الإخلاص في العمل

  • Uploaded by: BADAR MOHAMMED
  • 0
  • 0
  • May 2020
  • PDF

This document was uploaded by user and they confirmed that they have the permission to share it. If you are author or own the copyright of this book, please report to us by using this DMCA report form. Report DMCA


Overview

Download & View الإخلاص في العمل as PDF for free.

More details

  • Words: 1,653
  • Pages: 8
‫موقع واحة اليمان‬ ‫‪www.waleman.com‬‬

‫الخلص في العمل‬ ‫محاضرة لسماحة الشيخ أحمد الخليلي ‪-‬حفظه ال‪-‬‬

‫موقع واحة اليمان‬ ‫‪www.waleman.com‬‬ ‫‪[email protected]‬‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم‬ ‫موقع واحة اليمان‬

‫مكتبة الكتب‬

‫موقع واحة اليمان‬ ‫‪www.waleman.com‬‬

‫الحمد ل الذي نور بصائر عباده العارفين ‪ ،‬وطهر سرائر أوليائه المخلصين ‪،‬‬ ‫أحمده تعالى بما هو له أهل من الحمد وأثني عليه وأستغفره من جميع الذنوب‬ ‫وأتوب إليه ‪ ،‬وأومن به وأتوكل عليه ‪ ،‬من يهده ال فل مضل له ومن يضلل فل‬ ‫هادي له ‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا‬ ‫عبده ورسوله أرسله إلى خلقه بشيرا ونذيرا ‪ ،‬وداعيا إلى ال بإذنه وسراجا‬ ‫منيرا ‪ ،‬فبلغ الرسالة وأدى المانة ونصح المة وكشف الغمة ‪ ،‬صلى ال وسلم‬ ‫تسليما عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى تابعيهم بإحسان إلى يوم الدين ‪ ،‬أما‬ ‫بعد ‪:‬‬

‫فل ريب أن الخلص هو روح العبادات والعمل ‪ ،‬ولئن كانت الجثث بدون أرواحها‬ ‫تكون هامدة متعفنة فاسدة فإن العمل إن تجرد من الخلص كان نتنا قذرا وكان‬ ‫أشد نتنا وأقبح مظهرا من الجثة التي تفقد الروح ‪ ،‬ذلك بأن قيمة العمل إخلصه ‪،‬‬ ‫والخلص هو في اللغة مصدر أخلص يـخلص بمعنى جعل الشيء خالصا ‪،‬‬ ‫وحقيقته الشرعية ليست بعيدة من حقيقته اللغوية‪ ،‬ومن أجل ذلك عرفه من العلماء‬ ‫من عرفه بأنه تصفية العمال من شوائب القصد بها غير وجه ال سبحانه‬ ‫وتعالى ‪ ،‬أي من أن يقصد النسان بعمل من أعماله أي غرض من أغراض دنيوية‬ ‫‪.‬‬ ‫موقع واحة اليمان‬

‫مكتبة الكتب‬

‫موقع واحة اليمان‬ ‫‪www.waleman.com‬‬

‫والرسول عليه أفضل الصلة والسلم قال ‪( :‬سألت جبريل عن الخلص فقال ‪:‬‬ ‫سألت رب العزة والجلل عن الخلص فقال ‪ :‬هو سر من سري أختص به من‬ ‫أحببت من عبادي) ‪ ،‬ومعنى ذلك أن الخلص صلة ما بين العبد وربه ‪ ،‬هذه الصلة‬ ‫ل يطلع عليها ملك مقرب ول نبي مرسل وإنما هو صلة بين العبد وربه ‪ ،‬وال‬ ‫يختص من يشاء بما يشاء ‪ ،‬وقد جاء في كتاب ال تبارك وتعالى ما يدل على أن‬ ‫الخلص هو روح هذا الدين ذلك لن كتاب ال عز وجل جاء داعيا إلى ملة السلم‬ ‫‪ ،‬واستسلم العبد ل تبارك وتعالى بأن يسلم العبد لربه قلبه وعقله وجسده وروحه‬ ‫وضميره وغرائزه ‪ ،‬وقد عبر الحق عز وجل عن ذلك بقوله (وما أمروا إل ليعبدوا‬ ‫ال مخلصين له الدين) ‪.‬‬

‫فالخلص في العمل إنما هو حقيقة السلم وجوهره وسره ‪ ،‬وذلك لئل يتعلق العبد‬ ‫عندما يعمل أي عمل كان لي غرض من أغراض الدنيا وإنما يريد بعمله وجه ال‬ ‫تبارك وتعالى ‪ ،‬ول يعمل أي عمل مراعيا فيه أحد من خلق ال مهما عل شأنه‬ ‫وعظم قدره ذلك لن الناس جميعا ل يملكون نفع أحد ول ضره ‪ ،‬ول يملكون لي‬ ‫أحد شروى نقير في هذا الوجود وإنما الملك ل سبحانه يصرف هذا الكون بما‬ ‫يشاء ‪ ،‬فالعبد إنما هو عبدال ويجب عليه أن يخلص هذه العبودية ل ‪ ،‬والعبادة‬ ‫إنما هي ضريبة العبودية فيجب أن تكون ل الخالق وحده ل إله إل هو ‪.‬‬ ‫موقع واحة اليمان‬

‫مكتبة الكتب‬

‫موقع واحة اليمان‬ ‫‪www.waleman.com‬‬

‫وهذه هي حقيقة السلم ذلك لن ال عز وجل يقول ‪( :‬قل إنني هداني ربي إلى‬ ‫صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين قل إن صلتي‬ ‫ونسكي ومحياي ومماتي ل رب العالمين ل شريك له وبذلك أمرت وأنا أول‬ ‫المسلمين) ‪ ،‬فالسلم إذا أن تكون الصلة ل تبارك وتعالى ‪ ،‬وأن يكون النسك‬ ‫الذي هو الذبح –وفيه منفعة للعباد‪ -‬ل عز وجل ‪ ،‬وأن تكون الحياة له تعالى وأن‬ ‫يكون الممات له سبحانه ‪ ،‬وهذا هو الخلص ‪ ،‬على أن جميع الرسالت التي‬ ‫جاءت من عند ال تبارك وتعالى لتحقيق منهج ال في الرض ‪ ،‬ولوصل العباد بال‬ ‫عز وجل من خلل أوامره وفرائضه ‪ ،‬هذه الرسالت جميعا التقت على إخلص‬ ‫العبادة ل ‪ ،‬فال تبارك وتعالى يقول ‪( :‬وما أرسلنا من قبلك من رسول إل نوحي‬ ‫إليه أنه ل إله إل أنا فاعبدون) ‪ ،‬فإن العبادة الخالصة ل تبارك وتعالى تعني أن‬ ‫يكون العبد مخلصا ل سبحانه وتعالى سره وجهره ل يبتغي بأي عمل من العمال‬ ‫إل وجه ال تبارك وتعالى وإذا كان العبد يقف في اليوم والليلة خمس مرات على‬ ‫القل بين يدي ال تعالى يكرر في كل مرة يقفها عدة مرات قوله ‪( :‬إياك نعبد وإياك‬ ‫نستعين) فإن عليه أن يكون صادقا في قوله ‪ ،‬فإنه يخاطب من ل تخفى عليه خافية‬ ‫في الرض ول في السماء ‪ ،‬يخاطب ال سبحانه وتعالى الذي يعلم ما يختلج بين‬ ‫حنايا ضميره ‪ ،‬ويحيط بكل ما يختلسه سره ‪.‬‬

‫على أن ال عز وجل بين في محكم كتابه العزيز أن عدم إخلص العبادة ل هو‬ ‫موقع واحة اليمان‬

‫مكتبة الكتب‬

‫موقع واحة اليمان‬ ‫‪www.waleman.com‬‬ ‫ضرب من الشراك ‪ ،‬فال تعالى يقول ‪( :‬فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملً‬ ‫صالحا ول يشرك بعبادة ربه أحدا) ‪ ،‬والية الكريمة تدل على أن عبادة ال تبارك‬ ‫وتعالى يجب أن تكون خالصة ل تشوب بها شائبة من رياء ول تشوبها شائبة من‬ ‫ابتغاء غرض من أغراض هذه الدنيا ‪ ،‬وأل يقصد بأي عمل من العمال التي يتقرب‬ ‫بها العبد إلى ال عز وجل سواء أكان هذا العمل فيما بينه وبين ربه كالصلوات‬ ‫والصيام والحج أو كانت فيه منفعة للعباد كالزكوات والصدقات وعول الضعيف‬ ‫وإغاثة الملهوف ونصرة المظلوم وبر الوالدين وصلة الرحم وما إلى ذلك ‪ ،‬وكذلك‬ ‫اجتناب المنهيات أن يكون ذلك كله لجل وجه ال سبحانه وتعالى ‪( ،‬فمن كان‬ ‫يرجو لقاء ربه فليعمل عملً صالحا ول يشرك بعبادة ربه أحدا) ‪.‬‬

‫وقد جاء في العديد من الروايات تسمية الشرك عند رسول ال عليه أفضل الصلة‬ ‫والسلم وعند السلف الصالح بالشرك الخفي ‪ ،‬وسماه بعضهم الشرك الصغر ‪ ،‬وقد‬ ‫جاء أيضا في حديث أخرجه الدارقطني أن الرسول عليه أفضل الصلة والسلم قال‬ ‫‪( :‬يقول ال تبارك وتعالى ‪ :‬أنا خير شريك ‪ ،‬فمن عمل عملً أشرك فيه غيري فهو‬ ‫لغيري ‪ .‬يا أيها الناس أخلصوا ل تعالى أعمالكم ول تقولوا هذا ل والرحم فإنها‬ ‫للرحم وليس ل فيها شيء ‪ ،‬ول تقولوا هذا ل ولوجوهكم فإنها لوجوهكم وليس‬ ‫ل تعالى فيها شيء) ‪.‬‬

‫موقع واحة اليمان‬

‫مكتبة الكتب‬

‫موقع واحة اليمان‬ ‫‪www.waleman.com‬‬ ‫وجاء أيضا في رواية أخرجها الدارقطني أن رسول ال عليه أفضل الصلة والسلم‬ ‫أخبر بأنه يؤتى يوم القيامة بالصحف المختمة فتنصب بين يدي ال تعالى فيقول ال‬ ‫تعالى لملئكته وهو أعلم ‪( :‬يقبل هذا ويرد هذا) فيقولون له ‪ :‬يا ربنا إنا لم نر إل‬ ‫خيرا ‪ ،‬فيقول ال عز وجل ‪( :‬هذا ابتغي به غير وجهي ‪ ،‬وما ابتغي به غير وجهي‬ ‫فل أقبله) ‪ ،‬فإذا هذه الحاديث كلها تدل على أن ابتغاء غير وجه ال تبارك وتعالى‬ ‫في أي عمل من العمال إنما هو ضرب من ضروب الشرك ‪ ،‬هو شرك جزئي أو‬ ‫كما يسمى الشرك الخفي أو الشرك الصغر ولكنه ل يصل لصاحبه إلى أن يخرج‬ ‫من ملة السلم بحيث ل تحل مناكحته ول موارثته إلى غير ذلك من الحكام ‪ ،‬يقول‬ ‫ال عز وجل ‪( :‬يا أيها الذين ءامنو ل تبطلوا صدقاتكم بالمن والذى كالذي ينفق‬ ‫ماله رئاء الناس ول يؤمن بال واليوم الخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب‬ ‫فأصابه وابل فتركه صلدا ل يقدرون على شيء مما كسبوا وال ل يهدي القوم‬ ‫الكافرين) ‪.‬‬

‫تجدون أن ال تبارك وتعالى بين بأن هؤلء ل يكون لهم ربح مما عملوا ذلك لنهم‬ ‫ابتغوا بهذا العمل غير وجه ال ‪ ،‬كمثل الصخرة التي عليها طبقة خفيفة من تراب‬ ‫ل تكاد هذه الطبقة تنبت شيئا ول يمكن أن ينبت عليها شيء ‪ ،‬وبجانب ذلك يأتي‬ ‫المطر ويقضي على وجود هذه الطبقة على هذه الصخرة فإذا بهذا المنظر الكالح‬ ‫البغيض القبيح من هذه الصخرة باد ‪ ،‬ثم بين بعد ذلك أنهم ل يقدرون على شيء‬ ‫مما كسبوا هؤلء المراءون ل ينتفعون بشيء مما كسبوا إذ المنتفعون بأعمالهم‬ ‫موقع واحة اليمان‬

‫مكتبة الكتب‬

‫موقع واحة اليمان‬ ‫‪www.waleman.com‬‬ ‫إنما هم الذين يقصدون بهذه العمال وجه ال ‪ ،‬وقد بين هذه الصورة الصحيحة‬ ‫للنفاق ‪ ،‬الصورة التي يكون فيها المنفق مخلصا ل سبحانه وتعالى ل يبغي على‬ ‫إنفاقه جزاء في الدنيا ول شكرا من العباد فقال عز وجل ‪( :‬ومثل الذين ينفقون‬ ‫أموالهم ابتغاء مرضاة ال وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت‬ ‫أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل وال بما تعملون بصير) ‪.‬‬

‫وكما يطلب من النسان أن يكون مخلصا في عمله يطلب منه أن يكون مخلصا في‬ ‫علمه وأن يكون مخلصا في تعليمه هذا العلم ذلك لن العلم أمانة ال تبارك وتعالى‬ ‫وهذه المانة تستوجب الخلص وعلى النسان أن يطلب العلم لوجه ال تعالى وأن‬ ‫يحرص على أن ل يريد بهذا العلم الذي يطلبه مناصب دنيوية ول منافع عند الناس‬ ‫ول سمعة وشهرة بين الناس وإنما يحرص كل الحرص على أن يتعلم العلم لوجه‬ ‫ال عز وجل بحيث يكون تعلمه لجل أن يعبد ال عز وجل على بصيرة وأن يفيد‬ ‫الناس مما يتعلمه وأن يدعو إلى ال عز وجل على بصيرة لن العبادة هي أمانة في‬ ‫العناق ‪ ،‬ولئن كان النسان عندما يعمل عملً دنيويا أي عمل كان ‪ ،‬يتعلم كيفية‬ ‫أداءه أولً ليحسن هذا العمل ‪ ،‬فكيف إذا كان هذا العمل أخرويا ؟ ‪ ،‬كيف إذا كان‬ ‫المر هو عبادة ال التي نيطت بها رسالت السماء ؟ ‪ ،‬فجميع الرسالت تواكبت‬ ‫على هذا المحيط الرضي لجل تطويع الناس ل بحيث يخلصون له عبادتهم ‪.‬‬

‫موقع واحة اليمان‬

‫مكتبة الكتب‬

‫موقع واحة اليمان‬ ‫‪www.waleman.com‬‬

‫جاء في الحديث الذي أخرجه المام الربيع بن حبيب من طريق أن رضي ال عنه‬ ‫أن النبي عليه أفضل الصلة والسلم قال ‪( :‬من تعلم العلم ليباهي به العلماء أو‬ ‫ليماري به السفهاء لقي ال وهو خائب من الحسنات) ‪ ،‬كل هذه الروايات تفيد أن‬ ‫طلب العلم عبادة فيجب على طالب العلم أن يخلص هذه العبادة ل وإل دخل في‬ ‫الشرك الخفي ‪ ،‬ل بد من أن تكون هذه العبادة خالصة لوجه ال سبحانه وتعالى فل‬ ‫يبتغي بطلب العلم ثناء ول يبتغي بطلب العلم نيل مرتبة دنيوية ‪ ،‬نعم إن يسر ال‬ ‫تبارك وتعالى له الرزق وآتاه إياه بسبب ما آتاه من العلم فقد ضاعف ال تبارك‬ ‫وتعالى له الخير وتضاعف عليه الواجب أن يشكر هذا الخير الذي آتاه ال ‪ ،‬ولئن‬ ‫أراد النسان وجه ال سبحانه وتعالى فابتغى بطلبه العلم أو بأي عمل من أعماله‬ ‫وجه ال جمع ال تبارك وتعالى له خيري الدنيا والخرة (من كان يريد حرث‬ ‫الخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الخرة‬ ‫من نصيب) ‪.‬‬

‫والسلم عيكم ورحمة ال وبركاته‬

‫موقع واحة اليمان‬

‫مكتبة الكتب‬

More Documents from "BADAR MOHAMMED"

May 2020 0
May 2020 0
May 2020 0
May 2020 0
May 2020 0
May 2020 0