Explanation Of The Qunoot By Shaykh Al-uthaymeen

  • November 2019
  • PDF

This document was uploaded by user and they confirmed that they have the permission to share it. If you are author or own the copyright of this book, please report to us by using this DMCA report form. Report DMCA


Overview

Download & View Explanation Of The Qunoot By Shaykh Al-uthaymeen as PDF for free.

More details

  • Words: 3,761
  • Pages: 11
‫شرح دعاء قنوت الوتر‬ ‫بقلم فضيلة الشيخ العلمة‬ ‫محمد بن صالح العثيمين‬ ‫حمَـنِ ال ّرحِيمِ‬ ‫سمِ الّلهِ ال ّر ْ‬ ‫ِب ْ‬ ‫المقدمة‬ ‫إن الحمد ل نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بال من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده ال‬ ‫فل مضل له‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن‬ ‫محمدًا عبده ورسوله صلى ال عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم‬ ‫تسليمًا كثيرًا‪،‬أما بعد‪:‬‬ ‫فهذا شرح مختصر لدعاء قنوت الوتر قرره فضيلة الشيخ العلمة محمد بن صالح العثيمين رحمه‬ ‫ال تعالى في دروسه العلمية التي كان يلقيها بالمسجد الحرام في شهر رمضان المبارك‪.‬‬ ‫وقد قام مشكورًا الشيخ محمد بن صالح بن محمد الحربي جزاه ال خيرًا بعرضه على فضيلة‬

‫الشيخ المؤلف رحمه ال تعالى واعتنى أثابه ال بإخراج الطبعة الولى عام ‪1417‬‬

‫هـ‪.‬‬

‫ومن أجل تعميم الفائدة بهذا الشرح الميسر‪ ،‬وبعد مقابلته على النسخة التي راجعها واعتمدها‬ ‫فضيلة الشيخ المؤلف رحمه ال تعالى فإنه يسر اللجنة العلمية إفراده مستقلّ بهذه الرسالة وإعادة‬ ‫نشره مع فتوى لفضيلته رحمه ال عن سؤالين لهما صلة بالموضوع ‪.‬‬ ‫نسأل ال تعالى أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم‪ ،‬نافعًا لعباده‪ ،‬وأن يجزي فضيلة شيخنا‬ ‫المؤلف عن السلم والمسلمين خير الجزاء‪ ،‬ويسكنه فسيح جناته‪ ،‬إنه سميع قريب‪ ،‬والحمد ل‬ ‫رب العالمين وصلى ال وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬ ‫اللجنة العلمية‬ ‫في مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية‬

‫‪15-8-1424‬‬

‫هـ‬

‫حمَـنِ ال ّرحِيمِ ال ّرحِيمِ‬ ‫سمِ الّلهِ ال ّر ْ‬ ‫ِب ْ‬ ‫الحديث‬ ‫ورد في مسند المام أحمد عن الحسن بن علي رضي ال عنهما قال‪ :‬علّمني رسول ال صلى‬ ‫ال عليه وسلّم كلمات أقولهن في قنوت الوتر‪« :‬اللهم اهدني فيمن هديت‪ ،‬وعافني فيمن عافيت‪،‬‬ ‫وتول ني في من تول يت‪ ،‬وبارك لي في ما أعط يت‪ ،‬وق ني شرّ ما قض يت‪ ،‬فإ نك تق ضي ول يق ضى‬ ‫عليك‪ ،‬إنه ل يذل من واليت‪ ،‬تبارك ربنا وتعاليت»‬ ‫(‪)1‬‬

‫( ‪)1‬‬

‫رواه أحمد (‪،)1/199‬وأبوداود‪ ،‬كتاب ال صلة‪ ،‬باب القنوت في الوتر‪ ،‬رقم (‪ ،)5241‬والترمذي‪ ،‬كتاب الصلة‪ ،‬باب‬

‫ما جاء في القنوت في الوتر‪ ،‬رقم (‪ ،)464‬والنسائي‪،‬كتاب قيام الليل‪،‬باب الدعاء في الوتر‪ ،‬رقم(‪ ،)5471‬وابن ماجة‪ ،‬كتاب‬ ‫إقامة الصلة‪ ،‬باب ما جاء في القنوت في الوتر‪ ،‬رقم (‪.)8711‬‬

‫الشرح‬ ‫«اللهم اهدنا فيمن هديت» أي دلنا على الحق ووفقنا للعمل به؛ وذلك لن الهداية التامّة النافعة هي‬ ‫التي يجمع ال فيها للعبد بين العلم والعمل؛ لن الهداية بدون عمل ل تنفع‪ ،‬بل هي ضرر؛ لن‬ ‫النسان إذا لم يعمل بما علم صار علمه وبالً عليه‪.‬‬ ‫حبّواْ ا ْل َعمَى عَلَى ا ْل ُهدَى‬ ‫س َت َ‬ ‫مثال الهداية العلمية بدون العمل‪ :‬قوله تعالى‪{ :‬وََأمّا َثمُودُ َفهَ َد ْينَا ُهمْ فَا ْ‬ ‫حبّو ْا ا ْل َعمَى عَلَى ا ْل ُهدَى َفَأخَ َذ ْت ُهمْ‬ ‫س َت َ‬ ‫سبُونَ َف َه َديْنَا ُهمْ فَا ْ‬ ‫ن ِبمَا كَانُواْ َي ْك ِ‬ ‫خذَ ْت ُهمْ صَاعِ َقةُ ا ْل َعذَابِ ا ْلهُو ِ‬ ‫َفَأ َ‬ ‫سبُونَ} [فصلت‪ ،]71 :‬أي بينّا لهم الطريق وأبلغناهم العلم‪،‬‬ ‫ن ِبمَا كَانُو ْا َيكْ ِ‬ ‫ب ا ْلهُو ِ‬ ‫صَاعِ َقةُ ا ْل َعذَا ِ‬ ‫ولكنهم ـ والعياذ بال ـ استحبوا العمى على الهدى‪.‬‬

‫ومن ذلك أيضًا من الهداية التي هي العلم وبيان الحق‪ ،‬قول ال تبارك وتعالى للنبي صلى ال‬ ‫ستَقِيمٍ} [الشورى‪ ،]25 :‬أي تدل وتبين وتعلم الناس‬ ‫ستَقِيمٍ ّم ْ‬ ‫عليه وسلّم‪{ :‬وَِإ ّنكَ َل َت ْهدِي إِلَى صِرَاطٍ ّم ْ‬ ‫ح َببْتَ‬ ‫ن َأ ْ‬ ‫الصراط المستقيم‪ .‬وأما الهداية التي بمعنى التوفيق فمثل قوله تعالى {ِإ ّنكَ لَ َت ْهدِي مَ ْ‬ ‫وَلَـكِنّ اللّهَ َي ْهدِي مَن َيشَآءُ وَ ُه َو أَعَْلمُ بِا ْل ُم ْه َتدِينَ} [القصص‪ .]65 :‬هذه هداية التوفيق للعمل‪،‬‬ ‫فالرسول صلى ال عليه وسلّم ل يستطيع أن يوفق أحدًا للعمل الصالح أبدًا‪ ،‬ولو كان يستطيع ذلك‬ ‫لستطاع أن َي ْهدِي عمه أبا طالب‪ ،‬وقد حاول معه حتى قال له عند وفاته ـ أي قال لعمّه عند وفاة‬ ‫عمّه‪« :‬يا عم‪ ،‬قل‪ :‬ل إله إل ال‪ ،‬كلمة أحاج لك بها عند ال»‪ ،‬ولكن قد سبقت من ال ـ عزّ‬ ‫وجلّ ـ الكلمة بأنه من أهل النار ـ والعياذ بال ـ فلم يقل‪« :‬ل إله إل ال»‪ ،‬وكان آخر ما قال‪:‬‬ ‫«هو على ملة عبد المطلب»(‪ ،)1‬لكن ال ـ عزّ وجل ـ أذن لرسوله صلى ال عليه وسلّم أن يشفع‬ ‫له‪ ،‬ل لنه عمه‪ ،‬لكن لنه قام بالدفاع عن النبي صلى ال عليه وسلّم وعن السلم‪ ،‬فشفع النبي‬ ‫صلى ال عليه وسلّم في عمه فكان في ضحضاح من نار وعليه نعلن من نار يغلي منهما دماغه‬ ‫وإنه لهون أهل النار عذابًا‪ ،‬قال النبي صلى ال عليه وسلّم‪« :‬ولول أنا لكان في الدرك السفل‬ ‫من النار»‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫رواه البخاري‪ ،‬كتاب المناقب‪ ،‬باب قصة أبي طالب‪ ،‬رقم(‪ ،)4883‬ومسلم‪ ،‬كتاب اليمان‪ ،‬باب الدليل على صحة إسلم‬

‫من حضره الموت‪ ،...‬رقم(‪.)42‬‬

‫اللهم أهدنا فيمن هاديت‬ ‫فإذا قلنا في دعاء القنوت‪« :‬اللهم اهدنا فيمن هديت» فإننا نسأل الهدايتين‪ ،‬هداية العلم وهداية‬ ‫ستَقِيمَ} [الفاتحة‪ ،]6 :‬يشمل الهدايتين هداية العلم‪،‬‬ ‫صرَاطَ ا ْل ُم ْ‬ ‫العمل‪ ،‬كما أن قوله تعالى‪{ :‬ا ْه ِدنَا ال ّ‬ ‫وهداية العمل‪ ،‬فينبغي للقارئ أن يستحضر أنه يسأل الهدايتين‪ :‬هداية العلم وهداية العمل‪.‬‬ ‫وقوله‪« :‬فيمن هديت» هذه من باب التوسل بإنعام ال تعالى على من هداه‪ ،‬أن ينعم علينا نحن‬ ‫أيضًا بالهداية‪ .‬ويعني‪ :‬أننا نسألك الهداية فإن ذلك من مقتضى رحمتك وحكمتك ومن سابق فضلك‬ ‫فإنك قد هديت أناسًا آخرين‬ ‫وعافنا فيمن عافيت‬

‫«وعافنا فيمن عافيت» عافنا من أمراض القلوب وأمراض البدان‪ .‬وينبغي لك يا أخي أن‬ ‫تستحضر وأنت تدعو‪ ،‬أن ال يعافيك من أمراض البدن‪ ،‬وأمراض القلب؛ لن أمراض القلب‬ ‫أعظم من أمراض البدن ولذلك نقول في دعاء القنوت‪« :‬اللهم ل تجعل مصيبتنا في ديننا»‪.‬‬ ‫أمراض البدان معروفة لكن أمراض القلوب‪ .‬تعود إلى شيئين‪:‬‬ ‫الول‪ :‬أمراض الشهوات التي منشؤها الهوى‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬أمراض الشبهات التي منشؤها الجهل‪.‬‬ ‫فالول‪ :‬أمراض الشهوات التي منشؤها الهوى‪ ،‬أن يعرف النسان الحق‪ ،‬لكن ل يريده؛ لن له‬ ‫هوًى مخالفًا لما جاء به النبي صلى ال عليه وسلّم‪.‬‬ ‫والثاني‪ :‬أمراض الشبهات التي منشؤها الجهل؛ لن الجاهل يفعل الباطل يظنه حقّا وهذا مرض‬ ‫خطير جدّا‪ .‬فأنت تسأل ال المعافاة والعافية من أمراض البدان‪ ،‬ومن أمراض القلوب‪ ،‬التي هي‬ ‫أمراض الشبهات‪ ،‬وأمراض الشهوات‪.‬‬ ‫وتولنا فيمن توليت‬ ‫وقولنا‪« :‬تولنا فيمن توليت» أي كُنْ وليّا لنا‪ ،‬والولية نوعان‪ :‬عامّة وخاصّة‪.‬‬ ‫ن الظُّلمَاتِ‬ ‫خ ِرجُ ُهمْ مّ َ‬ ‫ن آ َمنُو ْا ُي ْ‬ ‫فالولية الخاصّة‪ :‬للمؤمنين خاصّة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬اللّهُ وَِليّ اّلذِي َ‬ ‫صحَابُ‬ ‫خرِجُو َن ُهمْ مّنَ النّو ِر إِلَى الظُّلمَاتِ أُوْلَـ ِئكَ َأ ْ‬ ‫ت ُي ْ‬ ‫ن كَ َفرُو ْا أَوِْليَآؤُ ُه ُم الطّاغُو ُ‬ ‫إِلَى النّورِ وَاّلذِي َ‬ ‫النّارِ ُهمْ فِيهَا خَاِلدُونَ} [البقرة‪ ،]752 :‬فتسأل ال تعالى الولية الخاصة التي تقتضي العناية بمن‬ ‫توله ال عزّ وجلّ والتوفيق لمايحبه ويرضاه‪.‬‬ ‫ح َد ُكمُ‬ ‫حتّى ِإذَا جَآءَ َأ َ‬ ‫أما الولية العامة‪ ،‬فهي تشمل كل أحد‪ ،‬فال ولي كل أحد‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬‬ ‫ل يُ َفرّطُونَ} [النعام‪ ،]16 :‬وهذا عام لكل أحد‪ ،‬ثم قال‪ُ { :‬ثمّ ُردّواْ إِلَى اللّهِ‬ ‫ا ْل َموْتُ َت َوفّتْ ُه ُرسُُلنَا وَ ُهمْ َ‬ ‫سبِينَ} [النعام‪.]26 :‬‬ ‫ح ْكمُ وَهُ َو َأسْ َرعُ ا ْلحَا ِ‬ ‫حقّ َألَ َلهُ ا ْل ُ‬ ‫َم ْولَ ُهمُ ا ْل َ‬ ‫لكن عندما نقول‪« :‬اللهم اجعلنا من أوليائك»‪ ،‬أو «اللهم تولنا»‪ ،‬فإننا نريد بها الولية الخاصة‪،‬‬ ‫وهي تقتضي العناية والتوفيق لما يحبه ويرضاه‪.‬‬ ‫«إنك تقضي ول يُقضى عليك» ال عزّ وجلّ يقضي قضاء شرعيّا وقضاء كونيّا‪ ،‬فال تعالى‬ ‫يقضي على كل شيء وبكل شيء؛ لن له الحكم التام الشامل‪.‬‬ ‫«ول يقضى عليك» أي ل يقضي عليه أحد‪ ،‬فالعباد ل يحكمون على ال‪ ،‬وال يحكم عليهم‪ ،‬العباد‬ ‫سأَلُونَ} [النبياء‪.]32 :‬‬ ‫عمّا يَ ْفعَلُ وَ ُهمْ ُي ْ‬ ‫سأَلُ َ‬ ‫يُسألون عما عملوا‪ ،‬وهو ل يُسأل‪{ :‬لَ ُي ْ‬

‫وبارك لنا فيما أعطيت وقنا شر ما قضيت‬ ‫وقولنا‪« :‬وبارك لنا فيما أعطيت» البركة هي الخير الكثير الثابت‪ ،‬ويعيد العلماء ذلك إلى اشتقاق‬ ‫هذه الكلمة‪ ،‬فإنها من ال ِبرْكة‪ ،‬بكسر الباء وهي مجمع الماء‪ ،‬فهي شيء واسع ماؤه كثير ثابت‪.‬‬ ‫فالبَ َركَة هي الخيرات الكثيرة الثابتة‪ .‬والمعنى أي‪ :‬أنزل لي البركة فيما أعطيتني‪.‬‬ ‫«فيما أعطيت» أي أعطيت من المال والولد والعلم وغير ذلك مما أعطى ال عزّ وجلّ‪ ،‬فتسأل‬ ‫ال البركة فيه؛ لن ال إذا لم يبارك لك فيما أعطاك‪ ،‬حرمت خيرًا كثيرًا‪.‬‬ ‫ماأكثر الناس الذين عندهم مال كثير لكنهم في عداد الفقراء؛ لنهم ل ينتفعون بمالهم‪ ،‬يجمعونه‬ ‫ول ينتفعون به‪ .‬وهذا من نزع البركة‪.‬‬ ‫كثير من الناس عنده أولد‪ ،‬لكن أولده ل ينفعونه لما فيهم من عقوق‪ ،‬وهؤلء لم ُيبَا َركْ لهم في‬ ‫أولدهم‪.‬‬ ‫تجد بعض الناس أعطاه ال علمًا كثيرًا لكنه بمنزلة المي‪ ،‬ل يظهر أثر العلم عليه في عبادته‪،‬‬ ‫ول في أخلقه‪ ،‬ول في سلوكه‪ ،‬ول في معاملته مع الناس‪ ،‬بل قد ُي ْكسِبه العلم استكبارًا على عباد‬ ‫ال‪ ،‬وعلوّا عليهم‪ ،‬واحتقارًا لهم‪ ،‬وما علم هذا أن الذي منّ عليه بالعلم هو ال‪ ،‬تجده لم ينتفع الناس‬ ‫بعلمه‪ ،‬ل بتدريس‪ ،‬ول بتوجيه‪ ،‬ول بتأليف‪ ،‬بل هو منحصر على نفسه‪ ،‬وهذا بل شك حرمان‬ ‫عظيم‪ ،‬مع أن العلم من أبرك ما يعطيه ال للعبد؛ لن العلم إذا عّلمْته غيرك ونشرته بين الناس‪،‬‬ ‫ُأجِرتَ على ذلك من عدة وجوه‪:‬‬ ‫ل ـ فتكون من المجاهدين في سبيل ال؛‬ ‫الول‪ :‬أن في نشرك للعلم نشرًا لدين ال ـ عزّ وج ّ‬ ‫لنك تفتح القلوب بالعلم‪ ،‬كما يفتح المجاهد البلد بالسلح واليمان‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬من بركة نشر العلم وتعليمه أن فيه حفظًا لشريعة ال عزّ وجلّ‪ ،‬وحماية لها؛ لنه لول‬ ‫العلم لم تحفظ الشريعة‪.‬‬ ‫حسِن إلى هذا الذي علمته؛ لنك تبصره في دين ال ـ عزّ‬ ‫الثالث‪ :‬من بركة نشر العلم‪ ،‬أنك ُت ْ‬ ‫وجلّ ـ فإذا عبد ال على بصيرة كان لك مثل أجره؛ لنك أنت الذي دللته على الخير‪ ،‬والدال‬ ‫على الخير كفاعله‪.‬‬ ‫الرابع‪ :‬أنّ في نشر العلم وتعلميه زيادة له‪ ،‬فعلم العالم يزيد إذا علّم الناس؛ لنه استذكار لما حفظ‬ ‫وانفتاح لما لم يحفظ‪ ،‬كما قال القائل‪:‬‬ ‫يزيد بكثرة النفاق منه وينقص إن به كفّا شددتا أي‪ :‬إذا أمسكته ولم تعلمه نقص‪.‬‬

‫«وقنا شر ما قضيت» ال عزّ وجلّ يقضي بالخير ويقضي بالشر‪ .‬أما قضاؤه بالخير فهو خير‬ ‫محض في القضاء والمقضي‪.‬‬ ‫مثال القضاء بالخير‪ :‬القضاء للناس بالرزق الواسع‪ ،‬والمن والطمأنينة‪ ،‬والهداية والنصر‪ ..‬إلخ‪.‬‬ ‫هذا خير في القضاء والمقضي‪.‬‬ ‫القضاء بالشر‪ :‬خير في القضاء‪ ،‬شر في المقضي‪.‬‬ ‫مثال ذلك‪ :‬القحط (امتناع المطر) هذا شر‪ ،‬لكن قضاء ال به خير‪ ،‬كيف يكون القضاء بالقحط‬ ‫خيرًا؟ لو قال قائل‪ :‬إن ال يقدّر علينا القحط‪ ،‬والجدب‪ ،‬فتموت المواشي‪ ،‬وتفسد الزروع‪ ،‬فما وجه‬ ‫الخير؟‬ ‫سبَتْ َأ ْيدِي النّاسِ‬ ‫حرِ ِبمَا َك َ‬ ‫ظ َهرَ الْ َفسَادُ فِي ا ْلبَرّ وَا ْل َب ْ‬ ‫نقول‪ :‬استمع إلى قول ال سبحانه وتعالى‪َ { :‬‬ ‫جعُونَ} [الروم‪ ،]14 :‬إذًا لهذا القضاء غاية حميدة‪ ،‬وهي‬ ‫عمِلُو ْا َلعَّل ُهمْ َيرْ ِ‬ ‫ِل ُيذِي َق ُهمْ َبعْضَ اّلذِي َ‬ ‫الرجوع إلى ال سبحانه وتعالى من معصيته إلى طاعته‪ ،‬فصار المقضي شرّا والقضاء خيرًا‪.‬‬ ‫وعلى هذا فـ«ما» هنا اسم موصول‪.‬‬ ‫والمعنى‪ِ :‬قنَا شرّ الذي قضيت‪ ،‬فإن ال تعالى يقضي بالشرّ لحكمة بالغة حميدة‪ ،‬وليست (ما) هنا‬ ‫مصدرية أي شر قضائك لكنها اسم موصول بمعنى الذي‪ ،‬لن قضاء ال ليس فيه شر‪ ،‬ولهذا قال‬ ‫النبي صلى ال عليه وسلّم فيما أثنى به على ربه‪« :‬والخير بيديك والشر ليس إليك» لهذا ل ينسب‬ ‫الشر إلى ال سبحانه وتعالى‪.‬‬ ‫انك تقضي و ل يقضى عليك‪ ,‬إنه ل يزل من واليت و ل يعز من عاديت‬ ‫«إنك تقضي ول يُقضى عليك» ال عزّ وجلّ يقضي قضاء شرعيّا وقضاء كونيّا‪ ،‬فال تعالى‬ ‫يقضي على كل شيء وبكل شيء؛ لن له الحكم التام الشامل‪.‬‬ ‫«ول يقضى عليك» أي ل يقضي عليه أحد‪ ،‬فالعباد ل يحكمون على ال‪ ،‬وال يحكم عليهم‪ ،‬العباد‬ ‫سأَلُونَ} [النبياء‪.]32 :‬‬ ‫عمّا يَ ْفعَلُ وَ ُهمْ ُي ْ‬ ‫سأَلُ َ‬ ‫يُسألون عما عملوا‪ ،‬وهو ل يُسأل‪{ :‬لَ ُي ْ‬ ‫«إنه ل يذل من واليت‪ ،‬ول يعزّ من عاديت» وهذا كالتعليل لقولنا فيما سبق‪« :‬وتولنا فيمن‬ ‫توليت»‪ ،‬فإذا تولى ال النسان فإنه ل يذل‪ ،‬وإذا عادى ال النسان فإنه ل يعز‪.‬‬ ‫ومقتضى ذلك أننا نطلب العز من ال سبحانه‪ ،‬ونتقي من الذل بال عزّ وجلّ‪ ،‬فل يمكن أن يذل‬ ‫أحد وال تعالى وليه‪ ،‬فالمهم هو تحقيق هذه الولية‪ .‬وبماذا تكون هذه الولية؟‬

‫ن أَوِْليَآ َء اللّ ِه لَ‬ ‫هذه الولية تكون بوصفين بيّنهما ال عزّ وجلّ في كتابه‪ ،‬فقال عزّ وجلّ‪{ :‬أَل إِ ّ‬ ‫ن * اّلذِينَ آ َمنُواْ َوكَانُواْ َيتّقُونَ} [يونس‪ ،]36 ،26 :‬وصفات أحدهما‬ ‫ح َزنُو َ‬ ‫خ ْوفٌ عََل ْي ِهمْ َولَ ُهمْ َي ْ‬ ‫َ‬ ‫في القلب‪ ،‬والثاني في الجوارح‪( .‬الذين آمنوا) في القلب‪( ،‬وكانوا يتقون) هذه في الجوارح‪ ،‬فإذا‬ ‫صلح القلب والجوارح؛ نال النسان الولية بهذين الوصفين‪ ،‬وليست الولية فيمن يدعيها من‬ ‫أولئك القوم الذين يسلكون طرق الرهبان وأهل البدع الذين يبتدعون في شرع ال ما ليس منه‪،‬‬ ‫ويقولون نحن الولياء‪ .‬فولية ال عزّ وجلّ التي بها العز هي مجموعة في هذين الوصفين‪:‬اليمان‬ ‫ن آ َمنُواْ َوكَانُو ْا َيتّقُونَ آ َمنُواْ‬ ‫والتقوى‪.‬قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه ال أخذًا من هذه الية‪{ :‬اّلذِي َ‬ ‫َوكَانُواْ َيتّقُونَ َوكَانُو ْا َيتّقُونَ} [يونس‪« ،]36 :‬من كان مؤمنًا تقيّا كان ل وليّا»‪ ،‬وصدق رحمه ال؛‬ ‫لن هذا الذي دلّ عليه القرآن‪.‬‬ ‫«ول يعزّ من عاديت» يعني أن من كان عدوّا ل فإنه ل يعز‪ ،‬بل حاله الذل والخسران والفشل‪،‬‬ ‫عدُ ّو لّ ْلكَا ِفرِينَ}‬ ‫جبْرِيلَ َومِيكَالَ َفإِنّ اللّهَ َ‬ ‫عدُوّا للّهِ َومَل ِئ َكتِهِ َو ُرسُلِهِ َو ِ‬ ‫قال ال تعالى‪{ :‬مَن كَانَ َ‬ ‫[البقرة‪ ،]89 :‬فكل الكافرين في ذل وهم أذلة‪ .‬ولهذا لو كان عند المسلمين عز السلم وعز الدين‬ ‫وعز الولية؛ لم يكن هؤلء الكفار على هذا الوضع الذي نحن فيه الن‪ ،‬حتى إننا ننظر إليهم من‬ ‫طرف خفي‪ ،‬ننظر إليهم من طريق الذل لنا‪ ،‬والعز لهم؛ لن أكثر المسلمين اليوم مع السف لم‬ ‫يعتزوا بدينهم‪ ،‬ولم يأخذوا بتعاليم الدين‪ ،‬وركنوا إلى مادة الدنيا‪ ،‬وزخارفها؛ ولهذا أصيبوا بالذل‪،‬‬ ‫فصار الكفار في نفوسهم أعز منهم‪ .‬لكننا نؤمن أن الكفار أعداء ل وأن ال كتب الذل على كل‬ ‫لذَلّينَ} [المجادلة‪ .]02:‬وهذا‬ ‫ن اللّ َه َورَسُوَلهُ ُأوْلَـ ِئكَ فِي ا َ‬ ‫ن اّلذِينَ ُيحَآدّو َ‬ ‫عدو له‪ ،‬قال ال تعالى‪{:‬إِ ّ‬ ‫عزِيزٌ} [المجادلة‪ ،]12 :‬فمن عادى‬ ‫خبر مؤكد‪،‬ثم قال‪َ { :‬كتَبَ اللّهُ لَغِْل َبنّ َأ َناْ َو ُرسُلِي ِإنّ اللّ َه قَ ِويّ َ‬ ‫ال عزّ وجلّ فهو ذليل ل يمكن أن يكون عزيزًا إل في نظر من ل يرى العزة إل في مثل ما كان‬ ‫عليه هذا الكافر‪ ،‬وأما من نظر أن العزة ل تكون إل بولية ال عزّ وجلّ والستقامة على دينه‬ ‫ل خلق ال‪.‬‬ ‫فإنه ل يرى هؤلء إلّ َأذَ ّ‬ ‫تباركت ربنا وتعاليت‬ ‫ل بأمرين‪ :‬أحدهما التبارك‪ ،‬والتاء للمبالغة؛ لن‬ ‫«تباركت ربنا وتعاليت» هذا ثناء على ال عزّ وج ّ‬ ‫ال عزّ وجلّ هو أهل البركة «تباركت» أي كثرت خيراتك وعمت ووسعت الخلق؛ لن البركة‬ ‫كما قلنا فيما سبق هي الخير الكثير الدائم‪.‬‬ ‫وقوله‪« :‬ربنا» أي يا ربنا‪ ،‬فهو منادى حذفت منه ياء النداء‪.‬‬

‫ي بصفاته‪.‬‬ ‫وقوله‪« :‬وتعاليت» من العلو الذاتي والوصفي‪ .‬فال سبحانه وتعالى عليّ بذاته وعل ّ‬ ‫عليّ بذاته فوق جميع الخلق‪ ،‬وعلوه سبحانه وتعالى وصف ذاتي أزلي أبدي‪ ،‬أما استواؤه على‬ ‫العرش فإنه وصف فِعِْليّ يتعلق بمشيئته سبحانه وتعالى‪،‬والعرش‪:‬هو أعلى المخلوقات‪ ،‬وعليه‬ ‫استوى ال عزّ وجلّ‪ ،‬يعني عل عليه علوّا يليق بجلله وعظمته‪ ،‬ل ن َكيّفُه ول نمثّله وهذا العلو‬ ‫أجمع عليه السلف الصالح لدللة القرآن والسنة والعقل والفطرة على ذلك(‪.)3‬‬ ‫وأما العلو الوصفي فمعناه أن ال له من صفات الكمال أعلها وأتمها‪ ،‬وأنه ل يمكن أن يكون‬ ‫في صفاته نقص بوجه من الوجوه‪.‬‬ ‫وفي دعاء القنوت جملة يكثر السؤال عنها مما يدعو به أئمتنا في قنوتهم‪ ،‬يقولون‪« :‬هب‬ ‫المسيئين منا للمحسنين» فما معناها؟‬ ‫أقرب القوال فيها أنها من باب الشفاعة‪ ،‬يعني أن هذا الجمع الكبير فيهم المسيء‪ ،‬وفيهم‬ ‫المحسن‪ ،‬فاجعل المسيء هدية للمحسن بشفاعته له فكأنه قيل وشفع المحسنين منا في المسيئين‪.‬‬ ‫تم بحمد ال وتوفيقه وصلى ال وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم‬ ‫الدين‪.‬‬ ‫* * *‬ ‫(‪)3‬‬

‫راجع هذا البحث في شرح فضيلة شيخنا رحمه ال للعقيدة الواسطية‪.‬‬

‫سؤال وجواب‬ ‫سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه ال تعالى ـ هل تجوز الزيادة على هذا الدعاء الذي علّمه رسول ال‬ ‫صلى ال عليه وسلّم الحسن بن علي رضي ال عنهما ـ فأجاب فضيلته ـ رحمه ال ـ‪.‬‬ ‫ل بأس أن يزيد النسان على هذا الدعاء في قنوت الوتر؛ وإن كان وحده فليدعُ بما شاء‪ ،‬ولكن‬ ‫الفضل أن يختار النسان جوامع الدعاء؛ لن النبي صلى ال عليه وسلّم كان يدعو بجوامع‬ ‫ع ما دون ذلك‪ ،‬وينبغي للمام أن ل يطيل على الناس وأن ل يشق عليهم(‪.)4‬‬ ‫الدعاء و َي َد ُ‬ ‫وسُئل فضيلة الشيخ ـ رحمه ال تعالى ـ عمن يدعو ويستبطىئ الجابة ويقول‪ :‬قد دعوت ال‬ ‫ل ـ فلم يستجب لي‪.‬‬ ‫ـ عزّ وج ّ‬ ‫فأجاب فضيلته ـ رحمه ال ـ بقوله‪:‬‬ ‫الحمد ل رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وأسأل ال‬ ‫ل ـ‪:‬‬ ‫تعالى لي ولخواني المسلمين التوفيق للصواب عقيدةً وقولً وعملً يقول ال ـ عزّ وج ّ‬ ‫خرِينَ}‬ ‫ج َه ّنمَ دَا ِ‬ ‫سيَ ْدخُلُونَ َ‬ ‫عبَا َدتِي َ‬ ‫س َت ْكبِرُونَ عَنْ ِ‬ ‫ن اّلذِينَ َي ْ‬ ‫ب َل ُكمْ إِ ّ‬ ‫ستَجِ ْ‬ ‫ل َربّكُـمْ ادْعُونِي َأ ْ‬ ‫{ َوقَا َ‬ ‫ل ـ ولم يستجب ال له فيستشكل هذا الواقع مع‬ ‫[غافر‪ ،]06 :‬ويقول السائل إنه دعا ال ـ عزّ وج ّ‬ ‫هذه الية الكريمة التي وعد ال تعالى فيها من دعاه بأن يستجيب له‪ ،‬وال سبحانه وتعالى ل يخلف‬ ‫الميعاد‪ .‬والجواب على ذلك أن للجابة شروطًا لبد أن تتحقق وهي‪:‬‬ ‫ل بأن يخلص النسان في دعائه فيتجه إلى ال سبحانه وتعالى‬ ‫الشرط الول‪ :‬الخلص ل عزّ وج ّ‬ ‫بقلب حاضر صادق في اللجوء إليه عالم بأنه عزّ وجلّ قادر على إجابة الدعوة‪ ،‬مؤمل الجابة من‬ ‫ال سبحانه وتعالى‪.‬‬ ‫الشرط الثاني‪ :‬أن يشعر النسان حال دعائه بأنه في أمس الحاجة؛ بل في أمس الضرورة إلى ال‬ ‫سبحانه وتعالى‪ ،‬وأن ال تعالى وحده هو الذي يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء‪.‬‬ ‫ل ـ وهو يشعر بأنه مستغنٍ عن ال سبحانه وتعالى وليس في‬ ‫أما أن يدعو ال ـ عزّ وج ّ‬ ‫ضرورة إليه وإنما يسأل هكذا عادة فقط أو للتجربة فإن هذا ليس بحري بالِجابة‪.‬‬ ‫الشرط الثالث‪ :‬أن يكون متجنبًا لكل الحرام فإنّ أكل الحرام حائل بين النسان والجابة كما ثبت‬ ‫في الصحيح عن النبي صلى ال عليه وسلّم أنه قال‪« :‬إن ال طيب ل يقبل إل طيبًا‪ ،‬وإن ال أمر‬ ‫ش ُكرُواْ‬ ‫ط ّيبَاتِ مَا َرزَ ْقنَا ُكمْ وَا ْ‬ ‫المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى‪{ :‬يَأ ّيهَا اّلذِينَ آ َمنُواْ كُلُواْ مِن َ‬ ‫ن ُك ْنتُمْ ِإيّا ُه َت ْع ُبدُونَ} [البقرة‪ ،]271 :‬وقال تعالى‪{ :‬يَأ ّيهَا ال ّرسُلُ كُلُو ْا مِنَ‬ ‫للّهِ إِن ُك ْن ُتمْ ِإيّا ُه َت ْع ُبدُو َ‬ ‫عمَلُو ْا صَالِحا ِإنّي ِبمَا َت ْعمَلُونَ عَلِيمٌ}[المؤمنون‪ ،]15:‬ثم ذكر النبي صلى ال عليه وسلّم‬ ‫ط ّيبَاتِ وَا ْ‬ ‫ال ّ‬

‫الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام‬ ‫وغذّي بالحرام قال النبي صلى ال عليه وسلّم‪« :‬فأنى يستجاب لذلك»(‪.)5‬‬ ‫فاستبعد النبي صلى ال عليه وسلّم أن يستجاب لهذا الرجل الذي قام بالسباب الظاهرة التي بها‬ ‫تستجلب الجابة وهي‪:‬‬ ‫أولً‪ :‬رفع اليدين إلى السماء أي إلى ال ـ عزّ وجلّ ـ لنه تعالى في السماء فوق العرش‪ ،‬ومد‬ ‫ل ـ من أسباب الجابة كما جاء في الحديث الذي رواه المام أحمد في‬ ‫اليد إلى ال ـ عزّ وج ّ‬ ‫المسند‪« :‬إن ال حييّ كريم يستحيي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صِ ْفرًا»(‪.)6‬‬ ‫ثانيًا‪ :‬هذا الرجل دعا ال تعالى باسم الرب «يا رب يا رب» والتوسل إلى ال تعالى بهذا السم‬ ‫من أسباب الجابة؛ لن الرب هو الخالق المالك المدبر لجميع المور فبيده مقاليد السموات‬ ‫س ِمعْنَا ُمنَادِيا ُينَادِي‬ ‫والرض ولهذا تجد أكثر الدعاء الوارد في القرآن الكريم بهذا السم‪ّ { :‬ر ّبنَآ ِإ ّننَآ َ‬ ‫ل ْبرَارِ * َربّنَا‬ ‫س ّيئَا ِتنَا َوتَ َو ّفنَا مَعَ ا َ‬ ‫عنّا َ‬ ‫ن آ ِمنُو ْا بِ َر ّب ُكمْ فَآمَنّا َر ّبنَا فَاغْ ِفرْ َلنَا ُذنُو َبنَا َوكَ ّفرْ َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫لِلِيمَا ِ‬ ‫ب َل ُهمْ َربّ ُهمْ َأنّي‬ ‫ستَجَا َ‬ ‫ل ُتخِْلفُ ا ْلمِيعَادَ * فَا ْ‬ ‫خ ِزنَا يَ ْومَ ا ْل ِقيَامَةِ ِإ ّنكَ َ‬ ‫وَآ ِتنَا مَا وَعَد ّتنَا عَلَى رُسُِلكَ َولَ ُت ْ‬ ‫خرِجُو ْا مِن ِديَارِ ِهمْ‬ ‫جرُواْ وَُأ ْ‬ ‫ن هَا َ‬ ‫ض فَاّلذِي َ‬ ‫ضكُم مّن َبعْ ٍ‬ ‫عمَلَ عَامِلٍ ّم ْن ُكمْ مّن َذكَرٍ َأوْ ُأ ْنثَى َب ْع ُ‬ ‫ل ُأضِيعُ َ‬ ‫َ‬ ‫ل ْنهَارُ‬ ‫ح ِتهَا ا َ‬ ‫جرِي مِن َت ْ‬ ‫جنّاتٍ َت ْ‬ ‫ل ْدخَِل ّن ُهمْ َ‬ ‫س ّيئَا ِت ِهمْ َو ُ‬ ‫ع ْن ُهمْ َ‬ ‫لكَ ّفرَنّ َ‬ ‫سبِيلِي َوقَاتَلُواْ َوقُتِلُو ْا ُ‬ ‫وَأُوذُو ْا فِي َ‬ ‫حسْنُ الثّوَابِ} [آل عمران‪ 391 :‬ـ ‪.]591‬‬ ‫َثوَابا مّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَ ُه ُ‬ ‫فالتوسل إلى ال تعالى بهذا السم من أسباب الجابة‪.‬‬ ‫ثالثًا‪ :‬هذا الرجل كان مسافرًا والسفر غالبًا من أسباب الجابة؛ لن النسان في السفر يشعر‬ ‫ل ـ والضرورة إليه أكثر مما إذا كان مقيمًا في أهله‪ ،‬لسيما في‬ ‫بالحاجة إلى ال ـ عزّ وج ّ‬ ‫الزمن السابق «وأشعث أغبر» كأنه غير َم ْعنِي بنفسه كأن أهم شيء عنده أن يلتجىء إلى ال‬ ‫ويدعوه على أي حال كان هو‪ ،‬سواء كان أشعث أغبر أم مترفًا‪ ،‬والشعث والغبر له أثر في‬ ‫الجابة كما في الحديث الذي روي عن النبي صلى ال عليه وسلّم أن ال تعالى ينزل إلى السماء‬ ‫غ ْبرًا ضاحين من كل فج‬ ‫الدنيا عشية عرفة يباهي الملئكة بالواقفين فيها يقول «أتوني شعثا ُ‬ ‫عميق»‪.‬‬ ‫جدِ شيئًا لكون مطعمه حرامًا وملبسه حرامًا وغذّي بالحرام قال‬ ‫هذه السباب لجابة الدعاء لم ُت ْ‬ ‫النبي صلى ال عليه وسلّم‪« :‬فأنى يستجاب لذلك» فهذه الشروط لجابة الدعاء إذا لم تتوافر فإن‬ ‫الجابة تبدو بعيدة‪ ،‬فإذا توافرت ولم يستجب ال للداعي فإنما ذلك لحكمة يعلمها ال ـ عزّ وجلّ‬ ‫ـ ول يعلمها هذا الداعي فعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم وإذا تمت هذه الشروط ولم يستجب‬

‫ال ـ عزّ وجلّ ـ فإنه إما أن يدفع عنه من السوء ما هو أعظم‪ ،‬وإما أن يدخرها له يوم القيامة‬ ‫فيوفيه الجر أكثر وأكثر؛ لن هذا الداعي الذي دعا بتوفر الشروط ولم يستجب له ولم يصرف‬ ‫عنه من السوء ما هو أعظم يكون قد فعل السباب و ُمنِعَ الجواب لحكمة فيعطى الجر مرتين‪:‬‬ ‫ل ـ ما هو أعظم‬ ‫مرة على دعائه ومرة على مصيبته بعدم الجابة فيدخر له عند ال ـ عزّ وج ّ‬ ‫وأكمل‪ .‬ثم إن المهم أيضًا أن ل يستبطىء النسان الجابة فإن هذا من أسباب منع الجابة كما جاء‬ ‫في الحديث عن النبي صلى ال عليه وسلّم‪« :‬يستجاب لحدكم ما لم يعجل قالوا‪ :‬كيف يعجل يا‬ ‫رسول ال؟ قال‪ :‬يقول‪ :‬دعوت ودعوت ودعوت فلم يستجب لي»(‪)7‬فل ينبغي للنسان أن‬ ‫يستبطىئ الجابة فيستحسر عن الدعاء و َيدَع الدعاء بل يلح في الدعاء فإن كل دعوة تدعو بها ال‬ ‫ل فإنها عبادة تقربك إلى ال ـ عزّ وجلّ ـ وتزيدك أجرًا فعليك يا أخي بدعاء ال ـ عزّ‬ ‫عزّ وج ّ‬ ‫وجلّ ـ في كل أمورك العامة والخاصة الشديدة واليسيرة ولو لم يكن من الدعاء إل أنه عبادة ل‬ ‫سبحانه وتعالى لكان جديرًا بالمرء أن يحرص عليه‪ ،‬وال الموفق‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ ـ رحمه ال ـ (‪)41/831‬‬

‫رواه مسلم‪ ،‬كتاب الزكاة‪ ،‬باب قبول الصدقة‪ ،...‬رقم (‪.)5101‬‬

‫(‪)6‬‬

‫رواه الترمذي‪ ،‬كتاب الدعوات‪ ،‬باب في دعاء النبي صلى ال عليه وسلّم‪ ،....‬رقم(‪ ،)6553‬وأبوداود‪ ،‬كتاب الصلة‪،‬‬

‫(‪)7‬‬

‫رواه البخاري‪ ،‬كتاب الدعوات‪ ،‬باب ي ستجاب للع بد ما لم يع جل‪ ،‬ر قم(‪ ،)0436‬وم سلم‪ ،‬كتاب الذ كر والدعاء‪ ،...‬باب‬

‫باب الدعاء‪ ،‬رقم(‪ ،)8841‬وابن ماجة‪ ،‬كتاب الدعاء‪ ،‬باب رفع اليدين في الدعاء‪ ،‬رقم(‪.)5683‬‬

‫بيان أنه يستجاب للداعي ما لم يعجل‪ ،...‬رقم(‪.)5372‬‬

Related Documents