بسم الله الرحمن الرحيم

  • Uploaded by: sali
  • 0
  • 0
  • December 2019
  • PDF

This document was uploaded by user and they confirmed that they have the permission to share it. If you are author or own the copyright of this book, please report to us by using this DMCA report form. Report DMCA


Overview

Download & View بسم الله الرحمن الرحيم as PDF for free.

More details

  • Words: 4,543
  • Pages: 34
‫العشرة‬ ‫المبشرون بالجنة‬ ‫أبو بكر الصديق‬ ‫"الصديق"‬ ‫هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن‬ ‫عمرو بن كعب بن سعد القرشي‬ ‫التميمي‪ ،‬كنيته أبو بكر‪ ،‬وكنية أبيه‬ ‫أبو قحافة‪ ،‬كان يتاجر في الثياب‪،‬‬ ‫وكان مؤلفا يحبه الناس لحسن‬ ‫خلقه‪ ،‬ويحبون حديثه لعلمه‬ ‫بالنساب‪ .‬وكان اسمه عبد الكعبة‪،‬‬ ‫فسماه النبي صلى الله عليه وسلم‬ ‫عبد الله‪ ،‬وهو أول من أسلم من‬ ‫الرجال‪ .‬قال له النبي صلى الله‬ ‫عليه وسلم‪" :‬أنت عتيق الله من‬ ‫النار" فسمى عتيقا ‪ ,‬وصدق النبي‬ ‫صلى الله عليه وسلم يوم السراء‬ ‫سمي الصديق ولم‬ ‫والمعراج ف ُ‬

‫يتخلف عن مشهد واحد من المشاهد‬ ‫مع النبي صلى الله عليه وسلم‪،‬‬ ‫وثبت يوم أحد ويوم حنين حين فر‬ ‫الناس‪ ،‬أسلم على يده عثمان وعبد‬ ‫الرحمن بن عوف والزبير وطلحة‬ ‫وغيرهم‪ ،‬وأعتق سبعة كانوا يعذبون‪،‬‬ ‫منهم بلل وعامر بن فهيرة ‪ -‬وأبو‬ ‫بكر خير المة بعد النبي صلى الله‬ ‫عليه وسلم‪ .‬كان رجل كريما تصدق‬ ‫بماله كله لله ‪ ،‬وهو رفيق النبي‬ ‫صلى الله عليه وسلم قبل السلم‬ ‫وبعده‪ ،‬وهو أيضا رفيقه في هجرته‪،‬‬ ‫وخليفته من بعده‪ ،‬وهو الذي ثبت‬ ‫يوم موت النبي صلى الله عليه‬ ‫وسلم‪ ،‬وذكر المسلمين بأن موته‬ ‫حق‪ ،‬خاض في خلفته حروبا طاحنة‬ ‫ضد المرتدين لردهم إلى السلم‪.‬‬ ‫ولد بعد النبي صلى الله عليه وسلم‬ ‫بسنتين وأشهر‪ ،‬وتوفي بعده‬ ‫بسنتين وثلثة أشهر في جمادى‬ ‫الخرة سنة ثلث عشرة للهجرة‪،‬‬ ‫واستخلف من بعده عمر بن الخطاب‬ ‫على المسلمين‪ .‬وفي فضائله رضي‬ ‫الله عنه وردت أحاديث كثيرة ل‬

‫تحصى‪.‬‬

‫عمر بن الخطاب‬ ‫"الفاروق"‬ ‫هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن‬ ‫عبد العزى بن رياح بن قرط‬ ‫القرشي العدوي‪ ،‬كنيته أبو حفص‪،‬‬ ‫ولقبه الفاروق‪ .‬ولد رضي الله عنه‬ ‫بعد عام الفيل بثلث عشرة سنة‪.‬‬ ‫وكان من أشراف قريش في‬ ‫الجاهلية والمتحدث الرسمي‬ ‫باسمهم مع القبائل الخرى‪ .‬لما‬ ‫بعث الله محمدا صلى الله عليه‬

‫وسلم كان عمر شديدا عليه وعلى‬ ‫المسلمين‪ ،‬ثم كتب الله له الهداية‬ ‫فأسلم على يد النبي صلى الله عليه‬ ‫وسلم في دار الرقم‪ ،‬في ذي‬ ‫الحجة سنة ست من البعثة‪ ،‬بعد‬ ‫إسلم حمزة رضي الله عنه بثلثة‬ ‫أيام‪ .‬وكان النبي صلى الله عليه‬ ‫وسلم قد دعا ‪":‬اللهم أعز السلم‬ ‫بأحب الرجلين إليك‪ :‬عمر بن‬ ‫الخطاب أو عمرو بن هشام ـ يعني‬ ‫أبا جهل"‪ .‬وخلصة الروايات مع‬ ‫الجمع بينها ـ في إسلمه رضي الله‬ ‫عنه أنه التجأ ليلة إلى المبيت خارج‬ ‫بيته فجاء إلى الحرم ‪ ،‬ودخل في‬ ‫ستر الكعبة ‪ ،‬والنبي صلى الله عليه‬ ‫وسلم قائم يصلي وقد استفتح‬ ‫سورة ( الحاقة ) فجعل عمر يستمع‬ ‫إلى القرآن ‪،‬ويعجب من تأليفه ‪،‬‬ ‫قال ‪ :‬فقلت ـ أي في نفسي ـ هذا‬ ‫والله شاعر كما قالت قريش ‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫فقرأ(إنه لقول رسول كريم وما هو‬ ‫بقول شاعر قليل ما تؤمنون )[‬ ‫‪ ]41.40.69‬قال ‪ :‬قلت ‪ :‬كاهن ‪.‬‬ ‫قال(ول بقول كاهن قليل ما‬

‫تذكرون تنزيل من رب العالمين )‬ ‫إلى آخر السورة ‪ :‬قال فوقع‬ ‫السلم في قلبي ‪ .‬كان هذا أول‬ ‫وقوع نواة السلم في قلبه ‪ ،‬لكن‬ ‫كانت قشرة النزعات الجاهلية ‪،‬‬ ‫والعصبية التقليدية والتعاظم بدين‬ ‫الباء هي غالبة على مخ الحقيقة‬ ‫التي كان يتهامس بها قلبه ‪ ،‬فبقي‬ ‫مجدا في عمله ضد السلم ‪ ،‬غير‬ ‫مكترث بالشعور الذي يكمن وراء‬ ‫هذه القشرة ‪ .‬وكان من حدة طبعه‬ ‫وفرط عداوته لرسول الله صلى الله‬ ‫عليه وسلم أنه خرج يوما متوشحا‬ ‫سيفه ‪ ،‬يريد القضاء على النبي‬ ‫صلى الله عليه وسلم فلقيه نعيم‬ ‫بن عبدالله النحام العدوي ‪ ،‬أو رجل‬ ‫من بني زهرة ‪ ،‬أو رجل من بني‬ ‫مخزوم ‪،‬فقال أين تعمد يا عمر ؟‬ ‫قال ‪ .‬أريد أن أقتل محمدا قال ‪:‬‬ ‫كيف تأمن من بني هاشم ومن بني‬ ‫زهرة وقد قتلت محمدا ؟ فقال له‬ ‫عمر ‪ :‬ما أراك إل قد صبوت وتركت‬ ‫دينك الذي كنت عليه ‪ ،‬قال أفل أدلك‬ ‫على العجب يا عمر ! إن أختك‬

‫وختنك قد صبوا ‪ ،‬وتركا دينك الذي‬ ‫أنت عليه ‪ ،‬فمشى عمر دامرا حتى‬ ‫أتاهما وعندهما خباب بن الرت معه‬ ‫صحيفة فيها طه يقرئهما إياها ـ‬ ‫وكان يختلف إليهما ويقرئهما‬ ‫القرآن فلما سمع خباب حس عمر‬ ‫توارى في البيت ‪ ،‬وسترت فاطمة ـ‬ ‫أخت عمر ـ الصحيفة ‪ ،‬وكان قد‬ ‫سمع عمر حين دنا من البيت قراءة‬ ‫خباب إليهما ‪ ،‬فلما دخل عليهما قال‬ ‫‪ :‬ما هذه الهينمة التي سمعتها‬ ‫عندكم ؟ فقال ‪ :‬ما عدا حديثا‬ ‫تحدثناه بيننا ‪ .‬قال فعللكما قد‬ ‫صبوتما ‪ .‬فقال له ختنه ‪ :‬يا عمر‬ ‫أرأيت إن كان الحق في غير دينك ؟‬ ‫فوثب عمر على ختنه فوطئه وطأ‬ ‫شديدا ‪ .‬فجاءت أخته فرفعته عن‬ ‫زوجها فنفحها نفحة بيده ‪ ،‬فدمى‬ ‫وجهها ـ وفي رواية ابن إسحاق أنه‬ ‫ضربها فشجها ـ فقالت ـ وهي‬ ‫غضبى ـ ‪ :‬يا عمر إن كان الحق في‬ ‫غير دينك ‪ ،‬أشهد أن ل إله إل الله ‪،‬‬ ‫وأشهد أن محمدا رسول الله ‪ .‬فلما‬ ‫يئس عمر ‪ ،‬ورأى ما بأخته من الدم‬

‫ندم واستحى ‪ ،‬وقال ‪ :‬أعطوني هذا‬ ‫الكتاب الذي عندكم فأقرؤه فقالت‬ ‫أخته ‪ :‬إنك رجس ‪ ،‬ول يمسه إل‬ ‫المطهرون ‪ ،‬فقم فاغتسل فقام‬ ‫فاغتسل ‪ ،‬ثم أخذ الكتاب ‪ ،‬فقرأ‬ ‫(بسم الله الرحمن الرحيم )فقال ‪:‬‬ ‫أسماء طيبة طاهرة ‪ .‬ثم قرأ ‪( :‬طه)‬ ‫حتى انتهى إلى قوله(إنني أنا الله ل‬ ‫إله إل أنا فاعبدني وأقم الصلة‬ ‫لذكرى )فقال‪:‬ما أحسن هذا الكلم‬ ‫وأكرمه ؟ دلوني على محمد ‪ .‬فلما‬ ‫سمع خباب قوله عمر خرج من‬ ‫البيت ‪ ،‬فقال ‪ :‬أبشر يا عمر ‪ ،‬فإنى‬ ‫أرجو أن تكون دعوة الرسول صلى‬ ‫الله عليه وسلم لك ليلة الخميس(‬ ‫اللهم أعز السلم بعمر بن الخطاب‬ ‫أو بأبي جهل بن هشام )ورسول‬ ‫الله صلى الله عليه وسلم في الدار‬ ‫التي في أصل الصفا ‪ .‬فأخذ عمر‬ ‫سيفه ‪ ،‬فتوشحه ‪ ،‬ثم انطلق حتى‬ ‫أتى الدار ‪ ،‬فضرب الباب ‪ ،‬فقام‬ ‫رجل ينظر من خلل الباب فرآه‬ ‫متوشحا السيف ‪ ،‬فأخبر رسول الله‬ ‫صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬واستجمع‬

‫القوم ‪ ،‬فقال لهم حمزة‪ :‬مالكم ؟‬ ‫قالوا ‪ :‬عمر ‪ ،‬فقال ‪ :‬وعمر ‪ ،‬افتحوا‬ ‫له الباب ‪ ،‬فإن كان جاء يريد خيرا‬ ‫بذلناه له ‪ ،‬وإن كان جاء يريد شرا‬ ‫قتلناه بسيفه ‪ ،‬ورسول الله صلى‬ ‫الله عليه وسلم داخل يوحى إليه‬ ‫فخرج إلى عمر حتى لقيه في‬ ‫الحجرة ‪ ،‬فأخذه بمجامع ثوبه‬ ‫وحمائل السيف ‪ ،‬ثم جبذه جبذة‬ ‫شديدة فقال أما أنت منتهيا يا عمر‬ ‫حتى ينزل الله بك من الخزي‬ ‫والنكال ما نزل بالوليد بن المغيرة ؟‬ ‫اللهم ! هذا عمر بن الخطاب ‪ ،‬اللهم‬ ‫أعز السلم بعمر بن الخطاب فقال‬ ‫عمر ‪ :‬أشهد أن ل إله إل الله ‪ ،‬وأنك‬ ‫رسول الله ‪ .‬وأسلم فكبر أهل الدار‬ ‫تكبيرة سمعها أهل المسجد ‪ .‬كان‬ ‫عمر رضي الله عنه ذا شكيمة ل‬ ‫يرام ‪ ،‬وقد أثار إسلمه ضجة بين‬ ‫المشركين بالذلة ‪،‬والهوان ‪ ،‬وكسا‬ ‫المسلمين عزة وشرفا وسرورا‪.‬‬ ‫روى ابن إسحاق بسنده عن عمر‬ ‫قال ‪ :‬لما أسلمت تذكرت أي أهل‬ ‫مكة أشد لرسول الله صلى الله عليه‬

‫وسلم عداوة ‪ ،‬قال‪ :‬قلت ‪ :‬أبو‬ ‫جهل ‪ ،‬فأتيت حتى ضربت عليه بابه‬ ‫فخرج إلي ‪ ،‬وقال أهل وسهل ‪ ،‬ما‬ ‫جاء بك ؟ قال ‪ :‬جئت لخبرك أني قد‬ ‫آمنت بالله وبرسوله محمد ‪،‬وصدقت‬ ‫بما جاء به ‪ .‬قال فضرب الباب في‬ ‫وجهي ‪ ،‬وقال قبحك الله ‪ ،‬وقبح ما‬ ‫جئت به‪ .‬وبعد أن أسلم عمر استشار‬ ‫النبي صلى الله عليه وسلم في أن‬ ‫يخرج المسلمون ويعلنوا إسلمهم‬ ‫في المسجد الحرام فأذن له‪ ،‬وخرج‬ ‫المسلمون ـ وهم يومئذ أربعون رجل‬ ‫ـ في صفين‪ ،‬يتقدم أحدهما حمزة‬ ‫بن عبد المطلب ويتقدم الثاني عمر‬ ‫بن الخطاب‪ ،‬وسماه النبي صلى الله‬ ‫عليه وسلم يومئذ بالفاروق‪ .‬عن‬ ‫أيوب بن موسى قال‪ :‬قال رسول‬ ‫الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬إن الله‬ ‫جعل الحق على لسان عمر وقلبه‪،‬‬ ‫وهو الفاروق‪ ،‬فرق الله به بين الحق‬ ‫والباطل"‪ .‬وبإسلمه رضي الله عنه‬ ‫قويت شوكة المسلمين وأعلنوا‬ ‫بإيمانهم‪ ،‬عن عبد الله بن مسعود‬ ‫قال‪" :‬كان إسلم عمر فتحا‪ ،‬وكانت‬

‫هجرته نصرا‪ ،‬وكانت إمارته رحمة‪.‬‬ ‫ولقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي‬ ‫في البيت حتى أسلم عمر‪ ،‬فلما‬ ‫أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا‬ ‫فصلينا" وعندما جاء المر بالهجرة‬ ‫إلى المدينة هاجر عمر ‪ ،‬وتعمد أن‬ ‫يهاجر في العلن ليغيظ الكفار‪،‬‬ ‫فطاف بالبيت سبعا‪ ،‬ثم أتى المقام‬ ‫فصلى متمكنا‪ ،‬ثم وقف في كامل‬ ‫سلحه وقال للمشركين‪ :‬شاهت‬ ‫الوجوه‪ ،‬ل يرغم الله إل هذه‬ ‫المعاطس ـ أي النوف ـ من أراد أن‬ ‫تثكله أمه‪ ،‬ويوتم ولده‪ ،‬ويرمل‬ ‫زوجته‪ ،‬فليلقني وراء هذا الوادي‪.‬‬ ‫فما تبعه أحد‪ .‬شهد عمر بن الخطاب‬ ‫جميع الغزوات مع النبي صلى الله‬ ‫عليه وسلم‪ ،‬وكان من أقرب الناس‬ ‫إلى قلبه‪ ،‬عن عبد الله بن عباس‬ ‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬ ‫وسلم‪" :‬وزيراي من أهل السماء‬ ‫جبريل وميكائيل‪ ،‬ووزيراي من أهل‬ ‫الرض أبو بكر وعمر"‪ .‬وقال‪" :‬لو‬ ‫كان بعدي نبي لكان عمر بن‬ ‫الخطاب"‪ .‬وعمر هو أحد المبشرين‬

‫بالجنة‪ ،‬وهو أبو حفصة أم المؤمنين‬ ‫رضي الله عنها‪ .‬وكثيرا ما نزل‬ ‫القرآن الكريم موافقا لراء عمر‪،‬‬ ‫عن عبد الله بن عمر قال‪" :‬ما نزل‬ ‫بالناس أمر قط فقالوا فيه‪ ،‬وقال‬ ‫فيه عمر ـ أو قال ابن الخطاب ـ إل‬ ‫نزل فيه القرآن على نحو ما قال‬ ‫عمر"‪ .‬اشتهر رضي الله عنه بالزهد‪،‬‬ ‫وسعة العلم‪ ،‬والجرأة في الحق‪،‬‬ ‫وبعدما تولى الخلفة صار مضرب‬ ‫المثل في العدل في زمانه وإلى‬ ‫يوم الناس هذا‪ .‬عن ابن عباس قال‪:‬‬ ‫أكثروا ذكر عمر‪ ،‬فإنكم إذا ذكرتموه‬ ‫ذكرتم العدل‪ ،‬وإذا ذكرتم العدل‬ ‫ذكرتم الله تبارك وتعالى‪ .‬تولى عمر‬ ‫خلفة المسلمين بعد وفاة أبي بكر‬ ‫الصديق رضي الله عنه‪ ،‬وذلك في‬ ‫السنة الثالثة عشر من الهجرة‪،‬‬ ‫ودامت خلفته عشر سنوات وستة‬ ‫أشهر وخمس ليال‪ .‬وفي عهده‬ ‫أصبحت دولة السلم الدولة‬ ‫العظمى الولى في العالم‪ ،‬حيث‬ ‫تمت الفتوحات التي بدأت في عهد‬ ‫أبي بكر رضي الله عنه‪ ،‬وكسرت‬

‫شوكة الروم‪ ،‬وزالت دولة الفرس‬ ‫نهائيا من الوجود؛ ففتح العراق‪،‬‬ ‫والشام‪ ،‬ومصر‪ ،‬والجزيرة‪ ،‬وديار‬ ‫بكر‪ ،‬وأرمينية‪ ،‬وأرانيه‪ ،‬وبلد الجبال‪،‬‬ ‫وبلد فارس‪ ،‬وخوزستان‪ ،‬وغيرها‪.‬‬ ‫وأدر عمر العطاء على الناس‪ ،‬وجعل‬ ‫نفسه بمنزلة الجير وكآحاد‬ ‫المسلمين في بيت المال‪ .‬وكان‬ ‫عمر بن الخطاب أعسر يسر‪ :‬يعمل‬ ‫بيديه‪ ،‬وكان أصلع طويل‪ ،‬أبيض‬ ‫البشرة‪ ،‬إل أن لون بشرته تغير عام‬ ‫الرمادة ـ عام الشدة والقحط ـ لنه‬ ‫أكثر من أكل الزيت‪ ،‬وحرم على‬ ‫نفسه السمن واللبن حتى يخصب‬ ‫الناس وتنصلح أحوالهم؛ فتغير لونه‬ ‫لذلك‪ .‬وهو أول من سمي بأمير‬ ‫المؤمنين‪ ،‬وأول من اتخذ التاريخ‬ ‫الهجري ‪ ،‬وأول من جمع الناس على‬ ‫قيام رمضان‪ ،‬وأول من دون‬ ‫الدواوين في الدولة السلمية‪.‬‬ ‫استشهد رضي الله عنه بعد أن طعن‬ ‫يوم الربعاء لربع ليال بقين من ذي‬ ‫الحجة سنة ثلث وعشرين من‬ ‫الهجرة‪ ،‬وهو ابن ثلث وستين سنة‪،‬‬

‫طعنه أبو لؤلؤة المجوسي وهو‬ ‫يصلي بالناس‪ ،‬وقال عمر حين عرف‬ ‫شخصية قاتله‪ :‬الحمد لله الذي لم‬ ‫يجعل منيتي بيد رجل يدعي‬ ‫السلم! ومكث ثلثا‪ ،‬ثم دفن يوم‬ ‫الحد صباح هلل المحرم سنة أربع‬ ‫وعشرين‪ ،‬بجوار قبري النبي صلى‬ ‫الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر‬ ‫رضي الله عنه‪.‬‬

‫عثمان بن عفان‬ ‫"ذا النورين"‬ ‫عثمان بن عفان بن أبي العاص بن‬ ‫أمية بن عبد شمس بن عبد مناف‬ ‫الموي‪ .‬ثالث الخلفاء الراشدين‪،‬‬ ‫وأحد العشرة المبشرين بالجنة‪.‬‬ ‫أسلم في أول السلم على يد أبى‬ ‫بكر‪ ،‬تزوج ابنة الرسول صلى الله‬ ‫عليه وسلم رقية‪ ،‬ثم لما ماتت زوجه‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‬ ‫بأختها أم كلثوم فسمي ذا النورين‪.‬‬ ‫هاجر هجرتي الحبشة‪ ،‬ثم هاجر إلى‬

‫المدينة‪ ،‬وكان ثريا كثير النفقات‬ ‫فقد جهز وحده نصف جيش العسرة‪،‬‬ ‫واشترى بئر رومة التي في المدينة‬ ‫بماله وجعلها لبن السبيل‪ ،‬وكان‬ ‫حييا تستحي منه الملئكة‪ ،‬بشره‬ ‫النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة‬ ‫وببيت في الجنة‪ .‬ولى الخلفة بعد‬ ‫مقتل عمر سنة أربع وعشرين‬ ‫للهجرة‪ ،‬وخرج عليه في آخر حياته‬ ‫بعض أهل مصر والبصرة والكوفة‬ ‫والمدينة‪ ،‬فحاصروه‪ ،‬وأبى أن‬ ‫يقاتلهم ـ مع قدرته على ذلك ـ حقنا‬ ‫لدماء المسلمين‪ ،‬حتى تسور عليه‬ ‫بعضهم البيت فقتلوه وهو يقرأ‬ ‫القرآن‪ ،‬وكان مقتله رضي الله عنه‬ ‫وأرضاه فاجعة عظيمة روعت‬ ‫المؤمنين‪ ،‬وفتحت عليهم أبواب‬ ‫الفتنة زمنا طويل‪ ،‬وكان ذلك سنة‬ ‫خمس وثلثين للهجرة‪ ،‬وعمره آنئذ‬ ‫بضعا وثمانين‪ ،‬رحمه الله رحمة‬ ‫واسعة‪ ،‬وأسكنه فسيح جناته‪ ،‬ول‬ ‫غفر لقاتليه‪ .‬وعرف هذا اليوم‬ ‫السود بيوم الدار‪.‬‬

‫علي بن أبي طالب‬ ‫هو علي بن أبي طالب‪ ،‬وأبو طالب‬ ‫هو عبد مناف بن عبد المطلب بن‬ ‫هاشم بن عبد مناف القرشي‬ ‫الهاشمي‪ .‬ابن عم النبي صلى الله‬ ‫عليه وسلم وزوج ابنته فاطمة سيدة‬ ‫نساء العالمين‪ ،‬وأبو السبطين‬ ‫الحسن والحسين سيدي شباب أهل‬ ‫الجنة‪ .‬وعلى هو أول من أسلم من‬ ‫الصبيان أسلم بعد خديجة وأبي بكر‪،‬‬ ‫وقيل بل قبل أبي بكر‪ ،‬وعمره عشر‬ ‫سنين أوخمس عشرة سنة‪ ،‬وهو من‬ ‫العشرة المبشرين بالجنة‪ ،‬تآخى‬ ‫النبي صلى الله عليه وسلم معه‬ ‫عندما آخى بين المسلمين‪ ،‬وقال‬ ‫أنت أخي في الدنيا والخرة‪ .‬نام في‬ ‫فراش النبي صلى الله عليه وسلم‬ ‫لما خرج مهاجرا‪ ،‬وتغطى ببردته‬

‫ليعمى على المشركين المرابضين‬ ‫أمام بيت النبي صلى الله عليه‬ ‫وسلم‪ ،‬وأمره أن يؤدي ما كان عنده‬ ‫من المانات إلى أهلها‪ .‬ثم هاجر‬ ‫متخفيا ماشيا فتورمت قدماه من‬ ‫كثرة المشي حتى قدم المدينة‪،‬‬ ‫وشهد بدرا وأبلى فيها بلء حسنا‪،‬‬ ‫وشهد أحدا وأصيب فيها بست‬ ‫عشرة إصابة‪ ،‬وكان حامل اللواء بعد‬ ‫استشهاد مصعب بن عمير‪ ،‬وشهد‬ ‫المشاهد كلها إل يوم تبوك‪ ،‬فإن‬ ‫النبي صلى الله عليه وسلم رده إلى‬ ‫المدينة واستخلفه على أهله وقال‬ ‫له‪" :‬أل ترضى أن تكون مني بمنزلة‬ ‫هارون من موسى‪ ،‬إل أنه ل نبي‬ ‫بعدي"‪ .‬وفي يوم خيبر‪ ،‬أعطى النبي‬ ‫صلى الله عليه وسلم الراية في أول‬ ‫يوم لبي بكر‪ ،‬فلم يفتح له‪،‬‬ ‫فأعطاها لعمر في اليوم الثاني فلم‬ ‫يفتح له‪ ،‬فقال‪" :‬لعطين الراية غدا‬ ‫رجل يحب الله ورسوله‪ ،‬ويحبه الله‬ ‫ورسوله يفتح الله على يديه"‪،‬‬ ‫فأعطاها عليا‪ ،‬وفتح الله على يديه‪.‬‬ ‫وكان علي عالما يسأله الناس ول‬

‫يسألون بعده أحدا‪ ،‬وكان عمر‬ ‫يستعيذ من معضلة ول أبا الحسن‬ ‫لها‪ ،‬وقد وله النبي صلى الله عليه‬ ‫وسلم قضاء اليمن‪ ،‬وعلى هو الذي‬ ‫قتل عمرو بن عبد ود فارس العرب‪.‬‬ ‫بايع أبا بكر بعد وفاة النبي صلى‬ ‫الله عليه وسلم وعاونه‪ ،‬وبايع عمر‬ ‫من بعده وعاونه‪ ،‬وبايع عثمان‬ ‫وعاونه‪ ،‬وآزره في فتنته مؤازرة‬ ‫شديدة‪ ،‬فقد عرض عليه أن يأتيه‬ ‫بأبنائه فيقاتلوا دونه‪ ،‬ويفكوا‬ ‫حصاره‪ ،‬ولكن عثمان رفض حقنا‬ ‫للدماء‪ ،‬فلما قتل عثمان أجمع‬ ‫الناس على مبايعة علي بالخلفة‪،‬‬ ‫فبايعوه واختلف عليه بعض الناس‪،‬‬ ‫فتخلف معاوية في أهل الشام‪،‬‬ ‫وامتنعوا عن بيعته‪ ،‬وحاربه معاوية‬ ‫مطالبا بدم عثمان‪ ،‬وكانت فتنة‬ ‫شديدة على المسلمين‪ ،‬وقعت فيها‬ ‫موقعتان شهيرتان هما الجمل‬ ‫وصفين‪ ،‬وبعدهما اتفق علي‬ ‫ومعاوية على التحكيم حقنا لدماء‬ ‫ى فريق‬ ‫المسلمين‪ ،‬فخرج على عل ّ‬ ‫من أصحابه رفضا لقبوله التحكيم‬

‫بينه وبين معاوية‪ ،‬وهؤلء الذين‬ ‫خرجوا على علي هم الخوارج‪ ،‬وقد‬ ‫قاتلهم علي رضي الله عنه‪ ،‬وقتل‬ ‫كثيرا منهم‪ ،‬محققا بذلك نبوءة‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم له‪.‬‬ ‫وقرر ثلثة من الخوارج قتل علي‬ ‫ومعاوية وعمرو بن العاص‪ ،‬وتوجه‬ ‫كل واحد إلى الرجل الذي اختار أن‬ ‫يقتله‪ ،‬فلم يفلح منهم في هدفه‬ ‫ى وهو عبد الرحمن بن‬ ‫غير قاتل عل ّ‬ ‫ملجم‪ ،‬ضربه غيلة وغدرا بسيف‬ ‫مسموم وهو في طريقه لصلة‬ ‫الصبح في رمضان سنة أربعين‬ ‫للهجرة‪ .‬كان على بن أبي طالب‬ ‫رضي الله عنه واسع العلم‪ ،‬يسأله‬ ‫كثير من الصحابة‪ ،‬حتى قال ابن‬ ‫عباس‪ :‬لقد أعطي علي تسعة‬ ‫أعشار العلم‪ ،‬وايم الله لقد شاركهم‬ ‫في العشر العاشر‪.‬‬

‫الزبير بن العوام‬ ‫"حواري الرسول "‬ ‫هو الزبير بن العوام بن خويلد بن‬ ‫أسد بن عبد العزى بن قصي بن‬ ‫كلب‪ ،‬كنيته أبو عبد الله‪ ،‬حواري‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‬ ‫وابن عمته صفية‪ .‬أسلم وهو ابن‬ ‫خمس عشرة سنة وقيل ابن اثنتي‬ ‫عشرة سنة وهو من السبعة‬ ‫السابقين إلى السلم‪ .‬وزوج أسماء‬ ‫بنت أبي بكر "ذات النطاقين" هو‬ ‫أول من سل سيفه في السلم‬ ‫وذلك بمكة حين أشيع أن النبي‬ ‫صلى الله عليه وسلم قد قتل‪ ،‬فسل‬ ‫الزبير سيفه وأقبل على الرسول‬ ‫صلى الله عليه وسلم بأعلى مكة‪،‬‬ ‫فقال‪" :‬مالك يا زبير"‪ ،‬قال‪ :‬أخبرت‬ ‫أنك أخذت‪،‬فصلى عليه النبي صلى‬ ‫الله عليه وسلم ودعا له ولسيفه‪.‬‬

‫وهاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة‪،‬‬ ‫شهد بدرا والمواقع كلها وكان من‬ ‫أعظم الفرسان وأشجعهم قال عنه‬ ‫عمر‪ :‬الزبير ركن من أركان الدين‪.‬‬ ‫اشتهر بالجود والكرم‪ ،‬وروي عنه أنه‬ ‫كان له ألف مملوك يؤدون إليه خراج‬ ‫أرضه‪ ،‬فما يدخل بيته منها درهما‬ ‫واحدا‪ ،‬بل يتصدق بذلك كله‪ .‬هو أحد‬ ‫العشرة المبشرين بالجنة‪ ،‬وأحد‬ ‫الستة الذين اختارهم عمر للخلفة‬ ‫من بعده‪ ،‬وسمى أبناءه بأسماء‬ ‫شهداء الصحابة‪ .‬شهد الجمل محاربا‬ ‫لعلي‪ ،‬فاختلى به علي يومها وكلمه‬ ‫فرجع وترك القتال‪ ،‬ولكن عبد الله‬ ‫بن جرموذ تبعه فقتله غدرا‪ ،‬وحمل‬ ‫رأسه وسيفه إلى على‪ ،‬فبكاه على‬ ‫وقبل سيفه ولم يأذن لقاتله‬ ‫بالدخول عليه وبشره بالنار‪ .‬وكان‬ ‫ذلك في سنة ‪ 36‬وكان عمر الزبير‬ ‫وقتها ‪ 67‬سنة‪.‬‬

‫سعد بن أبي وقاص‬ ‫هو سعد بن مالك بن وهيب بن عبد‬ ‫مناف بن زهرة القرشي الزهري‪،‬‬ ‫من أوائل المسلمين‪ ،‬أسلم وسنه‬ ‫سبع عشرة سنة‪ ،‬وهو أحد العشرة‬ ‫المبشرين بالجنة‪ ،‬وأحد أصحاب‬ ‫الشورى الستة الذين اختارهم عمر‬ ‫عند وفاته‪ ،‬لختيار خليفة منهم‪.‬‬ ‫وهو أول من أراق دما في سبيل‬ ‫الله‪ ،‬وذلك حين اعترض المشركون‬ ‫سبيل المسلمين‪ ،‬عندما أرادوا‬ ‫الصلة في أحد شعاب مكة‪ ،‬فضرب‬ ‫سعد رجل من المشركين بعظم‬ ‫جمل فشجه‪ ،‬فكان أول دم أريق في‬ ‫السلم‪ .‬وهو أول من رمى بسهم‬ ‫في سبيل الله أيضا‪ .‬ودعا له رسول‬ ‫الله صلى الله عليه وسلم فقال‪:‬‬ ‫"اللهم استجب لسعد إذا دعاك" ‪،‬‬ ‫فكان ل يدعو إل استجيب له‪ .‬شهد‬ ‫جميع الغزوات مع رسول الله صلى‬ ‫الله عليه وسلم‪ ،‬وأبلى بلء حسنا‬ ‫يوم أحد‪ ،‬فقال له رسول الله صلى‬ ‫الله عليه وسلم‪ :‬ارم فداك أبي‬ ‫وأمي‪ .‬وروي أنه رمى يومها ألف‬

‫سهم‪ .‬أمره عمر على الجيوش التي‬ ‫سيرها لقتال الفرس‪ ،‬فكان قائدا‬ ‫للجيش الذي هزم الفرس‬ ‫بالقادسية‪ ،‬وهو الذي فتح مدائن‬ ‫كسرى‪ ،‬وهو الذي بنى الكوفة‪ .‬وله‬ ‫عمر على العراق‪ ،‬وكذلك وله‬ ‫عثمان على الكوفة‪ .‬وفي زمن‬ ‫الفتنة اعتزل سعد الفريقين‪.‬‬ ‫وتوفي سعد رضي الله عنه سنة‬ ‫خمس وخمسين تقريبا‪ ،‬ودفن‬ ‫بالمدينة‪ ،‬وكان آخر المهاجرين‬ ‫وفاة‪.‬‬

‫أبو عبيدة بن الجراح‬ ‫"أمين هذه المة"‬ ‫هو عامر بن عبد الله بن الجراح بن‬ ‫هلل بن ضبة بن الحارث بن فهر‪،‬‬ ‫من كنانة وكنيته أبو عبيدة‪ .‬من‬

‫السابقين الولين إلى السلم‪ ،‬وهو‬ ‫أمين هذه المة‪ ،‬وهو أحد العشرة‬ ‫المبشرين بالجنة‪ ،‬هاجر إلى‬ ‫الحبشة‪ ،‬ثم عاد إلى مكة‪ ،‬وهاجر‬ ‫إلى المدينة‪ .‬شهد بدرا‪ ،‬والمشاهد‬ ‫كلها‪ ،‬ويوم بدر قتل أبو عبيدة أباه‪،‬‬ ‫فقد كان كافرا يلحق أبا عبيدة‬ ‫ليقتله‪ .‬وله عمر قيادة الجيوش‪.‬‬ ‫ومات أبو عبيدة في طاعون عمواس‬ ‫سنة ثمان عشرة للهجرة ‪.‬‬

‫طلحة بن عبيد الله‬ ‫"طلحة الخير "‬ ‫هو طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن‬ ‫عمرو بن كعب بن سعد القرشي‬ ‫التميمي‪ .‬من السابقين إلى‬ ‫السلم‪ ،‬وممن عذبوا في الله عذابا‬ ‫شديدا‪ ،‬وهو أحد العشرة المبشرين‬ ‫بالجنة‪ .‬لم يشهد بدرا لنه كان‬ ‫يتحسس أخبار المشركين بالشام‪،‬‬ ‫سماه النبي صلى الله عليه وسلم‬ ‫يوم أحد طلحة الخير‪ ،‬ويوم حنين‬

‫طلحة الجود‪ ،‬ويوم العسرة طلحة‬ ‫الفياض‪ ،‬أبلى يوم أحد بلء حسنا‪،‬‬ ‫وحمل الرسول على كتفيه‪ ،‬وأصيب‬ ‫بضعا وسبعين إصابة‪ ،‬وقطعت‬ ‫إصبعه‪ .‬كان ثريا كثير الموال‪ ،‬كثير‬ ‫الصدقات‪ .‬اختاره عمر بن الخطاب‬ ‫عند وفاته ضمن ستة‪ ،‬هم أصحاب‬ ‫الشورى؛ ليختاروا خليفة للمسلمين‬ ‫من بينهم‪ .‬وقد كان شديدا على‬ ‫عثمان في فتنته‪ ،‬ولكنه لم يرض‬ ‫بقتله‪ ،‬وكان يقول‪" :‬اللهم خذ مني‬ ‫لعثمان حتى ترضى"‪ .‬اشترك في‬ ‫حرب الجمل ضد علي‪ ،‬ولكن عليا‬ ‫كلمه وكلم الزبير فرجعا عن قتاله‪،‬‬ ‫ولكنهما قتل والذي قتل طلحة هو‬ ‫مروان بن الحكم‪.‬‬

‫عبد الرحمن بن عوف‬ ‫عبد الرحمن بن عوف أحد الثمانية‬ ‫السابقين الى السلم ‪ ،‬عرض عليه‬ ‫غـ َّ‬ ‫أبو بكر السلم فما ُ‬ ‫م عليه المر‬ ‫ول أبطأ ‪ ،‬بل سارع الى الرسول‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪ -‬يبايعه وفور‬‫إسلمه حمل حظـه من اضطهاد‬ ‫المشركين ‪ ،‬هاجر الى الحبشة‬ ‫الهجـرة الولى والثانيـة ‪ ،‬كما هاجر‬ ‫الى المدينـة مع المسلميـن وشهـد‬ ‫ُ‬ ‫حد‬ ‫المشاهد كلها ‪ ،‬فأصيب يوم أ ُ‬ ‫بعشريـن جراحا إحداها تركت عرجا‬ ‫دائما في ساقه ‪ ،‬كما سقطت بعـض‬ ‫ثناياه فتركت هتما واضحا في نطقه‬ ‫وحديثه التجارة كان ‪-‬رضي الله عنه‪-‬‬ ‫جبه‬ ‫محظوظا بالتجارة إلى حد أثار َ‬ ‫ع َ‬ ‫فقال لقد رأيتني لو رفعت حجرا‬ ‫لوجدت تحته فضة وذهبا ) وكانت‬ ‫التجارة عند عبد الرحمن بن عوف‬ ‫عمل ً وسعيا ً ل لجمع المال ولكن‬ ‫للعيش الشريف ‪ ،‬وهذا ما نراه حين‬ ‫آخى الرسول ‪-‬صلى الله عليه‬

‫وسلم‪ -‬بين المهاجرين والنصار ‪،‬‬ ‫فآخى بين عبد الرحمن بن عوف و‬ ‫سعد بن ربيع ‪،‬فقال سعد لعبد‬ ‫الرحمن أخي أنا أكثر أهل المدينة‬ ‫مال ‪ ،‬فانظر شطر مالي فخذه ‪،‬‬ ‫وتحتي امرأتان ‪ ،‬فانظر أيتهما‬ ‫أعجب لك حتى أطلّقها وتتزوجها )‬ ‫فقال عبد الرحمن بارك الله لك في‬ ‫أهلك ومالك ‪ ،‬دُلوني على السوق )‬ ‫وخرج الى السوق فاشترى وباع‬ ‫وربح حق الله كانت تجارة عبد‬ ‫الرحمن بن عوف ليست له وحده ‪،‬‬ ‫وإنما لله والمسلمون حقا فيها ‪،‬‬ ‫فقد سمع الرسول ‪-‬صلى الله عليه‬ ‫وسلم‪ -‬يقول يوما يا بن عوف إنك‬ ‫من الغنياء ‪ ،‬وإنك ستدخل الجنة‬ ‫حبْوا ‪ ،‬فأقرض الله يُطلق لك قدميك‬ ‫َ‬ ‫) ومنذ ذاك الحين وهو يقرض الله‬ ‫قرضـا حسنا ‪ ،‬فيضاعفـه الله له‬ ‫أضعافـا ‪ ،‬فقد باع يوما أرضا‬ ‫بأربعين ألف دينار فّرقها جميعا على‬ ‫أهله من بني ُزهرة وأمهات‬ ‫المسلمين وفقراء المسلمين ‪،‬وقدّم‬ ‫خمسمائة فرس لجيوش السلم ‪،‬‬

‫ويوما آخر ألفا وخمسمائة راحلة ‪،‬‬ ‫وعند موته أوصى بخمسين ألف‬ ‫دينار في سبيل الله ‪ ،‬وأربعمائة‬ ‫دينار لكل من بقي ممن شهدوا بدرا‬ ‫حتى وصل للخليفة عثمان نصيبا من‬ ‫الوصية فأخذها وقال إن مال عبد‬ ‫ص ْ‬ ‫مة‬ ‫فو ‪ ،‬وإن الطُ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫الرحمن حلل َ‬ ‫منه عافية وبركة ) وبلغ من جود عبد‬ ‫الرحمن بن عوف أنه قيل أهل‬ ‫المدينة جميعا شركاء لبن عوف في‬ ‫ماله ‪ ،‬ثُلث يقرضهم ‪ ،‬وثُلث يقضي‬ ‫صلَهم‬ ‫عنهم ديونهم ‪ ،‬وثلث ي ِ‬ ‫ب كثير ‪،‬‬ ‫ويُعطيهم ) وخلّف بعده ذه ُ‬ ‫ضرب بالفؤوس حتى مجلت منه‬ ‫ُ‬ ‫أيدي الرجال قافلة اليمان في أحد‬ ‫اليام اقترب على المدينة ريح تهب‬ ‫قادمة اليها حسبها الناس عاصفة‬ ‫تثير الرمال ‪ ،‬لكن سرعان ما تبين‬ ‫أنها قافلة كبيرة مو َ‬ ‫قرة الحمال‬ ‫تزحم المدينة وتر َّ‬ ‫جا ‪ ،‬وسألت‬ ‫جها ر ّ‬ ‫أم المؤمنين عائشة ‪-‬رضي الله‬ ‫عنها‪ -‬ما هذا الذي يحدث في المدينة‬ ‫؟) وأُجيبت أنها قافلة لعبد الرحمن‬ ‫بن عوف أتت من الشام تحمل تجارة‬

‫له َ‬ ‫جبَت أم المؤمنين قافلة تحدث‬ ‫ف َ‬ ‫ع ِ‬ ‫جة ؟) فقالوا لها أجل يا‬ ‫كل هذه الر ّ‬ ‫أم المؤمنين ‪ ،‬إنها سبعمائة راحلة )‬ ‫وهّزت أم المؤمنين رأسها وتذكرت‬ ‫أما أني سمعت رسول الله ‪-‬صلى‬ ‫الله عليه وسلم‪ -‬يقول رأيت عبد‬ ‫حبْوا )‬ ‫الرحمن بن عوف يدخل الجنة َ‬ ‫ووصلت هذه الكلمات الى عبد‬ ‫الرحمن بن عوف ‪ ،‬فتذكر أنه سمع‬ ‫هذا الحديث من النبي ‪-‬صلى الله‬ ‫عليه وسلم‪ -‬أكثر من مرة ‪ ،‬فح َّ‬ ‫ث‬ ‫خطاه الى السيدة عائشة وقال لها‬ ‫ُ‬ ‫لقد ذكَّرتني بحديث لم أنسه ) ثم‬ ‫قال أما إني أشهدك أن هذه القافلة‬ ‫سها في‬ ‫حل ِ‬ ‫بأحمالها وأقتابها وأ ْ‬ ‫حمولة سبعمائة‬ ‫ز َ‬ ‫عت ُ‬ ‫سبيل الله ) وو ّ ِ‬ ‫راحلة على أهل المدينة وما حولها‬ ‫الخوف وثراء عبد الرحمن ‪-‬رضي‬ ‫الله عنه‪ -‬كان مصدر إزعاج له‬ ‫وخوف ‪ ،‬فقد جيء له يوما بطعام‬ ‫الفطار وكان صائما ‪ ،‬فلما وقعت‬ ‫عليه عيناه فقد شهيته وبكى ثم‬ ‫قال استشهد مصعب بن عمير وهو‬ ‫خير مني فكُـ ّ‬ ‫فـن في بردة إن غطّت‬

‫رأسه بدت رجله ‪ ،‬وإن غطّت رجله‬ ‫بدا رأسه ‪ ،‬واستشهد حمزة وهو خير‬ ‫مني ‪ ،‬فلم يوجد له ما يُكَـ ّ‬ ‫فـن فيه‬ ‫سـ َ‬ ‫ط لنا في الدنيا ما‬ ‫إل بردة ‪ ،‬ثم ب ُ ِ‬ ‫بُسـط ‪ ،‬وأعطينا منها ما أعطينا‬ ‫جلـت لنا‬ ‫وإني لخشى أن نكون قد ُ‬ ‫ع ّ‬ ‫حسناتنا ) كما وضع الطعام أمامه‬ ‫يوما وهو جالس مع أصحابه فبكى ‪،‬‬ ‫وسألوه ما يبكيك يا أبا محمد ؟) قال‬ ‫لقد مات رسول الله ‪-‬صلى الله عليه‬ ‫وسلم‪ -‬وما شبع هو وأهل بيته من‬ ‫خرنا لما هو‬ ‫خبز الشعير ‪ ،‬ما أرانا أ ّ‬ ‫خير لنا ) وخوفه هذا جعل الكبر ل‬ ‫يعرف له طريقا ‪ ،‬فقد قيل أنه لو‬ ‫رآه غريب ل يعرفه وهو جالس مع‬ ‫خدمه ‪ ،‬ما استطاع أن يميزه من‬ ‫بينهم ) الهروب من السلطة كان‬ ‫عبد الرحمن بن عوف من الستة‬ ‫أصحاب الشورى الذين جعل عمر‬ ‫الخلفة لهم من بعده قائل لقد‬ ‫توفي رسول الله وهو عنهم راض )‬ ‫وأشار الجميع الى عبد الرحمن في‬ ‫أنه الحق بالخلفة فقال والله لن‬ ‫حلْقي ‪ ،‬ثم‬ ‫مدْية فتوضع في َ‬ ‫تُؤخذ ُ‬

‫يُن ْ َ‬ ‫فذ بها إلى الجانب الخر ‪ ،‬أحب‬ ‫ي من ذلك ) وفور اجتماع الستة‬ ‫إل ّ‬ ‫لختيار خليفة الفاروق تنازل عبد‬ ‫الرحمن بن عوف عن حقه الذي‬ ‫أعطاه إياه عمر ‪ ،‬وجعل المر بين‬ ‫الخمسة الباقين ‪ ،‬فاختاروه ليكون‬ ‫الحكم بينهم وقال له علي ‪-‬كرم الله‬ ‫وجهه‪ -‬لقد سمعت رسول الله‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪ -‬يص َ‬‫فك بأنك‬ ‫أمين في أهل السماء ‪ ،‬وأمين في‬ ‫أهل الرض ) فاختار عبد الرحمن بن‬ ‫عوف ( عثمان بن عفان ) للخلفة ‪،‬‬ ‫ووافق الجميع على إختياره وفاته‬ ‫في العام الثاني والثلثين للهجرة‬ ‫جاد بأنفاسه ‪-‬رضي الله عنه‪-‬‬ ‫خ َّ‬ ‫صه‬ ‫وأرادت أم المؤمنين أن ت ُ‬ ‫ص به سواه ‪ ،‬فعرضت‬ ‫بشرف لم تخ ّ‬ ‫عليه أن يُدفن في حجرتها الى جوار‬ ‫الرسول وأبي بكر وعمر ‪ ،‬لكنه‬ ‫استحى أن يرفع نفسه الى هذا‬ ‫الجوار ‪ ،‬وطلب دفنه بجوار عثمان‬ ‫بن مظعون إذ تواثقا يوما أيهما مات‬ ‫بعد الخر يدفن الى جوار صاحبه‬ ‫وكانت يتمتم وعيناه تفيضان بالدمع‬

‫إني أخاف أن أحبس عن أصحابي‬ ‫لكثرة ما كان لي من مال ) ولكن‬ ‫سرعان ما غشته السكينة واشرق‬ ‫ه َ‬ ‫فت أذناه للسمع كما لو‬ ‫وجهه وأْر ِ‬ ‫كان هناك من يحادثه ‪ ،‬ولعله سمع‬ ‫ما وعده الرسول ‪-‬صلى الله عليه‬ ‫وسلم‪ -‬عبد الرحمن بن عوف في‬ ‫الجنة ) ‪...‬‬

‫سعيد بن زيد القرشي‬

‫سعيد بن زيد بن عمرو بن ن ُ َ‬ ‫فيْل‬ ‫العدوي القرشي ‪ ،‬أبو العور ‪ ،‬من‬ ‫خيار الصحابة ابن عم عمر بن‬ ‫الخطاب وزوج أخته ‪ ،‬ولد بمكة عام (‬ ‫‪ 22‬قبل الهجرة ) وهاجر الى‬ ‫المدينـة ‪ ،‬شهد المشاهد كلها إل‬ ‫بدرا لقيامه مع طلحة بتجسس خبر‬ ‫العير ‪ ،‬وهو أحد العشرة المبشرين‬ ‫بالجنة ‪ ،‬كان من السابقين الى‬ ‫السلم هو وزوجته أم جميل‬ ‫( فاطمة بنت الخطـاب ) والده وأبوه‬ ‫رضي الله عنه‪ ( -‬زيـد بن عمرو )‬‫حـد‬ ‫اعتزل الجاهليـة وحالتها وو ّ‬

‫اللـه تعالى بغيـر واسطـة حنيفيـا ً ‪،‬‬ ‫وقد سأل سعيـد بن زيـد الرسول‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪ -‬فقال يا‬‫رسـول الله ‪ ،‬إن أبـي زيـد بن عمرو‬ ‫غك ‪،‬‬ ‫بن نفيل كان كما رأيت وكما بَل َ َ‬ ‫ولو أدركك آمن بـك ‪ ،‬فاستغفر له ؟)‬ ‫قال نعم ) واستغفر له وقال إنه‬ ‫ة وحدَهُ )‬ ‫م ً‬ ‫يجيءَ يوم القيامة أ ّ‬ ‫المبشرين بالجنة روي عن سعيد بن‬ ‫زيد أنه قال ‪ :‬قال رسول الله ‪-‬صلى‬ ‫الله عليه وسلم‪ -‬عشرة من قريش‬ ‫في الجنة ‪ ،‬أبو بكر ‪ ،‬وعمر ‪ ،‬وعثمان‬ ‫ي ‪ ،‬وطلحة ‪ ،‬والزبير ‪ ،‬وعبد‬ ‫‪ ،‬وعل ّ‬ ‫الرحمن بن عوف ‪ ،‬وسعد بن مالك (‬ ‫بن أبي وقاص ) ‪ ،‬وسعيد بن زيد بن‬ ‫عمرو بن ن ُ َ‬ ‫فيل ‪ ،‬و أبو عبيدة بن‬ ‫الجراح ) رضي الله عنهم أجمعين‬ ‫الدعوة المجابة كان ‪-‬رضي الله عنه‪-‬‬ ‫مجاب الدعوة ‪ ،‬وقصته مشهورة مع‬ ‫ُ‬ ‫أروى بنت أوس ‪ ،‬فقد شكته الى‬ ‫مروان بن الحكم ‪ ،‬وادَّعت عليه أنّه‬ ‫غصب شيئا ً من دارها ‪ ،‬فقال اللهم‬ ‫عم ِ بصرها ‪،‬‬ ‫إن كانت كاذبة فا ْ‬ ‫واقتلها في دارها ) فعميت ثم تردّت‬

‫في بئر دارها ‪ ،‬فكانت منيّتُها الولية‬ ‫كان سعيد بن زيد موصوفا ً بالزهد‬ ‫ما فتح أبو‬ ‫ولة ‪ ،‬ول ّ‬ ‫محترما ً عند ال ُ‬ ‫عبيدة بن الجراح دمشق ولّه إيّاها ‪،‬‬ ‫ن معه للجهاد ‪ ،‬فكتب‬ ‫م ْ‬ ‫ثم نهض مع َ‬ ‫إليه سعيد أما بعد ‪ ،‬فإني ما كنت‬ ‫لُوثَرك وأصحابك بالجهاد على‬ ‫نفسي وعلى ما يُدْنيني من مرضاة‬ ‫ربّي ‪ ،‬وإذا جاءك كتابي فابعث إلى‬ ‫عمل ِ َ‬ ‫ن هو أرغب إليه مني ‪ ،‬فإني‬ ‫م ْ‬ ‫ك َ‬ ‫قادم عليك وشيكا ً إن شاء الله‬ ‫والسلم ) البيعة كتب معاوية إلى‬ ‫مروان بالمدينة يبايع لبنه يزيد ‪،‬‬ ‫فقال رجل من أهل الشام لمروان‬ ‫سك ؟) قال مروان حتى يجيء‬ ‫ما يحب ُ‬ ‫سعيد بن زيد يبايع ‪ ،‬فإنه سيـد أهل‬ ‫البلد ‪ ،‬إذا بايع بايع الناس ) قال أفل‬ ‫أذهب فآتيك به ؟) وجاء الشامـي‬ ‫وسعيد مع أ ُ‬ ‫ي في الدار ‪ ،‬قال‬ ‫ب‬ ‫ّ‬ ‫انطلق فبايع ) قال انطلق فسأجيء‬ ‫فأبايع ) فقال لتنطلق َّ‬ ‫ن‬ ‫ن أو لضرب ّ‬ ‫عنقك ) قال تضرب عنقي ؟ فوالله‬ ‫إنك لتدعوني إلى قوم وأنا قاتلتهم‬ ‫على السلم ) فرجع إلى مروان‬

‫فأخبره ‪ ،‬فقال له مروان اسكت )‬ ‫وماتت أم المؤمنين ( أظنّها زينب )‬ ‫فأوصت أن يصلي عليها سعيد بن‬ ‫زيد ‪ ،‬فقال الشامي لمروان ما‬ ‫سك أن تصلي على أم المؤمنيـن‬ ‫يحب ُ‬ ‫؟) قال مروان أنتظر الذي أردت أن‬ ‫تضرب عنقـه ‪ ،‬فإنها أوصت أن‬ ‫يُصلي عليها ) فقال الشامي‬ ‫أستغفر الله ) وفاته توفي بالمدينة‬ ‫سنة ( ‪ 51‬هـ ) ودخل قبره سعد بن‬ ‫أبي الوقاص وعبد الله بن عمر‬ ‫‪-‬رضي الله عنهم أجمعين‪-‬‬

More Documents from "sali"

December 2019 41
December 2019 31
Lan
December 2019 64
Asallaah[1]
December 2019 33
Volum 1.docx
November 2019 38