Articles_الجزء الثاني تفسير المنتخب

  • Uploaded by: islam
  • 0
  • 0
  • June 2020
  • PDF

This document was uploaded by user and they confirmed that they have the permission to share it. If you are author or own the copyright of this book, please report to us by using this DMCA report form. Report DMCA


Overview

Download & View Articles_الجزء الثاني تفسير المنتخب as PDF for free.

More details

  • Words: 83,875
  • Pages: 223
‫الزء الثان‬ ‫تفسي النتخب‬ ‫صدْرِ َك َحرَجٌ مِ ْن ُه لِتُ ْنذِرَ بِ ِه َوذِ ْكرَى لِلْ ُم ْؤمِنِيَ (‬ ‫ب ُأنْ ِزلَ ِإلَ ْيكَ فَلَا َيكُ ْن فِي َ‬ ‫الص (‪ )1‬كِتَا ٌ‬ ‫‪)2‬‬ ‫‪ -1‬الص ‪ ،‬هذه الروف الصوتية تذكر ف أوائل بعض السور الكية ‪ ،‬لتنبيه الشركي‬ ‫إل أن القرآن الكري مكون من الروف الت ينطقون با ‪ ،‬ومع ذلك يعجزون عن‬ ‫التيان بثله ‪ ،‬كما أن ف هذه الروف إذا تليت حل لم على السماع إذا تواصوا بأل‬ ‫يسمعوا القرآن ‪.‬‬ ‫‪ -2‬أنزل إليك القرآن لتنذر به الكذبي ليؤمنوا ‪ ،‬وتذكّر به الؤمني ليزدادوا إيانا ‪،‬‬ ‫فل يكن ف صدرك ضيق عند تبليغه خوفا من التكذيب ‪.‬‬ ‫اتّبِعُوا مَا أُْن ِزلَ ِإلَ ْيكُ ْم ِمنْ َربّ ُكمْ َولَا تَتِّبعُوا ِم ْن دُوِنهِ أَ ْولِيَا َء قَلِيلًا مَا َتذَ ّكرُونَ (‪ )3‬وَ َكمْ‬ ‫ِمنْ َق ْرَيةٍ َأهْلَكْنَاهَا فَجَا َءهَا بَ ْأسُنَا بَيَاتًا َأوْ ُه ْم قَائِلُونَ (‪ )4‬فَمَا كَا َن دَ ْعوَا ُهمْ ِإ ْذ جَا َء ُهمْ‬ ‫سأََلنّ الْ ُم ْرسَلِيَ (‬ ‫سأََلنّ اّلذِينَ أُ ْر ِسلَ ِإلَ ْي ِهمْ َولََن ْ‬ ‫َبأْسُنَا ِإلّا أَ ْن قَالُوا ِإنّا كُنّا ظَالِمِيَ (‪ )5‬فَلََن ْ‬ ‫ت مَوَازِيُنهُ‬ ‫ح ّق فَ َم ْن َثقُلَ ْ‬ ‫صنّ عَلَ ْي ِهمْ ِبعِ ْلمٍ َومَا كُنّا غَائِبِيَ (‪ )7‬وَاْلوَزْ ُن يَ ْومَِئذٍ الْ َ‬ ‫‪ )6‬فَلََنقُ ّ‬ ‫ك ُهمُ الْ ُمفْلِحُونَ (‪)8‬‬ ‫َفأُولَئِ َ‬ ‫‪ -3‬اتبعوا ما أوحاه إليكم ربكم ول تتبعوا من دونه أولياء تستجيبون لم وتستعينون‬ ‫بم ‪ .‬إنكم قلما تتعظون حي تتركون دين ال وتتبعون غيه مع أن العب ف ذلك كثية‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ -4‬فقد أهلكنا قرى عدة ‪ ،‬بسبب عبادة أهلها غي ال وسلوكهم غي طريقه ‪ ،‬بأن‬ ‫جاءهم عذابنا ف وقت غفلتهم واطمئنانم ليل وهم نائمون ‪ ،‬كما حدث لقوم لوط ‪،‬‬ ‫أو نارا وهم مستريون وقت القيلولة كقوم شعيب ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -5‬فاعترفوا بذنبهم الذى كان سبب نكبتهم فما كان منهم عندما رأوا عذابنا إل أن‬ ‫قالوا ‪ -‬حيث ل ينفعهم ذلك ‪ -‬إنا كنا ظالي لنفسنا بالعصية ول يظلمنا ال بعذابه ‪.‬‬ ‫‪ -6‬وسيكون حساب ال يوم القيامة دقيقا عاد ًل ‪ ،‬فلنسألن الناس الذين أرسلت‬ ‫إليهم الرسل ‪ :‬هل بلغتهم الرسالة؟ وباذا أجابوا الرسلي؟ ولنسألن الرسل أيضا ‪ :‬هل‬ ‫بلغتم ما أنزل إليكم من ربكم؟ وباذا أجابكم أقوامكم؟‬ ‫‪ -7‬ولنخبن الميع إخبارا صادقا بميع ما كان منهم؛ لننا أحصينا عليهم كل شئ‬ ‫فما كنا غائبي عنهم ‪ ،‬ول جاهلي لا كانوا يعملون ‪.‬‬ ‫‪ -8‬ويوم نسألم ونبهم ‪ ،‬سيكون تقدير العمال للجزاء عليها تقديرا عادلً ‪،‬‬ ‫فالذين كثرت حسناتم ورجحت على سيئاتم هم الفائزون الذين نصونم عن النار‬ ‫ويدخلون النة ‪.‬‬ ‫س ُهمْ بِمَا كَانُوا ِب َآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (‪َ )9‬وَلقَدْ‬ ‫ت َموَازِينُ ُه َفأُولَِئكَ اّلذِي َن َخسِرُوا َأْنفُ َ‬ ‫وَ َم ْن خَفّ ْ‬ ‫ش ُكرُونَ (‪ )10‬وََل َقدْ خَ َلقْنَا ُكمْ ُثمّ‬ ‫ش قَلِيلًا مَا َت ْ‬ ‫ض َو َجعَلْنَا َلكُ ْم فِيهَا َمعَايِ َ‬ ‫مَكّنّا ُكمْ فِي الْأَرْ ِ‬ ‫س َلمْ َي ُكنْ ِم َن السّاجِدِينَ (‬ ‫جدُوا ِإلّا ِإبْلِي َ‬ ‫جدُوا ِل َآدَ َم َفسَ َ‬ ‫صوّ ْرنَاكُ ْم ُثمّ قُلْنَا لِلْمَلَاِئكَ ِة اسْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ك قَا َل َأنَا خَ ْيرٌ مِ ْن ُه خَلَقْتَنِي ِمنْ نَا ٍر وَخَ َلقَْتهُ ِمنْ‬ ‫ج َد ِإذْ َأ َم ْرتُ َ‬ ‫‪ )11‬قَا َل مَا مََن َعكَ َألّا َتسْ ُ‬ ‫ك ِمنَ الصّا ِغرِينَ (‬ ‫ج ِإنّ َ‬ ‫ك أَ ْن تَتَكَّب َر فِيهَا فَاخْرُ ْ‬ ‫ط مِ ْنهَا فَمَا َيكُونُ َل َ‬ ‫ِطيٍ (‪ )12‬قَا َل فَاهْبِ ْ‬ ‫‪ )13‬قَا َل َأنْظِ ْرنِي ِإلَى َيوْ ِم يُ ْبعَثُونَ (‪ )14‬قَالَ ِإّنكَ ِمنَ الْمُ ْن َظرِينَ (‪ )15‬قَا َل فَبِمَا‬ ‫صرَا َطكَ الْ ُمسَْتقِيمَ (‪)16‬‬ ‫أَ ْغوَيْتَنِي َلأَ ْق ُعدَنّ َل ُهمْ ِ‬ ‫‪ -9‬والذين كثرت سيئاتم ورجحت على حسناتم هم الاسرون؛ لنم باعوا أنفسهم‬ ‫للشيطان ‪ ،‬فتركوا التدبر ف آياتنا كفرا وعنادا ‪.‬‬ ‫‪ -10‬ولقد مكناكم ف الرض فمنحناكم القوة لستغللا ‪ ،‬والنتفاع با ‪ ،‬وهيأنا‬ ‫لكم وسائل العيش ‪ ،‬فكان شكركم ل على هذه النعم قليل جدا ‪ ،‬وستلقون جزاء‬ ‫ذلك ‪.‬‬ ‫‪ -11‬وف أخبار الولي عب ومواعظ ‪ ،‬يتضح فيها أن الشيطان ياول أن يزيل عنكم‬ ‫‪2‬‬

‫النعم بنسيانكم أمر ال ‪ ،‬فقد خلقنا أباكم آدم ‪ ،‬ث صورناه ‪ ،‬ث قلنا للملئكة ‪:‬‬ ‫عظموه فعظموه طاعة لمر ربم ‪ ،‬إل إبليس فإنه ل يتثل ‪.‬‬ ‫‪ -12‬قال ال منكرا عليه عصيانه ‪ :‬ما منعك عن تعظيم آدم وقد أمرتك به؟ أجاب‬ ‫إبليس ف عناد وكب ‪ :‬أنا خي من آدم لنك خلقتن من نار وخلقته من طي ‪ ،‬والنار‬ ‫أشرف من الطي ‪.‬‬ ‫‪ -13‬فجزاه ال على عناده وكبه بطرده من دار كرامته ‪ ،‬وقال له ‪ :‬اهبط منها ‪ ،‬بعد‬ ‫أن كنت ف منلة عالية ‪ ،‬فما ينبغى لك أن تتكب وتعصى فيها ‪ . .‬اخرج منها مكوما‬ ‫عليك بالصغار والوان ‪.‬‬ ‫‪ -14‬قال إبليس ل ‪ :‬أمهلن ول تتن إل يوم القيامة ‪.‬‬ ‫‪ -15‬فأجابه ال بقوله ‪ :‬إنك من المهلي الؤخرين ‪.‬‬ ‫‪ -16‬ولقده على آدم وحسده له قال إبليس ‪ :‬بسبب حكمك علىّ بالغواية‬ ‫والضلل ‪ ،‬أقسم لضلن بن آدم وأصرفهم عن طريقك الستقيم ‪ ،‬متخذا ف ذلك كل‬ ‫وسيلة مكنة ‪.‬‬ ‫جدُ أَكَْث َر ُهمْ‬ ‫ُثمّ َل َآتِيَّنهُ ْم ِمنْ بَ ْي ِن َأيْدِيهِ ْم َو ِمنْ خَ ْل ِفهِ ْم وَ َع ْن أَيْمَاِن ِهمْ وَ َع ْن شَمَائِلِ ِه ْم وَلَا تَ ِ‬ ‫شَا ِكرِينَ (‪ )17‬قَالَ ا ْخرُجْ مِ ْنهَا مَذْءُومًا َم ْدحُورًا لَ َمنْ تَبِ َعكَ مِ ْنهُ ْم َلأَمْ َلأَ ّن َجهَنّ َم مِ ْنكُمْ‬ ‫ث شِئْتُمَا َولَا َتقْ َربَا َه ِذهِ‬ ‫ك الْجَّنةَ فَكُلَا ِمنْ حَيْ ُ‬ ‫أَجْ َمعِيَ (‪ )18‬وَيَا َآدَ ُم ا ْسكُ ْن َأنْتَ وَزَ ْوجُ َ‬ ‫ج َر َة فََتكُونَا ِم َن الظّالِ ِميَ (‪َ )19‬فوَ ْسوَسَ َلهُمَا الشّيْطَا ُن لِيُ ْبدِيَ َلهُمَا مَا وُورِيَ‬ ‫الشّ َ‬ ‫ج َر ِة ِإلّا أَ ْن َتكُونَا مَ َلكَ ْينِ َأوْ‬ ‫عَ ْنهُمَا ِمنْ َسوْ َآِتهِمَا َوقَا َل مَا َنهَاكُمَا َرّبكُمَا َعنْ َه ِذهِ الشّ َ‬ ‫صحِيَ (‪َ )21‬ف َدلّاهُمَا بِ ُغرُورٍ‬ ‫تَكُونَا ِمنَ الْخَاِلدِينَ (‪َ )20‬وقَاسَ َمهُمَا ِإنّي لَكُمَا لَ ِم َن النّا ِ‬ ‫ق الْجَّنةِ‬ ‫صفَانِ َعلَ ْيهِمَا ِم ْن وَرَ ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫ت َلهُمَا َسوْ َآُتهُمَا وَ َط ِفقَا يَ ْ‬ ‫ج َر َة َبدَ ْ‬ ‫فَلَمّا ذَاقَا الشّ َ‬ ‫ج َر ِة َوأَ ُق ْل لَكُمَا إِ ّن الشّيْطَانَ َلكُمَا َع ُدوّ مُبِيٌ‬ ‫وَنَادَاهُمَا َرّبهُمَا َأَلمْ َأْن َهكُمَا َع ْن تِ ْلكُمَا الشّ َ‬ ‫(‪)22‬‬ ‫‪ -17‬وأقسم لتينهم من أمامهم ومن خلفهم ‪ ،‬وعن أيانم وعن شائلهم ومن كل‬ ‫جهة استطيعها ‪ ،‬ملتمسا كل غفلة منهم أو ضعف فيهم ‪ ،‬لصل إل إغوائهم ‪ ،‬حت ل‬ ‫‪3‬‬

‫يكون أكثرهم مؤمني بك ‪ ،‬لعدم شكرهم لنعمتك ‪.‬‬ ‫‪ -18‬فزاده ال نكاية وقال له ‪ :‬اخرج من دار كرامت مذموما بكبك وعصيانك ‪،‬‬ ‫وهالكا ف نايتك ‪ ،‬وأقسم أن من اتبعك من بن آدم لملن جهنم منك ومنهم أجعي‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ -19‬ويا آدم اسكن أنت وزوجك دار كرامت ‪ ،‬وهى النة ‪ ،‬وتنعما با فيها ‪ ،‬فكل‬ ‫من أى طعام أردتا ‪ ،‬إل هذه الشجرة ‪ ،‬فل تقرباها حت ل تكونا من الظالي لنفسهم‬ ‫بالعقاب الترتب على الخالفة ‪.‬‬ ‫‪ -20‬فزين لما الشيطان مالفة أمر ال ‪ ،‬ليزيل عنهما اللبس ‪ ،‬فتنكشف عوراتما ‪،‬‬ ‫وقال لما ‪ :‬ما ناكما ربكما عن هذه الشجرة إل كراهة أن تكونا ملكي ‪ ،‬أو كراهة‬ ‫أن تكونا من الالدين الذين ل ينقطع نعيمهم ف هذه الدار ‪.‬‬ ‫‪ -21‬وأقسم لما أنه من الناصحي لما ‪ ،‬وكرر قسمه ‪.‬‬ ‫‪ -22‬فساقهما إل الكل من الشجرة بذه الدعة ‪ ،‬فلما ذاقا طعمها وانكشفت لما‬ ‫عوراتما ‪ ،‬جعل يمعان بعض أوراق الشجر ليسترا با عوراتما وعاتبهما ربما ‪،‬‬ ‫ل ‪ :‬أل أنكما عن تلكما الشجرة وأخبكما أن الشيطان لكما‬ ‫ونبههما إل خطئهما قائ ً‬ ‫عدو مبي ل يريد لكما الي؟‬ ‫قَالَا َربّنَا ظَلَمْنَا َأنْ ُفسَنَا وَإِ ْن َلمْ َت ْغ ِفرْ لَنَا َوتَ ْرحَمْنَا لََنكُوَن ّن ِمنَ الْخَاسِرِينَ (‪ )23‬قَالَ‬ ‫ع ِإلَى حِيٍ (‪ )24‬قَالَ فِيهَا‬ ‫ض ُمسَْتقَ ّر َومَتَا ٌ‬ ‫ض ُكمْ لَِبعْضٍ َع ُدوّ َوَلكُ ْم فِي اْلأَرْ ِ‬ ‫اهْبِطُوا بَعْ ُ‬ ‫خرَجُونَ (‪ )25‬يَا بَنِي َآ َد َم َقدْ َأْنزَلْنَا عَلَ ْي ُكمْ لِبَاسًا ُيوَارِي‬ ‫تَحَْيوْ َن َوفِيهَا تَمُوتُو َن وَمِ ْنهَا تُ ْ‬ ‫ت ال ّلهِ َلعَ ّل ُهمْ َيذّ ّكرُونَ (‪ )26‬يَا‬ ‫ك خَ ْيرٌ َذِلكَ ِمنْ َآيَا ِ‬ ‫سَوْ َآِت ُكمْ وَرِيشًا َولِبَاسُ الّتقْوَى َذلِ َ‬ ‫ج َأبَ َويْ ُكمْ مِ َن الْجَّن ِة يَ ْنزِعُ عَ ْنهُمَا لِبَا َسهُمَا لُِيرَِيهُمَا‬ ‫بَنِي َآ َد َم لَا َيفْتِنَّنكُ ُم الشّيْطَانُ َكمَا أَ ْخرَ َ‬ ‫ي َأ ْولِيَا َء لِ ّلذِينَ لَا‬ ‫ث لَا َت َروَْن ُهمْ ِإنّا َجعَلْنَا الشّيَاطِ َ‬ ‫سَوْ َآِتهِمَا ِإنّ ُه َيرَا ُك ْم هُ َو َوقَبِي ُلهُ ِم ْن حَيْ ُ‬ ‫يُ ْؤمِنُونَ (‪)27‬‬ ‫‪ -23‬قال آدم وزوجته نادمي متضرعي ‪ :‬يا ربنا ظلمنا أنفسنا بخالفة أمرك الذى‬ ‫استوجب زوال النعيم ‪ ،‬وإن ل تغفر لنا مالفتنا وترحنا بفضلك لنكونن من الاسرين ‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -24‬قال ال لما وللشيطان ‪ :‬اهبطوا جيعا بعضكم لبعض عدو ‪ ،‬ولكم ف الرض‬ ‫استقرار وتتع إل حي انقضاء آجالكم ‪.‬‬ ‫‪ -25‬ف الرض تولدون وتعيشون ‪ ،‬وفيها توتون وتدفنون ‪ ،‬ومنها عند البعث‬ ‫ترجون ‪.‬‬ ‫‪ -26‬يا بن آدم ‪ :‬قد أنعمنا عليكم ‪ ،‬فخلقنا لكم ملبس تستر عوراتكم ‪ ،‬ومواد‬ ‫تتزينون با ‪ ،‬ولكن الطاعة خي لباس يقيكم العذاب ‪ .‬تلك النعم من اليات الدالة‬ ‫على قدرة ال وعلى رحته ‪ ،‬ليتذكر الناس با عظمته واستحقاقه وحده اللوهية ‪.‬‬ ‫وتلك القصة من سنن ال الكونية الت تبي جزاء مالفة أمر ال ‪ ،‬فيتذكر با الناس‬ ‫ويرصون على طاعة ال وعلى شكر نعمه ‪.‬‬ ‫‪ -27‬يا بن آدم ‪ ،‬ل تستجيبوا للشيطان وإضلله ‪ ،‬فتخرجوا من هذه النعم الت ل‬ ‫تدوم إل بالشكر والطاعة ‪ ،‬كما استجاب أبواكم آدم وزوجه فأخرجهما الشيطان من‬ ‫النعيم والكرامة ‪ ،‬ونزع عنهما لباسهما وأظهر لما عوراتما ‪ .‬إنه يأتيكم هو وأعوانه‬ ‫من حيث ل تشعرون بم ‪ ،‬ول تسون بأساليبهم ومكرهم ‪ ،‬وليس للشيطان سلطان‬ ‫على الؤمني ‪ ،‬إنا جعلناه وأعوانه أولياء للذين ل يؤمنون إيانا صادقا يستلزم الطاعة‬ ‫التامة ‪.‬‬ ‫حشَاءِ‬ ‫وَِإذَا َفعَلُوا فَا ِحشَ ًة قَالُوا َوجَ ْدنَا عَلَ ْيهَا َآبَا َءنَا وَال ّل ُه َأمَ َرنَا ِبهَا ُق ْل إِ ّن اللّ َه لَا َي ْأ ُمرُ بِالْفَ ْ‬ ‫ط َوأَقِيمُوا وُجُو َه ُكمْ عِ ْندَ ُكلّ‬ ‫َأتَقُولُونَ عَلَى اللّ ِه مَا لَا َتعْلَمُونَ (‪ُ )28‬قلْ َأ َمرَ َربّي بِاْل ِقسْ ِ‬ ‫ي َلهُ الدّينَ َكمَا َب َدأَ ُكمْ َتعُودُونَ (‪َ )29‬فرِيقًا َهدَى وَ َفرِيقًا حَقّ‬ ‫جدٍ وَادْعُوهُ مُخْ ِلصِ َ‬ ‫َمسْ ِ‬ ‫حسَبُو َن أَّن ُهمْ ُمهَْتدُونَ (‬ ‫ي َأوْلِيَا َء ِمنْ دُو ِن ال ّلهِ َويَ ْ‬ ‫خذُوا الشّيَا ِط َ‬ ‫عَلَ ْي ِه ُم الضّلَاَلةُ ِإّن ُهمُ اتّ َ‬ ‫حبّ‬ ‫س ِرفُوا ِإنّ ُه لَا يُ ِ‬ ‫ج ٍد وَكُلُوا وَا ْش َربُوا َولَا ُت ْ‬ ‫‪ )30‬يَا بَنِي َآدَ َم ُخذُوا زِينََتكُمْ عِ ْندَ ُك ّل َمسْ ِ‬ ‫الْ ُمسْ ِرفِيَ (‪)31‬‬ ‫‪ -28‬وإذا فعل الكذبون أمرا بالغ النكر ‪ -‬كالشرك ‪ ،‬والطواف بالبيت عراة ‪،‬‬ ‫وغيها ‪ -‬اعتذروا وقالوا ‪ :‬وجدنا آباءنا يسيون على هذا النهاج ونن بم‬ ‫مقتدون ‪ ،‬وال أمرنا به ورضى عنه حيث أقرنا عليه ‪ ،‬قل لم يا أيها النب منكرا عليهم‬ ‫‪5‬‬

‫افتراءهم ‪ :‬إن ال ل يأمر بذه المور النكرة ‪ ،‬أتنسبون إل ال ما ل تدون له مستندا‬ ‫ول تعلمون عنه دليل صحة النسب إليه سبحانه؟‬ ‫‪ -29‬بَيّن لم ما أمر به ال وقل ‪ :‬أمر رب بالعدل وما ل فحش فيه ‪ ،‬وأمركم أن‬ ‫تصوه بالعبادة ف كل زمان ومكان ‪ ،‬وأن تكونوا ملصي له فيها ‪ ،‬وكلكم بعد الوت‬ ‫راجعون إليه ‪ ،‬وكما بدأ خلقكم بيسر وكنتم ل تلكون إذ ذاك شيئا ‪ ،‬ستعودون إليه‬ ‫بيسر تاركي ما حولكم من النعم وراء ظهوركم ‪.‬‬ ‫‪ -30‬وسيكون الناس يوم القيامة فريقي ‪ :‬فريقا وفّقه ال لنه اختار طريق الق فآمن‬ ‫وعمل عمل صالا ‪ ،‬وفريقا حُ ِكمَ عليه بالضللة؛ لنه اختار طريق الباطل وهو الكفر‬ ‫والعصيان ‪ ،‬وهؤلء الضالون قد اتذوا الشياطي أولياء من دون ال فاتبعوهم ‪ ،‬وهم‬ ‫يظنون أنم ُم َوفّقون لغترارهم بداع الشياطي ‪.‬‬ ‫‪ -31‬يا بن آدم ‪ :‬خذوا زينتكم من اللباس الادى الذى يستر العورة ‪ ،‬ومن اللباس‬ ‫الدب وهو التقوى ‪ ،‬عند كل مكان للصلة ‪ ،‬وف كل وقت تؤدون فيه العبادة ‪،‬‬ ‫وتتعوا بالكل والشرب غي مسرفي ف ذلك ‪ ،‬فل تتناولوا الحرم ‪ ،‬ول تتجاوزوا‬ ‫الد العقول من التعة ‪ ،‬إن ال ل يرضى عن السرفي ‪.‬‬ ‫ق ُق ْل هِ َي لِ ّلذِينَ َآمَنُوا فِي‬ ‫ت ِمنَ الرّزْ ِ‬ ‫ُقلْ َم ْن َحرّمَ زِيَنةَ ال ّلهِ الّتِي َأ ْخرَجَ لِعِبَا ِدهِ وَالطّيّبَا ِ‬ ‫صلُ اْل َآيَاتِ لِ َقوْ ٍم َيعْلَمُونَ (‪ُ )32‬ق ْل ِإنّمَا َحرّمَ‬ ‫صةً َيوْ َم اْلقِيَا َمةِ َك َذِلكَ ُنفَ ّ‬ ‫الْحَيَاةِ الدّنْيَا خَالِ َ‬ ‫شرِكُوا بِال ّل ِه مَا َلمْ‬ ‫ح ّق وَأَ ْن ُت ْ‬ ‫ش مَا َظ َهرَ مِ ْنهَا َومَا بَ َطنَ وَاْلإِْثمَ وَالَْبغْ َي ِبغَيْ ِر الْ َ‬ ‫َرّبيَ اْلفَوَاحِ َ‬ ‫يَُنزّ ْل ِبهِ سُلْطَانًا َوأَنْ تَقُولُوا عَلَى ال ّل ِه مَا لَا َتعْلَمُونَ (‪ )33‬وَِل ُكلّ ُأ ّمةٍ َأ َجلٌ َفِإذَا جَاءَ‬ ‫أَجَ ُل ُهمْ لَا َيسَْتأْ ِخرُو َن سَا َعةً َولَا َيسَْت ْق ِدمُونَ (‪ )34‬يَا بَنِي َآ َد َم إِمّا َيأْتِيَّن ُكمْ ُر ُس ٌل مِنْ ُكمْ‬ ‫ح َزنُونَ (‪)35‬‬ ‫ح فَلَا َخوْفٌ عَلَ ْي ِهمْ َولَا ُه ْم يَ ْ‬ ‫َيقُصّونَ عَلَ ْي ُكمْ َآيَاتِي فَ َمنِ اّتقَى َوأَصْلَ َ‬ ‫‪ -32‬قل لم ‪ -‬يا ممد ‪ -‬منكرا عليهم افتراء التحليل والتحري على ال ‪َ :‬منْ الذى‬ ‫حرّم زينة ال الت خلقها لعباده؟ ومن الذى حرم اللل الطيب من الرزق؟ قل لم ‪:‬‬ ‫هذه الطيبات نعمة من ال ما كان ينبغى أن يتمتع با إل الذين آمنوا ف الدنيا ‪ ،‬لنم‬ ‫يؤدون حقها بالشكر والطاعة ‪ ،‬ولكن رحة ال الواسعة شلت الكافرين والخالفي ف‬ ‫‪6‬‬

‫الدنيا ‪ ،‬وستكون هذه النعم خالصة يوم القيامة للمؤمني ‪ ،‬ل يشاركهم فيها غيهم ‪،‬‬ ‫ونن نفصل اليات الدالة على الحكام على هذا النوال الواضح ‪ ،‬لقوم يدركون أن‬ ‫ال ‪ -‬وحده ‪ -‬مالك اللك بيده التحليل والتحري ‪.‬‬ ‫‪ -33‬قل يا ممد ‪ :‬إنا حرم رب المور التزايدة ف القبح كالزن ‪ ،‬سواء منها ما‬ ‫يرتكب سرا وما يرتكب علنية ‪ ،‬والعصية أيا كان نوعها ‪ ،‬والظلم الذى ليس له وجه‬ ‫من الق ‪ ،‬وحرّم أن تشركوا به دون حُجة صحيحة ‪ ،‬أو دليل قاطع ‪ ،‬وأن تفتروا‬ ‫عليه سبحانه بالكذب ف التحليل والتحري وغيها ‪.‬‬ ‫‪ -34‬ولكل أمة ناية معلومة ‪ ،‬ل يكن لية قوة أن تقدم هذه النهاية أو تؤخرها أية‬ ‫مدة مهما قلّت ‪.‬‬ ‫‪ -35‬يا بن آدم ‪ :‬إن جاءتكم رسل من جنسكم الدمى ليبلغوكم آياتى الوحى با‬ ‫كنتم فريقي ‪ :‬فالذين يؤمنون ويعملون الصالات ملصي ‪ ،‬فل خوف عليهم ول هم‬ ‫يزنون ف دنياهم أو أُخراهم ‪.‬‬ ‫ك أَصْحَابُ النّا ِر ُهمْ فِيهَا خَالِدُونَ (‪)36‬‬ ‫وَاّلذِينَ َك ّذبُوا بِ َآيَاتِنَا وَاسَْتكْبَرُوا عَ ْنهَا أُولَئِ َ‬ ‫ب ِبآَيَاتِ ِه أُولَِئكَ يَنَاُلهُ ْم نَصِيُب ُهمْ ِم َن الْكِتَابِ‬ ‫فَ َم ْن أَظْ َلمُ مِ ّمنِ افَْترَى عَلَى ال ّلهِ َك ِذبًا َأوْ َكذّ َ‬ ‫حَتّى ِإذَا جَا َءْتهُمْ ُرسُلُنَا يََت َوّفوَْن ُهمْ قَالُوا أَْي َن مَا كُ ْنُتمْ َتدْعُو َن ِمنْ دُو ِن اللّ ِه قَالُوا ضَلّوا‬ ‫ت ِمنْ‬ ‫سهِ ْم َأّنهُمْ كَانُوا كَا ِفرِينَ (‪ )37‬قَالَ ا ْدخُلُوا فِي ُأمَ ٍم َقدْ خَلَ ْ‬ ‫عَنّا وَ َش ِهدُوا عَلَى َأنْ ُف ِ‬ ‫ت ُأخْتَهَا حَتّى ِإذَا ادّارَكُوا فِيهَا‬ ‫ت ُأ ّمةٌ َلعَنَ ْ‬ ‫ج ّن وَاْلِإنْسِ فِي النّارِ كُلّمَا َدخَلَ ْ‬ ‫قَبْ ِلكُ ْم ِمنَ الْ ِ‬ ‫ض ْعفًا ِمنَ النّا ِر قَا َل لِ ُكلّ‬ ‫جَمِيعًا قَالَتْ ُأ ْخرَا ُهمْ ِلأُولَاهُمْ َربّنَا هَ ُؤلَا ِء أَضَلّونَا َفآَِت ِهمْ َعذَابًا ِ‬ ‫ضلٍ‬ ‫ت أُولَا ُهمْ ِلأُ ْخرَا ُه ْم فَمَا كَا َن لَ ُكمْ عَلَيْنَا ِمنْ فَ ْ‬ ‫ف َولَ ِكنْ لَا َتعْلَمُونَ (‪َ )38‬وقَالَ ْ‬ ‫ضعْ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ب بِمَا كُنُْتمْ تَ ْكسِبُونَ (‪)39‬‬ ‫َفذُوقُوا الْ َعذَا َ‬ ‫‪ -36‬والذين يكذبون باليات ويستكبون عن اتباعها والهتداء با ‪ ،‬فأولئك أهل‬ ‫النار هم فيها معذبون ‪ ،‬خالدون أبدا ف العذاب ‪.‬‬ ‫‪ -37‬فليس هناك أظلم من الذين يفترون الكذب على ال ‪ ،‬بنسبة الشريك والولد‬ ‫إليه ‪ ،‬وادّعاء التحليل والتحري وغيها من غي حُجة ‪ ،‬أو يكذبون بآيات ال الوحى‬ ‫‪7‬‬

‫با ف كتبه الوجودة ف كونه ‪ ،‬أولئك ينالون ف الدنيا نصيبا ما كتب ال لم من‬ ‫الرزق أو الياة أو العذاب ‪ ،‬حت إذا جاءتم ملئكة الوت ليقبضوا أرواحهم ‪ ،‬قالوا‬ ‫لم موبي ‪ :‬أين اللة الت كنتم تعبدونا من دون ال لتدرأ عنكم الوت؟ فيجيبون ‪:‬‬ ‫تبأوا منا ‪ ،‬وتركونا وغابوا عنا ‪ ،‬وشهدوا على أنفسهم مقرين بأنم كانوا كافرين ‪.‬‬ ‫‪ -38‬يقول ال يوم القيامة لؤلء الكافرين ‪ :‬ادخلوا النار ف ضمن أمم من كفار‬ ‫النس والن ‪ ،‬قد مضت من قبلكم ‪ ،‬كلما دخلت أمة النار لعنت المة الت كفرت‬ ‫مثلها والت اتذتا قدوة ‪ ،‬حت إذا تتابعوا فيها متمعي قال التابعون يذمّون التبوعي ‪:‬‬ ‫ربنا هؤلء أضلونا بتقليدنا لم ‪ ،‬بكم تقدمهم علينا أو بكم سلطانم فينا ‪ ،‬فصرفونا‬ ‫عن طريق الق ‪ ،‬فعاقبهم عقابا مضاعفا يملون فيه جزاء عصيانم وعصياننا ‪ ،‬فيد‬ ‫ال عليهم ‪ :‬لكل منكم عذاب مضاعف ل ينجو منه أحد من الفريقي ‪ ،‬يضاعف‬ ‫عقاب التابعي لكفرهم وضللم ‪ ،‬ولقتدائهم بغيهم دون تدبر وتفكر ‪ ،‬ويضاعف‬ ‫عقاب التبوعي لكفرهم وضللم وتكفيهم غيهم وإضللم ‪ ،‬ولكن ل تعلمون مدى‬ ‫ما لكل منكم من العذاب ‪.‬‬ ‫‪ -39‬وهنا يقول التبوعون للتابعي ‪ :‬إنكم بانقيادكم لنا ف الكفر والعصيان ل‬ ‫تفضلون علينا با يفف عنكم من العذاب ‪ ،‬فيقول ال لم جيعا ‪ :‬ذوقوا العذاب الذى‬ ‫استوجبتموه با كنتم تقترفون من كفر وعصيان ‪.‬‬ ‫ح َلهُ ْم َأبْوَابُ السّمَا ِء َولَا َيدْخُلُونَ الْجَّنةَ‬ ‫إِنّ اّلذِينَ َك ّذبُوا ِبآَيَاتِنَا وَاسَْتكَْبرُوا عَ ْنهَا لَا ُتفَتّ ُ‬ ‫ج ِرمِيَ (‪َ )40‬لهُ ْم ِمنْ َجهَّنمَ ِمهَادٌ‬ ‫جزِي الْ ُم ْ‬ ‫ك نَ ْ‬ ‫ط وَ َك َذلِ َ‬ ‫ج الْجَ َم ُل فِي َسمّ الْخِيَا ِ‬ ‫حَتّى يَلِ َ‬ ‫ت لَا‬ ‫جزِي الظّالِمِيَ (‪ )41‬وَالّذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَا ِ‬ ‫ك نَ ْ‬ ‫ش وَ َك َذلِ َ‬ ‫وَ ِم ْن َفوْ ِق ِهمْ َغوَا ٍ‬ ‫ك أَصْحَابُ الْجَّن ِة ُهمْ فِيهَا خَاِلدُونَ (‪ )42‬وََنزَعْنَا مَا فِي‬ ‫ف َن ْفسًا ِإلّا ُوسْ َعهَا أُولَئِ َ‬ ‫نُكَلّ ُ‬ ‫جرِي ِم ْن تَحِْت ِهمُ اْلَأنْهَا ُر َوقَالُوا الْحَ ْم ُد لِ ّلهِ اّلذِي َهدَانَا ِل َهذَا َومَا ُكنّا‬ ‫صدُو ِرهِ ْم ِمنْ ِغلّ َت ْ‬ ‫ُ‬ ‫ح ّق وَنُودُوا أَنْ تِلْ ُكمُ الْجَّنةُ‬ ‫ي َلوْلَا أَنْ هَدَانَا اللّ ُه َل َقدْ جَا َءتْ ُر ُسلُ َربّنَا بِالْ َ‬ ‫لَِنهْتَدِ َ‬ ‫أُو ِرثْتُمُوهَا بِمَا كُنُْت ْم َتعْمَلُونَ (‪)43‬‬

‫‪8‬‬

‫‪ -40‬إن الذين كذبوا بآياتنا النلة ف الكتب الوجودة ف الكون ‪ ،‬واستكبوا عن‬ ‫الهتداء با ول يتوبوا ‪ ،‬ميئوس من قبول أعمالم ورحة ال بم ‪ ،‬ومن دخولم النة ‪،‬‬ ‫كما أن دخول المل ف ثقب البرة ميئوس منه ‪ ،‬وعلى هذا النحو من العقاب نعاقب‬ ‫الكذبي الستكبين من كل أمة ‪.‬‬ ‫‪ -41‬لم ف جهنم فراش من نار وأغطية من نار ‪ ،‬وعلى هذا النحو فمن ظلم نفسه‬ ‫بالظلم والضلل يعاقب هذا العقاب ‪.‬‬ ‫‪ -42‬والذين آمنوا وعملوا العمال الصالة الت ل نكلفهم إل ما يطيقونه منها ‪،‬‬ ‫أولئك هم أهل النة يتنعمون فيها ‪ ،‬خالدين فيها أبدا ‪.‬‬ ‫‪ -43‬وأخرجنا من قلوبم ما كان فيها من غل ‪ ،‬فهم ف النة إخوان متحابون ‪ ،‬ترى‬ ‫من تتهم النار بائها العذب ‪ ،‬ويقولون ‪ -‬سرورا با نالوا من النعيم ‪ -‬المد للّه‬ ‫الذى دلّنا على طريق هذا النعيم ‪ ،‬ووفقنا إل سلوكه ‪ ،‬ولول أن هدانا اللّه إليه بإرسال‬ ‫الرسل وتوفيقه لنا ‪ ،‬ما كان ف استطاعتنا أن نوفق إل الداية ‪ .‬لقد جاءت رسل ربنا‬ ‫بالوحى الق ‪ ،‬وهنا يقول اللّه لم ‪ :‬إن هذه النة هبة من اللّه ‪ ،‬أعطيتمُوها فضلً من‬ ‫دون عوض منكم كالياث ‪ ،‬وهذا التكري بسبب أعمالكم الصالة ف الدنيا ‪.‬‬ ‫ب الْجَّن ِة أَصْحَابَ النّا ِر أَنْ قَ ْد َوجَ ْدنَا مَا وَ َعدَنَا َربّنَا َحقّا َف َهلْ وَ َجدُْت ْم مَا‬ ‫صحَا ُ‬ ‫وَنَادَى أَ ْ‬ ‫وَ َعدَ َربّ ُكمْ َحقّا قَالُوا َنعَ ْم َفَأذّنَ ُم َؤذّنٌ بَيَْنهُ ْم أَ ْن َلعْنَ ُة ال ّلهِ َعلَى الظّالِ ِميَ (‪ )44‬الّذِينَ‬ ‫صدّونَ َع ْن سَبِيلِ ال ّل ِه َويَبْغُونَهَا ِعوَجًا وَ ُه ْم بِاْلآَ ِخ َرةِ كَافِرُونَ (‪َ )45‬وبَيَْنهُمَا حِجَابٌ‬ ‫يَ ُ‬ ‫وَعَلَى اْلأَ ْعرَافِ ِرجَالٌ َي ْع ِرفُونَ كُلّا ِبسِيمَاهُ ْم َونَا َدوْا أَصْحَابَ الْجَّن ِة أَ ْن سَلَامٌ عَلَ ْي ُكمْ لَمْ‬ ‫ت أَبْصَا ُر ُهمْ تِ ْلقَا َء أَصْحَابِ النّا ِر قَالُوا َربّنَا لَا‬ ‫ص ِرفَ ْ‬ ‫َيدْخُلُوهَا وَ ُهمْ يَ ْط َمعُونَ (‪ )46‬وَِإذَا ُ‬ ‫ب اْلأَ ْعرَافِ ِرجَالًا َيعْ ِرفُوَن ُهمْ ِبسِيمَا ُهمْ‬ ‫صحَا ُ‬ ‫جعَلْنَا مَعَ اْل َقوْمِ الظّالِمِيَ (‪ )47‬وَنَادَى أَ ْ‬ ‫تَ ْ‬ ‫قَالُوا مَا أَغْنَى عَ ْنكُ ْم جَ ْمعُ ُك ْم وَمَا كُنُْت ْم َتسْتَكِْبرُونَ (‪)48‬‬ ‫‪ -44‬ونادى أهل النة أهل النار قائلي ‪ :‬قد وجدنا ما وعدنا ربنا من الثواب حقا ‪،‬‬ ‫فهل وجدت ما وعد ربكم من العذاب حقا؟ فأجابوهم ‪ :‬نعم ‪ ،‬فنادى مناد بي أهل‬ ‫النة وأهل النار ‪ :‬إن الرمان أو الطرد من رحة اللّه جزاء الظالي لنفسهم بالكفر‬ ‫‪9‬‬

‫والضلل ‪.‬‬ ‫‪ -45‬هؤلء الظالون هم الذين ينعون الناس عن السي ف طريق اللّه الق ‪ ،‬وهو‬ ‫اليان والعمل الصال ‪ ،‬ويضعون العراقيل والشكوك حت يبدو الطريق معوجا للناس‬ ‫فل يتبعوه ‪ ،‬وهؤلء كافرون بالدار الخرة ل يشون عقاب اللّه ‪.‬‬ ‫‪ -46‬وبي أهل النة وأهل النار حاجز يسبق إل احتلل أعرافه ‪ -‬وهى أماكنه‬ ‫الرفيعة العالية ‪ -‬رجال من خيار الؤمني وأفاضلهم ‪ ،‬يشرفون منها على جيع‬ ‫اللئق ‪ ،‬ويعرفون كل من السعداء والشقياء بعلمات تدل عليهم من أثر الطاعة‬ ‫والعصيان ‪ ،‬فينادون السعداء قبل دخولم النة وهم يرجون دخولا ‪ ،‬فيبشرونم‬ ‫بالمان والطمئنان ودخول النة ‪.‬‬ ‫‪ -47‬وإذا تولت أبصار الؤمني إل جهة أصحاب النار بعد هذا النداء ‪ ،‬قالوا من‬ ‫هول ما رأوا من نيان ‪ :‬ربنا ل تدخلنا مع هؤلء الظالي الذين ظلموا أنفسهم والقّ‬ ‫والناس ‪.‬‬ ‫‪ -48‬ونادى أهل الدرجات العالية ف النة ‪ ،‬من النبياء والصديقي ‪ .‬مَن كانوا‬ ‫يعرفونم بأوصافهم من أهل النار ‪ ،‬قائلي لم لئمي ‪ :‬ما أفادكم جعكم الكثي العدد‬ ‫ول استكباركم على أهل الق بسبب عصبيتكم وغناكم ‪ ،‬وها أنتم أولء ترون حالم‬ ‫وحالكم ‪.‬‬ ‫أَ َه ُؤلَا ِء اّلذِي َن َأ ْقسَمُْتمْ لَا يَنَاُل ُهمُ ال ّلهُ ِب َرحْ َمةٍ ا ْدخُلُوا الْجَّنةَ لَا خَوْفٌ عَلَ ْيكُ ْم َولَا َأنُْتمْ‬ ‫ح َزنُونَ (‪َ )49‬ونَادَى أَصْحَابُ النّا ِر أَصْحَابَ الْجَّن ِة أَ ْن َأفِيضُوا عَلَ ْينَا ِم َن الْمَا ِء أَ ْو مِمّا‬ ‫تَ ْ‬ ‫خذُوا دِيَنهُ ْم َلهْوًا وََلعِبًا‬ ‫رَ َز َقكُ ُم ال ّلهُ قَالُوا إِنّ ال ّل َه حَ ّر َمهُمَا عَلَى اْلكَا ِفرِينَ (‪ )50‬الّذِينَ اتّ َ‬ ‫وَ َغ ّرتْ ُهمُ الْحَيَا ُة الدّنْيَا فَالَْيوْ َم نَ ْنسَا ُهمْ كَمَا َنسُوا ِلقَا َء َيوْ ِم ِهمْ َهذَا َومَا كَانُوا ِب َآيَاتِنَا‬ ‫ب فَصّلْنَاهُ عَلَى عِ ْل ٍم ُهدًى وَ َرحْ َمةً ِل َقوْ ٍم ُيؤْمِنُونَ (‬ ‫حدُونَ (‪َ )51‬وَلقَ ْد جِئْنَا ُهمْ بِكِتَا ٍ‬ ‫يَجْ َ‬ ‫‪)52‬‬ ‫‪ -49‬هؤلء الضعفاء الذين استكبت عليهم ‪ ،‬وأقسمتم أنه ل يكن أن ينل ال‬ ‫عليهم رحة ‪ ،‬كأنكم تسكون رحته ‪ ،‬قد دخلوا النة؛ وقال لم ربم ‪ :‬ادخلوها آمني‬ ‫‪10‬‬

‫‪ ،‬فل خوف عليكم من أمر يستقبلكم ‪ ،‬ول أنتم تزنون على أمر فاتكم ‪.‬‬ ‫‪ -50‬وإن أصحاب النار ينادون أصحاب النة قائلي ‪ :‬اتركوا لنا بعض الاء يفيض‬ ‫علينا أو أعطونا شيئا ما أعطاكم ال تعال من طيبات الأكل واللبس وسائر متع أهل‬ ‫النة ‪ ،‬فيجيبهم أهل النة ‪ :‬إننا ل نستطيع ‪ ،‬لن ال منع ذلك كله عن القوم‬ ‫الاحدين ‪ ،‬الذين كفروا به وبنعمه ف الدنيا ‪.‬‬ ‫‪ -51‬هؤلء الاحدون الذين ل يسعوا ف طلب الدين الق ‪ ،‬بل كان دينهم اتّباع‬ ‫الوى والشهوات ‪ ،‬فكان لوا يتلهون به وعبثا يعبثونه وخدعتهم الياة الدنيا بزخرفها‬ ‫فظنوها ‪ -‬وحدها ‪ -‬الياة ‪ ،‬ونسوا لقاءنا ‪ ،‬فيوم القيامة ننساهم ‪ ،‬فل يتمتعون‬ ‫بالنة ‪ ،‬ويذوقون النار ‪ ،‬بسبب نسيانم يوم القيامة ‪ ،‬وجحودهم باليات البينات‬ ‫الواضحات الثبتات للحق ‪.‬‬ ‫‪ -52‬ولقد آتيناهم ‪ -‬بيانا للحق ‪ -‬كتابا بَيّناه وفصّلناه ‪ ،‬مشتمل على علم كثي ‪،‬‬ ‫فيه أدلة التوحيد وآيات ال ف الكون ‪ ،‬وفيه شرعه ‪ ،‬وفيه بيان الطريق الستقيم‬ ‫والداية إليه ‪ ،‬وفيه ما لو اتبعه الناس لكان رحة بم ‪ ،‬ول ينتفع به إل الذين من شأنم‬ ‫الذعان للحق واليان به ‪.‬‬ ‫َهلْ يَنْ ُظرُو َن إِلّا َتأْوِي َلهُ َيوْ َم َيأْتِي َت ْأوِيلُ ُه َيقُولُ اّلذِي َن َنسُو ُه ِمنْ قَ ْب ُل َق ْد جَا َءتْ ُر ُسلُ َربّنَا‬ ‫سرُوا‬ ‫ش َفعُوا لَنَا َأوْ ُن َر ّد فََنعْ َملَ غَ ْيرَ اّلذِي كُنّا نَعْ َم ُل َق ْد خَ ِ‬ ‫ح ّق َف َهلْ لَنَا ِمنْ ُش َفعَا َء فََي ْ‬ ‫بِالْ َ‬ ‫ضلّ عَ ْن ُه ْم مَا كَانُوا َيفَْترُونَ (‪ )53‬إِنّ َرّب ُكمُ ال ّلهُ اّلذِي خَ َل َق السّمَاوَاتِ‬ ‫سهُ ْم وَ َ‬ ‫َأنْ ُف َ‬ ‫ش ُي ْغشِي اللّيْ َل الّنهَا َر يَطْلُُب ُه حَثِيثًا وَالشّمْسَ‬ ‫ض فِي سِّتةِ َأيّا ٍم ُثمّ اسَْتوَى عَلَى اْلعَرْ ِ‬ ‫وَاْلأَرْ َ‬ ‫ب الْعَالَمِيَ (‪)54‬‬ ‫ت ِبأَ ْم ِر ِه أَلَا َلهُ الْخَ ْل ُق وَاْلَأمْ ُر تَبَارَ َك اللّهُ َر ّ‬ ‫خرَا ٍ‬ ‫وَاْلقَ َمرَ وَالنّجُو َم ُمسَ ّ‬ ‫ض َب ْعدَ‬ ‫سدُوا فِي الْأَرْ ِ‬ ‫ب الْ ُمعَْتدِينَ (‪َ )55‬ولَا ُت ْف ِ‬ ‫ضرّعًا َو ُخفْيَ ًة ِإّنهُ لَا يُحِ ّ‬ ‫ادْعُوا َرّبكُ ْم تَ َ‬ ‫حسِنِيَ (‪)56‬‬ ‫ب ِمنَ الْ ُم ْ‬ ‫إِصْلَا ِحهَا وَادْعُوهُ َخ ْوفًا وَطَ َمعًا إِنّ َرحْ َمةَ ال ّلهِ َقرِي ٌ‬ ‫‪ -53‬إنم ل يؤمنون به ‪ ،‬ول ينتظرون إل الآل الذى بيّنه ال لن يكفر به ‪ .‬ويوم يأتى‬ ‫هذا الآل ‪ -‬وهو يوم القيامة ‪ -‬يقول الذين تركوا أوامره وبيناته وغفلوا عن وجوب‬ ‫اليان به ‪ ،‬معترفي بذنوبم ‪ :‬قد جاءت الرسل من عند خالقنا ومربينا ‪ ،‬داعي إل‬ ‫‪11‬‬

‫الق الذى أرسلوا به ‪ ،‬فكفرنا به ‪ .‬ويسألون هل لم شفعاء يشفعون لم؟ فل يدون ‪،‬‬ ‫أو هل يردّون إل الدنيا ليعملوا صالا؟ فل يابون ‪ .‬قد خسروا عمل أنفسهم‬ ‫بغرورهم ف الدنيا ‪ ،‬وغاب عنهم ما كانوا يكذبونه من ادعاء إله غي ال ‪.‬‬ ‫‪ -54‬إن ربكم الذى يدعوكم رسله إل الق وإل اليان باليوم الخر والزاء فيه ‪،‬‬ ‫هو خالق الكون ومبدعه ‪ ،‬خلق السموات والرض ف ست أحوال تشبه ستة أيام من‬ ‫أيام الدنيا ‪ ،‬ث استول على السلطان الكامل فيها ‪ ،‬وهو الذى يعل الليل يستر النهار‬ ‫بظلمه ‪ ،‬ويعقب الليل النهار بانتظام وتعاقب مستمر كأنه يطلبه ‪ ،‬وخلق ال سبحانه‬ ‫الشمس والقمر والنجوم ‪ ،‬وهى خاضعة ل تعال ُمسَيّرات بأمره ‪ ،‬وأنه له ‪ -‬وحده ‪-‬‬ ‫اللق والمر الطاع فيها ‪ ،‬تعالت بركات منشئ الكون وما فيه ومن فيه ‪.‬‬ ‫‪ -55‬إذا كان ال ربكم قد أنشأ الكون ‪ -‬وحده ‪ ، -‬فادعوه بالعبادة وغيها ‪،‬‬ ‫معلني الدعاء متذللي خاضعي ‪ ،‬جاهرين أو غي جاهرين ‪ ،‬ول تعتدُوا بإشراك غيه ‪،‬‬ ‫أو بظلم أحد ‪ ،‬فإن ال تعال ل يب العتدين ‪.‬‬ ‫‪ -56‬ول تفسدوا ف الرض الصالة بإشاعة العاصى والظلم والعتداء ‪ ،‬وادعوه ‪-‬‬ ‫سبحانه ‪ -‬خائفي من عقابه ‪ ،‬طامعي ف ثوابه ‪ ،‬وإن رحته قريبة من كل مسن ‪ ،‬وهى‬ ‫مققة ‪.‬‬ ‫ت سَحَابًا ِثقَالًا ُسقْنَاهُ لِبَ َلدٍ‬ ‫شرًا بَ ْينَ يَدَيْ َرحْمَِت ِه حَتّى ِإذَا َأقَلّ ْ‬ ‫ح ُب ْ‬ ‫وَ ُهوَ اّلذِي يُ ْر ِسلُ ال ّريَا َ‬ ‫ج الْ َم ْوتَى َلعَلّ ُكمْ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫ت َفأَْن َزلْنَا ِبهِ الْمَا َء َفَأ ْخرَجْنَا ِب ِه ِمنْ ُك ّل الثّ َمرَاتِ َك َذِلكَ نُ ْ‬ ‫مَيّ ٍ‬ ‫ج ِإلّا َنكِدًا‬ ‫خرُ ُ‬ ‫ث لَا يَ ْ‬ ‫ج نَبَاتُ ُه ِبإِذْنِ َرّب ِه وَاّلذِي خَبُ َ‬ ‫خرُ ُ‬ ‫ب يَ ْ‬ ‫َتذَكّرُونَ (‪ )57‬وَالْبَلَ ُد الطّيّ ُ‬ ‫صرّفُ اْل َآيَاتِ لِ َقوْ ٍم َيشْ ُكرُونَ (‪َ )58‬ل َقدْ أَ ْرسَلْنَا نُوحًا ِإلَى َقوْ ِم ِه َفقَالَ يَا َقوْمِ‬ ‫ك نُ َ‬ ‫َك َذلِ َ‬ ‫اعُْبدُوا اللّ َه مَا َل ُكمْ ِم ْن ِإلَهٍ غَ ْي ُر ُه ِإنّي َأخَافُ َعلَ ْيكُمْ َعذَابَ َيوْمٍ عَظِيمٍ (‪ )59‬قَالَ الْمَ َلأُ‬ ‫س بِي ضَلَاَل ٌة وََلكِنّي َرسُو ٌل ِمنْ‬ ‫ِمنْ َق ْومِ ِه ِإنّا لََنرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِيٍ (‪ )60‬قَا َل يَا َقوْ ِم لَيْ َ‬ ‫َربّ اْلعَالَ ِميَ (‪)61‬‬ ‫‪ -57‬وال ‪ -‬سبحانه وتعال وحده ‪ -‬هو الذى يطلق الرياح مبشرة برحته ف المطار‬ ‫الت تنبت الزرع وتسقى الغرس ‪ ،‬فتحمل هذه الرياح سحابا ممل بالاء ‪ ،‬نسوقه لبلد‬ ‫‪12‬‬

‫ل نبات فيه ‪ ،‬فيكون كاليت الذى فقد الياة ‪ ،‬فينل الاء ‪ ،‬فينبت ال به أنواعا من‬ ‫كل الثمرات ‪ ،‬وبثل ذلك الحياء للرض بالنبات نرج الوتى فنجعلهم أحياء لعلكم‬ ‫تتذكرون بذا قدرة ال وتؤمنون بالبعث ‪.‬‬ ‫‪ -58‬والرض الطيبة اليدة التربة يرج نباتا ناميا حيا بإذن ربه ‪ ،‬والرض البيثة ل‬ ‫ترج إل نباتا قليلً عدي الفائدة يكون سبب نَ َكدٍ لصاحبها ‪.‬‬ ‫‪ -59‬لقد عاند الشركون ‪ ،‬وكذبوا بالق إذ جاءهم مؤيدا بالُجج القاطعة ‪ ،‬وذلك‬ ‫شأن الكافرين مع أنبيائهم ف الاضى ‪ .‬لقد أرسلنا نوحا إل قومه الذين بعث فيهم ‪،‬‬ ‫وقال لم ‪ -‬مذكرا بأنه منهم ‪ : -‬يا قوم اعبدوا ال تعال ‪ -‬وحده ‪ -‬فليس لكم أى‬ ‫إله غيه ‪ ،‬وأنه سيكون البعث والساب ف يوم القيامة ‪ ،‬وهو يوم عظيم ‪ ،‬أخاف‬ ‫عليكم فيه عذابه الشديد ‪.‬‬ ‫‪ -60‬قال أهل الصدارة والزعامة منهم ‪ ،‬ميبي تلك الدعوة إل الوحدانية واليوم‬ ‫الخر ‪ :‬إنا لنراك ف ُبعْد بيّن عن الق ‪.‬‬ ‫‪ -61‬قال نوح لم نافيا ما رموه به ‪ :‬ليس ب كما تزعمون ‪ .‬ولكن رسول من خالق‬ ‫العالي ومنشئهم ‪ ،‬فل يكن أن يكون ما أدعوكم إليه بعيدا عن الق ‪.‬‬ ‫ح َل ُكمْ َوأَعْ َلمُ مِ َن ال ّلهِ مَا لَا َتعْلَمُونَ (‪َ )62‬أوَعَجِبُْت ْم أَنْ‬ ‫ُأبَلّ ُغكُمْ ِرسَالَاتِ َربّي وََأنْصَ ُ‬ ‫جَاءَ ُك ْم ذِ ْك ٌر ِمنْ َربّ ُكمْ عَلَى َرجُ ٍل مِ ْنكُ ْم لِيُ ْنذِرَ ُك ْم وَلِتَّتقُوا َولَعَ ّل ُكمْ ُت ْرحَمُونَ (‪)63‬‬ ‫فَ َك ّذبُو ُه َفأَنْجَ ْينَاهُ وَالّذِينَ َم َعهُ فِي الْفُ ْلكِ َوأَ ْغ َرقْنَا اّلذِينَ َك ّذبُوا بِ َآيَاتِنَا ِإنّ ُهمْ كَانُوا َق ْومًا‬ ‫عَ ِميَ (‪ )64‬وَِإلَى عَا ٍد َأخَا ُهمْ هُودًا قَا َل يَا َقوْمِ اعُْبدُوا ال ّلهَ مَا لَ ُك ْم ِمنْ ِإَلهٍ غَ ْي ُرهُ َأفَلَا‬ ‫تَّتقُونَ (‪)65‬‬ ‫‪ -62‬وإن ف هذه الدعوة الق إل الوحدانية واليان باليوم الخر ‪ ،‬أبلّغكم ما‬ ‫أرسلن ال به من الحكام اللية الت يصلح با النسان وإن أمضكم النصح وأخلصه‬ ‫لكم ‪ ،‬وقد علمن ال تعال ما ل تعلمون ‪.‬‬ ‫‪ -63‬أترمونن بالضللة والبعد عن الق؟ وتعجبون أن يئ إليكم تذكي من ال‬ ‫خالقكم ‪ ،‬على لسان رجل جاء إليكم لينذركم بالعقاب إن كذبتم ‪ ،‬وليدعوكم إل‬ ‫‪13‬‬

‫الداية وإصلح القلوب وتنب غضب ال تعال ‪ ،‬رجاء أن تكونوا ف رحة ال تعال‬ ‫ف الدنيا والخرة ‪ ،‬فل يصح أن تعجبوا وتكذبوا مع قيام البينات الثبتة للرسالة ‪.‬‬ ‫‪ -64‬ولكنهم مع تلك البينات ل يؤمن أكثرهم ‪ ،‬فكذبوه ‪ ،‬فأنزلنا عليهم عذابا‬ ‫بالغراق ف الاء ‪ ،‬وأنينا الذين آمنوا به بالفلك الذى صنعه بداية منا ‪ ،‬وغرق الذين‬ ‫كذبوا مع قيام الدلئل البينة الواضحة ‪ ،‬فعاندونا ‪ ،‬وكانوا بذلك غي مبصرين الق‬ ‫وقد عموا عنه ‪.‬‬ ‫‪ -65‬وكما أرسلنا نوحا إل قومه داعيا إل التوحيد ‪ ،‬أرسلنا إل عاد هودا واحدا‬ ‫منهم علقته بم كعلقة الخ بأخيه ‪ ،‬فقال لم ‪ :‬يا قوم اعبدوا ال ‪ -‬وحده ‪ -‬وليس‬ ‫لكم إله غيه ‪ ،‬وإن ذلك سبيل التقاء من الشر والعذاب وهو الطريق الستقيم ‪ ،‬فهل‬ ‫سلكتموه لتتقوا الشر والفساد؟ ‪.‬‬ ‫قَا َل الْمَ َلأُ اّلذِينَ َك َفرُوا ِمنْ َق ْومِ ِه ِإنّا لََنرَاكَ فِي سَفَاهَ ٍة َوإِنّا لَنَظُّنكَ ِم َن الْكَا ِذبِيَ (‪)66‬‬ ‫ب الْعَالَمِيَ (‪ُ )67‬أبَ ّلغُ ُكمْ ِرسَالَاتِ َربّي‬ ‫س بِي َسفَا َهةٌ َوَلكِنّي َرسُو ٌل ِمنْ َر ّ‬ ‫قَا َل يَا َقوْ ِم لَيْ َ‬ ‫ح َأمِيٌ (‪َ )68‬أوَعَجِبُْت ْم أَ ْن جَاءَ ُكمْ ذِ ْكرٌ ِمنْ َرّبكُمْ عَلَى َر ُجلٍ مِ ْن ُكمْ‬ ‫وََأنَا َل ُكمْ نَاصِ ٌ‬ ‫ح وَزَادَكُ ْم فِي الْخَ ْل ِق َبسْ َطةً‬ ‫لِيُ ْنذِرَ ُكمْ وَاذْ ُكرُوا إِ ْذ َجعَلَ ُكمْ خُلَفَا َء ِمنْ َب ْعدِ قَوْ ِم نُو ٍ‬ ‫فَاذْ ُكرُوا َآلَا َء ال ّلهِ لَعَ ّل ُكمْ ُتفْلِحُونَ (‪ )69‬قَالُوا َأجِئْتَنَا لَِنعُْبدَ ال ّل َه وَ ْح َدهُ َوَنذَ َر مَا كَانَ‬ ‫ت ِم َن الصّا ِدقِيَ (‪)70‬‬ ‫َيعْبُدُ َآبَاؤُنَا َفأْتِنَا بِمَا َت ِعدُنَا إِنْ كُنْ َ‬ ‫‪ -66‬قال ذوو الزعامة والصدارة ف قومه ‪ :‬إنا لنراك ف خفة عقل ‪ ،‬حيث دعوتنا‬ ‫هذه الدعوة ‪ ،‬وإنا لنعتقد أنك من الكاذبي ‪.‬‬ ‫‪ -67‬قال ‪ :‬يا قوم ليس ب ف هذه الدعوة أى قدر من خفة العقل ‪ ،‬ولست بكاذب ‪،‬‬ ‫ولكن جئت بالداية ‪ ،‬وأنا رسول ال إليكم ‪ .‬وهو رب العالي ‪.‬‬ ‫‪ -68‬إن فيما أقول لكم ‪ :‬أبلّغكم أوامر رب ونواهيه ‪ ،‬وهى رسالته إليكم ‪ ،‬وإن‬ ‫أمضكم نصحا وإخلصا لكم ‪ ،‬وأنا أمي فيما أخبكم به ‪ ،‬ولست من الكاذبي ‪.‬‬ ‫‪ -69‬ث قال لم هود ‪ :‬هل أثار عجبكم ‪ ،‬واستغربتم أن يئ إليكم تذكي بالق على‬ ‫لسان رجل منكم لينذركم بسوء العقب فيما أنتم عليه؟ إنه ل عجب ف المر ‪ .‬ث‬ ‫‪14‬‬

‫أشار إل ما أصاب الكذبي الذين سبقوهم ‪ ،‬وإل نعمه عليهم ‪ ،‬فقال ‪ :‬اذكروا إذ‬ ‫جعلكم وارثي للرض من بعد قوم نوح الذين أهلكهم ال تعال لتكذيبهم نوحا ‪،‬‬ ‫وزادكم قوة ف البدان وقوة ف السلطان ‪ ،‬تلك نعمة تقتضى اليان ‪ ،‬فاذكروا نعمه‬ ‫لعلكم تفوزون ‪.‬‬ ‫‪ -70‬ولكنهم مع هذه الدعوة بالسن قالوا مستغربي ‪ :‬أجئتنا لتدعونا إل عبادة ال‬ ‫ وحده ‪ -‬وترك ما كان يعبد آباؤنا من الصنام؟ وإنا لن نفعل ‪ ،‬فأتنا بالعذاب الذى‬‫تددنا به إن كنت من الصادقي؟ ‪.‬‬ ‫ب أَتُجَا ِدلُونَنِي فِي أَسْمَا ٍء سَمّيُْتمُوهَا أَنُْتمْ‬ ‫ض ٌ‬ ‫قَا َل َقدْ َوقَعَ عَ َل ْيكُ ْم ِمنْ َرّب ُكمْ ِرجْسٌ وَغَ َ‬ ‫وَ َآبَاؤُ ُكمْ مَا َنزّ َل ال ّلهُ ِبهَا ِم ْن سُلْطَانٍ فَانْتَ ِظرُوا ِإنّي َمعَ ُكمْ ِم َن الْمُنْتَ ِظرِينَ (‪َ )71‬فَأنْجَيْنَاهُ‬ ‫وَاّلذِي َن َمعَ ُه ِبرَحْ َم ٍة مِنّا َوقَ َطعْنَا دَاِبرَ اّلذِينَ َك ّذبُوا بِ َآيَاتِنَا َومَا كَانُوا مُ ْؤمِنِيَ (‪َ )72‬وِإلَى‬ ‫ثَمُودَ َأخَا ُهمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعُْبدُوا ال ّل َه مَا َلكُ ْم ِمنْ ِإَلهٍ غَ ْي ُر ُه َقدْ جَا َءتْ ُك ْم بَيَّنةٌ ِمنْ‬ ‫ض ال ّلهِ َولَا تَ َمسّوهَا ِبسُو ٍء فََيأْ ُخذَ ُكمْ‬ ‫َرّبكُ ْم َهذِ ِه نَاقَ ُة اللّ ِه َلكُمْ َآَي ًة َفذَرُوهَا َتأْ ُك ْل فِي أَرْ ِ‬ ‫خذُونَ‬ ‫ب َألِيمٌ (‪ )73‬وَاذْ ُكرُوا ِإ ْذ َجعَلَ ُكمْ خُ َلفَا َء ِمنْ َب ْعدِ عَادٍ َوَبوّأَ ُك ْم فِي اْلأَرْضِ تَتّ ِ‬ ‫َعذَا ٌ‬ ‫ِمنْ ُسهُوِلهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُو َن الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْ ُكرُوا َآلَا َء اللّ ِه َولَا َتعْثَوْا فِي الْأَرْضِ‬ ‫سدِينَ (‪)74‬‬ ‫ُمفْ ِ‬ ‫‪ -71‬إنكم لعنادكم قد حق عليكم عذاب ال ينل بكم ‪ ،‬وغضبه يل عليكم ‪،‬‬ ‫أتادلون ف أصنام سيتموها أنتم وآباؤكم آلة؟ ‪ ،‬وما هى من القائق إل أساء ل‬ ‫مؤدى لا ‪ ،‬وما جعل ال من حُجة تدل على ألوهيتها ‪ ،‬فما كان لا من قوة خالقة‬ ‫منشئة تسوغ عبادتكم لا ‪ ،‬وإذ لجتم هذه اللجاجة فانتظروا عقاب ال ‪ ،‬وأنا‬ ‫معكم ‪ ،‬ننتظر ما ينل بكم ‪.‬‬ ‫‪ -72‬فأنينا هودا والذين آمنوا معه برحة منا ‪ ،‬وأنزلنا بالكافرين ما أبادهم ول يُبْق لم‬ ‫من بقية وأثر ‪ ،‬وما كانوا داخلي ف زمرة الؤمني ‪.‬‬ ‫‪ -73‬وأرسلنا إل ثود أخاهم صالا الذى يشاركهم ف النسب والوطن ‪ ،‬وكانت‬ ‫دعوته كدعوة الرسل قبله وبعده ‪ .‬قال لم ‪ :‬أخلصوا العبادة ل ‪ -‬وحده ‪ -‬ما لكم‬ ‫‪15‬‬

‫أى إله غيه ‪ ،‬وقد جاءتكم حُجة على رسالت من ربكم ‪ ،‬هى ناقة ذات خَلق اختصت‬ ‫به ‪ ،‬فيها الُجة ‪ ،‬وهى ناقة ال ‪ ،‬فاتركوها تأكل ف أرض ال من عشبها ‪ ،‬ول تنالوها‬ ‫بسوء فينالكم عذاب شديد اليلم ‪.‬‬ ‫‪ -74‬وتذكّروا أن ال جعلكم وارثي لرض عاد ‪ ،‬وأنزلكم ف الرض منازل طيبة‬ ‫تتخذون من السهول قصورا فخمة ‪ ،‬وتنحتون البال فتجعلون منها بيوتا ‪ ،‬فاذكروا‬ ‫نعم ال تعال إذ مكنكم من الرض ذلك التمكي ‪ ،‬ول َتعْثوا ف الرض فتكونوا‬ ‫مفسدين بعد هذا التمكي ‪.‬‬ ‫ض ِعفُوا لِ َمنْ َآ َمنَ مِ ْنهُ ْم َأتَعْلَمُو َن أَنّ‬ ‫قَا َل الْمَ َلأُ اّلذِينَ اسَْتكَْبرُوا ِمنْ َق ْومِ ِه لِ ّلذِينَ اسْتُ ْ‬ ‫صَالِحًا مُ ْر َسلٌ ِمنْ َرّبهِ قَالُوا ِإنّا بِمَا أُرْ ِس َل ِبهِ ُم ْؤمِنُونَ (‪ )75‬قَا َل الّذِينَ اسْتَكَْبرُوا ِإنّا‬ ‫بِاّلذِي َآمَنُْتمْ ِبهِ كَا ِفرُونَ (‪َ )76‬ف َع َقرُوا النّاقَ َة وَعََتوْا َعنْ َأ ْمرِ َرّبهِ ْم َوقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا‬ ‫ت ِم َن الْ ُمرْسَلِيَ (‪َ )77‬فأَ َخذَْت ُهمُ ال ّرجْ َفةُ َفأَصَْبحُوا فِي دَا ِر ِهمْ جَاثِمِيَ (‬ ‫بِمَا َت ِع ُدنَا إِنْ كُنْ َ‬ ‫ت َلكُ ْم َولَ ِكنْ لَا تُحِبّونَ‬ ‫‪ )78‬فََتوَلّى عَ ْن ُهمْ َوقَا َل يَا َقوْ ِم َل َقدْ َأبْ َلغْتُ ُكمْ ِرسَاَلةَ َربّي َونَصَحْ ُ‬ ‫شةَ مَا سَبَ َق ُكمْ ِبهَا ِم ْن َأحَ ٍد ِمنَ‬ ‫صحِيَ (‪َ )79‬ولُوطًا ِإ ْذ قَا َل ِلقَ ْومِ ِه َأَتأْتُونَ اْلفَا ِح َ‬ ‫النّا ِ‬ ‫سرِفُونَ (‪)81‬‬ ‫الْعَالَمِيَ (‪ِ )80‬إنّ ُكمْ لََت ْأتُو َن الرّجَا َل َشهْ َو ًة ِمنْ دُو ِن الّنسَا ِء َب ْل َأنْتُ ْم َقوْ ٌم ُم ْ‬ ‫‪ -75‬قال التكبون من أهل الصدارة والزعامة ‪ ،‬ماطبي الذين آمنوا من الستضعفي‬ ‫لئمي لم ومستعلي عليهم ‪ :‬أتعتقدون أن صالا مُرسل من ربه؟ فأجابم أهل الق ‪:‬‬ ‫إنا با أرسل معتقدون ‪ ،‬مذعنون له ‪.‬‬ ‫‪ -76‬قال أولئك الستكبون ‪ :‬إنا جاحدون منكرون للذى آمنتم به ‪ :‬وهو ما يدعو‬ ‫إليه صال من الوحدانية ‪.‬‬ ‫ل العناد بأولئك الستكبين ‪ ،‬فتحدوا ال ورسوله ‪ ،‬وذبوا الناقة ‪ ،‬وتاوزوا‬ ‫‪ -77‬وَ ّ‬ ‫الد ف استكبارهم ‪ ،‬وأعرضوا عن أمر ربم ‪ ،‬وقالوا ‪ -‬متحدين ‪ : -‬يا صال ‪ ،‬ائتنا‬ ‫بالعذاب الذى وعدتنا إن كنت من أرسلهم ال حقا ‪.‬‬ ‫‪ -78‬فأخذتم الزلزل الشديدة ‪ ،‬فأصبحوا ف دارهم ميتي خامدين ‪.‬‬ ‫‪ -79‬وقبل أن تنل بم النازلة أعرض عنهم أخوهم صال ‪ ،‬وقال ‪ :‬يا قوم قد أبلغتكم‬ ‫‪16‬‬

‫أوامر رب ونواهيه ‪ ،‬ومضت لكم النصح ‪ ،‬ولكنكم بلجاجتكم وإصراركم صرت ل‬ ‫تبون من ينصحكم ‪.‬‬ ‫‪ -80‬ولقد أرسلنا لوطا ‪ -‬نب ال ‪ -‬إل قومه ‪ ،‬يدعوهم إل التوحيد ‪ ،‬وينبههم إل‬ ‫وجوب التخلى عن أقبح جرية يفعلونا ‪ .‬أتأتون المر الذى يتجاوز الد ف القبح‬ ‫والروج على الفطرة وقد ابتدعتم تلك الفاحشة بشذوذكم ‪ ،‬فلم يسبقكم با أحد‬ ‫من الناس؟‬ ‫‪ -81‬وهى أنكم تأتون الرجال مشتهي ذلك ‪ ،‬وتتركون النساء ‪ ،‬أنتم شأنكم‬ ‫السراف ‪ ،‬ولذا خرجتم على الفطرة وفعلتم ما ل يفعله اليوان ‪.‬‬ ‫وَمَا كَا َن جَوَابَ َق ْومِ ِه ِإلّا أَ ْن قَالُوا َأ ْخرِجُو ُه ْم ِمنْ َق ْريَتِ ُك ْم إِّن ُهمْ ُأنَاسٌ يَتَ َط ّهرُونَ (‪)82‬‬ ‫ت ِمنَ اْلغَاِبرِينَ (‪ )83‬وََأمْ َط ْرنَا عَلَ ْي ِه ْم مَ َطرًا فَانْ ُظرْ كَيْفَ‬ ‫َفأَنْجَيْنَا ُه َوأَهْ َل ُه ِإلّا امْ َرَأتَهُ كَانَ ْ‬ ‫ج ِرمِيَ (‪َ )84‬وِإلَى َمدَْينَ أَخَا ُه ْم شُعَيْبًا قَا َل يَا َقوْمِ اعُْبدُوا ال ّلهَ مَا لَ ُك ْم ِمنْ‬ ‫كَانَ عَاقَِبةُ الْمُ ْ‬ ‫خسُوا النّاسَ َأشْيَا َءهُمْ‬ ‫ِإلَهٍ غَ ْي ُر ُه َقدْ جَا َءْتكُ ْم بَيَّنةٌ مِنْ َرّب ُكمْ َفَأوْفُوا اْلكَيْ َل وَالْمِيزَا َن َولَا تَبْ َ‬ ‫ض َبعْ َد إِصْلَاحِهَا ذَِل ُكمْ خَ ْي ٌر لَ ُكمْ إِنْ كُنُْتمْ مُ ْؤمِنِيَ (‪َ )85‬ولَا َت ْقعُدُوا‬ ‫سدُوا فِي اْلأَرْ ِ‬ ‫وَلَا ُتفْ ِ‬ ‫صدّونَ َعنْ سَبِي ِل ال ّلهِ َمنْ َآ َم َن بِ ِه َوتَ ْبغُوَنهَا ِع َوجًا وَاذْ ُكرُوا ِإذْ‬ ‫صرَاطٍ تُو ِعدُونَ وَتَ ُ‬ ‫بِ ُكلّ ِ‬ ‫سدِينَ (‪)86‬‬ ‫كُنُْت ْم قَلِيلًا فَكَّثرَ ُكمْ وَانْ ُظرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقَِب ُة الْ ُمفْ ِ‬ ‫‪ -82‬وما كان جواب قومه على هذا الستنكار ‪ -‬لقبح الفعال ‪ -‬إل أن قالوا ‪:‬‬ ‫أخرجوا لوطا وآله وأتباعه من قريتكم ‪ ،‬لنم يتطهرون وَينْأوْن عن هذا الفعل الذى‬ ‫يستقبحه العقل والفطرة ويستحسنونه هم ‪.‬‬ ‫‪ -83‬ولقد حقت عليهم كلمة العذاب ‪ ،‬فأنينا لوطا وأهله ‪ ،‬إل امرأته فإنا كانت‬ ‫من هؤلء الضالي ‪.‬‬ ‫‪ -84‬وأمطرنا عليهم حجارة مربة ‪ ،‬ومادت الرض بالزلزل من تتهم فانظر ‪ -‬يا‬ ‫أيها النب ‪ -‬إل عاقبة الجرمي وكيف كانت؟ ‪.‬‬ ‫‪ -85‬ولقد أرسلنا إل مدين أخاهم شعيبا قال ‪ :‬يا قوم ‪ ،‬اعبدوا ال ‪ -‬وحده ‪ -‬فليس‬ ‫لكم ول ‪ -‬أى إله ‪ -‬غيه قد جاءتكم الُجج البينة للحق من ربكم مثبتة رسالت‬ ‫‪17‬‬

‫إليكم ‪ ،‬وجاءتكم رسالة ربكم بالصلح بينكم ‪ ،‬والعاملة العادلة ‪ ،‬فأوفوا الكيل‬ ‫واليزان ف مبادلتكم ‪ ،‬ول تنقصوا حقوق الناس ‪ ،‬ول تفسدوا ف الرض الصالة‬ ‫بإفساد الزرع ونوه ‪ ،‬وبقطع الرحام والودة ‪ ،‬فإن ذلك خي لكم إن كنتم تؤمنون‬ ‫بال تعال وبالق البي ‪.‬‬ ‫‪ -86‬ول تقعدوا بكل طريق من طرق الق والداية والعمل الصال ‪ :‬تددون‬ ‫سالكه ‪ ،‬وبذلك تنعون طالب الي من الوصول ‪ ،‬وهم أهل اليان الذين يؤمنون‬ ‫بال ‪ ،‬وتريدون أنتم الطريق العوج ‪ ،‬واذكروا إذ كنتم عددا قليلً فصيّركم ال عددا‬ ‫كثيا بالستقامة ف طلب النسل والال ‪ ،‬واعتبوا بعاقبة الفسدين قبلكم ‪.‬‬ ‫ح ُكمَ‬ ‫ت ِب ِه وَطَائِ َفةٌ لَ ْم ُيؤْمِنُوا فَاصِْبرُوا حَتّى يَ ْ‬ ‫وَإِنْ كَانَ طَائِ َفةٌ مِ ْن ُكمْ َآمَنُوا بِاّلذِي أُرْسِلْ ُ‬ ‫خرِجَّنكَ يَا‬ ‫اللّ ُه بَيْنَنَا وَ ُهوَ خَ ْي ُر الْحَاكِمِيَ (‪ )87‬قَالَ الْمَ َلُأ الّذِينَ اسْتَكَْبرُوا ِم ْن قَ ْو ِمهِ لَُن ْ‬ ‫ك ِمنْ َق ْريَتِنَا َأ ْو لََتعُودُ ّن فِي مِلّتِنَا قَا َل أَ َوَلوْ ُكنّا كَا ِرهِيَ (‪)88‬‬ ‫ب وَالّذِينَ َآمَنُوا َمعَ َ‬ ‫شُعَيْ ُ‬ ‫َقدِ افَْت َريْنَا عَلَى ال ّلهِ َك ِذبًا إِنْ ُعدْنَا فِي مِلِّت ُكمْ َب ْعدَ ِإ ْذ نَجّانَا اللّ ُه مِ ْنهَا َومَا َيكُونُ لَنَا أَنْ‬ ‫ح بَيْنَنَا‬ ‫َنعُودَ فِيهَا ِإلّا أَ ْن َيشَا َء ال ّلهُ َربّنَا َوسِعَ َربّنَا ُك ّل شَيْءٍ عِ ْلمًا عَلَى ال ّل ِه تَوَكّلْنَا َربّنَا افْتَ ْ‬ ‫حيَ (‪)89‬‬ ‫ت خَ ْيرُ اْلفَاتِ ِ‬ ‫ح ّق َوأَنْ َ‬ ‫وَبَ ْي َن َقوْمِنَا بِالْ َ‬ ‫‪ -87‬وإذا كانت طائفة منكم آمنوا بالق الذى أرسلت به ‪ ،‬وطائفة ل يؤمنوا ‪،‬‬ ‫فانتظروا حت يكم ال بي الفريقي وهو خي الاكمي ‪.‬‬ ‫‪ -88‬هذا شأن شعيب ف دعوته قومه ‪ ،‬أما القوم فقد تالوا على الباطل ‪ ،‬وتول‬ ‫أكابرهم الذين استكبوا عن الدعوة ‪ ،‬واستنكفوا أن يتبعوا الق ‪ ،‬وواجهوا شعيبا با‬ ‫يضمرون ‪ ،‬فقالوا له ‪ :‬إنا ل مالة سنخرجك ومن آمن معك من قريتنا ‪ ،‬ونطردكم ‪،‬‬ ‫ول ننجيكم من هذا العذاب إل أن تصيوا ف ديننا الذى هجرتوه ‪ .‬فرد عليهم‬ ‫شعيب ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬قائل ‪ :‬أنصي ف ملتكم ونن كارهون لا لفسادها؟ ل يكون‬ ‫ذلك أبدا ‪.‬‬ ‫‪ -89‬وبالغ ف قطع طمعهم من العودة إل ملتهم كما يطلبون ‪ ،‬فقال ‪ :‬نكون كاذبي‬ ‫على ال إن صرنا ف ملتكم بعد أن هدانا ال إل الصراط الستقيم ‪ ،‬ول ينبغى لنا أن‬ ‫‪18‬‬

‫نصي ف ملتكم بحض اختيارنا ورغبتنا ‪ .‬إل أن يشاء ال عودتنا إل ملتكم ‪ ،‬وهيهات‬ ‫ذلك ‪ .‬لنه ربنا العليم بنا ‪ ،‬فل يشاء رجوعنا إل باطلكم ‪ ،‬فهو ‪ -‬جل شأنه ‪ -‬وسع‬ ‫كل شئ علما ‪ ،‬يهدينا بلطفه وحكمته إل ما يفظ علينا إياننا إليه ‪ -‬وحده ‪ -‬سلمنا‬ ‫أمرنا مع قيامنا با أوجبه علينا ‪ .‬ربنا افصل بيننا وبي قومنا بالق الذى مضت به‬ ‫سنتك ف الفصل بي الحقي الصلحي والبطلي الفسدين ‪ ،‬وأنت ‪ -‬لحاطة علمك‬ ‫وقدرتك ‪ -‬أعدل الاكمي وأقدرهم ‪.‬‬ ‫َوقَالَ الْمَ َلُأ الّذِينَ َك َفرُوا ِم ْن َقوْ ِمهِ لَِئ ِن اتَّبعْتُ ْم ُشعَيْبًا ِإنّ ُك ْم ِإذًا لَخَاسِرُونَ (‪َ )90‬فأَ َخذَْت ُهمُ‬ ‫ال ّرجْ َف ُة َفأَصْبَحُوا فِي دَارِ ِهمْ جَاثِمِيَ (‪ )91‬اّلذِينَ َك ّذبُوا شُعَيْبًا َكأَ ْن َلمْ َيغَْنوْا فِيهَا اّلذِينَ‬ ‫َك ّذبُوا شُعَيْبًا كَانُوا ُه ُم الْخَا ِسرِينَ (‪ )92‬فََتوَلّى عَ ْن ُهمْ َوقَا َل يَا َقوْ ِم َل َقدْ َأبْ َلغْتُ ُكمْ ِرسَالَاتِ‬ ‫ت َل ُكمْ َفكَيْفَ َآسَى عَلَى َقوْمٍ كَا ِفرِينَ (‪ )93‬وَمَا أَ ْرسَلْنَا فِي َق ْرَيةٍ ِم ْن نَبِيّ‬ ‫َربّي َونَصَحْ ُ‬ ‫ضرّعُونَ (‪)94‬‬ ‫ضرّا ِء َلعَ ّل ُهمْ يَ ّ‬ ‫ِإلّا أَ َخ ْذنَا َأهْ َلهَا بِالَْب ْأسَا ِء وَال ّ‬ ‫‪ -90‬هنا يئس القوم من مطاوعة شعيب ومن معه لم ‪ ،‬وعلموا أنم ثابتون على‬ ‫دينهم ‪ ،‬كذلك خافوا أن يكثر الهتدون مع شعيب بظهور قوته وثباته على دعوته ‪،‬‬ ‫فاته كباؤهم الكافرون إل متبوعيهم ‪ ،‬يهددونم قائلي ‪ :‬وال إن طاوعتم شعيبا ف‬ ‫قبول دعوته ‪ ،‬إنكم لاسرون شرفكم وثروتكم ف اتباعكم دينا باطلً ل يكن عليه‬ ‫سلفكم ‪.‬‬ ‫‪ -91‬هنا حقّت عليهم كلمة العذاب ‪ ،‬فأصابم ال بزلزلة اضطربت لا قلوبم ‪،‬‬ ‫فصاروا ف دارهم منكبي على وجوههم ل حياة فيهم ‪.‬‬ ‫‪ -92‬هذا شأن ال مع الذين كذّبوا شعيبا ‪ ،‬وهددوه وأنذروه بالخراج من قريتهم ‪،‬‬ ‫وعملوا على رد دعوته ‪ ،‬قد هلكوا وهلكت قريتهم كأن ل يعش فيها الذين كذّبوا‬ ‫شعيبا ‪ ،‬وزعموا أن من يتبعه يكون خاسرا ‪ ،‬وأكدوا هذا الزعم وكانوا هم الاسرين‬ ‫لسعادتم ف الدنيا والخرة ‪.‬‬ ‫‪ -93‬فلما رأى شعيب ما نزل بم من اللك الدمر ‪ ،‬أعرض عنهم ‪ ،‬وقال مبئا نفسه‬ ‫من التقصي معهم ‪ :‬لقد أبلغتكم رسالت ربكم الفضية إل الحسان إليكم لو عملتم‬ ‫‪19‬‬

‫با ‪ ،‬وبالغت ف إسداء النصح لكم ‪ ،‬والعظة با به تنجون من عقوبة ال ‪ ،‬فكيف‬ ‫أحزن الزن الشديد على قوم كافرين؟ ل يكون ذلك بعدما أعذرت إليهم ‪ ،‬وبذلت‬ ‫جهدى ف سبيل هدايتهم وناتم ‪ ،‬فاختاروا ما فيه هلكهم ‪.‬‬ ‫‪ -94‬وما بعثنا نبيا من النبياء ف قرية من القرى ‪ ،‬يدعو أهلها إل دين ال القوي ‪،‬‬ ‫وأعرضوا عن قبول تلك الدعوة ‪ ،‬إل أصبناهم بالفقر والرض ‪ ،‬كى يتذللوا ويبتهلوا‬ ‫إل ال ملصي له ف كشف ما نزل بم ‪ ،‬ويستجيبوا لرسوله ‪.‬‬ ‫ضرّا ُء وَالسّرّاءُ‬ ‫حسََنةَ حَتّى َع َفوْا َوقَالُوا َقدْ مَسّ َآبَا َءنَا ال ّ‬ ‫ُثمّ َب ّدلْنَا َمكَا َن السّيَّئةِ الْ َ‬ ‫ش ُعرُونَ (‪َ )95‬وَلوْ أَ ّن َأ ْهلَ اْلقُرَى َآمَنُوا وَاتّ َقوْا َلفَتَحْنَا عَلَ ْي ِهمْ‬ ‫َفأَ َخذْنَاهُ ْم َبغَْتةً َوهُ ْم لَا َي ْ‬ ‫ض َولَ ِكنْ َكذّبُوا َفَأخَ ْذنَا ُهمْ بِمَا كَانُوا َي ْكسِبُونَ (‪َ )96‬أ َفأَ ِمنَ‬ ‫َبرَكَاتٍ مِ َن السّمَا ِء وَاْلأَرْ ِ‬ ‫أَ ْه ُل الْ ُقرَى أَنْ َي ْأتَِيهُ ْم َبأْسُنَا بَيَاتًا وَ ُهمْ نَائِمُونَ (‪َ )97‬أ َوأَ ِم َن أَ ْه ُل الْ ُقرَى أَ ْن َي ْأتَِيهُ ْم َبأْسُنَا‬ ‫ضُحًى َوهُ ْم يَ ْلعَبُونَ (‪َ )98‬أ َفأَمِنُوا َم ْكرَ ال ّلهِ فَلَا َي ْأمَ ُن َمكْ َر ال ّلهِ ِإلّا اْلقَوْ ُم الْخَاسِرُونَ (‬ ‫‪)99‬‬ ‫‪ -95‬ث لا ل يفعلوا ذلك ‪ ،‬واستمروا ف كفرهم وعنادهم ‪ ،‬امتحناهم بالعافية مكان‬ ‫البلء استدراجا ‪ ،‬فأعطيناهم رخاء وسعة وصحة وعافية ‪ ،‬حت كثروا ونوّا ف أموالم‬ ‫وأنفسهم ‪ ،‬وقالوا لهلهم ‪ :‬إن ما أصاب آباءنا من الحن والبليا والرفاهية والنعيم ‪،‬‬ ‫سرّاء بي الناس ‪ ،‬من غي أن ينتبهوا إل أن هذا‬ ‫فذلك شأن الدهر ‪ُ ،‬يدَاول الضرّاء وال َ‬ ‫جزاء كفرهم فيتدعوا وبذا جهلوا سنته ‪ -‬جل شأنه ‪ -‬ف أسباب الصلح والفساد‬ ‫ف البشر ‪ ،‬وما يترتب عليهما من السعادة والشقاء فكانت عاقبة ذلك أن أصابم ال‬ ‫بالعذاب الدمر فجأة ‪ ،‬وهم فاقدون للشعور با سيحل بم ‪.‬‬ ‫‪ -96‬ولو أن أهل تلك القرى آمنوا با جاء به الرسل ‪ ،‬وعملوا بوصاياهم وابتعدوا‬ ‫عما حرّمه ال لعطيناهم بركات من السماء والرض ‪ ،‬كالطر والنبات والثمار‬ ‫والنعام والرزاق والمن والسلمة من الفات ‪ ،‬ولكن جحدوا وكذبوا الرسل ‪،‬‬ ‫فأصبناهم بالعقوبات وهم نائمون ‪ ،‬بسبب ما كانوا يقترفون من الشرك والعاصى ‪،‬‬ ‫فأخذهم بالعقوبة أَثرٌ لزم لكسبهم القبيح ‪ ،‬وعبة لمثالم إن كانوا يعقلون ‪.‬‬ ‫‪20‬‬

‫‪َ -97‬أَأمِن أهل القرى الذين بلغتهم دعوة أنبيائهم ول يؤمنوا أن يأتيهم عذابنا وقت‬ ‫بياتم وهم غارقون ف نومهم؟ ‪.‬‬ ‫‪ -98‬أغفل هؤلء وأمنوا أن يأتيهم العذاب ف ضحى النهار وانبساط الشمس وهم‬ ‫منهمكون فيما ل نفع فيه لم؟ ‪.‬‬ ‫ل أو نارا ‪ ،‬يسوقه بتدبيه الذى‬ ‫‪ -99‬أجهلوا سنة ال ف الكذبي ‪ ،‬فأمنوا عذابه لي ً‬ ‫يفى على الناس أمره؟ إنه ل يهل تدبي ال وسنته ف عقوبة الكذبي إل الذين خسروا‬ ‫أنفسهم بعدم اليقظة إل ما فيه سعادتم ‪.‬‬ ‫ض ِمنْ َب ْعدِ َأهْ ِلهَا أَ ْن َلوْ َنشَا ُء أَصَبْنَا ُهمْ ِب ُذنُوِب ِهمْ َونَطْبَعُ َعلَى‬ ‫أَ َوَلمْ َي ْهدِ لِلّذِينَ َي ِرثُونَ اْلأَرْ َ‬ ‫ك ِمنْ َأنْبَائِهَا وََل َقدْ جَا َءْتهُمْ‬ ‫قُلُوِب ِهمْ َف ُهمْ لَا َيسْ َمعُونَ (‪ )100‬تِ ْلكَ اْل ُقرَى َنقُصّ عَلَ ْي َ‬ ‫ُرسُ ُلهُ ْم بِالْبَيّنَاتِ َفمَا كَانُوا لُِي ْؤمِنُوا بِمَا َك ّذبُوا ِم ْن قَ ْبلُ َك َذِلكَ يَطَْب ُع اللّهُ عَلَى قُلُوبِ‬ ‫الْكَا ِفرِينَ (‪َ )101‬ومَا َوجَ ْدنَا ِلأَكَْث ِرهِ ْم ِمنْ َع ْهدٍ َوإِ ْن وَ َج ْدنَا أَكَْث َرهُ ْم َلفَا ِسقِيَ (‪)102‬‬ ‫ُثمّ َبعَثْنَا ِم ْن َبعْ ِد ِهمْ مُوسَى بِ َآيَاتِنَا ِإلَى ِفرْ َعوْنَ َومَلَِئهِ فَظَ َلمُوا ِبهَا فَانْ ُظرْ كَيْفَ كَانَ عَاقَِبةُ‬ ‫ب الْعَالَمِيَ (‪)104‬‬ ‫سدِينَ (‪َ )103‬وقَالَ مُوسَى يَا ِفرْ َعوْ ُن ِإنّي َرسُولٌ ِمنْ َر ّ‬ ‫الْ ُمفْ ِ‬ ‫‪ -100‬أغاب عن الذين يلفون من قبلهم من المم سنة ال فيمن قبلهم ‪ ،‬وأن شأننا‬ ‫فيهم كشأننا فيمن سبقوهم؟ وهو أنم خاضعون لشيئتنا ‪ ،‬لو نشاء أن ُنعَذبم بسبب‬ ‫ذنوبم لصبناهم كما أصبنا أمثالم ‪ ،‬ونن نتم على قلوبم لفرط فسادها حت‬ ‫وصلت إل حالة ل تقبل معها شيئا من الدى ‪ ،‬فهم بذا الطبع والتْم ل يسمعون‬ ‫الكم والنصائح ساع تفقه واتعاظ ‪.‬‬ ‫‪ -101‬تلك القرى الت بعد عهدها ‪ ،‬وطال المد على تاريها ‪ ،‬نقُص عليك الن‬ ‫بعض أخبارها ما فيه عبة ‪ .‬ولقد جاء أهل تلك القرى رسلهم بالبينات الدالة على‬ ‫صدق دعوتم ‪ ،‬فلم يكن من شأنم أن يؤمنوا بعد مئ البينات ‪ ،‬لتمرسهم بالتكذيب‬ ‫للصادقي ‪ ،‬فكذّبوا رسلهم ول يهتدوا ‪ ،‬وهكذا يعل ال حجابا على قلوب الكافرين‬ ‫وعقولم ‪ ،‬فيخفى عليهم طريق الق ويَنْأوْن عنه ‪.‬‬ ‫‪ -102‬وما وجدنا لكثر أولئك القوام وفاء بيثاق ما أوصيناهم به من اليان ‪ ،‬على‬ ‫‪21‬‬

‫لسان الرسل ‪ ،‬وعلى ما يوحى به العقل والنظر السليم ‪ .‬وإن الشأن الطرد فيهم‬ ‫تَمكّن أكثرهم من الفسوق والروج عن كل عهد ‪.‬‬ ‫‪ -103‬ث بعثنا من بعد أولئك الرسل موسى ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬ومعه دلئلنا الت تدل‬ ‫على صدقه فيما يُبلغه عنا إل فرعون وقومه ‪ ،‬فبلّغهم موسى دعوة ربه ‪ ،‬وأراهم آية‬ ‫ال ‪ ،‬فظلموا أنفسهم وقومهم بالكفر با ‪ِ ،‬كبْرا وجحودا فاستحقوا من ال عقوبة‬ ‫صارمة كانت با ناية أمرهم ‪ ،‬فانظر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬ناية الفسدين ف الرض ‪.‬‬ ‫‪ -104‬وقال موسى ‪ :‬يا فرعون إن ُمرْسَل من ال رب العالي ومالك أمرهم ‪،‬‬ ‫لبلغكم دعوته ‪ ،‬وأدعوكم إل شريعته ‪.‬‬ ‫ح ّق قَ ْد جِئُْتكُ ْم بِبَيَّن ٍة ِمنْ َرّب ُكمْ َفأَ ْر ِسلْ َمعِ َي بَنِي‬ ‫حَقِيقٌ عَلَى أَ ْن لَا َأقُولَ عَلَى اللّ ِه ِإلّا الْ َ‬ ‫ت ِمنَ الصّا ِدقِيَ (‪)106‬‬ ‫ت بِ َآَيةٍ َف ْأتِ ِبهَا إِنْ كُنْ َ‬ ‫ت جِئْ َ‬ ‫إِ ْسرَائِيلَ (‪ )105‬قَالَ إِنْ كُ ْن َ‬ ‫ع َي َدهُ فَِإذَا ِه َي بَيْضَا ُء لِلنّا ِظرِينَ (‪)108‬‬ ‫َفأَْلقَى عَصَا ُه َفِإذَا ِهيَ ُثعْبَانٌ مُبِيٌ (‪ )107‬وََنزَ َ‬ ‫ضكُمْ‬ ‫خرِ َجكُ ْم ِمنْ أَرْ ِ‬ ‫قَا َل الْمَ َلأُ ِم ْن َقوْمِ ِفرْعَوْ َن إِ ّن َهذَا َلسَا ِحرٌ عَلِيمٌ (‪ُ )109‬يرِيدُ أَنْ ُي ْ‬ ‫فَمَاذَا َتأْ ُمرُونَ (‪ )110‬قَالُوا أَرْ ِج ْه وََأخَاهُ َوأَ ْرسِ ْل فِي الْ َمدَاِئ ِن حَا ِشرِينَ (‪َ )111‬يأْتُوكَ‬ ‫ح ُن الْغَالِبِيَ‬ ‫ح َرةُ ِفرْ َعوْ َن قَالُوا إِ ّن لَنَا َلأَ ْجرًا إِنْ كُنّا نَ ْ‬ ‫بِ ُك ّل سَا ِحرٍ عَلِيمٍ (‪ )112‬وَجَا َء السّ َ‬ ‫(‪)113‬‬ ‫‪ -105‬وإن حريص على قول الصدق عن ال تعال ‪ ،‬وقد جئتكم بآية عظيمة الشأن‬ ‫ظاهرة الُجة ف بيان الق الذى جئت به ‪ ،‬فأطلق معى بن إسرائيل ‪ ،‬وأخرجهم من‬ ‫رق قهرك ‪ ،‬ليذهبوا معى إل دارٍ غي دارك ‪ ،‬يعبدون فيها ربم وربك ‪.‬‬ ‫‪ -106‬قال فرعون لوسى ‪ :‬إن كنت جئت مؤيدا بآية من عند من أرسلك فأظهرها‬ ‫لدى إن كنت من أهل الصدق اللتزمي لقول الق ‪.‬‬ ‫‪ -107‬فلم يلبث موسى أن ألقى عصاه الت كانت بيمينه أمام فرعون وقومه ‪ ،‬فإذا‬ ‫هذه العصا ثعبان ظاهر بيّن يسعى من مكان إل آخر ‪ ،‬ف قوة تدل على تام حياته ‪.‬‬ ‫‪ -108‬وأخرج يده من جيبه ‪ ،‬فإذا هى ناصعة البياض تتلل للناظرين ‪.‬‬ ‫‪ -109‬فلما أظهر موسى آية ال تعال ‪ ،‬ثارت نفوس بطانة فرعون وعظماء قومه ‪،‬‬ ‫‪22‬‬

‫فقالوا تزلّفا ومشايعة لفرعون ‪ :‬إن هذا لاهر ف علم السحر ‪ ،‬وليس ذلك بآية من ال‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ -110‬وقد وجه إرادته لسلب ملككم ‪ ،‬وإخراجكم من أرضكم بسحره ‪ ،‬وما ينشأ‬ ‫عنه من استمالة أفراد الشعب ليتبعوه ‪ ،‬وانظروا ماذا تأمرون با يكون سبيل للتخلص‬ ‫منه ‪.‬‬ ‫‪ -111‬وقالوا ‪ :‬أجّل البت ف أمره وأمر أخيه الذى يعاونه ف دعوته ‪ ،‬وأرسل ف‬ ‫مدائن ملكك رجال من جندك يمعون الناس أول العلم بالسحر ‪.‬‬ ‫‪ -112‬فيأتوك بكل عليم بفنون السحر ‪ ،‬وهم يكشفون لك حقيقة ما جاء به موسى‬ ‫‪ .‬فل يفتت به أحد ‪.‬‬ ‫‪ -113‬وجاء إل فرعون السحرة الذين جعهم له جنده ‪ ،‬وقالوا له ‪ :‬إن لنا لزاء‬ ‫عظيما يكافئ ما يُطلب منا إن كانت الغلبة لنا على موسى ‪.‬‬ ‫حنُ‬ ‫قَا َل َنعَ ْم َوإِّنكُ ْم لَ ِم َن الْ ُمقَ ّربِيَ (‪ )114‬قَالُوا يَا مُوسَى ِإمّا أَ ْن تُ ْل ِقيَ َوِإمّا أَ ْن َنكُو َن نَ ْ‬ ‫حرٍ‬ ‫حرُوا أَعُْي َن النّاسِ وَاسْتَ ْرهَبُو ُهمْ َوجَاءُوا ِبسِ ْ‬ ‫الْمُ ْلقِيَ (‪ )115‬قَا َل َألْقُوا فَلَمّا َألْ َقوْا سَ َ‬ ‫عَظِيمٍ (‪ )116‬وََأ ْوحَيْنَا ِإلَى مُوسَى أَ ْن َأْلقِ عَصَا َك َفإِذَا هِ َي تَ ْلقَفُ مَا َيأْ ِفكُونَ (‪)117‬‬ ‫ح ّق َوبَ َطلَ مَا كَانُوا َيعْمَلُونَ (‪َ )118‬فغُلِبُوا هُنَاِلكَ وَانْقَلَبُوا صَا ِغرِينَ (‪)119‬‬ ‫َفوَقَ َع الْ َ‬ ‫ب مُوسَى َوهَارُونَ‬ ‫ب اْلعَالَمِيَ (‪َ )121‬ر ّ‬ ‫ح َرةُ سَا ِجدِينَ (‪ )120‬قَالُوا َآمَنّا ِبرَ ّ‬ ‫وَُأْلقِ َي السّ َ‬ ‫(‪)122‬‬ ‫‪ -114‬وجاء فرعون ميبا لم إل ما طلبوا ‪ :‬نعم إن لكم لزاء عظيما ‪ ،‬وإنكم مع‬ ‫ذلك لن أهل الظوة عندنا ‪.‬‬ ‫‪ -115‬ث توجه السحرة إل موسى بعد أن وعدهم فرعون با وعدهم ‪ ،‬وأظهروا الثقة‬ ‫بأنفسهم واعتدادهم بسحرهم ف ميدان الباراة ‪ ،‬وقالوا له إما أن تلقى ما عندك أول ‪،‬‬ ‫وإما أن نكون نن اللقي با عندنا من دونك ‪.‬‬ ‫‪ -116‬فأجابم موسى إجابة الواثق بالغلبة والظفر ‪ ،‬مظهرا عدم مبالته بم ‪ :‬ألقوا ما‬ ‫أنتم ملقون أول ‪ .‬فلما ألقى كل واحد منهم ما كان معه من حبال وعصى ‪ ،‬خيلوا إل‬ ‫‪23‬‬

‫أبصار الناس وَموّهوا عليهم أن ما فعلوه حقيقة وما هو إل خيال ‪ ،‬فهال المر الناس‬ ‫ب والرعب ‪ ،‬وقد جاء السحرة النّاسَ بسحر مظهره كبي وتأثيه‬ ‫وأوقع ف قلوبم الرّهَ َ‬ ‫ف أعينهم عظيم ‪.‬‬ ‫‪ -117‬وأصدر ال أمره إل موسى أن ألق بعصاك ‪ ،‬فقد جاء وقتها ‪ ،‬فألقاها كما‬ ‫أمر ‪ ،‬فإذا عصاه تبتلع بسرعة ما يكذبون ويوّهون ‪.‬‬ ‫‪ -118‬فثبت الق وظهر ف جانب موسى ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬وبطل تيل السحرة ‪.‬‬ ‫‪َ -119‬فهُزم فرعون وملؤه ف ذلك الجمع العظيم ‪ ،‬وعادوا من ذلك الجمع أذلة با‬ ‫رزئوا من الذلن واليبة ‪.‬‬ ‫‪ -120‬هذا ما كان من شأن فرعون وملئه ‪ ،‬وأما السحرة فقد برهم الق ‪ ،‬فاندفعوا‬ ‫ساجدين ل مذعني للحق ‪.‬‬ ‫‪ -121‬قائلي ‪ :‬آمنا بالق العالي ‪ ،‬ومالك أمرهم التصرف فيهم ‪.‬‬ ‫‪ -122‬إنّه الله الذى يعتقده ويؤمن به موسى وهارون ‪.‬‬ ‫خ ِرجُوا‬ ‫قَا َل ِفرْ َعوْنُ َآمَنُْتمْ ِب ِه قَ ْبلَ أَنْ َآذَ َن لَ ُك ْم إِ ّن هَذَا لَ َمكْ ٌر َمكَ ْرتُمُوهُ فِي الْ َمدِيَن ِة لِتُ ْ‬ ‫ف ُثمّ َلأُصَلّبَّن ُكمْ‬ ‫ف َتعْلَمُونَ (‪َ )123‬لأُقَ ّط َعنّ َأْي ِديَ ُكمْ َوأَ ْرجُلَ ُك ْم ِمنْ خِلَا ٍ‬ ‫مِ ْنهَا َأهْ َلهَا َفسَوْ َ‬ ‫أَجْ َمعِيَ (‪ )124‬قَالُوا ِإنّا ِإلَى َربّنَا مُ ْنقَلِبُونَ (‪َ )125‬ومَا تَ ْن ِقمُ مِنّا ِإلّا أَنْ َآمَنّا ِبآَيَاتِ َربّنَا‬ ‫لَمّا جَا َءتْنَا َربّنَا َأ ْفرِغْ عَلَيْنَا صَ ْبرًا َوتَ َوفّنَا ُمسْلِمِيَ (‪َ )126‬وقَا َل الْمَ َلأُ ِم ْن َقوْ ِم ِفرْ َعوْنَ‬ ‫ض وََيذَرَ َك وَ َآِلهََتكَ قَالَ سَُنقَّتلُ َأبْنَا َء ُهمْ َوَنسْتَحْيِي‬ ‫سدُوا فِي اْلأَرْ ِ‬ ‫َأتَذَ ُر مُوسَى َو َقوْ َم ُه لُِيفْ ِ‬ ‫ِنسَا َء ُه ْم وَِإنّا َف ْو َقهُ ْم قَا ِهرُونَ (‪)127‬‬ ‫‪ -123‬فهال هذا المر فرعون ‪ ،‬وأثار حيته فقال ‪ :‬هل آمنتم وصدقتم برب موسى‬ ‫وهارون قبل أن آذن لكم؟ إن هذا الصنيع الذى صنعتموه أنتم وموسى وهارون كان‬ ‫بالتفاق ‪ ،‬وليس إل مكرا مكرتوه ف الدينة ( مصر ) لجل أن ترجوا منها أهلها‬ ‫بكركم ‪ ،‬فسوف ترون ما يل بكم من العذاب جزاء اتباعكم موسى وهارون ‪،‬‬ ‫وعقابا على هذا الكر والداع ‪.‬‬ ‫‪ -124‬وأقسم لُنكّلنّ بكم ‪ ،‬وأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلف ‪ ،‬فأقطع اليد من‬ ‫‪24‬‬

‫ب كل واحد منكم وهو على هذه الالة‬ ‫جانب والرجل من جانب آخر ‪ ،‬ث لصلّ ّ‬ ‫الشوهة ‪ ،‬لتكونوا عبة لن تدثه نفسه بالكيد لنا أو بالروج على سلطاننا ‪.‬‬ ‫‪ -125‬فلم يأبوا لقوله وتديداته ‪ ،‬لتمكن اليان من شغاف قلوبم ‪ ،‬فقالوا له ‪ :‬إنا‬ ‫إل ربنا راجعون ‪ ،‬فنتقلب ف رحته ونعيم جزائه ‪.‬‬ ‫‪ -126‬وما تُنكر منا وتُعَاقِبنا عليه إل أن صدقنا موسى ‪ ،‬وأذعنا ليات ربنا الواضحة‬ ‫الدالة على الق لا جاءتنا ‪ .‬ث توجهوا إل ال ضارعي إليه قائلي ‪ :‬يا ربنا أفض علينا‬ ‫صبا عظيما نقوى معه على احتمال الشدائد ‪ ،‬وتوفنا على السلم غي مفتوني من‬ ‫وعيد فرعون ‪.‬‬ ‫‪ -127‬وبعد أن شاهد فرعون وقومه ما شاهدوا ‪ -‬من ظهور أمر موسى وقوة غلبته‬ ‫وإيان السحرة به ‪ -‬قال الكباء من قومه ‪ :‬أنترك موسى وقومه أحرارا آمني ‪ ،‬ليكون‬ ‫مآلم أن يفسدوا قومك عليك ف أرض مصر بإدخالم ف دينهم ‪ ،‬ويتركك مع آلتك‬ ‫ف غي مبالة ‪ ،‬فيظهر للمصريي عجزك وعجزهم؟ قال فرعون ميبا لم ‪ :‬سنقتل أبناء‬ ‫قومه تقتيل ما تناسلوا ‪ ،‬ونستبقى نساءهم أحياء ‪ ،‬حت ل يكون لم قوة كما فعلنا من‬ ‫قبل ‪ ،‬وإنا مستعلون عليهم بالغلبة والسلطان قاهرون لم ‪.‬‬ ‫ض لِ ّلهِ يُو ِرُثهَا َمنْ َيشَا ُء ِمنْ عِبَا ِدهِ‬ ‫قَا َل مُوسَى ِلقَ ْو ِمهِ اسَْتعِينُوا بِال ّل ِه وَاصِْبرُوا إِ ّن اْلأَرْ َ‬ ‫وَاْلعَاقَِبةُ لِلْمُّتقِيَ (‪ )128‬قَالُوا أُوذِينَا ِمنْ قَ ْب ِل أَ ْن َتأْتِيَنَا وَ ِم ْن َبعْ ِد مَا جِئْتَنَا قَالَ َعسَى‬ ‫ف َتعْمَلُونَ (‪َ )129‬وَلقَدْ‬ ‫ض فَيَنْ ُظرَ كَيْ َ‬ ‫َرّبكُ ْم أَ ْن ُيهْلِكَ َع ُدوّ ُكمْ َوَيسْتَخْ ِل َفكُ ْم فِي اْلأَرْ ِ‬ ‫ي َوَنقْصٍ ِم َن الثّ َمرَاتِ َلعَ ّل ُهمْ َيذّ ّكرُونَ (‪َ )130‬فإِذَا جَا َءْت ُهمُ‬ ‫أَ َخ ْذنَا َآ َل ِفرْ َعوْ َن بِالسّنِ َ‬ ‫حسََنةُ قَالُوا لَنَا َه ِذهِ َوإِ ْن تُصِ ْب ُهمْ سَيَّئةٌ يَطّّيرُوا بِمُوسَى َو َمنْ َم َعهُ َألَا ِإنّمَا طَاِئرُ ُهمْ عِ ْندَ‬ ‫الْ َ‬ ‫اللّ ِه َولَ ِكنّ أَكَْث َر ُهمْ لَا َيعْلَمُونَ (‪)131‬‬ ‫‪ -128‬وهنا رأى موسى أثر الزع ف نفوس قومه ‪ ،‬فشد من عزمهم ‪ ،‬وقال لم ‪:‬‬ ‫اطلبوا معونة اللّه وتأييده ‪ ،‬واثبتوا ول تزعوا ‪ ،‬إن الرض ف قبضة قدرة ال وملكه ‪،‬‬ ‫يعلها مياثا لن يشاء من عباده ل لفرعون ‪ ،‬والعاقبة السنة للذين يتقون اللّه‬ ‫بالعتصام به والستمساك بأحكامه ‪.‬‬ ‫‪25‬‬

‫‪ -129‬فقال القوم ف حزن وضعف ‪ :‬نن نالنا الذى قديا من فرعون قبل ميئك‬ ‫إلينا ‪ ،‬وحديثا من بعد ميئك ‪ .‬فقتح موسى لم باب المل وقال لم ‪ :‬إن الرجو من‬ ‫فضل ‪ -‬ربكم ‪ -‬أن يهلك عدوكم الذى سخركم وآذاكم بظلمه ‪ ،‬ويعلكم خلفاء‬ ‫الرض الت وعدكم إياها ‪ ،‬فيعلم سبحانه ما أنتم عاملون بعد هذا التمكي ‪:‬‬ ‫أتشكرون النعمة أم تكفرون؟ وتصلحون ف الرض أم تفسدون؟ ليجزيكم ف الدنيا‬ ‫والخرة با تعملون ‪.‬‬ ‫‪ -130‬ولقد عاقبنا فرعون وقومه بالدب والقحط وضيق العيشة ‪ ،‬وبنقص ثرات‬ ‫الزروع والشجار ‪ ،‬رجاء أن ينتبهوا إل ضعفهم وعجز ملكهم البار أمام قوة اللّه‬ ‫فيتعظوا ويرجعوا عن ظلمهم لبن إسرئيل ‪ ،‬ويستجيبوا لدعوة موسى ‪ -‬عليه السلم‬ ‫ فإن شأن الشدائد أن تنع الغرور وتذب الطباع وتوجه النفس إل قبول الق ‪،‬‬‫وإرضاء رب العالي ‪ ،‬والتضرع إليه دون غيه ‪.‬‬ ‫‪ -131‬ولكن دأب فرعون وأعوانه عدم الثبات على الق ‪ ،‬فسرعان ما يعودون إل‬ ‫الغدر والعصية ‪ ،‬فهم متقلبون ‪ .‬فإذا جاءهم الصب والرخاء ‪ -‬وكثيا ما يكون ذلك‬ ‫ قالوا ‪ :‬نن الستحقون له لا لنا من المتياز على الناس ‪ ،‬وإن أصابم ما يسوؤهم‬‫كجدب أو جائحة أو مصيبة ف البدان والرزاق ‪ ،‬يرون أنم أصيبوا بشؤم موسى‬ ‫ومن معه ‪ ،‬ويغفلون عن أن ظلمهم وفجورهم هو الذى أدى بم إل ما نالم ‪ ،‬أل‬ ‫فليعلموا أن علم شؤمهم عند ال ‪ ،‬فهو الذى أصابم بسبب أعمالم القبيحة ‪ ،‬فهى‬ ‫الت ساقت إليهم ما يسوؤهم ‪ ،‬وليس موسى ومن معه ‪ ،‬ولكن أكثرهم ل يدرى هذه‬ ‫القيقة الت ل شك فيها ‪.‬‬ ‫ح ُن َلكَ بِ ُم ْؤمِنِيَ (‪َ )132‬فأَرْسَلْنَا عَلَ ْي ِهمُ‬ ‫ح َرنَا ِبهَا فَمَا نَ ْ‬ ‫َوقَالُوا َمهْمَا َت ْأتِنَا ِبهِ ِمنْ َآَي ٍة لَِتسْ َ‬ ‫ت ُمفَصّلَاتٍ فَاسَْتكْبَرُوا وَكَانُوا قَ ْومًا‬ ‫ع وَالدّمَ َآيَا ٍ‬ ‫ضفَادِ َ‬ ‫جرَا َد وَاْلقُ ّم َل وَال ّ‬ ‫الطّوفَانَ وَالْ َ‬ ‫ع لَنَا َرّبكَ بِمَا َع ِهدَ عِ ْندَكَ‬ ‫ج ِرمِيَ (‪ )133‬وَلَمّا َوقَعَ عَلَ ْي ِه ُم ال ّر ْجزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْ ُ‬ ‫مُ ْ‬ ‫شفْنَا‬ ‫ك َولَُنرْسِ َل ّن مَ َعكَ بَنِي إِ ْسرَائِيلَ (‪ )134‬فَلَمّا َك َ‬ ‫شفْتَ عَنّا ال ّرجْ َز لَُنؤْمَِن ّن لَ َ‬ ‫لَِئنْ َك َ‬

‫‪26‬‬

‫عَ ْن ُهمُ ال ّرجْ َز ِإلَى َأجَ ٍل ُهمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُ ْم يَ ْنكُثُونَ (‪ )135‬فَانَْتقَمْنَا مِ ْن ُهمْ َفأَ ْغ َرقْنَاهُ ْم فِي‬ ‫الْيَ ّم ِبأَّن ُهمْ َكذّبُوا ِب َآيَاتِنَا وَكَانُوا عَ ْنهَا غَافِلِيَ (‪)136‬‬ ‫‪ -132‬ولذه الفكرة السيئة عندهم أصروا على الحود ‪ ،‬وقالوا عند رؤيتهم ليات‬ ‫موسى ‪ :‬إنك مهما جئتنا بكل نوع من أنواع اليات الت تستدل با على حقيقة‬ ‫دعوتك ‪ -‬لجل أن تصرفنا با عما نن عليه من ديننا ومن استعباد قومك ‪ -‬فما نن‬ ‫لك بصدقي ول مذعني ‪.‬‬ ‫‪ -133‬فأنزل اللّه عليهم مزيدا من الصائب والنكبات ‪ :‬بالطوفان الذى يغشى‬ ‫أماكنهم ‪ ،‬وبالراد الذى يأكل ما بقى من نبات أو شجر ‪ ،‬وبالقمل وهو حشرة تفسد‬ ‫الثمار وتقضى على اليوان والنبات ‪ ،‬وبالضفادع الت تنتشر فتنغص عليهم حياتم‬ ‫وتذهب بصفائها ‪ ،‬وبالدم الذى يسبب المراض الكثية كالنيف من أى جسم ‪،‬‬ ‫والدم الذى ينحبس فيسبب ضغطا أو ينفجر فيسبب شلل ‪ ،‬ويشمل البول الدموى‬ ‫بسبب البلهارسيا ونوها ‪ ،‬أو الذى تول إليه ماؤهم الذى يستخدمونه ف حاجات‬ ‫معاشهم ‪ ،‬أصابم اللّه بذه اليات الميزات الواضحات فلم يتأثروا با ‪ ،‬وجدت‬ ‫قرائحهم وفسد ضميهم ‪ ،‬فعتوا عن اليان والرجوع إل الق من حيث هو حق ‪،‬‬ ‫وكانوا قوما موغلي ف الجرام كما هو شأنم ‪.‬‬ ‫‪ -134‬ولفرط تقلبهم حسب الدواعى ‪ ،‬كانوا كلما وقع عليه نوع من العذاب قالوا‬ ‫لشدة تأثيه فيهم وتألهم به ‪ :‬يا موسى ‪ ،‬سل ربك لنا بالذى عهد به إليك أن تدعوه‬ ‫به فيعطيك اليات ويستجيب لك الدعاء ‪ ،‬أن تكشف عنا هذا العذاب ‪ ،‬ونن نقسم‬ ‫لك لئن أزلته عنا لنخضعن ‪ ،‬ولنطلق ّن معك بن إسرائيل كما أردت ‪.‬‬ ‫‪ -135‬فلما كشفنا عنهم العذاب مرة بعد أخرى إل وقت هم منتهون إليه ف كل‬ ‫مرة ‪ ،‬إذا هم ينقضون عهدهم وينثون ف قسمهم ‪ ،‬ويعودون إل ما كانوا عليه ‪ ،‬ول‬ ‫تُجْد فيهم هذه الحن الزاجرة ‪.‬‬ ‫‪ -136‬فأنزلنا عليهم نقمتنا ‪ ،‬فأغرقناهم ف البحر بسبب استمرارهم على التكذيب‬ ‫بآياتنا ‪ ،‬وتام غفلتهم عما تقتضيه هذه اليات من اليان والذعان ‪.‬‬ ‫‪27‬‬

‫ض َومَغَا ِربَهَا الّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمّتْ‬ ‫ق اْلأَرْ ِ‬ ‫وََأوْ َرثْنَا اْلقَوْ َم اّلذِينَ كَانُوا ُيسْتَضْ َعفُونَ َمشَارِ َ‬ ‫حسْنَى عَلَى بَنِي ِإسْرَائِيلَ بِمَا صََبرُوا َو َد ّمرْنَا مَا كَا َن يَصْنَ ُع ِفرْ َعوْ ُن َو َقوْ ُمهُ‬ ‫كَلِ َمةُ َرّبكَ الْ ُ‬ ‫ح َر َفأََتوْا عَلَى َقوْ ٍم َيعْ ُكفُونَ عَلَى‬ ‫وَمَا كَانُوا يَ ْع ِرشُونَ (‪ )137‬وَجَاوَزْنَا بِبَنِي ِإسْرَائِيلَ الْبَ ْ‬ ‫جهَلُونَ (‪)138‬‬ ‫أَصْنَا ٍم َل ُهمْ قَالُوا يَا مُوسَى ا ْجعَ ْل لَنَا ِإَلهًا َكمَا لَ ُهمْ َآِل َهةٌ قَالَ ِإّنكُ ْم َقوْ ٌم تَ ْ‬ ‫إِ ّن هَ ُؤلَا ِء مُتَّبرٌ مَا هُ ْم فِي ِه وَبَا ِط ٌل مَا كَانُوا َيعْمَلُونَ (‪ )139‬قَالَ أَغَ ْي َر ال ّلهِ َأْبغِي ُك ْم إَِلهًا‬ ‫وَ ُهوَ فَضّلَ ُكمْ عَلَى الْعَالَمِيَ (‪)140‬‬ ‫‪ -137‬وأعطينا القوم الذين كانوا يستضعفون ف مصر ‪ -‬وهم بنو إسرائيل ‪ -‬جيع‬ ‫الرض الت حباها اللّه بالصب والي الكثي ‪ ،‬ف مشارقها ومغاربا ‪ ،‬ونفذت كلمة‬ ‫ل لبن إسرائيل بسبب صبهم على الشدائد ‪،‬‬ ‫اللّه السن تامة ‪ ،‬ووعد بالنصر شام ً‬ ‫ودمّرنا ما كان يصنع فرعون وقومه من الصروح والقصور الشيدة ‪ ،‬وما كانوا‬ ‫يعرشونه من السقائف للنبات والشجر التسلق كعرائش العنب ‪ ،‬هذا شأن اللّه ‪،‬‬ ‫وصدق وعده الميل لبن إسرائيل ‪.‬‬ ‫‪ -138‬وتاوز بنو أسرائيل البحر بعنايتنا وتأييدنا وتيسي المر لم فلما تاوزوه مروا‬ ‫على قوم ملزمي لعبادة أصنام لم ‪ ،‬فلما شاهدوا هذه الالة غلب عليهم ما ألفوا‬ ‫قديا من عبادة الصريي للصنام ‪ ،‬فطلبوا من موسى أن يعل لم صنما يعبدونه ‪ ،‬كما‬ ‫أن لؤلء القوم أصناما يعبدونا فسارع موسى ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬موبا لم رادعا وقال‬ ‫‪ :‬إنكم قوم سفهاء ل عقول لكم ‪ ،‬ل تعرفون العبادة القة ‪ ،‬ول من هو الله الذى‬ ‫يستحق أن يعبد ‪.‬‬ ‫‪ -139‬إن هؤلء الذين ترونم يعبدون الصنام ‪ ،‬هالك ما هم فيه من الدين الباطل ‪،‬‬ ‫وزائل عملهم ل بقاء له ‪.‬‬ ‫‪ -140‬أأطلب لكم معبودا غي اللّه رب العالي ‪ ،‬وهو قد منحكم الفضل فأعطاكم‬ ‫نعما ل يعطها غيكم من أهل زمانكم؟! ‪.‬‬ ‫وَِإ ْذ َأنْجَيْنَا ُكمْ ِمنْ َآ ِل ِفرْ َعوْنَ َيسُومُونَ ُك ْم سُو َء اْلعَذَابِ ُيقَتّلُونَ أَبْنَاءَ ُك ْم َوَيسْتَحْيُونَ‬ ‫ي لَيْ َل ًة َوأَتْ َممْنَاهَا‬ ‫ِنسَاءَ ُك ْم َوفِي َذِلكُ ْم بَلَا ٌء ِمنْ َرّب ُكمْ عَظِيمٌ (‪َ )141‬ووَا َعدْنَا مُوسَى ثَلَاثِ َ‬ ‫‪28‬‬

‫ي لَيْ َل ًة َوقَالَ مُوسَى ِلأَخِيهِ هَارُونَ اخْ ُلفْنِي فِي قَ ْومِي َوأَصْلِحْ‬ ‫ش ٍر فََتمّ مِيقَاتُ َرّبهِ أَ ْربَعِ َ‬ ‫ِبعَ ْ‬ ‫سدِينَ (‪ )142‬وَلَمّا جَا َء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلّ َمهُ َرّبهُ قَالَ َربّ أَ ِرنِي‬ ‫وَلَا تَتّبِ ْع سَبِيلَ الْ ُم ْف ِ‬ ‫سوْفَ تَرَانِي فَلَمّا‬ ‫ك قَا َل َلنْ تَرَانِي َولَ ِكنِ انْ ُظ ْر ِإلَى الْجََبلِ َفإِ ِن اسْتَ َق ّر مَكَانَ ُه َف َ‬ ‫َأنْظُ ْر ِإلَيْ َ‬ ‫ك َوأَنَا‬ ‫ت ِإلَيْ َ‬ ‫ك تُبْ ُ‬ ‫ق قَا َل سُبْحَانَ َ‬ ‫ص ِعقًا فَ َلمّا َأفَا َ‬ ‫تَجَلّى َربّ ُه لِلْجََب ِل َجعَ َلهُ دَكّا وَ َخ ّر مُوسَى َ‬ ‫خذْ‬ ‫س ِبرِسَالَاتِي َوبِكَلَامِي فَ ُ‬ ‫ص َطفَيْتُكَ عَلَى النّا ِ‬ ‫أَ ّولُ الْ ُم ْؤمِنِيَ (‪ )143‬قَا َل يَا مُوسَى ِإنّي ا ْ‬ ‫ك وَ ُكنْ مِ َن الشّا ِكرِينَ (‪)144‬‬ ‫مَا َآتَيْتُ َ‬ ‫‪ -141‬واذكروا إذ أناكم اللّه تعال بعنايته من آل فرعون الذين كانوا يذيقونكم‬ ‫أشد العذاب ‪ ،‬ويسخرونكم لدمتهم ف مشاق العمال ‪ ،‬ول يرون لكم حرمة‬ ‫كالبهائم ‪ ،‬فيقتلون ما يولد لكم من الذكور ‪ ،‬ويستبقون الناث لكم لتزدادوا ضعفا‬ ‫بكثرتن ‪ ،‬وفيما نزل بكم من تعذيب فرعون لكم وإنائكم منه ‪ ،‬اختبار عظيم من‬ ‫ربكم ليس وراءه بلء واختبار ‪.‬‬ ‫‪ -142‬وواعدنا موسى بالناجاة وإعطاء التوراة عند تام ثلثي ليلة يتعبد فيها ‪،‬‬ ‫وأتمنا مدة الوعد بعشر ليال يستكمل فيها عبادته ‪ ،‬فصارت الدة أربعي ليلة ‪ ،‬وقال‬ ‫موسى لخيه هارون حي توجه للمناجاة ‪ :‬كن خليفت ف قومى ‪ ،‬وأصلح ما يتاج إل‬ ‫الصلح من أمورهم ‪ ،‬واحذر أن تتبع طريق الفسدين ‪.‬‬ ‫‪ -143‬ولا جاء لناجاتنا ‪ ،‬وكلّمه ربه تكليما ليس كتكليمنا ‪ ،‬قال رب أرن ذاتك ‪،‬‬ ‫وتلّ ل أنظر إليك فأزداد شرفا ‪ ،‬قال ‪ :‬لن تطيق رؤيت ‪ .‬ث أراد سبحانه أن يقنعه بأنه‬ ‫ل يطيقها فقال ‪ :‬لكن انظر إل البل الذى هو أقوى منك ‪ ،‬فإن ثبت مكانه عند‬ ‫التجلى فسوف تران إذا تليت لك ‪ .‬فلما ظهر ربه للجبل على الوجه اللئق به‬ ‫تعال ‪ ،‬جعله مفتتا مستويا بالرض ‪ ،‬وسقط موسى مغشيا عليه لول ما رأى ‪ ،‬فلما‬ ‫أفاق من صعقته قال ‪ :‬أنزهك يا رب تنيها عظيما عن أن تُرى ف الدنيا ‪ ،‬إن تبت‬ ‫إليك من القدام على السؤال بغي إذن ‪ ،‬وأنا أول الؤمني ف زمان بللك وعظمتك‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ -144‬لا منع اللّه موسى من رؤيته ‪ ،‬عدد عليه نعمه ليتسلى با عن النع فقال ‪ :‬يا‬ ‫‪29‬‬

‫موسى إن فضلتك واخترتك على أهل زمانك ‪ ،‬بتبليغ أسفار التوراة وبتكليمى إياك‬ ‫من غي واسطة ‪ ،‬فخذ ما فضلتك به ‪ ،‬واشكرن كما يفعل الشاكرون القدرون للنعم‬ ‫‪.‬‬ ‫خ ْذهَا ِب ُق ّوةٍ َوْأ ُمرْ‬ ‫وَكَتَبْنَا َل ُه فِي اْلأَْلوَاحِ ِمنْ ُك ّل شَيْ ٍء َموْعِ َظ ًة َوتَفْصِيلًا لِ ُك ّل شَيْ ٍء فَ ُ‬ ‫صرِفُ َعنْ َآيَاِتيَ اّلذِينَ‬ ‫َقوْ َمكَ َي ْأخُذُوا ِبأَ ْحسَِنهَا َسأُرِي ُك ْم دَارَ اْلفَا ِسقِيَ (‪ )145‬سَأَ ْ‬ ‫حقّ َوإِ ْن َيرَوْا ُكلّ َآَيةٍ لَا ُيؤْمِنُوا ِبهَا َوإِ ْن َيرَوْا سَبِي َل الرّ ْشدِ لَا‬ ‫ض ِبغَ ْي ِر الْ َ‬ ‫يَتَكَّبرُو َن فِي الْأَرْ ِ‬ ‫ك ِبأَّن ُهمْ َكذّبُوا ِب َآيَاتِنَا وَكَانُوا عَ ْنهَا‬ ‫خذُوهُ سَبِيلًا َذلِ َ‬ ‫خذُوهُ سَبِيلًا وَإِ ْن َي َروْا سَبِيلَ اْلغَ ّي يَتّ ِ‬ ‫يَتّ ِ‬ ‫ج َزوْ َن ِإلّا مَا‬ ‫ت أَعْمَاُلهُ ْم َهلْ يُ ْ‬ ‫غَافِلِيَ (‪ )146‬وَالّذِينَ َك ّذبُوا ِب َآيَاتِنَا َوِلقَا ِء اْلآَ ِخ َر ِة حَبِطَ ْ‬ ‫سدًا َلهُ ُخوَارٌ َأَلمْ‬ ‫خذَ َقوْ ُم مُوسَى ِم ْن َبعْ ِد ِه ِمنْ حُلِّي ِهمْ عِجْلًا َج َ‬ ‫كَانُوا يَعْمَلُونَ (‪ )147‬وَاتّ َ‬ ‫خذُو ُه وَكَانُوا ظَالِ ِميَ (‪)148‬‬ ‫َيرَوْا َأّنهُ لَا ُيكَلّ ُمهُ ْم َولَا َي ْهدِي ِهمْ سَبِيلًا اتّ َ‬ ‫‪ -145‬وبينا لوسى ف ألواح التوراة كل شئ من الواعظ والحكام الفضلة الت يتاج‬ ‫الناس إليها ف العاش والعاد ‪ ،‬وقلنا له ‪ :‬خذ اللواح بد وحزم ‪ ،‬وأمر قومك أن‬ ‫يأخذوا بأفضل ما فيها ‪ ،‬كالعفو بدل القصاص ‪ ،‬والبراء بدل النتظار ‪ ،‬واليسر بدل‬ ‫العسر ‪ .‬سأريكم يا قوم موسى ف أسفاركم دار الارجي على أوامر اللّه ‪ ،‬وما صارت‬ ‫إليه من الراب لتعتبوا ‪ ،‬فل تالفوا حت ل يصيبكم ما أصابم ‪.‬‬ ‫‪ -146‬سأمنع من التفكي ف دلئل قدرتى القائمة ف النفس والفاق ‪ ،‬أولئك الذين‬ ‫يتطاولون ف الرض ويتكبون عن قبول الصواب غي مقي ‪ ،‬وإن يروا كل آية تدل‬ ‫على صدق رسلنا ل يصدقوها ‪ ،‬وإن يشاهدوا طريق الدى ل يسلكوه ‪ ،‬وإن‬ ‫يشاهدوا طريق الضلل يسلكوه ‪ .‬يدث ذلك منهم بسبب أنم كذبوا بآياتنا النلة ‪،‬‬ ‫وغفلوا عن الهتداء با ‪.‬‬ ‫‪ -147‬والذين كذبوا بآياتنا النلة على رسلنا للهداية ‪ ،‬وكذبوا بلقائنا يوم القيامة ‪،‬‬ ‫فأنكروا البعث والزاء ‪ ،‬بطلت أعمالم الت كانوا يرجون نفعها فل يلقون إل جزاء‬ ‫ما استمروا على عمله من الكفر والعاصى ‪.‬‬ ‫‪ -148‬وبعد أن ذهب موسى إل البل لناجاة ربه ‪ ،‬اتذ قومه من حليهم الخصصة‬ ‫‪30‬‬

‫للزينة جسما على صورة العجل الذى ل يعقل ول ييز ‪ ،‬له صوت يشبه صوت البقر ‪،‬‬ ‫ما أودع فيه من الصناعة ومرور الريح بداخله ‪ . .‬وقد صنعه لم السامرى وأمرهم‬ ‫بعبادته ‪ .‬يا لسفاهة عقولم ‪ .‬أل يروا حي أتذوه إلا وعبدوه أنه ل يكلمهم ول يقدر‬ ‫على هدايتهم إل طريق الصواب؟! إنم ظلموا أنفسهم بذا العمل الشنيع ‪.‬‬ ‫ط فِي َأْيدِي ِهمْ وَ َرَأوْا َأّنهُ ْم َقدْ ضَلّوا قَالُوا لَِئنْ َلمْ يَ ْرحَمْنَا َربّنَا َوَيغْ ِف ْر لَنَا لََنكُوَننّ‬ ‫وَلَمّا ُسقِ َ‬ ‫ِمنَ الْخَاسِرِينَ (‪َ )149‬ولَمّا َرجَ َع مُوسَى ِإلَى َقوْ ِمهِ غَضْبَا َن َأسِفًا قَا َل بِ ْئسَمَا خَ َلفْتُمُونِي‬ ‫ج ّرهُ إِلَ ْي ِه قَا َل ابْ َن أُ ّم إِنّ‬ ‫س أَخِي ِه يَ ُ‬ ‫ح َوأَ َخ َذ ِبرَأْ ِ‬ ‫ِمنْ َب ْعدِي أَ َعجِلُْتمْ أَ ْمرَ َرّبكُ ْم َوأَْلقَى الَْأْلوَا َ‬ ‫جعَلْنِي مَ َع اْلقَوْمِ‬ ‫ت ِبيَ اْلأَ ْعدَا َء َولَا تَ ْ‬ ‫ض َعفُونِي وَكَادُوا َيقْتُلُونَنِي فَلَا ُتشْمِ ْ‬ ‫الْ َقوْمَ اسْتَ ْ‬ ‫الظّالِمِيَ (‪ )150‬قَالَ َربّ ا ْغ ِفرْ لِي وَِلَأخِي وََأ ْدخِلْنَا فِي َرحْمَِتكَ َوَأنْتَ أَ ْر َحمُ الرّاحِ ِميَ‬ ‫ب ِمنْ َرّب ِهمْ َو ِذلّ ٌة فِي الْحَيَا ِة ال ّدنْيَا‬ ‫ج َل سَيَنَالُ ُهمْ غَضَ ٌ‬ ‫خذُوا الْعِ ْ‬ ‫(‪ )151‬إِنّ اّلذِينَ اتّ َ‬ ‫جزِي الْ ُمفَْترِينَ (‪ )152‬وَاّلذِينَ عَ ِملُوا السّيّئَاتِ ُث ّم تَابُوا ِم ْن َبعْ ِدهَا وَ َآمَنُوا إِنّ‬ ‫وَ َكذَِلكَ نَ ْ‬ ‫َرّبكَ ِم ْن بَ ْع ِدهَا َلغَفُورٌ َرحِيمٌ (‪)153‬‬ ‫‪ -149‬ولا شعروا بزلتهم وخطئهم ‪ ،‬تيوا وندموا أشد الندم على اتاذ العجل إلا ‪.‬‬ ‫وتبينوا ضللم تبينا ظاهرا ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬واللّه لئن ل يتب علينا ربنا ويتجاوز عنا لنكونن‬ ‫من الذين خسروا خسرانا مبينا ‪ ،‬بوضعهم العبادة ف غي موضعها ‪.‬‬ ‫‪ -150‬ولا رجع موسى من مناجاة ربه إل قومه ‪ ،‬غضبان عليهم لعبادتم العجل ‪،‬‬ ‫حزينا لن اللّه فتنهم ‪ -‬وكان اللّه قد اخبه بذلك قبل رجوعه ‪ -‬فقال لم ‪ :‬ما أقبح‬ ‫ما فعلتم بعد غيبت ‪ ،‬أسََبقْتم بعبادة العجل ما أمركم به ربكم من انتظارى وحفظ‬ ‫عهدى حت آتيكم بالتوراة؟! ووضع اللواح ‪ ،‬واته إل أخيه لشدة حزنه حي رأى ما‬ ‫رأى من قومه ‪ ،‬وأخذ يشد أخاه من رأسه ويره نوه من شدة الغضب ‪ ،‬ظنا منه أنه‬ ‫قصر ف كفّهم عما فعلوا ‪ ،‬فقال هارون لوسى ‪ .‬يا ابن أمى إن القوم حي فعلوا ما‬ ‫فعلوا قد استضعفون وقهرون ‪ ،‬وقاربوا قتلى لا نيتهم عن عبادة العجل ‪ ،‬فل َتسُر‬ ‫العداء بإيذائك ل ‪ ،‬ول تعتقدن واحدا من الظالي مع براءتى منهم ومن ظلمهم ‪.‬‬ ‫‪ -151‬قال موسى ‪ :‬رب اغفر ل ما صنعت بأخى قبل جلية المر ‪ ،‬واغفر لخى إن‬ ‫‪31‬‬

‫كان َفرّط ف حسن اللفة ‪ ،‬وأدخلنا ف سعة رحتك لنك أكثر الراحي رحة ‪.‬‬ ‫‪ -152‬إن الذين استمروا على اتاذ العجل إلا ‪ ،‬كالسامرى وأشياعه ‪ ،‬سينالم‬ ‫غضب عظيم من ربم ف الدار الخرة ‪ ،‬ومهانة شديدة ف الياة الدنيا ‪ ،‬بثل ذلك‬ ‫الزاء نزى كل من اختلق الكذب على اللّه وعبد غيه ‪.‬‬ ‫‪ -153‬والذين عملوا العمال القبيحة من الكفر وعبادة العجل والعاصى ‪ ،‬ث رجعوا‬ ‫إل اللّه من بعد عملها ‪ ،‬وصدقوا به ‪ ،‬إن ربك من بعد توبتهم ستّار عليهم ‪ ،‬غفّار لا‬ ‫كان منهم ‪.‬‬ ‫ب َأ َخذَ اْلأَْلوَاحَ َوفِي ُنسْخَِتهَا ُهدًى وَ َرحْ َمةٌ لِ ّلذِينَ ُهمْ‬ ‫وَلَمّا َسكَتَ َعنْ مُوسَى الْغَضَ ُ‬ ‫ِلرَّب ِهمْ َي ْرهَبُونَ (‪ )154‬وَاخْتَارَ مُوسَى َقوْ َمهُ سَبْعِيَ َرجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمّا أَ َخ َذتْ ُه ُم ال ّرجْ َفةُ‬ ‫سفَهَا ُء مِنّا إِنْ هِ َي ِإلّا‬ ‫ي َأتُهْ ِلكُنَا بِمَا َف َعلَ ال ّ‬ ‫ت أَهْ َلكَْت ُهمْ ِم ْن قَ ْبلُ َوِإيّا َ‬ ‫قَالَ َربّ َل ْو شِئْ َ‬ ‫ت خَ ْيرُ‬ ‫ت وَلِيّنَا فَا ْغ ِفرْ لَنَا وَا ْرحَمْنَا وََأنْ َ‬ ‫ض ّل ِبهَا َمنْ َتشَا ُء َوَتهْدِي َمنْ َتشَا ُء َأنْ َ‬ ‫فِتْنَُتكَ تُ ِ‬ ‫ك قَالَ‬ ‫ب لَنَا فِي َه ِذهِ الدّنْيَا حَسََن ًة َوفِي الْ َآخِ َر ِة ِإنّا ُهدْنَا ِإلَيْ َ‬ ‫الْغَافِرِينَ (‪ )155‬وَاكْتُ ْ‬ ‫سأَكْتُُبهَا لِ ّلذِينَ يَّتقُونَ َوُيؤْتُونَ‬ ‫ب ِبهِ َم ْن َأشَا ُء وَ َرحْمَتِي وَ ِسعَتْ ُك ّل شَيْ ٍء َف َ‬ ‫َعذَابِي أُصِي ُ‬ ‫الزّكَا َة وَاّلذِي َن هُ ْم ِب َآيَاتِنَا ُي ْؤمِنُونَ (‪)156‬‬ ‫‪ -154‬ولا ذهب عن موسى الغضب باعتذار أخيه ‪ ،‬عاد إل اللواح الت ألقاها‬ ‫خ فيها هدى وإرشاد وأسباب رحة ‪ ،‬للذين يافون غضب ربم ‪.‬‬ ‫وأخذها ‪ ،‬وفيما ُنسِ َ‬ ‫‪ -155‬ث أمر اللّه موسى أن يأتيه ف جاعة من قومه يعتذرون عَمّن عبدوا العجل ‪،‬‬ ‫ووعدهم موْعدا ‪ ،‬فاختار موسى من قومه سبعي رجل من ل يعبدوا العجل ‪ ،‬وهم‬ ‫يثلون قومه ‪ ،‬وذهب بم إل الطور ‪ ،‬وهنالك سألوا اللّه أن يكشف عنهم البلء ‪،‬‬ ‫ويتوب على من عبد العجل منهم ‪ ،‬فأخذتم ف ذلك الكان زلزلة شديدة غشى عليهم‬ ‫بسببها ‪ ،‬وهذا لنم ل يفارقوا قومهم حي عبدوا العجل ‪ ،‬ول يأمروهم بالعروف ‪ ،‬ول‬ ‫ينهوهم عن النكر ‪ ،‬فلما رأى موسى ذلك قال ‪ :‬يا رب لو شئت إهلكهم أهلكتهم‬ ‫من قبل خروجهم إل اليقات ‪ ،‬وأهلكتن معهم ‪ ،‬ليى ذلك بنو إسرائيل فل يتهمون‬ ‫لهّال منا ‪ ،‬فما منة عبدة العجل إل فتنة منك ‪،‬‬ ‫بقتلهم فل تلكنا يا رب با فعل ا ُ‬ ‫‪32‬‬

‫أضللت با من شئت إضلله من سلكوا سبيل الشر ‪ ،‬وهديت با من شئت هدايته ‪.‬‬ ‫وأنت ولينا فاغفر لنا وارحنا ‪.‬‬ ‫‪ -156‬ولنك يا رب خي من يغفر نسألك أن تقدّر لنا ف هذه الدنيا حياة طيبة ‪،‬‬ ‫وتوفيقا للطاعة ‪ ،‬وف الخرة مثوبة حسنة ورحة ‪ ،‬لننا رجعنا إليك وتبنا إليك ‪ ،‬فقال‬ ‫له ربه ‪ :‬عذاب أصيب به من أشاء من ل يتب ‪ ،‬ورحت وسعت كل شئ ‪ ،‬وسأكتبها‬ ‫للذين يتقون الكفر والعاصى من قومك ‪ ،‬ويؤدون الزكاة الفروضة ‪ ،‬والذين يصدقون‬ ‫بميع الكتب النلة ‪.‬‬ ‫جدُوَنهُ َمكْتُوبًا عِ ْن َدهُ ْم فِي الّتوْرَاةِ وَالِْإنْجِيلِ‬ ‫الّذِينَ يَتِّبعُونَ ال ّرسُولَ النِّبيّ اْلُأمّيّ اّلذِي يَ ِ‬ ‫حرّمُ عَلَ ْي ِهمُ الْخَبَائِثَ‬ ‫حلّ َل ُهمُ الطّيّبَاتِ َويُ َ‬ ‫َيأْ ُم ُرهُ ْم بِالْ َم ْعرُوفِ َويَ ْنهَا ُهمْ َع ِن الْمُنْ َك ِر َويُ ِ‬ ‫صرُوهُ‬ ‫ص َر ُهمْ وَاْلأَغْلَا َل الّتِي كَانَتْ عَلَ ْي ِه ْم فَاّلذِينَ َآمَنُوا ِب ِه وَ َعزّرُوهُ َونَ َ‬ ‫وَيَضَعُ عَ ْن ُهمْ إِ ْ‬ ‫وَاتَّبعُوا النّو َر الّذِي ُأْنزِ َل مَ َع ُه أُولَِئكَ ُهمُ الْ ُمفْلِحُونَ (‪ُ )157‬ق ْل يَا َأّيهَا النّاسُ ِإنّي‬ ‫حيِي َويُمِيتُ‬ ‫َرسُولُ ال ّل ِه ِإلَيْ ُكمْ جَمِيعًا الّذِي َلهُ مُ ْلكُ السّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضِ لَا ِإلَ َه ِإلّا ُهوَ يُ ْ‬ ‫َفآَمِنُوا بِاللّ ِه وَ َرسُوِلهِ النِّبيّ اْلُأمّيّ اّلذِي يُ ْؤ ِمنُ بِال ّلهِ وَكَلِمَاِتهِ وَاتِّبعُو ُه َلعَلّ ُكمْ َتهَْتدُونَ (‬ ‫ح ّق َوِبهِ َي ْعدِلُونَ (‪)159‬‬ ‫‪ )158‬وَ ِم ْن َقوْ ِم مُوسَى ُأمّ ٌة َي ْهدُو َن بِالْ َ‬ ‫‪ -157‬وأخص با الذين يتبعون الرسول ممدا ‪ ،‬الذى ل يكتب ول يقرأ ‪ ،‬وهو الذى‬ ‫يدون وصفه مكتوبا عندهم ف التوراة والنيل ‪ ،‬يأمرهم بكل خي وينهاهم عن كل‬ ‫شر ‪ ،‬ويل لم الشياء الت يستطيبها الطبع ‪ ،‬ويُحرم عليهم الشياء الت يستخبثها‬ ‫الطبع كالدم واليتة ‪ ،‬ويزيل عنهم الثقال والشدائد الت كانت عليهم ‪ .‬فالذين‬ ‫صدقوا برسالته وآزروه وأيدوه ونصروه على أعدائه ‪ ،‬واتبعوا القرآن الذى أنزل معه‬ ‫كالنور الادى ‪ ،‬أولئك هم الفائزون دون غيهم من ل يؤمنوا به ‪.‬‬ ‫‪ -158‬قل ‪ -‬يأيها النب ‪ -‬للناس ‪ :‬إن مرسل من اللّه إليكم جيعا ‪ ،‬ل فرق بي عرب‬ ‫وعجمى وأسود وأبيض واللّه الذى أرسلن له ‪ -‬وحده ‪ -‬ملك السموات والرض‬ ‫يدبر أمرها حسب حكمته ‪ ،‬ويتصرف فيهما كيف يشاء ‪ ،‬ول معبود بق إل هو ‪،‬‬ ‫وهو الذى يقدر على الحياء والماتة دون غيه ‪ ،‬فآمنوا به وبرسوله النب الذى ل‬ ‫‪33‬‬

‫يقرأ ول يكتب ‪ ،‬وهو يؤمن باللّه الذى يدعوكم إل اليان ‪ ،‬ويؤمن بكتبه النلة ‪،‬‬ ‫واتبعوه ف كل ما يفعل ويقول لتهتدوا وترشدوا ‪.‬‬ ‫‪ -159‬ومن قوم موسى جاعة بقوا على الدين الصحيح يهدون الناس بالق الذى‬ ‫جاء به موسى من عند ربه ‪ ،‬ويعدلون ف تنفيذه إذا حكموا ‪.‬‬ ‫ضرِبْ‬ ‫سقَا ُه َقوْ ُم ُه أَنِ ا ْ‬ ‫ش َر َة َأسْبَاطًا ُأمَمًا َوَأوْحَيْنَا ِإلَى مُوسَى ِإذِ اسَْت ْ‬ ‫َوقَطّعْنَاهُ ُم اثْنَتَيْ َع ْ‬ ‫ش َرَبهُ ْم وَظَلّلْنَا‬ ‫ش َرةَ عَيْنًا َقدْ عَ ِلمَ ُكلّ ُأنَاسٍ َم ْ‬ ‫ت مِ ْنهُ اثْنَتَا َع ْ‬ ‫جسَ ْ‬ ‫ج َر فَانْبَ َ‬ ‫ِبعَصَا َك الْحَ َ‬ ‫عَلَ ْي ِه ُم الْغَمَا َم َوَأنْ َزلْنَا عَلَ ْي ِهمُ الْ َم ّن وَالسّ ْلوَى ُكلُوا ِمنْ طَيّبَاتِ مَا رَ َزقْنَا ُكمْ َومَا ظَلَمُونَا‬ ‫س ُهمْ يَظْ ِلمُونَ (‪َ )160‬وِإذْ قِي َل َل ُهمُ اسْكُنُوا َه ِذهِ اْل َقرَْي َة وَكُلُوا مِ ْنهَا‬ ‫وََل ِكنْ كَانُوا َأْنفُ َ‬ ‫حسِِنيَ‬ ‫جدًا َن ْغ ِفرْ َلكُ ْم خَطِيئَاتِ ُكمْ سََنزِيدُ الْمُ ْ‬ ‫ب سُ ّ‬ ‫ث شِئْتُ ْم َوقُولُوا حِ ّطةٌ وَادْخُلُوا الْبَا َ‬ ‫حَيْ ُ‬ ‫(‪ )161‬فََبدّ َل الّذِينَ ظَلَمُوا مِ ْن ُه ْم َقوْلًا غَ ْي َر الّذِي قِيلَ َل ُهمْ فَأَ ْرسَلْنَا عَلَ ْي ِهمْ ِرجْزًا ِمنَ‬ ‫السّمَا ِء بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ (‪)162‬‬ ‫‪ -160‬عدّد اللّه نعمه على قوم موسى ‪ ،‬فأفاد أنه صيّرهم اثنت عشرة فرقة وجعلهم‬ ‫جاعات ‪ ،‬وميّز كل جاعة بنظامها ‪ ،‬منعا للتحاسد واللف ‪ ،‬وأوحى إل موسى حي‬ ‫طلب منه قومه الاء ف التيه ‪ ،‬بأن يضرب الجر بعصاه ‪ ،‬فضربه فانفجرت اثنتا عشرة‬ ‫عينا بعدد السباط ‪ ،‬وقد عرف كل جاعة منهم مكان شربم الاص بم ‪ ،‬فل يزاحهم‬ ‫فيه غيهم ‪ ،‬وجعل لم السحاب يلقى عليهم ظله ف التيه ‪ ،‬ليقيهم حر الشمس ‪،‬‬ ‫وأنزل عليهم الن ‪ ،‬وهو طعام يشبه البد ف منظره ‪ ،‬ويشبه الشهد ف مطعمه ‪ ،‬وأنزل‬ ‫السلوى ‪ ،‬وهو الطي السمان ‪ ،‬وقال لم ‪ :‬كلوا من مستلذات ما رزقناكم ما أنزلناه‬ ‫عليكم ‪ .‬فظلموا أنفسهم وكفروا بتلك النعم ‪ ،‬وطلبوا غيها ‪ ،‬وما رجع إلينا ضرر‬ ‫ظلمهم ولكنه كان مقصورا عليهم ‪.‬‬ ‫‪ -161‬واذكر ‪ -‬يأيها النب ‪ -‬لن وجد منهم ف زمانك ‪ ،‬تقريعا لم با فعل‬ ‫أسلفهم ‪ ،‬اذكر لم قولنا لسلفهم على لسان موسى ‪ :‬اسكنوا مدينة بيت القدس‬ ‫بعد الروج من التيه ‪ ،‬وكلوا من خياتا ف أية ناحية من نواحيها شئتم ‪ ،‬وقولوا‬ ‫نسألك يا ربنا أن تط عنا خطايانا ‪ ،‬وادخلوا باب القرية مع انناء الرءوس كهيئة‬ ‫‪34‬‬

‫الركوع تواضعا للّه ‪ .‬إذا فعلتم ذلك تاوزنا عن ذنوبكم ‪ ،‬وسنيد ثواب من أحسنوا‬ ‫العمال ‪.‬‬ ‫‪ -162‬فخالفوا أمر ربم ‪ ،‬فقالوا بسبب ظلمهم قول غي الذى قيل لم قصد‬ ‫الستهزاء بوسى ‪ ،‬فأنزلنا عليهم عذابا من السماء بسبب استمرارهم على الظلم‬ ‫وتاوز الد ‪.‬‬ ‫ت ِإذْ َت ْأتِي ِه ْم حِيتَاُن ُهمْ‬ ‫حرِ ِإ ْذ َيعْدُو َن فِي السّبْ ِ‬ ‫ض َر َة الْبَ ْ‬ ‫وَا ْسأَْل ُهمْ َعنِ اْل َقرَْيةِ الّتِي كَانَتْ حَا ِ‬ ‫سقُونَ (‪)163‬‬ ‫يَوْ َم سَبِْت ِه ْم شُرّعًا َويَوْ َم لَا َيسْبِتُو َن لَا تَ ْأتِي ِهمْ َك َذِلكَ نَبْلُوهُ ْم بِمَا كَانُوا يَ ْف ُ‬ ‫ت ُأ ّمةٌ مِ ْن ُهمْ لِ َم َتعِظُونَ َق ْومًا ال ّلهُ ُمهْ ِلكُ ُه ْم أَ ْو ُم َعذُّب ُهمْ َعذَابًا َشدِيدًا قَالُوا َمعْذِ َرةً‬ ‫وَِإ ْذ قَالَ ْ‬ ‫ِإلَى َربّ ُك ْم وََلعَ ّل ُهمْ يَّتقُونَ (‪ )164‬فَلَمّا َنسُوا مَا ذُ ّكرُوا ِبهِ َأنْجَيْنَا الّذِينَ يَ ْن َهوْنَ َعنِ‬ ‫سقُونَ (‪ )165‬فَلَمّا عََتوْا َعنْ مَا‬ ‫س بِمَا كَانُوا َي ْف ُ‬ ‫ب بَئِي ٍ‬ ‫السّو ِء َوأَ َخ ْذنَا الّذِينَ ظَلَمُوا ِب َعذَا ٍ‬ ‫ُنهُوا عَ ْن ُه قُلْنَا َل ُهمْ كُونُوا ِق َر َدةً خَاسِئِيَ (‪ )166‬وَِإ ْذ َتأَذّنَ َرّبكَ لَيَ ْبعَثَنّ عَلَ ْي ِه ْم ِإلَى َيوْمِ‬ ‫ب َوإِّنهُ َل َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪)167‬‬ ‫سرِي ُع الْ ِعقَا ِ‬ ‫الْقِيَامَ ِة َمنْ َيسُومُ ُه ْم سُو َء اْلعَذَابِ إِنّ َرّبكَ َل َ‬ ‫‪ -163‬واسأل اليهود ‪ -‬استنكارَا لا فعل أسلفهم ‪ -‬عن خب أهل قرية ‪ -‬أيلة ‪-‬‬ ‫الت كانت قريبة من البحر ‪ ،‬حي كانوا يتجاوزون حدود ال بصيد السمك ف يوم‬ ‫السبت ‪ ،‬وحي كانت تأتيهم حيتان الساك وتظهر على وجه الاء يوم السبت ‪ ،‬وف‬ ‫غيه ل تأتيهم ‪ ،‬ابتلء من اللّه ‪ .‬بثل ذلك البلء الذكور نبلوهم بلء آخر بسبب‬ ‫فسقهم الستمر ليظهر منهم الحسن من السئ ‪.‬‬ ‫‪ -164‬واذكر أيضا لؤلء اليهود إذ قالت جاعة من صلحاء أسلفهم ‪ -‬ل يقعوا فيما‬ ‫وقع فيه غيهم ‪ -‬لن يعظون أولئك الشرار ‪ :‬لى سبب تنصحون قوما اللّه مهلكهم‬ ‫بسبب ما يرتكبون أو معذبم ف الخرة عذابا شديدا؟! قالوا ‪ :‬وعظناهم اعتذارا إل‬ ‫ربكم ‪ ،‬لئل ننسب إل التقصي ‪ ،‬ورجاء أن يتقوا ‪.‬‬ ‫‪ -165‬فلما تركوا ما وعظوا به ‪ ،‬أنينا الذين ينهون عن العمل السئ من العذاب ‪،‬‬ ‫وأخذنا الذين ظلموا فاعتدوا وخالفوا بعذاب شديد ‪ ،‬هو البؤس والشقاء ‪ .‬بسبب‬ ‫استمرارهم على الروج عن طاعة اللّه ربم ‪.‬‬ ‫‪35‬‬

‫‪ -166‬فلما قسوا واستمروا على ترك ما نوا عنه ‪ ،‬ول يردعهم العذاب الشديد ‪،‬‬ ‫جعلناهم كالقردة ف مسخ قلوبم وعدم توفيقهم لفهم الق ‪ ،‬مبعدين عن كل خي ‪.‬‬ ‫‪ -167‬واذكر أيضا لؤلء اليهود حي أعلم ربك أسلفهم على ألسنة أنبيائهم ‪:‬‬ ‫ليسلّطنّ اللّه على جاعة اليهود إل يوم القيامة من يوقع بم أسوأ أنواع العذاب على‬ ‫ظلمهم وفسقهم ‪ ،‬لن ربك سريع العقاب لهل الكفر ‪ ،‬لن عقابه واقع ل مالة ‪،‬‬ ‫وكل آت قريب ‪ ، ،‬إنه غفور رحيم لن رجع إليه وتاب ‪.‬‬ ‫حسَنَاتِ‬ ‫ك َوبَلَ ْونَا ُهمْ بِالْ َ‬ ‫ض ُأمَمًا مِ ْن ُهمُ الصّالِحُونَ َومِ ْن ُهمْ دُو َن َذلِ َ‬ ‫َوقَطّعْنَاهُ ْم فِي اْلأَرْ ِ‬ ‫ب َيأْ ُخذُونَ‬ ‫ف وَ ِرثُوا الْكِتَا َ‬ ‫ت َلعَ ّلهُ ْم َيرْ ِجعُونَ (‪ )168‬فَخَلَفَ مِ ْن َب ْعدِ ِهمْ خَلْ ٌ‬ ‫وَالسّيّئَا ِ‬ ‫ض مِثْ ُلهُ َي ْأخُذُوهُ َأَلمْ يُ ْؤخَذْ عَ َل ْيهِمْ‬ ‫ض َهذَا اْلأَ ْدنَى َوَيقُولُو َن سَُي ْغفَ ُر لَنَا َوإِ ْن َيأِْت ِهمْ َعرَ ٌ‬ ‫َعرَ َ‬ ‫ح ّق َودَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدّا ُر الْ َآ ِخرَ ُة خَ ْيرٌ لِ ّلذِينَ‬ ‫ب أَ ْن لَا َيقُولُوا َعلَى ال ّلهِ ِإلّا الْ َ‬ ‫ق الْكِتَا ِ‬ ‫مِيثَا ُ‬ ‫ب َوأَقَامُوا الصّلَا َة إِنّا لَا نُضِي ُع َأ ْجرَ‬ ‫سكُو َن بِاْلكِتَا ِ‬ ‫يَّتقُو َن َأفَلَا َت ْعقِلُونَ (‪ )169‬وَاّلذِي َن يُ َم ّ‬ ‫الْمُصْلِحِيَ (‪َ )170‬وِإذْ نََتقْنَا الْجََب َل َف ْو َقهُمْ َكَأنّهُ ُظ ّلةٌ وَظَنّوا َأنّ ُه وَاقِ ٌع ِب ِهمْ ُخذُوا مَا‬ ‫َآتَيْنَا ُكمْ بِ ُق ّوةٍ وَاذْ ُكرُوا مَا فِي ِه َلعَلّ ُكمْ تَّتقُونَ (‪)171‬‬ ‫‪ -168‬وقد فرقناهم ف الرض جاعات ‪ :‬منهم الصالون ‪ ،‬وهم الذين آمنوا‬ ‫واستقاموا ‪ ،‬ومنهم أناس منحطون عن وصف الصلح ‪ ،‬وقد اختبناهم جيعا بالنعم‬ ‫والنقم ليتوبوا عما نوا عنه ‪.‬‬ ‫‪ -169‬فجاء من بعد الذين ذكرناهم وقسمناهم إل القسمي ‪ ،‬خلف سُو ٍء ورثوا‬ ‫التوراة عن أسلفهم ولكنهم ل يعملوا با ‪ ،‬لنم يأخذون متاع الدنيا عوضا عن قول‬ ‫الق ‪ ،‬ويقولون ف أنفسهم ‪ :‬سيغفر اللّه لنا ما فعلناه ‪ .‬يرجون الغفرة ‪ .‬والال أنم‬ ‫إن يأتم شئ مثل ما أخذوه يأخذوه ‪ .‬فهم مصرون على الذنب مع طلب الفغرة ‪ ،‬ث‬ ‫وبهم ال على طلبهم الغفرة مع إصرارهم على ما هم عليه ‪ ،‬فقال ‪ :‬إنا أخذنا عليهم‬ ‫العهد ف التوراة ‪ ،‬وقد درسوا ما فيها ‪ ،‬أن يقولوا الق ‪ ،‬فقالوا الباطل ‪ ،‬وإن نعيم‬ ‫الدار الخرة للذين يتقون العاصى خي من متاع الدنيا ‪ .‬أتستمرون على عصيانكم فل‬ ‫تعقلون أن ذلك النعيم خي لكم ‪ ،‬وتؤثرون عليه متاع الدنيا؟‬ ‫‪36‬‬

‫‪ -170‬والذين يتمسكون بالتوراة ‪ ،‬وأقاموا الصلة الفروضة عليهم ‪ ،‬إنا ل نضيع‬ ‫أجرهم ‪ ،‬لصلحهم وإحسانم العمال ‪.‬‬ ‫‪ -171‬رد اللّه على اليهود ف قولم ‪ :‬إن بن إسرائيل ل تصدر منهم مالفة ف الق ‪،‬‬ ‫فقال ‪ :‬واذكر لم ‪ -‬أيها النب ‪ -‬حي رفعنا البل فوق رؤوس بن إسرائيل كأنه‬ ‫غمامة ‪ ،‬وفزعوا لظنهم أنه واقع عليهم ‪ ،‬وقلنا لم ‪ -‬ف حالة الرفع ورهبتهم ‪ -‬خذوا‬ ‫ما أعطيناكم من هدى ف التوراة بد وعزم على الطاعة ‪ ،‬وتذكروا ما فيه لعلكم‬ ‫تعتبون وتتهذب نفوسكم بالتقوى ‪.‬‬ ‫ت ِبرَّب ُكمْ‬ ‫س ِهمْ َأَلسْ ُ‬ ‫وَِإ ْذ أَ َخذَ َرّبكَ ِم ْن بَنِي َآ َد َم ِمنْ ُظهُو ِر ِهمْ ذُ ّريَّت ُهمْ وََأ ْشهَ َدهُمْ عَلَى َأْنفُ ِ‬ ‫قَالُوا بَلَى َش ِه ْدنَا أَ ْن َتقُولُوا يَوْ َم اْلقِيَا َمةِ إِنّا كُنّا َع ْن َهذَا غَافِلِيَ (‪َ )172‬أوْ تَقُولُوا ِإنّمَا‬ ‫أَ ْشرَكَ َآبَاؤُنَا ِمنْ قَ ْب ُل وَكُنّا ذُ ّرّي ًة ِمنْ َب ْعدِ ِه ْم َأفَتُهْ ِلكُنَا بِمَا َف َعلَ الْمُبْطِلُونَ (‪)173‬‬ ‫صلُ اْل َآيَاتِ وََلعَ ّلهُ ْم َيرْ ِجعُونَ (‪ )174‬وَاتْلُ عَلَ ْي ِه ْم نََبأَ اّلذِي َآتَيْنَاهُ َآيَاتِنَا‬ ‫وَ َكذَِلكَ ُنفَ ّ‬ ‫خ مِ ْنهَا َفَأتَْبعَ ُه الشّيْطَانُ َفكَانَ مِ َن اْلغَاوِينَ (‪)175‬‬ ‫فَاْنسَلَ َ‬ ‫‪ -172‬بيّن اللّه هنا هداية بن آدم بنصب الدلة ف الكائنات ‪ ،‬بعد أن بيّنها عن طريق‬ ‫الرسل والكتب ‪ ،‬فقال ‪ :‬واذكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬للناس حي أخرج ربك من أصلب‬ ‫بن أدم ونسلهم وما يتوالدون قرنا بعد قرن ‪ ،‬ث نصب لم دلئل ربوبيته ف‬ ‫الوجودات ‪ ،‬وركز فيهم عقول وبصائر يتمكنون با من معرفتنا ‪ ،‬والستدلل با على‬ ‫التوحيد والربوبية ‪ ،‬حت صاروا بنلة من قيل لم ‪ :‬ألست بربكم؟ قالوا ‪ :‬بل أنت‬ ‫ربنا شهدنا بذلك على أنفسنا ‪ ،‬لن تكينهم من العلم بالدلة وتكنهم منه ف منلة‬ ‫القرار والعتراف ‪ .‬وإنا فعلنا هذا لئل تقولوا يوم القيامة ‪ :‬إنا كنا عن هذا التوحيد‬ ‫غافلي ل نعرفه ‪.‬‬ ‫‪ -173‬أو تقولوا ‪ :‬إنا أشرك آباؤنا من قبلنا ‪ ،‬وكنا ذرية لم فاقتدينا بم ‪ ،‬أفتؤاخذنا‬ ‫يا رب فتهلكنا با فعل البطلون من آبائنا بتأسيس الشرك الذى جرونا إليه ‪ . .‬فل‬ ‫حجة لكم ‪.‬‬ ‫‪ -174‬ومثل ذلك البيان الكيم نُبيّن لبن آدم الدلئل على وجود ال ‪ ،‬ليجعوا عن‬ ‫‪37‬‬

‫مالفتهم وتقليد البطلي ‪.‬‬ ‫‪ -175‬ث ضرب ال مثل للمكذبي بآياته النلة على رسوله ‪ ،‬فقال ‪ :‬واقرأ ‪ -‬أيها‬ ‫النب ‪ -‬على قومك خب رجل من بن إسرائيل آتيناه علما بآياتنا النلة على رسلنا ‪،‬‬ ‫فأهلها ول يلتفت إليها ‪ ،‬فأتبعه الشيطان خطواته ‪ ،‬وسلط عليه بإغوائه فصار ف زمرة‬ ‫الضالي ‪.‬‬ ‫ب إِ ْن تَحْ ِملْ‬ ‫ض وَاتّبَ َع َهوَاهُ فَمَثَ ُلهُ َكمََثلِ اْلكَلْ ِ‬ ‫وََل ْو شِئْنَا َل َرفَعْنَا ُه ِبهَا َولَكِّنهُ َأخْ َلدَ ِإلَى اْلأَرْ ِ‬ ‫ص الْقَصَصَ‬ ‫ث َأوْ تَ ْترُ ْكهُ يَ ْلهَثْ َذِلكَ مََث ُل الْ َقوْ ِم اّلذِينَ َك ّذبُوا ِب َآيَاتِنَا فَاقْصُ ِ‬ ‫عَلَ ْي ِه يَ ْلهَ ْ‬ ‫س ُهمْ كَانُوا يَظْ ِلمُونَ (‬ ‫َلعَلّ ُه ْم يََتفَ ّكرُونَ (‪ )176‬سَا َء مَثَلًا الْ َقوْ ُم اّلذِينَ َك ّذبُوا ِب َآيَاتِنَا وََأْنفُ َ‬ ‫ك ُهمُ الْخَاسِرُونَ (‪ )178‬وََل َقدْ‬ ‫‪َ )177‬منْ َي ْهدِ ال ّلهُ َفهُ َو الْ ُمهْتَدِي َومَ ْن يُضْ ِل ْل َفأُولَئِ َ‬ ‫صرُونَ‬ ‫س َل ُهمْ قُلُوبٌ لَا َيفْ َقهُونَ ِبهَا وََل ُهمْ أَعُْي ٌن لَا يُبْ ِ‬ ‫ج ّن وَاْلإِنْ ِ‬ ‫جهَّنمَ كَثِيًا ِمنَ الْ ِ‬ ‫ذَ َرأْنَا لِ َ‬ ‫ض ّل أُولَِئكَ ُهمُ اْلغَافِلُونَ (‬ ‫ِبهَا َولَ ُهمْ َآذَا ٌن لَا َيسْ َمعُونَ ِبهَا أُولَِئكَ كَاْلَأنْعَا ِم َبلْ ُه ْم أَ َ‬ ‫ج َزوْ َن مَا‬ ‫حدُونَ فِي أَسْمَاِئهِ سَيُ ْ‬ ‫حسْنَى فَادْعُوهُ ِبهَا َوذَرُوا اّلذِي َن يُلْ ِ‬ ‫‪ )179‬وَلِ ّل ِه الَْأسْمَا ُء الْ ُ‬ ‫كَانُوا يَعْمَلُونَ (‪)180‬‬ ‫‪ -176‬ولو شئنا رفعه إل منازل البرار لرفعناه إليها ‪ ،‬بتوفيقه للعمل بتلك اليات ‪،‬‬ ‫ولكنه تعلق بالرض ول يرتفع إل ساء الداية ‪ ،‬واتبع هواه ‪ ،‬فصار حاله ف قلقه الدائم‬ ‫‪ ،‬وانشغاله بالدنيا ‪ ،‬وتفكيه التواصل ف تصيلها كحال الكلب ف أسوأ أحواله عندما‬ ‫يلهث دائما ‪ ،‬إن زجرته أو تركته ‪ ،‬إذ يندلع لسانه من التنفس الشديد ‪ ،‬وكذلك‬ ‫طالب الدنيا يلهث وراء متعه وشهواته دائما ‪ .‬إن ذلك الوصف الذى اتصف به‬ ‫النسلخ من آياتنا ‪ ،‬هو وصف جيع الذين كذبوا بآياتنا النلة ‪ .‬فاقصص عليهم قصصه‬ ‫ليتفكروا فيؤمنوا ‪.‬‬ ‫ت حال هؤلء الذين جحدوا آياتنا ‪ ،‬وما ظلموا بذا النراف عن الق‬ ‫‪ -177‬قُبح ْ‬ ‫إل أنفسهم ‪.‬‬ ‫‪ -178‬من يوفقه ال لسلوك سبيل الق فهو الهتدى حقا ‪ ،‬الفائز بسعادة الدارين ‪،‬‬ ‫ومن يرم من هذا التوفيق بسبب سيطرة هواه ‪ ،‬فهذا الفريق هم الاسرون ‪.‬‬ ‫‪38‬‬

‫‪ -179‬ولقد خلقنا كثيا من الن والنس مآلم النار يوم القيامة ‪ ،‬لن لم قلوبا ل‬ ‫ينفذون با إل الق ‪ ،‬ولم أعي ل ينظرون با دلئل القدرة ‪ ،‬ولم آذان ل يسمعون‬ ‫با اليات والواعظ ساع تدبر وإتعاظ ‪ .‬أولئك كالبهائم لعدم انتفاعهم با وهبهم ال‬ ‫من عقول للتدبر ‪ ،‬بل هم أضل منها ‪ ،‬لنا تطلب منافعها وترب من مضارها ‪،‬‬ ‫وهؤلء ل يدركون ذلك ‪ ،‬أولئك هم الكاملون ف الغفلة ‪.‬‬ ‫‪ -180‬وللّه ‪ -‬دون غيه ‪ -‬الساء الدالة على أكمل الصفات ‪ ،‬فأجروها عليه دعاء‬ ‫ونداء وتسمية ‪ ،‬وابتعدوا عن الذين ييلون فيها إل ما ل يليق بذاته العلية وإنم‬ ‫جزُون جزاء أعمالم ‪.‬‬ ‫سيُ ْ‬ ‫حقّ َوِبهِ َي ْع ِدلُونَ (‪ )181‬وَاّلذِينَ َك ّذبُوا بِ َآيَاتِنَا سََنسْتَدْ ِر ُج ُهمْ‬ ‫وَمِ ّم ْن خَ َلقْنَا ُأ ّمةٌ َي ْهدُو َن بِالْ َ‬ ‫ث لَا يَعْلَمُونَ (‪َ )182‬وُأمْلِي َلهُ ْم إِنّ كَ ْيدِي مَتِيٌ (‪َ )183‬أ َولَ ْم يََتفَ ّكرُوا مَا‬ ‫ِمنْ حَيْ ُ‬ ‫بِصَاحِِب ِهمْ ِم ْن جِنّ ٍة إِ ْن ُهوَ ِإلّا َنذِيرٌ مُبِيٌ (‪ )184‬أَ َوَلمْ يَنْ ُظرُوا فِي مَلَكُوتِ السّمَاوَاتِ‬ ‫ب َأجَلُ ُه ْم فَِبأَيّ َحدِيثٍ‬ ‫ض َومَا خَ َلقَ ال ّلهُ ِم ْن شَيْ ٍء َوأَنْ َعسَى أَنْ يَكُونَ قَ ِد اقَْترَ َ‬ ‫وَاْلأَرْ ِ‬ ‫ي لَ ُه َويَذَ ُر ُهمْ فِي ُطغْيَاِنهِ ْم َيعْ َمهُونَ (‬ ‫َبعْ َد ُه يُ ْؤمِنُونَ (‪َ )185‬منْ يُضْ ِل ِل اللّ ُه فَلَا هَادِ َ‬ ‫‪)186‬‬ ‫‪ -181‬ومن خلقنا للجنة طائفة يدعون غيهم للحق بسبب حبهم الق ‪ ،‬وبالق ‪-‬‬ ‫وحده ‪ -‬يعدلون ف أحكامهم ‪.‬‬ ‫‪ -182‬والذين كذبوا بآياتنا النلة سنستدرجهم ونتركهم حت يصلوا إل أقصى‬ ‫غاياتم ‪ ،‬وذلك بإدرار النعم عليهم ‪ ،‬مع انماكهم ف الغن ‪ ،‬حت يفاجئهم اللك‬ ‫وهم غافلون يرتعون ‪.‬‬ ‫‪ -183‬وسأمد لم ف الياة غي مُهم ِل لسيئاتم ‪ ،‬وتدبيى لم شديد عليهم ‪ ،‬يكافئ‬ ‫سيئاتم الت كثرت بتماديهم ‪.‬‬ ‫‪ -184‬لقد بادروا بالتكذيب ‪ ،‬ول يتدبروا ما يدعوهم الرسول إليه ‪ ،‬وما يقدمه من‬ ‫حجج ‪ ،‬بل رموه بالنون وليس به من جنون ‪ ،‬فما هو إل مَُنذِر لم من عاقبة‬ ‫شركهم ‪ ،‬وإنذاره بي واضح ‪.‬‬ ‫‪39‬‬

‫‪ -185‬لقد كذبوا ممدا فيما يدعوهم إليه من توحيد ‪ ،‬ول ينظروا نظر تأمل‬ ‫واستدلل ف ملك ال العظيم للسموات والرض وما فيها ‪ ،‬ما يدل على كمال قدرة‬ ‫الصانع ووحدانيته ‪ ،‬ول يفكروا ف أنه قد اقترب أجلهم ‪ ،‬أو عسى أن يكون قد‬ ‫اقترب ‪ ،‬فيسارعوا إل النظر وطلب الق قبل مفاجأة الجل ‪ ،‬فإذا ل يؤمنوا بالقرآن‬ ‫فبأى كلم يؤمنون بعده؟‬ ‫‪ -186‬من يكتب ال عليه الضللة لسوء اختياره فل يهديه أحد ‪ ،‬ويتركهم ‪-‬‬ ‫سبحانه ‪ -‬ف ضللم يتحيون ل يهتدون سبيل ‪.‬‬ ‫َيسَْألُوَنكَ َعنِ السّا َعةِ َأيّا َن ُمرْسَاهَا ُقلْ ِإنّمَا عِلْ ُمهَا عِ ْندَ َربّي لَا يُجَلّيهَا لِ َوقِْتهَا ِإلّا ُهوَ‬ ‫ك حَ ِفيّ عَ ْنهَا ُق ْل ِإنّمَا‬ ‫سأَلُوَنكَ َكَأنّ َ‬ ‫ض لَا َت ْأتِي ُك ْم إِلّا َبغْتَ ًة َي ْ‬ ‫ت وَاْلأَرْ ِ‬ ‫َثقُلَتْ فِي السّمَاوَا ِ‬ ‫ضرّا‬ ‫ك لَِنفْسِي نَ ْفعًا َولَا َ‬ ‫س لَا َيعْلَمُونَ (‪ُ )187‬قلْ لَا َأمْلِ ُ‬ ‫عِلْ ُمهَا عِ ْن َد ال ّلهِ َوَلكِ ّن أَكَْثرَ النّا ِ‬ ‫ت ِمنَ الْخَ ْي ِر َومَا َمسّنِ َي السّو ُء إِ ْن َأنَا ِإلّا‬ ‫ب لَاسَْتكَْثرْ ُ‬ ‫ِإلّا مَا شَا َء اللّ ُه َولَوْ كُنْتُ أَعْ َلمُ اْلغَيْ َ‬ ‫ي ِلقَوْ ٍم ُي ْؤمِنُونَ (‪ )188‬هُ َو الّذِي خَ َلقَ ُكمْ ِم ْن َنفْسٍ وَاحِ َد ٍة َوجَ َعلَ مِ ْنهَا‬ ‫َنذِيرٌ وََبشِ ٌ‬ ‫ت دَ َعوَا ال ّلهَ‬ ‫ت حَمْلًا َخفِيفًا فَ َم ّرتْ ِب ِه فَلَمّا َأثْقَلَ ْ‬ ‫س ُكنَ ِإلَ ْيهَا فَلَمّا َت َغشّاهَا حَمَ َل ْ‬ ‫َزوْ َجهَا لَِي ْ‬ ‫َرّبهُمَا لَِئنْ َآتَيْتَنَا صَالِحًا لََنكُوَننّ ِم َن الشّا ِكرِينَ (‪ )189‬فَلَمّا َآتَاهُمَا صَالِحًا َجعَلَا َلهُ‬ ‫شرِكُو َن مَا لَا َيخْ ُلقُ شَيْئًا َوهُمْ‬ ‫شُرَكَا َء فِيمَا َآتَاهُمَا فََتعَالَى ال ّلهُ عَمّا ُيشْرِكُونَ (‪َ )190‬أيُ ْ‬ ‫صرُونَ (‪)192‬‬ ‫س ُهمْ يَنْ ُ‬ ‫صرًا َولَا َأنْ ُف َ‬ ‫يُخْ َلقُونَ (‪َ )191‬ولَا َيسْتَطِيعُونَ لَ ُه ْم نَ ْ‬ ‫‪ -187‬يسألك اليهود ‪ -‬يا ممد ‪ -‬عن الساعة الت تنتهى فيها هذه الدنيا ‪ ،‬ف أى‬ ‫وقت تكون ويستقر العلم با؟ قل لم ‪ :‬علم وقتها عند رب ‪ -‬وحده ‪ -‬ل يظهرها ف‬ ‫وقتها أحد سواه ‪ .‬قد عظم هولا عندما تقع إل أهل السموات والرض ‪ .‬يسألونك‬ ‫هذا السؤال ‪ ،‬كأنك حريص على العلم با ‪ .‬فكرر الواب ‪ ،‬فقل لم مؤكدا ‪ :‬إن‬ ‫علمها عند اللّه ‪ ،‬ولكن أكثر الناس ل يدركون القائق الت تغيب عنهم ‪ ،‬أو الت‬ ‫تظهر لم! ‪.‬‬ ‫‪ -188‬قل لم ‪ :‬ل أملك لنفسى جلب نفع ول دفع ضر إل الذى شاء اللّه من ذلك‬ ‫فيملكن إياه ‪ .‬ولو كنت أعلم ما غاب عن كما تظنون ‪ ،‬لستكثرت من كل خي ‪،‬‬ ‫‪40‬‬

‫لعلمى بأسبابه ‪ ،‬ولدفعت عن نفسى كل سوء باجتناب موجباته ‪ ،‬ما أنا إل نذير‬ ‫بالعذاب ومبشر بالثواب لقوم يؤمنون بالق ويذعنون له ‪.‬‬ ‫‪ -189‬هو اللّه الذى أنشأكم من نفس واحدة ‪ ،‬وجعل من جنسها زوجها ‪،‬‬ ‫واستمرت سللتهما ف الوجود ‪ .‬وكنتم زوجا وزوجة ‪ ،‬فإذا تغشاها حلت ممولً‬ ‫خفيفا هو الني عند كونه علقة ومضغة ‪ ،‬فلما ثقل المل ف بطنها دعا الزوج‬ ‫والزوجة ربما قائلي ‪ :‬واللّه لئن أعطيتنا ولدا سليما من فساد اللقة ‪ ،‬لنكونن من‬ ‫الشاكرين لنعمائك ‪.‬‬ ‫‪ -190‬فلما أعطاها ما طلبا جعل الصنام شركاء للّه تعال ف عطيته الكرية ‪ ،‬وتقربا‬ ‫إليها ‪ ،‬كأنما يشكرانا ‪ ،‬واللّه ‪ -‬وحده ‪ -‬هو الستحق للشكر يتعال ويتسامى عن‬ ‫أن يكون كشركائهم ‪.‬‬ ‫‪ -191‬هل يصح أن يشركوا مع ال أصناما ل تقدر أن تلق شيئا من الشياء وهم‬ ‫ملوقون للّه؟! ‪.‬‬ ‫‪ -192‬ول يقدرون على نصر لن يعبدونم ‪ ،‬ول ينصرون أنفسهم إذا تعدى الغي‬ ‫عليهم ‪.‬‬ ‫وَإِ ْن َتدْعُوهُ ْم ِإلَى الْ ُهدَى لَا يَتِّبعُو ُك ْم سَوَاءٌ َعلَ ْيكُ ْم َأدَ َعوْتُمُو ُهمْ أَ ْم َأنُْتمْ صَامِتُونَ (‪)193‬‬ ‫إِنّ اّلذِينَ َتدْعُو َن ِمنْ دُو ِن اللّهِ عِبَا ٌد َأمْثَاُلكُ ْم فَادْعُو ُهمْ فَلَْيسْتَجِيبُوا َلكُ ْم إِنْ كُنُْتمْ‬ ‫صرُونَ‬ ‫صَا ِدقِيَ (‪َ )194‬ألَ ُهمْ أَرْ ُج ٌل يَ ْمشُونَ ِبهَا أَ ْم َلهُ ْم َأيْ ٍد يَبْ ِطشُونَ بِهَا أَ ْم َلهُ ْم أَعُْي ٌن يُبْ ِ‬ ‫ِبهَا أَ ْم َل ُهمْ َآذَانٌ َيسْ َمعُو َن ِبهَا ُقلِ ادْعُوا ُشرَكَاءَ ُك ْم ُثمّ كِيدُو ِن فَلَا تُنْ ِظرُونِ (‪ )195‬إِنّ‬ ‫ب َوهُ َو يََتوَلّى الصّالِحِيَ (‪ )196‬وَالّذِينَ َتدْعُو َن ِمنْ دُونِ ِه لَا‬ ‫وَلِّييَ ال ّل ُه الّذِي َنزّ َل الْكِتَا َ‬ ‫صرُونَ (‪)197‬‬ ‫سهُ ْم يَنْ ُ‬ ‫صرَ ُكمْ َولَا َأْن ُف َ‬ ‫َيسْتَطِيعُو َن نَ ْ‬ ‫‪ -193‬وإن تدعوا ‪ -‬أيها العابدون ‪ -‬الصنام ليشدوكم إل ما تبون ‪ ،‬ل ييبوكم‬ ‫إل مرادكم ‪ ،‬فمستوٍ عندكم ف عدم الفائدة دعاؤكم إياهم ‪ ،‬وسكونكم ‪ ،‬فإنه ل‬ ‫يتغي حالم ف الالتي ‪.‬‬ ‫‪ -194‬إن الذين تعبدون من غي اللّه ‪ ،‬وترجون النفع منهم ‪ ،‬خاضعون للّه بكم‬ ‫‪41‬‬

‫تكوينهم ‪ ،‬من حيث كونم مسخرين لمره مثلكم ‪ ،‬فإن كنتم صادقي ف زعمكم أنم‬ ‫يقدرون على شئ ‪ ،‬فاطلبوه منهم فلن يققوه لكم ‪.‬‬ ‫‪ -195‬بل إن هذه الصنام أقل منكم ف اللق والتكوين ‪ ،‬ألم أرجل يشون با؟ أو‬ ‫أيد يدفعون با الضر عنكم وعنهم؟ أو أعي يبصرون با؟ أو آذان يسمعون با ما‬ ‫تطلبون فيحققوه لكم؟ ليس لم شئ من ذلك ‪ ،‬فكيف تشركونم مع ال؟ ‪ ،‬وإذا كنتم‬ ‫تتوهون أنا تنل الضر ب أو بأحد ‪ ،‬فنادوها ودبروا ل معها ما تشاءون من غي‬ ‫إمهال ول انتظار ‪ ،‬فإنا لن تستطيع شيئا ‪ ،‬فل تهلون فإن ل أبال با ‪.‬‬ ‫‪ -196‬إن ناصرى عليكم هو اللّه الذى له وليت ‪ ،‬وهو الذى أنزل على القرآن ‪،‬‬ ‫وهو ‪ -‬وحده ‪ -‬الذى ينصر الصالي من عباده ‪.‬‬ ‫‪ -197‬والصنام الذين تطلبون منهم النصر دون اللّه ‪ ،‬ل يستطيعون نصركم ول‬ ‫نصر أنفسهم ‪.‬‬ ‫صرُونَ (‪ )198‬خُذِ‬ ‫وَإِ ْن َتدْعُوهُ ْم ِإلَى الْ ُهدَى لَا َيسْ َمعُوا وََترَا ُه ْم يَنْ ُظرُو َن ِإلَ ْيكَ َو ُهمْ لَا يُبْ ِ‬ ‫ك ِمنَ الشّيْطَا ِن َنزْغٌ‬ ‫الْ َعفْ َو َوأْ ُم ْر بِاْل ُعرْفِ وَأَ ْعرِضْ َعنِ الْجَاهِلِيَ (‪ )199‬وَِإمّا يَ ْنزَغَّن َ‬ ‫فَاسَْت ِعذْ بِاللّ ِه ِإنّ ُه سَمِيعٌ عَلِيمٌ (‪ )200‬إِنّ اّلذِينَ اّتقَوْا ِإذَا َمسّ ُهمْ طَائِفٌ ِم َن الشّيْطَانِ‬ ‫صرُونَ (‪)202‬‬ ‫صرُونَ (‪َ )201‬وإِ ْخوَاُن ُهمْ يَ ُمدّوَنهُ ْم فِي اْلغَ ّي ُثمّ لَا يُقْ ِ‬ ‫َتذَكّرُوا َفِإذَا ُهمْ مُبْ ِ‬ ‫وَِإذَا َل ْم َتأِْت ِهمْ ِب َآَيةٍ قَالُوا لَ ْولَا اجْتَبَيَْتهَا ُق ْل ِإنّمَا َأتّبِ ُع مَا يُوحَى ِإلَ ّي ِمنْ َربّي هَذَا بَصَاِئ ُر ِمنْ‬ ‫َرّبكُ ْم وَ ُهدًى وَرَحْ َم ٌة ِلقَوْ ٍم ُي ْؤمِنُونَ (‪َ )203‬وِإذَا ُقرِئَ اْل ُقرْآَ ُن فَاسْتَ ِمعُوا َل ُه وََأنْصِتُوا‬ ‫َلعَلّ ُكمْ ُت ْرحَمُونَ (‪)204‬‬ ‫‪ -198‬وإن تسألوهم الداية إل ما فيه خيكم ل يسمعوا سؤالكم فضل عن‬ ‫إرشادكم ‪ ،‬وإنك لتراهم ‪ -‬ف مقابلك ‪ -‬كأنا ينظرون إليك ‪ ،‬وهم ف القيقة ل‬ ‫يرون شيئا ‪.‬‬ ‫‪ -199‬أعرض ‪ -‬أيها النب ‪ -‬عن الاهلي ‪ ،‬وسر ف سبيل الدعوة ‪ ،‬وخذ الناس با‬ ‫يسهل ‪ ،‬وأمرهم بكل أمر مستحسن تعرفه العقول وتدركه ‪.‬‬ ‫‪ -200‬وإن تعرض لك من الشيطان وسوسة لصرفك عما أمرت ‪ ،‬كأن تغضب من‬ ‫‪42‬‬

‫لاجتهم بالشر ‪ ،‬فاستجر باللّه يصرفه عنك ‪ ،‬لنه سيع لكل ما يقع عليم به ‪.‬‬ ‫‪ -201‬إن الذين خافوا ربم ‪ ،‬وجعلوا بينهم وبي العاصى وقاية من الشيطان بوسوسة‬ ‫منه طافت بم لصرفهم عما يب عليهم تذكروا عداوة الشيطان وكيده ‪ ،‬فإذا هم‬ ‫مبصرون الق فيجعون ‪.‬‬ ‫‪ -202‬وإخوان الشياطي من الكفار ‪ ،‬تزيدهم الشياطي بالوسوسة ضلل ‪ ،‬ث هؤلء‬ ‫الكفار ل يُكفون عن ضللم بالتبصر ‪.‬‬ ‫‪ -203‬وإذا ل تأت الكفار بآية ما يطلبون عنادا وكفرا ‪ ،‬قالوا ‪ :‬هل طلبتها؟ قل لم ‪:‬‬ ‫ما أتّبع إل القرآن الذى يوحى إل من رب ‪ ،‬وقل لم ‪ :‬هذا القرآن حُجج من ربكم‬ ‫تبصركم وجوه الق ‪ ،‬وهو ذو هداية ورحة للمؤمني ‪ ،‬لنم العاملون به ‪.‬‬ ‫‪ -204‬وإذ تُلِىَ عليكم ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬القرآن فاصغوا إليه بأساعكم ‪ .‬لتتدبّروا‬ ‫مواعظه ‪ ،‬وأحسنوا الستماع لتفوزوا بالرحة ‪.‬‬ ‫ج ْه ِر ِمنَ اْلقَ ْولِ بِاْلغُ ُد ّو وَاْلآَصَا ِل وَلَا‬ ‫ضرّعًا وَخِي َفةً َودُونَ الْ َ‬ ‫سكَ تَ َ‬ ‫وَاذْ ُكرْ َرّبكَ فِي َن ْف ِ‬ ‫ك لَا َيسَْتكِْبرُونَ َعنْ عِبَا َدِتهِ َوُيسَبّحُونَ ُه َولَهُ‬ ‫تَ ُك ْن ِمنَ اْلغَافِلِيَ (‪ )205‬إِنّ اّلذِينَ ِع ْندَ َرّب َ‬ ‫جدُونَ (‪)206‬‬ ‫َيسْ ُ‬ ‫‪ -205‬واذكر ربك ذكرا نفسيا ‪ ،‬تس فيه بالتقرب إل ال والضوع له والوف منه‬ ‫‪ ،‬من غي صياح ‪ ،‬بل فوق السر ودون الهر من القول ‪ .‬وليكن ذكرك ف طرف‬ ‫النهار لتفتتح نارك بالذكر لربك وتتمه به ‪ ،‬ول ت ُكنْ ف عامة أوقاتك من الغافلي عن‬ ‫ذكر ال ‪.‬‬ ‫‪ -206‬إن الذين هم قريبون من ربك بالتشريف والتكري ‪ ،‬ل يستكبون عن‬ ‫عبادته ‪ ،‬وينهونه عما ل يليق به ‪ ،‬وله يضعون ‪.‬‬ ‫ت بَيِْنكُمْ‬ ‫َيسَْألُوَنكَ َعنِ اْلَأنْفَالِ ُق ِل الَْأْنفَالُ لِ ّل ِه وَالرّسُولِ فَاتّقُوا ال ّلهَ َوأَصْلِحُوا ذَا َ‬ ‫وَأَطِيعُوا ال ّل َه وَرَسُولَ ُه إِنْ كُنُْت ْم ُمؤْمِنِيَ (‪)1‬‬

‫‪43‬‬

‫‪ -1‬أُخرج النب من مكة مهاجرا بسبب مكر الشركي وتدبيهم أمر قتله ‪ ،‬وليكون‬ ‫للمسلمي دولة ‪ ،‬واستقر بالدينة حيث النصرة ‪ ،‬وكان ل بد من الهاد لدفع العتداء‬ ‫‪ ،‬لكيل يُفَتنَ أهل اليان ‪ ،‬فكانت غزوة بدر الكبى ‪ ،‬وكان فيها النصر البي‬ ‫والغنائم ‪ ،‬وكان وراء الغنائم بعض الختلف والتساؤل ف توزيعها ‪ .‬يسألونك عن‬ ‫الغنائم ‪ :‬ما مآلا؟ ولن تكون؟ وكيف تقسم؟ فقل لم ‪ -‬أيها النب ‪ : -‬إنا ل‬ ‫والرسول ابتداء ‪ ،‬والرسول بأمر ربه يتول تقسيمها ‪ ،‬فاتركوا الختلف بشأنا ‪،‬‬ ‫واجعلوا خوف ال وطاعته شعاركم ‪ ،‬وأصْلحوا ما بينكم ‪ ،‬فاجعلوا الصّلتِ بينكم‬ ‫مبة وعدل ‪ ،‬فإن هذه صفة أهل اليان ‪.‬‬ ‫ت قُلُوبُ ُه ْم وَِإذَا تُلِيَتْ عَلَ ْي ِهمْ َآيَاُتهُ زَادَْت ُهمْ إِيَانًا‬ ‫ِإنّمَا الْ ُم ْؤمِنُو َن الّذِينَ ِإذَا ذُ ِكرَ ال ّلهُ وَجِلَ ْ‬ ‫ك ُهمُ‬ ‫وَعَلَى َرّب ِه ْم يَتَوَكّلُونَ (‪ )2‬الّذِينَ ُيقِيمُو َن الصّلَا َة َومِمّا َر َزقْنَا ُهمْ يُ ْن ِفقُونَ (‪ )3‬أُولَئِ َ‬ ‫الْمُ ْؤمِنُونَ حَقّا َل ُه ْم دَ َرجَاتٌ عِ ْندَ َرّبهِ ْم َومَ ْغ ِف َرةٌ وَرِزْقٌ َكرِيٌ (‪ )4‬كَمَا َأخْ َرجَكَ َرّبكَ ِمنْ‬ ‫ح ّق َب ْعدَمَا تَبَّينَ‬ ‫حقّ َوإِ ّن َفرِيقًا ِم َن الْ ُمؤْمِنِيَ لَكَا ِرهُونَ (‪ )5‬يُجَا ِدلُوَنكَ فِي الْ َ‬ ‫بَيِْتكَ بِالْ َ‬ ‫ت وَ ُه ْم يَنْ ُظرُونَ (‪)6‬‬ ‫َكَأنّمَا ُيسَاقُو َن ِإلَى الْ َموْ ِ‬ ‫‪ -2‬إن الؤمني حقا وصدقا يستشعرون دائما خوف ال وطاعته ‪ ،‬فإذا ذُكر سبحانه‬ ‫فزعت قلوبم ‪ ،‬وامتلت هيبة ‪ ،‬ولذا كلما قرئت عليهم آيات من القرآن ازداد إيانم‬ ‫رسوخا ‪ ،‬وازدادوا إذعانا وعلما ‪ ،‬ول يعتمدون إل على ال الذى خلقهم ويميهم‬ ‫وينميهم ‪.‬‬ ‫‪ -3‬وأولئك الؤمنون الصادقون ف اليان ‪ ،‬يؤدون الصلة مستوفية الركان ‪ ،‬كاملة‬ ‫الشوع والضوع ‪ ،‬ليكونوا على تذكر ال دائما ‪ ،‬وينفقون مقادير من الال الذى‬ ‫رزقهم ال ‪ -‬سبحانه وتعال ‪ -‬ف الهاد والب ومعاونة الضعفاء ‪.‬‬ ‫‪ -4‬إن هؤلء التصفي بتلك الصفات ‪ ،‬هم الذين يوصفون باليان حقا وصدقا ‪،‬‬ ‫ولم جزاؤهم درجات عالية عند ال ‪ ،‬وهو الذى ينحهم رضاه ‪ ،‬ويغفر لم هفواتم‬ ‫ويرزقهم رزقا طيبا ف الدنيا ‪ ،‬ونعيما دائما ف الخرة ‪.‬‬ ‫‪ -5‬وإن النصر بيد ال ‪ ،‬ومقاليد المور إليه ‪ ،‬وإنّ حال الؤمني ف خلفهم حول‬ ‫‪44‬‬

‫الغنائم كحالم عندما أمرك ال بالروج لقتال الشركي ببدر ‪ ،‬وهو حق ثابت ‪ ،‬فإن‬ ‫فريقا من أولئك الؤمني كانوا كارهي للقتال مؤكدين كراهيتهم ‪.‬‬ ‫‪ -6‬يناظرك أولئك الفريق ‪ ،‬وياولون أن ينصروا قولم ف المر الق ‪ ،‬وهو الروج‬ ‫للجهاد ‪ ،‬إذ كانوا مع إخوانم الذين خرجوا لصادرة أموال قريش الذاهبة إل الشام ‪،‬‬ ‫فلم يدركوها ‪ ،‬فآثر هذا الفريق العودة من بعد ما تبي أنم منصورون ‪ ،‬لعلم النب‬ ‫لم ‪ ،‬ولذعر الشركي منهم ‪ ،‬ولشدة كراهيتهم للقتال وعدم أمنهم من عواقبه ‪،‬‬ ‫وكانوا ف ذهابم إليه كالذى يساق إل الوت ‪ ،‬وهو ينظر أسبابه ويعاينها ‪.‬‬ ‫شوْ َكةِ َتكُو ُن َل ُكمْ‬ ‫وَِإ ْذ َيعِدُ ُك ُم اللّ ُه ِإحْدَى الطّاِئفَتَ ْينِ َأّنهَا َلكُ ْم َوتَ َودّونَ أَنّ غَ ْيرَ ذَاتِ ال ّ‬ ‫ح ّق َويُبْ ِطلَ الْبَا ِطلَ‬ ‫ح ّق الْ َ‬ ‫ح ّق بِكَلِمَاِتهِ َوَيقْطَ َع دَابِ َر الْكَافِرِينَ (‪ )7‬لِيُ ِ‬ ‫ح ّق الْ َ‬ ‫وَُيرِيدُ ال ّلهُ أَ ْن يُ ِ‬ ‫ف ِمنَ‬ ‫ج ِرمُونَ (‪ِ )8‬إذْ َتسَْتغِيثُونَ َربّ ُكمْ فَاسْتَجَابَ َل ُكمْ َأنّي مُ ِمدّ ُك ْم بَِألْ ٍ‬ ‫وََلوْ َك ِرهَ الْ ُم ْ‬ ‫صرُ إِلّا ِمنْ‬ ‫شرَى وَلِتَ ْطمَِئنّ ِب ِه قُلُوُب ُكمْ َومَا النّ ْ‬ ‫الْمَلَاِئكَ ِة ُم ْردِفِيَ (‪َ )9‬ومَا َجعَ َلهُ ال ّلهُ ِإلّا ُب ْ‬ ‫عِ ْن ِد اللّ ِه إِ ّن ال ّلهَ َعزِي ٌز حَكِيمٌ (‪)10‬‬ ‫‪ -7‬واذكروا ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬وعد ال تعال لكم أن ينصركم على إحدى الطائفتي‬ ‫الت فيها الشوكة والقوة ‪ ،‬وأنتم تودون أن تدركوا الطائفة الخرى الت فيها الال‬ ‫والرجال ‪ ،‬وهى قافلة أب سفيان ‪ ،‬فاخترت الال ول شوكة فيه ‪ ،‬ولكن ال تعال يريد‬ ‫أن يثبت الق بإرادته وقدرته وكلماته العلنة للرادة والقدرة ‪ ،‬ويستأصل الكفر من‬ ‫بلد العرب بنصر الؤمني ‪.‬‬ ‫‪ -8‬ليثبت الق ويزيل الباطل ‪ ،‬ولو كره ذلك الكافرون الذين أجرموا ف حق ال ‪،‬‬ ‫وف حق الؤمني وف حق أنفسهم ‪.‬‬ ‫‪ -9‬اذكروا ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ ،‬وأنتم تتقاسون الغنائم وتتلفون ‪ -‬الوقت الذى كنتم‬ ‫تتجهون فيه إل ال تعال ‪ ،‬طالبي منه الغوث والعونة ‪ ،‬إذ كتب عليكم أنه ل خلص‬ ‫من القتال ‪ ،‬فأجاب ال دعاءكم ‪ ،‬وأمدّكم بلئكة كثية تبلغ اللف متتابعة ‪ ،‬يئ‬ ‫بعضها وراء بعض ‪.‬‬ ‫‪ -10‬وما جعل ال تعال ذلك المداد باللئكة إل بشارة لكم بالنصر ‪ ،‬لتطمئنوا‬ ‫‪45‬‬

‫وتقدموا ‪ ،‬وال يعينكم ‪ ،‬والنصر ل يئ إل بعونة ال القوى الغالب ‪ ،‬الذى يضع‬ ‫المور ف مواضعها بقتضى علمه الذى ل يغيب عنه شئ ‪.‬‬ ‫ِإذْ ُي َغشّي ُك ُم النّعَاسَ َأمََن ًة مِ ْنهُ َويَُنزّلُ عَلَ ْي ُكمْ مِ َن السّمَا ِء مَاءً لِيُ َطهّرَ ُك ْم ِبهِ َوُيذْهِبَ َع ْنكُمْ‬ ‫ك ِإلَى‬ ‫ت ِبهِ اْلَأقْدَامَ (‪ِ )11‬إذْ يُوحِي َربّ َ‬ ‫ِر ْجزَ الشّيْطَانِ وَلَِي ْربِطَ عَلَى قُلُوِب ُكمْ َويُثَبّ َ‬ ‫ض ِربُوا‬ ‫ب فَا ْ‬ ‫الْمَلَاِئكَ ِة َأنّي َمعَ ُكمْ فَثَبّتُوا الّذِينَ َآمَنُوا َسأُْلقِي فِي قُلُوبِ اّلذِينَ َك َفرُوا الرّعْ َ‬ ‫ض ِربُوا مِ ْن ُهمْ ُك ّل بَنَانٍ (‪َ )12‬ذِلكَ ِبَأنّ ُه ْم شَاقّوا ال ّلهَ وَ َرسُوَلهُ َو َمنْ ُيشَا ِققِ‬ ‫ق وَا ْ‬ ‫َفوْقَ اْلأَعْنَا ِ‬ ‫ب النّارِ (‬ ‫اللّ َه وَ َرسُوَلهُ َفإِ ّن اللّ َه َشدِيدُ اْل ِعقَابِ (‪َ )13‬ذِلكُ ْم َفذُوقُوهُ َوأَ ّن لِلْكَا ِفرِينَ َعذَا َ‬ ‫‪)14‬‬ ‫‪-11‬اذكروا ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬وقت أن خفتم من قلة الاء ‪ ،‬ومن العداء ‪ ،‬فوهبكم‬ ‫ال المن ‪ ،‬وأصابكم النعاس فنمتم آمني ‪ ،‬وأنزل الاء من السماء لتتطهروا به ‪،‬‬ ‫ولتذهبوا وساوس الشيطان عنكم ‪ ،‬وثبت قلوبكم واثقة بعون الرحن ولتتماسك به‬ ‫الرض فتثبت القدام ‪.‬‬ ‫‪ -12‬اذكروا ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬أن ال أوحى للملئكة أن تودع ف نفوسكم أن‬ ‫ل لم ‪ :‬قووا قلوب الذين آمنوا وأذعَنوا للحق وجاهدوا ف‬ ‫معكم بالتأييد والنصر ‪ ،‬قائ ً‬ ‫سبيل ال ‪ ،‬وسأجعل الرعب يستول على قلوب الشركي ‪ ،‬فيفزعون هم دونكم ‪،‬‬ ‫فاضربوا ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬رءوسهم الت فوق أعناقهم ‪ ،‬وقطعوا أصابعهم الت يملون‬ ‫با السيوف ‪.‬‬ ‫‪ -13‬كان ذلك النصر والتأييد لكم ‪ ،‬والرعب والفزع لم ‪ ،‬لنم تدوا ال‬ ‫ورسوله ‪ ،‬فكانوا ف جانب وال ورسوله ف جانب آخر ‪ ،‬ومن ياد ال ورسوله فإنه‬ ‫ينل به العذاب الليم لن عقاب ال شديد ‪.‬‬ ‫‪ -14‬ذلكم أيها الؤمنون هو القتال فذوقوه مع اليقي بالنصر والتأييد وأن للجاحدين‬ ‫بآياته عقابا آخر يوم القيامة ‪ ،‬هو عذاب النار ‪.‬‬

‫‪46‬‬

‫يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا ِإذَا َلقِيُتمُ اّلذِينَ َك َفرُوا َز ْحفًا فَلَا ُت َولّو ُهمُ اْلَأدْبَارَ (‪َ )15‬و َمنْ ُي َولّ ِهمْ‬ ‫ب ِمنَ ال ّل ِه َومَ ْأوَا ُه َجهَنّمُ‬ ‫ح ّرفًا ِلقِتَا ٍل َأوْ مُتَحَّيزًا ِإلَى فَِئةٍ َف َقدْ بَا َء ِبغَضَ ٍ‬ ‫يَ ْومَِئذٍ ُدُب َر ُه إِلّا مُتَ َ‬ ‫ت َوَلكِ ّن ال ّلهَ‬ ‫ت ِإذْ َرمَيْ َ‬ ‫س الْمَصِيُ (‪ )16‬فَ َل ْم َتقْتُلُو ُهمْ َولَ ِك ّن اللّ َه قَتَ َل ُهمْ َومَا َرمَيْ َ‬ ‫وَبِئْ َ‬ ‫ي مِ ْنهُ بَلَا ًء َحسَنًا إِ ّن ال ّلهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (‪َ )17‬ذِلكُ ْم َوأَنّ ال ّلهَ مُو ِهنُ‬ ‫َرمَى َولِيُبْ ِليَ الْ ُم ْؤمِنِ َ‬ ‫ح َوإِ ْن تَنَْتهُوا َفهُ َو خَ ْيرٌ َل ُكمْ َوإِنْ‬ ‫كَ ْي ِد الْكَا ِفرِينَ (‪ )18‬إِ ْن َتسَْتفْتِحُوا َف َقدْ جَاءَ ُك ُم الْفَتْ ُ‬ ‫ت وَأَ ّن ال ّلهَ مَ َع الْ ُم ْؤمِنِيَ (‪)19‬‬ ‫َتعُودُوا َنعُ ْد َولَ ْن ُتغْنِيَ عَ ْن ُكمْ فِئَتُ ُك ْم شَيْئًا َولَوْ كَُث َر ْ‬ ‫‪ -15‬أيها الذين صدقوا بالق وأذعنوا له ‪ ،‬إذا التقيتم بالذين كفروا ف اليدان ‪ ،‬وهم‬ ‫زاحفون عليكم بكثرتم ‪ ،‬فل تفروا منهم وتعلوا ظهوركم أمام سيوفهم ‪.‬‬ ‫‪ -16‬ومن ل يلقهم وجها لوجه فارا منهم ‪ ،‬فإن ال يغضب عليه ‪ ،‬ومصيه إل‬ ‫النار ‪ ،‬وهى أسوأ مصي لكم ‪ ،‬ومن ل يلقهم بوجهه كيدا ومهارة حربية ‪ ،‬أو يترك‬ ‫طائفة لينحاز إل طائفة أخرى من الؤمني ‪ ،‬لتكون قوة للقاء فإنه ل إث عليه ‪.‬‬ ‫‪ -17‬إذا كنتم ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬قد انتصرت عليهم ‪ ،‬وقتلتم من قتلتم منهم ‪ ،‬فإنكم‬ ‫ل تقتلوهم بقوتكم ‪ ،‬ولكن ال تعال هو الذى نصركم وقتلهم بتأييده لكم وإلقاء‬ ‫الرعب ف قلوبم ‪ ،‬وما رميت ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬إذ كنت ترمى التراب والصا ف‬ ‫وجوههم إفزاعا لم ‪ ،‬ولكن ال تعال هو الذى رمى فأفزعهم الرمى ‪ ،‬وكان ذلك‬ ‫لينعم ال على الؤمني نعما حسنة ‪ ،‬منها البتلء بالشدة ‪ ،‬ليظهر إخلصهم ‪ ،‬وأن ال‬ ‫عليم بأمورهم ‪ ،‬سيع لقوالم ‪ ،‬وكذلك هو عليم بأمور أعدائهم وأقوالم ‪.‬‬ ‫ضعِفٌ لكل تدابي الكافرين ‪.‬‬ ‫‪ -18‬ذلك هو النصر العظيم ‪ ،‬مع أن ال تعال مُ ْ‬ ‫‪ -19‬إن كنتم ‪ -‬أيها الشركون ‪ -‬تتعلقون بأستار الكعبة ‪ ،‬طالبي الفصل بينكم وبي‬ ‫الؤمني ‪ ،‬فقد جاءكم المر الفاصل ‪ ،‬وليس نصرا لكم ‪ ،‬بل هو نصر للمؤمني ‪ ،‬وإن‬ ‫تعودوا إل العتداء نعد عليكم بالزية ‪ ،‬ولن تغن عنكم جاعتكم الؤتلفة على الث‬ ‫شيئا ‪ ،‬ولو كان العدد عندكم كثيا ‪ ،‬فإن ال مع الذين صدقوا بالق وأذعنوا له ‪.‬‬ ‫يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا أَطِيعُوا ال ّلهَ وَ َرسُوَلهُ وَلَا تَ َوّلوْا عَ ْن ُه َوأَنُْت ْم َتسْ َمعُونَ (‪َ )20‬ولَا َتكُونُوا‬ ‫صمّ الُْبكْمُ‬ ‫كَالّذِينَ قَالُوا سَ ِمعْنَا َوهُ ْم لَا َيسْ َمعُونَ (‪ )21‬إِ ّن شَ ّر ال ّدوَابّ عِ ْن َد ال ّلهِ ال ّ‬ ‫‪47‬‬

‫الّذِينَ لَا يَ ْعقِلُونَ (‪َ )22‬وَلوْ َع ِلمَ ال ّلهُ فِي ِه ْم خَ ْيرًا َلأَسْ َم َع ُهمْ َوَلوْ َأسْ َم َعهُ ْم لََتوَّلوْا َوهُمْ‬ ‫ُمعْرِضُونَ (‪ )23‬يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِ ّل ِه وَلِل ّرسُولِ ِإذَا دَعَا ُكمْ لِمَا يُحْيِي ُكمْ‬ ‫شرُونَ (‪ )24‬وَاتّقُوا فِتَْن ًة لَا تُصِيَبنّ‬ ‫حَ‬ ‫وَاعْ َلمُوا أَ ّن ال ّلهَ يَحُولُ بَ ْي َن الْ َمرْ ِء َوقَلِْبهِ َوَأنّ ُه ِإلَيْ ِه تُ ْ‬ ‫ص ًة وَاعْ َلمُوا أَ ّن اللّ َه َشدِيدُ اْل ِعقَابِ (‪)25‬‬ ‫الّذِينَ ظَلَمُوا مِ ْن ُكمْ خَا ّ‬ ‫‪ -20‬يا أيها الذين صدّقتم بالق وأذعنتم له ‪ ،‬قد علمتم أن النصر كان بتأييد ال‬ ‫وطاعة رسوله ‪ ،‬فاستمروا على طاعتكم ل وللرسول ‪ ،‬ول تعرضوا عن دعوة الرسول‬ ‫إل الق وأنتم تسمعون وتعون ما يقول ‪.‬‬ ‫‪ -21‬ول تكونوا كالنافقي الذين قالوا ‪ :‬سعنا الق ووعيناه ‪ ،‬لكنهم ل يذعنون له‬ ‫ول يؤمنون به ‪ ،‬فكانوا كغي السامعي ‪.‬‬ ‫‪ -22‬إن أولئك الشركي والنافقي معهم ‪ ،‬هم كشر الدواب الت أصيبت بالصمم‬ ‫فل تسمع ‪ ،‬وبالبكم فل تتكلم ‪ ،‬فهم صمّوا عن الق ‪ ،‬فلم يسمعوه ول ينطقوا به ول‬ ‫يعقلوه ‪.‬‬ ‫‪ -23‬ولو علم ال ‪ -‬بعلمه الزل ‪ -‬أن فيهم ‪ -‬وهم بذه الال ‪ -‬ما يكون خيا‬ ‫لنفسهم وللناس وللحق ‪ ،‬لسعهم ساع هداية يوصل الق إل عقولم ‪ ،‬ولو سعوه‬ ‫وفهموه لنصرفوا عن الهتداء ‪ ،‬وحال العراض الن ل تفارقهم لغلبة الوى ‪.‬‬ ‫‪ -24‬يا أيها الذين صدّقوا بالق وأذعنوا له ‪ ،‬أجيبوا ال ف اتاه قلب إل ما يأمركم به‬ ‫‪ ،‬وأجيبوا الرسول ف تبليغه ما يأمر به ال إذا دعاكم إل أوامر ال بالحكام الت فيها‬ ‫حياة أجسامكم وأرواحكم وعقولكم وقلوبكم ‪ ،‬واعلموا علم اليقي أن ال تعال قائم‬ ‫على قلوبكم ‪ ،‬يوجهها كما يشاء فيحول بينكم وبي قلوبكم إذا أقبل عليها الوى ‪،‬‬ ‫فهو منقذكم منه إن اتهتم إل الطريق الستقيم ‪ ،‬وإنكم جيعا ستجمعون يوم القيامة‬ ‫فيكون الزاء ‪.‬‬ ‫‪ -25‬واجعلوا وقاية بينكم وبي الذنب العظيم الذى يفسد جاعتكم ‪ ،‬كالمتناع عن‬ ‫الهاد ‪ ،‬وكالشقاق ‪ ،‬وكالمتناع عن المر بالعروف والنهى عن النكر ‪ ،‬فإن ذلك‬

‫‪48‬‬

‫الذنب ل يصيب الذين ظلموا ‪ -‬وحدهم ‪ -‬بل يصيب الميع واعلموا علما جازما‬ ‫أن عقاب ال شديد ف الدنيا والخرة ‪.‬‬ ‫س َفآَوَا ُكمْ‬ ‫خ ّطفَ ُكمُ النّا ُ‬ ‫ض تَخَافُونَ أَ ْن يَتَ َ‬ ‫ض َعفُو َن فِي اْلأَرْ ِ‬ ‫وَاذْ ُكرُوا ِإذْ َأنُْت ْم قَلِيلٌ ُمسْتَ ْ‬ ‫ص ِر ِه وَرَ َزقَ ُك ْم ِمنَ الطّيّبَاتِ َلعَ ّلكُ ْم َتشْ ُكرُونَ (‪ )26‬يَا أَّيهَا اّلذِينَ َآمَنُوا لَا‬ ‫وََأّيدَ ُكمْ بِنَ ْ‬ ‫تَخُونُوا ال ّلهَ وَالرّسُو َل َوتَخُونُوا َأمَانَاتِ ُكمْ َوَأنُْتمْ َتعْلَمُونَ (‪ )27‬وَاعْلَمُوا أَنّمَا َأمْوَالُ ُكمْ‬ ‫ج َعلْ‬ ‫وََأ ْولَادُ ُكمْ فِتَْنةٌ َوأَ ّن اللّهَ عِ ْن َد ُه َأجْرٌ عَظِيمٌ (‪ )28‬يَا أَّيهَا اّلذِينَ َآمَنُوا إِ ْن تَّتقُوا ال ّلهَ يَ ْ‬ ‫ضلِ اْلعَظِيمِ (‪ )29‬وَِإ ْذ يَ ْم ُكرُ‬ ‫لَ ُك ْم ُفرْقَانًا َويُ َك ّفرْ عَ ْنكُ ْم سَيّئَاِت ُكمْ َوَيغْ ِفرْ لَ ُكمْ وَال ّلهُ ذُو اْلفَ ْ‬ ‫خ ِرجُو َك وَيَ ْم ُكرُونَ َويَ ْم ُكرُ ال ّلهُ وَال ّلهُ خَ ْيرُ‬ ‫ك الّذِينَ َك َفرُوا لِيُثْبِتُو َك َأ ْو يَقْتُلُو َك َأوْ يُ ْ‬ ‫بِ َ‬ ‫الْمَاكِرِينَ (‪)30‬‬ ‫‪ -26‬وتذكروا ‪ -‬أيها الؤمنون ف حال قوتكم ‪ -‬وقت أن كنتم عددا قليلً ‪،‬‬ ‫وضعفاء يستغل أعداؤكم ضعفكم ‪ ،‬وقد استول عليكم الوف من أن يتخطفكم‬ ‫أعداؤكم ‪ ،‬فهاجرت بأمر ال وجعل من يثرب مأوى لكم ‪ ،‬وكان لكم النصر بتأييده‬ ‫وتوفيقه ‪ ،‬ورزقكم الغنائم الطيبة رجاء أن تشكروا هذه النعم ‪ ،‬فتسيوا ف طريق‬ ‫الهاد لعلء كلمة الق ‪.‬‬ ‫‪ -27‬يا أيها الذين صدّقوا بالق وأذعنوا له ‪ ،‬ل يصح أن تكون منكم خيانة ل‬ ‫ورسوله بوالة أعداء الق ‪ ،‬أو باليانة ف الغنائم ‪ ،‬أو بالقعود عن الهاد ‪ ،‬ول تونوا‬ ‫ف المانات الت تكون بينكم ‪ ،‬وأنتم تعلمون أوامر ال ونواهيه ‪.‬‬ ‫‪ -28‬واعلموا ‪ -‬أيها الؤمنون الصادقون ‪ -‬أن فتنة نفوسكم تئ من فرط مبتكم‬ ‫لولدكم ‪ ،‬فل تُغلّبوا مبة الال والولد على مبة ال تعال ‪ ،‬فإن ذلك يفسد أموركم ‪.‬‬ ‫واعلموا أن ثواب ال عظيم يزيكم عن الال والولد ‪.‬‬ ‫‪ -29‬يا أيها الذين صدّقوا بالق وأذعنوا له ‪ ،‬إن تضعوا لوامر ال ف السر والعلن ‪،‬‬ ‫يعل ال تعال ف أنفسكم قدرة تفرقون با بي الق والباطل ‪ ،‬ويهبكم نصرا ليفصل‬ ‫بينكم وبي أعدائكم ‪ ،‬ويستر سيئاتكم فتذهب ويغفرها لكم ‪ ،‬وهو ‪ -‬سبحانه ‪-‬‬ ‫صاحب الفضل الكبي دائما ‪.‬‬ ‫‪49‬‬

‫‪ -30‬واذكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬نعمة ال عليك ‪ ،‬إذ يكر الشركون لليقاع بك ‪ :‬إما‬ ‫بأن يبسوك ‪ ،‬وإما بأن يقتلوك ‪ ،‬وإما بأن يرجوك ‪ .‬إنم يدبرون لك التدبي السيئ ‪،‬‬ ‫وال تعال يدبر لك الروج من شرهم ‪ ،‬وتدبي ال هو الي وهو القوى والغالب ‪.‬‬ ‫ي الَْأ ّولِيَ‬ ‫وَِإذَا تُتْلَى عَلَ ْي ِهمْ َآيَاتُنَا قَالُوا قَ ْد سَ ِمعْنَا َل ْو َنشَا ُء َلقُلْنَا مِ ْثلَ َهذَا إِ ْن َهذَا ِإلّا َأسَاطِ ُ‬ ‫ح ّق ِمنْ عِ ْندِ َك َفأَمْ ِطرْ عَلَ ْينَا حِجَا َر ًة ِمنَ السّمَاءِ‬ ‫(‪ )31‬وَِإ ْذ قَالُوا ال ّل ُهمّ إِنْ كَا َن َهذَا ُهوَ الْ َ‬ ‫ت فِي ِهمْ َومَا كَا َن ال ّلهُ مُ َع ّذبَ ُهمْ‬ ‫أَ ِو ائْتِنَا ِب َعذَابٍ أَلِيمٍ (‪َ )32‬ومَا كَا َن ال ّلهُ لُِي َع ّذبَ ُه ْم وََأنْ َ‬ ‫حرَا ِم َومَا‬ ‫ج ِد الْ َ‬ ‫صدّونَ َع ِن الْ َمسْ ِ‬ ‫وَ ُه ْم َيسْتَ ْغ ِفرُونَ (‪َ )33‬ومَا َل ُهمْ َألّا ُي َع ّذبَ ُهمُ ال ّل ُه وَ ُه ْم يَ ُ‬ ‫كَانُوا أَ ْولِيَا َء ُه إِنْ أَ ْولِيَا ُؤ ُه ِإلّا الْمُّتقُو َن َولَ ِك ّن أَكَْثرَ ُه ْم لَا َيعْلَمُونَ (‪ )34‬وَمَا كَانَ صَلَاُتهُمْ‬ ‫صدَِيةً فَذُوقُوا اْل َعذَابَ بِمَا ُكنُْتمْ َت ْكفُرُونَ (‪)35‬‬ ‫ت ِإلّا مُكَا ًء َوتَ ْ‬ ‫عِ ْن َد الْبَيْ ِ‬ ‫‪ -31‬واذكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬معاندة الشركي عندما كنت تقرأ عليهم آيات القرآن‬ ‫الكري ‪ ،‬وهى آياتنا ‪ ،‬فيذهب بم فرط الهل والغرور إل أن يقولوا ‪ :‬لو أردنا أن‬ ‫نقول مثل هذا القرآن لقلنا ‪ ،‬فما هو إل ما سطره الولون من قصص ‪.‬‬ ‫‪ -32‬واذكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬كيف ذهبوا ف مادّتك ومادّة ال أن قالوا معاندين‬ ‫موجهي النداء ل ربم ‪ :‬إن كان ما تئ به هو المر الثابت ‪ ،‬فاجعل السماء تطر‬ ‫حجارة ‪ ،‬أو أنزل عذابا شديدا أليما ‪.‬‬ ‫‪ -33‬وما كان من حكمة ال تعال أن يعذبم ف الدنيا بعذاب شديد وأنت فيهم تدعو‬ ‫إل الق راجيا إجابتهم ‪ ،‬وما كان من شأن ال أن يعذب العصاة وهم يستغفرونه‬ ‫ويقلعون عما هم فيه ‪.‬‬ ‫‪ -34‬وإن حالم القائمة الن تسوغ تعذيبهم ‪ ،‬لنم ينعون الناس من السجد الذى‬ ‫حرم ال القتال حوله ‪ ،‬ولكن يؤخرهم ال لا قدّره ف علمه من إيان الكثيين منهم ‪،‬‬ ‫وإنم ف حالم هذه ليسوا نصراء ذلك السجد الكرم ‪ ،‬لنم دنّسوه بالوثنية ‪ ،‬وإنا‬ ‫نصراؤه القيقيون هم الؤمنون الطائعون ل ‪ ،‬ولكن أكثر الشركي ل يعلمون الدين ‪،‬‬ ‫ول مقام ذلك البيت الكري ‪.‬‬ ‫‪ -35‬وما كان دعاؤهم وتضرعهم عند هذا البيت العظيم إل صفيا وصفقا باليدى ‪،‬‬ ‫‪50‬‬

‫وإذا كانت تلك حالكم فتلقوا الوت وذوقوه ف ميدان القتال ‪ ،‬ليناح الشرك عن‬ ‫البيت ‪ ،‬وذلك القتل فيكم بسبب كفركم ‪.‬‬ ‫صدّوا َع ْن سَبِيلِ ال ّلهِ َفسَيُ ْن ِفقُوَنهَا ُث ّم تَكُونُ عَلَ ْي ِهمْ‬ ‫إِنّ اّلذِينَ َك َفرُوا يُ ْن ِفقُو َن َأمْوَالَ ُه ْم لِيَ ُ‬ ‫ث ِمنَ‬ ‫شرُونَ (‪ )36‬لِيَمِي َز اللّ ُه الْخَبِي َ‬ ‫حَ‬ ‫َحسْ َر ًة ُثمّ ُيغْلَبُونَ وَاّلذِينَ َك َفرُوا إِلَى َجهَّنمَ يُ ْ‬ ‫ك هُمُ‬ ‫جعَ َل ُه فِي َجهَنّ َم أُولَِئ َ‬ ‫ض فََيرْكُ َمهُ جَمِيعًا فَيَ ْ‬ ‫ضهُ عَلَى َبعْ ٍ‬ ‫ث َبعْ َ‬ ‫ج َع َل الْخَبِي َ‬ ‫ب وَيَ ْ‬ ‫الطّيّ ِ‬ ‫ف َوإِنْ يَعُودُوا فَ َقدْ‬ ‫الْخَا ِسرُونَ (‪ُ )37‬ق ْل لِ ّلذِينَ َك َفرُوا إِنْ يَنَْتهُوا ُي ْغ َفرْ َل ُهمْ مَا َقدْ سَلَ َ‬ ‫ت سُّنةُ اْلأَ ّولِيَ (‪َ )38‬وقَاتِلُو ُهمْ حَتّى لَا َتكُو َن فِتَْن ٌة وََيكُو َن الدّينُ كُّل ُه لِ ّلهِ َفإِ ِن انَْتهَوْا‬ ‫مَضَ ْ‬ ‫َفإِنّ ال ّلهَ بِمَا َيعْمَلُو َن بَصِيٌ (‪ )39‬وَإِ ْن َت َولّوْا فَاعْ َلمُوا أَ ّن اللّ َه َموْلَا ُكمْ نِ ْعمَ الْ َم ْولَى َوِنعْمَ‬ ‫النّصِيُ (‪)40‬‬ ‫‪ -36‬إن هؤلء الذين جحدوا باليات وأشركوا بال ‪ ،‬ينفقون أموالم ليمنعوا الناس‬ ‫عن اليان بالق ‪ ،‬وهم سينفقونا ‪ ،‬ث تكون الموال بسبب ضياعها عليهم من غي‬ ‫جدوى موجب ًة للندم والل ‪ ،‬وسيغلبون ف ميدان القتال ف الدنيا ‪ ،‬ث يمعون إل‬ ‫جهنم ف الخرة إن استمروا على كفرهم ‪.‬‬ ‫‪ -37‬وإن الزية ف الدنيا ‪ ،‬والعذاب بالنار ف الخرة ‪ ،‬ليفصل ال خبيث النفس‬ ‫والفعل والقول عن الطيب ف نفسه وقلبه وقوله وفعله ‪ ،‬وليجعل البيث بعضه فوق‬ ‫بعض ‪ ،‬فيجمعه ويضم أجزاءه ويعله ف النار يوم القيامة ‪ ،‬وأولئك الشركون‬ ‫الفسدون هم الاسرون ‪ -‬وحدهم ‪ -‬ف الدنيا والخرة ‪.‬‬ ‫‪ -38‬وإن باب الرجاء مفتوح مع هذا الترهيب ‪ ،‬فقل ‪ -‬يا نب الرحة ‪ -‬لؤلء‬ ‫الاحدين ‪ :‬إنم إن ينتهوا عن العناد والشراك فإن ال يغفر لم ما سبق من أعمالم ‪.‬‬ ‫وإن استمروا على ضللم وعادوا إل قتالكم فقد تقررت الطريقة القة ف الولي ‪،‬‬ ‫وهى نصر الق على الباطل إن التزم أهل الق الطاعة وسبيل النصر ‪.‬‬ ‫‪ -39‬واستمروا ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬ف قتال الشركي حت يتنعوا عن إفسادهم لعقائد‬ ‫الؤمني بالضطهاد والذى ‪ ،‬فإن انتهوا عن الكفر وإيذاء الؤمني ‪ ،‬وخلص الدين‬ ‫ل ‪ ،‬فإن ال تعال عليم بأعمالم ومازيهم عليها ‪.‬‬ ‫‪51‬‬

‫‪ -40‬وإن استمروا على إعراضهم وإيذائهم للمؤمني ‪ ،‬فاعلموا ‪ -‬أيها الؤمنون ‪-‬‬ ‫أنكم ف ولية ال ‪ ،‬وهى أحب ولية وأقواها ‪ ،‬وهو ناصركم ‪ ،‬ونصرته أقوى نصرة‬ ‫وأعظمها ‪.‬‬ ‫س ُه وَلِل ّرسُولِ َوِلذِي اْل ُقرْبَى وَالْيَتَامَى‬ ‫وَاعْ َلمُوا َأنّمَا غَنِمُْت ْم ِمنْ شَيْ ٍء َفأَ ّن لِ ّلهِ خُ ُم َ‬ ‫ي وَابْ ِن السّبِيلِ إِنْ كُنُْتمْ َآمَنُْتمْ بِاللّ ِه َومَا َأْنزَلْنَا عَلَى عَ ْب ِدنَا َيوْ َم الْ ُف ْرقَا ِن َيوْمَ‬ ‫وَالْ َمسَاكِ ِ‬ ‫الْتَقَى الْجَ ْمعَا ِن وَال ّلهُ عَلَى ُك ّل شَيْ ٍء َقدِيرٌ (‪ِ )41‬إ ْذ َأنْتُ ْم بِاْل ُعدْ َو ِة ال ّدنْيَا َو ُهمْ بِالْ ُع ْد َوةِ‬ ‫صوَى وَالرّكْبُ أَ ْس َفلَ مِ ْن ُكمْ َوَلوْ َتوَا َعدُْتمْ لَاخْتَ َلفْتُ ْم فِي الْمِيعَادِ َولَ ِك ْن لَِيقْضِ َي اللّهُ‬ ‫الْقُ ْ‬ ‫ك َمنْ هَ َلكَ َع ْن بَيَّنةٍ َويَحْيَى َمنْ َحيّ َعنْ بَيَّن ٍة َوإِنّ ال ّل َه َلسَمِيعٌ‬ ‫َأمْرًا كَا َن مَ ْفعُولًا لَِيهْلِ َ‬ ‫عَلِيمٌ (‪ِ )42‬إذْ ُيرِي َك ُهمُ ال ّلهُ فِي مَنَا ِمكَ قَلِيلًا َوَلوْ أَرَا َك ُهمْ َكثِيًا لَ َفشِلُْت ْم وَلَتَنَازَعُْت ْم فِي‬ ‫صدُورِ (‪)43‬‬ ‫الَْأ ْمرِ َولَ ِك ّن اللّ َه سَ ّلمَ ِإّنهُ عَلِي ٌم بِذَاتِ ال ّ‬ ‫‪ -41‬واعلموا ‪ -‬أيها السلمون ‪ -‬أن ما ظفرت به من مال الكفار فحكمه ‪ :‬أن يقسم‬ ‫خسة أخاس ‪ ،‬خُمس منها ل وللرسول ولقرابة النب واليتامى ‪ :‬وهم أطفال السلمي‬ ‫الذين مات آباؤهم وهم فقراء ‪ ،‬والساكي ‪ ،‬وهم ذوو الاجة من السلمي ‪ ،‬وابن‬ ‫السبيل ‪ :‬وهو النقطع ف سفره الباح ‪ .‬والخصص من خُمس الغنيمة ل وللرسول‬ ‫يرصد للمصال العامة الت يقررها الرسول ف حياته ‪ ،‬والمام بعد وفاته ‪ ،‬وباقى‬ ‫الُمس يصرف للمذكورين ‪ .‬أما الخاس الربعة الباقية من الغنيمة ‪ -‬وسكتت عنها‬ ‫الية ‪ -‬فهى للمقاتلي ‪ ،‬فاعلموا ذلك ‪ ،‬واعملوا به إن كنتم آمنتم بال حقا ‪ ،‬وآمنتم‬ ‫با أنزل على عبدنا ممد من آيات التثبيت والدد ‪ ،‬يوم الفرقان الذى فرّقنا فيه بي‬ ‫الكفر واليان ‪ ،‬وهو اليوم الذى التقى فيه جعكم وجع الكافرين ببدر ‪ ،‬وال عظيم‬ ‫القدرة على كل شئ ‪ ،‬وقد نصر الؤمني مع قلتهم ‪ ،‬وخذل الكافرين مع كثرتم ‪.‬‬ ‫‪ -42‬واذكروا حي كنتم ف الوادى بأقرب الانبي من الدينة ‪ ،‬وهم بأبعد الانبي ‪،‬‬ ‫وركْب التجارة الذى تطلبونه أقرب إليكم ما يلى البحر ‪ ،‬ولو تواعدت أنتم على‬ ‫التلقى للقتال لا اتفقتم عليه ‪ ،‬ولكن ال دبر تلقيكم على غي موعد ول رغبة منهم ‪.‬‬ ‫لينفذ أمرا كان ثابتا ف علمه أنه واقع ل مالة ‪ ،‬وهو القتال الؤدى إل نصركم‬ ‫‪52‬‬

‫وهزيتهم ‪ ،‬لتنقطع الشبهات ‪ ،‬فيهلك الالكون عن حُجة بينة بالشاهدة ‪ :‬وهى هزية‬ ‫الكثرة الكافرة ‪ ،‬وييا الؤمنون عن حجة بينة ‪ :‬وهى نصر ال للقلة الؤمنة ‪ .‬إن ال‬ ‫لسميع عليم ل يفى عليه شئ من أقوال الفريقي ول نياتم ‪.‬‬ ‫‪ -43‬واذكر ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬حي تفضل ال عليك ‪ ،‬فصور لك ف منامك جيش‬ ‫العداء ف قلة ليطمئنكم على أنكم ستغلبونم ‪ ،‬فتثبتوا أمام جعهم ولو ترككم ترونم‬ ‫كثيا دون أن يثبتكم بذه الرؤيا لبتموهم ‪ ،‬ولترددت ف قتالم ‪ ،‬ولعجزت ‪ ،‬وكان‬ ‫التنازع ف القدام وعدمه ‪ ،‬ولكن ال سلم من ذلك ونّى من عواقبه ‪ ،‬إنه عليم با ف‬ ‫القلوب الت ف الصدور ‪.‬‬ ‫وَِإ ْذ ُيرِيكُمُو ُه ْم ِإذِ الَْتقَيُْتمْ فِي أَ ْعيُِنكُ ْم قَلِيلًا وَُيقَلّ ُلكُ ْم فِي أَعْيُِن ِه ْم لَِيقْضِ َي ال ّلهُ َأ ْمرًا كَانَ‬ ‫َمفْعُولًا وَِإلَى ال ّلهِ ُت ْرجَ ُع الُْأمُورُ (‪ )44‬يَا أَّيهَا اّلذِينَ َآمَنُوا ِإذَا لَقِيُت ْم فَِئةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا‬ ‫اللّهَ كَثِيًا َلعَ ّلكُ ْم ُتفْلِحُونَ (‪َ )45‬وأَطِيعُوا ال ّلهَ وَ َرسُوَلهُ َولَا تَنَازَعُوا فََتفْشَلُوا َوَتذْهَبَ‬ ‫رِ ُي ُكمْ وَاصِْبرُوا إِ ّن ال ّلهَ مَ َع الصّابِرِينَ (‪َ )46‬ولَا َتكُونُوا كَاّلذِي َن خَ َرجُوا ِمنْ ِديَا ِرهِمْ‬ ‫صدّونَ َع ْن سَبِيلِ ال ّلهِ وَال ّلهُ بِمَا َيعْمَلُونَ ُمحِيطٌ (‪)47‬‬ ‫س وَيَ ُ‬ ‫بَ َطرًا وَ ِرئَاءَ النّا ِ‬ ‫‪ -44‬واذكر ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬حينما كان ال يريكم أعداءكم عند التلقى قلة ف‬ ‫أعينكم ‪ ،‬كما يظهركم ال ف أعي أعدائكم قلة ‪ ،‬ولا ف أنفسهم من الغرور بالكثرة ‪،‬‬ ‫ليقدم كل منكم على قتال الخر ‪ ،‬فيتم تنفيذ أمر علمه ال ‪ ،‬وكان ل بد أن يتم ‪،‬‬ ‫وإل ال ترجع أمور العال كله ‪ ،‬فل ينفذ إل ما قضاه وهيأ أسبابه ‪.‬‬ ‫‪ -45‬يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم جاعة مقاتلة من أعدائكم فاثبتوا ول تفروا ‪،‬‬ ‫واذكروا ال متمثلي قدرته وحسن وعده بنصر الؤمني ‪ ،‬مكثرين ف ذلك الذكر مع‬ ‫الثبات والصب ‪ ،‬فإنكم إن فعلتم ذلك كان رجاؤكم للفلح مققا ‪.‬‬ ‫‪ -46‬وأطيعوا ال ورسوله فيما أمرت به أو نيتم عنه ‪ ،‬ودعوا التنازع والختلف ‪،‬‬ ‫فإنما مدعاة إل ضياع القوة وإل العجز ‪ ،‬واصبوا على ما تلقون من مكاره الرب ‪،‬‬ ‫فإن ال مع الصابرين بالعون والتأييد والتثبيت وحسن الزاء ‪.‬‬ ‫‪ -47‬ول تكونوا كأولئك الذين خرجوا من ديارهم ‪ ،‬مغرورين با لم من قوة‬ ‫‪53‬‬

‫ونعمة ‪ ،‬مفاخرين ومتظاهرين بما أمام الناس ‪ ،‬يريدون الثناء عليهم بالشجاعة‬ ‫والغلبة ‪ ،‬وهم بذلك يصدون عن سبيل ال والسلم ‪ ،‬وال ميط بأعمالم علما‬ ‫وقدرة ‪ ،‬وسوف يازيهم عليها ف الدنيا والخرة ‪.‬‬ ‫ب َلكُ ُم الَْيوْمَ مِ َن النّاسِ َوِإنّي جَا ٌر َلكُ ْم فَلَمّا‬ ‫وَِإذْ َزّينَ َل ُهمُ الشّيْطَا ُن أَعْمَاَل ُهمْ َوقَا َل لَا غَالِ َ‬ ‫ت الْفِئَتَا ِن َنكَصَ عَلَى َعقِبَ ْيهِ َوقَا َل ِإنّي َبرِي ٌء مِ ْن ُكمْ ِإنّي أَرَى مَا لَا َت َروْنَ ِإنّي َأخَافُ‬ ‫َترَا َء ِ‬ ‫اللّ َه وَال ّل ُه شَدِيدُ اْلعِقَابِ (‪ِ )48‬إ ْذ َيقُولُ الْمُنَا ِفقُو َن وَاّلذِي َن فِي قُلُوِبهِ ْم َمرَضٌ َغ ّر هَ ُؤلَاءِ‬ ‫دِينُ ُه ْم وَ َم ْن يََتوَ ّكلْ َعلَى ال ّلهِ َفإِ ّن ال ّلهَ َعزِي ٌز حَكِيمٌ (‪َ )49‬وَلوْ َترَى إِ ْذ يََت َوفّى الّذِينَ‬ ‫ك بِمَا‬ ‫حرِيقِ (‪َ )50‬ذلِ َ‬ ‫ب الْ َ‬ ‫ض ِربُو َن ُوجُوهَ ُه ْم وََأ ْدبَارَ ُهمْ وَذُوقُوا َعذَا َ‬ ‫َك َفرُوا الْمَلَاِئكَ ُة يَ ْ‬ ‫س بِظَلّا ٍم لِ ْلعَبِيدِ (‪َ )51‬ك َدْأبِ َآلِ ِفرْ َعوْ َن وَاّلذِي َن ِمنْ قَبْ ِلهِمْ‬ ‫ت َأْيدِيكُ ْم َوأَنّ ال ّل َه لَيْ َ‬ ‫َقدّمَ ْ‬ ‫ت اللّ ِه َفأَ َخ َذهُ ُم ال ّلهُ ِب ُذنُوِبهِ ْم إِ ّن اللّ َه َقوِيّ َشدِي ُد الْ ِعقَابِ (‪)52‬‬ ‫َك َفرُوا بِ َآيَا ِ‬ ‫‪ -48‬واذكروا ‪ -‬أيها السلمون ‪ -‬حينما َحسّن الشيطان لؤلء الشركي أعمالم‬ ‫بوسوسته قائل لم ‪ :‬إنه ل يستطيع أحد من الناس أن يغلبهم ‪ ،‬ويؤكد لم أنه مي‬ ‫لم ‪ ،‬فلما تقابل الفريقان ف الرب بطل كيده ووسوسته ورجع مدبرا ‪ ،‬وتبأ منهم ‪،‬‬ ‫وخاف أن يهلكه ال ‪ ،‬وال شديد العقاب على الذنوب ‪.‬‬ ‫‪ -49‬واذكر ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬حينما يقول النافقون من الكفار وضعفاء اليان عند‬ ‫رؤيتكم ف إقدامكم وثباتكم ‪ :‬غرّ هؤلء السلمي دينهم ‪ ،‬وإن َمنْ وكل إل ال أمره‬ ‫مؤمنا به معتمدا عليه ‪ ،‬فإن ال يكفيه ما أهه ‪ ،‬وينصره على أعدائه ‪ ،‬لن ال قوى‬ ‫السلطان حكيم ف تدبيه ‪.‬‬ ‫‪ -50‬ولو ترى ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬ذلك الول الطي ‪ ،‬الذى ينل بؤلء الكفار حي‬ ‫تتوفاهم اللئكة فينعون أرواحهم ‪ ،‬وهم يضربونم من أمام ومن خلف ‪ ،‬ويقولون‬ ‫لم ‪ :‬ذوقوا عذاب النار بسبب أفعالكم السيئة ‪.‬‬ ‫‪ -51‬وإ ّن ال ليس ظالا لعبيده ف تعذيبهم على ما ارتكبوه ‪ ،‬بل ذلك هو العدل ‪،‬‬ ‫لنه ل يستوى السئ والحسن ‪ ،‬فعقابه على ما اقترفوا من أعمال سيئة ‪.‬‬ ‫‪ -52‬إ ّن عادة هؤلء الشركي وشأنم ف الكفر ‪ ،‬كشأن الفراعنة وسائر العتاة من‬ ‫‪54‬‬

‫قبلهم ‪ .‬جحودا منهم بآيات ال ‪ ،‬فعذبم ال على ذنوبم ‪ ،‬وهو غي ظال لم إنّ ال‬ ‫قوى ف تنفيذ حكمه ‪ ،‬شديد الجازاة لن يستحق عقابه ‪.‬‬ ‫س ِهمْ َوأَ ّن اللّهَ‬ ‫ك ِبأَنّ ال ّلهَ َل ْم َيكُ ُمغَّيرًا ِنعْ َمةً َأْنعَ َمهَا عَلَى َقوْ ٍم حَتّى ُيغَّيرُوا مَا ِبَأنْ ُف ِ‬ ‫َذلِ َ‬ ‫سَمِيعٌ َعلِيمٌ (‪َ )53‬ك َدْأبِ َآلِ ِفرْ َعوْ َن وَاّلذِي َن ِمنْ قَبْ ِلهِمْ َك ّذبُوا ِبآَيَاتِ َرّب ِهمْ َفَأهْلَكْنَاهُمْ‬ ‫ِبذُنُوِب ِهمْ َوأَ ْغ َرقْنَا َآلَ ِفرْ َعوْ َن وَ ُكلّ كَانُوا ظَالِمِيَ (‪ )54‬إِ ّن شَ ّر ال ّدوَابّ عِ ْن َد ال ّلهِ اّلذِينَ‬ ‫َك َفرُوا َفهُ ْم لَا ُي ْؤمِنُونَ (‪ )55‬اّلذِينَ عَاهَ ْدتَ مِ ْنهُ ْم ُثمّ يَ ْنقُضُونَ َع ْهدَ ُه ْم فِي ُك ّل َم ّرةٍ َو ُهمْ‬ ‫ب َفشَ ّر ْد ِبهِ ْم َمنْ خَ ْل َف ُهمْ َلعَ ّل ُهمْ َيذّ ّكرُونَ (‪)57‬‬ ‫ح ْر ِ‬ ‫لَا يَّتقُونَ (‪َ )56‬فإِمّا تَثْ َقفَّن ُهمْ فِي الْ َ‬ ‫‪ -53‬وهذا عدل ف الزاء ‪ ،‬بسبب أن ال ل يُغي نعمة أنعم با على قوم ‪ ،‬كنعمة‬ ‫المن والرخاء والعافية ‪ ،‬حت يُغَيّروا هم ما بأنفسهم من الحوال والسباب ‪ ،‬وإنّ ال‬ ‫سيع لا يقولون عليم با يفعلون ‪.‬‬ ‫‪ -54‬وكما أن دأب هؤلء ف النكار ليات ال ونعمه كدأب آل فرعون والذين من‬ ‫قبلهم فإن دأبم وشأنم ف الستمرار على التكذيب برسله ودلئل نبوتم ‪ ،‬كدأب آل‬ ‫فرعون والذين من قبلهم فالشبه بينهم ف الكفر باليات ‪ ،‬وجحود رسالة الرسل‬ ‫ل أخذ اللّه بذنبه أولئك بالصواعق والرياح‬ ‫وتكذيبهم ‪ ،‬وف الستمرار على ذلك ‪ .‬فك ّ‬ ‫ونوها ‪ ،‬وآل فرعون بالغرق ‪ ،‬وكلهم كانوا ظالي لنفسهم ‪ ،‬واستحقوا ما نزل بم‬ ‫من العقاب ‪.‬‬ ‫‪ -55‬إن شَر ما يدب على وجه الرض عند اللّه ف حكمه وعدله ‪ ،‬هم الكفار‬ ‫الصرون على كفرهم ‪.‬‬ ‫‪ -56‬الذين عقدت معهم العهود والواثيق ‪ ،‬ول يزالون ينقضونا مرة بعد مرة ‪ ،‬وهم‬ ‫اليهود ل يردعهم عن ذلك تعظيم ل ‪ ،‬ول خوف من نقمته وعذابه ‪.‬‬ ‫‪ -57‬فإن تدرك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬هؤلء الناقضي لعهدهم ‪ ،‬وتصادفهم ف الرب‬ ‫ظافرا بم ‪ ،‬فنكل بم تنكيل يسوؤهم وييف َمنْ وراءهم ‪ ،‬فتفرق جوعهم م ْن خلفهم‬ ‫‪ .‬فذلك التنكيل أرجى لتذكيهم بنقض العهود ‪ ،‬ولدفع غيهم عن الوقوع ف مثل ما‬ ‫وقع فيه هؤلء ‪.‬‬ ‫‪55‬‬

‫ب الْخَائِنِيَ (‪َ )58‬ولَا‬ ‫ح ّ‬ ‫وَِإمّا تَخَا َف ّن ِمنْ َقوْ ٍم خِيَاَن ًة فَانِْب ْذ إِلَ ْي ِهمْ عَلَى سَوَا ٍء إِ ّن اللّ َه لَا يُ ِ‬ ‫جزُونَ (‪ )59‬وَأَ ِعدّوا َل ُهمْ مَا اسْتَطَعُْت ْم ِمنْ ُق ّوةٍ‬ ‫حسََبنّ اّلذِينَ َك َفرُوا سََبقُوا إِّن ُهمْ لَا ُيعْ ِ‬ ‫يَ ْ‬ ‫وَ ِمنْ ِربَاطِ الْخَ ْي ِل ُترْهِبُو َن ِبهِ َعدُ ّو ال ّلهِ وَ َع ُدوّ ُكمْ وَ َآ َخرِي َن ِمنْ دُوِنهِ ْم لَا َتعْلَمُوَنهُ ُم اللّهُ‬ ‫ف ِإلَيْ ُك ْم وََأنُْتمْ لَا تُظْلَمُونَ (‪َ )60‬وإِنْ‬ ‫َيعْلَ ُمهُ ْم َومَا تُ ْن ِفقُوا ِم ْن شَيْ ٍء فِي سَبِيلِ ال ّلهِ ُيوَ ّ‬ ‫ح َلهَا َوتَوَ ّكلْ عَلَى ال ّلهِ ِإّنهُ ُهوَ السّمِيعُ اْلعَلِيمُ (‪)61‬‬ ‫جَنَحُوا لِلسّ ْلمِ فَاجْنَ ْ‬ ‫‪ -58‬وإن تتوقع من قوم خيانة بأمارات تنبئ بنقضهم لا بينك وبينهم من العهد ‪،‬‬ ‫فاقطع عليهم طريق اليانة لك ‪ ،‬بأن تعلن فسخك لعهدهم ‪ ،‬حت يكونوا على علم‬ ‫بأمرك ‪ ،‬وحت ل يستطيعوا خيانتك ‪ ،‬إن اللّه ليب الائني ول يرضى أن توصفوا‬ ‫بوصفهم ‪.‬‬ ‫‪ -59‬ول يظن الذين كفروا أنم سبقوا ونوا من عاقبة خيانتهم وغدرهم ‪ .‬إنم ل‬ ‫يعجزون اللّه عن الحاطة بم ‪ ،‬بل هو القادر ‪ -‬وحده ‪ -‬وسيجزيهم بقوته وعدله ‪.‬‬ ‫‪ -60‬وأعدوا ‪ -‬يا معشر السلمي ‪ -‬لواجهة أعدائكم ما استطعتم من قوة حربية‬ ‫شاملة لميع عتاد القتال ‪ ،‬من الرابطي ف الثغور وأطراف البلد بيلهم ‪ ،‬لتخيفوا‬ ‫بذا العداد والرباط عدو اللّه وعدوكم من الكفار التربصي بكم الدوائر ‪ ،‬وتيفوا‬ ‫آخرين ل تعلمونم الن واللّه يعلمهم ‪ .‬لنه ل يفى عليه شئ ‪ .‬وكل ما أنفقتم من‬ ‫شئ ف سبيل إعداد القوة قاصدين به وجه اللّه ‪ ،‬فإن اللّه يزيكم عليه جزاء وافيا ‪،‬‬ ‫دون أن ينقصهم مثقال ذرة ما تستحقون من فضل ربكم ‪.‬‬ ‫‪ -61‬وإن مآل العداء عن جانب الرب إل جانب السلم ‪ ،‬فاجنح لا ‪ -‬أيها‬ ‫الرسول ‪ -‬فليست الرب غرضا مقصودا لذاته عندك إنا أنت قاصد با الدفاع‬ ‫لعدوانم ‪ ،‬وتديهم لدعوتك ‪ .‬فاقبل السلم منهم ‪ ،‬وتوكل على اللّه ‪ ،‬ول تف‬ ‫كيدهم ومكرهم إنه سبحانه هو السميع لا يتشاورون به ‪ ،‬العليم با يدبرون‬ ‫ويأترون ‪ ،‬فل يفى عليه شئ ‪.‬‬ ‫ص ِرهِ َوبِالْ ُم ْؤمِنِيَ (‪)62‬‬ ‫ك اللّ ُه ُهوَ اّلذِي َأّيدَ َك بِنَ ْ‬ ‫خدَعُو َك َفإِ ّن َحسْبَ َ‬ ‫وَإِ ْن ُيرِيدُوا أَ ْن يَ ْ‬ ‫ض جَمِيعًا مَا َأّلفْتَ بَ ْينَ قُلُوبِ ِه ْم وََل ِكنّ ال ّلهَ َألّفَ‬ ‫ت مَا فِي الْأَرْ ِ‬ ‫ف بَ ْينَ قُلُوِبهِ ْم َلوْ َأْنفَقْ َ‬ ‫وََألّ َ‬ ‫‪56‬‬

‫ك ِمنَ الْ ُم ْؤمِنِيَ (‪)64‬‬ ‫ك ال ّلهُ َو َمنِ اتَّبعَ َ‬ ‫بَيَْنهُ ْم ِإّنهُ َعزِي ٌز حَكِيمٌ (‪ )63‬يَا َأّيهَا النّبِ ّي َحسْبُ َ‬ ‫شرُونَ صَاِبرُونَ َيغْلِبُوا مِائَتَ ْينِ‬ ‫يَا َأّيهَا النّبِ ّي َحرّضِ الْ ُم ْؤمِنِيَ عَلَى اْلقِتَالِ إِنْ َي ُكنْ مِ ْن ُكمْ ِع ْ‬ ‫وَإِ ْن َي ُكنْ مِ ْن ُكمْ مَِئ ٌة َيغْلِبُوا أَْلفًا ِم َن الّذِينَ َك َفرُوا ِبَأنّ ُه ْم َقوْمٌ لَا َيفْ َقهُونَ (‪ )65‬اْلآَنَ َخفّفَ‬ ‫ضعْفًا َفإِنْ َي ُكنْ مِ ْن ُكمْ مَِئةٌ صَاِب َرةٌ َيغْلِبُوا مِائَتَ ْينِ َوإِ ْن يَ ُكنْ‬ ‫اللّهُ عَ ْن ُكمْ وَعَ ِلمَ أَ ّن فِي ُكمْ َ‬ ‫مِنْ ُك ْم َألْفٌ َيغْلِبُوا َألْفَ ْي ِن ِبإِذْ ِن ال ّلهِ وَال ّلهُ مَ َع الصّابِرِينَ (‪)66‬‬ ‫‪ -62‬وإن أرادوا من تظاهرهم بالنوح إل السلم خدعة ومكرا بك ‪ ،‬فإن اللّه يكفيك‬ ‫أمرهم من كل وجه ‪ ،‬وقد سبق له أن أيدك بنصره ‪ ،‬حي هيأ لك من السباب‬ ‫الظاهرة والفية ما ثبت به قلوب الؤمني من الهاجرين والنصار ‪.‬‬ ‫‪ -63‬وجع بينهم على الحبة بعد التفرق والتعادى ‪ ،‬فأصبحوا ملتقي حولك ‪ ،‬باذلي‬ ‫أرواحهم وأموالم ف سبيل دعوتك ‪ ،‬وإنك لو أنفقت جيع ما ف الرض من الموال‬ ‫والنافع ‪ -‬ف سبيل هذا التأليف ‪ -‬لا أمكنك أن تصل إليه ‪ ،‬لن القلوب بيد اللّه ‪،‬‬ ‫ف بينهم ‪ ،‬بدايتهم إل اليان والحبة والخاء ‪ ،‬وإنه تعال قوى غالب ‪،‬‬ ‫ولكن اللّه أل ّ‬ ‫يدبر أمر العباد على مقتضى ما ينفعهم ‪.‬‬ ‫‪ -64‬يأيها النب كفاك وكفى أتباعك الؤمني أن اللّه لكم ناصرا ومؤيدا ‪.‬‬ ‫‪ -65‬يأيها النب حث الؤمني على القتال لعلء كلمة اللّه ورغبهم فيما وراءه من‬ ‫خي الدنيا والخرة ‪ ،‬لتقوى بذلك نفوسهم ‪ ،‬وإنه إن يوجد منكم عشرون معتصمون‬ ‫باليان والصب والطاعة ‪ ،‬يغلبوا مائتي من الذين كفروا ‪ ،‬ذلك بأنم قوم ل يدركون‬ ‫حقائق المور ‪ ،‬فليس لم إيان ول صب ول مطمع ف ثواب ‪.‬‬ ‫‪ -66‬وإذا كان واجبكم ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬أن تصبوا على ملقاة أعدائكم ف حال‬ ‫قوتكم ‪ ،‬ولو كانوا أمثالكم ‪ ،‬فقد رخَص اللّه لكم ف غي حال القوة أن تصبوا أمام‬ ‫مثليكم فقط من العداء لعلمه أن فيكم ضعفا يقتضى التيسي عليكم والترخيص‬ ‫لكم ‪ ،‬بعد أن تثبت هيبة السلم ف نفوس الكفار ‪ ،‬فإن يكن منكم مائة ماهد صابر‬ ‫يغلبوا مائتي من الكفار ‪ ،‬وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفي بإرادة اللّه ومعونته ‪ ،‬واللّه‬ ‫مع الصابرين بنصره وتأييده ‪.‬‬ ‫‪57‬‬

‫ض ال ّدنْيَا وَال ّلهُ ُيرِيدُ‬ ‫ض ُترِيدُونَ َعرَ َ‬ ‫خ َن فِي اْلأَرْ ِ‬ ‫مَا كَا َن لِنَِب ّي أَنْ يَكُونَ لَ ُه َأسْرَى حَتّى يُثْ ِ‬ ‫س ُكمْ فِيمَا َأ َخذُْتمْ َعذَابٌ‬ ‫الْ َآخِ َر َة وَال ّلهُ َعزِيزٌ َحكِيمٌ (‪َ )67‬ل ْولَا كِتَابٌ ِم َن اللّ ِه سََبقَ لَ َم ّ‬ ‫عَظِيمٌ (‪ )68‬فَكُلُوا مِمّا َغنِمُْت ْم حَلَالًا طَيّبًا وَاّتقُوا ال ّل َه إِ ّن اللّهَ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪ )69‬يَا أَّيهَا‬ ‫النّبِ ّي ُقلْ لِ َم ْن فِي أَْيدِي ُكمْ ِم َن الَْأ ْسرَى إِ ْن َيعْ َلمِ ال ّلهُ فِي قُلُوِب ُكمْ خَ ْيرًا ُي ْؤتِ ُكمْ خَ ْيرًا مِمّا‬ ‫ك َفقَ ْد خَانُوا ال ّلهَ ِمنْ‬ ‫أُ ِخ َذ مِنْ ُك ْم وََي ْغفِ ْر َلكُ ْم وَال ّلهُ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪ )70‬وَإِ ْن ُيرِيدُوا خِيَانَتَ َ‬ ‫قَ ْبلُ َفَأمْ َك َن مِ ْنهُ ْم وَال ّلهُ عَلِي ٌم َحكِيمٌ (‪)71‬‬ ‫‪ -67‬ل يسوغ لحد من النبياء أن يكون له أسرى يتجزهم ‪ ،‬أو يأخذ منهم‬ ‫الفداء ‪ ،‬أو ين عليهم بالعفو عنهم حت يتغلب ويظهر على أعدائه ‪ ،‬ويثقلهم‬ ‫بالراح ‪ ،‬فل يستطيعون قتال ف الرض ‪ ،‬ولكنكم ‪ -‬يا جاعة السلمي ‪ -‬سارعتم ف‬ ‫غزوة بدر إل اتاذ السرى قبل التمكن ف الرض ‪ ،‬تريدون منافع الدنيا واللّه يريد‬ ‫لكم الخرة بإعلء كلمة الق ‪ ،‬وعدم اللتفاف إل ما يشغلكم عن الدنيا ‪ ،‬واللّه قوى‬ ‫قادر غالب ‪ ،‬يدبر المور لكم على وجه النفعة ‪.‬‬ ‫‪ -68‬لول حكم سابق من اللّه بالعفو عن الجتهد الخطئ لصابكم فيما أخذت عذاب‬ ‫كبي بسبب ما تعجلتم به ‪.‬‬ ‫‪ -69‬فكلوا ما غنمتم من الفداء حللً لكم غي خبيث الكسب ‪ ،‬واتقوا اللّه ف كل‬ ‫أموركم ‪ ،‬إن اللّه عظيم الغفران والرحة لن شاء من عباده إذا أناب إل ربه ‪.‬‬ ‫‪ -70‬يأيها النب ‪ ،‬قل للذين وقعوا ف أيديكم من السرى ‪ :‬إن يكن ف قلوبكم خي‬ ‫يعلمه اللّه ‪ ،‬يلف لكم خيا ما أخذه الؤمنون منكم ‪ ،‬ويغفر لكم ما كان من الشرك‬ ‫والسيئات ‪ ،‬واللّه كثي الغفرة والرحة لن تاب من كفره ومن ذنبه ‪.‬‬ ‫‪ -71‬وإن يُريدوا خيانتك با يُظهر بعضهم من اليل إل السلم مع انطواء صدروهم‬ ‫على قصد مادعتك ‪ ،‬فل تبتئس ‪ ،‬فسيمكنك اللّه منهم ‪ ،‬كما خانوا اللّه من قبل‬ ‫باتاذ النداد والشركاء والكفر بنعمته ‪ ،‬فأمكن منهم إذ نصرك عليهم ف بدر ‪ ،‬مع‬ ‫التفاوت بي قوتك ف القلة ‪ ،‬وقوتم ف الكثرة ‪ ،‬واللّه قوى غالب متصرف بكمته ‪،‬‬ ‫فأمكن من نصره عباده الؤمني ‪.‬‬ ‫‪58‬‬

‫إِنّ اّلذِينَ َآمَنُوا وَهَا َجرُوا َوجَا َهدُوا ِبَأمْوَاِلهِ ْم َوأَْن ُفسِ ِه ْم فِي سَبِيلِ ال ّل ِه وَاّلذِينَ َآ َووْا‬ ‫ك َبعْضُ ُه ْم أَ ْولِيَا ُء َبعْضٍ وَالّذِينَ َآمَنُوا َولَ ْم ُيهَا ِجرُوا مَا َلكُ ْم ِمنْ َولَايَِت ِهمْ مِنْ‬ ‫صرُوا أُولَئِ َ‬ ‫وَنَ َ‬ ‫صرُ ِإلّا عَلَى َقوْ ٍم بَيَْن ُكمْ‬ ‫صرُو ُكمْ فِي الدّي ِن َفعَلَ ْيكُ ُم النّ ْ‬ ‫شَيْ ٍء حَتّى ُيهَا ِجرُوا َوإِنِ اسْتَنْ َ‬ ‫ق وَال ّلهُ بِمَا َتعْمَلُو َن بَصِيٌ (‪ )72‬وَاّلذِينَ َك َفرُوا َبعْضُ ُه ْم أَ ْولِيَا ُء َبعْضٍ ِإلّا‬ ‫وَبَيَْن ُه ْم مِيثَا ٌ‬ ‫ض َو َفسَادٌ كَبِيٌ (‪ )73‬وَاّلذِينَ َآمَنُوا َوهَا َجرُوا وَجَاهَدُوا فِي‬ ‫َتفْعَلُوهُ َت ُكنْ فِتَْن ٌة فِي اْلأَرْ ِ‬ ‫ك ُهمُ الْ ُم ْؤمِنُو َن َحقّا َلهُ ْم َم ْغفِ َر ٌة وَرِزْقٌ َكرِيٌ (‬ ‫سَبِيلِ ال ّلهِ وَالّذِينَ َآ َووْا َونَصَرُوا أُولَئِ َ‬ ‫‪ )74‬وَاّلذِينَ َآمَنُوا ِم ْن َبعْ ُد َوهَاجَرُوا َوجَا َهدُوا مَ َع ُكمْ َفأُولَِئكَ مِنْ ُكمْ وَأُولُو الْأَ ْرحَامِ‬ ‫ض فِي كِتَابِ ال ّل ِه إِنّ ال ّل َه بِ ُك ّل شَيْءٍ عَلِيمٌ (‪)75‬‬ ‫َبعْضُ ُه ْم أَ ْولَى بَِبعْ ٍ‬ ‫‪ -72‬إن الذين صدَقوا بالق وأذعنوا لكمه ‪ ،‬وهاجروا من مكه ‪ ،‬وجاهدوا بأموالم‬ ‫وأنفسهم ‪ ،‬والذين آووهم ف غربتهم ‪ ،‬ونصروا رسول اللّه يقاتلون من قاتله ‪،‬‬ ‫ويعادون من عاداه ‪ ،‬بعضهم نصراء بعض ف تأييد الق وإعلء كلمة اللّه على الق ‪.‬‬ ‫والذين ل يهاجروا ‪ ،‬ل يثبت لم شئ من ولية الؤمني ونصرتم ‪ ،‬إذ ل سبيل إل‬ ‫وليتهم حت يهاجروا ‪ ،‬وإن طلبوا منكم النصر على من اضطهدوهم ف الدين ‪،‬‬ ‫فانصروهم ‪ .‬فإن طلبوا النصر على قوم معاهدين لكم ل ينقضوا اليثاق معكم ‪ ،‬فل‬ ‫تيبوهم ‪ ،‬واللّه با تعملون بصي ل يفى عليه شئ ‪ ،‬فقفوا عند حدوده لئل تقعوا ف‬ ‫عذابه ‪.‬‬ ‫‪ -73‬والذين كفروا بعضهم أولياء بعض فهم متناصرون على الباطل ‪ ،‬متعاونون ف‬ ‫عداوتكم ‪ ،‬فل توالوهم ‪ ،‬فإن خالفتم وواليتموهم ‪ ،‬تقع الفتنة ف صفوفكم والفساد‬ ‫الكبي ف الرض ‪.‬‬ ‫‪ -74‬والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا ف سبيل اللّه ‪ ،‬والذين آووهم ونصروا الق‬ ‫وكلمة اللّه ‪ ،‬هم الصادقو اليان ‪ ،‬واللّه تعال يغفر لم ‪ ،‬ولم رزق كبي ف الدنيا‬ ‫والخرة ‪.‬‬ ‫‪ -75‬والذين آمنوا بعد الولي وهاجروا أخيا وجاهدوا مع السابقي ‪ ،‬فأولئك منكم‬ ‫يا جاعة الهاجرين والنصار ‪ ،‬لم من الولية والقوق ما لبعضكم على بعض ‪ .‬وذوو‬ ‫‪59‬‬

‫الرحام من الؤمني لم ‪ -‬فضل عن ولية اليان ‪ -‬ولية القرابة ‪ ،‬فبعضهم أول‬ ‫ببعض ف الودة والال والنصرة والتأييد ‪ ،‬وقد بي ذلك ف كتابه وهو العليم بكل شئ‬ ‫‪.‬‬ ‫ض أَ ْرَب َعةَ‬ ‫َبرَا َء ٌة ِم َن اللّ ِه وَ َرسُوِلهِ ِإلَى اّلذِينَ عَاهَ ْدُتمْ ِم َن الْ ُمشْرِ ِكيَ (‪َ )1‬فسِيحُوا فِي الْأَرْ ِ‬ ‫خزِي الْكَافِرِينَ (‪ )2‬وََأذَا ٌن ِمنَ ال ّلهِ‬ ‫جزِي ال ّلهِ َوأَ ّن اللّ َه مُ ْ‬ ‫أَ ْش ُهرٍ وَاعْلَمُوا َأنّ ُكمْ غَ ْي ُر مُعْ ِ‬ ‫ي وَ َرسُوُل ُه َفإِنْ تُبُْت ْم َف ُهوَ‬ ‫شرِكِ َ‬ ‫ج الْأَكَْب ِر أَ ّن ال ّلهَ َبرِي ٌء ِمنَ الْ ُم ْ‬ ‫س َيوْ َم الْحَ ّ‬ ‫وَرَسُولِ ِه ِإلَى النّا ِ‬ ‫ب َألِيمٍ (‬ ‫شرِ اّلذِينَ َك َفرُوا ِبعَذَا ٍ‬ ‫جزِي ال ّلهِ َوَب ّ‬ ‫خَ ْيرٌ َلكُ ْم َوإِنْ تَ َولّيُْتمْ فَاعْ َلمُوا َأنّ ُكمْ غَ ْي ُر ُمعْ ِ‬ ‫ي ُث ّم َلمْ يَ ْنقُصُو ُكمْ شَيْئًا وََل ْم يُظَا ِهرُوا عَلَ ْي ُك ْم أَ َحدًا‬ ‫شرِكِ َ‬ ‫‪ِ )3‬إلّا الّذِينَ عَا َه ْدتُ ْم ِمنَ الْ ُم ْ‬ ‫حرُمُ‬ ‫خ الَْأ ْشهُ ُر الْ ُ‬ ‫ب الْمُّتقِيَ (‪َ )4‬فِإذَا اْنسَلَ َ‬ ‫َفأَتِمّوا ِإلَ ْي ِهمْ َع ْهدَ ُهمْ ِإلَى ُم ّدِتهِ ْم إِ ّن اللّ َه يُحِ ّ‬ ‫صدٍ‬ ‫صرُو ُهمْ وَاقْ ُعدُوا َلهُمْ ُك ّل َمرْ َ‬ ‫ث َو َجدْتُمُوهُ ْم َوخُذُو ُه ْم وَاحْ ُ‬ ‫ي حَيْ ُ‬ ‫شرِكِ َ‬ ‫فَاقْتُلُوا الْ ُم ْ‬ ‫َفإِنْ تَابُوا وََأقَامُوا الصّلَاةَ وَ َآتَوُا الزّكَاةَ َفخَلّوا سَبِي َل ُهمْ إِ ّن ال ّلهَ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪)5‬‬ ‫‪ -1‬ال ورسوله بريئان من الشركي الذين عاهدتوهم فنقضوا العهد ‪.‬‬ ‫‪ -2‬فلكم المان ‪ -‬أيها الشركون ‪ -‬مدة أربعة أشهر ‪ -‬من حي الباءة تنتقلون فيها‬ ‫حيث شئتم ‪ ،‬واعلموا أنكم حيثما كنتم خاضعي لسلطان ال ‪ ،‬وأنتم ل تعجزونه ‪،‬‬ ‫وإن ال كاتب الزى على الذين يحدونه ‪.‬‬ ‫‪ -3‬وبلغ من ال ورسوله إل الناس عامة ‪ ،‬ف متمعهم يوم الج الكب ‪ ،‬أن ال‬ ‫ورسوله بريئان من عهود الشركي الائني ‪ -‬ف أيها الشركون الناقضون للعهد ‪ -‬إذا‬ ‫رجعتم عن شرككم بال ‪ ،‬فإن ذلك خي لكم ف الدنيا والخرة ‪ ،‬أما إن أعرضتم‬ ‫وبقيتم على ما أنتم عليه ‪ ،‬فاعلموا أنكم خاضعون لسلطان ال ‪ .‬وأنت ‪ -‬أيها الرسول‬ ‫ أنذر جيع الكافرين بعذاب شديد اليلم ‪.‬‬‫‪ -4‬أما من عاهدت من الشركي ‪ ،‬فحافظوا على عهودكم ول يُخِلّوا بشئ منها ‪ ،‬ول‬ ‫يعينوا عليكم أحدا ‪ ،‬فأوفوا لم عهدهم إل نايته واحترموه ‪ . .‬إن ال يب التقي‬ ‫الحافظي على عهودهم ‪.‬‬ ‫‪ -5‬فإذا انقضت مدة المان ‪ -‬الشهر الربعة ‪ -‬فاقتلوا الشركي الناقضي للعهد ف‬ ‫‪60‬‬

‫كل مكان ‪ ،‬وخذوهم بالشدة ‪ ،‬واضربوا الصار عليهم بسد الطرق ‪ ،‬واقعدوا لم ف‬ ‫كل سبيل ‪ ،‬فإن تابوا عن الكفر ‪ ،‬والتزموا أحكام السلم بإقامة الصلة وإيتاء‬ ‫الزكاة ‪ ،‬فل سبيل لكم عليهم لدخولم ف دين ال ‪ ،‬وال عظيم الغفرة لن تاب ‪،‬‬ ‫واسع الرحة بعباده ‪.‬‬ ‫شرِ ِكيَ اسْتَجَارَ َك َفَأ ِج ْرهُ حَتّى َيسْ َمعَ كَلَا َم ال ّلهِ ُث ّم أَبْ ِل ْغهُ َم ْأمََنهُ َذِلكَ‬ ‫وَإِ ْن َأ َحدٌ ِمنَ الْ ُم ْ‬ ‫شرِكِيَ َع ْهدٌ عِ ْن َد ال ّلهِ وَعِ ْندَ َرسُوِلهِ إِلّا اّلذِينَ‬ ‫ِبأَّن ُهمْ َقوْ ٌم لَا َيعْلَمُونَ (‪ )6‬كَيْفَ يَكُونُ لِلْ ُم ْ‬ ‫ب الْمُّتقِيَ (‬ ‫حرَا ِم فَمَا اسَْتقَامُوا َل ُكمْ فَاسْتَقِيمُوا َلهُ ْم إِ ّن اللّ َه يُحِ ّ‬ ‫ج ِد الْ َ‬ ‫عَاهَ ْدُتمْ عِ ْندَ الْ َمسْ ِ‬ ‫ف َوإِنْ يَ ْظهَرُوا عَلَ ْيكُ ْم لَا َي ْرقُبُوا فِيكُ ْم ِإلّا َولَا ِذ ّمةً ُيرْضُونَ ُكمْ بَِأ ْفوَا ِههِ ْم َوتَ ْأبَى‬ ‫‪ )7‬كَيْ َ‬ ‫صدّوا َعنْ سَبِيلِ ِه ِإّنهُ ْم سَاءَ‬ ‫ت اللّ ِه ثَمَنًا قَلِيلًا فَ َ‬ ‫قُلُوُب ُهمْ َوأَكَْث ُرهُ ْم فَا ِسقُونَ (‪ )8‬اشَْترَوْا بِ َآيَا ِ‬ ‫مَا كَانُوا َيعْمَلُونَ (‪ )9‬لَا َيرْقُبُو َن فِي ُمؤْ ِم ٍن ِإلّا َولَا ِذمّ ًة َوأُولَِئكَ ُهمُ الْ ُمعَْتدُونَ (‪َ )10‬فإِنْ‬ ‫صلُ اْل َآيَاتِ ِل َقوْ ٍم َيعْلَمُونَ (‬ ‫تَابُوا َوَأقَامُوا الصّلَا َة وَ َآَتوُا الزّكَا َة َفإِ ْخوَاُنكُ ْم فِي الدّي ِن وَُنفَ ّ‬ ‫‪)11‬‬ ‫‪ -6‬وإن طلب منك المان ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬أحد من الشركي الذين أمرت بقتالم‬ ‫ليسمع دعوتك ‪ ،‬فأمّنه حت يسمع كلم ال ‪ ،‬فإن دخل ف السلم فهو منكم ‪ ،‬وإن ل‬ ‫يدخل فأبلغه مكانا يكون فيه آمنا ‪ .‬وهذا المر ‪ -‬بتأمي الستجي حت يسمع كلم‬ ‫ال ‪ -‬بسبب ما ظهر من جهله للسلم ‪ ،‬ورغبته ف العلم به ‪.‬‬ ‫‪ -7‬كيف يكون لؤلء الشركي ‪ -‬الناقضي للعهود مرارا ‪ -‬عهد مترم عند ال‬ ‫وعند رسوله؟ فل تأخذوا بعهودهم ‪ ،‬إل الذين عاهدتوهم من قبائل العرب عند‬ ‫السجد الرام ث استقاموا على عهدهم ‪ ،‬فاستقيموا أنتم لم على عهدكم ما داموا‬ ‫مستقيمي ‪ ،‬إن ال يب الطائعي له الوفي بعهودهم ‪.‬‬ ‫‪ -8‬كيف تافظون على عهودهم ‪ ،‬وهم قوم إن يتمكنوا منكم ويكونوا ظاهرين‬ ‫عليكم فلن يدّخروا جهدا ف القضاء عليكم ‪ ،‬غي مراعي فيكم قرابة ول عهدا ‪،‬‬ ‫وهؤلء يدعونكم بكلمهم العسول ‪ ،‬وقلوبم منطوية على كراهيتكم ‪ ،‬وأكثرهم‬ ‫خارجون عن الق ناقضون للعهد ‪.‬‬ ‫‪61‬‬

‫ل من أعراض الدنيا ‪ ،‬ومنعوا الناس‬ ‫‪ -9‬أعرَضوا عن آيات ال واستبدلوا با َعرَضا قلي ً‬ ‫ح ما كانوا يعملون ‪.‬‬ ‫عن الدخول ف دين ال ‪ ،‬إن هؤلء قَبُ َ‬ ‫‪ -10‬تلك حال جحودهم ‪ ،‬ل يترمون لؤمن قرابة ول عهدا ‪ ،‬وهؤلء هم الذين من‬ ‫شأنم العتداء ‪ ،‬فهو مرض لزم لم ‪.‬‬ ‫‪ -11‬فإن تابوا عن الكفر ‪ ،‬والتزموا أحكام السلم بإقامة الصلة وإيتاء الزكاة ‪ ،‬فهم‬ ‫إخوانكم ف الدين ‪ ،‬لم ما لكم وعليهم ما عليكم ‪ ،‬ويبيّن ال اليات لقوم ينتفعون‬ ‫بالعلم ‪.‬‬ ‫وَإِ ْن َنكَثُوا َأيْمَاَن ُهمْ ِم ْن َبعْدِ َع ْه ِدهِ ْم وَ َطعَنُوا فِي دِيِن ُكمْ َفقَاتِلُوا َأئِ ّم َة الْ ُكفْ ِر ِإّنهُ ْم لَا َأيْمَانَ‬ ‫َلهُ ْم َلعَ ّلهُ ْم يَنَْتهُونَ (‪َ )12‬ألَا ُتقَاتِلُونَ َق ْومًا َنكَثُوا َأيْمَاَن ُهمْ َوهَمّوا ِبإِ ْخرَاجِ ال ّرسُولِ َو ُهمْ‬ ‫ش ْو ُه إِنْ كُنُْت ْم ُمؤْمِنِيَ (‪ )13‬قَاتِلُوهُمْ‬ ‫خَ‬ ‫ش ْونَ ُهمْ فَال ّلهُ َأ َحقّ أَ ْن تَ ْ‬ ‫خَ‬ ‫َبدَءُوكُ ْم َأوّ َل َم ّرةٍ َأتَ ْ‬ ‫صدُورَ َقوْ ٍم ُم ْؤمِنِيَ (‪)14‬‬ ‫صرْ ُكمْ عَلَ ْي ِهمْ َوَيشْفِ ُ‬ ‫خ ِز ِهمْ َويَنْ ُ‬ ‫ُيعَ ّذْبهُ ُم اللّ ُه ِبَأيْدِي ُك ْم وَيُ ْ‬ ‫وَُي ْذهِبْ غَيْظَ قُلُوِب ِهمْ َويَتُوبُ ال ّلهُ عَلَى َمنْ َيشَا ُء وَال ّلهُ عَلِي ٌم حَكِيمٌ (‪ )15‬أَ ْم َحسِبُْتمْ أَنْ‬ ‫خذُوا ِمنْ دُو ِن اللّ ِه َولَا َرسُوِل ِه وَلَا‬ ‫تُ ْترَكُوا وَلَمّا َيعْ َلمِ ال ّلهُ اّلذِي َن جَا َهدُوا مِنْ ُك ْم وََل ْم يَتّ ِ‬ ‫ي أَنْ يَعْ ُمرُوا َمسَا ِجدَ‬ ‫شرِ ِك َ‬ ‫ج ًة وَال ّلهُ خَبِيٌ بِمَا َتعْمَلُونَ (‪ )16‬مَا كَا َن لِلْ ُم ْ‬ ‫ي َولِي َ‬ ‫الْمُ ْؤمِنِ َ‬ ‫ت أَعْمَاُلهُ ْم َوفِي النّا ِر ُهمْ خَاِلدُونَ (‪)17‬‬ ‫ك حَبِطَ ْ‬ ‫س ِهمْ بِالْ ُك ْفرِ أُولَئِ َ‬ ‫اللّ ِه شَا ِهدِينَ عَلَى َأنْ ُف ِ‬ ‫‪ -12‬وإن نقضوا عهودهم من بعد توكيدها ‪ ،‬واستمروا على الطعن ف دينكم ‪،‬‬ ‫فقاتلوا رؤساء الضلل ومَن معهم ‪ ،‬لنم ل عهد لم ول ذمة ‪ ،‬لينتهوا عن كفرهم ‪.‬‬ ‫‪ -13‬هل تسارعون ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬إل قتال جاعة من الشركي ‪ ،‬نقضوا عهودكم‬ ‫مرارا ‪ ،‬وقد سبق أن هّوا بإخراج الرسول من مكة وبقتله ‪ ،‬وهم الذين بدأوكم‬ ‫باليذاء والعدوان من أول المر ‪ ،‬أتافونم؟ ل تافوهم ‪ ،‬فال ‪ -‬وحده ‪ -‬أحق بأن‬ ‫تافوه ‪ ،‬إن كنتم صادقي ف إيانكم ‪.‬‬ ‫‪ -14‬قاتلوهم ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬يذقهم ال العذاب على أيديكم ‪ ،‬ويذلم وينصركم‬ ‫عليهم ‪ ،‬ويشف ‪ -‬بزيتهم وإعلء عزة السلم ‪ -‬ما كان من أل كامن وظاهر‬ ‫بصدور قوم مؤمني طالا لقهم أذى الكفار ‪.‬‬ ‫‪62‬‬

‫‪ -15‬ويل ال قلوب الؤمني فرحا بالنصر بعد الم والوف ‪ ،‬ويذهب عنهم الغيظ ‪،‬‬ ‫ويقبل ال توبة من يشاء توبته منهم ‪ ،‬وال واسع العلم بشئون عباده ‪ ،‬عظيم الكمة‬ ‫فيما يشرع لم ‪.‬‬ ‫‪ -16‬ل تظنوا ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬أن يترككم ال تعال دون اختبار لكم بالهاد ونوه‬ ‫‪ .‬إن من سنته تعال الختبار ‪ ،‬ليظهَر علمه بالذين جاهدوا منكم ملصي ‪ ،‬ول يتخذوا‬ ‫سوى ال ورسوله والؤمني بطانة وأولياء ‪ ،‬وال عليم بميع أعمالكم ‪ ،‬ومازيكم‬ ‫عليها ‪.‬‬ ‫ل لن يعمروا مساجد ال ‪ ،‬وهم مستمرون على كفرهم ‪،‬‬ ‫‪ -17‬ليس الشركون أه ً‬ ‫معلنون له ‪ ،‬أولئك الشركون ل اعتداد بأعمالم ول ثواب لم عليها ‪ ،‬وهم خالدون‬ ‫ف النار يوم القيامة ‪.‬‬ ‫خشَ‬ ‫ِإنّمَا َيعْ ُم ُر َمسَاجِ َد ال ّلهِ َمنْ َآ َم َن بِال ّلهِ وَالَْيوْمِ اْل َآخِ ِر َوأَقَا َم الصّلَاةَ وَ َآتَى الزّكَاةَ َوَلمْ يَ ْ‬ ‫ِإلّا اللّ َه َف َعسَى أُولَِئكَ أَ ْن َيكُونُوا ِمنَ الْ ُمهَْتدِينَ (‪ )18‬أَ َجعَلُْتمْ ِسقَاَي َة الْحَاجّ وَ ِعمَا َرةَ‬ ‫حرَامِ َك َمنْ َآ َمنَ بِال ّلهِ وَالْيَوْ ِم اْلآَ ِخرِ وَجَا َه َد فِي سَبِيلِ ال ّل ِه لَا َيسَْتوُونَ عِ ْندَ‬ ‫جدِ الْ َ‬ ‫الْ َمسْ ِ‬ ‫اللّ ِه وَال ّل ُه لَا َي ْهدِي اْلقَوْ َم الظّالِمِيَ (‪ )19‬الّذِينَ َآمَنُوا وَهَاجَرُوا َوجَا َهدُوا فِي سَبِيلِ ال ّلهِ‬ ‫ش ُرهُمْ َرّب ُهمْ‬ ‫ك هُ ُم الْفَاِئزُونَ (‪ )20‬يَُب ّ‬ ‫سهِ ْم أَعْ َظ ُم دَ َر َجةً ِع ْندَ ال ّلهِ َوأُولَِئ َ‬ ‫ِبأَ ْموَاِل ِهمْ َوَأنْ ُف ِ‬ ‫ضوَا ٍن وَجَنّاتٍ َل ُهمْ فِيهَا َنعِي ٌم ُمقِيمٌ (‪ )21‬خَالِدِينَ فِيهَا أََبدًا إِ ّن ال ّلهَ عِ ْن َدهُ‬ ‫ِبرَحْ َم ٍة مِ ْنهُ وَرِ ْ‬ ‫خذُوا َآبَاءَ ُك ْم َوإِ ْخوَاَنكُ ْم َأوْلِيَا َء إِ ِن اسْتَحَبّوا‬ ‫أَ ْجرٌ عَظِيمٌ (‪ )22‬يَا أَّيهَا اّلذِينَ َآمَنُوا لَا تَتّ ِ‬ ‫ك ُهمُ الظّالِمُونَ (‪)23‬‬ ‫الْ ُكفْرَ عَلَى اْلإِيَا ِن َو َمنْ يََت َولّ ُه ْم مِنْ ُك ْم َفأُولَئِ َ‬ ‫‪ -18‬ولكن الذين يعمرون مساجد ال ‪ ،‬إنا هم الذين آمنوا بال ‪ -‬وحده ‪ -‬وصدّقوا‬ ‫بالبعث والزاء ‪ ،‬وأدّوا الصلة على وجهها ‪ ،‬وأخرجوا زكاة أموالم ‪ ،‬ول يشوا إل‬ ‫ال ‪ -‬وحده ‪ -‬وهؤلء يرجى لم أن يكونوا عند ال من الهتدين إل الصراط الستقيم‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ -19‬ل ينبغى أن تعلوا القائمي بسقاية الجيج وعمارة السجد الرام من الشركي‬ ‫ف منلة الذين آمنوا بال ‪ -‬وحده ‪ -‬وصدّقوا بالبعث والزاء ‪ ،‬وجاهدوا ف سبيل ال‬ ‫‪63‬‬

‫‪ .‬ذلك أنم ليسوا بنلة واحدة عند ال ‪ .‬وال ل يهدى إل طريق الي القوم‬ ‫الستمرين على ظلم أنفسهم بالكفر ‪ ،‬وظلم غيهم بالذى الستمر ‪.‬‬ ‫‪ -20‬الذين صدّقوا بوحدانية ال ‪ ،‬وهاجروا من دار الكفر إل دار السلم ‪ ،‬وتمّلوا‬ ‫مشاق الهاد ف سبيل ال بأموالم وأنفسهم ‪ ،‬أعظم منلة عند ال من ل يتصف بذه‬ ‫الصفات ‪ ،‬وهؤلء هم الظافرون بثوبة ال وكرامته ‪.‬‬ ‫‪ -21‬هؤلء يبشرهم ال تعال برحته الواسعة الت تشملهم ‪ ،‬ويصهم برضاه ‪ ،‬وهو‬ ‫أكب جزاء ‪ ،‬وسيدخلهم يوم القيامة جنات لم فيها نعيم قائم ثابت دائم ‪.‬‬ ‫‪ -22‬وهم خالدون ف النة ل يتحولون عنها ‪ ،‬وإن ال عنده أجر عظيم وثواب‬ ‫جزيل ‪.‬‬ ‫‪ -23‬يا أيها الؤمنون ل تتخذوا من آبائكم وأبنائكم وإخوانكم وعشيتكم‬ ‫وأزواجكم ‪ ،‬نصراء لكم ما داموا يبون الكفر ويفضلونه على اليان ‪ ،‬ومن يستنصر‬ ‫بالكافرين ‪ ،‬فأولئك هم الذين تاوزوا الطريق الستقيم ‪.‬‬ ‫يُتكُ ْم َوأَ ْموَا ٌل اقْتَ َرفْتُمُوهَا‬ ‫ُقلْ إِنْ كَانَ َآبَاؤُ ُكمْ وََأبْنَاؤُ ُك ْم وَِإ ْخوَانُ ُك ْم وَأَ ْزوَا ُجكُ ْم وَ َعشِ َ‬ ‫ض ْوَنهَا َأحَبّ ِإلَ ْي ُكمْ ِمنَ ال ّل ِه وَ َرسُولِ ِه َوجِهَادٍ فِي‬ ‫شوْنَ َكسَادَهَا وَ َمسَا ِكنُ َترْ َ‬ ‫خَ‬ ‫وَتِجَا َر ٌة تَ ْ‬ ‫صرَ ُكمُ‬ ‫سَبِي ِلهِ فََت َربّصُوا حَتّى َي ْأتِيَ ال ّل ُه ِبأَ ْم ِرهِ وَال ّلهُ لَا َيهْدِي الْ َقوْ َم الْفَاسِقِيَ (‪َ )24‬ل َقدْ نَ َ‬ ‫ي ٍة َويَوْ َم حُنَ ْي ٍن ِإذْ أَ ْعجَبَ ْتكُمْ كَ ْث َرُتكُ ْم فَ َلمْ تُ ْغنِ عَ ْن ُكمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ‬ ‫اللّ ُه فِي َموَا ِطنَ كَثِ َ‬ ‫ت ُثمّ َولّيُْتمْ ُم ْدِبرِينَ (‪ُ )25‬ثمّ َأْنزَ َل اللّ ُه سَكِينََتهُ عَلَى َرسُوِلهِ‬ ‫ض بِمَا َرحُبَ ْ‬ ‫عَلَ ْي ُكمُ اْلأَرْ ُ‬ ‫ك جَزَا ُء الْكَا ِفرِينَ (‬ ‫ب الّذِينَ َك َفرُوا َو َذلِ َ‬ ‫ي َوأَْن َزلَ جُنُودًا َلمْ َت َروْهَا وَ َعذّ َ‬ ‫وَعَلَى الْ ُم ْؤمِنِ َ‬ ‫ب ال ّلهُ ِم ْن َبعْ ِد َذلِكَ عَلَى َمنْ َيشَا ُء وَال ّلهُ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪)27‬‬ ‫‪ُ )26‬ثمّ يَتُو ُ‬ ‫‪ -24‬قل ‪ -‬يا أيها الرسول ‪ -‬للمؤمني ‪ :‬إن كنتم تبون آباءكم وأبناءكم وإخوانكم‬ ‫وأزواجكم ‪ ،‬وأقرباءكم ‪ ،‬وأموالً اكتسبتموها ‪ ،‬وتارة تافون بوارها ‪ ،‬ومساكن‬ ‫تستريون للقامة فيها أكثر من حبكم ل ورسوله والهاد ف سبيله ‪ ،‬حت شغلتكم‬ ‫عن مناصرة الرسول ‪ ،‬فانتظروا حت يأتى ال بكمه فيكم وعقوبته لكم ‪ .‬وال ل‬ ‫يهدى الارجي على حدود دينه ‪.‬‬ ‫‪64‬‬

‫‪ -25‬لقد نصركم ال ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬على أعدائكم ف كثي من الواقع بقوة‬ ‫إيانكم ‪ ،‬وحي غرتكم كثرتكم ف معركة « حُنَيْن » ترككم ال لنفسكم أول‬ ‫المر ‪ ،‬فلم تنفعكم كثرتكم شيئا ‪ ،‬وظهر عليكم عدوكم ‪ ،‬ولشدة الفزع ضاقت‬ ‫عليكم الرض ‪ ،‬فلم تدوا سبيل للقتال أو النجاة الشريفة ‪ ،‬ول يد أكثركم وسيلة‬ ‫للنجاة غي الرب ‪ ،‬ففررت منهزمي ‪ ،‬وتركتم رسول ال مع قلة من الؤمني ‪.‬‬ ‫‪ -26‬ث أدركتكم عناية ال ‪ ،‬فأنزل الطمأنينة على رسوله ‪ ،‬ومل با قلوب الؤمني ‪،‬‬ ‫وأمدّكم باللئكة جنوده الت ثبتت أقدامكم ‪ ،‬ول تروها ‪ ،‬فانتصرت ‪ . .‬وأذاق ال‬ ‫أعداءكم مرارة الزية ‪ ،‬وذلك جزاء الكافرين ف الدنيا ‪.‬‬ ‫‪ -27‬ث يقبل ال توبة من يشاء من عباده فيغفر ذنبه ‪ ،‬إذا رجع عنه ملصا ‪ ،‬وال‬ ‫عظيم الغفرة واسع الرحة ‪.‬‬ ‫حرَا َم َبعْدَ عَا ِم ِهمْ َهذَا‬ ‫جدَ الْ َ‬ ‫سِ‬ ‫س فَلَا يَ ْق َربُوا الْ َم ْ‬ ‫شرِكُو َن نَجَ ٌ‬ ‫يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا ِإنّمَا الْ ُم ْ‬ ‫ف ُيغْنِي ُك ُم اللّ ُه ِمنْ فَضْ ِل ِه إِ ْن شَا َء إِنّ ال ّلهَ عَلِي ٌم حَكِيمٌ (‪ )28‬قَاتِلُوا‬ ‫سوْ َ‬ ‫وَإِ ْن ِخفُْتمْ عَيْ َلةً َف َ‬ ‫ح ّرمُو َن مَا حَرّ َم ال ّلهُ وَ َرسُوُل ُه وَلَا َيدِينُونَ‬ ‫الّذِينَ لَا يُ ْؤمِنُونَ بِال ّلهِ َولَا بِالْيَوْ ِم اْلآَ ِخ ِر َولَا يُ َ‬ ‫ج ْزيَةَ َع ْن َيدٍ َو ُهمْ صَا ِغرُونَ (‪)29‬‬ ‫ب حَتّى ُيعْطُوا الْ ِ‬ ‫ح ّق مِ َن اّلذِينَ أُوتُوا الْكِتَا َ‬ ‫دِي َن الْ َ‬ ‫‪ -28‬يا أيها الؤمنون ‪ ،‬إنا الشركون بسبب شركهم نست نفوسهم ‪ ،‬وهم ضالون‬ ‫ف العقيدة ‪ ،‬فل تكنوهم من دخول السجد الرام بعد هذا العام ( التاسع من‬ ‫الجرة ) ‪ .‬وإن خفتم فقرا بسبب انقطاع تارتم عنكم ‪ ،‬فإن ال سوف يعوضكم عن‬ ‫هذا ‪ ،‬ويغنيكم من فضله إن شاء ‪ ،‬إن ال عليم بشئونكم ‪ ،‬حكيم ف تدبيه لا ‪.‬‬ ‫‪ -29‬يا أيها الذين آمنوا ‪ ،‬قاتلوا الكافرين من أهل الكتاب الذين ل يؤمنون إيانا‬ ‫صحيحا بال ول يقرون بالبعث والزاء إقرارا صحيحا ‪ ،‬ول يلتزمون النتهاء عما‬ ‫نى ال ورسوله عنه ‪ ،‬ول يعتنقون الدين الق وهو السلم ‪ .‬قاتلوهم حت يؤمنوا ‪ ،‬أو‬ ‫يؤدوا إليكم الزية خاضعي طائعي غي متمردين ‪ .‬ليسهموا ف بناء اليزانية السلمية‬ ‫‪.‬‬

‫‪65‬‬

‫ك َقوُْل ُهمْ ِبَأ ْفوَا ِههِمْ‬ ‫ت النّصَارَى الْ َمسِيحُ اْب ُن اللّ ِه َذلِ َ‬ ‫ت الْيَهُودُ ُع َزيْ ٌر ابْ ُن ال ّلهِ َوقَالَ ِ‬ ‫َوقَالَ ِ‬ ‫خذُوا َأحْبَا َر ُهمْ‬ ‫يُضَاهِئُو َن قَ ْولَ اّلذِينَ َك َفرُوا ِمنْ قَ ْب ُل قَاتَ َلهُ ُم اللّ ُه َأنّى ُيؤْ َفكُونَ (‪ )30‬اتّ َ‬ ‫ح اْب َن َمرَْيمَ َومَا ُأ ِمرُوا ِإلّا لَِيعُْبدُوا ِإَلهًا وَاحِدًا لَا ِإلَهَ‬ ‫وَ ُرهْبَاَنهُ ْم أَ ْربَابًا مِ ْن دُونِ ال ّل ِه وَالْ َمسِي َ‬ ‫ِإلّا هُ َو سُبْحَاَنهُ َعمّا ُيشْرِكُونَ (‪ُ )31‬يرِيدُو َن أَ ْن يُ ْطفِئُوا نُو َر ال ّلهِ ِبَأفْوَاهِ ِه ْم وََي ْأبَى اللّ ُه ِإلّا‬ ‫حقّ‬ ‫أَ ْن يُِتمّ نُو َرهُ وََلوْ َك ِرهَ اْلكَا ِفرُونَ (‪ )32‬هُ َو الّذِي أَ ْر َسلَ َرسُولَ ُه بِاْل ُهدَى َودِي ِن الْ َ‬ ‫شرِكُونَ (‪)33‬‬ ‫لِيُ ْظ ِه َرهُ َعلَى الدّينِ كُ ّل ِه وََلوْ َك ِرهَ الْ ُم ْ‬ ‫‪ -30‬ترك اليهود الوحدانية ف عقيدتم ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬عزيز ابن ال ‪ ،‬وترك النصارى‬ ‫الوحدانية كذلك ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬السيح ابن ال ‪ .‬وقولم هذا مبتدع من عندهم ‪ ،‬يرددونه‬ ‫بأفواههم ول يأتم به كتاب ول رسول ‪ ،‬وليس عليهم حُجة ول برهان ‪ ،‬وهم ف هذا‬ ‫القول يشابون قول الشركي قبلهم ‪ ،‬لعن ال هؤلء الكفار وأهلكهم ‪ .‬عجبا لم‬ ‫كيف يضلون عن الق وهو ظاهر ‪ ،‬ويعدلون إل الباطل ‪.‬‬ ‫‪ -31‬اتذوا رجال دينهم أربابا ‪ ،‬يشرعون لم ‪ ،‬ويكون كلمهم دينا ‪ ،‬ولو كان‬ ‫يالف قول رسولم ‪ ،‬فاتبعوهم ف باطلهم ‪ ،‬وعبدوا السيح ابن مري ‪ ،‬وقد أمرهم ال‬ ‫ف كتبه على لسان رسله أل يعبدوا إل إلا واحدا ‪ ،‬لنه ل يستحق العبادة ف حكم‬ ‫الشرع والعقل إل الله الواحد ‪ ،‬تنه ال عن الشراك ف العبادة واللق والصفات ‪.‬‬ ‫‪ -32‬يريد الكافرون بزاعمهم الباطلة أن يطفئوا نور ال وهو السلم ‪ ،‬ول يريد ال‬ ‫إل إتام نوره ‪ ،‬بإظهار دينه ونصر رسوله ‪ ،‬ولو كانوا كارهي لذلك ‪.‬‬ ‫‪ -33‬هو ال الذى كفل إتام نوره بإرسال رسوله ( ممدا ) صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬ ‫بالُجج البينات ‪ ،‬ودين الق ( السلم ) ليعلى هذا الدين على جيع الديان السابقة‬ ‫عليه ‪ ،‬وإن كرهه الشركون ‪ ،‬فإن ال يظهره رغما عنهم ‪.‬‬ ‫يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا إِنّ كَثِيًا ِمنَ اْلَأحْبَا ِر وَال ّرهْبَانِ لََيأْكُلُو َن َأمْوَا َل النّاسِ بِالْبَا ِطلِ‬ ‫ض َة وَلَا يُ ْنفِقُوَنهَا فِي سَبِيلِ ال ّلهِ‬ ‫ب وَالْفِ ّ‬ ‫صدّونَ َع ْن سَبِيلِ ال ّلهِ وَالّذِينَ َيكِْنزُونَ الذّهَ َ‬ ‫وَيَ ُ‬ ‫ب َألِيمٍ (‪ )34‬يَوْ َم ُيحْمَى عَلَ ْيهَا فِي نَارِ َجهَّنمَ فَُت ْكوَى ِبهَا جِبَا ُههُمْ‬ ‫شرْ ُهمْ ِب َعذَا ٍ‬ ‫فََب ّ‬ ‫سكُ ْم َفذُوقُوا مَا كُنُْت ْم تَكِْنزُونَ (‪ )35‬إِنّ ِع ّدةَ‬ ‫وَجُنُوبُ ُه ْم وَ ُظهُو ُر ُهمْ َهذَا مَا كََن ْزُتمْ ِلَأنْ ُف ِ‬ ‫‪66‬‬

‫ض مِ ْنهَا‬ ‫ت وَاْلأَرْ َ‬ ‫ش َر َشهْرًا فِي كِتَابِ ال ّل ِه يَوْ َم خَ َل َق السّمَاوَا ِ‬ ‫شهُورِ عِ ْندَ ال ّل ِه اثْنَا َع َ‬ ‫ال ّ‬ ‫شرِكِيَ كَافّةً كَمَا‬ ‫أَ ْربَ َع ٌة حُرُ ٌم َذِلكَ الدّي ُن الْقَّي ُم فَلَا تَظْ ِلمُوا فِي ِهنّ َأْن ُفسَ ُكمْ َوقَاتِلُوا الْ ُم ْ‬ ‫ُيقَاتِلُوَنكُمْ كَا ّفةً وَاعْلَمُوا أَنّ ال ّل َه مَ َع الْمُّتقِيَ (‪)36‬‬ ‫‪ -34‬يا أيها الؤمنون ‪ :‬اعلموا أن كثيا من علماء اليهود ورهبان النصارى يستحلون‬ ‫أموال الناس بغي حق ‪ ،‬ويستغلون ثقة الناس فيهم واتباعهم لم ف كل ما يقولون ‪،‬‬ ‫وينعون الناس عن الدخول ف السلم ‪ .‬والذين يستحوذون على الموال من ذهب‬ ‫وفضة ‪ ،‬حابسي لا ‪ ،‬ول يؤدون زكاتا ‪ ،‬فأنذرهم ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬بعذاب موجع ‪.‬‬ ‫‪ -35‬ف يوم القيامة ‪ ،‬يوقد على هذه الموال ف نار جهنم ‪ ،‬ث ترق بتلك الموال‬ ‫الحماة جباه أصحابا ‪ ،‬وجنوبم وظهورهم ‪ ،‬ويقال توبيخا لم ‪ :‬هذا ما ادخرتوه‬ ‫لنفسكم ‪ ،‬ول تؤدوا منه حق ال ‪ ،‬فذوقوا اليوم عذابا شديدا ‪.‬‬ ‫‪ -36‬إن عدة شهور السنة القمرية اثنا عشر شهرا ‪ ،‬ف حكم ال وتقديره ‪ ،‬وفيما بَيّنه‬ ‫ف كتبه منذ بدء العال ‪ .‬ومن هذه الثن عشر شهرا أربعة أشهر يرم القتال فيها ‪،‬‬ ‫وهى ‪ :‬رجب وذو القعدة وذو الجة والحرم ‪ .‬وهذا التحري للشهر الربعة الذكورة‬ ‫هو دين ال الستقيم ‪ ،‬الذى ل تبديل فيه ول تغيي ‪ .‬فل تظلموا ف هذه الشهر‬ ‫أنفسكم باستحلل القتال أو امتناعكم عنه إذا أغار عليكم العداء فيها ‪ ،‬وقاتلوا ‪-‬‬ ‫أيها الؤمنون ‪ -‬جاعة الشركي دون استثناء أحد منهم ‪ ،‬كما يقاتلونكم معادين لكم‬ ‫جيعا ‪ ،‬وكونوا على يقي من أن ال ناصر للذين يافون ‪ ،‬فيلتزمون أوامره ويتنبون‬ ‫نواهيه ‪.‬‬ ‫ح ّرمُوَنهُ عَامًا‬ ‫ض ّل ِبهِ اّلذِينَ َك َفرُوا يُحِلّونَهُ عَامًا َويُ َ‬ ‫ِإنّمَا الّنسِيءُ ِزيَا َد ٌة فِي الْ ُك ْفرِ يُ َ‬ ‫لُِيوَاطِئُوا ِع ّدةَ مَا َحرّ َم اللّ ُه فَيُحِلّوا مَا َحرّ َم اللّهُ ُزّينَ لَ ُه ْم سُو ُء أَ ْعمَاِل ِهمْ وَال ّلهُ لَا َيهْدِي‬ ‫الْ َقوْ َم الْكَافِرِينَ (‪ )37‬يَا أَّيهَا اّلذِينَ َآمَنُوا مَا َلكُ ْم ِإذَا قِي َل لَ ُكمُ اْن ِفرُوا فِي سَبِيلِ ال ّلهِ‬ ‫ع الْحَيَاةِ ال ّدنْيَا فِي اْلآَ ِخ َرةِ‬ ‫ض أَرَضِيُت ْم بِالْحَيَا ِة الدّنْيَا مِ َن اْلآَ ِخ َرةِ فَمَا مَتَا ُ‬ ‫اثّاقَلُْتمْ ِإلَى اْلأَرْ ِ‬ ‫ضرّوهُ شَيْئًا‬ ‫ِإلّا قَلِيلٌ (‪ِ )38‬إلّا تَ ْنفِرُوا ُي َعذّْب ُكمْ َعذَابًا َألِيمًا َويَسْتَ ْب ِدلْ َق ْومًا غَ ْيرَ ُك ْم َولَا تَ ُ‬ ‫وَال ّلهُ عَلَى ُكلّ َشيْ ٍء َقدِيرٌ (‪)39‬‬ ‫‪67‬‬

‫‪ -37‬وما تأخي هذه الشهر الرم أو بعضها عما رتّبها ال عليه ‪ -‬كما كان يفعله‬ ‫أهل الاهلية ‪ -‬إل إمعان ف الكفر ‪ ،‬يزداد به الذين كفروا ضلل فوق ضللم ‪،‬‬ ‫وكان العرب ف الاهلية يعلون الشهر الرام حلل إذا احتاجوا القتال فيه ‪ ،‬ويعلون‬ ‫الشهر اللل حراما ‪ ،‬ويقولون ‪ :‬شهر بشهر ‪ ،‬ليوافقوا عدد الشهر الت حرمها ال ‪،‬‬ ‫وقد حسّنت لم أهواؤهم أعمالم السيئة ‪ ،‬وال ل يهدى القوم الصرين على كفرهم‬ ‫إل طريق الي ‪.‬‬ ‫‪ -38‬يا أيها الؤمنون ما لكم حينما قال لكم الرسول ‪ :‬اخرجوا للجهاد ف سبيل‬ ‫ال ‪ ،‬تباطأ بعضكم عن الروج للجهاد؟ ل ينبغى ذلك ‪ .‬عجبا لكم أآثرت الياة الدنيا‬ ‫الفانية على الياة الخرة ونعيمها الدائم؟ فما التمتع بالدنيا ولذائذها ف جنب متاع‬ ‫الخرة إل قليل تافه ‪.‬‬ ‫‪ -39‬إن ل تستجيبوا للرسول ‪ ،‬فتخرجوا للجهاد ف سبيل ال ‪ ،‬يعذبكم ال عذابا‬ ‫موجعا ‪ .‬ويستبدل ربكم بكم قوما آخرين يستجيبون للرسول ول يتخلفون عن‬ ‫الهاد ‪ ،‬ول تضرون ال بذا التخلف شيئا ‪ ،‬وال عظيم القدرة على كل شئ ‪.‬‬ ‫ص َرهُ ال ّل ُه ِإذْ َأ ْخرَ َجهُ اّلذِينَ َك َفرُوا ثَاِنيَ اثْنَ ْي ِن ِإذْ هُمَا فِي اْلغَا ِر ِإ ْذ َيقُولُ‬ ‫صرُو ُه َف َقدْ نَ َ‬ ‫ِإلّا تَنْ ُ‬ ‫حزَ ْن إِ ّن اللّ َه َمعَنَا َفَأْنزَلَ ال ّل ُه سَكِينََتهُ عَلَ ْي ِه َوأَّي َد ُه بِجُنُودٍ َل ْم َترَ ْوهَا َوجَ َعلَ‬ ‫لِصَاحِِبهِ لَا تَ ْ‬ ‫سفْلَى وَكَلِ َم ُة اللّ ِه ِهيَ اْلعُلْيَا وَاللّهُ َعزِيزٌ َحكِيمٌ (‪ )40‬اْنفِرُوا‬ ‫كَلِ َم َة اّلذِينَ َك َفرُوا ال ّ‬ ‫س ُكمْ فِي سَبِي ِل ال ّلهِ َذِلكُ ْم خَ ْيرٌ َل ُكمْ إِنْ كُنُْتمْ‬ ‫خِفَافًا َوثِقَالًا َوجَا ِهدُوا ِبَأمْوَالِ ُكمْ وََأْنفُ ِ‬ ‫ش ّقةُ‬ ‫صدًا لَاتَّبعُوكَ َوَلكِ ْن َبعُ َدتْ عَلَ ْي ِهمُ ال ّ‬ ‫َتعْلَمُونَ (‪ )41‬لَوْ كَانَ َع َرضًا َقرِيبًا َو َسفَرًا قَا ِ‬ ‫سهُ ْم وَال ّل ُه يَعْ َل ُم ِإنّ ُه ْم لَكَاذِبُونَ‬ ‫خ َرجْنَا َمعَ ُك ْم ُيهْلِكُونَ أَْن ُف َ‬ ‫وَسَيَحْ ِلفُو َن بِال ّل ِه لَ ِو اسْتَ َطعْنَا لَ َ‬ ‫(‪)42‬‬ ‫‪ -40‬يا أيها الؤمنون ‪ ،‬إن ل تنصروا رسول ال فإن ال كفيل بنصره ‪ ،‬كما أّيدَه‬ ‫ونصره حينما اضطره الذين كفروا إل الروج من مكة ‪ .‬وليس معه إل رفيقه أبو بكر‬ ‫‪ ،‬وكان ثان اثني ‪ ،‬وبينما ها ف الغار متفي من الشركي الذين يتعقبونما خشى أبو‬ ‫بكر على حياة الرسول ‪ ،‬فقال له الرسول مطمئنا ‪ :‬ل تزن فإن ال معنا بالنصر‬ ‫‪68‬‬

‫والعونة ‪ .‬عند ذلك أنزل ال الطمأنينة ف قلب صاحبه ‪ ،‬وأيّد الرسول بنود من‬ ‫عنده ‪ ،‬ل يعلمها إل هو سبحانه ‪ .‬وانتهى المر بأن جعل شوكة الكافرين مفلولة‬ ‫ودين ال هو الغالب ‪ ،‬وال متصف بالعزة فل يقهر ‪ ،‬وبالكمة فل يتل تدبيه ‪.‬‬ ‫‪ -41‬أيها الؤمنون ‪ ،‬إذا دعا داعى الهاد فلبوا النداء أفرادا وجاعات ‪ -‬كل على‬ ‫قدر حاله ‪ -‬ناشطي بالقوة والسلمة والسلح ‪ ،‬وجاهدوا بالال والنفس ف سبيل‬ ‫إعلء كلمة ال ‪ .‬ففى ذلك العز والي لكم ‪ . .‬إن كنتم من أهل العلم الصحيح‬ ‫والعرفة القة ‪.‬‬ ‫‪ -42‬ندد القرآن بالنافقي ف تلفهم عن متابعة الرسول ف الهاد ‪ ،‬فقال ‪ :‬لو كان ما‬ ‫دعى إليه هؤلء النافقون عرضا من أعراض الدنيا قريب النال ‪ ،‬أو لو كان كذلك‬ ‫سفرا سهل ‪ ،‬لتبعوك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬ولكن شق عليهم السفر وسيحلفون أنم لو‬ ‫استطاعوا لرجوا معك ‪ ،‬وبذا النفاق والكذب يهلكون أنفسهم ‪ ،‬وال ل يفى عليه‬ ‫حالم ‪ ،‬فهو يعلم كذبم وسيجزيهم على ذلك ‪.‬‬ ‫ص َدقُوا َوَتعْ َلمَ الْكَا ِذبِيَ (‪ )43‬لَا‬ ‫ك الّذِينَ َ‬ ‫ك لِ َم َأ ِذنْتَ َل ُه ْم حَتّى يَتَبَّينَ لَ َ‬ ‫َعفَا ال ّلهُ عَ ْن َ‬ ‫س ِهمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ‬ ‫ك الّذِينَ ُي ْؤمِنُونَ بِال ّلهِ وَالْيَوْ ِم اْلآَ ِخرِ أَنْ ُيجَا ِهدُوا ِبأَ ْموَاِل ِهمْ َوَأنْ ُف ِ‬ ‫َيسْتَ ْأ ِذنُ َ‬ ‫ت قُلُوبُ ُه ْم َفهُمْ‬ ‫بِالْمُّتقِيَ (‪ِ )44‬إنّمَا َيسَْت ْأذُِنكَ اّلذِي َن لَا ُي ْؤمِنُو َن بِاللّ ِه وَالَْيوْ ِم اْلآَ ِخرِ وَا ْرتَابَ ْ‬ ‫ج َلأَ َعدّوا َلهُ ُع ّد ًة َولَ ِكنْ َك ِرهَ ال ّل ُه انْبِعَاثَ ُهمْ‬ ‫خرُو َ‬ ‫فِي َريِْب ِهمْ يََت َر ّددُونَ (‪َ )45‬وَلوْ أَرَادُوا الْ ُ‬ ‫فَثَبّ َط ُهمْ َوقِيلَ ا ْق ُعدُوا مَ َع الْقَا ِعدِينَ (‪ )46‬لَ ْو َخرَجُوا فِي ُكمْ مَا زَادُو ُك ْم ِإلّا خَبَالًا‬ ‫ضعُوا خِلَالَ ُك ْم يَ ْبغُونَ ُكمُ اْلفِتَْنةَ وَفِي ُكمْ سَمّاعُو َن َلهُ ْم وَال ّلهُ عَلِي ٌم بِالظّالِمِيَ (‪)47‬‬ ‫وََلَأوْ َ‬ ‫‪ -43‬لقد عفا ال عنك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬ف إذنك لؤلء النافقي ف التخلف عن‬ ‫الهاد ‪ ،‬قبل أن تتبيّن أمرهم ‪ ،‬وتعلم الصادق من أعذارهم إن كان ‪ ،‬كما تعرف‬ ‫الكاذبي منهم ف ادعائهم اليان وف انتحال العذار غي الصادقة ‪.‬‬ ‫‪ -44‬ليس من شأن الؤمني حقا بال ‪ ،‬وحسابه ف اليوم الخر ‪ ،‬أن يستأذنوك ف‬ ‫الهاد بالال والنفس ‪ ،‬أو ف التخلف عنك ‪ ،‬لن صدق إيانم يبب إليهم الهاد ف‬ ‫سبيل ال ‪ .‬وال يعلم صدق نِيّات الؤمني ‪.‬‬ ‫‪69‬‬

‫‪ -45‬إنا يستأذنك الذين ل يؤمنون إيانا صادقا بال وحسابه ف اليوم الخر ‪ ،‬فإن‬ ‫قلوبم دائما ف شك وريبة ‪ ،‬وهم يعيشون ف حية ‪ ،‬وسينالون جزاء ذلك ‪.‬‬ ‫‪ -46‬ولو صدقت نيّة هؤلء النافقي ف الروج مع الرسول للجهاد ‪ ،‬لخذوا أهبة‬ ‫الرب واستعدوا لا ‪ ،‬ولكن ال كره خروجهم لعلمه أنم لو خرجوا معكم لكانوا‬ ‫عليكم ل لكم ‪ ،‬فعوّقهم عن الروج با امتلت به قلوبم من النفاق ‪ ،‬وقال قائلهم ‪:‬‬ ‫اقعدوا مع القاعدين من أصحاب العاذير ‪.‬‬ ‫‪ -47‬ولو خرجوا معكم إل الهاد ما زادوكم بروجهم قوة ‪ ،‬ولكن يُشيعون‬ ‫الضطراب أو يُسرعون إل الفتنة ‪ ،‬ويشيعونا فيما بينكم ‪ ،‬وفيكم َمنْ يهل خُبث‬ ‫خدَع بكلمهم ‪ ،‬أو لضعفه يسمع دعوتم إل الفتنة ‪ ،‬وال عليم‬ ‫نيّاتم ‪ ،‬ويكن أن ُي ْ‬ ‫بؤلء النافقي الذين يظلمون أنفسهم با أضمروه من الفساد ‪.‬‬ ‫حقّ وَ َظ َه َر َأمْ ُر ال ّلهِ َو ُهمْ‬ ‫َلقَ ِد ابْتَ َغوُا اْلفِتَْنةَ ِم ْن قَ ْبلُ َوقَلّبُوا َلكَ اْلُأمُو َر حَتّى جَا َء الْ َ‬ ‫كَا ِرهُونَ (‪َ )48‬ومِ ْنهُ ْم َمنْ يَقُو ُل اْئذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنّي أَلَا فِي اْلفِتْنَ ِة َسقَطُوا وَإِ ّن َجهَّنمَ‬ ‫سؤْ ُه ْم وَإِ ْن تُصِ ْبكَ مُصِيَبةٌ َيقُولُوا َق ْد أَ َخ ْذنَا‬ ‫ك َحسََنةٌ َت ُ‬ ‫لَمُحِي َط ٌة بِالْكَافِرِينَ (‪ )49‬إِ ْن تُصِبْ َ‬ ‫ب ال ّلهُ لَنَا هُ َو َموْلَانَا‬ ‫َأمْ َرنَا ِم ْن قَ ْبلُ َويََتوَّلوْا َو ُهمْ َف ِرحُونَ (‪ُ )50‬ق ْل َلنْ يُصِيبَنَا ِإلّا مَا كَتَ َ‬ ‫حنُ‬ ‫حسْنَيَ ْي ِن َونَ ْ‬ ‫وَعَلَى ال ّلهِ فَلْيََتوَ ّك ِل الْ ُمؤْمِنُونَ (‪ُ )51‬قلْ َه ْل َترَبّصُو َن بِنَا ِإلّا ِإ ْحدَى الْ ُ‬ ‫ص ِبكُ ْم أَ ْن يُصِيَبكُ ُم ال ّلهُ ِب َعذَابٍ ِمنْ عِ ْن ِد ِه َأوْ ِبَأْيدِينَا فََترَبّصُوا ِإنّا َم َعكُ ْم مَُت َربّصُونَ (‬ ‫نََترَبّ ُ‬ ‫‪ُ )52‬قلْ َأْنفِقُوا َطوْعًا َأوْ َك ْرهًا َلنْ يَُتقَّب َل مِ ْنكُ ْم ِإنّ ُكمْ كُنُْتمْ َق ْومًا فَاسِقِيَ (‪)53‬‬ ‫‪ -48‬وقد سبق أن سعى هؤلء النافقون بالفتنة فيما بينكم ‪ ،‬ودبروا لك ‪ -‬أيها‬ ‫الرسول ‪ -‬الكايد ‪ ،‬فأحبط ال تدبيهم ‪ ،‬وحقق نصرك ‪ ،‬وأظهر دينه على الرغم‬ ‫منهم ‪.‬‬ ‫‪ -49‬وبعض النافقي كان يقول للرسول ‪ :‬ائذن ل ف القعود عن الهاد ‪ ،‬ول توقعن‬ ‫ف شدة وضيق ‪ .‬إنم بذا الوقف قد أوقعوا أنفسهم ف معصية ال ‪ ،‬وإن نار جهنم‬ ‫لحيطة بم ف اليوم الخر ‪.‬‬ ‫‪ -50‬هؤلء النافقون ل يريدون بك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬وبأصحابك إل الكاره ‪،‬‬ ‫‪70‬‬

‫فيتألون إذا نالكم خي من نصر أو غنيمة ‪ ،‬ويفرحون إذا أصابكم شر من جراح أو‬ ‫قتل ‪ ،‬ويقولون حينئذ شامتي ‪ :‬قد أخذنا حذرنا بالقعود عن الروج للجهاد ‪،‬‬ ‫وينصرفون مسرورين ‪.‬‬ ‫‪ -51‬قل لم أيها الرسول ‪ :‬لن ينالنا ف دنيانا من الي أو الشر إل ما قدره ال‬ ‫علينا ‪ ،‬فنحن راضون بقضاء ال ‪ ،‬ل نغتر بالي نناله ‪ ،‬ول نزع بالشر يصيبنا ‪ ،‬فإن‬ ‫ال وحده التول لميع أمورنا ‪ ،‬وعليه ‪ -‬وحده ‪ -‬يعتمد الؤمنون الصادقون ‪.‬‬ ‫‪ -52‬قل لم ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬ليس لكم أن تتوقعوا شيئا ينالنا إل إحدى العاقبتي‬ ‫الميدتي ‪ ،‬إما النصر والغنيمة ف الدنيا ‪ ،‬وإما الستشهاد ف سبيل ال والنة ف‬ ‫الخرة ‪ ،‬ونن ننتظر لكم أن يوقع ال بكم عذابا من عنده يهلككم به ‪ ،‬أو يعذبكم‬ ‫بالذلة على أيدينا ‪ ،‬فانتظروا أمر ال ‪ ،‬ونن معكم منتظرون أمره ‪.‬‬ ‫‪ -53‬قل ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬للمنافقي ‪ ،‬الذين يريدون أن يستروا نفاقهم بإنفاق الال‬ ‫ف الهاد وغيه ‪ :‬أنفقوا ما شئتم طائعي أو مكرهي ‪ ،‬فلن يتقبل ال عملكم الذى‬ ‫أحبطه نفاقكم ‪ ،‬إنكم دائما متمردون على دين ال ‪ ،‬خارجون على أمره ‪.‬‬ ‫وَمَا مََنعَ ُه ْم أَنْ تُقَْب َل مِ ْنهُ ْم َن َفقَاُتهُ ْم ِإلّا َأّنهُمْ َك َفرُوا بِال ّلهِ وَِب َرسُولِ ِه َولَا َي ْأتُو َن الصّلَا َة ِإلّا‬ ‫ك َأمْوَاُل ُهمْ َولَا َأ ْولَا ُد ُهمْ ِإنّمَا‬ ‫وَ ُهمْ ُكسَالَى وَلَا يُنْ ِفقُونَ ِإلّا وَ ُهمْ كَا ِرهُونَ (‪ )54‬فَلَا ُتعْجِ ْب َ‬ ‫س ُهمْ َو ُهمْ كَا ِفرُونَ (‪َ )55‬ويَحْ ِلفُونَ‬ ‫ُيرِيدُ ال ّل ُه لُِيعَ ّذَبهُ ْم ِبهَا فِي الْحَيَا ِة ال ّدنْيَا َوَت ْزهَ َق َأنْ ُف ُ‬ ‫جًأ َأوْ‬ ‫جدُو َن مَلْ َ‬ ‫بِال ّلهِ إِّن ُهمْ لَمِ ْن ُك ْم وَمَا هُ ْم مِ ْنكُ ْم َولَكِّن ُهمْ َقوْ ٌم َي ْف َرقُونَ (‪َ )56‬لوْ يَ ِ‬ ‫صدَقَاتِ َفإِنْ‬ ‫َمغَارَاتٍ َأوْ ُم ّدخَلًا َل َولّوْا ِإلَ ْيهِ وَ ُهمْ َيجْمَحُونَ (‪َ )57‬ومِ ْنهُ ْم َمنْ يَلْ ِمزُ َك فِي ال ّ‬ ‫أُعْطُوا مِ ْنهَا رَضُوا َوإِ ْن َلمْ ُيعْ َطوْا مِ ْنهَا ِإذَا ُه ْم َيسْخَطُونَ (‪)58‬‬ ‫‪ -54‬وما منع ال من قبول نفقاتم إل أنم كفروا بال ورسوله ‪ ،‬والكفر يبط‬ ‫العمال ‪ ،‬وإل أنم ل يؤدون الصلة على الوجه الذى أمروا أن يؤدوها عليه ‪ ،‬فهم‬ ‫يؤدونا غي مقبلي عليها سترا لنفاقهم ‪ ،‬ول ينفقون شيئا إل وهم كارهون لذا‬ ‫النفاق ف سرائرهم ‪.‬‬ ‫‪ -55‬ول يروقك ‪ -‬أيها السامع ‪ -‬ويأخذ بقلبك ‪ ،‬ما ترى من النافقي فيه من مال‬ ‫‪71‬‬

‫وبني ‪ ،‬فإن ال ما أعطاهم هذا إل ليكابدوا ف سبيله التاعب والشقات ‪ ،‬لفظه ف‬ ‫الياة الدنيا ‪ ،‬دون أن يؤجروا على ذلك ‪ ،‬ويدركهم الوت وهم كافرون ‪ ،‬فيعذبون‬ ‫بسببها ف الخرة ‪.‬‬ ‫‪ -56‬ويقسم هؤلء النافقون كذبا لكم ‪ -‬يا جاعة الؤمني ‪ -‬أنم مؤمنون مثلكم ‪،‬‬ ‫والقيقة أنم ليسوا مؤمني بال ‪ ،‬ولكنهم قوم من شأنم الضعف والوف ‪ ،‬وإن ذلك‬ ‫يدفعهم إل النفاق والوف الدائم ‪ ،‬فهم يؤكدونه باليْمان الفاجرة ‪.‬‬ ‫‪ -57‬وهم يضيقون بكم ‪ ،‬ويكرهون معاشرتكم ‪ ،‬ولو يدون حصنا أو سراديب ف‬ ‫البال أو جحورا ف الرض يدخلون فيها ‪ ،‬لنصرفوا إليها مسرعي ‪.‬‬ ‫‪ -58‬وبعض هؤلء النافقي يعيبك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬ويطعن عليك ف قسمة‬ ‫الصدقات والغنائم ‪ ،‬إذ ل هم لم إل حطام الدنيا ‪ ،‬فإن أعطيتهم ما يرغبون منها‬ ‫رضوا عن عملك ‪ ،‬وإن ل تعطهم تعجلوا بالسخط عليك ‪.‬‬ ‫وََل ْو أَّن ُهمْ رَضُوا مَا َآتَاهُ ُم اللّ ُه وَ َرسُوُلهُ َوقَالُوا َحسْبُنَا ال ّل ُه سَيُ ْؤتِينَا ال ّلهُ مِ ْن فَضْ ِل ِه وَرَسُولُهُ‬ ‫ي وَالْعَامِلِيَ عَلَ ْيهَا وَالْ ُم َؤلّ َفةِ‬ ‫ت لِ ْلفُ َقرَا ِء وَالْ َمسَاكِ ِ‬ ‫ص َدقَا ُ‬ ‫ِإنّا ِإلَى اللّهِ رَاغِبُونَ (‪ِ )59‬إنّمَا ال ّ‬ ‫ضةً ِم َن ال ّلهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ‬ ‫ي َوفِي سَبِيلِ ال ّلهِ وَاْبنِ السّبِيلِ َفرِي َ‬ ‫قُلُوُب ُهمْ َوفِي ال ّرقَابِ وَالْغَا ِرمِ َ‬ ‫حَكِيمٌ (‪)60‬‬ ‫‪ -59‬ولو أن هؤلء النافقي ‪ ،‬الذين عابوك ف قسم الصدقات والغنائم ‪ ،‬رضوا با‬ ‫قسم ال لم ‪ ،‬وهو ما أعطاهم رسوله ‪ ،‬وطابت نفوسهم به ‪ -‬وإن قل ‪ -‬وقالوا ‪:‬‬ ‫كفانا حكم ال ‪ ،‬وسيزقنا ال من فضله ‪ ،‬ويعطينا رسوله أكثر ما أعطانا ف هذه‬ ‫الرة ‪ ،‬وإنا إل طاعة ال وأفضاله وإحسانه لراغبون ‪ ،‬لو أنم فعلوا ذلك لكان خيا‬ ‫لم ‪.‬‬ ‫‪ -60‬ل تُصرف الزكاة الفروضة إل للذين ل يدون ما يكفيهم ‪ ،‬والرضى الذين ل‬ ‫يستطيعون كسبا ول مال لم ‪ ،‬والذين يمعونا ويعملون فيها ‪ ،‬والذين تؤلف‬ ‫قلوبم ‪ ،‬لنم يرجى منهم السلم والنتفاع بم ف خدمته ونصرته ‪ ،‬والذين يدعون‬ ‫إل السلم ويبشرون به ‪ ،‬وف عتق رقاب الرقاء والسرى من ربقة العبودية وذل‬ ‫‪72‬‬

‫السر ‪ ،‬وف قضاء الديون عن الديني العاجزين عن الداء ‪ ،‬إذا ل تكن ناشئة عن إث‬ ‫أو ظلم أو سفه ‪ ،‬وف إمداد الغزاة با يعينهم على الهاد ف سبيل ال ‪ ،‬وما يتصل‬ ‫بذلك من طريق الي ووجوه الب ‪ ،‬وف عون السافرين إذا انقطعت أسباب اتصالم‬ ‫بأموالم وأهليهم ‪ .‬شرع ال ذلك فريضة منه لصلحة عباده ‪ ،‬وال سبحانه عليم‬ ‫بصال خلقه ‪ ،‬حكيم فيما يشرع ‪.‬‬ ‫وَمِ ْن ُهمُ اّلذِي َن ُي ْؤذُو َن النّبِ ّي َويَقُولُو َن ُهوَ ُأذُ ٌن ُقلْ ُأذُ ُن خَ ْيرٍ لَ ُكمْ ُي ْؤ ِمنُ بِاللّ ِه َويُ ْؤ ِمنُ‬ ‫ب َألِيمٌ (‪)61‬‬ ‫ي وَرَحْ َم ٌة لِ ّلذِينَ َآمَنُوا مِ ْن ُكمْ وَاّلذِينَ يُ ْؤذُونَ َرسُولَ ال ّلهِ َل ُهمْ َعذَا ٌ‬ ‫لِلْ ُم ْؤمِنِ َ‬ ‫يَحْ ِلفُونَ بِال ّلهِ َل ُكمْ لُِيرْضُو ُكمْ وَال ّلهُ وَ َرسُوُلهُ َأ َحقّ أَ ْن ُيرْضُو ُه إِنْ كَانُوا ُم ْؤمِنِيَ (‪َ )62‬أَلمْ‬ ‫ي الْعَظِيمُ (‬ ‫خزْ ُ‬ ‫َيعْلَمُوا َأنّ ُه َمنْ يُحَا ِد ِد اللّ َه وَ َرسُوَلهُ َفأَ ّن َلهُ نَا َر َجهَنّ َم خَاِلدًا فِيهَا َذِلكَ الْ ِ‬ ‫حذَ ُر الْمُنَا ِفقُونَ أَ ْن تَُن ّزلَ عَلَ ْي ِهمْ سُو َر ٌة تُنَبُّئهُ ْم بِمَا فِي قُلُوبِ ِه ْم ُقلِ اسَْت ْهزِئُوا إِ ّن ال ّلهَ‬ ‫‪ )63‬يَ ْ‬ ‫ض َونَ ْلعَبُ ُقلْ َأبِال ّلهِ‬ ‫حذَرُونَ (‪ )64‬وَلَِئ ْن َسأَلَْت ُهمْ لََيقُوُل ّن ِإنّمَا كُنّا نَخُو ُ‬ ‫ج مَا تَ ْ‬ ‫خرِ ٌ‬ ‫مُ ْ‬ ‫وَ َآيَاِتهِ وَ َرسُوِلهِ كُنُْت ْم َتسَْتهْ ِزئُونَ (‪)65‬‬ ‫‪ -61‬ومن الناس منافقون يتعمّدون إيذاء النب ‪ ،‬وتناوله با يكره ‪ ،‬فيتهمونه بأنه مب‬ ‫لسماع كل ما يقال له من صدق وكذب ‪ ،‬وأنه يدع با يسمع ‪ ،‬فقل لم ‪ -‬أيها‬ ‫الرسول ‪ : -‬إن من تتناولونه ف غيبته بذه التهمة ‪ ،‬ليس كما زعمتم ‪ ،‬بل هو أذن‬ ‫خي ل يسمع إل الصدق ‪ ،‬ول يدع بالباطل ‪ ،‬يصدق بال ووحيه ‪ ،‬ويصدق‬ ‫الؤمني ‪ ،‬لن إيانم ينعهم عن الكذب ‪ ،‬وهو رحة لكل من يؤمن منكم ‪ .‬وإن ال‬ ‫أعد لن يؤذيه عذابا مؤلا دائما شديدا ‪.‬‬ ‫‪ -62‬يتخلفون عنكم ف قتال أعدائكم دون تردد ‪ ،‬ث يعتذرون عن تلفهم كذبا ‪،‬‬ ‫ويلفون لكم لترضوا عنهم وتقبلوا معاذيرهم ‪ ،‬وال والرسول أحق برصهم على‬ ‫رضائه إن كانوا مؤمني حقا ‪.‬‬ ‫‪ -63‬أل يعلم هؤلء النافقون أن مَن يكفر ‪ ،‬أو يُحاد ال ورسوله جزاؤه العذاب‬ ‫الدائم ف نار جهنم ‪ ،‬وذلك هو العار الفاضح ‪ ،‬والذل الشديد ‪.‬‬ ‫‪ -64‬النافقون يستهزئون فيما بينهم بالرسول ‪ ،‬ويشون أن يفتضح أمرهم ‪ ،‬فتنل‬ ‫‪73‬‬

‫فيهم على النب آيات من القرآن تظهر ما يفون ف قلوبم ويسرونه فيما بينهم ‪ ،‬فقل‬ ‫لم ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬استهزئوا ما شئتم ‪ ،‬فإن ال مظهر ما تشون ظهوره ‪.‬‬ ‫‪ -65‬تأكد ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬أنك إن سألت النافقي ‪ ،‬بعد افتضاح أمرهم ‪ ،‬عن‬ ‫سبب طعنهم ف الدين واستهزائهم بال وآياته ‪ ،‬اعتذروا بقولم ‪ :‬كنا نوض ف‬ ‫الديث ونلهو ‪ ،‬فقل لم ‪ :‬كيف ساغ لكم أن توضوا أو تلهوا مستهزئي بال وآياته‬ ‫ورسوله؟!‬ ‫لَا َتعَْتذِرُوا َقدْ َك َف ْرُتمْ َب ْعدَ إِيَانِ ُك ْم إِ ْن نَعْفُ َعنْ طَاِئ َفةٍ مِ ْن ُكمْ ُن َعذّبْ طَاِئ َفةً ِبَأنّ ُهمْ كَانُوا‬ ‫ض َيأْ ُمرُونَ بِالْمُ ْن َكرِ َويَ ْنهَوْنَ َعنِ‬ ‫ضهُ ْم ِمنْ َبعْ ٍ‬ ‫ت َبعْ ُ‬ ‫ج ِرمِيَ (‪ )66‬الْمُنَا ِفقُونَ وَالْمُنَافِقَا ُ‬ ‫مُ ْ‬ ‫ي ُه ُم الْفَا ِسقُونَ (‪ )67‬وَ َعدَ‬ ‫ف وََيقْبِضُو َن أَْي ِدَيهُ ْم َنسُوا ال ّل َه فََنسَِيهُ ْم إِ ّن الْمُنَافِقِ َ‬ ‫الْ َمعْرُو ِ‬ ‫ت وَاْل ُكفّا َر نَارَ جَهَّن َم خَاِلدِي َن فِيهَا ِهيَ َحسُْبهُ ْم َولَعََن ُهمُ ال ّلهُ‬ ‫ي وَالْمُنَافِقَا ِ‬ ‫اللّ ُه الْمُنَافِقِ َ‬ ‫ب ُمقِيمٌ (‪ )68‬كَالّذِينَ ِم ْن قَبْ ِلكُمْ كَانُوا َأشَ ّد مِ ْنكُ ْم ُق ّوةً َوأَكَْثرَ َأ ْموَالًا َوَأوْلَادًا‬ ‫وََل ُهمْ َعذَا ٌ‬ ‫فَاسْتَمَْتعُوا بِخَلَا ِق ِهمْ فَاسْتَمَْتعُْتمْ بِخَلَا ِقكُمْ كَمَا اسْتَمْتَ َع اّلذِي َن ِمنْ قَبْ ِل ُكمْ بِخَلَاقِ ِهمْ‬ ‫ت أَ ْعمَالُ ُهمْ فِي ال ّدنْيَا وَالْ َآ ِخ َرةِ َوأُولَِئكَ ُهمُ‬ ‫وَخُضُْتمْ كَالّذِي خَاضُوا أُولَِئكَ حَبِطَ ْ‬ ‫الْخَا ِسرُونَ (‪)69‬‬ ‫‪ -66‬ل تعتذروا بذه العاذير الباطلة ‪ ،‬قد ظهر كفركم بعد ادعائكم اليان ‪ ،‬فإن‬ ‫نعف عن طائفة منكم تابت وآمنت بسبب إيانا وصدق توبتها ‪ ،‬فإنا نعذب طائفة‬ ‫أخرى منكم بسبب إصرارها على الكفر والنفاق ‪ ،‬وإجرامها ف حق الرسول والؤمني‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ -67‬النافقون والنافقات يتشابون ف أنم يفعلون القبيح ويأمرون به ‪ ،‬ويتركون‬ ‫الق وينهون عنه ‪ ،‬ويبخلون ببذل الال ف وجوه الي ‪ ،‬فهم كأجزاء من شئ واحد ‪،‬‬ ‫أعرضوا عن ال فأعرض عنهم ول يهدهم ‪ ،‬لنم هم الارجون عن طاعة ال ‪.‬‬ ‫‪ -68‬كتب ال للمنافقي وللكافرين نار جهنم يعذبون فيها ول يرجون منها ‪ ،‬وهى‬ ‫َحسْبهم عقابا ‪ ،‬وعليهم مع هذا العقاب غضب ال والعذاب الدائم يوم القيامة ‪.‬‬ ‫‪ -69‬إن حالكم ‪ -‬أيها النافقون ‪ -‬كحال أمثالكم من سبقوكم إل النفاق والكفر ‪،‬‬ ‫‪74‬‬

‫فإنم وقد كانوا أقوى منكم وأكثر أموا ًل وأولدا ‪ ،‬استمتعوا با ُقدّر لم من حظوظ‬ ‫الدنيا ‪ ،‬وأعرضوا عن ذكر ال وتقواه ‪ ،‬وقابلوا أنبياءهم بالستخفاف ‪ ،‬وسخروا منهم‬ ‫فيما بينهم وبي أنفسهم ‪ ،‬وقد استمتعتم با ُقدّر لكم من ملذ الدنيا كما استمتعوا ‪،‬‬ ‫وخضتم فيما خاضوا فيه من النكر والباطل ‪ ،‬إنم قد بطلت أعمالم ‪ ،‬فلم تَنْفعهُم ف‬ ‫الدنيا ول ف الخرة ‪ ،‬وكانوا هم الاسرين ‪ ،‬وأنتم مثلهم ف سوء الال والآل ‪.‬‬ ‫ب َمدَْينَ‬ ‫صحَا ِ‬ ‫َألَ ْم َيأِْت ِهمْ نََبُأ الّذِينَ ِم ْن قَبْ ِل ِهمْ َقوْ ِم نُوحٍ وَعَا ٍد َوثَمُو َد َوقَوْ ِم ِإْبرَاهِيمَ وَأَ ْ‬ ‫سهُمْ‬ ‫ت أَتَ ْت ُهمْ ُرسُ ُلهُ ْم بِالْبَيّنَاتِ فَمَا كَا َن ال ّلهُ لِيَظْ ِل َم ُهمْ َولَ ِكنْ كَانُوا أَْن ُف َ‬ ‫وَالْ ُم ْؤتَ ِفكَا ِ‬ ‫ف َويَ ْنهَوْنَ‬ ‫ض َي ْأمُرُو َن بِالْ َم ْعرُو ِ‬ ‫ض ُهمْ َأ ْولِيَاءُ بَعْ ٍ‬ ‫يَظْلِمُونَ (‪ )70‬وَالْ ُمؤْمِنُو َن وَالْ ُم ْؤمِنَاتُ َبعْ ُ‬ ‫َع ِن الْمُ ْنكَ ِر َويُقِيمُو َن الصّلَاةَ َوُيؤْتُونَ الزّكَاةَ وَيُطِيعُونَ ال ّل َه وَرَسُولَ ُه أُولَِئكَ سَيَ ْرحَ ُم ُهمُ‬ ‫جرِي ِم ْن تَحِْتهَا‬ ‫ي وَالْ ُم ْؤمِنَاتِ جَنّاتٍ تَ ْ‬ ‫اللّ ُه إِ ّن اللّهَ َعزِيزٌ حَكِيمٌ (‪ )71‬وَ َع َد اللّ ُه الْ ُمؤْمِِن َ‬ ‫ك ُهوَ‬ ‫ضوَانٌ ِم َن ال ّلهِ أَكَْب ُر َذلِ َ‬ ‫الَْأْنهَا ُر خَاِلدِي َن فِيهَا َو َمسَا ِكنَ طَيَّبةً فِي جَنّاتِ َعدْ ٍن وَرِ ْ‬ ‫ي وَاغْ ُلظْ عَلَ ْي ِه ْم وَ َم ْأوَا ُهمْ َجهَّنمُ‬ ‫الْ َفوْزُ اْلعَظِيمُ (‪ )72‬يَا أَّيهَا النِّب ّي جَاهِ ِد الْ ُكفّارَ وَالْمُنَافِقِ َ‬ ‫س الْمَصِيُ (‪)73‬‬ ‫وَبِئْ َ‬ ‫‪ -70‬أفل يعتب النافقون والكافرون بال الذين سبقوهم ‪ ،‬من قوم نوح وعاد وثود‬ ‫وقوم إبراهيم وقوم شعيب وقوم لوط ‪ ،‬جاءتم رسل ال بالُجج البينات من عند ال ‪،‬‬ ‫فكذبوا وكفروا ‪ ،‬فأخذ ال ُكلً بذنبه ‪ ،‬وأهلكهم جيعا ‪ ،‬وما ظلمهم ال بذا ‪،‬‬ ‫ولكنهم ظلموا أنفسهم بكفرهم وتردهم على ال واستحقاقهم العذاب ‪ -‬وحدهم ‪-‬‬ ‫فهم الذين يظلمون أنفسهم ‪.‬‬ ‫‪ -71‬والؤمنون والؤمنات بعضهم أحباء ونصراء بعض بقتضى اليان ‪ ،‬يأمرون با‬ ‫يأمر به دينهم الق ‪ ،‬وينهون عما ينكره الدين ‪ ،‬يؤدون الصلة ف أوقاتا ‪ ،‬ويؤتون‬ ‫الزكاة لستحقيها ف إبّانا ‪ ،‬ويتثلون ما يأمر به اللّه ورسوله ‪ ،‬ويتنبون ما ينهى عنه‬ ‫اللّه ورسوله ‪ ،‬وهؤلء هم الذين سيظلون ف رحة اللّه ‪ ،‬فإن اللّه قادر على رعايتهم‬ ‫بالرحة ‪ ،‬حكيم ف عطائه ‪.‬‬ ‫‪ -72‬وقد وعدهم اللّه النة خالدين ف نعيمها ‪ ،‬وأعد لم مساكن تطيب با نفوسهم‬ ‫‪75‬‬

‫ف دار القامة واللود ‪ ،‬ولم مع ذلك رضاء اللّه عنهم يستشعرون به ‪ ،‬وهو النعيم‬ ‫الكب ‪ ،‬وذلك هو الفوز العظيم ‪.‬‬ ‫‪ -73‬يا أيها النب ‪ ،‬ثابر على جهادك ف ردع الكفار عن كفرهم ‪ ،‬والنافقي عن‬ ‫نفاقهم ‪ ،‬واشتد عليهم ف جهادك ‪ ،‬وإن مآلم الذى أعدَه اللّه لم ف الخرة هو جهنم‬ ‫‪ ،‬وما أَسوأ هذا الصي ‪.‬‬ ‫يَحْ ِلفُونَ بِال ّلهِ مَا قَالُوا َولَ َق ْد قَالُوا كَ ِل َمةَ اْلكُ ْف ِر وَ َكفَرُوا َب ْعدَ ِإسْلَا ِم ِهمْ َوهَمّوا بِمَا َلمْ‬ ‫ك خَ ْيرًا َل ُهمْ َوإِنْ‬ ‫يَنَالُوا َومَا َنقَمُوا ِإلّا أَ ْن أَغْنَا ُهمُ ال ّلهُ وَ َرسُوُل ُه ِمنْ فَضْ ِل ِه َفإِنْ يَتُوبُوا يَ ُ‬ ‫ض ِمنْ َولِ ّي َولَا نَصِيٍ‬ ‫يََتوَّلوْا ُي َعذّْب ُهمُ ال ّلهُ َعذَابًا َألِيمًا فِي الدّنْيَا وَاْلآَ ِخ َر ِة وَمَا َلهُ ْم فِي اْلأَرْ ِ‬ ‫حيَ (‪)75‬‬ ‫ص ّد َق ّن وَلََنكُوَننّ ِم َن الصّالِ ِ‬ ‫(‪ )74‬وَمِ ْن ُهمْ مَنْ عَا َهدَ ال ّلهَ لَِئنْ َآتَانَا ِم ْن فَضْ ِلهِ لَنَ ّ‬ ‫فَلَمّا َآتَا ُه ْم ِمنْ فَضْ ِل ِه بَخِلُوا ِب ِه َوتَ َولّوْا وَ ُهمْ مُ ْعرِضُونَ (‪َ )76‬فأَ ْعقَبَ ُه ْم ِنفَاقًا فِي قُلُوِب ِهمْ‬ ‫ِإلَى يَوْ ِم يَ ْل َق ْونَ ُه بِمَا أَخْ َلفُوا اللّ َه مَا وَ َعدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَ ْك ِذبُونَ (‪َ )77‬أَلمْ َيعْلَمُوا أَ ّن ال ّلهَ‬ ‫جوَا ُه ْم وَأَ ّن ال ّلهَ عَلّا ُم الْغُيُوبِ (‪)78‬‬ ‫َيعْلَ ُم ِسرّ ُهمْ َونَ ْ‬ ‫‪ -74‬إن النافقي يلفون أمامك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬باللّه أنم ما قالوا منكرا ما بلغك‬ ‫عنهم ‪ ،‬وهم كاذبون ف النكار ‪ ،‬حانثون ف اليمي ‪ ،‬وإنم قد قالوا كلمة الكفر ‪،‬‬ ‫وظهر كفرهم بعد أن كان باطنا ‪ ،‬وما كان سبب نقمتهم عليك إل بطرا بالنعمة ‪ ،‬بعد‬ ‫أن أغناهم اللّه ورسوله با حصلوا عليه من الغنائم الت شاركوا فيها السلمي ‪ ،‬فإن‬ ‫يرجعوا إل اللّه بترك النفاق والندم على ما كان منهم يقبل اللّه توبتهم ويكون ذلك‬ ‫خيا لم ‪ ،‬وإن يعرضوا عن اليان يعذبم اللّه ف الدنيا بختلف ألوان البلء ‪ ،‬وف‬ ‫الخرة بنار جهنم ‪ ،‬وليس لم ف الرض من يُدافع عنهم أو يشفع لم ‪ ،‬أو ينصرهم ‪.‬‬ ‫‪ -75‬ومن النافقي منْ أقسم باللّه وعاهده ‪ :‬لئن آتاهم اللّه مال وأغناهم من فضله ‪،‬‬ ‫ليتصدقن وليكونن من الصالي ف أعمالم ‪.‬‬ ‫‪ -76‬فلما استجاب اللّه لم ‪ ،‬وأعطاهم من فضله ‪ ،‬بلوا با أوتوا فلم ينفقوا ‪ ،‬ول‬ ‫يوفوا بالعهد ‪ ،‬وانصرفوا عن الي ‪ ،‬وهم معرضون عنه وعن اللّه ‪.‬‬ ‫‪ -77‬فكانت عاقبة بلهم أن تكن النفاق ف قلوبم إل أن يوتوا ويلقوا اللّه ‪ ،‬بسبب‬ ‫‪76‬‬

‫نقضهم لعهدهم ‪ ،‬وكذبم ف يينهم ‪.‬‬ ‫‪ -78‬كيف يتجاهلون أن اللّه مُطلع عليهم؛ ل يفى عليه ما يضمرونه ف السر من‬ ‫نقض العهد ‪ ،‬وما يتناجون به ف الفاء من الطعن ف الدين وتدبي الكايد للمسلمي ‪،‬‬ ‫وهو ‪ -‬جل شأنه ‪ -‬العليم الذى ل يغيب عنه شئ ‪.‬‬ ‫جدُو َن ِإلّا ُجهْ َد ُهمْ‬ ‫ت وَاّلذِي َن لَا يَ ِ‬ ‫ص َدقَا ِ‬ ‫ي فِي ال ّ‬ ‫ي ِم َن الْمُ ْؤمِنِ َ‬ ‫الّذِينَ يَلْ ِمزُو َن الْمُ ّطوّعِ َ‬ ‫ب َألِيمٌ (‪ )79‬اسَْت ْغ ِفرْ َل ُهمْ َأ ْو لَا َتسَْتغْ ِف ْر َلهُمْ‬ ‫خرَ ال ّلهُ مِ ْنهُ ْم َولَ ُهمْ َعذَا ٌ‬ ‫خرُونَ مِ ْن ُه ْم سَ ِ‬ ‫فََيسْ َ‬ ‫ك بَِأّن ُهمْ َك َفرُوا بِاللّ ِه وَ َرسُوِلهِ وَاللّ ُه لَا‬ ‫ي َم ّر ًة فَ َلنْ َي ْغ ِفرَ ال ّلهُ َل ُه ْم َذلِ َ‬ ‫إِ ْن َتسْتَ ْغ ِفرْ َل ُهمْ سَبْعِ َ‬ ‫َيهْدِي الْ َقوْ َم الْفَاسِقِيَ (‪َ )80‬فرِحَ الْ ُمخَ ّلفُو َن بِ َم ْق َعدِ ِهمْ خِلَافَ َرسُو ِل اللّ ِه وَ َك ِرهُوا أَنْ‬ ‫ح ّر ُق ْل نَارُ َجهَّنمَ َأ َشدّ‬ ‫س ِهمْ فِي سَبِيلِ ال ّلهِ َوقَالُوا لَا تَ ْنفِرُوا فِي الْ َ‬ ‫يُجَاهِدُوا ِبَأمْوَاِل ِهمْ َوَأْنفُ ِ‬ ‫حكُوا قَلِيلًا َولْيَ ْبكُوا كَثِيًا جَزَا ًء بِمَا كَانُوا يَ ْكسِبُونَ (‬ ‫ضَ‬ ‫حَرّا لَوْ كَانُوا َيفْ َقهُونَ (‪ )81‬فَلْيَ ْ‬ ‫‪)82‬‬ ‫‪ -79‬ومن نقائص هؤلء النافقي مع بلهم أنم يعيبون على الوسرين من الؤمني‬ ‫تصدقهم على الحتاجي ‪ ،‬ويسخرون بغي الوسرين من الؤمني لتصدقهم مع قلة‬ ‫أموالم ‪ ،‬وقد جازاهم اللّه على سخريتهم با كشف من فضائحهم ‪ ،‬وجعلهم سخرية‬ ‫للناس أجعي ‪ ،‬ولم ف الخرة عذاب شديد ‪.‬‬ ‫‪ -80‬لن ينفعهم أن تستجيب لدعاء بعضهم ‪ ،‬وتطلب الغفرة من اللّه لم ‪ ،‬فسواء أن‬ ‫تستغفر لم ‪ -‬أيها النب ‪ -‬أم ل تستغفر لم ‪ ،‬ومهما أكثرت من طلب الغفرة لم ‪،‬‬ ‫فلن يعفو اللّه عنهم؛ لنه ل أمل ف العفو والغفرة مع الكفر والصرار عليه ‪ ،‬قد كفر‬ ‫هؤلء باللّه ورسوله ‪ ،‬واللّه ل يهدى الارجي عليه وعلى رسوله ‪ ،‬لتمردهم على‬ ‫شرعه ودينه ‪.‬‬ ‫‪ -81‬إن النافقي تلفوا عن الروج مع رسول اللّه والسلمي ‪ ،‬وفرحوا بقعودهم ف‬ ‫الدينة بعد خروج النب منها ‪ ،‬وبخالفتهم أمره بالهاد معه ‪ ،‬وكرهوا أن ياهدوا‬ ‫بأموالم ‪ ،‬ويضحوا بأرواحهم ف سبيل إعلء كلمة اللّه ونصر دينه ‪ ،‬وأخذوا يثبطون‬ ‫غيهم ‪ ،‬ويُغرونم بالقعود معهم ‪ ،‬ويوفونم من النفور إل الرب ف الر ‪ ،‬فقل ‪-‬‬ ‫‪77‬‬

‫أيها الرسول ‪ -‬لؤلء ‪ :‬لو كنتم تعقلون ‪ ،‬لذكرت أن نار جهنم أكثر حرارة وأشد‬ ‫قسوة ما تافون ‪.‬‬ ‫‪ -82‬فليضحكوا فرحا بالقعود ‪ ،‬وسخرية من الؤمني ‪ ،‬فإن ضحكهم زمنه قليل ‪،‬‬ ‫لنتهائه بانتهاء حياتم ف الدنيا ‪ ،‬وسيعقبه بكاء كثي ل ناية له ف الخرة ‪ ،‬جزاء لم‬ ‫بسبب ما ارتكبوه من سيئات ‪.‬‬ ‫خ ُرجُوا َمعِ َي َأبَدًا وََلنْ‬ ‫خرُوجِ فَ ُق ْل َلنْ تَ ْ‬ ‫َفإِنْ َرجَ َعكَ ال ّلهُ ِإلَى طَائِ َفةٍ مِ ْنهُ ْم فَاسَْت ْأذَنُو َك لِلْ ُ‬ ‫صلّ‬ ‫ُتقَاتِلُوا َمعِيَ َع ُدوّا ِإنّ ُكمْ رَضِيُت ْم بِالْ ُقعُو ِد َأوّ َل َمرّ ٍة فَاقْ ُعدُوا مَ َع الْخَالِفِيَ (‪َ )83‬ولَا تُ َ‬ ‫ت َأبَدًا وَلَا تَ ُقمْ عَلَى قَ ْب ِرهِ ِإّنهُمْ َك َفرُوا بِال ّل ِه وَ َرسُولِ ِه َومَاتُوا َوهُمْ‬ ‫عَلَى أَ َح ٍد مِ ْنهُ ْم مَا َ‬ ‫ك أَ ْموَاُل ُهمْ َوَأوْلَادُ ُه ْم إِنّمَا ُيرِي ُد اللّ ُه أَ ْن ُيعَ ّذَب ُهمْ ِبهَا فِي ال ّدنْيَا‬ ‫فَا ِسقُونَ (‪َ )84‬ولَا ُتعْجِ ْب َ‬ ‫ت سُو َرةٌ أَنْ َآمِنُوا بِال ّلهِ وَجَا ِهدُوا مَعَ‬ ‫س ُهمْ َو ُهمْ كَا ِفرُونَ (‪َ )85‬وِإذَا ُأْنزِلَ ْ‬ ‫وََت ْز َهقَ َأْنفُ ُ‬ ‫َرسُوِلهِ اسَْت ْأذََنكَ أُولُو الطّ ْولِ مِ ْنهُ ْم َوقَالُوا ذَ ْرنَا َن ُكنْ مَ َع اْلقَا ِعدِينَ (‪َ )86‬رضُوا ِبأَنْ‬ ‫خوَالِفِ وَطُِبعَ عَلَى قُلُوبِ ِهمْ َفهُ ْم لَا َي ْفقَهُونَ (‪)87‬‬ ‫يَكُونُوا َمعَ الْ َ‬ ‫‪ -83‬فإن أعادك اللّه من الغزو إل طائفة من هؤلء النافقي الذين تلفوا عن الغزو ‪،‬‬ ‫فاستأذنوك ف أن يرجوا معك للجهاد ف غزوة أخرى ‪ ،‬فل تأذن لم ‪ ،‬وقل لم ‪ :‬لن‬ ‫ترجوا معى ف أية غزوة ‪ ،‬ولن تشتركوا معى ف قتال أى عدو ‪ ،‬لن قعودكم عن‬ ‫الروج ف أول مرة ل يسبق بعذر يبره ‪ ،‬ول يلحق بتوبة تغفره ‪ ،‬فاقعدوا كما‬ ‫ارتضيتم أن تقعدوا مع التخلفي من العجزة والكهول والنساء والطفال ‪.‬‬ ‫‪ -84‬وإذا مات أحد منهم ‪ ،‬فل تصل عليه ‪ ،‬ول تقف على قبة عند دفنه ‪ ،‬لنم‬ ‫عاشوا حياتم كافرين باللّه ورسوله ‪ ،‬وماتوا وهم خارجون عن دين اللّه ‪.‬‬ ‫‪ -85‬ول يُثي عجبك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬ما أعطيناهم من الموال والولد مع سخطنا‬ ‫عليهم ‪ ،‬فلم يكن ذلك عن إيثارهم بالي ‪ ،‬بل لتنفيذ ما أراد اللّه من شقائهم ف الدنيا‬ ‫بالنماك ف جع الال ‪ ،‬وما يلحقهم ف ذلك من الموم والصائب ‪ ،‬ولتنفيذ ما أراد‬ ‫اللّه من مفارقتهم للدنيا كافرين ‪ ،‬وقد خسروا الول والخرة ‪.‬‬ ‫‪ -86‬وهؤلء النافقون إذا سعوا شيئا ما أنزل عليك ف القرآن يدعوهم إل إخلص‬ ‫‪78‬‬

‫اليان باللّه ‪ ،‬وإل الهاد مع رسول اللّه ‪ ،‬طلب الغنياء والقوياء منهم أن تأذن لم‬ ‫ف التخلف عن الهاد معك ‪ ،‬وقالوا لك ‪ :‬اتركنا مع العذورين القاعدين ف الدينة ‪.‬‬ ‫‪ -87‬إنم قد رضوا لنفسهم أن يكونوا ف عداد التخلفي من النساء والعجزة‬ ‫والطفال الذين ل ينهضون لقتال ‪ ،‬وختم اللّه على قلوبم بالوف والنفاق ‪ ،‬فهم ل‬ ‫يفهمون فهما حقيقيا ما ف الهاد ومتابعة الرسول فيه من عز ف الدنيا ورضوان ف‬ ‫الخرة ‪.‬‬ ‫س ِهمْ َوأُولَِئكَ َل ُهمُ الْخَ ْيرَاتُ‬ ‫لَ ِك ِن ال ّرسُولُ وَاّلذِينَ َآمَنُوا َم َعهُ جَا َهدُوا ِبأَ ْموَاِل ِهمْ َوَأنْ ُف ِ‬ ‫جرِي ِم ْن تَحِْتهَا اْلَأْنهَا ُر خَاِلدِينَ‬ ‫ت تَ ْ‬ ‫ك ُهمُ الْ ُمفْلِحُونَ (‪ )88‬أَ َعدّ ال ّل ُه َلهُ ْم جَنّا ٍ‬ ‫وَأُولَئِ َ‬ ‫ب لُِيؤْذَ َن َل ُهمْ َو َقعَ َد اّلذِينَ‬ ‫ك اْلفَوْ ُز الْعَظِيمُ (‪ )89‬وَجَا َء الْ ُمعَذّرُو َن ِمنَ اْلأَ ْعرَا ِ‬ ‫فِيهَا َذلِ َ‬ ‫ضعَفَاءِ‬ ‫ب َألِيمٌ (‪ )90‬لَيْسَ عَلَى ال ّ‬ ‫ب اّلذِينَ َك َفرُوا مِ ْن ُهمْ َعذَا ٌ‬ ‫َك َذبُوا ال ّل َه وَرَسُولَ ُه سَيُصِي ُ‬ ‫جدُونَ مَا يُ ْن ِفقُو َن َحرَجٌ ِإذَا نَصَحُوا لِ ّلهِ وَرَسُولِ ِه مَا‬ ‫وَلَا عَلَى الْ َمرْضَى َولَا عَلَى اّلذِينَ لَا يَ ِ‬ ‫ي ِم ْن سَبِيلٍ وَاللّهُ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪َ )91‬ولَا عَلَى اّلذِي َن ِإذَا مَا َأَتوْكَ لِتَحْمِ َل ُهمْ‬ ‫حسِنِ َ‬ ‫عَلَى الْمُ ْ‬ ‫جدُوا مَا‬ ‫ض ِمنَ الدّمْ ِع َح َزنًا َألّا يَ ِ‬ ‫ت لَا َأ ِجدُ مَا أَحْمِ ُل ُكمْ عَلَ ْي ِه تَ َوّلوْا َوأَعْيُُن ُهمْ َتفِي ُ‬ ‫قُلْ َ‬ ‫يُ ْنفِقُونَ (‪)92‬‬ ‫‪ -88‬ذلك شأن النافقي ‪ ،‬لكن الرسول والذين صدقوا معه باللّه ‪ ،‬قد بذلوا أموالم‬ ‫وأرواحهم إرضاء للّه وإعلء لكلمته ‪ ،‬وأولئك لم ‪ -‬وحدهم ‪ -‬كل خي ف الدنيا من‬ ‫العز والنصرة والعمل الصال ‪ ،‬وهم ‪ -‬وحدهم ‪ -‬الفائزون ‪،‬‬ ‫‪ -89‬وقد هيّأ اللّه لم ف الخرة النعيم القيم ف جنات تتخللها النار ‪ ،‬وذلك هو‬ ‫الفوز العظيم والنجاح الكبي ‪.‬‬ ‫‪ -90‬وكما تلف بعض النافقي ف الدينة عن الروج للجهاد ‪ ،‬جاء فريق من‬ ‫العراب ‪ ،‬وهم أهل البادية ‪ ،‬ينتحلون العذار ليؤذن لم ف التخلف ‪ ،‬وبذلك َق َعدَ‬ ‫الذين كذبوا اللّه ورسوله فيما يظهرونه من اليان ‪ ،‬فلم يضروا ‪ ،‬ول يعتذروا للّه‬ ‫ورسوله ‪ ،‬وذلك دليل كفرهم ‪ ،‬وسينل العذاب الؤل على الكافرين منهم ‪.‬‬ ‫‪ -91‬إن الذين يقبل عذرهم ف التخلف هم الضعفاء ‪ ،‬والرضى ‪ ،‬والفقراء الذين ل‬ ‫‪79‬‬

‫يدون ما ينفقون ‪ ،‬إذا أخلص هؤلء للّه ورسوله ف دينهم فإنم بذلك مسنون ‪ ،‬ول‬ ‫حرج على الحسني ‪ ،‬واللّه كثي الغفران واسع الرحة ‪.‬‬ ‫‪ -92‬وكذلك ل حرج على من جاء من الؤمني يلتمسون أن تملهم إل الهاد‬ ‫فقلت لم ‪ :‬ل أجد ما أحلكم عليه ‪ ،‬فانصرفوا عنك وعيونم تفيض الدمع حزنا أن‬ ‫فاتم شرف الهاد ف سبيل اللّه لنم ل يدون ما ينفقون ‪.‬‬ ‫ف وَطَبَعَ‬ ‫خوَالِ ِ‬ ‫ِإنّمَا السّبِيلُ عَلَى اّلذِي َن َيسَْتأْ ِذنُوَنكَ َو ُهمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا ِبأَ ْن َيكُونُوا مَ َع الْ َ‬ ‫اللّهُ عَلَى قُلُوِب ِهمْ َف ُه ْم لَا َيعْلَمُونَ (‪َ )93‬يعْتَذِرُو َن ِإلَيْ ُكمْ ِإذَا َرجَعُْت ْم ِإلَيْ ِه ْم ُقلْ لَا َتعْتَذِرُوا‬ ‫َلنْ ُن ْؤمِ َن َلكُ ْم َقدْ نَّبَأنَا ال ّلهُ ِم ْن َأخْبَارِ ُك ْم وَسََيرَى اللّهُ َعمَ َلكُ ْم وَ َرسُوُلهُ ُث ّم ُترَدّو َن إِلَى‬ ‫شهَا َدةِ فَيُنَبُّئكُ ْم بِمَا كُنُْت ْم تَعْمَلُونَ (‪ )94‬سَيَحْ ِلفُو َن بِال ّل ِه لَ ُكمْ إِذَا انْقَلَبُْتمْ‬ ‫عَاِلمِ اْلغَيْبِ وَال ّ‬ ‫س َو َمأْوَا ُه ْم جَهَّن ُم َجزَا ًء بِمَا كَانُوا‬ ‫ِإلَيْ ِه ْم لُِتعْرِضُوا عَ ْن ُهمْ َفأَ ْعرِضُوا عَ ْن ُهمْ ِإّن ُهمْ ِرجْ ٌ‬ ‫ضوْا عَ ْن ُهمْ فَإِ ّن ال ّلهَ لَا َيرْضَى َعنِ‬ ‫ضوْا عَ ْن ُه ْم َفإِنْ تَرْ َ‬ ‫يَ ْكسِبُونَ (‪ )95‬يَحْ ِلفُو َن َلكُ ْم لَِترْ َ‬ ‫الْ َقوْ ِم الْفَا ِسقِيَ (‪ )96‬اْلأَ ْعرَابُ أَ َشدّ ُك ْفرًا َونِفَاقًا َوأَ ْجدَرُ أَلّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا َأنْ َزلَ ال ّلهُ‬ ‫عَلَى َرسُوِلهِ وَال ّلهُ َعلِيمٌ َحكِيمٌ (‪)97‬‬ ‫‪ -93‬إنا اللوم والعقاب على هؤلء الذين يستأذنوك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬ف تلفهم عن‬ ‫الهاد ‪ ،‬وهم واجدون الال والعتاد ‪ ،‬قادرون على الروج معك ‪ ،‬لنم ‪ -‬مع قدرتم‬ ‫واستطاعتهم ‪ -‬رضوا بأن يقعدوا مع النساء الضعيفات ‪ ،‬والشيوخ العاجزين ‪،‬‬ ‫والرضى غي القادرين ‪ ،‬ولن قلوبم أغلقت عن الق ‪ ،‬فهم ل يعلمون العاقبة‬ ‫الوخيمة الت تترتب على تلفهم ف الدنيا وف الخرة ‪.‬‬ ‫‪ -94‬سيعتذر هؤلء التخلفون القصرون إليكم ‪ -‬أيها الؤمنون الجاهدون ‪ -‬إذا‬ ‫رجعتم من ميدان الهاد والتقيتم بم ‪ ،‬فقل لم ‪ -‬أيها الرسول ‪ : -‬ل تعتذروا فإنا لن‬ ‫نصدقكم ‪ ،‬لن اللّه قد كشف حقيقة نفوسكم ‪ ،‬وأوحى إل نبيه بشئ من أكاذيبكم ‪،‬‬ ‫وسيعلم اللّه ورسوله ما يكون منكم بعد ذلك من عمل ‪ ،‬ث يكون مصيكم بعد الياة‬ ‫الدنيا إل اللّه الذى يعلم السر والعلنية ‪ ،‬فيخبكم با كنتم تعملون ‪ ،‬ويازيكم با‬ ‫تستحقون ‪.‬‬ ‫‪80‬‬

‫‪ -95‬سيحلفون لكم باللّه ‪ ،‬حينما ترجعون إليهم ‪ ،‬أنم صادقون ف معاذيرهم ‪ ،‬لكى‬ ‫يرضوكم فتغفلوا عن عملهم ‪ ،‬فل تققوا لم هذا الغرض ‪ ،‬بل اجتنبوهم وامقتوهم ‪،‬‬ ‫لنم ف أشد درجات البث النفسى والكفر ‪ ،‬ومصيهم إل جهنم ‪ ،‬عقابا على ما‬ ‫اقترفوه من ذنوب وأوزار ‪. .‬‬ ‫‪ُ -96‬يقْسمون لكم طمعا ف رضائكم عنهم ‪ ،‬فإن ُخدِعْتم بأيانم ورضيتم عنهم ‪،‬‬ ‫فإن رضاكم ‪ -‬وحدكم ‪ -‬ل ينفعهم ‪ ،‬ذلك لن ال ساخط عليهم لفسقهم‬ ‫وخروجهم على الدين ‪.‬‬ ‫‪ -97‬العراب من أهل البادية أشد جُحودا ونفاقا ‪ ،‬وقد بلغوا ف ذلك غاية الشدة ‪،‬‬ ‫وذلك لبعدهم عن أصل الكمة ومنابع العلم ‪ ،‬وهم حقيقون بأن يهلوا حدود اللّه ‪،‬‬ ‫وما أنزل على رسوله من شرائع وأحكام ‪ ،‬واللّه عليم بأحوال الفريقي ‪ ،‬حكيم فيما‬ ‫يقدره من جزاء ‪.‬‬ ‫ص بِ ُكمُ ال ّدوَاِئرَ عَلَ ْي ِهمْ دَاِئ َرةُ السّوْ ِء وَال ّلهُ‬ ‫خذُ مَا يُ ْن ِفقُ َم ْغرَمًا وَيََت َربّ ُ‬ ‫وَ ِم َن الْأَ ْعرَابِ َم ْن يَتّ ِ‬ ‫خ ُذ مَا يُ ْن ِفقُ ُق ُربَاتٍ‬ ‫ب َمنْ ُي ْؤمِ ُن بِال ّل ِه وَالَْيوْ ِم الْ َآ ِخرِ َويَتّ ِ‬ ‫سَمِيعٌ َعلِيمٌ (‪َ )98‬و ِمنَ اْلأَ ْعرَا ِ‬ ‫ت ال ّرسُو ِل أَلَا ِإنّهَا ُقرَْبةٌ َل ُه ْم سَيُ ْدخِ ُلهُ ُم ال ّلهُ فِي َرحْمَِتهِ إِ ّن ال ّلهَ َغفُورٌ‬ ‫عِ ْن َد اللّ ِه وَصَ َلوَا ِ‬ ‫َرحِيمٌ (‪ )99‬وَالسّابِقُو َن الَْأ ّولُو َن ِمنَ الْ ُمهَا ِجرِينَ وَالَْأنْصَارِ وَاّلذِينَ اتَّبعُو ُهمْ بِِإ ْحسَانٍ‬ ‫جرِي تَحَْتهَا اْلأَْنهَا ُر خَاِلدِي َن فِيهَا َأبَدًا‬ ‫ت تَ ْ‬ ‫ض َي اللّهُ عَ ْن ُه ْم وَرَضُوا عَ ْنهُ َوأَ َع ّد َلهُ ْم جَنّا ٍ‬ ‫رَ ِ‬ ‫ك الْ َفوْزُ اْلعَظِيمُ (‪َ )100‬ومِ ّم ْن حَ ْولَ ُك ْم ِمنَ اْلأَ ْعرَابِ مُنَا ِفقُو َن َو ِمنْ َأ ْهلِ الْ َمدِيَنةِ‬ ‫َذلِ َ‬ ‫ح ُن َنعْلَ ُم ُهمْ سَُن َعذُّب ُهمْ َم ّرتَ ْينِ ُث ّم ُيرَدّو َن ِإلَى َعذَابٍ عَظِيمٍ‬ ‫ق لَا َتعْلَ ُم ُهمْ نَ ْ‬ ‫َمرَدُوا عَلَى الّنفَا ِ‬ ‫(‪)101‬‬ ‫‪ -98‬وبعض هؤلء النافقي من أهل البادية ‪ ،‬يعتبون النفاق ف سبيل اللّه غرامة‬ ‫وخسرانا ‪ ،‬لعدم اعتقادهم ف ثوابه تعال ‪ ،‬ويتوقعون وينتظرون أن تدور عليكم‬ ‫الرب ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬أل َردّ اللّه تلك الصائب عليهم ‪ ،‬وجعل الشر الذى‬ ‫ينتظرونه لكم ميطا بم ‪ ،‬واللّه سيع بأقوالم ‪ ،‬عليم بأفعالم ونياتم ‪ ،‬وبا يقترفون من‬ ‫آثام ‪.‬‬ ‫‪81‬‬

‫‪ -99‬وليس كل العراب كذلك ‪ ،‬فمنهم مؤمنون باللّه مصدقون بيوم القيامة ‪،‬‬ ‫يتخذون النفاق ف سبيل اللّه وسيلة يتقربون با إل اللّه ‪ ،‬وسببا لدعاء الرسول لم ‪،‬‬ ‫إذ كان يدعو للمتصدقي بالي والبكة ‪ ،‬وهى ل شك قربة عظيمة توصلهم إل ما‬ ‫يبتغون ‪ ،‬فإن اللّه سيغمرهم برحته ‪ ،‬لنه الغفور للذنوب ‪ ،‬الرحيم بلقه ‪.‬‬ ‫‪ -100‬والؤمنون ‪ -‬الذين سبقوا إل السلم ‪ -‬من الهاجرين والنصار ‪ ،‬الذين‬ ‫ساروا على نجهم فأحسنوا ول يقصروا ‪ -‬يرضى اللّه عنهم ‪ ،‬فيقبل منهم ويزيهم‬ ‫خيا ‪ ،‬وهم كذلك يرضون ويستبشرون با أعد اللّه لم من جنات ترى النار تت‬ ‫أشجارها ‪ ،‬فينعمون فيها نعيما أبديا ‪ ،‬وذلك هو الفوز العظيم ‪.‬‬ ‫‪ -101‬ومن ياور الدينة من أهل البادية َمنْ يضمر الكفر ويُظهر اليان ‪ ،‬ومن سكان‬ ‫الدينة قوم مرنوا على النفاق ‪ ،‬حت برعوا فيه ‪ ،‬ستروه عن الناس حت لقد خفى‬ ‫أمرهم عليك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬ولكن اللّه هو الذى يعلم حقيقتهم ‪ ،‬وسيعذبم ف‬ ‫الدنيا مرتي ‪ :‬مرة بنصركم على أعدائكم الذين يغيظهم ‪ ،‬ومرة بفضيحتهم وكشف‬ ‫نفاقهم ‪ ،‬ث يردون ف الخرة إل عذاب النار وهولا الشديد ‪.‬‬ ‫وَ َآخَرُونَ اعَْت َرفُوا ِبذُنُوِب ِهمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَ َآ َخرَ سَيّئًا َعسَى ال ّلهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَ ْي ِهمْ‬ ‫صلّ عَ َل ْيهِمْ‬ ‫صدَ َق ًة تُ َط ّهرُ ُهمْ َوُتزَكّي ِهمْ ِبهَا وَ َ‬ ‫إِنّ ال ّلهَ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪ )102‬خُ ْذ ِمنْ َأ ْموَاِل ِهمْ َ‬ ‫ك سَ َك ٌن َلهُ ْم وَال ّل ُه سَمِيعٌ َعلِيمٌ (‪َ )103‬ألَ ْم َيعْلَمُوا أَ ّن اللّ َه ُهوَ َيقَْبلُ الّت ْوبَةَ َعنْ‬ ‫إِنّ صَلَاتَ َ‬ ‫ب الرّحِيمُ (‪َ )104‬و ُقلِ ا ْعمَلُوا َفسََيرَى ال ّلهُ‬ ‫ت َوأَنّ ال ّلهَ ُه َو التّوّا ُ‬ ‫عِبَا ِدهِ وََيأْ ُخ ُذ الصّ َدقَا ِ‬ ‫شهَا َدةِ فَيُنَبُّئكُ ْم بِمَا كُنُْتمْ‬ ‫ب وَال ّ‬ ‫عَمَ َل ُك ْم وَرَسُولُ ُه وَالْ ُم ْؤمِنُونَ َوسَُت َردّو َن ِإلَى عَاِلمِ اْلغَيْ ِ‬ ‫َتعْمَلُونَ (‪ )105‬وَ َآخَرُو َن ُمرْ َجوْنَ لَِأ ْمرِ ال ّلهِ إِمّا يُ َع ّذُبهُ ْم َوإِمّا يَتُوبُ عَلَ ْي ِهمْ وَال ّلهُ َعلِيمٌ‬ ‫حَكِيمٌ (‪)106‬‬ ‫‪ -102‬وهناك ناس آخرون آذوكم ‪ ،‬ث من بعد ذلك اعترفوا با أذنبوا ‪ ،‬وسلكوا‬ ‫طريق الق ‪ ،‬فهؤلء قد أتوا عمل صالا وعمل سيئا ‪ ،‬وإنم لذا يرجى لم أن تقبل‬ ‫توبتهم ‪ ،‬وإن اللّه رحيم بعباده ‪ ،‬يقبل توبتهم ويغفر لم ‪.‬‬ ‫‪ -103‬خذ ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬من أموال هؤلء التائبي صدقات تطهرهم با من‬ ‫‪82‬‬

‫الذنوب والشح ‪ ،‬وترفع درجاتم عند اللّه ‪ ،‬وادع لم بالي والداية فإن دعاءك‬ ‫تسكن به نفوسهم ‪ ،‬وتطمئن به قلوبم ‪ ،‬واللّه سيع للدعاء ‪ ،‬عليم بالخلصي ف‬ ‫توبتهم ‪.‬‬ ‫‪ -104‬أل فليعلم هؤلء التائبون أن اللّه ‪ -‬وحده ‪ -‬هو الذى يقبل التوبة الالصة ‪،‬‬ ‫والصدقة الطيبة ‪ ،‬وأنه سبحانه ‪ ،‬هو الواسع الفضل ف قبول التوبة ‪ ،‬العظيم الرحة‬ ‫بعباده ‪.‬‬ ‫‪ -105‬وقل ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬للناس ‪ :‬اعملوا ‪ ،‬ول تقصروا ف عمل الي وأداء‬ ‫الواجب؛ فإن اللّه يعلم كل أعمالكم ‪ ،‬وسياها الرسول والؤمنون ‪ ،‬فيزنونا بيزان‬ ‫اليان ‪ ،‬ويشهدون بقتضاها ‪ ،‬ث تردون بعد الوت إل من يعلم سركم وجهركم ‪،‬‬ ‫فيجازيكم بأعمالكم ‪ ،‬بعد أن ينبئكم با صغيها وكبيها ‪.‬‬ ‫‪ -106‬وهناك ناس آخرون وقعوا ف الذنوب ‪ ،‬منها التخلف عن الهاد ‪ ،‬وليس فيهم‬ ‫نفاق ‪ ،‬وهؤلء ُمرْجوْن لمر اللّه ‪ :‬إما أن يُعذبم ‪ ،‬وإما أن يتوب عليهم ويغفر لم ‪،‬‬ ‫واللّه عليم بأحوالم وما تنطوى عليه قلوبم ‪ ،‬حكيم فيما يفعله بعباده من ثواب أو‬ ‫عقاب ‪.‬‬ ‫ب ال ّلهَ‬ ‫ي َوإِرْصَادًا لِ َم ْن حَارَ َ‬ ‫ضرَارًا وَكُ ْفرًا َوَت ْفرِيقًا بَ ْي َن الْ ُمؤْمِنِ َ‬ ‫جدًا ِ‬ ‫خذُوا َمسْ ِ‬ ‫وَاّلذِي َن اتّ َ‬ ‫ش َهدُ ِإّن ُهمْ َلكَا ِذبُونَ (‪ )107‬لَا‬ ‫حسْنَى وَال ّلهُ َي ْ‬ ‫وَرَسُولَ ُه ِمنْ قَ ْب ُل َولَيَحْ ِل ُفنّ إِ ْن أَ َر ْدنَا ِإلّا الْ ُ‬ ‫ج ٌد ُأسّسَ عَلَى الّت ْقوَى ِم ْن أَ ّولِ يَوْ ٍم َأ َحقّ أَ ْن َتقُو َم فِيهِ فِيهِ ِرجَالٌ‬ ‫َتقُ ْم فِيهِ َأَبدًا لَ َمسْ ِ‬ ‫س بُنْيَاَنهُ َعلَى َت ْقوَى ِمنَ‬ ‫يُحِبّو َن أَ ْن يَتَ َط ّهرُوا وَال ّلهُ يُحِبّ الْمُ ّط ّهرِينَ (‪َ )108‬أفَ َم ْن أَسّ َ‬ ‫س بُنْيَانَهُ عَلَى َشفَا ُجرُفٍ هَا ٍر فَاْنهَا َر بِ ِه فِي نَا ِر َجهَنّ َم وَال ّلهُ‬ ‫ضوَانٍ خَ ْي ٌر أَ ْم َمنْ أَسّ َ‬ ‫اللّ ِه وَرِ ْ‬ ‫لَا َي ْهدِي اْلقَوْ َم الظّالِمِيَ (‪ )109‬لَا َيزَالُ بُنْيَاُنهُ ُم الّذِي بََنوْا رِيَب ًة فِي قُلُوبِ ِه ْم إِلّا أَ ْن تَقَطّعَ‬ ‫قُلُوُب ُهمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ َحكِيمٌ (‪)110‬‬ ‫‪ -107‬ومن النافقي جاعة بنوا مسجدا ل يبتغون به وجه اللّه ‪ ،‬وإنا يبتغون به‬ ‫الضرار والكفر والتفريق بي جاعة الؤمني ‪ ،‬وأنم سيحلفون على أنم ما أرادوا ببناء‬ ‫هذا السجد إل الي والعمل الحسن ‪ ،‬واللّه يشهد عليهم أنم كاذبون ف أيانم ‪.‬‬ ‫‪83‬‬

‫‪ -108‬ل تصل ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬ف هذا السجد أبدا ‪ ،‬وإن مسجدا أقيم ابتغاء وجه‬ ‫اللّه وطلبا لرضاته من أول أمره كمسجد قُباء لدير بأن تؤدى فيه شعائر اللّه ‪ ،‬وف‬ ‫هذا السجد رجال يبون أن يُطهروا أجسادهم وقلوبم بأداء العبادة الصحيحة فيه ‪،‬‬ ‫واللّه يب ويثيب الذين يتقربون إليه بالطهارة السمية والعنوية ‪.‬‬ ‫‪ -109‬ل يستوى ف عقيدته ول ف عمله من أقام بنيانه على الخلص ف تقوى اللّه‬ ‫وابتغاء رضائه ‪ ،‬ومن أقام بنيانه على النفاق والكفر ‪ ،‬فإن عمل التقى مستقيم ثابت‬ ‫على أصل متي ‪ ،‬وعمل النافق كالبناء على حافة هاوية ‪ ،‬فهو واه ساقط ‪ ،‬يقع‬ ‫بصاحبه ف نار جهنم ‪ ،‬واللّه ل يهدى إل طريق الرشاد من أصر على ظلم نفسه‬ ‫بالكفر ‪.‬‬ ‫‪ -110‬وسيظل هذا البناء الذى بناه النافقون مصدر اضطراب وخوف ف قلوبم ل‬ ‫ينتهى حت تتقطع قلوبم بالندم والتوبة أو بالوت ‪ ،‬واللّه عليم بكل شئ ‪ ،‬حكيم ف‬ ‫أفعاله وجزائه ‪.‬‬ ‫س ُهمْ َوَأمْوَالَ ُهمْ بِأَ ّن َل ُهمُ الْجَّن َة ُيقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ ال ّلهِ‬ ‫ي َأنْ ُف َ‬ ‫إِنّ ال ّلهَ اشَْترَى ِمنَ الْ ُم ْؤمِنِ َ‬ ‫فََيقْتُلُو َن َوُيقْتَلُو َن وَ ْعدًا عَلَ ْي ِه حَقّا فِي التّوْرَا ِة وَاْلِإنْجِيلِ وَالْ ُقرْآَ ِن َو َمنْ َأ ْوفَى ِب َعهْ ِد ِه ِمنَ‬ ‫شرُوا بِبَ ْيعِ ُكمُ اّلذِي بَاَيعُْتمْ ِبهِ وَ َذِلكَ ُهوَ اْلفَوْ ُز اْلعَظِيمُ (‪ )111‬التّائِبُونَ‬ ‫اللّ ِه فَاسْتَ ْب ِ‬ ‫ف وَالنّاهُونَ َعنِ‬ ‫الْعَابِدُونَ الْحَا ِمدُو َن السّائِحُو َن الرّا ِكعُونَ السّا ِجدُو َن اْلآَ ِمرُونَ بِالْ َم ْعرُو ِ‬ ‫ش ِر الْ ُمؤْمِنِيَ (‪ )112‬مَا كَا َن لِلنِّبيّ وَالّذِينَ َآمَنُوا أَنْ‬ ‫حدُو ِد اللّ ِه َوبَ ّ‬ ‫الْمُنْ َك ِر وَالْحَافِظُونَ لِ ُ‬ ‫جحِيمِ‬ ‫ي َولَوْ كَانُوا أُولِي ُق ْربَى ِم ْن بَ ْع ِد مَا تَبَّي َن َلهُ ْم َأّنهُ ْم أَصْحَابُ الْ َ‬ ‫شرِكِ َ‬ ‫َيسْتَ ْغ ِفرُوا لِلْ ُم ْ‬ ‫(‪ )113‬وَمَا كَانَ اسِْت ْغفَارُ ِإْبرَاهِيمَ ِلَأبِيهِ ِإلّا َعنْ مَوْ ِع َد ٍة وَ َعدَهَا ِإيّا ُه فَلَمّا تَبَّينَ َل ُه َأنّهُ َع ُدوّ‬ ‫لِ ّلهِ تََب ّرأَ مِ ْن ُه إِ ّن ِإبْرَاهِي َم َلأَوّا ٌه حَلِيمٌ (‪)114‬‬ ‫‪ -111‬يؤكد اللّه وعده للمؤمني الذين يبذلون أنفسهم وأموالم ف سبيله ‪ ،‬فإنه‬ ‫اشترى منهم تلك النفس والموال بالنة ثنا لا بذلوا ‪ ،‬فإنم ياهدون ف سبيل اللّه‬ ‫فيقتلون أعداء اللّه أو يستشهدون ف سبيله ‪ ،‬وقد أثبت اللّه هذا الوعد الق ف‬ ‫التوراة والنيل ‪ ،‬كما أثبته ف القرآن ‪ ،‬وليس أحد أبر ول أوف بعهده من اللّه ‪،‬‬ ‫‪84‬‬

‫فافرحوا ‪ -‬أيها الؤمنون الجاهدون ‪ -‬بذه البايعة الت بذلتم فيها أنفسكم وأموالكم‬ ‫الفانية ‪ ،‬وعُوضتم عنها بالنة الباقية ‪ ،‬وهذا الشراء والبيع هو الظفر الكبي لكم ‪.‬‬ ‫‪ -112‬إن أوصاف أولئك الذين باعوا أنفسهم للّه بالنة أنم يكثرون التوبة من‬ ‫هفواتم إل اللّه ‪ ،‬ويمدونه على كل حال ‪ ،‬ويسعون ف سبيل الي لنفسهم ولغيهم‬ ‫‪ ،‬ويافظون على صلواتم ‪ .‬ويؤدونا كاملة ف خشوع ‪ ،‬ويأمرون بكل خي يوافق ما‬ ‫جاء به الشرع ‪ ،‬وينهون عن كل شر يأباه الدين ويلتزمون بشريعة اللّه ‪ ،‬وبشر ‪ -‬أيها‬ ‫الرسول ‪ -‬الؤمني ‪.‬‬ ‫‪ -113‬ليس للنب وللمؤمني أن يطلبوا الغفرة للمشركي ‪ ،‬ولو كانوا أقرب الناس‬ ‫إليهم ‪ ،‬من بعد أن يعلم الؤمنون من أمر هؤلء الشركي بوتم على الكفر ‪ ،‬أنم‬ ‫مستحقون للخلود ف النار ‪.‬‬ ‫‪ -114‬ل يكن ما فعله إبراهيم ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬من الستغفار لبيه ‪ ،‬إل تقيقا لوعد‬ ‫من إبراهيم لبيه ‪ ،‬رجاء إيانه ‪ ،‬فلمّا تبي لبراهيم أن أباه عدو للّه ‪ ،‬بإصراره على‬ ‫الشرك حت مات عليه ‪ ،‬تبأ منه وترك الستغفار له ‪ ،‬ولقد كان إبراهيم كثي الدعاء‬ ‫والتضرع للّه صبورا على الذى ‪.‬‬ ‫ض ّل قَ ْومًا َب ْعدَ ِإ ْذ َهدَا ُهمْ حَتّى يُبَّي َن َل ُهمْ مَا يَّتقُو َن إِ ّن اللّ َه ِبكُ ّل شَيْءٍ‬ ‫وَمَا كَا َن اللّ ُه لِيُ ِ‬ ‫ت َومَا َل ُكمْ ِم ْن دُونِ ال ّلهِ‬ ‫ض يُحْيِي َويُمِي ُ‬ ‫عَلِيمٌ (‪ )115‬إِنّ ال ّل َه َلهُ مُ ْلكُ السّمَاوَاتِ وَاْلأَرْ ِ‬ ‫ِمنْ َولِ ّي َولَا نَصِيٍ (‪َ )116‬ل َقدْ تَابَ ال ّلهُ عَلَى النِّبيّ وَالْ ُمهَا ِجرِي َن وَاْلَأنْصَا ِر اّلذِينَ اتَّبعُوهُ‬ ‫فِي سَا َعةِ اْل ُعسْ َر ِة ِمنْ َب ْعدِ مَا كَادَ يَزِي ُغ قُلُوبُ َفرِيقٍ مِ ْن ُهمْ ُث ّم تَابَ عَلَ ْي ِه ْم ِإنّ ُه ِبهِمْ َرءُوفٌ‬ ‫ض بِمَا َرحُبَتْ‬ ‫َرحِيمٌ (‪ )117‬وَعَلَى الثّلَاَثةِ اّلذِي َن خُ ّلفُوا حَتّى ِإذَا ضَاقَتْ عَلَ ْي ِه ُم الْأَرْ ُ‬ ‫جأَ ِم َن اللّ ِه ِإلّا ِإلَ ْيهِ ُث ّم تَابَ عَلَ ْي ِه ْم لِيَتُوبُوا إِنّ‬ ‫وَضَاقَتْ عَلَ ْي ِهمْ َأْن ُفسُ ُه ْم وَظَنّوا أَ ْن لَا مَ ْل َ‬ ‫اللّ َه ُهوَ الّتوّابُ الرّحِيمُ (‪ )118‬يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا اتّقُوا ال ّلهَ وَكُونُوا مَ َع الصّا ِدقِيَ (‬ ‫‪)119‬‬ ‫‪ -115‬وما كان من سنن اللّه ولطفه بعباده أن يصف قوما بالضلل ‪ ،‬ويرى عليهم‬ ‫أحكامه بالذم والعقاب بعد أن أرشدهم إل السلم ‪ ،‬حت يتبي لم عن طريق الوحى‬ ‫‪85‬‬

‫إل رسوله ما يب عليهم اجتنابه ‪ ،‬إن اللّه ميط علمه بكل شئ ‪.‬‬ ‫‪ -116‬إن اللّه ‪ -‬وحده ‪ -‬مالك السموات والرض وما فيهما ‪ ،‬وهو التصرف فيهما‬ ‫بالحياء والماتة ‪ ،‬وليس لكم سوى اللّه من ول يتول أمركم ‪ ،‬ول نصي ينصركم‬ ‫ويدافع عنكم ‪.‬‬ ‫‪ -117‬لقد تفضل ال ‪ -‬سبحانه ‪ -‬على نبيه ‪ ،‬وأصحابه الؤمني الصادقي من‬ ‫الهاجرين والنصار ‪ ،‬الذين خرجوا معه إل الهاد ف وقت الشدة ( ف غزوة تبوك )‬ ‫فثبتهم وصانم عن التخلف ‪ ،‬من بعد ما اشتد الضيق بفريق منهم ‪ ،‬حت كادت قلوبم‬ ‫تيل إل التخلف عن الهاد ‪ ،‬ث غفر اللّه لم هذا الم الذى خطر بنفوسهم ‪ ،‬إنه ‪-‬‬ ‫سبحانه ‪ -‬كثي الرأفة بم ‪ ،‬عظيم الرحة ‪.‬‬ ‫‪ -118‬وتفضل ‪ -‬سبحانه ‪ -‬بالعفو عن الرجال الثلثة الذين تلفوا عن الروج ف‬ ‫غزوة تبوك ‪ -‬ل عن نفاق منهم ‪ -‬وكان أمرهم مرجأ إل أن يبي اللّه حكمه فيهم ‪،‬‬ ‫فلما كانت توبتهم خالصة ‪ ،‬وندمهم شديدا؛ حت شعروا بأن الرض قد ضاقت عليهم‬ ‫على رحبها وسعتها ‪ ،‬وضاقت عليهم نفوسهم ها وحزنا ‪ ،‬وعلموا أنه ل ملجأ من‬ ‫غضب اللّه إل باستغفاره والرجوع إليه ‪ ،‬حينئذ هداهم اللّه إل التوبة ‪ ،‬وعفا عنهم ‪،‬‬ ‫ليظلوا عليها ‪ ،‬إن اللّه كثي القبول لتوبة التائبي ‪ ،‬عظيم الرحة بعباده ‪.‬‬ ‫‪ -119‬يا أيها الذين آمنوا اثبتوا على التقوى واليان ‪ ،‬وكونوا مع الذين صدقوا ف‬ ‫أقوالم وأفعالم ‪.‬‬ ‫ب أَ ْن يَتَخَ ّلفُوا َعنْ َرسُولِ ال ّلهِ َولَا َيرْغَبُوا‬ ‫مَا كَا َن ِلَأهْ ِل الْ َمدِيَن ِة َومَ ْن حَ ْوَل ُهمْ ِمنَ اْلأَ ْعرَا ِ‬ ‫ص ٌة فِي سَبِي ِل اللّ ِه َولَا‬ ‫ب وَلَا مَخْمَ َ‬ ‫ك ِبأَّن ُهمْ لَا يُصِيُب ُهمْ ظَ َمٌأ وَلَا نَصَ ٌ‬ ‫ِبأَْن ُفسِ ِهمْ َع ْن َن ْفسِ ِه َذلِ َ‬ ‫ح إِ ّن اللّهَ‬ ‫ب َلهُ ْم ِبهِ عَ َملٌ صَالِ ٌ‬ ‫ظ الْ ُكفّارَ َولَا يَنَالُونَ ِمنْ َع ُدوّ نَيْلًا ِإلّا كُِت َ‬ ‫يَطَئُونَ َموْطِئًا َيغِي ُ‬ ‫ي ًة وَلَا يَقْ َطعُو َن وَا ِديًا‬ ‫ي ًة َولَا كَِب َ‬ ‫صغِ َ‬ ‫حسِنِيَ (‪َ )120‬ولَا يُ ْن ِفقُو َن َن َفقَةً َ‬ ‫لَا يُضِي ُع َأ ْجرَ الْ ُم ْ‬ ‫س َن مَا كَانُوا َيعْمَلُونَ (‪ )121‬وَمَا كَا َن الْ ُمؤْمِنُو َن لِيَ ْنفِرُوا‬ ‫ج ِزيَ ُهمُ ال ّل ُه أَ ْح َ‬ ‫ب َل ُهمْ لِيَ ْ‬ ‫ِإلّا كُتِ َ‬ ‫كَافّ ًة فَ َل ْولَا َنفَ َر ِمنْ ُك ّل ِفرْ َقةٍ مِ ْنهُمْ طَاِئفَ ٌة لِيََت َفقّهُوا فِي الدّي ِن َولِيُ ْنذِرُوا قَ ْو َم ُهمْ ِإذَا َر َجعُوا‬ ‫حذَرُونَ (‪)122‬‬ ‫ِإلَيْ ِه ْم لَعَ ّل ُهمْ يَ ْ‬ ‫‪86‬‬

‫‪ -120‬ما كان يل لهل الدينة ‪ ،‬ومن ياورونم من سكان البوادى ‪ ،‬أن يتخلفوا‬ ‫عن الغزو مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬ول أن يضنوا بأنفسهم عما بذل‬ ‫الرسول فيه نفسه ‪ ،‬إذ أنم ل يصيبهم ف سبيل اللّه ظمأ أو تعب أو جوع ‪ ،‬ول‬ ‫ينلون مكانا يثي وجودهم فيه غيظ الكفار ‪ ،‬ول ينالون من عدو غرضا كالزية أو‬ ‫الغنيمة إل ُحسِب لم بذلك عمل طيب يزون عليه أحسن الزاء ‪ ،‬وإن اللّه ل يضيع‬ ‫أجر الذين أحسنوا ف أعمالم ‪.‬‬ ‫‪ -121‬وكذلك ل يبذل الجاهدون أى مال ‪ -‬صغيا أو كبيا ‪ -‬ول يسافرون أى‬ ‫سفر ف سبيل اللّه ‪ ،‬إل كتبه اللّه لم ف صحائف أعمالم الصالة ‪ ،‬لينالوا به أحسن‬ ‫ما يستحقه العاملون من جزاء ‪.‬‬ ‫‪ -122‬ليس للمؤمني أن يرجوا جيعا إل النب صلى اللّه عليه وسلم إذا ل يقتض‬ ‫المر ذلك ‪ ،‬فليكن المر أن ترج إل الرسول طائفة ليتفقهوا ف دينهم ‪ ،‬وليدعوا‬ ‫قومهم بالنذار والتبشي حينما يرجعون إليهم ليثبتوا دائما على الق ‪ ،‬وليحذروا‬ ‫الباطل والضلل ‪.‬‬ ‫جدُوا فِيكُمْ غِ ْل َظةً وَاعْلَمُوا أَنّ‬ ‫يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا قَاتِلُوا اّلذِي َن يَلُوَن ُكمْ ِم َن الْ ُكفّا ِر َولْيَ ِ‬ ‫ت سُو َرةٌ فَمِ ْن ُه ْم َمنْ َيقُو ُل َأيّ ُكمْ زَادَْتهُ َه ِذ ِه إِيَانًا‬ ‫اللّ َه مَ َع الْمُّتقِيَ (‪ )123‬وَِإذَا مَا ُأنْ ِزلَ ْ‬ ‫شرُونَ (‪َ )124‬وَأمّا الّذِينَ فِي قُلُوِب ِهمْ َمرَضٌ‬ ‫َفأَمّا اّلذِينَ َآمَنُوا َفزَا َدتْ ُه ْم إِيَانًا وَ ُهمْ َيسْتَ ْب ِ‬ ‫سهِ ْم َومَاتُوا َوهُمْ كَا ِفرُونَ (‪ )125‬أَ َولَا َي َروْ َن أَّن ُهمْ ُيفْتَنُو َن فِي‬ ‫َفزَا َدْتهُمْ ِر ْجسًا ِإلَى ِر ْج ِ‬ ‫ت سُو َرةٌ نَ َظرَ‬ ‫ُكلّ عَا ٍم َم ّر ًة أَ ْو َم ّرتَيْ ِن ُثمّ لَا يَتُوبُو َن وَلَا هُ ْم َيذّ ّكرُونَ (‪ )126‬وَِإذَا مَا ُأنْ ِزلَ ْ‬ ‫ف ال ّلهُ قُلُوبَ ُه ْم ِبأَّن ُهمْ َقوْ ٌم لَا‬ ‫صرَ َ‬ ‫ص َرفُوا َ‬ ‫ض َهلْ َيرَا ُكمْ ِم ْن َأحَ ٍد ُثمّ انْ َ‬ ‫َبعْضُ ُه ْم إِلَى بَعْ ٍ‬ ‫َيفْ َقهُونَ (‪)127‬‬ ‫‪ -123‬يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الكفار الذين ياورونكم ‪ ،‬حت ل يكونوا مصدر‬ ‫خطر عليكم ‪ ،‬وكونوا أشدّاء عليهم ف القتال ‪ ،‬ول تأخذكم بم رأفة ‪ ،‬واعلموا أن‬ ‫اللّه بعونه ونصره مع الذين يتقونه ‪.‬‬ ‫‪ -124‬وإذا ما أنزلت سورة من سور القرآن ‪ ،‬وسعها النافقون سخروا واستهزأوا ‪،‬‬ ‫‪87‬‬

‫وقال بعضهم لبعض ‪ :‬أيكم زادته هذه السورة إيانا؟ ولقد رد اللّه عليهم بأن هناك‬ ‫فرقا بي النافقي والؤمني ‪ :‬فأما الؤمنون الذين أبصروا النور ‪ ،‬وعرفوا الق ‪ ،‬فقد‬ ‫زادتم آيات اللّه إيانا ‪ ،‬وهم عند نزولا يفرحون ويستبشرون ‪.‬‬ ‫‪ -125‬وأما النافقون الذين مرضت قلوبم وعميت بصائرهم عن الق فقد زادتم‬ ‫كفرا إل كفرهم ‪ ،‬وماتوا وهم كافرون ‪.‬‬ ‫‪ -126‬أو ل يعتب النافقون با يبتليهم اللّه به ف كل عام مرة أو مرات من ألوان‬ ‫البلء بكشف أستارهم ‪ ،‬وظهور أحوالم ‪ ،‬ونصر الؤمني ‪ ،‬وظهور باطلهم ‪ ،‬ث ل‬ ‫يتوبون عما هم فيه ‪ ،‬ول هم يذكرون ما وقع لم؟‬ ‫‪ -127‬وكذلك إذا ما أنزلت سورة ‪ ،‬وهم ف ملس الرسول ‪ ،‬تغامزوا ‪ ،‬وقال‬ ‫بعضهم لبعض ‪ :‬هل يراكم أحد؟ ث انصرفت قلوبم عن متابعته واليان به ‪ ،‬زادهم‬ ‫اللّه ضلل بسبب تاديهم ف الباطل وإعراضهم عن الق ‪ ،‬لنم قوم ل يفقهون ‪.‬‬ ‫َلقَ ْد جَا َء ُكمْ َرسُولٌ ِم ْن أَْن ُفسِ ُكمْ َعزِيزٌ عَلَ ْيهِ مَا عَنِّت ْم َحرِيصٌ عَلَ ْيكُ ْم بِالْمُ ْؤمِنِيَ َرءُوفٌ‬ ‫ب اْلعَرْشِ‬ ‫ت َو ُهوَ َر ّ‬ ‫َرحِيمٌ (‪َ )128‬فإِ ْن َتوَّلوْا َف ُقلْ َحسِْبيَ ال ّلهُ لَا ِإلَ َه ِإلّا ُهوَ عَلَ ْي ِه تَوَكّلْ ُ‬ ‫الْعَظِيمِ (‪)129‬‬ ‫‪ -128‬لقد جاءكم ‪ -‬أيها الناس ‪ -‬رسول من البشر مثلكم ف تكوينه ‪ ،‬يشق عليه ما‬ ‫يصيبكم من الضرر ‪ ،‬وهو حريص على هدايتكم ‪ ،‬وبالؤمني عظيم العطف والرحة ‪.‬‬ ‫‪ -129‬فإن أعرضوا عن اليان بك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬فل تزن لعراضهم ‪ ،‬واعتز‬ ‫بربك ‪ ،‬وقل ‪ :‬يكفين اللّه الذى ل إله غيه ‪ ،‬عليه ‪ -‬وحده ‪ -‬توكلت ‪ ،‬وهو مالك‬ ‫اللك ‪ ،‬ورب الكون ‪ ،‬وصاحب السلطان العظيم ‪.‬‬ ‫ب الْحَكِيمِ (‪ )1‬أَكَانَ لِلنّاسِ َعجَبًا أَنْ َأ ْوحَيْنَا ِإلَى َر ُجلٍ مِ ْنهُ ْم أَنْ‬ ‫الر تِ ْلكَ َآيَاتُ اْلكِتَا ِ‬ ‫صدْقٍ عِ ْندَ َرّبهِ ْم قَا َل الْكَافِرُو َن إِ ّن هَذَا‬ ‫س َوَبشّ ِر الّذِينَ َآمَنُوا أَ ّن َلهُ ْم َقدَمَ ِ‬ ‫َأنْذِ ِر النّا َ‬ ‫َلسَا ِحرٌ مُبِيٌ (‪)2‬‬

‫‪88‬‬

‫‪ -1‬هذه حروف بدأ ال تعال با السورة ‪ ،‬وهو أعلم براده منها ‪ ،‬وهى مع ذلك‬ ‫تشي إل أن القرآن ُم َكوّن من مثل هذه الروف ‪ ،‬ومع ذلك عجزت عن أن تأتوا‬ ‫بثله ‪ ،‬وهذه الروف الصوتية تثي انتباه الشركي فيستمعون إليه ‪ ،‬وإن اتفقوا على‬ ‫عدم استماع هذه اليات الكرية ونوها الت هى آيات القرآن الحكم ف أسلوبه‬ ‫ومعانيه ‪ ،‬الذى اشتمل على الكمة وما ينفع الناس ف أمور دينهم ودنياهم ‪.‬‬ ‫‪ -2‬ما كان للناس أن يَعجبوا ويُنكروا وحْينا إل رجل منهم ( ممد ) ‪ ،‬ليُحذّر الناس‬ ‫من عذاب ال ‪ ،‬ويَُبشّر الذين آمنوا منهم بأن لم منلة عالية عند ربم ‪ ،‬ل يتخلف‬ ‫وعد ال ‪ ،‬وما كان لؤلء النكرين أن يقولوا عن ممد ‪ -‬رسولنا ‪ : -‬إنه ساحر‬ ‫واضح أمره ‪.‬‬ ‫ض فِي سِتّ ِة َأيّامٍ ثُ ّم اسْتَوَى عَلَى الْ َعرْشِ يُ َدّبرُ‬ ‫إِنّ َربّ ُك ُم اللّ ُه الّذِي خَ َلقَ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ َ‬ ‫الَْأ ْمرَ مَا ِمنْ َشفِي ٍع ِإلّا ِمنْ َب ْعدِ إِ ْذِنهِ َذِلكُ ُم ال ّلهُ َرّب ُكمْ فَاعُْبدُوهُ َأفَلَا تَذَ ّكرُونَ (‪ِ )3‬إلَيْهِ‬ ‫ي الّذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا‬ ‫جزِ َ‬ ‫َمرْ ِجعُ ُكمْ جَمِيعًا وَ ْعدَ ال ّل ِه حَقّا إِّن ُه يَ ْبدَُأ الْخَ ْلقَ ثُ ّم ُيعِيدُ ُه لِيَ ْ‬ ‫ب َألِي ٌم بِمَا كَانُوا‬ ‫ب ِمنْ حَمِي ٍم وَ َعذَا ٌ‬ ‫ط وَالّذِينَ َك َفرُوا َل ُهمْ َشرَا ٌ‬ ‫الصّالِحَاتِ بِالْ ِقسْ ِ‬ ‫يَ ْك ُفرُونَ (‪ )4‬هُ َو الّذِي َجعَ َل الشّمْسَ ضِيَا ًء وَالْقَ َم َر نُورًا َو َقدّ َرهُ مَنَا ِزلَ لِتَعْلَمُوا َع َددَ‬ ‫صلُ اْل َآيَاتِ ِل َقوْ ٍم َيعْلَمُونَ (‪)5‬‬ ‫حقّ ُيفَ ّ‬ ‫ك ِإلّا بِالْ َ‬ ‫ب مَا خَ َل َق اللّ ُه َذلِ َ‬ ‫حسَا َ‬ ‫السّنِيَ وَالْ ِ‬ ‫‪ -3‬إن ربكم ‪ -‬أيها الناس ‪ -‬هو ال الذى خلق السموات والرض وما فيهما ف ستة‬ ‫أيام ل يعلم إل ال مداها ‪ .‬ث هيْمن ‪ -‬بعظيم سلطانه ‪ -‬وحده ‪ ،‬ودبّر أمور ملوقاته ‪،‬‬ ‫فليس لحد سلطان مع ال ف شئ ‪ ،‬ول يستطيع أحد من خلقه أن يشفع لحد إل‬ ‫بإذنه ‪ .‬ذلكم ال الالق ‪ ،‬هو ربكم وول نعمتكم فاعبدوه ‪ -‬وحده ‪ -‬وصدقوا رسوله‬ ‫‪ ،‬وآمنوا بكتابه ‪ .‬فعليكم أن تذكروا نعمة ال وتتدبروا آياته الدالة على وحدانيته ‪.‬‬ ‫‪ -4‬وكما بدأ ال اللق فإليه ‪ -‬وحده ‪ -‬مرجعكم ‪ ،‬ومرجع الخلوقات كلها ‪ ،‬وقد‬ ‫وعد ال بذلك وعدا صادقا ل يتخلف ‪ .‬وإنه سبحانه بدأ اللق بقدرته ‪ ،‬وبعد فنائه‬ ‫سيعيده بقدرته ‪ ،‬ليثيب الؤمني الطيعي بعدله التام ‪ ،‬وأما الكافرون فلهم شراب ف‬ ‫جهنم شديد الغليان ‪ ،‬ولم عذاب موجع جزاء كفرهم ‪.‬‬ ‫‪89‬‬

‫‪ -5‬وربكم الذى خلق السموات والرض ‪ ،‬والذى جعل الشمس تشع الضياء ‪،‬‬ ‫والقمر يرسل النور ‪ ،‬وجعل للقمر منازل ينتقل فيها ‪ ،‬فيختلف نوره تبعا لذه النازل ‪،‬‬ ‫لتستعينوا بذا ف تقدير مواقيتكم ‪ ،‬وتعلموا عدد السني والساب ‪ ،‬وما خلق ال‬ ‫ذلك إل بالكمة ‪ ،‬وهو سبحانه يبسط ف كتابه اليات الدالة على ألوهيته وكمال‬ ‫قدرته ‪ ،‬لكى تتدبروها بعقولكم وتستجيبوا لا يقتضيه العلم ‪.‬‬ ‫ض َل َآيَاتٍ لِ َقوْ ٍم يَّتقُونَ (‬ ‫ف اللّ ْي ِل وَالّنهَارِ َومَا خَ َل َق اللّ ُه فِي السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ ِ‬ ‫إِ ّن فِي اخْتِلَا ِ‬ ‫‪ )6‬إِنّ اّلذِينَ لَا يَ ْرجُونَ ِلقَا َءنَا وَرَضُوا بِالْحَيَا ِة ال ّدنْيَا وَاطْ َمَأنّوا ِبهَا وَاّلذِينَ ُهمْ َعنْ َآيَاتِنَا‬ ‫ك َمأْوَا ُه ُم النّا ُر بِمَا كَانُوا يَ ْكسِبُونَ (‪ )8‬إِ ّن اّلذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا‬ ‫غَافِلُونَ (‪ )7‬أُولَئِ َ‬ ‫حِتهِ ُم اْلأَْنهَارُ فِي جَنّاتِ الّنعِيمِ (‪)9‬‬ ‫جرِي ِمنْ تَ ْ‬ ‫الصّالِحَاتِ َي ْهدِي ِهمْ َربّ ُه ْم ِبإِيَاِنهِ ْم تَ ْ‬ ‫‪ -6‬إن ف تعاقب الليل والنهار واختلفهما بالزيادة والنقصان ‪ ،‬وف خلْق السموات‬ ‫والرض وما فيهما من الكائنات ‪ ،‬لدلة واضحة وحُججا بينة على ألوهية الالق‬ ‫وقدرته لن يتجنبون غضبه ويافون عذابه ‪.‬‬ ‫‪ -7‬إن الذين ل يؤمنون بالبعث ولقاء ال ف اليوم الخر ‪ ،‬واعتقدوا ‪ -‬واهي ‪ -‬أن‬ ‫الياة الدنيا هى منتهاهم وليس بعدها حياة ‪ ،‬فاطمأنوا با ‪ ،‬ول يعملوا لا بعدها ‪،‬‬ ‫وغفلوا عن آيات ال الدالة على البعث والساب ‪.‬‬ ‫‪ -8‬هؤلء مأواهم الذى يستقرون فيه هو النار ‪ ،‬جزاء ما كسبوا من الكفر وقبيح‬ ‫العمال ‪.‬‬ ‫‪ -9‬إن الذين آمنوا إيانا صحيحا ‪ ،‬وعملوا العمال الصالة ف دنياهم يثبتهم ربم‬ ‫على الداية بسبب إيانم ‪ ،‬ويدخلون يوم القيامة جنات ترى النار خللا ‪ ،‬وينعمون‬ ‫فيها نعيما خالدا ‪.‬‬ ‫دَ ْعوَا ُهمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ ال ّل ُه ّم وَتَحِيُّت ُه ْم فِيهَا سَلَا ٌم وَ َآ ِخرُ دَ ْعوَاهُ ْم أَ ِن الْحَ ْم ُد لِ ّلهِ َربّ‬ ‫ضيَ ِإلَ ْي ِهمْ َأجَ ُلهُ ْم فََنذَرُ‬ ‫س الشّ ّر اسْتِعْجَاَلهُ ْم بِالْخَ ْيرِ َلقُ ِ‬ ‫ج ُل ال ّلهُ لِلنّا ِ‬ ‫الْعَالَمِيَ (‪ )10‬وََل ْو يُعَ ّ‬ ‫س اْلِإنْسَا َن الضّ ّر دَعَانَا لِجَنِْبهِ‬ ‫الّذِينَ لَا َيرْجُونَ ِلقَا َءنَا فِي ُطغْيَانِ ِهمْ يَعْ َمهُونَ (‪ )11‬وَِإذَا مَ ّ‬ ‫‪90‬‬

‫سهُ َك َذِلكَ ُزّينَ‬ ‫ض ّر َم ّ‬ ‫ض ّرهُ َمرّ َكأَ ْن َلمْ َيدْعُنَا ِإلَى ُ‬ ‫شفْنَا َع ْنهُ ُ‬ ‫أَ ْو قَا ِعدًا َأوْ قَائِمًا فَلَمّا َك َ‬ ‫ي مَا كَانُوا َيعْمَلُونَ (‪ )12‬وََل َقدْ َأهْ َلكْنَا اْلقُرُو َن ِمنْ قَبْ ِل ُكمْ لَمّا َظلَمُوا َوجَا َءْت ُهمْ‬ ‫س ِرفِ َ‬ ‫لِلْ ُم ْ‬ ‫ج ِرمِيَ (‪)13‬‬ ‫جزِي اْل َقوْ َم الْمُ ْ‬ ‫ك نَ ْ‬ ‫ُرسُ ُلهُ ْم بِالْبَيّنَاتِ َومَا كَانُوا لُِي ْؤمِنُوا َك َذلِ َ‬ ‫‪ -10‬دعاء الؤمني ف هذه النات تسبيح وتنيه ل عما كان يقوله الكافرون ف الدنيا‬ ‫‪ ،‬وتية ال لم ‪ ،‬وتية بعضهم لبعض تقرير للمن والطمئنان ‪ ،‬وخات دعائهم دائما‬ ‫حد ال على توفيقه إياهم باليان ‪ ،‬وظفرهم برضوانه عليهم ‪.‬‬ ‫‪ -11‬ولو أجاب ال ما يستعجل به الناس على أنفسهم من الشر مثل استعجالم‬ ‫لطلب الي ‪ ،‬لهلكهم وأبادهم جيعا ‪ ،‬ولكنه يتلطف بم ‪ ،‬فيجئ هلكهم ‪ ،‬انتظارا‬ ‫لا يظهر منهم حسب ما علمه فيهم ‪ ،‬فتتضح عدالته ف جزائهم ‪ ،‬إذ يتركون ‪-‬‬ ‫والدلة قائمة عليهم ‪ -‬يتعمدون النراف والتاه إل طريق الضلل والظلم ‪.‬‬ ‫‪ -12‬وإذا أصاب النسان ضر ف نفسه أو ماله أو نو ذلك ‪ ،‬أحس بضعفه ودعا ربه‬ ‫على أى حال من حالته ‪ ،‬مضطجعا أو قاعدا أو قائما ‪ ،‬أن يكشف ما نزل به من‬ ‫منته ‪ ،‬فلما استجاب ال له ‪ ،‬فكشف عنه ضره ‪ ،‬انصرف عن جانب ال واستمر على‬ ‫عصيانه ‪ ،‬ونسى فضل ال عليه ‪ ،‬كأنه ل يصبه ضر ول يدع ال إل كشفه ‪ ،‬وكمثل‬ ‫هذا السلك زيّن الشيطان للكافرين ما عملوا من سوء وما اقترفوا من باطل ‪.‬‬ ‫‪ -13‬ولقد أهلكنا المم السابقة عليكم بسبب كفرهم حي جاءتم رسلهم باليات‬ ‫الواضحة على صدق دعوتم إل اليان ‪ ،‬وما كان ف علم ال أن يصل منهم إيان ‪،‬‬ ‫بسبب تشبثهم بالكفر والعصيان ‪ ،‬فاعتبوا يا كفار قريش ‪ ،‬فكما أهلكنا َم ْن قبلكم ‪،‬‬ ‫سنجزى الجرمي بإهلكهم ‪.‬‬ ‫ف َتعْمَلُونَ (‪َ )14‬وِإذَا تُتْلَى عَلَ ْي ِهمْ‬ ‫ض ِمنْ َب ْعدِ ِه ْم لِنَنْ ُظرَ كَيْ َ‬ ‫ف فِي اْلأَرْ ِ‬ ‫ُثمّ َجعَلْنَاكُ ْم خَلَائِ َ‬ ‫ت ِب ُقرْآَنٍ غَ ْي ِر َهذَا َأوْ بَ ّدْلهُ ُق ْل مَا َيكُونُ لِي‬ ‫ت قَا َل اّلذِينَ لَا َيرْجُو َن ِلقَا َءنَا ائْ ِ‬ ‫َآيَاتُنَا بَيّنَا ٍ‬ ‫أَ ْن أَُب ّدلَ ُه ِمنْ تِلْقَا ِء َن ْفسِي إِ ْن َأتّبِ ُع ِإلّا مَا يُوحَى إَِليّ ِإنّي َأخَافُ إِنْ عَصَيْتُ َربّي َعذَابَ‬ ‫ت فِيكُمْ ُع ُمرًا‬ ‫يَوْمٍ عَظِيمٍ (‪ُ )15‬ق ْل َلوْ شَا َء اللّ ُه مَا تَ َل ْوُتهُ َعلَ ْيكُ ْم َولَا َأدْرَاكُ ْم ِبهِ َف َق ْد لَبِثْ ُ‬

‫‪91‬‬

‫ب ِبآَيَاتِ ِه ِإنّ ُه لَا‬ ‫ِمنْ قَبْ ِل ِه َأفَلَا َت ْعقِلُونَ (‪ )16‬فَ َم ْن أَظْ َلمُ مِ ّمنِ افَْترَى عَلَى ال ّلهِ َك ِذبًا َأوْ َكذّ َ‬ ‫ج ِرمُونَ (‪)17‬‬ ‫ُيفْلِحُ الْ ُم ْ‬ ‫‪ -14‬ث جعلناكم ‪ -‬يا أمة ممد ‪ -‬خلفاء ف الرض ‪ ،‬تعمرونا من بعد هؤلء‬ ‫السابقي ‪ ،‬لنختبكم ونظهر ما تتارونه لنفسكم من طاعة أو عصيان ‪ ،‬بعد أن عرفتم‬ ‫ما جرى على أسلفكم ‪.‬‬ ‫‪ -15‬وحينما تلت آيات القرآن من رسولنا ‪ -‬ممد ‪ -‬على الشركي ‪ ،‬قال له‬ ‫الكافرون الذين ل يافون عذاب ال ول يرجون ثوابه ‪ :‬آتنا كتابا غي هذا القرآن ‪،‬‬ ‫أو َبدّل ما فيه ما ل يعجبنا ‪ .‬قل لم ‪ -‬أيها الرسول ‪ :‬ل يكنن ول يوز أن أغي أو‬ ‫ل من رب ‪ ،‬إن أخاف إن‬ ‫أبدل فيه من عندى ‪ .‬ما أنا إل متبع ومبلغ ما يوحى إ ّ‬ ‫خالفت وحى رب عذاب يوم عظيم خطره ‪ ،‬شديد هوله ‪.‬‬ ‫‪ -16‬قل لم ‪ -‬يا أيها الرسول ‪ : -‬لو شاء ال أل ينل عل ّى قرآنا من عنده ‪ ،‬وأل‬ ‫أبلغكم به ما أنزله ‪ ،‬وما تلوته عليكم ‪ ،‬ول أعلمكم ال به ‪ .‬لكنه نزل ‪ ،‬وأرسلن به ‪،‬‬ ‫وتلوته عليكم كما أمرن ‪ ،‬وقد مكثت بينكم زمنا طويل قبل البعث ل أدّع فيه الرسالة‬ ‫‪ ،‬ول أتل عليكم شيئا ‪ ،‬وأنتم تشهدون ل بالصدق والمانة ‪ ،‬ولكن جاء الوحى به‬ ‫فأمرت بتلوته ‪ ،‬أل فاعقلوا المور وأدركوها ‪ ،‬واربطوا بي الاضى والاضر ‪.‬‬ ‫‪ -17‬ليس هناك أشد ظلما لنفسه من كفر وافترى الكذب على ال ‪ ،‬أو كذب‬ ‫بآيات ال الت جاء با رسوله ‪ .‬إنه ل ينجح الكافر ف عمله ‪ ،‬وقد خسر خسرانا مبينا‬ ‫بكفره ‪ ،‬ومغاضبته ل تعال ‪.‬‬ ‫ض ّر ُهمْ َولَا يَ ْن َفعُ ُه ْم وََيقُولُو َن هَ ُؤلَا ِء شُ َفعَا ُؤنَا عِ ْندَ ال ّلهِ ُقلْ‬ ‫وََيعُْبدُو َن ِم ْن دُونِ ال ّلهِ مَا لَا يَ ُ‬ ‫شرِكُونَ (‬ ‫ض سُبْحَانَ ُه َوتَعَالَى عَمّا ُي ْ‬ ‫ت َولَا فِي اْلأَرْ ِ‬ ‫َأتُنَبّئُو َن ال ّلهَ بِمَا لَا َيعْ َل ُم فِي السّمَاوَا ِ‬ ‫ض َي بَيَْنهُمْ‬ ‫ك لَقُ ِ‬ ‫ت ِمنْ َرّب َ‬ ‫س ِإلّا ُأمّ ًة وَا ِح َدةً فَاخْتَ َلفُوا وََل ْولَا كَلِ َم ٌة سََبقَ ْ‬ ‫‪ )18‬وَمَا كَا َن النّا ُ‬ ‫ب لِ ّلهِ‬ ‫فِيمَا فِيهِ يَخْتَ ِلفُونَ (‪ )19‬وََيقُولُو َن لَ ْولَا ُأْنزِلَ عَ َل ْيهِ َآَيةٌ ِمنْ َرّبهِ َف ُقلْ ِإنّمَا الْغَيْ ُ‬ ‫ضرّا َء َمسّتْ ُهمْ‬ ‫فَانْتَ ِظرُوا ِإنّي َمعَ ُك ْم ِمنَ الْمُنْتَ ِظرِينَ (‪َ )20‬وِإذَا َأ َذقْنَا النّاسَ َرحْ َم ًة ِمنْ َب ْعدِ َ‬ ‫ع مَ ْكرًا إِنّ ُرسُلَنَا َيكْتُبُو َن مَا تَ ْمكُرُونَ (‪)21‬‬ ‫ِإذَا َلهُ ْم َمكْ ٌر فِي َآيَاتِنَا ُقلِ ال ّلهُ َأ ْسرَ ُ‬ ‫‪92‬‬

‫‪ -18‬ويعبد هؤلء الشركون ‪ -‬الفترون على ال بالشرك ‪ -‬أصناما باطلة ‪ ،‬ل‬ ‫تضرهم ول تنفعهم ‪ ،‬ويقولون ‪ :‬هؤلء الصنام يشفعون لنا عند ال ف الخرة ‪ ،‬قل‬ ‫لم ‪ -‬أيها الرسول ‪ : -‬هل تبون ال بشريك ل يعلم ال له وجودا ف السموات ول‬ ‫ف الرض؟! تنه ال عن الشريك وعما تزعمونه بعبادة هؤلء الشركاء ‪.‬‬ ‫‪ -19‬وما كان الناس ف تكوينهم إل أمة واحدة بقتضى الفطرة ‪ ،‬ث بعثنا إليهم الرسل‬ ‫لرشادهم وهدايتهم بقتضى وحى ال تعال ‪ ،‬فكانت تلك الطبيعة النسانية الت‬ ‫استعدت للخي والشر سببا ف أن يغلب الشر على بعضهم ‪ ،‬وتكم الهواء ونزغات‬ ‫الشيطان ‪ ،‬فاختلفوا بسبب ذلك ‪ .‬ولول حكم سابق من ربك بإمهال الكافرين بك ‪-‬‬ ‫أيها النب ‪ -‬وإرجاء هلكهم إل موعد مدد عنده ‪ ،‬لعجل لم اللك والعذاب ‪،‬‬ ‫بسبب اللف الذى وقعوا فيه ‪ ،‬كما وقع لمم سابقة ‪.‬‬ ‫‪ -20‬ويقول هؤلء الشركون ‪ :‬هل أنزل على ممد معجزة من عند ال غي القرآن ‪،‬‬ ‫تقنعنا بصدق رسالته؟ فقل لم ‪ -‬أيها الرسول ‪ : -‬إن نزول اليات غيب ‪ ،‬ول أحد‬ ‫يعلم الغيب إل ال ‪ ،‬وإن كان القرآن ل يقنعكم فانتظروا قضاء ال بين وبينكم فيما‬ ‫تحدونه ‪ ،‬إن معكم من النتظرين ‪.‬‬ ‫‪ -21‬ومن شأن الناس أننا إذا أنعمنا عليهم ‪ ،‬من بعد شدة أصابتهم ف أنفسهم أو‬ ‫أهليهم أو أموالم ‪ ،‬ل يشكروا ال على ما أنعم به عليهم بعد صرف الضر عنهم ‪ ،‬بل‬ ‫هم يقابلون ذلك بالمعان ف التكذيب والكفر باليات ‪ .‬قل ‪ -‬أيها الرسول ‪ : -‬إن‬ ‫ال قادر على إهلككم والسراع بتعذيبكم ‪ ،‬لول حكم سابق منه بإمهالكم إل موعد‬ ‫اختص ‪ -‬وحده ‪ -‬بعلمه ‪ .‬إن رسلنا من اللئكة الوكلي بكم يكتبون ما تكرون ‪،‬‬ ‫وسيحاسبكم ويازيكم ‪.‬‬ ‫ح ِر حَتّى ِإذَا كُنُْتمْ فِي الْفُ ْلكِ َو َجرَْي َن ِبهِ ْم ِبرِيحٍ طَيَّبةٍ‬ ‫هُ َو الّذِي ُيسَّيرُ ُكمْ فِي الَْب ّر وَالْبَ ْ‬ ‫ط ِب ِهمْ‬ ‫ف َوجَا َءهُ ُم الْ َموْجُ ِمنْ ُك ّل مَكَا ٍن وَظَنّوا َأّن ُهمْ ُأحِي َ‬ ‫َوفَ ِرحُوا ِبهَا جَا َءْتهَا رِيحٌ عَاصِ ٌ‬ ‫ي َلهُ الدّي َن لَِئ ْن أَنْجَ ْيتَنَا ِم ْن َه ِذهِ لََنكُوَننّ ِم َن الشّا ِكرِينَ (‪ )22‬فَلَمّا‬ ‫دَ َعوُا ال ّلهَ مُخْ ِلصِ َ‬ ‫ح ّق يَا َأّيهَا النّاسُ ِإنّمَا بَغُْي ُكمْ عَلَى َأْن ُفسِ ُكمْ‬ ‫ض ِبغَ ْيرِ الْ َ‬ ‫َأنْجَا ُهمْ ِإذَا هُ ْم يَ ْبغُو َن فِي اْلأَرْ ِ‬ ‫‪93‬‬

‫مَتَاعَ الْحَيَا ِة الدّنْيَا ثُ ّم ِإلَيْنَا َم ْرجِ ُع ُكمْ فَنُنَبُّئ ُكمْ بِمَا كُ ْنُتمْ َتعْمَلُونَ (‪ِ )23‬إنّمَا مََث ُل الْحَيَاةِ‬ ‫ض مِمّا َيأْ ُكلُ النّاسُ وَالَْأْنعَا ُم حَتّى‬ ‫ط ِب ِه نَبَاتُ اْلأَرْ ِ‬ ‫ال ّدنْيَا َكمَا ٍء َأنْ َزلْنَاهُ ِم َن السّمَاءِ فَاخْتَلَ َ‬ ‫ت وَ َظ ّن َأهْلُهَا أَّن ُهمْ قَادِرُونَ عَلَ ْيهَا أَتَاهَا َأ ْمرُنَا لَيْلًا َأوْ‬ ‫ِإذَا َأخَ َذتِ اْلأَرْضُ ُز ْخرُ َفهَا وَا ّزيّنَ ْ‬ ‫صلُ اْل َآيَاتِ ِل َقوْ ٍم يََتفَ ّكرُونَ (‪)24‬‬ ‫جعَلْنَاهَا حَصِيدًا َكأَ ْن َلمْ َت ْغنَ بِاْلأَمْسِ َك َذِلكَ ُنفَ ّ‬ ‫َنهَارًا فَ َ‬ ‫‪ -22‬ال الذى تكفرون بنعمه ‪ ،‬وُتكَذّبون بآياته ‪ ،‬هو الذى يُمكّنكم من السي‬ ‫والسعى ف الب مشاة وركبانا ‪ ،‬وف البحر با سخّر لكم من السفن الت ترى على‬ ‫الاء ‪ ،‬با يهيئ ال لا من ريح طيبة تدفعها ف أمان إل غايتها ‪ ،‬حت إذا اطمأننتم إليها‬ ‫وفرحتم با هبت ريح عاصفة أثارت عليكم الوج من كل جانب ‪ ،‬وأيقنتم أن اللك‬ ‫واقع ل مالة ‪ ،‬ف هذه الشدة ل تدون ملجأ غي ال فتدعونه ملصي ف الدعاء ‪،‬‬ ‫وموقني أنه ل منقذ لكم سواه ‪ ،‬متعهدين له لئن أناكم من هذه الكربة لتؤمنن به‬ ‫ولتكونن من الشاكرين ‪.‬‬ ‫‪ -23‬فلما أناهم ما تعرضوا له من اللك ‪ ،‬نقضوا عهدهم ‪ ،‬وعادوا مسرعي إل‬ ‫الفساد الذى كانوا من قبل ‪ -‬يا أيها الناس ‪ -‬الناقضون للعهد إن عاقبة اعتدائكم‬ ‫وظلمكم سترجع عليكم ‪ -‬وحدكم ‪ -‬وإن ما تتمتعون به ف دنياكم متاع دنيوى زائل‬ ‫‪ ،‬ث إل ال مصيكم ف النهاية فيجزيكم بأعمالكم الت أسلفتموها ف دنياكم ‪.‬‬ ‫‪ -24‬ما حالة الياة الدنيا ف روعتها وبجتها ‪ ،‬ث ف فنائها بعد ذلك ‪ ،‬إل كحالة الاء‬ ‫ينل من السماء ‪ ،‬فيختلط به نبات الرض ‪ ،‬ما يأكله الناس واليوان ‪ ،‬فيزدهر ويثمر‬ ‫وتزدان به الرض نضارة وبجة ‪ ،‬حت إذا بلغت هذه الزينة تامها ‪ ،‬وأيقن أهلها أنم‬ ‫مالكون زمامها ومنتفعون بثمارها وخياتا ‪ ،‬فاجأها أمرنا بزوالا فجعلناها شيئا‬ ‫مصودا ‪ ،‬كأن ل تكن آهلة بسكانا وآخذة بجتها من قبل ‪ ،‬ففى كلتا الالتي نضارة‬ ‫وازدهار يبتهج بما الناس ‪ ،‬ث يعقبهما زوال ودمار ‪ ،‬وكما بيّن ال ذلك بالمثال‬ ‫الواضحة ‪ ،‬يبيّن اليات ويفصل ما فيها من أحكام وآيات لقوم يتفكرون ويعقلون ‪.‬‬ ‫صرَاطٍ ُمسَْتقِيمٍ (‪ )25‬لِ ّلذِينَ َأ ْحسَنُوا‬ ‫وَال ّلهُ َيدْعُو ِإلَى دَارِ السّلَا ِم َويَ ْهدِي َم ْن َيشَا ُء إِلَى ِ‬ ‫ك أَصْحَابُ الْجَّن ِة ُهمْ فِيهَا‬ ‫حسْنَى وَ ِزيَا َد ٌة َولَا َيرْ َه ُق وُجُو َه ُهمْ قََت ٌر َولَا ِذّلةٌ أُولَئِ َ‬ ‫الْ ُ‬ ‫‪94‬‬

‫ت َجزَا ُء سَيَّئ ٍة بِمِثْ ِلهَا َوَترْ َه ُقهُ ْم ِذّلةٌ مَا َلهُ ْم ِمنَ ال ّلهِ‬ ‫خَاِلدُونَ (‪ )26‬وَاّلذِينَ َكسَبُوا السّيّئَا ِ‬ ‫ك أَصْحَابُ النّا ِر هُ ْم فِيهَا‬ ‫ت ُوجُو ُههُ ْم قِ َطعًا ِم َن اللّيْ ِل مُظْلِمًا أُولَِئ َ‬ ‫صمٍ َكَأنّمَا أُ ْغشِيَ ْ‬ ‫ِمنْ عَا ِ‬ ‫ش ُرهُ ْم جَمِيعًا ُث ّم َنقُولُ لِ ّلذِينَ َأ ْشرَكُوا مَكَانَ ُكمْ َأنُْتمْ‬ ‫حُ‬ ‫خَاِلدُونَ (‪ )27‬وََيوْ َم نَ ْ‬ ‫وَ ُشرَكَاؤُ ُك ْم َف َزيّلْنَا بَيَْن ُهمْ َوقَا َل ُشرَكَا ُؤهُ ْم مَا ُكنُْتمْ ِإيّانَا َتعْبُدُونَ (‪ )28‬فَ َكفَى بِاللّهِ‬ ‫شَهِيدًا بَيْنَنَا َوبَيَْنكُ ْم إِنْ كُنّا َعنْ عِبَا َدتِ ُك ْم لَغَافِلِيَ (‪ )29‬هُنَاِلكَ تَبْلُو ُك ّل َنفْسٍ مَا أَسْ َلفَتْ‬ ‫ضلّ عَ ْن ُه ْم مَا كَانُوا َيفَْترُونَ (‪)30‬‬ ‫ح ّق وَ َ‬ ‫وَ ُردّوا إِلَى ال ّل ِه مَ ْولَا ُهمُ الْ َ‬ ‫‪ -25‬وال يدعو عباده باليان والعمل الصال إل النة دار المن والطمئنان ‪ ،‬وهو‬ ‫سبحانه يهدى من يشاء هدايته ‪ -‬لسن استعداده وميله إل الي ‪ -‬إل الطريق الق‬ ‫وهو السلم ‪.‬‬ ‫‪ -26‬للذين أحسنوا بالستجابة لدعوة ال ‪ ،‬فآمنوا وعملوا الي لدينهم ودنياهم ‪،‬‬ ‫لم النلة السن ف الخرة وهى النة ‪ ،‬ولم زيادة على ذلك فضل من ال وتكريا ‪،‬‬ ‫ول يغشى وجوههم كآبة من همّ وهوان ‪ ،‬وهؤلء هم أهل النة الذين ينعمون فيها‬ ‫أبدا ‪.‬‬ ‫‪ -27‬والذين ل يستجيبوا لدعوة ال ‪ ،‬فكفروا واقترفوا العاصى فسيجزون بثل ما‬ ‫عملوا من سوء ‪ ،‬ويغشاهم الوان ‪ ،‬وليس لم واقٍ ينعهم من عذاب ال ‪ ،‬ووجوهم‬ ‫مسودة من الغم والكآبة كأنا أسدل عليها سواد من ظلمة الليل ‪ ،‬وهم أهل النار‬ ‫يشقون فيها أبدا ‪.‬‬ ‫‪ -28‬واذكر ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬هوْل الوقف ‪ ،‬يوم نمع اللئق كافة ‪ ،‬ث نقول‬ ‫للذين أشركوا ف عبادتم مع ال غيه ‪ :‬قفوا مكانكم أنتم ومن اتذتوهم شركاء من‬ ‫دون ال ‪ ،‬حت تنظروا ما يفعل بكم ‪ ،‬فوقعت الفرقة بي الشركي والشركاء ‪ ،‬وتبأ‬ ‫الشركاء من عابديهم ‪ ،‬قائلي لم ‪ :‬ل ندعكم إل عبادتنا ‪ ،‬وما كنتم تعبدوننا ‪ ،‬وإنا‬ ‫كنتم تعبدون أهواءكم ‪.‬‬ ‫‪ -29‬ويكفينا ال بعلمه وحكمه شهيدا وفاصلً بيننا وبينكم ‪ .‬إنا كنا بعزل عنكم ل‬ ‫نشعر بعبادتكم لنا ‪.‬‬ ‫‪95‬‬

‫‪ -30‬ف ذلك الوقف تعلم كل نفس ما قدّمت من خي أو شر ‪ ،‬وتلقى جزاءها ‪ .‬وف‬ ‫هذا الوقف أيقن الشركون بوحدانية ال الق ‪ ،‬وبطل كل ما كانوا يفترونه على ال ‪.‬‬ ‫حيّ‬ ‫ج الْ َ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫ك السّمْ َع وَاْلَأبْصَا َر َو َمنْ يُ ْ‬ ‫ض أَ ْم َمنْ يَمْ ِل ُ‬ ‫ُقلْ َم ْن َيرْ ُزقُ ُكمْ ِم َن السّمَاءِ وَاْلأَرْ ِ‬ ‫ح ّي َومَ ْن ُيدَّب ُر الَْأ ْمرَ َفسََيقُولُو َن اللّ ُه َف ُقلْ َأفَلَا تَّتقُونَ (‬ ‫ت ِمنَ الْ َ‬ ‫ج الْمَيّ َ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫ت َويُ ْ‬ ‫ِمنَ الْمَيّ ِ‬ ‫ص َرفُونَ (‪َ )32‬ك َذِلكَ‬ ‫ح ّق ِإلّا الضّلَا ُل َفأَنّى تُ ْ‬ ‫ح ّق فَمَاذَا َب ْعدَ الْ َ‬ ‫‪َ )31‬فذَِلكُ ُم ال ّلهُ َرّب ُكمُ الْ َ‬ ‫سقُوا َأّنهُ ْم لَا ُي ْؤمِنُونَ (‪ُ )33‬ق ْل َهلْ ِم ْن شُرَكَائِ ُك ْم َمنْ‬ ‫حَقّتْ كَ ِل َمةُ َربّكَ عَلَى الّذِينَ َف َ‬ ‫يَ ْبدَُأ الْخَ ْلقَ ثُ ّم ُيعِيدُ ُه ُقلِ ال ّل ُه يَ ْبدَُأ الْخَ ْل َق ثُ ّم ُيعِي ُدهُ َفَأنّى ُتؤْ َفكُونَ (‪)34‬‬ ‫‪ -31‬ادع ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬إل التوحيد الالص ‪ ،‬وقل ‪َ :‬م ْن الذى يأتيكم بالرزق‬ ‫من السماء بإنزال الطر ‪ ،‬ومن الرض بإخراج النبات والثمر؟ ومَن الذى ينحكم‬ ‫السمع والبصار؟ ومن يرج الى من اليت كالنبات وهو حى من الرض وهى‬ ‫موات؟ ومن يرج اليت من الى كالنسان يسلب عنه الياة؟ ومن الذى يُ َدبّر‬ ‫ويصرف جيع أمور العال كله بقدرته وحكمته؟ فسيعترفون ‪ -‬ل مناص ‪ -‬بأن ال ‪-‬‬ ‫وحده ‪ -‬فاعل هذا كله ‪ .‬فقل لم ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬عند اعترافهم بذلك ‪ :‬أليس‬ ‫الواجب الؤكد أن تذعنوا للحق وتافوا ال مالك اللك ‪.‬‬ ‫‪ -32‬فذلكم ال الذى أقررت به ‪ ،‬هو ‪ -‬وحده ‪ -‬ربكم الذى تققت ربوبيته ‪،‬‬ ‫ووجبت عبادته دون سواه ‪ ،‬وليس بعد الق من توحيد ال وعبادته إل الوقوع ف‬ ‫الضلل ‪ ،‬وهو الشراك بال وعبادة غيه ‪ .‬فكيف تنصرفون عن الق إل الباطل؟ ‪.‬‬ ‫‪ -33‬كما تققت ألوهية ال ووجبت عبادته ‪ ،‬حق قضاؤه على الذين خرجوا عن أمر‬ ‫ال متمردين بأنم ل يذعنون للحق ‪ ،‬لن ال تعال ل يهدى إل الق إل من سلك‬ ‫طريقه ‪ ،‬ل من ترد عليه ‪.‬‬ ‫‪ -34‬قل ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬لؤلء الشركي ‪ :‬هل من معبوداتكم ‪ -‬الت جعلتموها‬ ‫شركاء ل ‪ -‬مَنْ يستطيع أن ينشئ اللق ابتداء ‪ ،‬ث يعيده بعد فنائه؟ إنم سيعجزون‬ ‫عن الواب ‪ ،‬فقل لم حينئذ ‪ :‬ال ‪ -‬وحده ‪ -‬هو الذى ينشئ اللق من عدم ‪ ،‬ث‬ ‫يعيده بعد فنائه ‪ ،‬فكيف تنصرفون عن اليان به؟‬ ‫‪96‬‬

‫حقّ‬ ‫ح ّق َأفَ َم ْن َيهْدِي ِإلَى الْ َ‬ ‫حقّ ُق ِل اللّ ُه َي ْهدِي لِلْ َ‬ ‫ُقلْ َه ْل ِمنْ ُشرَكَاِئ ُكمْ َم ْن َيهْدِي ِإلَى الْ َ‬ ‫حكُمُونَ (‪َ )35‬ومَا يَتّبِعُ‬ ‫ف تَ ْ‬ ‫أَ َح ّق أَ ْن يُتّبَ َع أَ ْم َم ْن لَا َي ِهدّي ِإلّا أَ ْن ُي ْهدَى فَمَا َلكُمْ كَيْ َ‬ ‫ح ّق شَيْئًا إِ ّن ال ّلهَ عَلِيمٌ بِمَا َي ْفعَلُونَ (‪ )36‬وَمَا‬ ‫أَكَْثرُ ُه ْم ِإلّا ظَنّا إِ ّن ال ّظنّ لَا ُيغْنِي ِمنَ الْ َ‬ ‫صدِي َق اّلذِي بَ ْي َن يَ َدْيهِ َوَتفْصِيلَ‬ ‫كَا َن َهذَا الْ ُقرْآَ ُن أَ ْن ُيفَْترَى ِم ْن دُونِ ال ّلهِ وََل ِكنْ تَ ْ‬ ‫ب فِي ِه ِمنْ َربّ اْلعَالَمِيَ (‪ )37‬أَ ْم َيقُولُو َن افَْترَا ُه ُقلْ َف ْأتُوا ِبسُو َر ٍة مِثْ ِلهِ‬ ‫ب لَا َريْ َ‬ ‫الْكِتَا ِ‬ ‫وَادْعُوا َم ِن اسْتَطَعُْت ْم ِمنْ دُو ِن اللّ ِه إِنْ كُنُْتمْ صَا ِدقِيَ (‪)38‬‬ ‫‪ -35‬قل ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬لؤلء الشركي ‪ :‬هل من معبوداتكم الت جعلتموها‬ ‫شركاء ل مَن يستطيع التمييز بي الدى والضلل ‪ ،‬فيشد سواه إل السبيل الق؟‬ ‫فسيعجزون! فهل القادر على الداية إل الق أول بالتباع والعبادة؟ أم الذى ل‬ ‫يستطيع أن يهتدى ف نفسه ‪ ،‬وهو بالول ل يهدى غيه ‪ ،‬اللهم إل إذا هداه غيه؟‬ ‫كرؤوس الكفر والحبار والرهبان الذين اتذتوهم أربابا من دون ال ‪ .‬فما الذى‬ ‫جعلكم تنحرفون حت أشركتم هؤلء بال؟ وما هذه الال العجيبة الت تركم إل تلك‬ ‫الحكام الغريبة ‪.‬‬ ‫‪ -36‬وما يتبع أكثر الشركي ف معتقداتم إل ظنونا باطلة ل دليل عليها ‪ ،‬والظن ‪-‬‬ ‫على وجه العموم ‪ -‬ل يفيد ‪ ،‬ول يغن عن العلم الق أى غناء ‪ ،‬ول سيما إذا كان‬ ‫ظنا وهيا كظن هؤلء الشركي ‪ .‬وإن ال عليم با يفعله رؤساء الكفر وأتباعهم الذين‬ ‫يقلدونم ‪ ،‬وسيجازيهم على ذلك ‪.‬‬ ‫‪ -37‬وما كان يتأتى ف هذا القرآن أن يفتريه أحد ‪ ،‬لنه ف إعجازه وهدايته وإحكامه‬ ‫ل يكن أن يكون من عند غي ال ‪ .‬وليس هو إل مصدقا لا سبقه من الكتب السماوية‬ ‫فيما جاءت به من الق ‪ ،‬وموضحا لا كتب وأثبت من القائق والشرائع ‪ .‬ل شك ف‬ ‫أن هذا القرآن منل من عند ال ‪ ،‬وأنه معجز ل يقدر أحد على مثله ‪.‬‬ ‫‪ -38‬بل يقول هؤلء الشركون ‪ :‬اختلق ممد هذا القرآن من عنده ‪ ،‬فقل لم ‪ -‬أيها‬ ‫الرسول ‪ : -‬إن كان هذا القرآن من عمل البشر ‪ ،‬فأتوا أنتم بسورة واحدة ماثلة له ‪،‬‬

‫‪97‬‬

‫واستعينوا على ذلك بن تشاءون من دون ال ‪ ،‬إن كنتم صادقي ف زعمكم أن‬ ‫القرآن من عندى ‪.‬‬ ‫َبلْ َك ّذبُوا بِمَا َلمْ يُحِيطُوا ِبعِلْ ِمهِ َولَمّا َيأِْت ِهمْ َت ْأوِي ُلهُ َك َذلِكَ َك ّذبَ اّلذِي َن ِمنْ قَبْ ِل ِهمْ فَانْ ُظرْ‬ ‫ك أَعْ َلمُ‬ ‫كَيْفَ كَانَ عَاقَِب ُة الظّالِمِيَ (‪َ )39‬ومِ ْنهُ ْم َمنْ يُ ْؤ ِمنُ ِب ِه وَمِ ْن ُهمْ مَ ْن لَا ُي ْؤ ِمنُ ِب ِه وَ َربّ َ‬ ‫سدِينَ (‪َ )40‬وإِنْ َك ّذبُو َك َف ُقلْ لِي عَمَلِي َولَ ُكمْ عَمَ ُل ُكمْ َأنُْت ْم َبرِيئُو َن مِمّا أَ ْع َملُ وََأنَا‬ ‫بِالْ ُم ْف ِ‬ ‫ص ّم وََلوْ كَانُوا لَا‬ ‫ت ُتسْمِ ُع ال ّ‬ ‫ك َأ َفأَنْ َ‬ ‫َبرِيءٌ مِمّا َتعْمَلُونَ (‪َ )41‬ومِ ْنهُ ْم َمنْ َيسْتَ ِمعُو َن ِإلَيْ َ‬ ‫صرُونَ (‪)43‬‬ ‫َيعْقِلُونَ (‪َ )42‬ومِ ْنهُ ْم َمنْ يَنْ ُظرُ ِإلَ ْيكَ َأ َفَأنْتَ َت ْهدِي اْلعُ ْميَ َوَلوْ كَانُوا لَا يُبْ ِ‬ ‫س ُهمْ يَظْ ِلمُونَ (‪)44‬‬ ‫س َأْنفُ َ‬ ‫س شَيْئًا َوَلكِ ّن النّا َ‬ ‫إِنّ ال ّل َه لَا يَظْ ِل ُم النّا َ‬ ‫‪ -39‬بل سارع هؤلء الشركون إل تكذيب القرآن من غي أن يتدبروا ‪ ،‬ويعلموا ما‬ ‫فيه ‪ ،‬فلم ينظروا فيه بأنفسهم ‪ ،‬ول يقفوا على تفسيه وبيان أحكامه بالرجوع إل‬ ‫غيهم ‪ ،‬وبثل هذه الطريقة ف التكذيب من غي علم ‪ ،‬كذب الكافرون من المم‬ ‫السابقة رسلهم وكتبهم ‪ ،‬فانظر ‪ -‬أيها النسان ‪ -‬ما آل إليه أمر الكذبي السابقي‬ ‫من خذلنم وهلكهم بالعذاب ‪ ،‬وهذه سنة ال ف أمثالم ‪.‬‬ ‫‪ -40‬ومن هؤلء الكذبي من سيؤمر بالقرآن بعد أن يفطن إل ما فيه ‪ ،‬ويتنبه لعانيه ‪،‬‬ ‫ومنهم فريق ل يؤمن به ول يتحول عن ضلله ‪ ،‬وال سبحانه وتعال أعلم بالكذبي‬ ‫الفسدين ‪ ،‬وسيجازيهم على ما فعلوه ‪.‬‬ ‫‪ -41‬وإن أصروا على تكذيبك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬بعد وضوح الدلة على نبوتك ‪-‬‬ ‫فقل لم ‪ :‬إن ل جزاء عملى ‪ ،‬ولكم جزاء عملكم كيفما كان ‪ ،‬وإن مستمر ف‬ ‫دعوتى ‪ ،‬وأنتم ل تؤاخذون بعملى ‪ ،‬وأنا ل أؤاخذ بعملكم ‪ ،‬فافعلوا ما شئتم‬ ‫وسيجازى ال كل با كسب ‪.‬‬ ‫‪ -42‬ومن هؤلء الكفار من يستمع إليك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬حي تدعوهم إل دين ال‬ ‫‪ ،‬وقد أغلقت قلوبم دون قبول دعوتك ‪ ،‬فأنت ل تقدر على إساع هؤلء الصم‬ ‫وهدايتهم ‪ ،‬وخاصة إذا أضيف إل صممهم عدم تفهمهم لا تقول ‪.‬‬ ‫‪ -43‬ومنهم من ينظر إليك ويفكر ف شأنك ‪ ،‬فيى دلئل نبوتك الواضحة ‪ ،‬ولكن‬ ‫‪98‬‬

‫ل يهتدى با ‪ ،‬فمثله ف ذلك مثل العمى ‪ ،‬ولست بقادر على هداية هؤلء العمى ‪،‬‬ ‫فعمى البصر كعمى البصية ‪ ،‬كلها ل هداية له ‪ ،‬فالعمى ل يهتدى حسا ‪ ،‬والضالّ‬ ‫ل يهتدى معن ‪.‬‬ ‫‪ -44‬إن ال سبحانه سيجازى الناس بأعمالم بالعدل والقسطاس ‪ ،‬ول يظلم أحدا‬ ‫منهم شيئا ‪ ،‬ولكن الناس الذين يظلمون أنفسهم باختيارهم الكفر على اليان ‪.‬‬ ‫سرَ اّلذِينَ َك ّذبُوا‬ ‫ش ُرهُمْ َكأَ ْن َلمْ يَلْبَثُوا ِإلّا سَا َعةً ِمنَ الّنهَا ِر يََتعَا َرفُونَ بَيَْنهُ ْم َقدْ َخ ِ‬ ‫حُ‬ ‫وََيوْ َم يَ ْ‬ ‫ك َفإِلَيْنَا‬ ‫ض اّلذِي َن ِعدُ ُهمْ َأ ْو نََتوَفّيَّن َ‬ ‫ك بَعْ َ‬ ‫بِ ِلقَا ِء ال ّلهِ َومَا كَانُوا ُمهَْتدِينَ (‪َ )45‬وِإمّا ُنرِيَّن َ‬ ‫ضيَ‬ ‫َمرْ ِج ُعهُ ْم ُثمّ ال ّلهُ َشهِيدٌ عَلَى مَا َيفْعَلُونَ (‪ )46‬وَِل ُكلّ ُأ ّمةٍ َرسُولٌ َفِإذَا جَاءَ َرسُوُل ُهمْ قُ ِ‬ ‫ط َوهُ ْم لَا يُظْ َلمُونَ (‪ )47‬وََيقُولُو َن مَتَى َهذَا الْوَ ْع ُد إِنْ كُنُْتمْ صَا ِدقِيَ (‪)48‬‬ ‫بَيَْنهُ ْم بِالْ ِقسْ ِ‬ ‫ضرّا َولَا َن ْفعًا ِإلّا مَا شَا َء ال ّلهُ ِل ُكلّ ُأ ّمةٍ أَ َجلٌ إِذَا جَا َء َأجَ ُل ُهمْ فَلَا‬ ‫ك لَِنفْسِي َ‬ ‫ُقلْ لَا َأمْلِ ُ‬ ‫َيسْتَ ْأ ِخرُو َن سَا َعةً َولَا َيسَْت ْقدِمُونَ (‪)49‬‬ ‫‪ -45‬وأنذرهم ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬يوم نمعهم للحساب ‪ ،‬فيتحققون مئ اليوم الخر‬ ‫بعد أن كانوا يكذبون به ‪ ،‬ويتذكرون حياتم ف الدنيا ‪ ،‬كأنا ساعة من النهار ل تتسع‬ ‫لا كان ينبغى من عمل الي ‪ ،‬ويعرف بعضهم بعضا ‪ ،‬يتلومون على ما كانوا عليه من‬ ‫الكفر والضلل ‪ .‬قد خسر الكذبون باليوم الخر ‪ ،‬فلم يقدموا ف دنياهم عمل صالا‬ ‫‪ ،‬ول يظفروا بنعيم الخرة بكفرهم ‪.‬‬ ‫‪ -46‬وإن أريناك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬بعض الذى نعدهم به ‪ ،‬من نصرتك عليهم ‪،‬‬ ‫وإلاق العذاب بم ‪ ،‬أو نتوفينك قبل أن ترى كل ذلك ‪ ،‬فل مناص من عودتم إلينا‬ ‫للحساب والزاء ‪ .‬وال سبحانه رقيب وعال بكل ما يفعلونه ‪ ،‬ومازيهم به ‪.‬‬ ‫‪ -47‬ولقد جاء رسول لكل أمة فبلّغها دعوة ال ‪ ،‬فآمن مَن آمن ‪ ،‬وكذّب مَن‬ ‫كذب ‪ ،‬فإذا كان يوم الشر ‪ ،‬وجاء رسولم وشهد على مكذبيه بالكفر ‪ ،‬وللمؤمني‬ ‫باليان ‪ ،‬فيحكم ال بينهم بالعدل التام ‪ ،‬فل يظلم أحدا فيما يستحقه من جزاء ‪.‬‬ ‫‪ -48‬ويُمعن الكافرون ف التكذيب باليوم الخر ‪ ،‬فيستعجلونه متهكمي ‪ ،‬ويقولون ‪:‬‬ ‫مت يكون هذا الذى تعدنا به من العذاب ‪ ،‬إن كنت ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬ومن معك ‪،‬‬ ‫‪99‬‬

‫صادقي فيما تؤمنون به وتدعوننا إليه؟ ‪.‬‬ ‫‪ -49‬قل لم ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬إنن ل أملك لنفسى خيا ول شرا ‪ ،‬إل ما أقدرن ال‬ ‫عليه ‪ .‬فكيف أملك تقدي العقوبة؟ إن لكل أمة ناية حددها ال أزل ‪ ،‬فإذا حانت هذه‬ ‫النهاية فل يستطيعون التأخر عنها وقتا ما ‪ ،‬كما ل يستطيعون سبقها ‪.‬‬ ‫ج ِرمُونَ (‪َ )50‬أُثمّ ِإذَا مَا‬ ‫ج ُل مِ ْنهُ الْمُ ْ‬ ‫ُقلْ أَ َرَأيُْتمْ إِ ْن َأتَا ُكمْ َعذَاُبهُ بَيَاتًا َأوْ َنهَارًا مَاذَا َيسَْتعْ ِ‬ ‫َوقَعَ َآمَنُْتمْ بِهِ َآْلآَ َن َوقَدْ كُنُْت ْم ِبهِ َتسْتَعْجِلُونَ (‪ُ )51‬ث ّم قِيلَ لِ ّلذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا َعذَابَ‬ ‫ج َزوْنَ ِإلّا بِمَا كُ ْنُتمْ َت ْكسِبُونَ (‪َ )52‬وَيسْتَنْبِئُوَنكَ َأ َحقّ ُه َو ُقلْ إِي وَ َربّي ِإنّهُ‬ ‫الْخُ ْلدِ َه ْل تُ ْ‬ ‫ت ِبهِ‬ ‫ت مَا فِي اْلأَرْضِ لَافَْتدَ ْ‬ ‫جزِينَ (‪ )53‬وََل ْو أَ ّن لِ ُك ّل نَفْسٍ ظَلَمَ ْ‬ ‫ح ّق وَمَا أَنُْت ْم بِ ُمعْ ِ‬ ‫لَ َ‬ ‫ط َوهُ ْم لَا يُظْ َلمُونَ (‪َ )54‬ألَا إِنّ‬ ‫ضيَ بَيَْنهُ ْم بِاْل ِقسْ ِ‬ ‫وََأ َسرّوا الّندَا َم َة لَمّا َرأَوُا اْل َعذَابَ وَقُ ِ‬ ‫ض َألَا إِ ّن وَ ْع َد اللّ ِه َحقّ َولَ ِك ّن أَكَْث َرهُ ْم لَا َيعْلَمُونَ (‪ُ )55‬هوَ‬ ‫ت وَاْلأَرْ ِ‬ ‫لِ ّلهِ مَا فِي السّمَاوَا ِ‬ ‫ت َوِإلَ ْيهِ ُت ْرجَعُونَ (‪)56‬‬ ‫يُحْيِي َويُمِي ُ‬ ‫‪ -50‬قل لؤلء الكذبي الستعجلي وقوع العذاب ‪ :‬أخبون إن وقع بكم عذاب ال‬ ‫ليل أو نارا ‪ ،‬فأى فائدة يصل عليها من استعجاله الجرمون الثون؟ والعذاب كله‬ ‫مكروه ‪.‬‬ ‫‪ -51‬أتنكرون العذاب الن ‪ ،‬ث إذا حل بكم يقال لكم توبيخا ‪ :‬هل آمنتم به حي‬ ‫عاينتموه ‪ ،‬وقد كنتم تستعجلونه ف الدنيا مستهيني جاحدين ‪.‬‬ ‫‪ -52‬ث يقال يوم القيامة للذين ظلموا أنفسهم بالكفر والتكذيب ‪ :‬ذوقوا العذاب‬ ‫الدائم ‪ ،‬ل تزون الن إل على أعمالكم الت كسبتموها ف الدنيا ‪.‬‬ ‫‪ -53‬ويطلب الكفار منك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬على سبيل الستهزاء والنكار ‪ -‬أن‬ ‫تبهم أحق ما جئت به من القرآن وما تعدهم به من البعث والعذاب؟ قل لم ‪ :‬نعم‬ ‫وحق خالقى الذى أنشأن إنه حاصل ل شك فيه ‪ ،‬وما أنتم بغالبي ول مانعي ما يريده‬ ‫ال بكم من العذاب ‪.‬‬ ‫‪ -54‬ولو أن كل ما ف الرض ملوك لكل نفس ارتكبت ظلم الشرك والحود ‪،‬‬ ‫لرتضت أن تقدمه فداء لا تستقبل من عذاب تراه يوم القيامة وتعاين هوله ‪ ،‬وحينئذ‬ ‫‪100‬‬

‫يتردد الندم والسرة ف سرائرهم لعجزهم عن النطق به ‪ ،‬ولشدة ما دهاهم من الفزع‬ ‫لرؤية العذاب ‪ ،‬ونفذ فيهم قضاء ال بالعدل ‪ ،‬وهم غي مظلومي ف هذا الزاء ‪ .‬لنه‬ ‫نتيجة ما قدّموا ف الدنيا ‪.‬‬ ‫‪ -55‬ليعلم الناس أن ال مالك ومهيمن على جيع ما ف السموات والرض ‪،‬‬ ‫وليعلموا أن وعده حق ‪ ،‬فل يعجزه شئ ‪ ،‬ول يفلت من جزائه أحد ‪ ،‬ولكنهم قد‬ ‫غرتم الياة الدنيا ‪ ،‬ل يعلمون ذلك علم اليقي ‪.‬‬ ‫‪ -56‬وال سبحانه ‪ ،‬يهب الياة بعد عدم ‪ ،‬ويسلبها بعد وجود ‪ ،‬وإليه الرجع ف‬ ‫الخرة ‪ ،‬ومَن كان كذلك ل يعظم عليه شئ ‪.‬‬ ‫صدُو ِر َوهُدًى وَ َرحْ َمةٌ‬ ‫س َقدْ جَا َءْتكُ ْم َموْعِ َظةٌ مِنْ َرّب ُكمْ َوشِفَا ٌء لِمَا فِي ال ّ‬ ‫يَا َأّيهَا النّا ُ‬ ‫ج َمعُونَ (‪)58‬‬ ‫ك فَلَْيفْ َرحُوا هُ َو خَ ْيرٌ مِمّا يَ ْ‬ ‫لِلْ ُم ْؤمِنِيَ (‪ُ )57‬ق ْل ِبفَضْ ِل ال ّلهِ َوِبرَحْمَِت ِه فَِب َذلِ َ‬ ‫جعَلُْتمْ مِنْ ُه َحرَامًا َوحَلَالًا ُقلْ آَل ّلهُ َأذِ َن لَ ُك ْم أَمْ‬ ‫ق فَ َ‬ ‫ُقلْ أَ َرَأيُْتمْ مَا َأنْ َزلَ ال ّلهُ لَ ُكمْ ِمنْ رِ ْز ٍ‬ ‫ب يَوْ َم اْلقِيَا َم ِة إِنّ ال ّلهَ‬ ‫عَلَى اللّ ِه َتفَْترُونَ (‪ )59‬وَمَا َظ ّن الّذِينَ َيفَْترُونَ عَلَى ال ّلهِ اْل َكذِ َ‬ ‫ش ُكرُونَ (‪)60‬‬ ‫ضلٍ عَلَى النّاسِ َوَلكِ ّن أَكَْث َرهُ ْم لَا َي ْ‬ ‫َلذُو فَ ْ‬ ‫‪ -57‬يا أيها الناس ‪ :‬قد جاءكم على لسان الرسول ممد كتاب من ال ‪ ،‬فيه تذكي‬ ‫باليان والطاعة وعظة بالترغيب ف الي ‪ ،‬والترهيب من عمل السوء ‪ ،‬وسوْق العب‬ ‫بأخبار مَن سبقوكم ‪ ،‬وتوجيه نظركم إل عظمة اللق لتدركوا عظمة الالق ‪ ،‬وفيه‬ ‫دواء لمراض قلوبكم من الشرك والنفاق ‪ ،‬وهداية إل الطريق الستقيم ‪ .‬وذلك كله‬ ‫رحة للمؤمني الذين يستجيبون ‪.‬‬ ‫‪ -58‬قل لم ‪ -‬أيها الرسول ‪ : -‬افرحوا بفضل ال عليكم ورحته بكم ‪ ،‬بإنزال‬ ‫القرآن ‪ ،‬وبيان شريعة السلم ‪ ،‬وهذا خي من كل ما يمعه الناس من متاع الدنيا ‪،‬‬ ‫لنه غذاء القلوب وشفاء أسقامها ‪.‬‬ ‫‪ -59‬قل ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬للكفار الذين أوتوا بعض متاع الدنيا ‪ :‬أخبون عما‬ ‫منحكم ال من رزق حلل طيب ‪ ،‬فأقمتم من أنفسكم مشرّعي ‪ ،‬تعلون بعضه حلل‬ ‫‪ ،‬وبعضه حراما ‪ ،‬دون أن تأخذوا بشرع ال؟ إن ال ل يأذن لكم ف هذا ‪ ،‬بل أنتم‬ ‫‪101‬‬

‫تكذبون ف ذلك على ال ‪.‬‬ ‫‪ -60‬ما الذى يظنه يوم القيامة أولئك الذين كانوا يفترون الكذب على ال ‪ ،‬فيدّعون‬ ‫الِ ّل والتحري من غي أن يكون عندهم دليل؟ إن ال أنعم عليهم نعما كثية ‪ ،‬وأحلها‬ ‫لم بفضله ‪ ،‬وشرع لم ما فيه خيهم ‪ ،‬ولكن الكثرين ل يشكرون ال عليها ‪ ،‬بل‬ ‫يفترون على ال الكذب ‪.‬‬ ‫وَمَا تَكُو ُن فِي َشأْنٍ َومَا تَتْلُو مِ ْنهُ ِم ْن ُقرْآَ ٍن َولَا َتعْمَلُو َن ِمنْ عَ َم ٍل ِإلّا كُنّا عَلَ ْي ُكمْ شُهُودًا‬ ‫ص َغرَ‬ ‫ض َولَا فِي السّمَا ِء َولَا أَ ْ‬ ‫ِإذْ ُتفِيضُونَ فِيهِ َومَا َي ْعزُبُ َعنْ َرّبكَ ِم ْن مِ ْثقَالِ ذَ ّرةٍ فِي الْأَرْ ِ‬ ‫ب مُبِيٍ (‪َ )61‬ألَا إِ ّن َأ ْولِيَا َء ال ّلهِ لَا َخوْفٌ عَلَ ْي ِهمْ َولَا ُهمْ‬ ‫ِمنْ َذِلكَ َولَا أَكَْب َر ِإلّا فِي كِتَا ٍ‬ ‫ح َزنُونَ (‪ )62‬اّلذِينَ َآمَنُوا وَكَانُوا يَّتقُونَ (‪َ )63‬لهُ ُم الُْبشْرَى فِي الْحَيَا ِة ال ّدنْيَا َوفِي‬ ‫يَ ْ‬ ‫ح ُزْنكَ َق ْوُلهُ ْم إِ ّن الْ ِع ّزةَ‬ ‫الْ َآخِ َر ِة لَا تَ ْبدِيلَ ِلكَلِمَاتِ ال ّلهِ َذِلكَ ُهوَ اْل َفوْزُ اْلعَظِيمُ (‪َ )64‬ولَا يَ ْ‬ ‫لِ ّلهِ جَمِيعًا هُ َو السّمِي ُع الْعَلِيمُ (‪)65‬‬ ‫‪ -61‬وإنك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬قد بلغت وهو معلوم ل ‪ ،‬وما تكون ف أمر من‬ ‫أمورك ‪ ،‬وما تقرأ من قرآن ول تعمل أنت وأمتك من عمل ‪ ،‬إل ونن شهود رقباء‬ ‫عليه حي تدخلون فيه ماهدين ‪ ،‬ول يغيب عن علم ربك شئ ف وزن الذرة ف‬ ‫الرض ول ف السماء ‪ ،‬ول أصغر من هذا ول أكب منه ‪ .‬إن ذلك كله يسجل ف‬ ‫كتاب عند ال بيّن واضح ‪.‬‬ ‫‪ -62‬تنبهوا ‪ -‬أيها الناس ‪ -‬واعلموا أن الوالي ل باليان والطاعة يبهم ويبونه ‪،‬‬ ‫ل خوف عليهم من الزى ف الدنيا ‪ ،‬ول من العذاب ف الخرة ‪ ،‬وهم ل يزنون على‬ ‫ما فاتم من عرض الدنيا؛ لن لم عند ال ما هو أعظم من ذلك وأكثر ‪.‬‬ ‫‪ -63‬وهم الذين صدّقوا بكل ما جاء من عند ال ‪ ،‬وأذعنوا للحق ‪ ،‬واجتنبوا العاصى‬ ‫‪ ،‬وخافوا ال ف كل أعمالم ‪.‬‬ ‫‪ -64‬لؤلء الولياء البشرى بالي ف الدنيا ‪ ،‬وما وعدهم ال به من نصر وعزة ‪ ،‬وف‬ ‫الخرة يتحقق وعد ال ‪ ،‬ول خلف لا وعد ال به ‪ ،‬وهذا الذى بشروا به ف الدنيا ‪،‬‬ ‫وظفروا به ف الخرة هو الفوز العظيم ‪.‬‬ ‫‪102‬‬

‫‪ -65‬ول تزن ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬لا يقوله الشركون من سخرية وطعن وتكذيب ‪،‬‬ ‫ول تظن أن حالم ستدوم ‪ ،‬بل إن النتيجة لك وسيعتز السلم ‪ ،‬فإن العزة كلها ل‬ ‫تعال ‪ ،‬والنصر بيده ‪ ،‬وسينصرك عليهم ‪ ،‬وهو سبحانه السميع لا يفترون عليك ‪،‬‬ ‫العليم با يضمرونه ‪ ،‬وسيجازيهم على ذلك ‪.‬‬ ‫ض َومَا يَتّبِ ُع اّلذِي َن َيدْعُونَ ِم ْن دُونِ ال ّلهِ‬ ‫ت َو َمنْ فِي اْلأَرْ ِ‬ ‫َألَا إِ ّن لِ ّلهِ َم ْن فِي السّمَاوَا ِ‬ ‫خرُصُونَ (‪ )66‬هُ َو الّذِي َجعَ َل َلكُ ُم اللّ ْيلَ‬ ‫شُرَكَا َء إِ ْن يَتِّبعُونَ إِلّا ال ّظ ّن َوإِنْ ُه ْم ِإلّا يَ ْ‬ ‫خ َذ ال ّلهُ‬ ‫ك َل َآيَاتٍ ِل َقوْ ٍم َيسْ َمعُونَ (‪ )67‬قَالُوا اتّ َ‬ ‫صرًا إِ ّن فِي َذلِ َ‬ ‫لَِتسْكُنُوا فِي ِه وَالّنهَارَ مُبْ ِ‬ ‫ض إِنْ عِ ْندَ ُكمْ ِم ْن سُلْطَانٍ ِب َهذَا‬ ‫وََلدًا سُبْحَاَنهُ ُه َو الْغَِنيّ َل ُه مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْ ِ‬ ‫ب لَا‬ ‫َأتَقُولُونَ عَلَى اللّ ِه مَا لَا َتعْلَمُونَ (‪ُ )68‬قلْ إِ ّن اّلذِي َن َيفْتَرُونَ عَلَى اللّ ِه الْ َكذِ َ‬ ‫شدِيدَ بِمَا كَانُوا‬ ‫ع فِي ال ّدنْيَا ُثمّ ِإلَيْنَا َمرْ ِجعُ ُه ْم ُثمّ ُنذِي ُق ُهمُ اْلعَذَابَ ال ّ‬ ‫ُيفْلِحُونَ (‪ )69‬مَتَا ٌ‬ ‫يَ ْك ُفرُونَ (‪)70‬‬ ‫‪ -66‬لتعلموا ‪ -‬أيها الناس ‪ -‬أن ل ‪ -‬وحده ‪ -‬كل مَن ف السموات والرض خلقا‬ ‫وملكا وتدبيا ‪ ،‬وإن الذين أشركوا بال ل يتبعون إل أوهاما باطلة ل حقيقة لا ‪،‬‬ ‫وليسوا إل واهي يظنون القوة فيما ل يلك لنفسه نفعا ول ضرا ‪.‬‬ ‫‪ -67‬إن الذى يلك مَن ف السموات والرض ‪ ،‬هو الذى خلق لكم الليل لتستريوا‬ ‫فيه من عناء السعى ف النهار ‪ ،‬وخلق لكم النهار مضيئا لتسعوا فيه وتلبوا مصالكم‬ ‫‪ .‬إن ف خلق الليل والنهار لدلئل بينة لن يسمعون ويتدبرون ‪.‬‬ ‫‪ -68‬وإذا كان عبدة الوثان قد أشركوا ف العبادة حجارة ‪ ،‬ول ينهوا ال حق التنيه‬ ‫‪ ،‬وقالوا ‪ :‬إن ل ولدا ‪ .‬فال منه عن ذلك ‪ .‬إنه غن عن أن يتخذ ولدا ‪ ،‬لن الولد‬ ‫مظهر الاجة إل البقاء ‪ ،‬وال باق خالد ‪ ،‬وكل ما ف السموات وما ف الرض ملوق‬ ‫وملوك له ‪ ،‬وليس عندكم ‪ -‬أيها الفترون ‪ -‬حُجة ول دليل على ما زعمتم ‪ ،‬فل‬ ‫تتلقوا على ال أمرا ل أساس له من القيقة ‪.‬‬ ‫‪ -69‬قل لم ‪ -‬أيها الرسول ‪ : -‬إن الذين يتلقون على ال الكذب ويزعمون أن له‬ ‫ولدا ‪ ،‬لن يفلحوا أبدا ‪.‬‬ ‫‪103‬‬

‫‪ -70‬لم متاع ف الدنيا يغترون به ‪ ،‬وهو قليل ‪ ،‬طال أو قصر ‪ ،‬بوار ما يستقبلهم ‪.‬‬ ‫ث إلينا مرجعهم ‪ ،‬فنحاسبهم ونذيقهم العذاب الؤل بسبب كفرهم ‪.‬‬ ‫وَاْتلُ عَلَ ْي ِهمْ نََبَأ نُوحٍ ِإ ْذ قَا َل ِلقَ ْو ِمهِ يَا َقوْمِ إِنْ كَانَ كَُبرَ عَلَ ْي ُكمْ َمقَامِي وََتذْكِيِي ِبآَيَاتِ‬ ‫ت َفأَجْ ِمعُوا َأ ْمرَ ُكمْ َو ُشرَكَاءَ ُك ْم ُث ّم لَا َيكُ ْن َأ ْمرُكُمْ عَ َل ْيكُمْ غُ ّم ًة ُثمّ‬ ‫اللّ ِه َفعَلَى ال ّلهِ َتوَكّلْ ُ‬ ‫اقْضُوا إَِليّ َولَا تُنْ ِظرُونِ (‪َ )71‬فإِنْ َت َولّيُْتمْ فَمَا َسأَلُْت ُكمْ ِم ْن أَ ْج ٍر إِ ْن أَ ْجرِيَ إِلّا عَلَى ال ّلهِ‬ ‫ك وَ َجعَلْنَا ُهمْ‬ ‫ت أَ ْن أَكُونَ مِ َن الْ ُمسْلِمِيَ (‪َ )72‬ف َكذّبُوهُ فََنجّيْنَاهُ َو َمنْ مَ َع ُه فِي الْفُ ْل ِ‬ ‫وَُأ ِمرْ ُ‬ ‫ف وَأَ ْغ َرقْنَا اّلذِينَ َك ّذبُوا ِبآَيَاتِنَا فَانْ ُظرْ كَيْفَ كَانَ عَاقَِبةُ الْمُ ْنذَرِينَ (‪ُ )73‬ث ّم بَعَثْنَا ِمنْ‬ ‫خَلَائِ َ‬ ‫َبعْ ِدهِ ُرسُلًا ِإلَى َق ْومِ ِه ْم فَجَاءُوهُ ْم بِالْبَيّنَاتِ فَمَا كَانُوا لُِيؤْمِنُوا بِمَا َك ّذبُوا ِبهِ ِم ْن قَ ْبلُ‬ ‫ك نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْ ُمعَْتدِينَ (‪)74‬‬ ‫َك َذلِ َ‬ ‫‪ -71‬وإن ما ينل بك من قومك قد نزل بن سبقك من النبياء ‪ ،‬واقرأ ‪ -‬أيها‬ ‫الرسول ‪ -‬على الناس ‪ ،‬فيما ينله عليك ربك من القرآن قصة نوح رسول ال لّا‬ ‫أحس كراهية قومه وعداءهم لرسالته ‪ ،‬فقال لم ‪ :‬يا قوم إن كان وجودى فيكم لتبليغ‬ ‫الرسالة قد أصبح شديدا عليكم ‪ ،‬فإن مستمر مثابر على دعوتى متوكل على ال ف‬ ‫أمرى ‪ ،‬فاحزموا أمركم ومعكم شركاؤكم ف التدبي ‪ ،‬ول يكن ف عدائكم ل أى‬ ‫خفاء ‪ ،‬ول تهلون با تريدون ل من سوء ‪ ،‬إن كنتم تقدرون على إيذائى ‪ ،‬فإن رب‬ ‫يرعان ‪.‬‬ ‫‪ -72‬وإن بقيتم على العراض عن دعوتى ‪ ،‬فإن ذلك لن يضين ‪ ،‬لن ل أقم با‬ ‫لتقاضاكم عليها أجرا أخشى عليه الضياع بسبب إعراضكم ‪ ،‬إنا أطلب أجرى عليها‬ ‫من ال ‪ -‬وحده ‪ -‬وقد أمرن أن أكون ُمسَلّما إليه جيع أمرى ‪.‬‬ ‫‪ -73‬ومع هذا الجهود وتلك الثابرة الت بذلا من أجل هدايتهم ‪ ،‬أصروا على أن‬ ‫يستمروا ف تكذيبه وعدائه ‪ ،‬فنجّاه ال ومَن معه من الؤمني به ‪ ،‬الراكبي معه ف‬ ‫الفلك ‪ ،‬وجعلهم عُمّارا للرض بعد هلك الكافرين الذين أغرقهم الطوفان ‪ ،‬فانظر ‪-‬‬ ‫يا ممد ‪ -‬كيف لقى الستخفون بالنذر مصيهم السيئ ‪.‬‬ ‫ل آخرين ‪ ،‬داعي إل التوحيد ‪ ،‬ومبشرين ومنذرين ‪،‬‬ ‫‪ -74‬ث أرسلنا من بعد نوح ُرسُ ً‬ ‫‪104‬‬

‫ومؤيدين بالعجزات الدالة على صدقهم ‪ ،‬فكذبت أقوامهم كما كذب قوم نوح ‪ ،‬فما‬ ‫كان من شأن الاحدين منهم أن يذعنوا ‪ ،‬لن التكذيب سبق التبصر والعتبار ‪،‬‬ ‫وبذلك طبع ال الباطل على قلوب الذين من شأنم العتداء على القائق وعلى‬ ‫البينات ‪.‬‬ ‫ُثمّ َبعَثْنَا ِم ْن َبعْ ِد ِهمْ مُوسَى وَهَارُونَ ِإلَى ِفرْ َعوْ َن َومَلَِئهِ ِب َآيَاتِنَا فَاسْتَكَْبرُوا وَكَانُوا َق ْومًا‬ ‫ح ٌر مُبِيٌ (‪ )76‬قَالَ مُوسَى‬ ‫ح ّق ِمنْ عِ ْن ِدنَا قَالُوا إِنّ َهذَا َلسِ ْ‬ ‫ج ِرمِيَ (‪ )75‬فَلَمّا جَا َء ُهمُ الْ َ‬ ‫مُ ْ‬ ‫ح السّا ِحرُونَ (‪ )77‬قَالُوا َأجِئْتَنَا لِتَ ْلفِتَنَا‬ ‫حرٌ َهذَا َولَا ُيفْلِ ُ‬ ‫ح ّق لَمّا جَاءَ ُك ْم َأسِ ْ‬ ‫َأتَقُولُو َن لِلْ َ‬ ‫ح ُن َلكُمَا بِ ُم ْؤمِنِيَ (‪)78‬‬ ‫ض َومَا نَ ْ‬ ‫عَمّا َوجَ ْدنَا عَلَ ْيهِ َآبَا َءنَا َوتَكُو َن لَكُمَا الْكِ ْب ِريَا ُء فِي الْأَرْ ِ‬ ‫ح َر ُة قَا َل َلهُ ْم مُوسَى َأْلقُوا مَا‬ ‫َوقَالَ ِفرْ َعوْ ُن ائْتُونِي ِب ُكلّ سَا ِحرٍ عَلِيمٍ (‪ )79‬فَلَمّا جَا َء السّ َ‬ ‫َأنْتُ ْم مُ ْلقُونَ (‪)80‬‬ ‫‪ -75‬ث أرسلنا من بعدهم موسى وأخاه هارون إل فرعون ملك مصر وإل خاصته ‪،‬‬ ‫داعي إل عبادة ال ‪ -‬وحده ‪ -‬ومؤيدين بالُجج الباهرة ‪ ،‬فاستكب فرعون وقومه عن‬ ‫متابعة موسى وهارون ف دعوتما ‪ ،‬وكانوا بذا الرفض مرتكبي جرما عظيما ‪ ،‬آثي‬ ‫به ‪.‬‬ ‫‪ -76‬فلما ظهر لم الق من عندنا على يد موسى ‪ ،‬قالوا ف معجزة موسى وهى‬ ‫العصا الت انقلبت حية أمام أعينهم ‪ :‬إن هذا سحر مؤكد واضح ‪.‬‬ ‫‪ -77‬قال لم موسى مستنكرا ‪ :‬أتصفون الق الذى جئتكم به من عند ال بأنه سحر؟‬ ‫أتكون هذه القيقة الت عاينتموها سحرا؟! وهأنذا أتداكم أن تثبتوا أنا سحر ‪ ،‬فأتوا‬ ‫بالساحرين ليثبتوا ما تدعون ‪ ،‬ولن يفوز الساحرون ف هذا أبدا ‪.‬‬ ‫صرِفَنا عن دين آبائنا ‪،‬‬ ‫‪ -78‬قال فرعون وقومه لوسى ‪ :‬إنا جئت إلينا قاصدا أن ت ْ‬ ‫وتقاليد قومنا؛ لكى نصي لكما أتباعا ‪ ،‬ويكون لك ولخيك اللك والعظمة والرياسة‬ ‫السيطرة التحكمة؟ وإذن فلن نؤمن بكما ول برسالتكما ‪.‬‬ ‫‪ -79‬وزعم فرعون وقومه أن موسى وأخاه ساحران ل رسولن ‪ ،‬فأمر رجاله بأن‬ ‫يضروا له من ملكته كل من له مهارة ف فنون السحر ‪.‬‬ ‫‪105‬‬

‫‪ -80‬ولا حضر السحرة ووقفوا أمام موسى ‪ ،‬لنازلته بسحرهم على رؤوس‬ ‫الشهاد ‪ ،‬قال لم موسى ‪ :‬هاتوا ما عندكم من فنون السحر ‪.‬‬ ‫ح ُر إِ ّن اللّ َه سَيُبْطِ ُل ُه إِنّ ال ّل َه لَا يُصْلِحُ عَ َملَ‬ ‫فَلَمّا أَْل َقوْا قَا َل مُوسَى مَا جِئُْتمْ ِبهِ السّ ْ‬ ‫جرِمُونَ (‪ )82‬فَمَا َآ َمنَ‬ ‫ح ّق ِبكَلِمَاِت ِه وََلوْ َك ِرهَ الْ ُم ْ‬ ‫ح ّق ال ّلهُ الْ َ‬ ‫سدِينَ (‪ )81‬وَيُ ِ‬ ‫الْ ُمفْ ِ‬ ‫لِمُوسَى ِإلّا ذُ ّرّي ٌة ِمنْ َق ْومِهِ عَلَى َخوْفٍ ِم ْن ِفرْ َعوْ َن وَمَلَِئ ِهمْ أَنْ َيفْتَِن ُهمْ َوإِ ّن ِفرْ َعوْ َن لَعَالٍ‬ ‫س ِرفِيَ (‪َ )83‬وقَالَ مُوسَى يَا َقوْ ِم إِنْ كُنُْتمْ َآمَنُْت ْم بِال ّل ِه َفعَلَيْهِ‬ ‫فِي اْلأَرْضِ وَِإّنهُ لَ ِم َن الْ ُم ْ‬ ‫جعَلْنَا فِتَْنةً لِ ْل َقوْمِ‬ ‫تَوَكّلُوا إِنْ كُنُْتمْ ُمسْلِمِيَ (‪َ )84‬فقَالُوا عَلَى ال ّلهِ َتوَكّلْنَا َربّنَا لَا تَ ْ‬ ‫ك ِمنَ اْلقَوْ ِم اْلكَا ِفرِينَ (‪ )86‬وََأ ْوحَيْنَا ِإلَى مُوسَى َوأَخِيهِ‬ ‫الظّالِمِيَ (‪َ )85‬ونَجّنَا ِبرَحْمَِت َ‬ ‫صرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَ ُكمْ قِبْ َل ًة َوَأقِيمُوا الصّلَا َة َوَبشّ ِر الْ ُمؤْمِنِيَ (‬ ‫أَ ْن تَبَوّ َآ ِل َق ْومِكُمَا بِمِ ْ‬ ‫‪)87‬‬ ‫صيّهم ‪ ،‬قال لم موسى ‪ :‬إن الذى فعلتموه هو السحر حقا‬ ‫‪ -81‬فلما ألقوا حبالم وَع ِ‬ ‫‪ ،‬وال سبحانه سيبطله على يدى ‪ ،‬إن ال ل يهيئ أعمال الفسدين لن تكون صالة‬ ‫ونافعة ‪.‬‬ ‫‪ -82‬أما الق فإن ال ناصره ومؤيده بقدرته وحكمته ‪ ،‬مهما أظهر الكافرون من‬ ‫بغضهم له وماربتهم إياه ‪.‬‬ ‫‪ -83‬ومع ظهور اليات الدالة على صدق الرسالة ‪ ،‬فإن الذين آمنوا بوسى ل يكونوا‬ ‫ف من فرعون ومن معه أن يردوهم عما‬ ‫إل فئة قليلة من قوم فرعون ‪ ،‬آمنوا على خو ٍ‬ ‫آمنوا به ‪ ،‬وما أعظم طغيان فرعون ف أرض مصر ‪ ،‬وإنه لن الغالي الذين أسرفوا ف‬ ‫استكبارهم واستعلئهم ‪.‬‬ ‫‪ -84‬أما موسى فقد قال للمؤمني مواسيا لم ومشجعا ‪ :‬يا قوم ‪ ،‬إن كان اليان قد‬ ‫دخل قلوبكم ف إخلص ل فل تشوا سواه ‪ ،‬وأسلموا أموركم إليه ‪ .‬وتوكلوا عليه ‪،‬‬ ‫وثقوا ف النهاية إن كنتم ثابتي على السلم ‪.‬‬ ‫‪ -85‬فقال الؤمنون ‪ :‬على ال ‪ -‬وحده ‪ -‬توكلنا ‪ ،‬ث دعوا ربم أل يعلهم أداة فتنة‬ ‫وتعذيب ف يد الكافرين ‪.‬‬ ‫‪106‬‬

‫‪ -86‬ودعوا ربم قائلي ‪ :‬ننا با أسبغت علينا من نعمة ورحة ‪ ،‬وبفيض رحتك الت‬ ‫اتصفت با ‪ ،‬من القوم الاحدين الظالي ‪.‬‬ ‫‪ -87‬وأوحينا إل موسى وأخيه هارون أن يتخذا لقومهما بيوتا يسكنونا بأرض‬ ‫مصر ‪ ،‬وأن يعل هذه البيوت قبلة يتجه إليها أهل اليان الذين يتبعون دعوة ال ‪،‬‬ ‫وأن يؤدوا الصلة على وجهها الكامل ‪ .‬والبشرى بالي للمؤمني ‪.‬‬ ‫ت ِفرْ َعوْنَ َومَ َلَأهُ زِينَ ًة َوأَ ْموَالًا فِي الْحَيَاةِ ال ّدنْيَا َربّنَا لِيُضِلّوا َعنْ‬ ‫َوقَالَ مُوسَى َربّنَا ِإّنكَ َآتَيْ َ‬ ‫سَبِيلِكَ َربّنَا اطْمِسْ عَلَى َأ ْموَاِل ِهمْ وَا ْش ُددْ عَلَى قُلُوِبهِ ْم فَلَا يُ ْؤمِنُوا حَتّى َي َروُا الْ َعذَابَ‬ ‫ت دَ ْع َوُتكُمَا فَاسْتَقِيمَا َولَا تَتِّبعَا ّن سَبِي َل اّلذِينَ لَا َيعْلَمُونَ (‪)89‬‬ ‫الَْألِيمَ (‪ )88‬قَالَ َق ْد أُجِيبَ ْ‬ ‫ح َر َفأَتَْب َع ُهمْ ِفرْ َعوْ ُن وَجُنُو ُدهُ َبغْيًا وَ َعدْوًا حَتّى ِإذَا َأدْرَ َكهُ‬ ‫وَجَاوَزْنَا بِبَنِي ِإسْرَائِيلَ الْبَ ْ‬ ‫ت بِ ِه بَنُو ِإ ْسرَائِي َل وََأنَا ِم َن الْ ُمسْلِمِيَ (‪)90‬‬ ‫ت َأّنهُ لَا ِإلَ َه ِإلّا اّلذِي َآمَنَ ْ‬ ‫ق قَالَ َآمَنْ ُ‬ ‫الْ َغرَ ُ‬ ‫ك لَِتكُو َن لِ َمنْ‬ ‫ت ِم َن الْ ُم ْفسِدِينَ (‪ )91‬فَالْيَوْ َم نَُنجّيكَ بَِب َدنِ َ‬ ‫ت قَ ْبلُ وَكُنْ َ‬ ‫َآْلآَ َن َوقَدْ عَصَ ْي َ‬ ‫خَلْ َفكَ َآَيةً َوإِنّ كَثِيًا ِمنَ النّاسِ َعنْ َآيَاتِنَا َلغَافِلُونَ (‪)92‬‬ ‫‪ -88‬ولا تادى الكفار ف تعنتهم مع موسى ‪ ،‬دعا ال عليهم ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا رب إنك‬ ‫أعطيت فرعون وخاصته بجة الدنيا وزينتها من الموال والبني والسلطان ‪ ،‬فكانت‬ ‫عاقبة هذه النعم إسرافهم ف الضلل والضلل عن سبيل الق ‪ ،‬اللهم اسحق أموالم‬ ‫‪ .‬واتركهم ف ظلمة قلوبم ‪ ،‬فل يوفقوا لليان حت يروا رأى العي العذاب الليم ‪،‬‬ ‫الذى هو العاقبة الت تنتظرهم ليكونوا عبة لغيهم ‪.‬‬ ‫‪ -89‬قال ال تعال ‪ :‬قد أجيب دعاؤكما ‪ ،‬فاستمرا على السي ف الطريق الستقيم ‪،‬‬ ‫واتركا سبيل أولئك الذين ل يعلمون المور على وجهها ول يذعنون للحق الذى‬ ‫وضح ‪.‬‬ ‫‪ -90‬ولا جاوزنا ببن إسرائيل البحر ‪ ،‬تعقبهم فرعون وجنوده للعتداء عليهم فأطبقنا‬ ‫عليهم البحر ‪ ،‬فلما أدرك الغرق فرعون ‪ ،‬قال ‪ :‬صدقت بال الذى صدقت به بنو‬ ‫إسرائيل ‪ ،‬وأذعنت له ‪ ،‬وأنا من الطائعي الاضعي ‪.‬‬ ‫‪ -91‬ل يقبل ال من فرعون هذا اليان الذى اضطر إليه ‪ ،‬وتلك التوبة الت كانت‬ ‫‪107‬‬

‫وقد حضره الوت ‪ ،‬بعد أن عاش عاصيا ل مفسدا ف الرض فمات كافرا مُهانا ‪.‬‬ ‫‪ -92‬واليوم الذى هلكت فيه نُخرج جثتك من البحر ‪ ،‬ونبعثها لتكون عظة وعبة لن‬ ‫كانوا يعبدونك ‪ ،‬ول ينتظرون لك مثل هذه النهاية الؤلة الخزية ‪ ،‬ولكن كثيا من‬ ‫الناس يغفلون عن البينات الباهرة ف الكون الت تثبت قدرتنا ‪.‬‬ ‫ت فَمَا اخْتَ َلفُوا حَتّى جَا َء ُهمُ‬ ‫ق وَرَ َزقْنَا ُهمْ مِ َن الطّيّبَا ِ‬ ‫صدْ ٍ‬ ‫وََل َقدْ َب ّوأْنَا بَنِي ِإسْرَائِيلَ مَُب ّوأَ ِ‬ ‫ت فِي‬ ‫ك َيقْضِي بَيَْن ُهمْ َيوْ َم الْقِيَا َمةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ َيخْتَ ِلفُونَ (‪َ )93‬فإِنْ كُنْ َ‬ ‫الْعِ ْلمُ إِنّ َربّ َ‬ ‫ح ّق ِمنْ َربّكَ‬ ‫ك مِمّا أَْن َزلْنَا ِإلَ ْيكَ فَاسَْألِ اّلذِي َن َيقْرَءُو َن الْكِتَابَ ِم ْن قَبْ ِلكَ َل َقدْ جَاءَ َك الْ َ‬ ‫شَ ّ‬ ‫فَلَا َتكُوَن ّن مِ َن الْمُمَْترِينَ (‪َ )94‬ولَا َتكُوَننّ ِم َن الّذِينَ َكذّبُوا ِب َآيَاتِ ال ّل ِه فََتكُو َن ِمنَ‬ ‫الْخَا ِسرِينَ (‪ )95‬إِنّ اّلذِينَ َحقّتْ عَلَ ْي ِهمْ كَلِ َمةُ َرّبكَ لَا ُيؤْمِنُونَ (‪ )96‬وََل ْو جَا َءْت ُهمْ ُكلّ‬ ‫َآَيةٍ حَتّى َيرَوُا اْل َعذَابَ اْلَألِيمَ (‪)97‬‬ ‫‪ -93‬ولقد مكنا لبن إسرائيل بعد ذلك فعاشوا ف أرض طيبة ‪ ،‬مافظي على دينهم ‪،‬‬ ‫بعيدين عن الظلم الذى كانوا فيه ‪ ،‬موفورة لم الرزاق والنعم ‪ ،‬ولكنهم ما إن ذاقوا‬ ‫نعمة العزة بعد الوان ‪ ،‬حت أصابم داء الفرقة ‪ ،‬فاختلفوا ‪ ،‬مع أنه قد تبيّن لم الق‬ ‫والباطل ‪ ،‬وسيقضى ال بينهم يوم القيامة ‪ ،‬ويزى كل منهم با عمل ‪.‬‬ ‫‪ -94‬فإن ساورك أو ساور أحدا غيك شك فيما أنزلنا إليك من وحى ‪ ،‬فاسأل أهل‬ ‫الكتب السابقة النلة على أنبيائهم ‪ ،‬تد عندهم الواب القاطع الوافق لا أنزلنا عليك‬ ‫‪ ،‬وذلك تأكيد للصدق ببيان الدليل عند احتمال أى شك ‪ ،‬فليس هناك مال للشك ‪،‬‬ ‫فقد أنزلنا عليك الق الذى ل ريب فيه ‪ ،‬فل تار غيك ف الشك والتردد ‪.‬‬ ‫‪ -95‬ول تكن ‪ -‬أنت ول أحد من الذين اتبعوك ‪ -‬من الذين يكذّبون بالُجج‬ ‫والبينات ‪ ،‬لئل يل عليك السران والغضب ‪ ،‬كما هو شأن الكفار الذين ل‬ ‫يؤمنون ‪ ،‬والطاب للنب خطاب لكل من اتبعه ‪.‬‬ ‫‪ -96‬إن الذين سبق عليهم قضاء ال بالكفر ‪ ،‬لا عَ ِل َم من عنادهم وتعصبهم ‪ ،‬لن‬ ‫يؤمنوا مهما أجهدت نفسك ف إقناعهم ‪.‬‬

‫‪108‬‬

‫‪ -97‬ولو جئتهم بكل حُجة ‪ -‬مهما يكن وضوحها ‪ -‬فلن يقتنعوا وسيستمرون على‬ ‫ضللم إل أن ينتهى بم المر إل العذاب الليم ‪.‬‬ ‫شفْنَا عَ ْن ُهمْ َعذَابَ‬ ‫س لَمّا َآمَنُوا َك َ‬ ‫ت فََنفَ َعهَا إِيَاُنهَا ِإلّا َقوْ َم يُونُ َ‬ ‫فَ َلوْلَا كَانَتْ َق ْرَيةٌ َآمَنَ ْ‬ ‫ك َلآَ َمنَ مَ ْن فِي اْلأَرْضِ‬ ‫خزْيِ فِي الْحَيَا ِة الدّنْيَا وَمَّتعْنَا ُه ْم إِلَى حِيٍ (‪ )98‬وََل ْو شَاءَ َرّب َ‬ ‫الْ ِ‬ ‫س أَ ْن ُتؤْ ِم َن إِلّا‬ ‫س حَتّى َيكُونُوا ُمؤْمِنِيَ (‪َ )99‬ومَا كَا َن لَِنفْ ٍ‬ ‫ت ُتكْ ِر ُه النّا َ‬ ‫كُ ّل ُهمْ جَمِيعًا َأفََأنْ َ‬ ‫ج َعلُ الرّجْسَ عَلَى اّلذِي َن لَا َي ْعقِلُونَ (‪ُ )100‬ق ِل انْ ُظرُوا مَاذَا فِي السّمَاوَاتِ‬ ‫ِبإِذْ ِن ال ّلهِ َويَ ْ‬ ‫ت وَالّنذُرُ َع ْن َقوْ ٍم لَا ُيؤْمِنُونَ (‪)101‬‬ ‫ض َومَا ُتغْنِي الْ َآيَا ُ‬ ‫وَاْلأَرْ ِ‬ ‫‪ -98‬لو أن كل قرية من القرى تؤمن؛ لنفعها إيانا ‪ ،‬لكنها ل تؤمن ‪ ،‬فلم يكن النفع‬ ‫إل لقوم يونس ‪ ،‬فإنم لا آمنوا وجدوا النفع لم ‪ ،‬فكشفنا عنهم الزى وما يترتب‬ ‫عليه من آلم ‪ ،‬وجعلناهم ف متعة الدنيا الفانية حت كان يوم القيامة ‪.‬‬ ‫‪ -99‬ولو أراد ال إيان من ف الرض جيعا لمنوا ‪ ،‬فل تزن على كفر الشركي ‪،‬‬ ‫ول إيان مع الرغبة؛ فل تستطيع أن تكره الناس حت يذعنوا للحق ويستجيبوا له ‪،‬‬ ‫فليس لك أن تاول إكراههم على اليان ‪ ،‬ولن تستطيع ذلك مهما حاولت ‪.‬‬ ‫‪ -100‬ل يكن لنسان أن يؤمن إل إذا اتهت نفسه إل ذلك ‪ ،‬وهيّأ ال لا السباب‬ ‫والوسائل ‪ ،‬أما من ل يتجه إل اليان فهو مستحق لسخط ال وعذابه ‪ ،‬وسنة ال أن‬ ‫يعل العذاب والغضب على الذين ينصرفون عن الُجج الواضحة ول يتدبرونا ‪.‬‬ ‫‪ -101‬قل ‪ -‬يا أيها النب ‪ -‬لؤلء العاندين ‪ :‬انظروا إل ما ف السموات والرض‬ ‫من بينات ترشد إل ألوهيته ووحدانيته ‪ ،‬ففيها ما يقنعكم باليان ‪ .‬ولكن اليات على‬ ‫كثرتا ‪ ،‬والنذر على قوتا ‪ ،‬ل تغن عن قوم جاحدين ل يتعقلون ‪ ،‬إذا ل يؤمن هؤلء‬ ‫الاحدون فلن ينظروا ‪.‬‬ ‫َفهَ ْل يَنْتَ ِظرُو َن إِلّا مِ ْثلَ َأيّا ِم الّذِينَ خَ َلوْا ِم ْن قَبْ ِل ِهمْ ُق ْل فَانْتَ ِظرُوا ِإنّي َمعَ ُك ْم ِمنَ الْمُنْتَ ِظرِينَ‬ ‫(‪ُ )102‬ثمّ نُنَجّي ُرسُلَنَا وَاّلذِينَ َآمَنُوا َك َذِلكَ َحقّا عَ َليْنَا نُ ْنجِ الْ ُم ْؤمِنِيَ (‪ُ )103‬ق ْل يَا‬ ‫ك ِمنْ دِينِي فَلَا أَعُْب ُد اّلذِينَ تَعُْبدُونَ ِم ْن دُونِ ال ّل ِه وََل ِكنْ أَعُْبدُ‬ ‫س إِنْ كُنُْت ْم فِي شَ ّ‬ ‫َأيّهَا النّا ُ‬ ‫‪109‬‬

‫ت أَ ْن أَكُونَ ِم َن الْ ُمؤْمِنِيَ (‪َ )104‬وأَ ْن َأقِ ْم وَ ْج َهكَ لِلدّينِ‬ ‫اللّ َه الّذِي يََتوَفّا ُكمْ وَُأ ِمرْ ُ‬ ‫ضرّكَ‬ ‫ك َولَا يَ ُ‬ ‫ع ِمنْ دُو ِن ال ّلهِ مَا لَا يَ ْن َفعُ َ‬ ‫شرِكِيَ (‪َ )105‬ولَا َتدْ ُ‬ ‫حَنِيفًا َولَا تَكُونَ ّن ِمنَ الْ ُم ْ‬ ‫ف َلهُ ِإلّا ُهوَ‬ ‫ض ّر فَلَا كَاشِ َ‬ ‫ك ال ّلهُ بِ ُ‬ ‫سسْ َ‬ ‫ك ِإذًا ِمنَ الظّالِمِيَ (‪َ )106‬وإِ ْن يَ ْم َ‬ ‫ت َفِإنّ َ‬ ‫َفإِنْ َفعَلْ َ‬ ‫ب ِب ِه َمنْ َيشَا ُء ِمنْ عِبَا ِدهِ َو ُهوَ اْلغَفُورُ ال ّرحِيمُ (‬ ‫وَإِ ْن ُي ِردْ َك بِخَ ْي ٍر فَلَا رَا ّد ِلفَضْ ِلهِ يُصِي ُ‬ ‫‪)107‬‬ ‫‪ -102‬فهل ينتظر أولئك الاحدون إل أن ينالم من اليام الشّداد مثل ما أصاب‬ ‫الذين مضوا من قوم نوح وقوم موسى وغيهم؟! قل لم ‪ -‬أيها النب ‪ : -‬إذا كنتم‬ ‫تنتظرون غي ذلك ‪ ،‬فانتظروا إن منتظر معكم ‪ ،‬وستصيبكم الزية القريبة والعذاب‬ ‫يوم القيامة ‪.‬‬ ‫‪ -103‬ث ننجى رسلنا والؤمني من ذلك العذاب ‪ ،‬لنه وعد بنجاتم ‪ ،‬ووعده حق ل‬ ‫يتخلف ‪.‬‬ ‫‪ -104‬قل لم ‪ -‬أيها الرسول ‪ : -‬إن كنتم تشكون ف صحة الدين الذى بُعثت به ‪،‬‬ ‫فاعلموا أنه مهما تشككتم فيه فلن أعبد الصنام الت تعبدونا من دون ال ‪ ،‬ولكن‬ ‫أعبد ال الذى بيده مصيكم ‪ ،‬وهو الذى يتوفاكم ‪ ،‬وقد أمرن أن أكون من الؤمني‬ ‫به ‪.‬‬ ‫‪ -105‬يا أيها ‪ -‬النب ‪ -‬قم حق القيام بالتاه إل ال منصرفا إليه ‪ ،‬ول تدخل ف‬ ‫غمار الذين أشركوا بال ‪ ،‬فجانبهم وابتعد عنهم أنت ومن اتبعك من الؤمني ‪.‬‬ ‫‪ -106‬ول تلجأ بالدعاء والعبادة إل غي ال ما ل يلب لك نفعا ‪ ،‬ول ينل بك‬ ‫ضررا ‪ ،‬فإنك إن فعلت ذلك كنت داخلً ف غمار الشركي الظالي ‪ .‬والنهى الوجه‬ ‫للنب هو موجه لمته ‪ ،‬وهو تأكيد للنهى ‪ ،‬لن النهى حيث ل يكن وقوع النهى عنه‬ ‫مبالغة ف النهى ‪.‬‬ ‫‪ -107‬وإنْ يصبك ال بضر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬فلن يكشفه عنك إل هو ‪ ،‬وإن يقدّر لك‬ ‫الي فلن ينعه عنك أحد؛ لنه يهب الي من فضله لن يشاء من عباده ‪ ،‬وهو ‪-‬‬ ‫سبحانه ‪ -‬الواسع الغفرة ‪ ،‬العظيم الرحة ‪.‬‬ ‫‪110‬‬

‫ضلّ‬ ‫ح ّق ِمنْ َرّبكُ ْم فَ َمنِ اهَْتدَى َفإِنّمَا َيهَْتدِي لَِن ْفسِ ِه َو َمنْ َ‬ ‫س َقدْ جَاءَ ُكمُ الْ َ‬ ‫ُقلْ يَا َأيّهَا النّا ُ‬ ‫ك وَاصِْبرْ حَتّى‬ ‫ضلّ عَلَ ْيهَا َومَا َأنَا عَلَ ْي ُكمْ ِبوَكِيلٍ (‪ )108‬وَاتّبِ ْع مَا يُوحَى ِإلَيْ َ‬ ‫َفإِنّمَا يَ ِ‬ ‫حكُ َم ال ّلهُ َوهُ َو خَ ْيرُ الْحَاكِ ِميَ (‪)109‬‬ ‫يَ ْ‬ ‫‪ -108‬بلّغ ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬دعوة ال إل الناس كافة ‪ ،‬وقل لم ‪ - :‬أيها الناس ‪-‬‬ ‫قد أنزل ال عليكم الشريعة القة من عنده ‪ ،‬فمن شاء أن يهتدى با فليسارع ‪ ،‬فإن‬ ‫فائدة هداه ستكون لنفسه ‪ ،‬ومن أصرّ على ضلله ‪ ،‬فإن ضلله سيقع عليه ‪ -‬وحده‬ ‫ل بإرغامكم على اليان ‪ ،‬ول مسيطرا عليكم ‪.‬‬ ‫ وأنا لست موك ً‬‫‪ -109‬واثْبت ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬على دين الق ‪ ،‬واتّبع ما ُأنْزل عليك من الوحى ‪،‬‬ ‫صابرا على ما ينالك ف سبيل الدعوة من مكاره ‪ ،‬حت يقضى ال بينك وبينهم ‪ ،‬با‬ ‫وعدك به من نصر الؤمني ‪ ،‬وخذلن الكافرين ‪ ،‬وهو خي الاكمي ‪.‬‬ ‫الر كِتَابٌ ُأ ْحكِمَتْ َآيَاتُ ُه ُثمّ فُصّلَتْ مِ ْن َلدُ ْن حَكِيمٍ خَبِيٍ (‪)1‬‬ ‫‪ -1‬الر ‪ . . .‬حروف ابتدأت با السورة للشارة إل أن القرآن معجز ‪ ،‬مع أنه مكون‬ ‫من الروف الت ينطقون با ‪ ،‬وللتنبيه إل الصغاء عند تلوة القرآن الكري إل أنه‬ ‫كتاب ذو شأن عظيم ‪ ،‬أُنزلت آياته مكمة ل باطل فيها ول شبهة ‪ ،‬ونظمت بأسلوب‬ ‫ل خلل فيه ‪ ،‬واضحة بينة ‪ ،‬ث فصلت أحكامها ‪ .‬وللكتاب مع شرفه ف ذاته شرف أنه‬ ‫من عند ال الذى يعلم كل شئ ‪ ،‬ويضع المور ف مواضعها سبحانه ‪.‬‬ ‫َألّا َتعْبُدُوا ِإلّا ال ّلهَ ِإنّنِي َل ُكمْ مِ ْن ُه َنذِي ٌر وََبشِيٌ (‪ )2‬وَأَ ِن اسَْتغْ ِفرُوا َرّبكُ ْم ُثمّ تُوبُوا إِلَ ْيهِ‬ ‫ضلٍ فَضْ َلهُ َوإِ ْن تَ َوّلوْا َفِإنّي أَخَافُ‬ ‫يُمَّتعْ ُك ْم مَتَاعًا َحسَنًا ِإلَى َأ َجلٍ ُمسَمّى وَُي ْؤتِ ُك ّل ذِي فَ ْ‬ ‫ب يَوْمٍ كَبِيٍ (‪ِ )3‬إلَى ال ّل ِه َمرْ ِجعُ ُك ْم وَ ُهوَ عَلَى ُكلّ َشيْ ٍء َقدِيرٌ (‪َ )4‬ألَا ِإنّ ُهمْ‬ ‫عَلَ ْي ُكمْ َعذَا َ‬ ‫سرّونَ َومَا ُيعْلِنُو َن ِإنّهُ‬ ‫ي َيسَْت ْغشُو َن ثِيَابَ ُه ْم َيعْلَ ُم مَا ُي ِ‬ ‫خفُوا مِنْ ُه َألَا حِ َ‬ ‫صدُو َر ُهمْ لَِيسَْت ْ‬ ‫يَثْنُونَ ُ‬ ‫ض ِإلّا عَلَى ال ّلهِ رِ ْز ُقهَا َوَيعْلَ ُم ُمسَْتقَ ّرهَا‬ ‫صدُورِ (‪َ )5‬ومَا ِم ْن دَاّبةٍ فِي الْأَرْ ِ‬ ‫عَلِي ٌم ِبذَاتِ ال ّ‬ ‫ب مُبِيٍ (‪)6‬‬ ‫وَ ُمسَْت ْودَ َعهَا ُك ّل فِي كِتَا ٍ‬

‫‪111‬‬

‫‪ -2‬أرشد به الناس ‪ -‬أيها النب ‪ -‬وقلْ لم ‪ :‬ل تعبدوا إل ال ‪ ،‬إنن ُم ْر َسلٌ منه‬ ‫لنذركم بعذابه إن كفرت ‪ ،‬وأُبشّركم بثوابه إن آمنتم وأطعتم ‪.‬‬ ‫‪ -3‬وتضرّعوا إل ال داعي أن يغفر لكم ذنوبكم ‪ ،‬ث ارجعوا إليه بإخلص العبادة‬ ‫وعمل الصالات ‪ ،‬فَيُمتعكم متاعا حسنا ف الدنيا إل أن تنتهى آجالكم القدّرة لكم‬ ‫فيها ‪ ،‬ويُعطى ف الخرة كل صاحب عمل صال فاضل ثواب عمله وفضله ‪ .‬وإن‬ ‫تنصرفوا عمّا أدعوكم إليه ‪ ،‬تعرضتم للعذاب ‪ ،‬فإن أخاف عليكم هذا العذاب ف يوم‬ ‫كبي يشر فيه الناس جيعا ‪ ،‬ويكون فيه الول الكب ‪.‬‬ ‫‪ -4‬إل ال ‪ -‬وحده ‪ -‬مرجعكم ف الدنيا ‪ ،‬ويوم القيامة حي يبعثكم من قبوركم‬ ‫ليجازيكم على أعمالكم ‪ ،‬وهو قادر على كل شئ ‪ ،‬لنه كامل القدرة ل يعجز عن‬ ‫شئ من الشياء ‪.‬‬ ‫‪ -5‬إن الناس يطوون صدورهم كاتي لا يول فيها ‪ ،‬متهدين ف كتمانم ‪ ،‬زاعمي‬ ‫أن عاقبة ذلك أن تستخفى خلجات صدورهم عن ال! أل فليعلم هؤلء أنم إن آووا‬ ‫إل فراشهم لبسي لباس النوم ‪ ،‬فاستتروا بظلم الليل والنوم وطى ما ف الصدور ‪،‬‬ ‫فإن ال عليم بم ‪ ،‬ف سرهم وعلنهم ‪ ،‬لنه يعلم ما يصاحب الصدور ويطوى فيها ‪.‬‬ ‫‪ -6‬ولْيعْلم هؤلء أن قدرة ال ونعمه وعلمه شاملة لكل شئ ‪ ،‬فل توجد دابة تتحرك‬ ‫ل منه ‪،‬‬ ‫ف الرض إل وقد ت َكفّل ال سبحانه برزقها الناسب لا ف متلف البيئات تفض ً‬ ‫ويعلم مكان استقرارها ف حال حياتا ‪ ،‬والكان الذى تودع فيه بعد موتا ‪ . .‬كل شئ‬ ‫من ذلك مسجل عنده سبحانه ف كتاب موضح لحوال ما فيه ‪.‬‬ ‫ض فِي سِّت ِة َأيّا ٍم وَكَانَ َع ْر ُشهُ عَلَى الْمَا ِء لِيَبْ ُلوَ ُكمْ َأّيكُمْ‬ ‫ت وَاْلأَرْ َ‬ ‫وَ ُهوَ اّلذِي خَلَ َق السّمَاوَا ِ‬ ‫ت لََيقُوَلنّ اّلذِينَ َك َفرُوا إِ ْن هَذَا ِإلّا‬ ‫ت ِإّنكُ ْم مَ ْبعُوثُونَ ِم ْن َبعْ ِد الْ َموْ ِ‬ ‫سنُ عَمَلًا َولَِئنْ قُلْ َ‬ ‫أَ ْح َ‬ ‫س ُه َألَا َيوْمَ‬ ‫ب ِإلَى ُأمّ ٍة َم ْعدُو َدةٍ لََيقُولُ ّن مَا يَحِْب ُ‬ ‫حرٌ مُِبيٌ (‪ )7‬وَلَِئ ْن َأخّ ْرنَا عَ ْن ُهمُ اْلعَذَا َ‬ ‫سِ ْ‬ ‫ق ِب ِهمْ مَا كَانُوا ِب ِه َيسَْتهْ ِزئُونَ (‪ )8‬وَلَِئ ْن َأ َذقْنَا الِْإْنسَانَ‬ ‫صرُوفًا عَ ْن ُه ْم وَحَا َ‬ ‫س مَ ْ‬ ‫َيأْتِي ِهمْ لَيْ َ‬ ‫ضرّا َء َمسّ ْتهُ‬ ‫مِنّا َرحْ َم ًة ُثمّ َنزَعْنَاهَا مِ ْن ُه ِإنّ ُه لَيَئُوسٌ َكفُورٌ (‪ )9‬وَلَِئ ْن َأ َذقْنَا ُه َنعْمَا َء بَ ْعدَ َ‬

‫‪112‬‬

‫ح فَخُورٌ (‪ِ )10‬إلّا اّلذِينَ صََبرُوا وَ َعمِلُوا الصّالِحَاتِ‬ ‫ب السّيّئَاتُ عَنّي ِإّنهُ لَ َفرِ ٌ‬ ‫لََيقُوَلنّ َذهَ َ‬ ‫أُولَِئكَ َل ُهمْ َم ْغ ِف َرةٌ َوأَ ْجرٌ كَبِيٌ (‪)11‬‬ ‫‪ -7‬وال خلق السموات والرض وما فيهما ف ستة أيام ‪ ،‬ومن قبل ذلك ل يكن‬ ‫الوجود أكثر من عال الاء ‪ ،‬ومن فوقه عرش ال ‪ .‬وقد خلق ال هذا الكون ليظهر‬ ‫بالختبار أحوالكم ‪ -‬أيها الناس ‪ -‬ليظهر منكم من يقبل على ال بالطاعة والعمال‬ ‫السنة ‪ ،‬ومن يُعرض عن ذلك ‪ . .‬ومع هذه القدرة الالقة إن قلت لم مؤكدا ‪ :‬أنم‬ ‫سيبعثون من قبورهم ‪ ،‬وأنم خلقوا ليموتوا ويُبعثوا ‪ ،‬سارعوا إل الرد عليك مؤكدين‬ ‫أن هذا الذى جئتهم به ل حقيقة له ‪ ،‬وما هو إل كالسحر الواضح الذى يلعب‬ ‫بالعقول ‪.‬‬ ‫‪ -8‬ولئن اقْتضت حكمتنا تأخي عذاب كفرهم ف الدنيا إل وقت مُحدد عندنا هو‬ ‫يوم القيامة ‪ ،‬ليقولون مستهزئي ‪ :‬ما الذى ينعه عنا الن؟ فليأت به إن كان صادقا ف‬ ‫ت حتما ‪ ،‬وأنه ل خلص لم منه حي يأتيهم ‪،‬‬ ‫وعيده ‪ .‬أل فليعلم هؤلء أن العذاب آ ٍ‬ ‫وأنه سيحيط بم بسبب استهزائهم واستهتارهم ‪.‬‬ ‫‪ -9‬وإن من طبيعة النسان أن تستغرق نفسه الا ُل الت يكون عليها ‪ ،‬فإذا أعطيناه‬ ‫بعض النعم رحة منا كالصحة والسعة ف الرزق ‪ ،‬ث نزعنا بعد ذلك هذه النعمة لكمة‬ ‫منا ‪ ،‬أسرفَ ف يأسه من عودة هذه النعمة إليه ‪ ،‬وأسرف ف كفره بالنعم الخرى الت‬ ‫ل يزال يتمتع با ‪.‬‬ ‫‪ -10‬وإننا لو أعطينا النسان نعمة بعد ضر لق به ‪ ،‬فإنه يقول ‪ :‬ذهب ما كان‬ ‫يسوؤن ولن يعود ويملُه ذلك على شدة الفرح بتاع الدنيا ‪ ،‬وعلى البالغة ف التفاخر‬ ‫على الغي ‪ ،‬فينشغل قلبه عن شكر ربه ‪ ،‬هذا هو شأن غالب بن النسان ‪ :‬مضطرب‬ ‫بي اليأس والتفاخر ‪.‬‬ ‫‪ -11‬ول يلو من هذا العيب إل الذين صبوا عند الشدائد ‪ ،‬وعملوا الصالات ف‬ ‫السرّاء والضرّاء ‪ .‬هؤلء لم مغفرة من الذنوب وأجر كبي على أعمالم الصالة ‪.‬‬

‫‪113‬‬

‫صدْرُ َك أَ ْن َيقُولُوا َلوْلَا ُأْن ِزلَ َعلَ ْيهِ كَ ْنزٌ َأوْ‬ ‫ك وَضَائِ ٌق ِبهِ َ‬ ‫ك تَارِ ٌك َبعْضَ مَا يُوحَى ِإلَيْ َ‬ ‫فَ َلعَلّ َ‬ ‫ت َنذِي ٌر وَال ّلهُ عَلَى ُكلّ َشيْ ٍء وَكِيلٌ (‪ )12‬أَ ْم َيقُولُونَ افَْترَاهُ ُقلْ‬ ‫ك ِإنّمَا َأنْ َ‬ ‫جَا َء َم َعهُ مَ َل ٌ‬ ‫شرِ ُسوَرٍ مِثْ ِل ِه ُمفَْترَيَاتٍ وَادْعُوا َمنِ اسْتَ َطعُْتمْ ِم ْن دُونِ ال ّلهِ إِنْ كُنُْتمْ صَادِقِيَ (‬ ‫َفأْتُوا ِب َع ْ‬ ‫‪َ )13‬فإِنْ َل ْم َيسْتَجِيبُوا َل ُكمْ فَاعْلَمُوا َأنّمَا ُأْنزِ َل ِبعِلْ ِم ال ّلهِ َوأَ ْن لَا ِإَلهَ ِإلّا ُهوَ َف َه ْل َأنْتُمْ‬ ‫ف ِإلَ ْي ِهمْ أَ ْعمَاَل ُهمْ فِيهَا وَ ُه ْم فِيهَا‬ ‫ُمسْلِمُونَ (‪َ )14‬منْ كَا َن ُيرِيدُ الْحَيَا َة الدّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَ ّ‬ ‫ط مَا صََنعُوا فِيهَا‬ ‫س َل ُهمْ فِي الْ َآ ِخرَ ِة ِإلّا النّارُ َوحَبِ َ‬ ‫ك الّذِينَ لَيْ َ‬ ‫خسُونَ (‪ )15‬أُولَئِ َ‬ ‫لَا يُبْ َ‬ ‫وَبَا ِط ٌل مَا كَانُوا َيعْمَلُونَ (‪)16‬‬ ‫‪ -12‬ل تاول ‪ -‬أيها النب ‪ -‬إرضاء الشركي لنم ل يؤمنون ‪ ،‬وعساك إن حاولت‬ ‫إرضاءهم أن تترك تلوة بعض ما يوحى إليك ما يشق ساعه عليهم ‪ ،‬كاحتقار بعض‬ ‫آلتهم ‪ ،‬خوفا من قبح ردهم واستهزائهم ‪ ،‬وعسى أن تس بالضيق وأنت تتلوه ‪،‬‬ ‫لنم يطلبون أن ينل ال عليك كنا تنعم به كاللوك ‪ ،‬أو يئ معك مَلَك يبنم‬ ‫بصدقك ‪ ،‬فل تبال ‪ -‬أيها النب ‪ -‬بعنادهم ‪ ،‬فما أنت إل منذر ومذّر من عقاب ال‬ ‫من يالف أمره ‪ ،‬وقد فعلت فأرِحْ نفسك منهم ‪ .‬واعلم أن ال على كل شئ رقيب‬ ‫ومهيمن ‪ ،‬وسيفعل بم ما يستحقون ‪.‬‬ ‫‪ -13‬إن القرآن فيه الية الدالة على صدقك ‪ ،‬فإن قالوا ‪ :‬إنه ألّفه من عنده أو افتراه‬ ‫على ال ‪ ،‬فقل لم ‪ :‬إن كان هذا القرآن من عند بشر ‪ ،‬أمكن للبشر أن يأتوا بثله ‪،‬‬ ‫وأنتم فصحاء البشر ‪ .‬فأتوا بعشر سور مثله مُخَت َلقَات ‪ ،‬واستعينوا با يكنكم الستعانة‬ ‫به من النس والن ‪ ،‬إن كنتم صادقي ف دعواكم أنه كلم بشر ‪.‬‬ ‫‪ -14‬فإن عجزت ‪ ،‬وعجز من استعنتم بم فأتوا بثله ولو ُمفْترىً ‪ ،‬فاعلموا أن هذا‬ ‫القرآن ما أنزل إل مقترنا بعلم ال ‪ ،‬فل يعلم علمه أحد ‪ ،‬واعْلموا أنه ل إله إل ال‬ ‫فل يعمل عمله أحد ‪ .‬فأسلموا بعد قيام هذه الُجة عليكم ‪ ،‬إن كنتم طالبي للحق ‪.‬‬ ‫‪ -15‬من كان يطلب الياة الدنيا ‪ ،‬والتّمتع بلذاتا وزينتها ‪ ،‬نعطهم ثرات أعمالم‬ ‫وافية ل ينقص منها شئ ‪.‬‬ ‫‪ -16‬هؤلء الذين قصروا همهم على الدنيا ‪ ،‬ليس لم ف الخرة إل عذاب النار ‪،‬‬ ‫‪114‬‬

‫وبَطَل نفع ما صنعوه ف الدنيا لنه ل يكن للخرة فيه نصيب ‪ ،‬وهو ف نفسه باطل‬ ‫أيضا ‪ ،‬لن العمل الذى ل يفيد السعادة الدائمة كأنه ل يكن ‪.‬‬ ‫َأفَ َمنْ كَانَ عَلَى بَيَّن ٍة ِمنْ َربّ ِه َويَتْلُو ُه شَا ِهدٌ مِنْ ُه َو ِمنْ قَبْ ِلهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَ َرحْ َمةً‬ ‫ك فِي ِم ْريَ ٍة مِ ْنهُ إِّنهُ‬ ‫ب فَالنّا ُر َموْ ِعدُ ُه فَلَا تَ ُ‬ ‫أُولَِئكَ ُي ْؤمِنُو َن ِبهِ وَ َم ْن يَ ْك ُفرْ ِب ِه ِمنَ اْلأَ ْحزَا ِ‬ ‫س لَا ُيؤْمِنُونَ (‪ )17‬وَ َم ْن أَظْ َل ُم مِ ّمنِ افَْترَى عَلَى اللّهِ‬ ‫حقّ ِمنْ َرّبكَ َولَ ِك ّن أَكَْثرَ النّا ِ‬ ‫الْ َ‬ ‫َك ِذبًا أُولَِئكَ يُ ْعرَضُونَ عَلَى َرّب ِهمْ َوَيقُولُ اْلأَ ْشهَا ُد َهؤُلَا ِء الّذِينَ َكذَبُوا عَلَى َرّب ِه ْم أَلَا َلعْنَةُ‬ ‫صدّونَ َع ْن سَبِيلِ ال ّلهِ َويَ ْبغُوَنهَا ِع َوجًا َو ُهمْ بِالْ َآ ِخرَ ِة ُهمْ‬ ‫اللّهِ عَلَى الظّالِ ِميَ (‪ )18‬الّذِينَ يَ ُ‬ ‫كَا ِفرُونَ (‪)19‬‬ ‫‪ -17‬أفَ َمنْ كان يسي ف حياته على بصية وهداية من ربه ‪ ،‬ويطلب الق ملصا ‪،‬‬ ‫معه شاهد بالصدق من ال وهو القرآن ‪ ،‬وشاهد من قبله وهو كتاب موسى الذىأنزله‬ ‫ال قدوة يتبع ما جاء به ‪ ،‬ورحة لتبعيه ‪ ،‬كمن يسي ف حياته على ضلل وعماية ‪ ،‬فل‬ ‫يهتم إل بتاع الدنيا وزينتها؟! أولئك الولون هم الذين أنار ال بصائرهم ‪ ،‬يؤمنون‬ ‫بالنب والكتاب الذى أنزل عليه ‪ .‬ومن يكفر به من تألبوا على الق وتزّبوا ضده ‪،‬‬ ‫فالنار موعده يوم القيامة ‪ .‬فل تكن ‪ -‬أيها النب ‪ -‬ف شك من هذا القرآن ‪ ،‬إنه الق‬ ‫النازل من عند ربك ‪ ،‬ل يأتيه الباطل ‪ ،‬ولكن أكثر الناس تضلّهم الشهوات ‪ ،‬فل‬ ‫يؤمنون با يب اليان به ‪.‬‬ ‫‪ -18‬وليس أحد أكثر ظلما لنفسه وبُعدا عن الق من الذين يتلقون الكذب‬ ‫وينسبونه إل ال ‪ .‬إن هؤلء سيعرضون يوم القيامة على ربم ليحاسبهم على ما عملوا‬ ‫من سوء ‪ ،‬فيقول الشهاد من اللئكة والنبياء وغيهم ‪ :‬هؤلء هم الذين ارتكبوا‬ ‫أفظع الرم والظلم بالنسبة لالقهم ‪ .‬إن لعنة ال ستقع عليهم لنم ظالون ‪.‬‬ ‫‪ -19‬هؤلء الذين يصرفون الناس عن دين ال وينعونم ‪ -‬وهو سبيله الستقيم ‪-‬‬ ‫ويطلبون أن تكون هذه السبيل موافقة لشهواتم وأهوائهم ‪ ،‬فتكون معوجة ‪ ،‬وهم‬ ‫بالخرة ‪ -‬وما فيها من ثواب الؤمن وعقاب الكافر ‪ -‬كافرون ‪.‬‬

‫‪115‬‬

‫ض َومَا كَا َن َل ُهمْ مِ ْن دُونِ ال ّل ِه ِمنْ َأ ْولِيَا َء يُضَاعَفُ‬ ‫جزِينَ فِي الْأَرْ ِ‬ ‫أُولَِئكَ َل ْم يَكُونُوا ُمعْ ِ‬ ‫ك الّذِينَ‬ ‫صرُونَ (‪ )20‬أُولَئِ َ‬ ‫ب مَا كَانُوا َيسْتَطِيعُونَ السّمْ َع َومَا كَانُوا يُبْ ِ‬ ‫َلهُ ُم الْ َعذَا ُ‬ ‫ضلّ عَ ْن ُهمْ مَا كَانُوا َيفَْترُونَ (‪ )21‬لَا جَرَ َم َأّن ُهمْ فِي اْل َآخِ َر ِة ُهمُ‬ ‫س ُهمْ وَ َ‬ ‫َخسِرُوا َأْنفُ َ‬ ‫ت وََأخْبَتُوا ِإلَى َرّب ِهمْ أُولَئِكَ‬ ‫الَْأ ْخسَرُونَ (‪ )22‬إِنّ اّلذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَا ِ‬ ‫ص ّم وَالْبَصِيِ‬ ‫أَصْحَابُ الْجَّن ِة ُهمْ فِيهَا خَاِلدُونَ (‪ )23‬مََث ُل الْ َفرِيقَ ْينِ كَالْأَ ْعمَى وَالْأَ َ‬ ‫وَالسّمِي ِع َه ْل َيسْتَ ِويَانِ مَثَلًا َأفَلَا َتذَ ّكرُونَ (‪َ )24‬وَلقَ ْد أَ ْرسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَ ْو ِمهِ ِإنّي َل ُكمْ‬ ‫َنذِيرٌ مُبِيٌ (‪)25‬‬ ‫‪ -20‬أولئك الكافرون ‪ ،‬ل تكن لم قوة تُعجز ال عن أخذهم بالعذاب ف الدنيا ‪ ،‬ول‬ ‫يكن لم نُصراء ينعون عنهم عذابه لو شاء أن يعجل لم العذاب ‪ ،‬وإن العذاب سيقع‬ ‫عليهم ف الخرة أضعاف ما كان سيقع عليهم ف الدنيا ‪ ،‬لو أراد ال أن يقع ‪ ،‬لنم‬ ‫كرهوا أن يسمعوا القرآن ‪ ،‬ويبصروا آيات ال ف الكون ‪ ،‬كأنم ل يكونوا يستطيعون‬ ‫أن يسمعوا أو يبصروا ‪.‬‬ ‫‪ -21‬أولئك الكافرون ل يربوا بعبادة غي ال شيئا ‪ .‬بل خسروا أنفسهم وغاب عنهم‬ ‫ف الخرة ما كانوا يفترون من أكاذيب ودعاوى باطلة ‪ ،‬وما كانوا يتلقون من اللة‬ ‫الباطلة ‪ ،‬ويزعمون أنم ينفعونم أو يشفعون لم ‪ ،‬فإن يوم القيامة هو يوم القائق الت‬ ‫ل زيف فيها ول افتراء ‪.‬‬ ‫‪ -22‬حقا ‪ ،‬إنم ف الخرة أشد الناس خُسرانا ‪.‬‬ ‫‪ -23‬إن الذين آمنوا بال ورسله ‪ ،‬وعملوا العمال الصالة ‪ ،‬وخضعت قلوبم‬ ‫واطمأنت إل قضاء ربا ‪ ،‬هؤلء هم الستحقون لدخول النة والُلْد فيها ‪.‬‬ ‫‪ -24‬مثل الفريقي ‪ :‬الؤمني والكافرين ‪ ،‬كالعمى الذى يسي على غي هدى ‪،‬‬ ‫والصم الذى ل يسمع ما يرشده إل النجاة ‪ ،‬وكقوى البصر الذى يرى طريق الي‬ ‫والنجاة ‪ ،‬وقوى السمع الذى يسمع كل ما ينفعه ‪ ،‬هذان الفريقان ل يستويان ف‬ ‫الال والآل ‪ .‬أفل تتفكرون ‪ -‬أيها الناس ‪ -‬فيما بينكم من التباين والكفر ‪ ،‬وفيما‬ ‫بي الباطل والق من خلف ‪ ،‬فتبتعدوا عن طريق الضلل ‪ ،‬وتسيوا ف الطريق‬ ‫‪116‬‬

‫الستقيم؟‬ ‫‪ -25‬وكما أرسلناك إل قومك لتنذرهم وتبشرهم ‪ ،‬فقابلك فريق منهم بالعناد‬ ‫والحود ‪ ،‬أرسلنا نوحا إل قومه فقال لم ‪ :‬إن مذر لكم من عذاب ال ‪ ،‬مبي لكم‬ ‫طريق النجاة ‪.‬‬ ‫ب َيوْمٍ أَلِيمٍ (‪َ )26‬فقَا َل الْمَ َلأُ اّلذِينَ َك َفرُوا‬ ‫أَ ْن لَا َتعُْبدُوا ِإلّا ال ّل َه ِإنّي أَخَافُ عَلَ ْي ُكمْ َعذَا َ‬ ‫ك إِلّا الّذِينَ ُهمْ أَرَا ِذلُنَا بَادِيَ ال ّرأْيِ َومَا‬ ‫شرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَا َك اتَّبعَ َ‬ ‫ِمنْ َق ْومِ ِه مَا َنرَا َك ِإلّا َب َ‬ ‫ضلٍ بَ ْل نَظُّن ُكمْ كَا ِذبِيَ (‪ )27‬قَالَ يَا قَوْ ِم أَ َرَأيُْتمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيَّنةٍ‬ ‫َنرَى َلكُمْ عَ َليْنَا ِم ْن فَ ْ‬ ‫ِمنْ َربّي وَ َآتَانِي َرحْ َم ًة ِمنْ عِ ْن ِدهِ فَعُمَّيتْ عَلَ ْي ُكمْ َأنُ ْل ِزمُكُمُوهَا َوأَنُْت ْم َلهَا كَا ِرهُونَ (‪)28‬‬ ‫وَيَا َقوْمِ لَا َأسَْألُ ُكمْ عَلَ ْي ِه مَالًا إِ ْن أَ ْجرِيَ إِلّا عَلَى ال ّل ِه َومَا َأنَا بِطَا ِردِ اّلذِينَ َآمَنُوا ِإّن ُهمْ‬ ‫صرُنِي ِم َن اللّ ِه إِنْ َط َر ْدُتهُمْ‬ ‫جهَلُونَ (‪َ )29‬ويَا َقوْ ِم َمنْ يَنْ ُ‬ ‫مُلَاقُو َرّبهِ ْم َولَكِنّي أَرَا ُك ْم َقوْمًا َت ْ‬ ‫َأفَلَا َتذَ ّكرُونَ (‪)30‬‬ ‫ل لم ‪ :‬إن أطلب منكم أل تعبدوا إل ال ‪ ،‬لن أخاف عليكم ‪ -‬إن عبدت‬ ‫‪ -26‬قائ ً‬ ‫غيه أو أشركتم معه سواه ف العبادة ‪ -‬أن يل عليكم َيوْمٌ عذابه ذو أل شديد ‪.‬‬ ‫‪ -27‬قال الكبار من قومه ‪ :‬ما نرى إل أنك بشر مثلنا ‪ ،‬فليس فيك ما يعل لك ميزة‬ ‫خاصة ‪ ،‬وفضلً يملنا على اليان بأنك رسول من عند ال ‪ ،‬وما نرى الذين اتبعوك‬ ‫من بيننا إل الطبقة الدنيا منا ‪ ،‬وما نرى لكم من فضل علينا ‪ .‬بل إنا نعتقد أنكم‬ ‫كاذبون فيما تزعمون ‪.‬‬ ‫‪ -28‬قال نوح ‪ :‬يا قوم ‪ ،‬أخبون ‪ -‬إن كنت مؤيّدا بُجة واضحة من رب ‪ ،‬وأعطان‬ ‫حجَب نورها عنكم ‪ ،‬وعمّاها عليكم اغتراركُم بالاه والال‬ ‫برحته النبوة والرسالة ‪ ،‬ف َ‬ ‫ فهل يصح أن نلزمكم بالُجة واليان با مضطرين كارهي؟ ‪.‬‬‫‪ -29‬ويا قوم ‪ ،‬ل أطلب منكم على تبليغ رسالة رب مال ‪ ،‬وإنا أطلب جزائى من ال‬ ‫‪ ،‬وما أنا بطارد الذين آمنوا بربم عن ملسى ومعاشرتى ‪ ،‬لجرد احتقاركم لم ‪ .‬لنم‬ ‫سيلقون ربم يوم القيامة ‪ ،‬فيشكونن إليه إن طردتم لفقرهم ‪ ،‬ولكن أراكم قوما‬ ‫تهلون ما يصح أن يتفاضل به اللق عند ال ‪ .‬أهو الغن والاه ‪ ،‬كما تزعمون؟ أم‬ ‫‪117‬‬

‫اتّباع الق وعمل الي؟ ‪.‬‬ ‫‪ -30‬ويا قوم ‪ ،‬ل أحد يستطيع منع عقاب ال عن إن طردتم ‪ ،‬وهم الؤمنون به ‪،‬‬ ‫أ َه ْل بعد هذا تصرون على جهلكم ‪ ،‬فل تتذكرون أن لم ربا ينتقم لم؟ ‪.‬‬ ‫ك َولَا َأقُولُ لِلّذِينَ‬ ‫ب َولَا َأقُو ُل ِإنّي مَلَ ٌ‬ ‫وَلَا َأقُولُ َل ُكمْ عِ ْندِي َخزَاِئ ُن اللّ ِه َولَا أَعْ َل ُم الْغَيْ َ‬ ‫س ِهمْ ِإنّي ِإذًا لَ ِم َن الظّالِ ِميَ (‬ ‫َتزْدَرِي أَعْيُُن ُكمْ َل ْن ُيؤْتَِي ُهمُ ال ّل ُه خَيْرًا اللّ ُه أَعْ َل ُم بِمَا فِي َأنْ ُف ِ‬ ‫ت ِمنَ الصّا ِدقِيَ (‬ ‫ت ِجدَالَنَا َف ْأتِنَا بِمَا َت ِعدُنَا إِنْ كُنْ َ‬ ‫ح َقدْ جَا َدلْتَنَا َفأَكَْثرْ َ‬ ‫‪ )31‬قَالُوا يَا نُو ُ‬ ‫جزِينَ (‪َ )33‬ولَا يَ ْن َفعُ ُكمْ نُصْحِي إِنْ‬ ‫‪ )32‬قَا َل ِإنّمَا َي ْأتِي ُكمْ ِب ِه اللّ ُه إِ ْن شَا َء وَمَا أَنُْت ْم بِ ُمعْ ِ‬ ‫ح لَ ُك ْم إِنْ كَانَ ال ّل ُه ُيرِي ُد أَنْ يُ ْغ ِويَ ُكمْ ُهوَ َربّ ُك ْم وَِإلَ ْيهِ ُت ْر َجعُونَ (‪ )34‬أَمْ‬ ‫ت أَ ْن َأنْصَ َ‬ ‫أَ َردْ ُ‬ ‫جرِمُونَ (‪َ )35‬وأُو ِحيَ ِإلَى‬ ‫َيقُولُو َن افَْترَا ُه ُق ْل إِنِ افَْت َريُْتهُ َفعَ َليّ ِإ ْجرَامِي َوَأنَا َبرِي ٌء مِمّا ُت ْ‬ ‫س بِمَا كَانُوا َيفْعَلُونَ (‪)36‬‬ ‫ك إِلّا َمنْ َقدْ َآ َم َن فَلَا تَبْتَئِ ْ‬ ‫ح َأّنهُ َل ْن ُيؤْ ِمنَ مِ ْن َق ْومِ َ‬ ‫نُو ٍ‬ ‫‪ -31‬ول أقول لكم ‪ ،‬لن رسول ‪ ،‬إن عندى خزائن رزق ال أتصرف فيها كما أشاء‬ ‫‪ ،‬فأجعل من يتبعن غنيا! ول أقول ‪ :‬إن أعلم الغيب ‪ ،‬فأخبكم با اختص به علم‬ ‫ال ‪ ،‬بيث ل يعلمه أحد من العباد! ‪ ،‬ول أقول ‪ :‬إن ملك حت تردوا على بقولكم ‪:‬‬ ‫ما ذاك إل بشر ‪ ،‬ول أقول عن الذين تتقرونم إن ال لن يؤتيهم خيا إرضاء‬ ‫لرغباتكم ‪ ،‬لن ال ‪ -‬وحده ‪ -‬هو الذى يعلم ما ف أنفسهم من إخلص ‪ .‬إن إذا‬ ‫قلت لم ما تبونه ‪ ،‬أكون من زمرة الظالي لنفسهم ولغيهم ‪ .‬د‬ ‫‪ -32‬قالوا ‪ :‬يا نوح قد جادلتنا لنؤمن بك فأكثرت جدالنا ‪ ،‬حت مَلِلْنا ‪ ،‬ول نعد‬ ‫نتحمل منك كلما ‪ ،‬فأتنا بذا العذاب الذى تددنا به ‪ ،‬إن كنت صادقا ف أن ال‬ ‫يعذبنا إذا ل نؤمن بك ‪.‬‬ ‫‪ -33‬قال نوح ‪ :‬هذا أمر بيد ال ‪ -‬وحده ‪ -‬فهو الذى يأتيكم با يشاء حسب‬ ‫حكمته ‪ ،‬ولستم بفلتي من عذابه إذا جاء ‪ ،‬لنه سبحانه ل يعجزه شئ ف الرض ول‬ ‫ف السماء ‪.‬‬ ‫‪ -34‬ول ينفعكم نصحى لجرد إرادتى الي لكم ‪ ،‬إن كان ال يريد أن تضلوا لعلمه‬ ‫وتقديره فساد قلوبكم حت صارت ل تقبل حقا ‪ ،‬وهو سبحانه ربكم ‪ ،‬وسيجعكم‬ ‫‪118‬‬

‫إليه يوم القيامة ‪ ،‬ويازيكم على ما كنتم تعملونه ‪.‬‬ ‫‪ -35‬إن هذا القَصصَ الصادق ‪ ،‬ماذا يكون موقف الشركي منه؟ أيقولون افتراه؟‬ ‫وإن قالوا ذلك ‪ ،‬فقل ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬إن كنت افتريته على ال كما تزعمون ‪ ،‬فهو‬ ‫جرم عظيم ‪ ،‬علىّ وحدى إثه ‪ ،‬وإذا كنت صادقا ‪ ،‬فأنتم الجرمون وأنا برئ من آثار‬ ‫جرمكم ‪.‬‬ ‫‪ -36‬وأوحى ال إل نوح ‪ :‬أنه لن يصدّقك ويذعن للحق من قومك أحد بعد الن ‪-‬‬ ‫غي من سبق منه اليان قبل ذلك ‪ -‬فل تزن يا نوح بسبب ما كانوا يفعلونه معك‬ ‫من تكذيبك وإيذائك؛ لننا سننتقم منهم قريبا ‪.‬‬ ‫وَاصَْن ِع الْفُ ْلكَ بِأَعْيُنِنَا َووَحْيِنَا َولَا تُخَاطِبْنِي فِي اّلذِينَ ظَلَمُوا ِإنّ ُهمْ مُ ْغ َرقُونَ (‪َ )37‬ويَصْنَعُ‬ ‫خرُ مِ ْن ُكمْ‬ ‫خرُوا مِنّا َفإِنّا َنسْ َ‬ ‫خرُوا مِ ْنهُ قَالَ إِ ْن َتسْ َ‬ ‫الْفُ ْلكَ وَكُلّمَا َمرّ عَلَ ْي ِه مَ َلأٌ مِ ْن َق ْومِ ِه سَ ِ‬ ‫حلّ عَلَ ْيهِ َعذَابٌ ُمقِيمٌ (‬ ‫خزِيهِ َويَ ِ‬ ‫ب يُ ْ‬ ‫ف َتعْلَمُونَ َم ْن َيأْتِيهِ َعذَا ٌ‬ ‫سوْ َ‬ ‫خرُونَ (‪َ )38‬ف َ‬ ‫كَمَا َتسْ َ‬ ‫ك إِلّا‬ ‫‪ )39‬حَتّى ِإذَا جَا َء َأمْ ُرنَا َوفَارَ التّنّو ُر قُلْنَا احْ ِم ْل فِيهَا ِمنْ ُكلّ َزوْجَ ْي ِن اثْنَ ْينِ َوأَهْ َل َ‬ ‫سمِ ال ّلهِ‬ ‫َمنْ سََبقَ عَلَ ْي ِه الْ َقوْ ُل َو َمنْ َآمَ َن َومَا َآ َم َن َمعَ ُه ِإلّا قَلِيلٌ (‪َ )40‬وقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا ِب ْ‬ ‫جرَاهَا وَ ُم ْرسَاهَا إِنّ َربّي َل َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪)41‬‬ ‫مَ ْ‬ ‫‪ -37‬وقلنا له ‪ :‬اصنع الفلك لننجيك عليها بعنايتنا ‪ ،‬وتت رعايتنا ‪ ،‬ول تاطبن ف‬ ‫شأن هؤلء الظالي لنن استجبت دعاءك ‪ ،‬وأمرت بإهلكهم غرقا ‪.‬‬ ‫‪ -38‬وشرع نوح ف عمل الفلك ‪ ،‬وكلما مرّ عليه قادة الكفر من قومه استهزأوا به ‪،‬‬ ‫لهلهم ولعدم معرفة الغرض الذى يقصده ‪ ،‬قال نوح ‪ :‬إن تسخروا منا لهلكم‬ ‫بصدق وعد ال ‪ ،‬فإنا أيضا سنسخر منكم كما تسخرون منا ‪.‬‬ ‫‪ -39‬فسوف تعلمون من منا الذى سيأتيه عذاب يُذله ف الدنيا ‪ ،‬ويل عليه ف الخرة‬ ‫عذاب دائم خالد ‪.‬‬ ‫‪ -40‬حت إذا جاء وقت أمرنا بإهلكهم ‪ ،‬جاء الاء بقوة فائرا ذا رغوة ‪ ،‬كالاء الذى‬ ‫يغلى فوق النار ‪ ،‬قلنا لنوح ‪ :‬احْمل معك ف السفينة من كل نوع من أنواع اليوانات‬ ‫ذكرا وأنثى ‪ ،‬واحْمل فيها أيضا أهل بيتك جيعا ‪ ،‬إل من سبق عليه حكمنا بإهلكه ‪،‬‬ ‫‪119‬‬

‫واحْمل فيها أيضا من آمن من قومك ‪ ،‬ول يكونوا إل عددا قليلً ‪.‬‬ ‫‪ -41‬وقال نوح للذين آمنوا من قومه ‪ -‬بعد أن أع ّد الفلك ‪ : -‬اركبوا فيها متيمني‬ ‫بذكر اسم ال تعال ‪ ،‬وقت إجرائها ‪ ،‬وف وقت رسوها ‪ ،‬وعند النول فيها والروج‬ ‫منها ‪ ،‬وارجو مغفرة ال على ما فرط منكم ‪ ،‬ورحته بكم ‪ ،‬فإن الغفرة والرحة من‬ ‫شأنه سبحانه وتعال ‪.‬‬ ‫ب مَعَنَا‬ ‫ح ابْنَ ُه وَكَانَ فِي َمعْ ِزلٍ يَا بَُنيّ ارْ َك ْ‬ ‫جرِي ِب ِهمْ فِي َموْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُو ٌ‬ ‫وَ ِهيَ َت ْ‬ ‫صمَ‬ ‫وَلَا تَ ُك ْن مَ َع الْكَافِرِينَ (‪ )42‬قَالَ َسآَوِي ِإلَى جََبلٍ َيعْصِمُنِي ِمنَ الْمَا ِء قَا َل لَا عَا ِ‬ ‫الْيَوْ َم ِم ْن َأمْ ِر اللّ ِه ِإلّا َمنْ َرحِ َم َوحَالَ بَيَْنهُمَا الْ َموْجُ فَكَا َن ِمنَ الْ ُم ْغ َرقِيَ (‪َ )43‬وقِي َل يَا‬ ‫ضيَ اْلَأمْ ُر وَاسَْتوَتْ عَلَى الْجُودِيّ‬ ‫ض ابْلَعِي مَا َء ِك وَيَا سَمَا ُء َأقْلِعِي وَغِيضَ الْمَا ُء َوقُ ِ‬ ‫أَرْ ُ‬ ‫ب إِ ّن ابْنِي ِمنْ َأهْلِي َوإِنّ‬ ‫َوقِي َل ُبعْدًا لِ ْلقَوْ ِم الظّالِمِيَ (‪ )44‬وَنَادَى نُوحٌ َرّبهُ َفقَالَ َر ّ‬ ‫ك إِّنهُ عَ َملٌ‬ ‫س ِم ْن أَهْ ِل َ‬ ‫ح ِإّنهُ لَيْ َ‬ ‫ح ّق َوَأنْتَ َأ ْحكَ ُم الْحَاكِمِيَ (‪ )45‬قَالَ يَا نُو ُ‬ ‫وَ ْعدَكَ الْ َ‬ ‫ك ِبهِ عِ ْل ٌم إِنّي أَعِ ُظكَ أَ ْن َتكُو َن ِم َن الْجَاهِلِيَ (‪)46‬‬ ‫س لَ َ‬ ‫ح فَلَا َتسَْأْلنِ مَا لَيْ َ‬ ‫غَ ْيرُ صَالِ ٍ‬ ‫‪ -42‬ونزلوا ف السفينة ‪ ،‬فصارت ترى بم سائرة ف موج يعلو ويرتفع ‪ ،‬حت يصي‬ ‫كالبال ف علوها ‪ ،‬وف ابتداء سيها تذكر نوح ابنه بعاطفة البوة ‪ ،‬وقد كان ف‬ ‫معزل عن دعوة أبيه فناداه ‪ :‬اركب معنا يا بُن ول تكن مع الاحدين بدين ال تعال ‪.‬‬ ‫‪ -43‬ل يطع الولد أباه الشفيق ‪ ،‬وقال ‪ :‬سأتذ مأوى ل مكانا ينعن من الاء ‪ ،‬فقال‬ ‫الب العال بقضاء ال ف شأن العصاة ‪ :‬يا بُن ل يوجد ما ينع من حكم ال تعال‬ ‫بالغراق للظالي ‪ ،‬وغاب الولد عن أبيه الناصح بالوج الرتفع؛ فكان مع الغرقي‬ ‫الالكي الاحدين ‪.‬‬ ‫‪ -44‬وبعد أن هلك الاحدون بالغراق ‪ ،‬جاء أمر ال التكوين ‪ ،‬فقيل بكم التكوين‬ ‫‪ :‬ابْلَعى ماءك أيتها الرض ‪ ،‬وامتنعى عن إنزال الاء أيتها السماء ‪ ،‬فذهب الاء من‬ ‫الرض ‪ ،‬ول تد بشئ من السماء ‪ ،‬وانتهى حكم ال بالهلك واستوت الفلك ‪،‬‬ ‫ووقفت عند البل السمى بالودى ‪ ،‬وقضى ال بإبعاد الظالي عن رحته ‪ ،‬فقيل ‪:‬‬ ‫هلكا للقوم الظالي بسبب ظلمهم ‪.‬‬ ‫‪120‬‬

‫‪ -45‬ثارت الشفقة ف قلب نوح على ابنه ‪ ،‬فنادى َربّه ضارعا مشفقا فقال ‪ :‬يا‬ ‫خالقى ومنشئى ‪ ،‬إن ابن قطعة من ‪ ،‬وهو من أهلى ‪ .‬وقد وعدت أن تنجى أهلى ‪،‬‬ ‫وإن وعدك حق ثابت واقع ‪ ،‬وأنت أعدل الاكمي ‪ ،‬لنك أعلمهم ‪ ،‬ولنك أكثر‬ ‫حكمة من كل ذوى الكم ‪.‬‬ ‫‪ -46‬قال ال سبحانه ‪ :‬إن ابنك ليس من أهلك ‪ ،‬إذ أنه بكفره وسيه مع الكافرين‬ ‫قد انقطعت الولية بينك وبينه ‪ ،‬وقد عمل أعمال غي صالة ‪ ،‬فلم يصر منك ‪ ،‬فل‬ ‫سرْ وراء شفقتك وإن أرشدك إل الق‬ ‫تطلب ما ل تعلم ‪ :‬أهو صواب أم خطأ؟ ول َت ِ‬ ‫لكيل تكون من الاهلي الذين تنسيهم الشفقة القائق الثابتة ‪.‬‬ ‫س لِي ِبهِ ِع ْلمٌ َوِإلّا َتغْ ِف ْر لِي َوَترْحَمْنِي أَ ُكنْ ِمنَ‬ ‫ك مَا لَيْ َ‬ ‫ك أَ ْن َأسَْألَ َ‬ ‫قَالَ َربّ ِإنّي أَعُو ُذ بِ َ‬ ‫ك وَعَلَى أُ َم ٍم مِ ّمنْ َم َعكَ‬ ‫ط ِبسَلَا ٍم مِنّا َوَبرَكَاتٍ عَلَ ْي َ‬ ‫الْخَا ِسرِينَ (‪ )47‬قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِ ْ‬ ‫ب نُوحِيهَا ِإلَ ْيكَ مَا‬ ‫ب َألِيمٌ (‪ )48‬تِ ْلكَ مِ ْن َأنْبَاءِ اْلغَيْ ِ‬ ‫س ُهمْ مِنّا َعذَا ٌ‬ ‫وَُأ َممٌ سَنُمَّت ُع ُهمْ ثُ ّم يَ َم ّ‬ ‫ك ِمنْ قَ ْب ِل َهذَا فَاصِْب ْر إِنّ اْلعَاقَِب َة لِلْمُّتقِيَ (‪َ )49‬وِإلَى عَادٍ‬ ‫ت َولَا َق ْومُ َ‬ ‫ت َتعْلَ ُمهَا أَنْ َ‬ ‫كُنْ َ‬ ‫أَخَاهُ ْم هُودًا قَالَ يَا َقوْمِ اعُْبدُوا اللّ َه مَا َل ُكمْ ِم ْن ِإلَهٍ غَ ْي ُر ُه إِ ْن َأنُْتمْ ِإلّا ُمفَْترُونَ (‪ )50‬يَا‬ ‫َقوْمِ لَا َأسَْألُ ُكمْ عَلَ ْي ِه َأجْرًا إِنْ أَ ْجرِيَ ِإلّا عَلَى اّلذِي فَ َطرَنِي َأفَلَا َتعْقِلُونَ (‪)51‬‬ ‫‪ -47‬قال نوح ‪ :‬يا خالقى ومتول أمرى ألأ إليك فل أسألك من بعد ما ل أعلم الق‬ ‫فيه ‪ ،‬واغفر ل ما قلته بدافع شفقت ‪ ،‬وإن ل تتفضل علىّ بغفرتك ‪ ،‬وترحن برحتك ‪،‬‬ ‫كنت ف عداد الاسرين ‪.‬‬ ‫‪ -48‬قيل بلسان الوحى ‪ :‬يا نوح ‪ ،‬انزل على الرض من سفينة النجاة سالا آمنا ‪،‬‬ ‫بسلم من ال تعال وَأ ْمنٍ منه ‪ ،‬وبركات من ال عليك وعلى الذين معك ‪ ،‬الذين‬ ‫سيكونون أما متلفة من بعدك ‪ ،‬وسينال بركة اليان والذعان بعضهم ‪ ،‬وبعضهم‬ ‫سيكونون أما يستمتعون بالدنيا وينالون متعها غي مذعني للحق ‪ ،‬ث يصيبهم يوم‬ ‫القيامة عذاب مؤل شديد ‪.‬‬ ‫‪ -49‬تلك القصة الت قصصناها عليك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬عن نوح وقومه ‪ ،‬من أخبار‬ ‫الغيب الت ل يعلمها إل ال ‪ ،‬ما كنت تعلمها أنت ول قومك على هذا الوجه من‬ ‫‪121‬‬

‫الدقة والتفصيل من قبل هذا الوحى ‪ ،‬فاصب على إيذاء قومك كما صب النبياء‬ ‫قبلك ‪ ،‬فإن عاقبتك الفوز مثل عاقبتهم ‪ ،‬والعاقبة الطيبة دائما للذين يتقون عذاب ال‬ ‫باليان وعمل الصالات ‪.‬‬ ‫‪ -50‬ولقد أرسلنا إل قوم عَادٍ الول أخا لم من قبيلتهم هو ( هود ) فقال لم ‪ :‬يا‬ ‫قوم اعبدوا ال ‪ -‬وحده ‪ -‬إذ ليس لكم َم ْن يستحق العبادة غيه ‪ -‬وما أنتم إل‬ ‫كاذبون ف ادّعائكم أن ل شركاء ف استحقاقهم للعبادة ليكونوا شفعاء لكم عند ال ‪.‬‬ ‫‪ -51‬يا قوم ‪ ،‬ل أطلب منكم على النصح مكافأة من جاه أو سلطان أو مال ‪ ،‬وإنا‬ ‫أجرى على ال الذى خلقن ‪ ،‬ول يصح أن تستول عليكم الغفلة فل تعقلون ما‬ ‫ينفعكم وما يضركم ‪.‬‬ ‫وَيَا َقوْمِ اسَْت ْغفِرُوا َرّب ُكمْ ُث ّم تُوبُوا ِإلَ ْيهِ ُي ْرسِ ِل السّمَاءَ عَلَ ْي ُكمْ ِمدْرَارًا َوَي ِزدْكُ ْم ُق ّوةً ِإلَى‬ ‫حنُ بِتَارِكِي َآِلهَتِنَا َعنْ‬ ‫ج ِرمِيَ (‪ )52‬قَالُوا يَا هُو ُد مَا جِئْتَنَا بِبَيَّن ٍة وَمَا نَ ْ‬ ‫ُقوِّتكُ ْم َولَا تََتوَّلوْا مُ ْ‬ ‫ح ُن َلكَ بِ ُم ْؤمِنِيَ (‪ )53‬إِ ْن َنقُو ُل إِلّا اعَْترَاكَ بَعْضُ َآِلهَتِنَا ِبسُو ٍء قَالَ ِإنّي‬ ‫َقوِْلكَ َومَا نَ ْ‬ ‫أُ ْش ِهدُ ال ّلهَ وَا ْشهَدُوا َأنّي َبرِي ٌء مِمّا ُتشْرِكُونَ (‪ِ )54‬منْ دُونِ ِه َفكِيدُونِي جَمِيعًا ُث ّم لَا‬ ‫تُنْ ِظرُونِ (‪ِ )55‬إنّي َتوَكّلْتُ عَلَى ال ّلهِ َربّي وَرَّب ُكمْ مَا ِمنْ دَابّ ٍة ِإلّا ُهوَ َآخِ ٌذ بِنَاصِيَِتهَا إِنّ‬ ‫ط ُمسَْتقِيمٍ (‪)56‬‬ ‫صرَا ٍ‬ ‫َربّي َعلَى ِ‬ ‫‪ -52‬ويا قوم ‪ ،‬اطلبوا من خالقكم أن يغفر لكم ما سلف من ذنوبكم ‪ ،‬ث ارجعوا إليه‬ ‫‪ .‬إنكم إن فعلتم ذلك يُ ْرسِل الطر عليكم متتابعا ‪ ،‬فتكثر خياتكم ‪ ،‬ويزدكم قوة إل‬ ‫قوتكم الت تغترون با ‪ ،‬ول تعرضوا عما أدعوكم إليه ‪ ،‬مصممي على الجرام الذى‬ ‫يرديكم ف اللك ‪.‬‬ ‫‪ -53‬قالوا ‪ :‬يا هود ما جئتنا بُجة واضحة على صحة ما تدعونا إليه ‪ ،‬وما نن‬ ‫بتاركى عبادة آلتنا لجرد قولك ‪ ،‬أنتركها وما نن لك بصدقي ‪.‬‬ ‫‪ -54‬ما نقول ف موقفك منا ‪ :‬إل أن بعض آلتنا َمسّ ْتكَ ِبشَر ‪ ،‬فصرت تذى بذا‬ ‫الكلم ‪ ،‬قال مُصِرا على إيانه متحديا ‪ :‬أقول ‪ ،‬وأشهد ال على ما أقول ‪ ،‬وأشهدكم‬ ‫عليه ‪ :‬إن برئ من داء الشرك الذى أنتم فيه ‪ ،‬فأنتم الرضى ‪.‬‬ ‫‪122‬‬

‫‪ -55‬ول أبال بكم ول بآلتكم الت تدّعون أنا مسّتن بسوء ‪ ،‬فتعاونوا أنتم وآلتكم‬ ‫على الكيد ل ‪ ،‬ث ل تؤخرون عقاب لظة ‪ ،‬إن استطعتم ‪.‬‬ ‫‪ -56‬إنن اعتمدت على ال ‪ ،‬وهو مالك أمرى وأمركم ‪ ،‬ل يعجزه شئ عن رد‬ ‫كيدكم ‪ ،‬وهو القادر على كل شئ ‪ .‬فما من دابة إل وهو مالك أمرها ومتصرف‬ ‫فيها ‪ ،‬فل يعجزه حفظى من أذاكم ‪ ،‬ول إهلككم ‪ ،‬إن أفعال رب ترى على طريق‬ ‫الق والعدل ف ملكه ‪ ،‬فينصر الؤمني الصلحي ‪ ،‬ويذل الكافرين الفسدين ‪.‬‬ ‫ضرّونَهُ‬ ‫ت ِب ِه ِإلَيْ ُكمْ َوَيسْتَخْلِفُ َربّي قَ ْومًا غَ ْيرَ ُكمْ َولَا تَ ُ‬ ‫َفإِنْ َت َولّوْا َفقَ ْد َأبْلَغُْت ُكمْ مَا أُرْسِلْ ُ‬ ‫شَيْئًا إِنّ َربّي عَلَى ُكلّ َشيْ ٍء َحفِيظٌ (‪ )57‬وَلَمّا جَا َء َأمْ ُرنَا نَجّيْنَا هُودًا وَاّلذِينَ َآمَنُوا َم َعهُ‬ ‫صوْا‬ ‫حدُوا ِبآَيَاتِ َرّب ِهمْ وَعَ َ‬ ‫ِبرَحْ َم ٍة مِنّا َونَجّيْنَاهُ ْم ِمنْ َعذَابٍ غَلِيظٍ (‪َ )58‬وتِ ْلكَ عَا ٌد جَ َ‬ ‫ُرسُ َلهُ وَاتّبَعُوا َأ ْمرَ ُكلّ جَبّارٍ عَنِيدٍ (‪َ )59‬وُأتْبِعُوا فِي هَ ِذ ِه ال ّدنْيَا َلعَْنةً َوَيوْ َم الْقِيَامَ ِة َألَا إِنّ‬ ‫عَادًا َك َفرُوا َرّب ُهمْ َألَا بُ ْعدًا ِلعَادٍ َقوْ ِم هُودٍ (‪)60‬‬ ‫‪ -57‬فإن تُعرضوا عن دعوتى ل يضرن إعراضكم ‪ ،‬والعاقبة السيئة عليكم ‪ ،‬فقد‬ ‫أبلغتكم ما أرسلن ال به إليكم ‪ ،‬وليس علىّ إل البلغ ‪ ،‬وال يهلككم ويئ بقوم‬ ‫آخرين يلفونكم ف دياركم وأموالكم ‪ ،‬وأنتم ل تضرونه بإعراضكم عن عبادته ‪ ،‬إن‬ ‫رب مهيمن على كل شئ ‪ ،‬مطلع عليه ‪ ،‬فما تفى عليه أعمالكم ‪ ،‬ول يغفل عن‬ ‫مؤاخذتكم ‪.‬‬ ‫‪ -58‬ولا جاء أمرنا بإهلك عَادٍ نّينا هُودا ‪ ،‬والذين آمنوا معه ‪ ،‬من عذاب الريح‬ ‫العاتية الت أهلكتهم ‪ ،‬ونيناهم من عذاب شديد كبي ف الدنيا والخرة ‪ ،‬وذلك‬ ‫بسبب رحتنا لم بتوفيقهم لليان ‪.‬‬ ‫‪ -59‬تلك عاد أنْكروا الُجج الواضحة ‪ ،‬وعصوا رُسل ال جيعا ‪ ،‬بعصيانم رسوله‬ ‫إليهم ‪ ،‬وطاعتهم لمر كل طاغية شديد العناد من رؤسائهم وكبائهم ‪.‬‬ ‫‪ -60‬فاستحقوا من ال واللئكة والناس أجعي لعنة تلحقهم ف الدنيا ‪ ،‬ولعنة تتبعهم‬ ‫يوم القيامة ‪ ،‬أل فلينتبه كل من علم خب عاد ‪ .‬أن عادا جحدوا نعمة خالقهم عليهم ‪،‬‬

‫‪123‬‬

‫ول يشكروها باليان به وحده ‪ ،‬فأصبحوا جديرين بطردهم من رحة ال ‪ ،‬وإنزال‬ ‫اللك الشديد بم ‪ ،‬أل فهلكا لم لتكذيبهم هودا ‪.‬‬ ‫شأَ ُكمْ ِمنَ‬ ‫وَِإلَى ثَمُو َد أَخَاهُمْ صَالِحًا قَا َل يَا َقوْمِ اعُْبدُوا ال ّلهَ مَا لَ ُكمْ ِم ْن ِإلَهٍ غَ ْي ُر ُه ُهوَ َأْن َ‬ ‫ض وَاسَْتعْ َمرَ ُك ْم فِيهَا فَاسَْت ْغ ِفرُو ُه ُثمّ تُوبُوا ِإلَ ْيهِ إِنّ َربّي َقرِيبٌ مُجِيبٌ (‪ )61‬قَالُوا يَا‬ ‫الْأَرْ ِ‬ ‫ك مِمّا‬ ‫ت فِينَا َمرْ ُجوّا قَ ْبلَ هَذَا أَتَ ْنهَانَا أَ ْن َنعْبُ َد مَا َيعُْبدُ َآبَا ُؤنَا َوِإنّنَا َلفِي شَ ّ‬ ‫ح َقدْ كُنْ َ‬ ‫صَالِ ُ‬ ‫َتدْعُونَا ِإلَ ْيهِ مُرِيبٍ (‪ )62‬قَالَ يَا قَوْ ِم أَ َرَأيُْتمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيَّنةٍ مِنْ َربّي وَ َآتَانِي مِ ْنهُ‬ ‫خسِيٍ (‪َ )63‬ويَا َقوْ ِم َه ِذهِ‬ ‫ص ُرنِي ِم َن اللّ ِه إِنْ عَصَيُْت ُه فَمَا َتزِيدُونَنِي غَ ْي َر تَ ْ‬ ‫َرحْ َمةً َف َمنْ يَنْ ُ‬ ‫ض اللّ ِه َولَا تَ َمسّوهَا ِبسُو ٍء فََي ْأخُذَ ُكمْ َعذَابٌ‬ ‫نَا َقةُ ال ّل ِه لَ ُكمْ َآَيةً َفذَرُوهَا َتأْ ُكلْ فِي أَرْ ِ‬ ‫َقرِيبٌ (‪)64‬‬ ‫‪ -61‬وقد أرسلنا إل ثود واحدا منهم ‪ ،‬تربطه بم صلة النسب والودة ‪ ،‬وهو‬ ‫صال ‪ ،‬فقال لم ‪ :‬يا قوم اعبدوا ال ‪ -‬وحده ‪ -‬ليس لكم من يستحق العبادة غيه ‪،‬‬ ‫هو خلقكم من الرض ومكّنكم من عمارتا ‪ ،‬واستثمار ما فيها والنتفاع بيها ‪. .‬‬ ‫فادْعوه أن يغفر لكم ما سلف من ذنوبكم ‪ ،‬ث ارجعوا إليه بالندم على معصيته‬ ‫والقبال على طاعته كلما وقعتم ف ذنب ‪ .‬إ ّن رب قريب الرحة ميب الدعاء لن‬ ‫يستغفره ويدعوه ‪.‬‬ ‫‪ -62‬قالوا ‪ :‬يا صال قد كنت بيننا موضع الرجاء والحبة والتقدير من نفوسنا ‪ ،‬قبل‬ ‫هذا الذى تدعونا إليه ‪ ،‬أتطلب منا أن نترك عبادة ما كان يعبد آباؤنا وما ألفناه‬ ‫وألفوه؟ إنّا لفى شك من دعوتك إل عبادة ال ‪ -‬وحده فهذا مثي للرّيب ‪ ،‬وسوء‬ ‫الظن فيك ‪ ،‬وفيما تدعو إليه ‪.‬‬ ‫‪ -63‬قال ‪ :‬يا قوم ‪ :‬خبّرون إن كنت على بصية نيّرة وبيّنة ما أدعوكم إليه مُؤيدا‬ ‫بجة من رب ‪ ،‬وأعطان رب رحة ل ولكم ‪ ،‬وهى النبوة والرسالة ‪ ،‬فكيف أخالف‬ ‫أمره وأعصيه بعدم تبليغ رسالته ‪ ،‬استجابة لكم؟ ومن ينصرن ويعينن على دفع عذابه‬ ‫إن عصيته؟ إنكم ل تستطيعون نصرتى ودفع عذابه عن ‪ ،‬فما تزيدونن غي الضياع‬ ‫والوقوع ف السران إن أطعتكم وعصيت رب وربكم ‪.‬‬ ‫‪124‬‬

‫‪ -64‬ويا قوم ‪ ،‬هذه ناقة ال جعلها لكم علمة تشهد على صدقى فيما أبلغه لكم ‪،‬‬ ‫لنا على غي ما تألفون من أمثالا ‪ ،‬فاتركوها تأكل ف أرض ال لنا ناقته ‪ ،‬والرض‬ ‫أرضه ‪ ،‬ول تنالوها بسوء يؤذيها ‪ ،‬فإنكم إن فعلتم ذلك يأخذكم من ال عذاب قريب‬ ‫‪.‬‬ ‫َفعَ َقرُوهَا َفقَالَ تَمَّتعُوا فِي دَارِ ُك ْم ثَلَاثَ َة َأيّا ٍم َذِلكَ وَ ْعدٌ غَ ْي ُر َم ْكذُوبٍ (‪ )65‬فَلَمّا جَاءَ‬ ‫ك هُ َو الْ َقوِيّ‬ ‫َأمْ ُرنَا نَجّيْنَا صَالِحًا وَاّلذِينَ َآمَنُوا مَ َع ُه ِبرَحْ َم ٍة مِنّا َو ِمنْ ِخزْيِ يَ ْومِِئذٍ إِنّ َرّب َ‬ ‫حةُ فَأَصَْبحُوا فِي ِديَا ِرهِ ْم جَاثِ ِميَ (‪َ )67‬كأَ ْن َلمْ‬ ‫الْ َعزِيزُ (‪ )66‬وََأ َخذَ اّلذِينَ ظَ َلمُوا الصّيْ َ‬ ‫َيغْنَوْا فِيهَا َألَا إِ ّن ثَمُودَ َك َفرُوا َرّب ُهمْ َألَا بُ ْعدًا لِثَمُودَ (‪َ )68‬وَلقَ ْد جَاءَتْ ُرسُلُنَا إِْبرَاهِيمَ‬ ‫جلٍ حَنِيذٍ (‪)69‬‬ ‫ث أَ ْن جَا َء ِبعِ ْ‬ ‫شرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَا ٌم فَمَا لَبِ َ‬ ‫بِالُْب ْ‬ ‫‪ -65‬فلم يسمعوا نصحه ‪ ،‬ول يستجيبوا له ‪ ،‬وبلغ بم الكبياء والستهانة بتهديده‬ ‫أن قتلوا الناقة ‪ ،‬فقال لم ‪ :‬تتعوا بياتكم ف داركم ثلثة أيام ‪ ،‬ث يأتيكم بعدها‬ ‫عذاب ال ‪ ،‬ذلك وعده الق الذى ل يتخلف ‪ ،‬ول يقع عليه تكذيب ‪.‬‬ ‫‪ -66‬فلما جاء عذابنا نّينا صالا والذين آمنوا معه من اللك برحة خاصة منا ‪،‬‬ ‫ونيناهم من مهانة وفضيحة يوم هلك ثود ‪ .‬إن ربك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬هو القوى‬ ‫الغالب ‪ ،‬فاطمئن إل قوته وعزته وعونه ونصره ‪.‬‬ ‫‪ -67‬وأخذت الصيحة ثود بعنفها ورجفتها وصاعقتها ‪ ،‬لنم ظلموا أنفسهم بالكفر‬ ‫والعدوان ‪ ،‬فأصبحوا ف ديارهم هامدين ‪ ،‬راقدين على وجوههم ‪ ،‬ميتي ل حراك بم‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ -68‬وانتهى أمرهم ‪ ،‬وزالت آثارهم من ديارهم ‪ ،‬كأنم ل يقيموا فيها ‪ ،‬ونطق حالم‬ ‫با يب أن يتنبه له ويعتب به كل عاقل ‪ ،‬ويعلم أن ثَمودَ جحدوا بآيات من خلقهم ‪،‬‬ ‫وبسبب ذلك كان اللك والبُعد عن رحة ال ‪.‬‬ ‫‪ -69‬ولقد أرسلنا اللئكة إل إبراهيم ببشارته هو وزوجته بولود ‪ .‬قالوا ييّونه ‪:‬‬ ‫سلما قال يرد تيتهم ‪ :‬سلم ‪ .‬وأسرع فلم يكث أن حضر إليهم بعجل مشوى سي‬ ‫ليأكلوا منه ‪.‬‬ ‫‪125‬‬

‫ف ِإنّا أُ ْرسِلْنَا ِإلَى‬ ‫س مِ ْنهُ ْم خِيفَ ًة قَالُوا لَا تَخَ ْ‬ ‫ص ُل إِلَ ْي ِه نَ ِك َرهُ ْم َوأَ ْوجَ َ‬ ‫فَلَمّا َرأَى َأْي ِديَ ُه ْم لَا تَ ِ‬ ‫ق َيعْقُوبَ‬ ‫ق َو ِمنْ وَرَا ِء ِإسْحَا َ‬ ‫شرْنَاهَا ِبإِسْحَا َ‬ ‫ت فََب ّ‬ ‫حكَ ْ‬ ‫َقوْمِ لُوطٍ (‪ )70‬وَا ْم َرأَُتهُ قَائِ َم ٌة فَضَ ِ‬ ‫ت يَا وَيْلَتَا َأأَِلدُ َوَأنَا َعجُو ٌز وَ َهذَا َبعْلِي شَيْخًا إِ ّن َهذَا َلشَيْءٌ عَجِيبٌ (‪)72‬‬ ‫(‪ )71‬قَالَ ْ‬ ‫ت ِإنّ ُه حَمِي ٌد مَجِيدٌ (‪)73‬‬ ‫ي ِم ْن َأمْ ِر اللّهِ َرحْ َم ُة اللّ ِه َوبَرَكَاُتهُ عَلَ ْيكُ ْم َأهْ َل الْبَيْ ِ‬ ‫قَالُوا َأَتعْجَبِ َ‬ ‫شرَى يُجَا ِدلُنَا فِي َقوْمِ لُوطٍ (‪ )74‬إِ ّن إِْبرَاهِيمَ‬ ‫ع وَجَا َءْتهُ الُْب ْ‬ ‫فَلَمّا ذَهَبَ َعنْ ِإْبرَاهِيمَ ال ّروْ ُ‬ ‫ك َوإِّن ُهمْ َآتِيهِمْ‬ ‫لَحَلِي ٌم أَوّا ٌه مُنِيبٌ (‪ )75‬يَا إِْبرَاهِي ُم أَ ْعرِضْ َع ْن َهذَا ِإّنهُ َق ْد جَا َء َأ ْمرُ َربّ َ‬ ‫َعذَابٌ غَ ْي ُر َم ْردُودٍ (‪)76‬‬ ‫‪ -70‬فلما رأى أيديهم ل تبلغه ول تتد إليه ‪ ،‬كما هو معروف عن الضيوف أنكر‬ ‫أنم ضيوف ‪ ،‬وأحس أنم ملئكة ‪ ،‬وأضمر الوف أن يكون ميئهم لمر أنكره ال‬ ‫عليه ‪ ،‬أو لتعذيب قومه ‪ .‬قالوا ‪ -‬وقد عرفوا أثر الوف ف نفسه ‪ : -‬ل تف إنا‬ ‫أرسلنا للك قوم لوط ‪.‬‬ ‫‪ -71‬وكانت امرأته قائمة تسمع كلمهم ف مكان قريب منهم ‪ ،‬فضحكت لسرورها‬ ‫لنجاة لوط ابن أخى زوجها ‪ ،‬فبشرناها على أْلسِنَة اللئكة بأنا ستلد من إبراهم‬ ‫زوجها ولدا يسمى إسحاق ‪ ،‬وسيعيش ولدها ‪ ،‬وسيكون لا منه بعد إسحاق يعقوب ‪.‬‬ ‫‪ -72‬صاحت متعجبة وقالت ‪ :‬يا عجبا! أألدُ وأنا عجوز ‪ ،‬وهذا زوجى ترونه شيخا‬ ‫كبيا ول يولد لثله؟ إن هذا الذى أسعه وال شئ عجيب ‪ ،‬إذ كيف يولد لرِمَيْن مثلى‬ ‫ومثل زوجى؟ ‪.‬‬ ‫‪ -73‬قالت اللئكة لا ‪ :‬أتعجبي من أن يولد لكما على كبكما ‪ ،‬وهو من أمر ال‬ ‫الذى ل يعجزه شئ؟ تلك رحة ال ونعمه الكثية عليكم ‪ -‬أهل بيت النبوة ‪ -‬فليس‬ ‫بعجيب أن يهب لكم ما ل يهب لغيكم ‪ ،‬إنه فاعل ما يستوجب المد ‪ ،‬عظيم كثي‬ ‫الحسان والكرم والعطاء ‪.‬‬ ‫‪ -74‬فلما ذهب عن إبراهيم الوف ‪ ،‬وسع البشارة السارة بالولد ‪ ،‬أخذه الشفاق ‪،‬‬ ‫وأخذ يادل رسلنا ف هلك قوم لوط ‪.‬‬ ‫‪ -75‬إن إبراهيم لكثي اللم ‪ ،‬ل يب تعجيل العقاب ‪ ،‬كثي التأوه والتوجع من‬ ‫‪126‬‬

‫السوء الذى يصيب غيه ‪ ،‬تائب راجع إل ال با يبه ويرضاه ‪َ ،‬فرِقته ورحته ورأفته‬ ‫حلته على الجادلة رجاء أن يرفع ال عذابه عن قوم لوط وأن يتوبوا وينيبوا إليه ‪.‬‬ ‫‪ -76‬قالت اللئكة ‪ :‬يا إبراهيم أعرض عن هذا الدال والتماس الرحة لؤلء القوم ‪،‬‬ ‫إنه قد جاء أمر ربك بلكهم ‪ ،‬وأنم ل بد آتيهم عذاب نافذ غي مردود بدل أو غي‬ ‫جدل ‪.‬‬ ‫ق ِب ِهمْ ذَرْعًا َوقَا َل هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (‪)77‬‬ ‫وَلَمّا جَا َءتْ ُرسُلُنَا لُوطًا سِي َء ِبهِ ْم وَضَا َ‬ ‫ت قَا َل يَا َقوْ ِم َهؤُلَا ِء بَنَاتِي ُهنّ‬ ‫وَجَا َء ُه َقوْ ُم ُه ُيهْرَعُو َن ِإلَ ْيهِ َو ِمنْ قَ ْبلُ كَانُوا َيعْمَلُونَ السّيّئَا ِ‬ ‫س مِ ْنكُمْ َر ُجلٌ َرشِيدٌ (‪ )78‬قَالُوا لَ َقدْ‬ ‫خزُو ِن فِي ضَ ْيفِي َألَيْ َ‬ ‫أَ ْط َهرُ َل ُكمْ فَاّتقُوا ال ّلهَ وَلَا تُ ْ‬ ‫ك لََتعْ َلمُ مَا ُنرِيدُ (‪ )79‬قَالَ َلوْ أَنّ لِي بِ ُك ْم قُ ّو ًة َأوْ‬ ‫ك ِمنْ َح ّق وَِإنّ َ‬ ‫ت مَا لَنَا فِي بَنَاتِ َ‬ ‫عَلِ ْم َ‬ ‫ك َفأَ ْس ِر ِبأَهْ ِلكَ‬ ‫َآوِي ِإلَى رُ ْك ٍن شَدِيدٍ (‪ )80‬قَالُوا يَا لُوطُ ِإنّا ُرسُلُ َرّبكَ َل ْن يَصِلُوا ِإلَيْ َ‬ ‫ِبقِطْ ٍع ِمنَ اللّ ْيلِ وَلَا يَلَْتفِتْ مِ ْن ُكمْ َأ َحدٌ ِإلّا ا ْم َرأََتكَ ِإّنهُ مُصِيُبهَا مَا أَصَاَب ُهمْ إِ ّن َموْ ِعدَ ُهمُ‬ ‫ح ِب َقرِيبٍ (‪)81‬‬ ‫ح َألَيْسَ الصّبْ ُ‬ ‫الصّبْ ُ‬ ‫‪ -77‬ولا جاءت اللئكة ‪ -‬رُسلنا ‪ -‬إل لوط ف صورة شُبانٍ ِحسَان ‪ ،‬تأل واستاء ‪،‬‬ ‫وأحس بضعفه عن حايتهم ‪ ،‬وضيقه بم ‪ ،‬لوفه عليهم من فساد قومه ‪ ،‬وقال ‪ :‬هذا‬ ‫يوم شديد الكاره واللم ‪.‬‬ ‫‪ -78‬وعلم قومه بم ‪ ،‬فجاءوا مسرعي إليه ‪ ،‬ومن قبل ذلك كانوا يرتكبون‬ ‫الفواحش ‪ ،‬ويقترفون السيئات ‪ ،‬قال لم لوط ‪ :‬يا قوم هؤلء بناتى ‪ ،‬تزوّجوا بن ‪،‬‬ ‫فذلك أطهر لكم من ارتكاب الفواحش مع الذكور ‪ ،‬فخافوا ال وصونوا أنفسكم من‬ ‫عقابه ‪ ،‬ول تفضحون وتينون بالعتداء على ضيفى ‪ ،‬أليس فيكم رجل سديد الرأى ‪،‬‬ ‫رشيد العقل ‪ ،‬يردكم عن الغىّ ويكفكم عن السوء؟ ‪.‬‬ ‫ى حق ف نكاحهن أو رغبة‬ ‫ت يا لوط إنه ليس لنا ف بناتك أَ ّ‬ ‫‪ -79‬قالوا ‪ :‬لقد علم َ‬ ‫فيهن ‪ ،‬وإنك دون شك تعلم ما نريد من ميئنا وإسراعنا إليك ‪.‬‬ ‫‪ -80‬قال لوط ‪ :‬لو أن ل قوة أو ركنا قويا اعتمدت عليه ‪ ،‬لكان موقفى منكم غي‬ ‫هذا ‪ ،‬ولدفعتكم عن ضيفى ومنعتكم من السيئات ‪.‬‬ ‫‪127‬‬

‫‪ -81‬قالت اللئكة ‪ ،‬وقد ظهرت على حقيقتها ‪ :‬يا لوط ‪ ،‬ل تف ول تزن إنا رسل‬ ‫شرٍ يسوءك أو ضر‬ ‫ربك ‪ ،‬ل بَشر كما بدا لك ولقومك ‪ ،‬ولن يصل هؤلء إليك ِب َ‬ ‫يصيبك ‪ ،‬فسر أنت وأهلك ف بعض أوقات الليل ‪ ،‬إذا دخل جزء كبي منه ‪ ،‬واخْرج‬ ‫بم من هذه القرية ‪ ،‬ول يلتفت أحد منكم خلفه ‪ ،‬لكيل يرى هول العذاب فيصاب‬ ‫بشر منه ‪ ،‬لكن امرأتك الت خانتك فل تكن من الارجي معك ‪ ،‬إنه ل بد مصيبها ما‬ ‫ُقدّر أن يصيب هؤلء ‪ . .‬إن موعد هلكهم الصبح ‪ ،‬وهو موعد قريب ‪ ،‬فل تف ‪.‬‬ ‫فَلَمّا جَا َء َأ ْم ُرنَا جَعَلْنَا عَالَِيهَا سَافِلَهَا وََأمْ َط ْرنَا عَلَ ْيهَا حِجَا َر ًة ِمنْ سِجّي ٍل مَنْضُودٍ (‪)82‬‬ ‫ي بَِبعِيدٍ (‪َ )83‬وِإلَى َمدَْينَ أَخَا ُه ْم شُعَيْبًا قَا َل يَا‬ ‫ك َومَا هِ َي ِمنَ الظّالِمِ َ‬ ‫ُمسَ ّو َمةً عِ ْندَ َربّ َ‬ ‫َقوْمِ اعُْبدُوا ال ّل َه مَا َل ُكمْ ِم ْن إَِلهٍ غَ ْي ُر ُه َولَا تَ ْنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَا َن ِإنّي أَرَا ُكمْ بِخَ ْيرٍ‬ ‫وَِإنّي َأخَافُ عَلَ ْي ُكمْ َعذَابَ َيوْ ٍم مُحِيطٍ (‪ )84‬وَيَا َقوْمِ أَ ْوفُوا الْ ِمكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِاْلقِسْطِ‬ ‫سدِينَ (‪َ )85‬بقِيّ ُة اللّ ِه خَ ْيرٌ َل ُكمْ إِنْ‬ ‫ض ُم ْف ِ‬ ‫خسُوا النّاسَ َأشْيَا َءهُ ْم َولَا َتعْثَوْا فِي الْأَرْ ِ‬ ‫وَلَا تَبْ َ‬ ‫حفِيظٍ (‪)86‬‬ ‫ي َومَا َأنَا عَلَ ْي ُكمْ بِ َ‬ ‫كُنُْت ْم ُمؤْمِنِ َ‬ ‫‪ -82‬فلما جاء وقت العذاب الذى قدرناه وقضينا به ‪ ،‬جعلنا عال القرية الت كان‬ ‫يعيش فيها قوم لوط سافلها ‪ ،‬فقلبناها ‪ ،‬وأمطرنا عليهم ف أثناء ذلك حجارة من طي‬ ‫حى بالنار حت تجّر ‪.‬‬ ‫‪ -83‬كانت تقع عليهم متتابعة منتظمة معلنة العذاب من عند ربك ‪ -‬أيها النب ‪-‬‬ ‫وليست بعيدة عن الظالي من قومك ‪.‬‬ ‫‪ -84‬ولقد أرسلنا إل قوم مدين أخاهم ف النسب والودة والتراحم شُعيبا ‪ ،‬قال لم ‪:‬‬ ‫يا قوم اعبدوا ال ‪ -‬وحده ‪ -‬ليس لكم من يستحق العبادة غيه ‪ ،‬ول تنقصوا الكيال‬ ‫واليزان حي تبيعون لغيكم ما يُكال ويُوزن ‪ ،‬إن أراكم يرجى منكم الي ‪ ،‬بالشكر‬ ‫والطاعة ل ‪ ،‬وإعطاء الناس حقوقهم كاملة ‪ ،‬وإن أخاف عليكم إذا ل تشكروا خيه‬ ‫وتطيعوا أمره ‪ ،‬أن يل بكم عذاب يوم ل تستطيعون أن تفلتوا من أهواله ‪ ،‬لنا تيط‬ ‫بالعذبي فيها فل يدون سبيل إل اللص منها ‪.‬‬ ‫‪ -85‬ويا قوم أدّوا الكِيل والوزون ما تبيعونه وافيا على وجْه العدل والتسوية ‪ ،‬ول‬ ‫‪128‬‬

‫تنقصوا الناس حقهم ف أشيائهم ‪ ،‬ول توروا وتفسدوا ف الرض بسرقة أموالم ‪ ،‬أو‬ ‫الغارة عليهم ‪ ،‬أو قطع الطريق على العابرين منهم ‪ ،‬تتخذون الفساد وسيلة للكسب‬ ‫الرام ‪.‬‬ ‫‪ -86‬ما يبقى لكم من الال اللل الذى تفضّل به ال عليكم ‪ ،‬خي لكم من الال‬ ‫الذى تمعونه من حرام ‪ ،‬إن كنتم تؤمنون بال وتتنبون ما حرمه عليكم فحاسبوا‬ ‫أنفسكم ‪ ،‬وراقبوا ربكم ‪ ،‬لست عليكم رقيبا أحصى أعمالكم وأحاسبكم عليها ‪.‬‬ ‫ب أَصَلَاُتكَ َت ْأمُرُ َك أَ ْن نَ ْترُ َك مَا َيعُْبدُ َآبَا ُؤنَا َأ ْو أَنْ نَ ْف َعلَ فِي َأمْوَالِنَا مَا َنشَاءُ‬ ‫قَالُوا يَا شُعَيْ ُ‬ ‫ت الْحَلِيمُ ال ّرشِيدُ (‪ )87‬قَالَ يَا قَوْ ِم أَ َرَأيُْتمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيَّنةٍ مِنْ َربّي وَرَ َزقَنِي‬ ‫ك لََأنْ َ‬ ‫ِإنّ َ‬ ‫مِ ْنهُ ِر ْزقًا َحسَنًا َومَا أُرِيدُ أَ ْن ُأخَاِل َفكُ ْم ِإلَى مَا َأْنهَا ُكمْ عَ ْن ُه إِ ْن أُرِيدُ ِإلّا اْلإِصْلَاحَ مَا‬ ‫ج ِرمَّنكُمْ‬ ‫ت َوِإلَ ْيهِ ُأنِيبُ (‪ )88‬وَيَا َقوْمِ لَا يَ ْ‬ ‫ت َومَا َت ْوفِيقِي ِإلّا بِال ّلهِ عَلَ ْي ِه تَوَكّلْ ُ‬ ‫اسْتَ َطعْ ُ‬ ‫ح َومَا َقوْ ُم لُوطٍ‬ ‫شِقَاقِي أَ ْن يُصِيَبكُ ْم مِ ْثلُ مَا أَصَابَ َقوْ َم نُوحٍ أَ ْو َقوْ َم هُو ٍد أَ ْو َقوْمَ صَالِ ٍ‬ ‫مِنْ ُك ْم بَِبعِيدٍ (‪ )89‬وَاسَْتغْ ِفرُوا َرّبكُ ْم ُثمّ تُوبُوا ِإلَيْ ِه إِنّ َربّي َرحِي ٌم َودُودٌ (‪)90‬‬ ‫‪ -87‬قالوا ساخرين مستهزئي ‪ :‬يا شعيب ‪ ،‬أصلتك هى الت تأمرك أن تملنا على‬ ‫ترك ما كان يعبد آباؤنا من الصنام ‪ ،‬وعلى أن نتنع عن التصرف ف أموالنا كما نريد‬ ‫ما نرى فيه مصلحتنا؟ إن ذلك غاية السّفه والطيش ‪ .‬ول يتفق مع ما نعرفه عنك من‬ ‫العقل وسداد الرأى ‪ ،‬فأنت العروف بكثرة اللم والرشد ‪.‬‬ ‫‪ -88‬قال ‪ :‬يا قوم ‪ :‬أخبون إن كنت على حُجة واضحة ويقي من رب ‪ ،‬ورزقن‬ ‫رزقا حسنا تفضل منه ‪ ،‬أيصح ل أن أكتم ما أمرن بتبليغه لكم ‪ ،‬من ترك عبادة‬ ‫الصنام ‪ ،‬وطلب إيفاء الكيل واليزان ‪ ،‬وترك الفساد ف الرض؟ وأنا ل أريد أن أته‬ ‫إل فعل ما أناكم عنه من ذلك ‪ ،‬ما أريد بوعظت ونصيحت وأمْرى وني إل الصلح‬ ‫قدر طاقت وجهدى واستطاعت ‪ ،‬وما كنت موفّقا لصابة الق إل بعونة ال وتأييده‬ ‫وتسديده ‪ ،‬عليه ‪ -‬وحده ‪ -‬أعتمد ‪ ،‬وإليه ‪ -‬وحده ‪ -‬أرجع ‪.‬‬ ‫‪ -89‬ويا قوم ل يملنكم اللف بين وبينكم على العناد والصرار على الكفر ‪،‬‬ ‫فيصيبكم ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صال ‪ ،‬وما عهد قوم لوط ومكانم‬ ‫‪129‬‬

‫وهلكهم ببعيد عنكم ‪ ،‬فاعتبوا بم حت ل يصيبكم ما أصابم ‪.‬‬ ‫‪ -90‬واطلبوا من ال أن يغفر لكم ذنوبكم ‪ ،‬ث ارجعوا إليه نادمي مستغفرين كلما‬ ‫وقع الذنب منكم ‪ ،‬إن رب كثي الرحة مب ودود ‪ ،‬يغفر للتائبي ويب الوّابي ‪.‬‬ ‫ك َلرَجَمْنَاكَ‬ ‫ضعِيفًا َولَ ْولَا َرهْطُ َ‬ ‫ب مَا نَ ْف َقهُ َكثِيًا مِمّا َتقُو ُل َوإِنّا لََنرَا َك فِينَا َ‬ ‫قَالُوا يَا شُعَيْ ُ‬ ‫خ ْذتُمُوهُ وَرَاءَ ُكمْ‬ ‫وَمَا َأنْتَ عَلَيْنَا ِبعَزِيزٍ (‪ )91‬قَالَ يَا قَوْ ِم أَ َرهْطِي أَ َعزّ عَلَ ْي ُكمْ ِم َن اللّ ِه وَاتّ َ‬ ‫ِظ ْه ِريّا إِنّ َربّي بِمَا َتعْمَلُو َن مُحِيطٌ (‪َ )92‬ويَا َقوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِ ُك ْم إِنّي عَامِ ٌل َسوْفَ‬ ‫ب وَا ْرَتقِبُوا ِإنّي َمعَ ُكمْ َرقِيبٌ (‪َ )93‬ولَمّا‬ ‫خزِيهِ َو َمنْ ُهوَ كَاذِ ٌ‬ ‫ب يُ ْ‬ ‫َتعْلَمُونَ َم ْن َيأْتِيهِ َعذَا ٌ‬ ‫حةُ‬ ‫جَا َء َأ ْم ُرنَا نَجّيْنَا ُشعَيْبًا وَاّلذِينَ َآمَنُوا مَ َع ُه ِبرَحْ َم ٍة مِنّا َوأَ َخ َذتِ اّلذِينَ ظَلَمُوا الصّيْ َ‬ ‫َفأَصْبَحُوا فِي ِديَا ِر ِهمْ جَاثِمِيَ (‪)94‬‬ ‫‪ -91‬قالوا ‪ :‬يا شعيب ما نعقل كثيا ما تقوله لنا ‪ ،‬ونؤكد لك أننا نراك بيننا ضعيفا‬ ‫ل قدرة لك على الدفاع ‪ ،‬وعلى القناع ‪ ،‬إن أردنا بك ما تكره ‪ ،‬ولول ماملتنا‬ ‫لعشيتك ‪ ،‬لنا على ديننا ‪ ،‬لقتلناك رجا بالجارة ‪ ،‬وما أنت علينا بعزيز حت نلّك‬ ‫ونترمك ونكرمك ونصونك عن القتل بالرجم ‪ ،‬وإنا هى الجاملة لعشيتك تنعنا عن‬ ‫قتلك ‪.‬‬ ‫‪ -92‬قال ‪ :‬يا قوم ‪ ،‬أعشيتى أحق بالجاملة من ال ‪ ،‬فذكرتوها ونسيتموه ‪،‬‬ ‫وجاملتمون واتذتوه كالشئ النبوذ وراء الظهر؟ إن رب ميط علمه بكل ما تعملون ‪،‬‬ ‫فل يفى عليه شئ من أعمالكم ‪ ،‬وسيحاسبكم عليها إن نسيتموه ‪.‬‬ ‫‪ -93‬ويا قوم اعملوا على ما أنتم قادرون عليه ‪ ،‬وما تستطيعون عمله ‪ ،‬إن ل تسمعوا‬ ‫نصحى إن مثابر على العمل با يالف عملكم ‪ ،‬وسوف تعلمون َمنْ مِنا الذى يأتيه‬ ‫عذاب يفضحه ويذله ‪ ،‬ومَن مِنا الذى هو كاذب ‪ :‬أأنا الذى أنذركم بالعذاب ‪ ،‬أم‬ ‫أنتم الذين أنذرتون بالخراج من القرية؟ وانتظروا ما سيحصل ‪ ،‬إن معكم منتظر ‪.‬‬ ‫‪ -94‬ولا وقع أمرنا بعذابم وهلكهم ‪ ،‬نينا شعيبا والذين آمنوا معه من العذاب‬ ‫واللك ‪ ،‬وكانت ناتم بسبب رحة منا لم ‪ ،‬وأخذت الظالي من أهل مدين‬

‫‪130‬‬

‫الصيحة ‪ ،‬والرجفة الهلكة ‪ ،‬فأصبحوا ف ديارهم هامدين ‪ ،‬راقدين على وجوههم ‪ :‬ل‬ ‫حراك بم ‪.‬‬ ‫َكأَ ْن َلمْ َيغَْنوْا فِيهَا َألَا ُب ْعدًا لِ َم ْدَينَ َكمَا بَ ِع َدتْ ثَمُودُ (‪َ )95‬وَلقَ ْد أَ ْرسَلْنَا مُوسَى ِب َآيَاتِنَا‬ ‫وَسُلْطَا ٍن مُبِيٍ (‪ِ )96‬إلَى ِفرْ َعوْ َن َومَلَئِ ِه فَاتّبَعُوا َأ ْمرَ ِفرْ َعوْ َن َومَا َأ ْمرُ ِفرْ َعوْ َن ِبرَشِيدٍ (‪)97‬‬ ‫س الْوِ ْر ُد الْ َموْرُودُ (‪َ )98‬وُأتْبِعُوا فِي هَ ِذ ِه َلعْنَةً‬ ‫َيقْدُ ُم َق ْومَ ُه َيوْ َم الْقِيَامَ ِة َفأَوْ َر َد ُهمُ النّارَ َوبِئْ َ‬ ‫صهُ عَلَ ْيكَ مِ ْنهَا قَاِئمٌ‬ ‫س ال ّرفْ ُد الْ َمرْفُودُ (‪َ )99‬ذِلكَ ِم ْن َأنْبَا ِء اْل ُقرَى َنقُ ّ‬ ‫وََيوْ َم اْلقِيَا َمةِ بِئْ َ‬ ‫وَحَصِيدٌ (‪)100‬‬ ‫‪ -95‬وانتهى أمرهم وزالت آثارهم ‪ ،‬كأنم ل يقيموا ف ديارهم ‪ ،‬ونطق حالم با‬ ‫يب أن يتنبه له ويعتب به كل عاقل ‪ ،‬أل هلكا لدْين ‪ ،‬وبُعدا من رحة ال كما بَعدت‬ ‫ثود من قبلهم ‪.‬‬ ‫‪ -96‬ولقد أرسلنا موسى مؤيّدا بعجزاتنا الدالة على صدقه ‪ ،‬وبالبهان البي ذى‬ ‫السلطان القاهر على النفوس ‪.‬‬ ‫‪ -97‬أرسلناه إل فرعون وكبار رجاله ‪ ،‬فكفر به فرعون وأمر قومه أن يتبعوه ف‬ ‫الكفر ‪ ،‬فاتّبعوا أمر فرعون ‪ ،‬وخالفوا أمر موسى ‪ ،‬وما أمر فرعون بسديد حسن‬ ‫النتائج حت يستحق أن يُتّبع ‪.‬‬ ‫‪ -98‬يتقدم قومه يوم القيامة ويقودهم كما قادهم ف الدنيا ‪ ،‬فيوردهم النار حتما ‪،‬‬ ‫يصْلَونا ويتجرعون غُصص عذابا ‪ ،‬وقُبح هذا الورد الذى يشربون منه ماء حيما؛‬ ‫ليطفئ ظمأهم ‪ ،‬فيقطّع أمعاءهم ‪.‬‬ ‫‪ -99‬وهم ف هذه الدنيا قد تبعتهم لعنة من ال واللئكة والناس ‪ ،‬ويوم القيامة تتبعهم‬ ‫كذلك اللعنة ‪ ،‬لنا عطاؤهم ‪ ،‬وإنه لعطاء قبيح يثي الشعور بالذنب ‪ ،‬ويقال فيه ‪:‬‬ ‫بئس هذا العطاء العطى لؤلء ‪.‬‬ ‫‪ -100‬ذلك القَصَص ‪ -‬أيها النب ‪ -‬هو بعض أخبار القرى الت أهلكناها ‪ ،‬نقصّها‬ ‫عليك لتعظ با قومك ‪ ،‬وتطمئن إل نصر ال لك ‪ ،‬بعض هذه القرى كالزرع القائم‬ ‫على ساقه ‪ ،‬ليشهدوا با حصل ‪ ،‬وبعضها عَاف الثر ‪ ،‬كالزّرع الذى حصد ‪.‬‬ ‫‪131‬‬

‫وَمَا ظَ َلمْنَا ُه ْم وََل ِكنْ ظَلَمُوا َأْن ُفسَ ُه ْم فَمَا أَغْنَتْ عَ ْن ُهمْ َآِلهَُت ُهمُ الّتِي َيدْعُو َن ِمنْ دُو ِن اللّهِ‬ ‫ك ِإذَا‬ ‫ك وَمَا زَادُو ُهمْ غَ ْيرَ تَتْبِيبٍ (‪ )101‬وَ َكذَِلكَ َأ ْخذُ َرّب َ‬ ‫ِمنْ َشيْ ٍء لَمّا جَا َء َأ ْمرُ َرّب َ‬ ‫ك َلآََي ًة لِ َمنْ خَافَ‬ ‫أَ َخذَ اْل ُقرَى َو ِهيَ ظَالِ َم ٌة إِ ّن َأخْ َذ ُه َألِي ٌم َشدِيدٌ (‪ )102‬إِ ّن فِي َذلِ َ‬ ‫شهُودٌ (‪ )103‬وَمَا نُ َؤ ّخ ُرهُ ِإلّا‬ ‫س َوذَِلكَ يَوْ ٌم َم ْ‬ ‫ع َل ُه النّا ُ‬ ‫ب الْ َآ ِخ َرةِ َذِلكَ َيوْ ٌم مَجْمُو ٌ‬ ‫َعذَا َ‬ ‫س ِإلّا ِبِإذِْنهِ َفمِ ْن ُهمْ َشقِ ّي وَ َسعِيدٌ (‪َ )105‬فَأمّا‬ ‫ت لَا َتكَ ّلمُ َنفْ ٌ‬ ‫ِلأَ َجلٍ َم ْعدُودٍ (‪َ )104‬يوْ َم َيأْ ِ‬ ‫ي وَ َشهِيقٌ (‪ )106‬خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السّ َموَاتُ‬ ‫الّذِينَ َشقُوا َففِي النّا ِر َل ُهمْ فِيهَا َزفِ ٌ‬ ‫ك َفعّالٌ لِمَا ُيرِيدُ (‪)107‬‬ ‫ض ِإلّا مَا شَاءَ َرّبكَ إِنّ َرّب َ‬ ‫وَاْلأَرْ ُ‬ ‫‪ -101‬وما ظلمناهم بإهلكهم ‪ ،‬ولكنهم ظلموا أنفسهم بالكفر وعبادة غي ال‬ ‫والفساد ف الرض ‪ ،‬فما استطاعت أن ترد عنهم اللك آلتهم الت كانوا يعبدونا من‬ ‫دون ال ‪ ،‬ول نفعتهم بشئ لا جاء أمر ربك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬وما زادهم إصرارهم على‬ ‫عبادة الوثان إل اللك والضياع ‪.‬‬ ‫‪ -102‬ومثل هذا الخْذ الشديد ‪ ،‬الذى أخذ به ربك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬قو َم نوح وعاد‬ ‫وثود وغيهم ‪ ،‬أخذُه الشديد إذا شاء أن يأخذ القرى وأهلها ظالون بالكفر‬ ‫والفساد ‪ ،‬إنّ أخذه قوى مؤل شديد على الظالي ‪.‬‬ ‫‪ -103‬إن ف ذلك القَصَص لوعظة يعتب با من أيقن بالبعث وخاف عذاب يوم‬ ‫الخرة ‪ ،‬ذلك يوم مموع للحساب فيه الناس ‪ ،‬وذلك يوم مشهود يراه اللئكة‬ ‫والناس ‪.‬‬ ‫‪ -104‬وما نؤخّره إل لدة قليلة حددناها ‪ ،‬ومهما طالت ف نظر الناس فهى قليلة عند‬ ‫ال ‪.‬‬ ‫‪ -105‬يوم يأتى هَ ْولُه ل يستطيع إنسان أن يتكلم إل بإذن ال ‪ ،‬فمن الناس شقى با‬ ‫يعان من ألوان الشدة ‪ ،‬وهو الكافر ‪ ،‬ومنهم سعيد با ينتظره من نعيم الخرة ‪ ،‬وهو‬ ‫الؤمن ‪.‬‬ ‫‪ -106‬فأما الذين شقوا ففى النار مآلم ‪ ،‬لم فيها تنفس مصحوب بآلم مزعجة ‪،‬‬ ‫عند خروج الواء من صدورهم ‪ ،‬وعند دخوله فيها ‪.‬‬ ‫‪132‬‬

‫‪ -107‬خالدين ف النار ما دامت السموات والرض ‪ ،‬ل يرجون منها إل ف الوقت‬ ‫الذى يشاء ال إخراجهم فيه ‪ ،‬ليعذبم بنوع آخر من العذاب ‪ ،‬وإن ربك أيها ‪ -‬النب‬ ‫ فعّال لا يريد فعله ‪ ،‬ل ينعه أحد عنه ‪.‬‬‫ض ِإلّا مَا شَاءَ َربّكَ‬ ‫ت السّ َموَاتُ وَالْأَرْ ُ‬ ‫وََأمّا اّلذِي َن ُسعِدُوا َففِي الْجَّن ِة خَاِلدِي َن فِيهَا مَا دَامَ ِ‬ ‫جذُوذٍ (‪ )108‬فَلَا َتكُ فِي ِمرَْي ٍة مِمّا َيعُْب ُد هَ ُؤلَا ِء مَا َيعُْبدُو َن ِإلّا َكمَا َيعُْبدُ‬ ‫عَطَاءً غَ ْي َر مَ ْ‬ ‫َآبَاؤُ ُهمْ ِم ْن قَ ْبلُ وَِإنّا لَ ُم َوفّو ُهمْ نَصِيَب ُهمْ غَ ْي َر مَ ْنقُوصٍ (‪ )109‬وََل َقدْ َآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ‬ ‫ضيَ بَيَْنهُ ْم َوإِّن ُهمْ َلفِي َشكّ مِ ْن ُه ُمرِيبٍ (‬ ‫ت ِمنْ َرّبكَ لَقُ ِ‬ ‫ف فِيهِ َوَلوْلَا كَلِ َم ٌة سََبقَ ْ‬ ‫فَاخْتُلِ َ‬ ‫‪ )110‬وَإِنّ كُلّا لَمّا لَُي َوفّيَنّ ُهمْ َرّبكَ أَعْمَاَل ُهمْ ِإّنهُ بِمَا َيعْمَلُو َن خَبِيٌ (‪)111‬‬ ‫‪ -108‬وأما الذين رَزقهم ال السعادة فيدخلون النة خالدين فيها من أول لظة ‪،‬‬ ‫بعد انتهاء موقف الساب إل ما ل ناية ‪ ،‬إل الفريق الذى يشاء ال تأخيه عن دخول‬ ‫النة مع السابقي ‪ ،‬وهم عصاة الؤمني ‪ ،‬الذين يتأخرون ف النار بقدار توقيع الزاء‬ ‫عليهم ‪ ،‬ث يرجون منها إل النة ‪ ،‬ويعطى ربك هؤلء السعداء ف النة عطاء عظيما‬ ‫مستديا ‪ ،‬غي منقوص ول مقطوع ‪.‬‬ ‫‪ -109‬وإذا كان أمر المم الشركة الظالة ف الدنيا ث ف الخرة ‪ ،‬هو ما قصصنا‬ ‫عليك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬فل يكن عندك أدن شك ف مصي عبّاد الوثان من قومك ‪ ،‬إن‬ ‫استمروا على ضللم ‪ ،‬لنم كالسابقي من آبائهم ‪ ،‬الذين قصصنا عليك قصصهم‬ ‫من قبل ‪ ،‬كلهم مشركون ‪ ،‬وإنا لوفّون هؤلء الكفرة استحقاقهم من العذاب كامل‬ ‫على قدر جرائمهم ‪ ،‬ل يُنقَصون منه شيئا ‪.‬‬ ‫‪ -110‬ونؤكد لك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬أننا أعطينا موسى التوراة ‪ ،‬فاختلف قومه من بعده‬ ‫ف تفسيها ومعناها ‪ ،‬حسب أهوائهم وشهواتم ‪ ،‬كل يريد إخضاعها لشهواته ‪،‬‬ ‫فتقرقوا شيعا ‪ ،‬وابتعد الكثي منهم عن الق الذى جاءتم به ‪ ،‬ولول وعد من ال سابق‬ ‫بتأخي عذابم إل يوم القيامة ‪ ،‬لل بم ف دنياهم قضاء اللّه وحكمه بإهلك البطلي‬ ‫وناة الحقي ‪ ،‬كما حل بغيهم من المم الت جاءتم با ‪ ،‬بعد اختلف أسلفهم ف‬ ‫فهمها وتريفهم لا ‪ ،‬ما جعل إدراك القائق منها أمرا عسيا ‪ .‬وإن هؤلء الذين ورثوا‬ ‫‪133‬‬

‫التوراة لفى حية وبع ٍد عن القيقة ‪.‬‬ ‫‪ -111‬إن كل فريق من هؤلء سيوفيهم ربك حتما جزاء أعمالم ‪ ،‬إنه سبحانه خبي‬ ‫ل منهم حسب عمله ‪.‬‬ ‫بم ‪ ،‬ميط بدقائق ما يعملون من خي أو شر ‪ ،‬ويازى ك ً‬ ‫ك َولَا تَ ْط َغوْا ِإنّ ُه بِمَا تَعْمَلُو َن بَصِيٌ (‪َ )112‬ولَا َترْكَنُوا‬ ‫ب َمعَ َ‬ ‫ت َو َمنْ تَا َ‬ ‫فَاسَْت ِقمْ َكمَا ُأ ِمرْ َ‬ ‫صرُونَ (‬ ‫س ُكمُ النّا ُر َومَا َلكُ ْم ِمنْ دُو ِن اللّ ِه ِمنْ أَ ْولِيَا َء ُثمّ لَا تُنْ َ‬ ‫ِإلَى اّلذِينَ ظَلَمُوا فَتَ َم ّ‬ ‫ت ُيذْهِ ْبنَ السّيّئَاتِ َذِلكَ‬ ‫حسَنَا ِ‬ ‫‪ )113‬وََأ ِقمِ الصّلَاةَ َط َر َفيِ الّنهَا ِر وَ ُزَلفًا ِمنَ اللّ ْي ِل إِ ّن الْ َ‬ ‫حسِنِيَ (‪ )115‬فَ َل ْولَا كَانَ‬ ‫ذِ ْكرَى لِلذّا ِكرِينَ (‪ )114‬وَاصِْب ْر َفإِ ّن اللّ َه لَا يُضِي ُع أَ ْج َر الْمُ ْ‬ ‫ض ِإلّا قَلِيلًا مِ ّمنْ أَنْجَيْنَا مِ ْن ُهمْ‬ ‫ِمنَ اْلقُرُو ِن ِمنْ قَبْ ِل ُكمْ أُولُو َبقِّيةٍ يَ ْن َهوْنَ َع ِن الْ َفسَا ِد فِي اْلأَرْ ِ‬ ‫جرِمِيَ (‪)116‬‬ ‫وَاتّبَ َع اّلذِينَ ظَ َلمُوا مَا ُأْت ِرفُوا فِي ِه وَكَانُوا ُم ْ‬ ‫‪ -112‬وإذا كان هذا هو حال المم الت جاءها كتاب من اللّه فاختلفت فيه‬ ‫وخرجت عليه ‪ ،‬فداوم أنت ومن معك من الؤمني على التزام الطريق الستقيم كما‬ ‫أمرك ال ‪ ،‬ول تاوزوا حدود العتدال بتقصي أو إهال ومغالة ف تكليف أنفسكم‬ ‫ما ل تطيقون ‪ .‬إنه سبحانه ميط علمه بكل ما تعملون فيجازيكم عليه ‪.‬‬ ‫‪ -113‬ول تيلوا أدن ميل إل أعداء ال وأعدائكم الذين ظلموا أنفسهم وتاوزوا‬ ‫حدود ال ‪ ،‬ول تُ َعوّلوا عليهم أو تستحسنوا طريقهم ‪ ،‬فتستحقوا بسبب هذا اليل‬ ‫عذاب النار ‪ ،‬ول تدوا أحدا يدفعه عنكم ‪ ،‬ث تكون عاقبتكم أنكم ل تُنصرون على‬ ‫أعدائكم بذلن ال لكم ‪ ،‬ولركونكم إل عدوه ‪.‬‬ ‫‪ -114‬وأدّ الصلة ‪ -‬أيها النب ‪ -‬على أت وجه ف طرف النهار ‪ ،‬وف أوقات متفرقة‬ ‫من الليل ‪ ،‬فإنا تطهر النفوس فتتغلب على نزعة الشر ‪ ،‬وتحو آثار السيئات الت قَلّما‬ ‫يلو منها البشر ‪ ،‬ذلك الذى ُأمِرت به ‪ -‬أيها النب ‪ -‬من الرشاد للخي عظة ينتفع با‬ ‫الستعدون لقبولا ‪ ،‬الذين يذكرون ربم ول ينسونه ‪.‬‬ ‫سنْ تنفيذه ‪ ،‬يعطك ال‬ ‫‪ -115‬واصب ‪ -‬أيها النب ‪ -‬على مشاق ما أمرناك به ‪ ،‬وأح ِ‬ ‫أجرا عظيما ‪ ،‬لنه ل يضيع عنده أجر الحسني لعمالم ‪.‬‬ ‫‪ -116‬كان يب أن يكون من تلك المم السابقة ‪ -‬الت أهلكناها بسبب ظلمها ‪-‬‬ ‫‪134‬‬

‫جاعة منهم لم كلمة مسموعة ‪ ،‬وفضل من دين وعقل ‪ ،‬ينهون غيهم عن الفساد ف‬ ‫الرض ‪ ،‬فيحفظوهم من العذاب الذى حل بم ‪ ،‬ول يكن هذا ‪ ،‬لكن الذى حدث أنه‬ ‫كان فيهم قليل من الؤمني ل يُسمع لم رأى ول توجيه ‪ ،‬فأناهم ال مع رسلهم ‪ ،‬ف‬ ‫الوقت الذى أص ّر فيه الظالون العاندون على ما تعوّدوه من قبل من حياة الترف‬ ‫والفساد ‪ ،‬فحال ذلك بينهم وبي النتفاع بدعوة الق والي ‪ ،‬وكانوا ف إيثارهم لذا‬ ‫الطريق غارقي ف الذنوب والسيئات ‪ ،‬فأهلكهم ال تنفيذا لسنّته ف خلقه ‪.‬‬ ‫ج َعلَ‬ ‫وَمَا كَانَ َرّبكَ لُِيهْ ِلكَ اْل ُقرَى بِظُ ْل ٍم َوأَهْ ُلهَا مُصْلِحُونَ (‪َ )117‬وَلوْ شَاءَ َرّبكَ لَ َ‬ ‫ك خَ َلقَ ُهمْ وَتَمّتْ‬ ‫ك وَِل َذلِ َ‬ ‫س ُأمّ ًة وَا ِح َدةً َولَا َيزَالُو َن مُخْتَ ِلفِيَ (‪ِ )118‬إلّا َمنْ َر ِحمَ َرّب َ‬ ‫النّا َ‬ ‫ك ِمنْ َأنْبَاءِ‬ ‫كَلِ َمةُ َرّبكَ َلَأمْ َلأَنّ َجهَّنمَ مِ َن الْجِّن ِة وَالنّاسِ َأجْ َمعِيَ (‪ )119‬وَكُلّا َنقُصّ عَلَ ْي َ‬ ‫ح ّق َومَوْعِ َظ ٌة َوذِ ْكرَى لِلْ ُم ْؤمِنِيَ (‪)120‬‬ ‫ت ِبهِ ُفؤَادَ َك َوجَا َء َك فِي َه ِذهِ الْ َ‬ ‫ال ّر ُسلِ مَا نُثَبّ ُ‬ ‫َوقُ ْل لِ ّلذِي َن لَا ُي ْؤمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِ ُك ْم إِنّا عَامِلُونَ (‪ )121‬وَانْتَ ِظرُوا ِإنّا مُنْتَ ِظرُونَ‬ ‫(‪)122‬‬ ‫‪ -117‬وما كان من سنة ال ‪ ،‬ول من عدله ف خلقه ‪ ،‬أن يظلم أمة من المم فيهلكها‬ ‫وهى متمسكة بالق ‪ ،‬ملتزمة للفضائل ‪ ،‬عاملة على ما يصلح أمرها وأمر غيها ‪.‬‬ ‫‪ -118‬ولو شاء ربك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬لعل الناس على دين واحد ‪ ،‬مطيعي ال بطبيعة‬ ‫خلقتهم ‪ ،‬كاللئكة ‪ ،‬ولكان العال غي هذا العال ‪ ،‬ولكنه سبحانه ل يشأ ذلك ‪ ،‬بل‬ ‫تركهم متارين ‪ ،‬فل يزالون متلفي ف كل شئ ‪ ،‬حت ف أصول العقائد ‪ ،‬كاليان‬ ‫بال وملئكته ورسله واليوم الخر ‪ ،‬ما ل يوز اللف فيه ‪ ،‬تبعا ليولم وشهواتم‬ ‫وتفكيهم ‪ ،‬يتعصب كل فريق لرأيه ‪ ،‬وما وجد عليه آباءه ‪.‬‬ ‫‪ -119‬لكن الذين رحهم ال لسلمة فِ َطرِهم ‪ ،‬فإنم اتفقوا على حُكم ال فيهم ‪،‬‬ ‫فآمنوا بميع رسله وكتبه واليوم الخر ‪ .‬ولذه الشيئة الت اقتضتها حكمته تعال ف‬ ‫نظام هذا العال ‪ ،‬خلقهم ال سبحانه مستعدين لذا الثواب والعقاب ‪ ،‬وبذا يتحقق‬ ‫وعد ربك بأنه ل بد من أن يل جهنم من أتباع إبليس من الن والناس ‪.‬‬ ‫‪ -120‬ونقص عليك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬من كل نوع من أخبار الرسل السابقة مع أمهم‬ ‫‪135‬‬

‫ما ُن َقوّى به قلبك على القيام بشاق الرسالة ‪ ،‬وقد جاءك ف هذه النباء بيان الق‬ ‫الذى تدعو إليه ‪ ،‬مثلما دعا إليه السابقون من الرسل ‪ ،‬من توحيد ال والبُعْد عما‬ ‫يغضبه ‪ ،‬كما جاءك فيها ما فيه عظة وعبة ينتفع با الؤمنون ‪ ،‬فيزدادون إيانا ‪،‬‬ ‫والستعدون لليان فيسارعون إليه ‪.‬‬ ‫‪ -121‬وقل ‪ -‬أيها النب ‪ -‬للذين يصرون على العناد والكفر ‪ :‬ابْذلوا أقصى ما ف‬ ‫قدرتكم من ماربة السلم وإيذاء الؤمني به ‪ ،‬فإننا ماضون ف طريقنا ثابتون على‬ ‫عملنا ‪.‬‬ ‫‪ -122‬وانتظروا ما تترقبونه لنا ‪ ،‬إننا كذلك منتظرون وعد ال لنا بنجاح الدعوة‬ ‫والنتصار على أعدائها ‪.‬‬ ‫ض وَِإلَ ْيهِ ُي ْرجَ ُع الَْأ ْمرُ ُكّلهُ فَاعُْب ْد ُه َوتَوَ ّكلْ عَلَ ْي ِه َومَا َرّبكَ‬ ‫وَلِ ّلهِ غَيْبُ السّمَاوَاتِ وَاْلأَرْ ِ‬ ‫ِبغَا ِفلٍ عَمّا َتعْمَلُونَ (‪)123‬‬ ‫‪ -123‬ول ‪ -‬وحده ‪ -‬علم كل غيب ف السموات والرض ‪ ،‬فيعلم ما سيحل‬ ‫بكم ‪ ،‬وما يكون لنا ‪ ،‬وإليه وحده يرجع تصريف كل أمر من المور ‪ ،‬وإذا كان المر‬ ‫كذلك ‪ ،‬فاعبد ‪ -‬ربك وحده ‪ -‬وتوكل عليه ‪ ،‬ول تش أحدا سواه ‪ ،‬وما ربك‬ ‫بغافل عما تعملون جيعا ‪ -‬أيها الؤمنون والكافرون ‪ -‬وسيجازى كل با يستحقه ف‬ ‫الدنيا والخرة ‪.‬‬ ‫ح ُن نَقُصّ‬ ‫ب الْمُبِيِ (‪ِ )1‬إنّا َأنْ َزلْنَاهُ ُقرْ َآنًا َع َربِيّا َلعَ ّلكُ ْم َتعْقِلُونَ (‪ )2‬نَ ْ‬ ‫الر تِ ْلكَ َآيَاتُ اْلكِتَا ِ‬ ‫ت ِمنْ قَبْ ِل ِه لَ ِم َن الْغَافِلِيَ (‬ ‫ص بِمَا أَ ْوحَيْنَا ِإلَ ْيكَ َهذَا اْل ُقرْآَ َن وَإِنْ كُ ْن َ‬ ‫سنَ اْلقَصَ ِ‬ ‫ك أَ ْح َ‬ ‫عَلَ ْي َ‬ ‫س وَاْلقَ َمرَ َرأَيُْت ُهمْ‬ ‫شرَ َكوْكَبًا وَالشّمْ َ‬ ‫ت أَ َحدَ َع َ‬ ‫ت ِإنّي َرَأيْ ُ‬ ‫ف ِلَأبِي ِه يَا َأبَ ِ‬ ‫‪ِ )3‬إذْ قَالَ يُوسُ ُ‬ ‫لِي سَا ِجدِينَ (‪ )4‬قَالَ يَا بُنَ ّي لَا َتقْصُصْ ُر ْؤيَاكَ عَلَى ِإ ْخوَِتكَ فََيكِيدُوا لَكَ كَ ْيدًا إِنّ‬ ‫الشّيْطَا َن لِ ْلِإنْسَانِ َع ُد ّو مُبِيٌ (‪)5‬‬ ‫‪ -1‬ألف ‪ .‬لم ‪ .‬راء ‪ .‬تلك الروف وأمثالا يتكون منها كلمكم ‪ -‬أيها العرب ‪-‬‬ ‫هى الت تتكون منها آيات الكتاب العجز بكل ما فيه ‪ .‬الواضح الوضح لن يسترشد‬ ‫‪136‬‬

‫به ‪ ،‬ويستهديه ‪ .‬وف هذه الروف الصوتية تنبيه لم ‪ ،‬فيستمعوا ولو اتفقوا على عدم‬ ‫السماع ‪.‬‬ ‫‪ -2‬إنا أنزلنا على رسولنا بلغتكم ‪ -‬أيها العرب ‪ -‬كلما عربيا يُقرأ ويفظ ‪ ،‬لكى‬ ‫تفهموه وتبلغوا الناس ما فيه ‪.‬‬ ‫‪ -3‬نن نلقى عليك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬أحسن القصص بإيائنا إليك هذا الكتاب ‪ ،‬وقد‬ ‫كنت قبل تلقيه من الذين غفلوا عما فيه ‪ ،‬وعما اشتمل عليه من عظات وآيات بينات‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ -4‬من ذلك القصص ‪ -‬أيها النب ‪ -‬قصة يوسف ‪ ،‬إذ قال لبيه ‪ :‬يا أبت ‪ ،‬إن رأيت‬ ‫ف منامى أحد عشر كوكبا ‪ ،‬والشمس والقمر ‪ ،‬رأيتهم جيعا خاضعي ل ساجدين‬ ‫أمامى ‪.‬‬ ‫‪ -5‬قال أبوه ‪ :‬يا بُن ‪ ،‬ل تَحْك لخوتك هذه الرؤيا ‪ ،‬فإنا تثي ف نفوسهم السد ‪،‬‬ ‫فيغريهم الشيطان بتدبي اليل ضدك ‪ .‬يتالون للكيد لك ويكرون بك ‪ ،‬إن الشيطان‬ ‫للنسان عدو ظاهر العداوة ‪.‬‬ ‫ك ِمنْ َت ْأوِيلِ اْلَأحَادِيثِ َويُِت ّم نِعْمََتهُ عَ َل ْيكَ وَعَلَى َآلِ‬ ‫ك وَُيعَلّ ُم َ‬ ‫جتَبِيكَ َرّب َ‬ ‫وَ َكذَِلكَ يَ ْ‬ ‫ق إِنّ َرّبكَ عَلِي ٌم حَكِيمٌ (‪َ )6‬لقَدْ‬ ‫َيعْقُوبَ كَمَا َأتَ ّمهَا عَلَى َأَبوَْيكَ ِم ْن قَ ْب ُل إِْبرَاهِي َم َوإِسْحَا َ‬ ‫ت لِلسّائِ ِليَ (‪ِ )7‬إذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وََأخُو ُه َأحَبّ ِإلَى َأبِينَا مِنّا‬ ‫ف َوإِ ْخوَِتهِ َآيَا ٌ‬ ‫كَا َن فِي يُوسُ َ‬ ‫خلُ لَ ُكمْ‬ ‫حنُ عُصَْبةٌ إِ ّن َأبَانَا َلفِي ضَلَالٍ مُِبيٍ (‪ )8‬اقْتُلُوا يُوسُفَ َأوِ ا ْط َرحُو ُه أَرْضًا يَ ْ‬ ‫وَنَ ْ‬ ‫وَ ْجهُ أَبِي ُكمْ َوتَكُونُوا مِ ْن َب ْعدِ ِه َق ْومًا صَالِحِيَ (‪ )9‬قَالَ قَاِئلٌ مِ ْن ُهمْ لَا َتقْتُلُوا يُوسُفَ َوَأْلقُوهُ‬ ‫ب يَلَْتقِطْ ُه َبعْضُ السّيّا َر ِة إِنْ كُنُْت ْم فَاعِلِيَ (‪)10‬‬ ‫ج ّ‬ ‫فِي غَيَاَبةِ الْ ُ‬ ‫‪ -6‬وكما رأيت نفسك ف النام سيدا مطاعا ‪ ،‬ذا شرف وسلطان ‪ ،‬يصطفيك ربك‬ ‫ويتارك ويعلمك تفسي الرؤى ‪ ،‬وبيان ما تؤول إليه ‪ ،‬فيعظم قدرك وذكرك ‪ ،‬ويتم‬ ‫ال نعمته عليك ‪ ،‬وعلى آل يعقوب ‪ ،‬بالنبوة والرسالة كما أتها على أبويك من قبل‬ ‫أبيك يعقوب ‪ ،‬وها إبراهيم وإسحاق ‪ ،‬إن ربك كثي الكمة فل يطئ ‪ ،‬كثي العلم‬ ‫فيصطفى من عباده من يعلم أنه أهل للصطفاء ‪.‬‬ ‫‪137‬‬

‫‪ -7‬لقد كان ف قصة يوسف وإخوته دلئل وعب ‪ ،‬للسائلي عنها والراغبي ف‬ ‫معرفتها ‪.‬‬ ‫‪ -8‬إذ قال إخوة يوسف لبيه فيما بينهم ‪ :‬لَيوسف وأخوه الشقيق أحب إل أبينا منا ‪،‬‬ ‫ونن جاعة قوية هى أنفع له منهما ‪ ،‬إن أبانا بإيثاره يوسف وأخاه علينا لفى خطأ وبعد‬ ‫عن الق ‪ ،‬والصواب واضح ‪ ،‬ظاهر الوضوح ‪.‬‬ ‫‪ -9‬اقتلوا يوسف أو ألقوا به ف أرض بعيدة عن أبيه ‪ ،‬ل يصل إليها ‪ ،‬يلص لكم‬ ‫حب أبيكم وإقباله عليكم ‪ ،‬وتكونوا من بعد إبعاد يوسف عنه بالقتل أو النفى قوما‬ ‫صالي إذ يقبل ال توبتكم ‪ ،‬ويقبل أبوكم اعتذاركم ‪.‬‬ ‫‪ -10‬قال أحد التحدثي منهم ‪ :‬ل تقتلوا يوسف ‪ ،‬فإن ذلك جرم عظيم ‪ ،‬وألقوه فيما‬ ‫يغيب عن العيون من غور البئر ‪ ،‬يلتقطه بعض السائرين ف الطريق ‪ ،‬إذا ألقى دلوه ف‬ ‫البئر ‪ ،‬فيذهب به بعيدا عنكم وعن أبيه ‪ ،‬إن كنتم مصرين على إبعاده وتقيق‬ ‫غرضكم بالفعل ‪.‬‬ ‫ف وَِإنّا َل ُه لَنَاصِحُونَ (‪ )11‬أَ ْرسِلْ ُه َمعَنَا َغدًا َيرْتَعْ‬ ‫ك لَا َت ْأمَنّا عَلَى يُوسُ َ‬ ‫قَالُوا يَا أَبَانَا مَا َل َ‬ ‫ف أَ ْن َيأْكُ َلهُ ال ّذئْبُ‬ ‫ح ُزنُنِي أَ ْن َتذْهَبُوا ِبهِ وََأخَا ُ‬ ‫ب َوإِنّا َلهُ لَحَافِظُونَ (‪ )12‬قَا َل ِإنّي لَيَ ْ‬ ‫وَيَ ْلعَ ْ‬ ‫حنُ عُصَْب ٌة إِنّا ِإذًا لَخَاسِرُونَ (‪)14‬‬ ‫ب َونَ ْ‬ ‫وََأنُْتمْ عَ ْنهُ غَافِلُونَ (‪ )13‬قَالُوا لَِئنْ أَكَ َل ُه ال ّذئْ ُ‬ ‫ب َوأَ ْوحَيْنَا ِإلَ ْيهِ لَتُنَبّئَّن ُهمْ ِبَأمْ ِر ِهمْ َهذَا‬ ‫جعَلُوهُ فِي غَيَابَ ِة الْجُ ّ‬ ‫فَلَمّا ذَهَبُوا ِب ِه َوأَجْ َمعُوا أَ ْن يَ ْ‬ ‫شعُرُونَ (‪ )15‬وَجَاءُوا َأبَا ُهمْ ِعشَا ًء يَ ْبكُونَ (‪ )16‬قَالُوا يَا أَبَانَا ِإنّا َذهَبْنَا َنسْتَِبقُ‬ ‫وَ ُه ْم لَا َي ْ‬ ‫ب وَمَا َأنْتَ بِ ُم ْؤ ِمنٍ لَنَا َولَوْ كُنّا صَا ِدقِيَ (‪)17‬‬ ‫وََترَكْنَا يُوسُفَ عِ ْن َد مَتَاعِنَا َفأَكَ َل ُه ال ّذئْ ُ‬ ‫‪ -11‬قالوا بعد أن ت اتفاقهم على إبعاد يوسف ‪ :‬يا أبانا ما الذى رابك منا حت تبعد‬ ‫يوسف عنا ‪ ،‬ول تشعر بالمن إذا كان معنا؟ نن نؤكد لك أننا نبه ‪ ،‬ونشفق عليه ‪،‬‬ ‫ونريد له الي ‪ ،‬ونرشده إليه ‪ ،‬وما وجد منا غي الب وخالص النصح ‪.‬‬ ‫‪ -12‬أرسله معنا إل الراعى غدا ‪ ،‬يتمتع بالكل الطيب ‪ ،‬ويلعب ويرح وإنا‬ ‫لريصون على الحافظة عليه ‪ ،‬ودفع الذى عنه ‪.‬‬ ‫‪ -13‬قال ‪ :‬إنن لشعر بالزن إذا ذهبتم بعيدا عن ‪ . .‬وأخاف إذا أمنتكم عليه أن‬ ‫‪138‬‬

‫يأكله الذئب وأنتم ف غفلة عنه ‪.‬‬ ‫‪ -14‬قالوا ‪ :‬نقسم لك ‪ ،‬لئن أكله الذئب ‪ ،‬ونن جاعة قوية ‪ ،‬ليكونن ذلك العار‬ ‫والسار ‪ ،‬إنا إذا حدث هذا الذى تشاه ‪ ،‬لاسرون لكل ما يب الرص عليه وعدم‬ ‫التفريط فيه ‪ .‬فاطمئن فلن نتهاون ف الحافظة عليه لننا بذلك نعرّض أنفسنا للضياع‬ ‫والوان ‪.‬‬ ‫‪ -15‬فلما مضوا به بعيدا عن أبيه ‪ ،‬وأجعوا رأيهم ف إلقائه ف غور البئر ‪ ،‬أنفذوا ما‬ ‫عزموا عليه ‪ ،‬وألمناه الطمئنان والثقة بال وأنه سيخبهم بأمرهم هذا الذى َدبّروه‬ ‫وقدموا عليه ‪ ،‬وهم ل يشعرون حي تبهم أنك أخوهم يوسف الذى ائتمروا به ‪،‬‬ ‫وظنوا أنم قضوا عليه واستراحوا منه ‪.‬‬ ‫‪ -16‬ورجعوا إل أبيهم وقت العشاء ‪ ،‬يظهرون الزن ويرفعون أصواتم بالبكاء ‪.‬‬ ‫‪ -17‬قالوا ‪ :‬يا أبانا ‪ ،‬إننا مضينا نتسابق ف الرمى والرى ‪ ،‬وتركنا يوسف عند متاعنا‬ ‫ليحرسه ‪ ،‬فأكله الذئب ونن بعيدون عنه ‪ ،‬مشغولون بالتسابق دونه ‪ ،‬وما أنت‬ ‫بصدق لنا فيما نقوله لك ‪ ،‬ولو كان ما نقوله الق والصدق ‪.‬‬ ‫سكُ ْم َأ ْمرًا فَصَ ْب ٌر جَمِيلٌ وَال ّلهُ‬ ‫ت َلكُ ْم َأنْ ُف ُ‬ ‫ص ِه ِبدَمٍ َك ِذبٍ قَالَ َب ْل َسوّلَ ْ‬ ‫وَجَاءُوا عَلَى قَمِي ِ‬ ‫ت سَيّا َرةٌ َفأَ ْرسَلُوا وَا ِردَ ُهمْ َفَأ ْدلَى َدلْ َو ُه قَا َل يَا‬ ‫صفُونَ (‪َ )18‬وجَا َء ْ‬ ‫الْ ُمسْتَعَانُ عَلَى مَا تَ ِ‬ ‫ُبشْرَى َهذَا غُلَامٌ وََأ َسرّو ُه بِضَا َعةً وَاللّهُ عَلِي ٌم بِمَا َيعْمَلُونَ (‪َ )19‬و َشرَ ْو ُه بِثَ َمنٍ بَخْسٍ‬ ‫ص َر لِامْ َرَأتِهِ‬ ‫دَرَا ِه َم مَ ْعدُو َد ٍة وَكَانُوا فِي ِه ِمنَ الزّا ِهدِينَ (‪َ )20‬وقَالَ اّلذِي اشَْترَا ُه ِمنْ مِ ْ‬ ‫ض َولُِنعَلّ َمهُ‬ ‫ك مَكّنّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْ ِ‬ ‫خ َذهُ َوَلدًا وَ َك َذلِ َ‬ ‫أَ ْكرِمِي مَثْوَاهُ َعسَى أَ ْن يَ ْن َفعَنَا َأوْ نَتّ ِ‬ ‫س لَا َيعْلَمُونَ (‪ )21‬وَلَمّا‬ ‫ِمنْ َت ْأوِيلِ اْلَأحَادِيثِ وَال ّلهُ غَالِبٌ عَلَى َأ ْم ِرهِ َوَلكِ ّن أَكَْث َر النّا ِ‬ ‫حسِِنيَ (‪)22‬‬ ‫جزِي الْمُ ْ‬ ‫بَلَ َغ َأشُ ّدهُ َآتَيْنَا ُه حُكْمًا وَعِلْمًا وَ َكذَِلكَ نَ ْ‬ ‫‪ -18‬وأحضروا قميصه وعليه دم يشهد بادعائهم ‪ ،‬إذ زعموا أنه دم يوسف ليصدقهم‬ ‫أبوهم ‪ ،‬ولكنه قال ‪ :‬إن الذئب ل يأكله كما زعمتم ‪ ،‬بل قد سولت لكم أنفسكم أمرا‬ ‫عظيما فأقدمتم عليه ‪ ،‬فشأن صب جيل ل يصحبه الزع على ما أصابن منكم ‪ ،‬وال‬ ‫ وحده ‪ -‬الذى يُطْلَب منه العون على ما تزعمون وتدعون من الباطل ‪.‬‬‫‪139‬‬

‫‪ -19‬وجاءت جهة البئر جاعة كانت تسرع ف السي إل مصر ‪ ،‬فأرسلوا مَن يرد الاء‬ ‫منهم ويعود إليهم من البئر با يسقيهم ‪ ،‬فألقى دلوه فيه ورفعه منه فإذا يوسف متعلق‬ ‫به ‪ . .‬قال واردهم يعلن ابتهاجه وفرحه ‪ :‬يا للخي ويا للخب السار ‪ . .‬هذا غلم ‪. .‬‬ ‫وأخفوه ف أمتعتهم ‪ ،‬وجعلوه بضاعة تُباع ‪ ،‬وال ميط علمه با كانوا يعملون ‪.‬‬ ‫‪ -20‬وباعوه ف مصر بثمن دون قيمته ‪ ،‬كان الثمن دراهم قليلة ‪ ،‬وكانوا ف يوسف‬ ‫من الزاهدين الراغبي عنه ‪ ،‬لوفهم أن يدركهم أهله ويعرفوه بينهم وينتزعوه منهم ‪.‬‬ ‫‪ -21‬وقال الذى اشتراه من مصر لزوجته ‪ :‬أحسن معاملته وأكرميه حت تطيب له‬ ‫القامة معنا ‪ ،‬لعله ينفعنا أو نتبناه ونتخذه ولدا لنا ‪ ،‬وكما كانت هذه الكانة عظيمة‬ ‫وهذه القامة كرية جعلنا ليوسف ف أرض مصر مكانة أخرى كبى ‪ ،‬ليتصرف فيها‬ ‫بالعدل وحسن التدبي ‪ ،‬لنعلمه تفسي الحاديث والرؤى فيعرف منها ما سيقع قبل أن‬ ‫يقع ويستعد له ‪ ،‬وال قوى قادر على تنفيذ كل أمر يريده ‪ ،‬ل يُعجزه شئ عن شئ ‪،‬‬ ‫ولكن أكثر الناس ل يعلمون خفايا حكمته ولطف تدبيه ‪.‬‬ ‫‪ -22‬ولا بلغ يوسف أقصى قوته أعطيناه حكما صائبا ‪ ،‬وعلما نافعا ‪ ،‬ومثل هذا‬ ‫الزاء الذى أعطيناه إياه على إحسانه ‪ ،‬نزى الحسني على إحسانم ‪.‬‬ ‫ك قَا َل مَعَاذَ ال ّلهِ‬ ‫ت َل َ‬ ‫ت الَْأْبوَابَ َوقَالَتْ هَيْ َ‬ ‫وَرَا َو َدتْ ُه الّتِي ُهوَ فِي بَيِْتهَا َع ْن َن ْفسِ ِه وَغَ ّلقَ ِ‬ ‫ت بِ ِه َوهَ ّم ِبهَا َل ْولَا أَنْ َرأَى‬ ‫ح الظّالِمُونَ (‪ )23‬وََل َقدْ هَمّ ْ‬ ‫ي ِإّنهُ لَا يُفْلِ ُ‬ ‫ِإنّهُ َربّي َأ ْحسَ َن مَ ْثوَا َ‬ ‫حشَا َء إِّن ُه ِمنْ عِبَادِنَا الْ ُمخْلَصِيَ (‪)24‬‬ ‫صرِفَ عَ ْنهُ السّو َء وَاْلفَ ْ‬ ‫ُبرْهَانَ َرّبهِ َك َذِلكَ لِنَ ْ‬ ‫ب قَالَتْ مَا َجزَا ُء َم ْن أَرَادَ‬ ‫صهُ ِم ْن ُدبُ ٍر َوأَْلفَيَا سَّي َدهَا َلدَى الْبَا ِ‬ ‫ب َوقَ ّدتْ قَمِي َ‬ ‫وَاسْتََبقَا الْبَا َ‬ ‫ب َألِيمٌ (‪ )25‬قَالَ ِهيَ رَا َو َدتْنِي َع ْن َن ْفسِي وَ َش ِهدَ‬ ‫جنَ َأوْ َعذَا ٌ‬ ‫ِبأَهْ ِلكَ سُوءًا إِلّا أَنْ ُيسْ َ‬ ‫ت وَ ُه َو ِمنَ الْكَا ِذبِيَ (‪ )26‬وَإِنْ كَانَ‬ ‫ص َدقَ ْ‬ ‫صهُ قُ ّد ِمنْ قُُبلٍ فَ َ‬ ‫شَا ِهدٌ ِم ْن أَهْ ِلهَا إِنْ كَانَ قَمِي ُ‬ ‫ت َوهُ َو ِمنَ الصّادِقِيَ (‪)27‬‬ ‫ص ُه ُقدّ ِم ْن ُدبُ ٍر َفكَ َذبَ ْ‬ ‫قَمِي ُ‬ ‫‪ -23‬وأرادت الت هى كان هو يعيش ف بيتها ‪ ،‬ويشعر بسلطانا ‪ ،‬أن تغريه بنفسها ‪،‬‬ ‫لتصرفه عن نفسه الطاهرة إل مواقعتها ‪ ،‬فأخذت تذهب وتئ أمامه ‪ ،‬وتعرض عليه‬ ‫ماسنها ومفاتنها ‪ ،‬وأوصدت البواب الكثية ‪ ،‬وأحكمت إغلقها ‪ ،‬وقالت ‪ :‬أقبل‬ ‫‪140‬‬

‫علّى فقد هيأت لك نفسى ‪ ،‬قال ‪ :‬إن ألأ إل ال ليحمين من الشر ‪ ،‬وكيف أرتكبه‬ ‫معك وزوجك العزيز سيدى الذى أحسن مقامى؟ إنه ل يفوز الذين يظلمون الناس‬ ‫بالغدر واليانة فيوقعون أنفسهم ف معصية الزن ‪.‬‬ ‫‪ -24‬ولقد عزمت أن تالطه ونازعته نفسه إليها ‪ ،‬لول أن رأى نور ال الق نُصْبَ‬ ‫عينيه قد استضاء به ‪ ،‬ول يطاوع ميل النفس ‪ ،‬وارتفع عن الوى ‪ ،‬فامتنع عن العصية‬ ‫واليانة وثبت على طهره وعفته ‪ .‬وهكذا ثبتنا يوسف على الطهر والعفاف لنصرف‬ ‫عنه سوء اليانة ومعصية الزن ‪ ،‬إنه من عباد ال الذين أخلصوا دينهم ل ‪.‬‬ ‫‪ -25‬وأسرع يوسف إل الباب يريد الروج منه ‪ ،‬فأسرعت تاول أن تسبقه إليه ‪،‬‬ ‫لتحول دون خروجه ‪ ،‬وجذبت قميصه من خلفه تنعه ‪ ،‬وقطعته ‪ . .‬ووجدا عند الباب‬ ‫زوجها ‪ ،‬قالت تثيه عليه ‪ :‬ل جزاء لن أراد بزوجك ما يسوؤك إل السجن يوضع فيه‬ ‫‪ ،‬أو عذاب مؤل يقع عليه ‪.‬‬ ‫‪ -26‬قال يوسف يدافع عن نفسه ‪ :‬هى طلبتن ‪ ،‬وحاولت أن تدعن عن نفسى ‪،‬‬ ‫وتاصما ف التام ‪ ،‬فحكم حكَم من أهلها فقال ‪ :‬إن كان قميصه شق من أمام ‪ ،‬فقد‬ ‫صدقت ف ادعائها ‪ ،‬وهو من الكاذبي فيما أخب به ‪.‬‬ ‫‪ -27‬وإن كان قميصه شق من خلف ‪ ،‬فقد كذبت ف قولا ‪ ،‬وهو من الصادقي فيما‬ ‫قال ‪.‬‬ ‫صهُ ُق ّد ِمنْ ُدُب ٍر قَا َل ِإنّ ُه ِمنْ َك ْيدِ ُكنّ إِنّ كَ ْيدَ ُكنّ َعظِيمٌ (‪ )28‬يُوسُفُ‬ ‫فَلَمّا َرأَى َقمِي َ‬ ‫ت ِمنَ الْخَاطِِئيَ (‪َ )29‬وقَا َل ِنسْ َو ٌة فِي‬ ‫أَ ْعرِضْ َع ْن َهذَا وَاسَْت ْغفِرِي ِلذَنِْبكِ إِّنكِ كُنْ ِ‬ ‫الْ َمدِيَنةِ ا ْم َرَأةُ اْل َعزِيزِ تُرَاوِ ُد فَتَاهَا َع ْن َن ْفسِ ِه َقدْ َش َغ َفهَا حُبّا ِإنّا لََنرَاهَا فِي ضَلَا ٍل مُبِيٍ (‬ ‫ت َلهُ ّن مُّتكًَأ وَ َآتَتْ ُك ّل وَا ِح َدةٍ مِ ْن ُهنّ‬ ‫ت ِإلَ ْيهِ ّن َوأَعَْتدَ ْ‬ ‫‪ )30‬فَلَمّا سَ ِمعَتْ بِ َم ْك ِر ِهنّ أَ ْرسَلَ ْ‬ ‫ش لِ ّلهِ مَا َهذَا‬ ‫سِكّينًا وَقَالَتِ ا ْخرُجْ عَلَ ْي ِه ّن فَلَمّا َرَأيَْنهُ أَكَْب ْرَنهُ َوقَ ّط ْعنَ َأْيدَِي ُهنّ َوقُ ْل َن حَا َ‬ ‫ت َف َذلِ ُكنّ اّلذِي لُمْتُنّنِي فِي ِه َولَ َقدْ رَاوَ ْدُتهُ َعنْ‬ ‫َبشَرًا إِ ْن هَذَا إِلّا مَلَكٌ َكرِيٌ (‪ )31‬قَالَ ْ‬ ‫صمَ َولَِئنْ َل ْم َيفْ َعلْ مَا َآ ُم ُر ُه لَُيسْجََن ّن وَلََيكُوَن ْن ِمنَ الصّا ِغرِينَ (‪)32‬‬ ‫س ِه فَاسَْتعْ َ‬ ‫َنفْ ِ‬

‫‪141‬‬

‫‪ -28‬فلما رأى الزوج قميص يوسف ُق ّد مِن خلف ‪ ،‬قال لزوجته ‪ :‬إن اتامك له با‬ ‫وقعت أنت فيه مع براءته هو من كيدكن ‪ -‬معشر النسوة ‪ -‬إن مكركن عظيم ‪.‬‬ ‫‪ -29‬يا يوسف أعرض عن هذا المر ‪ ،‬واكتمه ول تذكره ‪ ،‬واستغفرى أنت لذنبك ‪،‬‬ ‫ت من الثي الذين تعمدوا الوقوع ف الطأ وارتكاب الث ‪ ،‬واتموا غيهم‬ ‫إنك كن ِ‬ ‫با أثوا هم به ‪.‬‬ ‫‪ -30‬وانتهى الب إل جاعة من النساء ف الدينة ‪ ،‬فتحدثن وقلن ‪ :‬إن امرأة العزيز‬ ‫تغرى خادمها وتدعه عن نفسه ليطيعها فيما تريده منه ‪ ،‬قد خالط حبّه شغاف قلبها‬ ‫حت وصل إل صميمه ‪ ،‬إنا نعتقد أنا بسلكها معه ف ضلل واضح وخطأ بيّن ‪.‬‬ ‫‪ -31‬فلما سعت باغتيابن وسوء كلمهن فيها ‪ ،‬دعتهن إل بيتها ‪ ،‬وأعدت لن ما‬ ‫يتكئن عليه من الوسائد والنمارق ‪ ،‬وأعطت كل واحدة منهن سكينا ‪ ،‬بعد أن حضرن‬ ‫وجلسن متكئات ‪ ،‬و ُقدّم لن الطعام ليأكلن بالسكاكي ما تناله منه أيديهن ‪ .‬وقالت‬ ‫ليوسف ‪ :‬اخرج عليهن ‪ ،‬فلما ظهر ورأينه أعظمنه وأخذهن حسنُه الرائع وجاله‬ ‫البارع ‪ ،‬فجرحن أيديهن من فرط الدهشة والذهول ‪ ،‬وهن يأكل ْن طعامهن ‪ ،‬قلن‬ ‫متعجبات مندهشات ‪ :‬تنيها ل ‪ ،‬ما هذا الذى نراه بشرا؛ لن البشر ل يكون على‬ ‫هذا السن والمال والصفاء والنقاء ‪ ،‬ما هذا إل ملك كثي الحاسن طيب الشمائل ‪،‬‬ ‫سخى الصفات ‪.‬‬ ‫‪ -32‬قالت امرأة العزيز تُعقّب على كلمهن ‪ :‬فذلك الفت الذى بركن حسنه ‪،‬‬ ‫وأذهلكن عن أنفسكن حت حصل ما حصل ‪ ،‬هو الذى لُمْتُنّن ف شأنه ‪ ،‬ولقد طلبته‬ ‫وحاولت إغراءه ليستجيب ل فامتنع وتأب ‪ ،‬كأنه ف عصمة كان يستزيد منها ‪،‬‬ ‫وأٌقسم إن ل يفعل ما آمره به ليعاقب بالسجن وليكوَن ّن من الذلء الهيني ‪.‬‬ ‫ب ِإلَ ْيهِنّ‬ ‫صرِفْ عَنّي َك ْيدَ ُه ّن أَصْ ُ‬ ‫ج ُن َأحَبّ ِإَليّ مِمّا َيدْعُونَنِي إِلَ ْي ِه َوإِلّا تَ ْ‬ ‫قَالَ َربّ السّ ْ‬ ‫صرَفَ عَ ْنهُ كَ ْي َد ُهنّ ِإّنهُ ُهوَ السّمِي ُع الْعَلِيمُ‬ ‫ب َلهُ َرّب ُه فَ َ‬ ‫وَأَ ُك ْن ِمنَ الْجَاهِلِيَ (‪ )33‬فَاسْتَجَا َ‬ ‫جنَ‬ ‫جنُّنهُ حَتّى حِيٍ (‪َ )35‬ودَ َخلَ َم َعهُ السّ ْ‬ ‫(‪ُ )34‬ثمّ َبدَا َل ُهمْ ِم ْن َبعْ ِد مَا َرأَوُا اْل َآيَاتِ لََيسْ ُ‬ ‫ص ُر خَ ْمرًا َوقَالَ اْل َآخَ ُر ِإنّي أَرَانِي أَحْ ِم ُل َفوْقَ َرْأسِي‬ ‫فَتَيَانِ قَالَ أَ َحدُهُمَا ِإنّي أَرَانِي أَعْ ِ‬ ‫‪142‬‬

‫حسِِنيَ (‪ )36‬قَا َل لَا َي ْأتِيكُمَا َطعَامٌ‬ ‫خُ ْبزًا َتأْ ُكلُ الطّ ْيرُ مِنْ ُه نَبّئْنَا بَِتأْوِي ِلهِ ِإنّا َنرَا َك ِمنَ الْمُ ْ‬ ‫ت مِ ّلةَ قَوْ ٍم لَا‬ ‫ُترْ َزقَاِنهِ ِإلّا نَّب ْأتُكُمَا بَِتأْوِي ِلهِ قَ ْب َل أَ ْن َيأْتَِيكُمَا َذلِكُمَا مِمّا عَلّمَنِي َربّي ِإنّي َترَكْ ُ‬ ‫يُ ْؤمِنُونَ بِال ّلهِ َو ُهمْ بِالْ َآ ِخ َرةِ ُهمْ كَافِرُونَ (‪)37‬‬ ‫‪ -33‬قال يوسف ‪ -‬وقد سع منها التهديد والوعيد ‪ ،‬وسع منهن النصح بطاوعتها ‪-‬‬ ‫يا رب ‪ :‬السجن أحب إل نفسى ما يطلبنه من لن ف هذا معصيتك ‪ ،‬وإن ل توّل‬ ‫عن شر مكرهن وكيدهن أمِل إليهن ‪ ،‬وأكن من السفهاء الطائشي ‪.‬‬ ‫‪ -34‬فاستجاب ال له ‪ ،‬فصرف عنه شر مكرهن ‪ ،‬إنه هو ‪ -‬وحده ‪ -‬السميع‬ ‫لدعوات اللتجئي إليه ‪ ،‬العليم بأحوالم وبا يصلحهم ‪.‬‬ ‫‪ -35‬ث ظهر رأى للعزيز وأهله ‪ ،‬من بعد ما رأوا الدلئل الواضحة على براءة يوسف‬ ‫فأجعوا على هذا الرأى ‪ ،‬وأقسموا على تنفيذه ‪ ،‬وهو أن يدخلوه السجن إل زمن‬ ‫يقصر أو يطول ‪ ،‬لكى يدفع مقالة السوء عن امرأته ويُبْعدها عن الغواية ‪.‬‬ ‫‪ -36‬ودخل السجن مع يوسف فتيان من خدام اللك ‪ ،‬قال له أحدها ‪ :‬لقد رأيت ف‬ ‫منامى أن أعصر عنبا ليكون خرا ‪ ،‬وقال له الخر ‪ :‬لقد رأيت أن أحل فوق رأسى‬ ‫خبزا تأكل منه الطي ‪ ،‬خبّرنا يا يوسف بتفسي هذا الذى رأيناه ومآل أمرنا على هداه‬ ‫‪ .‬إنا نعتقد أنك من الذين يتصفون بالحسان وإجادة تفسي الرؤى ‪.‬‬ ‫‪ -37‬قال لما ‪ -‬يؤكد ما علماه عنه ‪ -‬ل يأتيكما طعام يُساق إليكما رزقا مقدرا‬ ‫لكما إل أخبتكما بآله إليكما قبل أن يأتيكما ‪ ،‬وذكرت لكما صنعته وكيفيته ‪،‬‬ ‫ل ‪ .‬لن أخلصت له‬ ‫ذلكما التأويل للرؤيا والخبار بالغيبات ما علمن رب وأوحى به إ ّ‬ ‫عبادتى ‪ ،‬ورفضت أن أشرك به شيئا ‪ ،‬وابتعدت عن دين قوم ل يصدقون بال ‪ ،‬ول‬ ‫يؤمنون به على وجه صحيح ‪ ،‬وهم بالخرة وحسابا منكرون كافرون ‪.‬‬ ‫شرِ َك بِال ّل ِه ِمنْ َشيْ ٍء َذلِكَ‬ ‫ق وََي ْعقُوبَ مَا كَا َن لَنَا أَ ْن ُن ْ‬ ‫ت مِ ّلةَ َآبَائِي ِإْبرَاهِيمَ َوِإسْحَا َ‬ ‫وَاتَّبعْ ُ‬ ‫س َولَ ِك ّن أَكَْثرَ النّاسِ لَا َيشْ ُكرُونَ (‪ )38‬يَا صَاحِبَيِ‬ ‫ض ِل اللّهِ عَ َليْنَا وَعَلَى النّا ِ‬ ‫ِمنْ فَ ْ‬ ‫ج ِن َأأَ ْربَابٌ مُتَ َف ّرقُونَ خَ ْي ٌر أَ ِم اللّ ُه الْوَاحِ ُد الْ َقهّارُ (‪ )39‬مَا تَعُْبدُونَ مِ ْن دُونِ ِه ِإلّا‬ ‫السّ ْ‬ ‫ح ْكمُ ِإلّا لِ ّل ِه َأمَ َر َألّا‬ ‫أَسْمَا ًء سَمّيُْتمُوهَا أَنُْت ْم وَ َآبَاؤُ ُك ْم مَا َأْنزَ َل اللّ ُه ِبهَا ِمنْ سُلْطَا ٍن إِ ِن الْ ُ‬ ‫‪143‬‬

‫جنِ‬ ‫س لَا َيعْلَمُونَ (‪ )40‬يَا صَاحِبَ ِي السّ ْ‬ ‫َتعْبُدُوا ِإلّا ِإيّاهُ َذِلكَ الدّي ُن الْقَّيمُ وََل ِكنّ أَكَْث َر النّا ِ‬ ‫ب فََتأْ ُكلُ الطّ ْي ُر ِمنْ َرأْ ِسهِ قُضِ َي الَْأ ْمرُ‬ ‫سقِي َرّبهُ خَ ْمرًا وََأمّا اْلآَ َخ ُر فَيُصْلَ ُ‬ ‫َأمّا أَ َحدُكُمَا فََي ْ‬ ‫ج مِ ْنهُمَا اذْ ُك ْرنِي عِ ْندَ َرّبكَ َفَأْنسَاهُ‬ ‫الّذِي فِيهِ َتسَْتفْتِيَانِ (‪َ )41‬وقَالَ لِ ّلذِي َظ ّن َأنّ ُه نَا ٍ‬ ‫ض َع سِنِيَ (‪)42‬‬ ‫جنِ بِ ْ‬ ‫ث فِي السّ ْ‬ ‫الشّيْطَا ُن ذِ ْكرَ َرّبهِ فَلَِب َ‬ ‫‪ -38‬إن تركت ملة هؤلء الكافرين ‪ ،‬واتبعت دين آبائى إبراهيم وإسحاق ويعقوب ‪،‬‬ ‫فعبدت ال ‪ -‬وحده ‪ -‬فما صح لنا أن نعل ل أى شريك من أى شئ كان ‪ ،‬من مَلَك‬ ‫أو جن أو إنسى ‪ ،‬فضل عن الصنام الت ل تنفع ول تضر ول تسمع ول تبصر ‪،‬‬ ‫ذلك التوحيد ما تفضل به ال علينا وعلى الناس ‪ ،‬إذ أُمرنا بتبليغه إليهم ‪ ،‬ولكن أكثر‬ ‫الناس ل يتلقون هذا الفضل بالشكر بل بالكفر ‪.‬‬ ‫‪ -39‬يا صاحب ف السجن ‪ :‬أأرباب شت كثية يضع الرء لكل واحد منها خي ‪ ،‬أم‬ ‫ال الواحد الذى ل يغالب؟ ‪.‬‬ ‫‪ -40‬ما تعبدون من غي ال إل أساء أطلقتموها أنتم وآباؤكم على أوهام ل وجود لا‬ ‫‪ ،‬ما أنزل ال بتسميتها آلة من حُجة وبرهان ‪ ،‬ما الكم ف أمر العبادة وفيما يصح أن‬ ‫يعبد وما ل تصح عبادته ‪ ،‬إل ل أمر أل تضعوا لغيه وأن تعبدوه ‪ -‬وحده ‪ -‬ذلك‬ ‫الدين السليم القوي الذى تدى إليه الدلة والباهي ‪ ،‬ولكن أكثر الناس ل‬ ‫يسترشدون بذه الدلة ‪ ،‬ول يعلمون ما هم عليه من جهل وضلل ‪.‬‬ ‫‪ -41‬يا صاحب ف السجن ‪ ،‬إليكما تفسي مناميكما ‪ :‬أمّا أحدكما الذى عصر العنب‬ ‫ف رؤياه فيخرج من السجن ويكون ساقى المر للملك ‪ ،‬وأما الثان فيُصلَب ويُترك‬ ‫مصلوبا فتقع عليه الطي وتأكل من رأسه ‪ ،‬ت المر على الوجه الذى بينته فيما تطلبان‬ ‫فيه تأويل الرؤيا ‪.‬‬ ‫‪ -42‬وقال للذى توقع النجاة منهما ‪ :‬اذكرن عند اللك ‪ -‬بصفت وقصت ‪ -‬عساه‬ ‫ينصفن وينقذن ما أعانيه ‪ ،‬فشغله الشيطان وأنساه أن يذكر للملك قصة يوسف ‪،‬‬ ‫فمكث يوسف ف السجن سني ل تقل عن ثلث ‪.‬‬

‫‪144‬‬

‫ضرٍ‬ ‫ت سِمَانٍ يَأْكُ ُل ُه ّن سَبْعٌ ِعجَافٌ وَسَبْ َع سُنْبُلَاتٍ خُ ْ‬ ‫ك إِنّي أَرَى سَبْ َع َب َقرَا ٍ‬ ‫َوقَالَ الْمَ ِل ُ‬ ‫ي إِنْ كُنُْت ْم لِلرّ ْؤيَا َتعُْبرُونَ (‪ )43‬قَالُوا‬ ‫وَُأ َخرَ يَاِبسَاتٍ يَا َأيّهَا الْمَ َلُأ َأفْتُونِي فِي ُر ْؤيَا َ‬ ‫ح ُن بَِتأْوِيلِ اْلأَحْلَا ِم ِبعَالِ ِميَ (‪َ )44‬وقَا َل الّذِي نَجَا مِ ْنهُمَا وَادّ َكرَ‬ ‫ث أَحْلَا ٍم َومَا نَ ْ‬ ‫ضغَا ُ‬ ‫أَ ْ‬ ‫صدّي ُق َأفْتِنَا فِي سَبْ ِع َبقَرَاتٍ‬ ‫َبعْ َد ُأمّ ٍة َأنَا ُأنَبّئُ ُك ْم بَِتأْوِي ِلهِ َفأَ ْرسِلُونِ (‪ )45‬يُوسُفُ أَّيهَا ال ّ‬ ‫ضرٍ وَُأ َخرَ يَابِسَاتٍ َلعَلّي أَ ْرجِ ُع ِإلَى النّاسِ‬ ‫ف َوسَبْ ِع سُنْبُلَاتٍ خُ ْ‬ ‫سِمَانٍ َيأْكُ ُل ُه ّن سَبْعٌ عِجَا ٌ‬ ‫ص ْدتُ ْم َفذَرُوهُ فِي سُنْبُلِ ِه ِإلّا‬ ‫ي َدأَبًا فَمَا حَ َ‬ ‫َلعَلّ ُه ْم يَعْلَمُونَ (‪ )46‬قَا َل َتزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِ َ‬ ‫قَلِيلًا مِمّا َتأْكُلُونَ (‪ُ )47‬ثمّ َي ْأتِي ِمنْ َب ْعدِ َذِلكَ سَبْ ٌع ِشدَا ٌد َيأْكُ ْلنَ مَا َقدّمُْت ْم َلهُ ّن ِإلّا قَلِيلًا‬ ‫مِمّا ُتحْصِنُونَ (‪)48‬‬ ‫‪ -43‬وقال اللك ‪ :‬إن رأيت ف منامى سبع بقرات سان يأكلهن سبع عجاف‬ ‫ضعاف ‪ ،‬ورأيت سبع سنبلت خضر ‪ ،‬وسبع سنبلت أخر يابسات ‪ . .‬يا أيها الكباء‬ ‫من العلماء والكماء أفتون ف رؤياى هذه إن كنتم تعرفون تفسي الرؤى وتفتون فيها‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ -44‬قالوا ‪ :‬هذه أخلط أحلم باطلة ‪ ،‬ووساوس تجس ف النفس ‪ ،‬وما نن بتفسي‬ ‫الحلم الباطلة بعالي ‪.‬‬ ‫‪ -45‬وقال الذى نا من صاحب يوسف ف السجن ‪ ،‬وتذكّر بعد مضى مدة طويلة‬ ‫وصية يوسف ‪ ،‬أنا أخبكم بتأويل الديث الذى ذكره اللك ‪ ،‬فأرسلون إل من عنده‬ ‫علم بتأويله آتكم بنبئه ‪.‬‬ ‫‪ -46‬مضى الساقى إل يوسف حت جاءه فناداه ‪ :‬يوسف ‪ -‬أيها الريص على‬ ‫الصدق ‪ -‬أفتنا ف رؤيا سبع بقرات سان يأكلهن سبع ضعاف ‪ ،‬وف رؤيا سبع‬ ‫سنبلت خضر وأخر يابسات ‪ .‬أرجو أن أرجع إل الناس بفتواك عساهم يعلمون‬ ‫معناها ‪ ،‬ويعرفون لك علمك وفضلك ‪.‬‬ ‫‪ -47‬قال يوسف ‪ :‬تفسي هذه الرؤيا أنكم تزرعون الرض قمحا وشعيا سبع سني‬ ‫متواليات دائبي على العمل ف الزراعة ‪ ،‬فما تصدونه احفظوه فاتركوه ف سنبله ‪ ،‬إل‬ ‫قليل ما تأكلونه ف هذه السني ‪ ،‬مع الرص على القتصاد ‪.‬‬ ‫‪145‬‬

‫‪ -48‬ث يأتى بعد هذه السني الخصبة سبع سني مدبة ‪ ،‬تأكل ما ادخرت لا ‪ ،‬إل‬ ‫قليل ما تبئونه وتفظونه ‪ ،‬ليكون بذرا لا تزرعونه بعد ذلك ‪.‬‬ ‫صرُونَ (‪َ )49‬وقَا َل الْمَ ِلكُ ائْتُونِي ِبهِ‬ ‫س َوفِيهِ َيعْ ِ‬ ‫ث النّا ُ‬ ‫ُثمّ َي ْأتِي ِمنْ َب ْعدِ َذِلكَ عَا ٌم فِيهِ ُيغَا ُ‬ ‫س َوةِ اللّاتِي قَ ّطعْ َن َأْيدَِي ُهنّ إِنّ‬ ‫فَلَمّا جَا َء ُه الرّسُو ُل قَالَ ا ْرجِ ْع ِإلَى َرّبكَ فَاسَْأْلهُ مَا بَالُ الّن ْ‬ ‫سهِ قُ ْل َن حَاشَ لِ ّل ِه مَا‬ ‫َربّي ِبكَ ْيدِ ِهنّ عَلِيمٌ (‪ )50‬قَا َل مَا خَطُْب ُكنّ ِإذْ رَاوَ ْدُتنّ يُوسُفَ َعنْ َن ْف ِ‬ ‫ح ّق َأنَا رَا َودُْتهُ َع ْن َن ْفسِ ِه َوإِّنهُ‬ ‫ص الْ َ‬ ‫ت ا ْمرََأ ُة الْ َعزِي ِز اْلآَنَ حَصْحَ َ‬ ‫عَلِ ْمنَا عَلَ ْيهِ مِ ْن سُو ٍء قَالَ ِ‬ ‫ب َوأَنّ ال ّلهَ لَا َي ْهدِي كَ ْي َد الْخَائِنِيَ (‬ ‫لَ ِمنَ الصّا ِدقِيَ (‪َ )51‬ذِلكَ لَِيعْ َلمَ َأنّي َل ْم أَخُ ْن ُه بِاْلغَيْ ِ‬ ‫س َلأَمّا َر ٌة بِالسّوءِ إِلّا مَا َر ِحمَ َربّي إِنّ َربّي َغفُورٌ َرحِيمٌ (‬ ‫ئ َنفْسِي إِنّ الّنفْ َ‬ ‫‪ )52‬وَمَا ُأبَرّ ُ‬ ‫‪)53‬‬ ‫‪ -49‬ث يأتى بعد هذه السني الجدبة عام يغاث فيه الناس بالطر ‪ ،‬ويعصرون فيه‬ ‫العنب والزيتون وكل ما يعصر ‪.‬‬ ‫‪ -50‬تنبه اللك إل يوسف بسبب تعبيه لرؤياه ‪ ،‬وعزم على استدعائه فأمر أعوانه أن‬ ‫خفّه الب ‪ ،‬رغم ما يمل من بشرى‬ ‫يضروه ‪ ،‬فلما أتاه من يبلغه رغبة اللك ل يست ِ‬ ‫الفرج ول تزعزع حلمه لفة السجي على اللص من ضيق السجن ووحشته ‪ ،‬وآثر‬ ‫التمهل حت تظهر براءته ‪ ،‬على التعجل بالروج وآثار التهمة عالقة بأردافه ‪ ،‬فقال‬ ‫للرسول ‪ُ :‬ع ْد إل سيدك واطلب منه أن يعود إل تقيق تمت ‪ ،‬فيسأل النسوة اللواتى‬ ‫جعتهن امرأة العزيز كيدا ل ‪ ،‬فغلبهن الدهش وقطعن أيديهن ‪ :‬هل خرجن من التجربة‬ ‫معتقدات براءتى وطهرى ‪ ،‬أو دنسى وعهرى؟ إن أطلب ذلك كشفا للحقيقة ف‬ ‫عيون الناس ‪ ،‬أما رب فإنه راسخ العلم باحتيالن ‪.‬‬ ‫‪ -51‬فاستحضر اللك النسوة وسألن ‪ :‬ماذا كان حالكن حي حاولت خداع يوسف‬ ‫ليغفل عن عصمته وطهارة نفسه؟ هل وجدتن منه ميل إليكن؟ فأجبنه ‪ :‬تنه ال عن أن‬ ‫يكون نسى عبده حت تلوث طهره ‪ ،‬فما لسنا فيه شيئا يشي ‪ .‬وحينئذٍ قويت نزعة‬ ‫الي ف نفس امرأة العزيز ‪ ،‬فاندفعت تقول ‪ :‬الن وضح الق وظهر ‪ .‬أنا الت خاتَلْته‬ ‫وحاولت فتنته عن نفسه بالغراء فاستمسك بعصمته ‪ ،‬وأؤكد أنه من أهل الصدق‬ ‫‪146‬‬

‫والق حي رد التهمة عل ّى ونسبها إلّ ‪.‬‬ ‫‪ -52‬هذا اعتراف من بالق ُأ َقدّمه ‪ ،‬ليستيقن يوسف أن ل أستغل غيبته ف السجن ‪،‬‬ ‫وأتادى ف اليانة ‪ ،‬وأعول على تثبيت اتامه ‪ ،‬ولن ال ل ينجح تدبي الائني ‪.‬‬ ‫‪ -53‬وما أدّعى عَصمةَ نفسى من الزلل ‪ ،‬فإن النفس تيل بطبعها إل الشهوات وتزيي‬ ‫السوء والشر ‪ ،‬إل نفس من حفظه ال وصرفه عن السوء ‪ .‬وإن لطمع ف رحة ال‬ ‫وغفرانه ‪ ،‬لنه واسع الغفران لذنوب التائبي ‪ ،‬قريب ل ينجح تدبي الائني ‪.‬‬ ‫ي َأمِيٌ (‬ ‫ك الْيَوْ َم َل َديْنَا َمكِ ٌ‬ ‫ص ُه لَِن ْفسِي فَلَمّا كَلّ َم ُه قَا َل ِإنّ َ‬ ‫َوقَالَ الْمَ ِلكُ ائْتُونِي ِبهِ َأسْتَخْلِ ْ‬ ‫ف فِي‬ ‫ك َمكّنّا لِيُوسُ َ‬ ‫ض ِإنّي َحفِيظٌ عَلِيمٌ (‪ )55‬وَ َك َذلِ َ‬ ‫‪ )54‬قَالَ ا ْجعَلْنِي عَلَى َخزَاِئ ِن الْأَرْ ِ‬ ‫حسِِنيَ (‪)56‬‬ ‫ب ِب َرحْمَتِنَا مَ ْن َنشَا ُء وَلَا نُضِي ُع َأجْ َر الْمُ ْ‬ ‫ض يَتََب ّوأُ مِ ْنهَا حَيْثُ َيشَا ُء نُصِي ُ‬ ‫الْأَرْ ِ‬ ‫وََلَأجْ ُر الْ َآ ِخ َرةِ خَ ْي ٌر لِ ّلذِينَ َآمَنُوا وَكَانُوا يَّتقُونَ (‪ )57‬وَجَا َء ِإخْ َو ُة يُوسُفَ فَ َدخَلُوا عَلَ ْيهِ‬ ‫َفعَ َر َف ُهمْ َوهُ ْم َلهُ مُ ْن ِكرُونَ (‪)58‬‬ ‫‪ -54‬فلما ظهرت براءة يوسف عند اللك ‪ ،‬صمم على استدعائه ‪ ،‬وكلف رجاله أن‬ ‫يضروه ليجعله من خاصته وخلصائه ‪ ،‬فلما حضر إليه وجرى بينهما الديث ‪ ،‬تلى‬ ‫له من يوسف ما تلى من طهارة النفس وثقوب الرأى فقال له ‪ :‬إن لك ف نفسى‬ ‫لقاما كريا ثابتا وأنت المي الوثوق به ‪.‬‬ ‫‪ -55‬وعلم اللك منه حسن التدبي وكفاءته لا يقوم به ‪ ،‬وأحسّ يوسف بذلك ‪،‬‬ ‫وحينئذ طلب منه أن يستوزره قائل له ‪ :‬وَلّن على خزائن ملكك ومستودعات غلت‬ ‫أرضك ‪ ،‬لن كما تأكد لديك ضابط لمور الملكة ‪ ،‬حافظ لا ‪ ،‬خبي بالتدبي‬ ‫وتصريف المور ‪.‬‬ ‫‪ -56‬وقبل اللك عرضه ‪ ،‬فاستوزره ‪ ،‬وبذلك أنعم ال على يوسف نعمة جليلة ‪،‬‬ ‫فجعل له سلطانا وقدرة ف أرض مصر ‪ ،‬ينل منها بأى مكان يريد ‪ .‬وهذا شأن ال ف‬ ‫عباده ‪ ،‬يهب نعمته لن يتاره منهم ‪ ،‬ول يهدر ثوابم وإنا يؤتيهم أجورهم على‬ ‫الحسان بالحسان ف الدنيا ‪.‬‬ ‫‪ -57‬وأن ثوابه ف الخرة لفضل وأوف لن صدقوا به وبرسله ‪ ،‬وكانوا يراقبونه‬ ‫‪147‬‬

‫ويافون يوم الساب ‪.‬‬ ‫‪ -58‬واشتد القحط با حول مصر ‪ ،‬ونزل بآل يعقوب ما نزل بغيهم من الشدة ‪،‬‬ ‫وقصد الناس مصر من كل مكان ‪ ،‬بعد ما علموا من تدبي يوسف للمؤن ‪ ،‬واستعداده‬ ‫لسنوات الدب ‪ .‬فبعث يعقوب إليها أبناءه طلبا للطعام ‪ ،‬واحتجز معه ابنه شقيق‬ ‫يوسف خوفا عليه ‪ ،‬فلما بلغ أبناؤه مصر توجهوا من فورهم إل يوسف ‪ ،‬فعرفهم دون‬ ‫أن يعرفوه ‪.‬‬ ‫خ َل ُكمْ ِم ْن أَبِي ُكمْ َألَا َت َروْ َن أَنّي أُوفِي الْكَ ْي َل َوأَنَا‬ ‫جهَا ِز ِهمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَ ٍ‬ ‫وَلَمّا َج ّهزَ ُهمْ بِ َ‬ ‫خَ ْيرُ الْمُ ْن ِزلِيَ (‪َ )59‬فإِنْ َل ْم َتأْتُونِي بِ ِه فَلَا كَ ْي َل لَ ُكمْ عِ ْندِي وَلَا َتقْ َربُونِ (‪ )60‬قَالُوا‬ ‫سَُنرَا ِودُ َع ْنهُ َأبَاهُ َوِإنّا َلفَاعِلُونَ (‪َ )61‬وقَا َل ِلفِتْيَاِنهِ ا ْجعَلُوا بِضَاعََتهُ ْم فِي ِرحَاِلهِ ْم َلعَلّ ُهمْ‬ ‫َيعْ ِرفُوَنهَا ِإذَا اْنقَلَبُوا ِإلَى َأهْلِ ِه ْم َلعَلّ ُه ْم َيرْ ِجعُونَ (‪ )62‬فَلَمّا َر َجعُوا ِإلَى َأبِي ِه ْم قَالُوا يَا َأبَانَا‬ ‫مُنِ َع مِنّا اْلكَ ْيلُ َفأَ ْر ِسلْ َمعَنَا َأخَانَا نَكَْت ْل وَِإنّا َل ُه لَحَافِظُونَ (‪ )63‬قَالَ َهلْ َآمَُنكُمْ عَ َل ْيهِ ِإلّا‬ ‫كَمَا َأمِنْتُ ُكمْ عَلَى أَخِي ِه ِمنْ قَ ْب ُل فَال ّل ُه خَ ْيرٌ حَافِظًا َوهُ َو أَ ْرحَ ُم الرّاحِمِيَ (‪)64‬‬ ‫‪ -59‬وأمر يوسف أن يُكرّموا ف ضيافته ‪ ،‬ويُدفع لم من الية ما طلبوه فتم لم‬ ‫ذلك ‪ ،‬وأخذ يُحدثهم ‪ ،‬ويسأل عن أحوالم سؤال الاهل با ‪ ،‬وهو با عليم ‪،‬‬ ‫فأخبوه أنم تركوا أخا لم حرص أبوهم أل يفارقه ‪ ،‬وهو بنيامي شقيق يوسف ‪ ،‬فقال‬ ‫‪ :‬ليحضر معكم أخوكم ‪ ،‬ول تافوا شيئا ‪ ،‬فقد رأيتم إيفاء كيلكم وإكرامى لكم ف‬ ‫نزولكم ‪.‬‬ ‫‪ -60‬فإن ل تضروا أخاكم هذا ‪ ،‬فليس عندى لكم طعام ‪ ،‬ول تاولوا أن تأتون مرة‬ ‫أخرى ‪.‬‬ ‫‪ -61‬قال إخواته ‪ :‬سنحتال على أبيه لينل عن إرادته ول ياف عليه ‪ ،‬ونؤكد لك‬ ‫أننا لن نقصر ف ذلك أو نتوان فيه ‪.‬‬ ‫‪ -62‬ولا هوا بالرحيل ‪ ،‬قال لتباعه ‪ :‬ضعوا ما قدّموه من ثن بضاعتهم ف أمتعتهم ‪،‬‬ ‫عساهم يرونا إذا عادوا إل أهلهم ‪ ،‬فيكون ذلك أرجى لعودتم مؤملي ف إعطائهم‬ ‫الطعام ‪ ،‬واثقي بالوفاء بالعهد ‪ ،‬وآمني على أخيهم وليبعثوا الطمأنينة ف نفس أبيهم ‪.‬‬ ‫‪148‬‬

‫‪ -63‬فلما عادوا إل أبيهم قصوا عليه قصتهم مع عزيز مصر ‪ ،‬وتلطفه بم ‪ ،‬وأنه‬ ‫أنذرهم بنع الكيل لم ف الستقبل إن ل يكن معهم بنيامي ‪ ،‬وواعدهم بوفاء الكيل لم‬ ‫‪ ،‬وإكرام منلتهم إن عادوا إليه بأخيهم ‪ ،‬وقالوا له ‪ :‬ابعث معنا أخانا فإنك إن بعثته‬ ‫اكْتلنا ما نتاج إليه من الطعام وافيا ‪ ،‬ونعدك وعدا مؤكدا أنا سنبذل الهد ف‬ ‫الحافظة عليه ‪.‬‬ ‫‪ -64‬وثارت ف نفس يعقوب ذكريات الاضى ‪ ،‬فربطها بالاضر ‪ ،‬وقال لبنيه ‪ :‬إن‬ ‫أمرى إذا استجبت لكم لعجيب فلن تكون حال حي آمنكم على أخيكم إل مثل حال‬ ‫حي ائتمنتكم على يوسف فأخذتوه ‪ ،‬ث عدت تقولون ‪ :‬أكله الذئب ‪ ،‬فال حسب ف‬ ‫حاية ابن ‪ ،‬ول أعتمد إل عليه ‪ ،‬فهو أقوى حافظ ‪ ،‬ورحته أوسع من أن يفجعن بعد‬ ‫يوسف ف أخيه ‪.‬‬ ‫ت ِإلَيْ ِه ْم قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَ ْبغِي َه ِذ ِه بِضَاعَتُنَا‬ ‫وَلَمّا فَتَحُوا مَتَا َعهُ ْم وَ َجدُوا بِضَاعََت ُهمْ ُر ّد ْ‬ ‫ي َذلِكَ كَ ْي ٌل َيسِيٌ (‪ )65‬قَا َل َلنْ‬ ‫ظ َأخَانَا وََن ْزدَادُ كَ ْي َل َبعِ ٍ‬ ‫حفَ ُ‬ ‫ي َأهْلَنَا وَنَ ْ‬ ‫ُر ّدتْ ِإلَيْنَا َونَمِ ُ‬ ‫أُ ْرسِلَ ُه َمعَ ُكمْ حَتّى تُ ْؤتُونِ َم ْوثِقًا ِمنَ ال ّلهِ لََت ْأتُنّنِي ِب ِه إِلّا أَ ْن يُحَاطَ ِب ُكمْ فَلَمّا َآتَ ْو ُه َموِْث َقهُمْ‬ ‫ب وَا ِحدٍ وَادْخُلُوا ِمنْ‬ ‫قَا َل اللّهُ عَلَى مَا َنقُو ُل وَكِيلٌ (‪َ )66‬وقَا َل يَا بَِن ّي لَا َتدْخُلُوا ِم ْن بَا ٍ‬ ‫ت وَعَلَ ْيهِ‬ ‫ح ْكمُ ِإلّا لِلّهِ عَ َل ْيهِ َتوَكّلْ ُ‬ ‫ب مَُت َفرّ َقةٍ وَمَا أُغْنِي عَ ْنكُ ْم ِمنَ ال ّلهِ مِ ْن َشيْءٍ إِنِ الْ ُ‬ ‫َأبْوَا ٍ‬ ‫فَلْيََتوَ ّكلِ الْمَُتوَكّلُونَ (‪)67‬‬ ‫‪ -65‬وكان إخوة يوسف يهلون أن يوسف وضع أموالم ف حقائبهم ‪ ،‬فلما فتحوها‬ ‫ووجدوا الموال عرفوا جيل ما صنع بم يوسف ‪ ،‬وتذرعوا بذلك إل بث الطمأنينة ف‬ ‫قلب يعقوب ‪ ،‬وإقناعه بالستجابة إل ما طلب العزيز وبالغوا ف استمالته ‪ ،‬فذكروه با‬ ‫بينه وبينهم من رباط البوة ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬يا أبانا أى شئ تريده أجل ما جرى وينتظر أن‬ ‫ترى به الحداث؟ هذه أموالنا أعيدت إلينا دون أن يتجز منها شئ ‪ ،‬فنسافر مع‬ ‫أخينا ونلب الية لهلنا ‪ ،‬ونرعى أخانا ‪ ،‬ويزيد ميتنا حل بعي لق أخينا ‪ ،‬فقد رسم‬ ‫العزيز أن يعطى الرجل حل بعي ‪.‬‬ ‫‪ -66‬ونحت ماولة أبناء يعقوب ف إقناعه ‪ ،‬وأثّر مقالم فيه ‪ ،‬فنل عن التشدد ف‬ ‫‪149‬‬

‫احتجاز ابنه وحبسه عن الذهاب مع إخوته إل مصر ‪ ،‬ولكن قلبه ل يزال ف حاجة إل‬ ‫ما يزيد اطمئنانه ولذلك قال لم ‪ :‬لن أبعثه معكم إل بعد أن تعطون ضمانا قويا ‪،‬‬ ‫فتعاهدوا ال عهدا موثقا أن تعيدوه إلّ ‪ ،‬وأل ينعكم عن ردّه إل أن تُهلكوا أو ييط‬ ‫بكم عدو يغلبكم عليه ‪ .‬فاستجابوا له ‪ ،‬وقدّموا ما طلب من الواثيق ‪ ،‬وعندئذ أشهد‬ ‫ال على عهودهم وأيانم بقوله ‪ :‬ال على ما دار بيننا مطلع رقيب ‪.‬‬ ‫‪ -67‬اطمأن يعقوب إل عهد أبنائه ‪ ،‬ث دفعته الشفقة عليهم إل أن يوصيهم عند‬ ‫دخولم مصر بأن يدخلوا من أبواب متفرقة ‪ ،‬لكيل يلفتوا النظار عند دخولم ‪ ،‬ول‬ ‫تترقبهم العي ‪ ،‬وقد يكون ما يسيئهم ‪ ،‬وليس ف قدرتى أن أدفع عنكم أذى ‪،‬‬ ‫فالدافع للذى هو ال وله ‪ -‬وحده ‪ -‬الكم ‪ ،‬وقد توكلت عليه وفوضت إليه أمرى‬ ‫وأمركم ‪ ،‬وعليه ‪ -‬وحده ‪ -‬يتوكل الذين يفوضون أمورهم إليه مؤمني به ‪.‬‬ ‫ث َأ َمرَ ُهمْ أَبُوهُ ْم مَا كَا َن ُيغْنِي عَ ْن ُهمْ ِم َن اللّ ِه ِمنْ َشيْ ٍء ِإلّا حَا َجةً فِي‬ ‫وَلَمّا َدخَلُوا ِمنْ حَيْ ُ‬ ‫س لَا َيعْلَمُونَ (‪َ )68‬ولَمّا‬ ‫َنفْسِ َي ْعقُوبَ قَضَاهَا َوِإنّ ُه َلذُو عِ ْل ٍم لِمَا عَلّمْنَاهُ َوَلكِ ّن أَكَْث َر النّا ِ‬ ‫س بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (‬ ‫دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ َآوَى ِإلَ ْيهِ َأخَاهُ قَالَ ِإنّي َأنَا َأخُو َك فَلَا تَبْتَئِ ْ‬ ‫ي ِإّنكُمْ‬ ‫جهَا ِزهِ ْم َجعَ َل السّقَايَ َة فِي َر ْح ِل أَخِي ِه ُثمّ َأذّ َن ُمؤَذّ ٌن َأيُّتهَا الْعِ ُ‬ ‫‪ )69‬فَلَمّا جَ ّه َزهُ ْم بِ َ‬ ‫ع الْمَ ِلكِ‬ ‫صوَا َ‬ ‫َلسَا ِرقُونَ (‪ )70‬قَالُوا وََأقْبَلُوا َعلَ ْي ِهمْ مَاذَا َتفْ ِقدُونَ (‪ )71‬قَالُوا نَ ْف ِقدُ ُ‬ ‫سدَ فِي‬ ‫وَلِ َم ْن جَا َء ِبهِ حِ ْم ُل َبعِيٍ وََأنَا ِبهِ زَعِيمٌ (‪ )72‬قَالُوا تَاللّ ِه َلقَدْ عَ ِلمُْت ْم مَا جِئْنَا لُِن ْف ِ‬ ‫ض َومَا كُنّا سَا ِرقِيَ (‪)73‬‬ ‫الْأَرْ ِ‬ ‫‪ -68‬لقد استجابوا لوصية أبيهم ‪ ،‬فدخلوا من أبواب متفرقة ‪ ،‬وما كان ذلك ليدفع‬ ‫عنهم أذى كتبه ال لم ‪ ،‬وإن يعقوب ليعلم ذلك ‪ ،‬فإنه ذو علم علّمناه إيّاه ‪ ،‬ولكن‬ ‫وصيته كانت لاجة ف نفسه ‪ ،‬وهى شفقة الب على أبنائه أعلنها ف هذه الوصية ‪،‬‬ ‫وأن أكثر الناس ل يعلمون مثل علم يعقوب ‪ ،‬فيفوضون ل ويترسون ‪.‬‬ ‫‪ -69‬ولا دخلوا على يوسف أنزلم منلً كريا ‪ ،‬واختص أخاه شقيقه بأن آواه إليه ‪،‬‬ ‫ل ‪ :‬إن أخوك يوسف ‪ ،‬فل تزن با كانوا يصنعون معك وما صنعوه معى‬ ‫وأسرّ إليه قائ ً‬ ‫‪.‬‬ ‫‪150‬‬

‫‪ -70‬فبعد أن أكرم وفادتم ‪ ،‬وكالم الطعام ‪ ،‬وزادهم حل لخيه ‪ ،‬أعد رحالم‬ ‫للسفر ‪ ،‬ث أمر أعوانه أن يدسوا إناء شرب الاء ف حل بنيامي ‪ ،‬ث نادى أحد أعوان‬ ‫يوسف ‪ - :‬أيها الركب القافلون بأحالكم ‪ -‬قفوا إنكم لسارقون ‪.‬‬ ‫‪ -71‬فارتاع إخوة يوسف للنداء ‪ ،‬واتهوا إل النادين يسألونم ‪ ،‬ما الذى ضاع‬ ‫منكم وعم تبحثون؟‬ ‫‪ -72‬فأجابم العوان ‪ :‬نبحث عن الصواع ‪ ،‬وهو إناء اللك الذى يشرب به ‪،‬‬ ‫ومكافأة من يأتى به حل جل من الطعام ‪ ،‬وأكد رئيسهم ذلك ‪ ،‬فقال ‪ :‬وأنا بذا‬ ‫الوعد ضامن وكفيل ‪.‬‬ ‫‪ -73‬قال إخوة يوسف ‪ :‬إن اتامكم إيّانا بالسرقة لعجيب ‪ ،‬ونؤكد بالقسم أن فيما‬ ‫ظهر لكم من أخلقنا وتسكنا بديننا ف مرتى ميئنا ما يؤكد علمكم أننا ل نأت بغية‬ ‫الفساد ف بلدكم ‪ ،‬وما كان من أخلقنا أن نكون من السارقي ‪.‬‬ ‫قَالُوا فَمَا َجزَا ُؤهُ إِنْ كُنُْتمْ كَاذِبِيَ (‪ )74‬قَالُوا جَزَا ُؤهُ َم ْن وُ ِجدَ فِي َرحْ ِلهِ َف ُهوَ َجزَا ُؤهُ‬ ‫خ َر َجهَا ِمنْ وِعَاءِ‬ ‫جزِي الظّالِمِيَ (‪ )75‬فََب َدأَ ِبَأوْعِيَِت ِهمْ قَ ْب َل وِعَا ِء َأخِيهِ ُثمّ اسْتَ ْ‬ ‫ك نَ ْ‬ ‫َك َذلِ َ‬ ‫ك ِإلّا أَ ْن َيشَاءَ ال ّل ُه َنرْفَعُ‬ ‫ف مَا كَانَ لَِي ْأ ُخذَ َأخَا ُه فِي دِينِ الْمَ ِل ِ‬ ‫أَخِيهِ َك َذلِكَ ِك ْدنَا لِيُوسُ َ‬ ‫خ َلهُ مِنْ‬ ‫ق أَ ٌ‬ ‫ق َف َقدْ َسرَ َ‬ ‫دَ َرجَاتٍ َم ْن َنشَاءُ وَ َفوْقَ ُك ّل ذِي عِ ْلمٍ عَلِيمٌ (‪ )76‬قَالُوا إِنْ َيسْرِ ْ‬ ‫صفُونَ‬ ‫سهِ َوَلمْ يُ ْب ِدهَا َل ُهمْ قَالَ َأنُْتمْ شَ ّر َمكَانًا وَاللّ ُه أَعْ َل ُم بِمَا تَ ِ‬ ‫قَ ْبلُ َفَأ َسرّهَا يُوسُفُ فِي نَ ْف ِ‬ ‫(‪)77‬‬ ‫‪ -74‬وكان يوسف قد أوحى إل أتباعه أن يكلوا إل إخوته تقدير الزاء الذى‬ ‫يستحقه من وجد الصواع عنده ‪ ،‬تهيدا لخذ أخيه منهم بكمهم ‪ ،‬وليكون قضاؤهم‬ ‫مبما ل وجه للشفاعة فيه ‪ ،‬فقالوا لم ‪ :‬فماذا يكون جزاء السارقي عندكم إن ظهر‬ ‫أنه منكم؟‬ ‫‪ -75‬ولوثوق أبناء يعقوب بأنم ل يسرقوا الصواع ‪ ،‬قالوا غي متلجلجي ‪ :‬جزاء من‬ ‫أخذ الصواع أن يؤخذ رقيقا ‪ ،‬فبمثل هذا الزاء نازى الظالي الذين يأخذون أموال‬ ‫الناس ‪.‬‬ ‫‪151‬‬

‫‪ -76‬وانتهى المر إل تفتيش الرحال ‪ ،‬وكان ل بد من الحكام حت ل يظهر ف‬ ‫تنفيذ الطة افتعال ‪ ،‬وتول يوسف التفتيش بنفسه ‪ ،‬بعد أن مهّد المر ‪ ،‬فبدأ بتفتيش‬ ‫أوعية العشرة الشقاء ‪ ،‬ث انتهى إل تفتيش وعاء أخيه ‪ ،‬فأخرج السقاية منه ‪ ،‬وبذلك‬ ‫نحت حيلته ‪ ،‬وحق له بقضاء إخوته أن يتجز بنيامي ‪ ،‬وهكذا دبّر ال المر ليوسف‬ ‫فما كان ف استطاعته أخذ أخيه بقتضى شريعة ملك مصر إل بإرادة ال ‪ ،‬وقد‬ ‫أرادها ‪ ،‬فدبّرنا المر ليوسف ووفقناه إل ترتيب السباب وإحكام التدبي والتلطف ف‬ ‫الحتيال ‪ ،‬وهذا من فضل ال الذى يعلى ف العلم منازل من أراد ‪ ،‬وفوق كل صاحب‬ ‫علم مَن هو أعظم ‪ ،‬فهناك من يفوقه ف علمه ‪.‬‬ ‫‪ -77‬وكان إخراج الصواع من حقيبة أخيه مفاجأة أخجلت إخوته ‪ ،‬فتنصلوا باعتذار‬ ‫يبئ جاعتهم دونه ‪ ،‬ويطعنه هو ويوسف ‪ ،‬ويوحى بأن السرقة طبع ورثاه من قبل الم‬ ‫‪ ،‬وقالوا ‪ :‬ليس بعجيب أن تقع منه سرقة إذ سبقه إل ذلك أخوه الشقيق ‪ ،‬وفطن‬ ‫يوسف إل طعنهم الفى ‪ ،‬فساءه ‪ ،‬ولكنه كتم ذلك ‪ ،‬وأضمر ف نفسه جوابا لو‬ ‫صارحهم به لكان هذا الواب ‪ :‬أنتم أسوأ منلة وأحط قدرا ‪ ،‬وال أعلم وأصدق‬ ‫علما بكلمكم الذى تصفون به أخاه بوصمة السرقة ‪.‬‬ ‫حسِنِيَ (‬ ‫خ ْذ َأحَ َدنَا َمكَاَنهُ ِإنّا نَرَا َك ِمنَ الْ ُم ْ‬ ‫قَالُوا يَا أَّيهَا اْل َعزِي ُز إِ ّن لَ ُه َأبًا شَيْخًا كَبِيًا فَ ُ‬ ‫‪ )78‬قَا َل َمعَاذَ ال ّل ِه أَ ْن نَ ْأ ُخذَ ِإلّا َم ْن وَ َج ْدنَا مَتَاعَنَا عِ ْن َد ُه إِنّا ِإذًا لَظَالِمُونَ (‪ )79‬فَلَمّا‬ ‫ي ُهمْ أََل ْم تَعْلَمُوا أَ ّن أَبَا ُكمْ قَ ْد َأخَذَ عَلَ ْي ُك ْم مَ ْوِثقًا ِمنَ‬ ‫اسْتَيَْئسُوا مِ ْن ُه خَلَصُوا نَجِيّا قَالَ كَبِ ُ‬ ‫حكُ َم اللّهُ‬ ‫ض حَتّى يَ ْأذَ َن لِي َأبِي َأوْ َي ْ‬ ‫ح الْأَرْ َ‬ ‫ف فَ َل ْن أَْبرَ َ‬ ‫اللّ ِه َومِ ْن قَ ْب ُل مَا َفرّطُْت ْم فِي يُوسُ َ‬ ‫لِي َوهُ َو خَ ْيرُ الْحَاكِ ِميَ (‪)80‬‬ ‫‪ -78‬ول يكن بد من ماولة لتخليص أخيهم أو افتدائه ‪ ،‬رجاء أن تصدق مواثيقهم‬ ‫ليعقوب ‪ ،‬فاتهوا إل ترقيق قلب يوسف بديث البوة ف شيخوختها وقالوا له ‪- :‬‬ ‫أيها العزيز ‪ -‬إن لخينا أبا طاعنا ف السن ‪ ،‬فإن رحته قبلت واحدا منا ليلقى الزاء‬ ‫بدل ابنه هذا الذى تعلق به قلبه ‪ ،‬وأملنا أن تقبل الرجاء ‪ ،‬فقد جربنا عادتك الكرية ‪،‬‬ ‫وتأكد لنا انطباعكم عن حب الحسان وعمل العروف ‪.‬‬ ‫‪152‬‬

‫‪ -79‬وما كان ليوسف أن ينقض تدبيا وفّقه ال إليه ‪ ،‬ويفلت من يده أخاه ‪ ،‬ولذلك‬ ‫ل يلنه استعطافهم ‪ ،‬وردّهم ردّا حاسا ‪ ،‬وقال لم ‪ :‬إن ألأ إل ال منها نفسى عن‬ ‫الظلم فأحتجز غي من عثرنا على ما لنا معه ‪ ،‬إذ لو أخذنا سواه بعقوبته لكنا من‬ ‫العتدين الذين يأخذون البئ بذنب السئ ‪.‬‬ ‫‪ -80‬فلما انقطع منهم المل ‪ ،‬ويئسوا من قبول الرجاء ‪ ،‬اختلوا بأنفسهم يتشاورون‬ ‫ف موقفهم من أبيهم ‪ ،‬فلما انتهى الرأى إل كبيهم الدبر لشئونم قال لم ‪ :‬ما كان‬ ‫ينبغى أن تنسوا عهدكم الوثق بيمي ال لبيكم أن تافظوا على أخيكم حت تردوه‬ ‫إليه ‪ ،‬ولنكم عاقدتوه من قبل على صيانة يوسف ث ضيعتموه ‪ ،‬ولذلك سأبقى بصر‬ ‫ل أفارقها ‪ ،‬إل إذا فهم أب الوضع على حقيقته ‪ ،‬وسح ل بالرجوع إليه ‪ ،‬أو قضى ال‬ ‫ل بالرجوع الكري ‪ ،‬ويسره ل بسبب من السباب ‪ ،‬وهو أعدل الاكمي ‪.‬‬ ‫ق َومَا َش ِهدْنَا ِإلّا بِمَا عَلِمْنَا َومَا كُنّا لِ ْلغَيْبِ‬ ‫ا ْرجِعُوا ِإلَى َأبِي ُك ْم َفقُولُوا يَا َأبَانَا إِ ّن ابَْنكَ َسرَ َ‬ ‫حَافِظِيَ (‪ )81‬وَا ْسَألِ اْلقَ ْرَيةَ الّتِي كُنّا فِيهَا وَاْلعِيَ الّتِي َأقْبَلْنَا فِيهَا َوِإنّا لَصَادِقُونَ (‪)82‬‬ ‫ت َل ُكمْ َأْن ُفسُ ُكمْ َأ ْمرًا فَصَ ْب ٌر جَمِيلٌ َعسَى ال ّلهُ أَنْ َي ْأتِيَنِي ِب ِهمْ جَمِيعًا ِإنّ ُه هُوَ‬ ‫قَا َل َبلْ َسوّلَ ْ‬ ‫ف وَابْيَضّتْ عَيْنَاهُ مِنَ‬ ‫حكِيمُ (‪ )83‬وََت َولّى عَ ْن ُه ْم َوقَالَ يَا أَ َسفَى َعلَى يُوسُ َ‬ ‫الْعَلِيمُ الْ َ‬ ‫حزْنِ َف ُهوَ كَظِيمٌ (‪)84‬‬ ‫الْ ُ‬ ‫‪ -81‬عودوا ‪ -‬أنتم ‪ -‬إل أبيكم وقصوا له القصة ‪ ،‬وقولوا له ‪ :‬إن يد ابنك امتدت‬ ‫إل صواع اللك فسرقها وقد ضبطت ف حقيبته ‪ ،‬وعوقب على ذلك باسترقاقه ‪ ،‬وما‬ ‫أخبناك إل با عايناه ‪ ،‬وما كنا مطلعي على الستور من قضاء ال حي طلبناه‬ ‫وأعطيناك على حفظه وردّه إليك العهود والواثيق وهو أعدل الاكمي ‪.‬‬ ‫‪ -82‬وإن كنت ف شك ما بلغناك ‪ ،‬فأرسل من يأتيك بشهادة أهل مصر واستشهد‬ ‫أنت بنفسك رفاقنا الذين عدنا معهم ف القافلة ‪ ،‬لتظهر لك براءتنا ‪ ،‬ونؤكد لك أننا‬ ‫صادقون فيما نقول ‪.‬‬ ‫‪ -83‬فرجع بقية البناء إل يعقوب ‪ ،‬وخبّروه كما وصّاهم أخوهم الكبي َفهَيّج الب‬ ‫أحزانه ‪ ،‬وضاعف منها فقد ابنه الثان ‪ ،‬ول تطب نفسه بباءتم من التسبب ف ضياعه‬ ‫‪153‬‬

‫وهو الفجوع با صنعوا من قبل ف يوسف ‪ ،‬وصرح باتامهم قائل لم ‪ :‬ما سلمت‬ ‫نيتكم ف الحافظة على ابن ‪ ،‬ولكن زينت لكم نفوسكم أن تلصتم منه مثلما تلصتم‬ ‫من أخيه ‪ ،‬فلول فتواكم وحكمكم أن يؤخذ السارق رقيقا عقوبة له على السرقة ‪ ،‬ما‬ ‫أخذ العزيز ابن ‪ ،‬ول تلف أخوكم الكبي بصر ‪ ،‬ول حيلة ل إل أن أتمل ف‬ ‫مصيبت بالعزاء الميد ‪ ،‬راجيا أن يرد ال على جيع أبنائى ‪ ،‬فهو صاحب العلم الحيط‬ ‫بال وحالم ‪ ،‬وله الكمة البالغة ‪ ،‬فيما يصنع ل ويُدبّر ‪.‬‬ ‫‪ -84‬وضاق با قالوا فأعرض عنهم خاليا بنفسه ‪ ،‬مشغول بأساه وأسفه على َفقْد‬ ‫يوسف ‪ ،‬فذهب سواد عينيه من شدة الزن ‪ ،‬وقد كظم غيظه وأله أشد الكظم ‪.‬‬ ‫قَالُوا تَاللّ ِه َتفَْتأُ َتذْ ُكرُ يُوسُفَ حَتّى َتكُونَ َحرَضًا َأوْ َتكُو َن ِمنَ اْلهَالِكِيَ (‪ )85‬قَالَ ِإنّمَا‬ ‫سسُوا‬ ‫حّ‬ ‫أَ ْشكُو بَثّي َو ُحزْنِي ِإلَى ال ّلهِ وَأَعْ َل ُم ِمنَ ال ّل ِه مَا لَا َتعْلَمُونَ (‪ )86‬يَا بَنِ ّي اذْهَبُوا فََت َ‬ ‫س ِمنْ َروْحِ ال ّلهِ إِلّا اْل َقوْمُ‬ ‫ح ال ّلهِ ِإّنهُ لَا يَيْئَ ُ‬ ‫ف َوأَخِي ِه وَلَا تَيَْئسُوا ِمنْ َروْ ِ‬ ‫ِمنْ يُوسُ َ‬ ‫ضرّ َوجِئْنَا بِبِضَا َعةٍ‬ ‫الْكَا ِفرُونَ (‪ )87‬فَلَمّا َدخَلُوا عَلَ ْي ِه قَالُوا يَا َأيّهَا الْ َعزِي ُز َمسّنَا َوَأهْلَنَا ال ّ‬ ‫ص ّدقِيَ (‪ )88‬قَالَ َهلْ عَلِمُْتمْ‬ ‫جزِي الْمُتَ َ‬ ‫ف لَنَا الْكَ ْي َل َوتَصَدّقْ عَلَيْنَا إِنّ ال ّل َه يَ ْ‬ ‫ُمزْجَاةٍ َفَأوْ ِ‬ ‫مَا َفعَلُْتمْ بِيُوسُفَ َوَأخِي ِه ِإذْ َأنُْت ْم جَاهِلُونَ (‪)89‬‬ ‫‪ -85‬وتوالت اليام ويعقوب مسترسل ف لوعته ‪ ،‬وخشى أبناؤه سوء العاقبة ‪،‬‬ ‫فاتهوا إل مراجعته وحله على التخفيف من شدة حزنه ‪ ،‬وقالوا له ‪ -‬وهم بي‬ ‫الشفاق عليه والغيظ من دوام ذكره ليوسف ‪ : -‬لئن ل تفف عن نفسك لتزيدن‬ ‫ذكرى يوسف آلمك وأوجاعك ‪ ،‬إل أن يذيبك الغم فتشرف على الوت ‪ ،‬أو تصبح‬ ‫ف عداد اليتي ‪.‬‬ ‫ل ‪ :‬ما شكوت لكم ‪ ،‬ول طلبت منكم تفيف‬ ‫‪ -86‬ول يؤثر قولم فيه ‪ ،‬فردهم قائ ً‬ ‫لوعت ‪ ،‬وليس ل إل اللّه أضرع إليه وأشكو له هومى صعبها وسهلها ‪ ،‬وما أستطيع‬ ‫كتمانه منها وما ل أستطيع ‪ ،‬لن أدرك من حسن صنعه وسعة رحته ما ل تدركون ‪.‬‬ ‫‪ -87‬والثقة ف اللّه تي المل ولذلك ل يذهب الغم برجاء يعقوب ف عودة ولديه‬ ‫إليه ‪ ،‬وألقى ف روعه أنما من الحياء ‪ ،‬وأن موعد التقائه بما قد حان ‪ ،‬فأمر بنيه أن‬ ‫‪154‬‬

‫ينقبوا عنهما ‪ ،‬قائل لم ‪ :‬يا بن ارجعوا إل مصر فانضموا إل أخيكم الكبي ‪ ،‬وابثوا‬ ‫عن يوسف وأخيه وتطلّبوا أخبارها ف رفق ل يشعر به الناس ‪ ،‬ول تقنطوا من أن‬ ‫يرحنا اللّه بردها ‪ ،‬لنه ل يقنط من رحة اللّه غي الاحدين ‪.‬‬ ‫‪ -88‬واستجاب إخوة يوسف لطلب أبيهم ‪ ،‬فذهبوا إل مصر ‪ ،‬وتايلوا لقابلة‬ ‫حاكمها الذى ظهر لم من بعد أنه يوسف ‪ ،‬فلما دخلوا عليه ‪ ،‬قالوا ‪ - :‬يا أيها العزيز‬ ‫ مسّنا نن وعشيتنا الوع وما يتبعه من ضر الجسام والنفوس ‪ ،‬وجئنا إليك‬‫بأموال قليلة هى بضاعتنا وهى ترد لقلتها ورداءتا ‪ ،‬وليست كفاء ما نرجوه منك ‪،‬‬ ‫لننا نرجو منك وفاء الكيل فأوفه لنا ‪ ،‬واجعل الزائد عن حقنا صدقة علينا ‪ ،‬إن اللّه‬ ‫تعال يثيب التصدقي بأحسن الثواب ‪.‬‬ ‫‪ -89‬أخذت يوسف الشفقة الخوية الرحيمة الت تعفو عن الساءة ‪ ،‬وابتدأ يكشف‬ ‫أمره لم قائل ف عتب ‪ ،‬هل أدركتم قبح ما فعلتموه بيوسف من إلقائه ف الب ‪،‬‬ ‫وبأخيه من أذى ‪ .‬مندفعي ف ذلك بهل أنساكم الرحة والخوة؟‬ ‫قَالُوا َأئِّنكَ َلَأنْتَ يُوسُفُ قَالَ َأنَا يُوسُفُ َو َهذَا أَخِي قَ ْد َمنّ ال ّلهُ عَلَيْنَا ِإّنهُ َم ْن يَّتقِ َويَصِْبرْ‬ ‫حسِِنيَ (‪ )90‬قَالُوا تَاللّ ِه َلقَدْ َآَثرَ َك ال ّلهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنّا‬ ‫َفإِنّ ال ّلهَ لَا يُضِي ُع َأ ْجرَ الْمُ ْ‬ ‫لَخَاطِئِيَ (‪ )91‬قَا َل لَا تَ ْثرِيبَ عَلَ ْي ُكمُ الَْيوْ َم َيغْ ِف ُر اللّ ُه َلكُ ْم وَ ُه َو أَرْ َح ُم الرّاحِ ِميَ (‪)92‬‬ ‫اذْهَبُوا ِبقَمِيصِي هَذَا فََأْلقُوهُ عَلَى وَ ْج ِه َأبِي يَ ْأتِ بَصِيًا َوْأتُونِي ِبأَهْ ِل ُكمْ َأجْ َمعِيَ (‪)93‬‬ ‫ح يُوسُفَ لَ ْولَا أَ ْن ُتفَّندُونِ (‪ )94‬قَالُوا تَاللّهِ‬ ‫ي قَا َل أَبُوهُ ْم ِإنّي َلأَ ِجدُ رِي َ‬ ‫ت اْلعِ ُ‬ ‫وَلَمّا فَصَلَ ِ‬ ‫ك الْ َقدِيِ (‪)95‬‬ ‫ك لَفِي ضَلَالِ َ‬ ‫ِإنّ َ‬ ‫‪ -90‬نبهتهم تلك الفاجأة السارة إل إدراك أن هذا يوسف ‪ ،‬فتفحصوه ‪ ،‬ث قالوا‬ ‫مؤكدين ‪ :‬إنك لنت يوسف حقا وصدقا ‪ ،‬فقال يوسف الكري مصدقا لم ‪ :‬أنا‬ ‫يوسف ‪ ،‬وهذا أخى ‪ ،‬قد َم ّن اللّه علينا بالسلمة من الهالك ‪ ،‬وبالكرامة والسلطان ‪،‬‬ ‫وكان ذلك جزاء من اللّه لخلصى وإحسان ‪ ،‬وإن اللّه ل يضيع أجر من يُحسن‬ ‫ويستمر على الحسان ‪.‬‬ ‫‪ -91‬فقالوا ‪ :‬صدقت فيما قلت ‪ ،‬ونؤكد لك بالقسم أن ال فضّلك بالتقوى والصب‬ ‫‪155‬‬

‫وحسن السية وأثابك باللك وعلو الكانه ‪ ،‬وإنا كنا آثي فيما فعلنا بك وبأخيك ‪،‬‬ ‫فأذلنا اللّه لك ‪ ،‬وجزانا جزاء الثي ‪.‬‬ ‫ل ‪ :‬ل لوم عليكم اليوم ‪ ،‬ول تأنيب ‪ ،‬ولكم‬ ‫‪ -92‬فرد عليهم ‪ -‬النب الكري ‪ -‬قائ ً‬ ‫عندى الصفح الميل لرمة النسب وحق الخوة ‪ ،‬وأدعوا اللّه لكم بالعفو والغفران ‪،‬‬ ‫وهو صاحب الرحة العظمى ‪.‬‬ ‫‪ -93‬ث سألم يوسف عن أبيه ‪ ،‬فلما أخبوه عن سوء حاله وسوء بصره من كثرة‬ ‫غمه وبكائه؛ أعطاهم قميصه ‪ ،‬وقال لم ‪ :‬عودوا به إل أب فاطرحوه على وجهه ‪،‬‬ ‫فسيؤكد له ذلك سلمت ‪ ،‬وتل قلبه الفرحة ‪ ،‬ويعله اللّه سببا لعودة بصره ‪ ،‬وحينئذ‬ ‫تعالوا إلّ به ‪ ،‬وبأهلكم أجعي ‪.‬‬ ‫‪ -94‬وارتلوا بالقميص ‪ ،‬وكان قلب يعقوب مستغرقا ف ترقب ما تأتى به رحلة‬ ‫بنيه ‪ ،‬وكان اللّه معه ف هذا الترقب فوصل روحه بأرواحهم ‪ ،‬فحي تاوزت قافلتهم‬ ‫أرض مصر ف طريقها إليه ‪ ،‬شرح اللّه صدره بالمل ‪ ،‬وأحاطه بو من الطمأنينة إل‬ ‫اقتراب البشرى بسلمة يوسف ‪ ،‬وأخب أهله بذلك إذ يقول ‪ :‬إن أشعر برائحة يوسف‬ ‫الحبوبة تغمرن ‪ ،‬ولول خشية أن تتهمون ف قول لنبأتكم عن يوسف بأكثر من‬ ‫الشعور والوجدان ‪.‬‬ ‫‪ -95‬فرد عليه أهله ردا خشنا ‪ ،‬حالفي باللّه أنه ل يزال ذاهبا عن صوابه هائما ف‬ ‫خياله ‪ ،‬فتهيأ له ما تيأ من فرط مبته ليوسف ‪ ،‬ولجه بذكراه ‪ ،‬ورجائه للقياه ‪.‬‬ ‫ي َألْقَاهُ عَلَى َو ْجهِ ِه فَا ْرتَ ّد بَصِيًا قَا َل َألَ ْم َأ ُقلْ َلكُ ْم ِإنّي أَعْ َل ُم ِمنَ ال ّلهِ مَا‬ ‫فَلَمّا أَنْ جَا َء الَْبشِ ُ‬ ‫لَا َتعْلَمُونَ (‪ )96‬قَالُوا يَا َأبَانَا اسَْت ْغفِ ْر لَنَا ُذنُوبَنَا ِإنّا كُنّا خَاطِئِيَ (‪ )97‬قَالَ َسوْفَ‬ ‫أَسَْت ْغ ِفرُ َلكُمْ َربّي ِإّنهُ هُ َو الْ َغفُورُ الرّحِيمُ (‪ )98‬فَلَمّا َدخَلُوا عَلَى يُوسُفَ َآوَى إِلَ ْي ِه َأبَ َوْيهِ‬ ‫صرَ إِ ْن شَا َء اللّهُ َآمِِنيَ (‪)99‬‬ ‫َوقَالَ ا ْدخُلُوا مِ ْ‬ ‫‪ -96‬واستمر على أمله منتظرا رحة اللّه ‪ ،‬واستمر أهله على سوء الظن به إل أن أتاه‬ ‫منْ يمل القميص ويبشره بسلمة يوسف ‪ ،‬فحي طرح القميص على وجه يعقوب‬ ‫نفحته رائحة يوسف وغمرت قلبه الفرحة ‪ ،‬فعاد إليه بصره ‪ ،‬ولا حدثه الرسول بال‬ ‫‪156‬‬

‫يوسف ‪ ،‬وأنه يطلب رحلته إليه بأهله ‪ ،‬اته إل من حوله يذكرهم بنبوءته ‪ ،‬ويُعاتبهم‬ ‫على تكذيبه ‪ ،‬ويوجه أذهانم إل ذكر ما أكده لم آنفا من أنه يدرك من رحة اللّه‬ ‫وفضله ما ل ُيدْرِكون ‪.‬‬ ‫‪ -97‬فقبلوا عليه معتذرين عمّا كان منهم ‪ ،‬راجي أن يصفح عنهم ‪ ،‬وأن يطلب من‬ ‫اللّه التجاوز عن آثامهم ‪ ،‬لنم كما أكدوا ف اعتذارهم كانوا آثي ‪.‬‬ ‫‪ -98‬فقال يعقوب ‪ :‬سأداوم طلب العفو من اللّه عن سيئاتكم ‪ ،‬إنه ‪ -‬وحده ‪-‬‬ ‫صاحب الغفرة الثابتة والرحة الدائمة ‪.‬‬ ‫‪ -99‬رحل يعقوب إل مصر ‪ ،‬وسار بأهله حت بلغها ‪ ،‬فحي دخلوا على يوسف ‪-‬‬ ‫وكان قد استقبلهم ف مدخل مصر ‪ -‬عجّل به النان والشوق إل أبيه وأمه ‪ ،‬فقربما‬ ‫إليه ‪ ،‬وطلب منهما ومن أهله أن يقيموا ف مصر آمني سالي بإذن اللّه ‪.‬‬ ‫ي ِمنْ قَ ْب ُل َقدْ‬ ‫جدًا َوقَالَ يَا َأبَتِ َهذَا َت ْأوِيلُ ُر ْؤيَا َ‬ ‫ش وَ َخرّوا َلهُ سُ ّ‬ ‫وَ َرفَ َع َأبَ َويْهِ عَلَى اْلعَرْ ِ‬ ‫جنِ َوجَا َء بِ ُك ْم ِمنَ الَْبدْ ِو ِمنْ َب ْعدِ أَنْ‬ ‫س َن بِي ِإذْ َأ ْخرَجَنِي مِ َن السّ ْ‬ ‫جَعَ َلهَا َربّي َحقّا َوقَ ْد َأحْ َ‬ ‫حكِيمُ (‪)100‬‬ ‫ف لِمَا َيشَا ُء ِإّنهُ ُهوَ اْلعَلِيمُ الْ َ‬ ‫َنزَغَ الشّيْطَا ُن بَيْنِي َوبَ ْينَ إِ ْخوَتِي إِنّ َربّي لَطِي ٌ‬ ‫ض َأنْتَ‬ ‫ث فَا ِطرَ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ ِ‬ ‫ك وَعَلّمْتَنِي ِمنْ َت ْأوِي ِل الَْأحَادِي ِ‬ ‫َربّ َقدْ َآتَيْتَنِي ِمنَ الْمُ ْل ِ‬ ‫ك ِمنْ َأنْبَاءِ‬ ‫حيَ (‪َ )101‬ذلِ َ‬ ‫حقْنِي بِالصّالِ ِ‬ ‫وَلِيّي فِي ال ّدنْيَا وَاْلآَ ِخ َرةِ َت َوفّنِي ُمسْلِمًا وََألْ ِ‬ ‫ت َل َدْيهِ ْم ِإذْ َأجْ َمعُوا َأمْ َر ُهمْ َو ُهمْ يَ ْم ُكرُونَ (‪َ )102‬ومَا أَكَْثرُ‬ ‫ك وَمَا كُنْ َ‬ ‫ب نُوحِي ِه ِإلَيْ َ‬ ‫الْغَيْ ِ‬ ‫ت بِ ُمؤْمِنِيَ (‪)103‬‬ ‫ص َ‬ ‫س َولَ ْو حَرَ ْ‬ ‫النّا ِ‬ ‫‪ -100‬وسار الركب داخل مصر حت بلغ دار يوسف ‪ ،‬فدخلوها وصدّر يوسف‬ ‫أبويه ‪ ،‬فأجلسهما على سرير ‪ ،‬وغمر يعقوب وأهله شعور بليل ما هيأ اللّه لم على‬ ‫يدى يوسف ‪ ،‬إذ جع به شل السرة بعد الشتات ونقلها إل مكان عظيم من العزة‬ ‫والتكري ‪ ،‬فحيّوه تية مألوفة تعارف الناس عليها ف القدي للرؤساء والاكمي ‪،‬‬ ‫وأظهروا الضوع لكمه ‪ ،‬فأثار ذلك ف نفس يوسف ذكرى حلمه وهو صغي ‪ ،‬فقال‬ ‫لبيه ‪ :‬هذا تفسي ما قصصت عليك من قبل من رؤيا ‪ ،‬حي رأيت ف النام أحد عشر‬ ‫كوكبا والشمس والقمر ساجدين ل ‪ ،‬قد حققه رب ‪ ،‬وقد أكرمن وأحسن إلّ ‪،‬‬ ‫‪157‬‬

‫فأظهر براءتى ‪ ،‬وخلصن من السجن ‪ ،‬وأتى بكم من البادية لنلتقى من بعد أن أفسد‬ ‫الشيطان بين وبي إخوتى ‪ ،‬وأغراهم ب ‪ ،‬وما كان لذا كله أن يتم بغي صنع اللّه ‪،‬‬ ‫فهو رفيق التدبي والتسخي لتنفيذ ما يريد ‪ ،‬وهو الحيط علما بكل شئ ‪ ،‬البالغ حكمه‬ ‫ف كل تصرف وقضاء ‪.‬‬ ‫‪ -101‬واته يوسف إل اللّه ‪ ،‬يشكره بإحصاء نعمه عليه ‪ ،‬ويرجوه الزيد من فضله ‪،‬‬ ‫قائل ‪ :‬يا رب ما أكثر نعمك عل ّى ‪ ،‬وما أعظمها ‪ ،‬لقد منحتن من اللك ما أحدك‬ ‫عليه ‪ ،‬ووهبتن من العلم بتفسي الحلم ما وهبت ‪ ،‬يا خالق السموات والرض‬ ‫وبارئهما ‪ ،‬أنت مالك أمرى ومتول نعمت ف مياى وبعد ماتى ‪ ،‬اقبضن إليك على ما‬ ‫ارتضيت لنبيائك من دين السلم ‪ ،‬وأدخلن ف زمرة من هديتهم إل الصلح من‬ ‫آبائى وعبادك الصالي الخلصي ‪.‬‬ ‫‪ -102‬ذلك الذى قصصنا عليك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬من أخبار الاضى السحيق ‪ ،‬ل يأتك‬ ‫إل بإياء منا ‪ ،‬وما كنت حاضرا إخوة يوسف وهم يدبرون له من الكائد وما علمت‬ ‫بكيدهم إل عن طريقنا ‪.‬‬ ‫‪ -103‬وف أغلب الطباع مرض يعلها غي قابلة لتصديق ما أوحى إليك مهما تعلق‬ ‫قلبك بأن يؤمنوا أو أجهدت نفسك أن يكونوا من الهتدين ‪.‬‬ ‫وَمَا َتسَْأُلهُمْ عَ َل ْيهِ ِم ْن أَ ْج ٍر إِ ْن هُ َو ِإلّا ذِ ْك ٌر لِ ْلعَالَمِيَ (‪ )104‬وَ َكَأّينْ ِمنْ َآَيةٍ فِي‬ ‫ض يَ ُمرّونَ عَلَ ْيهَا َو ُهمْ عَ ْنهَا ُم ْعرِضُونَ (‪َ )105‬ومَا ُي ْؤمِ ُن أَكَْث ُرهُ ْم بِال ّلهِ‬ ‫ت وَاْلأَرْ ِ‬ ‫السّمَاوَا ِ‬ ‫ب ال ّلهِ َأوْ َت ْأتَِيهُ ُم السّا َعةُ‬ ‫ِإلّا وَ ُه ْم ُمشْرِكُونَ (‪َ )106‬أ َفأَمِنُوا أَ ْن َت ْأتَِيهُمْ غَاشَِيةٌ ِمنْ َعذَا ِ‬ ‫ي ٍة َأنَا َومَ ِن اتَّبعَنِي‬ ‫ش ُعرُونَ (‪ُ )107‬ق ْل َهذِ ِه سَبِيلِي َأدْعُو ِإلَى اللّهِ عَلَى بَصِ َ‬ ‫َبغْتَ ًة َوهُ ْم لَا َي ْ‬ ‫شرِكِيَ (‪)108‬‬ ‫وَسُبْحَا َن ال ّلهِ َومَا َأنَا ِم َن الْ ُم ْ‬ ‫‪ -104‬وما نقصد با تدثهم به من أحاديث الدى نيل الزاء أو منفعة ‪ ،‬فإن ل‬ ‫يهتدوا فل تزن عليهم ‪ ،‬وسيهدى اللّه قوما غيهم ‪ ،‬فما أنزلناه إليهم خاصة ‪ ،‬وما‬ ‫هو إل موعظة وعبة لكل من خلق اللّه ف السموات والرض ‪.‬‬ ‫‪ -105‬وما أكثر الدلئل على وجود الالق ووحدانيته وكماله ‪ ،‬الثابتة ف السموات‬ ‫‪158‬‬

‫والرض ‪ ،‬يشاهدها قومك ويتولون عنها مكابرين غي معتبين ‪.‬‬ ‫‪ -106‬وفيهم مصدقون باللّه معترفون بربوبيته وأنه خالق كل شئ ‪ ،‬ولكن إيان‬ ‫أكثرهم ل يقوم على أساس سليم من التوحيد ‪ ،‬فل يعترفون بوحدانية اللّه اعترافا‬ ‫خالصا ‪ ،‬ولكنه مقترن ف نفوسهم بشوائب تسلكهم ف مسلك الشركي ‪.‬‬ ‫‪ -107‬أتّخذوا عند اللّه عهدا بعدم تعذيبهم ‪ ،‬فضمنوا المن والسلمة من أن يصيبهم‬ ‫اللّه بعذاب غامر ‪ ،‬ويغشاهم بنقمته ‪ ،‬كما فعل بأسلفهم من قبل؟ أو أن تفاجئهم‬ ‫القيامة وتبغتهم وهم مقيمون على الشرك والكفر ث يكون مصيهم إل النار؟! ‪.‬‬ ‫‪ -108‬نبّههم ‪ -‬يا ممد ‪ -‬إل سو غايتك ‪ ،‬وبصّرهم بنبل مهمتك ‪ ،‬فقل لم ‪ :‬هذه‬ ‫سنت وطريقت ‪ ،‬أدعو الناس إل طريق اللّه وأنا متثبت من أمرى ‪ ،‬وكذلك يدعو إليها‬ ‫كل من تبعن وآمن بشريعت ‪ ،‬وأنزّه اللّه عما ل يليق به ‪ ،‬ولست مشركا به أحدا‬ ‫سواه ‪.‬‬ ‫ك ِإلّا ِرجَالًا نُوحِي ِإلَ ْيهِ ْم ِمنْ أَ ْهلِ اْل ُقرَى َأفَ َل ْم َيسِيُوا فِي اْلأَرْضِ‬ ‫وَمَا أَ ْرسَلْنَا ِمنْ قَبْ ِل َ‬ ‫فَيَنْ ُظرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَ ُة الّذِينَ ِم ْن قَبْ ِل ِهمْ َوَلدَا ُر اْلآَ ِخ َرةِ خَ ْي ٌر لِ ّلذِي َن اتّ َقوْا َأفَلَا َت ْعقِلُونَ (‬ ‫جيَ َم ْن َنشَاءُ‬ ‫صرُنَا فَنُ ّ‬ ‫س ال ّر ُسلُ وَظَنّوا أَّن ُهمْ َقدْ ُك ِذبُوا جَا َء ُه ْم نَ ْ‬ ‫‪ )109‬حَتّى ِإذَا اسْتَيْئَ َ‬ ‫ص ِهمْ عِ ْب َر ٌة ِلأُولِي الَْألْبَابِ‬ ‫ج ِرمِيَ (‪َ )110‬لقَدْ كَا َن فِي قَصَ ِ‬ ‫وَلَا ُيرَ ّد َبأْسُنَا َع ِن الْ َقوْ ِم الْمُ ْ‬ ‫صدِيقَ اّلذِي بَ ْينَ َي َديْ ِه َوتَفْصِيلَ ُك ّل شَيْ ٍء َو ُهدًى وَ َرحْ َمةً‬ ‫مَا كَا َن َحدِيثًا ُيفَْترَى َولَ ِك ْن تَ ْ‬ ‫ِلقَوْ ٍم ُي ْؤمِنُونَ (‪)111‬‬ ‫‪ -109‬وما تولنا عن سنتنا ف اختبار الرسل حي اخترناك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬ول‬ ‫خرجت حال قومك عن أحوال المم السابقة فما بعثنا من قبلك ملئكة ‪ ،‬وإنا اخترنا‬ ‫رجال من أهل المصار ننل عليهم الوحى ‪ ،‬ونرسلهم مبشرين ومنذرين ‪ ،‬فيستجيب‬ ‫لم الهتدون ‪ ،‬ويعاندهم الضالون! فهل غفل قومك عن هذه القيقة ‪ ،‬وهل قعد بم‬ ‫العجز عن السعى فأهلكناهم ف الدنيا ومصيهم إل النار ‪ ،‬وآمن من آمن فنجيناهم‬ ‫ونصرناهم ف الدنيا ‪ ،‬ولثواب الخرة أفضل لن خافوا اللّه فلم يشركوا به ول‬ ‫يعصوه ‪ ،‬أسلبت عقولكم ‪ -‬أيها العاندون ‪ -‬فل تفكروا ول تتدبروا؟! ‪.‬‬ ‫‪159‬‬

‫‪ -110‬ول تستبطئ يا ممد نصرى ‪ ،‬فإن نصرى قريب أكيد ‪ ،‬وقد أرسلنا من قبلك‬ ‫رسل فاقتضت حكمتنا أن يتراخى عنهم نصرنا ‪ ،‬ويتطاول عليهم التكذيب من قومهم‬ ‫‪ ،‬حت إذا زلزلت نفوس واستشعرت القنوط أدركهم نصرنا ‪ ،‬فأنعمنا بالنجاة‬ ‫والسلمة على الذين يستأهلون منا إرادة النجاة وهم الؤمنون ‪ ،‬وأدرنا دائرة السوء‬ ‫على الذين أجرموا بالعناد وأصروا على الشرك ‪ ،‬ول يدفع عذابنا وبطشنا دافع عن‬ ‫القوم الجرمي ‪.‬‬ ‫‪ -111‬وقد أوحينا إليك ما أوحينا من قصص النبياء ‪ ،‬تثبيتا لفؤادك ‪ ،‬وهداية لقومك‬ ‫‪ ،‬وأودعناه من العب والعظات ما يستني به أصحاب العقول والفطن ويدركون أن‬ ‫القرآن حق وصدق ‪ ،‬فما كان حديثا متلقا ول أساطي مفتراة ‪ ،‬وإنا هو حق ووحى ‪،‬‬ ‫ويؤكد صدق ما سبق من كتب السماء ومن جاء با من الرسل ‪ ،‬ويبي كل ما يتاج‬ ‫إل تفصيله من أمور الدين ‪ ،‬ويهدى إل الق وإل طريق مستقيم ‪ ،‬ويفتح أبواب رحة‬ ‫اللّه لن اهتدى بديه وكان من الؤمني الصادقي ‪.‬‬ ‫س لَا ُي ْؤمِنُونَ‬ ‫ح ّق وََل ِكنّ أَكَْث َر النّا ِ‬ ‫ك الْ َ‬ ‫ك ِمنْ َربّ َ‬ ‫ب وَاّلذِي ُأْنزِ َل ِإلَيْ َ‬ ‫الر تِ ْلكَ َآيَاتُ اْلكِتَا ِ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫‪ -1‬ألف ‪ .‬لم ‪ .‬ميم ‪ .‬راء ‪ .‬هذه حروف صوتية تبدأ با بعض سور القرآن ‪ ،‬وهى‬ ‫تشي إل أنه معجز مع أنه مكون من الروف الت تتكون منها كلمات العرب ‪ ،‬وهذه‬ ‫الروف الصوتية كانت تذب العرب ‪ ،‬لسماع القرآن ‪ .‬ذلك أن الشركي تواصوا‬ ‫فيما بينهم أل يسمعوا هذا القرآن ‪ ،‬فكان الؤمنون إذا ابتدأوا بذه الروف الصوتية‬ ‫استرعى ذلك أساع الشركي فيسمعون ‪.‬‬ ‫إن تلك اليات العظيمة هى هذا القرآن ‪ ،‬الكتاب العظيم الشأن الذى نزل عليك ‪-‬‬ ‫أيها النب ‪ -‬بالق والصدق من ال الذى خلقك واصطفاك ‪ ،‬ولكن أكثر الشركي‬ ‫الذين كفروا با جاء به من الق ليس من شأنم أن يذعنوا للحق ‪ ،‬بل هم يعاندون فيه‬ ‫‪.‬‬

‫‪160‬‬

‫خرَ الشّمْسَ‬ ‫اللّ ُه الّذِي َرفَ َع السّمَاوَاتِ ِبغَ ْيرِ عَ َم ٍد َترَ ْوَنهَا ُثمّ اسَْتوَى عَلَى اْل َعرْشِ َوسَ ّ‬ ‫ت َلعَلّ ُكمْ بِلِقَاءِ َرّب ُكمْ تُوقِنُونَ (‬ ‫جرِي ِلَأجَ ٍل ُمسَمّى ُي َدّبرُ اْلأَ ْم َر ُيفَصّ ُل الْ َآيَا ِ‬ ‫وَاْلقَ َمرَ ُكلّ َي ْ‬ ‫ت َجعَ َل فِيهَا‬ ‫ض َو َجعَ َل فِيهَا َروَاسِ َي َوأَْنهَارًا َو ِمنْ ُك ّل الثّ َمرَا ِ‬ ‫‪ )2‬وَ ُهوَ اّلذِي مَ ّد الْأَرْ َ‬ ‫ت ِلقَوْ ٍم يََت َفكّرُونَ (‪َ )3‬وفِي اْلأَرْضِ‬ ‫ك لَ َآيَا ٍ‬ ‫َزوْجَ ْي ِن اثْنَ ْينِ ُي ْغشِي اللّ ْيلَ الّنهَارَ إِ ّن فِي َذلِ َ‬ ‫سقَى بِمَاءٍ‬ ‫ع وَنَخِيلٌ صِ ْنوَا ٌن وَغَ ْيرُ صِ ْنوَا ٍن ُي ْ‬ ‫ت َوجَنّاتٌ ِم ْن أَعْنَابٍ وَزَ ْر ٌ‬ ‫قِطَ ٌع مُتَجَاوِرَا ٌ‬ ‫ك َل َآيَاتٍ ِل َقوْ ٍم َيعْقِلُونَ (‪)4‬‬ ‫ضهَا عَلَى َبعْضٍ فِي الْأُ ُك ِل إِ ّن فِي َذلِ َ‬ ‫وَا ِحدٍ َوُنفَضّ ُل َبعْ َ‬ ‫‪ -2‬إن الذى أنزل هذا الكتاب هو ال الذى رفع ما ترون من سوات ترى فيها‬ ‫النجوم بغي أعمدة تُرى ول يعلمها إل ال ‪ ،‬وإن كان قد ربط بينها وبي الرض‬ ‫بروابط ل تنقطع إل أن يشاء ال ‪ ،‬وذلل الشمس والقمر بسلطانه لنفعتكم ‪ ،‬وها‬ ‫يدوران بانتظام لزمن قدّره ال سبحانه وتعال ‪ ،‬وهو سبحانه ُي َدبّر كل شئ ف‬ ‫السموات والرض ‪ ،‬ويُبَيّن لكم آياته الكونية رجاء أن توقنوا بالوحدانية ‪.‬‬ ‫‪ -3‬وهو سبحانه الذى بسط لكم الرض ‪ ،‬وجعلها ذلو ًل تسيون فيها شرقا وغربا ‪،‬‬ ‫وجعل ف هذه الرض جبال ثابتة وأنارا ترى فيها الياه العذبة ‪ ،‬وجعل من ماء هذه‬ ‫النار الثمرات الختلفة الت تتوالد ‪ ،‬والصناف التقابلة ‪ ،‬منها اللو والامض ‪،‬‬ ‫ومنها البيض والسود ‪ ،‬وأنه سبحانه يستر النهار بالليل ‪ ،‬وأن ف هذا الكون‬ ‫وعجائبه لعلمات بينة تثبت قدرة ال ووحدانيته لن يتفكر ويتدبر ‪.‬‬ ‫‪ -4‬وإن الرض ذاتا فيها عجائب ‪ ،‬فيها قطع من الرض ياور بعضها بعضا ‪ ،‬وهى‬ ‫متلفة التربة مع ذلك ‪ ،‬بعضها قاحل ‪ ،‬وبعضها خصب ‪ ،‬وإن اتدت التربة ‪ ،‬ففيها‬ ‫حدائق ملوءة بكروم العنب ‪ ،‬وفيها زرع يصد ‪ ،‬ونيل مثمر ‪ ،‬وهى متمعة ومتفرقة ‪،‬‬ ‫ومع أنا تسقى باء واحد يتلف طعمها ‪ ،‬وإن ف هذه العجائب لدلئل واضحة على‬ ‫قدرة ال لن له عقل يفكر به ‪.‬‬ ‫ك الّذِينَ َكفَرُوا ِب َرّبهِمْ‬ ‫ب َق ْوُلهُ ْم َأئِذَا كُنّا ُترَابًا َأئِنّا َلفِي خَ ْل ٍق جَدِيدٍ أُولَئِ َ‬ ‫ب َفعَجَ ٌ‬ ‫وَإِ ْن َتعْجَ ْ‬ ‫ب النّا ِر ُهمْ فِيهَا خَاِلدُونَ (‪)5‬‬ ‫ك أَصْحَا ُ‬ ‫ك الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَا ِقهِ ْم َوأُولَئِ َ‬ ‫وَأُولَئِ َ‬ ‫ك لَذُو مَ ْغ ِف َرةٍ‬ ‫ت وَإِنّ َرّب َ‬ ‫ت ِمنْ قَبْ ِل ِهمُ الْمَثُلَا ُ‬ ‫حسََن ِة َوقَ ْد خَلَ ْ‬ ‫ك بِالسّيَّئ ِة قَ ْبلَ الْ َ‬ ‫وََيسَْتعْجِلُونَ َ‬ ‫‪161‬‬

‫شدِي ُد اْلعِقَابِ (‪َ )6‬وَيقُولُ اّلذِينَ َك َفرُوا لَ ْولَا ُأْنزِلَ عَ َل ْيهِ‬ ‫لِلنّاسِ عَلَى ظُلْ ِم ِهمْ وَإِنّ َرّبكَ َل َ‬ ‫ت مُ ْنذِرٌ َوِلكُ ّل َقوْ ٍم هَادٍ (‪)7‬‬ ‫َآَيةٌ مِنْ َرّب ِه إِنّمَا َأنْ َ‬ ‫‪ -5‬وإن أمر الشركي مع هذه الدلئل لعجب ‪ ،‬فإن كنت يا ممد تعجب ‪ ،‬فالعجب‬ ‫هو قولم ‪ :‬أبعد الوت وبعد أن نصي ترابا نكون أحياء من جديد؟ وهذا شأن الذين‬ ‫يكفرون بالقهم ‪ ،‬عقولم قيدت بالضلل ‪ ،‬ومآلم النار الت يلدون فيها ‪ ،‬فهم‬ ‫جاحدون ‪ ،‬مع أن َمنْ يقدر على النشاء يقدر على العادة ‪.‬‬ ‫‪ -6‬ويذهب بم فرط ضللم أن يطلبوا إنزال العذاب عاجل بدل أن يطلبوا الداية‬ ‫الت تنقذهم ‪ ،‬ويتوهون أن ال ل ينل بم العقوبة ف الدنيا إن أراد ‪ ،‬وقد مضت‬ ‫عقوبات أمثالم على ذلك ‪ ،‬فيمن أهلكهم ال قبلهم ‪ ،‬وشأن ال أن يغفر الظلم لن‬ ‫يتوب ويعود إل الق ‪ ،‬وينل العقاب الشديد بن يستمر على ضلله ‪.‬‬ ‫‪ -7‬ويقول هؤلء الاحدون غي معتدين بالعجزة الكبى ‪ ،‬وهى القرآن ‪ :‬هل أنزل‬ ‫عليه ربه علمة على نبوته من الس كتحريك البال ‪ ،‬فيبي ال لنبيه الق ف القضية؟‬ ‫ويقول له سبحانه ‪ :‬إنا أنت ‪ -‬أيها النب ‪ -‬منذر لم بسوء العاقبة ‪ ،‬إن استمروا على‬ ‫ضللم ‪ ،‬ولكل قوم رسول يهديهم إل الق ‪ ،‬ومعجزة تبي رسالته ‪ ،‬وليس لم أن‬ ‫يتاروا ‪ ،‬إنا عليهم أن ييبوا التحدى وأن يأتوا بثله ‪.‬‬ ‫اللّ ُه َيعْلَ ُم مَا َتحْ ِملُ ُك ّل ُأنْثَى وَمَا َتغِيضُ اْلأَرْحَا ُم َومَا َت ْزدَا ُد وَ ُكلّ َشيْءٍ عِ ْن َد ُه بِ ِم ْقدَارٍ (‬ ‫ي الْمَُتعَالِ (‪َ )9‬سوَا ٌء مِ ْن ُكمْ َم ْن َأسَ ّر الْ َق ْولَ َو َمنْ َج َهرَ ِبهِ‬ ‫شهَا َدةِ اْلكَبِ ُ‬ ‫‪ )8‬عَاِلمُ اْلغَيْبِ وَال ّ‬ ‫ت ِمنْ بَ ْي ِن َي َديْ ِه َومِ ْن خَ ْلفِهِ‬ ‫ب بِالّنهَارِ (‪َ )10‬ل ُه مُ َعقّبَا ٌ‬ ‫ف بِاللّ ْيلِ َوسَا ِر ٌ‬ ‫وَ َم ْن هُ َو ُمسْتَخْ ٍ‬ ‫س ِهمْ َوِإذَا أَرَادَ ال ّلهُ‬ ‫حفَظُوَن ُه ِمنْ َأ ْمرِ ال ّلهِ إِ ّن ال ّلهَ لَا ُيغَّيرُ مَا بِ َقوْ ٍم حَتّى ُيغَّيرُوا مَا ِبَأنْ ُف ِ‬ ‫يَ ْ‬ ‫ق َخوْفًا‬ ‫ِبقَوْ ٍم سُوءًا فَلَا َم َردّ َل ُه وَمَا َلهُ ْم ِمنْ دُونِ ِه ِمنْ وَالٍ (‪ )11‬هُ َو الّذِي ُيرِي ُكمُ الَْبرْ َ‬ ‫ب الّثقَالَ (‪)12‬‬ ‫شئُ السّحَا َ‬ ‫وَطَ َمعًا َويُ ْن ِ‬ ‫‪ -8‬الذى أعطى الرسول تلك العجزة الكبى هو الذى يعلم كل شئ ‪ ،‬ويعلم‬ ‫النفوس النسانية من وجودها نطفة ف الرحم إل موتا ‪ ،‬فيعلم ما تمل كل أنثى من‬ ‫‪162‬‬

‫أجنة ليس فقط من ذكورة أو من أنوثة ‪ ،‬وإنا يعلم حال الني ومستقبله ف حياته‬ ‫الدنيا شقى أم سعيد ‪ ،‬مؤمن أم كافر ‪ ،‬غن أم فقي ‪ ،‬ومقدار أجله ف الدنيا وكل ما‬ ‫يتصل بشئونه ف الياة ‪.‬‬ ‫‪ -9‬هو الذى يعلم ما يغيب عن حسنا ‪ ،‬ويعلم ما نشاهده علما ‪ ،‬أعظم ما نشاهد‬ ‫ونرى ‪ ،‬وهو سبحانه العظيم الشأن الذى يعلم كل ما ف الوجود ‪.‬‬ ‫‪ -10‬يعلم كل أحوالكم ف حياتكم ‪ ،‬وكل أقوالكم وأعمالكم ‪ ،‬فيعلم ما تسرون ‪،‬‬ ‫وما تعلنون من أفعال وأقوال ‪ ،‬ويعلم استخفاءكم بالليل وبروزكم بالنهار ‪ ،‬والكل ف‬ ‫علمه سواء ‪.‬‬ ‫‪ -11‬وأن ال سبحانه هو الذى يفظكم ‪ ،‬فكل واحد من الناس له ملئكة تفظه بأمر‬ ‫ال وتتناوب على حفظه من أمامه ومن خلفه ‪ ،‬وأن ال سبحانه ل يغي حال قوم من‬ ‫شدة إل رخاء ‪ ،‬ومن قوة إل ضعف ‪ ،‬حت يغيوا ما بأنفسهم با يتناسب مع الال‬ ‫الت يصيون إليها ‪ ،‬وإذا أراد ال أن ينل بقوم ما يسوؤهم فليس لم ناصر يميهم‬ ‫من أمره ‪ ،‬ول من يتول أمورهم فيدفع عنهم ما ينل بم ‪.‬‬ ‫‪ -12‬وإن قدرة ال تعال ف الكون بارزة آثارها ظاهرة ‪ ،‬فهو الذى يريكم البق‬ ‫فترهبون منظره ‪ ،‬أو تافون أن ينل عليكم الطر من غي حاجة إليه فيفسد الزرع ‪ ،‬أو‬ ‫تطمعون من وراء البق ف مطر غزير تتاجون إليه ليصلح الزرع ‪ .‬وهو الذى يكوّن‬ ‫السحب الملوءة بالمطار ‪.‬‬ ‫ب ِبهَا َمنْ َيشَا ُء َوهُمْ‬ ‫صوَا ِعقَ فَيُصِي ُ‬ ‫ح الرّ ْعدُ بِحَ ْم ِد ِه وَالْمَلَائِ َكةُ مِ ْن خِيفَِتهِ َوُيرْ ِسلُ ال ّ‬ ‫وَُيسَبّ ُ‬ ‫حقّ وَالّذِينَ َيدْعُو َن ِمنْ دُوِنهِ لَا‬ ‫يُجَادِلُو َن فِي ال ّلهِ َوهُ َو َشدِيدُ الْ ِمحَالِ (‪َ )13‬لهُ دَ ْع َو ُة الْ َ‬ ‫َيسْتَجِيبُو َن َلهُ ْم ِبشَيْ ٍء ِإلّا كَبَاسِطِ َكفّ ْيهِ ِإلَى الْمَا ِء لِيَبْلُ َغ فَا ُه وَمَا هُ َو بِبَالِ ِغهِ َومَا ُدعَاءُ‬ ‫ت وَاْلأَرْضِ َطوْعًا وَ َك ْرهًا‬ ‫ج ُد َمنْ فِي السّمَاوَا ِ‬ ‫الْكَا ِفرِينَ ِإلّا فِي ضَلَالٍ (‪َ )14‬ولِ ّلهِ َيسْ ُ‬ ‫وَظِلَالُ ُه ْم بِاْلغُ ُد ّو وَاْلآَصَالِ (‪)15‬‬ ‫‪ -13‬وإن الرعد خاضع ل سبحانه وتعال خضوعا مطلقا ‪ ،‬حت أن صوته الذى‬ ‫تسمعون كأنه تسبيح له سبحانه بالمد على تكوينه ‪ ،‬دللة على خضوعه ‪ ،‬وكذلك‬ ‫‪163‬‬

‫الرواح الطاهرة الت ل ترونا تسبّح حامدة له ‪ ،‬وهو الذى يُ ْنزِل الصواعق الحرقة‬ ‫فيصيب با من يريد أن تنل عليه ‪ ،‬ومع هذه الدلئل الظاهرة الدالة على قدرته‬ ‫سبحانه يادلون ف شأن ال سبحانه ‪ ،‬وهو شديد القوة والتدبي ف رد كيد العداء ‪.‬‬ ‫‪ -14‬وأن الذين يدعون ف خوفهم وأمنهم من الصنام ‪ -‬دون أن يدعوا ال وحده ‪-‬‬ ‫ل ييبون لم نداء ول دعاء ‪ ،‬وحالم معهم كحال َمنْ يبْسط كفه ويضعها ليحمل‬ ‫بذه اليد البسوطة الاء ليبلغ فمه فيتوى ‪ ،‬وليس من شأن الكف البسوطة أن توصل‬ ‫الاء إل الفم ‪ ،‬وإذا كانت تلك حالم فما دعاؤهم الصنام إل ضياع وخسارة ‪.‬‬ ‫‪ -15‬وال سبحانه يضع لرادته وعظمته كل من ف السموات والرض من أكْوان‬ ‫وأناس وجن وملئكة طائعي ‪ ،‬أو كارهي لا ينل بم ‪ ،‬حت ظللم من طول وقصر‬ ‫حسب أوقات النهار ف الظهية وف الصيل خاضعة لمر ال ونيه ‪.‬‬ ‫خ ْذُتمْ ِم ْن دُوِنهِ َأ ْولِيَا َء لَا يَمْ ِلكُونَ‬ ‫ض ُقلِ ال ّلهُ ُق ْل َأفَاتّ َ‬ ‫ُقلْ َمنْ َربّ السّمَاوَاتِ وَاْلأَرْ ِ‬ ‫ت وَالنّورُ‬ ‫ي أَ ْم َه ْل َتسْتَوِي الظّلُمَا ُ‬ ‫ضرّا ُق ْل َهلْ َيسَْتوِي اْلأَعْمَى وَالْبَصِ ُ‬ ‫ِلأَْن ُفسِ ِه ْم َنفْعًا َولَا َ‬ ‫أَ ْم َجعَلُوا لِ ّل ِه ُشرَكَاءَ خَلَقُوا َكخَ ْل ِقهِ فََتشَابَ َه الْخَ ْلقُ عَلَ ْي ِه ْم ُقلِ ال ّلهُ خَالِقُ ُك ّل َشيْءٍ وَ ُهوَ‬ ‫ت َأ ْودَِيةٌ بِ َقدَ ِرهَا فَاحْتَ َم َل السّ ْيلُ َزَبدًا‬ ‫الْوَا ِحدُ اْل َقهّارُ (‪َ )16‬أْنزَ َل ِمنَ السّمَا ِء مَا ًء َفسَالَ ْ‬ ‫ب ال ّلهُ‬ ‫ضرِ ُ‬ ‫ك يَ ْ‬ ‫رَابِيًا َومِمّا يُو ِقدُونَ عَلَ ْي ِه فِي النّا ِر ابْتِغَا َء حِلَْيةٍ َأ ْو مَتَاعٍ َزَبدٌ مِثْ ُلهُ َك َذلِ َ‬ ‫ب ُجفَا ًء َوَأمّا مَا يَ ْنفَ ُع النّاسَ فََي ْمكُثُ فِي الْأَرْضِ َك َذِلكَ‬ ‫حقّ وَالْبَا ِط َل َفَأمّا الزَّبدُ فََيذْهَ ُ‬ ‫الْ َ‬ ‫ب اللّ ُه الَْأمْثَالَ (‪)17‬‬ ‫ضرِ ُ‬ ‫يَ ْ‬ ‫‪ -16‬أمر ال نبيه أن يادل الشركي هاديا مبينا ‪ ،‬فقال له ‪ :‬قل لم ‪ -‬أيها النب ‪: -‬‬ ‫َمنْ الذى خلق السموات والرض ‪ ،‬وهو الافظ لما ‪ ،‬والسي لا فيهما؟ ث بي لم‬ ‫الواب الصحيح الذى ل يارون فيه ‪ ،‬فقل لم ‪ :‬هو ال العبود بق دون سواه ‪،‬‬ ‫فكان حقا عليكم أن تعبدوه ‪ -‬وحده ‪ -‬ث قل لم ‪ :‬أفترون الدلة الثبتة لنشائه ‪-‬‬ ‫وحده ‪ -‬كل شئ ‪ .‬وتتخذون مع ذلك أوثانا تعتبونا آلة من غي أن تقروا بوحدانيته‬ ‫‪ ،‬وهذه الوثان ل تلك لذاتا نفعا ول ضرا ‪ ،‬فكيف تسوونا بالالق الدبر ‪ ،‬إنكم‬ ‫تسوون بي الالق لكل شئ ومن ل يلك شيئا! فكنتم كمن يسوى بي التضادين ‪،‬‬ ‫‪164‬‬

‫فهل يستوى من يبصر ومن ل يبصر؟ وهل تستوى الظلمة التكاثفة الالكة والنور‬ ‫البي؟ أيسوغون تلك التسوية؟ أم ذهب بم فرط ضللم إل زعم أن أوثانم شركاء‬ ‫له ف اللق والتدبي ‪ ،‬فتشابه عليهم أمر اللق ‪ ،‬كما ضلوا العبادة ‪ ،‬قل لم ‪ ،‬أيها‬ ‫النب ‪ :‬ال ‪ -‬وحده ‪ -‬هو الالق لكل ما ف الوجود ‪ ،‬وهو التفرد باللق والعبادة ‪،‬‬ ‫الغالب على كل شئ ‪.‬‬ ‫‪ -17‬وأن نعمه تعال مرئية لكم ‪ ،‬وأصنامكم ل تأثي لا ف هذه النعم ‪ ،‬فهو الذى‬ ‫أنزل عليكم المطار من السحاب ‪ ،‬فتسيل با النار والوديان كل بالقدار الذى قدره‬ ‫ال تعال لنبات الزرع ‪ ،‬وإثار الشجر ‪ .‬والنار ف جريانا تمل ما ل نفع فيه ويعلو‬ ‫على سطحها ‪ ،‬فيكون فيها ما فيه نفع فيبقى ‪ ،‬وما ل نفع فيه يذهب ‪ .‬ومثل ذلك‬ ‫الق والباطل ‪ ،‬فالول يبقى والثان يذهب ‪ ،‬ومن العادن الت يصهرونا بالنار ما‬ ‫يتخذون منها حلية كالذهب والفضة ‪ ،‬ومنافع ينتفعون با كالديد والنحاس ‪ ،‬ومنها‬ ‫ما ل نفع فيه يعلو السطح ‪ ،‬وأن ما ل نفع فيه يرمى وينبذ ‪ ،‬وما فيه النفع يبقى ‪،‬‬ ‫كذلك المر ف العقائد ما هو ضلل يذهب ‪ ،‬وما هو صدق يبقى ‪ .‬وبثل هذا يبي ال‬ ‫سبحانه القائق ‪ ،‬ويثل بعضها ببعض لتكون كلها واضحة بينة ‪.‬‬ ‫ض جَمِيعًا‬ ‫حسْنَى وَاّلذِي َن َلمْ َيسْتَجِيبُوا َلهُ َلوْ أَنّ َل ُه ْم مَا فِي اْلأَرْ ِ‬ ‫لِ ّلذِينَ اسْتَجَابُوا ِل َربّ ِهمُ الْ ُ‬ ‫س الْ ِمهَادُ (‪)18‬‬ ‫ب وَ َم ْأوَا ُهمْ َجهَّنمُ َوبِئْ َ‬ ‫حسَا ِ‬ ‫وَمِثْ َل ُه َمعَ ُه لَافْتَ َدوْا ِبهِ أُولَِئكَ َل ُهمْ سُو ُء الْ ِ‬ ‫حقّ َك َمنْ ُه َو أَعْمَى إِنّمَا يََتذَ ّكرُ أُولُو الَْألْبَابِ (‬ ‫َأفَ َمنْ َيعْ َلمُ َأنّمَا ُأنْ ِزلَ إِلَ ْيكَ مِنْ َرّبكَ الْ َ‬ ‫‪ )19‬الّذِينَ يُوفُو َن ِب َعهْ ِد اللّ ِه َولَا يَ ْنقُضُونَ الْمِيثَاقَ (‪)20‬‬ ‫‪ -18‬وإن الناس ف تلقيهم للهدى قسمان ‪ :‬قسم أجاب دعوة ال الالق الدبر ‪،‬‬ ‫فلهم العاقبة السن ف الدنيا والخرة ‪ ،‬وقسم ل يُجب دعوة الذى أنشأه ‪ ،‬وهؤلء‬ ‫لم العاقبة ف الخرة ‪ ،‬ولو ثبت لم ملك كل ما ف الرض جيعا ومثله معه ‪ ،‬ما‬ ‫استطاعوا أن يدفعوا عن أنفسهم العاقبة السيئة ‪ ،‬ولكن أن يكون لم ذلك اللك؟‬ ‫ولذلك كان لم حساب يسوؤهم وينتهون به إل جهنم وبئس القرار والستقر ‪.‬‬ ‫‪ -19‬إن الهتدين والضالي ل يستوون ‪ ،‬فهل يكون الذى يعلم أن ما نزل عليك من‬ ‫‪165‬‬

‫ال الذى ربّاك وكوّنك واصطفاك لداء رسالته ‪ ،‬هو الق الذى ل شك فيه ‪ . .‬هل‬ ‫يكون كمن ضل عن الق ‪ ،‬حت صار كالعمى الذى ل يبصر؟ إنه ل يدرك الق وما‬ ‫يتذكر عظمة ال إل أصحاب العقول الت تفكر ‪.‬‬ ‫‪ -20‬أولئك الذين يدركون الق ‪ ،‬هم الذين يوفون بعهد ال تعال عليهم بقتضى‬ ‫الفطرة والتكوين وبقتضى توثيق عقودهم وعهودهم ‪ ،‬ول يقطعون الواثيق الت‬ ‫عقدوها باسم ال بينهم وبي العباد ‪ ،‬ول باليثاق الكب الذى عقده بالفطرة‬ ‫والتكوين ‪ ،‬وجعلهم يدركون الق ويؤمنون ‪ ،‬إل أن يضلوا ف يقينهم ‪.‬‬ ‫حسَابِ (‪)21‬‬ ‫شوْنَ َرّب ُه ْم وَيَخَافُونَ سُو َء الْ ِ‬ ‫خَ‬ ‫ص َل َويَ ْ‬ ‫وَاّلذِي َن يَصِلُونَ مَا َأمَ َر ال ّلهُ ِب ِه أَنْ يُو َ‬ ‫وَاّلذِينَ صََبرُوا ابِْتغَاءَ وَ ْجهِ َربّ ِه ْم وََأقَامُوا الصّلَاةَ وََأْنفَقُوا مِمّا رَ َزقْنَاهُ ْم ِسرّا وَعَلَانَِيةً‬ ‫ك َلهُمْ ُعقْبَى الدّارِ (‪ )22‬جَنّاتُ َعدْ ٍن َي ْدخُلُوَنهَا َومَنْ‬ ‫حسََنةِ السّيَّئةَ أُولَئِ َ‬ ‫وََيدْرَءُو َن بِالْ َ‬ ‫ح ِمنْ َآبَاِئهِ ْم َوأَ ْزوَاجِ ِه ْم َوذُرّيّاتِ ِه ْم وَالْمَلَائِ َك ُة يَ ْدخُلُونَ عَلَ ْي ِهمْ ِمنْ ُك ّل بَابٍ (‪)23‬‬ ‫صَ َل َ‬ ‫سَلَامٌ عَلَ ْي ُكمْ بِمَا صََب ْرُتمْ فَِنعْمَ ُعقْبَى الدّارِ (‪ )24‬وَالّذِينَ يَ ْنقُضُونَ َع ْهدَ ال ّل ِه ِمنْ َب ْعدِ‬ ‫ض أُولَِئكَ َل ُهمُ ال ّلعَْنةُ وََل ُهمْ‬ ‫سدُو َن فِي اْلأَرْ ِ‬ ‫ص َل َويُ ْف ِ‬ ‫مِيثَا ِق ِه وََيقْ َطعُونَ مَا َأمَ َر اللّ ُه ِبهِ أَ ْن يُو َ‬ ‫سُو ُء الدّارِ (‪)25‬‬ ‫‪ -21‬وأولئك الؤمنون من دأبم الحبة والطاعة ‪ ،‬إنم يعقدون الودة مع الناس‬ ‫ويصون ذوى أرحامهم ‪ ،‬ويؤيدون ولتم ف الق ‪ ،‬وهم يعرفون حق ال فيخشونه ‪،‬‬ ‫ويافون الساب الذى يسوؤهم يوم القيامة فيتوقّون الذنوب ما استطاعوا ‪.‬‬ ‫‪ -22‬وهم يصبون على الذى يطلبون رضا ال بتحمله ف سبيل إعلء الق ‪،‬‬ ‫ويؤدون الصلة على وجهها تطهيا لرواحهم وتذكرا لربم ‪ ،‬وينفقون من الال الذى‬ ‫أعطاهم ال ف السر والعلن من غي رياء ‪ ،‬ويدفعون السيئات بالسنات يقومون با ‪،‬‬ ‫وهم بذه الصفات لم العاقبة السنة ‪ ،‬بالقامة يوم القيامة بأحسن دار وهى النة ‪.‬‬ ‫‪ -23‬تلك العاقبة الطيبة إقامة مستمرة ف النات والنعيم ‪ ،‬يكونون فيها هم وآباؤهم‬ ‫الذين صلحت عقائدهم وأعمالم ‪ ،‬ومعهم أزواجهم وذرياتم واللئكة تييهم وتئَ‬ ‫إليهم من كل ناحية ‪.‬‬ ‫‪166‬‬

‫‪ -24‬وتقول لم ‪ :‬السلم الدائم لكم بسبب صبكم على الذى وصبكم ف‬ ‫مكافحة أهوائكم ‪ ،‬وما أحسن هذه العاقبة الت صرت إليها ‪ ،‬وهى القامة ف دار النعيم‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ -25‬وأن أوصاف الؤمني الطيبة تقابلها أوصاف الشركي الذميمة ‪ . .‬فالشركون‬ ‫ينقضون عهد ال الذى أخذه عليهم بقتضى الفطرة ووثقه ‪ ،‬فيخالفون فطرتم‬ ‫وعقولم بعبادتم حجارة ل تنفع ‪ ،‬ول تضر ‪ ،‬وينكثون ف عهودهم مع العباد ‪ ،‬ث‬ ‫يقطعون مودتم مع الناس وصلتهم بال ‪ ،‬فل يطيعون أوامره ول يفردونه بالعبادة‬ ‫ويفسدون ف الرض بالعتداء فيها ‪ ،‬وعدم إصلحها والنتفاع با ‪ ،‬وال سبحانه ل‬ ‫يب العبث والفساد ‪.‬‬ ‫ق لِ َم ْن َيشَا ُء َوَيقْدِ ُر َو َفرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدّنْيَا فِي اْلآَ ِخ َرةِ‬ ‫ط الرّزْ َ‬ ‫اللّ ُه يَ ْبسُ ُ‬ ‫ضلّ َمنْ‬ ‫ِإلّا مَتَاعٌ (‪َ )26‬وَيقُولُ اّلذِينَ َك َفرُوا لَ ْولَا ُأْنزِلَ عَ َل ْيهِ َآَيةٌ ِمنْ َرّبهِ ُق ْل إِ ّن اللّ َه يُ ِ‬ ‫َيشَا ُء َوَي ْهدِي ِإلَ ْيهِ َم ْن َأنَابَ (‪ )27‬الّذِينَ َآمَنُوا وَتَطْ َمِئنّ قُلُوُبهُ ْم ِبذِ ْكرِ ال ّلهِ َألَا بِذِ ْك ِر اللّهِ‬ ‫سنُ َم َآبٍ (‪)29‬‬ ‫تَطْمَِئ ّن الْقُلُوبُ (‪ )28‬اّلذِينَ َآمَنُوا وَعَ ِملُوا الصّالِحَاتِ طُوبَى لَ ُه ْم وَ ُح ْ‬ ‫ت ِم ْن قَبْ ِلهَا ُأ َممٌ لِتَتْ ُلوَ عَلَ ْي ِه ُم الّذِي أَ ْوحَيْنَا ِإلَ ْيكَ َو ُهمْ‬ ‫ك أَ ْرسَلْنَا َك فِي أُ ّم ٍة َقدْ خَلَ ْ‬ ‫َك َذلِ َ‬ ‫ت وَِإلَ ْيهِ مَتَابِ (‪)30‬‬ ‫يَ ْك ُفرُو َن بِال ّرحْ َمنِ ُقلْ ُهوَ َربّي لَا ِإَلهَ ِإلّا ُهوَ عَلَ ْي ِه َتوَكّلْ ُ‬ ‫‪ -26‬وإذا كان أولئك الشركون يرون أنم قد أُوتوا ما ًل وفيا ‪ ،‬والؤمنون فقراء‬ ‫ضعفاء ‪ ،‬فليعلموا أن ال تعال يعطى الرزق الوفي لن يشاء إذا أخذ ف السباب ‪،‬‬ ‫ويضيّقه على من يشاء ‪ ،‬فهو يعطيه للمؤمن وغي الؤمن ‪ ،‬فل تظنوا أن كثرة الال ف‬ ‫أيديهم دليل على أنم على الق ‪ ،‬ولكنهم يفرحون با أوتوا من مال ‪ ،‬مع أن ال تعال‬ ‫يعطى الدنيا لن يب ومن ل يب ‪ ،‬وما الياة الدنيا إل متع عارضة ضئيلة فانية ‪.‬‬ ‫‪ -27‬وأن أولئك الشركي تذهب بم اللجاجة فيقولون ‪ :‬هل أُنزل على النب من ال‬ ‫معجزة أخرى؟ فقل ‪ -‬أيها النب ‪ : -‬إن السبب ف عدم إيانكم ليس نقص العجزة ‪،‬‬ ‫إنا هو الضلل ‪ ،‬وال سبحانه وتعال يضل من يريد ضلله ما دام يسي ف طريق‬ ‫الضلل ‪ ،‬ويهدى إل الق من يرجع إل ال دائما ‪.‬‬ ‫‪167‬‬

‫‪ -28‬وأن هؤلء الذين يرجعون إل ال ‪ ،‬ويقبلون على الق ‪ ،‬هم الذين آمنوا وهم‬ ‫الذين تسكن قلوبم عند ذكر ال تعال بالقرآن وغيه ‪ ،‬وإن القلوب ل تسكن‬ ‫وتطمئن إل بتذكر عظمة ال وقدرته وطلب رضاه بطاعته ‪.‬‬ ‫‪ -29‬وإن الذين أذعنوا للحق ‪ ،‬وقاموا بالعمال الصالة ‪ ،‬لم العاقبة الطيبة والآل‬ ‫السن ‪.‬‬ ‫‪ -30‬كما أرسلنا إل الاضي من المم رسل بينوا لم الق ‪ ،‬فضل من ضل واهتدى‬ ‫من اهتدى ‪ ،‬وآتيناهم معجزات تدل على رسالتهم ‪ ،‬أرسلناك ف أمة العرب وغيهم ‪،‬‬ ‫وقد مضت من قبلهم أمم ‪ ،‬وكانت معجزتك القرآن لتقرأه لم قراءة توضح معانيه‬ ‫وجلله ‪ ،‬وهم جاحدون برحة ال عليهم بإنزال القرآن ‪ ،‬فقل لم ‪ -‬أيها النب ‪ : -‬ال‬ ‫هو الذى خلقن ويمين ويرحن ‪ ،‬ل إله يُعبد ‪ -‬بق ‪ -‬غيه ‪ ،‬أعتمد عليه ‪ -‬وحده‬ ‫ وإليه مرجعى ومرجعكم ‪.‬‬‫ض َأوْ كُ ّل َم ِبهِ الْ َم ْوتَى َبلْ لِ ّل ِه الَْأ ْمرُ‬ ‫ت ِبهِ الْجِبَالُ َأ ْو قُ ّطعَتْ بِ ِه الْأَرْ ُ‬ ‫وََل ْو أَ ّن ُقرْ َآنًا سُّيرَ ْ‬ ‫س جَمِيعًا َولَا َيزَالُ اّلذِينَ‬ ‫س اّلذِينَ َآمَنُوا أَ ْن َل ْو َيشَا ُء ال ّلهُ َل َهدَى النّا َ‬ ‫جَمِيعًا َأفَ َلمْ يَيْئَ ِ‬ ‫ح ّل َقرِيبًا ِم ْن دَارِ ِهمْ حَتّى َيأِْتيَ وَ ْع ُد ال ّلهِ إِ ّن ال ّلهَ لَا‬ ‫َك َفرُوا تُصِيُبهُ ْم بِمَا صََنعُوا قَارِ َع ٌة َأوْ تَ ُ‬ ‫ت لِ ّلذِينَ َكفَرُوا ُث ّم أَ َخ ْذتُ ُهمْ‬ ‫ك َفأَمْلَيْ ُ‬ ‫ف الْمِيعَادَ (‪ )31‬وََل َقدِ اسُْت ْهزِئَ ِب ُرسُ ٍل ِمنْ قَبْ ِل َ‬ ‫يُخْلِ ُ‬ ‫ت وَ َجعَلُوا لِ ّلهِ ُشرَكَاءَ‬ ‫فَكَيْفَ كَانَ ِعقَابِ (‪َ )32‬أفَ َم ْن هُ َو قَائِمٌ عَلَى ُك ّل َنفْسٍ بِمَا َكسََب ْ‬ ‫ض أَ ْم بِظَا ِهرٍ ِم َن الْ َقوْ ِل َبلْ ُزّينَ لِ ّلذِينَ َك َفرُوا‬ ‫ُقلْ سَمّوهُ ْم أَ ْم تُنَبّئُوَنهُ بِمَا لَا َيعْ َلمُ فِي الْأَرْ ِ‬ ‫صدّوا َع ِن السّبِيلِ َو َمنْ يُضْ ِل ِل ال ّلهُ فَمَا َلهُ ِم ْن هَادٍ (‪)33‬‬ ‫مَ ْك ُرهُ ْم وَ ُ‬ ‫‪ -31‬إنم يطلبون معجزة غي القرآن مع عظم تأثيه لو طلبوا الق وأذعنوا له ‪ ،‬فلو‬ ‫ثبت أن كتابا يُقرأ فتتحرك به البال من أماكنها ‪ ،‬أو تتصدع به الرض ‪ ،‬أو تاطب‬ ‫به الوتى ‪ ،‬لكان ذلك هو القرآن ‪ ،‬ولكنهم معاندون ‪ ،‬ول ‪ -‬وحده ‪ -‬المر كله ف‬ ‫العجزات وجزاء الاحدين ‪ ،‬وله ف ذلك القدرة الكاملة ‪ ،‬وإذا كانوا ف هذه الال‬ ‫من العناد ‪ ،‬أفل ييأس الذين أذعنوا للحق من أن يؤمن هؤلء الاحدين ‪ ،‬وإن‬ ‫جحودهم بإرادة ال ‪ ،‬ولو أراد أن يهتدى الناس جيعا لهتدوا ‪ ،‬وأن قدرة ال ظاهرة‬ ‫‪168‬‬

‫بي أيديهم ‪ ،‬فل يزالون تصيبهم بسبب أعمالم القوارع الشديدة الت تلكهم ‪ ،‬أو‬ ‫تنل قريبا منهم ‪ ،‬حت يكون الوعد الذى وعد ال به ‪ ،‬وال تعال ل يلف موعده ‪.‬‬ ‫‪ -32‬وإذا كان أولئك الاحدون قد استهزأوا با تدعو إليه وبالقرآن ‪ ،‬فقد سخروا‬ ‫بالرسل الذين أرسلوا قبلك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬فل تزن لن أمهل الذين جحدوا ث‬ ‫آخذهم فيكون العقاب الشديد الذى ل يقدر وصفه ول تُعرف حاله ‪.‬‬ ‫‪ -33‬إن الشركي ضلوا ف جحودهم ‪ ،‬فجعلوا ل شركاء ف العبادة ‪ ،‬فهل من هو‬ ‫حافظ مراقب لكل نفس مُحْصٍ عليها ما تكسب من خي أو شر ‪ ،‬تاثله هذه الوثان؟‬ ‫قل لم ‪ -‬أيها النب ‪ : -‬صفوهم بأوصافهم القيقية ‪ ،‬أهم أحياء؟ أهم يدفعون الضر‬ ‫عن أنفسهم؟ فإن كانت حجارة ل تنفع ول تضر ‪ ،‬فهل تدعون أنفسكم بأن يبوا‬ ‫ال با تتوهون أنه ل يعلمه ف هذه الرض ‪ ،‬أم تضعونم ف موضع العبادة بألفاظ‬ ‫تتلوى با ألسنتكم ‪ ،‬بل القيقة أنه زين لم تدبيهم وتويههم الباطل ‪ ،‬وبسبب ذلك‬ ‫صرفوا عن طريق الق وتاهوا ‪ ،‬ومن يكن ضللم مثلهم ‪ ،‬فلن يهديه أحد ‪ ،‬لنه‬ ‫صرف نفسه عن سبيل الداية ‪.‬‬ ‫َلهُمْ َعذَابٌ فِي الْحَيَا ِة ال ّدنْيَا َوَل َعذَابُ اْلآَ ِخ َرةِ أَ َش ّق وَمَا لَ ُه ْم ِمنَ ال ّلهِ ِم ْن وَاقٍ (‪ )34‬مََثلُ‬ ‫جرِي ِمنْ تَحِْتهَا اْلأَْنهَارُ أُكُ ُلهَا دَائِ ٌم وَظِّلهَا تِ ْلكَ ُعقْبَى اّلذِينَ‬ ‫الْجَّنةِ الّتِي وُ ِع َد الْمُّتقُو َن تَ ْ‬ ‫ب َيفْ َرحُو َن بِمَا ُأنْ ِزلَ إِلَ ْيكَ وَ ِمنَ‬ ‫اتّ َقوْا وَ ُعقْبَى اْلكَا ِفرِي َن النّارُ (‪ )35‬وَالّذِينَ َآتَيْنَا ُهمُ اْلكِتَا َ‬ ‫ت أَنْ أَعُْبدَ ال ّلهَ وَلَا أُ ْشرِ َك ِبهِ ِإلَ ْيهِ َأدْعُو َوإِلَ ْيهِ مَ َآبِ‬ ‫الَْأحْزَابِ َم ْن يُنْ ِك ُر َبعْضَ ُه ُقلْ إِنّمَا ُأ ِمرْ ُ‬ ‫ت َأهْوَا َء ُهمْ َب ْع َدمَا جَا َء َك ِمنَ اْلعِلْ ِم مَا َلكَ‬ ‫(‪ )36‬وَ َكذَِلكَ َأْن َزلْنَا ُه حُكْمًا َع َربِيّا وَلَِئ ِن اتّبَعْ َ‬ ‫ِمنَ ال ّلهِ ِم ْن َولِ ّي وَلَا وَاقٍ (‪)37‬‬ ‫‪ -34‬لم العذاب ف الدنيا بالزية والسر والقتل ‪ ،‬إن سار الؤمنون ف سبيل الق ‪،‬‬ ‫ولعذاب الخرة النازل بم ل مالة أشد وأدوْم ‪ ،‬وما لم أحد يقيهم من عذاب ال‬ ‫القاهر فوق كل شئ ‪.‬‬ ‫‪ -35‬وإذا كان لؤلء هذا العذاب ‪ ،‬فللمؤمني النة ونعيمها ‪ ،‬وقد وعدوا با ‪.‬‬ ‫وحال هذه النة الت وعد با أولئك الذين استقاموا على الق ‪ ،‬وجعلوا بينهم وبي‬ ‫‪169‬‬

‫الباطل وقاية من اليان أنا ترى من تت أشجارها الياه العذبة ثراتا دائمة ل‬ ‫تنقطع ‪ ،‬وظلها دائم ‪ .‬وهذه عاقبة الذين اتقوا الشر ‪ .‬أما الاحدون فعاقبتهم دخول‬ ‫النار ‪.‬‬ ‫‪ -36‬والذين أعطوا علم الكتب النلة من شأنم أن يفرحوا بالكتاب الذى أنزل‬ ‫عليك ‪ :‬لنه امتداد للرسالة اللية ‪ ،‬ومن يتخذون التدين تزبا ‪ :‬ينكرون بعض ما‬ ‫أنزل إليك عداوة وعصبية ‪ ،‬فقل ‪ -‬أيها النب ‪ : -‬إن ما أمرت إل بأن أعبد ال ل‬ ‫أشرك ف عبادته شيئا ‪ ،‬وإل عبادته ‪ -‬وحده ‪ -‬أدعو ‪ ،‬وإليه ‪ -‬وحده ‪ -‬مرجعى ‪.‬‬ ‫‪ -37‬ومِثْل النزال للكتب السماوية ‪ ،‬أنزلنا إليك القرآن حاكما للناس فيما بينهم ‪،‬‬ ‫وحاكما على الكتب السابقة بالصدق ‪ .‬وقد أنزلناه بلغة عربية ‪ ،‬فهو عرب ‪ ،‬ول‬ ‫تساير الشركي أو أهل الكتاب بعد الذى جاءك من الوحى والعلم ‪ ،‬ولئن سايرتم فما‬ ‫لك ناصر ينصرك من ال ‪ ،‬أو يقيك منه ‪ .‬والطاب للنب ‪ ،‬وهو أول بالؤمني ‪،‬‬ ‫والتحذير لم حقيقى ‪ ،‬وللنب لبيان أنه مع اصطفائه وعلو منلته قابل للتحذير ‪.‬‬ ‫وََل َقدْ أَ ْرسَلْنَا ُرسُلًا ِم ْن قَبْ ِلكَ َوجَعَلْنَا َلهُ ْم أَ ْزوَاجًا َوذُ ّرّيةً َومَا كَا َن ِل َرسُولٍ أَ ْن َي ْأتِ َي ِبآََي ٍة إِلّا‬ ‫ت وَعِ ْن َد ُه أُ ّم الْكِتَابِ (‪)39‬‬ ‫ِبإِذْ ِن ال ّلهِ ِل ُكلّ َأ َجلٍ كِتَابٌ (‪ )38‬يَ ْمحُوا ال ّلهُ مَا َيشَا ُء َويُثْبِ ُ‬ ‫حسَابُ (‬ ‫غ وَعَلَيْنَا الْ ِ‬ ‫ض الّذِي َنعِ ُد ُهمْ َأوْ نَتَ َوفّيَّنكَ َفِإنّمَا عَلَ ْيكَ الْبَلَا ُ‬ ‫وَإِ ْن مَا ُنرِيَّنكَ َبعْ َ‬ ‫حكْ ِم ِه َوهُوَ‬ ‫ح ُك ُم لَا ُم َعقّبَ لِ ُ‬ ‫صهَا ِم ْن أَ ْطرَافِهَا وَال ّلهُ يَ ْ‬ ‫ض نَ ْنقُ ُ‬ ‫‪ )40‬أَ َوَلمْ َي َروْا َأنّا َن ْأتِي الْأَرْ َ‬ ‫حسَابِ (‪)41‬‬ ‫سَرِي ُع الْ ِ‬ ‫‪ -38‬وإذا كان الشركون يثيون العجب من أن لك أزواجا وذرية ‪ ،‬ويطلبون معجزة‬ ‫غي القرآن ‪ ،‬فقد أرسلنا من قبلك رسل لم أزواج وأولد ‪ ،‬فالرسول من البشر له‬ ‫أوصاف البشر ‪ ،‬ولكنه خي كله ‪ ،‬وليس لنب أن يأتى بعجزة كما يب أو يب‬ ‫قومه ‪ ،‬بل الذى يأتى بالعجزة هو ال ‪ ،‬وهو الذى يأذن له با ‪ .‬لكل جيل من الجيال‬ ‫أمر كتبه ال لم يصلح به أمرهم ‪ ،‬فلكل جيل معجزته الت تناسبه ‪.‬‬ ‫‪ -39‬يحو ال ما يشاء من شرائع ومعجزات ‪ ،‬ويل ملها ما يشاء ويثبته وعنده أصل‬ ‫الشرائع الثابت الذى ل يتغي ‪ ،‬وهو الوحدانية وأمهات الفضائل ‪ ،‬وغي ذلك ‪.‬‬ ‫‪170‬‬

‫‪ -40‬ولئن أريناك بعض الذى نعدهم من ثواب أو عقاب ‪ ،‬أو توفّيناك قبل ذلك ‪،‬‬ ‫لرأيت هول ما ينل بالشركي ‪ ،‬ولرأيت نعيم الؤمني ‪ ،‬وليس عليك هذا ‪ ،‬إنا الذى‬ ‫عليك أن تبلغ الرسالة والساب علينا وحدنا ‪.‬‬ ‫‪ -41‬وإن أمارات العذاب والزية قائمة ‪ ،‬أل ينظروا إل أنّا نأتى الرض الت قد‬ ‫استولوا عليها ‪ ،‬يأخذها منهم الؤمنون جزءا بعد جزء؟ وبذلك ننقص عليهم الرض‬ ‫من حولم ‪ ،‬وال ‪ -‬وحده ‪ -‬هو الذى يكم بالنصر أو الزية ‪ ،‬والثواب أو العقاب ‪،‬‬ ‫ول راد لكمه ‪ ،‬وحسابه سريع ف وقته ‪ ،‬فل يتاج الفصل إل وقت طويل ‪ ،‬لن‬ ‫عنده علم كل شئ ‪ ،‬فالبينات قائمة ‪.‬‬ ‫س وَسََيعْ َلمُ اْلكُفّارُ‬ ‫َوقَ ْد مَ َك َر الّذِينَ ِم ْن قَبْ ِل ِهمْ فَلِ ّل ِه الْ َمكْ ُر جَمِيعًا َيعْ َلمُ مَا تَ ْكسِبُ ُك ّل َنفْ ٍ‬ ‫ت ُمرْسَلًا ُقلْ َكفَى بِال ّل ِه شَهِيدًا بَيْنِي‬ ‫لِ َمنْ ُعقْبَى الدّارِ (‪ )42‬وََيقُو ُل الّذِينَ َك َفرُوا َلسْ َ‬ ‫وَبَيَْن ُكمْ َو َمنْ عِ ْن َدهُ عِ ْل ُم الْكِتَابِ (‪)43‬‬ ‫‪ -42‬وقد دبّر الذين من قبلهم التّدبي السيئ لرسلهم ‪ ،‬ول سبحانه تدبي المر كله‬ ‫ف حاضر الكافرين وقابلهم ‪ ،‬وسيكون الزاء على ما يصنعون ‪ ،‬وهو يعلم ما تعمله‬ ‫كل نفس ‪ .‬وإذا كانوا يهلون أن العاقبة السنة للمؤمني ‪ ،‬فسيعلمون يوم القيامة ‪-‬‬ ‫بالرؤية ‪ -‬لن تكون العاقبة السنة بالقامة ف دار النعيم ‪.‬‬ ‫‪ -43‬والغاية من الراء الذى يقوم به الذين جحدوا ول يذعنوا للحق أن يقولوا لك ‪-‬‬ ‫أيها النب ‪ -‬لست مرسل من عند ال ‪ ،‬فقل لم ‪ :‬حسب أن ال هو الذى يكم بين‬ ‫وبينكم ‪ ،‬والذى يعلم حقيقة القرآن ‪ ،‬وما يدل عليه من إعجاز باهر تُدركه العقول‬ ‫السليمة ‪.‬‬ ‫صرَاطِ‬ ‫ت ِإلَى النّو ِر ِبِإذْنِ َرّب ِه ْم إِلَى ِ‬ ‫ج النّاسَ ِمنَ الظّ ُلمَا ِ‬ ‫خرِ َ‬ ‫ك لِتُ ْ‬ ‫الر كِتَابٌ َأْن َزلْنَا ُه ِإلَيْ َ‬ ‫ض َووَْيلٌ لِلْكَافِرِينَ ِمنْ‬ ‫ت َومَا فِي اْلأَرْ ِ‬ ‫الْ َعزِي ِز الْحَمِيدِ (‪ )1‬اللّ ِه الّذِي َلهُ مَا فِي السّمَاوَا ِ‬ ‫ب َشدِيدٍ (‪)2‬‬ ‫َعذَا ٍ‬

‫‪171‬‬

‫‪ -1‬ألف ‪ .‬لم ‪ .‬راء ‪ :‬ف البتداء بذه الروف تنبيه إل إعجاز القرآن ‪ ،‬مع أنه‬ ‫مكون من حروف يتكلمون با ‪ ،‬وتنبيه للستماع ‪ .‬هذا الذكور ف السورة كتاب‬ ‫منل إليك يا ممد من عندنا ‪ ،‬لتخرج الناس كافة من ظلمات الكفر والهل إل نور‬ ‫اليان والعلم بتيسي ربم ‪.‬‬ ‫‪ -2‬طريق ال الذى له كل ما ف السموات وما ف الرض ‪ -‬خلْقا ومُلْكا ‪ -‬إذا كان‬ ‫هذا هو حال الله الق ‪ ،‬فاللك بعذاب شديد للكافرين ‪.‬‬ ‫صدّونَ َعنْ سَبِي ِل اللّ ِه َويَ ْبغُوَنهَا ِع َوجًا‬ ‫الّذِينَ َيسْتَحِبّو َن الْحَيَاةَ ال ّدنْيَا َعلَى اْلآَ ِخ َرةِ َويَ ُ‬ ‫ض ّل اللّهُ‬ ‫أُولَِئكَ فِي ضَلَالٍ َبعِيدٍ (‪َ )3‬ومَا أَ ْرسَلْنَا ِمنْ َرسُو ٍل ِإلّا بِ ِلسَانِ َق ْو ِمهِ لِيُبَّي َن َلهُ ْم فَيُ ِ‬ ‫حكِيمُ (‪ )4‬وََل َقدْ أَ ْرسَلْنَا مُوسَى ِبآَيَاتِنَا أَنْ‬ ‫َمنْ َيشَا ُء َويَ ْهدِي مَ ْن َيشَا ُء وَ ُهوَ اْل َعزِي ُز الْ َ‬ ‫ت لِ ُكلّ صَبّارٍ‬ ‫ج َقوْ َمكَ ِم َن الظّلُمَاتِ ِإلَى النّورِ َوذَ ّك ْرهُ ْم ِبأَيّا ِم ال ّلهِ إِ ّن فِي َذِلكَ َل َآيَا ٍ‬ ‫أَ ْخرِ ْ‬ ‫شَكُورٍ (‪َ )5‬وِإذْ قَالَ مُوسَى لِ َق ْومِ ِه اذْ ُكرُوا نِعْ َم َة ال ّلهِ عَلَ ْيكُ ْم ِإذْ َأنْجَا ُك ْم ِمنْ َآلِ ِفرْ َعوْنَ‬ ‫َيسُومُوَنكُ ْم سُوءَ اْل َعذَابِ َوُي َذبّحُونَ َأبْنَاءَ ُك ْم وََيسْتَحْيُو َن ِنسَاءَ ُك ْم َوفِي َذلِ ُكمْ بَلَا ٌء ِمنْ‬ ‫شدِيدٌ‬ ‫َرّبكُمْ عَظِيمٌ (‪َ )6‬وِإذْ َتَأذّنَ َربّ ُك ْم لَِئنْ َش َكرُْتمْ َلأَزِيدَّن ُكمْ َولَِئنْ َكفَ ْرُتمْ إِنّ َعذَابِي َل َ‬ ‫(‪)7‬‬ ‫‪ -3‬الذين يفضلون الياة الدنيا على الخرة ‪ ،‬وينعون الناس عن شريعة ال ‪،‬‬ ‫ويرغبون أن تصي الشريعة معوجة ف نظر الناس لينفروا منها؛ أولئك الوصوفون با‬ ‫ذكر قد ضلوا ضلل بعيدا عن الق ‪.‬‬ ‫‪ -4‬وما أرسلنا رسول قبلك ‪ -‬يا أيها النب ‪ -‬إل متكلما بلغة قومه الذين بعثناه فيهم‬ ‫ليفهمهم ما أتى به ‪ ،‬فيفقهوه ويدركوه بسهولة ‪ ،‬وليس عليه هدايتهم ‪ ،‬فال يضل من‬ ‫يشاء لعدم استعداده لطلب الق ‪ ،‬ويهدى من يشاء لسن استعداده ‪ ،‬وهو القوى‬ ‫الذى ل يغلب على مشيئته ‪ ،‬والذى يضع المور ف مواضعها ‪ ،‬فل يهدى ول يضل‬ ‫إل لكمة ‪.‬‬ ‫‪ -5‬ولقد أرسلنا موسى مؤيدا بعجزاتنا ‪ ،‬وقلنا له ‪ :‬أخرج قومك بن إسرائيل من‬ ‫ظلمات الكفر والهل إل نور اليان والعلم ‪ ،‬وذكّرهم بالوقائع والنقم الت أوقعها ال‬ ‫‪172‬‬

‫بالمم قبلهم ‪ .‬إن ف ذلك التذكي دلئل عظيمة على وحدانية ال ‪ ،‬تدعو إل اليان‬ ‫وإل كل ما يتحقق به كمال الصب على البلء ‪ ،‬والشكر على النعماء ‪ ،‬وهذه صفة‬ ‫الؤمن ‪.‬‬ ‫‪ -6‬واذْكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬لقومك ‪ ،‬لعلهم يعتبون ‪ ،‬وقت قول موسى لقومه تنفيذا‬ ‫لمر ربك ‪ :‬اذكروا نعمة ال عليكم ‪ ،‬حي أناكم من قوم فرعون وهم يذيقونكم‬ ‫العذاب الليم ‪ ،‬بتكليفكم العمال الشاقة ‪ ،‬ويذبون أبناءكم الذكور ‪ ،‬ويستبقون‬ ‫نساءكم بل قتل ذليلت مهانات ‪ ،‬وف كل ما ذكر من التعذيب والناء اختبار من‬ ‫ال عظيم ‪ ،‬ليظهر مقدار الصب والشكر ‪.‬‬ ‫‪ -7‬واذكروا ‪ -‬يا بن إسرائيل ‪ -‬حي أعلمكم ربكم وقال ‪ :‬وال إن شكرت ما‬ ‫وهبتكم من نعمة الناء وغيها ‪ ،‬وبالثبات على اليان والطاعة لزيدنكم من نعمى ‪،‬‬ ‫وإن جحدت نعمى بالكفر والعصية ‪ ،‬لعذبنكم عذابا مؤلا ‪ ،‬لن عذاب شديد‬ ‫للجاحدين ‪.‬‬ ‫َوقَالَ مُوسَى إِنْ تَ ْك ُفرُوا َأنُْت ْم وَ َم ْن فِي اْلأَرْضِ جَمِيعًا َفإِنّ ال ّل َه َلغَنِ ّي حَمِيدٌ (‪َ )8‬أَلمْ َي ْأتِ ُكمْ‬ ‫ح وَعَادٍ َوثَمُودَ وَالّذِينَ ِم ْن َبعْ ِدهِ ْم لَا َيعْلَ ُم ُه ْم ِإلّا اللّ ُه جَا َءتْ ُهمْ‬ ‫نََبأُ اّلذِي َن ِمنْ قَبْ ِل ُكمْ َقوْ ِم نُو ٍ‬ ‫ُرسُ ُلهُ ْم بِالْبَيّنَاتِ َف َردّوا َأْيدَِي ُهمْ فِي أَ ْفوَا ِه ِهمْ َوقَالُوا ِإنّا َكفَ ْرنَا بِمَا أُ ْرسِلُْتمْ ِب ِه َوإِنّا َلفِي‬ ‫ك فَا ِطرِ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ‬ ‫ك مِمّا تَدْعُونَنَا ِإلَ ْيهِ ُمرِيبٍ (‪ )9‬قَالَتْ ُرسُ ُل ُهمْ َأفِي ال ّلهِ شَ ّ‬ ‫شَ ّ‬ ‫شرٌ مِثْلُنَا‬ ‫َيدْعُو ُك ْم لَِيغْ ِف َر لَ ُك ْم ِمنْ ُذنُوِب ُكمْ َويُ َؤ ّخرَ ُكمْ ِإلَى َأجَ ٍل ُمسَمّى قَالُوا إِ ْن َأنْتُ ْم ِإلّا َب َ‬ ‫ت َل ُهمْ ُرسُ ُل ُهمْ‬ ‫صدّونَا عَمّا كَا َن َيعُْبدُ َآبَا ُؤنَا َف ْأتُونَا ِبسُلْطَا ٍن مُبِيٍ (‪ )10‬قَالَ ْ‬ ‫ُترِيدُونَ أَ ْن تَ ُ‬ ‫حنُ إِلّا َبشَ ٌر مِثْ ُلكُ ْم َولَ ِكنّ ال ّل َه يَ ُمنّ عَلَى َمنْ َيشَا ُء ِمنْ عِبَا ِدهِ َومَا كَا َن لَنَا أَ ْن نَ ْأتَِيكُمْ‬ ‫إِ ْن نَ ْ‬ ‫ِبسُلْطَانٍ ِإلّا ِبِإذْ ِن اللّ ِه وَعَلَى ال ّل ِه فَلْيََتوَ ّكلِ الْ ُم ْؤمِنُونَ (‪)11‬‬ ‫‪ -8‬وقال موسى لقومه ‪ -‬حينما عاندوا وجحدوا ‪ : -‬إن تحدوا نعم ال ول‬ ‫تشكروها باليان والطاعة ‪ ،‬أنتم وجيع من ف الرض ‪ ،‬فإن ذلك لن يضر ال شيئا ‪،‬‬ ‫لن ال غن عن شكر الشاكرين ‪ ،‬مستوجب المد بذاته ‪ ،‬وإن ل يمده أحد ‪.‬‬ ‫‪ -9‬أل يصل إليكم خب الذين مَضوْا من قبلكم ‪ ،‬قوم نوح وعاد وثود ‪ ،‬والمم الذين‬ ‫‪173‬‬

‫جاءوا من بعدهم ‪ ،‬وهم ل يعلمهم إل ال لكثرتم ‪ ،‬وقد جاءتم رسلهم بالُجج‬ ‫الواضحة على صدقهم ‪ ،‬فوضعوا أيديهم على أفواههم استغرابا واستنكارا ‪ ،‬وقالوا‬ ‫للرسل ‪ :‬إنا كفرنا با جئتم به من العجزات والدلة ‪ ،‬وإنا لفى شك ما تدعوننا إليه‬ ‫من اليان والتوحيد ‪ ،‬لننا ل نطمئن إليه ونشك فيه ‪.‬‬ ‫‪ -10‬قالت الرسل لقوامهم ‪ -‬منكرين عليهم شكهم ف وجود ال ووحدانيته ‪،‬‬ ‫متعجبي من ذلك ‪ -‬أف وجود ال وألوهيته ‪ -‬وحده ‪ -‬شك ‪ ،‬وهو خالق السموات‬ ‫والرض على غي مثال يتذيه ‪ ،‬وهو يدعوكم ليغفر لكم بعض ذنوبكم الت وقعت‬ ‫منكم قبل اليان ‪ ،‬ويؤخركم إل انتهاء آجالكم؟! قالت القوام لرسلهم تعنتا ‪ :‬ما‬ ‫أنتم إل بشر مثلنا ‪ ،‬ل فضل لكم علينا يؤهلكم للرسالة ‪ . .‬تريدون أن تنعونا با‬ ‫تدعوننا إليه عمّا كان عليه آباؤنا من العبادة ‪ ،‬فأتونا بُجة واضحة ما نقترحه عليكم ‪.‬‬ ‫‪ -11‬قالت لم رسلهم ‪ :‬ما نن إل بشر مثلكم كما قلتم ‪ ،‬ولكن ال يصطفى من‬ ‫يشاء من عباده فيخصهم بالنبوة والرسالة ‪ ،‬وما كان ف قدرتنا أن نأتيكم بُجة ما‬ ‫تقترحون إل بتيسي منه ‪ ،‬وعلى ال ‪ -‬وحده ‪ -‬فليتوكل الؤمنون ولنتوكل عليه‬ ‫بالصب على معاندتكم ‪.‬‬ ‫وَمَا لَنَا َألّا نََتوَ ّكلَ عَلَى ال ّل ِه َوقَ ْد َهدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصِْبرَنّ عَلَى مَا َآ َذيْتُمُونَا وَعَلَى ال ّلهِ‬ ‫خ ِرجَّنكُ ْم ِمنْ أَ ْرضِنَا َأوْ‬ ‫فَلْيََتوَ ّكلِ الْمَُتوَكّلُونَ (‪َ )12‬وقَالَ اّلذِينَ َك َفرُوا ِلرُسُ ِل ِهمْ لَنُ ْ‬ ‫ض ِمنْ‬ ‫لََتعُودُ ّن فِي مِلّتِنَا َفأَ ْوحَى ِإلَيْ ِهمْ َرّبهُ ْم لَُنهْ ِلكَ ّن الظّالِ ِميَ (‪َ )13‬ولَُنسْكِنَّن ُكمُ اْلأَرْ َ‬ ‫ف وَعِيدِ (‪ )14‬وَاسَْتفْتَحُوا َوخَابَ ُكلّ جَبّارٍ عَنِيدٍ (‬ ‫ك لِ َم ْن خَافَ َمقَامِي وَخَا َ‬ ‫َبعْ ِدهِ ْم َذلِ َ‬ ‫جرّ ُع ُه َولَا َيكَا ُد ُيسِيغُ ُه َويَ ْأتِيهِ‬ ‫صدِيدٍ (‪ )16‬يَتَ َ‬ ‫‪ِ )15‬منْ وَرَائِ ِه َجهَّنمُ َوُيسْقَى ِم ْن مَاءٍ َ‬ ‫ت َومِ ْن وَرَاِئهِ َعذَابٌ غَلِيظٌ (‪)17‬‬ ‫الْمَ ْوتُ مِنْ ُك ّل َمكَا ٍن َومَا ُهوَ بِمَيّ ٍ‬ ‫‪ -12‬وأى عذر لنا ف ترك التوكل على ال ‪ ،‬وهو قد أرشدنا إل سبيله ومنهاجه الذى‬ ‫شرع له ‪ ،‬وأوجب عليه سلوكه ف الدين ‪ ،‬وإنا لنؤكد توكلنا على ال ‪ ،‬ولنصبن‬

‫‪174‬‬

‫على أذاكم لنا بالعناد واقتراح العجزات ‪ ،‬وال ‪ -‬وحده ‪ -‬هو الذى يتوكل عليه‬ ‫التوكلون ‪.‬‬ ‫‪ -13‬عمد الكفار التجبون إل القوة ‪ ،‬بعد أن عجزوا جيعا عن مقاومة الدليل ‪،‬‬ ‫وقالوا لرسلهم ‪ :‬ليكونن أحد أمرين ‪ :‬إما أن نرجكم من أرضنا ‪ ،‬وإما أن تدخلوا ف‬ ‫ديننا ‪ ،‬فأوحى ال إل الرسل قائل ‪ :‬لنهلكن الكافرين لظلمهم ‪.‬‬ ‫‪ -14‬ولُنسْكننّكم أرضهم من بعد هلكهم ‪ .‬وذلك السكان للمؤمني حق لن خاف‬ ‫موقف حساب ‪ ،‬وخاف وعيدى بالعذاب ‪ ،‬فإن من غلب عليه الوف أطاع ‪.‬‬ ‫‪ -15‬إن الرسل استنصروا على أقوامهم لا يئسوا من إيانم وطلبوا النصر من ربم‬ ‫على الكافرين من أقوامهم ‪ ،‬فنصرهم ال وربوا ‪ ،‬وخسر كل متكب عن طاعة ال‬ ‫شديد العناد ‪.‬‬ ‫‪ -16‬وقد استقبل الزية ف الدنيا ‪ ،‬ومن ورائه ف الخرة عذاب جهنم ‪ ،‬وُيسْقى فيها‬ ‫من ماء كريه ‪ ،‬وهو كالصديد يسيل من أهل النار ‪.‬‬ ‫‪ -17‬يتكلف شربه كأنه يبتلعه مرة أخرى ‪ ،‬ول يقرب من استساغته لنه ل يكن أن‬ ‫يستساغ لكراهته وقذارته وييط به أسباب الوت من الشدائد من كل جهة ‪ ،‬وما هو‬ ‫ف جهنم بيت فيستريح ما هو فيه ‪ ،‬بل يستقبل ف كل وقت عذابا أشد ‪.‬‬ ‫ف لَا يَ ْقدِرُونَ‬ ‫ح فِي َيوْمٍ عَاصِ ٍ‬ ‫ت ِبهِ الرّي ُ‬ ‫مََثلُ اّلذِينَ َك َفرُوا ِبرَّب ِهمْ أَ ْعمَاُل ُهمْ َك َرمَادٍ اشَْتدّ ْ‬ ‫مِمّا َكسَبُوا عَلَى شَيْ ٍء َذِلكَ ُهوَ الضّلَالُ الَْبعِيدُ (‪َ )18‬أَلمْ َت َر أَ ّن اللّ َه خَ َلقَ السّمَاوَاتِ‬ ‫ت بِخَ ْل ٍق َجدِيدٍ (‪َ )19‬ومَا َذِلكَ عَلَى ال ّلهِ ِب َعزِيزٍ (‬ ‫شأْ ُي ْذهِبْ ُكمْ َوَيأْ ِ‬ ‫ح ّق إِ ْن َي َ‬ ‫ض بِالْ َ‬ ‫وَاْلأَرْ َ‬ ‫‪ )20‬وََبرَزُوا لِ ّل ِه جَمِيعًا َفقَا َل الضّ َعفَا ُء لِ ّلذِينَ اسَْتكَْبرُوا ِإنّا كُنّا لَ ُكمْ تََبعًا َفهَ ْل َأنُْتمْ‬ ‫ب اللّ ِه ِمنْ شَيْ ٍء قَالُوا َل ْو َهدَانَا ال ّلهُ َل َه َديْنَا ُك ْم سَوَاءٌ عَلَ ْينَا َأ َجزِعْنَا أَمْ‬ ‫ُمغْنُونَ عَنّا ِمنْ َعذَا ِ‬ ‫صََب ْرنَا مَا لَنَا ِم ْن مَحِيصٍ (‪)21‬‬

‫‪175‬‬

‫‪ -18‬إن حال أعمال اليّرين الكافرين الدنيوية وكسبهم فيها ‪ -‬لبنائها على غي‬ ‫أساس من اليان ‪ -‬كحال رماد اشتدت لتفريقه الريح ف يوم شديد العواصف ‪ ،‬ل‬ ‫يقدرون يوم القيامة على شئ ما كسبوا ف الدنيا من تلك العمال فل يكنهم النتفاع‬ ‫بشئ منها إذ ل يرون لا أثرا من الثواب ‪ ،‬كما ل يقدر صاحب الرماد التطاير ف‬ ‫الريح على إمساك شئ منه ‪ ،‬وهؤلء الضالون يسبون أنم مسنون ‪ ،‬مع أن أعمالم‬ ‫بعيدة أشد البعد عن طريق الق ‪.‬‬ ‫‪ -19‬أل تعلم ‪ -‬أيها الخاطب ‪ -‬أن ال تعال خلق السموات والرض لتقوما على‬ ‫الق بقتضى حكمته ‪ ،‬ومن قدر على هذا كان قادرا على إهلككم أيها الكافرون‬ ‫والتيان بلق جديد غيكم يعترفون بوجوده ووحدانيته إذا شاء ‪.‬‬ ‫‪ -20‬وما ذلك الذهاب والتيان على ال بتعذر ول بتعسر ‪.‬‬ ‫‪ -21‬وسيظهر الكفار جيعا من قبورهم للرائي ‪ -‬لجل حساب ال تعال ‪ -‬ظهورا ل‬ ‫شك فيه كأنه واقع الن فعل ‪ ،‬فيقول ضعفاء الرأى من التباع للقادة الستكبين ‪ :‬إنا‬ ‫كنا لكم تابعي ف تكذيب الرسل وماربتهم والعراض عن نصائحهم ‪ ،‬فهل أنتم اليوم‬ ‫دافعون عنا من عذاب ال بعض الشئ؟ قال الستكبون ‪ :‬لو هدانا ال إل طريق‬ ‫النجاة ووفقنا له لرشدنا ودعوناكم إليه ‪ ،‬ولكن ضللنا فأضللناكم ‪ ،‬أى اخترنا لكم‬ ‫ما اخترناه لنفسنا ‪ ،‬ونن وأنتم الن سواء علينا الزع والصب ‪ ،‬ليس لنا مهرب من‬ ‫العذاب ‪.‬‬ ‫ح ّق َووَ َعدُْت ُكمْ َفَأخْلَفُْت ُكمْ َومَا‬ ‫ض َي الَْأ ْمرُ إِ ّن ال ّلهَ وَ َعدَ ُك ْم وَ ْعدَ الْ َ‬ ‫َوقَالَ الشّيْطَا ُن لَمّا قُ ِ‬ ‫كَا َن لِيَ عَ َل ْيكُ ْم ِمنْ سُلْطَا ٍن ِإلّا أَ ْن دَ َع ْوتُ ُكمْ فَاسْتَجَبُْت ْم لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا َأْن ُفسَ ُكمْ‬ ‫ت بِمَا أَ ْشرَكْتُمُو ِن ِمنْ قَ ْبلُ إِ ّن الظّالِ ِميَ‬ ‫ص ِرخِ ّي ِإنّي َك َفرْ ُ‬ ‫ص ِر ِخكُ ْم َومَا َأنْتُ ْم بِمُ ْ‬ ‫مَا َأنَا بِمُ ْ‬ ‫جرِي ِمنْ تَحِْتهَا‬ ‫ت تَ ْ‬ ‫َلهُمْ َعذَابٌ َألِيمٌ (‪ )22‬وَُأ ْدخِ َل اّلذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ جَنّا ٍ‬ ‫ض َربَ ال ّلهُ مَثَلًا‬ ‫الَْأْنهَا ُر خَاِلدِي َن فِيهَا ِبِإذْنِ َرّبهِ ْم تَحِيُّت ُه ْم فِيهَا سَلَامٌ (‪َ )23‬ألَ ْم َترَ َكيْفَ َ‬ ‫ت َوفَرْ ُعهَا فِي السّمَاءِ (‪ )24‬تُ ْؤتِي أُكُ َلهَا ُك ّل حِيٍ‬ ‫ج َرةٍ طَيَّب ٍة أَصْ ُلهَا ثَابِ ٌ‬ ‫كَلِ َمةً َطيَّبةً َكشَ َ‬ ‫‪176‬‬

‫س َلعَلّ ُه ْم يََتذَكّرُونَ (‪َ )25‬ومََثلُ كَلِ َم ٍة خَبِيَثةٍ‬ ‫ب ال ّلهُ اْلأَمْثَالَ لِلنّا ِ‬ ‫ضرِ ُ‬ ‫ِبإِذْنِ َرّبهَا َويَ ْ‬ ‫ض مَا َلهَا ِم ْن َقرَارٍ (‪)26‬‬ ‫ق اْلأَرْ ِ‬ ‫ت ِمنْ فَوْ ِ‬ ‫ج َر ٍة خَبِيَثةٍ اجْتُثّ ْ‬ ‫َكشَ َ‬ ‫‪ -22‬ويقول إبليس ‪ -‬حي يقضى ال المر بتنعيم الطائعي وتعذيب العاصي ‪ -‬لن‬ ‫اتبعه ‪ :‬إن ال تعال وعدكم وعدا حقا بالبعث والزاء فأنزه ‪ ،‬ووعدتكم وعدا باطل‬ ‫بأن ل بعث ول جزاء فأخلفتكم وعدى ‪ ،‬وما كان ل عليكم قوة أقهركم با على‬ ‫اتباعى ‪ ،‬لكن دعوتكم بوسوست إل الضللة فأسرعتم إل طاعت ‪ ،‬فل تلومون‬ ‫بوسوست ‪ ،‬ولوموا أنفسكم على إجابت وما أنا اليوم بغيثكم من العذاب ‪ ،‬وما أنتم‬ ‫بغيثىّ ‪ .‬إن جحدت اليوم إشراككم إياى مع ال ف الدنيا حيث أطعتمون كما يطيع‬ ‫العبد ربه ‪ .‬إن الكافرين لم عذاب مؤل ‪.‬‬ ‫‪ -23‬وأُدخل ف الخرة الذين صدقوا وعملوا العمال الصالة جنات ترى من تت‬ ‫قصورها النار خالدين فيها بإذن ال تعال وأمره ‪ ،‬تيتهم فيها من اللئكة تفيد المن‬ ‫والطمئنان ‪.‬‬ ‫‪ -24‬أل تعلم ‪ -‬ايها النسان ‪ -‬كيف ضرب ال مثل لكلمة الق الطيبة ‪ ،‬وكلمة‬ ‫الباطل البيثة ‪ ،‬فجعل الكلمة السنة الفائدة مثل شجرة حسنة النفعة ‪ ،‬أصلها ضارب‬ ‫بذورها ف الرض ‪ ،‬وأفنانا مرتفعة إل جهة السماء ‪.‬‬ ‫‪ -25‬تعطى ثرها كل وقت عيّنه ال؛ لثارها بإرادة خالقها ‪ ،‬كذلك كلمة التوحيد‬ ‫ثابتة ف قلب الؤمن ‪ ،‬وعمله يصعد إل ال ‪ ،‬وينال بركته وثوابه كل وقت ‪ ،‬ويبيّن ال‬ ‫المثال للناس ‪ ،‬فيشبه العان بالحسوسات ليتعظوا فيؤمنوا ‪.‬‬ ‫‪ -26‬الكلمة الباطلة البيثة شبيهة بشجرة خبيثة ‪ ،‬كأنا اقتلعت ‪ ،‬وكأنا ملقاة على‬ ‫الرض لنا ليس لا ثبات فيها ‪ ،‬كذلك كلمة الباطل داحضة ل ثبات لا ‪ .‬لنا ل‬ ‫تعاضد بُجة ‪.‬‬

‫‪177‬‬

‫ضلّ ال ّل ُه الظّالِمِيَ‬ ‫ت فِي الْحَيَا ِة ال ّدنْيَا َوفِي اْلآَ ِخ َرةِ َويُ ِ‬ ‫ت اللّ ُه اّلذِينَ َآمَنُوا بِالْ َقوْ ِل الثّابِ ِ‬ ‫يُثَبّ ُ‬ ‫وََي ْف َعلُ ال ّلهُ مَا َيشَاءُ (‪َ )27‬أَلمْ َت َر ِإلَى الّذِينَ َب ّدلُوا نِعْ َم َة ال ّلهِ ُك ْفرًا َوَأحَلّوا قَ ْو َم ُهمْ دَارَ‬ ‫س الْ َقرَارُ (‪ )29‬وَ َجعَلُوا لِ ّلهِ َأْندَادًا لِيُضِلّوا َع ْن سَبِي ِلهِ‬ ‫الْبَوَارِ (‪ )28‬جَهَّن َم يَصْ َلوَْنهَا َوبِئْ َ‬ ‫ُقلْ تَمَّتعُوا َفإِ ّن مَصِيَ ُك ْم ِإلَى النّارِ (‪ُ )30‬ق ْل ِلعِبَادِيَ اّلذِينَ َآمَنُوا يُقِيمُوا الصّلَا َة َويُنْ ِفقُوا‬ ‫مِمّا رَ َزقْنَا ُه ْم سِرّا وَعَلَانَِي ًة ِمنْ قَ ْب ِل أَ ْن َيأِْتيَ َيوْ ٌم لَا بَيْ ٌع فِيهِ َولَا خِلَالٌ (‪ )31‬ال ّلهُ اّلذِي‬ ‫ض َوَأنْ َزلَ ِم َن السّمَا ِء مَا ًء َفَأ ْخرَجَ ِب ِه ِمنَ الثّ َمرَاتِ رِ ْزقًا َلكُمْ‬ ‫خَ َلقَ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ َ‬ ‫خ َر لَ ُكمُ اْلَأنْهَارَ (‪)32‬‬ ‫حرِ بَِأ ْم ِرهِ َوسَ ّ‬ ‫جرِيَ فِي الْبَ ْ‬ ‫ك لِتَ ْ‬ ‫خ َر َلكُ ُم الْفُ ْل َ‬ ‫وَسَ ّ‬ ‫‪ -27‬يثبت ال الذين آمنوا على القول الق ف الياة الدنيا وف يوم القيامة ‪ ،‬ويُبعد‬ ‫ال الكافرين عنه لسوء استعدادهم ‪ ،‬ويفعل ال ما يشاء من تثبيت بعض وإضلل‬ ‫آخرين ‪ ،‬ل معقب لكمه ول راد لقضائه ‪.‬‬ ‫‪ -28‬أل تنظر ‪ -‬أيها السامع ‪ -‬إل الشركي الذين وضعوا مكان شكر نعمة ال‬ ‫بحمد ودينه كفرا بال تعال وأنزلوا أتباعهم ‪ -‬بإضللم إياهم ‪ -‬دار اللك ‪.‬‬ ‫‪ -29‬وهى جهنم يقاسون حرّها وقبح القر جهنم ‪.‬‬ ‫‪ -30‬وجعلوا ل ‪ -‬الواحد الحد ‪ -‬أمثالً من الصنام ف العبادة ‪ ،‬لتكون عاقبة‬ ‫عملهم إضلل الناس عن سبيل ال ‪ ،‬وقل ‪ -‬أيها النب ‪ -‬لولئك الضالي ‪ :‬تتعوا‬ ‫بشهواتكم فإن مرجعكم إل النار! ‪.‬‬ ‫‪ -31‬قل ‪ -‬يا ممد ‪ -‬لعبادى الصادقي الذين آمنوا وأحسنوا ‪ :‬أقيموا الصلة ‪،‬‬ ‫وأنفقوا بعض ما رزقناكم ف وجوه الب ‪ ،‬مسرين ومعلني ‪ ،‬وف كل خي ‪ ،‬من قبل أن‬ ‫يأتى يوم ل انتفاع فيه ببايعة ول صداقة ‪.‬‬ ‫‪ -32‬ال ‪ -‬وحده ‪ -‬هو الذى أنشأ السموات وما فيها ‪ ،‬والرض وما فيها ‪ ،‬وأنزل‬ ‫من السحاب ماء مدرارا ‪ ،‬فأخرج بسببه رزقا لكم ‪ .‬هو ثرات الزرع أو الشجر ‪،‬‬

‫‪178‬‬

‫وسخّر لكم السفن لتجرى ف البحر تمل أرزاقكم وتارتكم بإذنه ومشيئته ‪ ،‬وسخر‬ ‫لكم النار العذبة لتنتفعوا با ف رى النفس والزروع ‪.‬‬ ‫خ َر َلكُ ُم اللّ ْيلَ وَالنّهَارَ (‪ )33‬وَ َآتَاكُ ْم ِمنْ ُكلّ مَا‬ ‫س وَاْلقَ َمرَ دَائِبَ ْينِ وَسَ ّ‬ ‫خ َر َلكُ ُم الشّمْ َ‬ ‫وَسَ ّ‬ ‫حصُوهَا إِ ّن اْلِإنْسَا َن لَظَلُومٌ َكفّارٌ (‪َ )34‬وِإذْ قَالَ‬ ‫سََألْتُمُوهُ وَإِ ْن َت ُعدّوا ِنعْ َم َة اللّ ِه لَا تُ ْ‬ ‫ب ِإّنهُنّ‬ ‫ِإبْرَاهِيمُ َربّ ا ْج َعلْ َهذَا الْبَ َلدَ َآمِنًا وَاجْنُبْنِي َوبَنِ ّي أَ ْن َنعْبُ َد اْلأَصْنَامَ (‪َ )35‬ر ّ‬ ‫أَضْلَ ْلنَ كَثِيًا ِمنَ النّاسِ فَ َمنْ تَِبعَنِي فَِإّنهُ مِنّي وَ َمنْ عَصَانِي َفِإنّكَ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪َ )36‬ربّنَا‬ ‫حرّمِ َربّنَا لُِيقِيمُوا الصّلَاةَ‬ ‫ت ِمنْ ذُ ّريّتِي ِبوَادٍ غَ ْيرِ ذِي َزرْعٍ عِ ْن َد بَيِْتكَ الْ ُم َ‬ ‫ِإنّي أَ ْسكَنْ ُ‬ ‫ت َلعَ ّلهُ ْم َيشْ ُكرُونَ (‪)37‬‬ ‫س َتهْوِي ِإلَ ْيهِ ْم وَارْ ُزقْ ُه ْم ِمنَ الثّ َمرَا ِ‬ ‫فَا ْج َعلْ َأفِْئ َدةً ِم َن النّا ِ‬ ‫‪ -33‬وسخر لكم الشمس والقمر دائبي ‪ ،‬للضاءة وإصلح النبات واليوان ‪،‬‬ ‫وسخر لكم الليل للراحة ‪ ،‬والنهار للسعى ‪.‬‬ ‫‪ -34‬وهيّأ لكم كل ما تتاجون إليه ف حياتكم ما شأنه أن يطلب سواء أطلبتموه أم‬ ‫ل ‪ ،‬وإن تعدوا ما أنعم ال به عليكم ل يكنكم حصر أنواعه ‪ ،‬فضل عن أفراده ‪ .‬إن‬ ‫الاحد الذى قابل النعم بالحود لشديد الظلم والحود ‪.‬‬ ‫‪ -35‬واذكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬لقومك ‪ ،‬ليعتبوا فيجعوا عن إشراكهم ‪ ،‬قوْل أبيهم‬ ‫إبراهيم بعد بناء الكعبة ‪ :‬يا رب اجعل هذا البلد الذى فيه الكعبة ذا أمن من الظالي‬ ‫وأبعدن وأبنائى عن عبادة الصنام ‪.‬‬ ‫‪ -36‬لن الصنام تسببت ف إضلل كثي من الناس بعبادتم لا ‪ .‬فَمِن تبعن من‬ ‫ذريت ‪ ،‬وأخلص لك العبادة ‪ ،‬فإنه من أهل دين ‪ ،‬ومن عصان ‪ -‬بإقامته على الشرك‬ ‫ فأنت قادر على هدايته لنك كثي الغفرة والرحة ‪.‬‬‫‪ -37‬يا ربنا إن أسكنت بعض ذريت ف وادى مكة الذى ل ينبت زرعا ‪ ،‬عند بيتك‬ ‫الذى حرّمت التعرض له والتعاون بشأنه ‪ ،‬وجعلت ما حوله آمنا ‪ .‬ربنا فأكرمهم‬ ‫ليقيموا الصلة بوار هذا البيت ‪ ،‬فاجعل قلوبا خية من الناس تيل إليهم لزيارة‬ ‫‪179‬‬

‫بيتك ‪ ،‬وارزقهم من الثمرات بإرسالا إليهم مع الوافدين ‪ ،‬ليشكروا نعمتك بالصلة‬ ‫والدعاء ‪.‬‬ ‫ض َولَا فِي‬ ‫خفَى عَلَى اللّ ِه ِمنْ َشيْ ٍء فِي اْلأَرْ ِ‬ ‫خفِي َومَا ُنعْ ِلنُ َومَا َي ْ‬ ‫َربّنَا ِإّنكَ َتعْ َلمُ مَا نُ ْ‬ ‫ق إِنّ َربّي َلسَمِيعُ‬ ‫ب لِي عَلَى اْلكِبَ ِر ِإسْمَاعِيلَ َوِإسْحَا َ‬ ‫السّمَاءِ (‪ )38‬الْحَ ْم ُد لِ ّلهِ اّلذِي وَهَ َ‬ ‫ب اجْعَلْنِي مُقِي َم الصّلَا ِة َومِ ْن ذُ ّريّتِي َربّنَا َوتَقَّب ْل دُعَاءِ (‪َ )40‬ربّنَا ا ْغ ِفرْ‬ ‫الدّعَاءِ (‪َ )39‬ر ّ‬ ‫حسََبنّ ال ّلهَ غَافِلًا عَمّا َيعْ َملُ‬ ‫حسَابُ (‪ )41‬وَلَا تَ ْ‬ ‫ي َيوْ َم َيقُومُ الْ ِ‬ ‫ي َولِلْ ُمؤْمِنِ َ‬ ‫لِي َولِوَالِدَ ّ‬ ‫ي ُمقِْنعِي رُءُو ِسهِ ْم لَا‬ ‫ص فِيهِ اْلَأبْصَارُ (‪ُ )42‬مهْ ِطعِ َ‬ ‫الظّالِمُو َن ِإنّمَا ُيؤَ ّخ ُرهُ ْم لَِيوْ ٍم َتشْخَ ُ‬ ‫َيرَْت ّد إِلَ ْي ِهمْ َط ْر ُفهُ ْم َوأَفِْئ َدُتهُ ْم هَوَاءٌ (‪)43‬‬ ‫‪ -38‬ربنا ‪ ،‬إنه يستوى عند علمك سرنا وعلنيتنا ‪ ،‬فأنت أعلم بصالنا ‪ ،‬وأرحم بنا‬ ‫منا ‪ ،‬وما يفى عليك شئ ولو كان صغيا ف الرض ول ف السماء ‪ ،‬فل حاجة بنا إل‬ ‫الدعاء ‪ ،‬ولكننا ندعوك إظهارا للعبودية ‪ ،‬ونشع لعظمتك ‪ ،‬ونفتقر إل ما عندك ‪.‬‬ ‫‪ -39‬المد ل الذى أعطان ‪ -‬مع كب سن ‪ ،‬واليأس من الولد ‪ -‬إساعيل ث إسحاق‬ ‫‪ .‬إن رب لسميع دعائى ‪ ،‬ميب له ‪.‬‬ ‫‪ -40‬رب وفقن لداء الصلة على وجهها ‪ ،‬ووفق لدائها كذلك الخيار من‬ ‫ذريت ‪ ،‬ربنا تقبل دعائى قبول الستجيب ‪.‬‬ ‫‪ -41‬ربنا اغفر ل ما فرط من من الذنوب ‪ ،‬واغفر لوالدىّ وللمؤمني ‪ .‬يوم يتحقق‬ ‫الساب ‪ ،‬ويكون من بعده الزاء ‪.‬‬ ‫‪ -42‬ول تظنن ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬ربك غافلً عما يعمل الظالون من ماربة السلم‬ ‫وأهله؛ بل هو عال بخالفتهم ‪ ،‬وقدّر تأخي عقوبتهم ليوم عسي ‪ ،‬تبقى فيه أبصارهم‬ ‫مفتوحة ‪ ،‬ل يسيطرون عليها ‪ ،‬فل ترتد إليهم من هول ما ترى ‪.‬‬ ‫‪ -43‬وهم مسرعون نو الداعى ‪ ،‬رافعو رؤوسهم إل السماء ‪ ،‬ل ترجع أعينهم إل‬ ‫إرادتم ‪ ،‬وقلوبم خالية ليس فيها تفكي من شدة الوف ‪.‬‬ ‫‪180‬‬

‫ب نُجِبْ‬ ‫ب فََيقُولُ اّلذِينَ َظلَمُوا َربّنَا َأخّ ْرنَا ِإلَى َأ َجلٍ َقرِي ٍ‬ ‫س يَوْ َم َي ْأتِيهِ ُم الْ َعذَا ُ‬ ‫وََأْنذِرِ النّا َ‬ ‫ك وَنَتّبِعِ ال ّرسُ َل َأوََل ْم تَكُونُوا َأ ْقسَمُْت ْم ِمنْ قَ ْب ُل مَا َل ُكمْ ِمنْ َزوَالٍ (‪ )44‬وَ َسكَنُْتمْ‬ ‫دَ ْع َوتَ َ‬ ‫ض َربْنَا َل ُكمُ اْلأَمْثَالَ (‬ ‫ف َفعَلْنَا ِب ِهمْ وَ َ‬ ‫س ُهمْ َوتَبَّينَ َل ُكمْ كَيْ َ‬ ‫فِي َمسَا ِكنِ اّلذِينَ ظَ َلمُوا َأنْ ُف َ‬ ‫‪َ )45‬وقَ ْد مَ َكرُوا َمكْ َر ُهمْ وَعِ ْن َد ال ّلهِ َم ْكرُ ُهمْ َوإِنْ كَا َن َمكْ ُر ُهمْ لَِتزُو َل مِ ْنهُ الْجِبَالُ (‪)46‬‬ ‫حسََب ّن ال ّلهَ مُخْلِفَ وَ ْع ِدهِ ُرسُ َل ُه إِنّ ال ّلهَ َعزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (‪ )47‬يَوْ َم تَُب ّدلُ اْلأَرْضُ‬ ‫فَلَا تَ ْ‬ ‫ي َيوْمَِئذٍ مُ َق ّرنِيَ‬ ‫ج ِرمِ َ‬ ‫ض وَالسّ َموَاتُ َوَبرَزُوا لِ ّلهِ اْلوَا ِحدِ اْلقَهّارِ (‪ )48‬وََترَى الْمُ ْ‬ ‫غَ ْي َر الْأَرْ ِ‬ ‫صفَادِ (‪)49‬‬ ‫فِي اْلأَ ْ‬ ‫‪ -44‬وبي ‪ -‬أيها النب ‪ -‬للناس أهوال يوم القيامة الذى يأتيهم فيه العذاب فيقول‬ ‫الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والعاصى ‪ :‬ربنا أخّر العذاب عنا ‪ ،‬وردنا إل الدنيا ‪،‬‬ ‫وأمهلنا إل أجل من الزمان قريب ‪ ،‬نتدارك ما فرطنا بإجابة دعوتك إل التوحيد واتباع‬ ‫الرسل ‪ .‬فيقال لم ‪ :‬أتقولون اليوم هذا ونسيتم أنكم حلفتم من قبل ف الدنيا أنكم إذا‬ ‫متم ل تزول عنكم هذه النعمة ‪ ،‬إن كان بعث يوم القيامة؟ ‪.‬‬ ‫‪ -45‬وسكنتم ف الدنيا ف مساكن الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والعاصى من المم‬ ‫قبلكم ‪ ،‬وظهر لكم بشاهدة آثارهم كيف عاقبناهم فلم تنجروا ‪ ،‬وبيّنا لكم صفات‬ ‫ما فعلوا وما حل بم ‪ ،‬فلم تعتبوا ‪.‬‬ ‫‪ -46‬وقد دبّر هؤلء الشركون تدبيهم لبطال الدعوة ‪ ،‬وعند ال علْم مكرهم وما‬ ‫كان مكرهم لتزول منه الشريعة الثابتة ثبات البال ‪.‬‬ ‫‪ -47‬فل تظن ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬أن ال تعال مُخْلف رسله ما وعدهم به من النصر ‪،‬‬ ‫لنه غالب ل ينعه أحد عما يريد ‪ ،‬شديد النتقام من كفر به وعصى رسله ‪.‬‬ ‫‪ -48‬فينتقم منهم يوم القيامة حي نعل الرض غي الرض الوجودة الن ‪ ،‬ونعل‬ ‫السموات غي السموات كذلك ‪ ،‬ويرج اللئق من قبورهم لكم ال الذى ل‬ ‫شريك له ول غالب له ‪.‬‬

‫‪181‬‬

‫‪ -49‬وترى الكافرين يوم القيامة مشدودين بالقيود مع شياطينهم ‪.‬‬ ‫ت إِنّ‬ ‫س مَا َكسََب ْ‬ ‫ي ال ّلهُ ُك ّل َنفْ ٍ‬ ‫جزِ َ‬ ‫سَرَابِي ُلهُ ْم ِمنْ قَ ِطرَا ٍن َوتَ ْغشَى ُوجُو َه ُهمُ النّارُ (‪ )50‬لِيَ ْ‬ ‫س وَلِيُ ْنذَرُوا ِب ِه وَلَِيعْلَمُوا َأنّمَا هُ َو ِإَلهٌ وَا ِحدٌ‬ ‫غ لِلنّا ِ‬ ‫حسَابِ (‪َ )51‬هذَا بَلَا ٌ‬ ‫اللّ َه َسرِي ُع الْ ِ‬ ‫وَلَِيذّ ّك َر أُولُو اْلأَلْبَابِ (‪)52‬‬ ‫‪ -50‬مطلية جلودهم بسائل من القطران ‪ ،‬كاللبس على أجسادهم ‪ ،‬وتعلو النار‬ ‫وجوههم وتللها ‪.‬‬ ‫‪ -51‬يفعل بم ذلك ‪ ،‬ليجزى ال كل نفس منهم با كسبته ف الدنيا ‪ ،‬وال سريع‬ ‫الساب يوم القيامة ول يشغله عنه شئ ‪.‬‬ ‫‪ -52‬هذا القرآن هو البلغ لنصحهم ولنذارهم وتويفهم من عذاب ال ‪ ،‬وليعلموا‬ ‫إذا خافوا وتأملوا أنه ل إله إل إله واحد ‪ ،‬وليتذكر أصحاب العقول عظمة ربم ‪،‬‬ ‫فيبتعدوا عما فيه هلكهم ‪.‬‬ ‫ب َوقُرْآَ ٍن مُِبيٍ (‪ُ )1‬ربَمَا يَ َو ّد الّذِينَ َك َفرُوا َلوْ كَانُوا ُمسْلِ ِميَ (‪)2‬‬ ‫الر تِ ْلكَ َآيَاتُ اْلكِتَا ِ‬ ‫‪ -1‬تلك آيات الكتاب النل القروء البي الواضح ‪.‬‬ ‫‪ -2‬يود ويتمن الذين جحدوا بأيات اللّه ‪ -‬سبحانه وتعال ‪ -‬كثيا عندما يرون‬ ‫عذاب يوم القيامة ‪ ،‬أن لو كانوا قد أسلموا ف الدنيا وأخلصوا دينهم ل ‪.‬‬ ‫ف َيعْلَمُونَ (‪ )3‬وَمَا أَهْ َلكْنَا ِم ْن َق ْريَ ٍة ِإلّا َولَهَا‬ ‫ذَ ْرهُ ْم َيأْكُلُوا َويَتَمَّتعُوا وَيُ ْل ِه ِهمُ اْلأَ َم ُل َفسَوْ َ‬ ‫كِتَابٌ َمعْلُومٌ (‪ )4‬مَا َتسِْبقُ مِ ْن ُأ ّمةٍ َأجَ َلهَا َومَا َيسَْتأْ ِخرُونَ (‪َ )5‬وقَالُوا يَا أَّيهَا اّلذِي ُن ّزلَ‬ ‫ت ِم َن الصّا ِدقِيَ (‪ )7‬مَا‬ ‫ك لَمَجْنُونٌ (‪َ )6‬لوْ مَا َتأْتِينَا بِالْمَلَاِئكَ ِة إِنْ كُنْ َ‬ ‫عَلَ ْي ِه الذّ ْك ُر ِإنّ َ‬ ‫ح ُن َن ّزلْنَا الذّ ْكرَ َوِإنّا َلهُ‬ ‫حقّ َومَا كَانُوا ِإذًا مُنْ َظرِينَ (‪ِ )8‬إنّا نَ ْ‬ ‫نَُنزّ ُل الْمَلَاِئ َكةَ ِإلّا بِالْ َ‬ ‫ك فِي شِيَ ِع اْلأَ ّولِيَ (‪)10‬‬ ‫لَحَافِظُونَ (‪ )9‬وََل َقدْ أَ ْرسَلْنَا ِمنْ قَبْ ِل َ‬

‫‪182‬‬

‫‪ -3‬ولكنهم الن غافلون عما يستقبلهم ف الخرة من عذاب ‪ ،‬فدعهم بعد تبليغهم‬ ‫وإنذارهم ‪ ،‬ليس لم همّ إل أن يأكلوا ويستمتعوا بلذ الدنيا ‪ ،‬ويصرفهم أملهم‬ ‫الكاذب ‪ ،‬فمن الؤكد أنم سيعلمون ما يستقبلهم عندما يرونه رأى العي يوم القيامة ‪.‬‬ ‫‪ -4‬وإذا كانوا يطلبون إنزال العذاب الدنيوى كما أهلك اللّه الذين من قبلهم ‪،‬‬ ‫فليعلموا أن اللّه ل يهلك مدينة أو أمة إل لجل معلوم عنده ‪.‬‬ ‫‪ -5‬ل يتقدمون عليه ول يتأخرون عنه ‪.‬‬ ‫‪ -6‬وإن من قُبح حالم وشدة غفلتهم أن ينادوا النب متهكمي قائلي ‪ - :‬أيها الذى‬ ‫ُنزّل عليه الكتاب للذّكر ‪ -‬إن بك جنونا مستمرا ‪ ،‬فليس النداء بنول الذكر عليه إل‬ ‫للتهكم ‪.‬‬ ‫‪ -7‬ولفرط جحودهم يقولون بعد ذلك الشتم والتهكم ‪ :‬هل أتيتنا بدل الكتاب النل‬ ‫بلئكة تكون لك حجة إن كنت صادقا معدودا ف الصادقي ‪.‬‬ ‫‪ -8‬وقد أجابم اللّه تعالت كلماته ‪ :‬ما نُنل اللئكة إل ومعهم الق الؤكد الثابت‬ ‫الذى ل مال لنكاره ‪ ،‬فإن كفروا به فإنم ل يهلون ‪ ،‬بل ينل بم العذاب الدنيوى‬ ‫فورا ‪.‬‬ ‫‪ -9‬وإنه لجل أن تكون دعوة النب بالق قائمة إل يوم القيامة ‪ ،‬ل ننل اللئكة ‪ ،‬بل‬ ‫أنزلنا القرآن الستمر تذكيه للناس ‪ ،‬وإنا لافظون له من كل تغيي وتبديل أو زيادة‬ ‫أو نقصان حت تقوم القيامة ‪.‬‬ ‫‪ -10‬ول تزن ‪ -‬أيها الرسول المي ‪ -‬فقد أرسلنا قبلك رسلً ف طوائف تتعصب‬ ‫للباطل مثل تعصبهم ‪ ،‬ولقد مضوا مع الولي الذين هلكوا لحودهم ‪.‬‬ ‫جرِمِيَ‬ ‫وَمَا َيأْتِي ِهمْ ِمنْ َرسُو ٍل إِلّا كَانُوا بِ ِه َيسَْت ْهزِئُونَ (‪َ )11‬ك َذِلكَ َنسْ ُل ُكهُ فِي قُلُوبِ الْ ُم ْ‬ ‫ت سُّن ُة الَْأوّلِيَ (‪َ )13‬وَلوْ فَتَحْنَا عَلَ ْي ِهمْ بَابًا ِمنَ السّمَاءِ‬ ‫(‪ )12‬لَا ُي ْؤمِنُو َن ِبهِ َو َقدْ خَلَ ْ‬ ‫حنُ قَوْ ٌم َمسْحُورُونَ (‪)15‬‬ ‫فَظَلّوا فِي ِه يَ ْع ُرجُونَ (‪َ )14‬لقَالُوا ِإنّمَا ُسكّ َرتْ َأبْصَا ُرنَا َب ْل نَ ْ‬ ‫‪183‬‬

‫وََل َقدْ َجعَلْنَا فِي السّمَا ِء ُبرُوجًا وَ َزيّنّاهَا لِلنّا ِظرِينَ (‪َ )16‬وحَفِظْنَاهَا ِمنْ ُك ّل شَيْطَانٍ َرجِيمٍ‬ ‫(‪)17‬‬ ‫‪ -11‬وما كان شأن الذين سبقوهم ف تعصبهم للباطل إل أن يستهزئوا برسلهم رسول‬ ‫رسول ‪ ،‬كما يستهزئون بك ‪ ،‬فتلك سنة البطلي ‪.‬‬ ‫‪ -12‬كما أدخلنا القرآن ف قلوب الؤمني فأضاءها ‪ ،‬أدخلنا الباطل ف قلوب الذين‬ ‫اتسموا بالجرام ‪ ،‬فانقلبت الوضاع ف قلوبم ‪ ،‬إذ تأصل الباطل ف نفوسهم ‪.‬‬ ‫‪ -13‬ل يؤمن الجرمون به وقد مضت طريقة اللّه تعال ف إمهالم حت يروا عذاب‬ ‫يوم القيامة الؤل ‪.‬‬ ‫‪ -14‬إن هؤلء يطلبون أن تنل عليهم اللئكة ‪ ،‬ول تظن ‪ -‬أيها النب ‪ -‬أنم يؤمنون‬ ‫لو نزلت ‪ ،‬بل لو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يصعدون ‪ ،‬يرون العجائب‬ ‫ويرون اللئكة ‪.‬‬ ‫‪ -15‬ما آمنوا ‪ ،‬ولقالوا ‪ :‬إنا حبست أبصارنا عن النظر ‪ ،‬وغطيت ‪ ،‬بل إن ما كان‬ ‫هو السحر ‪ ،‬وقد سحرنا ‪ ،‬فل جدوى ف أى آية مع الحود ف قلوبم ‪.‬‬ ‫‪ -16‬وإننا قد جعلنا ف السماء نوما لتكون مموعات متعددة متلفة الشكال‬ ‫واليئات ‪ ،‬وزيناها بذلك للذين ينظرون متأملي معتبين مستدلي با على قدرة‬ ‫مبدعها ‪.‬‬ ‫‪ -17‬ولكن حفظناها من كل شيطان جدير بالرجم والطرد من رحة اللّه تعال ‪.‬‬ ‫ض َمدَ ْدنَاهَا وََأْلقَيْنَا فِيهَا َروَاسِيَ‬ ‫ب مُبِيٌ (‪ )18‬وَاْلأَرْ َ‬ ‫ق السّ ْم َع َفأَتَْب َعهُ ِشهَا ٌ‬ ‫ِإلّا َمنِ اسَْترَ َ‬ ‫ش َو َمنْ َلسُْتمْ َل ُه ِبرَا ِزقِيَ‬ ‫وََأنْبَتْنَا فِيهَا ِمنْ ُكلّ َشيْ ٍء َموْزُونٍ (‪َ )19‬وجَعَلْنَا َلكُ ْم فِيهَا َمعَايِ َ‬ ‫(‪ )20‬وَإِ ْن ِم ْن شَيْ ٍء ِإلّا عِ ْن َدنَا َخزَائُِنهُ َومَا نَُن ّزُلهُ ِإلّا ِب َقدَرٍ َمعْلُومٍ (‪ )21‬وَأَ ْرسَلْنَا ال ّريَاحَ‬ ‫ح َفأَْن َزلْنَا ِم َن السّمَا ِء مَا ًء َفَأسْقَيْنَاكُمُو ُه وَمَا َأنْتُ ْم َلهُ بِخَا ِزنِيَ (‪)22‬‬ ‫لَوَاقِ َ‬

‫‪184‬‬

‫‪ -18‬من ياول من هؤلء الشياطي أن يسترق الستماع إل الكلم الذى يرى بي‬ ‫سكان هذه النجوم ‪ ،‬فإنا نلحقه برم ساوى واضح بيّن ‪.‬‬ ‫‪ -19‬وخلقنا لكم الرض ومهدناها حت صارت كالبساط المدود ‪ ،‬ووضعنا فيها‬ ‫جبالً ثابتة ‪ ،‬وأنبتنا لكم فيها من كل أنواع النبات ما يفظ حياتكم ‪ ،‬وجعلناه مُقدرا‬ ‫بأزمان معينة ف نوه وغذائه ‪ ،‬ومُقدّرا بقدار حاجتكم ومقدار كميته ‪ ،‬وف أشكاله ف‬ ‫اللق والطبيعة ‪.‬‬ ‫‪ -20‬وجعلنا ف الرض أسباب العيشة الطيبة لكم ‪ ،‬ففيها الجارة الت تبنون منها‬ ‫الساكن ‪ ،‬واليوان الذى تنتفعون بلحمه أو جلده أو ريشه ‪ ،‬والعادن الت ترج من‬ ‫بطنها ‪ ،‬وغي ذلك ‪ ،‬وكما أن فيها أسباب العيشة الطيبة ‪ ،‬ففيها العيشة أيضا لن‬ ‫يكونون ف وليتكم من عيال وأتباع ‪ ،‬فال ‪ -‬وحده ‪ -‬هو يرزقهم وإياكم ‪.‬‬ ‫‪ -21‬وما من شئ من الي إل عندنا كالزائن الملوءة ‪ ،‬من حيث تيئته وتقديه ف‬ ‫وقته ‪ ،‬وما ننله إل العباد إل بقدر معلوم حددته حكمتنا ف الكون ‪.‬‬ ‫‪ -22‬وقد أرسلنا الرياح حاملة بالمطار وحاملة بذور النبات ‪ ،‬وأنزلنا منها الاء‬ ‫وجعلناه سقيا لكم ‪ ،‬وأن ذلك خاضع لرادتنا ‪ ،‬ول يتمكن أحد من التحكم فيه حت‬ ‫يصي عنده كالزائن ‪.‬‬ ‫ي مِ ْن ُكمْ َوَلقَدْ‬ ‫حنُ اْلوَا ِرثُونَ (‪ )23‬وََل َقدْ عَلِمْنَا الْ ُمسَْتقْ ِدمِ َ‬ ‫ت َونَ ْ‬ ‫حيِي َونُمِي ُ‬ ‫حنُ نُ ْ‬ ‫وَِإنّا لََن ْ‬ ‫ش ُر ُهمْ ِإّنهُ َحكِيمٌ عَلِيمٌ (‪َ )25‬وَلقَ ْد خَ َلقْنَا‬ ‫حُ‬ ‫عَلِ ْمنَا الْ ُمسَْت ْأخِرِينَ (‪َ )24‬وإِنّ َرّبكَ ُهوَ يَ ْ‬ ‫الِْإْنسَا َن ِمنْ صَلْصَالٍ ِم ْن حَ َمإٍ َمسْنُونٍ (‪ )26‬وَالْجَا ّن خَ َلقْنَا ُه ِمنْ قَ ْب ُل ِم ْن نَا ِر السّمُومِ (‬ ‫‪ )27‬وَِإ ْذ قَالَ َرّبكَ لِلْمَلَاِئكَ ِة ِإنّي خَاِلقٌ َبشَرًا مِنْ صَ ْلصَا ٍل ِمنْ حَ َمٍإ َمسْنُونٍ (‪)28‬‬ ‫‪ -23‬وإنا ‪ -‬وحدنا ‪ -‬نُمد الشياء بالياة ‪ ،‬ث ننقلها إل الوت إذ الوجود كله لنا ‪.‬‬ ‫‪ -24‬وكل منكم له أجل مدود ‪ ،‬نعلمه نن ‪ ،‬فنعلم الذين يتقدمون ف الوت‬ ‫والياة ‪ ،‬والذين يتأخرون ‪.‬‬

‫‪185‬‬

‫‪ -25‬وأن التقدمي والتأخرين سيجمعون ف وقت واحد ‪ ،‬وسيحاسبهم ويازيهم اللّه‬ ‫‪ ،‬وإن ذلك مقتضى حكمته وعلمه ‪ ،‬وهو الذى يسمى الكيم العليم ‪.‬‬ ‫‪ -26‬وإننا ف خلقنا للعاملي ف هذه الرض خلقنا طبيعتي ‪ :‬خلقنا النسان من طي‬ ‫يابس يصوت إذا نقر عليه ‪.‬‬ ‫‪ -27‬وعال الن خلقناه من قبل حي خلق أصله إبليس من النار ذات الرارة‬ ‫الشديدة النافذة ف مسام السم النسان ‪.‬‬ ‫‪ -28‬واذكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬أصل اللق ‪ ،‬إذ قال خالقك رب العالي للملئكة ‪ :‬إن‬ ‫مبدع بشرا خلقته من طي يابس ‪ ،‬له صوت إذا نقر عليه ‪ ،‬هو متغي اللون له صورة ‪.‬‬ ‫ج َد الْمَلَائِ َكةُ ُكّلهُمْ‬ ‫ت فِيهِ ِمنْ رُوحِي َفقَعُوا َل ُه سَاجِدِينَ (‪َ )29‬فسَ َ‬ ‫َفإِذَا سَ ّويُْتهُ َوَنفَخْ ُ‬ ‫ك َألّا‬ ‫س مَا لَ َ‬ ‫س َأبَى أَ ْن َيكُو َن مَ َع السّا ِجدِينَ (‪ )31‬قَالَ يَا إِبْلِي ُ‬ ‫أَجْ َمعُونَ (‪ِ )30‬إلّا ِإبْلِي َ‬ ‫شرٍ خَ َلقَْتهُ ِمنْ صَلْصَالٍ مِ ْن حَ َمإٍ‬ ‫ج َد لَِب َ‬ ‫تَكُو َن مَ َع السّاجِدِينَ (‪ )32‬قَا َل َلمْ أَ ُك ْن ِلأَسْ ُ‬ ‫ك اللّعَْن َة ِإلَى يَوْ ِم الدّينِ (‬ ‫ج مِ ْنهَا َفِإنّكَ َرجِيمٌ (‪َ )34‬وإِنّ عَلَ ْي َ‬ ‫َمسْنُونٍ (‪ )33‬قَالَ فَاخْرُ ْ‬ ‫‪ )35‬قَالَ َربّ َفَأنْ ِظ ْرنِي ِإلَى يَوْ ِم يُ ْبعَثُونَ (‪ )36‬قَا َل َفإِّنكَ ِم َن الْمُنْ َظرِينَ (‪ِ )37‬إلَى يَوْمِ‬ ‫ت الْ َمعْلُومِ (‪)38‬‬ ‫الْ َوقْ ِ‬ ‫‪ -29‬فإذا أكملته خلقا ونفخت فيه الروح الت هى ملكى ‪ ،‬فانزلوا بوجوهكم‬ ‫ساجدين له تية وإكراما ‪.‬‬ ‫‪ -30‬فسجدوا جيعا خاضعي لمر ال ‪.‬‬ ‫‪ -31‬لكن إبليس أب واستكب أن يكون مع اللئكة الذين خضعوا لمر ال ‪.‬‬ ‫‪ -32‬عند إذ قال اللّه تعال ‪ :‬يا إبليس ‪ ،‬ما الذى سوّغ لك أن تعصى ول تكون مع‬ ‫الاضعي الساجدين ‪.‬‬

‫‪186‬‬

‫‪ -33‬قال إبليس ‪ :‬ما كان من شأن أن أسجد لنسان خلقته من طي يابس له صوت‬ ‫إذا نقر عليه ‪ ،‬وهو متغي اللون مصور ‪.‬‬ ‫‪ -34‬قال ال تعال ‪ :‬إذا كنت متمردا خارجا على طاعت ‪ ،‬فاخرج من النة فإنك‬ ‫مطرود من رحت ومن مكان الكرامة ‪.‬‬ ‫‪ -35‬وإن قد كتبت عليك الطرد من الرحة والكرامة إل يوم القيامة ‪ ،‬يوم الساب‬ ‫والزاء ‪ ،‬وفيه يكون لك ولن اتبعك العقاب ‪.‬‬ ‫‪ -36‬قال إبليس ‪ -‬وهو التمرد على طاعة ال ‪ :‬يا خالقى ‪ ،‬أمهلن ول تقبضن إل‬ ‫يوم القيامة ‪ ،‬يوم يبعث الناس أحياء بعد موتم ‪.‬‬ ‫‪ -37‬قال ال تعال ‪ :‬إنك من الؤجلي المهلي ‪.‬‬ ‫‪ -38‬إل وقت قدرته وهو معلوم ل ‪ ،‬ومهما يطل فهو مدود ‪.‬‬ ‫ض َوَلأُ ْغوِيَّن ُهمْ َأجْ َمعِيَ (‪ِ )39‬إلّا عِبَادَكَ مِ ْن ُهمُ‬ ‫قَالَ َربّ بِمَا أَ ْغ َويْتَنِي َلأُ َزيَّننّ َل ُهمْ فِي الْأَرْ ِ‬ ‫س َلكَ عَلَ ْي ِهمْ‬ ‫صرَاطٌ عَ َل ّي ُمسَْتقِيمٌ (‪ )41‬إِنّ عِبَادِي لَيْ َ‬ ‫الْمُخْلَصِيَ (‪ )40‬قَالَ َهذَا ِ‬ ‫ك ِمنَ اْلغَاوِينَ (‪ )42‬وَإِ ّن َجهَّنمَ لَ َموْ ِع ُد ُهمْ َأجْ َمعِيَ (‪َ )43‬لهَا سَ ْبعَةُ‬ ‫سُلْطَانٌ ِإلّا َم ِن اتَّبعَ َ‬ ‫ي فِي جَنّاتٍ وَعُيُونٍ (‪)45‬‬ ‫ب مِ ْنهُ ْم ُجزْ ٌء َمقْسُومٌ (‪ )44‬إِ ّن الْمُّتقِ َ‬ ‫ب ِلكُ ّل بَا ٍ‬ ‫َأبْوَا ٍ‬ ‫صدُو ِر ِهمْ ِمنْ ِغ ّل ِإخْوَانًا عَلَى سُرُ ٍر مَُتقَابِ ِليَ‬ ‫ادْخُلُوهَا ِبسَلَامٍ َآمِنِيَ (‪َ )46‬وَنزَعْنَا مَا فِي ُ‬ ‫(‪)47‬‬ ‫‪ -39‬قال إبليس التمرد العاصى ‪ :‬يا خالقى الذى يبقين ‪ ،‬لقد أردت ل الضلل‬ ‫فوقعت فيه ‪ ،‬وبسبب ذلك لزينن لبن آدم السوء ‪ ،‬ولعملن على ضللم أجعي ‪.‬‬ ‫‪ -40‬ولن ينجو من إضلل إل الذين أخلصوا لك من العباد ‪ ،‬ول أتكن من الستيلء‬ ‫على نفوسهم لعمرانا بذكرك ‪.‬‬

‫‪187‬‬

‫‪ -41‬إن خلوص العباد الذين أخلصوا دينهم هو طريق مستقيم بق عل ّى ل أتعداه ‪،‬‬ ‫لن ل أستطيع إضللم ‪.‬‬ ‫‪ -42‬قال اللّه تعال ‪ :‬إن عبادى الذين أخلصوا ل دينهم ليس لك قدرة على إضللم‬ ‫‪ ،‬لكن من اتبعك من الضالي الوغلي ف الضلل لك سلطان على نفوسهم ‪.‬‬ ‫‪ -43‬وإن النار الشديدة العميقة هى ما يوعدون به أجعي من عذاب أليم ‪.‬‬ ‫‪ -44‬وليس للنار الشديدة باب واحد ‪ ،‬بل لا أبواب سبعة لكثرة الستحقي لا ‪،‬‬ ‫لكل باب طائفة متصة به ‪ ،‬ولكل طائفة مرتبة معلومة تتكافأ مع شرهم ‪.‬‬ ‫‪ -45‬هذا جزاء الذين يتبعون الشيطان ‪ ،‬أما الذين عجز الشيطان عن إغوائهم لنم‬ ‫يعلون بينه وبي نفوسهم حجابا ‪ ،‬فلهم حدائق عظيمة وعيون جارية ‪.‬‬ ‫‪ -46‬يقول لم ربم ‪ :‬ادخلوا هذه النات باطمئنان آمني فل خوف عليكم ‪ ،‬ول‬ ‫تزنون على أوقاتكم ‪.‬‬ ‫‪ -47‬وإن أهل اليان يعيشون ف هذا النعيم طيبة نفوسهم ‪ ،‬فقد أخرجنا ما فيها من‬ ‫حقد ‪ ،‬فهم جيعا يكونون إخوانا يلسون على أسِ ّر ٍة تتقابل وجوههم بالبشر والحبة ‪،‬‬ ‫ول يتدابرون كل ينقب عما وراء الخر ‪.‬‬ ‫خ َرجِيَ (‪ )48‬نَّبئْ عِبَادِي َأنّي َأنَا اْل َغفُو ُر ال ّرحِيمُ‬ ‫ب َومَا ُهمْ مِ ْنهَا بِ ُم ْ‬ ‫س ُهمْ فِيهَا نَصَ ٌ‬ ‫لَا يَ َم ّ‬ ‫ف ِإْبرَاهِيمَ (‪ِ )51‬إ ْذ دَخَلُوا‬ ‫(‪ )49‬وَأَنّ َعذَابِي ُهوَ اْل َعذَابُ اْلأَلِيمُ (‪ )50‬وَنَبّ ْئ ُهمْ َعنْ ضَيْ ِ‬ ‫شرُ َك ِبغُلَامٍ عَلِيمٍ (‬ ‫عَلَ ْي ِه َفقَالُوا سَلَامًا قَا َل ِإنّا مِ ْنكُ ْم وَجِلُونَ (‪ )52‬قَالُوا لَا تَ ْو َجلْ ِإنّا نَُب ّ‬ ‫شرُونَ (‪)54‬‬ ‫ش ْرتُمُونِي عَلَى أَ ْن َمسِّنيَ اْلكَِبرُ فَِب َم تَُب ّ‬ ‫‪ )53‬قَا َل َأبَ ّ‬ ‫‪ -48‬ل يسهم فيها تعب ‪ ،‬وهى نعيم دائم ل يرجون منها أبدا ‪.‬‬ ‫‪ -49‬أخب ‪ -‬أيها النب المي ‪ -‬عبادى جيعا ‪ :‬أن كثي الغفران والعفو لن تاب‬ ‫وآمن وعمل صالا ‪ ،‬وأن كثي الرحة بم ‪.‬‬

‫‪188‬‬

‫‪ -50‬وأخبهم أن العذاب الذى أنزله بالعصاة الاحدين هو العذاب الؤل حقا ‪ ،‬وكل‬ ‫عذاب غيه ل يعد إل جواره ‪.‬‬ ‫‪ -51‬ونبئهم ‪ -‬أيها النب ‪ -‬ف بيان رحت الاصة ف الدنيا ‪ ،‬وعذاب للعصاة فيها ‪،‬‬ ‫عن الضيف من اللئكة الذين نزلوا على إبراهيم ‪.‬‬ ‫‪ -52‬اذكر ‪ -‬أيها المي ‪ -‬إذ دخلوا عليه فخاف منهم ‪ ،‬فقالوا له ‪ :‬أمنا واطمئنانا ‪.‬‬ ‫فقال لم ‪ :‬إنا خائفون منكم إذ فاجأتونا وجئتم ف غي وقت للضيف عادة ‪ ،‬ول نعلم‬ ‫ما وراءكم ‪.‬‬ ‫‪ -53‬قالوا ‪ :‬ل تف واطمئن ‪ ،‬فإنا نبشرك بولود لك يؤتيه ال ‪ -‬تعال ‪ -‬ف مستقبل‬ ‫حياته علما عظيما ‪.‬‬ ‫‪ -54‬قال ‪ :‬كيف تبشرون بولود يولد ل مع أنه قد أصابتن الشيخوخة بضعفها ‪،‬‬ ‫فعلى أى وجه تبشرونن بذا المر الغريب؟! ‪.‬‬ ‫ط ِمنْ َرحْ َمةِ َرّبهِ ِإلّا‬ ‫حقّ فَلَا َتكُ ْن ِمنَ اْلقَانِطِيَ (‪ )55‬قَالَ َو َمنْ َيقْنَ ُ‬ ‫ش ْرنَا َك بِالْ َ‬ ‫قَالُوا َب ّ‬ ‫الضّالّونَ (‪ )56‬قَالَ فَمَا خَطُْبكُ ْم َأّيهَا الْ ُمرْسَلُونَ (‪ )57‬قَالُوا ِإنّا أُ ْرسِلْنَا ِإلَى َقوْمٍ‬ ‫ط ِإنّا لَمَُنجّو ُهمْ أَجْ َمعِيَ (‪ِ )59‬إلّا ا ْم َرأََتهُ َقدّ ْرنَا ِإّنهَا لَ ِمنَ‬ ‫ج ِرمِيَ (‪ِ )58‬إلّا َآ َل لُو ٍ‬ ‫مُ ْ‬ ‫ط الْ ُمرْسَلُونَ (‪ )61‬قَا َل ِإنّ ُكمْ َقوْ ٌم مُ ْن َكرُونَ (‪ )62‬قَالُوا‬ ‫الْغَابِرِينَ (‪ )60‬فَلَمّا جَاءَ َآ َل لُو ٍ‬ ‫ح ّق وَِإنّا لَصَا ِدقُونَ (‪)64‬‬ ‫َبلْ جِئْنَا َك بِمَا كَانُوا فِي ِه يَمَْترُونَ (‪َ )63‬وَأتَيْنَا َك بِالْ َ‬ ‫‪ -55‬قالوا ‪ :‬بشرناك بالمر الثابت الذى ل شك فيه ‪ ،‬فل تكن من ييأسون من رحة‬ ‫ال ‪.‬‬ ‫‪ -56‬قال إبراهيم ‪ :‬إن ل أيأس من رحة ال ‪ ،‬فإنه ل ييأس من رحة ال إل الضالون‬ ‫الذين ل يدركون عظمته وقدرته ‪.‬‬

‫‪189‬‬

‫‪ -57‬قال ‪ ،‬وقد استأنس بم ‪ :‬إذا كنتم قد بشرتون بذه البشرى ‪ ،‬فماذا يكون من‬ ‫شأنكم بعدها ‪ ،‬أيها الذين أرسلكم ال ‪.‬‬ ‫‪ -58‬قالوا ‪ :‬إنا أ ْرسَلَنَا ال ‪ -‬تعال ‪ -‬إل قوم أجرموا ف حق ال وحق نبيهم وحق‬ ‫أنفسهم ‪ ،‬من شأنم الجرام ‪ -‬هم قوم لوط ‪ -‬فسنهلكهم ‪.‬‬ ‫‪ -59‬ول يسلم من الجرام وعذابه إل أهل لوط ‪ ،‬فإن ال ‪ -‬تعال ‪ -‬قد أمرنا بأن‬ ‫ننجيهم أجعي ‪.‬‬ ‫‪ -60‬ول يستثن من أهله إل امرأته ‪ ،‬فإنا ل تتبع زوجها ‪ ،‬بل كانت مع الجرمي‬ ‫الذين استحقوا العذاب ‪.‬‬ ‫‪ -61‬ولا نزل أولئك اللئكة الذين أرسلهم ال ‪ -‬تعال ‪ -‬لنزال ما توعد به ‪،‬‬ ‫بأرض لوط وآله ‪.‬‬ ‫‪ -62‬قال لم لوط ‪ :‬إنكم قوم تنكركم نفسى وتنفر منكم ‪ ،‬مافة أن تسونا بشر ‪.‬‬ ‫‪ -63‬قالوا ‪ :‬ل تف منا ‪ ،‬فما جئناك با تاف ‪ ،‬بل جئناك با يسرك ‪ ،‬وهو إنزال‬ ‫العذاب بقومك الذين كذبوك ‪ ،‬وكانوا يشكون ف صدقه أو ينكرونه ‪.‬‬ ‫‪ -64‬وجئناك بالمر الثابت الذى ل شك فيه وهو إنزال العذاب ‪ ،‬وإن صدق الوعد‬ ‫من صفاتنا بأمر ال ‪.‬‬ ‫ك ِبقِطْ ٍع ِمنَ اللّ ْي ِل وَاتّبِ ْع َأ ْدبَارَ ُه ْم وَلَا يَلَْتفِتْ مِ ْن ُكمْ َأ َحدٌ وَامْضُوا حَيْثُ‬ ‫َفأَ ْسرِ ِبَأهْلِ َ‬ ‫ع مُصْبِحِيَ (‪َ )66‬وجَاءَ‬ ‫ك الَْأ ْمرَ أَ ّن دَابِ َر َهؤُلَا ِء َمقْطُو ٌ‬ ‫تُ ْؤ َمرُونَ (‪َ )65‬وقَضَيْنَا إِلَ ْي ِه َذلِ َ‬ ‫ض ْيفِي فَلَا َتفْضَحُونِ (‪ )68‬وَاّتقُوا ال ّل َه َولَا‬ ‫أَ ْه ُل الْ َمدِيَن ِة َيسْتَ ْبشِرُونَ (‪ )67‬قَالَ إِ ّن َهؤُلَاءِ َ‬ ‫خزُونِ (‪ )69‬قَالُوا أَ َوَلمْ نَ ْن َهكَ َعنِ اْلعَالَ ِميَ (‪ )70‬قَا َل هَ ُؤلَا ِء بَنَاتِي إِنْ ُكنُْتمْ فَاعِ ِليَ (‬ ‫تُ ْ‬ ‫ح ُة ُمشْ ِرقِيَ (‪)73‬‬ ‫‪َ )71‬لعَ ْمرُكَ ِإّن ُهمْ َلفِي َسكْ َرِت ِهمْ َيعْ َمهُونَ (‪َ )72‬فَأخَ َذْتهُ ُم الصّيْ َ‬ ‫جعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِ َلهَا َوَأمْ َطرْنَا عَلَ ْي ِهمْ حِجَا َر ًة ِم ْن سِجّيلٍ (‪)74‬‬ ‫فَ َ‬

‫‪190‬‬

‫‪ -65‬وما دام العذاب نازلً بم ‪ ،‬فسر ليلً مع أهلك الذين كتبت ناتم ‪ ،‬بعد مرور‬ ‫قطع من الليل ‪.‬‬ ‫‪ -66‬وقد أوحى ال ‪ -‬سبحانه وتعال ‪ -‬إل لوط ‪ :‬أنا حكمنا وقدرنا أن هؤلء‬ ‫الجرمي هالكون ‪ ،‬يستأصلون عند دخول الصباح ‪ ،‬ول يبقى منهم أحد ‪.‬‬ ‫‪ -67‬ولا أصبح رأوا اللئكة ف صورة جيلة من صور البشر ‪ ،‬ففرحوا بم رجاء أن‬ ‫يفعلوا معهم جريتهم الشنيعة ‪ ،‬وهى إتيان الرجال ‪.‬‬ ‫‪ -68‬خشى لوط أن يفعلوا فعلتهم الشنيعة فقال ‪ :‬إن هؤلء ضيوف فل تفضحون‬ ‫بفعلتكم القبيحة ‪.‬‬ ‫‪ -69‬وخافوا ال تعال ‪ ،‬فل ترتكبوا فاحشتكم ‪ ،‬ول توقعون ف الزى والذل أمامهم‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ -70‬قال أولئك الجرمون ‪ :‬أو ل ننهك أن تستضيف أحدا من الناس ث تنعنا من أن‬ ‫نفعل معهم ما نشتهى؟! ‪.‬‬ ‫‪ -71‬قال نب ال لوط ‪ -‬ينبههم إل الطريق الطبيعى الشرعى ‪ :‬هؤلء بنات القرية‬ ‫وهم بناتى ‪ ،‬تزوجوهن إن كنتم راغبي ف قضاء الشهوة ‪.‬‬ ‫‪ -72‬بق حياتك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬المي ‪ ،‬إنم لفى غفلة عما سينل بم ‪ ،‬جعلتهم‬ ‫كالسكارى ‪ ،‬إنم لضالون متحيون ل يعرفون ما يسلكون ‪.‬‬ ‫‪ -73‬وبينما هم ف هذه السكرة الغافلة ‪ ،‬استول على ألبابم صوت شديد الزعاج‬ ‫وقد أشرقت الشمس ‪.‬‬ ‫‪ -74‬ولقد نفذ اللّه ‪ -‬سبحانه ‪ -‬حكمه فقال ‪ :‬جعلنا عال مدائنهم سافلها‬ ‫بانقضاضها ‪ ،‬وأنزلنا عليه طينا متحجرا كان ينل كالطر ‪ ،‬فدورهم تدمت ‪ ،‬وإن‬ ‫خرجوا إل العراء استقبلتهم تلك المطار من الجارة ‪ ،‬وبذلك أحيط بم ‪.‬‬

‫‪191‬‬

‫ك َلآََيةً‬ ‫ك َلآَيَاتٍ لِلْمَُت َوسّمِيَ (‪ )75‬وَِإّنهَا لَِبسَبِي ٍل ُمقِيمٍ (‪ )76‬إِ ّن فِي َذلِ َ‬ ‫إِ ّن فِي َذلِ َ‬ ‫لِلْ ُم ْؤمِنِيَ (‪َ )77‬وإِنْ كَا َن أَصْحَابُ اْلَأيْ َكةِ لَظَالِمِيَ (‪ )78‬فَانَْتقَمْنَا مِ ْن ُهمْ َوِإّنهُمَا لَِبِإمَامٍ‬ ‫جرِ الْ ُم ْرسَلِيَ (‪ )80‬وَ َآتَيْنَا ُهمْ َآيَاتِنَا َفكَانُوا عَ ْنهَا‬ ‫حْ‬ ‫ب أَصْحَابُ الْ ِ‬ ‫مُبِيٍ (‪ )79‬وََل َقدْ َكذّ َ‬ ‫حةُ‬ ‫ضيَ (‪ )81‬وَكَانُوا يَنْحِتُو َن ِم َن الْجِبَا ِل بُيُوتًا َآمِنِيَ (‪َ )82‬فَأخَ َذْتهُ ُم الصّيْ َ‬ ‫ُمعْرِ ِ‬ ‫مُصْبِحِيَ (‪)83‬‬ ‫‪ -75‬إن ف هذا الذى نزل بقوم لوط لعلمة بينة تدل على تنفيذ اللّه وعيده ‪ ،‬يعرفها‬ ‫الذين يتعرفون المور ويدركون نتائجها من ساتا ‪ .‬فكل عمل موصوف بالجرام‬ ‫متسم به ‪ ،‬له مثل هذه النتيجة ف الدنيا وف الخرة ‪.‬‬ ‫‪ -76‬وأن هذه الدينة آثارها قائمة ثابتة ‪ ،‬وهى واقعة على طريق ثابت يسلكه الناس‬ ‫ويعرفونه ويعتب با من أراد العتبار ‪.‬‬ ‫‪ -77‬وأن ف بقائها قائمة على طريق واضح لدليل على تنفيذ اللّه ‪ -‬تعال ‪ -‬وعيده ‪،‬‬ ‫يدركه الؤمنون الذعنون للحق ‪.‬‬ ‫‪ -78‬ومثل تكذيب قوم لوط ‪ ،‬كذّب أصحاب الغيضة العظيمة ذات الثمرات رسولم‬ ‫‪ ،‬وكانوا ظالي شديدى الظلم ف عقائدهم ومعاملتم ‪.‬‬ ‫‪ -79‬فأنزلنا نقمتنا عليهم ‪ ،‬وإن أثارهم بطريق واضح بَي يعتب بم من ير بديارهم ‪،‬‬ ‫إن كان من أهل اليان ‪.‬‬ ‫‪ -80‬ولقد كذّب ‪ -‬مثل السابقي ‪ -‬أصحاب الجر رسولم الذى أرسل إليهم ‪،‬‬ ‫وكانوا لذا مكذبي كل الرسلي ‪ ،‬لن رسالة ال واحدة ‪.‬‬ ‫‪ -81‬بينا لم الجج الدالة على قدرتنا ورسالة رسولنا ‪ ،‬فكانوا معرضي عنها ل‬ ‫يفكرون فيها ‪.‬‬ ‫‪ -82‬وكانوا قوما ذوى منعة وعمران ‪ ،‬فكانوا يصنعون بيوتم ف البال ومن البال ‪،‬‬ ‫كانوا با مطمئني على أنفسهم وأموالم ‪.‬‬ ‫‪192‬‬

‫‪ -83‬فلما كفروا وجحدوا أتتهم أصوات مزعجة منذرة باللك ‪ ،‬فأهلكوا ف وقت‬ ‫الصباح ‪.‬‬ ‫ض َومَا بَيَْنهُمَا ِإلّا‬ ‫فَمَا أَغْنَى عَ ْن ُهمْ مَا كَانُوا َي ْكسِبُونَ (‪َ )84‬ومَا خَ َلقْنَا السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ َ‬ ‫ق الْعَلِيمُ (‬ ‫ح الْجَمِيلَ (‪ )85‬إِنّ َرّبكَ هُ َو الْخَلّا ُ‬ ‫صفْ َ‬ ‫ح ال ّ‬ ‫صفَ ِ‬ ‫ح ّق َوإِنّ السّا َعةَ َل َآتَِيةٌ فَا ْ‬ ‫بِالْ َ‬ ‫‪ )86‬وََل َقدْ َآتَيْنَا َك سَبْعًا ِمنَ الْمَثَانِي وَاْل ُقرْآَ َن الْعَظِيمَ (‪ )87‬لَا تَ ُمدّنّ عَ ْينَ ْيكَ ِإلَى مَا مَتّعْنَا‬ ‫ك لِلْ ُم ْؤمِنِيَ (‪َ )88‬و ُقلْ ِإنّي َأنَا الّنذِيرُ‬ ‫حزَنْ عَلَ ْي ِه ْم وَا ْخفِضْ جَنَاحَ َ‬ ‫ِبهِ أَ ْزوَاجًا مِ ْن ُه ْم وَلَا تَ ْ‬ ‫الْمُبِيُ (‪ )89‬كَمَا َأْنزَلْنَا عَلَى الْ ُمقَْتسِ ِميَ (‪)90‬‬ ‫‪ -84‬وما دفع عنهم اللك الذى نزل بم ما كانوا يكسبون من أموال ‪ ،‬ويتحصنون‬ ‫به من حصون ‪.‬‬ ‫‪ -85‬ما أنشأنا السموات والرض وما بينهما ‪ -‬من فضاء ‪ ،‬وما فيهما من أناس‬ ‫وحيوان ونبات وجاد ‪ ،‬وغيها ما ل يعلمه البشر ‪ -‬إل بالعدل والكمة والصلح‬ ‫والذى ل يتفق معه استمرار الفساد وعدم نايته ‪ ،‬ولذا كان اليوم الذى يكون فيه‬ ‫انتهاء الشر آتيا ل مالة ‪ ،‬واصفح ‪ -‬أيها النب ‪ -‬الكري عن الشركي بالنسبة للعقاب‬ ‫الدنيوى ‪ ،‬وعاملهم بالصب على أذاهم ‪ ،‬والدعوة بالكمة معاملة الصفوح الليم ‪.‬‬ ‫‪ -86‬إن اللّه الذى خلقك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬ورباك هو الكثي اللق ‪ ،‬العليم بالك‬ ‫وحالم ‪ ،‬فهو حقيق بأن تكل إليه أمرك وأمرهم ‪ ،‬وهو الذى يعلم الصلح لك ولم ‪.‬‬ ‫‪ -87‬ولقد آتيناك ‪ -‬أيها النب المي ‪ -‬سبع آيات من القرآن ‪ ،‬هى الفاتة الت‬ ‫تكررها ف كل صلة ‪ ،‬وفيها الضراعة لنا ‪ ،‬وكمال طلب الداية ‪ ،‬وأعطيناك القرآن‬ ‫العظيم كله ‪ ،‬وفيه الجة والعجاز ‪ ،‬فأنت بذا القوى الذى يدر منه الصفح ‪.‬‬ ‫‪ -88‬ل تنظر ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬نظرة تن ورغبة إل ما أعطيناه من مُتَع الدنيا أصنافا‬ ‫من الكفار الشركي واليهود والنصارى والجوس ‪ ،‬فإنه مستصغر بالنسبة لا أوتيته من‬ ‫كمال التصال بنا ومن القرآن العظيم ‪ ،‬ول تزن عليهم بسبب استمرارهم على غيهم‬ ‫‪ ،‬وََأِلنْ جانبك وتواضع وارفق بالذين معك من الؤمني ‪ ،‬فإنم قوة الق وأهل اللّه ‪.‬‬ ‫‪193‬‬

‫‪ -89‬وقل ‪ -‬أيها النب ‪ -‬للجاحدين جيعا ‪ :‬إن أنا النذر لكم بعذاب الشديد ‪ ،‬والبي‬ ‫إنذارى بالدلة القاطعة العجزة ‪.‬‬ ‫‪ -90‬وإن هذا مثل إنذار أولئك الذين قسموا القرآن إل شعر وكهانة وأساطي‬ ‫وغيها ‪ ،‬ول يؤمنوا به مع قيام الجة عليهم ‪.‬‬ ‫سأَلَّن ُهمْ َأجْ َمعِيَ (‪ )92‬عَمّا كَانُوا َيعْمَلُونَ (‬ ‫ك لََن ْ‬ ‫الّذِينَ َجعَلُوا الْ ُقرْآَنَ عِضِيَ (‪َ )91‬فوَ َربّ َ‬ ‫شرِكِيَ (‪ِ )94‬إنّا َكفَيْنَا َك الْ ُمسَْتهْ ِزئِيَ (‪)95‬‬ ‫ع بِمَا ُت ْؤ َمرُ َوأَ ْعرِضْ َع ِن الْ ُم ْ‬ ‫صدَ ْ‬ ‫‪ )93‬فَا ْ‬ ‫صدْ ُركَ‬ ‫ف َيعْلَمُونَ (‪ )96‬وََل َقدْ َنعْ َلمُ أَّنكَ يَضِيقُ َ‬ ‫جعَلُو َن مَ َع ال ّلهِ ِإَلهًا َآ َخ َر َفسَوْ َ‬ ‫الّذِينَ يَ ْ‬ ‫ك حَتّى‬ ‫ك وَ ُكنْ مِ َن السّا ِجدِينَ (‪ )98‬وَاعُْبدْ َربّ َ‬ ‫ح ْمدِ َربّ َ‬ ‫ح بِ َ‬ ‫بِمَا َيقُولُونَ (‪َ )97‬فسَبّ ْ‬ ‫َيأْتَِيكَ الَْيقِيُ (‪)99‬‬ ‫‪ -91‬الذين جعلوا القرآن بذا التقسيم قطعا متفرقة ‪ ،‬وهو كل ل يقبل التجزئة ف‬ ‫إعجازه وصدقه ‪.‬‬ ‫‪ -92‬وإذا كانت تلك حالم ‪ ،‬فوالذى خلقك وحفظك ورباك لنحاسبنهم أجعي يوم‬ ‫القيامة ‪.‬‬ ‫‪ -93‬على أعمالم من إيذاء وجحود واستهزاء ‪.‬‬ ‫‪ -94‬فاجهر بدعوة الق ول تلتفت إل ما يفعله الشركون ويقولونه ‪.‬‬ ‫‪ -95‬وإن أولئك الشركي ‪ -‬الذين يسخرون من دعوتك ‪ -‬لن يتمكنوا منك ولن‬ ‫يستطيعوا أن يولوا بينك وبي دعوتك ‪.‬‬ ‫‪ -96‬أولئك الشركون قد ضعفت مداركهم فجعلوا مع اللّه آلة أخرى من الوثان ‪،‬‬ ‫وسوف يعلمون نتائج شركهم حي ينل بم العذاب الليم ‪.‬‬ ‫‪ -97‬وإنا لنعلم ما يصيبك من ضيق وأل نفسى با يقولونه من ألفاظ الشرك‬ ‫والستهزاء والستهانة ‪.‬‬ ‫‪194‬‬

‫‪ -98‬فإذا أصابك ذلك الضيق فافزع إل ال ‪ -‬تعال ‪ -‬واته إليه ‪ ،‬وكن من‬ ‫الاضعي الضارعي إليه ‪ ،‬واستعن بالصلة فإن فيها الشفاء ‪.‬‬ ‫‪ -99‬والتزم عبادة ال الذى خلقك وهو حافظك حت ينتهى أجلك وتلحق بالرفيق‬ ‫العلى ‪.‬‬ ‫شرِكُونَ (‪)1‬‬ ‫َأتَى أَ ْم ُر اللّ ِه فَلَا َتسْتَعْجِلُو ُه سُبْحَانَ ُه َوتَعَالَى عَمّا ُي ْ‬ ‫‪ -1‬تأكدوا ‪ -‬أيها الشركون ‪ -‬أن ما توعّدكم ال به يوم القيامة واقع قريب الوقوع‬ ‫ل شك فيه ‪ ،‬فل تستهزئوا باستعجال وقوعه ‪ ،‬تنه ال عن أن يكون له شريك يُعبد‬ ‫من دونه ‪ ،‬وعما تشركون به من آلة ل تقدر على شئ ‪.‬‬ ‫ح ِمنْ َأ ْم ِرهِ عَلَى َم ْن َيشَا ُء ِمنْ عِبَا ِد ِه أَ ْن َأنْذِرُوا َأّنهُ لَا ِإلَ َه ِإلّا َأنَا‬ ‫يَُنزّ ُل الْمَلَاِئ َكةَ بِالرّو ِ‬ ‫ح ّق َتعَالَى عَمّا ُيشْرِكُونَ (‪ )3‬خَ َلقَ اْلإِْنسَانَ مِنْ‬ ‫ض بِالْ َ‬ ‫ت وَاْلأَرْ َ‬ ‫فَاّتقُونِ (‪ )2‬خَ َلقَ السّمَاوَا ِ‬ ‫نُ ْطفَ ٍة َفِإذَا ُهوَ خَصِيمٌ مُبِيٌ (‪ )4‬وَاْلأَْنعَا َم خَ َلقَهَا لَ ُكمْ فِيهَا دِفْ ٌء َومَنَافِعُ وَمِ ْنهَا َتأْكُلُونَ (‬ ‫سرَحُونَ (‪َ )6‬وتَحْ ِم ُل َأْثقَالَ ُك ْم إِلَى بَلَ ٍد َلمْ‬ ‫ي َت ْ‬ ‫ي ُترِيُو َن َوحِ َ‬ ‫‪ )5‬وََل ُكمْ فِيهَا جَمَا ٌل حِ َ‬ ‫س إِنّ َرّبكُ ْم َلرَءُوفٌ َرحِيمٌ (‪)7‬‬ ‫شقّ اْلَأنْفُ ِ‬ ‫تَكُونُوا بَاِلغِي ِه ِإلّا ِب ِ‬ ‫‪ -2‬ينل اللئكة با يي القلوب من وحيه على من يتاره للرسالة من عباده ‪،‬‬ ‫ليعلموا الناس أنه ل إله يُعبد بق إل أنا ‪ .‬فابتعدوا عما يغضبن ويعرضكم للعذاب ‪،‬‬ ‫والتزموا الطاعات لتكون وقاية لكم من العذاب ‪.‬‬ ‫‪ -3‬خلق السموات والرض بقتضى الكمة ‪ ،‬تنه ال عن أن يكون له شريك‬ ‫يتصرف ف شئ من ملكه ‪ ،‬أو يستحق أن يعبد مثله ‪.‬‬ ‫‪ -4‬خلق كل فرد من أفراد النسان من مادة سائلة ل تاسك فيها وهى النطفة ‪ ،‬فإذا‬ ‫به إنسان قوى مادل عن نفسه ‪ ،‬مكافح لصومه ‪ ،‬مبي لجته ‪.‬‬

‫‪195‬‬

‫‪ -5‬وقد تفضل اللّه عليكم ‪ -‬أيها العباد ‪ -‬فخلق لكم البل والبقر والضأن والعز‬ ‫لتتخذوا من أصوافها وأوبارها وأشعارها ما تستدفئون به ‪ ،‬ومن لومها تأكلون ما‬ ‫يفظ حياتكم ‪.‬‬ ‫‪ -6‬ولكم فيها بجة وسرور ‪ ،‬حي ترونا راجعة من مراعيها ملى البطون‬ ‫والضروع ‪ ،‬وحي تذهب إل القول والراعى تُسرع الطا إل غذائها ‪.‬‬ ‫‪ -7‬وتمل أمتعتكم الثقيلة إل بلد ل تكونوا مستطيعي الوصول إليه بدونا إل بتحميل‬ ‫أنفسكم أقصى جهدها ومشقتها ‪ .‬إن ربكم الذى هيأ ذلك لراحتكم لشديد الرأفة‬ ‫بكم ‪ ،‬واسع الرحة لكم ‪.‬‬ ‫صدُ‬ ‫ي لَِترْكَبُوهَا وَزِيَن ًة َويَخْ ُلقُ مَا لَا َتعْلَمُونَ (‪ )8‬وَعَلَى ال ّلهِ قَ ْ‬ ‫حمِ َ‬ ‫وَالْخَ ْي َل وَالِْبغَا َل وَالْ َ‬ ‫السّبِي ِل َومِنْهَا جَاِئرٌ َوَلوْ شَا َء َل َهدَا ُك ْم أَجْ َمعِيَ (‪ُ )9‬هوَ اّلذِي َأْن َزلَ ِمنَ السّمَا ِء مَا ًء َلكُمْ‬ ‫ع وَال ّزيْتُو َن وَالنّخِيلَ‬ ‫ت َلكُ ْم ِبهِ الزّرْ َ‬ ‫جرٌ فِيهِ ُتسِيمُونَ (‪ )10‬يُنْبِ ُ‬ ‫ب وَمِ ْن ُه شَ َ‬ ‫مِ ْنهُ َشرَا ٌ‬ ‫خ َر َلكُ ُم اللّ ْيلَ‬ ‫ك َل َآيَ ًة ِلقَوْ ٍم يََت َفكّرُونَ (‪ )11‬وَسَ ّ‬ ‫ت إِ ّن فِي َذلِ َ‬ ‫ب َومِنْ ُك ّل الثّ َمرَا ِ‬ ‫وَاْلأَعْنَا َ‬ ‫ك َلآَيَاتٍ ِل َقوْمٍ يَ ْعقِلُونَ (‬ ‫ت ِبأَ ْم ِر ِه إِ ّن فِي َذلِ َ‬ ‫خرَا ٌ‬ ‫س وَاْلقَ َمرَ وَالنّجُو ُم ُمسَ ّ‬ ‫وَالّنهَارَ وَالشّمْ َ‬ ‫‪)12‬‬ ‫‪ -8‬وخلق لكم اليل والبغال والمي لتركبوها ‪ ،‬فتتخذوا منها زينة تُدخل السرور‬ ‫على قلوبكم ‪ ،‬وسيخلق ما ل تعلمون الن من وسائل الركوب وقطع السافات ‪ ،‬ما‬ ‫سخره اللّه لبن النسان ‪ ،‬إذا استخدم عقله وفكر به واهتدى إل استخدام كل القوى‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ -9‬وعلى اللّه بقتضى فضله ورحته أن يُبيّن لكم الطريق الستقيم الذى يوصلكم إل‬ ‫الي ومن الطريق ما هو مائل منحرف ل يوصل إل الق ‪ ،‬ولو شاء هدايتكم جيعا‬ ‫لداكم وحلكم على الطريق الستقيم ‪ ،‬ولكنه خلق لكم عقول تدرك ‪ ،‬وإرادة توجه ‪.‬‬ ‫وترككم لختياركم ‪.‬‬

‫‪196‬‬

‫‪ -10‬هو الذى أنزل من جهة السماء ماء لكم منه شراب ‪ ،‬وبعضه ينبت منه‬ ‫الشجر ‪ ،‬وف هذا الشجر ترسلون أنعامكم لتأكل منه ‪ ،‬وتدكم باللب واللحوم ‪،‬‬ ‫والصواف والوبار والشعار ‪.‬‬ ‫‪ -11‬ينبت لكم بالاء الذى ينل من السماء الزرع الذى نرج منه البوب والزيتون‬ ‫والنخيل والعناب ‪ ،‬وغيها من كل أنواع الثمرات الت تأكلونا غي ما ذكر ‪ ،‬إن ف‬ ‫إياد هذه الشياء لعلمة هادية لقوم ينتفعون بعقولم ويفكرون ف القدرة الت أوجدتا‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ -12‬وسخر لكم الليل إذ جعله مهيئا لراحتكم ‪ ،‬والنهار إذ جعله مناسبا لسعيكم‬ ‫وحركتكم وأعمالكم ‪ ،‬والشمس إذ تدكم بالدفء والضوء ‪ ،‬والقمر لتعرفوا به عدد‬ ‫السني والساب ‪ ،‬والنجوم مسخرات بأمر اللّه تتدوا با ف الظلمات ‪ ،‬إن ف ذلك‬ ‫لعلمات وأدلة لقوم ينتفعون با وهبهم اللّه من عقل يدرك ‪.‬‬ ‫ك َل َآيَ ًة ِلقَوْ ٍم َيذّ ّكرُونَ (‪َ )13‬وهُ َو اّلذِي‬ ‫ض مُخْتَ ِلفًا َألْوَانُ ُه إِ ّن فِي َذلِ َ‬ ‫وَمَا ذَ َرأَ َل ُكمْ فِي اْلأَرْ ِ‬ ‫خ ِرجُوا مِنْ ُه حِلَْيةً تَلَْبسُوَنهَا َوتَرَى الْفُ ْلكَ‬ ‫ح َر لَِتأْكُلُوا مِ ْن ُه لَحْمًا َط ِريّا َوَتسْتَ ْ‬ ‫خرَ الْبَ ْ‬ ‫سَ ّ‬ ‫ش ُكرُونَ (‪ )14‬وََأْلقَى فِي اْلأَرْضِ َروَا ِسيَ أَنْ‬ ‫مَوَاخِ َر فِيهِ وَلِتَبَْتغُوا ِمنْ فَضْ ِلهِ َوَلعَلّ ُكمْ َت ْ‬ ‫ج ِم ُهمْ َيهَْتدُونَ (‪)16‬‬ ‫تَمِيدَ بِ ُكمْ َوَأْنهَارًا وَسُبُلًا َلعَلّ ُكمْ َتهَْتدُونَ (‪ )15‬وَعَلَامَاتٍ َوبِالنّ ْ‬ ‫َأفَ َمنْ يَخْ ُلقُ َك َم ْن لَا يَخْ ُل ُق َأفَلَا َتذَ ّكرُونَ (‪ )17‬وَإِ ْن َت ُعدّوا نِعْ َم َة ال ّلهِ لَا تُحْصُوهَا إِنّ ال ّلهَ‬ ‫َلغَفُورٌ َرحِيمٌ (‪ )18‬وَاللّ ُه َيعْ َلمُ مَا ُتسِرّو َن وَمَا تُعْلِنُونَ (‪)19‬‬ ‫‪ -13‬وبوار ما خلقه لكم ف السماء وهيأه لنافعكم ‪ ،‬خلق لكم على سطح الرض‬ ‫كثيا من أنواع اليوان والنبات والماد ‪ ،‬وجعل ف جوفها كثيا من العادن الختلفة‬ ‫اللوان والشكال والواص ‪ ،‬وجعل كل ذلك لنافعكم ‪ .‬إن ف ذلك كله لدلة‬ ‫واضحة كثية لقوم يتدبرون فيها فيتعظون ‪ ،‬ويعرفون من خللا قدرة خالقهم ورحته‬ ‫بم ‪.‬‬

‫‪197‬‬

‫‪ -14‬وهو الذى ذلل البحر وجعله ف خدمتكم لتصطادوا ولتأكلوا منه لم الساك‬ ‫طريا طازجا ‪ ،‬وتستخرجوا منه ما تتحلون به كالرجان واللؤلؤ ‪ .‬وترى ‪ -‬أيها الناظر‬ ‫التأمل ‪ -‬السفن ترى فيه شاقة مياهه تمل المتعة والقوات ‪ .‬سخره اللّه لذلك‬ ‫لتنتفعوا با فيه وتطلبوا من فضل اللّه الرزق عن طريق التجارة وغيها ‪ .‬ولتشكروه‬ ‫على ما هيّأه لكم ‪ ،‬وذلك لدمتكم ‪.‬‬ ‫‪ -15‬وجعل اللّه ف الرض جبال ثابتة تفظها أن تضطرب ‪ ،‬وجعل فيها أنارا ترى‬ ‫فيها الياه الصالة للشرب والزرع ‪ ،‬وطرقا مهدة لتهتدوا با ف السي إل مقاصدكم ‪.‬‬ ‫‪ -16‬وجعل علمات ترشد الناس ف أثناء سيهم ف الرض ‪ ،‬وهم ف ذلك‬ ‫يسترشدون ف أثناء سيهم بالنجوم الت أودعها السماء إذا عميت عليهم السبل‬ ‫والتبست معال الطرق ‪.‬‬ ‫‪ -17‬هل يستوى ف نظر العقل السليم التسوية بي القادر والعاجز فيجعل من يلق‬ ‫هذه الشياء كمن ل يستطيع خلق أى شئ؟ أتعمون ‪ -‬أيها الشركون ‪ -‬عن آثار‬ ‫قدرة اللّه ‪ .‬فل تعتبوا وتشكروا عليها اللّه؟‬ ‫‪ -18‬وإن تاولوا عد أنعم اللّه عليكم فلن يكنكم إحصاؤها ‪ ،‬إن اللّه كثي الغفرة‬ ‫واسع الرحة ‪ ،‬فتوبوا إليه وأخلصوا العبادة له ‪ ،‬يغفر لكم ويرحكم ‪.‬‬ ‫‪ -19‬واللّه يدرك بعلمه الشامل ما تفون وما تظهرون ‪ ،‬ل يفى عليه شئ من سركم‬ ‫وجهركم ‪.‬‬ ‫وَاّلذِي َن َيدْعُونَ ِم ْن دُونِ ال ّلهِ لَا يَخْ ُلقُو َن شَيْئًا َوهُ ْم يُخْ َلقُونَ (‪َ )20‬أمْوَاتٌ غَ ْي ُر َأحْيَاءٍ‬ ‫وَمَا َيشْ ُعرُونَ َأيّا َن يُ ْبعَثُونَ (‪ِ )21‬إلَ ُهكُ ْم ِإَلهٌ وَا ِح ٌد فَاّلذِي َن لَا ُي ْؤمِنُو َن بِالْ َآ ِخرَ ِة قُلُوبُ ُهمْ‬ ‫سرّو َن َومَا ُيعْلِنُونَ ِإّنهُ لَا يُحِبّ‬ ‫مُنْ ِك َر ٌة وَ ُه ْم ُمسْتَكِْبرُونَ (‪ )22‬لَا جَرَ َم أَ ّن ال ّلهَ َيعْ َل ُم مَا ُي ِ‬ ‫حمِلُوا‬ ‫ي اْلأَ ّولِيَ (‪ )24‬لِيَ ْ‬ ‫الْ ُمسْتَكِْبرِينَ (‪َ )23‬وِإذَا قِي َل َلهُ ْم مَاذَا أَْن َزلَ َرّب ُكمْ قَالُوا أَسَاطِ ُ‬ ‫أَوْزَا َر ُهمْ كَامِ َل ًة يَوْ َم اْلقِيَا َمةِ وَ ِم ْن أَوْزَا ِر الّذِينَ يُضِلّوَنهُ ْم ِبغَ ْيرِ عِ ْلمٍ َألَا سَا َء مَا َيزِرُونَ (‬

‫‪198‬‬

‫ف ِمنْ‬ ‫خرّ عَلَ ْي ِه ُم السّقْ ُ‬ ‫‪َ )25‬قدْ َم َكرَ اّلذِي َن ِمنْ قَبْ ِل ِه ْم َفأَتَى ال ّلهُ بُنْيَاَن ُهمْ ِمنَ اْل َقوَا ِع ِد فَ َ‬ ‫شعُرُونَ (‪)26‬‬ ‫َفوْ ِق ِهمْ َوَأتَا ُهمُ اْلعَذَابُ ِم ْن حَيْثُ لَا َي ْ‬ ‫‪ -20‬هذا الالق النعم العال بكل شئ ‪ ،‬هو ‪ -‬وحده ‪ -‬الستحق للعبادة ‪ ،‬أما‬ ‫الصنام الت تعبدونا ‪ ،‬فهى عاجزة ل تستطيع أن تلق شيئا ‪ ،‬ولو كان ذبابا ‪ . .‬بل‬ ‫هى نفسها ملوقة ربا صنعتموها بأيديكم ‪.‬‬ ‫‪ -21‬وهى جادات ميتة ل حس لا ول حركة ‪ ،‬ول تدرى مت تكون القيامة والبعث‬ ‫لعابديها ‪ ،‬فل يليق بكم ‪ -‬أيها العقلء ‪ -‬بعد هذا أن تظنوا أنا تنفعكم فتشركوها مع‬ ‫اللّه ف العبادة ‪.‬‬ ‫‪ -22‬وقد وضح بكل هذه الدلئل أن إلكم الذى يب أن تعبدوه وحده إله واحد ل‬ ‫شريك له ‪ ،‬ومع ذلك فالذين ل يؤمنون بالبعث والساب قلوبم منكرة لوحدانيته ‪،‬‬ ‫منعهم الستكبار عن اتباع الق والضوع له ‪.‬‬ ‫‪ -23‬ل شك أن اللّه يعلم ما يسرون وما يعلنون من عقائد وأقوال وأفعال ‪،‬‬ ‫وسيحاسبهم على كل ذلك ويعاقبهم على استكبارهم ‪ ،‬لنه ‪ -‬سبحانه ‪ -‬ل يب‬ ‫الستكبين عن ساع الق والضوع له ‪.‬‬ ‫‪ -24‬وإذا سئل هؤلء الكفار الستكبون ‪ :‬أى شئ أنزله ربكم على ممد؟ قالوا ف‬ ‫عناد ‪ :‬هذا الذى يزعم أن اللّه أنزله عليه ما هو إل أباطيل وخرافات سطرها السابقون‬ ‫فنقلها وصار يرددها ‪.‬‬ ‫‪ -25‬قالوا ذلك ‪ ،‬ليصدوا الناس عن اتباع رسول اللّه ‪ ،‬لتكون عاقبة أمرهم أنم‬ ‫يعذبون يوم القيامة عذاب ضللم كامل ‪ ،‬وعذاب بعض الناس الذين خدعوهم‬ ‫وغرورا بم حت ضلوا دون علم أو بث ‪ .‬تنبه ‪ -‬أيها السامع ‪ -‬لقبح ما ارتكب‬ ‫هؤلء من ذنوب ما أشد عقابم عليها ‪.‬‬

‫‪199‬‬

‫‪ -26‬وقد سبق هؤلء الكافرين التكبين أمثال لم ‪ ،‬دبّروا الكائد لنبيائهم ‪،‬‬ ‫واحتالوا ف إضلل الناس فأبطل اللّه كيدهم ‪ ،‬ودمر بلدهم ونزل بم عذاب النار ف‬ ‫الدنيا من حيث ل يتوقعون ‪.‬‬ ‫خزِيهِ ْم َويَقُولُ َأْينَ ُشرَكَائِيَ اّلذِينَ كُنُْت ْم ُتشَاقّو َن فِي ِهمْ قَالَ اّلذِي َن أُوتُوا‬ ‫ُثمّ َيوْ َم الْقِيَامَ ِة يُ ْ‬ ‫ي الْيَوْ َم وَالسّوءَ عَلَى اْلكَا ِفرِينَ (‪ )27‬الّذِينَ تََت َوفّا ُهمُ الْمَلَائِ َكةُ ظَالِمِي‬ ‫خزْ َ‬ ‫الْعِ ْلمَ إِنّ الْ ِ‬ ‫سهِ ْم َفَألْ َقوُا السّ َلمَ مَا كُنّا نَعْ َم ُل ِمنْ سُو ٍء بَلَى إِ ّن ال ّلهَ عَلِي ٌم بِمَا كُنُْت ْم تَعْمَلُونَ (‪)28‬‬ ‫َأنْ ُف ِ‬ ‫س مَثْوَى الْمَُتكَّبرِينَ (‪َ )29‬وقِيلَ لِ ّلذِينَ اّتقَوْا‬ ‫ب َجهَنّ َم خَاِلدِي َن فِيهَا فَلَبِ ْئ َ‬ ‫فَا ْدخُلُوا َأبْوَا َ‬ ‫مَاذَا أَْن َزلَ َرّب ُكمْ قَالُوا خَ ْيرًا لِ ّلذِي َن أَ ْحسَنُوا فِي َه ِذ ِه ال ّدنْيَا َحسََنةٌ َوَلدَا ُر اْلآَ ِخ َرةِ خَ ْيرٌ‬ ‫وَلَِن ْعمَ دَا ُر الْمُّتقِيَ (‪)30‬‬ ‫‪ -27‬ث ف الخرة حيث يبعث الناس وياسبون على أعمالم ‪ ،‬ويوقفهم اللّه موقف‬ ‫الزى والعار ‪ ،‬حي يفضحهم ويظهر ما كانت تفيه صدورهم ‪ ،‬ويقول لم ‪ :‬أين‬ ‫هؤلء الذين اتذتوهم شركاء ل ف العبادة؟ وكنتم تاربونن ورسلى ف سبيلهم ‪ .‬أين‬ ‫هم حت يدوا لكم العون كما كنتم تزعمون ‪ ،‬فل يستطيعون جوابا ‪ ،‬وحينئذ يقول‬ ‫الذين يعلمون الق من النبياء والؤمني واللئكة ‪ :‬إن الزى اليوم والعذاب السئ‬ ‫واقعان على الاحدين ‪.‬‬ ‫‪ -28‬الزى على الكافرين الذين استمروا على كفرهم حت قبضت اللئكة أرواحهم‬ ‫‪ ،‬وهم ظالون لنفسهم بالشرك وبارتكاب السوء ‪ ،‬واستسلموا بعد طوال العناد إذ‬ ‫علموا حقيقة جرمهم ‪ ،‬وقالوا كذبا من شدة دهشتهم ‪ :‬ما كنا ف الدنيا نعمل شيئا من‬ ‫العاصى ‪ ،‬فتقول لم اللئكة والنبياء ‪ :‬كل ‪ ،‬إنكم كاذبون ‪ ،‬وقد ارتكبتم أفظع‬ ‫العاصى ‪ .‬واللّه ‪ -‬سبحانه ‪ -‬ميط بكل صغية وكبية ما كنتم تعملونه ف دنياكم ‪،‬‬ ‫فل يفيدكم إنكاركم ‪.‬‬ ‫‪ -29‬ويقال لم بعد ذلك ‪ :‬مآلكم دخول النار والعذاب فيها عذابا مؤبدا ل ينقطع ‪،‬‬ ‫وقبحت جهنم دارا ومقاما لكل متكب على النقياد إل الق واليان باللّه ورسله ‪.‬‬ ‫‪200‬‬

‫‪ -30‬وقيل للذين آمنوا باللّه وابتعدوا عما يغضبه من قول أو فعل أو عقيدة ‪ :‬ما‬ ‫الذى أنزله ربكم على رسوله؟ قالوا ‪ :‬أنزل عليه القرآن ‪ ،‬فيه خي الدنيا والخرة‬ ‫للناس جيعا ‪ ،‬فكانوا بذلك من الحسني ‪ .‬واللّه ‪ -‬سبحانه ‪ -‬يكافئ الحسني بياة‬ ‫طيبة ف هذه الياة الدنيا ‪ ،‬ويكافئهم ف الخرة با هو خي وأحسن ما نالوه ف الدنيا ‪.‬‬ ‫ولنعم الدار الت يقيم فيها التقون ف الخرة ‪.‬‬ ‫جزِي ال ّلهُ‬ ‫جرِي ِم ْن تَحِْتهَا اْلَأنْهَا ُر َلهُ ْم فِيهَا مَا َيشَاءُونَ َك َذِلكَ يَ ْ‬ ‫جَنّاتُ َعدْ ٍن َيدْخُلُوَنهَا َت ْ‬ ‫ي َيقُولُو َن سَلَامٌ عَلَ ْي ُك ُم ادْخُلُوا الْجَّن َة بِمَا‬ ‫الْمُّتقِيَ (‪ )31‬الّذِينَ تََت َوفّا ُهمُ الْمَلَائِ َكةُ طَيِّب َ‬ ‫ك َفعَلَ‬ ‫كُنُْت ْم َتعْمَلُونَ (‪َ )32‬ه ْل يَنْ ُظرُو َن ِإلّا أَ ْن َت ْأتِيَ ُه ُم الْمَلَاِئكَ ُة َأوْ َي ْأتِ َي َأ ْمرُ َرّبكَ َك َذلِ َ‬ ‫س ُهمْ يَظْ ِلمُونَ (‪َ )33‬فأَصَاَبهُ ْم سَيّئَاتُ‬ ‫الّذِينَ ِم ْن قَبْ ِل ِهمْ َومَا ظَلَ َم ُهمُ ال ّل ُه وََل ِكنْ كَانُوا َأْنفُ َ‬ ‫ق ِب ِه ْم مَا كَانُوا ِبهِ َيسَْت ْه ِزئُونَ (‪َ )34‬وقَالَ اّلذِي َن أَ ْشرَكُوا َلوْ شَا َء ال ّلهُ مَا‬ ‫مَا َعمِلُوا َوحَا َ‬ ‫حنُ َولَا َآبَا ُؤنَا َولَا َح ّرمْنَا ِمنْ دُوِنهِ ِم ْن شَيْءٍ َك َذِلكَ َف َعلَ‬ ‫عََب ْدنَا ِم ْن دُوِنهِ ِم ْن شَيْ ٍء َن ْ‬ ‫الّذِينَ ِم ْن قَبْ ِل ِهمْ َف َهلْ عَلَى ال ّرسُ ِل ِإلّا الْبَلَاغُ الْمُِبيُ (‪)35‬‬ ‫‪ -31‬وهى جنات ثابتة للقامة ‪ ،‬ترى من تت قصورها وأشجارها النار ‪ ،‬لم فيها‬ ‫ما يشاءون من النعيم ‪ ،‬ومثل هذا الزاء السن ‪ ،‬يزى اللّه كل التقي الذين آمنوا به‬ ‫‪ ،‬واتقوا ما يغضبه ‪ ،‬وأحسنوا عملهم ‪.‬‬ ‫‪ -32‬وهم الذين تقبض أرواحهم اللئكة ‪ ،‬وهم طاهرون من دنس الشرك‬ ‫والعاصى ‪ ،‬وتقول اللئكة تطمينا لم ‪ :‬أمان من اللّه لكم ‪ ،‬فل يصيبكم بعد اليوم‬ ‫مكروه ‪ ،‬وأبشروا بالنة تدخلونا بسبب ما قدمتم من أعمال صالة ف دنياكم ‪.‬‬ ‫‪ -33‬هؤلء هم التقون الذين استعدوا لخرتم ‪ ،‬وذلك جزاؤهم ‪ .‬أما الشركون ‪،‬‬ ‫فإنم بعنادهم وبقائهم على شركهم ‪ ،‬ل ينتظرون إل اللئكة تقبض أرواحهم ‪ ،‬وهم‬ ‫ظالون لنفسهم بالشرك وعمل الشر ‪ ،‬ويأتيهم عذاب ربك بإهلكهم جيعا ‪ .‬ومثل ما‬ ‫فعل هؤلء الكفار العاندون ‪ ،‬فعل الذين سبقوهم ف ذلك مع أنبيائهم فعاقبهم ال على‬

‫‪201‬‬

‫فعلهم ‪ ،‬ول يكن ظالا لم حي عاقبهم ‪ ،‬ولكنهم هم الذين ظلموا أنفسهم حي‬ ‫عرضوها لعذاب ال بكفرهم ‪.‬‬ ‫‪ -34‬فأصابم جزاء ما عملوا من سيئات ‪ ،‬وأحاط بم العذاب الذى كانوا ينكرونه‬ ‫ويستهزئون به ‪.‬‬ ‫‪ -35‬وقال الذين أشركوا عنادا ومغالطة ‪ :‬لو شاء ال أن نعبده ‪ -‬وحده ‪ -‬ونطيعه‬ ‫فيما يأمر به لا عبدنا غيه ‪ ،‬ولا حرّمنا من عندنا ما ل يرمه ‪ ،‬كالبحية والسائبة وهى‬ ‫حجة باطلة يستندون عليها ف كفرهم ‪ .‬وقد احتج با من سبقوهم من الكفار ‪ ،‬بعد ما‬ ‫أرسلنا إليهم رسلنا ‪ ،‬فأمروهم بالتوحيد وطاعة ال ‪ ،‬ونوهم عن الشرك وعن تري ما‬ ‫حَرّمه ال ‪ ،‬فقامت عليهم الُجة ‪ ،‬وأدى رسلنا ما أمرناهم بتبليغه ‪ ،‬وعلينا نن‬ ‫حسابم ‪ ،‬وليس على الرسل شئ بعد ذلك ‪.‬‬ ‫ت فَمِ ْن ُهمْ مَ ْن َهدَى ال ّلهُ‬ ‫وََل َقدْ َبعَثْنَا فِي ُك ّل ُأمّةٍ َرسُولًا أَنِ اعُْبدُوا اللّ َه وَاجْتَنِبُوا الطّاغُو َ‬ ‫ض فَانْ ُظرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقَِب ُة الْمُ َك ّذبِيَ (‬ ‫وَمِ ْن ُهمْ مَ ْن َحقّتْ عَلَ ْي ِه الضّلَاَلةُ َفسِيُوا فِي الْأَرْ ِ‬ ‫صرِينَ (‪)37‬‬ ‫ض ّل َومَا َلهُ ْم ِمنْ نَا ِ‬ ‫ح ِرصْ عَلَى ُهدَا ُهمْ َفإِ ّن ال ّلهَ لَا َيهْدِي َمنْ يُ ِ‬ ‫‪ )36‬إِ ْن تَ ْ‬ ‫ث اللّ ُه َمنْ يَمُوتُ بَلَى وَ ْعدًا عَلَ ْيهِ َحقّا َوَلكِ ّن أَكَْثرَ‬ ‫وََأ ْقسَمُوا بِاللّ ِه َجهْ َد َأيْمَانِ ِهمْ لَا يَ ْبعَ ُ‬ ‫س لَا َيعْلَمُونَ (‪ )38‬لِيُبَّينَ َل ُهمُ اّلذِي يَخْتَ ِلفُونَ فِي ِه َولِيَعْ َل َم الّذِينَ َك َفرُوا َأّنهُمْ كَانُوا‬ ‫النّا ِ‬ ‫كَاذِبِيَ (‪)39‬‬ ‫‪ -36‬ولقد بعثنا ف كل أمة رسول ليقول لم ‪ :‬اعبدوا ال ‪ -‬وحده ‪ -‬واجتنبوا كل‬ ‫طاغية مفسد ‪ ،‬فبلغهم وأرشدهم ‪ ،‬ففريق استمع إل الرشاد وتقبله ‪ ،‬فهداه ال بسن‬ ‫استعداده إل الطريق الستقيم ‪ ،‬وفريق أعرض عن ساع الق فانرف عن سواء‬ ‫السبيل ‪ ،‬فأنزل ال به العذاب ‪ .‬وإذا كنتم ف شك من هذا ‪ -‬يا مشركى مكة ‪-‬‬ ‫فسيوا ف الرض ‪ ،‬قريبا منكم ‪ ،‬فانظروا وتأملوا كيف حل بالكذبي ‪ -‬من عاد‬ ‫وثود وقوم لوط ‪ -‬عذاب ال ‪ ،‬وكيف كانت عاقبة أمرهم خسرانا وهلكا؟! ‪.‬‬ ‫‪ -37‬إن تكن حريصا ‪ -‬أيها النب ‪ -‬على هداية الشركي من قومك ‪ ،‬باذلً معهم‬ ‫‪202‬‬

‫أقصى ما ف جهدك ‪ ،‬فل تلك نفسك حزنا إذا ل يتحقق ما تريد ‪ ،‬فقد تكمت فيهم‬ ‫الشهوات ‪ ،‬وال ل يب على الداية من اختاروا الضلل وتسكوا به ‪ ،‬لنه يتركهم لا‬ ‫اختاروا لنفسهم ‪ ،‬وسيلقون جزاءهم عذابا عظيما ‪ ،‬ول يدون لم يوم القيامة من‬ ‫ينصرهم ويميهم من عذاب ال ‪.‬‬ ‫‪ -38‬وقد أضاف الشركون إل شركهم بال إنكارهم ليوم القيامة ‪ ،‬فأقسموا بال غاية‬ ‫طاقتهم ف القسم ‪ ،‬وأكدوا أن ال ل يبعث من يوت وهم كاذبون ف َقسَ ِم ِهمْ ‪،‬‬ ‫وسيبعثهم ال جيعا ‪ ،‬لنه أخذ العهد على نفسه بذلك ‪ ،‬ولن يلف ال عهده ‪ ،‬ولكن‬ ‫أكثر الناس من الكفار ل يعلمون حكمة ال ف خلْق هذا العال وأنه ل يلقه عبثا ‪ ،‬ول‬ ‫عن حسابه ف الخرة ومازاته ‪.‬‬ ‫‪ -39‬وأن من عدل ال ف خلقه أن يبعثهم جيعا بعد موتم ‪ ،‬فيظهر لم حقائق المور‬ ‫الت اختلفوا فيها ‪ ،‬ليعلم الؤمنون أنم على حق ‪ ،‬ويعلم الكافرون أنم كانوا مطئي‬ ‫ف اتاذهم شركاء ‪.‬‬ ‫ِإنّمَا َق ْولُنَا ِلشَيْ ٍء ِإذَا أَ َردْنَاهُ أَنْ َنقُو َل َلهُ ُكنْ فََيكُونُ (‪ )40‬وَاّلذِي َن هَا َجرُوا فِي ال ّلهِ ِمنْ‬ ‫َبعْ ِد مَا ظُلِمُوا لَنَُب ّوئَّنهُ ْم فِي ال ّدنْيَا َحسَنَ ًة َولََأ ْجرُ اْلآَ ِخ َرةِ أَكَْبرُ َلوْ كَانُوا َيعْلَمُونَ (‪)41‬‬ ‫ك ِإلّا ِرجَالًا نُوحِي ِإلَ ْيهِمْ‬ ‫الّذِينَ صََبرُوا وَعَلَى َرّب ِه ْم يَتَوَكّلُونَ (‪ )42‬وَمَا أَ ْرسَلْنَا ِمنْ قَبْ ِل َ‬ ‫ك الذّكْ َر لِتُبَّينَ‬ ‫ت وَال ّزبُ ِر َوأَْن َزلْنَا ِإلَيْ َ‬ ‫فَا ْسأَلُوا َأ ْهلَ الذّ ْكرِ إِنْ ُكنُْتمْ لَا َتعْلَمُونَ (‪ )43‬بِالْبَيّنَا ِ‬ ‫لِلنّاسِ مَا ُنزّ َل إِلَ ْي ِهمْ وََلعَ ّلهُ ْم يََتفَ ّكرُونَ (‪)44‬‬ ‫‪ -40‬وليس بعث الناس يوم القيامة بعسي علينا حت يستبعده هؤلء الكفار ‪ ،‬لننا إذا‬ ‫أردنا شيئا ل يتاج إياده إل أن نقول له ‪ :‬كن ‪ .‬فيكون كما نريد ‪.‬‬ ‫‪ -41‬والؤمنون الذين هاجروا من ديارهم لوجه ال تعال ‪ ،‬وإخلصا لعقيدتم ‪ ،‬من‬ ‫بعد ما وقع عليهم الظلم والعذاب من الشركي ‪ ،‬لنُعوّضهم ف الدنيا على إخلصهم‬ ‫واحتمالم للعذاب ‪ ،‬حياة طيبة حسنة ل تأتى إل بالهاد ‪ ،‬وسيكون أجرهم يوم‬

‫‪203‬‬

‫القيامة أكب ‪ ،‬ونعيمهم ف النة أعظم ‪ ،‬لو كان الخالفون لم يعلمون ذلك لا‬ ‫ظلموهم وظلموا أنفسهم ‪.‬‬ ‫‪ -42‬وهؤلء الهاجرون هم الذين صبوا على ما تملوه من عذاب ف سبيل عقيدتم‬ ‫‪ ،‬وفوضوا أمرهم إل ال ‪ -‬وحده ‪ -‬غي مبالي با سواه ‪ ،‬ومن أجل هذا أحسنا لم‬ ‫الزاء ‪.‬‬ ‫‪ -43‬وما أرسلنا إل المم السابقة قبل إرسالك إل أمتك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬إل رجالً‬ ‫نوحى إليهم با نريد تبليغه لم ‪ ،‬ول نرسل ملئكة كما يريد كفار قومك ‪ ،‬فاسألوا ‪-‬‬ ‫أيها الكافرون ‪ -‬أهل العلم بالكتب السماوية ‪ ،‬إن كنتم ل تعلمون ذلك ‪ ،‬فستعرفون‬ ‫أن رسل ال جيعا ما كانوا إل رجا ًل ل ملئكة ‪.‬‬ ‫‪ -44‬وقد أيدنا هؤلء الرسل بالعجزات والدلئل البينة لصدقهم ‪ ،‬وأنزلنا عليهم‬ ‫الكتب تبي لم شرعهم الذى فيه مصلحتهم ‪ ،‬وأنزلنا إليك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬القرآن‬ ‫لتبي للناس ما اشتمل عليه من العقائد والحكام ‪ ،‬وتدعوهم إل التّدبر فيه ‪ ،‬رجاء أن‬ ‫يتدبروا فيتعظوا ويستقيم أمرهم ‪.‬‬ ‫ث لَا‬ ‫ض َأ ْو َيأْتَِي ُهمُ اْلعَذَابُ ِم ْن حَيْ ُ‬ ‫خسِفَ ال ّل ُه ِبهِ ُم الْأَرْ َ‬ ‫ت أَنْ يَ ْ‬ ‫َأفََأ ِمنَ اّلذِي َن مَ َكرُوا السّيّئَا ِ‬ ‫جزِينَ (‪ )46‬أَ ْو َيأْ ُخ َذهُمْ عَلَى‬ ‫َيشْ ُعرُونَ (‪ )45‬أَ ْو َيأْ ُخ َذهُ ْم فِي َتقَلِّب ِهمْ فَمَا ُهمْ بِ ُمعْ ِ‬ ‫ف َفإِنّ َربّ ُكمْ َلرَءُوفٌ َرحِيمٌ (‪َ )47‬أ َولَ ْم َيرَوْا إِلَى مَا خَ َلقَ ال ّلهُ مِ ْن َشيْءٍ يَتَفَّيأُ ظِلَاُلهُ‬ ‫خوّ ٍ‬ ‫تَ َ‬ ‫جدُ مَا فِي السّمَاوَاتِ َومَا‬ ‫جدًا لِ ّلهِ َو ُهمْ دَاخِرُونَ (‪ )48‬وَلِ ّل ِه َيسْ ُ‬ ‫ي وَالشّمَاِئلِ سُ ّ‬ ‫َع ِن الْيَمِ ِ‬ ‫فِي اْلأَرْضِ مِ ْن دَابّ ٍة وَالْمَلَاِئكَ ُة وَ ُه ْم لَا َيسَْتكِْبرُونَ (‪ )49‬يَخَافُونَ َرّب ُهمْ ِم ْن َفوْ ِق ِهمْ‬ ‫وََي ْفعَلُو َن مَا يُ ْؤ َمرُونَ (‪)50‬‬ ‫‪ -45‬فكيف يصح بعد كل هذا أن يتمادى الشركون ف عنادهم ‪ ،‬ويدبروا الكائد‬ ‫للرسول؟ هل أغراهم حلم ال بم فاعتقدوا أنم ف مأمن من عذاب ال ‪ ،‬فل يسف‬

‫‪204‬‬

‫بم الرض كما فعل بقارون؟ أو يأتيهم العذاب فجأة بصاعقة كما فعل بثمود وهم ل‬ ‫يدرون أين نزل ‪.‬‬ ‫‪ -46‬أو يهلكهم ف أثناء تنقلهم ف الرض للتجارة بعيدين عن مساكنهم فل‬ ‫يستطيعون الفلت من عقاب ال ‪ ،‬لنه ل يعجزه شئ يريده ‪.‬‬ ‫‪ -47‬أو ينل بم العذاب ف أنفسهم وأموالم رويدا رويدا ‪ ،‬وهم ف كل لظة ف‬ ‫عذاب من الوف منه والترقب لوقوعه ‪ ،‬فل تتمادوا ‪ -‬أيها الشركون ‪ -‬وتغتروا‬ ‫بتأخي عقوبتكم ‪ ،‬فقد اقتضت رأفة ال الشاملة ورحته الواسعة أل يعاجلكم بالعقوبة‬ ‫ف الدنيا ‪ ،‬كى تتفكروا وتتدبروا لنه ‪ -‬سبحانه ‪ -‬رؤوف رحيم ‪.‬‬ ‫‪ -48‬أغفل هؤلء الكفار عن آيات ال حولم ‪ ،‬ول ينظروا ويتدبروا فيما خلقه ال‬ ‫من الشياء القائمة ‪ ،‬تنتقل ظللا وتتد تارة يينا وتارة شالً ‪ ،‬تابعة ف ذلك لركة‬ ‫ل ‪ ،‬وكل ذلك خاضع لمر ال ‪ ،‬منقاد لحكام تدبيه ‪ .‬لو‬ ‫الشمس نارا والقمر لي ً‬ ‫تدبر الشركون هذا لعلموا أن خالقه ومدبره هو ‪ -‬وحده ‪ -‬الستحق للعبادة‬ ‫والضوع ‪ ،‬القادر على إهلكهم لو أراد ‪.‬‬ ‫‪ -49‬ول ‪ -‬وحده ‪ -‬ل لغيه ‪ -‬يضع وينقاد جيع ما خلقه ف السموات وما دب‬ ‫على الرض ومشى على ظهرها من ملوقات ‪ ،‬وف مقدمتهم اللئكة يضعون له ول‬ ‫يستكبون عن طاعته ‪.‬‬ ‫‪ -50‬وحالم أنم دائما على خوف من ربم القادر القاهر ‪ ،‬ويفعلون ما يأمرهم به ‪.‬‬ ‫خذُوا ِإَلهَيْ ِن اثْنَ ْينِ ِإنّمَا هُ َو ِإَلهٌ وَا ِح ٌد َفإِيّايَ فَا ْرهَبُونِ (‪َ )51‬وَلهُ مَا فِي‬ ‫َوقَالَ ال ّلهُ لَا تَتّ ِ‬ ‫ض َولَ ُه الدّينُ وَاصِبًا َأفَغَ ْي َر اللّ ِه تَّتقُونَ (‪َ )52‬ومَا ِب ُكمْ ِم ْن نِعْ َم ٍة فَ ِمنَ‬ ‫ت وَاْلأَرْ ِ‬ ‫السّمَاوَا ِ‬ ‫ضرّ َع ْنكُ ْم ِإذَا َفرِي ٌق مِ ْنكُمْ‬ ‫ف ال ّ‬ ‫جأَرُونَ (‪ُ )53‬ث ّم ِإذَا َكشَ َ‬ ‫ضرّ َفِإلَ ْيهِ تَ ْ‬ ‫س ُكمُ ال ّ‬ ‫اللّ ِه ُثمّ ِإذَا َم ّ‬ ‫جعَلُونَ‬ ‫سوْفَ َتعْلَمُونَ (‪ )55‬وَيَ ْ‬ ‫شرِكُونَ (‪ )54‬لِيَ ْك ُفرُوا بِمَا َآتَيْنَا ُه ْم فَتَمَّتعُوا َف َ‬ ‫ِبرَّب ِهمْ ُي ْ‬ ‫جعَلُو َن لِ ّلهِ‬ ‫سأَُلنّ عَمّا كُنُْت ْم َتفَْترُونَ (‪ )56‬وَيَ ْ‬ ‫لِمَا لَا َيعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمّا رَ َزقْنَاهُ ْم تَاللّ ِه لَُت ْ‬

‫‪205‬‬

‫ش َر أَ َح ُدهُ ْم بِاْلُأنْثَى َظ ّل َو ْجهُ ُه ُمسْ َودّا‬ ‫الْبَنَاتِ سُبْحَاَنهُ وََل ُهمْ مَا َيشَْتهُونَ (‪ )57‬وَِإذَا ُب ّ‬ ‫وَ ُهوَ كَظِيمٌ (‪)58‬‬ ‫‪ -51‬وقال ال ‪ :‬ل تعبدوا اثني ‪ ،‬وتعلوها إلي ‪ ،‬لن الشراك ف العبادة تناف‬ ‫وحدانية اللق والتّكون ‪ ،‬إنا العبود بق إله واحد ‪ ،‬فخافون ول تافوا غيى ‪.‬‬ ‫‪ -52‬وله ‪ -‬وحده ‪ -‬ما ف السموات والرض خلقا ‪ ،‬وملكا ‪ ،‬وعبيدا ‪ ،‬فحقه ‪-‬‬ ‫دون غيه ‪ -‬أن يُعبد ويُحمد ‪ ،‬ويُخضع له ‪ ،‬وُترْجى رحته ‪ ،‬وياف عذابه ‪.‬‬ ‫‪ -53‬وأى شئ جاءكم من النعم فهو من ال ‪ -‬وحده ‪ -‬ث إذا لقكم ما يضركم فل‬ ‫تتضرعوا بأعلى أصواتكم إل إليه ‪.‬‬ ‫‪ -54‬ث إذا استجاب لدعائكم ورفع ذلك الضر عنكم ‪ ،‬نسى بعضكم حق ال عليه‬ ‫من التوحيد وإخلص العبادة له ‪ ،‬فيشركون بالقهم ومربيهم ويعبدون معه غيه ‪.‬‬ ‫‪ -55‬ذلك يدث منهم لتكون عاقبة أمرهم إنكار فضلنا على ما أعطيناهم ‪ ،‬فتمتعوا‬ ‫ أيها الكافرون ‪ -‬با ل تؤدون حق شكره ‪ ،‬فسوف تعلمون عاقبة الكفر ‪.‬‬‫‪ -56‬ويعل الشركون لوثانم الت يسمونا بغي علم آلة نصيبا يتقربون با إليها ‪،‬‬ ‫من الرزق الذى أعطيناهم إياه من الرث والنعام وغيها ‪ ،‬لسألكم وعزتى ‪ -‬أيها‬ ‫الشركون ‪ -‬عما كنتم تتلقونه من الكذب وتفترونه من الباطل ‪ ،‬وأجازيكم عليه ‪.‬‬ ‫‪ -57‬ويعلون ل ما يكرهون ‪ ،‬فيزعمون أن اللئكة بنات ‪ ،‬ويعبدونا ‪ ،‬تنه ال عن‬ ‫ذلك ‪ ،‬ويعلون لنفسهم ما يبون ‪ ،‬وهم الذكور من الولد ‪.‬‬ ‫‪ -58‬وهم إذا خُبّر أحدهم بأنه ولدت له أنثى ‪ ،‬صار وجهه مسودا من الزن وهو‬ ‫ملوء غيظا يكظمه ‪.‬‬ ‫شرَ ِب ِه َأيُ ْمسِ ُكهُ عَلَى هُو ٍن أَ ْم َيدُ ّس ُه فِي الّترَابِ َألَا سَا َء مَا‬ ‫يََتوَارَى ِمنَ اْلقَوْ ِم ِم ْن سُوءِ مَا ُب ّ‬ ‫سوْ ِء وَلِ ّل ِه الْمََثلُ اْلأَعْلَى َو ُهوَ اْلعَزِيزُ‬ ‫حكُمُونَ (‪ )59‬لِ ّلذِي َن لَا ُيؤْمِنُو َن بِاْل َآخِ َر ِة مََثلُ ال ّ‬ ‫يَ ْ‬ ‫س بِظُلْ ِم ِه ْم مَا َترَكَ عَلَ ْيهَا ِمنْ دَاّبةٍ َوَلكِ ْن ُيؤَ ّخرُ ُهمْ‬ ‫الْحَكِيمُ (‪ )60‬وََل ْو يُؤَاخِ ُذ اللّ ُه النّا َ‬ ‫جعَلُونَ‬ ‫ِإلَى أَ َج ٍل ُمسَمّى َفِإذَا جَا َء أَجَ ُل ُهمْ لَا َيسَْتأْ ِخرُو َن سَا َعةً َولَا َيسَْت ْقدِمُونَ (‪َ )61‬ويَ ْ‬ ‫‪206‬‬

‫حسْنَى لَا َجرَ َم أَ ّن َلهُ ُم النّا َر َوَأنّ ُهمْ‬ ‫لِ ّلهِ مَا يَ ْك َرهُو َن َوتَصِفُ َأْلسِنَُت ُهمُ اْلكَ ِذبَ أَ ّن َل ُهمُ الْ ُ‬ ‫ك َف َزيّ َن َلهُ ُم الشّيْطَانُ أَ ْعمَالَ ُهمْ َفهُوَ‬ ‫ُمفْرَطُونَ (‪ )62‬تَال ّلهِ لَ َق ْد أَرْسَلْنَا ِإلَى ُأمَ ٍم ِمنْ قَبْ ِل َ‬ ‫ب َألِيمٌ (‪)63‬‬ ‫وَلِّي ُهمُ الَْيوْ َم َوَلهُمْ َعذَا ٌ‬ ‫‪ -59‬ياول الختفاء عن أعي الناس ‪ ،‬لئل يروا كآبته من الل الذى أصابه من وجود‬ ‫الولود الذى أخبوه به ‪ ،‬وتستول عليه حية ‪ .‬أيبقيه حيا مع ما يلحقه من الوان على‬ ‫ذلك ف زعمه؟! أم يدفنه ف التراب وهو حى حت يوت تته؟ تنبه ‪ -‬أيها السامع ‪-‬‬ ‫لفظاعة عمل هؤلء ‪ .‬وقبح حكمهم الذى ينسبون فيه ل ما يكرهون أن ينسب إل‬ ‫أنفسهم ‪.‬‬ ‫‪ -60‬الذين ل يؤمنون بالخرة وما فيها من ثواب وعقاب الال الت تسوء ‪ ،‬وهى‬ ‫الاجة إل الولد الذكور وكراهة الناث ‪ ،‬ول الصفة العليا ‪ ،‬وهو الغن عن كل‬ ‫شئ ‪ ،‬فل يتاج إل الولد ‪ ،‬وهو الغالب القوى الذى ل يتاج إل معي ‪.‬‬ ‫‪ -61‬ولو يعجل ال عقاب الناس با ارتكبوا من ظلم ‪ ،‬ما ترك على ظهر الرض دابة‬ ‫‪ ،‬ولكنه بلمه وحكمته يؤخر الظالي إل وقت عيّنه ‪ ،‬وهو وقت انتهاء آجالم ‪ ،‬فإذا‬ ‫جاء هذا الوقت ل يتأخرون عنه لظة كما ل يتقدمون عليه لظة ‪.‬‬ ‫‪ -62‬وينسب الشركون إل ال ما يكرهون أن ينسب إليهم من البنات والشركة ‪،‬‬ ‫وتنطق ألسنتهم الكذب ‪ ،‬إذ يزعمون مع ذلك أن لم ف الدنيا الغن والسلطان الذى‬ ‫يقيهم العذاب ‪ ،‬وأن لم النة كذلك ‪ .‬والق أن لم النار ‪ ،‬وأنم مسوقون إليها قبل‬ ‫غيهم ‪.‬‬ ‫‪ -63‬تأكد ‪ -‬أيها النب ‪ -‬أننا أرسلنا رسل إل أمم من قبل بثل ما أرسلناك به إل‬ ‫الناس جيعا ‪ ،‬فحسّن لم الشيطان الكفر والشرك والعاصى فكذبوا رسلهم ‪،‬‬ ‫وعصوهم ‪ ،‬وصدقوا الشيطان وأطاعوه ‪ ،‬فهو متول أمورهم ف الدنيا يزين لم ما‬ ‫يضرهم ‪ ،‬ولم ف الخرة عذاب شديد الل ‪.‬‬

‫‪207‬‬

‫وَمَا َأنْ َزلْنَا عَلَ ْيكَ اْلكِتَابَ إِلّا لِتُبَّينَ َل ُهمُ اّلذِي اخْتَ َلفُوا فِيهِ َو ُهدًى وَ َرحْ َم ًة لِ َقوْ ٍم ُيؤْمِنُونَ (‬ ‫ض َبعْ َد َموِْتهَا إِ ّن فِي ذَِلكَ لَ َآَيةً ِل َقوْمٍ‬ ‫‪ )64‬وَال ّلهُ َأْن َزلَ ِمنَ السّمَا ِء مَا ًء َفَأحْيَا ِبهِ اْلأَرْ َ‬ ‫َيسْ َمعُونَ (‪َ )65‬وإِ ّن لَ ُك ْم فِي الَْأْنعَا ِم َلعِ ْب َر ًة ُنسْقِي ُكمْ مِمّا فِي بُطُونِ ِه ِمنْ بَ ْينِ َف ْرثٍ َودَمٍ‬ ‫خذُو َن مِ ْنهُ َس َكرًا‬ ‫لَبَنًا خَالِصًا سَاِئغًا لِلشّا ِربِيَ (‪َ )66‬و ِمنْ ثَ َمرَاتِ النّخِي ِل وَاْلأَعْنَابِ تَتّ ِ‬ ‫خذِي‬ ‫ح ِل أَنِ اتّ ِ‬ ‫ك ِإلَى النّ ْ‬ ‫وَرِ ْزقًا َحسَنًا إِ ّن فِي ذَِلكَ لَ َآَيةً ِل َقوْ ٍم َيعْقِلُونَ (‪ )67‬وََأ ْوحَى َربّ َ‬ ‫جرِ وَمِمّا َيعْ ِرشُونَ (‪)68‬‬ ‫ِمنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا َو ِمنَ الشّ َ‬ ‫‪ -64‬وما أنزلنا عليك القرآن إل لتبي به للناس الق فيما كان موضع خلفهم من‬ ‫الدين ‪ ،‬وليكون هداية تامة ‪ ،‬ورحة عامة لقوم يؤمنون بال وبالكتاب الذى أنزله ‪.‬‬ ‫‪ -65‬وال أنزل من السماء ماء يمله السحاب ‪ ،‬فجعل الرض منبتة فيها حياة ‪ ،‬بعد‬ ‫أن كانت قاحلة ل حياة فيها ‪ .‬إن ف ذلك لدليلً واضحا على وجود مدبر حكيم ‪.‬‬ ‫‪ -66‬وإن لكم ‪ -‬أيها الناس ‪ -‬ف البل والبقر والغنم لوعظة تعتبون با ‪ ،‬وتنتقلون‬ ‫بتدبر عطائها إل العلم بالصانع البدع الكيم ‪ ،‬ونسقيكم من بعض ما ف بطونا من‬ ‫بي فضلت الطعام والدم لبنا صافيا سهل التناول للشاربي ‪.‬‬ ‫‪ -67‬ومن ثرات النخيل والعناب الت أنعمنا با عليكم ومكناكم منها تتخذون‬ ‫عصيا مسكرا غي حسن ‪ ،‬وطعاما طيبا حسنا ‪ ،‬إن ف ذلك لعلمة دالة على القدرة‬ ‫والرحة لقوم ينتفعون بعقولم ‪.‬‬ ‫‪ -68‬وألم ربك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬النحل أسباب حياتا ‪ ،‬ووسائل معيشتها ‪ ،‬بأن تتخذ‬ ‫من البال بيوتا ف كهوفها ‪ ،‬ومن فجوات الشجر ‪ ،‬ومن عرائش النازل والكروم‬ ‫بيوتا كذلك ‪.‬‬ ‫ب مُخْتَلِفٌ‬ ‫ج ِم ْن بُطُونِهَا شَرَا ٌ‬ ‫خرُ ُ‬ ‫ُثمّ كُلِي ِمنْ ُكلّ الثّ َمرَاتِ فَاسْلُكِي سُُبلَ َرّبكِ ُذلُلًا يَ ْ‬ ‫َألْوَاُن ُه فِيهِ ِشفَا ٌء لِلنّاسِ إِ ّن فِي َذِلكَ َل َآَيةً ِل َقوْمٍ يَتَ َف ّكرُونَ (‪ )69‬وَاللّ ُه خَ َلقَ ُكمْ ُث ّم يََتوَفّا ُكمْ‬ ‫وَمِ ْن ُكمْ َم ْن ُيرَ ّد ِإلَى أَ ْر َذلِ اْلعُ ُمرِ ِلكَ ْي لَا َيعْ َل َم بَ ْعدَ عِ ْل ٍم شَيْئًا إِ ّن ال ّلهَ عَلِي ٌم َقدِيرٌ (‪)70‬‬

‫‪208‬‬

‫ق فَمَا اّلذِي َن فُضّلُوا ِبرَادّي رِ ْز ِق ِهمْ عَلَى مَا‬ ‫ضكُمْ عَلَى َبعْضٍ فِي الرّزْ ِ‬ ‫ض َل َبعْ َ‬ ‫وَال ّلهُ فَ ّ‬ ‫حدُونَ (‪)71‬‬ ‫جَ‬ ‫ت َأيْمَاُنهُ ْم َفهُ ْم فِي ِه سَوَا ٌء َأفَبِِنعْ َمةِ ال ّلهِ يَ ْ‬ ‫مَلَكَ ْ‬ ‫‪ -69‬ث هداها ‪ -‬سبحانه ‪ -‬للكل من كل ثرات الشجر والنبات ‪ ،‬وسهّل لا أن‬ ‫تسلك لذلك طرقا هيأها لا ربا مذللة سهلة ‪ ،‬فيخرج من بطونا شراب متلف ألوانه‬ ‫فيه شفاء للناس ‪ ،‬إن ف ذلك الصنع العجيب لدلة قوية على وجود صانع قادر حكيم‬ ‫‪ ،‬ينتفع با قوم يستعملون عقولم بالتأمل فيفوزون بالسعادة الدائمة ‪.‬‬ ‫‪ -70‬وال خلقكم ‪ ،‬وقدر لكم آجال متلفة ‪ ،‬منكم من يتوفاه مبكرا ‪ ،‬ومنكم من‬ ‫يبلغ أرذل العمر ‪ ،‬فيجع بذلك إل حال الضعف ‪ ،‬إذ تأخذ حيويته ف الضعف‬ ‫التدريى ‪ ،‬فيقل نشاط الليا وتن العظام والعضلت والعصاب فتكون عاقبته أن‬ ‫يفقد كل ما عليه ‪ .‬إن ال عليم بأسرار خلقه ‪ ،‬قادر على تنفيذ ما يريده ‪.‬‬ ‫‪ -71‬وال فضّل بعضكم على بعض ف الرزق ‪ .‬فجعل رزق السيد الالك أفضل من‬ ‫رزق ملوكه ‪ ،‬فما الذين كثر رزقهم من السادة بعطي نصف رزقهم لعبيدهم‬ ‫الملوكي لم ‪ ،‬حت يصيوا مشاركي لم ف الرزق على حد الساواة ‪ ،‬وإذا كان‬ ‫هؤلء الكفار ل يرضون أن يشاركهم عبيدهم ف الرزق الذى جاء من عند ال ‪ ،‬مع‬ ‫أنم بشر مثلهم ‪ ،‬فكيف يرضون أن يشركوا مع ال بعض ملوقاته فيما ل يليق إل به‬ ‫تعال ‪ ،‬وهو استحقاق العبادة؟ فهل تستمر بعد كل هذا بصائر هؤلء الشركي‬ ‫مطموسة ‪ ،‬فيجحدوا نعمة ال عليهم بإشراكهم معه غيه؟ ‪.‬‬ ‫ي َو َحفَ َد ًة وَرَ َز َقكُ ْم ِمنَ‬ ‫سكُ ْم أَ ْزوَاجًا َو َجعَ َل َلكُ ْم ِمنْ أَ ْزوَا ِج ُكمْ بَنِ َ‬ ‫وَال ّلهُ َج َعلَ َل ُكمْ ِم ْن َأنْ ُف ِ‬ ‫ت َأفَبِالْبَا ِطلِ ُي ْؤمِنُونَ َوبِِنعْ َمةِ ال ّلهِ هُ ْم َيكْ ُفرُونَ (‪َ )72‬وَيعْبُدُو َن ِمنْ دُو ِن اللّ ِه مَا لَا‬ ‫الطّيّبَا ِ‬ ‫ضرِبُوا لِ ّلهِ‬ ‫ض شَيْئًا َولَا َيسْتَطِيعُونَ (‪ )73‬فَلَا تَ ْ‬ ‫ت وَاْلأَرْ ِ‬ ‫يَمْ ِلكُ َل ُهمْ رِ ْزقًا ِم َن السّمَاوَا ِ‬ ‫الَْأمْثَا َل إِنّ ال ّل َه َيعْلَ ُم َوأَنُْت ْم لَا َتعْلَمُونَ (‪)74‬‬ ‫‪ -72‬وال جعل لكم من جنس أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها ‪ ،‬وجعل لكم من‬ ‫أزواجكم بني وأبناء بني ‪ ،‬ورزقكم ما أباحه لكم ما تطيب به نفوسكم ‪ .‬أبعد ذلك‬ ‫‪209‬‬

‫يشرك به بعض الناس؟ فيؤمنون بالباطل ‪ ،‬ويحدون نعمة ال الشاهدة ‪ ،‬وهى الت‬ ‫تستحق منهم الشكر ‪ ،‬وإخلص العبادة ل ‪.‬‬ ‫‪ -73‬ويعبدون غي ال من الوثان وهى ل تلك أن ترزقهم رزقا ‪ -‬أَىّ رزقٍ ‪ -‬ولو‬ ‫قليل سواء كان هذا الرزق آتيا من جهة السماء كالاء ‪ ،‬أم خارجا من الرض كثمر‬ ‫الشجار والنبات ‪ ،‬ول تستطيع هذه اللة أن تفعل شيئا من ذلك ول أقل منه ‪.‬‬ ‫‪ -74‬وحيث ثبت لكم عدم نفع غي ال لكم ‪ ،‬فل تذكروا ل تعال أشباها ‪ ،‬وتبروا‬ ‫عبادتا بأقيسة فاسدة ‪ ،‬وتشبيهات غي صحيحة تعبدونا معه ‪ .‬إن ال يعلم فساد ما‬ ‫تعملون ‪ ،‬وسيجازيكم عليه ‪ ،‬وأنتم ف غفلة ل تعلمون سوء مصيكم ‪.‬‬ ‫ض َربَ ال ّلهُ مَثَلًا َع ْبدًا مَمْلُوكًا لَا َيقْدِرُ عَلَى َشيْ ٍء وَ َمنْ رَ َزقْنَا ُه مِنّا رِ ْزقًا َحسَنًا َف ُهوَ يُ ْن ِفقُ‬ ‫َ‬ ‫ب ال ّلهُ مَثَلًا‬ ‫ضرَ َ‬ ‫مِ ْنهُ ِسرّا َو َجهْرًا هَ ْل َيسَْتوُو َن الْحَ ْم ُد لِ ّلهِ َب ْل أَكَْث ُرهُ ْم لَا َيعْلَمُونَ (‪ )75‬وَ َ‬ ‫َرجُلَ ْينِ َأ َحدُهُمَا َأبْكَم لَا َيقْدِرُ َعلَى َشيْ ٍء وَ ُهوَ َكلّ عَلَى َم ْولَا ُه َأيْنَمَا يُ َو ّجهْ ُه لَا َي ْأتِ بِخَ ْيرٍ‬ ‫ط ُمسَْتقِيمٍ (‪ )76‬وَلِ ّلهِ غَيْبُ‬ ‫صرَا ٍ‬ ‫َهلْ َيسَْتوِي ُهوَ وَ َم ْن يَ ْأ ُمرُ بِاْلعَ ْدلِ َو ُهوَ عَلَى ِ‬ ‫ب إِنّ ال ّلهَ عَلَى ُكلّ‬ ‫صرِ َأ ْو هُ َو َأ ْقرَ ُ‬ ‫ح الْبَ َ‬ ‫ض َومَا َأمْ ُر السّا َع ِة ِإلّا كَ َلمْ ِ‬ ‫ت وَاْلأَرْ ِ‬ ‫السّمَاوَا ِ‬ ‫شَيْ ٍء َقدِيرٌ (‪)77‬‬ ‫‪ -75‬جعل ال مثل يوضح فساد ما عليه الشركون ‪ ،‬بعبد ملوك ل يقدر على فعل‬ ‫شئ ‪ ،‬وبرّ رزقه ال رزقا طيبا حلل ‪ ،‬فهو يتصرف فيه ‪ ،‬وينفق منه ف السر والهر ‪.‬‬ ‫هل يستوى العبيد الذين ل يقدرون على شئ ‪ ،‬والحرار الذين يلكون ويتصرفون‬ ‫فيما يلكون؟ إن ال ملك كل شئ ‪ ،‬فهو يتصرف ف ملكوته كما يريد ‪ ،‬وغيه ل‬ ‫يلك أىّ شئ فل يستحق أن يُعبد ويُحمد ‪ ،‬الثناء كله حق ل وحده ‪ ،‬والتنيه له‬ ‫وحده ‪ ،‬وله العلو وحده ‪ ،‬لن كل خي صدر عنه ‪ ،‬وكل جيل مرده إليه ‪ ،‬ول يفعل‬ ‫هؤلء ما يفعلون عن علم ‪ ،‬وإنا يفعلون ما يفعلون تقليدا لرؤسائهم ‪ ،‬بل أكثرهم ل‬ ‫يعلمون ‪ ،‬فيضيفون نعمه إل غيه ‪ ،‬ويعبدونه من دونه ‪.‬‬

‫‪210‬‬

‫‪ -76‬وجعل ال مثل آخر هو رجلن ‪ :‬أحدها أخرس أصم ل ُيفْهم غيه ‪َ :‬كلّ على‬ ‫من يلى أمره ‪ ،‬إذا وجهه سيده إل جهة ما ل يرجع بفائدة ‪ .‬هل يستوى هذا الرجل‬ ‫مع رجل فصيح قوى السمع ‪ .‬يأمر بالق والعدل ‪ ،‬وهو ف نفسه على طريق قوي ل‬ ‫عوج فيه؟ إن ذلك الخرس الذى ل يسمع ول يتكلم ول يَفْهم ول يُفهم ‪ ،‬هو مثل‬ ‫الصنام الت عبدوها من دون ال ‪ ،‬فإنا ل تسمع ول تنطق ول تنفع ‪ ،‬فل يكن أن‬ ‫تستوى مع السميع العليم الداعى إل الي والق ‪ ،‬وإل الطريق الستقيم ‪.‬‬ ‫‪ -77‬ول ‪ -‬وحده ‪ -‬علم ما غاب عن العباد ف السموات والرض ‪ ،‬وما أمر مئ‬ ‫يوم القيامة ‪ ،‬وبعث الناس فيه ‪ ،‬عند ال ف السرعة والسهولة ‪ ،‬إل كرد طرف العي‬ ‫بعد فتحها ‪ .‬بل هو أقرب سرعة من ذلك ‪ .‬إن ال عظيم القدرة ل يعجزه أى شئ ‪.‬‬ ‫وَال ّلهُ َأ ْخرَ َج ُكمْ ِم ْن بُطُونِ ُأ ّمهَاِتكُ ْم لَا َتعْلَمُو َن شَيْئًا َو َجعَ َل َلكُ ُم السّمْ َع وَاْلَأبْصَارَ‬ ‫ت فِي َجوّ السّمَا ِء مَا‬ ‫خرَا ٍ‬ ‫ش ُكرُونَ (‪َ )78‬ألَ ْم َيرَوْا إِلَى الطّ ْي ِر ُمسَ ّ‬ ‫وَاْلَأفْئِ َد َة َلعَلّ ُكمْ َت ْ‬ ‫سكُ ُه ّن إِلّا اللّ ُه إِ ّن فِي َذِلكَ َل َآيَاتٍ ِل َقوْ ٍم ُيؤْمِنُونَ (‪ )79‬وَاللّ ُه َجعَ َل َلكُ ْم ِمنْ بُيُوتِ ُكمْ‬ ‫يُ ْم ِ‬ ‫خفّوَنهَا َيوْمَ َظعِْن ُكمْ َوَيوْ َم ِإقَامَِتكُ ْم َومِنْ‬ ‫سَكَنًا وَ َج َعلَ َلكُ ْم ِمنْ جُلُودِ اْلَأنْعَا ِم بُيُوتًا َتسْتَ ِ‬ ‫صوَا ِفهَا َوَأوْبَا ِرهَا َوأَ ْشعَا ِرهَا َأثَاثًا َومَتَاعًا ِإلَى حِيٍ (‪)80‬‬ ‫أَ ْ‬ ‫‪ -78‬وال أخرجكم من بطون أمهاتكم ل تدركون شيئا ما ييط بكم ‪ ،‬وجعل لكم‬ ‫السمع والبصار والفئدة ‪ ،‬وسائل للعلم والدراك ‪ ،‬لتؤمنوا به عن طريق العلم ‪،‬‬ ‫وتشكروه على ما تفضل به عليكم ‪.‬‬ ‫‪ -79‬أل ينظر الشركون إل الطي مذللت للطيان ف الواء إل السماء با زودها ال‬ ‫به من أجنحة أوسع من جسمها تبسطها وتقبضها ‪ ،‬وسخر الواء لا ‪ ،‬فما يسكهن ف‬ ‫الو إل ال بالنظام الذى خلقها عليه؟ إن ف النظر إليها والعتبار بكمة ال ف‬ ‫خلقها ‪ ،‬لدللة عظيمة ينتفع با الستعدون لليان ‪.‬‬ ‫‪ -80‬وال سبحانه وتعال هو الذى جعلكم قادرين على إنشاء بيوت لكم تتخذون‬ ‫منها مساكن ‪ ،‬وجعل لكم من جلود البل والبقر والغنم وغيها أخبية تسكنون فيها‬ ‫‪211‬‬

‫وتنقلونا ف حلكم وترحالكم ‪ ،‬وجعلكم تتخذون من صوفها وشعرها ووبرها فرشا‬ ‫تتمتعون با ف هذه الدنيا إل حي آجالكم ‪.‬‬ ‫وَال ّلهُ َج َعلَ َل ُكمْ مِمّا خَ َلقَ ظِلَالًا َوجَ َع َل لَ ُك ْم ِمنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا َوجَ َع َل لَ ُك ْم سَرَابِيلَ‬ ‫ك يُِتمّ ِنعْمََتهُ عَلَ ْي ُك ْم لَعَ ّل ُكمْ ُتسْلِمُونَ (‪)81‬‬ ‫ح ّر َوسَرَابِي َل َتقِي ُك ْم َبأْ َسكُمْ َك َذلِ َ‬ ‫َتقِي ُكمُ الْ َ‬ ‫ك الْبَلَاغُ الْمُِبيُ (‪َ )82‬يعْ ِرفُونَ ِنعْ َم َة اللّ ِه ُثمّ يُ ْن ِكرُوَنهَا َوأَكَْثرُ ُهمُ‬ ‫َفإِنْ َت َولّوْا َفإِنّمَا عَلَ ْي َ‬ ‫ث ِمنْ ُك ّل ُأمّ ٍة َشهِيدًا ثُ ّم لَا ُي ْؤذَ ُن لِ ّلذِينَ َك َفرُوا وَلَا هُمْ‬ ‫الْكَا ِفرُونَ (‪َ )83‬وَيوْمَ نَبْعَ ُ‬ ‫خفّفُ عَ ْن ُهمْ َولَا ُهمْ يُنْ َظرُونَ (‬ ‫ب فَلَا ُي َ‬ ‫ُيسْتَعْتَبُونَ (‪ )84‬وَِإذَا َرأَى اّلذِينَ ظَ َلمُوا الْ َعذَا َ‬ ‫‪ )85‬وَِإذَا َرأَى اّلذِي َن أَ ْشرَكُوا ُشرَكَا َءهُ ْم قَالُوا َربّنَا َهؤُلَا ِء ُشرَكَا ُؤنَا اّلذِينَ كُنّا َندْعُوا ِمنْ‬ ‫دُوِنكَ َفَأْلقَوْا ِإلَ ْي ِهمُ اْلقَ ْولَ ِإّنكُ ْم َلكَا ِذبُونَ (‪)86‬‬ ‫‪ -81‬وال جعل لكم من الشجار الت خلقها وغيها ظلل تقيكم شر الر ‪ ،‬وجعل‬ ‫لكم من البال كهوفا ومغارات تسكنون فيها كالبيوت ‪ ،‬وجعل لكم ثيابا من‬ ‫الصوف والقطن والكتان وغيها تصونكم من حرارة الشمس ‪ ،‬ودروعا من الديد‬ ‫تصونكم من قسوة حروب أعدائكم ‪ ،‬كما جعل لكم هذه الشياء ‪ ،‬يتم عليكم نعمته‬ ‫بالدين القيم ‪ ،‬لتنقادوا لمره وتلصوا عبادتكم له دون غيه ‪.‬‬ ‫‪ -82‬فإن أعرض عنك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬الذين تدعوهم إل السلم ‪ ،‬فل تبعة عليك ف‬ ‫إعراضهم ‪ ،‬فليس عليك إل التبليغ الواضح ‪ ،‬وقد فعلت ‪.‬‬ ‫‪ -83‬إن إعراض هؤلء الكفار ليس لنم يهلون أن ال ‪ -‬سبحانه ‪ -‬هو مصدر كل‬ ‫النعم عليهم ‪ ،‬ولكنهم يعملون عمل من ينكرها حيث ل يشكروه عليها ‪ ،‬وأكثرهم‬ ‫جد على تقليد الباء ف الكفر بال ‪ ،‬حت كان أكثرهم هم الاحدون ‪.‬‬ ‫‪ -84‬وحذر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬كل كافر بربه ما سيحصل ‪ ،‬يوم نبعث من كل أمة نبيا‬ ‫ليشهد لا أو عليها با قابلت به رسول ربا ‪ ،‬وإذا أراد الكافر منهم أن يعتذر ل يؤذن‬ ‫له ف العتذار ‪ ،‬ول يوجد لم شفيع يهد لشفاعته ‪ ،‬بأن يطلب منهم الرجوع عن‬ ‫سبب غضب ال عليهم ‪ ،‬لن الخرة ليست دار توبة ‪.‬‬ ‫‪212‬‬

‫‪ -85‬وإذا رأى الذين ظلموا أنفسهم بالكفر عذاب جهنم ‪ ،‬وطلبوا أن يففه اللّه‬ ‫عنهم ‪ ،‬ل يُجاب لم طلب ‪ ،‬ول يؤخرون عن دخول جهنم لظة ‪.‬‬ ‫‪ -86‬وإذا رأى الذين أشركوا آلتهم الت عبدوها وزعموا أنا شركاء للّه قالوا ‪ :‬يا‬ ‫ربنا هؤلء شركاؤنا الذين كنا نعبدهم مطئي ‪ ،‬فخفف عنا العذاب بإلقاء بعضه عليهم‬ ‫‪ ،‬فيجيبهم شركاؤهم قائلي ‪ :‬إنكم ‪ -‬أيها الشركون ‪ -‬لكاذبون ف دعواكم أننا‬ ‫شركاء ‪ ،‬وأنكم عبدتونا ‪ ،‬إنا عبدت أهواءكم ولسنا كما زعمتم شركاء ‪.‬‬ ‫صدّوا‬ ‫ضلّ عَ ْن ُهمْ مَا كَانُوا َيفَْترُونَ (‪ )87‬اّلذِينَ َك َفرُوا وَ َ‬ ‫وََأْلقَوْا إِلَى ال ّل ِه يَ ْومَِئذٍ السّ َلمَ وَ َ‬ ‫ث فِي‬ ‫سدُونَ (‪َ )88‬وَيوْمَ نَبْعَ ُ‬ ‫ب بِمَا كَانُوا يُ ْف ِ‬ ‫ق اْلعَذَا ِ‬ ‫َع ْن سَبِيلِ ال ّلهِ ِز ْدنَا ُهمْ َعذَابًا َفوْ َ‬ ‫ك الْكِتَابَ‬ ‫ك شَهِيدًا عَلَى َه ُؤلَا ِء َوَن ّزلْنَا عَلَ ْي َ‬ ‫س ِهمْ َوجِئْنَا ِب َ‬ ‫ُك ّل ُأمّ ٍة َشهِيدًا عَلَ ْي ِهمْ مِ ْن َأْنفُ ِ‬ ‫شرَى لِلْ ُمسْلِ ِميَ (‪ )89‬إِ ّن ال ّلهَ َي ْأ ُمرُ بِالْ َعدْلِ‬ ‫تِبْيَانًا لِ ُك ّل شَيْ ٍء َوهُدًى وَ َرحْ َمةً َوُب ْ‬ ‫حشَا ِء وَالْمُ ْن َكرِ وَالَْبغْ ِي يَعِ ُظ ُكمْ َلعَ ّلكُمْ‬ ‫وَاْلإِ ْحسَانِ وَإِيتَا ِء ذِي اْل ُقرْبَى َويَ ْنهَى َع ِن اْلفَ ْ‬ ‫َتذَكّرُونَ (‪َ )90‬وَأوْفُوا ِب َعهْ ِد ال ّلهِ ِإذَا عَا َه ْدتُ ْم َولَا تَ ْنقُضُوا الَْأيْمَا َن َبعْ َد َتوْكِي ِدهَا َو َقدْ‬ ‫جَعَلُْت ُم اللّهَ عَلَ ْي ُكمْ َكفِيلًا إِ ّن ال ّلهَ يَعْ َل ُم مَا َت ْفعَلُونَ (‪)91‬‬ ‫‪ -87‬حينئ ٍذ استسلم الشركون للّه ‪ ،‬وخضعوا لقضائه ‪ ،‬وغاب عنهم ما كانوا‬ ‫يتلقونه من أن معبوداتم تشفع لم ‪ ،‬وتدفع العذاب عنهم ‪.‬‬ ‫‪ -88‬الذين كفروا ومنعوا غيهم عن طريق اللّه ‪ ،‬وهو طريق الي والق ‪ ،‬زدناهم‬ ‫عذابا فوق العذاب الذى استحقوه بالكفر ‪ ،‬بسبب ما كانوا يتعمدونه من الفساد‬ ‫وإضلل العباد ‪.‬‬ ‫‪ -89‬وحذر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬كفار قومك ما سيحصل يوم نُحضر من كل أمة شهيدا‬ ‫عليها ‪ ،‬هو نبيها الذى يكون بي أبنائها ‪ ،‬ليكون ذلك أقطع لعذرها ‪ ،‬ونئ بك ‪ -‬أيها‬ ‫النب ‪ -‬شهيدا على هؤلء الذين كذبوك ‪ ،‬وعليهم أن يعتبوا من الن ‪ ،‬قد نزلنا‬ ‫القرآن فيه بيان كل شئ من الق ‪ ،‬وفيه الداية ‪ ،‬وفيه الرحة والبشرى بالنعيم ‪ ،‬للذين‬ ‫يذعنون له ويؤمنون به ‪.‬‬ ‫‪213‬‬

‫‪ -90‬إن اللّه يأمر عباده بأن يعدلوا ف أقوالم وأفعالم ‪ ،‬ويقصدوا إل الحسن من‬ ‫كل المور ‪ ،‬فيفضلوه على غيه ‪ ،‬كما يأمر بإعطاء القارب ما يتاجون إليه لدعم‬ ‫روابط الحبة بي السر ‪ ،‬وينهى عن فعل كل خطيئة ‪ ،‬خصوصا الذنوب الفرطة ف‬ ‫القبح ‪ ،‬وكل ما تنكره الشرائع والعقول السليمة ‪ ،‬كما ينهى عن العتداء على‬ ‫الغي ‪ ،‬واللّه ‪ -‬سبحانه ‪ -‬بذا يذكركم ويوجهكم إل الصال من أموركم ‪ ،‬لعلكم‬ ‫تتذكرون فضله ف حسن توجيهكم ‪ ،‬فتمتثلوا كلمه ‪.‬‬ ‫‪ -91‬وأوفوا بالعهود الت تقطعونا على أنفسكم ‪ ،‬مشهدين اللّه على الوفاء با ‪ ،‬ما‬ ‫دام الوفاء متسقا مع ما شرعه اللّه ‪ ،‬ول تنقضوا اليان بالِنث فيها ‪ ،‬بعد تأكيدها‬ ‫بذكر اللّه ‪ ،‬وبالعزم و بالتصميم عليها وقد راعيتم ف عهودكم وحلفكم أن اللّه يكفل‬ ‫وفاءكم ‪ ،‬وأن اللّه رقيب ومطلع عليكم ‪ ،‬فكونوا عند عهودكم وأيانكم ‪ ،‬لن اللّه ‪-‬‬ ‫سبحانه ‪ -‬يعلم ما يكون منكم من وفاء وخُلف وبرّ وحِنث ‪ ،‬فيجازيكم على ما‬ ‫تفعلون ‪.‬‬ ‫خذُو َن َأيْمَانَ ُكمْ َدخَلًا بَيَْن ُكمْ أَنْ‬ ‫وَلَا تَكُونُوا كَالّتِي نَقَضَتْ َغ ْزلَهَا ِمنْ َب ْعدِ ُق ّوةٍ أَْنكَاثًا تَتّ ِ‬ ‫تَكُو َن ُأمّ ٌة هِ َي أَ ْربَى ِمنْ أُ ّم ٍة إِنّمَا يَبْلُو ُكمُ ال ّلهُ بِ ِه َولَيُبَيَّننّ َل ُكمْ َيوْ َم اْلقِيَا َمةِ مَا كُنُْت ْم فِيهِ‬ ‫ضلّ َم ْن َيشَا ُء َوَي ْهدِي َمنْ‬ ‫جعَلَ ُكمْ أُ ّم ًة وَا ِحدَ ًة َولَ ِك ْن يُ ِ‬ ‫تَخْتَ ِلفُونَ (‪ )92‬وََل ْو شَا َء ال ّلهُ َل َ‬ ‫سأَُلنّ عَمّا كُنُْت ْم َتعْمَلُونَ (‪)93‬‬ ‫َيشَا ُء َولَُت ْ‬ ‫‪ -92‬ول تكونوا ف النث ف أيانكم بعد توكيدها مثل الرأة الجنونة الت تغزل‬ ‫الصوف وتكم غزله ‪ ،‬ث تعود فتنقضه وتتركه ملو ًل ‪ ،‬متخذين أيانكم وسيلة للتغرير‬ ‫والداع لغيكم ‪ ،‬مع أنكم مصرون على الغدر بم ‪ ،‬لنكم أكثر وأقوى منهم ‪ ،‬أو‬ ‫تنوون النضمام لعدائهم القوى منهم ‪ ،‬أو لترجون زيادة القوة بالغدر ‪ ،‬وإنا‬ ‫يتبكم اللّه فإن آثرت الوفاء كان لكم الغنم ف الدنيا والخرة ‪ ،‬وإن اتهتم إل الغدر‬ ‫كان السران ‪ .‬وليبي لكم يوم القيامة حقيقة ما كنتم عليه تتلفون عليه ف الدنيا ‪،‬‬ ‫ويازيكم حسب أعمالكم ‪.‬‬ ‫‪214‬‬

‫‪ -93‬ولو شاء اللّه لعلكم أمة واحدة ف النس واللون واليان ليس بينها تالف ‪،‬‬ ‫وذلك بلقكم خلقا آخر ‪ .‬كاللئكة ل اختيار لا ‪ ،‬ولكن شاء اللّه أن تتلفوا ف‬ ‫الجناس واللوان ‪ ،‬وأن يعل لكم اختيارا ‪ ،‬فمن اختار شهوات الدنيا وآثرها على‬ ‫رضا اللّه تركه وما يريد ‪ ،‬ومن أراد رضا اللّه بالعمل الصال سهّل له ما أراد ‪.‬‬ ‫وتأكدوا بعد ذلك أنكم ستسألون جيعا يوم القيامة عما كنتم تعملون ف الدنيا ‪،‬‬ ‫وتازون حسب أعمالكم ‪.‬‬ ‫ص َددُْتمْ َعنْ‬ ‫خذُوا َأيْمَاَن ُكمْ َدخَلًا بَيَْن ُكمْ فََت ِزلّ َقدَ ٌم َب ْعدَ ثُبُوِتهَا َوتَذُوقُوا السّو َء بِمَا َ‬ ‫وَلَا تَتّ ِ‬ ‫سَبِيلِ ال ّلهِ َوَلكُمْ َعذَابٌ َعظِيمٌ (‪َ )94‬ولَا َتشَْترُوا ِبعَ ْه ِد اللّ ِه ثَمَنًا قَلِيلًا ِإنّمَا عِ ْن َد ال ّلهِ ُهوَ‬ ‫ج ِزَينّ اّلذِينَ‬ ‫ق َولَنَ ْ‬ ‫خَ ْيرٌ َلكُ ْم إِنْ كُنُْت ْم َتعْلَمُونَ (‪ )95‬مَا ِع ْندَ ُكمْ يَ ْن َفدُ َومَا عِ ْندَ ال ّل ِه بَا ٍ‬ ‫صََبرُوا َأ ْجرَ ُهمْ ِبَأ ْحسَ ِن مَا كَانُوا َيعْمَلُونَ (‪َ )96‬منْ عَ ِملَ صَالِحًا مِ ْن ذَ َك ٍر َأوْ ُأنْثَى َوهُوَ‬ ‫ج ِزيَّن ُهمْ َأ ْجرَ ُهمْ ِبَأ ْحسَ ِن مَا كَانُوا َيعْمَلُونَ (‪)97‬‬ ‫مُ ْؤ ِمنٌ فَلَُنحْيِيَّن ُه حَيَاةً َطيَّبةً َولَنَ ْ‬ ‫ل للتغرير والديعة ‪ ،‬فإنه بسبب‬ ‫‪ -94‬ول تسلكوا سبيل الغدر ‪ ،‬فتتخذوا اليان سبي ً‬ ‫ذلك تزل القدام فتبتعدوا عن الحجة الستقيمة ‪ ،‬ويكون ف ذلك إعراض عن سبيل‬ ‫اللّه ف الوفاء ‪ ،‬وتكونون قدوة سيئة ف الغدر ‪ ،‬ويرى الناس فيكم صورة مشوهة‬ ‫للسلم ‪ ،‬فيعرضون عنه ‪ ،‬وينل السوء بكم ف الدنيا لعدم الثقة فيكم بسبب صدّكم‬ ‫عن طريق الق وينل بكم عذاب مؤل شديد اليلم ‪.‬‬ ‫‪ -95‬ول تستبدلوا بالوفاء بالعهود الؤكدة متاع الدنيا ‪ ،‬فهو قليل مهما كان كثيا ‪،‬‬ ‫لن ما عند اللّه من جزاء الحافظي على العهد ف الدنيا ‪ ،‬ومن نعيم الخرة الدائم ‪،‬‬ ‫خي لكم من كل ما يغريكم بنقض العهود ‪ ،‬فتدبروا ذلك وافهموه إن كنتم من أهل‬ ‫العلم والتمييز بي الصال وغي الصال ‪ ،‬ول تفعلوا إل ما فيه صلح لكم ف دنياكم‬ ‫وأخراكم ‪.‬‬ ‫‪ -96‬فإن ما عندكم ‪ -‬أيها الناس ‪ -‬من نعيم ينفد وينتهى مهما طال زمنه ‪ ،‬وما عند‬ ‫اللّه من نعيم الخرة خالد ل ينقطع ‪ ،‬ولنكافئن الذين صبوا على مشاق التكاليف با‬ ‫‪215‬‬

‫وعدناهم به ‪ ،‬من حسن الثواب الضاعف على أعمالم ‪ ،‬ينعمون به نعيما دائما ف‬ ‫الخرة ‪.‬‬ ‫‪ -97‬أن من عمل عملً صالا ف هذه الدنيا ‪ ،‬سواء كان ذكرا أو أنثى مندفعا إل‬ ‫هذا العمل الصال بقوة اليان بكل ما يب اليان به ‪ ،‬فإننا ل بد أن نييه ف هذه‬ ‫الياة الدنيا حياة طيبة ل تنغيص فيها ‪ ،‬تغمرها القناعة والرضا والصب على مصائب‬ ‫الدنيا ‪ ،‬والشكر على نعم اللّه فيها ‪ ،‬وف الخرة ل بد أن نزى هذا الفريق من الناس‬ ‫حسن الثواب الضاعف على أعمالم ف الدنيا ‪.‬‬ ‫س َل ُه سُلْطَانٌ عَلَى‬ ‫َفإِذَا َقرَْأتَ اْل ُقرْآَ َن فَاسَْت ِعذْ بِاللّ ِه ِمنَ الشّيْطَا ِن ال ّرجِيمِ (‪ِ )98‬إّنهُ لَيْ َ‬ ‫الّذِينَ َآمَنُوا وَعَلَى َرّب ِه ْم يَتَوَكّلُونَ (‪ِ )99‬إنّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الّذِينَ يََت َوّلوَْنهُ وَاّلذِينَ هُ ْم ِبهِ‬ ‫ت ُمفَْترٍ َبلْ‬ ‫ُمشْرِكُونَ (‪ )100‬وَِإذَا َب ّدلْنَا َآَيةً َمكَانَ َآيَ ٍة وَال ّل ُه أَعْ َل ُم بِمَا يَُن ّزلُ قَالُوا ِإنّمَا َأنْ َ‬ ‫ت الّذِينَ َآمَنُوا‬ ‫حقّ لِيُثَبّ َ‬ ‫أَكَْثرُ ُه ْم لَا َيعْلَمُونَ (‪ُ )101‬ق ْل َنزَّلهُ رُوحُ اْل ُقدُسِ ِمنْ َرّبكَ بِالْ َ‬ ‫شرَى لِلْ ُمسْ ِلمِيَ (‪)102‬‬ ‫وَ ُهدًى وَُب ْ‬ ‫‪ -98‬وإن الذى يمى النفس من نزعات الوى هو القرآن ‪ ،‬فإذا تدبرت هذا ‪ -‬أيها‬ ‫الؤمن ‪ -‬وأردت أن تيا بعيدا عن تلعب الشيطان ‪ ،‬وتفوز بطيب الياة ف الدارين ‪،‬‬ ‫فإن أرشدك إل أمر يعينك على هذا ‪ ،‬وهو قراءة القرآن ‪ ،‬وإذا أردت قراءة القرآن‬ ‫فاستفتح قراءته بالدعاء الالص إل اللّه أن ينع عنك وساوس الشيطان الطرود من‬ ‫رحة اللّه ‪ ،‬أخذ العهد على نفسه أن يغوى الناس ويوقعهم ف عصيان اللّه ‪.‬‬ ‫‪ -99‬فإنك إن فعلت هذا ملصا للّه ‪ ،‬حاك اللّه منه ‪ ،‬وَبعُدَت عنك وساوسه ‪ ،‬إنه‬ ‫ليس له تأثي على الذين عمرت قلوبم باليان باللّه ‪ ،‬واستمداد العون منه ‪ -‬وحده ‪-‬‬ ‫والعتماد عليه ‪.‬‬ ‫‪ -100‬إنا تأثيه وخطره على الذين خلت قلوبم من التعلق باللّه وحبه فلم يكن لم‬ ‫عاصم من تأثيه ‪ ،‬فانقادوا له كما ينقاد الصديق لصديقه ‪ ،‬حت أوقعتهم ف أن‬ ‫يُشركوا باللّه ف العبادة آلة ل تضر ول تنفع ‪.‬‬ ‫‪216‬‬

‫‪ -101‬وإذا جعلنا معجزة لك بدل معجزة مساوية لنب سابق ‪ ،‬فجئناك بالقرآن‬ ‫معجزة ‪ ،‬رموك بالفتراء والكذب على اللّه ‪ ،‬واللّه ‪ -‬وحده ‪ -‬هو العليم علما ليس‬ ‫فوقه علم با ينل على النبياء من معجزات ‪ ،‬ولكن أكثرهم ليسوا من أهل العلم‬ ‫والعرفة الصادقة ‪.‬‬ ‫‪ -102‬قل لم مبينا منلة معجزتك ‪ -‬أيها النب ‪ : -‬إن القرآن قد نزل علىّ من رب‬ ‫مع جبيل الروح الطاهر ‪ ،‬مقترنا بالق ‪ ،‬مشتمل عليه ‪ ،‬ليثبت به قلوب الؤمني ‪،‬‬ ‫وليكون هاديا للناس إل الصواب ومبشرا بالنعيم لكل السلمي ‪.‬‬ ‫حدُو َن ِإلَ ْيهِ أَ ْعجَ ِم ّي وَ َهذَا ِلسَانٌ‬ ‫وََل َقدْ َنعْ َلمُ أَّن ُهمْ َيقُولُو َن ِإنّمَا ُيعَلّ ُم ُه َبشَ ٌر ِلسَانُ اّلذِي يُ ْل ِ‬ ‫َع َربِ ّي مُبِيٌ (‪ )103‬إِ ّن اّلذِي َن لَا ُيؤْمِنُو َن ِبآَيَاتِ ال ّلهِ لَا َيهْدِيهِ ُم ال ّلهُ َوَلهُمْ َعذَابٌ َألِيمٌ (‬ ‫ك هُ ُم الْكَاذِبُونَ (‪)105‬‬ ‫‪ِ )104‬إنّمَا َيفَْترِي اْلكَ ِذبَ اّلذِي َن لَا ُي ْؤمِنُو َن ِب َآيَاتِ ال ّلهِ وَأُولَئِ َ‬ ‫ح بِالْ ُكفْرِ‬ ‫َمنْ َك َف َر بِال ّل ِه ِمنْ َب ْعدِ إِيَاِنهِ ِإلّا َم ْن أُ ْك ِرهَ َوقَلُْب ُه مُطْمَِئ ّن بِاْلإِيَانِ َوَلكِ ْن َمنْ شَرَ َ‬ ‫ب ِم َن ال ّلهِ َوَلهُمْ َعذَابٌ َعظِيمٌ (‪َ )106‬ذِلكَ ِبَأنّ ُهمُ اسْتَحَبّوا الْحَيَاةَ‬ ‫صدْرًا َفعَلَيْ ِهمْ غَضَ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ال ّدنْيَا عَلَى اْلآَ ِخ َرةِ َوأَ ّن ال ّلهَ لَا يَ ْهدِي اْل َقوْ َم الْكَا ِفرِينَ (‪)107‬‬ ‫‪ -103‬إننا لنعلم ما يقوله كفار مكة ‪ :‬إنه ل يُعلم ممدا هذا القرآن إل رجل من‬ ‫البشر نعرفه ‪ ،‬هو شاب رومى ‪ ،‬وما ينله عليه ملك من عند اللّه كما يقول قولم ‪،‬‬ ‫وهذا باطل ‪ ،‬لن الشاب الذى يقولونه عنه أنه يعلمك هذا التعليم أعجمى ل يسن‬ ‫العربية ‪ ،‬والقرآن لغة عربية واضحة الفصاحة ‪ ،‬إل حد أنكم عجزت أيها الكابرون‬ ‫عن ماكاتا ‪ ،‬كيف يصح بعد ذلك اتامكم؟ ‪.‬‬ ‫‪ -104‬إن الذين ل يذعنون ليات اللّه الت عجزوا عن ماكاتا ‪ ،‬وأصروا مع‬ ‫عجزهم ‪ ،‬على كفرهم با ‪ ،‬ل يهديهم اللّه ‪ ،‬ولم ف الخرة عذاب شديد بسبب‬ ‫كفرهم وعنادهم ‪.‬‬

‫‪217‬‬

‫‪ -105‬إنا يرؤ على افتراء الكذب على اللّه من ل يؤمنون بآيات اللّه ‪ ،‬وأولئك هم‬ ‫ وحدهم ‪ -‬البالغون ف الكذب نايته ‪ ،‬ولست ‪ -‬أيها النب ‪ -‬من هؤلء حت‬‫يتهموك با اتموك به ‪.‬‬ ‫‪ -106‬إن الذين ينطقون بالكفر بعد اليان عليهم غضب من اللّه إل من أكره على‬ ‫النطق بكلمة الكفر وهو عامر القلب باليان ‪ ،‬فإنه ناج من غضب اللّه ‪ .‬أما الذين‬ ‫تنشرح قلوبم للكفر ‪ ،‬وتتجاوب مع قلوبم ألسنتهم ‪ ،‬فأولئك عليهم غضب شديد‬ ‫من اللّه الذى أعد لم عذابا عظيما ف الخرة ‪.‬‬ ‫‪ -107‬وذلك الذى استحقوه من غضب اللّه وعذابه إنا كان بسبب حبهم الشديد‬ ‫لنعيم الدنيا ومتاعها الزائل حت صرفهم هذا الب عن الق ‪ ،‬وأعماهم عن الي ‪،‬‬ ‫فتركهم اللّه وما يبون من الكفر ‪ ،‬لنه قد جرت سنته ف خلقه بترك أمثال هؤلء ‪،‬‬ ‫وعدم هدايتهم لفسادهم ‪ ،‬وتاديهم ف الباطل ‪.‬‬ ‫أُولَِئكَ اّلذِينَ طََب َع اللّهُ عَلَى قُلُوبِ ِهمْ وَسَ ْم ِع ِهمْ َوَأبْصَا ِر ِهمْ َوأُولَِئكَ ُه ُم الْغَافِلُونَ (‪)108‬‬ ‫لَا َجرَ َم َأنّ ُه ْم فِي اْلآَ ِخ َرةِ ُهمُ الْخَا ِسرُونَ (‪ُ )109‬ثمّ إِنّ َرّبكَ لِ ّلذِينَ هَاجَرُوا ِم ْن َبعْ ِد مَا‬ ‫فُتِنُوا ُثمّ جَاهَدُوا وَصََبرُوا إِنّ َرّبكَ مِ ْن َب ْعدِهَا َل َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪ )110‬يَوْ َم َت ْأتِي ُك ّل َنفْسٍ‬ ‫ض َربَ ال ّلهُ‬ ‫ت َوهُ ْم لَا يُظْلَمُونَ (‪ )111‬وَ َ‬ ‫تُجَادِلُ َع ْن َن ْفسِهَا وَُت َوفّى ُك ّل َنفْسٍ مَا عَ ِملَ ْ‬ ‫ت ِبأَْن ُعمِ ال ّلهِ‬ ‫مَثَلًا َق ْرَيةً كَانَتْ َآمَِن ًة مُطْمَئِّن ًة َي ْأتِيهَا رِ ْز ُقهَا َر َغدًا ِمنْ ُك ّل مَكَا ٍن فَ َك َفرَ ْ‬ ‫خوْفِ بِمَا كَانُوا يَصَْنعُونَ (‪)112‬‬ ‫ع وَالْ َ‬ ‫َفأَذَا َقهَا اللّ ُه لِبَاسَ الْجُو ِ‬ ‫‪ -108‬هؤلء هم الذين طبع اللّه على قلوبم ‪ ،‬فصارت ل تقبل الق ‪ ،‬وعلى‬ ‫أساعهم فلم يعودوا يسمعون ساع فهم وتدبر ‪ ،‬كأنم صم ‪ ،‬وعلى أبصارهم فل ترى‬ ‫ما ف الكون أمامهم من عب ودللت ‪ ،‬وأولئك هم الغارقون ف الغفلة عن الق ‪ ،‬فل‬ ‫خي فيهم إل إذا أزالوا الغفلة من عقولم ‪.‬‬

‫‪218‬‬

‫‪ -109‬وهؤلء ل شك أنم ‪ -‬وحدهم ‪ -‬هم الاسرون لكل خي ف الخرة ‪.‬‬ ‫‪ -110‬ث اعلم ‪ -‬أيها النب ‪ -‬أن ربك مُعي وناصر للذين هاجروا من مكة فرارا‬ ‫بدينهم من الضغط ‪ ،‬وبأنفسهم من عذاب الشركي ‪ ،‬ث جاهدوا با يلكون الهاد به‬ ‫من قول أو فعل ‪ ،‬وصبوا على مشاق التكاليف ‪ ،‬وعلى ما يلقونه ف سبيل دينهم ‪،‬‬ ‫إن ربك من بعد ما تملوا ذلك لغفور لا حصل منهم إن تابوا ‪ ،‬رحيم بم فل‬ ‫يؤاخذهم على ما أكرهوا عليه ‪.‬‬ ‫‪ -111‬اذكر لقومك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬مذرا إياهم يوم ‪ ،‬يأتى فيه كل إنسان ل يهمه إل‬ ‫الدفاع عن نفسه ‪ ،‬ل يشغله عنها والد ول ولد ‪ ،‬وهو يوم القيامة ‪ ،‬ويوف اللّه فيه كل‬ ‫نفس جزاء ما كسبت من أعمال ‪ ،‬خيا كانت أو شرا ‪ ،‬ول يظلم ربك أحدا ‪.‬‬ ‫ل يعتبون به هو قصة قرية من القرى‬ ‫‪ -112‬وجعل اللّه ‪ -‬سبحانه ‪ -‬لهل مكة مث ً‬ ‫كان أهلها ف أمن من العدو ‪ ،‬وطمأنينة من ضيق العيش ‪ ،‬يأتيهم رزقهم واسعا من كل‬ ‫مكان ‪ ،‬فجحدوا نعم اللّه عليهم ‪ ،‬ول يشكروه بطاعته وامتثال أمره ‪ ،‬فعاقبهم اللّه‬ ‫بالصائب الت أحاطت بم من كل جانب ‪ ،‬وذاقوا مرارة الوع والوف بعد الغن‬ ‫والمن ‪ ،‬وذلك بسبب تاديهم ف الكفر والعاصى ‪.‬‬ ‫وََل َقدْ جَا َء ُهمْ َرسُولٌ مِ ْن ُهمْ َف َكذّبُوهُ فََأ َخذَ ُهمُ اْل َعذَابُ َو ُهمْ ظَالِمُونَ (‪َ )113‬فكُلُوا مِمّا‬ ‫رَ َز َقكُ ُم ال ّلهُ حَلَالًا طَيّبًا وَا ْش ُكرُوا نِعْ َم َة ال ّلهِ إِنْ كُنُْت ْم ِإيّاهُ َتعُْبدُونَ (‪ِ )114‬إنّمَا َحرّمَ‬ ‫ض ُطرّ غَ ْي َر بَاغٍ وَلَا عَادٍ‬ ‫حمَ الْخِ ْنزِي ِر وَمَا أُ ِه ّل ِلغَيْ ِر ال ّلهِ ِبهِ فَ َمنِ ا ْ‬ ‫عَلَ ْي ُكمُ الْمَيَْت َة وَالدّ َم َولَ ْ‬ ‫ب َهذَا حَلَا ٌل وَ َهذَا‬ ‫ف َأْلسِنَُتكُ ُم الْ َكذِ َ‬ ‫َفإِنّ ال ّلهَ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪ )115‬وَلَا َتقُولُوا لِمَا تَصِ ُ‬ ‫ب لَا ُيفْلِحُونَ (‪)116‬‬ ‫ب إِ ّن الّذِينَ َيفَْترُونَ عَلَى ال ّلهِ اْل َكذِ َ‬ ‫حَرَا ٌم لَِتفَْترُوا عَلَى اللّ ِه الْ َكذِ َ‬ ‫ع قَلِيلٌ َوَل ُهمْ َعذَابٌ َألِيمٌ (‪)117‬‬ ‫مَتَا ٌ‬ ‫‪ -113‬ولقد جاءهم رسول منهم فكان يب عليهم شكر اللّه على ذلك ‪ ،‬ولكنهم‬ ‫كذبوه عنادا وحسدا ‪ ،‬فأخذهم العذاب حال تلبسهم بالظلم ‪ ،‬وبسبب هذا الظلم ‪.‬‬ ‫‪ -114‬إذا كان الشركون يكفرون بنعم ال فيبدلا بؤسا ‪ ،‬فاتهوا ‪ -‬أيها الؤمنون ‪-‬‬ ‫‪219‬‬

‫إل الشكر ‪ ،‬وكلوا ما رزقكم اللّه ‪ ،‬وجعله حلل طيبا لكم ‪ ،‬ول ترموه على‬ ‫أنفسكم ‪ ،‬واشكروا نعمة اللّه عليكم بطاعته ‪ -‬وحده ‪ -‬إن كنتم تصونه حقا بالعبادة‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ -115‬فإن اللّه ل يرم عليكم إل أكل اليتة ‪ ،‬والدم الذى ينل من اليوان عند‬ ‫ذبه ‪ ،‬ولم النير ‪ ،‬وما ذبح لغي اللّه ‪ ،‬فمن ألأته ضرورة الوع إل تناول شئ ما‬ ‫حرّمه اللّه عليكم غي طالب له ‪ ،‬ول يتجاوز ف أكله حد إزالة الضرورة ‪ ،‬فإن اللّه ل‬ ‫يؤاخذه على ذلك ‪ ،‬لنه ‪ -‬سبحانه ‪ -‬غفور لعباده يغفر لم ما يقعون فيه من أخطاء‬ ‫ل يصرون عليها ‪ ،‬رحيم بم حي منعهم ما يضرهم ‪ ،‬وأباح لم ما يفظ حياتم ‪.‬‬ ‫‪ -116‬وإذا كان اللّه قد بيّن حكم اللل والرام ‪ ،‬فالتزموا ما بيّن لكم ‪ ،‬ول ترءوا‬ ‫على التحليل والتحري انطلقا وراء ألسنتكم ‪ ،‬فتقولوا ‪ :‬هذا حلل وهذا حرام ‪،‬‬ ‫فتكون عاقبة قولكم هذا ‪ :‬أنكم تفترون على اللّه الكذب ‪ ،‬وتنسبون إليه ما ل يقله ‪،‬‬ ‫إن الذين يفترون على اللّه الكذب ل يفوزون بي ول فلح ‪.‬‬ ‫‪ -117‬وإذا كانوا يرون بذلك وراء شهواتم ومنافعهم الدنيوية فإن تتعهم با قليل‬ ‫زائل ‪ ،‬ولم ف الخرة عذاب شديد ‪.‬‬ ‫سهُمْ‬ ‫وَعَلَى اّلذِي َن هَادُوا َح ّرمْنَا مَا قَصَصْنَا عَ َل ْيكَ ِم ْن قَ ْبلُ َومَا ظَلَمْنَا ُهمْ َولَ ِكنْ كَانُوا أَْن ُف َ‬ ‫جهَاَلةٍ ُث ّم تَابُوا ِمنْ َب ْعدِ َذِلكَ‬ ‫ك لِ ّلذِينَ َعمِلُوا السّو َء بِ َ‬ ‫يَظْلِمُونَ (‪ُ )118‬ث ّم إِنّ َربّ َ‬ ‫وَأَصْ َلحُوا إِنّ َرّبكَ ِم ْن َبعْ ِدهَا َل َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪ )119‬إِ ّن إِْبرَاهِيمَ كَا َن ُأمّ ًة قَانِتًا لِ ّلهِ حَنِيفًا‬ ‫ط ُمسَْتقِيمٍ (‬ ‫صرَا ٍ‬ ‫شرِكِيَ (‪ )120‬شَا ِكرًا ِلَأنْعُ ِمهِ اجْتَبَا ُه وَ َهدَاهُ ِإلَى ِ‬ ‫ك ِمنَ الْ ُم ْ‬ ‫وََل ْم يَ ُ‬ ‫‪ )121‬وَ َآتَيْنَاهُ فِي ال ّدنْيَا َحسََنةً َوِإنّ ُه فِي اْلآَ ِخ َرةِ لَ ِم َن الصّالِحِيَ (‪ُ )122‬ثمّ َأوْحَيْنَا ِإلَيْكَ‬ ‫شرِكِيَ (‪)123‬‬ ‫أَنِ اتّبِعْ مِلّ َة ِإْبرَاهِيمَ حَنِيفًا َومَا كَا َن ِم َن الْ ُم ْ‬ ‫‪ -118‬ول ترم إل على اليهود ‪ -‬وحدهم ‪ -‬ما قصصناه عليك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬من‬ ‫قبل نزول هذه اليات ‪ ،‬وهو كل ذى ظفر ‪ ،‬وشحوم البقر والغنم ‪ ،‬إل ما حلت‬ ‫ظهورها ‪ ،‬أو الوايا أو ما اختلط بالعظام ‪ .‬وما ظلمناهم بذا التحري ‪ ،‬ولكنهم الذين‬ ‫ظلموا أنفسهم ‪ ،‬لتسببهم فيه بسبب تاديهم وشراهتهم وعدم وقوفهم عند اللل ‪.‬‬ ‫‪220‬‬

‫‪ -119‬ث إن الذين عملوا السوء تت تأثي طيش وغفلة عن تدبر العواقب ‪ ،‬ث تابوا‬ ‫من ذلك الذنب ‪ ،‬وأصلحوا نفوسهم وأعمالم ‪ ،‬فإن ربك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬يغفر لم‬ ‫ذنوبم ‪ ،‬لنه ‪ -‬سبحانه ‪ -‬بعد هذه التوبة كثي التجاوز عن السيئات ‪ ،‬واسع الرحة‬ ‫بالعباد ‪.‬‬ ‫‪ -120‬إن إبراهيم الذى تفخرون به ‪ -‬أيها الشركون أنتم واليهود ‪ -‬كان جامعا‬ ‫لكل الفضائل ‪ ،‬بعيدا عما أنتم عليه من باطل ‪ ،‬خاضعا لمر ربه ول يكن مثلكم‬ ‫مشركا به ‪.‬‬ ‫‪ -121‬وكان شاكرا لنعم ربه عليه ‪ ،‬ولذا كله اختاره اللّه لمل رسالته ‪ ،‬ووفقه‬ ‫لسلوك طريق الق الستقيم الوصل للنعيم الدائم ‪.‬‬ ‫‪ -122‬وجعلنا له ف الدنيا ذكرا حسنا على كل لسان ‪ ،‬وسيكون قطعا ف الخرة ف‬ ‫زمرة الصالي النعّمي بنات اللّه ورضوانه ‪.‬‬ ‫‪ -123‬ث أوحينا إليك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬بعد إبراهيم بقرون عديدة ‪ ،‬وأمرناك باتباع‬ ‫إبراهيم فيما دعا إليه من التوحيد والفضائل والبعد عن الديان الباطلة ‪ ،‬فإنه ل يكن‬ ‫من الذين يشركون مع اللّه آل ًة أخرى كما يزعم هؤلء الشركون ‪.‬‬ ‫ح ُكمُ بَيَْن ُه ْم َيوْمَ اْلقِيَا َم ِة فِيمَا‬ ‫ك لَيَ ْ‬ ‫ِإنّمَا ُج ِعلَ السّبْتُ عَلَى الّذِينَ اخْتَ َلفُوا فِيهِ َوإِنّ َربّ َ‬ ‫حسََن ِة َوجَا ِدلْ ُهمْ‬ ‫حكْ َمةِ وَالْ َموْعِ َظةِ الْ َ‬ ‫ع إِلَى سَبِيلِ َرّبكَ بِالْ ِ‬ ‫كَانُوا فِيهِ يَخْتَ ِلفُونَ (‪ )124‬ادْ ُ‬ ‫ضلّ َع ْن سَبِي ِلهِ َو ُهوَ أَعْ َل ُم بِالْ ُمهْتَدِينَ (‪)125‬‬ ‫ك هُ َو أَعْ َل ُم بِ َمنْ َ‬ ‫سنُ إِنّ َرّب َ‬ ‫بِالّتِي ِهيَ أَ ْح َ‬ ‫وَإِنْ عَاقَبُْت ْم َفعَاقِبُوا بِمِ ْث ِل مَا عُوقِبْتُ ْم ِبهِ َولَِئنْ صََب ْرُتمْ َل ُهوَ خَ ْي ٌر لِلصّاِبرِينَ (‪)126‬‬ ‫‪ -124‬وليس تعظيم يوم المعة ‪ ،‬وترك تعظيم يوم السبت ف السلم مالفا لا كان‬ ‫عليه إبراهيم كما يدعى اليهود ‪ ،‬فإن تري الصيد يوم السبت احتراما له ل يكن من‬ ‫شريعة إبراهيم ‪ ،‬وإنا فرض على اليهود فقط ‪ ،‬ومع ذلك ل يترموه بل خرج بعضهم‬ ‫على هذا التعظيم ‪ ،‬وخالفوا أمر ربم فكيف يعيبون على غيهم من ل يكلف بتعظيمه‬ ‫‪221‬‬

‫عدم تعظيمه ‪ ،‬مع أنم ‪ -‬وهم الكلفون بذلك ‪ -‬خرجوا عليه؟ وتأكد ‪ -‬أيها النب ‪-‬‬ ‫أن ربك سيقضى بينهم يوم القيامة ف المور الت اختلفوا فيها ‪ ،‬ويازى كل منهم‬ ‫بعمله ‪.‬‬ ‫‪ -125‬أيها النب ‪ :‬ادع إل طريق الق الذى شرعه ربك مع قومك ‪ ،‬واسلك ف‬ ‫دعوتم الطريق الذى يناسب كل واحد منهم ‪ ،‬فادع خواصهم ذوى الدارك العالية‬ ‫بالقول الكيم الناسب لقولم ‪ ،‬وادع عوامهم با يناسبهم من إيراد الواعظ ‪ ،‬وضرب‬ ‫المثال الت توجههم إل الق ‪ ،‬وترشدهم من أقرب طريق مناسب لم ‪ ،‬وجادل‬ ‫أصحاب اللل السابقة من أهل الكتب بالنطق والقول اللي ‪ ،‬والجادلة السنة الت ل‬ ‫يشوبا عنف ول سِبَاب حت تتمكن من إقناعهم واستمالتهم ‪ .‬هذا هو الطريق لدعوة‬ ‫الناس إل اللّه على اختلف ميولم ‪ ،‬فاسلك هذا الطريق معهم ‪ ،‬واترك أمرهم بعد‬ ‫ذلك إل ربك الذى يعلم من غرق ف الضلل منهم وابتعد عن طريق النجاة ‪ ،‬من‬ ‫سلم طبعه فاهتدى وآمن با جئت به ‪.‬‬ ‫‪ -126‬وإن أردت عقاب من يعتدى عليكم ‪ -‬أيها السلمون ‪ -‬فعاقبوه بثل ما فعل‬ ‫بكم ‪ ،‬ول تتجاوزوا هذا الثل ‪ ،‬وتأكدوا لو صبت ‪ ،‬ول تقتصوا لنفسكم ‪ ،‬لكان‬ ‫خيا لكم ف الدنيا والخرة ‪ ،‬فعاقبوا لجل الق ‪ ،‬ول تعاقبوا لجل أنفسكم ‪.‬‬ ‫ك فِي ضَ ْيقٍ مِمّا يَ ْم ُكرُونَ (‪ )127‬إِنّ‬ ‫حزَنْ عَلَ ْي ِه ْم وَلَا تَ ُ‬ ‫وَاصِْب ْر َومَا صَ ْبرُ َك ِإلّا بِال ّل ِه وَلَا تَ ْ‬ ‫حسِنُونَ (‪)128‬‬ ‫اللّ َه مَ َع اّلذِينَ اّت َقوْا وَاّلذِي َن ُهمْ مُ ْ‬ ‫‪ -127‬واصب أنت ‪ -‬أيها النب ‪ -‬فإن ذلك يسهل عليك كثيا من مشقات الياة ‪،‬‬ ‫ويعال مشاكلها ‪ ،‬ول تزن على عدم استجابة قومك لدعوتك ‪ ،‬وإيانم بك ‪ ،‬ول‬ ‫يضق صدرك من مكرهم وتدابيهم لنق دعوتك ‪ ،‬فإنك لن يضرك شئ من فعلهم ‪،‬‬ ‫وقد أديت ما عليك واتقيت ربك ‪.‬‬

‫‪222‬‬

‫‪ -128‬فإن ربك مع الذين اتقوا غضب ال باجتناب نواهيه ‪ ،‬وأحسنوا ل أعمالم‬ ‫بالقبال على طاعته ‪ ،‬يعينهم وينصرهم ف الدنيا ويزيهم خي الزاء ف الخرة ‪.‬‬ ‫جدِ اْلَأقْصَى اّلذِي بَارَكْنَا‬ ‫حرَا ِم ِإلَى الْ َمسْ ِ‬ ‫جدِ الْ َ‬ ‫سُبْحَانَ اّلذِي أَ ْسرَى بِعَ ْب ِد ِه لَيْلًا ِم َن الْ َمسْ ِ‬ ‫حَ ْوَلهُ لُِن ِرَيهُ ِمنْ َآيَاتِنَا ِإنّ ُه ُهوَ السّمِي ُع الْبَصِيُ (‪)1‬‬

‫‪223‬‬

Related Documents

Articles
November 2019 57
Articles
October 2019 58
Articles
June 2020 43
Articles
November 2019 61
Articles
July 2020 30
Articles
October 2019 48

More Documents from ""

December 2019 45
December 2019 33
June 2020 14
June 2020 18