Subul Al-salam 15 - Aiman Wa Nudzur

  • May 2020
  • PDF

This document was uploaded by user and they confirmed that they have the permission to share it. If you are author or own the copyright of this book, please report to us by using this DMCA report form. Report DMCA


Overview

Download & View Subul Al-salam 15 - Aiman Wa Nudzur as PDF for free.

More details

  • Words: 8,105
  • Pages: 11
‫سبل السلم‬ ‫شرح بلوغ المرام‬ ‫للصنعاني‬ ‫كتاب اليمان والنذور‬ ‫اليمان‪ :‬بفتح الهمزة جمع يمين‪ ،‬وأصل اليمين في اللغة اليد وأطلقت على الحلف لنهم كانوا إذا تحالفوا أخذ كل‬ ‫بيمين صاحبه‪.‬‬ ‫"والنذور" جمع نذر وأصله النذار بمعنى التخويف وعرفه الراغب‪ :‬بأنه إيجاب ما ليس بواجب لحدوث أمر‪.‬‬ ‫ن الخطاب في َركْبٍ وعُمرُ‬ ‫ع َمرَ ب َ‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم َأّن ُه أَدركَ ُ‬ ‫ن رسو ِ‬ ‫عن ابن عُمرَ رضي ال عنهما ع ْ‬ ‫ن كان حالفا فلْيحلف‬ ‫يحل فُ بأَبيه فناداهم رسول الّل هِ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬أَل إن ال ينهاك مْ َأ نْ تحلِفُوا بآبائك مْ فم ْ‬ ‫بال َأوْ ليصمتْ" متّفقٌ عليه‪.‬‬ ‫(عن ابن عمر رضي ال عنهما عن رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَسَلّم أنه أدرك عمر بن الخطاب رضي ال عنه‬ ‫في ر كب) الر كب ركبان ال بل ا سم ج مع أو ج مع و هم العشرة ف صاعدا و قد يكون للخ يل (وع مر يحلف بأب يه‬ ‫فناداهمم رسمول ال صملى ال تعالى عليمه وعلى آله وسملم‪" :‬أل إن ال ينهاكمم أن تحلفوا بآبائكمم فممن كان حالفا‬ ‫فليحلف بال) ليس المراد أنه ل يحلف إل بهذا اللفظ بدليل أنه صَلّى ال عََليْ هِ وَسَلّم كان يحلف بغيره نحو "مقلب‬ ‫القلوب" كما يأتي (أَ ْو ِل َيصْمُت") بضم الميم مثل قتل يقتل (متفق عليه)‪.‬‬ ‫ن أَبي هريرة مرفوعا "ل تحلِفوا بآبائك مْ ول بأُمهاتكُ مْ ول بالنْدادِ‪ ،‬ول تحلفوا‬ ‫وفي رواية لبي داودَ والنسائيّ ع ْ‬ ‫إل بال‪ ،‬ول تحلفوا بال إل وأَنتمْ صادقونَ"‪.‬‬ ‫(وفمي روايمة لبمي داود والنسمائي عن أبمي هريرة مرفوعا‪" :‬ل تحلفوا بآبائكمم ول بأُمهاتكمم‪ ،‬ول بالنداد) النمد‬ ‫بك سر أوله الم ثل‪ ،‬والمراد ه نا أ صنامهم وأوثان هم ال تي جعلو ها ل تعالى أمثالً لعبادت هم إيا ها وحلف هم ب ها ن حو‬ ‫قولهم واللت والعزى (ول تحلفوا بال إل وأَنتم صادقون")‪.‬‬ ‫الحديثان دليل على النهي عن الحلف بغير ال تعالى وهو للتحريم كما هو أصله‪ ،‬وبه قالت الحنابلة والظاهرية‪.‬‬ ‫وقال ابن عبد البرّ‪ :‬ل يجوز الحلف بغير ال تعالى بالجماع‪ .‬وفي رواية عنه إن اليمين بغير ال مكروهة منهي‬ ‫عنهما ل يجوز لحمد الحلف بهما‪ .‬وقوله "ل يجوز" بيان أنمه أراد بالكراهمة التحريمم كمما صمرح بمه أولً‪ ،‬وقال‬ ‫الماوردي‪ :‬ل يجوز لحمد أن يحلف أحدا بغيمر ال تعالى ل بطلق ول عتاق ول نذر‪ ،‬وإذا حلف الحاكمم أحدا‬ ‫بذلك و جب عزله‪ .‬وع ند جمهور الشافع ية والمشهور عن المالك ية أ نه للكرا هة ومثله للهادو ية ما لم ي س ّو في‬ ‫التعظيم‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬ل يخفى أن الحاديث واضحة في التحريم لما سمعت ولما أخرج أبو داود والحاكم واللفظ له من حديث‬ ‫ابن عمر أنه قال صلى ال تعالى عليه وعلى آله وسلم‪" :‬من حلف بغير ال كفر" وفي رواية للحاكم "كل يمين‬ ‫يحلف بها دون ال تعالى شرك" ورواه أحمد بلفظ "من حلف بغير ال فقد أشرك" وأخرج مسلم‪" :‬من حلف منكم‬ ‫فقال في حل فه‪ :‬واللت والعزى؛ فلي قل ل إله إل ال" وأخرج الن سائي من حد يث سعد بن أ بي وقاص أ نه حلف‬ ‫باللت والعزى قال‪ :‬فذكرت ذلك للنمبي صملى ال تعالى عليمه وعلى آله وسملم فقال‪" :‬قمل ل إله إل ال وحده ل‬ ‫شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير وانفث عن يسارك ثلثا وتعوّذ بال من الشيطان الرجيم‬ ‫ول تعد"‪.‬‬ ‫فهذه الحاد يث الخيرة تقوّي القول بأ نه محرّم لت صريحها بأ نه شرك من غ ير تأو يل ولذا أ مر بتجد يد ال سلم‬ ‫والتيان بكلمة التوحيد‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫وا ستدل القائل بالكرا هة بحد يث‪ :‬أفلح مممم وأب يه مممم إن صدق" أخر جه مسلم‪ .‬وأج يب ع نه أولً‪ :‬بأ نه‬ ‫قال ابن عبد البرّ‪ :‬إن هذه اللفظة غير محفوظة وقد جاءت عن راويها‪" :‬أفلح وال إن صدق" بل زعم بعضهم أن‬ ‫راويها صحف "وال" إلى "وأبيه"‪ ،‬وثانيا‪ :‬أنها لم تخرج مخرج القسم بل هي من الكلم الذي يجري على اللسنة‬ ‫مثل‪ :‬تربت يداه‪ ،‬ونحوه‪.‬‬ ‫وقولنا‪ :‬من غير تأويل إشارة إلى تأويل القائل بالكراهة فإنه تأول قوله‪" :‬فقد أشرك" بما قاله الترمذي‪ :‬قد حمل‬ ‫ب عض العلماء م ثل هذا على التغليظ ك ما حمل بعضهم قوله "الرياء شرك" على ذلك‪ .‬وأج يب بأن هذا إن ما ير فع‬ ‫القول بكفمر ممن حلف بغيمر ال ول يرفمع التحريمم كمما أن الرياء محرّم اتفاقا ول يكفمر ممن فعله كمما قال ذلك‬ ‫البعض‪.‬‬ ‫واستدل القائل بالكراهة بأن ال تعالى قد أقسم في كتابه بالمخلوقات من الشمس والقمر وغيرهما‪ .‬وأجيب بأنه‬ ‫ليمس للعبمد القتداء بالرب تعالى فإنمه يفعمل مما يشاء ويحكمم مما يريمد‪ ،‬على أنهما كلهما مؤوّلة بأن المراد ورب‬ ‫الشمس ونحوه‪.‬‬ ‫ووجه التحريم أن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به ومنع النفس عن الفعل أو عزمها عليه بمجرد عظمة من‬ ‫حلف به‪ ،‬وحقيقة العظمة مختصة بال تعالى فل يلحق به غيره‪.‬‬ ‫ويحرم الحلف بالبراءة من ال سلم أو من الد ين أو بأ نه يهودي أو ن حو ذلك ل ما أخر جه أ بو داود وا بن ما جه‬ ‫والنسائي بإسناد على شرط مسلم من حديث بريدة أن النبي صلى ال عليه وآله وسلم قال‪" :‬من حلف فقال‪ :‬إني‬ ‫بريء من السلم فإن كان كاذبا فهو كما قال وإن كان صادقا فلن يرجع إلى السلم سالما"‪.‬‬ ‫والظهر عدم وجوب الكفارة في الحلف بهذه المحرّمات‪ ،‬إذ الكفارة مشروعة فيما أذن ال تعالى أن يحلف به ل‬ ‫فيما نهى عنه‪ ،‬ولنه لم يذكر الشارع كفارة‪ ،‬بل ذكر أنه يقول كلمة التوحيد ل غير‪.‬‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَسَلّم‪" :‬يمينك على ما يصدّقك به صاحبك"‬ ‫عنْ ُه قالَ‪ :‬قال رسو ُ‬ ‫وعنْ أَبي هريرة رضي اللّ هُ َ‬ ‫وفي رواية "اليمين على نّيةِ المسْتحلف" أَخرجهما مسلمٌ‪.‬‬ ‫الحد يث دل يل على أن اليم ين تكون على ن ية المحلف‪ ،‬ول ين فع في ها ن ية الحالف إذا نوى ب ها غ ير ما أظهره‪،‬‬ ‫وظاهره الطلق سمواء كان المحلف له الحاكمم أو المدعمي للحمق‪ ،‬والمراد حيمث كان المحلف له التحليمف كمما‬ ‫يش ير إل يه قوله‪" :‬على ما ي صدّقك به صاحبك" فإ نه يف يد أن ذلك ح يث كان للمحلف التحل يف و هو ح يث كان‬ ‫صادقا فيما ادعاه على الحالف‪ ،‬وأما لو كان على غير ذلك كانت النية نية الحالف‪ ،‬واعتبرت الشافعية أن يكون‬ ‫المحلف الحاكم وإل كانت النية نية الحالف‪.‬‬ ‫قال النووي‪ :‬وأما إذا حلف بغير استحلف وورّى فتنفعه ول يحنث سواء حلف ابتداء من غير تحليف‪ ،‬أو حلفه‬ ‫غير القاضي أو غير نائبه ول اعتبار في ذلك بنية المحلف بكسر اللم غير القاضي‪ .‬والحاصل أن اليمين على‬ ‫نية الحالف في جميع الحوال إل إذا ا ستحلفه القاضي أو نائبه في دعوى توج هت عليه فتكون اليمين على ن ية‬ ‫الم ستحلف‪ ،‬و هو مراد الحد يث‪ .‬أ ما إذا حلف بغ ير ا ستحلف القا ضي أو نائ به في دعوى توج هت عل يه فتكون‬ ‫اليم ين على ن ية الحالف‪ ،‬و سواء في هذا كله بال تعالى أو بالطلق والعتاق‪ ،‬إل أ نه إذا حل فه القا ضي بالطلق‬ ‫والعتاق فتنفعمه التوريمة‪ ،‬ويكون العتبار بنيمة الحالف لن القاضمي ليمس له التحليمف بالطلق والعتاق وإنمما‬ ‫يستحلف بال ا همممم‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬ول أدري من أين جاء تقييد الحديث بالقاضي أو نائبه بل ظاهر الحديث أنه إذا استحلفه من له الحق فالنية‬ ‫نية المستحلف مطلقا‪.‬‬ ‫ت على يم ين‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬وإذا حَلَف َ‬ ‫ع نْ عبد الرحمن بن سمر َة ر ضي ال عن ُه قال‪ :‬قال ر سو ُ‬ ‫وَ‬ ‫ت الذي هُو خيرٌ" ُمتّف قٌ عل يه‪ ،‬و في لَفْ ظٍ للبخاري "فائت الذي هُوَ‬ ‫ن يمي نك وائ ِ‬ ‫فرََأيْ تَ غير ها خيْرا من ها فكَفّر عَ ْ‬ ‫ت الذي هو خيرٌ" وإسنادها صحيحٌ‪.‬‬ ‫خ ْيرٌ و َكفّر عنْ يمينك" وفي رواية لبي داود "فكفّر عنْ يمينك ثمّ ائ ِ‬ ‫َ‬ ‫(وعن عبد الرحمن بن سمرة رضي ال عنه) ابن حبيب بن عبد شمس العبشمي أبي سعيد صحابي من مسلمة‬ ‫الفتح افتتح سجستان ثم سكن البصرة ومات بها سنة خمسين أو بعدها (قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‬ ‫وسلم‪" :‬وإذا حلفت على يمين) أي على محلوف منه سماه يمينا مجازا (ورأيت غيرها خيرا منها فكفّرْ عن يمينك‬ ‫وأتِ الذي هو خيرٌ" متفق عليه‪ ،‬وفي لفظ للبخاري "فائت الذي هو خيرٌ وكفر عن يمينك" وفي رواية لبي داود)‬ ‫عن عبد الرحمن أيضا ("فكفّرْ عنْ يمينك ثم ائتِ الذي هو خيرُ" وإسنادهما) بالتثنية أي لفظ البخاري ورواية أبي‬ ‫داود والولى إفراد الضمير ليعود إلى رواية أبي داود فقط لما علم من عرفهم أن ما في الصحيحين صحيح ل‬ ‫يحتاج إلى أن يقال إسناده (صحيح)‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫الحد يث دل يل على أن من حلف على كل ش يء وكان تر كه خيرا من التمادي على اليم ين و جب عل يه التكف ير‪،‬‬ ‫وإتيان ما هو خير‪ ،‬كما يفيده المر‪ ،‬ولكنه صرح الجماهير بأنه إنما يستحب له ذلك ل أنه يجب‪.‬‬ ‫وظاهره وجوب تقديم الكفارة‪ ،‬ولكنه ادعى الجماع على عدم وجوب تقديمها‪ ،‬وعلى جواز تأخيرها إلى ما بعد‬ ‫الح نث‪ ،‬وعلى أ نه ل ي صح تقديم ها ق بل اليم ين‪ .‬ودلت روا ية " ثم ائت الذي هو خ ير" على أ نه يقدّم الكفارة ق بل‬ ‫الحنث لقتضاء "ثم" الترتيب ورواية الواو تحمل على رواية "ثم" حمل للمطلق على المقيد‪ ،‬فإن تم الجماع على‬ ‫جواز تأخيرها وإل فالحديث دال على وجوب تقديمها‪.‬‬ ‫وم من ذ هب إلى جواز تقديم ها على الح نث مالك والشاف عي وغيره ما وأرب عة ع شر من ال صحابة وجما عة من‬ ‫التابع ين‪ ،‬و هو قول جماه ير العلماء‪ .‬ل كن قالوا‪ :‬ي ستحب تأخير ها عن الح نث‪ ،‬وظاهره أن هذا جار في جم يع‬ ‫أنواع الكفارة‪.‬‬ ‫وذهمب الشافعمي إلى عدم إجزاء تقديمم التكفيمر بالصموم وقال‪ :‬ل يجوز قبمل الحنمث لنهما عبادة بدنيمة ل يجوز‬ ‫تقديمها على وقتها كالصلة وصوم رمضان وأما التكفير بغير الصوم فجائز تقديمه كما يجوز تعجيل الزكاة‪.‬‬ ‫وذه بت الهادو ية والحنف ية إلى أ نه ل يجوز تقد يم التكف ير على الح نث على كل حال‪ ،‬قالت الهادو ية‪ :‬لن سبب‬ ‫وجود الكفارة هو مجموع الحنث واليمين‪ ،‬فل يصح التقديم قبل تمام سبب الوجوب‪ ،‬وعند الحنفية السبب الحنث‪.‬‬ ‫ول يخفى أن الحديث دال على خلف ما عللوا به وذهبوا إليه فالقول الوّل أقرب إلى العمل به‪.‬‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم قال‪" :‬مَ نْ حَلَ فَ على يمين فقال‪ :‬إن شاء‬ ‫ع ْنهُما َأنّ رسو َ‬ ‫وعن ابن عمر رضي اللّ هُ َ‬ ‫حبّانَ‪.‬‬ ‫حنْثَ عََليْه" رَواهُ َأحْمدُ والربع ُة وصحّح ُه ابنُ ِ‬ ‫ال فل ِ‬ ‫قال الترمذي‪ :‬ل نعلم أحدا رف عه غ ير أيوب ال سختياني‪ ،‬قال ا بن عل ية‪ :‬كان أيوب يرف عه تارة وتارة ل يرف عه‪،‬‬ ‫قال البيهقي‪ :‬ل يصح رفعه إل عن أيوب مع أنه شك فيه‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬كأنه يريد أنه رفعه تارة ووقفه أخرى‪ ،‬ول يخفى أن أيوب ثقة حافظ ل يضر تفرّده برفعه‪ ،‬وكونه وقفه‬ ‫تارة ل يقدح فيه‪ ،‬لن رفعه زيادة عدل مقبولة‪ ،‬وقد رفعه عبد ال العمري‪ ،‬وموسى بن عقبة‪ ،‬وكثر بن فرقد‪،‬‬ ‫وأيوب بن مو سى‪ ،‬وح سان بن عط ية‪ ،‬كل هم عن نا فع مرفوعا فقوى رف عه‪ .‬على أ نه وإن كان موقوفا فله ح كم‬ ‫الرفع إذ ل مسرح للجتهاد فيه‪.‬‬ ‫وإلى مما أفاده الحديمث ذهمب الجماهيمر؛ وقال ابمن العربمي‪" :‬اجممع المسملمون بأن قوله إن شاء ال يمنمع انعقاد‬ ‫ل كما قال بعض السلف لم يح نث أحد في يمين ولم يحتج إلى‬ ‫اليمين بشرط كونه متصلً قال‪ :‬ولو جاز منفص ً‬ ‫الكفارة‪ .‬واختلفوا في ز من الت صال‪ .‬فقال الجمهور‪ :‬هو أن يقول إن شاء ال مت صلً باليم ين من غ ير سكوت‬ ‫بينهما ول يضره التنفس‪ .‬قلت‪ :‬وهذا هو الذي تدل له الفاء في قوله‪" :‬فقال"‪.‬‬ ‫وعن طاوس والحسن وجماعة من التابعين‪ :‬أن له الستثناء ما لم يقم من مجلسه‪ ،‬وقال عطاء‪ :‬قدر حلبة ناقة‪،‬‬ ‫وقال سعيد بن جبير‪ :‬بعد أربعة أشهر‪ ،‬وقال[اث] ابن عباس[‪/‬اث]‪ :‬له الستثناء أبدا متى يذكر‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬وهذه تقادير خالية عن الدليل‪ ،‬وقد تأوّل بعضهم هذه القاويل بأن مرادهم أنه يستحب له أن يقول إن شاء‬ ‫ال تبركا‪ ،‬أو يجب على ما ذهب إليه بعضهم لقوله تعالى‪{ :‬واذكر ربك إذا نسيت} فيكون الستثناء رافعا للثم‬ ‫الحاصل بتركه أو لتحصيل ثواب الندب على القول باستحبابه‪ .‬ولم يريدوا به حل اليمين ومنع الحنث‪.‬‬ ‫واختلفوا همل السمتثناء مانمع للحنمث فمي الحلف بال وغيره ممن الطلق والعتاق وغيره ممن الظهار والنذر‬ ‫والقرار؟ فقال مالك‪ :‬ل ينفع إل في الحلف بال دون غيره‪ ،‬واستقواه ابن العربي واستدل بأنه تعالى قال‪{ :‬ذلك‬ ‫كفارة أيمانكم إذا حلفتم} فل يدخل في ذلك اليمين الشرعية وهي الحلف بال‪.‬‬ ‫وذهب أحمد إلى أنه ل يدخل العتق لما أخرجه البيهقي من حديث معاذ مرفوعا "إذا قال لمرأته أنت طالق إن‬ ‫شاء ال لم تطلق‪ ،‬وإذا قال لعبده أنت حرّ إن شاء ال فإنه حر" إل أنه قال البيهقي‪ :‬تفرّد به حميد بن مالك وهو‬ ‫مجهول‪ ،‬واختلف عليه في إسناده‪.‬‬ ‫وذهبمت الهادويمة إلى أن السمتثناء بقوله إن شاء ال معتمبر فيمه أن يكون المحلوف عليمه فيمما شاءه ال أو ل‬ ‫يشاؤه‪ ،‬فإن كان مما يشاؤه ال بأن كان واجبا أو مندوبا أو مباحا فمي المجلس أو حال التكلم ممممم لن مشيئة‬ ‫ال حا صلة في الحال مممم فل تب طل اليم ين بل تنع قد به وإن كان ل يشاؤه بأن يكون محظورا أو مكروها‬ ‫فل تنع قد اليم ين‪ ،‬فجعلوا ح كم ال ستثناء بالمشيئة ح كم التقي يد بالشرط في قع المعلق ع ند وقوع المعلق به وينت في‬ ‫بانتفائه‪ ،‬وكذا قوله إل أن يشاء ال حكمه حكم إن شاء ال‪ .‬ول يخفى أن الحديث ل تطابقه هذه القوال‪.‬‬ ‫وتأتي قصة الذي سرق رداء صفوان ورفعه إليه صلى ال تعالى عليه وعلى آله وسلم ثم أراد أن ل يقطعه فقال‬ ‫ل قبل أن تأتيني به" ويأتي من أخرجه‪.‬‬ ‫صلى ال تعالى عليه وعلى آله وسلم‪" :‬ه ّ‬ ‫‪3‬‬

‫وفي قوله "فقال‪ :‬إن شاء ال" دليل على أنه ل يكفي في الستثناء النية‪ ،‬وهو قول كافة العلماء‪ .‬وحكي عن بعض‬ ‫المالكية صحة الستثناء بالنية من غير لفظ‪ ،‬وإلى هذا أشار البخاري وبوّب عليه باب النية في اليمان مممم‬ ‫يعني بفتح الهمزة مممم ومذهب الهادوية صحة الستثناء بالنية وإن لم يلفظ بالعموم إل من عدد منصوص‬ ‫فل بدّ من الستثناء باللفظ‪.‬‬ ‫عنْ ُه رضي الّلهُ عن ُه قال‪" :‬كانتْ يمين النّبي صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم‪ :‬ل ومقلّب القُلوب" روا ُه البُخاريّ‪.‬‬ ‫وَ‬ ‫المراد أن هذا الل فظ الذي كان يوا ظب عل يه في الق سم‪ ،‬و قد ذ كر البخاري اللفاظ ال تي كان صلى ال عل يه وآله‬ ‫وسلم يقسم بها‪" :‬ل؛ ومُقلّب ا ْلقُلُو بِ" وفي رواية "ل ومصرف القلوب مممم والذي نفسي بيده مممم والذي‬ ‫نفس محمد بيده مممم وال مممم ورب الكعبة" ولبن أبي شيبة كان إذا اجتهد اليمين قال‪" :‬والذي نفس أبي‬ ‫القاسم بيده" ولبن ماجه‪ :‬كانت يمين رسول ال صلى ال تعالى عليه وعلى آله وسلم التي يحلف بها‪" :‬أشهد عند‬ ‫ال والذي نفسي بيده"‪.‬‬ ‫والمراد بتقليب القلوب تقليب أعراضها وأحوالها ل تقليب ذات القلب‪ .‬قال الراغب‪ :‬تقليب ال القلوب والبصائر‬ ‫صرفها عن رأي إلى رأي‪ .‬والتقلب‪ :‬الت صرف قال ال تعالى‪{ :‬أو يأخذ هم في تقلب هم} وقال ا بن العر بي‪ :‬القلب‬ ‫جزء من البدن خلقه ال وجعله للنسان محل العلم والكلم وغير ذلك من الصفات الباطنة‪ ،‬وجعل ظاهر البدن‬ ‫محل التصرفات الفعلية والقولية‪ ،‬ووكل به ملكا يأمر بالخير وشيطانا يأمر بالشر‪ ،‬والعقل بنوره يهديه‪ ،‬والهوى‬ ‫بظلم ته يغو يه‪ ،‬والقضاء مسيطر على الكل؛ والقلب يتقلب بين الخواطر الح سنة وال سيئة‪ ،‬واللمة من الملك تارة‬ ‫ومن الشيطان أخرى‪ ،‬والمحفوظ من حفظه ال ا همممم‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬وقوله‪" :‬والكلم" بناء منه على إثبات الكلم النفسي وأن محله القلب‪ ،‬وقوله صلى ال عليه وآله وسلم‪" :‬ل"‬ ‫رد ونفي للسابق من الكلم‪.‬‬ ‫والحديث دليل على جواز القسام بصفة من صفات ال وإن لم تكن من صفات الذات‪ ،‬وإلى هذا ذهبت الهادوية‬ ‫حيمث قالوا‪ :‬الحلف بال أو بصمفة لذاتمه أو لفعله ل يكون على ضدهما‪ ،‬ويريدون بصمفة الذات كالعلم والقدرة‬ ‫ولكن هم قالوا‪ :‬ل بدّ من إضافت ها إلى ال تعالى كعلم ال‪ ،‬ويريدون ب صفة الف عل كالع هد والما نة إذا أضي فت إلى‬ ‫ال‪ ،‬إل أنه قد ورد حديث بالنهي عن الحلف بالمانة أخرجه أبو داود من حيث بريدة بلفظ "من حلف بالمانة‬ ‫فليس منا" وذلك لن المانة ليست من صفاته تعالى بل من فروضه عل العباد‪.‬‬ ‫وقولهم‪ :‬ل يكون على ضدها احتراز عن الغضب والرضا والمشيئة‪ ،‬فل تنعقد بها اليمين‪.‬‬ ‫وذهب ابن حزم مممم وهو ظاهر كلم المالكية والحنفية مممم إلى أن جميع السماء الواردة في القرآن أو‬ ‫السنّة الصحيحة وكذا الصفات صريح في اليمين وتجب به الكفارة‪.‬‬ ‫وف صلت الشافع ية في المشهور عن هم والحنابلة فقالوا‪ :‬إن كان الل فظ يخ تص بال تعالى كالرح من ورب العالم ين‬ ‫وخالق الخلق فهو صريح ينعقد به اليمين سواء قصد ال تعالى أو أطلق‪ ،‬وإن كان يطلق عليه تعالى وعلى غيره‬ ‫لكن يقيد كالرب والخالق فتنعقد به اليمين إل أن يقصد به غير ال تعالى‪.‬‬ ‫وإن كان يطلق عليمه وعلى غيره على السمواء نحمو الحمي والموجود‪ ،‬فإن نوى غيمر ال تعالى أو أطلق فليمس‬ ‫بيمين وإن نوى به ال تعالى انعقد على الصحيح‪.‬‬ ‫ع ْنهُما قال‪" :‬جاءَ أعرابيّ إلى النّبي صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم فقال‪ :‬يا رسول الّلهِ‬ ‫وعنْ عبد ال بن عمرو رضي الّلهُ َ‬ ‫ن الغَموس؟ قالَ‪" :‬ال تي يُقْتط عُ ب ها مالُ‬ ‫ما الكبائرُ؟" فذ كر الحد يث وف يه "اليمي نُ ال َغمُو سُ" وف يه قلت‪ :‬و ما اليمي ُ‬ ‫امرىءٍ مُسلم هُ َو فيها كاذبٌ" أَخرج ُه البخاريّ‪.‬‬ ‫(و عن عبد ال بن عمرو ر ضي ال عنهما) أي ابن العاص (قال‪ :‬جاء أعرا بي إلى النبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‬ ‫فقال‪ :‬يا رسول ال ما الكبائر؟ فذكر الحديث وفيه "اليمين الغمُوس") وهي بفتح الغين المعجمة وضم الميم آخره‬ ‫مّم‪،‬‬ ‫مّى ال عََليْهِم وَسَل‬ ‫ومهملة (وفيمه قلت‪ ):‬ظاهره أن السمائل ابمن عمرو راوي الحديمث والمجيمب همو النمبي صَل‬ ‫ويحتمل أن يكون السائل غير عبد ال لعبد ال وعبد ال المجيب والوّل أظهر (وما اليمين الغموس؟ قال‪" :‬التي‬ ‫ل امرى ٍء ُمسْلم هو فيها كاذبٌ" أخرجه البخاري)‪.‬‬ ‫يقتطعُ بها ما ُ‬ ‫اعلم أن اليم ين إ ما أن تكون بع قد قلب وق صد أو ل بل تجري على الل سان بغ ير ع قد قلب وإن ما ت قع بح سب ما‬ ‫تعوّده المتكلم‪ ،‬سمواء كانمت بإثبات أو نفمي نحمو وال‪ ،‬وبلى وال‪ ،‬ول وال‪ ،‬فهذه همي اللغمو الذي قال ال تعالى‬ ‫فيه‪{ :‬ل يؤاخذكم ال باللغو في أيمانكم} كما يأتي دليله‪.‬‬ ‫وإن كا نت عن ع قد قلب فين ظر إلى حال المحلوف عل يه‪ ،‬فينق سم بح سبه إلى أق سام خم سة‪ :‬إ ما أن يكون معلوم‬ ‫الصدق أو معلوم الكذب أو مظنون الصدق أو مظنون الكذب أو مشكوكا فيه‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫فالول‪ :‬يمين برّة صادقة وهي التي وقعت في كلم ال تعالى نحو‪{ :‬فورب السماء والرض إنه لحق مثل ما‬ ‫أنكم تنطقون} ووقعت في كلم رسول ال صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم‪ .‬قال ابن القيم‪:‬إنه صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم حلف في‬ ‫أكثر من ثمانين موضعا‪ ،‬وهذه هي المرادة في حديث‪":‬إن ال تعالى يحب أن يحلف به"‪ ،‬وذلك لما يتضمن من‬ ‫تعظيم ال تعالى‪.‬‬ ‫والثانيو هو معلوم الكذب اليم ين الغموس ويقال ل ها‪ :‬الزور والفاجرة‪ ،‬و سميت في الحاد يث‪ :‬يم ين صبر ويمينا‬ ‫مصبورة‪ ،‬قال في النهاية‪ :‬سميت غموسا لنها تغمس صاحبها في النار‪ ،‬فعلى هذا هي فعول بمعنى فاعل‪ ،‬وقد‬ ‫فسرها في الحديث بالتي يقتطع به مال المرء المسلم‪ ،‬فظاهره أنها ل تكون غموسا إل إذا اقتطع بها مال امريء‬ ‫مسلم ل أن كل محلوف كذبا يكون غموسا وكلنها تسمى فاجرة‪.‬‬ ‫الثالث‪:‬ما انكشف فيه الصابة فهدا ألحقه البعض بما علم صدقه‪ ،‬إذ بالنكشاف صار مثله‪.‬والثاني ما ظن صدقه‬ ‫وانكشمف خلفمه وقمد قيمل‪ :‬ل يجوز الحلف فمي هذيمن القسممين لن وضمع الحلف لقطمع الحتمال فكأن الحالف‬ ‫يقول‪ :‬أنا أعلم مضمون الخبر وهذا كذب فإنه إنما حلف على ظنه‪.‬‬ ‫الرابع‪:‬ما ظن كذبه والحلف عليه محرم‪.‬‬ ‫الخامس‪:‬ما شك في صدقه وكذبه وهو أيضا محرم‪ .‬فتلخص أنه يحرم ما عدا المعلوم صدقه‪.‬‬ ‫وقوله‪ :‬ما الكبائر؟ ف يه دل يل على أ نه قد كان معلوما ع ند ال سائل أن في المعا صي كبائر وغير ها‪ .‬و قد اختلف‬ ‫العلماء في ذلك فذهب إمام الحرمين وجماعة من أئمة العلم إلى أن المعاصي كلها كبائر‪ .‬وذهب الجماهير إلى‬ ‫أنها تنقسم إلى كبائر وصغائر واستدلوا بقوله تعالى‪{ :‬إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه} وبقوله‪{ :‬والذين يجتنبون‬ ‫كبائر الثم والفواحش إل اللمم}‪ .‬قلت‪ :‬ول يخفى أنه ل دليل على تسمية شيء من المعاصي صغائر وهو محل‬ ‫النزاع‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬ل خلف في المعنى إنما الخلف لفظي‪ ،‬لتفاق الكل على أن من المعاصي ما يقدح في العدالة ومنها ما‬ ‫ل يقدح فيها‪ .‬قلت‪ :‬وفيه أيضا تأمل‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬فذكر الحديث" ذكر فيه الشراك بال وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس‪ .‬وقد تعرّض الشارح‬ ‫رحمه ال إلى ما قاله العلماء في تحديد الكبيرة وأطال نقل أقاويلهم في ذلك‪ ،‬وهي أقاويل مدخولة‪ .‬والتحقيق أن‬ ‫الكبر والصغر أمر نسبي فل يتم الجزم بأن هذا صغير وهذا كبير إل بالرجوع إلى ما نص الشارع على كبره‬ ‫فهو كبير‪ ،‬وما عداه باقٍ على البهام والحتمال‪.‬‬ ‫و قد ع ّد العلئي في قواعده الكبائر المن صوص علي ها ب عد تتبع ها من الن صوص فأبلغ ها خم سا وعشر ين‪ ،‬و هي‬ ‫الشرك بال‪ ،‬والقتل‪ ،‬والزنى مممم وأفحشه بحليلة الجار مممم والفرار من الزحف‪ ،‬وأكل الربا‪ ،‬وأكل مال‬ ‫اليتيم‪ ،‬والسحر‪ ،‬والستطالة في عرض المسلم بغير حق‪ ،‬وشهادة الزور‪ ،‬واليمين الغموس‪ ،‬والنميمة‪ ،‬والسرقة‪،‬‬ ‫وشرب الخمر‪ ،‬واستحلل بيت ال الحرام‪ ،‬ونكث الصفقة‪ ،‬وترك السنّة‪ ،‬والتعرب بعد الهجرة‪ ،‬واليأس من روح‬ ‫ال‪ ،‬والمن من مكر ال‪ ،‬ومنع ابن السبيل من فضل الماء‪ ،‬وعدم التنزه من البول‪ ،‬وعقوق الوالدين‪ ،‬والتسبب‬ ‫إلى شتمهما‪ ،‬والضرار في الوصية‪.‬‬ ‫وتعقب بأن السرقة لم يرد النص بأنها كبيرة وإنما في الصحيحين‪" :‬ل يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن"‬ ‫وفي رواية النسائي "فإن فعل ذلك فقد خلع ربقة السلم من عنقه‪ .‬فإن تاب تاب ال عليه" قد جاء في أحاديث‬ ‫صحيحة‪ :‬ال نص على الغلول و هو إخفاء ب عض الغني مة بأ نه كبيرة‪ .‬وجاء في الج مع ب ين ال صلتين لغ ير عذر‪،‬‬ ‫ومنع الفحل ولكنه حديث ضعيف وجاء في الحاديث ذكر أكبر الكبائر كحديث أبي هريرة "إن من أكبر الكبائر‬ ‫استطالة المرء في عرض رجل مسلم" أخرجه ابن أبي حاتم بإسناد حسن‪ ،‬ونحوه من الحاديث‪ ،‬ول مانع من أن‬ ‫يكون في الذنوب الكبير والكبر‪.‬‬ ‫وظاهر الحديث أنه ل كفارة في الغموس‪ .‬وقد نقل ابن المنذر وابن عبد البر اتفاق العلماء على ذلك‪ ،‬وقد أخرج‬ ‫ابن الجوزي في التحقيق عن أبي هريرة رضي ال عنه مرفوعا أنه سمع رسول ال صلى ال تعالى عليه وعلى‬ ‫آله وسلم يقول‪" :‬ليس فيها كفارة‪ :‬يمين صبر يقتطع بها مالً بغير حق" وفيه راوٍ مجهول‪.‬‬ ‫وقد روى آدم بن أبي إياس وإسماعيل القاضي عن[اث] ابن مسعود[‪/‬اث] موقوفا‪ :‬كنا نعد الذنب الذي ل كفارة‬ ‫له‪ :‬اليم ين الغموس‪ ،‬أن يحلف الر جل على مال أخ يه كاذبا ليقتط عه‪ .‬قالوا‪ :‬ول مخالف له من ال صحابة‪ ،‬ول كن‬ ‫تكلم ابن حزم في صحة أثر ابن مسعود‪ .‬وإلى عدم الكفارة ذهبت الهادوية‪.‬‬ ‫وذ هب الشاف عي وآخرون إلى وجوب الكفارة في ها‪ ،‬و هو الذي اختاره ا بن حزم في شرح المحلى لعموم {ول كن‬ ‫يؤاخذكم بما عقّدتم اليمان} الية واليمين الغموس معقودة قالوا‪ :‬والحديث ل تقوم به حجة حتى تخصص الية‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫والقول بأنه ل يكفرها إل التوبة‪ ،‬فالكفارة تنفعه في رفع إثم اليمين ويبقى في ذمته ما اقتطعه بها من مال أخيه‪،‬‬ ‫فإن تحلل منه وتاب محا ال تعالى عنه الثم‪.‬‬ ‫ل الرّجل ل وال‬ ‫عنْها في قوله تعالى‪{ :‬ل يؤاخذكم ال في اللغو في أيمانكم} قالتْ‪ :‬هو قوْ ُ‬ ‫عنْ عائشة رضي ال َ‬ ‫وَ‬ ‫وبَلى والّلهِ‪ .‬أَخرْجَ ُه البخاريّ وروا ُه أَبو داو َد مرْفوعا‪.‬‬ ‫(و عن عائ شة ر ضي ال عن ها في قوله تعالى‪{ :‬ل يؤاخذكم ال في اللغو في أيمان كم} قالت‪ :‬هو قول الرجل ل‬ ‫وال وبلى وال‪ .‬أخرجه البخاري) موقوفا على عائشة (ورواه أبو داود مرفوعا)‪.‬‬ ‫فيه دليل على أن اللغو من اليمان ما ل يكون عن قصد الحلف‪ ،‬وإنما جرى على اللسان من غير إرادة الحلف‬ ‫وإلى تفسير اللغو بهذا ذهب الشافعي ونقله ابن المنذر عن[اث] ابن عمر[‪/‬اث] و[اث]ابن عباس[‪/‬اث] وغيرهما‬ ‫من الصحابة وجماعة من التابعين‪.‬‬ ‫ن صدقه فيكشف خلفه‪ ،‬وذهب طاوس إلى‬ ‫وذهب الهادوية والحنفية إلى أن لغو اليمين أن يحلف على الشيء يظ ّ‬ ‫أنها الحلف وهو غضبان‪ ،‬وفي ذلك تفاسير أخر ل يقوم عليها دليل‪ ،‬وتفسير عائشة أقرب لنها شاهدت التنزيل‬ ‫وهي عارفة بلغة العرب‪.‬‬ ‫وعن عطاء والشعبي وطاوس والحسن وأبي قلبة‪ :‬ل وال‪ ،‬وبلى وال لغة من لغات العرب ل يراد بها اليمين‪،‬‬ ‫وهي من صلة الكلم‪ ،‬ولن اللغو في اللغة ما كان باطلً‪ ،‬وما ل يعتدّ به من القول‪ ،‬ففي القاموس اللغو واللغى‬ ‫كالفتى‪ :‬السقط‪ ،‬وما ل يعتد به من كلم وغيره‪.‬‬ ‫ل اللّ هِ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬إن ل ت سعة وت سعين ا سْما من‬ ‫ن أَ بي هُريرة ر ضي الّل ُه عن ُه قال‪ :‬قال ر سو ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ‬ ‫حبّان ال سماء‪ ،‬والتحق يق أنّ سرْدَها إدرا جٌ م نْ ب عض‬ ‫ن ِ‬ ‫َأحْ صاها د خل الجنّة" ُمتّف قٌ عَل يه‪ ،‬و ساق الترمذي واب ُ‬ ‫الرّواة‪.‬‬ ‫(و عن أ بي هريرة ر ضي ال ع نه قال‪ :‬قال ر سول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬إن ل ت سعة وت سعين ا سما مَ نْ‬ ‫أحْ صَاها) و في ل فظ " من حفظ ها" (د خل الجنّة‪ .‬مت فق عل يه‪ ،‬و ساق الترمذي وا بن حبان ال سماء والتحق يق أن‬ ‫سردها إدراج من بعض الرواة)‪.‬‬ ‫اتفمق الحفاظ ممن أئممة الحديمث أن سمردها إدراج ممن بعمض الرواة‪ ،‬وظاهمر الحديمث أن أسمماء ال الحسمنى‬ ‫منحصرة في هذا العدد بناءً على القول بمفهوم العدد‪ ،‬ويحتمل أنه حصر لها باعتبار ما ذكر بعده من قوله‪ :‬من‬ ‫أح صاها د خل الج نة و هو خبر المبتدأ‪ .‬فالمراد أن هذه الت سعة والت سعين تخ تص بفضيلة من ب ين سائر أ سمائه‬ ‫تعالى‪ ،‬وهو أن إحصاءها سبب لدخول الجنة وإلى هذا ذهب الجمهور‪.‬‬ ‫وقال النووي‪ :‬ل يس في الحد يث ح صر أ سماء ال تعالى‪ ،‬ول يس معناه أ نه ل يس له ا سم غ ير الت سعة والت سعين‪،‬‬ ‫ويدل عليه ما أخرجه أحمد وصححه ابن حبان من حديث ابن مسعود مرفوعا‪" :‬أسألك بكل اسم هو لك سميت به‬ ‫نف سك أو أنزل ته في كتا بك أو علم ته أحدا من خل قك أو ا ستأثرت به في علم الغ يب عندك" فإ نه دل على أن له‬ ‫تعالى أ سماء لم يعرف ها أ حد من خل قه بل ا ستأثر ب ها‪ .‬ودل على أ نه قد يعلم ب عض عباده ب عض أ سمائه‪ ،‬ولك نه‬ ‫يحتمل أنه من التسعة والتسعين‪.‬‬ ‫وقد جزم بالحصر فيما ذكر أبو محمد بن حزم فقال‪ :‬قد صح أن أسماءه تعالى ل تزيد على تسعة وتسعين شيئا‬ ‫لقوله صلى ال عليه وآله وسلم مائة إل واحدا فنفي الزيادة وأبطلها‪ ،‬ثم قال‪ :‬وجاءت أحاديث في إحصاء التسعة‬ ‫والتسعين اسما مضطربة ل يصح منها شيء أصلً وإنما تؤخذ من نص القرآن وما صح عن النبي صَلّى ال‬ ‫عََليْهِ َوسَلّم‪ ،‬ثم سرد أربعة وثمانين اسما استخرجها من القرآن والسنّة‪.‬‬ ‫وقال الشارح تبعا لكلم المصنف في التلخيص‪ :‬إنه ذكر ابن حزم أحدا وثمانين اسما والذي رأيناه في كلم ابن‬ ‫حزم أربعة وثمانين‪ ،‬وقد نقلنا كلمه وتعيين السماء الحسنى على ما ذكره في هامش التلخيص‪.‬‬ ‫وا ستخرج الم صنف من القرآن ف قط ت سعا وت سعين ا سما و سردها في التلخ يص وغيره‪ ،‬وذ كر ال سيد مح مد بن‬ ‫إبراهيم الوزير في إيثار الحق أنه تتبعها من القرآن فبلغت مائة وثلثة وسبعين اسما وإن قال صاحب اليثار‪:‬‬ ‫مائة وسمبعة وخمسمين‪ ،‬فإنما عددناهما فوجدناهما كمما قلنما أولً‪ .‬وعرفمت ممن كلم المصمنف أن مراده أن سمرد‬ ‫السماء الحسنى المعروفة مدرج عند المحققين‪ ،‬وأنه ليس من كلمه صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم‪.‬‬ ‫وذهب كثيرون إلى أن عدها مرفوع‪ ،‬وقال المصنف بعد نقله كلم العلماء في ذكر عدد السماء والختلف فيها‬ ‫ما لفظه‪ :‬ورواية الوليد بن مسلم عن شعيب هي أقرب الطرق الواضحة وعليها عوّل غالب من شرح السماء‬ ‫الحسنى ثم سردها على رواية الترمذي وذكر اختلفا في بعض ألفاظها وتبديلً في إحدى الروايات للفظ بلفظ ثم‬ ‫قال‪:‬‬ ‫‪6‬‬

‫واعلم أن السماء الحسنى على أربعة أقسام‪:‬‬ ‫القسم الول‪ :‬السم العلم وهو ال‪.‬‬ ‫والثاني‪ :‬ما يدل على الصفات الثابتة للذات كالعليم والقدير والسميع والبصير‪.‬‬ ‫والثالث‪ :‬ما يدل على إضافة أمر إليه كالخالق والرازق‪.‬‬ ‫والرابع‪ :‬ما يدل على سلب شيء عنه كالعلي والقدوس‪.‬‬ ‫واختلف العلماء أيضا هل هي توقيفية يعني أنه ل يجوز لي أحد أن يشتق من الفعال الثابتة ل تعالى اسما‪ ،‬بل‬ ‫ل يطلق عليه إل ما ورد به نص الكتاب والسنّة‪ ،‬فقال الفخر الرازي‪ :‬المشهور عن أصحابنا أنها توقيفية‪ .‬وقالت‬ ‫المعتزلة والكرامية‪ :‬إذا دل العقل على أن معنى اللفظ ثابت في حق ال تعالى جاز إطلقه على ال تعالى‪ .‬وقال‬ ‫القاضي أبو بكر والغزالي‪ :‬السماء توقيفية دون الصفات‪ ،‬قال الغزالي‪ :‬كما أنه ليس لناأن نسمي النبي صلى ال‬ ‫عليه وآله وسلم باسم لم يسمه به أبوه ول أمه ول سمى به نفسه كذلك في حق ال تعالى‪.‬‬ ‫واتفقوا على أنه ل يجوز أن يطلق عليه تعالى اسم أو صفة توهم نقصا‪ ،‬فل يقال‪ :‬ماهد ول زارع ول فالق وإن‬ ‫جاء فمي القرآن‪{ :‬فنعمم الماهدون} {أم نحمن الزارعون} {فالق الحمب والنوى} ول يقال ماكمر ول بناء وإن ورد‬ ‫{ومكروا ومكر ال} {والسماء بنيناها}‪.‬‬ ‫وقال القشيري‪ :‬ال سماء تؤ خذ توقيفا من الكتاب وال سنّة والجماع ف كل ا سم ورد في ها و جب إطل قه في و صفه‬ ‫وما لم يرد لم يجز ولو صح معناه‪ .‬وقد أوضحنا هذا البحث في كتابنا إيقاظ الفكرة‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬من أحصاها" اختلف العلماء في الحصاء فقال البخاريّ وغيره من المحققين‪ :‬معناه حفظها وهو الظاهر‬ ‫فإن إحدى الروايتين مفسرة للخرى‪ ،‬وقال الخطابي‪ :‬يحتمل وجوها أحدها‪ :‬أن يعدها حتى يستوفيها بمعنى أن‬ ‫ل يقتصر على بعضها فيدعو ال بها كلها ويثني عليه بجميعها فيستوجب الموعود عليها من الثواب‪ ،‬وثانيها‪:‬‬ ‫المراد بالحصاء الطاقة‪ ،‬والمعنى من أطاق القيام بحق هذه السماء والعمل بمقتضاها‪ ،‬وهو أن يعتبر معانيها‬ ‫فيلزم نف سه بمواجب ها‪ ،‬فإذا قال‪ :‬الرزاق و ثق بالرزق وكذا سائر ال سماء‪ .‬ثالث ها‪ :‬المراد به الحا طة بمعاني ها‪.‬‬ ‫وقيمل‪ :‬أحصماها عممل بهما فإذا قال‪ :‬الحكيمم؛ سملم لجميمع أوامره لن جميعهما على مقتضمى الحكممة وإذا قال‪:‬‬ ‫القدّوس؛ استحضر كونه مقدسا منزها عن جميع النقائص‪ ،‬واختاره أبو الوفاء ابن عقيل‪.‬‬ ‫وقال ابن بطال‪ :‬طريق العمل بها أن ما كان يسوغ القتداء به فيها كالرحيم والكريم فيمرّن العبد نفسه على أن‬ ‫يصح له التصاف بها‪ ،‬وما كان يختص به نفسه كالجبار والعظيم فعلى العبد القرار بها والخضوع لها وعدم‬ ‫التحلي بصفة منها‪ ،‬وما كان فيه معنى الوعد يقف فيه عند الطمع والرغبة‪ ،‬وما كان فيه معنى الوعيد يقف منه‬ ‫عند الخشية والرهبة‪ .‬ويؤيد هذا أن حفظها لفظا من دون عمل واتصاف كحفظ القرآن من دون عمل ل ينفع كما‬ ‫جاء "يقرؤن القرآن ل يجاوز حناجرهمم" ولكمن هذا الذي ذكرتمه ل يمنمع ممن ثواب ممن قرأهما سمردا‪ ،‬وإن كان‬ ‫متلب سا بمع صية‪ ،‬وإن كان ذلك مقام الكمال الذي ل يقوم به إل أفراد من الرجال‪ .‬وف يه أقوال أ خر ل تخلو من‬ ‫تكلف تركناها‪.‬‬ ‫فإن قلت‪ :‬كيف يتم أن المراد من حفظها على ما هو قول جمع المحققين ولم يأتِ بعددها حديث صحيح؟‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬لعل المراد من حفظ كل ما ورد في القرآن وفي السنّة الصحيحة وإن كان موجودا فيهما أكثر من تسعة‬ ‫وتسعين فقد حفظ التسعة والتسعين في ضمنها فيكون حثا على تطلبها من الكتاب والسنّة الصحيحة وحفظها‪.‬‬ ‫ن أُ سام َة بن زيد رضي ال عنهما قالَ‪ :‬قالَ رسولُ ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬مَ نْ صُنعَ إليْ هِ معرو فٌ فقالَ‬ ‫وع ْ‬ ‫حبّان‪.‬‬ ‫لفاعلهِ‪ :‬جزاكَ اللّ ُه خيْرا فَ َقدْ أَبلغَ في الثناء" أَخرج ُه الترمذي وصحّح ُه ابنِ ِ‬ ‫المعروف‪ :‬الحسان‪ ،‬والمراد من أحسن إليه إنسان بأي إحسان فكافأه ف قد بلغ في الثناء عليه مبلغا عظيما‪ ،‬ول‬ ‫يدل على أ نه قد كافأه على إح سانه بل دل على أ نه ينب غي الثناء على المح سن‪ .‬و قد ورد في حد يث آ خر "إن‬ ‫الدعاء إذا عجز العبد عن المكافأة مكافأة" ول يخفى أن ذكر الحديث هنا غير موافق لباب اليمان والنذور وإنما‬ ‫محله باب الدب الجامع‪.‬‬ ‫ن النّذر وقال‪" :‬إنّ هُ ل يأتي بخير‬ ‫وعن اب نِ عُمر رضي اللّ هُ عنهما عن النّبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم َأنّه نهى ع ِ‬ ‫ن البخيلِ" ُمتّفقٌ عليهِ‪.‬‬ ‫خرَجُ بهِ مِ َ‬ ‫وإنّما ُيسْت ْ‬ ‫هذا أول الكلم في النذور‪ .‬والنذر لغة‪ :‬التزام خير أو شر‪ ،‬وفي الشرع التزام المكلف شئا لم يكن عليه منجزا أو‬ ‫معلقا‪ ،‬واختلف العلماء في هذا النهي‪ ،‬فقيل‪ :‬هو على ظاهره‪ ،‬وقيل‪ :‬بل متأوّل‪.‬‬ ‫قال ا بن الث ير في النها ية‪ :‬تكرّر الن هي عن النذر في الحد يث و هو تأك يد لمره وتحذ ير عن التهاون به ب عد‬ ‫إيجا به‪ ،‬ولو كان معناه الز جر ع نه ح تى ل يف عل لكان في ذلك إبطال لحك مه وإ سقاط للزوم الوفاء به‪ ،‬إذا كان‬ ‫‪7‬‬

‫بالنهي يصير معصية فل يلزم‪ ،‬وإنما وجه الحديث أنه قد أعلمهم أن ذلك المر ل يجرِ لهم في العاجل نفعا؛ ول‬ ‫يصمرف عنهمم ضرا ول يردّ قضاء فقال‪ :‬ل تنذروا على أنكمم تدركون بالنذر شيئا لم يقدّره ال تعالى لكمم‪ ،‬أو‬ ‫تصرفون به عنكم ما قدّر عليكم‪ ،‬فإذا نذرتم ولم تعتقدوا هذا فاخرجوا عنه بالوفاء فإن الذي نذرتموه لزم لكم ا‬ ‫همممم‪.‬‬ ‫وقال المازري بعد نقل معناه عن بعض أصحابه‪ :‬وهذا عندي بعيد عن ظاهر الحديث‪ .‬قال‪ :‬ويحتمل عندي أن‬ ‫يكون و جه الحد يث أن الناذر يأ تي بالقرب م ستثقلً ل ها ل ما صارت عل يه ضر بة لزب‪ ،‬فل ين شط الع قل نشاط‬ ‫مطلق الختيار‪ ،‬أو لن الناذر يصمير القربمة كالعوض عمن الذي نذر لجله فل تكون خالصمة ويدل عليمه قوله‪:‬‬ ‫"إ نه ل يأ تي بخ ير"‪ .‬وقال القا ضي عياض‪ :‬إن المع نى أ نه يغالب القدر‪ ،‬والن هي لخش ية أن ي قع في ظن ب عض‬ ‫الجهلة ذلك‪ .‬وقوله‪" :‬ل يأتي بخير" معناه أن عقباه ل تحمد‪ .‬وقد يتعذر الوفاء به وأن ل يكون سببا لخير لم يقدر‬ ‫فيكون مباحا‪.‬‬ ‫وذهب أكثر الشافعية مممم ونقل عن المالكية مممم إلى أن النذر مكروه لثبوت النهي‪ .‬واحتجوا بأنه ليس‬ ‫طا عة مح ضة لنه لم يق صد به خالص القر بة وإن ما ق صد أن ين فع نفسه أو يدفع عنها ضررا بما التزم‪ .‬وجزم‬ ‫الحنابلة بالكراهة‪ ،‬وعندهم رواية أنها كراهة تحريم‪ ،‬ونقل الترمذي كراهته عن بعض أهل العلم من الصحابة‪.‬‬ ‫وقال ابن المبارك‪ :‬يكره النذر في الطاعة والمعصية‪ ،‬فإن نذر بالطاعة ووفى به كان له أجر‪ .‬وذهب النووي في‬ ‫شرح المهذب إلى أن النذر مستحب‪ ،‬وقال المصنف‪ :‬وأنا أتعجب ممن أطلق لسانه بأنه ليس بمكروه مع ثبوت‬ ‫النهي الصريح فأقل درجاته أن يكون مكروها‪.‬‬ ‫قال ابن العربي‪ :‬النذر شبيه بالدعاء فإنه ل يردّ القدر لكنه من القدر‪ ،‬وقد ندب إلى الدعاء ونهى عن النذر لن‬ ‫الدعاء عبادة عاجلة ويظهمر بمه التوجمه إلى ال والخضوع والتضرع‪ ،‬والنذر فيمه تأخيمر العبادة إلى حيمن‬ ‫الحصول‪ ،‬وترك العمل إلى حين الضرورة ا همممم‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬القول بتحر يم النذر هو الذي دل عليه الحد يث‪ ،‬ويز يد تأكيدا تعليله بأ نه ل يأتي بخ ير‪ ،‬فإنه ي صير إخراج‬ ‫المال فيمه ممن باب إضاعمة المال‪ ،‬وإضاعمة المال محرممة‪ ،‬فيحرم النذر بالمال كمما همو ظاهمر قوله‪" :‬وإنمما‬ ‫يستخرج به من البخيل"‪ .‬وأما النذر بالصلة والصيام والزكاة والحج والعمرة ونحوها من الطاعات فل تدخل في‬ ‫الن هي‪ ،‬ويدل له ما أخر جه ال طبراني ب سند صحيح عن قتادة في قوله تعالى‪{ :‬يوفون بالنذر} قال‪ :‬كانوا ينذرون‬ ‫طاعات من الصلة والصيام وسائر ما افترض ال عليهم‪ .‬وهو وإن كان أثرا فهو يقوّيه ما ذكر في سبب نزول‬ ‫الية‪.‬‬ ‫هذا وأ ما النذور المعرو فة في هذه الزم نة على القبور والمشا هد والموات فل كلم فمي تحريمهما‪ .‬لن الناذر‬ ‫يعتقد في صاحب القبر أنه ينفع ويضر‪ ،‬ويجلب الخير ويدفع الشر‪ ،‬ويعافي الليم‪ ،‬ويشفي السقيم‪ ،‬وهذا هو الذي‬ ‫كانمي فعله عباد الوثان بعينمه‪ ،‬فيحرم كمما يحرم النذر على الوثمن‪ .‬ويحرم قبضمه‪ ،‬لنمه تقريمر على الشرك‪.‬‬ ‫وي جب الن هي ع نه وإبا نة أ نه من أع ظم المحرّمات‪ ،‬وأ نه الذي كان يفعله عبّاد ال صنام‪ ،‬ل كن طال ال مد ح تى‬ ‫صار المعروف منكرا والمن كر معروفا‪ ،‬و صارت تع قد اللواءات لقباض النذور على الموات‪ ،‬ويج عل للقادم ين‬ ‫إلى محل الميت الضيافات‪ .‬وينحر في بابه النحائر من النعام‪ .‬وهذا هو بعينه الذي كان عليه عباد الصنام‪ ،‬فإنا‬ ‫ل وإنا إليه راجعون‪ ،‬وقد أشبعنا الكلم في هذا في رسالة "تطهير العتقاد عن درن اللحاد"‪.‬‬ ‫والحديث ظاهر في النهي عن النذر مطلقا‪ ،‬ما ينذر به ابتداء كمن ينذر أن يخرج من ماله كذا‪ ،‬وما يتقرّب به‬ ‫معلقا‪ ،‬كأن يقول‪ :‬إن قدم زيد تصدّقت بكذا‪.‬‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬كَفّارة ال ّنذْر كفارة يم ين" رواه‬ ‫ل ر سو ُ‬ ‫وع نْ عُقْبةَ بن عا مر ر ضي ال عن هُ قال‪ :‬قا َ‬ ‫مسلمٌ‪ ،‬وزاد الترمذي فيهِ "إذا ل ْم يُسمّ" وصححهُ‪.‬‬ ‫الحديث دليل على أن من نذر بأي نذر من مال أو غيره فكفارته كفارة يمين ول يجب الوفاء به‪ ،‬وإلى هذا ذهب‬ ‫جماعة من فقهاء أهل الحديث كما قال النووي‪.‬‬ ‫و قد أخرج البيه قي عن عائ شة ر ضي ال عن ها‪ :‬في ر جل ج عل ماله في الم ساكين صدقة قالت‪" :‬كفارة يم ين"‬ ‫وأخرج أيضا عن أم صفية أنها سمعت عائشة رضي ال عنها وإنسان يسألها عن الذي يقول‪ :‬كل ماله في سبيل‬ ‫ال أو كل ماله في رتاج الكعبة‪ ،‬ما يكفر ذلك؟ قالت عائشة‪" :‬يكفره ما يكفر اليمين" وكذا أخرجه عن عمر وابن‬ ‫عمر وأم سلمة‪ ،‬قال البيهقي‪ :‬هذا في غير العتق‪ ،‬فقد روي عن[اث] ابن عمر[‪/‬اث] من وجه آخر أن العتاق يقع‪،‬‬ ‫وكذلك عن[اث] ابن عباس[‪/‬اث]؛ ودليلهم حديث عقبة هذا‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫وذهمب آخرون‪ :‬إلى تفصميل فمي المنذور بمه فإن كان المنذور بمه فعلً‪ ،‬فالفعمل إن كان غيمر مقدور فهمو غيمر‬ ‫منع قد‪ ،‬وإن كان مقدورا فإن كان جن سه واجبا لزم الوفاء به ع ند الهادو ية ومالك وأ بي حني فة وجما عة آخر ين‪،‬‬ ‫وقول للشافعي إنه ل ينعقد النذر المطلق بل يكون يمينا فيكفرها‪ ،‬ذكر هذا الخلف في البحر‪ .‬وذهب داود وأهل‬ ‫الظا هر وذ كر النووي في شرح م سلم أ نه أج مع الم سلمون على صحة النذر ووجوب الوفاء به إذا كان الملتزم‬ ‫طا عة‪ ،‬فإن كان مع صية أو مباحا كدخول ال سوق لم ينع قد النذر ول كفارة عل يه عند نا و به قال جمهور العلماء‪.‬‬ ‫وقال أحمد وطائفة‪ :‬فيه كفارة يمين‪.‬‬ ‫وقال في نها ية المجت هد‪ :‬إ نه و قع التفاق على لزوم النذر بالمال إذا كان في سبيل البر وكان على ج هة الجزم‪،‬‬ ‫وإن كان على جهة الشرط فقال مالك‪ :‬يلزم كالجزم ول كفارة يمين في ذلك‪ ،‬إل أنه إذا نذر بجميع ماله لزم ثلث‬ ‫ماله إذا كان مطلقا‪ ،‬وإن كان المنذور به معينا لز مه وإن كان جم يع ماله‪ ،‬وكذا إذا كان المع ين أك ثر من الثلث‪،‬‬ ‫وذهب الشافعي إلى أنها تجب كفارة يمين‪ ،‬لنه ألحقها باليمان‪ ،‬ثم ذكر أقاويل في المسألة ل ينهض عليها دليل‪،‬‬ ‫وذكر متمسك القائلين بأدلة ليست من باب النذر ول تنطبق على المدعي‪ ،‬وحديث عقبة أحسن ما يعتمد الناظر‬ ‫عليه‪.‬‬ ‫و قد حمله جما عة من فقهاء الحد يث على جم يع أنواع النذر‪ ،‬وقالوا‪ :‬هو مخ ير في جم يع أنواع المنذورات ب ين‬ ‫الوفاء بما التزم وبين كفارة يمين‪ ،‬ذكره النووي في شرح مسلم‪ ،‬وهو الذي دل عليه إطلق حديث عقبة‪.‬‬ ‫سمّهِ فَكفّارتُه كفارةُ يمين‪ ،‬ومَنْ َن َذرَ نذْرا في معْصية‬ ‫ن عبّاس َمرْفوعا "من َن َذرَ نذْرا لمْ يُ َ‬ ‫ن حديث اب ِ‬ ‫ولبي داو َد م ْ‬ ‫جحُوا وقْ َفهُ‪.‬‬ ‫ح إل َأنّ الحفّاظَ َر ّ‬ ‫ن َن َذرَ نذْرا ل يطيقُهُ فَكفّا َرتُهُ كفّار ُة يمين" وإسْنادُ ُه صحي ٌ‬ ‫فكفّارتهُ كفّارَةُ يمين‪ ،‬ومَ ْ‬ ‫ي نذر‪ .‬فقال كث ير من العلماء‪ :‬في ذلك كفارة يم ين ل غ ير‪ ،‬وعل يه دل‬ ‫أ ما النذر الذي لم ي سم كأن يقول‪ :‬ل عل ّ‬ ‫حديث عقبة وحديث ابن عباس‪ ،‬وأما النذر بالمعصية فكفارته كفارة يم ين‪ ،‬كما صرح به الحديث‪ ،‬سواء ف عل‬ ‫المعصية أم ل‪ ،‬وكذلك من نذر نذرا ل يطيقه عقلً ول شرعا كطلوع السماء وحجتين في عام‪ ،‬ل ينعقد وتلزمه‬ ‫كفارة يم ين‪ .‬وع ند الشاف عي ومالك وداود وجماه ير العلماء‪ :‬ل تلز مه الكفارة ل ما دل عل يه الحد يث ال تي و هو‬ ‫قوله‪:‬‬ ‫ن َيعْصيَ الّلهَ فل َي ْعصِهِ"‪.‬‬ ‫ن َن َذرَ أَ ْ‬ ‫ن حديث عائشة "ومَ ْ‬ ‫وللبخاريّ مِ ْ‬ ‫ولم يذكر كفارة‪ ،‬وحديث عمر "ل يمين عليك ول نذر في معصية ال" أخرجه ابن ماجه‪ .‬وذهبت الهادوية وابن‬ ‫حنبل إلى وجوب الكفارة‪ ،‬لحديث ابن عباس رضي ال عنهما‪ .‬وأجيب عنه بأن الصح أنه موقوف‪.‬‬ ‫وأما الزيادة في حديث عمران بن حصين "وكفارته كفارة يمين" فقد أخرجها النسائي والحاكم والبيهقي‪ ،‬ولكن‬ ‫فيه‪ :‬محمد بن الزبير الحظلي وليس بالقوي‪ ،‬وله طريق أخرى فيها علة‪ ،‬ورواه الربعة من حديث عائشة وفيه‬ ‫را ٍو متروك‪ ،‬ورواه الدارقط ني وف يه أيضا متروك‪ .‬ول يلزم الوفاء بنذر المع صية لقوله‪" :‬فل يع صه" ول ما يفيده‬ ‫قوله‪:‬‬ ‫ولمُسلم من حديث عمران "ل وفاءَ لِنذر في َمعْصيةٍ"‪.‬‬ ‫فإنه صريح في النهي عن الوفاء‪ ،‬كالذي قبله‪.‬‬ ‫ن أَ ستفتي لهَا‬ ‫ن تمْش يَ إلى ب يت ال حاف ية فَأمَرت ني أَ ْ‬ ‫وع نْ عُقْ بة بن عا مر ر ضي اللّ هُ عن ُه قال‪ :‬ن َذرَ تْ ُأخْ تي َأ ْ‬ ‫ش ولتركَ بْ" مُتف قٌ علي هِ واللف ظُ‬ ‫ستَ ْف َت ْيتُهُ فقالَ النّبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪ِ" :‬لتَمْ ِ‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم فا ْ‬ ‫رسو َ‬ ‫ن ال ل يصنعُ بشقا ِء أُخ ِتكَ شيئا‪ُ ،‬مرْها فلتختمِ ْر ولتركب ولتصمْ ثلث َة َأيّام"‪.‬‬ ‫لمسْلمٍ‪ ،‬ولحْمدَ والربعةِ فقال‪" :‬إِ ّ‬ ‫دل الحديمث على أن من نذر أن يمشمي إلى بيمت ال ل يلزممه الوفاء‪ ،‬وله أن يركمب لغيمر عجمز‪ ،‬وإليمه ذهمب‬ ‫الشافعي‪.‬‬ ‫وذهبمت الهادويمة‪ :‬إلى أنمه ل يجوز الركوب ممع القدرة على المشمي‪ ،‬فإذا عجمز جاز له الركوب ولزممه دم‪،‬‬ ‫مستدلين برواية أبي داود لحديث عقبة بأنه قال فيه‪" :‬إن أختي نذرت أن تحج ماشية وإنها ل تطيق فقال رسولُ‬ ‫ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪ :‬إن ال تعالى لغني عن مشي أختك فلتركب ولتهد بدنة" فتقييد رواية الصحيحين بأن‬ ‫المراد ولتمش إن استطاعت وتركب في الوقت الذي ل تطيق المشي فيه أو يشق عليها‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬فلتخت مر" ذ كر ذلك ل نه و قع في الروا ية أن ها نذرت أن ت حج ل ماش ية غ ير مختمرة قال‪ :‬فذكرت ذلك‬ ‫لر سول ال صلى ال عل يه وآله و سلم فقال‪" :‬مر ها‪ .‬الحد يث" ول عل ال مر ب صيام ثل ثة أيام ل جل النذر بعدم‬ ‫الختمار‪ ،‬فإنه نذر بمعصية‪ ،‬فوجب كفارة يمين‪ ،‬وهو من أدلة من يوجب الكفارة في النذر بمعصية‪ ،‬إل أنه ذكر‬ ‫البيهقي أن في إسناده اختلفا‪ ،‬وقد ثبت في رواية أبي داود عن ابن عباس بعد قوله‪ :‬فلتركب "ولتهد بدنة" قيل‪:‬‬ ‫‪9‬‬

‫وهو على شرط الشيخين إل أنه قال البخاري‪ :‬ل يصح في حديث عقبة بن عامر المر بالهداء‪ ،‬فإن صح فكأنه‬ ‫أمر ندب وفي وجهه خفاء‪.‬‬ ‫ن على‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم في َنذْر كا َ‬ ‫وعن ابن عباس رضي ال عنهُما قال‪ :‬استْفتى س ْعدُ ب نُ عُباد َة رسو َ‬ ‫ن تقْضيَ ُه فقال‪" :‬اقضهِ عنها" ُمتّفقٌ عَليه‪.‬‬ ‫ل أَ ْ‬ ‫ُأمّه توفّيت قب َ‬ ‫لم يبين في هذه الرواية ما هو النذر‪ ،‬وجاء في رواية "أفيجزىء أن أعتق عنها؟ فقال‪ :‬أعتق عن أمك" فظاهر‬ ‫هذه الرواية أنها نذرت بعتق‪ ،‬وأما ما أخرج النسائي عن سعد بن عبادة قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول ال إن أمي ماتت‬ ‫أفأتصدق عنها؟ قال‪" :‬نعم"‪ .‬قلت‪ :‬فأي الصدقة أفضل؟ قال‪" :‬سقي الماء" فإنه في أمر آخر غير الفتيا‪ ،‬إذ هذا في‬ ‫سؤاله صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم عن الصدقة تبرعا عنها‪.‬‬ ‫والحديث دليل على أنه يلحق الميت ما فعل له من بعده من عتق أو صدقة أو نحوهما‪ ،‬وقد قدّمنا ذلك في آخر‬ ‫كتاب الجنائز‪.‬‬ ‫وهل يجب ذلك على الوارث؟ ذهب الجمهور إلى أنه ل يجب على الوارث أن يقضي النذر عن الميت إذا كان‬ ‫ماليا ولم يخلف تر كة‪ ،‬وكذا غ ير المالي‪ .‬وقالت الظاهر ية‪ :‬يلز مه ذلك لحد يث سعد‪ .‬وأج يب بأن حد يث سعد ل‬ ‫دللة فيه على الوجوب‪ ،‬والظاهر مع الظاهرية إذ المر للوجوب‪.‬‬ ‫ن َي ْنحَر إبلً‬ ‫عهْد رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم أَ ْ‬ ‫ضحّاك رضي الّل ُه عن ُه قالَ‪َ :‬ن َذرَ رجلٌ على َ‬ ‫وعن ثابت بن ال ّ‬ ‫ل كان فيها‬ ‫ن ُيعْبدُ؟" قالَ‪ :‬ل‪ ،‬قالَ‪" :‬فه ْ‬ ‫ن فيها وث ٌ‬ ‫ل كا َ‬ ‫سأَله فقال‪" :‬ه ْ‬ ‫ببُوانةَ فَأتَى رسولَ الّل ِه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم فَ َ‬ ‫عي ٌد من أعيادهم؟" فقال‪ :‬ل‪ ،‬فقال‪" :‬أوفِ بنذركَ فإنّ ُه ل وفا َء ِلنَذر في معصيةِ ال ول في قطيعة َرحِمٍ ول فيما ل‬ ‫ع ْندَ َأحْمدَ‪.‬‬ ‫ن حديث َك ْردَمٍ َ‬ ‫يملكُ ابنُ آدمَ" رَوا ُه أَبو داو َد والطبرانيّ واللفظُ له وَهُ َو صحيح السنادِ‪ ،‬ولهُ شاهدٌ مِ ْ‬ ‫(و عن ثا بت بن الضحاك ر ضي ال ع نه) هو ثا بت بن الضحاك الشهلي‪ .‬قال البخاري‪ :‬هو م من با يع ت حت‬ ‫الشجرة حدّث عنه أبو قلبة وغيره (قال‪ :‬نذر رجل على عهد رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم أن ينحر إبلً‬ ‫ببوانة)‪ .‬بضم الموحدة وبفتحها وبعدها واو ثم ألف وبعد اللف نون موضع بالشام‪ ،‬وقيل‪ :‬أسفل مكة دون يلملم‬ ‫ن فيها عيدٌ‬ ‫ن ُي ْع َبدُ؟" قال‪ :‬ل‪ .‬قال‪" :‬فهل كا َ‬ ‫(فأتى رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم فسأله‪ ،‬فقال‪" :‬هل كان فيها وث ٌ‬ ‫ن أعيادهم؟" فقال‪ :‬ل‪ .‬فقال‪" :‬أوْ فِ بنذر كَ فإنّ ُه ل وفا َء لنذر في معصية ال تعالى ول في قطيعة رح مٍ ول فيما‬ ‫مِ ْ‬ ‫ن آد مَ"‪ .‬روا هُ أ بو داود وال طبراني والل فظ له و هو صحيح ال سناد وله شا هد من حد يث كَرْدم) بف تح‬ ‫ل يملك اب ُ‬ ‫الكاف وسكون الراء وفتح الدال المهملة (عند أحمد)‪.‬‬ ‫والحديث له سبب عند أبي داود وهو‪ :‬أنه "قال‪ :‬يا رسول ال إني نذرت إن ولد لي ولد ذكر أن أذبح على رأس‬ ‫بوانة مممم في عقبة من الصاعد عنه مممم الحديث" وهو دليل على أن من نذر أن يتصدق أو يأتي بقربة‬ ‫في محل معين أنه يتعين عليه الوفاء بنذره ما لم يكن في ذلك المحل شيء من أعمال الجاهلية‪ ،‬وإلى هذا ذهب‬ ‫جماعة من أئمة الهادوية‪ .‬وقال الخطابي‪ :‬إنه مذهب الشافعي‪ ،‬وأجازه غيره لغير أهل ذلك المكان ا همممم‪.‬‬ ‫ولكنه يعارضه حديث "ل تشد الرحال" فيكون قرينة على أن المر هنا للندب‪ ،‬كذا قيل‪ ،‬ويدل له أيضا قوله‪:‬‬ ‫ح ال عَليك مكّة َأنْ أُصلي في‬ ‫ن رَجُلً قال يومَ الْفتح‪ :‬يا رسول الّلهِ إني نذرت إنْ َفتَ َ‬ ‫وعنْ جابر رضي الّلهُ عنهُ أ ّ‬ ‫ل ها هُ نا" ف سألهُ فقال‪" :‬فشأن كَ إذ نْ" روا هُ أَحمدُ وأَ بو داود‬ ‫ل ها هُ نا" ف سأَلهُ فقال‪ " :‬ص ّ‬ ‫ت المقْدس؟ فقالَ‪ " :‬ص ّ‬ ‫بي ِ‬ ‫وصحح ُه الحاكمُ‪.‬‬ ‫ق إلى النبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم فقال‪" :‬اقتلوه" فَقَالوا‪ :‬يا رسول ال‬ ‫ع نْ جابر رضي ال عن ُه قالَ‪ :‬جيءَ بسار ٍ‬ ‫وَ‬ ‫إنما سرق؟ قال‪" :‬اقطعُو هُ" فقُطع‪ ،‬ثمّ جي َء ب ِه الثّانية فقال‪" :‬اقتُلو هُ" فذكرَ مِثل هُ‪ :‬ثم جيء به الثالثة فذكر مثله‪ ،‬ثم‬ ‫جيء به الرابعة كذلك‪ ،‬ثمّ جي َء بهِ الخامسة فقالَ‪" :‬اقتلوهُ" أَخرج ُه أَبو داو َد والنسائي واستنكره‪.‬‬ ‫ل قال يوم الفتح‪ ):‬أي فتح مكة‪( .‬يا رسول ال إني نذرت إن فتح ال عليك‬ ‫(وعن جابر رضي ال عنه أن رج ً‬ ‫م كة أن أ صلي في ب يت المقدس فقال‪ " :‬صَلّ ها هُ نا" ف سأله فقال‪ " :‬صلّ ها ه نا" ف سأله فقال‪" :‬فَشأ نك إذن" رواه‬ ‫أحمد وأبو داود وصححه الحاكم)‪.‬‬ ‫وصححه ابن دقيق العيد في القتراح‪ ،‬وهو دليل على أنه ل يتعين المكان في النذر مممم وإن عين مممم‬ ‫إل ندبا‪.‬‬ ‫ن ال نبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم قال‪ :‬ل تُشدّ الرّحال إل إلى ثل ثة‬ ‫عنْ ُه ع ِ‬ ‫ن أَ بي سعيد الخدري ر ضي اللّ هُ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ‬ ‫مساجد‪َ :‬مسْجد الحرام‪ ،‬و َمسْجد القصى‪ ،‬ومسجدي هذا" ُمتّفقٌ عَلَي ِه واللفظ للبخاريّ‪.‬‬ ‫تقدم الحديث في آخر باب العتكاف‪ ،‬ولعله أورده هنا للشارة إلى أن النذر ل يتعين فيه المكان إل أحد الثلثة‬ ‫المساجد‪.‬‬ ‫‪10‬‬

‫و قد ذ هب مالك والشاف عي إلى لزوم الوفاء بالنذر بال صلة في أي الم ساجد الثل ثة وخالف هم أ بو حني فة فقال‪ :‬ل‬ ‫يلزم الوفاء‪ ،‬وله أن يصلي في أي محل شاء وإنما يجب عنده المشي إلى المسجد الحرام إذا كان لحج أو عمرة‪،‬‬ ‫وأما غير الثلثة المساجد فذهب أكثر العلماء إلى عدم لزوم الوفاء لو نذر بالصلة فيها إل ندبا‪.‬‬ ‫وأما شدّ الرحال للذهاب إلى قبور الصالحين والمواضع الفاضلة فقال الشيخ أبو محمد الجويني‪ :‬إنه حرام وهو‬ ‫الذي أشار القاضي عياض إلى اختياره‪.‬‬ ‫قال النووي‪ :‬وال صحيح ع ند أ صحابنا و هو الذي اختاره إمام الحرم ين والمحققون أ نه ل يحرم ول يكره‪ ،‬قالوا‪:‬‬ ‫والمراد أن الفضيلة التامة إنما هي في شدّ الرحال إلى الثلثة خاصة‪ ،‬وقد تقدم هذا في آخر باب العتكاف‪.‬‬ ‫ن أَعتكف َليْلةً في المسجد الحرام؟‬ ‫ت في الجاهلية أَ ْ‬ ‫عنْ هُ قالَ‪ :‬قُلْ تُ‪ :‬يا رسولَ ال إني نذر ُ‬ ‫ع َمرَ رضي اللّ هُ َ‬ ‫ع نْ ُ‬ ‫وَ‬ ‫ق عليه‪ ،‬وزا َد البُخاريّ في رواي ٍة "فاعتكفْ َليْلةً"‪.‬‬ ‫قال‪" :‬فأَوْف بنذرك" متف ٌ‬ ‫دل الحديث على أنه يجب على الكافر الوفاء بما نذر به إذا أسلم‪ .‬وإليه ذهب البخاري وابن جرير وجماعة من‬ ‫الشافعية لهذا الحديث‪ .‬وذهب الجماهير إلى أنه ل ينعقد النذر من الكافر‪.‬‬ ‫قال الطحاوي‪ :‬ل ي صح م نه التقرّب بالعبادة‪ ،‬قال‪ :‬ولك نه يحت مل أن ال نبي صلى ال تعالى عل يه وعلى آله و سلم‬ ‫فهم من عمر أنه سمح بفعل ما كان نذر فأمره به‪ ،‬لن فعله طاعة وليس هو ما كان نذر به في الجاهلية‪.‬‬ ‫وذهب بعض المالكية إلى أنه صلى ال تعالى عليه وعلى آله وسلم إنما أمر به استحبابا‪ ،‬وإن كان التزمه في‬ ‫حال ل ينعقد فيها‪ .‬ول يخفى أن القول الول أوفق بالحديث‪ ،‬والتأويل تعسف‪.‬‬ ‫وقد استدل به على أن العتكاف ل يشترط فيه الصوم إذ الليل ليس ظرفا‪ ،‬وتعقب بأن في رواية عند مسلم "يوما‬ ‫وليلة" وقد ورد ذكر الصوم صريحا في رواية أبي داود والنسائي "اعتكف وصم" وهو ضعيف‪.‬‬

‫‪11‬‬

Related Documents

Aiman
October 2019 12
Fs Aiman
April 2020 4
Tjdeed Aiman
November 2019 6
Wa
May 2020 44