حوار الرسل في القرآن.docx

  • Uploaded by: Ainil Syakirah
  • 0
  • 0
  • December 2019
  • PDF

This document was uploaded by user and they confirmed that they have the permission to share it. If you are author or own the copyright of this book, please report to us by using this DMCA report form. Report DMCA


Overview

Download & View حوار الرسل في القرآن.docx as PDF for free.

More details

  • Words: 8,603
  • Pages: 13
‫حوار الرسل يف القرآن‬ ‫قراءة تحليلية‬ ‫تقديم‪:‬‬ ‫بسم هللا الرحمان الرحيم‪ ،‬الحمد هلل والصالة والسالم عىل رسول هللا وآله وصحبه وبعد‪ ،‬يرتبط الحوار ارتباطا وثيقا بقضية‬ ‫الت كانت غالبا ما‬ ‫العقيدة والفكر‪ ،‬وقد جاءت الرساالت السماوية من منبعها الموحد‬ ‫ي‬ ‫الصاف‪ ،‬دون اعتبار للتجارب التاريخية؛ ي‬ ‫التعبيات الشخصية الخاصة‬ ‫واإلنسان الشامل إىل‬ ‫اإليمان‬ ‫الطابع‬ ‫تشوش الرؤية الواضحة لقضية المعتقد؛ ألنها كانت تخرج عن‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫بكل فريق‪.‬‬ ‫وطبع هذه التوجهات غالبا طابع األنانية؛ والعصبية؛ والرؤية الضيقة للكون‪ ،‬لذا نرى أنه من الضوري يف عضنا أن نعود إىل أصل‬ ‫ما جاءت به الرسالة التوحيدية؛ ال يت اجتمع حولها رسل هللا‪.‬‬ ‫وتمض ًنحو غاية موحدة‪ .‬والتنوع واالختالف ضورة كونية تلزم اإلنسان‬ ‫فلكل أمة رسول‪ ،‬لكن اإلنسانية تجتمع ف أصل واحد‪،‬‬ ‫َ َ ْ َ يَ َ ُّ َ َ َ َ َ َّ َ ُي َّ َ َ ً َ َ َ َ ُ َ‬ ‫ون ُم ْخ َتلف َ‬ ‫ي ﴾[‪.]1‬‬ ‫احدة وَل يزال‬ ‫ِِ‬ ‫ضورة استمرار منطق الحور‪ ﴿ ،‬ولو شاء ربك لجعل الناس أمة و ِ‬ ‫ه‪ :‬التعارف والتكامل بي جميع األجناس واألعراق‪ ،‬وهذا طريق رسل القرآن من آدم إىل‬ ‫والغاية والمقصد من هذا االختالف ي‬ ‫َ َ ُّ َ ر َّ ُ َّ َ َ ْ َ ُ ِّ َ َ َ ُ ََ ٰ َ َ َ ْ َ ُ ْ ُ ُ ً َ َ َ َ َ َ َ ُ َّ‬ ‫أجمعي‪ ،‬قال تعاىل‪ ﴿ :‬يا أيها الناس ِإنا خلقناكم من ذك ٍر وأنث وجعلناكم شعوبا وقب ِائل ِلتعارفوا ِإن‬ ‫َمحمد صىل هللا َعليهم وسلم‬ ‫ر‬ ‫َ ه َْ ُ‬ ‫ْ َ ُْ‬ ‫مختلفي؛ ليقع التعارف والتحاور والتفاعل بينهم‪.‬‬ ‫اَّلل أتقاك ْم ۚ ﴾[‪،]2‬فاهلل خلق الناس‬ ‫أ ك َرمكم ِعند ِ‬ ‫ر‬ ‫ه توحيد هللا‪.‬‬ ‫والجميع من أصل واحد‪ ،‬ومن روح واحدة‪ ،‬ونزلوا نحواألرض؛ لتكون لهم غاية واحدة ي‬ ‫ولتقرير رسالة التوحيد‪ ،‬بعث هللا جميع الرسل مرشدين أقوامهم إىل حقائق الكون؛ لينطلقوا منها‪ ،‬ويحققوا غاية خلقهم‪.‬‬ ‫المخاطبي نحو طريق الرشاد‪.‬‬ ‫عي الزمان والمكان جاءت لخدمة هذه الغاية‪ ،‬وإلرشاد‬ ‫فكل الرسائل السماوية ر‬ ‫ر‬ ‫وكل رسالة سماوية تؤكد ما جاءت به سابقتها‪ ،‬حيث تدرج الرسل عليهم السالم يف إبالغ مراد هللا‪ ،‬وتواصلوا كما سطر القرآن‪،‬‬ ‫وتوحدوا يف أصل التوحيد‪.‬‬ ‫الت سبقته وامتدت إىل زمانه‪ ،‬يصدقها‬ ‫ثم تنوعوا يف فروع العمل حسب ر‬ ‫صيورة اإلنسان‪ ،‬فالقرآن يصدق ما ربي يديه من الديانات ي‬ ‫تغيت الحاجة جاء طور من الديانة جديد يتفق‬ ‫الت جاءت بها الرسل مناسبة لزمانهم‪ ،‬وكلما ر‬ ‫يف أصولها‪ ،‬فهو صورة من صور الحق ي‬ ‫الكبي [‪.]3‬‬ ‫يف أصله ويختلف يف فروعه تدرجا مع الحاجات‪ .‬مع تصديق الالحق للسابق يف أصل الوحدانية‬ ‫ر‬ ‫اإليمان الخاص‪ ،‬نحو‬ ‫الكيى لرسالة السماء؛ ليخرج من موقعه‬ ‫وباتخاذ سبيل الحوار يكون المؤمن قد استوعب حقيقة األصول ر‬ ‫ي‬ ‫مواجهة رس استخالفه يف األرض‪ ،‬ويرتبط بأصوله المادية والمعنوية‪ ،‬فاإلنسان عبد هلل بتنوع زوايا النظر‪.‬‬ ‫اإلنسان‪ ،‬فالحوار له أصول ومنطلقات وجودية وإيمانية‪ ،‬تحتم عىل اإلنسان احيامها‬ ‫وهذا التنوع ال يكون حاجزا أمام التواصل‬ ‫ي‬ ‫واالنطالق منها للتواصل مع اآلخر؛ ألن الغاية من هذا هو التخلص من التعصب‪ ،‬والهوى الذي يعج به واقعنا‪ ،‬والذي يؤدي إىل‬ ‫التصادم والخراب‪.‬‬ ‫الت تجتمع يف أصل التوحيد‪ ،‬أو ربي فرق الدين الواحد‪ ،‬فكيف يكون التواصل ربي أقوام‬ ‫وإذا استحال التواصل ربي أهل الديانات ي‬ ‫وشعوب أخرى تتنكر ألصل الربوبية‪ ،‬وتحيد عن منبع الديانة اإلبراهيمية!‬ ‫ر‬ ‫الت دفعتنا‬ ‫ومذهت؛‬ ‫ديت؛‬ ‫وطائف‪ ،‬كفيلة بأن تؤكد نظرتنا ي‬ ‫ي‬ ‫ري‬ ‫ولعل نظرة متأملة لتاري خ البشية‪ ،‬وما سطرته من أحداث دموية‪ ،‬وغلو ي‬ ‫لكتابة هذا المقال‪.‬‬ ‫وهذه التجارب التاريخية إنما ه إسقاط للحزبية والعصبية العمياء؛ الت ُ‬ ‫الصاف‪.‬‬ ‫تحول ربي اإلنسان وحقيقة التوحيد السماوي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫وهذا ُمروق عن أصل الدين تحت عناوين وشعارات مختلفة‪ُ ،‬‬ ‫يبعد أن تصل إىل مقصد التوحيد برؤية متكاملة‪ ،‬وأن تفهم رسالة‬ ‫رسل القرآن‪.‬‬ ‫وينطلق حوار رسل القرآن عىل أساس جوهري‪ :‬اإليمان بكل الرساالت السماوية‪ ،‬واالعياف بها؛ ألنه ال يمكن االستنكاف عن‬ ‫حقيقة التعددية‪ ،‬كما ال يمكن إنكار حقيقة تواتر الرسل‪.‬‬

‫فاإلنسان امتداد ألديان سابقة‪ ،‬واإلسالم استوعب هذه الديانات كلها باعتباره خاتم األديان‪ ،‬واإلنسان المؤمن ُيسلم بأن هللا هو‬ ‫ر‬ ‫األكي لتوجهه ف الحياة وفق منهجه ر‬ ‫ورسيعته‪.‬‬ ‫شء‪ ،‬وهذا هو العنوان‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫مصدر كل ي‬ ‫وب هذا يكون القرآن الكريم تتويجا للتواصل ر‬ ‫ويستعرض ملخص الرساالت‬ ‫الت‬ ‫البشي‪ ،‬فهو يعيف بالحقائق الكونية‪،‬‬ ‫السماوية؛َ َ ي‬ ‫ُ ْ َ َ ْ َ ْ َ‬ ‫َ َ َ ْ َٰ َ َ َ َ َْ‬ ‫اب تعُالوا ِإَل ك ِلم ٍة َ َّسو ٍاء بيننا‬ ‫اف بهذا األصل‪َ ،‬قال تعاىل‪ ﴿ :‬قل يا أهل الكت‬ ‫ويدعوا أتباعه إىل االعي‬ ‫تجتمع ف أصل التوحيد‪،‬‬ ‫ه َ َ َِ ه ْ ِ َ ُ‬ ‫ُ ْ ُ َ‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫َ ْ ً َ َ َ َّ َ َ ْ ُ َ َ ْ ً ْ َ ً ِّ ُ‬ ‫َ َ ْ َ ُ ْ َ ي َّ َ ْ ُ َ َّ ه َ َ َ ُ ْْ َ‬ ‫اَّلل ۚ ف ِإن تولوا فقولوا اشهدوا ِبأنا مس ِلمون‬ ‫ن‬ ‫َل‬ ‫و‬ ‫وبينكم أَل نعبد ِإَل اَّلل‬ ‫شك ِب ِه شيئا وَل يت ِخذ بعضنا بعضا أربابا من دو ِن ِ‬ ‫ِ‬ ‫﴾"[‪.]4‬‬ ‫وقد أرسل هللا تعاىل رسال ف كل أمة؛ ليبينوا للناس الطريق ر‬ ‫وليشدوهم إىل سبيل السعادة يف الدارين‪.‬‬ ‫الخي‪ ،‬ر‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ُ ُ‬ ‫ََ ْ َ َْ‬ ‫هَ ْ َ‬ ‫ً َ ْ ُ‬ ‫َّ ُ َ‬ ‫اَّلل َواجت ِن ُبوا الطاغوت﴾[‪]5‬؛ لذا استخدم الرسل سالم هللا‬ ‫ثم ربي هللا تعاىل ذلك بقوله‪َ ﴿:‬ولقد ب َعثنا ِ يف ك ِّل أ َّم ٍة َّر ُسوَل أ ِن اع ُبدوا‬ ‫عليهم أسلوب الحوار يف دعوتهم إىل هللا‪.‬‬ ‫المحور األول‪ :‬حوار نوح عليه السالم‪:‬‬ ‫َ َ َ ْ َْ َ َْ ُ ً َ َ‬ ‫ِّ َ ُ ْ َ ٌ ُّ ٌ َ ا َ ْ ُ ُ ا ه‬ ‫اَّلل َۖ‬ ‫ْ‬ ‫حاور نوح عليه السالم قومه َ من أجل عبادة هللا‪ ،‬قال تعاىل‪ ﴿:‬ولقد أرسلنا نوحا ِإ َٰل قو ِم ِه ِإ ين لكم ن ِذير م ِبي أن ال تعبدوا ِإال‬ ‫إ رن َأ َخ ُ‬ ‫اف َع َل ْي ُك ْم َع َذ َ‬ ‫اب َي ْو ٍم أ ِل ٍيم ﴾ [‪.]6‬‬ ‫ِ ي‬ ‫اليهان‬ ‫حيث سلك عليه السالم مختلف األساليب يف حواره؛ لغاية اإلقناع‬ ‫والتأثي‪ ،‬وانتقل من أسلوب اليغيب إىل التحبيب‪ ،‬ثم ر‬ ‫ر‬ ‫[‪.]7‬‬ ‫ُُْ‬ ‫ه َ َ َ ُ ِّ ْ َ ٰ َ ْ ُ ُ‬ ‫(إن أخاف عليكم) إشعار‬ ‫قال محببا إياهم‪ ﴿:‬اعبدوا اَّلل ما لكم من ِإل َٰ ٍَٰه غيه ﴾[‪ ،]8‬ثم تقرب إليهم؛ ليقبلوا دعوته‪ ،‬فقوله‪ :‬ي‬ ‫برحمته لهم وشفقته عليهم‪.‬‬ ‫ْ َْ‬ ‫ومن أجل ذلك يدعوهم إىل اإليمان باهلل تعاىل وحده ال ر‬ ‫استغ ِف ُروا‬ ‫إن استجابوا‪ ،‬قال‪﴿ :‬‬ ‫واليكة‬ ‫الخي ر‬ ‫رسيك له [‪ ،]9‬ويرغبهم ه ُ يف نيل ر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ َ َ َ ْ ُ ِّ ْ َ ً ُ ْ ْ ُ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ ُ ْ َّ ُ َ َ َ َّ ً ُ ْ‬ ‫ات ويج َعل لك ْم أنه ًارا﴾[‪.]10‬‬ ‫ربكم ِإنه كان غفارا ير ِس ِل السماء عليكم مدرارا ويم ِددكم ِبأمو ٍال وب ِن ري ويجعل لكم جن ٍ‬ ‫والجنان‪.‬‬ ‫كما مناهم ربيكات السماء من هللا تعاىل المنبت للزرع؛ والممد باألموال؛ واألوالد؛ ِ‬ ‫َ َ ْ َُ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ َ‬ ‫ال ال َمَل ِمن ق ْو ِم ِه ِإنا ل َياك‬ ‫حكيم يخضع للمنطق القويم‪ ﴿:‬ق‬ ‫لكن لألسف رد عليه القوم بشكل قوي قاس‪ ،‬رغم ذلك قابلهم بقول‬ ‫َ َ َ ٌ َ ر َ ُ ٌ ر ا ر ْ َ َ َ ُ َ ِّ ُ ُ َ َ‬ ‫َ ر َ َ ُ َ ُْ َ َُْ َ ه َ َ ََُْ َ‬ ‫ف َض ََلل ُّمبي َق َ‬ ‫ال َيا َق ْوم َل ْي َ‬ ‫اَّلل ما ال تعلمون‬ ‫س ِر ين ضاللة ول ِك يت رسول من رب العال ِم‬ ‫ي أبلغك ْم ِرساال ِت ر ر ين وأنصح لكم وأعلم ِمن ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫َِ يَ َ ْ ُ ٍ ْ َ ِ ٍ َ َ ُ ْ ْ ٌ ر ا ر ُ ْ َ َ َ ُ ر ُ ْ ُ ُ‬ ‫َاُ‬ ‫َه ُْ ُْ َ ُ َ‬ ‫ون ﴾[‪.]11‬‬ ‫نذ َرك ْم ِولتتقوا ولعلكم ترحم‬ ‫أو ع ِجبتم أن جاءكم ِذكر من ربكم عىل رج ٍل منكم ِلي ِ‬ ‫ولكت‬ ‫إنت لم آمركم بما أمرتكم به من باب الضالل‪ ،‬فلست ضاال كما تزعمون‪،‬‬ ‫ي‬ ‫هكذا رد نوح عىل اتهام قومه له حيث حاورهم قائال‪ :‬ي‬ ‫أرسلت إليكم ألبلغكم رساالته وأنصح لكم‪ ،‬وأحذركم عذابه‪ ،‬عىل كفركم وتكذيبكم‪ ،‬وأعلم من هللا ما ال‬ ‫العالمي‪،‬‬ ‫رسول من رب‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫المجرمي[‪.]12‬‬ ‫تعلمون‪ ،‬وأن عقابه ال يرد عن القوم‬ ‫ر‬ ‫ولك تتقوا عقاب هللا‬ ‫وبعد هذا قال لهم‪ :‬أوعجبتم أن جاءكم‬ ‫ر‬ ‫التذكي من هللا مع رجل منكم؛ لينذركم بأس هللا‪ ،‬ويخوفكم عقابه‪ ،‬ي‬ ‫وليحمكم ربكم إن فعلتم ذلك [‪.]13‬‬ ‫وبأسه باإليمان به؛ وطاعته؛ ر‬ ‫الت‬ ‫هكذا يتلطف نوح سالم هللا عليه يف نصحه لقومه‪ ،‬ليلمس وجدانهم‪ ،‬ر‬ ‫ويثي أحاسيسهم إلدراك األمور الخفية؛ والخصائص ي‬ ‫يغفلون عنها يف أمر الرسالة‪.‬‬ ‫يبتغ به أجرا َدنيويا قال‬ ‫وليبضهم بأن األمر ليس موكوال إىل الظواهر السطحية الت يقيسون بها [‪ ،]14‬ويبي لهم أن‬ ‫نصحه لهم َ ُال ِّ ي‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ْ َ َ ْ َ ُ ُ ْ َ َ ْ َ ً ْ َ ْ َ ي َّ َ َ ه َ َ َ َ َ ر ه َ َ ُ‬ ‫َ ِّ‬ ‫َّ ُ‬ ‫آمنوا ۚ ِإنهم ُّمَلقو َرب َٰ ِه ْم َول َٰٰ َِٰك يث أ َراك ْم‬ ‫اَّلل ۚ وما أنا ِبط ِار ِد ال ِذين‬ ‫َسالم هللا‬ ‫عليه‪ ﴿:‬ويا قو ِم َل أسألكم علي ِه ماَل ۖ ِإن أج ِري ِإَل عَل ِ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ق ْو ًما ت ْج َهلون ﴾[‪.]15‬‬ ‫وف هذا تبيان لهم أنه ال يريد نفعا دنيويا‪ ،‬فال يسألهم عن ما جاء به ماال يعطونه إياه‪ ،‬فلماذا يتهمونه حت يقطعوا بأنه كاذب؟‬ ‫ي‬ ‫وجملة‪( :‬إن أجري إال عىل هللا) احياس؛ ألنه لما نف أن يسألهم ماال‪ ،‬والمال أجر‪ ،‬نشأ توهم أنه ال يسأل جزاء عىل الدعوة‪ ،‬فجاء‬ ‫العبارتي يف قوله (ماال) و(أجري) تفيد أنه ال يسأل من هللا ماال؛ لكنه يسأل‬ ‫بجملة‪( :‬إن أجري إال عىل هللا) احياسا‪ ،‬والمخالفة ربي‬ ‫ر‬ ‫ثوابا‪.‬‬ ‫واألجر‪ :‬العوض عن العمل‪ ،‬ويسىم ثواب هللا أجرا؛ ألنه جزاء عىل العمل الصالح [‪.]16‬‬

‫َ َ َ َ َّ َ َْ ِّ ْ َ َ َ َ َ َ َ َّ َ َ َ َّ ه َ ُ ْ َ َ ُ َ َ َ َّ ْ‬ ‫ً‬ ‫ي‬ ‫لكن قومه استمروا ف عنادهم ولم‬ ‫يعبؤوا لذلك ر‬ ‫قائلي‪ ﴿:‬ما نراك ِإَل بشا مثلنا وما نراك اتبعك ِإَل ال ِذين هم أر ِاذلنا ب ِادي الرأ ِ‬ ‫َو َما َن َر ٰى َل ُك ْم َع َل ْي َنا مين َف ْضل َب ْل َن ُظ ُّن ُك ْم َكاذب َ‬ ‫ي﴾[‪ ،]17‬فهم ينظرون إليه ‪ -‬سالم هللا عليه ‪ -‬بمعايرهم المادية‪ :‬المال؛ والجاه؛‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِِ‬ ‫الت ال يتمتع بها المتبعون لنوح‪.‬‬ ‫االجتماعية؛‬ ‫والمكانة‬ ‫ي‬ ‫ُّ‬ ‫َََ ََ ه َ‬ ‫َ ه‬ ‫لكنه قابل قولهم بسؤال منطف‪َ ﴿:‬و َيا َق ْوم َمن َي ُ ُ‬ ‫اَّلل ِإن َط َردت ُه ْم ۚ أفَل تذك ُرون ﴾[‪.]18‬‬ ‫نُص ِ ين ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫المستضعفي هم من يرد كيدهم وظلمهم‪.‬‬ ‫والت ال غاية منها البتة سوى الثواب الربا ين‪ ،‬وأن‬ ‫دعوته‪،‬‬ ‫وهذا رد يؤكد من خالله كنه‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫َ َ ُ ه َ َ َْ‬ ‫ََ َُ ُ َ ُْ‬ ‫اَّلل َوَل أعل ُم‬ ‫اهي‬ ‫ند ِّي خًز ِ هائن ِ‬ ‫ولرد تهمة الكذب القاسية‪ ،‬قال نوح مستعرضا ر‬ ‫الي ر‬ ‫الواضحة والحجج َ الدامغة‪ َ ﴿ َ :‬وَل أقول َ ل ُكم ِع ِ‬ ‫ْ َ ْ َ َ َ َ ُ ُ ِّ َ َ ٌ َ َ َ ُ ُ ه َ َ ْ َ َ ْ ُ ُ ُ ْ َ ُ ْ َ ُ ُ ه ُ ْ ً ه ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫اَّلل أعل ُم ِب َما ِ يف أنف ِس ِه ْم ۖ ِإ ين ِإذا ل ِمن‬ ‫الغيب وَل أقول ِإ ين ملك وَل أقول ِلل ِذين تزد ِري أعينكم لن يؤ ِتيهم اَّلل خيا ۖ‬ ‫ه‬ ‫الظالم َ‬ ‫ي﴾[‪.]19‬‬ ‫ِِ‬ ‫حيث أكد مرة أخرى أنه رسول من هللا يدعو إىل عبادة هللا وحده ال ررسيك له‪ ،‬بعدما أذن هللا له بذلك‪.‬‬ ‫ويخيهم أنه ال قدرة له عىل‬ ‫وأنه ال يسألهم عن ذلك أجرا‪ ،‬بل هو يدعو من لقيه من ررسيف ووضيع‪ ،‬فمن استجاب له فقد نجا‪،‬‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫بملك من المالئكة‪ ،‬بل هو ر‬ ‫بش ُمرسل مؤيد بالمعجزات‪،‬‬ ‫التضف يف خزائن هللا وال يعلم الغيب إال ما أطلعه هللا عليه‪ ،‬وليس هو‬ ‫مؤمني باطنا كما هو‬ ‫وال يقول عن هؤالء الذين تحتقرونهم إنهم ليس لهم ثواب عىل أعمالهم‪ .‬هللا أعلم بما يف أنفسهم‪ ،‬فإن كانوا‬ ‫ر‬ ‫الظاهر من حالهم فلهم الجزاء [‪.]20‬‬ ‫هكذا استمر نوح ف حواره سالم هللا عليه‪ ،‬ولم يمل حت أظهروا تأففهم‪ ،‬وظهر له أن طريق الحوار مسدود بقولهم‪َ ﴿:‬ق ُالوا َيا ُن ُ‬ ‫وح‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ْ َ يَ َ َ َ َ ْ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫نت م َن َّ‬ ‫الصادق َ‬ ‫ي﴾[‪.]21‬‬ ‫قد جادلتنا فأ ك َ ْيت ِجدالنا فأ ِتنا ِب َما ت ِعدنا ِإن ك‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ هُ ُ ُ َ ُْ َ ُ‬ ‫ْ َ َ ُّ َ ْ َ َ َ َ ُ‬ ‫ََ َ َ ُ ُْ ُ ْ‬ ‫اَّلل ي ِريد أن يغ ِويك ْم ۚ‬ ‫نصح لك ْم ِإن كان‬ ‫ح ِإن أردت أن أ‬ ‫وحينما أقفلوا ُباب‬ ‫الحوار؛ أنىه حواره بهدوء تام قائال‪ ﴿ :‬وَل ينفعكم نص ِ ي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُه َو َر ُّبك ْم َوإل ْي ِه ت ْر َج ُعون﴾[‪.]22‬‬ ‫ِ‬ ‫نخلص من حوار نوح عليه السالم لقومه إىل النتائج التالية‪:‬‬ ‫• قوة العزيمة واإلرادة لدى نوح عليه السالم‪ :‬إذ ظل يدعو قومه بالحكمة؛ والموعظة الحسنة زمنا طويال دون ملل‪.‬‬ ‫• التنوي ع من طرق وأساليب الحوار‪ :‬دعاهم رسا وعالنية‪ ،‬ليال ونهارا‪ ،‬ترهيبا وترغيبا‪.‬‬ ‫• الثقة بالنفس‪ :‬لم يكيث نوح عليه السالم بسخرية قومه‪ ،‬بل استمر يف طريق الحوار بكل هدوء وثقة‪ ،‬فرغم سخرية قومه‪،‬‬ ‫وتهديدهم‪ ،‬مض نوح يف طريق الحوار؛ ليبلغ مقصده‪ ،‬وهو‪ :‬إقرار عقيدة الوحدانية‪.‬‬ ‫• الهدوء ونبذ التعصب‪ :‬وتظهر هذه الخصلة لما بدأ القوم المعاندين سخريتهم‪ ،‬وتهكمهم به عندما ررسع يف صناعة السفينة بأرض‬ ‫قاحلة ال ماء بها‪ ،‬حيث رموه بالجنون‪ ،‬لكنه صنع السفينة بصدر رحب ونفس مطمئنة إىل نض هللا‪ ،‬ومبعث هذه العزيمة القوية‬ ‫الت حاور ألجلها قومه‪.‬‬ ‫قوة إيمانه باهلل‪ ،‬وشدة وثوقه بقضيته؛ ي‬ ‫الثان‪ :‬حوار هود عليه السالم‪:‬‬ ‫المحور ي‬ ‫حاور هود قومه من أجل إفراد هللا بالعبادة؛ واتباع أوامره‪ ،‬مرغبا إياهم تارة‪ ،‬ومرهبا أخرى‪.‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ َ َ ُ‬ ‫غي هللا‪َ ﴿ ،‬ما لكم ِّمن ِإل َٰٰ ٍَٰه غ ْ ُيه ﴾[‪ ،]23‬كما بدأ‬ ‫واستهل حواره بدعوة التوحيد عىل عادة الرسل‪ ،‬حيث نف أن يكون لهم رب ر‬ ‫ويكتس طابع اليغيب‪.‬‬ ‫بأسلوب رلي‪ ،‬يطبعه طابع النصح والشفقة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫َ َ ْ ْ َ ْ ُ َ َّ ُ ْ ُ َّ ُ ُ‬ ‫الس َم َاء َع َل ْي ُكم ِّم ْد َر ًارا َو َيز ْد ُك ْم ُق َّو ًة إ َ َٰل ُق َّوت ُك ْم َو ََل َت َت َو هل ْوا ُم ْجرم َ‬ ‫وبوا إ َل ْيه ُي ْرسل َّ‬ ‫ي﴾[‪.]24‬‬ ‫قال لهم‪ ﴿ :‬ويا قو ِم استغ ِفروا ربكم ثم ت‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المنطف‪.‬‬ ‫فبذكره لنعم الخالق؛ قابل هود ما أمدهم به هللا بما يكسبونه من أصنامهم عىل طريق االستدالل‬ ‫ي‬ ‫فاهلل هو الذي خلقكم‪ ،‬ورزقكم‪ ،‬وأحياكم‪ ،‬ويميتكم‪ ،‬ومكن لكم يف األرض‪ ،‬وأنبت لكم الزرع‪ ،‬وبسط لكم يف الرزق والجسم‪.‬‬ ‫الت ال تنفع وال تض‪.‬‬ ‫إذن‪ :‬هو المستحق للعبادة‪ ،‬ال األصنام ي‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫َ َ َ َ َُ ُ َ َ َ ْ‬ ‫شبهة َ الطمع‪ ،‬أبلغهم أنه ال يريد من دعوتهم ال جزاء وال شكورا‪ ،‬قال‪ ﴿ :‬يا ق ْو ِم َل أ ْسألك ْم عل ْي ِه أج ًرا ۖ ِإن أج ِر َي ِإَل‬ ‫وليبعد عن َ نفسه‬ ‫َ ه‬ ‫َََ‬ ‫ُ َ‬ ‫َعَل ال ِذي ف َط َر ِ ين ۚ أفَل ت ْع ِقلون ﴾[‪.]25‬‬ ‫‪ُ ُ َ ُ َ :‬‬ ‫ود َما ج ْئ َت َنا ب َب ِّي َنة َو َما َن ْح ُن ب َتارك آل َهت َنا َعن َق ْول َك َو َما َن ْح ُن َل َك ب ُم ْؤمن َ‬ ‫ي‬ ‫اهي قابلوا قوله بقولهم ﴿ قالوا يا ه‬ ‫لكنهم رغم هذه ر‬ ‫الي ر‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِي ِ ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫للمكذبي " [‪.]27‬‬ ‫﴾ [‪ " ،]26‬هنا لم يبق لهود إال التحدي‪ ،‬وإال التوجه إىل هللا وحده واالعتماد عليه‪ ،‬وإال الوعيد واإلنذار‬ ‫ر‬

‫ِّ ُ‬ ‫‪ َ َ ِّ :‬ه ْ ُ َ َ ه‬ ‫اَّلل َر ّ ِّ ين َو َربكم ۚ َّما‬ ‫الحاسم‪ ،‬قال ُلهم ﴿ إن توكلت عَل‬ ‫عليه السالم من أسلوب اليغيب إىل أسلوب اليهيب‬ ‫وب هذا انتقل هود‬ ‫ِ‬ ‫ٌ َ َ َ َّ َ ِّ َ َ‬ ‫ُّ ْ َ‬ ‫َ َ َه ْ َ َ ْ ََْ ْ ُ ُ ا ْ ْ ُ‬ ‫َ َّ َّ ُ َ‬ ‫ت ِب يه إ َل ْي ُك ْم ۚ َو َي ْس َت ْخل ُ‬ ‫ف َر رن َق ْو ًما َغ رْ َيُكمْ‬ ‫َ‬ ‫ٰ‬ ‫ِ‬ ‫ِم َن َداب ٍة ِإََل َهو ِ‬ ‫اصيَ ِتهاُ ۚ ِإن َ ر ّ ين عَل ٌ ِِص ٍ‬ ‫آخ اذ ِبن ِ‬ ‫اط مست ِق ٍ‬ ‫يم ف ِإن تولوا فقد أبلغتكم ما أر ِسل ِ ِ ِ‬ ‫ري‬ ‫ضون ُه ش ْي ًئا ۚ إن َر رن َعىل ك رل ر ْ‬ ‫َوال ت ُ ُّ‬ ‫ش ٍء َح ِفيظ ﴾[‪.]28‬‬ ‫ِ ري‬ ‫ي‬ ‫الياءة من ر‬ ‫الشك‪ ،‬وإشهاد هللا عىل ذلك‪ ،‬وإشهادهم عىل براءته من ررسكهم‪ ،‬وطلبه المكايدة‬ ‫فهذا جواب شامل تضمن عدة أمور‪ :‬ر‬ ‫له‪ ،‬وإظهار قلة المبالة بهم‪ ،‬وعدم خوفه منهم ومن آلهتهم [‪.]29‬‬ ‫نخلص من حوار هود عليه السالم لقومه إىل النتائج التالية‪:‬‬ ‫اليغيب ر‬ ‫• ِصورة الجمع بي أسلون ر‬ ‫واليهيب‪:‬‬ ‫ّي‬ ‫فهود ذكر قومه بنعم هللا عليهم‪ ،‬وقابل شتائمهم بأسلوب رلي رغم سبهم وتسفيههم لدعوته‪ ،‬لكنه يف الختام صدح بأسلوب صارم‬ ‫قوي‪.‬‬ ‫• الثقة بالنفس‪:‬‬ ‫الت اعيضت طريقه يف الحوار‪.‬‬ ‫وقف هود واثقا بربه ألجل تحقيق دعوته‪ ،‬ولم يهتم بالمعيقات ي‬ ‫• التدرج يف الحوار‪:‬‬ ‫لييهن عن صدق‬ ‫حيث بدأ هود عليه السالم بفتح موضوع التوحيد‪ ،‬بعد ذلك طلب من قومه أن يتفكروا يف نعم هللا عليهم؛ ر‬ ‫طرحه‪.‬‬ ‫المحور الثالث‪ :‬حوار إبراهيم عليه السالم‪:‬‬ ‫أخينا القرآن‪ ،‬من ذلك حواره ألبيه‪ ،‬بدافع القرابة‪.‬‬ ‫كثية كما ر‬ ‫حاور إبراهيم عليه السالم أطرافا ر‬ ‫كما حاور قومه بشكل خاص (حواره مع الملك) وبشكل عام (حواره مع قومه)‪.‬‬ ‫أ ‪ -‬حوار إبراهيم ألبيه‪:‬‬ ‫ر‬ ‫ُ‬ ‫تدرج إبراهيم عليه السالم يف الحوار مع أبيه‪ ،‬حيث خاطبه بلفظ الود (يا أبت) رغم عظم مخالفته‪.‬‬ ‫وه التوحيد وترك عبادة األوثان من دون هللا‪ ،‬ورغم كون القضية قضية كفر وإيمان‪ ،‬بدأ‬ ‫فإبراهيم يناقش يف قضية جوهرية ي‬ ‫بخطاب رلي؛ مؤدب؛ وجميل‪.‬‬ ‫حيث استعطف أبيه بنداء األبوة‪( :‬يا أبت)‪ ،‬والغاية من هذا تحريك مشاعر المخاطب‪ ،‬وهذا هو الدافع الثاوي وراء تكرار هذه‬ ‫العبارة أرب ع مرات‪.‬‬ ‫تأن لغرض التعظيم والتبجيل يف النداء‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫والت ي‬ ‫كما أدخل تاء التأنيث يف قوله (أبت)‪ ،‬ي‬ ‫َ َُُْ َ َ َ ْ َ ُ ََ ُْ ُ َ ُْ َ َ َ ًْ‬ ‫َ ََ‬ ‫ُص َوَل يغ ِ يث عنك شيئا ﴾[‪،]30‬‬ ‫واستهل إبراهيم حواره بتساؤل يحمل معت اإلنكار‪ ،‬قال‪ ﴿ :‬يا أب ِت ِلم تعبد ما َل يسمع وَل يب ِ‬ ‫النىه واألمر‪ ،‬ثم فسح المجال لهم للتفكر وإعادة‬ ‫قمي بالمحاور استعماله مع كبار السن بدل‬ ‫وهذا تأدب يف الحوار‪ ،‬وهو أسلوب ر‬ ‫ي‬ ‫النظر يف اعتقادهم‪.‬‬ ‫ثم ناقش إبراهيم ف القضية الجوهرية‪ ،‬تاركا باف القضايا‪ ،‬وهذا من باب حض الحوار ف القضية الكيى‪ ،‬وتفادي ر‬ ‫كية التفريعات‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫والتشقيقات‪.‬‬ ‫السالم آزر بما َيشتغل لتقريب المعت إليه‪ ،‬ومعلوم أن آزر كان ينحث التماثيل‪ ،‬وهو أعلم الناس بأنها أصنام‬ ‫كما حاور إبراهيم عليه‬ ‫َ ُُْ َ َ َ ْ َ ُ ََ ُْ ُ َ ُْ‬ ‫َ َ َ ً‬ ‫‪ََ َ :‬‬ ‫نك ش ْيئا﴾[‪.]31‬‬ ‫ُص َوَل يغ ِ يث ع‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫َل‬ ‫و‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫َل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫﴿‬ ‫له‬ ‫ال حركة بها‪ ،‬لذا قال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لك ال يقلل من شأن دعواه؛ ألن اآلباء قلما يقيمون وزنا لكالم أبنائهم‪ ،‬ألنهم بمنظورهم ال رييحون‬ ‫ر‬ ‫وبي له أنه يتحدث عن علم ي‬ ‫الت رأوهم بها‪.‬‬ ‫الطفولة‬ ‫مرتبة‬ ‫ي‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫َ ََ‬ ‫ِّ َ ْ َ‬ ‫قال إبراهيم عليه السالم منبها أباه أنه يتصف ر‬ ‫بشط الحوار األساس وهو العلم‪ ﴿ :‬يا أب ِت ِإ ين قد ج َاء ِ ين ِمن ال ِعل ِم َما ل ْم يأ ِتك‬ ‫َ‬ ‫َف َّاتب ْع ِث أ ْه ِد َك ِ َ‬ ‫ِص ًاطا َس ِو ًّيا﴾[‪.]32‬‬ ‫ِ ي‬

‫َ ََ‬ ‫ِّ َ َ ُ َ َ َ َّ َ َ َ ٌ ِّ َ َّ ْ‬ ‫الرح َم َٰٰ َِٰن‬ ‫َثم كر بأسلوب رلي يظهر من خالله خوفه عىل المحاور ورغبته يف هدايته‪ ،‬قال‪ ﴿ :‬يا أب ِت ِإ ين أخاف أن يمسك عذاب من‬ ‫َ ُ َ َّ ْ َ‬ ‫ان َو ِل ًّيا﴾[‪.]33‬‬ ‫فتكون ِللشيط ِ‬ ‫ويحمل هذا القول ضمنيا معت اليهيب من عذاب هللا‪ ،‬والتخويف من سوء المنقلب‪.‬‬ ‫‪ َ ْ َ َ َ ٌ َ َ :‬ر َ ْ َ ُ َ ه ْ َ َ َ َ ْ ُ َ َّ َ َ ْ‬ ‫اه ُج ْر ِ ين َم ِل ًّيا ﴾[‪.]34‬‬ ‫اهيم ۖ ل ِي لم تنت ِه َلرجمنك ۖ و‬ ‫ورغم هذا كله تعنت " آزر" قائال ﴿ أر ِاغب أنت عن ِآله ِ يث يا ِإبر ِ‬ ‫تنتىه عن ذلك اقتصصت منك‪ ،‬وشتمتك وسببتك‪ ،‬وهذا‬ ‫أصنام فانته عن شتمها وعيبها‪ ،‬فإنك إن لم‬ ‫أي‪ :‬إن كنت ال تريد عبادة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫و(اهجرن مليا)‪ ،‬قال الحسن البضي‪ :‬زمانا طويال [‪.]35‬‬ ‫تفصيل قوله‪( :‬ألرجمنك)‪،‬‬ ‫ي‬ ‫والمالحظ من هذا الحوار استنكاف إبراهيم عن التهديد والوعيد؛ الذي يختم به الرسل عىل العادة سجالهم مع أقوامهم‪ ،‬احياما‬ ‫لمقام األبوة‪ ،‬بل استبدل هذا باالعيال والدعاء له بالهداية‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬حوار إبراهيم للملك‪:‬‬ ‫المتبعي‪.‬‬ ‫حاور إبراهيم سالم هللا عليه الملك رأس القوم؛ ألن هدايته هداية لقومه‬ ‫ر‬ ‫ََ ْ ََ َ ه‬ ‫ِّ‬ ‫َ َّ‬ ‫اج إ ْب َراه َ‬ ‫يم ِ يف َرب ِه ﴾[‪]36‬؛ ألنه سيعرض أهم مقطع من مقاطع‬ ‫واستهل القرآن هذه المناظرة بقوله تعاىل‪ ﴿ :‬ألم تر ِإَل ال ِذي ح ِ ِ‬ ‫وبي سبيل إقامة الحجة دون الدخول يف " السفسطة "‪.‬‬ ‫اوغي‬ ‫المجادلي‪ ،‬ر‬ ‫ر‬ ‫الحوار‪ ،‬والذي ضمن من خالله طريقة التعامل مع المر ر‬ ‫َ رَ ه‬ ‫ُ ْ َُ ُ‬ ‫الت عليها‬ ‫وه ي‬ ‫قال إبراهيم عليه السالم محاورا الملك‪ ﴿ :‬ر ر ين ال ِذي يح ِر يت وي ِميت ﴾ [‪ ،]37‬حيث عرفه بأخص خصائصه سبحانه‪ ،‬ي‬ ‫مدال الحوار‪ :‬الربوبية‪ ،‬وقد أشار إليها بأظهر أساليب التعريف‪ :‬التعريف باالسم الموصول‪( :‬الذي)‪.‬‬ ‫مبارسة دون ر‬ ‫وهذا من أساليب الحوار‪ :‬وهو الدخول ف جوهر القضية ر‬ ‫كية استطرادات‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫غيه‪.‬‬ ‫ة؛‬ ‫المبارس‬ ‫الكونية‬ ‫السنة‬ ‫ألنها‬ ‫كما اختار إبراهيم قضية الحياة والموت؛‬ ‫الت تظهر تفرد هللا بالربوبية دون ر‬ ‫ي‬ ‫اهي‪ ،‬بل عرف بقضيته أوال بشكل ر‬ ‫مبارس‪.‬‬ ‫والي‬ ‫بالحجج‬ ‫يبادر‬ ‫بالتاىل‪ :‬فإبراهيم برع يف استهالله‪ ،‬فلم‬ ‫و‬ ‫ر ر‬ ‫ي‬ ‫َ َ ََ ُ ْ َُ ُ‬ ‫وغي‬ ‫فرد الملك عليه‪ ﴿ :‬قال أنا أح ِ يث وأ ِميت ۖ ﴾ [‪ ،]38‬بأسلوب المغالطة بالقول‪ " ،‬قال قتادة ومحمد ابن إسحاق والسدي‪ ،‬ر‬ ‫بالرجلي‪ ،‬قد استحقا القتل‪ ،‬فآمر بقتل أحدهما‪ ،‬فيقتل‪ ،‬وآمر بالعفو عن اآلخر " [‪.]39‬‬ ‫أن أون‬ ‫ر‬ ‫واحد‪ :‬وذلك ي‬ ‫فلما ذكر النمرود هذا السؤال عىل هذا الوجه أجاب إبراهيم عليه السالم بأن قال هب أن اإلحياء واإلماتة حصال من هللا تعاىل‬ ‫بواسطة االتصاالت الفلكية‪ ،‬إال أنه ال بد لتلك االتصاالت والحركات الفلكية من فاعل مدبر‪ ،‬فإذا كان المدبر لتلك الحركات الفلكية‬ ‫هو هللا تعاىل‪ ،‬كان اإلحياء واإلماتة الحاصالن بواسطة تلك الحركات الفلكية أيضا من هللا تعاىل‪ ،‬وأما اإلحياء واإلماتة الصادران عىل‬ ‫البش بواسطة األسباب الفلكية والعنضية فليست كذلك؛ ألنه ال قدرة ر‬ ‫ر‬ ‫للبش عىل االتصاالت الفلكية‪ ،‬فظهر الفرق [‪.]40‬‬ ‫غي ر‬ ‫مبارسة دون أن يدخل معه يف جدال عقيم حول ماهية الحياة والممات؛ ألنه علم غرض الملك‪ ،‬وهو‬ ‫وقد ربي له هذا بطريقة ر‬ ‫غيه‪.‬‬ ‫وتشويشات‬ ‫الدخول يف تفريعات‬ ‫تلىه الجمهور عن الغرض األساس من الحوار‪ ،‬وهو إثبات األلوهية هلل دون ر‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫َ َّ ه َ َ ْ ر‬ ‫َّ ْ‬ ‫س ِمن‬ ‫اهيم منتقال إىل‬ ‫حجة أقهر وأبهر ال مناص منها بالحياد وتحوير الكالم‪ ،‬ظاهرة فلكية واضحة‪ ﴿ :‬ف ِإن اَّلل يأ ِ ين ِبالشم ِ‬ ‫فرد ْْإبر َ ْ‬ ‫َ َ َْ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫واليهان‪ ،‬فالملك هدد إبراهيم ضمنية بفعلته‪ ،‬واستنكف عن‬ ‫بالحجة‬ ‫قاطع‬ ‫قوي‬ ‫رد‬ ‫وهذا‬ ‫‪،‬‬ ‫]‬ ‫‪41‬‬ ‫[‬ ‫﴾‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫غ‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫ش ِق ف ِ ِ ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الحق بيوير الحقائق‪ ،‬فصار لزاما عىل إبراهيم عليه السالم استجالب حجة أقهر وأبهر‪ ،‬ولسان حاله يقول‪ :‬إن كنت ترى أن هذا‬ ‫الحجتي‪ ،‬فكلها تتساند لتثبت ألوهية هللا‪.‬‬ ‫هو اإلحياء واإلماتة فليى سنة أخرى من سي الكون‪ ،‬رغم ارتباط‬ ‫ر‬ ‫هنالك وقع القول وبطل ما كان يدع النمرود‪ ،‬يقول ابن كثي‪ " :‬أبطل الخليل سالم عليه دليله وبي ر‬ ‫كية جهله‪ ،‬وقلة عقله‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫وألجمه الحجة‪ ،‬وأوضح له طريق المحجة " [‪.]42‬‬ ‫باآلن‪:‬‬ ‫نخلص من هذه المناظرة‬ ‫ي‬ ‫كي عىل القضية الجوهرية‪.‬‬ ‫• ضورة حسن التقديم يف الحوار‪ ،‬بالي ر‬ ‫الت يتحاور‬ ‫• العدول عن الخوض يف التفاصيل‪ ،‬واالبتعاد عن دروب الجدال‪،‬‬ ‫ر‬ ‫فالكثي من المناظرات يف زماننا تنقطع عن الفكرة ي‬ ‫غي مفيدة‪.‬‬ ‫حولها الطرفان‪ ،‬وذلك باالنتقال إىل جزئيات ر‬ ‫المنطف بينها‪.‬‬ ‫كي عىل األدلة الواضحة‪ ،‬والربط‬ ‫• الي ر‬ ‫ي‬

‫• استعمال األدلة العقلية؛ إلقناع المحاور‪.‬‬ ‫اهي‪ ،‬وذلك بيك الحجة األقوى إىل النهاية‪ ،‬وعرض الحجة الملخصة لقضية الدعوى يف البداية‪.‬‬ ‫• ضورة ترتيب الحجج ر‬ ‫والي ر‬ ‫ت ‪ -‬حوار إبراهيم لقومه‪:‬‬ ‫التخىل عن الكفر‪ ،‬وترك عبادة األصنام‪ ،‬واإليمان باهلل وحده‪.‬‬ ‫حاور إبراهيم قومه داعيا إياهم إىل‬ ‫ي‬ ‫َ َ‬ ‫وبدأ بمحاورتهم عندما جن عليهم الليل وظهرت لهم الكواكب‪ ،‬فقال‪ ﴿ :‬ه ََٰٰٰذا َر ّ ِّ ين ۖ ﴾[‪ ،]43‬وهذه طريقة فريدة يف الحوار‪ ،‬وأسلوب‬ ‫حكيم‪ ،‬ومنهج يف الكالم قويم‪.‬‬ ‫فإبراهيم بعدما اختار التوقيت المناسب‪ ،‬تيل لمعتقدهم ولم يعلن مخالفتهم‪ ،‬ولم يسفه أحالمهم؛ ألن ذلك أدع ى إىل إنص اتهم‬ ‫لقوله‪ ،‬وتفهمهم لحجته‪.‬‬ ‫ثم تحول من التأمل بالليل إىل التأمل بالنهار‪ ،‬تارة يلفت نظره نحو القمر‪ ،‬وأخرى نحو الشمس‪.‬‬ ‫منطف‪ ،‬وهو تفكر بصوت مرتفع؛ غرضه بيان الحق واالستدالل‬ ‫وكان هذا حوارا صادقا نابعا من أعماق النفس‪ ،‬مؤسسا عىل أساس‬ ‫ي‬ ‫بالحجج الكونية‪.‬‬ ‫ثم لم يلبث إبراهيم أن رجع عىل قولهم ينقض مذهبهم المزيف‪ ،‬وما كان له أن يدخل يف دينهم حقا؛ ألن ذلك مستحيل يف حق‬ ‫مقام الرسل األعىل‪ ،‬لكنه اتخذ طريقا خفيا‪ ،‬ر ئ‬ ‫بصية‪.‬‬ ‫لينت عن سداد رأي ونقاء ر‬ ‫وتيأ‬ ‫فلما أفل الكوكب وغاب عن أنظار قومه‪ ،‬قال‪ :‬ال أحب اآللهة‬ ‫المتغية من حال إىل حال‪ ،‬ثم عرض بآلهتهم‪ ،‬وأعلن بغضه لها‪ ،‬ر‬ ‫ر‬ ‫من حبها‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫وأكي منها حجما قال‪ ﴿ :‬ه ََٰٰٰذا َر ّ ِّ ين﴾[‪ ،]44‬استدراجا لهم واستهواء‬ ‫ولما رأى القمر بازغا‪ ،‬وهو أسطع نورا من تلك الكواكب ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫إن بريء مما تشكون‪ ،‬فهذه الكواكب‬ ‫لقلوب هم‪ ،‬فلما أفلت مثل ر‬ ‫غيها‪ ،‬وغابت عن عبادها رماهم بالشك ووسمهم بالكفر‪ ،‬فقال ي‬ ‫فىه ال تستحق عبادة وال تكريما وال‬ ‫كها‪،‬‬ ‫ويحر‬ ‫يدبرها‬ ‫خالق‬ ‫من‬ ‫لها‬ ‫البد‬ ‫حال‪،‬‬ ‫إىل‬ ‫حال‬ ‫من‬ ‫وتتحول‬ ‫تنتقل من مكان إىل مكان‪،‬‬ ‫ي‬ ‫تعظيما [‪.]45‬‬ ‫العقىل الدال عىل وحدانية هللا؛ ليأخذهم إىل نتيجة يحاول من خاللها إقناع العقول‪.‬‬ ‫هكذا سلك إبراهيم مع قومه طرق االستدالل‬ ‫ي‬ ‫َ َ َّ َ َّ َ َ ْ ه ْ ُ َ َ ٰ َ ْ َ ً َ َ َ ٰ َ َ ِّ َ َ َّ َ َ َ َ َ َ ُ ُّ ْ‬ ‫ً‬ ‫َ ََ َ َْ‬ ‫ي فل ام َا َرأى الق َم َ َر َب ِازغا‬ ‫ب اْل ِف ِل‬ ‫ملخصا ما سبق‪ ﴿ :‬فلما جن علي ِ َه الليل رأى كوكبا ۖ قال ه ََٰٰذا ر ّ ي َن ۖ فلما أفل قال َل أ ِح‬ ‫يقول القرآن‬ ‫َ َ َ َ َ ر ََ ا ََ َ َ َ َئ ه‬ ‫ا ِّ َ َ َ‬ ‫َ ر َ ُ َ ا َ َْ‬ ‫ا ْ َ َ َ ً َ َ َ َ َ ر َ َ َُْ ََ ا ََ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫قال ه ذا ر ر ين ۖ فلما أفل قال ل ِي لم يه ِد ِ ين ر ر ين أل كونن ِمن القو ِم الضال ري فلما رأى الشمس ب ِازغة قال ه ذا رَ ر ين ه ذا أ ك ري ۖ فلم َا أفلت‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ َ َ َ ْ ر َ ٌ ر ا ُ رْ ُ َ‬ ‫ر َ ا ْ ُ َ ْ‬ ‫ىه ل هلذي َف َط َر ا‬ ‫الس َم َاوات َو ْاأل ْر َ‬ ‫ض َح ِنيفا ۖ َو َما أنا ِم َن‬ ‫شكون ﴾ [‪ .]46‬ليقول يف الختام‪ِ ﴿ :‬إ ين وجهت وج ِ ي َ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْقال ْ يا ق َو ِم ِإ ين ب ِريء مما ت ِ‬ ‫ُ ر‬ ‫شك ري ﴾[‪.]47‬‬ ‫الم ِ ِ‬ ‫اآلن‪:‬‬ ‫نستخلص من حوار إبراهيم عليه السالم لقومه ي‬ ‫• استعمال المنطق‪ ،‬وتأسيس الحوار عىل مجموعة أسئلة تكشف الغشاوة عن العقل‪ ،‬وتجعل اإلنسان يراجع نفسه‪ ،‬ويحكم عقله‬ ‫بنفسه‪ ،‬لعله يقبل الحق بعد االقتناع‪.‬‬ ‫• حسن استدراج الخصم‪ ،‬بأسلوب حكيم‪ ،‬دون ضاع وال تصعب للرأي‪.‬‬ ‫ليبت دعوة‬ ‫• التدرج يف الحوار‪ ،‬حيث بدأ إبراهيم عليه السالم بإبطال دعوى ربوبية القمر‪ ،‬بعده أبطل دعوى ربوبية الشمس؛ ي‬ ‫متي‪.‬‬ ‫توحيد هللا عىل أساس ر‬ ‫المحور الرابع‪ :‬حوار شعيب عليه السالم‪:‬‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ َ ُ َ َ ُ‬ ‫هَ َ ُ‬ ‫ْ ُ‬ ‫اَّلل َما لكم ِّمن ِإل َٰٰ ٍَٰه غ ْ ُيه ۖ َوَل تنق ُصوا‬ ‫العظىم (التوحيد) قال‪ ﴿ :‬يا ق ْو ِم اع ُبدوا‬ ‫بالرسالة‬ ‫بدأ شعيب سالم عليه‬ ‫حواره َ ْمع َ ِّ َ‬ ‫قومه َ ُ َ َ ْ ُ ْ َ َ‬ ‫ْ ْ َ َ َ ْ َ َ ِّ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫يط ﴾[‪.]48‬‬ ‫ال ِمكيال وال ِميان ۚ ِإ ين أراكم ِبخ ٍي و ِإ ين أخاف عليكم عذاب يو ٍم م ِح ٍ‬ ‫فىه تتضمن غاية الذل والخضوع‬ ‫ه‪ " :‬لكل ما يحبه هللا ويرضاه من األقوال واألعمال الباطنة والظاهرة‪ ،‬ي‬ ‫والعبادة مفهوم شامل ي‬ ‫ر‬ ‫شء‪ ،‬بل ال‬ ‫كل‬ ‫من‬ ‫أعظم‬ ‫عنده‬ ‫هللا‬ ‫يكون‬ ‫أن‬ ‫يجب‬ ‫بل‬ ‫تعاىل‪،‬‬ ‫هللا‬ ‫عبادة‬ ‫ف‬ ‫أحدهما‬ ‫يكف‬ ‫ال‬ ‫ولهذا‬ ‫له‪،‬‬ ‫هلل تعاىل بغاية المحبة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫يستحق المحبة والذل التام إال هللا تعاىل " [‪.]49‬‬

‫وهذه الدعوة يبتدأ بها جميع الرسل كما الحظنا؛ ألن الخصم إذا آمن باهلل وحده‪ ،‬واستسلم بالعبودية له‪ ،‬فإنه يمتثل لكل األوامر‬ ‫والنواه ِتباعا‪.‬‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫المخاطبي بالتوحيد‬ ‫وعىل أثر هذا سار رسول هللا محمد عليه الصالة والسالم‪ ،‬فدعوته قائمة عىل كلمة‪( :‬ال إله إال هللا)‪ ،‬فلم يأمر‬ ‫ر‬ ‫وغيها من ر‬ ‫التشيعات‪.‬‬ ‫بالصالة والصيام‪ ...‬ر‬ ‫ألن األساس هو التوحيد‪ ،‬فهو القاعدة الذي تنبثق عنها جميع مناهج الحياة‪ ،‬وال يستقيم عمل ما لم يستقم التوحيد‪.‬‬ ‫ََ َْ َْ ُ ْ َْ َ ْ َ َ ْ‬ ‫ال َوال ِميان ِبال ِق ْس ِط ۖ‬ ‫الميان والمكيال قال‪ ﴿ :‬ويا قو ِم أوف َوا ال ِمكي‬ ‫ناهيا قومه عن خيانة‬ ‫بعدها ررسع شعيب بالتدرج ف‬ ‫التفصيل‪َ ْ ،‬‬ ‫َّ َ َ ْ َ َ ُ ْ ي َ َ َ ْ َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ُ ُ ُّ ْ َ َ َ َ َ َ ْ ُ‬ ‫َ َ ا ُ ر ه َ ٌْ ه ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ََ َْ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫يظ ﴾[‪.]50‬‬ ‫ض مف ِس ِدين ب ِقيت ِ‬ ‫اَّلل خ ري لكم ِإن كنتم مؤ ِم ِن ري ۚ وما أنا عليكم ِبح ِف ٍ‬ ‫وَل تبخسوا الناس أشياءهم وَل تعثوا ِ يف اَلر ِ‬ ‫والميان إذا كالوا الناس‪.‬‬ ‫نىه عن نقص المكيال‬ ‫ر‬ ‫فالخطاب األول‪ :‬ي‬ ‫الثان‪ :‬أمر بوفاء الكيل؛ والوزن بالقسط‪.‬‬ ‫والخطاب‬ ‫ي‬ ‫نىه عن العثو يف األرض بالفساد؛ ألنهم كانوا يقطعون الطريق [‪.]51‬‬ ‫‪:‬‬ ‫الثالث‬ ‫والخطاب‬ ‫ي‬ ‫فالمالحظ أن شعيب تدرج ف خطاب قومه‪ ،‬فابتدأ بنهيهم عن نوع من الفساد ر‬ ‫تفس فيهم‪ ،‬وهو التطفيف‪ ،‬ثم ارتف فنهاهم عن‬ ‫ي‬ ‫الجنس األعىل للفساد الشامل لجميع أنواع المفاسد وهو اإلفساد يف األرض‪.‬‬ ‫وهذه من أساليب الحكمة يف تهيئة النفوس بقبول اإلرشاد والكمال‪ .‬وإذا كانت غايتهم من اإلفساد اجتالب ما فيه نفع عاجل لهم‪،‬‬ ‫فقد أعقب شعيب عليه السالم موعظته بما ادخره هللا من ثواب عىل امتثال أمره [‪.]52‬‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ ُ َ َ َ َّ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ َ َ‬ ‫‪َ ْ َّ َ َ ْ َ َ ُ َ َ ُ ْ َ ُ َ :‬‬ ‫ب أ َصَلتك تأ ُم ُرك أن ن ر ُيك َما ي ْع ُبد آباؤنا أ ْو أن نف َع َل ِ يف أ ْم َو ِالنا َما نش ُاء ۖ ِإنك َلنت‬ ‫وف رد دعوة التوحيد قال قومه ﴿ يا شعي‬ ‫ْ ي َ ُ َّ ُ‬ ‫الر ِشيد﴾[‪.]53‬‬ ‫الح ِليم‬ ‫هكذا قابلوا قوله بالسخرية والتهكم بشكل يدل عن جهلهم ويظهر عنادهم‪.‬‬ ‫والنىه عن السلوك القبيح‪ ،‬جاء ردهم من جنس دعوته‪ :‬هل صالتك تنهانا‬ ‫وبما أنه دمج دعوة التوحيد بدعوة األخالق الراشدة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫عن ترك عبادة األصنام‪ ،‬وتقيدنا يف التعامل بأموالنا‪ ،‬إنك ألنت الحليم الرشيد‪.‬‬ ‫‪ :‬ا َ َ َْ َ ْ َ ُ ا ُ‬ ‫الر ِشيد ﴾ [هود‪]87 :‬جاء عىل سبيل السخرية واالستهزاء‪ ،‬لكنه عليه السالم أعرض عن هذا كله؛ ألنه‬ ‫وقولهم ﴿ ِإنك ألنت الح ِليم‬ ‫عىل ثقة مما يقول‪.‬‬ ‫فغرضه األساس الهداية واإلنقاذ؛ ال كما يعتقدون عن جهل أن إرشادهم يجر عليهم الخسارة [‪.]54‬‬ ‫ولم ينفعل شعيب عليه السالم عىل عادة ر‬ ‫البش‪ ،‬ولم يغضب‪ ،‬بل تحىل بسعة الصدر‪ ،‬وبضبط األعصاب‪ ،‬والسيطرة عىل النفس‪،‬‬ ‫وشهوة االنتقام‪.‬‬ ‫ََ‬ ‫ُ ُ َ ْ ُ َ َ ُ َ‬ ‫ْ ُ ًْ َ ً‬ ‫ُ ُ َ َ ٰ َ ِّ َ‬ ‫َ َ َ َُْ‬ ‫َل بين ٍة ِّمن َّ َر ّ ِّ ين َو َرزق ِ ي َث ِم ُنه ِرزقا ح َسنا ۚ َو َما أ ِريد أن أخا ِلفك ْم ِإ َٰل َما‬ ‫بنية هادئة‪ ،‬قال‪ ﴿ :‬يا ق ْو ِم أ َرأيت ْم ِإ َن كنت ع‬ ‫فواصل الحوار‬ ‫َ ْ َ ُ ْ َ ْ ُ ْ ُ ر ُ َّ ْ ْ َ َ َ ْ َ َ ْ ُ َ َ ْ ر َّ‬ ‫ه َ َ ْ َ هْ ُ‬ ‫ت َوإل ْيه أن ُ‬ ‫يب ﴾[‪.]55‬‬ ‫اَّلل علي ِه توكل‬ ‫يق ِإَل ِب ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫أنهاكم عنه ِإن أ ِريد ِإَل ِاإلصَلح ما استطعت ۚ وما تو ِف ِ ي‬ ‫رن‬ ‫ون إن كنت عىل بينة وحجة واضحة‬ ‫ر‬ ‫فهو ال يزال يحاورهم متسائال عن سبب جحودهم‪ ،‬يقول‪ :‬ر‬ ‫وبصية وهداية من عند ر ي‬ ‫أخي ي‬ ‫‪.‬‬ ‫يسعت مع‬ ‫مت وال تعب يف تحميله فهل أترك أمركم ونهيكم؟ أو هل‬ ‫فيما أمرتكم ونهيتكم عنه‪،‬‬ ‫ورزقت منه رزقا ر‬ ‫ي‬ ‫كثيا واسعا بال كد ي‬ ‫ي‬ ‫هذه النعمة أن أخون وحيه؟‬ ‫وهو جواب شديد المطابقة بقولهم‪ :‬إنك ألنت الحليم الرشيد‪.‬‬ ‫واليهنة بشكل‬ ‫كثية [‪ ،]56‬والمالحظ هنا تلطفه يف الخطاب‪ ،‬ر‬ ‫أي‪ :‬كيف يليق بالحليم الرشيد أن يخالف أمر ربه‪ ،‬وله عليه نعم ر‬ ‫منطف عىل صدق دعوته‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ومن أسباب نجاح المحاور حسن عبارته‪ ،‬وحسن سلوكه‪:‬‬ ‫• حسن العبارة‪:‬‬ ‫ولي‪ ،‬وعطف‪ ،‬وحنان‪.‬‬ ‫حيث استعمل شعيب عليه السالم ألفاظا كلها مودة‪ ،‬ورحمة‪ ،‬ر‬ ‫فالتكي‪ ،‬وقسوة العبارة تؤدي إىل النفرة‪.‬‬ ‫ر‬ ‫مجرمي‪ ،‬يا فساق‪...‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪:‬‬ ‫من أجل هذا اختار ألفاظا‪ ،‬مثل يا قوم‪ ،‬ولم يقل يا كفار‪ ،‬يا‬ ‫ر‬

‫• حسن السلوك‪:‬‬ ‫ُ ُ َ ْ ُ َ َ ُ َ‬ ‫ََْ ُ‬ ‫فالمحاور ال ينجح ما لم يطابق فعله ما يدعو إليه‪ ،‬فالعمل أبلغ من القول‪ ،‬ولهذا قال شعيب‪َ ﴿ :‬و َما أ ِريد أن أخ ِالفك ْم ِإ َٰل َما أنهاك ْم‬ ‫ْ‬ ‫َعن ُه ۚ ﴾[‪ ،]57‬والمقصود أنه ال يأمرهم بسلوك إال وكان أول فاعل له‪ ،‬وال ينهاهم عن فعل إال وكان أول من ييكه‪.‬‬ ‫‪َ ُ ْ َ َ ً َ َ َ َ َ َّ ُ ُ َ َّ ِّ ً َ ُ َ ْ َ َ ُ ْ َ ُ َ ُ َ :‬‬ ‫ول َو ِإنا ل َياك ِفينا ض ِعيفا ۖ َول ْوَل َرهطك‬ ‫قابلوا هذا برد عنيد وقول عنيف ﴿ قالوا يا شعيب ما نفقه ك ِثيا مما تق‬ ‫لكن قومه‬ ‫ََ َ َْ َ َ َ َ َ‬ ‫نت َع َل ْي َنا ب َ‬ ‫يز﴾[‪.]58‬‬ ‫ز‬ ‫ع‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ۖ‬ ‫لرجمناك‬ ‫ِ ِ ٍ‬ ‫البي بقولهم هذا بعدما ضاقت عليهم سبل الحيل‪ ،‬ولم يجدوا الستمرار محاولته حاجة‪ ،‬وحالهم كحال‬ ‫فقد أعرضوا عن الحق ر‬ ‫المفحم الذي يقابل البينات بالسب والشتم‪.‬‬ ‫حيث جعلوا كالمه المشتمل عىل فنون الحكم والمواعظ وأنواع المعارف‪ ،‬من قبيل ما ال يفهم معناه وال يدرك فحواه‪.‬‬ ‫أخيوه أنه لوال رهطه لرجموه بالحجارة حت الموت‪ ،‬فال عزة وال كرامة له عندهم [‪.]59‬‬ ‫وأكدوا أنه ضعيف ال قوة له‪ ،‬كما ر‬ ‫َ َ ُّ َ َ ْ ُ ِّ َ ه‬ ‫‪ْ ََ ْ َ َ :‬‬ ‫اَّلل‬ ‫ط أعز ْعليك‬ ‫ه‬ ‫غي شعيب سالم هللا عليه أسلوب الحوار‪ ،‬وانتقل من اليغيب إىل اليهيب قائال ﴿ يا قوم أر‬ ‫م من ِ‬ ‫بعد هذا ر‬ ‫ِ‬ ‫ََ ٌ ْ‬ ‫َ َّ َ ْ ُ ُ ُ َ َ َ ُ ْ ْ ًّ َّ َ ِّ َ َ ْ َ ُ َ ُ ٌ َ َ َ ْ ْ َ ُ َ َ َ َ َ ُ ْ ر َ ٌ َ ْ َ ِ َ ْ َ ُ َ ي َ َ‬ ‫اب ُيخ ِز ِيه‬ ‫يه عذ‬ ‫واتخذتم َوه وراءك َم ِظه ِري را ۖ ِإن ُر ّ ين ِبما تعملون م ِحيط ويا قو ِم اعملوا عىل مكان ِتكم ِإ ين ع ِامل ۖ سوف تعلمون من يأ ِت ِ‬ ‫َو َم ْن ُه َو كاذ ٌب ۖ َو ْارتق ُبوا إن َم َعك ْم َرق ٌ‬ ‫يب ﴾[‪.]60‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ي‬ ‫مكانت‬ ‫فإن عامل عىل‬ ‫إنه تهديد قاصف‪ ،‬ووعيد من الواثق بنض ربه‪ ،‬قال لهم‪ :‬اعملوا عىل منتىه تمكنكم يف قوتكم وعصبيتكم؛ ي‬ ‫ي‬ ‫رن؛ ألدعوكم للتوحيد وآمركم بالمعروف؛ وأنهاكم عن المنكر‪.‬‬ ‫الت‬ ‫أعطان ر ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أخيكم‬ ‫وسوف تعلمون من يأتيه عذاب الدنيا واآلخرة‪ ،‬ومن تكون له عاقبة الدار يف اآلخرة‪ ،‬حينها تعلمون من هو كاذب فيما ر‬ ‫ر‬ ‫فإن معكم منتظر مرتقب [‪.]61‬‬ ‫وأبشكم وأحذركم‪ ،‬وانتظروا سوء العاقبة؛ لتكذيبكم يىل ي‬ ‫نخلص من حوار شعيب عليه السالم لقومه إىل النتائج التالية‪:‬‬ ‫• الهدوء يف الحور‪:‬‬ ‫واليهان بعيدا عن العصبية والتطرف واإلساءة والعنف‪ ،‬وهذا من سمات حوار جميع رسل هللا يف‬ ‫حيث ألزم شعيب قومه بالحجة ر‬ ‫القرآن‪.‬‬ ‫• تلوين الخطاب‪:‬‬ ‫الشك باهلل ر‬ ‫فشعيب نىه عن الخالل الخبيثة؛ الت تلبس بها قومه‪ ،‬وف مقدمتها ر‬ ‫بأكي من أسلوب‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫وبدأ بالنىه عن ر‬ ‫الخطية‪،‬‬ ‫المعاص‬ ‫من‬ ‫حذرهم‬ ‫بعدها‬ ‫هللا‪،‬‬ ‫بأوامر‬ ‫ام‬ ‫االلي‬ ‫إىل‬ ‫وجههم‬ ‫ثم‬ ‫للتوحيد‪،‬‬ ‫دعاهم‬ ‫الشك ألنه األهم‪ ،‬ثم‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الميان‪ ،‬وظلم الناس بأخذ أموالهم‪.‬‬ ‫ومنها‪ :‬التطفيف يف ر‬ ‫• مراعاة المقام‪:‬‬ ‫الصي والحكمة‪،‬‬ ‫حيث اختار شعيب عليه السالم األسلوب المناسب؛ حسب المخاطب وأحواله‪ ،‬فالمواجهة مع المأل تتطلب‬ ‫ر‬ ‫اللي اللطيف‪.‬‬ ‫والتمسك بلغة الحوار ر‬ ‫تعاىل أصواتهم إىل درجة التحدي‪ ،‬والسب‪ ،‬والتهديد بالرجم‪ ،‬استمر يف أسلوبه الحكيم‪.‬‬ ‫فرغم ي‬ ‫ر‬ ‫واليهان‪:‬‬ ‫• اليام المنطق ّ‬ ‫وهذا واضح يف استنكاف شعيب عن الدخول مع قومه يف منطق القوة؛ ألنه رغم السب والقذف‪ ،‬ومحاولة التعنيف الجسدي‪،‬‬ ‫رهط أعز عليكم من هللا؟ وختم حواره بقوله‪ :‬اعملوا عىل‬ ‫اليهان والحجاج‪ ،‬قائال‪ :‬أ‬ ‫تلطف معهم يف العبارة‪ ،‬وسلك مسلك ر‬ ‫ي‬ ‫ليبي لهم أنه رغم تيله يف الخطاب إال أنه واثق بقضيته‪.‬‬ ‫مكانتكم؛ ر‬ ‫المحور الخامس‪ :‬حوار موش عليه السالم‪:‬‬ ‫حاور موش قومه وكان عىل رأسهم فرعون‪ ،‬وقد استعرض كتاب هللا هذا الحوار‪.‬‬ ‫َ‬ ‫قال فرعون‪ ﴿ :‬ف َمن َّر ُّب ُك َما َيا ُم َ ٰ‬ ‫تهكىم‪ ،‬بدأ به فرعون حواره ليقلل من شأن محاوره موش عليه‬ ‫وَس ﴾[‪ ،]62‬وهذا سؤال استنكاري‬ ‫ي‬ ‫ونية التهكم واضحة يف قوله‪( :‬ربكما)‪ ،‬فالخطاب موجه أصالة لموش‪ ،‬لكن فرعون استعمل المثت؛ ليدخل يف الحوار‬ ‫السالم‪ ،‬ر‬ ‫هارون‪.‬‬ ‫ففرعون يوعز لموش من هذا أنه ال يكيث له‪ ،‬وأن شأنه كشأن هارون‪.‬‬

‫َ ُّ َ ه‬ ‫َ ْ َ ٰ ُ َّ َْ ْ َ ْ َ ُ ُ َ َ‬ ‫ضمت أن‬ ‫َس ٍء خلقه ث َّم هد ٰى ﴾[‪ ،]63‬وهو جواب واثق شامل مانع‪ ،‬وفيه رد‬ ‫ي‬ ‫فرد موش بقوله المختض‪ ﴿ :‬ربنا ال ِذي أعط كل ي‬ ‫المكانة؛ والعزة؛ والكرامة لمن اهتدى‪.‬‬ ‫ُْ َ‬ ‫َ َ َ ُ ُُْ‬ ‫ون اَلوَل ﴾[‪.]64‬‬ ‫ورد فرعون بقوله‪ ﴿ :‬فما بال القر ِ‬ ‫ضمت‪ :‬لماذا لم تؤمن القرون السابقة بما أتيت به‪.‬‬ ‫و يف هذا الجواب حيدة‪ ،‬واستنكار‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ند َر ِّن ف ك َتاب ۖ ََّل َيض ُّل َر ِّن َو ََل َي َ‬ ‫نَس ﴾[‪.]65‬‬ ‫قال موش‪ِ ﴿ :‬عل ُمها ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّي ِي‬ ‫ّي‬ ‫ٍ‬ ‫وه‪ :‬التوحيد‪.‬‬ ‫هنا نالحظ كيف استغل موش عليه السالم الفرصة لصالحه؛ ليعرض قضيته األساس ي‬ ‫خاصتي لرب دون ر‬ ‫البش‪،‬‬ ‫بصفتي‬ ‫تذكي‬ ‫رن وال ينس) ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫رن يف كتاب) إشارة إىل الغيب‪ ،‬وقوله‪( :‬ال يضل ر ي‬ ‫فقوله‪( :‬علمها عند ر ي‬ ‫وفرعون حاله كحال جميع ر‬ ‫البش يضل وينس‪.‬‬ ‫لكن فرعون كذب بالحوار القائم عىل منطق التدبر والتفكر‪ ،‬وهدد موش بالسجن‪ ،‬وهذه محاولة إلجهاض منطق الحوار‪.‬‬ ‫اهي الحسية الحاسمة‪.‬‬ ‫وهذا دفع موش أن ينتقل يف حواره لمرحلة يقيم فيها الحجج ر‬ ‫والي ر‬ ‫كيى أيده هللا بها قبل مواجهة‬ ‫كبي سوء وال أدن‪ ،‬وهذه معجزات ر‬ ‫ثم حول موش العصا حية تسغ‪ ،‬وأخرج يده فصارت بيضاء بال ر‬ ‫فرعون‪.‬‬ ‫األخية ر‬ ‫مبارسة‪ ،‬بل حاج فرعون‬ ‫والصي‪ ،‬فموش لم يعرض اآلية والحجة‬ ‫التأن‬ ‫نستفيد من هذا أن المحاور يلزمه‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫التحىل بخصلة ي‬ ‫ي‬ ‫عقىل داعيا إياه للتفكر يف مخلوقات هللا‪.‬‬ ‫بمنطق‬ ‫ي‬ ‫كما نستفيد من هذا ضورة االستماتة ألجل تبليغ الفكرة‪ ،‬رغم تشويش الطرف المحاور‪ ،‬فموش بعدما صده فرعون وهدده مسفها‬ ‫دعواه‪ ،‬انتقل لحجة أقوى وأبهر‪.‬‬ ‫المنطف؛ ألن قومه كانوا أهل‬ ‫العقىل‬ ‫وبما أن القوم ُعرفوا بالسحر عاملهم بما يجيدون‪ ،‬عكس إبراهيم الذي استمر يف الحجاج‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫منطق وحجة‪.‬‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫ُ َ َ ُ ْ َ ُ‬ ‫َْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َ َ َ‬ ‫اح َر ِان ي ِريد ِان أن يخ ِرجاكم ِّمن أ ْر ِضكم ِب ِسح ِر ِه َما َويذه َبا‬ ‫لكن القوم كذبوا بكل هذا‪،‬‬ ‫خاضعي ر‬ ‫لتكي فرعون ر‬ ‫ر‬ ‫قائلي‪ِ ﴿ :‬إن ه ََٰٰٰذ ِان لس ِ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫يق ِت ُك ُم ال ُمث َ ٰ‬ ‫َل ﴾[‪.]66‬‬ ‫ِبط ِر‬ ‫وجاء هذا الرد بإيعاز من فرعون‪ ،‬الذي سأل مقربيه بقوله‪( :‬ماذا تأمرون)؟‪ ،‬وهذا دليل عىل انهزامه داخليا‪ ،‬وهو الذي ادع‬ ‫األلوهية‪ ،‬فكيف إلاله أن يسأل مقربيه العون‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫غي ر‬ ‫مبارسة‪ ،‬ليكسب تعاطفهم‪.‬‬ ‫وف استشارة القوم من فرعون مكر‪ ،‬إذ يحرض عىل موش الجمهور بطريقة ر‬ ‫ي‬ ‫وكان هذا بعدما شعر بتهديد موش له يف ملكه وسلطانه المطلق‪.‬‬ ‫الت سلكها فرعون متنوعة منها‪ :‬أسلوب االستخفاف؛ والتهكم‪ ،‬الذي بدأ به حواره؛ وأسلوب‬ ‫من هذا نستنتج أن أساليب الحوار ي‬ ‫االستشارة والرجوع للحاشية‪.‬‬ ‫صفي‪ :‬صف موش وأخاه مؤيدان بمعجزات هللا‪ ،‬وصف فرعون وملئه وما جمع له‬ ‫المنطف جاء حوار المواجهة ربي‬ ‫وبعد الحوار‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫من سحرة‪.‬‬ ‫الحس أجىل‬ ‫اليهان‬ ‫الكيى الفارقة ربي الحق والباطل‪ ،‬وكان الوقت ضىح‪ ،‬والشمس ساطعة؛ ليكون ر‬ ‫كما أعدت ساحة المناظرة ر‬ ‫ي‬ ‫وأوضح‪.‬‬ ‫فاجتمع الناس ليشاهدوا الوقائع‪ ،‬ويشهدوا عىل المنتض والمنهزم‪ ،‬وحاول فرعون أن يتدخل بسلطانه المادي؛ ليغري بالمال‬ ‫والمكانة‪.‬‬ ‫َ ْ َ ُ ْ َ َ ْ رَ ُ َ َ ه َ ً َ ُ ْ َ ُ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َْ َ َ‬ ‫اب َم ِن اف ر َي ٰى[‪.]67‬‬ ‫‪:‬‬ ‫اب ۖ وقد خ‬ ‫ولما أحس موش بيوير فرعون حذرهم بالقول " ويلكم َل تفيوا عَل ِ‬ ‫اَّلل ك ِذبا فيس ِحتكم ِبعذ ٍ‬ ‫نفس من موش عليه السالم لما ظهر له محاولة فرعون استمالة السحرة بقوة المال والسلطان‪.‬‬ ‫تأثي‬ ‫وهذا ر‬ ‫ي‬ ‫وبي تزوير الحقائق؛ ألنهم تنازعوا أمرهم بينهم وأرسوا النجوى‪.‬‬ ‫هنا وقع السحرة يف اضطراب ربي ضورة أداء شهادة الحق‪ ،‬ر‬

‫أفاع تسغ‪،‬‬ ‫عض وحولوها‬ ‫طالبي من موش إما إلقاء عصاه أو يكونوا أول من ألف‪ ،‬فلما ألقوا ما ُيخيل إليهم سحرا من‬ ‫واضطربوا‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الكيى‪ ،‬هنالك وقع الحق وتاب السحرة الذين استعان بهم فرعون‪ ،‬فظهر صدقه‪ ،‬وانجىل‬ ‫معجزته‬ ‫الحسم‬ ‫طريق‬ ‫عن‬ ‫موش‬ ‫أظهر‬ ‫ر‬ ‫تجي وطغ‪.‬‬ ‫كذب فرعون الذي ر‬ ‫نستخلص من حوار فرعون وموش مجموعة من النتائج‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬سمات حوار موش عليه السالم‪:‬‬ ‫• اللي يف بداية الحوار‪:‬‬ ‫يبتغ اليغيب‪.‬‬ ‫تكي فرعون‪ ،‬وزعمه الربوبية‪ ،‬بدأ موش عىل عادة رسل القرآن حواره بأسلوب رلي‪،‬‬ ‫رغم ر‬ ‫ي‬ ‫• اَلستعداد ظاهرا وباطنا‪:‬‬ ‫قبل أن يدخل موش عليه السالم يف مواجهة فرعون‪ ،‬حشد طاقته الجسمانية والروحانية؛ ألنه سيواجه طاغية من طواغيت‬ ‫لك ال يخاف‪ ،‬وهذه طاقات استند عليها موش لينتض يف مواجهة فرعون‪.‬‬ ‫األرض‪ ،‬وألجل هذا أمده هللا بمعجزته‪ ،‬وكلمه ي‬ ‫• الجمع بي اللي والقوة‪:‬‬ ‫بنية لينة؛ ألن المقصد األساس يف‬ ‫تمي حوار موش وفرعون بتجاذب أساليب اليغيب واليهيب‪ ،‬حيث اصطبغ الحوار يف البداية ر‬ ‫ر‬ ‫هذه المرحلة هو التعريف برسالة موش‪ ،‬لكن يف النهاية طغت رنية قوية تنذر باقياب حسم المناظرة‪.‬‬ ‫• التدرج يف الحوار‪:‬‬ ‫وصي وحلم‪ ،‬وكلما حاول فرعون إغالق الحوار حاول موش فتحه من‬ ‫فموش لم يأبه لمشوشات فرعون‪ ،‬حيث تعامل معها بتدرج‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫مبي)!‬ ‫بسء ر‬ ‫جديد؛ ألجل الحسم‪ ،‬قال موش‪( :‬أولو جئتك ي‬ ‫الكيى لتكون آخر ورقة يستعملها إلفحام الخصم‪.‬‬ ‫كما استخدم يف البداية الحجج الكونية‪ ،‬وترك المعجزة ر‬ ‫المتكي نحو حقائق كونية لعله يؤمن بها‪ ،‬ثم عرفه بها‪ ،‬وهو يف اآلن ذاته يبلغ رسالته للناس كافة‪.‬‬ ‫فموش استدرج الخصم‬ ‫ر‬ ‫ثم جاءت مرحلة الحسم بعد المشقة والتعب‪ ،‬وبعد تطويقه بالشتائم‪ ،‬ومنعه بالقوة من إبالغ دعوته‪ ،‬أظهر موش عليه السالم‬ ‫وه آخر برهان عىل صدق دعوته‪.‬‬ ‫معجزته‪ ،‬ي‬ ‫ب ‪ -‬سمات حوار فرعون‪:‬‬ ‫• التهكم‪:‬‬ ‫المتكيين والجبابرة‪ ،‬فهم ال يعيفون ألحد بالفضل؛ لتضخم " األنا‬ ‫دأب‬ ‫وهذا‬ ‫البداية‪،‬‬ ‫منذ‬ ‫فرعون‬ ‫حوار‬ ‫طريقة‬ ‫ف‬ ‫ظاهر‬ ‫وه سمة‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫" عندهم‪.‬‬ ‫• إفساد مسار الحوار‪:‬‬ ‫نالحظ من أسلوب فرعون الحواري خروجه عن الموضوع‪ ،‬واالستعانة بمكانته منذ البداية‪ ،‬وذلك بالسخرية من الطرف اآلخر‪،‬‬ ‫الجماهي ضده‪ ،‬ومحاولة إحداث قطيعة إلنهاء الحوار يف حال إحساسه‬ ‫وتوعده بالسجن‪ ،‬ورميه باألوصاف القبيحة‪ ،‬وتأليب‬ ‫ر‬ ‫بالهزيمة‪.‬‬ ‫تقويم‪:‬‬ ‫تمي حوار الرسل ف القرآن بأسلوب بالع إبالع‪ ،‬خاطب جميع ر‬ ‫البش؛عىل اختالف عقائدهم وأفكارهم‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫كما خاطب العامة والخاصة‪ ،‬وجمع ربي اإلقناع واإلمتاع؛ محيطا باألحوال النفسانية ر‬ ‫للبش أجمع‪.‬‬ ‫اهي عقلية منطقية‪.‬‬ ‫فهو يتحرى الدقة والحياد؛ يعرض آراء‬ ‫يبت الحوار عىل دالئل وبر ر‬ ‫ر‬ ‫المخالفي بال زيادة وال نقصان‪ ،‬كما ي‬ ‫وقد قدم القرآن كل هذا بأسلوب موجز مختض تام المعت‪ ،‬حيث ربي طريق جميع الرسل عىل اختالف مجتمعاتهم وأقوامهم‪.‬‬ ‫فنوح سلك سبيل الحوار بأسلوب ترغيب وترهيب وتحبيب‪.‬‬ ‫وحاول سالم هللا عليه رد هجوم َ قومه بالحكمة والموعظة الحسنة‪.‬‬ ‫ْ ْ َ ا ََ ه‬ ‫اَّلل ﴾ [يونس‪.]72 :‬‬ ‫ولما كذبوه قال يف النهاية‪ِ ﴿ :‬إن أج ِري ِإال عىل‬ ‫ِ ر ُ ْ ُ ه َ َ ْ َ ُ َ ر َ ٌ ا ُ رْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫شكون ﴾ [هود‪.]54 :‬‬ ‫كما سلك هود الطريق نفسه إىل أن كذب فقال‪ِ ﴿ :‬إ ين أش ِهد اَّلل واشهدوا أ ين ب ِريء ِمما ت ِ‬ ‫المنطف محاوال إقناعهم‪.‬‬ ‫باليهان والدليل‬ ‫وحاج إبراهيم قومه ر‬ ‫ي‬ ‫وشعيب بلغ رسالة التوحيد؛ بأسلوب حواري متدرج‪ ،‬حيث بدأ بعرض عقيدته ودعوته‪ ،‬ثم ختم بالدعوة إىل مكارم األخالق‪.‬‬

‫عقىل يف قالب السؤال والجواب‪.‬‬ ‫وحاور موش فرعون بأسلوب‬ ‫ي‬ ‫قبل التحدي‪ ،‬ثم كر واعظا إياه وقومه بأسلوب رقيق؛ جمع ربي الموعظة والتخويف‪ ،‬قال سالم هللا‬ ‫ولما تحداه فرعون عىل عادته‬ ‫َ َْ ُ ْ َ َ ْ َُ َ َ ه ِ َ ً َُ ْ َ ُ ْ َ َ‬ ‫اب ﴾ [طه‪.]61 :‬‬ ‫ذ‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫ح‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ذ‬ ‫ك‬ ‫اَّلل‬ ‫عليه‪ ﴿ :‬ويلكم ال تفيوا عىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الحاملي لمنهاج الهدى والسداد‪ ،‬وبشكل خاص لرسولنا خاتم‬ ‫وهذا األسلوب الحواري هو الذي دعا إليه ربنا عموم الب رشية؛‬ ‫ر‬ ‫ه َأ ْح َس ُن ۚ إ َّن َر َّب َك ُهوَ‬ ‫الناطقي بالوح والرشاد‪ ،‬قال تعاىل‪ْ ﴿ :‬اد ُع إ َ َٰل َسبيل َرِّب َك ب ْال ِح ْك َم ِة َو ْال َم ْو ِع َظ ِة ْال َح َس َن ِة ۖ َو َج ِاد ْل ُهم ب هال ِ رث ِ َ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ َ َ ْ َ ُ ْ ُ ْ َِ َ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ي ي‬ ‫َ ْ َ ُ َ َ َّ ي َ‬ ‫َ‬ ‫ين﴾ [‪.]68‬‬ ‫أعلم ِبمن ضل عن س ِبي ِل ِه ۖ وهو أعلم ِبالمهت ِد‬ ‫المصادر والمراجع‪:‬‬ ‫• القرآن الكريم‬ ‫أ‬ ‫الشنقيط‪ ،‬خرج أحاديثه‪ :‬الشيخ محمد عبد العزيز الخالدي‪ ،‬طبع عىل‬ ‫األمي‬ ‫محمد‬ ‫‪،‬‬ ‫آن‬ ‫بالقر‬ ‫آن‬ ‫القر‬ ‫إيضاح‬ ‫ف‬ ‫البيان‬ ‫أضواء‬ ‫•‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫األمي أحمد بن عبد العزيز آل سعود‪.‬‬ ‫نفقة سمو ر‬ ‫ج‬ ‫وخيي سعيد‪،‬‬ ‫زك البارودي ر‬ ‫• جامع البيان يف تأويل القرآن‪ ،‬لمحمد بن جرير ر‬ ‫الطيي ت‪310‬ـه‪ ،‬تحقيق ي‬ ‫هان الحاج وعماد ي‬ ‫المكتبة التوفيقية بمض القاهرة‪ ،‬بدون تاري خ‪.‬‬ ‫ت‬ ‫األلبان‪ ،‬علق عليه‪ :‬أحمد شاكر ومحمد‬ ‫لألحكام‬ ‫وفقا‬ ‫أحاديثه‬ ‫خرج‬ ‫‪،‬‬ ‫كثي‬ ‫ابن‬ ‫إسماعيل‬ ‫الدين‬ ‫لعماد‬ ‫العظيم‪،‬‬ ‫آن‬ ‫القر‬ ‫تفسي‬ ‫•‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫األلبان وصالح آل الشيخ‪ ،‬دار اآلثار للنش والتوزي ع‪ ،‬الطبعة‬ ‫الوادع وعبد الرحمان بن ناض السعدي ومحمد‬ ‫العثيمي ومقبل‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫األوىل‪2009 ،‬م‪.‬‬ ‫• التحرير والتَٰنويَٰر‪ ،‬لطاهر بن عاشور‪ ،‬الدار التونسية ر‬ ‫للنش‪ ،‬بدون تاري خ‪.‬‬ ‫ع‬ ‫لتف الدين أحمد ابن تيمية‪ ،‬المطبعة السلفية بالقاهرة‪1398 ،‬ه ‪.‬‬ ‫اإلسَلم‪،‬‬ ‫َٰي‬ ‫ف‬ ‫العبودية‬ ‫•‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ير‬ ‫القنوح البخاري ت‪1308‬ه ‪ ،‬قدم له وراجعه عبد األنصاري‪ ،‬المكتبة العص رية‬ ‫الحسي‬ ‫لإلمام‬ ‫آن‪،‬‬ ‫القر‬ ‫مقاصد‬ ‫ف‬ ‫البيان‬ ‫فتح‬ ‫•‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫صيداء ربيوت‪1992،‬ه ‪.‬‬ ‫ق‬ ‫كثي ت‪884‬ه ‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد بن بدر الدين‪ ،‬المكتبة اإلس الم ية للن ش ر والتوزي ع‪،‬‬ ‫• قصص اَلنبياء‪ ،‬لعماد الدين إسماعيل بن ر‬ ‫الط بع ة األوىل‪2002 ،‬م‪.‬‬ ‫• قصص القرآن‪ ،‬لمحمد أحمد الموىل وآخرون‪ ،‬دار الفكر ربيوت لبنان‪ ،‬الطبعة السابعة‪1967 ،‬م‪.‬‬ ‫آن عرض وقائع وتحليَٰل أحداث‪ ،‬لصالح عبد الفتاح الخالدي‪ ،‬دار القلم بدمشق‪ ،‬الطبعة األوىل‪1998 ،‬م‪.‬‬ ‫• القصَٰص القَٰر ي‬ ‫م‬ ‫القاسم‪ ،‬وقف عىل طبعه وتصحيحه‪ ،‬ورقمه وخرج أحاديثه‪ ،‬وعلق‬ ‫الدين‬ ‫جمال‬ ‫محمد‬ ‫‪،‬‬ ‫القاسم‬ ‫تفسي‬ ‫التأويل‪،‬‬ ‫محاسن‬ ‫•‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الباف‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية‪ ،‬بدون تاري خ‪.‬‬ ‫عليه‪ :‬محم د فؤاد ع بد ي‬ ‫• التفسي الكبي أو مفاتيح الغيب‪ ،‬لفخر الدين الرازي‪ ،‬دار الكتب العلمية ربيوت لبنان‪ ،‬الطبعة الثالثة‪.2009 ،‬‬ ‫• التفسيَٰر المنَٰي ف العقَٰيدة ْ‬ ‫الزحيىل‪ ،‬دار الفكر ربيوت‪ ،‬الطبعة األوىل‪1991،‬م‪.‬‬ ‫والشيعة والمنهج‪ ،‬لوهبة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الميدان‪ ،‬دار القلم دمشق‪ ،‬الطبعة األوىل‪1990 ،‬م‪.‬‬ ‫حبنكة‬ ‫حسن‬ ‫الرحمان‬ ‫لعبد‬ ‫يد‪،‬‬ ‫المج‬ ‫آن‬ ‫ر‬ ‫الق‬ ‫ف‬ ‫وقومه‬ ‫السَلم‬ ‫عليه‬ ‫نوح‬ ‫•‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫[‪ ]1‬هود‪ ،‬اآلية‪.118 :‬‬ ‫[‪ ]2‬الحجرات‪ ،‬اآلية‪.13 :‬‬ ‫[‪ ]3‬الظالل‪ - 122/ 2 ،‬بتضف ‪.-‬‬

‫[‪ ]4‬آل عمران‪ ،‬اآلية‪.64 :‬‬ ‫[‪ ]5‬النحل‪ ،‬اآلية‪.36:‬‬ ‫[‪ ]6‬هود‪ ،‬اآليتان‪.26 - 25:‬‬ ‫آن‪ ،‬صالح عبد الفتاح‪،‬ج‪/1‬ص‪.167:‬‬ ‫[‪ ]7‬القصص القر ي‬ ‫[‪ ]8‬األعراف‪ ،‬اآلية‪.58:‬‬ ‫الميدان‪ ،‬ص‪.45:‬‬ ‫[‪ ]9‬نوح وقومه يف القرآن المجيد‪،‬‬ ‫ي‬ ‫[‪ ]10‬نوح‪ ،‬اآليات‪.12 - 10:‬‬ ‫[‪ ]11‬األعراف‪ ،‬اآليات‪.63 - 60:‬‬ ‫[‪ ]12‬جامع البيان يف تأويل آي القرآن‪،‬ج‪/3‬ص‪.629:‬‬ ‫[‪ ]13‬نفسه‪ ،‬ج‪/3‬ص‪.626:‬‬ ‫[‪ ]14‬الظالل‪ ،‬مج‪،4‬ص‪ - 1873:‬بتضف ‪.-‬‬ ‫[‪ ]15‬هود‪ ،‬اآلية‪.29:‬‬ ‫[‪ ]16‬ابن عاشور‪ ،‬التحرير والتنوير‪ ،‬مج‪/6‬ص‪.55:‬‬ ‫[‪ ]17‬هود‪ ،‬اآلية‪.27:‬‬ ‫[‪ ]18‬هود‪ ،‬اآلية‪.30:‬‬ ‫[‪ ]19‬هود‪ ،‬اآلية‪.31:‬‬ ‫كثي‪،‬ج‪/2‬ص‪.444:‬‬ ‫[‪]20‬‬ ‫تفسي القرآن العظيم‪،‬ابن ر‬ ‫ر‬ ‫[‪ ]21‬هود‪ ،‬اآلية‪.32:‬‬ ‫[‪ ]22‬هود‪ ،‬اآلية‪.114:‬‬ ‫[‪ ]23‬األعراف‪ ،‬اآلية‪.59 :‬‬ ‫[‪ ]24‬هود‪ ،‬اآلية‪.52:‬‬ ‫[‪ ]25‬هود‪ ،‬اآلية‪.51 :‬‬ ‫[‪ ]26‬هود‪ ،‬اآلية‪.53:‬‬ ‫[‪ ]27‬الظالل‪،‬ج‪/4‬ص‪.1898:‬‬ ‫[‪ ]28‬هود‪ ،‬اآلية‪.56:‬‬ ‫الزحيىل‪،‬ج‪/12‬ص‪.92:‬‬ ‫المني‪ ،‬وهبة‬ ‫[‪]29‬‬ ‫التفسي ر‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫[‪ ]30‬مريم‪ ،‬اآلية‪.42 :‬‬ ‫[‪ ]31‬مريم‪ ،‬اآلية‪.42 :‬‬ ‫[‪ ]32‬مريم‪ ،‬اآلية‪.43 :‬‬ ‫[‪ ]33‬مريم‪ ،‬اآلية‪.45 :‬‬ ‫[‪ ]34‬مريم‪ ،‬اآلية‪.46 :‬‬ ‫الشنقيط‪ ،‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن‪ - 427/3 ،‬بتضف ‪.-‬‬ ‫[‪]35‬‬ ‫ي‬ ‫[‪ ]36‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.258 :‬‬ ‫[‪ ]37‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.257:‬‬ ‫[‪ ]38‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.257:‬‬ ‫تفسي القرآن العظيم‪.27/2 ،‬‬ ‫كثي‪،‬‬ ‫ر‬ ‫[‪ ]39‬ابن ر‬ ‫[‪ ]40‬الرازي‪ ،‬مفاتيح الغيب‪ ،‬مج‪ /8 - 7 :‬ص‪.22 :‬‬ ‫[‪ ]41‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.257:‬‬ ‫كثي‪ ،‬ص‪.157:‬‬ ‫[‪ ]42‬قصص األنبياء‪ ،‬ابن ر‬ ‫[‪ ]43‬األنعام‪ ،‬اآلية‪.77 :‬‬ ‫[‪ ]44‬األنعام‪ ،‬اآلية‪.79 :‬‬ ‫[‪ ]45‬قصص القرآن‪ ،‬الموىل‪ ،‬ص‪،52 - 50:‬بتضف‪.‬‬ ‫[‪ ]46‬األنعام‪ ،‬اآليات‪.79 - 77:‬‬ ‫[‪ ]47‬األنعام‪ ،‬اآلية‪.80 :‬‬ ‫[‪ ]48‬هود‪ ،‬اآلية‪.83 :‬‬ ‫[‪ ]49‬ابن تيمية‪ ،‬العبودية يف اإلسالم‪ ،‬ص‪.614:‬‬ ‫[‪ ]50‬هود‪ ،‬اآليتان‪.86 - 85 :‬‬ ‫كثي‪،‬ج‪/2‬ص‪.457:‬‬ ‫[‪]51‬‬ ‫تفسي القرآن العظيم‪،‬ابن ر‬ ‫ر‬ ‫[‪ ]52‬ابن عاشور‪ ،‬التحرير والتنوير‪ - 139 - 138/ 6 ،‬بتضف ‪.-‬‬ ‫[‪ ]53‬هود‪ ،‬اآلية‪.87:‬‬ ‫[‪ ]54‬الظالل‪ ،‬ج‪/4‬ص‪ - 1920 :‬بتضف ‪.-‬‬

‫[‪ ]55‬هود‪ ،‬اآلية‪.88:‬‬ ‫[‪ ]56‬فتح البيان‪ ،‬ج‪/4‬ص‪.392:‬‬ ‫[‪ ]57‬هود‪ ،‬جزء من اآلية‪.88 :‬‬ ‫[‪ ]58‬هود‪ ،‬اآلية‪.91 :‬‬ ‫القاسىم‪ ،‬ج‪ 164 - 165/ 9‬بتضف‪.‬‬ ‫[‪ ]59‬محاسن التأويل‪،‬‬ ‫ي‬ ‫[‪ ]60‬هود‪ ،‬اآليتان‪.93 - 92 :‬‬ ‫كثي‪،‬ج‪/2‬ص‪ – 787:‬بتضف ‪.-‬‬ ‫[‪ ]61‬قصص األنبياء‪ ،‬ابن ر‬ ‫[‪ ]62‬طه‪ ،‬اآلية‪.48 :‬‬ ‫[‪ ]63‬طه‪ ،‬اآلية‪.49 :‬‬ ‫[‪ ]64‬طه‪ ،‬اآلية‪.50 :‬‬ ‫[‪ ]65‬طه‪،‬اآلية‪.51 :‬‬ ‫[‪ ]66‬طه‪ ،‬اآلية‪.62 :‬‬ ‫[‪ ]67‬طه‪ ،‬اآلية‪.60 :‬‬

‫‪From< https://www.alukah.net/sharia/0/123075 >/‬‬

Related Documents

?.docx
May 2020 65
'.docx
April 2020 64
+.docx
April 2020 67
________.docx
April 2020 65
Docx
October 2019 42

More Documents from ""