أم هاشم بقلم راغب شاهين رأيتهثا تجلس فثي ركنٍث بعيثد بأحثد الماكثن التثي اعتدت ارتيادهثا ،تنظثر إلى ورقثة أو صثورة فثي يدهثا ولربمثا أكثثر، لسثت أدري فالمسثافة لم تسثمح لي بتحديثد كينونتهثا ،لم أسثتطع كبثح جماح فضولي ،لمعرفثة مثا تحمثل ومثا هثو ذاك الشيء الذي إن اختزل ما كان من تاريخ بين فتح الندلس ونكبة فلسطين بين طياته ،لما وجدنا أممياً واحداً يهتم بثه إلى هذا الحثد ،سثرت باتجاه طاولتهثا وكأنثي أبحثث عثن شيثء مثا ،إلى أن سثمحت لي عيناي برؤيثة مثا عليثه ذلك الشيثء ،إنهثا صثورة شاب بيثن الرابعثة عشرة والسثادسة عشرة مثن عمره ،التفثت عائداً إلى مكانثي فإذا بعيناهثا اغرورقتثا بالدموع ،هثي سثيدة فثي العقثد الرابثع مثن عمرهثا ،ولكثن ملمحهثا تبدو كمثن أكثل الدهثر عليهثا وشرب، سثرت نحوهثا بخطوات بطيئة وسثألتها هثل هناك مثن مكروه يثا سثيدتي ،أجابتنثي ل ولكننثي ومثذ أن رحثل هاشثم وأنثا أتردد إلى هذا المكان الثلثثة أيام التثي تسثبق عيثد الم ،إضافثة إلى يوم المناسثبة ،فقثد أحضرنثي هنثا قبثل عيثد الم بثلثثة أيام ،وقال لي بأنثه يرغثب أن يحتفثل بثي مثن هذه اللحظثة وحتثى يوم الم ،ليجعثل مثن المناسثبة أكثبر مثن أي سثنةٍ خلت ،لم أكثن أعرف أي بنثي ،أنثه فثي اليوم التالي سثيغادرني ولن أعرف له سثبيلً بعثد ذلك اليوم .لقثد أخذت تحدثني عنه بكلماتٍ أثلجت صدرها هي ول أحد سواها في عالمها المحيط ،وكأن مرارة الحياة وضنك العيش الذين رأيت أخذا ينسحبا من تقاسيم وجهها في كل مرة كانت تلفظ بها اسمه ،هاشثم ،هاشم ،هاشم ،وأنا ما علي سوى أن أسثتمع شئت أم أبيثت ،فأنثا مثن سثمح لهثا بأن تخترق أمسثيتي تلك ،وتخطثو على عتبات فكري ،متجاهلة درب آلمها الذي تسير. لننثي رجثل ولن القدر لم ولن يسثمح لي بتجربثة المومثة ،التثي أعشثق ،يوم ًا مثا ،حاولت انتشالهثا و لو لبرهثة مثن بحور أحزان ل بدايثة لهثا و ل نهايثة كمثا يبدو ،بادرتهثا بالقول ،هناك أبناء اعتادوا أن يثبروا بوالديهثم لمرضاة " الرفيق العلى" ،ولكن أتعلمين ما في داخلهم ،إنهم يخجلون من كل شيء هو أنت ،مظهرك ،مأكلك ،وفكرك ،فحين يأتثي لزيارتهثم أصثدقاؤهم يعتليهثم الخجثل ممثا ترتديثن مثن ثياب ،رفضتهثا حداثثة هذا العصثر ،متناسثين كثم كنثت ب جديد لهم ،وحين تأكلين تجدينهم يقولون أي عجوز تلك التي يجب تسعدين لمجرد أن تملكي بعض المال ثمن ثو ٍ علي أن أتحمل هذا المنظر الذي هي عليه حين تأكل ،متناسين للمرة الثانية بأن الدنيا لم تكن تتسع لسرورك حين تناوليهثم طعامهثم أطفالً ليلتهموه بشراهثة وحوش البر ،لقثد غصثت فثي بحور اللغثة التثي شعرت لول مرة بأنهثا عاجزة ضعيفثة لتجعثل مثن هذه المسثكينة تنسثى هاشمهثا ،وتحدثثت كثيرًا آملً أن أجعلهثا تغادر اللحظثة التثي توقفثت عندهثا وتعدو نحثو الحياة مثن جديثد ،كانثت عيناهثا تهزمثا عيناي ،فتجدنثي أتلعثثم بكلماتثي أحياناً ،هارباً بعينثي فثي أرجاء المكان. وقفثت على قدميهثا ،ونظرت إلي بعينثي نسثر جارح وغادرتنثي دون أن تنطثق ببنثت شفثة ،حينهثا سثألت الشاب الذي كان يخدم طاولتها ،ويعاملها بلطف الدنيا كله عن قصتها ،فقال لي هذه المرأة أخبرتني يوماً بأن ولدها قال لها قبل رحيله ،بأنثه يعلم علم اليقيثن أن كثل أفراح الدنيثا لن تسثعد قلب أم سثلبها الحتلل ولدهثا ...وكثل كنوز الرض لن ترسم البسمة في عين طفل ل يجد أمه في عيدها ،لتكتشف في اليوم التالي بأنه ذهب هناك لينثر جسده عنبراً في رحاب الوطن ،مُرسل إلى الجحيم ما تيسر له من جنودٍ لطالما استهواهم منظر أمهاتنا الثكالى.