي" وجمصع بيصن الروايات بأن العشصر للحتياط منهصا وكذلك السصبع والتسصع لن ذلك هصو المظنة وهو أقصى ما يظنّ فيه الدراك. وفي الحديث دليل على عظم شأن الرؤيا وجواز الستناد إليها في المور الوجودية بشرط أن ل تخالف القواعد الشرعية. [رح ]9صصصص وَعَ نْ مُعاو ية بن أَ بي سُفيان ر ضي اللّ هُ عنه ما عن النّبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم قالَ في ليلةِ ن ق ْولً َأ ْو َردْتُها في ال َقدْر :ليْل ُة سبْع وعشر ين" َروَا ُه أَ بو داود والرّاج حُ َوقْفُ هُ ،وقد اختلف في تعيينها على َأرْبعي َ "فتح الباري".
20
(و عن معاو ية بن أ بي سفيان ر ضي ال عنه ما عن ال نبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قال في ليلة القدرَ" :ليْلة سبع وعشر ين" رواه أ بو داود) مرفوعا (والرا جح وق فه) على معاو ية وله ح كم الر فع (و قد اختلف في تعيين ها على أربع ين قول ،أوردت ها في ف تح الباري) ول حا جة إلى سردها لن من ها ما ل يس تعيين ها كالقول بأن ها رف عت، والقول بإنكارها من أصلها ،فإن هذه عدّها المصنف من الربعين وفيها أقوال أخر ل دليل عليها. وأظهر القوال أنها في السبع الواخر ،وقال المصنف في فتح الباري بعد سرده القوال :وأرجحها كلها أنها في وتصر العشصر الواخصر وأنهصا تنتقصل ،كمصا يفهصم مصن حديصث هذا الباب وأرجصا أوتار العشصر عنصد الشافعيصة إحدى وعشرون أو ثالث وعشرون على ما في حدي ثي أ بي سعيد وع بد ال بن أ نس وأرجا ها ع ند الجمهور ليلة سبع وعشرين. عنْ عائشةَ رضي ال عنْها قالتْ :قلْتُ :يا رسولَ اللّهِ أَرأَيتَ إنْ عِلمْتُ أي ليْل ٍة َليْلَةُ ال َقدْر ما [رح ]10صصصص و َ أَقول فيها؟ قال" :قُولي :اللهمّ إنّك عفُ ّو تُحبّ ا ْلعَفْو فاعْف عَني" رواه الخم سة غير أبي داود وصحّحه التّرمذي والحاكمُ. قيل :علماتها أن المطلع عليها يرى كل شيء ساجدا ،وقيل :يرى النوار في كل مكان ساطعة حتى المواضع المظلمة ،وقيل :يسمع سلما أو خطابا من الملئكة ،وقيل علمتها استجابة دعاء من وقعت له. وقال الطبري :ذلك غير لزم فإنها قد تحصل ول يرى شيئا ول يسمع. واختلف العلماء هل ي قع الثواب المتر تب ل من ات فق أ نه وافق ها ولم يظ هر له ش يء أو يتو قف ذلك على كشف ها؟ ذ هب إلى الول ال طبري وا بن العر بي وآخرون ،وإلى الثا ني ذ هب الكثرون ويدل له ما و قع ع ند م سلم من حديصث أبصي هريرة بلفصظ "مصن يقصم ليلة القدر فيوافقهصا" قال النووي :أي يعلم أنهصا ليلة القدر ويحتمصل أن يراد أن يوافقها في نفس المر وإن لم يعلم هو ذلك ورجح هذا المصنف قال :ول أنكر حصول الثواب الجزيل لمن قام لبتغاء ليلة القدر وإن لم يوافق لها وإنما الكلم في حصول الثواب المعين الموعود به وهو مغفرة ما تقدم من ذنبه. ل رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم" :ل ُتشَدّ الرّحالُ إل ع نْ أَبي سعيدٍ رضي ال ع ْن هُ قال :قا َ [رح ]11صصصص و َ ق عليه. إلى ثلثةِ َمسَاجد :المسْجدِ الْحرام ومسجدي هذا والمسجد القصى" متف ٌ (عن أبي سعيد الخدري رضي ال عنه قال :قال رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم" :ل تشد) بضم الدال المهملة على أ نه ن في ويروى ب سكونها على أ نه ن هي (الرحال) ج مع ر جل و هو للبع ير كال سرج للفرس وشده ه نا كنا ية عن السفر أنه لزمه غالبا (إل إلى ثلثة مساجد :المسجد الحرام) أي المحرم (ومسجدي وهذا والمسجد القصى" متفق عليه) اعلم أن إدخال هذا الحديث في باب العتكاف لنه قد قيل ل يصح العتكاف إل في الثلثة المساجد ثصم المراد بالنفصي النهصي مجازا كأنصه قال :ل يسصتقيم شرعا أن يقصصد بالزيارة إل هذه البقاع لختصصاصها بمصا اختصت به من المزية التي شرفها ال تعالى بها. والمراد من المسجد الحرام هو الحرم هو الحرم كله لما رواه أبو داود الطيالسي من طريق عطاء :أنه قيل له هذا الفضل في المسجد الحرام وحده أم في الحرم؟ قال" :بل في الحرم كله" ولنه لما أراد صلى ال تعالى عليه وعلى آله وسلم التعيين للمسجد قال" :مسجدي هذا". والمسجد القصى بيت المقدس سمي بذلك لنه لم يكن وراءه مسجد كما قاله الزمخشري. والحد يث دل يل على فضيلة الم ساجد هذه ودل بمفهوم الح صر أ نه يحرم شد الرحال لق صد غ ير الثل ثة كزيارة الصالحين أحياء وأمواتا لقصد التقرب ولقصد المواضع الفاضلة لقصد التبرك بها والصلة فيها وقد ذهب إلى هذا الشيخ أبو محمد الجويني وبه قال القاضي عياض وطائفة ،ويدل عليه ما رواه أصحاب السنن من إنكار أبي ب صرة الغفاري على أ بي هريرة خرو جه إلى الطور وقال :لو أدرك تك ق بل أن تخرج ما خر جت ،وا ستدل بهذا الحديث؛ ووافقه أبو هريرة. وذ هب الجمهور إلى أن ذلك غ ير محرّم وا ستدلوا ب ما ل ين هض وتأوّلوا أحاد يث الباب بتأو يل بع يد ول ينب غي التأويل إل بعد أن ينهض على خلف ما أولوه الدليل. وقد دل الحديث على فضل المساجد الثلثة وأن أفضلها المسجد الحرام لن التقديم ذكرا يدل على مزية المقدم ثم مسجد المدينة ثم المسجد القصى. وقد دل لهذا أيضا ما أخر جه البزار وحسن إسناده من حد يث أبي الدرداء مرفوعا "الصلة في المسجد الحرام بمائة ألف صصلة والصصلة فصي مسصجدي بألف صصلة والصصلة فصي بيصت المقدس بخمسصمائة صصلة" وفصي معناه أحاديث أخر. 21
ثم اختلفوا هل ال صلة في هذه المساجد تع مّ الفرض والن فل أو ت خص الول :قال الطحاوي وغيره :إنها ت خص بالفروض لقوله صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم" :أف ضل ال صلة صلة المرء فصي بي ته إل المكتو بة" ول يخ فى أن ل فظ الصلة المعرف بلم الجنس عام فيشمل النافلة إل أن يقال :إن لفظ الصلة إذا أطلق ل يتبادر منه إل الفريضة. فل يشملها .وال أعلم.
22