Why I Am A Liberal - Articles By Young Egyptian Liberals

  • Uploaded by: Friedrich Naumann Foundation for Freedom Regional Office MENA
  • 0
  • 0
  • May 2020
  • PDF

This document was uploaded by user and they confirmed that they have the permission to share it. If you are author or own the copyright of this book, please report to us by using this DMCA report form. Report DMCA


Overview

Download & View Why I Am A Liberal - Articles By Young Egyptian Liberals as PDF for free.

More details

  • Words: 27,390
  • Pages: 155
‫‪2‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫أنا ليه ليبرالي؟‬ ‫مقالت شابة عن الليبرالية‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪3‬‬

‫عنوان الكتاب‪ :‬أنا ليه ليبرالي؟‬ ‫مقالت شابة عن الليبرالية‬ ‫المحرران‪ :‬د‪ .‬رونالد ميناردوس‬ ‫أحمد ناجي‬ ‫الناشر ‪ :‬مركز المحروسة للنشر والخدمات الصحفية والمعلومات‬ ‫قطعة رقم ‪ 7399‬ش ‪ 28‬من ش ‪ – 9‬المقطم – القاهرة‬ ‫ت‪ ،‬ف ‪25075917 :‬‬ ‫‪e.mail : mahrosa@ mahrosa.com‬‬ ‫رئيس مجلس الدارة ‪ :‬فريد زهران‬ ‫حقوق الطبع محفوظة لمؤسسة فريدريش ناومان‬ ‫رقم اليداع ‪2009 / 11929 :‬‬ ‫الترقيم الدولى ‪7-310-313-977-978 :‬‬ ‫تم طباعة هذا الكتاب بدعم من مؤسسة فريدريش ناومان‬ ‫من أجل الحرية بالقاهرة‪.‬‬ ‫الفكار الواردة فى هذا الكتاب ل تعبر بالضرورة عن وجهة‬ ‫نظر مؤسسة فريدريش ناومان ول وجهة نظر اتحاد الشباب‬ ‫الليبرالي المصري ولكنها تعبر عن وجهة نظر مؤلفيها ‪.‬‬

‫‪4‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫الفهرست‬ ‫تمهيد‬

‫‪5‬‬

‫مقدمة‬

‫‪7‬‬

‫الفصل الول‪ :‬محاولت لتعريف الليبرالية‬

‫‪13‬‬

‫أركان الليبرالية‬

‫‪15‬‬

‫لن الثراء في الختلف‬

‫‪21‬‬

‫الليبرالية لحماية التنوع‬

‫‪29‬‬

‫من أجل حرية الختيار‬

‫‪35‬‬

‫الحرية المسئولة‬

‫‪41‬‬

‫مرونة الليبرالية سر استمرارها‬

‫‪45‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬لنني إنسان‬

‫‪55‬‬

‫الليبرالية شرط الوجود النساني‬

‫‪57‬‬

‫نظرية محورها النسان‬

‫‪65‬‬

‫الليبرالية هى حرية الختيار‬

‫‪71‬‬

‫ليه أنا إنسان‬

‫‪75‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪5‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬ليبرالية مصرية‬

‫‪83‬‬

‫لنني مؤمن بالحرية‬

‫‪85‬‬

‫الليبرالية القتصادية‪ :‬تكافؤ الفرص أساسًا للمنافسة‬

‫‪93‬‬

‫حلول ليبرالية لزمات المجتمع المصري‬

‫‪101‬‬

‫المختلف عنى مش ضدي‬

‫‪111‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬تجارب خاصة‬

‫‪115‬‬

‫دقيقة حرية‬

‫‪117‬‬

‫اعتنقت مبادئ الليبرالية قبل أن أعرف اسمها‬

‫‪123‬‬

‫كنت إسلميا متشددا ولكن أصبحت ليبراليا ‪....‬‬

‫‪127‬‬

‫إنها ليــبراليــتــي‬

‫‪139‬‬

‫اخترت الليبرالية‪ ..‬لنني امرأة‬

‫‪145‬‬

‫حتى تحب مريم وطنها‬

‫‪149‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪6‬‬

‫تمهيد‬ ‫يحتوي الكتاب الذي تحمله بين يديك على عشرين مقالة متميزة‬

‫قدمها شباب من المصريين الذين اشتركوا في مسابقة لكتابة مقال تحت‬ ‫عنوان "أنا ليه ليبرالي؟"‪ ،‬هذه المسابقة هى الولى من نوعها في‬

‫مصر‪ ،‬أقيمت في النصف الول من عام ‪ 2009‬تحت رعاية كل من‬

‫مؤسسة فريدريش ناومان من أجل الحرية وكذلك اتحاد الشباب‬

‫الليبرالي المصري‪ ،‬كما حظيت بدعم الشركاء العلميين جريدة‬

‫"المصري اليوم" وإذاعة "حريتنا"‪.‬‬

‫ولقد بلغ إجمالي المقالت المقدمة ‪ 76‬مقالة تم دراستها من جانب‬

‫فريق من كبار المحكّمين الذين قاموا بتصنيف جودتها ونوعيتها وفقا‬

‫لمجموعة من المعايير المحددة‪ ،‬من بينها الجودة الدبية والمضمون‬ ‫والرسالة الليبرالية المقدمة وكذلك أصالة الحُجج المستخدمة‪ .‬تكون‬

‫فريق المحكّمين من‪:‬‬

‫الستاذ الدكتور‪ /‬علي الدين هلل‪ ،‬الستاذ بكلية القتصاد والعلوم‬

‫السياسية جامعة القاهرة ووزير الشباب السبق‬

‫الدكتور‪ /‬وحيد عبد المجيد‪ ،‬خبير بمركز الدراسات السياسية‬

‫والستراتيجية بالهرام ونائب رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب‬ ‫الدكتور‪ /‬جمال عبد الجواد‪ ،‬خبير بمركز الدراسات السياسية‬

‫والستراتيجية بالهرام وأستاذ العلوم السياسية بالجامعة المريكية‬

‫بالقاهرة‬

‫الستاذ‪ /‬شارل فؤاد المصري‪ ،‬سكرتير التحرير التنفيذي بجريدة‬

‫المصري اليوم‪.‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪7‬‬

‫وضمانا للتزام الحيادية في الختيار فقد تم حذف أسماء كاتبي‬

‫المقالت من النصوص المقدمة إلى لجنة التحكيم‪.‬‬

‫وقد حصلت مقالة الستاذ‪ /‬محمد سعد محمد بعنوان "مرونة‬

‫الليبرالية سر استمرارها" علي المركز الول في المسابقة‪.‬‬

‫وهذه المسابقة لكتابة مقال بهذا الشأن وكذلك المطبوعة التي نحن‬

‫بصدها الن إنما تستهدفان إعطاء فرصة للشباب المصري لكي‬

‫يشرحوا بكلماتهم وتعبيراتهم الخاصة ماذا يعني لهم أن يكون الفرد‬

‫ليبراليا اليوم‪ .‬ويري القائمون على تنظيم المسابقة أن مجرد دعوتهم‬

‫للشباب كي يعبروا عن أفكارهم ومعتقداتهم هو في أساسه انتهاج‬ ‫لقاعدة ليبرالية أساسية‪.‬‬

‫ويطمح هذا الكتاب في أن يساهم في المناقشة الجارية حول‬

‫المبادئ والقيم الليبرالية ومدى صلة السياسة الليبرالية بتلك البقعة من‬

‫العالم‪ .‬ولذا ندعوك للنضمام إلى هذه المناقشة‪.‬‬

‫لمزيد من التفاصيل الرجاء مراجعة الموقع اللكتروني‬ ‫‪www.librali.net‬‬

‫‪8‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫المقدمة‬ ‫بقلم‪ :‬د‪ .‬رونالد ميناردوس‬ ‫المدير القليمي لمؤسسة‬ ‫فريدريش ناومان‬

‫يُعد الليبرالية إحدى التيارات السياسية العظيمة‪ ،‬إل أنه في الوقت‬

‫نفسه يصعب أن نجد كلمة في القاموس السياسي لعصرنا أثارت جدلً‬ ‫مثلما أثارته تلك الكلمة‪ .‬فبينما ل تحمل الكلمة بالنسبة للعديد من‬ ‫الشخاص‪ -‬الليبراليين بالتأكيد‪ -‬سوى دللت إيجابية‪ ،‬فهى لعنة‬

‫بالنسبة لكثير من مُعادي الليبرالية إذ يتعاملون معها هكذا‪.‬‬

‫ويتجلى ذلك النقسام بوضوح في مصر شأنها في ذلك شأن بقاع‬

‫أخرى في العالم العربي ولقد تضافرت جهود ائتلفية شملت تحالفا قويا‬

‫بين أيدلوجيات الفكر المحافظ‪ ،‬والصولي وشبة التقدمي في سعي‬ ‫متواصل لتصوير الفكر الليبرالي بأنه فكر شيطاني‪ .‬واستخدم‬

‫مناصرو تلك الحملة المناهضة لليبرالية كافة ضروب الوصف القبيح‬

‫للتحقير من شأن الليبراليين واصفين إياهم باللخلقية‪ ،‬والطمع‬

‫واللوطنية‪ ،‬إلى جانب أنهم‪ -‬في نظر هؤلء‪-‬يخضعون للنفوذ الجنبي‬

‫ويتسمون باللحاد بل ومناهضة الديان‪.‬‬

‫ولمواجهة تلك المزاعم والدعاءات الباطلة ينبغي على الليبراليين‬

‫أن يأخذوا جانب الهجوم اليدلوجي ويقومون بإقناع الغلبية (الصامتة)‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪9‬‬

‫بأن ما يردده خصومهم عنهم ليس فقط من قبل الضيم والخبث ولكنه‬ ‫أيضا مضلل في بعض الحيان‪.‬‬

‫ومن إحدى التحديات الهامة أمام الليبرالية والتي تُعد في الوقت‬

‫ذاته إحدى مميزاتها هي أن الليبرالية‪ ،‬بعكس التيارات السياسية‬

‫الخرى‪ ،‬ترفض فلسفة الدوغمائية أو الوثوقية‪ ،‬فالليبرالية في جوهرها‬

‫نقيض للوثوقية إذ إنها ل تقدم إجابة أيدلوجية قاطعة للمشاكل المتشابكة‬

‫والمعقدة‪ ...‬فالليبراليون يحبون النقاش قبل التوصل إلى نتيجة‪،‬‬

‫ويطرحون السئلة قبل إعطاء إجابات‪ .‬وهذا النفتاح للنقاش والرغبة‬ ‫في الستفسار عن كل صغيرة وكبيرة تقريبا ل ينبغي سؤ تفسيرهما‬

‫على أنهما انعكاس لفتقار الليبراليين إلى المبادئ والقيم‪ ،‬بل على‬

‫العكس فالليبراليون لديهم مبادئ محددة واضحة وضوحا شديدا بل‬ ‫وبعضها تعد غير قابلة للجدال‪.‬‬

‫وفي صميم تلك المواقف تأتي حرية الفرد‪ ،‬فتعزيز تلك الحرية‬

‫وحمايتها من كافة أنواع التعدي إنما هو جوهر كافة المساعي‬

‫الليبرالية‪ .‬والنظام الليبرالي ل ينظر إلى حرية الفرد بمنائي عن‬

‫المسئولية‪ ،‬المر الذي يضيف لليبرالية بُعدا اجتماعيا‪ .‬وفي المفهوم‬

‫الفلسفي السياسي فإن تصدر حرية الفرد وأولويته في الفكر الليبرالي‬

‫هو الذي يفضي إلى المفاهيم العظيمة الخاصة بحقوق النسان وسيادة‬ ‫القانون والمساواة في الفرص داخل المجتمع‪ ،‬فكل تلك المفاهيم‬

‫العظيمة للحضارة النسانية‪ ،‬التي تدخل في عداد " البتكارات"‪ ،‬إنما‬

‫هي نتاج لعدد ل حصر له من المعارك والصراعات على مر القرون‪،‬‬

‫معارك كان فيها دوما الليبراليون‪ ،‬رجالً ونساء في المقدمة‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫وإذا كانت الليبرالية ‪-‬كما أسلفنا‪ -‬تتعارض مع فلسفة الدوغمائية‪،‬‬

‫فمن الطبيعي أن نجد الليبراليين يدلفون إلي مناقشات طويلة تتعلق‬

‫بتفسير مبادئهم الساسية‪ -‬وما تحمله تلك المبادئ من معاني في خضم‬

‫واقع الحياة (السياسية) اليومية‪ .‬ولذلك يصبح من العدل في ذلك المقام‬ ‫أن نجادل ونقود البراهين على أن الليبرالية ليس لها نموذج واحد فقط‬

‫يناسب كافة المجتمعات والبلدان في أي مرحلة تاريخية ولكن يجوز أن‬

‫تختلف برامجها من حيث الولويات والنقاط المحورية باختلف المناخ‬

‫السياسي والقتصادي والثقافي والتاريخي‪.‬‬

‫وإني أقول ذلك من واقع تجاربي وخبراتي في العمل لمؤسسة‬

‫ليبرالية في بقاع مختلفة في العالم على مدار العشرين سنة الماضية‪ ،‬إذ‬

‫أنه بعد التعامل مع الليبراليين في العديد من البلدان مثل اليونان‬

‫وكوريا الجنوبية والفلبين وتايوان والن في مصر والعالم العربي‪ ،‬تولّد‬ ‫لدي الدراك بأنهم جميعا يواجهون تحديات سياسية واجتماعية‬

‫واقتصادية وثقافية تختلف اختلفا جوهريا من بلد إلى آخر وبالتالي فهم‬

‫مضطرون بحكم الظروف إلى إيجاد إجابات سياسية خاصة بظروف‬

‫بلدانهم لتلك التحديات المحلية ‪ .‬ورغم هذا التباين‪ ،‬إل أنهم ل يزالون‬

‫متحدين يجمعهم اليمان بأنه في نهاية المطاف يبقى تعزيز حرية الفرد‬

‫هو غاية السعي السياسي‪.‬‬

‫ومن ضمن خبراتي الكثر إثارة ومتعة منذ مجيئي إلى تلك البقعة‬

‫من العالم قبل عامين ونصف هى اكتشاف ما أرغب في أن أطلق عليه‬ ‫ديناميكية الليبرالية المصرية‪ ،‬فالمصريون الليبراليون أقوى كثيرا من‬ ‫حيث العدد والقدرة الفكرية مما يعتقد الكثير من الناس من داخل‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪11‬‬

‫وخارج البلد بل‪ ،‬ما يبعث على السعادة‪ ،‬أن الليبرالية المصرية‬

‫تحمل قدرات يمكن أن تجعلها في المستقبل أقوى كثيرا من المنظمات‬

‫القائمة التي تزعم تمثيلها لليبرالية الن‪ ،‬ودعوني أُعقب سريعا أن ذلك‬ ‫ليس فقط بسبب قصور تلك المنظمات وإنما هو أيضا نتاج لمناخ‬

‫سياسي فقير الدعم أو ‪-‬بصراحة تامة‪ -‬معاد للتعبئة السياسية‬ ‫الليبرالية‪.‬‬

‫ويقودني هذا السياق مباشرة لمقالت هذا الكتاب‪ ،‬فهى تعكس ثراء‬

‫الفكر الليبرالي وأصالته بين الشباب المصري‪ .‬ولشد ما كان إعجابنا –‬

‫نحن مؤسسة فريدريش ناومان وكذلك المحكّمين بتلك المسابقة الذين‬

‫قاموا بتحليل المقالت المقدمة بعناية فائقة وبأكثر قدر ممكن من‬

‫الحيادية‪ -‬لشد ما كان إعجابنا بما كتب أثناء قراءة المقالت‪ .‬وفي‬ ‫النهاية كانت مهمتنا لختيار ‪ 20‬مقالً مما نراه الكثر قيمة بين‬ ‫المقالت المقدمة شديدة الصعوبة‪.‬‬

‫وأنني بصفتي المدير القليمي لمؤسسة فردريش ناومان أود أن‬

‫أهنئ كل كاتبي المقالت عن إسهاماتهم وأدعوكم جميعا لقراءة‬

‫الصفحات التالية من الكتاب آملً أن تتفقوا معي في النهاية على أن كل‬

‫مقالة من المقالت تتضمن إسهاما فريدا ومثيرا للخطاب المصري‬

‫الليبرالي‪ ،‬فهى تقدم رؤية عن تعريف الشباب المصري لليبرالية وكيف‬ ‫كان للفكار الليبرالية تأثيرا على حياتهم كما تعطي رؤية على نحو‬

‫عام عن الكيفية التي يمكن بها‪ -‬في رأي الشباب المصري‪ -‬لليبرالية‬ ‫أن تغير مستقبل بلدهم تغيرا إيجابيا‪.‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪12‬‬

‫ومن خلل لقاءاتي مع شباب مصري ليبرالي‪ ،‬رجالً ونساءَ‬

‫التقيت بنماذج وطنية معاصرة ممن لديهم اهتمام شخصي كبير‬

‫بمستقبل هذه المة العظيمة ولكن المفعمة بالمشاكل ‪ .‬وأنه لمن دواعي‬

‫الفخر للمؤسسة التي أعمل بها أن تكون على صلة بهؤلء النخبة من‬ ‫الشباب ويسعدنا أن نكون الراعين لهذه المطبوعة حتى يمكن‬

‫لصواتهم أن تصل إلى قاعدة أكبر من الجمهور‪ .‬فكم هي باقية‬

‫الليبرالية التي تجسدها وثائق هذا الكتاب في عقول (وأيضا قلوب)‬ ‫الشباب المصري‪.‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪13‬‬

‫‪14‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫الفصل الول‬

‫محاولت لتعريف‬ ‫الليبرالية‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪15‬‬

‫‪16‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫أركان الليبرالية‬ ‫أحمد سيد حسين محمد‬ ‫مواليد ‪ .1983‬يعد رسالة الدكتوراه حول مسار النظم‬ ‫السياسية المقارنة‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪ ،‬كلية‬

‫القتصاد والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة القاهرة‪ .‬أعمل‬ ‫بقطاع العلم والتصال‪ ،‬جامعة الدول العربية‪.‬‬ ‫شاركت في العديد من أنشطة المجتمع المدني‬

‫والمنظمات الشبابية داخل وخارج مصر‪ ،‬ومن أبرزها‬ ‫مشاركتي في دورتين لمؤسسة فريدريش ناومان‬

‫‪ .2008-2007‬أحلم بعالم مثالي تسوده قيم العدالة‬ ‫والتسامح والمساواة والحرية وعدم التمييز‪ ،‬عالم‬ ‫خالي من الحروب والنزاعات‪.‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪17‬‬

‫في عالم تتعدد فيه الفكار والراء‪ ،‬وتتنوع فيه النظريات‬ ‫واليديولوجيات‪ ،‬وتتشابك فيه القيم والغايات‪ .‬خرجت الليبرالية بمفاهيمها‬ ‫ومبادئها‪ ،‬تقدم للعالم خلصة خبرة تاريخية تدب بجذورها في التاريخ‬ ‫النساني‪ ،‬ترسم حدودا للعلقات الجتماعية بين البشر‪ ،‬تبني فكرا‬ ‫اقتصاديا‪ ،‬وتشيد بناءا سياسيا‪ ،‬جميعا تسمو فوق التمايزات والختلفات‪،‬‬ ‫وتعلي من قيمة الفرد دون النظر لخلفياته‪ ،‬إنما لكونه فردا في حد ذاته‪.‬‬ ‫وعندما أسأل نفسي "أنا ليه ليبرالي؟"‪ ،‬أجد السؤال يتبدل في ذهني‬ ‫تلقائيا‪" ،‬كيف ل أكون ليبراليا؟"‪.‬‬ ‫يرجع مفهوم الليبرالية –دون الطالة‪ -‬إلى النظام السياسي الذي‬ ‫ظهر وتطور في إنجلترا من القرن ‪ ،17‬وكان من أبرز مفكريه ديفيد‬ ‫هيوم‪ ،‬وآدم سميث‪ .‬وقد كان مفهوم الحرية الفردية والتي يحددها‬ ‫القانون هو الذي أثر على الحركات الليبرالية في القارة الوروبية‪ ،‬كما‬ ‫أصبح الدعامة التي استندت إليها التقاليد السياسية المريكية‪ .‬فسرعان‬ ‫ما شاع استخدام مصطلح الليبرالية‪ ،‬وقصد به في ذلك الوقت –بداية‬ ‫تكوين مفهوم الليبرالية‪ -‬أنصار المذهب البرلماني‪ ،‬ودعاة حرية الفكر‪،‬‬ ‫وحرية التجارة‪ ،‬وحرية الملكية الخاصة‪ ،‬أي اليمان بإمكانية تحقيق‬ ‫الرخاء العالمي من خلل إطلق القوى الطبيعية‪ ،‬وتحريرها من‬ ‫القيود‪ ،‬والثقة في قدرة الفرد على تحقيق سعادته الخاصة‪ ،‬وسعادة‬ ‫مجتمعه في آن واحد‪.‬‬ ‫إن مفهوم الليبرالية في مجتمعاتنا يشوبه الكثير من اللبس‬ ‫والغموض‪ .‬إذ يعتقد معارضوا الليبرالية أن الليبرالية ترتبط بالنحلل‬ ‫الخلقي‪ ،‬وأنها ما هي إل دعوة للتفسخ‪ ،‬والفجور‪ ،‬ومحاربة الديان‪.‬‬ ‫فهل هذه هي الليبرالية حقا؟!‪ .‬دعونا نستعرض سويا – من وجهة‬ ‫نظري‪ -‬أهم القيم التي تستند إليها الليبرالية‪.‬‬

‫‪18‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫الفرد‪ :‬فقيم وإجراءات الليبرالية تبدأ وتنتهي بالفرد‪ ،‬باعتباره شخص له‬ ‫هويته المنفصلة‪ .‬وأن سعي الفرد لتحقيق ذاته وتنمية قدراته‪ ،‬هو‬ ‫الغرض الساسي الذي يجب أن تسعى ورائه الدولة‪ ،‬وهي القيمة‬ ‫السياسية النهائية‪ .‬وعليه فإن الليبرالية تسعى نحو استبعاد العوائق التي‬ ‫تحول دون تطوير الفرد لذاته‪.‬‬ ‫الملكية‪ :‬يرى معارضوا الليبرالية أنه من أبرز مثالبها‪ ،‬صعوبة التوفيق‬ ‫بين حق الملكية الفردية من ناحية‪ ،‬وحق جميع الفراد في تطوير‬ ‫قدراتهم –المبدأ الخلقي الساسي لليبرالية كما ذكرنا سالفا‪ -‬من‬ ‫ناحية أخرى‪ .‬أي أن حق الملكية الفردية يدعم علقات القوة والطبقية‬ ‫بين الفراد‪ ،‬مما يفرغ مبدأ حق الفراد في تطوير وتنمية قدراتهم من‬ ‫محتواه‪ .‬إل أن الملكية الفردية ليبراليا‪ ،‬تقوم على مبدأ عدم الستبعاد‪.‬‬ ‫أي أن حق الملكية الفردية ل يستبعد الخرين من النتفاع بشيء ما‪،‬‬ ‫ومقابل ذلك يتعامل الفرد بالمثل‪ ،‬أي ل يستبعد من الخرين‪ .‬فمفهوم‬ ‫الملكية في الفكر الليبرالية أوسع بكثير من مجرد التركيز على ملكية‬ ‫الفرد الذاتية مقابل حق الخرين‪.‬‬ ‫المساواة‪ :‬أحد الركان المحورية والقيم الجوهرية في الفكر الليبرالي‪.‬‬ ‫وهي تستند على عدة أبعاد هي‪ ،‬المساواة السياسية‪ ،‬أي المساواة أمام‬ ‫صناديق النتخاب‪ ،‬فكل من تنطبق عليه الشروط يحق له التصويت‬ ‫بنفس الوزن لغيره‪ ،‬والمساواة في الترشيح للمناصب ما توافرت‬ ‫شروط الترشيح في شخص المرشح‪ .‬المساواة القانونية‪ ،‬فالفراد ل‬ ‫يتميزون أمام القانون‪ .‬المساواة في الحراك الجتماعي‪ ،‬فكل فرد في‬ ‫المجتمع له الحق في النتقال من طبقة إلى أخرى وفقا لقدراته‬ ‫وكفاءته‪ .‬المساواة القتصادية‪ ،‬أن يضمن لكل فرد تأمين مستوى‬ ‫اقتصادي معين "المن القتصادي" وليس المساواة في الدخل بين كافة‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪19‬‬

‫المواطنين‪ .‬المساواة الجتماعية‪ ،‬أي أن الكل سواء دينا وعرقا وجنسا‬ ‫ونوعا ولونا وفكرا‪ ...‬فالكل سواسية في الحقوق والواجبات‪.‬‬ ‫الحرية‪ :‬تعد أهم قيمة في الفكر الليبرالي‪ .‬فالمجتمع الحر والدولة الحرة‬ ‫هما المقصد من وراء الليبرالية‪ .‬فالحرية الليبرالية لها شرطان‪ ،‬غياب‬ ‫القيود الخارجية على السلوك الذي يرغب فيه الفرد‪ ،‬وغياب التعديد‬ ‫الخارجي الذي ل يمكن مقاومته‪ .‬أي عدم وجود قيود تحد من تمتع‬ ‫الفرد في بحقه في ممارسة ما يرغب فيه‪ ،‬وعدم وجود تهديدات‬ ‫يخشاها إذا ما أقدم على هذا الفعل‪ .‬ومن أمثلتها الحرية من النتماء‬ ‫الحزبي‪ ،‬حرية الفكر‪ ،‬حرية النتماء الديني‪ ،‬حرية العقيدة‪ ...‬وجميعها‬ ‫حريات فردية يجب أل يقابلها قيود أو تهديدات تحد من التيان بها من‬ ‫قبل الفرد‪.‬‬ ‫فالليبرالية تركز على الفرد والحياة السياسية‪ ،‬وتذهب إلى أن‬ ‫السياسة صنعة وفن وضعه النسان‪ ،‬والحكومة ليست أمرا طبيعيا‪،‬‬ ‫وإن كانت أمرا ضروريا‪ .‬أما الطبيعي فهو الحرية النسانية‪ ،‬فل هي‬ ‫مكتسبة‪ ،‬ول هي منحة من أحد‪ ،‬والبشر متساوون جميعا‪ .‬كما أنه من‬ ‫أبرز مقولت الليبرالية‪ ،‬أن العقل البشري قادر وحده على تحديد شكل‬ ‫الحياة الفضل للنسان‪ ،‬كما تؤكد التسامح الديني والخلقي‪ ،‬وسعة‬ ‫الفق ورحابة الصدر في تقبل الرأي الخر‪.‬‬ ‫من خلل هذه القيم ‪ -‬والتي هي قيم النسان بطبيعته ‪ -‬رأيت أن‬ ‫الليبرالية هي التعبير عن شخصي‪ .‬هي التعبير عن كوني إنسانا لي من‬ ‫الحقوق ما يقابل ما علي من واجبات‪ .‬وجدت ما أؤمن به من أن الكل سواء‬ ‫مهما اختلفت أيديولوجياتهم وأفكارهم وألوانهم وأعراقهم وجنسهم‪ ،...‬وأن‬ ‫المرأة هي عماد المجتمع بجوار الرجل على قدم المساواة‪ .‬وأن حريتي‬ ‫كفرد – مع احترام حرية الخرين ‪ -‬هي من أسمى قناعاتي‪ .‬وأن العدالة‬ ‫الجتماعية التي مادمت أبغيها هي التعبير الصادق عن ما تصبو إليه‬

‫‪20‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫الليبرالية من خلل قوى السوق ومن خلل قيمها الخرى‪ ،‬بما يعود على‬ ‫الفرد نفسه وعلى المجتمع ككل بكل ما هو إيجابي‪.‬‬ ‫والن‪ ،‬دعونا نتصور أن المجتمع المصري قد تحول إلى الفكر‬ ‫الليبرالي من خلل حكومته ومجتمعه‪ ،‬فكيف سيكون المستقبل؟‪.‬‬ ‫ل شك أن المواطن الذي ينشأ في جو من الحرية‪ ،‬ويربى على‬ ‫احترام الخرين والعناية بهم وبخيرهم ومصلحتهم‪ ،‬ويقابل بصدر‬ ‫رحب الراء المخالفة لمعتقداته‪ ،‬هو المواطن القادر على أن يحيا حياة‬ ‫إنسانية رفيعة‪ ،‬فيكون شخصية قادرة على الخلق والبداع‪ ،‬وعلى تنمية‬ ‫ملكاته إلى أقصى حد‪ .‬كما أن الليبرالية تساعد المجتمعات على‬ ‫التخلص من الصراعات والخلفات بالطرق السلمية‪ ،‬فكل مجتمع به‬ ‫اختلفات‪ ،‬والليبرالية تضفي الشرعية على الختلف بين أشكال‬ ‫التعبير‪ ،‬وتسعى ليجاد حلول وسط عن طريق الحوار ونبذ العنف‪،‬‬ ‫وذلك من خلل وجود مؤسسات وميكانيزمات لحل الصراعات‪ ،‬تعمل‬ ‫على توسيع نطاق المشاركة السياسية وحماية الحريات‪ .‬كما تضمن‬ ‫الليبرالية للمجتمع التغيير السلمي‪ ،‬وذلك من خلل ما تتيحه من إمكانية‬ ‫الحراك الجتماعي‪ ،‬وإتاحة الفرص المتساوية للجميع في الوصول إلى‬ ‫المناصب العليا مادامت الكفاءة والقدرات متوفرة‪ ،‬مما يقي المجتمع أية‬ ‫هزات اجتماعية‪ ،‬قد تصل إلى عنف اجتماعي ل تحمد عقباه‪ .‬ومن هنا‬ ‫فسوف تساعد الليبرالية في القضاء على كافة أشكال الفساد والواسطة‬ ‫والمحسوبية خاصة في الحصول على الوظائف –وهي أكثر ما يهم‬ ‫الشباب‪ -‬ومن ثم معالجة أخطر مشاكل المجتمع المصري تدريجيا‬ ‫وهي البطالة‪ ،‬واختفاء الطبقة الوسطى‪ .‬بالضافة إلى أنها سوف تدعم‬ ‫التعاقب المنتظم للسلطة‪ ،‬ومن ثم تجديد الدماء في المجتمع‪ ،‬وثقله‬ ‫بأفكار جديدة‪ ،‬والتي من شانها تحقيق التنمية والرخاء داخل المجتمع‪،‬‬ ‫وتقيد الشعور بالغتراب‪ ،‬وعدم النتماء‪ .‬كما أن تحقيق العدالة سيكون‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪21‬‬

‫محورا بارزا في مستقبل المجتمع المصري‪ ،‬وذلك نظرا لما تتيحه‬ ‫الليبرالية من إمكانية التغيير والتطوير في حال وجود قوانين ل تحق‬ ‫العدالة‪ ،‬كما أنها تتيح للجميع المساواة أمام القانون‪ ،‬بما يحقق العدالة‬ ‫بكافة أشكالها السياسية والجتماعية والقتصادية والقانونية‪...‬ناهيك‬ ‫عن أهم ما يميز الليبرالية‪ ،‬والذي سوف يكون فاعل رئيسيا في رسم‬ ‫المستقبل‪ ،‬وهو تدعيم الحريات‪ ،‬والتي وإن تصارعت فيما بينها أو فيما‬ ‫بينها وبين غيرها من القيم‪ ،‬فإن الليبرالية تنسق بين الحريات بعضها‬ ‫البعض وبينها وبين القيم‪ ،‬بما يؤدي لكبر تدعيم ممكن وتحقيق للعدالة‬ ‫والمساواة‪ ،‬وهنا تتحقق الديمقراطية الصحيحة التي تلتقي فيها مصلحة‬ ‫الفرد مع مصلحة الجماعة على صعيد واحد‪.‬‬ ‫ومن هنا يمكن القول بأن الليبرالية تدعو إلى الحوار‪ ،‬واحترام التنوع‬ ‫الفكري‪ ،‬والعيش المشترك‪ ،‬والتسامح مع الخر على اختلف آرائه‬ ‫وتوجهاته وعرقه ودينه‪ ،‬والعتراف بحقوقه في الوجود والحرية‬ ‫والسعادة‪ .‬الليبرالية هي الحياد اليجابي تجاه الديان جميعها‪ ،‬وليس‬ ‫العدائية تجاه الدين كما يعتقد البعض‪ ،‬فهي حماية للديان كلها‪ .‬الليبرالية‬ ‫تعمل على تعزيز مفهوم المواطنة ليعيش أفراد المجتمع كلهم على قدم‬ ‫المساواة في الدولة بغض النظر عن دياناتهم أو أعراقهم أو ألوانهم‪ .‬وهي‬ ‫بذلك ل تعني إلغاء الدين ومحاربته‪ ،‬ولكن تعني عدم زج المقدس بلعبة‬ ‫المصالح الدنيوية‪ ،‬فأخطر ما يكون هو استغلل عاطفة الدين لغراض‬ ‫سياسية‪ .‬الليبرالية هي النسانية إلى أقصى مداها‪ ،‬التي تؤمن بأن النسان‬ ‫هو ركيزة الحياة‪ .‬الليبرالية هي التي تؤمن بأن الفكر الحر والحريات‬ ‫المسئولة هي قدر البشرية‪ ،‬وأساس ارتقائها وعزتها‪ .‬الليبرالية تبني‬ ‫النسان ذا الرادة الحرة والمجتمع الحر‪ ،‬فمن دون هذا الفكر الحر لن‬ ‫يكون هناك إبداع‪ .‬الليبرالية تسعى إلى نبذ العنف‪ ،‬وتنادي بالعدالة‬ ‫النسانية المجردة من هويات العنصرية الزائفة‪ .‬الليبرالية التي أعادت‬

‫‪22‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫المرأة حقوقها‪ .‬الليبرالية التي هي منظومة القيم المجتمعية والثقافية‬ ‫والنسانية التي تدعو إلى البناء ل الهدم‪.‬‬

‫"فكيف ل أكون ليبراليا؟"‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪23‬‬

‫لن الثراء في الختلف‬ ‫سينثيا فرحات‬

‫مواليد ‪ .1980‬طالبة في الجامعة الحديثة للعلوم‬

‫والفنون قسم أعلم‪ .‬شاركت في تأسيس حزب‬

‫سياسي ليبرالي ‪ ،2007 - 2004‬وشاركت في‬ ‫تنظيم العديد من النشطة السياسية الليبرالية‬

‫والحقوقية مع منظمات مدنية مصرية ودولية‪.‬‬

‫بالضافة لخبرتي في العمل كمنسقة لشبكة‬

‫الليبراليين العرب بالتعاون مع مؤسسة فريدريش‬ ‫ناومان ‪ .2008‬إلي جانب هوايتي كمثالة وكاتبة‪.‬‬

‫أحلم بوجود مناخ سياسي مدني ومتحضر في مصر‬

‫كنماذج النظمة السياسية العالمية الناجحة التي‬

‫تسهل كافة جوانب الحياة لمواطنيها والتي اكتشفت‬ ‫أن السبيل المثل لتحقيقها هو العمل والكفاح‬

‫السياسي والمدني الليبرالي بكل شغف وحب لهذا‬

‫الوطن ولحقوق النسان الغير منقوصة لكافة‬

‫مواطنين مصر علي كل المستويات أسوة بمواطنين‬

‫العالم الحر‪.‬‬

‫‪24‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫"الطريقة الوحيدة للتعامل مع عالم غير حر هو أن تتحرر تماما‬ ‫حتي يكون وجوهر وجودك حالة من معارضته"‬ ‫ألبير كامو‪.‬‬ ‫قال الكثير من المفكرين والعلماء والفلسفة أن السئلة الجيدة‬ ‫تتضمن إجاباتها‪ ،‬ومنه نستطيع أن نستنتج أن الفكار الصالحة تحمل‬ ‫آليات تطبيقها بنجاح‪ ،‬وهذا سؤال يُصنف من تلك السئلة التي تجيب‬ ‫عن نفسها بطريقة ما إذا كنا نستند للملحظة والتجربة الحياتية الواقعية‬ ‫لتشكيل أرائنا ومنهجية تفكيرنا‪ ،‬لننا لم نتعود في المنطقة العربية أن‬ ‫نتساءل عن المصطلحات والتي تُعرفنا بل والتي في بعض الحيان‬ ‫نحارب لجلها دون الوقوف أمام هذا النوع من التساؤل‪ ،‬والذي هو في‬ ‫بعض الحيان مُجرم لننا لم نختار معظم الهويات التي تُعرفنا بل هي‬ ‫هويات متوارثة ملفقة جاهزة للرتداء في معظم الحيان‪.‬‬ ‫وتوجد بعض المواد القانونية مخصصة لمعاقبة المشككين‬ ‫والمتسائلين فيها‪ ،‬لحماية أفكار لم نختارها لتمثلنا وهذا يشير لحرج‬ ‫المأزق الذي أوقعنا أنفسنا فيه والذي ل يتحدث جيدا عن أفكارنا‬ ‫ومنهجيتها‪ ،‬ولكننا تربينا علي اعتناق أفكار والدفاع عنها وأحيانا‬ ‫الموت لجلها دون رفاهية مسألتها وتحليلها واختبارها بموضوعية أو‬ ‫التشكيك في صلحيتها أو درجة استطاعة تطبيقها‪ ،‬ولذلك لم نُهيئ‬ ‫للتساؤل حتي عن أكثر الفكار خصوصية مثل الدين والتوجه‬ ‫السياسي ومعظم التعريفات التي نمثل بها أنفسنا هي هويات ملقنة لنا‬ ‫تُعرفنا وتختزلنا فكيرا ووجوديا دون رفاهية رفضها‪ .‬النظم السياسية‬ ‫والقانونية والعقابية الغير ليبرالية تحمي عدم التساؤل والنقد والتشكيك‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪25‬‬

‫بها وهذا سبب كافي للبرهنة علي عدم صلحية تطبقها‪ ،‬ونحتاج الكثير‬ ‫من الشجاعة لمواجهة اعترافنا بذلك أمام أنفسنا‪.‬‬ ‫ولماذا الليبرالية؟ إن اختياري الفردي لمصلح الليبرالية ليكون‬ ‫أحدي التعريفات الرئيسية التي أعرف بها نفسي لم يأتي فقط عن اقتناع‬ ‫بفكرة‪ ،‬بل وأكثر من ذلك بكثير‪ ،‬الليبرالية هي فلسفة سياسية‬ ‫واجتماعية فكرية وجدت نفسي أتعامل بها وأنا أحاول عيش قيم أخاء‬ ‫واحتمال بوضع حقوق كل من حولي كأحدي أولوياتي في حياتي‬ ‫ل من أكون‬ ‫اليومية وطموحي لكون فقط بذرة صغيرة من الحل بد ً‬ ‫عامل سلبي في معادلة المشكلة‪ ،‬وأحدي النقاط الجوهرية التي تجعلني‬ ‫أجد فخر في تمثيل ذاتي بذلك المصطلح لن الليبرالية قادرة علي‬ ‫طرح نفسها في صيغة تساؤل نقضي مثل هذا وتحتمل أن أكتب الن‬ ‫في صالحها أو ضدها وتكفل لي نفس الحقوق في كلتا الحالتين دون‬ ‫أي انتقاص أو ترهيب لكن الليبرالية نظام سياسي واقتصادي ونهج في‬ ‫التفكير الفلسفي والحياتي اليومي ل يوجد فيه نظام عقابي لمن يشكك‬ ‫به ويحلله وينقضه‪ ،‬بل حرا تختاره‪ ،‬وحرا تنقضه‪ ،‬وحرا ترفضه‬ ‫أيضا‪ ،‬بل وما هو أكثر من ذلك‪ ،‬ستكفل لي الليبرالية العلن‬ ‫والجهار بعدم إعجابي ورفضي لها من خلل قنواتها المختلفة! ولذلك‬ ‫ل أقبل أن أمثل نفسي بفكرة إل إذا تقبلت تلك الفكرة رفضي لها إن‬ ‫قررت أن افعل ذلك في يوم من اليام‪ ،‬ولكن تلك الدرجة من الحتمال‬ ‫إن أودت لشيء فهو أن تجعلني أكثر تمسكا بها‪.‬‬ ‫الليبرالية تفترض بى المسؤولية والهلية العقلية لتحمل عاتق‬ ‫الحرية‪ ،‬التي هي أصعب في رأيي من الولدة داخل منظومة مُحكمة‬ ‫من العبودية الفكرية التي توفر ظاهريا التنصل عن المسؤولية الفردية‬ ‫التي تأتي مع الفرادنية لنها ترمي علي عاتقي الختيار الذي لم‬ ‫يُعرض للرقابة الفكرية المتشددة‪ ،‬بل كل شيء أمامي وعليّ أن اختار‬

‫‪26‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫وأتخذ القرار وأتحمل العواقب‪ ،‬وتلك هي مسؤولية الحرية‪ ،‬ولكن‬ ‫ليست تلك الحرية التي تُروج لها النظم الغير الليبرالية‪ ،‬فهم يصورون‬ ‫لنا أن الحرية هي الباحية والجريمة‪ ،‬وكأن ليست في تلك النظم‬ ‫كغيرها الباحية والجريمة بكل أشكالها‪ ،‬ولكن التعتيم والتستر يزيدها‬ ‫تأججا وعدم المواجهة يعطي تلك السلبيات المناخ التعتيمي المثل‬ ‫لتفاقمهما‪.‬‬ ‫ولكن الليبرالية هي أن تعرف من خلل حق نشر كل الفكار‬ ‫والمعلومات وتداول المعرفة السلمية من خلل أي قناة تواصل‪ ،‬هي‬ ‫التي توفر لك مناخ حر تتعرف علي نفسك به وتتقابل مع هويتك‬ ‫المدفونة تحدت اللفاظ المؤدلجة المملة علينا عنوة‪ ،‬هي أن تختار بعد‬ ‫أن تتعرف علي ذاتك وعلي العالم من حولك‪ ،‬ليس بما يقال عنه من‬ ‫خلل قنوات أعدائه بل تعرفه كما أختار العالم الخر الحر تمثيل‬ ‫نفسه‪ ،‬وتتحمل نتائج المعرفة ثم عواقب الختيار ومن ثم العتراف‬ ‫مسؤوليته لنه ل فضل لنا في اختيار الفضيلة إذا كانت كل اختياراتنا‬ ‫المتاحة ملقنة تعسفنا ولكن اختيار أي قيمة إنسانية أو أخلقية في جو‬ ‫من الحرية هو البرهان الحقيقي والختبار الحقيقي لجوهر حقيقتنا وتلك‬ ‫مساحة توفرها لي الليبرالية لري نفسي في ضوء حقيقي وأختار من‬ ‫أكون ولماذا‪ ،‬بناء عن التجربة والخطأ بحرية ومسؤولية فردية وتلك‬ ‫هي الليبرالية بالنسبة لي‪ ،‬لقد قال القاضي المريكي الراحل بوتر‬ ‫ستيوارت "إن الرقابة هي انعكاس عدم ثقة المجتمع في نفسه"‪ ،‬وحجب‬ ‫المعلومات وتحجيم الفكار وقمعها هي الحكم علينا أننا غير مؤهلين‬ ‫للحرية لننا ل نستطيع تحملها هو حكم مسبق علينا بانعدام الهلية‬ ‫العقلية من خلل حجب الفكار والمعلومات رقابيا لجعلنا أكثر عبودية‬ ‫للفكار السائدة المباركة بالحكومات الديكتاتورية‪.‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪27‬‬

‫اختياري الفردي لتمثيل نفسي بالليبرالية ليس فقط بتوجه نابع عن‬ ‫حبي للتسامح بل أيضا للبرجماتية المنفعية وللستفادة‪ ،‬ولذلك هي‬ ‫تحمل بذرة الرتقاء الذاتي الذي هو سمة رئيسية للكوكب الذي نعيش‬ ‫فيه‪ ،‬إن الليبرالية هي تراكم معرفي لمئات السنين من النضال البشري‬ ‫الرتقائي في الحضارة النسانية‪ ،‬فكرة تبلورت عبر مئات السنين من‬ ‫التجربة والخطأ والتسامح‪ ،‬لخلق مناخ يصلح لتطبيق الحريات السياسية‬ ‫والفردية والقتصادية والعلوم والفنون والفكار السلمية تحت مسمي‬ ‫الليبرالية أي الحرية التي هي أحدي أولي أهداف الجنس البشري منذ‬ ‫حقب وعصور ماضية‪ ،‬وأكثر من ذلك فهو منهج سياسي وفكري‬ ‫يصلح لمئات السنين القادمة وإن ظهرت فكرة أفضل منها فإن‬ ‫الليبرالية قابلة للتطور معها وعدم إقصائها‪ .‬فهي فلسفة جسور وأبواب‬ ‫مفتوحة وليست حوائط جاهزة مغلقة‪ ،‬أو هويات ملقنة‪.‬‬ ‫الليبرالية نهج في التفكير تبلور بالمنهج العلمي التجريبي في‬ ‫التفكير العلمي والنقدي وأثبتت استطاعة تطبيقها ونجاحها فأصبحت‬ ‫أعتنقها لجل احتياج شديد لتطبيقها لخلق لنفسي مناخ يحتضن مساري‬ ‫الرتقائي بما أنني جزء من هذا الكوكب في تلك اللحظة التاريخية‪،‬‬ ‫ولن الرتقاء والتغيير سمة جوهرية لكوكب الرض ولن ينتظر أن‬ ‫اعترف به أم ل‪ ،‬ولن يتقهقر للخلف بى أو بدوني‪ ،‬ولكن العتراف‬ ‫بالتطور والرتقاء حاجة لي كفرد وكجزء من المجتمع لكون في‬ ‫تماهى مع طبيعة التطور لتصالح مع العالم ومع وجدي فيه وأجد‬ ‫لنفسي مساحة صغيرة لبدع في حياتي علي المستوي الفردي‬ ‫والجتماعي‪.‬‬ ‫الليبرالية (الحرية أو التحررية) من الفكار القليلة في العالم التي‬ ‫تطرح النقض الذاتي والغيري كأحدي أقطابها الرئيسية لنها أحدي‬ ‫نتاج التراكم البشري التجريبي النسبي الذي اكتشف أن الحرية هي‬

‫‪28‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫الرضية المثلي والمعمل الحقيقي للتجربة والخطأ من أجل التطور‬ ‫وبالتالي النجاح‪ ،‬وأحدي العمدة الساسية التي تركز عليها هي الخر‬ ‫"المختلف"‪ ،‬دون تجريم الختلف وإلصاق به صفات سلبية جاهزة‪.‬‬ ‫الخر ليس هو الجحيم كما قال سارتر‪ ،‬ولكن الخر هو النعيم كما‬ ‫أثبتت الليبرالية التي تمشي في حالة تماهى مع الواقعية أن "الختلف‬ ‫ثراء"‪ .‬لقد تربينا في المجتمع المصري أن الختلف أحدي مظاهر‬ ‫الخطر‪ ،‬الذي يجب تجنبه بقدر المكان ويجب العمل علي القضاء‬ ‫عليه‪ ،‬فقط لكتشف أن الختلف هو منجم من الذهب من الموارد‬ ‫التعليمية والتثقيفية والرتقائية والسلمية‪ ،‬فكم الفائدة التي تعود عليّ‬ ‫بشكل فردي من تعاملي علي سبيل المثال مع مسيحيين أرثوذكس‬ ‫وكاثوليك وأنجيليين ومسلمين سُنة وشيعة وقرآنيين وبهائيين ول دينيين‬ ‫وسيخ وهندوس وبوذيين‪ ،‬فتعاملي مع كل هؤلء أضاف لي من الفكار‬ ‫والتعليم والثراء والحتمال والتسامح والمنطق أكثر بكثير من تعاملي‬ ‫بفكرة واحدة سُجنت فيها ورأيت العالم بعيونها وإسقاط أحكام جاهزة‬ ‫علي كل شيء‪ .‬فالليبرالية التي اعتنقتها في عقلي لوفر لنفسي مناخ‬ ‫صحي أعيش فيه هي التي تطبقها بعض الحكومات الغربية التي جعلت‬ ‫من دولها مأوي حتي لمن لم يؤمنون بها وفي بعض الحيان من عملوا‬ ‫ضدها‪ ،‬فخلقت الليبرالية مناخ اجتماعي وسياسي يتطلع للعيش فيه حتي‬ ‫من يرفضون الفكرة ويعارضونها ويحاربونها‪ ،‬حتي هم سعوا للعيش‬ ‫في رحابها! فكم من الفكار السائدة لدينا تتحمل قوة اتخاذ هذا الموقف؟‬ ‫فهل نستطيع بأفكارنا السائدة الحالية أن نكون ملذا لمن يرفضون‬ ‫أفكارنا مثلما فعلت المجتمعات والدول الليبرالية مع معارضيها؟‬ ‫فهل علي سبيل المثال يستطيع سلمان رشدي أن يأتي لدينا ونكفل‬ ‫له الحماية وحقوقه كاملة وهو يرفض أحدي هوياتنا الساسية مثلما‬ ‫كفلت بريطانيا الحماية والحقوق لمعارضيها من دول أخري وهم‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪29‬‬

‫أعلنوا كراهيتهم لها بشكل كامل مثل عمر بكري وهو دائما كان‬ ‫يرفضها وينقضها إلي أن قرر إعلن الحرب المسلحة عليها بعد سنين‬ ‫من الرفاهية والعيش من خير دافعي الضرائب النجليز الذي شجع‬ ‫علي ممارسة العنف ضدهم؟ فهل نستطيع بغير الليبرالية أن نصل إلي‬ ‫تلك الدرجة من الرقي وأعطاء فرص لمعارضينا إن عبروا عن نفسهم‬ ‫بالطرق السلمية والغير عنيفة؟‬ ‫فنحن ل نقبل المختلفين معنا والمعارضين لنا لذلك ل تجد في‬ ‫الدول الغير ليبرالية تداول سلمي للسلطة‪ ،‬ل تجد مشهد بقوة المشهد‬ ‫الذي رأيناه في الوليات المتحدة المريكية عندما أنحني الرجل‬ ‫البيض أمام الرجل السود الذي أستعبده منذ عهد قريب وهو يعطيه‬ ‫مفتاح البيت البيض ليحكمه منه‪.‬‬ ‫هذا المشهد الذي هز العالم كان من المشاهد القليلة التي رأيتها‬ ‫وجعلتني أسعد لوجودي في تلك اللحظة التاريخية وأشاهد هذا المشهد‬ ‫الذي لم يكن فقط بطله الرجل السود الذي أنتصر علي القمع‬ ‫والعبودية‪ ،‬بل النتصار الكبر كان للرجل البيض الذي أنتصر وهزم‬ ‫عنصريته‪ .‬وهذا المشهد هو إجابة سؤال لماذا أنا ليبرالية فهي‬ ‫النتصار علي عنصرياتنا الفردية قبل أن تكون انتصار لمن نعطيهم‬ ‫حقوقهم‪.‬‬ ‫لقد قال أبرهان لينكلن "كما ل أقبل أن أكون عبد‪ ،‬ل أقبل أن أكون‬ ‫سيد"‪ ،‬ومن ثم‪ ،‬كما ل أقبل أن أكون ضحية للقمع ل أقبل أن أكون‬ ‫طرفا صامت لصالحة‪.‬‬

‫‪30‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪31‬‬

‫الليبرالية لحماية التنوع‬ ‫أمير معدى‬ ‫مواليد ‪1986‬طالب بالفرقة السادسة‪ ،‬طب‬ ‫بشرى‪ ،‬جامعة طنطا‬ ‫أتمنى حياة عادلة لكل من يعيش على أرض هذا‬ ‫الوطن ‪.‬وأحلم بأن يتمتع كل فرد بحقوقه كاملة في‬

‫الفكر والتعليم والصحة والعيش بطريقة تحفظ‬ ‫كرامته‬

‫‪32‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫في روايته " فيرونيكا تُقرر أن تموت " ذكر باولو كويلوا على‬ ‫لسان إحدى شخصيات الرواية وهى مريضة فى مستشفى للمجانين‬ ‫قصة تقول ‪:‬‬

‫"أراد ملك إحدى البلد أن يدمر مملكة كاملة‪ ..‬دس جرعة سحرية فى‬ ‫البئر التي يشرب منها السكان‪ .‬كل من يشرب من البئر سوف يصاب‬ ‫بالجنون‪ ..‬في الصباح التالي شرب كل السكان من البئر‪ ،‬وأصابهم الجنون‬ ‫بخلف الملك وعائلته‪ ،‬الذين كانت لديهم بئر خاصة بهم وحدهم‪ ،‬وكان هَم‬ ‫الملك من ذلك هو أن يخضع كل من فى مملكته لوامره‪ ،‬وأن يستمر في‬ ‫حكمه للبلد دون أي توتر أو ثورات‪.‬لكن ما حدث كان غير ذلك‪ ،‬فبعد أن‬ ‫أصدر الملك سلسلة من الوامر والحكام المتعلقة بالمن والصحة العامة‪،‬‬ ‫وجد نفسه أكثر قلقًا‪ .‬فرجال الشرطة والمخبرون شربوا أيضًا من الماء‬ ‫المسمم وفكروا فى أن قرارات الملك كانت شاذة ولم َيْأبَهوا بها‪ .‬عندما سمع‬ ‫سكان المملكة بتلك الوامر والحكام‪ ،‬اقتنعوا جميعا بأن الملك قد جُن‬ ‫وأصبح يُصدر أوامر غير منطقية‪ ،‬فساروا في مظاهرة إلي القصر مطالبين‬ ‫بخلعه من الحكم ‪ .‬لم يجد الملك سوى أن يشرب هو الخر من ماء الجنون‬ ‫وبذلك يكون مثلهم سواء ‪ .‬وبدأ مباشرة في الحديث غير المنطقي ‪ .‬ندم‬ ‫وتاب مواطنوه على الفور ‪ .‬الن حينما صار الملك يمتلك كل تلك الحكمة‬ ‫فى رأيهم ؛ لِم ل يُسمح له بالستمرار فى حكم البلد‪ ....‬وظلت البلد تعيش‬ ‫فى سلم‪ ،‬رغم أن سكانها يتصرفون بطريقة مختلفة عن جيرانهم‪،‬‬ ‫واستطاع الملك أن يستمر في الحكم حتى آخر أيامه"‪.‬‬ ‫هذا ما يحدث بالفعل في كل الدول الشمولية العربية الن التي يحكمها‬ ‫زعمائها بالحديد والنار‪ ،‬ل هَم لهم سوى الجلوس أطول فترة ممكنة على‬ ‫كراسي السلطة ول يحتاج منهم ذلك سوى َتغْييب الوعي لدى شعوبهم‪.‬‬

‫في بلدنا الحبيبة ل َيهُم من يحكمنا كيف وصل مستوى الوعى أو‬ ‫المستوى الثقافي لدى شعبهم‪ .‬فهم مرتاحون لما وصلنا إليه بل أحيانًا‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪33‬‬

‫يُزايدون علينا‪ ،‬فإذا كانت هناك نبرة دينية فى السواق قاموا بالمزايدة‬ ‫عليها والظهور بأنهم أكثر ول ًء للدين‪ .‬وإذا عَلت الصوات المنادية‬ ‫بحقوق القليات‪ ،‬قاموا ببعض التعيينات البهلوانية لهم فى مراكز عُليا‬ ‫ولكن في حدود المسموح به‪.‬‬

‫في هذه القصة البسيطة نجد أيضا أن للحقيقة حتمًا أكثر من‬ ‫وجه‪ .‬فليس شرطًا أن تكون هي ما تتفق عليه الغلبية وما تخلف‬ ‫عنها فهو خطأ‪ .‬لذا فإنه في مجتمعاتنا الشمولية تغيب فكرة الحرية‬ ‫الفردية ويصبح الفرد جزءًا من منظومة شاملة لفرق بين أي من‬ ‫عناصرها كأنها نُسخ متطابقة ل تتغير‪ ..‬لديهم نفس الفكار‪ ..‬نفس‬ ‫العواطف‪ ...‬يثورون معا ويخضعون معا دون اختلف بينهم‪ ،‬رغم أن‬ ‫هذا يتنافى مع أبسط قوانين الحياة‪ ..‬فالحياة في الصل قائمة على‬ ‫الختلف‪ ..‬حتى إنني أظن أنه لو اتفق شعب بأكلمه على فكرة‪،‬‬ ‫فالرجح إما أن تلك الفكرة خاطئة‪ ،‬أو أن الشعب به مس من التخلف‪.‬‬

‫هذا النوع من الشعوب يتشابهون في صفاتهم ومستوياتهم النفسية‬ ‫والعقلية‪..‬فل تختلف غالبًا في خيالها وأمانيها وهمومها وقدرتها على‬ ‫الغضب‪.‬أو الرضا…قد تجد تفاوتا لكنه ضئيل وغير جرئ وليس‬ ‫بفعال‪..‬بل هم متقاربون في صفاتهم الفكرية تقاربًا يجعلهم متفقين في‬ ‫أحكامهم على الشياء ورؤيتهم لها وتلؤمهم معها مهما ناقضتهم وآلمتهم‪.‬‬ ‫فهم يرون جميع الشياء من بعد واحد…في حجم واحد…ولون‬ ‫واحد…فيمارسونها دون أن يروا أي خطأ فيها‪.‬‬

‫ستجد أننا لو خلطنا كبار الزعماء والحكماء والدباء والمعلمين‬ ‫وممن يعدون أساتذة وأدباء وكتابا ومفكرين‪..‬لو خلطنا هؤلء‬ ‫بالجماهير وأبناء الطبقات الكادحة …ثم حاولنا أن نجد فروقا بين‬ ‫الفريقين في تفسيرهم للمور والقضايا الحيوية الكبرى…وفى قدرتهم‬ ‫على تفسير ورؤية الشياء …لما وجدنا فرقا‪..‬‬

‫‪34‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪..‬فلغة الفريقين تختلف حتما دون أن تختلف الفكار‪ ،‬أو يختلف‬ ‫القبول والرفض والذكاء والغباء …كما تختلف الملبس والزياء دون‬ ‫أن تختلف النفوس‪..‬فتجد أكثر الناس ليتكلموا بأكثر الكلمات تقدما‬ ‫ليعلنوا عن أكثر المعاني والفكار تخلفا‪.‬‬ ‫ستجد صمتا مميتا…صمتا عقليا‪..‬صامتون بعقولهم ورؤيتهم‬ ‫وبأخلقهم وأحاسيسهم عن جميع الشياء وجميع الحداث‪.‬‬

‫هم ل يتقاتلون ول يتزاحمون ول يتناقضون مع أي شيء ول مع‬ ‫أي حدث ل بأفكارهم ول نظراتهم‪ ..‬هم فقط سلة مهملت للشياء‬ ‫والحداث… وليسو عملء‪ ،‬ول مقاتلين‪ ،‬ول مخاصمين أو منافسين أو‬ ‫أندادًا‪..‬هم يتعايشون مع السوق ومع الحداث‪.‬‬

‫كل ذلك…جعلهم مؤدبين ومتواضعين ومتسامحين وكرماء جدًا‬ ‫في فهمهم‪ ..‬ورؤيتهم ونظرتهم وتألمهم…جعلهم ل يغضبون‬ ‫وليثورون من أجل حياة افضل‪ ..‬ل يعرفون قيمتها‪.‬‬

‫يتجمدون في كل تاريخ هم ع ند م ستوى وا حد من البؤس والج هل‬ ‫والتخلف… هم دو ما م ستعدون لهذا التج مد نف سيا وأخلق يا واجتماع يا‬ ‫وعقلييا…ل يرفضونيه‪ ،‬أو ينكرونيه‪ ،‬أو يتخطونيه لو كان ممكنيا إن‬ ‫يتركونه لَ ما يطيقون أن يظلوا هكذا…فالبشر يتقدمون لنهم ل يطيقون‬ ‫التخلف ويتقدمون لنهم ل يطيقون السكوت‪!.‬‬ ‫قد تطرحون سؤال‪ ،‬ما علقة ما سبق بالليبرالية ؟‬

‫فالجابة ستكون حتما عنى أنا‪ ،‬لماذا أنا ليبرالي ؟‬ ‫وكيف أرى الليبرالية ؟‬

‫قد وضحت فيما سبق أن القاعدة هي الختلف والتنوع وأن‬ ‫القصية هي قضية النسان وحريته في أن يفكر ويمتلك ويقرر‪.‬‬ ‫والليبرالية هي التي تحمي ذلك الختلف والتنوع‪ ..‬فهي تعطي كل‬ ‫فرد الحق فى ممارسة حريته دون التعرض لحرية الخرين‪ .‬وتحميه‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪35‬‬

‫من التسلط والستبداد الدينى والسياسي‪ .‬فالفرد هو الساس الذي يمكن‬ ‫عليه بناء القوانين‪ ،‬هذه القوانين التى يجب أن تحمي حق كل فرد فى‬ ‫العقيدة‪ ،‬الفكر‪ ،‬الجنس‪ ،‬التعلم‪ ،‬النتخاب‪.‬‬

‫الليبرالية تدعم حق الفرد ضد القوانين والعادات والتقاليد التي تقيد‬ ‫الحرية الشخصية‪ ،‬ضد تدخل الدولة في الحياة الشخصية‪ .‬الليبرالية‬ ‫تدعم الكثير من الحريات الثقافية من أداب وفنون وإبداع‪.‬‬ ‫الليبرالية تدعم الحرية القتصادية حيث تريد سيطرة قليلة أو‬ ‫عدم وجود سيطرة على السوق‪ ،‬وترك السوق يتحكم في نفسه من‬ ‫صعود وهبوط على قاعدة العرض والطلب والمتغيرات الخرى دون‬ ‫تدخل الدولة‪ ،‬وذلك بوضع قيود حماية أو حدودا للصعود أو النزول‪.‬‬ ‫فهي تعتبر أن قيمة السلع تحددها خيارات الفراد‪.‬‬

‫تعطى الليبرالية للفرد حرية التعبير‪ ،‬الخصوصية‪ ،‬العبادة‪،‬‬ ‫المحاكمة العادلة والتحرر من العبودية‪.‬وحرية الحتجاج‪ .‬لذلك فإنه‬ ‫عند الحديث عن مستقبل الليبرالية فى مصر‪ ،‬فلشك أنه لكي تكون‬ ‫هنالك ليبرالية ناجحة وفاعلة لبد من ديمقراطية‪ ،‬ول يوجد ديمقراطية‪،‬‬ ‫ولن تستمر بدون حرية التى هي الساس الصلب لليبرالية‪.‬‬

‫ل يمكن تطبيق الليبرالية دون الحماية الكاملة للحقوق المدنية‬ ‫لجميع أفراد المجتمع بالتساوي‪ .‬وإذا كانت الديمقراطية فى مصر‬ ‫تُمارس شكل فقط لنها بعيدة عن الممارسة الفعلية فى النتخاب‬ ‫والتصويت وحرية التعبير عن الرأي وحرية تكوين أحزاب فلن تكون‬ ‫هناك ليبرالية‪ ،‬فإن سُلبت الحرية فل أساس لليبرالية‪.‬‬

‫هناك نقطة هامة أيضا َأوَد ذكرها وهي أن الليبرالية أعم وأشمل‬ ‫من الديمقراطية‪ ،‬كيف؟‬

‫‪ -1‬قد تكون هناك ديمقراطية فى مصر يومًا ما ولكن ليس شرطًا أن‬ ‫تحمى حرية التعبير والنشر مثل وحقوق القليات‪ ،‬لنها سوف‬

‫‪36‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫تكون فقط حكم الغلبية الذين وصلوا بأصوات الشعب‪ ،‬يحكمون‬ ‫كما يشاءون لن لديهم الصوات الكافية والقانون بيدهم‪ ،‬أما في‬ ‫حال تطبيق الفكر الليبرالي فكل هذه الحقوق حتمًا ستكون‬ ‫خوّف عليها من سلطة الغلبية‪ ،‬لنه سوف يتم‬ ‫مضمونة ول تَ َ‬ ‫الفصل بين السلطات الثلث‪ ،‬التشريعية والتنفيذية والقضائية‪،‬‬ ‫حيث المبدأ هنا أنه ل يمكن لنفس الشخص ممارسة اكثر من‬ ‫سلطة‪ ،‬فل يستطيع أن يصدر تشريعات إل بموافقة السلطات‬ ‫التنفيذية المنتخبة من الشعب‪ ،‬أي البرلمان‪.‬‬

‫‪ -2‬لن َيغْلُب على الدولة دين معين أو مذهب معين في حال وصول‬ ‫الغلبية بهذا الدين أو المذهب إلى الحكم وتضيع حينها حقوق‬ ‫القليات الدينية التي تختلف معه‪.‬لن السلطات تكون نابعة من‬ ‫أفراد منتخبين من كل أطياف المجتمع باختلفاته الدينية والفكرية‪،‬‬ ‫وبالتالي سيكون هناك تمثيل ولو بسيط للقلية الدينية‪ ،‬والذي يؤدي‬ ‫بدوره بالدفاع عن مصالحها‪.‬‬ ‫‪ -3‬لن تكون هناك معارضة حادة للسلطة بل هادئة لن خسارة تلك‬ ‫المعارضة هى خسارة مرحلية‪ ،‬وهى خسارة سياسية فقط ل‬ ‫ضَياع فيها للحقوق‪ ،‬التي تضمنها لهم الليبرالية‪.‬‬

‫‪ -4‬ثقافة احترام الخر وحقوق الغير سوف تكون ممارسة فعلية فى‬ ‫المجتمع‪ ،‬ثقافة يمارسها المجتمع يوميًا في البيت العمل‪،‬‬ ‫والمدرسة‪ ،‬والشارع‪ ،‬وليست ثقافة انتخابية لمليء صناديق‬ ‫القتراع فقط‪.‬‬ ‫‪ -5‬اختيار وزراء الحكومات ليس فقط أمرًا في يد رئيس الجمهورية‬ ‫بل سيكون تحت مسائلة البرلمان‪.‬‬

‫لكل ما سبق فإنني أرى أن الليبرالية قد تحمي تلك الشعوب‬ ‫ال ُمغَيّبة‪ ،‬وتنهض بهم من تحت أنقاض التخلف والعبودية‪.‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪37‬‬

‫من أجل حرية الختيار‬ ‫محمد زكي عبد التواب بشير‬ ‫الشيمي‬ ‫مواليد أكتوبر ‪ .1980‬بكالوريوس هندسة من جامعة‬ ‫حلوان ‪ 2003‬بتقدير جيد وحاصل علي دبلومه نظم‬ ‫قوي كهربية من جامعة القاهرة ‪ ،2005‬مهندس‬ ‫صيانة معدات وآلت كهربية بالبنك المركزي‬ ‫المصري‪.‬عضو مؤسس بحزب الغد ‪ 2004‬وعضو‬ ‫بلجنة التدريب والتثقيف السياسي بها منذ مارس‬ ‫‪ 2005‬ووكيلها منذ عام ‪ .2006‬عضو مؤسس‬ ‫بمؤسسة حلم الديمقراطية (تحت التأسيس)‪ .‬شاركت‬ ‫في دورة الحزاب الفعالة التي أقيمت بالردن مارس‬ ‫‪ 2009‬تحت رعاية المعهد الجمهوري الدولي‪ .‬شاركت‬ ‫في تأسيس بعض المواقع والمجموعات علي شبكة‬ ‫النترنت التي تؤيد الليبرالية والدولة العلمانية‬

‫أحلم بخلق ثقافة ليبرالية حقيقية بين المواطنين‬ ‫المصريين وأن تصبح مصر دولة حديثة‬ ‫ليبرالية ديمقراطية علمانية‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫لما كان النسان في الصل حرا قيده الستبداد والطغيان ولما كان‬ ‫يسعي باستمرار لستعادة طبيعته بأن يكون حرا من كل القيود التي‬ ‫قيدته بغير اختياره أو موافقته‪ ،‬فقد اخترت أن أكون مع النسان‬ ‫الطبيعي‪ ،‬النسان الحر‪ ،‬النسان الليبرالي‪ ،‬اخترت أن أكون ليبراليا‪.‬‬ ‫إذا خُير النسان الحر ليختار بين أن يكون هو صاحب القرار‪،‬‬ ‫وبين أن يفوض الخرين ليقرروا نيابة عنه‪ ،‬فلشك أنه سيختار‬ ‫الولي‪ ،‬سيختار حريته واستقلليته وكرامته وسينبذ كل سلطة شمولية‬ ‫معممة مفروضة عليه من الخرين بدعوي المصلحة‪ ،‬أن النسان الحر‬ ‫أعلم بمصلحته وبخياراته وبما يريده وبما يرغبه من كل البشر جميعا‪،‬‬ ‫لذا ولني حر فأنا ليبرالي‪.‬‬ ‫ولن الحرية الفردية تتبعها بالضرورة الستقللية في التفكير‪ ،‬تلك‬ ‫الستقللية التي تجعلك تفكر بل حدود أو قيود والتي تحولك من أسر‬ ‫النقل‪ ،‬والحفظ وفكرة القطيع إلي رحابة العقل وفكر البداع‪ ،‬ولن‬ ‫النسان وُجد ليبدع بالستفادة من تجارب السابقين وليس ليلوك‬ ‫تجاربهم جيلً بعد جيل‪ ،‬ولني فكر ولست أسطوانة مسجلة تعمل‬ ‫بالضغط علي زر فأنا ليبرالي‪.‬‬ ‫ولن التفكير المستقل يقود إلي رأي مستقل يمثل صاحبه في كل‬ ‫مرحلة من مراحل حياته وتطوره الفكري والنقدي واتساع تجاربه‪،‬‬ ‫ولنه بالرأي المستقل تبني المم وليس بقطع المحفوظات ولني‬ ‫صاحب رأي مستقل فأنا ليبرالي‪.‬‬ ‫ولن الرأي المستقل يؤدي إلي حرية الختيار واتخاذ القرار في‬ ‫كل اعتقاد للمرء‪ ،‬ولنه باختلف وتنوع العتقادات السياسية والدينية‬ ‫والمذهبية يظهر الحوار الحضاري وأخلق النقاش والخلف‪ ،‬ويرتفع‬ ‫المستوي الثقافي للمجموع‪ ،‬ولني أؤمن أنه عندما يكون النسان حرا‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪39‬‬

‫في العتقاد فيما يشاء تزول معظم أسباب الصراع بين البشر‪ ،‬ولني‬ ‫أكره التعصب والطائفية والقمع باسم المصلحة العامة بكافة أشكالهم‬ ‫فأنا ليبرالي‪.‬‬ ‫ولن حرية الختيار واتخاذ القرار هي البوابة الوحيدة للمسئولية‪،‬‬ ‫لن كل قرار اتخذه النسان باختياره هو وحده من يستطيع تعديله أو‬ ‫تصحيحه او إلغاءه لذا فإنه يتحمل كل تبعة تنتج عن اختياراته‬ ‫وقراراته‪ ،‬يتحمل هذه المسئولية طائعا مختارا دون خوف أو قهر أو‬ ‫إجبار‪ ،‬ولنه ل يمكن أن تنجح ما لم تنقح مواقفك باستمرار وتمتلك‬ ‫شجاعة وجرأة المسئولية‪ ،‬ولني اعتدت أن أتحمل مسئولياتي فأنا‬ ‫ليبرالي‪.‬‬ ‫ولن المسئولية التي يشارك فيها كل فرد بالصالة عن نفسه‬ ‫فيقرر لنفسه ويحاسب نفسه هي أساس الديمقراطية ولن مبدأ المساءلة‬ ‫ونظريات الحقوق والواجبات لن تزدهر إل في مجتمع يدرك كل فرد‬ ‫من أفراده انه حر تماما ومسئول عن اختياراته فيبدأ في مناقشة‬ ‫القضايا العامة وينطلق في المشاركة فيها فتصبح الديمقراطية حقيقة‬ ‫وليست فيلما هابطا‪ ،‬ولني ديمقراطي لذا فأنا ليبرالي‪.‬‬ ‫ولن الديمقراطية هي التي تدفع وتنمي فكر المساواة وتسقط‬ ‫التمييز القائم علي أساس الدين أو الجنس أو اللون أو العرق أو‬ ‫القومية‪ ،‬وبالتالي تقف كحائط صد في وجه الشمولية والستبداد‬ ‫والتمييز والفاشية بكل مظاهرهم وخصائصهم سواء تلك المبنية علي‬ ‫أساس القومية أو علي أساس الدين أو حتى علي أساس الطبقة‪ ،‬وتحول‬ ‫أفراد المجتمع إلي مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات دون أدني‬ ‫تمييز‪ ،‬ولني أؤمن بالمساواة الكاملة وأكره التمييز بكل أشكاله فأنا‬ ‫ليبرالي‪.‬‬

‫‪40‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫ولن إيمان النسان بأنه مساوٍ للخرين وهم مساوون له مساواة‬ ‫كاملة هو ما يفتح الباب لنهيار العنصرية والتبادل الثقافي الحقيقي بين‬ ‫الشعوب المختلفة والتعاطي علي أساس الرضية الكثر اتساعا في‬ ‫الكون فكلنا إنسان‪ ،‬وكلنا ينبغي أن نتعامل علي هذا الساس‪ ،‬فإن هذا‬ ‫التبادل الثقافي والحضاري يتحرك باتجاه فهم أعم وأشمل لمختلف‬ ‫الشعوب والثقافات‪ ،‬ويقود إلي عالم التحضر والمدنية والندماج الثقافي‬ ‫ل من عالم الحروب والهمجية والنزاعات العنصرية‪ ،‬ولن‬ ‫والسلم بد ً‬ ‫النفتاح علي العالم وليس النعزال عنه هو مفتاح القيمة الحضارية‬ ‫الحقيقية‪ ،‬ولنني منفتح علي العالم فأنا ليبرالي‪.‬‬ ‫ولن النفتاح علي العالم هو ما يعزز التبادل التجاري بين‬ ‫الشعوب‪ ،‬ويعزز ارتباطها علي أسس ومصالح تجارية‪ ،‬ولن التجارة‬ ‫هي دائما وعبر التاريخ الجانب المضيء في التعامل بين الشعوب فيما‬ ‫كانت الحروب هي الجانب المظلم‪ ،‬ولن التجارة هي مفتاح النهضة‪،‬‬ ‫ولنني أؤيد إقامة علقات الشعوب علي أساس المصالح والمنافع‬ ‫التجارية لذا فأنا ليبرالي‪.‬‬ ‫ولن حرية التجارة بين الشعوب هي التي تدفع باتجاه تقليل‬ ‫العتماد علي الدولة من جهة وتمنع سيطرة البيروقراطية وأجهزة‬ ‫الدولة علي كل تفاصيل الحياة من جهة أخري فتعود الدولة إلي دورها‬ ‫الطبيعي وإلي حجمها الطبيعي والذي يتطلب منها أن تقوم فقط بكل ما‬ ‫هو ضروري ول يمكن الستغناء عنه‪ ،‬وتخرج الدولة من دور الرقيب‬ ‫والحسيب والمانح والمانع‪ ،‬وتعود لتصبح جهازا إداريا يقوم بمهامه‬ ‫الموكلة إليه فقط‪ ،‬ولني عدو لبيروقراطية الدولة فانا ليبرالي‪.‬‬ ‫ولن القضاء علي بيروقراطية الدولة وإعادتها إلي حجمها‬ ‫الطبيعي هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق الشفافية وتسهيل الرقابة علي‬ ‫أجهزة الدولة المختلفة‪ ،‬ولن الشفافية هي التي تتيح الحصول علي‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪41‬‬

‫المعلومة وتداولها ونقلها والتباحث فيها‪ ،‬مما يسهل العمل العلمي‬ ‫والصحفي من جهة والعمل الرقابي من جهة أخري ويحول المناخ‬ ‫الفكري والعلمي من مناخ الشائعات إلي مناخ الحقائق ولنني من‬ ‫أنصار الحقيقة فأنا ليبرالي‪.‬‬ ‫ولن الشفافية هي سبيل مكافحة الفساد المستشري في جوانب‬ ‫المنظومة الدارية للدولة‪ ،‬ولن الفساد يحطم أي إنجاز يمكن أن يتم‬ ‫تحقيقه‪ ،‬ولنني ضد الفساد فانا ليبرالي‪.‬‬ ‫ولن مكافحة الفساد تطلق العنان لتكافؤ الفرص بعيدا عن كافة‬ ‫أشكال الوساطة والمحسوبية والرشوة والحتكار وتعيد العتبار إلي‬ ‫قيمة العمل بجد التي نحتاجها الن بشدة‪ ،‬ويفتح الباب السليم للحراك‬ ‫والترقي الجتماعي دون مجاملت أو تمييز‪ ،‬بل علي أساس الكفاءة‬ ‫والعمل الجاد فقط‪ ،‬ولنني اعشق العمل الجاد معا فانا ليبرالي‪.‬‬ ‫ولن العمل الجاد يحيي قيم المنافسة الحقيقية‪ ،‬ويعيد التنافسية علي‬ ‫أساس موضوعي وعملي‪ ،‬ولن التنافسية تخلق الحماية الحقيقية‬ ‫للمستهلك وللمنتج معا‪ ،‬لندخل في المنافسة الحقيقية مع العالم‪ ،‬ولنني‬ ‫أعشق روح التحدي فأنا ليبرالي‪.‬‬ ‫ولن روح التحدي هي التي تصنع المبادرة الفردية والتي عن‬ ‫طريقها يحدث كل تغيير أو تطور حضاري أو ثقافي أو علمي ذو قيمة‬ ‫عبر التاريخ‪ ،‬هذه المبادرة مهما كان دافعها هي دائما قاطرة التغيير‬ ‫وعجلة الحركة إلي المام‪ ،‬ولنني اعشق التغيير وأكره الجمود فأنا‬ ‫ليبرالي‪.‬‬ ‫وأنا ليبرالي لن الجمود المرتكز علي النظريات ذات اليوتوبيا‬ ‫الوهمية هو اكبر قاتل للبداع والحراك الثقافي والفني وهو في الوقت‬ ‫ذاته أكبر عدو لعقلنية التفكير‪ ،‬فإنه يؤدي بالضرورة في محصلته إلي‬ ‫القمع والجبار باسم الخضوع للمجتمع‪ ،‬ولنه ينبغي الحفاظ علي‬

‫‪42‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫حيوية وحركة وإبداع المجتمع فإنني أرفض بشكل قاطع أي مظهر من‬ ‫مظاهر شمولية الدولة وقمعها للفرد علي أي أساس ل يرتضيه هو‬ ‫منفردا باختياره الكامل‪.‬‬ ‫وليبرالي لن اختيار كل فرد يخالف اختيار غيره‪ ،‬وقناعاته‬ ‫ووجهات نظره تخالف غيره لذا ينبغي أن يكون النظام محايدا تماما‬ ‫في كل ما يخص شئون الفرد الخاصة واعتقاده‪ ،‬ونظامه وينبغي أن‬ ‫يفصل العتقاد الديني الشخصي الذي يحق لكل فرد أن يعتقده‬ ‫ويمارسه عن منظومة الدولة‪ ،‬وأل تتدخل الدولة فيما ل يعنيها ول تقوم‬ ‫بأي دور كرقيب أو وسيط‪ ،‬يحدد للفراد ما يعتقدون وما يفعلون‪.‬‬ ‫وليبرالي لن كل اتجاه غير ليبرالي يحتوي نوعا من العنصرية‬ ‫أما العنصرية القومية أو الدينية أو الطبقية أو عنصرية اللون أو‬ ‫العنصرية علي أساس الجنس‪ ،‬كما أنني مؤمن تماما بمساواة كل‬ ‫البشر‪ ،‬وتطابق المساواة بشكل كامل داخل حدود دولة معينة بين كل‬ ‫مواطنيها مهما كانت اختلفاتهم دون تهميش أو تمييز علي أساس‬ ‫عرقي أو لغوي أو ديني‪.‬‬ ‫وليبرالي لني أؤمن بحرية إقامة والنضمام للتجمعات السياسية‬ ‫والدينية والنقابية والمهنية والعمالية بمجرد الخطار ودون تدخل أو‬ ‫قمع أو توجيه من الدولة‪.‬‬ ‫وختاما أنا ليبرالي لني أتعلم من تجارب الخرين‪ ،‬والتجربة خير‬ ‫دليل علي استيعاب الليبرالية للحاجات الطبيعية الساسية للنسان‪،‬‬ ‫وفشل وعدم تناغم نظريات أخري حتي مع الطبيعة البشرية العادية‪.‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪43‬‬

‫الحرية المسئولة‬ ‫إنجي عباس أبو العز‬ ‫مواليد ‪ ،1982‬حاصلة على بكالوريوس العلم‬ ‫‪ ،2005‬وفي مرحلة إعداد رسالة الماجستير‪ ،‬قسم‬ ‫الذاعة والتليفزيون‪ ،‬كلية العلم‪ ،‬جامعة القاهرة‪.‬‬ ‫أعمل معيدة بكلية العلم‪ ،‬الجامعة الحديثة‬ ‫للتكنولوجيا والمعلومات‪ .‬لدي العديد من النشاطات في‬ ‫مجال العلم والعمل الهلي والمدني‪ ،‬ومن أهمها‬ ‫تجربتي بحضور الندوة التي نظمتها مؤسسة‬ ‫فريدريش ناومان ‪ .2007‬أحلم بمصر ديمقراطية‬ ‫خالية من الفساد‪ ،‬ومجتمع حر متحضر‪.‬‬

‫‪44‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫تعد الجابة المنطقية لسؤال ليه أنا ليبرالي؟ هي‪...‬أنا ليبرالي‬ ‫لنني أؤمن بالحرية والمساواة‪ .‬ولكن‪ ،‬ما حدود الحرية المتاحة؟ هل‬ ‫هي حرية الفرد أم حرية المجتمع أم حرية الوطن أم حرية النظام؟ وما‬ ‫المقصود بالمساواة؟‬ ‫الحرية لها تعبيرات مختلفة فقد تعني السلم‪ ،‬المحبة‪ ،‬التعاون‪،‬‬ ‫العدالة‪ .‬ولكن‪ ،‬كثيرا ما يساء فهم الحرية من المفهوم الليبرالي‪ ،‬حيث‬ ‫يعرفها البعض على إنها الهتمام بحرية الفرد دون الكتراث لحريات‬ ‫الخرين! في حين أن الحرية التي لبد أن يؤمن بها كل ليبرالي هي‬ ‫"الحرية المسئولة"‪ ..‬بمعنى آخر‪ ،‬حرية تقابلها مسؤولية‪ .‬وكل ليبرالي‬ ‫لبد أنه يؤمن بمقولة "حرية يدك تنتهي عند بداية أنفي"‪ .‬وبالتالي الليبرالية‬ ‫تضع في اعتبارها مصالح الفراد داخل النظام أو الدولة‪ ،‬لذا وجب على‬ ‫كل فرد داخل الوطن أن يعي تماما ما هي حقوقه وما هي واجبات وعلى‬ ‫النظام أن يستوعب ذلك أيضا‪ ،‬حتى يتحقق التوازن في هذه العلقة‬ ‫المتبادلة‪ ،‬والمتفاعلة‪ ،‬والمتشابكة‪ .‬وعلى هذا‪ ،‬تعمل الليبرالية على نشر‬ ‫مناخ ديمقراطي حر متقدم‪ ،‬وتقوم على خلق بيئة صحية تمكن أفرادها من‬ ‫التواصل مع الخرين بشكل بناء وبكل سهولة ويسر‪.‬‬ ‫ومقولة "حرية يدك تنتهي عند بداية أنفي" ليست بالكلم المجرد أو‬ ‫البلغي لكنها مقولة تحمل في طياتها مغرى عميق عن الحرية من‬ ‫المنظور الليبرالي‪ ،‬فأنت حر ما لم تضر‪ ،‬ودون الخوض في تفاصيل‬ ‫مفاهيم الليبرالية ومبادئها الكثيرة يكفي أن ‪-‬من وجهه نظري‬ ‫الشخصية في كوني ليبرالية‪ -‬الليبرالية تحمي وتصون حريتي‬ ‫الشخصية كما تحمي حرية الخرين‪.‬‬ ‫وكثيرا ما نرى هجوما واضحا على الليبرالية في كونها تدافع عن‬ ‫الحرية الشخصية باعتبارها تهديدا لمصلحة المجتمع‪ .‬والجابة أو الرد‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪45‬‬

‫على هذا الهجوم تكمن في بطن الشعر كما يقال‪ ،‬فالليبرالية تدافع عن‬ ‫حريتي الشخصية وهذه الحرية حرية مسئولة‪ ،‬أي ل ضرر ول ضرار‪،‬‬ ‫فإذا كان من حقي استنشاق هواء نقي‪ ،‬فمن حق المدخن أن يخصص له‬ ‫أماكن للتدخين بعيدة عني‪ ،‬وإذا كان من حقي انتخاب شخص ما يمثلني‬ ‫في البرلمان‪ ،‬فمن واجب الدولة أن تكفل حق الترشح لكل مواطن وتوفر‬ ‫له المن والمان‪ ،‬وكذلك حرية إنشاء الحزاب‪ ...‬وهكذا‪.‬‬ ‫وباعتباري ليبرالية معتدلة ل أميل للتطرف في أي تيار من‬ ‫التيارات الفكرية‪ ،‬أرى أن مستقبل الوطن وشباب هذا الوطن هو إتباع‬ ‫منهج الليبرالية بشكل مسئول‪ ،‬وأن يعرفوا تماما ما لهم وما عليهم دون‬ ‫التخفي تحت مقولة "أنا حر" دون أن يلزمها كلمة "ومسئول أيضا"‪.‬‬ ‫أما بخصوص مبدأ المساواة‪ - ،‬وقد تم الشارة إليه فيما سبق‪-‬‬ ‫فتعني من المنطلق الليبرالي المساواة الجوهرية في الحقوق‬ ‫والواجبات بين الفراد دون تمييز أو تفضيل بينهم مهما كان نوعهم‪،‬‬ ‫أو انتمائهم‪ ،‬أو عقيدتهم‪ ،‬أو لونهم‪.. ،‬إلخ‪ .‬فليس هناك أحد يعلو فوق‬ ‫القانون‪ ،‬ول يضطهد أحد بسبب لونه أو عرقه‪ ،‬أو لكونه مسلم أو‬ ‫مسيحي‪ ،‬ول تفريق بين رجل أو امرأة‪ ،‬فالكل سواسية أمام القانون‪.‬‬ ‫وبالتالي عندما يتحقق مبدأ المساواة ينتج عن ذلك تحقيق العدالة داخل‬ ‫المجتمع وحماية حرية الفراد كل على حد سواء‪.‬‬ ‫ورغم عدم تعرضي لكافة جوانب الليبرالية بالشكل الكافي‪ ،‬إل‬ ‫أنني أرى أن الليبرالية تيار يحمل في طياته مبادئ عديدة وقيمة لعل‬ ‫أهمها مبدأ الحرية والمساواة‪ ،‬وهذان المبدآن يكفيان للرد على عنوان‬ ‫المقال‪ ..‬لهذا أنا ليبرالية!!‬

‫‪46‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪47‬‬

‫مرونة الليبرالية سر استمرارها‬ ‫محمد سعد محمد‬

‫مواليد يناير ‪ .1977‬حاصل على ليسانس آداب‬

‫‪-‬اجتماع ‪ -‬جامعة السكندرية ‪ 1999‬دبلومه‬

‫دراسات عليا في الرشاد السياحي من نفس الجامعة‬ ‫‪2003‬‬ ‫بدأت العمل السياسي كعضو تحت السن بحزب الوفد‬

‫سنة ‪ 1993‬انضممت إلي حزب الغد سنة‬ ‫‪2005‬‬

‫اشتركت في حملة انتخابات الرئاسة‪ ،‬تم انتخابي‬

‫عضو بهيئة مكتب حزب الغد بالسكندرية سنة‬

‫‪ .2007‬شاركت في عدد من الفعاليات لمؤسسة‬

‫فريدريش ناومان كان أهمها رحلة ألمانيا لدراسة‬

‫المنظمات الشبابية ذات الطابع السياسي والقتصادي‬ ‫في ألمانيا مع عدد من شباب الحزاب الليبرالية‬

‫العربية ‪..‬‬

‫أحلم بمصر وطنا يحمل سمات مختلفة ترفض التمييز‬

‫على أي أساس سواء ديني أو جنسي أو عرقي‪ ،‬أحلم‬ ‫بمصر وطنا خالي من الستبداد والفساد وطنا لكل‬

‫مواطنيه‪ .‬احلم بوطنا تتحقق فيه الحلم‬

‫‪48‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫أحسبني من هذا الجيل الذي تفتح وعيه على التغيرات الكبرى –‬ ‫أو النهيارات الكبرى ‪ -‬في العالم‪ ،‬انهيار سور برلين الذي لم يكن‬ ‫مجرد سور يفصل بين اللمانيتين بل كان خط فاصل بين فكرتين‬ ‫يشكلن عالمين مختلفين أحدهما عالم يكون النسان فيه هو الغاية‬ ‫والهدف وذلك لتحقيق رفاهيته ورخاءه‪ ،‬والخر عالم يتحول فيه‬ ‫النسان إلى مجرد وسيلة وأداة لتحقيق غايات تتجاوزه وتعلو‬ ‫عليه(وهي في كل الحوال ل تتحقق)‪.‬‬ ‫لم يكن هدم سور برلين سنة ‪ 1989‬مجرد هدم لسور من الحجار‬ ‫بل كان هدما لحجار أيدلوجية او أيديولوجيات حجرية نظرت إلى‬ ‫الفرد نظرة دونية وحولت النسان لمجرد ترس في آلة للوصول للجنة‬ ‫– التي ل تأتي أبدا ‪.-‬‬ ‫وكان انهيار السور بمثابة رصاصة الرحمة على ما كان يعرف‬ ‫بالتحاد السوفيتي تلك المبراطورية العملقة التي تزعمت الكتلة‬ ‫الشيوعية لسبعة عقود‪ ،‬وسقط التحاد السوفيتي بعدما عجزت ألته‬ ‫العسكرية الجبارة وآلة القمع الداخلي الرهيبة وآلة التضليل العلمي‬ ‫الضخمة كل ذلك عجز عن منع هذا السقوط‪ ،‬حيث كان السقوط من‬ ‫داخل النسان الفرد الذي زعمت الثورة البلشفية أنها قامت من أجله‪،‬‬ ‫عجز هذا النسان عن تحقيق الهداف العليا للجماعة وللدولة بقدر ما‬ ‫عجزت هذه الجماعة وهذه الدولة عن تأمين حقوقه وترسيخ حرياته ‪.‬‬ ‫كان لنهيار التحاد السوفيتي أكثر من معنى ولكن كان المعنى‬ ‫الهم هو أن الدول تبقى وتدوم بقدر ما حافظت على حريات الفراد‬ ‫وليس بقدر ما تكدسه من ترسانة عسكرية وقدرات قمعية‪.‬‬ ‫كان هذا المشهد هو ما شكل الوعي الكوني لجيل شاب من‬ ‫الليبراليين المصريين وهو الجيل الذي وٌلد في أواخر السبعينات وأوائل‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪49‬‬

‫الثمانينات وهي الفترة التي شهدت تغيرات إقليمية ومحلية أثرت على‬ ‫المجتمع المصري وجذبته بعيدا عن القيم الليبرالية‪ ،‬وكانت أهم هذه‬ ‫التغيرات‬ ‫‪-1‬ظهور الثروة في دول الخليج العربي وهجرة العديد من أبناء‬ ‫الطبقة الوسطى المصرية لهذه الدول وعودتهم وقد اكتسبوا‬ ‫ثقافة أكثر محافظة وأقل ليبرالية ‪.‬‬ ‫‪-2‬تعزيز وجود التيارات الدينية وهي تيارات تناهض الفكار‬ ‫الليبرالية وتضعها في مواجهة متعسفة وغير حقيقية مع الدين‪.‬‬ ‫‪-3‬على الرغم من المؤشرات التي كانت تبشر بانفراجة سياسية‬ ‫خاصة بعد عودة الحزاب إل أن هذه المؤشرات لم تصل إلى‬ ‫النتائج المرجوة‪ ،‬فتم التضييق على المفكرين الليبراليين سواء‬ ‫من قبل الدولة أو من قبل التيارات الدينية للدرجة التي دفع‬ ‫فيها عدد من المفكرين حياتهم دفاعا عن مواقفهم‬ ‫التنويرية(مثل فرج فوده)‬ ‫‪-4‬دعم الغرب لسرائيل على حساب الحق الفلسطيني المشروع‬ ‫أدى لظهور حالة تحفز ورفض ضد كل ما هو غربي بما في‬ ‫ذلك القيم التنويرية‪ ،‬وهذا خلط مُخل بين القيم الحضارية التي‬ ‫لها طابع إنساني عالمي وبين اختيارات الغرب السياسية‪.‬‬ ‫‪-5‬كان لمصر تراث ليبرالي كبير بدأ من القرن ال ‪ 19‬الى‬ ‫‪ ،1952‬عجزت التيارات الليبرالية التي ظهرت لحقا على‬ ‫استعادة قوته وذلك نظرا لختلف الظروف التاريخية‬ ‫والسياسية والضعف التنظيمي لهذه التيارات‪.‬‬ ‫‪-6‬قام الحزب الحاكم بتطبيق سياسات اقتصادية لم تحظى بقبول‬ ‫شعبي مثل التصفية (غير المدروسة) للقطاع العام وما‬ ‫صاحبها من عمليات بيع عشوائي وبأقل من القيمة السوقية في‬

‫‪50‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫ظل اتهامات متزايدة بالفساد‪ ،‬وقد تم كل ذلك تحت شعار‬ ‫الليبرالية مما أدى لحالة تشويش حول المصطلح‪.‬‬ ‫كل ما سبق أدى إلى أن يخرج جيل جديد من الليبراليين‬ ‫المصريين وهو مثقل بتراكمات سنوات ماضية ولكنه في نفس الوقت‬ ‫مسلح بثورة معلوماتية‪-‬هي الكبر في التاريخ‪-‬أتاحت لنا معرفة‬ ‫التطور النساني في اتجاه قيم الحرية والتعايش والتسامح وقبول الخر‬ ‫والمساواة في الحقوق والواجبات وغيرها من القيم الليبرالية وهي القيم‬ ‫التي يظهر المجتمع المصري في أشد الحاجة إليها وذلك بعد حالة‬ ‫النسداد في الشرايين السياسية والجتماعية لهذا الوطن‪.‬وحالة الفرز‬ ‫على أساس الدين التي ظهرت بوضوح مؤخرا‪.‬‬ ‫ظهرت الفكرة الليبرالية في ظروف تاريخية في نهايات العصور‬ ‫الوسطى‪ -‬تشبه إلى حدا ما ظروف مصر في بداية اللفية الثالثة‪ -‬؛‬ ‫حيث سيطرت في ذاك الوقت مؤسسة دينية تحتكر السماء؛واستبداد‬ ‫سياسي يحتكر الرض‪ ،‬ودفع الناس الثمن في الحالتين وتم قمع‬ ‫الحريات مرة باسم الدين وأخرى باسم الجماعة وثالثة باسم الدولة‪.‬‬ ‫وكان الستبداد السياسي والديني هو القاسم المشترك بين العالم‬ ‫وقتها‪..‬شرقا خلفاء يستخدمون الفقهاء للتخلص من معارضيهم‬ ‫واضطهاد كل من يخالفهم (والمثلة تتعدد تبدأ من الحسين إلى عبد ال‬ ‫ابن الزبير والجعد أبن أدهم والمقفع ول تنتهي بأبو حنيفة وأبن حنبل‬ ‫وأبن رشد)‪ ،‬وغربا تحالفت الكنيسة مع الملوك والمراء القطاعيين‬ ‫فكان الحكم باسم الدين وكان الملوك إرادة ال على الرض وكل من‬ ‫يخالف أو يعارض أو يفكر بطريقة مختلفة كان يدفع الثمن (والمثلة‬ ‫تبدأ من محاكم التفتيش ول تنتهي بجاليليو)‬ ‫غير أن المصادفة التاريخية كانت في صالح الغرب الوربي الذي‬ ‫كان منحناه الحضاري في صعود وللسف كان المنحنى الحضاري‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪51‬‬

‫للشرق في حالة تراجع‪ ،‬لذا ظهرت في أوربا الفكار التي ترفض‬ ‫الحكم بالحق اللهي حيث أن ال لم يفوض أحد لكي يتحكم في عباده‬ ‫باسمه كما لم يفوض أحد ليكون وسيطا لتفسير الكون دونا عن الناس‪.‬‬ ‫وظهرت النظريات التي ترى أن الحكم بمفهومه السياسي هو عقد‬ ‫بين طرفين يصيغوه وفقا لرادتهم الحرة‪ ،‬وهو عقد بشري متغير‬ ‫وليس إلهيا مقدسا لذا فيجوز تغييره وتعديله وتطويره وهو ما عُرف‬ ‫بنظريات العقد الجتماعي‪.‬‬ ‫كانت الفكرة الهم في نظريات العقد الجتماعي تلك الفكرة التي‬ ‫قدمها جون لوك وهي فكرة الحقوق الطبيعية أي إنني أنا وأنت وكل‬ ‫البشر حكاما ومحكومين قد ولدوا بحقوق متساوية ل يسمو فيها إنسان‬ ‫على أخر مهما كانت الختلفات الدينية أو العرقية أو النوعية أو‬ ‫الطبقية التي بينهم‪ ،‬كما ل يجوز لي سلطة دينية أو دنيوية أن تجرد‬ ‫الفراد من هذه الحقوق‪..‬وهي كالتالي‪..‬‬ ‫‪ -1‬الحق في الحياة‪.‬‬ ‫‪ -2‬الحق في العتقاد والتعبير عن هذا العتقاد بحرية‪.‬‬ ‫‪ -3‬الحق في التملك‪ ،‬حيث كانت الملكية حكرا على طبقة القطاعيين‬ ‫مما سهل لهم احتكار الثروة والسلطة‪ ،‬والحتكار سواء كان بمعناه‬ ‫السياسي أو القتصادي هو أمر ضد الليبرالية تماما‪.‬‬ ‫ول أنكر أن جزء كبير من هذه الفكار له جذور في تراثنا‪،‬‬ ‫فالحضارة النسانية سلسلة متتالية يكمل بعضها البعض‪ ،‬وكما نستفيد‬ ‫من أفكار ظهرت في الغرب استفاد الغرب من أفكار لها جذور لدينا ‪.‬‬ ‫إن السهام الكبر لمفكري الغرب كان صياغة هذه الفكار لتحدد‬ ‫شكل واضح لحرية الفرد ل يسمح للسلطة سواء كانت دينية أو سياسية‬ ‫اختراقه أو انتهاكه‪.‬‬

‫‪52‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫وبناءا على فكرة الحقوق الطبيعية ظهر ما يمكن أن نسميه‬ ‫منظومة القيم الليبرالية‪ ،‬أي القيم التي ل يمكن أن تتحقق الليبرالية‬ ‫بدونها‪..‬وأهم هذه القيم في اعتقادي قيمة الختلف فالليبرالية تؤمن بأن‬ ‫البشر مختلفين بطبعهم سواء في أفكارهم أو خلفياتهم الدينية والثقافية‬ ‫والعرقية والجتماعية‪ ،‬كما ترى إن أفضل ما في البشر هو اختلفهم‪،‬‬ ‫فهذا الختلف هو ما يؤدي إلى البداع والتنافس والتطوير‪.‬‬ ‫وحول قيمة الختلف ظهر عدد من القيم الساسية مثل قبول‬ ‫الخر (أي قبول من يختلف معك) والتسامح (أي أن تقبل أن يكون لهذا‬ ‫المختلف رؤية مخالفة‪ ،‬وله كل الحق في التعبير بكل الطرق السلمية‬ ‫عن هذه الرؤية) والتعايش(أي العيش والتواجد المشترك للفكار‬ ‫المختلفة جنبا إلى جنب دون أن يسعى طرف لستبعاد أو إقصاء‬ ‫الطراف الخرى)‪ ،‬نسبية الحقيقة(أي انه ل يوجد رأي يحتكر دون‬ ‫سواه الحق المطلق‘فالحقيقة نسبية تختلف من فرد لخر على حسب‬ ‫نظرة كل طرف وطريقة تفكيره)‪.‬‬ ‫كما يظهر عدد أخر من القيم المرتبطة بالرؤية السياسية لليبرالية‬ ‫والتي تنطلق من أن البشر كلهم لهم نفس الحقوق الطبيعية لذا‬ ‫فالليبرالية تؤمن بدولة القانون التي يتساوى فيها كل الفراد أمام‬ ‫القانون حكاما كانوا أو محكومين‪ ،‬كما تؤمن الليبرالية بمسئولية الحاكم‬ ‫أي أن الحاكم وصل إلى الحكم بموجب تفويض حر أو عقد من الفراد‬ ‫المحكومين‪ ،‬وهذا التفويض يقابله مسئولية‪ ،‬فالحاكم دائما موضع‬ ‫مسائلة ومحاسبة شعبية لمراجعة مدى التزامه بشروط العقد أو‬ ‫الدستور‪ ،‬ويمكن محاسبة الحكم وعزل الحاكم إذا ما أخل بالشروط أو‬ ‫إذا ما توافقت إرادة الفراد على عزله‪.‬‬ ‫وبما إن الليبرالية ضد الحتكار فهي تؤمن بالتداول السلمي‬ ‫للسلطة عن طريق التنافس السياسي بين الفكار المختلفة (وذلك عن‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪53‬‬

‫طريق النتخاب الحر الذي يختار فيه الفراد من ينوب عنهم لدارة‬ ‫شئونهم العامة أو من يمثلونهم في تشريع القوانين ومراقبة الحكومة‬ ‫فيما يعرف بالبرلمان)‪.‬‬ ‫والليبرالية على المستوى القتصادي قائمة على فكرة حرية التملك‬ ‫مع حرية التنافس داخل السوق وذلك ل يتم إل عن طريق منع‬ ‫الحتكار وتشجيع التنافس حيث تؤمن الليبرالية أن التنافس في‬ ‫القتصاد ‪ -‬كما في السياسة ‪ -‬سيؤدي لرفع كفاءة الخدمات والسلع‪.‬‬ ‫ربما يكون أكثر ما يدهشني في الليبرالية هذه القدرة المذهلة على‬ ‫نقد الذات وتصحيح الخطاء‪ ،‬ففي الوقت الذي وقعت فيه العديد من‬ ‫الفكار أسرى للجمود العقائدي والنغلق الفكري طورت الليبرالية من‬ ‫أدائها القتصادي‪ ،‬فبعد أن فشلت أفكار كانت تدعو لترك السوق يعمل‬ ‫وفقا للياته دون تدخل من الدولة استطاعت الليبرالية أن تستوعب‬ ‫أخطائها القتصادية وظهرت مدارس ليبرالية تنادي بتدخل الدولة‬ ‫لضبط السوق ومنع الحتكار أو استغلل العاملين أو إهدار حقوق‬ ‫الفرد سواء كان عاملً أو مُستهلكا‪ ،‬فظهرت في الدول الليبرالية حزمة‬ ‫قوانين تُحّرم الحتكار وتفرض ساعات محددة للعمل ومستوى محدد‬ ‫للجور وأيام للجازات والعطل ومستوى قياسي لجودة السلع وشبكة‬ ‫ضخمة للمان الجتماعي كالتأمين ضد البطالة والعجز والمرض‬ ‫والشيخوخة وامتيازات متعددة عجزت الدول التي أدعت أنها قامت من‬ ‫أجل حقوق العمال على مجاراتها‪.‬‬ ‫هذه المرونة القتصادية صاحبتها مرونة سياسية حيث كانت‬ ‫تطبيقات الليبرالية تختلف من بلد لخر ومن تيار سياسي إلى تيار‬ ‫أخر‪ ،‬اختلفات كانت تؤدي إلى إثراء الفكرة الليبرالية دون الخلل‬ ‫بمضمونها‪.‬‬

‫‪54‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫أدهشني أكثر في الليبرالية احترامها للخصوصية الثقافية للشعوب‪،‬‬ ‫فهي ليست ضد الختلفات كما ذكرنا بل تتعايش معها وتتفاعل‪ ،‬كما‬ ‫إنها لم تكن ضد الدين كما يصورها البعض بل كانت دائما دعوة‬ ‫للتسامح الديني والثقافي تضمن لكل فرد اعتناق ما يتوافق مع قناعاته‬ ‫دون إجبار أو تدخل في العتقاد الديني ودونما أن يكون هذا العتقاد‬ ‫سببا لي تمييز أو اضطهاد‪.‬‬ ‫لذا فإن تسامح الليبرالية مع الختلف الديني والمذهبي هو‬ ‫الضامن الوحيد والحل المثل لمجتمعات تتنوع فيها المذاهب الدينية‬ ‫دون إقصاء لتباع مذهب أو دين‪.‬‬ ‫لذا فل تتعجب كثيرا حينما تعرف أن الليبرالية هي واحدة من أقدم‬ ‫الفكار التي ظهرت في الدولة المصرية الحديثة في بدايات القرن الي‬ ‫‪ ،19‬اختلطت الليبرالية بالخصوصية المصرية فظهرت في صورة‬ ‫مصرية خالصة‪ ،‬وقدمها لنا أول ما قدم شيوخ مٌعممين (وليسوا‬ ‫خواجات ببرانيط)حيث ظهرت بدايات التراث الليبرالي في مصر مع‬ ‫أفكار للزهري(حسن العطار)ودعوة منه للستفادة من المنتج‬ ‫الحضاري الغربي بما يتناسب معنا‪ ،‬ثم تبعه أزهري أخر هو (رفاعة‬ ‫الطهطاوي) الذي ترجم الدستور الفرنسي وأنبهر بالقانون الذي يساوي‬ ‫بين المواطنين حكاما ومحكومين وكان على الرغم من تحفظه على‬ ‫بعض مظاهر المدنية الوربية ل يخفي إعجابه بتراث الحريات‬ ‫الوربي‪ ،.‬ثم تبعه شيخ أخر قادم من سوريا هو (عبد الرحمن‬ ‫الكواكبي)الذي دفع حياته ثمنا لكشفه لما أسماه(طبائع الستبداد) في‬ ‫الفكر السياسي العربي‪ ،‬ول ننسى المُصلح الديني الكبير الشيخ محمد‬ ‫عبده وماله من أراء مستنيرة لصلح الجمود الديني الذي أخّر التقدم‬ ‫لقرون‪.‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪55‬‬

‫وتوالت السماء لما يمكن أن نسميه بشيوخ عصر النهضة‬ ‫المصرية أو الباء المؤسسين لليبرالية المصرية حيث تم تتويج نضالهم‬ ‫بواحدة من أعظم ثورات مصر إن لم تكن أعظمهم وهي ثورة الشعب‬ ‫المصري ‪ 1919‬للمطالبة بالستقلل والدستور وهي الثورة التي‬ ‫أنتجت دستور ‪ 1923‬الذي أقر ولول مرة في التاريخ المصري أن‬ ‫المة المصرية هي مصدر كل السلطات‪ ،‬وتشكلت على أثر هذا‬ ‫الدستور ما يسمى بالحقبة الليبرالية والتي كانت على الرغم من‬ ‫عيوبها‪ -‬مثل انقلب القصر على الشرعية الدستورية وتدخل سلطات‬ ‫الحتلل النجليزي‪ -‬إل إنها فترة شهدت تداول للسلطة بين أحزاب‬ ‫مختلفة(على الرغم من تدخلت القصر ضد الرادة الشعبية)‪ ،‬وتألق‬ ‫الحريات الكاديمية وازدهار الحياة الدبية والفنية وشهدت مصر‬ ‫عمالقة ما بين أُدباء وشعراء وفنانين وعلماء وسياسيين‘مما يعني أن‬ ‫التجربة كانت في حالة نمو على الرغم من سلبياتها ولكن بدل من‬ ‫البناء على هذا التراث العظيم تم هدمه تماما والنقلب عليه بعد يوليو‬ ‫‪ 1952‬والذي بدأ حقبة جديدة لها مالها وعليها ما عليها ولكن أسوأ ما‬ ‫كان عليها أنها انقلبت على هذا التراث الليبرالي الكبير‪.‬‬ ‫إن الليبرالية ليست مجرد أيدلوجيا جامدة بل مشروع حضاري‬ ‫إنساني يعطي للنسان الفرد مجال خاص يتمتع فيه بحرية الختيار‬ ‫والتفكير والفعل ل سلطان عليه إل ضميره وقناعاته وذلك دون‬ ‫العتداء على حقوق الخرين‪.‬‬ ‫وأظن إن هذا المشروع هو القادر على النطلق بقدرات النسان‬ ‫ومواهبه التي تعطلت وتيبست بفعل عوامل الستبداد والقمع السياسي‬ ‫والجتماعي‪..‬‬

‫علشان كل ده‪ ....‬أنا ليبرالي‪.‬‬

‫‪56‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪57‬‬

‫الفصل الثاني‬

‫لنـنـي‬ ‫إنـســان‬

‫‪58‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪59‬‬

‫الليبرالية شرط الوجود النساني‬ ‫بلل عبد الله صابر عبد المنعم‬ ‫مواليد ‪ .1987‬طالب بالسنة النهائية قسم علوم‬ ‫سياسية ‪ -‬كلية تجارة ‪ -‬جامعة حلوان‪ .‬شاركت‬ ‫فى دورة تدريبية بمركز الهرام للدراسات‬ ‫السياسية والستراتيجية‪ .‬ودورة تدريبية عن‬ ‫المجتمع المدني بالجامعة المريكية ‪.2008‬‬ ‫ورشة عمل عن الليبرالية بمؤسسة فريدريش‬ ‫ناومان ‪2009‬‬ ‫أحلم بوجود نخبة إستراتيجية تقود المجتمع‬ ‫والدولة في مصر وفق المنهج والمبادئ الليبرالية‬ ‫وشعب على درجة عالية من النفتاح بشكل يحقق‬ ‫عملية انتقال ديمقراطي ناجح في مصر تراعى‬ ‫خصوصيات البيئة المصرية‪.‬‬

‫‪60‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫في إحدى ورش العمل التي شاركت فيها مؤخرًا كان قد طُلب من‬ ‫الحضور في بداية عمل الورشة أن يقوم كل منهم بتعريف نفسه من‬ ‫خلل جملة واحدة يجد فيها أنها تعبر عن أفكاره‪ ،‬أو أهدافه أو قناعاته‪،‬‬ ‫باختصار جملة تعبر عنه‪ .‬وقتها قمت بالتعبير عن نفسي بأنني قلت ‪:‬‬ ‫" إنني أحاول أن أكون موجودًا ؛ لعل في هذه الجملة ما يلخص إجابتي‬ ‫عن سؤال لماذا أنا ليبرالي‪.‬‬ ‫ولكن الكلم على هذا النحو قد يبدو أنه ينطوي على شيء من‬ ‫الغموض‪ ،‬المر الذي يستوجب معه البدء بتوضيح كل من معنى‬ ‫الوجود‪ ،‬ومعنى الليبرالية ثم بيان العلقة بينهما‪.‬‬ ‫ولتكن البداية بالبحث في مفهوم الوجود ؛ فما أقصده بكلمة‬ ‫الوجود ليس المعنى السطحي والمباشر‪ ،‬أو البعد المادي الملموس‬ ‫لمفهوم الوجود‪ ،‬بأن يكون شيء ما موضوعًا في مكان ما بشكل يمكن‬ ‫إدراكه‪ ،‬فيكون هذا الشيء موجودًا ؛ إنما ما أقصده بمعنى كلمة‬ ‫الوجود – على القل حسب فهمي لمعنى الوجود – هو أن أستطيع أن‬ ‫أحيا ويتحقق كياني بالشكل الذي أريده وأراه مناسبا لي‪ ،‬أي أنني أرى‬ ‫أن الرادة هي محور الوجود‪ ،‬فل وجود بدون إرادة حرة‪ ،‬ومن ثم فإن‬ ‫الحرية هي أساس أي وجود حقيقي‪ ،‬ودون توفر تلك الحرية ي التي‬ ‫تعد شرطا ضروريا لتحقيق الوجود ي ل يمكن الحديث عن وجود‬ ‫إنساني حقيقي لنه في هذه الحالة سوف يصبح وجودا وهميا‪ ،‬وشكلً‬ ‫من أشكال العدم ‪.‬‬ ‫وإذا كنيا قيد اعتبرنيا أن الحريية هيي الشرط الضروري الول‬ ‫لتحقيق الوجود النساني‪ ،‬فإن هذه الحرية ما هي إل أحد وجه يّ العملة‬ ‫ف قط‪ ،‬بين ما الو جه ال خر لعملة الوجود يتم ثل في الذات ية‪ ،‬فالمرء‪ -‬أي‬ ‫مرء ‪ -‬ل ي ستطيع أن يح قق وجود أ حد سواه هو شخ صيا‪ ،‬ولذلك فإن‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪61‬‬

‫العاميل الشخصيي ضروري هيو الخير لكيي يتحقيق الوجود بمعناه‬ ‫الحقي قي‪ .‬وإذا أرد نا أن ند مج مع نى الحر ية ومع نى الذات ية في كل مة‬ ‫واحدة فتلك هي "الفرد ية" ؛ فالفرد ية هي الرادة الحرة الم ستقلة للفرد‬ ‫والتي من خللها يستطيع أن يعبر عن ذاته‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬يمكن القول‬ ‫بأن الفرديية والوجود النسياني بمعناه الحقيقيي وجهيين لعملة واحدة‪،‬‬ ‫على القل وفق تصوري الشخصي‪.‬‬ ‫هذا عن معنى الوجود‪ ،‬فماذا إذن عن الليبرالية؟‬ ‫دون الدخول في كثير من التفاصيل النظرية حول مصطلح‬ ‫الليبرالية‪ ،‬يمكن القول وباختصار بأن البيئة المفاهيمية لذلك المصطلح‬ ‫تتمحور حول معنى كلمة الحرية وشجرة المصطلحات الخرى‬ ‫المتفرعة منها‪ ،‬وبالخص حرية الفرد‪ ،‬ولكن دون أن يعنى ذلك‬ ‫النانية‪ ،‬ودون إهمال أيضا لهمية المجتمع ودوره‪ ،‬بل إن حرية الفرد‬ ‫هنا ل غنى عنها لصحة المجتمع ككل‪ ،‬وهذا ما سوف نعود إليه بعد‬ ‫قليل ‪ .‬ولكن ما نود أن نشير إليه أول ً‪ ،‬هو كيف أن فقدان أحد‬ ‫عنصريّ الوجود النساني بالمعنى السابق ذكره – أي الحرية والذاتية‬ ‫ يؤدى بشكل مباشر إلى التحول عن الليبرالية ‪.‬‬‫يمكن القول بأن إلغاء وجود الفرد يمكن أن يتم بإحدى طريقتين‪،‬‬ ‫فإما أن يتم إلغاء وجود الشخص بشكل رأسي‪ ،‬وإما أن يحدث هذا‬ ‫بشكل أفقي ؛ بشكل رأسي ؛ أي أن يتم سلب حرية الفرد من خلل‬ ‫سلطة أعلى منه ولصالحها‪ ،‬وفى هذه الحالة فإننا نتحول من الليبرالية‬ ‫إلى السلطوية أو الشمولية ؛ أما الشكل الفقي الذي يتم من خلله إلغاء‬ ‫وجود الفرد‪ ،‬فهو فقدان العنصر الثاني من عناصر الوجود‪ ،‬وهو‬ ‫الذاتية‪ ،‬ول يتم ذلك إل لصالح أشخاص آخرين في المجتمع‪ ،‬وفى هذه‬ ‫الحالة نكون قد تحولنا من الليبرالية إلى الشتراكية‪ .‬بعبارة أخرى ؛‬ ‫فإنه في الحالة الولى فإن وجود الفرد ينسحق ويتماهى مع صورة‬

‫‪62‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫وجود أعلى‪ ،‬بينما في الحالة الثانية فإن وجود الفرد يذوب في وجود‬ ‫أوسع‪ ،‬وفى الحالتين ل يمكن إدراكه بشكل مستقل‪.‬‬ ‫وإذا لم تكن هناك حرية فإنه ل يمكن الحديث عن مسؤولية‪،‬‬ ‫فالفرد غير الحر ل يمكن أن يطالب بأن يكون مسئول‪ ،‬وعلى قدر هذه‬ ‫الحرية التي يتمتع بها الفرد يستطيع أن يكون مسؤولً‪ ،‬وإذا تحققت‬ ‫المسؤولية لدى كل فرد في المجتمع فسوف يتحقق النظام والنضباط‬ ‫الذاتي لهذا المجتمع‪ ،‬أما إذا كان النظام والنضباط الجتماعي‬ ‫مفروضا وبشكل قسري على أفراد وعناصر المجتمع‪ ،‬فسوف تكون‬ ‫الفوضى أو النهيار أو النفجار هي المآل والمصير المحتوم لهذا‬ ‫المجتمع‪ ،‬أو هذا النظام المختل ؛ ولنا في بعض النظمة الشيوعية‬ ‫ل عن التحاد‬ ‫والشمولية في شرق أوربا سابقا خير مثال‪ ،‬هذا فض ً‬ ‫السوفيتي السابق طبعا‪.‬‬ ‫ويتصل كذلك بمعنى الحرية مفهوم احترام الملكية الخاصة‪،‬‬ ‫وتجدر الشارة هنا إلى بديهة مهمة قد ل يدركها البعض‪ ،‬وهى أن حق‬ ‫الملكية الخاصة أمر يختلف عن حق احترام الملكية الخاصة‪ ،‬فقد يكون‬ ‫حق التملك موجودا في بعض النظمة غير الليبرالية إل أنه أحيانا ل‬ ‫يكون هناك حماية كافية ويظل خطر المصادرة أو التأميم قائما‪.‬‬ ‫كذلك يمكن أن ننظر إلى مفهوم احترام الملكية الخاصة من زاوية‬ ‫مختلفة نسبيا عن الفهم التقليدي والنمطي لمعنى الملكية الخاصة ولكن‬ ‫دون أن نبتعد مطلقا عن معنى الحرية‪ ،‬وهي أن الملكية الخاصة ليست‬ ‫متعل قة ف قط بالشياء الماد ية ال تي من المم كن أن يتملك ها أو يكت سبها‬ ‫الفرد وإل لن يكون هذا الحق مكفولً للفقراء‪ ،‬إنما أيضا من الممكن أن‬ ‫ينسيحب هذا الحيق على ملكيية الفرد لذاتيه بشكيل كاميل‪ ،‬على القيل‬ ‫الشخص الراشد‪ ،‬فهنا نجد أنه حتى أفقر فقراء العالم يمتلك هذا الحق‪،‬‬ ‫فاحترام الملكيية الخاصية يوجيب على القيل احترام حريية التصيرف‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪63‬‬

‫والحريية الشخصيية لدى أي فرد‪ ،‬ومين المعروف أنيه حتيى هذا الفهيم‬ ‫المبسط لحق احترام الملكية الخاصة يُنتهك في صور وأشكال متعددة‪،‬‬ ‫وعلى م ستويات مختل فة‪ ،‬بدءًا من تد خل الب عض في شؤون الخر ين‪،‬‬ ‫ل إلى التجار بالبشير‪ .‬ومين المعروف أن الحريات الشخصيية‬ ‫ووصيو ً‬ ‫واحترام الملكية الخاصة أحد الركان الرئيسية في الليبرالية كمذهب أو‬ ‫كنظام للفرد وللمجتمع‪.‬‬ ‫في صميم الحرية الشخصية تقع حرية العقيدة‪ ،‬تماما كما تقع‬ ‫حرية ممارسة الشعائر الدينية في صميم الحريات العامة‪ ،‬والسؤال‬ ‫إذن‪ ،‬ما هو الشيء الضامن لشيوع ذلك الجو العام من احترام الحريات‬ ‫الدينية‪ ،‬إنه ول شك شيوع حالة من التسامح في المجتمع بما يجعل كل‬ ‫فرد يحترم الختلف والتنوع الخلق الموجود في أي مجتمع ‪ .‬وإذا‬ ‫كان التسامح أمر معنوي في المقام الول فإن ضمان شيوعه في أي‬ ‫مجتمع أمر ينقلنا إلى الحديث عن الدولة المدنية‪ ،‬والتي تعد الضامن‬ ‫الساسي لعدم سيطرة التطرف الذي من الممكن أن تمارسه إحدى‬ ‫الجماعات المسيطرة في المجتمع ضد الجماعات الخرى‪.‬‬ ‫وعلى الرغيم مين عدم وجود مصيطلح الدولة المدنيية فيي تارييخ‬ ‫الفكير السيياسي وأنيه مصيطلح حدييث نسيبيا يي ميا كان موجودا هيو‬ ‫مصطلح الحكومة المدنية ي إل إنه يمكن فهم هذا المصطلح ودللته‬ ‫بشكل مبسط من خلل فهم نقيضه‪ ،‬أي الدولة الدينية‪ ،‬فإذا كانت الدولة‬ ‫الدينيية هيي الدولة التيي تسيتند فيي عناصيرها‪ ،‬وأركانهيا الرئيسية إلى‬ ‫رؤى ودعاوى ومعتقدات‪ ،‬وأحكام دينية تخص جماعة معينة مسيطرة‪،‬‬ ‫يى لذلك دولة‬ ‫يا‪ ،‬وهي‬ ‫يع مواطنيهي‬ ‫يي دولة جميي‬ ‫ية هي‬ ‫فإن الدولة المدنيي‬ ‫ديمقراطيية ؛ ول تتجلى ديمقراطيتهيا ومدنيتهيا فقيط فيي الحكومية‬ ‫وأ سلوبها في التعا طي مع مختلف شؤون الحكم‪ ،‬إن ما يظ هر ذلك أيضا‬ ‫في جميع أركان وعناصر بنية الدولة بأكملها‪ ،‬وبشكل يتيح حفظ الطابع‬

‫‪64‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫المدني للدولة حتى في حالة وصول تيار سياسي ذو توجهات دينية إلى‬ ‫مقالييد الحكيم بشكيل ديمقراطيي‪ .‬وتتخيذ الدولة المدنيية وفيق المنظور‬ ‫الليبرالي موقفا حياديا من جميع الديان‪ ،‬وهنا قد يقول قائل أن النظمة‬ ‫الشيوعيية كانيت تتخيذ أيضا موقفا حياديا حيال مختلف الديان ؛ لعيل‬ ‫هذا يقتضي بداية التفرقة بين كل من الحياد اليجابي‪ ،‬والحياد السلبي‬ ‫تجاه الديان‪.‬‬ ‫فالحياد السلبي تجاه الديان ي الذي تتميز به النظمة الشيوعية ي‬ ‫يجعيل تلك النظمية تتخيذ موقفا معاديا للحريات الدينيية‪ ،‬أو بالحرى‬ ‫للديان جميع ها دون تفر قة ب ين د ين وآ خر؛ أ ما بالن سبة الليبرال ية ‪-‬‬ ‫والمقارنة هنا نظرية صِرفة ‪ -‬نجدها تتخذ موقفا مُؤيّدا للحريات الدينية‬ ‫وبشكيل محاييد تجاه جمييع الديان‪ ،‬وبذلك تسيتطيع القليات الدينيية أن‬ ‫تحيا وتعيش في كنف الدولة الليبرالية دون أي تمييز ضدها‪ ،‬بل ليست‬ ‫القليات الدينية فقط هي من تنعم بالمساواة في ظل الدولة المدنية‪ ،‬بل‬ ‫القليات بصفة عامة‪ ،‬أيما كان أساس تميزها‪ ،‬وذلك بالطبع على عكس‬ ‫ما يحدث في ظل الدولة غير المدنية‪.‬‬ ‫واتصال بالحديث عن الحرية الفردية من ناحية‪ ،‬والطابع المدني‬ ‫للدعوة الليبرالية من ناحية أخرى‪ ،‬يأتي مفهوم المجتمع المدني كمفهوم‬ ‫رئ يس في المذ هب الل يبرالي ؛ والمجت مع المد ني في أب سط معان يه هو‬ ‫م ستوى اجتما عي يتو سط العل قة ب ين الموا طن والحكو مة‪ ،‬فيقوم بف عل‬ ‫مال ي ستطيع الفرد العادي القيام به بمفرده‪ ،‬و فى ن فس الو قت ل يج عل‬ ‫الموا طن في حا جة ما سة دائما إلى اللجوء إلى الحكو مة‪ ،‬و هو بذلك –‬ ‫أي المجتمع المد ني ‪ -‬يزيد قدرة الموا طن على الف عل بأن يخلق فضاءً‬ ‫جديدا لممارسة الحرية والفعل الجتماعي بشكل يتجاوز قدرة المواطن‬ ‫المحدودة على إتا حة ذلك المجال بنف سه لممار سة حري ته‪ ،‬و فى الو قت‬ ‫نف سه يز يد من ا ستقللية الموا طن في مواج هة الحكو مة؛ ال مر الذي‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪65‬‬

‫يؤدي في النهاية إلى زيادة حرية الفرد من جهة‪ ،‬وفاعلية المجتمع من‬ ‫جهة أخرى‪.‬‬ ‫ل من الفرد والمجت مع‬ ‫تلك الحر ية والديناميك ية ال تي يتم يز به ما ك ٌ‬ ‫الليبرالي‪ ،‬وهي ما ينتج عنها ما يطلق عليها مفهوم المنافسة؛ فالمنافسة‬ ‫الحرة هنيا هيي الفراز الطيبيعي لذلك المجتميع اللييبرالي؛ فبفضيل‬ ‫المنافسية يسيتطيع المجتميع أن يمارس وظيفتيه وقدرتيه على الفرز‬ ‫والنتخاب ل صالح الف ضل ‪ -‬النتخاب بمعناه العام ‪ -‬وذلك ما يج عل‬ ‫المجت مع في حالة دائ مة من التجدد والتطو ير الذا تي‪ ،‬م ما يجن به حالة‬ ‫الجمود والثبات التيي دائما ميا تكون التهمية التيي توجههيا النظريية‬ ‫المارك سية للمجت مع الرأ سمالي والل يبرالي‪ ،‬فإذا كا نت المارك سية تقول‬ ‫بالطا بع الجدلي وال صراعي للمجت مع في حالة سيادة النظام الرأ سمالي‬ ‫ حييث الرأسيمالية قرينية الليبراليية على الصيعيد القتصيادي ‪ -‬فإن‬‫الليبرالية في ظل سيادة قيم الشفافية واقتصاد السوق واحترام الحريات‬ ‫العامية وحيق الملكيية الخاصية‪ ،‬وبالطبيع فإن دولة القانون تسيتطيع أن‬ ‫تحافيظ على المجتميع فيي حالة اسيتقرار ‪ -‬ولييس جمود ‪ -‬دائم عيبر‬ ‫إتاحة الفرصة للفضل وكل ذي موهبة كي يستطيع أن يُوظّف ويستغل‬ ‫إمكانياتيه لصيالحه الخاص كميا لصيالح المجتميع‪ ،‬وبذلك تظيل هناك‬ ‫فرصية دائمية فيي الترقيي والصيعود والحراك الجتماعيي بميا يبقيى‬ ‫المجتميع فيي حالة مسيتمرة مين الحيويية والتجدد والتطور للفضيل‪،‬‬ ‫وبذلك فإن المجت مع الل يبرالي ي ستطيع أن يج نب نف سه أخطار الثورات‬ ‫والنفجارات الجتماع ية ؛ ول عل في الحد يث عن ما يطلق عل يه خيار‬ ‫الطر يق الثالث ما يُغني نا عن أ ية أمثلة أخرى عن قدرة الليبرال ية على‬ ‫تجديد نفسها باستمرار‪.‬‬ ‫ف ما ي سمى بالطر يق الثالث هو طر يق و سط‪ ،‬أو حل و سط ب ين‬ ‫الليبراليية والشتراكيية ؛ ولكنيه يظيل أقرب إلى الليبراليية منيه إلى‬

‫‪66‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫الشتراكيية‪ ،‬فقيد ولد الطرييق الثالث مين رحيم دول هيي ليبراليية‬ ‫بالسياس‪ ،‬وتلك الدول بالخيص كانيت ( أمريكيا كلينتون ) و(فرنسيا‬ ‫شيراك) (وألمان يا شرودر) ‪ .‬إذن فإن تلك المو جة قد ظهرت بال ساس‬ ‫في ت سعينيات القرن الما ضي‪ ،‬أي ب عد انهيار غالب ية الن ظم الشتراك ية‬ ‫فيي العالم‪ .‬وقيد كان الهدف مين سيياسات الطرييق الثالث التغلب على‬ ‫مشكلت الفقر والتفاوت الطبقي‪ ،‬فتم أخذ مفهوم العدالة الجتماعية من‬ ‫الشتراكيية وتطيبيقه فيي تلك الدول الليبراليية‪ ،‬وأصيبح لتلك الدول‬ ‫مسؤولية اجتماعية أكبر تجاه مواطنيها‪.‬‬ ‫بالطبع هناك مفاهيم ومعاني أخرى تتصل بالفهم الليبرالي ؛‬ ‫كمنهج حياة للفرد‪ ،‬وللمجتمع بل ‪ ،‬وكمنهج تفكير أيضا ؛ إنما ما أردنا‬ ‫بيانه من خلل هذا العرض الموجز والسريع لبعض المفاهيم الرئيسة‬ ‫المتعلقة بالليبرالية‪ ،‬هو كيف أن الليبرالية تكاد تكون هي الوجه المثل‬ ‫المعبر عن المعنى الحقيقي والسمى للوجود النساني بتقديسها للحرية‪،‬‬ ‫ل سيما حرية الفرد كشرط ل غنى عنه لحرية‪ ،‬بل وصحة وسلمة أي‬ ‫مجتمع إنساني‪ ،‬وأحسبني بذلك قد أكون أجبت إجابة واضحة عن‬ ‫سؤال "أنا ليه ليبرالي؟" ‪.‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪67‬‬

‫نظرية محورها النسان‬ ‫محمد مجدي محمد أحمد أبو زيد‬ ‫مواليد أغسطس ‪ .1985‬ليسانس آداب قسم التاريخ‬ ‫جامعة السكندرية ‪ .2006‬عضو في حزب الغد المصري‬ ‫منذ يناير ‪ ،2006‬وكيل تنظيم لجنة العجمي سابقا‪ ،‬وحاليا‬ ‫رئيس لجنة التدريب والتثقيف بالحزب بالسكندرية‪ .‬حاصل‬ ‫علي دورة تدريبية عن تفعيل الحزاب السياسية التي‬ ‫نظمها المعهد الجمهوري الدولي ‪ .I.R.I‬وحاصل علي‬ ‫دورة تدريبية عن إعداد القيادات الشبابية في الحزاب‬ ‫السياسية المصرية التي نظمتها الجمعية المصرية للتوعية‬ ‫القانونية‪ ،‬شاركت في ورشة عمل نحو قانون انتخابي‬ ‫جديد التي نظمتها جمعية العروبة لحقوق النسان‬ ‫بالسكندرية‪.‬‬ ‫أحلم بوجود تيار ليبرالي قوي داخل المجتمع المصري يقف‬ ‫أمام المد الصولي المتوغل حاليا في المجتمع المصري‬ ‫بشكل ينذر بالخطر والعواقب الوخيمة‪ .‬كما أحلم بحياة‬ ‫سياسية سليمة قوية يكون فيها تداول سلمي وحقيقي‬ ‫للسلطة دون احتكار وهيمنة ومضايقات سلطوية‪.‬‬

‫‪68‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫إذا سألتني لِما أنتَ ليبرالي ؟‬ ‫أرد عليك ببساطة لني أولً وأخيرا‪ :‬إنسان‪.‬‬ ‫وستسألني‪ :‬وما العلقة ؟‬ ‫أقول لك إن الصل في النسان الحرية؛ والليبرالية هي أصدق‬ ‫تعبير عنها؛ فهي مٌستنبطة من القانون الطبيعي والذي يعبر عن‬ ‫متطلبات النسان الساسية واحتياجاته‪ ،‬وهي المتطلبات والحتياجات‬ ‫التي من الصعب أن يختلف عليها اثنان؛ ذلك أن القانون الطبيعي‬ ‫بمعني آخر هو تعبير عن (الفطرة)‪ ،‬بل هو الفطرة التي فٌطر النسان‬ ‫عليها‪ .‬فمن منا ل يحب أن يعيش في حرية بعيدا ً عن تدخلت‬ ‫الخرين‪ ،‬ومن منا ل يحب أن يجاهر برأيه دون مصادرة وممانعة‬ ‫ومحاكمة‪ ،‬من منا ل يحب أن يتقبله الناس بمزاياه ونقائصه كما يتقبلهم‬ ‫هو بمزاياهم ونقائصهم ؟ ومن منا ل يحب أن تكون له ملكيته‬ ‫الخاصة‪ ،‬ومن منا يرضي أن تدار أمور الحياة دون أن يكون له الحق‬ ‫في المشاركة ؟ ‪.‬‬ ‫أستطيع أن أتفهم جيدا كل ما ستقوله عن القيود والضغوط‬ ‫والمشاكل والمشاغل وغيرها كثير من السباب التي يٌمكن أن توردها‬ ‫احتجاجا أو يأسا‪ ،‬وأنا أشاركك الرأي‪ ،‬واتفق معك‪ ،‬ربما في كثير أو‬ ‫قليل مما ستقول‪ ،‬لكني أنبهك مرة أخري إلي فحوي سؤالي أليس حب‬ ‫الحرية الفردية وحب المجاهرة بالرأي وحب الملكية الخاصة وحب‬ ‫المشاركة في إدارة المور العامة‪ ،‬كلها في الساس أمور محببة‬ ‫للنسان‪ ،‬أمور تؤكد علي فرديته وتميزه‪ ،‬وتؤكد طبعا علي(أهمية‬ ‫وجوده)‪ ،‬علي إنسانيته‪.‬‬ ‫الليبرالية إذن نشأت من القانون الطبيعي الذي هو الفطرة في‬ ‫النسان‪ ،‬ولهذا هي ضد كل ما يكبل هذه الحقوق؛ فهي ضد الستبداد‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪69‬‬

‫السياسي‪ ،‬وضد القصاء والرهاب الفكري‪ ،‬وضد تحويل البشر إلي‬ ‫مجرد وسائل لغايات؛ ففي الليبرالية النسان هو الغاية النهائية في "‬ ‫الفكر الليبرالي يبدأ من ضرورة العتراف بالفرد وبمجال خاص له‬ ‫‪1‬‬ ‫يستقل فيه وتظهر فيه قدراته البداعية‪".‬‬ ‫و تطلب مني أن أُبسط عباراتي ؟‬ ‫فأقول لك إن الليبرالية تستند علي قيم أساسية‪ ،‬أراها منطقية جدا ً‬ ‫ول أظن عاقل ً أو منصفا ً يرفضها‪ ،‬هي‪ :‬التسامح‪ ،‬والحرية الفردية‪،‬‬ ‫وحق التملك‪ .‬فالتسامح نابع من حقيقة أن البشر مختلفون جنسا ً أو دينا‬ ‫ً أو اعتقادا ً أو لونا ً أو لسانا ً ومحاولة جمعهم علي رأي واحد هو‬ ‫وهم سخيف وأمر غير واقعي ومستحيل وإن هذه الختلفات بينهم‬ ‫تضعنا أمام احتمالين إما أن يرفض كل واحد الخر ويكون في قطيعة‬ ‫وعداء معه ومن ثم في صراعات وحروب؛ ولنا عبرة في الحروب‬ ‫الدينية التي قامت في العصور الوسطي في أوربا التي نشبت بين عقائد‬ ‫مختلفة داخل المسيحية أو كالحروب الصليبية بين أوربا (المسيحية)‬ ‫والشرق الدنى (المسلم) وهي حروب يمكن توصيفها بي " حروب‬ ‫مطلقات "‪ 2‬وهنا خطورة المطلقات حين تتحول – خصوصا – إلي‬ ‫أيديولوجيات‪.‬و المهم إما أن يتقبل كل منا الخر باختلفاته‪ ،‬ول نكتفي‬ ‫بهذا بل نتذكر أن الجامع الكبر بيننا هو (النسانية) فيكون هدفنا‬ ‫السمي هو العمل من أجل تقدمها وخيرها وإما أن يكون الدمار‪ .‬و"‬ ‫‪3‬‬ ‫في الشئون الثقافية يكون التنوع شرطا ً للتقدم"‬ ‫و الحرية الفردية هي أسمي ما يملكه النسان فهي المعبرة عنه‬ ‫وعن تفرده والنسان بطبعه يحب أن يكون متميزا ولهذا فلكل إنسان‬ ‫عالمه الخاص وقيمه الخاصة ونظرته المختلفة عن الخرين إلي‬ ‫‪ 11‬حازم الببلوي ‪ :‬دور الدولة في القتصاد ص ‪.173‬‬ ‫‪ 22‬الفكرة هنا مقتبسة من كتاب مُلك الحقيقة المطلقة لـ د‪ .‬مراد وهبة ‪.‬‬ ‫‪ 33‬السلطة والفرد‪ :‬برتراند راسل‪ ،‬ترجمة د‪ .‬لطفية عاشور‬

‫‪70‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫الحياة‪ ،‬فإذا منعناه من حريته الفردية منعناه من وجوده الحق وحكمنا‬ ‫عليه بالموت حيا‪ ،‬وما أصعبه من حكم‪.‬و الحرية الفردية يندرج تحتها‬ ‫حرية العتقاد فاليمان محله القلب ولم يهتد ِ العلماء بعد‪ ،‬ولن يهتدوا‬ ‫يوما ً‪ ،‬لختراع جهاز يكشف لنا عن معتقدات الفرد الحقيقية ؛ لن هذا‬ ‫المر ل يعرفه إل النسان نفسه‪ ،‬وعلي هذا فل يجب مطلقا فرض‬ ‫تمييز علي إنسان لمجرد إن اعتقاده مخالف لعتقادي ول لعتقاد‬ ‫الغلبية‪ .‬ويندرج تحت الحرية الفردية كل ما يرتئيه النسان خيرا له‬ ‫طالما ل يعتدي علي حقوق الخرين ول يؤذيهم وطالما ل تتسبب‬ ‫حريته هذه في إفساد حريات الخرين وحياتهم‪.‬‬ ‫وينبغي أيضا أن ل يقف مانع أمام الفراد من ممارسة حريتهم‬ ‫الفكرية كيفما أرادوا‪ ،‬حتى لو بدا أن أفكارهم خطر علي المجتمع‬ ‫وضد التجاه السائد‪ ،‬فربما أثبتت اليام إنهم علي حق؛ فمثلً " اختفت‬ ‫ممارسات أكل لحوم البشر والتضحية البشرية وصيد الرءوس نتيجة‬ ‫للعتراضات الخلقية علي العرف الجتماعي التقليدي‪.4" .‬‬ ‫أما بالنسبة لحق التملك؛ فهو نتيجة للحرية الفردية؛ في" الحرية‬ ‫تتطلب تنوع الملكيات‪ 5".‬فتكون الملكية الخاصة هي مكافأة الطبيعة‬ ‫لجهد النسان في تقويمها وتعميرها‪ ،‬وكلٍ حسب طاقته وجهده وذكائه‪،‬‬ ‫وبالطبع فإن هذا من شأنه حصول التنافس بين الناس‪ ،‬وهذا التنافس‪،‬‬ ‫رغم ما قد يعتريه من مشاكل‪ ،‬هو أمر جيد في كل الحوال لنه‬ ‫يستنفر الهِمم ويقدح الذهان ويشجع علي البداع‪.‬و حق التملك هذا هو‬ ‫الساس الذي قامت عليه الرأسمالية‪ ،‬ورغم كل ما مرت به من أزمات‬ ‫وانتكاسات وظيٌن إنها زالت‪ ،‬فإنها في كل مرة تعود من جديد بشكل‬ ‫أقوي بعد أن تصحح من نفسها‪ ،‬وهو دليل علي مرونتها وقدرتها علي‬ ‫التكيف مع كل الوضاع والظروف‪.‬‬ ‫‪ 44‬السلطة والفرد‪ :‬برتراند راسل‪ ،‬ترجمة د‪ .‬لطفية عاشور ‪.‬‬ ‫‪ 55‬حازم الببلوي‪ :‬المرجع السابق ص ‪.174‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪71‬‬

‫وألخص لك ما سبق في جملة واحدة‪ :‬إن لليبرالية شقين‪ ،‬شق‬ ‫اقتصادي هو السوق وشق سياسي هو الديمقراطية‪.‬‬ ‫فما علقة الديمقراطية بالليبرالية ؟‬ ‫إن " الديمقراطية الوحيدة التي تتفق مع الفكر الليبرالي هي‬ ‫الديمقراطية الدستورية‪ ،‬أي التي تضع حدودا علي كل سلطة حماية‬ ‫‪6‬‬ ‫لمجال خاص لحرمة الفراد في أموالهم وحرياتهم‪".‬‬ ‫وألخص لك ما قلته في ‪:‬‬ ‫أن الليبرالية هي نظرية محورها النسان‪ ،‬وهي مستمدة من‬ ‫القانون الطبيعي‪ ،‬وهي تعني غياب القيود والضوابط الخارجية والتهديد‬ ‫الخارجي علي ما يرغب في فعله‪ ،‬وإن كانت حريته لبد أن تتم في‬ ‫إطار مراعاة حريات الخرين أيضا‪.‬‬ ‫والليبرالية هي إطار يسمح بأقصى تفاعل إيجابي داخله بين كافة‬ ‫الختلفات‪ ،‬وهو ما يتطلب علي القل التفاق علي حد أدني بين كافة‬ ‫الطراف‪ ،‬ومن ثم فهي ضد التعصب ومع الحوار لخر نفس ممكن‬ ‫ويكفي القول أن الليبرالية " دعوة إلي الحرية وحقوق النسان"و" دعوة‬ ‫إلي السلم فلم يخبرنا التاريخ بأية حروب وقعت بين دول تأخذ بالنظم‬ ‫‪7‬‬ ‫الليبرالية فهذه نظم منطقها الحوار والمنافسة وليس القهر أو الحرب"‪.‬‬

‫‪6 6‬حازم الببلوي ‪ :‬المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪77‬حازم الببلوى ‪ :‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪72‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪73‬‬

‫الليبرالية هى حرية الختيار‬ ‫نانى محمد‬ ‫مواليد ‪ ،1985‬بكالوريوس تجارة " إدارة أعمال "‬ ‫‪ ،2006‬أعمل محررة صحفية بجريدة المال " قسم‬ ‫الثقافة والفنون " في الجزء المتعلق بالثقافة‬ ‫والدب‪ ،‬شاركت في "مؤتمر العلميين‬ ‫الديمقراطيين" و"‪ " maj school‬بإتحاد الشباب‬ ‫الليبرالي‪ ،‬كما شاركت في مشروعات تابعة‬ ‫لليونيسيف ‪.‬‬ ‫أحلم بأن تتخلص مصر من العبودية التي أرى أنها‬ ‫مازالت تسيطر على عقول الكثيرين‪ ،‬وان يتفهموا‬ ‫أننا لن نتغير إل إذا أردنا‪.‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪74‬‬

‫أعتقد أنني ليبرالية قبل حتى أن أعي ما هي الليبرالية‪ ،‬ول كيفية‬

‫تطبيقها‪ ،‬أقتنع منذ طفولتي أن لكل شخص الحق في حرية التفكير‬

‫والختيار لنفسه‪ ،‬وفكرة أن يكون هناك شخصا واحدا ممسكا ومهيمنا‬

‫على كافة أوراق اللعبة ما هي إل نوع من أنواع التعتيم والسيطرة‬

‫على التطور والبداع‪ ،‬فكنت رغم صغر سني أسمع ما يدور حولي‬ ‫وأحاول الستفادة منه قدر المكان ولم يكن في مخيلتي أنني سوف‬

‫أنجح طوال الوقت أو أنني لن أقابل أي عقبات أو معوقات في طريقي‪،‬‬

‫بل على العكس فكنت دوما أفترض الفشل قبل النجاح ولكنى كنت‬

‫متأكدة أن هذا الفشل ما هو إل خطوة من خطوات النجاح الكبر ‪...‬‬ ‫كان والدي يحاولن أن يصبا في عقلي كافة تجاربهما وخبراتهما‪،‬‬

‫حتى ل أقع في أخطاء قد تعصف بوجداني‪ ،‬أو تدمر أمل ما بداخلي‪،‬‬ ‫إل أن ني أ صررت أن تكون لي تجار بي الخا صة ال تي لم ي سبقني إلي ها‬ ‫أحد حتى ولو فشلت فيها فمن المؤكد أننى سوف أتعلم منها‪.‬‬

‫اقتن عت أ نه من ح قي أن أف كر وأ حب وأحلم وأح يا ك ما أر يد‪ ،‬من‬

‫ح قي أن أتعلم ما أفضله وأر كل بعيدا ما أبغ ضه‪ ،‬من ح قي أ سير في‬

‫طرقاتيي آمنية دون أن يهدد أمنيى أحيد‪ ،‬فلماذا أخاف لكونيي فتاة‪ ،‬هيل‬

‫هناك فر قا ب ين الف تى والفتاة سوى الفروق التكوين ية ال تي خلق نا ب ها؟‬

‫أعتقد أن هناك المزيد من الفروق العقلية التي تختلف من إنسان لخر‬

‫وليس من ذكر لنثى‪.‬‬

‫اهتممت بكون كل من حولي له الحق في كل شيء مثلى تماما‪ ،‬وإذا‬

‫كنت أعتنق مذهبا ما وأؤمن به وأمارس شعائره بحرية فلم ل أقبل أنه بل‬ ‫اختلف طبائع الب شر حولي‪ ،‬يكون هناك آخر ين من حق هم اعتناق ع كس‬

‫ما أعتنق وعليهم ممارسة كل شعائر ما يؤمنون به‪ ،‬وبعد أن كان عقلي ل‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪75‬‬

‫يع سوى وجود الديان الثلث المتعارف عليها‪ ،‬بمرور الوقت كان عندي‬

‫تقبل وجود اعتقادات دينية مختلفة تماما عن المتعارف عليه في المجتمع‬

‫المصري الذي أحيا بقلبه‪ ،‬ولم يكن منى بعد أن أدركت ماهية الواقع إل‬

‫أن أتقبل ما يدور حولي‪ ،‬وأؤكد على أن فكرة اختلف الديان والمعتقدات‬ ‫ل تهدد فكرة السلم بين الناس‪ ،‬وكل ما يدور حولي من حروب ومعارك‬

‫يومية على الديان وازدرائها ل يعد التنوع سببا لها ولكنى توصلت إلى‬

‫أن فكرة محاولة ال سيطرة على الخر هي ال سبب الحقي قي وراء كل هذا‪،‬‬

‫فإذا أراد فرد ميا أن يسييطر على عقول مين حوله أقنعهيم بمبدئه وفكرتيه‬

‫حتى صار بينهم قائدا‪ ،‬وليس للسباب التي ذكرها أية علقة بسبب شنه‬ ‫العديد من الثورات ضد مجموعة ما‪ ،‬والغرض الحقيقي يظل مكتوما بقلبه‬

‫على الرغم من معرفة الكثير به إل أنه وبطبيعة المتعارف علية ل يجرؤ‬ ‫أحد على التفوه بشيء ‪.‬‬

‫وحين اعترتني الرغبة في التعرف على مسمى واضح لفكاري كانت‬

‫إلى حيد ميا تشبيه الليبراليية‪ ،‬فأردت أن أفهمهيا جيدا وأتعرف عليهيا وعلى‬

‫السباب التي أدت إلى ظهور ذلك النظام الذي قام بتغيير دول بأكملها ‪.‬‬

‫فكانت الليبرالية كما أ سفر بحثي عن نتائجه هي حرية الفرد التامة‬

‫في كافة جوانب الحياة وكل ما يتعلق به وبفكرة وما يريد ويتمنى‪ ،‬تدور‬

‫حيا ته حول محورة ك ما الرض‪ ،‬فل يتد خل ب ها أ خر وال كل م سئول عن‬ ‫نفسه‪ ،‬فلكل حق الختيار والحب والمشاركة الجتماعية والسياسية‪ ،‬حق‬

‫التعبير‪ ،‬والرأي الحر المنزه عن أي قيود يطلقها البعض في وجه الخر ‪.‬‬

‫الليبرالية هي الليبرالية التي اتخذتها منهجا منذ طفولتي بغير وعى‬

‫م نى أو إدراك‪ ،‬هي حر ية الختيار دون سيطرة أ حد على معتقدا تي‬ ‫ومسمياتي وطرقي في الحياة‪ .‬هكذا أصبحت ليبرالية‬

‫‪76‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪77‬‬

‫ليه أنا إنسان‬ ‫معتز محمد عبد الحميد محمود المصرى‬ ‫مواليد الزقازيق أغسطس ‪ 1988‬م ‪ .‬يدرس تخصص‬ ‫الهندسة المعمارية بكلية الهندسة جامعة الزقازيق ‪.‬‬ ‫شارك في العديد من أنشطة منظمة ‪iEARN‬‬

‫العالمية في مجالت المشروعات التربوية (حول‬

‫حقوق الطفل والمرأة) بالمشاركة مع وزارة التربية‬ ‫والتعليم فى الفترة بين عامي ‪2005 – 2002‬‬

‫‪.‬شارك في حضور مؤتمر الشباب السابع لمنظمة‬

‫‪ iEARN‬في اليابان في يوليو ‪ . 2003‬أحد منظمي‬

‫مؤتمر الشباب الول في مصر تحت رعاية السيدة‬ ‫سوزان مبارك – أغسطس ‪.2004‬‬

‫تتمحور أحلمي لمستقبل أفضل لمصر حول نقطة‬

‫رئيسية أظنها هي المحور الرئيسي لكل المشكلت في‬

‫مصر‪ ،‬أل وهي عودة الثقة بين السلطة والشعب‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪78‬‬

‫" أنا مش فاهم إيه وجه إعتراضك على الى انا بقوله دا ‪" ..‬‬‫‪..‬‬

‫" هوا كدا ‪ ..‬أنا قلت الى عندى ‪ ..‬مش هتروحلهم يعنى مش‬‫هتروحلهم ‪.. " ..‬‬

‫" يا سيدى إنتا مالك بيا ‪ ..‬انا (حر) ‪............ .. " !!! ..‬‬‫كانت ابتسامته حينما سمع هذه الكلمة هى من أول ما أقحم الى‬

‫إدراكى أن هنالك (سُلطة) ما ‪..‬‬

‫منطق سليم‪ ..‬هذا الرجل حر بالتأكيد‪ ..‬لكن الرجل الخر ل يظن‬

‫ذلك‪ ..‬وربما ل يعرف أيضا‬ ‫*‬

‫*‬

‫*‬

‫منذ أكثر من ‪ 14‬عاما كان سماعي لهذا الموقف الذي بدأت به‬

‫مقالتي للتو‪ ،‬لم يكن إدراكي قد أكتمل ليبلور فكرة وجود سلطات حاكمة‬

‫على الفرد‪ ..‬لكنني أدركت في تلك اللحظة بالذات أن أحد الرجلين له‬

‫سلطة على الخر طالما أن هنالك صراع‪ ..‬وتأكد لي ذلك حينما رأيت‬

‫ابتسامة التهكم على وجه أحدهم حينما سمع كلمة واحدة "أنا حر"‪.‬‬

‫كان لتكرار هذا الموقف معى أنا شخصيا فى فترات متتالية أثر‬

‫كبير فى إدراكى لهمية أن أكون (حرا) كرغبة شخصية لى‪ .‬كنت‬

‫حينما أجد نفسى محاصرا ول مفر من أن أرضخ لى ضغوط بغض‬

‫النظر عن مصدرها‪ ،‬أشعر وكأن هنالك خطأً ما فيما يحدث‪ .‬شعور‬

‫طبيعى مسيطر علينا جميعا‪ ،‬كل منا يتوق الى حريته وبطريقته‬ ‫ولسبابه‪.‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪79‬‬

‫إن أعدنا مشاهدة المشهد السابق وأكلمنا اللحظات التالية لتلك‬

‫البتسامة المتهكمة من ذى السلطة‪ ،‬نجد تلك النظرة البائسة على وجه‬

‫من أراد الحرية‪ ،‬لقد أدرك للحظة أنه ل يستطيع‪.‬‬ ‫‪ ...‬توقف المشهد !‬ ‫*‬

‫*‬

‫*‬

‫كانت هذه هى البداية‪ ،‬وبتراكم الحداث والمشاهد والمواقف‬

‫أدركت أن المر ليس بهذه السهولة‪ ..‬لم ل يستطيع كل منا أن يحصل‬

‫على حريته كما يريد‪ ،‬ولم ل نرغب بكامل حريتنا في كل الوقات!‬ ‫وببطء وبدون أن أدرى تكونت لدى نظرة مجردة عما يحدث!‬

‫هنالك فرد يبحث عن قيمة أيا كانت وربما هي كامنة في أفعاله‪،‬‬

‫وهنالك سلطات حاكمة‪ ،‬وهنالك صراع‪ ،‬وربما إتفاق ‪ ..‬نتيجة للتعاقد‬

‫بين الطرفين !‬

‫فى المشهد السابق بدا لى أن ممثل السلطة امتلك القرار دون تعاقد‬

‫مسبق‪ ..‬ولذلك كان الصراع‪ ،‬ولكنى أعود وأقول‪ ..‬لم رفض الكثيرون‬

‫قيمة كالحرية في بعض الزمان في مقابل قيمة كالمن‪ ،‬أتدرون لم ؟‬ ‫لنهم لم يدركوا أنه أمن هش !‬ ‫و لننا أدركنا القيم بطريقة الهرم المقلوب !‬

‫‪ 15‬عاما أحاول أدراك تلك العلقات المعقدة‪ ..‬أهى الحرية سابقة‬

‫على المن‪ ،‬أم المن سابق على الحرية ‪ ..‬أم الحرية سابقة على‬ ‫الضوابط الخلقية!‬

‫كل منا يبحث عن قيمة وكل منا له تعاقداته‪ ،‬الصداقة تعاقد‬

‫والعمل تعاقد والزواج تعاقد والوكالة تعاقد والدين تعاقد‪ ،‬كل مما سبق‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪80‬‬

‫تعاقد يؤدى الى سلطات متبادلة‪ ..‬في خضم ذلك نبحث عن القيمة ول‬ ‫ندرى أهو الطريق الصحيح أن نتمسك بالحرية أم المن أم أم أم !!‬

‫لن ألقى بإجاباتي في جعبتك الن‪ ،‬ربما قد نختلف فى ذلك‪ ،‬ولكن‬

‫سنحل أحجية صغيرة أولً‪" ،‬أنت موظف عادى فى شركة ضخمة‪،‬‬

‫أدركت أن هنالك تلعبا ما في أوراق هامة تخص المعاملت المالية‬

‫مثلً‪:‬‬

‫أخبرنى ما الذى ستختار فعله مما يلي‪:‬‬ ‫‪-‬ستبلغ السلطات المعنية بذلك وتخاطر بأن تفقد وظيفتك ول‬

‫تجد وظيفة أخرى فى القريب العاجل‪ ..‬بالتأكيد هنالك تأثير‬

‫على المور العائلية بسبب عدم توافر المصروفات الخاصة‬ ‫بالمنزل وما إلى ذلك‪.‬‬

‫ستؤثر الصمت وأنت تعلم أنه ذلك خطأ بكل الحوال ‪ ..‬ستجد‬‫ذلك أكثر أمنا واستقرارا وأنه ل علقة لك بهذا من قريب أو‬ ‫بعيد لنك تستلم أموالك شهريا كما هى بغض النظر عن‬ ‫تلعبات الشركة ! "‬

‫إن كنت ممن اختار الحل الول فأنت ممن يبحثون عن قيمة‬

‫كالضوابط الخلقية ترى أن ذلك صحيحا بغض النظر عما سيحدث‬

‫بعد ذلك‪ ،‬وإن اخترت الحل الثانى فأنت ممن يؤثرون قيمة كالمن‪،‬‬ ‫وأن الستقرار أفضل من أى شيء آخر‪ ،‬ويرى البعض أن الحرية‬

‫كقيمة كامنة فى الثنتين‪ ،‬وأنك في كل الحالتين تبحث عن حريتك‬

‫وخلصك في أي منهما‪..‬‬

‫ولكنى أرى المر بشكل مُختلف!‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪81‬‬

‫الحرية ليست كامنة ول هي المبتغى‪ .‬الحرية هي القيمة البتدائية‬

‫التي تصل عن طريقها إلى القيم الخرى‪ ،‬ل العكس‪ .‬بمعنى أنه إن‬

‫أردت أن تصل إلى المن يجب أن تمر بالحرية وإن أردت أن تصل‬ ‫إلى الضوابط الخلقية لبد وأن تمر بالحرية‪ ،‬ل العكس‪.‬‬

‫في كل الختيارين لبد وأن نعيد صياغة التصرف على أساس أن‬

‫النسان حر‪ ،‬لن اختياره لي من الختيارين هي حريته بطبيعة‬

‫الحال‪ ،‬ولكن فلنرى‪ ..‬لبد وأن نقيس في إطار الحرية التعاقدات الغير‬

‫قابلة للفسخ مثل الزواج والتي كانت بكامل حريتنا في الساس!‬

‫لذلك ل يجب أن يكون هنالك صراع‪ ..‬بل يجب أن نضع في‬

‫الحسبان الزواج القائم كأحد محددات الحرية المطلقة في التصرف‪،‬‬ ‫سيتسرع البعض ويقول إذن فهو الحل الثاني!‬

‫خطأ‪ ..‬حيث أنه – من وجهة نظري – المن غير سابق على‬

‫الحرية بل العكس فإن المن المزيف في الحل الثاني ربما ينته بطرد‬

‫مفاجئ من الشركة‪ ،‬أو حتى القتل لنهاء وجودك‪ ..‬لو أنهم علموا‬ ‫بمعرفتك بالتلعب !‬

‫حريتي تكفل لي أمنا أكثر مصداقية !‬ ‫لكن إن حصلنا على الحرية المشروطة بضوابط التعاقدات السليمة‬

‫والتي كانت على أساس حر‪ ..‬فإنه لبد من استشاره الزوج في أخذ‬

‫قرار إبلغ السلطات والبحث عن عمل في نفس الوقت‪.‬‬ ‫المن دون الحرية ‪ ..‬شيء مزيف !‬

‫الضوابط الخلقية – المختلفة من مكان إلى مكان ‪ -‬كأساس‬

‫مطلق ‪ ..‬قد يدمر بعض التعاقدات القائمة على ( الحرية )‪ .‬لكن إن‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪82‬‬

‫مررنا بالحرية فى الساس فإنها توصلنا الى الحلول السليمة‪ ،‬ولك‬ ‫( الحرية ) فى أن تقبل رأي أو ل !‬

‫وهكذا وصلت إلي نتائج مفادها أننا كأفراد نبحث عن القيمة في‬

‫كل أفعالنا ‪ ..‬أو بلفظ آخر هي تظهر في أفعالنا‪ ،‬ولدينا تعاقداتنا والتي‬ ‫تقوم فيها السلطات الحاكمة والتي قامت بحريتنا أو ل‪ ،‬ولدينا‬

‫صراعاتنا واتفاقاتنا تبعا للتعاقدات والمصالح !‬

‫أن حريتنا هى الساس ‪ ..‬ل المن المزيف ول أى قيم مطلقة‪.‬‬ ‫إذن ‪ ..‬لم ل تكون حرية الجماعات ‪ ..‬ل حرية الفراد‪ ،‬لن لكل‬

‫فرد شخصية وتفرد ‪ ..‬نحن لسنا قوالب جاهزة ولهذا فشلت القوالب‬

‫الجاهزة‪ ،‬لكل منا ما يميزه وهذا هو التكامل‪ ،‬المجتمع هو مجموعة من‬ ‫الفراد بينهم تعاقدات قابلة للتعايش‪ ،‬نعم ‪ ..‬التعاقدات هى القابلة‬

‫للتعايش لنها أساس قيام المجتمعات والدول‪.‬‬

‫وحينما يزيد العدد نقدم البرلمانات بالوكالة‪ ،‬كل مجموعة من‬

‫الشخاص بينهم أكثر (الراء القائمة على الحرية الفردية وأكثر‬

‫التعاقدات ) تجانسا يقدمون أكثر الفراد قدرة بينهم للدفاع عن تعاقداتهم‬

‫مع الخرين‪.‬‬

‫إنها الديمقراطية ‪ ..‬نعم ‪ ..‬بدأت بالحرية أيضا !‬ ‫لهذا أنا ليبرالي‪ ،‬لني ل أجد أن الليبرالية مذهب أو قالب سابق‬

‫الصنع والصب‪ ،‬بل لنها شيء أصيل فى الطبيعة النسانية حتى وإن‬

‫لم ندرك‪ ،‬حتى وإن أنكرناه على أنفسنا وغيرنا‪ ،‬نحن أحرار ونريد‬ ‫الحرية ونتعامل بالحرية‪.‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪83‬‬

‫أتدرون لم أريد الليبرالية !!‬ ‫حتى تُسمع كلمة ذلك الفلح البائس الذى ضاع كل محصوله‬

‫بسبب مبيدات فاسدة !‬

‫حتى تُسمع كلمة ذلك العامل الفقير الذى طرد من المصنع بدون‬

‫وجه حق !‬

‫حتى تُسمع كلمة ذلك الموظف الذى يعمل ‪ 10‬ساعات يوميا‬

‫ويتقاضى ‪ 200‬جنيه شهريا !‬

‫حتى تُسمع كلمة ذلك الشاب الذى ل يجد عملً ول يدرى هل‬

‫سيتزوج أم ل !‬

‫حتى تُسمع كلمة ذلك الب الذى مات إبنه فى عبارات الموت أو‬

‫فى سفن الهجرة المطاطية !‬

‫حتى تُسمع كلمة ذلك التلميذ الذى يجلس مع ‪ 5‬آخرين على " دكة‬

‫" واحدة ‪ ..‬واحدة فقط !‬

‫حتى تُسمع كلمة هؤلء الذين يريدون للوطن شرفا وعزة وكرامة!‬ ‫حتى تُصبح تلك السلطات الحاكمة ‪ ..‬حاكمة بالتعاقدات ‪ ..‬ل‬

‫بالظلم والجور !‬

‫إن كانوا يرون أنها حريتهم فى أن يفعلوا ذلك ‪ ..‬فللسف بيننا‬

‫تعاقد ‪ ..‬وسنريهم حريتنا !‬

‫جيلنا يمتلك تلك الطاقة أكثر من أي جيل عاش فى ظل قيم أمن‬

‫مزيفة‪ ،‬وقيم دين ودولة مزيفة‪ .‬جيلنا يحترم الحرية ويشعر بها ويعرف‬

‫أنها هنا‪ ،‬ولكنهم أخفوها عن العين‪.‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪84‬‬

‫الليبرالية هى حريتك كفرد‪ ،‬وهى متأصلة فيك‪ ،‬لن يعطيها لك‬

‫أحدا ول تنتظرها من أحد‪ ،‬ول هى مسجونة‪ ،‬بل مختفية تحت طيات‬ ‫النسيان ورماد حريق الماضى !‬

‫الليبرالية هى التى مكنتنى من كتابة هذا المقال‪ ،‬وهى التي جعلت‬

‫لديك الرغبة في أن تقرأه‪ ،‬وهى حريتك في أن تُعجب بهذا الكلم أو ل!!‬ ‫أتدرون لم قمت بتغيير عنوان المقال !!‬ ‫ل أن أستشف من داخلى ‪" ..‬‬ ‫لننى حينما جلست مع نفسى محاو ً‬

‫ليه أنا ليبرالى " !‬

‫لم أجد سببا واضحا ‪ ..‬بل وجدت نفسى ليبراليا بدون أسباب !‬ ‫وجدت أننى كل شيء آخر لنني ليبرالى ‪ ..‬ولنه كان لى الحرية‬

‫فى اختيار كل تصرف وخطوة فى حياتى ‪..‬‬

‫لهذا يتحول السؤال الى ‪ " ..‬ليه أنا إنسان " !!‬ ‫الليبرالية ل يُستدل عليها ‪ ...‬الليبرالية يُستدل بها !!‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪85‬‬

‫الفصل الثالث‬

‫ليبرالية‬ ‫مصرية‬

‫‪86‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪87‬‬

‫لنني مؤمن بالحرية‬ ‫إسماعيل النجار‬ ‫مواليد عام ‪ .1985‬تخرجت من قسم اللغة‬ ‫النجليزية بكلية اللسن (جامعة عين شمس) في عام‬ ‫‪ .2007‬في الوقت الحالي أعمل مترجما بدولة‬ ‫المارات العربية المتحدة‪ .‬كنت في السابق عضوا‬ ‫بأحد الحزاب السياسية المصرية‪ ،‬وكانت لي مدونة‬ ‫أنشر فيها كتاباتي عن السياسة والليبرالية‪ ،‬ولكني‬ ‫في الوقت الحالي اكتفي بنشر آرائي على موقع‬ ‫فيسبوك‪.‬‬ ‫أحلم بأن تصبح مصر دولة مدنية متقدمة يتمتع‬ ‫مواطنوها بالحرية والرخاء والسلم‪.‬‬

‫‪88‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫أنا ليبرالي لنني مؤمن بحرية الفرد ومركزيته‪ ،‬باعتبار أن جميع‬ ‫الفراد يولدون أحرارا وأسياد أنفسهم دون أي وصاية أو تحكم أو قمع‬ ‫أو إكراه أو إجبار تفرضه أية سلطة أبوية أو سياسية أو أمنية أو دينية‬ ‫أو فكر ية أو ثقاف ية أو مجتمع ية أو ب سبب التقال يد الجتماع ية والدين ية‬ ‫المحافظة‪.‬‬ ‫أنا ليبرالي أؤمن بالروح الفردية القوية والمبادرة واستقللية الفرد‬ ‫وكرامتيه وحريتيه فيي التعيبير والبداع والعتقاد والعميل والكسيب‬ ‫المشروع والتملك بدون قيود وغيرها من الحقوق التي تجعل الفرد هو‬ ‫المحرك الذي يدفع المجتمع إلى المام‪.‬‬ ‫أنيا لييبرالي لننيي أؤمين بأن حريية الخريين تنتهيي عندميا تبدأ‬ ‫حريتي‪ ،‬وبالمثل حريتي تنتهي عندما تبدأ حرية الخرين دون تعسف‬ ‫أو تقييد أو قمع أو كبت أو إكراه أو إجبار‪.‬‬ ‫أنيا لييبرالي لننيي أؤمين بالحريات الفرديية والمدنيية والسيياسية‬ ‫والقت صادية الدين ية وحقوق الن سان‪ ،‬وبأن ها جميعا حقوقا أ ساسية ل كل‬ ‫فرد وليست منحة أو تفضل من أحد‪.‬‬ ‫أنا ليبرالي لنني أؤمن بحرية التعبير والبداع والبتكار والتغيير‬ ‫والتجديد والتمرد على ما هو قائم‪ ،‬وأؤمن بحرية الفراد وحرية وسائل‬ ‫العلم والصحافة والتدوين وكافة الشكال الخرى للتعبير عن الرأي‬ ‫والضمير والمعتقد والفكر والثقافة والفن والدب‪.‬‬ ‫أنيا لييبرالي لننيي أرفيض القيود وكافية أنواع الكبيت والقميع‬ ‫يتقرار‬ ‫ين والسي‬ ‫يد الحريات بدعاوى الحفاظ على المي‬ ‫والجبار وتقييي‬ ‫والسييلم الجتماعييي أو التفرغ للخطار الخارجييية‪ ،‬وأرفييض‬ ‫اليديولوجيات الفاشية القصائية التي تقصي نوع اجتماعي كالمرأة‪ ،‬أو‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪89‬‬

‫طبقات اجتماعيية بأكملهيا‪ ،‬أو القليات الدينيية‪ ،‬والقوميية والعرقيية‬ ‫واللغوية والثقافية‪.‬‬ ‫أنا ليبرالي لنني أؤمن بحرية البداع والبتكار والتعبير‪ ،‬وأرفض‬ ‫تدخل السلطات السياسية والمنية والجهات الدينية في العملية البداعية‬ ‫أو ال فن والدب والفكار‪ ،‬وأر فض مُ صادرة العمال الفن ية والبداع ية‬ ‫بدعوى السياءة لسيمعة البلد أو المسياس بالرموز أو الديان أو قييم‬ ‫المجتمع‪.‬‬ ‫أنيا لييبرالي لننيي أرفيض التضيييق على الصيحفيين والمدونيين‬ ‫والفنانيين والمبدعيين والمفكريين وجرجرتهيم إلى المحاكيم وحبسيهم‬ ‫وتغريمهيم وسيحب الجوائز منهيم بناء على تدخيل شيوخ الحسيبة‬ ‫والتيارات والجهات الرسيمية السيياسية والمنيية والدينيية السيلمية‬ ‫والمسيحية والتيارات المحافظة‪.‬‬ ‫أ نا ل يبرالي لن ني أر فض الترا جع عن التقدم الذي أحرز ته م صر‬ ‫فيي اتجاه الدولة المدنيية والحياة العصيرية لصيالح أفكار ومفاهييم‬ ‫ماضويية عتيقية عفيي عليهيا الزمين والتيي تسيجل تراجعا خطيرا عين‬ ‫الشوط الكيبير الذي قطعيه المجتميع المصيري قبيل عقود بفضيل جهود‬ ‫التنوير والتثقيف التي قام بها رواد التنوير والتحديث في القرنين التاسع‬ ‫عشر والعشرين‪.‬‬ ‫أ نا ل يبرالي لن ني مؤ من بالدولة المدن ية الحدي ثة‪ ،‬ال تي تقوم على‬ ‫أساس مبدأ المواطنة الذي يجعل جميع المواطنين متساوين في الحقوق‬ ‫والواجبات أمام الدولة والد ستور والقانون‪ ،‬ب غض الن ظر عن الد ين أو‬ ‫العرق أو الجنس أو الطبقة الجتماعية أو المنطقة الجغرافية في جميع‬ ‫القضايا والمسائل الشخصية والعامة‪ ،‬وضمان تكافؤ الفرص من خلل‬ ‫ت طبيق المعاي ير الموضوع ية للعدالة والم ساواة في التعا مل مع جم يع‬ ‫أفراد الشعب بحيث يتمتع الجميع بحقوق سياسية ومدنية واحدة‪.‬‬

‫‪90‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫أنيا لييبرالي لننيي أرفيض الظلم الواقيع على المرأة فيي المجتميع‬ ‫المصري من تهميش وتشييئ والتمييز ضدها في التشريعات والقوانين‬ ‫والممارسيات المجتمعيية التيي تنفيذ ضدهيا كالتحرش والختان والزواج‬ ‫المبكير والقسيري وفيي بعيض الحيان الحرمان مين التعلييم والعميل‬ ‫وغيره من الممارسات الضارة بدعوى الدين والعادات والتقاليد وصون‬ ‫المرأة وحمايتها من نفسها ومن الخرين‪.‬‬ ‫أنيا لييبرالي لننيي أتألم لمعاناة القليات الدينيية ومنهيا اضطهاد‬ ‫البهائييين فيي مصير وحرمانهيم مين كافية الحقوق المدنيية والسيياسية‬ ‫والجتماع ية والخدم ية وح تى ا ستخراج الوراق الثبوت ية كبطا قة الر قم‬ ‫القوميي وشهادات الميلد والوفاة والتجنييد ومعاملت البنوك بحييث‬ ‫أصاب الشلل حياتهم وتضاعفت معاناتهم‪.‬‬ ‫أنا ليبرالي لنني أرفض التمييز الواقع على المسيحيين في تولي‬ ‫الوظائف العامة وفي التشريعات والقضاء وتقييد حريتهم في بناء دور‬ ‫العبادة‪ ،‬وأرفيض التميييز والضطهاد الواقيع على الشيعية والقرآنييين‬ ‫والملحديين واللدينييين مين السيلطات السيياسية والمنيية والتشريعيية‬ ‫والتيارات الدينية وأفراد المجتمع ككل‪.‬‬ ‫أنا ليبرالي لنني أؤمن بالفصل التام بين الدين والدولة فيما يخص‬ ‫التشريعات والقوانيين‪ ،‬وأرفيض تدخيل رجال الديين فيي السيياسة أو‬ ‫التشريعات أو القتصاد أو المجال العام إل بصفتهم مواطنين عاديين ل‬ ‫يتميزون في أي شيء عن باقي المواطنين‪.‬‬ ‫أنيا لييبرالي مؤمين بضرورة وجود نظام لييبرالي لدارة شؤون‬ ‫ية‬ ‫يه الديمقراطيي‬ ‫يلطة وقوامي‬ ‫يع ضمانات لعدم احتكار السي‬ ‫الدولة‪ ،‬يضي‬ ‫والتعدد ية ال سياسية والحزب ية والنقاب ية في ظل نظام د ستوري ي سمح‬ ‫بالتداول السلمي لل سلطة ب ين الحزاب المدنية المتنافسة في النتخابات‬ ‫البرلمانية والرئاسية النزيهة والشفافة‪.‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪91‬‬

‫أنا ليبرالي لنني أؤ من بالدستور الذي ي حد من سلطات الحكو مة‬ ‫وتدخلهيا فيي حياة الفراد ويوازن بيين السيلطات ويصيون اسيتقلل‬ ‫القضاء ويحميي الحريات الفرديية والمدنيية والسيياسة والقتصيادية‬ ‫وحقوق النسان ويسعي لتحقيق المساواة القانونية المبدئية بين الجميع‬ ‫بل تمييز على أساس الدين أو الجنس أو الطبقة الجتماعية‪.‬‬ ‫أنا ليبرالي لنني أؤمن بالتعددية الفكرية وتنوع التيارات السياسية‬ ‫والفكرية المدنية وأؤمن بحق جميع التيارات السياسية والفكرية المدنية‬ ‫(غير الدينية‪/‬الطائفية وغير العسكرية وغير العنصرية وغير العنفية)‬ ‫فيي إعلن الحزاب والجمعيات والتجمعات والمنظمات والمؤسيسات‬ ‫المدنية دون قيود أمنية أو سياسية أو بيروقراطية‪.‬‬ ‫أ نا ل يبرالي لن ني أر فض احتكار ال سلطة من جا نب حزب مع ين‬ ‫وأر فض التزو ير وأر فض البيروقراطية والمحسوبية والف ساد ال سياسي‬ ‫والداري والمالي‪ ،‬وأؤمن بالصلح والتغيير وترسيخ مبادئ المسائلة‬ ‫والمحاسيبية والشفافيية والحوكمية والدارة الرشيدة للموارد الماليية‬ ‫والقتصادية والثروات الطبيعية‪.‬‬ ‫أنا ليبرالي لنني أرفض قانون الطوارئ الخانق للحريات وللحياة‬ ‫ال سياسية والحزب ية في م صر‪ ،‬وأر فض انتهاكات حقوق الن سان ال تي‬ ‫تحدث في أقسام الشرطة والسجون والمعتقلت‪ ،‬وأرفض التحايل على‬ ‫الدستور والقانون وتفصيل القوانين التي تنتهك الحريات وتقيدها وتضع‬ ‫العراقيل أمام ممارستها وتميز ضد المعارضين والقليات‪.‬‬ ‫أنا ليبرالي لنني أؤمن بالحق في التظاهر والضراب والعتصام‬ ‫والع صيان المد ني والتج مع والتجم هر دون إخلل بال من أو النظام أو‬ ‫الممتلكات العا مة أو الخا صة وغير ها من أشكال الت عبير وإبداء الرأي‬ ‫بالتنسيق مع الجهات التنظيمية المعنية‪.‬‬

‫‪92‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫أنيا لييبرالي لننيي مؤمين بضرورة تكافيؤ الفرص فيي الصيعود‬ ‫والرتقاء الجتماعيي والقتصيادي والسيياسي لجمييع أفراد المجتميع‬ ‫وإتاحتها أمام الجميع كل حسب قدراته ومهاراته وخبراته بغض النظر‬ ‫عن المعايير غير الموضوعية وذلك من خلل المساواة القانونية التامة‬ ‫ب ين الجم يع دون أ ية امتيازات طبق ية أو فئو ية أو طائف ية أو عرق ية أو‬ ‫نوعية‪.‬‬ ‫أنيا لييبرالي لننيي أؤمين بضرورة أن يكون للمجتميع المدنيي‬ ‫بمنظماتيه وجمعياتيه وحركاتيه دور قوي وفاعيل فيي المجتميع وقيادة‬ ‫التغييير وتطويير المفاهييم والقييم والفكار والتوعيية والتثقييف بحقوق‬ ‫الن سان وتنم ية الموارد البشر ية ون شر التعل يم والثقا فة والتوع ية بقي مة‬ ‫العقيل والبداع والبتكار والمبادرة الفرديية ومسياعدة الفئات المهمشية‬ ‫والمحرومة من الميزات‪.‬‬ ‫أنا ليبرالي لنني مؤمن بالحرية القتصادية في ظل نظام السوق‬ ‫وضرورة ا ستكمال ال صلحات القت صادية في م صر بشفاف ية و سن‬ ‫تشريعات اقت صادية وإدار ية جديدة من شأن ها ج عل م صر دولة جاذ بة‬ ‫للسيتثمارات الوطنيية والعربيية والجنبيية عين توفيير البيئة المناسيبة‬ ‫للسيتثمار والسيتفادة مين تجارب الخريين فيي القضاء على الفسياد‬ ‫المالي والداري وتسييهيل الجراءات والقضاء على البيروقراطييية‬ ‫والسياسات والممارسات الطاردة والمنفرة من السوق المصري‪.‬‬ ‫أنا ليبرالي لن الليبرالية انتصرت على غيرها من اليديولوجيات‬ ‫الشموليية التيي ركزت على الحقوق الجماعيية وتقدييس دور الدولة‬ ‫وتدخل ها في حياة الفرد ل صالح الجما عة لتحق يق الم ساواة القت صادية‬ ‫الق سرية ال صورية ب ين الجم يع و في سبيل ذلك سحقت الحقوق الفرد ية‬ ‫والسياسية والمدنية والقتصادية للفرد‪ ،‬وهو ما ثبت انهياره وفشله في‬ ‫تحقيق أي إصلح حقيقي لحياة البشر‪.‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪93‬‬

‫أ نا ل يبرالي لن مبادئ وأفكار وخصيائص الليبرال ية أهلتهيا لقيادة‬ ‫العالم فهيي وعاء مرن نسيبيا وليسيت وصيفة ثابتية بجرعات محددة‬ ‫ونسب صارمة ل يمكن زيادتها أو خفضها بحيث أصبحت قادرة على‬ ‫التكييف ميع المجتمعات التيي طبقيت فيهيا عين طرييق التركييز على‬ ‫الصلح والتنمية‪.‬‬ ‫أنا ليبرالي لن الليبرالية هي مجموعة مبادئ وأفكار ومفاهيم تتسم‬ ‫ين‬ ‫يا مي‬ ‫يريا أو طبقيا أو أيديولوجيي‬ ‫يذ موقفا عنصي‬ ‫يامح ول تتخي‬ ‫بالتسي‬ ‫يس إيديولوجيات أخرى‬ ‫اليديولوجيات والفكار والشخاص‪ ،‬على عكي‬ ‫اتخذت من نظم كالرأسمالية وطبقات اجتماعية بأكملها كطبقة الغنياء‬ ‫وأصحاب المشاريع وأفكار كالدين وشرائح اجتماعية كشرائح المتدينين‬ ‫أو غ ير المتدين ين أو القليات الدين ية والعرق ية واللغو ية والثقاف ية أعداء‬ ‫إيديولوجيين لها‪.‬‬ ‫أ نا ل يبرالي لن ني أؤ من بالق يم الوطن ية والدولة القوم ية الم صرية‬ ‫التيي تضيم جمييع المصيريين باختلف مواقعهيم الجغرافيية وأديانهيم‬ ‫ومذاهبهم ومعتقداتهم الفكرية ولهجاتهم وطبقاتهم الجتماعية ودون أي‬ ‫تمي يز غ ير موضو عي ب ين أبناء الش عب الم صري‪ ،‬وتت يح ل هم فرص‬ ‫التمك ين وفرص ال صعود الجتما عي والقت صادي وال سياسي المتكافئة‬ ‫دون تمييز أو إقصاء أو تهميش‪.‬‬

‫‪94‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪95‬‬

‫سا‬ ‫الليبرالية القتصادية‪ :‬تكافؤ الفرص أسا ً‬ ‫للمنافسة‬ ‫ديانا أحمد فؤاد يوسف‬ ‫مواليد أغسطس ‪ . 1985‬حاصلة على ليسانس‬ ‫حقوق انجليزي‪ -‬كلية الحقوق‪ -‬جامعة‬ ‫السكندرية‪ .‬محامية‪ ،‬عضو اتحاد المحامين‬ ‫الليبراليين‪ ،‬أمين لجنة المرأة بإتحاد المحامين‬ ‫الليبراليين‪ .‬شاركت في الدورة التدريبية لمؤسسة‬ ‫فريدريش ناومان بألمانيا التي أقيمت تحت عنوان‬ ‫"دور المنظمات الحكومية والحزاب السياسية فى‬ ‫السياسة والمجتمع المدنى"‪.‬‬ ‫اتمنى ان يصل التيار الليبرالى فى مصر سواء على‬ ‫الصعيد السياسى أو فيما يتعلق بالعنصر البشرى‬ ‫لدرجة عالية من التطور والنمو تؤهله لن يصبح‬ ‫البديل الوحيد المنطقى لنظام الحكم الحالى فى‬ ‫مصر‪.‬‬

‫‪96‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫كثيرًا ما كنت أحاور نفسي بخصوص تلك المسألة‪ ،‬وانتهى بنفس‬ ‫السؤال‪ :‬أنا ليه ليبرالية؟ والسبب في ذلك أنني لم أفكر من قبل في‬ ‫معنى أن أكون ليبرالية‪ ،‬أو أن اعتنق الفكر الليبرالي فلقد نشأت في‬ ‫أسرة ليبرالية‪ ،‬وكانت كل انساق القيم والمفاهيم والفكار التي يطرحها‬ ‫التيار الليبرالي في مصر تتحول بعد ذلك إلى مواضع للجدل ؛ هي‬ ‫بالنسبة لي مسلمات غير قابلة للنقاش‪ ،‬وما دفعني حقا للبحث عن‬ ‫مميزات اليمان بالليبرالية هو أحد السئلة التي طرحها على أحد‬ ‫الصدقاء المنتمين لجماعة الخوان المسلمين‪ ،‬فلقد تساءل وبمنتهى‬ ‫البساطة " تقولين إن الليبرالية تدعو للديمقراطية وحقوق النسان ‪,‬‬ ‫وماذا في ذلك فكل التيارات السياسية تدعو للديمقراطية وحقوق‬ ‫النسان؟ إذن لشيء يميز الليبرالية سوى أنها مسمى غربي يراد به‬ ‫التعبير عن مشكلة وطنية "‪.‬‬ ‫انطلقا من السؤال السابق بدأت البحث عن الهدف من الليبرالية؟‬ ‫هل هي مجرد حل للزمة السياسية والجتماعية التي يحياها المجتمع‬ ‫المصري في الفترة الحالية أي أنها مجرد رد فعل‪ ،‬أم أن المسألة في‬ ‫حقيقتها أعمق من ذلك؟‬ ‫الليبرالية في مغزاها هي عبارة عن أسلوب لحياة الفرد‬ ‫واستمرارية المجتمع وهى تعلى من قيمة الحرية كسبب رئيس للتطور‬ ‫فالليبرالية ليست مجرد فكرة نشأت لمواجهة أزمة ما ؛ سواء أكانت‬ ‫سياسية‪ ،‬أو اقتصادية‪ ،‬أو اجتماعية لتقدم حلول يوتوبية تصل‬ ‫بالمجتمع لمرحلة انعدام الزمة إنما هي وسيلة لبناء المجتمع وتأسيسه‬ ‫على قاعدة من احترام الحرية‪ ،‬واليمان بقيمتها للوصول بالفراد‬ ‫لمرحلة تؤهلهم لمواجهة مختلف الزمات والتعامل معها ووضع حلول‬ ‫منطقية لتلك الزمات انطلقا من طبيعة المجتمع واحتياجاته‪ .‬الليبرالية‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪97‬‬

‫هي وسيلة لخلق مجتمع قادر على وضع حلول مبتكرة لمشاكله تؤهله‬ ‫لتجاوز تلك المشاكل وليست أيدلوجية تسعى لوضع حلول مسبقة‬ ‫لمشاكل لم تخلق بعد ؛ ليصبح الحل جزءًا من المشكلة‪.‬‬ ‫ليست قضية الليبرالية في الساس هي دفع المواطنين قصرًا‬ ‫للذهاب إلى صناديق النتخاب‪ ،‬ول تعريفهم بمفاهيم مكررة عن أهمية‬ ‫حقوق النسان‪ ،‬ول عن مزايا حرية السوق‪ ،‬وإنما القضية الساسية‬ ‫لليبرالية هي خلق مواطن حر على وعى تام بحقوقه السياسية في‬ ‫الدولة وبأهميته كفرد في المجتمع وبقدرة صوته النتخابي على‬ ‫التغيير‪ ،‬والمواطن في ذلك لن يجد نفسه مضطرًا للتصويت‪ ،‬وإنما‬ ‫سوف يصوت بكامل إرادته ليعطى صوته لمن يشعر أنه يستحقه بغض‬ ‫النظر عما إذا كان المرشح مختلف الجنس‪ ،‬أو الدين‪ ،‬أو اللون ‪.‬‬ ‫فالليبرالية في نشرها للوعي بأهمية الحرية السياسية تفتح الباب لظهور‬ ‫مبدأ تكافؤ الفرص‪ ،‬فجميع المواطنين بشر متساويين أمام القانون لهم‬ ‫حقوق‪ ،‬وعليهم واجبات‪ ،‬ويستطيعون الوصول إلى طريق الديمقراطية‬ ‫استنادًا إلى وعيهم الكامل والتام بها‪ ،‬فالمسألة ليست تعريف المواطن‬ ‫بالديمقراطية وإنما خلق مواطن ديمقراطي يسعى إلى الديمقراطية من‬ ‫تلقاء نفسه‪.‬‬ ‫الليبرالية كفكرة لها بعد سياسي تسعى لدارة المجتمع عن طريق‬ ‫خلق مناخ ديمقراطي يسعى لتداول السلطة كوسيلة لدارة البلد‪،‬‬ ‫وهى في ذلك تختلف عن باقي التيارات السياسية في جملة قصيرة‪،‬‬ ‫ولكنها شديدة اليحاء أل وهى" قبول الخر" فلخر اختلفه ميزة‬ ‫يمكن قبولها والتعامل معها أيضا الستفادة منها فالليبرالية ليست‬ ‫أيدلوجية تضع مواصفات معينة لقبول معتنقيها ؛ بحيث تنتهي إلى‬ ‫القولبة أو التقوقع وإنما هي ترقى على مستوى اليدلوجيات بل إنني‬ ‫أستطيع القول بأنها تصلح كوسيلة لدارة اليدلوجيات بما تتمتع به من‬

‫‪98‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫إعلء لمفهوم الحرية ولقيمة الخر‪ .‬بذلك يمكن القول ‪ :‬إن التعامل مع‬ ‫الليبرالية استنادا إلى هذا المنطلق يحررها من أسر المقارنة مع مختلف‬ ‫التيارات الخرى الموجودة الن في المجتمع المصري فهي قيمة قبل‬ ‫أن تصبح شعار سياسي‪ ،‬وإن كان تحويلها إلى أيدلوجية منافسة‬ ‫ليدلوجيات أخرى متواجدة الن في المجتمع المصري‪ ،‬أو شعار‬ ‫سياسي لحزب‪ ،‬أو منظمة قد حال دون منحها حقها الطبيعي في‬ ‫الظهور‪ ،‬وفى العلن عن نفسها بل إنها وإلى حد كبير قد تحولت‬ ‫لمعنى مستهلك وربما مثار للسخرية في مجالس عوام المصريين‬ ‫أما عن علقة الليبرالية بحقوق النسان‪ ،‬فالليبرالية تدعو لحقوق‬ ‫النسان استنادا إلى مفهوم حرية الفرد والمساواة بين جميع المواطنين‬ ‫إمام القانون ل فرق بين مواطن وآخر بناء على الدين ‪ ،‬أو اللون ‪،‬‬ ‫أو الجنس فجميعهم بشر لهم حقوق وعليهم واجبات وجميعهم أعضاء‬ ‫في مجتمع خلق ليوفر لهم الراحة والنظام في مقابل إلزامهم بالمسؤولية‬ ‫الجتماعية تجاه بعضهم البعض‪ ،‬وتجاه المجتمع‪ .‬والليبرالية في‬ ‫دعوتها لحقوق النسان ل تقصر حقوق النسان على فئة دون أخرى‬ ‫باعتبار أن هناك فئة مؤهلة للتمتع بتلك الحقوق وفئة أخرى ل‬ ‫تستحقها‪ ،‬فالليبرالية ل تعطى المواطن الشريف الحق في سلمة جسده‬ ‫من العتداء والتعذيب وتسلب اللص ذلك الحق لمجرد أن هناك‬ ‫ظروف معينه دفعته للنحراف وعلى أساس أنه يستحق ذلك‪ .‬كذلك‬ ‫فهي تضمن حرية المواطن في إبداء رأيه بحرية في مجتمع حر‪ ،‬ول‬ ‫تحرم المرشح مختلف الديانة‪ ،‬أو المرشحة النثى من الترشيح لعلى‬ ‫المناصب على أساس اختلفات ل يد لهم فيها‪ .‬كذلك فالليبرالية وعلى‬ ‫ساس من مبادئ الحرية والمساواة ل تحرم أي مواطن من اللتحاق‬ ‫بأي وظيفة استنادًا إلى دينه‪ ،‬أو جنسه‪ ،‬أو لونه‪ ،‬كما أنها تضمن حق‬ ‫الضعف أو الكثر فقرًا في الحصول على كامل حقوقه ؛ حيث إن‬ ‫الفقر أو الضعف ليس مبررًا منطقيًا لعزل أي مواطن عن المجتمع‪.‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪99‬‬

‫أيضا فالليبرالية في دعوتها لحقوق النسان ل تُطالب في الساس‬ ‫برأب صدع حدث عفوا في قيم ومفاهيم المجتمع‪ ،‬فأدى به إلى حاله‬ ‫غير مسبوقة من انعدام القيم الخلقية‪ ،‬والمفاهيم شديدة الصلة بحقوق‬ ‫النسان‪ ،‬وإنما هي تهدف في رسالتها الصلحية إلى خلق وعى‬ ‫اجتماعي بحقيقة حقوق النسان وطبيعة تلك الحقوق عن طريق تنشأة‬ ‫فرد مؤمن بحقوق النسان كمسلمات غير قابلة للنقاش‪ ،‬وقادر على‬ ‫الدفاع عنها باعتبار أن سلب تلك الحقوق منه يمس أشد المساس‬ ‫بطبيعته الدمية‪.‬‬ ‫والليبرال ية في تأهيل ها للفرد وتعري فه بحقو قه الدم ية تنأى بالمجت مع‬ ‫عن أن يصل لمرحلة التهام الذات عن طريق منح تلك الحقوق لفئات من‬ ‫الناس وحرمان الخر ين منها لسباب غير موضوعيه كارتفاع المستوى‬ ‫التعليميي‪ ،‬أو المادي كميا يحدث فيي مصير ؛ حييث إن كرامية الفقراء‬ ‫ومتوسيطي التعلييم وأجسيادهم مسيتباحة فيي ظيل النظام البوليسيي شدييد‬ ‫القسيوة والسييطرة فيي حيين أن الغنياء يتمتعون بكيل حقوق النسيان‪،‬‬ ‫وكرامتهم وأجسادهم ل يمكن المساس بها بأي صورة من الصور‪.‬‬ ‫كذلك فالليبرالية ل تعترف بحقوق الغلبية وتحرم القليات من‬ ‫تلك الحقوق سواء كانوا أقليات دينية‪ ،‬أو عرقية‪ ،‬وإنما هي تعترف‬ ‫بحقوق الجميع في إطار من المساواة أمام القانون وإمام ال‪ ،‬وهي في‬ ‫ذلك تحافظ على المجتمع من التفكك ومن النزاعات المسلحة ومن‬ ‫الحروب الهلية والتي تنتج من انتهاك حقوق فئة لحساب فئة أخرى‪،‬‬ ‫وهى في ذلك أيضا تختلف عن باقي التيارات السياسية‪ ،‬وحركات‬ ‫الصلح في المجتمع المصري فهي ل تقبل القصاء تحت أي ظرف‬ ‫من الظروف‪ ،‬فالمسلم ل يتميز عن المسيحي‪ ،‬أو اليهودي‪ ،‬أو البهائي‬ ‫والجميع لهم الحق في التمتع بنفس الحقوق في مجتمع سيادة القانون‪.‬‬ ‫كذلك فليس هناك أي ميزة لسكان الوجه القبلي‪ ،‬أو البحري عن سكان‬

‫‪100‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫النوبة ذوى البشرة السمراء‪ ،‬أو سكان سيناء ذوى الصول العربية‬ ‫فجميعهم مواطنين مصريين وبشر متساويين في الحقوق والواجبات‪.‬‬ ‫وبتلك الصورة سالفة الذكر يتضح أن الليبرالية بإعلئها لقيمة‬ ‫الفرد وقيمة حريته وآدميته تساهم وبصورة إيجابية في إصلح‬ ‫المجتمعات التي تعانى من استفحال المشاكل الجتماعية ومنها المجتمع‬ ‫المصري والذي انتهى به المطاف إلى حالة غير مسبوقة من التردي‬ ‫في مجال حقوق النسان وهى في ذلك ل تقدم حل منقوص وإنما‬ ‫منظومة متكاملة من القيم النسانية يتم تطبيقها معا لتساعد على‬ ‫النهوض بالمجتمع‪ ،‬وانتشاله من مستنقع العنصرية والقسوة ‪.‬الليبرالية‬ ‫بتعريفها للمواطن بطبيعة حقوقه الدمية تسمح له ببناء المجتمع على‬ ‫أسس غير قابلة للنهيار ل يمكن المساس بها عند أصعب الظروف‪،‬‬ ‫وهى في إعدادها للنسان المتميز تمهد الطريق لعداد إنسان ذو قدرة‬ ‫على الشتغال بالسياسة لدارة مجتمعه‪ ،‬وذو قدرة على الشتغال‬ ‫بالقتصاد لدارة حياته‪.‬‬ ‫أما عن البعد القتصادي لليبرالية فهو من أشد الجوانب في الفكر‬ ‫الليبرالي إثارة للهجوم والنتقادات حيث إنها تطالب بحرية السوق‬ ‫والتي يتصورها البعض على أنها " دع الغنياء يراكمون ثرواتهم‬ ‫‪8‬‬ ‫واترك الفقراء لمصيرهم"‬ ‫لكن هل الليبرالية حقا هي نظام اقتصادي متوحش يهدف في‬ ‫الساس إلى زيادة ثروات الغنياء وسلب أقوات الفقراء ؟ وهل السبب‬ ‫الساسي في ما نعانيه الن في المجتمع المصري من مشاكل اقتصادية‬ ‫شديدة القسوة يرجع إلى سياسات تحرير السوق ؟‬ ‫الملحظ الن أن ما يحدث في المجتمع المصري من تعليق كل‬ ‫أسباب الزمات القتصادية المستمرة التي نعانيها في مصر على‬ ‫‪ 8‬د‪.‬رفعت لقوشة ‪,‬الليبرالية والمجتمع المصري الزمة والدليل ص ‪11,10‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪101‬‬

‫شماعة الفكر الليبرالي هو نوع من الفهم الخاطئ لليبرالية القتصادية‬ ‫نتج عن التطبيق الخاطئ للسياسات الليبرالية في مجال القتصاد‪.‬‬ ‫الليبرالية في الساس تسعى إلى سوق مفتوح تتم فيه المنافسة استنادا‬ ‫إلى مبدأ تكافؤ الفرص حيث تدعو إلى المنافسة العادلة‪ ،‬ونبذ السياسات‬ ‫الحتكارية‪ ،‬والتي تؤدى إلى تحويل مسار الثروة‪ ،‬والقضاء على آمال‬ ‫وطموحات الكثير من المشروعات‪ ،‬والتي تجاهد في ظل السياسات‬ ‫الحتكارية للبقاء وليس للصعود‪ .‬والملحظ هنا أن مشكلة الليبرالية‬ ‫القتصادية تظهر في المجتمع المصري من خلل آليات التطبيق‪ ،‬والتي‬ ‫تؤثر بالسلب على انطباعات الناس عن الليبرالية القتصادية‪.‬‬ ‫الليبرالية تحترم تماما حق الفراد في الملكية‪ ،‬وهى في ذلك ل‬ ‫تفرق بين غنى وفقير‪ ،‬بل إن الحفاظ على ملكية الفقراء هو من أهم‬ ‫أسس الليبرالية القتصادية‪ ،‬وهى في ذلك تساهم في زيادة دخول‬ ‫‪9‬‬ ‫الفقراء عن طريق زيادة إيقاع النمو بمعدلت مرتفعة‪.‬‬ ‫الليبرالية في دعوتها إلى حرية السوق تعترف بحق جميع الفراد‬ ‫في الندماج في النظام القتصادي الجديد‪ ،‬فهي في ذلك ل تقبل‬ ‫بالقصاء‪ ،‬وتحافظ على مبدأها الدائم في قبول الخر المختلف‪ .‬فالخر‬ ‫المختلف من حقه دخول السوق‪ ،‬والمنافسة المشروعة‪ ،‬وزيادة ثروته‬ ‫مادام يستحق ذلك‪.‬‬ ‫المهم الن ليس تعريف المجتمع بسياسات ليبرالية اقتصادية وإنما‬ ‫كيفية تطبيق تلك السياسات فحرية السوق‪ ،‬وحق الفراد في تكافؤ‬ ‫الفرص‪ ،‬والمنافسة المشروعة لن يتم في ظل وجود منظومة فساد‬ ‫شديدة القوة والسيطرة تمتد فروعها إلى النظام الحاكم نفسه‪ .‬إلى جانب‬ ‫ذلك فالفساد ل يمكن القضاء عليه إل عن طريق قضاء مستقل شديد‬ ‫القوة والحياد‪ ،‬والملحظ أن كل تلك الظروف ل تتوافر في المجتمع‬ ‫‪ 9‬المصدر السابق‬

‫‪102‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫المصري في الفترة الحالية‪ .‬إذن مجمل القول إن أزمة الليبرالية في‬ ‫مجال القتصاد ترجع وبصفة رئيسة لليات التطبيق‪ ،‬وليس لطبيعة‬ ‫النظام الليبرالي‪.‬‬ ‫من خلل كل ما سبق فإنني حاولت شرح السبب الساسي الذي‬ ‫يجعلني اعتنق الفكر الليبرالي ‪ ،‬وأؤمن به كحل مناسب للمشاكل‬ ‫شديدة التعقيد والتي يعانى منها المجتمع المصري سواء على المستوى‬ ‫السياسي‪ ،‬أو القتصادي‪ ،‬أو الجتماعي ‪ .‬فعلى صعيد المستوى‬ ‫السياسي تؤمن الليبرالية بحتمية خلق نظام ديمقراطي قائم على تداول‬ ‫السلطة اعتمادًا على مبدأ التعددية الحزبية‪ ،‬وعلى صعيد المستوى‬ ‫الجتماعي تؤمن بضرورة خلق مجتمع يؤمن إيمانًا تامًا غير منقوص‬ ‫بحقوق النسان‪ ،‬وعلى صعيد المستوى القتصادي فالليبرالية تدعو‬ ‫لصلح القتصاد عن طريق حرية السوق في إطار من الشفافية‪،‬‬ ‫وتحت مظلة القانون وأتمنى أن أكون قد وفقت في إعطاء التفسير‬ ‫السليم والموضوعي لتلك المفاهيم من خلل المقال السابق‪ ،‬وكذلك‬ ‫أتمنى أن ينجح هذا المقال في إيصال المفهوم الحقيقي للفكر الليبرالي‬ ‫للمواطن المصري‪ ،‬وأن يصبح خطوة ولو بسيطة في إنصاف الليبرالية‬ ‫مسلوبة الحق غائبة التقدير في المجتمع المصري‪.‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪103‬‬

‫حلول ليبرالية لزمات المجتمع‬ ‫المصري‬ ‫شادي محمد حسين الرخاوى‬ ‫مواليد يناير ‪ .1987‬بكالوريوس الهندسة جامعة‬ ‫المنصورة ‪ .2009‬عضو بحزب الجبهة الديمقراطية‪.‬‬ ‫شاركت في الدورة التدريبية لتأسيس منظمة الشباب‬ ‫التابعة لحزب الجبهة الديمقراطية (جبهة الشباب‬ ‫الحر) تحت رعاية مؤسسة فريدريش ناومان العين‬ ‫السخنة ‪ -‬أغسطس ‪ .2006‬ساهمت في تنظيم‬ ‫سمينار ثقافي عن "المفاهيم الليبرالية" تحت رعاية‬ ‫مؤسسة فريدريش ناومان ‪ -‬المنصورة ديسمبر‬ ‫‪ .2007‬وسمينار ثقافي عن "الليبرالية السياسية‬ ‫ومفهوم الدولة المدنية" تحت رعاية مؤسسة‬ ‫فريدريش ناومان ‪ -‬المنصورة يونيو ‪2008‬‬ ‫أتمنى خلق تواجد مؤثر وفاعل للقوى السياسية‬ ‫المصرية بما يؤثر بشكل ايجابي على مسيرة التحول‬ ‫الديمقراطي ويعمل في النهاية لصالح الجماهير‬

‫‪104‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫تلقيت تعليمي في المرحلة العدادية في إحدى المدارس الخاصة‬ ‫والتي يمولها ويديرها مجموعة من قيادات جماعة الخوان‪.‬‬ ‫وقد تبنى إداريو المدرسة مبدأين في سياستهم التربوية للتلميذ‬ ‫أول ‪ :‬أن يتم تحفيظ القرآن بدون تفسير‬ ‫ثانيا ‪ :‬العتماد على نظرية المؤامرة في تحليل الظواهر السياسية‬ ‫والجتماعية لثبات أنهم وحدهم حماة الدين وحراس بوابة‬ ‫الخلص‪ ،‬وقد كان دأب أسلفهم من محترفي تسييس الدين‬ ‫هو تشويه فكرة الدولة المدنية انطلقا من رفض الليبرالية‬ ‫للسلطة الدينية وإطلق ما هو نسبى ليُخيل للعامة أن دعوة‬ ‫الفصل بين السلطة الدينية والمدنية هي في الساس رفض‬ ‫للدين وتخالف السلم باعتبار انه دين ودولة‪ ،‬ونتيجة لذلك‬ ‫ومع تراجع التيارات الليبرالية على المستوى الثقافي‬ ‫والسياسي فان كلمة ليبرالي غالبا ما تثير حفيظة الكثيرين‬ ‫من العامة ذلك لنهم يرون أنه من غير الطبيعي أن يرفض‬ ‫النسان نظاما إلهيا محكما ويستبدله بآخر من صنع البشر‬ ‫ل يمكن أن يرقى في إحكامه إلى مستوى الكيان الديني‪،‬‬ ‫سواء كان هذا الحلل باسم الليبرالية أو غيرها ‪.‬‬ ‫وحقيقة فان تعريف الليبرالية والذي يخلص إلى " ضرورة تحديد‬ ‫نمط العلقة بين الفرد والمجتمع والدولة بما يؤمن اتزان الفرد الداخلي‬ ‫كانسان والخارجي كعضو فاعل في المجتمع" يقتضى عدم الخلط بين‬ ‫السلطة الدينية والمدنية انطلقا من الرغبة في حماية الدين من سطوة‬ ‫الدولة باعتباره المقوم الخلقي الرئيسي الذي يضمن استقرار الفرد‬ ‫روحيا في إطار العبادة وعقليا بتدبير معنى الحياة‪ ،‬ومن جهة أخرى‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪105‬‬

‫حماية الشأن العام من مسئولين يخفون أزماتهم وسوء اختياراتهم في‬ ‫عباءة الدين‪.‬‬ ‫وتشير الجذور التاريخية إلى ارتباط فكرة تسييس الدين بالمآسي‬ ‫النسانية الكبرى‪ ،‬فعرفت أوروبا إبان عصر الباباوات محاكما للتفتيش‬ ‫وحروبا بين الكاثوليك والبروتستانت‪ ،‬وعرف الشرق السلمى فتنة‬ ‫قاتل فيها حفظة القرآن الكريم وأهل بيت النبوة بعضهم البعض‪.‬‬ ‫والمرء يرى رجال يتمسكون بظاهر الشريعة دون جوهره‬ ‫ويدعون لنفسهم سلطة دينية ل أصل لها في السلم لينطلقوا منها إلى‬ ‫السلطات الخرى‪.‬‬ ‫وخرجت علينا فرقة تنادى بأنه ل يجوز الخروج على الحاكم وان‬ ‫الليبرالية كفر‬ ‫وجاءت فرقة أخرى تسعى إلى تكفير الخرين لثبات أنهم‬ ‫أصحاب الحق اللهي في تقرير مصير المة وان الشريعة السلمية‬ ‫هي الدستور الساسي للبشرية مما يعنى أن كل من ل يؤمن بالسلم‬ ‫يعتبر خارجا على القانون المر الذي شكل الساس الفكري لعمليات‬ ‫الشحن الطائفي الغير مسئول – ولن لكل فعل رد فعل فقد ظهر‬ ‫الشحن الطائفي أيضا على الجانب القبطي – المر الذي أسفر عن‬ ‫أزمة تعايش بين المسلمين والقباط وجعل فكرة المواطنة موضع‬ ‫جدل بعد أن كانت سمة أساسية للشخصية المصرية وطمس معالم‬ ‫الوطن الواحد‬ ‫وظهرت فرقة ثالثة تتاجر بإيمان البسطاء وترفع شعارا مطاطا "‬ ‫السلم هو الحل" يتشكلون في إطاره حسب الحاجة لن السلم‬ ‫بطبيعته حمال أوجه ويمكن تفسيره بأكثر من شكل‪.‬‬ ‫وأنا كمصري أرى أن الليبرالية بفصلها بين السلطات هي‬ ‫الضمان الكيد لنزاهة الحياة السياسية القائم على الشفافية ورفض‬

‫‪106‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫التضليل وأشير إلى أن الليبرالية ليست إيديولوجية بمعنى أنها ليست‬ ‫قائمة على أسس جامدة وإنما تنظم العلقات بين الفرد والمجتمع‬ ‫والدولة في إطار القوانين الطبيعية للشياء ويتبلور دور الليبراليين في‬ ‫الكشف عن تلك القوانين وصياغة ما يفرضه الواقع من مستجدات في‬ ‫إطارها‪ ،‬ولذلك فان المجتمع الليبرالي يؤمن بالتطور الطبيعي للنظم‬ ‫والفراد والمؤسسات وينبذ العنف الثوري الذي عادة ما يتجاوز الواقع‬ ‫الفعلي ويأتي بإيديولوجيات جاهزة يحاول فرضها مما يسبب في‬ ‫المحصلة ردة شاملة تعود بالمجتمع إلى مرحلة ما قبل البداية وقد‬ ‫يؤدى العنف الثوري إلى تفكيك الجبهة الداخلية لنه غالبا ل يستند‬ ‫على شرعية لقتسام السلطة فضل عن ذلك فان النظم الثورية عموما‬ ‫تمجد من الفرد الزعيم وتعتبره رجل القدار مما يعد مدخل لهدم الحياة‬ ‫الديمقراطية ويشكل تهديدا لحرية الفراد‪.‬‬ ‫لماذا أرى في الليبرالية فكرة جيدة لمستقبلي ومستقبل الشباب‬ ‫المصري؟ (أزمة المواطنة كمثال)‬ ‫تعرفت على صديقين قبطيين وفى حديث مع احدهما وجدته‬ ‫متحفظا على كلمة ال اكبر رافضا حتى كتابتها على العلم المصري‬ ‫في بعض الفلم السينمائية معلل ذلك " مصر مش بلد المسلمين‬ ‫لوحدهم" أما الخر فقد سمعته يغنى ال اكبر بدون تحفظ‪ ،‬ولفت‬ ‫انتباهي الفارق في فهم كل منهما لفكرتي الحرية والنتماء ‪.‬‬ ‫فالول انعزالي بطبعه ويرى أن انتماءه للكنيسة وحدها‪ ،‬والثاني‬ ‫متفتح ومتسامح ويحلم بمصر الدولة المدنية وبتحليل الزمة وجدت‬ ‫أنها محصلة أوضاع سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية شاملة‬ ‫تراكمت نتيجة لتخلى القيادات المسئولة عن فكرة الدولة المدنية وغياب‬ ‫القيم الليبرالية وعلى رأسها‪-:‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪107‬‬

‫•الحرية والتسامح والمساواة وسيادة القانون‪:‬‬ ‫أن الحرية الليبرالية هي التي تؤمن اتزان الفرد الداخلي كانسان‬ ‫انطلقا من العتراف بان لكل فرد مجال حيوي يمارس فيه اختياراته‬ ‫وحقوقه وفى المقابل فهو مسئول عن دوره في المجتمع ويعتبر الشأن‬ ‫العام شانا خاصا به ؛ وعليه فهو مستعد أن يبذل جزءا من جهده‬ ‫لخدمة الشأن العام ومن ثم فان دعوة الفردية ل تأتى بإطار أناني‬ ‫يفرض على الناس انعزالية تفصلهم عن المجتمع والدولة بل إن‬ ‫الليبرالية ترفض التهميش الجتماعي وتلح على الفردية رغبة في‬ ‫خلق إطار مرن يسمح للفراد بتنمية مهاراتهم والتعبير عنها مما يخلق‬ ‫تعددية في ميادين الحياة وبتداول الفكار فان الرأي العام يتجه لنتخاب‬ ‫الصلح وعلى الصعيد السياسي تشكل الفردية مدخل لخلق تعددية‬ ‫سياسية مما يعد من دعائم الحياة الديمقراطية ويمهد لتداول السلطة‬ ‫كذلك فان المفهوم الشامل للدولة باعتبار إنها مجموع الرض‬ ‫والمؤسسات والفراد يستند على حرية الفرد كأساس لسيادة الدولة على‬ ‫اعتبار أن الفرد هو من يقوم بحماية الرض والمؤسسات‪ ،‬والتاريخ‬ ‫يعرف أناس شيدوا قصورا لكنهم عجزوا عن الدفاع عنها‪.‬‬ ‫ويتمحور دور الدولة( دولة المؤسسات) ومنظمات المجتمع المدني‬ ‫في العمل على تنمية المهارات الذاتية للفرد من خلل المنظومة‬ ‫التعليمية والعلمية بما يجعله قادرا على ممارسة حقوقه وواجباته‬ ‫بعيدا عن الفوضوية أو السلبية ‪.‬‬ ‫ويقودنا الحديث إلى سيادة القانون باعتبار انه الطار المنظم‬ ‫للعلقة بين الفراد بحيث ل تطغى حرية احدهم على الخرين ولن‬ ‫المة هي مصدر السلطات فان القانون يستمد سيادته من كونه معبرا‬ ‫عن إرادة المة ومتماشيا مع واقعها (و كلنا نعرف كيف يؤكد الدستور‬ ‫المصري على أن الشريعة السلمية هي مصدر التشريع بما ل يتوافق‬

‫‪108‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫مع واقع المة الفعلي – فالقانون ل يطبق الجلد ول قطع اليد مثل –‬ ‫ونعرف أيضا أن السلطة التنفيذية ممثلة في كبار رجال الدولة تسعى‬ ‫لبسط سيطرتها على القضاء من خلل وزارات ومجالس تخالف في‬ ‫وجودها جوهر الفكر الليبرالي القائم على الفصل بين السلطات‪ ،‬ونذكر‬ ‫كيف مررت التعديلت الدستورية الخيرة في غفلة من المواطنين‬ ‫والقوى السياسة بين مقاطع ومعارض) وكل هذه المور تنال من فكرة‬ ‫سيادة القانون وتجعلها حبرا على ورق ‪.‬‬ ‫وأنى أؤكد على ضرورة استقلل القضاء عن السلطة التنفيذية لن‬ ‫هذا يوفر ضمانا رقابيا يحرس الدولة وسيادتها ويحمى حقوق الفراد من‬ ‫تجاوز مسئولي السلطة التنفيذية ويحدد مسئوليات الفراد تحديدا قاطعا‬ ‫ويحقق المساواة والتي ل تعنى أن يكون الجميع متساويين في المستوى‬ ‫المادي والجتماعي ( فهذا مستحيل عمليا نتيجة اختلف المزايا النسبية‬ ‫للفراد) وإنما نعنى بمبدأ المساواة في الفرص وحق تقرير المصير‪،‬‬ ‫بحيث ل يتضمن النظام مزايا تمنح لبعض الفراد أو الفئات تساعدهم في‬ ‫التميز على الخرين بل يجب أن تكون الفرص متاحة للجميع وان يكون‬ ‫معيار التميز بين الفراد ناتجا عن المزايا الفردية وكل هذه المور‬ ‫يضمنها القضاء المستقل والقانون ذو السيادة ‪.‬‬ ‫•الهوية المصرية ومفهوم الدولة المدنية ‪:‬‬ ‫تناولت في فقرة سابقة دور التأسلم السياسي في تشويه فكرة‬ ‫النتماء‪ ،‬والحقيقة أن القيادات الحكومية قد ابتعدت بكيان الدولة عن‬ ‫مواطنيها فانصرف المواطنون إلى أنفسهم وشرعوا يبحثون عن كيان‬ ‫بديل حيث ل امن دولة ول طوارئ‪.‬‬ ‫ولن الدولة بتدخلها البوليسي منعت السياسة في أماكنها الشرعية‬ ‫(الحزاب والنقابات والمجالس النيابية‪ )....‬فانتقلت السياسة إلى أماكنها‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪109‬‬

‫غير الشرعية (المساجد والكنائس) فخرج علينا مواطن مسلم يهتف بال‬ ‫وطنية في السلم وأخر قبطي يشعر بان انتماءه الرئيسي إلى الكنيسة‪.‬‬ ‫وظهر شعار السلم هو الحل بديل عن الدين ل والوطن للجميع‪،‬‬ ‫وقد كان الظرف مواتيا بعد أن أطلق السادات يد التيارات السلمية‬ ‫وسمح لها بالعمل العام في مقابل إجهاض الحركة اليسارية‪.‬‬ ‫وكمصري أؤكد على ضرورة تدعيم فكرة الدولة المدنية رغبة في‬ ‫حل الزمات التي تراكمت بفعل الفساد وغياب الديمقراطية وتصحيح‬ ‫مفهوم النتماء ‪.‬‬ ‫وحقيقة فان جوهر العملية الديمقراطية في أن تكون نتائج‬ ‫النتخابات معبرة فعل عن إرادة الناخبين‪ ،‬مما يعنى تمثيل فاعل‬ ‫لمختلف الطوائف داخل المجالس التشريعية والنيابية فضل عن أن‬ ‫الحكومة المنتخبة ديمقراطيا تستند إلى غطاء من الشرعية يضمن‬ ‫تماسك الجبهة الداخلية وتسعى دائما إلى استرضاء الرأي العام‪.‬‬ ‫•تداول السلطة ‪:‬‬ ‫أثبتت التجارب أن تداول السلطة من الضمانات الساسية لسلمة‬ ‫العملية الديمقراطية وذلك لنه يحفز القيادات السياسية بمختلف‬ ‫اتجاهاتها على تطوير مهاراتهم ويسمح لهم بتشكيل تكتلت برلمانية‬ ‫تسعى من خلل العمل العام إلى الحصول على أغلبية تمكنهم من‬ ‫الوصول إلى الحكم‪ ،‬فضل عن ذلك فان التغيير بين أوساط النخبة‬ ‫الحاكمة يسمح بتفجير طاقات البداع مما يساعد على تطور العملية‬ ‫السياسية‪ ،‬أما السلطة المترهلة فإنها تحيط نفسها بمجموعة من‬ ‫المسئولين الفاسدين الذين ل هم لهم سوى الحتفاظ بمناصبهم‬ ‫ولسد الفراغ الذي تسببه اللشرعية فإنهم يلجئون إلى القمع‬ ‫البوليسي‪ ،‬مما يشكل تعديا على حرية الفراد ويكرس الفساد المؤسسي‬

‫‪110‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫الذي يزيد بدوره من ظاهرة الفقر والتهميش الجتماعي بحيث تسعى‬ ‫النخبة الحاكمة إلى تفضيل الفراد الموالين لها على حساب الخرين ‪.‬‬ ‫وأخيرا فان الفساد المؤسسي يلتهم سيادة الدولة مما يجعل دور‬ ‫المجتمع المدني ‪ -‬والمنوط به الحفاظ على سيادة الدولة ‪ -‬مفرغا من‬ ‫المضمون ذلك الفراغ الذي ينتقل بدوره إلى الفراد مما ينشر ثقافة‬ ‫السلبية والبتذال‪.‬‬ ‫•دور فاعل للمنظمات الحقوقية وهيئات المجتمع المدني‬ ‫وأحزاب المعارضة والصحافة المستقلة‪:‬‬ ‫يكفل القانون المصري نظاما رقابيا على الوزارات والمؤسسات‬ ‫الحكومية وكبار المسئولين من خلل صلحيات نواب البرلمان (طلبات‬ ‫الحاطة والستجوابات) ومن خلل هيئات متخصصة مثل الجهاز‬ ‫المركزي للمحاسبات وهيئة الرقابة الدارية‪ ،‬لكن هذا ل يلغى دور‬ ‫المجتمع المدني والصحافة المستقلة وأحزاب المعارضة (و التي ل‬ ‫تعارض من اجل المعارضة وإنما ترفض الفساد والسلبية) في حراسة‬ ‫سيادة الدولة فالسلطة المترهلة قد تتمكن من فرض سيطرتها على تلك‬ ‫الجهزة – وهى في النهاية أجهزة حكومية‪ -‬بتمكين كبار الموظفين‬ ‫الموالين لها من الوصول إلى رئاسة تلك الجهزة مما يجعل رقابتها‬ ‫شكلية وغير ذات مضمون فضل عن ذلك فان الحكومة تسعى أن‬ ‫تكون رقابة مجلس الشعب هامشية وذلك بتشكيل أغلبية برلمانية‬ ‫موالية لها‪ ،‬و قد تتخذ القيادات المسئولة إجراءات تعسفية ضد النواب‬ ‫المشاغبين الذين يتمكنون من الوصول إلى المجلس‪ ،‬وفى هذه المرحلة‬ ‫تشكل الجهات السابق ذكرها ومعها القضاء المستقل إطارا رقابيا حرا‬ ‫يحافظ على سيادة الدولة من جهة ومن جهة أخرى يستثمر الطاقات‬ ‫الفردية للفراد استثمارا ايجابيا ‪.‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪111‬‬

‫•اقتصاديات السوق ‪:‬‬ ‫تعتبر الملكية الخاصة أقوى دافع لتحريك آلية السوق في إطار‬ ‫المنافسة ويؤدى في النهاية إلى زيادة النتاج‪ ،‬و يعتبر حق الملكية‬ ‫ضمانا أصيل للحرية لنه يكفل توزيع الثروات توزيعا قائما على‬ ‫المكانيات الذاتية ويفتح الباب أمام المنافسة بين الفراد والتي تعتبر‬ ‫محركا أساسيا للبداع وفى المقابل فان تركيز الثروة في القطاع العام‬ ‫والذي تتولى إدارته الحكومة يعد مدخل لقمع الحريات وانخفاض‬ ‫مستوى الدخل لنه يبطئ من عجلة النتاج ول يخلق ضمانات لعدالة‬ ‫التوزيع مما يقود عمليا إلى ما يسمى " رأس مالية الدولة " أي إن‬ ‫القيادات العليا هي التي تتركز بين أيديها الثروات ‪.‬‬ ‫وفي هذه المرحلة ل تشكل التشريعات ضمانا كافيا للعدالة‬ ‫الجتماعية لن السلطة والثروة والتشريع كلها أمور تجتمع في قبضة‬ ‫حكومة لبد وان تكون مستبدة أما في نظام السوق الحر فان‬ ‫التشريعات تعد آلية محورية لتطبيق العدالة فالثروة في يد الفراد‬ ‫المؤمنين بسيادة الدولة ‪.‬‬ ‫ويشير د‪ /‬رفعت لكوشة إلى دور الدولة فيما يلي‪:‬‬ ‫•دعم الفقراء لتخفيف أعبائهم وتطبيقا للعدالة الجتماعية‪،‬‬ ‫فالدولة حين تطرح أراضى مخفضة لتشجيع الستثمار أو‬ ‫ترفع الجمارك على السلع المستوردة دعما لصحاب المصانع‬ ‫فإنها مسئولة عن دعم الفقراء مثلما دعمت غيرهم‪.‬‬ ‫•مكافحة الحتكار وتركيز الثروة لنه يؤدى إلى إفلس‬ ‫صغار المستثمرين وتقليص السوق ورفع السعار خارج‬ ‫حدود المنافسة الشريفة ‪.‬‬ ‫•تنظيم التعايش بين أنماط النتاج المختلفة بما يدعم فكرة‬ ‫المنافسة فيمكن على سبيل المثال أن يفرض القانون على‬

‫‪112‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫محلت السوبر ماركت أن تغلق في موعد محدد ويعفى‬ ‫أصحاب المحال الصغيرة من هذا لتشجيعهم على التطور‬ ‫والمنافسة‪.‬‬ ‫******‬ ‫وبهذه المعايير يمكن للمجتمع أن يصحح أزماته بنفسه وتطبيقا‬ ‫على أزمة المواطنة فان مقومات الدولة المدنية قادرة على تقويض‬ ‫السس التي قامت عليها الزمة بداية من تسييس الدين وحتى التهميش‬ ‫الجتماعي‪ ،‬ونرى في اقتصاديات السوق علجا للفقر والبطالة تلك‬ ‫المور التي انحدرت بالمصريين إلى مستوى غير آدمي من الفاقة‬ ‫والفراغ وجعلت نفوس المصريين وقودا قابل جدا للشتعال ‪.‬‬ ‫وأخيرا فإننا ليبراليون لن مصر تستحق ان تكون في مصاف‬ ‫المم المتقدمة ‪.‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪113‬‬

‫المختلف عنى مش ضدي‬ ‫مريم مراد على‬ ‫مواليد سنة ‪ .1987‬طالبه بالسنة النهائية بكلية‬ ‫الصيدلة جامعة القاهرة‪.‬‬ ‫عضوه بحزب الجبهة الديمقراطية منذ يوليو‬ ‫‪ 2007‬وعضو بالمكتب المركزي لمنظمة الشباب‬ ‫والهيئة العليا للحزب وحضرت عدة أيام تثقيفية‬ ‫تحت رعاية منظمة فريدريش ناومان‪.‬‬ ‫أتمنى أن تتحول الليبرالية من كلمات نناقشها‬ ‫على الورق إلي أفعال تتحقق وتنتشر في الشارع‬ ‫المصري الذي اشعر باستعداده لقبول تيار‬ ‫ليبرالي قوى‪ ،‬لذا علينا نحن الليبراليون أن‬ ‫نتواجد بشكل فعال على الساحة ونقترب أكتر‬ ‫بقيمنا لرجل الشارع العادي الذي استغله التيار‬ ‫الديني جيدا بينما يمكننا نحن أن نبنى بتيارنا‬ ‫مصر أخرى نتمناها جميعا‪.‬‬

‫‪114‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫أنا ليبراليه علشان أنا إنسانه حرة ونفسي أعيش في وطن حر‪.‬‬ ‫بس لحظه واحده‪ .‬مش لزم يكون عندنا مشكله من كلمة حرية‪.‬و مش‬ ‫لزم نوجه نفسنا إلى التابوهات كلما ذكرت كلمة الحرية‪ .‬أنا ليبراليه‬ ‫يعنى باحثه عن الحرية بمعناها اليجابي‪.‬‬ ‫حريتي أنى أفكر أنى اعبر أنى اعترض أنى اختار اللي‬ ‫يحكمني‪.‬أنى أقول ل حريتي أن صوتي يوصل من غير تزوير‪.‬حريتي‬ ‫كفتاه كاملة الهلية وليس نصف إنسان‪.‬دى حريتي اللي ربنا كفلها لي‬ ‫لكن المجتمع بيحاول يسحبها منى‪.‬حريتي في الختيار بشكل عام‪.‬‬ ‫أنا ليبراليه لني مؤمنه بحرية العقيدة ومقتنعة أن مش من حقي‬ ‫أتدخل في اعتقاد حد أو اجبره على اعتقادي وده اللي ربنا كفله لكل‬ ‫إنسان قبل ما احنا نطالب بيه‪ .‬أنا ليبراليه‪ ،‬لني مؤمنه بالدولة المدنية‬ ‫القائمة على المساواة بصرف النظر عن الجنس أو اللون أو الدين‪.‬‬ ‫مؤمنه أن القانون لبد أن يطبق على الجميع على حد سواء‪.‬أنا‬ ‫ليبراليه لني مش مهتمة اسأل كل شخص بتعامل معاه عن دينه واحدد‬ ‫شكل التعامل على الساس ده‪ .‬أنا ليبراليه لن الدين ل ومش من حقي‬ ‫انصب نفسي مكان ربنا وأحاكم الناس على معتقداتهم‪.‬‬ ‫أنا ليبراليه لني مش بكره اى حد مختلف عنى في اى حاجه‪.‬‬ ‫ومقتنعة أن الختلف سنة الحياة‪ .‬وأن مستحيل الناس يكونوا كربون‬ ‫من بعض‪ .‬أنا ليبراليه علشان بحلم بمستقبل أفضل لبلدي وعندي‬ ‫اعتقاد أن الليبرالية وسيله مناسبة جدا لتحقيق الهدف ده‪ .‬وفي نفس‬ ‫الوقت أنا مش ضد اى أفكار ثانيه حتى لو كانت ضد الليبرالية لن‬ ‫الليبرالية هي تقبل الخر‪ ،‬بالرغم أن الخر مش دايما بيتقبل ده‪.‬‬ ‫أنا ليبراليه علشان أنا بحب أفكر بدون قيود ولني مؤمنه أن‬ ‫الحفظ والصم والنقل بدون تفكير عمرهم ما كانوا سبب في تقدم المم‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪115‬‬

‫بالعكس هما أول طريق التخلف والجهل علشان كده حرية الفكر هي‬ ‫دايما اللي بتؤدى للبداع وكل العباقرة على مدار التاريخ كان تفكيرهم‬ ‫مختلف كان تفكيرهم حر وبالتالي أبدعوا لما تمردوا على الفكر السائد‪.‬‬ ‫أنا ليبراليه علشان الليبرالية مش بتجبرنى أفكر في طريق معين أو‬ ‫اقتنع بفكره معينه لو خرجت عنها أبقى فقدت ليبراليتي‪ .‬لكن الليبرالية‬ ‫بتساعدنى أنى أنا اللي ابني فكره أؤمن بيها مش العكس‪.‬أنى أفكر قبل ما‬ ‫اقتنع ولما اقتنع أكون فعل توصلت للقتناع عن طريق عقلي‪.‬‬ ‫أنا ليبراليه لن الليبرالية علمتني أن المختلف عنى مش ضدي‪.‬‬ ‫وإن الخر مش منبوذ مهما كان‪ .‬أنا ليبراليه لن الليبرالية بتمنع أنى‬ ‫أتحاسب على افكارى أو أنى احاسب حد على أفكاره مهما كانت‬ ‫صادمه‪.‬لن الليبرالية علمتني إن التفكير هو اللي بيصلح الفكار ولو‬ ‫كانت افكارى مش صح النهارده التفكير العقلني بيساهم في تصحيحها‬ ‫بكره‪ .‬مش التهديد والوعيد هو اللى بيغير الفكار‪.‬‬ ‫أنا ليبراليه لن الفكار حرة وليها أجنحه محدش يقدر يمنعها‬ ‫توصل للناس‪.‬أنا ليبراليه‪ ،‬لن الليبرالية علمتني أتقبل الرأي المضاد‬ ‫والمختلف معايا‪ .‬أنا ليبراليه لن الليبرالية أسلوب حياه ومعاها بتقدم‬ ‫للفضل‪ .‬علشان كده نفسي أشوف مصر دوله ليبراليه وأشوف‬ ‫المجتمع قادر يتقبل كل أبنائه بكل أطيافهم‪.‬‬

‫‪116‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪117‬‬

‫الفصل الرابع‬

‫تـجــارب‬ ‫خـاصــة‬

‫‪118‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪119‬‬

‫دقيقة حرية‬ ‫هانى الخياط‬ ‫مواليد ‪ 1978‬مهندس مدني‪ .‬شاركت في العديد‬ ‫من الدورات والمؤتمرات التي نظمتها مختلف‬ ‫منظمات المجتمع المدني العاملة بمجال الديمقراطية‬ ‫وحقوق النسان‪ . .‬وكيل سابق أمانة التثقيف‬ ‫السياسي في حزب الغد ثم سكرتير عام الشباب في‬ ‫حزب الجبهة الديمقراطية‪ ،‬تركت مجال السياسة‬ ‫للهتمام بالمجتمع المدني فاعمل الن كمدير لمركز‬ ‫رؤيا مصرية واحلم لمصر أن تكون دولة ليبرالية‪.‬‬

‫‪120‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫لماذا أنا ليبرالي ؟؟؟ عزيزي القارئ أعتقد أنك تنتظر منى أن‬ ‫ى أن أتحدث عن مزايا‬ ‫أسرد النقاط التي جعلتني ليبراليا وينبغي عل ّ‬ ‫الليبرالية وينبغي وينبغي‪ .‬ولكنى عوضا عن كل ذلك‪ ،‬دعني آخذك‬ ‫أولً إلى رحلة مثيرة وشيقة‪ ،‬دعني أحكى لك حكاية شاب مصري‬ ‫متميز وبعد ذلك سنكمل حديثنا عن الليبرالية‪.‬‬ ‫كان مثله مثل أي طفل مصري آخر قد فرغ من يوم دراسي ممل‪،‬‬ ‫ولكن لم يخ ُل هذا اليوم من بعض اللعب والشقاوة البريئة مع أقرانه‪ .‬صعد‬ ‫على درجات سلم منزلة وهو يتوقع نفس السيناريو ونفس ردود الفعال‪.‬‬ ‫فسيجد والدته في انتظاره فاتحة ذراعيها لستقباله بحضن دافئ‪ ،‬وهو‬ ‫كعادته سيحاول أن يتملص من بين أيديها ليجرى إلى المطبخ ليتذوق‬ ‫الطعام ولكن أمه تنهره‪ .‬وسينتظر عودة والده من العمل ‪.‬كل هذه التقاليد‬ ‫وأكثر قد تعود عليها‪ ،‬ولكن في هذا اليوم كان كل شيء مختلف؛ فعند‬ ‫اقترابه من منزلة أحس بقبضة مفاجئة تعصر قلبه لتنبئه بخبر أليم‪ ،‬وقد‬ ‫تأكد من هذا الشعور عند صعوده درجات السلم ورؤية جيرانه كأنهم في‬ ‫انتظاره‪ ،‬وهم ينظرون إليه نظرة يملؤها الحزن والشفقة علية ‪ .‬وعند باب‬ ‫الشقة وجد والدته في انتظاره وقد اتشحت بالسواد‪ ،‬والدموع تنهمر من‬ ‫عينيها‪.‬لم يحتج لحد ليخبره أن والده قد وافته المنية‪ ،‬وقد استقبل هذا‬ ‫الخبر بصدمة صامتة حيث لم يب ِد أي رد فعل‪ ،‬كأن انسلخت روحه عنه‪،‬‬ ‫وأصبح بل احاسيس أو مشاعر‪.‬‬ ‫بعد بضعة أيام من الحداد‪ ،‬شعر بداخله أن كل شيء قد صار مختلف‬ ‫الن؛ فهو ليس شأن أي طفل آخر‪ ،‬فقد ذاق مرارة الحزن مبكرا‪ ،‬وصار‬ ‫وحيدا في هذه الدنيا وعليه أن يجد طريقه بمفرده‪ ،‬وأخذ ينظر إلي الدنيا‬ ‫نظرة مختلفة‪ ،‬لعل هذا يجعله يطمح إلي أن يكون متميزا‪ ،‬فعندما تكون‬ ‫مختلف ل تملك إل طريق من أثنين؛ أن تكون متميز‪ ،‬أو تكون نكرة‪,‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪121‬‬

‫فعندما كان يسأل السؤال التقليدي‪ ”:‬ماذا تريد أن تكون عندما يكبر؟؟" كان‬ ‫يجيب بتلقائية شديدة ‪":‬رجل أعمال أو عالم"‪ ،‬وكان يري صدمة السائل‬ ‫الذي كان يتوقع الجابة التقليدية ؛ وهي دكتور أو مهندس‪ .‬ولكن بحسه‬ ‫الصغير وجد أن يكون عالما أو رجل أعمال ليس كافيا‪ ،‬ووجد ضالته‬ ‫المنشودة في قصص النبياء‪ ،‬وسير العظماء من السياسيين الذين غيروا‬ ‫مجرى حياة البشرية للفضل‪ ،‬فكان يعلم بداخلة أنه إنسان متميز‪ ،‬ولم‬ ‫يُخلق ليكون فردا في قطيع‪.‬‬ ‫لم يرضَ بالقوالب الجاهزة المعلبة عن الحياة ومعنى الشياء‪ ،‬فقد‬ ‫أراد أن يجد مفاهيمه الخاصة لكل شيء‪ ،‬ووجد ضالته في مكتبة‬ ‫والدأصله‪ .‬احتوت على مئات الكتب‪.‬فقد ألتهم معظم الكتب بها‪ ،‬وعندما‬ ‫يفرغ من كتاب كان يناقش ويجادل من هم أكبر منة سنا‪ ،‬ل يقبل بأي‬ ‫شيء دون التمحيص والبحث عن أصله‪.‬وقد تربى به التفكير النقدي‬ ‫للحياة‪ ،‬وتربى داخلة النقد الذاتي‪.‬‬ ‫ومرت السنون وأصبح شابا في مقتبل عمره‪ ،‬وبسبب قراءاته‬ ‫المتعددة للكتب التي فتحت له عالم مختلف واسع؛ علم أن هذا العالم‬ ‫ليس الدنيا الصغيرة التي تحتوى دائرة أصدقائه وأهله فقط‪ ،‬ولكنه عالم‬ ‫أوسع من ذلك بكثير‪ .‬وقد أراد أن يكتشف هذا العالم المثير‪ ،‬فوجد‬ ‫الحل أن يُحضر العالم إليه عن طريق التعرف على الجانب الذين‬ ‫يقيمون بالحي‪ ،‬فهم كثيرون‪ ،‬ومن مختلف الجنسيات‪ .‬وكان كلما اقترب‬ ‫منهم ومن حياتهم وجد أن هذا عالم ملئ بالثقافات والمعتقدات مختلفة‪.‬‬ ‫وقد تعلم منهم أنه مهما اختلف مع أحد فلبد أن يتقبله كما هو‪ ،‬وأل‬ ‫يهدف لجبار الخر على اعتناق أفكاره الخاصة‪ ،‬ففي النهاية كلنا‬ ‫بشر من حقنا أن نختلف‪ ،‬ول نستطيع أن نكون نسخة واحدة متطابقة‬ ‫متكررة‪ ،‬إل وقد صار العالم في غاية الملل‪.‬‬

‫‪122‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫قد تولد أيضا عنده حس بالمسئولية تجاه نفسه ومجتمعه‪ ,‬فعلى‬ ‫الرغم أنه يفتخر بأنه فرد حر‪ ،‬ولكنه يعلم أنه ل‬ ‫يعيش في جزيرة منعزلة‪ ،‬وأن له دور تجاه أهله ووطنه‪.‬وقد‬ ‫انخرط في العمل العام ل يبغى شهرة أو مال ولكنه ل يبغى إل‬ ‫الصلح بقدر ما استطاع‪ .‬وليست مفاجأة أنه وجد نفسه ينضم إلى‬ ‫حزب ليبرالي‪ ،‬فمبدأ الليبرالية هي أقرب شيء لحياته ومبادئه ‪ .‬وتعلم‬ ‫في الحزب الدفاع عن الحرية ليست حريته الخاصة فقط‪ ،‬ولكن حرية‬ ‫بلده وشعبها‪ .‬وقد أصبح يحمل بين طيات قلبه حلمه الخاص؛حلمه‬ ‫بوطن ديمقراطي يختار الشعب مسئوليه‪ ،‬وأن يكون هناك رقيب‬ ‫عليهم‪ ،‬ويحاسبهم إذا أخطئوا ‪ .‬يحلم بوطن ل يفرق بين أبنائه‪ ،‬فكلنا‬ ‫ل وأخيرا فل فرق‬ ‫مصريين أمام القانون والدستور‪ ،‬وأمام الحكومة أو ً‬ ‫بين مسيحي أو مسلم‪ ،‬ول فرق بين نوبي أو صعيدي أو بدوى من‬ ‫سيناء؛ ل فرق بين أح ٍد أو آخر‪.‬‬ ‫يحلم بوطن يستطيع كل فرد فيه أن يعبر عن رأيه بصراحة‬ ‫ووضوح من خلل العلم الحر‪ .‬يحلم بمواطنين يبنون مستقبلهم‪،‬‬ ‫ومستقبل الوطن عن طريق العلم والتخطيط والعمل‪ ،‬وليس عن طريق‬ ‫التكال والخرافات‪ .‬ويحلم بأشياء كثيرة ويبذل كل ما يستطيع لتحقيق‬ ‫هذا الحلم‪ ،‬فالحلم صنعت لنحققها‪ ،‬ونراها على ارض الواقع‪ ،‬ولم‬ ‫تُخلق الحلم لتعيش وتموت في خيالنا‪.‬‬ ‫هل أعجبتك القصة؟ أعلم أنها ليست النهاية التي تريدها‪ ،‬ولكن‬ ‫صاحب هذه القصة ل يعلم نهايتها حتى الن‪ ،‬ول‬ ‫يعلمها إل ال ‪ .‬فهو الن يجلس في مكتبه ليكتب هذه المقالة‪،‬‬ ‫ليعبر عن رأيه‪ ،‬ويكشف النقاب عن جزء من حياته‪.‬‬ ‫دعنا نرجع لتكملة المقالة والحديث عن الليبرالية كما وعدكم‪ ،‬فكما‬ ‫رأيتم أن الليبرالية ليست مجرد مبدأ ننادى به على منابر أو في‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪123‬‬

‫الندوات‪ ،‬ول على سطور المقالت‪ .‬فالليبرالية التي أراها هي أخلق‬ ‫وسمات شخصية نتعامل بها في حياتنا اليومية‪ ،‬هي نظرتنا الخاصة‬ ‫للحياة‪ ،‬ورغم ذلك ل تندهش عندما تجد من ينادى بالليبرالية‪ ،‬وهو‬ ‫أبعد من يكون عنها‪ ،‬وقد ترى من ينادى باحترام المرأة‪ ،‬وهو أكثر من‬ ‫يستغل المرأة( جنسيا‪ ,‬ماليا ‪ ,‬عاطفيا)‪ .‬وقد تجد أيضا من ينادى‬ ‫بالديمقراطية وهو أكثر إنسان ديكتاتور في تعاملته في عملة‪ ،‬ومع‬ ‫أسرته‪ .‬وقد تجد من يناقشك ليحاول جاهدا أن يقمعك عندما يجدك‬ ‫مختلف معه فهو يملك الحقيقة المطلقة فقط‪ ،‬ولبد من إخراس أي‬ ‫صوت آخر مختلف‪ .‬كل هذا‬ ‫بسبب أن أفكاره عن الليبرالية قد حُبست داخل عقله‪ ،‬ولم تتوغل‬ ‫داخل قلبه‪ ،‬وروحه لتكوين مزيج متناسق فيما بينهم‪.‬‬ ‫ولكن متى نري الليبرالية وهي تبنى مستقبل مصر وبقية بلدان‬ ‫المنطقة‪ ،‬ليصبح عالمنا أكثر تقدما وأكثر سلما وأكثر رقيا واتساقا‬ ‫مع العالم المتحضر ؟‬

‫‪124‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪125‬‬

‫اعتنقت مبادئ الليبرالية قبل أن‬ ‫أعرف اسمها‬ ‫دعاء عاطف العطار‬ ‫مواليد مايو ‪ 1989‬كفر الزيات محافظة الغربية‪،‬‬ ‫تدرس العلم بكلية الداب‪ .‬صاحبة مدونة "كلمتى"‬ ‫ومدونة "أوقاتنا الحلوة"‪ .‬كما ساهمت في حملة‬ ‫"عروسة من غير شبكة" على موقع الفيسبوك‪ ،‬وتدعو‬ ‫الحملة إلى إلغاء التكاليف المبالغ فيها في الزواج‪.‬‬ ‫أحمل داخلي توجها ليبراليا جعلني ل أريد أن أقيد‬ ‫بحزب معين أو أفكار معينه‪.‬‬

‫‪126‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫لم أكن أعرف معنى الليبرالية‪ ،‬أو ما معنى أن يكون النسان‬ ‫ليبراليا إل بعد التحاقي بالكلية‪ ،‬ولكن العجيب في المر أنني كنت‬ ‫ليبرالية دون أن أدرى‪ .‬أي أن أفكاري ومبادئ كانت ليبرالية‪ ،‬ولم‬ ‫أعرف أن هذا ما يسمى بالليبرالية‪ ،‬وحينما عرفت مفهوم الليبرالية‬ ‫وأفكارها ومبادئها اكتشفت أنها تتطابق مع أفكاري ومبادئ‪ ،‬ومنذ تلك‬ ‫الوقت وأنا أقول للجميع أنني ليبرالية‪.‬‬ ‫والسؤال الن ‪ :‬ما هي الفكار التي كنت أتبناها‪ ،‬والتي جعلتني‬ ‫أصبح ليبرالية ؟ وللجابة عليه يجب أن نسأل أنفسنا‪ ..‬لماذا أعطاني‬ ‫ال العقل ؟‬ ‫ستجد أنه أعطاك إياه لتميز بين ما هو ضار‪ ،‬وما هو نافع‪ ،‬وبين ما‬ ‫هو صالح‪ ،‬وما هو طالح وعليك أن تختار ‪ .‬أنت الذي تميز وليس‬ ‫غيرك‪ ،‬وأنت من تختار وليس سواك‪ .‬فلم يقصر ال العقل على شخص‬ ‫بعينه بل أعطاه لكل شخص‪ ،‬ولذلك فسوف يُحاسب ك ٌل منا عن سلوكياته‪،‬‬ ‫ول يصح أبدًا أن يفكر لي غيري‪ ،‬أو يقرر ماذا يجب أن أكون ؟‬ ‫فأنا مسئول عن عقلي‪ ،‬إذا فأنا مسئول عن تصرفاتي‪ ،‬إذا سأتحمل‬ ‫نتائجها‪ ،‬ومن منطلق إيماني بذلك لم أكن أريد أن يأخذ لي أحد قرارا‬ ‫معينا ‪ .‬فحينما جاءت مرحلة الثانوية العامة وكان على أن أختار أي‬ ‫الكليات سألتحق بها؟‬ ‫كنيت أرغيب بشده فيي اللتحاق بكليية الداب ( قسيم إعلم )‪،‬‬ ‫وبالف عل حدث‪ ،‬ولكن ني تعر ضت لضغوط كثيرة للت حق ب ما هو أعلى‬ ‫من تربية وعلوم وغيرها ‪ .‬وكنت دائمًا أتساءل ‪:‬‬ ‫من سيلتحق أنا أم هم؟‬ ‫من سيفشل أنا أم هم ؟‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪127‬‬

‫ومادمت لن أضر أحدا بتحقيق رغبتي هذه إذا فليس من حق أحد‬ ‫أن يملي عليّ رغبته‪ ،‬فكان هذا مبدأي أنه مادام لديك عقل‪ ،‬إذا فلتفكر‬ ‫‪ ...‬فلتختار ‪ ...‬فلتقرر‪ ،‬ول تجعل أحد يقوم بذلك عنك‪ ،‬وكذلك بالنسبة‬ ‫للدين ‪ .‬كنت أؤمن دوما أنه ل إكراه في الدين فهذه تعاليمنا‪.‬‬ ‫وفى الثانوية العامة كانت لدى صديقة تدعى مارى‪ ،‬وكانت مارى‬ ‫صديقة _ بما تحمله الكلمة من معاني _ كنت أرى بها الكثير من‬ ‫الصفات الحميدة‪ ،‬والتي لم أجدها في بعض المسلمين‪ .‬لم نتحدث يوما‬ ‫عن الدين لنني كنت مقتنعة أن هذه حرية شخصيه‪ .‬ل يمكن لي أن‬ ‫أفرض عليها ديني كما أنني ل أحب أن تفرض هي الخرى دينها‬ ‫على‪ .‬كنت دوما أجد في الحديث معها متعه ولم أشعر يوما أنها لكونها‬ ‫مسيحية أن أبتعد عنها‪ ،‬أو أنبذها بالعكس تماما ‪.‬هذه كانت أفكاري قبل‬ ‫أن أعرف أن هذه المبادئ هي الليبرالية بعينها‪ ،‬وحينما التحقت بالكلية‪،‬‬ ‫وعرفت ما تعنيه الليبرالية‪ .‬وجدتها تعنى حرية الفرد وتحريره من‬ ‫القيود السلطوية الثلثة ( السياسية والقتصادية والثقافية) بل وتتكيف‬ ‫الليبرالية مع قيم كل مجتمع فتختلف في المجتمع الشرقي المحافظ عن‬ ‫الغربي المتحرر‪ ،‬وهى بذلك ليست تقليدا أعمى للغرب بل هي حرية‬ ‫متوافقة مع مبادئ المجتمع وقيمه‪ ،‬وما عرفته أيضا أن المنطلق‬ ‫الساسي في الفلسفة الليبرالية هو أن الفرد هو الساس‪ .‬تدور الليبرالية‬ ‫حول فلسفة الحياة برمتها‪.‬‬ ‫هذا عن الليبرالية ولو جئنا لنطبق هذا في مصر سنجد ثمة‬ ‫مشكلت‪ ،‬فتكمن مشكلتنا في مصر أن النجاح عندنا شخص‪ ،‬وأننا‬ ‫دوما نحتاج إلى قائد لنسير ورائه وليس قائد نختاره ونقرر معه‪ ،‬فإذا‬ ‫غاب القائد انهار المجتمع‪ ،‬وإذا غاب الرئيس تدمرت المؤسسة‪ ،‬وإذا‬ ‫مات رئيس الدولة فالنتصار للعداء والهزيمة المؤكدة لنا‪،‬‬

‫‪128‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫فجميعنا يفكر بعقل شخص واحد‪ ،‬أو بمعنى أدق ل نفكر ونتركه هو‬ ‫يفكر لنا‪.‬‬ ‫المشكلة في مصر أن الليبرالية والديمقراطية والحرية شكليه فقط‬ ‫وتخلو من الجوهرية‪ ،‬فكل قائد يريد أن يكون هو المر الناهي‬ ‫المتحكم‪ ،‬ول مجال للنقاش‪ ،‬ل مجال لختيار الصلح والدهى‪ ،‬والمر‬ ‫من ذلك أن الشعب عنده حالة من المبالة‪ ،‬فالشعب سعيد بعدم تحمله‬ ‫للمسئولية فهو يبحث عن قائد يرمى عليه أثقاله ويوجه إليه إصبع‬ ‫التهام‪ ،‬ول يلقى باللوم على نفسه‪ ،‬وهذا بالطبع سر تخلفنا عن غيرنا‬ ‫من الدول المتقدمة ‪.‬‬ ‫خير مثال على ذلك تولى أوباما الحكم‪ ،‬فلم يكن يحدث هذا في بلد‬ ‫ل تعرف الديمقراط ية‪ .‬إذا تمع نت في مبادئ الليبرال ية ستجد في ها حلً‬ ‫لكثير من مشاكلنا‪ ،‬فأنت ستقرر من سيحكمك‪ ،‬وستفكر مع من يحكمك‪،‬‬ ‫و ستعدل على من يحك مك‪ ،‬لت جد في نها ية ال مر أ نك أ نت من تح كم‬ ‫نفسيك‪ .‬وبالتالي سيينتج لنيا جييل قادر على التفكيير والختيار وتحميل‬ ‫المسئولية سيخرج لنا مجتمع بعيد عن السلطوية والديكتاتورية والتمييز‬ ‫والتطرف سيصبح ل كل م نا أفكاره و فى الو قت نف سه سيحترم ال خر‪،‬‬ ‫فالليبرالية من وجهة نظري باختصار‪:‬‬ ‫ أن تفكر ول تجعل غيرك يفكر لك ‪.‬‬‫ أن ُت َقرِرِ ول ُيقَرّر لك ‪.‬‬‫ أن تتحمل نتيجة أخطائك ول تلقى باللوم على غيرك ‪.‬‬‫ ولنك ستفكر وستقرر وستتحمل نتيجة أخطائك‪ ،‬فأيضا ل‬‫تفرض على غيرك شيء‪ ،‬ول تفكر ول تقرر له لنه في النهاية‬ ‫ل منا مسئول عن نفسه وعن تصرفاته‪.‬‬ ‫كٌ‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪129‬‬

‫كنت إسلميا متشددا‬ ‫ولكن أصبحت ليبراليا ‪....‬‬ ‫وليد زامل زغير ليلو‬ ‫مواليد ‪ .1978‬بكالوريوس قانون جامعه بغداد ‪2001‬‬ ‫– ‪ .2002‬مدير الشعبة القانونية والكيانات السياسية –‬ ‫المفوضية العليا المستقلة للنتخابات‬ ‫شاركت في الدورة التي إقامتها مؤسسة (فريدريش‬ ‫ناومان اللمانيه ) لعدد من أعضاء الجمعية الوطنية‬ ‫النتقالية للفترة من ‪ 7‬إلى ‪ 11‬تشرين الول ‪2005‬‬ ‫حول موضوع (التسوية الدستورية العراقية) في‬ ‫العاصمة الردنية‪ .‬شاركت في الدورة التي إقامتها‬ ‫مؤسسة (فريدريش ناومان اللمانيه) لعدد من أعضاء‬ ‫مجلس النواب العراقي حول ( خيارات التنوع وأنماط‬ ‫الفدراليات ) للفترة من ‪ 20‬إلى ‪ 24‬أيلول ‪ 2006‬في‬ ‫العاصمة الردنية‪ .‬شاركت في الدورة التدريبية التي‬ ‫أقامها المعهد الوطني الديمقراطي للشؤون الدولية‬ ‫بالتعاون مع المؤسسة الدولية للنظمة النتخابية حول‬ ‫الكيانات السياسية والتعامل معها وإجراءات التسجيل‬ ‫والتصديق للفترة من ‪ 12‬إلى ‪ 17‬كانون الثاني ‪2008‬‬ ‫في اربيل ‪ -‬كردستان العراق ‪.‬‬ ‫أسعى لقامة حزب قوي ذا قاعدة شعبيه يسعى لنشر‬ ‫المفاهيم الليبرالية وإقامه دوله القانون في بلدي‬ ‫المتنوع العراق والطياف والديانات وكذلك إقامه‬ ‫ورش عمل للشباب العراقي حول نشر المفاهيم‬ ‫الليبرالية وتعميقها وتعزيزها وترسيخها ‪.‬‬

‫‪130‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫كثر في الونة الخيرة الصيحات الرامية للحد من تدخل الدين في‬ ‫إدارة الدولة وتقلييص نفوذ رجال الديين فيي صيناعة القرار وتشرييع‬ ‫القوان ين المنظ مة لحياة الن سان ب سبب الثار ال كبيرة الناج مة عن زج‬ ‫رجل الدين في ادارة الدولة وفسح المجال امامه لتبوأ مناصب مرموقة‬ ‫مهدت لسييطرة التقالييد الدينيية فيي العراف السيياسية وبالتالي زيادة‬ ‫القيود على حر ية الفراد في ممار ساتهم لحقوق هم العتياد ية والحد يث‬ ‫هنيا يدور حول التشدد الدينيي لكين النتماء الدينيي السيمح الخالي مين‬ ‫القيود المتع صبة والعراف الجاهل ية المقيدة لحقوق الفراد بل ال تي قد‬ ‫تصيل الى تقيييد حيق الحياة بالنسيبة للنسياء كميا هيو معروف فيي وئد‬ ‫البنات فيي الجاهليية اميا الديين السيلمي السيمح الخالي مين القيود‬ ‫والتعصيب فانيه يهدف الى نفيس الهداف التيي نادى بهيا اصيحاب‬ ‫المذهب الليبرالي في العالم لن الحرية المطلقة هي فوضى فلبد من‬ ‫النطلق من كون الحر ية م سؤولية ي جب ان تمارس بو عي وانضباط‬ ‫في اطار القانون وعل يه يم كن النطلق من ه نا في صياغة التعر يف‬ ‫لخاص باليبرالية وهي ‪:‬‬ ‫الليبراليية هيي احترام لدولة الحيق والقانون‪ ،‬والحيد مين سيلطة‬ ‫الدولة‪ ،‬وتحر ير الن سان من عبود ية أخ يه الن سان‪ ،‬وتشج يع ال سوق‬ ‫الحرة‪ .‬فإذا كيف لي كمسلم أن ل أكون ليبراليا؟‬ ‫الــعــرض ‪:‬‬ ‫اميا عين مفهوم الليبراليية وخصيائصها فيمكين اجماله بالتيي‬ ‫وحسب وما ورد في الموسوعة الحرة فهي ‪:‬‬ ‫المفهوم والخصائص ‪:‬‬ ‫الليبراليية (‪ )liberalism‬اشتقيت كلمية ليبراليية مين لييبر ‪liber‬‬ ‫و هي كل مة لتين ية تع ني ال حر ‪.‬الليبرال ية حال يا مذ هب أو حر كة و عي‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪131‬‬

‫اجتماعيي سيياسي داخيل المجتميع‪ ،‬تهدف لتحريير النسيان كفرد‬ ‫وكجماعة من القيود السلطوية الثلثة (السياسية والقتصادية والثقافية)‪،‬‬ ‫وقيد تتحرك وفيق أخلق وقييم المجتميع الذي يتبناهيا تتك يف الليبراليية‬ ‫حسيب ظروف كيل مجتميع‪ ،‬وتختلف مين مجتميع غربيي متحرر إلى‬ ‫مجت مع شر قي محا فظ‪ .‬الليبرال ية أي ضا مذ هب سياسي واقت صادي معا‬ ‫ف في ال سياسة تع ني تلك الفل سفة ال تي تقوم على ا ستقلل الفرد والتزام‬ ‫الحريات الشخصيية وحمايية الحريات السيياسية والمدنيية وتأيييد النظيم‬ ‫الديمقراط ية البرلمان ية وال صلحات الجتماع ية‪.‬المنطلق الرئي سى في‬ ‫الفلسيفة الليبراليية هيو أن الفرد هيو السياس‪ ،‬بصيفته الكائن الملموس‬ ‫للنسيان‪ ،‬بعيدا عين التجريدات والتنظيرات‪ ،‬ومين هذا الفرد وحوله‬ ‫تدور فل سفة الحياة برمت ها‪ ،‬وتن بع الق يم ال تي تحدد الف كر وال سلوك معا‪.‬‬ ‫فالن سان يخرج إلى هذه الحياة فردا حرا له ال حق في الحياة أولً‪.‬و من‬ ‫حيق الحياة والحريية هذا تنبيع بقيية الحقوق المرتبطية‪ :‬حيق الختيار‪،‬‬ ‫بمع نى حق الحياة ك ما يشاء الفرد‪ ،‬ل ك ما يُشاء له‪ ،‬و حق الت عبير عن‬ ‫الذات بمختلف الوسائل‪ ،‬وحق البحث عن معنى الحياة وفق قناعاته ل‬ ‫و فق ما يُملى أو يُفرض عل يه‪ .‬بإيجاز العبارة‪ ،‬الليبرال ية ل تع ني أك ثر‬ ‫من حق الفرد ي النسان أن يحيا حرا كامل الختيار في عالم الشهادة‪،‬‬ ‫أميا عالم الغييب فأمره متروك فيي النهايية إلى عالِم الغييب والشهادة‪.‬‬ ‫الحر ية والختيار ه ما ح جر الزاو ية في الفل سفة الليبرال ية‪ ،‬ول ن جد‬ ‫تناقضا ه نا ب ين مختل في منظري ها مه ما اختل فت نتائج هم من ب عد ذلك‬ ‫الحجر‪ ،‬سواء كنا نتحدث عن هوبز أو لوك أو بنثام أو غيرهم‪ .‬هوبز‬ ‫كان سيلطوي النزعية سيياسيا‪ ،‬ولكين فلسيفته الجتماعيية‪ ،‬بيل حتيى‬ ‫السلطوية السياسية التي كان يُنظر لها‪ ،‬كانت منطلقة من حق الحرية‬ ‫والختيار الولي‪ .‬لوك كان ديموقرا طي النز عة‪ ،‬ول كن ذلك أيضا كان‬ ‫نابعا من حق الحرية والختيار الولي‪ .‬وبنثام كان نفعي النزعة‪ ،‬ولكن‬ ‫ذلك كان نابعا أيضا مين قراءتيه لدوافيع السيلوك النسياني (الفردي)‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪132‬‬

‫الولى‪ ،‬وكانت الحرية والختيار هي النتيجة في النهاية‪ .‬وفي العلقة‬ ‫بيين الليبراليية والخلق‪ ،‬أو الليبراليية والديين‪ ،‬فإن الليبراليية ل تأبيه‬ ‫لسيلوك الفرد طالميا أنيه لم يخرج عين دائرتيه الخاصية مين الحقوق‬ ‫يخا‬ ‫يارمة خارج ذلك الطار‪ .‬أن تكون متفسي‬ ‫يا صي‬ ‫والحريات‪ ،‬ولكنهي‬ ‫أخلقيا‪ ،‬فهذا شأ نك‪ .‬ول كن‪ ،‬أن تؤذي بتف سخك الخل قي الخر ين‪ ،‬بأن‬ ‫تثميل وتقود السييارة‪ ،‬أو تعتدي على فتاة فيي الشارع مثلً‪ ،‬فذاك ل‬ ‫يعود شأنك‪ .‬وأن تكون متدينا أو ملحدا فهذا شأنك أيضا‪.‬‬ ‫اما خصائصها فهي ‪:‬‬ ‫•الليبرال ية ع كس الراديكال ية ل تعترف بمرجع ية ليبرال ية‬ ‫مقدسية؛ لنهيا لو قدسيت أحيد رموزهيا إلى درجية أن‬ ‫يتحدث بلسانها‪ ،‬أو قدست أحد كتبها إلى درجة أن تعتبره‬ ‫المعيبر الوحييد أو السياسي عنهيا‪ ،‬لم تصيبح ليبراليية‪،‬‬ ‫ولصبحت مذهبا من المذاهب المنغلقة على نفسها‪.‬‬ ‫مرجعيية الليبراليية هيي فيي هذا الفضاء الواسيع مين القييم التيي‬ ‫تتمحور حول النسيان‪ ،‬وحريية النسيان‪ ،‬وكرامية النسيان‪ ،‬وفردانيية‬ ‫النسيان‪ .‬الليبراليية تتعدد بتعدد اللييبراليين‪ .‬وكيل لييبرالي فهيو مرجيع‬ ‫لييبراليته‪ .‬وتارييخ الليبراليية المشحون بالتجارب الليبراليية المتنوعية‪،‬‬ ‫والنتاج الثقافي المتمحور حول قيم الليبرالية‪ ،‬كلها مراجع ليبرالية‪ .‬لكن‬ ‫أ يا من ها‪ ،‬ل يس مرج عا ملز ما‪ ،‬وم تى ألزم أو حاول اللزام‪ ،‬سقط من‬ ‫سجل التراث الليبرالي‪.‬‬ ‫تقوم الليبراليية على اليمان بالنزعية الفرديية القائمية على حريية‬ ‫الف كر والت سامح وإحترام كرا مة الن سان وضمان ح قه بالحياة وإعتبار‬ ‫الم ساواة أ ساسا للتعاون ومنطل قا لحترام الفراد وضمان حريت هم ول‬ ‫يكون هناك أي دور للدولة فييي العلقات الجتماعييية أو النشطيية‬ ‫القتصادية إل في حالة الخلل بمصالح الفرد والمجتمع‪.‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪133‬‬

‫وتقوم الليبراليية أيضيا على تكرييس سييادة الشعيب عين طرييق‬ ‫القتراع العام وذلك لت عبير عن إرادة الش عب والتخلص من الف ساد في‬ ‫المجتميع وإحترام مبدأ الفصيل بيين السيلطات التشريعيية والقضائيية‬ ‫والتنفيذ ية وأن تخ ضع هذه ال سلطات للتعد يل من أ جل ضمان الحريات‬ ‫الفرد ية ولل حد من المتيازات الخا صة ور فض ممار سة ال سيادة خارج‬ ‫المؤسسات لكي تكون هذه المؤسسات معبرة عن إرادة الشعب‪.‬‬ ‫الخاتمة ‪:‬‬ ‫مميا تقدم مين حجيج وبراهيين سييقت لبيان مفهوم الليبراليية‬ ‫ومميزاتها وخصائصها ‪.....‬‬ ‫أبيين السيباب التيي دفعتنيي للتحول مين التشدد الدينيي إلى تبنيي‬ ‫النظر ية الليبرال ية كنظر ية للح كم لماذا أ نا أ صبحت ل يبرالي ب عد أن‬ ‫ك نت من ا شد المتحم سين للنظر ية الدين ية في الح كم وحاكم يه الد ين‬ ‫وتدخله فيي الشؤون الحياتيية بمختلف تفرعاتهيا ولكنيي هنيا ل أرفيض‬ ‫الد ين مطل قا كنظر ية للح كم ول كن أنطلق من انتمائي الدي ني والعقائدي‬ ‫بوا سطة النظر ية الليبرال ية في الح كم وأجعله نموذ جا أ صبو إل يه في‬ ‫حياتي للسباب التية‪:‬‬ ‫‪ -1‬دولة الحق والقانون ‪:‬‬ ‫إن مفهوم الليبرال ية ل يس بجد يد‪ .‬فأ حد مبادئه ال ساسية ي جد أ صله‬ ‫فيي المعتقدات اليهوديية والغريقيية القديمية التيي تؤمين بوجود "قانون‬ ‫أعلى" يمكن بموجبه مساءلة الجميع بمن فيهم الحاكم نفسه‪ .‬ولقد رسخ‬ ‫السلم بعد نزوله هذا المفهوم في الفكر الجماعي وأكد على أن الحكام‬ ‫ليسوا المصدر العلى للسلطة‪ ،‬فهم أيضا يخضعون لسلطة القانون‪.‬‬ ‫فالليبراليية ل تعنيي غياب القواعيد والقوانيين‪ ،‬وإنميا هيي دعوة‬ ‫لخضاع الجم يع إلى ن فس القوا عد والقوان ين بح يث أل يكون أحدٌ فوق‬

‫‪134‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫القانون‪ .‬فدولة الحيق والقانون هيي التيي تحدد الفرق بيين الديمقراطيية‬ ‫والدكتاتورية‪ .‬فالمجتمعات التي ل تكرس دولة الحق والقانون وتسمح‬ ‫للنخ بة الحاك مة بأن تُ سَخّر القوان ين لم صلحتها الشخ صية وأن تفرض‬ ‫على المحكوميين نميط عيشهيم هيي مجتمعات أقرب إلى الشيوعيية‬ ‫والفاشية ول تمت للسلم بصلة‪.‬‬ ‫‪ -2‬دور محدود للدولة ‪:‬‬ ‫دولة الحيق والقانون تدعيو إلى المسياواة بيين الحاكيم والمحكوم‪.‬‬ ‫وب ما أن الحكام يملكون و سائل الكراه ( سن القوان ين‪ ،‬وال سيطرة على‬ ‫الجيش والشرطة) فمن الضروري الحد من سلطاتهم‪ .‬فمنحهم سلطات‬ ‫واسيعة وغيير محدودة تفتيح لهيم البواب على مصيراعيها مين أجيل‬ ‫تسخير أجهزة الدولة ومؤسساتها لخدمة مصالحهم الشخصية‪.‬‬ ‫فالدولة‪ ،‬ممثلة بالحكام‪ ،‬هي مؤسسة يفوّض من خللها المواطنون‬ ‫ال سلطة للحا كم‪ .‬ف هي ت ستمد شرعيت ها و سلطاتها من الش عب‪ .‬وب ما أن‬ ‫الدولة مؤسسة قوية تملك وسائل الكراه‪ ،‬فالخطر الحقيقي يكمن في أن‬ ‫يتسلم زمامها أشخاص سيئون‪ ،‬فتتحول وسائل الكراه من أدوات تخدم‬ ‫مصالح الشعب إلى أدوات تستعمل ضده‪ .‬لذا ومنعا لتسلط الدولة‪ ،‬لبد‬ ‫من الحد من صلحياتها‪ .‬ول يتم ذلك عامة إل عبر وضع دستور فعال‬ ‫ير سم بش كل وا ضح مهام الحكام وي حد من نفوذ ال سلطة التنفيذ ية عن‬ ‫طرييق مراقبتهيا ومسياءلتها مين قبيل السيلطات الخرى (التشريعيية‬ ‫والقضائية)‪.‬‬ ‫ك ما أن ال سلم كديا نة لم يعرف مفهوم ال سلطة الدين ية المركز ية‪.‬‬ ‫بل على العكس من ذلك‪ ،‬فالمؤمنون أحرار في اتخاذ قراراتهم استنادا‬ ‫ل ما يملكون من معلومات‪ .‬ف ما يم كن أن نتعل مه من ال سلم هو أ نه‬ ‫ي ستوجب على من بيده ال سلطة أن يدع الش عب حرًا في أ خذ قرارا ته‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪135‬‬

‫وأن ل يجبره على المتثال لهواء أقلية شاءت ال صدف أن تكون على‬ ‫راس السلطة‪.‬‬ ‫‪ -3‬الحرية الفردية ‪:‬‬ ‫دور الدولة المحدود يعنيي أن الفراد أحرارا ليتصيرفوا بالشكيل‬ ‫الذي يرونه مناسبا شريطة أن ل يعتدوا على حرية الغير‪ .‬فحرية الفرد‬ ‫تتوقف عندما تبدأ حرية الخرين‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬فإن الفكر الليبرالي‬ ‫يَعتبر أن الفرد هو المكون والنواة الساسيين للمجتمع‪ .‬فما المجتمع إل‬ ‫مجموعية مين الفراد يسيعى كيل واحيد منهيم لتحقييق مصيالحه‬ ‫واحتياجاته‪ .‬وكما أن للفرد الحرية بالنضمام إلى أي كيان اجتماعي أو‬ ‫قضية ما‪ ،‬فيجب أن يكون أيضا حرا بالنفصال عن هذا الكيان أو تلك‬ ‫القض ية م تى أراد‪ .‬فل ي جب إجبار الفرد على البقاء في إطار أو كيان‬ ‫اجتماعي أو المتثال لرادة جماعة ما‪ .‬وهذا الفكر يتطابق مع مبادىء‬ ‫السلم الذي حرر النسان من عبودية أخيه النسان لكي يعبد ال رب‬ ‫العالميين‪ .‬لذا فحرمان الفرد مين حريية الختيار يتناقيض ميع روح‬ ‫السلم إذ يتعارض مع إرادة الخالق‪.‬‬ ‫فعلى كيل فرد أن يحترم كرامية نظيره مهميا كان أصيله ودينيه‬ ‫وجنسه‪ .‬وبعبارة أخرى يجب احترام الختلف بين الفراد‪ .‬ولكل فرد‬ ‫واجبات وحقوق كواجيب احترام الخير وحقيه على الخير بالحترام‪.‬‬ ‫والهيم مين ذلك‪ ،‬فإن مبدأ احترام الحريية الفرديية يفترض عدم تدخيل‬ ‫الدولة في حياة الفراد الخاصة طالما أنهم لم يعتدوا على حرية الغير‪.‬‬ ‫‪ -4‬السوق الحرة ‪:‬‬ ‫من المعروف أن الليبراليين يدافعون عن نظام السوق الحرة‪ .‬لكن‬ ‫أسباب هذا الموقف تُفهم‪ ،‬في أغلب الحيان‪ ،‬بشكل خاطئ‪ .‬فالبعض ل‬ ‫يتوانى عن اتهام الليبراليين بالدفاع عن التفاوت بين الفقراء والغنياء‪.‬‬ ‫وبطبي عة الحال فهذه اتهامات غ ير صحيحة‪ .‬فالل يبراليون يؤيدون نظام‬

‫‪136‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫السوق الحرة لنه النظام القتصادي الوحيد الذي يحترم كرامة الفراد‪.‬‬ ‫حرمان الفرد مين حقيه بالختيار‪ ،‬حتيى فيي المجال القتصيادي‪ ،‬هيو‬ ‫إنكار لكرامة النسان ولقدرته على تقرير مصيره‪.‬‬ ‫يؤييد البعيض فكرة مسيؤولية الدولة عين تأميين المسياواة فيي‬ ‫المجت مع‪ .‬ولكن هم بذلك ي سقطون أول في خ طأ أخل قي وثان يا في خ طأ‬ ‫عملي وتطيبيقي‪ .‬فأنيا أعتقيد كمسيلم أن ال خلقنيا متسياوين‪ .‬وحتيى لو‬ ‫كانت فكرة فرض الم ساواة القت صادية جذا بة أخلق يا‪ ،‬فإن التجر بة قد‬ ‫أثب تت أن تد خل الدولة لفرض هذه الم ساواة قد أدى على أرض الوا قع‬ ‫إلى المزييد مين التفاوت بيين الفراد‪ .‬فأنيا أتعجيب عندميا يُصيوّر‬ ‫ال سياسيون أن ال حل لدرء ف شل الدولة في إر ساء الم ساواة القت صادية‬ ‫هوا لمزيد من التدخل تحت مظلة الدولة الراعية‪.‬‬ ‫هل يصح لنا ان نفكر بشئ اسمه ليبرالية عراقية خاصة ‪:‬‬ ‫بعد أن جرب العراقيون أربعة سنوات من تداول السلطة بطريقة‬ ‫ديمقراطية خاصه‪ ,‬قد تختلف عن انواع كثيرة من الديمقراطيات في‬ ‫العالم‪ .‬ولهذا المفروض للباحث الوطني أن يبحث عن أنواع‬ ‫الديمقراطيات المتعامل بها في العالم‪ ,‬ثم شرح الديمقراطية‬ ‫العراقيةالخاصة‪.‬‬ ‫ولعيل هناك خلط كيبير بيين الديمقراطيية والليبراليية ميع ان هناك‬ ‫انواع كثيرة من اشكال الليبراليات المتعامل بها في العالم خصوصا في‬ ‫الدول الوروب ية الغرب ية وأمري كا‪ .‬واي ضا نل حظ خلط ب ين الليبرال ية‬ ‫والفكير اليمينيي‪ .‬اطرح هذه التسياؤلت للبحيث والمناقشية للتوصيل‬ ‫لمعرفة هذه المصطلحات بشكل يسهل عملية التوعية لدى أبناء الشعب‬ ‫العراقي ‪.‬‬ ‫المنطق يقول النقيضان ل يلتقيان‪ ...‬وهنا القصد أن السلم يدعوا‬ ‫لحكم ماجاء به القرآن ول يمكن النقاش فيه‪...‬واذا كان البعض يحاول‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪137‬‬

‫تحويل المصطلح اللتيني للعربي‪ ,‬فيقول البديل الشورى فهذا غير‬ ‫صحيح‪...‬الشورى ليست الديمقراطية‪ .‬ولهذا بحث أخر يأتي في محله‪.‬‬ ‫قد تكون هناك نقاط اتفاق بين السلم كمنهج حياة متكامل مع السلوب‬ ‫الديمقراطي للحكم ويعتمد على مباديء حقوق النسان المتفق عليه‬ ‫عالميا وفيها نقاط إلتقاء وخلف كثيرة‪ .‬لكن أين التناقض بين السلم‬ ‫والديمقراطية‪ .‬نعم الديمقراطية تعتمد على النتخابات لكي ترشح‬ ‫مجموعة تدير زمام أمور المجتمع وفق القوانين المتفق عليها وحسب‬ ‫توافقها مع مواد الدستور المصوت عليه من قبل جميع افراد الشعب‪.‬‬ ‫لكن آيات القرآن الكريم ل يمكن التصويت عليها فهي ثابة غير متغير‬ ‫ول يمكن تؤيلها من قبل سياسي غير مطلع في فنون ودراسات‬ ‫حوزوية بحت‪ ,‬وعلوم عربية لغوية وتاريخية والحديث وعلم الرجال‬ ‫ومعرفة الناسخ والنسوخ والمتشابه وغيرها من علوم يختص بها علماء‬ ‫الدين ل غيرهم‪ .‬فإذا ما استعصية أمرا فقهيا او حياتيا يتلجئون للعالم‬ ‫العادل والمجتهد العلم للدلء برايه ويتخذ ذلك الرأي دون أي‬ ‫تصويت أو مجادلة‪ .‬يمكن ان يعدل أو يتغير لكن من قبل عالم آخر‬ ‫أعلم أو بعد وفاة العالم الذي اصدر تلك الفتوى‪.‬‬ ‫في الديمقراطية حديث آخر‪ ,‬حيث يمكن العتراض على قرار تتخذه‬ ‫الحكومة المنتخبة مع أنه لها الحق بإتخاذ القرار‪ ,‬لكن حين يرى‬ ‫الشعب بأن القرا ل يناسبها يخرج الشعب في تظاهرات احتجاج لتغيير‬ ‫ذلك القرار وبعد الضغط ومن خلل وسائل سلمية ديمقراطية اجازها‬ ‫الدستور يمكن للحكومة ان تتراجع عن ذلك القرار‪ ,‬وإن اصرت‬ ‫الحكومة على القرار رغم أنف الشعب‪ ,‬فالشعب سوف ل ينسى‬ ‫ويحاول تغيير تلك الحكومة في النتخابات التالية ليعطي صوته‬ ‫لحكومة أخرى‪ .‬في حين من المستحيل التظاهر على فتوى‪ ,‬ولن نسمع‬ ‫أن حدث ذلك في تأريخ السلم‪...‬وقد يقول قائل بأن هناك اجماع على‬ ‫ما اتخذه العالم من فتوى والمر مقبول من قبل الجميع‪ .‬نعم هذا‬

‫‪138‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫صحيح لن العامة من الناس ليس لهم الحق على العتراض أبدا‪ ,‬بل‬ ‫الحد القصى من العتراض قد يكون هو ان يتحول العامي لمجتهد‬ ‫آخر يقلده‪ .‬هذا مثل بسيط للتناقض‪ ,‬وهناك أمثلة كثيرة وخطرة قد‬ ‫تحدد بها أمن أمة بكاملها‪ .‬وقد يؤدي لهلك بشر أو اسعادهم‪...‬ولكن‬ ‫الموجز ما في المر‪...‬أن في حالة الديمقراطية يعطى للمجتمع حق‬ ‫التدخل في المور الحياتية أكثر مما هو عليه في الحكم السلمي حيث‬ ‫تحصر أهم المور وأخطرها بيد أصحاب العلم والجتهاد وينفي دور‬ ‫الفرد ومجموعة الفراد‪.‬‬ ‫الشعب العراقي يبحث عن ليبرالية تضمن له العدالة والمن‪ ,‬لن‬ ‫تجرب ته مع الحزاب ال تي تتوالت على ال سلطة خلل العوام الرب عة‬ ‫الماضية‪ .‬ولكن الشعب العراقي متخوف أيضا من مصطلحات غربية‬ ‫خوفا من التهامات النتمائية للغرب ‪ ...‬والمفاهيم التي باتت تتعارض‬ ‫مع الوطن ية ح سب الترب ية المتلقات والم جبرة عل يه طيلة فترة اللنظام‬ ‫المقبور‪ .‬م ثل ال ستعمار والخيا نة والغرب الكا فر‪...‬و ما الى ذلك من‬ ‫امور تضع هم في مأزق التق بل للجد يد‪ ...‬مع ان الش عب العرا قي يب حث‬ ‫عن بديل وقد ذاقوا المرين‪ .‬الليبرالية العراقية سوف تتحدث عن الفرد‬ ‫وأهميتيه فيي السيتمرار بالحياة بكرامية دون ان يسيتغل مين الحزاب‬ ‫والحكومية‪ .‬لكين الشعيب ينتظير ويضحيي ول يحصيل على شييء أبدا‬ ‫غ ير الجوع والع طش والموت ال سريع والبط يء‪ .‬ب سبب الخلفات على‬ ‫السلطة للكسب المادي المتخم‪...‬لكن الظاهر من ذاق طعم السلطة وبدأ‬ ‫بسرقة ثروات البلد ل يتخم بل يريد المزيد‪ .‬الليبرالية مفهوم أوروبي‬ ‫غر بي يع مل من أ جل الفرد واحتاجا ته ب كل مع نى الكل مة‪ ,‬وي سعى في‬ ‫الوقت ذاته لتحرير الفرد من كل اشكال الستغلل‪ .‬فالليبرالية ل يفرق‬ ‫ب ين قوم ية وأخرى‪ ,‬ول ب ين د ين وآ خر‪ ,‬ول ب ين مذ هب ومذ هب‪ .‬ل‬ ‫علقة للفكر الليبرالي باي أعتقاد خاص بالفرد بل يدعم هذا الفرد لكي‬ ‫يختار العقيدة الذي يؤمين بهيا‪ ,‬والقوميية الذي ينتميي لهيا‪ .‬أن الفكير‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪139‬‬

‫الليبرالي يريد تقليص سلطة الحكومة ويهتم بالشأن القتصادي لتطوير‬ ‫الفراد بغض النظر عن أي انتماء خاص بهم‪.‬‬

‫‪140‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪141‬‬

‫إنها ليــبراليــتــي‬ ‫محمـد ماهـر‬ ‫مواليد ‪ 1983‬بالقاهرة‪ .‬خريج كلية تجارة ‪ .2004‬قمت‬

‫بتغيير مجالي للصحافة والعلم فقد اجتزت البرنامج‬

‫التدريبي لجريدة وطني لتدريب الصحفيين وإعداد قادة‬

‫الرأي واعمل حاليا صحفي بجريدة المال – مسئول ملف‬

‫القليات الدينية والعرقية بصفحة إصلح سياسي بالجريدة‬

‫– كما أعكف مع مجموعه من أصدقائي بتأسيس مؤسسة‬ ‫حلم الديمقراطية (حلم ليبرالي مصري)‪ .‬عضو في اتحاد‬

‫الشباب الليبرالي المصري‪.‬‬

‫شاركت في عدد من أنشطة المجتمع المدني مثل دورة "‬

‫كيفية تطوير الليبرالية في المجتمع المصري " والتي‬

‫نظمها اتحاد الشباب الليبرالي بالتعاون مع مؤسسة‬

‫فريدريش ناومان في أكتوبر ‪ 2008‬بالسماعيلية‪ ،‬كما‬

‫شاركت في دورة المعهد الجمهوري الدولي لتعزيز قدرات‬ ‫الحزاب السياسية بالردن ‪.‬‬

‫أحلم أن تستعيد مصر وجهها الليبرالي لتمارس دورها‬ ‫الطبيعي كمركز إشعاع تحرري وديمقراطي في المنطقة‬

‫كما كان في السابق ‪.‬‬

‫‪142‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫ماذا تعني الليبرالية بالنسبة لي ؟ وكيف أصبحت ليبرالي ؟ ولماذا‬ ‫أنا ليبرالي في الساس ؟ أسئلة كثيرة انتابتني تباعا وأنا أحاول الجابة‬ ‫علي سؤال المسابقة الرئيسي (أنا ليه ليبرالي) إجابات كثيرة وأفكار‬ ‫متعددة غمرت خليا ذهني لبرهة من الوقت جعلتني اعدل بعدها من‬ ‫ل إليه‬ ‫قراري بعدم المشاركة في المسابقة لضيق الوقت والذي كنت ميا ً‬ ‫منذ علمت بالمسابقة‪.‬‬ ‫استبد بي الحماس وتجرعت رشفة من الشاي ذو اللون الداكن وبدأت‬ ‫اجتر الذكريات والفكار وأحاول أن اسطرها علي الورق وقد كان ‪.‬‬ ‫وحتى استرجع ذكرياتي بتسلسل زمني تساءلت ( هو من امتي‬ ‫وأنا ليبرالي فعل ) إلي أن اختمرت الجابة بذهني حيث أنني علي‬ ‫قناعة بأنني مازلت حديث العهد بالليبرالية وان ليبراليتي اعتمدت في‬ ‫بنائها علي مجموعة من الخبرات المتراكمة والقراءات المتعددة فضل‬ ‫عن إنها ارتبطت باستقرار بندول أفكاري تجاه اليمين باستمرار وعدم‬ ‫وجود نوازع يسارية فضل عن وجود ميل عام للحريات الفردية إل‬ ‫أن هذا الميل لم يبلغ مستوي عميق إل مع ترسخ الفكار الليبرالية في‬ ‫ذهني في مراحلي السنية العلى ‪.‬‬ ‫فقد خاض عقلي ذو الستة والعشرون ربيعا تجارب محدودة نسبيا‬ ‫في المستنقعات الفكرية للسلم السياسي إذ أنني كنت أميل لهذا التجاه‬ ‫الفكري وأنا حديث العهد بالسياسة واجتذبتني وقتها أفكارا علي غرار‬ ‫العدالة الشعرية المنشودة في المجتمع السلمي‪ ،‬ولم تغمرني لحظة‬ ‫شك عندئذ في أن يوتوبيا السلمية حلم يمكن تحقيقه إذا ما توفرت‬ ‫بعض الرادة والظروف المناسبة متأثرا في ذلك ببعض الكتابات‬ ‫السلمية ذات النكهة العروبية وقتها‪ ،‬إلى أن حدث تحول تدريجي في‬ ‫مؤشر بوصلتي الفكرية فمع تطور الحداث المتلحقة ومع انهيار‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪143‬‬

‫برجي التجارة العالميان بنيويورك في سبتمبر ‪ 2001‬انهارت قناعتي‬ ‫بمدي جدوى الحلول التي يقدمها أصحاب النظرية الدينية وترسخت‬ ‫لدي قناعه لن يمكنني تجاهلها ما حييت بعد ذلك أل وهي أن كل القوي‬ ‫الراديكالية ما هي إل مزرعة لقوي التطرف والستبداد وان شجرة‬ ‫التدين المرضي ل تطرح إل ثمار العنف والقتل بل والذبح أحيانا‬ ‫أخرى ‪.‬‬ ‫ثم تحولت خلفيتي الفكرية إلي النقيض تماما ومن جنه المثالية إلي‬ ‫جحيم الواقعية ومع الواقعية ل تجدي حلولً غير البرجماتية القاسية‬ ‫والنفعية التي ل هوادة فيها والمر عندئذ بسيط ل يحتاج لتعقيدات‬ ‫فكرية من أي نوع فالمصلحة هي المحك وإذا ذهب مقياس المصلحة‬ ‫يمينا فاللتزام بالجانب اليمن فريضة واجبة والدعوة للسوق الحر سنه‬ ‫محببة وإذا تغير المؤشر لليسار أصبحت الدعوة لتعظيم دور الدولة في‬ ‫القتصاد واجب مقدس‪ ،‬إل انه بمرور الوقت لم استطع هضم أن تكون‬ ‫قواعد اللعبة بالنسبة لي منحصرة في البعاد البرجماتية الضيقة ‪.‬‬ ‫ووقتها لم أكن اعلم عن الليبرالية الكثير إل أن سمعتها السيئة‬ ‫كانت تسبق المصطلح دوما حيث كان يتم استخدام الليبرالية كمرادفا‬ ‫طبيعيا للنحلل والفوضى في كثير من الخطابات وبعض وسائل‬ ‫العلم أيضا‪ ،‬وكان يتم تقديم النموذج الغربي علي انه النموذج‬ ‫الليبرالي الكافر الفاسق الماجن الذي ل تحكمه عادات أو تقاليد أو حتى‬ ‫قيم دينية ( وفق ما كان يتردد من كلم عام وقتها ) ‪.‬‬ ‫إل أن ترسخ الميل الشديد لليمان بالحريات الفردية وما تشمله‬ ‫من أركان مثل ( حرية الفكر بالضافة إلي اختيار الدين والمعتقد &‬ ‫الحق في تداول المعلومات & الحق في سلمة الجسد‪ ...‬الخ ) لعب‬ ‫دورا محوريا في صياغة مواقفي الليبرالية بعد ذلك‪ ،‬حيث كنت دوما‬ ‫التزم بالمصالح الفردية ضد ما يطلق عليه بحقوق الجماعة أو الشعب‬

‫‪144‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫تجاه الفرد مستندا لبسط قاعدة ليبرالية – كما علمتها بعد ذلك – أن‬ ‫الحرية فطرية ل يمكن انتزاعها أو حجبها تحت أي مسمي وتحت أي‬ ‫ظروف وان قيمة الحرية تسمو فوق باقي القيم‪ ،‬وان لها الولوية‬ ‫القصوى علي جدول أولوياتي الفكرية ‪.‬‬ ‫لماذا أنا ليبرالي ‪..‬؟‬ ‫•لقد اقتنعت منذ نعومة أظافري أن مرجعيتي الوحيدة يجب أن‬ ‫تبقي داخل جمجمتي‪ ،‬وان قيمة الحرية في الختيار هي قدس‬ ‫القداس الذي ل يجوز تدنيسه تحت أيه مزاعم ومن هنا جاء‬ ‫اتفاقي مع الليبرالية حيث أن مفهومي عن الليبرالية إنها ل‬ ‫تفرض نسق فكري مغلق جامد يستغرق النواحي النظرية‬ ‫ويقضي علي قيمة الختيار الساسية في النسان بل أن‬ ‫الليبرالية تسعي حثيثا لتشكيل الوعي وتطويره لدي الفرد دون‬ ‫اللتزام بخطوط أيدلوجية ثابتة‪ ،‬ولقد قرأت لكينز بعد ذلك ما‬ ‫يدعم تصوري حيث قال " أنا ليبرالي بمعني أنني متفتح لكل‬ ‫فكر جديد ولست أسير لبرامج فكرية محددة سلفا "‬ ‫•إيماني بالتعددية التي تقرها وتحافظ عليها الليبرالية فلقد كنت‬ ‫أتساءل دوما عن السباب التي من اجلها خلقنا ال مختلفون ؟‬ ‫ولقد استغرقنى كثيرا هذا التساؤل واستدرجني إلي مناطق‬ ‫فلسفية عميقة إل أنني تيقنت من أن الختلف الفكري‬ ‫والعقائدي والنوعي وكل أنواع الختلف ما هي إل ثراءً‬ ‫إنسانيا ضخما يجب المحافظة عليه وتدعيمه وكنت أتخيل‬ ‫دائما مثال البستان الذي يحتوي عدد كبير من الزهار ذات‬ ‫اللوان والروائح المختلفة والذي يكون أفضل كثيرا من‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪145‬‬

‫البستان الذي يحتوي نوع واحد ولون واحد من الزهار " أن‬ ‫التعددية هي الحصن الول لليبرالية في تقديري ولهذا أيضا‬ ‫أنا ليبرالي "‬ ‫•ل أنكر أن انبهاري بتاريخ حزب الوفد شكل حجر الزاوية في‬ ‫بلورة شخصيتي الليبرالية وازددت قناعة بان أحوال مصر‬ ‫كانت أفضل في ظل الشعبية الكاسحة لحزب الوفد وذلك قبيل‬ ‫اعتلء الضباط الحرار لسدة الحكم ومع استيلء البكباشي‬ ‫جمال عبد الناصر ومجموعة الشاوس الخرين علي السلطة‪،‬‬ ‫انهارت التجربة الليبرالية في مصر إلي غير رجعه ( حتى‬ ‫الن حتى القل ) وازددت مقتا تجاه النظام الذي افرزه ناصر‬ ‫ومازالت فلوله تحكم حتى كتابة هذه السطور ‪.‬‬ ‫•وبالضافة إلي ما سبق كانت لدي مجموعة من النزعات‬ ‫التمردية للخروج من دوائر المحرمات التي يفرضها عليك‬ ‫المجتمع‪ ،‬أو بالحرى تابوهات‪ ،‬تابوهات سياسية وأخلقية‬ ‫ودينية وتبقي في النهاية مبنية علي مجموعه من الفكار‬ ‫النمطية السائدة في المجتمع وحقيقة لم أجد إل الليبرالية‬ ‫والفكار التحررية كدرع واقي استخدمه لمحاولة اختراق مثل‬ ‫هذه الدوائر ومحاولة تفنيد مزاعمها بحجج منطقية وأسانيد‬ ‫عقلية ولن الليبرالية ضد النمطية وضد الضغط علي‬ ‫الحريات الفردية تحت مزاعم التابوهات فلقد قررت أن أكون‬ ‫ليبراليا ما حييت – عفوا لكن الحكام المطلقة ل تعرفها‬ ‫الليبرالية – ولذلك فان ليبراليتي تحتم علي أن أقول بأنني‬ ‫سوف أكون ليبراليا حتى يتضح لي أن هناك أفكارا أخري‬ ‫أحق بالعتناق ‪.‬‬

‫ولهذا انا ليبرالي‬

‫‪146‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪147‬‬

‫اخترت الليبرالية‪ ..‬لنني امرأة‬ ‫هند حسن‬ ‫مواليد ‪ .1979‬دبلوم الصناعات المتقدمة عام‬ ‫‪ 1998‬والن أدرس إعلم بجامعة القاهرة ‪.‬‬ ‫أعمل بالصحافة من خلل جريدة سواسية المستقلة‬ ‫التي تصدر في محافظة السويس بالضافة لكتابة‬ ‫السيناريو ‪.‬‬ ‫أتمنى في المستقبل أن يدرك الشعب المصري قيمة‬ ‫الحرية وأن يعي تماما أن تقدمه مرتبط بحريته‬ ‫السياسية والفكرية والدينية والقتصادية‪ ،‬ول أظن‬ ‫أن ذلك سيحدث دون وجود مؤسسات إعلمية‬ ‫وأحزاب ليبرالية قوية تدعم الفكار الليبرالية‬ ‫وتنشرها وتروج لها بين مختلف فئات الشعب‬ ‫لذلك أحلم بأن توجد مثل هذه الحزاب والمؤسسات‬ ‫وأن تعمل بجد واجتهاد كبير دون يأس أو كلل حيث‬ ‫أن مهمة تغيير الفكار الخاطئة التي ترسخت في‬ ‫العقول هي من أصعب المهام وأشقها ‪..‬‬

‫‪148‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫منذ أن كنت صغيرة وأنا أعلم أن النسان بعد الموت لن يذهب إل‬ ‫لحدى المكانيين‪ ،‬الجنة أو النار‪ ،‬وأن عمله وحده هو الذي سيحدد إلى‬ ‫أي المكانيين سيذهب‬ ‫أي أن النسان حر وقادر على الختيار وله مطلق الحرية في أن‬ ‫يفعل ما يشاء دون إكراه وكيفما يحلو له‪ ،‬وإل كيف سيحاسبنا ال على‬ ‫أعمال أُجبرنا عليها أو فعلناها قهرا ‪.‬‬ ‫وفيما بعد أخذ مفهوم حرية النسان يتبلور لدي وتتحدد ملمحه‬ ‫شيئا فشيئا‪ ،‬فقد اكتشفت وجود الخر‪ ،‬هذا الذي يخالفني في كل شيء‬ ‫في معتقدي وديني‪ ،‬اتجاهي السياسي‪ ،‬عاداتي وفكرى وأرائي‪ ،‬بل هو‬ ‫على النقيض منى تماما وأنه حر وأنني مطالبة باحترام اختياراته‬ ‫الدينية والفكرية والسياسية‪ ،‬تماما مثلما أطالبه باحترام اختياراتي‬ ‫الدينية والفكرية والسياسية وإن مساحة الختلف بيننا مهما اتسعت فل‬ ‫يجب أن تفسد علقة الود والصداقة والحترام بيني وبين هذا الخر‪.‬‬ ‫لكن قبول الخر وسعة الفق في التفكير هذه غير موجودة عند‬ ‫جميع الناس بل للسف ل يتمتع بها غير القليلين‪ ،‬أما الغالبية العظمى‬ ‫منهم فيحكمهم التطرف والتعصب الشديدين‪.‬‬ ‫بداية من التعصب الديني والفكري ونهاية بالتعصب للعادات‬ ‫والتقاليد البدائية‪ ،‬ول يقف هذا التعصب عند حد نفى وتحقير الخر بل‬ ‫وصل إلى حد تكفيره وقتله‪.‬‬ ‫وكأن النسان في نظر هؤلء عبدا للمعتقد الديني أو الفكرة أو‬ ‫العادة حتى وإن كانت خرقاء بالية وأن كل موروثاتهم الثقافية والدينية‬ ‫من الثوابت التي يجب أن يسلم بها النسان دون أن يتجرأ عقل على‬ ‫مناقشتها أو رفضها أو إعادة النظر فيها‪ .‬وإذا ما أستمر التعصب‬ ‫الديني والفكري في بسط سلطانه وفرض سيطرته على المجتمع فسوف‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪149‬‬

‫نتحول جميعا إلى قطعان ماشية تُساق بالعصا وسواء كانت عصا الدين‬ ‫أو عصا الستبداد السياسي فالنتيجة واحدة‪ .‬انتهاك حرية النسان وقتل‬ ‫إرادته الحرة وقدرته على الختيار والحجر على تفكيره‪.‬‬ ‫لذلك فقد اخترت الليبرالية حيث يظل النسان حرا قادرا على‬ ‫الختيار‪ ،‬ل أحد يُملى عليه أفكاره أو يفتش في ضميره‪ ،‬اخترت‬ ‫الليبرالية حيث ل يستطيع أحد أن ينتزع ديني من قلبي ليحاكمه‬ ‫ويكفرني ثم يسفك دمى‪.‬‬ ‫اخترت الليبرالية لنني أؤمن أن حرية التفكير والقدرة على التخيل‬ ‫هي فقط التي تضمن لنا البداع‪ ،‬فل يمكن أن نبدع ونتطور على الوراق‬ ‫أو في المعامل ونحن نضع أمام عقولنا حائط سد أسمه الحرام أو العيب‬ ‫أو حائط تحدى قدرة ال الذي بدأ يبنيه المعممون في معامل البحاث‪،‬‬ ‫برغم أنه ل يوجد وجه للمقارنة بين مقدرة ال ومشيئته ومحاولت‬ ‫النسان البسيطة لفهم الكون من حوله وتطوير حياته ‪.‬‬ ‫اخترت الليبرالية لنني امرأة ‪:‬‬ ‫امرأة قُدر لها أن تعيش ضمن المجتمعات العربية حيث ل‬ ‫يدركون عن المرأة سوى أنها هذا المخلوق الذي وُلد من رحم‬ ‫الشيطان‪ ،‬فهي باب الخطيئة هي الثارة والفتنة هي الهَم والبلء الذي‬ ‫يُبلى به الب ويصبر عليه حتى يُبلى به رجل أخر يُدعى الزوج‪ ،‬لذلك‬ ‫يجب أن تُخبأ هذه المرأة وأن تختفي تحت رداء أسود وأن يوضع على‬ ‫فمها شريط وعلى عينيها غطاء وأن تدفن في المنزل حتى يأمن‬ ‫المجتمع شرها‪.‬‬ ‫وكأن المرأة ليست بإنسان خلقه ال حر وله إرادة وله الحق في‬ ‫تقرير مصيره واختيار قراراته ‪.‬‬

‫‪150‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫اخترت الليبرالية لنني امرأة تعيش في مجتمع كل من فيه وصى‬ ‫عليها من أب لخ لزوج لبن‪ ،‬كل رجل في هذا المجتمع هو وهو فقط‬ ‫الذي يحدد كم الحرية الذي سيهبه للمرأة وفق تصوره‪ .‬مجتمع كل من هَب‬ ‫ودَب فيه يفتى في شأن المرأة ويبت فيه إل هي عليها فقط السمع والطاعة‪.‬‬ ‫مجتمع الرجل فيه يتمتع بحرية الخطأ أما المرأة فل تستطيع حتى‬ ‫الختيار بين صوابين‪.‬‬ ‫اخترت الليبرالية لنني إنسان جنسه امرأة‪.‬‬ ‫اخترت الليبرالية لنني أؤمن بالدولة المدنية حيث تُحفظ قدسية‬ ‫الدين في المساجد والكنائس والمعابد بينما تُحفظ الحقوق المدنية‬ ‫والمواطنة بواسطة القوانين التي تضعها الدولة‪ ،‬قوانين ثابتة‪ ،‬واضحة‬ ‫ل لبس فيها ول مجال لجتهادات المعممين وأصحاب اللُحى أو‬ ‫تفسيراتهم الشخصية‪ ،‬قوانين تساوى بين كافة المواطنين دون تفرقة‬ ‫وتحفظ حقوقهم جميعا‪.‬‬ ‫اخترت الليبرالية لنني أخشى أن أنام ليلة وأستيقظ فأجد هؤلء‬ ‫قصار الثياب طوال اللُحى المسمون جماعة النهى عن المنكر والمر‬ ‫بالمعروف قد عبروا البحر واحتلوا بلدنا ليسوقونا بالسياط‪...‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪151‬‬

‫حتى تحب مريم وطنها‬ ‫شهاب عبد المجيد وجيه‬ ‫مواليد فبراير ‪ .1984‬بكالوريوس هندسه جامعة‬

‫حلوان مايو ‪ 2008‬مهندس الكتروميكانيك في‬

‫مجموعة دجله للستثمار العقاري‪ .‬عضو مؤسس‬

‫بحزب الجبهة ورئيس جبهة الشباب الحر ‪ -‬الجناح‬ ‫الشبابي بالحزب ‪ -‬وعضو بالمكتب التنفيذي‬ ‫للحزب وناشط ليبرالي‬

‫اشكر كل من علمني أن أتقبل الخر وأتفهمه وأحلم‬

‫بعالم يتقبل فيه الجميع بعضهم ويعلمون أن خلفهم‬ ‫ومنافستهم تثريهم وتبنى لهم مستقبل أفضل ‪.‬‬

‫‪152‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫لم أكن اعرفها ولكن انهار البراءة والعذوبة التي غمرت ملمحها لم‬ ‫تكن من النوع الذي تخطئه العين‪ ,‬كنت في احد الحلقات النقاشة – الزلية‬ ‫الجدلية – حول اتفاقية كامب ديفيد والسلم وحتى أكون صادق فأنى لم‬ ‫انتبه – كما لم ينتبه كثيرون – لموضوع المناقشة حتى جاء دورها في‬ ‫الحديث‪ ,‬كانت لهجتها الفلسطينية واضحة متماشية مع ملمح وجهها‬ ‫العربية‪ ,‬اسمي مريم‪ ,‬فلسطينية مسيحية من سكان غزة ‪ ,‬هكذا بدأت‬ ‫كلمها ولم تنضم – كما انضم اغلب الحضور – في مسابقة أقوى شعار‬ ‫حنجورى ولكنها حكت حكايتها بمنتهى الصدق والحب فهي كما كل سكان‬ ‫غزة عانت من جراء الحتلل السرائيلي وتم اضطهادها ل لشيء سوى‬ ‫كونها عربية مسيحية تحيى في ظل احتلل يسلب حريتها وأرضها‬ ‫وعندما برق أمل جديد بفضل نضالها ونضال أشقائها وأتى نظام حكم‬ ‫ذاتي تنظمه عملية ديمقراطية أتت حكومة تمثل ديكتاتورية الغلبية‬ ‫لترغمها أن ترتدي الحجاب – مع كل احترامها له – لترغمها أن ل‬ ‫تستمع إلى تلك الترانيم التي تعشقها بصوت عال وإل هاجمتها شرطة‬ ‫الغلبية وكم من انتهاك للحرية يرتكب باسم الديمقراطية ‪ ,‬فكانت مريم‬ ‫ضحية ديمقراطيه غير ليبراليه‪.‬‬ ‫عزيزي القارئ قبل أن تبدأ بتوجيه السباب واللعنات على مريم‬ ‫وعلى كاتب هذه السطور وتبدأ في الحديث عن أن حرية الرض تجئ‬ ‫قبل حرية الفراد وأن كل شيء يهون في سبيل الوطن وأن حرية مريم‬ ‫في معتقداتها ل تساوى شيء بجانب إيجاد وطن متماسك ‪ ,‬استسمحك قبل‬ ‫كل هذا أن تتخيل معي مستقبل مريم في ظل الوضاع الحالية‪.‬‬ ‫هل تظن أن مريم – القلية – ستحب وطن ل يحبها؟ هل تظن‬ ‫أنها ستنتمي لوطن يرفضها ول يعترف بحقوقها؟ هل تظن أنها‬ ‫ستصمد قوية أمام رنين ذهب الحتلل ووعوده لها بالحرية؟ وهل‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪153‬‬

‫سيصمد وطن مخوخ أقليته تبحث عن حريتها في الخارج عندما‬ ‫اضطهدها أخوتها في الداخل؟‬ ‫تعالى معي ننقل المثال لمصر‪ ...‬مصر وطن أغلبيته الحقيقية هي‬ ‫مجموعة كبيرة من القليات العرقية والمذهبية والفكرية‪ ,‬تخيل معي إذا‬ ‫سيطرت أغلبية الطيف الواحد على هذا الوطن وفرضت طيفها على‬ ‫كل من فيه وفضلت عرقها على سائر عروقه هل سيبقى انتماء؟ هل‬ ‫سيبقى سلم؟ هل سيبقى وطن؟‬ ‫من اجل هذا‪ ,‬أنا ليبرالي‪ ....‬أنا ليبرالي لنى أؤمن أن الدولة لم‬ ‫تنشئ لتفرض رأيها على قاطنيها ولكنها أنشئت لتحترم حقوقهم‬ ‫وحريتهم‪,‬‬ ‫أنا ليبرالي لنى ل أؤمن بتلك الدولة التي تطعمك وتعلمك وتشغلك‬ ‫على هواها وفي إطار إمكانيتها التي ستكون دوما محدودة بسبب نقص‬ ‫الحماس للعمل وحبه وكيف تتوقع أن يتحمس شخص للعمل وهو يرى أن‬ ‫الكل يثاب بالمثل ‪ ,‬من ل يعمل يثاب مثل من يعمل‪.‬‬ ‫أنا ليبرالي لني أؤمن بحكم الغلبية التي يجب أن تحترم حقوق‬ ‫القلية‪ ,‬أنا ليبرالي لني أؤمن بالمنافسة وأنها الوسيلة الوحيدة لحياة أفضل‬ ‫طالما أن المنافسة في إطار إشراف القانون ‪ ,‬فالمنافسة السياسية تأتى‬ ‫بالفضل للسلطة والمنافسة القتصادية تأتى بالرخص والجود للمواطن‪.‬‬ ‫أنا ليبرالي لنى ارفض احتكار السلطة واحتكار القتصاد‬ ‫واحتكار الحقيقة‪.‬‬ ‫أنا ليبرالي لني أؤمن بدولة القانون ل دولة الفرد الواحد أو دولة‬ ‫الفكرة الواحدة‪ ,‬أنا ليبرالي لني أؤمن أن العالم يتطور ول يقف عند‬ ‫ايدولوجيا جامدة مهما كان اسمها والليبرالية بطبيعتها هي نقيض‬ ‫لليدولوجيا الجامدة‪.‬‬

‫‪154‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫أنا ليبرالي لنى أؤمن بتكامل العالم وتعاونه من خلل التجارة‬ ‫الحرة والتواصل الثقافي ‪.‬‬ ‫أنا ليبرالي لنى أؤمن أن سيادة القانون وحدها تكفل للمواطن‬ ‫العيش الكريم وعدالة الفرص وحدها تحقق أفضل النتائج‪.‬‬ ‫أنا ليبرالي لنى أود أن تحب مريم وطنها وأن تبنيه يد بيد مع‬ ‫أخوتها من مختلف الديان والفكار ‪.‬‬

‫أنا ليه ليبرالى ؟‬

‫‪155‬‬

Related Documents


More Documents from ""