Tayseer Sharh Al-aqa'id.pdf

  • Uploaded by: Saad Say
  • 0
  • 0
  • June 2020
  • PDF

This document was uploaded by user and they confirmed that they have the permission to share it. If you are author or own the copyright of this book, please report to us by using this DMCA report form. Report DMCA


Overview

Download & View Tayseer Sharh Al-aqa'id.pdf as PDF for free.

More details

  • Words: 91,300
  • Pages: 177
‫اطل إِ َّن الْب ِ‬ ‫﴿ وقُل جاء الْح ُّق وَزه َق الْب ِ‬ ‫اط َل َكا َن َزُه ْوقًا ﴾ [ اإلسراء ‪] 18 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ََ َ ََ َ ُ‬

‫يف تيسري‬

‫للعّلمة سعد ال ادين التافتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬ ‫(‪277‬هـ ‪297 -‬هـ)‬

‫مع ختريج أحاديث العقائد للمح ادث جّلل الدين السيوطي رمحه اهلل تعاىل‬ ‫(‪949‬هـ ‪999 -‬هـ)‬ ‫ميسر وأسلوب جديد‬ ‫برتتيب ا‬ ‫املهمة والتعليقات الضرورياة‬ ‫ح اققه ورتابه بالفوائد ا‬ ‫حممد ياسر بن عزيز الرمحن احلنفي‬ ‫ا‬ ‫طالب علم القرآن الكرمي واحلديث النبوي جبامعة تعليم اسإسّلم ‪ -‬ديوزبري بريطانيا‬

‫يف تيسري‬

‫[ مق ّدمة المعلّق ]‬ ‫األول القدمي بّل ابتداء‪ ،‬واآلخر الكرمي بّل انتهاء‪ ،‬مل يزل وال‬ ‫احلمد هلل واجب الوجود‪ ،‬ذى الكرم والفضل واجلود‪ ،‬ا‬ ‫املنزه عن مسات النقصان واحلدوث والزوال‪ ،‬والصلوة والسّلم على‬ ‫يزال صاحب نعوت الكمال‪ ،‬من صفات اجلّلل واجلمال‪َّ ،‬‬ ‫األمة‪ ،‬وعلى آله وأصحابه الطيبني الطاهرين‪ ،‬وعلى أتباعه وأشياعه‬ ‫نىب الرمحة‪ ،‬وشفيع ا‬ ‫أكمل مظاهر احلق ىف مرأي اخللق‪ ،‬ا‬ ‫إىل يوم الدين‪.‬‬ ‫اأما بعد‪:‬‬ ‫فإ ان العلوم الدينياة أفضل العلوم وأشرفها‪ ،‬ال سياما العقيدة اسإسّلمياة الىت أساسها توحيد اخلالق ومعرفة املالك‪ ،‬فإن‬ ‫أجل فوائد علم العقيدة الصحيحة نفيه الشكوك والشبه‬ ‫ا‬ ‫صحة األعمال الصاحلة كلاها موقوفة على العقيدة الصحيحة‪ .‬ومن ا‬ ‫املطوالت واملختصرات املختلفة ىف ذكر األدلاة‪ ،‬والرباهني‬ ‫وما ذهب إليه الفّلسفة والطبيعيون‪ .‬فمن أجل ذلك ألاف أسّلفنا ا‬ ‫العلمية على وجود اهلل تعاىل‪ ،‬وعلى صفاته العلية‪ .‬ومن هذه املؤلافات هذا الكتاب الذى بني أيدينا للعّلامة سعد الدين‬ ‫التفتازىن إذ هو من أهم ما ألِّف ىف هذا الباب حيث حبث العقيدة حبثاً فكريااً‪ ،‬وأثبتها إثباتاً يعتمد على النقل والعقل‪.‬‬ ‫أردت مع قلاة علمي‬ ‫أيت طلبة العل ِم وجدوا الصعوبة ىف فهمه وقراءته بسبب النسخة القدمية وقلاة اسإيضاح والضبط‪ُ ،‬‬ ‫ومل ا ر ُ‬ ‫وفهمه‬ ‫وبضاعيت أن ا‬ ‫أسهله تسهيّل وأرتابه ترتيبا وأه اذبه هتذيبا وأجعل له مباحث وفوائد ومتهيدا لكي يسهل لطلبة العلم قراءتُه ُ‬ ‫ومسايته ’’تهذيب األرواح النفسيّة في تيسير شرح العقائد النسفيّة‘‘‪ ،‬وقد كان له نسخ كثرية منتشرة ىف العامل‪ ،‬ورغم ذلك‬ ‫وجل‪ ،‬وراجياً‬ ‫ُ‬ ‫قمت بإخراج نسخة جديدة تكون على ترتيب سهل وأسلوب جديد متواكّل على اهلل تعاىل‪ ،‬وبتوفيق منه ا‬ ‫عز ا‬ ‫منه أن جيعلين بسبب هذا العمل من زمرة الصاحلني‪.‬‬ ‫لست منهم‬ ‫أحب الصاحلني و ُ‬ ‫ا‬ ‫لع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ اـل اهلل يرزقىن صّلحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً‬ ‫عملي ىف هذا الكتاب‬ ‫سرت ىف حتقيق هذا الكتاب بالنهج التاىل‪:‬‬ ‫وقد ُ‬ ‫العّلمة النسفي صاحب املنت النسفياة‪.‬‬ ‫العّلمة سعد الدين التفتازاين مث أتبعتُها برتمجة ا‬ ‫جئت برتمجة ا‬ ‫اأوالً‪ُ :‬‬ ‫جئت باملنت الكامل للنسفي قبل بداية الكتاب لكى يسهل لطالب العلم حفظُه‪.‬‬ ‫ثانيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً‪ُ :‬‬ ‫املباحث ىف شكل عناوين رئيسياة باللون األمحر بني القوسني األسودين‪.‬‬ ‫جعلت للكتاب‬ ‫ثالثـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فهمها‪.‬‬ ‫راب ـعـ ـ ـ ـ ـاً‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫جعلت لكل فقرة عنواناً باللون األمحر بقدر وسعي حىت يسهل ُ‬ ‫كتبت السوال املق ادر قبل جواب املصناف يف إطار أزرق‪.‬‬ ‫خامساً‪ُ :‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪5‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫املهمة الّلزمة من مراجع الضمائر‬ ‫سادساً‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫وضعت من قبلى خّلل الكتاب‪ُ ،‬مستعيناً من الكتب املستندة‪ ،‬بعض االمور ا‬ ‫وحل العبارة وماشاهبها بني القوسني األزرقني‪.‬‬ ‫منت الكتاب بني املزد ِوجتني باللون األسود الغامق{(( مثال ))} حىت يتمياز من شرح الكتاب‪.‬‬ ‫كتبت َ‬ ‫سابعـ ـاً‪ُ :‬‬ ‫للعّلمة جّلل الدين السيوطي‪.‬‬ ‫ثامن ـ ـ ـاً‪:‬‬ ‫أضفت ىف الكتاب ختريج أحاديث شرح العقائد ا‬ ‫ُ‬ ‫جئت بالفوائد ليزداد فهماً‪.‬‬ ‫تاسعاً‪:‬‬ ‫اهلامة وتارةً ُ‬ ‫ُ‬ ‫وضعت متهيدا قبل املباحث ا‬ ‫أحلقت بآخر الكتاب ثّلثة فهارس‪:‬‬ ‫عاشراً‪ :‬و ُ‬ ‫‪ .9‬فهرس اآليات القرآنية وردت ىف الكتاب‬ ‫‪ .7‬فهرس األحاديث النبوية الشريفة واآلثار‬ ‫‪ .3‬فهرس الكتاب‬ ‫كتبت باللون األمحر واألزرق أو بني القوسني األزرقني فليس من اصل الكتاب‪.‬‬ ‫كل ما ُ‬ ‫مّلحظة ‪ :‬ا‬ ‫وال ب اد ىل من أن أشكر أساتذتى وأحباىب الذين أرشدوىن أثناء هذا العمل والسياما صديقي وزميلي عماد الرمحن‬ ‫ودعوا اهلل تعاىل لتوفيق إكماله‪،‬‬ ‫الذي ساعدين على احلاسوب لرتتيب الكتاب وهتذيبه‪ ،‬وو َّ‬ ‫الدى احملرتمني الذين ا‬ ‫شجعاىن عليه َ‬ ‫رب العاملني‪.‬‬ ‫وأنا أدعو هلم أن يوفاقهم اهلل تعاىل لكل‬ ‫ماحيب ويرضى وجيزيهم أحسن اجلزاء ىف الدارين‪ ،‬آمني يا ا‬ ‫ا‬ ‫أصصحه وأتداركه ىف طبعات مستقبلياة‪،‬‬ ‫وأكون شاكرا غاية الشكر لكل من يانباهىن على الزلاة واخلطأ وقع ىف الكتاب لكى ا‬ ‫خيصىن بدعوة صاحلة بظهر الغيب‪.‬‬ ‫وعم نواله و اأّته بالرجاء لكل من انتفع هبذا الكتاب أن ا‬ ‫جل جّلله ا‬ ‫وأخرياً‪ ،‬أسئل املوىل ا‬ ‫واحلمد هلل رب العاملني والصلوة والسّلم على رسوله الكرمي‪.‬‬

‫كتبه العبد الفقري إىل عفو رباه القدير‬ ‫حممد ياسر بن عزيز الرمحن احلنفي‬ ‫طالب علم القرآن الكرمي واحلديث النبوي‬ ‫جبامعة "تعليم اسإسّلم" ديوزبرى بريطانية‬ ‫حمرم ‪9437-‬‬ ‫‪ 91‬ا‬ ‫‪ 91‬ديسمرب ‪7191-‬‬

‫‪6‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫[ ترجمة صاحب الشرح‬

‫((التفتازاني)) ]‬

‫(‪277‬هـ ‪297 -‬هـ)‬ ‫اسمه ومولده‪:‬‬ ‫هو سعد امللة والدين مسعود بن عمر بن حممد بن أيب بكر بن حممد بن أيب سعيد الغازي التفتازاين‪ ،‬الفقيه املتكلم النظار‬ ‫ألصويل النحوي البّلغي املنطقي‪ .‬ولد بقرية تفتازان من مدينة نسا يف خراسان يف صفر سنة ‪ 277‬هـ يف أسرة عريقة يف‬ ‫العلم حيث كان أبوه عاملاً وقاضياً وكذا كان جده ووالد جده من العلماء‪.‬‬ ‫صفاته‪:‬‬ ‫كان السعد التفتزاين إماما من أئمة التحقيق والتدقيق فقد انتهت إليه رئاسة العلم يف املشرق يف زمنه وفاق األقران‪ ،‬وبرز يف‬ ‫النحو والصرف واملنطق واملعاين والبيان واألصول والتفسري وعلم الكّلم وغريها من العلوم‪ ،‬وكان يفيت باملذهبني الشافعي و‬ ‫أيضا‬ ‫احلنفي وانتهت إليه رياسة احلنفية يف زمانه حىت ويل قضاء احلنفية وانتفع الناس بعلمه وتصانيفه‪ ،‬وكان ُملما بالفارسية ً‬

‫له نظم جيد باللغتني‪.‬‬ ‫شيوخه‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫عضد الدين عبد الرمحن بن أمحد بن عبد الغفار اسإجيي املتوىف سنة ‪ 217‬هـ قاضي قضاة املشرق وشيخ الشافعية‬

‫ببّلد ما وراء النهر‪ ،‬وقد الزمه السعد مّلزمة تامة وعليه خترج يف علم الكّلم واألصول واملنطق والبّلغة وكان كثري الثناء‬ ‫عليه‪.‬‬ ‫متييزا له عن آخر كان يسكن معه بأعلى‬ ‫‪‬‬ ‫قطب الدين حممود ‪-‬أو حممد‪ -‬بن حممد نظام الدين الرازي التحتاين‪ً -‬‬ ‫املدرسة الظاهرية‪ -‬املتوىف سنة ‪ 277‬هـ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫هباء الدين السمرقندي احلنفي‪.‬‬

‫‪‬‬

‫ضياء الدين عبد اهلل بن سعد اهلل بن حممد عثمان القزويين الشافعي املعروف بالقرمي وبابن قاضي القرم املتوىف سنة‬

‫‪ 291‬هـ‪.‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪7‬‬

‫تالمذته‪:‬‬ ‫تتلمذ على السعد مجلة من طلبة العلم نبغ منهم كثري ومنهم‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫حسام الدين حسن بن علي بن حسن األبيوردي اخلطييب (‪997 -279‬هـ) أخذ عنه علوم املعقول‪.‬‬

‫‪‬‬

‫حيدر بن أمحد بن إبراهيم الرومي احلنفي املعروف بشيخ التاج (‪914 -291‬هـ)‪.‬‬

‫‪‬‬

‫عّلء الدين علي بن موسى بن إبراهيم الرومي احلنفي (‪949 -217‬هـ)‪.‬‬

‫‪‬‬

‫حممد بن عطاء اهلل بن حممد الرازي الشافعي قاضي القضاة (‪979 -272‬هـ)‪.‬‬

‫‪‬‬

‫مشس الدين حممد بن فضل اهلل بن جمد الدين الكرميي (‪979 -223‬هـ)‪.‬‬

‫‪‬‬

‫عّلء الدين حممد بن حممد بن حممد بن حممد البخاري احلنفي (‪949 -221‬هـ)‪.‬‬

‫‪‬‬

‫مجال الدين يوسف بن ركن الدين مسيح األوهبي اخلراساين السمرقندي‪.‬‬

‫مؤلفاته‪:‬‬ ‫ألف السعد التفتزاين كتبًا كثرية تدل على علو كعبه وغزير علمه حىت غدت كتبه يف علم الكّلم واألصول واملنطق والبّلغة‬ ‫مرجع الباحثني ومنتهى طلب املتخصصني وأضحت هي كتب الدرس يف جل املعاهد واملدارس العلمية‪ ،‬فاشتهرت تصانيفه‬ ‫يف األرض وانتشرت بالطول والعرض‪ ،‬ومن أهم مصنفاته‪:‬‬ ‫شرح تصريف الزجناين‪ :‬وهو شرح ملنت التصريف املشهور بـالعزيو الذي وضعه عز الدين إبراهيم بن عبد الوهاب بن‬

‫‪‬‬

‫عماد الدين بن إبراهيم الزجناين (ت‪711:‬هـ) وقد شرحه السعد سنة ‪239‬هـ وأمته يف شهر شعبان وله من العمر ست عشرة‬ ‫سنة تقريبًا وهو أول مصنفاته‪ .‬وقد اشتهر هذا الشرح وله نسخ خطية متعددة‪ ،‬وأول طبعه كان بالقسطنطينية سنة ‪9713‬هـ‬

‫مث طبع بطهران ودهلي ومبومباي ولكنو مث بالقاهرة سنة ‪9312‬هـ كما كتب عليه العلماء بعض احلواشي‪.‬‬

‫إرشاد اهلادي‪ :‬وهو كتاب يف النحو فرغ منه يف خوارزم سنة ‪224‬هـ وهو منت خمتصر على غرار الكافية البن‬

‫‪‬‬

‫شروحا‪.‬‬ ‫احلاجب‪ .‬وقد طبع حمق ًقا مبطبعة دار البيان العريب جبدة عام ‪9411‬هـ كما كتب عليه العلماء ً‬ ‫الشرح املطول على تلخيص املفتاح‪ .‬ويعرف بـ"املطول" وهو شرح على كتاب "تلخيص املفتاح" جلّلل الدين حممد‬

‫‪‬‬

‫بن عبد الرمحن بن عمر القزويين (ت‪239:‬هـ) والذي هو تلخيص للقسم الثالث من كتاب "مفتاح العلوم" لسراج الدين‬ ‫يوسف السكاكي (ت‪777:‬هـ) واملتعلق بعلم املعاين والبيان‪ .‬وقد بدأ السعد شرحه ذاك خبوارزم يوم االثنني الثاين من رمضان‬ ‫‪8‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫سنة ‪247‬هـ وله وقتها من العمر قرابة العشرين مث فرغ منه هبراة يوم األربعاء احلادي عشر من شهر صفر سنة ‪249‬هـ ويقال‬ ‫إن السلطان تيمورلنك علق الكتاب على باب قلعة هراة‪ ،‬واشتهر الكتاب وكثرت نسخه وقد طبع بالقسطنطينية سنة‬ ‫‪9771‬هـ مث يف لكنو وطهران ودهلي مث تكرر طبعه‪ ،‬وقد تلقى العلماء هذا الشرح بالقبول التام واالهتمام البالغ وأولوه عناية‬ ‫فائقة فدرسوه ووضعوا عليه احلواشي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الشرح املختصر على تلخيص املفتاح‪ :‬ويعرف مبختصر املعاين‪ ،‬وهو اختصار لكتابه املطول السابق ذكره كما قال‬

‫أساسا للتدريس يف األزهر ويف مجلة من معاهد العلم‪،‬‬ ‫السعد يف خطبته‪ ،‬وقد فرغ منه سنة ‪217‬هـ وقد اعتمد هذا املختصر ً‬

‫كما كتبت عليه احلواشي الوافرة الكثرة واليت تدل على عظم اهتمام العلماء به‪ .‬وقد طبع الكتاب أوال بكلكتا سنة ‪9993‬م‬

‫مث يف لكنو ‪9779‬هـ مث بالقاهرة مبطبعة بوالق سنة ‪9729‬هـ مع حاشية الدسوقي مث تكرر طبعه بعدها‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫شرح القسم الثالث من مفتاح العلوم‪ :‬وهو شرح مباشر للقسم اخلاص بعلم املعاين والبيان من مفتاح السكاكي‪،‬‬

‫وهو من أواخر كتبه وقد فرغ منه قبيل وفاته بسنوات‪ ،‬وفرغ منه بسمرقند يف شوال سنة ‪299‬هـ وقد اشتهر هذا الشرح وذاع‬ ‫إال أنه مل يطبع حىت اآلن‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫التلويح إىل كشف حقائق التنقيح‪ :‬وهو حاشية على كتاب التوضيح شرح منت التنقيح وكّل الشرح واملنت لصدر‬

‫الشريعة عبد اهلل بن مسعود احملبويب (ت‪242:‬هـ) وقد فرغ منه بكلستان ‪-‬مدينة برتكستان‪ -‬يف يوم االثنني من شهر ذي‬ ‫القعدة سنة ‪219‬هـ وقد بلغ من العمر ستا وثّلثني سنة وهو كتاب ماتع حافل يقطع بفضل السعد ووفور عقله وعلمه‪ .‬وقد‬ ‫اهتماما وعناية فائقة فدرسوه يف معظم معاهد العلم ووضعوا عليه احلواشي‬ ‫أنزل العلماء الكتاب املنزلة الّلئقة به فأولوه‬ ‫ً‬ ‫والتعليقات‪ .‬وقد طبع الكتاب أوال يف دهلي سنة ‪9772‬هـ مث يف لكنو ‪9799‬هـ مع التوضيح مث يف األستانة مث طبع بالقاهرة‬ ‫باملطبعة امليمنية سنة ‪9372‬هـ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫احلاشية على شرح عضد الدين اسإجيي على خمتصر املنتهى البن احلاجب‪ :‬وهو شرح على "خمتصر منتهى السول‬

‫واألمل يف علمي األصول واجلدل" لإلمام مجال الدين أيب عمرو عثمان بن احلاجب (ت‪747:‬هـ) وقد شرح هذا املختصر‬ ‫عدة شروح من أفضلها شرح عضد الدين اسإجيي شيخ السعد فحشاه السعد هبذه احلاشية الرائقة الفائقة‪ ،‬وقد فرغ منها‬ ‫خبوارزم يف ذي احلجة من سنة ‪221‬هـ وقد طبعت هذه احلاشية مع شرح العضد مع حاشية السيد الشريف اجلرجاين مبطبعة‬ ‫بوالق سنة ‪9399‬هـ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫أيضا "مفتاح الفقه" وقد شرع فيه بسرخس سنة ‪297‬هـ على األرجح وتويف‬ ‫املفتاح‪ :‬وهو يف فروع الشافعية ويسمى ً‬

‫قبل إمتامه فأمته حفيده حيىي بن حممد بن السعد‪ ،‬والكتاب مل يطبع إىل اآلن‪.‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪9‬‬

‫خمتصر شرح تلخيص اجلامع الكبري‪ :‬واجلامع الكبري يف الفروع ألفه حممد بن احلسن الشيباين (ت‪992:‬هـ) وخلصه‬

‫‪‬‬

‫مجلة من العلماء منهم كمال الدين حممد اخلّلطي (ت‪ 717:‬هـ) وعلى هذا التلخيص عدة شروح منها شرح اسإمام مسعود‬ ‫الغجدواين فعمد السعد إىل هذا الشرح وشرع يف اختصاره وتلخيصه فتويف قبل أن يتمه‪ ،‬وقد شرع فيه بسرخس سنة ‪297‬هـ‬ ‫على األرجح‪ .‬وهذا الكتاب مل يطبع إىل اآلن‪.‬‬ ‫احلاشية على الكشاف‪ :‬وهي حاشية على تفسري الكشاف للزخمشري وهي غري تامة شرع فيها بسمرقند يف شهر‬

‫‪‬‬

‫ربيع اآلخر سنة ‪299‬هـ ووافاه األجل قبل إمتامها‪ ،‬وقد أطرى حاجي خليفة هذه احلاشية إطراء طويّل وذكر أنه ليس هلا‬ ‫نظري‪ .‬وقد اعتىن هبا العلماء وزانوها بالدرس والتعليق ووضع عليها بعضهم احلواشي‪ .‬وال زالت احلاشية خمطوطة ومل تطبع‪.‬‬ ‫شرح الرسالة الشمسية‪ :‬وهو شرح على رسالة خمتصرة يف املنطق ألفها جنم الدين علي بن عمر الكاتيب القزويين‬

‫‪‬‬

‫(ت‪721:‬هـ) وقد ألفها للخواجة مشس الدين اجلويين ولذا مسيت بالشمسية‪ ،‬وشرح السعد من أهم شروح منت الشمسية ‪.‬‬ ‫وقد طبع يف لكنو سنة ‪9377‬هـ مث تكرر طبعه بعد ذلك مع جمموعة شروح‪.‬‬ ‫غاية هتذيب الكّلم يف حترير املنطق والكّلم‪ :‬وهو منت متني خمتصر العبارة كثري املعاين والفوائد وجعله على قسمني‪:‬‬

‫‪‬‬

‫قسم يف املنطق وقسم يف علم الكّلم‪ ،‬وقد ألفه بسمرقند يف رجب سنة ‪299‬هـ وقد أقبل العلماء على قسم املنطق به فانتشر‬ ‫واشتهر ودرس يف معاهد العلم املعتربة زمنًا طويّل وصنفت عليه الشروح وفاقت العناية به القسم الكّلمي الذي مل حيظ مبثل‬

‫ذلك االهتمام والشروح‪ ،‬وقد طبع الكتاب أوال يف كلكتا سنة ‪9743‬هـ مع شرح اليزدي مث تكرر طبعه مع شروح خمتلفة بعد‬ ‫ذلك من أشهرها طبعة مصطفى احلليب سنة ‪9311‬هـ مع شرح اخلبيصي وحاشييت الدسوقي والعطار‪.‬‬ ‫شرح العقائد النسفية‪ :‬وهو شرح على منت العقائد الذي وضعه اسإمام جنم الدين أبو حفص عمر بن حممد‬

‫‪‬‬

‫اهتماما وعناية من‬ ‫النسفي (ت‪132:‬هـ) والذي تعددت شروحه إال أن شرح السعد هو أعظمها شهرة وأكثرها قبوال و ً‬ ‫العلماء وقد تقرر للتدريس يف مجلة من معاهد العلم الشرعية املعتربة ُحقبًا من الزمن‪ ،‬وقد أمته السعد خبوارزم يف شعبان سنة‬

‫‪279‬هـ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫املقاصد‪ :‬وهو منت خمتصر يف علم الكّلم متني العبارة جيد السبك‪.‬‬

‫‪‬‬

‫شرح املقاصد‪ :‬وهو شرح على املنت السابق‪ ،‬وقد فرغ السعد من املنت وشرحه بسمرقند يف ذي القعدة سنة ‪294‬هـ‪،‬‬

‫وهو من أعظم كتب علم الكّلم على اسإطّلق إال أن أسلوبه مييل إىل الصعوبة‪ ،‬وقد اعتىن به العلماء وكتبوا عليه احلواشي‪،‬‬ ‫وقد طبع املنت مع شرحه بإستنبول سنة ‪9311‬هـ مث تعددت طبعاته‪.‬‬ ‫النعم السوابغ يف شرح الكلم النوابغ‪ :‬كتاب يف فقه اللغة شرح فيه كتاب الزخمشري "نوابغ الكلم" وقد طبع الكتاب‬

‫‪‬‬

‫‪01‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫بالقاهرة مبطبعة وادي النيل سنة ‪9792‬هـ مث يف بريوت سنة ‪9317‬هـ‪.‬‬ ‫وفاته‪:‬‬ ‫يسا وتألي ًفا وإفتاء وبالصرب على شظف العيش وكثرة منغصاته انتقل اسإمام السعد‬ ‫بعد حياة حافلة بالعطاء العلمي تدر ً‬ ‫التفتازاين إىل رمحة ربه يوم االثنني الثاين والعشرين من احملرم واختلف يف سنة وفاته واملرجح أهنا ‪299‬هـ أو ‪297‬هـ املوافق ‪92‬‬ ‫من يناير عام ‪9391‬م يف مسرقند ودفن هبا مث نقل إىل سرخس فدفن هبا يوم األربعاء التاسع من مجادى األوىل من نفس‬ ‫السنة‪ .‬وقد كتب على صندوق ضرحيه‪:‬‬ ‫((أال أيها الزوار زوروا وسلموا على روضة اسإمام احملقق واحلرب املدقق‪ ،‬سلطان العلماء ملصنفني‪ ،‬وارث علوم األنبياء واملرسلني‪،‬‬ ‫معدل ميزان املعقول واملنقول‪ ،‬منقح أغصان الفروع واألصول‪ ،‬ختم اجملتهدين أيب سعيد سعد احلق والدين مسعود القاضي‬ ‫اسإمام مقتدى األنام ابن عمر املوىل املعظم أقضى قضاة العامل برهان امللة والدين ابن سإمام الرباين العامل الصمداين مفيت‬ ‫الفريقني اجلامعني‪ ،‬سلطان العارفني قطب الواصلني مشس احلق والدين الغازي التفتازاين قدس اهلل أرواحهم وأنزل يف فراديس‬ ‫اجلنان أشباحهم))‪.‬‬ ‫مصادر الترجمة‪:‬‬ ‫الدرر الكامنة (‪ .)311/4‬إنباء الغمر (‪ .)329 -322 /7‬عجائب املقدور (‪ .)472‬الدليل الشايف على املنهل الصايف‬ ‫(‪ .)234/7‬بغية الوعاة (‪ .)399‬مفتاح السعادة (‪ .)997-991/9‬شذرات الذهب (‪ .)377-399/ 7‬الفوائد البهية‬ ‫‪ .)979 ،979‬البدر الطالع (‪ .)311 -313 /7‬هدية العارفني (‪ .)431 ،479/7‬معجم املؤلفني (‪ .)779 /97‬معجم‬ ‫املطبوعات (‪ .)739 -731 /9‬مقدمة د‪ .‬عبد الكرمي الزبيدي لكتاب "إرشاد اهلادي" للتفتازاين ص (‪ .)44 -9‬رسالة‬ ‫دكتوراه من جامعة أم القرى بعنوان "التفتازاين وموقفه من اسإهليات"‪.‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪00‬‬

‫[ ترجمة صاحب المت ِن ((النسفي)) ]‬ ‫(‪168‬هـ ‪732 -‬هـ)‬ ‫اسمه وكنيته ولقبه‪:‬‬ ‫َّس ِف ُّي‪ ،‬نسبة إىل مدينة نسف‪ ،‬ويقال‬ ‫بن ُحمَ َّم ِد ب ِن أ م‬ ‫هو ُع َم ُر ُ‬ ‫َمحَ َد ب ِن إمساعيل بن حممد بن علي بن لُ مق َما َن احلنفي‪ .‬ونسبته‪ :‬الن َ‬ ‫هلا‪ :‬خنشب‪ .‬واحلنفي نسبة إىل الفقه احلنفي إذ هو من كبار علمائه‪ ،‬وكنيته‪ :‬أَبُو َح مف ٍ‬ ‫ص ويلقب بنجم الدين وشيخ اسإسّلم‪.‬‬

‫َم ْولِ ُدهُ‪ 479 :‬هـ‪ 9179 ،‬م‬

‫ِ ِ‬ ‫يها‪ :‬ولد يف نسف وهي خنشب قرب مسرقند‪.‬‬ ‫البَـلَ ُد التي ُول َد ف َ‬ ‫وخهُ‪:‬‬ ‫ُشيُ ُ‬

‫شيوخ كثريين‪ ،‬و قد مجع هو أمسائهم يف كتاب فبلغوا مخسمائة‬ ‫سافر جنم الدين النسفي وارحتل يف طلب العلم و استفاد من ٍ‬ ‫ومخسة ومخسني شيخا‪ ،‬ومل يذكر أصحاب الرتاجم و ِ‬ ‫الس َري إال العدد القليل منهم و هم‪:‬‬ ‫ً‬

‫أَبو القاسم بن ٍ‬ ‫ومهدي‬ ‫بيان مسع منه ببغداد يف ال ُك ُه مولَ ِة‪ ،‬وإمسٰعيل بن حممد النـ مُّو ِح اي النسفي‪ ،‬واحلسن بن عبد امللك القاضي‪،‬‬ ‫ا‬ ‫عيسى النسفي‪ ،‬وأبو اليُ مسر حممد بن حممد بن احلسني البزدوي النسفي‪ ،‬وحسني‬ ‫علي بن ٰ‬ ‫ي‪ ،‬وعبد اهلل بن ِّ‬ ‫بن حممد َ‬ ‫العلَ ِو ا‬ ‫ِ‬ ‫ال َكا مشغ ِري‪ ،‬وأبو حممد احلسن بن أمحد َّ ِ‬ ‫ي‪ ،‬وأبو علي احلسن بن عبد امللك النسفي‪.‬‬ ‫وعلي بن احلسن املَاتُِريمد ا‬ ‫الس َم مرقَـمند ا‬ ‫َ ا‬ ‫ي‪ ،‬ا‬ ‫تَ ِ‬ ‫المي ُذهُ‪:‬‬ ‫َرَوى َعمنهُ‪:‬‬ ‫وولَ ُده أبو الليث أمحد بن عمر بن حممد النسفي‪ ،‬وعمر بن حممد بن عمر العقيلي‪ ،‬وأبو سعد‬ ‫حممد بن ٰ‬ ‫إبرهيم التُّوربُ مش ِ ُّ‬ ‫يت‪َ ،‬‬ ‫عبد الكرمي الس معاين صاحب التحبري يف املعجم الكبري‪ ،‬وهو أحد مشائخ صاحب اهلداية وصدر املرغيناين صاحب اهلداية‬ ‫مشيخته اليت مجعها لنفسه بذكره‪ .‬وذكر بعده ابنه أبو الليث أمحد بن عمر‪ .‬و َغيـر و ِ‬ ‫اح ٍد‪.‬‬ ‫َ مُ َ‬ ‫مؤلفاته‪:‬‬

‫كان أبو حفص النسفي عاملا موسوعيا‪ِ ،‬‬ ‫ث‪ ،‬والتَّـ مف ِس ِري‪ ،‬والش ِ‬ ‫احب فُـنُـو ٍن‪ ،‬أَلَّ ِ ِ ِ‬ ‫ُّروط‪ ،‬ولَه َمَنو ِمن مائَِة مصن ٍ‬ ‫َّف‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َُ ٌ م‬ ‫َ‬ ‫ص َ م‬ ‫ف يف احلَديم َ م َ‬ ‫ومصدرا ملا كتبه أكابر أهل الرتاجم والسري مثل الذهيب وابن‬ ‫ِّف "ال َق ْند فِ ْي تَا ِريْ ِخ َس َم ْرقَـ ْند" والذي يعترب مرجعا‬ ‫صن ُ‬ ‫َوُه َو ُم َ‬ ‫ً‬ ‫حجر وغريمها وَنن نذكر فيما بعضا من مؤلفاته اليت عثرنا على أمسائها يف املصادر‪:‬‬ ‫أجناس الفقه‪ ،‬وتطويل األسفار لتحصيل األخبار (مجع فيه ما مسعه من األحاديث من شيوخه)‪ ،‬وتعداد الشيوخ لعمر‪،‬‬ ‫مستطرف على الحروف مستطر (مجع فيه شيوخه وهم مخسمائة ومخسون شيخا)‪ ،‬والتيسير في التفسير (أوله‪ :‬احلمد هلل‬ ‫الذي انزل القرآن اخل ذكر يف اخلطبة مائة اسم من أمساء القرآن مث عرف التفسري والتأويل مث شرع يف املقصود وفسر اآليات‬ ‫بالقول وبسط يف معناها كل البسط وهو من الكتب املبسوطة يف هذا الفن‪ ).‬والجمل المأثورة‪ ،‬والحصائل في المسائل‪،‬‬ ‫‪01‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫والخصائص في الفروع وهو كتاب كبير‪ ،‬ودعوات المستغفرين (ذكره حاجي فقال‪ :‬لسراج الدين أيب حفص عمر اخل‪، ).‬‬

‫وطلبة الطلبة في اللغة على ألفاظ كتب أصحاب الحنفية‪ ،‬وفتاوى نجم الدين أبى الحسن عطاء بن حمزة السغدي‬

‫(توىل مجعها الشيخ اسإمام أبو حفص عمر بن حممد بن أمحد النسفي)‪ ،‬والفتاوى النسفية (وهى فتاواه اليت أجاب هبا عن‬

‫مجيع ما سئل عنه يف أيامه دون ما مجعه لغريه)‪ ،‬ومجمع العلوم‪ ،‬ومشارع الشارع في فروع الحنفية (شرحه أبو علي العايل‬ ‫بن إبراهيم بن إمساعيل الغزنوي‪ ،‬احلنفي َّ‬ ‫املتوىف سنة ‪199‬هـ‪ .‬مسَّاه‪" :‬املنابع يف شرح املشارع"‪ .‬أول املشارع‪[ :‬احلمد هلل الذي‬ ‫أغىن قلوب الفقهاء‪ ،‬باالمتّلء من نف ائس كنوزه‪ ...‬اخل] وجعله‪ :‬مخسني كتابا‪ ،‬ومخسة أقسام‪ .‬وهي‪ :‬العبادات‪ ،‬واملعامّلت‪،‬‬ ‫واملباحات‪ ،‬والتربعات‪ ،‬واجلنايات‪ ،).‬والمعتقد (شرحه الشيخ شرف الدين أبو الفضل إمساعيل بن إبراهيم بن امحد الشيباين‬ ‫ومساه املنتقد أوله‪ :‬احلمد هلل الذي هدانا لدينه القومي اخل ذكر فيه انه رواه أبو جعفر الطحاوي وهو املوثوق بروايته عن اسإمام‬ ‫أيب حنيفة رمحه اهلل ورواه عن أصحابه وذكره بأوجز عبارة وأبلغ إشارة وضمنه معظم أصول الدين‪ ،).‬ومنظومة النسفي في‬

‫الخالف (أوهلا‪ :‬باسم اسإله رب كل عبد واحلمد هلل ويل احلمد اخل رتبها على عشرة أبواب‪).‬‬ ‫وله مؤلفات أخرى كثرية غري ما ذُكر‪...‬‬ ‫كتابه في العقيدة‪:‬‬

‫له كتاب العقائد النسفية أو عقائد النسفي وهو منت متني اعتىن عليه جم من الفضّلء فشرحه العّلمة سعد الدين مسعود‬ ‫بن عمر التفتازاين املتوىف ‪299‬هـ وفرغ منه يف شعبان سنة ‪279‬هـ قال إن املختصر املسمى بالعقائد يشتمل على غرر الفوائد‬ ‫يف ضمن فصول هي للدين قواعد وأصول مع غاية من التنقيح والتهذيب اخل و شرح العّلمة التفتازاين مقرر دراسي يف معظم‬ ‫املدارس الدينية األهلية يف شبه القارة اهلندية و دول جنوب آسيا‪ ،‬مثل اهلند وباكستان وبنجّلديش وأفغانستان‪.‬‬ ‫بعضا من شروحه‪.‬‬ ‫وقد ولع به العلماء فقاموا بشرحه و التعليق عليه أو تلخيصه أو التحشية عليه وقد ذكر حاجي خليفة ً‬ ‫قال شارحه سعد الدين التفتازاين‪" :‬إن املختصر املسمى بالعقائد يشتمل على غرر الفوائد يف ضمن فصول هي للدين قواعد‬ ‫وأصول مع غاية من التنقيح والتهذيب‪"...‬‬

‫العلَ َم ِاء َعلَ ِيه‪:‬‬ ‫ثَـنَاءُ ُ‬

‫ِّث‪.‬‬ ‫احملد ُ‬ ‫العّلَّ َمةُ‪َ ،‬‬ ‫قال عنه الذهيب‪َ :‬‬

‫وقال العّلمة القاسم بن قطلوبغا‪ :‬كان فقيها عارفا باملذهب واألدب‪.‬‬

‫وقال السمعاين‪ :‬إمام فقيه فاضل‪ ،‬عارف باملذهب‪ ،‬واألدب‪ ،‬صنف التصانيف يف الفقه واحلديث ونظم "اجلامع الصغري"‬ ‫وجعله شعراً‪ ،‬وصنف قريبا من مائة مصنف‪...‬‬ ‫مفسرا حمدثًا أديبًا مفتيًا‪.‬‬ ‫فقيها ً‬ ‫وذكره ابن النجار فأطال وقال‪ :‬كان ً‬ ‫فاضّل ً‬ ‫ووصفه القرشي فقال‪ :‬اسإمام الزاهد جنم الدين أبو حفص‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ني َومخَم ِ‬ ‫س مائٍَة (‪ 132‬ه) ‪ .‬املوافق اليوم الثاين‬ ‫َوفَاتُهُ‪ :‬تويف بِ َس َم مرقَـمن َد‪ ،‬ليلة اخلميس ثَ ِاين َع َشَر ُمجَ َادى األ مُوَىل‪َ ،‬سنَةَ َسمب ٍع َوثَّلَث م َ‬ ‫من شهر ديسمرب عام ألف ومائة واثنني وأربعني ميّلدي (‪ 9947‬م)‪.‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪01‬‬

‫من مراجع البحث‪:‬‬ ‫التجبري يف املعجم الكبري‪ ...........................‬السمعاين‬ ‫سري أعّلم النبّلء‪ .................................‬الذهيب‬ ‫هدية العارفني‪ ....................................‬الباباين‬ ‫األعّلم‪ ..........................................‬الزركلي‬ ‫كشف الظنون‪ ....................................‬حاجي خليفة‬

‫‪01‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫ِ‬ ‫َّس ِـفيَّـة‬ ‫َمـتـْ ُن َ‬ ‫العق ـَائـد الن َ‬ ‫لإلمام عمر بن محمد النسفي‬ ‫(‪)732-168‬‬ ‫ِِ‬ ‫اب المعِـ ملـ ـ ِم لِمل َخ ملـ ِـق ثّلَثَـةٌ‪:‬‬ ‫قَـ َ‬ ‫ـائق األ مشيــَ ِاء ثَابِت ــَةٌ‪ ،‬والعِملـ ُـم ب ـِه ـَا ُمتَحقـِّـ ٌـق ِخ َّلف ـاً لِ ُّ‬ ‫لس موفَ مس ـطَائياة‪َ .‬و م‬ ‫ـل احلَـ ِّـق‪َ :‬ح َقـ ُ‬ ‫أس ــبَ ُ‬ ‫ـال أ مَهـ ُ‬ ‫اخلبـر َّ ِ‬ ‫اس َّ ِ‬ ‫اس ٍة ِّمنـم َها‬ ‫الع مق ُل‪ .‬فَ م‬ ‫م‬ ‫ـس‪َ ،‬وبِ ُك ِّل َح َّ‬ ‫ص ُـر‪ ،‬والش ُّ‬ ‫ـس‪َّ :‬‬ ‫احلََو ُّ‬ ‫احلََو ُّ‬ ‫َّـم‪َ ،‬وا َّلذ مو ُق‪َ ،‬واللَّ مم ُّ‬ ‫الس مم ُع‪ ،‬والمبَ َ‬ ‫الصاد ُق‪َ ،‬و َ‬ ‫السل َ‬ ‫يمةُ‪َ ،‬و مََ ُ‬ ‫اس َخ مـم ٌ‬ ‫الص ـ ِ‬ ‫ـاد ُق َعلـى نَــو َع ِ‬ ‫اخلَـبَـ ُر الم ُمتَـ َـواتُِر‪َ ،‬وُه َـو م‬ ‫َح ُـدمهَا م‬ ‫ت ِه َـي لَهُ‪َ .‬و م‬ ‫اخلَبـَُر َّ‬ ‫ـت َعلـى أَلم ِسـنَ ِة قَـ مـوٍم الَ‬ ‫ف َع ٰلى َما ُو ِض َع م‬ ‫يُ مـوقَ ُ‬ ‫اخلَـبَـ ُر الثَّابِ ُ‬ ‫ني‪ :‬أ َ‬ ‫م‬ ‫ب‪ ،‬وهـو موِج ِ‬ ‫اخلَالِي ِـة ِيف األَمزِمنَ ِـة المم ِ‬ ‫الضــروِر ِّ ِ ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫اضـيَ ِة َوالبُـ مل َـد ِان النَّائِيَ ِـة‪.‬‬ ‫ـب لِّملع ملـ ِم َّ ُ م‬ ‫يـُتَ َ‬ ‫ي‪ ،‬كـالمع مل ِم بـالم ُملُ موك م َ‬ ‫ص َّـوُر تَـ َـواطُُؤُه مم‪َ ،‬ع ـلَى ال َكـذ َ ُ َ ُ م ٌ‬ ‫َ‬ ‫يل‪ ،‬والمعِملم الثَّابِت بِِه يض ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّاين‪ :‬خبـر َّ ِ‬ ‫اهي المعِملم الثَّابِ َ ِ‬ ‫الضـرمورةِ‬ ‫ِِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ب المعِملم م ِ ِ‬ ‫ُ َُ‬ ‫ـت ب َّ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫االست مدال َّ َ ُ‬ ‫الر ُس مول الم ُم َؤيَّد بالم ُم معجَزة‪َ ،‬وُه َو يـُ موج ُ َ‬ ‫َوالنـ مَّوعُ الث م َ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ات‪ .‬وأ ََّما المع مقلَ فهو سبب لِملعِمل ِم أَيضاً‪ ،‬وما ثـَب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‪َ ،‬كالمعِمل ِم بِأ َّ‬ ‫َّي ِء أ مَعظَ ُم ِم من‬ ‫ض ُرموِر ٌّ‬ ‫ت ممنهُ بِالمبَ َد َاهة فَـ ُه َو َ‬ ‫م ََ َ َ‬ ‫ِيف التَّـيَـ ُّق ِن َوالثَّب َ َ ُ ُ َ َ َ ٌ‬ ‫َن ُك َّل الش م‬ ‫ِِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ت بِ ِ ِ‬ ‫ايب‪ .‬وا ِسإ مهلَام لَميس ِمن أ م ِ‬ ‫احلَ ِّق‪.‬‬ ‫َّي ِء ِعمن َد أ مَه ِل م‬ ‫ُج مزئه‪َ .‬وَما ثـَبَ َ م‬ ‫االست مدَالل فَـ ُه َو ا مكت َس ِ ٌّ َ ُ َ م‬ ‫َسبَاب الم َم معرفَة بص َّحة الش م‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ـام بِ َذاتِ ِـه‪ ،‬وُهــو إِ َّمـا ُمرَّكـب‪ ،‬أ مَو َغميــر ُمرَّكـ ٍ‬ ‫ـب‪،‬‬ ‫َجَزائِ ِـه ُمحم َـد ٌ‬ ‫اض‪ ،‬فَ م‬ ‫ثذ إِ مذ ُهـ َـو أ مَعيَـا ٌن َوأ مَع َـر ٌ‬ ‫األعيَـا ُن َمــا لَـهُ قيَ ٌ‬ ‫َوالم َعـا َملُ جبَمميـ ِع أ م‬ ‫َ ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ـاجلوه ِر‪ ،‬وهــو م ِ‬ ‫َج َسـ ِـام َوا مجلَـ َـو ِاه ِر‪ ،‬كــاألَلم َو ِان َواألَ مكـ َـو ِان َوالطُّ ُع ـ موِم‬ ‫ض َمــا اليَـ ُقـ مـوُم بِ َذاتـِ ِـه‪َ ،‬وَمحيـ ُـد ُ‬ ‫ث ِيف ماأل م‬ ‫اجلُـ مـزءُ الَّــذ مي اليَـتَ َجـ َّـزأُ‪َ ،‬والم َعـ َـر ُ‬ ‫َكـ مَ م َ َ ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ث لِملعـا َِمل هـو اهلل تَـعـا ٰىل‪ ،‬الم ِو ِ‬ ‫و َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـادر‪ ،‬المعلِـيم‪ِ َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫س‬ ‫اح ُـد‪ ،‬الم َق ِـد مميُ‪ ،‬م‬ ‫الرَوائ ِح ‪َ .‬والم ُم محد ُ َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫احلَـ ُّي‪ ،‬الم َق ُ َ م ُ‬ ‫السـممي ُع‪ ،‬المبَصـميـ ُر‪ ،‬الشَّـائي‪ ،‬الم ُمريم ُـد‪ ،‬لَ مـي َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫صـ ـ َّـوٍر‪َ ،‬وال َمحمـ ـ ُـد موٍد‪َ ،‬وال َم مع ـ ُـد موٍد‪َ ،‬وال ُمتَ ـ ـبَـ ِّع ٍ‬ ‫بِ َع ـ َـر ٍ‬ ‫ـف‬ ‫صـ ـ ُ‬ ‫ض‪َ ،‬وال ُمتَ َج ـ ِّـزَ‪َ ،‬وال ُمتَـنَـ ــاه‪َ ،‬وال يـُ مو َ‬ ‫ض‪َ ،‬وال ج مس ـ ـ ٍم‪َ ،‬وال َج ـ مـوَه ٍر‪َ ،‬وال ُم َ‬ ‫بِالمم ِ‬ ‫اهيَّ ِة‪ ،‬وال بِالم َكي ِفيِّ ِة‪ ،‬وال يـتَم َّكن ِيف م َك ٍ‬ ‫ان‪َ ،‬وال َمجي ِر مي َعلَمي ِه َزَما ٌن‪َ ،‬وال يُ مشبِ ُههُ َش ميءٌ‪َ ،‬وال خيَمُر ُج َع من َع مل ِم ِه َوقُ مد َرتِِه َش ميءٌ ‪.‬‬ ‫م َ ََ ُ مَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ص ـ ُـر‪،‬‬ ‫ات أ ََزلِيَّ ـةٌ قَائِ َم ـةٌ بِ َذاتِـ ِـه‪َ ،‬وِهـ َـي ال ُهـ َـو َوال َغمي ـ ُـرهُ‪َ .‬وِهـ َـي المعِمل ـ ُـم‪َ ،‬والم ُقـ مـد َرةُ‪َ ،‬و م‬ ‫احلَيَــاةُ‪َ ،‬والم ُقـ َّـوةُ‪َ ،‬و َّ‬ ‫َولَــهُ ص ـ َف ٌ‬ ‫السـ مـم ُع‪َ ،‬والمبَ َ‬ ‫احلـرو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّخلِميـق‪ ،‬والتـَّرِزيمـق‪ ،‬والم َك َـّلم‪ ،‬وُهـو مـتَ َكلِّم بِ َك ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ـّلم ُه َـو ِصـ َفةٌ لَـهُ‪ ،‬أ ََزلِيَّـةٌ‪ ،‬لَ مـيس ِم مـن ِجـمن ِ‬ ‫ف‬ ‫س مُ ُ م‬ ‫ـل‪َ ،‬والت م ُ َ م ُ َ ُ َ َ ُ ٌ‬ ‫َو ماسإ َر َادةُ‪َ ،‬والم َمشميئَةُ‪َ ،‬والمف مع ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ات‪ ،‬وهو ِص َفةٌ منَافِيةٌ لِ ُّ ِ‬ ‫و ماأل ِ‬ ‫ِ ِ ٍ ِ‬ ‫ـّلم اهللِ تِعِـا ٰىل َغميـ ُـر َمخملُ مـو ٍق‪َ ،‬وُه َـو‬ ‫َ م‬ ‫لس ُك موت َو ماآلفَة‪َ ،‬واهللُ تَـ َعا ٰىل ُمتَ َكلِّ ٌم هبَا آمٌر نَاه ُمخمـربٌ‪َ .‬والم ُق مـرآ ُن َك ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َص َو َ ُ َ‬ ‫م مكتـوب ِيف مص ِ‬ ‫اح ِفنَا‪َ ،‬محم ُف مـو ٌٌ ِيف قُـلُ موبِنَـا‪َ ،‬م مقـرموءٌ بِأَلم ِسـنَتِنَا‪َ ،‬م مسـم موعٌ بِآذَانِنَـا‪َ ،‬غميــر َح ِّ‬ ‫ـال فِميـ َهـا‪َ .‬والتَّكمـ ِويم ُن ِصـ َفةٌ لِلا ِـه تَـ َعـا ٰىل أ ََزلِيَّـةٌ‪،‬‬ ‫َ ُم ٌ م َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وهو تَ مك ِويـنُه تَـعا ٰىل لِملعا َِمل ولِ ُكل جزٍء ِمن أ ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت و ُجوِدهِ َعل ٰـى َحس ِ‬ ‫ـب ِع مل ِم ِـه َوإَِر َادتِ ِـه‪َ .‬وُه َـو غُميـ ُـر الم ُم َك َّـو ِن‬ ‫َ ُ َ م ُ َ َ َ ا ُم م م‬ ‫م‬ ‫َجَزائه ال ِ ميف ماأل ََزل‪ ،‬بَ مل ل َوقم ُ م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫السـمعِ ُّي بِِإ مجيَ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِعمن َدنَا‪َ .‬و مِ‬ ‫ـاب‬ ‫اسإ َر َادةُ ص َفةٌ للاه تَـ َعا ٰىل أ ََزليَّةٌ قَائ َمةٌ ب َذاته‪َ .‬وُرمؤيَةُ اهلل تَـ َعا ٰىل َجائَزةٌ ِيف الم َع مق ِـل َواجبَـةٌ بالنَّـ مق ِـل‪َ ،‬وَرَد الـدَّلمي ُل َّ م‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ٍ‬ ‫ان وال َعل ٰـى ِجه ٍـة ٍمـن م َقابـلَ ٍـة أَ ِو اتِّص ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ـني‬ ‫ـال ُش َـع ٍاع َوال ثـُبُـ مـوت َم َسـافَة بَـ م َ‬ ‫ُرمؤيَة الم ُم مؤمن م َ‬ ‫َ‬ ‫َ م ُ َ‬ ‫ني اهللَ تَـ َعا ٰىل يف َدار ماآلخَرة‪ ،‬فَـيُـ ٰرى ال يف َم َك َ‬ ‫ان والطَّاع ِة والمعِصي ِ‬ ‫الرائِي وبـني اهللِ تَـعا ٰىل‪ .‬واهلل تَـعا ٰىل خالِق ِألَفمـع ِال المعِب ِاد ُكلِّها‪ِ ،‬من الم ُك مف ِر و مِ ِ‬ ‫ان‪َ ،‬وِه َي ُكلُّ َها بِِإ َر َادتِِه َوَم ِشميئَتِ ِه‬ ‫َّ م َ َ م َ‬ ‫َ َ ُ َ َ ٌ َ‬ ‫اسإمميَ َ َ َ م َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِِ ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ـال اختِيا ِريَّـةٌ يـثـابـو َن ِهبــا ويـعـاقَـبـو َن علَيـهـا‪ .‬و م ِ‬ ‫ضـا اهللِ تَـ َعــا ٰىل‪َ ،‬والم َقبِ مـي ُح ِممنـ َهــا‬ ‫احلَ َسـ ُـن ممنـ َهـا بِ ِر َ‬ ‫َو ُحكممـه َوقَضـيَّته َوتَـ مقــديم ِره‪َ .‬ول ملعبَـاد أَفمـ َع ٌ م َ َُ ُ م َ َ ُ َ ُ م َ م َ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫لَــيس بِ ِرضــاه‪ .‬و ِ‬ ‫َســب ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫اب‬ ‫االســتطَ َ‬ ‫ـل‪َ ،‬ويَـ َق ـ ُع َه ـ َذا م‬ ‫م َ َ ُ َ م‬ ‫االسـ ُـم َعلـ ٰـى َسـ َـّل َمة ماأل م َ‬ ‫ـيت يَ ُكـ مـو ُن هبـَـا المف معـ ُ‬ ‫اعةُ َمـ َـع المف معــل‪َ ،‬وهـ َـي َحقميـ َق ـةُ الم ُقـ مـد َرة الـ م‬ ‫ِ‬ ‫و ماآل ِ‬ ‫ـحةُ التَّكملِميـ ِ‬ ‫ـف تَـ معتَ ِمـ ُـد ٰهـ ِـذهِ مِ‬ ‫س ِيف ُو مســعِ ِه‪َ .‬وَمــا يـُ مو َجـ ُـد ِمـ َـن ماألَ َِمل ِيف‬ ‫الت َو م‬ ‫اجلَـ َـوارِِح‪َ ،‬و ِصـ َّ‬ ‫اسإ مســتِطَ م‬ ‫اعةَ‪َ .‬وال يُ َكلَّـ ُ‬ ‫َ‬ ‫ـف الم َعمبـ ُـد ل َمــا لَـ مـي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اج ع ِقيب َكس ِر إِنمس ٍ‬ ‫ب إِنمس ٍ‬ ‫ب َع ِقميب َ ِ‬ ‫ضرو ِ‬ ‫صـمن َع‬ ‫ان‪َ ،‬واالنم ِك َس ُار ِيف ُّ‬ ‫ان‪َ ،‬وَما أَ مشبَـ َههُ‪ُ ،‬ك ُّل ٰذل َ‬ ‫ك خمَملُ مو ٌق لَلاـه تَـ َعـا ٰىل‪ ،‬ال ُ‬ ‫الم َم م ُ م‬ ‫َ‬ ‫الز َج ِ َ م َ م َ‬ ‫ض مر َ‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪05‬‬

‫لِملعبـ ِـد ِيف َختملِي ِقـ ِـه‪ .‬والمم مقت ــو ُل ميــت بِأَجلِـ ِـه‪ ،‬و ماألَجــل و ِ‬ ‫احلَـ َـر ُام ِرمز ٌق‪َ ،‬وُكــلٌّ يَ مس ـتَـ موِ ميف ِرمز َق نـَ مف ِسـ ِـه َحــّلالً َكــا َن أ مَو َحَرام ـاً‪َ ،‬وال‬ ‫اح ـ ٌد‪َ .‬و م‬ ‫َم‬ ‫م َ َ ُم َ ٌ َ َ َ ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َصـلَ ُح لِمل َعمبـ ِـد‬ ‫ي َمــن يَّ َشـاءُ‪َ .‬وَمــا ُهـ َـو ماأل م‬ ‫يـُتَ َ‬ ‫ص َّـوُر أَن ال يَأم ُكـ َـل إنم َســا ٌن رمزقَــهُ أ مَو يَأم ُك َـل رمز َق َغـ مـريه‪ َ.‬واهللُ تَـ َعــا ٰىل يُضـ ُّـل َمـن يَّ َشــاءُ َويَـ مهــد َ‬ ‫فَـلَي ِ‬ ‫ك بِو ِاج ٍ‬ ‫لى اهللِ تَـ َعا ٰىل ‪.‬‬ ‫ب َع ٰ‬ ‫س ٰذل َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض ع ِ ِِ‬ ‫اعـ ِـة ِيف الم َق مِـرب ِمبـَـا يَـ معلَ ُمــهُ اهللُ تَـ َعـا ٰىل َويُِريمـ ُـدهُ‪َ ،‬و ُسـ َـؤ ُال‬ ‫ني‪َ ،‬وتَـمنع مـي ُم أ مَهـ ِـل الطَّ َ‬ ‫صــاة الم ُمـ مـؤمن م َ‬ ‫اب الم َقـ مِـرب ل مل َكــاف ِريم َن َولـبَـ مع ِ ُ َ‬ ‫َو َعـ َذ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫احلوض ح ٌّق‪ ،‬والم ِ‬ ‫صَرا ُط َح ٌّق‪،‬‬ ‫اب َح ٌّق‪َ ،‬و ُّ‬ ‫ت بِالدَّالئِ ِل َّ‬ ‫الس ممعِيَّ ِة‪َ .‬والمبَـ مع ُ‬ ‫ُممن َك ٍر َونَك مٍري ثَابِ ٌ‬ ‫ث َح ٌّق‪َ ،‬والم َومز ُن َح ٌّق‪َ ،‬والمكتَ ُ‬ ‫الس َؤ ُال َح ٌّق‪َ ،‬و مَ م ُ َ َ‬ ‫ـان‪ ،‬ال تَـ مفنَـيـ ِ‬ ‫ـان باقِيتَـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِج الم َعمبـ َـد الم ُمـ مـؤِم َن َمـ َـن‬ ‫َو م‬ ‫ـان َوال يَـ مفـ ٰ‬ ‫َ‬ ‫ـار َحـ ٌّـق‪َ ،‬و ُمهَــا خمَملُ موقَـتَــان َم مو ُج موَدتَـ َ َ‬ ‫ـىن أ مَهلُ ُه َمــا‪َ .‬والم َكبـ مـريةُ ال ُختمـر ُ‬ ‫اجلَنَّـةُ َحـ ٌّـق‪َ ،‬والنَّـ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان‪ ،‬وال تُ مد ِخلِه ِيف الم ُك مف ِر‪ .‬واهلل ال يـ مغ ِفر أَن يُّ مشرَك بِِه‪ ،‬ويـ مغ ِفر ما دو َن ٰذلِك لِمن يَّشاء ِمن َّ ِ‬ ‫مِ ِ‬ ‫اب‬ ‫ُ‬ ‫الصغَائ ِر َوالم َكبَائ ِر‪َ .‬وَجيُ موُز المع َق ُ‬ ‫ََ ُ َ ُم‬ ‫َ َ َُ َ‬ ‫اسإمميَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫الصغِيـرةِ‪ ،‬والمع مفو ِعن الم َكبِيـرةِ إِذَا َمل تَ ُكن َعن ِ ٍ‬ ‫َخيَـا ِر ِ ميف َح ِّـق أ مَه ِـل‬ ‫ّلل ُك مفٌر‪َ .‬و َّ‬ ‫االستِ مح ُ‬ ‫اعةُ ثَابِتَةٌ ل ُّلر ُس ِل َوامأل م‬ ‫َع ٰ‬ ‫الش َف َ‬ ‫است محّلل‪َ ،‬و م‬ ‫م م م م‬ ‫لى َّ م َ َ َ ُ َ م َ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ني ال ُخيَلَّ ُد مو َن ِ ميف النَّا ِر ‪.‬‬ ‫الم َكبَائ ِر‪َ ،‬وأ مَه ُل الم َكبَائ ِر م َن الم ُم مؤمن م َ‬

‫اسإمميَا ُن هو الت ِ ِ‬ ‫ّلم بِِه ِم من ِعمن ِد اهللِ تَـ َعا ٰىل َو مِ‬ ‫ال فَ ِه َي تَـتَـَزايَ ُـد‬ ‫اسإ مقـَر ُار بِِه‪ .‬فَأ ََّما ماأل مَع َم ُ‬ ‫َّيب َعلَمي ِه َّ‬ ‫الصّلةُ َو َّ‬ ‫َّصديم ُق مبَا َجاءَ النِ ُّ‬ ‫َو مِ ُ َ م‬ ‫الس ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّص ِديم ُق َو مِ‬ ‫اسإمميَا ُن َو مِ‬ ‫ص‪َ .‬و مِ‬ ‫ِ ميف نـَ مف ِس َها‪َ ،‬و مِ‬ ‫ص َّح لَهُ أَن يَـ ُق مـوَل‪ :‬أَنَـا‬ ‫ّلم َواح ٌد‪َ .‬وإِذَا ُوج َد م َن الم َعمبد الت م‬ ‫اسإ مقـَر ُار َ‬ ‫اسإ مس ُ‬ ‫اسإمميَا ُن ال يَِزيم ُد َوال يَـمنـ ُق ُ‬ ‫السعِي ُد قَ مد ي مشقى‪ ،‬والش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس َـع َادةُ‬ ‫َّق ُّي قَ مـد يَ مس َـع ُد‪َ ،‬والتـَّغَيُّـ ُـر يَ ُكـ مو ُن َعل ٰـى َّ‬ ‫ُم مؤم ٌن َحقا‪َ ،‬وال يَـمنبَغ مي أَ من يَـ ُق موَل‪ :‬أَنَا ُم مؤم ٌن إِ من َشاءَ اهللُ‪َ .‬و َّ م‬ ‫َ ٰ َ‬ ‫اسإ مشـ َق ِاء‪ ،‬و ُمهـا ِمــن ِصـ َف ِ‬ ‫ات اهللِ تَـعــا ٰىل‪ ،‬وال تَـغَيُّــر َعلـ ٰـى اهللِ تَـعــا ٰىل وال َعل ٰـى ِصـ َفاتِِه‪ .‬وِيف إِرسـ ِ‬ ‫اسإ مسـ َـع ِاد َو مِ‬ ‫َوالشَّـ َق َاوةُ ُد مو َن مِ‬ ‫الر ُسـ ِـل‬ ‫ـال ُّ‬ ‫ََ م‬ ‫َ م مَ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـني لِلنَّ ِ‬ ‫ـاج مو َن إِلَمي ِـه ِم مـن أ ُُم مـوِر ال ُّـدنمـيَا َوال ِّـديم ِن‪.‬‬ ‫َحكممةٌ‪َ ،‬وقَ مد أ مَر َس َل اهللُ ُر ُسّلً م َـن املبَ َشـ ِر إِ َىل املبَ َشـ ِر ُمبَشِّـ ِريم َن َوُممنـذ ِريم َن َوُمبَـيِّن ِ َ‬ ‫ـاس َمـا َمحيتَ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ات النَّاقِ ِ ِ ِ‬ ‫وأَيَّ َدهم بِاملمع ِجز ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫آخرُه مم ُحمَ َّم ٌد َ َّ‬ ‫ي بَـيَا ُن‬ ‫آد ُم َعلَمي ِه َّ‬ ‫َ‬ ‫ضات ل مل َع َادات‪َ .‬وأ ََّو ُل ماألَنمبِيَاء َ‬ ‫َ ُ م ُم َ‬ ‫الس ُ‬ ‫صلى اهللُ َعلَميه َو َسل َم‪َ ،‬وقَ مد ُرِو َ‬ ‫ّلم‪َ ،‬و َ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َع َد ِد ِه مم ِ ميف بَـ مع ِ‬ ‫ـك‬ ‫َّسميَةذ فَـ َق مـد قَ َ‬ ‫صـنَا َعلَمي َ‬ ‫َحاديمث‪َ ،‬و ماأل مَو ٰىل أَ من ال يَـ مقتَصَر َع ٰ‬ ‫صم‬ ‫ـال اهللُ تَـ َعـا ٰىل‪ ﴿ :‬مـمنـ ُه مم َم مـن قَ َ‬ ‫ض ماأل َ‬ ‫لى َع َدد ِيف الت م‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫س ِممنـ ُه مم‪ ،‬أ مَو خيَمُر َج ِممنـ ُه مم‬ ‫ص َعلَمي َ‬ ‫ص م‬ ‫َوممنـ ُه مم َم من َملم نَـ مق ُ‬ ‫ك ﴾ [غافر‪ ،‬اآلية‪َ ،]29 :‬وال يـُ مؤَم ُن ميف ذ مكر امل َع َدد أَ من يَ مد ُخ َل فميه مم َم من لَمي َ‬ ‫من هو فِي ِهم‪ ،‬وُكلُّهم َكانـُوا ُمخمِ ِربين مبـلِّغِني ع ِن اهللِ تَـعا ٰىل‪ ،‬ص ِادقِني نَ ِ‬ ‫اص ِح م ِ‬ ‫ني ‪.‬‬ ‫َ م ُ َ م م َ ُ م م م َ َُ م َ َ‬ ‫َ مَ‬ ‫َ‬ ‫وأَمفضـل ماألَنمبِيـ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫صـ ُف مو َن‬ ‫ـاء َعلَ مـي ِه ُم َّ‬ ‫صـلَّى اهللُ َعلَميـه َو َسـلَّ َم‪َ .‬وامل َّلَئ َكـةُ عبَـ ُ‬ ‫ـاد اهللَ تَـ َعـا ٰىل‪ ،‬امل َعــاملُ مو َن بـأ مَم ِرهِ‪ ،‬ال يـُ مو َ‬ ‫ـّلم ُحمَ َّمـ ٌد َ‬ ‫السـ ُ‬ ‫َ َُ َ‬ ‫بِـ ُذ ُكورةٍ وال أُنـُوثَـ ٍـة‪ .‬ولِلاـ ِـه ُكتــب أَنمــزَهلا علــى أَنمبِيائـِ ِـه‪ ،‬وب ـ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اج لَِر ُسـ مـوِل اهللِ َعلَميـ ِـه َّ‬ ‫الصــّلةُ‬ ‫مَ َ م َ ُ ٌ َ َ َ ٰ َ ََ َ‬ ‫ـني فميـ َهــا أ مَمـ َـرهُ َونَـ مهيَــهُ َوَو معـ َـدهُ َوَوعميـ َـدهُ‪َ .‬والمم مع ـ ِر ُ‬ ‫ِِ‬ ‫ص ِه إِ َىل َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫السّلم ِيف امليـ َقظَِة بِ َشخ ِ‬ ‫لى‬ ‫ت ماأل مَوليَاء َح ٌّق‪ ،‬فَـتَظم َه ُر امل َكَر َامةُ َع ٰ‬ ‫الس َماء‪ُ ،‬مثَّ إِ ٰىل َما َشاءَ اهللُ تَـ َعا ٰىل م َن امل ُع ٰ‬ ‫م‬ ‫لى َح ٌّق‪َ .‬وَكَر َاما ُ‬ ‫َو َّ ُ َ‬ ‫ِِ‬ ‫يل ِمن قَطم ِع املمسافَ ِة املبعِمي َدةِ ِيف املمـدَّةِ امل َقلِميـلَ ِـة‪ ،‬وهُهـوِر الطَّعـ ِام والشَّـر ِ‬ ‫اب َواللِّبَ ِ‬ ‫طَ ِريم ِق نَـ مق ِ‬ ‫اج ِـة‪َ ،‬وامل َم مشـ ِي‬ ‫ـاس ِعمن َـد م‬ ‫ض امل َع َادة ل مل َوِ ِّ م‬ ‫احلَ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُم َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ـّلم م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫لى المم ِاء والطَّيـر ِان ِيف ا مهلـَو ِاء وَك ِ‬ ‫ـك ِم َـن‬ ‫اجلَ َمـاد الم َع مج َمـاء َوانمـدفَ ِاع الم ُمتَـ َو ِّجـه م َـن المـبَ َّلء َوك َفايَـة الم ُم ِه ِّـم م َـن ماأل مَع َـداء‪َ ،‬و َغ مِـري ٰذل َ‬ ‫َ َ‬ ‫َع ٰ َ َ َ َ‬ ‫ماألَ مشي ِاء‪ ،‬وي ُكو ُن ٰذلِك مع ِجزًة لِ َّلرسوِل الَّ ِذي هَهرت ٰه ِذهِ الم َكرام ِة لِو ِ‬ ‫اح ٍد ِم من أ َُّمتِ ِـهذ ِألَنَّـهُ يَظم َه ُـر ِهبَـا أَنَّـهُ َوِيلٌّ‪َ ،‬ولَ مـن يَ ُك مـو َن َولِيـا إَِّال‬ ‫م ََ م‬ ‫َ ُم َ ُم‬ ‫َ ََ م‬ ‫ََ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َوأَ من يَ ُك مو َن ُِحمقا ِ ميف ديَانَته‪َ ،‬وديَانَـتُهُ مِ‬ ‫اسإ مقـَر ُار بِ ِر َسالَة َر ُس موله ‪.‬‬ ‫ـارمو ُق‪ُ ،‬مثَّ ُعثم َمــا ُن ذُو النُّ ـ مـوَريم ِن‪ُ ،‬مثَّ َعلِـ ٌّـي الم ُم مرتَضـ ٰـى‪َ ،‬و ِخّلفَ ـتُـ ُه مم‬ ‫ـل المبَ َشـ ِر بَـ معـ َـد نَبِيِّـنَــا أَبُـ مـو بَ مكـ ٍر ِّ‬ ‫َوأَمف َ‬ ‫الصــدِّيم ُق‪ُ ،‬مثَّ ُع َم ُـر الم َفـ ُ‬ ‫ضُ‬ ‫ـك وأَمــارةٌ‪ .‬والممس ـلُ ِمو َن ال بـ َّـد َهل ـم ِمــن إِمـ ٍـام‪ ،‬يـ ُقــوم بِتـمن ِفيـ ِـذ أَح َكـ ِ‬ ‫ـب‪ .‬و مِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ـام ِه مم‪،‬‬ ‫اخلّلفَـةُ ثَّلثُـ مـو َن َســنَةً ُمثَّ بَـ معـ َـد َها ُم ملـ ٌ َ َ َ َ ُ م م ُ ُ م م َ َ م ُ َ م م‬ ‫َعلـ ٰـى ٰه ـ َذا التـ مَّرتميـ َ‬ ‫وإِقَام ِة ح ُدوِد ِهم‪ ،‬وس ِّد ثـُغوِرِهم‪ ،‬وَمّت ِهي ِز جيـو ِش ِهم‪ ،‬وأ ِ‬ ‫اجلُ َمـ ِع‬ ‫ص ِة َوقُطَّ ِاع الطَّ ِريم ِق‪َ ،‬وإِقَ َام ِة م‬ ‫ص َدقَاهتِِ مم‪َ ،‬وقَـ مه ِر الم ُمتَـغَلِّبَ ِة َوالم ُمتَـلَ ِّ‬ ‫َ َ ُ م م َ َ ُم م َ م ُُ م م َ م‬ ‫صَ‬ ‫َخذ َ‬ ‫‪06‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫ـات المواقِع ِـة بـ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـاد‪ ،‬وقَـبــوِل الشَّـهاد ِ‬ ‫ـاد‪ ،‬وقَطمـ ِع الممنَازع ِ‬ ‫الصـغَائِِر الَّـ ِـذيم َن ال‬ ‫ات الم َقائِ َم ِـة َعلَـى م‬ ‫الصـغَا ِر َو َّ‬ ‫احلُُق مـو ِق‪َ ،‬وتَـ مـزِويم ِج ِّ‬ ‫ََ‬ ‫ُ ََ‬ ‫َ َ َمَ‬ ‫ـني المعبَ َ ُ م‬ ‫َو ماأل مَعيَ َ‬ ‫ِ‬ ‫اسإمام هَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫اهراً‪ ،‬ال خمُمتَ ِفياً وال ُممنتَظَراً‪َ ،‬ويَ ُك مو َن ِم من قُـَريم ٍ‬ ‫ش َوال َجيُ مـوُز ِم مـن َغ مِـريِه مم‪َ ،‬وال‬ ‫أ مَوليَاءَ َهلُ مم‪َ ،‬وق مس َمة المغَنَائ ِم‪ُ .‬مثَّ يَـمنبَغ مي أَ من يَ ُك مو َن مِ َ ُ‬ ‫ص بِبـ ِ ِ‬ ‫ضـ َـل أ مَهـ ِـل َزَمانِـ ِـه‪َ ،‬ويُ مش ـتَـَر ُط أَ من يَ ُكـ مـو َن ِمـ مـن أ مَهـ ِـل الم ِوَاليَـ ِـة‬ ‫صـ مـوماً‪َ ،‬وال أَ من يَ ُكـ مـو َن أَفم َ‬ ‫ـين َهاش ـ ٍم‪َ .‬وال يُ مش ـتَـَر ُط أَ من يَ ُكـ مـو َن َم مع ُ‬ ‫َخيمــتَ ُّ َ م‬ ‫ـاف الممظملُــوِم ِم ـن الظَّـ ِ‬ ‫ـّلم وإِنمصـ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫َح َكـ ِـام و ِح مفـ ِـظ حـ ُـدوِد َدا ِر مِ ِ‬ ‫ـامل‪َ .‬وال يَـمنـ َع ـ ِزُل‬ ‫اسإ مسـ َ َ‬ ‫ُ م‬ ‫َ م َ‬ ‫الم ُمطملَ َقــة الم َكاملَــة‪َ ،‬سائس ـاً قَــادراً َعلـ ٰـى تَـمنفميــذ ماأل م َ‬ ‫اج ٍر‪ ،‬ويصلاى على ُكل بـٍّر وفَ ِ‬ ‫الصّلةُ خ ملف ُكل بـٍّر وفَ ِ‬ ‫ام بِالم ِف مس ِق مو م ِ‬ ‫مِ‬ ‫ـحابَِة إَِّال ِخبَ مٍـري‪.‬‬ ‫ـاج ٍر‪َ .‬ويُ َك ُّ‬ ‫ـف َع مـن ِذ مكـ ِر َّ‬ ‫اسإ َم ُ‬ ‫الص َ‬ ‫َ ُ َ ٰ َ ٰ ِّ َ َ‬ ‫اجلَ مور‪َ .‬وَّتُ موُز َّ َ َ ِّ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّلم ‪.‬‬ ‫َّيب َعلَمي ِه َّ‬ ‫الصّلةُ َو َّ‬ ‫َونَ مش َه ُد ل مل َع مش ِر الم ُمبَشََّرةِ الَّذيم َن بَشََّرُه ُم النِ ُّ‬ ‫الس ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اخلُف م ِ‬ ‫ـل الم َعمب ُـد إِ ٰىل‬ ‫الس َف ِر َو م‬ ‫لى م‬ ‫َّني ِيف َّ‬ ‫ض ِر‪َ ،‬وال َُنَِّرُم نَبِمي َذ الت مَّمـ ِر‪َ .‬وال يَـمبـلُ ُـغ الم َـوِ ُّ‬ ‫احلَ َ‬ ‫َونـَ ٰرى الم َم مس َح َع ٰ‬ ‫يل َد َر َجـةَ ماألَنمبيَـاء‪َ ،‬وال يَص ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫َّعيـها أَهــل المبـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـاد‪َ ،‬وَرُّد‬ ‫ـث يَ مسـ ُق ُ‬ ‫ُحمي ُ‬ ‫ـاط ِن إِ محلَـ ٌ‬ ‫ط َعمنــهُ ماأل مَمـ ُـر َوالنـ م‬ ‫ـل َعلـ ٰـى هََواه ِرَهــا‪ ،‬فَ ُ‬ ‫َّهـ ُـي‪َ .‬والن ُ‬ ‫العـ ُـد مو ُل َعمنـ َهـا إ ٰىل َم َعــان يَـد م َ م ُ َ‬ ‫ُّص مـو ُ‬ ‫ص ُمحت َمـ ُ‬ ‫صــي ِة ُك مفــر‪ ،‬واالســتِهانَةُ ِهبــا ُك مفــر‪ ،‬واالســتِهزاء ِعلــى َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّص مـو ِ‬ ‫س ِمـ َـن اهللِ تَـ َعــا ٰىل ُك مفـٌـر‪،‬‬ ‫إســتِ مح َ‬ ‫ّلل الم َم مع َ ٌ َ م َ َ ٌ َ م م َ ُ ٰ‬ ‫ص ُك مفـٌـر‪َ ،‬و م‬ ‫الن ُ‬ ‫الشـريمـ َعة ُك مفـٌـر‪َ ،‬والميَـأم ُ‬ ‫ـاء ماألَحي ِ‬ ‫ـب ُك مفـر‪ .‬والممعـدوم لَــيس بِشـي ٍء‪ .‬وِيف دع ِ‬ ‫و ماألَمـن ِمـن اهللِ تَـعـا ٰىل ُك مفـر‪ ،‬وتَ ِ‬ ‫ـاء لِ م َمــو ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ات‬ ‫صــديم ُق الم َكـاه ِن مبَـا ُخيم ِـربُهُ َعـ ِن المغَمي ِ ٌ َ َ م ُ م ُ م َ َ م َ م ُ َ‬ ‫ٌ َ م‬ ‫َ‬ ‫مَ‬ ‫َ مُ َ‬ ‫مَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السـّلم مـن أَ مشـر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اط‬ ‫يب َعلَميه َّ‬ ‫ب الد م‬ ‫َّع َوات َويَـ مقضي احلماَ َجات‪َ .‬وَما أ م‬ ‫َخبَـَر بِه النَِّ ُّ‬ ‫َوتَ َ‬ ‫ص ُّدقُـ ُه مم َعمنـ ُه مم نـَ مف ٌع َهلُ مم‪َ .‬واهللُ تَـ َعا ٰىل ُجيمي ُ‬ ‫الصّلةُ َو َّ ُ م َ‬ ‫السّلم ِمن َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّـم ِ‬ ‫َّج ِال َوَدابَِّة ماأل مَر ِ‬ ‫س ِم مـن ممغِ ِرِهبَـا‬ ‫اع ِة ِم من ُخ ُرمو ِج الد َّ‬ ‫َّ‬ ‫الس َ‬ ‫الس َماء َوطُلُ مـو ِع الش م‬ ‫ض َويَأم ُج مو َج َوَمأم ُج مو َج َونُُـزمول عمي ٰسى َعلَميه َّ ُ َ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫صـيب‪ .‬ورسـل املبشـ ِر أَمفض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـل ِم مـن َع َّام ِـة املبَ َشـ ِر‪،‬‬ ‫ـل م مـن ُر ُس ِـل امل َم َّلئ َكـة‪َ ،‬وُر ُس ِـل امل َمّلئ َكـة أَمف َ‬ ‫ضُ‬ ‫فَـ ُه َو َح ٌّق‪َ .‬وامل ُم مجتَه ُد قَ مـد خيُمط ُـُ َويُ م ُ َ ُ ُ ُ َ َ َ ُ‬ ‫ض ُل ِم من َع َّام ِة امل َم َّلئِ َك ِة‪.‬‬ ‫َو َع َّامةُ املبَ َش ِر أَمف َ‬ ‫تمت العقائد النسفيّة‬ ‫ّ‬ ‫والحمد هلل رب العالمين‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪07‬‬

‫[ خطبة الكتاب ]‬ ‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫املتوحد ( أي املستقل‪ ،‬هو أبلغ و أوکد من الواحد) جبّلل (أي عظمة) ذاته وكمال صفاته‪ ،‬املتقدس (أي املتطهر واملتنزه) يف نعوت‬ ‫احلمد هلل ا‬ ‫اجلربوت (أي يف أوصاف الرفعة والعظمة) عن شوائب النقص ومساته (أي من خلط النقص وعّلمته)‪.‬‬ ‫والصّلة على نبيه حممد املؤيد بساطع حججه (أي هاهر حججه) وواضح بيناته (أي دالئله)‪ ،‬وعلى آله وأصحابه هداة‬ ‫طريق احلق ومحاته (مجع احلامي مبعين احلافظ)‪.‬‬

‫(مجع اهلادي)‬

‫ِ‬ ‫الكّلم ’’احلمد هلل املتوحد‬ ‫تقدير‬ ‫قول املؤلف ’’جبّلل ذاته وكمال صفاته‘‘ هاتان اجلملتان من قبيل إضافة الصفة إىل املوصوف فيكون ُ‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫الكّلم ’’باحلجج الساطعة والبينات‬ ‫تقدير‬ ‫فيكون‬ ‫‘‘‬ ‫بيناته‬ ‫اضح‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫حججه‬ ‫بساطع‬ ‫’’‬ ‫له‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫كذا‬ ‫و‬ ‫‘‘‬ ‫الكاملة‬ ‫وصفاته‬ ‫اجلليلة‬ ‫بذاته‬ ‫ُ‬ ‫الواضحة‘‘ (بيان الفوائد يف شرح العقائد)‬

‫العقائد النسفيةَ لإلمام عمر النسفي)‬ ‫العّلمة التفتازاىن‬ ‫(سبب شرِح ا‬ ‫َ‬

‫وبعد (أي بعد احلمد والصلوة)‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫فإن مبىن علم الشرائع واألحكام‪ ،‬وأساس قواعد عقائد اسإسّلم‪ ،‬هو علم التوحيد والصفات املوسوم بالكّلم (كّلمها اسم هلذا‬ ‫العلم ولكن الثاىن أي الكّلم أشهر)‪ ،‬املنجي من غياهب (أي الظلمة) الشكوك وهلمات األوهام‪.‬‬ ‫إلم ِام اهلمام (الرجل العظيم اهلامة)‪ ،‬قدوة علماء اسإسّلم (أي مقتداهم)‪ ،‬جنم امللة‬ ‫وإن املختصر املسمى بـ’’العقائد‘‘‪ ،‬ل َ‬ ‫ود َرِر‬ ‫َّس ِف اي أعلى اهلل درجته يف دار السّلم‪،‬‬ ‫يشتمل (خرب إ ان) من هذا ِّ‬ ‫الفن على غَُرِر ال َفَرائد‪ُ ،‬‬ ‫والدين‪ ،‬عمر بن حممد الن َ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫نعت لفصول)‪ ،‬وأثناء (عطف على ضمن) نصوص هي لليقني جواهر‬ ‫الفوائد‪ ،‬يف ضمن فصول هي للدين قواعد وأصول (اجلملة ٌ‬ ‫وفصوص (اجلملة صفةٌ لنصوص)‪ ،‬مع غاية من التنقيح والتهذيب (أي إصّلح الش ُِ)‪ ،‬وهناية من حسن التنظيم والرتتيب‪.‬‬ ‫يسهل) معضّلته (أي مشكّلته الشديدة)‪ ،‬وينشر مطوياته‬ ‫لت (أي أ ُّ‬ ‫أشرحه شرحاً ِّ‬ ‫يفصل جممّلته‪ ،‬ويبني (أي ا‬ ‫فحاو ُ‬ ‫ردت) أن َ‬ ‫توجيه للكّلم يف تنقيح‪ٍ ،‬‬ ‫(أي يظم ِهر ملفوفاته)‪ ،‬ويظهر مكنوناته (أي مستوراته)‪ ،‬مع ٍ‬ ‫وتنبيه على املرام (أي املطلوب واملقصود) يف توضيح‪،‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وتدقيق (هو إثبات الدليل بالدليل) للدالئل إثر حترير (أي بعد حترير)‪،‬‬ ‫وحتقيق (هو إثبات املسئلة بالدليل) للمسائل غب تقرير (أي بعد تبيني)‪،‬‬ ‫وتفس ٍري للمقاصد بعد متهيد‪ ،‬وتكث ٍري للفوائد مع ّتريد (أي مع حذف الزوائد)‪( ،‬حال كونه) طاوياً كشح (أي اجلنب) املقال عن‬ ‫بدل عن طريف االقتصاد)‪.‬‬ ‫اسإطالة واسإمّلل‪ ،‬ومتجافياً (أي متباعداً) عن طريف االقتصاد (أي التوسط) واسإطناب واسإخّلل (جمموعهما ٌ‬ ‫واهللُ اهلادي إىل سبيل الرشاد (أي االهتداء)‪ ،‬واملسؤول لنيل العصمة والسداد (أي حلصول اسإصابة والصواب)‪ ،‬وهو حسيب‬ ‫ونعم الوكيل‪.‬‬

‫‪08‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫[ المقدمة ]‬ ‫(تقسيم األحكام الشرعياة)‬ ‫سمى فرعية‬ ‫اعلم أن األحكام الشرعية منها (أي مأخوذة من الشرع كالكتاب والسناة واسإمجاع) ما يتعلَّ ُق بكيفية العمل‪ ،‬وتُ َّ‬ ‫لتفرعها على األصول االعتقادية) وعملية (لتعلُّ ِقها بالعمل)‪ ،‬ومنها (أي من األحكام الشرعية) ما يتعلق باالعتقاد وتسمى أصلية (ألهنا أصول‬ ‫( ا‬ ‫الشرائع) واعتقادية (ألن االعتقاد هو املطلوب فيها)‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫الشرائ ِع واألح َك ِام‪ ،‬ملا (ما زائدة) أهنا ال تستفاد إال من‬ ‫علم َّ‬ ‫والعلم املتعلق باألوىل (أي باألحكام املتعلقة بكيفية العمل) يسمى َ‬ ‫فس ِّمى بعلم الشرائع)‪ ،‬وال يسبق الفهم عند إطّلق األحكام إال إليها (أي األحكام العملية وهذا حبسب غلبة االستعمال)‪.‬‬ ‫جهة الشرع ( ُ‬ ‫يسمى)‪ :‬علم التَّوحيد والصفات‪ ،‬ملا أن ذلك (أي توحيد احلق سبحانه وصفاته)‬ ‫وبالثانية (أي العلم املتعلق باألحكام املتعلقة باالعتقاد ا‬ ‫َ‬ ‫أشهر مباحثه وأشرف مقاصده‪.‬‬ ‫(أسباب لعدم تدوين الكّلم ىف زمن الصحابة والتابعني)‬

‫وقد كانت األوائل من الصحابة والتابعني رضوان اهلل عليهم أمجعني‪ ،‬لصفاء عقائدهم بربكة صحبة النيب صلى اهلل‬ ‫عليه وسلام وقرب العهد (أي قرب زماهنم) بزمانه (عطف على الربكة بيانًا حلال التابعني)‪ ،‬ولقلة الوقائع (مجع الواقعة أي حادثة) واالختّلفات‪،‬‬ ‫العلمني (العلم االعتقادى والعلم‬ ‫ومتكنهم (أي قدرهتم) من (أي على) املراجعة (أي الرجوع) إىل الثقات‪ ،‬مستغنني (خرب كانت) عن تدوين َ‬ ‫العملى) وترتيبهما أبواباً وفصوالً‪ ،‬وتقرير مقاصدمها (أي مسائلهما) فروعاً وأصوالً‪ ،‬إىل أن حدثت الفنت بني املسلمني والبغي (أي‬ ‫الظلم) على أئمة الدين‪ ،‬وههر اختّلف اآلراء وامليل إىل البدع واألهواء‪ ،‬وكثرت الفتاوى والواقعات (أي حوادث) والرجوع‬ ‫حدث ُ‬ ‫مهمة)‪( ،‬فسبب تلك الفنت واحلوادث) فاشتغلوا (العلماء) بالنظر (أي بالفكر) واالستدالل واالجتهاد‬ ‫إىل العلماء يف املهمات (أي ىف مسائل ا‬ ‫واالستنباط ومتهيد القواعد واألصول‪ ،‬وترتيب األبواب والفصول‪ ،‬وتكثري املسائل بأدلتها وإيراد الشبه (مجع شبهة) بأجوبتها‪،‬‬ ‫وتعيني األوضاع واالصطّلحات‪ ،‬وتبيني املذاهب واالختّلفات‪ .‬ومسُّوا ما يفيد معرفة األحكام العملية عن أدلتها التفصيلية‬ ‫بالفقه‪ ،‬و(ما يفيد) معرفةَ أحوال األدلة إمجاالً يف إفادهتا األحكام بأصول الفقه (كما أَ ان األمر للوجوب)‪ ،‬و(ما يفيد) معرفةَ العقائد عن‬ ‫أدلتها التفصيلية بالكّلم‪.‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪09‬‬

‫ئيسيتني‪ -9 :‬األشاعرة ‪ -7‬واملاتريدية‪.‬‬ ‫فائدة مهمة إ ان يف علم الكّلم مجاعتني ر ا‬ ‫ّ‬ ‫‪ -9‬مجاعة األشاعرة املنسوبة إىل الشيخ أيب احلسن األشعري رمحه اهلل (‪ )374-771‬الذي كان على مذهب اسإمام الشافعي رمحه اهلل ىف‬ ‫الفقه‪ ،‬فأكثر أصحاب الشافعي وأتباعه تابعون أليب احلسن األشعري ىف األصول أي يف العقيدة‪ ،‬وللشافعي يف الفروع أي يف الفقه‪.‬‬ ‫‪ -7‬مجاعة املاتريدية املنسوبة إىل الشيخ أيب منصور املاتريدي (املتوىف ‪ )333‬الذي كان علي مذهب اسإمام األعظم أيب حنيفة رمحه اهلل تعاىل يف الفقه فأكثر‬ ‫أصحاب أيب حنيفة وأتباعه تابعون أليب منصور املاتريدي يف األصول وأليب حنيفة يف الفروع‪.‬‬ ‫واعلم أن اال ختّلف بني األشاعرة واملاتريدية يف اثنيت عشرة مسئلة فرعية‪ ،‬وال اختّلف يف األصول‪ ،‬وأكثر املسائل االختّلفية بني اجلماعتني ترجع إىل االختّلف‬ ‫اللفظي‪ ،‬وقد كتب تلك املسائل احمل اقق ((ابن كمال باشا)) يف رسالته اليت مسااها ’’رسالة االختّلف بني األشاعرة واملاتريدية ىف اثنتيت عشرة مسئلة‘‘‬ ‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬ ‫الشافعي وأتباعه تابعون له‪ ،‬أي أليب‬ ‫قال األستاذ‪ :‬إعلم أن الشيخ أبا احلسن األشعري إمام أهل السنة ومقدمهم‪ ،‬مث الشيخ أبو منصور املاتريدي‪ ،‬وإن أصحاب‬ ‫ا‬ ‫للشافعي يف الفروع‪ .‬وإن أصحاب أيب حنيفة تابعون للشيخ أبو منصور املاتريدي يف األصول‪ ،‬وأليب حنيفة يف الفروع‪ ،‬كما أفادنا‬ ‫احلسن األشعري يف األصول و‬ ‫ا‬ ‫بعض مشاخينا رمحه اهلل تعاىل‪ ،‬وال نزاع بين الشيخين وأتباعه إال في اثنتي عشرة مسألة‪:‬‬

‫باملكون من العامل‪ ،‬وكل جزء منه بوقت وجوده كما أن‬ ‫املكون‪ ،‬ويتعلق ا‬ ‫األولى‪ :‬قال املاتريدي‪ :‬التكوين صفة أزلية قائمة بذات اهلل تعاىل كجميع صفاته‪ ،‬وهو غري ا‬ ‫إرادة اهلل تعاىل أزلية يتعلق باملرادات بوقت وجودها‪ ،‬وكذا قدرته تعاىل األزلية مع مقدوراهتا‪.‬‬ ‫األشعري‪ :‬إهنا صفة حادثة غري قائمة بذات اهلل تعاىل‪ ،‬وهي من الصفات الفعلية عنده ال من الصفات األزلية‪ ،‬والصفات الفعلية كلها حادثة كالتكوين‬ ‫وقال‬ ‫ا‬ ‫واسإجياد‪ ،‬ويتعلق وجود العامل خبطاب‪’’:‬كن‘‘‪.‬‬

‫المسألة الثانية‪:‬‬ ‫األشعري‪ :‬مسموع‪ ،‬كما هو املشهور من حكاية موسى عليه السّلم‪ .‬وقال ابن فورك‪:‬‬ ‫الدال عليه‪ .‬وقال‬ ‫قال املاتريدي‪ :‬كّلم اهلل تعاىل ليس مبسموع‪ ،‬وإمنا املسموع ا‬ ‫ا‬ ‫املسموع عند قراءة القارَ شيئا ن‪ :‬صوت القارَ وكّلم اهلل تعاىل‪ ،‬وقال القاضي الباقّلين‪ :‬كّلم اهلل تعاىل غري مسموع على العادة اجلارية‪ ،‬ولكن جيوز أن يسمع اهلل‬ ‫تعاىل من شاء من خلقه على خّلف قياس العادة من غري واسطة احلروف والصوت‪ ،‬و قال أبو إسحاق اسإسفرايين ومن تبعه‪ :‬إن كّلم اهلل تعاىل غري مسموع‬ ‫أصّل‪ ،‬وهو اختيار الشيخ أيب منصور املاتريدي كذا يف البداية‪.‬‬ ‫المسألة الثالثة‪:‬‬ ‫قال املاتريدي‪ :‬صانع العا َمل موصوف باحلكمة سواء كانت مبعىن العلم أو مبعىن األحكام‪.‬‬ ‫وقال األشعري‪ :‬إن كانت مبعىن العلم فهي صفة أزلية قائمة بذات اهلل تعاىل‪ ،‬وإن كانت مبعىن األحكام فهي صفة حادثة من قبيل التكوين‪ ،‬ال يوصف ذات الباري‬ ‫هبا‪.‬‬ ‫المسألة الرابعة‪:‬‬ ‫قال املاتريدي‪ :‬إن اهلل يريد جبميع الكائنات جوهرا أو عرضا طاعة أو معصية‪ ،‬إال أن الطاعة تقع مبشيئة اهلل وإرادته وقضائه وقدرته ورضائه وحمبته وأمره‪ ،‬وإن املعصية‬ ‫تقع مبشيئة اهلل تعاىل وإرادته وقضائه ال برضائه وحمبته وأمره‪.‬‬ ‫األشعري‪ :‬إن رضاء اهلل تعاىل وحمبته شامل جبميع الكائنات كإرادته‪.‬‬ ‫وقال‬ ‫ا‬ ‫المسألة الخامسة‪:‬‬ ‫األشعري‪.‬‬ ‫تكليف ما ال يطاق ليس جبائز عند املاتريدي‪ ،‬وحتميل ماال يطاق عنده جائز‪ ،‬وكّلمها جائز عند‬ ‫ا‬

‫المسألة السادسة‪:‬‬ ‫قال املاتريدي‪ :‬بعض األحكام املتعلقة بالتكليف معلوم بالعقل‪ ،‬ألن العقل آلة يدرك هبا حسن بعض األشياء وقبحها‪ ،‬وهبا يدرك وجوب اسإميان وشكر املنعم‪ ،‬وإن‬ ‫معرف الوجوب واملوجب احلقيقي هو اهلل تعاىل لكن بواسطة الرسول صلى‬ ‫املعرف واملوجب هو اهلل تعاىل‪ ،‬لكن بواسطة العقل كما أن الرسول صلى اهلل عليه وسلام ا‬ ‫ا‬

‫اهلل عليه وسلم حىت قال‪ :‬ال عذر ألحد يف اجلهل خبالقه‪ ،‬أال يرى خلق السموات واألرض ؟! ولو مل يبعث رسوال‪ ،‬لوجب على اخللق معرفته بعقوهلم‪..‬‬ ‫وقال األشعري‪ :‬ال جيب شيء وال حيرم إال بالشرع ال بالعقل‪ ،‬وإن كان للعقل أن يدرك حس بعض األشياء‪ ،‬وعند‬ ‫األشعري مجيع األحكام املتعلقة بالتكليف ملقاةٌ‬ ‫ا‬ ‫بالسمع‪.‬‬ ‫المسألة السابعة‪:‬‬ ‫األشعري‪ :‬ال اعتبار بالسعادة والشقاوة إال عند اخلامتة والعاقبة‪.‬‬ ‫الشقي وقد يشقى السعيد‪ ،‬وقال‬ ‫قال املاتريدي‪ :‬قد يسعد‬ ‫ا‬ ‫ا‬

‫المسألة الثامنة‪:‬‬ ‫األشعري‪ :‬جيوز عقّل ال مسعا‪.‬‬ ‫العفو عن الكفر ليس جبائز‪ ،‬وقال‬ ‫ا‬

‫المسألة التاسعة‪:‬‬ ‫العقائد النسفياة‬ ‫وعند تيسري‬ ‫النفسياة يف‬ ‫هتذيب‬ ‫شرح جيوز‪.‬‬ ‫األشعري‪:‬‬ ‫اح مسعا‪،‬‬ ‫األرووال‬ ‫عقّل‪،‬‬ ‫قال املاتريدي‪ :‬ختليد املؤمن يف النار‪ ،‬وختليد الكافر يف اجلنة ال جيوز‬ ‫‪11‬‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬ ‫المسألة العاشرة‪:‬‬

‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫(بقية من الصفحة السابقة)‬

‫المسألة التاسعة‪:‬‬ ‫قال املاتريدي‪ :‬ختليد املؤمن يف النار‪ ،‬وختليد الكافر يف اجلنة ال جيوز عقّل‪ ،‬وال مسعا‪ ،‬وعند األشعري‪ :‬جيوز‪.‬‬ ‫المسألة العاشرة‪:‬‬ ‫األشعري‪ :‬بالتغاير بينهما وبني التسمية‪ ،‬ومنهم من قسم االسم إىل ثّلثة أقسام‪ :‬قسم عينه‪ ،‬وقسم غريه‪ ،‬وقسم‬ ‫قال بعض املاتريدية‪ :‬االسم واملسمى واحد‪ ،‬وقال‬ ‫ا‬ ‫ليس بعينه وال بغريه‪ ،‬واالتفاق على أن التسمية وغريها وهي ما قامت باملسمى‪ ،‬كذا بداية الكّلم‪.‬‬ ‫المسألة الحادية عشر‪:‬‬ ‫األشعري‪ :‬ليست الذكورة شرطا فيها‪ ،‬واألنوثة ال تنافيها‪ ،‬كذا يف بداية الكّلم‪.‬‬ ‫النبوة‪ ،‬حىت ال جيوز أن يكون األنثى نبيا‪ ،‬وقال‬ ‫ا‬ ‫قال املاتريدي‪ :‬الذكورة شرط يف ا‬

‫المسألة الثانية عشر‪:‬‬ ‫قال املاتريدي‪ :‬فعل العبد يسمى كسباً ال خلقاً‪ ،‬وفعل احلق يسمى خلقاً ال كسباً‪ ،‬والفعل يتناوهلما‪ ،‬وقال األشعري‪ :‬الفعل عبارة عن اسإجياد حقيقة‪ ،‬وكسب العبد‬ ‫يسمى فعّلً باجملاز‪ ،‬وقد تفرد القادر خلقاً وال جيوز تفرد القادر به كسباً‪.‬‬ ‫تمت الرسالة الشريفة البن كمال باشا رحمه اهلل تعالى))‬ ‫(( ّ‬

‫(مثانية وجوه لتسمية علم الكّلم بالكّلم)‬ ‫ألن عنوان مباحثه (الكّلم)كان قوهلم (املتقدمني)‪ :‬الكّلم يف كذا وكذا (يعىن قالوا ىف مواضع الفصول مثّلً الكّلم ىف إثبات واجب‬ ‫)‪(9‬‬ ‫الوجود أو الكّلم ىف النابوة و على هذا القياس)‪.‬‬ ‫وألن مسألة الكّلم (بأناه خملوق أو غري خملوق) كان أشهر مباحثه (وهذا أههر وأشهر) وأكثرها نـزاعاً وجداالً‪ ،‬حىت َّ‬ ‫َّ‬ ‫بعض‬ ‫)‪(7‬‬ ‫ان َ‬ ‫املتغلبة (يعىن بعض امللوك بالغلبة ال بطريق البيعة من أهل احلل والعقد باالستحقاق) قتل كثرياً من أهل احلق (ىف زمن احلكومة العباسية ال سياما‬ ‫القهار ينتقم منه جبميع ذالك) لعدم‬ ‫ىف عهد املأمون فإنه له غلو ىف ذالك وكان رافضيا معتزليا فاضّل وكان متوغاّلً ىف فنون الفلسفة جمتهداً فيها واهلل ا‬ ‫قوهلم خبلق القرآن‪.‬‬ ‫وألنه يورث (أي يـمن ِشأُ وي ِ‬ ‫وج ُد) القدرة على الكّلم يف حتقيق (أي إثبات) الشرعيات (أي األحكام الشرعية) وإلزام اخلصوم (أي‬ ‫)‪(3‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫إسكات اخلصوم املناهرين)‪ ،‬كاملنطق للفّلسفة‪.‬‬ ‫)‪ (4‬وألنه َّأو ُل ما جيب (أي وجوب الكفاية على امل َكلَّ ِف) من العلوم اليت إمنا تعلم وتتعلم بالكّلم‪ ،‬فأطلق عليه هذا االسم‬ ‫لذلك (أي لكونه أ اول)‪ ،‬مث خص (هذا االسم) به (أي هبذا العلم)‪ ،‬ومل يطلق على غريه متييزاً (وإن كان وجه اسإطّلق موجوداً ىف كل ٍ‬ ‫علم‬ ‫ا‬ ‫ُ‬ ‫وفن)‪.‬‬ ‫ٍّ‬ ‫)‪ (1‬وألنه إمنا يتحقق باملباحثة وإدارة الكّلم من اجلانبني (املعلام واملتعلام والسائل واجمليب) وغريه (أي علم الكّلم) قد يتحقق بالتأمل‬ ‫ومطالعة الكتب‪.‬‬ ‫)‪ (7‬وألنه أكثر العلوم خّلفاً ونَِـزاعاً‪ُّ ،‬‬ ‫فيشتد افتقاره (أي احتياجه) إىل الكّلم مع املخالفني والرد عليهم‪.‬‬ ‫)‪ (2‬وألنه لقوة أدلته صار كأنه هو الكّلم دون ما عداه (ما سواه) من العلوم‪ ،‬كما يقال ل قوى من الكّلمني‪ :‬هذا هو‬ ‫الكّلم‪.‬‬ ‫ألهن ا‬ ‫)‪(9‬‬ ‫يت بالسمعية ا‬ ‫وألنه البتنائه على األدلة القطعية (أي العقلية) املؤيد أكثرها باألدلة السمعية (أي القرآن واحلديث واسإمجاع ُمسِّ م‬ ‫األدلة السمعية) كان (أي صار) ُّ‬ ‫أشد العلوم تأثرياً يف القلب وتغلغّلً (أي دخوالً) فيه (أي ىف القلب)‪،‬‬ ‫مسموعة من الشارع)‪( ،‬وبسبب ا‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪10‬‬

‫فسمي بالكّلم املشتق من ال َكلِم (بفتح الكاف) وهو اجلرح (متات تسمية وجوه الكّلم بالكّلم ههنا)‪.‬‬ ‫وهذا (أي ما يُفيد معرفة العقائد الدينياة بأدلاتها العقلياة والسمعياة من غري خلط احلكمة الفلسفياة) هو كّلم القدماء‪.‬‬ ‫(مع أي فرقة يقع اختّلف على العموم؟)‬ ‫ومعظم خّلفياته (أي يكون أكثر اختّلفات كّلم القدماء) مع الفرق اسإسّلمية (كالروافض واخلوارج واملعتزلة) خصوصاً املعتزلة‪ ،‬ألهنم أول‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫أسسوا قواعد اخلّلف ملا ورد به هاهر السنة وجرى عليه مجاعة الصحابة رضوان اهلل عليهم أمجعني يف باب العقائد‪.‬‬ ‫فرقة ا‬ ‫كل‬ ‫كبار الفرق اسإسّلمية أربعة األول القدرية الثاىن الصفاتية الثالث الشيعية الرابع اخلارجية مثا يرتاكب بعضها مع بعض‬ ‫ا‬ ‫ويتشعب عن ا‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬ ‫فرقة أصناف فتصل إىل ثّلث وسبعني فرقة (اجلواهرالبهية)‪ .‬وىف احلديث املرفوع تفرتق اأمىت على ثّلث وسبعني ملاة كلاها ىف النار إال‬ ‫ملة واحدة فقيل له ما الواحدة؟ قال ما أنا عليه اليوم وأصحاىب (رواه احلاكم)‪ .‬وهلذا احلديث أسانيد كثرية بألفاٌ متقاربة‪.‬‬

‫(قصة حدوث املعتزلة ىف اسإسّلم)‬ ‫وذلك (اخلّلف) أن رئيسهم واصل بن عطاء اعتزل جملس احلسن البصري رمحه اهلل يقرر أن مرتكب الكبرية ليس‬ ‫احلق ومن‬ ‫مبؤمن وال كافر ويثبت املنـزلة بني املنـزلتني (أي بني الكفر واسإميان) ‪ ،‬فقال احلسن‪ :‬قد اعتزل عنَّا‪ ،‬فسموا املعتزلة (العتزاهلم عن ا‬ ‫العجب ااهنم يفتخرون هبذا االسم زاعمني أ اهنم اعتزلوا عن الباطل)‪.‬‬ ‫(وجه التسمية أنفسهم بأصحاب العدل والتوحيد)‬ ‫وهم مساوا أنفسهم أصحاب العدل والتوحيد‪ ،‬لقوهلم بوجوب ثواب املطيع وعقاب العاصي على اهلل تعاىل (هذا وجه‬ ‫العدل) ونفي الصفات القدمية عنه (أي عن اهلل تعاىل وهذا وجه التوحيد)‪.‬‬ ‫املطيع‬ ‫فضل والعذاب ٌ‬ ‫ب َ‬ ‫عدل ولو َع َّذ َ‬ ‫هذا وجه العدل والتوحيد عند املعتزلة و اأما أهل السناة فقالوا ال جيب على اهلل شُ وإامنا الثواب ٌ‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬ ‫يقبح منه(أي من اهلل) ولكن عادته املق ادسة على خّلفه‪ .‬و اأما الشرك باهلل فهو إثبات الذات القدمية الواجبة ال‬ ‫وأثاب العاصى مل م‬ ‫الصفات القائمة بالواجب (الانرباس)‬

‫مث إهنم (أي املعتزلة) توغلوا (أي اشتغلوا بالش ادة) يف علم الكّلم وتشبَّثوا (أي تعلاقوا) بأذيال الفّلسفة يف كثري من األصول‬ ‫واألحكام‪ ،‬وشاع (أي ذاع وفشا) مذهبهم فيما بني الناس إىل أن قال الشيخ أبو احلسن األشعري (هو أبو قبيلة من اليمن) ألستاذه‬ ‫أيب علي اجلبائي (اجلبا قرية من قرى البصرة)‪ :‬ما تقول يف ثّلثة أخوة‪ ،‬مات أحدهم مطيعاً واآلخر عاصياً والثالث صغرياً ؟‬ ‫يستحق املطيع بطاعته)‪ ،‬والثاين يعاقب بالنار (أل ان‬ ‫فقال (أبو على اجلبائى)‪ :‬إن األول يثاب باجلنة (أل ان الثواب حق على اهلل تعاىل‬ ‫ا‬ ‫العقاب جزاءٌ للمعصية جيب على اهلل إقامته)‪ ،‬والثالث ال يثاب وال يعاقب‪.‬‬ ‫رب ِملَ (استفهام) أمتَّين صغرياً وما أبقيتَين إىل أن أكرب فأومن بك وأطيعك فأدخل‬ ‫قال األشعري‪ :‬فإن قال الثالث‪ :‬يا ُّ‬ ‫اجلنة !! ماذا يقول الرب تعاىل‪.‬‬ ‫فدخلت النار‪ ،‬فكان األصلح لك أن متوت‬ ‫لعصيت‬ ‫كربت‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫كنت أعلم منك أنك لو َ‬ ‫فقال (اجلبائى)‪ :‬يقول الرب‪ :‬إين ُ‬ ‫صغرياً‪.‬‬ ‫قال األشعري‪ :‬فإن قال الثاين (الذى دخل ىف النار)‪ :‬يا رب ملَ ملم متتين صغرياً لئّل أعصي فّل أدخل النار ؟! فماذا يقول‬ ‫الرب؟‬ ‫‪11‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫حتري) اجلبائي (وصار مدهوشاً ومل يقدر على اجلواب)‪ ،‬وترك األشعري مذهبه واشتغل هو ومن تبعه‬ ‫فبهت (أي ا‬ ‫والقاضى أىب بكر الباقّلىن وإمام احلرمني واسإمام الرازى) بإبطال رأي املعتزلة وإثبات ما ورد به السنة (أي احلديث) ومضى عليه اجلماعة‪،‬‬ ‫فسموا أهل السنة واجلماعة‪.‬‬ ‫(سبب خلط الفلسفة بعلم الكّلم)‬ ‫مث ملا نقلت الفلسفةُ عن اليونانية إىل العربية وخاض (أي دخل) فيها اسإسّلميون حاولوا (أي طلبوا) الرد على الفّلسفة‬ ‫فخلَطُوا بالكّلم كثرياً من الفلسفة ليُ َح ِّق ُقوا مقاصدها‪،‬‬ ‫فيما خالفوا فيه الشريعة (كقدم العامل وإجياب الصانع ونفى علم اهلل باجلزئيات)‪َ ،‬‬ ‫جرا‪ ،‬إىل أن أدرجوا (أي أدخلوا) فيه (أي الكّلم) معظم (أي أكثر) الطبيعيات (هذا‬ ‫وهلم َّ‬ ‫فيتمكنوا (أي فيقدروا) من (أي على) إبطاهلا‪َّ ،‬‬ ‫وّتردها ومادياتها) واسإهليات‬ ‫مشاهري مباحثها ومسائلها مثل مسئلة املكان واحليز وتناهى الزمان و عدمه ومسئلة حركة األفّلك وتناهيها ومسئلة حدوث النفس ا‬ ‫(وهى مباحث الذات وصفاته وعن املعتقدات الدينية)‪ ،‬وخاضوا يف الرياضيات (هى مباحث اهليئة واهلندسة مثل مقادير حركات األفّلك وهيئاهتا وأجزائها)‪،‬‬ ‫علم الكّلم) عن الفلسفة لوال اشتماله على السمعيات (من الكتاب والسناة)‪ ،‬وهذا (أي هذا العلم املخلوط باملباحث‬ ‫حىت كاد ال يتميز ( ُ‬ ‫وردها) هو كّلم املتأخرين‪.‬‬ ‫الفلسفة وحتقيق مقاصدها ا‬ ‫(منزلةُ عل ِم الكّلم بني العلوم)‬ ‫وباجلملة (أي حاصل الكّلم) هو (أي علم الكّلم) أشرف العلوم‪ ،‬لكونه أساس األحكام الشرعية ورئيس العلوم الدينية (و‬ ‫(كأىب احلسن الباهلى‬

‫هى ستة ‪ :۱‬الكّلم ‪ :۲‬التفسري ‪ :۳‬احلديث ‪ :4‬أصول الفقه ‪ :1‬وفروعها‬

‫التصوف‪ ،‬و رئيسها الكّلم)‪ ،‬وكون معلوماته العقائد اسإسّلمية‬ ‫‪ :7‬ا‬

‫(أي‬

‫املعتقدات الىت حيصل هبا األسّلم)‪.‬‬ ‫(غاية علم الكّلم)‬ ‫وغايته (أي العلم الفائدة احلاصلة منه) الفوز بالسعادات الدينية والدنيوية‪ ،‬وبراهينه احلجج القطعية املؤيد أكثرها باألدلة‬ ‫السمعية (هذا سبب آخر لكونه أشرفه من العلوم)‪.‬‬ ‫اعتراض مقدر وهو أن يقال لو كان علم الكّلم أشرف العلوم ملا طعن السلف فيه و ملا منع عن املباحثة!‬ ‫ّ‬

‫للمتعصب يف الدين والقاصر‬ ‫جواب وما (اسم موصول) نقل عن بعض السلف من الطعن فيه (علم الكّلم) واملنع عنه فإمنا هو‬ ‫ِّ‬ ‫عن حتصيل اليقني‪ ،‬والقاصد إىل إفساد عقائد املسلمني‪ ،‬واخلائض (أي املتوغال) فيما ال يفتقر إليه من غوامض املتفلسفني (أي‬ ‫الفضوليات الزائدة ال حيتاج إليه ىف تكميل الدين ٍ‬ ‫عما هو ِمن أصل الواجبات وأساس املشروعات‪.‬‬ ‫بوجه من الوجوه) وإال فكيف يتصور املنع َّ‬ ‫تعصبُه الثاىن‬ ‫ذم الكّلم‬ ‫يقويه على املناهرة فيزيد ا‬ ‫اعلم أن ا‬ ‫ٌ‬ ‫حمصور ىف أربعة أشخاص األول من يتعصب فّل يطيع احلق بعد ههوره فالكّلم ا‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬ ‫من ال يكون قوته العاقلة ذكية فّل يدرك املسائل والدالئل فيقصر عقله عن حتصيل اليقني االستدالىل فهذا الرجل إذا اشتغل بالكّلم‬ ‫إفساد للدين كابن الراوندى وعبد الكرمي بن أىب العوجاء والقرامة‬ ‫إلقاء الشبهات الكّلمية على ضعفاء املسلمني كما فعل املّلحدة ً‬ ‫تشوش إميانه الثالث من يقصد َ‬ ‫ا‬ ‫ٍ‬ ‫الرابع من خيوض ىف دقائق الفلسفة ال حيتاج إليه ىف تكميل الدين بوجه من الوجوه (النارباس)‬

‫سوال مق ّدر‬

‫مثا ملا كان يرد على املصناف أن املقصود من الكّلم هو مباحث الذات والصفات والسمعيات فلماذا بدأ مبا هو غري املقصود بالذات؟‬

‫جواب ث َّـم ملا كان مبىن علم الكّلم (أي بناء البحث أو بناء علم الكّلم) على االستدالل بوجود احملدثات على وجود الصانع‬ ‫وتوحيده وصفاته وأفعاله‪ ،‬مثَّ االنتقال منها (أي من وجود الصانع وتوحيده وصفاته وأفعاله) إىل سائر السمعيات (أي بعد بيان وجود الصانع و‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪11‬‬

‫غريه ايبني املصناف مجيع السمعيات كأحوال القرب والبعث والنا ابوة واسإمامة)‪ ،‬ناسب (جزاء مل ا) تصدير الكّلم بالتنبيه‬ ‫بالتنبيه) على وجود ما يُشاهد من األعيان واألعراض‪ِ ،‬‬ ‫وحتقق العلم هبا (أعيان و األعراض) ليتوسل بذلك (أي باألعيان و األعراض) إىل‬ ‫معرفة ما هو املقصود األهم (أي األعظم وهو التوحيد والصفات)‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫(أي كان مناسباً أن يـُمب َدأَ الكتاب‬

‫الحق (أي أهل السناة واجلماعة)))‬ ‫((قَ َ‬ ‫ال أَ ْه ُل َ‬ ‫ستعم ُل لفظ احلق) على األقوال (ل قوال مثّلً قول حق )‬ ‫وهو (أي احلق)‬ ‫ق (يُ َ‬ ‫احلكم املطابِق (بكسر الباء) للواقع (أي اخلارج)‪ ،‬يطلَ ُ‬ ‫ُ‬ ‫والعقائد (فيقال عقيدة ح اقة) واألديان (فيقال دين حق) واملذاهب (فيقال مذهب حق)‪ ،‬باعتبار اشتماهلا (أي أقوال‪ ،‬عقائد‪ ،‬أديان‪ ،‬مذاهب) على‬ ‫ذلك (أي احلق) ويقابله (أي احلق) الباطل‪.‬‬ ‫الص مد ُق فقد شاع يف األقوال خاصة (أي يُستعمل لفظ الصدق ل قوال خاصةً وال يطلق على العقائد واألديان واملذاهب)‪ ،‬ويقابله‬ ‫وأما ِّ‬ ‫(أي الصدق) الكذب‪.‬‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫فثبت من هذا أن بني احلق والصدق عموماً وخصوصاً مطلقاً باعتبار املصداق‪ ،‬والصدق خاص مطلقاً واحلق عام مطلقاً (اجلواهر البهياة)‬

‫(الفرق بني احلق و الصدق بإعتبار املفهوم وإال مها متاحدان بإعتبار االستعمال)‬ ‫الص ِ‬ ‫فرق بينهما (بني الصدق واحلق) َّ‬ ‫دق من جانب‬ ‫بأن املطابقةَ تعترب يف ِّ‬ ‫احلق من جانب الواقع‪ ،‬و(تُعتبَـُر املطابقة) يف ِّ‬ ‫وقد يُ َّ‬ ‫احلكم‪ ،‬فمعىن صدق احلكم مطابقته (أي احلكم) للواقع‪ ،‬ومعىن َحقِّيتَه (أي احلكم) مطابقة الواقع إياه (أي احلكم)‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫[ ثبوت حقائق األشياء ]‬ ‫ائق األ ْشيـَ ِاء (أي نفس الشُ وعني الشُ) ثَابِتَـَةٌ (أي موجودة ىف اخلارج)))‪ ،‬حقيقة الشيء وماهيته‬ ‫((ح َق ُ‬ ‫َ‬ ‫مبعىن واحد ومها لفظان مرتادفان ال فرق بينهما حبسب املفهوم وال حبسب االستعمال) َما (موصولة) به (والباء للسببية) الشيء ُهو (ضمري للفصل) ُهو (خرب‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫يتصور إنسانياتُه بدونه)‪ ،‬خبّلف مثل الضاحك والكاتب مما ميكن‬ ‫يتقوم ويتحصل باحليوان الناطق وال ا‬ ‫لشُ)‪ ،‬كاحليوان الناطق لإلنسان ( ا‬ ‫تصور اسإنسان بدونه (الضاحك والكاتب)‪ ،‬فإنه من العوارض (ليس من الذاتيات)‪.‬‬

‫(إشارة إىل أن احلقيقة واملاهية‬

‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫قول املصناف ’’حقيقة الشُ و ماهياته ما به الشُ هو هو‘‘ ففى هذا الكّلم‪ ،‬الضمري األول (هو) للفصل بني املبتدأ (الشُ) و اخلرب(هو‬

‫الثاىن) فيكون تقدير الكّلم ’’حقيقة الشُ وماهياته ما يكون به الشُ ذالك الشُ‘‘‪ .‬مثّلً يقال ىف اللغة األردوياة ٓااٹ‪،‬اپیناورٓاگ ایسی‬ ‫زیچںی ںیہ نج یک وہج ےس رویٹ‪ ،‬رویٹ یتنب ےہ۔ ولعمم وہا ہک ٓااٹ‪ ،‬اپین اور ٓاگ رویٹ یک تقیقح اور امھیت ےہ۔ فكذلك احليوان والناطق‪ ،‬هذان الشيئان حقيقة اسإنسان‬ ‫وعلمه أمتا وأحكم‪.‬‬ ‫وماهياته واهلل تعاىل أعلم ُ‬

‫(الفرق االعتبارى بني احلقيقة و املاهية وال فرق بينهما حبسب املفهوم وال حبسب االستعمال)‬

‫إن ما به الشيء هو هو باعتبار حتق ِ‬ ‫وقد يقال (ىف الفرق بني احلقيقة و املاهية)‪َّ :‬‬ ‫ُّقه (أي وجوده) حقيقةٌ‬ ‫ُ‬ ‫صه (أي ذاته) هويَّة‪ ،‬ومع قطع النظر عن ذلك (أي عما ذُكِر من التح اقق والتشخص) م ِ‬ ‫العنقاء ألناه ليس مبوجود ىف اخلارج)‪ ،‬وباعتبار تَشخ ِ‬ ‫اهيَّة‪.‬‬ ‫ا‬ ‫ا َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫(والشُ عند أهل السناة واجلماعة عبارة عن املوجود)‬ ‫َّحقق‬ ‫والشيء عندنا (أهل السنة واجلماعة) هو املوجود (خّلفا للمعتزلة فاهنم جيعلون الشُ حقيقة ىف املوجود وااملعدوم)‪ ،‬والث ُ‬ ‫ُّبوت والت ُ‬ ‫ٌ (أربعة) ُمرتادفةٌ (أي متحدة املعىن ىف اللغة)‪ ،‬معناها بديهي التصور (أي ال ميكن تعريفها لغاية ههورها إال على‬ ‫جود وال َكو ُن‪( .‬هذه) ألفا ٌ‬ ‫الو ُ‬ ‫وُ‬ ‫حسب تفسري اللغة)‪.‬‬ ‫سوال فإن قيل‪ :‬فاحلكم بثبوت حقائق األشياء يكون لغواً‪ ،‬مبنـزلة قولنا‪ :‬األمور الثابتة ثابتة‪.‬‬ ‫(وعلى هذا ال يقال حقيقة‬

‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫حاصل هذا السوال‪ ،‬لَما كان الشُ واملوجود والوجود والثبوت ألفاٌ مرتادفة‪ ،‬فقول املصناف رمحه اهلل ’’حقائق األشياء ثابتة‘‘ لغواً‪ ،‬أي ٍ‬ ‫خال عن‬ ‫ا‬

‫الفائدة فكأناه قال املصناف ’’حقائق الثابتات ثابتة‘‘ وهذا مبنزلة قولنا ’’األمور الثابتة ثابتةٌ‘‘!‬

‫جواب قلنا‪َّ :‬‬ ‫إن املر ُاد به أ ان ما نعتقده حقائق األشياء ونسميه باألمساء من اسإنسان والفرس والسماء واألرض‬ ‫أمور موجودةٌ (خرب َّأن) يف نفس األمر (ىف اخلارج واحلقيقة)‪ ،‬كما يقال‪ :‬واجب الوجود (الذى نعتقده) موجود (ىف الواقع ونفس األمر)‪ ،‬وهذا‬ ‫ٌ‬ ‫ابت (ألن هذا‬ ‫َّابت ثَ ٌ‬ ‫الكّلم مفيد (ال لغو) رمبا (أي قلاما) حيتاج إىل البيان (أي ىف أكثر األحيان ال َنتاج إىل البيان)‪ ،‬وليس مثل قولك‪ :‬الث ُ‬ ‫الكّلم لغو فكأنه قيل الثابت ىف نفس األمر ثابت ىف نفس األمر فما فيه الفائدة ال احتاد املوضوع واحملمول)‪ ،‬وال مثل قوله‪ :‬أنا أبو النجم (ألن الرتادف فيه‬ ‫أيضاً هاهر ألن املوضوع واحملمول ذات واحدة) و(ال مثل قوله أىب النجم) شعري شعري‪ ،‬على ما ال خيفى (فإن تأويله أ ان شعرى اآلن مثل شعرى فيما‬ ‫مضى على سبيل اجملاز حمتاج إىل تكلاف)‪.‬‬ ‫وحتقيق ذلك (أي السوال واجلواب) َّ‬ ‫أن الشَّيء قد يكون له اعتبارات خمتلفة يكون احلكم عليه (أي على الشُ) بالشيء‬ ‫ُ‬ ‫مفيداً بالنظر إىل بعض تلك االعتبارات دون البعض (يعىن بتفاوت العبارات يتفاوت االعتبارات وبتفاوت االعتبارات يتفاوت األحكام واآلثار)‪،‬‬ ‫كاسإنسان إذا أخذ من حيث إنه جسم اما (ما نكرة وقعت صفة جلسم لتفيدها زيادة نكارة وليست مبوصولة وال نافية) كان احلكم عليه (أي على‬ ‫(وغري ذلك)‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪15‬‬

‫اسإنسان) باحليوانية مفيداً‬ ‫تصور من حيث أناه حيوان ناطق) كان ذلك (أي احلكم عليه باحليوانية) لغواً (ألناه‬ ‫يعلمه حيواناً)‪ ،‬وإذا أخذ من حيث إنه حيوان ناطق (يعىن إذا ا‬ ‫مثل قوهلم احليوان الناطق حيوان)‪.‬‬ ‫(أي إذا ُِ‬ ‫مفيدا سإدراك شُ جمهول مل يكن معلوماً للسامع ألن السامع كان يعلمه جسماً ولكن مل‬ ‫مح َل احليوان على اسإنسان كان ً‬

‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫ففى تصور اسإنسان جهتان و باختّلفهما اختلف جهتا اسإفادة و عدمها فكذالك للحقائق اعتباران‪ ،‬اعتبار من حيث اأهنا معلومة‪ ،‬و اعتبار من‬ ‫حيث اأهنا موجود‪ .‬فاحلكم عليه بالثبوت مفيد من حيث اأهنا معلومة‪ ،‬و لغو من حيث اأهنا موجودة (اجلواهر البهياة)‬

‫ِ‬ ‫((متَ َحـق ـ ٌق (أي ثابت ىف نفس األمر)))‪.‬‬ ‫ْم ب ـِهـَا)) أي باحلقائق من تصوراهتا والتصديق هبا (بثبوهتا) وبأحواهلا ُ‬ ‫((والعل ُ‬ ‫اعتراض وقيل‪ :‬املراد (من قول املصناف ’’والعلم هبا‘‘) العلم بثبوهتاذ للقطع (أي مع اليقني) بأنه ال علم جبميع احلقائق‪.‬‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬ ‫جواب‬

‫ٍ‬ ‫مضاف‬ ‫حاصل االعرتاض أن الّلم ىف قول املصناف ’’حقائق األشاء‘‘ لّلستغراق فإن رجع الضمري ىف قوله ’’والعلم هبا‘‘ إىل األشياء بّل تقدي ِر‬ ‫صار املعىن ’’العلم جبميع احلقائق متحقق‘‘ وهذا حمال وباطل!‬

‫واجلواب‪ :‬أن املراد اجلنس‬

‫(يعىن ليس الّلم ىف األشياء لّلستغراق بل للجنس فاملعىن ’’جنس حقائق األشياء ثابتة والعلم هبا‘‘ أي جبنسها‬

‫متحقق) رداً (أي كان مراد اجلنس ىف األشياء ارداً) على القائلني بأنه ال ثبوت لشيء من احلقائق وال علم بثبوت حقيقة وال بعدم ثبوهتا‪.‬‬ ‫(افرتاق السوفسطائية إىل ثّلث ٍ‬ ‫فرق)‬ ‫((خالفاً للسوفسطائية (هى فرقة من محقاء الفّلسفة)))‬ ‫َّ‬ ‫ينكر حقائق األشياء‪ ،‬ويزعم أهنا (حقائق األشياء) أوهام وخياالت باطلة (ال وجود هلا ىف الواقع)‪ ،‬وهم العنادية‬ ‫)‪(9‬‬ ‫فإن منهم َم من ُ‬ ‫(هذه الفرقة األوىل‪ ،‬مساوا بذالك ألهنم ينكرون احلق عناداً)‪.‬‬ ‫)‪ (7‬ومنهم َم من ينكر ثبوهتا (حقائق األشياء) ويزعم أهنا تابعة لّلعتقادات‪ ،‬حىت إ من اعتقدنا الشيء جوهراً فجوهر أو‬ ‫(اعتقدناه) عرضاً فعرض أو (اعتقدناه) قدمياً فقدمي أو (اعتقدناه) حادثاً فحادث وهم العِمندية (هذه الفرقة الثانية‪ ،‬ومساوا عندية لزعمهم أن حقيقة‬ ‫الشُ ما هو عند املعتقد)‪.‬‬ ‫ومنهم من ينكر العلم بثبوت شيء وال ثبوته‪ ،‬ويزعم أنه شاك وشاك يف أنه شاك وهلم جرا ( ٌّ‬ ‫شاك ىف شك الشك وهكذا ىف‬ ‫)‪(3‬‬ ‫كل شك)‪ ،‬وهم الّلأدرية (ألهنم دائماً يقولون ’’ال أدرى‘‘)‪.‬‬ ‫(الدليل على ثبوت األشياء)‬ ‫مهم‬ ‫تمهيد ّ‬

‫ُّ‬ ‫املستدل أن مق ادماته صادقة‪ .‬و اأما اسإلزامى هو ما يكون مقدماته‬ ‫‪:‬فأما التحقيقى هو ما ي ادعى‬ ‫والدليل ينقسم إىل التحقيقي واسإلزامي ا‬ ‫مسلَّمة عند اخلصم ال عند املستدل‪ ،‬فمطلوب من الدليل األول أي التحقيقي حتقيق احلق وإلزام اخلصم معا‪ ،‬ومن الثاىن اى اسإلزامي إلزام‬

‫اخلصم فقط‪.‬‬

‫التحقيقي)‬ ‫(الدليل‬ ‫ا‬ ‫بالعيَان (أي‬ ‫جنزم بالضرورة (أي بالقطع واليقني) بثبوت بعض األشياء َ‬ ‫لنا (ىف إثبات دعوانا) حتقيقاً (أي اجلواب على سبيل التحقيق)‪ :‬أنَّا ُ‬ ‫الرؤية بالبصر كاألرض والشمس)‪ ،‬وبعضها (األشياء) بالبيان (بالربهان كالواجب تعاىل)‪.‬‬ ‫امي)‬ ‫(الدليل اسإلز ا‬ ‫وإلزاماً (اجلواب الثاىن على سبيل اسإلزام)‪ :‬أنه إ من مل يتحقق نفي األشياء فقد ثبتت (األشياء ألن النفى والنفى هو اسإثبات)‪ ،‬وإن حتقق‬ ‫‪16‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫ت شيءٌ من احلقائق‪ ،‬فلم‬ ‫(نفى األشياء)‪ ،‬والنفي حقيقة من احلقائق لكونه نوعاً من احلكم (ألن احلكم إما ثبوت أو نفى)‪ ،‬فقد ثـَبَ َ‬ ‫يصح نفيها (احلقائق) على اسإطّلق (أي كلياا)‪.‬‬ ‫وال خيفى أنه (أي الدليل اسإلزامى) إمنا يتم على العِنَ ِاديَّة (وأما الّلدرية فيشكاون وأما العندية ُمعتقدون ما قصدوا)‪.‬‬ ‫(أدلاة السوفسطائية ىف إنكار حقائق األشياء)‬ ‫قالوا‪:‬‬ ‫احلس قد يغلط كثرياً‪ ،‬كاألحول (هو الذي) يرى الواحد اثنني‪،‬‬ ‫)‪ (9‬الضروريات (ما ال حيتاج إىل الفكر) منها حسيات‪ ،‬و ُّ‬ ‫والصفراوي (هو من يغلب عليه الصفراء) قد جيد احللو مراً‪.‬‬ ‫تصوٍر َنو الكل أعظم من اجلزء)‪ ،‬وقد تقع فيها (بديهياات) اختّلفات‪ ،‬وتعرض شبهة‬ ‫)‪(7‬‬ ‫مبجرد ا‬ ‫ومنها (الضروريات) بديهياات (ما حيصل ا‬ ‫يفتقر يف حلها إىل أنظار دقيقة‪،‬‬ ‫)‪ (3‬والنظرياات (ما حيصل بالفكر) فرع الضروريات‪ ،‬ففسادها (الضرورياات) فسادها (النظرياات)‪ ،‬وهلذا كثر فيها (النظرياات) اختّلف‬ ‫العقّلء‪.‬‬ ‫(أج ِوبة أهل احلق ألدلاة السوفسطائية)‬ ‫قلنا (يف جواهبم)‪:‬‬ ‫)‪َ (9‬غلَ ُ ِ‬ ‫س يف البعض (يف بعض احملسوسات) ألسباب جزئية ال ينايف اجلزم (اليقني) بالبعض (احملسوسات الصحيحة) بانتفاء‬ ‫ط احل ِّ‬ ‫أسباب الغلط‪.‬‬ ‫واالختّلف يف البديهي لعدم األلف (والعادة) أو خلفاء يف التصور (وعدم االُل ِ‬ ‫مف واخلفاء يف التصور) ال ينايف البداهة‪.‬‬ ‫)‪(7‬‬ ‫)‪ (3‬وكثرة االختّلفات لفساد األنظار (أدلاة) ال تنايف حقيقة بعض النظريات ‪.‬‬ ‫(النتيجة)‬ ‫احلق أنه ال طريق (أي ال سبيل) للمناهرة معهم‪ ،‬خصوصاً الّلأدرية‪ ،‬ألهنم ال يعرتفون ٍ‬ ‫مبعلوم ليثبت به (املعلوم) جمهول‪،‬‬ ‫و ُّ‬ ‫يق (إىل املناهرة) تعذيبهم بالنار‪ ،‬ليعرتفوا أو حيرتقوا (ألن ال ميكن إلزامهم إال هبذا الطريق ال أناه جيوز إحراقهم شرعاً)‪.‬‬ ‫بل الطَّر ُ‬ ‫(التحقيق السم السوفسطائية)‬ ‫املموهة (الباطلة) والعلم املزخرف ( قد يسمى كل باطل يف صورة احلق‬ ‫وسوفسط (بضم السني وفتح الفاء لفظ يوناين) اسم للحكمة َ ا‬ ‫زخرفا) ‪ ،‬ألن سوفا معناه العلم واحلكمة‪ ،‬واسطا معناه الزخرف والغلط‪ ،‬ومنه (بعد تعريب اللفظ) اشتقت السفسطة‪ ،‬كما اشتقت‬ ‫الفلسفة من فيّلسوف‪ ،‬أي حمب احلكمة‪.‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪17‬‬

‫[ تعريف العلم وأسبابه ]‬ ‫(التعريف األول للعلم وهذا التعريف منقول عن اسإمام أيب منصور املاتريدي)‬ ‫((وأسـباب ِ‬ ‫ملن قامت هي (الصفة) به‪،‬‬ ‫العـ ْل ِـم)) وهو (أي العلم) ِص َفةٌ يتجلى (ينكشف) هبا‬ ‫َْ ُ‬ ‫املذكور (أي من شأنه ان يذكر) م‬ ‫ُ‬

‫أي يتضح ويظهر (تفسري ليتجلى) ما يذكر (تفسري للمذكور)‪.‬‬ ‫اعتراض مق ّدر‬

‫اعرتاض م اقدر على هذا التعريف حيث قال املصنف ’’يتجلى هبا املذكور‘‘‪ ،‬والذكر هو التل افظ فيلزم أن يكون املعلوم الذى مل يتلفظ خارجاً‬ ‫عن التعريف ألنه يف الذهن فقط ومل يذكر على ال ٍ‬ ‫لسان‪.‬‬

‫جواب و(إن املراد باملذكور ما) ميكن أن يعرب عنه موجوداً كان أو معدوماً‪ ،‬فيشمل (هذا التعريف األول) إدراك احلواس‬ ‫أما الباطنة فهم ال يـُثمبِتُوَهنا وسيأتى بياهنا) وإدراك العقل من (بيان سإدراك العقل) التصورات والتصديقات اليقينية وغري اليقينية (من الظن والتقليد‬ ‫واجلهل املركب‪ ،‬وذلك ألن التجلى هو الظهور املطلق سواء كان تاما أو ناقصا ومطابقا للواقع أو غري ٍ‬ ‫مطابق)‪.‬‬ ‫(التعريف الثاىن للعلم وهذا التعريف منقول من بعض األشاعرة)‬ ‫خبّلف قوهلم (إشارة إىل أن التعريف األول عام شامل جلميع أَناء العلوم خبّلف هذا التعريف ألنه خاص)‪ :‬صفة توجب متييزاً ال حيتمل النقيض‪،‬‬ ‫فإنَّه وإ من (وصلية) كان شامّلً سإدراك احلواس بناء على عدم التقييد باملعاين (يعىن قياد بعض األفاضل هذا التعريف باملعاىن وقال ’’العلم صفة‬ ‫(اخلمس الظاهرة‬

‫علم فتَـَرَك املتأخرون‬ ‫لكن ملا كان خمتار األشعرى أ ان إدراك احلواس ٌ‬ ‫توجب متييزاً بني املعاىن ال حيتمل النقيض‘‘ فعلى هذا خيرج عن تعريف العل ِم ادر ُاك احلواس و ا‬ ‫التصورات) ال نقائض هلا على ما زعموا (إشارةٌ إىل أ ان هذا‬ ‫شامل للتصورات) بناء على أهنا ( ا‬ ‫واملصناف قَـمي َد املعاىن)‪ ،‬وللتصورات (أي هذا التعريف ٌ‬

‫ال يشمل غري اليَ ِقينِيَّات من التصديقات‬

‫هو قول ضعيف)‪ ،‬لكنه‬ ‫النقيض) هذا (أي ُخ مذ هذا)‪.‬‬ ‫(التطبيق والتوافق بني التعريفني)‬ ‫األول) على االنكشاف التام الذي ال يشمل الظن‪َّ ،‬‬ ‫ألن العلم عندهم (األشاعرة)‬ ‫ولكن ينبغي أن حيمل التجلِّي (ىف التعريف ا‬ ‫مقابل للظن‪.‬‬ ‫(أي هذا التعريف)‬

‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫(فخرج الظن والتقليد واجلهل املركب الحتمال املتعلق معها‬

‫التعريف الثاىن هو املختار عند املصناف وأناه ينبغى تأويل التعريف األول حبيث يطابق الثاىن ىف عدم ِ‬ ‫ِ‬ ‫يسمى‬ ‫التصديق الغ ِري‬ ‫مشول‬ ‫ِّ‬ ‫اليقيىن ألناه ال ا‬ ‫ا‬ ‫علماً ىف إصطّلحنا‪.‬‬

‫((لل َخل ِْق))‪ :‬أي املخلوق‪ ،‬من امللك واسإنس واجلن‪ ،‬خبّلف علم اخلالق تعاىل‪ ،‬فإنه لذاته ال لسبب من األسباب‪.‬‬ ‫السلِيمةُ‪ ،‬وال َخبـر َّ ِ‬ ‫الع ْقل)) حبكم االستقراء (أي وجه ضبطه فيها‬ ‫((ثَالثَةٌ (أي للعلم‬ ‫الح َو ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫أسباب ثّلثة هى)‪َ :‬‬ ‫اس َّ َ َ َ ُ‬ ‫الصاد ُق‪َ ،‬و َ ُ‬

‫االستقراء)‪.‬‬ ‫(وجه حصر أسباب العلم ىف الثّلثة)‬ ‫سم ُع من خارج)‪ ،‬وإال‬ ‫ووجه الضبط (ىف الثّلثة)‪ :‬أن السبب إن كان من خارج (أي خارج املدرك) فاخلرب الصادق (فإناه ٌ‬ ‫صوت يُ َ‬ ‫السبب آلةً مغايرة للمدرك) فاحلواس‪ ،‬وإال (أي وإن مل يكن آلة مغايرة للمدرك)‬ ‫(أي و إن مل يكن خارجاً عنه)‪ :‬فإن كان آلة غري املدرك (أي إن كان‬ ‫ُ‬ ‫فالعقل‪.‬‬ ‫‪18‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫(اعرتاض على حصر األسباب ىف الثّلثة)‬ ‫مهم‬ ‫تمهيد ّ‬

‫حاصل اسإعرتاض أناه إن ُّ‬ ‫غري‪ ،‬وإن أردمت ’’السبب الظاهرى‘‘ فهو العقل فقط‪ ،‬وإن أردمت‬ ‫أردمت بالسبب ’’السبب املؤثر‘‘ فهو اللاه تعاىل‪ ،‬ال َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫باطل‪ ،‬أل ان هناك أسباب أُخرى مثم ُل الوجدان واحلدس والتجربة وغري ذلك‪.‬‬ ‫الثّلثة‬ ‫يف‬ ‫فاحلصر‬ ‫‘‘‬ ‫املفضي‬ ‫السبب‬ ‫’’‬ ‫ٌ‬

‫كلها هو اهلل تعاىل (فقط)‪ ،‬ألهنا‬ ‫املؤثر (‬ ‫السبب‬ ‫هناكان)‪:‬‬ ‫الصحيح أل‬ ‫اعتراض فإن قيل (حصر ِاألسباب ىف الثّلثة غري‬ ‫أي واحلدسا‬ ‫العلومذالك‪.‬‬ ‫يفربة وغري‬ ‫احلقيقى)والتج‬ ‫الوجدان‬ ‫ُخرى ِمثم ُل‬ ‫باطل أل ان‬ ‫أسباب أ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫املفضى‘ فااحلصر ىف الثّلثة ُ ٌ‬ ‫(العلوم) خبلقه (تعاىل) وإجياده من غري تأثري للحاسة واخلرب الصادق والعقل‪ ،‬و(إن أُر َيد بالسبب) السبب الظاهري كالنار لإلحراق‬ ‫(فـ ـ)هو العقل (فقط) ال غري‪ ،‬وإمنا احلواس واألخبار آالت (متعلا ٌق باحلواس) وطرق (متعلا ٌق باألخبار) يف اسإدراك‪.‬‬ ‫يد بالسبب) السبب املفضي (أي امل ِ‬ ‫خيلق اهلل فينا العلم معه (أي مع السبب املفضى) بطريق جري‬ ‫و(إن أُر َ‬ ‫وصل) يف اجلملة بأن َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫املدرك) كالعقل واآللة كاحلس والطريق كاخلرب (ف ـ)ال ينحصر يف الثّلثة‪،‬‬ ‫يشتمل َ‬ ‫العادة ليشمل املدرك (متعلا ٌق بعبارة املق ادرة أي يُر ُاد املفضى ل َ‬ ‫ِ‬ ‫وجب سرعة‬ ‫الغم والفرح والعطش واجلوع) واحلدس ( اقوة تُ ُ‬ ‫كاهلم و ا‬ ‫بل ههنا أشياء أخرى‪ ،‬مثل الوجدان (بالكسر اقوةٌ يُدرك هبا املعاىن القائمة ببدن املدرك ا‬ ‫بالسم) ونظر العقل مبعىن ترتيب‬ ‫انتقال الذهن إىل املطلوب العلمى من غري احتياج إىل التفكار) والتجربة (هى تكرار مشاهدة املسباب عن أسبابه كاملوت ا‬ ‫املبادي واملقدمات (فعطف املق ادمات على املبادى من عطف اخلاص على العام)‪.‬‬ ‫جواب قلنا‪ :‬هذا (أي احلصر ىف الثّلثة) على عادة املش ايخ يف االقتصار على املقاصد‪ ،‬واسإعراض عن تدقيقات الفّلسفة‬ ‫(حاصله أ ان املراد بالسبب هو ما يُفضى ىف اجلملة وإن كانت أكثر من ثّلثة حبسب التدقيق لكن املشائخ حصروها ىف ثّلثة تقريباً إىل الضبط)‪ ،‬فإهنم مل ا َو َج ُدوا‬ ‫بعض اسإدراكات حاصلة عقيب (أي بعد) استعمال احلواس الظاهرة اليت ال شك فيها (أي ىف وجودها خبّلف احلواس الباطنة فإ ان وجودها‬ ‫أحد األسباب‪ .‬وملا كان معظم (أي‬ ‫ٌ‬ ‫اس الظاهرةُ) من ذوي العقول أو غريهم‪( ،‬ف ـ)جعلوا احلو َّ‬ ‫اس َ‬ ‫مشكوك عندهم)‪ ،‬سواء كانت (احلو ُ‬ ‫الص ِاد ِق جعلوا مسبباً آخر‪.‬‬ ‫أكثر) املعلومات الدينية مستفاداً من اخلرب َّ‬ ‫ِ‬ ‫س امل مش َرتك‬ ‫وملا مل يثبت عندهم (أي عند املشائخ وهذا متهيد وتوطئة لبيان جعل العقل سبباً ثالثاً) احلواس الباطنة املسماة باحل ِّ‬ ‫املتصرفة واحلافظة) ومل يتعلق هلم غرض بتفاصيل احلدسيات والتجريبات والبديهيات والنظريات (أل ان‬ ‫الومهم وغري ذلك (من ا‬ ‫واخليال و َ‬ ‫مرجع ال ُك ِّل إىل العقل جعلوه سبباً ثالثاً (جزاءُ ملا مل يثبت) يفضي (يُوصل) إىل العلم مبجرد التفات‬ ‫تفصيلَها من عادة الفّلسفة)‪ ،‬وكان ُ‬ ‫توجه وهذا ىف البديهى) أو انضمام حدس (أي سرعة االنتقال إىل الفهم واالتستنتاج) أو ّتربة أو ترتيب مقدمات (فهذا ىف النظرى)‪ ،‬فجعلوا‬ ‫(أي ا‬ ‫البديهى) وأن نور القمر مستفاد من نور‬ ‫السبب يف العلم بأن لنا جوعاً وعطشاً (مثال الوجداىنا) وأن الكل أعظم من اجلزء (مثال‬ ‫ا‬ ‫النظرى)‪ ،‬هو العقل (بالنصب مفعول ثان لقوله‬ ‫التجرىب) وأن العامل حادث (مثال‬ ‫الشمس (مثال احلدس) وأن السقمونيا مسهل (مثال‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫’’جعلوه‘‘ وضمري الفصل للحصر)‪ ،‬وإن (وصلية) كان (العقل سبباً) يف البعض باستعانة احلس (كالسامعة والباصرة)‪.‬‬ ‫(احلواس السليمة مخسة عند املتكلامني)‬ ‫اس)) مجع حاسة‪ ،‬مبعىن القوة احلساسة‬ ‫((فالح َـو ُّ‬ ‫َ‬ ‫ـس (السمع والبصر والشم والذوق واللمس)))‪ ،‬مبعىن أن العقل حاكم بالضرورة بوجودها‬ ‫((خ ْـم ٌ‬

‫القوةُ فيها)‬ ‫للقوة كاألذن والعني بل أُر َ‬ ‫يد هبا ا‬ ‫(أي ليس املراد باحلاسة العضو احلامل ا‬

‫سوال مق ّدر‬ ‫جواب‬

‫(يعىن بالبداهية بّل نظ ٍر‬

‫وفك ٍر)‪.‬‬

‫ملاذا أنتم تُـبَـيِّـنُـ مو َن احلواس الظاهرة فقط وال احلواس الباطنة اللىت ثابتةٌ عند الفّلسفة؟‬

‫اس الباطنة اليت يُثبِتها الفّلسفة فّل يتم دالئلها (احلواس الباطنة) على األصول اسإسّلمية‪.‬‬ ‫وأما احلو ُّ‬

‫الصماخ ِني)‪،‬‬ ‫حاسة) قوة مودعة (موضوعة) يف العصب املفروش يف مقعر الصماخ (أي على سطح باطن‬ ‫)‪(( (9‬ا َّ‬ ‫َ‬ ‫ع))‪ ،‬وهي (أي ا‬ ‫لس ْم ُ‬ ‫يدرك هبا األصوات بطريق وصول اهلواء املتكيف (أي املتاصف) بكيفية الصوت إىل الصماخ‪ ،‬مبعىن أن اهلل تعاىل خيلق اسإدراك يف‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪19‬‬

‫النفس عند ذلك (أي عند وصول اهلواء)‪.‬‬ ‫ص ُـر))‪ ،‬وهي قوة مودعة يف العصبتني (منشأمها مق ادم الدماغ) اجملوفتني (اسم مفعول من التجويف) اللتني تتّلقيان يف‬ ‫)‪(( (7‬والبَ َ‬ ‫الدماغ مث تفرتقان فتتأديان إىل العينني‪ ،‬يدرك هبا األضواء واأللوان أو األشكال واملقادير واحلركات واحلسن والقبح وغري ذلك‬ ‫مما خيلق اهلل تعاىل إدراكها (األشياء) يف النفس عند استعمال العبد تلك القوة‪.‬‬ ‫(الرسم التخطيطي للبصر)‬ ‫فائدة‬

‫دماغ‬ ‫ملتقى‬

‫عين‬

‫عين‬

‫َّ‬ ‫((والش ُّـم))‪ ،‬وهي قوة مودعةٌ يف الزائدتني النابتني من مقدم الدماغ الشبهتني حبلميت الثدي‪ ،‬يدرك هبا الروائح بطريق‬ ‫)‪(3‬‬ ‫وصول اهلواء املتكيف (أي املتا ِصف) بكيفية ذي الرائحة إىل اخليشوم‪.‬‬

‫((والذوق))‪ ،‬وهي قوة منبثةٌ (اسم فاعل من االنبثات أي م ِ‬ ‫نتشرة) يف العصب املفروش على جرم اللسان‬ ‫)‪(4‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الرطُوبة اللُّعابِيَّة الىت يف الفم باملطعوم ووصوهلا (الرطوبة) إىل العصب‪.‬‬ ‫يُ َ‬ ‫درك هبا الطعوم مبخالطة ُ‬ ‫ـس))‪ ،‬وهي قوة ُمنبثةٌ (أي ُمنتشرة) يف مجيع البدن يدرك هبا احلرارة والربودة والرطوبة واليبوسة وَنو ذلك عند‬ ‫)‪(( (1‬واللَّ ْم ُّ‬ ‫التماس واالتصال به (أي بالبدن)‪.‬‬ ‫ضع ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫((وب ُكل َح َّ‬ ‫اس ٍة ِمن َـها))‪ ،‬أي احلواس اخلمس ((يُـوقَ ُ‬ ‫ف)) أي يطلع َ‬ ‫ت ه َـي)) أي تلك احلاسة ((لَهُ‬ ‫((علَى َما ُو َ‬ ‫(والضمري اجملرور إىل كلمة ما)))‪ .‬يعين أن اهلل تعاىل قد َخلَ َق ُكّلا من تلك احلواس سإدراك أشياء خمصوصة‪ ،‬كالسمع ل صوات‬ ‫والذوق للمطعوم والشم للروائح‪ ،‬ال يدرك هبا (أي حباسة ِّمنها) ما يدرك باحلاسة األخرى‪ .‬وأما أنه هل جيوز (أي ميكن) أو ميتنع (أي‬ ‫ال ميكن) ذلك (أي إدر ُاك شيُ باحلاسة غري موضوعة له‪ ،‬مثّلً هل جيوز أن يدرك السمع حباسة البصر؟)؟‬ ‫احلق اجلَواز‪ ،‬ملا أن ذلك (أي اسإدراك‬ ‫ففيه خّلف بني العلماء (أي بني أهل السناة القائلني باجلواز والفّلسفة القائلني باالمتناع)‪ ،‬و ُّ َ‬ ‫ِ‬ ‫مبحض خلق اهلل من غري تأثري للحواس‪ ،‬فّل ميتنع (أي ميكن عند العقل والنقل) أن خيلق اهلل عقيب صرف الباصرة إدراك‬ ‫باحلا اسة)‬ ‫األصوات مثّلً‪.‬‬ ‫درُك هبا حّلوة الشيء وحرارته معاً ؟‬ ‫سوال فإن قيل‪ :‬أليست الذائقة تُ َ‬ ‫جواب قلنا‪ :‬ال‪ ،‬بل احلّلوة تدرك بالذوق واحلرارة باللمس املوجود يف الفم واللسان‪.‬‬ ‫(أي على هاهر اجللد)‬

‫(النوع الثاين من أسباب العلم هو اخلرب الصادق)‬ ‫((وال َخبـر َّ ِ‬ ‫كّلم يكون لنسبته (الكّلم) خارج تطابقه تلك‬ ‫اخلرب ٌ‬ ‫َُ‬ ‫الصــاد ُق)) أي املطابق للواقع (أي للخارج) ‪ ،‬فإن َ‬ ‫ني أو ِسلبِيَّـ م ِ‬ ‫النسبة (أي تطابق النسبةُ ذلك اخلارج بأن يكونا ثبوتَ ِ‬ ‫ني) فيكون (الكّلم) صادقاً‪ ،‬أو ال تطابقه (أي ال تطابق تلك النسبةُ ذالك اخلارج)‬ ‫‪11‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫فيكون (الكّلم) كاذباً‪ ،‬فالصدق والكذب على هذا (أي التفصيل املذكور) من أوصاف اخلرب‪ ،‬وقد يقاالن‬ ‫مبعىن اسإخبار عن الشيء على ما هو (الشُ) به (الضمري إىل املوصول أي اسإخبار عن الشُ على ٍ‬ ‫وجه يكون هذا الشُ هبذا الوجه)‪ ،‬وال على ما‬ ‫هو به (أي اسإخبار عن الشُ ال على ٍ‬ ‫وجه الذى يكون الشُ هبذا الوجه)‪ ،‬أي اسإعّلم (تفسري لإلخبار) بنسبة تامة تطابق الواقع أو ال تطابقه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫أوصاف اخلرب ومن أوصاف املخرب) يقع‬ ‫يصح أن يكون الصدق والكذب من‬ ‫فيكونان (الصدق والكذب) من صفات املخرب فمن ههنا (أي ألجل أناه ُّ‬ ‫يف بعض الكتب ’اخلرب الصادق‘ بالوصف‪ ،‬ويف بعضها ’خرب الصادق‘ باسإضافة‪.‬‬ ‫(اخلرب الصادق على نوعني‪ -9 :‬اخلرب املتواتر ‪ -7‬خرب الرسول)‬ ‫آن و ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫خـبـر المتواتِر)) مسِّي بذلك (أي باملتواتر) ملا أنه ال يقع دفعة (أي ىف ٍ‬ ‫وساعة واحدةٍ)‪ ،‬بل‬ ‫احد‬ ‫َح ِد ِه َما ال َ َ ُ ُ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫((عـلَى نَـ ْو َعي ِن‪ :‬أ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ت على أَل ِ‬ ‫ْسنَ ِة قَـ ْوم (أي‬ ‫هو ال َخـبَـ ُر الث ـَّابِ ُ‬ ‫على التعاقب (هو أن َ‬ ‫((و َ‬ ‫جييُ بعض عقب بعض) والتوايل (مشتق من الوالء وهو القرب ومعناه التتابع)‪َ .‬‬ ‫((عـلَى ال َك ِذ ِ‬ ‫ب))‪ ،‬ومصداقه (أي دليل كون اخلرب متواتراً هو) وقوع‬ ‫عدد بّل حصر) ال يُ َّ‬ ‫ؤهم))‪ ،‬أي ال جيوز العقل توافقهم َ‬ ‫تصوُر تَـواطُ ُ‬ ‫العلم من غري شبهة‪.‬‬ ‫(حكم خرب املتواتر)‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّـروِري (أي العلم احلاصل عقيب اخلرب املتواتر علم بديهى ال‬ ‫((موج ٌ‬ ‫هو)) (أي اخلرب املتواتر) بالضرورة (أي بالبداهية) ُ‬ ‫((و َ‬ ‫َ‬ ‫ب للعل ِْم الض ُ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اضي ِة والبل َد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان النَّائِيَ ِة (أي البعيدة))) حيتمل العطف (أي عطف‬ ‫الم َ ُ‬ ‫بالملُوك ال َخاليَة (أي املاضية) في األ ْزمنَة َ‬ ‫حيتاج إىل الدليل) كالعل ِْم ُ‬ ‫البلدان) على امللوك وعلى األزمنة‪ ،‬واألول (أي العطف على امللوك) أقرب (من حيث املعىن) وإن (وصلية) كان أبعد (من حيث اللفظ)‪.‬‬ ‫شرح الكّلم) أمران (أي حكمان)‪:‬‬ ‫فههنا (أي ىف ِ‬ ‫ِ‬ ‫جند من أنفسنا العلم (أي العلم‬ ‫ب للعلم‪ ،‬وذلك (أي إجياب التواتر للعلم) بالضرورة (بالبداهة)‪ ،‬فإنَّا ُ‬ ‫أحدمها‪ :‬أن املتواتر موج ٌ‬ ‫الضرورى) بوجود مكة وبغداد‪ ،‬وأنه (أي هذا العلم) ليس إال باسإخبار‪.‬‬ ‫ضروري (ال نظرى وال استدالىل)‪ ،‬وذلك (أي كونه ضروريا ثابت) ألنه حيصل للمستدل‬ ‫والثاين‪ :‬أن العلم احلاصل به (أي بالتواتر)‬ ‫ٌّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وغريه حىت الصبيان الذين ال اهتداء هلم إىل العلم بطريق االكتساب وترتيب املقدمات‪.‬‬ ‫(أي يطل َق ِ‬ ‫ان الصدق والكذب)‬ ‫ُ‬

‫اعتراض مق ّدر إناا ال نسلام أن اخلرب املتواتر يُفيد العلم القطعى اليقيىن‪ ،‬وذلك أل ان اليهود والنصارى أمتان عظيمتان طبقوا مشارق األرض ومغارهبا وكل امن اليهود‬ ‫ُخيرب بتأبيد دي ِن موسى عليه السّلم وكل من النصارى ُخيرب ِ‬ ‫يستحيل تواطئُهم على الكذب‪.‬‬ ‫بقتل عيسى عليه السّلم وهم عدد‬ ‫ُ‬

‫جواب وأما خربُ النصارى بقتل عيسى عليه السّلم واليهود بتأبيد دين موسى عليه السّلم‪ ،‬فتواتره ممنوعٌ‬ ‫حد املتواتر أصّلً وخرب اليهود قد انقطع ىف زم ِن خبت نصر)‪.‬‬ ‫املخربين بقتله إىل ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫وض ُّم الظَّ ِّن إىل الظَّ ِّن ال يوجب اليقني‪ ،‬وأيضاً (معارضة أُخرى) جو ُاز‬ ‫اعتراض فإن قيل‪ :‬خربُ ِّ‬ ‫كل واحد ال يفيد إال الظن‪َ ،‬‬ ‫ب كل و ٍ‬ ‫ِ‬ ‫يوجب جو َاز كذب اجملموع‪ ،‬ألنه (اجملموع) نفس اآلحاد‪.‬‬ ‫احد‬ ‫َكذ ِ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫جواب قلنا‪ :‬رمبا يكون مع االجتماع ما ال يكون مع االنفر َّ ِ‬ ‫كل َشع ٍر)‪.‬‬ ‫اد‪،‬كقوة احلبل املؤلف من الشعرات (مع ضعف ِّ‬ ‫اعتراض فإن قيل‪ :‬الضروريات ال يقع فيها التفاوت (بأن يكو َن بعضها أخفى أل ان اخلفاء يناىف البديهية) وال االختّلف (أي ال يقع اختّلف‬ ‫العقّلء ىف ِ‬ ‫إثبات احلكم الضرورى ونفيه)‪ ،‬وَنن (أي واحلال أناا) جند العلم بكون الواحد نصف االثنني أقوى من العلم بوجود إسكندر‬ ‫كالسمنية (قوم من قدماء عبدة األصنام يُنسبون إىل‬ ‫(فثبتت التفاوت)‪ ،‬واملتواتر قد أنكر إفادته العلم مجاعة من العقّلء (فثبت االختّلف)‪ُّ ،‬‬ ‫(أي مل يبلغ عدد‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪10‬‬

‫’’سومات‘‘ بلدة ىف اهلند) والربامهة (قوم من رؤساء كفار اهلند منسوبون إىل ر ٍ‬ ‫برمهن‘‘)‪.‬‬ ‫ئيس هلم يقال له ’’ َ‬

‫جواب قلنا‪ :‬هذا (أي عدم التفاوت واالختّلف) ممنوع (أي ُميكِن التفاوت واالختّلف ٍ‬ ‫بوجه من الوجوه)‪ ،‬بل قد تتفاوت أنواع‬ ‫ُ‬ ‫الضروري بواسطة التفاوت يف األ لف والعادة واملمارسة واسإخطار بالبال وتصورات أطراف األحكام‪ ،‬وقد خيتلف فيه مكابرة‬ ‫حق طلباً للعلو والكرب) وعناداً (هو إنكار حق اخلصم للعداوة)كالسوفسطائية (أي كاختّلفهم) يف مجيع الضروريات‪.‬‬ ‫(هى املنازعة بّل ٍّ‬ ‫(والنوع الثاىن من اخلرب الصادق هو خرب الرسول)‬ ‫والنوع الثاين (هو)‪ :‬خرب الرسول املؤيد أي الثابت رسالته (باملعجزة)‪.‬‬ ‫(تعريف الرسول)‬ ‫والرسول (هو) إنسان بعثه اهلل تعاىل إىل اخللق لتبليغ األحكام‪ ،‬وقد يشرتط فيه (أي ىف الرسول) الكتاب‪ ،‬خبّلف النيب‬ ‫فإنه أعم‪.‬‬ ‫(أي أقسام)‬

‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫قول املصناف ’’وقد يُشرتط فيه‪ ‘‘...‬إشارة إىل القول املختار عند املصناف هو عدم االشرتاط وأشار إىل ضعفه ملا ورد ىف احلديث زيادة عدد‬ ‫ُ‬ ‫الرسول على عدد الكتاب بأن الرسول ثّلث مائة وثّلث عشر وال ُكتُب مائة وأربعة (حاشية شرح العائد)‬

‫(تعريف املعجزة)‬ ‫ص َد (أي أُِر َيد) به إههار ِ‬ ‫خارق (أي خمالف) للعادةِ قُ ِ‬ ‫صدق من َّادعى أنه رسول اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫أمر (أي شُ) ٌ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫واملعجزةُ ٌ‬ ‫(حكم خرب الرسول)‬ ‫((وهو)) أي خرب الرسول ((يوجب العلم االستداللي)) أي احلاصل باالستدالل‪ ،‬أي النظر يف الدليل‪.‬‬ ‫األول للدليل)‬ ‫(تعريف ا‬ ‫وهو (أي الدليل ىف مصطلح األُصوليني) الذي ميكن التوصل (أي الوصول) بصحيح النظر فيه (أي بالنظر الصحيح وهذا إضافة الصفة‬ ‫إىل املوصوف) إىل العلم مبطلوب خربي‪.‬‬ ‫(تعريف الثاىن للدليل)‬ ‫وقيل (ىف إصطّلح املنطقيني الدليل هو)‪ :‬قول مؤلف من قضايا يستلزم (ذالك املؤلف) لذاته قوالً آخر‪.‬‬ ‫(مثالَني لتعرفَـ م ِ‬ ‫ني املذكوريَ ِن)‬ ‫فعلى (التعريف) األول (يقال مثّلً) الدليل على وجود الصانع هو العامل‪ ،‬وعلى (التعريف) الثاين (مثّلً)‪ :‬قولنا‪ :‬العامل حادث‪،‬‬ ‫وكل حادث له صانع‪.‬‬ ‫(تعريف الثالث للدليل)‬ ‫لزم من العِل ِم به العِلم بشيء آخر‪ ،‬فبالثاين أوفق (أي هذا التعريف الثالث‬ ‫وأما قوهلم (أي قول املنطقيني)‪ :‬الدليل هو الذي يَ ُ‬ ‫ُ‬

‫أشبه بالتعريف الثاىن)‪.‬‬

‫(وجه كون خرب الرسول موجباً للعلم اليقيين)‬ ‫مفيدا للعلم‬ ‫اليقيىن) فللقطع بأن من أههر اهلل املعجزة على يده (أي من جانبه) تصديقاً‬ ‫أما كونه (أي خرب الرسول) موجباً للعلم ( ً‬ ‫ا‬ ‫له يف دعوى الرسالة‪ ،‬كان صادقاً (جزاء َمن) فيما أتى به من األحكام (الشرعياة)‪ ،‬وإذا كان صادقاً يقع العلم (أي اليقني) مبضموهنا‬ ‫(أي مبضمون األحكام) قطعاً (فّل يبقى الشك ىف رسالتِه)‪.‬‬ ‫‪11‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫(وجه كون خرب الرسول موجباً للعلم االستداليل)‬ ‫وأما كونه (أي العلم احلاصل خبرب الرسول) استداليل فلتوقفه (أي بسبب توقا ِف العلم) على االستدالل واستحضار أنه خرب من‬ ‫ثبتت رسالته باملعجزات (هذا صغرى القياس)‪ ،‬وكل خرب هذا شأنه (هذا كربى القياس) فهو صادق ومضمونه (أي مضمون هذا اخلرب) واقع‬ ‫(هذا نتيجة القياس)‪.‬‬

‫(العلم الثابت خبرب الرسول يشابه العلم الثابت بالضرورة)‬ ‫((والعلم الثابت به)) أي خبرب الرسول ((يضاهي)) أي يشابه ((العلم الثابت بالضرورة)) كاحملسوسات‬

‫والبديهيات واملتواترات ((في التيقن)) أي عدم احتمال النقيض ((والثبات)) أي عدم احتمال الزوال بتشكيك املشكك‬ ‫الذى يورد الشبهة الباطلة لدفع احلق)‪ ،‬فهو (أي العلم احلاصل خبرب الرسول) علم مبعىن االعتقاد املطابق اجلازم الثابت‪ ،‬وإال (أي وإن مل يتحقق‬ ‫األوصاف الثّلثة) لكان جهّلً (إن مل يطابق) أو هناً (إن مل جيزم) أو تقليداً (إن مل يثبت فحينئذ ال يكون مشاهبا للضرورى يف التيقن والثبات)‪.‬‬ ‫اعتراض فإن قيل‪ :‬هذا (أي إفادة خرب الرسول العلم اليقيىن) إمنا يكون (ذلك اليقني) يف املتواتر فقط (وأما إذا كان حديث منقوالً باآلحاد فّل‬ ‫يفيد إال الظن كما تقرر يف أصول الفقه)‪ ،‬فريجع (خرب الرسول) إىل القسم األول (أي املتواتر فّل يكن قسماً ثانيا مقابّلً للمتوتر)‪.‬‬ ‫جواب قلنا‪َ( :‬نن مننع حصر العلم اليقني يف التواتر فقط‪ ،‬بل نقول)‪ :‬الكّلم (أي قولنا خرب الرسول يفيد اليقني) فيما علم أنه خرب الرسول بأن‬ ‫مسع من فيه (بكسر الفاء أي الفم) أو تواتر عنه ذلك (اخلرب) أو بغري ذلك (كإلهلام) إن أمكن‪.‬‬ ‫(هو‬

‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫وحاصل اجلواب أن املراد خبرب الرسول هو اخلرب الذى ثبت أن خرب الرسول وليس هذا الثبوت منحصراً يف التواتر يف نفس األمر ألن الصحابة‬ ‫رضى اللاه عنهم كانوا يسمعون منه فيحصل هلم العلم اليقيىن بأنه خرب الرسول بّل تواتر وألنه ميكن أن خيلق اللاه سبحانه يف بعض األشخاص‬

‫طريقاً آخر للعلم بذالك من غري مشاهدة وال تواتر كاسإهلام الصحيح واملنام الصاحل وإدراك بّلغة ألفاٌ النىب صلى اللاه عليه وسلم وأسلوب كّلمه كما روى عن كثري‬ ‫من أئمة احلديث أهنم كانوا مييزون احلديث الصحيح عن السقيم كما يعرف أحدنا الشعر البليغ عن غريه باملذاق‪ .‬وهذا العلم وإن مل يكن حجة للغري لكناه قد يكون‬ ‫يقيناً عند صاحبه (النرباس)‬

‫سوال مق ّدر‬

‫لو قال قائل اَن خرب الرسول مما يوجب العلم اليقني فيجب أن يكون خرب الواحد موجباً لليقني أيضاً مع أنه ليس كذالك!‬

‫جواب وأما خرب الواحد (املنقول عن النيب صلى اللاه عليه وسلم باآلحاد) فإمنا مل يفد العلم لعروض الشبهة‬ ‫عليه وسلم إلينا) يف كونه خرب الرسول (وإال فّل شك يف نفس اخلرب أنه يقيين)‪.‬‬ ‫اعتراض فإن قيل‪ :‬فإذا كان (خرب الرسول) متواتراً أو مسموعاً من يف رسول اهلل عليه السّلم كان العلم احلاصل به ضرورياً (لثبوته‬ ‫ستدالىل)‪.‬‬ ‫بالتواتر أو املشاهدة) كما هو حكم سائر املتواترات واحلسيات‪ ،‬ال استدالليا (فّل يصح قول املصنف يوجب العلم اال‬ ‫ا‬ ‫(يف طريق وصله من النيب صلى الاله‬

‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫حاصل اجلواب اآلتى أن ههنا شيئني‪ ،‬األول‪ :‬العلم بكونه خرب الرسول‪ ،‬والثاين‪ :‬العلم بصحة مضمونه‪ .‬فالضرورى هو األول‪ ،‬واالستداليل هو‬ ‫أمت وأحكم‪.‬‬ ‫الثاين والكّلم يف الثاين ال يف األول! واللاه تعاىل أعلم وعلمه ا‬

‫جواب قلنا‪ :‬العلم الضروري يف املتواتر عن الرسول هو العلم بكونه خرب الرسول عليه الصّلة والسّلم‪ ،‬ألن هذا املعىن‬ ‫كونه خرب الرسول) هو الذي تواتر األخبار به‪ ،‬و(العلم الضرورى) يف املسموع من يف رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم هو إدراك‬ ‫حباسة السمع) وكوهنا (أي تلك األلفاٌ) كّلم رسول اهلل‪.‬‬ ‫األلفاٌ ( ا‬ ‫االستداليل هو العلم مبضمونه (أي مبضمون ذالك اخلرب) وثبوت مدلوله (فالواقع واملقصود بالبحث هو هذا العلم ال األول)‪ ،‬مثّلً قوله‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫(أي‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪11‬‬

‫عليه الصّلة والسّلم‪’’ :‬البينة على المدعي واليمين على من أنكر‘‘‪ 9‬علم بالتواتر أنه خرب الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪،‬‬ ‫وهو (أي العلم بأن هذا احلديث خرب الرسول) ضروري‪ ،‬مث علم منه (أي من كونه خرب الرسول) أنه جيب أن تكون البينة على املدعي وهو‬ ‫حق)‪.‬‬ ‫حق فهذا مضمونه ٌّ‬ ‫كل ما هو خرب الرسول فمضمونه ٌّ‬ ‫استداليل (بأن يقال هو خرب الرسول و ا‬ ‫ا‬ ‫خرب اهلل‬ ‫اخلرب‬ ‫ُ‬ ‫اعتراض فإن قيل‪ :‬اخلرب الصادق املفيد للعلم ال ينحصر يف النوعني (أي املتواتر وخرب الرسول)‪ ،‬بل قد يكون ( ُ‬ ‫الصادق) َ‬ ‫يل‬ ‫تعاىل (فإ ان ما اخرب اللاهُ به موسى عليه السّلم ونبيَّنا ً‬ ‫حممدا صلى اللاه عليه وسلم ليلة املعراج قد َ‬ ‫أفاد هلما ُ‬ ‫خرب امللك (ألن ما أخرب به جرب ُ‬ ‫العلم القطعى) أو َ‬ ‫فيد اليقني) أو خرب أهل اسإمجاع (هو اتفاق اجملتهدين من أمة النيب صلى اللاه عليه وسلم على حك ٍم وقد ثبت بالقرآن و ِ‬ ‫احلديث‬ ‫عليه السّلم األنبياءَ كان يُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫حق) أو اخلرب املقرون مبا يرفع احتمال الكذب (أي خرب الواحد الذي كان معه قرائن عقلياة دالاة على صدقه) كاخلرب‬ ‫املتواتر أ ان ما أمجعوا عليه فهو ٌّ‬ ‫بقدوم زيد عند تسارع قومه إىل داره (استقباالً له)‪.‬‬ ‫الجواب األول قلنا‪ :‬املراد باخلرب (الصادق الذي قُ ِّسم على نوعني) خرب يكون سبب العلم لعامة اخللق (فخرج خرب اللا ِه وخرب امللَ ِ‬ ‫ك ألنه سبب‬ ‫َ‬ ‫العل ِم ل نبياء فقط) مبجرد كونه خرباً مع قطع النظر عن القرائن املفيدة لليقني بداللة العقل (فخرج اخلرب املقرون كاخلرب بقدوم ز ٍ‬ ‫يد أل ان العاقل‬ ‫يستدل بالقرينة على صدقه وال حيصل العلم بصدقه بكونه خرباً)‪ ،‬فخرب اهلل تعاىل أو خرب امللَك إمنا يكون مفيداً للعلم بالنسبة إىل عامة اخللق‬ ‫ا‬ ‫العامة ال يسمعون كّلم اللاه وامللَك)‪ ،‬فحكمه حكم خرب الرسول (فّل يكون قسماً آخر)‬ ‫إذا وصل إليهم من جهة الرسول عليه السّلم (إذ ا‬ ‫وخرب أهل اسإمجاع يف حكم املتواتر‪.‬‬ ‫خربا)‪ ،‬بل بالنظر اىل األدلة‬ ‫مبجرد كونه ً‬ ‫الجواب الثاني وقد جياب (عن النقض خبرب اسإمجاع)‪ :‬بأنه (خرب أهل اسإمجاع) ال يفيد مبجرده (أي ا‬ ‫الدالاة على كون اسإمجاع حجة‪.‬‬ ‫حاصل اجلواب الثاىن أن خربهم أى خرب أهل اسإمجاع غري داخل ىف امل مق َس ِم (أى اخلرب الصادق هذا هو املقسم) إذا املقسم هو اخلرب الذى يُفيد‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬ ‫ِ‬ ‫ولكن املصنف مل يرض‬ ‫يضر احلصر خلروجه عن املقسم ا‬ ‫مبجرد كونه خرباً مع قطع النظر عن االستدالل ُ‬ ‫وخرب أهل اسإمجاع ليس كذالك فّل ا‬ ‫العلم ا‬ ‫َ‬ ‫هبذا اجلواب الثاىن والغرض من إيراده لكى يَـُراد عليه‪.‬‬

‫( ارد املصناف على اجلواب الثاىن)‬ ‫قلنا‪ :‬وكذلك خرب الرسول‪ ،‬وهلذا جعل استداللياً (أي خرب الرسول ايضاً ال يفيد العلم مبجرد كونه خرباً بل ال بد من االستدالل بأناه خرب‬

‫صح جوابكم أي اجلواب الثاىن فلزم ان خيرج خرب الرسول عن املقسم أي عن اخلرب الصادق وهو‬ ‫صاحب املعجزة ولذا قال املصنف هو يفيد العلم االستدالىل فلو ا‬ ‫باطل إمجاعا)‪.‬‬

‫(النوع الثالث من أسباب العلم هو العقل)‬

‫((وأما العقل)) وهو قوة للنفس‪ ،‬هبا (أي بتلك القوة) تستعد (النفس) للعلوم واسإدراكات‪ ،‬وهو املعىن بقوهلم‬ ‫مثل إمام فخرالدين الرازى‪ :‬العقل هو)‪ :‬غريزة (أي القوة) يتبعها (أي يلزمها) العلم بالضروريات عند سّلمة اآلالت‪.‬‬ ‫(التعريف الثاىن للعقل)‬ ‫وقيل (العقل هو)‪ :‬جوهر يدرك به الغائبات بالوسائط (أي بواسطة ترتيب املقدمات) واحملسوسات (تدرك‬ ‫باملشاهدة‪.‬‬

‫(أي بعض العّلم‬

‫به احملسوسات)‬

‫‪ 9‬قال السيوطي‪ :‬حديث ‪ (( :‬البينة على امل ادعي واليمني على من أنكر ))‪ .‬أخرجه هبذا اللفظ الشافعي ىف األم من حديث ابن عباس بسند صحيح ‪ ،‬وأخرجه‬

‫الرتمذي ‪ ،‬والدارقطين من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بسند ضعيف ‪ ،‬وأصله ىف الصحيحني بلفظ ‪ (( :‬اليمني على املدَّعَى عليه ))‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫(حكم للعقل)‬ ‫((فهو سبب للعلم أيضاً (كاحلواس واخلرب الصادق))) صرح بذلك (أي بكونه سبباً مع أنه معلوم مما سبق) ملا فيه (أي يف العقل) من‬ ‫خّلف املّلحدة والسمنية يف مجيع النظريات و(من خّلف) بعض الفّلسفة يف اسإهليات‪ ،‬بناء على كثرة االختّلف وتناقض‬ ‫اآلراء (أي هم قالوا لو كان العقل سبباً للعلم لَ َما وقع فيه اختّلف العقّلء وتناقض اآلراء لكن اختلف العقّلء فيه وتناقض اآلراء كثرياً‪ .‬فأجاب الشارح بقوله‪:‬‬

‫’’واجلواب‪.)‘‘...‬‬

‫واجلواب (من جانب اجلمهور) ‪ :‬أن ذلك (أي كثرة االختّلف والتناقض الآلراء) لفساد النظر (أي بسبب فساد بعض النظر)‪ ،‬فّل ينايف‬ ‫كون النظر الصحيح من العقل مفيداً للعلم (مث ذكر املصنف جواباً ثانياً بقوله ’’على ما ذكرمت‪ ،)‘‘...‬على أن ما ذكرمت (أي من أن كثرة‬ ‫االختّلف تدل على عدم إفادة النظر‪ ,‬فهذا) استدالل بنظر العقل‪ ،‬ففيه (أي يف استداللكم) إثبات ما نفيتم‪ ،‬فيتناقض (قولكم ومذهبكم)‪.‬‬ ‫اعتراض‬

‫جواب‬

‫فإن زعموا (أي إن قالوا يف رد جواب اجلمهور) أنه (أي استداللنا هذا) معارضة للفاسد (وهو قول اجلمهور) بالفاسد‪.‬‬ ‫قلنا (يف ردهم)‪ :‬إما أن يفيد (ما ذكرمت) شيئاً (من العلم) فّل يكون فاسداً‪ ،‬أو ال يفيد (ما ذكرمت) فّل يكون معارضة (ألن‬

‫الشُ الذي ال يفيد فهو ال يصلح للمعارضة)‪.‬‬

‫(االعرتاض الذى له ش اقني أي جزئني )‬

‫فإن قيل‪:‬‬ ‫)‪ (9‬كون النظر مفيداً للعلم إن كان (النظر) ضرورياً مل يقع فيه (أي يف النظر الذى يفيد علم الضرورى) خّلف كما يف قولنا‪:‬‬ ‫الواحد نصف االثنني (فليس عاقل ينكره)‪.‬‬ ‫وإن كان (النظر) نظرياً لزم إثبات النظر بالنظر وأنه دور (أي توقف الشُ على نفسه)‪.‬‬ ‫)‪(7‬‬ ‫(جواب الشق األول)‬ ‫قلنا‪ :‬الضروري قد يقع في ه خّلف‪ ،‬إما لعناد أو لقصور يف اسإدراك‪ ،‬فإن العقول متفاوتة حبسب الفطرة باتفاق من العقّلء‬ ‫واستدالل من اآلثار وشهادة من األخبار‪.‬‬ ‫الشق الثاىن)‬ ‫(جواب ا‬ ‫والنظري قد يثبت بنظر خمصوص ال يعرب عنه (أي هذا النظر املخصوص) بالنظر (فّل دور)‪ ،‬كما يقال‪ :‬قولنا‪ :‬العامل متغري وكل متغري‬ ‫حادث (فهذا النظر املخصوص) يفيد العلم حبدوث العامل بالضرورة‪ ،‬وليس ذلك (أي كونه مفيداً للعلم) خلصوصية هذا النظر‪ ،‬بل لكونه‬ ‫صحيحاً مقروناً بشرائطه (من إجياب الصغرى وكلية الكربى)‪ ،‬فيكون كل نظر صحيح مقرون بشرائطه مفيداً للعلم‪.‬‬ ‫ويف حتقيق هذا املنع (أي حتقيق جواب الشق الثاىن) زيادة تفصيل ال يليق هبذا الكتاب‪.‬‬ ‫كتسايب)‬ ‫الضروري )‪ (7‬اال‬ ‫(العلم الثابت بالعقل على قسمني‪(9) :‬‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫وكسب)‬

‫((وما ثبت منه)) أي من العلم الثابت بالعقل ((بالبديهة)) أي بأول التوجه من غري احتياج إىل التفكر‬

‫(أي نظر‬

‫)‪(( (9‬فهو ضروري‪ ،‬كالعلم بأن كل شيء أعظم من جزئه))‪ ،‬فإنه بعد تصور معىن الكل واجلزء واألعظم ال يتوقف‬ ‫على شيء (بعد التوجه)‪ ،‬ومن توقف فيه (أي يف معىن الكل واجلزء) حيث زعم أن جزء اسإنسان كاليد مثّلً قد يكون أعظم منه (أي‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪15‬‬

‫من اسإنسان) فهو مل يتصور معىن الكل واجلزء‬

‫(بل هن أ ان الكل ما عدا ذلك اجلزء)‪.‬‬

‫((وما ثبت منه باالستدالل)) أي بالنظر يف الدليل سواء كان (االستدالل) استدالالً من العلة على املعلول كما إذا‬ ‫رأي ناراً فعلم أن هلا دخاناً (ويسمى الدليل لِ ِّمياً) أو (كان استدالالً) من املعلول على العلة كما إذا رأي دخاناً فعلم أن هناك ناراً (و‬ ‫اسإىن) باالستدالل‪.‬‬ ‫يسمى الدليل إنِّياً)‪ ،‬وقد خيص (أي يسمى) األول (أي الدليل اللِّ امى) باسم التعليل والثاين (أي قد يسمى الدليل ا‬ ‫)‪(( (7‬فهو اكتسابي)) أي حاصل بالكسب‪ ،‬وهو (أي الكسب) مباشرة األسباب (أي استعماهلا) باالختيار‪ ،‬كصرف العقل‬ ‫والنظر يف املقدمات يف االستدالليات واسإصغاء وتقليب احلدقة (أي حتريك العني) وَنو ذلك يف احلسيات‪.‬‬ ‫(النسبة بني الّلكتساب واالستدالل هي العموم واخلصوص املطلق)‬ ‫استدالىل) الذي حيصل بالنظر يف الدليل (فقط)‪ ،‬فكل استداليل اكتسايب وال‬ ‫فاالكتسايب أعم من االستداليل‪ ،‬ألنه (أي‬ ‫ا‬ ‫عكس (أي ليس كل اكتساىب استداللياا)‪ ،‬كاسإبصار (أي كعلم احلاصل بالرؤية) احلاصل بالقصد واالختيار (فهو اكتساىب ال استدالىل ألن االستدالل‬

‫هو النظر يف الدليل واالكتساب اعم من ذلك)‪.‬‬

‫ستداليل)‬ ‫كتسايب وتارًة يف مقابلة اال‬ ‫الضروري يف مقابلة اال‬ ‫(قد يُستعمل‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫وأما الضروري فقد يقال‪ :‬يف مقابلة االكتسايب (كما يف كّلم املصنف) ويفسر (الضرورى ٍ‬ ‫حينئذ) مبا ال يكون حتصيله مقدوراً للمخلوق‬ ‫ٍ‬ ‫حينئذ) ما‬ ‫أي يكون (الضرورى) حاصّلً من غري إختيار للمخلوق‪ ،‬وقد يقال (الضرورى) يف مقابلة االستداليل ويفسر (الضرورى‬ ‫حيصل بدون فكر ونظر يف دليل‪ ،‬فمن ههنا (أي من اختّلف اصطّلحهم يف تفسري الضرورى) جعل بعضهم العلم احلاصل باحلواس‬ ‫اكتسابياً (فهذا على التفسري األول) أي حاصّلً مبباشرة األسباب باالختيار‪ ،‬و(جعل) بعضهم (العلم احلاصل باحلواس) ضرورياً (وهذا على‬ ‫التفسري الثاىن) أي حاصّلً بدون االستدالل‪ ،‬فظهر (من اختّلف تفسري الضروري) أنه ال تناقض يف كّلم صاحب البداية (وهو اسإمام نور‬

‫قسم االكتساىب إىل ضرورى واستدالىل فجعل الضرورى قسيماً أي مقابّلً‬ ‫قسم العلم إىل ضرورى واكتساىب مث ا‬ ‫الدين البخاري أحد عظماء احلنفية‪ .‬ووجه التناقض أناه ا‬ ‫لّلكتساىب أوالً وقسماً له أي لّلكتساىب ثانيا وهذا تناقض‪ .‬ووجه اندفاع التناقض أ ان الضرورى الذى هو قسيم االكتساىب غري الذى هو قِسمه وم ِ‬ ‫وه ُم التناقض‬ ‫ُ ُ‬

‫االشرتاك االمسى) حيث قال (صاحب البداية)‪ ’’ :‬إن العلم احلادث (أي علم املخلوق) نوعان‪:‬‬ ‫)‪ (9‬ضروري وهو ما حيدثه اهلل يف نفس العبد من غري كسبه واختياره‪ ،‬كالعلم بوجوده (أي بوجود العبد بأنه موجود) وتغري‬ ‫أحواله (أي أحوال العبد من مثل الصحة واملرض واجلوع والعطش واللذة واألمل وغريها)‪.‬‬ ‫واكتسايب وهو (أي الكسب) ما حيدثه اهلل فيه بواسطة كسب العبد وهو (أي الكسب) مباشرة أسبابه‪ ،‬وأسبابه (أي أسباب‬ ‫)‪(7‬‬ ‫العلم) ثّلثة‪ :‬احلواس السليمة واخلرب الصادق ونظر العقل‘‘‪.‬‬ ‫مث قال (صاحب البداية)‪ ’’ :‬واحلاصل من نظر العقل (أي من االكتساىب) نوعان‪ :‬ضروري حيصل بأول النظر من غري تفكر‪،‬‬ ‫كالعلم بأن الكل أعظم من اجلزء‪ ،‬واستداليل حيتاج فيه إىل نوع تفكر كالعلم بوجود النار عند رؤية الدخان‘‘ (انتهى كّلم‬ ‫صاحب البداية)‪.‬‬

‫‪16‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫[ الرسم التخطيطي للعلم ]‬

‫العلم‬

‫إدراك باحلس‬

‫إدراك بالعقل‬

‫(إحساس)‬

‫(تع ّقل)‬

‫بدون حتقيق النسبة‬

‫مع حتقيق النسبة‬

‫تصورات)‬ ‫التامة ( ّ‬ ‫ا‬

‫التامة (تصديق)‬ ‫ا‬

‫غري خمالف لّلحتمال‬

‫جانب خّلف االحتمال مثّلً‪:‬‬ ‫(ظن)‬ ‫’’غداً ينزل املطر‘‘ ّ‬

‫(اعتقاد)‬

‫إذا كان خّلف الواقع مثّلً‪:‬‬ ‫’’ النيب ليس ببشر ‘‘ (جهل مرّكب)‬

‫إذا كان مطابقاً للواقع‬

‫املش ِّكك مثّلً‪:‬‬ ‫ا‬ ‫يشك بتأثري َ‬ ‫’’ مسح مجيع الرأس فرض ‘‘(تقليد)‬

‫غير يقينيات‬

‫يشك بتأثري املشكاك مثّلً‪:‬‬ ‫ال ا‬ ‫’’ اهلل تعاىل واحد ‘‘ (يقين)‬

‫يقينيات‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪17‬‬

‫[ البحث في اإللهام ]‬ ‫((واإللهام))‪ 7‬املفسر بإلقاء معىن يف القلب بطريق الفيض (أي بّل اكتساب وبّل استحقاق بل فَ مض ٌل حمض من اللاه تعاىل) ((ليس‬

‫من أسباب المعرفة بصحة الشيء (أو بفساد الشُ) عند أهل الحق))‪ ،‬حىت يرد به (أي باسإهلام) االعرتاض على حصر األسباب‬ ‫يف الثّلثة (أي لو كان اسإهلام سببا للعلم لََبطل حصر أسبابه يف احلس واخلرب والعقل) املذكورة‪.‬‬ ‫وكان األوىل أن يقول (املصنف)‪ :‬ليس من أسباب العلم بالشيء (بدل أسباب املعرفة بالشُ)‪ ،‬إال أنه حال (أي حاول وأراد)‬ ‫التنبيه على أن مرادنا ب العلم واملعرفة واحد ال كما اصطلح عليه البعض من ختصيص العلم باملركبات أو الكليات‪ ،‬واملعرفة‬ ‫بالبسائط أو اجلزئيات‪ ،‬إال أن ختصيص الصحة بالذكر (أي يف قول املصنف ليس من أسباب املعرفة بصحة الشُ) مما ال وجه له (أل ان اسإهلام‬ ‫ليس من أسباب العلم بفساد الشُ كذالك)‪.‬‬

‫اسإهلام) لإللزام‬ ‫مث الظاهر أنه (أي املصنف) أراد أن اسإهلام ليس سبباً حيصل به (أي باسإهلام) العلم لعامة اخللق و(ال) يصلح ( ُ‬ ‫على الغري‪ ،‬وإال (وإن مل يكن املراد ذلك) فّل شك أنه (أي اسإهلام) قد حيصل به العلم (لصاحب اسإهلام وحده)‪ ،‬وقد ورد القول به يف اخلرب‬ ‫(أي احلديث النبوى)‪َ ،‬نو قوله عليه الصّلة السّلم‪ :‬أهلمين ريب‪ ،‬وحكي عن كثري من السلف‪.‬‬ ‫(خرب الواحد العدل وتقليد اجملتهد ال ي ِ‬ ‫فيدان العلم اليقيين)‬ ‫ُ‬ ‫وأما خرب الواحد العدل وتقليد اجملتهد فقد يُفيدا ِن الظن واالعتقاد اجلازم الذي يقبل الزوال‪ ،‬فكأنه (أي املصنف) أراد‬ ‫بالعلم ما ال يشملهما (أي الظن واالعتقاد)‪ ،‬وإال فّل وجه حلصر األسباب يف الثّلثة‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬قوله ((واسإهلام)) وقد ورد به ىف اخلرب قلت‪ :‬يشري إىل احلديث الذى أخرجه البخارى عن أىب هريرة قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلام‪:‬‬

‫((لقد كان فيما قبلكم من األمم ناس حمدثون فإن يكن ىف اأمىت أحد فإناه عمر))‪ .‬حمدثون‪ :‬ملهمون‪.‬‬

‫‪18‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫[ الكالم في حدوث العالم ]‬ ‫مهم‬ ‫تمهيد ّ‬

‫ملا فرغ املصنف عن بيان املقدمة من بيان ثبوت األشياء حبقائقها والعلم بوجودها وبيان أسباب العلم باألشياء املوجودة َش َرعَ يف املسائل‬

‫وتقدست صفاته‪( .‬اجلواهر البهياة)‬ ‫االعتقادية الكّلمية وبدأ ببَيان حدوث الكائنات األدلة بوجود صانعها وخالقها الواجب الوجود جلات أمسائه ا‬

‫((والعالَم)) أي ما سوى اهلل تعاىل من املوجودات مما يعلم به الصانع‪ ،‬يقال‪ :‬عامل األجسام وعامل األعراض وعامل‬ ‫َ‬ ‫النباتات وعامل احليوان إىل غري ذلك‪ ،‬فيخرج صفات اهلل تعاىل (من العا َمل)‪ ،‬ألهنا ليست غري الذات كما أهنا ليست عينها‪،‬‬ ‫((بجمي ِع ِِ‬ ‫ث)) أي ُخمَرج (اسم مفعول من اسإخراج) من العدم إىل‬ ‫((م ْح َد ٌ‬ ‫ْ‬ ‫أج َزائه)) من السموات وما فيها واألرض وما عليها‪ُ ،‬‬ ‫الوجود‪ ،‬مبعىن أنه (أي العا َمل) كان معدوماً فوجد‪ ،‬خّلفاً للفّلسفة حيث ذهبوا إىل قدم السموات مبوادها وصورها وأشكاهلا‪،‬‬ ‫ص مر وهى أربعة باالستقراء‪ (9) :‬النار )‪ (7‬اهلواء )‪ (3‬املاء )‪ (4‬األرض) مبوادها وصورها‪ ،‬لكن بالنوع (أي لكن صور‬ ‫وقدم العناصر (مجع عُنم ُ‬ ‫العناصر قدمية بالنوع)‪ ،‬مبعىن أهنا (أي املادة) مل ختل عن صورة قط‪.‬‬ ‫(تعريف احلدوث عند الفّلسفة هو االحتياج إىل الغري)‬ ‫نعم أطلقوا (أي الفّلسفة) القول حبدوث ما سوى اهلل تعاىل‪ ،‬لكن مبعىن (آخر هو) االحتياج إىل الغري‪ ،‬ال مبعىن سبق‬ ‫العدم عليه (كما مذهبنا)‪.‬‬ ‫(الدليل على حدوث العامل جبميع أجزائه)‬ ‫مث أشار (اسإمام النسفى) إىل دليل حدوث العامل بقوله‪(( :‬إذ هو)) أي العامل ((أعيان وأعراض)) ألنه‬ ‫ض‪ ،‬وكل منهما حادث ملا سنبني‪ ،‬ومل يتعرض له (أي لدليل احلدوث) املصنف رمحه اهلل‬ ‫وهو العا َمل) إن قام بذاته ٌ‬ ‫فعَر ٌ‬ ‫فعني‪ ،‬وإال َ‬ ‫املسمى بالعقائد)‪ ،‬كيف (يليق به) وهو مقصور على املسائل دون الدالئل‪.‬‬ ‫تعاىل‪ ،‬ألن الكّلم فيه طويل ال يليق هبذا املختصر ( ا‬ ‫(تعريف األعيان)‬

‫(أي ما سوى اللاه‬

‫((فاألعيان ما)) أي ممكن (الذى جيوز وجوده وعدمه حبيث يستوى إليه نسبة الوجود والعدم) يكون ((له قيام بذاته)) بقرينة جعله‬ ‫(أي العني) من أقسام العامل (أي إذا كان العامل ممكنا فيكون العني ممكنا ألن العني جزء من أجزاء العامل)‪.‬‬ ‫(معىن قيام العني بذاته عند املتكلمني)‬ ‫يستقر يف املكان‪ .‬التحياز يف عرف املتكلمني قبول اسإشارة احلسياة بأنه يف هذا‬ ‫ومعىن قيامه (أي العني) بذاته عند املتكلمني أن يتحيز (أي ا‬ ‫املكان أو يف هذا اجلهة وأصله يف اللغة االسقرار يف املكان) بنفسه غري تابع حتيزه لتحيز شيء آخر‪ ،‬خبّلف العرض فإن حتيازه (أي العرض)‬ ‫تابع لتحيز اجلوهر الذي هو (أي اجلوهر) موضوعه (أي موضوع العرض)‪ ،‬أي حمله الذي يقومه (أي جيعله قائما‪،‬والعرض ال يقوم بنفسه)‪.‬‬ ‫ومعىن وجود العرض يف املوضوع هو أن وجوده يف نفسه هو وجوده يف املوضوع‪ ،‬وهلذا ميتنع (أي ال ميكن) االنتقال عنه‬ ‫(أي عن املوضوع) خبّلف وجود اجلسم يف احلياز (أي يف املكان)‪ ،‬ألن وجوده (أي وجود اجلسم) يف نفسه أمر ووجوده يف احليز أمر آخر‪،‬‬ ‫وهلذا ينتقل عنه (أي عن املوضوع)‪.‬‬ ‫(معىن قيام العني بذاته عند الفّلسفة)‬ ‫وعند الفّلسفة معىن قيام الشيء بذاته استغناؤه عن حمل يقومه‪ ،‬ومعىن قيامه (أي العني بذاته) بشيء آخر اختصاصه‬ ‫(ذلك الشُ) به (أي بالعني)‪ ،‬حبيث يصري األول (أي ذلك الشُ) نعتاً (أي وصفاً) والثاين (أي العني) منعوتاً (موصوفاً)‪ ،‬سواء كان (الشُ اآلخر)‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪19‬‬

‫متحيزاً كما يف سواد اجلسم‪ ،‬أو ال (أي ال يكون متحيازاً) كما يف صفات اهلل تعاىل واجملردات‪.‬‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫اجملردات عند الفّلسفة هى جواهر جمردة عن املادة غري قابلة لإلشارة احلسية فهى ليست بأجسام وال مكان كاملآلئكة والنفوس الناطقة وأنكر‬ ‫املتكلمون اجملردات وقالوا كل ما سوى اللاه تعاىل جسم أو جزء ال يتجزى أو عرض وأن املّلئكة والنفوس أجسام‪( .‬النرباس)‬

‫(األعيان على قسمني )‪ (9‬مراكب أي جسم )‪ (7‬غري مراكب أي جوهر)‬ ‫‪( -‬مركب أي جسم)‬

‫((وهو)) أي ما له قيام بذاته من العامل ((إما مركب)) من جزأين فصاعداً (أي أكثر) عندنا‪(( ،‬وهو الجسم))‪،‬‬ ‫وعند البعض ال بد من ثّلثة أجزاء لتتحقق األبعاد الثّلثة‪ ،‬أعين الطول والعرض والعمق‪ ،‬وعند البعض من مثانية أجزاء‬ ‫ليتحقق تقاطع األبعاد على زوايا قائمة‪.‬‬ ‫وليس هذا نـزاعاً (أي اختّلفاً) لفظياً راجعاً إىل االصطّلح حىت يدفع (هذا االختّلف والنزاع) بأن لكل أحد أن يصطلح‬ ‫حقيقى) يف أن املعىن الذي وضع لفظ اجلسم بإزائه هل يكفي فيه الرتكيب من جزأين أم ال ؟‬ ‫على ما شاء‪ ،‬بل هو نـزاع ( ا‬ ‫(دليل القائلني بأن اجلسم ما رِّكب من جزئني فصاعداً)‬ ‫كب منه اجلسم جزءان فقط واستدلوا على ذلك)‪ :‬بأنه يقال ألحد اجلسمني (املتساويني) إذا ِزيم َد‬ ‫احتج األولون (الذين يقولون أقل ما يَرت ُ‬ ‫ٍ‬ ‫اجلسم) مبجرد زيادة اجلزء أ مَزيَ ُد يف‬ ‫عليه جزء واحد أنه أجسم من اآلخر‪ ،‬فلوال أن جمرد الرتكيب كاف يف اجلسمية ملا صار ( ُ‬ ‫اجلسمية (ولكناه قد صار أزيد يف اجلسمية بقوهلم هو أجسم)‪.‬‬ ‫ضعف دليل األولِني)‬ ‫(وجه ُ‬ ‫وفيه (أي دليل املذكور) نظر‪ ،‬ألنه (أي أجسم) أفعل (أي اسم تفضيل) من اجلسامة مبعىن الضخامة وعظم املقدار‪ ،‬يقال‪:‬‬ ‫جسم الشيء أي عظم فهو جسيم وجسام بالضم‪ ،‬والكّلم يف اجلسم الذي هو اسم (ذات غري مشتق) ال صفة‪.‬‬ ‫ (غري مركب أي اجلوهر)‬‫((أو (يكون العني بذاته) غير مركب كالجوهر)) يعين العني الذي ال يقبل االنقسام ال فعّلً (أي يف اخلارج) وال ومهاً وال‬

‫القول أن الوهم والفرض ال فرق بينهما)‪.‬‬

‫فرضاً (أصح‬

‫(تعريف اجلوهر)‬

‫((وهو الجزء الذي ال يتجزأ))‪ ،‬ومل يقل (املصنف)‪ :‬وهو اجلوهر (بدل قوله كاجلوهر)‪ ،‬احرتازاً عن ورود املنع (أي األعرتاض)‪،‬‬ ‫فإن ما ال يرتكب ال ينحصر عقّلً يف اجلوهر مبعىن اجلزء الذي ال يتجزأ‪ ،‬بل ال بد من إبطال اهليوىل والصورة والعقول والنفوس‬ ‫اجملردة ليتم ذلك (أي اَنصار غري مركب)‪.‬‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫عند الفّلسفة هذه األشياء أعىن اهليوىل والصورة والعقول والنفوس اجملردة غري مركبة أيضاً فلذلك قال املصنف ’’غري مركب كاجلوهر‘‘ ومل يقل‬

‫’’وهو اجلوهر احرتازاً‘‘ عن ورود االعرتاض من جانب الفّلسفة‪.‬‬

‫( ال وجود جلزء الذى ال يتجزى عند الفّلسفة)‬ ‫وعند الف ّلسفة ال وجود للجوهر الفرد‪ ،‬أعين اجلوهر الذي ال يتجزأ‪ ،‬وتركب اجلسم إمنا هو من اهليوىل والصورة (ال من‬ ‫جواهر الفردة كما ذهب إليه املتكلمون وهذا هو مذهب أرسطو وأتباعه)‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫(أقوى الدالئل سإثبات اجلزء الذى ال يتجزى)‬ ‫وأقوى أدلة إثبات اجلزء أنه لو وضع كرة حقيقية على سطح حقيقي (ما ال يكون فيه ارتفاع واخنفاض) مل متاسه (أي مل متاس‬ ‫الكرة السطح) إال جبزء غري منقسم‪ ،‬إذ لو ماسته جبزأين لكان فيها (أي يف سطح الكرة احلقيقة) خط (مستقيم) بالفعل‪ ،‬فلم تكن كرة‬ ‫حقيقية على سطح حقيقي‪.‬‬ ‫(من أشهر الدالئل سإثبات اجلزء الذى ال يتجزى اثنان)‬ ‫وأشهرها (أي أشهر األدلة) عند املشايخ وجهان‪:‬‬ ‫األول‪ :‬أنه لو كان كل عني منقسماً ال إىل هناية مل تكن اخلردلة أصغر من اجلبل‪ ،‬ألن كّلً منهما غري متناهي‬ ‫األجزاء‪ ،‬والعظم والصغر إمنا هو بكثرة األجزاء وقلتها‪ ،‬وذلك (أي الكثرة والقلة يف األجزاء) إمنا يتصور يف املتناهي (فثبت اجلزء الذى ال‬ ‫يتجزى)‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬إن اجتماع أجزاء اجلسم ليس لذاته (بأن يكون ذات اجلسم مقتضية الجتماع األجزاء)‪ ،‬وإال‬ ‫اجتماع اجلسم لذاته) ملا قبل االفرتاق (أل ان ما يقتضيه ذات الشُ ال يكن زواله عنه لكناا جند األجسام قابل ًة لّلنقسام وقابلة لّلفرتاق)‪ ،‬فاهلل تعاىل قادر‬ ‫(أي وإن كان لغري ذاته بل لقدرة اللاه تعاىل فاللاه سبحانه قادر) على أن خيلق فيه (أي يف اجلسم) االفرتاق إىل اجلزء الذي ال يتجزأ (فّل يكون‬ ‫تنازعنَا فيه إن أمكن افرتاقه (أي افرتاق ذالك اجلزء) لزم قدرة اهلل تعاىل عليه‬ ‫االفرتاق إىل اجلزء الذى ال يتجزى مستحيّلً)‪ ،‬ألن اجلزء الذي م‬ ‫دفعاً للعجز (أي لو أمكن افرتاق ذلك اجلزء مرة أخرى بأن ال يكون بالفعل منقسماً بل قابّلً للقسمة لزم قدرته على إجياده) وإن مل ميكن (أي مل ميكن‬ ‫افرتاق ذلك اجلزء بل ممتنعاً ومستحيّلً) ثبت املدعى (وهو ثبوت اجلزء الذى ال يتجزى)‪.‬‬ ‫والكل ضعيف (أي كل واحد من األدلة الثّلثة على إثبات اجلزء ضعيف)‪.‬‬ ‫ضعف األدلة الثّلثلة)‬ ‫(وجوه ُ‬ ‫أما األول (أي أقوى الدالئل سإثبات اجلزء) ف نه إمنا يدل على ثبوت النقطة‪ ،‬وهو (أي ثبوت النقطة) ال يستلزم ثبوت اجلزء‪،‬‬ ‫عدم انقسام احملل‬ ‫ألن حلوهلا (أي النقطة) يف احملل ليس حلول السريان (بل حلوهلا حلول طرياىن) حىت يلزم من عدم انقسامها (النقطة) ُ‬

‫(أي إن مل يكن كذالك بل يكون‬

‫(يعىن أن الدليل ملا يدل على ثبوت النقطة وهو ال يستلزم ثبوت اجلزء إال لو كان حلوهلا سرياىن وليس كذالك)‪.‬‬

‫وأما الثاين والثالث (أي دليل األول والثاىن من أشهر الدالئل)‪ :‬ف ن الفّلسفة ال يقولون بأن اجلسم متألف من أجزاء بالفعل‬ ‫وأهنا غري متناهية‪ ،‬بل يقولون‪ :‬إنه قابل النقسامات غري متناهية وليس فيه اجتماع أجزاء أصّلً (ألن اجلسم متصل واحد عندهم)‪،‬‬ ‫وإمنا العظم والصغر باعتبار املقدار القائم به (أي باجلسم) ال باعتبار كثرة األجزاء وقلاتِها (جواب عن حديث اخلردلة) واالفرتاق ممكن ال‬ ‫إىل هناية‪ ،‬فّل يستلزم اجلزء (جواب عن حديث القدرة)‪.‬‬ ‫وأما أدلة النفي أيضاً (أي أدلة الفّلسفة على إبطال اجلزء الذى ال يتجزى) فّل ختلو عن ضعف‪ ،‬وهلذا مال اسإمام الرازي (سيف‬ ‫اللاه على رؤوس امللحدين والزنديقني) يف هذه املسألة (أي يف إثبات اجلزء الذى ال يتجزى) إىل التوقف‪.‬‬ ‫سوال فإن قيل‪ :‬هل هلذا اخلّلف مثرة (يف باب عقائد اسإسّلم)؟‬ ‫جواب قلنا‪ :‬نعم يف إثبات اجلوهر املفرد (أي اجلزء الذى ال يتجزى) جناةٌ عن كث ٍ‬ ‫ري من هلمات الفّلسفة (أي مسائلهم املخالفة للشرع)‪.‬‬ ‫(مثال لظلمات الفّلسفة)‬ ‫املؤدي إىل قدم العامل ونفي حشر األجسام وكثري من أصول اهلندسة املبين عليها دوام‬ ‫مثل إثبات اهليوىل والصورة ِّ‬ ‫حركة السموات وامتناع اخلرق وااللتئام عليها (أي على أصوهلم)‪.‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪10‬‬

‫َّت ﴾ [سورة االنشقاق‪ ،]9:‬وقال‪ ﴿ :‬إِ َذا‬ ‫هذه املخالفة عن العقيدة اسإسّلمية وقد نطق على إبطاهلا القرآن العظيم فقال‪ ﴿ :‬إِذَا َّ‬ ‫الس َماءُ انم َشق م‬ ‫ت ﴾ [سورة التكوير‪ ،]7-9 :‬وغريها من اآليات‬ ‫ت ﴾ [سورة االنفطار‪ ،]9:‬وقال‪ ﴿ :‬إذا‬ ‫َّ‬ ‫ت وإذا النجوم ان َك َد َر م‬ ‫الشمس ُك ِّوَر م‬ ‫الس َماءُ انمـ َفطََر م‬ ‫ُ‬ ‫البيانات فعقيدة الفّلسفة هذه كفر ابواح! وباللاه التوفيق‪.‬‬

‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫[ مباحث األعراض ]‬ ‫(تعريف العرض)‬

‫((والعرض ما ال يقوم بذاته)) بل بغريه‪ ،‬بأن يكون (العرض) تابعاً له (أي لغريه) يف التحيز (أي يف املكان أو اجلهة) أو‬ ‫العرض) خمتصاً به (أي بغريه) اختصاص الناعت باملنعوت على ما سبق (من بيان اخلّلف بني املتكلمني والفّلسفة)‪ ،‬ال مبعىن أنه ال ميكن‬ ‫تعقله بدون احملل على ما ُوِه َم (أي ليس معىن العرض أن ال ميكن تصوره بدون هذا الغري)‪ ،‬فإن ذلك (أي عدم إمكان تصور العرض) إمنا هو يف‬ ‫بعض األعراض (كاألعراض النسبية‪ .‬مثّلً ال ميكن ان يُتصور االبن بدون األب)‪.‬‬ ‫(أين يكون العرض؟)‬

‫(يكون‬

‫العرض) في األجسام والجواهر)) قيل‪ :‬هو من متام التعريف‪ ،‬احرتازاً عن صفات اهلل تعاىل‪ .‬وقيل‪ :‬ال‬ ‫((ويَ ْح ُد ُ‬ ‫ث ( ُ‬ ‫بل هو بيان حكمه (أي حكم العرض)‪.‬‬ ‫(أمثلة األعراض هى‪ :‬ألوان‪ ،‬أكوان‪ ،‬طعوم‪ ،‬وروائح)‬ ‫((كاأللوان)) وأصوهلا‪ ،‬قيل‪ :‬السواد والبياض‪ ،‬وقيل‪ :‬احلمرة واخلضرة والصفرة أيضاً (مع السواد والبياض)‪ ،‬والبواقي بالرتكيب‪.‬‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫واملشهور أن أصل األلوان السواد والبياض وباقي األلوان يتـألف من السواد والبياض (اجلواهر البهية)‪.‬‬

‫((واألكوان)) وهي االجتماع واالفرتاق واحلركة والسكون‪.‬‬

‫((والطعوم)) وأنواعها تسعة‪ ،‬وهي املرارة واحلرقة وامللوحة والعفوصة واحلموضة والقبض واحلّلوة والدسومة والتفاهة‪ ،‬مث حيصل‬ ‫حبسب الرتكيب أنواع ال حتصى‪.‬‬ ‫((والروائح)) وأنواعها كثرية وليست هلا أمساء خمصوصة‪ ،‬واألههر أن ما عدا األكوان (من األعراض كاللون والطعم والريح) ال يعرض‬ ‫(أي ال يكون) إال ل جسام‪.‬‬ ‫فإذا تقرر (أي ثبت) أن العامل أعيان وأعراض‪ ،‬واألعيان أجسام وجواهر‪ ،‬فنقول‪ :‬الكل حادث‪.‬‬ ‫(حدوث األعراض على قسمني‪ (9) :‬باملشاهدة )‪ (7‬بالدليل)‬ ‫أما األعراض‪:‬‬ ‫تغريها من عدم إىل وجود ومن وجود إىل عدم) كاحلركة بعد السكون (أي كوجود احلركة بعد السكون) والضوء بعد‬ ‫)‪ (9‬فبعضها باملشاهدة (أي يشاهد ا‬ ‫الظلمة (أي كوجود الضوء بعد الظلمة) والسواد بعد البياض (أي كوجود السواد بعد البياض)‪.‬‬ ‫تغري األعراض) بالدليل وهو (أي الدليل) طريان العدم كما يف أضداد ذلك (أي ذلك املذكور من احلركة والضوء‬ ‫)‪ (7‬وبعضها (أي يشاهد بعض ا‬ ‫‪11‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫والسواد‪ .‬وأضدادها السكون والظلمة والبياض يعىن كالسكون ينعدم باحلركة‪ .‬والظلمة بعد الضوء‪ .‬والبياض بعد السواد‪ .‬وانعدام الشى يناىف قدمه)‪.‬‬

‫(الدليل على أن القدم ينايف العدم)‬ ‫فإن القدم ينايف العدم (أي ما ثبت قدمه استحال عدمه)‪ ،‬ألن القدمي إن كان واجباً لذاته فظاهر وإال (أي كان القدمي ممكنا) لزم‬ ‫استناده (أي افتقار واحتاج ذلك القدم) إليه (أي إىل الواجب الوجود بالذات) بطريق اسإجياب (أي بّل اختيار كصدور الضوء عن الشمس واالحرتاق عن‬ ‫النار)‪ ،‬إذ الصادر عن الشيء بالقصد واالختيار يكون حادثاً بالضرورة (أي بضرورة العقل أن القصد إىل إجياد الشُ إمنا يكون يف حال عدمه‬ ‫فيجب أن يكون العدم سابقاً على وجوده فّل يكون قدمياً)‪ ،‬واملستند إىل املوجب القدمي قدمي (أي يكون دائم الوجود ال يقبل العدم) ضرورة امتناع‬ ‫ختلف املعلول عن العلة (أي العلة ال تتخلف عن املعلول فكذلك ال يتخلف قِ مد ُم ِ‬ ‫الشُ الذى ُم مستَنِ ٌد إىل الوجوب بذاته عن قدم الواجب بذاته‪ .‬مثّلً ال‬ ‫فتأمل)‪.‬‬ ‫يتخلف قدم صفات اللاه تعاىل عن ذاته تبارك وتعاىل‪ ،‬ا‬

‫(الدليل على حدوث األعيان)‬ ‫وأما األعيان ف هنا ال ختلو عن احلوادث (أي األعراض احلادثة) وكل ما ال خيلو عن احلوادث (أي األعراض احلادثة) فهو‬ ‫حادث‪.‬‬ ‫أما املقدمة األوىل (أي أهنا ال ختلو عن احلوادث) ف هنا (أي األعيان) ال ختلو عن احلركة والسكون ومها حادثان (أل اهنما من‬ ‫األعراض واألعراض حادثة)‪.‬‬

‫وأما عدم اخللو عنهما (أي ال ختلو األعيان عن احلركة والسكون)‪ ،‬ف ن اجلسم أو اجلوهر (ومها قسمان ل عيان) ال خيلو عن الكون‬ ‫يف حيز (أي يف مكان)‪ ،‬فإن كان (الكو ُن) مسبوقاً بكون آخر يف ذلك احليز بعينه فهو ساكن‪ ،‬وإن مل يكن (الكو ُن) مسبوقاً بكون‬ ‫آخر يف ذلك احليز بل (كان مسبوقاً بكون آخر) يف حيز آخر فمتحرك‪ ،‬وهذا (أي الذى ذكره من أمر الكونني يف احليز أو احليزين) معىن قوهلم‪:‬‬ ‫احلركة كونان يف آنني يف مكانني‪ ،‬والسكون كونان يف آنني يف مكان واحد‪.‬‬ ‫(الرد على قول الشارح‪’’ :‬األعيان ال ختلو عن احلركة والسكون‘‘)‬ ‫سوال فإن قيل (أي يف الرد لقوله األعيان ال ختلو عن احلركة والسكون)‪ :‬جيوز (أي ميكن) أن ال يكون (ذلك العني) مسبوقاً بكون آخر أصّلً‬ ‫(أي ال يف ذلك احليز وال يف حيز آخر)‪ ،‬فكما يف آن احلدوث‪ ،‬فّل يكون متحركاً كما ال يكون ساكناً (فبطل قول الشارح األعيان ال ختلو عن‬

‫احلركة والسكون)‪.‬‬

‫جواب قلنا‪ :‬هذا املنع (أي السوال) ال يضرنا‪ ،‬ملا فيه من تسليم املدعى (وهو احلدوث) على أن الكّلم (أي كّلمنا) يف األجسام‬ ‫اليت تعددت فيها األكوان وّتددت فيها األعصار واألزمان‪.‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪11‬‬

‫[ الدالئل على حدوث الحركة والسكون ]‬

‫(أربعة دالئل على حدوث احلركة)‬ ‫وأما حدوثهما (أي احلركة والسكون)‪:‬‬ ‫)‪ (9‬ف هنما من األعراض وهي غري باقية‪.‬‬ ‫وألن ماهية احلركة (أي حقيقة احلركة) ملا فيها من االنتقال من حال إىل حال تقتضي (احلركةُ) املسبوقيةَ بالغري (أي كل حركة‬ ‫)‪(7‬‬ ‫مسبوقة بسكون أو حبركة)‪.‬‬ ‫)‪ (3‬واألزلية تنافيها (أي املسبوقة)‪.‬‬ ‫)‪ (4‬وألن كل حركة فهي على التقضي وعدم االستقرار‪.‬‬ ‫(الدليل على حدوث السكون)‬ ‫وكل سكون فهو جائز الزوال (أي ميكن زوال السكون) ‪ ،‬ألن كل جسم فهو قابل للحركة بالضرورة (أي ألن كل السكون قابل‬ ‫للحركة)‪ ،‬وقد عرفت أن ما جيوز (أي ميكن) عدمه ميتنع (أي ال ميكن) قدمه‪.‬‬ ‫(الدليل لقول الشارح ’’كل ما ال خيلو عن احلوادث فهو حادث‘‘)‬ ‫وأما املقدمة الثانية (أي قول الشارح ’’كل ما ال خيلو عن احلوادث فهو حادث‘‘) ف ن ما ال خيلو عن احلوادث لو ثبت يف األزل‬ ‫لزم ثبوت احلادث يف األزل‪ ،‬وهو حمال (أي إذ ما ال خيلو عن احلوادث لو كان قدمياً لزم قدم احلادث وهو حمال)‪.‬‬ ‫(أربع ة إع رتاضات وأجوبتها)‬

‫وههنا (أي يف مقام أدلة إثبات حدوث األعيان واألعراض) أحباث (أي سواالت واعرتاضات)‪:‬‬ ‫(االعرتاض األول على اَنصار األعيان يف اجلواهر واألجسام)‬ ‫األول‪ :‬أنه ال دليل على اَنصار األعيان يف اجلواهر واألجسام‪ ،‬وأنه ميتنع (يعىن أنه ال دليل على أنه ميتنع) وجود ممكن يقوم‬ ‫بذاته وال يكون متحيزاً (ال بالذات وال بالعرض) أصّلً‪ ،‬كالعقول والنفوس اجملردة اليت تقول هبا الفّلسفة (فإ اهنا أعيان إال أ اهنا ليست بأجسام‬ ‫وال جواهر‪ .‬فبطل اَنصار األعيان يف اجلواهر واألجسام)‪.‬‬

‫(جواب لّلعرتاض األول)‬ ‫وجوده بالدليل من املمكنات‪ ،‬وهو األعيان املتحيزة (ال غري متحيزة) واألعراض‬ ‫واجلواب‪ :‬أن املدعى حدوث ما ثبت ُ‬ ‫(القائمة باألعيان)‪َّ ،‬‬ ‫ألن أدلة وجود اجملردات (أي العقول والنفوس) غري تامة على ما بني يف املطوالت‪.‬‬ ‫(اعرتاض الثاىن على قول الشارح ’’أما األعراض فبعضها باملشاهدة وبعضها بالدليل‘‘)‬ ‫الثاين‪ :‬أن ما ذكر (من قولكم ’’أما األعراض فبعضها باملشاهدة‪ )‘‘...‬ال يدل على حدوث مجيع األعراض‪ ،‬إذ منها (أي من‬ ‫األعراض) ما ال يدرك باملشاهدة حدوثه وال حدوث أضداده‪ ،‬كاألعراض القائمة بالسموات من األشكال واالمتدادات (هى‬ ‫الطول والعرض والعمق) واألضواء‪.‬‬ ‫(جواب لّلعرتاض الثاين)‬ ‫واجلواب‪ :‬أن هذا (أي عدم إدراك حدوث بعض األعراض) غري خمل بالغرض (أي يف املقصد وهو حدوث مجيع األعراض)‪ ،‬ألن حدوث‬ ‫األعيان يستدعي حدوث األعراض‪ ،‬ضرورة أهنا (أي األعراض) ال تقوم إال هبا (أي باألعيان)‪.‬‬ ‫‪11‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫(االعرتاض الثالث على قوله ’’ألن ما ال خيلو عن احلوادث لو ثبت يف األزل لزم ثبوت احلادث يف األزل وهو حمال‘‘)‬ ‫الثالث‪ :‬أن األزل ليس عبارة عن حالة خمصوصة (يعىن وقت خمصوص وساعة معيانة) حىت يلزم من وجود اجلسم فيها (أي يف‬ ‫هذه احلالة املخصوصة) وجود احلوادث فيها (يعىن الىت ال ختلو عنها اجلسم‪ .‬وحاصله أنه ال نسلام أن ما ال خيلو عن احلوادث لو ثبت يف األزل يلزم ثبوت‬ ‫احلوادث يف األزل‪ ،‬وإمنا يلزم ذلك لو كان األزل عبارة عن حالة خمصوصة يف وقت معلومة‪ .‬فيلزم ِمن ِ‬ ‫وجود اجلسم يف تلك احلالة وجودُ احلوادث فيها وليس كذلك)‪،‬‬ ‫م‬ ‫بل هو (أي األزل) عبارة عن عدم األولية أو عن استمرار الوجود يف أزمنة مقدرة غري متناهية يف جانب املاضي‪.‬‬ ‫ومعىن أزلية احلركات احلادثة (مع أن كل فرد من أفراد احلركة حادث عندهم) أنه ما من حركة إال وقبلها (أي قبل هذه احلركة) حركة‬ ‫أخرى ال إىل بداية (فثبتت أزلية احلركات احلادثة)‪ ،‬وهذا هو مذهب الفّلسفة‪ ،‬وهم يسلمون أنه ال شيء من جزئيات احلركة بقدمي‪،‬‬ ‫وإمنا الكّلم يف احلركة املطلقة (وهى قدمية أزلية عندهم)‪.‬‬ ‫(جواب لّلعرتاض الثالث)‬ ‫واجلواب‪ :‬أنه ال وجود للمطلق إالا يف ضمن جزئي‪ ،‬فّل يتصور قدم املطلق مع حدوث كل جزء من اجلزئيات (وهذا‬ ‫كل‪ ،‬متناهى بالضرورة)‪.‬‬ ‫هاهر أل ان إذا كانت اجلزئيات متناهية فيكون ُ‬ ‫املطلق أي ال ا‬ ‫(االعرتاض الرابع على قول املصنف ’’ألن اجلسم واجلوهر ال خيلو عن الكون يف حيز‘‘)‬ ‫الرابع‪ :‬أنه لو كان كل جسم يف حيز لزم عدم تناهي األجسام‪ ،‬ألن احليز هو السطح الباطن من احلاوي (أي من‬ ‫اجلسم احمليط مبعىن أن السطح ال يوجد بدون اجلسم) املماس (صفة للسطح الباطن) للسطح الظاهر من احملوي (أي اجلسم احملاط فثبت عدم تناهى‬ ‫اجلسم)‪.‬‬ ‫(جواب لّلعرتاض الرابع)‬ ‫واجلواب‪ :‬أن احليز عند املتكلمني (ليس هو السطح بل) هو الفراغ املتوهم (أي اخلّلء الذى يتوهم أناه فراغ) الذي يشغله اجلسم وينفذ فيه‬ ‫(أي يف الفراغ) أبعاده (أي أبعاد اجلسم أي الطول والعرض والعمق)‪.‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪15‬‬

‫[ البحث في وجوب اعتقاد أن اللّه تعالى أحدث العالَم كله ]‬ ‫احملدث ال بد له من ِ‬ ‫حمدث‬ ‫حمدث (يعىن اخلارج من العدم إىل الوجود)‪ ،‬ومعلوم (بالضرورة) أن َ‬ ‫وملا ثبت أن العامل َ‬ ‫مرجح وهو حمال!) ‪ ،‬ثبت أن له‬ ‫والصانع) ‪ ،‬ضرورة امتناع ترجح أحد طريف املمكن (أي الوجود والعدم) من غري مرجح (وإال لزم الرتجيح بّل ِّ‬ ‫ِ‬ ‫حمدثاً (هذه اجلملة جزاء ملا)‪.‬‬ ‫(و ِ‬ ‫احملدث للعا َمل هو اللاه تعاىل)‬

‫(أي املوجد‬

‫((والمحدث للعالَم هو اهلل تعالى)) أي الذات الواجب الوجود الذي يكون وجوده من ذاته (أي ذاتُه علاة اتامة لوجوده)‪،‬‬ ‫وال حيتاج إىل شيء أصّلً (أي يف وجوده)‪.‬‬ ‫(دليّلن على ان ِ‬ ‫احملدث للعا َمل هو الواجب الوجود)‬ ‫إذ لو كان ( ِ‬ ‫حمدث العا َمل) جائز الوجود لكان من مجلة العامل‪ ،‬فلم يصلح حمدثاً للعامل ومبدأ له‪ ،‬مع أن العا َمل اسم‬ ‫)‪(9‬‬ ‫جلميع ما يصلح علماً (أي عّلم ًة دالا ًة) على وجود ٍ‬ ‫مبدء له (فلو كان حمدث العامل من مجلة العامل لكان عّلمة على وجود نفسه وهذا حمال!)‪.‬‬ ‫)‪ (7‬وقريب من هذا (أي من قولنا ’’إذ لو كان جائز الوجود لكان من مجلة العا َمل‘‘‪ .‬واملراد أن حاصل الدلِميـَل م ِني واح ٌد) ما يقال‪ :‬إن مبدأ‬ ‫املمكنات بأسرها (أي جبميعها) ال بد أن يكون واجباً‪ ،‬إذ لو كان ممكناً (أي وإن كان ذلك الوجود ممكنا) لكان من مجلة املمكنات‪،‬‬ ‫فلم يكن (ذلك الوجود) مبدءاً هلا (أي للمكنات)‪.‬‬

‫‪16‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫[ البحث في بطالن التسلسل ]‬ ‫التنبيه‬

‫التسلسل هو وجود أشياء مرتتبة غري متناهية يكون كل سابق منها علة لّلحق أي علة لِ َما بعد‪ .‬والرباهني املشهورة على إثبات الواجب‬

‫موقوفة على بطّلن التسلسل وإال جلاز وجود املمكن من ممكن ثان وهذا املمكن من ممكن ثالث وهكذا بّل هناية‪ .‬فّل بد أن يكون الدليل على‬ ‫بطّلن التسلسل أوالً حىت يكون إثبات الوجوب‪.‬‬

‫الوهم من املصنف)‬ ‫( ُ‬ ‫دفع الشارِح َ‬ ‫وقد يتوهم (قيل املتوهم صاحب املواقف) أن هذا (أي الدليل على أن احملدث للعامل هو واجب الوجود أنه) دليل على وجود الصانع من غري افتقار‬ ‫(أي احتياج) إىل إبطال التسلسل (ومن املعلوم أن الدليل على إثبات الواجب له الدليل على إبطال التسلسل أوالً‪ ،‬ولكن مل يذكر فيه بطّلن التسلسل صرحياً)‬ ‫‪ ،‬وليس كذلك (كما يتوهم)‪ ،‬بل هو (أي يف دليلنا) إشارة إىل أحد أدلة بطّلن التسلسل‪ ،‬وهو (أي أحد األدلة املشار إليه) أنه لو ترتبت‬ ‫سلسلة املمكنات ال إىل ٍ‬ ‫هناية الحتاجت (أي السلسلة مبجموعها) إىل علة (أي إىل ُم موِجد‪ .‬ألن السلسلة ممكنة وإن كان غري متناهية) ‪ ،‬وهي (أي‬ ‫العلة) ال جيوز أن تكون نفسها (أي نفس السلسلة) وال بعضها‪ ،‬الستحالة كون الشيء علة لنفسه (أي يستحيل أن يكون الشُ موجداً‬ ‫لنفسه) ولِعِلَلِه (هذا إذا كان بعض املمكنات علة لبعض اآلخر‪ .‬والبعض اآلخر علة لذلك البعض فكيون علة لعلله) ‪ ،‬بل يكون (موجد السلسلة) خارجاً‬ ‫عنها (أي عن السلسلة)‪ ،‬فتكون واجباً فتنقطع السلسلة (وهو املطلوب)‪.‬‬ ‫(برهان التطبيق)‬

‫التنبيه‬

‫برهان التطبيق هو من أشهر األدلة على بطّلن التسلسل بل على بطّلن وجود كل ما ال هناية له من املمكنات‪ .‬وهذا الربهان أحد أركان علم‬ ‫الكّلم (النرباس)‪.‬‬

‫ومن مشهور األدلة (لبطّلن التسلسل) برهان التطبيق‪ ،‬وهو أن تفرض من املعلول األخري (مثّلً عشرة) إىل غري هناية مجلة‬ ‫(أي سلسلة) و(تفرض) مما قبله بواحد (أي من املعلول الثاىن الذى يكون علة لذالك املعلول األخري) مثّلً (تسعة) إىل غري النهاية مجلة أخرى (أي‬ ‫سلسلة أخرى)‪ ،‬فهذه اجلملة (أي تسعة) جزء من اجلملة األوىل (أي عشرة) و كل من اجلملتني متناه يف جانب النزول‪ .‬غري متناه يف‬ ‫جانب الصعود‪ ،‬مث تطبق اجلملتني (أي نطبق اجلملة األوىل بالثانية) بأن ّتعل األول (أي عشرة) من اجلملة األوىل (أي من السلسلة األوىل)‬ ‫بإزاء األول (أي تسعة) من اجلملة الثانية (أي من السلسلة الثانية) ‪ ،‬والثاين (أي تسعة من السلسلة األوىل) بالثاين (أي مثانية من السلسلة الثانية)‬ ‫جرا (أي افرض التطبيق يف مجيع أجزاء السلسلتني)‪ ،‬فإن كان بإزاء كل واحد من األوىل (أي من السلسلة األوىل) واحد من الثانية (أي من‬ ‫وهلم َّ‬ ‫السلسلة الثانية) كان الناقص (وهى السلسلة الثانية أي تسعة) كالزائد (وهى السلسلة األوىل أي عشرة) وهو حمال (ألن الكل أي عشرة أعظم من اجلزء‬ ‫أي تسعة)‪ ،‬وإن مل يكن (بإزاء كل واحد من األوىل واحد من الثانية) فقد وجد يف األوىل(يف السلسلة األوىل أي عشرة) ما ال يوجد بإزائه (أي يف‬ ‫السلسلة الثانية أي تسعة) شيء (أي ال يوجد واحد زائد) يف الثانية (أي يف السلسلة الثانية) فتنقطع الثانية (أي السلسلة الثانية) وتتناهي ويلزم منه‬ ‫(أي من انقطاع السلسلة الثانية) تناهي األوىل (أي السلسلة األوىل) ألهنا (أي السلسلة األوىل) ال تزيد على الثانية (أي على السلسلة الثانية) إال بقدر‬ ‫متناه (كالواحد يف مثالنا)‪ ،‬والزائد (أي واحد) على املتناهي (أي ِصفر) بقدر متناه يكون متناهياً بالضرورة‪.‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪17‬‬

‫(الرسم التخطيطي لبرهان التطبيق)‬ ‫التطبيق‬ ‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬

‫زائد‬

‫السلسلة األولى‪:‬‬

‫‪1‬‬

‫السلسلة الثانية‪:‬‬

‫‪0‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫‪5‬‬

‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪8‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪9‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪...‬إلى ال النهاية‬ ‫‪...‬إلى ال النهاية‬

‫متناهى‬

‫(اعرتاض مقدر على برهان التطبيق)‬ ‫صح برهان التطبيق فيجرى يف األعداد ومعلومات اللاه تعاىل ومقدوراته أيضاً مع أهنا ال تتناهى باسإمجاع!‬ ‫اعتراض مق ّدر لو ا‬

‫جواب وهذا التطبيق إمنا يكون فيما دخل حتت الوجود (يف اخلارج)‪ ،‬دون ما هو ومهي حمض (من غري أن يكون موجوداً يف اخلارج)‪،‬‬ ‫فإنه (تطبيقه) ينقطع بانقطاع الوهم‪ ،‬وال يرد النقض (أي اعرتاض) مبراتب العدد‪ ،‬بأن يطبق مجلتان (أي سلسلتان) إحدامها من الواحد‬ ‫ال إىل هناية‪ ،‬والثانية من االثنني ال إىل هناية‪ ،‬وال (يرد النقض) مبعلومات اهلل ومقدوراته‪ ،‬فإن األوىل (أي مقدورات) أكثر من الثانية‬ ‫(أي من املعلومات) مع ال تناهيهما (أي مقدورات ومعلومات)‪.‬‬ ‫املعلومات أكثر من املقدورات ألن ذات احلق سبحانه معلومة له غري مقدورة له‪ .‬واحملاالت معلومة غري مقدورة‪ .‬والعامة إذا مسعوا ذلك‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬ ‫مسعت بعض املوسومني بالعلم يقول هو قادر على خلق شريكه وهكذا كمن بىن قصراً وهدم‬ ‫أنكروا إنكاراً عظيماً زاعمني أنه مستلزم العجز حىت ُ‬ ‫مصراً إذا بطل التوحيد الذى هو أعظم أصول اسإسّلم مبراعة القدرة على حسب ومهه الفاسد‪ ،‬وأنت تعلم أن تعلق إرادة اللاه سبحانه باحملال حمال‪ ،‬والعجز إمنا يلزم فيمن‬ ‫أراد ومل يستطيع‪ .‬فاحفظه‪( .‬النرباس)‬

‫(وجه عدم ورود النقض باألعداد واملعلومات واملقدرات)‬ ‫وذلك (أي عدم ورود النقص باألعداد واملعلومات واملقدورات ثابت) ألن معىن ال تناهي األعداد واملعلومات واملقدورات أهنا ال‬ ‫حد و ٍ‬ ‫احد ال يتصور فوقه آخر (فإناك لن تستطيع أن تتصور عدداً إال أن ميكن املزيد عليه)‪ ،‬ال مبعىن أن ما ال هناية له يدخل‬ ‫تنتهي إىل ِّ‬ ‫حتت الوجود فإنه حمال (سواء كان الوجود خارجياً أو علميًا وخّلصة الكّلم املوجود من العدد واملقدورات واملعلومات متناهٍ واملوهوم ال جيرى فيه التطبيق)‪.‬‬

‫‪18‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫[ البحث في وجوب اعتقاد أن خالق العالم واحد أحد منفرد ]‬ ‫(برهان التمانع على أن الصانع للعامل هو الواحد األحد)‬ ‫((الواحد)) يعين أن صانع العامل واحد‪ ،‬فّل ميكن أن يصدق مفهوم واجب الوجود إال على ذات واحدة‪.‬‬

‫واملشهور يف ذلك (أي يف وحدة الصانع) بني املتكلمني برهان التمانع املشار إليه بقوله تعاىل‪ ﴿ :‬لو كان فيهما آلهة إال‬

‫اهلل لفسدتا ﴾‪.3‬‬ ‫وتقريره (أي برهان التمانع) ‪ :‬أنه لو أمكن إهلان ألمكن بينهما متانع بأن يريد أحدمها حركة زيد واآلخر سكونه (يف آن‬ ‫أمر ممكن‪ ،‬وكذا تعلق اسإرادة بكل منهما (أي هو ممكن أيضاً) إذ ال تضاد‬ ‫واحد)‪ ،‬ألن كّلً منهما (أي من احلركة والسكون) يف نفسه ٌ‬ ‫بني اسإرادتني (لتعدد حملهما وهو اسإهلني)‪ ،‬بل (تضاد) بني املرادين (أي بل التضاد بني املر َادين من احلركة والسكون حىت امتنع اجتماعهما معاً يف زيد)‪،‬‬ ‫وحينئذ إما أن حيصل األمران فيجتمع الضدان أو ال (حيصل األمران بل حيصل األمر) فيلزم عجز أحدمها‪ ،‬وهو (أي العجز) أمارة‬ ‫احلدوث واسإمكان (أي دليل احلدوث واسإمكان) ملا فيه (أي يف العجز) من شائبة االحتياج‪.‬‬ ‫(النتيجة من برهان التمانع)‬ ‫فالتعدد (أي إمكان التعدد اآلهلة) مستلزم سإمكان التمانع املستلزم للمحال‪ ،‬فيكون (التعدد) حماالً (فّل يكون ممكناً إذ بضرورة‬

‫العقل أن إمكان احملال حمال‪.).‬‬

‫وهذا تفصيل (من برهان التمانع) ما يقال (والقائل اسإمام أبو احلامد الغزاىل)‪ :‬إن أحدمها إن مل يقدر على خمالفة اآلخر لزم‬ ‫عجزه‪ ،‬وإن قدر لزم عجز اآلخر (وهذه العبارة يف غاية احلسن واسإجياز)‪.‬‬ ‫(دفع االعرتاضات الثّلثلة)‬ ‫ومبا ذكرنا (يف تقرير التمانع) يندفع ما يقال‪:‬‬ ‫)‪ (9‬إنه جيوز (أي ميكن) أن يتفقا من غري متانع (دفعه بقوله ’’ألمكن بينهما متانع‘‘ وذلك أل ان جواز االتفاق ال يناىف إمكان التمانع)‪.‬‬ ‫)‪ (7‬أو أن تكون املمانعة واملخالفة غري ممكن الستلزامها احملال (وهو العجز‪ :‬دفعه بقوله ’’الن كّل منهما يف نفسه أمر ممكن‘‘)‪.‬‬ ‫أو أن ميتنع اجتماع اسإرادتني كإرادة الواحد (كما ميتنع أن يريد اسإله الواحد) حركة زيد وسكونه معاً (دفعه بقوله ’’ال تضاد بني‬ ‫)‪(3‬‬ ‫إرادتني بل بني املرادين‘‘)‪.‬‬ ‫(قوله تعاىل ﴿ لو كان فيهما آهلة إال اللاه لفسدتا ﴾ حجة إقناعية ال يقينية)‬ ‫واعلم أن قول اهلل تعاىل‪ ﴿ :‬لو كان فيهما آلهة إال اهلل لفسدتا ﴾ ‪ 3‬حجة إقناعية‬ ‫الظن خبّلف املشار إليه باآلية الكرمية فإناه قطعى يف نفسها وفيه تأمل)‪ ،‬واملّلزمة (أي كون الفساد الزما للتعدد) عادية (أي منسوبة إىل العادة)‪ ،‬على ما‬ ‫هو الّلئق باخلطابيات (أي األشياء الىت خياطب هبا العامة)‪ ،‬فإن العادة جارية بوجود التمانع والتغالب عند تعدد احلاكم (بيان لقوله‬ ‫(هنية يعىن يعتقد هبا الظن ال اليقني وال يفيد إال‬

‫واملّلزمة عادية)‪ ،‬على ما أشري إليه بقوله تعاىل‪ ﴿ :‬ولعال (أي غلب) بعضهم (أي بعض اآلهلة) على بعض ﴾‪ 1‬وإال‬

‫‪1‬‬

‫األنبياء اآلية (‪.)11‬‬

‫‪1‬‬

‫املؤمنون اآلية (‪.)90‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫(أي وإن مل جنعل احلجة‬

‫‪19‬‬

‫هنية واملّلزمة عادية بل جعلنا احلجة يقينة واملّلزمة عقلية كان الدليل غري تام)‪ ،‬فإن أريد (بقوله تعاىل لفسدتا) به الفساد بالفعل‪ ،‬أي خروجهما‬ ‫السماء واألرض) عن هذا النظام املشاهد فمجرد التعدد (بّل متانع) ال يستلزمه (أي الفساد)‪ ،‬جلواز االتفاق على هذا النظام (املشاهد‬ ‫احملسوس بني أعيننا) املشاهد‪ ،‬وإن أريد (بقوله تعاىل لفسدتا) إمكان الفساد (بأن يكون املعىن لو كان فيهما آهلة ألمكن فسادمها) فّل دليل على‬ ‫انتفائه (أي على استحالة الفاسد)‪ ،‬بل النصوص شاهدة بطي السماوات ورفع هذا النظام (قال اللاه تعاىل‪ ﴿ :‬يوم نطوى السماء كطى السجل‬ ‫للكتب ﴾ [األنبياء‪ ،]914:‬وقال ﴿ إذا السماء انشقت ﴾ [االنشقاق‪ ،]9:‬وقال ﴿ كل شُ هالك إاال وجهه ﴾ [القصص‪ ،]99 :‬وغريها من اآليات البيانات)‪،‬‬ ‫فيكون (الفساد) ممكناً ال حمالة‪.‬‬ ‫(االعرتاض على حصر الفساد يف املعنيني املذكورين‪ ،‬أعىن‪ :‬الفساد بالفعل والفساد باسإمكان)‬ ‫اعتراض ال يقال (أي ال يعرتض أحد بأن)‪ :‬املّلزمة قطعية واملراد بفسادمها (أي السماء واألرض) عدم تكوهنما (أي عدم وجودمها وهذا معىن‬ ‫ثالث حممل يف معىن الفساد فّل يصح احلصر يف املعنيني املذكورين) ‪ ،‬مبعىن أنه لو فرض صانعان ألمكن بينهما متانع يف األفعال‪ ،‬فلم يكن‬ ‫أحدمها صانعاً‪ ،‬فلم يوجد مصنوع (أصّلً)‪.‬‬ ‫جواب ألنا نقول‪ :‬إمكان التمانع ال يستلزم إال عدم تعدد الصانع (أي ال يكون كل منهما صانعني)‪ ،‬وهو (أي عدم تعدد الصانع) ال‬ ‫يستلزم انتفاء املصنوع (جلواز أن يوجد بأحدمها انتفاء)‪ ،‬على أنه (أي غري أنه) يرد منع املّلزمة (يف اآلية) إن أريد عدم التكون بالفعل (جلواز‬ ‫االتفاق فإن إمكان التمانع ال يستلزم وقوعه)‪ ،‬ومنع انتفاء الّلزم (أي انتفاع إمكان عدم التكون) إن أريد باسإمكان (أي عدم تكون باسإمكان)‪.‬‬ ‫(أي‬

‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫فاحلاصل من اجلواب املذكور أناك إن أردت لو كان آهلة (إال اهلل) مل يوجد املصنوعات فّل مت املّلزمة جلواز اسإتفاق‪ ،‬وإن أردت لو كان آهلة‬ ‫(إال اهلل) ألمكن أن ال يوجد املصنوعات فّل مت‪ .‬إ ان هذا اسإمكان منتف فإن عدم وجودها ممكن بل واقع عند احلشر‪( .‬النرباس)‬

‫(اعرتاض على كلمة "لو" يف قوله تعاىل ﴿ لو كان آهلة إال اهلل لفسدتا ﴾)‬ ‫اعتراض فإن قيل‪ :‬مقتضى كلمة لو (على ما ذكره النحاة) أن انتفاء الثاين يف الزمان املاضي بسبب انتفاء األول (كما يف قولك لو‬ ‫جئتَىن ألعطيتك فإن معناه انتفاء اسإعطاء بسبب انتفاء اجملُ)‪ ،‬فّل يفيد (اآليةُ) إال الداللة على أن انتفاء الفساد يف الزمان املاضي بسبب‬ ‫انتفاء التعدد (يف املاضى فّل يلزم منها املطلوب الذى هو انتفاء التعدد مطلقاً فّل يصلح هذه احلجة حجة على انتفاء التعدد)‪.‬‬ ‫جواب قلنا‪ :‬نعم هذا (ثابت) حبسب أص ل اللغة‪ ،‬لكن قد تستعمل لّلستدالل بانتفاء اجلزاء على انتفاء الشرط من غري‬ ‫داللة على تعيني زمان (من املاضى واحلال واملستقبل)‪ ،‬كما يف قولنا‪ :‬لو كان العامل قدمياً لكان غري متغري‪ ،‬واآلية من هذا القبيل‪،‬‬ ‫وقد يشتبه على بعض األذهان أحد االستعمالني باآلخر‪ ،‬فيقع يف اخلبط (أي خطأ)‪.‬‬

‫‪51‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫[ البحث في وجوب اعتقاد ان اهلل سبحانه لم يزل وال يزال ]‬ ‫قال سبحانه وتعالى‪ ﴿ :‬هو األول – واألخر ﴾[ الحديد‪]3 :‬‬ ‫((القديم (أي وجوده ليس مسبوقاً بالعدم))) هذا تصريح مبا علم التزاماً (من قوله ’’و ِ‬ ‫احملدث للعا َمل هو اهلل تعاىل‘‘)‪ ،‬إذ الواجب ال‬ ‫يكون إال قدمياً‪ ،‬أي ال ابتداء لوجوده‪ ،‬إذ لو كان حادثاً مسبوقاً بالعدم لكان وجوده من غري ضرورة (أل ان املعدوم ال يكون موجوداً‬ ‫لنفسه بداهة)‪ ،‬حىت وقع يف كّلم بعضهم أن الواجب والقدمي مرتادفان‪ ،‬لكنه ليس مبستقيم‪ ،‬للقطع (أي باليقني) بتغاير املفهومني‬ ‫فهومني)‪.‬‬ ‫(أي بسبب تغاير امل َ‬ ‫(اختّلف املشائخ يف النسبة بني الواجب والقدمي)‬

‫مهم‬ ‫تمهيد ّ‬

‫)‪ (1‬ذهب اجلمهور إىل أن النسبة بني الواجب و القدمي عموم وخصوص مطلق‪.‬‬ ‫)‪ (2‬ذهب اسإمام محيد الدين الضريررح من املتأحرين إىل أن النسبة بينهما التساوى‪.‬‬

‫وإمنا الكّلم يف التساوي (أي اختّلف يف النسبة) حبسب الصدق‪.‬‬ ‫)‪ (9‬فإن بعضهم (أي اجلمهور) على أن القدمي أعم لصدقه (أي لصدق القدمي) على صفات الواجب‪ ،‬خبّلف الواجب فإنه (أي‬ ‫الواجب) ال يصدق عليها (أي على الصفات بل يصدق على الذات فقط)‪.‬‬ ‫سوال مق ّدر‬

‫سوال مقدر على هذا القول املذكور‪ :‬لو كان القدمي أعم من الواجب يلزم تعدد القدماء؟‬

‫جواب وال استحالة (أي ال إشكال) يف تعدد الصفات القدمية‪ ،‬وإمنا املستحيل (أي إشكال) يف تعدد الذوات القدمية‪.‬‬ ‫)‪ (7‬ويف كّلم بعض املتأخرين كاسإمام محيد الدين الضرير رمحه اهلل ومن تبعه تصريح بأن واجب الوجود لذاته هو اهلل تعاىل‬ ‫وصفاته‪.‬‬ ‫(دليل املتأخرين كاسإمام ُمحَيد الدين الضرير)‬ ‫واستدلوا على أن كل ما هو قدمي فهو واجب لذاته بأنه لو مل يكن (القدمي) واجباً لذاته لكان جائز العدم يف نفسه‬ ‫باحملدث (بفتح‬ ‫مرجح جلانب الوجود على العدم) فيكون حمدثاً‪ ،‬إذ ال نعين َ‬ ‫(أي ممكن العدم يف نفسه)‪ ،‬فيحتاج يف وجوده إيل خمصص (أي ا‬ ‫الدال) إال ما يتعلق وجوده بإجياد شيء آخر‪.‬‬ ‫(اعرتاض املتأخرين على أنفسهم وجواهبم ألنفسهم)‬ ‫مث اعرتضوا (هؤالء املستدلون على أنفسهم) بأن الصفات لو كانت واجبة لذاهتا لكانت باقية‪ .‬والبقاء معىن‪ ،‬فيلزم قيام املعىن (أي بقاء)‬ ‫باملعىن (أي صفات‪ ,‬وهو حمال كما أن قيام العرض بالعرض حمال)‪.‬‬ ‫فأجابوا (من أنفسهم) بأن كل صفة (إهلياة) فهى باقية ببقاء هو نفس تلك الصفة (أي الصفة يف نفسها معىن البقاء وليس امراً زائداً عليها حىت‬ ‫يلزم قيام العرض بالعرض)‪.‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪50‬‬

‫( ارد املصنف على مذهب اجلمهور واملتأخرين)‬ ‫وهذا كّلم يف غاية الصعوبة (أي القول بأن الصفات واجبة كما مذهب بعض املتأخرين والقول بأهنا غري واجبة بل هى ممكنة كما ذهب‬ ‫القائلون من اجلمهور بأن القدمي أعم من الواجب‪ ,‬كالهما مشكل)‪ ،‬فإن القول (هذا رد على مذهب بعض املتأخرين) بتعدد الواجب لذاته مناف‬ ‫للتوحيد‪.‬‬ ‫والقول بإمكان الصفات ينايف قوهلم (أي قول اجلمهور) بأن كل ممكن فهو حادث (هذا رد على مذهب اجلمهور)‪.‬‬ ‫ورد الشارح على جواهبم)‬ ‫(جواب اجلمهور ا‬ ‫فإن زعموا (أي اجلمهور القائلون بإمكان الصفات في الجواب عن هذه املنافاة املذكورة) أهنا (أي الصفات) قدمية بالزمان مبعىن عدم‬ ‫املسبوقية بالعدم وهذا (املعىن) ال ينايف احلدوث الذايت مبعىن االحتياج إىل ذات الواجب‪ ،‬فهو (أي هذا اجلواب من جانب اجلمهور باطل‬ ‫ألناه) قول مبا ذهب إليه الفّلسفة من انقسام كل من القدم واحلدوث إىل الذايت والزماين‪ ،‬وفيه (أي يف القول بأن الصفات قدمية بالزمان‪.‬‬ ‫حادثة بالذات) رفض (أي ترك) لكثري من القواعد‪ ،‬وستأيت (يف شرح قول املصنف يف الصفات ’’وهى ال هو وال غريه‘‘) هلذا (أي لكون الصفات واجبة‬ ‫أو ممكنة) زيادة حتقيق‪.‬‬ ‫((الحي القادر العليم السميع البصير الشائي المريد)) ألن دليل بديهة العقل (أي أول توجه) جازمة بأن حمدث‬ ‫العامل على هذا النمط (أي الطريقة) البديع (العجيب) والنظام احملكم‪ ،‬مع ما يشتمل (أي العا َمل) عليه من األفعال املتقنة (أي‬ ‫املستحكمة بّل خلل) والنقوش املستحسنة ال يكون بدون هذه الصفات‪ ،‬على أن أضدادها (وهى املوت والعجز واجلهل والصم والبكم والعمى‬ ‫واالضطرار) نقائص جيب تنـزيه اهلل عنها (أي عن هذه النقائص)‪ ،‬وأيضاً قد ورد الشرع هبا (أي القرآن واألحاديث املتواترة نطقت سإثبات هذه‬ ‫الصفات)‪.‬‬ ‫(الصفات على قسمني)‬ ‫)‪ (9‬وبعضها (أي الصفات) مما ال يتوقف ثبوت الشرع عليها (أي على تلك الصفات) فيصح التمسك (أي االستدالل) فيها (أي يف الصفات‬ ‫فيصح التمسك بالشرع على التوحيد)‪.‬‬ ‫الىت ال يتوقف ثبوت الشرع عليها) كالتوحيد (أي كما أن التوحيد ال يتوقاف ُ‬ ‫ثبوت الشرع عليه ا‬ ‫)‪ (7‬خبّلف وجود الصانع وكّلمه وَنو ذلك (كالعلم والقدرة واسإرادة) مما يتوقف ثبوت الشرع عليه‪.‬‬

‫‪51‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫[ التقديسات والتنزيهات ]‬ ‫((ليس بعرض (أي ليس اهللُ بعرض)))‪ ،‬ألنه (أي العرض) ال يقوم بذاته‪ ،‬بل يفتقر (أي حيتاج) إىل حمل يقومه (أي جيعله قائماً)‪،‬‬ ‫العرض) ممكناً‪ ،‬وألنه (أي العرض) ميتنع (أي ال ميكن) بقاؤه وإال (أي لو كان العرض باقياً) لكان البقاء معىن قائماً به (أي بالعرض)‪،‬‬ ‫فيكون ( ُ‬ ‫جوزوا قيام العرض بالعرض)‪.‬‬ ‫فيلزم قيام املعىن باملعىن وهو حمال (خّلفاً للفّلسفة فإ اهنم ا‬ ‫(دليل امتناع قيام العرض بالعرض عند الشارح)‬ ‫ألن قيام العرض بالشيء معناه أن حتيزه (أي حتيز العرض) تابع لتحيزه (أي لتحيز العرض) ‪ ،‬والعرض ال حتيز له بذاته (بل إمنا‬ ‫يتحيز تبعاً ملوضوعه) حىت يتحيز غريه بتبعيته‪.‬‬ ‫وهذا (أي دليل امتناع بقاء العرض) مبين على أن بقاء الشيء معىن زائد على وجوده‪ ،‬وأن القيام معناه التبعية يف التحيز‬ ‫(يريد أ ن الدليل المتناع بقاء العرض موقوف على هاتني املقدمتني ومها ممنوعتان)‪ ،‬واحلق أن البقاء استمرار الوجود وعدم زواله (هذا إبطال للمقدمة‬ ‫األوىل) وحقيقته (أي حقيقة البقاء) الوجود (أي وجود الشُ) من حيث النسبة (أي نسبة الوجود) إىل الزمان الثاين‪.‬‬ ‫ومعىن قولنا‪ُ ’’ :‬وِج َد فلم يَـمب َق‘‘ أنه حدث فلم يستمر وجوده ومل يكن ثابتاً يف الزمان الثاين (وحاصله أن اسإثبات أي وجد‪،‬‬ ‫والنفى أي مل يبق‪ ،‬مل يَِرَدا على الوجود يف زمان واحد بل املثمبِت هو الوجود يف الزمان األول واملنفي هو الوجود يف الزمان الثاىن فّل تناقض يف قولنا)‪ ،‬وأن (معىن)‬ ‫القيام هو االختصاص الناعت (أي اختصاص الوصف باملوصوف هذا إبطال للمقدمة الثانية) باملنعوت‪ ،‬كما يف أوصاف الباري تعاىل‪ ،‬وأن‬ ‫انتفاء األجسام يف كل آن و(مبعىن مع) مشاهدة بقائها بتجدد األمثال ليس بأبعد من ذلك (أي من االنتفاء والتجدد) يف األعراض‬ ‫(هذا إبطال لقوهلم ’’ميتنع بقاء العرض‘‘ بعد إبطال دليله‪ ،‬وحاصله أن األعراض باقية ألن بقاء األجسام ضرورى)‪.‬‬ ‫جوزوا قيام العرض بالعرض)‬ ‫(الرد على دليل الفّلسفة الذين ا‬ ‫نعم متسكهم (أي الفّلسفة) يف (جواز) قيام العرض بالعرض بسرعة احلركة وبطئها (حيث قالوا احلركة عرض قائم باجلسم‪ .‬والسرعة‬ ‫والبطؤ عرضان قائمان باحلركة) ليس بتام (أي ليس هذا الدليل صحيحاً) إذ ليس هنا (أي يف احلركة السريعة والبطيئة) شيء هو حركة آخر هو سرعة‬ ‫وبطء (حىت يقال أهنما قائمان باحلركة) ‪ ،‬بل هنا حركة خمصوصة تسمى بالنسبة إىل بعض احلركات سريعة وبالنسبة إىل البعض بطيئة‪،‬‬ ‫وهبذا تبني أن ليس السرعة والبطء (أي احلركة السريعة والبطيئة) نوعني خمتلفني من احلركة‪ ،‬إذ األنواع احلقيقية ال ختتلف باسإضافات‪.‬‬ ‫صرحوا بأناه جسم))) ألنه (أي جسم) مرتكب ومتحيز‪ ،‬وذلك أمارة احلدوث‬ ‫((وال جسم (خّلف للمجسمة واملشبهة فإهنم ا‬ ‫املرتكب حمتاج إىل أجزائه واملتحيز حمتاج إىل حيزه واالحتياج من خواص املمكن)‪.‬‬

‫(أل ان‬

‫((وال جوهر (أي إن البارى سبحانه ليس جبوهر))) أما عندنا (أي عند أهل هذا الفن) ف نه اسم للجزء الذي ال يتجزأ‪ ،‬وهو‬ ‫جوهر) متحيز وجزء من اجلسم‪ ،‬واهلل تعاىل متعال عن ذلك (أي من التحيز وجزء من اجلسم)‪.‬‬ ‫(تعريف اجلوهر عند الفّلسفة ال جيوز إطّلقه على الواجب لكونه اجلوهر ممكناً)‬ ‫وأما عند الفّلسفة ف هنم وإن جعلوه (أي جوهر) امساً للموجود ال يف موضوع (حيث قالوا اجلوهر موجود ال يف املوضوع) الذي‬ ‫إطّلقهما على الصانع من جهة جمرداً (أي ٍ‬ ‫خال من املادة مثّلً العقول والنفوس اجملردة) كان أو متحيزاً (مثل األجسام) لكنهم جعلوه (أي‬ ‫اجلوهر) من أقسام املمكن وأرادوا به (أي باجلوهر) املاهية املمكنة اليت إذا وجدت كانت ال يف موضوع‪.‬‬ ‫(أي‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪51‬‬

‫(ثّلثة وجوهٍ لعدم جواز إطّلق اجلسم واجلوهر على الواجب تعاىل)‬ ‫سرون اجلسم بالقائم بذاته)‬ ‫)‪ (9‬وأما إذا أريد هبما (أي باجلسم واجلوهر) القائم بذاته (كبعض املبتدعة فإ اهنم يطلقون اجلسم على الواجب تعاىل ويف ا‬ ‫واملوجود ال يف موضوع (أي لو أريد باجلوهر املوجود ال يف موضوع) فإمنا ميتنع إطّلقهما (أي اجلسم واجلوهر) على الصانع من جهة عدم‬ ‫ورود الشرع بذلك (أي مل يوجد هذا اسإطّلق يف القرآن واحلديث)‪.‬‬ ‫يصح على الواجب)‪.‬‬ ‫)‪ (7‬مع تبادر الفهم إىل املرتكب واملتحيز (أي الفهم يتبادر ويسرع من اجلسم واجلوهر إىل املعىن الذى ال ا‬ ‫)‪ (3‬وذهاب (أي ذهب) اجملسمة والنصارى إىل إطّلق اجلسم واجلوهر عليه (أي على اهلل تعاىل) باملعىن الذي جيب تنـزيه اهلل تعاىل‬ ‫عنه‪.‬‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫اجملسمة فقالوا هو جسم كسائر األجسام جلس على العرش‪ .‬وأما النصارى فقالوا هو جوهر منقسم إىل ثّلثة اجزاء‪ .‬األب واالبن وروح‬ ‫أما ا‬ ‫عما يصفون)‬ ‫العرش‬ ‫رب‬ ‫اهلل‬ ‫فسبحان‬ ‫(‬ ‫القدس‪.‬‬ ‫ّ‬

‫(اعرتاض على قول الشارح‪’’ :‬من جهة عدم ورود الشرع‘‘)‬ ‫اعتراض فإن قيل (اعرتاض بالنقض على قوله ’’من جهة عدم ورود الشرع‘‘)‪ :‬كيف صح إطّلق املوجود والواجب والقدمي وَنو ذلك مما‬ ‫مل يرد به الشرع ؟‬ ‫األول قلنا‪ :‬باسإمجاع (أي جيوز إطّلق املوجود والواجب والقدمي على اهلل تعاىل باسإمجاع) وهو (أي إمجاع) من األدلة الشرعية‪.‬‬ ‫الجواب ّ‬ ‫الجواب الثاني وقد يقال (يف اجلواب لتصحيح إطّلق املوجود ونظائره) ‪ :‬إن اهلل والواجب والقدمي ألفاٌ مرتادفة‪ ،‬واملوجود الزم‬ ‫للواجب‪ ،‬وإذا ورد الشرع بإطّلق اسم بلغة (كلفظ اهلل) فهو إذن بإطّلق ما يرادفه من تلك اللغة (كالواجب والقدمي) أو من لغة‬ ‫أخرى (كاسم ’’ ُخدا‘‘ بالفارسية) وما يّلزم معناه (كاملوجود)‪ ،‬وفيه (أي يف اجلواب الثاىن) نظر‪.‬‬

‫مصور)) أي ذي صورة وشكل مثل صورة إنسان‪ ،‬أو فرس ألن تلك (أي الصورة) من خواص األجسام حيصل‬ ‫((وال َّ‬ ‫هلا (أي الصورة) بواسطة الكميات (كالطول والعرض والعمق) والكيفيات (كاأللوان واالستقامة واالَنناء) وإحاطة احلدود والنهايات (قيل احلد‬ ‫خارج عن احملدود والنهاية داخلة فيه والظاهر أ اهنما مرتادفان أو متساويان)‪.‬‬ ‫((وال محدود)) أي ذي حد وهناية‪.‬‬

‫((وال معدود)) أي ذي عد وكثرة‪ ،‬يعىن ليس حمّلً للكميات املتصلة كاملقادير‪ ،‬وال املنفصلة كاألعداد وهو هاهر‪.‬‬

‫الكم إما أن ينقسم إىل أجزاء ال تشرتك يف حد واحد وهو املنفصل ويسمى العدد‪ ،‬فإ ان العشرة إذا قسمت‬ ‫الكم ٌ‬ ‫عرض يقبل القسمة لذاته‪ ،‬مث ا‬ ‫فائدة مهمة إن ا‬ ‫ّ‬ ‫الكم ينقسم إىل أجزاء تشرتك يف حد واحد‬ ‫بستة واربعة مثّلً‪ ،‬مل ميكن بني الستة واألربعة حد مشرتك وإال صارت الستة سبعة واألربعة مخسة‪ ،‬أو ا‬ ‫قسمى اخلط‪.‬‬ ‫وهو املتصل‪ ،‬مثّلً اخلط من املقادير إذا قسمت اخلط بنقطة كانت النقطة حدا مشرتكا لكل من َ‬

‫((وال متبعض وال متجزئ)) أي ذي أبعاض وأجزاء‪.‬‬

‫((وال متركب منها (أي من األبعاض واألجزاء))) ملا يف كل ذلك (أي التبعيض والتجزى والرتكب) من اسإحتياج املنايف للوجوب‬ ‫كباً‪ ،‬وباعتبار إَنّلله إليها (أي تفرقاه إىل‬ ‫يسمى باعتبار تألافه منها (أي من األجزاء) مرتا‬ ‫(أي للوجوب الذاتى واأللوهية والربوبية)‪ ،‬فما له أجزاء ا‬ ‫ومتجزياً‪.‬‬ ‫متبعضاً ا‬ ‫تلك األجزاء) ا‬ ‫((وال متناه)) ألن ذلك من صفات املقادير واألعداد‪.‬‬

‫‪51‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫((وال يوصف بالماهية)) أي اجملانسة (هو االحتاد يف اجلنس) ل شياء‬ ‫واملاهية املشرتكة)‪ ،‬ألن معىن قولنا ما هو (يف اللغة)؟ من أي جنس هو؟‪ ،‬واجملانسة (املنطقية) توجب التمايز عن املتجانسات (أي عن‬ ‫املشرتكات يف املاهية اجلنسياة) بفصول مقومة‪ ،‬فيلزم الرتكيب (وإناه سبحانه بسيط باالتفاق)‪.‬‬ ‫(أي ال يكون احلق سبحانه شريكاً مع األشياء يف احلقيقة اجلنسية‬

‫((وال بالكيفية (أي الكيفيات احملسوسة))) أي من اللون والطعم والرائحة واحلرارة والربودة والرطوبة واليبوسة وغري ذلك مما‬ ‫هو من صفات األجسام وتوابع املزاج والرتكيب‪.‬‬

‫((وال يتمكن في مكان (أي ال يستقر يف مكان)))‪ ،‬ألن التمكن عبارة عن نفوذ بعد يف بعد آخر متحقق أو متوهم‬ ‫يسمونه املكان) عبارة عن امتداد قائم باجلسم (وهو العرض) أو بنفسه (وهو اجلوهر) عد القائلني بوجود‬ ‫يسمونه املكان‪ ،‬والبعد (الذى ا‬ ‫منزها عن املكان)‪.‬‬ ‫اخلّلء‪ ،‬واهلل تعاىل منـزه عن االمتداد واملقدار‪ ،‬الستلزامه التجزَ (فيكون ا‬ ‫(اعرتاض على أن ااحتاد املكان واحليز ليس بصحيح بل بينهما فرق)‬ ‫اعتراض فإن قيل‪ :‬اجلوهر الفرد متحيز وال بعد فيه (أي ال مكان فيه فثبت الفرق بني املكان واحليز)‪ ،‬وإال لكان (اجلوهر الفرد) متجزئاً‪.‬‬ ‫جواب قلنا‪ :‬املتمكن (أي املكان) أخص من املتحيز (أي أخص من احليز وإال قد يستعمل احليز مرادفاً للمكان فثبت أ ان اجلوهر الفرد متحيز وليس‬ ‫مبتمكن ونفى األخص ال يستلزم نفى األعم)‪ ،‬ألن احليز (عند املتكلمني) هو الفراغ املتوهم الذي يشغله شيء ممتد (كاجلسم) أو غري ممتد‬ ‫(كاجلوهر الفرد)‪ ،‬فما ذكر (من لزوم التجزى) دليل على عدم التمكن يف املكان (ال على عدم التحيز‪ .‬انتهى اجلواب)‪.‬‬ ‫وأما الدليل على عدم التحيز فهو (الدليل) أنه (أي اهلل تعاىل) لو حتيز فإما يف األزل فيلزم قدم احليز (وهو حمال)‪ ،‬أو ال (أي مل‬ ‫منزه عن ذلك)‪.‬‬ ‫يتحيز) فيكون (اهلل) حمّلً للحوادث (وهو حمال كذالك وهو سبحانه ا‬ ‫وأيضاً (دليل ثاىن على عدم التحيز) إما أن يساوي (اهللُ) احليز أو ينقص عنه (أي عن احليز)‪ ،‬فيكون متناهياً (وهذا باطل)‪ ،‬أو يزيد‬ ‫حق‬ ‫كل ذالك ٌ‬ ‫حمال ىف ِّ‬ ‫(اهللُ) عليه (أي على احليز) فيكون متجزئاً (أي لو كان اهلل سبحانه ىف حيازه زائ ٌد لكان قابّلً للقسمة واحلركة واالجتماع واالفرتاق و ُّ‬ ‫الواجب سبحانه أل ان واجب الوجود يناىف هذه األمور بالعقل والنقل)‪.‬‬ ‫وإذا مل يكن يف مكان مل يكن يف جهة ال علو وال سفل وال غريمها (من اليمني واليسار والقدام واخللف)‪ ،‬ألهنا (أي اجلهات) إما‬ ‫حدود وأطراف ل مكنة أو نفس األمكنة باعتبار عروض اسإضافة إىل شيء‪.‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪55‬‬

‫تبني من كّلم املصناف‪ .‬واتافق العلماء على وجوب اسإمساك عن الفكر ىف الذات وعلى‬ ‫منزه عن املكان واجلهة كما ا‬ ‫فائدة مهمة اعلم أن اهلل تعاىل ا‬ ‫ّ‬ ‫اجلهال ىف عصرنا هذا بَ َدأوا خيوضون ىف ذاته تعاىل واشتغلوا باآليات‬ ‫حترمي التكييف والتشبيه والتشكيل‪ ،‬ولكن باألسف‪ ،‬بعض ا‬ ‫صحة العقيدة على‬ ‫املتشاهبات‪ ،‬و ا‬ ‫املؤمن الختبار عقيدته‪ ،‬هل عقيدته صحيحة أم ال؟ فكأهنم جعلوا أساس ا‬ ‫نشروا السؤ َال ’’أين اهلل‘‘ ىف بلدنا هذا‪ ،‬حيث يُسأل ُ‬ ‫هذا السؤال واحلال أنه مل يسأل هذا ىف زمن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسالم إال من جارية ملا قال هلا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلام‪’’ :‬أين اهلل‘‘‪ ،‬قالت‪’’ :‬ىف‬ ‫السماء‘‘‪ ،‬قال‪’’ :‬من أنا‘‘‪ ،‬قالت‪’’ :‬أنت رسول اهلل‘‘‪ ،‬قال‪’’ :‬أعتقها فإ اهنا مؤمنة‘‘ كما ىف صحيح مسلم‪ ،‬فقال ابن عبد الرب‪ :‬هو على حد ﴿ أَأ َِم ْنتُ ْم َم ْن فِي‬ ‫ِ‬ ‫ب ﴾ [سورة فاطر‪ ،‬اآلية‪.]91:‬‬ ‫َّ‬ ‫الس َم ِاء أَ ْن يَ ْخ ِس َ‬ ‫ف بِ ُك ُم ﴾ [سورة امللك‪ ،‬اآلية‪ ]97:‬و﴿ إِلَيْ ِه يَ ْ‬ ‫صعَ ُد الْ َكل ُم الطَّي ُ‬ ‫قال الشيخ زكريا الكاندهلوى المدني فى أوجز المسالك‪:‬‬ ‫((قال الباجي‪ :‬لعلاها تريد وصفه بالعلو‪ ،‬وبذلك يوصف كل من شأنه العلو‪ ،‬فيقال‪ :‬مكان فّلن يف السماء‪ ،‬مبعين علو حاله ورفعته وشرفه‪.‬‬ ‫موحدة‪ ،‬ألن كفار العرب كان‬ ‫يتعرف أهناا مشركة أو ِّ‬ ‫وقال البيضاوي‪ :‬مل يرد به السؤال عن مكانه‪ ،‬فإنه ا‬ ‫منزه عنه‪ ،‬والرسول أعلى من أن يسأل ذالك‪ ،‬بل أراد أن ا‬

‫فلما قالت‪ :‬يف السماء‪ ،‬ويف رواية‪ :‬أشارت إىل‬ ‫صنم‬ ‫ٌ‬ ‫خمصوص يعبدونه‪ ،‬ولعل ُسفهاءهم كانوا ال يعرفون معبوداً غريه‪ ،‬فأراد أن يعرف أهنا ما تعبد؟ ا‬ ‫لكل قوم منهم ٌ‬ ‫موحدة‪ ،‬تريد بذلك نفي اآلهلة األرضية اليت هي األصنام‪ ،‬ال إثبات السماء مكاناً له تعاىل‪ ،‬وألناه كان مأموراً بأن يكلام الناس على قدر‬ ‫السماء‪ ،‬فَ ِه َم منها أهنا ا‬ ‫عقوهلم‪ ،‬ويهديهم إىل احلق على حسب فهمهم‪ ،‬ووجدها تعتقد أن املستحق للعبودية الذي يدبار األمر من السماء إىل األرض‪ ،‬ال اآلهلة اليت يعبدها املشركون‪ ،‬قنع‬ ‫منها بذلك ومل يكلافها اعتقاد ما هو صرف التوحيد وحقيقته)) انتهى‪.‬‬ ‫قال العالمة شبير أحمد العثماني في فتح الملهم ‪:‬‬

‫((قال القرطيب‪ :‬قيل‪ :‬أراد معرفة ما ي ادل على إمياهنا‪ ،‬ألن معبودات الكفار من صنم ونار باألرض‪ ،‬وكل منهم يسأل حاجته من معبوده‪ ،‬والسماء قبلة دعاء‬ ‫يدل‬ ‫املوحدون‪ ،‬وال يدل ذلك على جهة‪ ،‬وال اَنصاره يف السماء‪ ،‬كما ال ا‬ ‫املوحدين‪ ،‬فأراد كشف معتقدها‪ ،‬وخاطبها مبا تفهم‪ ،‬فأشارت إىل اجلهة اليت يقصدها ا‬ ‫ا‬ ‫التوجه إيل القبلة على اَنصاره يف الكعبة‪ ،‬وقيل‪ :‬إمنا سأهلا ((بأين)) عما تعتقده من عظمة اهلل تعاىل‪ ،‬وإشارهتا إىل السماء إخبار عن جّلله يف نفسها‪.‬‬ ‫ا‬ ‫يصح من السنن‪ ،‬وذهب‬ ‫وقال إمام احلرمني يف الرسالة النظامية‪ :‬اختلف مسالك العلماء يف هذه الظواهر‪ :‬فرأى بعضهم تأويلها‪ ،‬والتزم ذلك يف آي الكتاب‪ ،‬وما ا‬ ‫السلف إىل االنكفاف عن التأويل‪ ،‬وإجراء الظواهر على مواردها‪ ،‬وتفويض معانيها إىل اهلل تعاىل‪ ،‬والذي نرتضيه رأياً‪ ،‬وندين اهللَ به عقيدة‪ :‬اتباع سلف األمة‪،‬‬ ‫أئمة ا‬

‫للدليل القاطع على أن إمجاع األمة حجة‪ ،‬فلو كان تأويل هذه الظواهر حتماً ألوشك أن يكون اهتمامهم به فوق اهتمامهم بفروع الشريعة‪ ،‬وإذا انصرم عصر‬ ‫الصحابة والتابعني على اسإضراب عن التأويل كان ذلك هو الوجه املتبع‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫وأسند الّللكائي عن حممد بن احلسن الشيباين قال‪ :‬اتفق العلماء كلاهم من املشرق إىل املغرب على اسإميان بالقرآن‪ ،‬وباألحاديث اليت جاء هبا الثقات عن رسول اهلل‬ ‫فسر شيئاً منها وقال بقول جهم‪ ،‬فقد خرج عما كان عليه النيب صلى اهلل عليه وسلام وأصحابه‪،‬‬ ‫صلى اهلل عليه وسلام يف صفة الرب من غري تشبيه وال تفسري‪ ،‬فمن ا‬ ‫وفارق اجلماعة‪ ،‬ألنه وصف الرب بصفة ال شيء‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫بن سعد‪ ،‬عن األحاديث اليت فيها الصفة‪ ،‬فقالو‪ :‬أماروها كما جاءت بّل كيف‪.‬‬ ‫اعي‪ ،‬ومالكاً‪ ،‬و َّ‬ ‫الثوري‪ ،‬و َ‬ ‫سألت األوز َّ‬ ‫ومن طريق الوليد بن مسلم‪ُ :‬‬ ‫الليث َ‬ ‫مسعت الشافعي يقول‪ :‬هلل أمساء وصفات ال يسع أحداً ردُّها‪ ،‬ومن خالف بعد‬ ‫وأخرج ابن أيب حامت يف مناقب الشافعي رمحه اهلل تعاىل عن يونس بن عبد األعلى‪ُ :‬‬ ‫ثبوت احلجة عليه فقد كفر‪ ،‬و اأما قبل قيام احلجة فإنه يعذر باجلهل‪ ،‬أل ان علم ذلك ال يدرك بالعقل‪ ،‬وال الرؤية والفكر‪ ،‬فنثبت هذه الصفات‪ ،‬وننفي عنه التشبيه‪،‬‬ ‫كما نفى عن نفسه‪ ،‬فقال‪ ﴿ :‬لَيْ ِ ِ ِ‬ ‫الصفات‪ ،‬فإن صفات كل‬ ‫س َكمثْله َش ْيءٌ ﴾ [سورة الشورى‪،‬اآلية‪ ،]99 :‬وذات اهلل تعاىل ال تشبه الذوات‪ ،‬فصفاته ال تشبه ا‬ ‫َ‬ ‫موصوف تناسب ذاته‪ ،‬وتّلئم حقيقته‪ ،‬واآلثار فيه عن السلف كثرية‪ ،‬كذا ىف الفتح‪.‬‬ ‫السلف فيه‪ ،‬قال الكرماين‪ :‬هاهره غري مراد‪ ،‬إذ اهلل منزه عن احللول يف املكان‪ ،‬لكن ملا كانت جهة العلو أشرف من غريها‪،‬‬ ‫قوله‪ :‬ىف السماء‪ ،‬إخل‪ :‬قد ذكرنا مسلك ا‬ ‫الصفات‪ ،‬وبنحو هذا أجاب غريه عن األلفاٌ الواردة من الفوقية وَنوها‪.‬‬ ‫علو الذات و ا‬ ‫أضافها إليه إشارة إىل ا‬

‫قال الراغب رمحه اهلل‪ :‬فوق‪ :‬يستعمل يف املكان‪ ،‬والزمان واجلسم‪ ،‬والعدد‪ ،‬واملنزلة‪ ،‬والقهر (وذلك أضرب) فاألول‪ :‬باعتبار العلو‪ ،‬ويقابله حتت َنو ‪ ﴿ :‬قُ ْل ُه َو‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الْ َق ِ‬ ‫الصعود واالَندار‪َ ،‬نو‪ ﴿ :‬إِ ْذ َجاءُوُك ْم‬ ‫اد ُر َعلَى أَ ْن يَـ ْبـ َع َ‬ ‫ث َعلَْي ُك ْم َع َذابًا م ْن فَـ ْوق ُك ْم أ َْو م ْن تَ ْحت أ َْر ُجل ُك ْم ﴾ [سورة األنعام‪ ،‬اآلية‪ ،]71 :‬والثاني‪ :‬باعتبار ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اء فَـ ْو َق اثْـنَتَـ ْي ِن ﴾ [سورة النساء‪ ،‬اآلية‪ ،]99 :‬الرابع‪:‬‬ ‫م ْن فَـ ْوق ُك ْم َوم ْن أ ْ‬ ‫َس َف َل م ْن ُك ْم ﴾ [سورة األحزاب‪ ،‬اآلية‪ ،]91 :‬والثالث‪ :‬يف العدد‪َ ،‬نو‪ ﴿ :‬فَِإ ْن ُك َّن ن َس ً‬ ‫ض ُه ْم فَـ ْو َق بَـ ْع ٍ‬ ‫ض‬ ‫وضةً فَ َما فَـ ْوقَـ َها ﴾ [سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪ ،]77 :‬والخامس‪ :‬يقع تارة باع تبار الفضيلة الدنيوية‪َ ،‬نو‪َ ﴿ :‬وَرفَـ ْعنَا بَـ ْع َ‬ ‫يف الكرب والصغر‪ ،‬كقوله‪ ﴿ :‬بَـعُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ين اتَّـ َق ْوا فَـ ْوقَـ ُه ْم يَـ ْوَم الْقيَ َامة ﴾ [سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪ ،]797 :‬والسادس‪َ :‬نو قوله‪َ ﴿ :‬و ُه َو‬ ‫َد َر َجات ﴾ [سورة الزخرف‪ ،‬اآلية‪ ،]37 :‬أو األخروية‪َ ،‬نو‪َ ﴿ :‬والَّذ َ‬ ‫ِ‬ ‫اهر فَـو َق ِعب ِ‬ ‫ادهِ ﴾ [سورة األنعام‪ ،‬اآليتان‪ 99 :‬و‪ ﴿ ،]79‬يَ َخافُو َن َربَّـ ُه ْم ِم ْن فَـ ْوقِ ِه ْم ﴾ [سورة النحل‪ ،‬اآلية‪)).]11 :‬‬ ‫الْ َق ُ ْ َ‬ ‫انتهى كّلم صاحب فتح امللهم‪.‬‬

‫‪56‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫فائدة مهمة‬

‫(بقية من الصفحة السابقة)‬

‫ّ‬ ‫وقال اإلمام النووي في شرح مسلم‪:‬‬ ‫ان تَـ َقد ِ‬ ‫((ه َذا ا محل ِديث (أي حديث أين اهلل) ِمن أَح ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص َفات‪ ،‬وفِيها م مذهب ِ‬ ‫َحدمهَا‪ :‬ا ِسإميَان بِِه ِم من َغ مري َخ موض ِيف َم معنَاهُ‪َ ،‬م َع‬ ‫اديث ِّ‬ ‫َ‬ ‫َّم ذ مكرمهَا َمَّرات ِيف كتَاب ا ِسإميَان‪ .‬أ َ‬ ‫َ َ َ ََ‬ ‫م َ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ممَراد ا ممت َحاهنَا‪َ ،‬ه مل هي ُم َو ِّح َدة تُقار بأ َّ‬ ‫اِ معتِ َقاد أ َّ‬ ‫َن‬ ‫ال هبَ َذا قَ َ‬ ‫س َكمثمله َش ميء َوتَـنمزيهه عَ من مسَات ال َمم مخلُوقَات‪َ .‬والثَّاين تَأمويله مبَا يَليق به‪ ،‬فَ َم من قَ َ‬ ‫َن الله تَـ َع َ‬ ‫ال‪َ :‬كا َن ال ُ‬ ‫اىل لَمي َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫السماء َكما إِ َذا صلَّى الممصلِّي اِستـ مقبل الم َكعبة ؟ ولَي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك‪ ،‬ألَنَّه ممنح ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫الس َماء َك َما‬ ‫صر ِيف َّ‬ ‫س ذَل َ ُ ُ َ‬ ‫ا مخلَالق ال ُمم َدبِّر الم َفعَّال ُه َو اللَّه َو محده‪َ ،‬وُه َو الذي إذَا َد َعاهُ الدَّاعي ا مستَـ مقبَ َل َّ َ َ‬ ‫َ ُ َ م َ َ َ مَ َ م َ‬ ‫ِ‬ ‫صرا ِيف ِجهة الم َكعبة‪ ،‬بل ذَلِك ألَ َّن َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َن الم َكعبة قِبـلَة الممصلِّني‪ ،‬أَو ِهي ِمن عب َدة األَوثَان المعابِ ِد ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يهم‪،‬‬ ‫مَ َ م َ‬ ‫الس َماء قبمـلَة الدَّاع َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ني‪َ ،‬ك َما أ َّ مَ م ُ َ َ م َ م ََ‬ ‫ين ل َ موثَان الَِّيت بَـ مني أَيمد م‬ ‫َ َ‬ ‫س ُمنم َح ً‬ ‫أَنَّهُ لَيم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ارهم‬ ‫ت َعابِ َدة ل َ موثَان‪ .‬قَ َ‬ ‫ت‪ِ :‬يف َّ‬ ‫َّها ُم َو ِّح َدة َولَمي َس م‬ ‫فَـلَ َّما قَالَ م‬ ‫مهم َونُظَّ ْ‬ ‫ثهم َوُمتَ َكل ْ‬ ‫يههم َوُم َحد ْ‬ ‫ين قَاطبَة فَق ْ‬ ‫ال الْ َقاضي عيَاض‪ :‬ال خالف بَـ ْين ال ُْم ْسلم َ‬ ‫الس َماء‪َ ،‬عل َم أَنـ َ‬ ‫ِ‬ ‫دهم أ َّ‬ ‫رها‪،‬‬ ‫الس َماء َك َق ْولِ ِه تَـ َعالَى ‪ ﴿ :‬أَأ َِمنْتُ ْم َم ْن فِي َّ‬ ‫َن الظََّو ِاهر ال َْوا ِر َدة بِ ِذ ْك ِر اللَّه تَـ َعالَى فِي َّ‬ ‫الس َماء أَ ْن يَ ْخ ِسف بِ ُك ْم ْاأل َْرض ﴾ َونَ ْحوه لَيْ َس ْ‬ ‫ت عَلَى ظَاه َ‬ ‫َوُم َقل ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس َماء‪َ ،‬وَم من‬ ‫يعهم‪ ،‬فَ َم من قَ َ‬ ‫َي ‪َ :‬علَى َّ‬ ‫ني تَأ ََّوَل‪ِ :‬يف َّ‬ ‫ني َوالم ُف َق َهاء َوال ُممتَ َكلِّم َ‬ ‫ال بِإِثـمبَات ج َهة فَـ موق م من َغ مري َمحتديد َوال تَ مكيِيف م من ال ُمم َحدِّث َ‬ ‫بَ ْل ُمتَأ ََّولَة ع ْند َجم ْ‬ ‫الس َماء‪ ،‬أ م‬ ‫قَ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وها تَأم ِويّلت ِحبَس ِ‬ ‫اها‪َ ،‬وذَ َكَر َمَنو َما َسبَ َق‪.‬‬ ‫استِ َحالَة ا مجلِ َهة ِيف َح اقه ُسمب َحانه َوتَـ َع َ‬ ‫ب ُم مقتَ َ‬ ‫ني َوأ م‬ ‫ال م من َد ممهَاء النُّظَّار َوال ُممتَ َكلِّم َ‬ ‫ضَ‬ ‫اىل تَأ ََّولُ َ‬ ‫َص َحاب التَّـنم ِزيه بِنَـ مف ِي ا محلَ اد َو م‬ ‫َ‬ ‫هم َعلَى ُو ُجوب ا ِسإ ممساك َع من ال ِمفكمر ِيف َّ‬ ‫الذات َك َما أ ُِم ُروا‪َ ،‬و َس َكتُوا حلِِ َريةِ ال َمع مقل‪َ ،‬واتَّـ َف ُقوا َعلَى َمحت ِرمي التَّ مكيِيف‬ ‫قَ َ‬ ‫ت ِش مع ِري َما الَّ ِذي َمجَ َع أ مَهل ُّ‬ ‫ال‪َ :‬ويَا لَمي َ‬ ‫السنَّة َوأَ محلَ َق ُكلا م‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اجلِهة خ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والتَّ مشكِيل‪ ،‬وأ ََّن ذَلِ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اشيًا ِم من‬ ‫اكهم غَ مري َش ا‬ ‫اك ِيف ال ُمو ُجود َوال َمم مو ُج َ‬ ‫ضهم بِإِثـمبَات م َ َ‬ ‫ودة‪َ ،‬وغَ مري قَادح ِيف التـ مَّوحيد‪ ،‬بَ مل ُه َو َحقي َقته‪ُ ،‬مثَّ تَ َس َام َح بَـ مع م‬ ‫وفهم َوإ مم َس م‬ ‫ك م من ُوقُ م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّم ُّسك بِاآليَِة‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ش‪،‬‬ ‫ر‬ ‫مع‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ى‬ ‫و‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫ا‬ ‫َّه‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫اده‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫اه‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫َّه‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫َّر‬ ‫الش‬ ‫ه‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ط‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ق‬ ‫ّل‬ ‫ط‬ ‫إ‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫؟‬ ‫ق‬ ‫ر‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫ات‬ ‫ه‬ ‫جل‬ ‫ا‬ ‫ات‬ ‫مب‬ ‫ـ‬ ‫ث‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫يف‬ ‫ي‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫ني‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫ح‬ ‫ام‬ ‫َّس‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ث‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫م َ َ َ ُ ََ م َم‬ ‫َ َم ٌ َ م‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ ُ م م ُ َ َ م َ َ َ ُ م َ َ ََ َ م َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اىل‪ ﴿ :‬لَي ِ ِ ِ‬ ‫اىل‪ ،‬وه َذا َكّلم الم َق ِ‬ ‫اجل ِامعة لِلتَّـنم ِز ِيه الم ُكلِّي الَّ ِذي ال ي ِ‬ ‫اىل))‪.‬‬ ‫اضي َرِمحَهُ اللَّه تَـ َع َ‬ ‫ص اح ِيف ال َمم مع ُقول غَ مريه‪َ ،‬وُه َو قَـ موله تَـ َع َ‬ ‫س َكمثمله َش ميء ﴾ ع م‬ ‫ص َمة ل َم من َوفَّـ َقهُ اللَّه تَـ َع َ َ َ‬ ‫مَ َ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫ا‬ ‫((وال يجري عليه زمان))‪ ،‬ألن الزمان عندنا عبارة عن متجدد مقدر به متجدد آخر‬ ‫حال و ٍ‬ ‫يثبت على ٍ‬ ‫احد)‪ ،‬وعند الفّلسفة (عبارة) عن مقدار احلركة (أي عن مقدار حركة فلك األعظم)‪ ،‬واهلل تعاىل منـزه عن ذلك (عن أن جيرى‬ ‫عليه زمان)‪.‬‬ ‫(وجه تكرار األلفاٌ ىف باب التقديسات والتنزيهات)‬ ‫مصور‬ ‫واعلم أن ما ذكره (املصناف) من التنـزيهات بعضها يُغين عن البعض (فان قوله ’’ ليس بعرض وال جسم‘‘ يغىن عن قوله ’’ ال ا‬ ‫وال حمدود وال متبعض وال متجزى وال مرتكب‘‘)‪ ،‬إال أنه (املصناف) حاول (أي طلب وأراد) التفصيل والتوضيح يف ذلك قضاء حلق الواجب يف‬ ‫باب التنـزيه‪ ،‬ورداً على املشبهة واجملسمة وسائر فرق الضّلل والطغيان بأبلغ وجه وآكده‪ ،‬فلم يبال بتكرير األلفاٌ املرتادفة‬ ‫عرض‘‘ ي ُد ُّل بااللتزام على أناه غري ٍ‬ ‫حمدود وال متناهٍ)‪.‬‬ ‫(كاملتبعض واملتجزى) والتصريح مبا علم بطريق االلتزام (فإ ان قوله ’’ليس جبس ٍم وال ٍ َ‬ ‫(مبىن التنزيه على ما ذكره املصناف ال على ما ذهب إليه املشائخ)‬ ‫مث إن مبىن التنـزيه ع ام ا ذكرت على أهنا تنايف وجوب الوجود ملا فيها يف شائبة احلدوث واسإمكان على ما أشرنا إليه‬ ‫(ىف شرح كل كلمة "ال")‪ ،‬ال على ما ذهب إليه املشايخ من (" ِمن" بيانية) أن معىن العرض حبسب اللغة ما ميتنع بقاؤه ومعىن اجلوهر‬ ‫ما يرتكب عنه غريه ومعىن اجلسم ما تركب هو (أي اجلسم) من غريه بدليل قوهلم (أي املشائخ)‪ :‬هذا أجسم من ذاك (أي أكثر أجز ًاء‬ ‫اجب) بصفات الكمال (أي مجيعها) فيلزم تعدد‬ ‫وأعظم حجماً)‪ ،‬وأن الواجب لو تركب فأجزاؤه (أي الواجب) إما أن تتصف (الو ُ‬ ‫ات ِ‬ ‫نقص األجزاء‬ ‫الواجب (أل ان أعظم صفات الكمال هو الوجوب) أو ال (أي مل يتاصف جبميعها) فيلزم النقص (أي لغو ُ‬ ‫بعض الكماالت) واحلدوث (إذ ُ‬ ‫نقص جمموعِها)‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫يستلزم َ‬ ‫اجب) على مجيع الصور واألشكال والكيفيات واملقادير فيلزم‬ ‫وأيضاً (الواجب ليس له صورة ومقدار وكيفية ألناه) إما أن يكون (الو ُ‬ ‫اجتماع األضداد (مثّلً حسن وقبيح) أو (يكون الواجب) على بعضها (أي على بعض الصور واألشكال واملقادير والكيفيات) فيلزم وهي مستوية‬ ‫ِ‬ ‫اجب تعاىل) إىل خمصص (حىت‬ ‫األقدام (لو ُحذف األقدام لكان أحسن) يف إفادة املدح والنقص ويف عدم داللة احملدثات عليه‪ ،‬فيفتقر (الو ُ‬ ‫(املتج ادد حادث حيدث شيئاً فشيئاً وال‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪57‬‬

‫خيصص بعض الصفات بالواجب) ويدخل حتت قدرة الغري‪ ،‬فيكون حادثاً‪ ،‬خبّلف مثل العلم والقدرة فإهنا صفات كمال تدل‬ ‫ا‬ ‫احملدثات (أي العا َمل جبميع أجزائه) على ثبوهتا‪ ،‬وأضدادها (كاجلهل والعجز واملوت) صفات نقصان ال داللة هلا (أي احملدثات) على ثبوهتا‪.‬‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫لكل ما ذكره املشائخ ىف باب التنزيهات أن دالئلهم ضعيفة!‬ ‫خّلصة الكّلم ا‬

‫ض ِ‬ ‫عف دالئل املشائخ)‬ ‫(وجهُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ف) عقائد الطالبني وتوسع جمال الطاعنني (أي طريقهم) زعماً منهم (أي‬ ‫ألهنا (أي الدالئل) متسكات ضعيفة توهن (أي تُضع ُ‬ ‫من الطالبني والطاعنني) أن تلك املطالب العالية مبنية على أمثال هذه الشبهة الواهية (أي الضعيفة)‪.‬‬ ‫اجملسم واملشباه بالنقل والعقل ىف كون جهة اهلل وجسميته وصورته وجوارحه)‬ ‫(استدالل ا‬ ‫الطيب ﴾ [فاطر‪:‬‬ ‫الكلم‬ ‫واحتج املخالف (وهو اجملاسم واملشباه) للنصوص الظاهرة (أي بالنقل) يف اجلهة (كقوله تعاىل‪ ﴿ :‬إليه يَ ُ‬ ‫ُ‬ ‫صعد ُ‬

‫‪ ،]91‬وقوله‪﴿ :‬الرمحان على العرش استوى﴾ [طه‪ ،]1 :‬وقوله عليه الصلوة والسّلم سإمرءةٍ ’’اين اهلل‘‘ قالت ’’ىف السماء‘‘ قال ’’هى مؤمنة‘‘ كما ىف صحيح‬

‫مسلم) واجلسمية (َنو ’’من اتاىن ميشى اتيتُه هرولة‘‘ كما ىف الصحيحني) والصورة (َنو ’’إن اهلل خلق آدم على صورته‘‘ كما رواه مسلم) واجلوارح‬ ‫احتج املخالف بالعقل أ ان‬ ‫األعضاء كقوله عليه الصلوة والسّلم ’’قلب املؤمن بني إصبعني من أصابع الرمحان‘‘ كما رواه مسلم) بأن كل موجودين فرضا (أي ا‬ ‫كل شيئَـ م ِ‬ ‫موجوديم ِن مثّلً العا َمل والواجب بذاته) ال بد أن يكون أحدمها متصّلً باآلخر مماساً له أو منفصّلً عنه‪ ،‬مبايناً يف اجلهة‪ ،‬واهلل‬ ‫ني‬ ‫َ‬ ‫تعاىل ليس حاالً وال حمّلً للعامل‪ ،‬فيكون مبايناً للعامل يف جهة (فيكون ىف جهة العلو على طبق النصوص وأل اهنا أشرف اجلهات)‪ ،‬فيتحيز (أل ان‬ ‫كل ما ىف اجلهة فهو ىف احليز بالضرورة) فيكون (اهللُ) جسماً أو جزء جسم (أل ان كل متحياز كذلك) مصوراً متناهياً (أل ان كل جس ٍم فهو كذلك)‪.‬‬ ‫اجملسم واملشبِّه)‬ ‫(اجلواب الستدالل ِّ‬ ‫خالص) وحكم على غري احملسوس (وهو الواجب الوجود سبحانه)‬ ‫وهم‬ ‫ٌ‬ ‫واجلواب عنه‪ :‬أن ذلك (أي الدليل العقلى) وهم حمض (أي ٌ‬ ‫بأحكام احملسوس ( وهو العامل املشاهد‪ .‬وهذا احلكم من جهل اجلاهلني وكيف يقاس القادر على املقدورات والصانع على املصنوعات)‪ ،‬واألدلة القطعية‬ ‫وجوب الوجود يقتضى التنزيه قطعاً‪ .‬هذا جواب للدليل النقلى)‪ ،‬فيجب أن يفوض علم النصوص إىل اهلل تعاىل‬ ‫قائمة على التنزيهات (أل ان‬ ‫َ‬ ‫على ما هو دأب السلف (أي عادة العلماء األقدمني من الصحابة والتابعني وتبعهم)‪ ،‬إيثاراً (أي اختياراً) للطريق األسلم‪ ،‬أو يؤول بتأويّلت‬ ‫صحيحة (أي مطابقة لقواعد الشرع والعربياة غري خملاة ببّلغة القرآن) على ما اختاره املتأخرون دفعاً ملطاعن اجلاهلني وجذباً (أي منعاً وقطعاً)‬ ‫بالضمبع القاصرين (أي بالعضد القاصرين)‪ ،‬سلوكاً (أي مشياً) للسبيل األحكم (أي على السبيل األقوى)‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫(أي‬

‫‪58‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫[ ليس كمثله شيئ ]‬ ‫((وال يشبهه شيء)) أي ال مياثله‪ ،‬أما إذا أريد باملماثلة االحتاد يف احلقيقة فظاهر أنه ليس كذلك‬ ‫ُّد الو ِ‬ ‫حمال)‪ ،‬وأما إذا أريد هبا (أي باملماثلة) كون الشيئني حبيث يسد أحدمها مسد اآلخر‪ ،‬أي يصلح كل ملا‬ ‫اجب وهو ٌ‬ ‫يستلزم تعد َ‬ ‫حمال أيضاً)‪ ،‬ف ن شيئاً من املوجودات ال يسد مسده يف شيء من األوصاف‪ ،‬فإن أوصافه من العلم‬ ‫يصلح له اآلخر (فهذا ٌ‬ ‫والقدرة وغري ذلك أجل وأعلى مما يف املخلوقات حبيث ال مناسبة بينهما‪.‬‬ ‫(أل ان املماثلةَ هبذا املعىن‬

‫(اختالف العلماء فى أن المماثلة هل هى االشتراك فى جميع األوصاف أو فى بعض األوصاف؟)‬ ‫ِ‬ ‫صاحب البداية ىف املماثلة)‬ ‫قول‬ ‫( ُ‬ ‫وعلَم (بفتح العني والّلم مبعىن‬ ‫قال (اسإمام الزاهد نور الدين أمحد بن حممود البخارى) يف البداية‪ :‬إن العلم منَّا (أي َعلِ ممنا) موجود وعرض َ‬ ‫العّلمة) وحمدث وجائز الوجود ومتجدد يف كل زمان‪ ،‬فلو (أي إذا) أثبتنا العلم صفة هلل لكان موجوداً وصفة (ذكرها مقابلة للعرض‬ ‫إرشاداً إىل أن العرض ال يطلق على صفاته تعاىل فّل يرد أناه تكرار) وقدمياً وواجب الوجود دائماً من األزل إىل األبد‪ ،‬فّل مياثله علم اخللق‬ ‫بوجه من الوجوه‪ ،‬هذا كّلمه‪.‬‬ ‫(التعارض ىف قول صاحب البداية)‬ ‫فقد صرح (أي صاحب ِ‬ ‫الباية) بأن املماثلة (بني َشيمئَـ م ِني) عندنا إمنا تثبت باالشرتاك يف مجيع األوصاف حىت لو اختلفا يف‬ ‫ُ‬ ‫ا‬ ‫وصف واحد انتفت املماثلة‪.‬‬ ‫التناقض بني كّلمي صاحب البداية أل ان قوله ’’فّل مياثل علم اخللق ٍ‬ ‫ِ‬ ‫بوجه من‬ ‫اعلم ىف تفسري هذا املقام أقوال‪ .‬أحدها أ ان املصناف أراد بيا َن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬ ‫ٍ‬ ‫صاحب البداية ىف موض ٍع آخر بأن املماثلةَ ال حتصل إالا باالشرتاك ىف‬ ‫وصَّر َح‬ ‫الوجوه‘‘ ا‬ ‫يدل على أن االشرتاك ىف بعض الوجوه كاف ىف املماثلة‪َ .‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫صارح به العلماءُ‪ .‬الثالث أن هذا‬ ‫ح العلماءُ بذالك‪ ،‬فحينئذ يكو ُن املعىن أن كّلم صاحب البداية يُناق ُ‬ ‫ض ما َ‬ ‫صِّر َح" ماضى جمهول أي َ‬ ‫مجي ِع األوصاف‪ .‬الثانى إِ من " ُ‬ ‫صَّر َ‬ ‫الكّلم املنقول عن البداية مشتمل على التناقض والتصريح مفهوم من نفى التماثل بني علم احلق وعلم اخللق مع اشرتاكهما ىف املوجودياة‪ .‬الرابع أناه مل يرد بيان التناقض‬ ‫ٍ‬ ‫صرح‘‘ تأكيد لقوله ’’ال مياثل‘‘ سواء كان معلوماً أو‬ ‫بل معىن قوله ’’فّل مياثل بوجه من الوجوه‘‘ املبالغة ىف نفى املماثلة وأناه ليس سإثبات املماثلة وجه أصّلً وقوله ’’قد ا‬ ‫جمهوالً والثاىن أحسن‪( .‬النرباس)‬

‫ِ‬ ‫صاحب التبصرة ىف تعريف املماثلة)‬ ‫ول‬ ‫(ق ُ‬ ‫قال الشيخ أبو املعني (بفتح امليم وهو أحد أعاهم احلنفية مبا وراء النهر) يف التبصرة‪ :‬إنا جند أهل اللغة ال ميتنعون من القول بأن‬ ‫زيداً مثل لعمرو يف الفقه إذا كان يساويه فيه (أي ىف الفقه) ويسد مسده يف ذلك الباب (أي ىف الفقه من َنو التدريس واسإفتاء)‪ ،‬وإن‬ ‫كان بينهما خمالفة بوجوه كثرية (من األوصاف البدنية واألخّلق الروحانية)‪.‬‬ ‫حاصل كّلم الشيخ أىب املعني أناه قال‪ :‬ال نقول ما يقول األشاعرة من أناه ال مماثلة إالا باملساواة ىف مجيع األوصاف بل نقول جيوز أن يكون‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬ ‫وجه خمالفاً له من ٍ‬ ‫الشيُ مماثّلً للشيُ من ٍ‬ ‫وجه فإناا جند أهل اللغة ال مينعون من القول بأن زيداً مثل عمرو ىف اللغة إذا كان يُساويمه فيها وإن‬ ‫ٍ‬ ‫يب صلى اهلل عليه وسلام به االستواء ىف الكيل دون العدد‬ ‫ىب صلى اهلل عليه وسلام ’’احلنطة باحلنطة مثّلً مبثل‘‘ احلديث أراد النا ا‬ ‫كان بينهما خمالفة كثرية ولذا قال النا ا‬ ‫والصّلبة والرخاوة‪( .‬اجلواهر البهياة)‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪59‬‬

‫ِ‬ ‫صاحب التبصرة على قول األشعرى ىف تعريفه املماثلة)‬ ‫اض‬ ‫(اعرت ُ‬ ‫وما يقوله األشعرية من أنه ال مماثلة إال باملساواة من مجيع الوجوه فاسد‪ ،‬ألن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪:‬‬

‫’’الحنطة بالحنطة مثالً بمثل‘‘ ‪ ،1‬وأراد االستواء به يف الكيل ال غري وإن تفاوت الوزن وعدد احلبات والصّلبة والرخاوة‬ ‫الدليل على إرادةِ النا ايب االستواء ىف الكيل ال مطلق االستواء)‪.‬‬ ‫(التطبيق من جانب املصناف بني قول األشعرى وبني أهل اللغة)‬ ‫والظاهر أنه ال خمالفة (بني أهل اللغة وبني قول األشعرى) ‪ ،‬ألن مراد األشعري املساواة من مجيع الوجوه فيما به املماثلة‬ ‫كالكيل مثّلً (بأن ال يكون كيل أكثر من كيل وليس مراده االستواء ىف األوصاف كلاها فإناه غري معقول بني الشيئني)‪.‬‬ ‫وعلى هذا (أي املساواة فيما املماثلة) ينبغي أن حيمل كّلم صاحب البداية أيضاً (حىت ال يبقى التعارض ىف قوالنِه)‪ ،‬وإال (أي وإن‬ ‫كان املماثلة هى املساوات ىف مجيع األوصاف فالتماثل ال يتح اقق بني الشيئَـ م ِني أصّلً ) فاشرتاك الشيئني يف مجيع األوصاف ومساواهتما من مجيع‬ ‫الوجوه يدفع التعدد (ويستلزم االحتاد)‪ ،‬فكيف يتصور التماثل؟!‬ ‫(أي‬

‫((وال يخرج عن علمه وقدرته شيء))‪ ،‬ألن اجلهل بالبعض والعجز عن البعض نقص وافتقار (أي احتياج) إىل‬ ‫خمصصذ مع أن النصوص القطعية (من اآلية القرآنياة) ناطقة بعموم العلم ومشول القدرة (حيث قال اهلل سبحانه) فهو بكل شيء عليم‬ ‫وعلى كل شيء قدير‪ ،‬ال (أي ليس األمر) كما يزعم الفّلسفة أنه (أي اهلل تعاىل) ال يعلم اجلزئيات وال يقدر على أكثر من واحد‬ ‫كفر صر ٌيح!)‪ ،‬و(ليس األمر كما يزعم) الدهرية‬ ‫جل جّل له واحد من كل وجه فلن يصدر عن الواحد من كل وجه إال الواحد‪ ،‬وهذا القول ٌ‬ ‫(حيث قالوا إنه ا‬ ‫(الذين جيعلون الدهر شريكا هلل تعاىل) على أنه (أي اهلل تعاىل) ال يعلم ذاته‪ ،‬و(ليس األمر كما يزعم) النظَّام (هو إمام املعتزلة ويسمى شيطاهنم) على أنه‬ ‫(اهلل تعاىل) ال يقدر على خلق اجلهل والقبيح‪ ،‬و(ليس األمر كما يزعم) البلخي (هو أبو القاسم املشهور بالكعب) على أنه (أي اهلل تعاىل) ال‬ ‫يقدر على مثل مقدور العبد (مثل الصوم والصلوة)‪ ،‬و(ليس األمر كما يزعم) عامة املعتزلة أنه (أي اهلل تعاىل) ال يقدر على نفس مقدور‬ ‫العبد (أي عني فعله مثل حتريك اليد والرجل والرأس)‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث ‪ (( :‬احلنطة باحلنطة مثّلً ٍ‬ ‫مبثل )) أخرجه مسلم ‪ ،‬وأبو داوود والرتمذي ‪ ،‬والنسائي من حديث عبادة بن الصامت رضي اهلل عنه‪.‬‬

‫‪61‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫[ البحث في صفات اهلل تعالى ]‬ ‫((وله صفات)) (أي وله سبحانه صفات زائدة على ذاته العلية) ملا ثبت (شرعاً وعقّلً) من أنه تعاىل عامل حي قادر إىل غري ذلك‬ ‫(كالسميع والبصري)‪.‬‬ ‫(أدلاة ثّلثة على إثبات صفات اهلل تعاىل)‬ ‫)‪ (9‬ومعلوم (حبسب اللغة والعرف) أن كّلً من ذلك يدل على معىن زائد على مفهوم الواجب‪.‬‬ ‫)‪ (7‬وليس الكل ألفاٌ مرتادفة (أي لو كان العلم والقدرة مثّلً عني الذات كان املفهوم من العلم والقدرة شيئاً واحداً فليزم ترادفهما ولكن ألفاٌ كلها‬ ‫ليست مبرتادفة فثبتت الصفات خمتلفة)‪.‬‬ ‫)‪ (3‬وإن صدق املشتق على الشيء يقتضي ثبوت مأخذ االشتقاق له (مثّلً معىن الضارب يُثبت ملن ثبت له معىن الضرب وإال يستحيل أن‬ ‫يكون الضارب بدون الضرب)‪.‬‬ ‫فثبت له (أي اهلل تعاىل) صفة العلم والقدرة واحلياة وغري ذلك (هذا تفريع على الدالئل الثّلثة)‪.‬‬ ‫( ارد الشارح على املعتزلة)‬ ‫ال (أي ليس األمر) كما تزعم املعتزلة (أي أكثرهم) من أنه عامل ال علم له وقادر ال قدرة له إىل غري ذلك (َنو مسيع ال مسع له)‪ ،‬فإنه‬ ‫حمال هاهر‪ ،‬مبنـزلة قولنا‪ :‬أسود ال سواد له‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫وقد نطقت النصوص (كقوله تعاىل‪ ﴿ :‬إن اهلل بكل شيُ عليم﴾‪ ﴿ ،‬وإن اهلل على كل شيُ قدير﴾) بثبوت علمه وقدرته وغريمها‪.‬‬ ‫ودل صدور األفعال املتقنة (أي حمكمة املشتملة على العجائب) على وجود علمه وقدرته ال على جمرد تسميته عاملاً قادراً (بّل‬ ‫وجود العلم والقدرة يف احلقيقة)‪.‬‬ ‫(اختّلف يف الصفات بني أهل السنة واملعتزلة والفّلسفة يف العلم والقدرة ليس من قَبِميل األعراض واحلوادث)‬ ‫وليس النِّـزاع (أي اختّلف) يف العلم والقدرة اليت هي من مجلة الكيفيات (أي األعراض) وامللكات (أي احلوادث) ملا صرح به‬ ‫مشاخينا (أي ألن املشائخ كلاهم بَـيَّنوا صرحيا) من أن اهلل تعاىل حي وله حياة أزلية ليست بعرض (و هبذا بطل أن يكون علم اهلل وقدرته من أنواع‬ ‫الكيفيات) وال مستحيل البقاء (بل واجب البقاء)‪ ،‬واهلل تعاىل عامل وله علم أزيل شامل (للكليات واجلزئيات) ليس بعرض وال مستحيل‬ ‫البقاء وال ضروري وال مكتسب‪ ،‬وكذا سائر الصفات (من القدرة واسإرادة)‪.‬‬ ‫(االختّلف احلقيقي بني أهل السناة واملعتزلة والفّلسفة)‬ ‫بل النـزاع يف أنه كما أن ِ‬ ‫للعامل منَّا علماً هو عرض قائم به زائد عليه حادث فهل لصانع العامل علم هو صفة أزلية‬ ‫قائمة به زائدة عليه‪ ،‬وكذا مجيع الصفات‪ ،‬فأنكره الفّلسفة واملعتزلة وزعموا أن صفاته عني ذاته‪ ،‬مبعىن أن ذاته تسمى باعتبار‬ ‫التعلق باملعلومات عاملاً وباملقدورات قادراً إىل غري ذلك‪ ،‬فّل يلزم تكثر يف الذات وال تعدد يف القدماء والواجبات‪.‬‬ ‫واجلواب (عن قوهلم ’’يلزم تع ادد القدماء‘‘) ما سبق (ىف شرح القدمي) من أن املستحيل تعدد الذوات القدمية وهو غري الزم (أي هذا ال يلزم ىف‬ ‫هذا املكان بل الّلزم تعدد الصفات القدمية وهو غري حمال)‪ ،‬ويلزمكم (خطاب للفّلسفة واملعتزلة) كون العلم مثّلً قدرة وحياة وعاملاً وحياً وقادراً‬ ‫وصانعاً للعامل ومعبوداً للخلق (أل ان الكل عبارة عن ذات الواجب تعاىل على مذهبكم) وكون الواجب غري قائم بذاته (أي يلزم على تقدير احتاد‬ ‫الذات والصفات أن يكون الواجب قائم بالغري) إىل غري ذلك من احملاالت‪.‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪60‬‬

‫( صفات اهلل أزلية قائمة بذاته)‬ ‫((أزلية)) (أي قدمية) ال كما تزعم الكرامية (هم أصحاب أىب عبد اهلل حممد بن كرام) من أن له صفات لكنها حادثة الستحالة‬ ‫قيام احلوادث بذاته تعاىل (هذه اجلملة علاة لقوله ’’ال كما يزعم الكرامياة‪.)‘‘...‬‬

‫((قائمة بذاته)) ضرورة أنه ال معىن لصفة الشيء إال ما يقوم به (أي بذلك الشيُ وإالا مل يكن صفة)‪ ،‬ال‬ ‫صلى اهلل عليه‬ ‫صفات اهلل) كما تزعم املعتزلة من أنه (أي اهلل تعاىل) متكلم بكّلم هو (أي كّلم) قائم بغريه (من اللوح احملفوٌ أو جربئيل أو ا‬ ‫الين ا‬ ‫وسلام)‪ ،‬لكن مرادهم (أي مراد املعتزلة من قوهلم ’’اناه متكلم بكّلم هو قائم بغريه‘‘) نفي كون الكّلم صفة له (أي لِلا ِه تعاىل) ال (أي ليس مراد املعتزلة‬ ‫حمال عند اجلميع)‪.‬‬ ‫من قوهلم) إثبات كونه (أي الكّلم) صفة له (أي لِلا ِه) غري قائم بذاته (أل ان هذا ٌ‬ ‫(دالئل املعتزلة على نفى صفات اهلل تعاىل)‬ ‫وملا متسكت املعتزلة بأن يف إثبات الصفات إبطال التوحيد ملا أهنا (أي أل ان الصفات عندكم) موجودات قدمية مغايرة لذات‬ ‫اهلل تعاىل‪ ،‬فيلزم قدم غري اهلل تعاىل و(يَـلم ُزم) تعدد القدماء (املغائرة لذات اهلل)‪ ،‬بل (يَـلمزم) تعدد الواجب لذاته على ما وقعت اسإشارة‬ ‫ت قدم غري اهلل على مذهب املتق ادمني) و(وقع)‬ ‫إليه (أي إىل تع ادد الواجب) يف كّلم املتقدمني (من األشاعرة حيث قالوا الواجب والقدمي مرتادفان فثَبَ َ‬ ‫التصريح به (أي بتعدد الواجب) يف كّلم املتأخرين (كاسإمام محيد الدين) من أن واجب الوجود بالذات هو اهلل تعاىل وصفاته (أيضاً واجبة‬ ‫بالذات فثبت تع اد ُد الوجباء على مذهب املتأخرين)‪ ،‬وقد كفرت النصارى بإثبات ثّلثة من القدماء (حيث قال اهلل تعاىل‪ ﴿ :‬لقد َك َفَر الذين قالوا إ ان‬ ‫ثالث ثّلثة ﴾ [املائدة‪ )]23 :‬فما بال الثمانية (أي ما بال إثبات مثانية من القدماء وهي احلياة والعلم والقدرة واسإرادة والسمع والبصر والكّلم والتكوين‬ ‫اهللَ ُ‬

‫(أي ليس األمر ىف‬

‫واملعىن القائل بالثمانية أوىل بالتكفري) أو أكثر (كالبقاء واليد والعني والوجه) – أشار (املصناف) إلى جوابه (هذه اجلملة جزاء مل ا) بقوله‪:‬‬

‫((وهي ال هو وال غيره)) ‪ ،‬يعين أن صفات اهلل تعاىل ليست عني الذات وال غري الذات‪ ،‬فّل يلزم قدم الغري وال‬ ‫تكثر القدماء (أل ان ال تُـ مو َج ُد املغايرةُ بني الذات والصفات وقد عُلِ َم أ ان لِتَـ َعدُّد القدماء جيب أن تكون املغايرة)‪.‬‬ ‫فعلِ َم أن القول‬ ‫سوال مق ّدر وهو أن القول بقدماء غري متغايرة إن مل يكن كفراً مل يُكفَّر النصارى أل اهنم مل يُ ِّ‬ ‫صر ُحوا بتغاير القدماء الثّلثة ولكناهم قد َك َفُروا‪ُ ،‬‬ ‫كفر مطلقاً سواءٌ كانت املغايرة أم ال!‬ ‫بالقدماء ٌ‬

‫كفر)‪ ،‬ألهنم أثبتوا األقانيم الثّلثة‬ ‫جواب والنصارى وإن مل يصرحوا بالقدماء املتغايرة لكن لزمهم ذلك (أي ٌ‬ ‫اليت هي الوجود والعلم واحلياة‪ ،‬ومسوها (أي األصول الثّلثة) األب واالبن وروح القدس‪ ،‬وزعموا (أي النصارى) أن أقنوم (مفردُ األقانيم‬ ‫مبعىن األصل) العلم قد انتقل إىل بدن عيسى عليه السّلم فجوزوا االنفكاك واالنتقال‪ ،‬فكانت (أي صارت) األقانيم ذوات متغايرة‪.‬‬ ‫(أي األصول الثّلثة)‬

‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫تكثر القدماء لقوهلم بانفكاكها وال يلزم على األشاعرة‬ ‫خّلصةُ اجلواب أن تكثـ َُّر القدماء يتح اقق حيث حتقق االنفكاك ُ‬ ‫فيلزم على النصارى ُ‬

‫نفكاك بعض الصفات عن بعض (النرباس)‬ ‫ألهنم ال ُجي ِّوُزون‬ ‫ا‬ ‫انفكاك الصفات عن الذات واال َ‬ ‫َ‬

‫(اعرتاض من جانب املعتزلة على اجلواب املذكور)‬ ‫ولقائل أن مينع توقف التعدد والتكثري على التغاير‪ ،‬مبعىن جواز االنفكاك (أي ال نُ َسلِّ ُم أن التكثار ال يوجد بدون االنفكاك كما‬ ‫قُلتم ىف اجلواب) للقطع (أي باليقني) بأن مراتب األعداد من الواحد واالثنني إىل غري ذلك متعددة متكثرة (مبعىن جواز االنفكاك) مع أن‬ ‫انفك اثنان من عشرة مثّلً مل يبق العشرة عشرة‪ .‬وخّلصة الكّلم أن التع ادد‬ ‫ينفك عنه ألناه لو ا‬ ‫البعض جزء من البعض‪ ،‬واجلزء ال يغاير الكل (أي ال ا‬ ‫ثابت مع عدم االنفكاك)‪.‬‬ ‫‪61‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫وأيضاً (ردٌّ آخر من جانب املعتزلة على اجلواب املذكور) ال يتصور ن ـزاع من أهل السنة واجلماعة يف كثرة الصفات وتعددها‬ ‫بأهنا كثىرية متع اددة‬ ‫اف ا‬ ‫(الختّلفهم ىف أ اهنا سبعة أو مثانية أو اكثر) متغايرة كانت أو غري متغايرة (يعىن إذا اعرتفوا بأ ان الصفات سبعة أو مثانية لَ ِزَم ُه مم االعرت ُ‬ ‫سواء جاز االنفكاك بينهما أم ال‪ ،‬ومل جيز تفريعهم الكثرة والتع ادد على جواز االنفكاك)‪.‬‬ ‫(اجلواب األحسن من جانب أهل السنة)‬ ‫فاألوىل (ىف اجلواب من جانب أهل السنة) أن يقال‪ :‬املستحيل تعدد ذوات قدمية (يعىن املستحيل تعدد الذوات املستقلاة األزلية) ال‬ ‫دامت غري مستقلة عنها)‪.‬‬ ‫ذات وصفات (يعىن ال استحالة ىف وجود قدماء سوى الذات ما م‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫قال ليس هذا التعدد حماالً‪( .‬النرباس)‬ ‫التعدد بل ُجياب بتسليم التعدد ويُ ُ‬ ‫مر من إنكار ا‬ ‫حاصل اجلواب (األحسن) أن ال ُجي َ‬ ‫اب املعتزلة مبا ا‬

‫وأنه ال جيرتأ (أح ٌد ىف اجلواب) على القول بكون الصفات واجبة الوجود لذاهتا‬ ‫عظيمة)‪ ،‬بل يقال (ىف اجلواب)‪ :‬هي (أي هى صفات اهلل تعاىل) واجبة ال لغريها بل ملا ليس (الذات) عينها (أي عني الصفات) وال غريها‪،‬‬ ‫أعين ذات اهلل تعاىل وتقدس ( قول الشارح‪’’:‬أعىن ذات اهلل‪ ‘‘...‬بيا ُن ِ‬ ‫كلمة ما ىف ملا)‪ ،‬ويكون هذا (أي هى واجبة ال لغريها إىل آخره) مراد َم من‬ ‫(وهو اسإمام احلميد الضريرى) قال‪ :‬الواجب الوجود لذاته هو اهلل تعاىل وصفاته (هذا تأويل على سبيل حسن السرية وإن كان كّلم بعضهم ال حيتمل‬ ‫هذا التأويل)‪ ،‬يعين أهنا (أي الصفات) واجبة لذات الواجب تعاىل‪ ،‬وأما يف نفسها (أي نفس الصفات) فهي ممكنة (انتهى تأويل الشارح ملراد‬ ‫اسإمام محيد الضريرى)‪.‬‬ ‫(وذلك أل ان القول بتعدد الواجب لذاته جرءة‬

‫اعتراض مق ّدر اعرتاض على قول الشارح "وأ ّما فى نفسها فهي ممكنة"‪ :‬كيف تكون نفس الصفات ممكنة وقد عُلِ َم أن كل ممكن حادث؟‬

‫جواب وال استحالة يف قدم املمكن إذا كان قائماً بذات القدمي (يعىن يكون وصفاً له وتابعاً له) واجباً به‬ ‫منضماً إليه)‪.‬‬ ‫وإن كان فاعّلً خمتاراً ىف مجيع أفعاله) غري منفصل عنه (بل قائماً به ا‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫(أي يكون ذاته موجباً لصفاته‬

‫وحاصل اجلواب املذكور أن قدم املمكن إامنا يستحيل إذا كان صادراً عن الواجب باالختيار واسإرادة‪ .‬وإامنا الصفات ليست كذالك بل‬ ‫اسنادها إىل الذات كاستناد الّلزم إىل امللزوم على سبيل اسإجياب وكل ما صدر عن الواجب باسإجياب ال باالختيار فهو قدمي‪.‬‬

‫فليس كل قدمي إهلاً (هذا تفريع على قوله ’’ال استحالة ىف قدم املمكن‘‘) حىت يلزم من وجود القدماء وجود اآلهلة‬

‫(فثبت أن القول‬

‫بتع ادد القدماء ال يناىف التوحيد إالا إذا كانت واجبات غري ممكنات)‪ ،‬لكن ينبغي أن يقال (ىف الواجب احتياطاً)‪ :‬إ ان اهلل تعاىل قدمي بصفاته وال‬ ‫وه َم‬ ‫يطلق القول بالقدماء (أي ال يقال صفات اهلل قدمية) لئّل يذهب الوهم إىل أن كّلً منها (أي من كل واحد من الصفات) قائم بذاته (فتُ ِّ‬ ‫كل قدمي إلهٌ أ اما أهل العلم فّل بأس عليهم ىف‬ ‫منه تعدد واجب الوجود) موصوف بصفات األلوهية (وهذا النهى إامنا هو بالنسبة إىل ا‬ ‫عامة الناس ممان يزعم أن ا‬ ‫إطّلقه كما ال خيفى)‪.‬‬ ‫ولصعوبة هذا املقام (أي البحث ىف أن الصفات هل هى عني الذات أو زائدة على الذات وعلى تقدير الزيادة هل هى واجبة أو ممكنة) ذهبت‬ ‫املعتزلة والفّلسفة إىل نفي الصفات‪ ،‬و(ذهبت) الكرامية إىل نفي قدمها (أي نفى قدم الصفات)‪ ،‬و(ذهبت) األشاعرة إىل نفي غرييتها‬ ‫وعينيتها (واختار بعضهم السكوت وهو أسلم الطرق)‪.‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪61‬‬

‫(اعرتاض على قول املصناف ’’وهى ال هو وال غريه‘‘)‬ ‫حمال)‪،‬‬ ‫اعتراض فإن قيل‪ :‬هذا (أي قول املصناف ’’وهى ال هو وال غريه‘‘) النفي يف الظاهر رفع للنقيضني (ومها الغريية والعينية ورفع‬ ‫النقيض مني ٌ‬ ‫َ‬ ‫قول املصناف َمجَ َع بني النقيضني أل ان قوله’’وهى ال هو‘‘ نفى العينية وإثبات للغريية وقوله ’’وال‬ ‫ويف احلقيقة (قطع النظر من معىن الظاهر) مجع بينهما (أي ُ‬ ‫غريه‘‘ نفى الغريية وإثبات للعينية) ‪ ،‬ألن املفهوم من الشيء إن مل يكن هو املفهوم من اآلخر فهو غريه (يعىن أن الشيُ بالنسبة إىل شيُ آخر‬ ‫مفهومه مفهوم اآلخر فهما شيئان غريان) ‪ ،‬وإال (يعىن وإ ن كان املفهوم من الشيء هو املفهوم من اآلخر) فهو عينه (فالعينان مها الشيئان اللذان أن‬ ‫إ من مل يكن‬ ‫ُ‬ ‫احد)‪ ،‬وال يتصور بينهما (أي بني العني والغري) واسطة‪.‬‬ ‫يكون مفهوماً مها و ً‬ ‫مهم‬ ‫تمهيد ّ‬

‫يفسرون‬ ‫حاصل اجلواب أ ان هذا االعرتاض مبىن على تفسري الغريية مبا ذكرمت وهذا التفسري ملعىن الغريية مشهور‪ ،‬ولكن أهل السناة واجلماعة ال ا‬ ‫ذالك بل عندهم تفسري آخر فّل يَ ِرد االعرتاض‪.‬‬

‫جواب قلنا‪ :‬قد فسروا (أي مشائخ أهل السناة واجلماعة ) الغريية (أي معىن الغريية) بكون املوجودين حبيث يق ادر ويتصور وجود أحدمها‬ ‫(أي أحد‬ ‫املوجوديم ِن) مع عدم اآلخر‪ ،‬أي ميكن االنفكاك بينهما‪ ،‬و(فَ َّسَر املشائخ) العينيةَ (أي معىن العينية) باحتاد املفهوم بّل تفاوت أصّلً‬ ‫َ‬ ‫رمت ىف االعرتاض املذكور)‪ ،‬فّل يكونان (أي العينية والغريية) نقيضني‪ ،‬بل يتصور بينهما واسطة (يعىن العينية والغريية هبذا املعىن ال ب اد بينهما‬ ‫فس ُم‬ ‫(كما ا‬ ‫من واسطة قطعاً) بأن يكون بني الشيء حبيث ال يكون مفهومه مفهوم اآلخر (فّل يكون عينه)‪ ،‬وال يوجد بدونه (فّل يكون غريه) كاجلزء‬ ‫غرييم ِن) والصفة مع الذات (يعىن أن ذات اهلل‬ ‫مع الكل (فإن مفهوم اجلزء ليس مفهوم الكل بعينه فّل يكونان عينني وال جيوز االنفصال بينهما فّل يكونان َ‬ ‫يتصور وجود ذاته دون صفاته وال وجود صفاته دون ذاته) وبعض الصفات مع البعض (مثّلً صفة العلم ال‬ ‫سبحانه موجود قدمي وصفاته موجودة قدمية ال ا‬ ‫وهلُ َّم جرا) ‪ ،‬فإن ذات اهلل تعاىل وصفاته أزلية‪ ،‬والعدم على األزيل حمال (فّل ميكن انفكاك الصفات عن الذات وال‬ ‫تُوجد بدون صفة القدرة َ‬ ‫انفكاك صفة عن صفة فّل غريية بينهما ولكل منهما مفهوم على ِحدة فّل عينية بينهما)‪ ،‬والواحد من العشرة (مثال اجلزء والكل) يستحيل بقاؤه (أي‬ ‫ٍ‬ ‫فحينئذ ال يكون الواحد من العشرة بل يصري من التسعة) وبقائها (أي يستحيل بقاء العشرة) بدونه (أي بدون الواحد)‬ ‫بقاء الواحد) بدوهنا (أي بدون العشرة‬ ‫إذ هو (أي الواحد) منها (أي من العشرة)‪ ،‬فعدمها (أي عدم العشرة) عدمه (أي عدم الواحد) ووجودها (أي وجود العشرة) وجوده (أي وجود‬ ‫قيام ز ٍيد)‪ ،‬فإن قيام الذات (كز ٍيد) بدون تلك الصفات‬ ‫الواحد)‪ ،‬خبّلف الصفات احملدثة (أي خبّلف صفات املخلوقات واملصنوعات مثّل ُ‬ ‫املعينة (كقيامه) متصور‪ ،‬فيكون (صفة القيام) غري الذات (أي غري ذات زيد سإمكان االنفكاك)‪.‬‬ ‫كذا ذكره املشايخ (ىف إثبات الواسطة بني العينية والغريية)‪.‬‬ ‫(اعرتاض على أهل السناة واجلماعة ىف تفسريهم الغرييةَ بإمكان االنفكاك)‬ ‫اعتراض وفيه (أي ىف تفسري الغريية بإمكان االنفكاك) نظر (أي اعرتاض من جانب املعتزلة على أهل السنة واجلماعة)ذ ألهنم إن أرادوا (أي أهل السناة‬ ‫واجلماعة) صحة االنفكاك من اجلانبني انتقض (أي انتقض تفسريُ الغريية) بالعامل مع الصانع والعرض مع احملل (حاصله إِ من أرادوا بالغريية‬

‫إمكا َن االنفكاك من اجلانبَـ م ِ‬ ‫ينفك عن العامل الحتياجه إليه فإ ان االنفكاك من جانب الصانع وحده وكذالك‬ ‫يصح هذا التعريف ىف العامل مع الصانع أل ان الصانع ا‬ ‫ني فّل ا‬

‫ينفك عن احملل فكان االنفكاك من جانب احملل فقط)‪ ،‬إذ ال يتصور وجود العامل مع عدم‬ ‫العرض ال ا‬ ‫العرض مع احملل أل ان احملل ا‬ ‫ينفك عن العرض و ُ‬ ‫يتصور) وجود العرض كالسواد مثّلً بدون احملل‪ ،‬وهو هاهر مع القطع باملغايرة (أي‬ ‫الصانع الستحالة عدمه (أي عدم الصانع)‪ ،‬وال ( ا‬ ‫صح َة االنفكاك من جانب واحد) لزمت املغايرة بني‬ ‫من معىن املغايرة) اتفاقاً (بني أهل السناة واملعتزلة)‪ ،‬وإن اكتفوا جبانب واحد (أي إ من أرادوا بالغريية ا‬ ‫اجلزء والكل‪ ،‬وكذا بني الذات والصفة‪ ،‬للقطع جبواز وجود اجلزء بدون الكل والذات بدون الصفة‪.‬‬ ‫وما ذكروا من استحالة بقاء الواحد بدون العشرة هاهر الفساد (أل ان وجود الواحد يَبقى بدون العشرة)‪.‬‬ ‫‪61‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫واعلم أن بعض العلماء حاولُوا أن يبيِّـنُوا توجيهاً لتعريف الغريية حىت يدفعوا به االعرتاض املذكور ولكن املصناف مل يرض ِ‬ ‫بتوجهم وأراد إبطالَه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫تمهيد مهم‬ ‫ّ فقال ’’وال يقال‪‘‘...‬‬ ‫يقال‪.".....‬‬ ‫و ال يقال (ىف اجلواب)‪ :‬املراد (بقوهلم ’’الغريان موجودان يتصور وجود أحدمها مع عدم االخر‘‘) إمكان تصور وجود كل منهما‬

‫مع‬ ‫عدم اآلخر‪ ،‬ولو بالفرض (أي ولو كان عدم اآلخر بالفرض) وإن كان حماالً (أي وجود كل بدون اآلخر)‪ ،‬والعامل قد يتصور موجوداً مث‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تصور وجود‬ ‫يطلب بالربهان ثبوت الصانع (فقد أمكن ُّ‬ ‫تصوُر وجود العا َمل مع عدم وجود الصانع إذ لو مل ميكن لكان طلب الربهان عبثاً بل حماال وكذا ميكن ا‬ ‫تصور وجود أحدمها مع عدم اآلخر)‪ ،‬فإنه‬ ‫الصانع مع عدم العا َمل وهذا هاهر فثَبَ َ‬ ‫تغايرمها لّلنفكاك من اجلانبني) خبّلف اجلزء مع الكل (فإناه ال ميكن ا‬ ‫ت ُ‬ ‫كما ميتنع وجود العشرة بدون الواحد ميتنع وجود الواحد من العشرة (أي من حيث هو واحد من العشرة) بدون العشرة‪ ،‬إذ لو وجد‬ ‫تصور وجود العشرة بدون الواحد وال ميكن وجود الواحد بدون‬ ‫(الواحد بدون العشرة) ملا كان واحداً من العشرة (بل يكون واحداً مطلقاً فعلى هذا ال ميكن ُ‬ ‫التغاير أصّلً وهكذا ىف الذات مع الصفة إذا اعتبَـمرنَا الذات ذاتاً للصفة)‪.‬‬ ‫العشرة فّل يثبت بينهما ُ‬ ‫واحلاصل أن وصف اسإضافة معترب (أي إ ان الواحد واح ٌد من العشرة من حيث أناه واحد من العشرة ال يُوجد بدون العشرة وإضافة الصفة مع‬ ‫ٍ‬ ‫تصور وجود أحد املضافني مع عدم اآلخر)‪( .‬انتهى توجيه‬ ‫املوصوف هبذا االعتبار) وامتناع االنفكاك حينئذ (أي عند اعتبار اسإضافة) هاهر (إذ ال ميكن ا‬ ‫بعض العلماء)‪.‬‬ ‫مهم‬ ‫تمهيد ّ‬

‫قد انتهى توجيهُ ِ‬ ‫سباب عدم رضائه بتوجيههم فقال’’الناا نقول‪.‘‘...‬‬ ‫بعض العلماء لتعريف الغريية واآلن َسيُبَـ ِّ ُ‬ ‫ني املصناف أ َ‬

‫تصوره وإن كان غري ممكن‘‘)‪ :‬قد صرحوا‬ ‫ألنا نقول (ىف اجلواب ال ميكن لبعض العلماء أن يبيانوا َ‬ ‫توجيه تعريف الغريية ’’باالنفكاك على ا‬ ‫صرحوا) بعدم املغايرة بني الصفات (فقالوا العلم ال يغاير القدرة) بناء على أهنا (أي الصفات) ال‬ ‫فسروا الغريية بإمكان االنفكاك قد ا‬ ‫املشائخ الذين ا‬ ‫صرحوا‘‘) بأنه يتصور وجود البعض كالعلم مثّلً‪ ،‬مث‬ ‫يتصور عدمها لكوهنا أزلية (والعدم على األزىل حمال)‪ ،‬مع القطع (متعلاق بقوله ’’قد ا‬ ‫يطلب بالربهان إثبات البعض اآلخر (كالكّلم فثبت تصور وجود بعضها مع عدم بعض)‪ ،‬فعلم أهنم (أي مشائخ أهل السناة واجلماعة) مل يريدوا‬ ‫(بالغريية) هذا املعىن (أي إمكان تصور وجود كل واحد منهما مع عدم اآلخر وإال لزم تغاير الصفات‪ ،‬وهذا باطل)‪ ،‬مع أنه (أي هذا املعىن وإن كان يستقيم ىف‬ ‫مسئلة العا َمل مع الصانع لكناه) ال يستقيم يف العرض مع احملل (أل ان تصور العرض مع عدم احملل غري مستقيم)‪.‬‬ ‫ولو اعترب وصف اسإضافة (هذا ردٌّ على قول بعض العماء‪’’ ،‬واحلاصل أ ان وصف اسإضافة معترب‘‘) لزم عدم املغايرة بني كل متضايفني‬ ‫(مع أ اهنما غريان‪’’ .‬متضايفان‘‘ مها كل اثنني بينهما نسبة) كاألب واالبن (فإناه يستحيل تصور وجود كل منهما مع عدم اآلخر فيلزم أن ال يكونان غريين وهذا‬ ‫باطل إمجاعاً وبدايةً) وكاألخوين وكالعلة مع املعلول‪ ،‬بل بني الغريين (أي بل يثبت عدم املغايرة بني الغريين)‪ ،‬ألن الغري من األمساء‬ ‫اسإضافية‪ ،‬وال قائل بذلك (أي بعدم املغايرة بني املتضايفان ال سياما بني الغريين)‪.‬‬ ‫اعتراض فإن قيل‪ِ :‬ملَ ال جيوز أن يكون مرادهم (أي مراد األشاعرة بقوهلم ’’الصفات ال هو وال غريه‘‘) أهنا (أي الصفات) ال هو حبسب‬ ‫املفهوم (أل ان املفهوم الذات مغايرة ملفهوم الصفات)‪ ،‬وال غريه حبسب الوجود (ىف اخلارج)‪ ،‬كما هو حكم سائر احملموالت بالنسبة إىل‬ ‫موضوعاهتا‪ ،‬فإنه يشرتط االحتاد بينهما (أي بني املوضوع واحملمول) حبسب الوجود ليصح احلمل‪ ،‬و(يشرتط) التغاير (بني املوضوع واحملمول)‬ ‫حبسب املفهوم ليفيد احلمل‪.‬‬ ‫(مثال توضيح االعرتاض)‬ ‫كما يف قولنا‪ :‬اسإنسان كاتب (فإ اهنما متاحدان وجوداً ومتغايران مفهوماً) ‪ ،‬خبّلف قولنا‪ :‬اسإنسان حجر‪ ،‬فإنه ال يصح (لتخلُّ ِ‬ ‫ف‬ ‫(أي‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪65‬‬

‫ِ‬ ‫املفهوم م ِني)‪.‬‬ ‫الحتاد‬ ‫شرطه وهو تباين‬ ‫الوجودين)‪ .‬وقولنا‪ :‬اسإنسان إنسان فإنه ال يفيد ( ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يصح يف مثل‬ ‫جواب قلنا (ال جيوز أن يكون مرادهم ذلك)‪ :‬ألن هذا (أي اال احتادُ حبسب الوجود واملغايرةُ حبسب املفهوم بني املوضوع واحملمول) إمنا ا‬ ‫يصح ىف الصفة املشت اقة من الصفات أل اهنا ُحتمل على الذات ال ىف الصفات‬ ‫العامل والقادر بالنسبة إىل الذات‪ ،‬ال يف مثل العلم والقدرة (أي إامنا ا‬ ‫يصح االحتاد حبسب الوجود واملغايرةُ‬ ‫أل اهنا ال ُحتمل على الذات فّل يقال ’’اهلل علم وقدرة‘‘) مع أن الكّلم فيه (أي يف مثل العلم والقدرة)‪ ،‬وال (أي ال ا‬ ‫حبسب املفهوم) يف األجزاء الغري احملمولة كالواحد من العشرة واليد من زيد (فّل يقال الواحد عشرة أل ان الواحد ليس بعشرة حبسب الوجود وليس‬ ‫مغايرة للعشرة بل داخل فيها وكذلك اليد ليس بزيد حبسب الوجود وال مغايرة لز ٍ‬ ‫يد بل جزء منه)‪( .‬قد انتهى جواب الشارح‪).‬‬ ‫( ارد الشارح على كّلم صاحب التبصرة)‬ ‫وذكر يف التبصرة أن كون الواحد من العشرة واليد من زيد غريه (أي الواحد ليس داخّلً ىف العشرة واليد ليس جزء من زيد) مما مل‬ ‫يقل به أحد من املتكلمني سوى جعفر بن حارث (املعتزىل)‪ ،‬وقد خالف يف ذلك مجيع املعتزلة‪ ،‬وعد ذلك (أي هذه املخالفة) من‬ ‫جهاالته (أي من جهالة جعفر بن حارث)‪ ،‬وهذا (أي كون ذلك جهّلً) ألن العشرة اسم جلميع األفراد ومتناول لكل فرد من آحاده مع‬ ‫حمال)‪ ،‬ألنه (أي الواحد) من العشرة‪ ،‬وأن (ال) تكون‬ ‫احد) غري نفسه (وهذا ٌ‬ ‫أغياره‪ ،‬فلو كان الواحد غريها (أي غري العشرة) لصار (الو ُ‬ ‫العشرة بدونه (أي بدون الواحد) ‪ ،‬وكذا لو كان يد زيد غريه لكان اليد غري نفسها‪ ،‬هذا كّلمه (أي كّلم صاحب التبصرة)‪ ،‬وال خيفى ما‬ ‫فيه (من اخلبط واجلهل)‪.‬‬

‫((وهي)) أي صفاته األزلية ((العلم)) وهو صفة أزلية تنكشف املعلومات عند تعلقها هبا‬

‫(أي علمه سبحانه يتعلاق باألشياء‬

‫بكل شيُ علما ﴾ [الطّلق‪:‬‬ ‫كلاها معدومها وموجودها وواجبها وممكنها وحماهلا وكلايااهتا وجزئيااهتا فمتعلاقات علمه سبحانه غري متناهية قال اهلل تعاىل ﴿ أحاط ا‬ ‫‪.)]97‬‬

‫((والقدرة)) وهي صفة أزلية تؤثر يف املقدورات (كلاها) عند تعلقها هبا (أي عند تعلا ِق صفة القدرة باملقدورات)‪.‬‬ ‫((والحياة)) وهي صفة أزلية توجب صحة العلم (والقدرة)‪.‬‬

‫((والقوة)) وهي مبعىن القدرة‪.‬‬

‫((والسمع)) وهي صفة تتعلق باملسموعات‪.‬‬

‫((والبصر)) وهي صفة تتعلق باملبصرات‪ ،‬فتدرك هبما (أي السمع والبصر) إدراكاً تاماً على سبيل التخيل أو التوهم‬ ‫ال يغيب احملسوس عنه سبحانه)‪ .‬وال على طريق تأثري حاسة ووصول هواء‪.‬‬

‫(ألناه‬

‫قول الشارح ’’و ال على طريق تأثار حاسة ووصول اهلواء‘‘ إشارة إىل دفع شبهة ذكرها الفّلسفة‪ ،‬وهى أ ان اسإدراك بالسمع والبصر ال حيصل إاال‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬ ‫بد ىف السماع من وصول اهلواء إىل صماخ األذان!؟ وحاصل اجلواب أ ان تأثار احلاسة ووصول اهلواء إامنا‬ ‫إذا تأثارت حاسة السمع والبصر وأيضاً ال ا‬ ‫منزه عن األعضاء‪( .‬أُ ِخ َذ املفهوم من النرباس)‬ ‫هو ىف احليوانات فقط‪ ،‬واهلل تعاىل ا‬

‫وال يلزم من قدمهما (أي من قدم السمع والبصر) قدم املسموعات واملبصرات كما ال يلزم من قدم العلم والقدرة قدم‬ ‫املعلومات واملقدورات‪ ،‬ألهنا (أي مجيع صفات اهلل) صفات قدمية حتدث هلا تعلقات باحلوادث (وال جيب من وجود الصفة أن يكون هلا تعلاق‬ ‫كما ىف مسعِنا حني ال يكون صوت)‪.‬‬ ‫((واإلرادة والمشيئة (لفظان مرتادفان لغةً واصطّلحاً عند اجلمهور))) ومها عبارتان عن صفة يف احلي توجب ختصيص أحد‬ ‫املقدورين (ومها الفعل والرتك) يف أحد األوقات بالوقوع مع استواء نسبة القدرة إىل الكل (أي إىل الفعل والرتك)‪ ،‬و(مع) كون تعلق العلم‬ ‫‪66‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫تابعاً للوقوع (أي وقوع أحد املقدورين فَـعُلِ َم أ ان اسإرادة غري العلم هذا ردٌّ على الفّلسفة فإ ان عندهم اسإرادة هو العلم)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ب التخصيص وذكرمها ىف الصفات األزلية الوجودياة) تنبيه على الرد على من زعم (هم‬ ‫وفيما ذكر (أي من ترادفهما وتعريفهما بصفة تُوج ُ‬ ‫النجار من املعتزلة حيث قال‪ ):‬أن‬ ‫الكرامية حيث قالوا) ‪ ،‬املشيئة قدمية واسإرادة حادثة قائمة بذات اهلل تعاىل‪ ،‬و(ردٌّ) على من زعم (هو احلسن ا‬ ‫معىن إرادة اهلل تعاىل فعله أنه (أي اهلل تعاىل) ليس مبكره (اسم مفعول من اسإكراه أي ليس مبجبور ىف فعله) وال ساه (أي ذى سهو بأن يكون غافّلً‬ ‫عن فعله) وال مغلوب (بأن يكون غريُه غالباً عليه مينعه عن الفعل) ‪ ،‬ومعىن إرادته فعل غريه أنه أمر به (أي أََمَر بذالك الفعل فاعلَه حىت إ من ال يكون‬ ‫مأموراً به ال يكون مراداً له)‪ ،‬كيف (أي كيف يكون اسإرادة مبعىن األمر!؟ هذا ردٌّ على زعم احلسني) وقد أمر كل مكلف باسإميان وسائر الواجبات‬ ‫صدور اسإميان والواجبات عنهم) لوقع (وإاال لزم العجز وهذا حمال ىف ح اقه تعاىل)‪.‬‬ ‫(أي مع أن أكثر املكلافني كفار وعصاة) ولو شاء (اهللُ َ‬ ‫سمي بالتكوين‪ ،‬وسيجيء حتقيقه (أي حتقيق التكوين)‪،‬‬ ‫((والفعل (بفتح الفاء) والتخليق (كّلمها))) عبارة عن صفة أزلية تُ ا‬ ‫ف) عن لفظ اخللق (إىل التخليق) لشيوع استعماله (أي لكثرة استعمال اخللق) يف (معىن) املخلوق (فلو قال ’’واخللق‘‘ لَتُـ ُوِّه َم أن‬ ‫ص ِر َ‬ ‫وعدل (أي ُ‬ ‫املخلوق صفة اهلل وليس األمر كذلك‪ ،‬فلذلك ُع ِد َل عنه)‪.‬‬

‫((والترزيق)) هو تكوين خمصوص صرح به (أي بالرتزيق مع أناه داخل ىف ال َف مع ِل والتخليق) إشارة إىل أن مثل التخليق والرتزيق والتصوير‬ ‫واسإحياء واسإماتة وغري ذلك (كالرفع واخلفض والتنعيم والتعذيب) مما استند إىل اهلل تعاىل‪ ،‬كل منها راجع إىل صفة حقيقية أزلية قائمة‬ ‫بالذات هي التكوين (أي كل منها تكوين)‪ ،‬ال (أي ليس األمر) كما زعم (اسإمام) األشعري من أهنا (أي التكوين والرتزيق والتصوير والتخليق)‬ ‫تسمى اسإحياء وقِس‬ ‫تسمى الرتزيق وإذا تعلاقت باحليوة حصل إضافة ا‬ ‫إضافات (وليست بصفات حقيقية‪ ،‬مثّلً إذا تعلاقت القدرة واسإرادة بالرزق حصل إضافة ا‬ ‫عليه) و(إ اهنا) صفات ل فعال (فإناه قَ َّس َم الصفات إ ىل صفات الذات وهى الىت ال جيوز خلو الذات عنها كالعلم والقدرة واحليوة والسمع والبصر واسإرادة وَنوها‬ ‫وإىل صفات األفعال وهى حادثة جيوز خلوه عنها كالتخليق والرتزيق والتصوير وَنوها)‪.‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪67‬‬

‫قد وردت املتشاهبات يف القرآن واحلديث‪ ،‬وهى ض اد احملكم ما كان واضح املعىن‪ ،‬قال اسإمام القرطيب يف تفسريه‪(( :‬احملكم‪ :‬ما عُرف تأويله‬ ‫فائدة ّ‬ ‫مهمة وفهم معناه وتفسريه‪ ،‬واملتشابه‪ :‬ما مل يكن أل ٍ‬ ‫حد إىل علمه سبيل مما استأثر اهلل تعاىل بعلمه دون خلقه مثل احلروف املقطاعة يف أوائل‬ ‫السور‪ ،‬هذا أحسن ما قيل فيه))‪.‬‬ ‫اسإميَان ِهبَا ِم من َغ مري تَـ َعُّرض لِتَأم ِو ٍيل وَال لِم مع ِرفَِة المم مع َىن‪ ،‬والثاين‪ :‬يـُتَأ ََّول ِحبَس ِ‬ ‫َح ُدمهَا مِ‬ ‫ب َما يَلِيق ِهبَا‪ .‬وأمثلتُها قوله‬ ‫واعلم أن يف مسئلة صفات اهلل تعاىل املتشاهبة مذهبان‪ :‬أ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫استَـ َوى َعلَى ال َمع مر ِش ﴾ [ األعراف‪ ،14 :‬يونس‪ ،3 :‬الرعد‪ ،7 :‬الفرقان‪ ،19 :‬السجدة‪ ،4 :‬احلديد‪،] 4:‬‬ ‫تعاىل‪ ﴿ :‬يَ ُد اللَّه فَـ مو َق أَيمدي ِه مم ﴾ [ الفتح‪ُ ﴿ ،] 91 :‬مثَّ م‬ ‫ِ‬ ‫ي ﴾ [ ص‪َ ﴿ ،] 21:‬وُحيَ ِّذ ُرُك ُم اللَّهُ نَـ مف َسهُ ﴾ [ آل عمران‪ ،]31 ،79 :‬وغريها من اآليات‬ ‫ت بِيَ َد َّ‬ ‫﴿ ُك ُّل َش مي ٍء َهالِ ٌ‬ ‫ك إَِّال َو مج َههُ ﴾ [ القصص‪ ﴿ ،] 99:‬ل َما َخلَ مق ُ‬ ‫الرمكن جزء المم ِ‬ ‫ال ِهل ِذهِ ِّ ِ‬ ‫ات‪ ،‬أ مَو أ مَرَكا ٌن‪ِ ،‬أل َّ‬ ‫اىل‪،‬‬ ‫الص َم ُد‪َ ،‬ال يَـتَ َجَّزأُ ‪ُ -‬سمب َحانَهُ َوتَـ َع َ‬ ‫َح ُد َّ‬ ‫اهيَّ ِة‪َ ،‬واللَّهُ تَـ َع َ‬ ‫ِح‪ ،‬أ مَو أ ََد َو ٌ‬ ‫َّها أ مَع َ‬ ‫البيانات‪ ،‬ف َّل يـُ َق ُ َ‬ ‫ضاءٌ‪ ،‬أ مَو َج َوار ٌ‬ ‫الص َفات إِنـ َ‬ ‫اىل ُه َو ماأل َ‬ ‫َن ُّ َ ُ م ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضاء فِيها معىن التَّـ مف ِر ِيق والتَّـع ِ‬ ‫ك‪ ،‬وا مجلوارِح ف َيها م معىن ِاال مكتِس ِ‬ ‫ت الَِّيت يـُمنتَـ َف ُع ِهبَا ِيف َج مل ِ‬ ‫ب ال َمممنـ َف َع ِة‬ ‫ضيَ ِة‪ ،‬تَـ َع َ‬ ‫اب َو ِاالنمتِ َفا ِع‪َ .‬وَك َذل َ‬ ‫ات ه َي ماآلَال ُ‬ ‫ك ماأل ََد َو ُ‬ ‫َ م‬ ‫َ َ‬ ‫َو ماأل مَع َ ُ َ َ م َ‬ ‫اىل اللَّ ُه َع من َذل َ َ ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫األول ال ب اد من اسإميان هبا والتسليم بدون خوض يف كيفيتها‪.‬‬ ‫ضَّرةِ‪َ .‬وُك ُّل َه ِذهِ ال َمم َع ِاين ُمنمتَ ِفيَةٌ َع ِن اللَّ ِه تَـ َع َ‬ ‫َوَدفم ِع ال َمم َ‬ ‫اىل!!‪ ،‬فعلى املذهب ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اىل ِيف الم ُقر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫آن م من ذ مك ِر الميَد َوال َمو مجه َوالنَّـ مف ِ‬ ‫س‪ ،‬فَـ ُه َو لَهُ ِص َفةٌ بِ َّل‬ ‫قَ َ‬ ‫س‪َ ،‬ك َما ذَ َكَر تَـ َع َ‬ ‫ال ُ‬ ‫م‬ ‫اسإمام األ ُ‬ ‫َعظم أَبُو َحني َف َة َرض َي اللهُ َعمنهُ يف ((المف مقه ماألَ مك َرب))‪ :‬لَهُ يَ ٌد َوَو مجهٌ َونَـ مف ٌ‬ ‫َكمي ٍ‬ ‫ال‪ :‬إِ َّن يَ َدهُ قُ مد َرتُهُ َونِ مع َمتُهُ‪ِ ،‬أل َّ‬ ‫الص َف ِة‪ ،‬انمـتَـ َهى‪ ،‬وعلى املذهب الثاين جيوز تأويلُها حبسب ما يليق هبا ولكن التفويض عندهم أوىل وأفضل‪.‬‬ ‫َن فِ ِيه إِبمطَ َ‬ ‫ف‪َ ،‬وَال يـُ َق ُ‬ ‫ال ِّ‬ ‫وقد قال اإلمام النووي في شرحه لصحيح مسلم تحت الحديث‪ :‬إِ َّن قُـلُوب ب ِين آدم ُكلَّها بـني إِصبـع ِ ِ‬ ‫الر ممحَ ِن‪:‬‬ ‫َصابِ ِع َّ‬ ‫َ َ َ َ َ َم َ مَ َم‬ ‫ني م من أ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫((ه َذا ِمن أَح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان قَ ِريبا‪ :‬أَحدمها مِ ِ ِ‬ ‫الص َفات ‪ ،‬وفِيها الم َقوَال ِن َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّها َح ٌّق ‪َ ،‬وأ ََّن هَاه َرها َغ مري‬ ‫اديث ِّ‬ ‫السابَِق ً َ َ‬ ‫اسإميَان هبَا م من غَ مري تَـ َعُّرض لتَأم ِو ٍيل َوَال ل َم معرفَة ال َمم مع َىن‪ ،‬بَ مل يـُ مؤَمن بأَنـ َ‬ ‫َ م َ‬ ‫َ َ م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض ِيت‪َ ،‬وِيف َكفِّي‪،‬‬ ‫ب‬ ‫ـ‬ ‫ق‬ ‫يف‬ ‫ن‬ ‫ّل‬ ‫ف‬ ‫‪:‬‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫از‬ ‫ج‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫اد‬ ‫ر‬ ‫مم‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫ه‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‬ ‫هب‬ ‫يق‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫حب‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫َّاين‬ ‫ث‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫]‪،‬‬ ‫‪99‬‬ ‫الشورى‪:‬‬ ‫[‬ ‫﴾‬ ‫ء‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ث‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬ ‫اىل‬ ‫ع‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫ُمَراد‪ .‬قَ َ‬ ‫َُ َّ َ َ َ َ َ َ ََ َ َ ُ َ َ َ َ َ ُ َ َُ‬ ‫ال اللَّ َ َ َ‬ ‫َم َ‬ ‫َ‬ ‫َم َ َ م َ م‬ ‫َال يـراد بِِه أَنَّه حال ِيف َك افه‪ ،‬بل الممراد َمحتت قُ مدرِيت‪ .‬ويـ َقال‪ :‬فَُّلن بـني إِصبعِي أُقَـلِّبه َكيف ِشئمت أَي أَنَّه ِم ِّين علَى قَـهره والتَّصُّرف فِ ِيه َكيف ِشئمت‪ .‬فَمعىن م ِ‬ ‫احلَديث أَنَّهُ‬ ‫م‬ ‫ُ م‬ ‫م ُ َ م َ َ‬ ‫َ مَ‬ ‫َم مَ‬ ‫َ َُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ م َُ‬ ‫َُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ط‬ ‫ا‬ ‫خ‬ ‫ف‬ ‫‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ع‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ص‬ ‫إ‬ ‫ني‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ك‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ان‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫اسإ‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫مي‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫د‬ ‫ا‬ ‫َر‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ته‬ ‫و‬ ‫ف‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ء‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫مي‬ ‫ال‬ ‫‪،‬‬ ‫اء‬ ‫ش‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ك‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ري‬ ‫غ‬ ‫و‬ ‫اده‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫وب‬ ‫ل‬ ‫ـ‬ ‫ق‬ ‫يف‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫ص‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫اىل‬ ‫ع‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫انه‬ ‫ح‬ ‫م‬ ‫ُُ‬ ‫ُسمب َ َ َ َ َ َُ َ ِّ‬ ‫َ َ َ م َ َ م َ َ َ َمَ ََم م َ َ م ََ َ ُ ُ َ َ َ ُ َ َ َ َمَ ََ م َ َ َ َ َ م م َ َم َ َ َ َ‬ ‫يدا لَه ِيف نـُ ُفوسهم‪ .‬فَإِ َّن قِيل‪ :‬فَـ ُق مدرة اللَّه تَـع َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫المعرب ِمبَا يـ مفهمونَه‪ ،‬ومثَّـلَه بِالممع ِاين مِ‬ ‫اسإصبـع ِ‬ ‫ان لِلتَّثمنِيَ ِة‪ .‬فَا مجلََواب أَنَّهُ قَ مد َسبَ َق أَ َّن َه َذا َجمَاز‬ ‫احل ِّسيَّة تَأمك ً ُ‬ ‫اىل َواح َدة‪َ ،‬و مِ م َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ ُ ََ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اجلَ ممع‪َ .‬واَللَّه أ مَعلَم))‪.‬‬ ‫ق‬ ‫م‬ ‫ري‬ ‫غ‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫اد‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫حب‬ ‫يل‬ ‫ث‬ ‫َّم‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫ع‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫ار‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫اس‬ ‫صود بِِه التَّثمِنيَة َو م‬ ‫َو م َ َ َ َ َ َ م َ َ َ مَ ُ َ م َ م ُ‬ ‫العالمة مفتي محمد تقي العثماني حفظه اهلل تعالى في تكملة فتح الملهم‪:‬‬ ‫وقال ّ‬ ‫النووي رمحه اهلل مذهبني لعلماء أهل السناة يف مثل هذه النصوص اليت نسب فيها إىل اهلل تعاىل اسإصبع أو‬ ‫((قال العبد الضعيف – عفا اهلل عنه ‪ : -‬إمنا ذكر اسإمام‬ ‫ا‬ ‫اليد أو الكف وغريها‪ ،‬اأوهلا ‪ :‬مذهب التفويض‪ ،‬وهو مذهب مجهور احملدثني والسلف‪ ،‬والثاين ‪ :‬مذهب التأويل‪ ،‬وهو مذهب أكثر املتكلمني‪ .‬وهناك مذهب ثالث‬ ‫احلقيقي ولكناها صفة‬ ‫القيم رمحهما اهلل تعاىل‪ ،‬وهو أ ان املراد من اسإصبع معناها‬ ‫ذهب إليه مجاعة من السلف‪ ،‬واختاره احلافظ الذهيب وال ا‬ ‫عّلمة ابن تيمية وتلميذه ابن ا‬ ‫ا‬ ‫هلل تعاىل وليست جارحة‪ ،‬وليست مثل إصبع املخلوقات‪ ،‬بل كيفيتها جمهولة‪.‬‬ ‫ابعا استحسنه كثري من العلماء‪ ،‬قال ‪(( :‬نقول يف الصفات املشكلة إ اهنا حق وصدق على املعىن الذي أراده اهلل‪ ،‬ومن‬ ‫وذكر ا‬ ‫وجها ر ً‬ ‫العّلمة ابن دقيق العيد رمحه اهلل ً‬ ‫تأوهلا نظرنا‪ ،‬فإن كان تأويله قريبا على مقتضى لسان العرب مل ننكر عليه‪ ،‬وإن كان بعيدا‪ ،‬توقفنا عنه ورجعنا إىل التصديق مع التنزيه‪ ،‬وما كان منها معناه هاهرا‬ ‫ت ِيف َجمن ِ‬ ‫ب اللَّ ِه ﴾‪ [ ،‬الزمر‪ ،] 17 :‬فإ ان املراد به يف استعماهلم الشائع حق اهلل‪ ،‬فّل يتوقف يف‬ ‫مفهوما من ختاطب العرب محلناه عليه لقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬علَى َما فَـَّرطم ُ‬ ‫محله عليه‪ .‬وكذا قوله ‪(( :‬إ ان قلب ابن آدم بني إصبعني من أصابع الرمحٰن)) فإ ان املراد به إرادة قلب ابن آدم مصروفة بقدرة اهلل وما يوقعه فيه)) نقله احلافظ يف فتح‬ ‫الباري (‪ ،)393 :93‬كتاب التوحيد‪ ،‬باب ما يذكر يف الذات والنعوت‪.‬‬ ‫املهم يف العقيدة هو تنزيه اهلل تعاىل عن التشبيه والتعطيل‪ ،‬وإ ان كل‬ ‫وهذه املذاهب األربعة كلاها حمتملة ذهب إىل كل واحد منها مجاعات من العلماء احملققني‪ ،‬فإن ا‬

‫وإمنا هو اختّلف رأي يف التعبري‬ ‫واحد من هذه املذاهب األربعة جازم بذلك‪ ،‬واالختّلف بينها ليس اختّلف عقيدة‪ ،‬فإ ان العقيدة هي التنزيه عن التشبيه والتعطيل‪ ،‬ا‬ ‫عن تلك العقيدة وتقعيدها على النصوص‪ ،‬فليس شيء من هذه املذاهب باطّل حمضا أو ضّلال صرفا‪ ،‬وإن كانت املناهرات واجملادالت النظرية اليت مل تزل جارية‬ ‫الغلو واسإفراط من اجلوانب املختلفة‪ ،‬ورمبا اأدى بعضهم إىل التجاوز عن االعتدال‪ ،‬ولكن احل اق أ ان أصل اخلّلف ليس إال‬ ‫بينها منذ قرون‪ ،‬رمبا وقع فيها التهويل و ا‬ ‫كل رأي من هذه اآلراء األربعة فحول من علماء األمة املتمسكني‬ ‫خّلفا اجتهاديا‪ ،‬نظري اختّلف الفقهاء يف املسائل الفقهية اجملتهد فيها‪ .‬ولذلك ذهب إىل ا‬ ‫بالكتاب والسنة الذين ال شك يف كوهنم من أهل احلق ومن أهل السنة واجلماعة‪ .‬ويبدو أ ان مذهب مجهور السلف هو التفويض‪ ،‬وهو األسلم واألحوط واألوفق‬ ‫الر ِاس ُخو َن ِيف المعِلم ِم يَـ ُقولُو َن َآمنَّا بِِه ﴾ [سورة آل عمران‪ ،‬آية ‪ .]2‬وقد تكلامنا على هذه املسألة بشيء من البسط يف ما‬ ‫بقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬وَما يَـ معلَ ُم تَأم ِويلَهُ إَِّال اللَّهُ َو َّ‬ ‫كتبناه حول ((تفسري عثماين))‪ ،‬وهو من مجلة مقاالتنا العربية‪ .‬وراجع لتفصيل أطراف املسألة كتاب األمساء والصفات للبيهقي‪ ،‬ودفع ُشبه التشبيه البن اجلوزي‬ ‫وشرح حديث النزول البن تيمية‪ ،‬وبوادر النوادر للشيخ أشرف علي التهانوي رمحهم اهلل تعاىل))‪.‬‬

‫العّلمة مفيت حممد تقي العثماين حفظه اهلل تعاىل يف تكملة فتح امللهم‪:‬‬ ‫وقال ا‬ ‫النووي رمحه اهلل مذهبني لعلماء أهل السناة يف مثل هذه النصوص اليت نسب فيها إىل اهلل تعاىل اسإصبع أو‬ ‫((قال العبد الضعيف – عفا اهلل عنه ‪ : -‬إمنا ذكر اسإمام‬ ‫ا‬ ‫وهوةمذهب أكثر املتكلمني‪ .‬وهناك مذهب ثالث‬ ‫مذهب التأو‬ ‫السلف‪،‬ة ويفالثاين ‪:‬‬ ‫احملدثنيو و‬ ‫اليد أو الكف وغريها‪ ،‬اأوهلا ‪ :‬مذهب التفويض‪ ،‬وهو مذهب مجهور‬ ‫تيسري شرح‬ ‫هتذيب األر‬ ‫العقائديل‪،‬النسفيا‬ ‫اح النفسيا‬ ‫‪68‬‬ ‫احلقيقي ولكناها صفة‬ ‫وهو أ ان املراد من اسإصبع معناها‬ ‫رمحهما اهلل‬ ‫وتلميذه‬ ‫ذهب إليه مجاعة من السلف‪ ،‬واختاره احلافظ الذهيب و ا‬ ‫تعاىل‪،‬تعاىل‬ ‫رمحه اهلل‬ ‫القيامالتفتازاين‬ ‫سعدابنالدين‬ ‫للعّلمة‬ ‫العّلمة ابن تيمية ا‬ ‫ا‬ ‫هلل تعاىل وليست جارحة‪ ،‬وليست مثل إصبع املخلوقات‪ ،‬بل كيفيتها جمهولة‪.‬‬

‫[ البحث فى الكالم ]‬ ‫مهم‬ ‫تمهيد ّ‬

‫كّلم اهلل عند أهل السناة واجلماعة صفة أزلية قدمية قائمة بذاته تعاىل‪ .‬وأ اما هذا القرآن املراكب من احلروف اهلجاء فحادث‪ ،‬وليس صفة قدمية‬ ‫قائمة بذاته تعاىل بل هو ٌّ‬ ‫ويسمى األول بالكّلم النفسى والثاىن بالكّلم اللفظى‪ .‬واملعتزلة يُنك ِرو َن األول أي الكّلم النفسي ويقولون‬ ‫دال عليها ا‬

‫كّلم اهلل هو اللفظى احلادث فقط فهذا حترير حمل النزاع‪.‬‬

‫((والكالم)) وهي صفة أزلية عرب عنها بالنظم‬ ‫عن الفم والنظم مجع الَّآلىل ىف ِ‬ ‫السلم ِك) املسمى بالقرآن املركب من احلروف‪ ،‬وذلك (أي الكّلم النفسى ثابت) ألن كل من يأمر وينهى وخيرب‬ ‫ُ‬ ‫جيد من نفسه معىن مث يدل عليه (أي على ذلك املعىن) بالعبارة أو الكتابة أو اسإشارة‪.‬‬

‫ظ طَمر ُح الشيُ‬ ‫(أراد اللفظ لكن األوصوليني يـُ َعبِّـ ُرون عن لفظ القرآن بالنظم ل دب أل ان اللف َ‬

‫اعتراض مق ّدر إ ان هذا املعىن الاذى جيد ىف نفسه هو العلم واسإرادة أل ان املتكلم إذا أ مخرب بشي ٍُ فهذا دليل على أناه قد علم ذالك الشيُ وكذالك إذا أمر بشيُ فهذا‬ ‫العلم واسإراد ُة ومل يثبت كّلم نفسي!‬ ‫دليل على أناه أراد املأمور به فثبت هبذا املعىن ُ‬

‫جواب وهو (املعىن موجود ىف النفس) غري العلم (أي ليس بعل ٍم)‪ ،‬إذ قد خيرب اسإنسان عما ال يعلمه‪ ،‬بل يعلم خّلفه‬ ‫الكاذبة فإ ان اخلرب فيها على خّلف العلم)‪ ،‬وغري اسإرادة (أي املعىن موجود ىف النفس ليس بإرادة) ألنه (أي متكلِّم) قد يأمر مبا ال يريده‪ ،‬كمن أمر‬ ‫الناس ويقولون ال تضرب‬ ‫عبده قصداً سإههار عصيانه وعدم امتثاله (أي عدم إطاعته) ألوامره (توضيحه أ ان الرجل قد يَ م‬ ‫ب َ‬ ‫ض ِر ُ‬ ‫عبده العاصى فيلومه ُ‬ ‫كذبت ُِ‬ ‫حق فيقول هو ٍ‬ ‫يد أن يُظ ِهر عليهم عصيانه فيأمره ٍ‬ ‫بفعل وهو يريد أن ال يفعله العبد ليظهر صدقُه)‪ ،‬ويسمى هذا‬ ‫عاص فيقولون‬ ‫عبدك بّل ٍّ‬ ‫فري ُ‬ ‫َ‬ ‫(املعىن)كّلماً نفسياً على ما أشار إليه األخطل (شاعر من نصارى العرب كان ىف دولة قدماء بىن امية) بقوله‪:‬‬

‫(كسائر األخبار‬

‫إن الكـالم لفي الفـؤاد وإنما‬ ‫جعل اللسان على الفؤاد دليالً‬ ‫وقال عمر رضي اهلل عنه‪ :‬إين زورت (أي َح َّسنم ُت وزيـَّنم ُت) يف نفسي مقالة‪ ،‬وكثرياً ما تقول لصاحبك‪ :‬إن يف نفسي كّلماً‬ ‫أريد أن أذكره لك‪.‬‬ ‫(أدلاة ثّلثة على إثبات صفة الكّلم)‬ ‫والدليل على ثبوت صفة الكّلم‪:‬‬ ‫)‪ (9‬إمجاع األمة‪.‬‬ ‫)‪ (7‬وتواتر النقل عن األنبياء عليهم السّلم أنه تعاىل متكلم‪.‬‬ ‫)‪ (3‬مع القطع باستحالة التكلم من غري ثبوت صفة الكّلم‪.‬‬ ‫فثبت أن هلل تعاىل صفات مثانية هي‪ :‬العلم والقدرة واحلياة والسمع والبصر واسإرادة والتكوين والكّلم‪.‬‬ ‫املكررات)‬ ‫(التأكيدات و ا‬ ‫ف) اسإشارة إىل إثباهتا وقدمها (أي كوهنا‬ ‫كرر (املصنا ُ‬ ‫وملا كان يف الثّلثة األخرية (أي اسإرادة والتكوين والكّلم) زيادة نـزاع وخفاء ا‬ ‫قدمية)‪ ،‬وفصل الكّلم (أي فَ َّص َل حقيقةَ كّلم اهلل) بعض التفصيل فقال‪:‬‬

‫((وهو)) أي اهلل تعاىل ((متكلم بكالم هو صفة له)) ضرورة امتناع إثبات املشتق للشيء من غري قيام مأخذ‬ ‫االشتقاق به (أي ال ميكن أن يكون اسم املشتق بدون مأخذ االشتقاق مثّلً ال ميكن أن يكون اهلل متكلِّماً بدون صفة الكّلم)‪ ،‬ويف هذا (أي كون اهلل‬ ‫متكلاما بكّلم هو صفة له) رد على املعتزلة حيث ذهبوا إىل أنه متكلم بكّلم هو قائم بغريه ليس صفة له (ىف احلقيقة لعدم قيامه بذاته‬ ‫تعاىل)‪.‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪69‬‬

‫((أزلية)) ضرورة امتناع قيام احلوادث بذاته (أي ال ميكن قيام احلوادث بذاته تعاىل)‪.‬‬

‫((ليس من جنس الحروف واألصوات)) ضرورة أهنا (أي احلروف واألصوات) أعراض حادثة مشروط ( ُش ِر َط) حدوث‬ ‫بعضها بانقضاء البعض‪ ،‬ألن امتناع التكلم باحلرف الثاين بدون انقضاء احلرف األول بديهي (أي ال ميكن للمتكلِّ ِم أن يتكلام باحلرف‬ ‫الثاىن بدون انقضاء احلرف األول)‪ ،‬ويف هذا (أي قوله ليس من جنس احلروف) رد على احلنابلة والكرامية القائلني بأن كّلمه تعاىل عرض من‬ ‫جنس األصوات واحلروف‪ ،‬ومع ذلك (أي مع كونه عرضاً) فهو قدمي‪.‬‬ ‫((وهو)) أي الكّلم ((صفة)) أي معىن قائم بالذات (أي بذاته تعاىل) ((منافية للسكوت)) الذي هو ترك التكلم مع‬

‫القدرة عليه‪(( ،‬واآلفة (أي صفة كّلم اهلل تعاىل منافية لآلفة))) اليت هي عدم مطاوعة اآلالت (أي عدم القدرة على استعمال اآلالت) إما‬ ‫حبسب الفطرة كما يف اخلرس أو حبسب ضعفها (أي ِ‬ ‫بسبب ضعف اآلالت) وعدم بلوغها (إىل) حد القوة كما يف الطفولية‪.‬‬ ‫اعتراض فإن قيل‪ :‬هذا (أي كون الكّلم صفة منافية للسكوت واآلفة) الكّلم إمنا يصدق على الكّلم اللفظي دون الكّلم النفسي‪،‬‬ ‫إذ السكوت واخلرس إمنا ينايف التلفظ (ال النفسى‪ .‬فثبت أن كّلم اهلل تعاىل لفظى وال نفسى)‪.‬‬ ‫جواب قلنا‪ :‬املراد السكوت واآلفة الباطنيتان‪ ،‬بأن ال يدبار (أي ال يستطيع أن يُ ِّعرب) يف نفسه التكلم (فهذا سكوت باطىن) أو ال‬ ‫يقدر (أصّلً) على ذلك (فهذا آفة باطنية) ‪ ،‬فكما أن الكّلم لفظي ونفسي فكذا ضده‪ ،‬أعين السكوت (لفظى ونفسى) واخلرس (لفظى‬ ‫ونفسى)‪.‬‬ ‫((واهلل تعالى متكلم بها (أي بصفة الكّلم) آمر‪ ،‬وناهٍ‪ ،‬ومخبر (إشارة إىل دفع بعض األشاعرة حيث زعم أن الكّلم ليس صفة واحدة‬

‫بل مخس صفات‪ ،‬األمر والنهى واخلرب واالستفهام والنداء)))‪.‬‬ ‫يعين أنه (أي صفة الكّلم) صفة واحدة تتكثر بالنسبة إىل األمر والنهي واخلرب (اكتفى بالثّلثة على حسب التمثيل)‪ ،‬باختّلف‬ ‫التعلقات (فالكّلم الواحد هو خربٌ حبسب التعلاق بامل مخ َرب عنه‪ ،‬وأ ٌمر حبسب التعلاق باملأمور به وقِ مس عليه) كالعلم والقدرة وسائر الصفات‪ ،‬فإن كّلً‬ ‫منهما صفة واحدة قدمية ‪ ,‬والتكثر واحلدوث إمنا هو يف التعلقات واسإضافات‪ ،‬ملا أن ذلك (أي صفة واحدة) أليق (أي اَنم َسب)‬ ‫بكمال التوحيد (وحاصله أن الّلئق بالتوحيد نفى الصفات ولكناا أَثـمبَمتناَ صفات مثانية للضرورة فاألنسب تقليل الصفات ما امكن ونفى ما زاد على الضرورة)‪،‬‬ ‫وألنه (دليل ٍ‬ ‫ثان لقوله صفة واحدة) دليل على تكثر كل منها يف نفسها (حىت يثبت األمر والنهى واخلرب واالستفهام والنداء بل كلاها من الكّلم الواحد)‪.‬‬ ‫(اعرتاض على قول الشارح ’’أناه أي كّلم اهلل صفة واحدة‘‘)‬ ‫تصور) وجوده (أي وجود الكّلم) بدوهنا (أي بدون أقسام‬ ‫اعتراض فإن قيل‪ :‬هذه (أي األمر والنهى واخلرب) األقسام للكّلم ال يعقل (أي ال يُ ا‬ ‫يصح قولكم ’’الكّلم واحد‘‘)‪.‬‬ ‫الكّلم)‪ ،‬فيكون ( ُ‬ ‫الكّلم) متكثِّراً يف نفسه (وال ا‬ ‫الكّلم) أحد تلك األقسام عند التعلقات‬ ‫تصور وجود الكّلم بدون أقسامه)‪ ،‬بل إمنا يصري ( ُ‬ ‫جواب قلنا‪ :‬إنه ممنوع (أي ال نُسلِّ ُم أناه ال يُ ا‬ ‫الكّلم هنياً إذا ُهنِ َى وخرباً إذا اُخرب به وعلى هذا القياس)‪ ،‬وذلك (أي كون الكّلم من أحد تلك األقسام) فيما ال يزال (أي فيما بعد األزل)‪،‬‬ ‫(مثّلً يصري‬ ‫ُ‬ ‫وأما يف األزل فّل انقسام (للكّلم) أصّلً (لعدم التعلاقات)‪( .‬انتهى جواب الشارح‪).‬‬ ‫(مذهب اسإمام فخر الدين الرازي يف الكّلم)‬ ‫وذهب بعضهم (هو اسإمام فخر الدين الرازى َرِمحَه اهلل) إىل أنه (أي الكّلم) يف األزل خرب (فقط)‪ ،‬ومرجع الكل (من أقسام الكّلم)‬ ‫إليه (أي إىل اخلرب) ‪ ،‬ألن حاصل األمر إخبار عن استحقاق الثواب على الفعل والعقاب على الرتك والنهي على العكس (أي‬ ‫العقاب على الفعل والثواب على الرتك)‪ ،‬وحاصل االستخبار (أي االستفهام ألناه طلب اخلرب) اخلرب عن طلب اسإعّلم (أي اسإخبار عن أَ َّن املتَ َكلِّ َم‬ ‫‪71‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫طالب لإلعّلم)‪ ،‬وحاصل النداء اخلرب عن طلب اسإجابة‪.‬‬ ‫( ُّرد الشارح على املذهب املذكور)‬ ‫قسامه متباية من الكّلم)‬ ‫ورد (ذلك املذهب) بأنا نعلم اختّلف هذه املعاين بالضرورة (فإ ان مدلول اخلرب غري مدلول األمر وإاال مل تكن أ ُ‬ ‫ِ‬ ‫اد األمر‬ ‫ب ِّاحت َ‬ ‫واستلزام البعض للبعض ال يوجب االحتاد (أي إناا ال نسلِّم أ ان األ مر مثّلً مستلزمٌ ملعىن اسإخبار عن استحقاق فاعله الثواب لكناه ال يُوج ُ‬ ‫باطل بداهةً)‪.‬‬ ‫االحتاد بني كل‬ ‫واخلرب وإاال لزم ا‬ ‫َ‬ ‫متّلزم مني كاألب واالبن وهذا ٌ‬ ‫االعتراض األول فإن قيل‪ :‬األمر والنهي بّل مأمور وال منهي سفه (أي جهل) وعبث‪.‬‬ ‫االعتراض الثاني واسإخبار يف األزل بطريق املضي كذب حمض جيب تنـزيه اهلل تعاىل عنه‪.‬‬ ‫أوردمها املعتزلة على األشاعرة‪ .‬وحاصل األول أناه لو كان الكّلم أزليا لكان اهلل سبحانه أمراً وناهياً ىف األزل بّل خماطب‬ ‫هذان اعرتاضان َ‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وهذا غري معقول‪ .‬وحاصل الثانى أ ان اسإخبار بلفظ املاضى كثري ىف القرآن َنو ﴿ قال موسى ﴾ ﴿ وقلنا يا ذا القرنني ﴾ وص مد ُق لفظ املاضى‬ ‫وقوع مضمونه قبل اسإخبار فلو كان الكّلم أزليا لزم الكذب وهو حمال‪( .‬النرباس)‬ ‫يَقتضى َ‬

‫الجواب لالعتراض األول قلنا‪ :‬إن مل جيعل كّلمه (أي كّلم اهلل) يف األزل أمراً وهنياً وخرباً فّل إشكال‪ ،‬وإن جعلناه‬ ‫رمحه اهلل) فاألمر يف األزل سإجياب حتصيل املأمور يف وقت وجود املأمور وصريورته (أي صريورة املأمور) اهّلً لتحصيله (أي لتحصيل‬ ‫تصور) ابناً له (قبل‬ ‫املأمور به)‪ ،‬فيكفي وجود املأمور يف علم اآلمر (وال جيب أن يكون املأمور موجوداً ىف اخلارج)‪ ،‬كما إذا قدر الرجل (أي ا‬ ‫ِ‬ ‫تصوِره) بأن يفعل كذا بعد الوجود‪.‬‬ ‫تولاده) فأمره (ىف ا‬ ‫الجواب لالعتراض الثاني واسإخبار بالنسبة إىل األزل ال يتصف بشيء من األزمنة إذ ال ماضي وال مستقبل وال حال بالنسبة‬ ‫إىل اهلل تعاىل‪ ،‬لتنـزيهه عن الزمان‪ ،‬كما أن علمه أزيل ال يتغري بتغري األزمان‪.‬‬ ‫(كاسإمام األشعرى‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪70‬‬

‫[ البحث فى القرآن هل هو مخلوق أم غير مخلوق؟ ]‬ ‫وملا صرح (املصناف) بأزلية الكّلم حاول (أي قصد وأراد) التنبيه على أن القرآن أيضاً قد يطلق على هذا الكّلم النفسي‬ ‫القدمي كما يطلق (القرآن) على النظم املتلو احلادث فقال‪:‬‬ ‫((والقرآن كالم اهلل تعالى غير مخلوق)) وعقب القرآن بكّلم اهلل ( أي ذَ َكَر قولَه ’’كّلم اهلل‘‘ بعد قوله ’’القرآن‘‘) ملا ذكره‬ ‫املشايخ من أنه يقال‪ :‬القرآن كّلم اهلل تعاىل غري خملوق‪ ،‬وال يقال‪ :‬القرآن غري خملوق‪ ،‬لئّل يسبق إىل الفهم أن املؤلف من‬ ‫األصوات واحلروف قدمي كما ذهب إليه احلنابلة جهّلً أو عناداً‪.‬‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫ِ‬ ‫ئمة كبار‬ ‫املتكلامون يُ َشنـ ُ‬ ‫ِّعون على احلنابلة تشنيعاً عظيماً وهو أن اسإمام أمحد (رمحه اهلل تعاىل) صاحب املذهب وعظيم املناقب‪ ،‬وىف مذهبه أ ا‬ ‫التهجى قدمية فيجب الكف عن إساءة األدب إليهم مث‬ ‫ومشائخ عظام‪ ،‬فمنهم الشيخ الغوث األعظم عبد القادر اجليّلين القائل بأن احلورف ا‬

‫ئمة احلديث‪ .‬وفيه وجوه‪ ،‬أحدها ما اخرتناه وهو‬ ‫السعى ىف توجيه كّلمهم فأقول قد ثبت عن اسإمام أمحد (رمحه اهلل) أن الكّلم اللفظى غري خملوق وهكذا عن كثري من أ ا‬ ‫أن مرادهم هو أن اللفظى قائم بذاته تعاىل غري مرتاب األجزاء كما اختاره صاحب املواقف وسيذكره الشارح ىف آخر البحث وهو قول معقول وإن بطل فليس حبيث يُشناع‬ ‫يتوهم ِّ‬ ‫فرتى‬ ‫قائله لكونه مذهب طائفة من أهل التدقيق‪ .‬ثانيها أناه حتاشى (أي يكون بعيداً) عن أن ا‬ ‫املتومهون أن الكّلم النفسى خملوق‪ .‬ثالثها أناه أراد بغري املخلوق غري امل َ‬ ‫الكّلم إذا افرتاه‘‘‪( .‬النرباس)‬ ‫خلق‬ ‫يقال ’’ َ‬ ‫َ‬

‫(ثّلثةُ وجوهٍ لقول املصناف ’’غري خملوق‘‘ بدل ’’غري حادث‘‘)‬ ‫وأقام (املصناف) غري املخلوق مقام غري احلادث (مع أ ان املستعمل عند املتكلِّمني ىف ِ‬ ‫حبث الصفات هو لفظ القدمي واحلدوث فيه ثّلثة وجوه)‪.‬‬ ‫َ‬ ‫)‪ (9‬تنبيهاً على احتادمها‪.‬‬

‫)‪ (7‬وقصداً إىل جري الكّلم على وفق احلديث‪ ،‬حيث قال صلى اهلل عليه وسلم‪’’ :‬القرآن كالم اهلل تعالى غير‬ ‫مخلوق‪ ،‬ومن قال‪ :‬إنه مخلوق فهو كافر باهلل العظيم‘‘‪.7‬‬ ‫وتنصيصاً (أي تصرحياً) على حمل اخلّلف بالعبارة املشهورة فيما بني الفريقني (أهل السنة واجلماعة واملعتزلة)‪ ،‬وهو (أي حمل‬ ‫)‪(3‬‬ ‫اخلّلف والعبارة) أن القرآن خملوق أو غري خملوق‪ ،‬وهلذا (أي الشتهار هذه العبارة) ترتجم هذه املسألة (أي تُ َس امى هذه املسئلة) مبسألة خلق‬ ‫القرآن‪.‬‬ ‫صح عن أىب يوسف رمحه اهلل تعاىل أناه‬ ‫صل له كما قال ُم اّل على قاري ولكن قال فخر اسإسّلم قد ا‬ ‫فائدة مهمة احلديث املذكور ىف وجه الثاىن ال أ َ‬ ‫ّ‬ ‫وصح هذا القول أيضاً‬ ‫قال’’ ُ‬ ‫ناهرت أبا حنيفة رحمه اهلل تعالى ىف مسئلة خلق القرآن واتافق رأىي رأيَه على أن من قال خبلق القرآن فهو كافر‘‘ ا‬ ‫عن حممد رمحه اهلل تعاىل‪( .‬شرح فقه اكرب لِمّل على قارى)‬

‫(اختّلف بني أهل السناة واملعتزلة ىف الكّلم النفسى)‬ ‫وحتقيق اخلّلف (أي حقيقة االختّلف) بيننا وبينهم (أي املعتزلة) يرجع إىل إثبات الكّلم النفسي (عندنا) ونفيه (عندهم)‪ ،‬وإال‬ ‫قال السيوطي‪ :‬حديث ‪ (( :‬القرآن كّلم اهلل غري خملوق‪ .‬ومن قال ‪ :‬إنه خملوق فهو كافر باهلل العظيم‪ )) .‬أخرجه ابن عدي ىف الكامل من حديث أيب‬

‫‪6‬‬

‫هريرة وقال احلفاٌ إنه موضوع‪ .‬وأورده ابن اجلوزي ىف املوضوعات‪.‬‬

‫‪71‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫الكّلم اللفظى)‬ ‫الكّلم النفسى‪ ،‬وإذا قالوا القرآن خملوق أرادوا‬ ‫اع فإنَّا إذا قلنا القرآن غري خملوق أََرمدنَا‬ ‫(وإن مل خيتلف الفريقان ىف إثبات الكّلم النفسى ونـَ مفيِه فّل نز َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫فنحن ال نقول بقدم األلفاٌ واحلروف (بل ِحبُ ُد موثِه كما قالت املعتزلة)‪ ،‬وهم ال يقولون حبدوث كّلم نفسي‬ ‫حمل البحث هو أن الكّلم النفسى ثابت أام ال؟)‪.‬‬ ‫عندهم لقالوا بقدمه مثل ما قلنا‪ ،‬فصار ا‬ ‫(دليل أهل السنة واجلماعة على إثبات الكّلم النفسى)‬ ‫ودليلنا ما مر أنه (الضمري للشأن ليس للكّلم) ثبت باسإمجاع وتواتر النقل عن األنبياء صلوات اهلل عليهم أنه (تعاىل) متكلم‪،‬‬ ‫وال معىن له سوى أنه متصف بالكّلم (أل ان املتكلِّم بدون الكّلم حمال) وميتنع (أي ال ميكن) قيام اللفظي احلادث بذاته تعاىل (أل ان احلوادث‬ ‫ال تقوم به سبحانه)‪ ،‬فتعني النفسي القدمي (فهو الصفة القائمة بذاته)‪.‬‬ ‫(دليل املعتزلة على نفى الكّلم النفسى وحدوث القرآن)‬ ‫ِ‬ ‫وحدوث القرآن) بأن القرآن متصف مبا هو من صفات املخلوق ومسات احلدوث (أي‬ ‫وأما استدالهلم (على نفى الكّلم النفسى‬ ‫عّلمات احلدوث) من التأليف (أي مألاف من احلروف واآليات والسور) والتنظيم (أي منظاماً على أ ِ‬ ‫سلوب مطبوع) واسإنـزال والتنـزيل (ومها من أقسام‬ ‫احلركة وهى حادثة) وكونه عربياً (والعرب الذين وضعوا العربي َة حمدثُون) مسموعاً (وهو الصوت احلادث) فصيحاً (هذا ُّ‬ ‫يدل على كثرة االستعمال‪ .‬واالستعمال‬ ‫حادث) معجزاً (وهذا حادث ألناه يظهر عند التح ادى فقط) إىل غري ذلك (مثّلً بعضه منسوخ)‪.‬‬ ‫(ردٌّ الشارح على دليل املعتزلة)‬ ‫دليل املعتزلة) حجة على احلنابلة ( أل اهنم قائلون بقدم الكّلم اللفظى) ال علينا‪ ،‬ألنا قائلون حبدوث النظم (أي حبدوث‬ ‫فإمنا يقوم ( ُ‬ ‫الكّلم اللفظى)‪ ،‬وإمنا الكّلم (أي البحث) يف املعىن القدمي (أي ىف الكّلم النفسى القدمي)‪.‬‬ ‫(تأويل املعتزلة يف معىن املتكلم)‬ ‫واملعتزلة مل ا مل ُميكنهم إنكار كونه تعاىل متكلماً (لتصرحيات القرآن به وتواتر األخبار عن األنبياء عليهم السّلم) ذهبوا إىل (التأويل‬ ‫وهو) أنه متكلم مبعىن إجياد األصوات واحلروف يف حملها (كالطور وشجرة موسى عليه السّلم وىف لسان جربئيل أو الناىب صلى اهلل عليه وسلام) أو‬ ‫إجياد أشكال الكتابة يف اللوح احملفوٌ وإن مل يقرأ (اهلل)‪ ،‬على اختّلف بينهم (ىف كيفية اَ مخ ِذ جربئيل القرآن عن اهلل سبحانه فقال بعض‬ ‫املعتزلة خيلق اهلل صوتاً فيسمعه جربئيل ويَنزل به وقال بعضهم ينظر جربئيل إىل النقوش املكتوبة ىف اللوح احملفوٌ)‪.‬‬ ‫(ردٌّ على تأويل املعتزلة ىف معىن املتكلام)‬ ‫وأنت خبري بأن املتحرك (مثّلً) من قامت به احلركة‪ ،‬ال من أوجدها (فكذلك إ ان املتكلِّم من قام به التكلام والكّلم)‪ ،‬وإال (أي إ من‬ ‫فيصح أن يقال له أسود نعوذ باهلل ألناه أ مو َج َد السواد) ‪ ،‬واهلل تعاىل‬ ‫ص َّ‬ ‫كان ِّ‬ ‫ح اتصاف الباري باألعراض املخلوقة له تعاىل ( ا‬ ‫املتحرك َمن أوجد) لَ َ‬ ‫عن ذلك علواً كبرياً‪.‬‬ ‫(أقوى الدليل للمعتزلة على أن القرآن خملوق‪ ،‬وجواب املصناف لدليلهم)‬ ‫ومن أقوى شبه املعتزلة (على أن القرآن خملوق) أنكم (أياها األشاعرة) متفقون على أن القرآن اسم ملا نقل إلينا بني دفيت (أي‬ ‫أوراق) املصاحف تواتراً (أي نقّلً متواتراً)‪ ،‬وهذا (التعريف) يستلزم كونه مكتوباً يف املصاحف مقروءاً باأللسن‪ ،‬مسموعاً باآلذان‪ ،‬وكل‬ ‫وجوده ولو ثبت‬ ‫(بل يُنكرون َ‬

‫ذلك من مسات (عّلمات) احلدوث بالضرورة‪ .‬فأشار (املصناف) إلى الجواب بقوله‪:‬‬

‫((وهو)) أي القرآن الذي هو كّلم اهلل تعاىل (أي النفسى) ((مكتوب في مصاحفنا)) أي بأشكال الكتابة وصور‬

‫احلروف الدالة عليه (أي على الكّلم النفسى) ((محفوظ في قلوبنا)) أي باأللفاٌ املخيلة (أي موضوعة ىف حاسة اخليال) ((مقروء‬

‫بألسنتنا)) باحلروف امللفوهة املسموعة ((مسموع بآذاننا)) بذلك أيضاً (أي حبروفه امللفوهة) ((غير حال فيها)) أي مع ذلك‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪71‬‬

‫(أي‬

‫مقرواً مسموعاً) ليس (عرضاً) حاالً (بتشديد الّلم من احللول) يف املصاحف وال يف القلوب واأللسنة واآلذان‪ ،‬بل‬ ‫مع كونه مكتوباً حمفوهاً ا‬ ‫النفسى) هو معىن قدمي قائم بذات اهلل‪ ،‬يلفظ ويسمع بالنظم الدال عليه (أي على الكّلم النفسى)‪ ،‬وحيفظ بالنظم املخيل (أي ُحيفظ‬ ‫باأللفاٌ املوضوعة ىف الدماغ) ويكتب بنقوش وصور وأشكال موضوعة (أي ُو ِض َع مت) للحروف الدالة عليه (على الكّلم النفسى القدمي)‪ ،‬كما‬ ‫يقال‪ :‬النار جوهر حمرق‪ ،‬تذكر باللفظ وتكتب بالقلم‪ ،‬وال يلزم منه (أي من كون النار مذكوراً مكتوباً) كون حقيقة النار صوتاً وحرفاً‪.‬‬ ‫(التفصيل جلواب املصناف ’’وهو مكتوب ىف مصاحفنا‪)‘‘....‬‬ ‫وحتقيقه (أي حتقيق اجلواب) أن للشيء وجوداً يف األعيان (أي ىف املوجودات املتحققة ىف اخلارج)‪ ،‬ووجوداً يف األذهان‪ ،‬ووجوداً يف‬ ‫العبارة (وهو اللفظ اخلارج عن الفم)‪ ،‬ووجوداً يف الكتابة‪ ،‬والكتابة تدل على العبارة‪ ،‬وهي (أي العبارة تَ ُد ُّل) على ما يف األذهان‪ ،‬وهو‬ ‫(أي ما ىف األذهان يَ ُّ‬ ‫دل) على ما يف األعيان‪ ،‬فحيث يوصف القرآن مبا هو من لوازم القدمي كما يف قولنا‪ :‬القرآن غري خملوق‪ ،‬فاملراد‬ ‫(بذلك القول) حقيقته (أي حقيقة الكّلم) املوجودة يف اخلارج‪ ،‬وحيث يوصف (القرآن) مبا هو من لوازم املخلوقات واحملدثات يراد به‬ ‫ِ‬ ‫بوجوده ىف العبارة)‪ ،‬أو (يُراد به) املخيلة (أي ما ىف الذهن) كما يف‬ ‫األلفاٌ املنطوقة املسموعة كما يف قولنا‪ :‬قرأت نصف القرآن (أي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بوجوده اخلطى)‪.‬‬ ‫بوجوده الذهىن)‪ ،‬أو األشكال املنقوشة كما يف قولنا‪ :‬حيرم للمحدث مس القرآن (أي‬ ‫قولنا‪ :‬حفظت القرآن (أي‬ ‫(الكّلم‬

‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫حاصل التحقيق أن إطّلق القرآن على الكّلم النفسى املوجود ىف اخلارج حقيقى‪ ،‬وإطّلقه على األلفاٌ والنقوش وغري ذلك جمازى‪.‬‬

‫سوال مق ّدر إذا بَـيَّـمنتُ مم أن إطّلق القرآن على الكّلم النفسى حقيقى‪ ،‬وإطّلقُه على األلفاٌ والنقوش جمازي‪ ،‬فلِماذا َعَّرفمـتُ مم القرآن باملكتوب ىف املصاحف املنقول‬ ‫ِ‬ ‫يصح ملعىن اجملازى دون احلقيقى!‬ ‫بالتواتر؟ وقد عُل َم أن هذا التعريف ا‬

‫عرفه‬ ‫جواب وملا كان دليل األحكام الشرعية (من الوجوب واحلرمة وغريمها) هو اللفظ دون املعىن القدمي (أي دون الكّلم النفسى) ا‬ ‫القرآ َن) أئمة األصول (أي أصول الفقه) باملكتوب يف املصاحف املنقول بالتواتر (وحاصل اجلواب أنه كان مدار ِ‬ ‫علمهم على اللفظ وكان اللفظ هو‬ ‫األهم عندهم فاقتصروا على تعريف اللفظ لذلك)‪ ،‬وجعلوه (أي القرآن) امساً للنظم واملعىن مجيعاً‪ ،‬أي للنظم من حيث الداللة على‬ ‫املقصود ا‬ ‫املعىن ال مبجرد املعىن‪.‬‬ ‫(اختّلف ىف جواز مساع الكّلم القدمي)‬ ‫وأما الكّلم القدمي الذي هو صفة اهلل تعاىل فذهب األشعري إىل أنه جيوز أن يسمع (وإن مل يكن صوتاً وذلك على خرق‬ ‫احلق سبحانه يُرى يوم القيامة على خّلف عادة الدنيا مع أناه ال شكل له وال مكان)‪ ،‬ومنعه األستاذ أبو إسحاق اسإسفراييين‪ ،‬وهو‬ ‫العادة كما أن ا‬ ‫(أي‬

‫اختيار الشيخ أيب منصور رمحه اهلل‪ ،‬فمعىن قوله تعاىل‪ ﴿ :‬حتى يسمع كالم اهلل ﴾‪ 2‬يسمع ما يدل عليه (أي على الكّلم القدمي)‪،‬‬ ‫كما يقال‪ :‬مسعت علم فّلن (أي األلفاٌ الدالاة على علمه)‪.‬‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫اعلم أن الشيخ أبا احلسن األشعرى رئيس أهل السناة واجلماعة ىف أصول الشافعى‪ ،‬والشيخ أبا منصور املاتريدى رئيس أهل السناة واجلماعة ىف‬

‫مر‪.‬‬ ‫أصول احلنفى كما ا‬

‫فموسى عليه السّلم مسع صوتاً داالً على كّلم اهلل تعاىل‪.‬‬

‫‪7‬‬

‫التوبة اآلية (‪.)6‬‬

‫‪71‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫كل أحد مناا يسمع الصوت الدال على الكّلم القدمي‪ ،‬فما وجه اختصاص موسى‬ ‫سوال مق ّدر سوال ا‬ ‫مقدر على مذهب أىب إسحاق اسإسفراييين وأىب منصور‪ :‬أ ان ا‬ ‫عليه السّلم باسم الكليم؟‬

‫جواب لكن ملا كان بّل واسطة الكتاب وامللك (بل كان صوتاً أبدعه اهلل تعاىل من غري أن يكسب أحد من خلقه) خص باسم الكليم‪.‬‬ ‫اعتراض فإن قيل‪ :‬لو كان كّلم اهلل تعاىل حقيقة يف املعىن القدمي جمازاً يف النظم املؤلف لصح نفيه (أي نفى الكّلم) عنه (أي عن‬ ‫النظم املؤلاف فإن ذلك من لوازم اجملاز فإناه يصح أن يقال ’’الرجل الشجاع‘‘ ليس ٍ‬ ‫بأسد)‪ ،‬بأن يقال‪ :‬ليس النظم املعجز املفصل إىل السور‬ ‫ا‬ ‫صح ِة ِ‬ ‫نفى الكّلم عن النظم املؤلاف)‪.‬‬ ‫واآليات كّلم اهلل تعاىل (وهذا كّلم صحيح أل ان نفى اجملاز جيوز)‪ ،‬و(لكن) اسإمجاع على خّلفه (أي على عدم ا‬ ‫وأيضاً‪ :‬املعجز املتحدى به هو كّلم اهلل تعاىل حقيقة (ال جمازاً وذلك باسإمجاع) مع القطع بأن ذلك (أي التاح ادى) إمنا يتصور‬ ‫ٍ‬ ‫ض الكّلم النفسى القدمي)‪.‬‬ ‫(باالتافاق) يف النظم املؤلف املفصل إىل السور‪ ،‬إذ ال معىن ملعارضة الصفة القدمية (أي ال ميكن ألحد أن يُعا ِر َ‬ ‫جواب قلنا‪ :‬التحقيق أن كّلم اهلل تعاىل اسم مشرتك بني الكّلم النفسي القدمي‪ ،‬ومعىن اسإضافة ( أي معين إضافة الكّلم إىل اهلل‬ ‫تعاىل) كونه صفة له (أي كون الكّلم صفة هلل تعاىل) تعاىل وبني اللفظ املؤلف من الصور واآليات‪ ،‬ومعىن اسإضافة (أي معين إضافة الكّلم‬ ‫إىل اللفظى احلادث) أنه خملوق اهلل تعاىل‪ ،‬ليس من تأليفات املخلوقني (وهلذا صار معجزاً ال ميكن اسإتيا ُن مبثله للبشر بل للمخلوق مطلقاً)‪ ،‬فّل‬ ‫يصح النفي أصّلً (أل ان املشرتك حقيقة ىف كل من املعنيني واحلقيقة ال جيوز نفيها)‪ ،‬وال يكون اسإعجاز والتحدي إال يف كّلم اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫(ما معىن قول املشائخ ’’كّلم اهلل جماز ىف النظم‘‘؟)‬ ‫وما وقع يف عبارة بعض املشايخ من أنه (أي كّلم اهلل) جماز (ىف النظم) فليس معناه أنه (أي كّلم اهلل) غري موضوع للنظم املؤلف‪ ،‬بل‬ ‫معناه أن الكّلم يف التحقيق (أي ىف احلقيقة) وبالذات (أي ىف نفس الذات) اسم للمعىن القائم بالنفس (أي باهلل تعاىل)‪ ،‬وتسمية اللفظ‬ ‫به (أي بالكّلم) ووضعه (أي وضع الكّلم) لذلك (لِلَ مف ٍظ) إمنا هو (أي التسمية والوضع) باعتبار داللته (أي داللة اللفظ) على املعىن (يعىن أ ان‬ ‫ٍ‬ ‫لداللة على النفسى)‪ ،‬فّل نـزاع هلم (للمشائخ) يف الوضع والتسمية (أي ىف كون الكّلم موضوعا لنظم‬ ‫الكّلم أ اوالً كان موضوعاً لنفسى مث ُو ِض َع للفظى‬ ‫مسمى بالكّلم بل إامنا يس امونه جمازاً ملشاهبة اجملاز ىف اعتبار العّلقة ال أناه جماز ىف األصل)‪.‬‬ ‫وكون النظم ا‬ ‫مهم‬ ‫تمهيد ّ‬

‫واعلم أ ان بعض األشاعرة ذهب إىل أ ان النظم أيضاً قائم بذاته تعاىل وهذا لو ثبت اندفع كثري من اسإشكاالت فأراد الشارح أن يذكره أ اوالً مث‬ ‫يُـمب ِطلُه‪.‬‬

‫وذهب بعض احملققني (وهو القاضى عضد الدين صاحب املواقف) إىل أن املعىن يف قول مشاخينا (أي قدماء األشاعرة)‪ :‬كّلم اهلل‬

‫تعاىل معنى قدمي‪ ،‬ليس (هو أي معىن) يف مقابلة اللفظ حىت يراد به (أي باملعىن) مدلول اللفظ ومفهومه‪ ،‬بل (املعىن) يف مقابلة العني‪،‬‬ ‫واملراد به (أي باملعىن) ما ال يقوم بذاته (وهذا شامل للفظ واملعىن مجيعاً) كسائر الصفات‪.‬‬ ‫ومرادهم (أي قدماء األشاعرة من قوهلم ’’كّلم اهلل تعاىل معىن القدمي‘‘) أن القرآن اسم للنظم واملعىن شامل هلما‪ ،‬وهو (أي قرآن)‬ ‫قدمي ال كما زعمت احلنابلة (أي ال نقول بقدمه كما زعموا) من قدم النظم املؤلف املرتب األجزاء‪ ،‬فإنه بديهي االستحالة‪ ،‬للقطع‬ ‫بأنه ال ميكن التلفظ بالسني من ’’ بسم اهلل ‘‘ إال بعد التلفظ بالباء (فالسني حادثة وكذا سائر ما بعدها)‪ ،‬بل (النظم قدمي) معىن أن‬ ‫اللفظ القائم بالنفس (بذاته تعاىل) ليس مرتب األجزاء يف نفسه كالقائم (أي كالنظم القائم) بنفس احلافظ من غري ترتب األجزاء‪،‬‬ ‫و( ِمن غري) تقدم البعض على البعض‪ ،‬والرتتب إمنا حيصل يف التلفظ والقراءة لعدم مساعدة اآللة (أي لعدم قدرة اللسان على التلفظ‬ ‫بالقرآن دفعة بّل ترتب) ‪ ،‬وهذا هو معىن قوهلم‪ :‬املقروء قدمي والقراءة حادثة‪ ،‬وأما القائم (أي النظم القائم) بذات اهلل تعاىل فّل ترتب‬ ‫فيه‪ ،‬حىت أن من مسع كّلمه تعاىل مسعه غري مرتب األجزاء لعدم احتياجه (أي لعدم احتياج اهلل تعاىل) إىل اآللة‪ ،‬هذا حاصل كّلمه‬ ‫(أي كّلم القاضى عضد الدين)‪.‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪75‬‬

‫( ُّرد الشارح على كّلم القاضى عضد الدين)‬ ‫يتصور) لفظاً قائماً بالنفس (بذاته تعاىل) غري مؤلف من احلروف املنطوقة أو‬ ‫وهو (أي ما ذكره القاضى) جياد ملن يتع اقل (أي ا‬ ‫كل غري معقول)‪ ،‬وَنن‬ ‫املخيلة املشروط وجود بعضها بعدم البعض‪ ،‬وال (مؤلاف) من األشكال املرتبة الدالة عليه (أي على اللفظ وهذا ا‬ ‫نتصور) من قيام الكّلم بنفس احلافظ إال كون صور احلروف خمزونة مرتسمة يف خياله (أي ىف خيال احلافظ)‪ ،‬حبيث‬ ‫ال نتعقل (أي ال ا‬ ‫إذا التفت (احلاف ُظ) إليها (أي إىل احلروف) كانت (احلروف) كّلماً مؤلفاً من ألفاٌ خميلة أو نقوش مرتبة‪ ،‬وإذا تلفظ (احلاف ُظ) كانت‬ ‫(احلروف) كّلماً مسموعاً‪.‬‬

‫‪76‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫[ البحث فى صفة التكوين ]‬ ‫((والتكوين)) وهو املعىن الذي يعرب عنه بال َفعل (بفتح الفاء) واخللق والتخليق واسإجياد واسإحداث واالخرتاع وَنو ذلك‬

‫(كالصنع واسإبداع)‪ ،‬ويفسر (التكوين) بإخراج املعدوم من العدم إىل الوجود‪(( ،‬صفة هلل تعالى)) سإطباق العقل والنقل‬ ‫والنقل) على أنه (أي اهلل تعاىل) خالق للعامل مكون له وامتناع إطّلق اسم املشتق على الشيء من غري أن يكون مأخذ االشتقاق‬ ‫كوناً بدون صفة التكوين)‪.‬‬ ‫وصفاً له قائماً به (أي ال ميكن أن يكون اهلل ُم ا‬ ‫(أربعة دالئل على أن صفة التكوين هلل تعاىل أزلية وليست حبادثة)‬

‫(أي التافاق العقل‬

‫((أزلية)) لوجوه (أي صفة التكوين أزلية بوجوه)‪:‬‬ ‫)‪ (9‬األول‪ :‬أنه ميتنع قيام احلوادث بذات اهلل تعاىل ملا مر‪.‬‬ ‫مكون كقوله تعاىل ﴿ خالق كل شيُ ﴾)‪ ،‬فلو مل يكن يف‬ ‫)‪(7‬‬ ‫الثاين‪ :‬أنه (أي اهلل تعاىل) وصف ذاته يف كّلمه األزيل بأنه اخلالق (أي ِّ‬ ‫األزل خالقاً لزم الكذب أو (لزم) العدول إىل اجملاز والّلزم باطل (أي الكذب والعدول إىل اجملاز باطل‪ ،‬أ اما بطّلن الكذب ف ان اهلل تعاىل صادق‬ ‫حمض ال حيوم حوله شائبة الكذب فضّلً عن الكذب‪ ،‬وأ اما بطّلن العدول إىل اجملاز إامنا يكون إذا تع اذر احلقيقة وههنا مل يتع اذر احلقيقة) أي (هذا تفسري ملعىن اجملاز‬ ‫وهو أن يكون اهلل) اخلالق فيما يستقبل أو القادر على اخللق من غري تعذر احلقيقة (وهو باطل)‪ ،‬على أنه (أي غري ذلك) لو جاز‬ ‫إطّلق اخلالق عليه (أي على اهلل تعاىل) مبعىن القادر على اخللق (وليس أناه خالق ىف األزل) جلاز إطّلق كل ما يقدر هو (اهلل تعاىل) عليه‬ ‫من األعراض (فيجوز إطّلق األسود على اهلل تعاىل مثّلً ولكن هذا باطل عند اجلميع)‪.‬‬ ‫الثالث‪ :‬أنه لو كان (التكوين) حادثاً فإما (يكون حادثاً) بتكوين آخر (أل ان احلادث حيتاج إىل إجياد امل موِجد) فيلزم التسلسل (ألناا ننقل‬ ‫)‪(3‬‬ ‫جرا) وهو حمال‪ ،‬ويلزم منه استحالة تكون العامل (أل ان وجوده صار موقوفاً على تكوينات‬ ‫وهلم ا‬ ‫الكّلم إىل التكوين الثاىن وهو أيضاً حادث بتكوين ثالث ا‬ ‫بتكون بنفسه) فيستغين احلادث‬ ‫غري متناهية ووجودها حمال فكذا حمال ما يتوقاف عليه) مع أنه (أي العامل) مشاهد‪ ،‬وإما بدونه (أي بّل تكوين آخر بل ا‬ ‫حادث و ٍ‬ ‫احد بّل ُحم ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫دث لزم جواز ذلك ىف الكائنات كلِّها فّل يبقى‬ ‫حدوث‬ ‫(أي التكوين) عن احملدث واسإحداث‪ ،‬وفيه تعطيل الصانع (ألناه إذا جاز‬ ‫ُ‬ ‫حاجة إىل الصانع)‪.‬‬ ‫حمال) أو يف‬ ‫)‪(4‬‬ ‫والرابع‪ :‬أنه (أي التكوين) لو حدث حلدث إما يف ذاته (أي ىف ذاته تعاىل) فيصري (اهللُ تعاىل) حمّلً للحوادث (وهذا ٌ‬ ‫غريه (أي لو كان التكوين حادثاً ىف غري ذاته تعاىل) كما ذهب إليه أبو اهلذيل (املعتزىل) من أن تكوين كل جسم قائم به‪ ،‬فيكون كل‬ ‫جسم خالقاً أو مكوناً لنفسه‪ ،‬وال خفاء يف استحالته‪.‬‬ ‫ومبىن هذه األدلة (األربعة الدالاة على أزلية التكوين) على أن التكوين صفة حقيقية كالعلم والقدرة‪.‬‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫عّلمة نسفى‪ ،‬وأما عند األشعرية هى حادثة وتبعهم الشارح‬ ‫واعلم أن صفة التكوين أزلية وأدلاتها األربعة ثابتة عند املاتريدية‪ ،‬ومنهم املاتن أعىن ا‬ ‫عّلمة تفتازاىن‪.‬‬ ‫أعىن ا‬

‫(مذهب األشعرية ىف التكوين)‬ ‫واحملققون من املتكلمني‬

‫(وهم األشعرية وتبعهم الشارح) على أنه (أي التكوين) من اسإضافات‬ ‫يـُتَـ َع اقل من نسبة شيُ إىل شيُ فالتكوين إضافة بني اخلالق وخملوقه) واالعتبارات العقلية (ما ال يكون له وجود ىف اخلارج)‪ ،‬مثل كون الصانع تعاىل‬ ‫كل شيُ) ومذكوراً بألسنتنا ومعبوداً لنا ومييتنا وحييينا وَنو ذلك (وال شك‬ ‫كل شيُ) وبعده (أي بعد ا‬ ‫وتقدس قبل كل شيء ومعه (أي مع ا‬ ‫(اسإضافة عند املتكالمني معىن موهوم‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪77‬‬

‫ىف أن بعض هذه اسإضافات حادثة وال يلزم من حدوثها حمال فكذلك التكوين)‪.‬‬ ‫واحلاصل أنه يف األزل هو مبدأ التخليق والرتزيق واسإماتة واسإحياء وغري ذلك‪ ،‬وال دليل على كونه (أي كون املمب ِدأ) صفة‬ ‫املكو ِن) على‬ ‫املكون (بفتح الواو مبعىن العا َمل) وعدمه (أي عدم َّ‬ ‫أخرى سوى القدرة واسإرادة‪ ،‬فإن القدرة وإن كانت نسبتها إىل وجود َّ‬ ‫السواء‪ ،‬لكن مع انضمام اسإرادة ختصص أحد اجلانبني (أي وجود وعدم)‪( .‬انتهى كّلم احملققني‪).‬‬ ‫(استدالل األشعرية على حدوث التكوين‪ ،‬وجواب املصناف الستدالهلم)‬ ‫تصور) بدون‬ ‫وملا استدل القائلون (أي األشعرية) حبدوث التكوين بأنه ال يتصور بدون املكون (أي العا َمل)‪ ،‬كالضرب (ال يُ ا‬ ‫التكوين) قدمياً لزم قدم املكونات (كالزيد وعمرو)‪ ،‬وهو حمال‪ ،‬أشار (املصناف) إلى الجواب بقوله‪:‬‬ ‫املضروب‪ ،‬فلو كان (‬ ‫ُ‬

‫((وهو)) أي التكوين ((تكوينه تعالى للعالم ولكل جزء من أجزائه)) ال يف األزل‪ ،‬بل ((لوقت وجوده))‬ ‫املكون حادث حبدوث التعلق‪ ،‬كما يف العلم والقدرة وغريمها من‬ ‫وقت وجوده) على حسب علمه وإرادته فالتكوين باق أزالً وأبداً‪ ،‬و ا‬ ‫الصفات القدمية اليت ال يلزم من قدمها قدم تعلقاهتا‪ ،‬لكون تعلقاهتا حادثة‪.‬‬

‫(أي ىف‬

‫يتصور بدون وجود الضارب‬ ‫اعلم أن نسبة التكوين إىل َّ‬ ‫املكون عند املاتريدية ليس كنسبة الضرب إىل املضروب أل ان الضرب معىن إضاىف ال ا‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬ ‫ِ‬ ‫قدم متعلاقاهتا كما ال‬ ‫واملضروب خبّلف التكوين فإناه صفة حقيقة أزلية إذا تعلاقت َّ‬ ‫باملكون صار موجوداً وتعلاقاهتا حادثة وال يلزم من قدم الصفة ُ‬ ‫قدم املقدورات واملسموعات واملبصرات‪.‬‬ ‫يلزم من قدم القدرة والسمع والبصر ُ‬

‫وهذا (اجلواب الذي ذكره املاتن) حتقيق ما يقال (أي هو حاصل الدليل الذي ذكره صاحب العمدة على قدم التكوين يف معارضة استدالل األشعرية)‪ :‬إن‬ ‫وجود العامل إن مل يتعلق بذات اهلل تعاىل أو صفة من صفاته لزم تعطيل الصانع و(لزم) استغناء احلوادث عن املوجد‪ ،‬وهو‬ ‫حمال‪.‬‬ ‫وجود العا َمل بذات اهلل) فإما أن يستلزم ذلك (أي التعلق) قدم ما يتعلق وجوده به‬ ‫وإن تعلق ( ُ‬ ‫املكونات املتعلاقة هبما) فليكن‬ ‫قدم الذات والصفة َ‬ ‫العا َمل والضمري الثاىن للذات والصفات) فيلزم قدم العامل‪ ،‬وهو باطل‪ ،‬أو ال (أي إن مل يستلزم ُ‬ ‫قدم ا‬ ‫التكوين أيضاً قدمياً (كسائر الصفات) مع حدوث املكون املتعلق به (أي بالتكوين)‪( .‬انتهى حتقيق كّلم صاحب العمدة‪).‬‬ ‫(دليل صاحب الكفاية على قدم التكوين)‬ ‫وما يقال (القائل صاحب الكفاية) من أن القول بتعلق وجود املكون (أي العا َمل) بالتكوين قول حبدوثه (أي حبدوث العا َمل) إذ‬ ‫القدمي ما ال يتعلق وجوده بالغري واحلادث ما يتعلق وجوده به‪.‬‬

‫(الضمري األ اول لِ َما موصولة واملراد هبا‬

‫فائدة مهمة‬

‫حمال‘‘‬ ‫حاصل كّلم صاحب الكفاية إ من‬ ‫املكون به ىف األزل فكان العامل قدمياً وهو ٌ‬ ‫ا‬ ‫استدل اخلصم بقوله ’’لو كان التكوين أزلياا لَتعلاق وجود َّ‬

‫ّ‬ ‫املكون حادث إذا القدمي ما ال يتعلاق وجوده بالغري وما‬ ‫وجود َّ‬ ‫وجود َّ‬ ‫مت أ ان َ‬ ‫مت َ‬ ‫املكون بالتكوين فقد سلا َ‬ ‫فقال صاحب الكفاية جميباً له ’’إذا سلا َ‬ ‫كّلمه)‬ ‫يتعلاق وجوده بالغري فهو حادث‘‘‪( .‬انتهى ُ‬

‫( ارد الشارح على دليل صاحب الكفاية)‬ ‫ففيه (ىف كّلم صاحب الكفاية) نظر‪ ،‬ألن هذا معىن القدمي واحلدث بالذات على ما يقوله به الفّلسفة (فإاهنم قالوا القدمي ما ال‬ ‫ِ‬ ‫صاحب الكفاية بقول الفّلسفة) ‪ ،‬وأما عند املتكلمني فاحلدث ما يكون لوجوده بداية‪ ،‬أي‬ ‫قول‬ ‫حيتاج إىل غريه واحلادث ما حيتاج إىل غريه فتشابه ُ‬ ‫املكو ِن) بالغري ال يستلزم احلدوث هبذا املعىن (أي املسبوقية بالعدم)‪،‬‬ ‫كون مسبوقاً بالعدم‪ ،‬والقدم خبّلفه‪ ،‬وجمرد تعلق وجوده (أي وجود َّ‬ ‫وجل) صادراً عنه (أي عن الغري بطريق اسإجياب) دائماً بدوامه (أي بدوام الغري وهو الواجب‬ ‫جلواز أن يكون حمتاجاً إىل الغري (أي الواجب ا‬ ‫عز ا‬ ‫‪78‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫بذاته) كما ذهب إليه الفّلسفة فيما ادعوا قدمه من املمكنات‪ ،‬كاهليوىل مثّلً‬ ‫مسبوقاً بالعدم)‪.‬‬ ‫(توجيه الشارح ِ‬ ‫لكّلم صاحب الكفاية)‬ ‫كّلم الكفاية صحيحاً) إذا أثبتنا صدور العامل عن الصانع باالختيار دون اسإجياب بدليل ال يتوقف على‬ ‫نعم (يكون ُ‬ ‫حدوث العامل كان القول بتعلق وجوده (أي وجود العا َمل) بتكوين اهلل تعاىل قوالً حبدوثه (أي املسبوق بالعدم وذلك أل ان مصنوعَ القادر املختار‬ ‫ال يكون قدمياً يسبق االختيار على وجوده)‪.‬‬

‫(فإ اهنم قالوا إناه صادر عن الواجب ومع ذلك ليس وجوده‬

‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫قول الشارح نعم إىل قوله قوال حبدوثه كانت مجلة معرتضة‪.‬‬

‫ومن ههنا (أي من أن احلادث عند املتكلِّمني ما يسبق عدمه على وجوده والقدمي خبّلفه) يقال‪ :‬إ ان التنصيص‬ ‫يتم إذا كان املراد بالقدمي ما‬ ‫السابق) على كل جزء من أجزاء العامل إشارة إىل الرد على من زعم قدم بعض األجزاء كاهليوىل (فهذا الرد إامنا ا‬ ‫للرد على الفّلسفة)‬ ‫ال بداية له وباحلادث ما له بداية)‪ ،‬وإال (أي وإن مل يكن املراد ذلك بل أريد باحلادث ما حيتاج إىل غريه وبالقدمي ما ال حيتاج إىل غريه فّل معىن ا‬ ‫فهم (أي الفّلسفة) إمنا يقولون بقدمها (أي اهليوىل) مبعىن عدم املسبوقية بالعدم‪ ،‬ال مبعىن عدم تكونه بالغري (أل اهنم يعرتفون بأن ُمبدعها‬ ‫الواجب سبحانه فهى عندهم حادثة بالذات)‪.‬‬ ‫(حاصل جواب املاتن ىف قوله ’’وهو تكوينه تعاىل للعا َمل‪)‘‘...‬‬ ‫واحلاصل (أي جواب املاتن) أنا ال نسلم أنه ال يتصور التكوين بدون وجود املكون‪ ،‬و(ال نسلا ُم) إن وزانه معه (أي نسبة‬ ‫املكون) كوزان الضرب مع املضروب‪ ،‬فإن الضرب صفة إضافية ال يتصور بدون املضافني‪ ،‬أعين الضارب واملضروب‬ ‫التكوين مع ِّ‬ ‫والتكوين صفة حقيقية هي مبدأ اسإضافة اليت هي إخراج املعدوم من العدم إىل الوجود‪ ،‬ال عينها (أي ليس التكوين عني اسإضافة)‪،‬‬ ‫حىت لو كانت عينها (أي عني اسإضافة) على ما وقع يف عبارة املشايخ (تساحماً) لكان القول بتحققها (أي صفة التكوين) بدون املكون‬ ‫تكرباً) وإنكاراً للضروري‪.‬‬ ‫مكابرة (أي إنكار احلق الصريح ا‬ ‫(أي تصريح املاتن ىف َمتنِه‬

‫واعلم أن صاحب العمدة محل كّلم مشائخ األشعرية على هاهره وزعم أ ان التكوين نفس اسإضافة عند األشعرية وأجاب عن استدالل‬ ‫تمهيد مهم‬ ‫املكو ِن لبقائه فدفعه‬ ‫ّ األشعرية بالفرق بني الضرب واملضروب بأن الضرب يقتضى حضور املفعول لعدم بقائه خبّلف التكوين ال يقتضى حضور َّ‬ ‫الشارح بقوله ’’فّل يندفع‪‘‘...‬‬

‫فّل يندفع (استدالل األشعرية) مبا يقال (القائل صاحب العمدة) من أن الضرب عرض مستحيل البقاء‪ ،‬فّل بد من تعلقه‬ ‫الضرب) باملفعول ووصل األمل إليه (إىل املفعول) من وجود املفعول معه (أي مع الضرب)‪ ،‬إذ لو تأخر (املفعول) النعدم (الضرب) وهو‬ ‫خبّلف فعل الباري (أي صفة التكوين) ‪ ،‬فإنه أزيل واجب الدوام يبقى إىل وقت وجود املفعول (انتهى كّلم صاحب العمدة وإامنا ال يندفع‬ ‫استدالل األشعرية بكّلمه ألناه ضعيف ىف مقابلة الضرورة فّل يُعبأ به)‪.‬‬ ‫(أي لتعلاق‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪79‬‬

‫هر من‬ ‫اعلم أ ان‬ ‫املكو ِن عند املاتريدية خّلفاً ل شعرية على ما اشتهر عندهم لكن جيب أن يُعلم أن تغاير التكوين و َّ‬ ‫التكوين غري َّ‬ ‫َ‬ ‫املكون أَهم ُ‬ ‫مهم‬ ‫تمهيد ّ‬ ‫بعض الناس‬ ‫حتري ُ‬ ‫الشمس والقول با احتادمها ال يصدر عمن له أدىن عقل‪ ،‬فكيف يصدر عن األشعرى الذى هو شيخ احمل اقق ورئيس احملصلني وقد ا‬ ‫بعضهم على األشعرى تشنيعاً شديداً‪ ،‬وذكر بعضهم أن الشيخ قال اخللق هو املخلوق تفسرياً لغوياً جمازياً فغلط الناقلون وسيذكر الشارح وجهاً آخر من تأويله‪.‬‬ ‫فيه وشناع ُ‬ ‫(النرباس)‬

‫((وهو (أي التكوين) غير المكون (أي املخلوق) عندنا (أي عند املاتريدية)‪)).‬‬ ‫املكو ِن)‬ ‫(مخسة دالئل من جانب املاتريدية على أن التكوين غري َّ‬ ‫)‪ (9‬ألن الفعل يغاير املفعول بالضرورة‪ ،‬كالضرب مع املضروب واألكل مع املأكول‪.‬‬ ‫مكون‬ ‫كوناً خملوقاً بنفسه (بّل احتياج إىل صانع)‪ ،‬ضرورة أنه َّ‬ ‫املكون م َّ‬ ‫املكون لزم أن يكون َّ‬ ‫)‪ (7‬وألنه (أي التكوين) لو كان نفس َّ‬ ‫وجوده عن ذاته وهذا هو معىن الوجوب والواجب قدمي) مستغنياً عن الصانع‪ ،‬وهو حمال‪.‬‬ ‫بالتكوين الذي هو عينه‪ ،‬فيكون قدمياً (أل ان َ‬ ‫املكون لزم) أن ال يكون للخالق تعلق بالعامل سوى أنه أقدم منه (أي بالزمان وقيل بالرتبة) وقادر عليه (أي‬ ‫)‪(3‬‬ ‫و(لو كان التكوين نفس َّ‬ ‫تكون العا َمل) بنفسه‪ ،‬وهذا (أي التقدم والقدرة من غري صنع وتأثري) ال‬ ‫على العا َمل) من غري صنع وتأثري فيه (أي ىف العاَمل)‪ ،‬ضرورة تكونه (أي ا‬ ‫يوجب كونه خالقاً والعامل خملوقاً له‪ ،‬فّل يصح القول بأنه خالق العامل وصانعه‪ ،‬هذا خلف (أي القول الباطل املخالف للحق)‪.‬‬ ‫للمكون إال من قام به‬ ‫مكوناً ل شياء‪ ،‬ضرورة أنه ال معىن‬ ‫)‪(4‬‬ ‫و(لو كان التكوين نفس َّ‬ ‫ِّ‬ ‫املكون لزم) أن ال يكون اهلل تعاىل ِّ‬ ‫املكون ال يكون قائماً بذات اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫التكوين‪ ،‬والتكوين إذا كان عني َّ‬ ‫)‪ (1‬و(لزم) أن يصح القول بأن خالق سواد هذا احلجر أسود‪ ،‬وهذا احلجر خالق للسواد (فإناه أسود)‪ ،‬إذ ال معىن للخالق‬ ‫املكون)‪ ،‬فمحلهما واحد‬ ‫مكون والتكوين عني َّ‬ ‫واألسود إال من قام به اخللق والسواد‪ ،‬ومها (أي اخللق والسواد) واحد (أل ان اخللق تكوين والسواد َّ‬ ‫فيصح وصف احلجر بأناه خالق)‪.‬‬ ‫(وهو احلجر وذلك الحتادمها فكون احلجر حمّل لسواد يستلزم كونه حمّلً للخلق أيضاً ا‬ ‫وهذا (أي مخسة دالئل مذكورة) كله تنبيه على كون احلكم بتغاير الفعل واملفعول ضرورياً (يريد الشارح أن احلكم بتغاير التك وين‬ ‫املكون بديهى‪ ،‬والبديهى ال حيتاج إىل الدليل بل جيوز إ قامة الدليل عليه فهذه الوجوه الىت ذكره املاتريدية ليست بدالئل بل تنبيهات على بداهة احلكم)‪ ،‬لكنه‬ ‫و َّ‬ ‫ينبغي للعاقل أن يتأمل يف أمثال هذه املباحث (هذا اعرتاض من الشارح على املاتريدية وتوجيه ملا اشتهر عن األشعرية أ ان إمامهم قال‪’’ :‬التكوين عني‬ ‫املكون‘‘) وال ينسب إىل الراسخني من علماء األصول (كاألشعرى) ما يكون استحالته بديهية هاهرة على من له أدىن متييز‪ ،‬بل‬ ‫ا‬ ‫ب) لكّلمهم (أي علماء األصول كاألشعرى) حممّلً (أي معىن) صحيحاً يصلح حمّلً لنـزاع العلماء واختّلف العقّلء (لئّل‬ ‫يطلب (أي اُطملُ م‬ ‫يلزم نسبة املكابرة إىل الراسخني)‪.‬‬ ‫املكون‘‘)‬ ‫(تأويل الشارح لقول األشعرى ’’التكوين عني َّ‬ ‫فإن من قال‪ :‬التكوين عني املكون أراد (بذلك القول) أن الفاعل إذا فعل شيئاً فليس هاهنا إال الفاعل واملفعول‪ ،‬وأما‬ ‫املعىن الذي يعرب عنه بالتكوين واسإجياد وَنو ذلك فهو أمر اعتباري حيصل يف العقل من نسبة الفاعل إىل املفعول‪ ،‬وليس‬ ‫(األمر االعتبارى) أمراً حمققاً مغايراً للمفعول يف اخلارج ومل يرد (هذا القول) أن مفهوم التكوين هو بعينه مفهوم املكون ليلزم احملاالت‪.‬‬ ‫املكون) كما يقال‪ :‬إن الوجود عني املاهية يف اخلارج‪ ،‬مبعىن أنه ليس يف اخلارج للماهية حتقق‬ ‫وهذا (أي قوهلم التكوين عني َّ‬ ‫(أي ثبوت) ولعارضها (أي ولعارض املاهية) املسمى بالوجود حتقق آخر (أي ثبوت آخر) حىت جيتمعان اجتماع القابل واملقبول كاجلسم‬ ‫والسواد‪ ،‬بل املاهية إذا كانت فتكوهنا هو وجودها لكنهما (أي املاهية والوجود) متغايران يف العقل‪ ،‬مبعىن أن للعقل أن يّلحظ (أي‬ ‫ا‬ ‫الوجود بدون املاهية)‪.‬‬ ‫العقل‬ ‫َ‬ ‫يتص اور) املاهية دون الوجود (أي بغري الوجود) وبالعكس (أي يَ ا‬ ‫تصور ُ‬ ‫‪81‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫اليتصور‪،‬‬ ‫املكون‘‘ هو ااحتادمها ىف اخلارج وذلك أل ان معىن التكوين ىف اخلارج‬ ‫حاصل تأويل الشارح أن مراد األشعرية من قوهلم ’’التكوين عني َّ‬ ‫ا‬ ‫املكو ِن فإذا اعترب هذا املعىن ال يرد االعرتاض على األشعرية‪.‬‬ ‫وال يصدر إال على َّ‬

‫فّل يتم إبطال هذا الرأي‬ ‫تكون األشياء وصدورها عن الباري تعاىل يتوقف على صفة حقيقية قائمة بالذات‬ ‫إبطاله مبا ذكره املاتريدية من األدلاة) إال بإثبات أن ا‬ ‫مغايرة للقدرة واسإرادة‪.‬‬ ‫(ميّلن الشارح إىل مذهب الشيخ األشعرى بأن التكوين أمر اعتبارى وليس صفة كسائر الصفات)‬ ‫ِ‬ ‫ب (التعلُّ ُق) إىل القدرة‬ ‫والتحقيق أن تعلق القدرة على وفق اسإرادة بوجود املقدور لوقت وجوده (أي ىف وقت وجوده) إذا نُس َ‬ ‫ِ‬ ‫سب (هذا التعلاق) إىل القادر يسمى اخللق والتكوين‪ ،‬وَنو ذلك‪ ،‬فحقيقته (أي حقيقة‬ ‫يسمى إجياباً له (أي إجياد القدرة للمقدور)‪ ،‬وإذا نُ َ‬ ‫التكوين أ ٌمر إضاىف وهو) كون الذات حبيث تعلقت قدرته بوجود املقدور لوقته (أي ىف وقته)‪ ،‬مث يتحقق حبسب خصوصيات‬ ‫يسمى التعلق ترزيقاً وعلى هذا القياس)‬ ‫املقدورات خصوصيات األفعال كالرتزيق والتصوير (فإذا كان املقدور رزقاً وتعلا م‬ ‫قت القدرة واسإرادة به ا‬ ‫فمما تفرد به بعض‬ ‫واسإحياء واسإماتة غري ذلك إىل ما ال يكاد يتناهى‪ ،‬وأما كون كل من ذلك (من األفعال) صفة حقيقية أزلية ا‬ ‫علماء ما وراء النهر (أراد الشارح أن يُ ِّبني مذهب ثالث وذهب إليه بعض املاتريدية وهو أن التكوين ليس أمراً اعتبارياً كما قال األشعرى وال صفة حقيقة واحدة‬ ‫املكو ِن‘‘ أ ان التكوين أمر اعتبارى غري موجود ىف اخلارج فّل يت ام‬ ‫(أي إذا كان مراد األشعرية من قوهلم ’’التكوين عني َّ‬

‫كل امنها صفة حقيقة أزلية وال تعود تلك األفعال إىل صفة واحدة أعىن‬ ‫كما قالت املاتريدية بل قال أصحاب مذهب ثالث أن التصوير والرتزيق واسإحياء وغري ذلك ٌ‬

‫التكوين)‪ ،‬وفيه (أي مذهب ثالث) تكثري للقدماء (إشارة إىل أن التكثري ليس أمر مستحسنا) جداً‪ ،‬وإن (وصلية) مل تكن متغايرة‪.‬‬ ‫واألقرب ما ذهب إليه احملققون (أي مجهور املاتريدية) منهم (من املاتريدية)‪ ،‬وهو أن مرجع الكل (من الرتزيق والتصوير وَنومها) إىل‬ ‫التكوين‪ ،‬فإنه إن تعلق باحلياة يسمى إحياء وباملوت يسمى إماتة وبالصورة تصويراً وبالرزق ترزيقاً إىل غري ذلك‪ ،‬فالكل (من‬ ‫األفعال ترجع إىل) تكوين وإمنا اخلصوص (أي التسمية باسم خمصوص مثّلً إحياء) خبصوصية التعلقات‪.‬‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫ترجيح مذهب اجلمهور املاتريدية على مذهب هذا البعض‪ ،‬منهم وليس مراده اختياره هذا‬ ‫قول الشارح ’’واألقرب إىل التوحيد‪ ‘‘...‬يريد به‬ ‫َ‬ ‫املذهب على سائر املذاهب فإ ان املختار عنده أن التكوين أمر اعتبارى راجع إىل القدرة كما ُعلِ َم‪.‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪80‬‬

‫[ البحث فى صفة اإلرادة ]‬ ‫كرر ذلك (مع أناه مفهوم مما سبق ىف أوائل حبث الصفات) تأكيداً وحتقيقاً‬ ‫((واإلرادة صفة هلل تعالى أزلية قائمة بذاته)) ا‬ ‫سإثبات صفة قدمية هلل تعاىل تقتضي (صفة اسإرادة) ختصيص املكونات بوجه دون وجه‪ ،‬ويف وقت دون وقت ال (أي ليس األمر)‬ ‫كما زعمت الفّلسفة من أنه تعاىل ِ‬ ‫صدور الفعل عنها بّل اختيار كصدور اسإحراق عن النار) ال‬ ‫موجب (بكسر اجليم) بالذات (أي ذاته تُوجب‬ ‫َ‬ ‫(أناه تعاىل) فاعل باسإرادة واالختيار‪ ،‬و(ليس األمر كما زعمت) النجارية من أنه (تعاىل) مريد بذاته ال بصفته‪ ،‬و(ليس األمر كما زعم) بعض‬ ‫املعتزلة من أنه (تعاىل) مريد بإرادة حادثة ال يف حمل (بل قائمة بذاهتا)‪ ،‬و(ليس األمر كما زعمت) الكرامية من أن إرادته (أي أرادة اهلل تعاىل)‬ ‫قيام احلوادث بالواجب تعاىل)‪.‬‬ ‫حادثة يف ذاته (لتجويزهم َ‬ ‫(الدالئل على إثبات صفة اسإرادة األزلية القائمة بذاته تعاىل)‬ ‫والدليل على ما ذكرنا (من أ اهنا أزلية قائمة بذاته ىتعاىل)‪:‬‬ ‫‪ ‬اآليات الناطقة بإثبات صفة اسإرادة واملشيئة هلل تعاىل (كقوله تعاىل‪ ﴿ :‬يفعل اهلل ما يشاء ﴾ و﴿ حيكم ما يريد ﴾)‪.‬‬ ‫‪ ‬مع القطع بلزوم قيام صفة الشيء به (أي يَلزم أن يقوم صفةُ الشيُ بذلك الشيُ)‪.‬‬ ‫‪ ‬وامتناع قيام احلوادث بذاته تعاىل (هذا دليل على كون صفة اسإرادة أز الية)‪.‬‬ ‫وأيضاً نظام العامل ووجوده على الوجه األوفق األصلح دليل على كون صانعه قادراً خمتاراً‪ ،‬وكذا حدوثه (أي حدوث‬ ‫‪‬‬ ‫يدل على أن صانعه خمتار)‪ ،‬إذ لو كان صانعه موجباً بالذات (كما زعمت املعتزلة) لزم قدمه (أي قدم العامل) ضرورة امتناع‬ ‫العا َمل ا‬ ‫ختلف املعلول عن علته املوجبة‪.‬‬

‫‪81‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫[ البحث فى رؤية اهلل تعالى ]‬ ‫قال اإلمام النووي فى شرح صحيح مسلم‪:‬‬ ‫تمهيد مهم‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َمجَعِ ِه مم أ َّ‬ ‫ني‬ ‫َن ُرمؤيَة اللَّه تَـ َع َ‬ ‫اىل ممُمكِنَة غَ مري ُم مستَ ِحيلَة َع مقّل‪َ ،‬وأ م‬ ‫السنَّة بِأ م‬ ‫ّ ((اِ معلَ مم أ ََّن َم مذ َهب أ مَهل ُّ‬ ‫َمجَعُوا أَيم ً‬ ‫وعها ِيف اآلخَرة‪َ ،‬وأ ََّن ال ُمم مؤمن َ‬ ‫ضا َعلَى ُوقُ َ‬ ‫ِ‬ ‫َحد ِم من َخلمقه‪َ ،‬وأ ََّن ُرمؤيَته ُم مستَ ِحيلَة َع مقّل‪،‬‬ ‫ت طَائَِفة ِم من أ مَهل المِب َدع‪ :‬ال ُمم معتَ ِزلَة َوا مخلََوارِج َوبَـ معض الم ُم مرِجئَة‪ ،‬أ ََّن اللَّه تَـ َع َ‬ ‫يَـَرمو َن اللَّه تَـ َع َ‬ ‫ين‪َ .‬وَز َع َم م‬ ‫اىل ال يَـَراهُ أ َ‬ ‫اىل ُدون الم َكاف ِر َ‬ ‫ِ‬ ‫اىل ِيف ِ‬ ‫اآلخَرة‬ ‫دهم ِم من َسلَف األ َُّمة َعلَى إِثـمبَات ُرمؤيَة اللَّه تَـ َع َ‬ ‫السنَّة َوإِ ممجَاع َّ‬ ‫ت أ َِدلَّة المكِتَاب َو ُّ‬ ‫اهَر م‬ ‫ص ِريح َو َج مهل قَبِيح‪َ ،‬وقَ مد تَظَ َ‬ ‫َوَه َذا الَّذي قَالُوهُ َخطَأ َ‬ ‫الص َحابَة فَ َم من بَـ مع م‬ ‫ني‪ ،‬ورواها َمَنو ِمن ِع مش ِرين صحابِيا عن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عَلي ِه وسلَّم‪ ،‬وآيات الم ُقرآن فِيها م مشهورة واعِرتاضات ال ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َج ِوبَة َم مش ُه َورة ِيف ُكتُب‬ ‫م َ َ َُ َمَ َ‬ ‫مممبَتد َعة َعَلميـ َها َهلَا أ م‬ ‫للم ُم مؤمنَـ م ِ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َم ََ َ ََ‬ ‫َ َ َ َم َُ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫السنَّة‪ ،‬وَك َذلِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ههم َوِهي ُم مستَـ مق َ ِ‬ ‫َّها‬ ‫اىل ِيف ُّ‬ ‫ض ُر َورة إِ َىل ِذ مك َرها ُهنَا‪َ ،‬وأ ََّما ُرمؤيَة اللَّه تَـ َع َ‬ ‫ني ِم من أ مَهل ُّ َ َ‬ ‫س بِنَا َ‬ ‫ال ُممتَ َكلِّم َ‬ ‫الدنمـيَا فَـ َق مد قَد م‬ ‫َّمنَا أَنـ َ‬ ‫صاة يف ُكتُب الم َكّلم َولَمي َ‬ ‫ك بَاقي ُشبَ م َ‬ ‫الدنمـيا‪ ،‬وح َكم ا ِسإمام أَبو الم َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي ِيف ِر َسالَته ال َمم مع ُروفَة َع من ا ِسإ َمام أَِيب بَ مكر‬ ‫اسم الم ُق َش مِري ُّ‬ ‫ممُمكِنَة‪َ ،‬ولَكِ َّن ا مجلُ مم ُهور ِم من َّ‬ ‫السلَف َوا مخلَلَف م من ال ُممتَ َكلِّم َ‬ ‫هم أَنـ َ‬ ‫َّها ال تَـ َقع ِيف ُّ َ َ َ َ َ ُ‬ ‫ني َو َغ مري م‬ ‫بمن فَـورٍك أَن َُّه ح َكى فِ َيها قَـولَ م ِ ِ ِ‬ ‫وعها‪َ ،‬والث ِ‬ ‫اىل ِيف َخلمقه‪َ ،‬وال‬ ‫َّاين ال تَـ َقع‪ُ ،‬مثَّ َم مذ َهب أ مَهل م‬ ‫لها اللَّه تَـ َع َ‬ ‫احلَ اق أ ََّن ُّ‬ ‫الرمؤيَة قـُ َّوة َمجي َع َ‬ ‫َحدمهَا‪ُ :‬وقُ َ‬ ‫ي‪ :‬أ َ‬ ‫َ‬ ‫ني ل ِإل َمام أَِيب ا محلَ َسن األَ مش َع ِر ا‬ ‫م‬ ‫مَ‬ ‫ود َذلِ‬ ‫ي مشتـرط فِيها اِتِّصال األ َِش َّعة وال م َقابـلَة الممرئِي وال َغري َذلِك‪ ،‬لَكِن جرت المعادة ِيف رمؤية بـعضنَا بـعضا بِوج ِ‬ ‫ك َعلَى ِج َهة االتِّـ َفاق ال َعلَى َسبِيل اال مشِ َرتاط‪َ ،‬وقَ مد‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َم ا َ م َ‬ ‫ُ ََ َ َ‬ ‫م ََ م َ َ ُ َ َ م َ م ً ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مم مؤِمنُو َن ال ِيف ِج َهة َك َما يَـ معلَ ُمونَ ُه ال ِيف ِج َهة‪َ .‬واَللهَّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ك ب َدالئله م‬ ‫اىل إثـمبَات ج َهة‪ -‬تَـ َع َ‬ ‫اجلَليَّة َوال يَـلمَزم م من ُرمؤيَة الله تَـ َع َ‬ ‫اىل َع من ذَل َ‬ ‫قَـَّرَر أَئِ َّمتنَا ال ُممتَ َكل ُمو َن ذَل َ‬ ‫ك‪ -‬بَ مل يَـَراهُ ال ُ‬ ‫أ مَعلَم‪)).‬‬ ‫قال الحافظ فى فتح الباري‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صلَّى اللَّه َعلَمي ِه َو َسلَّ َم َوَما ذَ َك ُروهُ ِم من الم َف مرق بَـ مني‬ ‫ك ِيف ُّ‬ ‫((وأ َِدلَّة َّ‬ ‫هم‪َ ،‬وُمنِ َع َذل َ‬ ‫الس ممع طَاف َحة بِ ُوقُو ِع َذل َ‬ ‫الدنمـيَا إِال أَنَّهُ ا مختُل َ‬ ‫ف ِيف نَبِياـنَا َ‬ ‫ك ِيف اآلخَرة أل مَه ِل ا ِسإميَان ُدون َغ مري م‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدنمـيَا َواآلخَرة أ َّ‬ ‫ت ُوقُوعه لَهُ‪ )).‬انتهى‪.‬‬ ‫صار أ مَهل ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ارهم يف اآلخَرة بَاقيَة َجيِّ ٌد‪َ ،‬ولَك من ال ميَمنَع َختمصيص ذَل َ‬ ‫ك مبَ من ثـَبَ َ‬ ‫الدنمـيَا فَانيَة َوأَبم َ‬ ‫َن أَبم َ‬ ‫ص م‬ ‫وقد أطال احلافظ األوحد املتكلم حممد بن أيب بكر القيم رمحه اهلل تعاىل ىف إثبات رؤيته تعاىل يوم القيامة ىف كتابه ((حادي األرواح إىل بّلد األفراح)) من شاء‬ ‫االطّلع على تفصيل أدلة الرؤية السمعية فلرياجعه‪ ،‬ومن شاء التحقيق العقلي واألجوبة الشافية املسكتة عن شبهات املعتزلة الواهية‪ :‬فلرياجع كتاب شيخ شيخنا‬ ‫((تقرير دلپزير)) يف اهلندية‪ .‬كذا يف فتح امللهم‪.‬‬

‫((ورؤية اهلل تعالى)) مبعىن االنكشاف التام ((بالبصر))‪ ،‬وهو (أي االنكشاف التام) معىن إدراك الشيء‬ ‫كما هو حباسة البصر‪ ،‬وذلك (أي كون الرؤية انكشافاً تاما تابت) أنا (أي ألناا) إذا نظرنا إىل البدر مث أغمضنا العني فّل خفاء يف أنه‬ ‫البدر) منكشفاً لدينا يف احلالني (أي ىف النظر وإغماض العني) لكن انكشافه (أي انكشاف البدر) حال النظر إليه (أي إىل‬ ‫وإن (وصلية) كان ( ُ‬ ‫تسمى) بالرؤية‪.‬‬ ‫البدر) أمت وأكمل‪ ،‬ولنا بالنسبة إليه (أي إىل البدر) حينئذ حالة خمصوصة هي املسماة ( ا‬ ‫(أي إدراكه ثابتا)‬

‫جمرداً عن األحكام الومهية والعادية) مل حيكم‬ ‫خلي (تُِرَك) و(مبعىن مع) نفسه (أي مع ذاته ا‬ ‫((جائزة في العقل)) مبعىن أن العقل إذا ُ‬ ‫العقل) بامتناع رؤيته (تعاىل) ما مل يقم له (أي للعقل) برهان على ذلك (أي على االمتناع)‪ ،‬مع أن األصل عدمه (أي عدم االمتناع)‪ ،‬وهذا‬ ‫( ُ‬ ‫القدر (من اجلواز) ضروري‪ ،‬فمن ادعى االمتناع (أي من اادعى أن ال ُميكِ ُن رؤية اهلل) فعليه البيان‪.‬‬

‫وقد استدل أهل احلق على إمكان الرؤية بوجهني‪ :‬عقلي ومسعي (أي نقلى)‪.‬‬ ‫(الدليل العقلى على إمكان الرؤية)‬ ‫تقرير األول (أي الدليل العقلى)‪ :‬أنا قاطعون (أي َنن قائلون باليقني) برؤية األعيان واألعراض‪ ،‬ضرورة أنا نفرق بالبصر بني‬ ‫جسم وجسم وعرض وعرض (فلو مل تكن مرئية مل يكن الفرق بالبصر)‪ ،‬وال بد للحكم املشرتك (وهو صحة الرؤية املشرتكة بني اجلوهر والعرض)‬ ‫من علة مشرتكة (بني اجلوهر والعرض)‪ ،‬وهي (أي علة) إما الوجود أو احلدوث أو اسإمكان إذ ال رابع يشرتك بينهما (أي بني اجلوهر‬ ‫والعرض)‪.‬‬ ‫واحلدوث عبارة عن الوجود بعد العدم‪ ،‬واسإمكان (عبارة) عن عدم ضرورة الوجود والعدم‪ ،‬وال مدخل للعدم يف العلية‪،‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪81‬‬

‫فتعني الوجود وهو (أي الوجود) مشرتك بني الصانع وغريه‪ ،‬فيصح أن يرى‬ ‫الوجود‪.‬‬

‫(الواجب تعاىل)‬

‫من حيث حتقق علة الصحة وهي‬

‫سوال مق ّدر إناا َسلَّ ممنَا أن الوجود علاة لرؤية األجسام واألعراض لكن ال يلزم منه صحةُ رؤية الواجب تعاىل جلواز أن يكون رؤيةُ املوجود مشروطةً بشرط ال‬ ‫يوجد إال ىف املمكن كالتحياز واللون أو يكون بعض صفات الواجب تعاىل مانعاً عن الرؤية كالتنزه عن املكان واجلهة‪( .‬النرباس)‬

‫جواب ويتوقف امتناعها (أي امتناع حت اقق الرؤية) على ثبوت كون شيء من خواص املمكن شرطاً أو من خواص الواجب مانعاً‬ ‫(ومل يَـثمبُ مت شيُ منهما)‪.‬‬ ‫سوال مق ّدر‬

‫ص َّح رؤية كل موجود كالطعم والرائحة ولكن هذا حمال!‬ ‫لو كان الوجود علاةً لرؤية لَ َ‬

‫جواب وكذا يصح أن يرى سائر املوجودات من األصوات والطعوم والروائح وغري ذلك (كالعلم واسإرادة)‪ ،‬وإمنا ال ترى‬ ‫األشياء) بناء على أنه اهلل تعاىل مل خيلق يف العبد رؤيتها (أي رؤية تلك األشياء) بطريق جري العادة‪ ،‬ال بناء على امتناع رؤيتها‪.‬‬ ‫( أربعة اعرتاضات على كون الوجود علاةً لرؤية)‬ ‫مر عدمى) فّل تستدعي علة (أي ال ميكن أن‬ ‫)‪(9‬‬ ‫وحني اعرتض بأن الصحة (أي الوجود) عدمية (أل ان الوجود إمكان الشيُ واسإمكان أ ٌ‬ ‫يُّدعى أن الوجود علاة)‪.‬‬ ‫)‪ (7‬ولو ُسلِّ َم (أن الوجود علاة) فالواحد النوعي (مثّل إنسان) قد يعلل باملختلفات كاحلرارة (املعلالة) بالشمس والنار‪ ،‬فّل يستدعي‬ ‫الوجود) علية مشرتكة‪.‬‬ ‫( ُ‬ ‫)‪(3‬‬ ‫ولو سلم (أن الواحد النوعى يستدعى علاة مشرتكة) فالعدمي يصلح علة للعدمي (يعين لو ُسلِّ َم استدعاء علاة مشرتكة فليكن تلك العلاة أمراً‬ ‫عدميا فإن العدمى يصلح علاة للعدمى)‪.‬‬ ‫)‪ (4‬ولو سلم (أن العدمى ال يصلح علاة للعدمى) فّل نسلم اشرتاك الوجود (بني العني والعرض والواجب تعاىل)‪ ،‬بل وجود كل شيء‬ ‫عينه‪.‬‬ ‫(أجوبة لّلعرتاضات املذكورة)‬ ‫أجيب‪ :‬بأن املراد بالعلة متعلَّق الرؤية والقابل هلا (أي للرؤية)‪ ،‬وال خفاء يف لزوم كونه وجودياً (أي أمراً موجوداً ألن املعدوم ال‬ ‫يصح رؤيته وهبذا يندفع االعرتاض األ اول والثالث)‪ ،‬مث ال جيوز أن يكون (متعلَّ ُق الرؤية) خصوصية اجلسم أو العرض‪ ،‬ألنا أول ما نرى َشَبحاً‬ ‫ا‬ ‫وقعت نعتاً هلوية لتفيدها إهباماً واهلوية قد تطلق على الشخص وعلى‬ ‫(هو الشيُ املرئي من غري أن ُحي اقق ما هو) من بعيد إمنا ندرك منه هوية اما (ما نكرة م‬ ‫الوجود اخلارجى وهو املراد) دون خصوصية جوهريته أو عرضيته أو إنسانيته أو فرسيته وَنو ذلك‪ ،‬وبعد رؤيته (بعد رؤية َشبَح) برؤية‬ ‫الشبَح) إىل ما فيه من اجلواهر واألعراض‪ ،‬وقد ال نقدر‪ ،‬فمتعلق الرؤية هو كون‬ ‫واحدة متعلقة هبويته قد نقدر على تفصيله (أي َ‬ ‫الشيء له هوية ما‪ ،‬وهو املعىن (أي املراد) بالوجود (وهبذا يندفع االعرتاض الثاىن)‪ ،‬واشرتاكه ضروري (أي كون الوجود أمراً مشرتكاً بني املوجودات‬ ‫أمر بديهى وهذا جواب عن االعرتاض الرابع ُومنكِره مكابر)‪.‬‬ ‫وفيه (أي ىف اجلواب) نظر‪ ،‬جلواز أن يكون متعلق الرؤية هو اجلسمية وما يتبعها من األعراض من غري اعتبار‬ ‫خصوصيته‪.‬‬ ‫(هذه‬

‫‪81‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫(الدالئل النقلية على إمكان الرؤية)‬

‫وتقرير الثاين (أي الدليل النقلى)‪ :‬أن موسى عليه السّلم قد سأل الرؤية بقوله‪ ﴿ :‬رب أرني أنظر إليك ﴾‪ ،9‬فلو مل‬ ‫تكن الرؤية ممكنة لكان طلبها (أي طلب الرؤية) جهّلً مبا جيوز (أي فيما ميكن) يف ذات اهلل تعاىل وما ال جيوز (ما ال ميكن) أو (يكون‬ ‫طلب الرؤية) سفهاً وعبثاً وطلباً للمحال‪ ،‬واألنبياء ُمن َّـزهون عن ذلك (عن اجلهل والسفه والبعث وطلب احملال)‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ف تَـَرِاين﴾ [األعراف‪)]943 :‬‬ ‫وأن اهلل قد علق الرؤية باستقرار اجلبل (حيث قال تبارك وتعاىل‪ ﴿ :‬انمظُمر إِ َىل م‬ ‫استَـ َقَّر َم َكانَهُ فَ َس مو َ‬ ‫اجلَبَ ِل فَإِن م‬ ‫كل جسم ُميكن أن يكون ساكناً)‪ ،‬واملعلق باملمكن ممكن‪ ،‬ألن معناه (أي معىن التعليق)‬ ‫وهو (أي استقرار اجلبل) أمر ممكن يف نفسه (أل ان ا‬ ‫اسإخبار بثبوت املعلق (كالرؤية) عند ثبوت املعلق به (كاالستقرار) ‪ ،‬واحملال ال يثبت على شيء من التقادير املمكنة (فثبت أن الرؤية‬ ‫غري حمال)‪.‬‬ ‫(اعرتاض على الدليل املذكور)‬ ‫اعتراض‬

‫وقد اعرتض عليه بوجوه‪ ،‬أقواها‪ :‬أن سؤال موسى عليه السّلم كان ألجل قومه حيث قالوا‪ ﴿ :‬لن نؤمن لك‬

‫حتى نرى اهلل جهرة ﴾‪ 9‬فسأل (موسى) ليعلموا (أي القوم) امتناعها (أي امتناع الرؤية) كما علمه هو (أي موسى عليه السّلم)‪.‬‬ ‫الشق الثاين من االعرتاض) بأنا ال نسلم أن املعلق عليه ممكن‪ ،‬بل هو (أي املعلاق عليه) استقرار اجلبل حال حتركه‬ ‫و(أيضاً‪ :‬هذا ا‬ ‫حترك اجلبل) وهو حمال (سإناه اجتماع الض ادين)‪.‬‬ ‫(أي حال ا‬ ‫جواب وأجيب‪ :‬بأن كّل من ذلك (أي السوال من أجل القوم واالستقرار حال احلركة) خّلف الظاهر (أ اما األول فإلناه قال موسى عليه السّلم‬ ‫استقر مكانه‘‘ تقييد حبال احلركة)‪ ،‬وال ضرورة‬ ‫ىن‘‘ ومل يقل ’’اَ ِرُه مم‘‘ وقال ’’اَنظُر إليك‘‘ ومل يقل ’’ينظر إليك‘‘ وأ اما الثاىن ف ناه ليس ىف قوله تعاىل ’’فان ا‬ ‫’’اَِرِ م‬ ‫يف ارتكابه (أي ىف ارتكاب خّلف الظاهر)‪ ،‬على (أي مع ذلك اجلواب) أن القوم إن كانوا مؤمنني كفاهم قول موسى عليه السّلم أن‬ ‫الرؤية ممتنعة‪ ،‬وإن كانوا كفاراً مل يصدقوه يف حكم اهلل تعاىل باالمتناع‪ ،‬وأيا ما كان (أي سواء كانوا مؤمنني أو كافرين) يكون السؤال‬ ‫عبثاً‪.‬‬ ‫واالستقرار حال التحرك أيضاً ممكن‪ ،‬بأن يقع السكون بدل احلركة‪ ،‬وإمنا احملال اجتماع احلركة والسكون (هذا جواب‬ ‫الشق الثاىن من االعرتاض)‪.‬‬ ‫عن ا‬ ‫((واجبة (أي ثابتة) بالنقل (عن األنبياء عليهم السّلم)‪َ ،‬وقَ ْد َوَر َد الدليل السمعي (من الكتاب واحلديث املتواتر واسإمجاع) بإيجاب‬

‫رؤية المؤمنين اهلل تعالى في دار اآلخرة))‬

‫أما الكتاب فقوله تعاىل‪ ﴿ :‬وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ﴾‪.91‬‬

‫وأما السنة فقوله عليه السّلم‪’’ :‬إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر‘‘‪ 99‬وهو مشهور رواه أحد‬

‫‪9‬‬

‫األعراف اآلية (‪.)943‬‬

‫‪9‬‬ ‫البقرة اآلية (‪.)11‬‬ ‫‪01‬‬ ‫القيامة اآلية (‪.)73-77‬‬ ‫‪00‬‬ ‫قال السيوطي‪ :‬حديث ‪ (( :‬إناكم سرتون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر )) قال املصناف (أى التفتازاىن) رواه أحد وعشرون من الصحابة‪ ،‬قلت ‪:‬‬ ‫أما هبذا اللفظ فأخرجه الشيخان من حديث جرير البجلي ‪ ،‬وأىب هريرة ‪ ،‬وأيب سعيد اخلدري ‪ .‬وأخرجه الّللكائي ىف السنة من حديث حذيفة بن اليمان وأخرجه‬ ‫وصححه من حديث أيب رزين العقيلي وال سادس هلم ‪.‬‬ ‫أمحد وابن ماجة واحلاكم ا‬ ‫وأما مطلق الرؤية من غري تقييد هبذا اللفظ فورد من حديث أيب بكر الصديق ‪ ،‬وعلي بن أيب طالب ‪ ،‬وأيب بن كعب ‪ ،‬وأنس ‪ ،‬وجابر بن عبد اهلل ‪ ،‬وزيد بن ثابت ‪،‬‬ ‫وصهيب ‪ ،‬وعبادة بن ثابت ‪ ،‬وابن عباس ‪ ،‬وابن عمر ‪ ،‬وابن مسعود ‪ ،‬وعدي بن حامت ‪ ،‬وعمار بن ياسر ‪ ،‬وفضالة بن عبيد ‪ ،‬وكب بن عمرة ‪ ،‬وأيب موسى‬ ‫األشعري فهؤالء مع اخلمسة املصدر هبم أحد وعشرون‪.‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪85‬‬

‫وعشرون من أكابر الصحابة رضي اهلل عنهم‪.‬‬ ‫وأما اسإمجاع فهو أن األمة كانوا جمتمعني على وقوع الرؤية يف اآلخرة‪ ،‬وأن اآليات الواردة يف ذلك حممولة على‬ ‫صحة الرؤية ووقوعها معاً)‪ ،‬مث ههرت مقالة املخالفني (املعتزلة) وشاعت (اشتهرت) شبههم (دالئلهم الباطلة)‬ ‫هواهرها (وهذا اسإمجاع ا‬ ‫يدل على ا‬ ‫وتأويّلهتم (الفاسدة فّل يُعبأ هبم بعد اسإمجاع)‪.‬‬ ‫(أقوى الدليل العقلى للمعتزلة على إنكار رؤية اهلل تعاىل)‬ ‫وأقوى شبههم من العقليات‪ :‬أن الرؤية مشروطة بأن املرئي يف مكان وجهة ومقابلة من الرائي وثبوت مسافة بينهما‬ ‫(بني الرائى واملرئى) حبيث ال يكون يف غاية القرب (فإ ان غاية القرب مينع الرؤية كاألجفان) وال يف غاية البعد واتصال شعاع من الباصرة‬ ‫باملرئي‪ ،‬وكل ذلك (من الشرائط املذكورة) حمال يف حق اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫(الرد على دليل املعتزلة)‬ ‫واجلواب‪ :‬منع هذا االشرتاط (أل ان الرؤية عندنا تكون خبلق اهلل تعاىل وقدرته)‪ ،‬وإليه (أي إىل منع االشرتاط) أشار (املصناف) بقوله‪:‬‬

‫((فيرى ال في مكان وال على جهة من مقابلة وال اتصال شعاع وال ثبوت مسافة بين الرائي وبين اهلل تعالى))‪،‬‬ ‫وقياس الغائب على الشاهد فاسد‪.‬‬ ‫(الرد الثاىن على دليل املعتزلة)‬ ‫وقد يستدل (لدفع دليل املعتزلة) على عدم االشرتاط (أي اشرتاط الرؤية بالشروط املذكورة) برؤية اهلل تعاىل إيانا (أي إ ان اهلل تعاىل يَرانا مع‬ ‫فقد الشروط املذكورة)‪ ،‬وفيه (أي الرد الثاىن) نظر‪ ،‬ألن الكّلم يف الرؤية حباسة البصر (ورؤية اهلل تعاىل إياانا ليس كذلك)‪.‬‬ ‫(اعرتاض من جانب املعتزلة)‬ ‫اعتراض فإن قيل‪ :‬لو كان جائز الرؤية واحلاسة (أي واحلال أن بصر الناهرين ىف الدنيا) سليمة وسائر الشرائط موجودة لوجب أن‬ ‫يـُرى (اهللُ تعاىل ىف الدنيا لكل احد)‪ ،‬وإال (أي إن مل يُر) جلاز أن يكون حبضرتنا جبال شاهقة (عظيمة) ال نراها‪ ،‬وإهنا سفسطة (إنكار‬ ‫َ‬ ‫للبديهى)‪.‬‬ ‫جواب قلنا‪ :‬ممنوع (أي ال نسلام أن الشروط املذكورة واجبة لرؤية)‪ ،‬فإن الرؤية عندنا خبلق اهلل تعاىل‪ ،‬فّل ّتب عند اجتماع الشرائط‪.‬‬ ‫(أقوى الدليل النقلى للمعتزلة على إنكار رؤية اهلل تعاىل)‬ ‫و(أقوى شبههم) من السمعيات قوله تعاىل‪ ﴿ :‬ال تدركه األبصار‬

‫(سإ ان اجلمع بالّلم لّلستغراق بإمجاع أهل األصول والعربية واملفسرين‬

‫فاملعىن ال تدركه بصر من األبصار) وهو يدرك األبصار ﴾‪. 87‬‬ ‫(أربعة أجوبة من جانب أهل السنة واجلماعة)‬ ‫واجلواب بعد تسليم كون األبصار لّلستغراق (هذا جواب أول أي ليس الّلم ىف األبصار لّلستغراق ألن االستغراق مشروط بعدم قرائن‬ ‫)‪(9‬‬ ‫العهد وقد دلات النصوص على رؤية املؤمنني فهى قرينة عدم االستغراق فمعىن اآلية ال تُدركه أبصار الكافرين)‪.‬‬ ‫وإفادته عموم السلب ال سلب العموم (جواب ثان أي لو سلا ممنا االستغراق فداللته على مطلوبكم غري مسلام سإناه حممول على عموم السلب‬ ‫)‪(7‬‬ ‫وَنن قائلني بسلب العموم فصار املعىن ال يدركه مجيع األبصار على سبيل سلب العموم فّل يناىف إدراك بعضها)‪.‬‬ ‫)‪(3‬‬ ‫وكون اسإدراك هو الرؤية مطلقاً ال الرؤية على وجه اسإحاطة جبوانب املرئي (جواب ثالث أي ال نسلام أ ان اسإدراك هو الرؤية مطلقاً‬ ‫‪01‬‬

‫األنعام‪ :‬اآلية (‪.)913‬‬

‫‪86‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫بل هو الرؤية على وجه اسإحاطة ال الرؤية املطلقة وال شك ىف أن املؤمنني يرونه يوم القيمة وال ُحييطون به)‪.‬‬ ‫خنص عدم اسإدراك ببعض األوقات كالدنيا أو‬ ‫)‪(4‬‬ ‫أنه ال داللة فيه (أي ىف اآلية املذكورة) على عموم األوقات واألحوال (جواب رابع أي اناا ا‬ ‫ببعض أحوال اآلخرة)‪.‬‬ ‫معارضة مق ّدرة من جانب المعتزلة‬ ‫متدح احلق سبحانه ىف اآلية الكرمية بأناه ال يُرى فإنه ذكره ىف أثناء املدائح‪ ،‬والصفة الىت يكون عدمها مدحاً‬ ‫قالت املعتزلة ا‬ ‫منزه عن ذلك فلم يثبت الرؤية!!‬ ‫يكون وجودها نقصاً وعيباً واهلل تعاىل ا‬

‫(دفع معارضة املعتزلة)‬ ‫وقد يستدل باآلية (ال تدركه األبصار) على جواز الرؤية‪ ،‬إذ لو امتنعت (الرؤيةُ) لَ َما حصل التمدح بنفيها‪ ،‬كاملعدوم ال‬ ‫ميدح بعدم رؤيته المتناعها (أي المتناع رؤية املعدوم)‪ ،‬وإمنا التمدح يف أنه متكن رؤيته وال يرى للتمنع والتعزز حبجاب الكربياء‪.‬‬ ‫وإن جعلنا اسإدراك عبارة عن الرؤية على وجه اسإحاطة باجلوانب واحلدود فداللة اآلية على جواز الرؤية بل حتققها‬ ‫لتنزهه) عن التناهي واالتصاف‬ ‫(أي وقوعها) أههر‪ ،‬ألن املعىن أن اهلل تعاىل مع كونه مرئياً ال يدرك (أي ال حياط) باألبصار لتعاليه (أي ا‬ ‫باحلدود واجلوانب‪.‬‬ ‫(الدليل الثاىن النقلى للمعتزلة على إنكار رؤية اهلل تعاىل)‬ ‫ومنها (أي من شبهة املعتزلة السمعية) أن اآليات الواردة يف سؤال الرؤية مقرونة باالستعظام واالستبكار (كقوله تعاىل ﴿ َوإِ مذ قُـ ملتُ مم‬

‫الصاعِ َقةُ﴾ [البقرة‪ ،]11 :‬وقوله تعاىل ﴿ وقَ َ َّ ِ‬ ‫ين َال يَـ مر ُجو َن لَِقاءَنَا لَ موَال أُنم ِزَل َعلَميـنَا ال َمم َّلئِ َكةُ أ مَو نـََرى َربـَّنَا لَ َق ِد‬ ‫َخ َذتم ُك ُم َّ‬ ‫وسى لَ من نـُ مؤِم َن لَ َ‬ ‫ك َح َّىت نـََرى اللَّهَ َج مهَرةً فَأ َ‬ ‫يَا ُم َ‬ ‫ال الذ َ‬ ‫َ‬

‫ماستَ مكبَـُروا ِيف أَنمـ ُف ِس ِه مم َو َعتَـ موا عُتُـوا َكبِ ًريا ﴾ [الفرقان‪.)]79 :‬‬ ‫( ارد على الدليل الثاين النقلي للمعتزلة)‬ ‫واجلواب‪ :‬أن ذلك (أي االستعظام واالستكبار) لتعنتهم (أي لش ادهتم) وعنادهم يف طلبها‪ ،‬ال المتناعها (الرؤية)‪ ،‬وإال (أي لو كان‬ ‫االستعظام المتناع الرؤية) ملنعهم موسى عليه السّلم عن ذلك (أي عن طلب الرؤية)‪ ،‬كما فعل حني سألوا أن جيعل هلم آهلة‪ ،‬فقال‬ ‫(موسى)‪ ﴿ :‬إنّكم قوم تجهلون ﴾‪ 93‬وهذا (أي عدم منع موسى عليه السّلم) مشعر (أي خمُمِربٌ) بإمكان الرؤية يف الدنيا‬ ‫األوىل)‪ ،‬وهلذا (أي سإمكاهنا ىف الدنيا) اختلف الصحابة رضي اهلل عنهم يف أن النيب صلى اهلل عليه وسلم هل رأي ربه ليلة املعراج أم‬ ‫ال؟‪ 94‬واالختّلف يف الوقوع دليل اسإمكان (فإن الرؤية لو كانت حماالً َالتافقت الصحابة على عدم وقوعها)‪.‬‬ ‫أما الرؤية يف املنام فقد حكيت عن كثري من السلف‪ ،‬وال خفاء يف أهنا نوع مشاهدة تكون بالقلب دون العني‪.‬‬

‫(ففى اآلخرة بطريق‬

‫املعربين من راى اهلل سبحانه ىف منامه دخل اجلناة‬ ‫مرة وقال حممد بن سريين التابعى إمام ا‬ ‫فائدة مهمة روى عن اسإمام األعظم أناه راى اهلل ىف منامه مائة ا‬ ‫ّ‬ ‫فساَلمتُه عن أفضل العبادات فقال تّلوة القرآن‪ .‬وعن محزة القارى أنه قَـ َرَء‬ ‫وختلاص من الغموم‪ .‬وعن اسإمام أمحد قال ر ُ‬ ‫ايت اهللَ سبحانه ىف املنام َ‬ ‫القرآن ىف منامه على اهلل سبحانه من أ اوله إىل آخره‪( .‬النرباس)‬

‫‪01‬‬ ‫األعراف‪ :‬اآلية (‪.)939‬‬ ‫‪01‬‬ ‫قال السيوطي‪ :‬قوله ” اختلف الصحابة رضي اهلل عنهم يف أن النيب صلى اهلل عليه وسلم هل رأى ربه ليلة املعراج أم ال؟“‪ .‬اسإثبات أخرجه البخاري‬ ‫والنسائي واحلاكم وغريهم عن ابن عبااس‪ .‬والنفي أخرجه مسلم عن عائشة‪.‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪87‬‬

‫[ البحث فى أفعال عباد اهلل ]‬ ‫((واهلل تعالى خالق ألفعال العباد كلّها من الكفر واإليمان والطاعة والعصيان))‪ ،‬ال (ليس األمر) كما زعمت‬ ‫املعتزلة أن العبد خالق ألفعاله‪ ،‬وقد كانت األوائل منهم (أي من املعتزلة) يتحاشون (أي َحي َِرتُزمو َن) عن إطّلق لفظ اخلالق على العبد‬ ‫ويكتفون بلفظ املوجد واملخرتع وَنو ذلك‪ ،‬وحني رأي اجلبائي واتباعه أن معىن الكل (أي املوجد واملخرتع واخلالق) واحد‪ ،‬وهو‬ ‫تشجعوا) على إطّلق لفظ اخلالق (على العبد)‪.‬‬ ‫املخرج من العدم إىل الوجود‪ّ ،‬تاسروا (أي ا‬

‫(الدالئل العقلية)‬

‫(دالئل أهل السنّة والجماعة على أن العبد ليس ٍ‬ ‫بخالق ألفعاله)‬

‫احتج أهل الحق بوجوه‪:‬‬

‫األول (هو الدليل العقلى)‪ :‬أن العبد لو كان خالقاً ألفعاله لكان عاملاً بتفاصيلها‪ ،‬ضرورة أن إجياد الشيء بالقدرة‬ ‫واالختبار ال يكون إال كذلك (أي مع علم التفاصيل)‪ ،‬والّلزم (أي علم العبد بتفاصيل أفعاهلا) باطل‪ ،‬فإن املشي من موضع إىل موضع‬ ‫قد يشتمل على سكنات متخللة (أي واقعة ىف خّلل حركاته) وعلى حركات بعضها أسرع وبعضها أبطأ‪ ،‬وال شعور للماشي بذلك‪،‬‬ ‫سئِل (عن التفاصيل) مل يعلم‪ ،‬وهذا يف أههر أفعاله (وهو احلركة الظاهرة ىف األعضاء‬ ‫وليس هذا (أي عدم الشعور) ذهوالً عن العلم‪ ،‬بل لو ُ َ‬ ‫الظاهرة)‪.‬‬ ‫التصرفات الواقعة ىف‬ ‫وأما إذا تأملت يف حركات أعضائه (اخلفية) يف املشي واألخذ والبطش (هو األخذ بقوة) وَنو ذلك (من ا‬ ‫البدن بّل علم صاحبه كحركة اآلالت التن افس من الرية واحلنجرة) ما حيتاج إليه من حتريك العضّلت ومتديد األعصاب وَنو ذلك فاألمر‬ ‫أههر (للقطع بأ ان أحداً مناا ال يعرف ذلك بل ال شعور بوجود العضّلت واألعصاب)‪.‬‬ ‫(الدالئل النقلية)‬ ‫الثاني‪ :‬النصوص الواردة يف ذلك (أي ىف أن اهلل وحده خالق األفعال)‪ ،‬كقوله تعاىل‪ ﴿ :‬واهلل خلقكم وما تعملون ﴾‪ 87‬أي‬ ‫ترجيح املصدرية على املوصولة بأن املوصولة ال بد هلا من حذف‬ ‫عملكم (بناءً) على أن ما مصدرية لئّل حيتاج إىل حذف الضمري (يريد الشارح‬ ‫َ‬ ‫الضمري املنصوب واحلذف خّلف الظاهر)‪ ،‬أو معمولكم (بناءً) على أن ما موصولة‪ ،‬ويشتمل األفعال (سإ اهنا من مجلة املعموالت)‪ ،‬ألنا (هذا‬ ‫صحة كون الفعل معموالً) إذا قل نا أفعال العباد خملوقة هلل تعاىل أو للعبد مل نرد بالفعل املعىن املصدري الذي هو اسإجياد‬ ‫دليل على ا‬ ‫املسمى باملعمول)‪ ،‬بل احلاصل باملصدر الذي هو متعلَّق اسإجياد واسإيقاع‪ ،‬أعين ما نشاهده من احلركات والسكنات‬ ‫واسإيقاع (وهو ا‬ ‫مثّلً‪.‬‬ ‫وللذهول (أي الغفلة) عن هذه النكتة (أي أن املراد بالعمل املعمول) قد يتوهم أن االستدالل باآلية (واهلل خلقكم وما تعملون)‬ ‫موقوف (فقط) على كون ما مصدرية (وال موصولة)‪.‬‬ ‫وكقوله تعاىل‪ ﴿ :‬اهلل خالق كل شيء ﴾‪ 97‬أي ممكن‪ ،‬بداللة العقل (فهذه اآلية ال تصدر على الواجب تعاىل سإناه ليس مبُمك ٍن)‪،‬‬

‫‪05‬‬

‫الصافاات‪ :‬اآلية (‪.)97‬‬ ‫الزمر‪ :‬اآلية (‪.)77‬‬

‫‪06‬‬

‫‪88‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫وفعل العبد شيء (فخالقه اهلل تعاىل)‪.‬‬

‫وكقوله تعاىل‪ ﴿ :‬أفمن يخلق كمن ال يخلق ﴾‪ 92‬يف مقام التمدح باخلالقية‪ ،‬وكوهنا‬ ‫الستحقاق العبادة‪.‬‬ ‫(دفع االعرتاض)‬ ‫ال يقال (إذا كان اخللق مداراً للعبادة)‪ :‬فالقائل (أي املعتزلة) بكون العبد خالقاً ألفعاله يكون من املشركني (سإ ان قوله زيد خالق لفعله‬ ‫كقوله زيد مستحق للعبادة) دون املوحدين (مع أن املذهب عدم تكفري املعتزلة سإ اهنم من أهل القبلة)!!‪ ،‬ألنا نقول‪ :‬اسإشراك هو إثبات الشريك يف‬ ‫األلوهية‪ ،‬مبعىن وجوب الوجود‪ ،‬كما للمجوس (فإ اهنم ي ِ‬ ‫عتق ُدون إ ٰهل م ِني )‪ (9‬يزداں أي اهلل خالق اخلري )‪ (7‬أهرمن أي خالق الشر)‪ ،‬أو مبعىن‬ ‫َ‬ ‫استحقاق العبادة كما لعبدة األصنام (فإ اهنم يعتقدون أ ان الواجب واحد ويزعمون أن األصنام مستح اقة للعبادة لرجاء الشفاعة منها)‪ ،‬واملعتزلة ال‬ ‫يُثبت ون ذلك‪ ،‬بل ال جيعلون خالقية العبد كخالقية اهلل تعاىل‪ ،‬الفتقاره (العبد) إىل األسباب واآلالت اليت هي خبلق اهلل تعاىل‪،‬‬ ‫إال أن مشايخ ما وراء النهر قد بالغوا يف تضليلهم (ىف تضليل املعتزلة) يف هذه املسألة‪ ،‬حىت قالوا‪ :‬إن اجملوس أسعد (أحسن) حاالً‬ ‫منهم (أي من املعتزلة)‪ ،‬حيث مل يثبتوا إال شريكاً واحداً (وهو أهرمن)‪ ،‬واملعتزلة أثبتوا شركاء ال حتصى!!‬ ‫(أدلاة املعتزلة على أن العبد خالق ألفعاله االختيارية‪ ،‬واألجوبة ألدلاتهم)‬ ‫(أي كون اخلالقية) مناطاً (أي مداراً)‬

‫)‪ (9‬واحتجت المعتزلة‪ :‬بأنا نفرق بالضرورة بني حركة املاشي وحركة املرتعش (ونعرف بالضرورة)‪ ،‬وأن األوىل‬ ‫باختياره دون الثانية (أي حركة املرتعش)‪ ،‬وبأنه لو كان الكل (أي االختيارى واالضطرارى) خبلق اهلل تعاىل لبطل قاعدة التكليف واملدح‬ ‫والذم والثواب والعقاب‪ ،‬وهو هاهر‪.‬‬

‫(أي حركة املاشى)‬

‫والجواب‪ :‬أن ذلك (االحتجاج) إمنا يتوجه على اجلربية القائلني بنفي الكسب واالختيار له أصّلً‪ ،‬وأما َنن فنثبته على‬ ‫ما َنققه إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫)‪ (7‬وقد تتمسك (املعتزلة)‪ :‬بأنه لو كان (اهللُ تعاىل) خالقاً ألفعال العباد لكان هو القائم والقاعد واآلكل والشارب والزاين‬ ‫والسارق إىل غري ذلك !!‬ ‫(جواب لِتَ َم ُّسك املعتزلة)‬ ‫وهذا (أي متََ ُّس ُك املعتزلة) جهل عظيم‪ ،‬ألن املتصف بالشيء من قام به ذلك الشيء‪ ،‬ال َم من أوجده‪ ،‬أ ََو ال يرون أن اهلل‬ ‫تعاىل هو اخلالق للسواد والبياض وسائر الصفات يف األجسام‪ ،‬وال يتصف بذلك (بل املتاصف بالسواد هو احملل الذى يقوم به)؟!!‬ ‫)‪(3‬‬

‫ورمبا يتمسك (املعتزلة)‪ :‬بقوله تعاىل‪ ﴿ :‬فتبارك اهلل أحسن الخالقين ﴾‬

‫خالقاً) ﴿ وإذ تخلق (خطاب لعيسى عليه السّلم) من الطين كهيئة الطير ﴾‪. 89‬‬

‫‪81‬‬

‫(قالو مجع اخلالق يَ ُد ُّل على أ ان غري اهلل تعاىل يكون‬

‫والجواب‪ :‬أن اخللق هنا مبعىن التقدير (وهو شائع ىف استعمال بلغاء العرب)‪.‬‬

‫‪07‬‬ ‫‪08‬‬ ‫‪09‬‬

‫النمل اآلية (‪.)92‬‬ ‫املؤمنون‪ :‬اآلية (‪.)94‬‬ ‫املائدة‪ :‬اآلية (‪.)991‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪89‬‬

‫((وهي)) أي أفعال العباد ((كلها بإرادته ومشيئته)) قد سبق أهنما (أي إرادة ومشيئة) عندنا عبارة عن معىن واحد‪،‬‬ ‫ْمه)) ال يبعد (أي هذا الظاهر) أن يكون ذلك (أي احلُكم) إشارة إىل خطاب التكوين‪(( ،‬وقَ ِ‬ ‫((وحك ِ‬ ‫ضيَّتِه)) أي قضائه‪ ،‬وهو عبارة‬ ‫ُ‬ ‫عن الفعل مع زيادة إحكام (أي مع زيادة قوة)‪.‬‬ ‫(دفع االعرتاض)‬ ‫ال يقال‪ :‬لو كان الكفر بقضاء اهلل تعاىل لوجب الرضا به (أي بالكفر)‪ ،‬ألن الرضا بالقضاء واجب‪ ،‬والّلزم‬ ‫الرضاء بالكفر) باطل‪ ،‬ألن الرضا بالكفر كفر‪.‬‬

‫(أي وجوب‬

‫ألنا نقول‪ :‬الكفر مقضي ال قضاء‪ ،‬والرضا إمنا جيب بالقضاء دون املقضي‪.‬‬ ‫((وتقدي ِره)) وهو (أي تعريف التقدير) حتديد كل خملوق (أي تعيينه) حبده الذي يوجد من حسن وقبح ونفع وضر وما حيويه‬

‫(أي يشتمل على هذا املخلوق) من زمان ومكان وما يرتتب عليه (أي على املخلوق) من ثواب وعقاب‪.‬‬ ‫واملقصود (من هذه األلفاٌ املرتادفة يعين إرادة‪ ،‬مشيئة‪ ،‬حكم‪ ،‬قضياة‪ ،‬تقدير) تعميم إرادة اهلل وقدرته ملا مر من أن الكل (أي كل شيُ)‬ ‫خبلق اهلل تعاىل‪ ،‬وهو (أي اخللق) يستدعي القدرة واسإرادة لعدم اسإكراه واسإجبار‪.‬‬ ‫(اعرتاض على أ ان الكل خبلقه وتقديره تعاىل)‬ ‫اعتراض فإن قيل (إذا كان كل شيُ بتقديره وخلقه تعاىل)‪ :‬فيكون الكافر جمبوراً يف كفره والفاسق (يكون جمبوراً) يف فسقه‪ ،‬فّل يصح‬ ‫تكليفهما باسإميان والطاعة‪.‬‬ ‫جواب قلنا‪ :‬إنه تعاىل أراد منهما (أي من الكافر والفاسق) الكفر والفسق باختيارمها‪ ،‬فّل جرب (بل هذه اسإرادة ُمثمبتة لّلختيار ونافية‬ ‫للجرب)‪ ،‬كما أنه تعاىل علم منهما الكفر والفسق باالختيار‪ ،‬ومل يلزم تكليف احملال‪.‬‬ ‫(مذهب املعتزلة ىف إرادة اهلل تعاىل للشرور والقبائح)‬ ‫واملعتزلة أنكروا إرادة اهلل تعا ىل للشرور والقبائح‪ ،‬حىت قالوا‪ :‬إنه تعاىل أراد من الكافر والفاسق إميانه وطاعته‪ ،‬ال كفره‬ ‫قبيح)‪.‬‬ ‫قبيح وإجياد القبيح ٌ‬ ‫ومعصيته زعماً منهم (أي من املعتزلة) أن إرادة القبيح قبيحة كخلقه وإجياده (أي كخلق القبيح ٌ‬ ‫(الرد على مذهب املعتزلة)‬ ‫وَنن مننع ذلك (أي إرادة القبيح قبيحةٌ)‪ ،‬بل القبيح كسب القبيح واالتصاف به (أي بالقبح)‪ ،‬فعندهم (أي املعتزلة) يكون‬ ‫أكثر ما يقع من أفعال العباد على خّلف إرادة اهلل تعاىل (أل ان الكفر والفسق أكثر من اسإميان والطاعة)‪ ،‬وهذا شنيع جداً (ألناه يلزم العجز‬ ‫منزه عن ذلك!!)‪.‬‬ ‫الشديد واهلل تعاىل ا‬ ‫قصة عمرو بن عبيد املعتزيل مع جموسي)‬ ‫( ا‬ ‫احلديث سإناه‬ ‫حكي عن عمرو بن عبيد (أحد قدماء املعتزلة وأكابرهم كان معاصراً لإلمام حسن البصرى وراوياً للحديث وقد أخذ السلف عنه‬ ‫َ‬ ‫كان صدوقاً ىف الرواية) أنه قال‪ :‬ما ألزمين (أي أَ مس َكتَِىن) أحد مثل ما ألزمين جموسي كان معي يف السفينة‪ ،‬فقلت له‪ِ :‬ملَ ال تُسلم ؟‬ ‫فقال‪ :‬ألن اهلل َملم يُِرمد إسّلمي‪ ،‬فإذا أراد اهلل إسّلمي أسلمت‪.‬‬ ‫فقلت للمجوسي‪ :‬إن اهلل تعاىل يريد إسّلمك‪ ،‬ولكن الشياطني ال يرتكونك‪.‬‬ ‫فقال اجملوسي‪ :‬فأنا أكون مع الشريك األغلب (وهو الشيطان)‪.‬‬

‫‪91‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫قصة القاضي عبد اجلبار املعتزيل مع األستاذ أىب اسإسحاق)‬ ‫( ا‬ ‫وحكي أن القاضي عبد اجلبار اهلمداين (من غظماء املعتزلة وفـُ َق َهائهم) دخل على الصاحب ابن عباد وعنده األستاذ أبو‬ ‫ئمة السناة)‪ ،‬فلما رأي (اهلمداىن) األستاذ قال‪ :‬سبحان من تنـزه (أي تَطَ َّهَر) عن الفحشاء !! (وفيه إشارة إىل أ ان‬ ‫إسحاق اسإسفراييين (أحد أ ا‬ ‫أهل السناة يصفون اهلل تعاىل بالفحشاء حيث قالوا‪’’ :‬هو يريد الفحشاء وخيلقها‘‘)‪ ،‬فقال األستاذ على الفور (أي بسرعة)‪ :‬سبحان من ال جيري يف‬ ‫القصتين تأكيد ما ذُكِ َر أن‬ ‫ملكه إال ما يشاء (أراد أن جريان األمور يف ملكه على خّلف إرادته نقص وعيب‪ ،‬جيب تنريه اهلل تعاىل عنه‪ ،‬والمقصود من هاتين ّ‬ ‫وقوع األفعال على خالف إرادة اهلل تعالى شنيع جدًّا!!)‪.‬‬ ‫(اعتقاد املعتزلة ىف األمر والنهى)‬ ‫واملعتزلة اعتقدوا أن األمر يستلزم اسإرادة والنهي (يستلزم) عدم اسإرادة‪ ،‬فجعلوا إميان الكافر مراداً (الناه مأمور به) وكفره غري‬ ‫مراد (الناه منهى عنه)‪.‬‬ ‫(الرد على اعتقاد املعتزلة)‬ ‫وَنن نعلم أن الشيء قد ال يكون مراداً ويؤمر به (أي يأمر اهللُ تعاىل به)‪ ،‬وقد يكون مراداً وينهى عنه (أي ينهى اهللُ تعاىل عنه)‬ ‫عما يَـ مف َعل‪ ،‬أال ترى أن السيد إذا أراد أن يظهر على‬ ‫حلكم ومصاحل حييط هبا علم اهلل تعاىل‪ ،‬أو ألنه (تعاىل) ال يُ مسئَل ا‬ ‫العبد بذلك األمر‪ ،‬فثبت انفكاك األمر عن اسإرادة)‪.‬‬ ‫احلاضرين عصيان عبده يأمره بالشيء وال يريده منه (أي ال يريد أن يقوم ُ‬ ‫وقد يتمسك من اجلانبني (أي من جانبنا ومن جانب املعتزلة) باآليات‪ ،‬وباب التأويل مفتوح على الفريقني‪.‬‬ ‫فعال) معصية‪.‬‬ ‫فعال) طاعة ((ويعاقبون عليها)) إن كانت (األ ُ‬ ‫((وللعباد أفعال اختيارية يثابون بها)) إن كانت (األ ُ‬ ‫(مذهب اجلربية ىف أفعال العباد)‬ ‫ال (أي ليس األمر) كما زعمت اجلربية من أنه ال فعل للعبد أصّلً (ىف اختياره) وأن حركاته مبنـزلة حركات اجلمادات (إذا‬ ‫حركها اسإنسا ُن مثّلً) ال قدرة للعبد عليها (أي على األفعال) وال قصد وال اختيار‪.‬‬ ‫ا‬ ‫(الرد على مذهب اجلربية خبمسة دالئل)‬ ‫)‪ (9‬وهذا (أي مذهبهم) باطل ألنا نفرق بالضرورة بني حركة البطش وحركة االرتعاش‪ ،‬ونعلم أن األول (البطش) باختياره دون‬ ‫الثاين (فلو مل يكن للعبد قدرة واختيار ىف البطش مل يكن فرق)‪.‬‬ ‫)‪ (7‬وألنه لو مل يكن للعبد فعل أصّلً (ىف اختياره) ملا صح تكليفه (أل ان التكليف يكون باالختيار)‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫وال يرتتب استحقاق الثواب والعقاب على أفعاله (مع أ ان الشارع َح َك َم بالرتتاب ىف‬ ‫)‪(3‬‬ ‫نصوص ال حتصى كقوله تعاىل‪ ﴿ :‬من َع ِم َل صاحلاً‬ ‫[فصلت‪.)]47 :‬‬ ‫فلنفسه ومن أَ َساءَ فعليها ﴾ ا‬ ‫)‪ (4‬وال إسناد األفعال اليت تقتضي سابقية القصد واالختيار إليه (أي إىل العبد) على سبيل احلقيقة مثل صلى وصام وكتب‬ ‫(أي إناا جند أهل اللغة والعقّلء يسنِ ُدون إىل ِ‬ ‫فعال الىت ال ابد فيها من االختيار إسناداً حقيقياً فلو مل يكن للعبد فعل اختيارى مل يصح ذلك اسإسناد)‪،‬‬ ‫العبد األ َ‬ ‫ُ‬ ‫خبّلف مثل طال الغّلم واسود لونه (من األفعال الغري االخيارية فإن إسنادها ال يقتضى إثبات الفعل للعبد)‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫‪11‬‬

‫والنصوص القطعية تنفي ذلك (أي اجلرب) كقوله تعاىل‪ ﴿ :‬جزاء بما كانوا يعملون ﴾‬

‫‪70‬‬

‫تدل على إسناد العمل إليهم‬ ‫(فاآلية ا‬

‫األحقاف‪ :‬اآلية (‪ ،)94‬الواقعة‪ :‬اآلية (‪)74‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪90‬‬

‫‪78‬‬

‫وترتب اجلزاء على عملهم) وقوله تعاىل‪ ﴿ :‬فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ﴾‬ ‫البينات)‪.‬‬ ‫إىل غري ذلك (من اآليات ا‬ ‫(اعرتاض من جانب اجلربية)‬ ‫اعتراض فإن قيل‪ :‬بعد تعميم علم اهلل تعاىل وإرادته (أي بعد ما ثبت أ ان كل ما صدر عن العبد فعّلً وتركاً فهو بعلم اهلل وإرادته)‪ ،‬اجلرب (مبتدأ)‬ ‫الفعل) أو (أن يتعلاقا) بعدمه (أي بعدم الفعل) فيمتنع‪،‬‬ ‫الزم (خرب) قطعاً‪ ،‬ألهنما (أي علم اهلل وإرادته) إما أن يتعلقا بوجود الفعل فيجب ( ُ‬ ‫االختيار مع إمكان الفعل والرتك)!!‬ ‫وال اختيار مع الوجوب واالمتناع (بل إامنا يكون‬ ‫ُ‬ ‫جواب قلنا‪( :‬اهلل تعاىل) يعلم ويريد أن العبد يفعله أو يرتكه باختياره‪ ،‬فّل إشكال‪.‬‬ ‫(اعرتاض من جانب اجلربية على اجلواب املذكور)‬ ‫ب‬ ‫اعتراض فإن قيل‪ :‬فيكون فعله االختياري واجباً أو ممتنعاً‪ ،‬وهذا (أي الوجوب واالمتناع) ينايف االختيار (حاصل االعرتاض أ ان اجلوا َ‬ ‫املذكور مجع بني الضدين)‪.‬‬ ‫َ‬ ‫جواب قلنا‪ :‬أنه (أي التناىف) ممنوع‪ ،‬فإن الوجوب باالختيار حمقق لّلختيار ال مناف‪.‬‬ ‫وأيضاً (اعرتاضكم) منقوض (أي قد ُك ِسَر) بأفعال الباري (فإهنا اختيارية باسإمجاع)‪.‬‬ ‫(اعرتاض من جانب اجلربية)‬ ‫اعتراض فإن قيل‪ :‬ال معىن لكون العبد فاعّلً باالختيار إال كونه موجداً ألفعاله بالقصد واسإرادة (وأ اما ما ذكرمت من إثبات االختيار‬ ‫للعبد مع أن ِ‬ ‫موجد أفعاله هو احلق سبحانه فغري معقول كاجلمع بني النقيضني) ‪ ،‬وقد سبق أن اهلل تعاىل مستقل خبلق األفعال وإجيادها (من غري‬ ‫شركة للعبد) ‪ ،‬ومعلوم أن املقدور الواحد ال يدخل حتت قدرتني مستقلتني (أي إذا كان العبد فاعّلً باالختيار يدخل فعلُه حتت القدرتني‪ ،‬قدرة اهلل‬ ‫وقدرة العبد)‪.‬‬ ‫جواب قلنا‪ :‬ال كّلم (أي ال نزاع وال خّلف) يف قوة هذا الكّلم ومتانته (أي استحكامه) إال أنه ملا ثبت بالربهان أن اخلالق هو اهلل‬ ‫تعاىل (كقوله تعاىل ﴿ خالق كل شيُ ﴾)‪ ،‬وبالضرورة أن لقدرة العبد وإرادته مدخّلً يف بعض األفعال كحركة البطش دون البعض‬ ‫كحركة االرتعاش‪ ،‬احتجنا يف التفصي (أي إىل اخلّلص) عن هذا املضيق (هو اجتماع النقيضني) إىل القول بأن اهلل تعاىل خالق كل‬ ‫شيء والعبد كاسب‪.‬‬ ‫وحتقيقه (أي حتقيق اجلواب) أن صرف العبد قدرته وإرادته إىل الفعل كسب (وهذا بأ ان يتعلاق إرادة العبد بالفعل فيخلق اهلل تعاىل فيه‬ ‫قدرة متعلاقة بالفعل)‪ ،‬وإجياد اهلل تعاىل الفعل عقيب ذلك (أي بعد صرف القدرة) خلق‪ ،‬واملقدور الواحد (أي فعل العبد) داخل حتت‬ ‫قدرتني (قدرة اهلل تعاىل وقدرة العبد) لكن جبهتني خمتلفتني‪ ،‬فالفعل مقدور اهلل جبهة اسإجياد (أي اخللق) ومقدور العبد جبهة الكسب‪،‬‬ ‫وهذا القدر من املعىن ضروري وإن مل نقدر على أزيد من ذلك يف تلخيص العبارة املفصحة عن حتقيق كون فعل العبد خبلق‬ ‫اهلل تعاىل وإجياده مع ما فيه للعبد من القدرة واالختيار‪.‬‬ ‫(ثّلثة أقوال ىف الفرق بني اخللق والكسب)‬ ‫وهلم (أي مشائخ) يف الفرق بينهما (اخللق والكسب) عبارات (خمتلفة) مثل‪:‬‬ ‫)‪ (9‬إن الكسب ما وقع بآلة (من األعضاء وغريها كالسيف والقلم) واخللق ال (يقع) بآلة‪.‬‬ ‫‪10‬‬

‫يدل على أن اسإميان والكفر مبشيئة العباد وقصدهم )‬ ‫(فهذا ا‬

‫الكهف‪ :‬اآلية (‪.)79‬‬

‫‪91‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫منزه عن احملل)‪.‬‬ ‫)‪ (7‬والكسب مقدور‪ ،‬وقع يف حمل قدرته (أي قدرة الكاسب) واخللق مقدور‪ ،‬ال (يقع) يف حمل قدرته (تعاىل ألناه تعاىل ا‬ ‫)‪ (3‬والكسب ال يصح انفراد القادر به (أل ان قدرة العبد غري مؤثرة فّل يصدر عنه الفعل إال بقدرة اهلل تعاىل) واخللق يصح انفراده (فإ ان اهلل تعاىل‬ ‫خيلق ما يشاء بّل حاجة إىل كسب العبد)‪.‬‬ ‫(اعرتاض من جانب املعتزلة)‬ ‫يك‬ ‫اعتراض فإن قيل (إذا‬ ‫جعلتم فعل العبد مقدوراً للعبد واخلالق معاً)‪ :‬فقد أثبتم ما نسبتم إىل املعتزلة من إثبات الشركة (أي َج َع َل ُ‬ ‫العبد شر َ‬ ‫م‬ ‫احلق تعاىل)‪.‬‬ ‫حصة ال يشاركه‬ ‫جواب قلنا‪ :‬الشركة أن جيتمع اثنان على شيء واحد وينفرد كل منهما ما هو له دون اآلخر (أي يكون لكل منهما ا‬ ‫فيها آخر سواءٌ كانت احلصة مقسومة أو غري مقسومة) كشركاء القرية واحمللة‪ ،‬وكما إذا جعل العبد خالقاً ألفعاله والصانع خالقاً لسائر‬ ‫األعراض واألجسام (كما هو مذهب املعتزلة)‪ ،‬خبّلف ما إذا أضيف أمر إىل شيئني جبهتني خمتلفتني كأرض تكون ملكاً هلل تعاىل‬ ‫جبهة التخليق و(تكون ِملمكاً) للعباد جبهة ثبوت التصرف‪ ،‬وكفعل العبد ينسب إىل اهلل تعاىل جبهة اخللق وإىل العبد جبهة‬ ‫الكسب‪.‬‬ ‫العبد كاسباً واهللُ تعاىل خالقاً)‪ :‬فكيف كان كسب القبيح قبيحاً سفهاً موجباً الستحقاق الذم والعقاب‬ ‫اعتراض فإن قيل (إذا كان ُ‬ ‫خبّلف خلقه (مع أ ان الكسب أضعف من اخللق بل لو ال اخللق مل يقع الكسب)‪.‬‬ ‫جواب قلنا‪ :‬ألنه قد ثبت أن اخلالق حكيم ال خيلق شيئاً إال وله عاقبة محيدة (أي حسنة) وإن مل نطلع عليها‪ ،‬فجزمنا (أي‬ ‫علمنا علماً يقيناً) بأن ما نستقبح ه من األفعال قد يكون له فيها حكم ومصاحل كما يف خلق األجسام اخلبيثة الضارة املؤملة‬ ‫خبّلف الكسب‪ ،‬فإنه قد يفعل احلسن وقد يفعل القبيح (لعدم كونه حكيماً)‪ ،‬فجعلنا كسبه للقبيح مع ورود النهي عنه قبيحاً‬ ‫سفهاً موجباً الستحقاق الذم والعقاب‪.‬‬ ‫((والحسن منها)) أي من أفعال العباد‪.‬‬ ‫(تعريف للحسن من أفعال العباد)‬ ‫وهو (أي حسن من أفعال العباد) ما يكون متعلق املدح يف العاجل (أي ىف الدنيا) والثواب يف اآلجل (أي ىف اآلخرة)‪ ،‬واألحسن‬ ‫احلسن) املباح‪.‬‬ ‫أن يفسر مبا ال يكون متعلقاً للذم والعقاب ليشمل ( ُ‬ ‫((برضاء اهلل تعالى)) أي بإرادته من غري اعرتاض (أي مؤاخذة عليه)‪.‬‬

‫((والقبيح منها (أي من أفعال العباد)))‪.‬‬ ‫(تعريف للقبيح من أفعال العباد)‬ ‫وهو (أي قبيح من افعال العباد) ما يكون متعلق الذم يف العاجل (أي ىف الدنيا) والعقاب يف اآلجل (ىف اآلخرة)‪.‬‬

‫((ليس برضائه (تعاىل))) ملا عليه من االعرتاض (مؤاخذة)‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪ ﴿ :‬وال يرضى لعباده الكفر ﴾‪ ، 77‬يعين أن اسإرادة‬ ‫واملشيئة والتقدير يتعلق بالكل (من احلسن والقبيح)‪ ،‬والرضا واحملباة واألمر ال يتعلق إال باحلسن دون القبيح‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫الزمر‪ :‬اآلية (‪ ،)7‬األحقاف‪ :‬اآلية (‪ ،)01‬الواقعة‪ :‬اآلية (‪)11‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪91‬‬

‫[ البحث فى االستطاعة مع الفعل ]‬ ‫مهم‬ ‫تمهيد ّ‬ ‫أكثرهم‪.‬‬

‫الفعل َخلَ َق اهللُ تعاىل فيه‬ ‫االستطاعة عند اجلمهور هى صفة الىت تكون مع الفعل يعىن ال يكون للعبد قدرة على الفعل قبل الفعل بل إذا أراد َ‬

‫القدرةَ مقارنةً مع الفعل‪ ،‬وهذا تُ َس امى االستطاعة خّلفاً للمعتزلة‪ ،‬فإ اهنم قالوا القدرة أي استطاعة موجودة ىف العبد قبل الفعل ومع الفعل وهذا قول‬

‫((واالستطاعة مع الفعل)) خّلفاً للمعتزلة (فإ اهنم قالوا هى موجودة ىف العبد قبل الفعل ومع الفعل)‪.‬‬ ‫(تعريف االستطاعة)‬ ‫((وهي حقيقة القدرة التي يكون بها الفعل)) إشارة إىل ما ذكره صاحب التبصرة من أهنا (االستطاعة) عرض خيلقه‬ ‫اهلل تعاىل يف احليوان يفعل به األفعال االختيارية‪ ،‬وهي (أي االستطاعة) علة للفعل (اتنهى كّلم صاحب التبصرة)‪ ،‬واجلمهور على أهنا‬ ‫(أي االستطاعة) شرط ألداء الفعل ال علته‪.‬‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫وجوده وال‬ ‫الفرق بني العلاة والشرط أن علاة الشيُ ما يؤثر ىف وجوده وال يكون جزءاً منه‪ ،‬وشرط الشيُ ال يؤثر ىف وجوده بل يتوقاف عليه ُ‬ ‫يكون جزءاً منه‪( .‬نرباس)‬

‫وباجلملة (أي خّلصة الكّلم) هي (أي االستطاعة) صفة خيلقها اهلل تعاىل عند قصد اكتساب الفعل بعد سّلمة األسباب‬ ‫واآلالت‪ ،‬فإن قصد فعل اخلري خلق اهلل تعاىل قدرة فعل اخلري‪ ،‬فيستحق املدح والثواب‪ ،‬وإن قصد فعل الشر خلق اهلل تعاىل‬ ‫قدرة فعل الشر‪ ،‬فكان هو املضيع لقدرة فعل اخلري‪ ،‬فيستحق الذم والعقاب‪ ،‬وهلذا (أي ال ان تارك قصد اخلري مضيع للقدرة عليه) ذم‬ ‫مسع احلق على وجه القبول فّل خيلق فيهم االستطاع َة على مسعه ولو قصدوه َخلَلَ َقها فيهم)‪.‬‬ ‫الكافرين بأهنم ال يستطيعون السمع (أي ال يقصدون َ‬ ‫(الدليل على أن االستطاعة مع الفعل ال قبله)‬ ‫وإذا كانت االستطاعة عرضاً وجب أن تكون مقارنة للفعل بالزمان ال سابقة عليه (بالزمان كما زعم املعتزلة)‪ ،‬وإال (أي وإن‬ ‫كانت سابقة) لزم وقوع الفعل بّل استطاعة وقدرة عليه ملا مر من امتناع بقاء األعراض‪.‬‬ ‫(اعرتاض من جانب املعتزلة على الدليل املذكور)‬ ‫اعتراض فإن قيل‪ :‬لو سلم استحالة بقاء األعراض فّل نـزاع يف إمكان ّتدد األمثال عقيب الزوال (فيمكن أن تكون القدرة السابقة‬ ‫تنعدم وّت ادد مثلها ىف كل ٍآن)‪ ،‬فمن أين يلزم وقوع الفعل بدون القدرة‪.‬‬ ‫الجواب األول قلنا‪ :‬إمنا ندعي لزوم ذلك (وقوع الفعل بّل قدرة) إذا كانت القدرة اليت هبا الفعل هي القدرة السابقة (وال شك ىف‬ ‫ٍ‬ ‫حينئذ أل ان القدرة السابقة قد انعدمت)‪ ،‬وأما إذا جعلتموها (أي القدرة الىت هبا الفعل) املثل املتجدد املقارن (للفعل) فقد اعرتفتم بأن‬ ‫اللزوم‬ ‫القدرة اليت هبا الفعل ال تكون إال مقارنة له (أي للفعل فثبت أن القدرة مع الفعل أ اما األمثال السابقة فوجودها وعدمها سواء بالنسبة إىل الفعل)‪ ،‬مث‬ ‫إن ادعيتم أنه ال بد هلا (أي القدرة اليت هبا الفعل) من أمثال سابقة حىت ال ميكن الفعل بأول ما حيدث من القدرة فعليكم البيان‬ ‫(أي الدليل على أناه ال بد من سبق األمثال)‪.‬‬ ‫الجواب الثاني وأما ما يقال (ىف اجلواب والقائل صاحب الكفاية) ‪ :‬لو فرضنا بقاء القدرة السابقة إىل آن الفعل إما بتجدد األمثال‬ ‫(على تقدير عدم بقاء األعراض) وإما باستقامة بقاء األعراض‪ ،‬فإن قالوا (أي املعتزلة) جبواز وجود الفعل هبا يف احلالة األوىل (وهو زمان حدوث‬ ‫املستمرة على تقدير بقاء األعراض) فقد تركوا مذهبهم حيث جوزوا مقارنة الفعل‬ ‫أول األمثال على تقدير التج ادد‪ ،‬وأول زمان حدوث القدرة‬ ‫ا‬ ‫بالقدرة‪ ،‬وإن قالوا بامتناعه (أي باالمتناع وجود الفعل ىف احلالة األوىل مع جواز ىف احلالة الثانية) لزم التحكم (أي التكليف ىف إثبات احلكم بّل دليل)‬ ‫‪91‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫والرتجيح بّل مرجح‪ ،‬إذ القدرة حباهلا (أي أل ان القدرة ىف كل حال) مل تتغري ومل حيدث فيها معىن (أي وصف يوجب الرتجيح) الستحالة‬ ‫ذلك (أي قيام املعاىن) على األعراض‪ ،‬فلِ َم صار الفعل هبا (أي بالقدرة) يف احلالة الثانية واجباً ويف احلالة األوىل ممتنعاً؟‬ ‫(رد الشارح على اجلواب الثاىن)‬ ‫ففيه (أي ىف اجلواب الثاىن) نظر‪ ،‬ألن القائلني بكون االستطاعة قبل الفعل ال يقولون بامتناع املقارنة الزمانية (حبيث ال يكون‬ ‫القدرة مع الفعل أصّلً بل يقولون بأن القدرة تكون سابقة ومقارنة‪ ،‬وال يقولون) بأن كل فعل جيب أن يكون بقدرة سابقة عليه بالزمان البتة حىت‬ ‫ميتنع حدوث الفعل يف زمان حدوث القدرة مقرونة جبميع الشرائط (قَـيَّ َد به ألناه إذا فات بعض الشرائط امتنع حدوث الفعل إمجاعاً)‪ ،‬وألنه‬ ‫شق الثاىن من اجلواب الثاىن) جيوز (ميكن) أن ميتنع الفعل يف احلالة األوىل النتفاء شرط أو وجود مانع‪ ،‬وجيب يف (احلالة) الثانية‬ ‫(هذا ردٌّ لِل ِّ‬ ‫لتمام الشرائط‪ ،‬مع أن القدرة اليت هي صفة القادر يف احلالتني على السواء‪.‬‬ ‫ومن ههنا (أي من أجل أن الفعل جيب عند متام الشرائط وميتنع عند انتفاعها) ذهب بعضهم (وهو اسإمام فخر الدين الرازى) إىل أنه إن أريد‬ ‫باالستطاعة القدرة املستجمعة جلميع شرائط التأثري فاحلق أهنا مع الفعل‪ ،‬وإال فقبله‪ ،‬وأما امتناع بقاء األعراض فمبين على‬ ‫مقدمات صعبة البيان‪ ،‬وهي أن بقاء الشيء أمر حمقق (موجود) زائد عليه‪ ،‬وأنه ميتنع قيام العرض بالعرض‪ ،‬وأنه ميتنع قيامهما‬ ‫(أي قيام العرض وبقائه) معاً باحملل‪.‬‬ ‫(استدالل املعتزلة على أن االستطاعة قبل الفعل)‬ ‫وملا استدل القائلون (املعتزلة) بكون االستطاعة قبل الفعل بأن التكليف حاصل قبل الفعل ضرورة أن الكافر مكلف‬ ‫باسإميان وتارك الصّلة مكلف هبا (أي بالصلوة) بعد دخول الوقت (قبل أداء الصلوة)‪ ،‬فلو مل تكن االستطاعة متحققة حينئذ لزم‬ ‫تكليف العاجز وهو باطل‪.‬‬ ‫(جواب املصناف الستدالل املعتزلة)‬ ‫أشار (املصناف) إىل اجلواب بقوله‪:‬‬ ‫((ويقع هذا االسم)) يعين لفظ االستطاعة ((على سالمة األسباب واآلالت والجوارح‬

‫(وحاصل اجلواب أن االستطاعة‬

‫تُطلق على معنيني‪ ،‬أحدمها‪ :‬القدرة وهى مقارنة للفعل‪ ،‬وثانيهما‪ :‬سّلمة األسباب وهى قبل الفعل والتكليف واقع على املعىن الثاىن))) كما يف قوله تعاىل‪:‬‬

‫﴿ وهلل على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيالً ﴾‪. 73‬‬ ‫(اعرتاض من جانب املعتزلة)‬ ‫صح وقوع هذا االسم أي االستطاعة على السّلمة أل ان) االستطاعة صفة املكلف (وهلذا يقال مكلا ٌف مستطيع) وسّلمة‬ ‫اعتراض فإن قيل (ال يَ ا‬ ‫ح تف ـ ـ ـ ـسريها (أي االستطاعة) هبا (أي‬ ‫األسباب واآلالت ليس صفة له (أي للـ ـ ـمكلَّ ِف بل السّلمة صفة األسباب واآلالت)‪ ،‬فك ـ ـيف يص ـ ـ ـ ـ ا‬ ‫بالسّلمة) ؟‬ ‫جواب قلنا‪ :‬املراد سّلمة األسباب واآلالت له (أي لِلمكلَّ ِف)‪ ،‬واملكلف كما يتصف باالستطاعة (فيقال مستطيع) يتصف بذلك‬ ‫(أي بسّلمة األسباب واآلالت له) حيث يقال‪ :‬هو ذو سّلمة األسباب‪ ،‬إال أنه لرتكبه ال يشتق منه اسم فاعل حيمل عليه‪ ،‬خبّلف‬ ‫االستطاعة‪( .‬انتهى اجلواب)‬

‫‪11‬‬

‫آل عمران‪ :‬اآلية (‪)92‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪95‬‬

‫((وصحة التكليف تعتمد (أي تتوقاف) على هذه االستطاعة)) اليت هي سّلمة األسباب واآلالت‪ ،‬ال االستطاعة‬ ‫باملعىن األول (أي القدرة الىت هبا الفعل)‪.‬‬ ‫فإن أريد بالعجز (ىف قول املعتزلة لو مل يكن االستطاعة قبل الفعل لزم تكليف العاجز) عدم االستطاعة باملعىن األول (أي القدرة الىت هبا‬ ‫الفعل) فّل نسلم استحالة تكليف العاجز (هبذا املعىن بل احملال تكليف العاجز باملعىن الثاىن أي سّلمة األسباب واآلالت)‪ ،‬وإن أريد (عدم‬ ‫االستطاعة) باملعىن الثاين (أي سّلمة االسباب واآلالت) فّل نسلم لزومه (أي لزوم تكليف العاجز) جلواز أن حتصل قبل الفعل سّلمة‬ ‫األسباب واآلالت وإن مل حتصل حقيقة القدرة اليت هبا الفعل‪.‬‬ ‫(اجلواب لقول املعتزلة ’’لو كان االستطاعة مع الفعل ال قبله لزم تكليف العاجز‘‘)‬ ‫وقد جياب (من جانب أهل السناة واجلماعة) بأن القدرة صاحلة للضدين (أي القدرة الواحدة جيوز صرفها إىل الكفر واسإميان وأيضاً إىل الطاعة‬ ‫واملعصية) عند أبي حنيفة رحمه اهلل تعالى‪ 71‬حىت (قال اسإمام األعظم) أن القدرة املصروفة إىل الكفر هي بعينها القدرة اليت تصرف‬ ‫وضع‬ ‫إىل اسإميان‪ ،‬وال اختّلف إال يف التعلق (إىل الكفر واسإميان)‪ ،‬وهو (أي اختّل ُ‬ ‫ف التعلاق) ال يوجب االختّلف يف نفس القدرة (مثّلً ُ‬ ‫اجلبهة على األرض فإناه حقيقة واحدة فإذا ُص ِر َف إىل اهلل تعاىل كان طاعته وإذا ُص ِر َف إىل الصنم كان معصيته)‪ ،‬فالكافر قادر على اسإميان املكلف به‪،‬‬ ‫وضيَّ َع باختياره صرفها (أي القدرة) إىل اسإميان‪ ،‬فاستحق الذم والعقاب‪.‬‬ ‫إال أنه صرف قدرته إىل الكفر َ‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫ص َرفَها إىل الكفر صاحلة أن يَصرفها إىل اسإميان‪( .‬النرباس)‬ ‫حاصل اجلواب املذكور أن الكافر حال كفره ليس بعاجز عن اسإميان أل ان القدرة الىت َ‬

‫(الشارح ليس بر ٍ‬ ‫اض من اجلواب املذكور)‬ ‫وال خيفى أن يف هذا اجلواب تسليماً لكون القدرة قبل الفعل (فهذا اجلواب وإن كان دافعاً لدليل املعتزلة لكناه تسليم ملدعاه وهو‬ ‫االستطاعة قبل الفعل)‪ ،‬ألن القدرة على اسإميان يف حال الكفر تكون قبل اسإميان ال حمالة‪.‬‬ ‫(الرد على الشارح)‬ ‫فإن أجيب (من جانب اجلواب املذكور) بأن املراد (أي مرادُ امل ـُ ِجميب) أن القدرة وإن صلحت للضدين لكنها من حيث التعلق‬ ‫بأحدمها (أي بأحد الضدين) ال تكون (القدرةُ) إال معه (أي مع أحدمها) حىت أن ما (أي القدرة الىت) يلزم مقارنتها للفعل هي القدرة املتعلقة‬ ‫بالفعل وما يلزم مقارنتها للرتك هي القدرة املتعلقة به (أي بالرتك)‪ ،‬وأما نفس القدرة فقد تكون متقدمة متعلقة بالضدين‪.‬‬ ‫(جواب الشارح)‬ ‫قلنا‪ :‬هذا (أي كون القدرة من حيث تعلاقها بالفعل ال تكون إالا معه ومن حيث تعلاقها بالرتك ال تكون إالا معه) مما ال يتصور فيه نـزاع (من‬ ‫اخلصم أل ان القدرة من حيث هي مقارنة ال تكون إال مقارنة)‪ ،‬بل هو لغو من الكّلم (مبنزلة قولك‪’’ :‬املقارن مقارن‘‘)‪ ،‬فليتأمل‪.‬‬

‫‪11‬‬ ‫دون الفقه‪ .‬فقد قال ابن إدريس الشافعىي مقاال‬ ‫أبو حنيفة‪ :‬هو اسإمام األعظم النعمان بن ثابت الكويف‪ ،‬فقيه‪ ،‬جمتهد‪ ،‬إمام املشرقني واملغربني‪ ،‬اأول من ا‬ ‫صحيح النقل يف ِح َكم لطيفة بأن الناس يف الفقه عيال على فقه اسإمام أيب حنيفة رمحه اهلل تعاىل رمحة واسعة‪ .‬إمام احلنفية ُولِد ‪91‬ه وتـُ ُويف ‪911‬ه‪.‬‬

‫‪96‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫[ البحث فى تكليف العبد بما ليس فى طاقته ]‬ ‫((وال يكلف العبد بما ليس في وسعه (أي ىف طاقته)))‪.‬‬ ‫(تكليف العبد مبا ليس ىف و مسعِه على ثّلثة أ ٍ‬ ‫قسام)‬ ‫ُ‬ ‫)‪ (9‬سواء كان (ما ليس ىف وسعه) ممتنعاً يف نفسه كجمع بني الضدين‪.‬‬ ‫حمال عاد ًة) كخلق اجلسم‪.‬‬ ‫)‪(7‬‬ ‫أو ممكناً (ىف نفسه ولكناه ٌ‬ ‫وأما ما ميتنع (ال بنفسه بل) بناء على أن اهلل تعاىل علم خّلفه أو أراد خّلفه كإميان الكافر وطاعة العاصي فّل نـزاع (أي‬ ‫)‪(3‬‬ ‫اختّلف) يف وقوع التكليف به لكونه مقدوراً للمكلف بالنظر إىل نفسه‪.‬‬ ‫مث عدم التكليف مبا ليس يف الوسع متفق عليه‪ ،‬بقوله تعاىل‪ ﴿ :‬ال يكلف اهلل نفساً إال وسعها ﴾‪ 77‬واألمر يف قوله‬

‫تعاىل‪ ﴿ :‬أنبئوني بأسماء هؤالء ﴾‪ 76‬للتعجيز دون التكليف‪ ،‬وقوله تعاىل حكاية (عن دعاء املؤمنني) عن حال املؤمنني‪:‬‬

‫﴿ ربنا وال تحملنا ما ال طاقة لنا به ﴾‪ 77‬ليس املراد بالتحميل هو التكليف‪ ،‬بل إيصال ما ال يطاق من العوارض‬ ‫إليهم (أي إىل املؤمنني)‪.‬‬ ‫(هل جيوز التكليف مبا ال يطاق أم ال؟)‬ ‫قبيح ىف‬ ‫وإمنا النـزاع (أي اختّلف) يف اجلواز (بني املعتزلة واألشعرى) فمنعه املعتزلة بناء على القبح العقلي (أي قالوا تكليف العاجز ٌ‬ ‫منزه عن القبائح)‪ ،‬وجوزه األشعري ألنه ال يقبح من اهلل تعاىل شيء‪.‬‬ ‫نظر العقل واهلل تعاىل ا‬ ‫(دليل املعتزلة)‬ ‫(احلوادث)‬

‫وقد يستدل بقوله تعاىل‪ ﴿ :‬ال يكلف اهلل نفساً إال وسعها ﴾‪ 77‬على نفي اجلواز‬ ‫وسعه)‪ ،‬وتقريره (أي تقرير الدليل)‪ :‬أنه لو كان جائزاً ملا لزم من فرض وقوعه حمال‪ ،‬ضرورة أن استحالة الّلزم توجب استحالة‬ ‫امللزوم‪ ،‬حتقيقاً ملعىن اللزوم (فإن الّلزم لو كان حماالً وامللزوم ممكناً جلاز وجود امللزوم بدون الّلزم وهذا يناىف معىن اللزوم)‪ ،‬لكنه لو وقع (التكليف مبا ليس‬ ‫ىف وسعه) لزم كذب كّلم اهلل تعاىل (أي قوله تعاىل‪ ﴿ :‬ال يكلف اهلل نفساً إال وسعها ﴾) ‪ ،‬وهو حمال‪ ،‬وهذه نكتة يف بيان استحالة وقوع‬ ‫كل ما يتعلق علم اهلل تعاىل وإرادته واختياره بعدم وقوعه‪.‬‬ ‫(اجلواب لدليل املعتزلة)‬ ‫وحلها (أي دفع هذه النكتة) أنا ال نسلم أن كل ما يكون ممكناً يف نفسه ال يلزم من فرض وقوعه حمال (جلواز أن يكون ممكناً‬ ‫ىف نفسه وممتنعاً بالغري)‪ ،‬وإمنا جيب ذلك (أي جيب عدم لزوم احملال من وقوع املمكن) لو مل يعرض له (لذلك املمكن) االمتناع بالغري‪ ،‬وإال (أي‬ ‫وإن عرض له االمتناع بالغري) جلاز أن يكون لزوم احملال بناء على االمتناع بالغري (ال بناء على امتناعه ىف نفسه)‪ ،‬أال يرى أن اهلل تعاىل ملا‬ ‫أوجد العامل بقدرته واختياره فعدمه (أي عدم العا َمل) ممكن يف نفسه (أل ان العا َمل ليس واجب الوجود بذاته) مع أنه يلزم من فرض وقوعه (أي‬ ‫وقوع عدمه) ختلف املعلول عن علته التامة‪ ،‬وهو حمال‪.‬‬ ‫واحلاصل (أي حاصل اجلواب) أن املمكن يف نفسه ال يلزم من فرض وقوعه حمال بالنظر إىل ذاته‪ ،‬وأما بالنظر إىل أمر‬ ‫زائد على نفسه فّل نسلم أنه ال يستلزم احملال‪.‬‬ ‫(أي على نفى جواز التكليف مبا ليس ىف‬

‫‪15‬‬ ‫‪16‬‬

‫البقرة‪ :‬اآلية (‪)797‬‬ ‫البقرة‪ :‬اآلية (‪.)39‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪97‬‬

‫[ البحث فى التوليد ]‬ ‫مهم‬ ‫تمهيد ّ‬

‫يسمى توليداً وهو خملوق اهلل تعاىل‬ ‫يسمى ُم َولَّداً وإصدار هذا الفعل ا‬ ‫اعلم أن االثر املرتاب على فعل العبد كالقتل املرتاب على رمى السهم ا‬ ‫عندنا وللعبد عند مجهور املعتزلة‪( .‬النرباس)‬

‫((وما يوجد من األلم في المضروب عقيب (أي بعد) ضرب إنسان واالنكسار في الزجاج عقيب كسر إنسان))‬

‫قيد بذلك (أي باسإنسان) ليصح حمّلً للخّلف يف أنه هل للعبد صنع فيه أم ال‪(( ،‬وما أشبهه)) كاملوت عقيب القتل ((كل‬

‫ذلك مخلوق هلل تعالى)) ملا مر أن اخلالق هو اهلل تعاىل وحده‪ ،‬وأن كل املمكنات مستندة إليه بّل واسطة‪.‬‬ ‫(مذهب املعتزلة ىف هذه املسئلة)‬ ‫واملعتزلة ملا أسندوا بعض األفعال إىل غري اهلل تعاىل قالوا‪ :‬إن كان الفعل صادراً عن الفاعل ال بتوسط فعل آخر فهو‬ ‫بتوسط آخر) بطريق التوليد‪ ،‬ومعناه (أي معىن التوليد) أن يوجب الفعل لفاعله فعّلً آخر‬ ‫بطريق املباشرة وإال (أي وإن كان صادراً عنه ا‬ ‫كحركة اليد توجب حركة املفتاح‪ ،‬فاألمل متولد من الضرب واالنكسار من الكسر وليسا (أي األمل والكسر) خملوقني هلل تعاىل‬ ‫(انتهى كّلم املعتزلة)‪ ،‬وعندنا الكل خبلق اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫الفرق بني املباشر والتوليد أن ما كان العبد قادراً على عدم حصوله فهو املباشرة وما مل يقدر على عدم حصوله بعد استعمال سببه فهو التوليد‪.‬‬

‫((ال صنع للعبد في تخليقه (أي ىف ختليق امل َولَ ِّد))) واألوىل أن ال يقيد بالتخليق‪ ،‬ألن ما يسمونه متولدات ال صنع‬ ‫للعبد فيه أصّلً (ال ختليقاً وال اكتساباً)‪ ،‬أما التخليق فّلستحالته من العبد (إذ ال خالق إاال اهلل)‪ ،‬وأما االكتساب فّلستحالة اكتساب‬ ‫العبد ما ليس قائماً مبحل القدرة (إ ذ حمل القدرة ذات الضارب والكاسر والضرب والكسر ال يقومان هبما بل باملضروب واملكسور)‪ ،‬وهلذا (أي لعدم‬ ‫كوهنا مكسوبة) ال يتمكن العبد من عدم حصوهلا (أي ال ميكن له أن يـُمرِج َع أ َثر الضرب والكسر من املضروب واملكسور) خبّلف أفعاله االختيارية‬ ‫(فإن العبد يتمكن على عدم حصوهلا مثّلً ميكن له أن ُمي ِسك فعل الضرب)‪.‬‬

‫‪98‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫[ البحث فى األجل [‬ ‫((والمقتول ميت بأجله)) أي الوقت املقدر ملوته‪ ،‬ال (أي ليس األمر) كما زعم بعض املعتزلة ِمن أن اهلل تعاىل‬ ‫والصحيح ’’ ِمن أن القاتل‘‘ بدل ’’ ِمن أن اهلل تعاىل‘‘) قد قطع عليه (أي على املقتول) األجل‪.‬‬ ‫(دليل أهل السناة واجلماعة على أن املقتول قد مات بأجله)‬ ‫لنا (أي دليلنا) أن اهلل تعاىل قد حكم بآجال العباد على ما علم من غري تردد (أي من غري التقييد بعدم القتل وَنوه)‪ ،‬وبأنه (هذا‬ ‫(هذا َس مهو النساخ‬

‫دليل ٍ‬ ‫ثان) ﴿ إذا جاء أجلهم ال يستأخرون ساعة وال يستقدمون ﴾‪.72‬‬ ‫(الدليل النقلى للمعتزلة)‬ ‫واحتجت املعتزلة باألحاديث الواردة يف أن بعض الطاعات تزيد يف العمر (فلو كان األجل قطعياً مل يكن للزيادة معىن)‪.‬‬ ‫(الدليل العقلى للمعتزلة)‬ ‫املقتول) ميتاً بأجله لَ َما استحق القاتل ذماً (ىف الدنيا) وال عقاباً (ىف اآلخرة) وال دية (ىف اخلطأ) وال قصاصاً (ىف‬ ‫وبأنه لو كان ( ُ‬ ‫العمد)‪ ،‬إذ ليس موت املقتول خبلقه (أي خبلق القاتل) وال بكسبه (كسائر املولادات)‪.‬‬ ‫(اجلواب عن الدليل النقلى)‬ ‫واجلواب عن األول (أي الدليل النقلى)‪ :‬أن اهلل تعاىل كان يعلم (ىف األزل) أنه لو مل يفعل هذه الطاعة لكان عمره أربعني‬ ‫سنة‪ ،‬لكنه (تعاىل) علم أنه يفعلها (الطاعة) فيكون عمره سبعني سنة‪ ،‬فنسبت هذه الزيادة إىل تلك الطاعة بناء على علم اهلل‬ ‫تعاىل أنه لوالها (أي الطاعة) ملا كانت تلك الزيادة (فتسميتها بالزيادة جماز)‪.‬‬ ‫(اجلواب عن الدليل العقلى)‬ ‫وعن الثاين (اجلواب عن الدليل العقلى) ‪ :‬أن وجوب العقاب والضمان على القاتل تعبدي (أي إطاعة اهلل تعاىل) الرتكابه (أي‬ ‫القاتل) املنهي عنه (وهو مباشرة أسباب القتل)‪ ،‬وكسبه الفعل (كالضرب بالسيف) الذي خيلق اهلل تعاىل عقيبه املوت بطريق جري العادة‪،‬‬

‫فإن القتل (أي ضرب السيف) فعل القاتل كسباً‪ ،‬وإن مل يكن له خلقاً‪(( ،‬والموت (عرض) قائم بالميت مخلوق هلل تعالى))‪ ،‬ال‬ ‫صنع فيه (أي ىف املوت) للعبد ختليقاً وال اكتساباً‪.‬‬ ‫ومبىن هذا (أي كون املوت خملوقاً لِلا ِه تعاىل) على أن املوت وجودي بدليل قوله تعاىل‪ ﴿ :‬خلق الموت والحياة ﴾‬ ‫واألكثرون على أنه (أي املوت) عدمي‪ ،‬ومعىن خلق املوت قدره‪.‬‬

‫‪71‬‬

‫اش إىل أجله‬ ‫((واألجل واحد)) ال كما زعم الكعيب (املعتزيل) أن للمقتول أجلني‪ :‬القتل واملوت‪ ،‬وأنه لو َملم يـُ مقتَ مل لَ َع َ‬ ‫الذي هو املوت‪ ،‬وال كما زعمت الفّلسفة أن للحيوان أجّلً طبيعياً وهو وقت موته بتخلل رطوبته (أي بسبب زواهلا) وانطفاء‬ ‫حرارته الغريزيتني (أي املخلوقتني من أصل الفطرة ويقابلهما احلرارة والرطوبة)‪ ،‬وآجاالً اخرتامية (أي قاطعة للحيوة) حبسب اآلفات واألمراض‪.‬‬

‫‪17‬‬ ‫‪18‬‬

‫األعراف‪ :‬اآلية (‪)34‬‬ ‫امللك‪ :‬اآلية (‪)7‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪99‬‬

‫[ البحث فى الرزق ]‬ ‫((والحرام رزق)) ألن الرزق اسم "ملا يسوقه اهلل تعاىل (أي يُ ِرسلُه ويُبلِغُه) إىل احليوان فيأكله"‪ ،‬وذلك قد يكون حّلالً‬ ‫وقد يكون حراماً‪ ،‬وهذا (التعريف املذكور للرزق) أوىل من تفسريه (أي الرزق) "مبا يتغذى به احليوان"‪ ،‬خللوه (أي التعريف األ اول أوىل من‬ ‫التعريف الثاىن أل ان التعريف الثاىن ٍ‬ ‫خال) عن معىن اسإضافة (أي إضافة الرزق) إىل اهلل تعاىل‪ ،‬مع أنه (أي إضافة الرزق إىل اهلل تعاىل) معترب (ىف التعريف‬ ‫الثاىن) يف مفهوم الرزق (إذ ال رازق إال اهلل تعاىل)‪.‬‬ ‫(احلرام ليس ٍ‬ ‫برزق عند املعتزلة)‬ ‫وعند املعتزلة احلرام ليس برزق‪ ،‬ألهنم (املعتزلة) فسروه (أي الرزق) تارة "مبملوك يأكله املالك"‪ ،‬وتارة "مبا ال مينع من‬ ‫االنتفاع به"‪ ،‬وذلك ال يكون حّلالً‪.‬‬ ‫ألهنا مرزوقني بقوله‬ ‫لكن يلزم على األول (أي التفسري األول للمعتزلة) أن ال يكون ما يأكله الدواب رزقاً (ألناه ال ملك هلا وهذا باطل ا‬ ‫تعاىل ﴿ َوَما ِم من َدابٍَّة ِيف ماأل مَر ِض إَِّال عَلَى اللَّ ِه ِرمزقـُ َها﴾ [هود‪ ،)]7 :‬وعلى الوجهني (أي التفسري األول والثاىن للمعتزلة)‪ :‬أن من أكل احلرام طول عمره‬ ‫مل يرزقه اهلل تعاىل أصّلً (وهذا باطل بالضرورة)‪.‬‬ ‫ومبىن هذا االختّلف (أ ان احلرام رزق عندنا) على أن اسإضافة إىل اهلل تعاىل معتربة يف معىن الرزق‪ ،‬وأنه ال رازق إال اهلل‬ ‫وحده‪ ،‬وأن العبد يستحق الذم والعقاب على أكل احلرام‪.‬‬ ‫(دليل املعتزلة على أن احلرام ليس ٍ‬ ‫برزق)‬ ‫ت أ ان‬ ‫وما يكون مستنداً (أي منسوباً) إىل اهلل تعاىل (يعىن من الرزق) ال يكون قبيحاً‪ ،‬ومرتكبه ال يستحق الذم والعقاب (فثَبَ َ‬ ‫احلرام ليس برزق)‪.‬‬ ‫(اجلواب لدليل املعتزلة)‬ ‫واجل واب‪ :‬أن ذلك لسوء مباشرة أسبابه باختياره (أي الذم والعقاب على احلرام إامنا هو أل ان العبد َك َسبَه باأل سباب املمنوعة فهو من هذه‬ ‫احليثية قبيح)‪.‬‬

‫((وُكلٌّ يستوفي (أي يَ مستَتِ ُّم) رزق نفسه حالالً كان أو حراماً)) حلصول التغذي هبما مجيعاً‪.‬‬ ‫((وال يتصور (أي ال ميكن) أن ال يأكل إنسان رزقه أو يأكل رزق غيره)) ألن ما قدره اهلل غذاء لشخص جيب أن‬ ‫يأكله وميتنع أن يأكله غريه‪ ،‬وأما مبعىن امللك فّل ميتنع (أي إ ن كان الرزق مبعىن امللك كما قاله املعتزلة هو ’’مملوك يأكله املالك‘‘ فّل ميتنع أن يأكله‬ ‫غريه)‪.‬‬

‫‪011‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫[ البحث فى الهداية واإلضالل ]‬ ‫((واهلل تعالى يضل من يشاء ويهدي من يشاء)) مبعىن خلق الضّللة واالهتداء‪ ،‬ألنه اخلالق وحده‪.‬‬ ‫ويف التقييد (أي تقييد اسإضّلل واهلداية) باملشيئة إشارة إىل أنه ليس املراد باهلداية بيان طريق احلق (كما زعمت املعتزلة)‪ ،‬ألنه‬ ‫(أي بيان الطريق) عام يف حق الكل (من الضالاني واملهتدين)‪ ،‬وال اسإضّلل (أي إشارة إىل أنه ليس اسإضّلل) عبارة عن وجدان العبد ضاالً‬ ‫(كما زعمت املعتزلة) أو تسميته ضاالً‪ ،‬إذ ال معىن لتعليق ذلك (أي الوجدان والتسمية) مبشيئة اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫نعم قد تضاف اهلداية إىل النيب عليه السّلم جمازاً بطريق التسبب‪ ،‬كما تسند إىل القرآن‪ ،‬وقد يسند اسإضّلل إىل‬ ‫الشيطان جمازاً كما يسند إىل األصنام‪.‬‬ ‫مث املذكور يف كّلم املشايخ (من أهل السناة واجلماعة) أن اهلداية عندنا خلق االهتداء‪ ،‬وعند املعتزلة (اهلداية) بيان طريق‬ ‫حممد صلى اهلل تعاىل عليه وسلام) ال تهدي من أحببت ﴾‪ 79‬ولقوله عليه السّلم‪:‬‬ ‫الصواب‪ ،‬وهو باطل لقوله تعاىل‪ ﴿ :‬إنك (يا ا‬

‫’’اللهم اهد قومي‘‘‪ 31‬مع أنه (صلى اهلل عليه وسلام) بَـ َّني الطريق ودعاهم إىل االهتداء‪.‬‬ ‫واملشهور أن اهلداية عند املعتزلة هي الداللة املوصلة إىل املطلوب‪ ،‬وعندنا (اهلداية هى) الداللة على طريق يوصل إىل‬ ‫املطلوب‪ ،‬سواء حصل الوصول واالهتداء أو مل حيصل‪.‬‬

‫‪19‬‬ ‫القصص اآلية (‪.)17‬‬ ‫‪11‬‬ ‫قال السيوطي‪ :‬حديث ‪ (( :‬اللاهم اهد قومى فإ اهنم ال يعلمون )) أخرجه هبذا اللفظ البيهقى عن عبد اهلل بن عبيد وقال مرسل وأخرجه من ٍ‬ ‫وجه آخر‬ ‫ا‬ ‫موصوالً عن سهل بن سعيد لكن بلفظ ‪ :‬اللاهم اغفر لقومى‪.‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪010‬‬

‫[ البحث فى أنّه ال يجب على اهلل شيئ ]‬ ‫((وما هو األصلح للعبد فليس ذلك بواجب على اهلل تعالى‬

‫(خّلفاً للمعتزلة فإ اهنم قالوا‪ :‬إن ما هو االصلح للعبد فهو واجب على‬

‫اهلل تعاىل)))‬ ‫(مخسة دالئل من جانب أهل السناة واجلماعة على عدم الوجوب)‬ ‫)‪ (9‬وإال (لو كان واجباً) لَ َما خلق الكافر الفقري َّ‬ ‫املعذب يف الدنيا واآلخرة‪.‬‬ ‫ولَ َما كان له (أي لِلاه تعاىل) امتنان على العباد واستحقاق شكر يف اهلداية وإفاضة (إعطاء) أنواع اخلريات‪ ،‬لكوهنا (أي‬ ‫)‪(7‬‬ ‫اهلداية واسإضافة) أداء للواجب‪.‬‬ ‫)‪ (3‬ولَ َما كان امتنان اهلل على النيب عليه السّلم فوق امتنانه على أيب جهل (هو فرعون هذه األ امة) لعنه اهلل‪ ،‬إذ فعل بكل‬ ‫منهما غاية مقدوره من األصلح له‪.‬‬ ‫)‪ (4‬ولَ َما كان لسؤال العصمة (عن الذنوب) والتوفيق (على الطاعات) وكشف الضراء (أي الش ادة) والبسط (أي سوال الكثرة) يف‬ ‫اسم كان)‪ ،‬ألن ما مل يفعله (اهللُ تعاىل من كشف البّلء وكثرة الرخاء) يف حق كل واحد (من العباد) فهو مفسدة‬ ‫اخلصب والرخاء معىن (هذا ُ‬ ‫لكل واحد) جيب على اهلل تركها (أي مفسدة)‪.‬‬ ‫(أي فساد) له (أي ا‬ ‫)‪ (1‬ولَ َما بقي يف قدرة اهلل تعاىل بالنسبة إىل مصاحل العباد شيء (أي ال يقدر اهلل تعاىل أن يفعل بأحد منهم خرياً)‪ ،‬إذ قد أتى‬ ‫بالواجب (أي جبميع ما جيب عليه من مصاحلهم إذ لو كان شيُ منها باقياً ىف قدرته ومل يفعله كان تاركاً للواجب فيلزم أن تكون مقدوراته متناهية وهو حمال)‪.‬‬ ‫( ارد الشارح على املعتزلة)‬ ‫احللف خبالق العمر) إن‬ ‫ولعمري (أي والقسم حبياتى وهذا القسم عجيب من الشارح فإ ان القسم بغري اهلل تعاىل حرام‪ .‬وغاية التوجيه أن يقال أراد‬ ‫َ‬ ‫هذه مفاسد هذا األصل (أي القائدة) ‪ ،‬أعين وجوب األصلح‪ ،‬بل أكثر أصول املعتزلة أههر من أن خيفى وأكثر من أن حيصى‪،‬‬ ‫وذلك (أي ههور مفاسدهم وكثرهتا) لقصور نظرهم يف املعارف اسإهلية ورسوخ قياس الغائب على الشاهد يف طباعهم (املعتزلة)‪.‬‬ ‫(دليل املعتزلة على وجوب األصلح)‬ ‫وغاية تشبثهم (أي أقوى دليل املعتزلة) يف ذلك (ىف وجوب األصلح) أن ترك األصلح يكون خبّلً وسفهاً (ألناه إن تركه مع العلم بكونه‬ ‫أصلح فبخل أو بدون العلم فجهل)‪.‬‬ ‫(اجلواب لدليل املعتزلة)‬ ‫وجوابه‪ :‬إن منع ما يكون حق املانع‪ ،‬و(احلال) قد ثبت باألدلة القاطعة كرمه وحكمته ولطفه وعلمه بالعواقب يكون‬ ‫حمض عدل وحكمة‪.‬‬ ‫مث ليت شعري (أي علمى) ما معىن وجوب الشيء على اهلل تعاىل‪ ،‬إذ ليس معناه استحقاق تاركه الذم والعقاب‪ ،‬وهو‬ ‫يتصور ىف حقه تعاىل)‪ ،‬وال لزوم‬ ‫هاهر (إذ ال معىن للذم النه تعاىل مالك على اسإطّلق فله التصرف ىف ملكه كما يشاء وال معىن للعقاب أيضاً باالتافاق ألناه ال ا‬ ‫صدوره (أي صدور األصلح) عنه (عن اهلل تعاىل) حبيث ال يتمكن (أي ال يقدر اهللُ تعاىل) من الرتك (أي على ترك األصلح)‪ ،‬بناء على استلزامه‬ ‫(أي الرتك) حماالً من سفه أو جهل أو عبث أو خبل أو َنو ذلك (من النقائص)‪ ،‬ألنه (أي وجوب األصلح على اهلل تعاىل) رفض لقاعدة‬ ‫منزه عن ذلك) وميل إىل الفلسفة الظاهرة العوار (العيب والنقصان)‪.‬‬ ‫االختيار (أل ان عدم القدرة على ترك األصلح اضطرار وهو ا‬ ‫‪011‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫[ البحث فى عذاب القبر ]‬ ‫البعض ألن منهم (أي من عصاة املؤمنني) من‬ ‫ف)‬ ‫((وعذاب القبر ( ٌ‬ ‫ثابت) للكافرين ولبعض عصاة المؤمنين)) خص (املصنا ُ‬ ‫َ‬

‫ال يريد اهلل تعاىل تعذيبه فّل يعذب‪(( ،‬وتنعيم أهل الطاعة في القبر بما يعلمه اهلل تعالى ويريده)) وهذا‬ ‫والتنعيم معاً) أوىل مما وقع يف عامة الكتب من االقتصار على إثبات عذاب القرب دون تنعيمه بناء على أن النصوص الواردة فيه‬ ‫(أي ىف عذاب القرب) أكثر و(بناءً) على أن عامة أهل القبور كفار وعصاة‪ ،‬فالتعذيب بالذكر أجدر (أي اليق)‪.‬‬ ‫(أي ذكر العذاب‬

‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ول اهلل صلى اهلل عليه وسلَّم يف ثـُب ِ‬ ‫وقَ مد تَـواتَـر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت األَ مخبار َعن رس ِ‬ ‫وت َع َذ ِ‬ ‫ب‬ ‫اب الم َق مِرب َونَعِي ِمه ل َم من َكا َن ل َذل َ‬ ‫ََ َ ُ‬ ‫َُ م َُ‬ ‫ك أ مَهّل‪َ ،‬و ُس َؤال ال َمملَ َك مني‪ ،‬فَـيَج ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫مهمة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فائدة ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وف على َكمي ِفيَّتِه‪ ،‬لِ َك مونِه ال َع مه َد له به يف هذه الدَّا ِر‪َ ،‬والش مَّرعُ ال‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫ه‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ك‬ ‫يف‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫به‪،‬‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫مي‬ ‫سإ‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫وت‬ ‫ب‬ ‫اد ثـُُ َ َ َ َ ُ َ َُ َ ُ َ م َّ م َم َ م َ م ُ ُ ٌ‬ ‫ماعت َق ُ‬ ‫اجلس ِد لَيس على الموجه الممعه ِ‬ ‫ادة غَميـَر ِ‬ ‫ادة‬ ‫ود يف ُّ‬ ‫الر ِ‬ ‫ول‪َ ،‬ولَكِنَّه قَ مد يأيت ِمبَا َحتَ ُار فيه المعُ ُق ُ‬ ‫يأيت ِمبَا ُِحتيلُه المعُ ُق ُ‬ ‫ول‪ .‬فَِإ َّن َع موَد ُّ‬ ‫اسإ َع َ‬ ‫وح إليه إِ َع َ‬ ‫الدنمـيَا‪ ،‬بَ مل تُـ َع ُ‬ ‫َ م َمُ‬ ‫اد ا ُّلر ُ‬ ‫وح إىل مَ َ م َ‬ ‫الدنمـيَا‪.‬‬ ‫ال َممأملُوفَة يف ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َح َك ِام‪:‬‬ ‫فَ ُّ‬ ‫َّعلُّ ِق‪ُ ،‬متَـغَايَِرة ماأل م‬ ‫وح َهلَا بِالَمب َدن مخَم َسة أَنمـ َوا ٍع م َن التـ َ‬ ‫الر ُ‬ ‫َح ُد َها‪ :‬تَـ َعلُّ ُق َها به يف بَطم ِن األُِّم َجنِ ًينا‪.‬‬ ‫أَ‬ ‫الثاني‪ :‬تَـعلُّ ُقها به بـع َد خر ِ‬ ‫وجه إىل َو مجه ماأل مَر ِ‬ ‫ض‪.‬‬ ‫َ َ َ م ُُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ث ‪ :‬تَـ َعلُّ ُق َها به يف َحال النـ مَّوم‪ ،‬فَـلَ َها به تَـ َعل ٌق م من َو مجه‪َ ،‬وُم َف َارقَة م من َو مجه‪.‬‬ ‫الثَّالِ ُ‬ ‫ت َسّلِم ال ُمم َسلِّ ِم‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫َّها َملم تُـ َفا ِرقمه فَِراقًا ُكلِّيا ِحبَمي ُ‬ ‫ث ال يَـمبـ َقى َهلَا إليه المتِ َف ٌ‬ ‫َّها َوإِ من فَ َارقَـمته َوَّتََّرَد م‬ ‫ُّها إليه َوقم َ‬ ‫ات أَلمبَتَّة‪ ،‬فإنه َوَرَد َرد َ‬ ‫ت عنه فَإِنـ َ‬ ‫الرابِ ُع‪ :‬تَـ َعلُّ ُق َها به يف المبَـ مرَزِخ‪ ،‬فَإِنـ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ب َحيَاة الَمب َدن قَـمب َل يَـ موم المقَي َامة‪.‬‬ ‫ادة َخ َّ‬ ‫ني يـُ َولو َن عنه‪َ ،‬وَه َذا َّ‬ ‫الرُّد إ َع َ‬ ‫َوَوَرَد أنه يَ مس َم ُع َخ مف َق ن َعاهل مم ح َ‬ ‫اصة‪ ،‬ال يُوج ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّعلُّ ِق إليه‪ ،‬إِ مذ ُه َو تَـ َعلُّ ٌق ال يَـ مقبَ ُل الَمب َد ُن معه َم موتًا َوال نَـ موًما َوال‬ ‫س‪ :‬تَـ َعلُّ ُق َها به يَـ موَم بَـ معث األَ مج َساد‪َ ،‬وُه َو أَ مك َم ُل أَنمـ َوا ِع تَـ َعلُّق َها بِالمبَ َدن‪َ ،‬وال ن مسبَة ل َما قبله م من أَنمـ َو ِاع التـ َ‬ ‫الْ َخام ُ‬ ‫ك إِ مش َكاال ٍ‬ ‫فَسادا‪ ،‬فَالنـَّوم أَخو الممو ِ‬ ‫ت كثرية‪.‬‬ ‫ت‪ .‬فَـتَأ َُّم ُل َه َذا يُز مِح َعنم َ‬ ‫ًَ‬ ‫مُ ُ َم‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يحة تَـرُّد الم َق مولَ م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ني‪.‬‬ ‫ح‬ ‫يث‬ ‫اد‬ ‫ح‬ ‫أل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫!‬ ‫وح‬ ‫ر‬ ‫ّل‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫أنه‬ ‫‪:‬‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ـ‬ ‫ق‬ ‫منه‬ ‫د‬ ‫س‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫وغريه‪،‬‬ ‫م‬ ‫ز‬ ‫ح‬ ‫ن‬ ‫اب‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ا‪،‬‬ ‫ه‬ ‫د‬ ‫ح‬ ‫و‬ ‫وح‬ ‫لر‬ ‫ل‬ ‫رب‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫يف‬ ‫ال‬ ‫ؤ‬ ‫الس‬ ‫س‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َ م َ ُ َم ُ َ م َ َ‬ ‫َولَمي َ ُّ َ ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ م ُّ َ م َ َ َ َ َ َ م ُ َ م‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ َّ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اق أ مَه ِل السنة وا مجلماعة‪ ،‬تَـمنـعم النَّـ مفس وتـُع َّذب م مفرَدة ع ِن المب َد ِن ومت ِ‬ ‫س والمب َد ِن َِمجيعا بِاتِّـ َف ِ‬ ‫َّصلَة به‪.‬‬ ‫َوَك َذل َ‬ ‫ً‬ ‫ُ َ َ ُ ُ َ َ َ َُ‬ ‫اب الم َق مِرب يَ ُكو ُن للنَّـ مف ِ َ َ‬ ‫ك َع َذ ُ‬ ‫َ ََ َ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫اب نَالَه نَ ِ‬ ‫ات وُهو مستَ ِح ٌّق لِلم َع َذ ِ‬ ‫َو ماعلَ مم أ َّ‬ ‫ف يف‬ ‫صيبُه منه‪ ،‬قُِ َرب أ مَو َملم يـُ مقبَـ مر‪ ،‬أَ َكلَمته ِّ‬ ‫ادا َونُس َ‬ ‫ص َار َرَم ً‬ ‫السبَاعُ أَ ِو م‬ ‫احتَـَر َق حىت َ‬ ‫اب الم َق مِرب ُه َو َع َذ ُ‬ ‫َن َع َذ َ‬ ‫اب المبَـ مرَزِخ‪ ،‬فَ ُك ُّل َم من َم َ َ َ ُ م‬ ‫ا مهلو ِاء‪ ،‬أَو ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب ما ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ُل إىل ال َمم مقبُوِر‪.‬‬ ‫ب أ مَو غَ ِر َق يف المبَ مح ِر ‪َ -‬و َ‬ ‫ََ م ُ‬ ‫ص َل إىل ُروحه َوبَ َدنه م َن ال َمع َذ َ َ‬ ‫صل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّلمه َما ال‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫حي‬ ‫ّل‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫ري‬ ‫ص‬ ‫ق‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫غ‬ ‫ري‬ ‫غ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫اد‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫عليه‬ ‫اهلل‬ ‫صلى‬ ‫ول‬ ‫س‬ ‫الر‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ف‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ب‬ ‫ج‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫‬‫ك‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫و‬ ‫َن‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫ّل‬ ‫َض‬ ‫أ‬ ‫ّلف‬ ‫ت‬ ‫اخ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ّلس‬ ‫ج‬ ‫إ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ َ ُ م َ م ٍُُّ َ َ م‬ ‫م‬ ‫َم‬ ‫َوَما َوَرَد م من م‬ ‫َ َُ َّ ُ َ ُ‬ ‫َ م َ َ ََ ُ م ُ م َ َ َ َّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصو ِ‬ ‫اب ‪َ -‬ما ال يَـ معلَ ُمه إِال اهلل‪ .‬بَ مل‬ ‫َمحيتَ ِملُه‪َ ،‬وال يـُ َق َّ‬ ‫ص َل بِإِ ممهَ ِال ذَل َ‬ ‫ص َده م َن ا مهلَُدى َوالمبَـيَان‪ ،‬فَ َك مم َح َ‬ ‫ص ُر به َع من ُمَراد َما قَ َ‬ ‫ك َوالمعُ ُدول عنه م َن الضَّّلل َوالمعُ ُدول َع ِن َّ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ول‪ ،‬وال ِسيَّما إِ من أ ِ‬ ‫وع واأل ِ‬ ‫َت يف مِ‬ ‫ص ِد‪ .‬واهلل‬ ‫ض َّللَة نَ َشأ م‬ ‫ُض َ‬ ‫َص ُل ُك ِّل بِ مد َعة َو َ‬ ‫يف إليه ُسوءُ الم َق م‬ ‫اسإ مسّلِم‪َ ،‬وُه َو أ م‬ ‫ُسوءُ الم َف مه ِم َع ِن اهلل ورسوله أ م‬ ‫َص ُل ُك ِّل َخطَأ يف الم ُف ُر ِ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُص َ‬ ‫ال ُمم مستَـ َعا ُن‪.‬‬

‫[الدور ثالثة‪ :‬دار الدنيا ودار البرزخ ودار القرار‪]:‬‬ ‫ِ‬ ‫فَ م ِ‬ ‫ب َه َذا ا ِسإنم َسا َن ِم من بَ َد ٍن َونـَ مف ٍ‬ ‫الدنمـيَا‬ ‫َح َك َام ُّ‬ ‫ُّور ثَّلثَة‪َ :‬د ُار ُّ‬ ‫َح َك ًاما َختُ ُّ‬ ‫س‪َ ،‬و َج َع َل أ م‬ ‫الدنمـيَا‪َ ،‬وَد ُار المبَـ مرَزِخ‪َ ،‬وَد ُار الم َقَرا ِر‪َ .‬وقَ مد َج َع َل اهلل ل ُك ِّل َدا ٍر أ م‬ ‫احلَاص ُل أ ََّن الد َ‬ ‫ص َها‪َ ،‬وَرَّك َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اد وقِي ِام الن ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يم‬ ‫ص َار م‬ ‫اح تَـبَعا َهلَا‪َ ،‬و َج َع َل أ م‬ ‫َّاس م من قُـبُوِره مم ‪َ -‬‬ ‫َح َك َام المبَـ مرَزِخ على األَمرَو ِاح‪َ ،‬واألَبم َدا ُن تَـبَعا َهلَا‪ ،‬فَإِ َذا َجاءَ يَـ موُم َح مش ِر األَ مج َس َ َ‬ ‫على األَبم َدان‪َ ،‬واألَمرَو ُ‬ ‫مم َوالنَّع ُ‬ ‫احلُك ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ضة ِم من ِريَ ِ‬ ‫اجلَنَّة أ مَو ُح مفَرة ِم من ُح َف ِر النَّا ِر ‪ُ -‬مطَابِ ٌق لِلم َع مق ِل‪،‬‬ ‫اض م‬ ‫ت َه َذا املعىن َح َّق التَّأ َُّم ِل‪ ،‬هَ َهَر لَ َ‬ ‫ك أ ََّن َك مو َن الم َق مِرب َرمو َ‬ ‫اب على األ مَرَو ِاح َواألَ مج َساد َمج ًيعا‪ .‬فَإِذَا تَأ ََّملم َ‬ ‫َوال َمع َذ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك يَـتَميَّـ ُز المم مؤمنُو َن بِالمغَمي ِ‬ ‫ب م من َغ مِريه مم‪.‬‬ ‫وأنه َح ٌّق ال م مريَة فيه‪َ ،‬وبِ َذل َ َ ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫يم‪ ،‬لَمي َست ِم من ِجنم ِ‬ ‫احلِ َج َارة اليت فَـ موقَه َوَمحتتَه حىت ت ُكو َن‬ ‫س نَا ِر ُّ‬ ‫اب َو م‬ ‫الدنمـيَا َوال نَعيم َها‪َ ،‬وإِ من َكا َن اهلل تعاىل ُمحيمي عليه التـَُّر َ‬ ‫ب أَ من يـُ معلَ َم أ ََّن الن َ‬ ‫َوَجي ُ‬ ‫َّار اليت يف الم َق مرب َوالنَّع َ‬ ‫بص ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الر ُجلَ م ِ‬ ‫احبِه‪َ ،‬وَه َذا يف ُح مفَرة ِم َن النَّا ِر‪َ ،‬وَه َذا يف‬ ‫الدنمـَيا‪َ ،‬ولَ مو َم َّس َها أ مَه ُل ُّ‬ ‫أ مَعظَ َم َحرا ِم من مجَم ِر ُّ‬ ‫ب ِم من َه َذا أ ََّن َّ‬ ‫َح ُد ُمهَا إىل َجمن ِ َ‬ ‫ني يُ مدفَ ُن أ َ‬ ‫الدنمـيَا َملم ُحي ُّسوا هبَا‪ .‬بَ مل أ مَع َج ُ‬ ‫ِ‬ ‫صل ِمن ه َذا إىل جا ِره َشيء ِمن حِّر نَا ِره‪ ،‬وال ِمن ه َذا إىل جا ِره َشيء ِمن نَعِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضة ِم من ِريَ ِ‬ ‫وس‬ ‫ب‪َ ،‬ولَ ِك َّن النـ ُ‬ ‫يمه‪َ .‬وقُ مد َرة اهلل أ مَو َس ُع ِم من ذَل َ‬ ‫َرمو َ‬ ‫َ م َ‬ ‫اض ا مجلَنَّة‪ ،‬ال يَ ُ م َ‬ ‫مٌ م‬ ‫َ‬ ‫مٌ م َ‬ ‫َ‬ ‫ك َوأ مَع َج ُ‬ ‫ُّف َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يب مبَا َملم ُحت مط به علمما‪ .‬وقَ مد أ ََرانَا اهلل يف هذه الدَّا ِر م من َع َجائ ِ‬ ‫ُمولَ َعة بِالتَّكمذ ِ‬ ‫ض عبَاده أَطملَ َعه‬ ‫ب قُ مد َرته َما ُه َو أَبمـَل ُغ م من َه َذا بِ َكث ٍري‪َ .‬وإِ َذا َشاءَ اهلل أَ من يُطمل َع على َذل َ‬ ‫ك بَـ مع َ‬ ‫ً َ‬ ‫ِ‬ ‫ك المعِباد ُكلَّهم لَزالَ م ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫يف و مِ ِ ِ ِ‬ ‫يح عنه صلى اهلل عليه َو َسلَّ َم‪« :‬لَ موال‬ ‫الص ِح ِ‬ ‫َّاس‪َ ،‬ك َما يف َّ‬ ‫َوغَيَّبَه َع من غريه‪َ ،‬ولَ مو أَطملَ َع اهلل على ذَل َ َ َ ُ م َ‬ ‫ممة التَّكمل َ‬ ‫ت حك َ‬ ‫اسإميَان بالمغَميب‪َ ،‬ولَ َما تَ َدافَ َن الن ُ‬ ‫ِ‬ ‫ت اهلل أَ من يس ِم َع ُكم ِمن َع َذ ِ‬ ‫ممة ُممنتَ ِفيَة يف َح ِّق المبَـ َهائِ ِم َِمس َعمته َوأ مَد َركمته‪( .‬شرح العقيدة‬ ‫اب الم َق مِرب َما أ م‬ ‫َمسَ ُع» (صحيح مسلم)‪َ .‬ولَ َّما َكانَ م‬ ‫أَ من ال تَ َدافَـنُوا لَ َد َع مو ُ‬ ‫ُم م م‬ ‫ت هذه ا محلك َ‬ ‫العز احلنفي)‬ ‫الطحاوية للعّلمة ابن ا‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪011‬‬

‫((وسؤال منكر ونكير)) ومها ملكان يدخّلن القرب (عقب الدفن) فيسئّلن العبد عن ربه وعن دينه وعن نبيه‪ ،‬قال‬ ‫السيد أبو شجاع (هو أحد أعاهم علماء احلنفية)‪ :‬إن للصبيان سؤاالً (قال القرطىب يُكمل هلم العقل ويـُلم َه ُم مو َن اجلواب) وكذا ل نبياء عند البعض‬ ‫االصح انه ال سوال ل نبياء)‪.‬‬ ‫(و ا‬ ‫[سؤال منكر ونكير‪]:‬‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬ ‫ولِلن ِ‬ ‫ف‪َ ،‬وُه َو قَـ مو ُل َمجَاعَة‪ِ ،‬ممنـ ُه مم أَبُو عُ َمَر بم ُن َعمب ِد‬ ‫ث الت َـ‬ ‫َّاس يف ُس َؤ ِال ُمنم َك ٍر َونَكِ ٍري‪َ :‬ه مل ُه َو َخ ٌّ‬ ‫اص ِهبَ ِذه األ َُّمة أ مَم ال ‪ :-‬ثَّلثَة أَقمـ َو ٍال‪ :‬الثَّالِ ُ‬ ‫َّوقُّ ُ‬ ‫يث َزي ِد ب ِن ثَابِ ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ال‪« :‬إِ َّن هذه األ َُّمة تُـمبتَـلَى يف قُـبُوِرَها» ‪ِ -‬ممنـ ُه مم َم من يَـ مرِويه"تُ مسأ َُل"‪ ،‬وعلى َه َذا اللَّ مف ِظ‬ ‫ت َع ِن النيب صلى اهلل عليه َو َسلَّ َم‪ ،‬أنه قَ َ‬ ‫المبَـِّر‪ ،‬فَـ َق َ‬ ‫ال‪ :‬ويف َحد م م‬ ‫اص‪ ،‬واهلل أَعلَم ‪ ،‬وَك َذلِك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك‪ ،‬وه َذا أَمر ال يـ مقطَع به‪ ،‬ويظمهر ع َدم ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫ضا‪( .‬شرح العقيدة‬ ‫ُمحيتَ َم ُل أَ من تَ ُكو َن هذه األ َُّمة قَ مد ُخ َّ‬ ‫ف يف ُس َؤ ِال األَطم َف ِال أَيم ً‬ ‫صم‬ ‫اختُل َ‬ ‫مُ َ َ م‬ ‫ت بِ َذل َ َ َ م ٌ ُ ُ َ َ َ ُ َ ُ م‬ ‫االخت َ‬ ‫العز احلنفي)‬ ‫الطحاوية للعّلمة ابن ا‬

‫((ثابت)) كل من هذه األمور ((بالدالئل السمعية (أي املسموعة من الشارع وهى اآليات واألحاديث))) ألهنا أمور ممكنة‬ ‫مستحيلة) أخرب هبا الصادق (وهو النىب صلى اهلل عليه وسالم) على ما نطقت به النصوص (من اآليات واالحاديث)‪.‬‬ ‫(الدالئل النقلية على اثبات عذاب القرب)‬ ‫‪‬‬

‫قال اهلل تعاىل‪ ﴿ :‬النار يعرضون عليها (أي على النار) غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد‬

‫العذاب﴾‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(غري‬

‫‪39‬‬

‫وقال اهلل تعاىل (ىف قوم نوح عليه السّلم)‪ ﴿ :‬أغرقوا (بالطوفان) فأدخلوا‬

‫ناراً (والفاء للتعقيب بّل تراخ)﴾‬

‫وقال النيب صلى اهلل عليه وسلم‪’’ :‬استنـزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه‘‘‬

‫‪37‬‬

‫‪33‬‬

‫وقال عليه السّلم‪’’ :‬قوله تعالى‪ ﴿ :‬يثبت اهلل الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي اآلخرة ﴾‬

‫‪31‬‬

‫نـزلت (هذه اآلية) في عذاب القبر‪ ،‬إذا قيل له (أي للميت)‪ :‬من ربك وما دينك ومن نبيك ؟ فيقول‪ :‬ربي اهلل وديني‬

‫اإلسالم ونبيي محمد عليه السالم‘‘‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪31‬‬

‫ت أتاه ملكان أسودان أزرقان عيناهما‪ ،‬يقال ألحدهما‪ :‬منكر‪،‬‬ ‫وقال النيب عليه الصّلة والسّلم‪’’ :‬إذا قُبِ َر المي ُ‬ ‫واآلخر‪ :‬نكير‪ 37‘‘...‬إىل آخر احلديث‬ ‫‪32‬‬ ‫وقال النيب عليه الصّلة والسّلم‪’’ :‬القبر روضة من رياض الجنة أو ُح ْف َرةٍ من ُح َف ِر النيران‘‘‬

‫‪39‬‬

‫غافر‪ :‬اآلية (‪.)47‬‬ ‫نوح‪ :‬اآلية (‪.)71‬‬

‫‪33‬‬

‫وصححه من حديث ابن عباس والدارقطىن من حديث‬ ‫قال السيوطي‪ :‬حديث ‪ (( :‬استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القرب منه )) أخرجه احلاكم ا‬

‫‪31‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬أ ن قوله تعاىل يثبت اهلل الذين آمنوا‪...‬اآلية نزلت قي عذاب القرب ))‪.‬احلديث أخرجه الشيخان من حديث الرباء بن‬

‫‪37‬‬

‫وحسنه من حديث أبو هريرة‪.‬‬ ‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬إذا قرب امليت أتاه ملكان أسودان )) احلديث أخرجه الرتمذى ا‬

‫‪37‬‬

‫أنس بلفظ (( تنزهوا ))‪.‬‬ ‫‪34‬‬ ‫سورة إبراهيم‪ :‬اآلية (‪.)72‬‬

‫عازب‪ ،‬وأخرجه أمحد والبزار والبيهقي ىف عذاب القرب بسند صحيح من حديث أيب سعيد اخلدري ‪ .‬وأخرجه ابن أيب شيبة وابن حبان واحلاكم يف صحيحيهما من‬ ‫حديث أيب هريرة‪.‬‬ ‫‪32‬‬

‫‪011‬‬

‫وحسنه من حديث أيب سعيد اخلدري‪.‬‬ ‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬القرب روضة من رياض اجلنة أو حفرة من حفر النار )) أخرجه الرتمذي ا‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫وباجلملة (أي خّلصة الكّلم) األحاديث الواردة يف هذا املعىن (أي ىف حال القرب) ويف كثري من أحوال اآلخرة‬ ‫والصراط واحلوض والشفاعة) متواترة املعىن وإن مل يبلغ آحادها حد التواتر‪.‬‬ ‫عذاب القرب واستدالهلم عليه)‬ ‫(إنكار املعتزلة والروافض َ‬ ‫وأنكر عذاب القرب بعض املعتزلة والروافض‪ ،‬ألن امليت مجاد ال حياة له وال إدراك‪ ،‬فتعذيبه حمال‪.‬‬ ‫(اجلواب الستدالل املعتزلة والروافض)‬ ‫واجلواب (عن استدالل املذكور)‪ :‬أنه جيوز (أي ميكن) أن خيلق اهلل تعاىل يف مجيع األجزاء (من بدن امليت) أو يف بعضها (األجزاء)‬ ‫نوعاً من احلياة قدر ما يدرك أمل العذاب أو لذة التنعيم‪ ،‬وهذا (أي إدراك األمل واللذة) ال يستلزم إعادة الروح إىل بدنه وال (يستلزم)‬ ‫أن يتحرك ويضطرب أو يرى أثر العذاب عليه‪ ،‬حىت أن الغريق يف املاء أو املأكول يف بطون احليوانات أو املصلوب يف اهلواء‬ ‫يعذب وإن مل نطلع عليه (أي على عذابه)‪.‬‬ ‫ومن تأمل (تَ َدبـََّر) يف عجائب ملكه تعاىل وملكوته وغرائب قدرته وجربوته مل يستبعد (أي مل ير بعيداً) أمثال ذلك‪ ،‬فضّلً‬ ‫عن االستحالة‪.‬‬ ‫(كالبعث واحلساب‬

‫فائدة مهمة‬

‫أحوال القرب غائبة عن حو ِ‬ ‫ألهنا ثابتة بالنصوص القاطعة‪ ،‬وكثري من األشياء غائبة عن حواسنا ولكناا قائلني‬ ‫اسنَا وهذا ال يستلزم استحاهلا ا‬ ‫َ‬

‫ّ‬ ‫بوجودها‪ ،‬مثّلً النائم هو تارةً يبكى ىف نومه‪ ،‬وخياف‪ ،‬ويصيح‪ ،‬ويرتعد‪ ،‬وال يشعرون احلاضرون ىف جنبه بذلك‪ ،‬وأيضاً ال تُرى آثارها على النائم‬ ‫وعلمه أمتا وأحكم‪.‬‬ ‫ولكناه يشعرها كلاها فهكذا عذاب القرب وتنعيمه‪ ،‬واهلل تعاىل أعلم ُ‬

‫تسمى أحوال الربزخ)‪ ،‬أفرد بالذكر‬ ‫واعلم أنه ملا كان أحوال القرب مما هو متوسط بني أمر الدنيا واآلخرة (ولذا ا‬ ‫أحوال القرب بالذكر) مث اشتغل ببيان ح اقياة احلشر‪ ،‬وتفاصيل ما يتعلق بأمور اآلخرة‪ .‬ودليل الكل أهنا (حقيقة احلشر) أمور ممكنة أخرب‬ ‫هبا الصادق (صلى اهلل عليه وسلام) ونطق هبا الكتاب والسنة (القرآن واحلديث)‪ ،‬فتكون ثابتة‪ ،‬وصرح (املصناف) حب اقياة كل منها (على حدته‬

‫(أي أفرد املصناف‬

‫حيث قال‪’’ :‬والبعث حق‪ ،‬والوزن حق‪ ،‬والكتاب حق‪‘‘...‬إىل آخره‪ ،‬مع أناه كان يكفيه أن يقول ’’البحث والوزن والكتاب والسوال واحلوض والصراط واجلناة والناار‬

‫حق‘‘) حتقيقاً وتوكيداً واعتناءً بشأنه‪.‬‬ ‫ٌّ‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪015‬‬

‫[ البحث فى البعث ]‬ ‫فقال (املصناف) ((والبعث)) وهو أن يبعث اهلل تعاىل املوتى من القبور بأن جيمع أجزاءهم األصلية ويعيد األرواح إليها‬

‫((حق)) لقوله تعاىل‪ ﴿ :‬ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ﴾‪ ،39‬وقوله تعاىل‪ ﴿ :‬قل يحييها الذي أنشأها أول مرة ﴾‪ 39‬إىل‬ ‫غري ذلك من النصوص القاطعة الناطقة حبشر األجساد‪.‬‬ ‫البعث وجوابنا هلم)‬ ‫(إنكار الفّلسفة َ‬ ‫وأنكره (البعث) الفّلسفة بناء على امتناع إعادة املعدوم بعينه (أي قالوا ال ميكن إعادة املعدوم بعينه)‪ ،‬وهو (أي قول الفّلسفة) مع‬ ‫أنه ال دليل هلم عليه يعتد به غري مضر باملقصود‪ ،‬ألن مرادنا (بالبعث) أن اهلل تعاىل جيمع األجزاء األصلية لإلنسان (بعد ما‬ ‫تفرقت) ويعيد روحه إليه‪ ،‬سواء مسي ذلك إعادة املعدوم بعينه أو مل يسم‪.‬‬ ‫ا‬ ‫وهبذا (أي مبا ذكرنا من أن البعث هو مجع األجزاء األصلية) سقط ما قالوا (أي الفّلسفة)‪ :‬إنه لو أكل إنسان إنساناً حبيث صار‬ ‫جزءاً منه (أي صار املأكول جزءًا من اآلكل)‪ ،‬فتلك األجزاء إما أن تعاد فيهما (أي ىف اآلكل واملأكول معاً) وهو حمال‪ ،‬أو يف أحدمها فّل‬ ‫يكون اآلخر معاداً جبميع أجزائه (انتهى قول الفّلسفة)‪ ،‬وذلك (أي سقوط ما قالوا) ألن املعاد إمنا هو األجزاء األصلية الباقية من أول‬ ‫العمر إىل آخره (ال مجيع األجزاء على عمومها)‪ ،‬واألجزاء املأكولة فضلة (أي زائدة) من اآلكل ال أصلية‪.‬‬ ‫اعتراض فإن قيل‪ :‬هذا (القول بالبعث) قول بالتناسخ (هو انتقال الروح من جسم إىل آخر وقد اتافق الفّلسفة وأهل السناة على بطّلنه)‪ ،‬ألن‬ ‫البدن الثاين (أي األُ مخَرِوى) ليس هو األول (أي ُالدنمـيَ ِوي)‪ ،‬ملا ورد يف احلديث من ’’أن أهل الجنة جرد‬

‫(من ال شعر على بدنه إال شعراً‬

‫لزينته) مرد (من ال حلية له)‪ ،‬وأن الجهنمي ضرسه مثل جبل أحد‘‘‪ ،10‬ومن ههنا (أي من أجل أن البدن األخروى غري البدن الدنيوى) قال‬ ‫من قال‪ :‬ما من مذهب إال وللتناسخ فيه قدم راسخ (قيل القائل هو العارف جّلل الدين الرومى رمحه اهلل تعلى وحاشاه أن يَرضى بالتناسخ ولكناه‬ ‫قال ذلك اعرتاضاً على من يبحث عن هذه الدقائق وال يَكِ ُل حقيقة األمر إىل اهلل تعاىل)‪.‬‬ ‫جواب قلنا‪ :‬إمنا يلزم التناسخ لو مل يكن البدن الثاين خملوقاً من األجزاء األصلية للبدن األول‪ ،‬وإن مسي مثل ذلك (أي خلق‬ ‫البدن الثاىن من األجزاء األصلية للبدن األول وإعادة الروح فيه) تناسخاً كان نـزاعاً يف جمرد االسم‪ ،‬و(احلال) ال دليل على استحالة إعادة الروح‬ ‫إىل مثل هذا البدن‪ ،‬بل األدلة قائمة على حقيته سواء مسي تناسخاً أم ال‪.‬‬

‫‪18‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪11‬‬

‫املؤمنون‪ :‬اآلية (‪.)97‬‬ ‫يس‪ :‬اآلية (‪.)29‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬إن أهل اجلناة جرد مرد )) أخرجه أمحد والطرباين ىف األوسط من حديث أىب هريرة بسند حسن‪ .‬وأخرجه أمحد والرتمذي‬

‫وحسنه من حديث معاذ بن جبل‪ .‬وحديث ‪ (( :‬إن اجلهنمي ضرسه مثل أحد ))‪ .‬أخرجه مسلم من حديث أيب هريرة ‪.‬‬ ‫ا‬

‫‪016‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫[ البحث فى الوزن ]‬ ‫((والوزن حق)) لقوله تعاىل‪ ﴿ :‬والوزن يومئذ (أي يوم القيمة) الحق ﴾‪.49‬‬ ‫وامليزان عبارة عما يعرف به كيفية مقادير األعمال‪ ،‬والعقل قاصر عن إدراك كيفيته‪.‬‬ ‫وأنكره (الوزن) املعتزلة‪ ،‬ألن األعمال أعراض‪ ،‬وإن أمكن إعادهتا (أي أعراض) مل ميكن وزهنا‪ ،‬وألهنا (أي األعمال) معلومة‬ ‫هلل تعاىل فوزهنا عبث‪.‬‬ ‫واجلواب‪ :‬أنه قد ورد يف احلديث أن كتب األعمال هي اليت توزن‪ ،47‬فّل إشكال‪.‬‬ ‫اب قول املعتزلة ’’فوزهنا عبث‘‘) لعل يف الوزن حكمة ال‬ ‫وعلى تقدير تسليم كون أفعال اهلل تعاىل معللة باألغراض (هذا جو ُ‬ ‫نطلع عليها‪ ،‬وعدم اطّلعنا على احلكمة ال يوجب العبث‪.‬‬

‫‪49‬‬ ‫‪47‬‬

‫األعراف‪ :‬اآلية (‪.)9‬‬

‫وحسنه‬ ‫قال السيوطي‪ :‬قوله ”ورد يف احلديث أن كتب األعمال هي اليت توزن‪ “...‬احلديث الوارد يف ذلك هو حديث البطاقة أخرجه أمحد‪ ،‬والرتمذي ا‬

‫صححه من حديث ابن عمر‪.‬‬ ‫ابن ماجة واحلاكم و ا‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪017‬‬

‫[ البحث فى الكتاب ]‬ ‫((والكتاب‬

‫(أي قراءة‬

‫الكتاب))) املثبت‬

‫(املكتوب)‬

‫فيه طاعات العباد ومعاصيهم يؤتى للمؤمنني بأمياهنم وللكفار‬

‫بشمائلهم ووراء ههورهم‪(( ،‬حق)) لقوله تعاىل‪ ﴿ :‬ونخرج له (أي لإلنسان) يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً ﴾‪ ،43‬وقوله‬

‫تعاىل‪ ﴿ :‬فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حساباً يسيراً ﴾‪.44‬‬ ‫وسكت املصنف عن ذكر احلساب اكتفاء بالكتاب (أل ان قراءة الكتاب من مجلة احلساب أو من مق ادماته)‪ ،‬وأنكره (الكتاب)‬ ‫املعتزلة زعماً منهم أنه عبث‪ ،‬واجلواب ما مر (من أن أفعال اهلل تعاىل ليست معلالة باألغراض فَـ َعلَى تقدير تسليم كون هذه األفعال معلالة باالغراض لَ َع َّل‬ ‫ىف احلساب حكمة ال نطالع عليها وعدم اطّلعنا ال يوجب البعث)‪.‬‬

‫‪43‬‬ ‫‪44‬‬

‫‪018‬‬

‫اسإسراء‪ :‬اآلية (‪.)93‬‬ ‫االنشقاق‪ :‬اآلية (‪ 2‬و ‪.)9‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫[ البحث فى السوال ]‬ ‫((والسؤال حق))‬

‫‪17‬‬

‫(لقوله تعاىل‪ ﴿ :‬لنسألنهم أمجعني ﴾ ‪ .‬مل أجد هذه اآلية دليّل للسوال يف أكثر النسخ‪ ،‬فكتبتُها بني القوسني األزرقني)‬

‫يقر ُب) المؤمن فيضع عليه كنفه (احلساب النوراىن) ويستره (عن اخلّلئق كيّل خيلج)‪ ،‬فيقول‪:‬‬ ‫لقوله عليه السّلم‪’’ :‬إن اهلل يدني ( ا‬ ‫أتعرف ذنب كذا أتعرف ذنب كذا‪ ،‬فيقول‪ :‬نعم أي رب‪ ،‬حتى إذا قرره بذنوبه‬

‫(أي يذكره اهللُ تعاىل ذنوبَه حىت جعله ُم ِقرا بذنوبه)‬

‫ورأي في نفسه أنه قد هلك قال (اهللُ تعاىل)‪ :‬سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم‪ ،‬فيعطى كتاب حسناته‪ ،‬وأما‬ ‫الكفار والمنافقون فينادى بهم على رؤوس الخالئق‪﴿ :‬هؤالء الذين كذبوا على ربهم أال لعنة اهلل على‬

‫الظالمين﴾‪‘‘.47‬‬

‫‪42‬‬

‫‪15‬‬

‫احلجر‪ :‬اآلية (‪.)97‬‬ ‫اهلود‪ :‬اآلية (‪.)99‬‬

‫‪17‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث ‪ (( :‬إن اهلل يدين املؤمنني‪ ))...‬احلديث أخرجه الشيخان من حديث ابن عمر‪.‬‬

‫‪16‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪019‬‬

‫[ البحث فى الحوض ]‬ ‫((والحوض حق)) لقوله تعاىل‪ ﴿ :‬إنا أعطيناك الكوثر ﴾‪ ،49‬ولقوله عليه السّلم‪’’ :‬حوضي مسيرة شهر وزواياه‬

‫سواء‪ ،‬وماؤه أبيض من اللبن وريحه أطيب من المسك وكيزانه أكثر من نجوم السماء‪ ،‬من يشرب منها فال يظمأ‬

‫أبداً‘‘‪ ،49‬واألحاديث فيه كثرية (بل َصَّر َح القاضى عياض بتواترها)‪.‬‬

‫‪18‬‬

‫الكوثر‪ :‬اآلية (‪.)9‬‬

‫‪19‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬حوضي مسرية شهر‪ ))...‬احلديث أخرجه هبذا اللفظ الشيخان من حديث ابن عمرو‪.‬‬

‫‪001‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫[ البحث فى الصراط ]‬ ‫((والصراط حق)) وهو جسر ممدود على منت جهنم (أي على ههره) أدق من الشعر وأحد من السيف‪ ،‬يعربه أهل‬ ‫اجلنة ويزل به أقدام أهل النار‪.‬‬ ‫وأنكره (الصراط) أكثر املعتزلة‪ ،‬ألنه ال ميكن العبور عليه (لدقاته)‪ ،‬وإن أمكن فهو تعذيب للمؤمنني (أل ان العبور عليه مش اقة‬ ‫شديدة)‪.‬‬ ‫واجلواب‪ :‬أن اهلل تعاىل قادر على أن ُمي ِّكن (من التمكني أي جيعلهم قادراً) من العبور عليه ويسهله على املؤمنني‪ ،‬حىت أن‬ ‫منهم من جيوزه (أي امير عليه) كالربق اخلاطف ومنهم كالريح اهلابة (أي السريعة) ومنهم كاجلواد امل مس ِرع (أي الفرس السريع) إىل غري ذلك‬ ‫مما ورد يف احلديث‪.11‬‬

‫‪51‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬الصراط‪ ))...‬أخرجه الشيخان وغريمها‪.‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪000‬‬

‫[ البحث فى الجنّة والّنار ]‬ ‫((والجنة حق والنار حق)) ألن اآليات واألحاديث الواردة يف شأهنما أشهر من أن ختفى وأكثر من أن حتصى‪.‬‬ ‫ومتسك املنكرون (هم الفّلسفة) بأن اجلنة موصوفة بأن عرضها كعرض السماوات واألرض‪ ،‬وهذا (أي وجود اجلناة موصوفة)‬ ‫يف عامل العناصر حمال (أل ان عا َملَ العناصر أصغر منها) ويف عامل األفّلك إدخال عامل يف عامل أو عامل آخر خارج عنه (أي عن األفّلك)‬ ‫مستلزم جلواز اخلرق وااللتئام‪ ،‬وهو (أي خرق الفلك) باطل‪.‬‬ ‫قلنا‪ :‬هذا (أي بطّلن اخلرق) مبين على أصلكم الفاسد‪ ،‬وقد تكلمنا عليه يف موضعه (أي ىف إثبات اجلزء الذى ال يتجزى)‪.‬‬

‫((وهما)) أي اجلنة والنار ((مخلوقتان)) اآلن ((موجودتان)) تكرير وتأكيد (أي لف ُظ موجودتان تكرير وتأكيد لِلفظ خملوقتان)‪.‬‬ ‫وزعم أكثر املعتزلة أهنما (اجلناة والنار) إمنا ختلقان يوم اجلزاء‪.‬‬ ‫ولنا قصة آدم عليه السّلم وحواء وإسكاهنما اجلنة‪ ،‬واآليات الظاهرة يف إعدادمها مثل‪ ﴿ :‬أعدت‬

‫(اجلناةُ)‬

‫‪78‬‬ ‫النار) للكافرين ﴾‪ ،77‬إذ ال ضرورة يف العدول عن الظاهر (أي هاهر املعىن)‪.‬‬ ‫للمتقين ﴾ و﴿ أعدت ( ُ‬ ‫‪73‬‬ ‫ض مبثل قوله تعاىل‪ ﴿ :‬تلك الدار اآلخرة نجعلها للذين ال يريدون علواً في األرض وال فساداً ﴾‬ ‫اعتراض فإن ُع موِر َ‬

‫يدل على معىن املستقبل)‪.‬‬ ‫(ففى هذه اآلية ’’جنعلها‘‘ ا‬ ‫جواب قلنا‪ :‬حيتمل احلال واالستمرار (أي ال نسلام أن املضارع لّلستقبال فقط بل يُستعمل ىف احلال حقيقة وىف االستمرار جمازاً)‪ ،‬ولو سلم ( أي‬ ‫ولو ُسلِّ َم أن معارضتكم اتامة) فقصة آدم تبقى ساملة عن املعارض‪.‬‬ ‫هّلك أُ ُك ِل اجلنة (أي مأكوهلا من الثمار)‪ ،‬لقوله تعاىل‪ ﴿ :‬أكلها‬ ‫اعتراض قالوا (أي املعتزلة)‪ :‬لو كانتا موجودتني اآلن لَ َما جاز ُ‬

‫دائم ﴾‪ 71‬لكن الّلزم (أي عدم هّلكه) باطل لقوله تعاىل‪ ﴿ :‬كل شيء هالك إال وجهه ﴾‪ 77‬فكذا امللزوم‬ ‫باطل)‪.‬‬ ‫كل اجلنة بعينه (أل ان املأكول منه يهلك باألَ مك ِل فَـعُلِ َم أن اآلية مرتوكة الظاهر وأناه ليس املراد دوام‬ ‫جواب قلنا‪ :‬ال خفاء يف أنه ال ميكن دوام أُ ُ‬ ‫كل فرد من األُ ُك ِل) ‪ ،‬وإمنا املراد بالدوام بأنه إذا فين منه شيء جيء ببدله‪ ،‬وهذا (أي الدوام هبذا املعىن) ال ينايف اهلّلك حلظة (أي طرفة‬ ‫ا‬ ‫عني)‪ ،‬على أن اهلّلك ال يستلزم الفناء‪ ،‬بل يكفي اخلروج عن االنتفاع به‪ ،‬ولو ُسلِّ َم (أن اهلّلك يستلزم الفناء) فيجوز (أي ُميكِ ُن) أن‬ ‫يكون املراد (لقوله تعاىل ﴿ كل شيُ هالك إال وجهه ﴾ [القصص‪ )]99 :‬أن كل شيء ممكن فهو هالك يف حد ذاته‪ ،‬مبعىن أن الوجود‬ ‫اسإمكاين بالنظر إىل الوجود الواجيب مبنـزلة العدم‪.‬‬ ‫(أي وجود اجلناة والناار‬

‫((باقيتان ال تفنيان وال يفنى أهلهما)) أي دائمتان ال يطرأ (أي ال يعرض) عليهما عدم مستمر‪ ،‬لقوله تعاىل يف حق‬

‫الفريقني‪ ﴿ :‬خالدين فيها أبداً ﴾‪.17‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪51‬‬ ‫‪51‬‬ ‫‪51‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪56‬‬

‫‪001‬‬

‫آل عمران‪ :‬اآلية (‪.)933‬‬ ‫البقرة‪ :‬اآلية (‪ ،)74‬آل عمران‪ :‬اآلية (‪)939‬‬ ‫القصص‪ :‬اآلية (‪.)93‬‬ ‫الرعد‪ :‬اآلية (‪.)31‬‬ ‫القصص‪ :‬اآلية (‪.)99‬‬ ‫البيانة‪ :‬اآلية (‪ ،)9‬والنساء‪ :‬اآلية (‪ )12‬و (‪ )977‬و (‪ ،)979‬والطّلق‪ :‬اآلية (‪.)99‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫وأما ما قيل (القائل بعض أهل السناة) من أهنما (اجلناة والناار) هتلكان ولو حلظة حتقيقاً لقوله تعاىل‪ ﴿ :‬كل شيء هالك إال‬

‫وجهه ﴾‪ 77‬فّل ينايف البقاء هبذا املعىن (وهو عدم عروض العدم املستمر)‪ ،‬على أنك قد عرفت أنه ال داللة يف اآلية على الفناء‪.‬‬ ‫بضم اجليم وفتح اهلاء هم أصحاب جهم بن صفوان الرتمذى وهو من اجلربية اخلالصة القائلة بأن ال قدرة للعبد ال مؤثرة وال كاسبة‬ ‫وذهبت اجلهمية ( ا‬ ‫بل هو مبنزلة اجلمادات) إىل أهنما تفنيان ويفىن أهلهما‪ ،‬وهو قول باطل خمالف للكتاب والسنة واسإمجاع‪ ،‬ليس عليه شبهة فضّلً‬ ‫عن حجة‪.‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪001‬‬

‫[ البحث فى الكبائر والصغائر ]‬ ‫مهم‬ ‫تمهيد ّ‬

‫اعلم أ ان االختّلف قد ورد يف عدد الكبائر‪ ،‬فتارًة وقع االختصار على السبع يف رو ٍ‬ ‫اية‪ ،‬ويف الرواية األخري ثّلث‪ ،‬ويف األخري أربع‪،‬‬ ‫ومل يقصد اَنصار الكبائر يف ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫خمصوص بل أريد باختّلف العدد أ اهنا من أفحش الكبائر‪ ،‬ال سياما فيما كانت عليه اجلاهلية‪ ،‬ومل يذكر‬ ‫عدد‬ ‫ُ‬

‫يف بعضها ما ذكر يف األخري‪.‬‬ ‫وقد جاء عن ابن عباس رضي اهلل عنه اناه ُسئِ َل عن الكبائر‪ ،‬أسبع هي؟ فقال هي اىل سبعني‪ ،‬ويروي اىل سبعمائة اقرب‪ .‬قاله النووي يف شرح مسلم‪.‬‬ ‫وقد قال النووي يف شرح مسلم حول ح اد الكبرية ومتييزها من الصغرية‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ُستَاذ أَبُو إِ مس َحاق‬ ‫الصغِ َرية فَ َجاءَ َع من اِبمن َعبَّاس َر ِض َي اللَّه َعمنـ ُه َما‪ُ :‬ك ال َش ميء ُهنِ َي َعنمهُ فَـ ُه َو َكبِ َرية‪َ .‬وِهبَ َذا قَ َ‬ ‫يزها ِم من َّ‬ ‫(( َوقَ مد ا مختَـلَ َ‬ ‫ال األ م‬ ‫ف المعُلَ َماء ِيف َح اد الم َكبِ َرية َومتَميِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ا ِسإس َفرايِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫احتَ َّج الم َقائِلُو َن ِهبَ َذا بِأ َّ‬ ‫َن ُك ال خمَُالََفة‬ ‫ُصول َوالمف مقه‪َ ،‬و َغ مريه‪َ .‬و َح َكى الم َقاضي عيَاض َرمحَهُ اللَّه َه َذا ال َمم مذ َهب َع من ال ُمم َحقِّق َ‬ ‫ني‪َ .‬و م‬ ‫يين الم َفقيه الشَّافع اي ا ِسإ َمام ِيف ع ملم ماأل ُ‬ ‫م َ ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ضا عَ من ابمن‬ ‫السلَف َو م‬ ‫ب م‬ ‫ِّسبَة إ َىل َجّلل الله تَـ َع َ‬ ‫اجلَ َماهري م من َّ‬ ‫ي أَيم ً‬ ‫اخلَلَف م من َمجيع الط َوائف إ َىل انمق َسام ال َمم َعاصي إ َىل َ‬ ‫صغَائر َوَكبَائر‪َ ،‬وُه َو َم مرو ا‬ ‫فَ ِه َي بالن م‬ ‫اىل َكب َرية‪َ .‬وذَ َه َ‬ ‫ِ‬ ‫السنَّة و ِ‬ ‫عبَّاس ر ِضي اللَّه عمنـهما‪ .‬وقَ مد تَظَاهر علَى َذلِ َ ِ ِ ِ‬ ‫ايل ِيف ِكتَابه ’’ المبَ ِسيط ِيف‬ ‫فها‪ .‬قَ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ك َدالئل م من المكتَاب َو ُّ َ م‬ ‫است مع َمال َسلَف األ ََمة َو َخلَ َ‬ ‫َ َُ َ‬ ‫ال ا ِسإ َمام أَبُو َحامد المغََزِ ا‬ ‫َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يحة‬ ‫ال َمم مذ َهب ‘‘‪ :‬إنم َكار الم َف مرق بَـ مني َّ‬ ‫الصغ َرية َوالم َكب َرية ال يَليق بالمف مقه َوقَ مد فُه َما م من َم َدارك الش مَّرع َوَه َذا الذي قَالَهُ أَبُو َحامد قَالَ ُه غَ مريه‪َ .‬وال َش ا‬ ‫مم َخالََفة قَب َ‬ ‫ك يف َك مون ال ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِجدا بِالن ِ‬ ‫ضوء أ مَو‬ ‫الصلَ َوات م‬ ‫ك َما تُ َكفِّرهُ َّ‬ ‫ص موم َرَم َ‬ ‫اعتبَا ِر ذَل َ‬ ‫ضها أ مَعظَم م من بَـ معض‪َ .‬ويَـمنـ َقسم بِ م‬ ‫ضان‪ ،‬أ مَو ا محلَ اج‪ ،‬أ مَو المعُ ممَرة‪ ،‬أ مَو ال ُمو ُ‬ ‫اخلَ ممس أ مَو َ‬ ‫ِّسبَة إِ َىل َجّلل اللَّهذ َولَك َّن بَـ مع َ‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش‬ ‫اش َوراء ‪ ،‬أ مَو ف معل م‬ ‫ت يف َّ‬ ‫َحاديث َّ‬ ‫ص موم َع ُ‬ ‫يحة‪َ ،‬وإ َىل َما ال يُ َكفِّرهُ َذل َ‬ ‫ك ممَّا َجاءَ م‬ ‫احلَ َسنَة‪ ،‬أ مَو غَ مري ذَل َ‬ ‫ك َك َما ثـَبَ َ‬ ‫الصحيح‪َ ’’ ،‬ما َملم يَـ مغ َ‬ ‫ص موم عََرفَة ‪ ،‬أ مَو َ‬ ‫َ‬ ‫الصح َ‬ ‫ت به ماأل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يحة بِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّسبَة إِ َىل َجّلل اللَّه‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫ق‬ ‫ا‬ ‫هن‬ ‫و‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫ه‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫خي‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ا‪،‬‬ ‫ذ‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫يف‬ ‫ك‬ ‫ش‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ر‪.‬‬ ‫ائ‬ ‫ب‬ ‫ك‬ ‫ِّره‬ ‫ف‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ر‪،‬‬ ‫ائ‬ ‫غ‬ ‫ص‬ ‫ا‬ ‫وه‬ ‫َن‬ ‫و‬ ‫ّلة‬ ‫الص‬ ‫ِّره‬ ‫ف‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫َّر‬ ‫الش‬ ‫ى‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫ف‬ ‫ذ‬ ‫‘‘‬ ‫ة‬ ‫ري‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫َ م َ َ َ َ َ ُ ُ ََ َ َ ا‬ ‫م َ ُ ُ‬ ‫ُ م َ َ ُم ُ َ َ َ م َ م َ َ َ‬ ‫م‬ ‫َك َ‬ ‫اىلذ فَإِنـَّها صغِرية بِالن ِ‬ ‫قها لِ َك موِهنَا أَقَ ال قـُبم ًحا‪َ ،‬ولِ َك موِهنَا ُمتَـيَ ِّسَرة التَّ مك ِفري‪َ .‬واَللَّه أ مَعلَم ‪.‬‬ ‫تَـ َع َ‬ ‫ِّسبَة إِ َىل َما فَـ مو َ‬ ‫َ َ َ م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال‪ :‬الم َكبَائر ُك ال ذَنمب‬ ‫ي َع من ابمن َعبَّاس َرض َي اللَّه َعمنـ ُه َما أَنَّهُ قَ َ‬ ‫صغَائر َوَكبَائر فَـ َق مد ا مختَـلَ ُفوا ِيف َ‬ ‫َوإِذَا ثـَبَ َ‬ ‫ضمب َ‬ ‫ت انمق َسام ال َمم َعاصي إِ َىل َ‬ ‫طها ا مختّلفًا َكث ًريا ُممنتَشًرا جدا‪ ،‬فَـ ُرِو َ‬ ‫ال أَبُو َح ِامد‬ ‫آخ ُرو َن‪ِ :‬ه َي َما أ مَوعَ َد عَلَيم ِه بِنَا ٍر‪ ،‬أ مَو َح اد ِيف ُّ‬ ‫ضب‪ ،‬أ مَو لَ معنَة‪ ،‬أ مَو عَ َذاب‪َ ،‬وَمَنو َه َذا عَ من م‬ ‫الدنمـيَا‪َ .‬وقَ َ‬ ‫ي‪َ .‬وقَ َ‬ ‫َختَ َمهُ اللَّه تَـعَ َ‬ ‫اىل بِنَا ٍر‪ ،‬أ مَو غَ َ‬ ‫احلَ َسن الَمب م‬ ‫ال َ‬ ‫ص ِر ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضبط الم َكبِرية أ ََّن ُكل مع ِ‬ ‫ِ‬ ‫صيَة يـُ مق ِدم ال َمم مرء َعلَميـ َها ِم من غَ مري اِ مستِ مش َعار َخ موف َو َح َذا ِر نَ َدٍم َكال ُممتَـ َها ِو ِن بِ مارتِ َك ِاهبَا‬ ‫ا َم‬ ‫ي ِيف َ م‬ ‫ايل ِيف ( المبَسيط )‪َ :‬والضَّابط الشَّامل ال َمم معنَ ِو ا‬ ‫َ‬ ‫المغََزِ ا‬ ‫والممتَجِّرَ علَي ِه اِ معِتياداذ فَما أَ مشعر ِهب َذا ِ‬ ‫ك َع من تَـنَدٍُّم ميَمتَزِج بِِه‬ ‫َّه ُاون فَـ ُه َو َكبِ َرية‪َ ،‬وَما ُمحي َمل َعلَى فَـلَتَات النَّـ مفس أ مَو اللِّ َسان َوفَـمتـَرة ُمَراقَـبَة التَّـ مق َوى َوال يَـمنـ َف ا‬ ‫م‬ ‫االست مخ َفاف َوالتـ َ‬ ‫َ ُ َ َم ًَ َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُّ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص َّلح َرمحَهُ اللَّه ِيف ( فَـتَا ِويه الم َكبِ َرية ) ُك ال ذَنمب َكبُـَر َو َعظُم عظَ ًما‬ ‫س ُه َو ب َكبِ َرية َوقَ َ‬ ‫ال الشمَّيخ ا ِسإ َمام أَبُو َع ممرو بمن َّ‬ ‫تَـمنغيص التَّـلَذذ بال َمم معصيَة فَـ َه َذا ال ميَمنَع ال َمع َدالَة َولَمي َ‬ ‫صح معه أَ من يطملَق علَي ِه اِسم الم َكبِري‪ ،‬وو ِص ِ ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫احل اد‪ ،‬وِممنـ َها ا ِسإ َيعاد َعلَميـ َها بِال َمع َذ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب‬ ‫يما َعلَى ا ِسإطم َّلق‪ .‬قَ َ‬ ‫َُ َ‬ ‫يَ ا َ َ ُ ُ َ م م‬ ‫ال‪ :‬فَـ َه َذا َح اد الم َكب َرية‪ُ .‬مثَّ َهلَا أ ََم َارات ممنـ َها‪ :‬إجيَاب مَ َ‬ ‫ف ب َك مونه َعظ ً‬ ‫ِ‬ ‫مكتَاب أَو ُّ ِ‬ ‫بِالنَّا ِر وَمَنوها ِيف ال ِ‬ ‫ال الشمَّيخ مِ‬ ‫اسإ َمام أَبُو ُحمَ َّمد بمن‬ ‫اىل َم من غَ َّري َمنَار األ مَرض‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫لها بِال ِمف مس ِق نَصا‪َ ،‬وِممنـ َها اللَّ معن َكلَ مع ِن اللَّه ُسمب َحانه َوتَـ َع َ‬ ‫السنَّة‪َ ،‬وممنـ َها َو م‬ ‫َ َ‬ ‫صف فَاع َ‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫صوص َعلَميـ َهاذ فَإِ من‬ ‫ن‬ ‫مم‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ائ‬ ‫ب‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫اس‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫الذ‬ ‫ة‬ ‫د‬ ‫س‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫اع‬ ‫ف‬ ‫ة‬ ‫ري‬ ‫ب‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ة‬ ‫ري‬ ‫غ‬ ‫الص‬ ‫ني‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ق‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ة‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫د‬ ‫َر‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫(‬ ‫)‪:‬‬ ‫د‬ ‫اع‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫(‬ ‫ابه‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫يف‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫مح‬ ‫ر‬ ‫ّلم‬ ‫َعمبد َّ‬ ‫َ َ م َ م َ م َ م َ م َّ َ َ م َ َ َ م م َ م َ َ م ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫الس َ َ ُ‬ ‫م ََ َ م ُ‬ ‫مَ َ‬ ‫ت أ مَدىن م َف ِ‬ ‫اسد الم َكبائِر فَ ِهي ِمن َّ ِ‬ ‫ت عن أَقَل م َف ِ‬ ‫صلَّى‬ ‫ب ُسمب َحانه َوتَـ َع َ‬ ‫ت َعلَمي ِه فَ ِه َي ِم من الم َكبَائِر فَ َم من َشتَ َم َّ‬ ‫اسد الم َكبَائِر أ مَو َربَ م‬ ‫اىل‪ ،‬أ مَو َر ُسوله َ‬ ‫الر ا‬ ‫نَـ َق َ‬ ‫الصغَائر‪َ ،‬وإِ من َس َاو م َ َ‬ ‫َ م‬ ‫َ‬ ‫ص م َم ا َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫صِّرح الش مَّرع‬ ‫اللَّه َعَلمي ِه َو َسلَّ َم‪ ،‬أ مَو ا مستَـ َها َن بِ ُّ‬ ‫ب َواح ًدا ممنـ ُه مم‪ ،‬أ مَو َ‬ ‫مم م‬ ‫ص َحف ِيف الم َقاذُ َورات فَ ِه َي م من أَ مك َرب الم َكَبائر‪َ .‬وَملم يُ َ‬ ‫الر ُس ِل‪ ،‬أ مَو َك َّذ َ‬ ‫ض َّم َخ الم َك معبَة بال َمعذ َرةِ‪ ،‬أ مَو أَلم َقى ال ُ‬ ‫ِ‬ ‫بِأَنَّه َكبِرية‪ .‬وَك َذلِك لَو أَمسك اِمرأَة ُمحم ِ‬ ‫ك أ مَعظَم َع من َم مف َس َدة أَ مكل َمال الميَتِيم‪َ ،‬م َع َك مونه ِم من‬ ‫ك ُم مسلِ ًما لِ َم من يَـ مقتُلهُ‪ ،‬فَّل َش ا‬ ‫ك أ ََّن َم مف َس َدة ذَل َ‬ ‫صنَة ل َم من يَـ مزِين ِهبَا‪ ،‬أ مَو أ مَم َس َ‬ ‫ُ َ َ َ م م َ َ مَ َ‬ ‫ِ‬ ‫مصلُو َن بِ َداللَتِ ِه‪ ،‬ويسبو َن حرمهم وأَطم َفاهلم‪ ،‬ويـ مغنَمو َن أَمواهلم‪ ،‬فَإِ َّن نِسبتَه إِ َىل ه ِذهِ المم َف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك لَو َد َّل الم ُكفَّار علَى عورات الممسلِ ِمني مع عِ ملمه أَنـَّهم يستَأ ِ‬ ‫اسد‬ ‫َ َمَ ُ م َ َ َ‬ ‫م ََ ُ م َ م‬ ‫ُم َم‬ ‫الم َكبَائر‪َ .‬وَك َذل َ م‬ ‫مَ ُ َ َ‬ ‫َ َ م ُ َ ََ ُ م َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب َعلَمي ِه َك ِذبًا يـُ مؤ َخذ ِمنمهُ بِ َسبَبِ ِه متَمَرة‬ ‫أ مَعظَم ِم من تَـ َولِّ ِيه يَـ موم َّ‬ ‫الز محف بِغَ مِري عُ مذر َم َع َك مونه ِم من الم َكبَائِر‪َ .‬وَك َذل َ‬ ‫ب َعلَى إِنم َسان َكذبًا يَـ معلَم أَنَّهُ يـُ مقتَل بِ َسبَبِهذ أ ََّما إِ َذا َك َذ َ‬ ‫ك لَ مو َك َذ َ‬ ‫الزور‪ ،‬وأَ مكل مال الميتِيم ِمن الم َكبائِر‪ .‬فَِإ من وقَـعا ِيف مال خ ِطري فَـه َذا هَ ِ‬ ‫اهر‪َ ،‬وإِ من َوقَـ َعا ِيف َمال َح ِقري‪،‬‬ ‫س َك ِذبُهُ ِم من الم َكبَائِر‪ ،‬قَ َ‬ ‫ال ‪َ :‬وقَ مد نَ َّ‬ ‫ص الش مَّرع َعلَى أ ََّن َش َه َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ادة ُّ َ َ َ م َ‬ ‫فَـلَمي َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ضبط ذَلِ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫الس ِرقَة‪.‬‬ ‫اب َّ‬ ‫ك بِن َ‬ ‫فَـيَ ُجوز أَ من ُمجي َعّل م من الم َكَبائر فطَ ًاما َع من َهذه ال َمم َفاسد‪َ ،‬ك َما ُجعل ُش مرب قَطمَرة م من مخَمر م من الم َكبَائر‪َ ،‬وإِ من َملم تَـتَ َحقَّق ال َمم مف َس َدة‪َ .‬وَجيُوز أَ من يُ م َ‬ ‫ال‪ :‬وا محلكمم بِغَ ِري ا محلق َكبِريةذ فَإِ َّن َش ِ‬ ‫ِ‬ ‫اكم مب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّها ُك ال‬ ‫اشَرة أ مَوَىل قَ َ‬ ‫اهد ُّ‬ ‫اشر‪ ،‬فَإِ َذا ُجعِل َّ‬ ‫ممبَ َ‬ ‫ال‪َ :‬وقَ مد َ‬ ‫ضبَط بَـ معض المعُلَ َماء الم َكَبائر بِأَنـ َ‬ ‫الزور ُمتَ َسبِّب‪َ ،‬وا محلَ َُ‬ ‫قَ َ َ ُ‬ ‫السبَب َكب َرية فَال ُ‬ ‫م َا َ‬ ‫ال‪:‬‬ ‫ذَنمب قُِرن بِِه َوعِيد أ مَو َح اد أ مَو لَ مع ٌن فَـ َعلَى َه َذا ُك ال ذَنمب عُلِم أ ََّن َم مف َس َدته َك َم مف َس َدةِ َما قُِرن بِِه الم َو ِعيد أ مَو ا محلَ اد أ مَو اللَّ معن أ مَو أَ مكثَر ِم من َم مف َس َدته فَـ ُه َو َكبِ َرية‪ُ .‬مثَّ قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫صوص َعلَميـ َها َواَللَّه أ مَعَلم‪.‬‬ ‫َواأل مَوَىل أ ََّن تُ م‬ ‫ضبَط الم َكبِ َرية مبَا يُ مشعر بِتَـ َه ُاون ُم مرتَك َبها ِيف دينه إِ مش َعار أ م‬ ‫َصغَر الم َكبَائر ال َمممن ُ‬ ‫ال ا ِسإمام أَبو ا محلسن المو ِ‬ ‫ه َذا ِ‬ ‫آخر َكّلم الشمَّيخ أَِيب ُحمَ َّمد بمن َعمبد َّ ِ َّ‬ ‫الص ِحيح أ َّ‬ ‫َن َح اد الم َكبِ َرية غَ مري َم مع ُروف‪ ،‬بَ مل َوَرَد الش مَّرع‬ ‫ي ال ُمم َف ِّسر َوغَ مريه‪َّ :‬‬ ‫اح ِد ُّ‬ ‫َ‬ ‫الس َّلم َرمحَهُ الله‪ .‬قَ َ َ ُ َ َ َ‬ ‫احلِ‬ ‫اصي بِأَنـَّها َكبائِر‪ ،‬وأَنمـوا ٍع بِأَنـَّها صغَائِر‪ ،‬وأَنمـواع َمل تُوصف وِهي م مشتَ ِملَة علَى صغَائِر وَكبائِ‬ ‫ف أَنمـوا ٍع ِمن الممع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ممة ِيف َع َدم بَـيَاهنَا أَ من يَ ُكون ال َمعمبد ممُمتَنِ ًعا ِم من‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫ر‪،‬‬ ‫ص‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫بَِ م‬ ‫َ َ‬ ‫َ م ََ‬ ‫َ َ م َ َ َ ُ‬ ‫َ َ ََ َ َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫مجيعها خمََافَة أَ من ي ُكون ِمن الم َكبائِر‪ .‬قَالُوا‪ :‬وه َذا َشبِيه بِإِخ َف ِاء لَيـلَة الم َق مدر‪ ،‬وساعة يـوم ا مجلمعة‪ ،‬وساعة إِجابة الد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك ِممَّا‬ ‫اسم اللَّه ماأل مَعظَم‪َ ،‬وَمَنو ذَل َ‬ ‫َ َ َ َم ُُ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫ُّعاء م من اللَّميل‪َ ،‬و م‬ ‫م م‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫ُخ ِف َي‪َ .‬واَللَّه أ مَعلَم ‪.‬‬ ‫أم‬ ‫ِ‬ ‫الصغِرية َجيعلها َكبِرية ‪ .‬ورِوي عن عمر ‪ ،‬وابن عبَّاس وغَريمها ر ِضي اللَّه عمنـهم ‪ :‬ال َكبِرية مع اِستِغم َفا ٍر وال ِ‬ ‫صَرار‬ ‫قَ َ‬ ‫صغ َرية َم َع إِ م‬ ‫ال الْعُلَ َماء َرح َم ُه ْم اللَّه ‪َ :‬وا ِسإ م‬ ‫َ ََ م‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُم‬ ‫صَرار َعلَى َّ َ م َ َ َ َ ُ َ َ م ُ َ َ م َ َ م َ َ َ‬ ‫معنَاه أ ََّن الم َكبِرية متُمحى بِ ِ‬ ‫الصغِرية تَ ِ‬ ‫صري َكبِ َرية بِ مِ‬ ‫الصغِ َرية تَكَمر ًارا يُ مشعِر‬ ‫صَرا ِر ‪ .‬قَ َ‬ ‫صَرار ‪ُ :‬ه َو أَ من تَـتَ َكَّرر ِممن ُه َّ‬ ‫ال الشمَّيخ أَبُو ُحمَ َّمد بمن َعمبد َّ‬ ‫الس َّلم ِيف َح ِّد ا ِسإ م‬ ‫اسإ م‬ ‫م‬ ‫َم ُ‬ ‫َ َ‬ ‫االست مغ َفا ِر ‪َ ،‬و َّ َ‬ ‫ة‬ ‫النسفي‬ ‫العقائد‬ ‫شرح‬ ‫تيسري‬ ‫يف‬ ‫ة‬ ‫النفسي‬ ‫اح‬ ‫و‬ ‫األر‬ ‫هتذيب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال الشمَّيخ‬ ‫َصغَر الم َكَبائر ‪َ .‬وقَ َ‬ ‫‪َ001‬االته بدينه إ مش َعار ا مرت َكاب الم َكب َرية ب َذلك ‪ .‬قَ َ‬ ‫صغَائار خمُمتَل َفةُ ماألَنمـ َواع حبَمي ُ‬ ‫ك إذَا ا مجتَ َم َع م‬ ‫ال ‪َ :‬وَك َذل َ‬ ‫ث يُ مشعر جمَماُموعُ َها مبَا يُ مشعر به أ م‬ ‫ت َ‬ ‫بِقلَّة ُمبَ‬ ‫رمحه بِاهلل تعاىل‬ ‫التفتازاين‬ ‫للعّلمة سعد الدين‬ ‫ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ث يَ مد ُخل بِِه َذنمـبُهُ ِيف َحيِّز َما يُطملَق َعَلمي ِه‬ ‫أَبُو َع ممرو بمن َّ‬ ‫استِ َد َام ِة ال ِمف معل ِحبَمي ُ‬ ‫س ِم من أ م‬ ‫مم َع َاوَدة أ مَو م‬ ‫َض َداد التـ مَّوبَة بِ م‬ ‫اس ِم ال َمع مزم َعلَى ال ُ‬ ‫الص َّلح َرمحَهُ الله ‪ :‬ال ُممصُّر َم من تَـلََّب َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬

‫(بقية من الصفحة السابقة)‬ ‫مهم‬ ‫تمهيد‬ ‫ّ‬ ‫ال الْعلَماء رِ‬ ‫الصغِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي عَ من عُ َمر‪َ ،‬وابمن َعبَّاس َوغَ مريمهَا َر ِض َي اللَّه َعمنـ ُه مم‪ :‬ال َكبِ َرية َم َع‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ة‪.‬‬ ‫ري‬ ‫ب‬ ‫ك‬ ‫ا‬ ‫له‬ ‫ع‬ ‫جي‬ ‫ة‬ ‫ري‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ار‬ ‫ر‬ ‫ص‬ ‫سإ‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫‪:‬‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ ْ‬ ‫َ َ َ َ َُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اِستِ مغ َفا ٍر وال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صَرار‪ُ :‬ه َو أَ من‬ ‫سإ‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫ح‬ ‫يف‬ ‫م‬ ‫ّل‬ ‫الس‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫د‬ ‫م‬ ‫حم‬ ‫و‬ ‫َب‬ ‫أ‬ ‫خ‬ ‫َّي‬ ‫الش‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ص‬ ‫اسإ‬ ‫ب‬ ‫ة‬ ‫ري‬ ‫ب‬ ‫ك‬ ‫ري‬ ‫ص‬ ‫ت‬ ‫ة‬ ‫ري‬ ‫غ‬ ‫الص‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫ف‬ ‫غ‬ ‫ت‬ ‫االس‬ ‫ب‬ ‫ى‬ ‫ح‬ ‫مت‬ ‫ة‬ ‫ري‬ ‫ِّ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُم‬ ‫مَ َ‬ ‫م ُ َُ َّ م َم َّ‬ ‫م‬ ‫صغ َرية َم َع إِ م‬ ‫م‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫صَرار َم معنَاهُ أ ََّن الم َكبِ َ َ‬ ‫م مَ َ َ َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ث ي مشعِر جمَمموعها ِمبَا ي مشعِر بِهِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫الصغ َرية تَكَمر ًارا يُ مشعر بقلة ُمبَ َاالته بدينه إ مش َعار ا مرت َكاب الم َكب َرية ب َذلك‪ .‬قَ َ‬ ‫تَـتَ َكَّرر منمهُ َّ‬ ‫ك إذَا ا مجتَ َم َع م‬ ‫ال‪َ :‬وَك َذل َ‬ ‫ت َ‬ ‫ُ َُ ُ‬ ‫صغَائر خمُمتَل َفةُ ماألَنمـ َواع َحبمي ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َصغَر الم َكبَائِر‪َ .‬وقَ َ‬ ‫ال الشمَّيخ أَبُو َع ممرو بمن َّ‬ ‫است َد َامة المف معل حبَمي ُ‬ ‫س م من أ م‬ ‫أم‬ ‫ث يَ مد ُخل بِه ذَنمـبُهُ‬ ‫مم َع َاوَدة أ مَو بِ م‬ ‫َض َداد التـ مَّوبَة بِ م‬ ‫اس ِم ال َمع مزم َعلَى ال ُ‬ ‫الص َّلح َرمحَهُ اللَّه‪ :‬ال ُ‬ ‫ممصُّر َم من تَـلَبَّ َ‬ ‫ِيف حيِّز ما يطملَق علَي ِه الموصف بِصيـرورتِِه َكبِريا ع ِظيما‪ .‬ولَيس لِزم ِ ِ‬ ‫ضبم ِط الم َكبِ َرية‪)).‬‬ ‫صر َما يَـتَـ َعلَّق بِ َ‬ ‫ان ذَل َ‬ ‫ك َوعَ َدده َح م‬ ‫َ َ ُ َم َ م‬ ‫صٌر‪َ .‬واَللَّه أ مَعلَم‪َ ،‬ه َذا خمُمتَ َ‬ ‫َ م ُ َ ً َ ً َ م َ ََ‬

‫((والكبيرة)) قد اختلفت الروايات فيها (ىف الكبرية)‪ ،‬فروي عن ابن عمر رضي اهلل عنهما أهنا تسعة‪ (9) :‬الشرك باهلل‬ ‫)‪ (7‬وقتل النفس بغري حق )‪ (3‬وقذف احملصنة )‪ (4‬والزنا )‪ (1‬والفرار عن الزحف )‪ (7‬والسحر )‪ (2‬وأكل مال اليتيم )‪ (9‬وعقوق‬ ‫الوالدين املسلمني )‪ (9‬واسإحلاد يف احلرم‪ ،12‬وزاد أبو هريرة‪ :‬أكل الربا‪ ،19‬وزاد علي رضي اهلل عنه‪ :‬السرقة وشرب اخلمر‪.19‬‬ ‫وقيل‪ :‬كل ما كان مفسدته (فساده) مثل مفسدة شيء مما ذكر أو أكثر منه‪.‬‬ ‫كل ُم َص ِّوٍر ىف الناار‘‘ رواه البخارى ومسلم)‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬كل ما توعد عليه الشرع خبصوصه (فهو من الكبائر كقوله عليه الصلوة والسّلم ’’ ا‬ ‫العبد) عنها فهي صغرية‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬كل معصية أصر عليها العبد فهي كبرية‪ ،‬وكل ما استغفر ( ُ‬ ‫وقال صاحب الكفاية‪ :‬احلق أهنما (الكبرية والصغرية) امسان إضافيان ال يعرفان بذاتيهما‪ ،‬فكل معصية إذا أضيف إىل ما‬ ‫فوقها فهي صغرية‪ ،‬وإن أضيفت إىل ما دوهنا فهي كبرية‪ ،‬والكبرية املطلقة هي الكفر‪ ،‬إذ ال ذنب أكرب منه‪.‬‬ ‫وباجلملة املراد هاهنا أن الكبرية اليت هي غري الكفر ((ال تخرج العبد المؤمن من اإليمان))‪ ،‬لبقاء التصديق الذي‬ ‫هو حقيقة اسإميان‪ ،‬خّلفاً للمعتزلة حيث زعموا أن مرتكب الكبرية ليس مبؤمن وال كافر‪ ،‬وهذا هو املنـزلة بني املنـزلتني‪ ،‬بناء‬ ‫على أن األعمال عندهم جزء من حقيقة اسإميان‪.‬‬ ‫((وال تدخله)) أي العبد املؤمن ((في الكفر)) خّلفاً للخوارج‪ ،‬فإهنم ذهبوا إىل أن مرتكب الكبرية بل الصغرية‬ ‫أيضاً كافر‪ ،‬وأنه ال واسطة بني الكفر واسإميان‪.‬‬

‫‪57‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث ابن عمر الكبائر تسع احلديث أخرجه البخاري ىف األدب املفرد ‪ ،‬وابن جرير الطربي ىف تفسريه بسند حسن وهو موقوف وفيه‬

‫بدل الزنا وأكل الربا‪...‬وأخرجه ابن اجلعد ىف اجلعديات من حديثه مرفوعاً ‪.‬‬ ‫‪58‬‬ ‫يف احلديث الذي أخرجه البخاري برقم ‪ 7421‬ومسلم برقم ‪ 12/911‬و‪ /913‬عن أيب هريرة مرفوعا (( اجتنبوا السبع املوبقات‪ :‬الشرك باهلل‪ ،‬والسحر‪،‬‬ ‫حرم اهلل إال باحلق‪ ،‬واكل الربا‪ ))...‬احلديث‪.‬‬ ‫وقتل النفس اليت ا‬ ‫‪59‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬قوله ”وزاد علي رضي اهلل عنه‪ :‬السرقة وشرب اخلمر“ ال حيضرين اآلن عن علي وإمنا ورد ع ادمها من الكبائر مع الزنا من حديث عمران‬

‫بن حصني مرفوعا أخرجه البخاري ىف األدب املفرد بسند حسن‪.‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪005‬‬

‫مذهب أهل الحق‪ :‬أناه ال يك افر أح ٌد من أهل القبلة ٍ‬ ‫بذنب‪ ،‬وال يك افر أهل البدع واألهواء‪.‬‬

‫مهمة واعلم‪ :‬أن من جح َد ما يعلم من دين اسإسّلم ضرورةً‪ ،‬كوجوب الصّلة والازكاة والصوم وَنوها‪ ،‬حكِم بكفره إال أن يكون قريب ٍ‬ ‫فائدة ّ‬ ‫عهد‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫استحل ا الزنا‪ ،‬أو‪ :‬اخلمر‪ ،‬أو‪:‬‬ ‫[حكمم] من‬ ‫فيعرف ذلك‪ ،‬فإن‬ ‫استمر على جحده ُحك َم بكفره‪ ،‬وكذا ُ‬ ‫ا‬ ‫باسإسّلم‪ ،‬أو نشأ ببادية بعيدة وَنوه‪ ،‬مما خيفى عليه ذلك ا‬ ‫ا‬ ‫احملرمات اليت يُعلم حترميُها ضرورةً‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫القتل وَنوها من ا‬ ‫ِ‬ ‫نبياً بنقص اما‪ُ :‬حك َم بكفره باسإمجاع‪.‬‬ ‫ومن ينتقص ا‬ ‫قال أصحابُنا وغريهم‪ :‬الكفر ثّلثة أقسام‪:‬‬

‫أحدها‪ :‬باالعتقاد بأن يَعتقد شيئاً يكفر‪ ،‬أو ينكر بقلبه شيئاً مما ذكرناه‪.‬‬

‫والثاني‪ :‬باللافظ بأن يتكلام بكّلم الك افار‪ ،‬وال يقصد معناه‪ ،‬فهذا كفر‪.‬‬ ‫بالع ِذرة‪ ،‬والعياذ باهلل تعاىل‪.‬‬ ‫والثالث‪ :‬بالفعل‪ ،‬بأن يسجد لصن ٍم أو َنوه‪ ،‬أو يُلقي‬ ‫َ‬ ‫املصحف يف القاذورات‪ ،‬أو يضمخ الكعب َة َ‬ ‫فكل ٍ‬ ‫وحكمم فاعله ُحكمم سائر املرت ادين‪ ،‬عافانا اهلل تعاىل وسائر املسلمني [من ذلك]‪ ،‬وباهلل التاوفيق‪( .‬التلخيص‪ ،‬شرح‬ ‫كفر بّل خّلف‪ُ ،‬‬ ‫فعل من هذه وأشباهها ٌ‬ ‫ا‬ ‫اجلامع الصحيح للبخاري لإلمام النووي)‬ ‫شك‪ ،‬وكفر نفاق‪.‬‬ ‫ويف هامش األصل‪ :‬الكفر األكرب مخسة أنواع‪ :‬كفر تكذيب‪ ،‬وكفر استنكار وإباء مع التصديق‪ ،‬وكفر إعراض‪ ،‬وكفر ا‬

‫قليل يف الكفار‪ ،‬فإ ان اهلل تعاىل أياد رسله عليهم الصّلة والسّلم‪ ،‬وأعطاهم‬ ‫‪ -8‬ا‬ ‫السّلم‪ ،‬وهذا القسم ٌ‬ ‫فأما كفر التكذيب‪ :‬فهو اعتقاد كذب الرسل عليهم الصّلة و ا‬ ‫من الرباهني واآليات على صدقهم ما أقام به احلجة‪ ،‬وأزال به املعذرة‪ .‬قال تعاىل عن قوم فرعون ‪:‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ين ﴾ [النمل‪. ]94:‬وقال لرسوله صلى اهلل عليه وسلام‪ ﴿ :‬فَِإنَّـ ُه ْم ال‬ ‫س ُه ْم ظُل ًْما َوعُلًُّوا فَانْظُْر َكيْ َ‬ ‫﴿ َو َج َح ُدوا بِ َها َو ْ‬ ‫ف َكا َن عَاقبَةُ ال ُْم ْفسد َ‬ ‫استَـ ْيـ َقنَْتـ َها أَنْـ ُف ُ‬ ‫ك ولَكِ َّن الظَّالِ ِمين بِآَي ِ‬ ‫ات اللَّ ِه يَ ْج َح ُدو َن ﴾ [األنعام‪.]33 :‬‬ ‫َ َ‬ ‫يُ َكذبُونَ َ َ‬ ‫‪ -7‬و اأما كفر اسإباء واال ستكبار‪ :‬فنحو كفر إبليس‪ ،‬فإنه مل جيحد أمر اهلل وال قابله باسإنكار‪ ،‬وإمنا تلقاه باسإباء واالستكبار‪ ،‬ومن هذا كفر من عرف صدق الرسول‬ ‫صلى اهلل عليه وسلام وأنه جاء باحلق من عند اهلل تعاىل‪ ،‬ومل يَن ُقذ له إباءً واستكباراً‪ ،‬وهو الغالب على كفر أعداء الرسل‪ ،‬كما حكى اهلل تعاىل عن فرعون وقومه‪:‬‬ ‫﴿ أَنـُ ْؤِم ُن لِبَ َش َريْ ِن ِمثْلِنَا َوقَـ ْوُم ُه َما لَنَا َعابِ ُدو َن ﴾ [املؤمنون‪ .]42 :‬وقول األمم لرسلهم‪ ﴿ :‬إِ ْن أَنْـتُ ْم إِال بَ َش ٌر ِمثْـلُنَا ﴾ [إبراهيم‪ .]91 :‬وقوله‪َ ﴿ :‬ك َّذبَ ْ‬ ‫ت ثَ ُمودُ‬ ‫ِِ‬ ‫اء ُه ْم ﴾‬ ‫بِطَ ْغ َو َاها ﴾ ا‬ ‫اء ُه ْم َما َع َرفُوا َك َف ُروا به ﴾ [الـبقرة‪ ،]99 :‬وقال‪ ﴿ :‬يَـ ْع ِرفُونَهُ َك َما يَـ ْع ِرفُو َن أَبْـنَ َ‬ ‫[الشمس‪ ]99 :‬وهو كفر‪....‬كما قال تعاىل‪ ﴿ :‬فَـلَ َّما َج َ‬ ‫[البقرة‪ ،]947 :‬وهو كفر أيب طالب أيضاً‪ ،‬فإنه ص ادقه‪ ،‬ومل يشك يف صدقه‪ ،‬ولكن أخذته احلمياة وتعظيم آبائه‪ ،‬أن يرغب عن ملتهم‪ ،‬ويشهد عليهم بالكفر‪.‬‬ ‫أحد بين عبد يا ليل للنيب صلى اهلل عليه وسالم‪ :‬واهلل ال أقول لك كلم ًة‬ ‫‪ -3‬و اأما كفر اسإعراض‪ :‬فأن يعرض بسمعه وقلبه‪ ،‬وال يُصغي إال ما جاء به البتة‪ ،‬كما قال ُ‬ ‫أكلمك‪.‬‬ ‫فأنت أحقر من‬ ‫َ‬ ‫فأنت أجل يف عيين من ا‬ ‫كنت كاذباً‪َ ،‬‬ ‫أرد عليك‪ ،‬وإن َ‬ ‫كنت صادقاً‪َ ،‬‬ ‫إن َ‬ ‫يستمر شكاه‪ ،‬إال إذا ألزم نفسه اسإعراض عن النظر يف آيات صدقه مجلةً‪ ،‬فّل‬ ‫يشك يف أمره‪ ،‬وهذا ال‬ ‫الشك‪ :‬فأن ال َجيزم بصدقه وال يكذبه‪ ،‬بل ا‬ ‫‪ -1‬و اأما كفر ا‬ ‫ا‬ ‫ألهنا مستلزمة املصدق‪ ،‬وال سياما مبجموعها‪ ،‬فإن داللتها على الصدق كداللة‬ ‫يلتفت إليها‪ ،‬فأما مع التفاته إليها ونظره فيها‪ ،‬فإنه ال يبقى معه ٌّ‬ ‫شك‪ ،‬ا‬ ‫يسمعها‪ ،‬وال ُ‬ ‫الشمس على النار‪.‬‬ ‫‪ -7‬وأما كفر النفاق‪ :‬فإن يظهر بلسانه اسإميان‪ ،‬وينطق قلبه على التكذيب‪ ،‬فهذا هو النفاق األكرب‪( .‬حاشية تلخيص)‬

‫العبد من اسإميان)‬ ‫ِج َ‬ ‫(أدلاة أهل السناة على أن الكبرية ال ُختر ُ‬

‫لنا وجوه (دالئل)‪ :‬األول ‪ :‬ما سيجيء من أن حقيقة اسإميان هو التصديق القليب‪ ،‬فّل خيرج املؤمن عن االتصاف به‬ ‫(أي بالتصديق القلىب) إال مبا ينافيه (وهو التكذيب) ‪ ،‬وجمرد اسإقدام على الكبرية لغلبة شهوة أو محية أو أنفة (مبعىن احلمية) أو كسل‬ ‫خصوصاً إذا اقرتن به خوف العقاب ورجاء العفو والعزم على التوبة ال ينافيه (أي ال يناىف الصديق القلىب)‪ ،‬نعم إذا كان (اسإقدام على‬ ‫الكبرية) بطريق االستحّلل واالستخفاف كان كفراً لكونه (االستحّلل واالستخفاف) عّلمة للتكذيب‪ ،‬وال نـزاع يف أن من املعاصي‬ ‫ما جعله الشارع أمارة (عّلمة) للتكذيب وعلم كونه كذلك (أي أمارة للتكذيب) باألدلة الشرعية كسجود للصنم وإلقاء املصحف‬ ‫يف القاذورات (أي النجاسات) والتلفظ بكلمات الكفر وَنو ذلك مما يثبت باألدلة أنه كفر‪.‬‬ ‫وهبذا (أي بأن الشارع جعلها عّلمات الكفر) ينحل (أي يندفع) ما قيل‪ :‬إن اسإميان إذا كان عبارة عن التصديق واسإقرار ينبغي‬ ‫أن ال يصري املقر املصدق كافراً بشيء من أفعال الكفر وألفاهه ما مل يتحقق منه التكذيب أو الشك‪.‬‬ ‫الثاني (أي الدليل الثاىن) ‪ :‬اآليات واألحاديث الناطقة بإطّلق املؤمن على العاصي‪ ،‬كقوله تعاىل‪ ﴿ :‬يا أيها الذين‬

‫‪006‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى ﴾‪ ،60‬وقوله تعاىل‪ ﴿ :‬يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى اهلل توبة نصوحاً ﴾‪ ،68‬وقوله‬

‫تعاىل‪ ﴿ :‬وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ﴾‬ ‫كثرية‪.‬‬

‫‪67‬‬

‫اآلية‪ ،‬وهي‬

‫(أي اآليات الواردة ىف هذا الباب الدالاة على إطّلق املؤمن على العاصى)‬

‫الثالث (أي الدليل الثالث)‪ :‬إمجاع األمة من عصر النيب عليه السّلم إىل يومنا هذا بالصّلة (أي إمجاع على صلوة اجلنازة) على‬ ‫من مات من أهل القبلة من غري توبة والدعاء واالستغفار هلم مع العلم بارتكاهبم الكبائر بعد االتفاق على أن ذلك (الصلوة‬ ‫والدعاء واالستغفار) ال جيوز لغري املؤمن‪.‬‬ ‫األول للمعتزلة على أ ان صاحب الكبرية ال مؤمن وال كافر)‬ ‫(الدليل ا‬ ‫واحتجت املعتزلة بوجهني‪:‬‬ ‫األول)‪ :‬أن األمة بعد اتفاقهم على أن مرتكب الكبرية فاسق (أي خارج عن الطاعة) اختلفوا يف أنه مؤمن‬ ‫األول (أي الدليل ا‬ ‫وهو مذهب أهل السنة واجلماعة أو كافر وهو قول اخلوراج أو منافق وهو قول احلسن البصري‪ ،‬فأخذنا املتفق عليه (أي فاسق)‬ ‫وتركنا املختلف فيه‪ ،‬وقلنا‪ :‬هو (أي صاحب الكبرية) فاسق ليس مبؤمن وال كافر وال منافق‪.‬‬ ‫األول للمعتزلة)‬ ‫(اجلواب للدليل ا‬

‫والجواب (من أهل السناة)‪:‬‬ ‫أن هذا (أي مذهب املعتزلة) إحداث للقول املخالف ملا أمجع عليه السلف من عدم املنـزلة بني املنـزلتني (أي ليس هذا أخذاً‬ ‫باملتفق عليه بل هو خرق لإلمجاع)‪ ،‬فيكون باطّلً‪.‬‬ ‫(الدليل الثاىن للمعتزلة)‬ ‫والثاني (أي الدليل الثاىن)‪ :‬أنه (أي صاحب الكبرية) ليس مبؤمن لقوله تعاىل‪ ﴿ :‬أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً ﴾‬

‫‪63‬‬

‫جعل املؤمن مقابّلً للفاسق (واملقابلة تَ ُد ُّل على املغايرة)‪ ،‬وقوله عليه السّلم‪’’ :‬ال يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن‘‘‪ ،61‬وقوله‬

‫عليه الصّلة والسّلم‪’’ :‬ال إيمان لمن ال أمانة له‘‘‪ ،67‬وال كافر (أي ليس صاحب الكبرية بكاف ٍر) ملا تواتر من أن األمة كانوا ال‬ ‫يقتلونه (أي صاحب الكبرية) وال جيرون عليه أحكام املرتدين (كالقتل) ويدفنونه (أي صاحب الكبرية) يف مقابر املسلمني‪.‬‬ ‫(اجلواب للدليل الثاين للمعتزلة)‬ ‫والجواب(من أهل السناة)‪:‬‬ ‫أن املراد بالفاسق يف اآلية هو الكافر‪ ،‬فإن الكفر من أعظم الفسوق‪ ،‬واحلديث وارد على سبيل التغليظ (أي التهديد‬ ‫وتشديد الزجر) واملبالغة يف الزجر عن املعاصي بدليل اآليات واألحاديث الدالة على أن الفاسق مؤمن‪ ،‬حىت قال عليه السّلم‬ ‫‪61‬‬

‫البقرة‪ :‬اآلية (‪.)929‬‬ ‫التحرمي‪ :‬اآلية (‪)9‬‬ ‫احلجرات‪ :‬اآلية (‪.)9‬‬ ‫السجدة‪ :‬اآلية (‪.)99‬‬ ‫قال السيوطي‪ :‬حديث ‪ (( :‬ال يزين الزاين حني يزين وهو مؤمن )) أخرجه الشيخان من حديث أيب هريرة رضي اهلل عنه‪.‬‬

‫‪65‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث ‪ (( :‬ال إميان ملن ال أمانة له )) أخرجه الطرباين ىف الكبري من حديث عبادة بن الصامت وأخرجه ىف األوسط من حديث ابن‬

‫‪60‬‬ ‫‪61‬‬ ‫‪61‬‬ ‫‪61‬‬

‫عمر وأخرجه أمحد وأبو يعلى من حديث أنس وسنده حسن‪.‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪007‬‬

‫أليب ذر ملا بالغ يف السؤال (عن دخول الفاسق ىف اجلناة)‪’’ :‬وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ذر‘‘‪.66‬‬ ‫ظ فقال ما من ٍ‬ ‫عبد قال ال إله إال اهلل مث مات‬ ‫النىب صلى اهلل عليه وسلام وعليه ثوب أبيض‪ ،‬وهو نائم مث اتيتُه وقد استي َق َ‬ ‫تيت َّ‬ ‫فائدة مهمة قال أبو ذر أ ُ‬ ‫ّ‬ ‫قلت وإن‬ ‫لت وإن زىن وإن سرق‪ ،‬قال وإن زىن وإن سرق‪ُ ،‬‬ ‫قلت وإن زىن وإن سرق‪ ،‬قال وإن زىن وإن سرق‪ ،‬قُ ُ‬ ‫على ذلك إال دخل اجلناة‪ُ ،‬‬ ‫َّث هبذا قال وإن رغم أنف أىب ذر‪( .‬متفق عليه)‬ ‫زىن وإن سرق‪ ،‬قال وإن زىن وإن سرق على رغم أنف أىب ذر‪ .‬وكان أبو ذر إذا َحد َ‬

‫(دليل اخلوارج على ان مرتكب املعصية كافر)‬ ‫واحتجت اخلوارج بالنصوص الظاهرة يف أن الفاسق كافر‪ ،‬كقوله تعاىل‪ ﴿ :‬ومن لم يحكم بما أنـزل اهلل فأولئك‬

‫هم الكافرون ﴾‪ ،62‬وقوله تعاىل‪ ﴿ :‬ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ﴾‪ ،61‬وكقوله عليه السّلم‪’’ :‬من ترك‬

‫الصالة متعمداً فقد كفر‘‘‪ 69‬ويف أن العذاب خمتص بالكافر‪ ،‬كقوله تعاىل‪ ﴿ :‬أن العذاب على من كذب وتولى ﴾‪،20‬‬ ‫وقول ـ ـ ـ ـه تعاىل‪ ﴿ :‬ال يصالها إال األشقى الذي كذب وتولى ﴾‬

‫‪28‬‬

‫وقولـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه تعاىل‪ ﴿ :‬إن الخزي اليوم والسوء على‬

‫الكافرين ﴾‪ 27‬إىل غري ذلك (كقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬وأ ََّما الَّ ِذ َين فَ َس ُقوا فَ َمأ َمو ُاه ُم الن َُّار﴾ [السجدة‪.)]71 :‬‬ ‫(اجلواب لدليل اخلوارج)‬ ‫واجلواب(من أهل السناة)‪ :‬أهنا (هذه النصوص كلاها) مرتوكة الظاهر للنصوص الناطقة على أن مرتكب الكبرية ليس بكافر‬ ‫واسإمجاع املنعقد على ذلك (أي على أن مرتكب الكبرية ليس بكافر) على ما مر‪.‬‬ ‫سوال مق ّدر‬

‫كيف يتح اقق إمجاع األ اُمة مع خمالفة اخلوارج وهم من األ اُمة؟‬

‫جواب واخلوارج خوارج (خارجون) عما انعقد عليه اسإمجاع‪ ،‬فّل اعتداد هبم‬ ‫من أهل اسإمجاع فّل اعتداد خبّلفهم)‪.‬‬ ‫ال ؟‬

‫(أي خوارج خلروجهم عن اجلماعة وسلوكهم طريق البدعة ليسوا‬

‫((واهلل ال يغفر أن يشرك به)) بإمجاع املسلمني لكنهم اختلفوا يف أنه (أي املغفرة للمشرك) هل جيوز (ُميكن) عقّلً أم‬

‫فذهب بعضهم (أي أهل السناة) إىل أنه جيوز عقّلً وإمنا عُلِ َم عدمه (أي عدم املغفرة للمشرك) بدليل السمع‬ ‫على خلود الكفار بالناار)‪ ،‬وبعضهم (وهم املعتزلة) إىل أنه (املغفرة للمشرك) ميتنع عقّلً ألن قضية احلكمة التفرقة بني املسيء واحملسن‬ ‫والكفر هناية يف اجلناية (ىف العصيان) ال حيتمل اسإباحة ورفع احلرمة أصّلً‪ ،‬فّل حيتمل العفو ورفع الغرامة (أي العذاب)‪.‬‬ ‫وأيضاً الكافر يعتقده (الكفر والشرك) حقاً وال يطلب له (للكفر) عفو (من اهلل تعاىل) أو مغفرة فلم يكن العفو عنه حكمة‪.‬‬ ‫وأيضاً هو (الكفر والشرك) اعتقاد األبد (أل ان الكافر يريد الدوام عليه لو عاش ابداً) فيوجب جزاء األبد‪ ،‬هذا خبّلف سائر الذنوب‬ ‫(فإ ان املؤمن العاصى ال يريد املداومة على العصيان بل يَطلب أن يـُّ َوفَّ َق للتوبة)‪.‬‬

‫(أي النصوص الصرحية‬

‫‪66‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ :‬أنه قال أليب ذر ملا سأله وإن زنا وإن سرق على رغم أنف أيب ذر ‪ .‬أخرجه الشيخان من حديثه‪.‬‬

‫‪67‬‬

‫املائدة‪ :‬اآلية (‪.)11‬‬ ‫النور‪ :‬اآلية (‪.)55‬‬

‫‪69‬‬

‫متعمداً فقد كفر )) أخرجه هبذا اللفظ الطرباين ىف األوسط من حديث أنس بسند حسن ‪.‬‬ ‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬من ترك الصّلة ا‬

‫‪70‬‬

‫الليل‪ :‬اآلية (‪ )05‬و (‪.)06‬‬ ‫النحل‪ :‬اآلية (‪.)17‬‬

‫‪68‬‬

‫‪71‬‬

‫‪71‬‬

‫‪008‬‬

‫طه‪ :‬اآلية (‪.)18‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫((ويغفر ما دون ذلك (أي ما سوى الشرك) لمن يشاء من الصغائر والكبائر)) مع التوبة أو بدوهنا‪ ،‬خّلفاً للمعتزلة‬ ‫(فإ اهنم زعموا أناه ال يغفر الكبرية بّل توبة) ‪ ،‬ويف تقرير احلكم مّلحظة لآلية الدالة على ثبوته (أي ىف ذكر هذه املسئلة هبذه العبارة املقتبسة من اآلية‬ ‫الشريفة وهى قوله تعاىل ﴿ إِ َّن اللَّ َه َال يَـغم ِفُر أَ من يُ مشَرَك بِِه َويَـغم ِفُر َما ُدو َن ذَلِ َك لِ َم من يَ َشاءُ﴾ [النساء‪ ،]49 :‬إشارة إىل أن هذا احلكم ثابت بالقرآن)‪ ،‬واآليات‬ ‫واألحاديث يف هذا املعىن (أي مغفرة غري الشرك ولو كبرية غري التائب)كثرية‪.‬‬ ‫(مذهب املعتزلة)‬ ‫واملعتزلة خيصوهنا (أي اآليات واألحاديث) بالصغائر (ملن اجتنب الكبائر) وبالكبائر املقرونة بالتوبة‪.‬‬ ‫(دليل املعتزلة)‬ ‫األول)‪ :‬اآليات‬ ‫ومتسكوا بوجهين‪ :‬األول (أي الدليل ا‬ ‫حرم اهللُ عليهم احلناةَ مدمن اخلمر والعاق والديوث‘‘ (رواه امحد)) الواردة يف وعيد‬ ‫[النساء‪ )]94 :‬واألحاديث (كقوله عليه الصلوة والسّلم ’’ثّلثة قد ا‬ ‫العصاة‪.‬‬ ‫األول لدليل املعتزلة)‬ ‫(اجلواب ا‬

‫(كقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬وَم من يَـ مع ِ‬ ‫ودهُ يُ مد ِخلمهُ نَ ًارا َخالِ ًدا فِ َيها﴾‬ ‫ص اللَّ َه َوَر ُسولَهُ َويَـتَـ َع َّد ُح ُد َ‬

‫والجواب‪ :‬أهنا (اآليات واألحاديث) على تقدير عمومها إمنا تدل على الوقوع دون الوجوب‪ ،‬وقد كثرت النصوص يف‬ ‫البعض وقرينة‬ ‫ص منه‬ ‫عموم نصوص الوعيد فنقول هى من العام الذى ُخ َّ‬ ‫ُ‬ ‫العفو فيخصص املذنب املغفور عن عمومات الوعيد (أي لو َسلَّ ممنَا َ‬ ‫التخصيص نصوص العفو)‪.‬‬ ‫(اجلواب الثاىن)‬ ‫اخللف ىف الوعيد) من اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫وزعم بعضهم (أي بعض أهل السناة) أن اخللف يف الوعيد كرم‪ ،‬فيجوز ( ُ‬ ‫(تضعيف للجواب الثاىن)‬ ‫واحملققون على خّلفه ( فيقولون اخللف على اهلل تعاىل غري جائز ال ىف الوعيد وال ىف الوعد) ‪ ،‬كيف و(احلال) هو (أي اخللف ىف الوعيد )‬ ‫تبديل للقول‪ ،‬وقد قال اهلل تعاىل‪ ﴿ :‬ما يب ّدل القول لدي ﴾‪.23‬‬ ‫(الدليل الثاىن للمعتزلة)‬

‫الثاني (أي الدليل الثاىن)‪ :‬أن املذنب إذا علم أنه ال يعاقب على ذنبه كان ذلك (أي العلم بعدم العقاب) تقريراً (أي إثباتاً) له‬ ‫للمذنِب) على الذنب وإغراء (حثااً وتشجيعاً) للغري عليه (أي لغري املذنب على الذنب)‪ ،‬وهذا ينايف حكمة إرسال الرسل (ألن احلكمة ىف‬ ‫(أي ُ‬ ‫إرساهلم الدعوة إىل الطاعة والزجر عن املعاصى)‪.‬‬ ‫(اجلواب للدليل الثاىن للمعتزلة)‬ ‫والجواب‪ :‬أن جمرد جواز العفو ال يوجب هن عدم العقاب فضّلً عن العلم (أي اليقني)‪ ،‬كيف‬ ‫العلم بعدم العقاب) و(احلال) العمومات (أي النصوص العامة) الواردة يف الوعيد املقرونة بغاية من التهديد (أي التخويف) ترجح (أي النصوص‬ ‫و َ‬ ‫القاطعة تُـَر ِّج ُح) جانب الوقوع (أي وقوع العقاب) بالنسبة إىل كل واحد (من العصاة)‪ ،‬وكفى به (تَـَر ُّج ُح الوقو ِع) زاجراً (انتهى اجلواب)‪.‬‬ ‫الظن‬ ‫(أي كيف يوجب َ‬

‫((ويجوز العقاب على الصغيرة)) سواء اجتنبت مرتكبها الكبرية أم ال لدخوهلا (الصغرية) حتت قوله تعاىل‪ ﴿ :‬ويغفر‬

‫‪71‬‬

‫ق‪ :‬اآلية (‪.)19‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪009‬‬

‫ما دون ذلك لمن يشاء ﴾‪ ،21‬ولقوله تعاىل‪ ﴿ :‬ال يغادر صغيرة وال كبيرة إال أحصاها ﴾‪ 27‬واسإحصاء إمنا يكون للسؤال‬ ‫واجملازاة إىل غري ذلك من اآليات واألحاديث‪.‬‬ ‫(مذهب املعتزلة)‬ ‫وذهب بعض املعتزلة إىل أنه (أي مرتكب الصغرية) إذا اجتنب الكبائر مل جيز تعذيبه ال مبعىن أنه ميتنع عقّلً بل مبعىن أنه‬ ‫ال جيوز أن يقع لقيام األدلة السمعية على أنه ال يقع‪ ،‬لقوله تعاىل‪ ﴿ :‬إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم‬

‫(أي صغائركم)﴾‪.26‬‬ ‫(الرد على مذهب املعتزلة)‬ ‫وأجيب‪ :‬بأن الكبرية املطلقة هي الكفر‪ ،‬ألنه الكامل (ىف الكبرية)‪ ،‬ومجع االسم (أي ’’الكبائر‘‘ ىف اآلية الكرمية) بالنظر إىل‬ ‫أنواع الكفر (ككفر اجملوس وكفر اليهود وكفر النصارى فيكون كبائر من هذه احليثية)‪ ،‬وإن كان الكل ملة واحدة يف احلكم‪ ،‬أو (بالنظر) إىل‬ ‫أفراده القائمة بأفراد املخاطبني (ككفر أىب جهل وكفر أمية وكفر أىب هلب مثّلً) على ما متهد (أي ثبت) من قاعدة أن مقابلة اجلمع‬ ‫(’’ّتتنبوا‘‘) باجلمع (’’كبائر‘‘) تقتضي انقسام اآلحاد باآلحاد‪،‬كقولنا‪ :‬ركب القوم دواهبم ولبسوا ثياهبم (فإن معناه أن كل واحد منهم‬ ‫كفره نك افر سيئتَه)‪.‬‬ ‫كل واحد منكم َ‬ ‫ركب داباته ولبس ثوبه فمعىن اآلية أن جيتنب ُ‬ ‫((و(جيوز) العفو عن الكبيرة)) هذا مذكور فيما سبق (أي ىف قوله ’’ويغفر ما دون ذلك ملن يشاء من الصغائر والكبائر‘‘) إال أنه‬ ‫(املصناف) أعاده ليعلم أن ترك املؤاخذة على الذنب يطلق عليه لفظ العفو كما يطلق عليه لفظ املغفرة‪ ،‬وليتعلق به (أي والعفو عن‬

‫الكبرية) قولُه‪(( :‬إذا لم تكن عن استحالل‪ ،‬واالستحالل كفر)) ملا فيه من التكذيب املنايف للتصديق‪ ،‬وهبذا‬ ‫متعمداً فجزاءه جهنام خالداً فيها ﴾ [النساء‪ )]97:‬أو على‬ ‫تؤول النصوص الدالة على ختليد العصاة يف النار (وكقوله تعاىل ﴿ ومن يقتل مؤمنا ا‬ ‫سلب اسم اسإميان عنهم (كقوله عليه الصلوة والسّلم ’’ال يزىن الزاىن حني يزىن وهو مؤمن‘‘)‪.‬‬

‫(أي باالستحّلل)‬

‫‪71‬‬ ‫‪75‬‬ ‫‪76‬‬

‫‪011‬‬

‫النساء‪ :‬اآلية (‪.)006( ، )18‬‬ ‫الكهف‪ :‬اآلية (‪.)19‬‬ ‫النساء‪ :‬اآلية (‪.)10‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫[ البحث فى الشفاعة ]‬ ‫((والشفاعة ثابتة للرسل (واألنبياء) واألخيار (وهم املآلئكة والصلحاء والشهداء) في حق أهل الكبائر بالمستفيض من‬

‫األخبار)) (أي باملشهور من األحاديث)‪ ،‬خّلفاً للمعتزلة (فإ اهنم قالوا ال شفاعة لتخليص اجملرم بل الشفاعة لزيادة ثواب احمل ِسن فقط)‪.‬‬ ‫وهذا (أي اخلّلف بيننا وبينهم) مبين على ما سبق من جواز العفو واملغفرة بدون الشفاعة‪ ،‬فبالشفاعة (فالعفو بالشفاعة) أوىل‪.‬‬ ‫وعندهم (أي املعتزلة) ملا مل جيز (املغفرة بدون الشفاعة) مل جيز (مع الشفاعة)‪.‬‬ ‫(دالئل أهل السناة واجلماعة على ثبوت الشفاعة لتخليص اجملرم)‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫لنا قوله تعاىل‪ ﴿ :‬واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات (واالستغفار لذنوهبم هو الشفاعة هلم)﴾‬

‫‪22‬‬

‫وقوله تعاىل‪ ﴿ :‬فما تنفعهم (أي الكفار) شفاعة الشافعين ﴾‪ 21‬فإن أسلوب هذا الكّلم (أي طريقه) يدل على ثبوت‬ ‫الشفاعة يف اجلملة (أي جممّلً)‪ ،‬وإال لَ َما (نافية) كان لنفي نفعها (الشفاعة) عن الكافرين عند القصد (أي قصد اهلل تعاىل) إىل‬ ‫تقبيح حاهلم (الكفار) وحتقيق يأسهم (أي قطع رجائهم) معىن (اسم كان)‪ ،‬ألن مثل هذا املقام (أي مقام التقبيح) يقتضي أن يومسوا‬ ‫(أي أن يـُّ َعيَّـنُوا ويـُبَـيَّـنُوا) مبا خيصهم ال مبا يعمهم وغريهم (فوجب أن يكون عدم النفع خاصا هبم)‪ ،‬وليس املراد أن تعليق احلكم (وهو‬ ‫عدم النفع) بالكافر يدل على نفيه (أي نفى احلكم) عما عداه (الكافر) حىت يرد عليه أنه إمنا يقوم حجة على من يقول مبفهوم‬ ‫يستدل به بل هو معترب عند األشاعرة فقال ليس‬ ‫املخالفة (ال على املعتزلة‪ .‬هذا إشارة إىل دفع َمن قال املفهوم املخالف عند املعتزلة غري معترب فكيف‬ ‫ا‬ ‫االستدالل باعتبار املفهوم املخالف أعين نفع الشفاعة للمسلمني بل باعتبار أسلوب الكّلم)‪.‬‬

‫‪ ‬وقوله عليه السّلم‪’’ :‬شفاعتي ألهل الكبائر من أمتي‘‘‪ 29‬وهو مشهور‪ ،‬بل األحاديث الدالة على الشفاعة متواترة‬ ‫املعىن‪.‬‬ ‫(دالئل املعتزلة على نفي الشفاعة لتخليص اجملرم)‬ ‫‪‬‬

‫واحتجت املعتزلة مبثل قوله تعاىل‪ ﴿ :‬واتقوا يوماً ال تجزي نفس عن نفس شيئاً وال يقبل منها شفاعة ﴾‬

‫‪10‬‬

‫‪ ‬وقوله تعاىل‪ ﴿ :‬ما للظالمين من حميم وال شفيع يطاع (أي يُقبل شفاعة هلم) ﴾‪.18‬‬ ‫(اجلواب لدالئل املعتزلة)‬ ‫واجلواب‪ :‬بعد تسليم داللتها (أي داللة هذه اآليات) على العموم يف األشخاص واألزمان واألحوال أنه جيب ختصيصها‬ ‫(اآليات) بالكفار مجعاً (تطبيقاً) بني األدلة‪.‬‬ ‫وملا كان أصل العفو والشفاعة ثابتاً باألدلة القطعية من الكتاب والسنة واسإمجاع (أي مل تستطع املعتزلة إنكار العفو والشفاعة‬ ‫‪77‬‬ ‫‪78‬‬

‫حممد‪ :‬اآلية (‪.)09‬‬ ‫ا‬ ‫املدثار‪ :‬اآلية (‪.)18‬‬

‫‪79‬‬

‫وصححه من حديث أنس واحلاكم‬ ‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬شفاعىت ألهل الكبائر من أمىت )) أخرجه أبو داوود والرتمذي والبيهقي ىف البعث ا‬

‫‪81‬‬

‫البقرة‪ :‬اآلية (‪.)18‬‬ ‫غافر‪ :‬اآلية (‪.)08‬‬

‫وصححه من حديث جابر ‪ .‬والطرباين من حديث ابن عباس وابن عمر ‪ ،‬والبيهقي ىف البعث من حديث كعب بن عمرة ومن مرسل طاوس وقال ‪ :‬إنه مرسل حسن‬ ‫ا‬ ‫يشهد لكون هذه اللفظة شائعة فيما بني التابعني ولذا قال املصناف (التفتازاين) إنه مشهور‪.‬‬ ‫‪80‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪010‬‬

‫من أصلها‪ ،‬أنكرومها ىف البعض‪ ،‬وأثبتومها ىف البعض) قالت املعتزلة بالعفو عن الصغائر مطلقاً (أي بعد التوبة وقبلها)‪ ،‬وعن الكبائر بعد التوبة‬ ‫(وأنكروا عفوها بّل توبة) وبالشفاعة لزيادة الثواب (ورفع الدرجة)‪ ،‬وكّلمها (أي العفو عن الصغائر والشفاعة لزيادة الثواب) فاسد‪.‬‬ ‫(وجه الفساد)‬ ‫أما األول (أي العفو عن الصغائر) ف ن التائب ومرتكب الصغرية اجملتنب عن الكبرية ال يستحقان العذاب عندهم‬ ‫(املعتزلة)‪ ،‬فّل معىن للعفو (أل ان العفو هو التجاوز عن مستحق العذاب)‪.‬‬ ‫وأما الثاين (أي الشفاعة لزيادة الثواب) ف ن النصوص دالة على الشفاعة مبعىن طلب العفو عن اجلناية (فحملها على زيادة‬ ‫الثواب خيالف النصوص)‪.‬‬ ‫اعلم أ ان الشفاعة يف اللغة‪ :‬املعونة‪ ،‬ويف االصطّلح‪ :‬رفع العقوبة وطلب التجاوز عن الذنب ومسايت الشفاعة شفاعةً أل ان احلاجة كان وتراً‬ ‫فائدة مه ّمة‬ ‫تدل عليه‬ ‫حممد طياب رمحه اهلل يف شرحه للعقيدة الطحاوية‪(( :‬الشفاعة أنواع كما ا‬ ‫فيصري مش افعا بالشفيع‪( .‬شرح أوراد)‪.‬قال الشيخ موالنا ا‬ ‫األحاديث الواردة فيها‪ -‬الشفاعة الكربى وهي جلميع اخلّلئق للحساب‪ ،‬والشفاعة ألهل الكبائر‪ ،‬والشفاعة لعصاة املؤمنني بعد دخوهلم يف النار‪ ،‬والشفاعة الرتقاء‬ ‫مدارجهم بعد النجاة وغري ذلك‪ .‬وكذا الشافعون ع ادة أنواع‪ :‬األنبياء‪ ،‬واملآلئكة‪ ،‬والعلماء‪ ،‬والشهداء‪ ،‬والصلحاء‪ ،‬واحلفاٌ‪ ،‬وغريهم من املؤمنني كما ورد يف‬ ‫األحاديث متاصّلً))‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العز احلنفي أنواع الشفاعة يف شرح العقيدة الطحاوية فقال‪َّ :‬‬ ‫مم معتَ ِزلَةُ‬ ‫ني األَُّمة‪َ ،‬وممنـ َها َما َخالَ َ‬ ‫اعةُ أَنمـ َواعٌ‪ :‬ممنـ َها َما ُه َو ُمتَّـ َف ٌق َعلَميه بَـ م َ‬ ‫الش َف َ‬ ‫وقد ذكر ابن أيب ا‬ ‫ف فيه ال ُ‬ ‫َوَمَن ُوُه مم ِم من أ مَه ِل المبِ َد ِع‪.‬‬ ‫ني سائِِر إِخوانِِه ِمن األَنمبِي ِاء والممرسلِني‪ ،‬صلَوات اللَّ ِه عَلي ِهم أ م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ني‪ِ .‬يف‬ ‫َّوعُ األ ََّو ُل‪َّ :‬‬ ‫وىل‪َ ،‬وِه َي المعُظم َمى‪ ،‬ا مخلَ َّ‬ ‫اع ُة األُ َ‬ ‫َمجَع َ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَميه َو َسلَّ َم م من بَـ م ِ َ م َ َ َ َ ُ م َ َ َ َ ُ‬ ‫الش َف َ‬ ‫النـ ْ‬ ‫اصةُ بِنَبِيِّـَنا َ‬ ‫َم م‬ ‫َمجعِني‪ ،‬أَح ِ‬ ‫ني)) وغَ مِريِمها عن َمجاع ٍة ِمن َّ ِ ِ‬ ‫((الص ِح َ ِ‬ ‫اع ِة‪.‬‬ ‫يث َّ‬ ‫َّ‬ ‫اد ُ‬ ‫الش َف َ‬ ‫الص َحابَة‪َ ،‬رض َي اللَّهُ َعنمـ ُه مم أ م َ َ َ‬ ‫يح م َ َ َ م َ َ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الش َف َ ِ‬ ‫ث ِم َن َّ‬ ‫آخ ِري َن قَ مد أ ُِمَر‬ ‫َّوعُ الثَّانِي َوالثَّالِ ُ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعَلمي ِه َو َسلَّ َم ِيف أَقمـ َوٍام قَ مد تَ َس َاو م‬ ‫اعة‪َ :‬ش َف َ‬ ‫ت َح َسنَاتُـ ُه مم َو َسيَِّئاتُـ ُه مم‪ ،‬فَـيَ مش َف ُع في ِه مم ليَ مد ُخلُوا ا مجلَنَّ َة‪َ ،‬وِيف أَقمـ َوٍام َ‬ ‫النـ ْ‬ ‫اعتُ ُه َ‬ ‫هبِِ مم إِ َىل النَّا ِر أ مَن ال يَ مد ُخلُونـَ َها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض ِيه ثَـواب أ مَعماهلِِم‪ .‬وقَ مد وافَـ َق ِ‬ ‫اجلنَّ َة فِيها فَـو َق ما َكا َن يـ مقتَ ِ‬ ‫اص ًة‪،‬‬ ‫ت ال ُمم معتَ ِزلَةُ َه ِذهِ َّ‬ ‫اع َة َخ َّ‬ ‫َّوعُ َّ‬ ‫الش َف َ‬ ‫الرابِ ُع‪َ :‬ش َف َ‬ ‫النـ ْ‬ ‫اعتُهُ َ‬ ‫َ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَميه َو َسلَّ َم ِيف َرفم ِع َد َر َجات َم من يَ مد ُخ ُل مَ َ م َ‬ ‫َ ُ َ م َ َ‬ ‫ات‪ ،‬مع تَـواتُِر األَح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اد ِ‬ ‫يث فِ َيها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َو َخالَ ُفوا ف َ‬ ‫يما َع َد َاها م َن ال َمم َق َام َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اشةَ ب ِن ِحممص ٍن‪ِ ،‬حني دعا لَه رس ُ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫الش َفاعَةُ ِيف أَقمـوٍام أَ من ي مد ُخلُوا ا مجلنَّةَ بِغَ مِري ِحس ٍ‬ ‫صلَّى اللَّهُ عَلَمي ِه‬ ‫س‪َّ :‬‬ ‫ول اللَّه َ‬ ‫اب‪َ ،‬وَحيم ُس ُن أَ من يُ مستَ مش َه َد هلََذا النـ مَّو ِع حبَديث عُ َك َ م َ‬ ‫َ ََ ُ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫النَّـ ْوعُ الْ َخام ُ‬ ‫ِ‬ ‫يث خمََُّرج ِيف َّ ِ‬ ‫وسلَّم أ مَن َجيعلَه ِمن َّ ِ‬ ‫ني أَلم ًفا الَّ ِذين ي مد ُخلُو َن ا مجلنَّ َة بِغَ مِري ِحس ٍ‬ ‫يح م ِ‬ ‫ني))‪.‬‬ ‫السمبع َ‬ ‫اب‪َ ،‬وا محلَد ُ ٌ‬ ‫((الصح َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ َ مَ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النـَّوعُ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يب يف التَّذمكَرة بَـ مع َد ذ مكر َه َذا النـ مَّو ِع‪ :‬فَإ من‬ ‫س‪َّ :‬‬ ‫ف عَنمهُ َع َذابُهُ‪ُ .‬مثَّ قَ َ‬ ‫ال الم ُق مرطُِ ُّ‬ ‫الش َفاعَةُ يف َختمفيف ال َمع َذاب عَ َّم من يَ مستَحقُّهُ‪َ ،‬ك َش َفاعَته يف عَ ِّمه أَيب طَالب أَ من ُخيََّف َ‬ ‫ْ‬ ‫الساد ُ‬ ‫وج ِمن النَّا ِر‪َ ،‬كما تَـمنـ َفع عصا َة الممو ِّح ِدين‪ ،‬الَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين خيَمُر ُجو َن ِممنـ َها َويَ مد ُخلُو َن‬ ‫ذ‬ ‫ر‬ ‫خل‬ ‫ا‬ ‫يف‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫‪:‬‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫يل‬ ‫ق‬ ‫)‪.‬‬ ‫‪9‬‬ ‫﴾(‬ ‫ني‬ ‫ع‬ ‫َّاف‬ ‫الش‬ ‫ة‬ ‫اع‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ف‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬ ‫اىل‬ ‫ع‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َم َ ُ ُ م َ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫يل َ َ م َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ َ َُ َ‬ ‫َ ُ َ م َ ُ ُ ُُ َ‬ ‫ق َ‬ ‫اجلَنَّةَ‪.‬‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يح ُم مسل ٍم َع من أَنَ ٍ‬ ‫ال‪:‬‬ ‫صح ِ‬ ‫صلَّى اللَّ ُه َعلَميه َو َسلَّ َم قَ َ‬ ‫س َرض َي اللَّهُ َعمنهُ‪ ،‬أَ َّن َر ُس َ‬ ‫َّوعُ َّ‬ ‫اعتُهُ أَ من يـُ مؤ َذ َن جلَمي ِع ال ُمم مؤمن َ‬ ‫السابِ ُع‪َ :‬ش َف َ‬ ‫النـ ْ‬ ‫ول اللَّه َ‬ ‫َّم‪َ .‬وِيف َ‬ ‫ني ِيف ُد ُخول ا مجلَنَّة‪َ ،‬ك َما تَـ َقد َ‬ ‫اجلَن َِّة»‪.‬‬ ‫«أَنَا أ ََّو ُل َش ِفي ٍع ِيف م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّامن‪َ :‬ش َفاعته ِيف أَه ِل الم َكبائِِر ِمن أ َُّمتِ ِه‪ِ ،‬ممَّن دخل النَّار‪ ،‬فَـيخرجو َن ِممنـها‪ ،‬وقَ مد تَـواتَـرت ِهب َذا النـَّو ِع األَح ِ‬ ‫ِ‬ ‫اخلََوارِِج َوال ُمم معتَ ِزلَِة‪،‬‬ ‫ك َعلَى م‬ ‫اد ُ‬ ‫يث‪َ .‬وقَ مد َخف َي ِع مل ُم َذل َ‬ ‫َُ ُ م‬ ‫النـ ْ‬ ‫َّوعُ الث ُ‬ ‫َ‬ ‫م َ َ َ َ َ مُ ُ‬ ‫َ م‬ ‫َ َ َ َم َ م‬ ‫ِ‬ ‫يث‪ ،‬وعِنَادا ِمم ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضا‪َ .‬وَه ِذ ِه‬ ‫استَ َمَّر َعلَى بِ مد َعتِ ِه‪َ .‬وَه ِذ ِه َّ‬ ‫مم مؤِمنُو َن أَيم ً‬ ‫َّن َعل َم ذَل َ‬ ‫فَ َخالَ ُفوا ِيف ذَل َ‬ ‫الش َف َ‬ ‫ك َو م‬ ‫ك‪َ ،‬ج مهّل ممنـ ُه مم بِص َّحة األَ َحاد َ ً م‬ ‫اعةُ تُ َشا ِرُك ُه ف َيها الم َمّلئ َكةُ َوالنَّبيُّو َن َوال ُ‬ ‫ات‪ .‬وِمن أَح ِ‬ ‫ال رس ُ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اد ِ‬ ‫س ب ِن مالِ ٍ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعَلمي ِه َو َسلَّ َم‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫ك َر ِض َي اللَّهُ َعمنهُ‪ ،‬قَ َ‬ ‫يث َه َذا النـ مَّو ِع‪َ ،‬ح ِدي ُ‬ ‫الش َف َ‬ ‫ول اللَّه َ‬ ‫اعةُ تَـتَ َكَّرُر ممنهُ َ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ َ ُ‬ ‫ث أَنَ ِ م َ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَميه َو َسلَّ َم أ مَربَ َع َمَّر َ م َ‬ ‫اسإمام أ م ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫العز احلنفي)‬ ‫(ملخص من شرح العقيدة الطحاوية ا‬ ‫َمحَ ُد َرمحَهُ اللَّهُ‪ .‬ا‬ ‫« َش َف َ‬ ‫للعّلمة ابن ا‬ ‫اع ِيت ألَ مه ِل الم َكبَائ ِر م من أ َُّم ِيت»‪َ .‬رَواهُ مِ َ ُ‬ ‫__________‬ ‫(‪ )9‬سورة ال ُمم َّدثِِّر آية ‪.49‬‬

‫‪011‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫((وأهل الكبائر من المؤمنين ال يخلدون في النار)) وإن ماتوا من غري توبة‪:‬‬ ‫(الدالئل النقلياة على أن صاحب الكبرية من املؤمنني ال ُخيَلَّد يف النار)‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫لقوله تعاىل‪ ﴿ :‬فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ﴾‪ 17‬ونفس اسإميان (مع القطع عن سائر األعمال الصاحلة) عمل خري ال‬ ‫أن يرى جزاءه قبل دخول النار مث يدخل النار فيخلد‪ ،‬ألنه باطل باسإمجاع‪ ،‬فتعني اخلروج من النار (مث اخللود ىف اجلناة)‪.‬‬ ‫ولقوله تعاىل‪ ﴿ :‬وعد اهلل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها األنهار ﴾‪.13‬‬

‫‪ ‬ولقوله تعاىل‪ ﴿ :‬إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نـزالً ﴾‪ 11‬إىل غري ذلك من‬ ‫النصوص الدالة على كون املؤمن من أهل اجلنة مع ما سبق من األدلة القاطعة على أن العبد ال خيرج باملعصية عن‬ ‫اسإميان‪.‬‬ ‫(الدليل اسإلزامى)‬ ‫وأيضاً اخللود يف النار من أعظم العقوبات وقد جعل جزاء الكفر الذي هو (الكفر) أعظم اجلنايات فلو جوزي به غري‬ ‫الكافر كان زيادة على قدر اجلناية‪ ،‬فّل يكون (هذا اجلزاء) عدالً‪.‬‬ ‫(مذهب املعتزلة)‬ ‫وذهبت املعتزلة إىل أن من أدخل النار فهو خالد فيها ألنه إم ا كافر أو صاحب كبرية مات بّل توبة إذ املعصوم (أي‬ ‫من مل يصدر عنه ذنب) والتائب وصاحب الصغرية إذا اجتنب الكبائر ليسوا من أهل النار على ما سبق من أصوهلم (وقواعدهم)‪،‬‬ ‫والكافر خملد باسإمجاع وكذا صاحب الكبرية بّل توبة‪ ،‬لوجهني ( َدلِيلَ م ِني)‪.‬‬ ‫األول للمعتزلة على أن صاحب الكبرية مات بّل توبة خالد ىف الناار)‬ ‫(الدليل ا‬ ‫أحدهما (أي الدليل األول)‪ :‬أنه (أي صاحب الكبرية) يستحق العذاب وهو (أي العذاب) مضرة خالصة دائمة فينايف‬ ‫استحقا ُق العذاب) استحقاق الثواب الذي هو منفعة خالصة دائمة‪.‬‬ ‫األول للمعتزلة)‬ ‫(اجلواب للدليل ا‬ ‫واجلواب‪ :‬منع قيد الدوام (ىف العقاب والثواب)‪ ،‬بل منع االستحقاق باملعىن الذي قصدوه (أي املعىن الذى قصده املعتزلة) وهو‬ ‫(أي املعىن) االستيجاب (أي وجوب الثواب والعقاب على اهلل تعاىل)‪ ،‬وإمنا الثواب فضل منه والعذاب عدل (وال جيب شيُ منهما عليه)‪ ،‬فإن‬ ‫شاء عفا (أي عن صاحب الكبرية إما مبحض فضله وإما بشفاعة) وإن شاء عذبه مدة مث يدخله اجلنة‪.‬‬ ‫(الدليل الثاىن للمعتزلة)‬

‫(أي‬

‫الثاني (أي الدليل الثاىن)‪ :‬النـ ـ ـ ـصوص الدالة على اخللود‪ ،‬ك ـ ـ ـ ـ ـقوله تعاىل‪ ﴿ :‬ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم‬

‫خالداً ﴾‪ 17‬وقوله تعاىل‪ ﴿ :‬ومن يعص اهلل ورسوله ويتعد حدوده ندخله ناراً خالداً فيها ﴾‪ 16‬وقوله تعاىل‪ ﴿ :‬من كسب‬

‫‪81‬‬ ‫‪81‬‬ ‫‪81‬‬ ‫‪85‬‬ ‫‪86‬‬

‫الزلزلة‪ :‬اآلية (‪.)7‬‬ ‫التوبة‪ :‬اآلية (‪.)71‬‬ ‫الكهف‪ :‬اآلية (‪.)017‬‬ ‫النساء‪ :‬اآلية (‪.)91‬‬ ‫النساء‪ :‬اآلية (‪.)01‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪011‬‬

‫سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ﴾‪.12‬‬ ‫(اجلواب للدليل الثاىن للمعتزلة)‬ ‫واجلواب‪ :‬أن (ىف اآلية االوىل) قاتل املؤمن لكونه مؤمناً (أي من يقتل مؤمنا لكونه مؤمنا) ال يكون إال الكافر‪ ،‬وكذا (ىف اآلية الثانية)‬ ‫شك ىف أناه كافر أل ان املراد باحلدود مجيع احلدود وأعظم احلدود اسإميان باهلل ورسوله) وكذا (ىف اآلية الثالثة) من أحاطت به‬ ‫من تعدى مجيع احلدود (وال ا‬ ‫ٍ‬ ‫فحينئذ ال يبقى ىف قلبه تصديق وىف لسانه إقرار وهذا ال يكون إال ىف‬ ‫يعم اخلطيئة هاهره وباطنه‬ ‫خطيئته ومشلته من كل جانب (أي معىن اسإحاطة أن ا‬ ‫كافر)‪ ،‬ولو ُسلِّ َم (أن اآليات الثّلثة ىف حق الفاسقني ال الكافرين) فاخللود قد يستعمل يف املكث الطويل كقوهلم‪ :‬سجن خملد‪ ،‬ولو ُسلِّ َم‬ ‫(أ ان اخللود ال يستعمل إال ىف الدوام) فمعارض (أي ما ذكرمت من اآليات معارض) بالنصوص الدالة على عدم اخللود (كقوله تعاىل‪ ﴿:‬وعد اهلل املؤمنني‬ ‫واملؤمنات جناات ﴾ [التوبة‪ )]27 :‬كما مر‪.‬‬

‫‪87‬‬

‫‪011‬‬

‫البقرة‪ :‬اآلية (‪.)80‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫[ البحث فى اإليمان ]‬ ‫(تعريف اسإميان ىف اللغة)‬ ‫قبول حك ِم املخرب) وجعله‬ ‫((واإليمان)) يف اللغة التصديق‪ ،‬أي إذعان (اي اعتقاد) حكم املخرب وقبوله (أي ُ‬ ‫املخ ِرب) صادقاً‪ ،‬إفعال (أي لفظ اسإميان من باب ا ِسإفعال) من األمن (أي مأخوذ من األمن)‪ ،‬كأ َّ‬ ‫َن حقيقة ’’آمن به‘‘ (أي معناه احلقيقي) آمنه من‬ ‫التكذيب‪ ،‬واملخالفة (أي جعله آمنا عن التكذيب واملخالفة) يتعدى (لف ُظ اسإميان) بالّلم كما يف قوله تعاىل حكاية عن إخوة يوسف عليه‬ ‫(أي َج مع ُل حك ِم‬

‫‪19‬‬

‫السّلم (ِألبيهم)‪ ﴿ :‬وما أنت بمؤمن لنا ﴾‪ 11‬أي مصدق‪ ،‬وبالباء كما يف قوله عليه السّلم‪’’ :‬اإليمان أن تؤمن باهلل‪‘‘...‬‬ ‫احلديث (إىل آخره) أي تصدق‪.‬‬ ‫(حقيقة التصديق هو التسليم)‬ ‫وليست حقيقة التصديق أن تقع يف القلب نسبةُ الصدق إىل اخلرب أو الـمخرب من غري إذعان وقبول‪ ،‬بل هو (أي‬ ‫التصقيق) إذعان وقبول لذلك (الصدق) حبيث يقع عليه (أي على التصديق) اسم التسليم على ما صرح به اسإمام الغزايل‪.‬‬ ‫وباجلملة (خّلصة الكّلم أن التصديق) هو املعىن الذي يعرب عنه بالفارسية بكرويدن (وهو التسليم بّل استكبار وعناد وإنكار)‪ ،‬وهو‬ ‫(أي املعىن الذى يعرب عنه بگرويدن) معىن التصديق املقابل للتصور حيث يقال يف أوائل علم امليزان (املنطق)‪ :‬العلم إما تصور وإما‬ ‫للتصور) رئيسهم (أي رئيس املنطقيني) ابن سينا‪ ،‬وإن حصل هذا‬ ‫تصديق‪ ،‬صرح بذلك (أي بأن ما ا‬ ‫يعرب عنه بگرويدن هو التصديق املنطقى املقابل ا‬ ‫املعىن (أي التصديق) لبعض الكفار كان إطّلق اسم الكافر عليه من جهة أن عليه شيئاً من أمارات (عّلمات) التكذيب‬ ‫واسإنكار‪،‬كما إذا فرضنا أن أحداً صدق جبميع ما جاء به النيب عليه السّلم وسلمه وأقر به وعمل (أي صار جامعاً ألركان اسإميان)‪،‬‬ ‫الزنَّار (هو خيط جيعله الكفار ىف أعناقهم عّلمة هلم) باالختيار أو سجد للصنم باالختيار جنعله كافراً (أي َنكم بكفره) ملا‬ ‫ومع ذلك شد ُّ‬ ‫أن النبـي عليه السّلم جعل ذلك عّلمة التكذيب واسإنكار‪.‬‬ ‫وحتقيق هذا املقام على ما ذكرت يسهل لك الطريق إىل حل كثري من اسإشكاالت املوردة يف مسألة اسإميان‪.‬‬ ‫(تعريف اسإميان ىف الشرع)‬ ‫وإذا عرفت حقيقة معىن التصديق فاعلم أن اسإميان يف الشرع‪:‬‬

‫((هو (أي اسإميان) التصديق بما جاء (الرسول صلى اهللُ عليه وسالم) به من عند اهلل تعالى)) أي تصديق النبـي عليه السّلم‬ ‫بالقلب يف مجيع ما علم بالضرورة جميئه (أي جميُ النىب) به (أي مبا علم بالضرورة) من عند اهلل تعاىل إمجاالً (مفعول مطلق للتصديق من غري‬ ‫لفظه) فإنه (أي التصديق اسإمجاىل) ٍ‬ ‫كاف يف اخلروج عن عهدة اسإميان‪ ،‬وال تنحط درجته عن اسإميان التفصيلي‪ ،‬فاملشرك املصدق‬ ‫بوجود الصانع وصفاته ال يكون مؤمناً إال حبسب اللغة دون الشرع‪ ،‬سإخّلله بالتوحيد‪ ،‬وإليه اسإشارة بقوله تعاىل‪ ﴿ :‬وما‬ ‫يؤمن أكثرهم باهلل إال وهم مشركون ﴾‪.90‬‬ ‫‪88‬‬

‫يوسف‪ :‬اآلية (‪.)07‬‬

‫‪89‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث ‪ (( :‬اسإميان أن تؤمن باهلل ومآلئكته‪ ))...‬احلديث أخرجه الشيخان من حديث أىب هريرة ‪.‬‬

‫‪91‬‬

‫يوسف‪ :‬اآلية (‪.)016‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪015‬‬

‫((واإلقرار به (أي مبا جاء به الرسول صلى اهللُ عليه وسلام))) أي باللسان (يعين يكون اسإقرار باللسان)‪ ،‬إال أن‬ ‫لكن) التصديق ركن ال حيتمل السقوط أصّلً‪ ،‬واسإقرار قد حيتمله (أي السقوط) كما يف حالة اسإكراه (فإن املؤمن إذا إكرهه‬ ‫ركنان لإلميان و ا‬ ‫الكفار على الكفر واَمو َع ُد موه بالقتل أو قطع العضو جاز أن يتل افظ بكلمة الكفر)‪.‬‬ ‫(اعرتاض على قوله ’’إن التصديق ركن ال حيتمل السقوط أصّلً‘‘)‬ ‫اعتراض فإن قيل‪ :‬ال يبقى التصديق كما يف حالة النوم والغفلة‪.‬‬ ‫سلِّم (أن التصديق ال يبقى ىف النائم والغافل )‬ ‫جواب قلنا‪ :‬التصديق باق يف القلب‪ ،‬والذهول (أي الغفلة) إمنا هو عن حصوله‪ ،‬ولو ُ َ‬ ‫فالشارع جعل احملقق (املوجود) الذي مل يطرأ (مل يعرض) عليه ما يضاده يف حكم الباقي‪ ،‬حىت كان املؤمن امساً ملن آمن (أي ص ادق)‬ ‫يف احلال أو يف املاضي ومل يطرأ عليه ما هو عّلمة التكذيب‪.‬‬ ‫هذا الذي ذكره من (بيانية) أن اسإميان هو التصديق واسإقرار (ركنان) مذهب بعض العلماء وهو اختيار اسإمام مشس‬ ‫األئمة وفخر اسإسّلم رمحهما اهلل‪.‬‬ ‫(مذهب اجلمهور ىف اسإميان)‬ ‫وذهب مجهور احملققني إىل أنه (أي إميان) التصديق بالقلب‪ ،‬وإمنا اسإقرار شرط سإجراء األحكام يف الدنيا (من حرمة الدم‬ ‫واملال وصلوة اجلنازة عليه ودفنه ىف مقابر املسلمني) ‪ ،‬ملا أن التصديق بالقلب أمر باطن ال بد له من عّلمة‪ ،‬فمن صدق بقلبه ومل يقر‬ ‫بلسانه فهو مؤمن عند اهلل وإن مل يكن مؤمناً يف أحكام الدنيا‪ ،‬ومن أقر بلسانه ومل يصدق بقلبه كاملنافق فبالعكس (أي مؤمن‬ ‫عند اخللق كافر عند اهلل تعاىل)‪ ،‬وهذا (أي كون اسإميان هو التصديق فقط واسإقرار شرط سإجراء األحكام ىف الدنيا) هو اختيار الشيخ أيب منصور‬ ‫(املاتريدى إمام املتكلامني من احلنفية) رمحه اهلل‪.‬‬ ‫(دالئل مذهب اجلمهور)‬ ‫والنصوص معاضدة (أي ُم َق ِّويَةٌ) لذلك (أي مذهب اجلمهور)‪:‬‬ ‫(أي التصديق واسإقرار‬

‫‪‬‬

‫قال اهلل تعاىل‪ ﴿ :‬أولئك كتب في قلوبهم اإليمان ﴾‬

‫‪98‬‬

‫‪97‬‬

‫‪‬‬

‫وقال اهلل تعاىل‪(﴿ :‬من كفر باهلل من بعد إميانه إال من أُكره) وقلبه مطمئن باإليمان ﴾‬

‫‪‬‬

‫وقال تعاىل‪(﴿ :‬قالت األعراب آمناا قل مل تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) ولما يدخل اإليمان في قلوبكم ﴾‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫وقال عليه السّلم‪’’ :‬اللهم ثبت قلبي على دينك وطاعتك‘‘‬

‫‪93‬‬

‫‪91‬‬

‫وقال عليه السّلم ألسامة حني قتل من قال ال إله إال اهلل‪’’ :‬هال شققت عن قلبه‘‘‪.97‬‬

‫‪90‬‬

‫اجملادلة‪ :‬اآلية (‪.)11‬‬ ‫النمل‪ :‬اآلية (‪)016‬‬ ‫احلجرات‪ :‬اآلية (‪.)01‬‬

‫‪91‬‬

‫ت قلىب على دينك )) أخرجه أمحد بسند حسن من حديث أم سلمة أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلام كان‬ ‫هم ثَـبِّ م‬ ‫قال السيوطي‪ :‬حديث ‪ (( :‬اللا ا‬

‫‪95‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث ‪ (( :‬أنه قال ألسامة حني قتل من قال ال إله إال اهلل هّل شققت على قلبه )) أخرجه الشيخان من حديث أسامة ‪.‬‬

‫‪91‬‬ ‫‪91‬‬

‫هم مقلاب القلوب ثبات قلىب على دينك ‪.‬‬ ‫يكثر ىف دعائه أن يقول ‪ :‬اللا ا‬

‫‪016‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫(اعرتاض على مذهب اجلمهور)‬ ‫ت‪ :‬نعم اسإميان هو التصديق‪ ،‬لكن أهل اللغة ال يعرفون منه (أي من التصديق) إال التصديق باللسان (ال التصديق‬ ‫اعتراض فإن قُـ مل َ‬ ‫بالقلب)‪ ،‬والنبـي عليه السّلم وأصحابه كانوا يقنعون (يكتفون) من املؤمنني بكلمة الشهادة وحيكمون بإميانه من غري استفسار‬ ‫عما يف قلبه (فثبت أن اسإميان فعل اللسان ال القلب)‪.‬‬ ‫ت‪ :‬ال خفاء يف أن املعترب (عند أهل اللغة) يف التصديق عمل القلب‪ ،‬حىت لو فرضنا عدم وضع لفظ التصديق ملعىن‬ ‫جواب قُـ مل ُ‬ ‫(وهذا بأن يكون مهمّلً) أو وضعه ملعىن غري التصديق القليب (كالرؤية مثّلً) مل حيكم أحد من أهل اللغة والعرف بأن املتلفظ بكلمة‬ ‫ِّق للنبـي عليه السّلم ومؤمن به‪ ،‬وهلذا (أي ِأل ِ‬ ‫َجل أن اسإميان فعل القلب ال اسإقرار فقط) صح نفي اسإميان عن بعض‬ ‫صد ٌ‬ ‫ص َّدقم ُ‬ ‫ت‪ُ ،‬م َ‬ ‫َ‬ ‫املقرين باللسان‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪ ﴿ :‬ومن الناس من يقول آمنا باهلل وباليوم اآلخر وما هم بمؤمنين ﴾‪ ،96‬وقال تعاىل‪:‬‬

‫﴿ قالت األعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ﴾‪.92‬‬ ‫وأما املقر باللسان وحده فّل نـزاع يف أنه يسمى مؤمناً لغة وجيري عليه أحكام اسإميان هاهراً‪ ،‬وإمنا النـزاع يف كونه‬ ‫مؤمناً فيما بينه وبني اهلل تعاىل‪ ،‬والنيب عليه السّلم ومن بعده (من السلف) كما كانوا حيكمون بإميان من تكلم بكلمة الشهادة‬ ‫كانوا حيكمون بكفر املنافق‪ ،‬فدل ( ُحك ُمم ُه مم بكفر املنافق) على أنه ال يكفي يف اسإميان فعل اللسان‪.‬‬ ‫وأيضاً اسإمجاع منعقد على إميان من صدق بقلبه وقصد اسإقرار باللسان ومنعه مانع من خرس وَنوه‪ ،‬فظهر أن ليس‬ ‫حقيقة اسإميان جمرد كلميت الشهادة على ما زعمت الكرامية‪.‬‬ ‫( ارد املصناف على مذهب مجهور احملدثني واملتكلامني والفقهاء)‬ ‫وملا كان مذهب مجهور املتكلمني واحملدثني والفقهاء (سوى احلنفية) على أن اسإميان تصديق باجلنان (أي بالقلب) وإقرار‬ ‫باللسان وعمل باألركان (أي باألعضاء) أشار (املصناف) إىل نفي ذلك بقوله‪:‬‬ ‫((فأما األعمال)) أي الطاعات ((فهي تتزايد في نفسها واإليمان ال يزيد وال ينقص‬

‫خروج األعمال عن اسإميان بأ اهنا تزيد وتنقص خبّلف اسإميان فإناه ال يزيد وال ينقص فثبتت املغايرة بني اسإميان واألعمال)))‬ ‫مهم‬ ‫تمهيد ّ‬

‫استدل على‬ ‫(الظاهر أن املصناف‬ ‫ا‬

‫متضمن بأربعة دالئل على أ ان األعمال غري داخلة ىف حقيقة اسإميان‪.‬‬ ‫املقام األ اول ا‬

‫)‪(9‬‬

‫ٰفههنا مقامان (أي دعويان)‪:‬‬ ‫األول)‪:‬‬ ‫األول (أي املقام ا‬ ‫أن األعمال غري داخلة يف اسإميان (وهذا حق) ملا مر من أن حقيقة اسإميان هو التصديق (فقط)‪.‬‬

‫)‪(7‬‬

‫وألنه قد ورد يف الكتاب والسنة عطف األعمال على اسإميان‪ ،‬كقوله تعاىل‪ ﴿ :‬إن الذين آمنوا وعملوا‬

‫)‪(3‬‬

‫وورد أيضاً جعل اسإميان شرط صحة األعمال‪ ،‬كما يف قوله تعاىل‪ ﴿ :‬ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى‬

‫الصالحات ﴾‪ 91‬مع القطع بأن العطف يقتضي املغايرة وعدم دخول املعطوف يف املعطوف عليه‪.‬‬

‫‪96‬‬ ‫‪97‬‬

‫البقرة‪ :‬اآلية (‪.)8‬‬ ‫احلجرات‪ :‬اآلية (‪.)01‬‬

‫‪98‬‬ ‫فصلت‪ :‬اآلية (‪ ،)8‬الربوج‪ :‬اآلية‬ ‫الكهف‪ :‬اآلية (‪ )11‬و (‪ ،)017‬هود‪ :‬اآلية (‪ ،)11‬يونس‪ :‬اآلية (‪ ،)9‬مرمي‪ :‬اآلية (‪ ،)96‬لقمان‪ :‬اآلية (‪ ،)8‬ا‬ ‫(‪ ،)00‬البيانة‪ :‬اآلية (‪.)7‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪017‬‬

‫وهو مؤمن ﴾‪ 99‬مع القطع بأن املشروط ال يدخل يف الشرط المتناع اشرتاط الشيء بنفسه‪.‬‬

‫‪800‬‬

‫)‪ (4‬وورد أيضاً إثبات اسإميان ملن ترك بعض األعمال‪ ،‬كما يف قوله تعاىل‪ ﴿ :‬وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ﴾‬ ‫على ما مر‪ ،‬مع القطع بأنه ال يتحقق الشيء بدون ركنه (أي جزئه فلو كان العمل ركن اسإميان كان تاركه غري مؤمن)‪.‬‬ ‫وال خيفى أن هذه الوجوه (األربعة) إمنا تقوم حجة على من جيعل الطاعات (أي أعمال) ركناً من حقيقة اسإميان‪ ،‬حبيث أن تاركها‬ ‫ال يكون مؤمناً كما هو رأي املعتزلة‪ ،‬ال على مذهب من ذهب على أهنا (الطاعات واألعمال) ركن من اسإميان الكامل حبيث ال‬ ‫خيرج تاركها عن حقيقة اسإميان كما هو مذهب الشافعي‪.‬‬ ‫املؤمن من اسإميان)‪.‬‬ ‫ِج َ‬ ‫وقد سبق متسكات املعتزلة بأجوبتها فيما سبق (أي ىف شرح قول املصناف والكبرية ال ُختر ُ‬ ‫العبد َ‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬ ‫هو لإلميان الكامل‪.‬‬

‫اعلم أن االختّلف بني الفقهاء واسإمام األعظم ىف كون األعمال داخلة ىف حقيقة اسإميان أم ال؟ هو االختالف اللفظى‪ ،‬ألن الفقهاء‬ ‫جعلوا العمل ركنا لإليمان الكامل حيث قالوا ’’إن اسإميان تصديق باجلنان‪ ،‬وإقرار باللسان‪ ،‬وعمل باألركان‘‘ أي باجلوارح‪ ،‬فهذا التعريف‬

‫وأما إمامنا أبو حنيفة رضى اهلل عنه مل يُدخل العمل باألركان ىف حقيقة اسإميان حيث قال ’’إن االميان تصديق باجلنان‪ ،‬وإقرار باللسان شرط سإجراء األحكام‬

‫الدنيوية‘‘ فإن هذا التعريف هو لنفس اإليمان أعىن التصديق فإناه يبقى بدون العمل‪.‬‬ ‫ووجه اختّلف تعريف اسإميان بني الفقهاء أن ىف زمن اسإمام األعظم كانت فتنة املعتزلة واخلوارج على ذروهتا وكانوا يقولون أن تارك العمل خيرج من اسإميان‪ ،‬ويصري‬ ‫وم ِشرياً إىل أن تارك‬ ‫عرف اسإميان بدون العمل ا‬ ‫رداً عليهم ُ‬ ‫مر‪ ،‬فإمامنا ا‬ ‫كافرا عند اخلوارج‪ ،‬وأما عند املعتزلة مل يدخل ىف الكفر بل يبقى ىف منزلة بني املنزلتني كما ا‬ ‫العمل يبقى مؤمنا‪.‬‬ ‫وىف زمن اسإمام الشافعي واسإمام أمحد بن حنبل وغريمها من الفقهاء رمحهم اهلل تعاىل كانت فتنة املرجئة على ذروهتا الىت مل تر األعمال ضرورياا لدخول املؤمن ىف‬ ‫اجلناة‪ ،‬وقالت إن نفس اسإميان ٍ‬ ‫كاف للنجاة ال نفع لطاعة وال ضرر عن معصية‪ ،‬فالفقهاء جعلوا العمل ركناً ىف تعريف اسإميان ردا عليهم ومشرياً إىل أن األعمال‬ ‫ايضاً ضرورياة لنجاة املؤمن‪.‬‬

‫فخالصة الكالم أ ّن االختالف بين الفقهاء هو اختالف لفظي ال غير‪ ،‬وكلاهم متافقون على أن تارك العمل ال خيرج من اسإميان‪ ،‬وأيضاً ال ب اد من األعمال‬ ‫تضر‪ .‬واهلل تعاىل أعلم وعلمه أ امت وأحكم‪.‬‬ ‫للنجاة‪ ،‬وأن الطاعة تنفع واملعصية ا‬

‫املقام الثاين‪ :‬أن حقيقة اسإميان ال تزيد (بزيادة الطاعات) وال تنقص‬

‫(باملعاصى‪ ،‬هذا عند اسإمام أىب حنيفة وأصحابه‪ ،‬واختار إمام احلرمني وذهب‬

‫مجهور األشاعرة ومنهم األشعرى واحملكى أيضا عن الشافعى وغريهم أن اسإميان يزيد وينقص)‪ ،‬ملا مر (ىف حبث تعريف اسإميان) من أنه (أي اسإميان) التصديق‬ ‫القليب الذي بلغ حد اجلزم (اليقني) واسإذعان (انعقاد)‪ ،‬وهذا ال يتصور فيه زيادة وال نقصان (ألن الزائد والناقص هو الظن ال اليقني)‪ ،‬حىت‬ ‫إن من حصل له حقيقة التصديق فسواء أتى بالطاعات أو ارتكب املعاصي فتصديقه باق على حاله ال تغري فيه أصّلً (ال يزيد‬ ‫بالطاعات وال ينقص باملعاصى)‪.‬‬ ‫َنن ال نسلام أن اسإميان ال يزيد وال ينقص ألن اآليات الدالة على زيادة اسإميان كقوله تعاىل ﴿ هو الذى أنزل السكينة ىف قلوب املؤمنني‬

‫سوال مق ّدر‬ ‫ليزدادوا إميانا ﴾ [الفتخ‪ ،]4 :‬وقوله تعاىل ﴿ وإذا تليت عليهم آياته زادهتم إميانا ﴾ [األنفال‪ ،]7 :‬وقوله تعاىل ﴿ ويزداد الذين آمنوا إميانا ﴾ [املدثر‪.]39 :‬‬

‫جواب واآليات الدالة على زيادة اسإميان حممولة على ما ذكره أبو حنيفة رمحه اهلل من أهنم (أي الصحابة) كانوا آمنوا يف‬ ‫اجلملة (أي إميانا إمجاالً) مث يأيت (أي كان يأتى) فرض بعد فرض فكانوا يؤمنون بكل فرض خاص‪.‬‬ ‫‪99‬‬ ‫‪011‬‬

‫‪018‬‬

‫النساء‪ :‬اآلية (‪.)011‬‬ ‫احلجرات‪ :‬اآلية (‪.)9‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫وحاصله (أي حاصل اجلواب) أنه (أي اسإميان) كان يزيد بزيادة ما جيب اسإميان به‪ ،‬وهذا ال يتصور يف غري عصر النيب عليه‬ ‫السّلم (أل ان الدين قد كمل ومتا والوحى قد ختم)‪.‬‬ ‫(رد الشارح على اجلواب املذكور)‬ ‫وفيه (اجلواب) نظر‪ ،‬ألن االطّلع على تفاصيل الفرائض ممكن يف غري عصر النيب صلى اهلل عليه وسلم (فإ ان أحدنا ال‬ ‫يطلع على مجيع الفرائض دفعة بل يطلع على بعضها فيؤمن به مثا على بعض آخر فيؤمن به)‪ ،‬واسإميان واجب إمجاالً فيما ُعلم إمجاالً وتفصيّلً فيما‬ ‫ُعلم تفصيّلً‪ ،‬وال خفاء يف أن التفصيلي أزيد (من اسإمجاىل) بل أكمل‪ ،‬وما ذكر (سابقاً ىف تعريف اسإميان) من أن اسإمجال ال ينحط‬ ‫عن درجته (أي درجة التفصيلى) فإمنا هو يف االتصاف بأصل اسإميان (واملساواة ىف أصل اسإميان ال مينع التفاوت ىف الكمال كما أن اتصاف رجلَني‬ ‫بالشجاعة ال مينع كون أحدمها أشجع)‪.‬‬ ‫(اجلواب الثاىن عن سوال مقدر)‬ ‫وقيل (ىف اجلواب)‪ :‬إن الثبات والدوام على اسإميان زيادة عليه يف كل ساعة (أي ىف كل آن)‪ ،‬وحاصله (حاصل اجلواب الثاىن) أنه‬ ‫(اسإميان) يزيد بزيادة األزمان‪ ،‬ملا أنه عرض ال يبقى إال بتجدد األمثال‪.‬‬ ‫( ارد الشارح على اجلواب الثاىن)‬ ‫وفيه (أي ىف اجلواب الثاىن) نظر‪ ،‬ألن حصول املثل بعد انعدام الشيء ال يكون من الزيادة يف شيء كما هو يف سواد‬ ‫اجلسم مثّلً (فإ ان بقائه إامنا هو بتج ادد األمثال مع أناه ال يشت اد السواد ساعة فساعة)‪.‬‬ ‫(اجلواب الثالث عن سوال مقدر)‬ ‫وقيل (ىف اجلواب)‪ :‬املراد (ىف اآليات) زيادة مثرته (أي مثرة اسإميان من رقة القلب وصفائه والقرب إىل اهلل تعاىل) وإشراق نوره وضيائه يف‬ ‫القلب‪ ،‬فإنه (أي ما ذكر من الثمرة والنور) يزيد باألعمال وينقص باملعاصي (انتهى اجلواب الثالث)‪.‬‬ ‫ومن ذهب إىل أن األعمال جزءٌ من اسإميان فقبوله (أي قبول اسإميان) الزيادة والنقصان هاهر‪ ،‬وهلذا قيل (القائل هو اسإمام‬ ‫الرازى)‪ :‬إن هذه املسألة (أي مسئلة زيادة اسإميان ونقصانه) فرع مسالة كون الطاعات جزءٌ من اسإميان‪.‬‬ ‫(مذهب بعض احملققني ىف حقيقة اسإميان)‬ ‫وقال بعض احملققني (اُريد به القاضى عضد الدين)‪ :‬ال نسلم أن حقيقة التصديق (أي اسإميان) ال يقبل الزيادة والنقصان (كما‬ ‫زعم اجلمهور)‪ ،‬بل تتفاوت قوة وضعفاً (أل ان حقيقة التصديق من الكيفيات النفسانية‪ ،‬وهى تقبل الزيادة والنقصان‪ :‬كالفرح واحلزن والغضب‪ ،‬ولو مل يكن‬ ‫كذالك يقتضى أن يكون إميان النيب صلى اهلل عليه وسلم وأفراد األمة سواء‪ ،‬وإنه باطل باسإمجاع)‪ ،‬للقطع بأن تصديق آحاد األمة ليس كتصديق‬ ‫النبـي عليه السّلم‪ ،‬وهلذا قال إبراهيم عليه السّلم‪ ﴿ :‬ولكن ليطمئن قلبـي ﴾‪.808‬‬ ‫(مذهب القدرية ىف حقيقة اسإميان)‬ ‫بقي ههنا (أي ىف حبث حقيقة اسإميان) حبث آخر‪ ،‬وهو أن بعض القدرية (هم الذين يقولون أن اسإنسان قادر على أفعاله‪ ،‬وهو خالقها‪،‬‬ ‫وال َيرون الكفر واملعاصي بتقدير اهلل) ذهب إىل أن اسإميان هو املعرفة (أي معرفة اهلل تعاىل ورسوله صلى اهلل عليه وسلام)‪.‬‬

‫‪010‬‬

‫البقرة‪ :‬اآلية (‪)771‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪019‬‬

‫( ارد العلماء على مذهب القدرية)‬ ‫وأطبق (أي اِتَّـ َف َق) علماؤنا على فساده (أي فساد مذهبهم)‪ ،‬ألن أهل الكتاب (أي اليهود والنصارى) كانوا يعرفون نبوة حممد‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم مع القطع بكفرهم لعدم التصديق‪ ،‬وألن من الكفار من كان يعرف احلق يقيناً وإمنا‬

‫كان ينكر عناداً واستكباراً‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪ ﴿ :‬وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ﴾‪.807‬‬ ‫(الفرق بني املعرفة والتصديق ىف كّلم املشائخ)‬ ‫فّل بد من بيان الفرق بني معرفة األحكام (الشرعية) واستيقاهنا وبني التصديق هبا (أي باألحكام) واعتقادها ليصح كون‬ ‫الثاين (أي التصديق واالعتقاد) إمياناً دون األول (أي املعرفة واالستيقان)‪.‬‬ ‫واملذكور يف كّلم بعض املشايخ (لبيان الفرق) أن التصديق عبارة عن ربط القلب (أي تسكني النفس) على ما علم من‬ ‫إخبار املخرب وهو (أي التصديق مبعىن الربط) أمر كسيب (أي حاصل بالكسب) يثبت باختيار املصدق ولذا (أي ِأل مَج ِل اختيار امل َصدِّق) يثاب‬ ‫عليه وجيعل (اسإميا ُن) رأس العبادات‪ ،‬خبّلف املعرفة فإهنا رمبا حتصل بّل كسب‪ ،‬كمن وقع بصره على جسم فحصل له معرفة‬ ‫أنه جدار أو حجر‪ ،‬وهذا (يوافق) ما ذكره بعض احملققني (يريد أن حاصل كّلم بعض املشائخ وبعض احملققني واحد) من أن التصديق هو أن‬ ‫تنسب باختيارك الصدق إىل املخرب حىت لو وقع ذلك (أي نسبة الصدق إليه) يف القلب من غري اختيار مل يكن تصديقاً وإن كان‬ ‫معرفة (انتهى بيان الفرق بني التصديق واملعرفة)‪.‬‬ ‫(اعرتاض الشارح على الفرق املذكور)‬ ‫وهذا (أي كون التصديق اختيارياً) مشكل (أي ليس بصحيح)‪ ،‬ألن التصديق من أقسام العلم‪ ،‬وهو (أي العلم) من الكيفيات‬ ‫النفسانية دون األفعال االختيارية‪ ،‬ألنا إذا تصورنا النسبة بني الشيئني وشككنا يف أهنا (النسبة) باسإثبات أو النفي مث أقيم‬ ‫الربهان على ثبوهتا (أي ثبوت النسبة) فالذي حيصل لنا هو اسإذعان والقبول لتلك النسبة‪ ،‬وهو (أي اسإذعان) معىن التصديق واحلكم‬ ‫واسإثبات واسإيقاع (وإن اسإذعان والقبول لتلك النسبة يكون بّل اختيار بعد ما أقيم الربهان فثبت هبذا أن التصديق ليس باختيار)‪.‬‬ ‫سوال مق ّدر على اعتراض الشارح يلزم ِمن كون التصديق كيفية نفسانية أن ال يقع التكليف على اسإميان أل ان التكليف مبىن على األفعال االختيارية وإذا‬ ‫كان اسإميان أعين التصديق من كيفية نفسانية ال يقع التكليف عليه أل ان كيفية نفسانية ليست من األفعال االختيارية‪.‬‬

‫جواب الشارح نعم حتصيل تلك الكيفية (أي التصديق) يكون باالختيار يف مباشرة األسباب وصرف النظر ورفع املوانع وَنو‬ ‫ذلك‪ ،‬وهبذا االعتبار (أي مباشرة األسباب وغري ذلك) يقع التكليف باسإميان‪ ،‬وكأن هذا هو املراد بكونه (التصديق) كسبياً اختيارياً‬ ‫(انتهى جواب الشارح)‪.‬‬ ‫(املعرفة فقط ال تكفي ىف حصول التصديق)‬ ‫وال تكفي املعرفة يف حصول التصديق ألهنا (أي املعرفة) قد تكون بدون ذلك (اختيار)‪ ،‬نعم يلزم أن تكون املعرفة اليقينية‬ ‫املكتسبة باالختيار تصديقاً‪ ،‬وال بأس بذلك ألنه حينئذ حيصل املعىن الذي يعرب عنه بالفارسية بكرويدن‪ ،‬وليس اسإميان‬ ‫والتصديق سوى ذلك (أي سوى گرويدن)‪ ،‬وحصوله (أي حصول التصديق) للكفار واملعاندين املستكربين حمال (أي ال ميكن)‪ ،‬وعلى‬ ‫تقدير احلصول فتكفريهم يكون بإنكارهم باللسان وإصرارهم (أي ثباهتم) على العناد واالستكبار‪ ،‬وما هو من عّلمات‬ ‫التكذيب واسإنكار‪.‬‬ ‫‪011‬‬

‫‪011‬‬

‫النمل‪ :‬اآلية (‪.)01‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫هل اإليمان يزيد وينقص؟ وهو أيضا من فروع اختّلفهم يف حقيقة اسإميان‪ ،‬فقال بعض من ذهب إىل أن اسإميان هو التصديق‪ :‬أن حقيقة‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬ ‫التصديق شيء واحد ال يقبل الزيادة والنقصان‪ ،‬وقال آخرون‪ :‬أنه ال يقبل النقصان ألنه لو نقص ال يبقى إميانا‪ ،‬ولكن يقبل الزيادة‪ ،‬لقوله‬ ‫تعاىل‪ ﴿ :‬وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا ﴾ وَن ِوها من اآليات‪ .‬وقال الداودي‪ :‬سئل مالك عن نقص اسإميان‪ ،‬وقال‪ :‬قد ذكر اهلل تعاىل زيادته يف القرآن‪،‬‬ ‫وتوقف عن نقصه‪ ،‬وقال‪ :‬لو نقص لذهب كله‪ .‬وقال ابن بطال‪ :‬مذهب مجاعة من أهل السنة من سلف األمة وخلفها أن اسإميان قول وعمل يزيد وينقص‪ ،‬واحلجة‬ ‫على ذلك ما أورده البخاري قال‪ :‬فإميان من مل حتصل له الزيادة ناقص‪ .‬وذكر احلافظ أبو القاسم هبة اهلل الّللكائي‪ ،‬يف كتاب شرح أصول اعتقاد أهل السنة‬ ‫واجلماعة‪ :‬أن اسإميان يزيد بالطاعة‪ ،‬وينقص باملعصية‪.‬‬ ‫وبه قال من الصحابة‪ :‬عمر بن اخلطاب‪ ،‬وعلي‪ ،‬وابن مسعود‪ ،‬ومعاذ‪ ،‬وأبو الدرداء‪ ،‬وابن عباس‪ ،‬وابن عمر‪ ،‬وعمار‪ ،‬وأبو هريرة‪ ،‬وحذيفة‪ ،‬وسلمان‪ ،‬وعبد اهلل بن‬ ‫رواحة‪ ،‬وأبو أمامة‪ ،‬وجندب بن عبد اهلل‪ ،‬وعمري بن حبيب‪ ،‬وعائشة‪ ،‬رضي اهلل تعاىل عنهم‪ .‬ومن التابعني‪ :‬كعب األحبار‪ ،‬وعروة‪ ،‬وعطاء‪ ،‬وطاوس‪ ،‬وجماهد‪ ،‬وابن‬ ‫أيب مليكة‪ ،‬وميمون بن مهران‪ ،‬وعمر بن عبد العزيز‪ ،‬وسعيد بن جبري‪ ،‬واحلسن‪ ،‬وحيىي بن أيب كثري‪ ،‬والزهري‪ ،‬وقتادة‪ ،‬وأيوب‪ ،‬ويونس‪ ،‬وابن عون‪ ،‬وسليمان التيمي‪،‬‬

‫وإبراهيم النخعي‪ ،‬وأبو البحرتي‪ ،‬وعبد الكرمي اجلريري‪ ،‬وزيد بن احلارث‪ ،‬واألعمش‪ ،‬ومنصور‪ ،‬واحلكم‪ ،‬ومحزة الزيات‪ ،‬وهشام بن حسان‪ ،‬ومعقل بن عبيد اهلل‬ ‫اجلريري‪ ،‬مث حممد بن أيب ليلى‪ ،‬واحلسن بن صاحل‪ ،‬ومالك بن مغول‪ ،‬ومفضل بن مهلهل‪ ،‬وأبو سعيد الفزاري‪ ،‬وزائدة‪ ،‬وجرير بن عبد احلميد‪ ،‬وأبو هشام عبد ربه‪،‬‬ ‫وعبثر بن القاسم‪ ،‬وعبد الوهاب الثقفي‪ ،‬وابن املبارك‪ ،‬وإسحاق بن إبراهيم‪ ،‬وأبو عبيد بن سّلم‪ ،‬وأبو حممد الدارمي‪ ،‬والذهلي‪ ،‬وحممد بن أسلم الطوسي‪ ،‬وأبو‬ ‫زرعة‪ ،‬وأبو حامت‪ ،‬وأبو داود‪ ،‬وزهري بن معاوية‪ ،‬وزائدة‪ ،‬وشعيب بن حرب‪ ،‬وإمساعيل بن عياش‪ ،‬والوليد بن مسلم‪ ،‬والوليد بن حممد‪ ،‬والنضر بن مشيل‪ ،‬والنضر بن‬ ‫حممد‪.‬‬ ‫وقال سهل بن متوكل‪ :‬أدركت ألف أستاذ كلهم يقول‪ :‬اسإميان قول وعمل يزيد وينقص‪ ،‬وقال يعقوب بن سفيان‪ :‬أن أهل السنة واجلماعة على ذلك مبكة واملدينة‬ ‫والبصرة والكوفة والشام‪ ،‬منهم عبد اهلل بن يزيد املقري‪ ،‬وعبد امللك املاجشون‪ ،‬ومطرف‪ ،‬وحممد بن عبيد اهلل األنصاري‪ ،‬والضحاك بن خملد‪ ،‬وأبو الوليد‪ ،‬وأبو‬ ‫النعمان‪ ،‬والقعنيب‪ ،‬وأبو نعيم‪ ،‬وعبيد اهلل بن موسى‪ ،‬وقبيصة‪ ،‬وأمحد بن يونس‪ ،‬وعمرو بن عون‪ ،‬وعاصم بن علي‪ ،‬وعبد اهلل بن صاحل كاتب الليث‪ ،‬وسعيد بن أيب‬ ‫مرمي‪ ،‬والنضر بن عبد اجلبار‪ ،‬وابن بكري‪ ،‬وأمحد بن صاحل‪ ،‬وأصبغ بن الفرج‪ ،‬وآدم بن أيب إياس‪ ،‬وعبد األعلى بن مسهر‪ ،‬وهشام بن عمار‪ ،‬وسليمان بن عبد‬ ‫الرمحن‪ ،‬وعبد الرمحن بن إبراهيم‪ ،‬وأبو اليمان احلكم بن نافع‪ ،‬وحيوة بن شريح‪ ،‬ومكي بن إبراهيم‪ ،‬وصدقة بن الفضل‪ ،‬ونظراؤهم من أهل بّلدهم‪.‬‬ ‫وذكر أبو احلسن عبد الرمحن بن عمر يف كتاب اسإميان ذلك عن خلق قال‪ :‬وأما توقف مالك عن الق ول بنقصان اسإميان‪ ،‬فخشية أن يتناول عليه موافقة اخلوارج‪،‬‬ ‫وقال رسته‪ :‬ما ذاكرت أحدا من أصحابنا‪ ،‬من أهل العلم‪ ،‬مثل علي بن املديين‪ ،‬وسليمان‪ ،‬يعين‪ :‬ابن حرب‪ ،‬واحلميدي‪ ،‬وغريهم إال يقولون‪ :‬اسإميان قول وعمل‬ ‫يزيد وينقص‪ .‬وكذا روى عن عمري بن حبيب‪ ،‬وكان من أصحاب الشجرة‪ ،‬وحكاه الّللكائي يف كتاب السنن عن وكيع‪ ،‬وسعيد بن عبد العزيز‪ ،‬وشريك‪ ،‬وأيب بكر‬ ‫بن أيب عياش‪ ،‬وعبد العزيز بن أيب سلمة‪ ،‬واحلمادين‪ ،‬وأيب ثور‪ ،‬والشافعي‪ ،‬وأمحد بن حنبل‪.‬‬ ‫وقال اإلمام (أي اإلمام األعظم أبو حنيفة)‪ :‬هذا البحث لفظي‪ ،‬ألن المراد باإليمان إن كان هو التصديق فال يقبلهما‪ ،‬وإن كان الطاعات فيقبلهما‪ ،‬ثم‬ ‫قال‪ :‬الطاعات مكملة للتصديق‪ ،‬فكل ما قام من الدليل على أن اإليمان ال يقبل الزيادة والنقصان كان مصروفا إلى أصل اإليمان الذي هو التصديق‪ ،‬وكل‬

‫ما دل على كون اإليمان يقبل الزيادة والنقصان فهو مصروف إلى الكامل‪ ،‬وهو مقرون بالعمل‪.‬‬ ‫محمد محمود بن أحمد العيني الحنفي)‬ ‫(عمدة القاري‪ ،‬شرح صحيح البخاري لإلمام ّ‬ ‫العالمة بدر الدين أبي ّ‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪010‬‬

‫[ اإليمان واإلسالم واحد ]‬ ‫((واإليمان واإلسالم واحد (أي كل مؤمن مسلم وكل مسلم مؤمن))) ألن اسإسّلم هو اخلضوع واالنقياد مبعىن قبول‬ ‫تقرر أ ان التصديق‬ ‫األحكام واسإذعان هبا (أي باألحكام)‪ ،‬وذلك (أي القبول واسإذعان) حقيقة التصديق على ما مر (ىف حبث تفسري اسإميان وقد ا‬ ‫هو اسإميان)‪.‬‬ ‫ويؤيده‬

‫(أي االحتاد بينهما)‬

‫قوله تعاىل‪ ﴿ :‬فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من‬

‫المسلمين ﴾‪.803‬‬ ‫وباجلملة (أي خّلصة الكّلم) ال يصح يف الشرع احلكم على أحد بأنه مؤمن وليس مبسلم‪ ،‬أو مسلم وليس مبؤمن‪.‬‬ ‫املسمى بالتساوي) ‪ ،‬وهاهر كّلم املشايخ أهنم أرادوا‬ ‫وال نعين بوحدهتما سوى هذا (أي عدم ا‬ ‫صحة سلب أحدمها عن اآلخر وهو ا‬ ‫(باالحتاد) عدم تغايرمها مبعىن أن ه ال ينفك أحدمها عن اآلخر ال االحتاد حبسب املفهوم ملا ذكر يف الكفاية من أن اسإميان هو‬ ‫تصديق اهلل تعاىل فيما أخرب به من أوامره ونواهيه‪ ،‬واسإسّلم هو االنقياد واخلضوع ل لوهية‪ ،‬وذا (أي اخلضوع واالنقياد) ال يتحقق‬ ‫إال بقبول األمر والنهي‪ ،‬فاسإميان ال ينفك عن اسإسّلم حكماً فّل يتغايران‪ ،‬ومن أثبت التغاير (بني اسإميان واسإسّلم) يقال (أي‬ ‫يُسئل) له‪ :‬ما حكم من آمن ومل يسلم أو أسلم ومل يؤمن ؟‪ ،‬فإن أثبت ألحدمها حكماً ليس بثابت لآلخر منهما فبها ونعم‪،‬‬ ‫وإال فقد ههر بطّلن قوله (انتهى كّلم الكفاية)‪.‬‬ ‫(اعرتاض على أن اسإميان واسإسّلم واحد)‬ ‫اعتراض فإن قيل‪ :‬قوله تعاىل‪ ﴿ :‬قالت األعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ﴾‪ 801‬صريح يف حتقيق معىن‬ ‫اسإسّلم بدون اسإميان (فثبت التغاير بينهما)‪.‬‬ ‫جواب قلنا‪ :‬املراد (من عدم التغاير) أن اسإسّلم املعترب يف الشرع ال يوجد بدون اسإميان‪ ،‬وهو (أي اسإسّلم) يف اآلية مبعىن االنقياد‬ ‫الظاهر من غري انقياد الباطن (يعىن اسإسّلم ىف اآلية هو اسإسّلم اللغوى ال اسإسّلم الشرعى)‪ ،‬مبنـزلة املتلفظ بكلمة الشهادة من غري تصديق‬ ‫يسمى إمياناً ىف‬ ‫يسمى إسّلماً ىف الشرع كما أن التصديق اللساىن بّل تصديق باطن ال ا‬ ‫يف باب اسإميان (يعىن أ ان االنقياد الظاهر من غري االنقياد الباطن ال ا‬ ‫الشرع)‪.‬‬

‫اعتراض فإن قيل‪ :‬قوله عليه السّلم (ىف احلديث املشهور حبديث جربيل)‪’’ :‬اإلسالم أن تشهد أن ال إله إال اهلل وأن محمداً‬ ‫رسول اهلل وتقيم الصالة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيالً‘‘‪ 807‬دليل على أن اسإسّلم‬ ‫هو األعمال ال التصديق القلبـي (وقد عُلِ َم أ ان االميان هو التصديق القلىب فثبت التغاير بني اسإميان واسإسّلم)‪.‬‬ ‫جواب قلنا‪ :‬املراد (ىف احلديث) أن مثرات اسإسّلم وعّلماته ذلك (أي الشهادة واالقامة إىل آخرها)‪ ،‬كما قال عليه السّلم لقوم وفدوا‬ ‫(أي قدموا) عليه‪’’ :‬أتدرون ما اإليمان باهلل وحده ؟‘‘ فقالوا‪’’ :‬اهلل ورسوله أعلم‘‘‪ ،‬قال‪’’ :‬شهادة أن ال إله إال اهلل وأن‬

‫‪011‬‬

‫الذاريات‪ :‬اآلية (‪ )15‬و (‪.)16‬‬ ‫احلجرات‪ :‬اآلية (‪)01‬‬

‫‪015‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬اسإسّلم أن تشهد أنه ال إله إال اهلل‪ ))...‬احلديث أخرجه الشيخان من حديث ابن عمر‪.‬‬

‫‪011‬‬

‫‪011‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫محمداً رسول اهلل وإقام الصالة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وأن تعطوا من المغنم الخمس‘‘‪ 806‬وكما قال صلى اهلل‬

‫عليه وسلم‪" :‬اإليمان بضع وسبعون شعبة أعالها قول ال إله إال اهلل وأدناها إماطة األذى عن الطريق"‪.802‬‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫هل اإلسالم مغاير لإليمان أو هما متحدان؟ فنقول‪ :‬اسإسّلم يف اللغة‪ :‬االنقياد واسإذعان‪ ،‬ويف الشريعة‪ :‬االنقياد هلل بقبول رسوله عليه‬

‫السّلم بال تلفظ بكلميت الشهادة‪ ،‬واسإتيان بالواجبات واالنتهاء عن املنكرات‪ ،‬كما دل عليه جواب النيب صلى اهلل عليه وسلم حني سأله‬

‫جربيل عليه السّلم عن اسإسّلم يف احلديث الذي رواه أبو هريرة رضي اهلل عنه‪ ،‬حيث قال النيب عليه السّلم ’’اإلسالم أن تعبد اهلل وال تشرك به شيئا وتقيم‬ ‫الصالة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان‘‘ ‪ .‬ويطلق اسإسّلم على دين حممد‪ ،‬يقال‪ :‬دين اسإسّلم‪ ،‬كما يقال‪ :‬دين اليهودية والنصرانية‪ .‬قال اهلل تع ـ ـ ـ ـ ـاىل‪:‬‬ ‫﴿ إن الدين عند اهلل اإلسالم ﴾‬

‫[ آل عمران‪ ] 99 :‬وقال عليه السّلم‪’’ :‬ذاق طعم اإليمان من رضي باهلل ربا وباإلسالم دينا‘‘‪.‬‬ ‫مث اختلف العلماء فيهما‪ ،‬فذهب المحققون إلى أنهما متغايران وهو الصحيح ‪ ،‬وذهب بعض احملدثني واملتكلمني ومجهور املعتزلة إىل أن اسإميان هو اسإسّلم‪،‬‬ ‫واسإمسان مرتادفان شرعا (كما هو مذهب اسإمام النسفي والعّلمة التفتازاين)‪ .‬وقال اخلطايب‪ :‬والصحيح م ن ذلك أن يقيد الكّلم وال يطلق‪ ،‬وذلك أن املسلم قد‬ ‫يكون يف بعض األحوال دون بعض‪ ،‬واملؤمن مسلم يف مجيع األحوال‪ ،‬فكل مؤمن مسلم‪ ،‬وليس كل مسلم مؤمنا‪ .‬وإذا محلت األمر على هذا استقام لك تأويل‬ ‫اآليات‪ ،‬واعتدل القول فيها‪ ،‬ومل خيتلف شيء منها‪ .‬وأصل اسإميان‪ :‬التصديق‪ ،‬وأص ل اسإسّلم‪ :‬االستسّلم واالنقياد‪ ،‬فقد يكون املرء مسلما يف الظاهر غري منقاد يف‬ ‫الباطن‪ ،‬وقد يكون صادقا بالباطن غري منقاد يف الظاهر‪ .‬قلت‪ :‬هذه إشارة إىل أن بينهما عموما وخصوصا مطلقا كما صرح به بعض الفضّلء‪ ،‬والحق أن بينهما‬

‫عموما وخصوصا من وجه ألن اسإميان أيضا قد يوجد بدون اسإسّلم‪ ،‬كما يف شاهق اجلبل إذا عرف اهلل بعقله وصدق بوجوده ووحدته وسائر صفاته قبل أن تبلغه‬ ‫دعوة نيب‪ ،‬وكذا يف الكافر إذا اعتقد مجيع ما جيب اسإميان به اعتقادا جازما ومات فجأة قبل اسإقرار والعمل‪.‬‬

‫والحاصل‪ :‬أن بيان النسبة بين اإليمان واإلسالم بالمساواة أو بالعموم والخصوص موقوف على تفسير اإليمان‪ .‬فقال املتأخرون‪ :‬هو تصديق الرسول عليه‬ ‫السّلم‪ ،‬مبا علم جميئه به ضرورة‪ ،‬واحلنفية‪ :‬التصديق واسإقرار‪ .‬والكرامية‪ :‬اسإقرار‪ .‬وبعض املعتزلة‪ :‬األعمال‪ .‬والسلف‪ :‬التصديق باجلنان‪ ،‬واسإقرار باللسان‪ ،‬والعمل‬ ‫باألركان‪ .‬فهذه أقوال مخسة‪ :‬الثّلثة منها بسيطة‪ ،‬وواحد مركب ثنائي‪ ،‬واخلامس مركب ثّلثي‪ .‬ووجه احلصر أنه إما بسيط أو ال‪ ،‬والبسيط‪ :‬إما اعتقادي أو قويل أو‬ ‫عملي‪ ،‬وغري البسيط‪ :‬إما ثنائي وإما ثّلثي‪ ،‬وهذا كله بالنظر إىل ما عند اهلل تعاىل‪ .‬أما عندنا فاسإميان هو بالكلمة‪ ،‬فإذا قاهلا حكمنا بإميانه اتفاقا بّل خّلف‪ ،‬مث ال‬ ‫تغفل أن النزاع يف نفس اسإميان‪ ،‬وأما الكمال فإنه ال بد فيه من الثّلثة إمجاعا‪.‬‬

‫ثم أن الذين ذهبوا (منهم اإلمام النسفي والعالمة التفتازاني) إلى أن اإليمان هو اإلسالم‪ ،‬واإلسالم مترادفان‪ ،‬استدلوا على ذلك بوجوه‪ :‬األول‪ :‬أن اسإميان‬ ‫هو التصديق باهلل‪ .‬واسإسّلم‪ :‬إما أن يكون مأخوذا من التسليم‪ ،‬وهو تسليم العبد نفسه هلل تعاىل‪ ،‬أو يكون مأخوذا من االستسّلم وهو‪ :‬االنقياد‪ ،‬وكيف ما كان‬ ‫فهو راجع إىل ما ذكرنا من تصديقه بالقلب واعتقاده أنه تعاىل خالقه ال شريك له‪ .‬الثاني‪ :‬قوله تعاىل‪ ﴿ :‬ومن يبتغ غير اإلسالم دينا فلن يقبل منه ﴾ [آل‬

‫عمران‪ ]91 :‬وقوله تعاىل‪ ﴿ :‬إن الدين عند اهلل اإلسالم ﴾ [آل عمران‪ ]99 :‬ابني أن دين اهلل هو اسإسّلم‪ ،‬وأن كل دين غري اسإسّلم غري مقبول‪ .‬واسإميان دين‬ ‫ال حمالة‪ ،‬فلو كان غري اسإسّلم ملا كان مقبوال‪ ،‬وليس كذلك‪ .‬الثالث‪ :‬لو كانا متغايرين لتصور أحدمها بدون اآلخر‪ ،‬ولتصور مسلم ليس مبؤمن‪.‬‬

‫وأجيب عن األول‪ :‬بأنا ال نسلم أن اسإميان هو التصديق باهلل فقط‪ ،‬وإال لكان كثري من الكفار مؤمنني لتصديقهم باهلل‪ ،‬بل هو تصديق الرسول بكل ما علم جميئه‬ ‫به بالضرورة‪ ،‬كما مر‪ ،‬ولئن سلمنا‪ ،‬لكن ال نسلم أن التسليم ههنا مبعىن تسليم العبد نفسه‪ِ ،‬ملَ ال جيوز أن يكون مبعىن االستسّلم وهو‪ :‬االنقياد‪ ،‬وألن أحد معاين‬ ‫التسليم‪ :‬االنقياد‪ ،‬وحينئذ يلزم تغايرمها جلواز االنقياد هاهرا بدون تصديق القلب‪ .‬وعن الثاني‪ :‬بأنا ال نسلم أن اسإميان الذي هو التصديق فقط دين‪ ،‬بل الدين إمنا‬

‫يقال جملموع األركان املعتربة يف كل دين‪ :‬كاسإسّلم‪ ،‬بتفسري النيب عليه السّلم‪ ،‬وهلذا يقال‪ :‬دين اسإسّلم‪ ،‬وال يقال‪ :‬دين اسإميان‪ ،‬وهذا أيضا فرق آخر‪ ،‬ومعىن اآلية‪:‬‬ ‫معىن‪ ،‬وأيضا املنافقون كلهم مسلمون بالتفسري‬ ‫ومن يبتغ دينا غري دين حممد فلن يقبل منه‪ .‬وعن الثالث‪ :‬بأن عدم تغايرمها مبعىن عدم االنفكاك ال يوجب احتادمها ً‬ ‫املذكور غري مؤمنني‪ ،‬فقد وجد أحدمها بدون اآلخر‪.‬‬ ‫مث أهنم أولوا اآلية بأن املراد‪ :‬بأسلمنا‪ ،‬استسلمنا أي‪ :‬أنقدنا‪ ،‬واخلرب بأن سؤال جربيل عليه السّلم‪ ،‬ما كان عن اسإسّلم‪ ،‬بل عن شرائع اسإسّلم‪ ،‬وأسندوا هذا إىل‬ ‫بعض الرواة‪ .‬وأجي ب‪ :‬بأن االستسّلم ههنا ينبغي أن يكون باملعىن املذكور يف تعريف اسإسّلم‪ ،‬وإال ملا متكن املنافقون من دعوى اسإميان‪ ،‬وحينئذ ال فائدة يف هذا‬ ‫التأويل‪ .‬واملذكور يف الصحيحني‪ ،‬وغريمها ما ذكرنا‪ ،‬وال تعارضه هذه الرواية الغريبة املخالفة للظاهر‪ .‬قلت‪ :‬في إثبات وحدة اإليمان واإلسالم صعوبة وعسر‪ ،‬ألنا‬ ‫لو نظرنا إىل قوله تعاىل‪ ﴿ :‬ومن يبتغ غير اإلسالم دينا فلن يقبل منه ﴾ [آل عمران‪ ]91 :‬لزم احتادمها‪ ،‬إذ لو كان اسإميان غري اسإسّلم مل يقبل قط‪ ،‬فتعني أن‬ ‫يكون عينه‪ ،‬ألن اسإميان هو الدين‪ ،‬والدين هو اسإسّلم‪ ،‬لقوله تعاىل‪ ﴿ :‬إن الدين عند اهلل اإلسالم ﴾ [آل عمران‪ ] 99 :‬فينتج أن اسإميان هو اسإسّلم‪ ،‬ولو نظرنا‬

‫إىل قول النيب صلى اهلل عليه وسلم حني سأله جربيل عن اسإميان واسإسّلم‪" :‬اإليمان أن تؤمن باهلل ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر وتؤمن بالقدر خيره‬ ‫وشره‪ ،‬واإلسالم أن تشهد أن ال إله إال اهلل وأن محمدا رسول اهلل وتقيم الصالة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيال" لزم‬ ‫‪016‬‬ ‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬أناه قال للوفد‪ :‬أتدرون ما اسإميان‪ ))...‬احلديث أخرجه الشيخان من حديث ابن عباس‪.‬‬ ‫تغايرمها بتصريح تفسريمها‪ .‬وألن قوله تعاىل‪ ﴿ :‬إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات ﴾ [األحزاب‪ ]31 :‬يدل على املغايرة بينهما‪ ،‬ألن العطف‬ ‫‪017‬‬ ‫عليه‪ ((.‬اسإميان بضع وسبعون شعبة أعّلها‪ ))...‬احلديث أخرجه البخاري‪.‬‬ ‫حديث‪:‬‬ ‫السيوطي‪:‬‬ ‫عطوف‬ ‫قالاملعطوف وامل‬ ‫يقتضي تغاير‬ ‫تيسريدشرح‬ ‫هتذيب األرواح النفسية يف‬ ‫النسفياةالعيني الحنفي)‬ ‫العقائد أحمد‬ ‫محمود بن‬ ‫محم‬ ‫(عمدة القاري‪ ،‬شرح صحيح البخاري لإلمام العالمة بدر الدينا أبي ّ‬ ‫‪011‬‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫(بقية من الصفحة السابقة)‬

‫إىل قول النيب صلى اهلل عليه وسلم حني سأله جربيل عن اسإميان واسإسّلم‪’’ :‬اإليمان أن تؤمن باهلل ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر‬

‫وتؤمن بالقدر خيره وشره‪ ،‬واإلسالم أن تشهد أن ال إله إال اهلل وأن محمدا رسول اهلل وتقيم الصالة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت‬

‫إليه سبيال‘‘ لزم تغايرمها بتصريح تفسريمها‪ .‬وألن قوله تعاىل‪ ﴿ :‬إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات ﴾ [األحزاب‪ ]31 :‬يدل على املغايرة بينهما‪،‬‬ ‫ألن العطف يقتضي تغاير املعطوف واملعطوف عليه‪.‬‬

‫محمد محمود بن أحمد العيني الحنفي)‬ ‫(عمدة القاري‪ ،‬شرح صحيح البخاري لإلمام العالمة بدر الدين أبي ّ‬

‫ص َّح له أن يقول‪ :‬أنا مؤمن حقاً)) لتحقيق اسإميان له‪.‬‬ ‫((وإذا ُو ِج َد من العبد‬ ‫ُ‬ ‫التصديق واإلقر ُار َ‬

‫((وال ينبغي أن يقول‪ :‬أنا مؤمن إن شاء اهلل)) ألنه إن كان للشك فهو كفر ال حمالة‪.‬‬ ‫(جيوز أن يقول ’’أنا مؤمن إن شاء اهلل‘‘ ىف أربعة صور ولكن تركه أوىل)‬ ‫)‪ (9‬وإن كان للتأدب (أي االتصاف باألدب مع اهلل تعاىل) وإحالة األمور إىل مشيئة اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫)‪ (7‬أو للشك يف العاقبة واملآل (أي املرجع) ال يف اآلن واحلال‪.‬‬ ‫)‪ (3‬أو للتربك بذكر اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫)‪ (4‬أو التربَ عن تزكية نفسه واسإعجاب حباله‪ ،‬فاألوىل تركه ملا أنه يوهم بالشك‪.‬‬ ‫وهلذا (أي ألن تركه أوىل بّل وجوب) قال (املصنف يف املنت)‪ :‬وال ينبغي دون أن يقول‪ :‬ال جيوز‪ ،‬ألنه إذا مل يكن للشك فّل‬ ‫معىن لنفي اجلواز‪ ،‬كيف (يكون له املعىن) وقد ذهب إليه (أي إىل اجلواز) كثري من السلف حىت الصحابة والتابعني‪.‬‬ ‫مهم‬ ‫تمهيد ّ‬

‫احتج صاحب الكفاية على املنع عن االستثناء مطلقاً أن قولكم ’’أنا مؤمن إن شاء اهلل تعاىل‘‘ كقول الشاب ’’أنا شاب إن شاء اهلل‘‘‬ ‫ا‬ ‫وال شك أن الثاىن كّلم مهمل أو كذب فكذا األ اول‪ ،‬فاجاب الشارح عنه بقوله ’’و ليس هذا‪.‘‘...‬‬

‫وليس هذا (أي أنا مؤمن إن شاء اهلل تعاىل) مثل قولك‪ :‬أنا شاب إن شاء اهلل‪ ،‬ألن الشباب ليس من األفعال املكتسبة وال‬ ‫مما يتصور البقاء عليه يف العاقبة واملآل‪ ،‬وال مما حيصل به تزكية النفس واسإعجاب‪ ،‬بل (أنا مؤمن إن شاء اهلل تعاىل) مثل قوله‪ :‬أنا‬ ‫زاهد متق إن شاء اهلل (أل ان اسإميان والزهد والتقوى مماا يكتسب باالخيار ويرجى البقاء عليه ىف العاقبة واملآل وحتصل به تزكية النفس واسإعجاب)‪.‬‬ ‫(مذهب بعض احملقِّقني ىف توجيه جواز االستثناء أي إن شاء اهلل تعاىل)‬ ‫وذهب بعض احملققني (ىف توجيه جواز االستثناء) إىل أن احلاصل للعبد هو حقيقة التصديق الذي يه خيرج عن الكفر‪،‬‬ ‫لكن التصديق يف نفسه قابل للشدة والضعف‪ ،‬وحصول التصديق الكامل املنجي (عن العذاب) املشار إليه بقوله تعاىل‪:‬‬

‫﴿ أولئك هم المؤمنون حقاً لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم‬ ‫خيفى جوازه بل ال جيوز ترك االستثناء)﴾ ‪ 801‬إمنا هو يف مشيئة اهلل تعاىل‪.‬‬

‫‪018‬‬

‫‪011‬‬

‫(فمعىن االستثناء ٍ‬ ‫ناج إن شاء اهلل تعاىل وال‬ ‫حينئذ أنا مؤمن كامل ٍ‬

‫األنفال‪ :‬اآلية (‪.)71‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫اختلف السلف واخللف يف إطّلق اسإنسان ((أنا مؤمن))‪ ،‬فقالت طائفة‪ :‬ال يقول ((أنا مؤمن)) مقتصراً عليه‪ ،‬بل يقول‪(( :‬أنا مؤمن إن‬ ‫شاء اهلل))‪ ،‬وحكي هذا عن أكثر املتكالمني‪ ،‬وذهب آخرون إىل جواز إطّلق‪(( :‬أنا مؤمن))‪ ،‬وأنه ال يقول إن شاء اهلل‪ ،‬وهذا هو املختار‪،‬‬

‫وهو قول أهل التحقيق‪.‬‬ ‫وذهب األوزاعي وغريه‪ :‬إىل جواز األمرين‪ ،‬واألقوال الثّلثة صحيحةٌ باعتبارات خمتلفة‪ ،‬فمن أطلق نظر إىل احلال‪ ،‬فإ ان أحكام اسإميان جارية عليه يف احلال‪ ،‬ومن‬ ‫املختار اجلوا ُز‬ ‫حسن‪ ،‬ولكن‬ ‫للتربك‪ ،‬أو‪ :‬العتبار العاقبة‪ ،‬ومن قال بالتخيري‪ :‬نظر إىل مأخذ القولني ورفع االختّلف‪ ،‬والقول بالتخيري ٌ‬ ‫َ‬ ‫قال‪ :‬إن شاء اهلل‪ ،‬قالوا‪ :‬هو ا‬ ‫من غري قول‪(( :‬إن شاء اهلل)) وباهلل التاوفيق‪( .‬التلخيص‪ ،‬شرح اجلامع الصحيح للبخاري لإلمام النووي)‬

‫(متهيد لقول املصناف ’’والسعيد قد يشقى‘‘)‬ ‫وملا نقل عن بعض األشاعرة أنه يصح أن يقال‪ :‬أنا مؤمن إن شاء اهلل بناء على أن العربة (أي االعتبار) يف اسإميان‬ ‫والكفر والسعادة الشقاوة باخلامتة حىت إن املؤمن السعيد من مات على اسإميان وإن كان طول عمره على الكفر والعصيان وأن‬ ‫الكافر الشقي من مات على ا لكفر نعوذ باهلل وإن كان طول عمره على التصديق والطاعة على ما أشري إليه بقوله تعاىل يف‬ ‫حق إبليس‪ ﴿ :‬وكان من الكافرين ﴾‪ ،809‬وبقوله عليه السّلم‪’’ :‬السعيد من سعد في بطن أمه والشقي من شقي في‬

‫بطن أمه‘‘‪ ،880‬أشار (جزاء ملا‪ ،‬أي أشار املصناف) إىل إبطال ذلك بقوله‪:‬‬

‫((والسعيد قد يشقى)) بأن يرتد بعد اسإميان نعوذ باهلل‪(( ،‬والشقي قد يسعد)) بأن يؤمن بعد الكفر‪.‬‬

‫سوال مق ّدر‬ ‫جواب‬

‫إ ان تَـغَيُّـَر السعادة والشقاوة حمال ألناه يوجب التغري ىف اسإسعاد واسإشقاء ومها صفات اهلل تعاىل وتَغيُّـ ُرمها حمال!!‬

‫ني مها من أحوال ٍ‬ ‫((والتغيير يكون على السعادة والشقاوة (اللاتَـ م ِ‬ ‫عبد) دون اإلسعاد واإلشقاء وهما من صفات اهلل‬

‫تعالى)) ملا أن اسإسعاد تكوين السعادة واسإشقاء تكوين الشقاوة‪.‬‬

‫((وال تغير على اهلل تعالى وال على صفاته)) ملا مر من أن القدمي ال يكون حمّلً للحوادث‪.‬‬ ‫واحلق أنه ال خّلف (بني احلنفية والشافعية) يف املعىن (أي ىف احلقيقة) ألنه إن أريد باسإميان والسعادة جمرد حصول املعىن (أي‬ ‫التصديق واسإقرار) فهو حاصل يف احلال (بّل شك)‪ ،‬وإن أريد (باسإميان والسعادة) به ما يرتتب عليه النجاة والثمرات فهو يف مشيئة اهلل‬ ‫جمرد‬ ‫تعاىل ال قطع (أي ال يقني) حبصوله (أي حصول النجاة والثمرات) يف احلال‪ ،‬فمن قطع باحلصول (أي منع االستثناء) أراد األول (أي ا‬ ‫حصول املعىن) ومن افوض إىل املشيئة (أي استثىن) أراد الثاين (أي ما يرتتاب عليه النجاة)‪.‬‬ ‫(انتهى اجلواب)‬

‫‪019‬‬

‫البقرة‪ :‬اآلية (‪)11‬‬

‫‪001‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬السعيد من سعد يف بطنه أمه ‪ ،‬والشقي من شقي ىف بطن أمه )) أخرجه البزار بسند صحيح من حديث أيب هريرة‪.‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪015‬‬

‫[ البحث فى النبوة ]‬ ‫((وفي إرسال الرسل)) مجع رسول‪ ،‬فعول من الرسالة‪ ،‬وهي سفارة العبد‬ ‫طرف) بني اهلل تعاىل وبني ذوي األلباب من خليقته (أي خملوقاته) ليزيح هبا (أي ليُن ِزل اهلل تعاىل بالسفارة) عللهم (أي أمراضهم من اجلهل‬ ‫والشكوك والشبهات) فيما قصرت عنه عقوهلم من مصاحل الدنيا واآلخرة‪ ،‬وقد عرفت معىن الرسول والنيب يف صدر الكتاب (باب‬ ‫التوسط على سبيل إيصال اخلري من طرف إىل‬ ‫(السفارة ا‬

‫تعريف العلم وأسبابه يف تعريف الرسول‪ ،‬صفحة ‪(( )37‬حكمة)) أي مصلحة وعاقبة محيدة‪.‬‬ ‫ويف هذا (أي ىف قوله حكمة) إشارة إىل أن اسإرسال واجب ال مبعىن الوجوب على اهلل تعاىل (كما زعمت املعتزلة فإناه باطل)‪ ،‬بل‬ ‫مبعىن أن قضية احلكمة تقتضيه (اسإرسال) ملا فيه من احلكم واملصاحل‪.‬‬ ‫وليس (اسإرسال) مبمتنع (أي مبحال) كما زعمت السمنية والربامهة‪ ،‬وال (اسإرسال) مبمكن يستوي طرفاه (ىف نظر العقل حبيث ال‬ ‫جانب وقوعِه ويـَُر ِّج ُح اهللُ تعاىل مبحض إرادته) كما ذهب إليه بعض املتكلمني‪.‬‬ ‫يُ ِّ‬ ‫العقل َ‬ ‫رج ُح ُ‬ ‫مث أشار (املصناف) إىل وقوع اسإرسال (بقوله قد أرسل) وفائدته (بقوله مب ِّش ِرين ِ‬ ‫ومبَـيِّنني) وطريق ثبوته (بقوله وأيادهم باملعجزات)‬ ‫ومنذ ِرين ُ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫حممد صلى اهلل تعاىل عليه وسلام) فقال‪:‬‬ ‫وتعيني بعض من ثبت رسالته (بقوله أ اول األنبياء آدم عليه السّلم وآخرهم ا‬

‫((وقد أرسل اهلل تعالى رسالً من البشر إلى البشر مبشرين)) ألهل اسإميان والطاعة باجلنة والثواب ((ومنذرين))‬ ‫ألهل الكفر والعصيان بالنار والعقاب‪ ،‬فإن ذلك (أي العلم بالثواب والعقاب واسباهبما) مما ال طريق للعقل إليه وإن كان (أي إن حصل‬ ‫طريق للعقل) فبأنظار (أي حيصل بأفكار) دقيقة ال يتيسر (تلك األنظار) إال لواحد بعد واحد‪.‬‬

‫((ومبينين للناس ما يحتاجون إليه من أمور الدنيا والدين)) فإنه تعاىل خلق اجلنة والنار وأعد فيهما الثواب‬ ‫والعقاب وتفاصيل أحواهلما وطريق الوصول إىل األول (أي إىل اجلناة بأداء الطاعات) واالحرتاز عن الثاين (أي عن النار برتك السيئات) مما‬ ‫ال يستقل به العقل‪ ،‬وكذا خلق (اهللُ تعاىل) األجسام النافعة والضارة ومل جيعل للعقول واحلواس االستقّلل مبعرفتهما وكذا جعل‬ ‫القضايا (أي األحكام الواقعة) منها (أي من القضايا) ما هي ممكنات ال طريق إىل اجلزم بأحد جانبيه (من اسإجياب والسلب) ومنها (من‬ ‫القضايا) ما هي واجبات (كحدوث العا َمل) أو ممتنعات (كشريك الواحد تعاىل وكونه ىف جهة ومكان) ال يظهر (تلك الواجبات واملمتنعات) للعقل إال‬ ‫بعد نظر (فكر) دائم (طويل) وحبث كامل حبيث لو اشتغل اسإنسان به (بالنظر والبحث) لتعطل أكثر مصاحله (من تدبري املعاش) فكان‬ ‫من فضل اهلل تعاىل ورمحته إرسال الرسل لبيان ذلك (أي القضايا أو إىل مجيع ما ذكر من اجلنة والنار وما بعدها) كما قال تعاىل‪ ﴿ :‬وما‬

‫أرسلناك إال رحمة للعالمين ﴾‪.888‬‬

‫((وأيدهم)) أي األنبياء ((بالمعجزات الناقضات (اخلارقات) للعادات)) مجع معجزة وهي أمر يظهر خبّلف العادة‬ ‫على يدي مدعي النبوة عند حتدي املنكرين على وجه يعجز املنكرين عن اسإتيان مبثله‪ ،‬وذلك ألنه لوال التأييد باملعجزة ملا‬ ‫وجب قبول قوله‪ ،‬وملا بان (أي مل يظهر) الصادق يف دعوى الرسالة عن الكاذب وعند ههور املعجزة حيصل اجلزم بصدقه بطريق‬ ‫جرى العادة بأن اهلل تعاىل خيلق العلم (الضرورى) بالصدق عقيب ههور املعجزة وإن (وصلية) كان عدم خلق العلم ممكناً يف‬ ‫نفسه وذلك (أي حصول العلم الضرورى باملعجزة مع إمكان ِ‬ ‫نقيضه) كما إذا ادعى أحد مبحضر من اجلماعة أنه رسول هذا امللك إليهم‪،‬‬ ‫مث قال للملك‪ :‬إن كنت (انا) صادقاً (ىف دعوى أ اىن رسولك) فخالف عادتك وقم من مكانك ثّلث مرات ففعل (امللك) حيصل (جزاء‬ ‫‪000‬‬

‫‪016‬‬

‫األنبياء‪ :‬اآلية (‪.)017‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫إذا) للجماعة علم ضروري عادي بصدقه يف مقالته‪ ،‬وإن (وصلية) كان الكذب ممكناً يف نفسه فإن اسإمكان الذايت معىن‬ ‫التجويز العقلي ال ينايف حصول العلم القطعي كعلمنا بأن جبل أحد مل ينقلب ذهباً مع إمكانه (أي إمكان االنقّلب) يف نفسه‬ ‫فكذا ههنا (أي عند ههور املعجزة) حيصل العلم بصدقه مبوجب العادة ألهنا (أي العادة اسإهلية اجلارية خبلق العلم الضرورى) أحد طرق العلم‬ ‫القطعي كاحلس (فكما أن العلم احلسى قطعى فكذا العادى)‪.‬‬ ‫وال يقدح يف ذلك (أي العلم) إمكان كون املعجزة من غري اهلل (كالنيب أو ملك أو شيطان) أو كوهنا ال لغرض التصديق (بل‬ ‫المتحان اخللق) أو كوهنا لتصديق الكاذب إىل غري ذلك من االحتماالت كما ال يقدح يف العلم الضروري احلس حبرارة النار‬ ‫إمكان عدم احلرارة للنار مبعىن أنه لو قدر عدمها (أي عدم احلرارة) مل يلزم منه حمال‪.‬‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬ ‫الفعل والرتك‪.‬‬

‫اُشرتط يف املعجزة سبعة أمور وردت يف كّلم الشارح ‪:‬‬

‫ليتصور كونه منه تعاىل‪ ،‬ويُفهم ذلك من قوله‪’’ :‬أمر يظهر‘‘‪ ،‬إذ األمر يتناول‬ ‫األول‪ :‬أن يكون فعله تعاىل أو ما يقوم مقامه من الرتك ا‬

‫الثاني‪ :‬أن تكون خارقة للعادة‪ ،‬إذ ال إعجاز دونه‪ ،‬وقد دل عليه قوله‪’’ :‬خبّلف العادة‘‘‪.‬‬ ‫دل عليه قوله ’’على يد مدعي النبوة‘‘‪.‬‬ ‫الثالث‪ :‬أن يكون ههوره على يد من يدعي النبوة ليعلم أنه تصديق له‪ ،‬وقد ا‬

‫الرابع‪ :‬أن يكون مقارناً للدعوى‪ ،‬إذ ال شهادة قبل الدعوى‪ ،‬والتأخر عنها بزمان متطاول آية الكذب‪ ،‬وأما املتأخر بزمان يسري فهو يف حكم العدم‪ ،‬ودل عليه‬ ‫قوله‪’’ :‬عند حتدي املنكرين‘‘‪.‬‬ ‫الخامس‪ :‬أن يكون موافقاً للدعوى‪ ،‬إذ املخالف ال يعد تصديقاً كفتق اجلبل بعد دعوى فتق البحر‪.‬‬

‫السادس‪ :‬أن ال يكون مكذبا له كما إذا قال‪ :‬معجزيت نطق هذا اجلماد‪ ،‬فنطق بتكذيبه فإنه أدل على كذبه من صدقه‪ ،‬وقد دل على هذين الشرطني لفظ‬

‫التحدي‪.‬‬

‫السابع‪ :‬أن يتعذر معارضته كما يفصح عنه قوله‪’’ :‬على وجه يُعجز املنكرين عن اسإتيان مبثله‘‘ فإن ذلك حقيقة اسإعجاز‪.‬‬

‫((وأول األنبياء آدم عليه السالم وآخرهم محمد صلى اهلل عليه وسلم))‬ ‫نبوة آدم عليه السّلم)‬ ‫(دالئل على ثبوت ا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ك‬ ‫ت َوَزمو ُج َ‬ ‫ى (قال اهلل تعاىل ﴿ يَا َ‬ ‫اس ُك من أَنم َ‬ ‫آد ُم م‬ ‫أما نبوة آدم عليه السّلم فبالكتاب الدال عل أنه (أي آدم عليه السّلم) قد أُمَر وُهن َ‬ ‫ِِ‬ ‫اجلن ََّة وُك َّل ِممنـها رغَ ًدا حي ُ ِ‬ ‫َّجَرةَ ﴾ [البقرة‪ )]31:‬مع القطع بأنه مل يكن يف زمنه نيب آخر‪ ،‬فهو (أي األمر والنهى) بالوحي‬ ‫َ َ َم‬ ‫ث شئمتُ َما َوَال تَـ مقَربَا َهذه الش َ‬ ‫مَ َ‬

‫ال غري‪ ،‬وكذا بالسنة‪ 887‬واسإمجاع فإنكار نبوته على ما نقل عن البعض يكون كفراً‪.‬‬ ‫حممد صلى اهلل عليه وسلام)‬ ‫نبوة ا‬ ‫(دالئل على ثبوت ا‬ ‫وأما نبوة حممد صلى اهلل عليه وسلم ألنه ادعى النبوة وأههر املعجزة (وكل من اادعى النبوة وأههر املعجزة فهو نيب)‪ ،‬أما دعوى‬ ‫النبوة فقد علم بالتواتر‪ ،‬وأما إههار املعجزة فلوجهني‪:‬‬

‫أحدهما‪ :‬أنه (صلى اهلل عليه وسلام) أههر كّلم اهلل تعاىل وحتدى به البلغاء مع كمال بّلغتهم فعجزوا عن معارضة أقصر‬ ‫سورة منه مع هتالكهم على ذلك (أي حرصهم على املعارضة)‪ ،‬حىت خاطروا مبهجتهم (أي حىت أ موقَـعُوا أنفسهم ىف اخلطر واهلّلك) وأعرضوا‬ ‫عن املعارضة باحلروف إىل املقارعة بالسيوف (كما هو شأن العجز عن إقامة احلجة)‪ ،‬ومل ينقل عن أحد منهم (أي من البلغاء) مع توفر‬ ‫عجز البلغاء) ذلك قطعاً على أنه (القرآن) من عند اهلل‬ ‫الدواعي (أي كثرة األسباب) اسإتيا ُن بشيء مما يدانيه (أي يقارب القرآن)‪ ،‬ا‬ ‫فدل (أي ُ‬ ‫‪001‬‬

‫قال‪ :‬نعم‪.‬‬

‫أنيب كان آدم؟‬ ‫نيب )) أخرجه احلاكم ا‬ ‫وصححه‪ ،‬وابن حبان يف صحيحه عن أىب أمامة أن رجّل قال‪ :‬يا رسول اهلل ا‬ ‫قال السيوطي‪ :‬حديث (( أن آدم ا‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪017‬‬

‫تعاىل وعلم به صدق دعوى النيب علماً عادياً ال يقدح فيه شيء من االحتماالت العقلية على ما هو شأن سائر العلوم‬ ‫العادية‪.‬‬ ‫وثانيهما‪ :‬أنه نُِق َل عنه (أي عن النىب صلى اهلل عليه وسلام) من األمور اخلارقة للعادة ما بلغ القدر املشرتك منه‪ ،‬أعين ههور‬ ‫املعجزة حد التواتر‪ ،‬وإن كانت تفاصيلها (أي تفاصيل األمور) آحاداً (أي أخبار وآحاد) كشجاعة علي رضي اهلل عنه وجود حامت‪،‬‬ ‫فإن كّلً منهما ثبت بالتواتر وإن كان تفاصيلها آحاداً‪ ،‬وهي (أي األمور أو تفاصيلها) مذكورة يف كتاب السري‪.‬‬ ‫وقد يستدل أرباب البصائر على نبوته (صلى اهلل عليه وسلام) بوجهني‪:‬‬ ‫أحدهما‪ :‬ما تواتر من أحواله قبل النبوة (من الصدق واألمانة) وحال الدعوة‬ ‫تبليغ احلق) وبعد متامها (أي متام الدعوة حني فتح البّلد) وأخّلقه العظيمة وأحكامه احلكيمة (أي املشتملة على احلكمة) وإقدامه حيث حتجم‬ ‫تأخر) األبطال ووثوقه (أي اعتماده) بعصمة اهلل تعاىل (أي حفظه) يف مجيع األحوال وثباته على حاله لدى األهوال حبيث مل جيد‬ ‫(أي ا‬ ‫أعداؤه مع شدة عداوهتم وحرصهم على الطعن فيه (ىف النىب صلى اهلل عليه وسلام) مطعناً (مفعول مل ّتد) وال إىل القدح فيه سبباً‪ ،‬فإن‬ ‫العقل جيزم بامتناع اجتماع هذه األمور يف غري األنبياء‪ ،‬وأن جيمع اهلل هذه الكماالت يف حق من يعلم أنه يفرتي عليه (أي‬ ‫على اهلل تعاىل) مث ميهله ثّلثاً وعشرين سنةً مث يظهر دينه على سائر األديان وينصره على أعدائه وحيىي آثاره بعد موته إىل يوم‬ ‫القيامة‪.‬‬ ‫حتمل املشاق الشديدة ىف‬ ‫(أي دعوة الناس إىل اسإميان من ا‬

‫ني‬ ‫النبوة) بني أههر قوم ال كتاب هلم وال حكمة (أي ال شريعة) معهم‪ ،‬وبَـ َّ َ‬ ‫وثانيهما‪ :‬أنه ادعى ذلك األمر العظيم (أي ا‬ ‫حمم ٌد صلى اهلل عله وسلام) هلم الكتاب واحلكمة وعلمهم األحكام والشرائع وأمت مكارم األخّلق وأكمل كثرياً من الناس (أي‬ ‫( َّ‬ ‫الصحابة) يف الفضائل العلمية والعملية ونور العامل باسإميان والعلم الصاحل‪ ،‬وأههر اهلل دينه على الدين كله كما وعده (بقوله‪ُ ﴿ :‬ه َو‬ ‫الَّ ِذي أ مَر َس َل َر ُسولَهُ بِا مهلَُدى َوِدي ِن ا محلَ ِّق لِيُظم ِهَرهُ َعلَى الدِّي ِن ُكلِّ ِه ﴾ [التوبة‪[ ،]33 :‬الفتح‪[ ،]79 :‬الصف‪ ،)]9 :‬وال معىن للنبوة والرسالة سوى ذلك‪.‬‬ ‫(انتهى الوجه الثاىن)‬

‫خامت النابيني)‬ ‫حممد صلى اهلل عليه وسلام هو َ‬ ‫( ا‬ ‫وإذا ثبتت نبوته وقد دل كّلمه (أي كّلم النىب صلى اهلل عليه وسلام) وكّلم اهلل تعاىل املنـزل عليه على أنه خامت النبيني وأنه‬ ‫مبعوث إىل كافة الناس (أي مجيعهم) بل إىل اجلن واسإنس ثبت أنه آخر األنبياء وأن نبوته ال ختتص بالعرب كما زعم بعض‬ ‫النصارى‪.‬‬ ‫(اعرتاض على كونه خامت النبيني)‬

‫اعتراض فإن قيل‪ :‬قد روي يف احلديث نـزول عيسى عليه السّلم‪ 883‬بعده (أي بعد النىب صلى اهلل عليه وسلام)‪.‬‬ ‫جواب قلنا‪ :‬نعم (قد ورد) لكنه (أي عيسى عليه السّلم) يتابع حممداً عليه السّلم (فيحكم على شريعته)‪ ،‬ألن شريعته (أي شريعة عيسى‬ ‫عليه السّلم) قد نسخت فّل يكون إليه وحي وال نصب أحكام‪ ،‬بل يكون خليفة رسول اهلل عليه السّلم‪ ،‬مث األصح أنه يصلي‬ ‫نىب وكونه من أتباع النا اىب صلى اهلل عليه وسالم غري خمل ىف نبوته)‪.‬‬ ‫بالناس ويؤمهم ويقتدي به املهدي ألنه أفضل فإمامته أوىل (ألناه ا‬

‫‪001‬‬

‫‪018‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬نـزول عيسى عليه السّلم )) أخرجه الشيخان وغريمها من طرق‪.‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫[نبينا صلى اهلل عليه وسلّم خاتم النبيين]‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ال صلَّى اللَّه علَي ِه وسلَّم‪« :‬مثَلِي ومثَل ماألَنمبِي ِاء َكمثَ ِل قَص ٍر أ ِ‬ ‫ول اللَّ ِ‬ ‫اىل‪ ﴿ :‬ولَكِ‬ ‫ِ‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫)‬ ‫‪9‬‬ ‫(‬ ‫﴾‬ ‫ني‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫امت‬ ‫خ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُحس َن بِنَ ُاؤهُ‪َ ،‬وتُِرَك منمهُ‬ ‫م م‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ م َُ‬ ‫َ َ َ َ ََ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك اللَّبِنَ ِة ختِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يب المبُـمنـيَا ُن َو ُختِ َم ِ َيب‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫ض‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫د‬ ‫د‬ ‫س‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫ف‬ ‫ا‪،‬‬ ‫اه‬ ‫و‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫يب‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫ض‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫إ‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ائ‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َم مو ِض ُع لَبِنَ ٍة‪ ،‬فَطَ َ‬ ‫َم َ َ َ‬ ‫اف بِِه النُّظَّ ُار يَـتَـ َع َّجبُو َن ِم من ُح مس َ‬ ‫م ُ َ َ َ م ُ َم َ َ‬ ‫َ ُ َ ََ‬ ‫َُ َ‬ ‫احي‪ ،‬ميَمحو اللَّه ِيب الم ُك مفر‪ ،‬وأَنَا ا محل ِ‬ ‫َمح ُد‪ ،‬وأَنَا المم ِ‬ ‫الرسل»‪ ،‬أَخرجاه ِيف َّ ِ‬ ‫يح م ِ‬ ‫اش ُر‪ ،‬الَّ ِذي ُمحي َش ُر‬ ‫ني‪َ )7(.‬وقَ َ‬ ‫صلَّى اللَّهُ عَلَيم ِه َو َسلَّ َم‪« :‬إِ َّن ِيل أ م‬ ‫ال َ‬ ‫ُّ ُ ُ م َ َ ُ‬ ‫ُ ُ َ َ َ َ‬ ‫الصح َ‬ ‫َمسَاءً‪ :‬أَنَا ُحمَ َّم ٌد‪َ ،‬وأَنَا أ م َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النَّاس َعلَى قَ َد َم َّي‪ ،‬وأَنَا ال َمعاقب‪ ،‬وال َمعاق َّ‬ ‫ول اللَّه‪َ « :‬وإنَّهُ َسيَ ُكو ُن ِيف أ َُّم ِيت ثََّلثُو َن َك َّذابُو َن‪ُ ،‬كلُّ ُه مم‬ ‫صح ِ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫يح ُم مسل ٍم َع من ثـَ موبَا َن‪ ،‬قَ َ‬ ‫س بَـ مع َدهُ نَِ ٌّ‬ ‫يب»‪َ ،‬وِيف َ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ب الذي لَمي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت‪ :‬أ مُع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يت َج َو ِام َع الم َكلِ ِم‪،‬‬ ‫ط‬ ‫س‬ ‫ب‬ ‫اء‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫األ‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ض‬ ‫ف‬ ‫‪:‬‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ص‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ول‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫َن‬ ‫أ‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫يث‬ ‫د‬ ‫احل‬ ‫‪،‬‬ ‫»‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫يب‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫‪،‬‬ ‫ني‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫امت‬ ‫خ‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫يب‬ ‫ن‬ ‫َّه‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ٍّ‬ ‫َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫يَـ مزعُ ُم ُ َ ٌّ َ َ َ َُ ِّ َ َ َ َّ َ م‬ ‫َ‬ ‫ُ ََم َ َ َ َ َ ُ ِّ م ُ ََ م َم َ‬ ‫مَ َ َ ُ م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت إِ َىل م ِ‬ ‫ت بِ ُّ ِ ِ َّ‬ ‫ت ِيل المغََنائِ ُم‪َ ،‬و ُجعِلَ م ِ‬ ‫العز‬ ‫ض َم مسج ًدا َوطَ ُه ًورا‪َ ،‬وأ مُرسلم ُ‬ ‫َونُص مر ُ‬ ‫يب النَّبِيُّو َن»‪( .‬شرح العقيدة الطحاوية للعّلمة ابن ا‬ ‫يل ماأل مَر ُ‬ ‫اخلَلمق َكافَّ ًة‪َ ،‬و ُخت َم ِ َ‬ ‫ت َ‬ ‫الر معب‪َ ،‬وأُحل م َ‬ ‫احلنفي)‬ ‫__________‬ ‫َحَز ِ‬ ‫اب آيَة ‪.41‬‬ ‫(‪ُ )9‬س َورةُ ماأل م‬ ‫(‪ )7‬كتب مصححوا الطبعة السلفية‪ ،‬استدرا ًكا يف آخر الكتاب‪ ،‬على هذا املوضع‪ ،‬نصه‪ :‬قد اطلعنا يف الصحيحني‪ ،‬كما نبه الشارح ‪ -‬على مظان احلديث‪،‬‬ ‫فوجدنا أنه روي بعدة وجوه‪ ،‬ليس فيها ما ذكره الشارح‪ ،‬ومما هو يف البخاري يف باب خامت النبينيذ ما نصه‪« :‬إن مثلي ومثل األنبياء من قبلي كمثل رجل بىن بيتًا‪،‬‬ ‫فأحسنه وأمجله‪ ،‬إال موضع لبنة من زاوية‪ .‬فجعل الناس يطوفون به‪ ،‬ويعجبون له‪ ،‬ويقولون‪ :‬هّل وضعت هذه اللبنة؟ قال فأنا اللبنة‪ ،‬وأنا خامت النبيني»‪.‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪019‬‬

‫[ بيان عدد األنبياء عليهم السالم ]‬ ‫((وقد روي بيان عددهم في بعض األحاديث)) على ما روي أن النيب صلى اهلل عليه وسلم سئل عن عدد األنبياء‬

‫فقال‪" :‬مائة ألف وأربع وعشرون ألفاً" ويف رواية‪" :‬مائتا ألف وأربع وعشرون ألفاً"‪.881‬‬

‫((واألولى أن ال يقتصر على عدد في التسمية (أي ىف ذكر األنبياء) فقد قال اهلل تعالى‪ ﴿ :‬منهم من قصصنا عليك‬

‫ومنهم من لم نقصص عليك ﴾‪ 887‬وال يؤمن في ذكر العدد أن يدخل فيهم من ليس منهم)) إن ذكر عدد أكثر من‬

‫عددهم ((أو يخرج منهم من هو فيهم)) إن ذكر عدد أقل من عددهم‪ ،‬يعين أن خرب الواحد على تقدير اشتماله على‬ ‫مجيع الشرائط املذكورة يف أصول الفقه (وهى مثانية‪ :‬األربعة ىف امل ِ‬ ‫خرب‪ ،‬وهى العقل والضبط والعدالة واسإسّلم‪ ،‬وأربعة ىف نفس اخلرب‪ ،‬وهى أن ال يكون‬ ‫خمالفاً ىف الكتاب والسناة والثانية عدم الطعن والثالثة أن ال يكون ىف حادثة يعم هبا البلوى والرابع أن يكون مرتوك املخالفة) ال يفيد (أي خرب الواحد) إال الظن‪،‬‬ ‫وال عربة (أي ال اعتبار) بالظن يف باب االعقتادات‪ ،‬خصوصاً إذا اشتمل (خرب الواحد) على اختّلف رواية (كما سبق من رواية مائة ألف‬ ‫احد ويقتضيه) مما يفضي إىل خمالفة هاهر‬ ‫اخلرب الو ُ‬ ‫ومائىت ألف وقد تقرر أن االختّلف يوجب التشكيك للتعارض) وكان القول مبوجبه (أي مبا يُوجب ُ‬ ‫الكتاب (وهو قوله تعاىل ﴿ منهم من مل نقصص عليك ﴾)‪ ،‬وهو (أي هاهر الكتاب) أن بعض األنبياء مل يُ مذ َكر للنايب عليه السّلم‪ .‬وحيتمل‬ ‫خمالفة الواقع (مع كون املخالفة خطراً ىف هذا املقام) وهو عد النيب عليه السّلم من غري األنبياء وغري النيب من األنبياء بناء على أن اسم‬ ‫العدد خاص يف مدلوله ال حيتمل الزيادة وال النقصان‪.‬‬ ‫((وكلهم كانوا مخبرين مبلغين عن اهلل تعالى)) ألن هذا (أي اسإخبار والتبليغ) معىن النبوة والرسالة‪.‬‬

‫((صادقين ناصحين)) للخلق (أي يطلبون اخلري هلم) لئّل تبطل فائدة البعثة والرسالة‪.‬‬ ‫(الكالم فى عصمة األنبياء)‬

‫ويف هذا (أي ىف قوله صادقني) إشارة إىل أن األنبياء عليهم السّلم معصومون عن الكذب (ىف التبليغ وغريه) خصوصاً فيما‬ ‫يتعلق بأمر الشرائع وتبليغ األحكام وإرشاد األمة‪ ،‬أما عمداً فباسإمجاع‪ ،‬وأما سهواً فعند األكثرين (أي ذهب اجلمهور إىل عصمتهم عن‬ ‫الكذب ىف التبليغ سهواً)‪ ،‬ويف عصمتهم عن سائر الذنوب تفصيل‪ ،‬وهو أهنم معصومون عن الكفر قبل الوحي وبعده باسإمجاع‪،‬‬ ‫وكذا (هم معصومون) عن تعمد الكبائر عند اجلمهور خّلفاً للحشوية (بفتح احلاء وسكون الشني وفتحها‪ ،‬قوم من املبتدعة‪ ،‬قيل يف وجه تسميتهم‬ ‫تعمد الكبائر)‬ ‫جمسمة‪ ،‬واجلسم حمشو أي مملو‪ ،‬وقيل نسبوا إىل حشوة من قري خراسان)‪ ،‬وإمنا اخلّلف (بني املتكلمني) يف أن امتناعه (أي امتناع ا‬ ‫أهنم ا‬ ‫بدليل السمع أو العقل‪.‬‬ ‫وأما (صدور الكبرية بعد النبوة) سهواً (وكذا على سبيل اخلطأ ىف االجتهاد) فجوزه األكثرون‪.‬‬ ‫وأما الصغائر (بعد النبوة) فيجوز عمداً عند اجلمهور خّلفاً للجبائي وأبتاعه‪ ،‬وجيوز سهواً باالتفاق إال ما يدل على‬ ‫اخلسة كسرقة لقمة والتطفيف (هو عدم تعديل الكيل والوزن ىف األخذ والعطاء) حببة (بوزن حباة)‪.‬‬ ‫‪001‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث ‪ (( :‬أنه سئل عن عدد األنبياء فقال‪ :‬مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً ))‪ ،‬أخرجه ابن حبان يف صحيحه من حديث أيب ذر‪.‬‬ ‫قوله‪ :‬وىف رواية (( مائتا الف )) مل أقف عليه ‪.‬‬

‫‪005‬‬

‫غافر‪ :‬اآلية (‪.)78‬‬

‫‪011‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫لكن احملققني (ممان ذهب إىل ّتويز الصغائر عمداً وسهواً) اشرتطوا أن ينهوا عليه (أي خيربهم اهلل تعاىل بأن هذا ال يليق) فينتهوا عنه‪،‬‬ ‫تعمد الكبائر‪ ‘‘...‬إىل ههنا) كله بعد الوحي‪ ،‬وأما قبله (أي قبل الوحى) فّل دليل على امتناع صدور‬ ‫هذا (إشارة إىل ما ذكره بقوله ’’وكذا عن ا‬ ‫الكبرية‪.‬‬ ‫وذهبت املعتزلة إىل امتناعها (امتناع الكبرية) ألهنا (الكبرية) توجب النفرة املانعة عن اتباعهم فتفوت مصلحة البعثة‪.‬‬ ‫واحلق (عند الشارح ىف العصمة قبل النبوة) منع ما يوجب النفرة كقهر األمهات (أي الزنا باأل اُمهات) والفجور والصغائر الدالة على‬ ‫اخلسة‪.‬‬ ‫ومنع الشيعة صدور الصغرية والكبرية قبل الوحي وبعده‪ ،‬لكنهم جوزوا إههار الكفر (إشارة إىل محاقتهم ىف اسإفراط والتفريط‬ ‫النبوة) تقية (خوفًا من األعداء)‪.‬‬ ‫وجوزوا إههار الكفر حال ا‬ ‫جيوزوا الصغرية قبل الوحى ولو سهواً ا‬ ‫حىت مل ا‬ ‫إذا تقرر هذا (أي عصمة األنبياء بعد الوحى) فما (موصولة) نقل عن األنبياء مما يشعر بكذب أو معصية فما كان منقوالً‬ ‫الصرف عن الظاهر)‪ ،‬وإال (أي وإن‬ ‫بطريق اآلحاد فمردود (ألناه ال يفيد اليقني) ‪ ،‬وما كان بطريق التواتر فمصروف عن هاهره إن أمكن (‬ ‫ُ‬ ‫مل يكن) فمحمول على ترك األوىل أو كونه قبل البعثة‪ ،‬وتفصيل ذلك يف الكتب املبسوطة‪.‬‬ ‫محمد صلى اهلل عليه وسلّم)‬ ‫(أفضل األنبياء ّ‬ ‫((وأفضل األنبياء عليهم السالم محمد صلى اهلل عليه وسلم)) لقوله تعاىل‪ ﴿ :‬كنتم خير أمة‪ 886 ﴾...‬اآلية‪،‬‬ ‫وال شك أن خريية األمة حبسب كماهلم يف الدين‪ ،‬وذلك (أي كماهلم ىف الدين) تابع لكمال نبيهم الذي يتبعونه‪.‬‬

‫واالستدالل بقوله عليه السّلم‪" :‬أنا سيد ولد آدم وال فخر"‪ 882‬ضعيف‪ ،‬ألنه ال يدل على كونه أفضل من آدم‬ ‫كرمنا بىن آدم ﴾ اآلية إذ ال خّلف يف أن املراد ببىن آدم فيه نوع اسإنسان‬ ‫بل من أوالده (قد يقال املراد بأوالد آدم عرفا نوع اسإنسان كما يف قوله تعاىل‪ ﴿ :‬ولقد ا‬ ‫وفيه حبث يعرف باسإمعان)‪.‬‬

‫قال اإلمام النووي في شرح صحيح مسلم‪:‬‬ ‫مهمة‬ ‫ِ‬ ‫فائدة ّ‬ ‫احلَ ِديث ال َمم مش ُهور‬ ‫صَّر َح بِنَـ مف ِي ال َمف مخر ِيف غَ مري ُم مسلِم ِيف م‬ ‫))قَ َ‬ ‫صلَّى اللَّه َعلَميه َو َسلَّ َم‪ ( :‬أَنَا َسيِّد َولَد َ‬ ‫آدم ) َملم يَـ ُقلمهُ فَ مخًرا‪ ،‬بَ مل َ‬ ‫ال المعُلَ َماء‪َ :‬وقَـ موله َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫آدم وَال فَ مخر ) وإَِّمنَا قَالَهُ لِو مج َه م ِ‬ ‫ِّث ﴾ َوالث ِ‬ ‫ب َعلَمي ِه تَـمبلِيغه إِ َىل أ َُّمته‬ ‫َحدمهَا اِ ممتِثَال قَـ موله تَـ َع َ‬ ‫اىل‪َ ﴿ :‬وأ ََّما بِنِ مع َم ِة َربِّك فَ َحد م‬ ‫ني‪ :‬أ َ‬ ‫َّاين أَنَّهُ م من المبَـَيان الذي َجي ُ‬ ‫َ َ‬ ‫( أَنَا َسيِّد َولَد َ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِِ‬ ‫ضاه‪ ،‬ويـوقـِّروه صلَّى اللَّه علَي ِه وسلَّم ِمبَا تَـ مقتَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫صلَّى اللَّه َعلَمي ِه َو َسلَّ َم َعلَى‬ ‫ضي َم مرتـَبَتُهُ َك َما أ ََمَرُه مم اللَّه تَـ َع َ‬ ‫اىل‪َ .‬وَه َذا ا محلَديث َدليل لتَـ مفضيله َ‬ ‫ليَـ مع ِرفُوهُ‪َ ،‬ويَـ معتَق ُدوهُ‪َ ،‬ويَـ مع َملُوا مبُمقتَ َ ُ َ ُ َ ُ ُ َ‬ ‫َم ََ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السنَّة أ ََّن ماآلد ِميِّني أَفم َ ِ‬ ‫اخلَلم ِق ُكلِّ ِه ممذ ِأل َّ‬ ‫ضلُوا بَـ مني‬ ‫هم‪َ .‬وأ ََّما ا محلَ ِديث ماآل َخر‪َ ’’ :‬ال تُـ َف ِّ‬ ‫م‬ ‫َن َم مذ َهب أ مَهل ُّ‬ ‫صلَّى اللَّه َعَلمي ِه َو َسلَّ َم أَفم َ‬ ‫ضل ماآل َدمِّي َ‬ ‫َ َ‬ ‫ضل م من ال َمم َّلئ َكة‪َ ،‬وُه َو َ‬ ‫ني َو َغ مري م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َخبَـر بِِه‪َ .‬والث ِ‬ ‫اض ًعا‪َ .‬والثَّالِث أ ََّن‬ ‫َّاين قَالَهُ أ ََدبًا َوتَـ َو ُ‬ ‫صلَّى اللَّه َعلَميه َو َسلَّ َم قَالَهُ قَـمبل أَ من يَـ معلَ َم أَنَّهُ َسيِّد َولَد َ‬ ‫َحدمهَا أَنَّهُ َ‬ ‫ماألَنمبِيَاء ‘‘ فَ َج َوابه م من مخَم َسة أ مَو ُجه‪ :‬أ َ‬ ‫آدم‪ ،‬فَـلَ َّما َعل َم أ م َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النـَّهي إَِّمنَا هو عن تَـ مف ِ‬ ‫اخلَ ِامس أ َّ‬ ‫َن‬ ‫احلَ ِديث‪َ .‬و م‬ ‫ومة َوال ِمفمتـنَة َك َما ُه َو ال َمم مش ُهور ِيف َسبَب م‬ ‫ضول‪َ .‬و َّ‬ ‫ض ٍيل يـُ َؤِّدي إِ َىل تَـمنقيص ال َمم مف ُ‬ ‫الرابِع إَِّمنَا نَـ مه ٌي َع من تَـ مفض ٍيل يـُ َؤِّدي إِ َىل ا مخلُ ُ‬ ‫صَ‬ ‫م َ َُ َ م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ُس ُل‬ ‫ُخَرى َوَال بُ َّد م من ا معت َقاد التَّـ مفضيل‪ ،‬فَـ َق مد قَ َ‬ ‫ال الله تَـ َع َ‬ ‫َّه َي خمُمتَ ٌّ‬ ‫ك ُّ‬ ‫اىل‪ ﴿ :‬تلم َ‬ ‫صائص َوفَ َ‬ ‫ضائل أ م‬ ‫اض َل ف َيها‪َ ،‬وإمنَا التَّـ َف ُ‬ ‫ص بِالتَّـ مفضيل يف نـَ مفس النُّبُـ َّوة‪ ،‬فَ َّل تَـ َف ُ‬ ‫النـ م‬ ‫اضل با مخلَ َ‬ ‫ض ُه مم َعلَى بَـ مع ٍ‬ ‫ض ﴾((‪.‬‬ ‫فَ َّ‬ ‫ضلمنَا بَـ مع َ‬

‫‪006‬‬

‫آل عمران‪ :‬اآلية (‪.)001‬‬

‫‪007‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬أنا سيد ولد آدم‪ ))...‬أخرجه مسلم من حديث أىب هريرة‪.‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪010‬‬

‫[ البحث فى المآلئكة ]‬ ‫((والمالئكة عباد اهلل تعالى العاملون بأمره)) على ما دل عليه قوله تعاىل‪ ﴿ :‬ال يسبقونه بالقول وهم بأمره‬

‫يعملون ﴾‪ ﴿ 881‬ال يستكبرون عن عبادته وال يستسحرون (االستحسار اسإعياء والتعب من العمل الكثري)﴾ ‪.889‬‬

‫((ال يوصفون بذكورة وال أنوثة)) إذ مل يرد بذلك نقل وال دل عليه عقل‪ ،‬وما زعم عبدة األصنام أهنم بنات اهلل‬ ‫تعاىل حمال باطل وإفراط (أي ّتاوز عن احلق ىف جانب الكمال) يف شأهنم (أي ىف شأن املآلئكة)‪ ،‬كما أن قول اليهود أن الواحد منهم قد‬ ‫يرتكب الكفر ويعاقبه اهلل باملسخ تفريط (أي ّتاوز عن احلق ىف جانب النقصان ) وتقصري يف حاهلم‪.‬‬ ‫اعتراض فإن قيل‪ :‬أليس قد كفر إبليس وكان من املّلئكة بدليل صحة استثنائه (أي استثناء إبليس) منهم (أي من املآلئكة ىف قوله‬ ‫تعاىل‪ ﴿ :‬وإذ قُلنا للمآلئكة اسجدوا آلدم فسجدوا إال إبليس ﴾ واألصل ىف االستثناء هو املتاصل واملنقطع جماز)‪.‬‬ ‫جواب قلنا‪ :‬ال (أي ليس من املآلئكة) بل كان من اجلن ففسق (أي خرج) عن أمر ربه‪ ،‬لكنه ملا كان يف صفة املّلئكة يف باب‬ ‫العبادة ورفع الدرجة وكان جنياً واحداً مغموراً (أي مستوراً او مستغرقاً) بالعبادة فيما بينهم صح استثناؤه منهم تغليباً‪.‬‬ ‫وأما هاروت وماروت فاألصح أهنما ملكان مل يصدر عنهما كفر وال كبرية‪ ،‬وتعذيبهما إمنا هو على وجه املعاتبة كما‬ ‫يعاتب األنبيا ء على الزلة والسهو‪ ،‬وكانا يعظان الناس ويعلمان السحر ويقوالن ﴿ إنما نحن فتنة فال تكفر ﴾‪ 870‬وال كفر‬ ‫يف تعليم السحر‪ ،‬بل يف اعتقاده والعمل به‪.‬‬

‫‪008‬‬ ‫‪009‬‬ ‫‪011‬‬

‫‪011‬‬

‫األنبياء‪ :‬اآلية (‪.)72‬‬ ‫األنبياء‪ :‬اآلية (‪.)09‬‬ ‫البقرة‪ :‬اآلية (‪.)011‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫[ البحث فى ُكتُ ِ‬ ‫ب اهلل تعالى ]‬ ‫((وهلل كتب أنـزلها على أنبيائه وبين فيها أمره ونهيه ووعده ووعيده)) وكلها كّلم اهلل تعاىل‬ ‫النفسى) وهو (أي الكّلم النفسى) واحد‪ ،‬وإمنا التعدد والتفاوت يف النظم املقروء واملسموع‪ ،‬وهبذا االعتبار (أي باعتبار النظم) كان‬ ‫األفضل هو القرآن مث التوراة (كتاب موسى عليه السّلم) مث األجنيل (كتاب عيسى عليه السّلم) مث الزبور (كتاب داؤد عليه السّلم) كما أن‬ ‫القرآن كّلم واحد (أي ىف درجة واحدة من الفضيلة) وال يتصور فيه تفضيل باعتبار الكتابة والقراءة جيوز (أي ميكن) أن يكون بعض‬ ‫السور أفضل كما ورد يف احلديث‪.‬‬ ‫وحقيقة التفضيل أن قراءته (أي قراءة بعض السور) أفضل ملا أنه أنفع‪ ،‬أو ذكر اهلل تعاىل فيه أكثر‪.‬‬ ‫مث الكتب قد نسخت بالقرآن تّلوهتا وكتابتها وبعض أحكامها‪.‬‬

‫(أي دالاة على الكّلم‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪011‬‬

‫[ البحث فى المعراج ]‬ ‫تمهيد مهم‬

‫((املعراج))‪ :‬مفعال‪ ،‬من العروج‪ ،‬أى اآللة الىت يعرج فيها‪ ،‬أى يُصعد‪ ،‬وهو مبنزلة السلام‪ ،‬لكن ال يعلم كيف هو‪ ،‬وحكمه كحكم غريه من‬

‫ّ املغيابات‪ ،‬نؤمن به وال نشتغل بكيفيته!‪ ،‬مثا اعلم أ ان اسإسراء هو سفر النيب صلى اهلل عليه وسلام من املسجد احلرام إىل بيت املقدس‪ ،‬وثبوته‬ ‫ِِ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ارْكَنا َح ْولَهُ لِنُ ِريَهُ ِم ْن آَيَاتَِنا‬ ‫يقيين وقطعي من الكتاب حيث قال اهلل تعاىل‪ُ ﴿ :‬س ْب َحا َن الَّذي أ ْ‬ ‫ْح َر ِام إِلَى ال َْم ْسجد األقْ َ‬ ‫َس َرى بِ َع ْبده ل َْيال م َن ال َْم ْسجد ال َ‬ ‫صى الذي بَ َ‬ ‫ِ‬ ‫إِنَّهُ ُهو َّ ِ‬ ‫ومنكِ ُره كافر بّل شك!‬ ‫السم ُ‬ ‫يع الَْبص ُير ﴾ [ اسإسراء‪ُ ،] 9:‬‬ ‫َ‬ ‫واملعراج هو سفر النيب صلى اهلل عليه وسلام من األرض إىل السماء‪ ،‬فاناه ثبت باحلديث املشهور فّل يك افر منكِ‬ ‫فسق‪ ،‬ومن السماء إىل اجلناة أو إىل العرش أو‬ ‫ي‬ ‫بل‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫ُ ُ ا‬ ‫غري ذلك ثابت باآلحاد فيكون منكره آمثاً‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اح َدة ِيف الميـ َقظَة ِجبسدِ‬ ‫ب اِختِّلف األَخبار الموا ِردة‪ :‬فَ ِممنـهم من َذهب إِ َىل أ ََّن ا ِسإسراء وال ِممعراج وقَـعا ِيف لَيـلَة و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف َّ‬ ‫مَ َ َ‬ ‫السلَف حبَ َس ِ م‬ ‫قال اخلافظ ىف فتح الباري‪َ (( :‬وقَ مد ا مختَـلَ َ‬ ‫َ‬ ‫م َ َ مَ َ َ م َ‬ ‫ُم َم َ َ‬ ‫ََ‬ ‫النَِّيب صلَّى اللَّه علَي ِه وسلَّم وروحه بـعد الممبـعث‪ ،‬وإِلَى َه َذا ذَ َهب الْجم ُهور ِمن عُلَماء ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت عَلَْي ِه ظََو ِاهر األَ ْخبَار‬ ‫ين َوتَـ َو َار َد ْ‬ ‫َ ُْ‬ ‫ين َوالْ ُف َق َهاء َوال ُْمتَ َكلم َ‬ ‫ْم َحدث َ‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫َ م َ َ َ َُ َ م َ م َ َ‬ ‫ا َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َج ِل‬ ‫أل‬ ‫ح‬ ‫ن‬ ‫ج‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ض‬ ‫ع‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ف‬ ‫ال‬ ‫خي‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ار‬ ‫ب‬ ‫َخ‬ ‫أل‬ ‫ا‬ ‫ض‬ ‫ع‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫يف‬ ‫اء‬ ‫ج‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫‪،‬‬ ‫يل‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫َى‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫اج‬ ‫ت‬ ‫ح‬ ‫ي‬ ‫َّى‬ ‫ت‬ ‫ح‬ ‫يله‬ ‫ح‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ْع‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫س‬ ‫َي‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ول‬ ‫د‬ ‫ْع‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫غ‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫يح‬ ‫َ‬ ‫َْ َ ُ ُ َ َ َْ‬ ‫ََ م َ َ َم‬ ‫الصح َ َ َ َْ‬ ‫م َ َ َُ َ م َ َ َ َ َ َ م‬ ‫ُُ َ ْ َ َ ْ ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ك ُكلاه وقَ َع َمَّرتَـ م ِ‬ ‫ك ِيف اِبمتِ َداء َِجميء ال َمملَك بِال َمو مح ِي‪)).‬‬ ‫ني َمَّرة ِيف ال َممنَام تَـ مو ِطئَة َومتَم ِه ً‬ ‫يدا‪َ ،‬وَمَّرة ثَانِيَة ِيف الميَـ َقظَة َك َما َوقَ َع نَ ِظري ذَل َ‬ ‫ذَل َ‬ ‫ك بَـ معض أ مَهل المعلمم ممنـ ُه مم إ َىل أ ََّن ذَل َ َ‬ ‫وقال صاحب فتح امللهم أن قال الشيخ ويل اهلل الدهلوي قدس اهلل روحه‪ (( :‬وأُسرى به صلى اهلل عليه وسلام إىل املسجد األقصى‪ ،‬مث إىل سدرة املنتهى‪ ،‬وإىل ما‬ ‫شاء اهلل‪ ،‬وكل ذلك بجسمه صلى اهلل عليه وسلّم فى اليقظة‪)).‬‬ ‫ِ ٍِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫((وقَ مد اُ مختُلِ َ ِ‬ ‫ب األَ مكثَر إِ َىل أَنَّهُ َكا َن‬ ‫يل َكا َن قَـمبل ال َمممبـ َعث‪َ ،‬وُه َو َشا اذ إِال إِ من ُمح َل َعلَى أَنَّهُ َوقَ َع حينَئذ ِيف ال َممَنام َك َما تَـ َقد َ‬ ‫َّم‪َ ،‬و َذ َه َ‬ ‫قال احلافظ‪َ :‬‬ ‫ف يف َوقمت المم معَراج فَق َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك اِختِّلفًا َكثِ ًريا يَِزيد‬ ‫ي‪َ ،‬وبَالَ َغ ابمن َح مزم فَـنَـ َق َل ا ِسإ ممجَاع ف ِيه‪َ ،‬وُه َو َم مرُدود فَإِ َّن ِيف ذَل َ‬ ‫َّوِو ا‬ ‫يل قَـمبل ا مهل مجَرة ب َسنَة قَالَهُ ابمن َس معد َوغَ مريه َوبِه َجَزَم النـ َ‬ ‫بَـ معد ال َمممبـ َعث‪ُ .‬مثَّ ا مختَـلَ ُفوا فَق َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫علَى ع َشرة أَقمـوال‪ِ ،‬ممنـها ما ح َكاه اِبن ا مجلوِزي أَنَّه َكا َن قَـب ِ ِ ِ‬ ‫ضى الَّ ِذي‬ ‫يل بِ ِست َِّة أَ مش ُهر َو َح َكى َه َذا الثَّ ِاين أَبُو َّ‬ ‫الربِيع بمن َسامل‪َ ،‬و َح َكى ابمن َح مزم ُم مقتَ َ‬ ‫َ َ َ ُ م َم ا ُ‬ ‫مَ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫لها بثَ َمانيَة أَ مش ُهر‪َ ،‬وق َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ث قَ َ‬ ‫قَـمبله ألنَّهُ قَ َ‬ ‫يب َحمي ُ‬ ‫ال‪َ :‬كا َن ِيف َربِيع ماآلخر قَـمبل ا مهل مجَرة ب َسنَة‪َ ،‬وَر َّج َحهُ‬ ‫يل بأ َ‬ ‫َح َد َع َشَر َش مهًرا َجَزَم به إبمـَراهيم ا محلَمرِ ا‬ ‫ال‪َ :‬كا َن يف َر َجب َسنَة اثمـنَ َ ميت َع مشَرة م من النُّبُـ َّوة‪َ ،‬وق َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫السرية الب ِن عبد المبـر‪ ،‬وقِيل قَـبل ا مهلِجرة بِسنَ ٍة و َشهري ِن ح َكاه ابن عبد المبـر وقِيل قَـب ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫يل بِ َسنَ ٍة َومخَم َسة‬ ‫ابمن ال ُممنري ِيف َش مرح ِّ َ م َ م َ ا َ َ م‬ ‫م َ َ َ م َم َ ُ م َم َ ا َ َ م َ‬ ‫لها ب َسنَة َوثََّلثَة أَ مش ُهر َح َكاهُ ابمن فَارس‪َ ،‬وق َ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‪َ ،‬و َعلَى‬ ‫َخَر َجهُ ِم من طَ ِريقه الطََِّرب ُّ‬ ‫أَ مش ُهر قَالَهُ ُّ‬ ‫ي َوالمبَـميـ َهق ُّي‪ ،‬فَـ َعلَى َه َذا َكا َن ِيف َش َّوال‪ ،‬أ مَو ِيف َرَم َ‬ ‫ِّي َوأ م‬ ‫ضان َعلَى إلمغَاء الم َك مسَريم ِن منمهُ َوم من َربِيع ماألََّول َوبِه َجَزَم ال َمواقد ا‬ ‫السد ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ضان قَـمبل ا مهلِ مجَرة بِثَ َمانِيَ َة َع َشَر‬ ‫لها بِثَ َمانِيَ َة َع َشَر َش مهًرا‪َ ،‬وعِمند ابمن َسَند َع من ابمن أَِيب َسمبـَرة أَنَّهُ َكا َن ِيف َرَم َ‬ ‫هَاهره يَـمنطَبِق َما ذَ َكَرُه ابمن قُـتَـميبَة َو َح َكاهُ ابمن َعمبد المبَـار أَنَّهُ َكا َن قَـمب َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ي ِيف َّ‬ ‫الرمو َ‬ ‫يل قَـمبل ا مهل مجَرة بِثَّلث سن َ‬ ‫َّوِو ا‬ ‫َّوِو ا‬ ‫يب َوالنـ َ‬ ‫يل َكا َن يف َر َجب َح َكاهُ ابمن َعمبد المبَـار َو َجَزَم به النـ َ‬ ‫ضة‪َ ،‬وق َ‬ ‫َش مهًرا‪َ ،‬وق َ‬ ‫ني َح َكاهُ ابمن األَثري‪َ ،‬و َح َكى عيَاض َوتَب َعهُ الم ُق مرطُِ ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي أَنَّه َكا َن قَـبل ا مهلِجرة ِخبَم ِ ِ ِ‬ ‫ت قَـمبل‬ ‫ت َم َعهُ بَـ معد فَـ مرض َّ‬ ‫َع من ُّ‬ ‫َّها تُـ ُوفـِّيَ م‬ ‫صلَّ م‬ ‫س سن َ‬ ‫ني َوَر َّج َحهُ عَياض َوَم من تَبِ َعهُ َو م‬ ‫الزمه ِر ِّ ُ‬ ‫الص َّلة‪َ ،‬وال خّلف أَنـ َ‬ ‫احتَ َّج بِأَن َُّه ال خّلف أ ََّن َخدجيَة َ‬ ‫م مَ م‬ ‫ِ‬ ‫مجيع ما نـَ َفاه ِمن مِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص َّلة َكا َن لَميـلَة مِ‬ ‫وها َوإِ َّما ِخبَ مم ٍ‬ ‫ي َح َكى‬ ‫س‪َ ،‬وال ِخّلف أ ََّن فَـ مرض َّ‬ ‫ا مهل مجَرة إِ َّما بِثَّلث أ مَو ََنم َ‬ ‫اسإ مسَراء‪ .‬قـُلمت‪ِ :‬يف َ َ ُ م‬ ‫اخل َّلف نَظَر‪ ،‬أ ََّما أ ََّوال فَإ َّن ال َمع مس َك ِر ا‬ ‫ِ‬ ‫الص َّلة اُختلِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أَنـَّها ماتَت قَـبل ا مهلِجرة بِسب ِع ِسنِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يل َكا َن ِم من أ ََّول المبَـ معثَة َوَكا َن‬ ‫َّها َماتَ م‬ ‫يل بِأ مَربَ ٍع‪َ ،‬و َع من ابمن األ م‬ ‫ت َعام ا مهل مجَرة‪َ .‬وأ ََّما ثَانًيا فَِإ َّن فَـ مرض َّ م ُ َ‬ ‫َ‬ ‫مَ َم‬ ‫َ َ م م‬ ‫ايب أَنـ َ‬ ‫َعَرِ ا‬ ‫ف فيه فَق َ‬ ‫ني َوق َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫رمك َعتَـ م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّم يف تَـ مر َمجَة َخدجيَة يف الم َكّلم َعلَى َحديث َعائ َشة يف بَ مدء‬ ‫ض لَميـلَة ا مسإ مسَراء َّ‬ ‫ني بِالمغَ َداة َوَرمك َعتَـ مني بال َمعش ِّي ‪َ ،‬وإمنَا الذي فَـَر َ‬ ‫الصلَ َوات ا مخلَ ممس‪َ .‬وأ ََّما ثَالثًا فَـ َق مد تَـ َقد َ‬ ‫َ‬ ‫اخلمس ِإ من ثَـبت َذلِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ك‪،‬‬ ‫ات‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫الص‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ـ‬ ‫ق‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ّلة‬ ‫الص‬ ‫ت‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫اد‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫َن‬ ‫أ‬ ‫د‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫مم‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫ّل‬ ‫الص‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ـ‬ ‫ق‬ ‫ت‬ ‫ات‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫جي‬ ‫د‬ ‫خ‬ ‫َن‬ ‫أ‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ز‬ ‫ج‬ ‫ة‬ ‫ش‬ ‫ائ‬ ‫ع‬ ‫َن‬ ‫أ‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫اخل‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َ َ ََ م‬ ‫َ‬ ‫َم‬ ‫َّ َ َ ُ مَ َ‬ ‫ُ َ َ م َ َ َ م م ُ َ م َّ َ ُ َ َ م َّ َ َ‬ ‫َ َ َ َ م َم م ُ م َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت قَـمبل ماسإ مسَراء‪َ .‬وأ ََّما َراب ًعا فَفي َسنَة َم موت َخدجيَة‬ ‫ت قَـمبل أَ من تـُ مفَرض َّ‬ ‫ك‪َ ،‬ويَـلمَزم منمهُ أَنـَّ َها َماتَ م‬ ‫َي ا مخلَ ممس‪ ،‬فَـيُ مج َمع بَـ مني ال َمق مولَ مني ب َذل َ‬ ‫َوُمَراد َعائ َشة ب َق موهلَا َماتَ م‬ ‫الصّلة أ م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك قَـبل ا مهلجرة بِ ِس ِّ ِ ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ال إِ َّن‬ ‫ي َعلَى قَـ مول َم من قَ َ‬ ‫ي َع من ُّ‬ ‫الزمه ِر ِّ‬ ‫َّها َماتَ م‬ ‫ت سن َ‬ ‫ت ل َسمب ٍع َم َ م َ‬ ‫ني م من المبَـ معثَة‪َ ،‬وهَاهره أ ََّن َذل َ م‬ ‫ا مختّلف َ‬ ‫ي أَنـ َ‬ ‫ني‪ ،‬فَـَّر َعهُ ال َمع مس َك ِر ا‬ ‫آخر‪ ،‬فَ َح َكى ال َمع مس َك ِر ا‬ ‫مَ‬ ‫ِ‬ ‫ت َع مشًرا‪)).‬‬ ‫ال ُممدَّة بَـ مني المبَـ معثَة َوا مهل مجَرة َكانَ م‬

‫((والمعراج لرسول اهلل عليه الصالة والسالم في اليقظة بشخصه (أي جبسده ال بالروح فقط) إلى السماء‪ ،‬ثم إلى ما‬ ‫الع ٰلى (مجع عليا وهو مؤناث أعلى أي السموات العلى) ح ٌق)) أي ثابت باخلرب املشهور‪ ،‬حىت إن منكره يكون‬ ‫شاء اهلل تعالى من ُ‬ ‫مبتدعاً (أي خارجاً عن السناة يُ َضلَّ ُل وال يُ َكفَُّر ىف إنكار املعراج على التفصيل املذكور وأ اما إنكار نفس املعراج فهو كفر بّل شبهة لكونه ثابتاً من النص القطعى)‪.‬‬ ‫الكّلم على اصوهلم) فاخلرق وااللتئام‬ ‫وإنكاره (املعراج) وادعاء استحالته إمنا يبتىن على أصول الفّلسفة‪ ،‬وإال (أي وإن مل ينب‬ ‫ُ‬ ‫على السموات جائز (ممكن)‪.‬‬ ‫واألجسام كلها متماثلة يصح على كل ما يصح على اآلخر (فيمكن خرق السماء كخرق األرض)‪ ،‬واهلل تعاىل قادر على‬ ‫‪011‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫املمكنات كلها (فهو قادر على اخلرق وَنوه)‪ ،‬فقوله (أي قول املصناف)‪’’ :‬يف اليقظة‘‘ إشارة إىل الرد على من زعم أن املعراج كان يف‬ ‫املنام‪ ،‬على ما روي عن معاوية أنه سئل عن املعراج فقال‪ :‬كانت رؤيا صاحلة‪ ،‬وروي عن عائشة رضي اهلل عنها أهنا قالت‪ :‬ما‬

‫فقد جسد حممد عليه السّلم ليلة املعراج‪ ،‬قد قال تعاىل‪ ﴿ :‬وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إال فتنة للناس ﴾‪.878‬‬ ‫وأجيب بأن املراد (بالرؤيا ىف اآلية وقول معوية) الرؤيا بالعني‪ ،‬واملعىن (أي معىن قول عائشة) ما فقد جسده عن الروح‪ ،‬بل كان‬ ‫مع روحه وكان املعراج للروح واجلسد مجيعاً‪.‬‬ ‫وقوله (أي قول املصناف)‪’’ :‬بشخصه‘‘ إشارة إىل الرد على من زعم أنه كان للروح فقط‪ ،‬وال خيفى أن املعراج يف املنام أو‬ ‫بالروح ليس مما ينكر كل اسإنكار (أي إنكاراً كثرياً)‪ ،‬والكفرة (مجع كافر) أنكروا أمر املعراج غاية اسإنكار‪ ،‬بل وكثري من املسلمني قد‬ ‫ارتدوا بسبب ذلك‪.‬‬ ‫وقوله‪’’ :‬إىل السماء‘‘ إشارة إىل الرد على من زعم أن املعراج يف اليقظة مل يكن إال إىل بيت املقدس على مانطق به‬ ‫الكتاب (وهو قوله تعاىل ﴿ سبحان الذى أسرى بعبده ليّل من املسجد احلرام ﴾ اآلية)‪.‬‬ ‫وقوله‪’’ :‬مث إىل ما شاء اهلل تعاىل‘‘ إشارة على اختّلف أقوال السلف‪ ،‬فقيل‪ :‬إىل اجلنة‪ ،‬وقيل‪ :‬إىل العرش‪ ،‬وقيل‪:‬‬ ‫إىل فوق العرش‪ ،‬وقيل‪ :‬إىل طرف العامل‪.‬‬ ‫فاسإسراء وهو من املسجد احلرام إىل بيت املقدس قطعي (يقيىن) ثبت بالكتاب (أي بالقرآن ويُ َكفَُّر ُمنكِره)‪ ،‬واملعراج من‬ ‫األرض إىل السماء مشهور (أي ثبت باحلديث املشهور فّل يُ َكف َُّر ُمنكِره بل يـُ َف َّس ُق)‪ ،‬من املساء إىل اجلنة أو العرش أو غري ذلك آحاد (أي‬ ‫ثبت باآلحاد)‪.‬‬ ‫مث الصحيح أنه عليه السّلم إمنا رأي ربه بفؤاده (أي بقلبه) ال بعينه‪.‬‬

‫‪010‬‬

‫اسإسراء‪ :‬اآلية (‪.)61‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪015‬‬

‫وقد قال النووي في شرح مسلم‪:‬‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال الم َق ِ ِ‬ ‫صلَّى اللَّه عَلَيم ِه َو َسلَّ َم َرباه لَميـلَة ا ِسإ مسَراء؟ فَأَنم َكَرتمهُ عَائِ َشة َر ِض َي‬ ‫(( قَ َ‬ ‫ف َّ‬ ‫اضي عيَاض‪َ -‬رمحَهُ اللَّه‪ :‬ا مختَـلَ َ‬ ‫السلَف َوا مخلَلَف َه مل َرأَى نَبِياـنَا َ‬ ‫اللَّه عمنـها َكما وقَع هنَا ِيف ص ِحيح مسلِم‪ ،‬وجاء ِمثمله عن أَِيب هريـرة و َمجاعة وهو المم مشهور عن اِبن مسعود‪ ،‬وإِلَي ِه ذَهب َمجاعة ِمن الممحدِّثِني وال ِ‬ ‫ي َع من‬ ‫ممتَ َكلِّم َ‬ ‫ََ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ني‪َ ،‬وُرِو َ‬ ‫َ م ُ َمَ َ َ َ َ ُ َ َ ُ َ م م َ م ُ َ م َ َ َ َ م ُ َ َ َ ُ‬ ‫ُ م ََ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك‪َ ،‬و ُحك َي مثمله عَ من ابمن َم مسعُود َوأَيب‬ ‫ابمن عَبَّاس َر ِض َي اللَّه َعنمـ ُه َما أَنَّهُ َرآهُ بعَيمنه‪َ ،‬ومثمله عَ من أَيب ذَ ار َوَك معب َرض َي الله عَمنـ ُه َما َوا محلَ َسن‪َ-‬رمحَهُ الله‪َ -‬وَكا َن َمحيلف عَلَى ذَل َ‬ ‫َمحد بن حنمبل‪ ،‬وح َكى أَصحاب المم َق َاالت عن أَِيب ا محلسن ماألَ مشع ِري‪ ،‬و َمج ِ‬ ‫س َعلَمي ِه َدلِيل‬ ‫ف بَـ معض َم َش ِاخينَا ِيف َه َذا‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫َص َحابه أَن َُّه َرآهُ‪َ ،‬وَوقَ َ‬ ‫اعة م من أ م‬ ‫َ ا َ ََ‬ ‫َم‬ ‫مَ‬ ‫ُهَريمـَرة َوأ م َ م َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ال‪ :‬لَمي َ‬ ‫ِ‬ ‫الدنمـيا جائِزة وسؤال موسى إِيَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وِ‬ ‫وسى‬ ‫اضح َولَكِن َُّه َجائِز‪َ ،‬وُرمؤيَة اللَّه تَـ َع َ‬ ‫اها َدليل َعَلى َج َو َ‬ ‫اىل ِيف ُّ َ َ َ َ ُ َ ُ َ َ‬ ‫ازها إِ مذ ال َمجي َهل نَِ ايب َما َجيُوز أ مَو ميَمَتنع َعلَى َرباه‪َ ،‬وقَ مد ا مختَـلَ ُفوا ِيف ُرمؤيَة ُم َ‬ ‫َ‬ ‫ضي أَنـَّهما رأَياه وَك َذلِك اِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫صلَّى اللَّه َعلَمي ِه‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫م‬ ‫حم‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫َن‬ ‫أ‬ ‫يف‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫خ‬ ‫ت‬ ‫ق‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫مر‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫َيب‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫اض‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫اب‬ ‫و‬ ‫ج‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫جل‬ ‫ا‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ؤ‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ة‬ ‫اآلي‬ ‫ى‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫ق‬ ‫م‬ ‫يف‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ص‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َ َ ُ َ َ مَ ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫َ اَ َ ً َ‬ ‫َ‬ ‫َ م َ َ َ َا َ ُ َ َ َ َ ُ م َ ََ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ضهم َه َذا إِ َىل َج مع َفر بمن ُحمَ َّمد َوابمن‬ ‫ع‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫ز‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫َّه‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ني‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫مم‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ـ‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫ش‬ ‫أل‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ك‬ ‫ح‬ ‫ف‬ ‫ال؟‬ ‫َم‬ ‫أ‬ ‫ة‬ ‫ط‬ ‫اس‬ ‫و‬ ‫ري‬ ‫غ‬ ‫ب‬ ‫اء‬ ‫ر‬ ‫س‬ ‫سإ‬ ‫ا‬ ‫ة‬ ‫ل‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫اىل‬ ‫ع‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫انه‬ ‫ح‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫َو َ َ َ م َ َ َا ُ م َ َ َ َ َ َم َ م َ َ م َ َ م َ ُ َ َ م َ م َ ا َ َ م م ُ َ َ َ ُ َ َ ُ َ ََ َ م م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الدنـُ او َوالت َ ِّ‬ ‫صلَّى‬ ‫اىل ﴿ ُمثَّ َدنَا فَـتَ َد َّىل ﴾ فَاألَ مكثَـ ُرو َن َعلَى أ ََّن َه َذا ُّ‬ ‫ك اِ مختَـلَ ُفوا ِيف قَـ موله تَـ َع َ‬ ‫َم مسعُود َوابمن َعبَّاس َر ِض َي اللَّه َعنمـ ُه َما‪َ ،‬وَك َذل َ‬ ‫َّيب َ‬ ‫َّديل ُمنمـ َقسم َما بَـ مني ج مربيل َوالنِ ا‬ ‫اللَّه عَلي ِه وسلَّم أَو خمتص بِأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صلَّى‬ ‫َح ِدمهَا ِم من ماآل َخر َوِم من ِّ‬ ‫َّيب َ‬ ‫َ م َ َ َ م ُمَ ا َ‬ ‫مممنتَـ َهى‪َ .‬وذُكَر َع من ابمن َعبَّاس َوا محلَ َسن َوُحمَ َّمد بمن َك معب َو َج مع َفر بمن ُحمَ َّمد َو َغ مري م‬ ‫الس مد َرة ال ُ‬ ‫هم أَنَّهُ ُدنـُ او م من النِ ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدنـُ او َوالت َ ِّ‬ ‫الدنـُ او م من اللَّه‬ ‫ال َج مع َفر بمن ُحمَ َّمد‪ُّ :‬‬ ‫اىل‪َ ،‬و َعلَى َه َذا الم َق مول يَ ُكون ُّ‬ ‫س َعلَى َو مجهه بَ مل َك َما قَ َ‬ ‫اىل أ مَو م من اللَّه تَـ َع َ‬ ‫اللَّه َعلَمي ِه َو َسلَّ َم إِ َىل َرباه ُسمب َحانه َوتَـ َع َ‬ ‫َّديل ُمتَأ ََّوال لَمي َ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫اىل َوقُـ مربه ِممنهُ هُ ُهور َع ِظيم َممن ِزلَته لَ َديمِه‪َ ،‬وإِ مشَراق أَنمـ َوار َم مع ِرفَته‬ ‫صلَّى اللَّه َعلَمي ِه َو َسَّل َم ِم من َرباه ُسمب َحانه َوتَـ َع َ‬ ‫تَـ َع َ‬ ‫َّيب َ‬ ‫اىل ال َح اد لَهُ َوم من المعبَاد با محلُ ُدود‪ ،‬فَـيَ ُكون َم مع َىن ُدنـُاو النِ ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َسَرار َملَ ُكوته َعلَى َما َملم يُطملِع ِس َواهُ َعلَمي ِه ‪.‬‬ ‫َعلَميه‪َ ،‬وإِطمّلعه م من غَميبه َوأ م‬ ‫ِ‬ ‫اىل‪ ﴿ :‬قَاب قَـ مو َس م ِ‬ ‫يضاح‬ ‫َو ُّ‬ ‫ضله ال َمع ِظيم لَ َديمِه‪َ ،‬ويَ ُكون قَـ موله تَـ َع َ‬ ‫ك لَ ُه َو َع ِظيم بِاره َوفَ م‬ ‫ني أ مَو أ مَد َىن ﴾ َعلَى َه َذا ِعَب َارة َع من لُطمف ال َمم َح ال َوإِ َ‬ ‫الدنـُ او ِم من اللَّه ُسمب َحانه لَهُ إِهم َهار َذل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫صلَّى اللَّه َعلَمي ِه َو َسلَّ َم َع من َرباه‬ ‫صلَّى اللَّه َعلَمي ِه َو َسلَّ َم َوِم من اللَّه إِ َجابَة َّ‬ ‫الر مغبَة َوإِبَانَة ال َممنم ِزلَة َويـُتَأ ََّول ِيف ذَل َ‬ ‫ك َما يـُتَأ ََّول ِيف قَـ موله َ‬ ‫ال َمم مع ِرفَة َوا ِسإ مشَراف َعلَى ا محلَقي َقة م من نَبِياـنَا َ‬ ‫عَّز وج َّل‪ ’’ :‬من تَـ َقَّرب ِم ِّين ِشبـرا تَـ َقَّربت ِممنه ِذراعا ‪ . . .‬ا محل ِديث ‘‘ ه َذا َكّلم الم َق ِ‬ ‫اضي ‪.‬‬ ‫مً م ُ َ ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َم َ‬ ‫َ ََ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت َكثِ َرية لَكِنَّا ال نـَتَ َم َّسك إِال بِاألَقمـوى ِممنـ َها َوُهو َح ِديث اِبمن َعبَّاس َر ِضي اللهَّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرمؤيَة‪ .‬قَ َ‬ ‫َّحرير فَإنَّهُ ا مختَ َار إثـَمبات ُّ‬ ‫ال‪َ :‬وا محلُ َجج يف َهذه ال َمم مسأَلَة َوإ من َكانَ م‬ ‫صاحب الت م‬ ‫َوأ ََّما َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫صلَّى اللَّه َعَلمي ِه َو َسلَّ َم ) َو َع من ِع مك ِرَمة َسأ ََل ابم َن َعَّباس َر ِض َي اللَّه َعمنـ ُه َما َه مل َرأَى ُحمَ َّمد‬ ‫وسى َو ُّ‬ ‫الرمؤيَة ل ُم َح َّمد َ‬ ‫يم َوالم َكّلم ل ُم َ‬ ‫َعمنـ ُه َما ( أَتَـ مع َجبُو َن أَ من تَ ُكون ا مخلُلة ِسإبمـَراه َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫صلَّى اللَّه َعلَمي ِه َو َسلَّ َم َرباه‪َ .‬وَكا َن‬ ‫ادةَ َع من أَنَس َر ِض َي اللَّه َعنمهُ قَ َ‬ ‫صلَّى اللَّه َعلَمي ِه َو َسلَّ َم َرباه؟ قَ َ‬ ‫ي بِإِ مسنَاد ال بَأمس بِه َع من ُش معبَة َع من قَـتَ َ‬ ‫ال‪َ :‬رأَى ُحمَ َّمد َ‬ ‫َ‬ ‫ال‪ :‬نـَ َع مم‪َ .‬وقَ مد ُرِو َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫اج َعهُ اِبمن عُ َمر‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫الت‬ ‫ض‬ ‫ع‬ ‫ْم‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ه‬ ‫َي‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫وع‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫ْم‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ة‬ ‫ُم‬ ‫أل‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫ح‬ ‫اس‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫يث‬ ‫د‬ ‫ح‬ ‫اب‬ ‫ْب‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫َص‬ ‫أل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ص‬ ‫د‬ ‫م‬ ‫حم‬ ‫َى‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫حي‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫احل‬ ‫ُْ‬ ‫ْ ََّ َ ْ َّ َ َ ْ ُ ْ‬ ‫َ َم َ َ َ َا َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫مَ َ َم ََ م َ َُ َّ َ‬ ‫ََم َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َخبَـَرهُ أَنَّهُ َرآهُ‪َ .‬وال يَـ مق َدح يف َه َذا َحديث َعائ َشة َرضي الله َعمنـ َها أل َّ‬ ‫صلى الله َعلَميه َو َسل َم َرباه؟ فَأ م‬ ‫َن َعائ َشة َملم‬ ‫اسلَهُ َه مل َرأَى ُحمَ َّمد َ‬ ‫َرض َي اللَّه َعمنـ ُه مم ِيف َهذه ال َمم مسأَلَة َوَر َ‬ ‫َ‬ ‫اىل‪ ﴿ :‬وما َكا َن لِب َش ٍر أَ من ي َكلِّمهُ اللَّهُ إِال و محيا أَو ِمن ور ِاء ِحج ٍ‬ ‫اب أ مَو‬ ‫ت ُمتَأ َِّولَ ًة لَِق موِل اللَّه تَـ َع َ‬ ‫صلَّى اللَّه َعَلمي ِه َو َسلَّ َم يَـ ُقول‪َ :‬ملم أ ََر َر ِّيب‪َ ،‬وإَِّمنَا ذَ َكَر م‬ ‫َّها َِمس َع م‬ ‫َّيب َ‬ ‫ُختمِرب أَنـ َ‬ ‫َ ً م م ََ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ َ‬ ‫ت النِ ا‬ ‫ال قَـ موال َو َخالََفهُ غَ مريه ِممنـ ُه مم َملم يَ ُك من قَـ موله ُح َّجة ‪.‬‬ ‫ايب إِذَا قَ َ‬ ‫ص ُار ﴾ َو َّ‬ ‫يـُمرِس َل َر ُسوال ﴾ َولَِق موِل اللَّه تَـ َع َ‬ ‫الص َح ِ ُّ‬ ‫اىل‪ ﴿ :‬ال تُ مد ِرُكهُ ماألَبم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َحد‬ ‫ت ِممَّا يُ مد َرك بِال َمع مق ِل‪َ ،‬ويـُ مؤ َخذ بِالظَّ ِّن‪َ ،‬وإَِّمنَا يـُتَـلَقَّى بِ َّ‬ ‫الرَوايَات َع من اِبمن َعبَّاس ِيف إِثـَمبات ُّ‬ ‫ت ِّ‬ ‫َّها لَمي َس م‬ ‫ص َّح م‬ ‫ب ال َممصري إِ َىل إِثـمبَاهتَا فَِإنـ َ‬ ‫َوإِ َذا َ‬ ‫الس َم ِاع َوال يَ مستَجيز أ َ‬ ‫الرمؤيَة َو َج َ‬ ‫ِِ‬ ‫ال َم مع َمر بمن َر ِاشد ِحني ذَ َكَر اِ مختِّلف َعائِ َشة َوابمن َعبَّاس‪َ :‬ما َعائِ َشة عِنم َدنَا بِأ مَعلَ َم ِم من اِبمن‬ ‫االجتِ َهاد‪َ .‬وقَ مد قَ َ‬ ‫أَ من يَظُ ان بِابم ِن َعبَّاس أَنَّهُ تَ َكلَّ َم ِيف َهذه ال َمم مسأَلَة بِالظَّ ِّن َو م‬ ‫ِ‬ ‫َّايف‪ ،‬ه َذا َك َّلم ص ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫احب التَّح ِرير‪ ،‬فَالْح ِ‬ ‫اجح ِع ْند أَ ْكثَر الْعُ َل َماء‪ :‬أ َّ‬ ‫اصل أ َّ‬ ‫ص َّلى‬ ‫َن َّ‬ ‫َن َر ُسول اللَّه َ‬ ‫َ‬ ‫َعبَّاس‪ُ ،‬مثَّ إِ َّن ابمن َعبَّاس أَثـمبَ َ‬ ‫م‬ ‫ت َشميئًا نَـ َفاهُ َوال ُممثمبِت ُم َقدَّم َعلَى الن ِ َ‬ ‫َ‬ ‫اللَّه علَي ِه وسلَّم رأَى ربَّه بِعيـني رأْسه لَيـلَة ا ِإلسراء لِح ِد ِ ِ‬ ‫السم ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫صلَّى اللَّه َعلَْي ِه‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َ ُ َْ َ ْ َ ْ‬ ‫اع م ْن َر ُسول اللَّه َ‬ ‫يث ابْن َعبَّاس َوغَْيره م َّما تَـ َقد َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َّم‪َ .‬وإِثْـبَات َه َذا ال يَأْ ُخ ُذونَهُ إِال بِ َّ َ‬ ‫وسلَّم َه َذا ِم َّما ال يـنْبغِي أَ ْن يـتَ َش َّكك فِيه‪ِ.‬‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُمثَّ إِ َّن َعائ َشة رضي اللَّه َعمنـ َها َملم تَـمن ِ‬ ‫االستمنبَاط م من اآليَات‬ ‫ف ُّ‬ ‫صلَّى اللَّه َعلَميه َو َسلَّ َم َولَ مو َكا َن َم َع َها فيه َحديث لَ َذ َكَرتمهُ‪َ ،‬وإَِّمنَا ا معَت َم َد م‬ ‫ت م‬ ‫الرمؤيَة َحبديث َع من َر ُسول اللَّه َ‬ ‫َ َ‬ ‫ض ُح ا مجلََواب َعنمـ َها‪.‬‬ ‫َو َسنُـ َو ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّص بِنَـ مف ِي ا ِسإ َحاطَة ال‬ ‫صار ﴾ فَ َج َوابه هَاهر‪ ،‬فَِإ َّن ا ِسإ مد َراك ُه َو ا ِسإ َحاطَة َواَللَّه تَـ َع َ‬ ‫فَأ ََّما اِ محت َجاج َعائ َشة بَِق مول اللَّه تَـ َع َ‬ ‫اىل ال ُحيَاط بِه‪َ ،‬وإِذَا َوَرَد الن ا‬ ‫اىل‪ ﴿ :‬ال تُ مد ِرُكهُ ماألَبم َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الرمؤية بِغَ ِري إِحاطَة‪ ،‬وأ ُِجيب عن اآلية بِأ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫صاره‪.‬‬ ‫اجةَ إِلَيمـ َها َم َع َما ذَ َك مرنَاهُ‪ ،‬فَِإنَّهُ ِيف ِهنَايَة ِم من م‬ ‫َج ِوبَة أ م‬ ‫َ َ َم َ م‬ ‫احلُ مسن َم َع ا مخت َ‬ ‫ُخَرى ال َح َ‬ ‫يَـلمَزم منمهُ نـَ مفي ُّ َ م َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الرمؤيَة ُو ُجود‬ ‫اجها َر ِض َي اللَّه َعمنـ َها بَِق موِل اللَّه تَـ َع َ‬ ‫دها‪ :‬أَنَّهُ ال يَـلمَزم ِم من ُّ‬ ‫َح َ‬ ‫َوأ ََّما ا محت َج َ‬ ‫اىل‪َ ﴿ :‬ما َكا َن لبَ َش ٍر أَ من يُ َكلِّ َمهُ اللَّه إَِّال َو محيًا ﴾ اآليَة‪ ،‬فَا مجلََواب َعمنهُ م من أ مَو ُجه‪ :‬أ َ‬ ‫الرمؤيَة ِم من َغ مري َكّلم‪.‬‬ ‫الرمؤيَة فَـيَ ُجوز ُو ُجود ُّ‬ ‫الم َك َّلم َحال ُّ‬ ‫ِ‬ ‫الث ِ‬ ‫َّم ِم من األ َِدلَّة‪.‬‬ ‫صوص مبَا تَـ َقد َ‬ ‫َّاين أَنَّهُ َع اام خمَم ُ‬ ‫الثَّالِث َما قَالَهُ بَـ معض المعُلَ َماء أ َّ‬ ‫اجلُ مم ُهور َعلَى أ ََّن ال ُممَراد بِال َمو مح ِي ُهنَا‬ ‫َن ال ُممَراد بِال َمو مح ِي الم َكّلم ِم من َغ مري َو ِاسطَة‪َ ،‬وَه َذا الَّ ِذي قَالَهُ َه َذا الم َقائِل َوِإ من َكا َن ُمحمتَ َمّل َولَ ِك َّن م‬ ‫ّلمهَا يُ َس َّمى َو محيًا‪.‬‬ ‫الرمؤيَة ِيف ال َممَنام َوكِ ُ‬ ‫ا ِسإ مهلَام َو ُّ‬ ‫ِ‬ ‫اىل‪ ﴿ :‬أَو ِمن وراء ِحجاب ﴾ فَـ َق َ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫س‬ ‫َوأ ََّما قَـ موله تَـ َع َ‬ ‫ّلم ُه‪ُ -‬سمب َحانَهُ َوتَـ َعا َىل ‪ِ -‬م من َحمي ُ‬ ‫ي َو َغ مريه‪َ :‬م معنَاهُ َغ مري ُجمَاهر َهلُمم بِالم َكّلم بَ مل يَ مس َمعُو َن َك َ‬ ‫م م ََ َ‬ ‫ال ال َمواحد ا‬ ‫ث ال يَـَرمونَهُ‪َ ،‬ولَمي َ‬ ‫اك ِحجابا يـ مف ِ‬ ‫ال ُممَراد أ َّ‬ ‫ث َملم يـَُر ال ُممتَ َكلِّم‪َ .‬واَللَّه أ مَعلَم‪.‬‬ ‫صل َم مو ِض ًعا ِم من َم مو ِضع َويَ ُد ُّل َعلَى َمحت ِديد ال َمم مح ُجوب فَـ ُه َو ِمبَنم ِزلَِة َما يُ مس َمع ِم من َوَراء ا محلِ َجاب َحمي ُ‬ ‫َن ُهنَ َ َ ً َ‬

‫‪016‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫(بقية من الصفحة السابقة)‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫اجلمهور ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫س‬ ‫ف‬ ‫مم‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫ذ‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ين إِ َىل أ ََّن ال ُممَراد (أي املراد باآلية‪ ﴿ :‬ما كذب الفؤاد ما رأى ﴾) أَنَّهُ َرأَى َرباه ُسبم َحانه َوتَـعَ َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫اىل‪ُ ،‬مثَّ ا مختَـلَ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُم‬ ‫م ُ َ‬ ‫اح ِ‬ ‫ال ا ِسإمام أَبو ا محلسن المو ِ‬ ‫هؤال ِء فَ َذهب َمجاعة إِ َىل أَنَّه صلَّى اللَّه علَي ِه وسلَّم رأَى ربه بِ ُفؤ ِادهِ دو َن عيـنَـي ِه‪ ،‬وذَهب َمجاعة إِ َىل أَنَّه رآه بِعيـنَـي ِ‬ ‫ال ال ُمم َف ِّس ُرو َن‪:‬‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ي‪ :‬قَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ م َ َ َ َ َا َ ُ َم م َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫ُ َ ُ َم م‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُ ََ َ ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ال‪َ :‬وعَلَى َه َذا َرأَى ب َق ملبه َرباه ُرمؤيَة‬ ‫ال ابمن عَبَّاس َوأَبُو ذَ ار َوإبمـَراهيم التـَّيمم ُّي‪َ :‬رآهُ ب َقلمبه‪ .‬قَ َ‬ ‫صلى الله عَلَيمه َو َسل َم َرباه عََّز َو َج َّل لَيمـلَة المم معَراج‪ ،‬قَ َ‬ ‫َّيب َ‬ ‫َه َذا إ مخَبار عَ من ُرمؤيَة الن ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يحة َكما يَـرى بال َمع م ِ‬ ‫ني‪ .‬قَ َ‬ ‫يحة َوُه َو أ ََّن اللَّه تَـ َع َ‬ ‫ب َمجَ َ‬ ‫ين إ َىل أَنَّهُ َرآهُ‬ ‫صًرا َح َّىت َرأَى َرباه ُرمؤيَة َ‬ ‫صره ِيف فـُ َؤاده أ مَو َخلَ َق ل ُف َؤاده بَ َ‬ ‫اىل َج َع َل بَ َ‬ ‫َ‬ ‫صح َ‬ ‫اعة م من ال ُمم َف ِّس ِر َ‬ ‫ال‪َ :‬وقَ مد ذَ َه َ‬ ‫صح َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ب الم ُف َؤاد َم مرئِياه‪،‬‬ ‫ذ‬ ‫ك‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫‪:‬‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ب‬ ‫ص‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ض‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫يف‬ ‫)‬ ‫َى‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫(‬ ‫و‬ ‫يه‬ ‫ف‬ ‫ق‬ ‫د‬ ‫ص‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫ئ‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫َى‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫اد‬ ‫ؤ‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫َن‬ ‫أ‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫اآل‬ ‫ىن‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫‪:‬‬ ‫د‬ ‫ر‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫مم‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫‪.‬‬ ‫يع‬ ‫ب‬ ‫الر‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫حل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ة‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ـ‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫َم َ م‬ ‫م َ ََ َ‬ ‫بِ َعم َ ُ َ َ م َ َ م َ َ مَ َ َ َّ َ َ ُ َ ِّ َ َ م َ َ‬ ‫م ُ َ َ َ مً َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َن ُّ ِ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫وقَـرأَ اِبن ع ِامر ( ما َك َّذب ) بِالتَّ مش ِد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ممبَـِّرد َعلَى أ َّ‬ ‫ب‬ ‫يد‪ .‬قَ َ‬ ‫ََ م َ‬ ‫الرمؤيَة للم ُف َؤاد فَإِ من َج َعلم َتها للمبَ َ‬ ‫َي‪َ :‬ما َك َذ َ‬ ‫ص ِر فَظَاهر أ م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ممبَـِّرد‪َ :‬م معنَاهُ أَنَّهُ َرأَى َشميئًا فَـ َقبلَهُ‪َ ،‬وَه َذا الذي قَالَ ُه ال ُ‬ ‫ال ال ُ‬ ‫اح ِ‬ ‫آخر َك َّلم المو ِ‬ ‫الم ُفؤاد ما رآه المبصر‪ .‬ه َذا ِ‬ ‫ي‪)).‬‬ ‫د‬ ‫َ َ َُ ََ َ‬ ‫َ ا‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪017‬‬

‫[ البحث فى كرامات األولياء ]‬ ‫((وكرامات األولياء حق))‬ ‫(تعريف الويل)‬ ‫والويل هو العارف باهلل تعاىل وصفاته حبسب ما ميكن‪ ،‬املواهب (صفة العارف) على الطاعات اجملتنب عن املعاصي‬ ‫املعرض عن االهنماك (أي االستغراق) يف اللذات والشهوات‪.‬‬ ‫وكرامته ههور أمر خارق للعادة من قبله (أي من جانبه) غري مقارن لدعوى النبوة‪ ،‬فما ال يكون مقروناً باسإميان والعمل‬ ‫الصاحل يكون استدراجاً‪ ،‬وما يكون مقروناً بدعوى النبوة يكون معجزة‪.‬‬ ‫(الدليل على ثبوت الكرامة)‬ ‫والدليل على حقية الكرامة ما تواتر عن كثري من الصحابة ومن بعدهم حبيث ال ميكن إنكاره خصوصاً األمر املشرتك‬ ‫(وهو ههور الكرامة)‪ ،‬وإن (وصلية) كانت التفاصيل آحاداً‪.‬‬ ‫وأيضاً الكتاب ناطق بظهورها (أي الكرامة) من مرمي (أ ام عيسى عليه السّلم) ومن صاحب سليمان عليه السّلم (وهو وزيره‬ ‫آصف)‪ ،‬وبعد ثبوت الوقوع ال حاجة إىل إثبات اجلواز‪.‬‬ ‫(تفسري الكرامة وأمثاهلا)‬ ‫مث أورد (املصناف) كّلماً يشري إىل تفسري الكرامة وإىل تفصيل بعض جزئياته املستبعدة جداً فقال‪:‬‬ ‫((فتظهر الكرامة على طريق نقض العادة للولي من قطع المسافة البعيدة في المدة القليلة)) كإتيان صاحب‬ ‫سليمان عليه السّلم وهو آصف بن برخيا على األشهر بعرش بلقيس قبل ارتداد الطرف (أي النظر) مع بعد املسافة‪.‬‬ ‫((وظهور الطعام والشراب واللباس عند الحاجة)) كما يف حق مرمي فإنه قال تعاىل‪ ﴿ :‬كلما دخل عليها زكريا‬

‫المحراب وجد عندها رزقاً قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند اهلل ﴾‪.877‬‬ ‫((والمشي على الماء)) كما نقل عن كثري من األولياء‪.‬‬

‫علي رضي اهلل تعاىل عنه) ولقمان السرخسي وغريمها‪.‬‬ ‫((والطيران في الهواء)) كما نقل عن جعفر بن أيب طالب (هو أخو ا‬

‫((وكالم الجماد والعجماء))‪ ،‬أما كّلم اجلماد فكما روي أنه كان بني يدي سليمان (الفارسى) وأيب الدرداء رضي‬

‫اهلل عنهما‪ 873‬قصعة (إناء معروف) فسبحت ومسعا تسبيحها‪.‬‬

‫وأما كّلم العجماء فتكليم الكلب ألصحاب الكهف‪ ،‬وكما روي أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪’’ :‬بينا رجل‬

‫يسوق بقرة قد حمل عليها (أي وضع عليها شيئاً ثقيّلً) إذا التفتت البقرة إليه وقال‪ :‬إني لم أخلق لهذا إنما خلقت للحرث‬

‫(أي للزراعة)‪ ،‬فقال الناس (أي الصحابة)‪ :‬سبحان اهلل بقرة تكلم‪ ،‬فقال النبي عليه السالم‪ :‬آمنت بهذا‬ ‫واحلديث رواه البخارى ومسلم عن اىب هريرة مع قليل تفاوت)‘‘ ‪.871‬‬

‫(أي بأن اهلل تعاىل قادر عليه‬

‫((واندفاع المتوجه من البالء وكفاية المهم من األعداء وغير ذلك من األشياء)) مثل رؤية عمر رضي اهلل عنه‬

‫‪011‬‬

‫آل عمران‪ :‬اآلية (‪.)17‬‬

‫‪011‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬قوله‪ :‬روي أنه كان بني يدي سلمان وأيب الدرداء‪..‬اخل ‪ .‬أخرجه البيهقى وأبو نعيم كّلمها ىف دالئل النبوة‪.‬‬

‫‪011‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬بينما رجل يسوق بقرة‪ ))...‬احلديث أخرجه الشيخان من حديث أىب هريرة‪.‬‬

‫‪018‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫وهو على املنرب باملدينة جيشه (نصب بالرؤية) بنهاوند (اسم موضع) حىت إنه قال ألمري جيشه‪’’ :‬يا سارية (هو اسم األمري) الجبل‬

‫الجبل‘‘‪ 877‬حتذيراً له من وراء اجلبل ملكر العدو هناك‪ ،‬ومساع سارية كّلمه مع بعد املسافة‪ ،‬وكشرب خالد رضي اهلل عنه‬ ‫السم من غري تضرر به‪ ،876‬وكجريان النيل بكتاب عمر رضي اهلل عنه‪ 872‬وأمثال هذا أكثر من أن حتصى‪.‬‬ ‫(رد املصناف على مذهب املعتزلة امل ِ‬ ‫نكرة لكرامة األولياء)‬ ‫ا‬ ‫وملا استدل املعتزلة املنكرون لكرامة األولياء بأنه لو جاز ههور خوارق العادات من األولياء الشتبه باملعجزة فلم‬ ‫يتميز النيب من غري النيب أشار (املصناف) إىل اجلواب بقوله‪:‬‬

‫((ويكون ذلك)) أي ههور خوارق العادات من األولياء أو الويل الذي هو من آحاد األمة ((معجزة للرسول الذي‬

‫ظهرت هذه الكرامة لواحد من أمته ألنه يظهر بها)) أي بتلك الكرامة ((أنه ولي ولن يكون ولياً إال وأن يكون‬

‫محقاً (أي‬

‫صاحب احلق) في ديانته وديانته اإلقرار)) باللسان والتصديق بالقلب ((برسالة رسوله)) مع الطاعة له يف أوامره ونواهيه‪ ،‬حىت‬ ‫ِ‬ ‫يسمى‬ ‫يب) مل يكن ولياً (بل كافراً) ومل يظهر ذلك على يده (أي اخلارق الذى ا‬ ‫لو ادعى هذا الويل االستقّلل بنفسه وعدم املتابعة (للنا ا‬ ‫كرامة بل إامنا يظهر عنه االستجراج)‪.‬‬ ‫واحلاصل (أي حاصل اجلواب) أن األمر اخلارق للعادة فهو بالنسبة إىل النيب عليه السّلم معجزة سواء ههر ذلك من قِبَلِه‬ ‫(أي من جانبه) أو من قبل آحاد من أمته‪ ،‬وبالنسبة إىل الويل كرامة (أي إذا ههر عن الويل) خللوه عن دعوى نبوةِ َم من ههر ذلك من‬ ‫قبله‪.‬‬ ‫(ثّلثة فروق بني صاحب املعجزة والكرامة)‬ ‫)‪ (9‬فالنيب ال بد من علمه بكونه نبياً‪.‬‬ ‫)‪ (7‬ومن قصده إههار خوارق العادات (أل ان التح ادى ال ميكن بدون القصد)‪.‬‬ ‫)‪ (3‬ومن حكمه قطعاً مبوجب املعجزات (أي ال بد من أن يكون حكم النىب قطعياً مفيداً لليقني مبقتضى معجزاته الدالة على صدقه) خبّلف‬ ‫الويل‪.‬‬

‫‪015‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث ‪ (( :‬قول عمر ‪ :‬يا سارية ‪ ،‬اجلبل اجلبل )) أخرجه البيهقي وأبو نعيم كّلمها ىف دالئل النبوة بسند حسن من طريق ابن عمر‪.‬‬

‫‪016‬‬

‫السم من غري تضرر )) أخرجه أبو يعلى والبيهقي وأبو نعيم ىف الدالئل عن أيب السفر‪.‬‬ ‫قال السيوطي‪ :‬حديث ‪ (( :‬شرب خالد ا‬

‫‪017‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث جريان النيل لكتاب عمر ‪ .‬أخرجه أبو الشيخ ابن حبان يف كتاب العظمة بسند فيه مبهم‪.‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪019‬‬

‫[ البحث فى خلفاء الراشدين المهديين ]‬ ‫((وأفضل البشر بعد نبينا)) واألحسن أن يقال‪ :‬بعد األنبياء (لئّل يلزم تفضيل اخللفاء على األنبياء)‪ ،‬لكنه (املصناف) أراد‬ ‫ِ‬ ‫نىب)‪ ،‬ومع ذلك ال بد من ختصيص عيسى عليه السّلم إذ‬ ‫(بالبَـ معد) البعدية الزمانية‪ ،‬وليس بعد نبينا نيب (فّل يلزم تفضيل اخللفاء على ا‬ ‫ِ‬ ‫كّلم املصناف) بعيسى عليه السّلم (ألناه موجود بعد‬ ‫لو أريد كل بشر يوجد بعد نبينا (أي يكون حيا بعده سواء ُول َد قبله أو بعده) انتقض ( ُ‬ ‫كّلم املصناف) التفضيل على الصحابة (أل اهنم ُولدوا قبله أو ىف‬ ‫نبينا)‪ ،‬ولو أريد كل بشر يولد بعده (لئّل ينتقض بعيسى عليه السّلم) مل يفد ( ُ‬ ‫زمنه ال بعده)‪ ،‬ولو أريد كل بشر هو موجود على وجه األرض (سواء ُولِ َد ىف زمانه أو بعده أو قبله ليدخل الصحابة والتابعني ومن بعدهم) مل يفد‬ ‫التفضيل على التابعني ومن بعد هم‪ ،‬ولو أريد كل بشر يوجد على وجه األرض يف اجلملة انتقض بعيسى عليه السّلم (ألناه ينزل‬

‫على وجه األرض وعلى أي ٍ‬ ‫حال أفضل البشر بعد األنبياء هو‪).....‬‬

‫((أبو بكر الصديق (رضي اهلل تعاىل عنه))) الذي صدق النيب صلى اهلل عليه وسلم يف النبوة من غري تلعثم‬ ‫وتردد‪ ،‬ويف املعراج بّل تردد (مع ش ادة إنكار الناس أ َمر املعراج حىت قيل ارت اد لذلك بعض من آمن)‪.‬‬ ‫((ثم عمر الفاروق (رضي اهلل تعاىل عنه))) الذي افرق بني احلق والباطل يف القضايا واخلصومات‪.‬‬

‫(أي تَـوقُّ ٍ‬ ‫ف)‬ ‫َ‬

‫((ثم عثمان ذي النورين (رضي اهلل تعاىل عنه))) ألن النيب عليه السّلم َّزوجه رقية‪ 871‬وملا ماتت رقية‬ ‫زوجه أم كلثوم (رضي اهلل تعاىل عنها‪ ،‬وكلتامها من بنات النىب صلى اهلل عليه وسلام) وملا ماتت (أ ام كلثوم رضي اهلل تعاىل عنها) قال (النىب صلى اهلل عليه‬ ‫َّ‬ ‫وسلام)‪ :‬لو كان عندي ثالثة لزوجتكها‪.‬‬ ‫وخلَّص (مجع خالص) أصحاب رسول اهلل‪.‬‬ ‫((ثم علي المرتضى (رضي اهلل تعاىل عنه))) من عباد اهلل ُ‬ ‫(رضي اهلل تعاىل عنها)‬

‫على هذا (أي على الرتتيب املذكور) وجدنا السلف (أي أكثرهم)‪ ،‬والظاهر أنه لو مل يكن هلم دليل على ذلك ملا حكموا‬ ‫بذلك (الرتتيب)‪ ،‬وأما َنن فقد وجدنا دالئل اجلانبني (أي الشيعة وأهل السناة ىف أفضلية عثمان أو علي) متعارضة ومل جند هذه املسألة مما‬ ‫يتعلق به شيء من األعمال أو يكون التوقف فيه خمّلً بشيء من الواجبات‪ ،‬والسلف (أي بعضهم) كانوا متوقفني يف تفضيل‬ ‫عثمان على علي رضي اهلل عنهما حيث جعلوا من عّلمات السنة واجلماعة تفضيل الشيخني (أبو بكر وعمر رضي اهلل عنهما)‬ ‫وحمبة اخلتنني (عثمان وعلى رضي اهلل عنهما) ‪ ،‬واسإنصاف أنه إن أريد باألفضلية كثرة الثواب فللتوقف جهة (أي ترجيح أل ان كثرة الثواب ال‬ ‫تفضيل علي أل ان فضائله كثرية ج اداً)‪.‬‬ ‫تعرف بالعقل)‪ ،‬وإن أريد كثرة ما يعده ذوو العقول من الفضائل فّل (توقف بل جيب‬ ‫ُ‬ ‫((وخالفتهم)) أي نيابته عن الرسول يف إقامة الدين حبيث جيب على كافة األمم االتباع ((على هذا الترتيب))‬ ‫أيضاً (أي ترتيب األفضلية)‪ ،‬يعين أن اخلّلفة بعد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أليب بكر مث لعمر مث لعثمان مث لعلي رضي اهلل‬ ‫عنهم‪ ،‬وذلك (الرتتيب) ألن الصحابة قد اجتمعوا يوم تويف رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يف سقيفة بين ساعدة واستقر رأيهم‬ ‫بعد املشاورة واملنازعة على خّلفة أيب بكر رضي اهلل عنه‪ ،‬وأمجعوا على ذلك وبايعه (أي أىب بكر رضي اهلل عنه) على رضي اهلل عنه‬ ‫على رؤوس األشهاد (أي مبحضر الشاهدين عّلنية ال سراً وخفية) بعد توقف كان منه (أي علي)‪ ،‬ولو مل تكن اخلّلفة حقاً له (أي ألىب بكر)‬ ‫ملا اتفق عليه الصحابة ولنازعه علي رضي اهلل عنه كما نازع معاوية والحتج عليهم لو كان يف حقه (أي ىف حق علي رضي اهلل عنه)‬ ‫‪018‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث ‪ (( :‬أناه صلى اهلل عليه وسلم ازوج عثمان رقية وملا ماتت رقية ازوجه أم كلثوم ‪ ،‬وملا ماتت قال صلى اهلل عليه وسلم ‪ :‬لو كانت‬

‫عندي ثالثة لزوجتكها )) ‪ .‬أخرجه الطرباين ىف الكبري من حديث عصمة بن مالك‪.‬‬

‫‪051‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫نص (على خّلفته دون أىب بكر) كما زعمت الشيعة‪ ،‬وكيف يتصور يف حق أصحاب رسول اهلل االتفاق على الباطل وترك العمل‬ ‫بالنص الوارد‪.‬‬ ‫مث إن أبا بكر رضي اهلل ملا أيس من حياته دعا عثمان رضي اهلل عنه وأملى عليه كتاب عهده لعمر رضي اهلل عنه‪،‬‬ ‫فل اما كتب عثمان ختم الصحيفة وأخرجها إىل الناس وأمرهم أن يبايعوا ملن يف الصحيفة فبايعوا حىت مرت بعلي فقال (علي)‪:‬‬ ‫بايعنا ملن كان فيها وإن كان عمر رضي اهلل عنه‪.‬‬ ‫وباجلملة (أي خّلصة الكّلم) وقع االتفاق على خّلفته (أي عمر)‪ ،‬مث استشهد (أي صار شهيداً) عمر رضي اهلل عنه‪.‬‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬

‫قال ابن عمر كان سبب موت أىب بكر وفات رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلام‪ ،‬فما زال جسمه ينقض حىت مات (رواه حاكم)‪ .‬وسبب‬

‫وفات عمر أناه كان يصلى صلوة الفجر فضربه أبو لؤلؤة اجملوسى غّلم مغرية بن شعبة الصحاىب خبنجر‪ ،‬وذلك ألناه شكى إىل عمر عن‬ ‫ص ِّدقمه وقال إن كسبك ال يقصر عن خراجك‪ ،‬وكان أبو لؤلؤة حاذقاً بكثري من الصناعات فغضب عليه حىت جرحه‬ ‫سيده وقال قد وضع َعلَ َّى خراجاً ثقيّلً فلم يُ َ‬

‫فمات يوم األحد‪( .‬نرباس)‬

‫وتَـَرَك (عُ َمُر) اخلّلفةَ شورى بني ستة‪ :‬عثمان وعلي وعبد الرمحن بن عوف وطلحة والزبري وسعد بن أيب وقاص رضي‬ ‫األمر مخستُهم إىل عبد الرمحن بن عوف ورضوا حبكمه‪ ،‬فاختار عثمان وبايعه مبحضر من الصحابة فبايعوه‬ ‫اهلل عنه‪ ،‬مث فوض َ‬ ‫وانقادوا ألوامره ونواهيه وصلوا معه اجلمع واألعياد‪ ،‬فكان إمجاعاً‪.‬‬ ‫يفوض اخلّلفة إىل أحد) فاجتمع كبار املهاجرين واألنصار على علي رضي اهلل‬ ‫مث استشهد (عثمان) وترك األمر مهمّلً (أي مل ا‬ ‫عنه والتمسوا منه قبول اخلّلفة وبايعوه ملا كان أفضل أهل عصره وأوالهم باخلّلفة‪ ،‬وما وقع من املخالفات واحملاربات (بني علي‬ ‫ومعاوية) مل يكن عن نـزاع يف خّلفته بل عن خطأ يف االجتهاد‪ ،‬وما وقع من االختّلف بني الشيعة وأهل السنة يف هذه‬ ‫املسألة وادعاء كل من الفريقني النص يف باب اسإمامة وإيراد األسئلة واألجوبة من اجلانبني فمذكور يف املطوالت‪.‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪050‬‬

‫[ البحث في الخالفة ]‬ ‫ْك وأمارةٌ)) لقوله عليه السّلم‪’’ :‬الخالفة بعدي‬ ‫((والخالفة (بعد النىب صلى اهلل عليه وسلام) ثالثون سنة ثم بعدها ُمل ٌ‬

‫ثالثون سنة ثم تصير ملكاً عضوضاً (أي سلطة هاملة)‘‘ ‪.879‬‬ ‫وقد استشهد علي رضي اهلل عنه على رأس ثّلثني سنة من وفاة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فمعاوية ومن بعده‬ ‫ال يكونون خلفاء بل كانوا ملوكاً وأمراء (أل اهنم بعد ثّلثني سنة)‪ ،‬وهذا (أي انتهاء اخلّلفة على ثّلثني سنة) مشكل‪ ،‬ألن أهل احلل والعقد‬ ‫(أي اجملتهدين) من األمة قد كانوا متفقني على خّلفة اخللفاء العباسية وبعض املروانية كعمر بن عبد العزيز مثّلً‪ ،‬ولعل املراد (من‬ ‫حديث النىب صلى اهلل عليه وسلام) أن اخلّلفة الكاملة اليت ال يشوهبا (أي ال خيتلط هبا) شيء من املخالفة وميل (أي إعراض) عن املتابعة‬ ‫تكون ثّلثني سنة وبعدها (أي بعد ثّلثني سنة) قد تكون (اخلّلفة الكاملة) وقد ال تكون (اخلّلفة الكاملة)‪.‬‬ ‫(كون اسإمام للمسلمني واجباً)‬ ‫مث اسإمجاع على أن نصب اسإمام واجب وإمنا اخلّلف يف أنه هل جيب على اهلل تعاىل أو على اخللق بدليل مسعي أو‬ ‫عقلي‪.‬‬ ‫واملذهب (أي مذهب أهل السناة) أنه جيب على اخللق (ال على اهلل تعاىل) مسعاً (بدليل مسعى)‪ ،‬لقوله عليه السّلم‪’’:‬من مات‬

‫ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية‘‘‪ 830‬وألن األمة قد جعلوا أهم املهمات بعد وفاة النيب عليه السّلم نصب اسإمام‬ ‫َّم موه (نَ مص َب اسإمام) على الدفن (على دفن النىب صلى اهلل عليه وسلام)‪ ،‬وكذا بعد موت كل إمام (من اخللفاء الراشدين ومن بعدهم)‪ ،‬وألن‬ ‫حىت قَد ُ‬ ‫كثرياً من الواجبات الشرعية يتوقف عليه (أي على ِ‬ ‫نصب االمام) كما أشار (املصناف) إليه (أي إىل التوقاف) بقوله‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫وسد ثُـغُورهم (أي حفظ أطراف دار‬ ‫((والمسلمون ال بد لهم من إمام يقوم بتنفيذ أحكامهم‪ ،‬وإقامة حدودهم‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫صة (أي السارقني املبالغني يف السرقة)‪،‬‬ ‫والمتَـلَص َ‬ ‫المتَـغَلبَة (أي الغالبني بّل حق) ُ‬ ‫اسإسّلم)‪ ،‬وتجهي ِز جيوشهم‪ ،‬وأخذ صدقاتهم‪ ،‬وقه ِر ُ‬ ‫ِ‬ ‫الجمع واألعياد‪ ،‬وقط ِع المنازعات الواقعة بين العباد‪ِ ،‬‬ ‫وقبول الشهادات القائمة على الحقوق‪،‬‬ ‫وقُطّ ِاع الطريق‪ ،‬وإقامة ُ َ‬ ‫وتزويج الصغار (مجع صغري) والصغائر (مجع صغرية) الذين ال أولياء لهم‪ ،‬وقِ ْس َم ِة الغنائم)) وَنو ذلك من األمور اليت ال يتوالها‬ ‫ِ‬ ‫آحاد األمة‪.‬‬ ‫اعتراض فإن قيل‪ :‬مل ال جيوز االكتفاء بذي شوكة (أي سياسة وغلبة) يف كل ناحية (ىف كل طرف من األرض) ؟ ومن أين جيب‬ ‫نصب من له الرياسة العامة (على مجيع بّلد اسإسّلم) ؟‬ ‫جواب قلنا‪ :‬ألنه (أي االكتفاء) يؤدي إىل منازعات وخماصمات مفضية إىل اختّلل أمر الدين والدنيا كما يشاهد يف زماننا‬ ‫هذا‪.‬‬ ‫ف بذي شوكة له الرياسة العامة إماماً كان أو غري إمام (كاألمري)‪ ،‬فإن انتظام األمر حيصل بذلك‬ ‫اعتراض فإن قيل‪ :‬فَـ مليُكمتَ َ‬ ‫كما يف عهد األتراك (مجع تُرك)‪.‬‬ ‫‪019‬‬

‫وحسنه والنسائي واحلاكم من‬ ‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬اخلّلفة بعدي ثّلثون سنة مث تصري ملكاً عضوضاً )) احلديث أخرجه أبو داوود والرتمذي ا‬

‫‪011‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث ‪ (( :‬من مات ومل يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية )) أخرجه مسلم من حديث ابن عمر بلفظ (( من مات بغري إمام‪.))..‬‬

‫حديث سفية‪.‬‬

‫‪051‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫جواب قلنا‪ :‬نعم حيصل بعض النظام من أمر الدنيا (كدفع قطاع الطريق والسارقني واملتغلابني) ولكن خيتل أمر الدين‬ ‫يكن موصوفاً بشرائط اسإمامة مل ينفذ األحكام الشرعية)‪ ،‬وهو (أي أمر الدين) املقصود األهم والعمدة العظمى‪.‬‬ ‫اعتراض فإن قيل‪ :‬فعلى ما ذكر من أن مدة اخلّلفة ثّلثون سنة يكون الزمان بعد اخللفاء الراشدين خالياً عن اسإمام‬ ‫فتعصي األمة كلهم (لرتكهم الواجب) وتكون ميتتهم ميتة جاهلية (وهذا باطل أل ان األ امة ال ّتتمع على الضّللة)‪.‬‬ ‫اضكم) فلعل بعدها دور اخلّلفة ينقضي دون‬ ‫سلِّ َم (اعرت ُ‬ ‫جواب قلنا‪ :‬قد سبق أن املراد اخلّلفة الكاملة (ال اخلّلفة املطلقة)‪ ،‬ولو ُ‬ ‫دور اسإمامة بناء على أن اسإمام أعم‪ ،‬لكن هذا االصطّلح (أي كون اسإمامة أعم من اخلّلفة) مما مل جنده للقوم (من أهل السناة أو من‬ ‫املتكلمني كلاهم)‪ ،‬بل من الشيعة من يزعم أن اخلل يفة أعم وهلذا يقولون خبّلفة األئمة الثّلثة دون إمامتهم‪ ،‬وأما بعد اخللفاء‬ ‫العباسية فاألمر مشكل (إذ ليس بعدهم خّلفة ُكلِّيا)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ك إن مل‬ ‫(أل ان املل َ‬

‫((ثم ينبغي أن يكون اإلمام ظاهراً)) لِيُـ مر َج َع إليه‬ ‫نصب اسإمام‪(( ،‬ال ُم ْختَ ِفياً)) من أعني الناس خوفاً من األعداء وما للظلمة من االستيّلء (أي الغلبة)‪(( ،‬وال ُم ْنتَظَراً)) خروجه‬ ‫عند صّلح زمان وانقطاع مواد الشر والفساد واخلّلل (أي الزوال) نظام أهل الظلم والعناد‪ ،‬ال كما زعمت الشيعة خصوصاً‬ ‫اسإمامية منهم أن اسإمام احلق بعد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم علي رضي اهلل عنه مث ابنه احلسن مث أخوه احلسني مث ابنه‬ ‫علي زين العابدين مث ابنه حممد الباقر مث ابنه جعفر الصادق مث ابنه موسى الكاهم مث ابنه علي الرضا مث ابنه حممد تقي مث ابنه‬ ‫فإهنم‬ ‫علي النقي مث ابنه احلسن العسكري مث ابنه حممد القاسم املنتظَر املهدي‪ ،‬وقد اختفى خوفاً من أعدائه (وهم اخللفاء العباسية ا‬ ‫كانوا ال يرضون باجتماع الناس على العلويني حسداً وخوفاً من خروجهم للخّلفة) وسيظهر (قبل الساعة) فيم الدنيا قسطاً وعدالً كما ملئت (قبل‬ ‫خروجه) جوراً وهلماً‪ ،‬وال امتناع يف طول عمره وامتداد أيامه كعيسى واخلضر عليهما السّلم وغريمها‪.‬‬ ‫وأنت خبري بأن اختفاء اسإمام وعدمه سواء يف عدم حصول األغراض املطلوبة من وجود اسإمام (كإقامة احلدود ودفع‬ ‫الكفار والظاملني) ‪ ،‬وأن خوفه من األعداء ال يوجب االختفاء حبيث ال يوجد منه إال االسم‪ ،‬بل غاية األمر أن يوجب إخفاء‬ ‫د عوى اسإمام كما يف حق آبائه الذين كانوا هاهرين على الناس وال يدعون اسإمامة‪.‬‬ ‫وأيضاً عند فساد الزمان واختّلف اآلراء واستيّلء الظلمة احتياج الناس إىل اسإمام أشد وانقيادهم له أسهل‪.‬‬ ‫املهمات)‬ ‫(ىف ا‬

‫فيقوم باملصاحل ليحصل ما هو الغرض (أي املقصود) من‬

‫((ويكون من قر ٍ‬ ‫يش وال يجوز من غيرهم‪ ،‬وال يختص ببني هاشم وأوالد علي رضي اهلل عنه))‪.‬‬

‫يعين يشرتط أن يكون اسإمام قريشياً لقوله عليه السّلم‪’’ :‬األئمة من قريش‘‘‪ 838‬وهذا (احلديث) وإن (وصلية) كان‬ ‫خرب واحد لكن ملا رواه أبو بكر رضي اهلل عنه حمتجاً به على األنصار (حني أرادوا أن يكون اخلّلفة فيهم ال قريش) ومل ينكره (بل عملوا به)‬ ‫أحد فصار جممعاً عليه مل خيالف فيه (أي ىف اشرتاط القرشية) إال اخلوارج وبعض املعتزلة‪.‬‬ ‫وال يشرتط أن يكون هامشياً أو علوياً ملا ثبت بالدليل من خّلفة أيب بكر وعمر وعثمان رضي اهلل عنهم مع أهنم مل‬ ‫يكونوا من بني هاشم وإن (وصلية) كانوا من قريش فإن قريشاً اسم ألوالد النضر بن كنانة وهاشم هو أبو عبد املطلب جد‬ ‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فإنه حممد بن عبد اهلل بن عبد املطلب هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كّلب بن مرة بن‬ ‫‪010‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث ‪(( :‬األئ امة من قريش)) أخرجه اسإمام أمحد من حديث أىب بردة والبيهقي ىف سننه من حديث أنس‪.‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪051‬‬

‫كعب بن لويء بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزمية بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نـزار بن معد بن‬ ‫عدنان‪ ،‬فالعلوية وال عباسية من بين هاشم‪ ،‬ألن العباس وأبا طالب ابنا عبد املطلب وأبو بكر قرشي ألنه ابن أيب قحافة عثمان‬ ‫بن عامر بن عمرو بن كعب بن لويء‪ ،‬وكذا عمر ألنه ابن اخلطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد اهلل بن قرط بن‬ ‫رزاح بن عدي بن كعب‪ ،‬وكذا عثمان ألنه ابن عفان بن أيب العاص بن أمية بن عبد مشس بن عبد مناف‪.‬‬

‫بعصمته‪.‬‬

‫شترط)) يف اسإمام ((أن يكون معصوماً)) ملا مر من الدليل على إمامة أيب بكر مع عدم القطع‬ ‫((وال يُ َ‬

‫(مع عدم الدليل)‬

‫وأيضاً االشرتاط هو احملتاج إىل الدليل‪ ،‬وأما يف عدم االشرتاط فيكفي عدم دليل االشرتاط‪.‬‬ ‫(دليل الشيعة على اشرتاط العصمة لإلمام)‬ ‫احتج املخالف (أي الشيعة) بقوله تعاىل‪ ﴿ :‬ال ينال عهدي الظالمين ﴾‬

‫‪837‬‬

‫وغري املعصوم هامل فّل يناله عهد‬

‫اسإمامة‪.‬‬ ‫الرد على الشيعة)‬ ‫( ا‬ ‫واجلواب‪ :‬املنع (أي منع أن غري املعصوم هامل) فإن الظامل من ارتكب معصية مسقطة للعدالة مع عدم التوبة واسإصّلح (أي‬ ‫تداركها بالعمل الصاحل) فغري املعصوم ال يلزم أن يكون هاملاً (جلواز أن يرتكب صغرية فقط أ و كبرية ولكن يتوب عنها ويصلح العمل فيخرج عن العصمة‬ ‫وال يدخل ىف حد الظامل)‪.‬‬ ‫(حقيقة العِصمة)‬ ‫وحقيقة العصمة أن ال خيلق اهلل تعاىل يف ِ‬ ‫العبد الذنب مع بقاء قدرته واختياره‪ ،‬وهذا معىن قوهلم‪ :‬هي (أي العصمة)‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫لطف من اهلل تعاىل حيمله (أي العبد) على فعل اخلري وزجره عن الشر مع بقاء االختيار حتقيقاً لّلبتداء‪ ،‬وهلذا (أي الشرتط بقاء‬ ‫القدرة) قال الشيخ أبو منصور رمحه اهلل‪ :‬العصمة ال تزيل احملنة (أي االمتحان)‪.‬‬ ‫وهبذا يظهر فساد قول من قال (هم بعض الشيعة)‪ :‬إهنا (أي العصمة) خاصية يف نفس الشخص (أي روحه) أو يف بدنه ميتنع‬ ‫بسببها صدور الذنب عنه‪ ،‬كيف (أي كيف ميتنع صدور الذنب عنه) ولو كان الذنب ممتنعاً ملا صح تكليفه برتك الذنب وملا كان مثاباً‬ ‫عليه !!‬ ‫مام) أفضل أهل زمانه)) ألن املساوي يف الفضيلة بل املفضول األقل علماً وعمّلً رمبا كان‬ ‫((وال (يُشرتط) أن يكون (اسإ ُ‬ ‫أعرف مبصاحل اسإمامة ومقاصدها وأقدر على القيام مبواجبها‪ ،‬خصوصاً إذا كان نصب املفضول ادفع للشر وأبعد عن إثارة‬ ‫الفتنة‪ ،‬وهلذا (أي لعدم اشرتاط األفضلية) جعل عمر رضي اهلل عنه اسإمامة شورى بني سنة مع القطع بأن بعضهم أفضل من‬ ‫البعض‪.‬‬ ‫اعتراض فإن قيل‪ :‬كيف صح جعل اسإمامة شورى بني الستة مع أنه ال جيوز نصب إمامني يف زمان واحد ؟‬ ‫جواب قلنا‪ :‬غري اجلائز هو نصب إمامني مستقلني جيب طاعة كل منهما على االنفراد ملا يلزم من ذلك من امتثال أحكام‬ ‫‪011‬‬

‫‪051‬‬

‫البقرة‪ :‬اآلية (‪.)011‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫متضادة‪ ،‬وأما يف الشورى فالكل مبنـزلة إمام واحد‪.‬‬ ‫((ويشترط أن يكون من أهل ال ِوالية المطل َقة ِ‬ ‫الكاملة)) أي مسلماً حراً ذكراً عاقّلً بالغاً‪ ،‬إذ ما جعل اهلل‬ ‫ُ َ‬ ‫للكافرين على املؤمنني سبيّلً‪ ،‬والعبد مشغول خبدمة املوىل مستحقر يف أعني الناس‪ ،‬والنساء ناقصات عقل ودين‪ ،‬والصيب‬ ‫واجملنون قاصران عن تدبري األمور والتصرف يف مصاحل اجلمهور‪.‬‬ ‫((سائِساً)) أي مالكاً للتصرف يف أمور املسلمني بقوة رأيه ورويته (أي فكره) ومعونة بأسه (ىف قلوب الناس) وشوكته (أي قوة‬

‫القاهرة)‪.‬‬

‫((قادراً)) بعمله وعدلة وكفايته (أي إصابة الرأي ىف املعامّلت) وشجاعته ((على تنفيذ األحكام ِ‬ ‫وح ْف ِظ ح ِ‬ ‫ِ‬ ‫دود دا ِر‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫وإنصاف المظلوم من الظالِم)) إذ اسإخّلل هبذه األمور خمل بالغرض من نصب اسإمام‪.‬‬ ‫اإلسالم‬

‫((وال ينع ِزل اإلمام ِ‬ ‫((والج ْوِر)) أي الظلم على عباد اهلل تعاىل‪ ،‬ألنه قد‬ ‫بالف ْسق)) أي باخلروج عن طاعة اهلل تعاىل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ههر الفسق وانتشر اجل ور من األئمة واألمراء بعد اخللفاء الراشدين والسلف قد كانوا ينقادون هلم ويقيمون اجلمع واألعياد‬ ‫بإذهنم وال يرون اخلروج عليهم (أي ال يعتقدون جوازه)‪.‬‬ ‫وألن العصمة ليست بشرط لإلمامة ابتداء (ألناه جيوز نصب غري املعصوم) فبقاء أوىل (أي بقاء غري املعصوم على اخلّلفة أوىل باجلواز من‬ ‫ً‬ ‫نصبه)‪.‬‬ ‫وعن الشافعي رمحه اهلل أن اسإمام ينعزل بالفسق واجلور وكذا كل قاض وأمري‪ ،‬وأصل املسألة أن الفاسق ليس من‬ ‫أهل الوالية (أي التصرف) عند الشافعي رمحه اهلل‪ ،‬ألناه ال ينظر لنفسه (أي ال يتفكار ىف صّلح نفسه) فيكف ينظر لغريه‪ ،‬وعند أبي‬

‫حنيفة رمحه اهلل هو (أي الفاسق) من أهل الوالية حىت يصح ل ب الفاسق تزويج ابنته الصغرية‪ ،‬واملسطور (أي املكتوب) يف كتب‬ ‫الشافعية أن القاضي ينعزل بالفسق خبّلف اسإمام‪ ،‬والفرق أن يف انعزاله (أي اسإمام) ووجوب نصب غريه إثارة الفتنة ملا (موصولة)‬ ‫حممد بن حسن)‬ ‫له من الشوكة خبّلف القاضي‪ ،‬ويف رواية النوادر عن العلماء الثّلثة (هم اإلمام األعظم أبو حنيفة واسإمام أبو يوسف واسإمام ا‬ ‫أنه ال جيوز قضاء الفاسق (والرواية املشهورة اجلواز)‪ ،‬وقال بعض املشايخ‪ :‬إذا قُـلِّ َد الفاسق ابتداء يصح (قضاءُه) ولو قُـلِّ َد وهو عدل‬ ‫ينعزل بالفسق ألن املقلد اعتمد عدالته فلم يرض بقضائه بدوهنا (أي بدون العدالة) ‪ ،‬ويف فتاوى قاضي خان‪ :‬أمجعوا على أنه (أي‬ ‫القضاء‬ ‫القاضى) إذا ارتشى (أي أخذ الرشوة) ال ينفذ قضاؤه فيما ارتشى (أي ىف احلكم الذى أخذ الرشوة عليه) وأنه إذا أخذ القاضي‬ ‫َ‬ ‫بالرشوة ال يصري قاضياً ولو قضى ال ينفذ قضاؤه‪.‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪055‬‬

‫المتفرقة ]‬ ‫[ البحث فى العقائد‬ ‫ّ‬ ‫((وتجوز الصالةُ خلف كل بـ ٍّر وفَ ِ‬ ‫اج ٍر)) لقوله عليه السّلم‪’’ :‬صلوا خلف كل بَـ ّر وفاجر‘‘‪ ،833‬وألن علماء‬ ‫َ‬ ‫األمة كانوا يصلون خلف ال َف َس َق ِة (مجع فاسق) وأهل األهواء والبِ َدع (مجع بدعة) من غري نكري‪ ،‬وما (موصولة) نقل عن بعض السلف‬ ‫(كاسإمام أبى حنيفة) من املنع عن الصّلة خلف الفاسق واملبتدع فمحمول على الكراهة إذ ال كّلم يف كراهة الصّلة خلف‬ ‫الفاسق واملبتدع‪ ،‬وهذا (أي جواز الصلوة خلف الفاسق) إذا مل يؤد الفسق أو البدعة إىل حد الكفر‪ ،‬وأما إذا أدي إليه (أي إىل الكفر)‬ ‫فّل كّلم يف عدم جواز الصّلة‪.‬‬ ‫مث املعتزلة وإن (وصلية) جعلوا الفاسق غري مؤمن لكنهم ُجي ِّوزون الصّلة خلفه ملا أن شرط اسإمام عندهم عدم الكفر‬ ‫(سواء كان مؤمناً أو بني املنزلتني) ال وجود اسإميان مبعىن التصديق واسإقرار واألعمال مجيعاً‪.‬‬ ‫صلّى (أي صلوة اجلنازة) على كل بَـ ّر وفاجر)) إذا مات على اسإميان (حبسب الظاهر)‪ ،‬لإلمجاع‪ ،‬ولقوله عليه السّلم‪:‬‬ ‫((ويُ َ‬

‫’’ال تَ َد ُع ْوا (أي ال ترتكوا) الصالة على من مات من أهل القبلة‘‘‪.831‬‬ ‫اعتراض فإن قيل‪ :‬أمثال هذه املسائل (أي املسائل املذكورة من جواز الصلوة خلف كل ٍّبر وفاج ٍر ووجوب الصلوة عليه) إمنا هي من فروع‬ ‫الفقه (أل ان موضوعها العمل) فّل وجه سإيرادها يف أصول الكّلم وإن أراد (املصناف) أن اعتقاد حقية ذلك واجب (أي جيب االعتقاد جبواز‬ ‫الصلوة خلف الفاسق ووجوب الصلوة عليه) وهذا من األصول فجميع مسائل الفقه كذلك !‬ ‫جواب قلنا‪ :‬إنه ملا فرغ عن مقاصد علم الكّلم من مباحث الذات والصفات واألفعال واملعاد والنبوة واسإمامة على قانون‬ ‫أهل اسإسّلم وطريق أهل السنة واجلماعة‪ ،‬حاول (أي قَ َص َد) التنبيه على نبذ (أي قليل) من املسائل اليت يتميز هبا أهل السنة من‬ ‫غريهم مما خالفت فيه املعتزلة أو الشيعة أو الفّلسفة أو املّلحدة أو غريهم من أهل البدع واألهواء‪ ،‬سواء كانت تلك املسائل‬ ‫من فروع الفقه أو غريها من اجلزئيات املتعلقة بالعقائد (انتهى اجلواب)‪.‬‬ ‫((ويُ َك ُّ‬ ‫ف عن ِذ ْك ِر الصحابة إال بخير)) ملا روي يف األحاديث الصحيحة من مناقبهم ووجب الكف عن الطعن‬

‫فيهم‪ ،‬لقوله عليه السّلم‪’’ :‬ال تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ م ّد أحدهم وال نصيفه (مد)‘‘‬ ‫‪836‬‬ ‫احلديث‪ ،‬ولقوله عليه السّلم‪’’ :‬اهللَ اهللَ في أصحابي (أي‬ ‫‪ 837‬ولقوله عليه السّلم‪’’ :‬أك ِرموا أصحابي فإنهم خياركم‘‘‬ ‫سب وطع ٍن) من بعدي فمن أحبّهم فبِ ُحبّي أحبّهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم‬ ‫اتاقوا اهللَ ىف أصحاىب) ال تتخذوهم غرضاً (حمل ٍّ‬ ‫‪011‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث ‪(( :‬صلوا خلف كل بر وفاجر )) أخرجه أبو داوود من حديث مكحول عن أيب هريرة وهو منقطع وللطرباين ىف الكبري بسند‬

‫‪011‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث ‪ (( :‬ال تدعوا الصلوة على من مات من أهل القبلة )) أخرجه الطرباين ىف الكبري من حديث ابن عمر بسند واه بلفظ ‪:‬‬

‫‪015‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث ‪ (( :‬ال تسبوا أصحايب فلو أن أحدكم أنفق‪ ))...‬احلديث أخرجه مسلم من حديث أيب سعيد اخلدري ‪.‬‬

‫‪016‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث ‪ (( :‬أكرموا أصحاىب فإهنم خياركم )) ورد معناه ىف عدة أحاديث (رواه الرتمذي والنسائي وغريمها)‪.‬‬

‫واهٍ من حديث ابن عمر ‪ :‬صلاوا خلف من قال ال إله إال اهلل ‪.‬‬ ‫(( صلوا خلف كل من قال ‪ :‬ال إله إال اهلل )) ‪.‬‬

‫‪056‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى اهلل ومن أذى اهلل ِ‬ ‫أخذه (أي يع اذبه اهلل تعاىل)‘‘ ‪.832‬‬ ‫فيوشك (أي يقرب) أن يَ ُ‬ ‫مث يف مناقب كل من أيب بكر وعمر وعثمان وعلي احلسن واحلسني وغريهم من أكابر الصحابة أحاديث صحيحة‪.‬‬ ‫وما وقع بينهم (أي بني الصحابة) من املنازعات واحملاربات (كحرب اجلمل وحرب الص افني) فله حمامل (أي مواضع محل) وتأويّلت‪،‬‬ ‫فسبهم والطعن فيهم إن كان مما خيالف األدلة القطعية فكفر كقذف عائشة رضي اهلل عنها (أي نسبتها إىل الزنا)‪ ،‬وإال فبدعة‬ ‫وفسق‪.‬‬ ‫وباجلملة مل ينقل عن السلف اجملتهدين والعلماء الصاحلني جواز اللعن على معاوية وأعوانه‪َّ ،‬‬ ‫ألن غاية أمرهم البغي‬ ‫واخلروج على اسإمام (وهو على رضي اهلل تعاىل عنه)‪ ،‬وهو (أي البغي واخلروج) ال يوجب اللعن‪.‬‬ ‫صرح‬ ‫ال خيفى أ ان الشارح قَ ُ‬ ‫صَر ما ىف حق هذا الصحاىب (اى معاوية رضى اهلل تعاىل عنه) حيث اكتفى بعدم جواز اللعن ‪ .‬وأقول قد ا‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ّ‬ ‫علماء احلديث بأن معاوية رضى اهلل تعاىل عنه من كبار الصحابة وجنبائهم وجمتهديهم ولو ُسلِّ َم أنه من صغائرهم فّل شك ىف أنه دخل ىف‬ ‫هم اجعله هادياً مهديا واهد به‘‘ رواه‬ ‫عموم األ حاديث الصحيحة الواردة ىف تشريف الصحابة بل قد ورد فيه خبصوصه أحاديث كقوله عليه الصلوة والسّلم ’’اللا ا‬ ‫هم َعلِّ مم معاوية احلساب والكتاب وقه العذاب‘‘ رواه امحد‪ .‬وما قيل من أنه مل يثبت ىف فضله حديث فمحل نظر وكان‬ ‫الرتمذي‪ ،‬وقوله عليه الصلوة والسّلم ’’اللا ا‬ ‫السلف يغبضون من سبه وطعنه وقيل البن عباس أن معاوية صلاى الوتر ركعة واحدة قال د معه فانه فقيه ِ‬ ‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلام كما ىف صحيح‬ ‫ب َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫صح َ‬ ‫رجل عند خليفة الراشد عمر بن عبد العزيز فجلده وقال آخر أمري املؤمنني يزيد فجلده‪ .‬وقيل لإلمام اجلليل عبد اهلل بن مبارك أمعاوية أفضل أم‬ ‫البخاري‪َ .‬‬ ‫وسباه ٌ‬ ‫عمر بن عبد العزيز رضى اهلل عنهما؟ قال غبار فرس معاوية إذا غزا مع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلام أفضل من عمر‪ ،‬وقال القاضي عياض املالكي يف الشفاء‪:‬‬ ‫أحدا من أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلام‪ ،‬أبا بكر أو عمر أو عثمان أو معاوية أو عمرو بن العاص‪ ،‬فإن قال كانوا على كفر‬ ‫قال مالك‪’’ :‬من شتم ً‬ ‫ذم معاوية‘‘ (النرباس)‬ ‫وضّلل قُتل‪ ،‬وإن شتمهم بغري هذا من مشامتة الناس نكل نكاالً ً‬ ‫شديدا‘‘ انتهى‪ .‬وقد ألافنا يف هذا الباب رسالة‪ ،‬ومسايناها ’’النهاية عن ا‬

‫وإمنا اختلفوا يف يزيد بن معاوية‪ ،‬حىت ذكر يف اخلّلصة‬ ‫احلجاج‪ ،‬ألن النيب عليه السّلم هنى‬ ‫الدين البخاري‪ ،‬شيخ احلنفياة مبا وراء النهر تُـ ُو ايف سنة ‪ 147‬ه) وغريها‪ :‬أنه ال ينبغي اللعن عليه وال على َّ‬

‫(هو كتاب خّلصة الفتاوى لطاهر بن أمحد بن عبد الرشيد بن احلسني افتخار‬

‫عن لعن املصلني‪ ،831‬ومن كان من أهل القبلة (هو الذى يصلى إىل الكعبة)‪ ،‬وما نقل من لعن النيب عليه السّلم لبعض من أهل‬ ‫القبلة (وكان هذا نادر الوقوع جدا) فلما أنه يعلم من أحوال الناس ما ال يعمله غريه‪.‬‬ ‫احملدث واسإمام أمحد بن حنبل والقاضى أبو يعلى) أطلق اللعن عليه (أي على يزيد) ملا أن كفر حني أمر بقتل‬ ‫وبعضهم (مثّلً ابن اجلوزى ا‬ ‫احلسني رضي اهلل عنه‪ ،‬واتفقوا على جواز اللعن على من قتله أو أمر به أو أجازه أو رضي به‪.‬‬ ‫احلق أن رضى يزيد بقتل احلسني واستبشاره بذلك وإهانة أهل بيت النيب عليه السّلم مما تواتر معناه وإن كانت‬ ‫و ُّ‬ ‫تفاصيله آحاداً‪ ،‬فنحن ال نتوقف يف شأنه (أي ىف قبح فعله بل جنزم بأناه قبيح الفعل) بل (نتوقاف) يف إميانه‪ ،‬لعنة اهلل عليه وأنصاره‬ ‫وأعوانه‪.‬‬ ‫النبي عليه الصالة والسالم)) حيث قال عليه السّلم‪’’ :‬أبو بكر في‬ ‫((ونشهد بالجنة للعشرة الذين بَ َّش َرهم ُ‬ ‫الجنة‪ ،‬وعمر في الجنة‪ ،‬وعثمان في الجنة‪ ،‬وعلى في الجنة‪ ،‬وطلحة في الجنة‪ ،‬وزبير في الجنة‪ ،‬وعبد الرحمن بن‬

‫‪017‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬اهلل اهلل أصحاىب‪ ))...‬احلديث أخرجه الرتمذى من حديث عبد اهلل بن مغفل‪.‬‬

‫‪018‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬النيب عليه السّلم هنى عن لعن املصلني‪ ،‬ومن كان من أهل القبلة )) ورد معناه يف ع ادة أحاديث‪.‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪057‬‬

‫‪839‬‬

‫الجراح في الجنة‘‘‬ ‫عوف في الجنة‪ ،‬وسعد بن أبي وقاص في الجنة‪ ،‬وسعيد بن زيد في الجنة‪ ،‬وأبو عبيدة بن ّ‬ ‫وكذا نشهد باجلنة لفاطمة واحلسن واحلسني ملا روي يف احلديث الصحيح ’’أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة‘‘‪’’ ،810‬وأن‬

‫الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة‘‘‪ ،818‬وسائر الصحابة ال يذكرون إال خبري ويرجى هلم أكثر مما يرجى لغريهم من‬ ‫املؤمنني‪ ،‬وال نشهد باجلنة أو النار ألحد بعينه‪ ،‬بل نشهد بأن املؤمنني من أهل اجلنة والكافرين من أهل النار‪.‬‬ ‫((ونرى (أي نعتقد) المسح على الخفين في السفر والحضر)) ألنه (أي املسح) وإن كان زيادة على الكتاب‬ ‫القرآن هو غسل الرجلني) لكنه ثابت باخلرب املشهور (والزيادة على القرآن باحلديث املشهور جائز بإمجاع األصوليني)‪.‬‬

‫(أل ان ما ىف‬

‫وسئل علي بن أيب طالب رضي اهلل عنه عن املسح على اخلفني فقال‪’’ :‬جعل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬

‫مدته ثالثة أيام ولياليهن للمسافر‪ ،‬ويوماً وليلة للمقيم‘‘‪ ،817‬وروى أبو بكر عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ’’أنه‬ ‫َّص للمسافر ثالثة أيام ولياليهن وللمقيم يوماً وليلة‘‘‪ 813‬إذا تطهر فلبس خفيه أن ميسح عليهما‪.‬‬ ‫َرخ َ‬ ‫وقال احلسن البصري‪ :‬أدركت سبعني نفراً من الصحابة رضي اهلل عنهم يرون املسح على اخلفني‪.‬‬ ‫سيد الفقهاء) رمحه اهلل‪ :‬ما قلت باملسح على اخلفني حىت جاءين فيه دليل‬ ‫وهلذا (أي لكثرة رواة حديث املسح) قال أبو حنيفة ( ا‬ ‫مثل ضوء النهار‪.‬‬ ‫وقال الكرخي‪ :‬إين أخاف الكفر على من ال يرى مسح اخلفني‪ ،‬ألن اآلثار (أي األحاديث) اليت جاءت فيه يف حيز‬ ‫التواتر (أي ىف مكان التواتر)‪.‬‬ ‫وباجلملة (أي خّلصة الكّلم) من ال يرى املسح على اخلفني فهو من أهل البدعة‪ ،‬حىت سئل أنس بن مالك رضي اهلل‬ ‫عنه عن أهل السنة واجلماعة فقال‪ :‬أن حتب الشيخني (أبا بكر وعمر رضى اهلل تعاىل عنهما) وال تطعن يف اخلتنني (عثمان وعلى رضى اهلل‬ ‫عنهما‪ .‬واخلنت زوج البنت) ومتسح على اخلفني‪.‬‬

‫‪019‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬أبو بكر ىف اجلناة‪ ،‬وعمر ىف اجلناة‪ ،‬وعثمان ىف اجلناة‪ ،‬وعلى ىف اجلناة‪ ،‬وطلحة ىف اجلناة‪ ،‬والزبري ىف اجلناة‪ ))...،‬احلديث‬

‫‪011‬‬

‫وصححه عن حديث أيب سعيد اخلدري‪.‬‬ ‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬فاطمة سيدة نساء أهل اجلناة )) أخرجه احلاكم ا‬

‫‪011‬‬

‫ِ‬ ‫املسح على اخلفني‪ ))...‬احلديث أخرجه مسلم والنسائى وابن ماجة‪.‬‬ ‫علي أنه ُسئل عن م‬ ‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬ا‬

‫وصححه‪ ،‬والنسائى وابن ماجة من حديث سعيد بن يزيد‪.‬‬ ‫أخرجه أبو داوود والرتمذى ا‬ ‫‪010‬‬

‫سيدا شباب أهل اجلناة )) أخرجه احلاكم من حديث أيب سعيد وحذيفة‪.‬‬ ‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬احلسن واحلسني ا‬

‫‪011‬‬

‫رخص للمسافر ثّلثة أيام‪ ))...‬احلديث أخرجه ابن خزمية ىف صحيحه‪.‬‬ ‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬أناه ا‬

‫‪058‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫فائدة مهمة‬

‫قال الشيخ قاري طياب رمحه اهلل يف شرحه للعقيدة الطحاوية‪:‬‬

‫ّ‬ ‫((مل ا تواترت السنة عن رسول اهلل ﷺ باملسح على اخلفني وبغسل الرجلني‪ ،‬ومل ا كانت الرافضة ختالف هذه السناة املتواترة أشد اخلّلف‬ ‫و اادعوا أن الفرض مسح الرجلني إىل الكعبني إنكارا على املسح على اخلفني وجعلوه موضوعا مستقّل مقابل أهل السناة فتعامل أهل احلق كأنه شريعة مستقلة‬

‫اختارت املسئلة صورة العقيدة ولزم اسإقرار به مثل العقائد القطعية املتواترة‪ ،‬فالذين نقلوا عن النىب ﷺ الوضوء قوال وفعّل‪ ،‬والذين تعلاموا الوضوء منه‪ ،‬ومل يتعلاموا‬ ‫الوضوء إال منه‪ ،‬وتوضأوا على عهده وهو يراهم‪ ،‬ويقرهلم‪ ،‬ونقلوه إىل من بعدهم أكثر عددا من الذين نقلوا منه لفظ هذه اآلية‪ .‬ومل يكن هذا العمل أي مسح‬ ‫الرجلني معهودا عندهم يف اجلاهلية ومن رآه يتوضأ ويغسل قدميه ال حيصى عددهم إال اهلل ونقلوا عنه غسل الرجلني يف ما شاء اهلل من احلديث حىت نقلوا عنه وهو‬ ‫يف كتب الصحاح وغريها (ويل ل عقاب وبطون األقدام من النار) فثبوت التواتر يف نقل الوضوء املشتمل على غسل الرجلني كتواتر لفظ هذه اآلية ولفظ اآلية ال‬ ‫ختالف ما تواتر معناه ومصداقه من السناة فقول الرافضة مردود بالكتاب والسناة وتواتر العمل‪ .‬فلذلك وضع الشيخ (أي اسإمام الطحاوي يف كتابه العقيدة الطحاوية‬ ‫صب املاء على‬ ‫وكذلك وضع اسإمام النسفى) هذه املسئلة اجلزئية يف موضع العقائد األساسية إال أن ذكر املسح على الرجلني يف بعض الروايات تنبيه على قلاة ا‬ ‫الرجلني خّلف ما يعتاد الناس اسإسراف يف غسل الرجلني واملسئلة معروفة والكّلم عليها يف كتب الفروع))‪.‬‬

‫((وال نحرم نبيذ التمر)) وهو أن ينبذ (أي يطرح) متر أو زبيب يف املاء‪ ،‬فيجعل يف إناء من اخلز ِ‬ ‫ف‬ ‫ََ‬ ‫اب يـُتاخذ من احلبوب كاحلنطة والشعري والذرة) فكأنه هنى عن ذلك (أي‬ ‫فيحدث فيه (أي ىف املاء) لذع (أي حدة الطعام) كما يف الفقاع (شر ٌ‬ ‫(أي من الطني املطبوخ)‬

‫النبيذ) يف بدء اسإسّلم ملا كان اجلرار (الىت يضع فيها النبيذ) أواين اخلمور‪ ،‬مث نسخ‪ 811‬فعدم حترميه من قواعد أهل السنة واجلماعة‬ ‫خّلفاً للروافض‪ ،‬وهذا خبّلف ما إذا اشتد فصار مسكراً فإن القول حبرمة قليله وكثريه مما ذهب إليه كثري من أهل السنة‬ ‫واجلماعة‪.‬‬

‫((وال يبلغ الولي درجة األنبياء)) ألن األنبياء معصومون مأمونون عن خوف اخلامتة مكرمون بالوحي ومشاهدة‬ ‫امللك‪ ،‬مأمورون بتبليغ األحكام وإرشاد األنام (أي اخلَلمق) بعد االتصاف بكماالت األولياء‪ ،‬فما نقل عن بعض الكرامية من‬ ‫جواز ك ون الويل أفضل من النيب كفر وضّلل‪ ،‬نعم قد يقع تردد يف أن مرتبة النبوة أفضل أم مرتبة الوالية بعد القطع (أي بعد‬ ‫اليقني) بأن النيب متصف باملرتبتني (أي مرتبة النبوة ومرتبة الوالية) و(القطع) أنه أفضل من الويل الذي ليس بنبـي‪.‬‬ ‫((وال يصل العبد)) ما دام عاقّلً بالغاً ((إلى حيث يسقط عنه األمر والنهي)) لعموم اخلطابات الواردة يف‬ ‫التكاليف (يعىن أن نصوص األمر والنهى وردت عامة لكل عاقل بالغ ىف مجيع أحواهلم والقول بالسقوط إنكار لعمومها) وإمجاع اجملتهدين على ذلك (أي‬ ‫على عدم السقوط)‪.‬‬ ‫وذهب بعض اسإباحيني (ىف بعض النسخ "بعض املباحيني" منسوب إىل املباح أل اهنم يعتقدون أن ارتكاب النهى مباح) إىل أن العبد إذا بلغ‬ ‫غاية احملبة وصفاء قلبه واختار اسإميان على الكفر من غري نفاق سقط عنه األمر والنهي وال يدخله اهلل تعاىل النار بارتكاب‬ ‫الكبائر و(ذهب) بعضهم إىل أنه يسقط عنه العبادات الظاهرة من الصّلة والصوم والزكاة واحلج وغري ذلك‪ ،‬وتكون عبادته‬ ‫التكفر‪ ،‬وهذا كفر وضّلل فإن أكمل الناس يف احملبة واسإميان هم األنبياء خصوصاً حبيب اهلل تعاىل‪ ،‬مع أن التكاليف يف‬ ‫حقهم أمت وأكمل‪ ،‬وأما قوله عليه السّلم‪’’ :‬إذا أحب اهلل عبداً لم يضره ذنب‘‘‪ 817‬فمعناه أنه عصمه من الذنوب‬ ‫حفظه من أن يرتكب ذنباً) فلم يلحقه ضررها‪.‬‬ ‫‪011‬‬ ‫‪015‬‬

‫هنى عن النبيذ مث نُ ِسخ‪ ))...‬أخرجه مسلم من حديث بريدة‪.‬‬ ‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬أناه ٰ‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬إذا أحب اهلل عبداً مل يضره ذنب )) أخرجه القشريى ىف رسالته وابن النجار والديلمى من حديث أنس‪.‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪059‬‬

‫(أي‬

‫((والنصوص)) من الكتاب والسنة ((تُحمل على ظواهرها (أي على املعاىن الظاهرة))) ما مل يصرف عنها‬ ‫قطعي كما يف اآليات اليت يشعر هواهرها باجلهة واجلسمية (كقوله تعاىل ﴿ الرمحن على العرش استوى ﴾ [طه‪ ،]1 :‬وقوله تعاىل ﴿ يد اهلل‬ ‫دليل ٌّ‬ ‫ٌ‬ ‫فوق أيديهم ﴾ [الفتح‪ )]91 :‬وَنو ذلك (من اآليات)‪ ،‬ال يقال هذه (آيات اجلهة واجلسمية)‪ :‬ليست هذه من النص بل من املتشابه‪ ،‬ألناا‬ ‫نقول‪ :‬املراد بالنص هاهنا ليس ما يقابل الظاهر واملفسر واحملكم‪ ،‬بل ما يعم أقسام النظم على ما هو املتعارف‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أهل الباطن)) وهم املّلحدة ومسوا الباطنية الدعائهم أن‬ ‫((والعدول عنها)) أي عن الظواهر ((إلى معان يَدَّع ْيـ َها ُ‬ ‫النصوص ليست على هواهرها بل هلا معان باطنة ال يعرفها إال املعلِّم (وهو اسإمام املعصوم املخفى عن عامة اخللق ويزعمون أ ان هلم رئيساً يأخذ‬ ‫يسمونه احلجة) وقصدهم بذلك نفي الشريعة بالكلية (أي لدعواهم أن مجيع ما فهمه العلماء من معاىن النصوص غلط)‬ ‫العلم عن اسإمام ويـُ َعلِّ ُمهم و ا‬ ‫(أي عن الظواهر)‬

‫((إلحا ٌد)) أي ميل وعدول عن اسإسّلم واتصال واتصاف بكفر‪ ،‬لكونه تكذيباً للنيب عليه السّلم فيما علم جميئه به‬ ‫بالضرورة‪.‬‬ ‫وأما ما يذهب إ ليه بعض احملققني من أن النصوص حممولة على هواهرها ومع ذلك ففيها إشارات خفية إىل دقائق‬ ‫تنكشف على أرباب السلوك ميكن التطبيق بينها (أي إشارات خفية) وبني الظواهر املرادة فهو من كمال اسإميان وحمض العرفان‪.‬‬ ‫((وَر ُّد النصوص)) بأن ينكر األحكام اليت دلت عليها النصوص القطعية (أي غري احملتملة للتأويل) من الكتاب والسنة‬ ‫َ‬

‫(أي‬

‫احلديث املتواتر) كحشر األجساد مثّلً (( ُك ْف ٌر)) لكونه تكذيباً صرحياً هلل تعاىل ورسوله عليه السّلم‪ ،‬فمن قذف عائشة بالزنا‬ ‫(وهم الروافض) كفر (ألناه قد نزل ىف عصمتها آيات ىف أ اول سورة النور)‪.‬‬ ‫((واستحالل المعصية (أي اعتقادها كوهنا حّلالً))) صغرية كانت أو كبرية ((كفر)) إذا ثبت كوهنا معصية بدليل قطعي‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ورد النصوص كفر)‪.‬‬ ‫وقد علم ذلك فيما سبق (أي من قوله ا‬

‫((واالستهانةُ بها (أي باملعصية) كفر‪ ،‬واالستهزاء على الشريعة كفر)) ألن ذلك من أمارات التكذيب‪.‬‬ ‫وعلى هذه األصول (أي كفر املستحل واملستهني واملستهزَ) يتفرع ما ذكر يف الفتاوى من أنه إذا اعتقد احلرام حّلالً فإن‬ ‫كان حرمته لعينه وقد ثبت بدليل قطعي (أي كلحم اخلنزير) يكفر وإاال فّل بأن تكون حرمته لغريه (كالوطى حالة احليض) أو ثبت‬ ‫بدليل هين‪.‬‬ ‫وبعضهم مل يفرق بني احلرام لعينه ولغريه‪ ،‬فقال‪ :‬من استحل حراماً قد علم يف دين النيب عليه السّلم حترميه كنكاح‬ ‫ذوي احملارم أو شرب اخلمر أو أكل ميتة أو دم أو حلم خنـزير من غري ضرورة فكافر‪ ،‬وفعل هذه األشياء بدون االستحّلل‬ ‫فسق‪ ،‬ومن استحل شرب النبيذ إىل أن يسكر كفر‪ ،‬أما لو قال حلرام‪ :‬هذا حّلل لرتويج السلعة (لريغب اليها املشرتى) أو حبكم‬ ‫اجلهل (أي عدم العلم بكونه حراماً) ال يكفر‪ ،‬ولو متىن أن ال يكون اخلمر حراماً أو ال يكون صوم رمضان فرضاً ملا يشق (أي يصعب)‬ ‫عليه (أي على الصوم) ال يكفر‪ ،‬خبّلف ما إذا متىن أن ال حيرم الزنا وقتل النفس بغري حق فإنه كفر‪ ،‬ألن حرمة هذا (أي الزنا والقتل)‬ ‫ثابتة يف مجيع األديان (اسإهلياة) ‪ ،‬موافقة للحكمة‪ ،‬ومن أراد اخلروج عن احلكمة فقد أراد أن حيكم اهلل مبا ليس حبكمة‪ ،‬وهذا‬ ‫جهل منه بربه (واجلهل باهلل تعاىل كفر)‪.‬‬ ‫وذكر اسإمام السرخسي يف كتاب احليض‪ :‬أنه لو استحل وطء امرأته احلائض يكفر (سإناه إنكار لقوله تعاىل ﴿ فاعتزلوا النساء‬ ‫ىف احمليض وال تقربوهن حىت يطهرن ﴾ [البقرة‪ ،)]777 :‬ويف النوادر‪ :‬عن حممد رمحه اهلل أنه ال يكفر‪ ،‬وهو الصحيح‪.‬‬ ‫‪061‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫ويف استحّلله اللواطة بامرأته ال يكفر على األصح‪ ،‬ومن وصف اهلل مبا ال يليق أو سخر باسم من أمسائه أو بأمر‬ ‫من أوامره أو أنكر وعده ووعيده يكفر‪.‬‬ ‫وكذا (يُك افر) لو متىن أن ال يكون نيب من األنبياء على قصد استخفاف أو عداوة‪ ،‬وكذا (يُك افر) لو ضحك على وجه‬ ‫الرضى ملن تكلم بالكفر‪ ،‬وكذا (يُك افر) لو جلس على مكان مرتفع وحوله مجاعة يسألونه مسائل ويضحكونه ويضربونه‬ ‫بالوسائد يكفَّرون مجيعاً (اجلالس والسائلون الستخفافهم بالشرع)‪.‬‬ ‫َّن) المرأة بالكفر لتبني (أي‬ ‫وكذا (يُك افر) لو أمر رجّلً أن يكفر باهلل أو عزم على أن يأمره بكفر‪ ،‬وكذا (يُك افر) لو أفىت (لَق َ‬ ‫لتنقطع) من زوجها‪ ،‬وكذا (يُك افر) لو قال عند شرب اخلمر أو الزنا بسم اهلل‪ ،‬وكذا إذا (يُك افر) صلى لغري القبلة أو بغري طهارة‬ ‫متعمداً يكفر‪ ،‬وإن (وصلية) وافق ذلك القبلة‪ ،‬وكذا (يُك افر) لو أطلق كلمة الكفر (أي تكلام هبا) استخفافاً (أي على أ ان التكلُّ َم هبا سهل ال‬ ‫بأس فيه) ال اعتقاداً (فإناه إذا اعتقدها فالكفر هاهر! ال حيتاج إىل الذكر) إىل غري ذلك من الفروع‪.‬‬ ‫((واليأس من اهلل تعالى كفر (سواء كان ىف احلوائج الدينية أو األخروية))) ألنه ﴿ ال ييأس من روح اهلل (أي رمحته) إال القوم‬ ‫الكافرون ﴾‪.947‬‬

‫((واألمن من اهلل تعالى كفر)) إذ ال يأمن مكر اهلل إال القوم اخلاسرون‪.‬‬ ‫اعتراض فإن قيل‪ :‬اجلزم (اليقني) بأن العاصي ي كون يف النار يأس من اهلل تعاىل‪ ،‬وبأن املطيع يكون يف اجلنة أمن من اهلل (أي‬ ‫وجمزُم املطيع بأن املطيع ىف اجلناة ِآمن) فيلزم أن يكون املعتزيل كافراً مطيعاً كان أو عاصياً‪ ،‬ألنه إما آمن‬ ‫يأس َ‬ ‫َج مزُم العاصى بأن العاصى ىف الناار ٌ‬ ‫أو آيس (ألناه إن كان مطيعاً اعتقد أن ثوابه واجب على اهلل تعاىل وأن عذابه حمال‪ ،‬وإن كان عاصياً اعتقد أن خلوده ىف الناار واجب على اهلل تعاىل وأن ثوابه‬ ‫حمال)‪ ،‬ومن قواعد أهل السنة أن ال يكفر أحد من أهل القبلة‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫جواب قلنا‪ :‬هذا (أي جزم املعتزىل العاصى بأن العاصى ىف الناار واملطيع بأن املطيع ىف اجلناة) ليس بيأس وال أمن‪ ،‬ألنه على تقدير العصيان‬ ‫ال ييأس أن يوفقه اهلل تعاىل للتوبة والعمل الصاحل‪ ،‬وعلى تقدير الطاعة ال يأمن أن خيذله اهلل (واخلذالن ترك احلفظ والنصر)‬ ‫فيكتسب املعاصي‪ ،‬وهبذا (التفصيل املذكور) يظهر اجلواب عما قيل‪ :‬إن املعتزيل إذا ارتكب كبرية لزم أن يصري كافراً ليأسه من‬ ‫رمحة اهلل تعاىل والعتقاده أنه ليس مبؤمن‪ ،‬وذلك (أي ههور اجلواب) ألنا ال نسلم أن اعتقاد استحقاقه النار (على تقدير عدم التوبة)‬ ‫يستلزم اليأس (ألناه يعتقد أناه لو تاب زال عنه االستحقاق) و(ال نُ َسلِّ ُم) أن اعتقاد عدم إميانه املفسر مبجموع التصديق واسإقرار واألعمال‬ ‫بناء على انتفاء األعمال يوجب الكفر‪.‬‬ ‫هذا (أي ُخ مذ هذا) واجلمع بني قوهلم‪ :‬ال يكفر أحد من أهل القبلة‪ ،‬وقوهلم‪ :‬يكفر من قال خبلق القرآن واستحالة الرؤية‬ ‫أو سب الشيخني أو لعنهما وأمثال ذلك (ككفر من أنكر احلوض والصراط وامليزان) مشكل‪.‬‬ ‫((وتصديق الكاهن بما يُ ْخبِ ُره عن الغيب كفر)) لقوله عليه السّلم‪’’ :‬من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر‬ ‫‪812‬‬ ‫عما سيكون ىف‬ ‫بما أنـزل على محمد صلّى اهلل عليه وسلّم‘‘‬ ‫والكاهن هو الذي خيرب عن الكوائن يف مستقبل الزمان (أي ا‬ ‫املستقبل) ويدعي معرفة األسرار ومطالعة علم الغيب‪ ،‬كان يف العرب كهنة (مجع كاهن) يدعون معرفة األمور‪ ،‬فمنهم من كان يزعم‬ ‫الرجل ويذهب معه أينما ذهب) فيلقى إليه (إىل الرجل)‬ ‫اجلن يتبع‬ ‫أن له َرئيا (فعيل مبعىن مفعول من الرؤية أي رفيقاً) من اجلن وتابعة (أي الفريق من ا‬ ‫َ‬ ‫‪016‬‬

‫‪017‬‬

‫يوسف‪ :‬اآلية (‪.)92‬‬

‫وصححه عن ابن مسعود موقوفا وله حكم الرفع‪.‬‬ ‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬من أتى كاهناً فص ادقه‪ ))...‬احلديث أخرجه احلاكم ا‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪060‬‬

‫األخبار‪ ،‬ومنهم من كان يدعي أنه يستدرك (أي يُدرك) األمور بفهم أعطيه‪.‬‬ ‫واملنجم إذا ادعى العلم باحلوادث اآلتية فهو مثل الكاهن‪ ،‬وباجلملة (أي خّلصة الكّلم) العلم بالغيب أمر تفرد به اهلل‬ ‫تعاىل‪ ،‬ال سبيل إليه للعباد إال بإعّلم منه (بالوحى) تعاىل وإهلام بطريق املعجزة أو الكرامة أو إرشاد إىل استدالل باألمارات (أي‬ ‫العّلمات) فيما ميكن ذلك فيه‪ ،‬وهلذا (أي ملا ذكر من أن العلم االستدالىل ليس من علم الغيب اخلاص باهلل تعاىل) ذكر يف الفتاوى أن قول القائل‬ ‫عند رؤية هالة القمر‪ :‬يكون املطر‪ ،‬م ادعياً علم الغيب ال بعّلمة كفر‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫ف‬ ‫((والمعدوم ليس بشيء)) إن أريد بالشيء الثابت املتحقق على ما ذهب إليه احملققون من أن الشيئية تُـَر ِاد ُ‬ ‫الوجود والثبوت‪ ،‬والعدم يرادف النفي‪.‬‬ ‫وهذا حكم ضروري مل ينازع فيه إال املعتزلة القائلون بأن املعدوم املمكن ثابت يف اخلارج‪.‬‬ ‫وإن أريد (بالشيُ) أن املعدوم ال يسمى شيئاً فهو حبث لغوي مبين على تفسري الشيء أنه املوجود أو املعدوم أو ما‬ ‫يصح أن يعلم أو خيرب عنه‪ ،‬فاملرجع إىل النقل‪ ،‬وتتبع موارد االستعمال‪.‬‬

‫((وفي دعاء األحياء لألموات وصدقتهم)) أي تصدق األحياء ((عنهم)) أي عن األموات ((نفع لهم)) أي‬ ‫ل موات‪ ،‬خّلفاً للمعتزلة متسكاً بأن القضاء ال يتبدل‪ ،‬وكل نفس مرهونة (أي حمبوسة) مبا كسبت‪ ،‬واملرء ُجمََّزي بعمله ال بعمل‬ ‫غريه‪.‬‬ ‫ولنا (أي دليل أهل السناة واجلماعة) ما ورد يف احلديث الصحاح من الدعاء ل موات خصوصاً يف صّلة اجلنازة‪ ،‬وقد توارثه‬ ‫السلف‪ ،‬فلو مل يكن ل موات نفع فيه (أي ىف الدعاء) ملا كان له معىن (فائدة)‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪’’ :‬ما ِمن ميّت تصلى‬ ‫عليه أمةٌ من المسلمين يبلغون مائة كلُّهم يَ ْش َفعون له إال ُشف ُع ْوا فيه‘‘‪ ،811‬وعن سعد بن عبادة أنه قال‪’’ :‬يا رسول‬ ‫اهلل‪ ،‬إن أم سعد ماتت‪ ،‬فأي الصدقة أفضل‘‘ ؟ قال‪’’ :‬الماء‘‘‪ ،‬فحفر بئراً وقال‪’’ :‬هذه ألم سعد‘‘‪ ،819‬وقال عليه‬

‫السّلم‪’’ :‬الدعاء يرد البالء‘‘‪’’ ،870‬والصدقة تطفئ غضب الرب‘‘‬

‫‪878‬‬

‫وقال عليه السّلم‪’’ :‬إن العالم والمتعلم إذا‬

‫مرا على قرية فإن اهلل يرفع العذاب عن مقبرة تلك القرية أربعين يوماً‘‘‪ 877‬واألحاديث واآلثار يف هذا الباب أكثر من‬ ‫أن حتصى‪.‬‬ ‫((واهلل تعالى يجيب ال َد َع ِ‬ ‫وات ويقضي الحاجات)) لقوله تعاىل‪ ﴿ :‬ادعوني أستجب لكم ﴾‪ 873‬ولقوله عليه‬ ‫السّلم‪’’ :‬يستجاب للعبد ما لم يَ ْدعُ بإثم أو قطعية رحم ما لم يستعجل‘‘‬

‫‪871‬‬

‫ولقوله عليه السّلم‪’’ :‬إن ربكم حيي‬

‫‪018‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬ما من ميت يصلي عليه أمة‪ ))...‬احلديث مسلم من حديث أنس‪.‬‬

‫‪019‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ :‬سعد بن عبادة أنه قال يا رسول اهلل إن أم سعد ماتت‪ ...‬احلديث أخرجه أبو داوود والنسائي‪.‬‬

‫‪051‬‬

‫يرد البّلء )) أخرجه أبو الشيخ ابن حبان من حديث أيب هريرة هبذا اللفظ‪ .‬وأخرجه احلاكم بنحوه من حديث‬ ‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬الدعاء ا‬

‫‪050‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬الصدقة تطفُ غضب الرب)) أخرجه الطرباين يف األوسط من عبد اهلل بن جعفر‪.‬‬

‫‪051‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬يرفع العذاب عن مقربة تلك القرية أربعني يوماً )) ال أصل له‪.‬‬

‫‪914‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬يستجاب للعبد ما مل يدع بإمث أو قطيعة رحم )) أخرجه أمحد واحلاكم من حديث أيب سعيد اخلدري‪ .‬قوله ما مل يستعجل‬

‫يرد القضاء ))‪.‬‬ ‫عائشة‪ ،‬وأخرجه من حديث ثوبان بلفظ (( الدعاء ا‬

‫‪913‬‬

‫غافر‪ :‬اآلية (‪.)71‬‬

‫هو قطعة من حديث آخر لفظه (( يستجاب ألحدكم ما مل يعجل)) أخرجه الشيخان من حديث أيب هريرة‪.‬‬

‫‪061‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫صفرا‘‘‪.877‬‬ ‫كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما ً‬ ‫واعلم أن العمدة يف ذلك (أي ما عليه االعتماد ىف إجابة الدعاء) صدق النية وخلوص الطوية (أي القلب) وحضور القلب‪،‬‬ ‫لقوله عليه السّلم‪’’ :‬ادعوا اهلل وأنتم موقِنون باإلجابة‪ ،‬وا ْعلموا أن اهلل تعالى ال يستجيب الدعاء من قلب غافل‬

‫الهٍ"‪.876‬‬

‫واختلف املشايخ يف أنه هل جيوز أن يقال‪ :‬يستجاب دعاء الكافر‪ ،‬فمنعه اجلمهور لقوله تعاىل‪ ﴿ :‬وما دعاء‬

‫الكافرين إال في ضالل ﴾‪ 872‬وألنه ال يدعو اهلل تعاىل ألنه ال يعرفه‪.‬‬ ‫أقر به (وذلك أل ان أكثر الفرق الضالاة يعرتفون بوجود احلق سبحانه) فلما وصفه مبا ال يليق به (كالشريك يف العبادة) فقد‬ ‫وألنه وإن َّ‬ ‫نقض إقراره‪.‬‬ ‫وما روي يف احلديث من أن ’’دعوة المظلوم وإن كان كافراً تستجاب‘‘‪ 871‬فمحمول على كفران النعمة‪.‬‬

‫‪871‬‬

‫وجوزه بعضهم لقوله تعاىل حكاية عن إبليس‪ ﴿ :‬رب أنظرني ﴾‪ 879‬فقال اهلل تعاىل‪ ﴿ :‬إنك من المنظَرين ﴾‬ ‫وهذه إجابة‪ ،‬وإليه ذهب أبو القاسم احلكيم السمرقندي وأبو النصر الدبوسي‪ ،‬وقال الصدر الشهيد‪ :‬وبه يفىت‪.‬‬

‫((وما أخبر به النبي عليه الصالة والسالم من أشراط الساعة)) أي عّلماهتا ((من خروج الدجال‪ ،‬ودابة‬

‫األرض‪ ،‬ويأجوج ومأجوج‪ ،‬ونـزول عيسى عليه السالم من المساء‪ ،‬وطلوع الشمس من مغربها‪ :‬فهو حق))‪ .‬ألهنا أمور‬ ‫ممكنة أخرب هبا الصادق (فيجب اسإميان هبا)‪.‬‬ ‫قال حذيفة بن أسيد الغفاري‪’’ :‬اطلع رسول اهلل علينا ونحن نتذاكر فقال‪ :‬ما تذاكرون‪ ،‬قلنا‪ :‬نذكر الساعة‪،‬‬

‫قال‪ :‬إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات (أي عّلمات)‪ ،‬فذكر الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها‬ ‫ونـزول عيسى بن مريم ويأجوج ومأجوج وثالثة خسوف‪ :‬خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب‪،‬‬

‫وآخر ذلك (أي آخر العّلمات) نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم‘‘‪.860‬‬ ‫واألحاديث الصحاح يف هذه األشراط كثرية ج اداً‪ ،‬فقد روي أحاديث وآثار يف تفاصيلها فليطلب من كتب التفسري‬ ‫والسري والتواريخ‪.‬‬ ‫((والمجتهد)) يف العقليات والشرعيات األصلية والفرعية ((قد يُ ْخ ِط ُئ ويُصيب)) وذهب بعض األشاعرة واملعتزلة‬ ‫إىل أن كل جمتهد يف املسائل الشرعية الفرعية اليت ال قاطع فيها (أي ليس فيها دليل قطعي) مصيب‪.‬‬ ‫وهذا االختّلف مبين على اختّلفهم يف أن هلل تعاىل يف كل حادثة حكماً معيناً أم حكمه يف املسائل االجتهادية ما‬ ‫‪911‬‬ ‫‪917‬‬

‫هريرة ‪.‬‬ ‫‪912‬‬

‫وحسنه‪ ،‬وابن ماجة من حديث سلمان‪.‬‬ ‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬إن رباكم حيي كرمي‪ ))...‬احلديث أخرجه أبو داوود والرتمذي ا‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬ادعوا اهلل وأنتم موقنون باسإجابة واعلموا أن اهلل ال يستجيب دعاء من قلب غافل اله‪ ))...‬أخرجه الرتمذى واحلاكم من أىب‬ ‫الرعد‪ :‬اآلية (‪.)94‬‬

‫‪919‬‬ ‫‪919‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬دعوة املظلوم تستجاب وإن كان كافراً )) أخرجه اسإمام أمحد من حديث أنس‪.‬‬

‫األعراف‪ :‬اآلية (‪.)91‬‬

‫‪971‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث حذيفة بن أسيد الغفاري (( عشر آيات قبل الساعة )) أخرجه مسلم واألربعة‪.‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪061‬‬

‫أدى إليه رأي اجملتهد‪.‬‬ ‫وحتقيق هذا املقام َّ‬ ‫أن املسألة االجتهادية إما أن ال يكون هلل تعاىل فيها حكم معني قبل اجتهاد اجملتهد أو يكون‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وحينئذ (أي حني إذا كان احلكم معيناً قبل االجتهاد) إما أن ال يكون من اهلل عليه دليل أو يكون‪ ،‬وذلك الدليل إما قطعي أو هين‪،‬‬ ‫فذهب إىل كل احتمال مجاعة‪.‬‬ ‫واملختار أن احلكم معني وعليه دليل هين إن وجده اجملتهد أصاب (ىف احلكم)‪ ،‬وإن فقده (ان مل جيده) أخطأ‪ ،‬واجملتهد‬ ‫غري مكلف بإصابته لغموضه وخفائه فلذلك (أي للغموض) كان املخطُ معذوراً بل مأجوراً‪ ،‬فّل خّلف على هذا املذهب يف‬ ‫أن املخطُ ليس بآمث‪ ،‬وإمنا اخلّلف يف أنه خمطُ ابتداء وانتهاء أي بالنظر إىل الدليل واحلكم مجيعاً‪ ،‬وإليه ذهب بعض‬ ‫املشايخ‪ ،‬وهو خمتار الشيخ أيب منصور‪ ،‬أو انتهاء فقط أي بالنظر إىل احلكم حيث أخطأ فيه وإن أصاب يف الدليل حيث‬ ‫أقامه على وجهه مستجمعاً لشرائطه وأركانه فأتى مبا كلف به من االعتبارات وليس عليه االجتهاديات إقامة احلجة القطعية‬ ‫اليت مدلوهلا حق البتاة‪.‬‬ ‫(الدالئل على أن اجملتهد قد خيطي)‬ ‫والدليل على أن اجملتهد قد خيطُ بوجوه‪:‬‬

‫األول‪ :‬قوله تعاىل‪ ﴿ :‬ففهمناها سلميان ﴾‪ 868‬والضمري للحكومة أو الفتيا (أي الفتوى)‪ ،‬ولو كان كل من‬ ‫االجتهادين صواباً مل كان لتخصيص سليمان بالذكر جهة‪ ،‬ألن كّلً منهما قد أصاب احلكم حينئذ وفهمه‪.‬‬ ‫الثاني ‪ :‬األحاديث واآلثار الدال على ترديد االجتهاد بني الصواب واخلطأ‪ ،‬حبيث صارت متواترة املعىن‬

‫(وإن كان‬

‫تفاصيلها آحاد)‪ ،‬قال عليه السّلم‪’’ :‬إن أصبت فلك عشر حسنات‪ ،‬وإن أخطأت فلك حسنة‘‘‪ 867‬ويف حديث آخر‬

‫’’جعل (النىب صلى اهلل تعاىل عليه وسلام) للمصيب أجران وللمخطئ أجراً واحداً‘‘‪ ،863‬وعن ابن مسعود‪ :‬إن أصبت فمن اهلل‬ ‫وإال فمين ومن الشيطان‪ ،‬وقد اشتهر ختطئة الصحابة بعضهم بعضاً يف االجتهادات‪.‬‬ ‫الثالث‪ :‬القياس مظهر ال مثبت‪ ،‬فالثابت بالقياس ثابت بالنص أيضاً معىن‪ ،‬وقد أمجعوا على أن احلق فيما ثبت‬ ‫بالنص واحد ال غري‪.‬‬ ‫الرابع‪ :‬أنه ال تفرقة يف العمومات الواردة يف شريعة نبينا عليه السّلم بني األشخاص‪ ،‬فلو كان كل جمتهد مصيباً لزم‬ ‫اتصاف الفعل الواحد باملتنافيني من احلظر (أي املنع) واسإباحة أو الصحة والفساد أو الوجوب وعدمه‪ ،‬ومتام حتقيق هذه األدلة‬ ‫واجلواب عن متسكات املخالفني يطلب من كتابنا التلويح شرح التنقيح‪.‬‬

‫‪979‬‬

‫األنبياء‪ :‬اآلية (‪.)29‬‬

‫‪977‬‬

‫وصححه عن عبد اهلل بن عمرو أن رجلني‬ ‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬إن أصبت فلك عشر حسنات‪ ،‬وإن أخطأت فلك حسنة )) أخرجه احلاكم ا‬

‫اختصما إىل النيب صلى اهلل عليه وسلام فقال لعمرو اقض بينهما‪ ،‬قال ‪ :‬أأقضى وأنت حاضر؟ قال ‪ :‬نعم على أناك إن أصبت فلك عشر أجور وإن اجتهدت‬ ‫فاخطأت فلك األجر‪.‬‬ ‫‪973‬‬

‫قال السيوطي‪ :‬حديث‪ (( :‬للمصيب أجران وللمخطُ أجر )) ‪ .‬أخرجه البخاري من حديث ابن عمرو بلفظ ‪ (( :‬إذا اجتهد احلاكم فأصاب فله‬

‫أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد ))‪.‬‬

‫‪061‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫اعلم إذا كان النص الصريح موجوداً يف األمر فّل يسوغ فيه االجتهاد أصّلً‪ ،‬بل حيب فيه االنقياد والتسليم يف كل حال ولكن إذا مل يكن‬ ‫مهمة‬ ‫فائدة ا‬ ‫ويرجح اجلانب الذي راجح عنده حسب‬ ‫النص موجودا أو اختلفت الروايات واألحاديث فيقضى فيه اجملتهد إذا كان جامعاً آللة اجملتهد‪ ،‬ا‬ ‫اجتهاده‪ ،‬وهو مأجور يف كل حال‪ ،‬سواء أصاب أو أخطأ لقول النيب صلى اهلل عليه وسلام‪ :‬إِذَا ح َكم ا محلاكِم فَاجتَـه َد ُمثَّ أَصاب فَـلَه أ ِ‬ ‫اجتَـ َه َد ُمثَّ‬ ‫َجَران َوإِذَا َح َك َم فَ م‬ ‫َ َ ُ م‬ ‫َ َ َ ُ م َ‬ ‫َجٌر كما ورد يف صحيح مسلم‪.‬‬ ‫أم‬ ‫َخطَأَ فَـلَهُ أ م‬

‫قال اسإمام النووي رمحه اهلل تعاىل يف شرح صحيح مسلم‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اكم عامل أَهل ل ملح مك ِم‪ ،‬فَإِ من أَصاب فَـلَه أَجر ِان‪ :‬أَجر بِاجتِهادهِ‪ ،‬وأَجر بِإِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َجٌر‬ ‫((قَ َ‬ ‫ال المعَُل َماء‪ :‬أ م‬ ‫صابَته‪َ ،‬وإِ من أ م‬ ‫َخطَأَ فَـلَهُ أ م‬ ‫مٌ م َ َ مٌ َ‬ ‫َمجَ َع ال ُمم مسل ُمو َن َعلَى أ ََّن َه َذا ا محلَديث ِيف َح َ م ُ‬ ‫َ َ ُ مَ‬ ‫بِاجتِه ِ‬ ‫ادهِ‪.‬‬ ‫مَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َجر لَهُ بَ مل ُه َو ِآمثٌ‪َ ،‬وال يَـمنـ ُفذ ُح مكمه‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ّل‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ح‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫مم‬ ‫ك‬ ‫احل‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫حي‬ ‫ّل‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ح‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫َه‬ ‫أ‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫َم‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫‪:‬‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ق‬ ‫‪،‬‬ ‫د‬ ‫ه‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫اج‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫اك‬ ‫حل‬ ‫ا‬ ‫اد‬ ‫َر‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫‪:‬‬ ‫يره‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫وف‬ ‫ذ‬ ‫حم‬ ‫يث‬ ‫د‬ ‫احل‬ ‫م‬ ‫َم ُ َ م‬ ‫َ َ َ مَ َ م َ َ َ َ ُ َ َّ َ م َم َ م م ُ َ َ ا َ ُ مُ َ م َ َ َ َ م‬ ‫َوِيف مَ‬ ‫ِ‬ ‫َن إِصابته اِتِّـ َفاقِيَّة لَيست ِ‬ ‫ِ‬ ‫َصل َش مرعِي فَـ ُه َو َع ٍ‬ ‫ودة ُكلا َها‪َ ،‬وال يـُ مع َذر ِيف‬ ‫َح َكامه‪َ ،‬س َواء َوافَ َق َّ‬ ‫الص َواب أ مَم ال‪َ ،‬وه َي َم مرُد َ‬ ‫صاد َرة َع من أ م‬ ‫اص ِيف َمجيع أ م‬ ‫مَ م َ‬ ‫َس َواء َوافَ َق ا محلَ اق أ مَم ال‪ ،‬أل َّ َ َ‬ ‫ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اجلنَّة‪ ،‬واثـمنَ ِ‬ ‫اجلَنَّة‪َ ،‬وقَ ٍ‬ ‫ان ِيف النَّار‪ ،‬قَ ٍ‬ ‫ضاةُ ثَّلثَةٌ‪ :‬قَ ٍ‬ ‫احلَ اق‬ ‫ف م‬ ‫ضى بِه فَـ ُه َو ِيف م‬ ‫اض َعَر َ‬ ‫اض َعَر َ‬ ‫ك‪َ ،‬وقَ مد َجاءَ ِيف ا محلَديث ِيف ُّ‬ ‫ف ا محلَ اق فَـ َق َ‬ ‫السنَن ’’ الم ُق َ‬ ‫َش ميء ِم من َذل َ‬ ‫اض ِيف مَ َ‬ ‫ِ‬ ‫صيب و ِ‬ ‫صيب أَم المم ِ‬ ‫ف المعلَماء ِيف أ ََّن ُكل جمُمتَ ِهد م ِ‬ ‫ضى ِِخبّلفِ ِه فَـ ُه َو ِيف النَّار‪َ ،‬وقَ ٍ‬ ‫احلُكمم الَّ ِذي‬ ‫احد‪َ ،‬وُه َو َم من َوافَ َق م‬ ‫اض قَ َ‬ ‫فَـ َق َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫م ُ‬ ‫ضى َعلَى َج مهل فَـ ُه َو ِيف النَّار ‘‘‪َ ،‬وقَ مد ا مختَـلَ َ ُ َ‬ ‫ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت الطَّائ َفتَ ِ‬ ‫اىل واآلخر خمُمطُ ال إِ ممث علَيه لع مذ ِرهِ؟ واألَصح عمند الشَّافعي وأَصحابه أ ََّن المم ِ‬ ‫ان هبَ َذا ا محلَديث‪َ ،‬وأ ََّما األ ََّولُو َن الم َقائلُو َن‪:‬‬ ‫صيب َواحد‪َ ،‬وقَ مد ا محتَ َّج م‬ ‫عمند اللَّه تَـ َع َ َ َ‬ ‫ا َ مَ‬ ‫َم ُ َ َا‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َجر‬ ‫اآلخ ُرو َن فَـ َقالُوا‪َ :‬مسَّاهُ خمُمطئًا‪ ،‬لَ مو َكا َن ُمصيبًا َملم يُ َس ِّمه خمُمطئًا‪َ ،‬وأ ََّما األ م‬ ‫َجر‪َ ،‬وأ ََّما َ‬ ‫صابَته َملم يَ ُك من لَهُ أ م‬ ‫( ُك ال جمُمتَ ِهد ُمصيب ) فـَ َقالُوا‪ :‬قَ مد ُجع َل للم ُم مجتَ ِهد أ م‬ ‫َجر فَـلَ موال إِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫االجتِ َهاد َكال ُمم مج َم ِع َعلَمي ِه َو َغ مريه‪،‬‬ ‫االجتِ َهاد‪ ،‬قَ َ‬ ‫ال األ ََّولُو َن‪ :‬إَِّمنَا َمسَّاهُ خمُمطئًا ألَنَّهُ َمحم ُمول َعلَى َم من أ م‬ ‫يما ال يَ ُسوغ فيه م‬ ‫ص َل لَهُ َعلَى تَـ َعبه ِيف م‬ ‫َخطَأَ الن ا‬ ‫فَإِنَّهُ َح َ‬ ‫َّص أ مَو ا مجتَـ َه َد ف َ‬ ‫صيب فِيها و ِ‬ ‫االختِّلف إَِّمنَا هو ِيف االجتِهاد ِيف الم ُفروع‪ ،‬فَأ ََّما أُصول التـَّو ِحيد فَالمم ِ‬ ‫ي َوَدا ُود‬ ‫احد بِإِ ممجَ ِاع َم من يـُ معتَ اد بِِه‪َ ،‬وَملم ُخيَالِف إِال َعمبد اللَّه بمن م‬ ‫َوَه َذا م‬ ‫ُ‬ ‫مَ‬ ‫احلَ َسن ال َمعمب َِرت ا‬ ‫م‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال المعَلماء‪ :‬الظَّاهر أَنـَّهما أَر َاد الممجَت ِهدين من ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ني ُدون الم ُكفَّار‪َ .‬واللَّهُ أ مَعلَم)) ‪.‬‬ ‫ك أَيم ً‬ ‫ين ِيف َذل َ‬ ‫مم مسلم َ‬ ‫ي فَ َ‬ ‫الظَّاه ِر ا‬ ‫َُ َ ُ م َ م ُ‬ ‫ضا‪ ،‬قَ َ ُ َ‬ ‫ص َّوبَا ال ُمم مجتَهد َ‬ ‫قال العّلمة مفيت حممد تقي العثماين حفظه اهلل تعاىل يف تكملة فتح امللهم‪:‬‬ ‫((وقال اخلطايب يف معامل السنن‪ :‬إمنا يؤجر اجملتهد إذا كان جامعاً آللة االجهاد‪ ،‬فهو الذي نعذره باخلطأ‪ ،‬خبّلف املتكلاف فيخاف عليه‪ .‬مث إمنا يؤجر العامل‪ ،‬أل ان‬ ‫اجتهاده يف طلب احلق عبادة‪ ،‬هذا إذا أصاب‪ ،‬وأما إذا أخطأ فّل يؤجر على اخلطأ‪ ،‬بل يوضع عنه اسإمث فقط‪.‬‬ ‫قال العبد الضعيف عفا اهلل عنه (أي العّلمة مفيت حممد تقي العثماين)‪ :‬ال حاجة إىل هذا التكلاف‪ ،‬فإن احلديث صريح يف ثبوت أجر من أخطأ من اجملتهدين‪،‬‬ ‫وليس ذلك أجراً على اخلطأ‪ ،‬وإمنا هو أجر على اجتهاده يف طلب احلق‪ ،‬وهو عبادة كما ذكر اخلطايب نفسه‪ ،‬فاألصح ما أسلفنا عن النووي رمحه اهلل أنه يؤجر على‬ ‫تقدير اخلطأ أيضاً‪ ،‬ال أنه يرفع عنه اسإمث فقط‪.‬‬ ‫مث اختلف األصوليون واملتكلمون‪ :‬هل كل جمتهد مصيب‪ ،‬أو أنه خيطُ ويصيب‪ ،‬واملسألة مفصلة يف كتب العقائد والكّلم‪ ،‬وحديث الباب يؤيد املذهب الثاين‪،‬‬ ‫وهو اختيار أكثر العلماء‪ ،‬واهلل أعلم‪)).‬‬

‫((ورسل البشر أفضل من رسل المالئكة‪ ،‬ورسل المالئكة أفضل من عامة البشر‪ ،‬وعامة البشر أفضل من‬

‫عامة المالئكة))‪.‬‬ ‫بعض احملشِّني أراد الضرورة الدينية أي ال حيتاج ثبوته إىل‬ ‫أما تفضيل رسل املّلئكة على عامة البشر فباسإمجاع‪ ،‬بل بالضرورة (قال ُ‬ ‫دليل ىف دين االسّلم)‪.‬‬ ‫عامة املّلئكة)‬ ‫(الدالئل على تفضيل رسل البشر على رسل املّلئكة وعامة البشر على ا‬ ‫وأما تفضيل رسل البشر على رسل املّلئكة وعامة البشر على عامة املّلئكة فلوجوه‪:‬‬ ‫األول ‪ :‬أن اهلل تعاىل أمر املّلئكة بالسجود آلدم عليه السّلم على وجه التعظيم والتكرمي‪ ،‬بدليل قوله تعاىل حكاية‬

‫علي ﴾‪ ﴿ 861‬أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ﴾‪ 867‬ومقتضى‬ ‫عن إبليس‪ ﴿ :‬أرأيتك هذا الذي ّ‬ ‫كرمت ّ‬ ‫احلكمة األمر ل دىن بالسجود ل على دون العكس‪.‬‬ ‫‪061‬‬ ‫‪065‬‬

‫اسإسراء‪ :‬اآلية (‪.)61‬‬ ‫األعراف‪ :‬اآلية (‪.)01‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪065‬‬

‫األسماء كلَها ﴾‪ 866‬اآلية أن القصد منه‬ ‫الثاني‪ :‬أن كل واحد من أهل اللسان يفهم من قوله تعاىل‪ ﴿ :‬وعلّم آدم‬ ‫َ‬ ‫إىل تفضيل آدم على املّلئكة وبيان زيادة علمه واستحقاقه التعظيم والتكرمي‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬قوله تعاىل‪ ﴿ :‬إن اهلل اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ﴾‪ 862‬واملّلئكة من‬ ‫خص من ذلك (أي مماا ادل عليه املآلئكة) باسإمجاع عدم تفضيل عامة البشر على رسل املّلئكة‪ ،‬فبقي معموالً به‬ ‫مجلة العامل‪ ،‬وقد َّ‬ ‫فيما عدا ذلك (أي عدا رسل املآلئكة)‪ ،‬وال خفاء يف أن هذه املسألة هنية يُكتفى فيها باألدلة الظنية‪.‬‬

‫الرابع‪ :‬أن اسإنسان قد حيصل الفضائل والكماالت العلمية والعملية مع وجود العوائق (من العوق وهو املنع) واملوانع من‬ ‫الشهوة والغضب وسنوح احلاجات (أي ههور احلاجات) الضرورية الشاغلة (أي املانعة) عن اكتساب الكماالت‪ ،‬وال شك أن العبادة‬ ‫وكسب الكماالت مع الشواغل والصوارف (أي املوانع) أشق (أي أصعب) وأدخل يف اسإخّلص‪ ،‬فيكون (اسإنسا ُن) أفضل‪.‬‬ ‫(مذهب املعتزلة والفّلسفة وبعض األشاعرة هو تفضيل املآلئكة على األنبياء‪ ،‬وأدلاتهم على ذلك‪ ،‬واألجوبة ألدلاتهم)‬ ‫وذهبت املعتزلة والفّلسفة وبعض األشاعرة إىل تفضيل املّلئكة‪ ،‬ومتسكوا بوجوه (أي بدالئل)‪:‬‬

‫األول)‪ :‬أن املّلئكة أرواح جمردة (عن املادة أي ليست أجساماً) كاملة بالفعل‪ ،‬مربآت عن مبادَ الشرور‬ ‫األول (أي الدليل ا‬ ‫واآلفات كالشهوة والغضب‪ ،‬وعن هلمات اهليوىل والصورة‪ ،‬قوية على األفعال العجيبة‪ ،‬عاملة بالكوائن ماضيها وآتيها من غري‬ ‫غلط‪.‬‬ ‫والجواب (للدليل األول)‪ :‬أن مبىن ذلك (أي بنائه) على أصول الفّلسفة دون اسإسّلمية‪.‬‬

‫الثاني (أي الدليل الثاىن)‪ :‬أن األنبياء مع كونه أفضل البشر يتعلمون ويستفيدون منهم (أي من املآلئكة)‪ ،‬بدليل قوله تعاىل‪:‬‬

‫﴿ علمه شديد القوى ﴾‪ 861‬وقوله تعاىل‪ ﴿ :‬نـزل به الروح األمين (أي جربئيل)﴾ ‪ 869‬وال شك أن املعلم أفضل من املتعلم‪.‬‬ ‫والجواب (للدليل الثاىن)‪ :‬أن التعلم من اهلل تعاىل واملّلئكة إمنا هم مبلغون‪.‬‬

‫هنج و ٍ‬ ‫احد بّل اختّلف) يف‬ ‫الثالث (أي الدليل الثالث)‪ :‬أنه قد اطرد (بتشديد الطاء‪ ،‬واالطاراد هو الوقوع على ٍ‬ ‫َآم َن بِاللَّ ِه َوَم َّلئِ َكتِ ِه َوُكتُبِ ِه َوُر ُسلِ ِه ﴾ [البقرة‪ )]791 :‬والسنة (كقوله عليه الصلوة والسّلم‪ ’’ :‬مِاسإميَا ُن أَ من تـُ مؤِم َن بِاللَّ ِه َوَم َّلئِ َكتِ ِه َوُكتُبِ ِه َوُر ُسلِ ِه‘‘ رواه البخاري) تقدمي‬ ‫ذكرهم (أي ذكر املآلئكة) على ذكر األنبياء وما ذلك إال لتقدمهم يف الشرف والرتبة‪.‬‬ ‫الكتاب(كقوله تعاىل‪ُ ﴿ :‬ك ٌّل‬

‫والجواب (للدليل الثالث)‪ :‬أن ذلك (أي تقدميهم ىف الذكر) لتقدمهم يف الوجود‪ ،‬أو ألن وجودهم‬ ‫البصائر)‪ ،‬فاسإميان هبم أقوى (أي أصعب حصوالً من اسإميان بالرسل أل ان الوهم قد ينكر وجود غري احملسوسات) وبالتقدمي أوىل (واحلاصل أناه ليس علاة‬ ‫التقدمي هو الشرف كما زعمتم‪ ،‬وجيوز أن يكون التقدمي لتوقاف اسإميان بالرسل على اسإميان باملآلئكة أل اهنم املبلغون للوحي واألوامر والنواهي)‪.‬‬

‫أخفى(الحتجاهبم عن‬

‫الرابع (أي الدليل الرابع)‪ :‬قوله تعاىل‪ ﴿ :‬لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً هلل وال المالئكة المقربون ﴾‪ 820‬فإن‬ ‫أهل اللسان يفهمون من ذلك أفضلية املّلئكة من عيسى عليه السّلم‪ ،‬إذ القياس يف مثله الرتقي من األدىن إىل األعلى‪،‬‬ ‫يقال‪ :‬ال يستنكف من هذا األمر الوزير وال السلطان‪ ،‬وال يقال‪ :‬السلطان وال الوزير (فثبت أن املآلئكة أفضل من املسيح)‪ ،‬مث ال قائل‬ ‫‪066‬‬ ‫‪067‬‬ ‫‪068‬‬ ‫‪069‬‬ ‫‪071‬‬

‫‪066‬‬

‫البقرة‪ :‬اآلية (‪.)10‬‬ ‫آل عمران‪ :‬اآلية (‪.)11‬‬ ‫النجم‪ :‬اآلية (‪.)5‬‬ ‫الشعراء‪ :‬اآلية (‪.)091‬‬ ‫النساء‪ :‬اآلية (‪.)071‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫بالفصل (أي بالفرق) بني عيسى عليه السّلم وغريه من األنبياء‪.‬‬ ‫والجواب (للدليل الرابع)‪ :‬أن النصارى استعظموا املسيح حبيث يرتفع (بزعمهم) من أن يكون عبداً من عباد اهلل‪ ،‬بل ينبغي أن‬ ‫يكون ابناً له سبحانه‪ ،‬ألنه جمرد ال أب له‪ ،‬وكان يربَ األكمه واألبرص وحيىي املوتى خبّلف سائر عباد اهلل من بين آدم‪َ ،‬فرَّد‬ ‫التجرد واألفعال العجيبة)‪ ،‬وهم‬ ‫(اهللُ تعاىل) عليهم بأنه ال يستنكف من ذلك املسيح وال من هو أعلى منه يف هذا املعىن (أي ىف ا‬ ‫املّلئكة الذين ال أب هلم وال أم‪ ،‬ويقدرون بإذن اهلل تعاىل على أفعال أقوى وأعجب من إبراء األكمه واألبرص وإحياء‬ ‫املوتى‪ ،‬فالرتقي والعلو إما هو يف أمر التجرد وإههار اآلثار القوية ال يف مطلق الشرف والكمال‪ ،‬فّل ِداللةَ على أفضلية‬ ‫املّلئكة‪ ،‬واهلل سبحانه تعاىل أعلم بالصواب‪ ،‬وإليه املرجع واملآب‪.‬‬ ‫تمت بالخير ]‬ ‫[ ّ‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪067‬‬

‫[ الفهارس ]‬

‫‪068‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫[ فهرس اآليات القرآنية ]‬ ‫اآلية‬

‫رقم اآلية‬

‫رقم صفحة‬ ‫الكتاب‬

‫(‪ -7‬سورة البقرة)‬

‫ِ ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫﴿ َوِم َن الن ِ‬ ‫ني ﴾‬ ‫َّاس َم من يَـ ُق ُ‬ ‫ول َآمنَّا بِاللَّه َوبِالميَـ موم ماآلخ ِر َوَما ُه مم مبُمؤمن َ‬ ‫﴿ أُعِد ِ ِ‬ ‫ين ﴾‬ ‫م‬ ‫َّت للم َكاف ِر َ‬ ‫َمسَاءَ ُكلَّ َها ﴾‬ ‫آد َم ماأل م‬ ‫﴿ َو َعلَّ َم َ‬ ‫َمسَ ِاء َه ُؤَال ِء ﴾‬ ‫﴿ أَنمبِئُ ِوين بِأ م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين ﴾‬ ‫﴿ َوَكا َن م َن الم َكاف ِر َ‬ ‫﴿ َواتَّـ ُقوا يَـ موًما َال َمّت ِزي نـَ مفس عَ من نـَ مف ٍ‬ ‫س َشميئًا َوَال يُـ مقبَ ُل ِممنـ َها َش َفاعَةٌ ﴾‬ ‫ٌ‬ ‫ك َح َّىت نَـَرى اللَّهَ َج مهَرًة ﴾‬ ‫﴿ لَ من نـُ مؤِم َن لَ َ‬ ‫اب النَّا ِر ُه مم فِ َيها َخالِ ُدو َن ﴾‬ ‫ت بِِه َخ ِطيئَتُهُ فَأُولَئِ َ‬ ‫َحاطَ م‬ ‫كأ م‬ ‫َص َح ُ‬ ‫ب َسيِّئَةً َوأ َ‬ ‫﴿ بَـلَى َم من َك َس َ‬ ‫﴿ إَِّمنَا َمَن ُن فِمتـنَةٌ فَ َّل تَ مك ُف مر ﴾‬ ‫﴿ َال يـن ُ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ني ﴾‬ ‫ََ‬ ‫ال َع مهدي الظَّالم َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اص ﴾‬ ‫ب َعلَمي ُك ُم المق َ‬ ‫ص ُ‬ ‫ين َآمنُوا ُكت َ‬ ‫﴿ يَا أَيـُّ َها الذ َ‬ ‫﴿ َولَكِ من لِيَطم َمئِ َّن قَـ ملِيب ﴾‬ ‫ف اللَّهُ نَـ مف ًسا إَِّال ُو مس َع َها ﴾‬ ‫﴿ َال يُ َكلِّ ُ‬ ‫﴿ َربَّـنَا َوَال َُحت ِّم ملنَا َما َال طَاقَ َة لَنَا بِِه ﴾‬

‫‪9‬‬

‫‪972‬‬

‫‪74‬‬

‫‪997‬‬

‫‪39‬‬

‫‪977‬‬

‫‪39‬‬

‫‪92‬‬

‫‪34‬‬

‫‪931‬‬

‫‪49‬‬

‫‪979‬‬

‫‪11‬‬

‫‪91‬‬

‫‪99‬‬

‫‪974‬‬

‫‪917‬‬

‫‪947‬‬

‫‪974‬‬

‫‪914‬‬

‫‪929‬‬

‫‪992‬‬

‫‪771‬‬

‫‪979‬‬

‫‪797‬‬

‫‪92‬‬

‫‪797‬‬

‫‪92‬‬

‫(‪ -3‬سورة آل عمران)‬

‫آل إِبـر ِاهيم و َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ني ﴾‬ ‫اصطََفى َ‬ ‫آل ع ممَرا َن َعلَى الم َعالَم َ‬ ‫﴿ إِ َّن اللَّهَ م‬ ‫آد َم َونُ ً‬ ‫وحا َو َ م َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫َىن لَ ِ‬ ‫ت ُه َو ِم من‬ ‫ال يَا َم مرَميُ أ َّ‬ ‫اب َو َج َد عِمن َد َها ِرمزقًا قَ َ‬ ‫ك َه َذا قَالَ م‬ ‫﴿ ُكلَّ َما َد َخ َل َعلَميـ َها َزَك ِريَّا المم محَر َ‬ ‫عِنم ِد اللَّ ِه ﴾‬ ‫َّاس ِح ُّج المبـي ِ‬ ‫﴿ َولِلَّ ِه َعلَى الن ِ‬ ‫ت﴾‬ ‫َم‬ ‫﴿ ُكنمتُ مم َخميـَر أ َُّم ٍة ﴾‬ ‫﴿ أُعِد ِ ِ‬ ‫ني ﴾‬ ‫م‬ ‫َّت للم ُمتَّق َ‬

‫‪33‬‬

‫‪977‬‬

‫‪32‬‬

‫‪949‬‬

‫‪92‬‬

‫‪91‬‬

‫‪991‬‬

‫‪949‬‬

‫‪933‬‬

‫‪997‬‬

‫(‪ -1‬سورة النساء)‬

‫﴿ َوَم من يَـ مع ِ‬ ‫ود ُه يُ مد ِخلمهُ نَ ًارا َخالِ ًدا فِ َيها ﴾‬ ‫ص اللَّهَ َوَر ُسولَهُ َويَـتَـ َع َّد ُح ُد َ‬ ‫﴿ إِ من َمّتتَنِبُوا َكبَائَِر َما تُـمنـ َه مو َن َعمنهُ نُ َكف مِّر َعمن ُك مم َسيِّئَاتِ ُك مم َونُ مد ِخ مل ُك مم ُم مد َخ ًّل َك ِرميًا ﴾‬ ‫ِ‬ ‫َّم َخالِ ًدا فِ َيها ﴾‬ ‫﴿ َوَم من يَـ مقتُ مل ُم مؤمنًا ُمتَـ َع ِّم ًدا فَ َجَز ُاؤهُ َج َهن ُ‬ ‫﴿ ومن يـعمل ِمن َّ ِ‬ ‫احل ِ‬ ‫ات ِم من ذَ َك ٍر أ مَو أُنمـثَى َوُه َو ُم مؤِم ٌن ﴾‬ ‫الص َ‬ ‫ََ م َم َ م َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك لِ َم من يَ َشاء ﴾‬ ‫﴿ َويَـغمف ُر َما ُدو َن ذَل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يح أَ من يَ ُكو َن َعمب ًدا لِلَّ ِه َوَال الم َم َّلئِ َكةُ الم ُم َقَّربُو َن ﴾‬ ‫﴿ لَ من يَ مستَـمنك َ‬ ‫ف الم َمس ُ‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪94‬‬

‫‪973‬‬

‫‪39‬‬

‫‪971‬‬

‫‪93‬‬

‫‪973‬‬

‫‪974‬‬

‫‪972‬‬

‫‪997‬‬

‫‪999‬‬

‫‪927‬‬

‫‪977‬‬

‫‪069‬‬

‫(‪ -7‬سورة المائدة)‬

‫ك ُه ُم الم َكافُِرو َن ﴾‬ ‫﴿ َوَم من َملم َمحي ُك مم ِمبَا أَنمـَزَل اللَّهُ فَأُولَئِ َ‬ ‫﴿ وإِ مذ َختملُ ُق ِمن الطِّ ِ‬ ‫ني َك َهميئَ ِة الطَّمِري بِإِ مذِين ﴾‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ص ُار ﴾‬ ‫﴿ َال تُ مد ِرُكهُ ماألَبم َ‬

‫‪44‬‬

‫‪999‬‬

‫‪991‬‬

‫‪99‬‬

‫(‪ -6‬سورة األنعام)‬ ‫‪917‬‬

‫‪97‬‬

‫(‪ -2‬سورة األعراف)‬

‫احلَ ُّق ﴾‬ ‫﴿ َوالم َومز ُن يَـ موَمئِ ٍذ م‬ ‫﴿ أَنَا َخميـر ِمنمهُ َخلَ مقتَِين ِم من نَا ٍر و َخلَ مقتَهُ ِم من ِط ٍ‬ ‫ني ﴾‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫﴿ إِن َ ِ‬ ‫ين ﴾‬ ‫َّك م َن الم ُممنظَِر َ‬ ‫﴿ إِنَّ ُك مم ُكنمتُ مم قَـ موٌم َمّت َهلُو َن ﴾‬

‫‪9‬‬

‫‪912‬‬

‫‪97‬‬

‫‪971‬‬

‫‪91‬‬

‫‪973‬‬

‫‪939‬‬

‫‪92‬‬

‫(‪ -1‬سورة األنفال)‬

‫ك ُه ُم الم ُم مؤِمنُو َن َحقا َهلُ مم َم مغ ِفَرةٌ َوِرمز ٌق َك ِرميٌ ﴾‬ ‫﴿ أُولَئِ َ‬

‫‪24‬‬

‫‪934‬‬

‫(‪ -9‬سورة التوبة)‬

‫﴿ َح َّىت يَ مس َم َع َك َّل َم اللَّ ِه ﴾‬ ‫ات جن ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫َّات ﴾‬ ‫﴿ َو َع َد اللَّهُ الم ُم مؤمن َ‬ ‫ني َوالم ُم مؤمنَ َ‬

‫‪7‬‬

‫‪24‬‬

‫‪27‬‬

‫‪973‬‬

‫(‪ -87‬سورة يوسف)‬

‫ت ِمبُمؤِم ٍن لَنَا ﴾‬ ‫﴿ َوَما أَنم َ‬ ‫س ِم من َرمو ِح اللَّ ِه إَِّال الم َق موُم الم َكافُِرو َن ﴾‬ ‫﴿ َال يَـميئَ ُ‬ ‫﴿ َوَما يُـ مؤِم ُن أَ مكثَـ ُرُه مم بِاللَّ ِه إَِّال َوُه مم ُم مش ِرُكو َن ﴾‬

‫‪92‬‬

‫‪971‬‬

‫‪92‬‬

‫‪979‬‬

‫‪917‬‬

‫‪971‬‬

‫(‪ -83‬سورة الرعد)‬

‫ِ‬ ‫ض َّل ٍل ﴾‬ ‫ين إَِّال ِيف َ‬ ‫﴿ َوَما ُد َعاءُ الم َكاف ِر َ‬ ‫﴿ أُ ُكلُ َها َدائِ ٌم ﴾‬

‫‪94‬‬

‫‪973‬‬

‫‪31‬‬

‫‪997‬‬

‫(‪ -81‬سورة إبراهيم)‬

‫﴿ يـثَبِّت اللَّه الَّ ِذين آَمنُوا بِالم َقوِل الثَّابِ ِ‬ ‫ت﴾‬ ‫ُ ُ ُ َ َ‬ ‫م‬

‫‪72‬‬

‫‪914‬‬

‫(‪ -86‬سورة النحل)‬

‫﴿ أَفَ َم من َخيملُ ُق َك َم من َال َخيملُ ُق ﴾‬ ‫ِ‬ ‫ين ﴾‬ ‫﴿ إِ َّن م‬ ‫اخلِمز َي الميَـ موَم َو ُّ‬ ‫السوءَ َعلَى الم َكاف ِر َ‬ ‫﴿ َوقَـ ملبُهُ ُمطم َمئِ ٌّن بِ مِ‬ ‫اسإميَان ﴾‬

‫‪92‬‬

‫‪99‬‬

‫‪72‬‬

‫‪999‬‬

‫‪917‬‬

‫‪977‬‬

‫(‪ -82‬سورة اإلسراء)‬

‫ِ ِِ‬ ‫ورا ﴾‬ ‫ِج لَهُ يَـ موَم المقيَا َمة كتَابًا يَـلم َقاهُ َممن ُش ً‬ ‫﴿ َوُخنمر ُ‬

‫‪071‬‬

‫‪93‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪919‬‬

‫اك إَِّال فِمتـنَةً لِلن ِ‬ ‫َّاس ﴾‬ ‫الرمؤيَا الَِّيت أ ََريمـنَ َ‬ ‫﴿ َوَما َج َع ملنَا ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ت َعلَ َّي﴾‬ ‫﴿ أ ََرأَيمـتَ َ‬ ‫ك َه َذا الَّذي َكَّرمم َ‬

‫‪71‬‬

‫‪941‬‬

‫‪77‬‬

‫‪971‬‬

‫(‪ -81‬سورة الكهف)‬

‫ِ‬ ‫اء فَـ مليَ مك ُف مر ﴾‬ ‫﴿ فَ َم من َشاءَ فَـ مليُـ مؤم من َوَم من َش َ‬ ‫﴿ َال يـغَ ِادر ِ‬ ‫اها ﴾‬ ‫صَ‬ ‫صغ َريةً َوَال َكبِ َريةً إَِّال أ م‬ ‫َح َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت‪﴾ ...‬‬ ‫ين آَ َمنُوا َو َع ِملُوا َّ‬ ‫الصاحلَات َكانَ م‬ ‫﴿ إ َّن الذ َ‬

‫‪79‬‬

‫‪99‬‬

‫‪49‬‬

‫‪999‬‬

‫‪912‬‬

‫‪973‬‬

‫(‪ -70‬سورة طه)‬

‫﴿ أ َّ‬ ‫ب َوتَـ َوَّىل ﴾‬ ‫اب َعلَى َم من َك َّذ َ‬ ‫َن الم َع َذ َ‬

‫‪49‬‬

‫‪999‬‬

‫(‪ -78‬سورة األنبياء)‬

‫﴿ َال يَ مستَكِمربُو َن َع من عِبَ َادتِِه َوَال يَ مستَ مح ِس ُرو َن ﴾‬ ‫﴿ لَ مو َكا َن فِي ِه َما آَ ِهلَةٌ إَِّال اللَّهُ لََف َس َدتَا ﴾‬ ‫﴿ َال يَ مسبِ ُقونَهُ بِالم َق موِل َوُه مم بِأ مَم ِرهِ يَـ مع َملُو َن ﴾‬ ‫اها ُسلَمي َما َن ﴾‬ ‫﴿ فَـ َف َّه ممنَ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ني ﴾‬ ‫﴿ َوَما أ مَر َسلمنَ َ‬ ‫اك إَِّال َر ممحَةً للم َعالَم َ‬

‫‪99‬‬

‫‪947‬‬

‫‪77‬‬

‫‪49‬‬

‫‪72‬‬

‫‪947‬‬

‫‪29‬‬

‫‪974‬‬

‫‪912‬‬

‫‪937‬‬

‫(‪ -73‬سورة المؤمنون)‬

‫﴿ فَـتبارَك اللَّه أَحسن م ِِ‬ ‫ني ﴾‬ ‫اخلَالق َ‬ ‫ََ َ ُ م َ ُ‬ ‫﴿ ُمثَّ إِنَّ ُك مم يَـ موَم الم ِقيَ َام ِة تـُمبـ َعثُو َن ﴾‬ ‫ض ُه مم َعلَى بَـ مع ٍ‬ ‫ض﴾‬ ‫﴿ َولَ َع َّل بَـ مع ُ‬

‫‪97‬‬

‫‪917‬‬

‫‪99‬‬

‫‪49‬‬

‫(‪ -71‬سورة النور)‬

‫ك هم الم َف ِ‬ ‫﴿ ومن َك َفر بـع َد ذَلِ َ ِ‬ ‫اس ُقو َن ﴾‬ ‫ََ م َ َ م‬ ‫ك فَأُولَئ َ ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ني ﴾‬ ‫﴿ نَـَزَل بِِه ُّ‬ ‫وح ماألَم ُ‬ ‫الر ُ‬

‫‪94‬‬

‫‪99‬‬

‫‪11‬‬

‫‪999‬‬

‫(‪ -76‬سورة الشعراء)‬ ‫‪993‬‬

‫ِ‬ ‫استَـميـ َقنَمتـ َها‪﴾ ...‬‬ ‫﴿ َو َج َح ُدوا هبَا َو م‬

‫‪977‬‬

‫(‪ -72‬سورة النمل)‬ ‫‪94‬‬

‫‪931‬‬

‫(‪ -71‬سورة القصص)‬

‫ِ‬ ‫ت﴾‬ ‫﴿ إِن َ‬ ‫َحبَمب َ‬ ‫َّك َال تَـ مهدي َم من أ م‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫يدو َن عُلُوا‪﴾ ...‬‬ ‫ين َال يُِر ُ‬ ‫﴿ تِلم َ‬ ‫ك الد ُ‬ ‫َّار ماآلَخَرةُ َجنم َعلُ َها للَّذ َ‬ ‫ك إَِّال َو مج َههُ ﴾‬ ‫﴿ ُك ُّل َش مي ٍء َهالِ ٌ‬

‫‪17‬‬

‫‪919‬‬

‫‪93‬‬

‫‪997‬‬

‫‪99‬‬

‫‪997‬‬

‫(‪ -37‬سورة السجدة)‬

‫﴿ أَفَمن َكا َن م مؤِمنًا َكمن َكا َن فَ ِ‬ ‫اس ًقا ﴾‬ ‫َم‬ ‫ُ‬ ‫َم‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪99‬‬

‫‪992‬‬

‫‪070‬‬

‫(‪ -36‬سورة يس)‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يم ﴾‬ ‫﴿ قُ مل ُمحيي َيها الَّذي أَنم َشأ ََها أ ََّو َل َمَّرةٍ َوُه َو ب ُك ِّل َخ مل ٍق َعل ٌ‬

‫‪29‬‬

‫‪917‬‬

‫(‪ -36‬سورة الصافات)‬

‫﴿ َواللَّهُ َخلَ َق ُك مم َوَما تَـ مع َملُو َن ﴾‬ ‫ضى لِعِبَ ِاد ِه الم ُك مفَر ﴾‬ ‫﴿ َوَال يَـ مر َ‬ ‫﴿ اللَّهُ َخالِ ُق ُك ِّل َش مي ٍء ﴾‬

‫‪97‬‬

‫‪99‬‬

‫(‪ -39‬سورة الزمر)‬ ‫‪2‬‬

‫‪93‬‬

‫‪77‬‬

‫‪99‬‬

‫(‪ -10‬سورة غافر)‬

‫﴿ ما لِلظَّالِ ِمني ِمن َِ‬ ‫محي ٍم َوَال َش ِفي ٍع يُطَاعُ ﴾‬ ‫َ م‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َش َّد المع َذ ِ‬ ‫اب ﴾‬ ‫﴿ أ مَدخلُوا آَ َل ف مر َع مو َن أ َ َ‬ ‫﴿ ادع ِوين أ ِ‬ ‫ب لَ ُك مم ﴾‬ ‫مُ م‬ ‫َستَج م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص﴾‬ ‫صنَا َعلَمي َ‬ ‫صم‬ ‫ص م‬ ‫ك َوممنـ ُه مم َم من َملم نَـ مق ُ‬ ‫﴿ ممنـ ُه مم َم من قَ َ‬

‫محمد)‬ ‫(‪ -12‬سورة ّ‬

‫﴿و ِ ِ‬ ‫ك ولِلممؤِمنِني والممؤِمنَ ِ‬ ‫ات ﴾‬ ‫استَـ مغف مر ل َذنمبِ َ َ ُ م َ َ ُ م‬ ‫َ م‬

‫‪99‬‬

‫‪979‬‬

‫‪47‬‬

‫‪914‬‬

‫‪71‬‬

‫‪977‬‬

‫‪29‬‬

‫‪941‬‬

‫‪99‬‬

‫‪979‬‬

‫(‪ -19‬سورة الحجرات)‬

‫ِِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ني اقمـتَتَـلُوا ﴾‬ ‫﴿ َوإِ من طَائ َفتَان م َن الم ُم مؤمن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َسلَ ممنَا ﴾‬ ‫﴿ قَالَت ماأل م‬ ‫اب آَ َمنَّا قُ مل َملم تُـ مؤمنُوا َولَك من قُولُوا أ م‬ ‫َعَر ُ‬

‫‪9‬‬

‫‪979-992‬‬

‫‪94‬‬

‫‪937-972‬‬

‫(‪ -70‬سورة ق)‬

‫ي﴾‬ ‫﴿ َما يـُبَد ُ‬ ‫َّل الم َق مو ُل لَ َد َّ‬

‫‪79‬‬

‫(‪ -78‬سورة الذاريات)‬

‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ني ﴾‬ ‫﴿ فَأ م‬ ‫ني * فَ َما َو َج مدنَا ف َيها َغميـَر بَـميت م َن الم ُم مسلم َ‬ ‫َخَر مجنَا َم من َكا َن ف َيها م َن الم ُم مؤمن َ‬ ‫يد الم ُق َوى ﴾‬ ‫﴿ َعلَّ َمهُ َش ِد ُ‬ ‫﴿ َجَزاءً ِمبَا َكانُوا يَـ مع َملُو َن ﴾‬

‫‪999‬‬

‫‪37-31‬‬

‫‪937‬‬

‫(‪ -73‬سورة النجم)‬

‫‪1‬‬

‫‪977‬‬

‫(‪ -76‬سورة الواقعة)‬ ‫‪74‬‬

‫‪99‬‬

‫(‪ -71‬سورة المجادلة)‬

‫ب ِيف قُـلُوهبِِم مِ‬ ‫اسإميَا َن ﴾‬ ‫﴿ أُولَئِ َ‬ ‫ك َكتَ َ‬ ‫ُ‬

‫‪77‬‬

‫‪977‬‬

‫(‪ -66‬سورة التحريم)‬

‫َّ ِ‬ ‫ين آَ َمنُوا تُوبُوا إِ َىل اللَّ ِه تَـ موبَةً ﴾‬ ‫﴿ يَا أَيـُّ َها الذ َ‬

‫‪071‬‬

‫‪9‬‬ ‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪992‬‬

‫(‪ -61‬سورة الملك)‬ ‫احلَيَا َة ﴾‬ ‫ت َو م‬ ‫﴿ َخلَ َق الم َم مو َ‬ ‫﴿ أُ مغ ِرقُوا فَأ مُد ِخلُوا نَ ًارا ﴾‬

‫‪7‬‬

‫‪99‬‬

‫(‪ -28‬سورة النوح)‬ ‫‪71‬‬

‫‪914‬‬

‫(‪ -21‬سورة المدثر)‬

‫ِِ‬ ‫ني ﴾‬ ‫اعةُ الشَّافع َ‬ ‫﴿ فَ َما تَـمنـ َفعُ ُه مم َش َف َ‬

‫‪49‬‬

‫‪979‬‬

‫(‪ -27‬سورة القيامة)‬

‫اضرةٌ * إِ َىل ربِّـها نَ ِ‬ ‫ٍِ ِ‬ ‫اهَرةٌ ﴾‬ ‫ََ‬ ‫﴿ ُو ُجوهٌ يَـ موَمئذ نَ َ‬

‫‪73-77‬‬

‫‪91‬‬

‫(‪ -11‬سورة اإلنشقاق)‬

‫﴿ فَأ ََّما َم من أ ِ‬ ‫ب ِح َسابًا يَ ِس ًريا ﴾‬ ‫ُويتَ كِتَابَهُ بِيَ ِمينِ ِه * فَ َس مو َ‬ ‫ف ُحيَ َ‬ ‫اس ُ‬

‫‪9-2‬‬

‫‪919‬‬

‫(‪ -97‬سورة الليل)‬

‫ِ‬ ‫ب َوتَـ َوَّىل ﴾‬ ‫﴿ َال يَ م‬ ‫ص َّل َها إَِّال ماألَ مش َقى * الَّذي َك َّذ َ‬ ‫ِِ‬ ‫ين فِ َيها أَبَ ًدا ﴾‬ ‫﴿ َخالد َ‬

‫(‪ -91‬سورة البيّنة)‬

‫‪9‬‬

‫‪997‬‬

‫(‪ -99‬سورة الزلزلة)‬

‫ال َذ َّرةٍ َخميـًرا يَـَرُه ﴾‬ ‫﴿ فَ َم من يَـ مع َم مل ِمثمـ َق َ‬ ‫اك الم َك موثـََر ﴾‬ ‫﴿ إِنَّا أ مَعطَميـنَ َ‬

‫‪97-91‬‬

‫‪999‬‬

‫‪2‬‬

‫‪973‬‬

‫(‪ -801‬سورة الكوثر)‬ ‫‪9‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪991‬‬

‫‪071‬‬

‫[ فهرس األحاديث النبوية الشريفة واآلثار ]‬ ‫الحديث‬

‫رقم صفحة الكتاب‬

‫األئمة من قريش ))‬ ‫(( ا‬

‫‪913‬‬

‫(( أبو بكر ىف اجلناة‪ ،‬وعمر ىف اجلناة‪ ،‬وعثمان ىف اجلناة‪))...‬‬ ‫(( أناه قال للوفد‪ :‬أتدرون ما اسإميان‪))...‬‬

‫‪937‬‬

‫(( ادعوا اهلل وانتم موقنون باسإجابة واعلموا أن اهلل ال يستجيب دعاء من قلب غافل اله‪))...‬‬

‫‪977‬‬

‫(( إذا أحب اهلل عبداً مل يضره ذنب ))‬

‫‪919‬‬

‫(( إذا قرب امليت أتاه ملكان أسودان ))‬

‫‪914‬‬

‫(( استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القرب منه ))‬

‫‪914‬‬

‫(( اسإسّلم أن تشهد أنه ال إله إال اهلل‪))...‬‬

‫‪937‬‬

‫(( اطلع رسول اهلل علينا وَنن نتذاكر فقال‪ :‬ما تذاكرون ))‬

‫‪973‬‬

‫(( عشر آيات قبل الساعة ))‬

‫‪973‬‬

‫(( أكرموا أصحاىب فإهنم خياركم ))‬

‫‪917‬‬

‫(( اهلل اهلل أصحاىب‪))...‬‬

‫‪917‬‬

‫فإهنم ال يعلمون ))‬ ‫هم اهد قومى ا‬ ‫(( اللا ا‬

‫‪919‬‬

‫ت قلىب على دينك ))‬ ‫هم ثـَبِّ م‬ ‫(( اللا ا‬

‫‪977‬‬

‫(( أنا سيد ولد آدم‪))...‬‬

‫‪949‬‬

‫(( إن أصبت فلك عشر حسنات‪ ،‬وإن أخطأت فلك حسنة ))‬

‫‪974‬‬

‫(( إن اهلل يدين املؤمنني‪))...‬‬

‫‪919‬‬

‫((إن العامل واملتعلم إذا مرا على قرية فإن اهلل يرفع العذاب عن مقربة تلك القرية أربعني يوماً ))‬

‫‪977‬‬

‫(( إن فاطمة سيدة نساء أهل اجلناة ))‬

‫(( احلسن واحلسني سيادا شباب أهل اجلناة ))‬

‫‪919‬‬ ‫‪919‬‬

‫(( إن أهل اجلناة جرد مرد ))‬

‫‪917‬‬

‫(( إن اجلهنمي ضرسه مثل أحد ))‬

‫‪917‬‬

‫صفر ))‬ ‫(( إن ربكم حيي كرمي يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردمها ً‬

‫‪977‬‬

‫(( إناكم سرتون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر ))‬ ‫رخص للمسافر ثّلثة أيام‪))...‬‬ ‫(( أناه ا‬

‫‪91‬‬ ‫‪919‬‬

‫(( اسإميان أن تؤمن باهلل ومآلئكته‪))...‬‬

‫‪971‬‬

‫(( اسإميان بضع وسبعون شعبة أعّلها‪))...‬‬

‫‪933‬‬

‫(( بينما رجل يسوق بقرة‪))...‬‬

‫‪949‬‬

‫(( البينة على امل ادعي واليمني على من أنكر ))‬

‫‪34‬‬

‫(( جريان النيل ))‬

‫(( احلنطة باحلنطة مثّلً ٍ‬ ‫مبثل ))‬

‫‪071‬‬

‫‪912‬‬

‫‪949‬‬ ‫‪71‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫(( حوضي مسرية شهر‪))...‬‬

‫‪991‬‬

‫(( اخلّلفة بعدي ثّلثون سنة مث تصري ملكاً عضوضاً ))‬

‫‪917‬‬

‫يرد البّلء ))‬ ‫(( الدعاء ا‬

‫‪977‬‬

‫(( الصدقة تطفُ غضب الرب ))‬

‫‪977‬‬

‫(( السعيد من سعد يف بطنه أمه ‪ ،‬والشقي من شقي ىف بطن أمه ))‬

‫‪931‬‬

‫(( الشرك باهلل‪))....‬‬

‫‪991‬‬

‫(( شفاعىت ألهل الكبائر من أمىت ))‬

‫‪979‬‬

‫السم من غري تضرر ))‬ ‫(( شرب خالد ا‬

‫‪949‬‬

‫((صلوا خلف كل بر وفاجر ))‬

‫‪917‬‬

‫(( القرب روضة من رياض اجلنة أو حفرة من حفر النار ))‬

‫‪914‬‬

‫(( القرآن كّلم اهلل غري خملوق ‪ .‬ومن قال ‪ :‬إنه خملوق فهو كافر باهلل العظيم ))‬

‫‪27‬‬

‫(( للمصيب أجران وللمخطُ أجر ))‬

‫‪974‬‬

‫(( أنه صلى اهلل عليه وسلم ازوج عثمان رقية وملا ماتت رقية ازوجه أم كلثوم‪،‬‬

‫‪911‬‬

‫وملا ماتت قال صلى اهلل عليه وسلم ‪ :‬لو كانت عندي ثالثة لزوجتكها ))‬

‫(( ال يزين الزاين حني يزين وهو مؤمن ))‬

‫‪992‬‬

‫(( ال إميان ملن ال أمانة له ))‬

‫‪992‬‬

‫((‪.......‬املاء ))‬

‫‪977‬‬

‫(( ال تدعوا الصلوة على من مات من أهل القبلة ))‬

‫‪917‬‬

‫(( ال تسبوا أصحايب فلو أن أحدكم أنفق‪))...‬‬

‫‪917‬‬

‫(( ما من ميت يصلي عليه أمة‪))...‬‬

‫‪977‬‬

‫(( أنه سئل عن عدد األنبياء فقال ‪ :‬مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً )) ‪.‬‬

‫‪941‬‬

‫(( من أتى كاهناً فص ادقه‪))...‬‬

‫متعمداً فقد كفر ))‬ ‫(( من ترك الصّلة ا‬

‫‪979‬‬ ‫‪999‬‬

‫(( من مات من أهل القبلة ومل يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ))‬

‫‪917‬‬

‫(( ان قوله تعاىل يثبت اهلل الذين آمنوا‪...‬اآلية نزلت قي عذاب القرب )) ‪.‬‬

‫‪914‬‬

‫(( أنه قال ألسامة حني قتل من قال ال إله إال اهلل هّل شققت على قلبه ))‬

‫‪977‬‬

‫(( وإن زنا وإن سرق على رغم أنف أيب ذر ))‬

‫‪999‬‬

‫(( قول عمر ‪ :‬يا سارية ‪ ،‬اجلبل اجلبل ))‬

‫‪949‬‬

‫ع بإمث أو قطعية رحم ما مل يستعجل ))‬ ‫(( يستجاب للعبد ما مل يَ مد ُ‬

‫‪977‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪075‬‬

‫[ فهرس الكتاب ]‬ ‫[ مق ّدمة المعلّق ] ‪5 .........................................................................................................................................‬‬ ‫[ ترجمة صاحب الشرح ((التفتازاني)) ] ‪7 ..................................................................................................................‬‬ ‫[ ترجمة صاحب المت ِن ((النسفي)) ] ‪01 ...................................................................................................................‬‬ ‫ِ‬ ‫َّس ِـفيَّـة ‪05 ....................................................................................................................................‬‬ ‫َمـتـْ ُن َ‬ ‫العق ـَائـد الن َ‬ ‫[ خطبة الكتاب ] ‪08 .......................................................................................................................................‬‬ ‫[ المقدمة ] ‪09 .............................................................................................................................................‬‬ ‫[ ثبوت حقائق األشياء ] ‪15 ................................................................................................................................‬‬ ‫[ تعريف العلم وأسبابه ] ‪18 ................................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث في اإللهام ] ‪18 ...................................................................................................................................‬‬ ‫[ الكالم في حدوث العالم ] ‪19 ............................................................................................................................‬‬

‫[ مباحث األعراض ] ‪11 ....................................................................................................................................‬‬ ‫[ الدالئل على حدوث الحركة والسكون ] ‪11 ..............................................................................................................‬‬ ‫[ البحث في وجوب اعتقاد أن اللّه تعالى أحدث العالَم كله ] ‪16 ..........................................................................................‬‬ ‫[ البحث في بطالن التسلسل ] ‪17 .........................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث في وجوب اعتقاد أن خالق العالم واحد أحد منفرد ] ‪19 .........................................................................................‬‬ ‫[ البحث في وجوب اعتقاد ان اهلل سبحانه لم يزل وال يزال ] ‪50 ...........................................................................................‬‬ ‫[ التقديسات والتنزيهات ] ‪51 ..............................................................................................................................‬‬ ‫[ ليس كمثله شيئ ] ‪59 ....................................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث في صفات اهلل تعالى ] ‪60 ........................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى الكالم ] ‪69 ...................................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى صفة التكوين ] ‪77 ............................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى صفة اإلرادة ] ‪81 .............................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى رؤية اهلل تعالى ] ‪81 ...........................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى أفعال عباد اهلل ] ‪88 ..........................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى االستطاعة مع الفعل ] ‪91 .....................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى تكليف العبد بما ليس فى طاقته ] ‪97 .........................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى التوليد ] ‪98 ...................................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى األجل [ ‪99 ...................................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى الرزق ] ‪011 ..................................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى الهداية واإلضالل ] ‪010 .....................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى أنّه ال يجب على اهلل شيئ ] ‪011 .............................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى عذاب القبر ] ‪011 ...........................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى البعث ] ‪016 .................................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى الوزن ] ‪017 ..................................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى الكتاب ] ‪018 ................................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى السوال ] ‪019 ................................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى الحوض ] ‪001 ...............................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى الصراط ] ‪000 ...............................................................................................................................‬‬

‫‪076‬‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫[ البحث فى الجنّة والنّار ] ‪001 ............................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى الكبائر والصغائر ] ‪001 .......................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى الشفاعة ] ‪010 ................................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى اإليمان ] ‪015 ................................................................................................................................‬‬ ‫[ اإليمان واإلسالم واحد ] ‪011 ............................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى النبوة ] ‪016 ..................................................................................................................................‬‬ ‫[ بيان عدد األنبياء عليهم السالم ] ‪011 ...................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى المآلئكة ] ‪011 ...............................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى ُكتُ ِ‬ ‫ب اهلل تعالى ] ‪011 ........................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى المعراج ] ‪011 ................................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى كرامات األولياء ] ‪018 .......................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى خلفاء الراشدين المهديين ] ‪051 ..............................................................................................................‬‬ ‫[ البحث في الخالفة ] ‪051 ................................................................................................................................‬‬ ‫المتفرقة ] ‪056 ........................................................................................................................‬‬ ‫[ البحث فى العقائد‬ ‫ّ‬

‫هتذيب األرواح النفسياة يف تيسري شرح العقائد النسفياة‬ ‫للعّلمة سعد الدين التفتازاين رمحه اهلل تعاىل‬ ‫ا‬

‫‪077‬‬

Related Documents

Tayseer Attuhfah
June 2020 2
Ash-sharh
May 2020 33
Sharh Sahih Al Bukhari
November 2019 25
Sharh Nuktaa Iraab
June 2020 1
Sharh Miata Amil.pdf
October 2019 3

More Documents from "Nekui"