دراسات عن الاباضية

  • Uploaded by: BADAR MOHAMMED
  • 0
  • 0
  • May 2020
  • PDF

This document was uploaded by user and they confirmed that they have the permission to share it. If you are author or own the copyright of this book, please report to us by using this DMCA report form. Report DMCA


Overview

Download & View دراسات عن الاباضية as PDF for free.

More details

  • Words: 48,762
  • Pages: 95
‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬

‫دراسات عن الباضية‬ ‫تأليف ‪ :‬الشهيد عمرو خليفة النامي‬

‫ترجمة مراجعه‬ ‫د ‪ .‬ماهر جرار‬ ‫ميخائيل خوري‬ ‫أصوله وعلق عليه ودقق وراجع‬ ‫د ‪ .‬محمد صالح ناصر د ‪ .‬مصطفى صالح باجو‬

‫شبكة الدرة السلمية‬ ‫‪www.aldura.net‬‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬

‫الفهرس‬ ‫مقدمة (واقع التراث الباضي)‬ ‫عرف الفكر الباضي بأئمته وعلمائه الذين حاولوا أن يبنوا قواعد دولته ‪ ،‬وجاهدوا في إرساء أصوله الفكرية ‪،‬‬ ‫فألقوا في مسائلة الفقهية والكلمية ‪ ،‬وكتبوا في مسيرته الحضارية والتاريخية ‪ ،‬ولكنهم كشأن أي حركة دينية ذات‬ ‫طابع سياسي واجهروا المطاردة والملحقة من خصومهم منذ ظهور هذا الفكر على الساحة السياسية ‪.‬‬ ‫وكان هذا الواقع المؤسف من أقوى السباب التي جعلت أصحاب هذا الفكر مضطرين إلى إخفاء مؤلفاتهم خشية أن‬ ‫يطلع عليها خصومهم فيصادروها ‪ ،‬بل فعلوا ذلك في بعض المراحل من تاريخهم مخافة أن يتعرضوا هم أنفسهم‬ ‫للتعذيب والضطهاد ‪ .‬وبسبب هذا الموقف المتعسف وبسبب الخوف على تلك المعارف أن تضيع ‪ ،‬لجأ العلماء الوائل‬ ‫إلى إيصال معارفهم تلك ‪ ،‬عن طريق المشافهة والتلقين بعيدا عن أعين الناس ‪ ،‬كما فعل أحد رواد هذا الفكر وهو أبو‬ ‫عبيدة مسلم بن أبي كريمة ‪.‬‬ ‫وكان هذا الواقع المؤلم مصاحبا للمذهب ‪ ،‬وتراثه في المشرق والمغرب ‪ ،‬منذ نشأته في منتصف القرن الثاني‬ ‫الهجري إلى حين قيام أول دولة قوية للباضية وهي الدولة الرستمية ‪ ،‬أو بعبارة أدق نستخدم فيها مصطلحا طالما‬ ‫استخدمة أصحاب هذا الفكر ‪ ،‬من مرحلة الكتمان إلى مرحلة الظهور ‪ .‬ففي ظل الدولة الرستمية التي وفرت الحماية‬ ‫لحرية الفكر والتعبير لمذهبها الذي اعتنقته ولغيرها من المذاهب والطوائف الخرى ‪ ،‬وبفضل العدالة السلمية التي‬ ‫انتهجتها الدولة الرستمية كطريقة حكم ازدهر التأليف ‪ ،‬وكثرت حلق المذاكرة ‪ ،‬وشاعت أسواق الجدال والمناظرة ‪،‬‬ ‫وأنتجت هذه السياسة الرشيدة مكتبة المعصومة التي أشاد بتراثها المؤرخون ‪ ،‬ولكنها والسف ملء الجوانح ‪،‬‬ ‫احترقت أثناء هجوم عبيد ال الشيعي على تاهرت ‪ ،‬وكانت شاهدة لئمة الدولة الرستمية بالنزاهة والعدل ‪ ،‬بقدر ما‬ ‫ستبقى شاهدة على أعدائهم الفاطميين على التعصب المقيت ‪ ،‬ومعاداة أنوار العلم والمعرفة ‪.‬‬ ‫وشهد الفكر الباضي مرحلة أخرى من الضطهاد والظلم ‪ ،‬وعاد أصحابه مرة أخرى إلى مرحلة الكتمان ‪ ،‬متسترين‬ ‫بالشعاب والمسالك الصحراوية ‪ ،‬لئذين بعقيدتهم إلى واد غير ذي زرع ‪ ،‬وكان ذلك حالهم إلى حين استقرارهم بوادي‬ ‫ميزاب في بداية القرن الخامس الهجري ‪.‬‬ ‫وأحب أن أوكد على أن هذه المرحلة رغم قساوتها السياسية ‪ ،‬فإنها لم تعرف نضوبا فكريا ‪ ،‬إذ أن المصادر الخاصة‬ ‫بدراسة سير العلماء والمشايخ والئمة تدل على أن الباضية كانوا مثل غيرهم من المذاهب الخرى أصحاب عناية‬ ‫بالتأليف ‪ ،‬والتحقيق والتدوين ‪ ،‬ول سيما في الشريعة والتاريخ ‪ .‬فالذي يرجع إلى سير الشماخي ‪ ،‬أو جواهر البرادي‬ ‫‪ ،‬أو ملحق السير لبي اليقظان يتأكد من هذا التراث المعرفي الواسع ‪ ،‬فمن خلل عناوين هذه المؤلفات يدرك أن‬ ‫الباضية ألفوا في مختلف العلوم النسانية ‪ ،‬وأنهم كتبوا في شتى ضروب المعرفة ‪ ،‬ولعل بعض البيبلوغرافيات‬ ‫الحديثة مثل تلك التي قام بإعدادهما لفتسكي ‪ ،‬أو شاخت أو غيرهما من الوروبيين تساعد على تصور نصيب‬ ‫الباضية ومكانتهم في هذا المجال ‪ .‬على أنه لو قام احد بإحصاء جميع الكتب التي ألفها أصحاب هذا الفكر ونسبتها‬ ‫المئوية إلى عددهم ‪ ،‬ثم فعل مثل ذلك في بقية المذاهب ‪ ،‬ثم قارن بين نسب الجميع ‪ ،‬لوجد نسبتهم من أعلى النسب‬ ‫إن لم تكن أعلها ‪ ،‬على أن الكثير منها ضاع للملحقة السياسية التي لم تتوقف في أي زمان عن مطاردتهم‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫ومضايقتهم بشتى الساليب والصور ‪ ،‬حتى بلغت في مداها أحيانا حرق الكتب والمكتبات ‪ ،‬وفي أحيان كثيرة تكون‬ ‫أصابع الفقهاء المتعصبين وراء أجهزة السلطة ‪....‬وإلى الن ل تزال أكثر كتب هذا الفكر وأهمها مجهولة حتى عند‬ ‫أصحابها أنفسهم ‪.‬‬ ‫ولكن الذي يؤسف له حقا هو أن هذا التراث ضاع أكثره إذ جنت عليه الظروف الخارجية ‪ ،‬من حروب وملحقات ‪،‬‬ ‫وأودى ببعضه الخر الظروف الجتماعية والقتصادية الصعبة التي لم تساعد أهل العلم على الستقرار النفسي‬ ‫لمتابعة المسيرة ‪ ،‬بل إنهم زهدوا في نشر هذا التراث وطبعه ‪.‬‬

‫واقع التراث الباضي في العصر الحاضر‬ ‫أحسب أنه من أسبق علماء الباضية في العصر الحديث بنشر هذا التراث وإخراجه للناس ‪ ،‬ما قام به الشيخ سليمان‬ ‫الباروني والمطبعة البارونية بمصر ‪ ،‬وما طبعه الشيخ أطفيش من نفائس وذخائر ‪ .‬هذه المجهودات أخرجت من حيز‬ ‫النسيان تراثا قيما ما زال بعضه إلى يومنا هذا في طبعه الحجرية مثل ‪ :‬قناطر الخيرات ‪ ،‬والنيل وشفاء العليل ‪ ،‬وفاء‬ ‫الضمانة ‪ ،‬والدليل لهل العقول ‪ ،‬والزهار الرياضية ‪ ،‬وغيرها ‪ .‬كان ذلك قبل الحرب العالمية الولى ‪.‬‬ ‫وجاء بعد المطبعة البارونية المرحلة القيمة التي قطعها الشيخ أبو إسحق أطفيش ‪ ،‬الذي كان نفيه من قبل الستعمار‬ ‫الفرنسي إلى القاهرة خيرا وبركة ‪ ،‬حيث أخرج هو الخر ذخائر نفيسة من مؤلفات قطب الئمة ‪ ،‬بطبعه أحسن‬ ‫وإخراج أجود ‪ ،‬وإليه يعود الفضل في إخراج الجزاء الخيرة من شرح النيل ‪ ،‬والذهب الخالص ‪ ،‬وشامل الصل‬ ‫والفرع ‪ ،‬والوضع وغيرهما من المصادر والمراجع الهامة في الفقه والتاريخ ‪ .‬وما نزال حتى اليوم نتدارس بعض‬ ‫هذه الطبعات التي تعود إلى الثلثينيات والربعينيات ‪.‬‬ ‫وما من شك في أن التعاون السلمي بين أبي إسحق إبراهيم أطفيش وبين صديقه الداعية الكبير محب الدين الخطيب‬ ‫‪ ،‬صاحب المطبعة السلفية ‪ ،‬قد ساعد على إخراج الكثير من هذه الكنوز إخراجا جيدا ‪ ،‬وكان لمجلة المناهج التي‬ ‫كانت تطبع بهذه المطبعة دور الداعية الذي كان همه الول وهاجسه الوحيد إيقاظ المسلمين إلى واقعهم المرير تحت‬ ‫وطأة الحتلل الغربي ‪ ،‬وما يتهددهم من غزو فكري ‪ ،‬وما يستخدم من وسائل إعلمية حاقدة على رأسها الرساليات‬ ‫التنصيرية هذا من جهة ‪ ،‬ومن جهة أخرى فإنها كانت – أي المناهج – تعرف بالفكر السلمي وتراثه وحضارته‬ ‫وتصحح المفاهيم التي علقت بأذهان المسلمين من رواسب عصور التخلف والنحطاط ‪ .‬وبما أن أبا إسحق إباضي‬ ‫فإنه لم يأل جهدا في التعريف بهذا المذهب وتراثه الحضاري ‪.‬‬ ‫وفي أوائل الستينيات برز إلى عالم الفكر السلمي كاتبان إباضيان ‪ ،‬أحدهما هو الشيخ علي بن يحيى معمر الليبي‬ ‫النفوسي ‪ ،‬وثانيهما هو الشيخ محمد علي دبوز الجزائري الميزابي ‪ .‬وإذا اتجه محمد علي دبوز إلى تاريخ المغرب‬ ‫السلمي ‪ ،‬ثم إلى الحركة الصلحية يصحح ما فيها من مواقف ومعلومات خاطئة ‪ ،‬في وقفات طويلة ‪ ،‬فإن الشيخ‬ ‫علي يحيى معمر اتجه إلى تاريخ الباضية قديما وحديثا ‪ ،‬فأصدر سلسلته الرائعة القيمة الباضية في موكب التاريخ ‪،‬‬ ‫وهي تشتمل على حلقات ‪ ،‬كانت الحلقة الولى عن النشأة التاريخية للباضية ‪ ،‬فالحلقة الثانية والثالثة عن الباضية‬ ‫في ليبيا ‪ ،‬فالرابعة عن الباضية في تونس ‪ ،‬ثم الخامسة عن الباضية في الجزائر ‪.‬‬ ‫ولقد كشف بمنهجه الدعوي ‪ ،‬وذكائه الوقاد ‪ ،‬وورعه الشديد ‪ ،‬وحبه العارم لمته السلمية عن كنوز عرفت القارئ‬ ‫المسلم بشخصيات وزعماء وعلماء لم يكن يعرف عنهم شيء من قبل ‪.‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫ولكن الكتاب الذي يصب في قناة التوحيد بين المسلمين ‪ ،‬وجمع كلمتهم هو كتبه الرائد في منهجه وفحواه الباضية‬ ‫بين الفرق السلمية ‪ ،‬وقد هداه فكره النير ‪ ،‬وذهنه السلمي الثاقب إلى وضع نظرية يعلي عليها المسلمون‬ ‫المعاصرون بناء وحدتهم ‪ ،‬وعبد طريقا يسلكونه إلى جمع كلمتهم ولم شملهم ‪ ،‬وقد لخص هذه النظرية في المبادئ‬ ‫الثلثة ‪ :‬المعرفة ‪ ،‬التعارف ‪ ،‬العتراف ‪.‬‬ ‫والشيخ علي يحيى معمر بمؤلفاته القيمة تلك يعد من أهم الدعاة السلميين الداعين إلى وحدة المسلمين في هذه‬ ‫العقود الخيرة ‪.‬‬ ‫وأحسب أن أغلب الكتابات التي أخذت تنتشر هنا وهناك عربية أو أجنبية في محاولة منها لنصاف الباضية تتخذ‬ ‫كتب الشيخ علي يحيى معمر من مصادرها الساسية ‪.‬‬ ‫أما في المشرق فقد برز الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عمان ‪ ،‬فتحمل مسؤولية الدعوة إلى‬ ‫التقارب ونبذ الخلف ‪ ،‬وقد وهبه ال صفات أهلته لذلك عن جدارة واستحقاق ‪ ،‬فهو علم راسخ القدم في الشريعة‬ ‫السلمية ‪ ،‬حباه ال ذاكرة فياضة ‪ ،‬تسعفه بالدلة من القرآن والسنة ‪ ،‬إلى تواضع جم يحببه من النفوس ‪ ،‬ويقربه‬ ‫منها ‪ ،‬وهو في سبيل هذه الرسالة ما فتئ مشاركا في المؤتمرات السلمية يدعو إلى ال على المنابر ‪ ،‬وإذا سمع أو‬ ‫رأى باطل أو تهجما إنبرى إلى الرد غير هياب ول وجل ‪ ..‬يجادل بالتي هي أحسن ‪ ،‬ويحاور بالعقل والمنطق والدلة‬ ‫العقلية والنقلية ‪ .‬وعسى أن يجتهد الناشرون في نشر كتاباته القيمة ‪ ،‬ومؤلفاته الهامة فإنها من أهم وسائل التقريب‬ ‫بين المذاهب السلمية ‪ ،‬وقد وضحت آثار جهوده تلك في منطقة الخليج والمشرق العربي بما سيدخره ال له في‬ ‫صالح العمال إن شاء ال ‪.‬‬

‫مكانة هذه الدراسة‬ ‫وفي خضم هذا الواقع المشار إليه سابقا تجيء دراسة الدكتور عمرو النامي القيمة ( دراسات عن الباضية ) ‪ ،‬وهي‬ ‫فيما أعلم أول دراسة أكاديمية جادة يقدمها باحث إباضي ‪ ،‬ونظرا لهميتها ذات الطابع المعرفي العام الشامل ونظرا‬ ‫لمنهجية صاحبها ‪ ،‬واستناده إلى الوثائق والنصوص عودة إلى مصادرها الساسية ‪ ،‬فقد اعتمدها كثير من الباحثين‬ ‫المعاصرين عربا وأجانب ‪ ،‬ولعل من توفيق ال سبحانه وتعالى لصاحبها أن يقدم هذه الدراسة لنيل درجة الدكتوراه‬ ‫من جامعة كمبودج باللغة النجليزية ليطلع الجانب والعرب معا على حقيقة هذا المذهب ومنهجه الدعوي ‪.‬‬ ‫وظلت أطروحة الدكتور عمرو النامي حبيسة لغتها النجليزية منذ سنة ‪ 1971‬إلى أن قيض ال لها الفاضل الحاج‬ ‫حبيب اللمسي صاحب دار الغرب السلمي لنشرها مترجمة إلى اللغة العربية ‪ ،‬حتى يطلع عليها الباحثون والدارسون‬ ‫في الوطن العربي ‪ ،‬ليعم بها النتفاع ‪ ،‬ويحصل القصد النبيل الذي من أجله ألفت وترجمت ‪ ،‬فيضيف بذلك مؤلفا هاما‬ ‫إلى قائمة المنشورات التي ما فتئت دار الغرب السلمي تقدمها إلى القارئ العربي مشكورة مأجورة ‪ .‬ولست في‬ ‫حاجة إلى تقديم هذه الطروحة العلمية الهامة إلى القارئ الكريم لن مثل هذا العمل القيم في غنى عن ذلك ‪ ،‬وإنما‬ ‫أرغب في أن أشير إلى أننا حاولنا قدر المستطاع أن نقدم للقارئ النصوص المعتمدة في الطروحة من مظانها بلغتها‬ ‫العربية التي كانت كتبت بها أصل ‪ ،‬ولذا فقد يلحظ اختلف بين النسخ التي جاءت في الصل النجليزي وبين الصل‬ ‫المترجم إلى اللغة العربية ‪ ،‬لننا لم نستطع التوصل إليها لندرتها ‪ ،‬وأغلبها مخطوطات رجع إليها الباحث الدكتور‬ ‫عمرو النامي هنا وهناك من المكتبات الخاصة والعامة وخصوصا ‪ ،‬وأن الكثير مما كان مخطوطا أثناء كتابة‬ ‫الطروحة أصبح اليوم مطبوعا وهو ما يسهل للباحثين الرجوع إلى النصوص في مظانها الصلية إن هم رغبوا في‬ ‫ذلك ‪ ،‬والمهم على كل حال هو ذكر النص المعتمد كما هو موجود في أصله ‪.‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫وحسبنا أننا اجتهدنا في العودة بالقارئ الكريم إلى النصوص الصلية كلما وجدنا إلى ذلك سبيل ‪ ،‬ونعتذر عما تعذر‬ ‫الوصول إليه ‪.‬‬ ‫نسأل ال أ‪ ،‬يجعل هذا العمل ذخرا في ميزان حسنات الدكتور عمرو النامي حيثما كان ‪ ،‬ونسأل ال أن يجمع قلوب‬ ‫المؤمنين على حب شريعته ودينه ويوحد صفوفهم لنصرته وتمكينه ‪.‬‬

‫مؤلف هذه الدراسة‬ ‫ من هو عمرو النامي ‪:‬‬‫ولد عمرو خليفة النامي في سنة ( ‪ ) 1939‬في نالوت إحدى قلع الجبل الغربي من جبل نفوسة الشم ‪.‬‬ ‫وتربى في أحضان عائلة فقيرة مثل أغلب عائلت الجبل ولكنها غنية بقيمها ‪ ،‬ومحافظتها على الدين السلمي ‪،‬‬ ‫والخلق الفاضلة ‪ ،‬ومن هنا فتح عمرو عينيه على هذا الجبل الذي تنطق كل ذرة فيه بالمجاد السلمية موطن‬ ‫المازيغ الصناديد المشهورين بالبطولة ‪ ،‬والبسالة ‪ ،‬والرجولة ‪ ،‬ونالوت تعد أحد معاقل الجبل حيث نشأ المذهب‬ ‫الباضي وترعرع قبل أن يمتد إلى باقي أجزاء المغربين الدنى والوسط في القرون الهجرية الولى ‪.‬‬ ‫ مسيرته العلمية ‪:‬‬‫اختلف إلى الكتاب يحفظ القرآن مثل لداته ‪ ،‬وتعلم مبادئ اللغو العربية والعلوم الشرعية وكانت نالوت تتحدث عن‬ ‫حركة إصلحية ونهضة إسلمية واعية يترأسها ويدعو إليها أحد أبناء نالوت الشيخ علي يحيى معمر ‪ ،‬وسرعان ما‬ ‫ارتسمت صورة الشيخ علي المهيبة في ذاكرة الطفل الذي انتقل بعد ذلك إلى مدينة غريان حيث درس في المدرسة‬ ‫العدادية والثانوية ‪.‬‬ ‫وكانت ليبيا مثل غيرها من البلد السلمية تتطلع إلى عهد مشرق وغد أفضل بعد الحسرات التي مرت بها من جراء‬ ‫أتون الحرب العالمية الثانية التي خلفت آثارها بصفة خاصة في الوضاع القتصادية والجتماعية ‪.‬‬ ‫وكان الفتى اليافع عمرو يختلف إلى مجالس الشيخ علي ويسمع منه فصول من تاريخ الفاتحين الوائل والمجاهدين‬ ‫الذين رفعوا لواء السلم عاليا في هذه الربوع ‪ ،‬ويحرك في ضميره ذكريات الرجال العظام من أسلفه المجاد الذين‬ ‫تشهد كل ذرة رمل في الجبل على منافحتهم عن السلم سواء في العهدين الموي أم العباسي أم في العصر الحديث‬ ‫ضد الستعمار اليطالي والحكم العثماني ول سيما ما تركه الشيخ سليمان الباروني من آثار وأفكار ‪.‬‬ ‫في هذه الثناء كانت عودة الشيخ علي من الجزائر حيث قضى حوالي عشر سنوات ينهل من معين معهد الشباب على‬ ‫يد شيخ الحركة الصلحية المام الشيخ إبراهيم بيوض ‪ ،‬عاد الشيخ علي متحمسا للنهضة والصلح وبعث ما أذبلته‬ ‫اليام من نضارة المجاد السالفة ‪ ،‬وكان ل بد أن يتأثر الشاب الذكي عمرو النامي بكل ما يجري حوله ويدور من‬ ‫مناقشات ودروس ووعظ وإرشاد ‪ ،‬ويتطلع إلى أن يتبوأ منزلة مرموقة في هذه الصفوف العلمية تستشرف غدا أفضل‬ ‫للمسلمين ول سيما تلك الربوع التي ران عليها الجهل والتخلف والفقر ‪.‬‬ ‫ول نكاد نصل سنة ‪ 1957‬حتى يلتحق الطالب الذكي الجاد بجامعة بنغازي هذه الجامعة التي تعد أول جامعة في ليبيا‬ ‫إذ افتتحت سنة ‪ 1955‬وتمكنت هذه الجامعة في عقدي الخمسينات والستينات من استقدام عدد من الساتذة‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫الجامعيين اللمعين وجلهم من جامعتي القاهرة والسكندرية ‪ ،‬وكانت لعمرو علقات حميمة مع أستاذة الدكتور محمد‬ ‫محمد حسين الذي ربطته به علقة بنوة عميقة ‪ ،‬وكان الدكتور معجبا بذكاء عمرو ونجابته وأخلقه وسلوكه ‪.‬‬ ‫ونحسب أن التقاء عمرو النامي بالشيخ الدكتور محمد محمد حسين كان توجيها إلهيا وتوفيقا ربانيا إذ وجد على يد‬ ‫الدكتور الملتزم الجاد ‪ ،‬المربي والموجه وكأن ال سخر له الدكتور الصيل بفكرة وثقافته وأخلقه وسلوكه ليكمل ما‬ ‫وجده في شيخه علي يحيى معمر في مرحلته البتدائية والثانوية ‪.‬‬ ‫يقول زميله الناكوع عن تلك العلقة ‪:‬‬ ‫(( كان الدكتور محمد محمد حسين مولعا شديد العجاب بذكاء عمرو النامي فاهتم به وشجعه على المضي في طريق‬ ‫البحث والدراسة حتى يصبح يوما ما أستاذا جامعيا ‪ ،‬وجمعت بين الستاذ وتلميذه رابطة المنطلق والتوجيه‬ ‫السلمي )) ( ‪. ) 1‬‬

‫الدراسات العليا ‪:‬‬‫وما لبث عمرو حتى أظهر تفوقا وذكاء مميزين أهله ليكون من بين الطلب المتفوقين الذين اختارتهم الجامعة‬ ‫ليزاولوا دراستهم العليا خارج ليبيا ‪ ،‬وراح يستعد لمرحلة الدراسات العليا ‪ ،‬وتوجه في بداية المر إلى مصر ‪.‬‬ ‫ تعرفي عليه ‪:‬‬‫في هذه الونة كان تعرفي اللو على عمرو النامي عن طريق أستاذي الشيخ محمد علي دبوز ‪ ،‬فقد حظينا ببعض‬ ‫اللقاءات القليلة معه ومع الشيخ علي معمر الذي كان يزور القاهرة عندئذ لطبع كتابه الهام ( الباضية في موكب‬ ‫التاريخ ) وقد ترك عمرو النامي في ذاكرتي انطباعا ملؤه العجاب برصانته وذكائه ‪ ،‬واجتهاده ‪ ،‬وتطلعه إلى‬ ‫المشاركة بقلمه في الدرس والبحث في مجال العلوم السلمية ‪ ،‬وعرفت فيه أيضا شاعرا حساسا وتقديرا عظيما‬ ‫لتاريخ السلف ‪ ،‬وشغفا واضحا بالتراث فكرا ورجال ‪ ،‬وكان النامي يستروح هذه الروحانية من جلساته المتكررة إلى‬ ‫أبي إسحاق إبراهيم اطفيش بقية السلف الصالح ‪.‬‬ ‫وبينما كان في تلك المرحلة وقعت أحداث ‪ 1965‬وهي أحداث اعتقالت الخوان وإعدامهم وكان على رأسهم الشهيد‬ ‫سيد قطب ‪ ،‬ونظرا لن عمرو النامي يقع في نفس الدائرة من حيث التوجه الفكري ولعلقته الحميمة بسيد قطب‬ ‫وخشيته من أن تمتد إليه يد العتقال ترك مصر ‪ ،‬وترك شأن الدراسات العليا بها وعاد إلى ليبيا لبعض الوقت ( ‪) 2‬‬ ‫‪.‬‬ ‫لم يستسلم عمرو لحظة العاثر في مصر إذ سرعان ما تجهت به همته نحو الغرب وإلى جامعة كمبردج بالذات‬ ‫وبموافقة الجامعة الليبية وبمنحه منها بفضل مديرها الستاذ مصطفى بعيو الذي قدر ظروف عمرو النامي ووافق‬ ‫على إجراءات التغيير ‪.‬‬ ‫سافر عمرو إلى بريطانيا سنة ‪ 1967‬وأمضى في رحاب جامعة كمبردج خمس سنوات ‪ ،‬باحثا منقبا مستفيدا من‬ ‫الثقافة النجليزية التي تفوق تفوقا ظاهرا حتى بات يكتب بها أبحاثه ومقالته بكل اقتدار وهي التي كتب بها أطروحته‬ ‫التي نال بها الدكتوراه تحت عنون ‪ :‬دراسات عن الباضية ‪.‬‬ ‫وكان لقائي الثاني به في رحلة قمت بها أنا وصديقي المرحوم أحمد فرصوص إلى كمبردج نزلنا أثناءها ضيفين‬ ‫مكرمين عليه ( ‪ ) 3‬واستطعت في هذه المدة القصيرة أن أتعرف على عمرو النامي عن قرب ‪ ،‬واكتشفت فيه جانبا‬ ‫جديدا من اهتماماته السلمية في أوساط الغرب ‪ ،‬وأطلعني على بعض مقالته التي كان يكتبها ضد التيار اليساري‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫في البلد العربية بعامة وفي ليبيا بخاصة ‪ ،‬كما كان ينتقد بمرارة لذعة مواقف المنبهرين بالمدارسة الغربية ويوضح‬ ‫بأسلوب علمي رصين تهافت الحضارة الغربية وسلبياتها ‪.‬‬ ‫والحق إن الفترة التي قضاها في كمبردج كانت كلها عطاء سخيا ‪ ،‬وفكرا نيرا ‪ ،‬يقول عنها صديقه محمود الناكوع ‪:‬‬ ‫(( كان حصادها التعليمي الدكتوراه في الدراسات العربية السلمية ‪ ،‬وحصادها العام ثقافة واسعة ‪ ،‬وتجربة حضارية‬ ‫وعلقات متنوعة مع أهل العلم والفكر ورواد الحركات السلمية من مختلف الجناس واللغات والقارات )) ( ‪. ) 4‬‬ ‫كتاباته ‪:‬‬‫كان عمرو النامي في هذه المرحلة في أوج نشاطه عطاء وفكرا وإنتاجا كان يمثل في كتاباته ذلك النموذج من الشباب‬ ‫المسلم الملتزم دون جمود أو تزمت المتفتح دون انحلل أو تسيب ‪ ،‬كانت أغلب اهتماماته تحوم حلو الفكر السلمي‬ ‫ورؤاه في جميع الموضوعات التي كانت يعالجها منطلقا من منظور إسلمي ثابت ‪ ،‬سواء في مقالته الدبية النقدية ‪،‬‬ ‫أم في بحوثه الكاديمية ‪ ،‬أم في متابعاته السياسية ‪ ،‬وشمل بنظرته مجريات الحداث داخل الوطن العربي وخارجه ‪،‬‬ ‫كان يتابع أخبار وطنه وما يجري فيه من تفاعلت ثقافية وسياسية ‪ ،‬وظل يرصد بعض ما تنشره الصحف الليبية من‬ ‫مقالت فكرية وأدبية ‪ ،‬أو ما تنشره من شعر ‪ ،‬ول يفوته أن يقيمها ‪ ،‬وأن يعبر عن موقفه من اتجاهاتها ‪ ،‬وما تعكس‬ ‫من دللت ل يرضى عنها في بعض الوقات ‪ ،‬وفي بعض ذلك النتاج ‪.‬‬ ‫يقول صديقه وزميله محمود الناكوع الذي عرفه في الجامعة وفي محنة السجن عن هذه المرحلة ‪:‬‬ ‫(( كنت أنا في تلك السنوات صحافيا في صحفية العلم أكتب عادة عمودا يوميا وأكتب أحيانا مقالت في بعض الصحف‬ ‫والمجالت الخرى ‪ ، ...‬ونظرا لعلقة الصداقة بيني وبين عمرو النامي ‪ ،‬ونظرا لهتماماتنا بالفكر والثقافة ‪،‬‬ ‫وحواراتنا المتواصلة أحيانا والمتقطعة أحيانا أخرى منذ كنا في الجامعة ‪ ،‬فقد اتفقنا أن يكتب المقالت تنشر بصحيفة‬ ‫العلم وكان من بين ما نشر له بين ( ‪ ) 1969 – 1968‬عددا من المقالت النقدية التي كانت تدور حول ‪ ( :‬الحضارة‬ ‫الغربية وموقفها من السلم والعالم السلمي ) ( والشعر الحديث ‪ ،‬نماذج ليبية ) ( واختار لها عنوانا ) ( فصول من‬ ‫الجد الهازل ) ‪.‬‬ ‫وعكست نقدا ساخرا ولذعا لبعض النتاج الشعري الليبي الذي انفلت من موازين الشعر العربي ‪ ،‬وانفلت من ثقافة‬ ‫وقيم وصورة البنية العربية السلمية ‪ ،‬وكثرت فيه على حد إشارات النامي ( النواقيس ‪ ،‬والصلبان ) وأشياء‬ ‫أخرى ‪ ،‬وهي ثقافة تعلمها الشباب الليبيون من مجالت ‪ :‬الطليعة ‪ ،‬والكاتب المصريتين ‪ ،‬والداب البيروتية ‪،‬‬ ‫وغيرها ‪ ،‬أما المقالت التي أثارت دويا هائل فهي المقالت التي أنشأها بعنوان ‪ ( :‬رمز أم غمز في القرآن ) وفيها‬ ‫رد على كتابات الصادق النيهوم التي نشرها في صحيفة ‪ :‬الحقيقة ‪ ،‬ونشر بعضها الخر في صحيفة ‪ :‬الرائد وكانت‬ ‫عن الرمز في القرآن ‪ ،‬ومن أكثرها جدل مقالته بعنوان ‪ ( :‬إلى متى يظل المسيح بدون أب ) حيث أحدثت ردود أفعال‬ ‫في عدة دوائر دينية وصحافية وأدبية ‪ ،‬ومن بين ردود الفعل تلك كانت مقالة عمرو النامي التي أرسلها من مدينة‬ ‫كمبردج ونشرت بالعلم بتاريخ ( ‪ ) 1969 / 4 / 18‬وجاء فيها ‪:‬‬ ‫(( لول أنني كنت أعرف الصادق النيهوم جيدا – كان زميل له في الجامعة – لكتبت غير هذا عن المر ‪ ،‬فأنا أعرف‬ ‫الصادق شخصا ل ينطلق من أسس واضحة فيما يفعل أو يكتب ‪ ،‬وهو يصنع ذلك استجابة لما يقرأ أو ما يطرأ عليه‬ ‫من أحوال تكتنف حياته التي ل يحكمها تصور واضح للحياة ‪ ،‬أو سلوك ثابت محدود ولذلك فعندما نشر بعض فصوله‬ ‫عن الرمز في القرآن حسبت ذلك على ما قدمته من أحواله ‪ ،‬وقلت نوبة وستمضي بما جاءت ‪ ،‬وهو شيء غير ذي‬ ‫قيمة في الواقع ل من ناحية الجهل والدراسة ‪ ،‬والبحث العلمي السليم ‪ ،‬ول من حيث آثاره ونتائجه )) ‪.‬‬ ‫وكتف النامي أن ما يردده النيهوم قد سبقه إليه الباطنية نظريا وتطبيقيا ( ‪. ) 5‬‬ ‫هكذا ظل النامي يتفيأ ظلل الحرية الفكرية في أجواء كمبردج ‪ ،‬وانتهت السنوات الخمس محملة بالعلم والفكر‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫والتجربة ‪ ،‬وعاد إلى ليبيا سنة ‪ 1971‬وفي نفسه حلم يتطلع إلى تحقيقه وهو أن يصبح أستاذا جامعيا إسلميا‬ ‫مرموقا يعالج قضايا مجتمعه وأمته السلمية بفكر نير وبصيرة نافذة ويقف بالمرصاد للنحرافات الزائغة في ميادين‬ ‫الفكر والسياسة ( ‪ ، ) 6‬ولعله كان حسن الظن في نظام القذافي الذي أحل النظام الجمهوري بديل للنظام الملكي إثر (‬ ‫ثورة الفاتح ) في ‪ ، 1969 / 9 / 1‬وسارع الكاتب المسلم إلى إسداء النصائح لقادة الثورة في مسيرة خيل للناس‬ ‫أنها تبشر بالخير والعطاء ‪ ،‬والرفاهية والرخاء فكتب مقالة بعنوان كلمات للثورة نشرت بصحيفة الثورة في ‪11 / 4‬‬ ‫‪ ، 1969 /‬وسنشير إلى مضمونها لحقا في هذا المقال ‪.‬‬ ‫هكذا وفي صيف ‪ 1971‬حزم الستاذ المؤمن بدينه ووطنه وأمته أمتعته متجها صوب ليبيا ليشارك في معركة البناء‬ ‫وليقف على منابر الكلمة الطيبة فيها صادعا بالحق ‪ ،‬مشاركا بالقلم في‬ ‫ميادينه التي وفق فيها باحثا ‪ ،‬وأستاذا جامعيا ‪ ،‬وأديبا ناقدا ‪ ،‬وشاعرا مبدعا ‪ ،‬وبدل أن تفتح أمامه أبواب هذه المنابر‬ ‫استقبلته ظلمات العنابر ‪ ،‬فمن مراكز الشرطة ‪ ،‬إلى غرفات التحقيق وزنازن السجون والمعتقلت ‪ ،‬وتبدأ رحلة شاقة‬ ‫من المحن والعذاب والنفي والغتراب ‪.‬‬ ‫ رحلة المعانات والعذاب ‪:‬‬‫إن شخصا مثل عمرو النامي ما كان ليكون مجهول لدى السلطات الليبية الحاكمة ‪ ،‬فهو معروف في الوساط الثقافية‬ ‫والعلمية والجامعية بفكره السلمي النير ‪ ،‬وموقفه الثابت الواضح شأن المسلم المخلص الذي يخلص النصح لمته‬ ‫ووطنه ‪ ،‬وقد دخل عمرو النامي هذا المعترك عن نية صافية ‪ ،‬وتوقع أن يأتي عهد الثورة بما هو أجدى نفعا ‪،‬‬ ‫وأحسن استقرار ‪ ،‬وأوفر أمنا من العهد الملكي السابق ‪ ،‬ومن منطلق هذا التصور كتب مقالة ( كلمات للثورة )‬ ‫نشرت بصحيفة الثورة بتاريخ ‪ 1969 / 11 / 4‬وكان يومئذ بكمبودج طالبا ‪ ،‬وقد حدد في ذلك المقال ‪ ،‬مبررات‬ ‫الثورة ومهمة الجيش ‪ ،‬وهي مهمة استثنائية ضرورية محدودة يعقبها تسليم السلطة إلى الشعب ‪ ،‬وهو الذي يختار‬ ‫أسلوب حياته السياسي والجتماعي في الفترة القادمة ‪ ،‬وتناولت المقالة التجاهات الفكرية السياسية القائمة في ليبيا‬ ‫في ذلك الوقت ورتبها على النحو التالي ‪:‬‬ ‫‪ -1‬القوميون العرب ‪.‬‬ ‫‪ -2‬البعثيون ‪.‬‬ ‫‪ -3‬الناصريون ‪.‬‬ ‫‪ -4‬الشيوعيون ‪.‬‬ ‫‪ -5‬السلميون ‪.‬‬ ‫ووصفها بأنها تجمعات عقدية ولذلك حسب تعبيره (( فغالب الظن لن تتخلى عن اتجاهاتها القائمة ‪ ،‬بل ستستمر في‬ ‫ارتباطها بهذه التجاهات والدعوة إليها ‪ ،‬ونحن نعتقد أن لها جميعا حقا في اعتناق أفكارها ‪ ،‬وعرضها في إطار‬ ‫الخلق العامة للشعب بعيدا عن التراشق بالتهم ‪ ،‬والكذب والرجاف ‪....‬‬ ‫ويجب أن تتاح الفرصة الكاملة لهذه التجمعات للتعبير عن أفكارها وعرضها بكل الصور المشروعة التي تختارها ‪،‬‬ ‫كما يجب الستفادة من خبرات هذه الفئات جميعا على النطاق الفردي في الجهاز الداري للدولة مع تجنب تمكين أي‬ ‫فئة منها من كل المراكز الحيوية التي تجعلها تستغل نرافق الدولة في سبيل أهدافها الخاصة ‪. )) ....‬‬ ‫كما تحدث في مقالته الطويلة عن الثورة والسلم ‪ ،‬وأكد أن السلم هو الصل وهو الساس في أحداث الصلح‬ ‫المنشود في ليبيا ‪ ،‬فل توجد في ليبيا عقيدة غير عقيدة السلم ( ‪. ) 7‬‬ ‫ومن الواضح أن الفكار التي دعا إليها عمرو النامي ل تعجب النظام الذي كان همه أن يحكم ويتسلط ‪ ،‬ونظام شأنه‬ ‫هذا كيف يؤمن بالديمقراطية أو الشورى أو إعطاء الفرص لكل الفئات والطوائف والراء والفكار ‪ ،‬وهو ينطلق من‬ ‫أيديولوجية معينة منذ البداية ‪.‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫ومن الواضح أيضا أن عمرو النامي يدعو صراحة إلى التجاه السلمي باعتباره العامل القوى لتوحيد الشعب الليبي‬ ‫انطلقا من تاريخه وواقعه وحضارته ‪.‬‬ ‫وقد صدقت في أولئك الحكام فراسة شيخه علي يحيى معمر إلى قال عنهم أنهم حفنة من الطفال وتخوف من مصير‬ ‫ليبيا في ظل حكمهم ( ‪. ) 8‬‬ ‫ومن هنا ما إن وطأت رجله أرض ليبيا حتى زج به إلى التحقيق ووضع في قائمة الشخاص المشبوهين الذين‬ ‫يعارضون السلطة الحاكمة وكان أول اعتقال له إنذارا وتحذيرا ولم يستغرق سوى بضعة أيام ‪.‬‬ ‫واستأنف عمرو النامي نشاطه العادي أستاذا بالجامعة في بنغازي ثم ما لبث أن نقل إلة جامعة طرابلس لسباب‬ ‫نجهلها وإن كنا نرجح أنها ليست ذات طابع أكادمي بقدر ما هي ذات طابع سياسي ‪.‬‬ ‫وجاءت الحملة الواسعة التي تفجرت سنة ‪ 1973‬تحت شعارات ‪ :‬الثورة الثقافية ومن تحزب خان ‪ ،‬والثورة الدارية‬ ‫‪ ،‬وغير ذلك من الشعارات التي يكتظ بها الكتاب الخضر ‪ ،‬وهكذا طالت هذه الحملة فئات المثقفين والطلبة من ذوي‬ ‫الفكر الحر والشخصيات المتميزة ‪ ،‬فكان من بين من ألقي عليهم القبض الدكتور عمرو النامي ‪ ،‬والشيخ علي يحيى‬ ‫معمر أبنائه وكثير من أستاذة وشيوخ وأصدقاء النامي ومن بينهم صديقه الحميم محمود الناكوع ‪ ،‬ودامت محنة‬ ‫السجن قرابة سنتين ‪.‬‬ ‫وبعد أن أفرج عن المسجونين طلب من الدكتور النامي أن يغادر البلد وهو تعبير مهذب يراد به ( النفي ) وأعطى‬ ‫حق اختيار منفاه في اليابان أو أمريكا اللتينية أو إفريقيا والنفي الختياري هنا بعناية فكل من اليابان ‪ ،‬وأمريكا ‪،‬‬ ‫وإفريقيا ‪ ،‬تنفي المرء جسدا لبعدها وروحا لغربتها ‪ ،‬ولكن عمرو النامي – ربما لثقافته النجليزية – سافر إلى‬ ‫الوليات المتحدة لتدريس اللغة العربية والسلم في جامعة أمريكية وكان إلى جانب ذلك يعمل بنشاط كبير في مجال‬ ‫الدعوة إلى دين ال الحق ونشره بين المتعطشين إلى روحانية الرسالة الخالدة ‪ ،‬وقد استغل ما أتاه ال من فصاحة‬ ‫وذكاء وحيوية في هذا المجال مما خلد له السمعة الحسنة في الوساط السلمية بتلك الديار ‪.‬‬ ‫ولكن ما لبث أن طلب منه الذهاب إلى اليابان وكان ذلك سنة ‪ 1979‬وهنالك رغم ما قدمه من خدمات جلي للحركة‬ ‫السلمية ول سيما في الميدان الطلبي والشبابي السلمي شعر بالغربة القاسية تعصره وتؤلمه ‪ ،‬واستبد به الشوق‬ ‫والحنين إلى مرابع الطفولة ومرابع الشباب وقد أودع تلك الحاسيس الجياشة في قصيدة كتبها في هذه الونة وهو‬ ‫باليابان يقول فيها ‪:‬‬

‫وهكذا لم يطق حياة الغتراب ‪ ،‬وهمه وهواه أن يصلح أمته ووطنه ‪ ،‬وأن يكون قريبا من أهله وذويه ‪ ،‬وأقاربه فعاد‬ ‫إلى ليبيا قبل دوران حول عن مفارقتها ‪.‬‬ ‫بعد هذه التجربة المريرة ما بين نفي واغتراب واعتقال أيقن عمرو النامي أن النظام الليبي لن يسكت عنه وأنه‬ ‫سيختلق المبررات لملحقته واضطهاده كلما حلى له أن يفعل ذلك ‪ ،‬وآمن أن حرية الكلمة والحركة التي هي حق من‬ ‫حقوق النسان ‪ ،‬وأن الصدع بالحق وأداء النصيحة التي هي واجب على كل مسلم ‪ ،‬ل يمكن أن تجد مكانها في ظل‬ ‫حكم دكتاتوري ولو تظاهر بالديموقراطية ‪ ،‬ومن هنا قرر النسحاب من المدن الكبيرة آوايا إلى جبل نفوسة بعيدا عن‬ ‫أعين المخابرات والجواسيس ‪ ،‬وقرر أن ينفذ قرارا مريرا يتحول به من حياة إلى حياة ‪ ،‬قرر الستاذ الجامعي أن‬ ‫يترك مهنة التدريس إلى مهنة الرعي ‪ ،‬ويودع أبهاء الجامعة إلى قمة الجبل ‪ ،‬ويستبدل بأضواء المدن والعواصم ‪،‬‬ ‫سكون الصحراء وهدوء الجبل ويكتفي بشظف العيش وخشونة الملبس عن رفاهية المدينة ورقة حواشيها ‪ ،‬فاشترى‬ ‫قطيعا من الغنام فذهب إلى ظاهر ( نالوت ) مسقط رأسه ومرابع ذكرياته ومقر أسرته وأهله ‪ ،‬وفي هذا القرار‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫الصعب احتجاج صارخ وإدانة موخزة للنظام الليبي الذي كان يبلغه بعمله هذا أن ل مكان للثقافة وحرية الرأي في‬ ‫هذه البلد ‪.‬‬ ‫وأحسب أن عمرو النامي اختار هذه المهنة أسوة بالنبياء والرسل فمن شأن هذه الحياة الهادئة البعيدة عن صخب‬ ‫المدينة وبريقها الزائف أن تقرب المرء من نفسه وتجعله يعيش في روحانية مطلقة ‪ ،‬كان ذلك اختيار عمرو النامي‬ ‫على الرغم من أنه يمثل المسلم الحركي والمثقف الجتماعي ‪ ،‬والديب صاحب الرسالة الصادقة ‪.‬‬

‫غير أن أعين الجواسيس لحقته وهو في عزلته ‪ ،‬وطاردته وهو في صحرائه ومع شويهاته ‪ ،‬ولم يسالموه حتى‬ ‫يحقق مشروعه ‪ ،‬أو يعيش عزا كريما كما كان يمني نفسه بذلك دوما ‪.‬‬ ‫ في مواجهة الطغيان ‪:‬‬‫وفي سنة ‪ 1981‬فوجئ عمرو مرة أخرى بقبضة شرطة القذافي تلقي عليه القبض وتزج به في السجن وتوصد دونه‬ ‫البواب ‪ ،‬بعيدا عن أهله وذويه ‪ ،‬وأغنامه وأحلمه وظل بين جدران السجن ل يسمح له بمغادرته أو محاكمته ‪ ،‬ومنذ‬ ‫‪ 1986‬انقطعت أخباره عن أهله وذويه وغاص النامي في ظلمة النسيان ن وامتدت هذه الظلمة ثقيلة مريرة على‬ ‫أنفس ذويه ومحبيه وعارفي فضله في مصير مجهول ل يدرك مداه سوى ال سبحانه وتعالى ‪ ،‬ولم يبق من الدكتور‬ ‫النامي الذي كان ملء السمع والبصر سوى أعماله الصالحة تشهد له بالتقوى والصلح ‪ ،‬ولم يعد يهو النفس عند‬ ‫تذكره سوى أبياته المشجية المؤثرة الحزينة أو دمعة حرى تسلل في حيرة وصمت عميقين ‪.‬‬ ‫وكأن النامي كان واعيا مصيره المحتوم هذا الذي عبر عنه تعبيرا تصويريا مؤثرا في قصيدته التي سارت بأبياتها‬ ‫الركبان حيث يخاطب أمه من خلف القضبان قائل ‪:‬‬

‫ في طي النسيان ‪:‬‬‫هكذا يطوي النسيان علما بارزا من أعلم ليبيا المعاصرة وتستمر مؤامرة الصمت مرعبة قاتلة ‪ ،‬ول أحد يحرك ساكنا‬ ‫من ذوي قرابته الوطنية أو العقدية وكأن شيئا لم يكن ولكن الذي ل يستطيع الطاغوت فعله هو أن يمحو أثر النامي‬ ‫الوضيء في النفوس المسلمة سواء تلك التي علمها ذات يوم من اليام في اليابان أو أمريكا آية من آيات القرآن أو‬ ‫حرك مشاعرها ببيت من أبياته الشعرية الملتهبة ‪ ،‬أو أفادها معرفة وعلما بتحقيقاته العلمية التراثية الرصينة ‪.‬‬ ‫فأنى اتجهت تجد للدكتور النامي آثارا في النفوس وفي مختلف الميادين العلمية في ميدان التحقيق العلمي ‪ ،‬وفي‬ ‫مجال النشاط السلمي ‪ ،‬وفي فضاءات الشعر السلمي الصادق ‪ ،‬وكفاه فخرا أن له في هذه الميادين حضورا وخلودا‬ ‫أحب الطاغوت ذاك أم كره ‪.‬‬ ‫وكأن النامي كان يتحدث صادقا عما سيؤول إليه أمره مع الظلمة حيث يقول ‪:‬‬

‫رحمك ال يا عمرو حيث تكون صابرا محتسبا أو شهيدا منعما ‪.‬‬ ‫نسأل ال التوفيق في البداية والنهاية‬ ‫د ‪ .‬محمد صالح ناصر‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫الجزائر ‪2000 / 6 / 1 :‬‬ ‫====================================‬ ‫‪ ) 1‬محمود الناكوع ‪ ،‬مجلة العالم لندن ‪ ،‬ع ‪. 1993 / 1 / 13 ، 468 ،‬‬ ‫( ‪ ) 2‬أخبرني أحد الخوان القريبين من الدكتور النامي ‪ ،‬أن السلطات المصرية حكمت على النامي بخمس عشرة‬ ‫سنة سجنا لتصاله المباشر بسيد قطب ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 3‬وما زلت أحتفظ بكل اعتزاز بكتاب ( بروتوكولت حكماء صهيون ) الذي أهداه لي بمناسبة هذه الزيارة ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 4‬محمد الناكوع ‪ ،‬مصدر سابق ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 5‬العالم ‪ ،‬ع ‪ ، 1992 / 1 / 3 ،‬ص ‪. 34 :‬‬ ‫( ‪ ) 6‬ذلك ما صرح به في رسائله إلى الشيخ أبي اليقظان ( مكتبة خاصة ) ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 7‬الناكوع ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪. 35 :‬‬ ‫( ‪ ) 8‬من رسالة أرسلها النامي إلى الشيخ أبي اليقظان من كمبردج غير مؤرخة ولكن أحداثها تدل على أنها كتبت‬ ‫بعد ثورة سبتمبر مباشرة ‪.‬‬

‫نماذج من رسائله‬ ‫بسم ال الرحمن الرحيم‬ ‫أستاذنا المام الجليل المجاهد الصابر أبو اليقظان حفظه ال وأدام فضله وعزه ‪.‬‬ ‫وعليكم السلم ورحمة ال وبركاته ‪ ،‬وأما بعد ‪:‬‬ ‫فأحمد إليك ال الذي ل إله إل هو وأصلي وأسلم على سيدنا محمد رسول ال وعلى من تبع هداه ونهج سبيله من‬ ‫المؤمنين ‪ .‬وأبتهل إلى ال سبحانه أن يجنبنا العجز والكسل ويعيننا على الخير من العمل ‪ ،‬وأعتذر إليك من تقصير‬ ‫كبير هو شهادة على ضعف هذه النفس التي ما تزال تعيش في متاهات من العجز والتواني والضعف مما يحضها من‬ ‫صور الخمول والجمود في كل ناحية بهذه الديار ‪....‬‬ ‫وكيف أعتذر إليك بالتقصير وقد أقام ال علي حجته وأمضى علي حجتك ولكن ل حول ول قوة إل بال ‪ ...‬فلقد‬ ‫وصلتني كتبك ‪ ،‬وهي حيث هي من نفسي ومن نفوس الخوان إعزازا وإكبارا وإجلل واعتبارا واستفادة ثم ل أزال‬ ‫أؤامر نفسي في الكتابة إليك وتسوف يوما بعد يوم حتى تطاولت اليام فصارت شهورا وامتدت الشهور فصارت‬ ‫أعواما ‪ ...‬وقد كان ف يكل تلك المدة من الحوال والحداث ما يكون له شأن فيما أكتب ‪ ..‬ولقد هيأت من نفسي أكثر‬ ‫من مرة بعض ما أريد أن أسطره إلى مقامك الجليل وهممت مرات كذلك بالكتابة إلى الستاذ العلمة المجاهد الشيخ‬ ‫بيوض في شؤون لها بعض الهمية ثم ل يتهيأ لي ذلك ول أنفذ ما نويت ‪ ،‬وأنا أصبحت أخشى هذه الحال من نفسي‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫ولعلي أستطيع التغلب عليها بعون ال سبحانه ‪...‬‬ ‫أثلج صدري دعائكم المبارك بالتوفيق لنا في نهضتنا التي نعتزمها والتي رأيت صورة منها في القسم اللو المطبوع‬ ‫من كتاب القناطر ‪ ،‬وأمن الخوان على الدعاء المبارك وكان لنا من حسن ظنكم وجميل تشجيعكم حافزا جديدا ودافعا‬ ‫على مواصلة العمل ‪ ،‬أما بالنسبة لبقية القسام فقد تأخرت عن العمل فيها لن مكتبتي بقيت في مصر ‪ ،‬ول سبيل‬ ‫إليها الن ‪ ،‬ونحن في موطن ل مكتبات به ولم تتهيأ لي فرصة الستقرار حتى الن ‪ ،‬زد على ذلك أنني أتطلع في‬ ‫الحصول على بعض النسخ المخطوطة من الخوان بميزاب أو جربة لعلكم تستحثون الخوان في موافاتنا ببعض‬ ‫النسخ الخطية التي سبقت بتاريخ نسخها تاريخ طبع المطبوعة البارونية فما لدي من مخطوطات الكتاب للجزء الول‬ ‫فقط ‪ ...‬وحبذا لو يتيسر الحصول على بقية كتب الجيطالي المخطوطة الخرى ‪ :‬الفرائض ‪ ،‬وكتاب الحج ‪ ،‬ورسائل‬ ‫الئمة ‪ ،‬وشرح نونية أبي نصر فإنني أعزم إخراج كتاب خاص عن هذا العالم الجليل ‪ ،‬ويستدعي ذلك الطلع الكامل‬ ‫على كامل مؤلفاته إن أمكن فلعل إخواننا بوادي ميزاب يعينون في هذا المر ‪.‬‬ ‫أنا مقيم هذه المدة في نالوت وسوف أسافر إلى لندن بعد مدة لتمام الدراسة إذا تيسرت الجراءات المتعلقة بالسفر‬ ‫والحصول على مكان في إحدى الجامعات البريطانية ‪ ....‬وسأوافيكم بخبر ذلك إذا كان ‪.‬‬ ‫كان لزيارة الخوان للجبل هذا الصيف الماضي أثر عظيم في تحريك النفوس وإحيائها وقد كانت جولتهم كالهزة‬ ‫الكهربائية جعلت الجبل بكامله ينتفض لها فاختلفت المشاعر ف ينفسه بين ماض رائع وواقع سائب وأمل غائم‬ ‫ونسأل ال التوفيق إلى الطريق ‪ ...‬وزيارة الشيخ بيوض حفظه ال سوف سكون لها أعظم الثر إذا تمت فلعلكم‬ ‫تستعجلونه بها ‪.‬‬ ‫كل الخوان بخير ن ولعلكم لحظتم أثر الزيارة في استجابة الناس بإرسال أبنائهم للدراسة بمعاهدكم وقد كان لزواره‬ ‫في هذا السبق والفضل ‪ ،‬والستاذ الفاضل الشيخ علي معمر يخشى أن يكون لكثرة الموفدين أثر في تكوين وحدة‬ ‫تستعصي على الذوبان في المعهد ‪ ،‬ويرى أهمية التركيز على هذه الناحية حتى يكون في تخلصهم من الحتفاظ‬ ‫بوحدة الطابع انطباع بالخلق السلمية الصحيحة في ميزاب ‪ ،‬وحتى يساهم ذلك في تخليصهم من رواسب أخلقهم‬ ‫هنا ‪ ،‬المهم هو يرى ضرورة التركيز على تربية هذه المجموعة تركيزا خاصا حتى تكون فاتحة الخير ومبعث المل‬ ‫ول حاجة للتنويه بمثل هذا ولكن ذلك ما أشار إليه أستاذنا الجليل فأحببت إطلعكم عليه ومثلكم ل ينبه لهذا ‪....‬‬ ‫منتصف رمضان ‪ 1386‬هـ‬ ‫بسم ال الرحمن الرحيم‬ ‫وصلى ال على سيدنا محمد وسلم ‪:‬‬ ‫الستاذ الجليل العلمة المجاهد بقية السلف وبركة المذهب الشريف شيخنا أبو اليقظان إبراهيم حفظه ال تعالى وزاده‬ ‫رفعة ‪ .‬السلم عليكم ورحمة ال وبركاته والسلم على من يلوذ بكم من البناء والخوان والسادة المشايخ ‪ .‬والسلم‬ ‫على رياض ذلك الوادي المبارك الذي انكشف عبابة عن رجالت السلم الفذاذ فكنتم فيهم غرة الزمان وكنتم أنفة‬ ‫الذي يعطس عنه ‪ ،‬وفخره الذي يشمخ به ‪ .‬وبعد ‪..‬‬ ‫ها أنا ذا أفرغ إلى القلم مترددا بين إلحاح الشوق وعقال العجز ‪ ،‬يحفزني الول ويعلقني الخر ‪ ،‬وتقف الكلمات‬ ‫حيرى أمام ما يتتابع في أيامنا من حوادث هي كلها باهت عابر ‪ ،‬ولكنها تبتلع اليام فتطويها طيا سريعا أجدني كلما‬ ‫أفقت على حقيقة غارقا في بحار التقصير تدفعني موجة إلى أخرى ‪ ،‬ويقودني أمر ذلك إلى حال من الخجل أهرب منها‬ ‫إلى تقصير أكبر ‪ ،‬فهذه طويلة قد مضت أعجب اليوم كيف انقطعت فيها عنك ‪.‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫‪ ...‬ويعلم ال أن القلب موصول بك ‪ ،‬ولكن كما قلت ل تطاوعني نفسي بالكتابة إليك كما أكتب لغيرك ‪ ،‬فيقطعني عنك‬ ‫هذا الشعور بأن ما أقوله لك أو ما أريد أن أقوله وأن أعبر هو خارج عن نطاق الكلمات ومما يعجز أن يستقر في‬ ‫حروف على قرطاس ‪ ،‬ولكنه من مناجاة الروح التي تأبى إل أن تحلق في أجوائها الطليقة المرفرفة ‪ ...‬ويعلم ال أن‬ ‫في القلب من ذلك ما فيه وأن ما يلج علي به من اللوم والتأنيب أشد علي مما يحمل من مشاعر الشوق التي يقر‬ ‫بالعجز عن وفاء حقها في مجال البيان والمواصلة ويتداخل المران فيأخذان على النفس مسارها بما يكون أشد من‬ ‫كل ذلك ‪...‬‬ ‫أسأل ال لك الهناء والعافية وأسألك الدعاء لنا فأنت وسيلتنا إلى ربنا فيما يحوط بنا من أهوال هذا الزمان الذي‬ ‫اشتدت ضرباته على السلم والمسلمين فنشأ فيه أجيالنا على مصيبتين ‪ ،‬مصيبة الضياع والذلة التي يعيشها‬ ‫المسلمون ‪ ،‬ومصيبة النسان التي تعقل ألسنتهم عن نداء الصلح ‪..‬أما أنا فماض بحول ال في عملي ‪ ،‬وبالرغم من‬ ‫وجود الحقيبة الضائعة في تونس كما أخبرني الخ فرحات إل أنها لم تصلني بعد ( ‪ ... ) 1‬ول زال بعدها يقيدني عن‬ ‫بعض عملي ‪ ..‬وإذا يسر ال تعالى فسوف أنتهي من أمر هذه الدراسة قبل هذا الوقت من العام القادم فإذا تم ذلك ‪،‬‬ ‫فسيكون طريق عودتي بإذن ال وادي ميزاب حتى أسعد بإمضاء وقت معكم فأسألكم دعواتكم حتى ييسر ال تعالى‬ ‫هذا ‪...‬‬ ‫لقد شغلت نفسي فترة من الوقت بكتابة عدة فصول في النقد الدبي نشرت في الجريدة الرسمية في طرابلس سميتها‬ ‫فصول من الجد الهازل ‪.‬‬ ‫عرضت فيها لقضية الشعر الحر وتتبعت بعض دعاته وأوضحت خطره على اللغة والفكر السلمي بما يحمله من سم‬ ‫زعاف في طياته من الفكار المسمومة والمبادئ الهدامة ‪ ،‬وكان للمقالت صدى طيب ‪ .‬كما نشرت فصل طويل في‬ ‫الرد على أحد الكتاب الليبيين قام يردد أفكارا ضالة حول تفسير القرآن يدعو فيها إلى تفسير القرآن حسب الرمز‬ ‫ويبطل بذلك المعجزات الربانية ‪ ،‬وكان للرد الذي كتبته أيضا صدى حسن وقد توقفت عن هذا النشاط الثقافي العام‬ ‫للتفرغ النهائي لعملي ‪ ،‬وآخر ما ساهمت به في ذلك النشاط فصل طويل ضاف عن ( نوادي الروتاري ) ناقشت فيها‬ ‫نشأة هذه النوادي وفكرتها وسيطرة اليهود عليها وما يجره وجودها من مصائب على بلد المسلمين وذلك بمناسبة‬ ‫إنشاء فرع لهذا النادي في ليبيا وسوف أبعث إليكم نسخة من الجريدة التي نشر فيها هذا الفصل عند حصولي عليها‬ ‫‪..‬‬ ‫أما في نطاق العلم النافع ‪ ،‬فقد فرغت من طباعة ومقابلة رسالة الشيخ يوسف بن خلفون وبعثت بنسخة منها للشيخ‬ ‫الجليل الستاذ بيوض إبراهيم حفظه ال لمراجعتها فهي عنده ‪ ،‬وفرغت حتى الن من طباعة رسائل المام جابر بن‬ ‫زيد على اللة الراقنة من نسخة قديمة رديئة وسوف أطبع منها عدة نسخ لبعث لكم منها لتصحيحها ‪ ،‬لن هناك بع‬ ‫العبارات صعب علي تخريجها جدا ‪ ،‬وعلمت أن نسخة منها في مكتبة الشيخ صالح بن عمر ( ‪ ) 2‬فلعل أحد منكم‬ ‫يظفر بفرصة لمقابلتها بذلك الصل ‪ ،‬وسوف يتم إرسالها في حدود نصف شهر بحول ال تعالى ‪...‬‬ ‫انقطعت عني رسائل الشيخ علي يحيى معمر لمدة طويلة ولكني علمت أنه بخير وأنه انتقل واستقر بطرابلس وهذا‬ ‫أمر استبشرت به كثيرا فإن كتابه الباضية في موكب التاريخ قد أحيا في نفوس الناس هنا بعض نعاني العتزاز‬ ‫بالمهذب والتعلق به فإقامته بطرابلس سوف تكون طورا آخر في هذا الصدد ‪ ...‬كما علمت أن الرسالة الثالثة التي‬ ‫نفحتم بها رسالة المسجد قد تم طبعها وأنها وصلت الميناء بطرابلس ولكن لم تصلنا منها نسخة بعد ‪...‬ز وهذه كلها‬ ‫طلئع خير وبركة فنحمد ال كثيرا ‪ ،‬سلمي الكثير إلى شيخنا الجليل الشيخ بيوض وإلى السادة المشايخ وأساتذة‬ ‫المعهد وجماعة العزابة وجميع أحبابنا هناك ‪..‬‬ ‫ابنكم المتحنن إليكم‬ ‫عمرو خليفة النامي‬ ‫‪ 4‬أغسطس ‪1969‬‬ ‫==============================‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫( ‪ ) 1‬ذكر في رسالة أخرى ضياع حقيبة مؤلفاته ومخطوطاته وأطروحته ‪ ،‬وفرحات هو د ‪ /‬فرحات الجعبيري‬ ‫الجربي التونسي ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 2‬توجد هذه المكتبة ببني يزفن ولية غرداية ( الجزائر ) ‪.‬‬

‫نماذج من شعره أماه ( ‪) 1‬‬ ‫عمرو خليفة النامي ‪..‬ز شاعر مسلم ‪ ،‬ولد عام ‪ 1939‬م ‪ ،‬وعاش ودرس في ليبيا ‪ ..‬وواصل دراسته العليا في‬ ‫بريطانيا وتخرج فيها عام ‪ 1970‬م ‪ ...‬وعمل مدرسا بجامعة طرابلس الغرب ‪ ،‬ثم أقصي عنها بعد سجنه لمدة سنتين‬ ‫تقريبا ‪...‬‬ ‫‪...‬والستاذ النامي داعية إسلمي ‪ ،‬وقف في وجه الظلم والطاغوت ‪ ،‬وتعرض للوان من التعذيب ‪..‬وكان من الدعاة‬ ‫الصابرين المحتسبين ‪ ،‬الذين تحررت قلوبهم من كل خوف ‪ ،‬واستعدوا لمقارعة الباطل ‪ ،‬ووطنوا نفوسهم على الصبر‬ ‫والمصابرة ‪ ،‬وابذل والتضحية ‪ ،‬وثبتوا على طريق الحق ‪..‬‬ ‫والنامي داعية مجاهد ‪ ،‬جاهد من أجل دعوته بصلبة وثبات ‪..‬وآمن بقضاء ال وقدره ‪ ..‬فثمة أمور ثلثة ‪ ،‬ال وحده‬ ‫مدبرها ومتكفل بها ‪ ،‬ول دخل ول حيلة لنسان فيها ‪ :‬العمار ‪ ،‬والرزاق ‪ ،‬والنصر ‪ (..‬وما النصر إل من عند ال‬ ‫العزيز الحكيم ) ( ‪... ) 2‬‬ ‫لقد آمن النامي بهذه المبادئ الصلية والقواعد الثابتة ‪ ..‬فبايع ربه عليها ‪ ،‬واعتصم بحبله المتين ‪ ،‬وسار في موكب‬ ‫الدعاة الصادقين ‪...‬واستعد لتحمل النتيجة بل وهن ول جزع ‪ .‬ولو كانت النتيجة مفارقة هذه الحياة ‪ ..‬فالموت في ال‬ ‫أسمى ما تمناه ‪...‬‬

‫===============================‬ ‫(‪ ) 1‬حسني أدهم جرار قصائد إلى الم والسرة ‪ ،‬دار الضياء للنشر والتوزيع ‪ ،‬عمان ‪ ،‬الردن ‪ ، 1989‬ص ‪، 57 :‬‬ ‫نقل عن مجلة الغرباء ‪ ،‬السنة الثامنة العدد الول ( د ‪ .‬ت ) ‪ .‬والجدير بالذكر أن هذه القصيدة تنشدها كثير من فرق‬ ‫الناشيد السلمية مشرقا ومغربا ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 2‬سورة آل عمران ‪ ،‬آية ‪. 126 :‬‬

‫كلمة شكر‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫أتقدم بصادق شكري إلى الستاذ ر ‪ .‬ب ‪ .‬سرجنت على ما وفره لي من المقترحات والمناقشات والنتقادات المفيدة‬ ‫الكثيرة أثناء الفترة التي أشرف فيها على كتابة هذا البحث ‪.‬‬ ‫كذلك أتقدم بشكري الخاص إلى الكثيرين من الصدقاء والباحثين الباضية في الوساط الباضية في شمالي إفريقية‬ ‫على ضيافتهم وعلى مساعدتهم التي جاءت بل حدود ‪ .‬وإنني ممتن أشد المتنان لصحاب المجموعات المختصة من‬ ‫المخطوطات لتمكيني من استعمال مكتباتهم القيمة ؛ بدون ذلك كان هذا العمل مستحيل ‪ .‬وأشكر أيضا الشيخ محمد‬ ‫السالمي ‪ ،‬وسالم الحارثي من عمان لعارتي العديد من المخطوطات القيمة ؛ كما أتوجه بشكري إلى جميع الصدقاء‬ ‫الذين مدوا لي يد العون بصورة أو بأخرى ‪.‬‬ ‫وأود أن أتقدم بالشكر أيضا إلى وزارة التربية الليبية لنها زودتني بمنحة مالية خلل هذا البحث ‪ ،‬كما أشكر معهد‬ ‫الداب في الجامعة الليبية لعطائي الجازة الدراسية للقيام بهذا العمل ‪ .‬ثم إن علي واجب الشكر للستاذ عمر‬ ‫الشيباني ‪ ،‬رئيس الجامعة الليبية ‪ ،‬والدكتور منصور كيخيا ‪ ،‬عميد معهد الداب ‪ ،‬والسيد عبد الرحمن الشريدي ‪،‬‬ ‫رئيس الطبع والنشر ‪ ،‬وإليه يعود نشر هذا العمل بهذا الشكل الممتاز ‪.‬‬

‫تمهيد‬ ‫الباضية أو الباضية هي إحدى أقدم الفرق السلمية ‪ ،‬التي تعود نشأتها إلى النصف الول من القرن الهجري‬ ‫الول ؛ وقد أخذت اسمها من عبد ال بن إباض أحد فقهائها الولين ‪.‬‬ ‫ويشمل اسم الباضية مجموعة إسلمية اعتبرت من قبل معظم الكتاب فرعا معتدل من حركة الخوارج ‪ .‬ويشكل‬ ‫أنصار هذا المذهب عددا من الوساط المستقلة التي ل تزال تتمسك بتعاليمها بقوة ؛ وأكبر هذه المجموعات تعيش‬ ‫حاليا في عمان في جنوبي شرقي شبه الجزيرة العربية ؛ ثم إن هنالك أقليات أخرى في زنجبار ‪ ،‬مقابل شاطئ أفريقية‬ ‫الشرقي ‪ ،‬وفي جبل نفوسه وزواره في ليبيا ‪ ،‬وفي جزيرة جربة في تونس ‪ ،‬وفي وادي مزاب في الجزائر ‪.‬‬ ‫ل يعرف إل القليل جدا المعلومات عن الباضية ‪ ،‬وتعاليمها ‪ ،‬وأصولها ‪ ،‬وتطورها ‪ .‬وهنالك باحثون أوربيون‬ ‫حديثون حققوا إسهامات مفيدة في ميدان الدراسات الباضية ‪ ،‬غير أن دراساتهم جاءت موجهة بالدرجة الولى إلى‬ ‫تاريخ الجماعات الباضية ‪ ،‬أو إلى بعض نواحي حياتهم الدينية والجتماعية الحالية ‪ .‬وباستثناء عدد قليل من‬ ‫المقالت عن الفقه الباضي ‪ ،‬بقيت التعاليم الباضية بوجه عام غير معالجة بصورة جادة ‪ .‬والدراسات التي قام بها‬ ‫البحاثة الوربيون عن الباضية تعتمد بالدرجة الولى مصادر تاريخية ‪ .‬أما الكتابات الباضية الغزيرة في الفقه‬ ‫والكلم فلم تستخدم بالطريقة الملئمة ؛ ومرد ذلك ‪ ،‬ول ريب ‪ ،‬إلى صعوبة الوصول إلى مثل هذه المصادر ‪.‬‬ ‫وأقدم ورقة تناولت مصادر الباضية ومرجعها ‪ ،‬قدمها موتيلنسكي في مقال له عن (( بيبوغرافيا مزاب )) ( * ) (‬ ‫‪ ) 1‬سرد فيها العمال الباضية التي ذكرها البرادي ‪ ،‬مضيفا إلى ذلك ملحظاته والنتائج التي توصل إليها ‪ .‬غير‬ ‫أنه ‪ ،‬على أي حال ‪ ،‬لم يحدد بدقة مواضع المخطوطات التي ذكرها ‪ ،‬ولم يعط وصفا مرضيا لها ‪ ،‬باستثناء العمال‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫التاريخية ‪ ،‬وتكمن قيمة هذه الدراسة في كونها خطوة تمهيدية سهلت البحاث اللحقة ‪ .‬أما الجدول الحداث والكثر‬ ‫فائدة للعمال الباضية في مزاب فهو من وضع الستاذ جوزيف شاخت في مقال له عن (( مصادر ومراجع‬ ‫ومخطوطات أباضية )) سرد فيه المخطوطات الباضية الموجودة في المكتبات الخاصة بميزاب ‪ ،‬مرتبة وفق‬ ‫موضوعاتها ‪ ،‬ذاكرا أسماء المكتبات وأرقام المخطوطات ‪ .‬ثم إن هنالك مجموعات أخرى لمخطوطات إباضية جمعها‬ ‫بحاثة معاصرون آخرون ‪ :‬لئحة المخطوطات الباضية في كركوفيا في بولندا جمعها فلديسلف كوبياك في مقال له‬ ‫عنوانه (( المخطوطات العربية في بولونيا )) في (( مجلة معهد المخطوطات العربية )) ؛ وقائمة المخطوطات‬ ‫الباضية في المعهد الشرقي في نابولي ‪ ،‬من إعداد روبيناتشي ؛ وهنالك وصف للمخطوطات الباضية في دار الكتب‬ ‫في القاهرة ‪ ،‬من إعداد فؤاد سيد في فهرس دار الكتب ‪.‬‬ ‫وخلل إعداد هذه الدراسة قمت بجولتين بين الجامعات الباضية في شمالي إفريقية بحثا عن مخطوطات ومواد لعملي‬ ‫‪ .‬كانت الجولة الولى في حزيران ‪ /‬يونيو – أيلول ‪ /‬سبتمبر ‪ 1968‬؛ وكانت الثانية في تشرين ‪ /‬نوفمبر – كانون‬ ‫الول ‪ /‬ديسمبر ‪ . 1969‬وقد كان من السهل علي بما أنني إباضي بعكس غير الباضيين أن أطلع على المكتبات‬ ‫والمكتبات الخاصة بالمخطوطات ‪ .‬ووجدت لدهشتي أن غالبية العمال المغربية الهامة ‪ ،‬بما في ذلك التي كان يظن‬ ‫أنها مفقودة ‪ ،‬ل تزال موجودة وفي حالة جيدة ‪ .‬يضاف إلى ذلك أن هنالك أمل كبيرا باحتمال تحيقي اكتشافات هامة‬ ‫في المستقبل في هذا الميدان ‪ .‬ونشرت وصفا لبعض المخطوطات الجديدة التي اكتشفت في جولتي الولى في (( مجلة‬ ‫الدراسات السامية )) وآمل أن يصار في المستقبل القريب إلى إعداد جدول كامل يتضمن وصفا شامل لجميع‬ ‫المخطوطات التي تفحصتها ‪.‬‬ ‫أما المنطقة التي لم تستكشف كليا وهي ‪ ،‬ول ريب ‪ ،‬مكان يحتمل أن توجد فيه مخطوطات إباضية أكثر قيمة ‪ ،‬فهي‬ ‫عمان ويتطلب ذلك اهتماما خاصا من دارسي الشؤون الباضية ‪ .‬ولم أستطع أن أزور عمان شخصيا ‪ ،‬لكنني زودت‬ ‫من بعض الصدقاء العمانيين بمخطوطات إباضية قيمة عن بعض أعمال قديمة في الفقه وفي السير لعلماء الباضية‬ ‫الوائل ؛ وقد كانت ذات فائدة كبيرة في دراسة أصول المذهب الباضي وعلقته بحركات المعارضة الولى في السلم‬ ‫‪.‬‬ ‫ولما كانت عمان مركزا رئيسا للباضية وللمامة الباضية فإنها حظيت باهتمام وثيق من الباحثين الوربيين ‪ ،‬وقد‬ ‫عرض ج ‪ .‬ويلكنسون ذلك في أطروحته لنيل درجة الدكتوراه بعنوان (( الستيطان العربي في عمان )) من‬ ‫أوكسفورد ‪ ،‬سنة ‪ ، 1969‬وهو ما لن أعالجه هنا ‪ .‬غير أن الذي ل يزال مطلوبا بالنسبة لعمان هو – على صعوبة‬ ‫احتمال إنجازه – اكتشاف المزيد من المواد مما يسهم ول ريب في تكوين صورة أكثر وضوحا لمذهب الباضية‬ ‫وتطوره في جميع المناطق الباضية ‪ .‬انتقلت غالبية المراجع الباضية الولى من البصرة إلى عمان حيث جرى‬ ‫تأسيس إمامة قوية وتوفر جو أكثر ملءمة لولئك العلماء لتطوير وجهات نظرهم ‪ ،‬والسهام بصورة أكبر في الدب‬ ‫الباضي ؛ ومنه ما انتقل إلى بلدان إباضية أخرى ‪ ،‬لكن المواد الصلية للعقيدة الباضية في فترتها الولى ربما كانت‬ ‫محفوظة في عمان ؛ والتوصل إلى اكتشافات هامة هناك هو أمر محتمل جدا ‪.‬‬ ‫كذلك أبدى الباحثون الوربيون اهتماما وثيقا بالباضية في إفريقية الشمالية ‪ .‬لقد بدأت دراساتهم بواسطة ماسكوراي‬ ‫الذي ترجم سيرة أبي زكريا الوارجلني إلى الفرنسية ‪ .‬ولفت عمله انتباه علماء آخرين أسهموا بالدراسات الباضية‬ ‫في ميادين مختلفة ‪ .‬ففي ميدان التاريخ ‪ ،‬قدم موتيلنسكي في مقالة عن الكتب الباضية جداول كاملة عن محتويات‬ ‫العمال الباضية بخصوص سير شيوخ الباضية ‪ :‬سيرة أبي زكريا و (( طبقات الدرجيني )) ؛ و (( الجواهر ))‬ ‫للبرادي ‪ ،‬وسير الشماخي ‪ .‬ثم حقق بعد ذلك ‪ ،‬وترجم إلى اللغة الفرنسية ‪ ،‬تاريخ ابن الصغير المالكي عن الئمة‬ ‫الرستميين ‪ .‬وفي وقت لحق ظهرت مراجعات كاملة لهذه المصادر الباضية ‪ :‬فقد راجع ليفتسكي (( طبقات الدرجيني‬ ‫)) وسير الشماخي معا ؛ وراجع روبيناتشي (( كتاب الجواهر )) للبرادي ؛ كذلك نشر ليفتسكي ‪ ،‬وهو يملك نسخة من‬ ‫سير الوسياني ‪ ،‬سلسة من مقالت مستفيدا من مواد ذكرها الوسياني والعمال الباضية التاريخية الخرى ‪ ،‬وهي‬ ‫تغطي عددا من الموضوعات المعنية بالدراسات الباضية وبالجماعات الباضية في بلدانها المختلفة ‪ ،‬ل سيما في‬ ‫شمالي إفريقية ‪ ،‬من حيث حياتهم الفكرية ونشاطاتهم التجارية والسياسية ‪ .‬والظاهر أن دراساته تبدو أكثر قبول من‬ ‫تلك ذكرت من قبل برغم ما فيها من نقاط ثانوية قليلة ضللة فيها بالدرجة الولى نقص المواد ‪ .‬وعن الباضية في‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫شمالي إفريقية قدم إشتروتمان أول عروضا تاريخية موجزة في مقال له عنوانه (( البربر والباضية )) ليقدم شيخ‬ ‫بكري بعده في وقت لحق عرضا أكمل عن الباضية وغيرهم من الخوارج في شمالي إفريقية في مقال له عنوانه‬ ‫(( الخوارج والبربر )) ثم إن المصادر الباضية استخدمت منذ وقت وجيز من قبل العلماء اليطاليين في دراسة‬ ‫النزاع السياسي الباكر في السلم ‪ ،‬ل سيما من قبل فالييري لعرض الصراع بين علي ومعاوية ‪ ،‬ومن قبل‬ ‫روبيناتشي لعرض العلقة بين الخليفة الموي عبد الملك بن مروان والباضية ‪.‬‬ ‫عالج البحاثة الغربيون من المقالت علم الكلم الباضي ‪ .‬وقد ظهرت هذه المقالت بعد أن قدم موتيلنسكي ترجمة‬ ‫بالفرنسية للعقيدة الباضية عند عمرو بن جميع في سنة ‪ . 1905‬بعد ذلك كتب نلينو ملحظاته حلو ما اعتبره تأثرا‬ ‫معتزليا في علم الكلم الباضي ‪ .‬وعلى هذا الغرار من الدراسة سار مورنيو في مقالة (( ملحظات فقهية إباضية ))‬ ‫وفي هذا الحقل كتب سمو غورفسكي مقال عن الفروق بين الباضية والمالكية مبنيا على عدد قليل من منظومة‬ ‫لباضي مجهول ‪ (( :‬شعر إباضي عن الراء الخلفية بين المالكية والباضية )) ‪ .‬ومن جهته كتب ليفتسكي مقال‬ ‫حاشدا بالمعلومات عن تفرعات الباضية ‪ .‬وهنالك كذلك دراسة عن العقيدة الباضية لبي زكريا الجناوني قدمه‬ ‫روبيناتشي مع مترجمة إيطالية ‪ ،‬وبحث عن صلتها بالفرق السلمية الخرى ‪.‬‬ ‫ثم إن الفقه الباضي لم يعالج حتى الوقت الحاضر بصورة جادة ‪ .‬وثمة عدد قليل من المقالت عولجت فيها نواح‬ ‫ثانوية من هذا الموضوع ‪ :‬مقال لوربيناتشي عنوانه ‪ La purita rituale secondo gli Ibditi :‬وفيه قدم‬ ‫دراسة مقارنة لموضوع (( الطهارة )) في المذاهب الباضية والسلمية الخرى ؛ ومقال تناول المراجع التي نشرت‬ ‫العقيدة الباضية في إفريقية الشمالية ‪ ،‬كتبه غروبي لروزا باللغة اليطالية ‪ ،‬مبني على عمل للبحاثة الحديث عبد ال‬ ‫بن يحيى الباروني (( سلم العامة والمبتدئين )) ‪ .‬وهنالك عمل باللغة الفرنسية لغواشوان عن (( الحياة النسائية في‬ ‫مزاب )) ‪ ’La vie feminine au M’ZAB ،‬كما أن هنالك عمل لميليو عنوانه (( مجموعة مناقشات جماعة‬ ‫مزاب )) وفيه ملمسات لبعض نقاط الفقه الباضي ‪.‬‬ ‫وثمة عدد قليل من المقالت الخرى عنيت بدراسة التنظيم الباضي للعزابة ‪ ،‬كما أن هنالك مقال لليفتسكي عن‬ ‫(( الحلقة )) ‪ ،‬و (( مقال آخر لروبيناتشي عنوانه ‪Un antico documento di vita cenobitica‬‬ ‫‪ musulmana‬يتناول أصول (( الحلقة )) ‪ .‬هذه هي العمال الساسية باللغات الوروبية حول الدراسات التي‬ ‫تتعلق بالباضية في المغرب ‪ .‬وقليلة هي الملحظات التي تتوفر حين تكون الحركات المذهبية الولى في السلم هي‬ ‫موضوع البحث لن جميع البحاثة الوروبيين يضعون الباضية بين الخوارج ‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للعلماء المسلمين غير الباضية ‪ ،‬فإنهم كانوا باستمرار ينظرون إلى الباضية باعتبارهم خوارج متطرفين‬ ‫ومبتدعة ‪ .‬ولم يعيروا أي اهتمام جدي للدراسة العقيدة الباضية وإلى تكوين صورة أوضح للمذهب الباضي ‪ .‬ومنذ‬ ‫وقت وجيز فقط أدخل المذهب بين المذاهب السلمية ‪ ،‬ممثلة في الموسوعتين الجديدتين حول الفقه السلمي في‬ ‫مصر والكويت ‪ .‬وقد تحقق هذا الحدث السار نتيجة النشاطات الباضية المستمرة التي تهدف إلى الحصول على فهم‬ ‫أفضل لها من قبل المسلمين المجاورين ‪ .‬لقد بدأ بهذه النشاطات سليمان باشا الباروني من جبل نفوسة ‪ ،‬وهو‬ ‫سياسي مسلم نشط لعب دورا رئسا في محاربة الغزاة اليطاليين لليبيا سنة ‪ . 1911‬وقد أثير اهتمام المسلمين‬ ‫بشؤون الباضية بفعل الدور الذي لعبه الباروني وإباضيو جبل نفوسة في محاربة إيطاليا ‪ ،‬وبولئه الراسخ‬ ‫للمبراطورية العثمانية وبكفاحه الصلب في سبيل قضية السلم ‪ ،‬إذ كان يدعو إلى التفاهم الفضل بين المسلمين ؛‬ ‫وكان أحد أول من دعا المسلمين لنسيان الخلفات التي نشأت عن خلفات في الرأي بين الئمة الولين لمذاهبهم ‪،‬‬ ‫وللعودة إلى الحكم المباشر للقرآن والسنة ‪ .‬وإن المكانة التي رسخها الباروني لنفسه في الوساط السلمية الدولية‬ ‫بفضل نضاله البطولي في وجه الغزو الستعماري الغربي وفرت التقدير للسهام الباضي في سبيل الوحدة السلمية‬ ‫التي كانت شعار غالبية القادة المسلمين آنذاك ‪ ،‬ومهدت السبيل لسماع وجهات نظر الباضية ‪ .‬وبالضافة إلى‬ ‫المطبعة الحجرية البارونية التي أنشئت في القاهرة قبل بداية القرن الحالي ‪ ،‬أنشأ سليمان الباروني مطبعته الخاصة‬ ‫به في وقت باكر من هذا القرن ‪ ،‬وأصدر صحيفته (( السد السلمي )) التي بث فيها آراءه وسعى إلى إعطاء صورة‬ ‫للباضية أكثر وضوحا ‪ .‬وكذلك نشر عددا قليل من الكتب الباضية لمؤلفين عمانيين ومغاربة ‪ ،‬بما في ذلك كتابه‬ ‫الخاص عن تاريخ الباضية (( الزهار الرياضية )) ‪ .‬ثم واصل إبراهيم أطفيش من مزاب ‪ ،‬الذي نفاه الفرنسيون من‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫الجزائر فاستقر ف يمصر ‪ ،‬حيث أصدر صحيفته (( المنهاج )) وشارك في تحرير ونشر أعمال العالم الباضي‬ ‫المعاصر محمد بن يوسف أطفيش وبعض أعمال العلمة العماني السالمي ‪ .‬وكان خلل المدة الطويلة التي بقيها في‬ ‫مصر ‪ ،‬الممثل غير الرسمي للمذهب الباضي يدافع عن الراء الباضية وينشرها ‪ .‬كما كان باستمرار على استعداد‬ ‫لسداء المشورة بشأن الدراسات الباضية ‪ .‬ول مجال للشك بأن إسهامه من أجل تقديم عرض أوضح للمذهب‬ ‫الباضي ذو أهمية كبيرة ‪ .‬وتجلى هذا بوضوح شديد في مجلته (( المنهاج )) وفي ملحظاته على المؤلفات التي‬ ‫حررها ‪ ،‬وفي ملحظاته على أجزاء من (( دائرة المعارف السلمية )) المترجمة إلى العربية ‪ ،‬وفيها حاول أن‬ ‫يصحح آراء خاطئة عن الباضية ‪.‬‬ ‫وفي تونس والجزائر جرت نشاطات مماثله من قبل قادة حزب الصلح في مزاب المشاركة بنشاطات جمعية العلماء‬ ‫في الجزائر ‪ ،‬ومن قبل علماء وقادة إباضية في تونس شاركوا في نشاطات الحزب الدستوري لعبد العزيز الثعالبي ‪.‬‬ ‫ومن الشخصيات الباضية البارزة التي لعبت دورا هاما في تونس ‪ ،‬المغفور له محمد الثميني ؛ وهو في الصل من‬ ‫مزاب وقد أسس مكتبة في تونس ‪ ،‬وشارك في نشر وتوزيع المؤلفات الباضية ؛ والمغفور له الشيخ سليمان‬ ‫الجادوي من جربة ‪ ،‬وكان محرر الصحيفة الشهيرة (( مرشد المة )) ‪ .‬ومن الشخصيات البارزة في مثل هذه‬ ‫النشاطات المماثلة في الجزائر أبو اليقظان إبراهيم الذي أصدر نحو ثماني صحف مختلفة ف يظل العهد الفرنسي ؛‬ ‫والشيخ بيوض إبراهيم بن عمر الذي كان مسؤول عن الحركة الصلحية الحديثة في مزاب ‪ ،‬وعن مدارسها‬ ‫ومؤسساتها ‪ .‬وقد كان الرجلن عضوين ناشطين في (( جمعية العلماء )) ‪ ،‬وصديقين شخصيين لعلماء السنة‬ ‫البارزين في (( الجمعية )) ‪ .‬وكانوا جميعا مخلصين في استهداف تفاهم أفضل مع جيرانهم من السنة ‪ .‬وأسفرت هذه‬ ‫الحركة التي كانت بالدرجة الولى من وحي الباروني ومقاربته ‪ ،‬عن تلطيف موقف المعارضة المرير من الباضية‬ ‫في مختلف أوساطهم ‪ ،‬ووفرت جوا أفضل للباضين لعرض وجهات نظرهم بطريقة معتدلة ‪ .‬والسهام الخير في هذا‬ ‫الميدان قدمه علي بن معمر من جبل نفوسة ‪ ،‬في ليبيا ‪ ،‬وهو الذي نشر حديثا عددا من المؤلفات تحت عنوان‬ ‫(( الباضية في موكب التاريخ )) هادفا بذلك إلى تقديم دراسة عامة عن الباضيين في بلدانهم المختلفة ‪ .‬كما نشر‬ ‫أعمال أخرى تتناول قضايا شرعية ودينية ‪ .‬والعالم الخر هو محمد علي دبوز من القرارة في مزاب ؛ وقد تعهد‬ ‫بإعادة كتابة تاريخ المغرب من وجهة النظر الباضية ‪ ،‬ونشر حتى الن سبعة مجلدات من عشرة ‪ ،‬ينوي فيها أن‬ ‫يكمل عمله ‪ .‬وفي المجلدات الثلثة الولى تناول تاريخ المغرب الكبير فيما كانت المجلدات التالية مخصصه لدارسة‬ ‫الجزائر في العصر الحديث – ثورة الجزائر ونهضتها المباركة – وكل المؤلفين هما من طلب الشيخ بيوض ‪ ،‬وقد‬ ‫تأثرا إلى حد كبير بآرائه الصلحية ‪ ،‬وهما يدعوان المسلمين في مؤلفاتهما بصورة مقنعة وبقوة إلى أن عليهم أن‬ ‫يعودوا إلى القرآن والسنة وأن يتركوا جانبا أساب النقسام الناشئ عن إتباع العلماء المتأخرين الذي تأثروا‬ ‫بالخلفات السياسية ‪ .‬وذلك هو إسهام الباضية في المسعى السلمي الحديث للعودة إلى السلم الصيل كما هو عليه‬ ‫في الكتاب والسنة ‪ .‬وكان من شأن هذا التجاه الذي دعا إليه محمد عبده وتلميذه رشيد رضا ‪ ،‬ثم واصله تلميذتهما‬ ‫قاموا به من نشاطات تالية ‪ ،‬أن أمن للباضية أمل جديدا بفهمهم على وجه أفضل لقد بدأ لهم أن خصومهم المسلمين‬ ‫بدأوا في النهاية يدركون ما مثلته الباضية ودعت إليه منذ البداية ‪ .‬وقد لعب الباضية دورا في هذه الحركة بواسطة‬ ‫النضال السياسي في سبيل الستقلل الوطني في ديارهم المختلفة ‪ ،‬ووقفوا جنبا إلى جنب مع جيرانهم السنة في وجه‬ ‫الدول الغازية وحاولوا دائما أن يعرضوا آراءهم وعقائدهم لتوضيح سوء الفهم القديم والتخلص من العزلة التقليدية‬ ‫التي عاشوا فيها باستمرار حيال جيرانهم المسلمين ‪ .‬وقد اتخذت المساهمة الباضية في الدراسات الباضية اتجاهين‬ ‫اثنين هما ‪:‬‬ ‫أ – توفير إنتاجهم الخاص بهم عن طريق تحقيق ونشر أعمالهم الباضية السابقة ‪ ،‬وإضافة مساهمات جديدة بكتابات‬ ‫جديدة لتلبية المتطلبات الحالية ‪.‬‬ ‫ب – عرض آراءهم وتاريخهم بصورة أوضح لتحقيق فهم أفضل لهم من قبل المسلمين غير الباضيين ‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للمسلمين غير الباضية ‪ ،‬فليست هنالك حتى الن أية محاولة جادة من جانبهم لدراسة الباضية بعمق‬ ‫عبر مصادرها الخاصة بها ‪ ،‬غير أن علمات على مثل هذا الهتمام بالدراسات الباضية بدأت تظهر في الجامعات‬ ‫الحديثة عبر علماء معاصرين توجهوا ول ريب إلى الدراسات الباضية بفعل اهتمام العلماء الوروبيين وإسهامهم ‪.‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫وفي طليعة هذا التجاه تأتي جامعة القاهرة حيث يقوم طالب إباضي هو محمد حنبولة بدراسة مقارنة لقوانين الملكية‬ ‫في الفقه الباضي والقانون الحديث في ليبيا ‪ ،‬بإشراف محمد سلم مدكور ‪ .‬ول شك أن أصالة هذا الموضوع‬ ‫والمكانات التي يفتحها في سبيل اتجاهات جديدة في البحث ستشجع على إجراء المزيد من الدراسات في المستقبل ‪.‬‬ ‫(‪.)2‬‬ ‫إن الغرض من الدراسة الحالية هو عرض صورة أكثر وضوحا للمذهب الباضي مبنية على مواد إباضية لكنها‬ ‫مكتشفة حديثا ‪ .‬وإذا كانت هذه الدراسة معنية بالباضية في شمال إفريقية من حيث المنطقة ‪ ،‬إل أنه كان ل بد لنا من‬ ‫أن ندرس أصول الحركة الباضية ومؤسسيها الوائل في البصرة ‪ ،‬وعلقتها بحركة الخوارج ‪ ،‬وصلتها بالحداث‬ ‫الولى للتاريخ السلمي والتطور السياسي ‪ ،‬والتأثير الذي كان لهاتين الناحيتين الخيرتين على المذهب الباضي‬ ‫بالنسبة لرائه الفقهية والكلمية ‪ ،‬ثم توسعه في شمالي إفريقية ‪ .‬ونهدف أيضا إلى تقديم نظرة واضحة للفقه وعلم‬ ‫الكلم الباضيين ؛ ونقاط التفاق والختلف مع حركات المعارضة المعاصرة لها والمدارس الفقهية وبعض‬ ‫الخصائص المميزة للعقيدة الباضية ‪ :‬وتحديدا ‪ (( ،‬نظام الولية والبراءة )) ومراحل تطور الجماعة الباضية ‪ ،‬أي‬ ‫(( مسالك الدين )) ‪ .‬وقد حررت كجزء من هذه الطروحة ثلثة نصوص أباضية لتقديم نماذج من النتاج الباضي‬ ‫تغطي ميادين الفقه والشرع ‪ ،‬وموضوع الولية والبراءة الذي يدخل في الميدانين معا ( ‪. ) 3‬‬ ‫تعتبر هذه الدارسة حتى الن ‪ ،‬الولى المبنية على أساس واسع من مواد أصلية مكتشفة حديثا للمصادر الباضية‬ ‫الولى وعلى دراسة تامة شاملة لغالبية العمال الباضية الموجودة في مختلف حقول الدارسة ‪ .‬وأرجو أن يؤدي ذلك‬ ‫إلى فتح أفق جديد في ميدان الدراسات السلمية وإلى التشجيع على المزيد من التحقيق في ضوء المواد الجديدة‬ ‫المستخدمة هنا ‪ ،‬والراء التي توصلنا إليها ‪ .‬وهي على كل حال ليست غير الخطوة الولى في دراسة الباضية ‪ .‬ول‬ ‫ريب أن هنالك الكثير مما يبقى عمله ولو أن الكاتب يثق بأن الطريق قد مهدت بفضل النتائج التي تحققت بفضل هذا‬ ‫البحث ‪.‬‬ ‫=========================‬ ‫( ‪ ) 1‬بخصوص المقالت والعمال المذكورة هنا ‪ ،‬انظر المصادر والمراجع ص ‪ 295‬وما يليها ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 2‬ظهرت رسائل أكاديمية كثيرة في هذا التجاه لباحثين إباضيين وغير إباضيين ‪ .‬في جامعات عربية وأجنبية ‪،‬‬ ‫ساعدت كلها على تقريب الفهم بين المسلمين ‪ ( .‬محمد ناصر ) ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 3‬سننشر هذه النصوص منفصلة ‪.‬‬

‫الفصل الول نشأة الباضية ‪ ،‬آراء الباضية في الخوارج‬ ‫عبد ال بن إباض‬ ‫أخذ المذهب الباضي اسمه عن عبد ال بن إباض المري التميمي ؛ وقد سمي المذهب على اسم أبيه لنه كان أ‪/‬ثر من‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫ابنه شهرة ‪ ،‬كما هي الحال في علم النساب عند العرب ( ‪ ) 1‬والملطي هو الوحيد الذي ذكر أن هذه الفرقة سميت‬ ‫على اسم مؤسسها ‪ ،‬وهو كما قال ‪ ،‬إباض بن عمرو ( ‪ . )2‬على أن هذه المعلومة ل يمكن أن تؤخذ بالعتبار لن‬ ‫الملطي أورد في كتابه معلومات عن الخوارج مناقضة لجميع المراجع الموثوقة التي تناولت الموضوع ( ‪. )3‬‬ ‫ما نعلمه عن عبد ال بن إباض قليل جدا ‪ ،‬سواء في المصادر الباضية أم غير الباضية ؛ وهو من بنى صريم بن‬ ‫الحارث بن مقاعس من بني تميم ‪ ،‬إحدى قبائل مضر الرئيسة ( ‪ . ) 4‬ول يعرف شيء عن حياته الولى ‪ ،‬ويرى‬ ‫العالم الباضي الحديث محمد بن يوسف اطفيش أن ابن إباض انتقل من نجد ‪ ،‬موطن قبيلته ‪ ،‬إلى البصرة ( ‪ ) 5‬كذلك‬ ‫ذكر أن هنالك روايات معنية تفيد أنه كان صحابيا لفترة قصيرة ( ‪ ) 6‬؛ إل أن رواة إباضيين أوردوا ابن إباضي طبقة‬ ‫التابعين الذين عاشوا في أثناء النصف الثاني من القرن الهجري الول ( ‪ . ) 7‬ول يعرف هل اشترك في الحروب‬ ‫الهلية التي وقعت بين المسلمين قبل خلفة بني أمية ‪ ،‬ويبدو أنه لم يكن راضيا عن حكم معاوية ‪ ،‬وقد انتقد مخالفته‬ ‫للقرآن وللسنة ( ‪ . ) 8‬وترد أول معلومة أكيدة حلو نشاطاته العامة عن دوره في الدفاع عن مكة بوجه القائد الموي‬ ‫حصين بن نمير السكوني ‪ ،‬الذي خلف مسلم بن عقبة ( ‪ ) 9 ( ) 682 / 63‬؛ كما كان أحد زعماء فريق المحكمة‬ ‫الذين حاولوا أن يكسبوا عبد ال بن الزبير إلى جانبهم ‪ ،‬وقدموا له دعمهم الكامل إذا وافق على آرائهم وانفصل عن‬ ‫عثمان ‪ ،‬وطلحة ‪ ،‬ووالده بالذات الزبير بن العوام ؛ غير أن عبد ال بن الزبير رفض الموافقة على آرائهم فتركوه‬ ‫وعاد بعضهم إلى البصرة ‪ ،‬ومن بين هؤلء عبد ال بن إباض ( ‪ . ) 10‬والظاهر أن موقف ابن الزبير دفعهم إلى‬ ‫اليأس من تأمين قيادة بارزة من القرشيين وهو ما كانوا يسعون إليه باتصالهم بابن الزبير ‪ .‬وفي أثناء هذه الفترة‬ ‫دخلت حركتهم مرحلة حرجة بالنسبة لمسألة قيادتها فقد ظهر عدد من الشخصيات البارزة التي حاولت الفوز بقيادة‬ ‫الحركة عبر العمل العسكري ‪ ،‬وأول هؤلء أبو راشد نافع بن الزرق الذي اتخذ منحى متطرفا في انتفاضته وانسحب‬ ‫هو وأنصاره من الجماعة السلمية على أساس أن دارهم دار حرب وأنهم جميعا مشركون ( ‪ . ) 11‬في هذه المرحلة‬ ‫برز عبد ال بن إباض شخصية قائدة تعارض موقف نافع وسواه من القادة الخوارج ودعا إلى مقاومتهم علنا ( ‪) 12‬‬ ‫‪ .‬وترى المصادر غير الباضية أن ذلك كان بداية المذهب الباضي ‪ ،‬وتنسب تأسيسه إلى عبد ال بن إباض الذي كان‬ ‫‪ ،‬وفقا لغالبية تلك المصادر (( رأس )) المذهب الباضي ( ‪. ) 13‬‬ ‫والمعلومات الواردة في المصادر الباضية تبين أن عبد ال بن إباض لعب دورا ثانويا في تأسيس الحركة الباضية‬ ‫وقيادتها بالمقارنة مع إمامها الول ومؤسسها جابر بن زيد ‪ .‬ويقال إن ابن إباض كان يعمل في كل نشاطاته وفقا‬ ‫لوامر جابر بن زيد ( ‪ ) 14‬ويذكر كذلك أن ابن إباض كان الفقيه البرز في زمن جابر بن زيد ‪ ،‬وأنه كان الشخص‬ ‫الذي رفض علنا آراء المجموعات المعارضة من القدرية ‪ ،‬والمعتزلة ‪ ،‬والمرجئة ‪ ،‬والشيعة ‪ ،‬والخوارج المتطرفين (‬ ‫‪ . ) 15‬والمعتقد أن ابن إباض دعا علنا إلى آراء مذهبه مع أن نشاطات المذهب الباضي كانت آنذاك تنفذ سرا ‪ ،‬لنه‬ ‫كان يتمتع بحماية قبيلته ‪ .‬وهنالك سبب آخر هو أن الحركة الباضية كانت بعد انتفاضة نافع بن الزرق ‪ ،‬مضطرة‬ ‫للعلن عن آرائها تجاه الزارقة أمام الناس للحتفاظ بدعم المسلمين العاديين ‪ ،‬وأمام السلطات لتتجنب ملحقتها ‪.‬‬ ‫وكانت نشاطات ابن إباض موجهة من قبل جابر بن زيد الذي كان إمام الحركة الباضية آنذاك ‪ .‬وأخذ المذهب اسم ابن‬ ‫إباض لنه اعتاد أن يبشر علنا بآراء المذهب ‪ ،‬كما كان معروفا بين غير الباضيين برفض آرائهم ‪ ،‬وبسبب موقفه‬ ‫الواضح الحازم من الخوارج المتطرفين أيضا ‪ .‬ولعل السبب الخر الذي جعل المذهب الباضي يحمل اسمه هو‬ ‫نشاطاته السياسية واتصالته بالخليفة الموي عبد الملك بن مروان الذي كان يتبادل وإياه الرسائل ( ‪ . ) 16‬ولم يكن‬ ‫الباضيون في البداية يستخدمون اسم الباضية ؛ بل استخدموا عبارات (( المسلمين )) و (( أمة المسلمين )) و‬ ‫(( جماعة المسلمين )) و (( أهل الدعوة )) ‪ .‬ولم يرد ذكر اسم (( الباضية )) في العمال الباضية الولى مثل‬ ‫(( مدونة )) أبي غانم أو أي عمل آخر مبكر ‪ ،‬إل أنهم ‪ ،‬عادوا في وقت لحق ‪ ،‬فاعترفوا بهذا السم وقبلوه ‪ .‬وقد‬ ‫ظهر لول مرة في العمال الباضية المغربية في رسالة عمروس بن فتح ت ‪. ) 17 ( 893 / 280‬‬ ‫ويظهر أن عبد ال بن إباض أصبح شخصية معروفة بسبب آرائه ونشاطاته ‪ ،‬حتى إن هنالك مجموعات أخرى غير‬ ‫إباضية ‪ ،‬كالمعمرية ‪ ،‬على سبيل المثال ( ‪ ، ) 18‬زعمت أنه قائدها ‪ ،‬ويقال أيضا إن الحارثية ‪ ،‬أتباع الحارث بن‬ ‫مزيد الباضي أعلنوا بعد وفاة أبي بلل مرداس أنهم ل يعترفون بغير إمامة عبد ال بن إباض ‪. ) 19( .‬‬ ‫وليس من الواضح أن عبد ال بن إباض لعب أي دور نشيط في النتفاضات العسكرية التي جرت في حياته ‪ ،‬في حين‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫أن الكدمي ذكره في نفس القائمة مع أبي بلل وعبد ال بن يحيى الكندي ووصفهما بأنهما من الخوارج ( ‪. ) 20‬‬ ‫وبناء على ما ذكره القزويني فقد ثار ابن إباض بتبالة في أثناء عهد مروان بن محمد بن عطية ( ‪ . ) 21‬كذلك ذكر‬ ‫الشهرستاني أن عبد ال بن يحيى كان إلى جانب ابن إباض في انتفاضته ‪ ،‬وكان رفيقا له في جميع أحواله وأقواله (‬ ‫‪) 22‬الذي كتب إليه رسائله الشهيرة ( ‪ ، ) 23‬إل أنهما ‪ ،‬كغيرهما من المؤلفين الباضيين ‪ ،‬لم يذكرا هل بقي حيا‬ ‫بعده ‪ ،‬أو هل لعب دورا في انتفاضة عبد ال بن يحيى الكندي ؟ وليس من المحتمل أن يكون ابن إباض لعب أي دور‬ ‫في تلك الحروب من غير أن يذكره المؤلفون الباضيون أو المؤرخون الخرون الذين رووا أخبار هذه الحروب‬ ‫كالطبري والصفهاني وسواهما ( ‪. ) 24‬‬ ‫وتدل لئحة المراجع الباضية القديمة التي أوردها القلهاني أن عبد ال بن إباض وعروة بن جدير هما من تلمذة‬ ‫جابر بن زيد ‪ ،‬وعبد ال بن وهب الراسبي وزيد بن صوحان ؛ وتدل كذلك على أن أبا عبيدة مسلم بن أبي كريمة ‪،‬‬ ‫وفروة بن نوفل ‪ ،‬ووداع بن حوثرة هم من تلمذة عبد ال بن إباض ‪ ،‬ومعاصرون له ‪ ،‬فيما كان عبد ال بن يحيى‬ ‫الكندي والمختار بن عوف معدودين بين طلبة أبي عبيدة مسلم ( ‪ . ) 25‬والظاهر أن ابن إباض كان قد توفي حين‬ ‫توفي جابر بن زيد وخلفه أبو عبيدة أو أنه لم يكن مهما إلى درجة كافية لستلم قيادة الحركة ‪ .‬ويبدو أن الرأي الول‬ ‫أكثر إقناعا ؛ ثم إنه مدعوم بمعلومة ترد عند البغدادي هي أن الحارث الباضي ترأس مجموعته خلفا لعبد ال بن‬ ‫إباض ‪ .‬ووفقا لذلك ل بد أن ابن إباض كان قد توفي حين بدأ الحارث بنشر آراءه بشأن القدر والتي عارض فيها‬ ‫القيادات الباضية ‪ .‬ومن الصعب أن نصدق أن ابن إباض كان ل يزال حيا ‪ ،‬إذ أنه لو كان ل زال على قيد الحياة ‪،‬‬ ‫لكان رفض آراء الحارث ‪ ،‬وقد ذكرت المراجع هذه الحقائق تؤيد رأي ليفتسكي الذي أشار إلى أن المعلومات التي‬ ‫أوردها الشهرستاني والقزويني معا بالنسبة لدور ابن إباض في النتفاضات في وجه مروان بن محمد ليست مقنعة‬ ‫جيدا ( ‪ . ) 26‬على أن المعلومات المقدمة عن ابن إباض محدودة ومربكة جدا كذلك ‪ ،‬وكان ابن حزم من بين‬ ‫المؤلفين الوائل الذين لحظوا هذه الحقيقة إذ يذكر أن أكثر الباضيين علما في الندلس لم يكونوا يعرفون شيئا عن‬ ‫عبد ال بن إباض ( ‪ . ) 27‬والسبب كما رآه ابن حزم ‪ ،‬هو أن ابن إباض تنكر آرائه وانضم إلى مجوعة الثعالبة من‬ ‫الخوارج (‪ . ) 28‬كذلك ذكر الذهبي أن ابن إباض تراجع عن بدعته الباضية ( ‪ ، ) 29‬غير أن هذه المعلومات ل‬ ‫تؤيدها المراجع الباضية ‪ .‬وهنالك مثل آخر عن المعلومات المشوشة وغير الموثوقة ذكرها ابن حوقل إذ قال ‪ :‬إن‬ ‫كل من عبد ال بن إباض وعبد بن وهب الراسبي قدما إلى جبل نفوسة وماتا هناك ‪. ) 30 ( .‬‬ ‫ومن الضروري هنا أن نذكر أن قول ليفتسكي ‪ ،‬بأن حالة الكتمان الباضية بدأت بابن إباض ( ‪ ) 31‬مناقض للمعلومة‬ ‫الواردة في المؤلفات الباضية ‪ .‬ولقد ذكرت المراجع الباضية بوضوح أن هذه الحالة من الكتمان أدخلت في عهد‬ ‫إمامة جابر بن زيد الذي وجه نشاطات الحركة ونشاطات أعضائها ( ‪ . ) 32‬كما تذكر أن النتفاضات التي وقعت في‬ ‫أثناء حياته ‪ ،‬سواء انتفاضة أبي بلل أو سواها ‪ ،‬كانت بتخطيط من جابر بن زيد ( ‪ ) 33‬الذي كان المسئول عن‬ ‫تأسيس المذهب الباضي وتطويره ‪.‬‬ ‫==================================================‬ ‫===‬ ‫( ‪ )1‬المبرد ‪ ،‬الكامل ‪. 1054 ، 1051 / 3 ،‬‬ ‫( ‪ ) 2‬المطلي ‪ ،‬التنبيه والرد على أهل الهواء والبدع ‪ ،‬تحقيق محمد زاهر الكوثري ‪ ( ،‬القاهرة ‪، ) 1368 / 1949‬‬ ‫ص ‪. 55‬‬ ‫( ‪ ) 3‬المصدر نفسه ‪. 56 ، 55 ،‬‬ ‫( ‪ ) 4‬ابن حزم ‪ ،‬جمهرة أنساب العرب ‪ ،‬تحقيق إ ‪ .‬ليفي بروفنسال ( القاهرة ‪ 207 ، ) 1948‬؛ ابن عبد ربه ‪ ،‬العقد‬ ‫الفريد ‪ ،‬تحقيق أمين وآخرين ( القاهرة ‪. 347 – 346 / 3 ) 1940‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫( ‪ ) 5‬القطب ‪ ،‬محمد بن يوسف اطفيش الرسالة الشافية في بعض التواريخ ( مطبعة حجرية ‪ ،‬الجزائر ‪ 1299 ،‬هـ )‬ ‫‪ ( . 49 ،‬وقد رأيت مخطوطة لهذا المؤلف بعنوان (( الحرز المتين للعقل والدين ‪ ،‬البارونية ‪ ،‬جربة ) ( ‪ ) 6‬؛‬ ‫الطبري محمد بن جرير تاريخ الرسل والملوك ‪ ،‬تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ( القاهرة ‪– 566 / 5 ) 1963 ،‬‬ ‫‪. 567‬‬ ‫( ‪ ) 6‬القطب ‪ ،‬مصدر سابق ‪. 49 ،‬‬ ‫( ‪ ) 7‬أبو عمار الكافي ‪ ،‬مختصر طبقات المشايخ ‪ ،‬مخطوطة ‪ 2‬؛ الدرجيني ‪ ،‬طبقات مخطوطة ‪ 6 – 205‬؛ محمد‬ ‫بن زكريا الباروني ‪ ،‬طبقات ‪ ،‬مخطوطة ‪. 3‬‬ ‫( ‪ ) 8‬رسالة عبد ال بن إباض إلى عبد الملك بن مروان في البرادي ‪ :‬الجواهر المنتقاة في ما أخل به كتاب الطبقات‬ ‫‪ ( .‬المطبعة الحجرية ‪ ،‬البارونية ‪ ،‬القاهرة ‪. 164 – 163 ، ) 1300 ،‬‬ ‫( ‪ ) 9‬الطبري ‪ ،‬تاريخ ‪. 563 / 5 ،‬‬ ‫(‪ )10‬المصدر السابق‬ ‫( ‪ ) 11‬الشعري ‪ ،‬مقالت السلميين ‪ ،‬تحقيق هـ ‪ .‬ريتر ( اسطنبول ‪ ، ) 1969 ،‬ص ‪ 86‬وما يليها ؛‬ ‫الشهرستاني ‪ ،‬الملل ‪ ،‬تحقيق أحمد فهمي محمد ( القاهرة ‪ 86 – 179 / 1 ، ) 1369 / 1948 ،‬؛ المبرد ‪،‬‬ ‫الكامل ‪. 32 – 1031 / 3 ،‬‬ ‫( ‪ )12‬الكامل ‪ 1040 / 3 ،‬؛ ابن عبد ربه ‪ ،‬العقد ‪. 261 / 1 ،‬‬ ‫( ‪ ) 13‬ابن حزم ‪ ،‬الجمهرة ‪ 207 ،‬؛ الذهبي ‪ ،‬لسان الميزان ‪ 248 / 3 ،‬؛ ابن خلدون ‪ ،‬التاريخ ‪. 656 / 2 ،‬‬ ‫(‪ ) )14‬الشماخي ‪ ،‬السير ‪ 77 ،‬؛ القطب ‪ ،‬الرسالة الشافية ‪ ، 43 ،‬نقل عن المؤلف العماني ابن وصاف ‪.‬‬ ‫( ‪ )15‬القلهاتي ‪ ،‬الكشف والبيان ‪ ،‬مخطوطة ‪ 224‬ب ؛ الرقيشي ‪ ،‬مصباح الظلم ‪ ،‬مخطوطة ‪ 74‬؛ المصعبي ‪:‬‬ ‫حاشية على المصرح ‪ ،‬مخطوطة ‪ ( 247‬أ ) ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 16‬حول نصوص رسائل عبد ال بن إباض ‪ ،‬انظر البرادي ‪ ،‬جواهر ‪ 76 – 156 ،‬؛ سرحان بن سعيد ‪ ،‬كشف‬ ‫الغمة ؛ مخطوطة القطب ‪ :‬شرح عقيدة التوحيد ( طبعة حجرية ‪ ،‬الجزائر ‪ 62 – 248 ، ) 1326 ،‬؛ انظر أيضا‬ ‫ساخاو ‪Ueber die religiosen Ausschaunngen der Ibaditischen “ :‬‬ ‫‪“Muhammedaner in Oman und M.S.O.S., II Ostafrika‬‬ ‫‪ : II Califfio, “ Abd al-Malik b . Marwan e gli‬وروبرتو روبيناشي ‪ 1899 , 62 – 69 .‬؛ ‪– 121‬‬ ‫‪ 4 , 1952 , 99‬مجلد ‪ A.I.O.U.N‬في ‪“Ibaditi .‬‬ ‫( ‪ )17‬عمروس بن فتح ‪ ،‬الدينونة الصافية ‪ ،‬مخطوطة ‪. 4‬‬ ‫( ‪ ) 18‬القطب الرسالة الشافية ‪ 51 ،‬؛ أبو زكريا الوارجلني ‪ ،‬سير ‪ ،‬مخطوطة ‪ 15‬أ [ طبعة دار الغرب السلمي ‪،‬‬ ‫‪ 88‬؛ طبعة الدار التونسية ‪ ] 91‬؛ وانظر أيضا ما يلي ‪.‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫( ‪ ) 19‬البغدادي ‪ ،‬الفرق بين الفرق ‪ ،‬تحقيق الكوثري ( القاهرة ‪. 62 ، ) 1367 – 1948 ،‬‬ ‫( ‪ ) 20‬الكدمي ‪ ،‬محمد بن سعيد ‪ ،‬كتاب الستقامة مخطوطة ‪. 35‬‬ ‫( ‪ ) 21‬القزويني ؛ زكريا بن محمد ؛ كتاب آثار البلد وأخبار العباد ؛ تحقيق وستنفلد ؛ ‪. 37 / 1‬‬ ‫( ‪ ) 22‬الشهرستاني ‪ ،‬الملل ‪. 213 – 212 / 1 ،‬‬ ‫( ‪ )23‬القلهاتي ‪ ،‬الكشف ‪ 224‬ب ؛ الرقيشي ‪ ،‬مصباح ‪. 74 ،‬‬ ‫(‪ ) 24‬الطبري ‪ ،‬تاريخ ‪ 402 – 399 ، 76 – 374 ، 348 / 7 ،‬؛ أبو الفرج الصفهاني ‪ ،‬الغاني ‪ ،‬تحقيق‬ ‫فراج ‪. 158 – 111 / 23 ،‬‬ ‫(‪ ) 254‬القلهاتي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ – 230 ،‬أ – ب ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 26‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 232 – 231 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬السير ‪ 85‬؛ وللمزيد من التفاصيل انظر ما يلي ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 27‬ليفتسكي ‪ ،‬مادة الباضية ‪ ،‬في ‪ :‬الموسوعة السلمية ‪ ،‬طبعة ‪. 649 / 2‬‬ ‫( ‪ ) 28‬ابن حزم ‪ ،‬الفصل في الملل والنحل ‪. 191 / 4 ،‬‬ ‫( ‪ ) 29‬المصدر نفسه ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 30‬الذهبي ‪ ،‬لسان ‪. 248 ، 3 ،‬‬ ‫( ‪ ) 31‬ابن حوقل ‪ ،‬صورة الرض ‪. 95 ، 1 ،‬‬ ‫( ‪ ) 32‬ليفتسكي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ ،‬ص ‪. 648‬‬ ‫( ‪ ) 33‬الجناوني ‪ ،‬كتاب الوضع ‪ ،‬تحقيق أبي إسحق ( القاهرة ل ‪ .‬ت ) ‪ 22‬؛ عمرو بن جميع ‪ ،‬مقدمة التوحيد ‪،‬‬ ‫تحقيق أبي إسحق ( القاهرة ‪. 54 ، ) 1353 ،‬‬

‫آراء الباضية في الخوارج‬ ‫تنظر المصادر غير الباضية إلى المذهب الباضي باعتباره فرعا من حركة الخوارج انفصل الخط العام ليشكل‬ ‫مجموعة معتدلة بقيادة عبد ال بن إباض ‪ .‬ومثل هذا العرض للمذهب الباضي كرره أولئك العلماء الذين درسوا‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫الموضوع على أساس معلومات مستقاه من المصادر غير الباضية ‪.‬‬ ‫لقد كان من الصعب على غير الباضية أن يكونوا نظرة واضحة عن الحركة الباضية وعن طبيعة علقاتها بحركة‬ ‫الخوارج ‪ .‬ومرد ذلك إلى التكتم حول النشاطات والمخططات التي وجهت معظم النشاطات الباضية الولى ‪ .‬والسبب‬ ‫الخر هو ‪ ،‬كما ذكره ابن النديم ‪ ،‬أن خوف الباضية من الضطهاد من قبل خصومهم ‪ ،‬جعلهم يسترون كتبهم ( ‪. ) 1‬‬ ‫فمن المهم إذا نعرض نظرة الباضية الخاصة إلى منشأ حركتهم وإلى موقعها بالنسبة لحركات الخوارج كما رأت‬ ‫مصادرها ذلك ‪.‬‬ ‫لقد حفظ الباضية شرحا مفصل لرائهم عن التطور السياسي الباكر للمة السلمية وذكر البرادي الجدول التالي‬ ‫للعمال والوثائق الولى التي تناولت الموضوع ( ‪. ) 2‬‬ ‫‪ -1‬أخبار صفين والنهروان ‪.‬‬ ‫‪ -2‬صفة أحداث عثمان ‪.‬‬ ‫‪ -3‬الرسالة التي وجهها علي بن أبي طالب إلى ابن عباس بعد هزيمة أهل النهر ورد ابن عباس عليها ‪.‬‬ ‫‪ -4‬رسالة جابر بن زيد إلى أحد أفارد الشيعة ‪.‬‬ ‫‪ -5‬رسالة عبد ال بن إباض إلى عبد الملك بن مروان ‪.‬‬ ‫‪ -6‬رسالة أبي بلل مرداس إلى المسلمين ‪.‬‬ ‫‪ -7‬رسالة أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة وحاجب إلى أهل المغرب ‪.‬‬ ‫‪ -8‬رسالة الربيع بن حبيب بخصوص عبد ال بن عبد العزيز ‪ ،‬وأبي المؤرج وشعيب ‪.‬‬ ‫‪ -9‬رسالة أبي الحر علي بن الحصين ‪.‬‬ ‫‪ -10‬كتاب سالم بن حطيئة الهللي ‪.‬‬ ‫‪ -11‬كتاب أبي سفيان محبوب بن الرحيل ‪.‬‬ ‫‪ -12‬سيرة محمد بن محبوب إلى أهل المغرب ‪.‬‬ ‫‪ -13‬سيرة منير بن النير الجعلني ‪.‬‬ ‫وذكر البرادي أنه شاهد جميع الوثائق والعمال أعله وقرأها باستثناء سيرة محمد بن محبوب ( ‪ . ) 3‬ويقال إن‬ ‫هنالك نسخة كاملة من هذه السيرة مؤلفة من سبعين جزءا كانت موجودة في جبل نفوسة حوالي نهاية القرن الرابع‬ ‫الهجري ؛ وإن الجزء السادس فقط من هذا الكتاب كان موجودا في جزيرة جربة أثناء هذه الفترة ( ‪ . ) 4‬إن معظم‬ ‫هذه العمال والوثائق ل يزال موجودا باستثناء أعمال أبي سفيان وابنه محمد بن محبوب ‪ ،‬وكتاب سالم بن حطيئة‬ ‫الهللي ‪ ،‬ورسالة جابر بن زيد إلى شيعي ‪ ،‬ورسالة أبي بلل مرداس ‪ .‬على أن البرادي احتفظ لنا في (( جواهره ))‬ ‫بمعلومات مفيدة عن بعض هذه العمال المفقودة ( ‪ ) 5‬فيما احتفظ الدرجيني في (( طبقاته )) بمعلومات مفيدة عن‬ ‫علماء الباضية الوائل من كتاب أبي سفيان محبوب ( ‪. ) 6‬‬ ‫وهنالك وثائق إباضية أخرى قديمة تناولت الموضوع ‪ ،‬ل تزال موجودة وبالمكان العودة إليها ‪:‬‬ ‫‪ -1‬سيرة سالم بن ذكوان ‪ ،‬وهو عالم إباضي معاصر لجابر بن زيد ( ‪. ) 7‬‬ ‫‪ -2‬سيرة شبيب بن عطية العماني ( ‪. ) 8‬‬ ‫‪ -3‬سيرة أبي قحطان خالد بن قحطان الهجاري ( ‪. ) 9‬‬ ‫يضاف إلى ذلك أيضا خطب لعبد ال بن يحيى وخطب للمختار بن عوف ‪ ،‬ألقاها بنفسه في مكة والمدينة ‪ ،‬وقد كانت‬ ‫مسجلة ومحفوظة ( ‪. ) 10‬‬ ‫وجميع هذه العمال التي ترد في مراجع إباضية قديمة ( ‪ ) 11‬تحتوي على النظرة الباضية للتغييرات الباكرة التي‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫حدثت في المجتمع السلمي ؛ وهي التي بدأت بمعارضة سياسة الخليفة الثالث عثمان بن عفان ‪ ،‬وعلى العرض‬ ‫الباضي للفرق المختلفة التي نشأت في أوائل التاريخ السلمي ‪ ،‬وعلى موقف الباضية منها ‪ .‬والعرض التالي لنظرة‬ ‫الباضية للتطور السياسي الباكر للمة السلمية ‪ ،‬ولرأيها بالخوارج بني على هذه المواد المذكورة أعله ‪.‬‬ ‫اعتبر الباضية حركتهم استمرارا للمعارضة التي أسقطت الخليفة الثالث عثمان بن عفان وسببت وفاته ‪ .‬ونظروا إلى‬ ‫تلك المعارضة باعتبارها رفضا إسلميا صرفا (( للحداث )) التي أدخلها عثمان وحاشيته الموية ؛ ثم إن هذه‬ ‫(( الحداث )) معروضة في كتاب (( صفة أحداث عثمان )) ورسالة عبد ال بن إباض ‪ ،‬وسيرة سالم بن ذكوان ‪ .‬ول‬ ‫ذكر في المصادر الباضية لدور عبد ال بن سبأ في النتفاضة الولى بوجه عثمان ؛ وتلك حقيقة تشير إلى أن‬ ‫الباضية رأوا في تلك النتفاضة واجبا إسلميا يقوم به صحابة النبي الذين أرادوا أن يتقيدوا بسنة الرسول ومثال‬ ‫خليفتيه الولين ‪ ،‬ل نتيجة أي نفوذ خارجي أو غريب ‪ .‬وقد وافق الباضية على خلفة علي بن أبي طالب ونظروا إلى‬ ‫طلحة بن الزبير وعائشة وأنصارهما باعتبارهما (( الفئة الباغية )) ( ‪ . ) 12‬وهنا يذكر أن جابر بن زيد وأبا بلل‬ ‫مرداس ناقشا عائشة بموفقها من معركة الجمل ‪ ،‬ووجها إليها اللوم على مقاومتها لعلي الذي كان الخليفة الشرعي‬ ‫آنذاك ‪ ،‬و (( تابت مما كانت قد دخلت فيه )) ( ‪ . ) 13‬كذلك وافقوا عليا في حروبه مع معاوية ونظروا إلى معاوية‬ ‫وعمرو بن العاص معا ومناصريهما باعتبارهم الفئة الباغية التي يجب محاربتها حتى تخضع لمر ال ( ‪. ) 14‬‬ ‫لكنهم لم يوافقوا على قبول علي بالتحكيم معتبرين أن الذين رفضوا التحكيم هم المسلمون الحقيقيون وأن زعيمهم‬ ‫عبد ال بن وهب الراسبي هو الخليفة الشرعي الخامس ( ‪ . ) 15‬وهاجموا عليا بن أبي طالب لنه فتك بأهل النهر‬ ‫وحجتهم أنه لم يكن يحق له على الطلق بأن يقاتلهم ‪ .‬وعلق أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة على ما أعلنه علي‬ ‫بالنسبة لشعار أهل النهر (( ل حكم إل ل )) بأنها كلمة حق أريد بها باطل ؛ قال أبو عبيدة ‪ (( :‬لقد علم علي أن‬ ‫شعارهم هو الحق ‪ ،‬فمن أخبره أنهم يريدون به باطل )) ؟ ( ‪. ) 16‬‬ ‫وبناء على ما قاله جابر بن زيد يذكر أن عليا بن أبي طالب ‪ ،‬حين لحظ أن مناصريه قلقوا لمقتل المسلمين التقياء‬ ‫في معركة النهروان ‪ ،‬وندموا على ما فعلوه ‪ ،‬طلب منهم في اليوم التالي للمعركة أن يبحثوا عن شيطان بين قتلى‬ ‫أهل النهر ؛ جاءوه برجل كان قد عضه الجمل في صدره ‪ ،‬فقال لهم علي ‪ :‬ذاك هو الشيطان ‪ .‬وحين نبهه ابنه السحن‬ ‫إلى أن هذا الرجل هو الصحابي نافع ‪ ،‬مولى الصحابي ثرملة ‪ ،‬أسهم بالجهاد ‪ ،‬أسكته علي وقال له ‪ (( :‬إن الحرب‬ ‫خدعة )) ( ‪ . ) 17‬ومن شأن هذه المعلومات أن تدل على أن المراجع الباضية الولى اعتقدت أن عليا بن أبي طالب‬ ‫لم يكن على حق في محاربة أهل النهر ‪ ،‬وأن موقفه آنذاك كان مبنيا على طموحات دنيوية ‪ ،‬ل على أسس دينية كما‬ ‫هي الحال بالنسبة لهل النهر ( ‪. ) 18‬‬ ‫هكذا كانت نظرة الباضية بالنسبة للتطورات السياسية الولى كما فهموها ‪ .‬وعندهم أن المحكمة هم المجموعة‬ ‫الوحيدة التي كانت تكافح من أجل العودة بالمامة السلمية إلى ما كانت عليه أثناء عهدي أبي بكر وعمر ‪،‬‬ ‫والسنوات الست الولى من خلفة عثمان والسنوات الولى من خلفة علي قبل أن يرضى بالتحكيم ‪ .‬ثم انتهى جهاد‬ ‫هذه الجماعة في مقتله أهل النهر على يدي علي بن أبي طالب وجيشه ( ‪ ، ) 658 / 27‬ومقتله أهل النخيلة على‬ ‫أيدي عسكريي معاوية والحسن بن علي معا ( ‪. ) 19‬‬ ‫بعد هذه المرحلة ترسخت الخلفة الموية وجعلت همها أن تضرب أي مقاومة ‪ .‬وهكذا فإن مؤيدي مجموعة‬ ‫المحكمة ‪ ،‬أو (( المسلمين )) أو (( جماعة المسلمين )) كما كانوا يدعون في الدب الباضي القديم ‪ ،‬اضطروا لخفاء‬ ‫عقيدتهم والقيام بنشاطاتهم سرا ( ‪ . ) 20‬ومن الذين نجوا من معركة النهروان ‪ ،‬عروة بن أدية وشقيقه أوب بلل‬ ‫مرداس ( ‪ . ) 21‬وقد واصل نشاطاتهما في البصرة ‪ ،‬وهما المعروفان بتفانيهما في واجباتهما الدينية ‪ ،‬وكانا بارزين‬ ‫بين جماعة المسلمين هناك ‪ .‬ويبدو أن أبا بلل كان زعيما في البصرة لنه كان أحد ثلثة رجال علقوا على خطبة‬ ‫زياد بن أبيه الولى في جامع البصرة حين عين هذا الخير من قبل معاوية حاكما على البصرة وخرسان وسجستان (‬ ‫‪ . ) 22‬ويذكر أيضا أن أبا بلل وجابر بن زيد كانا على صلة وثيقة خلل هذه الفترة ‪ ،‬وأنه كان ينفق وقتا طويل مع‬ ‫جابر بن زيد ‪ .‬ويقال إنهما دخل على عائشة فعاتباها على ما كان منها يوم الجمل فاستغفرت وتابت ( ‪ . ) 23‬وفي‬ ‫أثناء هذه الفترة ترسخت قيادة جابر لمجوعة المحكمة ؛ وهو رجل تقي عالم من الزد ‪ ،‬من قبيلة عبد ال بن وهب‬ ‫الراسبي ‪ ،‬وآخر زعيم منتخب للمجموعة ‪ .‬وبوجه عام كانت نشاطات جابر فكرية ‪ ،‬بحيث أنه استطاع الدعوة للسلم‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫والحفاظ على تعاليمه بطريقة لم تثر شك السلطات الموية ‪ .‬ثم إن منصبه كمفت بارز في البصرة أمن له غطاء مفيدا‬ ‫ومكنه من إقامة صلت واسعة مع شخصيات بارزة في مختلف أنحاء البلدان السلمية ( ‪. ) 24‬‬ ‫وقامت سياسة جابر على اللجوء إلى جميع الوسائل لضمان أمن حركته وسلمة أباعه ‪ ،‬حتى ذهب إلى حد المر‬ ‫بمقتل شخص يدعى خردلة أبلغ السلطات الموية عن أسماء أفراد الحركة الباضية في البصرة وجعل يطعن فيهم‬ ‫ويدل على عوراتهم ويفضح أسرارهم ( ‪ . ) 25‬كذلك سمح جابر بأخذ التاوة لتفادي العراقيل مع السلطات في عهد‬ ‫عبيد ال بن زياد ‪) 26 ( .‬‬ ‫وأدى الضطهاد المتزايد المتواصل ‪ ،‬لعضاء مجموعة المحكمة في البصرة على يد عبيد ال بن زياد إلى حمل‬ ‫العضاء أن يتصرفوا حيال ذلك بعنف ‪ ،‬كما دفع بالسلطات لمتابعة اضطهاد إخوانهم المسلمين ( ‪. ) 27‬‬ ‫وقد واجهوا أنواع التنكيلت مما يتراوح بين السجن والموت ( ‪ ) 28‬؛ حتى إن النساء تعرضن للعقوبة القاسية ( ‪29‬‬ ‫) ‪ .‬وفي هذا الوضع تعذر على الشخصيات البارزة في المجموعة أن يعيشوا حياة هادئة ‪ ،‬إن لم نقل أنه حال دون‬ ‫احتمال نشر آرائهم وتعليمها ‪ .‬وفي هذه المرحلة أدخل مبدأ (( الشراء )) ‪ ،‬أي التضحية بالذات في الحركة بموجب‬ ‫أصول محددة ‪ ،‬ثم نفذ من قبل أربعين عضوا في الحركة بقيادة أبي بلل مرداس الذي أوضح أنه ل ينوي أن يقاتل إل‬ ‫الذين يقاتلونه ‪ ،‬وأنه لن يأخذ من الغنائم إل نصيبه ‪ ،‬أي العطيات التي هي من حقه ( ‪ . ) 30‬وكان ذلك بالفعل‬ ‫رفضا مكشوفا لسياسة (( الستعراض )) التي كان يمارسها بعض الخوارج قبل أبي بلل ‪ ،‬ممن كانوا معروفين‬ ‫بتعاطفهم مع جماعة المحكمة ( ‪ , ) 31‬تلك كانت تنفيذا عمليا لسياسة (( الشراء )) أي التضحية بالذات ‪ ،‬و‬ ‫(( القعود )) أي البقاء في حالة هدوء في عهد الطغاة وعدم الخروج إلى الجهاد ضدهم في أثناء (( مرحلة الكتمان ))‬ ‫وبذلك لم يرفض أبو بلل مبدأ القعود أو التقية ‪ .‬والواقع أنه وافق على مبدأ التقية ونصح البلجاء بأن تتكتم في‬ ‫معتقداتها حين علم أن عبيد ال بن زياد قرر أن يعاقبها ( ‪ . ) 32‬وفي أي حال فإن أبا بلل وأنصاره ‪ ،‬بعد أن هزموا‬ ‫جيشا من ألفي شخص ‪ ،‬قتلوا في معركة تالية فيما كانوا يؤيدون صلواتهم ( ‪ . ) 33‬وتقول المراجع الباضية إن هذه‬ ‫النتفاضة من قبل أبي بلل كانت قد خططت من قبل جابر بن زيد إمام الباضية آنذاك وبموافقته ( ‪ . ) 34‬ويقال كذلك‬ ‫إن أبا بلل طلب من جابر عند مغادرة البصرة ‪ ،‬أن ينضم إليه ( ‪ ) 35‬ولكن جابرا بقي في البصرة وتابع سياسته‬ ‫القائمة على تجنب العنف ‪.‬‬ ‫وتقوم العلقة بين الباضية وخصومهم المسلمين على أساس المبادئ التالية ‪:‬‬ ‫أ‪ -‬على الباضية أل يقاتلوا أحدا إل الذين يقاتلونهم ؛ وليس لهم أن ينهجوا سياسة الستعراض ‪.‬‬ ‫ب‪ -‬ل يجوز أن تؤخذ ممتلكات المسلمين غنائم ؛ ول يجوز قتل نسائهم وأولدهم أو أن يؤخذوا سبايا ‪ .‬ويعتمد هذا‬ ‫المبدأ على سيرة المسلمين الوائل في قتالهم لعثمان وأنصاره ‪ ،‬وعلى سيرة علي في حربة ضد طلحة والزبير حين‬ ‫كان علي الخليفة الشرعي ( ‪. )36‬‬ ‫ج‪ -‬ليس (( الخروج )) واجبا ؛ ويمكن للمسلمين أن يعيشوا ف يظل الطغاة لجئين إلى التقية ‪ ،‬عند اللزوم ‪.‬‬ ‫د‪ -‬الشراء ‪ ،‬أو التضحية بالذات ‪ ،‬واجب اختياري على من اكتمل عددهم أربعين شخصا أو أكثر حين يكونون هم‬ ‫الذين اختاروا الخروج ‪.‬‬ ‫وأصبحت هذه المبادئ سيرة للمسلمين متبعة ل يجوز تغييرها ؛ وأيدت المراجع الباضية هذه المبادئ قياسا على‬ ‫سيرة الرسول طوال كفاحه في سبيل المة السلمية والدولة السلمية وفقا لشريعة ال ( ‪ . ) 37‬كذلك زعموا أن‬ ‫هذه المبادئ لم تخرق قبل انتفاضة نافع بن الزرق الذي تصرف خلفا لذلك ‪ ،‬أو كما قال ابن إباض نفسه ‪... (( :‬‬ ‫ولكننا باسم ال نختلف مع ابن الزرق وأنصاره ‪ :‬حين ثاروا بدا لنا أنهم كانوا على دين المسلمين ‪ ،‬لكنهم تركوه بعد‬ ‫ذلك وأصبحوا كافرين )) ( ‪. ) 38‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫وكانت حركة ابن الزرق أول انشقاق جاد خطير في جماعة المحكمة ( ‪ ) 39‬؛ وقد أدت التعاليم التي أدخلها نافع بن‬ ‫الزرق إلى ردود فعل مختلفة وقد عارض جابر بن زيد وعبد ال بن إباض آراء نافع ودافعا عن مبادئ المحكمة‬ ‫الولى وعمل على نشرها ‪.‬‬ ‫ويدل هذا العرض لتطور جماعة المحكمة على أن زعماء المذهب الباضي لم يدخلوا أي عقائد جديدة على مسألة‬ ‫(( الخروج )) أو على العلقة بين العضاء وبقية المسلمين في زمن السلم والحرب ‪ ،‬وكل ما فعلوه هو مواصلة نشر‬ ‫العقائد الموضوعة من قبل سواء في أثناء الحروب بين علي وطلحة ‪ ،‬أم تلك التي أرسها أبو بلل في وقت لحق ‪.‬‬ ‫ورفضوا من ناحية أخرى ‪ ،‬آراء نافع بن الزرق وسواه من زعماء الخوارج المتطرفين كنجدة وداود ‪ ،‬لخرقهم تلك‬ ‫الصول الموضوعة من قبل أسلفهم ‪ .‬وقد عبر سالم بن ذكوان عن الموقف الباضي بالعبارات التالية ‪:‬‬ ‫فأمرنا تبع لئمة المسلمين قبل نزول للمسلمين يوم قتلوا عثمان ‪ ،‬ويوم الجمل ‪ ،‬ويوم أنكروا تحكيم الرجال في دينهم‬ ‫‪ .‬وأرينا اليوم لرأيهم تبع يومئذ ‪ ،‬وتأويلنا القرآن اليوم لتأويلهم يومئذ تبع ‪ .‬لسنا ممن يزعم أنه أفاد علما في القرآن‬ ‫والسنة حتى غلبهم )) ( ‪ . ) 40‬هكذا فهم الباضية حكمهم الذي لم يكن بالنسبة لهم سوى استمرار لحكم المحكمة‬ ‫قبل انفصال نافع والخوارج المتطرفين ‪ .‬ولذلك نظروا إلى الخوارج المتطرفين بأنهم (( المارقة )) أي الذين تجاوزوا‬ ‫الدين ‪ ،‬وطبقوا عليهم الوصف المعروف المذكور في حديث شهير للرسول ( ‪ ، ) 41‬وهو ‪ (( :‬يخرج فيكم قوم‬ ‫تحقرون صلتكم مع صلتهم ‪ ،‬وصيامكم مع صيامهم وأعمالكم مع أعمالهم ‪ ،‬يقرؤون القرآن ول يجاوز حناجرهم‬ ‫يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية تنظر في النصل فل ترى شيئا ثم تنظر في القدح فل ترى شيئا ثم تنظر‬ ‫في الريش فل ترى شيئا وتتمارى في الفوق )) ( ‪. ) 42‬‬ ‫أما بالنسبة لكلمتي (( الخوارج )) و (( الخروج )) فقد استعملها الباضية بمعنى (( الخروج )) إلى الجهاد ( ‪. ) 43‬‬ ‫وفي وقت لحق ‪ ،‬حصر بعض المؤلفين الباضية هذا السم في مجوعات متطرفة من الخوارج تصرفت على النقيض‬ ‫لمبادئ المحكمة ( ‪ . ) 44‬غير أن غالبية المراجع الباضية القديمة ‪ ،‬وبعض المؤلفين العمانيين المتأخرين كذلك ‪،‬‬ ‫استعملوا كلمتي (( خروج )) و (( الخوارج )) مشيرين بذلك للباضية ‪ ،‬وميزوا الخوارج المتطرفين بعبارة (( خروج‬ ‫الجور )) ( ‪ . ) 45‬واستعملوا كذلك (( شراء )) و (( شراة )) بدل من كلمتي (( خروج )) و ((خوارج )) ‪ ،‬مع أنه‬ ‫كان لكلمتي (( شراء )) و (( شراة )) معناهما الخاص بهما في العقيدة الباضية ( ‪ . ) 46‬وبالنسبة للمحكمة ولهل‬ ‫النهر ‪ ،‬والنخيلة ‪ ،‬وأبي بلل وأنصاره ‪ ،‬فقد استعملت عادة عبارتا (( المسلمين )) و (( جماعة المسلمين )) ‪ .‬وكان‬ ‫هذان السمان بالضافة إلى اسم (( أهل الدعوة )) يستعملن من قبل الباضية للشارة إلى مذهبهم ‪.‬‬ ‫وفيما يلي النقاط التي اختلف عليها الباضية والخوارج ‪:‬‬ ‫‪ -1‬مسألة الخروج ‪:‬‬ ‫إن العقيدة التي أدخلها نافع بن الزرق هي أن (( الخروج )) أو (( الهجرة )) إلى معسكرهم أمر إلزامي ‪ .‬وقد اعتبر‬ ‫بلد خصومهم من المسلمين ( المخالفين ) دار حرب ‪ ،‬ونظر إلى أولئك الذين ل يقومون بأي عمل ( القعدة )‬ ‫باعتبارهم مشركين على أساس الية القرآنية ‪ ( :‬وأن أطعتموهم إنكم لمشركون ) ( ‪ . ) 47‬وهذه العقيدة مناقضة‬ ‫للعقيدة التي قال بها المحكمة وهي إن معارضيهم من المسلمين هم محض (( كفار نعمة )) ( ‪ ) 48‬ل مشركون ‪،‬‬ ‫وإن إخوانهم المسلمين قادرون على الحياة بين خصومهم ‪ ،‬وسمحوا بالقعود ‪ ،‬إذ إن الخروج أو الهجرة ليسا‬ ‫إلزاميين ‪ .‬والواقع أن المحكمة الولين كانوا واضحين كثيرا بشأن القعود باعتباره شرعيا بالنسبة لخوانهم‬ ‫المسلمين حتى أنهم انتخبوا عبد ال بن وهب الراسبي إماما ‪ ،‬وآثروه على معدان اليادي لنه قال ( ‪. ) 49‬‬

‫لقد تمسك الباضية بعقيدة المحكمة الوائل ورفضوا نافع ‪ ،‬وقالوا إن كل من المجاهدين والقعدة ‪ ،‬هم مسلمون ؛‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫(( يخرج من يخرج ويتخلف من يتخلف ‪ ،‬فيتولى الخارج القاعد والقاعد الخارج ‪ ،‬على ذلك مضوا وانقرضوا ‪،‬‬ ‫رحمهم ال وغفر لهم )) ( ‪ . )50‬وقد جرى التعبير عن هذه العقيدة في وقت لحق بالقول التالي ‪ (( :‬ل هجرة بعد‬ ‫الفتح )) ‪ ،‬وهو في الواقع جزء من حديث للرسول ( ‪ ، ) 51‬وقد ورد في جميع المعتقدات الباضية للتعبير عن رأيهم‬ ‫بمسألة الهجرة أو الخروج ( ‪. ) 52‬‬ ‫‪ -2‬والمسألة الثانية هي موقفهم بالنسبة لخصومهم المسلمين (( المخالفين )) ( ‪. ) 53‬‬ ‫لقد اعتقد الزارقة أن خصومهم المسلمين كفار ‪ .‬ونظروا بالتالي إلى بلدهم باعتبارها دار حرب ‪ ،‬وآمنوا بشرعية‬ ‫قتل نسائهم وأولدهم ‪ ،‬أو بسبيهم ‪ ،‬وبالستيلء على ممتلكاتهم ‪ .‬ومن ناحية أخرى فإنهم منعوا أتباعهم من أن يرثوا‬ ‫منهم ومن أن يتزوجوا من نسائهم ‪ .‬كذلك رأوا شرعية الحتفاظ بما أمنهم عليه من خالفهم من المسلمين ‪ ،‬وأن‬ ‫ينكروا عليهم حقهم فيه ( ‪. ) 54‬‬ ‫إن جميع هذه العقائد عن علقتهم بخصومهم المسلمين نظر إليها الباضية (( كضللت )) لنها معارضة لراء‬ ‫المسلمين مناقضة لسيرتهم ‪ .‬ورفض الزعيمان الباضيان ‪ ،‬جابر بن زيد وعبد ال بن إباض آراء الزارقة وأنكروها‬ ‫( ‪ . ) 55‬كذلك اتخذ الموقف نفسه من مجموعات أخرى من الخوارج كالصفرية والنجدات وغيرهما ‪ ،‬مع أن هذه‬ ‫المجموعة الخيرة اختلفت عن الزارقة حول بعض المسائل ( ‪. ) 56‬‬ ‫واعتبر الباضية هذه العقائد الجديدة التي أدخلها نافع وخوارج آخرون ‪ ،‬بأنها (( بدع )) ‪ ،‬وانفصلوا عن حركاتهم‬ ‫ورفضوا آرائهم ‪ ،‬حتى أنهم خاضوا حروبا ضدهم (‪ , )57‬وتعد سيرة سالم بن ذكوان من بين الوثائق الباضية‬ ‫القديمة التي ناقشت مشكلة متطرفي الخوارج وآرائهم ‪ .‬ولعله من المفيد أن ننقل هنا آراءه حول هذه المسألة لنها‬ ‫تمثل الرأي المعاصر لعلمة إباضي بارز ‪ ،‬وتعكس الموقف الباضي العام نحو الخوارج ‪.‬‬ ‫==========================================‬ ‫(‪)1‬‬ ‫الشماخي ‪ ،‬السير ‪ 77 ،‬؛ القطب ‪ ،‬الرسالة الشافية ‪ 43 ،‬؛ جميل بن خميس ‪ ،‬قاموس الشريعة ‪ ،‬مخطوطة قسم‬ ‫‪ ، 88‬الصفحة التي تتعلق بالموضوع ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 2‬ابن النديم ‪ ،‬الفهرست ‪. 329 – 258 ،‬‬ ‫( ‪ ) 3‬البرادي ‪ ،‬البحث الصادق والستكشاف في شرح كتاب العدل والنصاف ‪ ،‬مخطوطة ‪. 29 ، 1 ،‬‬ ‫(‪ ) 4‬المصدر نفسه ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 5‬الوسياني ‪ ،‬أبو الربيع سليمان بن عبد السلم ‪ ،‬السير ‪ ،‬مخطوطة ‪. 15‬‬ ‫( ‪ ) 6‬البرادي ‪ ،‬الجواهر ( طبعة حجرية ‪ ،‬القاهرة ‪. ) 1302 ،‬‬ ‫( ‪ ) 7‬ذكرت المعلومات نفسها تقريبا عن أبي سفيان في سير الشماخي ‪ ،‬غير أنه لسنا نعلم ‪ :‬هل يستخدم الدرجيني‬ ‫فقط أم أنه استطاع الحصول على عمل أبي سفيان الصلي ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 8‬هنالك نسخة كاملة لهذه السيرة في مخطوطة عمانية متعددة المحتويات ‪ ،‬والمعتقد أنها جزء من (( تاريخ‬ ‫البسياني )) أو (( السيرة الكبيرة )) له ( انظر السالمي ‪ ،‬اللمعة ‪ . ) 84 ،‬وهنالك نسخة مصورة لهذه المخطوطة‬ ‫العمانية أعطيت لي من قبل صديق عماني ‪ ،‬هي في حوزة مكتبة معهد الدراسات الشرقية في كمبريدج ‪.‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫( ‪ ) 9‬هنالك نسخة كاملة لهذه السيرة في القلهاتي ‪ ،‬الكشف والبيان ‪ ،‬مخطوطة ‪ 160‬أ – ‪ 195‬ب ؛ المخطوطة‬ ‫العمانية ذات المحتويات المختلطة ‪ 161 – 125‬؛ وهنالك مخطوطة عمانية مختلطة المحتويات تتضمن سيرة أبي‬ ‫المؤثر الصلت بن خميس ‪ ،‬وسيرة منير بن النير الجعلني ‪ ،‬وسيرة شبيب بن عطية العماني ‪ ( .‬أعطيت هذه‬ ‫المخطوطة لي من قبل صديق عماني ) ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 10‬استعمل مخطوطة هذه السيرة التي أرسلها لي صديق عماني ‪ .‬وهي تحتل أول سبعين صفحة من مخطوطة‬ ‫مختلفة المحتويات [ انظر الن ‪ :‬السير والجوابات لعلماء وأئمة عمان ‪ ،‬تحقيق سيدة إسماعيل كاشف ‪ ،‬القاهرة ‪،‬‬ ‫‪ ، 1986‬ص ‪ ] 15 – 86‬؛ وفي سيرة أبي قحطان انظر ابن مداد ‪ ،‬صفة نسب العلماء وموتهم ‪. 35 ،‬‬ ‫( ‪ ) 11‬حول نصوص خطب أبي حمزة وعبد ال بن يحيى الكندي ‪ ،‬انظر ‪ :‬الصفهاني ‪ ،‬الغاني ؛ = الجاحظ ‪ ،‬البيان‬ ‫والتبيين ؛ ابن أبي الحديد ‪ ،‬شرح نهج البلغة ‪ .‬وانظر ما يلي ( ‪ ، 53‬ملحوظة ‪.) 115‬‬ ‫( ‪ ) 12‬مختصر صفة أحداث عثمان ( قسم من مخطوطة عمانية ‪ ( . ) 176 – 161 ،‬انظر أيضا البرادي ‪،‬‬ ‫جواهر ‪ 219 ،‬؛ موتيلنسكي ‪ ،‬مادة (( مصادر مزاب )) في ‪ ، Bull. de Corresp. Afric 3‬ص ‪ 16‬؛‬ ‫روبيناتشي ‪ ”II K. Gawahir di al Barradi “ ،‬في ‪ ، A.I.U.O.N; NS. 4‬روما ‪ – 1952 ،‬ولرسالة‬ ‫ابن إباض ‪ ،‬البرادي ‪ ،‬الجواهر ‪ 167 – 161 ،‬؛ سالم بن ذكوان ‪ ،‬سيرة ‪. 201 – 195‬‬ ‫( ‪ ) 13‬البرادي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 102 ،‬؛ أبو قحطان ‪ ،‬سيرة ‪ ،‬مخطوطة ‪ 21‬وما بعدها [ السير والجوابات‬ ‫‪ . ] 107 – 106‬سالم بن ذكوان ‪ ،‬سيرة ‪ ،‬مخطوطة ‪. 202‬‬ ‫( ‪ ) 14‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ ،‬مخطوطة ‪ [ 198‬اطلي ‪ ] 206 ،‬؛ البرادي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪، 105 ،‬‬ ‫الشماخي ‪ ،‬السير ‪ 72‬؛ أبو قحطان ‪ ،‬سيرة ‪. 23‬‬ ‫( ‪ ) 15‬المصدر السابق ‪ 25 ،‬وما يليه ؛ سالم بن ذكوان ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 202 ،‬‬ ‫( ‪ ) 16‬المصدر السابق ‪ 204 – 203‬؛ أبو قحطان ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ ، 29 ،‬وما يليها ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 17‬أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة ‪ ،‬مسائل أبي عبيدة ‪ ،‬مخطوطة ‪. 25‬‬ ‫( ‪ ) 18‬البرادي ‪ ،‬الجواهر ‪. 141 ،‬‬ ‫( ‪ ) 19‬سالم بن ذكوان ‪. 204 – 203 ،‬‬ ‫( ‪ ) 20‬البرادي ؛ مصدر مذكور سابقا ‪ 147 – 146 ،‬؛ أبو قحطان ‪ ،‬سيرة ‪ 32‬؛ الطبري ‪ ،‬تاريخ ‪– 165 / 5 ،‬‬ ‫‪ 166‬؛ المبرد ‪ ،‬الكامل ‪. 978 / 3 ،‬‬ ‫( ‪ ) 21‬أبو قحطان ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 33 ،‬‬ ‫( ‪ ) 22‬الطبري ‪ ،‬تاريخ ‪ 314 – 312 / 5 ،‬؛ المبرد الكامل ‪ 991 / 3 ،‬؛ ابن أبي الحديد ‪ ،‬شرح نهج البلغة ‪،‬‬ ‫تحقيق هارون ‪ 84 / 5 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪. 213 – 206‬‬ ‫( ‪ ) 23‬الجاحظ ‪ ،‬البيان والتبيين ‪ ،‬تحقيق هارون ( القاهرة ‪ 65 ، ) 1367 / 1948 ،‬؛ المبرد الكامل ‪ 949 / 3 ،‬؛‬ ‫الدرجيني ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 207 ،‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫( ‪ ) 24‬الدرجيني ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 198 ،‬؛ البرادي ‪ ،‬الجواهر ‪ 105 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬السير ‪. 72 ،‬‬ ‫( ‪ ) 25‬الوارجلني ‪ ،‬أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم ‪ ،‬الدليل ‪ ،‬مخطوطة ‪ 150 ،‬ب ‪ ،‬وما يليه ؛ الجيطالي ‪ ،‬قواعد ؛‬ ‫انظر القسم ‪ ، 2‬النص رقم ‪ 28 ، 1‬؛ الشماخي ‪ ،‬السير ‪ 76 ،‬؛ القطب ‪ ،‬الذهب الخالص ظن تحقيق أبي إسحق‬ ‫( القاهرة ‪ 48 ، ) 1343‬؛ شرح النيل ‪ ،‬تحقيق أبي إسحق ‪ ،‬القاهرة ( ‪. 29 – 428 / 10 ، ) 1343‬‬ ‫( ‪ ) 26‬أقوال قتادة ‪ ،‬مخطوطة ‪ 189 ، 6‬؛ الوسياني ‪ ،‬السير ‪ ،‬مخطوطة ‪. 31‬‬ ‫( ‪ ) 27‬المبرد ‪ ،‬الكامل ‪. 990 / 3 ،‬‬ ‫( ‪ ) 28‬المصدر السابق ‪. 1004 ، 1001 ، 989 / 3 ،‬‬ ‫( ‪ ) 29‬المصدر السابق ‪. 989 ، 985 / 3 ،‬‬ ‫( ‪ ) 30‬المصدر السابق ‪ 992 / 3 ،‬؛ ابن أبي الحديد ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 85 / 5 ،‬‬ ‫( ‪ ) 31‬المبرد ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 984 / 3 ،‬‬ ‫( ‪ ) 32‬المصدر السابق ‪. 989 – 988 / 3 ،‬‬ ‫( ‪ ) 33‬المصدر السابق ‪ 97 – 991 / 3 ،‬؛ الطبري ‪ ،‬تاريخ ‪. 471 – 470 / 5 ،‬‬ ‫( ‪ ) 34‬الرقيشي ‪ ،‬مصباح ‪ 38 ،‬؛ جميل بن خميس ‪ ،‬قاموس الشريعة ‪ ،‬مخطوطة ‪ ،‬قسم ‪ ، 88‬الصفحة التي تتناول‬ ‫الموضوع ؛ القطب ‪ ،‬الرسالة الشافعية ‪. 43‬‬ ‫( ‪ ) 35‬البغطوري ‪ ،‬مقران بن محمد ‪ ،‬سير مشايخ نفوسة ‪ ،‬مخطوطة ‪. 3‬‬ ‫( ‪ ) 36‬سالم بن ذكوان ‪ ،‬سيرة ‪ 204‬؛ أبو قحطان ‪ ،‬سيرة ‪ [ 25 – 24 ،‬السير والجوابات ‪. ] 109 ،‬‬ ‫( ‪ ) 37‬انظر السابق ‪. 407 – 402 ،‬‬ ‫( ‪ ) 38‬البرادي ‪ ،‬الجواهر ‪ 165 ،‬؛ ابن ذكوان ‪ ،‬سيرة ‪. 205 ،‬‬ ‫( ‪ ) 39‬المبرد ‪ ،‬الكامل ‪ 1040 – 1039 / 3 ،‬؛ ابن عبد ربه ‪ ،‬العقد الفريد ‪. 98 – 397 / 11 ،‬‬ ‫( ‪ ) 40‬سالم بن ذكوان ‪ ،‬سيرة ‪. 221 – 220‬‬ ‫( ‪ ) 41‬البرادي ‪ ،‬البحث الصادق والستكشاف ‪ 35 / 1 ،‬؛ الوارجلني ‪ ،‬الدليل ‪ ،‬مخطوطة ‪ 13 ،‬ب – ‪ 14‬أ ‪.‬‬ ‫وهنالك بحث تفصيلي لمسألة (( المارقة )) في سيرة شبيب بن عطية حيث رفض تطبيق الحديث عن المارقة على‬ ‫مجموعة المحكمة ‪ ،‬كما غلب أن يفعل السنة ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 42‬هنالك نصوص مختلفة لهذا الحديث مذكورة في مجموعات الحديث ‪ .‬ويرد النص الباضي في مسند الربيع‬ ‫بن حبيب ‪ [ 15 ، 1 ،‬ط ‪ .‬دار الحكمة ‪ ، 1955‬رقم ‪ ] 36‬؛ انظر أيضا ‪ = :‬السالمي ‪ ،‬حاشية الجامع الصحيح‬ ‫( القاهرة ‪ . 60 – 56 / 1 ) 1326 ،‬وترجمة هذا الحديث هنا منقولة عن فنسنك ‪.‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫( ‪ ) 43‬السالمي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 59 / 1 ،‬‬ ‫( ‪ ) 44‬السوفي ‪ ،‬أبو عمرو عثمان بن خليفة ‪ :‬رسالة في بيان كل فرقة ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬ل ‪ .‬ت ‪. 61 .‬‬ ‫( ‪ ) 45‬سالم بن ذكوان ‪ ،‬سيرة ‪ 204‬؛ أبو قحطان ‪ ،‬سيرة ‪ 37‬؛ الكدمي ‪ ،‬كتاب الستقامة ‪ 35 ،‬؛ عبارة (( خوارج‬ ‫الجور )) مستعملة في أماكن كثيرة من كتاب (( بيان الشرع )) لمحمد بن إبراهيم الكندي ‪ ،‬مخطوطة ‪. 111‬‬ ‫( ‪ ) 46‬انظر ما يلي ‪. 407 – 402 :‬‬ ‫( ‪ ) 47‬النعام ‪ 121‬؛ انظر أيضا الوارجلني ‪ ،‬دليل ‪ 92 ،‬ب ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 48‬عبارة ‪ Infidel – ingrate‬اقترحها علي الستاذ المشرف ر ‪ .‬ب ‪ .‬سرجنت للعبارة العربية (( كافر كفر‬ ‫نعمة )) وهي تستخدم في الكتابات الباضية للمسلمين الذين يرتكبون آثاما خطيرة ‪ .‬وقد استخدمت هذه العبارة‬ ‫لتمييزها عن كفار ( مفردها كافر ) وهي التي يمكن استخدامها للمشركين كذلك ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 49‬المبرد ‪ ،‬الكامل ‪. 891 / 2 ،‬‬ ‫( ‪ ) 50‬سالم بن ذكوان ‪ ،‬سيرة ‪ 225 ، 204 ،‬؛ أبو قحطان ‪ ،‬سيرة ‪. 38 ،‬‬ ‫( ‪ ) 51‬هذا الحديث مذكور في معظم مجموعات الحديث ‪ .‬انظر أية ‪ .‬جيه ونسنك ‪Conordance et :‬‬ ‫‪ ، indices de la Tradition Musulmane‬ليدن ‪. 67 ، 7 ، 1969 ،‬‬ ‫( ‪ ) 52‬انظر ابن ذكوان ‪. 260 ، 227 ،‬‬ ‫( ‪ ) 53‬الشهرستاني ‪ ،‬الملل ‪ ، 186 / 1 ،‬البغدادي ‪ ،‬الفرق بين الفرق ‪. 51 – 50 ،‬‬ ‫( ‪ ) 54‬المصدر نفسه ‪ :‬انظر شرح نافع لهذه القضايا في رسالته إلى نجدة في المبرد ‪ ،‬الكامل ‪ 37 – 1035 / 3 ،‬؛‬ ‫وابن عبد ربه ‪ ،‬العقد الفريد ‪ .‬وللمزيد من التفاصيل عن آراء الزارقة ومجموعات الخوارج الخرى ‪ ،‬انظر ايلي‬ ‫أديب سالم ‪ :‬النظرية السياسية والمؤسسات عند الخوارج ‪ ،‬بلتيمور ‪ . 1956 ،‬ومع أن المؤلف قدم في عمله هذا‬ ‫دراسة مفيدة للخوارج بوجه عام ‪ ،‬فإن الراء المعروضة عن المذهب الباضي غير مرضية ‪ ،‬كما أن الدبيات‬ ‫الباضية لم تستخدم حق الستخدام ‪ .‬أنظر أيضا عن آراء الزارقة والخوارج الخرين ‪ :‬وات ‪ :‬الفلسفة والفقه‬ ‫السلميان ‪ ،‬ادنبره ‪ 10 ، 1967 /‬وما يليها‪.‬‬ ‫( ‪ ) 55‬أنظر ما يلي ‪. 72 – 70‬‬ ‫( ‪ ) 56‬البغدادي ‪ ،‬الفرق ‪ 54 ، 52 ،‬؛ الشهرستاني ‪ ،‬الملل ‪ 163 / 1 ،‬وما يليها ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 57‬هنالك على سبيل المثال ‪ ،‬حروب الباضية في عمان على شيبان ‪ ،‬زعيم الصفريين ‪ .‬السالمي ‪ ،‬النفحة ‪/ 1 ،‬‬ ‫‪ 77‬؛ وحرب أبي الخطاب عبد العلى الباضي إمام أفريقية الشمالية ‪ ،‬ضد الصفريين في ورفجومة في القيروان ‪،‬‬ ‫ابن عذاري ‪ ،‬البيان ‪ 82 ،‬؛ ابن = خلدون ‪ ،‬تاريخ ‪ 191 / 4‬؛ النويري ‪ ،‬نهاية الرب ‪ 44 ،‬؛ وقد جرت الحربان‬ ‫لسباب دينية ‪.‬‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬

‫استهل سالم بن ذكوان سيرته بعرض مفصل لسير السلم من بداية الوحي حتى وقت قبول علي بن أبي طالب‬ ‫الخليفة الرابع ‪ ،‬بالتحكيم ‪ ،‬ثم رفضه المحكمة وراحوا يقيمون حكم ال على الرض بطريقتهم الخاصة ‪ ،‬يضحون‬ ‫بأرواحهم في سبيل قضيتهم ‪ .‬لقد قدم ابن ذكوان العرض التالي عن المحكمة وخلفائهم ‪ ،‬ووصف سيرتهم كما يلي ‪:‬‬ ‫(( ثم تتابعت على ذلك خوارج المسلمين يحكمون ال وحده ويرضون سبيل من مضى قبلهم من المسلمين ‪ ،‬ل يقتلون‬ ‫ذرية قومهم ‪ ،‬ول يستحلون فروج نسائهم ‪ ،‬ول يستعرضونهم ول يخمسون أموالهم ‪ ،‬ول يقطعون الميراث منهم ‪،‬‬ ‫ويؤدون المانة إليهم وإلى غيرهم ‪ ،‬ويوفون بعهودهم ‪ ،‬ومن غيرهم ‪ ،‬ويأمن عندهم الكاف والمعتزل من قومهم ‪،‬‬ ‫من غير أن يكونوا يشكون في ضللتهم ول تخاذلهم بين الحق والباطل منزلة ‪ ،‬وليس بعد الحق إل الضلل ‪.‬‬ ‫ويصلون الرحم ‪ ،‬ويعرفون حق الجار والصاحب واليتيم وابن السبيل وما ملكت أيمانهم ‪ ،‬ويتولى ماضيهم وقاعدهم‬ ‫لماضيهم الفضيلة التي أعطاه ال ‪ ،‬ويتحابون بحب ال يتولى بعضهم بعضا ابتغاء مرضاة ال ويواسي غنيهم فقيرهم‬ ‫ابتغاء وجه ال والدار الخرة ‪ .‬وإذا مضت طائفة تركوا لمن خلفهم من أوليائهم على عدوهم الحجة الثابتة عند ذوي‬ ‫العقول والعلم بأمر ال )) ( ‪. ) 1‬‬ ‫بعد ذلك راح ابن ذكوان يشرح موقف الزارقة كما يلي ‪ (( :‬ثم خرج من بعدهم ابن الزرق وأصحابه ‪ ،‬فمكثوا ما‬ ‫شاء ال يسيرون بسيرة من كان قبلهم من الخوارج ‪ ،‬ثم إنهم حرمهم شنآن قوم أن أنزلوهم بمنازل عبدة الوثان ‪،‬‬ ‫فقطعوا الميراث منهم وحرموا مناكحتهم ‪ ،‬وقد ناكحهم من يتولون ووارثهم ‪ ،‬فإن يكن ذلك هدى وعمل به من‬ ‫يتولون فقد خالفوهم فيه ودانوا اليوم بالبراءة ممن عمل به ‪ ،‬وإن يكون ذلك ضللة ضلوا بتوليهم من عمل به ‪،‬‬ ‫واستحوا سبي قوم واستنكاح نسائهم وخمس أموالهم وقتل ذراريهم واستعراضهم ‪ ،‬ولك يكن من يتولون يستحلون‬ ‫شيئا من ذلك من قومهم ‪ ،‬فإن يكن الذي عمل به من يتولون من قومهم هدى ‪ ،‬فقد خالفوهم عليه وأبوا أن يجيروا‬ ‫من استجارهم من قومهم حتى يسمع كلم ال ‪ ،‬وهم يشهدون أنهم بمنزل عبدة الوثان ‪ .‬وقال ال لنبيه (‪ ( : )2‬وإن‬ ‫أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلم ال ثم أبلغه مأمنه ) ( ‪. ) 3‬‬ ‫وجعلوا للقوم محبة ‪ ،‬وأبوا أن يقبلوا ممن أتاهم إقامة الصلة وإيتاء الزكاة وإقرارهم بحكمهم ‪ ،‬وهم يزعمون أنه‬ ‫حكم ال ‪ ...‬ويرثون من كل أعرابي وإن كان يتولهم ويسأل ال أن يرزقهم مثل الذي رزقهم من جهاد أعدائه ‪.‬‬ ‫وقد قال ال ‪ ( :‬ومن العراب من يؤمن بال واليوم الخر ويتخذ ما ينفق قربات عند ال وصلوات الرسول أل إنها‬ ‫قربة لهم ‪ ،‬سيدخلهم ال في رحمته إن ال غفور رحيم ) ( ‪. ) 4‬‬ ‫(( وكفروا قعدتهم واستحلوا دمائهم وأموالهم وحرموا وليتهم والستغفار لهم وقد علموا ذلك منهم ‪ ،‬فإن يكن ذلك‬ ‫هدى عمل به من يتولون فقد خالفوهم فيه وكفروا من يتولى اليوم عليه ‪ ،‬وإن يكن من يتولون تولى كافرا فقد‬ ‫كفروا ‪ ،‬وكفروا هم بوليتهم إياهم على تولي الكفار ‪ ،‬فزعموا أنما يكفرون فعذبهم بكفرهم إياهم دونهم وقد أمر ال‬ ‫أن يتوبوا )) ( ‪. ) 5‬‬ ‫وبعد ذلك يتابع ابن ذكوان مناقشة رأي الزارقة بخصوص (( التقية )) كما يلي ‪ :‬فقد مكث مؤمن آل فرعون ( ‪ ) 6‬ما‬ ‫شاء ال أن يمكث كاتما إيمانه فلم يرده ال عليه بكتمانه إياه ‪،‬‬ ‫وقد قال ال ‪ ( :‬ل يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من ال في شيء إل أن‬ ‫تتقوا منهم تقاة ) ‪ ( .‬آل عمران ‪ ، ) 28 :‬فحرض ال المؤمنين في التقية ‪ ،‬وكيف يتقي المؤمنون الكفار إل بأن‬ ‫يظهروا لهم ما يحبون ويكتمون دينهم مع أنهم إذا خرجوا ( الزارقة ) كانوا أكتم ما كانوا قط لدينهم ‪ ،‬وذلك أن‬ ‫الرجل يأتيهم فيقول ‪ :‬اعرضوا علي دينكم ‪ ،‬فيقولون ‪ (( :‬ل ‪ ،‬إنا إذا فعلنا كنا من الكافرين ‪ ،‬ولكن أخبرنا أنت به ‪.‬‬ ‫فإن أخطأ في شيء مما في أنفسهم قتلوه ‪ .‬وغيرها من المعاصي ليس كلها تحصى ‪ ،‬من استحلل أكل المانات التي‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫أمر ال بالوفاء بها ‪ ،‬وأوفى بها المؤمنون ‪ ،‬ويشهدون أن النفاق قد رفع ‪ ،‬وأن أحدا ل يستطيع أن يكون منافقا ‪،‬‬ ‫ويشهدون أن ال يغفر للزاني والسارق إذا كان فيهم ‪) 7 ( )) ..‬‬ ‫بعد ذلك واصل ابن ذكوان عرض آراء نجدة وأنصاره ‪ ،‬مبينا عقائدهم الزائفة ومنها ‪:‬‬ ‫[‪]COLOR=Green‬أ‪ -‬اعتبار من خالفهم من المسلمين كفارا ‪ ،‬إل أنهم سمحوا في الوقت ذاته بالزواج من‬ ‫نسائهم وبأكل ذبائحهم ‪ .‬كذلك منعوا أخذ الجزية منهم للحماية ‪ ،‬وقاموا بواجبات خصومهم المسلمين نحو أهل‬ ‫الذمة ‪ ،‬مع أنهم اعتبروا خصومهم المسلمين مشركين ‪.‬‬ ‫ب‪ -‬رأوا أن عليهم أن يهاجروا من بلد خصومهم المسلمين كما هاجر الرسول من مكة ‪.‬‬ ‫بعد ذلك أوضح أن نجدة واجه معارضة من قبل داود وأنصاره ‪ ،‬وعطية وأنصاره ‪ ،‬وأبي فديك وأنصاره ‪ .‬إذ كانوا‬ ‫يختلفون معه بخصوص مسائل معينة زعموا أنه انحرف فيها ‪ (( :‬ثم فارقه داود وأصحابه وعطية وأصحابه وأبو‬ ‫فديك وأصحابه في أمور نقموها عليه وزعموا أنه قد ضل بها ‪ ،‬وليس الذي فارقوه فيه بأكثر من الذي جامعوه عليه‬ ‫من سبي أهل القبلة وقتل ذراريهم واستنكاح نسائهم وخمس أموالهم واستعراضهم وقطع الميراث منهم ‪ ،‬فكلهم بحمد‬ ‫ال ضال تارك للحق متبع لهواه بغير هدى من ال ‪ .‬وهم في ذلك معترفون فيما بينهم )) ( ‪ . ) 8‬ثم أشار إلى عقائد‬ ‫أخرى خاطئة تميز أولئك الخوارج ‪ .‬نافع ‪ ،‬داود ‪ ،‬عطية ‪ ،‬أبا فديك وأنصارهم ( ‪. ) 9‬‬ ‫وهناك شروح مماثلة لعقائد الخوارج وردت في مصادر إباضية أخرى مرفقة بحجة قوية ضدهم ‪ ،‬مبينة على القرآن‬ ‫والسنة ‪ ،‬ومثال المسلمين الوائل والمحكمة القدماء ( ‪ . ) 10‬وإلى جانب رفض آراء الخوارج المتطرفين ‪ ،‬فقد جعل‬ ‫الئمة الباضية الوائل سياستهم شديدة الوضوح حول هذه القضايا ‪ .‬وحين استشار عبد ال يحيى الكندي قادة‬ ‫الباضية في البصرة بشأن النتفاضة ‪ ،‬كتب أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة المام الثاني للجماعة الباضية في‬ ‫البصرة ‪ ،‬وزملءه ‪ ،‬ويقولون له ‪ (( :‬إذا خرجتم فل تغلوا ول تغدروا واقتدوا بسلفكم الصالحين ‪ ،‬وسيروا سيرتهم ‪،‬‬ ‫فقد علمتم أن الذي أخرجهم على السلطان العيب لعمالهم )) ( ‪. ) 11‬‬ ‫وقد عبر عبد ال بن إباض بشكل موجز عن موقف الباضية تجاه علقاتهم ببقية المة السلمية بقوله الشهير ‪:‬‬ ‫(( ل نقول فيمن خالفنا إنه مشرك لن معهم التوحيد والقرار بالكتاب والرسول ‪ ،‬وإنما هم كفار بالنعم ومواريثهم‬ ‫ومناكيحهم والقامة معهم حل ‪ ،‬ودعوة السلم تجمعهم )) ( ‪ . ) 12‬ثم إن هذا القول أكدته وكررته المراجع الباضية‬ ‫‪ ،‬التالية المعاصرة ‪ ،‬واللحقة ‪ ،‬أمثال سالم بن ذكوان ‪ ،‬وعبد ال بن يحيى الكندي ‪ ،‬وأبي حمزة المختار بن عوف ‪.‬‬ ‫وكتب عبد ال بن يحيى الكندي ‪ ،‬أول إمام إباضي في حضرموت واليمن في رسالته التفويضية إلى حاكمة عبد‬ ‫الرحمن بن محمد ‪ :‬قول عبد ال بن يحيى طالب الحق لعبد الرحمن بن محمد ‪ (( :‬إننا ل نقطع الطريق على الناس‬ ‫ونقتلهم لمجرد رؤيتهم من غير أن ندعوهم أول إلى إدراك الحقيقة ‪ ،‬إننا ندعوهم إلى الحقيقة ‪ .‬إن ذلك الذي يقبل بها‬ ‫يتمتع بجميع الحقوق التي يتمتع بها المسلمون ( الباضية ) وهو خاضع لجميع التزاماتهم ‪ .‬أما ذاك الذي ينكر‬ ‫الحقيقة ويقاتلنا فنقاتله ونسأل ال أن يؤيدنا ضده )) ( ‪. ) 13‬‬ ‫مثل هذا الموقف ‪ ،‬أي دعوة الناس وإعطائهم الفرصة لفهم آراء الباضية ‪ ،‬وانتظارهم لتقرير موقفهم أول ‪ ،‬طالما‬ ‫كرره الباضية ‪ .‬وطالما أوضحوا باستمرار أنهم سيقاتلون خصومهم فقط ‪ ،‬عندما يهاجمهم هؤلء أول ‪ .‬والمثلة‬ ‫العملية على هذا الموقف الباضي تظهر باستمرار خلل تاريخهم ف يحين أن سياسة قتل الخصوم بدون النذار‬ ‫المسبق – وهي المعروفة بالستعراض ‪ -‬كانت العلمة المميزة للزارقة في كل الزمنة ‪ .‬تلك كانت إحدى القضايا‬ ‫الرئيسة التي جعلت الباضية يقاومون الزارقة وسواهم من الخوارج المتطرفين ‪ ،‬بالضافة إلى مقاومة المواقف‬ ‫الخرى المتطرفة الناشئة عن النظر إلى خصومهم المسلمين كمشركين ‪ .‬والموقف الباضي من هذه القضايا عبر عنه‬ ‫بصور مختلفة عبد ال بن يحيى ‪ ،‬وأبو حمزة وسالم بن ذكوان ‪ .‬وكتب عبد ال بن يحيى يقول ‪ .... (( :‬هذه سيرتنا ‪،‬‬ ‫نحن ل نروع المسالمين أو نكمن لهم ‪ ،‬نحن ل نعاقب البرياء عن المجرمين ‪ ،‬ول الطيبين عن الشرار ‪ ،‬ول المرأة‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫عن الرجل ‪ ،‬ول الصغير عن الكبير ‪ ،‬نحن ل نقتل الناس لمجرد الرؤية بدون دعوتهم إلى الحقيقة أول وإيضاحها لهم‬ ‫)) ( ‪. ) 14‬‬ ‫وفي الرسالة نفسها كتب ‪ :‬قول عبد ال بن يحيى ‪ ،‬طالب الحق ‪ ... (( :‬إن من يقاتلنا نقاتله ‪ ،‬ونبحث في ممتلكاته‬ ‫لنرد إلى أصحابها تلك الحقوق التي استولى عليها ‪ ،‬ونعيد إليه ما هو حق له من غير أن يكون قد أذى بسببها أي‬ ‫إنسان آخر ‪ ،‬ونسلمها إلى أبنائه وورثتهم ‪ ،‬ل غنيمة ول أسى يمكن أن تؤخذ من أهل القبلة ( المسلمين ) لنهم‬ ‫ليسوا بالمشركين الذين تنهب أموالهم وتؤسر نساؤهم وأبناؤهم ‪ .‬على أن أهل القبلة فئتان إحداهما تمتثل لما هو حق‬ ‫‪ ،‬وتتمسك به والثانية تفعل الجور وتصر عليه )) ( ‪. ) 15‬‬ ‫وقال أبو حمزة المختار بن عوف ‪ ،‬أحد الباضية البارزين في البصرة ‪ ،‬والزعيم الهم في حروب عبد ال بن يحيى‬ ‫الكندي ‪ (( :‬أيها الناس ‪ ،‬إنا نخيركم في ثلث خلل ‪ ،‬أيما شئتم فخذوا لنفسكم ‪ .‬رحم ال امرأ أخذ الخيار لنفسه ‪ .‬إما‬ ‫قائل بقولنا ودائن بالذي قلناه ‪ ،‬حملته نيته على أن يجاهد معنا بنفسه ‪ ،‬فيكون للمجاهد منا ومن قسم هذا الفيء ما له‬ ‫‪ ،‬وعارف بهذا المر مقيم ف يداره يدعو إليه بقلبه ولسانه ‪ ،‬فعسى أن يكون أحسن منزلة منا ‪ ،‬وثالث كره قولنا‬ ‫فليخرج آمنا على أهله وماله ‪ ،‬ويكف عناده ولسانه ‪ ،‬فإن ظفرنا ولم يعرض نفسه لم نفسك دمه ‪ ،‬وإن نحن قتلنا كان‬ ‫قد كفي مؤنتنا ‪ ،‬وعسى أن ل يعمر في كفره إل قليل )) ( ‪. ) 16‬‬ ‫والعرض القدم والكثر تفصيل لسياسات الباضية نحو هذه القضايا ‪ ،‬وهي سياسات خرقها متطرفة الخوارج ‪ ،‬ويرد‬ ‫في سيرة سالم بن ذكوان ‪ ،‬ومنها المقتطفات التالية ‪ (( :‬نرى حق الوالدين وحق ذي القربى وحق اليتامى وحق‬ ‫المساكين وحق أبناء السبيل وحق الصاحب وحق الجار وحق ما ملكت أيماننا علينا حقا ‪ ،‬أبرارا كانوا أم فجارا ‪.‬‬ ‫ونؤدي المانة إلى من استأمننا عليها من الناس كلهم من قومنا أو غيرهم ن ونوفي بعهود قومنا من أهل الذمة ‪،‬‬ ‫ونرد على أهل الذمة إن استطعنا الذي يأخذونهم به من الظلم من قومنا أو من غيرهم ‪ ،‬ونجير من استجارنا من‬ ‫قومنا ومن أن نكون نشك في ضللتهم ولتخاذهم بين الحق والباطل منزلة ‪ ( :‬فماذا بعد الحق إل الضلل ) ( ‪. ) 17‬‬ ‫فإذا أخلى إليهم المر دعوناهم إلى كتاب ال معرفة الحق وموالة أهله ومفارقة الباطل ومعاداة أهله ‪ ،‬فمن عرف‬ ‫منهم الحق وأقر به وتولنا عليه توليناه وحرمنا دمه ‪ ،‬وإن ينفر معنا ‪ ،‬ومن أنكر حق ال منهم واستحب العمى على‬ ‫الهدى ومفارقة المسلمين على مجامعتهم فارقناه وقاتلناه حتى يفيء إلى أمر ال أو يهلك على ضللته ‪ ،‬من غير أن‬ ‫يكون نراهم نزلوا منازل عبدة الوثان ‪ ،‬فنستحل سباهم وقتل ذراريهم وخمس أموالهم وقطع الميراث منهم ‪ .‬ول نرى‬ ‫الفتك بقومنا وقتلهم في السر وإن كانوا ضلل ما دمنا بين ظهرانيهم نظهر لهم الرضى بالذي هم عليه ‪ ،‬وذلك أن ال‬ ‫لم يأمر به في كتابه ‪ ،‬ول نعلم أحدا ممن مضى من أولياء ال في المم الماضية استحل شيئا من ذلك ‪ ،‬وهو بمثل‬ ‫منزلتنا فقتدى بسنتهم في ذلك ‪ ،‬ولم يفعله أحد من المسلمين ممن كانوا بمكة بأحد من المشركين فنفعله نحن بأهل‬ ‫القبلة ‪.‬‬ ‫وقد أمر ال نبيه أن ينبذ إلى من خاف منه خيانة فقال ‪ ( :‬وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن ال ل‬ ‫يحب الخائنين ) ( ‪. ) 18‬‬ ‫ويكره أن يتكلف أحد من المسلمين مع ملوك قومه ما كانوا على ضللتهم ‪ ،‬وذلك أن الرجل المسلم إذا هو غزا معهم‬ ‫‪ ...‬فإنما يصير المقاتل معهم على أحد منزلتين ‪ :‬إما على وليتهم ورضى بأمرهم ‪ ،‬وإما نصرهم وتسديد سلطانهم ‪.‬‬ ‫ونرى مناكحة قومنا وموارثتهم ل تحرم علينا ما داموا يستقبلون قبلتنا ‪ ،‬لن المسلمين قد كانوا يناكحون المنافقين‬ ‫ويوارثوهم وهم يعلمون ويظهر منهم من المعاصي أكثر ما يظهر اليوم من كثير من قومنا ‪.‬‬ ‫ول نرى أن نقذف أحدا ممن يستقبل قبلتنا ‪ ،‬ثم ل علم لنا به ‪ ،‬فإن كثيرا من الخوارج يستحلون في دينهم قذف من‬ ‫يعلمون أنه بريء من الزنا من قومهم بفراقهم ‪ ،‬زعموا إياه ولعلهم ل يكونوا كلموه قط ‪ ،‬ول أخبرهم أحد ممن‬ ‫يتولون أنه كلمه ول يدرون على ما هو ‪ .‬قال ال تعالى ‪ ( :‬إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين‬ ‫) ( النحل ‪ . ) 125 :‬وقال له ‪ ( :‬قل هذه سبيلي أدعو إلى ال على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان ال وما أنا من‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫المشركين ) ( يوسف ‪ . ) 108 :‬وقال ‪ ( :‬ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر‬ ‫وأولئك هم المفلحون ) ( آل عمران ‪ ، ) 104 :‬ثم قال ‪ ( :‬ومن أحسن قول ممن دعا إلى ال وعمل صالحا وقال إنني‬ ‫من المسلمين ) ( فصلت ‪. ) 33 :‬‬ ‫ول نرى قتل صغير من أهل قبلتنا ل ذنب له ولم يعمل مما اختلف فيه ممن يستقبل القبلة بينهم بذنب آخر كبير قد‬ ‫غفل عما أمر ال وعلم المر الذي اختلف الناس فيه ثم جهل بعد العلم وعمي بعد البينة ‪ ،‬وإنما ذرية من يستقبل‬ ‫القبلة اليوم في ذلك بمنزلتهم ‪ ،‬ولو كان عليهم إمام هدى يحكم عليهم بطاعة ال ففارقه بعض آبائهم ‪.‬‬ ‫ول نرى أن يستحل فرج امرأة رجل تزوجها بكتاب ال وسنة نبيه حتى يطلقها زوجها أو يتوفى عنها ثم تعتد عدة‬ ‫المطلقة أو المتوفى عنها زوجها ‪.‬‬ ‫ونبرأ ممن ظهر لنا منه عمل هو ل معصية منه أو وعد ال عليه العذاب وأمر بفراق من عمل بذلك العمل والبراءة‬ ‫منه أو يتولى عليه حتى ينزع ويحدث منه توبة ( ‪. ) 18‬‬ ‫(( ول نرى أن يتولى أحدا من الناس أحد إل أظهر لنا منه معرفة حق ال وعمل بطاعة ال وموالة لوليائه ومفارقة‬ ‫لعدائه )) ‪.‬‬ ‫ول نرى انتحال الهجرة من دار قومنا كهجرة النبي ( صلى ال عليه وسلم ) وأصحابه من دار قومهم ‪ .‬ولكن يخرج‬ ‫منا مجاهدا في سبيل ال على طاعته ‪ ،‬فإن هو رجع إلى دار قومه توليناه إذا كان عرافا لحق ال مقرا به في نفسه‬ ‫وماله ‪.‬‬ ‫ونرى أن نتولى المرأة والمملوك على الخروج إذا ما نحن علمنا منهما قبل الخروج الرضا بالحق والمعرفة له‬ ‫والموالة عليه ‪ ،‬ولم يخرجهما إل الرغبة في السلم والثرة على ما سواه ‪ ،‬لن ال يقول ‪ ( :‬والمؤمنون والمؤمنات‬ ‫بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلة ويؤتون الزكاة ويطيعون ال ورسوله‬ ‫أولئك سيرحمهم ال إن ال عزيز حكيم ) ( التوبة ‪. ) 71 :‬‬ ‫ول نرى النفر من المسلمين أن يبايعوا إمامهم إل على الجهاد في سبيل ال والطاعة بالمعروف حتى يهلكوا على ذلك‬ ‫أو يظهروا على عدوهم ‪ ،‬فيولوا المر أفضالهم وفقهائهم ‪.‬‬ ‫ونتولى ماضينا وقاعدنا ‪ ،‬ويعرف قاعدنا لماضينا الفضيلة التي أعطاه ال ( ‪. ) 19‬‬ ‫إن هذه المسائل التي ناقشها سالم بن ذكوان ‪ ،‬لم تعرض فقط وجهات نظر الباضية بخصوص القضايا التي تناولها ‪،‬‬ ‫بل عرضت أيضا رفضا قويا لجميع وجهات نظر الخوارج بشأن هذه القضايا ‪.‬‬ ‫وواضح من هذه المناقشات والمقتطفات من الدبيات الباضية القديمة أنه يكاد ل يوجد أي اتفاق بين الباضية‬ ‫والخوارج على أية مسألة ‪ .‬والواقع أن الباضية اختلفوا مع الخوارج في جميع معتقداتهم وعارضوهم نظريا‬ ‫وممارسة ‪ ،‬والمسألة الوحيدة التي يشتركون فيها مع الخوارج هي رأيهم في المحكمة ‪.‬‬ ‫بعد مناقشة الرأي الباضي في الخوارج وحركتهم ‪ ،‬لعله من الهمية بمكان أن نذكر بإيجاز رأيهم في المويين‬ ‫المعاصرين والشيعة ‪ ,‬فقد عبر أبو حمزة المختار بن عوف في خطبته في المدينة بوضوح عن رأي الباضية في‬ ‫المويين وفي الشيعة معا ‪ .‬وبعد أن تكلم عن أعمال الخلفاء المويين واحدا فواحدا ‪ ،‬بدءا بمعاوية وانتهاء بيزيد بن‬ ‫عبد الملك ‪ ،‬تكلم أبو حمزة عن حكم سللة بني أمية عموما في العبارات التالية ‪:‬‬ ‫(( وأما بنو أمية ففرقة الضللة ‪ ،‬بطشهم بطش جبرية ‪ ،‬يأخذون بالظنة ‪ ،‬ويقضون بالهوى ‪ ،‬ويقتلون على الغضب ‪،‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫ويحكمون بالشفاعة ‪ ،‬ويأخذون الفريضة من غير موضعها ‪ ،‬ويضعونها في غير أهلها ‪ ،‬وقد بين ال أهلها فجعلهم‬ ‫ثمانية أصناف فقال إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي‬ ‫سبيل ال وابن السبيل ( التوبة ‪ ، ) 60 :‬فأقبل صنف تاسع ليس منها فأخذها كلها ‪ ،‬تلكم الفرقة الحاكمة بغير ما‬ ‫أنزل ال )) ‪.‬‬ ‫وبخصوص الشيعة قال أبو حمزة ‪ (( :‬وأما هذه الشيع فشيع ظاهرت بكتاب ال ‪ ،‬وأعلنت الفرية على ال ‪ ،‬لم يفارقوا‬ ‫الناس ببصر نافذ في الدين ول بعلم نافذ في القرآن ‪ ،‬وينقمون المعصية على أهلها ويعملون إذا ولوا بها ‪ ،‬يصرون‬ ‫على الفتنة ول يعرفون المخرج منها ‪ ،‬جفاة عن القرآن ‪ ،‬أتباع كهان ‪ ،‬ويؤملون الدول في بعث الموتى ‪ ،‬ويعتقدون‬ ‫الرجعة إلى الدنيا ‪ ،‬قلدوا دينهم رجل ل ينظر لهم ‪ ،‬قاتلهم ال أنى يؤفكون )) ( ‪. ) 20‬‬ ‫وفي هذه الخطبة تكلم أبو حمزة أيضا عن فئة عن الباضية ‪ ،‬وقضيتهم ودوافعهم ‪ .‬وجه أبو حمزة كلمه إلى أهل‬ ‫المدينة ‪ ،‬قائل ‪ (( :‬ندعوكم إلى كتاب ال ‪ ،‬وسنة نبيه ‪ ،‬والقسم بالسوية ‪ ،‬والعدل في الرعية ‪ ،‬ووضع الخماس‬ ‫مواضعها التي أمر ال بها )) ‪ .‬ثم راح يصف فئته وأهدافها ودوافعها ‪ ،‬وأسبابها للثورة )) ( ‪. ) 21‬‬ ‫وعلى أي حال ‪ (( ،‬ل يمكن الشك )) كما قال مكدونالد ‪ (( :‬بأن هؤلء الرجال كانوا الممثلين الحقيقيين للسلم‬ ‫السالف ‪ .‬لقد ادعوا لنفسهم أنهم يرثون أبا بكر وعمر ؛ ولقد كانوا في ادعائهم على حق ‪ .‬لقد جرى تحويل السلم‬ ‫إلى دنيوي ؛ الطمع الدنيوي ‪ ،‬والنزاع الخوي ‪ ،‬والترف ‪ ،‬والخطيئة دمرت رابطة الخاء القديمة ‪ .‬ولذلك انسحبوا‬ ‫جانبا ومضوا في سبيلهم ‪ ،‬وهي السبيل التي ل يزال المتحدرون منهم ينهجونها في عمان ‪ ،‬وإفريقية الشرقية ‪ ،‬وفي‬ ‫الجزائر )) ( ‪ . ) 22‬ولعله يجب علينا أن نذكر أن الستاذ مكدونالد لم يكن ‪ ،‬حين كتب هذا الكلم ‪ ،‬يملك تمييزا‬ ‫واضحا بين الباضية والخوارج ‪ ،‬على أنه واضح أن وصفه ل يمكن أن يكون صحيحا إل إذا طبق على الباضية ‪.‬‬ ‫================================‬ ‫( ‪ ) 1‬سالم بن ذكوان ‪ ،‬سيرة ‪. 204 ،‬‬ ‫( ‪ ) 2‬المصدر السابق ‪. 205 ،‬‬ ‫( ‪ ) 3‬سورة التوبة ‪. 6 ،‬‬ ‫( ‪ ) 4‬سورة التوبة ‪. 99 ،‬‬ ‫( ‪ ) 5‬سالم بن ذكوان ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 206 ،‬‬ ‫( ‪ ) 6‬انظر سورة آل عمران ن ‪ 28‬وما يليها ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 7‬سالم بن ذكوان ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 206 ،‬‬ ‫( ‪ ) 8‬المصدر السابق ‪. 210 ،‬‬ ‫( ‪ ) 9‬المصدر السابق ‪. 211 ،‬‬ ‫( ‪ ) 10‬البسياني ‪ ،‬سيرة ‪ ،‬مخطوطة ‪ 17‬؛ الوارجلني ‪ ،‬الدليل ‪ 13 ،‬ب – ‪ 14‬أ ؛ العدل والنصاف ‪ ،‬مخطوطة ‪11‬‬ ‫‪ 310 /‬وما يليها ؛ القلهاتي ‪ ،‬الكشف ‪ 197 ،‬أ – ‪ 204‬أ ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 11‬الصفهاني ‪ ،‬الغاني ‪ 112 / 13 ،‬؛ جميل بن خميس ‪ ،‬قاموس الشريعة ‪ ،‬قسم ‪ ، 88‬الصفحة التي تتعلق‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫بالموضوع ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 12‬ابن عبد ربه ‪ ،‬العقد الفريد ‪ 261 / 1 ،‬؛ المبرد ‪ ،‬الكامل ‪. 1041 / 3 ،‬‬ ‫( ‪ ) 13‬جميل بن خميس ‪ ،‬المصدر نفسه ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 14‬المصدر نفسه ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 120‬المصدر نقسه ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 15‬المصدر نفسه ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 16‬سورة يونس ‪. 32 ،‬‬ ‫( ‪ ) 17‬سورة النفال ‪. 58 ،‬‬ ‫( ‪ ) 18‬المصدر نفسه ‪. 223‬‬ ‫( ‪ ) 19‬المصدر السابق ‪. 224‬‬ ‫( ‪ ) 20‬وليمز ‪ ،‬جون ألدن ‪ ،‬السلم ‪ ،‬نيويورك ‪. 218 ، 1961 ،‬‬ ‫( ‪ ) 21‬المصدر السابق ‪. 219 – 218 ،‬‬ ‫( ‪ ) 22‬المصدر السابق ‪ 216‬؛ وللنصوص المختلفة والنصوص الكاملة لخطب أبي حمزة ‪ ،‬انظر ‪ :‬الجاحظ ‪ ،‬البيان‬ ‫‪ 25 – 121 / 2‬؛ الصفهاني ‪ ،‬الغاني ‪ 139 – 130 / 23 ،‬؛ ابن عبد ربه ‪ ،‬العقد الفريد ‪ 47 – 144 / 4 ،‬؛‬ ‫ابن أبي الحديد ‪ ،‬شرح تهج البلغة ‪ 114 / 5 ،‬وما يليها ‪ .‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 55 – 251‬؛ ابن سلم ‪ ،‬بدء السلم‬ ‫‪ ،‬مخطوطة ‪ [ 46 – 45‬بتحقيق شفارتس وابن يعقوب ‪. ] 112 ،‬‬

‫الفصل الثاني جابر بن زيد ‪ ،‬المام الول للمذهب الباضي‬ ‫ينتسب أبو الشعثاء جابر بن زيد الزدي الجوفي إلى بني عمرو بن اليحمد ‪ ،‬أحد فروع قبيلة الزد ؛ وهو من قرية ((‬ ‫فرق )) بين (( منح )) و (( نزوى )) في عمان ( ‪ ) 1‬حيث يرجح أنه ولد ‪ ،‬ثم انتقل وعائلته للستقرار في درب‬ ‫الجوف بالبصرة ‪ ،‬وهو المكان الذي أخذ اسمه من المنطقة التي كانت قبيلة جابر تقطنها في عمان ( ‪ ) 2‬؛ وقد ذكر‬ ‫ياقوت موقعا في عمان كان يستوطنه جابر جاءت إلى البصرة بنو الزد معروفا بجوف الحميلة ( ‪ . ) 3‬ومن المحتمل‬ ‫أن عائلة جابر جاءت إلى البصرة مع الجيش الذي جهزه عثمان بن أبي العاص لمحاربة الفرس ؛ وقد ضم هذا‬ ‫الجيش عددا كبيرا من الزد ‪ .‬وبناء على ما ذكره السالمي ‪ ،‬فإن الجيش ‪ ،‬بعد أن هزم الفرس وقتل قائدهم (( شاه‬ ‫رك )) أو ابن الحمراء ‪ ،‬توجه نحو فارس واستقر في (( تواج )) ثم انتقل إلى البصرة في أثناء حكم عبد ال بن‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫عامر ‪ ،‬حاكم البصرة من قبل عثمان بن عفان ( ‪ . ) 4‬ويقال إن الرجل الذي قتل القائد الفارسي هو جابر بن حديد‬ ‫اليحمدي ( ‪ ، ) 5‬من عائلة جابر بن زيد نفسها مما يشير إلى أن أفراد عائلة جابر بن زيد كانوا في عداد ذلك الجيش‬ ‫‪ ،‬ثم استقروا في البصرة في خلفة عثمان ‪ .‬ويشير السالمي إلى أن جابر ولد في (( فرق )) في عمان ‪ ،‬ثم قدم إلى‬ ‫البصرة طلبا للعلم ( ‪ ، ) 6‬غير أنه يمكن رفض هذا الرأي لن جابرا ‪ ،‬لو كان جاء إلى البصرة لمجرد طلب العلم ‪،‬‬ ‫لكان عاد إلى عمان بعد ذلك إلى عائلته ‪ ،‬إل أنه عاش في البصرة طوال حياته ‪ .‬ويذكر لمولد جابر تاريخان ‪ 18 :‬هـ‬ ‫‪ 639 /‬م ( ‪ . ) 7‬وهنالك مصادر تذكر أن جابرا كان في المدينة في اليوم الذي بويع فيه للخليفة الول أبي بكر (‪) 8‬‬ ‫‪ .‬على أنه ل معلومات لدينا عن طفولة جابر ول عن حياته في سنواته الولى ؛ ثم إننا ل نعرف شيئا عن والديه ‪.‬‬ ‫لذلك ينبغي علينا أن نصرف جهدنا في هذه الدراسة لمناقشة تعلمه وثقافته ‪.‬‬ ‫لم تكن الدراسات السلمية قد نشأت وترسخت ف يزمن جابر ؛ فإلى جانب القراءة والكتابة ‪ ،‬هنالك القرآن الذي‬ ‫يجب حفظه غيبا من قبل الطلبة ‪ ،‬وأحاديث الرسول ‪ ،‬والفتاوى ‪ ،‬أو الراء الشرعية التي كان قد أصدرها الخلفاء‬ ‫الولون والصحابة البارزون ‪ .‬أما الشيوخ الذين كان يمكن الحصول منهم على هذه المعرفة بالسلم فهم صحابة‬ ‫الرسول ‪ .‬ومن حسن حظ جابر أنه عاصر عددا كبيرا من الصحابة الولين ‪ ،‬فالتقى سبعين من الصحابة الذين‬ ‫حضروا معركة بدر الكبرى ‪ ،‬وحفظ عنهم جميع الخبار والحاديث التي كانوا يعرفونها ( ‪ . ) 9‬كذلك التقى بعائشة ‪،‬‬ ‫زوج الرسول المفضلة ‪ ،‬وسألها عن حياة الرسول الخاصة ( ‪ ، ) 10‬وناقش معها مشاكل المة السلمية السياسية‬ ‫التي لعبت فيها دورا رئيسا ( ‪ . ) 11‬وبالضافة إلى عبد ال بن عمر ‪ ،‬وعائشة ‪ ،‬وابن مسعود ‪ ،‬وأنس بن مالك ‪،‬‬ ‫فإن أبرز شيوخه كان عبد ال بن عباس ( ‪ ، ) 12‬وهو كان الوسع علما بين الصحابة الشبان ‪ ،‬وعرف بحبر المة‬ ‫وبالبحر بسبب معارفه الواسعة بالقرآن وتفسيره وبالسنة ‪ ،‬معا ‪ .‬ثم إن جابر كان صديقا مقربا لبن عباس ‪ ،‬وتلميذه‬ ‫المفضل ( ‪. ) 13‬‬ ‫وحفظ جابر أحاديث الرسول عن الصحابة الذين التقاهم بالبصرة ‪ ،‬والمدينة ‪ ،‬ومكة ‪ .‬واستغل مناسبة الحج للقاء‬ ‫الصحابة الذين كانوا يأتون إلى مكة في وقت الحج من شتئ أنحاء البلدان السلمية ‪ .‬ويقال إن جابرا تنقل بين‬ ‫البصرة ومكة حاجا ما ل يقل عن أربعين مرة ( ‪ ) 14‬ولقد دفعه توقه إلى معرفة أحاديث الرسول إلى بذل كل الجهود‬ ‫لجمع هذه الحاديث ‪ .‬وقد قدم إلى المدينة بصورة خاصة ‪ ،‬وقصد بني عمرو بن حزم النصاري وطلب منهم أن يروه‬ ‫الرسالة التي بعث بها الرسول مع والدهم عمرو بن حزم إلى أهل اليمن بخصوص الزكاة ‪ ،‬واستجابوا إلى طلبه ( ‪15‬‬ ‫) ‪ .‬لقد حصل جابر على معرفة واسعة بالقرآن والحاديث والفتاوى ‪ .‬وكان شيخه ابن عباس راضيا عنه تمام الرضى‬ ‫‪ ،‬ويروي عن ابن عباس أنه قال ‪ (( :‬لو أن أهل البصرة نزلوا عند قول جابر بن زيد لوسعهم علما في كتاب ال )) (‬ ‫‪ . )16‬ثم وصف جابرا بأنه (( من العلماء )) ؛ واعتقد أن جابرا بلغ مرتبة عالية من العلم ‪ ،‬حتى أنه ل حاجة للعودة‬ ‫إلى أحد بعده ‪ ،‬ولو إلى ابن عباس نفسه ‪ ،‬لصدار أية أحكام شرعية إذا كان جابر قد عبر عن رأيه في ذلك ‪ .‬وسأل‬ ‫الربيع – وهو أحد أبناء البصرة – ابن عباس عن رأيه الشرعي في مسائل معينة ‪ ،‬فرد عليه ابن عباس ‪:‬‬ ‫(( تسألونني وفيكم جابر بن زيد ؟ )) ( ‪ . ) 17‬وكان لصحابة آخرين ‪ ،‬كعبد ال بن عمر ‪ ،‬وجابر بن عبد ال‬ ‫النصاري مثل رأي ابن عباس في جابر ‪ .‬وقد نقل البخاري عن جابر بن زيد أنه قال ‪ (( :‬مر بي ابن عمر بينما كنت‬ ‫في الطواف ‪ ،‬وقال لي ‪ (( :‬يا جابر إنك من فقهاء أهل البصرة وإنك ستستفتى ‪ ،‬فل تفتين إل بقرآن ناطق أو سنة‬ ‫ماضية ‪ ،‬فإنك إن فعلت غير ذلك هلكت وأهلكت )) ( ‪ . ) 18‬ويقال أيضا إن سعيد بن جبير سأل الصحابي جابر بن‬ ‫عبد ال النصاري عن رأيه في قضية معينة ‪ ،‬وبعد أن أعطى الصحابي رأيه قال ‪ (( :‬تسألونني وفيكم أبو‬ ‫الشعثاء ؟ )) ( ‪ ) 19‬وهكذا فإن جابرا كان أحد علماء البصرة البارزين ؛ وبناء على ما قاله محمد بن محبوب ‪ ،‬فإن‬ ‫جابرا كان أوسع علما من الحسن البصري ( ‪ . ) 20‬ثم أصبح جابر مفتيا للبصرة ( ‪ ) 21‬وقضى حياته يصدر‬ ‫الفتاوى ‪ ،‬ويدرس أحاديث الرسول ‪ ،‬وينقل علمه الواسع بالسلم إلى طلبته ‪ .‬ولما كان جابر تابعيا بارزا ‪ ،‬فإن‬ ‫إسهامه للمة السلمية النامية يمكن إدراكه في إطار الدور الذي لعبته طبقة التابعين الذين ورثوا العلم وتطبيق‬ ‫السلم عن الصحابة مباشرة ‪ ،‬ثم نقلوه إلى طلبهم ‪ .‬وبما أنه كان طالبا وثيق الصلة بابن عباس الذي أسهم في‬ ‫معظم النشاطات السياسية للمة السلمية منذ شبابه ‪ ،‬فقد تمكن جابر من أن يتعرف إلى المواقف المتناقضة في‬ ‫النشاطات السياسية التي بدأت مع النزاع الهلي في خلفة عثمان وانتهت بانتصار معاوية ‪.‬‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫وبعيشه في البصرة ‪ ،‬إحدى أهم مراكز النشاطات السياسية ‪ ،‬وبمعاصرته لحداث تلك الفترة المفعمة بالحيوية ( ‪28‬‬ ‫هـ ‪ 684 /‬م – ‪ 93‬هـ ‪ 701 /‬م ) استطاع جابر أن يكون فهما واضحا للسير المعقد للشؤون الدينية والسياسية في‬ ‫المة السلمية النامية ‪ .‬ونتيجة لذلك اختار السبيل المثل لتحقيق أهدافه ‪ ،‬إذ بقي بعيدا عن جميع النشاطات‬ ‫السياسية ونهج نهجا يتسم بالحذر الشديد في علقاته برجال الحكم المويين ‪ .‬ومن ناحية أخرى فقد كرس وقته‬ ‫لتعليم السلم للناس وصياغة الحكام الشرعية بشأن المشاكل الدينية ‪.‬‬

‫وبالنسبة لطريقة حياته ‪ ،‬فقد عاش جابر حياة تقوى وزهد ‪ ،‬وهو الذي قال ذات مرة ‪ (( :‬طلبت من ربي ثلثة‬ ‫أشياء ‪ ،‬وقد منحها لي ‪ :‬زوجة مؤمنة ‪ ،‬وراحلة صالحة ‪ ،‬ورزقا حلل كفافا يوما بيوم )) ( ‪ . ) 22‬وفي حديث له‬ ‫إلى أصحابه عن ثروته قال ‪ (( :‬ليس منكم أحد أغنى مني ‪ ،‬ليس عندي درهم وليس علي دين )) ( ‪ . ) 23‬وقال‬ ‫الحجاج بن عيينة ‪ (( :‬لقد عتاد جابر بن زيد أن يأتينا في جامعنا ؛ وذات يوم أتانا يحتذي حذاء قديما وقال ‪ (( :‬مضى‬ ‫من أجلي ستون سنة ‪ ،‬قال ‪ :‬فأصبت فيها ونعمت فنعلي الن أعز علي من ذلك كله إل خيرا قدمته )) ( ‪ . ) 24‬وعن‬ ‫محمد بن سيرين أنه قال ‪ (( :‬رحم ال جابرا كان مسلما عند الدراهم )) وهو يعني بذلك أنه كان ورعا تقيا ( ‪ ) 25‬؛‬ ‫فالبساطة والتقوى هما الصفتان الرئيستان في حياة جابر ‪.‬‬ ‫ومعرفة جابر الواسعة بتفسير القرآن وبالسنة جعلت منه شخصية بارزة في هذا الميدان من العلم ‪ ،‬وروايته لحاديث‬ ‫الرسول مقبولة بوجه عام ؛ وهو يوصف (( بالثقة )) ( ‪ ) 26‬من قبل المحدثين ‪ .‬والستثناء الوحيد لذلك هو‬ ‫الصيلي الذي نعته بالمحدث (( الضعيف )) ورد ابن حجر العسقلني رأيه هذا ( ‪ . ) 27‬وبالضافة إلى طلبه‬ ‫العاديين الذين درسوا عليه الحديث والفقه ‪ ،‬فقد كان الناس يأتون إليه يطلبون منه آراءه الشرعية بخصوص القضايا‬ ‫الدينية ‪ .‬وكان بعض هذه الراء مكتوبا على صورة أسئلة مرسلة إليه من الصدقاء خارج البصرة ؛ وكان يوصف‬ ‫بأنه أكثر الناس علما في حقل الفتا ( ‪ . ) 28‬واعتاد الكثير من طلبه أن يسجلوا آراءه الشرعية كتابة ‪ ،‬غير أن‬ ‫جابرا لم يكن مؤيدا لتدوين آرائه بهذه الطريقة وحين علم بأن طلبه يفعلون ذلك ‪ ،‬علق على ذلك بقوله ‪ (( :‬إنا ل ‪،‬‬ ‫يكتبون عني آراء وقد أرجع عنها غدا )) ( ‪ . )29‬على أن غالبية آرائه ورواياته دونت ‪ ،‬برغم ذلك ‪ ،‬من قبل طلبه‬ ‫‪ .‬وقد نقل علمه إلى الجيال التالية عبر قناتين ‪ :‬الولى الساسية مبنية على ما دونه طلبه الباضية أمثال ضمام بن‬ ‫السائب ‪ ،‬وأبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة ‪ ،‬وأبي نوح صالح الدهان ‪ ،‬وحيان العرج ‪ ،‬وسواهم ؛ والثانية قائمة‬ ‫على ما دونه طلبه غير الباضية ‪ ،‬وبينهم عمرو بن دينار ‪ ،‬وعمرو بن هرم ‪ ،‬وقتادة بن دعامة السدوسي ‪ ،‬وأيوب‬ ‫السختياني وآخرون ( ‪. ) 30‬‬ ‫ومن العمال الباقية التي دونت فيها فتاوى جابر ورواياته نذكر ‪:‬‬ ‫‪ )1‬روايات ضمام ‪ :‬رواها أبو صفرة عبد الملك بن صفرة ‪ ،‬عن الربيع بن حبيب ‪ ،‬عن ضمام عن جابر بن زيد ( ‪31‬‬ ‫)‪.‬‬ ‫‪ )2‬مسند الربيع بن حبيب ‪ :‬وقد ضم بالدرجة الولى أحاديث رواها الربيع بن حبيب الفراهيدي عن أبي عبيدة ‪ ،‬و‬ ‫ضمام عن جابر بن زيد ( ‪. ) 32‬‬ ‫‪ (( )3‬جوابات )) جابر ‪ :‬وفيها بعض فتاويه مرسلة إلى بعض أصدقائه وأتباعه ‪.‬‬ ‫وهذه كلها من مدونات الباضية ‪ ،‬على أن هنالك العمال التالية أيضا ‪:‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫‪ -1‬كتاب النكاح ‪ :‬وهو يضم أحكاما بخصوص الزواج ‪ ،‬نقل عن جابر ‪.‬‬ ‫ول زلنا نجهل من هو الذي روى هذا الكتاب ‪ ،‬لكن وجوده في مخطوطة كتاب (( نكاح الشغار )) لعبد ال بن عبد‬ ‫العزيز يشير إلى احتمال روايته من قبل مؤلف (( كتاب نكاح الشغار )) نفسه ( ‪. ) 33‬‬ ‫‪ -2‬كتاب الصلة ( ‪ : ) 34‬رواه حبيب بن أبي حبيب الحرمي عن عمرو بن هرم عن جابر بن زيد ( ‪. ) 35‬‬ ‫‪ -3‬روايتان عن عمرو بن دينار وعمرو بن هرم ‪ ،‬موجودتان في القسمين الخامس والسادس من (( كتاب أقوال‬ ‫قتادة )) ( ‪ ) 36‬وفيهما أحاديث وفتاوى تتناول بالدرجة الولى مواضيع الزواج ‪ ،‬والزكاة ‪ ،‬والصلة إلى جانب‬ ‫فتاويه وأحاديثه المنقولة عنه بواسطة قتادة ‪) 37 ( .‬‬ ‫ويقال إن كتب جابر كانت في حوزة أبي عبيد مسلم بن أبي كريمة ‪ ،‬ثم انتلقت إلى الربيع بن حبيب ‪ ،‬فإلى أبي سفيان‬ ‫محبوب بن الرحيل ‪ ،‬ثم ابنه محمد بم محبوب ‪ ،‬وعنه نسخت في مكة ( ‪. ) 38‬‬ ‫ويقول بعض المؤرخين الباضيين إن جابرا نفسه جمع كتابا كبيرا من الحاديث والفتاوى يعرف بديوان جابر بن‬ ‫زيد ‪ ،‬وإن نسخة من الديوان كانت موجودة في مكتبة الخليفة العباسي هارون الرشيد ( ‪ 170‬هـ ‪. ) 809 – 786 /‬‬ ‫ويقال أيضا إن العالم الباضي في جبل نفوسة ‪ ،‬نفاث ( فرج ) بن نصر تمكن من نسخ الديوان وجاء به إلى جبل‬ ‫نفوسة ‪ ،‬لكن نفاثا ‪ ،‬وهو المعارض لحاكم الجبل وللمامة الرستمية ‪ ،‬أتلف نسخة الديوان كي ل يتمكن خصومه‬ ‫( أهل الدعوة ) من الحصول عليها ( ‪ . ) 39‬وعلى أي حال فإن الفقه الباضي قام بالدرجة الولى على أساس‬ ‫الحاديث والفتاوى التي رواها جابر إلى طلبه الباضيين ‪ .‬وقال أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة ‪ (( :‬كل صاحب‬ ‫حديث ليس له إمام في الفقه فهو ضال ‪ .‬ولول أن ال تعالى من علينا بجابر بن زيد لضللنا )) (‪. )40‬‬ ‫ولقد حاول العلماء غير الباضيين أن يثبتوا أن جابرا لم تكن له علقة بالباضية ؛ وهنالك قصص مختلفة تروى‬ ‫للدللة على أن جابرا نفسه أنكر مثل هذه العلقة ( ‪ . ) 41‬وقد نقل قتادة وداود أبي هند عنه عزرة أنه قال ‪ (( :‬قلت‬ ‫لجابر إن الباضية يزعمون أنك منهم )) فقال ‪ (( :‬أبرأ إلى ال منهم )) ( ‪ . ) 42‬كذلك يقال إن هند بنت المهلب قالت‬ ‫‪ (( :‬كان جابر بن زيد أشد الناس انقطاعا إلي وإلى أمي ‪ ،‬فما أعلم شيئا كان يقربني إلى ال إل أمرني به ‪ ،‬ول شيئا‬ ‫يباعدني عن ال عز وجل إل نهاني عنه ‪ ،‬وما دعاني إلى الباضية قط ول أمرني بها ‪. ) 43 ( )) ...‬‬ ‫====================================‬

‫( ‪ ) 1‬ماكدونالد ‪ ،‬دنكان ب ‪ ،‬تطور الفقه السلمي والشرع والنظرية الدستورية ‪ ،‬بيروت ‪. 24 ، 1956 ،‬‬ ‫( ‪ ) 2‬ابن مداد ‪ ،‬صفة نسب العلماء ‪ ،‬مخطوطة ‪ 4‬؛ ووفقا لبن حبان ‪ ،‬ولد جابر في مكان يدعى الحرقة بجوار‬ ‫عمان ‪ ،‬ولعله تصحيف لـ (( فرق )) ‪ .‬انظر ابن حبان كتاب مشاهير علماء المصار ‪ ،‬تحقيق م ‪ .‬فليشهامر‬ ‫( القاهرة ‪. 89 ، ) 1959‬‬ ‫( ‪ ) 3‬البخاري ‪ ،‬تاريخ ‪ 203 / 1 / 2 ،‬هامش ‪. 1‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫( ‪ ) 4‬ياقوت ‪ ،‬معجم البلدان ‪ ( ،‬القاهرة ‪ 175 / 3 ، ) 1906‬؛ ووفقا للصمعي ‪ ،‬فالجوف هو في اليمن ؛ انظر ابن‬ ‫قتيبة كتاب المعارف ‪ ،‬تحقيق محمد الصاوي ( القاهرة ‪. 200 ، ) 1934‬‬ ‫( ‪ ) 5‬السالمي ‪ ،‬التحفة ‪ ( ،‬ط ‪ 2 .‬القاهرة ‪. 57 – 55 ) 1347‬‬ ‫( ‪ ) 6‬المصدر السابق ‪. 56 ،‬‬ ‫( ‪ ) 7‬السالمي ‪ ،‬حاشية الجامع الصحيح ‪. 8 ، 1 ،‬‬ ‫( ‪ ) 8‬البرادي ‪ ،‬الجواهر ‪ 155 ،‬؛ القطب ‪ :‬شرح العقيدة ‪. 132 ،‬‬ ‫( ‪ ) 9‬الوارجلني ‪ ،‬العدل ‪ ،‬مخطوطة ‪ 197 ، 1‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 77 ،‬‬ ‫( ‪ ) 10‬مجهول ‪ ،‬كتاب نوازل نفوسة ‪ ،‬مخطوطة ‪ 208‬ب ؛ المصعبي ‪ ،‬حاشية على المصرح ‪ ،‬مخطوطة ‪ 147‬أ ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 11‬المصدر نفسه ‪ 147 ،‬ب ؛ ابن مداد مصدر مذكور سابقا ‪. 4 ،‬‬ ‫( ‪ ) 12‬عبد ال بن عبد العزيز كتاب نكاح الشغار مخطوطة ‪ .‬هذه المعلومة موجودة كذلك في مخطوطة أخرى محلقة‬ ‫بهذا الكتاب الذي يحتوي روايات إباضية ‪ ،‬بعنوان باب فضائل جابر بن زيد ‪ 22 ،‬؛ انظر القطب ‪ ،‬شرح النيل ‪، 9 ،‬‬ ‫‪ ، 233‬وهامش ‪ 34 – 232‬؛ ابن سلم = بدء السلم ‪ ،‬مخطوطة ‪ [ 42‬بتحقيق شفارتس وابن يعقوب ‪. ] 108 ،‬‬ ‫( ‪ ) 13‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 67‬‬ ‫( ‪ ) 14‬أبو نعيم ‪ ،‬حلية الولياء ‪ 90 / 3 ،‬؛ الذهبي ‪ ،‬تذكرة الحافظ ‪ 62 / 1 ،‬؛ ابن حجر ‪ ،‬تهذيب ‪39 – 38 / 2 ،‬‬ ‫؛ ابن مداد ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ص ‪. 4‬‬ ‫( ‪ ) 15‬أبو نعيم ‪ ،‬حلية ‪ 6 – 85 / 3‬؛ الذهبي ‪ ،‬تذكرة ‪. 62 / 1‬‬ ‫( ‪ ) 16‬البغطوري ‪ ،‬سير مشايخ نفوسة ‪ ،‬مخطوطة ‪. 3‬‬ ‫( ‪ ) 17‬الوارجلني ‪ ،‬الدليل ‪ ،‬مخطوطة ‪ 38‬أ ؛ العدل مخطوطة ‪ . 72 ، 1‬نقل عن ابن عبد البر ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 18‬ابن سعد ‪ ،‬طبقات ن ‪ 180 – 179 / 7‬؛ البخاري ‪ ،‬تاريخ ‪ 204 / 1 / 2 ،‬؛ الذهبي ‪ ،‬مصدر مذكور‬ ‫سابقا ‪ 62 / 1 ،‬؛ أبو نعيم مصدر مذكور سابقا ‪ 85 / 3 ،‬؛ ابن حجر ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 38 / 2 ،‬‬ ‫( ‪ ) 19‬المصدر نفسه ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 20‬البخاري ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 204 / 1 / 2 ،‬؛ أبو نعيم ‪ ،‬حلية ‪ 86 / 3 ،‬؛ ابن حزم ‪ ،‬ملخص إبطال‬ ‫القياس والرأي والستحسان والتقليد والتعليل ‪ ،‬تحقيق سعيد الفغاني ‪ ،‬دمشق ‪. 69 ، 1960 ،‬‬ ‫( ‪ ) 21‬أبو نعيم ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 86 / 3 ،‬‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫( ‪ ) 22‬السالمي ‪ ،‬حاشية الجامع الصحيح ‪. 7 / 1 ،‬‬

‫( ‪ ) 23‬ابن سعد ‪ ،‬طبقات ‪ 131 / 7 ،‬؛ أبو نعيم ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 86 / 3 ،‬؛ ابن حجر ‪ ،‬تهذيب ‪– 38 / 2 ،‬‬ ‫‪. 39‬‬

‫( ‪ ) 24‬روايات الباضية مخطوطة محلقة بكتاب نكاح الشغار ‪. 21 ،‬‬

‫( ‪ ) 25‬المصدر نفسه ‪.‬‬

‫( ‪ ) 26‬ابن سعد ‪ ،‬طبقات ‪ 180 / 7 ،‬؛ أبو نعيم ‪ ،‬حلية ‪. 88 / 3 ،‬‬

‫( ‪ ) 27‬ابن سعد ‪ ،‬طبقات ‪ 187 / 7 ،‬؛ أبو نعيم ‪ ،‬حلية ‪. 88 / 3 ،‬‬

‫( ‪ ) 28‬ابن حجر ‪ ،‬تهذيب ‪. 38 / 2 ،‬‬

‫( ‪ ) 29‬المصدر السابق ‪. 39 / 2 ،‬‬

‫( ‪ ) 30‬الذهبي ‪ ،‬تذكرة ‪ 62 / 1 ،‬؛ أبو نعيم ‪ ،‬حلية ‪. 86 /3 ،‬‬

‫( ‪ ) 31‬ابن سعد ‪ ،‬طبقات ‪ 181 / 7 ،‬؛ ابن حزم ‪ ،‬ملخص ‪. 64 ،‬‬

‫( ‪ ) 32‬أبو نعيم ‪ ،‬حلية ‪ 90 / 3 ،‬؛ الذهبي ‪ ،‬تذكرة ‪. 62 / 1‬‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫( ‪ ) 33‬انظر للمؤلف ‪ (( :‬وصف المخطوطات الباضية الجديدة من شمالي إفريقية ‪ ،‬مجلة الدراسات السامية ‪/ 15 ،‬‬ ‫‪. 67 ، 1‬‬

‫( ‪ ) 34‬انظر ما يلي ( ‪ 150‬وما يليه ) ‪.‬‬

‫( ‪ ) 35‬انظر للمؤلف (( وصف المخطوطات الباضية الجديدة )) مصدر مذكور سابقا ‪. 67 ،‬‬

‫( ‪ ) 36‬انظر ما يلي ص ‪. 151 ،‬‬

‫( ‪ ) 37‬انظر للمؤلف (( وصف المخطوطات الباضية الجديدة )) ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 67 ،‬‬

‫( ‪ ) 38‬لسيرة حبيب بن أبي حبيب ‪ ،‬انظر ابن حجر ‪ ،‬تهذيب ‪. 180 / 2 ،‬‬

‫( ‪ ) 39‬انظر ما يلي ( ‪. ) 61 – 160‬‬

‫( ‪ ) 40‬الوسياني ‪ ،‬السير ‪ ،‬مخطوطة ‪. 120‬‬

‫( ‪ ) 41‬أبو زكريا ‪ ،‬السير ‪ ،‬مخطوطة ‪ 31‬أ – ‪ 32‬أ [ ط ‪ .‬دار الغرب السلمي ‪ ] 146 – 142 ،‬؛ الدرجيني ‪،‬‬ ‫طبقات ‪ ،‬مخطوطة ‪ [ 42 – 82‬ط ‪ .‬طلي ‪ ] 82 – 81 ،‬؛ انظر ما يلي ‪.47 – 146‬‬

‫( ‪ ) 42‬أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة ‪ ،‬مسائل مخطوطة ‪ ، 37‬الجيطالي ‪ ،‬شرح النونية ‪ ،‬مخطوطة ‪. 47 ، 1‬‬

‫( ‪ ) 43‬ابن سعد ‪ ،‬طبقات ‪ 182 – 181 / 7 ،‬؛ أبو نعيم ‪ ،‬حلية ‪. 89 / 3 ،‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬

‫ومن شأن الفحص الدقيق للمعلومات السابقة أن يؤدي تصنيفها إلى ثلث فئات ‪:‬‬ ‫‪ -1‬معلومات يذكر أنها منقولة عن جابر ‪ ،‬ينكر فيها أية علقة بالباضية ‪ .‬وفي هذه الفئة تأتي المعلومات التي ل‬ ‫تذكر إل في المصادر غير الباضية ‪ ،‬وقد نقلها ثابت البناني وعزرة ‪ .‬وكلهما يزعم أن جابرا أعلن هذا النفي وهو‬ ‫على فراش الموت ‪ .‬ثم إن زيارة ثابت البناني لجابر برفقة الحسن البصري مذكورة في المصادر الباضية أيضا ‪.‬‬ ‫ولقد جرت فعل وهي واردة في جميع المصادر وتؤكد أن جابرا ‪ ،‬وهو على وشك الموت ‪ ،‬تمنى بأن يرى الحسن‬ ‫البصري الذي كان آنذاك متواريا عن النظار خوفا من الحجاج ‪ .‬ولقد ذكر ثابت البناني للحسن رغبة جابر وجاء‬ ‫كلهما سرا إلى منزل جابر ‪ .‬وحين شاهداه ‪ ،‬قال الحسن لجابر ‪ :‬قل ل إله إل ال وأن محمدا رسول ال )) ‪ .‬فرد‬ ‫عليه جابر ‪ :‬يا أبا سعيد ‪ ( ،‬يوم تأتي بعض آيات ربك ل ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها‬ ‫خيرا ) ( ‪ . ) 1‬ثم أردف يقول ‪ (( :‬أعوذ بال من غدو ورواح إلى النار )) ‪ .‬عند سماع ذلك قال الحسن معلقا ‪:‬‬ ‫(( هذا وال الفقيه العالم )) ( ‪. ) 2‬‬ ‫إلى هنا المصادر التي تروي هذه الحكاية ‪ :‬أما الضافة بأن الحسن سأل جابرا رأيه بأهل النهر ‪ ،‬ورأيه بالباضية فلم‬ ‫يروها غير ابن سعد وحده نقل عن عزرة وثابت البناني ‪ .‬مثل هذه الضافة ل يمكن اعتبارها صحيحة لعدة أسباب ‪:‬‬ ‫أ‪ -‬إن غالبية المصادر ‪ ،‬بما فيها المصادر غير الباضية ذكرت هذه الحكاية بدون أن تذكر أن جابرا تكلم عن موقفه‬ ‫من الباضية أو أهل النهر ‪ .‬ثم إن البغطوري أكد ‪ ،‬بعد أن روى محادثة جابر والحسن كما وردت أعله ‪ ،‬أن جابرا لم‬ ‫يضف بعد ذلك أي كلم ‪.‬‬ ‫ب‪ -‬إذا كان جابر يعتقد هذا العتقاد ‪ ،‬ل سيما بخصوص هذه المسائل المهمة ‪ ،‬فإن ذلك كان ينبغي أن يكون معروفا‬ ‫عنه قبل أن يصبح على وشك الموت ‪.‬‬ ‫ج‪ -‬ل يبدو أن المناسبة كانت ملئمة فعل لطرح مثل هذه السئلة على جابر ‪.‬‬ ‫‪ – II‬وهنالك معلومات منقولة عن العلماء السنة ينفون فيها أن يكون لجابر أية علقات بالباضية ( ‪ . )3‬مثل هذه‬ ‫المعلومات ‪ ،‬بالضافة إلى تلك المنسوبة إلى جابر نفسه ‪ ،‬بالنسبة لنكاره أية علقة مختلفة بالباضية ‪ ،‬على ما‬ ‫يبدو ‪ ،‬تسمح لعلماء الحديث من أهل السنة بقبول الحاديث التي يرويها جابر ‪ .‬ووفقا للقواعد التي وضعها بعض‬ ‫المحدثين السنة ‪ ،‬فإن الحاديث التي تروى عن أهل (( البدع )) ليست مقبولة ‪ .‬فإذا كان الشخص شيعيا ‪ ،‬أو‬ ‫خارجيا ‪ ،‬أو إباضيا ‪ ،‬فإن هذا كاف لتجريحه ( ‪ . ) 4‬ولذلك يعتقد أن المعلومات المذكورة آنفا مختلفة من قبل بعض‬ ‫المحدثين السنة بقصد تبرئة جابر من تهمة الباضية ‪.‬‬ ‫‪ – III‬والطبقة الثالثة من المعلومات تعتمد على خبر لهند بنت المهلب تذكر فيه أن جابرا لم يدعها إلى الباضية أبدا (‬ ‫‪ . ) 5‬لعل صحيح ‪ ،‬لن جابرا كان يعلمها السلم ‪ ،‬ثم إن مصطلحي الباضيين والباضية بالذات لم يكونا يستعملن‬ ‫بين الباضيين الوائل حتى بعد وفاة جابر ‪ ،‬وبدل منهما كانوا يستعملون مصطلحي (( المسلمين )) و (( جماعة‬ ‫المسلمين )) ‪.‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬

‫ومن ناحية أخرى ‪ ،‬فإن ابن حجر العسقلني ذكر اعتمادا على ما نقله عن (( ضعفاء )) الساجي ‪ ،‬أن جابر بن زيد‬ ‫كان إباضيا ( ‪ ) 6‬وذكر أبو الحسن الشعري ‪ ،‬حين عدد معتقدات الخوارج ‪ ،‬وقد ضم الباضيين إليهم ‪ (( ،‬ويدعون‬ ‫من السلف جابر بن زيد )) ( ‪ . ) 7‬ثم إن هذا الرأي نفسه يرويه ابن أبي الحديد ( ‪ . ) 8‬والسؤال هنا هو ‪ :‬هل كانت‬ ‫هنالك حركة إباضية بهذا السم ف يزمن جابر بن زيد ؟ وأي دور لعبه جابر في تلك الحركة ؟‬ ‫وللرد على هذين السؤالين يجب أن نذكر أوضاع المة السلمية آنذاك ‪ ،‬تحت ثلثة عناوين ‪:‬‬

‫أ‪ -‬بنو أمية الذين كانوا في السلطة وأنصارهم ‪.‬‬ ‫ب‪ -‬الشيعة أو جماعة علي بن أبي طالب ‪.‬‬ ‫ج‪ -‬والجماعة الثالثة يمكن أن تقسم إلى فئتين ‪:‬‬ ‫‪ -1‬أولئك الذين آثروا العتزال وامتنعوا عن أي نشاط سياسي ‪.‬‬ ‫‪ -2‬أولئك الذي رفضوا تأييد المويين والشيعة معا ‪ ،‬لمحاذير دينية ‪ ،‬وأرادوا أن يكونوا هم الحاكمين – أي الذين‬ ‫نجوا من معركة النهروان ‪ ،‬والمحكمة الخرون الذين رفضوا محاربة علي ‪ ،‬لكنهم كانوا معارضين أشداء للحكم‬ ‫الموي ‪ .‬ومن الشخصيات البارزة التي نجت من معركة النهروان نذكر أبا بلل مرداس بن حدير ‪ .‬وتقول المراجع‬ ‫الباضية إن أبا بلل كان صديقا مقربا لجابر بن زيد ( ‪ . ) 9‬ووفقا لبعض العلماء الباضيين فقد ثار أبو بلل على‬ ‫بني أمية بموافقة جابر ( ‪ . ) 10‬ويذكر آخرون أن الثورة كانت فكرة أبي بلل وأنه حث جابر بن زيد كي ينضم إليه (‬ ‫‪ . ) 11‬وهنا يمكن القول إن المحكمة ‪ ،‬بعد وفاة إمامهم عبد ال بن وهب ‪ ،‬ذو علم واسع بالقرآن والسنة ‪ .‬وفي‬ ‫رأيي الشخصي فإنه لم يكن أكثر من زعيم ديني قصده أتباعه لتعلم السلم ‪ ،‬ولطرح أسئلة تتعلق بالشؤون الدينية ‪،‬‬ ‫ولم تكن قيادته في المرحلة الولى ذات فعالية ‪ ،‬لن هذه الفئة لم تكن ‪ ،‬من ناحية ‪ ،‬لتتاح لها فرصة التنظيم في حركة‬ ‫دينية وسياسية واضحة ‪ .‬ولن المويين لن يكونوا ‪ ،‬من ناحية أخرى ‪ ،‬يسمحون بظهور أي نوع من القيادة ‪ ،‬لن‬ ‫إعلن مثل هذه القيادة يمكن أن يعني إعلن خلفة جديدة ‪ ،‬وهو ما كان المويون يقاومونه بقوة ‪ .‬وهنالك سبب آخر‬ ‫يتمثل في مفهوم القيادة القرشية ؛ إذ كان واضحا أن المة السلمية بوجه عام لم تكن توافق على أية قيادة على‬ ‫مستوى الخلفة إل إذا كانت قرشية ‪ .‬ولعل هذا هو السبب الذي دفع القادة البارزين من هذه الجماعة لن ينضموا إلى‬ ‫عبد ال بن الزبير ويؤيدوه في وجه المويين ‪ ،‬آملين منه أن يقبل آراءهم ‪.‬‬ ‫وكان عبد ال بن إباض بين هؤلء القادة ( ‪ ) 12‬؛ لكن ثورة نافع بن الزرق زعيم حركة الخوارج المتطرفين الذين‬ ‫حملوا اسمه ‪ ،‬الزارقة ‪ ،‬جاءت حدثا جديدا غير مسار فئة المحكمة وطبيعة علقة جابر بها ‪ .‬لقد كان جابر معارضا‬ ‫بقوة لراء نافع ونهجه ولنصاره ورفض آراءهم بالنسبة لمعارضيهم المسلمين الذين اعتبروهم مشركين ‪ ،‬وارتأوا‬ ‫شرعية قتلهم وتجريدهم من ممتلكاتهم ‪ ،‬بالضافة إلى سبي نسائهم وأولدهم وهذا ما رفضه جابر ‪ .‬وقد حفظت‬ ‫المصادر الباضية عرضا للنقاش التالي بين جابر والخوارج ‪ ،‬منقول عن ضمام ؛ جاء فيه ‪ (( :‬كان جابر يأتي‬ ‫الخوارج فيقول لهم ‪ :‬أليس قد حرم ال دماء المسلمين بدين ؟ فيقولون ‪ :‬نعم ؛ وحرم ال البراءة منهم بدين ؟‬ ‫فيقولون ‪ :‬نعم ؛ فيقول ‪ :‬أوليس قد أحل ال دماء أهل الحرب بدين بعد تحريمها بدين ؟ فيقولون ‪ :‬بلى ؛ فيقول ‪:‬‬ ‫وحرم ال وليتهم بدين بعد المر بها بدين ؟ فيقولون ‪ :‬نعم ؛ فيقول ‪ :‬هل أحل ما بعد هذا بدين ؟ ( مشيرا بذلك إلى‬ ‫تجريد المسلمين من ممتلكاتهم والفتك بنسائهم وأولدهم ) فيسكتون )) ( ‪ . ) 13‬ويمكن القول إنه عند هذا المنعطف‬ ‫بدأ انقسام جدي داخل فئة المحكمة بسبب الخطوة التي اتخذها نافع بن الزرق الذي اعتبر المسلمين المعارضين كفارا‬ ‫وعاملهم كمشركين ‪ ،‬وجعل الخروج إلزاميا على زملئه المسلمين ‪ .‬كل هذه الراء كانت مناقضة لمعتقدات أهل‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫النهروان وممارساتهم ‪ ،‬وقدماء المحكمة ‪ ،‬وأتباعهم ‪ ،‬أبي بلل مرداس وصحبه ‪ .‬وهكذا أصبح إلزاما على الزعماء‬ ‫البارزين في هذه الفئة أمثال زيد بن جابر أن يرفضوا خطة نافع وغيره ممن اعتقدوا آراءه وأن يوضحوا ذلك للجميع‬ ‫‪ ،‬أفرادا ومجوعات ‪ ،‬ليحتفظوا بعطفهم ‪ .‬وكان عبد ال بن إباض بين القادة الذين هموا بالنضمام إلى نافع ‪ ،‬غير أنه‬ ‫حين كان ف يجامع البصرة ينتظر الصلة ويستمع للناس وهم يتلون القرآن ‪ ،‬ويسمع الدعوة إلى الصلة ‪ ،‬غير رأيه‬ ‫وقرر معارضة الخروج ( ‪ . ) 14‬و (( آمن بشرعية القامة بين المسلمين والختلط بهم على أساس التسامح‬ ‫المتبادل )) ( ‪ . ) 15‬فقد آمن بآراء أهل النهروان وأنصارهم كما وصته ‪ ،‬ورفض بقوة آراء نافع وأعلن انفصاله‬ ‫عنه ( ‪ . ) 16‬وهنا يمكن القول إن جابرا ‪ ،‬بعد ثورة نافع ‪ ،‬كلف ابن إباض برفض آراء نافع والدعوة علنا لراء‬ ‫جماعة المسلمين ( أي الباضية ) ‪ .‬والواقع أنه بسبب الدور الناجح الذي لعبه عبد ال بن إباض في تلك المرحلة ‪،‬‬ ‫حملت الحركة بكليتها اسمه وعرفت بين المسلمين باسم الباضية ‪.‬‬ ‫وثمة حوادث عديدة تشير إلى أنه كانت لجابر علقة وثيقة وفاعلة بالحركة الباضية في مرحلة باكرة جدا ‪ .‬ويقال إن‬ ‫جابرا اعتاد أن يذهب إلى مكة برفقة عضو آخر من (( جماعة المسلمين )) يدعى أبو الفقاس السود بن قيس ‪ ،‬وكانا‬ ‫يلتقيان بابن عباس في مكة ‪ .‬وفي إحدى المواسم جاء جابر ابن عباس وحده ‪ ،‬فقال له ابن عباس ‪ :‬أين صاحبك ؟‬ ‫قال ‪ :‬أخذه عبيد ال بن زياد ‪ ،‬فقال ابن عباس ‪ :‬وإنه لمتهم ‪ ،‬فقال جابر ‪ :‬نعم ‪ ،‬فقال ابن عباس ‪ :‬أو ما أنت متهم ‪،‬‬ ‫قال ‪ :‬أجل )) (‪ . )17‬ويضيف الشماخي أن هنالك شيخا كبيرا من جماعة المسلمين هو أبو سفيان قنبر أخذ وجلد‬ ‫مائة جلدة لحمله على إفشاء المعلومات عن عضو آخر من جماعة المسلمين ‪ ،‬لكنه رفض الفضاء بأسمائهم ؛ قال‬ ‫جابر بن زيد ‪ (( :‬وكنت قريبا منه وما كنت أتنظر إل أن يقول هذا هو فعصمه ال )) ( ‪ ، ) 18‬والحديث الخر الذي‬ ‫يدل على أنه كانت لجابر صلة قوية بالحركة الباضية هو أنه أمر أحد شبان الباضية بالفتك بخردلة وهو عضو سابق‬ ‫بالحركة أفشى أسماء بعض أعضاء الباضية مما أدى إلى قتلهم على أيدي الطغاة ( ‪ . ) 19‬وقد رويت هذه الحادثة‬ ‫ف يوقت لحق كبرهان على وجوب قتل من يشهر بالباضية ( الطاعن في الدين ) في الشرع الباضي ‪. )20‬‬ ‫على أي حال ‪ ،‬بعد ثورة نافع والخوارج الخرين ‪ ،‬انكشف بوضوح طابع الفئة التي عرفت فيما بعد بالباضية ‪ ،‬أو‬ ‫أهل الدعوة ‪ ،‬أو بجماعة المسلمين ‪ ،‬وأصبح جابر رئيس هذه الحركة أو إمامها ‪.‬‬ ‫ويمكننا الن أن ننتقل إلى دراسة نهج جابر كإمام للحركة الباضية ‪ ،‬ولنا أن نميز فيه أربعة اتجاهات رئيسة ‪:‬‬ ‫أول ‪ :‬تجنب أي صدام علني مع السلطات والحفاظ على علقات ودية مع الحكام ( الولة ) ‪.‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬عدم عزل أعضاء الحركة عن المة السلمية ‪.‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬الستمرار بتدريس الحاديث والفتاوى للناس بصرف النظر عن كونهم أعضاء في الحركة أم ل ‪.‬‬ ‫رابعا ‪ :‬لما كان جابر مصمما على المحافظة على سلمة الحركة بتنفيذ بعض نشاطاته سرا ‪ ،‬وبإبقاء أفراد المنظمة‬ ‫مجهولين لدى الحكام ‪ ،‬فقد اتخذ موقفا متشددا ممن يفشون أسماء العضاء (( للطغاة )) ( ‪ . ) 21‬وينظر الباضية‬ ‫إلى جابر باعتباره أول إمام لمذهبهم ‪ ،‬ويعتبرون فترة إمامة جابر مثال على حالة الكتمان ‪. ) 22 ( .‬‬ ‫قليلة هي معلوماتنا عن نشاطات جابر في أثناء ولية زياد بن أبي سفيان وابنه عبيد ال بن زياد ‪ .‬ومع أن الحركة‬ ‫واجهت الضطهاد في تلك الفترة ‪ ،‬وقد قتل أصدقاء مقربون من جابر ‪ ،‬مثل أبي بلل ‪ ،‬وشقيقه عروة ‪ ،‬وسجن‬ ‫آخرون مثل أبي فقاس ‪ ،‬وقنبر فإنه ل توجد معلومات مؤكدة على أن جابرا واجه مثل هذه المعاملة ‪ .‬وقد قدرت‬ ‫المصادر الباضية أن جابرا قال ‪ (( :‬لم يبق شيء أنفع لنا في تلك العهد – عهد عبيد ال – إل الرشوة )) ( ‪. ) 23‬‬ ‫وهكذا فإن جابرا بلغ حد استخدام الرشوة لتجنب أي اضطهاد ينزله الطغاة به وبأنصاره ‪.‬‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫وفي أثناء حكم الحجاج ‪ ،‬حافظ جابر على صلت طيبة معه عبر كاتبه يزيد بن مسلم الذي كان صديقا مقربا لجابر (‬ ‫‪ . ) 24‬كان بنو المهلب ‪ ،‬وهم أقاربه ‪ ،‬من بين العائلت القوية التي أقام جابر معها علقات طيبة ‪ .‬على أن الهم من‬ ‫رابطة القربى هو أن جابرا كان المعلم الديني لعائلته ‪ . .‬إذ اعتاد أن يزورهم ويلقنهم تعاليم السلم و (( يأمرهم‬ ‫بالعمل الصالح )) ( ‪ . ) 25‬ومن رسائل جابر الباقية هنالك ثلث أرسها ردا على رسائل من أفراد عائلة المهلب ‪.‬‬ ‫اثنتان منها أرسلتا إلى عبد الملك بن المهلب والثالثة إلى خيرة بنت ضمرة القشيرية ‪ ،‬زوجة المهلب ‪ .‬ومن مراسلته‬ ‫الخرى نلحظ أنه كانت لجابر عدة اتصالت مع أناس في مناصب رسمية في مواقع مختلفة ‪ .‬ومن هؤلء النعمان بن‬ ‫سلمة الذي وجه رسالة إلى جابر يسأله نصيحته بحيث يتمكن من جمع المبلغ المالي اللزم كضريبة الخراج‬ ‫وكضريبة الحماية من غير أن يجور على الرعية ‪ ،‬أو أن يتصرف بما يخالف التعاليم السلمية ‪ .‬وفي الرسالة التي‬ ‫وجهها جابر إلى النعمان حول هذه القضية معلومات طريفة عن الوسائل المتبعة لجمع الضرائب ‪ ،‬ودللة على أنه من‬ ‫اصل ثلثمائة درهم ‪ ،‬ل يصل بيت المال إل ما هو دون المائة ‪ ،‬فيما يأخذ الباقي الدهاقين ( أسياد المزارعين )‬ ‫وجامعوا الضرائب ( ‪ . ) 26‬والشخص الخر يدعى يزيد بن يسار ‪ ،‬وقد أرسل رسالة إلى جابر يبلغه فيها أنه عين‬ ‫مسؤول عن بعض المراكز في عمان ويطلب منه رأيه حول عدد من القضايا ( ‪ . ) 27‬ومن أهل عمان الخرين الذين‬ ‫كانت لهم صلت بجابر هنالك مالك بن أسيد ( أو أسيد ) وهو الذي وجه رسالة إلى جابر يعرض فيها عليه شراء ناقة‬ ‫من عمان ؛ ووافق جابر على ذلك ‪ ،‬كما جاء في رسالة منه إلى مالك بن أسيد ( ‪. ) 28‬‬ ‫وبالضافة إلى توجيه الفتاوى إلى أصدقائه ف يتلك المكنة النائية ‪ ،‬كان جابر يطلب منهم أن يبعثوا إليه بتقارير حول‬ ‫الوضاع في بلدانهم ‪ ،‬وأن يذكروا له كل شيء يحدث فيها ( ‪. ) 29‬‬ ‫وكان من شأن هذه التصالت الواسعة بأناس نافذين ‪ ،‬وبعائلت ذات مكانة ‪ ،‬وهذا التقدير العام لمعارف جابر ‪ ،‬أن‬ ‫يثير حذر الحجاج بن ويسف منه ‪ .‬فقد حاول أن يستميله إلى جانبه وعرض عليه منصب القضاء ‪ ،‬غير أن جابرا‬ ‫رفض هذا العرض ( ‪ . )30‬وتقول المصادر إن جابرا أظهر في حالت كثيرة معارضته للحجاج ؛ ويقال أن جابرا‬ ‫رفض تسليم قلم للحجاج قائل له أن النبي قال ‪ (( :‬لعن ال الظالمين وأعوانهم وأعوان أعوانهم ولو بمد قلم )) ( ‪31‬‬ ‫)‪.‬‬ ‫كذلك رفض أن يوافق الحجاج على مسألة المسح على الخفين في الوضوء وقال ‪ :‬أدركت جماعة من صحابة النبي‬ ‫( صلى ال عليه وسلم ) فسألتهم ‪ :‬هل يمسح رسول ال على خفيه ؟ فقالوا ‪ :‬ل ( ‪) 32‬‬ ‫وكان جابر نفسه حذرا ‪ ،‬متيقظا في اتصالته بأصدقائه وأنصاره ‪ ،‬هذا ما يمكن أن نلحظه بوضوح من مراسلته ‪،‬‬ ‫إذ طلب إتلف خمس من رسائله وأعطى السباب لذلك في ثلث منها – ( أ ) في رسالته إلى الحارث بن عمرو ‪ ،‬أحد‬ ‫قدماء (( التباع )) في الكوفة ( ‪ ، ) 33‬كتب جابر ‪ :‬أعلم ‪ ،‬أصلحك ال ‪ ،‬أنك في بلد ل أحب أن تذكر فيها اسمي‬ ‫ولذلك ل تنقل أي شيء مما كتبته لك ( ‪. ) 34‬‬ ‫ولعل ذلك وقع في عهد زياد لن الحارث توفي في أثناء خلفة يزيد بن معاوية ‪ ( .‬ب ) في رسالته إلى عبد الملك بن‬ ‫المهلب ‪ ،‬كتب جابر ‪ :‬اكتب لي ما تحتاجه وأرسله لي سرا مع من تثق به ؛ إنك تعرف وضعنا ‪ ،‬والذي نخشاه هو‬ ‫أولئك الذين يبحثون عن أسباب ليذائنا ‪ ،‬ولذلك ل تخاطر بما قد تسبب لنا به زوالنا ‪ .‬أصلح ال أمورك )) ( ‪. ) 35‬‬ ‫وفي رسالة أخرى وصف شؤون المراء ( الحكام ) بما يلي ‪ (( :‬أنتم تعلمون شؤون المراء ؛ أننا نخشاهم ؛ وهم‬ ‫يبحثون عن أعذار ضدنا )) ( ‪ . ) 36‬إن جميع هذه المقتطفات من المعلومات تبين أن جابرا كان دائما يخاف‬ ‫المراء ‪ ،‬الحكام ‪ ،‬وأنه كان حذرا في نشاطاته ‪.‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫وفي إحدى رسائله إلى عبد الملك بن المهلب ‪ ،‬عبر جابر ن شكره ل لنه حمى عبد الملك ووقاه ‪ ،‬وتوسل إلى الخالق‬ ‫كي ينقذه ويحميه (( إلى أن يظهر لكم ولنا في شؤونكم وشؤوننا ما يجعلنا سعداء ‪ ،‬ويسحق أعدائنا )) ( ‪. ) 37‬‬ ‫ويحتمل أن جابرا كان بهذه الكلمات الخيرة يشير إلى الحجاج ‪.‬‬ ‫ولما اصطدم الحجاج بآل المهلب ‪ ،‬اعتقلهم وسجنهم ‪ .‬ويحتمل أن الحجاج نفى جابرا وأحد مؤيديه ‪ ،‬هبيرة ؛ إلى‬ ‫عمان ( ‪ ) 38‬بحيث ل يستطيع أن يقدم أية مساعدة لل المهلب ‪ .‬وفي الفترة اعتقل الحجاج وسجن ثلثة من‬ ‫الشخصيات البارزة في الحركة الباضية ‪ ،‬وهم أبو عبيدة وضمام ‪ ،‬وأبو سلمة ( ‪ . ) 39‬ذلك هو أول عمل قمع جدي‬ ‫واجه قادة الحركة الباضية ‪ ،‬بمن فيهم جابر نفسه ‪ ،‬في عهد الحجاج ‪ .‬والظاهر أن السبب الرئيس الذي دفع الحجاج‬ ‫إلى تغيير سياسته نحو الباضية هو صراعه مع آل المهلب ‪ .‬وهنا يمكن القول أن الحجاج ‪ ،‬بسبب العلقات القوية‬ ‫بين جابر وهذه العائلة ‪ ،‬ظن أن جابرا قد يقوم بعمل ما ضده لمساعدة آل المهلب ‪ .‬وسوى ذلك ‪ ،‬ل تمكن الشارة إلى‬ ‫أي سبب آخر لتفسير هذا التغيير في سياسة الحجاج نحو جابر والحركة الباضية ‪ .‬إل أن آل المهلب تمكنوا من‬ ‫الهرب من السجن واللجوء إلى سليمان بن عبد الملك في دمشق ‪ ،‬ونالوا منه الحماية ( ‪ . ) 40‬وبناء على رواية‬ ‫الذين يقولون إن جابرا توفي سنة ‪ 93‬هـ ‪ ، 711 /‬فإنه من المحتمل أنه عاد إلى البصرة بسبب الموقف الودي نحو‬ ‫آل المهلب من قبل سليمان والوليد بن عبد الملك ‪.‬‬ ‫ذلك هو موجز عن سياسة جابر ونشاطاته العامة ؛ على أن الدور الهم الذي لعبه جابر كان إسهامه في الفقه‬ ‫السلمي ‪ ،‬وبتأسيس فقه المذهب الباضي ‪.‬‬ ‫من المفروض على كل مسلم أن يحفظ عددا من اليات القرآنية وبعض الحاديث النبوية لكي يقوم بالواجبات الدينية‬ ‫كالصلة وغيرها من الواجبات الدينية ‪ .‬وقد أدى تطور المة السلمية وتوسعها السريع ‪ ،‬إلى نشوء مراكز جديدة‬ ‫استقرت فيها جماعات من الصحابة ‪ .‬وكانت مدينة البصرة أحد هذه المراكز الرئيسة إذ نشأت في أثناء خلفة عمر‬ ‫بن الخطاب كقاعدة عسكرية ‪ ،‬ثم سرعان ما أصبحت إحدى العواصم الفكرية في السلم ‪ .‬وفي هذه المدينة نشأ جابر‬ ‫‪ ،‬وهنا التقى بعدد كبير من الصحابة الذين كانوا تواقين لتعليم الناس دين السلم ‪ .‬ونشأن طبقة جديدة في المجتمع‬ ‫السلمي مؤلفة من تابعي الصحابة ‪ ،‬وهم الجيل الثاني الذين ورثوا تعاليم السلم كما قدمها لهم (( الصحابة ))‬ ‫وأصبحوا دعاة للدين ‪ ،‬وعلموا الناس القرآن ‪ ،‬وأحاديث الرسول ‪ ،‬وقدموا لهم مثال حقيقيا للمسلمين من خلل‬ ‫حياتهم العملية ‪ ،‬وكان جابر بن زيد بين قدماء التابعين في البصرة ممن كرسوا حياتهم لهذه المهمة ‪ .‬وقد سبق أن‬ ‫ذكرنا أنه أصبح أحد أكثر أهل البصرة علما ؛ ونتيجة لذلك أصبح مفتي البصرة ‪ .‬وقد ذكر إياس بن معاوية أن جابرا‬ ‫كان (( مفتي البصرة )) ( ‪ . ) 41‬والمرجح أن ذلك كان لفترة محدودة لن هنالك مصادر أخرى تذكر أن هنالك علماء‬ ‫آخرين شاركوه عبء الفتوى في البصرة ‪ ،‬ومنهم الحسن البصري ‪ ،‬وعمرو بن سلمة الجرمي ‪ ،‬وأبو مريم الحنفي ‪،‬‬ ‫وكعب بن سور ( ‪ . ) 42‬وكان لعمرو بن دينار تلميذ جابر ‪ ،‬رأي رفيع جدا بجابر حتى أنه ذهب إلى حد القول ‪ (( :‬ما‬ ‫رأيت أحدا أعلم بالفتيا من جابر بن زيد )) ( ‪. ) 43‬‬ ‫ومن شأن دراسة موجزة للطريقة التي نهجها جابر في إصدار فتاويه أن تساعد على فهم طبيعة الفقه الباضي ‪ .‬فهو‬ ‫محدث ؛ وكانت معرفته الواسعة بالحديث وبفتاوى الصحابة هي ميزة طريقته في الستنباط ‪ .‬وعنده أن أي فتوى‬ ‫يجب أن تستند إلى القرآن والسنة وآراء الصحابة ؛ ثم يلي برأيه ‪ .‬والمصدر الثاني لفتاويه ‪ ،‬بعد القرآن هو السنة ‪،‬‬ ‫وهو القائل ‪ (( :‬ما كان من أمر خوالف فيه السنة نقض )) ( ‪ . ) 44‬بانتهاج هذه الطريقة كان جابر يتقيد بالحكم‬ ‫الذي وضعه الصحابة ‪ .‬ولقد حذره معلمه عبد ال بن عمر من أن يصدر فتوى إل بكتاب ناطق أو سنة ماضية ( ‪) 45‬‬ ‫‪ .‬ويقال أيضا إن جابرا قال ‪ (( :‬أدركت ناسا من الصحابة ‪ ،‬أكثر فتياهم أحاديث رسول ال ( صلى ال عليه وسلم ) (‬ ‫‪ . )) )46‬وبعد السنة يأتي (( الرأي )) ‪ .‬وبالنسبة لهذا المصدر الثالث للشرع ‪ ،‬اعتقد جابر بأن حكمه ينبغي أن يأتي‬ ‫بعد حكم الصحابة ‪ ،‬ل قبله ؛ فقال ‪ (( :‬ورأي من قبلنا أفضل من رأينا الذي نرى ‪ ،‬لم يزل الخر يعرف للول فضله ‪،‬‬ ‫وكانوا أحق بذلك من المهاجرين مع رسول ال ( صلى ال عليه وسلم ) والتابعين لهم بإحسان ‪ ،‬فقد شهدوا‬ ‫وعملوا ‪ ،‬فالحق علينا وطء أقدامهم وأتباع آثارهم )) ( ‪ . ) 47‬ثم يقول بعد ذلك ‪ (( :‬فلعمري ما أنا إل متعلم متبع‬ ‫آثار قد وطئت قبلي ‪ ،‬وما عندي من ذلك ثقة ول دللة إل رواية عسى أن نختلف فيها )) ( ‪. ) 48‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫وفي رسالته إلى عنيفة ‪ ،‬عبر جابر عن هذا المبدأ نفسه كما يلي ‪ (( :‬ليس من ذلك شيء إل ما يروي الناس عن‬ ‫الناس ‪ ،‬وأما رأي من عندنا فنحن في ذلك أنقض رأيا )) ( ‪ . ) 49‬وفيما يلي قصة تبين مدى تمسك جابر بهذا المبدأ‬ ‫‪ .‬وهي قصة امرأة طلقها زوجها المريض ‪ .‬فكان رأي ابن عباس ‪ ،‬أن عليها أن تنتظر زوال خطر مرض زوجها كي‬ ‫تحتفظ بحقها بالمهر وبالرث ؛ أما إذا تزوجت رجل آخر قبل ذلك ‪ ،‬فإنها تفقد حقها بالمهر وبالرث ‪ .‬وبعد رواية هذا‬ ‫الرأي لبن عباس ‪ ،‬قال جابر ‪ (( :‬ولول قول ابن عباس في ذلك لسرني – وإن تزوجت – إذا عرف الضرر ‪ ،‬أن‬ ‫تستوجب المر كله ما لم يذهب ميراثها )) ( ‪ . ) 50‬على أن جابرا كان يفضل رأي ابن عباس على رأيه تأكيدا على‬ ‫المبدأ المذكور أعله ‪ ،‬ولو أنه كان يرى أن رأيه في هذه الحالة هو الفضل ‪ .‬وهكذا يمكن القول أن مصادر الفقه‬ ‫الباضي هي القرآن والسنة والرأي ‪ .‬إل أن الرأي ل يلجأ إليه إل إذا لم يتوفر الحديث ‪ .‬وكخلصة لهذه الدراسة‬ ‫الموجزة يمكن القول أن المذهب الفقهي الذي أنشأه جابر بن زيد كان متأثرا إلى حد كبير بالحديث ( ‪ . ) 51‬ثم إن‬ ‫طريقة جابر هذه اتبعها بعد وفاته طلبه الباضيون الذين بنوا فقههم على الثار بالدرجة الولى ‪ .‬ويقال إن أبا عبيدة‬ ‫مسلم ‪ ،‬الذي خلف جابرا ‪ ،‬قبل له إن أهل عمان يفتون بالرأي في أحكامهم الشرعية ‪ ،‬فقال أبو عبيدة ‪ (( :‬لن تسلموا‬ ‫من الفروج والدماء )) ( ‪. ) 52‬‬

‫لقد ذكر كتاب سيرة جابر خمسة تواريخ مختلفة لوفاته ‪ .‬إن أولئك الذين يقولون إن جابرا توفي في نفس السبوع‬ ‫الذي توفي فيه الصحابي أنس بن مالك ‪ ،‬يذكرون تاريخين أولهما ‪ 91‬هـ ‪ 709 /‬كما يقول ابن حبان ( ‪، ) 53‬‬ ‫وثانيهما ‪ 93‬هـ ‪ 711 /‬وهذا التاريخ الخير يذكره الربيع بن حبيب ‪ ،‬والبخاري ‪ ،‬وأحمد بن حنبل ‪ ،‬والفلس ‪،‬‬ ‫والنجار ‪ ،‬وأبو نعيم ‪ ،‬وابن حبان ( ‪ . ) 54‬هؤلء جميعا محدثون ‪ ،‬وقد كانوا ملزمين بالدقة في إعطاء التاريخ‬ ‫المضبوط لوفاة المحدث ‪ ،‬لن ذلك ذو أهمية كبيرة بالنسبة لهم ‪ ،‬فيما يتعلق بصحة السناد ‪.‬‬

‫ويؤرخ ابن سلم ‪ ،‬وابن سعد ‪ ،‬والواقدي ‪ ،‬والمسعودي ‪ ،‬والصمعي ‪ ،‬وبن مداد وفاته في سنة ‪ 103‬هـ ‪( 721 /‬‬ ‫‪ ) 55‬؛ في حين أن الشماخي وحده يذكر تاريخ وفاته سنة ‪ 96‬هـ ‪ ) 56 ( 714 /‬؛ ونقل ابن حجر عن ابن عدي أن‬ ‫جابرا توفي سنة ‪ 104‬هـ ‪ . ) 57 ( 722 /‬ولمحاولة تقرير التاريخ المضبوط لوفاة جابر ‪ ،‬ينبغي أن نأخذ الحقائق‬ ‫التالية بعين العتبار ‪:‬‬

‫أ ) إن غالبية المصادر تقول إن جابرا أراد ليلة وفاته ‪ ،‬أن يرى الحسن البصري الذي كان آنذاك مختفيا يتجنب‬ ‫الحجاج ‪ .‬وبناء على ذلك لبد أن وفاة جابر حصلت قبل وفاة الحجاج ‪ 95‬هـ ‪. 713 /‬‬

‫ب ) إن غالبية المصادر ذكرت أن جابرا توفي قبل وفاة الصحابي أنس بن مالك الذي قال عند السماع بنبأ وفاة جابر‬ ‫‪ (( :‬اليوم قضى أعلم أهل الرض )) ( ‪. ) 58‬‬

‫ج ) في أثناء خلفة عمر بن عبد العزيز ( ‪ 99‬هـ ‪ ) 101 /‬كانت للباضية صلت ناشطة به ‪ ،‬وبعث إليه وفد إباضي‬ ‫‪ .‬ثم إن المصادر الباضية ل تذكر غير تعليق أبي عبيدة على نتائج ذلك الوفد ‪ .‬ول يروي شيء عن جابر بخصوص‬ ‫هذه الحادثة ‪ .‬ومن الصعب أن نعتقد أن جابرا لم يكن ليعلق لو أنه كان حيا ‪ ،‬مما يوحي بأنه توفي قبل سنة ‪/ 101‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫‪ ، 719‬ل سنة ‪ 103‬كما يقول المؤرخون ‪ ،‬أو ‪ 104‬كما يقول ابن عدي ‪ .‬ولئن كان يستحيل التوصل إلى التاريخ‬ ‫الدقيق في حالة كهذه ‪ ،‬فإن سنة ‪ 93‬التي يذكرها المحدثون وتؤيدها المراجع الباضية يمكن أن تعتبر في رأيي قريبة‬ ‫جدا من الحقيقة ‪.‬‬ ‫‪--------------------------------------------------‬‬‫(‬ ‫(‪ ) 1‬ابن سعد ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 181 / 7 ،‬‬

‫( ‪ ) 2‬أبو نعيم ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 89 / 3 ،‬‬

‫( ‪ ) 3‬سورة النعام ‪. 158 / 6 ،‬‬

‫( ‪ ) 4‬روايات إباضية ‪ ،‬مخطوطة محلقة بكتاب نكاح الشغار ‪ 20 ،‬؛ البغطوري ‪ ،‬السير ‪ ،‬مخطوطة ‪ ، 4‬الدرجيني ‪،‬‬ ‫طبقات ‪. 199 ،‬‬

‫( ‪ )5‬ابن سعد ن طبقات ‪. 181 / 7 ،‬‬

‫( ‪ ) 6‬القاسمي ‪ ،‬قواعد التحديث ‪. 195 – 192 ،‬‬ ‫( ‪ )7‬أبو نعيم ‪ ،‬حلية ‪98 / 3 ،‬‬ ‫( ‪ ) 8‬ابن حجر ‪ ،‬تهذيب التهذيب ‪. 39 / 2 ،‬‬ ‫( ‪ ) 9‬الشعري ‪ ،‬مقالت ‪ ،‬تحقيق ريتر ‪. 109 ،‬‬ ‫( ‪ ) 10‬ابن أبي الحديد ‪ ،‬شرح نهج البلغة ‪. 76 / 5 ،‬‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫( ‪ ) 11‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪ 67‬؛ انظر ما تقدم ص ‪. 54 ،‬‬

‫( ‪ ) 12‬جميل بن خميس ‪ ،‬قاموس الشريعة ‪ ،‬مخطوطة ‪ ،‬مجلد ‪ ، 88 ،‬الصفحة التي تتعلق بالموضوع ؛ القطب ‪،‬‬ ‫الرسالة الشافية ‪ 43 ،‬؛ الرقيشي ‪ ،‬المصباح ‪ ،‬مخطوطة ‪. 38‬‬

‫( ‪ ) 13‬البغطوري ‪ ،‬سير ‪ ،‬مخطوطة ‪. 3‬‬

‫( ‪ ) 14‬الطبري ‪ ،‬تاريخ ‪ 563 / 5‬وما يليه ‪.‬‬

‫( ‪ ) 15‬أبو صفرة ‪ ،‬عبد الملك بن صفرة ‪ ،‬روايات ضمام ‪ ،‬مخطوطة ‪. 8‬‬

‫( ‪ ) 16‬الوارجلني ‪ ،‬الدليل ‪ 99 ،‬ب ‪.‬‬

‫( ‪ ) 17‬نيكولسون ‪ ، Literary history of the Arabs A ، 211‬انظر ( ما تقدم ص ‪. ) 30‬‬

‫( ‪ ) 18‬انظر ما تقدم ص ‪ 44‬وما يليها ‪.‬‬

‫( ‪ ) 19‬الدرجيني ‪ ،‬الطبقات ‪ [ 224 – 223‬وفيه ‪ ،‬ط ‪ .‬طلي ‪ (( : 235 ،‬أو ما أنت منهم ؟ قال ‪ :‬اللهم ل ] ؛‬ ‫الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 96 ،‬‬

‫( ‪ ) 20‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 93‬‬

‫( ‪ ) 21‬الجيطالي ‪ ،‬قواعد ‪. 28 ،‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬

‫( ‪ ( ) 22‬انظر ما يلي ‪ ،‬ص ‪. ) 239 ،‬‬

‫( ‪ )23‬كما فعل بالنسبة لخردلة ‪ ،‬مثل ‪.‬‬

‫( ‪ ) 24‬عمرو بن جميع ‪ ،‬عقيدة التوحيد ‪ 54 ،‬؛ الجناوني ‪ ،‬عقيدة التوحيد ‪ ( ،‬طبعة حجرية ‪. 20 ، ) 1325 ،‬‬

‫( ‪ ) 25‬أقوال قتادة مخطوطة ‪. 189‬‬

‫( ‪ ) 26‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 74 ،‬‬

‫( ‪ ) 27‬أبو نعيم ‪ ،‬حلية ‪. 89 / 3 ،‬‬

‫( ‪ ) 28‬جابر بن زيد ‪ ،‬جوابات جابر ‪ ،‬تحقيقي ( المؤلف ) ‪ ،‬مخطوطة ‪. 31‬‬

‫( ‪ ) 29‬المصدر السابق ‪. 22 ،‬‬

‫( ‪ ) 30‬المصدر السابق ‪. 36‬‬

‫( ‪ ) 31‬المصدر السابق ‪. 24‬‬

‫(‪ ) 32‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 74 ،‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬

‫( ‪ ) 33‬الوارجلني ‪ ،‬الدليل ‪ 108 ،‬أ ‪.‬‬

‫( ‪ ) 34‬ابن خلفون ‪ ،‬أجوبة ‪ 39 ،‬؛ انظر أيضا الربيع بن حبيب ‪ ،‬مسند ‪. 16 – 15 / 4 ،‬‬

‫( ‪ ) 35‬ابن جبان ‪ ،‬مشاهير علماء المصار ‪. 105 ،‬‬

‫( ‪ ) 36‬جابر بن زيد ‪ ،‬جوابات ‪. 15 ،‬‬

‫( ‪ ) 37‬المصدر السابق ‪. 40 ،‬‬

‫( ‪ ) 38‬المصدر السابق ‪. 33 ،‬‬

‫( ‪ ) 39‬المصدر السابق ‪. 37 ،‬‬

‫(‪ ) 40‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 81‬‬

‫( ‪ ) 41‬المصدر السابق ‪ 96‬؛ الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪. 224 ،‬‬

‫( ‪ ) 42‬الطبري ‪ ،‬تاريخ ‪. 452 – 448 / 6 ،‬‬

‫( ‪ ) 43‬ابن سعد ‪ ،‬طبقات ‪ 131 / 7 ،‬؛ ابن سلم ‪ ،‬بدء السلم ‪. 42 ،‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬

‫(‪ ) 44‬ابن القيم ‪ ،‬أعلم الموقعين ‪. 9 ،‬‬

‫( ‪ ) 45‬الذهبي ‪ ،‬تذكرة ‪. 62 / 1 ،‬‬

‫(‪ ) 46‬جابر بن زيد ‪ ،‬جوابات ‪. 19 ،‬‬

‫( ‪ ) 47‬المصدر السابق ‪. 14 ،‬‬

‫( ‪ ) 48‬البخاري ‪ ،‬تاريخ ‪. 2 / 1 ،‬‬

‫( ‪ ) 49‬الربيع بن حبيب ‪ ،‬مسند ‪. 14 – 13 / 1 ،‬‬

‫( ‪ ) 50‬جابر بن زيد ‪ ،‬جوابات ‪. 42 ،‬‬

‫( ‪ ) 51‬المصدر السابق ‪. 38 ،‬‬

‫( ‪ ) 52‬المصدر السابق ‪. 18 ،‬‬

‫( ‪ ) 53‬المصدر السابق ‪. 42 ،‬‬

‫( ‪ ( ) 54‬انظر ما يلي ‪ 142 ،‬وما يليه ) ‪.‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬

‫( ‪ ) 55‬أبو المؤثر الصلت بن خميس ‪ ،‬سيرة ‪ ،‬مخطوطة ‪ [ 20 ،‬السير والجوابات ‪. ] 271 – 270‬‬

‫( ‪ ) 56‬ابن حبان ‪ ،‬مشاهير علماء المصار ‪. 37 ،‬‬

‫( ‪ ) 57‬المصدر السابق ‪ 89 ،‬؛ الربيع بن حبيب ‪ ،‬مسند ‪ 103 / 2 ،‬؛ البخاري ‪ ،‬تاريخ ‪ 204 / 1 / 2 ،‬؛ ابن حجر‬ ‫‪ ،‬تهذيب ‪ 39 – 38 / 11 ،‬؛ الذهبي ‪ ،‬تذكرة ‪. 63 / 1‬‬

‫( ‪ ) 58‬ابن سعد ‪ ،‬طبقات ‪ 133 / 7‬؛ ابن سلم بدء السلم ‪ [ 42 ،‬بتحقيق شفارتس وابن يعقوب ‪ ] 108 ،‬؛‬ ‫المسعودي ‪ ،‬مروج الذهب ( القاهرة ‪ 141 / 2 ، ) 1283 ،‬؛ الذهبي ‪ ،‬تذكرة ‪ 63 / 1 ،‬؛ ابن قتيبة ‪ ،‬كتاب المعارف‬ ‫‪. 200 ،‬‬

‫الفصل الثالث ‪:‬أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمةالمام الثاني للجماعة الباضيةفي البصرة‬ ‫هو أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي ‪ ،‬مولى بني تميم ( ‪ . ) 1‬ذكر الجاحظ أنه كان مولى عروة بن أدية ‪،‬‬ ‫شقيق أبي بلل مرداس ( ‪ . ) 2‬عاش في البصرة ودرس على جابر بن زيد ‪ ،‬وصحار العبدي وجعفر بن السماك (‬ ‫‪ . )3‬يقول بعض العلماء إن أبا عبيدة التقى بالصحابة الذين التقى بهم شيخه جابر ‪ ،‬وروى الحديث عن ‪ :‬جابر بن‬ ‫عبد ال ‪ ،‬وأنس بن مالك ‪ ،‬وأبي هريرة ‪ ،‬وابن عباس ‪ ،‬وأبي سعيد الخدري ‪ ،‬وعائشة ( ‪. ) 4‬‬ ‫ويحتمل أنه التقى ببعض هؤلء الصحابة ‪ ،‬أو جميعهم ‪ ،‬لكنه لم يصحبهم طويل كما فعل جابر بن زيد ‪ .‬أما شيوخه‬ ‫فهم جعفر بن السماك ‪ ،‬وصحار العبدي ‪ ،‬وجاب بن زيد ‪ ،‬إل أنه أخذ القسم الكبر من علمه على أيدي جعفر بن‬ ‫السماك وصحار ( ‪ ) 5‬ثم كرس حياته للتعلم والتعليم ‪ .‬ويقال إنه أنفق أربعين سنة من حياته يتعلم ‪ ،‬ثم أنفق أربعين‬ ‫سنة أخرى في التعليم ( ‪ . ) 6‬ول شك أن تطور الحركة الباضية ونمو تنظيمها ‪ ،‬وانتشار حركتها السريعة في اليمن‬ ‫‪ ،‬وعمان ‪ ،‬وخرسان ‪ ،‬وشمالي إفريقية ‪ ،‬ويعود إلى أبي عبيدة وقدراته الطبيعية كعالم وكرجل سياسة معا ( ‪. ) 7‬‬ ‫وقد لعب الدور الكبر باعتباره القائد الكثر نجاحا للحركة الباضية في أثناء الفترة الخيرة من العهد الموي وبداية‬ ‫العهد العباسي ‪ .‬وقد ذكر الشماخي أن أبا عبيدة توفي في خلفة أبي جعفر المنصور ( ‪/ 158 – 735 / 136‬‬ ‫‪ . ) 8 ( ) 774‬وسبق أن ذكرنا أنه عاش ثمانين سنة قضاها في التعلم والتعليم ‪ ،‬ولذلك يمكن القول إن أبا عبيدة‬ ‫عاش في الفترة التي تبدأ بنهاية النصف الول من القرن الول حتى نهاية النصف الول من القرن الثاني ‪ .‬ثم يشار‬ ‫أيضا إلى أنه أصبح زعيم الحركة الباضية بعد أن أطلق سراحه من السجن سنة ‪ ، 713 / 95‬بعد سنتين من وفاة‬ ‫جابر بن زيد ( ‪. ) 9‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫ولدراك الطابع المميز لبي عبيدة والناحية الخاصة التي ميزت شخصيته ‪ ،‬ل بد لنا من الشارة إلى تأثير شيوخه ‪.‬‬ ‫فهناك أول عروة بن أدية ؛ وهو رجل قوي وتقي ذو خبرة واسعة بالنزاع السياسي والديني الذي وقع في أثناء‬ ‫الحروب الهلية بين علي ومعاوية ‪ .‬وكان أول من رفض التحكيم وحارب عليا في معركة النهروان ‪ ،‬ثم قتله عبيد ال‬ ‫بن زياد في وقت لحق ‪ .‬ووصفه خادم عروة إلى عبيد ال كما يلي ‪ (( :‬ما أتيته بطعام بنهار قط ‪ ،‬ول فرشت له‬ ‫فراشا بليل قط )) ( ‪ ، ) 10‬وقد قصد بذلك أنه كان يصوم باستمرار في أثناء النهار ‪ ،‬وينفق الليالي في الصلوات ‪.‬‬ ‫ولبد أن أباب عبيدة ‪ ،‬وهو مولى عروة ‪ ،‬قد تأثر به إلى حد بعيد ‪ .‬وكان شيخه الخر صحار العبدي خطيبا مفوها ‪،‬‬ ‫ونسابة عظيما ‪ ،‬وهو مؤلف كتاب في المثال ( ‪ ، ) 11‬وكان فقيها كذلك ( ‪ . ) 12‬وكان شيخه جابر بن زيد ضليعا‬ ‫في الشرع ‪ ،‬ومحدثا بارزا ‪ .‬ولما كان أبو عبيدة قد درس على هؤلء العظام فإنه امتلك صفاتهم جميعا ؛ كان زاهدا ‪،‬‬ ‫وعابدا تقيا ( ‪ ، ) 13‬وخطيبا مفوها ( ‪ ، ) 14‬ومدرسا ممتازا ‪ ،‬وعالما كبيرا ‪ ،‬وسع ميادين الفقه والكلم والحديث ‪.‬‬ ‫وأخيرا ‪ ،‬فإنه كان ذا قدرة تنظيمية ممتازة ‪.‬‬ ‫وفي ميدان العقيدة الباضية ‪ ،‬نهج أبو عبيدة نهج جابر بن زيد نفسه ‪ ،‬إل أنه إسهامه بالراء الفقهية كان أكبر لكي‬ ‫يواجه المشاكل في هذا الميدان ‪ .‬ولعل ذلك عائد إلى تأثير مدرسة صحار العبدي أيضا ‪ .‬وسار أبو عبيدة في فتاويه‬ ‫على نفس نهج سلفه ‪ ،‬جابر بن زيد ‪ ،‬وهو الذي كان فخورا به جدا ‪ ،‬وقد قال ‪ (( :‬كل صاحب حديث ليس له إمام في‬ ‫الفقه ‪ ،‬فهو في ضلل ‪ .‬ولول أن ال أنعم عليما بجابر بن زيد ‪ ،‬لضللنا ( ‪ . ) 15‬وكان مثل شيخه يحترم الصحابة‬ ‫وآراءهم بنفس الدرجة ‪ .‬من أمثال عبد ال بن مسعود وعبد ال بن سلم ‪ ،‬وهم الراسخون في العلم وهو القائل عنهم‬ ‫‪ :‬وعلة آثارهم اقتفينا وبقولهم اقتدينا وعلى سيرتهم اعتمدنا وعلى مناهجهم سلكنا )) ( ‪. ) 16‬‬ ‫والطريقة التي نهجها أبو عبيدة هي أن يتمسك بقوة بتعاليم الصحابة والتابعين ‪ ،‬ل أن يتبع أي مسار قد يبعده عنهم ‪.‬‬ ‫وعنده أن أتباع السنة دليل على تقوى المسلم ‪ .‬وقد نقل عن ابن عباس أنه قال ‪ (( :‬من روى حديثا يدعو إلى‬ ‫الصلح ‪ ،‬ثم بذل جهده في إتباعه ‪ ،‬كما رواه فإنه له أجرين ‪ ،‬أجر الحفظ ‪ ،‬وأجر العمل ؛ وإذا لم يكن الحديث كمما‬ ‫رواه ‪ ،‬فهو ينال الجر نفسه ‪ ،‬لن ال ل يضيع أجر من عمل صالحا ؛ ولن يضيع ال أجر العمل الصالح والعبادة إل‬ ‫إذا كان العمل بدعة ( ‪ ) 17‬وبعد عرض هذا الرأي لبن عباس ‪ ،‬علق أبو عبيدة قائل ‪ (( :‬اعلموا أن المسلم ‪ ،‬إذا‬ ‫كان ال قد وهبه نفسا صالحة موجهة إلى عبادة ال ‪ ،‬حين يسمع ما يقربه من ال يبذل وسعه في إتباعه ‪ ،‬فهو‬ ‫سيؤجر كما ذكر من قبل ‪ .‬أما إذا كان هذا الشخص ذا نفس شريرة فهو يمل عبادة ال ويكره العبادة ‪ .‬همه كله عند‬ ‫ذاك في الجدل والشك ‪ .‬وإذا ما سمع حديثا يدعوه إلى العمل ‪ ،‬عارضه بالقياس وقال ‪ :‬هذا الحديث ليس صحيحا ‪،‬‬ ‫لن رأيه الذي يلئم رغبته ل صلة له بطاعة ال ( ‪. ) 18‬‬ ‫وعلى أي حال ‪ ،‬فقد كان أبو عبيدة محدثا ‪ ،‬وكان إلى حد كبير ‪ ،‬متأثرا بالحديث بصفته ضليعا في الشرع وفقيها ‪،‬‬ ‫وكان يعارض اللجوء إلى الرأي ‪ .‬ولما قيل له أن أهل عمان يلجأون إلى الرأي لصدار الفتاوى ‪ ،‬قال ‪ (( :‬ما نجوا‬ ‫من الفروج والدماء )) ( ‪ . ) 19‬ثم إنه قال لنصاره أن ل يقبلوا أي رأي إذا كان رواية ‪ ،‬أو (( آثارا )) من شيوخ‬ ‫المذهب الباضي ‪ .‬ويروي أن أم شهاب ‪ ،‬وهي امرأة إباضية ‪ ،‬زارها عبد ال بن عبد العزيز وصالح بن كثير ‪ ،‬وكانا‬ ‫طالبين لدى أبي عبيدة ‪ ،‬فسألتهما فتوى في قضية فأجابها صالح ‪ ،‬فقالت له ‪ :‬عمن أخذتها ؟ فقال ‪ (( :‬هو رأيي ؛‬ ‫فقالت له ‪ :‬اضرب برأيك عرض الحائط ‪ .‬ل حاجة لي فيه )) ( ‪ . ) 20‬وزاد في زمنه الهتمام بنظام الولية‬ ‫والبراءة ‪ ،‬من الناحيتين النظرية والعملية ‪ ،‬عما كان علي في وقت جابر بن زيد ‪ .‬والحالتان التاليتان تبينان الفارق‬ ‫في الموقف بين المامين‪:‬‬ ‫‪ -I‬قيل إن إباضيا يدعى الحسن بن عبد الرحمن طلب يد أن عفان وهي إباضية كوالدها ‪ ،‬فستأمرها أبوها ذلك فنهاه‬ ‫جابر أن يزوجها وهي كارهة ‪ ،‬وحين تقدم مسلم غير إباضي منها يطلب يدها رضيت به ‪ ،‬فأمره جابر أن يزوجها إياه‬ ‫( ‪. ) 21‬‬ ‫‪ – II‬وفي حالة مماثلة اتخذ أبو عبيدة موقفا مغايرا ‪ .‬يقال إنه هاجم رجل إباضيا زوج ابنته من مسلم غير إباضي‬ ‫وأبدى استياء شديدا ‪ .‬ويذكر تلميذه أبو المؤرخ ‪ (( :‬وكره أبو عبيدة نكاح المنافق المسلمة ‪ ،‬وهو ممن أحل ال‬ ‫نكاحه من المسلمات ‪ ،‬كما كره عمر نكاح من أحل ال نكاحه من المشركات ‪ ،‬وكره الخذ بالرخصة في ذلك مخافة‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫الفتنة لهن ‪ ،‬والردة عن بصيرتهن من غير أن يكون ذلك حراما )) ( ‪ . ) 22‬والظاهر أن أبا عبيدة أخذ هذا الموقف‬ ‫الحازم لعزل الباضيين عن الفئات الخرى من المسلمين بحيث ل يتأثرون بالراء المختلفة الناشئة آنذاك ‪ .‬ولعل‬ ‫هنالك سببا آخر هو أن أبا عبيدة أراد في تصميمه على إقامة المامة الباضية أن يضمن سلمة مخططاته وحركته‬ ‫بحيث ل يستطيع أي غريب أن يؤثر فيها ‪ .‬فقد كان نظام الولية والبراءة آنذاك ذا أهمية كبيرة من هذه الناحية (‬ ‫‪. ) 23‬‬ ‫وقد غطت نشاطات أبي عبيدة اتجاهين أساسيين ‪:‬‬ ‫أ – العناية بتنظيم الفرقة الباضية ‪.‬‬ ‫ب – تعليم العقيدة الباضية للطلبة الذين يتلقون العلم ‪.‬‬ ‫وفي مؤسسته السرية هذه التي لم يكن أكثر من سرداب عميق في مكان ما في البصرة ( ‪ ، ) 24‬علم الرجال الذين‬ ‫لعبوا الدور الهم في تطوير العقيدة الباضية وفي نجاحها السياسي ‪.‬‬ ‫وقد ظلت البصرة مركز الحركة الباضية حتى نهاية القرن الثاني لسباب مختلفة ‪.‬‬ ‫أ – فزعماء الحركة الدينيون كانوا يعيشون في البصرة ويقومون بنشاطاتهم التعليمية كلها هناك ‪.‬‬ ‫ب – وفي البصرة نالت الحركة الدعم الكامل من العدد الكبير من أقارب جابر من الزد ‪ ،‬ومن عائلة آل المهلب‬ ‫البارزة ‪.‬‬ ‫ج – وكانت البصرة إحدى عواصم السلم الفكرية تشكل ‪ ،‬إلى جانب الكوفة ‪ ،‬مركزا ثقافيا للدراسات السلمية‬ ‫والعربية ‪.‬‬ ‫د – وأخيرا ‪ ،‬تقع البصرة في قلب بلدان آسيا السلمية مما سهل التصالت بين مركز الحركة في البصرة والفروع‬ ‫الخرى في خراسان ‪ ،‬وعمان ‪ ،‬واليمن ‪ ،‬ومكة ‪.‬‬ ‫وفي البصرة كانت المنظمة الباضية بزعامة أبي عبيدة ومجلس الشيوخ ‪ ،‬تقوم بمسؤولية تصميم سياسة الحركة‬ ‫وإعداد المتعلمين للقيام بالدعوة لرسالهم إلى البلدان السلمية لنشر العقيدة الباضية ‪ .‬وأحد هؤلء الدعاة‬ ‫الباضيين المبعوثين من البصرة هو سلمة بن سعد وقد أرسل إلى شمالي إفريقية مع نهاية القرن الول وبداية القرن‬ ‫الثاني الهجري ( ‪ . ) 251‬ويروي عن المام عبد الوهاب عن والده عبد الرحمن بن رستم أنه قال ‪ (( :‬أول من جاء‬ ‫يطلب مذهب الباضية ونحن بقيروان إفريقية سلمة بن سعد قدم علينا من أرض البصرة ومعه عكرمة مولى ابن‬ ‫عباس ‪ ،‬متعاقبين على بعير فكان [ سلمة ] يدعو إلى مذهب الباضية وعكرمة يدعو إلى مذهب الصفرية ‪ ،‬فسمعت [‬ ‫سلمة ] يقول ‪ :‬وددت لو ظهر هذا المر ‪ ،‬يعني مذهب الباضية ‪ ،‬يوما واحدا من أول النهار إلى آخره فل آسف على‬ ‫(( الحياة بعده )) ( ‪. ) 25‬‬ ‫وكانت مهمة سلمة بن سعد في شمالي إفريقية تتوخى ثلث غايات ‪:‬‬ ‫‪ -1‬نشر عقيدة المذهب الباضية ‪.‬‬ ‫‪ -2‬اختيار أفراد بارزين من البلدان المقصودة و إرسالهم للتدريب في البصرة ‪.‬‬ ‫‪ -3‬القيام بدراسة دقيقة لتلك البلدان وتقديم تقرير عنها للمام الباضي في البصرة ‪.‬‬ ‫ونتيجة لرحلة سلمة بن سعد إلى شمالي إفريقية في ‪ 725 / 107 – 723 / 105‬تقريبا ‪ ،‬بعث حملة العلم إلى‬ ‫البصرة ودرسوا على أبي عبيدة مدة خمس سنوات ( ‪ . ) 26‬ثم إن العديد من الدعاة كانوا قد بعثوا إلى مختلف‬ ‫البلدان للغراض ذاتها التي استهدفها سلمة بن سعد ؛ فتوجه حملة العلم إلى اليمن ‪ ،‬وحضرموت ‪ ،‬وخرسان ‪،‬‬ ‫وعمان ( ‪. ) 27‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫وكانت نشاطات الحركة الباضية في البصرة تجري كلها سرا ؛ وهي حالة خاصة في العقيدة الباضية معروفة بحالة‬ ‫الكتمان ( ‪ . ) 28‬ولقد كان من شأن القمع الموي للمعارضة أن أرغم الباضيين على القيام بنشاطاتهم سرا للحفاظ‬ ‫على سلمتهم وسلمة الدعوة ؛ وقد تحقق لهم ذلك بإنشاء مجالس خاصة في أماكن سرية حيث كانوا يمارسون‬ ‫نشاطاتهم الدينية والثقافية ‪.‬‬ ‫والظاهر أن فكرة المجالس السرية نشأت منذ أيام زياد بن أبي سفيان إذ يروي أن عروة بن أدية قبض عليه في‬ ‫(( سرب )) ( نفق سري ) كان يتعبد فيه ( ‪ . ) 29‬ولقد كانت هذه الملجئ السرية تستخدم لجتماعات أعضاء‬ ‫الحركة حيث يذكرون ال ويناقشون أمور الدعوة ‪ .‬وقد ذكر أبو بلل مرداس مثل هذه المجالس أيضا ( ‪. ) 30‬‬ ‫والظاهر من المعلومات المتوفرة أنه كانت هنالك ثلثة أنواع من المجالس ‪:‬‬ ‫‪ -1‬مجالس الشيوخ ‪ ،‬أو قادة الحركة ‪ .‬وفي هذه المجالس كان الشيوخ يبحثون مخططات التنظيم ‪ .‬ثم إن اجتماعات‬ ‫هذه المجالس كانت تحدث أثناء الليل عادة ؛ ولم يسمح للعضاء الصغار في السن بحضور هذه الجتماعات ما لم‬ ‫يكونوا موثوقا بهم كل الثقة ‪ .‬قال أبو سفيان محبوب ابن الرحيل ‪ (( :‬بلغنا ذات ليلة أن في منزل حاجب مجلسا‬ ‫للذكر ‪ ،‬وكان المشايخ ل يحضرون معهم بالليل الفتيان ‪ ،‬قال المليح فقلت لرجل من أهل عمان ‪ :‬انطلق بنا إلى منزل‬ ‫حاجب فلعلهم يأذنون لنا ‪ ،‬قال فسرنا حتى جئنا المنزل ‪ ،‬فأذن لنا ‪ ،‬فوجدنا عنده المختار بن عوف ورجلين أو ثلثة‬ ‫من المشايخ ‪ ،‬قال ‪ ،‬فقال لي حاجب ‪ :‬يا مليح اذهب أنت وهذا العماني إلى بلج بن عقبة فأخبره بمكاننا وقول له يأتينا‬ ‫‪ ،‬قال فسرنا إليه فأعلمناه فجاء ‪ .‬قال المليح ‪ ،‬فصلينا العتمة ثم أخذنا في المذاكرة ‪ ،‬قال ‪ :‬ربما قام أحدهم قائما فيتكلم‬ ‫ما شاء ال ثم يجلس ‪ ،‬فيقوم الخر كذلك حتى أضاء الصبح ‪ ،‬قال المليح ‪ :‬فما رأيت أحدا بعد تلك الليلة ‪ ،‬ول رأيت‬ ‫قبلها متكلما قائما في مجلس ‪ .‬قال ‪ :‬وكان شعيب بن عمر من أفاضل الفتيان يومئذ ‪ ،‬وكانت أخته تحت حاجب ‪ ،‬قال‬ ‫فجاءه تلك الليلة فأخذ به حاجب فقال ‪ :‬ردوه ‪ ،‬قالوا له ‪ :‬يا أبا مودود سبحان ال جاء من السماح في هذه الساعة‬ ‫وترده ؟ فقال ‪ :‬ردوه ‪ ،‬فردوه ؛ قال ‪ :‬وكان بين منزله ومنزل حاجب نحو ثلثة أميال )) ( ‪. ) 31‬‬ ‫‪ -2‬والنوع الثاني من المجالس هو المجالس العامة يأتون إليها لسماع خطابات الشيوخ حول الموضوعات الدينية‬ ‫بوجه عام ‪ .‬وليس لهذه المجالس أي برنامج خاص ؛ إذ يتوقف ذلك على الشخاص المسئولين عهنا ‪ ،‬وعلى قدراتهم‬ ‫وميولهم ‪ (( .‬وإذا ما شوهد شخص وعلى وجهه أثر الخشوع ‪ ،‬فذلك يعني أنه قريب العهد بمجالس أبي سفيان‬ ‫قنبر ‪ ،‬إذ إن مجالسه كانت ذكرا ل ‪ ،‬وتلوة للقرآن وتخويفا للناس من النار وعقاب ال ( ‪ . ) 32‬وفي بعض الحيان‬ ‫يطلب منظم المجالس من المتكلمين أن يؤدوا على موضوع معين للفت انتباه أعضاء معينين إليه ( ‪ . ) 33‬وفي هذه‬ ‫الفترة عقدت مجالس كثيرة في البصرة ؛ ويذكر المؤرخون الباضيون مجالس أبي الحر علي بن الحصين التي كانت‬ ‫تعقد أيام الثنين والخميس ( ‪ ، ) 34‬ومجالس أبي سفيان قنبر ‪ ،‬ومجالس عبد الملك الطويل ( ‪ . ) 35‬وفي هذه‬ ‫المجالس كانت للنساء غرف خاصة ؛ كان يؤذن لهن بحضور هذا النوع من المجالس ( ‪ . ) 36‬ثم إن بعض النساء‬ ‫كن يقدمن منازلهن لعقد مثل هذه المجالس ( ‪. ) 37‬‬ ‫‪ -3‬والنوع الثالث من المجالس هو تلك التي كانت تعقد للطلبة العاديين الذين كانوا يريدون دراسة العقيدة الباضية ‪،‬‬ ‫أو التدرب على بث الدعوة ‪ .‬ويقال إن أبا عبيدة مسلم بن أبي كريمة ألف تعليم طلبه في سرب سري ؛ وكان يقف‬ ‫حارس على المدخل لتحذيرهم إذا شاهد غريبا يأتي ‪،‬بتحريك سلسلة حديدية كي يتوقف أبو عبيدة عن خطبته‬ ‫ويواصل عمله صنع القفاف ‪ ،‬وهي العملية التي كان يتستر بها ‪ ،‬ومنها نال لقب القفاف ‪ ،‬أي صانع السلل ( ‪. ) 38‬‬ ‫ويؤذن فقط لعضاء الحركة بالنضمام إلى هذه المجالس ‪ ،‬إل أنهم كانوا يطردون منها إذا ما أبدوا أي انحراف ( ‪39‬‬ ‫) ‪ .‬وخلل زمن جابر وأبي عبيدة كان الفراد شديدي الحذر في نشاطاتهم ؛ وفي بعض المناسبات كانوا يحضرون هذا‬ ‫الجتماعات مرتدين ملبس نسائية ‪ ،‬أو متخفين كتجار وعمال بحيث ل ينتبه إليهم أحد من الخصوم ( ‪ . ) 40‬وفي‬ ‫عهد زياد وابنه ‪ ،‬كانت المساكن التي تستخدم للمجالس تقتحم في مناسبات عديدة وكان الفراد يعتقلون ‪ .‬على أن‬ ‫نشاطات الباضيين كانت برغم هذه المصاعب كلها ‪ ،‬تجري في هذه المجالس بالدرجة الولى ‪. ) 41 ( .‬‬ ‫ويبدو أن فكرة المجالس نقلها الطلب الباضيون من البصرة إلى شمالي إفريقية ‪ .‬ويروي أن أبا خليل الدركلي ‪ ،‬أول‬ ‫من أخذ عن (( حملة العلم )) قال لطلبه ‪ (( :‬سيروا إلى الحلقة واقصدوها حيثما كانت يا كسالى فإن رجل قد سار‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫من الجبل إلى فزان وإلى غدامس وإلى الساحل رغبة في الحلقة )) ( ‪ ، ) 42‬ويقال إنه كان بذلك يقصد نفسه ‪ .‬على‬ ‫أن هذه المجالس نشأت خلل مرحلة الكتمان لضمان سلمة الباضيين ‪ ،‬ثم أصبحت بعد ذلك إحدى الضرورات‬ ‫الساسية للجماعة الباضية أثناء فترة الكتمان ‪.‬‬ ‫ويمكن القول إن الحركة الباضية بقيادة أبي عبيدة مسلم كانت حركة دينية وفكرية ‪ ،‬وإن نشاطاتها في البصرة كانت‬ ‫ثقافية بالدرجة الولى ‪ .‬وكان نهج أبي عبيدة أن يثقف العضاء وأن يعلمهم العقيدة الباضية ‪ ،‬وأن يكون له العدد‬ ‫الكبر الممكن من مختلف أقاليم البلدان السلمية ‪ ،‬لكي ينشيء إمامة عالمية شاملة كل العالم السلمي ( ‪. ) 43‬‬ ‫ولكي يقوم بنشاطاته في البصرة ‪ ،‬فقد انقطع أبو عبيدة كليا عن الحكام ( الولة ) ليبقى سليما ‪ ،‬وكانت سياسته في‬ ‫هذه الناحية مناقضة لسياسة سلفه جابر بن زيد ‪ .‬ولقد أوصى أتباعه بأن ل تكون لهم أية علقة مع الحكام ‪ .‬وقد‬ ‫روى عبد ال بن عبد العزيز ‪ ،‬أحد طلب أبي عبيدة ‪ ،‬أن أحد العمال ( الحكام ) قال لعضو إباضي ‪ (( :‬دعني أسجل‬ ‫اسمك في الديوان ‪ ،‬واقتسم معك مرتبك ‪ .‬شقيقي سيكفيك مشكلة البيعة ‪ ،‬وأنت تأخذ المال للحال )) هنا قال عبد ال ‪:‬‬ ‫ذهبت إلى أبي عبيدة أسأله عن رأيه بهذا العرض ‪ ،‬فقال ‪ :‬ل تذهب إليهم ‪ ،‬ول تكن قريبا منهم ‪ ،‬ل خير لك ف‬ ‫يذلك )) ( ‪ . ) 44‬وهنالك رواية أخرى مشابهة لها رواها الربيع بن حبيب ‪ ،‬وهو طالب آخر لبي عبيدة ‪ ،‬جاء بعده‬ ‫قائدا للجماعة الباضية في البصرة ‪ .‬قال ‪ (( :‬أراد فرد إباضي أن يرافق حاكما معينا منذ فترة وجيزة وأن يخرج معه‬ ‫‪ .‬سألنا الرجل ‪ :‬من طلب منك أن ترافق هذا الحاكم ؟ فرد رجل آخر يقول إن أبا عبيدة سمح له بذلك ‪ ،‬فقال الربيع ‪:‬‬ ‫قصدت أبا عبيدة وسألته هل سمح لذلك الشخص بأن يرافق الحاكم ؟ فقال ‪ (( :‬لم اقل له شيئا من ذلك ‪ .‬لقد جاء في‬ ‫المثل ‪ :‬الثعلب يقول لدي تسع وتسعون خدعة ؛ ولكنه ليس بينها ما هو أنفع لي من أن ل يراني الكلب ‪ ،‬وأن ل‬ ‫أراه )) والشيء ذاته هو بالنسبة للمسلم ‪ ،‬ل شيء أفضل له من أن ل يراهم ( الحكام ) وأن ل يدعهم يرونه ‪ .‬وحق‬ ‫ال أنني أخشى على المؤذن أن ل يكون مأمونا في الدعوة لهم للصلة فكيف بالخرين )) ( ‪ . ) 45‬مثل هذا الموقف‬ ‫الحاسم المتخذ من قبل أبي عبيدة نحو الحكام هو الميزة الرئيسة لسياسته ‪ ،‬ول استثناء لذلك غير عمر بن عبد‬ ‫العزيز الذي أرسل إليه وفد باسم الحركة الباضية ( ‪. ) 46‬‬ ‫وفي زمن جابر ‪ ،‬ذكر أن مجموعة من الزعماء البارزين في فريق المحكمة ‪ ،‬بمن فيهم عبد ال بن إباض ‪ ،‬اتصلت‬ ‫بعبد ال بن الزبير وعرضت عليه المساعدة بأمل أن يوافق على آرائها ( ‪ . ) 47‬إل أن أبا عبيدة نهج سياسة أخرى‬ ‫مناقضة ‪ .‬إذ كان يريد باستمرار حركة إباضية خالصة تتمكن من تحقيق أهدافها بدون أي ارتباك ‪ .‬ويقال إن عبد ال‬ ‫بن الحسن ‪ ،‬حين أراد الخروج على بني أمية بعث إلى أبي عبيدة ومشايخ آخرين في المجموعة الباضية في البصرة‬ ‫يطلب مناقشة مخططاته معهم ‪ ،‬ووافق المشايخ على إيفاد صالح بن كثير إليه ‪ ،‬غير أن أبا عبيدة رفض الموافقة‬ ‫على رأيهم ‪ ،‬وقال ‪ (( :‬أترون رجل يخاف على نفسه ويطلب الملك ل يعطيكم كل ما سألتموه ‪ ،‬وإذا طاوعكم على ما‬ ‫تدعونه إليه قال ‪ :‬أنا مقر بدعوتكم ولكن الناس إلي أسرع وأنا أحق ؛ فما عسى تقول له يا صالح وقد صدق ؟ فإن‬ ‫أراد الدين كما يزعم فليلحق بصاحبنا بحضرموت عبد ال بن يحيى فليقاتل بين يديه حتى الموت )) ( ‪ . ) 48‬وهكذا‬ ‫فقد غيروا آراءهم بسبب أبي عبيدة ‪ .‬ومثل هذا الموقف الحازم لبي عبيدة ضد أي اتصالت بمسلمين غير إباضيين‬ ‫كان شديد الوضوح ؛ كان يغطي نواحي أخرى في الحياة كالزواج ( ‪ ) 49‬بالضافة إلى النشاطات السياسية والدينية ‪.‬‬ ‫وقد تأكدت هذه السياسة مع مبدأ الولية والبراءة ومع نظام المجالس ‪ .‬وفي البصرة حافظت الحركة الباضية على‬ ‫سياسة الكتمان بقيادة أبي عبيدة ‪ .‬والظاهر أن جماعة الشيوخ في البصرة كانوا بمثابة اللجنة التنفيذية للحركة‬ ‫الباضية ‪ .‬وكان أبو عبيدة هو القائد أو المام وهو المسؤول عن الشؤون الدينية وعن السياسة العامة للجماعة كلها‬ ‫‪ ،‬وكان يستشار من قبل الباضيين في جميع البلدان السلمية بخصوص مشاكلهم ومخططاتهم ‪ .‬وفي اليمن ‪ ،‬لم يعلن‬ ‫عبد ال بن يحيى المامة حتى نال موافقة أبي عبيدة ( ‪ . ) 50‬كذلك كانت إمامة أبي الخطاب في شمالي إفريقية‬ ‫مقررة من قبل أبي عبيدة ( ‪. ) 51‬‬ ‫وكان هنالك عدد من الشيوخ البارزين الذين يلعبون دورا هاما إلى جانب أبي عبيدة في مهمته ‪ .‬وبين هؤلء نذكر ‪( :‬‬ ‫‪ ) 1‬أباب مودود حاجب الطائي ‪ ،‬ومن بني هلل ‪ ،‬وهو مولى عمان ولد في البصرة ( ‪ ) 52‬؛ وانضم إلى الحركة‬ ‫الباضية بعد موت جابر بن زيد ( ‪ ، ) 53‬وأصبح اليد اليمنى لبي عبيدة فكان مسؤول عن الشؤون المالية‬ ‫والعسكرية ( ‪ ) 54‬؛ وكان منزله أحد المراكز المهمة للحركة في البصرة ‪ ،‬وكانت تقام فيه الصلة في أثناء رمضان‬ ‫( ‪ ، ) 55‬وتعقد اجتماعات مهمة للشيوخ ( ‪ . ) 56‬وحين أعلن عبد ال بن يحيى الكندي ‪ ،‬وأبو حمزة المامة ‪ ،‬جمع‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫حاجب مبلغا كبيرا من المال لمساعدتهما ‪ ،‬واشترى السلحة لهما ( ‪ . ) 57‬وحين توفي ترك دينا بلغ خمسين ألف‬ ‫درهم ؛ وباع زميله الفضل بن جندب منزله في صحار لتسديد ذلك الدين ( ‪ . ) 58‬كذلك أرسل إلى مكة في أثناء الحج‬ ‫لعقد الصلح بين إباضيي حضرموت في عهد عبد ال بن سعيد ( ‪ . ) 59‬وكذلك اعتاد أن يشرف على نشاطات‬ ‫المنظمة في البصرة وأن يدعو إلى الجتماعات العامة ( ‪ . ) 60‬وتوفي حاجب قبل أبي عبيدة في أثناء خلفة أبي‬ ‫جعفر المنصور ( ‪. ) 61‬‬ ‫( ‪ ) 2‬وحيان العرج ‪ ،‬وهو محدث مشهور ‪ ،‬عاش في البصرة في نفس المنطقة التي عاش فيها معلمه جابر بن زيد‬ ‫( ‪ . ) 62‬وكان أكبر سنا من أبي عبيدة ( ‪ ، )63‬درس مع جابر بن زيد ‪ ،‬ونقل الحاديث عن جابر إلى الطلبة‬ ‫الباضيين ‪ ،‬حتى أولئك الذين كانوا يدرسون على يدي جابر ‪ ،‬كأبي نوح صالح الدهان ( ‪. ) 64‬‬ ‫( ‪ ) 3‬وأبا نوح صالح بن نوح الدهان ؛ وهو من البصرة ‪ ،‬كان ينزل في طيء ( ‪ ) 295‬ودرس على جابر بن زيد (‬ ‫‪ ) 65‬وشارك أبا عبيدة في تعليم العقيدة الباضية ‪ .‬ويروي أن الربيع بن حبيب قال ‪ :‬أخذت الفقه عن ثلثة رجال ‪:‬‬ ‫(( أبي عبيدة ‪ ،‬وضمام ‪ ،‬وأبي نوح )) ( ‪ . ) 66‬ومن العمال الباقية التي رويت عن أبي عبيدة وأبي نوح كتاب‬ ‫(( نكاح الشغار )) لعبد ال بن العزيز ‪ ،‬وهو تمليذهما ( ‪. ) 67‬‬ ‫( ‪ ) 4‬وضمام بن السائب ‪ ،‬وهو في الصل من الندب في عمان ( ‪ . ) 68‬ولد في البصرة ‪ ،‬ودرس على جابر بن زيد‬ ‫‪ ،‬وروى الحديث عنه بالدرجة الولى ( ‪ . ) 69‬ويروي ضمام أن أبا عبيدة نفسه أخذ الحديث عن جابر بن زيد‬ ‫والدور الهم الذي لعبه ضمام هو تعليم العقيدة الباضية والحاديث وغالبيتها دونها أبو صفرة عن أبي عمرو الربيع‬ ‫بن حبيب ‪ .‬وسجن ضمام مع أبي عبيدة وشيخ إباضي آخر ‪ ،‬يدعى أبو سالم ‪ ،‬في عهد الحجاج بن يوسف ‪ ،‬ثم أفرج‬ ‫عنه بعد وفاة الحجاج ( ‪ . ) 70‬وهنالك شيوخ آخرون كأبي الحر علي بن الحصين ‪ ،‬وأبي حمزة المختار بن عوف ‪،‬‬ ‫وبلج بن عقبة ‪ ،‬وسواهم ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 5‬وبين صغار طلبة أبي عبيدة ‪ ،‬ممن لعب دورا كبيرا في المنظمة الباضية في البصرة في أثناء حياة أبي عبيدة‬ ‫ثم في وقت لحق ‪ ،‬نذكر أبا عمرو الربيع بن حبيب بن عمرو الفراهيدي ‪ ،‬وكان ينزل الخريبة من البصرة ( ‪. ) 71‬‬ ‫وغادر البصرة في وقت لحق إلى عمان وسكن في غضفان في الباطنة ( ‪ ) 72‬وكان معاصرا لجابر بن زيد ‪ ،‬ودرس‬ ‫على يديه ‪ ،‬كما درس أيضا على ضمام بن السائب ‪ ،‬وأبي عبيدة ‪ ،‬وأبي نوح صالح بن نوح الدهان ( ‪ . ) 73‬وكان‬ ‫في زمن أبي عبيدة ‪ ،‬إلى جانب أعضاء آخرين ‪ ،‬مسؤول عن المجالس ( ‪ ) 74‬؛ ثم إن أبا عبيدة عينه مفتيا‬ ‫للباضيين في أثناء حياته ‪ ،‬ووصفه بأنه (( فقيهنا وإمامنا وتقينا )) ( ‪. ) 75‬‬ ‫وبمعونة هؤلء الرجال استطاع أبو عبيدة أن ينفذ سياسته بنجاح ‪ ،‬وتمكن من إنشاء دولتين إباضيتين كانتا خطرا‬ ‫حقيقيا على المويين ثم على العباسيين من بعدهم في شبه الجزيرة العربية وفي شمالي إفريقية ‪.‬‬ ‫واصح أب البصرة كانت المركز الرئيسي للنشاطات الباضية في العراق ‪ .‬على أن هنالك دليل على وجود جماعات‬ ‫إباضية أخرى ناشطة في الكوفة ‪ ،‬والموصل ‪ ،‬ومكة ‪ ،‬والمدينة وبعض أنحاء خرسان حيث برز عدد كبير من كبار‬ ‫العلماء وأسهموا في المذهب الباضي ‪ .‬وعرضت آراء هؤلء جنبنا إلى جنب مع آراء جابر بن زيد ‪ ،‬وأبي عبيدة‬ ‫مسلم ‪ ،‬كما هو واضح في العمال الباضية الولى مثل (( مدونة )) أبي غانم ‪ ،‬والديوان المعروض ‪ (( ،‬وروايات ))‬ ‫ضمام ‪ .‬باستثناء هذه الحقيقة ‪ ،‬فإن معلوماتنا قليلة جدا عن الجماعات وإسهامها في الحركة الباضية من حيث‬ ‫النشاطات السياسية والثقافية ( ‪ . ) 76‬وعلى أي حال ‪ ،‬لقد كان للقادة الباضيين الوائل سياسة واضحة قائمة على‬ ‫توجيه نشاطاتهم نحو الصقاع النائية في المبراطورية السلمية بحيث ل يكون القضاء عليهم سهل ‪ .‬كما تجنبوا‬ ‫بحذر محاولة أية ثورة علنية في العراق ‪ ،‬وركزوا على جنوبي شبه الجزيرة العربية ( ‪ ) 77‬وشمالي إفريقية ‪.‬‬ ‫وننوي في الصفحات التالية إلقاء الضوء على انتشار التعاليم الباضية في شمالي إفريقية ‪.‬‬ ‫=================================‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫(‬ ‫‪ )1‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 77‬‬ ‫( ‪ ) 2‬ابن حجر تهذيب ‪. 39 / 2 ،‬‬ ‫( ‪ )3‬روايات إباضية ‪ ،‬مخطوطة ‪ 20‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 70 ،‬‬ ‫( ‪ ) 4‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 83 ،‬‬ ‫( ‪ ) 5‬الجاحظ ‪ ،‬البيان والتبيين ‪ ،‬تحقيق السندوبي ‪. 227 / 3 ،‬‬ ‫( ‪ ) 6‬ابن مداد ‪ ،‬صفة ‪. 28 ،‬‬ ‫( ‪ ) 7‬السالمي ‪ ،‬حاشية الجامع الصحيح ‪. 6 / 1 ،‬‬ ‫( ‪ ) 8‬المصدر السابق ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 9‬البغطوري ‪ ،‬سير ‪. 3 ،‬‬ ‫( ‪ ) 10‬ليفتسكي ‪ ،‬مادة الباضية ‪ ،‬الموسوعة السلمية ‪ ،‬ط ‪. 2‬‬ ‫( ‪ ) 11‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 91 ،‬‬ ‫( ‪ ) 12‬انظر ما تقدم ‪. 68‬‬ ‫( ‪ ) 13‬المبرد الكامل ‪. 910 / 3 ،‬‬ ‫( ‪ ) 14‬ابن النديم ‪ ،‬الفهرست ‪ 132 ،‬؛ ابن سعد ‪ ،‬طبقات ‪ 61 / 7 ،‬؛ ابن قتيبة ‪ ،‬المعارف ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 15‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 81 ،‬‬ ‫( ‪ ) 16‬ابن مداد ‪ ،‬صفة ‪. 30 ،‬‬ ‫( ‪ ) 17‬من كلم لحد طلبته عبد ال بن عبد العزيز ‪ .‬مقتطفات من مجموعة البارونية ‪ ،‬جربة ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 18‬أبو عبيدة ‪ ،‬مسائل ‪ ،‬مخطوطة ‪ 37‬؛ الجيطالي ‪ ،‬شرح النونية ‪. 47 / 1 ،‬‬ ‫( ‪ ) 19‬المصدر السابق ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 20‬الجيطالي ‪ ،‬قناطر الخيرات ‪ ،‬طبعة من تحقيقي ( المؤلف ) ‪ ،‬المقدمة ‪. 18 – 17 ،‬‬ ‫( ‪ ) 21‬المصدر السابق ‪.‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫( ‪ ) 22‬أبو المؤثر ‪ ،‬سيرة ‪ ،‬مخطوطة ‪. 20‬‬ ‫( ‪ ) 23‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 121 – 120‬‬ ‫( ‪ ) 24‬المصدر السابق ‪. 113‬‬ ‫( ‪ ) 25‬أبو غانم الخراساني ‪ ،‬مدونة مخطوطة ‪. 8 ، 11‬‬ ‫( ‪ ) 26‬انظر ما يلي ص ‪. 239 ،‬‬ ‫( ‪ ) 27‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 12 ،‬؛ البغطوري ‪ ،‬سير ‪ 5 – 4‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 124‬‬ ‫( ‪ ) 28‬الدرجيني ‪ ،‬المصدر السابق ‪ 11‬؛ الشماخي المصدر السابق ‪. 98 ،‬‬ ‫( ‪ ) 29‬الدرجيني ‪ ،‬المصدر السابق ‪ 12 – 11 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ، 124 – 123 ،‬المصعبي ‪ ،‬حاشية‬ ‫على المصرح ‪ 50 ،‬أ ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 30‬المصدر السابق ‪ 50 ،‬ب ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 31‬السالمي ‪ ،‬حاشية الجامع الصحيح ‪ 4 / 1 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 119‬‬ ‫( ‪ ) 32‬انظر ما يلي ‪ 407‬وما يليها ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 33‬المبرد الكامل ‪ 909 / 3 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 214 ،‬؛ ابن أبي الحديد ‪ ،‬شرح نهج البلغة ‪– 101 / 5 ،‬‬ ‫‪. 102‬‬ ‫( ‪ ) 34‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 66 ،‬‬ ‫( ‪ ) 35‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 236 – 235 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬المصدر السابق ‪. 91 – 90 ،‬‬ ‫( ‪ ) 36‬المصدر السابق ‪. 93 ،‬‬ ‫( ‪ ) 37‬المصدر السابق ‪ ،‬الدرجيني ‪ ،‬المصدر السابق ‪. 256 ،‬‬ ‫( ‪ ) 38‬المصدر السابق ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 39‬الدرجيني ‪ ،‬المصدر السابق ‪ 236‬؛ الشماخي ‪ ،‬المصدر السابق ‪. 107 – 101 ،‬‬ ‫( ‪ ) 40‬المصدر السابق ‪ 109 ، 108‬؛ الدرجيني ‪ ،‬المصدر السابق ‪. 21،‬‬ ‫( ‪ ) 41‬الدرجيني ‪ ،‬المصدر السابق ‪ 21 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬المصدر السابق ‪. 124 ،‬‬ ‫( ‪ ) 41‬السابق ‪ ،‬ص ‪ 368 ،‬وما يليها ‪.‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫( ‪ ) 42‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪ 108 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪. 237 ،‬‬ ‫( ‪ ) 43‬المصدر السابق ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 44‬البغطوري ‪ ،‬سير ‪ 84 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 12 – 211‬‬ ‫( ‪ ) 44‬ليفتسكي ‪ ،‬مادة الباضية ‪ ،‬الموسوعة السلمية ط ‪. 2‬‬ ‫( ‪ ) 45‬روايات إباضية مخطوطة ‪. 14‬‬ ‫( ‪ ) 46‬المصدر السابق ‪. 15 – 14‬‬ ‫( ‪ ) 47‬البسياني ‪ ،‬سيرة ‪ ،‬مخطوطة ‪ 19‬؛ ابن مداد ‪ ،‬صفة ‪. 10 – 9 ،‬‬ ‫( ‪ ) 48‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 84 – 83‬‬ ‫( ‪ ) 49‬أبو غانم ‪ ،‬مدونة ‪. 8 ، 11 ،‬‬ ‫( ‪ ) 50‬الصفهاني ‪ ،‬الغاني ‪. 112 / 23 ،‬‬ ‫( ‪ ) 51‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 22 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 124 ،‬‬ ‫( ‪ ) 52‬ابن مداد ‪ ،‬صفة ‪. 30 ، 29 ، 6 ،‬‬ ‫( ‪ ) 53‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 92 ،‬‬ ‫( ‪ ) 54‬المصدر السابق ‪ 92 ،‬؛ ابن مداد ‪ ،‬المصدر السابق ‪. 6 ،‬‬ ‫( ‪ ) 55‬الشماخي ‪ ،‬المصدر السابق ‪. 118 ،‬‬ ‫( ‪ ) 56‬المصدر السابق ‪. 90 ، 84 ،‬‬ ‫( ‪ ) 57‬المصدر السابق ‪ 92 ،‬؛ ابن مداد ‪ ،‬المصدر السابق ‪. 6 ،‬‬ ‫( ‪ ) 58‬المصدر السابق ‪ 6 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬المصدر السابق ‪. 106 ،‬‬ ‫( ‪ ) 59‬المصدر السابق ‪. 92‬‬ ‫( ‪ ) 60‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 85 ،‬‬ ‫( ‪ ) 61‬المصدر السابق ‪. 91‬‬ ‫( ‪ ) 62‬ياقوت ‪ ،‬معجم البلدان ‪. 173 / 2 ،‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫( ‪ ) 63‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 89‬‬ ‫( ‪ ) 64‬المصدر السابق ‪. 90‬‬ ‫( ‪ ) 65‬ابن مداد ‪ ،‬صفة ‪. 13 – 12 ،‬‬ ‫( ‪ ) 66‬الشماخي ‪ ،‬المصدر السابق ‪ 88‬؛ الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪. 42 – 241 ،‬‬ ‫( ‪ ) 67‬الدرجيني ‪ ،‬المصدر السابق ‪ 261 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬المصدر السابق ‪. 104 ،‬‬ ‫( ‪ ) 68‬السابق ‪ ،‬ص ‪. 164 ،‬‬ ‫( ‪ ) 69‬ابن مداد المصدر السابق ‪. 29 ، 6 ،‬‬ ‫( ‪ ) 70‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 88 ،‬‬ ‫( ‪ ) 71‬المصدر السابق ‪ 87‬؛ ‪ 96‬؛ الدرجيني طبقات ‪. 35 – 234 ،‬‬ ‫( ‪ ) 72‬المصدر السابق ‪ 261‬؛ ابن مداد ‪ ،‬صفة نسب العلماء ‪. 37 – 36 ،‬‬ ‫( ‪ ) 73‬السالمي ‪ ،‬حاشية الجامع الصحيح ‪. 4 / 1 ،‬‬ ‫( ‪ ) 74‬ابن مداد ‪ ،‬صفة ‪ 28‬؛ الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 261 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 103‬‬ ‫( ‪ ) 75‬المصدر السابق ‪. 86‬‬ ‫( ‪ )76‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 261 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬المصدر السابق ‪. 103 ،‬‬ ‫( ‪ ) 77‬ليفتسكي ‪ ،‬مادة (( الباضية )) الموسوعة السلمية ‪ ،‬ط ‪. 2‬‬

‫انتشار الباضية في شمالي إفريقية‬ ‫لسنا نعرف بالضبط متى بدأ المذهب الباضي يكسب له أنصارا في شمالي إفريقية ‪ .‬وفي الوقت الذي ترسخ فيه‬ ‫المذهب الباضي في البصرة أثناء النصف الثاني من القرن الول الهجري ‪ ،‬كان السلم نفسه قد ترسخ في شمالي‬ ‫إفريقية برغم ما لقيه في البداية من معارضة من قبل البربر ‪.‬‬ ‫ويقول ليفتسكي ‪ ،‬أن أهل جبل نفوسه طلوا متمسكين بالمسيحية بعد الفتح السلمي إلى أن اعتنقوا المذهب الباضي‬ ‫مباشرة ( ‪ ) 1‬على أن هذا القول تناقضه مصادر أخرى زعمت أن أهل نفوسه اعتنقوا السلم بصورة جماعية من‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫غير أي صراع على الطلق ( ‪. ) 2‬‬ ‫وثمة حقيقة راسخة هي أن السلم انتشر حتى غدامس إلى الجنوب الغربي من جبل نفوسه ‪ ،‬على يدي عقبة بن‬ ‫عمرو ‪ ،‬قائد الجيش الذي وجهه عمرو بن العاص نحو الغرب وافتتح طرابلس سنة ‪ . 643 / 23‬ومن شأن ذلك أن‬ ‫يؤيد القول بأن بعض النفوسيين كانوا آنذاك قد اعتنقوا السلم ‪ ،‬ثم تبنوا العقيدة الباضية في وقت لحق ‪ .‬وهنالك‬ ‫معلومات موثوقة تفيد أن عائلت مسيحية كانت ل تزال موجودة في جبل نفوسه بعد أن ترسخ المذهب الباضي في‬ ‫الجبل ( ‪ . ) 3‬يضاف إلى ذلك أن هنالك إثباتا موثوقا على أن عائلت نفوسيه معينة بقيت مسلمة ‪ ،‬عير إباضية ‪،‬‬ ‫حتى فترة طويلة بعد أن ساد المذهب الباضي في المنطقة ‪ ،‬وبين هذه العائلت عائلة أبي منصور إلياس ‪ ،‬من‬ ‫تندميرة ‪ ،‬وهي إحدى العائلت المهمة في نفوسه ( ‪ . )4‬على أنه بالمعلومات المتوفرة ‪ ،‬وهي قليلة ومتناقضة ‪،‬‬ ‫يصعب الوصول إلى نتيجة حاسمة حول هذا الموضوع ‪.‬‬ ‫وثمة شخص يدعى سلمة بن سعد الحضرمي ( ‪ ) 5‬له صلة بالبصرة وبشمالي إفريقية ف ينشر تعاليم المذهب ‪ .‬ل‬ ‫يذكر تاريخ محدد لهذه المهمة ول لوصول سلمة إلى شمالي إفريقية ؛ على أن قول مراجع إباضية موثوقة بأن سلمة‬ ‫جاء القيروان برفقة عكرمة ‪ ،‬مولى ابن عباس ( ‪ ) 6‬يشير إلى أن هذه المهمة جرت قبل ‪/ 107 – 723 / 105‬‬ ‫‪ ، 725‬وهو التاريخ الذي يذكر لوفاة عكرمة ( ‪ . ) 7‬وقد شبه العلماء الباضيون دور سلمة بن سعد في المغرب‬ ‫بدور عبد ال بن إباض في المشرق ( ‪ . )8‬وربطوا انتشار المذهب الباضي بزيارته إلى شمالي إفريقية ‪ ،‬وهي التي‬ ‫أسفرت عن إيفاد الطلبة المعروفين في وقت لحق بـ (( حملة العلم )) إلى البصرة لدراسة التعاليم الباضية على يدي‬ ‫المام الثاني للمذهب الباضي ‪ ،‬أي أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة ‪.‬‬ ‫والحقيقة التي ينبغي أن ل تنسى هي أنه عند قدوم سلمة بن سعد إلى شمالي إفريقية كانت هنالك مجموعات إباضية‬ ‫كبيرة موجودة من قبل في بعض المناطق الوسطى في شمالي إفريقية ‪ ،‬أي في القسم الغربي من ليبيا ‪ .‬ولعل ذلك‬ ‫عائد إلى أن المبادئ الباضية كسبت لها أول أنصارا بين المفاتحين العرب الذين قدموا في مجموعات قبلية لحتلل‬ ‫شمالي إفريقية ‪ ،‬واستوطنوا بعد ذلك في البلد الجديدة ‪ .‬ثم وجدت لها دعما بين قبائل نفوسة ‪ ،‬وهوارة ‪ ،‬ولواته ‪،‬‬ ‫وزهانه ‪ ،‬وزناته ‪ ،‬المحلية التي رأت في المبادئ الباضية تمثيل حقيقيا لدين السلم ل يخضعها لي حكم‬ ‫استبدادي ‪ ،‬ويعطيها المبرر لنضالها من أجل الحكم الذاتي في إطار الدين الجديد على قدم المساواة مع العرب ‪.‬‬ ‫ويعتقد أيضا أن السكان المحليين وجدوا في التعاليم الباضية الحافز الديني لمقاومة الحكم الستبدادي للمويين‬ ‫والعباسيين ‪ .‬وواضح هنا أيضا أن الدور الهم في الصراع الباضي الول في شمالي إفريقية لعبه العرب الذين كانوا‬ ‫من أصول حضرمية ويمنية ‪.‬‬ ‫والظاهر أن مهمة سلمة بن سعد كانت تستهدف اختيار شخصيات محلية لرسالها إلى البصرة لتدريبها بحيث تستطيع‬ ‫تحمل عبء القيادة الباضية في شمالي إفريقية ‪ .‬ولمثل هذا التوجه أن يجعل السكان المحليين ينظرون إلى التعاليم‬ ‫الباضية باعتبارها شيئا خاصا بهم ‪ ،‬مما يؤمن دعم البربر الكامل للقضية الباضية ‪.‬‬ ‫ومن الطموحات الرئيسة لسلمة بن سعد رغبته في أن يرى إمامة الباضية سائدة في شمالي إفريقية ‪ .‬ويروي عن‬ ‫المام عبد الرحمن بن رستم أنه قال ‪ (( :‬سمعت سلمة بن سعد يقول في القيروان )) وددت لو ظهر هذا المر ‪ ،‬يعني‬ ‫مذهب الباضية ‪ ،‬يوما واحدا من أول النهار إلى آخره ثم ل آسف على الحياة بعده )) ( ‪ ) 9‬ولعل في هذه الكلمات‬ ‫إشارة محتملة إلى وجود مجموعة إباضية في شمالي إفريقية قبل مجيء سلمة بن سعد ‪ ،‬لكنها ل تزال في حالة‬ ‫الكتمان ‪ ،‬وإلى أنه لم تكن آنذاك قد جرت أية محاولة لترسيخ المامة الباضية علنا ‪.‬‬ ‫والمحاولة الولى من قبل الباضيين لنشاء إمامتهم في شمالي إفريقية بدأت حين عين إلياس بن حبيب واليا على‬ ‫طرابلس بعد سنة ‪ . 744 / 127‬ويروي أن إلياس صرع عبد ال بن مسعود التجيبي ‪ ،‬من أصل حضرمي ‪ ،‬وهو‬ ‫أحد زعماء الجماعة الباضية في طرابلس ( ‪ . ) 10‬ول نعرف سبب مصرع هذا الزعيم الباضي ‪ .‬ولكن علي معمر‬ ‫وإحسان عباس يوحيان بأن إلياس أراد بذلك تخويف الباضيين ( ‪ ، ) 11‬وهي حقيقة تشير إلى أن الباضيين كانوا‬ ‫آنذاك قوة ذات أثر كبير في طرابلس وما جاورها ‪ .‬على أنني أعتقد أن هذا العمل ربما كان نتيجة مباشرة للثورات‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫الناجحة التي قام بها إباضيو حضرموت واليمن في نحو ذلك الوقت في وجه بني أمية لنشاء إمامة مستقلة ‪ .‬وطبيعي‬ ‫أن يكون بنو أمية حريصين على منع أي تكرار لهذه الثورات في أية معاقل أخرى للباضية باتخاذ تدابير رادعة ‪.‬‬ ‫والظاهر أن إلياس بن حبيب أساء تقدير قوة الباضية ‪ ،‬وكان من شأن عمله هذا ‪ ،‬أن لم يكرههم على الرضوخ ‪ ،‬بل‬ ‫أثار غضبهم ووفر السبب المباشر لثورتهم ؛ فانتخبوا الحارث بن تليد الحضرمي إماما ؛ وبمساعدة قاضيه عبد‬ ‫الجبار بن قيس المرادي ‪ ،‬استطاع الحارث أن يستولي على طرابلس وأن يقتل شخصا يدعى قيس بن نصير بن راشد‬ ‫‪ ،‬مولى النصار ‪ ،‬ثأرا لعبد ال بن مسعود التجيبي ( ‪ . ) 12‬وحكم الحارث كامل المنطقة الواقعة بين قابس وسرت ‪،‬‬ ‫غير أن الحارث وعبد الجبار معا قتل على يدي شعيب بن عثمان أحد القادة الذين عينهم عبد الرحمن بن حبيب‬ ‫لخماد الثورة الباضية ( ‪ . ) 13‬عند ذاك اختار الباضيون أبا الزاخر إسماعيل بن زياد النفوسي قائدا لهم في‬ ‫صراعهم ‪ ،‬واستطاع أن يسيطر على مناطق طرابلس ( ‪ . ) 14‬وقد جاء في المصادر الباضية أن أبا الزاخر كان‬ ‫(( إمام دفاع )) ( ‪ ) 15‬وهي حقيقة تشير إلى أن هذه الفترة بقيادته كانت فترة كفاح عسكري متواصل ف يوجه‬ ‫أعدائه ‪ ،‬وإلى أنه لم يستطع أن ينشيء دولة مستقرة ‪.‬‬ ‫ولقد وقع هذا الصراع الول من أجل المامة في شمالي إفريقية ‪ ،‬في السنوات الواقعة بين ‪ 744 / 127‬و ‪/ 132‬‬ ‫‪ . 749‬وعادت بعد ذلك الجماعة الباضية إلى الكتمان طوال ثمانية أعوام ‪ .‬وفي سنة ‪ 757 / 140‬انتخب أبو‬ ‫الخطاب عبد العلى بن السمح المعافري ‪ ،‬أحد (( حملة العلم )) لمنصب المام في طرابلس ‪ ،‬فحكم المنطقة الواقعة‬ ‫بين سرت والقيروان وزويلة ؛ غير أن هذه المامة الباضية لم تتمكن من مقاومة جيش الخليفة العباسي الجديد ‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪ 761 / 144‬قتل أبو الخطاب ونحو ‪ 14000‬من أتباعه على أيدي القوات العباسية بقيادة محمد بن‬ ‫الشعث ‪ ،‬والي مصر من قبل أبي جعفر المنصور ( ‪. ) 16‬‬ ‫‪---------------------------------------------------‬‬

‫( ‪ ) 1‬المصدر السابق ‪ : 651‬الباضيون في جنوب الجزيرة العربية في العصر الوسيط ‪or Folia ، 1 ، .‬‬ ‫‪. ) 1959 ( ، 3 -17‬‬ ‫( ‪ ) 2‬ليفتسكي ‪ :‬دراسات إباضية ‪. 54 / 1‬‬ ‫( ‪ ) 3‬أبو إسحق مقدمة كتاب الوضع ‪. 6 ،‬‬ ‫( ‪ ) 4‬البغطوري ‪ ،‬سير مشايخ نفوسة ‪ ،‬مخطوطة ‪. 141 ، 96 ،‬‬ ‫( ‪ ) 5‬المصدر السابق ‪ 59 ،‬؛ ليفتسكي ‪ ،‬مصدر سابق ‪. 49 – 48 ،‬‬ ‫( ‪ ) 6‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 11 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 98 ،‬‬ ‫( ‪ ) 7‬الدرجيني ‪ ،‬مصدر سابق ‪ 11‬؛ المصعبي ‪ ،‬حاشية على المصرح ‪ 250‬أ ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 8‬ابن حجر العسقلني ‪ :‬تهذيب التهذيب ‪. 73 – 263 / 7‬‬ ‫( ‪ ) 9‬السوفي ‪ :‬سؤالت نقل عن القطب ‪ :‬شرح النيل ‪. 236 / 9 ،‬‬ ‫( ‪ ) 10‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 12 – 11‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 98‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫( ‪ ) 11‬ابن عبد الحكم ‪ ،‬كتاب فنوح إفريقية والندلس ‪ ،‬تحقيق البرت غاتو ‪ ،‬الجزائر ‪. 140 ، 1947 ،‬‬ ‫( ‪ ) 12‬علي معمر ‪ ،‬الباضية في ليبيا ‪ 450 / 1 ،‬؛ إحسان عباس ‪ ،‬تاريخ ليبيا ‪. 43 ،‬‬ ‫( ‪ ) 13‬ابن عبد الحكم المصدر السابق ‪. 140 ،‬‬ ‫( ‪ ) 14‬الرقيق القيرواني ‪ ،‬تاريخ إفريقية والمغرب ‪. 29 – 128‬‬ ‫( ‪ ) 15‬ابن عبد الحكم المصدر السابق ‪. 142‬‬ ‫( ‪ ) 16‬الوسياني ‪ ،‬سير ‪ 77 ،‬؛ ليفتسكي ‪ :‬دراسات إباضية ‪128 – 127 / 1 ،‬‬

‫حملة العلم‬ ‫نرى لزاما علينا هنا أن نقدم عرضا لدور (( حملة العلم )) في نشر العقيدة الباضية في شمالي إفريقية ‪ .‬والظاهر أن‬ ‫نشاطاتهم الثقافية بدأت خلل العقود الولى من القرن الثاني للهجرة ‪ .‬لقد سبق أن ذكرنا أن اتصالهم بعلماء الباضية‬ ‫في البصرة كان بعد زيارة سلمة بن سعد إلى شمالي إفريقية ‪ .‬وقد جرى اختيارهم من مناطق مختلفة بحيث أن أ‪:‬ثر‬ ‫المراكز أهمية في شمالي إفريقية الوسط كانت ممثلة لكي يكون بالتالي لكل منطقة زعيمها الديني من السكان‬ ‫الصليين ‪ .‬وهؤلء الطلبة هم ‪ :‬أبو دارا إسماعيل بن دار الغدامسي ‪ ،‬من غدامس ؛ وعبد الرحمن بن رستم ‪ ،‬وهو‬ ‫فارسي الصل ‪ ،‬من القيروان ؛ وعاصم السدراتي من سدراته ‪ .‬وأبو داود القبلي النفزاوي ‪ ،‬من نفزاوة ( جنوبي‬ ‫تونس ) ثم انضم إليهم أبو الخطاب عبد العلى ‪ ،‬اليمني الصل ‪ ،‬في البصرة ( ‪ )1‬حيث ميزه شيخهم أبو عبيدة مسلم‬ ‫بأنه المام الول للباضية المرتقبة في شمالي إفريقية ‪ .‬ومن شأن ذلك أن يبين أن القوة التي كانت ل تزال البرز‬ ‫بالنسبة لمسألة القيادة هي قوة المستوطنين العرب ؛ وقد أرسل أبو الخطاب إلى شمالي إفريقية لسد هذه الحاجة ‪.‬‬ ‫ولم يكن بين أفراد هذه البعثة أي نفوسي لن ممثل نفوسة في بعثة مماثلة ‪ ،‬ابن مغطير الجناوني كان قد ذهب إلى‬ ‫البصرة ثم عاد في وقت باكر ( ‪. ) 2‬‬ ‫وقام أبو عبيدة نفسه بتدريب هؤلء الطلبة فقضوا معه خمس سنوات ‪ ،‬وكان راضيا عن المستوى الذي بلغوه ‪.‬‬ ‫وبالضافة إلى كفاحهم السياسي الذي بدأ سنة ‪ 757 / 140‬بقيادة أبي الخطاب ‪ ،‬ثم استمر بقيادة زميله عبد الرحمن‬ ‫بن رستم الذي تمكن من الفرار إلى وسط الجزائر بعد وفاة أبي الخطاب حيث أنشأ المامة الرستمية سنة ‪/ 160‬‬ ‫‪ 776‬ودامت حتى ‪ ، 980 / 296‬وأدى (( حملة العلم )) دورا هاما في نقل التعاليم التي تلقوها في البصرة إلى‬ ‫رفاقهم الباضيين في شمالي إفريقية ‪ .‬ولسنا نعرف هل أتوا بهذه التعاليم خطية ‪ ،‬والواقع أن العمل الخطي الوحيد‬ ‫الذي ينسب إلى أحد (( حملة العلم )) هو (( تفسير )) عبد الرحمن بن رستم ( ‪ . ) 3‬ويروي أن العقيدة الباضية‬ ‫بالشكل المكتوب من قبل أبي عبيدة مسلم كانت موجودة في فزان في ليبيا في منتصف القرن الثاني للهجرة ‪ .‬وفي‬ ‫رسالة إلى العالم الفزاني عبد القهار بن خلف ‪ ،‬كتب جناو بن فتى المديوني ‪ ،‬من قبيلة مديونة من البربر يرغبه في‬ ‫القدوم عليه لدراسة كتب أبي عبيدة (( لعل ال أن يحيى بك أهل هذه الدعوة ‪ ،‬وأحب تعجيل ذلك لني على آخر أيامي‬ ‫واقترب أجلي )) ( ‪ . ) 4‬لسنا نعلم كيف انتقلت كتب أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة إلى يدي العالم الفزاني ؛ ولعله‬ ‫درس على أبي عبيدة في البصرة وعاد بها معه ‪.‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫والمسألة التي ينبغي أن نؤكد عليها هنا هي أن الشكل النهائي للعقيدة الباضية ترسخ في البصرة ‪ ،‬ونقل إلى شمالي‬ ‫إفريقية بواسطة الطلبة الدعاة وهم ‪ ،‬على ما يبدو ‪ ،‬أكثر من الخمسة الذين ذكرناهم فيما مضى ؛ وهم معروفون في‬ ‫المصادر الباضية باسم (( حملة العلم )) ‪ .‬والواضح أيضا أن التصالت بين مركز الحركة الباضية في البصرة‬ ‫وشمالي إفريقية ترسخت في مرحلة باكرة من تاريخ هذه الخيرة ‪.‬‬ ‫ول دليل على وجود علماء إباضيين بين البربر قبل عهد أبي عبيدة مسلم ‪ .‬وأول عالم إباضي من البربر ذكر في‬ ‫المصادر الباضية هو ابن مغطير الجناوني الذي درس على أبي عبيدة في البصرة قبل أن يحدد هذا الخير آراءه‬ ‫النهائية بشأن نظام الفقه الباضي ( ‪ . ) 5‬ولقد كان ابن مغطير مفتي جبل نفوسة قبل عودة (( حملة العلم )) الخمسة‬ ‫‪ .‬وتذكر المصادر الباضية كذلك عمرو بن يمكتن بأنه أول عالم إباضي من نفوسة بدأ بتدريس القرآن في مسجد‬ ‫قريته إفاطمان ‪ .‬وصار بعد ذلك أحد القادة المهمين في نفوسة ن واشترك في حروب أبي الخطاب بوجه الجيش‬ ‫العباسي ( ‪. ) 6‬‬ ‫وبناء على المعلومات المتوفرة يتضح أن إباضيي شمالي إفريقية كانوا على صلة راسخة بالبصرة لدراسة التعاليم‬ ‫الباضية منذ البداية ‪ .‬كذلك من الثابت أيضا أن مثل هذه التصالت كانت قائمة حوالي نهاية القرن الول للهجرة ‪.‬‬ ‫وكان إباضيو شمالي إفريقية يعتمدون إلى حد كبير على علماء البصرة ‪ ،‬ل سيما أبي عبيدة مسلم ‪ ،‬في أية مشكلة‬ ‫يواجهونها في المسائل الشرعية والفقهية ‪ .‬ومن بين العمال الباقية مما كتبه أبو عبيدة إلى أهل المغرب (( رسالة‬ ‫عن الزكاة )) كتبها إلى شخص يدعى إسماعيل بن سليمان المغربي ( ‪ . ) 7‬كذلك روى الجيطالي أن أبا عبيدة وجه‬ ‫(( جوابات )) على مسائل فقهية لهل المغرب ( ‪ ) 8‬لكن هذه الجوابات ل تزال مفقودة ‪ .‬والمفترض أن هذه‬ ‫التصالت كانت شديدة الفعالية في عهد أبي عبيدة قبل عودة الطلبة الخمسة (( حملة العلم )) إلى إفريقية وقد تحملوا‬ ‫عبء نشر التعاليم الباضية وتعميق جذورها بين أهل المغرب ‪ .‬والقسم الهم من هذه المهمة قام به أبو درار‬ ‫الغدامسي ‪ ،‬وأبو داود القبلي وعبد الرحمن بن رستم ‪ .‬وأما الخران ‪ ،‬أي أبو الخطاب عبد العلى وعاصم السدراتي‬ ‫فوجها نشاطاتهما نحو الكفاح السياسي والعسكري ‪ ،‬وتوفيا قبل أن يستطيعا الستقرار للسهام في النشاطات الثقافية‬ ‫‪.‬‬ ‫وتواصلت التصالت بين الجماعتين الباضيتين في المشرق وفي المغرب طوال الوقت ‪ .‬وحين انتخب عبد الرحمن‬ ‫بن رستم لمامة تاهرت ‪ ،‬أرسل إباضيو المشرق وفدا خاصا لفحص مسلكه ‪ ،‬حتى إذا ما اقتنع الوفد به ‪ ،‬منحوه‬ ‫الدعم الكامل أدبيا وماليا ‪ .‬بعد ذلك كلما حدث أي نزاع بين إباضيي شمالي إفريقية سعى هؤلء إلى احل لدى زملئهم‬ ‫في المشرق ‪ .‬وهنالك عدد من (( الرسائل )) كتبها علماء المشرق يعرضون فيها آراءهم حول القضايا الدينية‬ ‫والسياسية التي كانت تنشأ بين الباضيين في المغرب ( ‪. ) 9‬‬ ‫وكانت المؤلفات الباضية التي يكتبها علماء المشرق تقدم إلى الباضيين في المغرب ( ‪ . ) 10‬وطلب عبد الوهاب بن‬ ‫عبد الرحمن بن رستم في عهده كتبا من المشرق ‪ ،‬ونسخ زملؤه الباضيون في المشرق حمولة أربعين جمل من‬ ‫المواد على ورق قيمته ألف دينار دفعها المام عبد الوهاب وأرسلوها إليه ( ‪ . ) 11‬وفي عهد عبد الوهاب أيضا ذهب‬ ‫أبو غانم بشر غانم الخرساني إلى تاهرت لعرض أعماله على المام ‪ .‬وظلت التصالت الثقافية بين الجماعتين قائمة‬ ‫مترسخة ‪ ،‬وكان المؤتمر السنوي للباضيين يعقد في أثناء الحد فكانوا يلتقون في مكة لتبادل الخبار ومقارنة‬ ‫الملحظات ‪.‬‬ ‫وبوجه عام كان الدور الذي لعبه إباضيو شمالي إفريقية في تطوير الفكر الباضي ضئيل ‪ ،‬لكنهم حافظوا عليه من‬ ‫الناحيتين النظرية والعملية ‪ .‬وبعد رجوع (( حملة العلم )) ‪ ،‬برز عدد من العلماء الكبار بين إباضيي المغرب عرفوا‬ ‫بطلبة (( حملة العلم )) ‪ ،‬ومنهم ‪ :‬عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم ‪ ،‬وعبد الخليل الدركلي ‪ ،‬ومحمد بن يانس ‪،‬‬ ‫وآخرون ( ‪ . ) 12‬وبعد تأسيس مدينة تاهرت ‪ ،‬عاصمة المامة الباضية ‪ ،‬تحولت هذه المدينة إلى أحد أهم المراكز‬ ‫لبث التعاليم الباضية ‪ .‬وكان الئمة أنفسهم يؤدون دورا في التعليم وكتابة الكتب ؛ وكانت هنالك مراكز أخرى في‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫نفوسة وفي أماكن أخرى في المغرب ‪ .‬وبعد انهيار إمامة تاهرت انتقلت نشاطات الباضية الفكرية إلى وارجلن‬ ‫ووادي ريغ ‪ .‬كذلك أصبحت جزيرة جربة أحد المراكز الثقافية الرئيسة نتيجة نشاطات مجلس العزابة في المنطقة (‬ ‫‪ . ) 13‬ولعب جبل نفوسة ‪ ،‬برغم ضعف اتصالته بإمامة تاهرت بعد معركة مانوا بوجه الغالبة سنة ‪896 / 283‬‬ ‫دورا مستقل تقريبا في الحفاظ على التعاليم الباضية ؛ ونشأت مراكز ومدارس عديدة في مناطق مختلفة في الجبل‬ ‫لتعليم العقيدة الباضية ‪ .‬ونشأ عدد كبير من العلماء الباضيين الكبار بين الجماعات الثلث في جبل نفوسة ‪ ،‬وجزيرة‬ ‫جربة ‪ ،‬ووسط شمالي إفريقية أي جنوبي تونس والجزائر ‪ ،‬وأسهموا في الدراسات الباضية إسهاما كبيرا ‪ .‬ول تزال‬ ‫الغالبية من هذه العمال الهامة التي كتبها هؤلء العلماء عبر القرون موجودة وهي تستحق اهتماما أكاديميا خاصا‬ ‫بها‪.‬‬ ‫==================================================‬

‫( ‪ ) 1‬ابن عذاري ‪ ،‬البيان ‪ 72 / 1 ،‬؛ أبو زكريا ‪ ،‬سير ‪ 10‬ب ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 2‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 33‬؛ البغطوري ‪ ،‬سير ‪. 4 – 3‬‬ ‫( ‪ ) 3‬الوسياني ‪ ،‬سير ‪ 76‬؛ ليفتسكي ‪ ،‬مصدر سابق ‪. 17 ،‬‬ ‫( ‪ ) 4‬ما يلي ( ‪ ، 191 ، 141‬هامش ‪. ) 10‬‬ ‫( ‪ ) 5‬أجوبة علماء فزان مخطوطة ‪ 3‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 191 ،‬‬ ‫( ‪ ) 6‬السابق ( ‪ ) 196 ، 169‬هامش ‪. 93‬‬ ‫( ‪ ) 7‬ابن سلم ‪ ،‬بدء السلم وشرائع الدين ‪ [ 50 ،‬تحقيق شفارتس وابن يعقوب ‪. ] 126 ،‬‬ ‫( ‪ (( ) 8‬وصف مخطوطات إباضية جديدة )) لمؤلف الكتاب في ‪ . J.S.S 15 / 1 / 67 – 68‬لعل إسماعيل بن‬ ‫سليمان المغربي المذكور في مقالة أبي عبيدة هو نفسه إسماعيل بن زياد النفوسي ‪ ،‬إمام (( الدفاع )) الذي انتخب‬ ‫بعد وفاة الحارث ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 9‬الجيطالي ‪ :‬شرح النونية ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 10‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪ 187 ، 146 ،‬؛ ابن سلم المصدر السابق ‪ 63 – 60‬؛ الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪، 52 – 51 ،‬‬ ‫‪. 72 – 71‬‬ ‫( ‪ ) 11‬السالمي ‪. 25 ،‬‬ ‫( ‪ ) 12‬المصدر السابق ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 13‬عن سيرتي أبي خليل ومحمد بن يانس ‪ ،‬انظر ليفتسكي ‪ :‬مصدر سابق ‪ 30 – 27 ،‬؛ ‪. 101 ، 87‬‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬

‫الفصل الرابع الفقه الباضي‬ ‫في العام ‪ 1903‬كتب الستاذ دنكان مكدونالد ‪ (( :‬إننا نعلم القليل نسبيا عن الفقه الباضي ‪ .‬فالدراسة الشاملة للفقه‬ ‫الباضي ذات أهمية قصوى ‪ ،‬لنه يعود في تسلسل نشأته إلى ما قبل تشكيل أي من المدارس الفقهية الخرى )) (‬ ‫‪.)1‬‬ ‫على أن الدراسة الشاملة للفقه الباضي لم تجر منذ ذلك الوقت كما كان هذا العالم البحاثة يأمل ‪ .‬وبدل من ذلك فقد‬ ‫عومل الفقه الباضي من قبل الذين درسوا الفقه السلمي بالقليل من الهتمام وكان يشار إليه على الدوام بأقوال‬ ‫عامة قليلة القيمة ‪.‬‬ ‫ومع أن شاخت كان يعي حقيقة أن مذهب الفقه الباضي ينسب إلى التابعي جابر بن زيد ( ‪ ، ) 2‬فإنه ختم ملحظته‬ ‫بشأنه بالقول إن الباضيين استمدوا فقههم من المذاهب السلمية القائمة ( ‪. ) 3‬‬ ‫وخلفا لما يعلنه فإن المذهب الباضي أخذ منذ البداية خطا منفصل ‪ .‬لقد كانت له مرجعياته المستقلة الخاصة به ‪،‬‬ ‫ومجموعاته الحديثية ‪ ،‬وأعمال فقهائه ‪ .‬ويبدو أن شاخت أنساق إلى هذه النظرة للسباب التالية ‪ :‬النقص في‬ ‫المعلومات بشأن المصادر الساسية للفقه الباضي ؛ والنظرة العامة القائلة بأن الباضيين فئة من حركة الخوارج ‪.‬‬ ‫وبما أن الباضيين ‪ ،‬كالسنة ن كانت لهم آراء مناقضة لراء الخوارج حول نقاط معينة ‪ ،‬فقد اعتقد أن الباضيين‬ ‫استمدوا هذه الراء من المذاهب السنية ‪ .‬وهو أخيرا ‪ ،‬ينفي باتا حقيقة كون الخصائص المشتركة بين المذاهب‬ ‫الفقهية السلمية المختلفة هي أقدم من قيام هذه المذاهب ( ‪. ) 4‬‬ ‫وفي هذا الفصل نأخذ على أنفسنا أن ندرس نشؤ مذهب الفقه الباضي ‪ ،‬وتأسيسه ‪ ،‬وتطوره ‪ ،‬ونقاط الختلف بين‬ ‫الباضية والمذاهب السلمية الرئيسة الخرى ‪.‬‬ ‫يعد الفقه الباضي أحد أقدم المذاهب الباقية بين مذاهب الفقه السلمي ‪ ،‬إن لم نقل أقدمها ‪ .‬ويعود قيامه إلى التابعي‬ ‫جابر بن زيد الزدي وزميله المعاصر له ‪ ،‬وتلميذه ‪ ،‬أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة ‪ .‬فقول مكدونالد (( بأن الفقه‬ ‫الباضي لبد أنه جمع وصنف ‪ ،‬إلى هذا الحد أو ذاك ‪ ،‬على يدي عبد ال بن إباض )) ( ‪ ) 5‬غير صحيح ‪ .‬فقد دل‬ ‫البحث الدقيق بأن عبد ال بن إباض لم يقدم أي إسهام للفقه الباضي ‪ ،‬وإن دوره الرئيس انحصر في الكلم وفي‬ ‫العقيدة السياسية للباضية ‪.‬‬ ‫والرجل الذي كان مسؤول فعليا عن تأسيس مدرسة للفقه الباضي هو جابر بن زيد ‪ .‬وهو محدث ‪ ،‬وفقيه ؛ وبسبب‬ ‫معرفته الواسعة بالقرآن وبأحاديث الرسول ( صلى ال عليه وسلم ) ‪ ،‬فقد كان قادرا أن ينشيء مذهبا مستقل ‪ ،‬وأن‬ ‫يجذب إليه عددا من المتعلمين ‪ .‬وفي وقت لحق راح هؤلء يطورون آراء وينشرونها ‪.‬‬ ‫واتخذ الفقه الباضي شكله النهائي على يدي تلميذه أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة في سنواته الخيرة ‪ ،‬وعلى يدي‬ ‫الربيع بن حبيب ‪ ،‬تلميذ جابر بن زيد وأبي عبيدة معا ‪ .‬غير أن جابر بن زيد يظل الشخصية ذات الهمية الكبرى في‬ ‫تأسيس هذا المذهب ‪ .‬وبالضافة إلى مهارته مفتيا صرف معظم حياته لصدار الحكام الشرعية وضبط آرائه‬ ‫باستشارة صحابة الرسول الحياء ‪ ،‬والتابعين البارزين ‪ ،‬وكان كذلك صلة الوصل الساسية يبن أتباع مذهبه وأولئك‬ ‫الصحابة الذين لعبوا الدور الرئيس في صياغة الراء حول الشؤون الدينية والشرعية ونشرها ‪.‬‬ ‫والدور الطليعي الذي لعبه جابر في تأسيس المذهب الباضي معترف له به بوضوح من قبل المام الثاني للباضية ‪،‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة ‪ .‬كل صاحب حديث ليس له إمام في الفقه فهو ضال ‪ .‬ولول أن ال من علينا بجابر بن‬ ‫زيد لضللنا ( ‪ . ) 6‬وحقيقة كون جابر صاحب مذهب فقهي مستقل أمر اعترفت له به المرجعيات السنية أيضا ‪ .‬يقول‬ ‫أبو زكريا النووي ( ت ‪ ) 1277 / 676‬في كتابه (( تهذيب السماء )) بعد الحديث عن جابر بن زيد ‪ ،‬ومدرسيه ‪،‬‬ ‫وتلميذه (( اتفقوا على توثيقه وجللته وهو معدود في أئمة التابعين وفقهائهم وله مذهب يتفرد به )) ( ‪. ) 7‬‬ ‫لقد سبق أن ذكرت قصة حياة جابر ونشاطاته مفتيا ( ‪ . ) 8‬أما هنا فإننا بالدرجة الولى معنيون بإسهامه وبمقاربته‬ ‫فقهيا ‪ .‬وقد سجلت فتاويه أو أحكامه الشرعية من قبل كلبه الباضيين وهي تشكل جزءا هاما من أساس المذهب‬ ‫الباضي في الفقه ‪.‬‬ ‫وقد كانت مصادر الحكام الشرعية المعروفة لدى جابر والتي استخدمها هي القرآن والسنة ‪ ،‬وآراء الصحابة ( الثار‬ ‫) ‪ ،‬ثم رأيه الخاص ‪.‬‬ ‫بالنسبة للقرآن ‪ ،‬كان جابر يملك معرفة تامة بتفسيره من شيخه ابن عباس الذي يعتبر خير مرجع في تفسير القرآن ‪.‬‬ ‫والثقتان اللذان نقل عنهما القسم الكبر من المعلومات في التفسير ‪ ،‬أي مجاهد وقتادة ‪ ،‬كانا على صلة وثيقة بجابر ‪.‬‬ ‫والواقع أن قتادة كان أحد تلمذة جابر ( ‪. ) 9‬‬ ‫ومن الطريف أن نؤكد هنا أنه لم توجد أية أعمال إباضية خاصة بالتفسير خلل المائة والخمسين سنة الولى من‬ ‫الهجرة ‪ .‬ولقد ذكرت المصادر الباضية تفسير عبد الرحمن بن رستم ( ‪ ) 10‬أحد تلمذة أبي عبيدة مسلم بن أبي‬ ‫كريمة ‪ ،‬وأول إمام في إمامة تاهرت الباضية ‪ .‬والتفسير الثاني الكامل هو لهود بن محكم الهواري الذي وضع خلل‬ ‫القرن الثالث للهجرة ( ‪ . ) 11‬وأهم وأكبر تفسير وضعه مؤلف إباضي هو تفسير أبي يعقوب يوسف بن إبراهيم‬ ‫الوارجلني ( ت ‪ . ) 11 ( ) 1174 / 570 .‬على أن هذا العمل ل يزال مفقودا ؛ والعثور على هذا الكتاب يشكل قيمة‬ ‫كبيرة للدراسات السلمية والباضية ‪.‬‬ ‫وتفسير اليات القرآنية التي تتناول القضايا الفقهية والدينية موجود في تلك العمال التي تضم الفتاوى والروايات‬ ‫المنقولة عن جابر وأبي عبيدة ‪ .‬أما اليات التي تتناول المسائل الشعرية فمعالجة في عمل خاص للشيخ أبي المؤثر‬ ‫الصلت بن خميس وهو أعمى ‪ ( .‬ت ‪ 278 :‬هـ ) ‪ .‬وعنوان مؤلفه (( تفسير آيات الحكام )) أو (( تفسير الخمسمائة‬ ‫آية )) ( ‪. ) 13‬‬ ‫وأما بالنسبة لدراسات جابر بن زيد ‪ ،‬فقد اكتسب معرفته بالسلم ونظامه الديني والفقهي عبر عدد من الصحابة ‪ ،‬ل‬ ‫سيما ابن عباس ‪ ،‬وابن عمرو ‪ ،‬وعبد ال بن مسعود ‪ ،‬وعائشة ‪ .‬ثم إن المام الباضي أبا عبيدة مسلم بن أبي كريمة‬ ‫يزعم أنه تتلمذ في المذهب الباضي على الصحابة عبد ال بن عباس وعبد ال بن مسعود ‪ ،‬وعبد ال بن سلم‬ ‫ووصفهم بأنهم (( راسخون في العلم )) ‪ .‬ثم أضاف قائل ‪ (( :‬لقد اقتفينا خطاهم ‪ ،‬وتبعنا أقوالهم ‪ ،‬واعتمدنا على‬ ‫تصرفهم وقلدنا أساليبهم )) ( ‪. ) 14‬‬ ‫وقد سبق أن ذكرنا أن المصادر الساسية التي استخدمها جابر بن زيد لتكوين الحكام الشرعية هي القرآن ‪،‬‬ ‫والسنة ‪ ،‬والثار ‪ ،‬والرأي ‪.‬‬ ‫والسنة ‪ ،‬وهي أقوال الرسول ( صلى ال عليه وسلم ) وأعماله ‪ ،‬وموافقته على أعمال وأقوال معينة من قبل صحابته‬ ‫‪ ،‬ومعروفة لدى الثقات الباضية الولين بأوسع معانيها ‪ .‬وفي ذلك قال شاخت ‪ (( :‬أول دليل موثوق بالطبع ‪ ،‬على‬ ‫استعمال عبارة (( سنة الرسول )) بالشارة إلى استعمالها السياسي الصلي الذي مثل رابطة عقائدية بين (( سنة‬ ‫الرسول )) وسنة أبي بكر ‪ ،‬وعمر ‪ ،‬والقرآن ‪ ،‬وردت في رسالة وجهها عبد ال بن إباض إلى عبد الملك بن مروان‬ ‫نحو ‪ . ) 15 ( 695 / 76‬على أن المراجع الباضية استعملت هذه العبارة بمعناها التقني منذ الفترة الباكرة لتأسيس‬ ‫مذهبهم ‪ .‬وقد استعمل جابر بن زيد هذه العبارة في رسالتين من رسائله ‪ .‬وفي رسالة إلى عثمان بن ياسر ‪ ،‬كتب‬ ‫جابر ‪ ( :‬فأما الذي كتبت تسألني عنه من المملوك هل يصلي ولم يختتن ‪ ،‬فإن الختان من المسلمين سنة واجبة ل‬ ‫ينبغي تركها ‪ ،‬ويكره أن تتركوا لكم مملوكا غير مختون ‪ ،‬ول يصلي حتى يختتن )) ( ‪ . ) 16‬وفي رسالة أخرى‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫للحارث بن عمرو ‪ ،‬كتب جابر مرة أخرى ‪ (( :‬وأما ما ذكرت من رجل يصلي المغرب والعشاء والصبح لم يقرأ فيهن‬ ‫بشيء من القرآن ‪ ،‬فإنه أحب إلي أن يعيد صلته فيقرأ منها ‪ ،‬فإنه قد ترك سنة فيها ‪ ،‬إل أن يكون رجل أميا ل يقرآ‬ ‫واغتم ‪ ،‬فإن ال ل يكلف نفسا إل وسعها )) ( ‪. ) 17‬‬ ‫كذلك ذكر جابر كلمة (( السنة )) في رسالته إلى طريف بن خليد بالقول التالي ‪ (( :‬وأما الذي ذكرت من أن إماما يؤم‬ ‫الناس في الصلة الواجبة ‪ ،‬ولكنه ترك فيها الركوع وتبعه في ذلك المأمومون ‪ ،‬فالفضل لهم إعادة صلتهم تلك لنهم‬ ‫بذلك قد خالفوا السنة )) ( ‪ . ) 18‬ثم إن هذين الخبرين الخيرين مذكوران في كتاب جابر بن زيد كما رواه حبيب بن‬ ‫أبي حبيب عن عمرو بن هرم عن جابر بن زيد ( ‪. ) 19‬‬ ‫وعند مناقشة الخوارج المتطرفين ‪ ،‬قال سالم بن ذكوان ‪ ،‬وهو معاصر لجابر بن زيد ‪ (( :‬لسنا ممن يزعم أنه أفاد‬ ‫اليوم علما في القرآن والسنة حتى غلبهم )) ( ‪ . ) 20‬إن دور السنة كمصدر ثان للفقه الباضي ذكره بصراحة أبو‬ ‫عبيدة مسلم بن أبي كريمة ‪ ،‬خليفة جابر بن زيد ‪ ،‬في عدد من القوال ‪:‬‬ ‫( ‪ ) 1‬إن إمام المسلم هو القرآن ‪ ،‬ودليله هو سنة رسول ال ‪ ،‬يحب فقط ما يحبه ال ورسوله ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 2‬بالنسبة لحكم المام ‪ :‬هل يمكن لعلماء المة أن يغيروه أم ل ‪ ،‬قال أبو عبيدة مسلم ‪ :‬إذا كان حكمه معارضا لما‬ ‫في الكتاب والسنة ‪ ،‬وكان الحكم على هذه القضية معروفا في القرآن وفي السنة ‪ ،‬فإن عليهم أن يغروا ما هو مناقض‬ ‫للكتاب وللسنة ( ‪. ) 21‬‬ ‫( ‪ ) 3‬الخير فيما اختار ال ورسوله ‪ ،‬والضرر في معارضتهما ؛ ل يمكن لحد أن يكون مصيبا إل إذا كان موافقا لهما‬ ‫( ‪. ) 22‬‬ ‫وتمسك تلمذة أبي عبيدة بهذا النهج نفسه ‪ ،‬وقد ذهب بعضهم إلى حد رفض أحكام المراجع الباضية الولى كجابر‬ ‫بن زيد ‪ ،‬وأبي عبيدة ‪ ،‬حين نقلت أحاديث موثوقة بالنسبة لقضية معينة ‪ ،‬حتى من قبل مراجع غير إباضية ( ‪. ) 23‬‬ ‫وبالنسبة لمسألة (( الحيازة )) قيل إن جابر بن زيد ‪ ،‬أضاف ‪ ،‬على سبيل الحتياط ‪ ،‬عشر سنوات أخرى على‬ ‫السنوات العشر التي حددها الرسول كمدة قصوى للستيلء على حق حيازة الرض أو الممتلكات ‪ ،‬إذا لم يتقدم المالك‬ ‫الصلي بدعاء ملكيته خلل تلك السنوات العشرين ‪ .‬غير أن عبد ال بن عبد العزيز ‪ ،‬تلميذ أبي عبيدة ‪ ،‬رفض رأي‬ ‫جابر على أساس حديث الرسول كما روته المراجع المدنية والكوفية معا وهو أنه حدد مدة الحيازة بعشر سنوات فقط‬ ‫( ‪ . ) 24‬وختم قوله بما يلي ‪ (( :‬إن ما قاله الرسول هو وحده الحقيقة ‪ .‬والسنة أول ‪ ،‬شرط أن تكون سنة موثوقة‬ ‫عن الرسول ‪ .‬أما القياس ‪ ،‬ولو كان قديما ‪ ،‬فل يمكن له أن يحل محل السنة )) ( ‪. ) 25‬‬ ‫============================‬ ‫( ‪ ) 1‬عن إباضية جربة انظر علي معمر (( الباضية في تونس )) ‪ ،‬بيروت ‪. 1966 ،‬‬ ‫( ‪ ) 2‬مكدونالد ‪ (( :‬تطور الفقه ‪ ،‬والشرع والنظرية الدستورية في السلم )) ‪ ،‬بيروت ‪. 116 ، 1965 ،‬‬ ‫( ‪ ) 3‬شاخت ‪ ،‬ج ‪ .‬نشأة الفقه السلمي ‪. 261 ،‬‬ ‫( ‪ ) 4‬المصدر نفسه ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 5‬المصدر السابق ‪. 260 ،‬‬ ‫( ‪ ) 6‬مكدونالد ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 116 ،‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫( ‪ ) 7‬أبو عبيدة مسلم ‪ ،‬مسائل ‪ 37 ،‬؛ الجيطالي ‪ ،‬شرح النونية ‪. 47 / 1‬‬ ‫( ‪ ) 8‬النووي ‪ ،‬تهذيب السماء ؛ تحقيق ر ‪ .‬دوزي ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬لت ) ‪. 140 ،‬‬ ‫( ‪ ) 9‬أنظر ما تقدم ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 10‬أبو نعيم ‪ ،‬حلية ‪. 90 / 3 ،‬‬ ‫( ‪ ) 11‬الوسياني ‪ ،‬سير ‪ ،‬مخطوطة ‪ 44‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪ 139 ،‬؛ انظر ابن الصغير ‪ [ 17 ،‬ط دار الغرب‬ ‫السلمي ‪ ، ] 45 ،‬حيث ينفي أن يكون عبد الرحمن قد كتب أي كتب ‪ .‬انظر كذلك ‪ :‬موتيلنسكي ‪“ ،‬‬ ‫‪. Bibliographie du Mzab” Bulletin de Corresp Afric” ، 1885 ، 23 – 24‬‬ ‫( ‪ ) 12‬يعد شريفي بالحاج من القرارة مزاب ‪ ،‬نسخة علمية محققة للتفسير ‪ .‬انظر الذهبي ‪ ،‬محمد حسين ‪ ،‬التفسير‬ ‫والمفسرون ‪ ،‬القاهرة ‪ [ ، 11 ، 1961 ،‬وقد صدر عن دار الغرب السلمي سنة ‪. ] 1995‬‬ ‫( ‪ ) 13‬البرادي ‪ ،‬الجواهر ‪ ، 221 – 220 ،‬نسب إيلي أديب سالم في كتابه (( النظرية والمؤسسة السياسية لدى‬ ‫الخوارج )) ‪ ، 68 ،‬هذا التفسير للربيع بن حبيب ‪ ،‬لكن ذلك خطأ ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 14‬البرادي ‪ ،‬الجواهر ‪ 219 ،‬؛ أخبرني الشيخ بيوض إبراهيم بن عمر من القرارة مزاب ‪ ،‬أن مخطوطات هذا‬ ‫التفسير للصلت بن خميس موجودة في مزاب ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 15‬أبو عبيدة ‪ ،‬مسائل ‪ 37 ،‬؛ الجيطالي ‪ ،‬شرح النونية ‪. 47 / 1 ،‬‬ ‫( ‪ ) 16‬شاخت (( مدخل إلى الشرع السلمي )) ( أوكسفورد ‪. 18 ، ) 1964 ،‬‬ ‫( ‪ ) 17‬جابر بن زيد ‪ ،‬جوابات جابر ‪ ،‬تحقيق المؤلف مخطوطة ‪ ،‬رقم ‪. 4 ، 2‬‬ ‫( ‪ ) 18‬المصدر السابق ‪ ،‬رقم ‪. 14 ، 5‬‬ ‫( ‪ ) 19‬المصدر نفسه ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 20‬جابر بن زيد ‪ ،‬كتاب الصلة ‪ ، 5 ،‬انظر البخاري ‪ ،‬تاريخ ‪. 204 / 1 / 2‬‬ ‫( ‪ ) 21‬سالم بن ذكوان ‪ ،‬سيرة ‪. 221 ،‬‬ ‫( ‪ ) 22‬أبو عبيدة مسلم ‪ ،‬مسائل ‪. 15 ،‬‬ ‫( ‪ ) 23‬الديوان المعروض ‪ ،‬كتاب الممتنعين من الحدود ‪ ،‬مخطوطة ‪. 4‬‬ ‫( ‪ ) 24‬أبو عبيدة ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ ، 10 ،‬انظر أيضا رسالة في الزكاة ‪ ،‬مخطوطة ‪. 11‬‬ ‫( ‪ ) 25‬أبو غانم ‪ ،‬المدونة ‪ ،‬مخطوطة ‪400‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬

‫السهام الباضي في حقل الحديث‬ ‫لقد تمثل توق المراجع الباضية الولى إلى إتباع سنة الرسول بإسهامهم في ميدان الحديث واعتبر الباضية أنفسهم‬ ‫التابعين الحقيقين للسنة ؛ واستعمال عبارة (( السنة )) للتعبير عن المذاهب السلمية الفقهية السنية الربعة‬ ‫مرفوض بصورة عامة من قبل الباضيين على أساس أنهم هم أيضا ‪ ،‬إن لم يكونوا وحدهم ‪ ،‬التابعون الحقيقيون‬ ‫للسنة ( ‪ . ) 1‬وأسهموا في ميدان الحديث بأن حفظوا ودونوا مجموعاتهم الخاصة بهم من الحديث ‪ .‬إن جميع العلماء‬ ‫الوائل الذين أسسوا المذهب الباضي كانوا محدثين بارزين أمثال جابر بن زيد ‪ ،‬وأبي نوح صالح بن نوح الدهان ‪،‬‬ ‫وحيان بن العرج وأسماءهم معروفة جيدا في مجموعات الحديث السلمية ‪ ،‬وهم معتبرون من قبل المحدثين (( ثقاة‬ ‫)) ( ‪ . ) 2‬أما بالنسبة للعلماء الخرين أمثال أبي سفيان محبوب بن الرحيل ‪ ،‬فقد كانوا محدثين أيضا ‪ ،‬ونظر إليهم‬ ‫المحدثون السنة بأنهم (( ثقاة )) ولو أنهم لم يكونوا معروفين إلى الحد الذي عرف به المذكورون سابقا ( ‪. ) 3‬‬ ‫وبالضافة إلى نقل أحاديث الرسول ‪ ،‬فإن جابر بن زيد أسهم في تدوين أحاديث الرسول بكتابة الحاديث نقل عن‬ ‫زملئه ( ‪ ) 4‬وبالسماح لطلبه بأن يسجلوا الحاديث بناء على مصداقيته ( ‪ . ) 5‬ثم كررت المصادر الباضية‬ ‫المعلومات التي ذكرها أبو زكريا الوارجلني في (( سيرة )) عن ديوان جابر ب زيد ‪ ،‬والذي كان موجودا في مكتبة‬ ‫الخليفة العباسي هارون الرشيد ( ‪ . ) 6‬كذلك ذكر حاجي خليفة ديوان جابر بن زيد ( ‪ ) 7‬لكنه لم يذكر أية معلومات‬ ‫إضافية عن الديوان أو عن مصدر معلوماته عنه ‪ .‬وبما أنه لم يذكر أية مصادر إباضية في كتابه ‪ ،‬فمن المحتمل أنه‬ ‫استمد معلوماته عن الباضية عن الديوان ويعطينا أمل باحتمال اكتشاف أحد أقدم العمال عن الحديث ‪ ،‬في المستقبل‬ ‫( ‪ . ) 8‬ويجب أخذ المعلومة التالية بعين العتبار لدعم القول بأن جابر بن زيد دون الحاديث وأنواعا أخرى من‬ ‫الحكام الشرعية نقل عن الصحابة وبعض زملئه ‪ :‬قال أبو عمرو عثمان بن خليفة السوفي ‪ ،‬عن الشيخ يخلفتن بن‬ ‫أيوب ‪ ،‬عن أبي محمد ‪ :‬إن ديوان جابر كان في عهدة أبي عبيدة ‪ ،‬ثم في عهدة الربيع بن حبيب ‪ ،‬ثم في عهدة أبي‬ ‫سفيان محبوب ‪ ،‬ثم في عهدة ابنه محمد بن محبوب ‪ ،‬وهنه نسخت ( كتب أو مجلدات الديوان ) في مكة ( ‪. ) 9‬‬ ‫ولعله جدير بالذكر هنا أن كلمة ديوان تستعمل في أماكن كثيرة في الخبار الباضية بمعنى أنها مجموعة كتب ‪ ،‬ل‬ ‫مجرد كتاب معين بالذات ( ‪. ) 10‬‬ ‫وحفظت المصادر الباضية الولى عددا من الملحظات بخصوص أصول سرد الحاديث وتدوينها ‪ .‬وقال أبو عبيدة ‪:‬‬ ‫ل يؤثر تغيير موقع كلمات في أحاديث الرسول أو الثار ‪ ،‬بأن نقدمها أو نؤخرها إذا بقي المعنى واحدا ‪ .‬ثم سئل ‪:‬‬ ‫(( ماذا بشأن إضافة أو حذف حروف كالواو أو اللف المهموزة إذا لم يغير ذلك المعنى ؟ )) فقال ‪ (( :‬أرجو أن ل‬ ‫حرج في ذلك )) ‪.‬‬ ‫وفي كلم له عمن يؤخذ الدين ‪ ،‬قال أبو عبيدة ‪ (( :‬ل ينبغي أن تأخذ العلم من مبتدع لنه يدعو إلى بدعته ‪ ،‬ول من‬ ‫سفيه يدعو إلى سفهه ‪ ،‬ول ممن يكذب وإن كان يصدق في فتواه ‪ ،‬ول ممن يفرز مذهبه من مذهب غيره )) ( ‪) 11‬‬ ‫‪.‬‬ ‫والظاهر أن معرفة الحاديث ليست ضرورية للعلماء لتدريس العلم ‪ ،‬أي الفقه ‪ ،‬أو معرفة الحكام الشرعية ‪ .‬وقد سئل‬ ‫أبو عبيدة عن الشخص الذي ل يحفظ أحاديث الرسول ‪ :‬هل هو ثقة ‪ ،‬هل يستطيع أن يدرس العلم ؟ فقال ‪ ( :‬سبحان‬ ‫ال ‪ ،‬أكل الناس يحفظون الحديث ؟ بل يؤخذ العلم عن الثقات ‪ ،‬وإن كانوا ل يعلمون حديثا واحدا )) ( ‪. ) 12‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫وبالنسبة لعتماد الحاديث ‪ ،‬هنالك قولن ‪ :‬الول يرد في مسائل أبي عبيدة ‪ .‬وقد سئل ‪ :‬هل على السائل أن يتبع‬ ‫فتوى الشخص الموثوق إذا كان قد بناها على حديث منقول عن صحابي ؟ فقال ‪ (( :‬إذا عرفت الحق كان عليك أن‬ ‫تتبعه ‪ ،‬وإل فل )) ‪ .‬ثم أضاف ‪ (( :‬ينبغي أن ل تصغي لرجل يروي لك كل ما سمعه ؛ إنما يجب عليك أن تميز الحكام‬ ‫الموثوقة ‪ ،‬وأن تسأل عمن هو أعلم منه ( ‪ . ) 13‬أما بالنسبة للعودة إلى الكتب لصدار الحكام الفقهية ‪ ،‬فقد سئل‬ ‫أبو عبيدة عن تلك الحالة التي قال فيها رجل عالم لرجل آخر ‪ :‬هذا هو كتابي ‪ ،‬خذه وانشره ؛ وأصدر الفتاوى معتمدا‬ ‫ما فيه ‪ .‬فقال ‪ :‬ل يحق للرجل أن يفتي إل بما كان قد سمعه من الرجل العالم ‪ ،‬أو قال إنه رآه في كتاب كذا وكذا ( ‪14‬‬ ‫) ‪ .‬وذكر عبد ال بن عبد العزيز أن الحاديث التي كانت مشهورة بين الصحابة و (( التابعين )) هي التي يجب أن‬ ‫تعتمد ‪ ،‬أما الشواذ فينبغي أل تؤخذ بعين العتبار ( ‪. ) 15‬‬ ‫على أي حال ‪ ،‬ظهرت في وقت لحق أصول أخرى تتعلق بالحديث في عمل لبي يعقوب الوارجلني هو (( العدل‬ ‫والنصاف )) ‪ ،‬وغالبية تلك الصول معروفة في كتب السنة عن علم الحديث ‪ .‬ولعل أبا يعقوب جمع بعضها من‬ ‫مدرسية السنة في قرطبة ‪ ،‬أو لعل عددا من تلك الصول انتقل إليه من مراجع إباضية تعود إلى عهود سابقة ‪ ،‬أمثال‬ ‫محمد بن محبوب ‪ ،‬ووالده أبي سفيان ‪ ،‬إذ يقال أن كتبهما وقعت في يديه ( ‪ . ) 16‬ولعله من الهمية بمكان هنا أن‬ ‫نذكر الصول التي وضعها الباضيون لتدوين ونسخ كتب الحكام الفقهية التي منها يمكن إصدار الحكام الشرعية ‪.‬‬ ‫والصول هي أن الناسخ ينبغي أن يكون وليا ‪ ،‬وأن الرجل الذي يملي عليه ينبغي كذلك أن يكون وليا ‪ .‬ثم إنه ينبغي‬ ‫لوليين أن يراقبا الملء ‪ ،‬فيما يراقب وليان آخران الكتابة ( ‪. ) 17‬‬ ‫====================================‬

‫( ‪ ) 1‬المصدر نفسه ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 2‬المصدر نفسه ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 3‬البسياني ‪ ،‬سيرة ‪ ،‬مخطوطة ‪ 25‬؛ السالمي ‪ ،‬حاشية الجامع الصحيح ‪. 59 / 1 ،‬‬ ‫( ‪ ) 4‬ابن حجر ‪ ،‬تهذيب التهذيب ‪ 68 / 3‬؛ لسان ‪. 187 / 3 ،‬‬ ‫( ‪ ) 5‬القطب ‪ ،‬شرح عقيدة التوحيد ‪. 115 ،‬‬ ‫( ‪ ) 6‬الذهبي ‪ ،‬ميزان العتدال ‪ 93 / 3 ،‬؛ الخطيب البغدادي (( تقييد العلم )) ‪ ( ،‬تحقيق يوسف عشي ‪ ،‬دمشق ‪،‬‬ ‫‪ 109 ، ) 1949‬؛ ابن خلفون العظمي ‪ ،‬دراسات في أدب الحديث القديم ‪ ( ،‬بيروت ‪. 77 ، 67 ، 66 ، ) 1968 ،‬‬ ‫( ‪ ) 7‬ابن سعد ‪ ،‬طبقات ‪. 31 / 1 / 7 ،‬‬ ‫( ‪ ) 8‬أبو زكريا ‪ ،‬سير ‪ ،‬مخطوطة ‪ 30 ،‬وما يليها ‪ [ .‬بتحقيق عبد الرحمن أيوب ( تونس ‪ ، ) 1985 ،‬ص ‪] 140‬‬ ‫‪.‬‬ ‫( ‪ ) 9‬حاجي خليفة ‪ ،‬كشف الظنون ‪. 781 / 1 ،‬‬ ‫( ‪ ) 10‬لعل عملي جابر هذين ‪ ،‬كتاب النكاح و كتاب الصلة ‪ ،‬الموجودين في مخطوطة الديوان المعروض يشكلن‬ ‫جزءا من ديوان جابر الوارد ذكره هنا ‪.‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫( ‪ ) 11‬الوسياني ‪ ،‬سير ‪. 120 ،‬‬ ‫( ‪ ) 12‬المصدر السابق ‪. 129 ،‬‬ ‫( ‪ ) 13‬أبو عبيدة ‪ ،‬مسائل ‪. 24 – 23 ،‬‬ ‫( ‪ ) 14‬المصدر السابق ‪ 24 ،‬؛ الجيطالي ‪ ،‬شرح النونية ‪. 47 / 1 ،‬‬ ‫( ‪ ) 15‬المصدر نفسه ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 16‬المصدر نفسه ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 17‬أبو عبيدة ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 24 ،‬‬

‫الجامع الصحيح‬ ‫إن العمل الذي يضم المجوعة الباضية للحاديث ‪ ،‬بالمعنى الدقيق للكلمة ‪ ،‬هو الجامع الصحيح ‪ ،‬أو مسند الربيع بن‬ ‫حبيب ؛ والنص الصلي للكتاب كما وضعه الربيع بن حبيب ‪ ،‬ليس بشائع الستعمال ؛ أما النسخة الشائعة فهي التي‬ ‫أعاد أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلني تنظيمها بعنوان (( ترتيب المسند )) ( ‪ . ) 1‬وفي هذه النسخة الخيرة‬ ‫روايات إباضية زادها أبو يعقوب وهي تحتل القسمين الثالث والرابع من الطبقات الحالية وتضم روايات الربيع في‬ ‫المسائل الفقهية ‪ ،‬وهي كلها في القسم الثالث ‪ .‬أما في القسم الرابع هنالك راويات أبي سفيان محبوب بم الرحيل عن‬ ‫الربيع ‪ ،‬وروايات المام عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم عن أبي غانم الخراساني ‪ ،‬مراسيل جابر بن زيد ‪.‬‬ ‫وفي هذه المراسيل ل يذكر حلقات السند بين جابر والرسول ‪.‬‬ ‫وأما بالنسبة للقسمين الولين من المسند ‪ ،‬فإنهما يضمان الحاديث التي تتناول القضايا الشرعية والدينية ‪ ،‬مرتبة‬ ‫وفق مجموعات السنة للحديث ‪ .‬والسناد بين القسمين الولين هو كما يلي ‪:‬‬ ‫الربيع بن حبيب – أبو عبيدة – جابر بن زيد – صحابي – الرسول ‪ .‬والصحابة هم بالدرجة الولى ابن عباس ‪ ،‬أبو‬ ‫هريرة ‪ ،‬وأبو سعيد الخدري ‪ ،‬وأنس بن مالك ‪ ،‬وعائشة وآخرون ‪ ،‬ووفقا للربيع ‪ ،‬فإن الحاديث المنقولة عن ‪:‬‬ ‫عائشة ‪68‬‬ ‫ابن عباس ‪150‬‬ ‫أنس بن مالك ‪40‬‬ ‫أبي سعيد الخدري ‪60‬‬ ‫أبي هريرة ‪72‬‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫أما الحاديث (( المراسيل )) عن جابر بن زيد فهي ‪ ، 180‬وتلك التي عن أبي عبيدة هي ‪ . 88‬وترد الحاديث عبر‬ ‫السانيد التالية ‪:‬‬ ‫أ‪ -‬الربيع – أبو أيوب النصاري – الرسول ‪.‬‬ ‫ب‪ -‬الربيع – عبادة بن الصامت – الرسول ‪.‬‬ ‫ج‪ -‬الربيع – ابن مسعود – الرسول ‪ ،‬وعددها ‪ . 92‬وبقية الحاديث التي أضافها أبو يعقوب في القسمين الثالث‬ ‫والرابع هي ‪ . ) 2 ( 261‬أما مجموعة الحاديث الباضية فهي أقل بكثير من مجموعات الحاديث السنية ‪ .‬وقد أكد‬ ‫الربيع نفسه القول الشهير حول مجموع الحاديث الموثوقة المنقولة عن الرسول بأنها ‪ ، 4000‬منها ‪ 900‬حول‬ ‫الصول ‪ ،‬والباقي حول الداب والخبار ( ‪ . ) 3‬أما المجموعة الباضية بما في ذلك إضافات أبي يعقوب فتضم‬ ‫‪ 1005‬أحاديث ‪.‬‬ ‫ومواد مسند الربيع بن حبيب هي المواد المذكورة في مجموعات السنة نفسها ؛ وغالبية الحاديث التي رواها الربيع‬ ‫بن حبيب مذكورة في المراجع السنية الخرى بالنص نفسه ‪ ،‬أو بفروق طفيفة ‪ .‬وفي التعليق على المسند أبرز‬ ‫السالمي الحاديث المذكورة بشكل فريد غير الشكل الوارد في المجموعات السنية ‪ ،‬إل أن هنالك أحاديث أخرى مماثلة‬ ‫تعبر عن الراء نفسها ‪ ،‬تمسى اصطلحا بالشواهد ‪ .‬على أن هنالك ‪ ،‬من ناحية أخرى ‪ ،‬في المجموعة الباضية عددا‬ ‫من الحاديث المنقولة بإسناد السنية ‪ ،‬إذ وصف بعضها بأنه موضوع ‪ .‬والمر نفسه يقال بالنسبة لعدد من الحاديث‬ ‫التي تعتبرها المراجع السنية موثوقة ‪ ،‬لكنها بالنسبة للمراجع الباضية ليست أكثر من كذب صريح أو (( بدع )) ( ‪4‬‬ ‫)‪.‬‬ ‫ولم يعتمد الفقه الباضي خلل تاريخه الطويل إل على مواد إباضية مروية من قبل علماء إباضيين ‪ .‬أما مجموعات‬ ‫الحاديث السنية الخرى فلم تستخدم في أية مرحلة ‪ .‬والواقع أن أول عالم إباضي في شمالي إفريقية ذكر بعض‬ ‫مجموعات الحاديث السنية في أعماله هو أبو يعقوب الوارجلني من القرن السادس للهجرة ( ‪ . ) 5‬وحتى زمن‬ ‫البرادي كان الباضيون ل يزالون يثبطون استخدام مجموعات الحاديث السنية ‪ .‬ونصح البرادي في رسالته‬ ‫(( الحقائق )) الطلبة الباضيين أن يمتنعوا عن قراءتها ما أمكن ( ‪ ) 6‬وهكذا فإن النظام الفقهي الباضي كان قائما‬ ‫على مواد ترويها المصادر الباضية فقط ‪ .‬وتطور ‪ ،‬خلل تاريخه ‪ ،‬في إطار هذه المواد ‪ .‬ول يمكن فهم طبيعة‬ ‫التشريع الباضي إل بدراسة مواده ومراجعه الصلية ‪ ،‬والظروف التي أدت إلى تأسيس الحركة الباضية ووجهت‬ ‫نموها وتطورها ‪ .‬ونظر الباضيون إلى الفترة الولى في عهد الخليفتين الولين بعتبارها العصر المثالي الذي بعده‬ ‫أخذت البدع والشهوات الدنيوية تسبب في فساد المجتمع السلمي من حيث الحياة الدينية والسياسية ؛ فهدفهم هو‬ ‫التمسك بالمثال الذي سنة الرسول ‪ ،‬وخليفتاه والصحابة المستقيمون ‪ ،‬وإعادة ترسيخ المجتمع على نفس أسس‬ ‫المجتمع السلمي أول ‪ .‬ولذلك اختار الباضيون مصادرهم من الصحابة و التابعين الذين عاصروهم ورووا الحاديث‬ ‫والثار عن أولئك الذين اعتبروهم من وجهة نظرهم ‪ ،‬مسلمين حقيقيين ‪.‬‬ ‫وقد جرح الباضية عددا من الصحابة ؛ والحجة الباضية لهذا الموقف مذكورة في (( العدل والنصاف )) للوارجلني‬ ‫( ‪ ) 7‬وهنالك عمل آخر خاص بهذا الموضوع ‪ ،‬هو (( كتاب التخصيص )) للعلمة العماني أحمد بن عبد ال النزوي‬ ‫( ت ‪ . ) 1161 / 557‬وبالنسبة للتابعين ولتابعيهم ‪ ،‬حتى زمن قيام المذاهب الشرعية المختلفة ‪ ،‬فقد كانوا جميعا‬ ‫متأثرين بالفتنة الولى ‪ ،‬وكانوا إما شيعة لعلي أو مؤيدين لمعاوية وسللة بني أمية ‪ ،‬أو مناصرين لفئة المحكمة ؛‬ ‫وكان كل فريق يرعى مجموعة خاصة به ‪ ،‬ويتجنب الخرين ( ‪ . )8‬هكذا صنف الباضيون المجتمع السلمي‬ ‫واختاروا بعناية مراجعهم التي تلقوا منها المعلومات عن سنة الرسول وآثار الصحابة ‪ ،‬وعليها بنوا فقههم ‪.‬‬ ‫والمادة الصلية للفقه الباضي محفوظة في العمال التالية ‪:‬‬ ‫‪ -1‬الجامع الصحيح ‪ ،‬للربيع بن حبيب ‪.‬‬ ‫‪ -2‬المدونة لبي غانم بشر بن غانم الخراساني ‪.‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫‪ -3‬الديوان المعروض على علماء الباضية ‪.‬‬ ‫‪ -4‬روايات ضمام ( ‪ . ) 9‬ألفه صفرة عبد الملك بن صفرة ‪.‬‬ ‫‪ -5‬فتيا الربيع بن حبيب ( ‪. ) 10‬‬ ‫‪ -6‬كتاب نكاح الشغار لعبد ال بن عبد العزيز ‪.‬‬ ‫‪ -7‬كتب ورسائل المامين الولين للمذهب الباضي ‪ ،‬جابر بن زيد ‪ ،‬وأبي عبيدة مسلم ( ‪. ) 11‬‬ ‫وجميع العمال الباضية التالية جاءت – إلى حد ما – مبنية بالدرجة الولى على المواد المحفوظة في العمال‬ ‫المذكورة أعله ‪ .‬ورغم أن مخطوطاتها ل تزال موجودة فإنها لم تخضع لدراسة أكاديمية حتى الن ‪ .‬إن نشرة علمية‬ ‫دقيقة وأكاديمية لهذه العمال ستكون ذات قيمة كبيرة ‪ .‬ولعله من المفيد أن نقدم هنا ملحظات موجزة عن بعضها ‪،‬‬ ‫على أمل أني صار في وقت لحق إلى دراية تفصيلية لها ‪.‬‬ ‫====================================‬

‫( ‪ ) 1‬الديوان المعروض ‪ ،‬كتاب أيواب البيوع ‪ ،‬مخطوطة ‪. 5‬‬ ‫( ‪ ) 2‬سليمان بن يخلف ‪ ،‬سير ( مطبعة حجرية ‪ ،‬تونس ‪. 91 ، ) 1321‬‬ ‫( ‪ ) 3‬الوسياني ‪ ،‬سير ‪. 120‬‬ ‫( ‪ ) 4‬البرادي ‪ ،‬الجواهر ‪ 220 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 444‬‬ ‫( ‪ ) 5‬الربيع بن حبيب ‪ ،‬مسند ‪. 104 – 103 / 2‬‬ ‫( ‪ ) 6‬المصدر السابق ‪ 104 ،‬؛ السالمي ‪ ،‬شرح الجامع الصحيح ( تحقيق عز الدين التنوخي ‪ ،‬دمشق ‪، ) 1963 ،‬‬ ‫‪ 621 – 620 / 3‬؛ العظمي ‪ ،‬دراسات في الحديث القديم ‪. 304 ،‬‬ ‫( ‪ ) 7‬انظر على سبيل المثال ‪ ،‬الربيع ‪ ،‬المسند ‪ 81 / 1‬عن مسألة القنوت ؛ وأبا غانم ‪ ،‬مدونة ‪، 119 ، 34 ،‬‬ ‫‪. 127‬‬ ‫( ‪ ) 8‬الوارجلني ن الدليل ‪ 35 ،‬ب ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 9‬البرادي ‪ ،‬رسالة في الحقائق ‪ ،‬مخطوطة ‪. 23‬‬ ‫( ‪ ) 10‬الوارجلني ‪ ،‬العدل والنصاف ‪ ،‬مخطوطة ‪ 85 ، 11‬وما يليها ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 11‬المصدر السابق ‪. 88- 87‬‬

‫‪ -1‬المدونة لبي غانم بشر بن غانم الخراساني ‪:‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫ثمة دليل على أن الراء الباضية وصلت منطقة خراسان في اليام الولى للحركة الباضية ( ‪ . ) 1‬وفي القرن الثاني‬ ‫للهجرة برز عدد من العلماء الباضيين الذين لقبوا بالخراسانيين ‪ ،‬إما بالولدة ‪ ،‬أو بالقامة ‪ ،‬وأسهموا بحفظ العقيدة‬ ‫الباضية وتدوينها عن أبي عبيدة مسلم ( ‪ . ) 2‬وبين هؤلء عالم متأخر من حيث الزمن ‪ ،‬هو أبو غانم مؤلف‬ ‫(( المدونة )) ؛ عاش في الفترة الواقعة بين بداية النصف الثاني من القرن الثاني للهجرة والعقود الولى من القرن‬ ‫الهجري الثالث ( نحو ‪ ) 820 / 205 – 765 / 148‬درس في البصرة على أيدي طلب أبي عبيدة ‪ ،‬وألف‬ ‫(( المدونة )) نحو نهاية القرن الثاني للهجرة ‪ .‬رحل إلى تاهرت يحمل نسخة من (( المدونة )) وقدمها للمام‬ ‫الرستمي الثاني ‪ ،‬عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم ( ت ‪ . ) 3 ( ) 805 / 190‬وقد جرت هذه الرحلة إلى‬ ‫شمالي إفريقية نحو نهاية القرن الثاني للهجرة ‪ ،‬في أثناء عهد عبد الوهاب ‪.‬‬ ‫محتويات المدونة ( ‪: ) 4‬‬ ‫تحتوي المدونة على آراء العلماء الباضيين التالية أسماؤهم ورواياتهم ‪ :‬الربيع بن حبيب ؛ أبو المهاجر هاشم بن‬ ‫المهاجر ؛ أبو المؤرخ عمرو بن محمد ؛ أبو سعيد عبد ال بن عبد العزيز ؛ أبو غسان مخلد بن العمرد ؛ أبو أيوب‬ ‫وائل بن أيوب ؛ حاتم بن منصور ؛ ابن بعاد المصري ‪ ،‬وأبو سفيان محبوب بن الرحيل ‪ .‬وكان هؤلء جميعا قد‬ ‫درسوا على يدي أبي عبيدة في البصرة ؛ وهم من أصول مختلفة ؛ ثم استقروا في وقت لحق في أماكن مختلفة ‪ .‬كان‬ ‫أبو المؤرخ من قدام في اليمن ( ‪ ) 5‬؛ وأبو عباد المصري ‪ ،‬مصري الصل لكنه عاد ‪ ،‬بعد إكمال دراساته في البصرة‬ ‫إلى مصر ‪ ،‬واستقر فيها ( ‪ . ) 6‬وفي الطريق إلى تاهرت دون أبو غانم بعض الراء التي تنسب إلى ابن عباد ‪ ،‬عن‬ ‫الباضيين في مصر ‪ ،‬ثم ضمها في المدونة ( ‪ . ) 7‬وأبو أيوب وائل بن أيوب من حضرموت ( ‪ ) 8‬؛ شارك في‬ ‫حروب عبد ال بن يحيى الكندي في اليمن ‪ ،‬وفي إقامة المامة الباضية في حضرموت ؛ وكان عضوا في الوفد الذي‬ ‫أرسل إلى مكة باسم المجموعة الباضية التي عارضت عبد ال بن سعيد ‪ ،‬إمام حضرموت ‪ ،‬للتفاوض بشأن النشقاق‬ ‫بين المجموعتين الباضيتين في حضرموت مع الئمة الباضيين في البصرة ( ‪ . ) 9‬واستقر في وقت لحق في‬ ‫البصرة ‪ ،‬ثم أصبح رئيس شيوخ الباضيين في العراق ‪ ،‬بعد أن ذهب الربيع بن حبيب إلى عمان ( ‪ . ) 10‬أما‬ ‫بالنسبة لحاتم بن منصور ‪ ،‬وعبد ال بن عبد العزيز وأبي غسان مخلد بن العمرد ‪ ،‬فل يعرف شيء عن أصولهم ‪،‬‬ ‫ولكنهم عاشوا في البصرة ‪ ،‬ودرسوا على يدي أبي عبيدة وقدموا الكثير ‪ ،‬ول سيما عبد ال بن عبد العزيز منهم من‬ ‫أجل تطوير الفقه الباضي ‪.‬‬ ‫ودون أبو غانم المدونة عن العلماء المذكورة أسماؤهم أعله إما بسماع آرائهم مباشرة ‪ ،‬أو بنقلها عمن قد سمعها‬ ‫عنهم ( ‪ . ) 11‬والمدونة مقسومة إلى اثنى عشر كتابا ( ‪ ) 12‬؛ وكل كتاب يحتوي على عدد من البواب ‪ .‬وفيما يلي‬ ‫جدول بكتب (( المدونة )) ‪:‬‬ ‫‪ -1‬كتاب الصلة ‪.‬‬ ‫‪ -2‬كتاب الزكاة ‪.‬‬ ‫‪ -3‬كتاب الصوم ‪.‬‬ ‫‪ -4‬كتاب النكاح ‪.‬‬ ‫‪ -5‬كتاب الطلق ‪.‬‬ ‫‪ -6‬كتاب الهبة والهدية ‪.‬‬ ‫‪ -7‬كتاب الوصايا ‪.‬‬ ‫‪ -8‬كتاب الديات ‪.‬‬ ‫‪ -9‬كتاب الشربة والحدود ‪.‬‬ ‫‪ -10‬كتاب الشهادات ‪.‬‬ ‫‪ -11‬كتاب البيوع ‪.‬‬ ‫‪ -12‬كتاب الحكام والقضية ‪.‬‬ ‫والمخطوطة التي استخدمتها هنا لهذه الدراسة تضيف كتابا آخر عنوانه كتاب (( البيوع والقضية ))‪.‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫وتغطي (( المدونة جميع الموضوعات التي عالجها العلماء الباضيون في العصر الذهبي للفقه الباضي ‪.‬ولعله من‬ ‫الممتع بعض الشيء أن نذكر هنا أن في المدونة مادة قليلة عن موضوع الحج ‪ ،‬وهو الذي يعطي عادة عناية كبيرة‬ ‫في أعمال من هذا النوع ‪ .‬على أي حال ‪ ،‬قدمت المدونة آراء الباضية حول الشؤون الدينية والشرعية ‪ ،‬والفروق‬ ‫في الرأي ‪ ،‬ووجهات نظر العلماء الباضيين ‪ ،‬وآراءهم التي تتعلق بالفروق المشهورة في آراء علماء السنة ‪ .‬كما‬ ‫تعطي عرضا واضحا لتطور الفقه الباضي في أزمنته الولى ‪.‬‬ ‫ولقد أبدي علماء الباضية اهتماما كبيرا بالمدونة ‪ .‬وكتبت عنها التعليقات باللغتين البربرية والعربية ( ‪. ) 13‬‬ ‫وهنالك مصادر إباضية تذكر تعليقا لبي القاسم بن ناجد أو ناصر ( ‪ . ) 14‬وكان محمد بن يوسف اطفيش آخر من‬ ‫علق على المدونة ‪ .‬فأعاد ترتيب مادة الكتاب ‪ ،‬وأدخل إضافات على النص ‪ .‬ويذكر العالم العماني المعاصر ‪ ،‬محمد‬ ‫بن عبد ال السالمي ‪ ،‬أن عمل اطفيش هذا يعرف بأنه المدونة الكبرى فيما تميز المدونة الصلية لبي غانم باسم‬ ‫المدونة الصغرى ( ‪ ، ) 15‬ويشار إليها في المصادر الباضية بالغانمية ( ‪. ) 16‬‬ ‫===========================================‬ ‫( ‪ ) 1‬انظر مقال لكاتب ‪ (( :‬وصف مخطوطات إباضية جديدة )) ‪ ،‬في ‪Jour. Semitic Studies ، 15 / 1 /‬‬ ‫‪. 68 – 69‬‬ ‫( ‪ ) 2‬المصدر السابق ‪. 69 – 68‬‬ ‫( ‪ ) 3‬المصدر السابق ‪. 68 – 67 ، 66 – 65‬‬ ‫( ‪ ) 4‬ابن مداد ‪ ،‬سيرة ‪ ،‬مخطوطة ‪ . 28‬وهو يقول إن صحار العبدي ‪ ،‬شيخ أبي عبيدة مسلم ‪ ،‬هو من خراسان ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 5‬أبو غانم ‪ ،‬مدونة ‪ ،‬مخطوطة ‪ 26 ،‬؛ ابن مداد ‪ :‬مصدر مذكور سابقا ‪ 14 ،‬؛ كذلك تذكر المصادر الباضية‬ ‫شخصا باسم محمود بن نصر الخراساني الذي سجل العقيدة الباضية عن طلبة أبي عبيدة‪.‬‬ ‫( ‪ ) 6‬الوسياني ‪ ،‬سير ‪ ، 3 ،‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 228 ،‬‬ ‫( ‪ ) 7‬رأيت عددا من المخطوطات المدونة في جربة ‪ ،‬البارونية ؛ ليبيا ‪ ،‬وزاره مجموعة مصطفى العزابي ؛ ومزاب ‪،‬‬ ‫بني يزفن ‪ ،‬مجموعة محمد بابانو ‪ .‬وهناك نسخة أخرى في دار الكتب ‪ ،‬القاهرة ؛ انظر جدول القاهرة ‪ .‬والمخطوطة‬ ‫التي استعملها في هذه الدراسة قدمت لي من قبل العالم العماني محمد السالمي ‪ .‬كذلك أعطاني نسخة أخرى من‬ ‫المدونة بتعليق للقطب ‪ .‬وزودني بمخطوطة كتاب الستقامة والجزء الثالث من كتاب بيان الشرع ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 8‬السالمي ‪ ،‬عبد ال ‪ ،‬ملحظات على المدونة ‪ .‬مخطوطة ‪ . 1‬لقدام انظر البكري ‪ ،‬معجم ‪. 1052 / 3 ،‬‬ ‫( ‪ ) 9‬ابن سلم ‪ ،‬بدء السلم مخطوطة ‪ 47‬؛ ابن مداد ن صفة ‪. 14‬‬ ‫( ‪ ) 10‬السوفي ‪ ،‬أبو عثمان ‪ ،‬سؤالت ‪ ،‬مخطوطة ‪ 70‬؛ ابن سلم ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 44 ،‬‬ ‫( ‪ ) 11‬أبو غانم ‪ ،‬المدونة ‪. 87 ،‬‬ ‫( ‪ ) 12‬ابن مداد ‪ ،‬صفة ‪. 29 ،‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫( ‪ ) 13‬الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 263 – 262‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 105 ، 92 ،‬‬ ‫( ‪ ) 14‬الكندي ‪ ،‬بيان الشرع ‪ ،‬مخطوطة ‪ ، 111‬الصفحة المتعلقة بالمسألة ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 15‬المدونة ‪. 2 ،‬‬ ‫( ‪ ) 16‬الوسياني ‪ ،‬سير ‪ 3 ،‬؛ الدرجيني ‪ ،‬طبقات ‪ 303 ،‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 228‬‬

‫‪ -2‬الديوان المعروض على علماء الباضية ‪:‬‬ ‫خلل قيامي بالبحث في (( جربة )) اكتشفت نسختين من هذا العمل ‪ ،‬وهنالك نسخة ثالثة منه في دار الكتب في‬ ‫القاهرة ( ‪ . ) 1‬ومصدر نسخة القاهرة أصل من جربة ‪ .‬ويحتمل أن دار الكتب حصلت بطريقة ما على نسختها من‬ ‫المجموعة الباضية لمخطوطة وكالة الجاموس ‪ ،‬وهي وقف أنشيء للطلبة الباضيين الذين يقصدون مصر للدارسة‬ ‫في الزهر ‪.‬‬ ‫ويضم هذا العمل عددا من الكتب المتعلقة بالمراجع الباضية ‪ ،‬كما أنه يضم روايات من مراجع مختلفة في البصرة ‪،‬‬ ‫والكوفة ‪ ،‬والمدينة ‪ ،‬تتعلق بموضوعات فقهية متنوعة ‪.‬‬ ‫ويرد عنوان هذا العمل في بعض أقسام المخطوطة كما ورد أعله ‪ .‬ومؤلف هذا العمل غير معروف ‪ ،‬لكنه يظن أنه‬ ‫من تأليف أبي غانم مؤلف المدونة ‪ ،‬لن الكثير من العمال الواردة في هذه المخطوطة الكبيرة منقولة عن مصادر‬ ‫المدونة نفسها ‪.‬‬ ‫جدول المحتويات ‪:‬‬ ‫كتاب أقوال قتادة وهو في سبعة أقسام ‪ ،‬ويحتوي الكتاب بالدرجة الولى روايات عن (( التابعي )) قتادة بن دعامة‬ ‫السدوسي ( ‪ ) 2‬حول موضوعات متنوعة ‪ ،‬فقهية ودينية ‪.‬‬ ‫القسم الول ‪ :‬روايات تتعلق بالدرجة الولى بالوضوء ‪ ،‬وبالصلة ‪.‬‬ ‫القسم الثاني ‪ :‬روايات تتعلق بالزكاة ‪ ،‬والصوم ‪ ،‬والشراب ‪ ،‬وكذلك روايات عن الربيع بن حبيب تتعلق بالنكاح ‪.‬‬ ‫القسم الثالث ‪ :‬النكاح والطلق ‪ ،‬وروايات عن الربيع بن حبيب حول موضوعات مختلفة ‪.‬‬ ‫القسم الرابع ‪ :‬الشراب ‪ ،‬والذبائح ‪ ،‬والصيد ‪ ،‬الخ ‪....‬‬ ‫القسم الخامس ‪ :‬روايات عن عمر بن هرم عن جابر بن زيد حول موضوع النكاح ‪.‬‬ ‫القسم السادس ‪ :‬روايات قتادة التي تتناول البيوع ‪ ،‬والنكاح والحج ‪ .‬كذلك يضم روايات عن عمرو بن دينار عن جابر‬ ‫بن زيد حول النكاح ‪.‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫القسم السابع ‪ :‬روايات عن قتادة في باب الوضوء ‪.‬‬ ‫يتلو القسم السابع كتاب جابر بن زيد عن الصلة ‪ ،‬كما رواه حبيب بن أبي حبيب ( ‪ ) 3‬وفي بعض النسخ نجد كتاب‬ ‫جابر في القسم السابع من أقوال قتادة ‪.‬‬ ‫ويختلف ترتيب الكتب بين هذه المخطوطات للديوان المعروض ‪ .‬وفيما يلي العمال الموجودة فيها ‪ ،‬أو في بعضها ‪،‬‬ ‫بصرف النظر عن ترتيبها في كل مخطوطة من المخطوطات ‪.‬‬ ‫‪ -1‬القسم اللو من آثار الربيع ‪ ( ،‬روايات ضمام ) ( ‪. ) 4‬‬ ‫‪ -2‬القسم الثاني من فتيا الربيع بن حبيب ( ‪. ) 5‬‬ ‫‪ -3‬كتاب نكاح الشغار لعبد ال بن عبد العزيز ؛ أربعة أجزاء ‪.‬‬ ‫‪ -4‬كتاب النكاح لجابر بن زيد ( ‪. ) 6‬‬ ‫‪ -5‬كتاب الصيام ‪ ،‬وهو يبدأ بروايات أبي المؤرخ عن شيخه أبي عبيدة على شكل أسئلة وإجابات ‪ .‬وبعد العنوان‬ ‫التالي ‪ (( :‬باب اختلف العلماء في الصيام )) ترد آراء مختلف العلماء حول الموضوع ‪ ،‬منوهة بالراء التي يعتمدها‬ ‫الئمة الباضيون ‪ ،‬لسيما أبو عبيدة ‪.‬‬ ‫‪ (( -6‬كتاب الممتنعين من الحدود من المام )) ‪ .‬وفي مخطوطة القاهرة (( كتاب العمال ومن يلي على الناس )) ‪.‬‬ ‫والكتاب يتناول بالدرجة الولى موضوع الدارة وواجبات الئمة والحكام وعلقاتهم برعيتهم ‪ .‬والظاهر أن هذا الكتاب‬ ‫هو جزء من كتاب المامة الذي يتناول موضوعات مماثلة ‪ ،‬لكنه غير موجود في مخطوطة القاهرة ‪ ،‬وهو غير كامل‬ ‫في مخطوطة البارونية ‪.‬‬ ‫‪ -7‬كتاب كفارات اليمان ‪ ،‬أحكام تنسب للكوفيين ‪.‬‬ ‫‪ -8‬كتاب الوصايا ‪ ،‬روايات عن أبي عبيدة مسلم ‪.‬‬ ‫‪ -9‬كتاب الديات ‪.‬‬ ‫‪ -10‬كتاب القسمة وتفنين أصولها ‪ ،‬أحكام تعزى إلى الكوفيين ‪.‬‬ ‫‪ -11‬كتاب البيوع ‪.‬‬ ‫‪ -12‬أبواب الحدود ‪.‬‬ ‫‪ -13‬الحكام ‪.‬‬ ‫‪ -14‬كتاب الشفعة وتفنين أصولها ‪.‬‬ ‫‪ -15‬كتاب الجعل والجارات ‪ ،‬آراء تعزى إلى أهل المدينة ‪.‬‬ ‫‪ -16‬كتاب القضاء في القراض ‪ ،‬أقوال تنسب إلى أهل المدينة ‪.‬‬ ‫‪ -17‬كتاب القضاء في التفليس والعيوب ‪.‬‬ ‫‪ -18‬كتاب الديات ‪ ،‬آراء تعزى إلى الكوفيين ‪.‬‬ ‫‪ -19‬كتاب الكفالت ‪.‬‬ ‫‪ -20‬كتاب الودائع والعارية ‪ ،‬أقوال تنسب إلى الكوفيين ‪.‬‬ ‫‪ -21‬كتاب العارية ‪.‬‬ ‫‪ -22‬كتاب الشهادات ‪.‬‬ ‫وهناك أيضا رسالة أبي عبيدة مسلم بشأن الزكاة ( ‪ . ) 7‬و (( كتاب ذكر مسائل الحيض وتلخيصها )) ‪ .‬ومؤلف هذا‬ ‫العمل الخير غير معروف ؛ والظاهر أنه مؤلف في وقت لحق بعد العمال السابقة ‪.‬‬ ‫وباستثناء هذا الكتاب الخير ‪ ،‬فإن جميع المواد الموجودة في هذا المجموع الضخم منقولة عن مراجع إباضية قديمة‬ ‫وهي تغطي كل المسائل الدينية والفقهية التي نشأت خلل القرنين الولين من السلم ‪ .‬كذلك يحتوي الكتاب على‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫الروايات الشائعة عن موضوعات مختلفة من المراجع الكوفية والمدنية ‪ ،‬مدروسة ومنقودة من قبل علماء الباضية‬ ‫في البصرة ‪ .‬والقسم الكبير من مواد هذه العمال منقول عن المراجع ذاتها التي اعتمد عليها أبو غانم الخرساني في‬ ‫مدونته ؛ وتلك حقيقة تدعم القول بأن العمل الحالي الذي نناقشه هنا سجله أبو غانم أيضا ‪ .‬والخلصة النهائية بشأن‬ ‫هذه القضية بحاجة إلى إثبات إضافي ؛ ويساعد اكتشاف مخطوطة كاملة بحالة جيدة لهذا العمل مساعدة كبيرة في هذا‬ ‫الطار ===============================‬ ‫( ‪ ) 1‬شاخت ‪ ، Bibliotheque et manuscripts Abadites :‬في ‪Rev . Afr 100 ، ) 1956 ( ،‬‬ ‫‪ ، 381‬هامش ‪ 8‬؛ موتيلتسكي ‪ ، Le manuscript Arabo-berbere de Zougha ، 14 :‬في ‪Or‬‬ ‫‪ / Cong. Int ، 1905 / 2 / 4‬قسم ‪. 78 – 68‬‬ ‫( ‪ ) 2‬الديوان المعروض ‪ ،‬مخطوطة البارونية ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 3‬انظر شاخت ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 381 ،‬‬ ‫( ‪ ) 4‬الوسياني ‪ ،‬سير ‪. 30‬‬ ‫( ‪ ) 5‬انظر جدول القاهرة ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 6‬لسيرة قتادة ‪ :‬الذهبي ‪ ،‬تذكرة ‪. 109 / 1 ،‬‬ ‫( ‪ ) 7‬انظر لكاتب الكتاب ‪ :‬وصفي للمخطوطات الباضية الجديدة في ‪Jour . Semitic Stud . ، 15 / 1 / ،‬‬ ‫‪. 66 – 69‬‬

‫‪ -3‬كتاب نكاح الشغار لبي سعيد عبد ال بن عبد العزيز ‪:‬‬ ‫يشكل هذا الكتاب قسما من المخطوطة السابقة ‪ ،‬ومن المحتمل أنه كان في الصل قسما من الديوان المعروض ‪ .‬وبما‬ ‫أنه مروي عن عبد ال بن عبد العزيز ‪ ،‬فقد نسب إليه كما في حالة (( كتاب أقوال قتادة )) والكتاب يتألف من أربعة‬ ‫أقسام ‪ ،‬والقسم الثالث مفقود في نسخة مخطوطة القاهرة وفي نسخة إحدى مخطوطات البارونية ‪.‬‬ ‫والكتاب يتناول موضوع الزواج والطلق والمسائل الفقهية المتعلقة بهما معا ‪ .‬وهو ينتهي بالقول التالي‪:‬‬ ‫(( هذه نهاية كتاب النكاح من أقوال ابن عبد العزيز عن أبي نوح صالح الدهان وأبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة مع‬ ‫الثار التي توجه بالقياس مما ل يترك أي شك في الذهان ‪ ،‬أو أي ريبة لدى أهل الفهم ‪ .‬وهو يسمى كتاب الشغار ؛‬ ‫والشغار تعني أن الرجل يزوج ابنته لرجل آخر مقابل ابنة ذلك الخر بدون تحديد أي مهر ‪ .‬وإذا كان المر كذلك ‪،‬‬ ‫فهو محظور )) ( ‪. ) 1‬‬ ‫وألحق بهذا الكتاب في المخطوطة نفسها كتاب النكاح لجابر بن زيد ‪ ،‬وفي العملين معا عرض للراء الباضية‬ ‫القديمة والصلية حول موضوع الزواج ‪ ،‬وهو الموضوع الذي وصف فيه ابن عباس جابر بن زيد ‪ ،‬مؤسس المذهب‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫الباضي ‪ ،‬بأنه (( المرجع الفضل )) ( ‪. ) 2‬‬ ‫وتشكل هذه العمال المذكورة أعله العمود الفقري للفقه الباضي في القرنين الولين ‪ .‬وهي تحتوي عرضا واضحا‬ ‫ومفصل للجهود التي بذلها العلماء الباضيون الوائل في تطوير مذهبهم ‪.‬‬ ‫والدراسة الحالية لطبيعة مذهب الفقه الباضي ‪ ،‬وللوسائل التي اعتمدها مؤسسوه مبنية بالدرجة الولى على تلك‬ ‫العمال ؛ وهكذا فإنه يمكن إعطاء عرض واضح للراء الباضية الخالصة قبل احتمال وقوع أي اتصال مباشر بين‬ ‫المذهب الباضي ومذاهب الفقه السلمية الخرى التي تأسست في وقت لحق ‪.‬‬ ‫لقد تكلمنا عن دور السنة باعتبارها المصدر الثاني للفقه ‪ .‬أما الرأي فقد ذكره جابر بن زيد في مناسبات متعددة ‪.‬‬ ‫وهنالك العديد من الثباتات على أنه لجأ إلى الرأي في إصدار الحكام الشرعية ‪ .‬وقد ذكر عدد من المصادر الباضية‬ ‫والسنية قول له يتعلق بتسجيل آرائه ‪ ،‬هو كما يلي ‪:‬‬ ‫(( إنا ل ‪ ،‬يكتبون ما قد أرجع عنه غدا )) ( ‪ . ) 3‬كذلك أنكر جابر على نفسه حق الرأي في مسألة سبق للصحابة أن‬ ‫أصدروا آرائهم فيها ‪ . ) 4 ( .‬وتدل هذه المقتطفات ‪ ،‬على أي حال ‪ ،‬أن جابرا لجأ إلى رأيه الخاص حين لم يرو عن‬ ‫الصحابة أي رأي ‪ .‬إن أسبقية الحكام التي أصدرها الصحابة مبدأ معترف به بين المراجع الباضية ‪ .‬وقد عبر جابر‬ ‫بن زيد عن هذا الرأي في إحدى رسائله كما يلي ‪:‬‬ ‫(( ورأي من قبلنا أفضل من رأينا الذي نرى ‪ ،‬لم يزل الخر يعرف للول فضله ‪ ،‬وكانوا أحق بذلك المهاجرين مع‬ ‫رسول ال ( صلى ال عليه وسلم ) والتابعين لهم بإحسان ‪ ،‬فقد شهدوا وعلموا ‪ ،‬فالحق علينا وطء أقدامهم وإتباع‬ ‫آثارهم ( ‪ . ) 5‬وهنالك المزيد من الثباتات التي يمكن ذكرها هنا لتبرير هذا الموقف لجابر ( ‪ . ) 6‬وإذا ما اختلف‬ ‫الصحابة فيما بينهم ‪ ،‬احتفظ جابر لنفسه بحق اختيار ما يفضله من أحكامهم ‪ .‬وفي مثل هذه الحالت يتبع عادة رأي‬ ‫شيخه ابن عباس ‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة ( ‪ ) 7‬فقد سبق أن ذكرنا أنه عزا آراء مذهبه إلى الصحابة عبد ال بن‬ ‫مسعود ‪ ،‬وعبد ال بن عباس ‪ ،‬وعبد ال بن سلم ‪ ،‬وهؤلء هم الذين وصفهم بأنهم (( الراسخون في العلم )) ‪ .‬كذلك‬ ‫ذكر (( أن أولئك الذين يملكون الذكاء والفهم ل يهتمون بالراء ووجهات النظر التي ظهرت بعد عهد الصحابة ‪ .‬هدف‬ ‫الذين في عبادتهم فقط أن يعنوا بما حدث بعد الصحابة )) ( ‪. )8‬‬ ‫ومع أن جابر بن زيد كره تسجيل أحكامه خشية أن يغيرها ‪ ،‬فإنه لم يعارض استعمال الرأي لتكوين الحكم الشرعي‬ ‫حول قضايا لم يتناولها القرآن أو السنة ‪ .‬غير أن خلفه أبا عبيدة نهى عن استعمال الرأي في تكوين الحكام الشرعية‬ ‫‪ .‬وحين قيل له إن أهل عمان يصدرون أحكاما شرعية على أساس الرأي ‪ ،‬قال معلقا ‪ (( :‬ما نجوا من الفروج‬ ‫والدماء )) ( ‪. ) 9‬‬ ‫و والطريفة المقبولة بين المراجع الباضية الولى بخصوص تكوين الحكام الفقهية هي أن الحكم في أية مسألة‬ ‫شرعية يجب أن يكون مبنيا بالدرجة الولى على القرآن ‪ .‬وإذا لم يكن هنالك حكم مستمد من القرآن ‪ ،‬فالواجب العودة‬ ‫إلى السنة ‪ .‬وإذا لم تعالج السنة ذلك ‪ ،‬فإنه يجب الرجوع إلى (( إجماع الصحابة )) ؛ أما إذا اختلف الصحابة فيما‬ ‫بينهم في أحكامهم ‪ ،‬فيجب إذ ذاك ممارسة أقصى الحذر في اختيار أفضل أحكام الصحابة ‪ .‬وعلى أي حال ‪ ،‬فحين ل‬ ‫يمكن أن يستمد أي حكم سابق حول القضية من القرآن ‪ ،‬أو السنة ‪ ،‬أو آراء الصحابة ‪ ،‬فيجب إذ ذاك أن يستمد من‬ ‫آراء المراجع الولى في المذهب الباضي ‪ ،‬ويجب إتباع الرأي الفضل ( ‪ . ) 10‬وهنا يذكر أن الراء السابقة‬ ‫للصحابة أو للمراجع الولى ل يجوز أن تمهل ( ‪ . ) 11‬وقد مارست المراجع الباضية الولى اهتماما شديدا في إتباع‬ ‫الراء السابقة حين تكون سليمة ‪ .‬وقد قال عبد ال بن عبد العزيز المعروف بولعه بالقياس وبالرأي ‪ ،‬في مناسبات‬ ‫عدة أنه لن يلجأ إلى رأيه الخاص حيث يروي رأي سليم عن أسلفه ( ‪. ) 12‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫وبانقضاء ثلثة عقود من القرن الثاني للهجرة كانت الراء الباضية بخصوص معظم المسائل الشرعية والدينية قد‬ ‫استقرت ‪ ،‬وقد وقعت هذه المرحلة خلل السنوات الخيرة لبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة ‪ .‬ويقال إن العمال النفوسي‬ ‫‪ ،‬ابن مغطير الجناوني الذي درس على يدي أبي مسلم في البصرة قبل (( حملة العلم )) الخمسة ‪ ،‬امتنع عن إصدار‬ ‫الحكام الشرعية عند وصول هؤلء من البصرة ‪ .‬وسبب اتخاذه هذا الموقف هو أنه درس على أبي عبيدة قبل أن‬ ‫يحدد هذا الخير رأيه النهائي بخصوص الراء المختلفة التي درسه إياها ‪ ،‬فيما كان (( حملة العلم )) قد درسوا على‬ ‫أبي عبيدة بعد أن حرر المختار عنده من القوال )) ( ‪. ) 13‬‬ ‫ومن طلب أبي عبيدة ‪ ،‬أبو المؤرخ وعبد ال بن عبد العزيز وقد دأبا على معارضة شيخهما في آرائه المؤسسة على‬ ‫القياس ( ‪ . )14‬وكان من شأن هذا الموقف من قبل العالمين الباضيين أن أثار زملءهما عليهما ( ‪ . ) 15‬وقبل‬ ‫انقسام المذهب الباضي ‪ ،‬كانت آراء الربيع بن حبيب هي التي تتبع ( ‪ ، ) 16‬عند اختلف طلب أبي عبيدة ‪ .‬أما في‬ ‫وقت لحق فقد وجد عبد ال بن عبد العزيز وأبو المؤرخ أتباعا لهما في المجموعة النكارية التي تبنت وجهة نظرهما‬ ‫في الفقه ( ‪. ) 17‬‬ ‫وبرغم الختلف بين المراجع الباضية الولى حول الرأي والقياس ‪ ،‬فإن هذه المبادئ أصبحت جزاء من أساليب‬ ‫معترف بها في الفقه أو الجراء الباضي ‪ .‬وقاموا بقوة العتماد على التقليد ‪ ،‬فعلى الذين يبلغون المستوى المطلوب‬ ‫من العلم أن يستخدموا الرأي ‪ .‬وبين أقدم العمال للباضيين في شمال إفريقية حيث جمعت أصول الجتهاد وبوبت ‪،‬‬ ‫وكتاب (( التحف )) لبي الربيع سليمان بن يخلف المزاتي ( ‪ . ) 18‬وفي كلم عن مسألة اجتهاد الرأي ‪ ،‬قال أبو‬ ‫الربيع بعد الشارة إلى وجهات النظر المختلفة الناشئة بسبب الرأي ‪ ،‬إن الباضيين يعتقدون أن هنالك رأيا واحدا فقط‬ ‫يمكن له أن يكون الصواب ؛ وإذا ما بذل المسلمون جهدهم للوصول إلى الحكم الصائب لكنهم أخفقوا ‪ ،‬فإنهم يكافأون‬ ‫على جهودهم ول يحاسبون على الحكم الخاطئ ‪ .‬والقضايا التي يسمح فيها بالرأي هي التي لم تعالج في القرآن أو‬ ‫السنة أو من قبل المراجع السابقة ( ‪ . ) 19‬والشخص الذي يسمح له باستخدام رأيه ينبغي له أن يكون عالما بالقرآن‬ ‫وبالسنة وبآراء المراجع السابقة ‪ .‬مثل هذا الشخص له الحق باستعمال الرأي وتكوين الحكام الشرعية ومن ينكر‬ ‫عليه هذا الحق يكون كافرا ‪ .‬أما الشخص غير المؤهل فليس له أن يلجأ إلى الرأي ؛ والذي يبيح له مثل هذا الحق‬ ‫يكون (( كافر نعمة )) والشخص الذي يلجأ إلى رأيه في حالت تناولها القرآن أو السنة ‪ ،‬أو إجماع المسلمين ‪،‬‬ ‫وعارضها ‪ ،‬فإنه ضال ( ‪ . ) 20‬وختم أبو الربيع سليمان بن يخلف ملحظاته حول هذا الموضوع بالقول التالي ‪:‬‬ ‫(( الرأي مسموح به لكل عالم في كل حين ‪ ،‬ومحظور على مل جاهل في كل حين )) ( ‪. ) 21‬‬ ‫وأبواب الجتهاد مفتوحة دائما عند الباضية ؛ وهي لم توصد في أية مرحلة على أي شخص مؤهل‪.‬‬ ‫وبالنسبة للختلف حول الراء نتيجة الرأي في حالت ذات صلة بالفروع ‪ ،‬يرى الباضيون ‪ ،‬أن رأيا واحدا فقط‬ ‫يمكن له أن يكون صوابا ‪ ،‬ومباح للمسلمين أن يتبنوا آراء أخرى إذا رأوها محقة ‪ ،‬إل أن ذلك ‪ ،‬في الواقع غير مباح‬ ‫ما لم يبذلوا جهدهم لبلوغ الرأي الصحيح ( ‪. ) 22‬‬ ‫مثل هذا المبدأ رواجه في وقت لحق معارضة من قبل عالمين إباضيين أسسا مجموعتين خاصتين بهما ‪ :‬نفاث بن‬ ‫نصر مؤسس النفاثية وأحمد بن حسين مؤسس الحسينية ( ‪ . ) 23‬فهما يعتبران أن الرأي الصواب فقط هو الذي‬ ‫يجب أن يتبع ‪ ،‬وأن أولئك الذين يتبعون أية آراء أخرى هم آثمون ( ‪ . ) 24‬هذه النظرة من قبل نفاث وابن الحسين‬ ‫مرفوضة من قبل بقية علماء الباضية على أساس أن الخلف في الرأي في حالت الفروع وقعت بين الصحابة ‪ ،‬وقد‬ ‫اعتبروا أنه شرعي لكل واحد أن يحتفظ برأيه بصرف النظر عن كونه الرأي المصيب ‪ ،‬أم ل ؛ ولم يختلف الصحابة‬ ‫فيما بينهم على ذلك ( ‪. ) 25‬‬ ‫واحتل القياس مكانة باعتباره أسلوبا مسلما به بين المراجع الباضية لصدار الحكام الشرعية منذ النصف الثاني من‬ ‫القرن الثاني للهجرة ‪ .‬وقد مورس إلى حد كبير من قبل طلبة أبي عبيدة ‪ ،‬ل سيما من قبل عبد ال بن عبد العزيز‬ ‫وأبي المؤرخ ‪ .‬ومع أن الربيع بن حبيب وفئته عارضوا القياس وعرفوا بتمسكهم الشديد بالثار ( ‪ ، ) 26‬فإن‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫أسلوب القياس اعترف به في وقت لحق من قبل جميع الباضيين واعتمد بصورة واسعة ‪.‬‬ ‫وذكر الوارجلني أن علماء الباضية كانوا عارفين بمختلف أنواع القياس ‪ ،‬بما فيها الستحسان الذي مارسته‬ ‫المراجع الباضية في عدد من الحالت ( ‪ . ) 27‬وأشار الوارجلني إلى أهمية الرأي والقياس في المذهب الباضي‬ ‫في (( العدل والنصاف )) ‪ .‬ولقد كان مبدأ مسلما به بين الباضيين ‪ .‬وقد ظهر تطبيق هذا المبدأ في الصول‬ ‫والشرائع التي وضعها المراجع الباضية لمسلك الكتمان في مجتمعهم ( ‪. ) 28‬‬ ‫وعلى أساس القياس كان الباضيون ينظرون إلى مسلك الكتمان في حركتهم باعتباره مماثل للمرحلة الموازية في‬ ‫حياة الرسول والمجتمع السلمي أثناء الفترة المكية ‪ ،‬ولذلك علقوا جميع الحدود وحصروا تنفيذها بسلطة إمام‬ ‫(( الدولة القائمة )) ( ‪. ) 29‬‬ ‫وكذلك علقت صلة يوم الجمعة في غير (( المصار السبعة )) ( ‪ . ) 30‬وهنالك خلف في الرأي حول الجهاد إذ‬ ‫سمح به البعض وحظره آخرون ( ‪. ) 31‬‬ ‫وكانت عقوبة الموت بغير الرجم صحيحة أثناء مرحلتي الكتمان والظهور ‪ .‬وكانت هذه العقوبة تشمل ‪ ) 1 ( :‬المرتد‬ ‫( ‪ )2‬والطاعن في الدين ( ‪ ) 3‬والجناة ( ‪ ) 4‬وأولئك الذين يرفضون سلطان الشريعة ومانعي الحق أو الذين‬ ‫يرفضون للخرين استعادة حقوقهم ‪ .‬هؤلء جميعا يجب قتلهم بالجلد أو بالسلح ‪ ،‬باستثناء سافكي الدماء ‪ ،‬وكان‬ ‫لولي الجاني القرب ( ولي الدم ) أن يقرر كيف يجب تنفيذ العقوبة ‪.‬‬ ‫ثم إن الزعم غير المثبت بأن الزوجة زانية ( اللعان ) ‪ ،‬وإنكار الزوج لبوة الطفل الذي تلده امرأة متهمة باللعان‬ ‫بسبب اللعان معلق ل يعمل به أثناء فترة الكتمان ‪.‬‬ ‫وبالنسبة لواجب الولية ‪ ،‬فقد كانت ولية الشخاص وولية البيضة ( أي عاصمة الحكم ) معلقين أثناء مرحلة‬ ‫الكتمان ‪.‬‬ ‫وجميع هذه الصول والحكام التي كانت توقف تنفيذ تشريعات كثيرة مستمدة من القرآن والسنة ‪ ،‬كانت تستند إلى‬ ‫الرأي والقياس فقط ( ‪ . ) 32‬ووفقا للوارجلني فـ (( إن جميع أو غالبية أحكام الكتمان مبنية على الستحسان )) (‬ ‫‪. ) 33‬‬ ‫وبعض المثلة على الفوارق بين المذهب الباضي والمذاهب السلمية الخرى في الحكام الفقهية ‪:‬‬ ‫ذكر الستاذ شاخت (( أن الفروق المعترف بها في الشرع السلمي من قبل الفرق السلمية السابقة ‪ ،‬كالخوارج ‪،‬‬ ‫والشيعة ‪ ،‬ل تختلف عن عقيدة مدارس الفقه والسنة بأكثر مما تختلف هي فيما بينها )) ( ‪. ) 34‬‬ ‫كذلك لحظ أن (( النتيجة المترتبة على عقائد الخوارج الول لم تكن ‪ ،‬على ما هو واضح ‪ ،‬جزءا من النظام الشرعي‬ ‫المعترف به من قبل الباضيين ‪ ) 35 ( )) ...‬ثم أضاف ‪ (( :‬وفيما يعود التاريخ السياسي للباضيين إلى منتصف‬ ‫القرن الول للهجرة ‪ ،‬فإن فقههم مستمد من المذاهب السنية في وقت لحق بعد ذلك بزمن طويل )) ( ‪. ) 36‬‬ ‫ل ريب أن الستنتاج الخير متسرع فالباضيون لم يتبنوا عقيدة الخوارج الولى لكنهم طوروا عقيدتهم الخاصة بهم‬ ‫بعيد عن مجموعات الخوارج التي انفصلت عن الصل نفسه لفئة المحكمة القديمة ‪ .‬كذلك لم يستمد الباضيون‬ ‫شرعهم من المذاهب السنية لن شرعهم كان قد ترسخ قبل أن تظهر المذاهب السنية إلة الوجود ‪ .‬وحين توفي جابر‬ ‫بن زيد مؤسس المذهب الباضي ‪ ،‬كان مالك بن أنس ‪ ،‬صاحب المذهب المالكي في نحو الثالثة من العمر ( ‪. ) 37‬‬ ‫ويعود التشابه في الراء بين جميع المذاهب السلمية إلى أصلها الواحد الذي استمدت منه أنظمتها الشرعية ‪:‬‬ ‫القرآن والسنة ‪ ،‬والجماع ‪.‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫وأشار كولسون إلى أن فقه الخوارج نظام متماسك بروحيته وطابعه ( ‪ . ) 38‬ثم وافق على وجهة نظر شاخت بما‬ ‫يتعلق بالفروق بين النظامين الفقهيين السني والباضي ‪ ،‬قائل إن (( القسم الكبر من فقه الخوارج ( بما في ذلك‬ ‫الباضية ) وعقائده الساسية بالطبع ‪ ،‬يمكن أن يجد دعما وافيا له بين فقهاء السنة )) ( ‪. ) 39‬‬ ‫ولما كان الباضيون قد استمدوا نظامهم الفقهي من المصادر ذاتها للمذاهب الخرى ‪ ،‬أي من القرآن ‪ ،‬والسنة ‪،‬‬ ‫والجماع ‪ ،‬استعملوا نفس الساليب تقريبا للجتهاد في تكوين الحكام التي لم تناولها المصادر السابقة ؛ فإن الفروق‬ ‫التي ظهرت بين نظامهم الفقهي وأنظمة المذاهب السلمية الخرى محصورة في الفروع ‪ .‬وقد نشأت هذه الفروق‬ ‫في حالت كانت فيها للباضيين أحاديث ورتها مراجعهم ولم توافق في الرأي في تفسير المصدرين الرئيسين ‪ ،‬القرآن‬ ‫والسنة ‪.‬‬ ‫=============================================‬ ‫( ‪ ) 1‬المصدر السابق ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 2‬المصدر السابق ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 3‬المصدر السابق ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 4‬انظر لكاتب الكتاب ‪ :‬وصفي للمخطوطات الباضية الجديدة ‪ ،‬في ‪Jour. Semitic Stud. ، 15 / 1 / 66‬‬ ‫‪. – 69‬‬ ‫( ‪ ) 5‬عبد ال بن عبد العزيز ‪ ،‬نكاح الشغار ‪ ،‬مخطوطة ‪. 69 ، 4‬‬ ‫( ‪ ) 6‬المصدر السابق ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 7‬ابن سعد ‪ ،‬طبقات ‪ 181 / 7‬؛ ابن حزم ؛ ملخص ‪ 64 ،‬؛ الوارجلني ‪ ،‬الدليل ‪ 58 ،‬ب‪.‬‬ ‫( ‪ ) 8‬راجع ما تقدم ‪. 63 – 62 ، 52‬‬ ‫( ‪ ) 9‬جابر بن زيد ‪ ،‬جوابات ‪ ،‬رقم ‪. 42 ، 17‬‬ ‫( ‪ ) 10‬المصدر السابق ‪ ،‬رقم ‪ 18 ، 6‬؛ رقم ‪. 38 ، 16‬‬ ‫( ‪ ) 11‬السالمي ‪ ،‬حاشية الجامع الصحيح ‪. 168 / 1 ،‬‬ ‫( ‪ ) 12‬أبو عبيدة مسلم ‪ ،‬مسائل ‪. 37 ،‬‬ ‫( ‪ ) 13‬المصدر السابق ‪. 11 – 10‬‬ ‫( ‪ ) 14‬أبو المؤثر الصلت بن خميس ‪ ،‬سيرة ‪ ،‬مخطوطة ‪. 20‬‬ ‫( ‪ ) 15‬الديوان المعروض ؛ كتاب الممتنعين من الحدود ( باب الرأي مع إمام الهدى ) ‪ ،‬مخطوطة ‪. 6 – 4‬‬ ‫( ‪ ) 16‬المصدر السابق ‪. 6 ،‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫( ‪ ) 17‬المصدر السابق ‪. 11 ، 4 ،‬‬ ‫( ‪ ) 18‬البغطوري ‪ ،‬سير ‪ ،‬مخطوطة ‪ 120‬؛ الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 143 ،‬‬ ‫( ‪ ) 19‬الشماخي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 120 – 119 ،‬؛ ابن سلم ‪ ،‬بدء السلم ‪ ،‬مخطوطة ‪ 47‬؛ [ كتاب فيه بدء‬ ‫السلم ‪. ] 114 ،‬‬ ‫( ‪ ) 20‬الشماخي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 119 ،‬‬ ‫( ‪ ) 21‬ابن سلم ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 47 ،‬؛ [ كتاب فيه بدء السلم ‪. ] 114 ،‬‬ ‫( ‪ ) 22‬انظر الشماخي ‪ ،‬ص ‪. 263 ،‬‬ ‫( ‪ ) 23‬انظر ‪ :‬وصف مخطوطات إباضية جديدة (( للكاتب ‪. J.S.S (( 15 / 1 / 72‬‬ ‫( ‪ ) 24‬سليمان بن يخلف ‪ ،‬تحف ‪ ،‬مخطوطة ‪ 28‬أ ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 25‬سليمان بن يخلف ‪ ،‬تحف ‪ ،‬مخطوطة ‪ 28‬ب ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 26‬المصدر نفسه ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 27‬المصدر نفسه ؛ الوارجلني ‪ ،‬العدل ‪ ،‬مخطوطة ‪ 218 ، 11‬؛ ابن خلفون ‪ ،‬أجوبة ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 28‬لهذه المجموعات راجع ما يلي ‪. 281 – 272‬‬ ‫( ‪ ) 29‬الوارجلني ‪ ،‬المصدر السابق ‪. 219 – 218 / 2 ،‬‬ ‫( ‪ ) 30‬المصدر السابق ‪ 222 / 2‬؛ سليمان بن يخلف ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 29 ،‬أ – ب ‪ .‬للمزيد من التفاصيل‬ ‫حول الموضوع انظر ‪ :‬الوارجلني ‪ ،‬الدليل ‪ ،‬مخطوطة ‪ 58‬أ – ‪ 64‬ب ؛ السالمي ‪ :‬شرح طلعة الشمس ‪279 / 2 ،‬‬ ‫– ‪ 280‬؛ مشارق أنوار العقول ( القاهرة ‪ 1314 ،‬هـ ) ‪ 71 ،‬وما يليه ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 31‬مؤلف مجهول ‪ ،‬ذكر أسماء بعض شيوخ الوهبية ( مطبعة حجرية مع سير الشماخي ) ‪. 590 ،‬‬ ‫( ‪ ) 32‬الوارجلني ‪ ،‬العدل ‪ ،‬مخطوطة ‪. 43 – 42 / 3‬‬ ‫( ‪ ) 33‬المصدر السابق ‪ 17 – 1 / 3‬؛ الدليل ‪ 64 ،‬أ ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 34‬الوارجلني ‪ ،‬العدل ‪ 293 / 2 ،‬وما يليه ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 35‬المصدر السابق ‪. 293 / 2 ،‬‬ ‫( ‪ ) 36‬المصدر السابق ‪. 294 / 2 ،‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫( ‪ ) 37‬المصدر نفسه ‪. 294 / 2 ،‬‬ ‫( ‪ ) 38‬الوارجلني ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 297 – 295 / 2 ،‬‬ ‫( ‪ ) 39‬المصدر السابق ‪295 / 2 ،‬‬

‫الخصائص البارزة في الفقه الباضي‬ ‫ونقدم في الصفحات التالية عرضا موجزا لعدد من الخصائص البارزة في الفقه الباضي لكي نمثل لطبيعة الخلف ومداه‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ -1‬المسح على الخفين كجزء من الوضوء ‪:‬‬ ‫أ‪ -‬المسح على الخفين ( بدل من غسل القدمين كجزء من الوضوء ) ‪ .‬هذه المسألة ناقشها شاخت بتفصيل كنقطة خلف‬ ‫مميزة بين الشيعة الذين يرفضونها والسنة الذين أجازوها ( ‪. ) 1‬‬ ‫رفض الباضيون بالجماع المسح على الخفين ‪ .‬وقد قال جابر بن زيد بالنسبة لهذه القضية ‪ (( :‬كيف يمسح الرجل على‬ ‫خفيه وال تعالى يخاطبنا في كتابه بنفس الوضوء )) ‪ .‬وفي رأي المراجع الباضية أن الحديث الذي يتعلق بالمسح على‬ ‫الخفين أبطل بآية الوضوء في سورة المائدة ‪ ( :‬يأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى‬ ‫المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ) ( ‪ . ) 2‬وبين الصحابة الذين يروي الباضيون عنهم أنهم رووا‬ ‫الحديث الذي يقر بصحة المسح لكنهم قالوا أبطل ‪ ،‬علي بن أبي طالب ‪ ،‬وعبد ال بن عباس و بلل ‪ ،‬وأبو هريرة ‪،‬‬ ‫وعائشة ( ‪ . ) 3‬ويقال أيضا أن سعيد بن جبير الذي قال للحجاج بأن يعتمد المسح تخلى عن رأيه وزعم أنه قال ذلك‬ ‫لخوفه من الحجاج ( ‪. ) 4‬‬ ‫ومن ناحية أخرى روى الباضيون عددا من الثار ترفض المسح على الخفين ‪.‬‬ ‫‪ -1‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس ‪ (( :‬ما رأيت رسول ال ( صلى ال عليه وسلم ) مسح على خفه قط )) ( ‪5‬‬ ‫)‪.‬‬ ‫‪ -2‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة أنها قالت ‪ (( :‬ما رأيت رسول ال ( صلى ال عليه وسلم ) مسح على خفه قط ‪،‬‬ ‫وإني وددت أن يقطع الرجل رجليه من الكعبين أو يقطع الخفين من أن يمسح عليهما )) ( ‪. ) 6‬‬ ‫‪ -3‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة أنها قالت ‪ (( :‬لن أحمل السكين على قدمي أحب إلي من أن أمسح على الخفين‬ ‫)) ( ‪. ) 7‬‬ ‫‪ -4‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد قال ‪ (( :‬أدركت جماعة من أصحاب رسول ال ( صلى ال عليه وسلم ) فسألتهم هل يمسح‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫رسول ال عليه السلم ‪ ،‬على خفيه ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬ل ؛ قال جابر ‪ :‬كيف يمسح الرجل على خفيه وال تعالى يخاطبنا في كتبه‬ ‫بنفس الوضوء ؛ وال أعلم بما يرويه مخالفونا في أحاديثهم ؟ )) ( ‪. ) 8‬‬ ‫ورأي الباضيون بخصوص مسألة المسح على الخفين ‪ ،‬مختلف كل الختلف عن رأي السنة الذين أجازوا المسح ‪ ،‬أثناء‬ ‫السفر عند البعض ‪ ،‬وأثناء القامة والسفر عند البعض الخر ‪ .‬وقد تبنى المذهب الشيعي ‪ ...‬رأي الباضيين حول هذه‬ ‫المسألة ‪. ) 9 ( .‬‬ ‫نقاط الختلف الرئيسة حول هذا الموضوع ثلث ‪:‬‬ ‫‪ -1‬تتعلق النقطة الولى بقراءة القرآن في صلة الظهر والعصر ‪ .‬وفي فقه الباضية أن سورة (( الفاتحة )) هي التي‬ ‫يجب أن تقرأ في الركعتين الوليين معا ‪ ،‬وفي الركعتين التاليتين ‪ ،‬وهو رأي يعزى إلى جابر بن زيد ( ‪ . ) 10‬وهذا‬ ‫الموقف مدعوم بحقيقة أنه في جميع الركعات السرية من الصلوات الخرى كالركعة الثالثة من صلة المغرب ‪ ،‬وفي‬ ‫الركعتين التاليتين من صلة العشاء ‪ ،‬ل تقرأ غير سورة الفاتحة فقط ‪ ،‬وأن كل صلة أو ركعة من صلة ل تقرأ فيه غير‬ ‫سورة الفاتحة تقرأ بصمت سواء كانت الصلة في الليل أو في النهار ؛ أما في صلة الجمعة والعيد فإن القراءة فيهما ‪،‬‬ ‫برغم أنها في النهار ‪ ،‬يجب أن تكون جهرية بسبب قراءة السور الخرى فيها إلى جانب الفاتحة ‪ .‬وبما أن صلوات‬ ‫العصر والظهر سرية فإن الصول ذاتها هي التي يجب أن تطبق ‪ .‬وهكذا فقد اتبع الباضيون رأي الذين رفضوا قراءة‬ ‫السورة إلى جانب الفاتحة في صلوات الظهر والعصر ( ‪. ) 11‬‬ ‫‪ -2‬ونقطة الخلف الثانية هي القنوت ( أي لعن الخصوم السياسيين أثناء الصلوات ) ( ‪ . ) 12‬وتقر مذاهب السنة والشيعة‬ ‫بصحة ذلك ‪ .‬أما الباضيون فإنهم يرفضون القنوت ويرون أن الصلة مع الئمة الذين يمارسون القنوت ل تصح وأن تلك‬ ‫الصلة ينبغي لها أن تعاد ( ‪ . ) 13‬ويروي عن عمرو بن هرم أنه قال ‪ (( :‬سئل جابر بن زيد عن القنوت في صلة الفجر‬ ‫والوتر فقال ‪ :‬إنها بدعة ابتدعها الناس ‪ ،‬إن النبي ( صلى ال عليه وسلم ) لم يقنت قط في صلته ول الخليفتين بعده (‬ ‫‪. ) 14‬‬ ‫‪ -3‬ونقطة الخلف الثالثة هي بشأن صلة السفر ‪ .‬هنالك عدد من النقاط التي يختلف فيها الباضيون عن بعض مذاهب‬ ‫السنة أو عن كلها ‪.‬‬ ‫أ‪ -‬يعتبر قصر الصلة أثناء السفر فرضا من قبل الباضية ‪ ،‬وعتمدا الكوفيون والحنفية هذه النظرة نفسها ‪ ،‬وعد المالكية‬ ‫القصر في السفر سنة ‪ .‬على أن هنالك رأيين آخرين حول هذه المسألة ‪ :‬الول هو أن القصر رخصة ‪ ،‬والمفضل أن تكون‬ ‫الصلة كاملة تامة ‪ .‬والثاني هو أن القصر الصلة في السفر مسألة اختيارية ‪ .‬وكل الصلة نظر مما ذكر أعله مبنية على‬ ‫أحاديث منسوبة إلى الرسول عليه السلم ( ‪. ) 15‬‬ ‫ب‪ -‬المسافة التي يبدأ بها تنفيذ القصر ‪ .‬قال الباضيون وبعض الكوفيين والظاهرية بأنها فرسخان ‪ ،‬أي نحو ستة أميال ‪.‬‬ ‫ويستند هذا الرأي إلى حديث يرويه أنس بن مالك عن الرسول ؛ ثم إن الصحابيين علي بن أبي طالب وعبد ال بن عباس‬ ‫قال بهذا الرأي أيضا ‪ .‬أما مالك والشافعي وأهل المدينة فقالوا إن المسافة ينبغي أن ل تنقص عن أربع رحلت ‪ ،‬أي ما‬ ‫يعادل مسيرة يوم ‪ ،‬ف يحين أن بعض الكوفيين وأبا حنيفة قالوا بأن السفر ينبغي أن ل يقل عن ثلثة أيام ‪ ،‬ونسبوا رأيهم‬ ‫هذا إلى ابن مسعود ( ‪. ) 16‬‬ ‫ج‪ -‬الوقت الذي بعده ينبغي (( للمسافر )) أن يصلي الصلة التامة ‪.‬‬ ‫في رأي الباضيون أن (( المسافر )) ينبغي أن يواصل قصر صلته حتى ولو بقي إلى البد في المكان الذي سافر إليه ‪،‬‬ ‫ما لم يتخذه وطنا له ‪ ،‬أو ما لم يملك – كما قال ا[و عبيدة مسلم بن أبي كريمة – منزل له فيه ‪ .‬غير أن المالكية والشافعية‬ ‫ارتأوا أن على (( المسافر )) أن يكمل صلته إذا قرر المقام أربعة أيام أو أكثر ؛ أما أبو حنيفة وسفيان الثوري فقال إنه‬ ‫عليه أن يكمل صلته إذا قرر البقاء مدة خمسة عشرة يوما ‪ .‬وحكم الباضيين مبني على ممارسة عدد من الصحابة ‪،‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫كابن عمر الذي يروي عنه أنه بقي في أذربيجان ستة أشهر ‪ ،‬أو بناء على رواية أخرى ‪ ،‬سبعة عشر شهرا ‪ ،‬وهو يقصر‬ ‫في صلته ‪ .‬ويروي أيضا عن إبراهيم النخعي أن علقمة بن قيس ‪ ،‬صاحب ابن مسعود ‪ ،‬بقي في خوارزم سنتين وهو‬ ‫يقصر في صلته ‪ ،‬وأن الصحابي سعد بن أبي وقاص وعددا من صحابة الرسول بقوا في القادسية مدة طويلة وهم‬ ‫يقصرون ‪ .‬وفي رأي الجيطالي أن الفرق في هذه القضية يعود إلى أن الرسول لم يحدد وقتا معينا لذلك ( ‪. ) 17‬‬ ‫‪ -3‬الصوم ‪:‬‬ ‫نقطة الخلف الرئيسة حول هذا الموضوع تتعلق بغسل الجنابة بالنسبة للصوم ‪ .‬يرى الباضية أن التطهر من الجنابة‬ ‫ضروري للصوم كما هو ضروري للصلة ‪ .‬وموفقهم هذا مبني على أحاديث تروى عن أبي هريرة والفضل بن عباس‬ ‫معا بأن النبي قال ‪ (( :‬من أصبح جنبنا أصبح مفطرا )) ( ‪ . ) 18‬ويقول الباضيون إن أسلفهم في هذا الموقف هم أبو‬ ‫هريرة ‪ ،‬وطاووس ‪ ،‬وعروة بن الزبير ‪ ،‬وإبراهيم النخعي ‪ .‬أما المذاهب السلمية الخرى كلها فقالت إن الغسل من‬ ‫الجنابة ليس ضروريا في حالة الصوم وإن إهمال ذلك حتى الصباح ول يضر بالصوم ‪ .‬وموقفهم هذا مبني على أحاديث‬ ‫تروى عن عائشة وأم سلمة ‪ ،‬وهي أن الرسول استيقظ في الصباح جنبنا من جماع غير احتلم في رمضان ثم صام ( ‪19‬‬ ‫) ‪ .‬وبناء على ذلك فإنهم قالوا بأن إهمال الغسل من الجنابة خلل رمضان حتى صلة الظهر ل يؤثر في الصوم ‪ ،‬إذ إنه‬ ‫ضروري للصلة فقط ل للصوم ‪.‬‬ ‫ويقول الباضية ‪ ،‬دعما لوجهة نظرهم ‪ ،‬إن أقوال الرسول تنقض أعماله ‪ .‬وبالنسبة للحاديث المنقولة عن عائشة وأم‬ ‫سلمة بخصوص عمله في هذه الحالة فلعل ذلك كان عمل خاصا بالرسول ‪ ،‬أو لعله قد نسي ‪ ،‬أو كان نائما ‪ .‬غير أن‬ ‫الحاديث المروية عنه عن طريق أبي هريرة والفضل بن عباس ‪ ،‬تشير إلى قرار واضح ‪ ،‬ول تترك مجال لي تكهن (‬ ‫‪. ) 20‬‬ ‫والنقطة الخرى التي تميز المذهب الباضي في قضية الصوم هي تأثير الذنوب المعنوية على الصوم ‪ .‬ورأيهم أن جميع‬ ‫الذنوب الكبيرة تبطل الصوم ‪ .‬وهذه النظرة معتمدة على القياس بناء على حديث الرسول بأن الغيبة تفطر الصائم وتنقض‬ ‫الوضوء ( ‪ . ) 21‬وبناء على ذلك ‪ ،‬إن رواية الكذب ‪ ،‬والنميمة ‪ ،‬والحنث باليمين والذنوب المماثلة تبطل الصوم ( ‪. ) 22‬‬ ‫وهنا يمكن أن نضيف نقطة أخرى في الفرق بين الباضية والمذاهب السلمية الخرى ؛ وهي تتعلق بقضاء اليام التي‬ ‫لم يصمها المرء في رمضان السابق ‪ .‬وقد قال الباضيون إنه لبد من قضاء الصوم بصورة متوالية أياما بدل عن اليام‬ ‫التي لم تصم خلل رمضان ؛ ولكن المذاهب السلمية الخرى قالت إن التتابع ليس ضروريا في مثل هذه الحالة ؛ على‬ ‫المرء أن يصوم العدد المطلوب من اليام بصرف النظر عن تتابعها أو عدمه ( ‪. ) 23‬‬ ‫‪ -4‬الزكاة ‪:‬‬ ‫بالنسبة للزكاة هنالك نقطتان ‪:‬‬ ‫‪ -1‬اعتبر الباضيون الغنم كالبل ‪ .‬فحد النصاب الدنى للزكاة هو نفسه للغنم والبل ( ‪ . )24‬في خمس بقرات ‪ ،‬شاة‬ ‫واحدة ؛ في عشر ‪ ،‬شاتان في خمس عشرة ‪ ،‬ثلث شياه ؛ في عشرين ‪ ،‬أربع شياه ؛ في خمس وعشرين ‪ ،‬بقرة عمرها‬ ‫سنة واحدة ‪ .‬في ست وثلثين ‪ ،‬بقرة عمرها سنتان ( ثنية ) ؛ في ست وأربعين ‪ ،‬بقرة واحدة عمرها خمس سنوات‬ ‫( رباعية ) في إحدى وستين ‪ ،‬بقرة واحدة عمرها ست سنوات الخ ‪ ...‬وبالنسبة لمذاهب السنة ‪ ،‬فقد رأت أن النصاب‬ ‫الدنى للماشية هو ‪ :‬في ثلثين بقرة ‪ ،‬عجل عمره سنة واحدة ؛ وفي أربعين ‪ ،‬بقرة عمرها سنتان الخ ‪ ....‬وهذا الرأي‬ ‫الخير مبني على عدد من أحاديث تروى عن الرسول تتعلق بالحد الدنى من النصاب للماشية ( ‪ . ) 25‬وسأل أبو غانم‬ ‫أبا المؤرخ عن حديث لمعاذ ترويه مراجع السنة دعما لوجهة نظرها ‪.‬وكان جوابه ‪ (( :‬الثر عند فقهائنا الذين نأخذ عنهم‬ ‫ونعتمد عليهم أن السنة في زكاة البقر كالسنة في زكاة البل ‪ ،‬فيؤخذ منها ما يؤخذ من البل ‪ ،‬ويعمل فيها ما يعمل في‬ ‫البل ‪ ،‬وليس بينهم اختلف ‪ ....‬وأما حديث معاذ عن النبي ( صلى ال عليه وسلم ) فال أعلم به ‪ ،‬ولو نعلم أن ذلك عن‬ ‫معاذ عن النبي ( صلى ال عليه وسلم ) لخذنا به واعتمدنا عليه ‪ ،‬غير أن أصحابنا وأبيا عبيدة وجابر بن زيد لم يأخذوا‬ ‫به ‪ ،‬وقد بلغهم قول من وصفت )) ( ‪. ) 26‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫وفي محاولة لشرح سبب الفرق والدليل الباضي على موقفهم ‪ ،‬قال الجيطالي ‪ (( :‬وأظن أنهم قاسوا ذلك على نصاب‬ ‫البل ‪ ،‬أو صح عندهم فيه حديث لم أقف أنا عليه )) ( ‪ . ) 27‬على أن هنالك مجموعات سنية للحاديث تروى أحاديث‬ ‫يبدو أنها أساس الرأي ( الباضي ) ( ‪. ) 28‬‬ ‫‪ -2‬والنقطة الثانية تتعلق بالشخاص الذين ينبغي أن تعطي الزكاة لهم ‪ .‬الباضيون يشترطون أن يكون هذا الشخص في‬ ‫حالة (( ولية )) ‪ .‬وبناء على ذلك وينبغي للزكاة أن ل تعطى إل لهل الولية ‪ .‬وإذا لم يكن هنالك فقراء بين هؤلء فإنه‬ ‫يجب أن تعطي لفقراء الباضية حتى ولو لم يكونوا من أهل (( الولية )) ‪ .‬وإذا لم يوجد مثل هؤلء عندئذ تعطى‬ ‫للمسلمين الضعاف الفقراء من غير الباضية ممن ل يخشى أن يسببوا أذى للباضية ( ‪. ) 29‬‬ ‫‪ -5‬النكاح ‪:‬‬ ‫تتناول نقطة الخلف هنا حالة الطرفين اللذين يرتكبان فاحشة الزنى ‪ .‬قال الباضيون إن مثل هذه العلقة تشكل عائقا‬ ‫دائما يمنع الزواج بين هذين الطرفين المذنبين ‪ .‬ويروي ابن خلفون أن سائر فقهاء الباضية مجمعون على هذه النقطة‬ ‫وأسلفهم في هذا الموقف هم الصحابة ‪ :‬عبد ال بن مسعود ‪ ،‬وعائشة ‪ ،‬والبراء بن عازب ‪ ،‬وعلي بن أبي طالب ‪ ،‬وأبو‬ ‫هريرة ‪ ،‬وجابر بن عبد ال ‪ ،‬وكان عالما البصرة الحسن بن أبي الحسن ومحمد بن سيرين على هذا الرأي أيضا ( ‪. ) 30‬‬ ‫وكذلك قال به الشيعة الثناء عشرية ( ‪ . ) 313‬أما مذاهب السنة الخرى فقالت إنه يجوز للطرفين اللذين ارتكبا فاحشة‬ ‫الزنى أن يتزوج أحدهما الخر ‪ ،‬إنما اشترط البعض عليهما التوبة والحياة الصالحة فيما لم يضع البعض الخر أي شرط‬ ‫‪.‬‬ ‫وقدم ابن خلفون في رسالته عرضا مفصل لهذه القضية ولحجج سائر الطراف ( ‪. ) 32‬‬ ‫‪ -6‬الرث ‪:‬‬ ‫بالنسبة للمولى ‪ ،‬قال علماء الباضية – باستثناء أبي نوح الدهان – إن أموال المولى الذي ل أنسباء له يرثها أهله ل موله‬ ‫( ‪ . ) 33‬وإذا كان للمولى المتوفى أقرباء ‪ ،‬فإن أمواله يجب أن تعطى لهم ؛ وأما إذا لم يكن هنالك وريث له ينتسب إلى‬ ‫قبيلته فالموال يجب أن تعطى لبناء جنسه الحاضرين في بلده يوم وفاته ‪ ،‬على أن يتساوى نصيب النثى والذكر ‪ .‬وإذا‬ ‫كان والداه من عرقين مختلفين فإن بعض علماء الباضية قالوا بإعطاء أمواله لهل والده ‪ .‬وبناء على ما قاله أبو‬ ‫الحوارني ‪ ،‬فإن أمواله يجب أن تقسم ثلثة أنصبة ‪ ،‬ثلثين لهل والده ‪ ،‬وثلث لهل والدته ‪ .‬وقال شيوخ جبل نفوسة أن من‬ ‫حضر أول من أهل المتوفى فهو أحق بالميراث ( ‪ . ) 34‬وقالت المذاهب السلمية الخرى أنه إذا لم تكن للمولى‬ ‫(( عصبة )) ‪ ،‬فإن موله الذي كان قد أعتقه هو وريثه ‪ .‬وإذا لم يكن موله حيا ‪ ،‬فإن (( عصبته )) ينبغي لها أن ترث‬ ‫أملك المولى ‪ .‬وعند عدم وجود أحد من هؤلء ‪ ،‬فإن أموال المولى تؤول إلى بيت المال ( ‪.) 35‬‬ ‫‪ -7‬الحدود والقصاص ‪:‬‬ ‫إن الخاصة الرئيسة المميزة للمذهب الباضي في هذا المجال هي التعطيل المؤقت للحدود باستثناء عقوبة العدام ( ما‬ ‫عدا الرجم ) خلل فترة الكتمان ( ‪ . ) 36‬وبالضافة إلى هذه الخاصة ‪ ،‬يمكن لنا هنا أن نذكر نقطتين أخريين ‪:‬‬ ‫‪ -1‬بين المذاهب السلمية كلها ‪ ،‬كان الباضيون وحدهم هم الذين حددوا الجراءات التي بموجبها ينبغي أن تدفع مبالغ‬ ‫محددة تعويضا عن إنزال الضرار الجسدية ‪ ،‬دون الدامية خطورة ‪ ،‬في حين أنه لم يحدد لذلك أي مبلغ من قبل السنة ‪.‬‬ ‫لقد تركت المذاهب السلمية الخرى مثل هذه الحالت لقرار (( الحكومة )) التي تقدر العقوبة ‪ ،‬أي مقدار ما يخفضه‬ ‫الضرر المشار إليه بقيمة الرقيق ‪ ،‬وهو ما يحدد نسبة الدية التي تدفع ( ‪ . ) 37‬وقد وضع علماء الباضية ‪ ،‬بغية اجتناب‬ ‫القرارات غير العادلة من قبل الحكومة ‪ ،‬مقياسا لتقدير الضرار وتحديد المبلغ الذي يجب أن يدفع تعويضا عنها ‪ .‬ووحده‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫تقدير الضرار هي (( الراجبة )) ‪ ،‬أو عقدة الطرف في البهام ‪ ،‬أي ما يقرب من بوصة واحدة ( ‪. ) 38‬‬ ‫‪ -2‬وفي القصاص ‪ ،‬إذا كان ينبغي قتل الرجل عقوبة له لقتله امرأة متعمدا ‪ ،‬فإنه يجب على ولي المرأة أن يعيد نصف دية‬ ‫الرجل إلى أقارب الرجل ( ‪ . ) 39‬وهذا هو الموقف نفسه الذي اتخذه الثناء عشرية ( ‪. ) 40‬‬ ‫وباستثناء المثلة التي ذكرناها أعله ‪ ،‬قد يختلف الباضيون أو يتفقون في نواح عديدة من نظامهم الفقهي مع هذا المذهب‬ ‫السلمي أو ذاك ‪ .‬وما عدا ذلك فل فارق كبيرا بين الفقه الباضي والفقه السني بوجه عام ‪ .‬وإذا كان الباضيون يرون‬ ‫نفس الرأي كالشيعة الثنى عشرية في بعض المسائل ‪ ،‬فإنهم يختلفون عنهم أيضا في نقاط أخرى ‪ .‬ونكاح المتعة ‪ ،‬على‬ ‫سبيل المثال ‪ ،‬هي إحدى المسائل التي يرى فيها الباضيون رأي السنة والفرع الزيدي ‪ ،‬لكن الشيعة الثنى عشرية‬ ‫يعتبرونها شرعية ( ‪. ) 41‬‬ ‫على أي حال ‪ ،‬فقد نوقش بعض هذه المسائل في وقت باكر من قبل المصادر الباضية كمدونة أبي غانم ‪ .‬وفي عدد من‬ ‫الحالت واجه أبو غانم شيوخه برأي العلماء غير الباضيين ‪ ،‬لكن ردهم كان عادة (( ل شيء فيما يقولونه ؛ هم رووا‬ ‫الكاذيب و أخطأوا في الرواية ؛ إننا ل نتبع هذا الخبر ‪ .‬فقهاؤنا ل يعترفون بهذه الرواية الخ ‪ ، ) 42 ( ...‬من غير إيراد‬ ‫أي حجج دعما لهذه الدعاءات ‪ .‬وفي حالت معينة ‪ ،‬كحالة أن الولد ‪ ،‬وحالة المكاتب عرضوا حججهم وبراهينهم‬ ‫بالتفصيل ( ‪ . ) 43‬والعلماء المسلمون الخرون يشار إليهم بعبارة (( فقهاء قومنا ‪ .‬وعند سماع أبي المؤرخ شخصيا بأن‬ ‫أبا عبيدة قال ‪ (( :‬وكل صلة ل يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ‪ ،‬فقلت ( أبو غانم ) له حينئذ ‪ :‬يا أبا المؤرخ إن هذا قول‬ ‫قومنا ‪ ،‬قال ‪ :‬قومك يقولون حقا كثيرا لم يخالفهم المسلمون فيما أصابوا ‪ ،‬ولكن إنما خالفوهم فيما أخطأوا فيه وكذبوا )) (‬ ‫‪. ) 44‬‬ ‫كان الباضيون ينظرون إلى أنفسهم باستمرار بأنهم المسلمون الحقيقيون ؛ وبأن شرعهم هو الدين السلمي الصحيح‬ ‫معتبرين أن مذهبهم هو الممثل الحث للسنة الصحيحة والمتفوق على المذاهب السلمية الخرى ‪ .‬وقد عبر الشيخ‬ ‫الباضي محمد يوسف اطفيش في العصر الحديث عن هذا الرأي بالكلمات التالية ‪:‬‬ ‫(( قولنا صواب ويحتمل الخطأ ‪ ،‬وقول غيرنا خطأ يحتمل الصواب )) ( ‪. ) 45‬‬ ‫على أن هذه النظرة الباضية إلى المذاهب الفقهية غير الباضية لم تمنع أحد علمائهم البارزين من إدخال مبدأ جديد على‬ ‫الفقه الباضي بقوله أنه مسموح للمفتين الباضيين أن يستعينوا بآراء المذاهب غير الباضية إذا لم يوجد لعلماء الباضية‬ ‫آراء في تلك المسائل ( ‪. ) 46‬‬ ‫==================================‬ ‫‪.‬‬ ‫( ‪ ) 1‬شاخت ‪ ،‬نشأة الفقه السلمي ‪. 261 ،‬‬ ‫( ‪ ) 2‬المصدر السابق ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 3‬المصدر السابق ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 4‬توفي جابر سنة ‪ 93‬هـ ‪ .‬وولد مالك بين ‪ 90‬و ‪ 97‬هـ ‪ .‬انظر ‪ :‬أبو زهرة ‪ ،‬مالك ( ط ‪ ، 2‬القاهرة ‪. 24 ، ) 1952 ،‬‬ ‫( ‪ ) 5‬ولد أبو حنيفة نحو ‪ 700 / 81‬؛ انظر محمد أبو زهرة ‪ ،‬أبو حنيفة ‪ ( ،‬ط ‪ ، 2‬القاهرة ‪. 12 ، ) 1955 ،‬‬ ‫( ‪ ) 6‬كولسون ‪ ،‬تاريخ الشرع السلمي ‪. 109 ،‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫( ‪ ) 7‬المصدر نفسه ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 8‬شاخت ‪ ،‬نشأة ‪. 237 – 236 ،‬‬ ‫( ‪ ) 9‬ابن خلفون ‪ ،‬أجوبة ‪ 39‬؛ السالمي ‪ ،‬حاشية الجامع الصحيح ‪. 179 – 177 / 1 ،‬‬ ‫( ‪ ) 10‬القرآن ‪. 6 ، 5 ،‬‬ ‫( ‪ ) 11‬ابن خلفون ن المصدر نفسه ‪ 39‬؛ أبو غانم ‪ ،‬المدونة ‪ 18 – 17 ،‬؛ الجيطالي ‪ :‬قواعد ‪ ،‬مخطوطة ‪. 67‬‬ ‫( ‪ ) 12‬ابن خلفون ‪ ،‬أجوبة ‪. 39 ،‬‬ ‫( ‪ ) 13‬الربيع بن حبيب ‪ ،‬مسند ‪. 36 / 1 ،‬‬ ‫( ‪ ) 14‬المصدر نفسه ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 15‬المصدر السابق ‪. 37 – 36 / 1 ،‬‬ ‫( ‪ ) 16‬المصدر السابق ‪. 36 / 1 ،‬‬ ‫( ‪ ) 17‬شاخت ‪ ،‬نشأة ‪ 263 ،‬؛ المام زيد بن علي ‪ ،‬مسند ‪. 82 – 80 ،‬‬ ‫( ‪ ) 18‬جابر بن زيد ‪ ،‬كتاب الصلة ‪ ،‬مخطوطة ‪. 3‬‬ ‫( ‪ ) 19‬الجيطالي ‪ ،‬قواعد مخطوطة ‪ 120 – 199‬؛ علي معمر أجوبة وفتاوى ( ليبيا ‪ ،‬نالوت ‪. 23 – 18 ، ) 1970 ،‬‬ ‫( ‪ ) 20‬شاخت ‪ ،‬نشأة ‪ 267 ،‬وما يليها ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 21‬الشماخي ‪ ،‬سير ‪. 92 – 91 ،‬‬ ‫( ‪ ) 22‬جابر ‪ ،‬كتاب الصلة ‪ 6 – 5‬؛ الربيع بن حبيب ‪ ،‬مسند ‪ 81 / 1‬؛ أبو غانم ‪ ،‬المدونة ‪. 26 ،‬‬ ‫( ‪ ) 23‬الجيطالي ‪ ،‬قواعد ‪. 112 – 111 ،‬‬ ‫( ‪ ) 24‬المصدر السابق ‪. 112‬‬ ‫( ‪ ) 25‬المصدر السابق ‪ 114 – 113‬؛ أبو غانم ‪ ،‬المدونة ‪ 26 ،‬؛ للمزيد من التفاصيل عن الموضوع انظر علي معمر ‪:‬‬ ‫أحكام السفر في السلم ‪ ،‬بيروت ‪. 1966 ،‬‬ ‫( ‪ ) 26‬الربيع بن حبيب ‪ ،‬مسند ‪. 85 – 84 / 1 ،‬‬ ‫( ‪ ) 27‬مالك ‪ ،‬الموطأ ‪ . 213 / 1‬البخاري ‪ ،‬صحيح ‪ 249 / 1‬؛ مسلم ‪ ،‬صحيح ‪. 38 – 137 / 3‬‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫‪www.aldura.net‬‬ ‫( ‪ ) 28‬أبو غانم ‪ ،‬المدونة ‪ 71‬؛ الجيطالي ‪ ،‬قواعد ‪. 196 ،‬‬ ‫( ‪ ) 29‬الربيع بن حبيب ‪ ،‬مسند ‪. 85 ، 33 / 1 ،‬‬ ‫( ‪ ) 30‬الجيطالي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪ 198 ،‬؛ الجناوني ‪ :‬الوضع ‪. 156 ،‬‬ ‫( ‪ ) 31‬الجيطالي ‪ ،‬مصدر مذكور سابقا ‪. 206 ،‬‬ ‫( ‪ ) 32‬المصدر السابق ‪. 164 ،‬‬ ‫( ‪ ) 33‬الزيلعي ‪ ،‬نصب الراية ( ‪. 353 – 346 / 2 ، ) 1357 / 1938‬‬ ‫( ‪ ) 34‬أبو غانم ‪ ،‬المدونة ‪. 69 – 68 ،‬‬ ‫( ‪ ) 35‬الجيطالي ‪ ،‬قواعد ‪. 164 ،‬‬ ‫( ‪ ) 36‬الزيلعي ‪ ،‬نصب الراية ‪. 348 – 347 / 2 ،‬‬ ‫( ‪ ) 37‬الجيطالي ‪ ،‬قواعد ‪ 180‬؛ أبو ساكن الشماخي ‪ ،‬إيضاح ‪ ،‬مخطوطة ‪. 46 / 2‬‬ ‫( ‪ ) 38‬ابن خلفون ‪ ،‬أجوبة ‪. 9 ،‬‬ ‫( ‪ ) 39‬شاخت ‪ ،‬نشأة ‪. 268 ،‬‬ ‫( ‪ ) 40‬ابن خلفون ‪ ،‬أجوبة ‪. 14 – 9‬‬ ‫( ‪ ) 41‬أبو غانم ‪ ،‬المدونة ‪. 337‬‬ ‫( ‪ ) 42‬السالمي ‪ ،‬شرح الجامع الصحيح ‪ 441 / 3 ،‬؛ الجيطالي ‪ ،‬فرائض مخطوطة ‪ 12‬ب – ‪ 13‬أ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 43‬شاخت ‪ ،‬مدخل ‪. 170 ،‬‬ ‫( ‪ ) 44‬انظر أعله ‪ 174 – 172‬وما يلي ‪. 412‬‬ ‫( ‪ ) 45‬شاخت مصدر مذكور سابقا ‪. 186‬‬ ‫( ‪ ) 46‬للمزيد من التفاصيل انظر ‪ :‬عبد العزيز الثميني ‪ ،‬النيل ( تحقيق بكلي عبد الرحمن بن عمر ن الجزائر ‪،‬‬

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬

More Documents from "BADAR MOHAMMED"

May 2020 0
May 2020 0
May 2020 0
May 2020 0
May 2020 0
May 2020 0