Subul Al-salam 07 - Silm Wa Qardh Wa Rahn

  • May 2020
  • PDF

This document was uploaded by user and they confirmed that they have the permission to share it. If you are author or own the copyright of this book, please report to us by using this DMCA report form. Report DMCA


Overview

Download & View Subul Al-salam 07 - Silm Wa Qardh Wa Rahn as PDF for free.

More details

  • Words: 38,750
  • Pages: 50
‫سبل السلم‬ ‫شرح بلوغ المرام‬ ‫للصنعاني‬ ‫أبواب السلم والقرض والرهن‬

‫ن فَقَالَ‪" :‬مَ ْ‬ ‫ن‬ ‫سنَ َتيْ ٍ‬ ‫سنَ َة وال ّ‬ ‫ن في ال ّثمَارِ ال ّ‬ ‫عبّا سٍ قالَ‪َ :‬قدِ مَ النّبيّ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم المدين َة وَهُ مْ يُ سْلِفُو َ‬ ‫ن اب نِ َ‬ ‫عَ ِ‬ ‫ل َمعْلُو مٍ" ُمتّفَ قٌ عََل ْي هِ‪ ،‬وَل ْل ُبخَاريّ "مَ نْ أَ سَْلفَ في‬ ‫ن َمعْلُو مٍ إلى َأجَ ٍ‬ ‫ف في َث َمرٍ فَلْيُ سْلِفْ في َكيْلٍ َمعْلُو مٍ و َوزْ ِ‬ ‫أَ سْلَ َ‬ ‫شيءٍ"‪.‬‬ ‫( عن ا بن عباس ر ضي ال عنه ما قال‪َ :‬قدِ مَ النّبيّ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم المدي نة و هم يُ سْلِفون في الثمار ال سنةَ‬ ‫وال سنتين) من صوبان بنزع الخا فض أي إلى ال سنة وال سنتين (فقال‪" :‬مَ نْ أَ سَْلفَ في َث َمرٍ") روي بالمثناة والمثل ثة‬ ‫ل َمعْلو مٍ"‬ ‫ن معلو مٍ) إذا كان م ما يوزن (إلى َأجَ ٍ‬ ‫ف هو ب ها أ عم (ف ْليُ سِْلفْ في كيلٍ َمعْلو مٍ) إذا كان م ما يكال (وو َز ٍ‬ ‫ن َأسَْلفَ في شيْء")‪.‬‬ ‫متفق عليه وللبخاري "مَ ْ‬ ‫السلف بفتحتين هو السلم وزنا ومعنى قيل‪ :‬وهو لغة أهل العراق والسلم لغة أهل الحجاز‪.‬‬ ‫وحقيقته شرعا‪ :‬بيع موصوف في الذمة ببدل يعطى عاجلً‪.‬‬ ‫وهو مشروع إل عند ابن المسيب‪.‬‬ ‫واتفقوا على أ نه يشترط ف يه ما يشترط في الب يع وعلى ت سليم رأس المال في المجلس إل أ نه أجاز مالك تأج يل‬ ‫الثمن يوما أو يومين ول بد من أن يقدر بأحد المقدارين كما في الحديث‪.‬‬ ‫فإن كان مما ل يكال ول يوزن فقال المصنف في فتح الباري‪ :‬فل بد فيه من عدد معلوم رواه ابن بطال وادعى‬ ‫عليه الجماع‪.‬‬ ‫وقال المصهنف‪ :‬أو ذرع معلوم فإن العدد والذرع يلحقان بالوزن والكيهل للجامهع بينهمها وههو ارتفاع الجهالة‬ ‫بالمقدار‪.‬‬ ‫واتفقوا على اشتراط تعي ين الك يل في ما ي سلم ف يه بالك يل ك صاع الحجاز وقف يز العراق وأردب م صر فإذا أطلق‬ ‫انقلب إلى الغلب في الجهة التي وقع فيها عقد السلم‪.‬‬ ‫واتفقوا على أنه ل بد من معرفة صفة الشيء المسلم في صفة تميزه عن غيره ولم يتعرّض له في الحديث لنهم‬ ‫كانوا يعلمون به‪.‬‬ ‫وظاهر الحديث أن التأجيل شرط في السلم فإن كان حالً لم يصح أو كان الجل مجهولً وإلى هذا ذهب[اث] ابن‬ ‫عباس[‪/‬اث] وجماعة من السلف‪.‬‬ ‫وذ هب آخرون إلى عدم شرط ية ذلك وأ نه يجوز ال سلم في الحالِ‪ ،‬والظاهرُ أ نه لم ي قع في ع صر النبوّة إل في‬ ‫المؤجهل وإلحاق الحال بالمؤجهل قياس على مها خالف القياس لن السهلم خالف القياس إذا ههو بيهع معدوم وعقهد‬ ‫غرر‪.‬‬ ‫واختلفوا أيضا في شرطية المكان الذي يسلم فيه فأثبته جماعة قياسا على الكيل والوزن والتأجيل وذهب آخرون‬ ‫إلى عدم اشتراطه وفصلت الحنفية فقالت‪ :‬إن كان لحمله مؤونة فيشترط وإل فل‪.‬‬ ‫وقالت الشافعيهة إن عقهد حيهث ل يصهلح للتسهليم كالطريهق فيشترط وإل فقولن‪ .‬وكهل هذه التفاصهيل مسهتندها‬ ‫العرف‪.‬‬ ‫ع ْن ُهمَا قال‪ُ :‬كنّا نُصيبُ ا ْلمَغانِ مَ مَ عَ ر سُولِ‬ ‫ن أَبي أَ ْوفَى رض يَ اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫ع ْبدِ اللّ ِه ب ِ‬ ‫ن ب نِ َأبْزى َو َ‬ ‫ع ْبدِ ال ّرحْم ِ‬ ‫ع نْ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫شعِير والزّبيب" وَفي روَايةٍ‬ ‫ح ْنطَةِ وَال ّ‬ ‫ن يأتِينا َأنْبا طٌ مِ نْ َأنْبا طِ الشّا مِ َفنُ سْلِ ُف ُهمْ في ال ِ‬ ‫ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪ ،‬وَكا َ‬ ‫عنْ ذلكَ" رَوَاهُ ا ْل ُبخَاريّ‪.‬‬ ‫سمّى‪ ،‬قِيلَ‪َ :‬أكَانَ‪َ ،‬ل ُهمْ َز ْرعٌ؟ قال‪ :‬ما ُكنّا َنسْأَلُهمْ َ‬ ‫هههه وال ّزيْتِ هههه إلى َأجَلٍ ُم َ‬

‫(وعن عبد الرحمن بن َأ ْبزَى وعبد ال بن أبي أَوْفى) بفتح الهمزة وسكون الموحدة وفتح الزاي الخزاعي‪ .‬سكن‬ ‫الكوفة واستعمله علي بن أبي طالب عليه السلم على خراسان وأدرك النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم وآله وصلى‬ ‫خلفه‪.‬‬ ‫(قال‪ :‬كنا نصيب المغانم مع رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم وكان يأتينا أنباط من أنباط الشام)‪.‬‬ ‫هم من العرب دخلوا في العجم والروم فاختلطت أنسابهم وفسدت ألسنتهم سموا بذلك لكثرة معرفتهم بإنباط الماء‬ ‫أي استخراجه‪.‬‬ ‫(فنسلفهم في الحنطة والشعير والزبيب هههه وفي رواية والزيت هههه إلى أجل مسمى‪.‬‬ ‫قيل‪ :‬أكان لهم زرع؟ قال‪ :‬ما كنا نسألهم عن ذلك‪ .‬رواه البخاري)‪.‬‬ ‫الحديث دليل على صحة السلف في المعدوم حال العقد إذ لو كان العقد من شرط وجود المسلم فيه لستفصلوهم‬ ‫و قد قال‪ :‬ما ك نا ن سألهم‪ .‬وترك ال ستفصال في مقام الحتمال ينزل منزلة العموم في المقال و قد ذ هب إلى هذا‬ ‫الهادوية والشافعية و مالك واشترطوا إمكان وجوده عند حلول الجل ول يضر انقطاعه قبل حضور الجل لما‬ ‫عرفت من ترك الستفصال كذا في الشرح‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬وهو استدلل بفعل الصحابي أو تركه ول دليل على أنه صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم علم ذلك وأقره‪.‬‬ ‫وأحسن منه في الستدلل أنه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم أقرّ أهل المدينة على السلم سنة وسنتين والرطب ينقطع في‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫ويعارض ذلك حديث ابن عمر عند أبي داود‪" :‬ول تسلفوا في النخل حتى يبدو صلحه" فإن صح ذلك كان مقيدا‬ ‫لتقريره لهل المدينة على سلم السنة والسنتين وأنه أمرهم بأن ل يسلفوا حتى يبدو صلح النخل ويقوى ما ذهب‬ ‫إليه الناصر وأبو حنيفة من أنه يشترط في المسلم فيه أن يكون موجودا من العقد إلى الحلول‪.‬‬ ‫س يُريدُ أَداءَهَا‬ ‫خذَ َأ ْموَالَ النّا ِ‬ ‫عنْ ُه ع نِ النّبيّ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قالَ‪" :‬مَ نْ َأ َ‬ ‫ع نْ أبي ُه َر ْيرَةَ رض يَ ال َتعَالَى َ‬ ‫وَ َ‬ ‫خذَهَا يُريدُ إتلفَهَا َأتْلَ َف ُه اللّهُ" رَوَا ُه ا ْل ُبخَاريّ‪.‬‬ ‫عنْهُ‪َ ،‬و َمنْ َأ َ‬ ‫َأدّى اللّهُ َ‬ ‫(وعن أبي هريرة رضي ال تعالى عنه عن النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قال‪" :‬من أخذ أموال الناس يريد أداءها‬ ‫أدى ال عنه‪ ،‬ومن أخذها يريد إتلفها أتلفه ال" رواه البخاري)‪.‬‬ ‫التعبير بأخذ أموال الناس يشمل أخذها بالستدانة وأخذها لحفظها‪.‬‬ ‫والمراد من إرادته التأدية قضاؤها في الدنيا‪.‬‬ ‫وتأدية ال عنه يشمل تيسيره تعالى لقضائها في الدنيا بأن يسوق إلى المستدين ما يقضي به دينه وأداؤها عنه في‬ ‫الخرة بإرضائه غريمه بما شاء تعالى‪.‬‬ ‫ن دينا يعلم ال أنه يريد أداءه إل أدّاه ال عنه‬ ‫وقد أخرج ابن ماجه وابن حبان والحاكم مرفوعا‪" :‬ما من مسلم َيدّا ُ‬ ‫في الدنيا والخرة"‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬يريد إتلفها" الظاهر أنه من يأخذ بالستدانة مثلً ل لحاجة ول لتجارة بل ل يريد إل إتلف ما أخذ على‬ ‫صاحبه ول ينوي قضاءها‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬أتل فه ال" الظا هر إتلف الش خص نف سه في الدن يا بإهل كه و هو يش مل ذلك ويش مل إتلف ط يب عي شه‬ ‫وتضييق أموره وتعسر مطالبه ومحق بركته ويحتمل إتلفه في الخرة بتعذيبه‪.‬‬ ‫قال ا بن بطال‪ :‬ف يه ال حث على ترك ا ستئكال أموال الناس والترغ يب في ح سن التأد ية إلي هم ع ند المداي نة وأن‬ ‫الجزاء يكون من جنس العمل‪.‬‬ ‫وأخذ منه الداودي أن من عليه دين فليس له أن يتصدق ول يعتق وفيه بعد‪.‬‬ ‫و في الحد يث ال حث على ح سن الن ية والتره يب عن خل فه وبيان أن مدار العمال علي ها وأن من ا ستدان ناويا‬ ‫اليفاء أعانه ال عليه‪.‬‬ ‫وقد كان عبد ال بن جعفر يرغب في الدين فيسأل عن ذلك فقال سمعت رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم يقول‪:‬‬ ‫"إن ال مع الدائن ح تى يُق ضى دي نه" رواه ا بن ما جه والحا كم وإ سناده ح سن إل أ نه اختلف ف يه على مح مد بن‬ ‫عل يّ‪ ،‬ورواه الحا كم من حد يث عائ شة بل فظ‪ " :‬ما من ع بد كا نت له ن ية في وفاء دي نه إل كان له من ال عون"‬ ‫قالت هههه يعني[اث] عائشة[‪/‬اث] هههه‪ :‬فأنا ألتمس ذلك العون‪.‬‬ ‫فإن قلت‪ :‬قد ثبت حديث‪( :‬إنه يغفر للشهيد كل ذنب إل الدين) ‪ ،‬وحديث‪" :‬الن بردت جلدته" قاله لمن أدى دينا‬ ‫عن م يت مات عل يه د ين‪ .‬قلت‪ :‬يحت مل أن مع نى ل يغ فر للشه يد الد ين أ نه باق عل يه ح تى يوف يه ال ع نه يوم‬ ‫‪2‬‬

‫القيا مة ول يلزم من بقائه عل يه أن يعا قب في قبره ومع نى قوله‪" :‬بردت جلد ته" خل صته من بقاء الد ين عل يه‬ ‫ويحتمل أن ذلك فيمن استدان ولم ينو الوفاء‪.‬‬ ‫خذْ تَ ِمنْ هُ‬ ‫ن الشّا مِ فَلَ ْو َب َعثْ تَ إَل ْي ِه َفأَ َ‬ ‫ل اللّ هِ إن فُلنا قَد مَ لَ هُ َبزّ ِم َ‬ ‫عنْها قَالَ تْ‪ :‬قُلْ تُ‪ :‬يا ر سُو َ‬ ‫ع نْ عَا ِئشَةَ رض يَ اللّ هُ َ‬ ‫وَ‬ ‫خرَجَ ُه الحا ِكمُ وَا ْل َب ْيهَ ِقيّ وَرجالُ ُه ثِقَاتٌ‪.‬‬ ‫َث ْو َبيْنِ َنسِيئَةً إلى َم ْيسَرَةٍ‪َ ،‬ف َبعَثَ إَليْ ِه فَامْ َتنَعَ‪َ .‬أ ْ‬ ‫(وعن عائشة رضي ال عنها قالت‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول ال إن فلنا قدم له بز من الشام فلو بعثت إليه فأخذت منه‬ ‫ثوبين نسيئة إلى ميسرة‪ ،‬فبعث إليه فامتنع‪ .‬أخرجه الحاكم والبيهقي ورجاله ثقات)‪.‬‬ ‫فيه دليل على بيع النسيئة وصحة التأجيل إلى ميسرة وفيه ما كان عليه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم من حسن معاملة‬ ‫العباد وعدم إكراههم على الشيء وعدم اللحاح عليهم‪.‬‬ ‫ن الدّرّ‬ ‫ن َمرْهُونا‪ ،‬وََلبَ ُ‬ ‫ب ِبنَفَ َقتِ ِه ِإذَا كَا َ‬ ‫ظ ْهرُ ُيرْكَ ُ‬ ‫ل اللّ هِ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬ال ّ‬ ‫ل رَ سُو ُ‬ ‫ع نْ أَبِي ُه َر ْيرَةَ قَالَ‪ :‬قَا َ‬ ‫وَ َ‬ ‫شرَبُ النّفَ َقةُ" رَوَاهُ ا ْل ُبخَا ِريّ‪.‬‬ ‫شرَبُ ِبنَفَ َق ِتهِ ِإذَا كَانَ َمرْهُونا‪َ ،‬وعَلَى اّلذِي َي ْركَبُ َو َي ْ‬ ‫ُي ْ‬ ‫وهذا من باب الرهن وهو لغة الحتباس من قولهم رهن الشيء إذا دام وثبت ومنه {كل نفس بما كسبت رهينة}‬ ‫وفي الشرع جعل مال وثيقة على دين ويطلق على العين المرهونة‪.‬‬ ‫ظهْرُ ُي ْركَ بُ)‬ ‫(و عن أ بي هريرة ر ضي ال ع نه قال‪ :‬قال ر سول ال صلى ال تعالى عل يه وعلى آله و سلم‪" :‬ال ّ‬ ‫َبنه ال ّدرّ) بفتهح الدال المهملة وتشديهد الراء وههو اللبهن‬ ‫كانه مرهونا ول ُ‬ ‫َ‬ ‫َقتهه إذا‬ ‫بالبناء للمفعول ومثله يشرب ( ِبنَف ِ‬ ‫شرَ بُ ِبنَفَ َق ِت هِ إذَا‬ ‫تسمية بالمصدر قيل هو من إضافة الشيء إلى نفسه وقيل من إضافة الموصوف إلى صفته ( ُي ْ‬ ‫شرَب النّفَ َقةُ" رواه البخاري)‪.‬‬ ‫ب و َي ْ‬ ‫ن َمرْهُونا‪ ،‬وعَلى اّلذِي يَ ْركَ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫فاعل يركب ويشرب هو المرتهن بقرينة العوض وهو الركوب وإن كان يحتمل أنه الراهن إل أنه احتمال بعيد‬ ‫لن النفقة لزمة له فإن المرهون ملكه وقد جعلت في الحديث على الراكب والشارب وهو غير المالك إذ النفقة‬ ‫لزمة للمالك على كل حال‪.‬‬ ‫والحديث دليل على أنه يستحق المرتهن النتفاع بالرهن في مقابلة نفقته وفي المسألة ثلثة أقوال‪:‬‬ ‫الول‪ :‬ذهب أحمد وإسحاق إلى العمل بظاهر الحديث وخصوا ذلك بالركوب والدرّ فقالوا ينتفع بهما بقدر قيمة‬ ‫النفقة ول يقاس غيرهما عليهما‪.‬‬ ‫والثاني‪ :‬للجمهور قالوا‪ :‬ل ينتفع المرتهن بشيء قالوا‪ :‬والحديث خالف القياس من وجهين أولهما تجويز الركوب‬ ‫والشرب لغير المالك بغير إذنه وثانيهما تضمينه ذلك بالنفقة ل بالقيمة‪.‬‬ ‫قال ا بن عبد البر‪ :‬هذا الحد يث ع ند جمهور الفقهاء ترده أ صول مج مع علي ها وآثار ثاب تة ل يختلف في صحتها‬ ‫ويدل على نسخه حديث ابن عمر‪" :‬ل تحلب ماشية امرىء بغير إذنه" أخرجه البخاري في أبواب المظالم‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬أما النسخ فل بد له من معرفة التاريخ على أنه ل يحمل عليه إل إذا تعذر الجمع ول تعذر هنا إذ يخص‬ ‫عموم النهي بالمرهونة‪.‬‬ ‫ق بينهما في الحكام والشارع‬ ‫وأما مخالفة القياس فليست الحكام الشرعية مطردة على نسق واحد بل الدلة تُ َفرّ ُ‬ ‫حكم هنا بركوب المرهون وشرب لبنه وجعله قيمة النفقة‪.‬‬ ‫وقد حكم الشارع ببيع الحاكم عن المتمرّد بغير إذنه وجعل صاع التمر عوضا عن اللبن وغير ذلك‪.‬‬ ‫وقال الشافعي‪ :‬المراد أنه ل يمنع الراهن من ظهرها ودرّها فجعل الفاعل الراهن وتعقب بأنه ورد بلفظ المرتهن‬ ‫فتعين الفاعل‪.‬‬ ‫والقول الثالث‪ :‬للوزا عي والل يث أن المراد من الحد يث أ نه إذا امت نع الرا هن من النفاق على المرهون فيباح‬ ‫حينئذ النفاق على الحيوان حفظا لحياته وجعل له في مقابل النفقة النتفاع بالركوب أو شرب اللبن بشرط أن ل‬ ‫يزيد قدر ذلك أو قيمته على قدر علفه وقوى هذا القول في الشرح‪.‬‬ ‫ول يخفى أنه تقييد للحديث بما لم يقيده به الشرع وإنما قيده بالضابط المتصيد من الدلة وهو أن كل عين في‬ ‫يده لغيره بإذن الشارع فإنه ينفق عليها بنية الرجوع على المالك وله أن يؤجرها أو يتصرف في لبنها في قيمة‬ ‫العلف إل أنه إذا كان في البلد حاكم ولم يستأذنه فل رجوع بما أنفق ويلز مه غرامة المنفعة واللبن فإن لم يكن‬ ‫في البلد حاكم أو كان يتضرر الحيوان بمدة الرجوع فله أن ينفق ويرجع بما أنفق إل أنه قد يقال إنها قاعدة عامة‬ ‫فتخص بحديث الكتاب‪.‬‬ ‫غ ْرمُ هُ"‬ ‫غ ْنمُ هُ وَعَلَي هِ ُ‬ ‫حبِهِ الذي رَ َهنَ هُ َل هُ ُ‬ ‫ن صَا ِ‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬ل َيغْلَ قُ الرّهْ نُ ِم ْ‬ ‫وعنه قالَ‪ :‬قالَ رَ سُو ُ‬ ‫غيْرهِ إرْسالُهُ‪.‬‬ ‫ع ْندَ أَبي داودَ َو َ‬ ‫ن ال َمحْفوظَ ِ‬ ‫ت إل أ ّ‬ ‫رَوَاهُ الدّا َرقُطْنيّ والحا ِكمُ وَرجَالُ ُه ثِقَا ٌ‬ ‫‪3‬‬

‫(وعنه) أي أبي هريرة (قال‪ :‬قال رسول ال صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم "ل يغلق) بفتح حرف المضارعة وغين معجمة‬ ‫ساكنة ولم مفتوحة وقاف يقال غلق الرهن إذا خرج عن ملك الراهن واستولى عليه المرتهن بسبب عجزه عن‬ ‫حبِ ِه الّذي رَهَنَ ُه َل هُ‬ ‫ن مِ نْ صَا ِ‬ ‫أداء ما ره نه ف يه وكان هذا عادة العرب فنها هم ال نبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم (الرّهْ ُ‬ ‫غ ْرمُهُ) هلكه ونفقته (رواه الدارقطني والحاكم ورجاله ثقات إل أن المحفوظ عند أبي داود‬ ‫غ ْنمُهُ) زيادته (وعليْهِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫وغيره إرساله)‪.‬‬ ‫قال الحافظ ابن عبد البر‪ :‬اختلف في قوله‪ :‬له غنمه وعليه غرمه فقيل هي مدرجة من قول سعيد بن المسيب قال‬ ‫ورفع ها ا بن أ بي ذئب ومع مر وغيره ما مع كون هم أر سلوا الحد يث على اختلف على ا بن أ بي ذئب ووقف ها‬ ‫غيرهم‪.‬‬ ‫وقد روى ا بن و هب هذا الحد يث فجوده وبيّن أن هذه اللف ظة من قول ا بن المسيب وكذا أ بو داود في المراسيل‬ ‫قوى أنه من قوله‪.‬‬ ‫ومعنى يغلق ل يستحقه المرتهن إذا عجز صاحبه عن فكه والحديث ورد لبطال ما كان عليه في الجاهلية عن‬ ‫غلق الرهن عند المرتهن وبيان أن زيادته للراهن ونفقته عليه كما سلف فيما قبله‪.‬‬ ‫ل مِ نْ إبلِ‬ ‫س َتسَْلفَ مِ نْ َرجُلٍ َبكْرا فَ َق ِدمَ تْ عََليْ هِ إب ٌ‬ ‫عنْ هُ‪ :‬أَنّ النبي صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم ا ْ‬ ‫ن أَبي راف عٍ رَضي ال َ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫خيّارَ النّا سِ‬ ‫عطِ هِ إيّا ُه فَإنّ ِ‬ ‫خيَارا َربَاعِيا‪ ،‬فَقَالَ‪" :‬أَ ْ‬ ‫جدُ إل ِ‬ ‫ن يَقْض يَ الرّجلَ َب ْكرَ ُه فَقَالَ‪ :‬ل أ ِ‬ ‫ال صّ َدقَ ِة فََأمَر أَبا رَاف عٍ َأ ْ‬ ‫س ُن ُهمْ قَضَاءً" رَوَاهُ ُمسِْلمٌ‪.‬‬ ‫حَ‬ ‫َأ ْ‬ ‫وهو من أحاديث باب القرض والحاديث في فضله والحث عليه كثيرة‪.‬‬ ‫(وعن أبي رافع أن النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ا سْتسلَفَ من رجل َبكْرا) بفتح الموحدة وسكون الكاف من البل‬ ‫(فَ َق ِدمَ تْ عليه إبِلٌ من إبِلِ ال صّدقَ ِة فََأ َمرَ أبا راف عٍ أن يَقْض يَ الرجلَ َب ْكرَ هُ قال‪ :‬ل أجدُ إل خِيارا رَباعيا) هو بفتح‬ ‫س ُنهُ ْم قَضَاءً" روا هُ‬ ‫ط ِه إيّا ُه فإنّ خِيارَ النّاس َأحْ َ‬ ‫عِ‬ ‫الراء الذي يد خل في ال سنة ال سابعة وتب قى رباعي ته (فقال‪" :‬أَ ْ‬ ‫مسلمٌ)‪.‬‬ ‫تقدم الكلم على الخلف في قرض الحيوان‪.‬‬ ‫والحديث دليل على جوازه وأنه يستحب لمن عليه دين من قرض أو غيره أن يرد أجود من الذي عليه وأن ذلك‬ ‫مهن مكارم الخلق المحمودة عرفا وشرعا ول يدخهل فهي القرض الذي يجهر نفعا لنهه لم يكهن مشروطا مهن‬ ‫المقرض وإنما ذلك تبرع من المستقرض‪.‬‬ ‫وظاهره العموم للزيادة عددا أو صفة وقال مالك الزيادة في العدد ل تحل‪.‬‬ ‫جرّ َمنْ َفعَ ًة َفهُوَ ربا" رَوَا هُ الحار ثُ ب نُ أَ بي‬ ‫ل قَرْ ضٍ َ‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم‪" :‬كُ ّ‬ ‫ع نْ عَل يَ قالَ‪ :‬قالَ رَ سُو ُ‬ ‫وَ َ‬ ‫سنَادُهُ سَاقطٌ‪.‬‬ ‫ُأسَامَ َة وإ ْ‬ ‫ع َب ْيدٍ[‪/‬تض] ع ْن َد ا ْل َب ْيهَقِي‪.‬‬ ‫عنْ[تض] َفضَالَةَ بنِ ُ‬ ‫وَلَ ُه شَاهدٌ ضَعيفٌ َ‬ ‫ع ْن َد ال ُبخَاريّ‪.‬‬ ‫ع ْبدِ اللّهِ بنِ سَلمٍ ِ‬ ‫خرُ مَ ْوقُوفٌ عَنْ َ‬ ‫وَآ َ‬ ‫(و عن علي قال‪ :‬قال ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪ " :‬كل قرض جر منف عة ف هو ر با"‪ .‬رواه الحارث بن أ بي‬ ‫أسامة وإسناده ساقط) لن في إسناده سوار بن مصعب الهمداني المؤذن العمى وهو متروك‪.‬‬ ‫(وله شاهد ضعيف عن فضالة بن عبيد عند البيهقي) أخرجه البيهقي في المعرفة بلفظ‪" :‬كل قرض جرّ منفعة‬ ‫فهو وجه من وجوه الربا"‪.‬‬ ‫(وآخر موقوف عن عبد ال بن سلم عند البخاري) لم أجده في البخاري في باب الستقراض ول نسبه المصنف‬ ‫في التلخيص إلى البخاري بل قال إنه رواه البيهقي في السنن الكبرى عن ابن مسعود وأب يّ بن كعب وعبد ال‬ ‫بن سلم وابن عباس موقوفا عليهم انتهى فلو كان في البخاري لما أهمل نسبته إليه في التلخيص‪.‬‬ ‫والحد يث ب عد صحته ل بدّ من التوف يق بي نه و بن ما تقدّم وذلك بأن هذا محمول على أن المنف عة مشرو طة من‬ ‫المقرض أو في حكم المشروطة وأما لو كانت تبرعا من المقترض فقد تقدم أنه يستحب له أن يعطي خيرا مما‬ ‫أخذه‪.‬‬ ‫باب التفليس والحجر‬ ‫هو لغة مصدر فلسته نسبته إلى الفلس الذي هو مصدر أفلس أي صار إلى حالة ل يملك فيها فلسا‪.‬‬ ‫"والحجر" لغة مصدر حجر أي منع وضيق وشرعا قول الحاكم للمديون حجرت عليك التصرف في مالك‪.‬‬ ‫س ِمعْتُ رَ سُولَ اللّ ِه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‬ ‫عنْ ُه قالَ‪َ :‬‬ ‫ن أَ بي ُه َر ْيرَةَ رض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫عَ نْ أَ بي َبكْ ِر ب نِ عَبْد ال ّرحْم نِ َ‬ ‫غ ْيرِ هِ" ُمتّف قٌ عََليْه‪َ ،‬ورَوَا هُ َأبُو دَاودَ َومَال كٌ مِ نْ‬ ‫حقّ ب هِ مِ نْ َ‬ ‫ع ْندَ َرجُلٍ َقدْ َأفْلَ سَ َفهُوَ َأ َ‬ ‫يَقُولُ‪" :‬مَ نْ َأ ْدرَ كَ مَالَ ُه ِب َعيْن هِ ِ‬ ‫‪4‬‬

‫ض الذي بَاعَ ُه مِ ْ‬ ‫ن‬ ‫ع هُ وَلَ مْ يَ ْقبِ ِ‬ ‫ل با عَ َمتَاعا َفأَفْلَس الذي ا ْبتَا َ‬ ‫ظ "َأ ّيمَا َرجُ ٍ‬ ‫ن ُمرْ سَلً بِلَفْ ٍ‬ ‫ع ْب ِد الرّحْم ِ‬ ‫روَايةِ أَبي َبكْر ب نِ َ‬ ‫ع أُ سْ َوةُ ا ْل ُغ َرمَاءِ" َووَ صَلَ ُه ا ْل َب ْيهَقِي‬ ‫شتَري فَ صَاحِبُ المتَا ِ‬ ‫ع ُه ِب َع ْينِ ِه فَهُ َو َأحَقّ ب هِ‪ ،‬فإ نْ ما تَ الم ْ‬ ‫جدَ َمتَا َ‬ ‫شيْئا فَ َو َ‬ ‫ثمن هِ َ‬ ‫ع َمرَ بْنِ خَلدَ َة قال‪َ" :‬أ َتيْنا أَبا هُريرةَ في صَاحب لَنا‬ ‫ن روَايَةِ ُ‬ ‫ضعّفَ ُه َتبَعا لبي دَا ُودَ‪َ ،‬ورَواهُ َأبُو دَا ُودَ وابنُ مَاجَهْ مِ ْ‬ ‫َو َ‬ ‫ل َمتَاعَ ُه ِب َعيْنِ هِ‬ ‫ج َد رَجُ ٌ‬ ‫ن َأفْلَس أَ ْو مَا تَ فَ َو َ‬ ‫ضيَنّ فِيكُ مْ بِ َقضَاءِ رَ سُولِ ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪ :‬مَ ْ‬ ‫لقْ ِ‬ ‫َقدْ أَفلس فَقَالَ‪َ :‬‬ ‫ضعّفَ أيضا هذ ِه ال ّزيَادَةَ في ِذكْر المَوْتِ‪.‬‬ ‫ضعّفَ ُه أَبو دَا ُودَ َو َ‬ ‫صحّحَ ُه الْحاكمُ َو َ‬ ‫حقّ بهِ" َو َ‬ ‫َفهُ َو َأ َ‬ ‫(عن أبي بكر بن عبد الرحمن رضي ال عنه) أي ابن الحارث بن هشام المخزومي قاضي المدينة تابعي سمع‬ ‫عائشة وأبا هريرة روى عنه الشعبي والزهري (عن أبي هريرة رضي ال عنه قال‪ :‬سمعنا رسول ال صلى ال‬ ‫ن َأ ْدرَكَ مَاَلهُ ِب َع ْينِهِ")‪.‬‬ ‫عليه وآله وسلم يقول‪" :‬مَ ْ‬ ‫لم يتغير بصفة من الصفات ل بزيادة ول نقصان‪.‬‬ ‫غيْر هِ" مت فق عل يه‪ ،‬ورواه أ بو داود ومالك من روا ية أ بي ب كر بن ع بد‬ ‫ع ْندَ َرجُلٍ َقدْ َأفْل سَ َفهُ َو َأحَقّ بِ هِ ِم نْ َ‬ ‫(ِ‬ ‫الرحمن مرسلً)‪.‬‬ ‫و قد و صله أ بو داود من طر يق أخرى في ها إ سماعيل بن عياش لن ها من رواي ته عن الشامي ين ورواي ته عن هم‬ ‫صحيحة‪:‬‬ ‫حقّ‬ ‫جدَ َمتَاعَ هُ َب َع ْينِ هِ فهُ َو َأ َ‬ ‫شيْئا فَ َو َ‬ ‫ن َث َمنِ ِه َ‬ ‫ض الذي بَاعَ ُه مِ ْ‬ ‫(بلفظ‪َ" :‬أ ّيمَا َرجُلٍ بَا عَ َمتَاعا فأَفْلَ سَ الذي ا ْبتَاعَ هُ ولَ ْم يَ ْقبِ ِ‬ ‫ع ُأسْوَ ُة ا ْل ُغ َرمَاءِ" ووصله البيهقي وضعفه تبعا لبي داود)‪.‬‬ ‫ب ا ْل َمتَا ِ‬ ‫ن مَاتَ ا ْل ُمشْتري َفصَاحِ ُ‬ ‫ِبهِ وإ ْ‬ ‫راجعنا سنن أبي داود فلم نجد فيها تضعيفا للرواية هذه بل قال في هذه الرواية بعد إخراجه لها من طريق مالك‪:‬‬ ‫وحديث مالك أصح‪ ،‬يريد أنه أصح من رواية أبي بكر بن عبد الرحمن التي ساقها أبو داود وفيها قال أبو بكر‪:‬‬ ‫"قضى رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم أن من توفي وعنده سلعة رجل بعينها لم يقض من ثمنها شيئا فصاحب‬ ‫ال سلعة أ سوة الغرماء في ها" ولم يتكلم الشارح رح مه ال على هذا بش يء (ورواه أ بو داود وا بن ما جة من روا ية‬ ‫عمهر بهن خلدة) بفتهح الخاء المعجمهة واللم ودال مهملة (قال‪ :‬أتينها أبها هريرة فهي صهاحب لنها قهد أفلس فقال‪:‬‬ ‫حقّ بِ هِ"‬ ‫جدَ َرجُلٌ متَاعَ ُه َب َع ْينِ هِ فهُ َو َأ َ‬ ‫ت ف َو َ‬ ‫ن َأفْلَ سَ َأوْ مَا َ‬ ‫لقضين فيكم بقضاء رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬مَ ْ‬ ‫وصححه الحاكم وضعفه أبو داود وضعف أيضا هذه الزيادة في ذكر الموت")‪.‬‬ ‫سكت عليه الشارح وقد راجعت سنن أبي داود فلم أجد فيها تضعيفا لرواية عمر بن خلدة بل قال البيهقي بعد‬ ‫رواية حديث أبي بكر بن عبد الرحمن المرسلة التي ساق لفظها المصنف هنا بلفظ أيما رجل إلى آخره أنه قال‬ ‫الشافعي رواية عمر بن خلدة أولى من رواية أبي بكر هذه قال لنها موصولة جمع فيها النبي صَلّى ال عََليْ هِ‬ ‫َوسَلّم بين الموت والفلس‪.‬‬ ‫قال‪ :‬وحد يث ا بن شهاب ير يد به روا ية أبي ب كر بن ع بد الرح من المذكورة منق طع و ساق في ذلك كلما كثيرا‬ ‫يرجح به رواية عمر بن خلدة فلينظر‪.‬‬ ‫هذا الحديث اشتمل على مسائل‪:‬‬ ‫الولى‪ :‬أنه إذا وجد البائع متاعه عند من شراه منه وقد أفلس فإنه أحق بمتاعه من سائر الغرماء فيأخذه إذا كان‬ ‫له غرماء وعموم قوله من أدرك ماله يعم من كان له مال عند الخر بقرض أو بيع وإن كان قد وردت أحاديث‬ ‫م صرحة بل فظ البيع ف قد أخرج ا بن خزي مة وا بن حبان وغيره ما الحديث بل فظ‪" :‬إذا ابتاع الر جل سلعة ثم أفلس‬ ‫وهي عنده بعينها فهو أحق بها من الغرماء"‪.‬‬ ‫فقد عرف في الصول أن الخاص الموافق للعا مّ ل يخصص العا مّ إل عند أبي ثور وقد زيفوا ما ذهب إليه من‬ ‫ذلك ولذلك ذهب الشافعي وآخرون إلى أن المقرض أولى بماله في القرض كما أنه أولى به في البيع‪.‬‬ ‫وذهب غيره إلى أنه يختص ذلك بالبيع للت صريح به في أحاد يث الباب ل كن قد عرفت أن ذلك ل ي خص عموم‬ ‫حديث الباب‪.‬‬ ‫الم سألة الثان ية‪ :‬أفاد قوله بعي نه أ نه إذا وجده و قد تغ ير ب صفة من ال صفات بزيادة أو نق صان فإ نه ل يس صاحبه‬ ‫أولى به بل يكون أسوة الغرماء‪.‬‬ ‫وقد اختلف العلماء في ذلك فذهبت الهادوية و الشافعي إلى أنه إذا تغيرت صفته بعيب فللبائع أخذه ول أرش له‬ ‫وإن تغير بزيادة كان للمشتري غرامة تلك الزيادة وهي ما انفق عليه حتى حصلت‪.‬‬ ‫وكذلك الفوائد للمشتري ولو كانت متصلة لنها إنما حدثت في ملكه ويلزم له قيمة ما ل حدّ لبقائه كالشجرة إذا‬ ‫غرسها وإبقاء ماله حدّ بل أجرة كالزرع‪.‬‬ ‫وكذلك إذا نقصت العين فله أخذ الباقي بحصته من الثمن والحديث يتناوله لن الباقي مبيع باق بعينه‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫المسألة الثالثة‪ :‬دلّ لفظ أبي بكر بن عبد الرحمن المرسل أن البائع إذا كان قد قبض بعض الثمن فليس له حق‬ ‫في استرجاع المبيع بل يكون أسوة الغرماء وبهذا أخذ جمهور العلماء وعند الهادوية وهو راجح قولي الشافعي‬ ‫أنه ل يصير المبيع بقبض بعض ثمنه أسوة الغرماء بل البائع أولى به وكأن الشافعي ذهب إلى هذا لنه لم يصح‬ ‫الحديث عنده بل قال إنه منقطع فمن قال بصحة الحديث وأنه موصول قال بما قاله الجمهور ومن ل فل‪.‬‬ ‫وفي وصله وعدمه خلف‪ :‬منهم من رجح إرساله وهم أكثر الحفاظ‪.‬‬ ‫المسألة الرابعة‪ :‬قوله‪" :‬فإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء" فيه حذف تقديره فمتاع صاحب المتاع‬ ‫ل بهذه‬ ‫أسهوة الغرماء وهذا دال على التفرقهة بيهن الموت والفلس وإلى التفرقهة بينهمها ذههب مالك وأحمهد عم ً‬ ‫الرواية قالوا‪ :‬لن الميت برئت ذمته وليس للغرماء محل يرجعون إليه فاستووا في ذلك بخلف المفلس‪ ،‬وسواء‬ ‫خلف الميت وفاء أو ل‪.‬‬ ‫وذهب الهادوية إلى أنه إذا خلف وفاء فليس البائع أولى بمتاعه بل يسلم الورثة الثمن من التركة وحجتهم أنه قد‬ ‫ورد في حديث أبي بكر بن عبد الرحمن زيادة لفظ‪" :‬إل إن ترك صاحبها وفاء"‪.‬‬ ‫لكن قال الشافعي يحتمل أن الزيادة من رأي أبي بكر بن عبد الرحمن وقرينة الحتمال أن الذين وصلوه عنه لم‬ ‫يذكروا قضية الموت وكذلك الذين رووه عن أبي هريرة‪.‬‬ ‫ل بعموم من أدرك‬ ‫وذ هب الشاف عي إلى أ نه ل فرق ب ين الموت والفلس وأن صاحب المتاع أولى بمتا عه عم ً‬ ‫ماله عند رجل هههه الحديث متفق عليه‪ .‬قال‪ :‬ول فرق بين الموت والفلس والتفرقة بينهما برواية أبي بكر‬ ‫بن عبد الرحمن وقوله فيها فإن مات فصاحب المتاع أسوة الغرماء غير صحيحة لن الحديث مرسل لم يصح‬ ‫وصله فل يعمل به بل في رواية عمر بن خلدة التسوية بين الموت والفلس وهو حديث حسن يحتج بمثله‪.‬‬ ‫ع ْرضَ هُ‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪َ" :‬ليّ الْوَاج ِد ُيحِلّ ِ‬ ‫ع ْن هُ قالَ رسو ُ‬ ‫ن أَبي هِ رَض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ن الشّريدِ عَ ْ‬ ‫عمْرو ب ِ‬ ‫ع نْ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫حبّانَ‪.‬‬ ‫ححَهُ ابنُ ِ‬ ‫صّ‬ ‫وَعُقُو َبتَهُ" رَوَا ُه َأبُو دَا ُودَ وَال ّنسَائيّ َوعَلّ َقهُ ال ُبخَاريّ َو َ‬ ‫(وعن عمرو بن الشريد) بفتح الشين المعجمة وكسر الراء تابعي سمع ا بن عباس وغيره (عن أبيه رضي ال‬ ‫عنه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪" :‬ليّ") بفتح اللم ثم مثناة تحتية مشدّدة مصدر لوى يلوي أي‬ ‫جدِ" بالج يم يع ني من الو جد بال ضم أي القدرة ( ُيحِلّ) ب ضم حرف المضار عة‬ ‫م طل أض يف إلى فاعله و هو "الْوَا ِ‬ ‫عرْضَهُ َوعُقُو َبتَهُ" رواه أبو داود والنسائي وعلقه البخاري وصححه ابن حبان)‪.‬‬ ‫(" ِ‬ ‫وأخرجه أحمد وابن ماجه والبيهقي وفسر البخاري حل العرض بما علقه عن سفيان قال‪ :‬يقول مطلني وعقوبته‬ ‫حبسه وهو دليل لزيد بن علي أنه يحبس حتى يقضي دينه‪.‬‬ ‫وأجاز الجمهور الحجز وبيع الحاكم عنه ماله وهذا أيضا داخل تحت لفظ عقوبته ل سيما وتفسيرها بالحبس ليس‬ ‫بمرفوع‪.‬‬ ‫ودلّ الحد يث على تحر يم م طل الوا جد ولذا أبي حت عقوب ته وإن ما اختلف العلماء هل يبلغ إلى حدّ ال كبيرة فيف سق‬ ‫وترد شهادته بمطله مرة واحدة أم ل؟‪.‬‬ ‫فذه بت الهادو ية إلى أ نه يف سق بذلك واختلفوا في قدر ما يف سق به فقال الجمهور من هم إ نه يف سق بم طل عشرة‬ ‫دراهم فما فوق قياسا على نصاب السرقة وفي كلم الهادي عليه السلم ما يقضي بأنه يفسق بدون ذلك‪.‬‬ ‫وكذلك ذهبت إلى هذا المالكية والشافعية إل أنهم تردّدوا في اشتراط التكرار ومقتضى مذهب الشافعي اشتراطه‪.‬‬ ‫ثم يدل بمفهومه على أن مطل غير الواجد وهو المعسر ل يحل عرضه ول عقوبته والحكم كذلك عند الجماهير‬ ‫وهو الذي دل على قوله تعالى‪{ :‬فنظرة إلى ميسرة}‪.‬‬ ‫ع ْهدِ رَ سُولِ ال صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم في ِثمَارٍ‬ ‫ل في َ‬ ‫عنْ ُه قالَ‪ :‬أُ صِيبَ َرجُ ٌ‬ ‫خدْريّ رض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ع نْ أَبي سَعيدٍ ا ْل ُ‬ ‫وَ َ‬ ‫صدّق النّا سُ عََليْ ِه ولم َيبْلُ غْ ذلك وَفاءَ‬ ‫عهَا َف َكثُرَ َد ْينُ هُ فَقَالَ رَ سُولُ اللّ ِه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬تَص ّدقُوا عَلَي هِ" َفتَ َ‬ ‫ا ْبتَا َ‬ ‫ج ْد ُتمْ وَليسَ َل ُكمْ إلّ ذلكَ" رَوَا ُه ُمسْلِمٌ‪.‬‬ ‫خذُوا مَا َو َ‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم ِل ُغرَمائِهِ‪ُ " :‬‬ ‫َد ْينِهِ‪ ،‬فَقَالَ َرسُو ُ‬ ‫و عن أ بي سعيد الخدري ر ضي ال ع نه قال‪ :‬أ صيب ر جل في ع هد ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم في ثمار‬ ‫ابتاعها فكثر دينه فقال رسول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬تصدقوا عليه" فتصدق الناس عليه ولم يبلغ ذلك وفاء‬ ‫دينه‪ ،‬فقال رسول ال صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم لغرمائه‪" :‬خذوا ما وجدتم وليس لكم إل ذلك" رواه مسلم)‪.‬‬ ‫تقدم الكلم في الجمع بين هذا الحديث وحديث جابر قوله‪" :‬فل يحلّ لك أن تأخذ" بأن هذا على جهة الستحباب‬ ‫والحث على جبر من حدث عليه حادث‪ .‬ويدل أيضا قوله‪" :‬وليس لكم إل ذلك" على أن الثمرة غير مضمونة إذ‬ ‫لو كانت مضمونة لقال وما ب قي فنظرة إلى مي سرة أو نحوه إذ الدّيْن ل يسقط بإعسار المد ين وإنما تتأخر ع نه‬ ‫المطالبة في الحال ومتى أيسر وجب عليه القضاء‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫حجَرَ عَلى مُعاذٍ مَالَ هُ‪،‬‬ ‫ل اللّ هِ صَلّى ال عََل ْي هِ وَسَلّم َ‬ ‫ع ْنهُما‪" :‬أَنّ رَ سُو َ‬ ‫ن أبيه رَضيَ اللّ هُ َ‬ ‫عْ‬ ‫ب ب نِ مَالكٍ َ‬ ‫ن َكعْ ِ‬ ‫ن اب ِ‬ ‫عْ‬ ‫وَ َ‬ ‫خرَجَ ُه َأبُو داودَ ُمرْسلً َورَجّح إ ْرسَالَهُ‪.‬‬ ‫ححَهُ الحا ِكمُ وََأ ْ‬ ‫صّ‬ ‫وَباع ُه في َديْنٍ كانَ عََل ْيهِ" روَاهُ الدّارَ ُقطْنيّ و َ‬ ‫(وعن ابن كعب بن مالك) اسمه عبد الرحمن‪ ،‬سماه عبد الرزاق (عن أبيه أن النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم حجر‬ ‫على معاذ ماله‪ ،‬وبا عه في دن يا كان عل يه‪ .‬رواه الدارقط ني و صححه الحا كم‪ ،‬وأخر جه أ بو داود مر سلً ور جح‬ ‫إرساله)‪.‬‬ ‫قال عبد الحق‪ :‬المرسل أصح من المتصل وقال ابن الصلح في الحكام‪ :‬هو حديث ثابت‪.‬‬ ‫كان ذلك في سنة ت سع وج عل لغرمائه خم سة أ سباع حقوق هم فقالوا‪ :‬يا ر سول ال ب عه ل نا فقال‪" :‬ل يس ل كم إل يه‬ ‫سبيل"‪.‬‬ ‫وأخرجه البيهقي من طريق الواقدي وزاد أن النبي صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم بعثه بعد ذلك إلى اليمن ليجبره‪.‬‬ ‫والحديث دليل على أنه يحجر الحاكم‪ ،‬على المدين التصرف في ماله ويبيعه عنه لقضاء غرمائه‪.‬‬ ‫والقول بأنه حكاية فعل غير صحيح فإن هذا فعل ل يتم إل بأقوال تصدر عنه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم يحجر بها‬ ‫تصرفه وألفاظ يبيع بها ماله وألفاظ يقضي بها غرماءه وما كان بهذه المثابة ل يقال إنه حكاية فعل إنما حكاية‬ ‫الفعل مثل حديث خلع نعله فخلعوا نعالهم كما ل يخفى‪.‬‬ ‫ظاهر الحديث أن ماله كان مستغرقا بالدين فهل يلحق به من لم يستغرق ماله في الحجر والبيع عنه كالواجد إذا‬ ‫مطل اختلف العلماء في ذلك‪.‬‬ ‫فقال جمهور الهادوية و الشافعي‪ :‬إنه يلحق به فيحجر عليه ويباع ماله لنه قد حصل المقتضي لذلك وهو عدم‬ ‫المسارعة بقضاء الدين‪.‬‬ ‫وقال ز يد بن علي والحنف ية إ نه ل يل حق به فل يح جر عل يه ول يباع ع نه بل ي جب حب سه ح تى يق ضي دي نه‬ ‫لحديهث‪" :‬إنهه ل يحهل مال امرىء مسهلم إل بطيبهة مهن نفسهه" ولقوله تعالى‪{ :‬إل أن تكون تجارة عهن تراض}‬ ‫ومقتضى الحجر والبيع إخراج المال من غير طيبة من نفسه ول رضاه‪.‬‬ ‫(والجواب) عنه بأن الحديث والية عامان خصصا بحديث معاذ ل يتم‪ ،‬لن حديث معاذ ليس إل في المستغرق‬ ‫ماله بدينه والكلم في غيره وهو الواجد الماطل‪.‬‬ ‫فالولى أن يقال أنه ما خ صصا بقياس الما طل الوا جد‪ ،‬على من ا ستغرق دي نه ماله إل أ نه ل يخ فى عدم نهوض‬ ‫القياس‪.‬‬ ‫نعم في حديث‪" :‬ل يّ الواجد يحل عرضه وعقوبته" دليل على أنه يحجر عليه ويباع عنه ماله فإنه داخل تحت‬ ‫مفهوم العقوبة وتفسيرها بالحبس فقط مجرد رَأيٍ مِن قائِلِهِ‪.‬‬ ‫هذا و قد ح كم ع مر في أ سيفع جهي نة كحك مه صلى ال عل يه وآله و سلم في معاذ فأخرج مالك في المو طأ ب سند‬ ‫منقطع ورواه الدارقطني في غرائب مالك بإسناد متصل‪:‬‬ ‫"أن رجلً من جهينة كان يشتري الرواحل فيغالي فيها فيسرع المسير فيسبق الحاج فأفلس فرفع أمره إلى عمر‬ ‫بن الخطاب فقال‪" :‬أما بعد أيها الناس فإن السيفعَ أسيف َع جهينة قد رضي من دينه وأمانته أن يقال سبق الحاج‬ ‫وفيه‪ :‬إل أنه ادّان معرضا فأصبح وقد دين به هههه أي أحاط به الدين هههه فمن كان له عليه دين فليأتنا‬ ‫بالغداة فنقسم ماله بين غرمائه وإياكم والدين فإن أوله هم وآخره حرب" انتهى‪.‬‬ ‫وأما قصة جابر مع غرماء أبيه وهي أنه لما قتل أبوه في ُأحُد وعليه دين فاشتد الغرماء في حقوقهم قال‪:‬‬ ‫"أتيت النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَسَلّم فسألهم أن يقبلوا ثمر حائطي ويحللوا أبي فأبوا فلم يعطهم النبي صَلّى ال عََل ْيهِ‬ ‫هّم حائطهي وقال سهنغدوا عليهك فغدا علينها ح ين أصهبح فطاف فهي النخهل ودعها فهي ثمره بالبركهة فجذذتهها‬ ‫وَسَل‬ ‫ل على أن انتظار الغلة والتمكن منها ل يعد مطلً‪.‬‬ ‫فقضيتهم وبقي لنا من ثمرها" فإن فيها دلي ً‬ ‫قيل ويؤخذ منها أن من كان له دخل ينظر إلى دخله وإن طالت مدته إذ ل فرق بين المدة الطويلة والقصيرة في‬ ‫حق الدمي ومن ل دخل له ل ينظر ويبيع الحاكم ماله لهل الدين‪.‬‬ ‫نعم وأما الحجر على البالغ لسفه وسوء تصرف فقال به الشافعي ولم يقل به زيد بن علي ول أبو حنيفة وبوب‬ ‫له البيهقي في السنن الكبرى "باب الحجر على البالغين بالسفه" وذكر فيه بسنده‪:‬‬ ‫"أن ع بد ال بن جع فر اشترى أرضا ب ستمائة ألف در هم فهمّ علي وعثمان أن يحجرا عل يه‪ ،‬قال‪ :‬فلق يت الزب ير‬ ‫فقال‪ :‬ما اشترى أ حد بيعا أر خص م ما اشتر يت‪ ،‬قال فذ كر له ع بد ال الح جر قال‪ :‬لو أن عندي مالً لشارك تك‬ ‫قال‪ :‬فأنا أقرضك نصف المال قال‪ :‬فأنا شريكك فأتاهما علي وعثمان وهما يتراوضان قال‪ :‬ما تراوضان؟ فذكر‬ ‫‪7‬‬

‫له الح جر على ع بد ال بن جع فر قال‪ :‬أتحجران على ر جل أ نا شري كه قال‪ :‬ل لعمري قال‪ :‬فأ نا شري كه" و في‬ ‫رواية قال عثمان‪" :‬كيف أحجر على رجل في بيع شريكه فيه الزبير"‪.‬‬ ‫قال الشاف عي‪ :‬فعلي ل يطلب الح جر إل و هو يراه والزب ير لو كان الح جر باطلً لقال ل يح جر على بالغ وكذلك‬ ‫عثمان بل كلهم يعرف الحجر ثم ساق حديث عائشة وإرادة عبد ال بن الزبير الحجر عليها وغير ذلك من الدلة‬ ‫من أفعال السلف‪.‬‬ ‫ويستدل له بالحديث الصحيح وهو النهي عن إضاعة المال فإن السفيه يضيعه بسوء تصرفه فيجب النكار عليه‬ ‫بحجره عنه‪.‬‬ ‫قال النووي‪ :‬والصغير ل ينقطع عنه حكم ال ُي ْتمِ بمجرد عل ّو السن ول بمجرد البلوغ بل ل بد أن يظهر منه الرشد‬ ‫في دينه وماله‪.‬‬ ‫وقال أبو حنيفة‪ :‬إذا بلغ خمسا وعشرين سنة يجب تسليم ماله إليه وإن كان غير ضابط‪.‬‬ ‫ن َأ ْربَ عَ عشرةَ‬ ‫حدٍ وَأَنا ابْ ُ‬ ‫ع ِرضْ تُ عَلى النّبيّ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم يَوْ مَ ُأ ُ‬ ‫ع ْن ُهمَا قالَ‪ُ :‬‬ ‫ع َمرَ رَض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ن ابْ نِ ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫سنَةً فَأجَازَني‪ُ .‬متّفَقٌ عََليْهِ‪ ،‬وفي روايةٍ للب ْيهَقِي‬ ‫خمْسَ عَشرَ َة َ‬ ‫ن َ‬ ‫خنْدق وأَنا اب ُ‬ ‫سنَ ًة فَلَ ْم ُيجِزْني َوعُرضْتُ عََليْه يَوْ َم ا ْل َ‬ ‫َ‬ ‫خزَيمةَ‪.‬‬ ‫ححَهُا ابنُ ُ‬ ‫صّ‬ ‫"فَلَم يجِزْني وََلمْ يرَني بََلغْتُ" َو َ‬ ‫حدٍ وَأَنا ابْ نُ َأ ْربَ عَ عشرةَ‬ ‫عرِضْ تُ عَلى النّبيّ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم َيوْ َم ُأ ُ‬ ‫ع ْن ُهمَا قالَ‪ُ :‬‬ ‫ي اللّ هُ َ‬ ‫ع َمرَ رَض َ‬ ‫ن ابْ نِ ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫(وَ َ‬ ‫سنَةً فَأجَازَني‪ُ .‬متّفَقٌ عََليْهِ‪ ،‬وفي روايةٍ للب ْيهَقِي‬ ‫خمْسَ عَشرَ َة َ‬ ‫ن َ‬ ‫خنْدق وأَنا اب ُ‬ ‫سنَ ًة فَلَ ْم ُيجِزْني َوعُرضْتُ عََليْه يَوْ َم ا ْل َ‬ ‫َ‬ ‫خزَيمةَ)‪.‬‬ ‫ححَهُا ابنُ ُ‬ ‫صّ‬ ‫"فَلَم يجِزْني وََلمْ يرَني بََلغْتُ" َو َ‬ ‫وجه ذكر الحديث هنا أن من لم يبلغ خمس عشرة سنة ل تنفذ تصرفاته من بيع وغيره‪.‬‬ ‫ومعنى قوله لم يجزني لم يجعل لي حكم الرجال المتقاتلين في إيجاب الجهاد عَليّ وخروجي معه‪.‬‬ ‫وقوله فأجاز ني أي رآ ني في من ي جب عل يه الجهاد ويؤذن له في الخروج إل يه وف يه دل يل على أن من ا ستكمل‬ ‫خمس عشرة سنة صار مكلفا بالغا له أحكام الرجال ومن كان دونها فل ويدل له قوله‪( :‬ولم يرني بلغت)‪.‬‬ ‫وناقهش فهي السهتدلل بهه على البلوغ بعهض المتأخريهن قائلً إن الذن فهي الخروج للحرب يدور على الجلدة‬ ‫والهلية فليس له في رده دليل على أنه لجل عدم البلوغ‪ ،‬وفهم ابن عمر ليس بحجة‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬وهو احتمال بعيد والصحابي أعرف بما رواه‪.‬‬ ‫وف يه دل يل على أن الخندق كا نت سنة أر بع والقول بأن ها سنة خ مس يرده هذا الحد يث ولن هم أجمعوا أن أحدا‬ ‫كانت سنة ثلث‪.‬‬ ‫ن مَ نْ‬ ‫عنْ هُ قالَ‪" :‬عُرضْنَا عَلَى النّبيّ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم َيوْ مَ ُق َريْظَ َة فكا َ‬ ‫ي ال َتعَالَى َ‬ ‫ظيّ رض َ‬ ‫طيّ َة الْ ُقرَ ِ‬ ‫عِ‬ ‫ع نْ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫حبّا نَ والحاك مُ‬ ‫حهُ اب نُ ِ‬ ‫حَ‬ ‫صّ‬ ‫خمْ سَةُ و َ‬ ‫ن لَ ْم ُينْب تْ َفخُلّ يَ سَبيلي" رَوَا ُه ال َ‬ ‫ت ممّ ْ‬ ‫ن لَ ْم ُي ْنبِ تْ خُلّ يَ سَبيلُهُ‪َ ،‬ف ُكنْ ُ‬ ‫َأ ْنبَ تَ ُقتِلَ َومَ ْ‬ ‫خيْن‪.‬‬ ‫ش ْي َ‬ ‫وقَالَ‪ :‬عَلى شَ ْرطِ ال ّ‬ ‫(وعن عطية القرظي رضي ال عنه) بضم القاف فراء نسبة إلى بني قريظة (قال‪ :‬عرضنا على النبي صَلّى ال‬ ‫عََليْ ِه وَ سَلّم يوم قري ظة فكان من أن بت ُقتِلَ و من لم ُي ْنبِ تْ خُلّ يَ سبيلُهُ ف ُكنْ تُ م من لم ين بت َفخُلّ يَ سبيلي‪ .‬رواه‬ ‫الربعة وصححه ابن حبان والحاكم وقال‪ :‬على شرط الشيخين)‪.‬‬ ‫وهو كما قال إل أنهما لم يخرجا لعطية‪.‬‬ ‫والحديث دليل على أنه يحصل بالنبات البلوغ فتجري على من أنبت أحكام المكلفين ولعله إجماع‪.‬‬ ‫ع ْنهُمَا أَنّ ر سول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم قالَ‪" :‬ل يجُوزُ‬ ‫ي ال َ‬ ‫جدّه رَض َ‬ ‫ن َ‬ ‫ع نْ َأبِي هِ عَ ْ‬ ‫ش َعيْ بٍ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫عمْرِو ب ِ‬ ‫ع نْ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫طيّةٌ إل بإذْنِ زَ ْوجِها"‪.‬‬ ‫عِ‬ ‫لمرَأَةٍ َ‬ ‫ن إل ال ّترْمذيّ‬ ‫ح َمدُ وَأَ صْحابُ ال سّن ِ‬ ‫صمَ َتهَا" رَوَا ُه َأ ْ‬ ‫وَ في َلفْ ظٍ "ل يجُوزُ للمرْأَ ِة أ مر في مَالَ ها إذا مَل كَ زَ ْوجُ ها عِ ْ‬ ‫صحّحَ ُه ا ْلحَا ِكمُ‪.‬‬ ‫َو َ‬ ‫ع ْن ُهمَا أَنّ رسول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم قالَ‪" :‬ل يجُوزُ‬ ‫جدّه رَض يَ ال َ‬ ‫ن َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن َأبِي هِ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ش َعيْ بٍ َ‬ ‫ع ْمرِو ب نِ ُ‬ ‫ع نْ َ‬ ‫(وَ َ‬ ‫طيّةٌ إل بإذْنِ زَ ْوجِها"‪.‬‬ ‫عِ‬ ‫لمرَأَةٍ َ‬ ‫ن إل ال ّترْمذيّ‬ ‫ح َمدُ وَأَ صْحابُ ال سّن ِ‬ ‫صمَ َتهَا" رَوَا ُه َأ ْ‬ ‫وَ في َلفْ ظٍ "ل يجُوزُ للمرْأَ ِة أ مر في مَالَ ها إذا مَل كَ زَ ْوجُ ها عِ ْ‬ ‫صحّحَ ُه ا ْلحَا ِكمُ)‪.‬‬ ‫َو َ‬ ‫قال الخطابي‪ :‬حمله الكثر على حسن العشرة واستطابة النفس أو يحمل على غير الرشيدة وقد ثبت عن النبي‬ ‫صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم أنه قال للنساء "تصدقن" فجعلت المرأة تلقي القرط والخاتم وبلل يتلقاه بردائه وهذه عطية‬ ‫‪8‬‬

‫بغ ير إذن الزوج انت هى‪ .‬وهذا مذ هب الجمهور م ستدلين بمفهومات الكتاب وال سنة ولم يذ هب إلى مع نى الحد يث‬ ‫إل طاوس فقال إن المرأة محجورة عن مالها إذا كانت مزوجة إل فيما أذن لها فيه الزوج‪.‬‬ ‫وذهب مالك إلى أن تصرفها من الثلث‪.‬‬ ‫سأَلَةَ ل تحلّ‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬إنّ الم ْ‬ ‫عنْ ُه قالَ‪ :‬قالَ رسو ُ‬ ‫ن ُمخَار قٍ الهلليّ رض يَ ال َ‬ ‫ع نْ َقبِيص َة ب ِ‬ ‫وَ َ‬ ‫ت مَالَ هُ‬ ‫جتَاحَ ْ‬ ‫سكَ‪َ ،‬ورَجلٍ أَ صَابَتْ ُه جَا ِئحَةٌ ا ْ‬ ‫ت لَ ُه الم سْأَل ُة حتى يُ صِي َبهَا ثمّ ُيمْ ِ‬ ‫حمَالَةً َفحَلّ ْ‬ ‫حمّلَ َ‬ ‫حدِ ثَلثةٍ‪َ :‬رجُلٍ َت َ‬ ‫إل ل َ‬ ‫ن قَ ْومِ هِ‪:‬‬ ‫حجَا مِ ْ‬ ‫ل ثَلثَةٌ ِم نْ ذَوي ا ْل ِ‬ ‫عيْ شٍ‪َ ،‬و َرجُلٍ أَصا َبتْ ُه فَاقَةٌ حتى يَقُو ُ‬ ‫ب قِوَاما مِ نْ َ‬ ‫سأَل ُة حَتى يُصي َ‬ ‫َفحَلّ تْ َل هُ المَ ْ‬ ‫سأَلَةُ" رَوَا ُه ُمسْلِمٌ‪.‬‬ ‫ت فُلنا فاقَةٌ َفحَلّتْ َلهُ الم ْ‬ ‫لَ َق ْد َأصَابَ ْ‬ ‫(و عن قبي صة) بف تح القاف فموحدة فمثناة تحت ية ف صاد مهملة (ا بن مخارق ر ضي ال ع نه) ب ضم الميهم فخاء‬ ‫حمّلَ‬ ‫حدِ ثَلثةٍ‪َ :‬رجُلٍ َت َ‬ ‫لَ‬ ‫ل إل َ‬ ‫سأَلَ َة ل تحِ ّ‬ ‫معجمة فراء مكسورة (قال‪ :‬قال رسول ال صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم‪" :‬إنّ ا ْلمَ ْ‬ ‫ْسهكَ‪ ،‬و َرجُلٍ أَصهَا َبتْهُ جَا ِئحَةٌ‬ ‫ْسهأَلَةُ حَتهى يُصهِيبَها ثُمّ ُيم ِ‬ ‫َهه ا ْلم ْ‬ ‫حمَالَةً" بفتهح الحاء المهملة وتخفيهف الميهم "فَحَلّت ل ُ‬ ‫َ‬ ‫حجَا‬ ‫ن ذَوي ا ْل ِ‬ ‫ل ثَلث ٌة مِ ْ‬ ‫ل أَصَا َبتْهُ فاقَةٌ حَتى يَقُو َ‬ ‫عيْشٍ‪ ،‬و َرجُ ٍ‬ ‫سأَلَةُ حَتى يُصِيبَ قِوَاما مِنْ َ‬ ‫ت لَهُ الم ْ‬ ‫جتَاحَتْ مَالَ ُه َفحَلّ ْ‬ ‫اْ‬ ‫سأَلَةُ" رواه مسلم)‪.‬‬ ‫ن قَ ْومِ ِه لَق ْد َأصَابَتْ فُلنا فاقَ ٌة َفحَلّتْ لهُ ال َم ْ‬ ‫مِ ْ‬ ‫فقد تقدم بلفظه في باب قسمة الصدقات ولعل إعادته هنا أن الرجل الذي تحمل حمالة قد لزمه دين فل يكون له‬ ‫ح كم المفلس في الح جر عل يه بل يترك ح تى ي سأل الناس فيق ضي دي نه وهذا ي ستقيم على القوا عد إذا لم ي كن قد‬ ‫ضمن ذلك المال‪.‬‬ ‫باب الصلح‬ ‫قد قسهم العلماء ال صلح أق ساما‪ :‬صلح الم سلم مع الكا فر‪ ،‬وال صلح ب ين الزوج ين‪ ،‬وال صلح ب ين الفئة الباغ ية‬ ‫والعادلة‪ ،‬والصلح بين المتقاضيين‪ ،‬والصلح في الجراح كالعفو على مال‪ ،‬والصلح لقطع الخصومة إذا وقعت في‬ ‫الملك والحقوق وهذا القسم هو المراد هنا وهو الذي يذكره الفقهاء في باب الصلح‪.‬‬ ‫ع ْن ُه أَنّ رَ سُولَ اللّ ِه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قالَ‪" :‬ال صّلْحُ جَائزٌ َبيْ نَ‬ ‫عمْرِو بْ نِ عَوْ فٍ ال ُمزَنيّ رَض يَ ال َتعَالَى َ‬ ‫عَ نْ ُ‬ ‫شرْطا حَرّ مَ حَللً أَ ْو َأحَلّ حرَاما"‬ ‫طهِ مْ إل َ‬ ‫شرُو ِ‬ ‫حرَاما‪ ،‬وَالمسلمونَ عَلى ُ‬ ‫ن إل صُلْحا حَرّ مَ حَللً أَ ْو َأحَلّ َ‬ ‫المُ سْلمي َ‬ ‫عمْرو بْ نِ عَوْ فٍ[‪/‬تض] وهو‬ ‫ع ْبدِ اللّ ِه بْ نِ َ‬ ‫رَوَا ُه ال ّترْمذيّ وَ صَحّحهُ‪ ،‬وأ ْنكَروا عََل ْي ِه لنه من رواية [تض]كَثيرِ بْ نِ َ‬ ‫ضَعيفٌ وكأن ُه اعتَبرَهُ ِب َك ْثرَ ِة طُ ُرقِهِ‪.‬‬ ‫عنْهُ‪.‬‬ ‫ضيَ اللّهُ َ‬ ‫حبّانَ مِن حَديثِ أَبي هرَيرَة َر ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ححَ ُه ابْ ُ‬ ‫و َق ْد صَ ّ‬ ‫ْنه‬ ‫"الصهلْحُ جَا ِئزٌ َبي َ‬ ‫ّ‬ ‫َسهلّم قال‪:‬‬ ‫ْهه و َ‬ ‫صهلّى ال عََلي ِ‬ ‫(عهن عمرو بهن عوف المزنهي رضهي ال عنهه أن رسهول ال َ‬ ‫طهِ مْ إل‬ ‫شرُو ِ‬ ‫حرَاما وا ْلمُ سْلمونَ) و في ل فظ أ بي داود والمؤمنون (عَلى ُ‬ ‫ن إل صُلْحا حَرّ مَ حَللً أَ ْو َأحَلّ َ‬ ‫ا ْلمُ سْلِمي َ‬ ‫حرَاما" رواه الترمذي وصحّحهُ وأنكروا عليه لنه من رواية [تض]كثير بن عبد ال‬ ‫ل َ‬ ‫حرّ مَ حَللً َأوْ َأحَ ّ‬ ‫شرْطا َ‬ ‫َ‬ ‫بن عمرو بن عوف[‪/‬تض] وهو ضعيف) كذبه الشافعي وتركه أحمد وفي الميزان عن ابن حبان‪ :‬له عن أبيه‬ ‫عن جده ن سخة موضو عة وقال الشاف عي وأ بو داود‪ :‬هو ر كن من أركان الكذب واعتذر الم صنف عن الترمذي‬ ‫بقوله‪( :‬وكأنه اعتبره بكثرة طرقه‪ .‬وقد صححه ابن حبان من حديث أبي هريرة)‪.‬‬ ‫فيه مسألتان‪:‬‬ ‫الولى‪ :‬في أحكام الصلح وهو أن وضعه مشروط فيه المراضاة لقوله‪ :‬جائز أي أنه ليس بحكم لزم ُيقْضى به‬ ‫وإن لم يرض به الخصم‪ ،‬وهو جائز أيضا بين غير المسلمين من الكفار فتعتبر أحكام الصلح بينهم وإنما خص‬ ‫المسلمون بالذكر لنهم المعتبرون في الخطاب المنقادون لحكام السنة والكتاب‪.‬‬ ‫وظاهره عموم صحة الصلح سواء كان قبل اتضاح الحق للخصم أو بعده‪.‬‬ ‫ويدل للول قصة الزبير والنصاري فإنه صَلّى ال عََليْ هِ وَسَلّم لم يكن قد أبان للزبير ما استحقه وأمره أن يأخذ‬ ‫بعض ما يستحقه على جهة الصلح فلما لم يقبل النصاري الصلح وطلب الحق أبان رسول ال صَلّى ال عََليْهِ‬ ‫َوسَلّم للزبير قدر ما يستحقه كذا قال الشارح‪.‬‬ ‫والثابت أن هذا ليس من الصلح مع النكار بل من الصلح مع سكوت المدعى عليه وهي مسألة مستقلة وذلك‬ ‫لن الزبير لم يكن عالما بالحق الذي له حتى يدعه بالصلح بل هذا أول التشريع في قدر السقيا‪.‬‬ ‫والتحق يق أ نه ل يكون ال صلح إل هكذا وأ ما ب عد إبا نة ال حق للخ صم فإن ما يطلب من صاحب ال حق أن يترك‬ ‫لخصمه بعض ما يستحق‪.‬‬ ‫وإلى جواز الصهلح على النكار ذههب مالك وأحمهد وأبهو حنيفهة وخالف فهي ذلك الهادويهة والشافعهي وقالوا‪ :‬ل‬ ‫يصح الصلح مع النكار ومعنى عدم صحته أنه ل يطيب مال الخصم مع إنكار المصالح وذلك حيث يدعي عليه‬ ‫‪9‬‬

‫آخرُ عينا أو دينا فيصالح ببعض العين أو الدين مع إنكار خصمه فإن الباقي ل يطيب له بل يجب عليه تسليمه‬ ‫لقوله صلى ال عليه وآله وسلم‪" :‬ل يحل مال امرى ٍء مسلم إل بطيبة من نفسه" وقوله تعالى‪{ :‬عن تراضٍ}‪.‬‬ ‫وأجيب بأنها قد وقعت طيبة النفس بالرضا بالصلح وعقد الصلح قد صار في حكم عقد المعاوضة فيحل له ما‬ ‫بقي‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬الولى أن يقال إن كان المدعي يعلم أن له حقا عند خصمه جاز له قبض ما صولح عليه وإن كان خصمه‬ ‫منكرا‪.‬‬ ‫وإن كان يدعي باطلً فإنه يحرم عليه الدعوى وأخذ ما صولح به‪.‬‬ ‫والمدعى عليه إن كان عنده حق يعلمه وإنما ينكر لغرض وجب عليه تسليم ما صولح به عليه‪.‬‬ ‫وإن كان يعلم أنه ل يس عنده حق جاز له إعطاء جزء من ماله في دفع شجار غريم وأذي ته وحرُم على المد عي‬ ‫أخذه وبهذا تجتمع الدلة فل يقال الصلح على النكار ل يصح ول أنه يصح على الطلق بل يفصل فيه‪.‬‬ ‫(الم سألة الثان ية) ما أفاد ها قوله والمسلمون على شروط هم هههه أي ثابتون عل يه واقفون عند ها وفي تعدي ته‬ ‫بعلى ووصهفهم بالسهلم أو اليمان دللة على عل ّو مرتبتههم وأنههم ل يخلّون بشروطههم وفيهه دللة على لزوم‬ ‫الشرط إذا شرطه المسلم إل ما استثناه في الحديث‪.‬‬ ‫وللمفرع ين تفا صيل في الشروط وتقا سيم‪ :‬من ها ما ي صح ويلزم حك مه‪ ،‬ومن ها ما ل ي صح ول يلزم‪ ،‬ومن ها ما‬ ‫يصح ويلزم منه فساد العقد‪ ،‬وهي هنالك مبسوطة بعلل ومناسبات‪.‬‬ ‫وللبخاري في كتاب الشروط تفاصيل كثيرة معروفة‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬إل شرطا حرم حللً" ذلك كاشتراط البائع أن ل ي طأ ال مة "أو أ حل حراما" م ثل أن يشترط و طء المَة‬ ‫التي حرم ال عليها وطأها‪.‬‬ ‫شبَةً في‬ ‫خَ‬ ‫ن َيغْرزَ َ‬ ‫عنْ ُه أَنّ النّبيّ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم قالَ‪" :‬ل ي ْمنَ عْ جَارٌ جَارَ ُه أَ ْ‬ ‫ع نْ أَ بي ُه َريْرةَ رض يَ اللّ هُ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ن أَكتا ِف ُكمْ‪ ،‬مُتفقٌ عََليْهِ‪.‬‬ ‫ع ْنهَا ُمعْرضينَ؟ وال ل ْر ِميَنّ بهِا بَي َ‬ ‫ل أَبو هُريْرةَ‪ :‬مَا لِي َأرَاكمْ َ‬ ‫جِدارهِ" ثمّ يقُو ُ‬ ‫(وعن أبي هريرة رضي ال عنه أن النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قال‪ :‬ل يمنَ عْ) يروى بالرفع على الخبر والجزم‬ ‫شبَةً) بالفراد وفي لفظ خشبه بالجمع (في جدار هِ" ثم يقول أبو هريرة‪ :‬ما لي‬ ‫خَ‬ ‫ن َيغْرزَ َ‬ ‫على النهي (جارٌ جَارَ هُ َأ ْ‬ ‫أراكم عنها ُمعْرضِين؟ وال لرمِيَنّ بها بين أكتافكم) بالتاء جمع كتف (متفق عليه) وفي لفظ لبي داود فنكسوا‬ ‫رؤوسهم‪.‬‬ ‫ولحمد حين حدثهم بذلك فطأطأوا رؤوسهم والمراد المخاطبون وهذا قاله أبو هريرة أيام إمارته على المدينة في‬ ‫زمن مروان فإنه كان يستخلفه فيها فالمخاطبون ممن يجوز أنهم جاهلون بذلك وليسوا بصحابة وقد روى أحمد‬ ‫وعبد الرزاق من حديث ابن عباس‪" :‬ل ضرر ول ضرار وللرجل أن يضع خشبة في حائط جاره"‪.‬‬ ‫والحديث فيه دليل على أنه ليس للجار أن يمنع جاره من وضع خشبة على جداره‪ ،‬وأنه إذا امتنع عن ذلك أجبر‬ ‫ل بالحديث‪.‬‬ ‫لنه حق ثابت لجاره‪ ،‬وإلى هذا ذهب أحمد وإسحاق وغيرهما عم ً‬ ‫وذهب إليه الشافعي في القديم وقضى به عمر في أيام وفور الصحابة‪.‬‬ ‫وقال الشافعي‪ :‬إن عمر لم يخالفه أحد من الصحابة‪ .‬وهو فيما رواه مالك بسند صحيح‪ :‬أن الضحاك بن خليفة‬ ‫سأله محمد بن مسلمة أن يسوق خليجا له فيجريه في أرض محمد بن مسلمة فامتنع فكلمه عمر في ذلك فأبى‬ ‫فقال‪ :‬وال ليمرّنّ به ولو على بطنك‪.‬‬ ‫عمّم ُه عمر في كل ما يحتاج الجار إلى النتفاع به من جاره وأرضه‪.‬‬ ‫وهذا نظير قصة حديث أبي هريرة َو َ‬ ‫وذهب آخرون إلى أنه ل يجوز أن يضع خشبة إل بإذن جاره فإن لم يأذن لم يجز‪.‬‬ ‫قالوا لن أدلة أنه ل يحل مال امرىء مسلم إل بطيبة من نفسه تمنع هذا الحكم فهو للتنزيه وأجيب عنه بما قاله‬ ‫البيه قي‪ :‬لم ن جد في ال سنن ال صحيحة ما يعارض هذا الح كم إل عمومات ل ين كر أن يخ صها و قد حمله الراوي‬ ‫على ظاهره من التحر يم و هو أعلم بالمراد بدل يل قوله‪ " :‬ما لي أرا كم عن ها معرض ين" فإ نه ا ستنكار لعراض هم‬ ‫دال على أن ذلك للتحريم‪.‬‬ ‫قال الخطابهي معنهى قوله‪" :‬بيهن أكتافكهم" إن لم تقبلوا هذا الحكهم وتعملوا به راضيهن لجعلنهها أي الخش بة على‬ ‫رقابكم كارهين‪ :‬قال وأراد بذلك المبالغة‪.‬‬ ‫ن المراد لرم ين ب ها أي هذه ال سنة المأمور ب ها بين كم بلغا ل ما تحمل ته من ها وخروجا عن‬ ‫قلت‪ :‬والذي يتبادر أ ّ‬ ‫كتمها وإقامة الحجة عليكم بها‪.‬‬ ‫‪10‬‬

‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬ل يحِلّ لمْرىءٍ أَ نْ‬ ‫عنْ هُ قالَ‪ :‬قالَ ر سُو ُ‬ ‫عدِيّ رَض يَ اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫ن أَبي حُميدٍ ال سّا ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫ح ْي ِهمَا‪.‬‬ ‫صحِي َ‬ ‫ن والحاكمُ في َ‬ ‫حبّا َ‬ ‫س ِمنْهُ" رَواهُ ا ْبنُ ِ‬ ‫عصَا أَخيه بغيرِ طِيبةِ نَفْ ٍ‬ ‫خذَ َ‬ ‫يَأ ُ‬ ‫ل لمْرىءٍ َأ نْ‬ ‫ل ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬ل يحِ ّ‬ ‫ع ْن ُه قالَ‪ :‬قالَ ر سُو ُ‬ ‫ع ِديّ رَض يَ اللّ هُ َتعَالَى َ‬ ‫ن أَبي حُميدٍ ال سّا ِ‬ ‫عْ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ح ْي ِهمَا)‪.‬‬ ‫صحِي َ‬ ‫ن والحاكمُ في َ‬ ‫حبّا َ‬ ‫س ِمنْهُ" رَواهُ ا ْبنُ ِ‬ ‫عصَا أَخيه بغيرِ طِيبةِ نَفْ ٍ‬ ‫خذَ َ‬ ‫يَأ ُ‬ ‫و في الباب أحاد يث كثيرة في معناه‪ ،‬أخرج الشيخان من حد يث ع مر‪" :‬ل يحْلبنّ أ حد ماش ية أ حد بغ ير إذ نه"‬ ‫وأخرج أ بو داود والترمذي والبيه قي من حد يث ع بد ال بن ال سائب بن يز يد عن أب يه عن جده بل فظ‪" :‬ل يأ خذ‬ ‫أحدكم متاع أخيه لعبا ول جادا"‪.‬‬ ‫والحاديث دالة على تحريم مال المسلم إل بطيبة من نفسه وإن قل‪.‬‬ ‫والجماع واقع على ذلك وإيراد المصنف لحديث أبي حميد عقيب حديث أبي هريرة إشارة إلى تأويل حديث أبي‬ ‫هريرة وأنه محمول على التنزيه كما هو قول الشافعي في الجديد ويرد عليه أنه إنما يحتاج إلى التأويل إذا تعذر‬ ‫الجمع وهو هنا ممكن بالتخصيص فإن حديث أبي هريرة خاص وتلك الدلة عامة كما عرفت‪.‬‬ ‫وقهد أخرج مهن عمومهها أشياء كثيرة كأخهذ الزكاة كرها وكالشفعهة وإطعام المضطهر ونفقهة القريهب المعسهر‬ ‫والزوجة وكثير من الحقوق المالية التي ل يخرجها المالك برضاه فإنها تأخذ منه كرها وغرز الخشبة منها على‬ ‫أنه مجرد انتفاع والعين باقية‪.‬‬ ‫باب الحوالة والضمان‬ ‫الحوالة بفتح الحاء هههه وقد تكسر هههه حقيقتها عند الفقهاء‪:‬‬ ‫نقل دين من ذمة إلى ذمة‪.‬‬ ‫واختلفوا هل هي بيع دين بدين ُرخّص فيه وأخرج من النهي عن بيع الدين بالدين أو هي استيفاء‪.‬‬ ‫وقيل هي عقد إرفاق مستقل‪.‬‬ ‫ويشترط فيها لفظ ها ور ضا المح يل بل خلف والمحال ع ند الك ثر والمحال عل يه ع ند الب عض وتما ثل ال صفات‬ ‫وأن تكون في الشيء المعلوم‪.‬‬ ‫ومنهم من خصها بما دون الطعام لنه بيع طعام قبل أن يستوْفى‪.‬‬ ‫ل ا ْلغَنيّ ظُلْ مٌ‪ ،‬وإذا ُأ ْتبِ عَ‬ ‫ن أَ بي هريرة ر ضي ال تعالى ع نه قال‪ :‬قال رَ سولُ ال صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم‪" :‬مَطْ ُ‬ ‫عَ ْ‬ ‫حتَلْ"‪.‬‬ ‫ل فَ ْليَ ْ‬ ‫ح ُدكُم عَلى مليءٍ فَ ْل ُيتْبَعْ" ُمتّفقٌ عَلَيهِ‪ ،‬وفي روَايةِ لَحمد‪َ " :‬ومَنْ ُأحِي َ‬ ‫َأ َ‬ ‫(عن أبي هريرة رض يَ ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪َ " :‬مطْلُ ا ْلغَن يّ") إضافة للمصدر‬ ‫إلى الفا عل أي مطل الغني غري مه وقيل إلى المفعول أي مطل الغر يم للغن يّ (ظُلْ مٌ) وبالولى مطله الفقير (وإذا‬ ‫ح ُدكُ مْ علَى مَليءٍ) مأخوذ من الملء بالهمزة يقال‬ ‫ُأتْب عَ) ب ضم الهمزة و سكون المثناة الفوق ية وك سر والموحدة (َأ َ‬ ‫ملؤ الرجل أي صار مليئا (ف ْل َي ْتبَعْ) بإسكان المثناة الفوقية أيضا مبني للمجهول كالول أي إذا أحيل فليحتل (متفق‬ ‫عليه)‪.‬‬ ‫دل الحديث على تحريم المطل من الغنيّ‪.‬‬ ‫والمطل هو المدافعة والمراد هنا تأخير ما استحق أداؤه بغير عذر من قادر على الداء‪.‬‬ ‫والمعنى على تقدير أنه من إضافة المصدر إلى الفاعل أنه يحرم على الغني القادر أن يمطل بالدين بعد استحقاقه‬ ‫بخلف العاجز‪.‬‬ ‫ومعناه على التقدير الثاني‪ :‬أنه يج بَ وفا ُء الدين ولو كان مستحقه غنيا فل يكون غناه سببا لتأخير حقه وإذا كان‬ ‫ذلك في حق الغني ففي حق الفقير أولى‪.‬‬ ‫ودل المهر على وجوب قبول الحالة وحمله الجمهور على السهتحباب ول أدري مها الحامهل على صهرفه عهن‬ ‫ظاهره‪.‬‬ ‫وعلى الوجوب حمله أهل الظاهر وتقدم البحث في أن المطل كبيرة يفسق صاحبه فل نكرره‪.‬‬ ‫وإنما اختلفوا هل يفسق قبل الطلب أو ل بد منه والذي يشعر به الحديث أنه ل بد من الطلب لن المطل ل يكون‬ ‫إل معه‪.‬‬ ‫ويش مل المطل كل من لزمه حق كالزوج لزوجته والسيد في نفقة عبده ودل الحديث بمفهوم المخال فة أن مطل‬ ‫العاجز عن الداء ل يدخل في الظلم ومن ل يقول بالمفهوم يقول ل يسمى العاجز ماطلً‪.‬‬ ‫والغني الغائب عنه ماله كالمعدوم‪.‬‬ ‫ويؤخذ من هذا أن المعسر ل يطالب حتى يوسر‪.‬‬ ‫‪11‬‬

‫قال الشافعي‪ :‬لو جازت مؤاخذته لكان ظالما والفرض أنه ليس بظالم لعجزه‪.‬‬ ‫ويؤخهذ منهه أنهه إذا تعذر على المحال عليهه التسهليم لفقهر لم يكهن للمحتال الرجوع إلى المحيهل لنهه لو كان له‬ ‫الرجوع لم ي كن لشتراط الغ نى فائدة فل ما شر طه الشارع علم أ نه انت قل انتقالً ل رجوع له ك ما لو عوض في‬ ‫دينه بعوض ثم تلف العوض في يد صاحب الدين‪.‬‬ ‫وقالت الحنفية يرجع عند التعذر وشبهوا الحوالة بالضمان وأما إذا جهل الفلس حال الحوال فله الرجوع‪.‬‬ ‫طنَا هُ َوكَ ّفنَا ُه ثمّ َأ َتيْنا به رَ سُولَ ال صَلّى ال‬ ‫حنّ ْ‬ ‫عنْ هُ قالَ‪ :‬تُ ُوفّ يَ َرجُلٌ ِمنّا َفغَ سّ ْلنَاهُ َو َ‬ ‫ن جابر رَض يَ اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫ن فانْ صَرفَ‪َ ،‬ف َتحَمّلهُمَا أَبُو َقتَادة‬ ‫عََليْ ِه وَ سَلّم فَقُلْنَا‪ :‬تُ صَلّي عل ْي هِ؟ َفخَ طى خُطا ثمّ قالَ‪" :‬أَعَلَيْه َديْ نٌ؟" قُلْ نا‪ :‬دينارَا ِ‬ ‫حقّ الغَريم َو َبرِىءَ ِم ْنهُما الميّ تُ؟"‬ ‫ل رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪َ " :‬‬ ‫َفَأ َتيْناه فقالَ أَبو َقتَادَةَ‪ :‬ال ّد َينَارَا نِ عَليّ‪ ،‬فَقَا َ‬ ‫ححَ ُه ابْنُ حبانَ وَا ْلحَا ِكمُ‪.‬‬ ‫صّ‬ ‫ح َمدُ وََأبُو دَا ُودَ والنسَائيّ َو َ‬ ‫قالَ‪َ :‬نعَمْ‪ ،‬فَصَلّى عََل ْيهِ‪ ،‬رَوَا ُه َأ ْ‬ ‫(وعن جابر رضي ال عنه قال‪ :‬توفي رجل منا فغسلناه وحنطناه وكفناه ثم أتينا به رسول ال صلى ال عليه‬ ‫وآله و سلم فقل نا‪ :‬ت صلي عل يه؟ فخ طا خُ طا ثم قال‪" :‬عََل ْي هِ َديْ نٌ؟" قل نا‪ :‬ديناران فان صرف) أي عن ال صلة عل يه‬ ‫هّم "حَقّ الْغريهم"‬ ‫هّى ال عََليْهِه وَسَل‬ ‫(فتحملهمها أبهو قتادة فأتيناه فقال أبهو قتادة‪ :‬الديناران عليّه فقال رسهول ال صَل‬ ‫منصهوب على المصهدر مؤكهد لمضمون قوله الديناران علي أي حهق عليهك الحهق وثبهت عليهك وكنهت غريما‪.‬‬ ‫(وبَرىء منهما الْميّتُ" قال‪ :‬نعم فصلّى عليه‪ .‬رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم)‪.‬‬ ‫وأخرجه البخاري من حديث سلمة بن الكوع إل أن في حديثه ثلثة دنانير‪.‬‬ ‫وكذلك أخرجهه أبهو داود والطهبراني وجمهع بينهه وبيهن قوله ديناران أن فهي حديهث الكتاب أنهمها كانها ديناران‬ ‫وشطرا فمن قال ثلثة جبر الكسر ومن قال ديناران ألغاه‪.‬‬ ‫أو كان الصل ثلثة فقضى قبل موته دينارا فمن قال ثلثة اعتبر أصل الدين ومن قال ديناران اعتبر الباقي‪.‬‬ ‫ويحتمل أنهما قصتان وإن كان بعيدا‪.‬‬ ‫وفي رواية الحاكم أنه صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم جعل إذا لقي أبا قتادة يقول‪ :‬ما صنعت الديناران حتى كان آخر ذلك‬ ‫أن قال‪ :‬قضيتهما يا رسول ال قال‪" :‬الن َب ّردْتَ جلدته"‪.‬‬ ‫وروى الدارقطني من حديث علي عليه السلم‪" :‬كان رسول ال صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم إذا أتي بجنازة لم يسأل عن‬ ‫شيء من عمل الرجل ويسأل عن َد ْينِ هِ فإن قيل عليه دين كف وإن قيل ليس عليه دين صلى‪ ،‬فأتى بجنازة فلما‬ ‫قام ليكبر سأل‪ :‬هل عليه دين؟ فقالوا‪ :‬ديناران فعدل عنه فقال عل يٌ‪ :‬هما عليّ يا رسول ال وهو بريء منهما‪،‬‬ ‫فصلى عليه ثم قال‪ :‬جزاك ال خيرا وفك ال رهانك هههه الحديث"‪.‬‬ ‫قال ابن بطال‪ :‬ذهب الجمهور إلى صحة هذه الكفالة عن الميت ول رجوع له في مال الميت‪.‬‬ ‫وفي الحديث دليل على أنه يصح أن يحتمل الواجب غير من وجب عليه وأنه ينفعه ذلك‪.‬‬ ‫ويدل على شدة أمر الدين فإنه صلى ال عليه وعلى آله وسلم ترك الصلة عليه لنها شفاعة وشفاعته مقبولة ل‬ ‫ترد والدين ل يسقط إل بالتأدية‪.‬‬ ‫وفي الحديث دليل على أنه ل يكتفى بالظاهر من اللفظ بل ل بد للحاكم في اللزام بالحق من تحقق ألفاظ العقود‬ ‫والقرارات وأ نه إذا ادّ عى من عل يه الحكو مة أ نه ق صد بالل فظ مع نى يحتمله وإن َب ُعدَ الحتمال ل يح كم عل يه‬ ‫بظاهر اللفظ وعطف "وبرىء منهما" الميت على ذلك مما يؤيد ذلك المعنى المستنبط‪.‬‬ ‫ل ال ُمتَ َوفّ ى عََليْ هِ‬ ‫عنْ هُ‪ :‬أَنّ رَ سُول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم كا نَ يُؤتَى بالرّجُ ِ‬ ‫ع نْ أَ بي هُريرة رَ ضي اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫وَ َ‬ ‫حدّ ثَ َأنّ هُ َترَ كَ وَفاءً صَلّى عََليْ هِ وإلّ قَالَ‪ " :‬صَلُوا عَلى صاحب ُكمْ"‬ ‫ن قَضَاءٍ؟" فَإ نْ ُ‬ ‫سأَلُ‪" :‬هَلْ َترَ كَ ِل َد ْينِ هِ ِم ْ‬ ‫ال ّديْ نُ َفيَ ْ‬ ‫ح قال‪" :‬أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن تُ ُو ّفيَ وعليه َديْنٌ َفعََليّ قَضَا ُؤهُ" ُمتّفقٌ عََل ْيهِ‪.‬‬ ‫فََلمّا َفتَحَ اللّهُ عََليْ ِه ال ُفتُو َ‬ ‫وَفي روايةٍ لل ُبخَاريّ‪" :‬فَمنْ ماتَ وََلمْ َي ْت ُركْ َوفَاءً"‪.‬‬ ‫ع ْن هُ‪ :‬أَنّ رَ سُول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم كا نَ يُؤتَى بال ّرجُلِ ال ُمتَ َوفّى عََليْ هِ‬ ‫ن أَبي هُريرة رَضي اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫ع ْ‬ ‫(وَ َ‬ ‫حدّ ثَ َأنّ هُ َترَ كَ وَفاءً صَلّى عََليْ هِ وإلّ قَالَ‪ " :‬صَلُوا عَلى صاحب ُكمْ"‬ ‫ن قَضَاءٍ؟" فَإ نْ ُ‬ ‫سأَلُ‪" :‬هَلْ َترَ كَ ِل َد ْينِ هِ ِم ْ‬ ‫ال ّديْ نُ َفيَ ْ‬ ‫ح قال‪" :‬أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن تُ ُو ّفيَ وعليه َديْنٌ َفعََليّ قَضَا ُؤهُ" ُمتّفقٌ عََل ْيهِ‪.‬‬ ‫فََلمّا َفتَحَ اللّهُ عََليْ ِه ال ُفتُو َ‬ ‫وَفي روايةٍ لل ُبخَاريّ‪" :‬فَمنْ ماتَ وََلمْ َي ْت ُركْ َوفَاءً)‪.‬‬ ‫ب الذي قبله إشارة إلى أنه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم نسخ ذلك الحكم لما ف تح عليه صلى ال‬ ‫إيراد المصنف له عُ َقيْ َ‬ ‫عل يه وآله و سلم وات سع الحال بتحمله الديون عن الموات فظا هر قوله‪" :‬فَعَلَيّ قضاؤه" أ نه ي جب عل يه القضاء‬ ‫وهل هو من خالص ماله أو من مال المصالح؟ محتمل‪.‬‬ ‫قال ابن بطال‪ :‬وهكذا يلزم المتولي لمر المسلمين أن يفعله فيمن مات وعليه دين فإن لم يفعل فالثم عليه‪.‬‬ ‫‪12‬‬

‫وقد ذكر الرافعي في آخر الحديث‪ :‬قيل‪ :‬يا رسول ال وعلى كل إمام بعدك؟ قال‪ :‬وعلى كل إمام بعدي‪.‬‬ ‫وقد وقع معناه في الطبراني الكبير من حديث زاذان عن سليمان قال‪" :‬أمرنا رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَسَلّم أن‬ ‫نفدي سبايا المسلمين ونعطي سائلهم ثم قال‪ :‬من ترك مالً فلورثته ومن ترك دينا َفعَليّ وعلى الولة من بعدي‬ ‫في بيت مال المسلمين" وفيه راو متروك ومتهم‪.‬‬ ‫حدٍ" رَوَا هُ‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬ل كَفالَ َة في َ‬ ‫ل ر سو ُ‬ ‫جدّ هِ قالَ‪ :‬قا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ع نْ أَبي هِ عَ ْ‬ ‫ن ش َعيْ بٍ َ‬ ‫عمْرو ب ِ‬ ‫ع نْ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ا ْل َب ْيهَ ِقيّ بإسنا ٍد ضعيفٍ‪.‬‬ ‫حدٍ" رواه‬ ‫(و عن عمرو بن شع يب عن أب يه عن جده قال‪ :‬قال ر سول ال صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم‪" :‬ل كَفَالَ َة في َ‬ ‫البيهقي بإسناد ضعيف) وقال إنه منكر‪ :‬وهو دليل على أنه ل تصح الكفالة في الحدّ‪.‬‬ ‫قال ابن حزم‪" :‬ل تجوز الضمانة بالوجه أصلً ل في مال ول حدّ ول في شيء من الشياء لنه شرط ليس في‬ ‫كتاب ال فهو باطل‪ .‬ومن طريق النظر أن نسأل من قال بصحته عمن تكفل بالوجه فقط فغاب المكفول عنه ماذا‬ ‫تصنعون بالضامن بوجه أتلزمونه غرامة ما على المضمون؟ فهذا جور وأكل مال بالباطل لنه لم يلتزمه قط‪ .‬أم‬ ‫تتركو نه؟ ف قد أبطل تم الضمان بالو جه‪ .‬أم تكلفو نه طل به؟ فهذا تكل يف الحرج وما ل طا قة له به وما لم يكل فه ال‬ ‫إياه قط"‪.‬‬ ‫وأجاز الكفالة بالوجه جماعة من العلماء واستدلوا بأنه صلى ال عليه وآله وسلم كفل في تهمة‪ .‬قال‪ :‬وهو خبر‬ ‫با طل ل نه من روا ية[ تض] إبراه يم بن خي ثم بن عراك[‪ /‬تض] و هو وأبوه في غا ية الض عف ل تجوز الروا ية‬ ‫عنهما ثم ذكر آثارا عن عمر بن عبد العزيز وردّها كلها بأنه ل حجة فيها إذ الحجة في كلم ال ورسوله ل‬ ‫غيره وهذه الثار قد سردها في الشرح‪.‬‬ ‫باب الشركة والوكالة‬ ‫الشركة بفتح أوّله وكسر الراء وبكسره مع سكونها وهي بضم الشين اسم للشيء المشترك والشركة الحالة التي‬ ‫تحدث بالختيار بين اثنين فصاعدا‪.‬‬ ‫وإن أريد الشركة بين الورثة في المال الموروث حذفت (بالختيار)‪.‬‬ ‫"والوكالة" بف تح الواو و قد تك سر م صدر َوكّلَ ُمشّددا بمع نى التفو يض والح فظ وتخ فف فتكون بمع نى التفو يض‬ ‫وهي شرعا إقامة الشخص غيره مقام نفسه مطلقا ومقيدا‪.‬‬ ‫ن مَا‬ ‫عنْ ُه قالَ‪ :‬قالَ رَسُولُ ال صَلّى ال عََليْ ِه وَسَلّم‪" :‬قالَ اللّ ُه تعالى‪ :‬أَنا ثالثُ الشري َكيْ ِ‬ ‫عَنْ أَبي ُه َريْرة رَضيَ اللّهُ َ‬ ‫ححَهُ ا ْلحَا ِكمُ‪.‬‬ ‫صّ‬ ‫ن َب ْينِ ِهمَا" رَوَا ُه أبو دا ُودَ َو َ‬ ‫ت مِ ْ‬ ‫خرَجْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫حدُ ُهمَا صَاحبَهُ‪ ،‬فإذا خَا َ‬ ‫خنْ َأ َ‬ ‫َلمْ ي ُ‬ ‫وأعله ابن القطان بالجهل بحال سعيد بن حيان وقد رواه عنه ولده أبو حيان بن سعيد‪ .‬لكن ذكره ابن حبان في‬ ‫الثقات وذكر أنه روى عنه الحارث بن شريد إل أنه أعله الدارقطني بالرسال فلم يذكر فيه أبا هريرة وقال إنه‬ ‫الصواب‪.‬‬ ‫ومعناه أن ال معه ما أي في الح فظ والرعا ية والمداد بمعونته ما في ماله ما وإنزال البر كة في تجارته ما فإذا‬ ‫حصلت الخيانة نزعت البركة من مالهما وفيه حث على التشارك مع عدم الخيانة وتحذير منه معها‪.‬‬ ‫ع ْن ُه َأنّهُ كَانَ شريكَ النّبيّ صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم َقبْلَ ا ْل ِب ْعثَ ِة فَجَا َء يَوْمَ‬ ‫خزُو ِميّ رضيَ اللّهُ َ‬ ‫وَعن السّائِبِ بن يزيدَ الم ْ‬ ‫ن مَاجَهْ‪.‬‬ ‫ح َمدُ وَأبُو دَا ُودَ واب ُ‬ ‫الْ َفتْح فَقَالَ‪َ " :‬مرْحبَا بَأخِي وَشريكي" رَواهُ َأ ْ‬ ‫ن شريكَ النّبيّ صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم َقبْلَ ا ْل ِب ْعثَ ِة َفجَاءَ يَ ْومَ‬ ‫عنْ ُه َأنّهُ كَا َ‬ ‫خزُو ِميّ رضيَ اللّهُ َ‬ ‫ب بن يزيدَ الم ْ‬ ‫(وَعن السّائِ ِ‬ ‫ن مَاجَهْ)‪.‬‬ ‫ح َمدُ وَأبُو دَا ُودَ واب ُ‬ ‫الْ َفتْح فَقَالَ‪َ " :‬مرْحبَا بَأخِي وَشريكي" رَواهُ َأ ْ‬ ‫قال ابن عبد البر‪ :‬السائب بن أبي السائب من المؤلفة قلوبهم وممن حسن إسلمه وكان من المعمرين عاش إلى‬ ‫زمن معاوية وكان شريك النبي صلى ال عليه وآله وسلم في أوّل السلم في التجارة فلما كان يوم الفتح قال‪:‬‬ ‫"مرحبا بأخي وشريكي كان ل يماري ول يداري‪ .‬وصححه الحاكم"‪.‬‬ ‫ولبن ماجه‪ :‬كنت شريكي في الجاهلية‪.‬‬ ‫والحديث دليل على أن الشركة كانت ثابتة قبل السلم ثم قررها الشارع على ما كانت‪.‬‬ ‫سعْدٌ فيما نُ صِيبُ يَوْ مَ َب ْدرٍ" الحدي ثَ‪،‬‬ ‫ع ْن هُ قالَ‪" :‬اشتركْ تُ أَنا وَعمّارٌ وَ َ‬ ‫ن مَ سْعو ٍد رض يَ اللّ هُ َتعَالَى َ‬ ‫ع ْبدِ اللّ ِه بْ ِ‬ ‫ع نْ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫رواهُ النّسائيّ‪.‬‬ ‫س ْعدٌ فيما نُصِيبُ َيوْمَ َبدْرٍ" الحديثَ)‬ ‫عنْ ُه قالَ‪" :‬اشتركْتُ أَنا وَعمّارٌ وَ َ‬ ‫ن مَسْعودٍ رضيَ اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫ع ْبدِ اللّهِ بْ ِ‬ ‫عنْ َ‬ ‫(وَ َ‬ ‫تمامه‪ :‬فجاء سعد بأسيرين ولم أجئ أنا وعمار بشيء (رواه النسائي)‪.‬‬ ‫‪13‬‬

‫فيه دليل على صحة الشركة في المكاسب وتسمى شركة البدان وحقيقتها أن يوكل كل صاحبه أن يتقبل ويعمل‬ ‫عنه في قدر معلوم ويعينان الصنعة وقد ذهب إلى صحتها الهادوية و أبو حنيفة‪.‬‬ ‫وذهب الشافعي إلى عدم صحتها لبنائها على الغرر إذ ل يقطعان بحصول الربح لتجويز تعذر العمل وبقوله قال‬ ‫أبو ثور وابن حزم‪.‬‬ ‫وقال ابن حزم‪ :‬ل تجوز الشركة بالبدان في شيء من الشياء أصلً فإن وقعت فهي باطلة ل تلزم ولكل واحد‬ ‫منهما ما كسب فإن اقتسماه وجب أن يقضي له ما أخذه وإل بدله لنها شرط ليس في كتاب ال فهو باطل‪.‬‬ ‫وأما حديث ابن مسعود فهو من رواية ولده أبي عبيدة بن عبد ال وهو خبر منقطع لن أبا عبيدة لم يذكر عن‬ ‫أب يه شيئا ف قد رويناه من طر يق وك يع عن شع بة عن عمرو بن مرة قال‪ :‬قلت ل بي عبيدة‪ :‬أتذ كر عن ع بد ال‬ ‫شيئا قال‪ :‬ل‪ .‬ولو صح لكان حجة على من قال بصحة هذه الشركة لنه أول قائل معنا ومع سائر المسلمين إن‬ ‫هذه الشر كة ل تجوز وإ نه ل ينفرد أ حد من أ هل الع سكر ب ما ي صيب دون جم يع أ هل الع سكر إل ال سلب للقا تل‬ ‫على الخلف فإن ف عل ف هو غلول من كبائر الذنوب ولن هذه الشر كة لو صح حديث ها ف قد أبطل ها ال عز و جل‬ ‫وأنزل‪{ :‬قل النفال ل وللرسول} الية فأبطلها ال تعالى وقسمها هو بين المجاهدين‪.‬‬ ‫ثم إن الحنف ية ل يجيزون الشر كة في ال صطياد وليجيز ها المالك ية في الع مل في مكان ين فهذه الشر كة في‬ ‫الحديث ل تجوز عندهم اهه‪.‬‬ ‫هذا وقد قسم الفقهاء الشركة إلى أربعة أقسام أطالوا فيها وفي فروعها في كتب الفروع فل نطيل بها‪.‬‬ ‫قال ابن بطال‪ :‬أجمعوا على أن الشركة الصحيحة أن يخرج كل واحد مثل ما أخرج صاحبه ثم يخلط ذلك حتى‬ ‫ل يتميز ثم يتصرفا جميعا إل أن يقيم كل منهما الخر مقام نفسه وهذه تسمى شركة العنان‪.‬‬ ‫وتصح إن أخرج أحدهما أقل من الخر من المال ويكون الربح والخسران على قدر مال كل واحد منهما‪.‬‬ ‫وكذلك إذا اشتريا سلعة بينهما على السواء أو ابتاع أحدهما أكثر من الخر منهما فالحكم في ذلك أن يأخذ كل‬ ‫من الربح والخسران بمقدار ما أعطى من الثمن‪.‬‬ ‫وبرهان ذلك أنهما إذا خلطا المالين فقد صارت تلك الجملة مشاعة بينهما فما ابتاعا بها فمشاع بينهما وإذا كان‬ ‫كذلك فثمنه وربحه وخسرانه مشاع بينهما ومثله السلعة التي اشترياها فإنها بدل من الثمن‪.‬‬ ‫خ َيبَر فَأ َتيْ تُ النّبيّ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‬ ‫ع ْن ُهمَا قالَ‪َ :‬أ َردْ تُ الخرُو جَ إلى ْ‬ ‫ع ْبدِ ال رَضِ يَ اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫ع نْ جابرِ ب نِ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ححَهُ‪.‬‬ ‫عشَر َوسْقا" روا ُه أَبو دا ُودَ وَص ّ‬ ‫خمْسَةَ َ‬ ‫خذْ ِمنْ ُه َ‬ ‫خ ْيبَرَ َف ُ‬ ‫فَقَالَ‪" :‬إذا َأ َتيْتَ َوكِيلي ب َ‬ ‫ي صَلّى ال عََليْ هِ وَسَلّم‬ ‫خ َيبَر فَأتَيْتُ النّب ّ‬ ‫ج إلى ْ‬ ‫ع ْن ُهمَا قالَ‪َ :‬أ َردْتُ الخرُو َ‬ ‫ع ْب ِد ال رَضِيَ اللّهُ َتعَالَى َ‬ ‫ن جابرِ ب نِ َ‬ ‫عْ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ححَهُ)‪.‬‬ ‫عشَر َوسْقا" روا ُه أَبو دا ُودَ وَص ّ‬ ‫خمْسَةَ َ‬ ‫خذْ ِمنْ ُه َ‬ ‫خ ْيبَرَ َف ُ‬ ‫فَقَالَ‪" :‬إذا َأ َتيْتَ َوكِيلي ب َ‬ ‫تمام الحديث‪ :‬فإن ابتغى منك آية فضع يدك على َترْقُ َو ِتهِ"‪.‬‬ ‫وفي الحديث دللة على شرعية الوكالة‪ .‬والجماع على ذلك‪ .‬وتعلق الحكام بالوكيل‪.‬‬ ‫وتمام الحديث فيه دليل على العمل بالقرينة في مال الغير وأنه يصدق بها الرسول لقبض العين‪.‬‬ ‫و قد ذ هب إلى ت صديق الر سول في الق بض جما عة من العلماء وقيده المهدي في الغ يث‪ :‬مع غل بة ظن صدقه‪.‬‬ ‫وع ند الهادو ية أ نه ل يجوز ت صديق الر سول ل نه مال الغ ير فل ي صح الت صديق ف يه وق يل عن هم إل أن يح صل‬ ‫الظن بصدق الرسول جاز الدفع إليه‪.‬‬ ‫ع ْن هُ‪" :‬أَنّ رَ سولُ اللّ ِه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم َبعَ ثَ َمعَ هُ بدينا ٍر َيشْتري لَ هُ‬ ‫ي اللّ هُ َتعَالَى َ‬ ‫عرْ َوةَ الْبارقيّ رَض َ‬ ‫ع نْ ُ‬ ‫وَ َ‬ ‫حيَةً" الحديثَ‪ .‬رَوَا ُه البُخاريّ في َأ ْثنَاءِ حديثٍ َو َقدْ تَ َق ّدمَ‪.‬‬ ‫ضِ‬ ‫ُأ ْ‬ ‫ل اللّ هِ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم َبعَ ثَ َم َع هُ بدينارٍ َيشْتري لَ هُ‬ ‫عنْ هُ‪" :‬أَنّ رَ سو ُ‬ ‫عرْوَ َة الْبارقيّ رَض يَ اللّ هُ َتعَالَى َ‬ ‫ع نْ ُ‬ ‫(وَ َ‬ ‫حيَةً" الحديثَ‪ .‬رَوَا ُه البُخاريّ في َأ ْثنَاءِ حديثٍ َو َقدْ تَ َق ّدمَ)‪.‬‬ ‫ضِ‬ ‫ُأ ْ‬ ‫أي في كتاب البيع وتقدم الكلم على ما فيه من الحكام‪.‬‬ ‫عمَرَ عَلَى ال صّدقَةِ" الحدي ثَ‪،‬‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ُ‬ ‫ث ر سُو ُ‬ ‫عنْ ُه قالَ‪َ " :‬بعَ َ‬ ‫ع نْ أَبي هُريرةَ َرضِ يَ ال َتعَالَى َ‬ ‫وَ َ‬ ‫متّفقٌ عََليْهِ‪.‬‬ ‫ع َمرَ عَلَى ال صّدقَةِ" الحدي ثَ‪،‬‬ ‫ع ْن هُ قالَ‪َ " :‬بعَ ثَ ر سُولُ ال صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم ُ‬ ‫ع نْ أَبي هُرير َة رَضِ يَ ال َتعَالَى َ‬ ‫(وَ َ‬ ‫متّفقٌ عََليْهِ)‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫تمامه "فقيل منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم رسول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم فقال رسول ال صَلّى‬ ‫ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪ :‬ما ينقم ابن جميل إل أنه كان فقيرا فأغناه ال وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا قد احتبس أدراعه‬ ‫وأعتاده في سبيل ال وأما العباس فهي عليّ ومثلها معها"‪.‬‬ ‫والظاهر أنه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم بعث عمر لقبض الزكاة وابن جميل من النصار كان منافقا ثم تاب بعد ذلك‪.‬‬ ‫قال المصنف‪ :‬وابن جميل لم أقف على اسمه‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬ما ينقم" بكسر القاف ما ينكر "إل أنه كان فقيرا فأغناه ال" وهو من باب تأكيد المدح بما يشبه الذم لنه‬ ‫إذا لم يكن له عذر إل ما ذكره فل عذر له وفيه التعريض بكفران النعمة والتقريع بسوء الصنيع‪.‬‬ ‫وقوله أعتاده ج مع ع تد بفتحت ين و هو ما يعده الر جل من ال سلح والدواب وق يل الخ يل خا صة وح مل البخاري‬ ‫معناه على أنه جعلها زكاة ماله وصرفها في سبيل ال وهو بناء على أنه يجوز إخراج القيمة عن الزكاة‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬فهي عليّ ومثلها معها" يفيد أنه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم تحملها عن العباس تبرعا وفيه صحة تبرع الغير‬ ‫بالزكاة ونظيره حديث أبي قتادة في تبرعه بتحمل الدين عن الميت وهذا أقرب الحتمالت وقد روي بألفاظ أخر‬ ‫تحتمل احتمالت كثيرة وقد بسطها المصنف في الفتح وتبعه الشارح‪.‬‬ ‫وأما حديث أنه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم كان يتعجل منه زكاة عامين فقد روي من طريق لم يسلم شيء منها من‬ ‫مقال‪.‬‬ ‫وفي الحديث دليل على توكيل المام للعامل في قبض الزكاة ولجل هذا ذكره المصنف هنا‪.‬‬ ‫وفيه أن بعث العمال لقبض الزكاة سنة نبوية‪.‬‬ ‫وفيه أنه يذكر الغافل بما أنعم ال عليه بإغنائه بعد أن كان فقيرا ليقوم بحق ال‪.‬‬ ‫وفيه جواز ذكر من منع الواجب في غيبته بما ينقصه‪.‬‬ ‫وفيه تحّمل المام عن بعض المسلمين والعتذار عن البعض وحسن التأويل‪.‬‬ ‫عنْهُ‪" :‬أَنّ النّبيّ صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم َنحَرَ ثلثا وَستينَ وَأ َمرَ عَليّا أَنْ يَذبَحَ الْباقي" الحديثَ‪،‬‬ ‫ن جابر رضيَ ال َ‬ ‫عْ‬ ‫وَ َ‬ ‫رَوَاهُ ُمسِْلمٌ‪.‬‬ ‫ن يَذبَحَ الْباقي" الحديثَ‪،‬‬ ‫حرَ ثلثا وَستينَ وَأ َمرَ عَليّا أَ ْ‬ ‫ع ْنهُ‪َ" :‬أنّ النّبيّ صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم َن َ‬ ‫عنْ جابر رضيَ ال َ‬ ‫(وَ َ‬ ‫رَوَاهُ ُمسِْلمٌ)‪.‬‬ ‫تقدم الكلم عليه في كتاب الحج وفيه دللة على صحة التوكيل في نحر الهدي وهو إجماع إذا كان الذابح مسلما‬ ‫فإن كان كافرا كتابيا صح عند الشافعي بشرط أن ينوي صاحب الهدي عند دفعه إليه أو عند ذبحه‪.‬‬ ‫ع َترَفَ تْ‬ ‫غدُ يا ُأ َنيْ سُ عَلى امْرأَ ِة هذا فإ نِ ا ْ‬ ‫ع نْ أَبي هُريرَة في قِ صّةِ ا ْلعَسيفِ‪ ،‬قَال النّبيّ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬وا ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫ج ْمهَا" الحديثَ‪ُ ،‬متّفقٌ عََليْهِ‪.‬‬ ‫فَار ُ‬ ‫(وعن أبي هريرة رضي ال عنه في قصة العسيف) بعين وسين مهملتين فمثناة تحتية ففاء‪ :‬الجير وزنا ومعنى‬ ‫جمْهَا" الحديث‪ .‬متفق عليه)‪.‬‬ ‫ت فا ْر ُ‬ ‫ع َترَفَ ْ‬ ‫غدُ يَا ُأ َنيْسُ عَلى ا ْمرَأَ ِة هذا فإن ا ْ‬ ‫(قال النبي صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم‪" :‬ا ْ‬ ‫سيأتي في الحدود مستوفى‪ .‬وذكر هنا بناء على أن المأمور وكيل عن المام في إقامة الحدّ‪.‬‬ ‫وبوّب البخاري "باب الوكالة في الحدود" وأورد هذا الحديث وغيره‪.‬‬ ‫وقال المصنف في الفتح‪ :‬والمام لما لم يتول إقامة الحدّ بنفسه ووله غيره كان ذلك بمنزلة توكيله للغير‪.‬‬ ‫باب القرار‬ ‫القرار لغة‪ :‬الثبات‪ ،‬في الشرع‪ :‬إخبار النسان بما عليه وهو ضد الجحود‪.‬‬ ‫حبّا نَ‬ ‫ن ِ‬ ‫ححَهُ اب ُ‬ ‫صّ‬ ‫ن ُمرّا" َ‬ ‫ع ْن ُه قالَ‪ :‬قالَ لي النبيّ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬قلِ الحقّ وََل ْو كا َ‬ ‫عَ نْ أَبي َذرَ رَض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ن حَديثٍ طويلٍ‪.‬‬ ‫مِ ْ‬ ‫حبّانَ‬ ‫ن ِ‬ ‫ححَ ُه اب ُ‬ ‫صّ‬ ‫ن ُمرّا" َ‬ ‫ل لي النبيّ صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم‪" :‬قلِ الحقّ وَلَ ْو كا َ‬ ‫عنْهُ قالَ‪ :‬قا َ‬ ‫(عَنْ أَبي َذرَ رَضيَ اللّهُ َ‬ ‫ن حَديثٍ طويلٍ)‪.‬‬ ‫مِ ْ‬ ‫ساقه الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب وفيه وصايا نبوية ولفظه‪ :‬قال‪" :‬أوصاني خليلي رسول ال صلى‬ ‫ال عل يه وآله و سَلّم أن أن ظر إلى من هو أ سفل م ني ول أن ظر إلى من فو قي‪ ،‬وأن أ حب الم ساكين‪ ،‬وأن أدنوَ‬ ‫مِنهم‪ ،‬وأن أصل رحمي وإن قطعوني وجفوني‪ ،‬وأن أقول الحق ولو كان مرا‪ ،‬وأن ل أخاف في ال لومة لئم‪،‬‬ ‫وأن ل أسأل أحدا شيئا‪ ،‬وأن أستكثر من ل حول ول قوة إل بال فإنها من كنوز الجنة"‪.‬‬

‫‪15‬‬

‫وقوله قل الحق يشمل قوله على نفسه وعلى غيره وهو مأخوذ من قوله تعالى‪{ :‬كونوا قوامين بالقسط شهداء ل‬ ‫ولو على أنف سهم أو الوالد ين والقرب ين} و من قوله تعالى‪{ :‬ول تقولوا على ال إل ال حق} وباعتبار شموله ذكره‬ ‫المصنف هنا تبعا للرافعي فإنه ذكره في باب القرار‪.‬‬ ‫وف يه دللة على اعتبار إقرار الن سان على نف سه في جم يع المور و هو أ مر هام لجم يع الحكام لن قول ال حق‬ ‫على النفس و الخبار بما عليها مما يلزمها التخلص منه بمال أو بدن أو عرض‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬ولو كان ُمرّا" من باب التشبيه لن الحق قد يصعب إجراؤه على النفس كما يصعب عليها إساغة المرّ‬ ‫لمرارته ويأتي في باب الحدود والقصاص أحاديث في القرار‪.‬‬ ‫باب العارية‬ ‫العاريّة بتشديد المثناة التحتية وتخفيفها ويقال عارة وهي مأخوذة من عار الفرس إذا ذهب لن العارية تذهب من‬ ‫يد المعير أو من العار لنه ل يستعير أحد إل وبه عار وحاجة‪.‬‬ ‫وهي في الشرع عبارة عن إباحة المنافع من دون ملك العين‪.‬‬ ‫ح َمدُ‬ ‫خذَ تْ حَ تى تُؤ ّد َي هُ" رَوَا ُه َأ ْ‬ ‫ل ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬عَلى ال َي ِد مَا َأ َ‬ ‫جنْد بٍ قالَ‪ :‬قالَ ر سُو ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫سمُرَ َة ب ِ‬ ‫ن َ‬ ‫عَ ْ‬ ‫ححَ ُه الحاكِمُ‪.‬‬ ‫صّ‬ ‫والرْ َبعَةُ َو َ‬ ‫ح َمدُ‬ ‫ت حَ تى تُؤ ّديَ هُ" رَوَا ُه َأ ْ‬ ‫خذَ ْ‬ ‫جنْد بٍ قالَ‪ :‬قالَ ر سُولُ ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬عَلى ال َيدِ مَا َأ َ‬ ‫س ُمرَةَ ب نِ ُ‬ ‫(عَ نْ َ‬ ‫ححَ ُه الحاكِمُ)‪.‬‬ ‫صّ‬ ‫والرْ َبعَةُ َو َ‬ ‫بناء منه على سماع الحسن من سمرة لن الحديث من رواية الحسن عن سمرة وللحفاظ في سماعه منه ثلثة‬ ‫مذاهب‪.‬‬ ‫الول‪ :‬أنه سمع منه مطلقا وهو مذهب عليّ بن المديني والبخاري والترمذي‪.‬‬ ‫والثاني‪ :‬ل‪ ،‬مطلقا وهو مذهب يحيى بن سعيد القطان ويحيى بن معين وابن حبان‪.‬‬ ‫والثالث‪ :‬لم يسمع منه إل حديث العقيقة وهو مذهب النسائي واختاره ابن عساكر وادعى عبد الحق أنه الصحيح‪.‬‬ ‫والحديث دليل على وجوب ردّ ما قبضه المرء وهو ملك لغيره ول يبرأ إل بمصيره إلى مالكه أو ما يقوم مقامه‬ ‫لقوله‪" :‬حتى تؤديه" ول تتحقق التأدية إل بذلك‪.‬‬ ‫وهو عام في الغصب والوديعة والعارية وذكره في باب العارية لشموله لها وربما يفهم منه أنها مضمونة على‬ ‫المستعير‪ .‬وفي ذلك ثلث أقوال‪.‬‬ ‫الول‪ :‬أن ها مضمو نة مطلقا وإل يه ذ هب[اث] ا بن عباس[‪/‬اث] وز يد بن علي وعطاء وأح مد وإ سحاق والشاف عي‬ ‫لهذا الحديث ولما يأتي مما يفيد معناه‪.‬‬ ‫والثا ني‪ :‬للهادي وآخر ين م عه أن العار ية ل ي جب ضمان ها إل إذا شرط م ستدلين بحد يث صفوان ويأ تي الكلم‬ ‫عليه‪.‬‬ ‫والثالث‪ :‬للحسن وأبي حنيفة وآخرين أنها ل تضمن وإن ضمنت لقوله صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم‪" :‬ليس على المستعير‬ ‫غير المغل ول على المستودع غير المغل ضمان" أخرجه الدارقطني والبيهقي عن ابن عمر وضعفاه وصححا‬ ‫وقفه على شريح‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬المغل" بضم الميم فغين معجمة قال في النهاية‪ :‬أي إذا لم يخن في العارية والوديعة فل ضمان عليه من‬ ‫الغلل وهو الخيانة‪.‬‬ ‫وقيل المغل‪ :‬المستغل وأراد به القابض لنه بالقبض يكون مستغلً والوّل أولى‪ .‬وحينئذ فل تقوم به حجة‪ .‬على‬ ‫أ نه ل تقوم به الح جة ولو صح رف عه لن المراد ل يس عل يه ذلك من ح يث هو م ستعير ل نه لو التزم الضمان‬ ‫للزمه‪.‬‬ ‫وحديث الباب كثيرا ما يستدلون منه بقوله‪":‬على اليد ما أخذت حتى تؤديه" على التضمين ول دللة فيه صريحا‬ ‫فإن اليد المينة أيضا عليها ما أخذت حتى تؤدى ولذلك قلنا (وربما يفهم)‪.‬‬ ‫ولم يبق دليل على تضمين العارية إل قوله صَلّى ال عََليْ هِ وَسَلّم عارية مضمونة في حديث صفوان فإن وصفها‬ ‫بمضمونة يحتمل أنها صفة موضحة وأن المراد من شأنها الضمان فيدل على ضمانها مطلقا ويحتمل أنها صفة‬ ‫للتقييد وهو الظهر لنها تأسيس ولنها كثيرة‪.‬‬ ‫ثم ظاهره أن المراد عارية قد ضمناها لك وحينئذ يحتمل أن يلزم ويحتمل أنه غير لزم بل كالوعد وهو بعيد‬ ‫فيتم الدليل بالحديث للقائل إنها تضمن هههه وهو الظهر هههه بالتضمين إما بطلب صاحبها له أو بتبرع‬ ‫المستعير‪.‬‬ ‫‪16‬‬

‫ن ا ْئ َتمَنَكَ وَل‬ ‫ل ال صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم‪َ" :‬أدّ المانَ َة إلى مَ ِ‬ ‫عنْ ُه قال‪ :‬قالَ رسو ُ‬ ‫عنْ أَبي ُهرَيرَةَ رضيَ اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫وَ َ‬ ‫جمَاعةٌ‬ ‫خ َرجَ هُ َ‬ ‫ححَهُ الحاكِ مُ وَاستْن َكرَ ُه َأبُو حَات مِ الرّاز يّ وَأ ْ‬ ‫صّ‬ ‫سنَهُ وَ َ‬ ‫ن خَانَك" رَوَا ُه َأبُو دَا ُودَ والترمِذيّ َوحَ ّ‬ ‫ن مَ ْ‬ ‫تخُ ْ‬ ‫ن الحُفّاظِ وَهُ َو شَامِلٌ لِ ْلعَا ِريَةِ‪.‬‬ ‫مِ َ‬ ‫ن ا ْئ َت َم َنكَ وَل‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم‪َ" :‬أدّ المانَ َة إلى مَ ِ‬ ‫ع ْنهُ قال‪ :‬قالَ رسو ُ‬ ‫عنْ أَبي ُهرَيرَ َة رضيَ اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫(وَ َ‬ ‫جمَاعةٌ‬ ‫خ َرجَ هُ َ‬ ‫ححَهُ الحاكِ مُ وَاستْن َكرَ ُه َأبُو حَات مِ الرّاز يّ وَأ ْ‬ ‫صّ‬ ‫سنَهُ وَ َ‬ ‫ن خَانَك" رَوَا ُه َأبُو دَا ُودَ والترمِذيّ َوحَ ّ‬ ‫ن مَ ْ‬ ‫تخُ ْ‬ ‫ن الحُفّا ظِ وَهُ َو شَامِلٌ لِ ْلعَا ِريَةِ) والوديعة ونحوهما وأنه يجب أداء المانة كما أفاده قوله تعالى‪{ :‬إن ال يأمركم‬ ‫مِ َ‬ ‫أن تؤدوا المانات إلى أهلها}‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬ل تخن من خانك" دليل على أنه ل يجازي بالساءة من أساء وحمله الجمهور على أنه مستحب لدللة‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وجزاء سيئة سيئة مثلها} {وإن عاقبتم} على الجواز‪.‬‬ ‫وهذه هي المعروفة بمسألة الظفر وفيها أقوال للعلماء‪.‬‬ ‫هذا القول الول وهو الشهر من أقوال الشافعي وسواء كان من جنس ما أخذ عليه أو من غيره جنسه‪.‬‬ ‫والثا ني‪ :‬يجوز إذا كان من ج نس ما أ خذ عل يه ل من غيره لظا هر قوله‪{ :‬بم ثل ما عوقب تم به} وقوله‪{ :‬مثل ها}‬ ‫وهو رأي الحنفية و المؤيد‪.‬‬ ‫والثالث‪ :‬ل يجوز ذلك إل بحكم لظاهر النهي في الحديث ولقوله تعالى‪{ :‬ل تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} وأجيب‬ ‫أنه ليس أكلً بالباطل والحديث يحمل فيه النهي على التنزيه‪.‬‬ ‫الرابع‪ :‬لبن حزم أنه يجب عليه أن يأخذ بقدر حقه سواء كان من نوع ما هو له أو من غيره ويعينه ويستوفي‬ ‫ح قه فإن ف ضل على ما هو له رده له أو لورث ته وإن ن قص ب قي في ذ مة من عل يه ال حق فإن لم يف عل ذلك ف هو‬ ‫عاص ل عزّ وجلّ إل أن يحلله ويبرئه فهو مأجور فإن كان الحق الذي له ل بينة له عليه وظفر بشيء من مال‬ ‫من عنده له ال حق أخذه فإن طولب أن كر فإن ا ستحلف حلف و هو مأجور في ذلك‪ .‬قال‪ :‬وهذا هو قول الشاف عي‬ ‫وأبي سليمان وأصحابهما وكذلك عندنا كل من ظفر لظالم بمال ففرض عليه أخذه وإنصاف المظلوم منه واستدل‬ ‫باليت ين بقوله تعالى‪{ :‬ول من انت صر ب عد ظل مه فأولئك ما علي هم من سبيل} وبقوله تعالى‪{ :‬والذ ين إذا أ صابهم‬ ‫الب غي هم ينت صرون} وبقوله صلى ال تعالى عل يه وآله و سلم له ند امرأة أ بي سفيان‪" :‬خذي ما يكف يك وولدك‬ ‫بالمعروف" لما ذكرت له أن أبا سفيان رجل شحيح وأنه ل يعطيني ما يكفيني وبنيّ فهل عليّ من جناح أن آخذ‬ ‫من ماله شيئا ولحديث البخاري‪" :‬إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا‪ ،‬وإن لم يفعلوا فخذوا منهم‬ ‫حق الضيف"‪.‬‬ ‫واسهتدل لكونهه إذا لم يفعهل يكون عاصهيا بقوله تعالى‪{ :‬وتعاونوا على البر والتقوى ول تعاونوا على الثهم‬ ‫والعدوان} قال‪ :‬ف من ظفر بمثل ما ظلم فيه هو أو مسلم أو ذم يّ فلم يزله عن يد الظالم ويردّ إلى المظلوم حقه‬ ‫فهو أحد الظالمين ولم يعن على البر والتقوى بل أعان على الثم والعدوان‪.‬‬ ‫وكذلك أمر رسول ال صلى ال تعالى عليه وآله وسلم من رأى منكرا أن يغيره بيده إن استطاع فمن قدر على‬ ‫قطع الظلم وكفه وإعطاء كل ذي حق حقه فلم يفعل فقد قدر على إنكار المنكر ولم يفعل فقد عصى ال ورسوله‬ ‫ثم ذكر حديث أبي هريرة فقال‪ :‬هو من رواية [تض]طلق بن غنام عن شريك وقيس بن الربيع[‪ /‬تض] وكلهم‬ ‫ضعيف قال‪ :‬ولئن صح فل حجة فيه لنه ليس انتصاف المرء من حقه خيانة بل هو حق واجب وإنكار منكر‬ ‫وإنما الخيانة أن يخون بالظلم والباطل من ل حق له عنده‪.‬‬ ‫قلت ويؤ يد ما ذ هب إل يه حد يث‪" :‬ان صر أخاك ظالما أو مظلوما" فإن ال مر ظا هر في اليجاب‪ ،‬ون صر الظالم‬ ‫بإخراجه عن الظلم وذلك بأخذ ما في يده لغيره ظلما‪.‬‬ ‫طهِ مْ ثلثين‬ ‫عِ‬ ‫ع ْن هُ قالَ‪ :‬قالَ لي رسولَ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬إذا َأ َتتْ كَ رُ سُلي َفأَ ْ‬ ‫ن أُميّ َة رَض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ع نْ َيعْلى بْ ِ‬ ‫وَ َ‬ ‫َاهه أَحمَدُ وأَبهو دَاودَ‬ ‫ضمُون ٌة أَوْ عَاري ٌة مُ َؤدّاةٌ؟ قالَ‪ :‬بهل عَاريةٌ ُم َؤدّاةٌ" رَو ُ‬ ‫ّهه أَعاريَةٌ َم ْ‬ ‫ِدرْعا" قُلْتهُ‪ :‬ي َا رسهولَ الل ِ‬ ‫حبّانَ‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫ححَ ُه ابْ ُ‬ ‫وال ّنسَائيّ وص ّ‬ ‫ن َيعْلى بْ نِ أُميّةَ) ويقال من يه ب ضم الم يم وف تح النون وتشد يد التحت ية المثناة صحابي مشهور (قالَ‪ :‬قالَ لي‬ ‫ع ْ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ضمُون ٌة أَوْ‬ ‫طهِ مْ ثلث ين ِدرْعا" قُلْ تُ‪ :‬يَا ر سولَ اللّ ِه أَعاريَةٌ َم ْ‬ ‫عِ‬ ‫ل صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم‪" :‬إذا َأ َتتْ كَ رُ سُلي َفأَ ْ‬ ‫ر سو َ‬ ‫حبّانَ)‪.‬‬ ‫ححَ ُه ابْنُ ِ‬ ‫عَاري ٌة مُ َؤدّاةٌ؟ قالَ‪ :‬بل عَاري ٌة مُ َؤدّاةٌ" رَوَا ُه أَح َمدُ وأَبو دَاودَ وال ّنسَائيّ وص ّ‬ ‫المضمونة‪ :‬التي تضمن إن تلفت بالقيمة‪ ،‬والمؤداة‪ :‬التي تجب تأديتها مع بقاء عينها فإن تلفت لم تضمن بالقيمة‪.‬‬ ‫والحديث دليل لمن ذهب إلى أنها ل تضمن العارية إل بالتضمين وتقدم أنه أوضح القوال‪.‬‬ ‫‪17‬‬

‫ح َنيْنٍ فَقَالَ‪ :‬أَغصْ ٌ‬ ‫ب‬ ‫س َتعَار ِمنْ ُه دُرُوعا َيوْمَ ُ‬ ‫عنْ ُه أَنّ النّبي صَلّى ال عََليْ ِه وَسَلّم ا ْ‬ ‫عنْ صَفْوانَ ْبنِ أُميّة رضيَ اللّهُ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ج لَ ُه شَاهدا ضَعيفا‬ ‫خرَ َ‬ ‫ححَ ُه الحاكِ مُ‪ .‬وََأ ْ‬ ‫ح َمدُ وَالنّ سائيّ وَ صَ ّ‬ ‫يا محمدُ؟ قالَ‪" :‬بَلْ عاريَ ٌة َمضْمُونةٌ" رَوَا هُ أَ بو دَاودَ وََأ ْ‬ ‫عبّاسٍ‪.‬‬ ‫ن ابْنِ َ‬ ‫عَ ِ‬ ‫(وعن صفوان بن أمية) قرشي من أشراف قريش هرب يوم الفتح واستؤمن له فعاد وحضر مع النبي صلى ال‬ ‫عليه وآله وسلم حنينا والطائف كافرا ثم أسلم وحسن إسلمه‪.‬‬ ‫ضمُونَةٌ"‬ ‫(أن النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم استعار منه دروعا يوم حنين فقال‪ :‬أغصبٌ يا محمد؟ قال‪" :‬بَلْ عَاريَ ٌة َم ْ‬ ‫رواه أ بو داود وأح مد والن سائي و صححه الحا كم وأخرج له شاهدا ضعيفا عن ا بن عباس) ولف ظه " بل عار ية‬ ‫مؤداة" وفي عدد الدروع روايات فلبي داود‪ :‬كانت ما بين الثلثين إلى الربعين‪ ،‬وللبيهقي في حديث مرسل‪:‬‬ ‫كانت ثمانين‪ .‬وللحاكم من حديث جابر‪ :‬كانت مائة درع وما يصلحها‪.‬‬ ‫وزاد أحمد والنسائي في رواية ابن عباس‪ :‬فضاع بعضها فعرض عليه النبي صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم أن يضمنها له‬ ‫فقال‪ :‬أنا اليوم يا رسول ال أرغب في السلم‪.‬‬ ‫وقوله مضمونة تقدم الكلم عليها وأن أصل الوصف التقييد وأنه الكثر فهو دليل على ضمانها بالتضمين كما‬ ‫أسلفنا ل أنه محتمل ويكون مجملً كما قيل‪ ،‬قاله الشارح‪.‬‬ ‫باب الغصب‬ ‫ض ظُلْما‬ ‫ن الرْ ِ‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم قال‪" :‬مَ نْ اقْتط عَ شِبرا مِ َ‬ ‫ع ْن ُه أَنّ رَسو َ‬ ‫ن َزيْدٍ رَض يَ اللّ هُ َ‬ ‫عَ نْ سَعيدٍ ْب ِ‬ ‫سبْعِ َأرَضينَ" ُمتّفقٌ عََل ْيهِ‪.‬‬ ‫طَ ّوقَ ُه ال إياه يَوْم القيامةِ ِمنْ َ‬ ‫ن الرْضِ) أي من أخذه وهو أحد‬ ‫ن ا ْقتَطَعَ شِبرا مِ َ‬ ‫(عن سعيد بن زيد أن رسول ال صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم قال‪" :‬مَ ْ‬ ‫سبْعِ َأ ْرضِين" متفق عليه)‪.‬‬ ‫ط ّوقَهُ اللّهُ َي ْومَ الْ ِقيَامَ ِة إيّاهُ ِمنْ َ‬ ‫ألفاظ الصحيحين (ظُلْما َ‬ ‫اختلف في معنى التطويق فقيل معناه يعاقب بالخسف إلى سبع أرضين فتكون كل أرض في تلك الحالة طوقا في‬ ‫عنقه ويؤيده أن في حديث ابن عمر‪( :‬خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين)‪.‬‬ ‫وقيل يكلف نقل ما ظلمه منها يوم القيامة في المحشر ويكون كالطوق في عنقه ل أنه طوق حقيقة ويؤيده حديث‪:‬‬ ‫"أي ما ر جل ظلم شبرا من الرض كل فه ال أن يحفره ح تى يبلغ آ خر سبع أرض ين ثم يطوّ قه ح تى يق ضي ب ين‬ ‫الناس" أخرجه الطبراني وابن حبان من حديث يعلى بن مرة مرفوعا‪.‬‬ ‫ولحمد والطبراني‪" :‬من أخذ أرضا بغير حقها كلف أن يحمل ترابها إلى المحشر"‪ .‬وفيه قولن آخران والحديث‬ ‫دليل على تحريم الظلم والغصب وشدة عقوبته وإمكان غصب الرض وأنه من الكبائر وأن من ملك أرضا ملك‬ ‫أسفلها إلى تخوم الرض وله منع من أراد أن يحفر سربا أو بئرا وأنه من ملك ظاهر الرض ملك باطنها بما‬ ‫فيه من حجارة أو أبن ية أو معادن وأن له أن ينزل بالح فر ما شاء ما لم يضر من يجاوره وأن الرض ين السبع‬ ‫متراكمة لم يفتق بعضها من بعض لنها لو فتقت لكتُفِ يَ في حق هذا الغاصب بتطويق التي غصبها لنفصالها‬ ‫عما تحتها‪.‬‬ ‫وفيه دللة على أن الرض تصير مغصوبة بالستيلء عليها‪.‬‬ ‫و هل تض من إذا تل فت ب عد الغ صب؟ ف يه خلف‪ :‬فق يل ل تض من ل نه إن ما يض من ما أ خذ لقوله صَلّى ال عََليْ هِ‬ ‫َوسَلّم (على اليد ما أخذت حتى تؤديه)‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬ول يقاس ثبوت اليد في غير المنقول على النقل في المنقول لختلفهما في التصرف‪.‬‬ ‫وذهب الجمهور إلى أنها تضمن بالغصب قياسا على المنقول المتفق على أنه يضمن بعد النقل بجامع الستيلء‬ ‫الحا صل في ن قل المنقول و في ثبوت ال يد على غ ير المنقول بل ال حق أن ثبوت ال يد ا ستيلء وإن لم ين قل‪ ،‬يقال‬ ‫استولى الملك على البلد واستولى زيد على أرض عمرو‪.‬‬ ‫وقوله شبرا وكذا ما فوقه بالولى وما دونه داخل في التحريم وإنما لم يذكر لنه قد ل يقع إل نادرا‪.‬‬ ‫وقد وقع في بعض ألفاظه عند البخاري (شيئا) عوضا عن (شبرا) َف َعمّ‪.‬‬ ‫إل أن الفقهاء يقولون إنه ل بد أن يكون المغصوب له قيمة فألزموا أنه حينئذ يأكل الرجل صاع تمر أو زبيب‬ ‫على واحدة واحدة فل يضمن فيأكل عمره من المال الحرام فل يضمن وإن أثم كأكله من الخبز واللحم على لقمة‬ ‫لقمة من غير استيلء على الجميع‪.‬‬ ‫ت المؤمنينَ‬ ‫ض نسَائِهِ فأَرسلتْ إحْدى أُمها ِ‬ ‫ع ْندَ َبعْ ِ‬ ‫ع ْنهُ‪" :‬أَنّ النّبيّ صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم كانَ ِ‬ ‫س رَضي اللّهُ َ‬ ‫عنْ َأنَ ٍ‬ ‫وَ َ‬ ‫ل فيها الطعا مَ َوقَال‪" :‬كُلُوا" َو َدفَ عَ‬ ‫جعَ َ‬ ‫صعَةَ َفضَمّهَا و َ‬ ‫سرَتِ الْقَ ْ‬ ‫مَ عَ خاد مٍ لهَا بِقَ صْعَ ٍة في ها طعا مٌ َفضَ َربَ تْ بيدِ ها َفكَ َ‬ ‫‪18‬‬

‫سمّى الضّاربَةَ عَائِشَ َة وَزادَ‪ :‬فَقَالَ النّبيّ‬ ‫حبَ سَ المكْ سُورة" رَوَا ُه ال ْبخَاريّ وَال ّت ْرمِذيّ وَ َ‬ ‫القْصعةَ ال صّحيحَ َة للرّسول َو َ‬ ‫ححَهُ‪.‬‬ ‫صّ‬ ‫طعَامٌ بطعَامٍ وَإنَا ٌء بإنَاءٍ" َو َ‬ ‫صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم‪َ " :‬‬ ‫(و عن أ نس ر ضي ال ع نه‪ :‬أن ر سول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم كان ع ند ب عض ن سائه فأر سلت إحدى أمهات‬ ‫المؤمنين) سماها ابن حزم زينب بنت جحش (مع خادم لها) قال المصنف لم أقف على اسم الخادم (بقصعة فيها‬ ‫طعام فضربت بيدها فكسرت القصعة فضمها وجعل فيها الطعام وقال‪" :‬كلُوا" ودفع القصعة الصحيحة للرسول‬ ‫سمّى الضار بة عائ شة وزاد فقال ال نبي صَلّى ال عََليْ هِ‬ ‫وح بس المك سورة هههه رواه البخاري والترمذي وَ َ‬ ‫طعَا مٍ وإنَاءٌ بإنَاءٍ" وصححه) واتفقت مثل هذه القصة من عائشة في صحفة أم سلمة فيما أخرجه‬ ‫طعَا مٌ ب َ‬ ‫وَ سَلّم‪َ " :‬‬ ‫النسائي عن أم سلمة‪" :‬أنها أتت بطعام في صحفة إلى النبي صلى ال عليه وآله وسلم وأصحابه فجاءت عائشة‬ ‫متزرة بكساء ومعها فهر ففلقت به الصحفة هههه الحديث"‪.‬‬ ‫و قد و قع مثل ها لحف صة وأن عائ شة ك سرت الناء‪ .‬وو قع مثل ها ل صفية مع عائ شة والحد يث دل يل على أن من‬ ‫استهلك على غيره شيئا كان مضمونا بمثله وهو متفق عليه في المثلى من الحبوب وغيرها‪.‬‬ ‫وأما في القيمي ففيه ثلثة أقوال‪:‬‬ ‫الول للشافعي والكوفيين أنه يجب فيه المثل حيوانا كان أو غيره ول تجزىء القيمة إل عند عدمه‪.‬‬ ‫والثاني للهادوية أن القيمي يضمن بقيمته‪.‬‬ ‫وقال مالك والحنفية‪ :‬أما ما يكال أو يوزن فمثله وما عدا ذلك من العروض والحيوانات فالقيمة‪.‬‬ ‫واستدل الشافعي ومن معه بقول النبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬إناء بإناء وطعام بطعام" وبما وقع في رواية ابن‬ ‫أبي حاتم‪" :‬من كسر شيئا فهو له وعليه مثله" زاد في رواية الدارقطني فصارت قضية‪ :‬أي من النبي صَلّى ال‬ ‫عََليْ ِه وَ سَلّم أي حكما عاما لكل من وقع له مثل ذلك فاندفع قول من قال إنها قضية عين ل عموم فيها ولو كانت‬ ‫كذلك لكان قوله صلى ال عليه وآله وسلم‪" :‬طعام بطعام وإناءٌ بإناء" كافيا في الدليل‪.‬‬ ‫على أن ذكره للطعام واضح في التشريع العام لنه ل غرامة هنا للطعام بل الغرامة للناء‪.‬‬ ‫وأما الطعام فهو هدية له صلى ال عليه وآله وسلم فإن عدم المثل فالمضمون له مخير بين أن يمهله حتى يجد‬ ‫المثل وبين أن يأخذ القيمة‪.‬‬ ‫واستدل في البحر وغيره لمن قال بوجوب القيمة بأنه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم قضى على من أعتق شركا له في‬ ‫عبد أن يقوم عليه باقيه لشريكه قالوا فقضى صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم بالقيمة‪.‬‬ ‫وأج يب بأن المع تق ن صيبه من ع بد بي نه وب ين آ خر لم ي ستهلك شيئا ول غصب شيئا ول تعدّى أ صلً بل أع تق‬ ‫حصته التي أباح ال له عتقها ثم إن المستهلك بزعم المستدل هنا هو الشقص من العبد ومناظرة شقص لشقص‬ ‫تبعد فيكون النقد أقرب وأبعد من الشجار‪.‬‬ ‫على أن التقويم لغة يشمل التقدير بالمثل أو بالقيمة وإنما خص اصطلحا بالقيمة وكلم الشارع يفسر باللغة ل‬ ‫بالصطلح الحادث‪.‬‬ ‫واستدل بإمساكه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم أكسار القصعة في بيت التي كسرت الهادوية والحنفية القائلين بأن العين‬ ‫المغصوبة إذا زال بفعل الغاصب اسمها ومعظم نفعها تصير ملكا للغاصب‪.‬‬ ‫قال ابن حزم‪ :‬إنه ليس في تعليم الظلمة أكل أموال الناس أكثر من هذا فيقال لكل فاسق‪ :‬إذا أردت أخذ قمح يتيم‬ ‫أو غيره أو أ كل غن مه أو ا ستحلل ثيا به فقطع ها ثيابا على رغ مه واذ بح غن مه واطبخ ها و خذ الحن طة واطحن ها‬ ‫ل طيبا ول يس عل يك إل قي مة ما أخذت وهذا خلف القرآن في نه يه تعالى أن يؤ كل أموال الناس‬ ‫وكُلْ ذلك حل ً‬ ‫بالباطل وخلف المتواتر عن رسول ال صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم‪" :‬إن أموالكم عليك حرام"‪.‬‬ ‫واحتجوا بخهبر الشاة المعروف وههو أن امرأة دعتهه صهلى ال عليهه وآله وسهلم إلى طعام فأخهبرته أنهها أرادت‬ ‫ابتياع شاة فلم تجد ها فأر سلت إلى جارة ل ها أن ابع ثي لي الشاة ال تي لزو جك فبع ثت ب ها إلي ها فأ مر ر سول ال‬ ‫صلى ال تعالى عليه وآله وسلم بالشاة أن تطعم السارى‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬فهذا يدل على أن حق صاحب الشاة قد سقط عنها إذا شويت‪.‬‬ ‫وأجيب بأن الخبر ل يصح‪ .‬فإن صح فهو حجة عليهم لنه خلف قولهم إذ فيه أنه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم لم يبق‬ ‫ذلك اللحم في ملك التي أخذتها بغير إذن مالكها وهم يقولون إنه للغاصب وقد تصدق بها صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‬ ‫بغير إذنها وخبر شاة السارى قد بحثنا فيه في منحة الغفار‪.‬‬

‫‪19‬‬

‫ض قَوْ مٍ بغير‬ ‫عنْ ُه قالَ‪ :‬قالَ رَ سُولُ ال صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم‪" :‬مَ نْ َزرَ عَ في َأرْ ِ‬ ‫ن رَاف عِ ب نِ خدي جٍ رض يَ ال َ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫سنَ ُه ال ّترْمذيّ‪ ،‬ويُقالُ إنّ ال ُبخَاريّ‬ ‫ن الزّرْ عِ شيءٌ وََل ُه نَفَقُت هُ" رَوَا هُ َأحْمدُ وَالرْبع ُة إل النّسائيّ َوحَ ّ‬ ‫إ ْذ ِنهِ مْ فََليْ سَ لَ هُ ِم َ‬ ‫ضعّفَهُ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ض قَوْ مٍ بغير‬ ‫عنْ ُه قالَ‪ :‬قالَ رَ سُولُ ال صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم‪" :‬مَ نْ َزرَ عَ في َأرْ ِ‬ ‫ن رَاف عِ ب نِ خدي جٍ رض يَ ال َ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫سنَ ُه ال ّترْمذيّ‪ ،‬ويُقالُ إنّ ال ُبخَاريّ‬ ‫ن الزّرْ عِ شيءٌ وََل ُه نَفَقُت هُ" رَوَا هُ َأحْمدُ وَالرْبع ُة إل النّسائيّ َوحَ ّ‬ ‫إ ْذ ِنهِ مْ فََليْ سَ لَ هُ ِم َ‬ ‫ضعّفَهُ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫هذا القول عن البخاري ذكره الخطابي وخالفه الترمذي فنقل عن البخاري تحسينه إل أنه قال أبو زرعة وغيره‪:‬‬ ‫لم يسمع عطاء بن أبي رباح من رافع بن خديج‪.‬‬ ‫و قد اختلف ف يه الحفاظ اختلفا كثيرا وله شوا هد تقو يه و هو دل يل على أن غا صب الرض إذا زرع الرض ل‬ ‫يملك الزرع وأنه لمالكها وله ما غرم على الزرع من النفقة والبذر وهذا مذهب أحمد بن حنبل وإسحاق و مالك‬ ‫وهو قول أكثر علماء المدينة والقاسم بن إبراهيم وإليه ذهب أبو محمد بن حزم ويدل له حديث‪" :‬ليس لعرق ظالم‬ ‫حق" وسيأتي إذ المراد به من غرس أو زرع أو حفر في أرض غيره بغير حق ول شبهة‪.‬‬ ‫وذهب أكثر المة إلى أن الزرع ل صاحب البذر الغاصب وعليه أجرة الرض واستدلوا بحديث "الزرع للزارع‬ ‫وإن كان غاصبا" إل أنه لم يخرجه أحد قال في المنار‪ :‬وقد بحثت عنه فلم أجده والشارح نقله وبيض لمخرجه‬ ‫واستدلوا بحديث‪" :‬ليس لعرق ظالم حق" ويأتي وهو لهل القول الول أظهر في الستدلل‪.‬‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم‪ :‬إنّ َرجَُليْنِ‬ ‫ن الزّ َبيْر رضيَ اللّ ُه ع ْنهُما قالَ‪ :‬قالَ رجُلٌ مِنْ أَصحابِ رَسُو ِ‬ ‫عرْ َوةَ بْ ِ‬ ‫عنْ ُ‬ ‫وَ َ‬ ‫حدُهما فيها َنخْلً والرضُ للخَر‪ ،‬فَقَضى رَسُولُ‬ ‫غرَسَ َأ َ‬ ‫صمَا إلى رَسُولِ ال صَلّى ال عََليْ ِه وَسَلّم في َأرْضٍ َ‬ ‫ختَ َ‬ ‫اْ‬ ‫حقّ"‬ ‫ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم بالر ضِ لِ صَاحبها وَأ َمرَ صَاحبَ ال ّنخْلِ َأ نْ ُيخْر جَ َنخْلَ ُه َوقَالَ‪َ" :‬ليْ سَ ِل ِعرْ قٍ ظال مٍ َ‬ ‫حسَنٌ‪.‬‬ ‫سنَادُ ُه َ‬ ‫رَوَاهُ أَبو داودَ وإ ْ‬ ‫ختُِلفَ في َوصْلهِ وإرسالِهِ وفي َتعْيين صَحابيّهِ‪.‬‬ ‫ن زَ ْيدِ وا ْ‬ ‫ن سعِيدِ بْ ِ‬ ‫ع ْروَةَ عَ ْ‬ ‫ب السنن مِنْ روايةِ ُ‬ ‫صحّا ِ‬ ‫ع ْندَ َأ ْ‬ ‫خرُهُ ِ‬ ‫وآ ِ‬ ‫ل ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪ :‬إنّ‬ ‫ن ال ّزبَيْر رض يَ اللّ ُه ع ْنهُ ما قالَ‪ :‬قالَ رجُلٌ ِم نْ أَ صحابِ رَ سُو ِ‬ ‫عرْوَ َة بْ ِ‬ ‫ع نْ ُ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ض للخَر‪ ،‬فَقَضى‬ ‫ل والر ُ‬ ‫حدُهما فيها َنخْ ً‬ ‫غرَسَ َأ َ‬ ‫ل ال صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم في َأرْضٍ َ‬ ‫صمَا إلى رَسُو ِ‬ ‫ختَ َ‬ ‫ناْ‬ ‫َرجَُليْ ِ‬ ‫ن ُيخْر جَ َنخْلَ هُ َوقَالَ‪َ" :‬ليْ سَ ِل ِعرْ قٍ ظال مٍ‬ ‫رَ سُولُ ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم بالر ضِ لِ صَاحبها وَأ َمرَ صَاحبَ ال ّنخْلِ َأ ْ‬ ‫حسَنٌ‪.‬‬ ‫سنَادُهُ َ‬ ‫حقّ" رَوَاهُ أَبو داو َد وإ ْ‬ ‫َ‬ ‫ختُِلفَ في َوصْلهِ وإرسالِهِ وفي َتعْيين صَحابيّهِ)‪.‬‬ ‫ن زَ ْيدِ وا ْ‬ ‫ن سعِيدِ بْ ِ‬ ‫ع ْروَةَ عَ ْ‬ ‫ب السنن مِنْ روايةِ ُ‬ ‫صحّا ِ‬ ‫ع ْندَ َأ ْ‬ ‫خرُهُ ِ‬ ‫وآ ِ‬ ‫فرواه أبو داود من طريق عروة مرسلً ومن طريق آخر متصلً من رواية محمد بن إسحاق وقال‪ :‬فقال رجل‬ ‫من أصحاب النبي صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم وأكثر ظني أنه أبو سعيد‪.‬‬ ‫وفي الباب عن عائشة أخرجه أبو داود الطيالسي‪.‬‬ ‫وعن سمرة عند أبي داود والبيهقي وعن عبادة وعبد ال بن عمرو عند الطبراني‪.‬‬ ‫واختلفوا في تفسير (عرق ظالم) فقيل هو أن يغرس الرجل في أرض فيستحقها بذلك‪.‬‬ ‫وقال مالك‪ :‬كل ما أخذ واحتفر وغرس بغير حق‪.‬‬ ‫وقال ربيعهة‪ :‬العرق الظالم يكون ظاهرا ويكون باطنا فالباطهن‪ :‬مها احتفهر الرجهل مهن البار واسهتخرجه مهن‬ ‫المعادن والظاهر‪ :‬ما بناه أو غرسه‪.‬‬ ‫وق يل الظالم من ب نى أو زرع أو ح فر في أرض غيره بغ ير حق ول شب هة و كل ما ذ كر من التفا سير متقارب‬ ‫ودليل على أن الزارع في أرض غيره ظالم ول حق له بل يخير ب ين إخراج ما غر سه وأخذ نفق ته عليه جمعا‬ ‫بين الحديثين من غير تفرقة بين زرع وشجر‪.‬‬ ‫والقول بأنه دليل على أن الزرع للغاصب حمل له على خلف ظاهره‪.‬‬ ‫وكيف يقول الشارع (ليس لعرق ظالم حق) ويسميه ظالما وينفي عنه الحق ونقول بل الحق له؟‬ ‫حرِ بمِنىً‪" :‬إنّ دمَا َءكُ مْ‬ ‫ط َبتِ ِه يَوْ مَ ال ّن ْ‬ ‫خ ْ‬ ‫ل في ُ‬ ‫عنْ هُ‪ :‬أَنّ النّبيّ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم قا َ‬ ‫ع نْ أَ بي َب ْكرَ ًة رض يَ ال َ‬ ‫وَ َ‬ ‫شهْر ُكمْ هذا في بََل ِدكُم هذا" ُمتّ ّفقٌ عََل ْيهِ‪.‬‬ ‫ح ْرمَةِ َي ْو ِم ُكمْ هذا في َ‬ ‫وَأمْوَاَل ُكمْ وَأَعراضَ ُكمْ عََل ْيكُ ْم حَرامٌ َك ُ‬ ‫حرِ بمِنىً‪" :‬إنّ دمَا َءكُ مْ‬ ‫خطْ َبتِ ِه يَوْ مَ ال ّن ْ‬ ‫عنْ هُ‪ :‬أَنّ النّبيّ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قالَ في ُ‬ ‫ع نْ أَ بي َبكْرَ ًة رض يَ ال َ‬ ‫(وَ َ‬ ‫شهْر ُكمْ هذا في بََل ِدكُم هذا" ُمتّ ّفقٌ عََل ْيهِ)‪.‬‬ ‫ح ْرمَةِ َي ْو ِم ُكمْ هذا في َ‬ ‫وَأمْوَاَل ُكمْ وَأَعراضَ ُكمْ عََل ْيكُ ْم حَرامٌ َك ُ‬ ‫وما دل عليه واضح وإجماع ولو بدأ به المصنف في أول باب الغصب لكان أليق أساسا وأحسن افتتاحا‪.‬‬ ‫باب الشفعة‬ ‫‪20‬‬

‫الشفعة بضم الشين المعجمة وسكون الفاء‪ .‬في اشتقاقها ثلثة أقوال‪:‬‬ ‫قيل من الشفع وهو الزوج‪ ،‬وقيل من الزيادة‪ ،‬وقيل من العانة‪.‬‬ ‫وهي شرعا انتقال حصة إلى حصة بسبب شرعي كانت انتقلت إلى أجنبي بمثل العوض المسمى‪.‬‬ ‫وقال أكثر الفقهاء إنها وردت على خلف القياس لنها تؤخذ كرها ولن الذية ل تدفع عن واحد بضرر آخر‪.‬‬ ‫وق يل خال فت هذا القياس وواف قت قيا سات أ خر يد فع في ها ضرر الغ ير بضرر ال خر ثم يؤ خذ ح قه كرها كبيع‬ ‫الحاكم عن المتمرد والمفلس ونحوهما‪.‬‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم بالشفْع ِة في كُلّ ما لم يُقسمْ‪،‬‬ ‫ع ْن ُهمَا قالَ‪" :‬قضى رسُو ُ‬ ‫عَنْ جابر بن عبد ال رَضيَ اللّهُ َ‬ ‫ت الطرقُ فَل شُفعةَ" ُمتّفقٌ عََليْ ِه وَالل ْفظُ ل ْلبُخاريّ‪.‬‬ ‫صرّفَ ِ‬ ‫حدُود َو ُ‬ ‫فإذا َو َقعَت ال ُ‬ ‫ح هههه وفي َلفْ ظٍ ل يحل هههه‬ ‫ض أَو َربْ عٍ َأ ْو حائطٍ ل يَ صْلُ ُ‬ ‫ل شِرْكٍ في َأرْ ٍ‬ ‫وفي رواي ِة م سْلمٍ "الش ْفعَ ُة في كُ ّ‬ ‫أنْ يَبيعَ حتى َيعْرضَ عَلى شريكه"‪.‬‬ ‫ل شيء" ورجالُ ُه ثِقاتٌ‪.‬‬ ‫وَفي روايةِ الطّحاويّ "قضى النبي صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم بالشفع ِة في ك ّ‬ ‫(عن جابر بن عبد ال رضي ال عنه قال‪" :‬قضى رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم بالشّفْع ِة في كُلّ مَا لَ ْم يُقْ سَمْ‬ ‫طرُ قُ) وشوارعها‬ ‫صرّفَتِ) بضم الصاد المهملة وتشديد الراء ففاء معناه بي نت مصارف (ال ّ‬ ‫ت ا ْلحُدودُ و ُ‬ ‫فإذا و َقعَ ِ‬ ‫شرْكٍ) أي مشترك‬ ‫ل ِ‬ ‫(فَل شُ ْفعَةَ" متفق عليه واللفظ للبخاري وفي رواية مسلم) أي من حديث جابر (الشّ ْف َعةُ في كُ ّ‬ ‫ح هههه و في‬ ‫( في َأرْض أَ ْو َربْ عٍ) بف تح الراء و سكون الموحّدة الدار ويطلق على الرض (أوْ حائِ طٍ ل يَ صْلُ ُ‬ ‫ن يَبيعَ) الخليط لدللة السياق عليه (حَتى َيعْر ضَ عَلى شريك هِ" وفي رواية الطحاوي أي‬ ‫لفظ ل يحل هههه َأ ْ‬ ‫من حديث جابر "قضى رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم بالشفعة في كل شيءً" ورجاله ثقات)‪.‬‬ ‫اللفاظ فهي هذا الحديهث قهد تضافرت فهي الدلة على ثبوت الشفعهة للشريهك فهي الدور والعقار والبسهاتين وهذا‬ ‫مجمع عليه إذا كان مما يقسم‪.‬‬ ‫وفيما ل يقسم كالحمام الصغير ونحوه خلف‪.‬‬ ‫وذهب الهادوية هههه وفي البحر العترة هههه إلى صحة الشفعة في كل شيء‪.‬‬ ‫ومثله في البحر عن أبي حنيفة وأصحابه ويدل له حديث الطحاوي‪.‬‬ ‫ومثله عند ابن عباس عن الترمذي مرفوعا "الشفعة في كل شيء" وإن قيل إن رفعه خطأ فقد ثبت إرساله عن‬ ‫ابن عباس وهو شاهد لرفعه‪.‬‬ ‫على أن مرسل الصحابي إذا صحت عنه الرواية حجة‪.‬‬ ‫وعن المنصور أنه ل شفعة في المكيل والموزون لنه ل ضرر فيه‪.‬‬ ‫فأجيب بأن فيه ضررا وهو إسقاط حق الجوار ولنا ل نسلم أن العلة الضرر‪.‬‬ ‫وذهب الكثر على عدم ثبوتها في المنقول مستدلين بقوله‪" :‬فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فل شفعة" فإ نه‬ ‫دل على أنها ل تكون إل في العقار وتلحق به الدار لقوله في حديث مسلم‪" :‬أو ربع"‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬ولنه أخرج البزار من حديث جابر والبيهقي من حديث أبي هريرة بلفظ الحصر فيهما‪.‬‬ ‫الول‪" :‬ل شفعة إل في ربع أو حائط"‪.‬‬ ‫ولفظ الثاني‪" :‬ل شفعة إل في دار أو عقار"‪.‬‬ ‫إل أنه قال البيهقي بعد سياقه له‪ :‬السناد ضعيف‪ .‬وأجيب بأنها لو ثبتت لكانت مفاهيم ول تُقاوِمَ منطوقَ "في كل‬ ‫شيء"‪.‬‬ ‫ومنهم من استثنى من المنقول الثياب فقال تصح فيها الشفعة‪.‬‬ ‫ومنهم من استثنى منه الحيوان فقال تصح فيه الشفعة‪.‬‬ ‫وفي حديث مسلم دليل على أنه ل يحل للشريك بيع حصته حتى يعرض على شريكه وأنه محرم عليه البيع قبل‬ ‫عرضه‪ ،‬ومن حمله على الكراهة فهو حمل على خلف أصل النهي بل دليل‪.‬‬ ‫واختلف العلماء هل للشر يك الشف عة ب عد أن آذ نه شري كه ثم با عه من غيره فق يل له ذلك ول يم نع صحتها تقدم‬ ‫إيذانه وهو قول الكثر‪.‬‬ ‫وقال الثوري والحكم وأبو عبيد وطائفة من أهل الحديث تسقط شفعته بعد عرضه عليه وهو الوفق بلفظ الحديث‬ ‫وهو الذي اخترناه في حاشية ضوء النهار‪.‬‬ ‫وفي قوله‪" :‬أن يبيع" ما يشعر بأنها إنما تثبت فيما كان بعقد البيع وهذا مجمع عليه‪ ،‬وفي غيره خلف‪.‬‬ ‫‪21‬‬

‫وقوله في كل شيء يشمل الشفعة في الجارة وقد منعها الهادوية وقالوا إنما تكون في عين ل منفعة وضعف‬ ‫قول هم لن المنف عة ت سمى شيئا وتكون مشتر كة فشمل ها " في كل شرك" أيضا إذ لو لم ت كن شيئا ول مشتر كة ل ما‬ ‫صح التأجير فيها ول القسمة بالمهايأة ونحو ذلك وهي بيع مخصوص فيشملها‪" :‬ل يحل له أن يبيع"‪.‬‬ ‫فالحق ثبوت الشفعة فيها لشمول الدليل لها ولوجود علة الشفعة فيها‪.‬‬ ‫وظاهر قوله‪" :‬في كل شرك" أي مشترك ثبوتها للذمي على المسلم إذا كان شريكا له في الملك وفيه خلف‪.‬‬ ‫والظهر ثبوتها للذمي في غير جزيرة العرب لنهم منهيون عن البقاء فيها‪.‬‬ ‫حقّ بالدارِ" رَوَا هُ النّسائي‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬جَارُ الدّار َأ َ‬ ‫عنْ هُ قالَ رسو ُ‬ ‫س بْ نِ مِال كٍ رض يَ ال َ‬ ‫ع نْ َأنَ ِ‬ ‫وَ‬ ‫حبّانَ وَلَهُ عِّلةٌ‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫ححَه ابْ ُ‬ ‫صّ‬ ‫و َ‬ ‫حقّ بالدارِ" رَوَا ُه النّسائي‬ ‫ل اللّ هِ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬جَا ُر الدّار َأ َ‬ ‫ع ْن ُه قالَ رسو ُ‬ ‫س بْ نِ مِال كٍ رض يَ ال َ‬ ‫ن َأنَ ِ‬ ‫عْ‬ ‫(و َ‬ ‫حبّانَ وَلَهُ عِّلةٌ)‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫ححَه ابْ ُ‬ ‫صّ‬ ‫و َ‬ ‫و هي أ نه أخر جه أئ مة من الحفاظ عن قتادة عن أ نس وآخرون أخرجوه عن الح سن عن سمرة قالوا وهذا هو‬ ‫المحفوظ وقيل هما صحيحان جميعا قاله ابن القطان وهو الولى‪.‬‬ ‫وهذا وإن كان فيه علة فالحديث التي صحيح وهو قوله‪:‬‬ ‫ع ْن ُه قالَ‪ :‬قالَ رسول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬الجارُ أَح قُ بص َقبِهِ" َأخْرج ُه البُخاريّ‬ ‫ن أَبي راف عٍ َرضِ يَ اللّ هُ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫وفيهِ ِقصّةٌ‪.‬‬ ‫عنْ ُه قالَ‪ :‬قالَ ر سول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬الجارُ أَح قُ ب ص َقبِهِ"‬ ‫ع نْ أَ بي راف عٍ رَضِ يَ اللّ هُ َ‬ ‫و هو قوله (وَ َ‬ ‫َأخْرج ُه البُخاريّ وفي ِه قِصّةٌ)‪.‬‬ ‫وهي أنه قال أبو رافع للمسور بن مخرمة‪ :‬أل تأمر هذا هههه يشير إلى سعد هههه أن يشتري مني بيت يّ‬ ‫ن في داره فقال له سعد‪ :‬وال ل أزيدك على أربعمائة دينار مقطعة أو منجمة فقال أبو رافع‪ :‬سبحان ال لقد‬ ‫الّل َذيْ ِ‬ ‫منعتهما من خمسمائة نقدا فلول أني سمعت رسول ال صلى ال تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول‪" :‬الجار أحق‬ ‫بصقبه" ما بعتك‪.‬‬ ‫والحد يث وإن كان ذكره أ بو را فع في الب يع ف هو ي عم الشف عة فذ هب إلى ثبوت ها الهادو ية والحنف ية وآخرون لهذه‬ ‫الحاديث ولغيرها كحديث الشريد بن سويد قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول ال أرض لي ليس لحد فيها شرك ول قسم إل‬ ‫الجوار قال‪" :‬الجار أحق بصقبه" أخرجه ابن سعد عن عمرو بن شعيب عن الشريد وحديث جابر التي‪.‬‬ ‫وذ هب[اث] عليّ[‪/‬اث] و[اث]ع مر[‪/‬اث] و[اث]عثمان[‪/‬اث] والشاف عي وأح مد وإ سحاق وغير هم إلى أ نه ل شف عة‬ ‫بالجوار‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬والمراد بالجار في الحديث الشريك‪ ،‬قالوا‪ :‬ويدل على أن المراد به ذلك حديث أبي رافع فإنه سمى الخليط‬ ‫جارا واستدل بالحديث وهو من أهل اللسان وأعرف بالمراد والقول بأنه ل يعرف في اللغة تسمية الشريك جارا‬ ‫غير صحيح فإن كل شيء قارب شيئا فهو جار‪.‬‬ ‫وأج يب بأن أ با را فع غ ير شر يك ل سعد بل جار له ل نه كان يملك بيت ين في دار سعد ل أ نه كان يملك شق صا‬ ‫شائعا من منزل سعد‪.‬‬ ‫واسهتدلوا أيضا بمها سهلف مهن أحاديهث الشفعهة للشريهك وقوله‪" :‬إذا وقعهت الحدود وصهرفت الطرق فل شفعهة"‬ ‫ونحوه من الحاديث التي فيها حصر الشفعة قبل القسمة‪.‬‬ ‫وأجيب عنها بأن غاية ما فيها إثبات الشفعة للشريك من غير تعرض للجار ل بمنطوق ول مفهوم‪.‬‬ ‫ومفهوم الحصر في قوله‪" :‬إنما جعل النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم الشفعة الحديث" إنما هو فيما قبل القسمة للمبيع‬ ‫بين المشتري والشريك فمدلوله أن القسمة تبطل الشفعة وهو صريح رواية‪:‬‬ ‫"وإنما جعل النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم الشفعة في كل ما لم يقسم"‪.‬‬ ‫وأحاد يث إثبات الشف عة للخل يط ل تب طل ثبوت ها للجار ب عد قيام الدلة علي ها ال تي من ها ما سلف ومن ها الحد يث‬ ‫التي‪:‬‬ ‫عنْ ُه قالَ‪ :‬رسول ال صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم‪" :‬الجارُ َأحَق بشُ ْفعَ ِة جار هِ يُنتظرُ بهَا هههه‬ ‫ع نْ جابرٍ رَضى اللّ هُ َ‬ ‫وَ‬ ‫ح َمدُ والربع ُة ورَجاله ثقاتٌ‪.‬‬ ‫ن طَري ُق ُهمَا وَاحدا" رَوا ُه َأ ْ‬ ‫ن كانَ غائبا هههه إذا كا َ‬ ‫وإ ْ‬ ‫ن كا نَ‬ ‫عنْ ُه قالَ‪ :‬رسول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬الجارُ َأحَق بشُ ْفعَةِ جار ِه يُنتظرُ بهَا وإ ْ‬ ‫ع نْ جابرٍ رَضى اللّ هُ َ‬ ‫(و َ‬ ‫ح َمدُ والربعةُ ورَجاله ثقاتٌ)‪.‬‬ ‫ن طَريقهما وَاحدا" رَواهُ َأ ْ‬ ‫غائبا إذا كا َ‬ ‫‪22‬‬

‫أحسن المصنف بتوثيق رجاله وعدم إعلله وإل فإنهم قد تكلموا في هذه الرواية بأنه انفرد بزيادة قوله‪" :‬إذا كان‬ ‫طريقهما واحدا" عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬وعبد الملك ثقة مأمون ل يضر انفراده كما عرف في الصول وعلوم الحديث‪.‬‬ ‫والحديهث مهن أدلة شفعهة الجار إل أنهه قيده بقوله‪" :‬إذا كان طريقهمها واحدا" وقهد ذههب إلى اشتراط هذا بعهض‬ ‫العلماء قائلً بأنها تثبت الشفعة للجار إذا اشتركا في الطريق‪.‬‬ ‫قال في الشرح‪ :‬ول يبعد اعتباره‪:‬‬ ‫أما من حيث الدليل فللتصريح به في حديث جابر هذا‪.‬‬ ‫ومفهوم الشرط أنه إذا كان مختلفا فل شفعة‪.‬‬ ‫وأ ما من ح يث التعل يل فلن شرع ية الشف عة لمنا سبة د فع الضرر والضرر بح سب الغلب إن ما يكون مع شدّة‬ ‫الختلط وشبكة النتفاع وذلك إنما هو مع الشريك في الصل أو في الطريق ويندر الضرر مع عدم ذلك‪.‬‬ ‫وحديهث جابر المقيهد بالشرط ل يحتمهل التأويهل المذكور أ ّولً‪ ،‬لنهه إذا كان المراد بالجار الشريهك فل فائدة‬ ‫لشتراط كون الطريق واحدا‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬ول يخ فى أ نه قد آل الكلم إلى الخل يط ل نه مع اتحاد الطر يق تكون الشف عة للخل طة في ها وهذا هو الذي‬ ‫قررناه في منحة الغفار حاشية ضوء النهار‪.‬‬ ‫قال ابن القيم‪ :‬وهو أعدل القوال وهو اختيار شيخ السلم ابن تيمية‪.‬‬ ‫وحديث جابر هذا صريح فيه فإنه أثبت الشفعة بالجوار مع اتحاد الطريق ونفاها به في حديثه الخر مع اختلفها‬ ‫حيث قال‪" :‬فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فل شفعة"‪.‬‬ ‫فمفهوم حديث جابر هذا هو بعينه منطوق حديثه المتقدم فأحدهما يصدق الخر ويوافقه ل يعارضه ول يناقضه‬ ‫وجابر روى اللفظين فَتوافقت السنن وائتلفت بحمد ال انتهى بمعناه‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬ينتظر بها" دال على أنها ل تبطل شفعة الغائب وإن تراخى‪.‬‬ ‫وأما الحديث التي وهو قوله‪:‬‬ ‫ل ا ْلعِقَال" روا ُه ابنُ مَاجَهْ وال َبزّار وزاد "ول شف َعةَ‬ ‫ع َمرَ عَنِ النّبيّ صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم قال‪" :‬الشفعة َكحَ ّ‬ ‫وعن ابن ُ‬ ‫لِغائِبٍ" وإسْناد ُه ضَعيفٌ‪.‬‬ ‫وهو قوله‪( :‬وعن ابن عمر رضي ال عنه‪ :‬الشفعة كحل عقال‪ .‬رواه ابن ماجه والبزار وزاد‪" :‬ول شفعة لغائب"‬ ‫وإسناده ضعيف)‪.‬‬ ‫فإنه ل تقوم به حجة لما ستعرفه ولفظه من روايتهما‪" :‬ل شفعة لغائب ول لصغير والشفعة كحل عقال" وضعفه‬ ‫البزار وقال ابن حبان ل أصل له وقال أبو زرعة منكر وقال البيهقي ليس بثابت‪.‬‬ ‫وفي معناه أحاديث كلها ل أصل لها‪.‬‬ ‫اختلف الفقهاء في ذلك فع ند الهادو ية والشافع ية والحنابلة أن ها على الفور ول هم تقاد ير في زمان الفور ل دل يل‬ ‫على شيء منها‪.‬‬ ‫ول شك أنه إذا كان وجه شرعيتها دفع لضرر فإنه يناسب الفورية يقال كيف يبالغ في دفع ضرر الشفيع ويبالغ‬ ‫في ضرر المشتري ببقاء مشتراه معلقا‪.‬‬ ‫إل أنه ل يكفي هذا القدر في إثبات حكم والصل عدم اشتراط الفورية‪ ،‬وإثباتها يحتاج إلى دليل ول دليل‪.‬‬ ‫و قد ع قد البيه قي بابا في ال سنن ال كبرى للفاظ منكرة يذكر ها ب عض الفقهاء وع ّد من ها الشف عة ك حل عقال ول‬ ‫شفعهة لصهبي ول لغائب‪ ،‬والشفعهة ل ترث ول تورث‪ ،‬والصهبي على شفعتهه حتهى يدرك ول شفعهة لنصهراني‬ ‫وليس لليهودي ول للنصراني شفعة‪ ،‬فعد منها حديث الكتاب‪.‬‬ ‫باب القراض‬ ‫القراض بكسر القاف وهو معاملة العامل بنصيب من الربح‪.‬‬ ‫وهذه تسميته في لغة أهل الحجاز‪.‬‬ ‫وتسمى مضاربة مأخوذة من الضرب في الرض لما كان الربح يحصل في الغالب بالسفر أو من الضرب في‬ ‫المال وهو التصرف‪.‬‬ ‫ث فِيهن ا ْل َبرَكةُ‪ :‬ا ْل َبيْ ُع إلى أجلٍ‪ ،‬والمُقَارضَةُ‪،‬‬ ‫ع ْنهُ َأنّ النبيّ صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم قال‪" :‬ثَل ٌ‬ ‫ب رضيَ اللّهُ َ‬ ‫ن صهي ٍ‬ ‫عَ ْ‬ ‫ن مَاجَهْ بإسنادٍ ضعيفٍ‪.‬‬ ‫َوخَ ْلطُ البُر بالشعير ل ْل َبيْتِ ل ل ْل َبيْعِ" رَوَا ُه اب ُ‬ ‫‪23‬‬

‫ْعه إلى أجلٍ‪،‬‬ ‫َلثه فِيههن ا ْل َبرَكةُ‪ :‬ا ْل َبي ُ‬ ‫َسهلّم قال‪" :‬ث ٌ‬ ‫ْهه و َ‬ ‫صهلّى ال عََلي ِ‬ ‫ْهه أَنّ النهبيّ َ‬ ‫عن ُ‬ ‫ّهه َ‬ ‫رضيه الل ُ‬ ‫َ‬ ‫َنه صههيبٍ‬ ‫(ع ْ‬ ‫ن مَاجَهْ بإسنا ٍد ضعيفٍ)‪.‬‬ ‫والمُقَارضَةُ‪َ ،‬وخَ ْلطُ البُر بالشعير ل ْل َبيْتِ ل ل ْل َبيْعِ" رَوَا ُه اب ُ‬ ‫وإنما كانت البركة في ثلث لما في البيع إلى أجل من المسامحة والمساهلة والعانة للغريم بالتأجيل‪.‬‬ ‫وفي المقارضة لما في ذلك من انتفاع الناس بعضهم ببعض‪.‬‬ ‫وخلط البر بالشعير قوتا ل للبيع لنه قد يكون فيه غرر وغش‪.‬‬ ‫ل مالي في‬ ‫جعَ َ‬ ‫ن ل َت ْ‬ ‫عطَاهُ مَالً مُقارَض ًة أَ ْ‬ ‫ل إذا أَ ْ‬ ‫ع ْنهُ‪َ" :‬أنّهُ كانَ َيشْترطُ عَلى الرّج ِ‬ ‫ن حكيمِ بنِ حِزامٍ رضيَ اللّهُ َ‬ ‫عْ‬ ‫وَ‬ ‫ض ِمنْ تَ مالي" رَوا هُ‬ ‫ن ذلك فَ َقدْ َ‬ ‫شيْئا مِ ْ‬ ‫ن مَ سيل‪ ،‬فإ نْ َفعَلْ تَ َ‬ ‫ل به في َبطْ ِ‬ ‫حمِلَ ُه في بَحْر‪ ،‬ول َتنْز َ‬ ‫طبَةٍ وَل َت ْ‬ ‫َك ِبدٍ َر ْ‬ ‫الدّا َرقُطْنيّ ورجال ُه ثِقاتٌ‪.‬‬ ‫ل في مالٍ ِلعُثما نَ عَلى‬ ‫عمِ َ‬ ‫ن جَده‪ِ" :‬إنّ هُ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن يعْقو بَ عَ نْ أَبي هِ َ‬ ‫عبْد ال ّرحْمن بْ ِ‬ ‫ن الْعلءِ ب نِ َ‬ ‫عِ‬ ‫ل مال كٌ في الموطأِ َ‬ ‫وقا َ‬ ‫ح َب ْينَهُما" وَ ُه َو مَوْقوفٌ صحيحٌ‪.‬‬ ‫َأنّ ال ّربْ َ‬ ‫جعَلَ مالي‬ ‫عطَا ُه مَالً مُقارَض ًة أَ نْ ل َت ْ‬ ‫ن َيشْتر طُ عَلى الرّجلِ إذا َأ ْ‬ ‫عنْ هُ‪َ" :‬أنّ هُ كا َ‬ ‫ي اللّ هُ َ‬ ‫ن حِزا مٍ رض َ‬ ‫ن حكي مِ ب ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫(و َ‬ ‫ض ِمنْ تَ مالي" رَوا هُ‬ ‫ن ذلك فَ َقدْ َ‬ ‫شيْئا مِ ْ‬ ‫حمِلَ ُه في َبحْر‪ ،‬ول َتنْزلَ به في َبطْ نِ مَسيل‪ ،‬فإ نْ َفعَلْ تَ َ‬ ‫في َك ِبدٍ َرطْبَ ٍة وَل َت ْ‬ ‫الدّا َرقُطْنيّ ورجال ُه ثِقاتٌ‪.‬‬ ‫ل في مالٍ ِلعُثما نَ عَلى‬ ‫عمِ َ‬ ‫ن جَده‪ِ" :‬إنّ هُ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن يعْقو بَ عَ نْ أَبي هِ َ‬ ‫عبْد ال ّرحْمن بْ ِ‬ ‫ن الْعلءِ ب نِ َ‬ ‫عِ‬ ‫ل مال كٌ في الموطأِ َ‬ ‫وقا َ‬ ‫ح َب ْينَهُما" َو َو مَوْقوفٌ صحيحٌ)‪.‬‬ ‫َأنّ ال ّربْ َ‬ ‫ل خلف بين المسلمين في جواز القراض وأنه مما كان في الجاهلية فأقره السلم وهو نوع من الجارة إل أنه‬ ‫عفى فيها عن جهالة الجر‪.‬‬ ‫وكانت الرخصة في ذلك الموضع الرفق بالناس‪.‬‬ ‫ولها أركان وشروط‪:‬‬ ‫فأركانها العقد باليجاب أو ما في حكمه والقبول أو ما في حكمه وهو المتثال بين جا ِئزَي التصرف إل من مال‬ ‫مسلم لكافر على مال نقد عند الجمهور‪.‬‬ ‫ولها أحكام مجمع عليها‪:‬‬ ‫منها أن الجهالة مغتفرة فيها‪.‬‬ ‫ومنها أنه ل ضمان على العامل فيما تلف من رأس المال إذا لم يتعد‪.‬‬ ‫واختلفوا إذا كان دينا فالجمهور على منعه‪:‬‬ ‫قيل لتجويز إعسار العامل بالدين فيكون من تأخيره عنه لجل الربح فيكون من الربا المنهي عنه‪.‬‬ ‫وقيل لن ما في الذمة يتحول عن الضمانة ويصير أمانة‪.‬‬ ‫وقيل لن ما في الذمة ليس بحاضر حقيقة فلم يتعين كونه مال المضاربة‪.‬‬ ‫ومن شرط المضاربة أن تكون على مال من صاحب المال‪.‬‬ ‫واتفقوا أيضا على أنه إذا اشترط أحدهما من الربح لنفسه شيئا زائدا معينا فإنه ل يجوز ويلغو‪.‬‬ ‫ودل حديث حكيم على أنه يجوز لمالك المال أن يحجر العامل عما شاء فإن خالف ضمن إذا تلف المال وإن سلم‬ ‫المال فالمضاربة باقية فيما إذا كان يرجع إلى الحفظ‪.‬‬ ‫وأ ما إذا كان الشتراط ل ير جع إلى الح فظ بل كان ير جع إلى التجارة وذلك بأن ينهاه أن ل يشتري نوعا معينا‬ ‫ول يبيع من فلن فإنه يصير فضوليا إذا خالف فإن أجاز المالك نفذ البيع وإن لم يجز لم ينفذ‪.‬‬ ‫باب المساقاة والجارة‬ ‫ج ِمنْها مِنْ‬ ‫ل أَهْلَ خَيبرَ بشَطرِ مَا َيخْر ُ‬ ‫ع ْنهُما‪" :‬أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم عامَ َ‬ ‫ع َمرَ رَضيَ اللّهُ َ‬ ‫ن ابْنِ ُ‬ ‫عَ ِ‬ ‫َث َمرٍ َأوْ َز ْرعٍ" ُمتّفق عََليْهِ‪.‬‬ ‫عمََلهَا وََلهُ مْ نِ صْفُ ال َث َمرِ‪ ،‬فَقَالَ َلهُ مْ رَسول ال صَلّى ال‬ ‫ن يكفُوا َ‬ ‫سأَلُوه َأ نْ يقرّهُ مْ بها عَلى أَ ْ‬ ‫وفي رَوايةٍ لهُما‪" :‬فَ َ‬ ‫عمَر‪.‬‬ ‫عََليْهِ َوسَلّم‪" :‬نُ ِق ّر ُكمْ بهَا عَلى ذلك ما شِئنا" فَ َقرّوا بها حتى َأجْل ُهمْ ُ‬ ‫خ ْيبَرَ وَأ ْرضَهها عَلى أَن ْه َي ْع َتمِلُوهها مِن ْه‬ ‫خ ْيبَ َر نخْلَ َ‬ ‫هّم َدفَعَه إلى يهودِ َ‬ ‫هّى ال عََليْهِه وَسَل‬ ‫همٍ "أَنّ رَسهُولَ ال صَل‬ ‫ولمُس ْل‬ ‫طرُ َثمَرهَا"‪.‬‬ ‫ش ْ‬ ‫أَموالهمْ وََل ُهمْ َ‬ ‫ل أَهْلَ خَيبرَ بشَطرِ مَا َيخْرجُ ِمنْها ِمنْ‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم عامَ َ‬ ‫ع ْنهُما‪" :‬أَنّ رَسُو َ‬ ‫ع َمرَ رَضيَ اللّهُ َ‬ ‫(عَنِ ا ْبنِ ُ‬ ‫َث َمرٍ َأوْ َز ْرعٍ" ُمتّفق عََليْهِ‪.‬‬ ‫‪24‬‬

‫عمََلهَا وََلهُ مْ نِ صْفُ ال َث َمرِ‪ ،‬فَقَالَ َلهُ مْ رَسول ال صَلّى ال‬ ‫ن يكفُوا َ‬ ‫سأَلُوه َأ نْ يقرّهُ مْ بها عَلى أَ ْ‬ ‫وفي رَوايةٍ لهُما‪" :‬فَ َ‬ ‫عمَر‪.‬‬ ‫عََليْهِ َوسَلّم‪" :‬نُ ِق ّر ُكمْ بهَا عَلى ذلك ما شِئنا" فَ َقرّوا بها حتى َأجْل ُهمْ ُ‬ ‫خ ْيبَرَ وَأ ْرضَهها عَلى أَن ْه َي ْع َتمِلُوهها مِن ْه‬ ‫خ ْيبَ َر نخْلَ َ‬ ‫هّم َدفَعَه إلى يهودِ َ‬ ‫هّى ال عََليْهِه وَسَل‬ ‫همٍ "أَنّ رَسهُولَ ال صَل‬ ‫ولمُس ْل‬ ‫طرُ َثمَرهَا"‪.‬‬ ‫ش ْ‬ ‫أَموالهمْ وََل ُهمْ َ‬ ‫الحديهث دليهل على صهحة المسهاقاة والمزارعهة وههو قول[اث] علي عليهه السهلم[‪/‬اث] و[اث]أبهي بكهس[‪/‬اث]‬ ‫و[اث]عمر[‪/‬اث] وأحمد وابن خزيمة وسائر فقهاء المحدثين أنهما تجوزان مجتمعتين وتجوز كل واحدة منفردة‪.‬‬ ‫والمسلمون في جميع المصار والعصار مستمرون على العمل بالمزارعة‪.‬‬ ‫وقوله ما شئ نا دل يل على صحة الم ساقاة والمزار عة وإن كا نت المدة مجهولة وقال الجمهور ل تجوز الم ساقاة‬ ‫والمزارعة إل في مدة معلومة كالجازة وتأولوا قوله‪" :‬ما شئنا" على مدة العهد وأن المراد نمكنكم من المقام في‬ ‫خ يبر ما شئ نا ثم نخرج كم إذا شئ نا ل نه صلى ال عل يه وآله و سلم كان عازما على إخراج اليهود من جزيرة‬ ‫العرب وفيه نظر‪.‬‬ ‫وأما المساقاة فإن مدتها معلومة لنها إجارة وقد اتفقوا على أنها ل تجوز إل بأجل معلوم‪.‬‬ ‫وقال ابن القيم في زاد المعاد‪" :‬في قصة خيبر دليل على جواز المساقاة والمزارعة بجزء من الغلة من ثمر أو‬ ‫زرع ل نه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم عا مل أ هل خ يبر على ذلك وا ستمر في ذلك إلى ح ين وفا ته ولم ين سخ الب تة‪.‬‬ ‫وا ستمر ع مل خلفائه الراشد ين عل يه ول يس هذا من باب المؤاجرة في ش يء بل من باب المشار كة و هو نظ ير‬ ‫المضار بة سواء‪ ،‬ف من أباح المضار بة وحرّم ذلك ف قد فرق ب ين متماثل ين فإ نه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم د فع إلي هم‬ ‫الرض على أن يعتملوها من أموالهم ولم يدفع إليها البذر ول كان يحمل إليهم البذر من المدينة قطعا فدل على‬ ‫أن هديُه عدم اشتراط كون البذر من رب الرض وأنه يجوز أن يكون من العامل وهذا كان هديه صلى ال عليه‬ ‫وعلى آله و سلم وهدي الخلفاء الراشد ين من بعده وك ما أ نه هو المنقول ف هو الموا فق للقياس فإن الرض بمنزلة‬ ‫رأس المال في المضار بة والبذر يجري مجرى سقي الماء ولهذا يموت في الرض ول ير جع إلى صاحبه ولو‬ ‫كان بمنزلة رأس المال في المضار بة لشترط عوده إلى صاحبه وهذا يف سد المزار عة فعلم أن القياس ال صحيح‬ ‫هو الموافق لهدي رسول ال صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم وخلفائه الراشدين انتهى"‪.‬‬ ‫وقد أشار في كلمه إلى ما يذهب إليه الحنفية والهادوية من أن المساقاة والمزارعة ل تصح وهي فاسدة وتأولوا‬ ‫هذا الحديث بأن خيبر فتحت عنوة فكان أهلها عبيدا له صلى ال عليه وآله وسلم فما أخذه فهو له وما تركه فهو‬ ‫له وهو كلم مردود ل يحسن العتماد عليه‪.‬‬ ‫ض بالذهَ بِ وَال ِفضّةِ؟ فَقَالَ‪ :‬ل‬ ‫ع نْ كِراءِ الرْ ِ‬ ‫سأَلْتُ رافِ عَ ْب نَ خَدي جٍ َ‬ ‫ع ْن هُ قالَ‪َ :‬‬ ‫ي ال َ‬ ‫ح ْنظَلَةَ ْب نِ َقيْ سٍ رض َ‬ ‫ع نْ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ع ْهدِ ر سولِ اللّ هِ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم عَلى المَا ِذيَانَا تِ وَأ ْقبَالِ الجدَاولِ‬ ‫بأ سَ ِب هِ إنّ ما كا نَ النّاس يُؤاجِرو نَ عَلى َ‬ ‫عنْ هُ‪،‬‬ ‫ن للنّا سِ ِكرَا ٌء إل هذا فَلذل كَ َزجَرَ َ‬ ‫ن الزّرْ عِ َف َيهْلِ كُ هذا َويَ سْلَمُ هذا َويَ سْلمُ هذا ويَهل كُ هذا‪ ،‬ول مْ َيكُ ْ‬ ‫وأَشياءَ مِ َ‬ ‫ن فَل بأسَ ِبهِ" رَوَاهُ ُمسِْلمٌ‪.‬‬ ‫ضمُو ٌ‬ ‫فَأمّا شيءٍ َمعْلُومٌ َم ْ‬ ‫عنْ كِراءِ الرْضِ‪.‬‬ ‫جمِلَ في المتّ َفقِ عََل ْيهِ ِمنْ إطْلقِ ال َنهْي َ‬ ‫ن لمَا ُأ ْ‬ ‫وفيهِ َبيَا ٌ‬ ‫ن خَدي جٍ‬ ‫(وعن حنظلة بن قيس رضي ال عنه) هو ال ّزرَقِي النصاري من ثقات أهل المدينة (قال‪ :‬سألت رافع ب َ‬ ‫ل اللّ هِ صلى ال‬ ‫ن على عه ِد ر سو ِ‬ ‫عن ِكرَاءِ الرض بالذّهَ بِ وال ِفضّةِ فقال‪ :‬ل بأ سَ ِب ِه إن ما كان النا سُ يؤاجرو َ‬ ‫تعالى عليه وعلى آله وسلم على الماذيانا تِ) بذال معجمة مكسورة ثم مثناة تحتية ثم ألف ونون ثم ألف ثم مثناة‬ ‫فوقية هي مسايل المياه وقيل ما ينبت حول السواقي (وََأقْبالِ الجداول) بفتح الهمزة فقاف فموحدة أوائل الجداول‬ ‫ك هذا‪ ،‬ولم ي كن للناس كرا ٌء إل هذا فلذل كَ َزجَرَ ع نه‬ ‫(وأشْياءَ من الزرع فيهلك هذا وي سلمُ هذا‪ ،‬وي سلمُ هذا ويهل ُ‬ ‫ل في المتفق عليه من إطلق النهي عن‬ ‫جمِ َ‬ ‫ن فل بأ سَ به‪ .‬رواه مسلم‪ ،‬وفيه بيان لما ُأ ْ‬ ‫فأما شيءٍ معلو مٌ مضمو ٌ‬ ‫كراءِ الرض)‪.‬‬ ‫مضمون الحد يث دل يل على صحة كراء الرض بأجرة معلو مة من الذ هب والف ضة ويقاس عليه ما غيرهما من‬ ‫سائر الشياء المتقوّمة ويجوز بما يخرج منها من ثلث وربع لما دل عليه الحديث الول‪.‬‬ ‫وحد يث ا بن ع مر قال‪ " :‬قد عل مت أن الرض كا نت تكرى على ع هد ر سول ال صلى ال عل يه وآله و سلم ب ما‬ ‫على ال ْربِعا ِء وشيء من التبن ل أدري ما هو"‪ ،‬أخرجه مسلم‪.‬‬ ‫ن ابن عمر كان يعطي أرضه بالثلث والربع ثم تركه‪.‬‬ ‫وأخرج أيضا أَ ّ‬

‫‪25‬‬

‫ويأ تي ما يعار ضه وقوله على الربعاء ج مع رب يع و هي ال ساقية ال صغيرة ومعناه هو وحد يث الباب أن هم كانوا‬ ‫يدفعون الرض إلى مهن يزرعهها ببذر مهن عنده على أن يكون لمالك الرض مها ينبهت على مسهايل المياه‬ ‫ورؤُوس الجداول أو هذه القطعة والباقي للعامل فنهوا عن ذلك لما فيه من الغرر فربما هلك ذا دون ذاك‪.‬‬ ‫هّم نههى عَنِه المزَارعةِ وَأ َمرَ‬ ‫هّى ال عََليْهِه وَسَل‬ ‫ل اللّ هِ صَل‬ ‫عنْههُ‪" :‬أَنّ رسهو َ‬ ‫ضحَاكِه رضهي اللّ هُ َ‬ ‫وَعَن ْه ثابتِه بْنِه ال ّ‬ ‫جرَةِ" َروَا ُه ُمسْلِمٌ َأيْضا‪.‬‬ ‫بالمؤا َ‬ ‫َسهلّم نههى عهن المزارعهة وََأ َمرَ‬ ‫ْهه و َ‬ ‫صهلّى ال عََلي ِ‬ ‫(وعهن ثابهت بهن الضحاك رضهي ال عنهه‪ :‬أن رسهول ال َ‬ ‫جرَةِ‪ .‬رواه مسلم)‪.‬‬ ‫بالمؤا َ‬ ‫وأخرج مسلم أيضا "أن عبد ال بن عمر كان يكري أرضه حتى بلغه أن رافع بن خديج النصاري كان ينهى‬ ‫عن كراء المزارع فلق يه ع بد ال فقال‪ :‬يا ا بن خد يج ماذا تحدث عن ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم في كراء‬ ‫ع ّميّ وكانا شهدا بدرا يحدثان أهل الدار أن رسول ال صلى ال تعالى عليه‬ ‫الرض فقال رافع لعبد ال‪ :‬سمعت َ‬ ‫وآله و سلم ن هى عن كراء الرض فقال ع بد ال‪ :‬ل قد ك نت أعلم في ع هد ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم أن‬ ‫خشِيَ عبد ال أن يكون رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم أحدث في ذلك شيئا لم يكن فترك‬ ‫الرض تكرى ثم َ‬ ‫كراء الرض"‪.‬‬ ‫وفي النهي عن المزارعة أحاديث ثابتة وقد جمع بينها وبين الحاديث الدالة على جوازها بوجوه‪:‬‬ ‫أحسهنها أن النههي كان فهي أول المهر لحاجهة الناس وكون المهاجريهن ليهس لههم أرض فأمهر النصهار بالتكرم‬ ‫بالمواسهاة‪ .‬ويدل له مها أخرجهه مسهلم مهن حديهث جابر قال‪" :‬كان لرجال مهن النصهار فضول أرض وكانوا‬ ‫يكرونها بالثلث والربع فقال النبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم وآله‪ :‬من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه فإن‬ ‫أبى فليمسكها"‪.‬‬ ‫وهذا ك ما نهوا عن ادخار لحوم الضح ية ليت صدقوا بذلك هههه ثم ب عد تو سع حال الم سلمين زال الحتياج‬ ‫فأبيح لهم المزارعة وتصرف المالك في ملكه بما شاء من إجارة وغيرها‪.‬‬ ‫ويدل على ذلك ما وقع من المزارعة في عهده صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم وعهد الخلفاء من بعده ومن البعيد غفلتهم‬ ‫عن النهي وترك إشاعة رافع له في هذه المدة وذكره في آخر خلفة معاوية‪.‬‬ ‫قال الخطابي‪ :‬قد عقل المعنى ابن عباس وأنه ليس المراد تحريم المزارعة بشطر ما تخرجه الرض وإنما أريد‬ ‫بذلك أن يتمانحوا وأن يرفق بعضهم ببعض انتهى‪.‬‬ ‫وعن زيد بن ثابت‪ :‬يغفر ال لرافع أنا وال أعلم بالحديث منه‪ ،‬إنما أتاه رجلن من النصار قد اختلفا فقال‪" :‬إن‬ ‫كان هذا شأنكهم فل تكروا المزارع" كأن زيدا يقول إن رافعا اقتطهع الحديهث فروى النههي غيهر راو أوّله فأخلّ‬ ‫بالمقصود‪.‬‬ ‫وأما العتذار عن جهالة الجرة فقد صح في المرضعة بالنفقة والكسوة مع الجهالة قدرا أو لنه كالمعلوم جملة‬ ‫لن الغالب تقارب حال الحاصل وقد حد بجهة الكمية أعني النصف والثلث وجاء النص فقطع التكلفات‪.‬‬ ‫حرَاما لَ مْ‬ ‫جرَ هُ وََلوْ كا نَ َ‬ ‫جمَ ُه َأ ْ‬ ‫حَ‬ ‫ح َتجَ مَ رَ سُولُ اللّ ِه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم وَأَعْطَى الذي َ‬ ‫عبّا سٍ قالَ‪" :‬ا ْ‬ ‫ن ابْ نِ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫ُي ْعطِهِ" رَوَاهُ ا ْل ُبخَاري‪.‬‬ ‫حرَاما لَ مْ‬ ‫ن َ‬ ‫جرَ هُ وََل ْو كا َ‬ ‫جمَ ُه َأ ْ‬ ‫حَ‬ ‫ل اللّ هِ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم وََأعْطَى الذي َ‬ ‫ح َتجَ مَ رَ سُو ُ‬ ‫عبّا سٍ قالَ‪" :‬ا ْ‬ ‫ن ابْ نِ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ُي ْعطِهِ" رَوَاهُ ا ْل ُبخَاري)‪.‬‬ ‫وفي لفظ في البخاري‪" :‬ولو علم كراهية لم يعطه"‪.‬‬ ‫وهذا من قول ابن عباس كأنه يريد الرد على من زعم أنه ل يحل إعطاء الحجام أجرته وأنه حرام‪.‬‬ ‫و قد اختلف العلماء في أجرة الحجام فذ هب الجمهور إلى أ نه حلل احتجوا بهذا الحد يث وقالوا‪ :‬هو ك سب ف يه‬ ‫دناءة وليس بمحرم وحملوا النهي على التنزيه ومنهم من ادعى النسخ وأنه كان حراما ثم أبيح وهو صحيح إذا‬ ‫عرف التاريخ‪.‬‬ ‫وذهب أحمد وآخرون إلى أنه يكره للحر الحتراف بالحجامة ويحرم عليه النفاق على نفسه من أجرتها ويجوز‬ ‫له النفاق على الرقيهق والدواب وحجتههم مها أخرجهه مالك وأحمهد وأصهحاب السهنن برجال ثقات مهن حديهث‬ ‫َسهلّم عهن كسهب الحجام فنهاه فذكهر له الحاجهة فقال‪" :‬اعلفهه‬ ‫ْهه و َ‬ ‫صهلّى ال عََلي ِ‬ ‫محيصهة‪ :‬أنهه سهأل رسهول ال َ‬ ‫نواضحك"‪ .‬وأباحوه للعبد مطلقا‪.‬‬ ‫وفيه جواز التداوي بإخراج الدم وغيره وهو إجماع‪.‬‬ ‫عنْ ُه قالَ‪ :‬قال رسول ال صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم‪َ " :‬كسْبُ الحجّامِ خبيثٌ" رَوَا ُه ُمسْلمٌ‪.‬‬ ‫ن خديجٍ رضي اللّهُ َ‬ ‫عنْ رَافِع ب ِ‬ ‫وَ َ‬ ‫‪26‬‬

‫ع ْن ُه قالَ‪ :‬قال ر سول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬كَ سْبُ الحجّا مِ خبيثٌ" رَوَا هُ‬ ‫ن رَافِع ب نِ خدي جٍ ر ضي اللّ هُ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ُمسْلمٌ)‪.‬‬ ‫الخهبيث ضهد الطيهب وههل يدل على تحريمهه؟ الظاههر أ نه ل يدل له فإنهه تعالى قال‪{ :‬ول تيمموا الخهبيث منهه‬ ‫تنفقون} فسمى رذال المال خبيثا ولم يحرمه وأما حديث‪" :‬من السحت كسب الحجام" فقد فسره هذا الحديث وأنه‬ ‫أريد بالسحت عدم الطيب‪.‬‬ ‫وأيد ذلك إعطاؤه صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم الحجام أجرته‪.‬‬ ‫قال ا بن العر بي‪ :‬يج مع بي نه وب ين إعطائه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم الحجام أجر ته بأن م حل الجواز ما إذا كا نت‬ ‫الجرة على عمل معلوم ومحل الزجر ما إذا كانت الجرة على عمل مجهول‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬هذا بناء على أن ما يأخذه حرام‪.‬‬ ‫وقال ابن الجوزي‪ :‬إنما كرهت لنها من الشياء التي تجب على المسلم للمسلم إعانته بها عند الحتياج فما كان‬ ‫ينبغي أن يأخذ على ذلك أجرا‪.‬‬ ‫ص ُمهُمْ‬ ‫عزّ َوجَلّ‪ :‬ثَلثَ ٌة َأنَا خَ ْ‬ ‫عنْ ُه قالَ‪ :‬قالَ رسول ال صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم‪" :‬قالَ ال َ‬ ‫عنْ أَبي هُريرة رضي اللّهُ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ل استأجَرَ أجيرا فاستوفى ِمنْه وَلَ مْ ُي ْعطِ هِ‬ ‫غ َدرَ‪َ ،‬و َرجُلٌ بَا عَ حُرا َفأَكل ثمنَ هُ‪ ،‬وَرج ٌ‬ ‫ل أَعْطى بي ثمّ َ‬ ‫َيوْ مَ الْقيامةِ‪َ :‬رجُ ٌ‬ ‫جرَهُ" َروَا ُه ُمسْلِمٌ‪.‬‬ ‫َأ ْ‬ ‫عزّ َوجَلّ‪ :‬ثَلثَةٌ أَنَا‬ ‫َسهلّم‪" :‬قالَ ال َ‬ ‫ْهه و َ‬ ‫صهلّى ال عََلي ِ‬ ‫ْهه قالَ‪ :‬قالَ رسهول ال َ‬ ‫عن ُ‬ ‫ّهه َ‬ ‫َنه أَبهي هُريرة رضهي الل ُ‬ ‫(وَع ْ‬ ‫جرَ أجيرا فاستوفى ِمنْه‬ ‫غ َدرَ‪َ ،‬و َرجُلٌ بَا عَ حُرا َفأَكل ثمنَ هُ‪ ،‬وَرجلٌ استأ َ‬ ‫ص ُمهُمْ َيوْ مَ الْقيامةِ‪َ :‬رجُلٌ َأعْطى بي ثمّ َ‬ ‫خَ ْ‬ ‫جرَهُ" رَوَا ُه ُمسْلِمٌ)‪.‬‬ ‫وََلمْ ُي ْعطِهِ َأ ْ‬ ‫فيه دللة على شدة جرم من ذكر وأنه تعالى يخصمهم يوم القيامة نيابة عمن ظلموه‪.‬‬ ‫وقوله‪ :‬أعطى بي أي حلف باسمي وعاهد أو أعطى المان باسمي وبما شرعته من ديني‪.‬‬ ‫وتحريم الغدر والنكث مجمع عليه وكذا بيع الحر مجمع على تحريمه‪.‬‬ ‫وقوله‪ :‬استوفى منه أي استكمل منه العمل ولم يعطه الجرة فهو أكل لماله بالباطل مع تعبه وكده‪.‬‬ ‫خذْتُمْ عََليْ ِه َأجْرا كِتا بُ‬ ‫حقّ مَا َأ َ‬ ‫ل اللّ هِ صَلّى ال عََل ْي هِ وَسَلّم قالَ‪" :‬إنّ َأ َ‬ ‫عنْهما َأنّ رَسو َ‬ ‫عبّاسٍ رَضيَ اللّ هُ َ‬ ‫ن اب نِ َ‬ ‫عِ‬ ‫وَ َ‬ ‫خ َرجَ ُه ا ْل ُبخَاري‪.‬‬ ‫ال" َأ ْ‬ ‫خ ْذتُمْ عََل ْي ِه َأجْرا كِتابُ‬ ‫حقّ مَا َأ َ‬ ‫عنْهما أَنّ رَسولَ اللّ ِه صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم قالَ‪" :‬إنّ َأ َ‬ ‫عبّاسٍ رَضيَ اللّهُ َ‬ ‫ن ابنِ َ‬ ‫عِ‬ ‫(وَ َ‬ ‫خ َرجَ ُه ا ْل ُبخَاري)‪.‬‬ ‫ال" َأ ْ‬ ‫و قد عار ضه ما أخر جه أ بو داود من حد يث عبادة بن ال صامت ولف ظه‪" :‬علّ مت نا سا من أ هل ال صفة الكتاب‬ ‫والقرآن فأهدى إل يّ رجل منهم قوسا فقلت‪ :‬ليست لي بمال فأرمي عليها في سبيل ال فأتيته فقلت‪ :‬يا رسول ال‬ ‫أهدي إليّ قو سا م من ك نت أعل مه الكتاب والقرآن ولي ست لي بمال فأر مي علي ها في سبيل ال‪ .‬فقال‪ :‬إن ك نت‬ ‫تحب أن تطوق طوقا من نار فاقبلها"‪.‬‬ ‫فاختلف العلماء في العمل بالحديثين‪:‬‬ ‫فذ هب الجمهور و مالك والشاف عي إلى جواز أ خذ الجرة على تعل يم القرآن سواء كان المتعلم صغيرا أو كبيرا‬ ‫ولو تعين تعليمه على المعلم عملً بحديث ابن عباس ويؤيده ما يأتي في النكاح من جعله صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم‬ ‫تعليم الرجل لمرأته القرآن مهرا لها‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬وحد يث عبادة ل يعارض حد يث ا بن عباس إذ حد يث ا بن عباس صحيح وحد يث عبادة في روا ته مغيرة‬ ‫بن زياد مختلف فيه واستنكر أحمد حديثه وفيه السود بن ثعلبة فيه مقال فل يعارض الحديث الثابت‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬ولو صح فإنه محمول على أن عبادة كان متبرعا بالحسان وبالتعليم غير قاصد لخذ الجرة فحذره النبي‬ ‫صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم من إبطال أجره وتوعده‪.‬‬ ‫وفي أخذ الجرة من أهل الصفة بخصوصهم كراهة ودناءة لنهم ناس فقراء كانوا يعيشون بصدقة الناس فأخذ‬ ‫المال منهم مكروه‪.‬‬ ‫وذ هب الهادو ية والحنف ية وغيره ما إلى تحر يم أ خذ الجرة على تعل يم القرآن م ستدلين بحد يث عبادة وف يه ما‬ ‫عرفت فيه قريبا‪.‬‬ ‫نعم ا ستطرد البخاري ذكر أ خذ الجرة على الرق ية في هذا الباب فأخرج من حد يث أبي سعيد في رق ية ب عض‬ ‫ال صحابة لب عض العرب وأ نه لم ير قه حتهى شرط عل يه قطيعا من غ نم فت فل عل يه وقرأ عل يه {الح مد ل رب‬ ‫‪27‬‬

‫العالم ين} فكأنما ن شط من عقال فانطلق يم شي و ما به قل بة أي علة فأوفاه ما شرط ول ما ذكروا ذلك لر سول ال‬ ‫قال‪" :‬قد أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم سهما"‪.‬‬ ‫وذ كر البخاري لهذه الق صة في هذا الباب وإن لم ت كن من الجرة على التعل يم وإن ما في ها دللة على جواز أ خذ‬ ‫العوض فهي مقابلة قراءة القرآن لتأييهد جواز أخهذ الجرة على قراءة القرآن تعليما أو غيره‪ ،‬إذ ل فرق بيهن‬ ‫قراءته للتعليم وقراءته للطب‪.‬‬ ‫جرَ هُ َقبْلَ َأ نْ يجفّ‬ ‫ع ْن ُهمَا قالَ‪ :‬قالَ رَ سُولُ اللّ هِ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬أَعطُوا الجِيرَ َأ ْ‬ ‫ع َمرَ َرضِ يَ ال َ‬ ‫ع نِ ابْ نِ ُ‬ ‫وَ َ‬ ‫ن مَاجَهْ‪.‬‬ ‫عرَقُهُ" رَوَا ُه اب ُ‬ ‫َ‬ ‫ع ْندَ الطّبرانيّ َوكُلّها ضِعافٌ‪.‬‬ ‫ع ْندَ أَبي َيعْلَى وال َب ْيهَقيّ َوجَابرٍ ِ‬ ‫ع ْنهُ ِ‬ ‫ضيَ اللّهُ َ‬ ‫عنْ أَبي ُه َريْرةَ َر ِ‬ ‫وَفي البابِ َ‬ ‫ن يجفّ‬ ‫جرَ ُه َقبْلَ أَ ْ‬ ‫ع ْن ُهمَا قالَ‪ :‬قالَ رَ سُولُ اللّ ِه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬أَعطُوا الجِيرَ َأ ْ‬ ‫ع َمرَ رَضِ يَ ال َ‬ ‫ع نِ ا ْب نِ ُ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ن مَاجَهْ‪.‬‬ ‫عرَقُهُ" رَوَا ُه اب ُ‬ ‫َ‬ ‫ع ْندَ الطّبرانيّ َوكُلّها ضِعافٌ)‪.‬‬ ‫ع ْندَ أَبي َيعْلَى وال َب ْيهَقيّ َوجَابرٍ ِ‬ ‫ع ْنهُ ِ‬ ‫ضيَ اللّهُ َ‬ ‫عنْ أَبي ُه َريْرةَ َر ِ‬ ‫وَفي البابِ َ‬ ‫لن في حديث ابن عمر شرقي بن قطامي ومحمد بن زياد الراوي عنه وكذا في مسند أبي يعلى والبيهقي‪.‬‬ ‫وتمامه عند البيهقي‪" :‬وأعلمه أجره وهو في عمله" قال البيهقي عقيب سياقه بإسناده‪ :‬وهذا ضعيف‪.‬‬ ‫سمّ لَ ُه ُأجْ َرتَهُ"‬ ‫ن استَأجَرَ أَجيرا فَ ْليُ َ‬ ‫عنْهُ‪ :‬أَنّ النّبي صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم قال‪" :‬مَ ِ‬ ‫ن أَبي سعيدٍ الخدْريّ رضيَ اللّهُ َ‬ ‫عْ‬ ‫وَ َ‬ ‫ن طريقِ أَبي حَنيفةَ‪.‬‬ ‫ع ْبدُ ال ّرزّاق وَفيهِ انقِطاعٌ ووصَلَ ُه ال َب ْيهَ ِقيّ مِ ْ‬ ‫رَوَاهُ َ‬ ‫سمّ لَ هُ‬ ‫جرَ أَجيرا فَلْيُ َ‬ ‫ع ْن هُ‪ :‬أَنّ النّبي صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم قال‪" :‬مَ نِ ا ستَأ َ‬ ‫ع نْ أَ بي سعيدٍ الخدْريّ رض يَ اللّ هُ َ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ن طريقِ أَبي حَنيفةَ)‪.‬‬ ‫ع ْبدُ ال ّرزّاق وَفيهِ انقِطاعٌ ووصَلَ ُه ال َب ْيهَ ِقيّ مِ ْ‬ ‫ج َرتَهُ" رَوَاهُ َ‬ ‫ُأ ْ‬ ‫قال البيه قي‪ :‬كذا رواه أ بو حني فة وكذا في كتا بي عن أ بي هريرة وق يل من و جه آ خر ضع يف عن[ تض] ا بن‬ ‫مسعود[‪/‬تض]‪.‬‬ ‫وفي الحديث دليل على ندب تسمية أجرة الجير على عمله‪ ،‬لئل تكون مجهولة فتؤدي إلى الشجار والخصام‪.‬‬ ‫باب إحياء الموات‬ ‫الموات بف تح الم يم والواو الخفي فة الرض ال تي لم تع مر شب هت العمارة بالحياة وتعطيل ها بعدم الحياة وإحياؤ ها‬ ‫عمارتها‪.‬‬ ‫واعلم أن الحياء ورد عهن الشارع مطلقا ومها كان كذلك وجهب الرجوع فيهه إلى العرف لنهه قهد بيهن مطلقات‬ ‫الشارع كما في قبض المبيعات والحرز في السرقة مما يحكم به العرف‪.‬‬ ‫والذي يحصل به الحياء في العرف أحد خمسة أسباب‪:‬‬ ‫تهبييض الرض‪ ،‬وتنقيتهها للزرع‪ ،‬وبناء الحائط على الرض‪ ،‬وحفهر الخندق القعيهر الذي ل يطلع مهن نزله إل‬ ‫بمطلع‪.‬‬ ‫هذا كلم المام يحيى‪.‬‬ ‫حقّ‬ ‫حدٍ َفهُو َأ َ‬ ‫ع ّمرَ َأرْضا َليْسَتْ ل َ‬ ‫عرْ َوةَ عَنْ عَا ِئشَةَ َرضِيَ اللّ ُه عنْها َأنّ النّبيّ صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم قالَ‪" :‬مَنْ َ‬ ‫عَنْ ُ‬ ‫ع َمرُ في خلفَتِهِ‪ ،‬رَوَاهُ ال ُبخَاريّ‪.‬‬ ‫ع ْروَةُ‪َ :‬و َقضَى بهِ ُ‬ ‫بهَا" قَالَ ُ‬ ‫ع ّمرَ َأرْضا) بالف عل الما ضي‬ ‫( عن عروة عن عائ شة ر ضي ال عن ها أن ال نبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم قال‪ " :‬من َ‬ ‫حقّ بها" قال عروة‪ :‬وقضى به عمر في خلفته‪ .‬رواه‬ ‫حدٍ َفهُوَ َأ َ‬ ‫تلَ‬ ‫ووقع أعمر في رواية والصحيح الول (َليْسَ ْ‬ ‫البخاري)‪.‬‬ ‫وهو دليل على أن الحياء َتمَّلكٌ إن لم يكن ملكها مسلم أو ذمي أو ثبت فيها حق للغير‪.‬‬ ‫وظاهر الحديث أنه ل يشترط في ذلك إذن المام وهو قول الجمهور‪.‬‬ ‫وعن أبي حنيفة أنه ل بد من إذنه‪.‬‬ ‫ودليل الجمهور هذا الحديث والقياس على ماء البحر والنهر وما صيد من طير وحيوان وأنهم اتفقوا على أنه ل‬ ‫يشترط فيه إذن المام‪.‬‬ ‫وأ ما ما تقدم عل يه يد لغ ير مع ين كبطون الود ية فل يجوز إل بإذن المام م ما ل يس ف يه ضرر لم صلحة عا مة‬ ‫ذكره بعض الهادوية‪.‬‬ ‫وقال المؤيد وأبو حنيفة‪ :‬ل يجوز إحياؤها بحال لجريها مجرى الملك لتعلق سيول المسلمين بها إذ هي مجرى‬ ‫السيول‪.‬‬ ‫‪28‬‬

‫جرْ يُ الماء جاز إحياؤها بإذن المام لنقطاع‬ ‫وقال المام المهدي هههه وهو قوي هههه‪ :‬فإن تحول عنها َ‬ ‫الحق وعدم تعين أهله وليس للمام الذن مع ذلك إل لمصلحة عامة ل ضرر فيها‪.‬‬ ‫ول يجوز الذن لكا فر بالحياء لقوله صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬عاديّ الرض ل ولر سوله ثم هي ل كم" والخطاب‬ ‫للمسلمين‪ .‬وقوله‪ :‬وقضى به عمر‪ ،‬قيل‪ :‬هو مرسل لن عروة ولد في آخر خلفة عمر‪.‬‬ ‫ن ال نبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قالَ‪" :‬مَ نْ َأحْ يا َأرْضا َم ّيتَةً َفهِ يَ ل هُ" رَوَا هُ‬ ‫ع ْن هُ عَ ِ‬ ‫ن َزيْدٍ رض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ع نْ سَعيد ب ِ‬ ‫وَ َ‬ ‫ختُل فَ في صحابيّ ِه فقيلَ‪ :‬جَابرٌ‪ ،‬وَقيلَ‪ :‬عائ شة‪،‬‬ ‫سنَهُ الترمذي وَقالَ‪ :‬رُوي ُمرْ سلً‪ ،‬وَ هو ك ما قال‪ .‬وا ْ‬ ‫الثّلثةُ َوحَ ّ‬ ‫ع َمرَ‪ ،‬والرّاجحُ الوّلُ‪.‬‬ ‫ع ْب ُد ال بنُ ُ‬ ‫وَقيلَ‪َ :‬‬ ‫حيَا أرْضا‬ ‫(وعن سعيد بن زيد) تقدمت ترجمته في كتاب الوضوء (عن النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قال‪" :‬مَ نْ َأ ْ‬ ‫َم ّيتَ ًة َفهِ يَ ل هُ"‪ .‬رواه الثل ثة وح سنه الترمذي وقال‪ :‬رُوِ يَ مر سلً و هو ك ما قال واختلف في صحابيه) أي في‬ ‫راويه من الصحابة‪( :‬فقيل جابر وقيل عائشة وقيل عبد ال بن عمر‪ .‬والراجح) من الثلثة القوال (الول)‪:‬‬ ‫وفيهه أن رجليهن اختصهما إلى رسهول ال صَهلّى ال عََليْهِه وَسَهلّم غرس أحدهمها نخلً فهي أرض الخهر فقضهى‬ ‫لصهاحب الرض بأرضهه وأمهر صهاحب النخهل أن يخرج نخله منهها قال‪ :‬فلقهد رأيتهها وإنهها تضرب أصهولها‬ ‫بالفؤوس وإنها لنخل عم حتى أخرجت منها‪.‬‬ ‫وتقدم الكلم على فقهه وأنه‪" :‬ليس لعرق ظالم حق"‪.‬‬ ‫جثّامَ َة أَخ َبرَ ُه أَنّ النّبيَ صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم قال‪" :‬ل حِمى إل ل وَلرَسُولهِ" رَوَا هُ‬ ‫ن َ‬ ‫عبّاسٍ َأنّ الصّعبَ بْ َ‬ ‫ن اب نِ َ‬ ‫عِ‬ ‫وَ َ‬ ‫ال ُبخَاريّ‪.‬‬ ‫(وعن ابن عباس رضي ال عنهما أن الصعب) بفتح الصاد المهملة وسكون العين المهملة فموحدة (ابن جثامة)‬ ‫بفتهح الجيهم فمثلثهة مشدّدة (أخهبره أن النهبي صهلى ال عليهه وآله وسهلم قال‪" :‬ل حِمَى إل للّهِه وِلرَسهُولهِ"‪ .‬رواه‬ ‫البخاري)‪.‬‬ ‫الح مى يق صر وي مد والق صر أك ثر و هو المكان المح مي و هو خلف المباح ومعناه أن يم نع المام الر عي في‬ ‫أرض مخصوصة لتختص برعيها إبل الصدقة مثلً‪.‬‬ ‫وكان في الجاهل ية إذ أراد الرئ يس أن يم نع الناس من م حل ير يد اخت صاصه ا ستعوى كلبا من مكان عال فإلى‬ ‫حيث ينتهي صوته حماه من كل جانب فل يرعاه غيره ويرعى هو مع غيره فأبطل السلم ذلك وأثبت الحمى‬ ‫ل ولرسوله‪.‬‬ ‫وقال الشافعي يحتمل الحديث شيئين‪ :‬أحدهما‪ :‬ليس لحد أن يحمي للمسلمين إل مما حماه النبي صَلّى ال عََل ْي هِ‬ ‫َوسَلّم‪.‬‬ ‫والخر‪ :‬معناه إل على مثل ما حماه عليه رسول ال صَلّى ال عََليْ ِه َوسَلّم‪.‬‬ ‫فعلى الول ل يس ل حد من الولة بعده أن يحمي وعلى الثا ني يختص الح مى بمن قام مقام ر سول ال صَلّى ال‬ ‫عََليْهِ َوسَلّم وهو الخليفة خاصة‪.‬‬ ‫ورجح هذا الثاني بما ذكره البخاري عن الزهري تعليقا‪ :‬أن عمر حمى الشرف والربذة‪.‬‬ ‫وأخرج ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن نافع عن ابن عمر‪ :‬أن عمر حمى الربذة لبل الصدقة‪.‬‬ ‫وقد ألحق بعض الشافعية ولة القاليم في أنهم يحمون لكن بشرط أن ل يضر بكافة المسلمين‪.‬‬ ‫واختلف هل يحمي المام لنفسه أو ل يحمي إل لما هو للمسلمين؟‬ ‫فقال المهدي‪ :‬كان له صلى ال عليه وعلى آله وسلم أن يحمي لنفسه لكنه لم يملك لنفسه ما يحمي لجله‪.‬‬ ‫وقال المام يحيى والفريقان‪ :‬ل يحمي إل لخيل المسلمين ول يحمي لنفسه ويحمي لبل الصدقة ولمن ضعف من‬ ‫المسلمين عن النتجاع لقوله‪" :‬ل حمى إل ل" الحديث‪.‬‬ ‫ول يخفى أنه ل دليل فيه على الختصاص أما قصة عمر فإنها دالة على الختصاص ولفظها فيما أخرجه أبو‬ ‫عب يد وا بن أ بي شي بة والبخاري والبيه قي عن أ سلم‪( :‬أن ع مر بن الخطاب ا ستعمل مولى له ي سمى هنيا على‬ ‫الحمى فقال له‪ :‬يا َهنِ يّ اضمم جناحك عن المسلمين واتق دعوة المظلوم فإن دعوة المظلوم مجابة‪ .‬وأدخل رب‬ ‫الصريمة ورب الغنيمة وإياك ونعم ابن عوف ونعم ابن عفان فإنهما إن تهلك ماشيتهما يرجعان إلى نخل وزرع‬ ‫وإن رب الصريمة ورب الغنيمة إن تهلك ماشيتهما يأتيني ببنيه يقول يا أمير المؤمنين‪ ،‬أفتاركهم أنا ل أبا لك؟‬ ‫فالماء والكل أي سر عَليّ من الذ هب والورق‪ .‬وا يم ال إن هم يرون أ ني ظلمت هم وإن ها لبلد هم قاتلوا علي ها في‬ ‫الجاهل ية وأ سلموا علي ها في ال سلم والذي نف سي بيده لول المال الذي أح مل عل يه في سبيل ال ما حم يت على‬ ‫الناس في بلدهم) انتهى‪.‬‬ ‫‪29‬‬

‫هذا صريح أنه ل يحمى المام لنفسه‪.‬‬ ‫ح َمدُ وا ْب نُ‬ ‫ضرَارَ" رَوَا ُه َأ ْ‬ ‫ضرَرَ وَل ِ‬ ‫ل اللّ هِ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬ل َ‬ ‫ل ر سُو ُ‬ ‫عنْ هُ قالَ‪ :‬قا َ‬ ‫وعنْه رَض يَ ال َتعَالى َ‬ ‫مَاجَهْ‪.‬‬ ‫طأِ ُم ْرسَلٌ‪.‬‬ ‫ن حَديثِ أَبي سَعيد ِمثْلُهُ وَهُ َو في الم َو ّ‬ ‫وَلَ ُه مِ ْ‬ ‫(وعن ابن عباس رضي ال عنهما قال‪ :‬قال رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَسَلّم‪" :‬ل ضرر ول ضرار"‪ ،‬رواه أحمد‬ ‫وابن ماجه‪ .‬وله) أي‪ :‬لبن ماجه (من حديث أبي سعيد مثله‪ ،‬وهو في الموطأ مرسل)‪.‬‬ ‫وأخرجه ابن ماجه أيضا والبيهقي من حديث عبادة بن الصامت وأخرجه مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن‬ ‫ل بزيادة‪" :‬من ضارّ ضاره ال ومن شاق شاقّ ال عليه"‪.‬‬ ‫أبيه مرس ً‬ ‫وأخرجه بها الدارقطني والحاكم والبيهقي عن أبي سعيد مرفوعا‪.‬‬ ‫وأخرجهه عبهد الرزاق وأحمهد عهن ابهن عباس أيضا وفيهه زيادة‪" :‬وللرجهل أن يضهع خشبتهه فهي حائط جاره‬ ‫والطريق الميتاء سبعة أذرع"‪.‬‬ ‫وقوله ل ضرر‪ :‬الضرر ضد النفع يقال‪ :‬ضره ضرا وضرارا وأضر به يضر إضرارا ومعناه‪ :‬ل يضر الرجل‬ ‫أخاه فينقصه شيئا من حقه‪.‬‬ ‫والضرار فعال من الضر أي ل يجازيه بإضراره بإدخال الضر عليه فالضر ابتداء الفعل والضرر الجزاء عليه‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬يبعده جواز النتصار لمن ظلم {ولمن انتصر بعد ظمه} الية {وجزاء سيئة سيئة مثلها}‪.‬‬ ‫وق يل‪ :‬الضرر ما ت ضر به صاحبك وتنت فع أ نت به‪ ،‬والضرار أن تضره من غ ير أن تنت فع وق يل‪ :‬ه ما بمع نى‬ ‫وتكرارهما للتأكيد‪.‬‬ ‫وقد دل الحديث على تحريم الضرر لنه إذا نفى ذاته دل على النهي عنه لن النهي لطلب الكف عن الفعل وهو‬ ‫يلزم منه عدم ذات الفعل فاستعمل اللزم في الملزوم‪.‬‬ ‫وتحريم الضرر معلوم عقلً وشرعا إل ما دل الشرع على إباحته رعاية للمصلحة التي تربو على المفسدة وذلك‬ ‫مثل إقامة الحدود ونحوها وذلك معلوم في تفاصيل الشريعة‪.‬‬ ‫ويحتمل أن ل تسمى الحدود من القتل والضرب ونحوه ضررا من فاعلها لغيره لنه إنما امتثل أمر ال له بإقامة‬ ‫ال حد على العا صي ف هو عقو بة من ال تعالى ل أ نه إنزال ضرر من الفا عل ولذا ل يذم الفا عل لقا مة ال حد بل‬ ‫يمدح على ذلك‪.‬‬ ‫ن أَحا طَ حَائِطا على‬ ‫ل ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬مَ ْ‬ ‫عنْ ُه قالَ‪ :‬قالَ رَ سُو ُ‬ ‫ج ْندَ بٍ رض يَ اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫س ُمرَةَ ب نِ ُ‬ ‫وَعَن َ‬ ‫ححَهُ ابنُ الجَارُودِ‪.‬‬ ‫صّ‬ ‫ض فهيَ َلهُ" رَوَاهُ َأبُو دا ُودَ َو َ‬ ‫َأرْ ٍ‬ ‫ن أَحا طَ حَائِطا على‬ ‫ل ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬مَ ْ‬ ‫ع ْن ُه قالَ‪ :‬قالَ رَ سُو ُ‬ ‫ب رض يَ اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫ج ْندَ ٍ‬ ‫ن ُ‬ ‫س ُمرَ َة ب ِ‬ ‫(وَعَن َ‬ ‫ححَهُ ابنُ الجَارُودِ)‪.‬‬ ‫صّ‬ ‫ض فهيَ َلهُ" رَوَاهُ َأبُو دا ُودَ َو َ‬ ‫َأرْ ٍ‬ ‫وتقدم أن مهن أعمهر أرضا ليسهت لحهد فههي له‪ .‬وهذا الحديهث بيّن نوعا مهن أنواع العمارة ول بهد مهن تقييهد‬ ‫الرض بأنه ل حق فيها لحد كما سلف‪.‬‬ ‫عطَنا لمَاشِ َيتِهِ" رَوَاهُ‬ ‫ن حَ َفرَ بئرا فَلَ ُه أَربعونَ ِذرَاعا َ‬ ‫ن ُمغَفّلٍ َأنّ النّبيّ صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم قالَ‪" :‬مَ ْ‬ ‫ع ْبدِ اللّ ِه ب ِ‬ ‫عنْ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ن مَاجَ ْه بإسْنادٍ ضعيفٍ‪.‬‬ ‫اب ُ‬ ‫ن ذرَاعا‬ ‫ح َفرَ بِئرا فَلَ ُه َأرْبعُو َ‬ ‫(و عن ع بد ال بن ُمغَفّلٍ رض يَ ال ع نه أن ال نبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قال‪" :‬مَ نْ َ‬ ‫عطَنا" بف تح الع ين المهملة وف تح الطاء فنون‪ .‬في القاموس الع طن محر كة و طن ال بل ومبرك ها حول الحوض‬ ‫َ‬ ‫شيَتِهِ" رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف)‪.‬‬ ‫"لمَا ِ‬ ‫لن فيه إسماعيل بن سلم وقد أخرجه الطبراني من حديث أشعث عن الحسن‪.‬‬ ‫وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد‪" :‬حريم البئر البدىء خمسة وعشرون ذراعا وحريم البئر العاد يّ خمسون‬ ‫ذراعا"‪.‬‬ ‫وأخرجه الدارقطني من طريق سعيد بن المسيب عنه وأعله بالرسال وقال‪ :‬من أسنده فقد وهم‪ ،‬وفي سنده[تض]‬ ‫محمد بن يوسف المقري[‪/‬تض] شيخ شيخ الدارقطني وهو متهم بالوضع‪.‬‬ ‫ورواه البيه قي من طر يق يو نس عن الزهري عن ا بن الم سيب مر سلً وزاد ف يه‪" :‬وحر يم بئر الزرع ثلثمائة‬ ‫ذراع من نواحيها كلها"‪.‬‬ ‫ل ومرسلً والموصول فيه[تض] عمر بن قيس[‪/‬تض] ضعيف‪.‬‬ ‫وأخرجه الحاكم من حديث أبي هريرة موصو ً‬ ‫والحديث دليل على ثبوت الحريم للبئر والمراد بالحريم ما يمنع منه المحيي والمحتفر لضراره‪.‬‬ ‫‪30‬‬

‫س ّميَ بالحريم لنه يحرم منه صاحبه منه ولنه يحرم على غيره التصرف فيه والحديث نص في‬ ‫وفي النهاية ُ‬ ‫حر يم البئر وظا هر حد يث ع بد ال أن العلة في ذلك هي ما يحتاج إل يه صاحب البئر ع ند سقي إبله لجتماع ها‬ ‫على الماء‪.‬‬ ‫وحديث أبي هريرة دال على أن العلة في ذلك هو ما يحتاج إليه البئر لئل تحصل المضرة عليها بقرب الحياء‬ ‫منها ولذلك اختلف الحال في البديء والعاديّ‪.‬‬ ‫والجمع بين الحديثين أنه يقدم ما يحتاج إليه إما لجل السقي للماشية أو لجل البئر‪.‬‬ ‫وقد اختلف العلماء في ذلك‪.‬‬ ‫فذ هب الهادي والشاف عي وأ بو حني فة إلى أن حر يم البئر ال سلمية أربعون وذ هب أح مد إلى أن الحر يم خم سة‬ ‫وعشرون‪.‬‬ ‫وأما العيون فذهب الهادي إلى أن حريم العين الكبيرة الفوارة خمسمائة ذراع من كل جانب استحسانا‪.‬‬ ‫قيل‪ :‬وكأنه نظر إلى أرض رخوة تحتاج إلى ذلك القدر وأما الرض الصلبة فدون ذلك‪.‬‬ ‫والدار المنفردة حريم ها فناؤ ها و هو مقدار طول جدار الدار وق يل‪ :‬ما ت صل إل يه الحجارة إذا انهد مت وإلى هذا‬ ‫ذهب زيد بن علي وغيره‪.‬‬ ‫وحريم النهر قدر ما يلقى منه كسحه وقيل‪ :‬مثل نصفه من كل جانب وقيل‪ :‬بل بقدر أرض النهر جميعا‪.‬‬ ‫وحريم الرض ما تحتاج إليه وقت عملها وإلقاء كسحها وكذا المسيل حريمه مثل البئر على الخلف‪.‬‬ ‫وكل هذه القوال قياس على البئر بجامع الحاجة وهذا في الرض المباحة‪.‬‬ ‫وأما الرض المملوكة فل حريم في ذلك بل كل يعمل في ملكه ما شاء‪.‬‬ ‫وَعَن ْه عَلْ َق َمةَ بن ِه وائلٍ عَن ْه أَبيههِ‪" :‬أَنّ النهبيّ ص َهلّى ال عََليْه ِه وَس َهلّم َأ ْقطَعَهُه َأرْضا بحض َرمَوْتهَ" رَوَاه ُه أَبهو دَا ُودَ‬ ‫حبّانَ‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫ححَ ُه اب ُ‬ ‫والترْمذِي وص ّ‬ ‫طعَهُه َأرْضا بحضرَمَوْتهَ" رَوَاهُه أَبهو دَا ُودَ‬ ‫هّم َأقْ َ‬ ‫هّى ال عََليْهِه وَسَل‬ ‫(وَعَن ْه عَلْ َقمَ َة بنِه وائلٍ عَن ْه أَبيههِ‪" :‬أَنّ النهبيّ صَل‬ ‫حبّانَ) ‪ ،‬وصححه أيضا الترمذي والبيهقي‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫ححَ ُه اب ُ‬ ‫والترْمذِي وص ّ‬ ‫ومعناه أنه خصه ببعض الرض الموات فيختص بها ويصير أولى بها بإحيائه ممن لم يسبق إليها بالحياء‪.‬‬ ‫واختصاص الحياء بالموات متفق عليه في كلم الشافعية والهادوية وغيرهم‪.‬‬ ‫ل لذلك‪.‬‬ ‫وحكى القاضي عياض‪" :‬أن القطاع تسويغ المام من مال ال شيئا لمن يراه أه ً‬ ‫قال‪ :‬وأكثر ما يستعمل في الرض وهو أن يخرج منها لمن يراه ما يحوزه إما بأن يملكه إياه فيعمره وإما بأن‬ ‫يجعل له غلتها مدة‪.‬‬ ‫قال السهبكي والثانهي‪ :‬ههو الذي يسهمى فهي زماننها هذا إقطاعا ولم أر أحدا مهن أصهحابنا ذكره‪ ،‬وتخريجهه على‬ ‫طريقة فقهية مشكل والذي يظهر أنه يحصل للمقطع بذلك اختصاص كاختصاص المتحجر ولكنه ل يملك الرقبة‬ ‫بذلك" انتهى‪.‬‬ ‫وبه جزم المحب الطبري‪.‬‬ ‫وادعى الوزاعي نفي الخلف في جواز تخصيص المام بعض الجند بغلة أرض إذا كان مستحقا لذلك‪.‬‬ ‫قال ابن التين‪ :‬إنما يسمى إقطاعا إذا كان من أرض أو عقار وإنما يقطع من الفيء ول يقطع من حق مسلم ول‬ ‫معاهد‪ .‬قال‪ :‬وقد يكون القطاع تمليكا وغير تمليك‪ .‬وأما ما يقطع في أرض اليمن في هذه الزمنة المتأخرة من‬ ‫إقطاع جما عة من أعيان الل قُرىَ من البلد العشر ية يأخذون زكات ها وينفقون ها على أنف سهم مع غنا هم فهذا‬ ‫ش يء محرم لم تأت به الشري عة المحمد ية بل أ تت بخل فه و هو تحر يم الزكاة على آل مح مد وتحريم ها على‬ ‫الغنياء من المة فإنا ل وإنا إليه راجعون‪.‬‬ ‫س حَتى‬ ‫جرَى الْ َفرَ َ‬ ‫حضْرَ َفرَ سِ ِه فََأ ْ‬ ‫ع ْن ُهمَا‪ :‬أَنّ النبيَ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم َأ ْقطَ عَ الز َب ْيرِ ُ‬ ‫ع َمرَ رَض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ن ابْ نِ ُ‬ ‫عِ‬ ‫وَ َ‬ ‫ضعْفٌ‪.‬‬ ‫ث بَلَغَ السّ ْوطُ" رَوَا ُه َأبُو دا ُودَ وفيه َ‬ ‫حيْ ُ‬ ‫عطُوهُ َ‬ ‫قامَ ُثمّ َرمَى بَس ْوطِهِ‪ ،‬فَقَالَ‪" :‬أَ ْ‬ ‫ضرَ) ب ضم الحاء المهملة‬ ‫ح ْ‬ ‫(و عن ا بن ع مر ر ضي ال عنه ما‪ :‬أن ال نبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم أق طع الزب ير ُ‬ ‫جرَى الفرس ح تى قا َم ثم رَ مى ب سوطِهِ‬ ‫و سكون الضاد المعج مة فراء (فر سه) أي ارتفاع الفرس في عدوه (فَأ َ‬ ‫ث بلَ غَ ال سّ ْوطُ" رواه أبو داود وفيه ضعف) لن فيه العمري المكبر وهو عبد ال بن عمر بن‬ ‫حيْ ُ‬ ‫عطُو هُ َ‬ ‫فقال‪" :‬أَ ْ‬ ‫حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب وفيه مقال‪.‬‬ ‫وأخرجه أحمد من حديث أسماء بنت أبي بكر وفيه أن القطاع كان من أموال بني النضير‪.‬‬ ‫‪31‬‬

‫قال في الب حر‪ :‬وللمام إقطاع الموات لقطاع ال نبي صلى ال عل يه وآله و سلم الزب ير ح ضر فر سه ولف عل أ بي‬ ‫بكر وعمر‪.‬‬ ‫س ِم ْعتُهُ يقُولُ‪" :‬النّاس‬ ‫غزَوْ تُ مَ َع ال نبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم فَ َ‬ ‫عنْ ُه قالَ‪َ :‬‬ ‫ن ال صّحابةِ رَ ضي اللّ هُ َ‬ ‫ع نْ َرجُلٍ مِ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ح َمدُ وََأبُو داودَ وَرجالُ ُه ثِقاتٌ‪.‬‬ ‫شرَكاءُ في ثلثةٍ‪ :‬في الكَل والماءِ والنّار" رَوَا ُه َأ ْ‬ ‫ُ‬ ‫(و عن ر جل من ال صحابة قال‪ :‬غزوت مع ال نبي صلى ال عل يه وآله و سلم ف سمعته يقول‪" :‬النّا سُ شُرَكاءُ في‬ ‫ثلثةٍ‪ :‬في ا ْلكَل) مهموز ومقصور (وا ْلمَاءِ والنّارِ رواه أحمد وأبو داود ورجاله ثقات)‪.‬‬ ‫وروى ابن ماجه من حديث أبي هريرة مرفوعا‪" :‬ثلث ل يمنعن‪ :‬الكل والماء والنار" وإسناده صحيح‪.‬‬ ‫وفي الباب روايات كثيرة ل تخلو من مقال ولكن الكل ينهض على الحجية‪.‬‬ ‫ويدل للماء بخصوصه أحاديث في مسلم وغيره‪.‬‬ ‫والكل النبات رطبا كان أو يابسها وأمها الحشيهش والهشيهم فمختهص باليابهس وأمها الخل مقصهور غيهر مهموز‬ ‫فيختص بالرطب ومثله العشب‪.‬‬ ‫والحديث دليل على عدم اختصاص أحد من الناس بأحد الثلثة وهو إجماع في الكل في الرض المباحة والجبال‬ ‫التي لم يحرزها أحد فإنه ل يمنع من أخذ كلئها أحد إل ما حماه المام كما سلف‪.‬‬ ‫وأما النا بت في الرض المملوكة والمتحجرة فف يه خلف بين العلماء فعند الهادو ية وغيرها أن ذلك مباح أيضا‬ ‫وعموم الحديث دليل لهم‪.‬‬ ‫وأ ما النار فاختلف في المراد ب ها فق يل‪ :‬أر يد ب ها الح طب الذي يحط به الناس وق يل‪ :‬أر يد ب ها ال ستصباح من ها‬ ‫والستضاءة بضوئها وقيل‪ :‬الحجارة التي تورى منها النار إذا كانت في موات‪.‬‬ ‫والقرب أنه أريد بها النار حقيقة فإن كانت من حطب مملوك فقيل‪ :‬حكمها حكم أصلها‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬يحتمل أنه يأتي فيها الخلف الذي في الماء وذلك لعموم الحاجة وتسامح الناس في ذلك‪.‬‬ ‫وأما الماء فقد تقدم الكلم فيه وأنه يحرم منع المياه المجتمعة من المطار في أرض مباحة وأنه ليس أحد أحق‬ ‫بها من أحد إل لقرب أرضه منها‪ ،‬ولو كان في أرض مملوكة فكذلك إل أن صاحب الرض المملوكة أحق به‬ ‫يسقيها ويسقي ماشيته ويجب بذله لما فضل من ذلك‪ .‬فلو كان في أرضه أو داره عين نابعة أو بئر احتفرها فإنه‬ ‫ل يملك الماء بل حقه فيه تقديمه في النتفاع به على غيره وللغير دخول أرضه كما سلف‪.‬‬ ‫فإن قيل‪ :‬فهل يجوز بيع العين والبئر نفسهما قيل‪ :‬يجوز بيع العين والبئر لن النهي وارد عن بيع فضل الماء ل‬ ‫البئر والعيون في قرارهما فل نهي عن بيعهما والمشتري لهما أحق بمائهما بقدر كفايته وقد ثبت شراء عثمان‬ ‫لبئر رومة من اليهودي بأمره صلى ال تعالى عليه وعلى آله وسلم وسبلها للمسلمين‪.‬‬ ‫فإن قيل‪ :‬إذا كان الماء ل يملك فكيف تحجر اليهودي البئر حتى باعها من عثمان؟‬ ‫قيهل‪ :‬هذا كان فهي أوّل السهلم حيهن قدم النهبي صهلى ال عليهه وآله وسهلم المدينهة وقبهل َت َقرّرِ الحكام على‬ ‫اليهودي‪ ،‬والنبي صلى ال عليه وآله وسلم أبقاهم أوّل المر على ما كانوا عليه وقرّرهم على ما تحت أيديهم‪.‬‬ ‫باب الوقف‬ ‫الوقهف لغهة الحبهس يقال وقفهت كذا أي حبسهته وههو شرعا جنهس مال يمكهن النتفاع بهه مهع بقاء عينهه بقطهع‬ ‫التصرف في رقبته على مصرف مباح‪.‬‬ ‫عنْ هُ‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم قالَ‪" :‬إذا مَا تَ اب نُ آد مَ انْ َقطَ عَ َ‬ ‫ع ْن هُ أَنّ رَ سُو َ‬ ‫ن أَ بي هُرير َة رَض يَ اللّ هُ َتعَالَى َ‬ ‫عَ ْ‬ ‫ص َدقَةٍ جَاريَةٍ‪ ،‬أَوْ عِ ْلمٍ ُي ْنتَفَ ُع بهِ‪َ ،‬أوْ وََلدٍ صَالِحٍ َيدْعُو َلهُ" رَوَاهُ ُمسِْلمٌ‪.‬‬ ‫ن ثَلثٍ‪َ " :‬‬ ‫عمَلَ ُه إل مِ ْ‬ ‫َ‬ ‫ع ْن هُ‬ ‫ن آد مَ انْ َقطَ عَ َ‬ ‫ت اب ُ‬ ‫ل اللّ هِ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قالَ‪" :‬إذا مَا َ‬ ‫عنْ ُه أَنّ رَ سُو َ‬ ‫ن أَبي هُريرةَ رَض يَ اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫(عَ ْ‬ ‫ص َدقَةٍ جَاريَةٍ‪ ،‬أَوْ عِ ْلمٍ ُي ْنتَفَ ُع بهِ‪َ ،‬أوْ وََلدٍ صَالِحٍ َيدْعُو َلهُ" رَوَاهُ ُمسِْلمٌ)‪.‬‬ ‫ن ثَلثٍ‪َ " :‬‬ ‫عمَلَ ُه إل مِ ْ‬ ‫َ‬ ‫ذكره في باب الوقف لنه فسر العلماء الصدقة الجارية بالوقف وكان أوّل وقف في السلم وقف عمر رضي‬ ‫ال عنه التي حديثه‪ .‬كما أخرجه ابن أبي شيبة‪ :‬أن أوّل حبس في السلم صدقة عمر‪ ،‬قال الترمذي‪ :‬ل نعلم‬ ‫بين الصحابة والمتقدمين من أهل الفقه خلفا في جواز وقف الرضين‪.‬‬ ‫وأشار الشافعي أنه من خصائص السلم ل يعلم في الجاهلية‪.‬‬ ‫وألفا ظه‪ :‬وق فت وحب ست و سبلت وأبدت‪ ،‬فهذه صرائح ألفا ظه‪ .‬وكناي ته‪ :‬ت صدقت واختلف في (حر مت) فق يل‬ ‫صريح وقيل غير صريح‪.‬‬ ‫وقوله أو علم ينتفع به‪ :‬المراد النفع الخروي فيخرج ما ل نفع فيه كعلم النجوم من حيث أحكام السعادة وضدها‪.‬‬ ‫ويدخل فيه من ألف علما نافعا أو نشره فبقي من يرويه عنه وينتفع به‪.‬‬ ‫‪32‬‬

‫أو كتب علما نافعا ولو بالجرة مع النية أو وقف كتبا‪.‬‬ ‫ولفظ الولد شامل للنثى والذكر وشرط صلحه ليكون الدعاء مجابا‪.‬‬ ‫والحد يث دل يل على أ نه ينق طع أ جر كل ع مل ب عد الموت إل هذه الثل ثة فإ نه يجري أجر ها ب عد الموت ويتجدد‬ ‫ثوابها‪ .‬قال العلماء لن ذلك كسبه‪.‬‬ ‫وفيه دليل على أن دعاء الولد لبويه بعد الموت يلحقهما وكذلك غير الدعاء من الصدقة وقضاء الدين وغيرهما‪.‬‬ ‫واعلم أنه قد زيد على هذه ثلثة ما أخرجه ابن ماجه بلفظ‪" :‬إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته‬ ‫علما نشره وولدا صالحا تركه أو مصحفا ورثه أو مسجدا بناه أو بيتا لبن السبيل بناه أو نهرا أجراه أو صدقة‬ ‫أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه بعد موته"‪.‬‬ ‫ووردت خصال أخر تبلغ عشرا ونظمها الحافظ السيوطي رحمه ال تعالى قال‪:‬‬ ‫[شع] إذا مات ابن آدم ليس يجري‬ ‫عليه من فعال غير عشر[‪/‬شع]‬ ‫[شع] علوم بثها ودعاء نجل‬ ‫وغرس النخل والصدقات تجري[‪/‬شع]‬ ‫[شع] وراثة مصحف ورباط ثغر‬ ‫وحفر البئر أو إجراء نهر[‪/‬شع]‬ ‫[شع] وبيت للغريب بناه يأوى‬ ‫إليه أو بناء محل ذكر[‪/‬شع]‬ ‫ستَأمِرُ ُه فِيهَا‬ ‫خ ْي َبرَ َفأَ تى النّبيَ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم ي ْ‬ ‫عنْ ُه أرضا ب َ‬ ‫ي اللّ هُ َ‬ ‫ع َمرُ رَضِ َ‬ ‫ع َمرَ قالَ‪ :‬أَ صابَ ُ‬ ‫ن ابْ نِ ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫وَ َ‬ ‫حبَ سْتَ‬ ‫شئْ تَ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫عنْدي ِمنْ ُه فَقَالَ‪" :‬إ ْ‬ ‫خ ْي َبرَ لَ مْ أُ صبْ مالً قَطّ هُ َو َأنْفَ سُ ِ‬ ‫ت َأرْضا ب َ‬ ‫فَقَالَ‪ :‬يَا ر سولَ اللّ ِه إنِي أَ صَبْ ُ‬ ‫صدّقَ بها في ال ُف َقرَاءِ‬ ‫ع َمرُ‪َ :‬أنّ هُ ل يُبا عُ أَ صُْلهَا وَل يُورَ ثُ وَل يُو َه بُ‪َ ،‬فتَ َ‬ ‫ص ّدقْتَ بها" قالَ‪َ :‬فتَص ّدقَ بها ُ‬ ‫أَ صَْلهَا َوتَ َ‬ ‫ن يَأكُل ِم ْنهَا بِا ْل َم ْعرُوفِ‬ ‫جنَاحَ عَلى مَنْ وَِليَها أَ ْ‬ ‫ضيْفِ‪ ،‬ل ُ‬ ‫ن السّبيلِ وال ّ‬ ‫ل اللّهِ واب ِ‬ ‫وفي الْقرْبى وفي الرّقابِ وفي سبي ِ‬ ‫غ ْيرَ ُم َتمَوّل مال‪ُ .‬متّفقٌ عَلَيه والّل ْفظُ لمسْلِمٍ‪.‬‬ ‫و ُيطْ ِعمَ صَديقا َ‬ ‫ق َثمَرُهُ‪.‬‬ ‫صدّقَ بَأصِْلهَا ل ُيبَاعُ وَل يوهبُ وُلكنْ ُينْ َف ُ‬ ‫وفي روايةٍ للبُخاري‪َ :‬ت َ‬ ‫(و عن ا بن ع مر ر ضي ال عنه ما قال أ صابَ عمرُ أرضا بخَيبَر) في روا ية الن سائي أ نه كان لع مر مائة رأس‬ ‫فاشترى بها مائة سهم من خيبر (فأَتى النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم يستأمره فيها فقال‪ :‬يا رسول ال إني أصبت‬ ‫أرضا بخيبر لم أصب مالً قط هو أنفس عندي منه فقال صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم‪:‬‬ ‫صدّقَ‬ ‫ب َفتَ َ‬ ‫ث ول يُوهَ ُ‬ ‫ص ّدقْتَ بها" قال‪ :‬فتصدق بها عمر‪ :‬وَأنّ ُه ل ُيبَاعُ أصْلُها ول يُورَ ُ‬ ‫حبَسْتَ أصْلَها وت َ‬ ‫شئْتَ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫"إ ْ‬ ‫جنَا حَ عَلىَ‬ ‫ضيْ فِ ل ُ‬ ‫بها عَلى الفقراء ا ْل ُقرْبى) أي ذوي قربى عمر (وفي الرّقا بِ وفي سَبيلِ ال وابْ نِ السبّيل وال ّ‬ ‫ل مَالً" متفق عليه واللفظ لمسلم وفي رواية للبخاري‪:‬‬ ‫غ ْيرَ ُم َتمَوّ ٍ‬ ‫طعِ مَ صَديقا َ‬ ‫ن ول َيهَا أَ نْ يأكُلَ بال َم ْعرُو فِ أو ُي ْ‬ ‫مَ ْ‬ ‫صدّقْ بَأصْله ل ُيبَاعُ ول يُوهَبُ ولكنْ ُينْفق ُث َمرُهُ")‪.‬‬ ‫" َت َ‬ ‫أفادت روا ية البخاري أن كو نه ل يباع ول يو هب من كل مه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم وأن هذا شأن الو قف‪ ،‬و هو‬ ‫يدفع قول أبي حنيفة بجواز بيع الوقوف‪.‬‬ ‫قال أبو يوسف‪ :‬إنه لو بلغ أبا حنيفة هذا الحديث لقال به ورجع عن بيع الوقف‪.‬‬ ‫قال القرطبي‪ :‬رد الوقف مخالف للجماع فل يلتفت إليه‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬أن يأكل منها من وليها بالمعروف" قال القرطبي‪ :‬جرت العادة أن العامل يأكل من ثمرة الوقف حتى لو‬ ‫اشترط الواقف أن ل يأكل منه لستقبح ذلك منه‪.‬‬ ‫والمراد بالمعروف القدر الذي جرت بهه العادة وقيهل‪ :‬القدر الذي يدفهع الشهوة وقيهل‪ :‬المراد أن يأخهذ منهه بقدر‬ ‫عمله والول أولى‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬غ ير متمول" أي غ ير مت خذ من ها مالً أي ملكا والمراد ل يتملك شيئا من رقاب ها ول يأ خذ من غلت ها ما‬ ‫يشتري بدله ملكا بل ليس له إل ما ينفقه‪.‬‬ ‫وزاد أح مد في رواي ته‪ :‬أن ع مر أو صى ب ها إلى حف صة أم المؤمن ين ثم إلى الكابر من آل ع مر‪ ،‬ونحوه ع ند‬ ‫الدارقطني‪.‬‬ ‫‪33‬‬

‫صدَقةِ‪ ،‬الحديث‬ ‫ع َمرَ عَلى ال ّ‬ ‫ث رَ سُولُ اللّ ِه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ُ‬ ‫ن أَبي هُريرة رض يَ اللّ ُه َتعَالَى عنْ هُ قالَ‪َ :‬بعَ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫عتَادَهُ في سَبيلِ اللّهِ" ُمتّفقٌ عََل ْيهِ‪.‬‬ ‫ح َتبَسَ َأ ْدرَاعَهُ وَأ ْ‬ ‫وَفيهِ‪" :‬وََأمّا خَالدٌ فَ َقدِ ا ْ‬ ‫صدَقةِ‪ ،‬الحديث‬ ‫ع َمرَ عَلى ال ّ‬ ‫ل اللّ هِ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم ُ‬ ‫ث رَ سُو ُ‬ ‫ن أَبي هُريرة رض يَ اللّ ُه َتعَالَى ع ْن ُه قالَ‪َ :‬بعَ َ‬ ‫عْ‬ ‫(وَ َ‬ ‫عتَادَهُ في سَبيلِ اللّهِ" ُمتّفقٌ عََل ْيهِ)‪.‬‬ ‫ح َتبَسَ َأ ْدرَاعَهُ وَأ ْ‬ ‫وَفيهِ‪" :‬وََأمّا خَالدٌ فَ َقدِ ا ْ‬ ‫تقدم تفسير العتاد‪ ،‬والحديث دليل على صحة وقف العين عن الزكاة وأنه يأخذ بزكاته آلت للحرب للجهاد في‬ ‫سبيل ال وعلى أنه يصح وقف العروض‪.‬‬ ‫وقال أبو حنيفة‪ :‬ل يصح لن العروض تبذل وتغير والوقف موضوع على التأبيد والحديث حجة عليه ودل على‬ ‫صحة وقف الحيوان لنها قد فسرت العتاد بالخيل وعلى جواز صرف الزكاة إلى صنف واحد من الثمانية‪.‬‬ ‫وتعقب ابن دقيق العيد جميع ما ذكر بأن القصة محتملة لما ذكر ولغيره فل ينتهض الستدلل بها على شيء مما‬ ‫ذكر قال‪ :‬ويحتمل أن يكون تحبيس خالد إرصادا وعدم تصرف ول يكون وقفا‪.‬‬ ‫باب الهبة‪ ،‬والعمرى‪ ،‬والرقبى‬ ‫اله بة هههه بك سر الهاء هههه م صدر وه بت و هي شرعا تمل يك ع ين بع قد على غ ير عوض معلوم في‬ ‫الحياة ويطلق على الشيء الموهوب ويطلق على أعم من ذلك‪.‬‬ ‫ن لي‪،‬‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم فَقَالَ‪ :‬إنّي َنحَلْ تُ ابني هذا غُلما كَا َ‬ ‫ن َبشِيرٍ‪ :‬أَنّ أَبا هُ أَتى ب هِ رَ سُو َ‬ ‫ن بْ ِ‬ ‫ن الّن ْعمَا ِ‬ ‫عَ ِ‬ ‫ل اللّ هِ صَلّى ال عََليْ هِ‬ ‫ل ر سو ُ‬ ‫هّم‪َ" :‬أكُلّ وََلدِ كَ نحَ ْلتَهُه ِمثْلَ هذا؟" فَقَالَ ل‪ ،‬فَقَا َ‬ ‫هّى ال عََليْ هِ وَسَل‬ ‫فَقَالَ ر سولُ ال صَل‬ ‫ت هذا‬ ‫صدَقتي فَقَالَ‪َ" :‬أ َفعَلْ َ‬ ‫ش ِهدَ هُ عَلى َ‬ ‫ق أَ بي إلى ال نبيّ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم لِي ْ‬ ‫جعْ هُ" و في لَفْ ظٍ‪ :‬فَانْطل َ‬ ‫وَ سَلّم‪" :‬فَارْ ِ‬ ‫ك الصّ َدقَةَ‪ُ .‬متّفقٌ عََل ْيهِ‪.‬‬ ‫ن أَوْلد ُكمْ" َفرَجعَ أَبي فرَدّ تِ ْل َ‬ ‫عدِلُوا َبيْ َ‬ ‫بوَل ِدكَ كُّل ِهمْ؟" قَالَ‪ :‬ل‪ ،‬قالَ‪" :‬اتّقُوا ال وا ْ‬ ‫س ّركَ أَ نْ َيكُونُوا لك في ا ْلبِر سَواءً؟" قالَ‪ :‬بلى‪ ،‬قالَ‪:‬‬ ‫و في رواي ٍة لم سِْلمٍ قالَ‪َ " :‬فَأشْهدْ عَلى هذا غَيري" ثمّ قالَ‪َ" :‬أيَ ُ‬ ‫"فَل إذنْ"‪.‬‬ ‫ن لي‪،‬‬ ‫ن الّن ْعمَانِ ْبنِ َبشِيرٍ‪ :‬أَنّ أَبا ُه أَتى ب ِه رَسُولَ ال صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم فَقَالَ‪ :‬إنّي َنحَلْتُ ابني هذا غُلما كَا َ‬ ‫(عَ ِ‬ ‫ل اللّ هِ صَلّى ال عََليْ هِ‬ ‫ل ر سو ُ‬ ‫هّم‪َ" :‬أكُلّ وََلدِ كَ نحَ ْلتَهُه ِمثْلَ هذا؟" فَقَالَ ل‪ ،‬فَقَا َ‬ ‫هّى ال عََليْ هِ وَسَل‬ ‫فَقَالَ ر سولُ ال صَل‬ ‫ت هذا‬ ‫صدَقتي فَقَالَ‪َ" :‬أ َفعَلْ َ‬ ‫ش ِهدَ هُ عَلى َ‬ ‫ق أَ بي إلى ال نبيّ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم لِي ْ‬ ‫جعْ هُ" و في لَفْ ظٍ‪ :‬فَانْطل َ‬ ‫وَ سَلّم‪" :‬فَارْ ِ‬ ‫ك الصّ َدقَةَ‪ُ .‬متّفقٌ عََل ْيهِ‪.‬‬ ‫ن أَوْلد ُكمْ" َفرَجعَ أَبي فرَدّ تِ ْل َ‬ ‫عدِلُوا َبيْ َ‬ ‫بوَل ِدكَ كُّل ِهمْ؟" قَالَ‪ :‬ل‪ ،‬قالَ‪" :‬اتّقُوا ال وا ْ‬ ‫س ّركَ أَ نْ َيكُونُوا لك في ا ْلبِر سَواءً؟" قالَ‪ :‬بلى‪ ،‬قالَ‪:‬‬ ‫و في رواي ٍة لم سِْلمٍ قالَ‪َ " :‬فَأشْهدْ عَلى هذا غَيري" ثمّ قالَ‪َ" :‬أيَ ُ‬ ‫"فَل إذنْ")‪.‬‬ ‫الحديهث دليهل على وجوب المسهاواة بيهن الولد فهي الهبهة وقهد صهرح بهه البخاري وههو قول أحمهد وإسهحاق‬ ‫والثوري وآخرين‪.‬‬ ‫وأنها باطلة مع عدم المساواة وهو الذي تفيده ألفاظ الحديث من أمره صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم بإرجاعه‪ ،‬ومن قوله‪:‬‬ ‫اتقوا ال‪ ،‬وقوله‪ :‬اعدلوا بين أولدكم‪ ،‬وقوله‪ :‬فل ِإذَنْ‪ ،‬وقوله‪ :‬ل أشهد على جور‪.‬‬ ‫واختلف في كيف ية الت سوية فق يل‪ :‬بأن تكون عط ية الذ كر والن ثى سواء و هو ظا هر قوله في ب عض ألفا ظه ع ند‬ ‫النسائي‪" :‬أل سويت بينهم" وعند ابن حبان‪" :‬سووا بينهم" ولحديث ابن عباس‪" :‬سووا بين أولدكم في العطية فلو‬ ‫كنت مفضلً أحدا لفضلت النساء" أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي بإسناد حسن‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬بل التسوية أن يجعل للذكر مثل حظ النثيين على حسب التوريث‪.‬‬ ‫وذ هب الجمهور إلى أن ها ل ت جب الت سوية بل تندب وأطالوا في العتذار عن الحد يث وذ كر في الشرح عشرة‬ ‫أعذار كلها غير ناهضة‪.‬‬ ‫وقد كتبنا في ذلك رسالة جواب سؤال أوضحنا فيها قوة القول بوجوب التسوية وأن الهبة مع عدمها باطلة‪.‬‬ ‫ب يَقِيءُ ُثمّ يعودُ‬ ‫ع ْنهُما قالَ‪ :‬قالَ النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬العائِدُ في ِهبَت ِه كا ْلكَلْ ِ‬ ‫عبّا سٍ رَض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ن ابن َ‬ ‫عِ‬ ‫وَ َ‬ ‫في َق ْيئِهِ" متفقٌ عََليْه‪.‬‬ ‫وَفي روَايةٍ للبُخاريّ‪َ" :‬ليْسَ َلنَا َمثَلُ السّوْءِ‪ ،‬الذي َيعَو ُد في ِه َب ِتهِ كا ْلكَلْبِ َيقِيءُ ثمّ َي ْرجَع في َقيْئِهِ"‪.‬‬ ‫ع ْنهُما قالَ‪ :‬قالَ النبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬العا ِئدُ في ِهبَت هِ كا ْلكَلْ بِ يَقِي ُء ُثمّ يعودُ‬ ‫عبّا سٍ رَض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ن ابن َ‬ ‫عِ‬ ‫(وَ َ‬ ‫في َق ْيئِهِ" متفقٌ عََليْه‪.‬‬ ‫وَفي روَايةٍ للبُخاريّ‪َ" :‬ليْسَ َلنَا َمثَلُ السّوْءِ‪ ،‬الذي َيعَو ُد في ِه َب ِتهِ كا ْلكَلْبِ َيقِيءُ ثمّ َي ْرجَع في َقيْئِهِ")‪.‬‬ ‫ف يه دللة على تحر يم الرجوع في اله بة و هو مذ هب جماه ير العلماء وبوب له البخاري هههه باب ل ي حل‬ ‫لحد أن يرجع في هبته وصدقته هههه‪.‬‬ ‫‪34‬‬

‫وقد استثنى الجمهور ما يأتي من الهبة للولد ونحوه‪.‬‬ ‫وذهبت الهادوية و أبو حنيفة إلى حل الرجوع في الهبة دون الصدقة إل الهبة لذي رحم‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬والحد يث المراد به التغل يظ في الكرا هة‪ .‬قال الطحاوي‪ :‬قوله كالعائد في قيئه وإن اقت ضى التحر يم ل كن‬ ‫الزيادة في الرواية الخرى وهو قوله‪ :‬كالكلب تدل على عدم التحريم لن الكلب غير متعبد فالقيء ليس حراما‬ ‫عليه والمراد التنزه عن فعل يشبه فعل الكلب‪.‬‬ ‫وتع قب با ستبعاد التأو يل ومنافرة سياق الحد يث له وعرف الشرع في م ثل هذه العبارة الز جر الشد يد ك ما ورد‬ ‫النهي في الصلة عن إقعاء الكلب ونقر الغراب والتفات الثعلب ونحوه ول يفهم من المقام إل التحريم والتأويل‬ ‫البعيد ل يلتفت إليه ويدل على التحريم الحديث التي وهو‪:‬‬ ‫عبّا سٍ عن النّبيّ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم قالَ‪" :‬ل يحِلّ ِل َرجُلٍ مُ سِْلمٍ َأ نْ ُي ْعطِ يَ ا ْلعَطيّ َة ثم َيرْج عَ‬ ‫ع َمرَ وابْ نِ َ‬ ‫وع نْ ابن ُ‬ ‫حبّانَ وَالحاكمُ‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫ححَه الت ْرمِذي وابْ ُ‬ ‫صّ‬ ‫فيها إل ا ْلوَاِل َد فيما ُيعْطِي وََلدَهُ" رَوَاهُ َأحْمدُ وال ْربَعَةُ‪َ ،‬و َ‬ ‫ن ُي ْعطِيَ ا ْلعَطيّةَ ثم َيرْجعَ‬ ‫س عن النّبيّ صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم قالَ‪" :‬ل يحِلّ ِل َرجُلٍ مُسْلِ ٍم أَ ْ‬ ‫عبّا ٍ‬ ‫ع َمرَ وابْنِ َ‬ ‫ن ابن ُ‬ ‫(وع ْ‬ ‫حبّانَ وَالحاكمُ)‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫ححَه الت ْرمِذي وابْ ُ‬ ‫صّ‬ ‫فيها إل ا ْلوَاِل َد فيما ُيعْطِي وََلدَهُ" رَوَاهُ َأحْمدُ وال ْربَعَةُ‪َ ،‬و َ‬ ‫فإن قوله ل يحل ظاهر في التحريم والقول بأنه مجاز عن الكراهة الشديدة صرف له عن ظاهره‪.‬‬ ‫وقوله إل الوالد دليهل على أنهه يجوز للب الرجوع فيمها وهبهه لبنهه كهبيرا كان أو صهغيرا واختصهه الهادويهة‬ ‫بالطفل وهو خلف ظاهر الحديث‪.‬‬ ‫وفرق ب عض العلماء فقال‪ :‬ي حل الرجوع في اله بة دون ال صدقة لن ال صدقة يراد ب ها ثواب الخرة و هو فرق‬ ‫غير مؤثر في الحكم‪.‬‬ ‫وحكم الم حكم الب عند أكثر العلماء‪.‬‬ ‫"نعم" وخص الهادي ما وهبته الزوجة لزوجها من صداقها بأنه ليس لها الرجوع في ذلك‪ ،‬ومثله رواه البخاري‬ ‫عن النخعي وعمر بن عبد العزيز تعليقا‪.‬‬ ‫وقال الزهري‪ :‬يرد إليها إن كان خدعها‪ .‬وأخرج عبد الرزاق بسند منقطع‪" :‬إن النساء يعطين رغبة ورهبة فأيما‬ ‫امرأة أعطت زوجها فشاءت أن ترجع رجعت"‪.‬‬ ‫ل ا ْلهَديّةَ َو ُيثِي بُ عَلَي ها" رَوَا هُ‬ ‫ن رَ سُولُ اللّ هِ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم يَ ْقبَ ُ‬ ‫عنْهَا قالَ تْ‪" :‬كا َ‬ ‫ع نْ عائش َة َرضِ يَ اللّ هُ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ا ْل ُبخَاري‪.‬‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم يَ ْقبَلُ ا ْلهَديّةَ َو ُيثِي بُ عَلَي ها" رَوَا هُ‬ ‫عنْهَا قالَ تْ‪" :‬كا نَ رَ سُو ُ‬ ‫ع نْ عائش َة رَضِ يَ اللّ هُ َ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ا ْل ُبخَاري)‪.‬‬ ‫فيه دللة على أن عادته صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم كانت جارية بقبول الهدية والمكافأة عليها‪.‬‬ ‫وفي رواية لبن أبي شيبة‪" :‬ويثيب عليها ما هو خير منها"‪.‬‬ ‫وقد استدل به على وجوب الثابة على الهدية إذ كونه عادة له صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم مستمرة يقتضي لزومه ول‬ ‫ي تم به ال ستدلل على الوجوب ل نه قد يقال إن ما فعله صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم م ستمرا ل ما ج بل عل يه من مكارم‬ ‫الخلق ل لوجوبه‪.‬‬ ‫وقد ذهبت الهادوية إلى وجوب المكافأة بحسب العرف قالوا‪ :‬لن الصل في العيان العواض‪.‬‬ ‫قال في البحر‪ :‬ويجب تعويضها حسب العرف‪.‬‬ ‫وقال المام يحيى‪ :‬المثلي مثله والقيمي قيمته ويجب له اليصاء بها‪.‬‬ ‫وقال الشاف عي في الجد يد‪ :‬اله بة للثواب باطلة ل تنع قد لن ها ب يع بث من مجهول ولن مو ضع اله بة ال تبرع فلو‬ ‫أوجبناه لكان في مع نى المعاو ضة و قد فرق الشرع والعرف ب ين اله بة والب يع‪ .‬ف ما ي ستحق العوض أطلق عل يه‬ ‫لفظ البيع‪ ،‬بخلف الهبة‪.‬‬ ‫قيل‪ :‬وكأن من أجازها للثواب جعل العرف فيها بمنزلة الشرط وهو ثواب مثلها‪.‬‬ ‫وقال بعهض المالكيهة‪ :‬يجهب الثواب على الهبهة إذا أطلق الواههب أو كان ممها يطلب مثله الثواب كالفقيهر للغنهي‬ ‫بخلف ما يهبه العلى للدنى‪.‬‬ ‫فإذا لم يرض الواههب بالثواب فقيهل‪ :‬تلزم الهبهة إذا أعطاه الموهوب له القيمهة وقيهل‪ :‬ل تلزم إل أن يرضيهه‪،‬‬ ‫والول المشهور عن مالك رحمه ال ويرده الحديث التي وهو‪:‬‬

‫‪35‬‬

‫ب َرجُلٌ ِلرَ سُولِ اللّ هِ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم نَاقَةً فَأثَابَ هُ عََليْهَا‬ ‫ع ْنهُمَا قالَ‪ :‬وَهَ َ‬ ‫س رَض يَ اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫عبّا ٍ‬ ‫ع نْ ابْ نِ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ححَهُ‬ ‫صّ‬ ‫ح َمدُ وَ َ‬ ‫ضيْ تَ؟" قالَ‪ :‬ل‪َ ،‬فزَادَ هُ فَقَالَ‪" :‬رضيت؟" قَالَ َنعَ مْ‪َ ،‬روَا هُ َأ ْ‬ ‫فَقَالَ‪" :‬رضي تَ؟" قالَ‪ :‬ل‪ ،‬فَزَادَه فَقَالَ‪" :‬رَ َ‬ ‫حبّانَ‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫ابْ ُ‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم نَاقَ ًة فَأثَابَ هُ عََل ْيهَا‬ ‫ب َرجُلٌ ِلرَ سُو ِ‬ ‫ع ْن ُهمَا قالَ‪ :‬وَهَ َ‬ ‫عبّا سٍ رَض يَ اللّ هُ َتعَالَى َ‬ ‫ع نْ ا ْب نِ َ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ححَهُ‬ ‫صّ‬ ‫ح َمدُ وَ َ‬ ‫ضيْ تَ؟" قالَ‪ :‬ل‪َ ،‬فزَادَ هُ فَقَالَ‪" :‬رضيت؟" قَالَ َنعَ مْ‪َ ،‬روَا هُ َأ ْ‬ ‫فَقَالَ‪" :‬رضي تَ؟" قالَ‪ :‬ل‪ ،‬فَزَادَه فَقَالَ‪" :‬رَ َ‬ ‫حبّانَ)‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫ابْ ُ‬ ‫ورواه الترمذي وبين أن العوض كان ست بكرات‪.‬‬ ‫وفيه دليل على اشتراط رضا الواهب وأنه إن أسلم إليه قدر ما وهب ولم يرض زيد له وهو دليل لحد القولين‬ ‫الماضيين وهو قول[اث] ابن عمر[‪/‬اث]‪ .‬قالوا‪ :‬فإذا اشترط فيه الرضا فليس هناك بيع انعقد‪.‬‬ ‫ت لَهُ" ُمتّفقٌ عَلَيهِ‪.‬‬ ‫عنْ ُه قالَ‪ :‬قالَ َرسُولُ ال صَلّى ال عََليْ ِه َوسَلّم‪" :‬ا ْل ُعمْرَى لمَنْ وُ ِهبَ ْ‬ ‫عنْ جابرٍ رَضيَ اللّهُ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ع ِمرَهَا حَيا َو َميْتا وَِل َع ِقبِهِ"‪.‬‬ ‫عمْرى فَ ِهيَ للذي ُأ ْ‬ ‫عمَرَ ُ‬ ‫سدُوها فإنّهُ َمنْ َأ ْ‬ ‫ول َمسْلمٍ‪" :‬أمسكوا عَلَي ُكمْ أموَاَل ُكمْ وَل تُ ْف ِ‬ ‫ن يَقُولَ‪ :‬هِي لكَ وََلعَقِبك‪َ ،‬فأَمّا إذا قالَ‪ :‬هِيَ‬ ‫وفي لَفْظٍ "إنمَا ا ْل ُع ْمرَى الّتي أجَازَها رَسُولُ اللّ ِه صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم َأ ْ‬ ‫ت فإنّها َترْجعُ إلى صَاحِبها"‪.‬‬ ‫عشْ َ‬ ‫ك ما ِ‬ ‫لَ‬ ‫شيْئا َفهُوَ لو َرثَتِهِ"‪.‬‬ ‫ع ِمرَ َ‬ ‫شيْئا َأ ْو أُ ْ‬ ‫ب َ‬ ‫ن ُأرْقِ َ‬ ‫ولبي دَا ُودَ والنّسائي "ل تُر ِقبُوا وَل ُت ْع ِمرُوا‪ ،‬فَمَ ْ‬ ‫(و عن جابر ر ضي ال ع نه قال‪ :‬قال ر سول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬ا ْل ُعمْرَى) ب ضم المهملة و سكون الم يم‬ ‫سدُوهَا‬ ‫سكُوا عََل ْيكُ مْ َأمَوَالكُم ول تُفْ ِ‬ ‫ت ل هُ" متفق عليه ولمسلم) أي من حديث جابر‪َ( :‬أمْ ِ‬ ‫وألف مقصورة (ِلمَ نْ وُ ِهبَ ْ‬ ‫حيّا و َميْتا ولعَ ِقبِهِ"‪.‬‬ ‫ع ِمرَهَا َ‬ ‫ع ْمرَى فهِيَ لّلذِي ُأ ْ‬ ‫ع َمرَ ُ‬ ‫فإنّهُ َمنْ َأ ْ‬ ‫ن يقُولَ‪ :‬هِ يَ لَ كَ ولعَقبِك‪ ،‬فَأمّا إذا‬ ‫وفي لفظ‪" :‬إ ّنمَا ا ْل ُعمْرَى التي َأجَازَها رسول ال صلى ال تعالى عليه وسلم أ ْ‬ ‫عشْتَ فإ ّنهَا َترْج ُع إلى صَاحبها"‪.‬‬ ‫قَالَ‪ :‬هِي لكَ مَا ِ‬ ‫شيْئا فهوَ‬ ‫ع ِمرَ َ‬ ‫ه شيْئا َأوْ ُأ ْ‬ ‫ه ُأرْقِب َ‬ ‫(ولبهي داود والنسهائي) أي‪ :‬مهن حديهث جابر ("ل تُ ْر ِقبُوا ول ُت ْع ِمرُوا َفمَن ْ‬ ‫ِل َو َرثَتِهِ")‪.‬‬ ‫الصل في العمرى والرقبى أنه كان في الجاهلية يعطي الرجل الرجل الدار ويقول‪ :‬أعمرتك إياها أي أبحتها لك‬ ‫ع ْمرَى لذلك‪.‬‬ ‫مدة عمرك فقيل لها َ‬ ‫ل منهما يرقب موت الخر‪.‬‬ ‫كما أنه قيل لها رقبى لن ك ً‬ ‫وجاءت الشري عة بتقر ير ذلك‪ ،‬ف في الحد يث دللة على شرعيت ها وأن ها ممل كة ل من و هب له وإل يه ذ هب العلماء‬ ‫كافة إل رواية عن داود أنها ل تصح‪.‬‬ ‫واختلف إلى ماذا يتوجه التمليك‪.‬‬ ‫فالجمهور أنه يتوجه إلى الرقبة كغيرها من الهبات‪.‬‬ ‫وعند الشافعي ومالك إلى المنفعة دون الرقبة‪.‬‬ ‫وتكون على ثلثة أقسام‪:‬‬ ‫مؤبدة إن قال أبدا‪.‬‬ ‫ومطلقة عند عدم التقييد‪.‬‬ ‫ومقيدة بأن يقول ما عشت فإذا مت رجعت إليّ‪.‬‬ ‫واختلف العلماء في ذلك وال صح أن ها صحيحة في جم يع الحوال وأن الموهوب له يملك ها ملكا تاما يت صرف‬ ‫فيها بالبيع وغيره من التصرفات وذلك لتصريح الحاديث بأنها لمن أعمرها حيا وميتا‪.‬‬ ‫وأما قوله‪" :‬فإذا قال‪ :‬هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها" فلنها بهذا القيد قد شرط أن تكون إلى الواهب‬ ‫بعد موته فيكون لها حكم ما إذا صرح بذلك الشرط وهي كما لو أعمره شهرا أو سنة فإنها عارية إجماعا‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬أمسهكوا أموالكهم" وقوله‪" :‬ل ترقبوا" محمول على الكراههة والرشاد لههم إلى حفهظ أموالههم لنههم كانوا‬ ‫يعمرون ويرقبون ويرجهع إليههم إذا مات مهن أعمروه وأرقبوه فجاء الشرع بمراغمتههم وصهحح العقهد وأبطهل‬ ‫الشرط المضاد لذلك فإنه أشبه الرجوع في الهبة وقد صح النهي عنه‪.‬‬ ‫وأخرج النسائي من حديث ابن عباس يرفعه‪" :‬العمرى لمن أعمرها والرقبى لمن أرقبها والعائد في هبته كالعائد‬ ‫في قيئه"‪.‬‬ ‫وأما إذا صرح بالشرط كما في الحديث وقال‪ :‬ما عشت‪ ،‬فإنها عارية مؤقتة ل هبة‪ .‬ومرّ حديث‪" :‬العائد في هبته‬ ‫كالعائد في قيئه" ومثله الحديث التي وهو‪:‬‬ ‫‪36‬‬

‫ل ال‬ ‫ت أنّ ُه با ِئعُ ُه ب ُرخْ صٍ‪ ،‬فَسأَلتُ رسو َ‬ ‫ظ َننْ ُ‬ ‫حبُهُ‪ ،‬فَ َ‬ ‫حمَلْ تُ عَلى َفرَس في سبيل اللّ ِه َفأَضاع ُه صَا ِ‬ ‫ع َمرَ قالَ‪َ :‬‬ ‫ع نْ ُ‬ ‫وَ َ‬ ‫صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم عَن ذلك فَقَالَ‪" :‬ل تَبتعْهُ وَإنْ َأعْطاكَ ُه ب ِدرْهَمٍ" الحديثَ‪ُ ،‬متّفقٌ عََل ْيهِ‪.‬‬ ‫ل ال‬ ‫ظ َننْتُ أنّ ُه با ِئعُ هُ ب ُرخْ صٍ‪ ،‬فَسأَلتُ رسو َ‬ ‫حمَلْتُ عَلى َفرَس في سبيل اللّ ِه َفأَضاع ُه صَاحِبُهُ‪َ ،‬ف َ‬ ‫ع َمرَ قالَ‪َ :‬‬ ‫عنْ ُ‬ ‫(وَ َ‬ ‫صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم عَن ذلك فَقَالَ‪" :‬ل تَبتعْهُ وَإنْ َأعْطاكَ ُه ب ِدرْهَمٍ" الحديثَ‪ُ ،‬متّفقٌ عََل ْيهِ)‪.‬‬ ‫تمامه‪" :‬فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه"‪.‬‬ ‫وقوله‪ :‬فأضاعه أي قصر في مؤنته وحسن القيام به وقوله‪ :‬ل تبتعه أي ل تشتره‪.‬‬ ‫وفي لفظ‪ :‬ول تعد في صدقتك‪ ،‬فسمى الشراء عودا في الصدقة قيل‪ :‬لن العادة جرت بالمسامحة في ذلك من‬ ‫البائع للمشتري فأطلق على القدر الذي يقهع بهه التسهامح رجوعا ويحتمهل أنهه مبالغهة وأن عودهها إليهه بالقيمهة‬ ‫كالرجوع‪.‬‬ ‫وظاهر النهي التحريم وإليه ذهب قوم‪.‬‬ ‫وقال الجمهور‪ :‬إنه للتنزيه‪.‬‬ ‫وتقدم أن الرجوع في الهبة محرم وأنه القوى دليلً إل ما استثني‪.‬‬ ‫قال ال طبري‪ :‬ي خص من عموم هذا الحد يث من و هب بشرط الثواب‪ ،‬و ما إذا كان الوا هب الوالد لولده‪ ،‬واله بة‬ ‫التهي لم تقبهض‪ ،‬والتهي ردهها الميراث إلى الواههب‪ ،‬لثبوت الخبار باسهتثناء ذلك‪ .‬وممها ل رجوع فيهه مطلقا‬ ‫الصدقة يراد بها ثواب الخرة‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬هذا في الرجوع في الهبة فأما شراؤها وهو الذي فيه سياق هذا الحديث فالظاهر أن النهي للتنزيه‪ ،‬وإنما‬ ‫التحريم في الرجوع فيها‪ .‬ويحتمل أنه ل فرق بينهما للنهي وأصله التحريم‪.‬‬ ‫ن النّبيّ صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم قالَ‪َ " :‬تهَادُوا َتحَابّوا" رَوا هُ ا ْل ُبخَاريّ في "الدَ بِ المُ ْف َردِ" وَأَبُو‬ ‫ع نْ أَ بي هُريرة عَ ِ‬ ‫وَ َ‬ ‫حسَنٍ‪.‬‬ ‫َيعْلى بإسْنادٍ َ‬ ‫ب المُ ْف َردِ" وَأَبُو‬ ‫ن النّبيّ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم قالَ‪َ " :‬تهَادُوا َتحَابّوا" رَوا ُه ا ْل ُبخَاريّ في "الدَ ِ‬ ‫ع نْ أَ بي هُريرة عَ ِ‬ ‫(وَ َ‬ ‫حسَنٍ)‪.‬‬ ‫َيعْلى بإسْنادٍ َ‬ ‫وأخر جه البيه قي وغيره و في كل روا ته مقال والم صنف قد ح سن إ سناده وكأ نه لشواهده ال تي من ها الحد يث‬ ‫هههه وإن كان ضعيفا هههه وهو قوله‪:‬‬ ‫ل اللّ هِ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬تهادُوا فإنّ ال َهدِيّة تَ سُلّ ال سّخيمةَ" رَوَا هُ‬ ‫ل رَ سُو ُ‬ ‫ع ْن هُ قالَ‪ :‬قا َ‬ ‫س رض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ع نْ َأنَ ٍ‬ ‫وَ َ‬ ‫البزّارُ بإسْنادٍ ضعيفٍ‪.‬‬ ‫سخِيمَةَ) بالسين‬ ‫(وعن أنس رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬تَهادُوا فإنّ ا ْلهَدي َة ت سُلّ ال ّ‬ ‫المهملة مفتو حة فخاء معج مة فمثناة تحت ية في القاموس ال سخيمة وال سخيمة بال ضم‪ :‬الح قد (رواه البزار بإ سناد‬ ‫حرَ ال صدر‬ ‫ضع يف) لن في رواي ته من ض عف وله طرق كلها ل تخلو عن مقال وفي بعض ألفاظه‪ :‬تذ هب َو َ‬ ‫بف تح الواو والحاء المهملة و هو الح قد أيضا‪ .‬والحاد يث وإن لم ت خل عن مقال فإن للهد ية في القلوب موقعا ل‬ ‫يخفى‪.‬‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪ " :‬يا ن سا َء المُ سْلماتِ‪ ،‬ل َتحْقِرنّ جارَةٌ لِجارَت ها وَلَوْ‬ ‫ن أَ بي هُريرة قال‪ :‬قال ر سو ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫ن شَاةٍ" ُمتّفقْ عََليْهِ‪.‬‬ ‫ِفرْسِ َ‬ ‫(وعن أبي هريرة رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬يَا نِساءَ ا ْلمُ سْلماتِ) قال القاضي‪:‬‬ ‫الشهر نصب النساء على أنه منادى مضاف إلى المسلمات من إضافة الصفة وقيل غير هذا (ل َتحْ ِقرَنّ) بالحاء‬ ‫ن شاةٍ) بكسهر الفاء وسهكون الراء وكسهر السهين‬ ‫المهملة سهاكنة وفتهح القاف وكسهرها (جَارَةٌ ِلجَا َرتِهَا ول ْو فِرْس ِه َ‬ ‫المهملة آخره نون وهو من البعير بمنزلة الحافر من الدابة وربما استعير للشاة (متفق عليه)‪.‬‬ ‫في الحديث حذف تقديره ل تحقرن جارة لجارتها هدية ولو فرسن شاة والمراد من ذكره المبالغة في الحث على‬ ‫هدية الجارة لجارتها ل حقيقة الفرسن لنه لم تجر العادة بإهدائه‪.‬‬ ‫وظاهره النهيِ ل ْل ُم ْهدِي "اسم فاعل" عن استحقار ما يهديه بحيث يؤدي إلى ترك الهداء‪.‬‬ ‫ويحتمل أنه ل ْل ُم ْهدَى إليه والمراد ل يحقرن ما أهدى إليه ولو كان حقيرا‪.‬‬ ‫ويحت مل إرادة الج مع وف يه ال حث على التهادي سيما ب ين الجيران ولو بالش يء الحق ير ل ما ف يه من جلب المح بة‬ ‫والتأنيس‪.‬‬ ‫حقّ بها مَا لم يُث بْ‬ ‫ن النبيّ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قال‪" :‬مَ نْ وَهَ بَ ِه َبةً َفهُ َو أ َ‬ ‫ع ْنهُما ع ِ‬ ‫ع َمرَ رض يَ اللّ هُ َ‬ ‫وَعَن ابْ نِ ُ‬ ‫ع َمرَ قوُلهُ‪.‬‬ ‫ع َمرَ عَنْ ُ‬ ‫ظ مِنْ روَايةِ ابنِ ُ‬ ‫حهُ‪ ،‬والمحْفو ُ‬ ‫حَ‬ ‫عليْها" َروَا ُه الحاكم وص ّ‬ ‫‪37‬‬

‫حقّ بها مَا لم يُث بْ‬ ‫ب ِهبَ ًة َفهُوَ أ َ‬ ‫ن وَهَ َ‬ ‫ن النبيّ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم قال‪" :‬مَ ْ‬ ‫ع ْنهُما ع ِ‬ ‫ي اللّ هُ َ‬ ‫ع َمرَ رض َ‬ ‫(وَعَن ابْ نِ ُ‬ ‫ع َمرَ قوُلهُ)‪.‬‬ ‫ع َمرَ عَنْ ُ‬ ‫ظ مِنْ روَايةِ ابنِ ُ‬ ‫حهُ‪ ،‬والمحْفو ُ‬ ‫حَ‬ ‫عليْها" َروَا ُه الحاكم وص ّ‬ ‫قال الم صنف‪ :‬صححه الحا كم وا بن حزم‪ ،‬وف يه دل يل على جواز الرجوع في اله بة ال تي لم ي ثب علي ها‪ ،‬وعدم‬ ‫جواز الرجوع فهي الهبهة التهي أثاب عليهها الموهوب له الواههب‪ .‬وتقدم الكلم فهي ذلك وفهي حكهم اله بة للثواب‬ ‫والمكافأة‪ .‬وما أحسن ما قيل في ذلك إن الفاعل ل يفعل إل لغرض‪ ،‬فالهبة للدنى كثيرا ما تكون كالصدقة وهي‬ ‫غرض معهم‪.‬‬ ‫وللمساوي معاشرة لجلب المودة وحسن العشرة وهي مثل عطية الدنى‪ ،‬إل أن في عطية الدنى توهم الصدقة‪.‬‬ ‫والعرف جار بتخالف الهدايها باعتبار حال المهدي والمهدى إل يه فإذا كان الغرض الطمهع والتحصهيل ك ما يهدي‬ ‫المتك سب للملك يتح فه بش يء ير جو فضله فلو اقت صر الملك على قدر قيمت ها لذم والذم دل يل الرجوع بل إ ما أن‬ ‫يردها أو يعطيه خيرا منها‪.‬‬ ‫وإن كان غرض المهدي تح صيل التصال بينهما والمخالفة الح سنة وتصفية ذات الب ين أجزأه من المكافأة أدنى‬ ‫ش يء قَلّ أو ك ثر بل ال قل أن سب لشعاره بأن ل يس الغرض المعاو ضة بل تكم يل المودّة وأ نه ل فرق ب ين ما‬ ‫تملكه أنت وما أملكه أنا‪.‬‬ ‫باب اللقطة‬ ‫اللق طة ب ضم اللم وف تح القاف ق يل‪ :‬ل يجوز غيره وقال الخل يل‪ :‬القاف ساكنة ل غ ير وأ ما بفتح ها ف هو الل قط‪.‬‬ ‫قيل‪ :‬وهذا هو القياس إل أنه أجمع أهل اللغة والحديث على الفتح ولذا قيل‪ :‬ل يجوز غيره‪.‬‬ ‫ن ال صّدقةِ‬ ‫ن مِ َ‬ ‫ن تَكو َ‬ ‫عَ نْ َأنَ سٍ قالَ‪َ :‬مرّ ال نبيّ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم ب َت ْمرَةٍ في الطري قِ فَقَالَ‪" :‬لَول أَ ني أَخا فُ َأ ْ‬ ‫لكَ ْلتُها" ُمتّفق عََل ْيهِ‪.‬‬ ‫ن ال صّدقةِ‬ ‫ن مِ َ‬ ‫ن تَكو َ‬ ‫ق فَقَالَ‪" :‬لَول أَني أَخا فُ أَ ْ‬ ‫ن َأنَ سٍ قالَ‪َ :‬مرّ النبيّ صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم ب َت ْمرَ ٍة في الطري ِ‬ ‫(عَ ْ‬ ‫لكَ ْلتُها" ُمتّفق عََل ْيهِ)‪.‬‬ ‫دل على جواز أخذ الشيء الحقير الذي يتسامح به‪ ،‬ول يجب التعريف به وأن الخذ يملكه بمجرد الخذ له‪.‬‬ ‫وظاهر الحديث أنه يجوز ذلك في الحقير وإن كان مالكه معروفا‪ .‬وقيل‪ :‬ل يجوز إل إذا جهل‪ .‬وأما إذا علم فل‬ ‫يجوز إل بإذنه وإن كان يسيرا‪.‬‬ ‫وقد أورد عليه أنه صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم كيف تركها في الطريق مع أن على المام حفظ المال الضائع وحفظ ما‬ ‫كان من الزكاة وصرفه في مصارفه‪.‬‬ ‫ويجاب عنه بأنه ل دليل على أنه صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم لم يأخذها للحفظ‪ ،‬وإنما ترك أكلها تورّعا أو أنه تركها‬ ‫عمدا ليأخذها من يمر ممن تحل له الصدقة‪ .‬ول يجب على المام إل حفظ المال الذي يعلم طلب صاحبه له ل‬ ‫ما جرت العادة بالعراض عنه لحقارته‪.‬‬ ‫وفيه حث على التورّع عن أكل يجوز فيه أنه حرام‪.‬‬ ‫ْرفه‬ ‫َنه الل َقطَةِ فَقَالَ‪" :‬اع ْ‬ ‫َسهأَلَهُ ع ِ‬ ‫َسهلّم ف َ‬ ‫ْهه و َ‬ ‫صهلّى ال عََلي ِ‬ ‫جهَنيّ قالَ‪ :‬جا َء رَجلٌ إلى النّبي َ‬ ‫بنه خالدٍ ال ُ‬ ‫َنه َزيْدِ ِ‬ ‫وَع ْ‬ ‫حبُها وإل َفشَأنَكَ بها" قَالَ‪ :‬فَضَالّ ُة ا ْلغَنمِ؟ قَالَ‪" :‬هيَ لك َأوْ لخِيك َأوْ‬ ‫ن جاءَ صا ِ‬ ‫سنَةً فإ ْ‬ ‫ع ّرفْها َ‬ ‫صهَا ووكاءَها ثمّ َ‬ ‫عِفا َ‬ ‫لل ّذئْ بِ" قال‪ :‬فَضَالّ ُة البلِ؟ قال‪" :‬مَا لَ كَ وَلَ ها َمعَهَا سِقاؤُها وحذاؤ ها َت ِردُ الماءَ وتَأكلُ الشّجرَ ح تى يَلقاهَا َربّ ها"‬ ‫ُمتّفقٌ عَليْهِ‪.‬‬ ‫جهَني رضي ال عنه) هو أبو طلحة أو أبو عبد الرحمن نزل الكوفة ومات بها سنة ثمان‬ ‫(وعن زيد بن خالد ال ُ‬ ‫وسبعين وهو ابن خمسين وثمانين سنة وروى عنه جماعة (قال‪ :‬جاء رجلٌ إلى النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم) لم‬ ‫صهَا" بك سر الع ين‬ ‫طةِ) أي عن حكم ها شرعا (فقال‪" :‬اعْر فْ عِفا َ‬ ‫ي قم برهان على تعي ين الر جل (ف سأله عن اللّ َق َ‬ ‫المهملة ففاء وبعد اللف صاد مهملة وعاءها ووقع في رواية خرقتها "ووكاءَها" بكسر الواو ممدودا ما يربط به‬ ‫ن جاءَ صاح ُبهَا وإل فَشأنَ كَ ب ها" قال‪ :‬فضالة الغ نم) الضالة تقال على الحيوان‪.‬‬ ‫ع ّرفْ ها" بتشد يد الراء " سَن ًة فإ ْ‬ ‫"ثمّ َ‬ ‫و ما ل يس بحيوان يقال له لق طة (قال‪ :‬هِ يَ لَ كَ َأوْ لخِ يك َأوْ للذئْ بِ" قال‪ :‬فضالة ال بل قال‪" :‬مَا ل كَ ولهَا َمعَهَا‬ ‫شجَرَ‬ ‫حذَاؤهَا" بك سر الحاء المهملة فذال معج مة أي خف ها "تَردُ ا ْلمَاءَ وتأكُلُ ال ّ‬ ‫سِقَاؤها" أي جوف ها وق يل عنق ها "و ِ‬ ‫حَتى يلْقَاهَا َر ّبهَا" متفق عليه)‪.‬‬ ‫اختلف العلماء في اللتقاط هل هو أفضل أم الترك فقال أبو حنيفة‪ :‬الفضل اللتقاط لن من الواجب على المسلم‬ ‫حفظ مال أخيه ومثله قال الشافعي‪.‬‬ ‫وقال مالك وأحمد‪ :‬تركه أفضل لحديث‪" :‬ضالة المؤمن حرق النار" ولما يخاف من التضمين والدين‪.‬‬ ‫‪38‬‬

‫وقال قوم‪ :‬بل اللتقاط واجب وتأولوا الحديث بأنه فيمن أراد أخذها للنتفاع بها من أول المر قبل تعريفه بها‪.‬‬ ‫هذا وقد اشتمل الحديث على ثلثة مسائل‪:‬‬ ‫الولى‪ :‬في ح كم اللق طة و هي الضائ عة ال تي لي ست بحيوان هههه فإن ذلك يقال له ضالة هههه ف قد أ مر‬ ‫صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم الملت قط أن يعرف وعاء ها و ما ت شد به وظا هر ال مر وجوب التعرف ل ما ذ كر ووجوب‬ ‫التعريف ويزيد الخير عليه دللة قوله‪:‬‬ ‫ل ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬من آوى ضالّةً َفهُو ضالّ ما لم يُعرّفْها" َروَا هُ‬ ‫ع ْن ُه قالَ‪ :‬قالَ رسو ُ‬ ‫عنْ ُه رَض يَ اللّ هُ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ُمسْلمٌ‪.‬‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم‪" :‬من آوى ضالّ ًة َفهُو ضالّ ما لم يُع ّرفْها"‬ ‫ل رسو ُ‬ ‫ع ْنهُ) أي عن زيد بن خالد (قال‪ :‬قا َ‬ ‫(وَ َ‬ ‫رَوَاهُ ُمسْلمٌ)‪.‬‬ ‫فوصفه بالضلل إذا لم يعرف بها‪ .‬وقد اختلف في فائدة معرفتهما‪.‬‬ ‫فقيل‪ :‬لتر ّد للواصف لها وأنه يقبل قوله بعد إخباره بصفتها ويجب ردها إليه كما دل له ما هنا‪.‬‬ ‫وما في رواية البخاري‪" :‬فإن جاء أحد يخبرك بها" وفي لفظ‪" :‬بعددها ووعائها ووكائها فأعطها إياه" وإلى هذا‬ ‫ذهب أحمد ومالك واشترطت المالكية زيادة صفة الدنانير والعدد قالوا‪ :‬لورود ذلك في بعض الروايات وقالوا‪ :‬ل‬ ‫يضره الجهل بالعدد إذا عرف العفاص والوكاء‪.‬‬ ‫فأ ما إذا عرف إحدى العلمت ين المن صوص عليه ما من العفاص والوكاء وج هل الخرى فق يل‪ :‬ل ش يء له إل‬ ‫بمعرفتهما جميعا‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬تدفع إليه بعد النظار مدة‪.‬‬ ‫ثم اختلف هل تدفع إليه بعد وصفه لعفاصها ووكائها بغير يمينه أم ل بد من اليمين‪.‬‬ ‫فقيل‪ :‬تدفع إليه بغير يمين لنه ظاهر الحاديث‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬ل ترد إل بالبينة‪ .‬وقال من أوجب البينة‪ :‬إن فائدة أمر الملتقط بمعرفتها لئل يلتبس بماله ل لجل ردها‬ ‫لمن وصفها فإنها ل ترد إليه إل بالبينة‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬وذلك لنه مدّع وكل مدّع ل يسلم إليه ما ادعاه إل بالبينة‪ ،‬وهذا أصل مقرر شرعا ل يخرج عنه بمجرد‬ ‫وصف المدعى للعفاص والوكاء‪.‬‬ ‫وأجيب‪ :‬بأن ظاهر الحاديث وجوب الرد بمجرّد الوصف فإنه قال صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم‪" :‬فأعطها إياه"‪.‬‬ ‫وفي حديث الباب مقدر بعد قوله فإن جاء صاحبها أي فأعطه إياها وإنما حذف جواب الشرط للعلم به‪.‬‬ ‫وحديث "البينة على المدعي" ليست البينة مقصورة على الشهادة بل هي عامة لكل ما تبين به الحق ومنها وصف‬ ‫العفاص والوكاء‪.‬‬ ‫على أ نه قد قال من اشترط البي نة‪ :‬إن ها إذا ثب تت الزيادة و هي قوله فأعط ها إياه كان الع مل علي ها والزيادة قد‬ ‫صحت كما حققه المصنف فيجب العمل بها ويجب الرد بالوصف‪.‬‬ ‫وكما أوجب صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم التعرف بها فقد حدّ وقته بسنة فأوجب التعريف بها سنة وأما ما بعدها‪:‬‬ ‫فقيل‪ :‬ل يجب التعريف بها بعد السنة وقيل‪ :‬يجب والدليل مع الول‪.‬‬ ‫ودل على أنه يعرف بها سنة ل غير‪ ،‬حقيرة كانت أو عظيمة‪.‬‬ ‫ثم التعريف يكون في مظان اجتماع الناس من السواق وأبواب المساجد والمجامع الحافلة‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬وإل فشأ نك ب ها" ن صب شأ نك على الغراء ويجوز رف عه على البتداء و خبره ب ها و هو تفو يض له في‬ ‫حفظها أو النتفاع بها‪.‬‬ ‫واستدل به على جواز تصرف الملتقط فيها أي تصرف‪ ،‬إما بصرفها على نفسه غنيا كان أو فقيرا أو التصدق‬ ‫بها إل أنه قد أورد من الحاديث ما يقتضي أنه ل يتملكها‪.‬‬ ‫فعند مسلم‪" :‬ثم عرفها سنة فإن لم يجيء صاحبها كانت وديعة عندك"‪.‬‬ ‫و في روا ية‪ " :‬ثم عرف ها سنة فإن لم تعرف فا ستنفقها ولت كن ودي عة عندك فإن جاء طالب ها يوما من الد هر فَأدّ ها‬ ‫إليه" ولذلك اختلف العلماء في حكمها بعد السنة‪.‬‬ ‫قال في نها ية المجت هد‪ :‬إ نه ات فق فقهاء الم صار مالك والثوري والوزا عي والشاف عي على أ نه يتملك ها‪ ،‬ومثله‬ ‫عن[اث] ع مر[‪/‬اث] و[اث]اب نه[‪/‬اث] و[اث]ا بن م سعود[‪/‬اث] وقال أ بو حني فة‪ :‬ل يس له إل أن يت صدق ب ها‪ ،‬ومثله‬ ‫يروى عن[اث] علي[‪/‬اث] و[اث] ابن عباس[‪/‬اث] وجماعة من التابعين وكلهم متفقون على أنه إن أكلها ضمنها‬ ‫لصاحبها إل أهل الظاهر فقالوا‪ :‬تحل وتصير بعد السنة له مالً من ماله ول يضمنها إن جاء صاحبها‪.‬‬ ‫‪39‬‬

‫قلت‪ :‬ول أدري ما يقولون في حديث مسلم ونحوه الدال على وجوب ضمانها‪.‬‬ ‫وأقرب القوال مها ذههب إليهه الشافعهي ومهن معهه لنهه أذن صَهلّى ال عََليْهِه وَسَهلّم فهي اسهتنفاقه لهها ولم يأمره‬ ‫بالتصدق بها ثم أمره بعد الذن في الستنفاق أن يردها إلى صاحبها إن جاء يوما من الدهر وذلك تضمين لها‪.‬‬ ‫الم سألة الثان ية‪ :‬في ضالة الغ نم ف قد ات فق العلماء على أن لوا جد الغ نم في المكان الق فر البع يد عن العمران أن‬ ‫يأكل ها لقوله صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪ " :‬هي لك أو لخ يك أو للذئب" فإن معناه أن ها معر ضة للهلك متردّدة ب ين أن‬ ‫تأخذها أو أخوك والمراد به ما هو أعم من صاحبها أو من ملتقط آخر والمراد من الذئب جنس ما يأكل الشاة‬ ‫من السباع‪.‬‬ ‫وفيه حث على أخذه إياها‪ ،‬وهل يجب عليه ضمان قيمتها لصاحبها أو ل؟‬ ‫فقال الجمهور‪ :‬إنه يضمن قيمتها‪.‬‬ ‫والمشهور عن مالك أنه ل يضمن واحتج بالتسوية بين الملتقط والذئب‪ .‬والذئب ل غرامة عليه فكذلك الملتقط‪.‬‬ ‫وأج يب بأن اللم لي ست للتمل يك لن الذئب ل يملك و قد أجمعوا على أ نه لو جاء صاحبها ق بل أن يأكل ها الملت قط‬ ‫فهي باقية على ملك صاحبها‪.‬‬ ‫والمسألة الثالثة‪ :‬في ضالة البل وقد حكم صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم بأنها ل تلتقط بل تترك ترعى الشجر وترد المياه‬ ‫حتى يأتي صاحبها‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬وقد نبه صَلّى ال عََليْ هِ وَسَلّم على أنها غنية غير محتاجة إلى الحفظ بما ركّبَ ال في طباعها من الجلدة‬ ‫على العطش وتناول الماء بغير تعب لطول عنقها وقوتها على المشي فل تحتاج إلى الملتقط بخلف الغنم‪.‬‬ ‫وقالت الحنفية وغيرها‪ :‬الولى التقاطها‪.‬‬ ‫قال العلماء‪ :‬والحكمة في النهي عن التقاط البل أن بقاءها حيث ضلت أقرب إلى وجدان مالكها لها من َتطَلّ به‬ ‫لها في رحال الناس‪.‬‬ ‫شهِدْ‬ ‫جدَ ُل َقطَةً فَ ْل ُي ْ‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬مَ نْ َو َ‬ ‫عنْ ُه قال‪ :‬قالَ رسو ُ‬ ‫ن حِما ٍر رضي اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫ع نْ عِيا ضِ بْ ِ‬ ‫وَ َ‬ ‫ل ال يؤتِيهِ‬ ‫حقّ بها وإل فهُو ما ُ‬ ‫صهَا ووكَاءَهَا‪ ،‬ثمّ ل َي ْكتُمُ وَل ُي َغيّبُ‪ ،‬فإن جَا َء َر ّبهَا فَهُو َأ َ‬ ‫عدْلٍ‪ ،‬وَ ْل َيحْفَظْ عِفا َ‬ ‫ذَوَيْ َ‬ ‫حبّانَ‪.‬‬ ‫ن الجارُودَ وابن ِ‬ ‫ن خُزيمةَ واب ُ‬ ‫ححَه ابْ ُ‬ ‫صّ‬ ‫ن َيشَاءُ" رَوَاهُ َأحْمدُ والرْ َبعَ ُة إل ال ّترْمذي َو َ‬ ‫مَ ْ‬ ‫(وعن عياض) بكسر المهملة آخره ضاد معجمة (ابن حمار) بلفظ الحيوان المعروف صحابي معروف (قال‪ :‬قال‬ ‫صهَا ووكَاءَهَا‪ ،‬ثمّ ل َي ْكتُ مُ وَل‬ ‫عدْلٍ‪ ،‬وَ ْل َيحْفَ ظْ عِفا َ‬ ‫شهِدْ َذوَ يْ َ‬ ‫جدَ ُل َقطَةً فَ ْل ُي ْ‬ ‫ر سول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬مَ نْ َو َ‬ ‫ححَه‬ ‫ن َيشَاءُ" رَوَا ُه َأحْمدُ وال ْر َبعَةُ إل ال ّترْمذي وَ صَ ّ‬ ‫حقّ بها وإل فهُو مالُ ال يؤتِي ِه مَ ْ‬ ‫ُي َغيّ بُ‪ ،‬فإن جَا َء َربّهَا َفهُو َأ َ‬ ‫حبّانَ)‪.‬‬ ‫ن الجارُودَ وابن ِ‬ ‫ن خُزيمةَ واب ُ‬ ‫ابْ ُ‬ ‫تقدم الكلم في اللقطة والعفاص والوكاء وأفاد هذا الحديث زيادة وجوب الشهاد بعدلين على التقاطها‪ ،‬وقد ذهب‬ ‫إلى هذا أبو حنيفة وهو أحد قولي الشافعي فقالوا‪:‬‬ ‫يجب الشهاد على اللقطة وعلى أوصافها‪.‬‬ ‫وذ هب الهادي ومالك و هو أ حد قولي الشاف عي إلى أ نه ل ي جب الشهاد قالوا‪ :‬لعدم ذ كر الشهاد في الحاد يث‬ ‫الصحيحة فيحمل هذا على الندب‪.‬‬ ‫وقال الولون‪ :‬هذه الزيادة ب عد صحتها ي جب الع مل ب ها في جب الشهاد ول ينا في ذلك عدم ذكره في غيره من‬ ‫الحاديث‪.‬‬ ‫والحق وجوب الشهاد‪.‬‬ ‫في قوله‪" :‬فهو مال ال يؤتيه من يشاء" دليل للظاهرية في أنها تصير ملكا للملتقط ول يضمنها‪.‬‬ ‫وقد يجاب بأن هذا مقيد بما سلف من إيجاب الضمان‪ .‬وأما قوله صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم يؤتيه من يشاء فالمراد أنه‬ ‫يحل انتفاعه بها بعد مرور سنة التعريف‪.‬‬ ‫عنْ هُ‪" :‬أَن النّبيّ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم نهى عَ نْ لُقَط ِة الحاجّ" رَوا هُ‬ ‫ن ال ّت ْيمِيّ رضي ال َ‬ ‫ع ْبدِ ال ّرحْمن ب نِ عُثما َ‬ ‫ع نْ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫مسلمٌ‪.‬‬ ‫(و عن عبد الرح من بن عثمان التي مي ر ضي ال ع نه) هو قرشي و هو ا بن أخي طل حة بن عبيد ال‪ ،‬صحابي‬ ‫وقيل‪ :‬إنه أدرك النبي صلى ال عليه وآله وسلم وليست له رؤية وأسلم يوم الحديبية وقيل يوم الفتح وقتل مع ابن‬ ‫الزبير (أن النبي صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم نهى عن لقطة الحاج‪ .‬رواه مسلم)‪.‬‬ ‫أي عن التقاط الر جل ما ضاع للحاج والمراد ما ضاع في م كة ل ما تقدّم من حد يث أ بي هريرة أن ها "ل ت حل‬ ‫لقطتها إل لمنشد" وتقدم أنه حمله الجمهور على أنه نهيٌ عن التقاطها للتملك ل للتعريف بها فإنه يحل‪.‬‬ ‫‪40‬‬

‫قالوا‪ :‬وإنما اختصت لقطة الحاج بذلك لمكان إيصالها إلى أربابها لنها إن كانت لمكي فظاهر وإن كانت لفاقي‬ ‫فل يخلو أفق في الغالب من رواد منه إليها فإذا عرّفها واجدها في كل عام سهل التوصل إلى معرفة صاحبها‪،‬‬ ‫قاله ابن بطال‪.‬‬ ‫وقال جماعة‪ :‬هي كغيرها من البلد وإنما تختص مكة بالمبالغة في التعريف لن الحاج يرجع إلى بلده وقد ل‬ ‫يعود فاحتاج الملتقط إلى المبالغة في التعريف بها‪.‬‬ ‫والظاههر القول الول وأن حديهث النههي هذا مق ّيدٌ بحديهث أبهي هريرة بأنهه ل يحهل التقاطهها إل لمنشهد فالذي‬ ‫اخت صت به لق طة م كة بأن ها ل تلت قط إل للتعر يف ب ها أبدا فل تجوز للتملك ويحت مل أن هذا الحد يث في لق طة‬ ‫الحاج مطلقا في مكة وغيرها لنه هنا مطلق ول دليل على تقييده بكونها في مكة‪.‬‬ ‫ع ْن ُه قالَ‪ :‬قال رسول اللّ ِه صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم‪" :‬أَل ل يحلّ ذُو نا بٍ مِ نَ‬ ‫ن َمعْ ِد يكرب رضي اللّ هُ َ‬ ‫ن المِقْدا مِ ب ِ‬ ‫عِ‬ ‫وَ َ‬ ‫عنْها" رَواهُ أَبو داود‪.‬‬ ‫ن َيسْ َتغْني َ‬ ‫ن مَالِ مُعا َهدٍ إل أ ْ‬ ‫طةُ مِ ْ‬ ‫السّباعِ‪ ،‬وَل الحمَارُ الهْلي‪ ،‬وَل اللّ َق َ‬ ‫(وعن المقدا ِم بن معد يكرب قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪" :‬أَل ل َيحِلّ ذُو نا بٍ ِم نَ السبّاعِ ول‬ ‫ع ْنهَا"‪ .‬رواه أبو داود)‪.‬‬ ‫س َت ْغنِي َ‬ ‫ن مَال ُمعَا ِهدٍ إلّ َأنْ َي ْ‬ ‫حمَارُ الهْليّ ول الل َقطَ ُة مِ ْ‬ ‫ا ْل ِ‬ ‫يأتي الكلم على تحريم ما ذكر في باب الطعمة وذكر الحديث هنا لقوله‪" :‬ول اللقطة من مال معاهد" فدل على‬ ‫أن اللقطة من ماله كاللقطة من مال المسلم‪ .‬وهذا محمول على التقاطها من محل غالب أهله أو كلهم ذميون وإل‬ ‫فاللقطة ل تعرف من مال أي إنسان عند التقاطها‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬إل أن يستغني عنها" مؤول بالحقير كما سلف في التمرة ونحوها‪ ،‬أو بعدم معرفة صاحبها بعد التعريف‬ ‫بها كما سلف أيضا‪ .‬وعبر عنه بالستغناء لنه سبب عدم المعرفة في الغلب فإنه لو لم يستغن عنها لبالغ في‬ ‫طلبها أو نحو ذلك‪.‬‬ ‫"فائدة" قال النووي في شرح المهذب‪ :‬اختلف العلماء فيمن مرّ ببستان أو زرع أو ماشية فقال الجمهور‪ :‬ل يأخذ‬ ‫منه شيئا إل في حال الضرورة فيأخذ ويغرم عند الشافعي والجمهور‪.‬‬ ‫وقال بعض السلف‪ :‬ل يلزمه شيء‪.‬‬ ‫وقال أح مد‪ :‬إذا لم ي كن للب ستان حائط جاز له ال كل من الفاك هة الرط بة في أ صح الروايت ين ولو لم يح تج إلى‬ ‫ذلك‪ ،‬و في الخرى إذا احتاج ول ضمان عل يه في الحال ين‪ .‬وعلق الشاف عي القول بذلك على صحة الحد يث قال‬ ‫البيهقي‪ :‬يعني حديث ابن عمر مرفوعا‪" :‬إذا مر أحدكم بحائط فليأكل ول يتخذ خبنة" أخرجه الترمذي واستغربه‪.‬‬ ‫قال البيهقي‪ :‬لم يصح وجاء من أوجه أخر غير قوية‪ .‬قال المصنف‪ :‬والحق أن مجموعها ل يقصر عن درجة‬ ‫ال صحيح و قد احتجوا في كث ير من الحكام ب ما هو دون ها و قد بي نت ذلك في كتا بي "المن حة في ما علق الشاف عي‬ ‫القول به على الصحة" اهه‪.‬‬ ‫ول عل المراد إذا كا نت الشفا عة في وا جب كالشفا عة ع ند ال سلطان في إنقاذ المظلوم من يد الظالم أو كا نت في‬ ‫محظور كالشفاعة عنده في تولية ظالم على الرعية فإنها في الولى واجبة فأخذ الهدية في مقابلها محرم والثانية‬ ‫محظورة فقبضها في مقابلها محظور‪.‬‬ ‫و في الم سئلة خلف وأقاو يل كثيرة قد نقل ها الشارع عن المذ هب ولم يتل خص الب حث لتعارض الحاد يث في‬ ‫الباحة والنهي‪ ،‬فلم يقو نقل أحاديث الباحة على نقل الصل وهو حرمة مال الدمي وأحاديث النهي أكدت ذلك‬ ‫الصل‪.‬‬ ‫باب الفرائض‬ ‫الفرائض ج مع فري ضة و هي فعل ية بمع نى مفرو ضة مأخوذة من الفرض وهوالق طع وخ صت الموار يث با سم‬ ‫الفرائض مهن قوله تعالى {نصهيبا مفروضا} أي مقدارا معلوما وقهد وردت أحاديهث كثيرة فهي الحهث على تعلم‬ ‫الفرائض وورد أنه أول علم يرفع‪.‬‬ ‫ل اللّهِ صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم‪" :‬ألحقوا الفَرائضَ بأَهْلها فَما بَقي فَهو لوْلى َرجُلٍ َذكَر"‬ ‫س قالَ‪ :‬قالَ رسو ُ‬ ‫عبّا ٍ‬ ‫عن ابْنِ َ‬ ‫ُمتّفقٌ عََليْه‪.‬‬ ‫(عن ابن عباس رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪" :‬أَ ْلحِقُوا الْ َفرَائ ضَ ِبأَهِْلهَا) والمراد‬ ‫لوْلى َرجُلٍ َذ َكرٍ") اختلف في فائدة و صف‬ ‫ب ها ال ست المن صوص علي ها و هو أهل ها في القرآن (فمَا بَقِ يَ َفهُوَ َ‬ ‫الرجل بالذكر والقرب أنه تأكيد ونقل في الشرح كلما كثيرا وفائدته قليلة (متفق عليه)‪.‬‬ ‫والفرائض المنصوصة في القرآن ست‪ :‬النصف ونصفه ونصف نصفه والثلثان ونصفهما ونصف نصفهما‪.‬‬ ‫‪41‬‬

‫والمراد من أهلها من يستحقها بنص كتاب ال قال ابن بطال‪ :‬المراد بأولى رجل أن الرجال من العصبة بعد أهل‬ ‫الفرائض إذا كان فيهم من هو أقرب إلى الميت استحق دون من هو أبعد‪ ،‬فإن استووا اشتركوا‪ .‬ولم يقصد من‬ ‫يدلي بالباءِ والمهات مثلً لنه ليس فيهم من هو أولى من غيره إذا استووا في المنزلة‪.‬‬ ‫وقال غيره‪ :‬المراد به الع مة مع ال عم وب نت الخ مع ا بن الخ وب نت ال عم مع ا بن ال عم وخرج من ذلك الخ‬ ‫والخت لبوين أو لب فإنهم يرثون بنص قوله تعالى‪{ :‬وإن كانوا إخوة رجالً ونساءً فللذكر مثل حظ النثيين}‪.‬‬ ‫وأقرب العصبات البنون ثم بنوهم وإن سلفوا ثم الب ثم الجد أبو الب وإن علوا وتفاصيل العصبات وسائر أهل‬ ‫الفرائض مستوفى في كتب الفرائض‪.‬‬ ‫عطِيَ بقية الميراث من ل فرض‬ ‫والحديث مبني على وجود عصبة من الرجال فإذا لم توجد عصبة من الرجال أُ ْ‬ ‫له من النساء كما يأتي في بنت وبنت ابن وأخت‪.‬‬ ‫عنَ ُه أَن النبيَ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم قالَ‪" :‬ل يَر ثُ المُ سْلمُ الْكافرَ وَل ير ثُ الكا ِفرُ‬ ‫ع نْ أُسام َة بْ نِ َز ْيدٍ رَضي اللّ هُ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ال ُمسْلمَ" متَ ّفقٌ عَلَيه‪.‬‬ ‫عنَ هُ أَن النبيَ صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم قالَ‪" :‬ل يَرثُ المُسْلمُ الْكافرَ وَل ير ثُ الكا ِفرُ‬ ‫ن أُسام َة بْ نِ َز ْيدٍ رَضي اللّ هُ َ‬ ‫عْ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ال ُمسْلمَ" متَ ّفقٌ عَلَيه)‪.‬‬ ‫المسلم في صدر الحديث فاعل والكافر مفعول وفي آخره بالعكس‪ ،‬وإلى ما أفاده الحديث ذهب الجماهير‪.‬‬ ‫وروي خل فه عن[اث] معاذ[‪/‬اث] و[اث] معاو ية[‪/‬اث] و م سروق و سعيد بن الم سيب وإبراه يم وإ سحاق وذ هب‬ ‫إليه المامية والناصر‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬إ نه يرث الم سلم من الكا فر من غ ير ع كس‪ .‬واح تج معاذ بأ نه سمع ال نبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم يقول‪:‬‬ ‫"السلم يزيد ول ينقص" أخرجه أبو داود وصححه الحاكم‪.‬‬ ‫وقهد أخرج مسهدد أنهه اختصهم إلى معاذ أخوان مسهلم ويهودي مات أبوهمها يهوديا فحاز ابنهه اليهودي ميراثهه‬ ‫فناز عه الم سلم فورّث معاذ الم سلم‪ .‬وأخرج ا بن أ بي شي بة من طر يق ع بد ال بن مغ فل قال‪ " :‬ما رأ يت قضاء‬ ‫أحسن من قضاء معاوية نرث أهل الكتاب ول يرثوننا كما يحل لنا النكاح منهم ول يحل لهم منّا"‪.‬‬ ‫وأجاب الجمهور بأن الحديث المتفق عليه نص في منع التوريث‪ ،‬وحديث معاذ ليس فيه دللة على خصوصية‬ ‫الميراث إنما فيه الخبار بأن دين السلم يفضل غيره من سائر الديان ول يزال يزداد ول ينقص‪.‬‬ ‫ت اب نٍ وأخْ تٍ‪" :‬ق ضى النّبيّ صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم لل ْبنَةِ‬ ‫ت و ِبنْ ِ‬ ‫عنْ ُه في ِبنْ ٍ‬ ‫سعُودٍ رض يَ اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫ع نِ ابْن مَ ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫ن السُدسُ َت ْكمِلَةَ الثُّل َثيْنِ‪َ ،‬ومَا بَقى فَللخْتِ" رَوَاهُ ا ْلبُخاري‪.‬‬ ‫صفُ‪ ،‬ول ْب َنةِ الب ِ‬ ‫الّن ْ‬ ‫ت اب نٍ وأخْ تٍ‪" :‬ق ضى النّبيّ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم لل ْبنَةِ‬ ‫عنْ ُه في ِبنْ تٍ و ِبنْ ِ‬ ‫سعُودٍ رض يَ اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫ع نِ ابْن مَ ْ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ن السُدسُ َت ْكمِلَةَ الثُّل َثيْنِ‪َ ،‬ومَا بَقى فَللخْتِ" رَوَاهُ ا ْلبُخاري)‪.‬‬ ‫صفُ‪ ،‬ول ْب َنةِ الب ِ‬ ‫الّن ْ‬ ‫فيه دللة على أن الخت مع البنت وبنت البن عصبة تعطى بقية الميراث‪ ،‬وهو مجموع على أن الخوات مع‬ ‫البنات عصبة‪ .‬وقد أفتى أبو موسى أن للخت النصف ثم أمر السائل أن يسأل ابن مسعود فقضى ابن مسعود‬ ‫بقضاء ال ّن ِبيّ صلى ال عليه وآله وسلم فقال أبو موسى‪ :‬ل تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم‪.‬‬ ‫ضبط أئمة اللغة الحبر بكسر الحاء وفتحها ورواية المحدثين جميعا له بفتحها‪.‬‬ ‫قال أبو عبيد‪ :‬هو العالم بتحبير الكلم وتحسينه وقيل سمي حبرا لما يبقى من أثر علومه هههه زاد الراغب‬ ‫هههه في قلوب الناس ومن آثار أفعاله الحسنة المقتدى بها‪.‬‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم‪" :‬ل َيتَوَارَ ثُ أَ ْهلُ مِّل َتيْ نِ"‬ ‫ع ْنهُ ما قالَ‪ :‬قالَ ر سو ُ‬ ‫ع َمرَ ر ضي اللّ هُ َ‬ ‫ع نْ عب ِد اللّ ِه ب نِ ُ‬ ‫وَ َ‬ ‫رَوَاهُ أَحمد وال ْربَعَ ُة إل الترمذيّ‪ ،‬وََأخْرج ُه الحاكمُ بلفظِ أُسامَةَ‪ ،‬ورَوى النسائي حديثَ أسامةَ بهذا الل ْفظِ‪.‬‬ ‫ث أَهْلُ ملّتين" رواه‬ ‫(وعن عبد ال بن عمر رضي ال عنهما قال‪ :‬قال رسول ال صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم‪" :‬ل يتَوَارَ ُ‬ ‫أحمد والربعة إل الترمذي وأخرجه الحاكم بلفظ أسامة وروى النسائي حديث أسامة بهذا اللفظ)‪.‬‬ ‫والحديث دليل على أنه ل توارث بين أهل ملتين مختلفتين بالكفر أو بالسلم والكفر‪.‬‬ ‫وذهب الجمهور إلى أن المراد بالملتين الكفر والسلم فيكون كحديث "ل يرث المسلم الكافر هههه الحديث"‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬وأما توريث ملل الكفر بعضهم من بعض فإنه ثابت ولم يقل بعموم الحديث للملل كلها إل الوزاعي فإنه‬ ‫قال‪ :‬ل يرث اليهودي من النصراني ول عكسه وكذلك سائر الملل‪.‬‬ ‫والظاهر من الحديث مع الوزاعي وهو مذهب الهادوية والحديث مخصص للقرآن في قوله‪{ :‬يوصيكم ال في‬ ‫أولدكم} فإنه عام في الولد فيخص منه الولد الكافر بأنه ل يرث من أبيه المسلم والقرآن يخص بأخبار الحاد‬ ‫كما عرف في الصول‪.‬‬ ‫‪42‬‬

‫ن ابني ما َ‬ ‫ت‬ ‫عنْ هُ قال‪ :‬جاءَ رجلٌ إلى النبي صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم فَقَالَ‪ :‬إنّ ابْ َ‬ ‫ن رضيَ اللّ هُ َ‬ ‫ن ب نِ حُصَي ٍ‬ ‫ع ْمرَا َ‬ ‫ع نْ ِ‬ ‫وَ َ‬ ‫سدُسُ‬ ‫خرُ" فَلَ ما وَلى دَعا ُه فقالَ‪" :‬إنّ ال ّ‬ ‫ن ميراثِ هِ؟ فَقَالَ‪" :‬ل كَ ال سّدسُ" فَلَ ما وَلّى دَعَا ُه فقالَ‪" :‬ل كَ سُدسٌ آ َ‬ ‫فَمَا لي مِ ْ‬ ‫ع ْمرَانَ‪َ ،‬وقِيلَ‪ِ :‬إنّ ُه َلمْ‬ ‫ححَ ُه التّر ِم ِذيّ‪ ،‬وهُو مِنْ رواي ِة الحسَن البصري عَنْ ِ‬ ‫صّ‬ ‫ط ْعمَةٌ" رَوَاهُ َأحْمدُ والربَعَةُ َو َ‬ ‫الخرَ ُ‬ ‫سمَعْ ِمنْهُ‪.‬‬ ‫َي ْ‬ ‫ن ابني ماتَ‬ ‫عنْ ُه قال‪ :‬جاءَ رجلٌ إلى النبي صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم فَقَالَ‪ :‬إنّ ابْ َ‬ ‫ن حُصَينٍ رضيَ اللّهُ َ‬ ‫ع ْمرَانَ ب ِ‬ ‫عنْ ِ‬ ‫(وَ َ‬ ‫سدُسُ‬ ‫خرُ" فَلَ ما وَلى دَعا ُه فقالَ‪" :‬إنّ ال ّ‬ ‫ن ميراثِ هِ؟ فَقَالَ‪" :‬ل كَ ال سّدسُ" فَلَ ما وَلّى دَعَا ُه فقالَ‪" :‬ل كَ سُدسٌ آ َ‬ ‫فَمَا لي مِ ْ‬ ‫ع ْمرَانَ‪َ ،‬وقِيلَ‪ِ :‬إنّ ُه َلمْ‬ ‫ححَ ُه التّر ِم ِذيّ‪ ،‬وهُو مِنْ رواي ِة الحسَن البصري عَنْ ِ‬ ‫صّ‬ ‫ط ْعمَةٌ" رَوَاهُ َأحْمدُ والربَعَةُ َو َ‬ ‫الخرَ ُ‬ ‫سمَعْ ِمنْهُ‪.‬‬ ‫َي ْ‬ ‫قال قتادة‪ :‬ل أدري مع أي شيء ورثه‪ ،‬وقال‪ :‬أقل شيء ورث الجد السدس‪.‬‬ ‫وصورة هذه المسألة أنه ترك الميت بنت ين وهذا السائل هههه و هو الجد هههه فللبنتين الثلثان وبقي ثلث‬ ‫فدفع النبي صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم إلى السائل السدس بالفرض لنه فرض الجد هنا ولم يدفع إليه السدس الخر لئل‬ ‫يظنّ أن فرضه الثلث وتركه حتى ولي أي ذهب فدعاه فقال لك سدس آخر وهو بقية التركة فلما ذهب دعاه فقال‬ ‫إن الخر هههه بكسر الخاء هههه طعمة أي زيادة على الفريضة والمراد من ذلك إعلمه بأنه زائد على‬ ‫الفرض الذي له فله سدس فرضا والباقي تعصيبا‪.‬‬ ‫ن دُو َنهَا ُأمّ‬ ‫س إذا ل ْم َيكُ ْ‬ ‫جدّ ِة السُدُ َ‬ ‫جعَلَ لل َ‬ ‫ع ْنهُما‪ :‬أَنّ النبيّ صَلّى ال عََليْهِ وَسَلّم َ‬ ‫ن أَبيهِ رضي اللّهُ َ‬ ‫عْ‬ ‫ن بُريدَةَ َ‬ ‫ن اب ِ‬ ‫عِ‬ ‫وَ َ‬ ‫عدِي‪.‬‬ ‫ن الجارُودِ وقوّاه ابنُ َ‬ ‫خ َز ْيمَةَ واب ُ‬ ‫ححَ ُه ابنُ ُ‬ ‫رَوَاهُ َأبُو داودَ والنّسائيّ وص ّ‬ ‫ي صَلّى ال عََليْ هِ وَسَلّم‬ ‫(وعن ابن بريدة رضي ال عنه عن أبيه رضي ال عنه) هو بريدة بن الحصيب (أَنّ النب ّ‬ ‫ن الجارُودِ وقوّاه اب نُ‬ ‫خ َز ْيمَةَ واب ُ‬ ‫ححَهُ اب نُ ُ‬ ‫سدُسَ إذا ل مْ َيكُ نْ دُونَهَا أُمّ رَوَا هُ أَبُو داودَ والنّ سائيّ و ص ّ‬ ‫جدّةِ ال ُ‬ ‫ل لل َ‬ ‫جعَ َ‬ ‫َ‬ ‫عدِي)‪.‬‬ ‫َ‬ ‫فيه عبد ال العتكي مختلف فيه‪ ،‬وثقه أبو حاتم‪.‬‬ ‫والحديث دليل على أن ميراث الجدة السدس سواء كانت أم أُم أو أُم أب‪ ،‬ويشترك فيه الجدتان فأكثر إذا استوين‬ ‫ن إل الم والب كل منهما يسقط من كان من جهته‪.‬‬ ‫فإن اختلفن سقطت البعدى من الجهتين بالقربى‪ .‬ول يسقطه ّ‬ ‫حمَدُ‬ ‫خ َرجَ ُه َأ ْ‬ ‫ن معديكَر بَ قالَ‪ :‬قالَ رسولُ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬الخالُ وَار ثُ من ل وار ثَ َل هُ" أ ْ‬ ‫ع نِ المقْدا مِ ب ِ‬ ‫وَ َ‬ ‫ن والحاكمُ‪.‬‬ ‫حبّا َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ي وحسّنهُ َأبُو ُزرْعَ َة الرّازي وصححهُ اب ُ‬ ‫والرْ َبعَ َة سِوَى الترمذ ّ‬ ‫ث لَهُ"‬ ‫ث من ل وار َ‬ ‫ل صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم‪" :‬الخالُ وَار ُ‬ ‫عنِ المقْدا ِم بنِ معديكَربَ رضي ال عنه قالَ‪ :‬قالَ رسو ُ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ن والحاكمُ)‪.‬‬ ‫حبّا َ‬ ‫عةَ الرّازي وصحح ُه ابنُ ِ‬ ‫حمَ ُد وال ْر َبعَةَ سِوَى الترمذيّ وحسّن ُه َأبُو زُرْ َ‬ ‫خ َرجَ ُه َأ ْ‬ ‫أْ‬ ‫فيه دليل على توريث الخال عند عدم من يرث من العصبة وذوي السهام والخال من ذوي الرحام‪.‬‬ ‫وقد اختلف العلماء في توريث ذوي الرحام فذهبت طائفة كثيرة من علماء الل وغيرهم إلى توريثهم فمن خَلّف‬ ‫عم ته وخال ته ول وارث له سواهما كان للع مة الثلثان وللخالة الثلث وا ستدلوا بهذا الحد يث وبقوله تعالى‪{ :‬وأولو‬ ‫الرحام بعضهم أولى ببعض}‪.‬‬ ‫وخالفهت طائفهة مهن الئمهة وقالوا‪ :‬ل يثبهت لذوي الرحام ميراث لن الفرائض ل تثبهت إل بكتاب ال أو سهنة‬ ‫صحيحة أو إجماع والكل مفقود هنا‪.‬‬ ‫وأجابوا عن حديث الباب أنه نص في الخال ل في غيره‪ ،‬والية مجملة ومسمى أولى الرحام فيهما غير مسماه‬ ‫في عرف الفقهاء‪.‬‬ ‫وقهد وردت أحاديهث بأنهه ل ميراث للعمهة والخالة وإن كان فيهها مقال لكنهها معتضدة بأن الصهل عدم الميراث‬ ‫حتى يقوم الدليل الناهض مما ذكرناه‪.‬‬ ‫والقائلون بأنهه ل ميراث لذوي الرحام يقولون يكون مال مهن ل وارث له لبيهت المال إذا كان منتظما وههو إذا‬ ‫كان في يد إمام عادل يصرفه في مصارفه‪ ،‬أو كان في البلد قاض قائم بشروط القضاء مأذون له في التصرف‬ ‫في مال المصالح دفع إليه ليصرفه فيها‪.‬‬ ‫وتفاصيل بقية مواريث ذوي الرحام على القول به مستوفى في كتب هذا الفن فل نطول بها‪.‬‬ ‫ع ْن ُهمَا أَنّ رَسولُ اللّ هِ صَلّى‬ ‫ع َمرُ إلى أَبي عُب ْيدَ َة رَض يَ اللّ هُ َ‬ ‫عنْ ُه قالَ‪َ :‬كتَ بَ ُ‬ ‫سهْلٍ رَض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ع نْ أَبي َأمَامة ب ِ‬ ‫وَ‬ ‫ث مَ نْ ل وارث ل هُ" رَوا هُ َأحُمدُ والربعةُ‬ ‫ن ل موْلى لَ هُ‪ ،‬والخالُ وار ُ‬ ‫ال عََليْ هِ وَ سَلّم قال‪" :‬اللّ ُه ور سول ُه مَوْلى َم ْ‬ ‫ن حبّان‪.‬‬ ‫سوى أَبي داودَ وحسنهُ الترمذي وصححه اب ُ‬ ‫‪43‬‬

‫ع ْن ُهمَا أَنّ رَسولُ اللّ ِه صَلّى‬ ‫عمَ ُر إلى أَبي عُب ْيدَ َة رَضيَ اللّهُ َ‬ ‫ع ْن ُه قالَ‪َ :‬كتَبَ ُ‬ ‫ل رَضيَ اللّهُ َ‬ ‫سهْ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫ن أَبي َأمَامة ب ِ‬ ‫عْ‬ ‫(و َ‬ ‫ث مَ نْ ل وارث ل هُ" رَوا هُ َأحُمدُ والربعةُ‬ ‫ن ل موْلى لَ هُ‪ ،‬والخالُ وار ُ‬ ‫ال عََليْ هِ وَ سَلّم قال‪" :‬اللّ ُه ور سول ُه مَوْلى َم ْ‬ ‫ن حبّان)‪.‬‬ ‫سوى أَبي داودَ وحسنهُ الترمذي وصححه اب ُ‬ ‫الحديهث يرد قول مهن قال إن المراد بالخال فهي حديهث المقدام السهلطان ولو كان كذلك لقال‪ :‬أنها وارث مهن ل‬ ‫وارث له‪.‬‬ ‫وقد أخرج أبو داود وصححه ابن حبان‪" :‬أنا وارث من ل وارث له أعقل عنه وأرثه"‪.‬‬ ‫فالجمع بينه وبين حديث المقدام وحديث أبي أمامة الدالين على ثبوت ميراث الخال حيث ل وارث له أنه أراد به‬ ‫أنه صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم وارث من ل وارث له في جميع الجهات من العصبات وذوي السهام والخال‪.‬‬ ‫والمراد من إرثه صَلّى ال عََل ْيهِ َوسَلّم أنه يصير المال لمصالح المسلمين‪.‬‬ ‫وأنه ل يكون المال لبيت المال إل عند عدم جميع من ذكر من الخال وغيره‪.‬‬ ‫وعَن ْه جابر رضي َه ال عنْه ُه عَن ِه النّبيّ ص َهلّى ال عََليْه ِه وَس َهلّم قال‪" :‬إذا اسهتهلّ ال َموْلُود وَرثهَ" رواه ُه أَبهو دا ُودَ‬ ‫حبّانَ‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫ححَ ُه اب ُ‬ ‫صّ‬ ‫و َ‬ ‫هّم قال‪" :‬إذا اسهتهلّ المَوْلُود وَرثهَ" رواهُه أَبهو دا ُودَ‬ ‫هّى ال عََليْهِه وَسَل‬ ‫(وعَن ْه جابر رضيَه ال عنْهُه عَنِه النّبيّ صَل‬ ‫حبّانَ‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫ححَ ُه اب ُ‬ ‫صّ‬ ‫و َ‬ ‫والستهلل روي في تفسيره حديث مرفوع ضعيف‪" :‬الستهلل العطاس" أخرجه البزار‪.‬‬ ‫وقال ا بن الث ير‪ :‬ا ستهل المولود إذا ب كى ع ند ولد ته و هو كنا ية عن ولد ته حيا وإن لم ي ستهل بل وجدت م نه‬ ‫أمارة تدل على حياته‪.‬‬ ‫والحديث دليل على أنه إذا استهل السقط ثبت له حكم غيره في أنه يرث‪.‬‬ ‫ويقاس عليه سائر الحكام من الغسل والتكفين والصلة عليه ويلزم من قتله القود أو الدية‪.‬‬ ‫واختلفوا هل يكفي في الخبار باستهلله عدلة أو ل بد من عدلين أو أربع‪.‬‬ ‫الول للهادوية والثاني للهادي والثالث للشافعي‪.‬‬ ‫وهذا الخلف يجري في كل ما يتعلق بعورات النساء‪.‬‬ ‫وأفاد مفهوم الحديث أنه إذا لم يستهل ل يحكم بحياته فل يثبت له شيء من الحكام التي ذكرناها‪.‬‬ ‫ن الميرَا ثِ‬ ‫س للقَاتلِ م َ‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪َ" :‬ليْ َ‬ ‫ل ر سو ُ‬ ‫جدّه قالَ‪ :‬قا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ع نْ أَبي هِ عَ ْ‬ ‫ش َعيْ بٍ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫عمْرو ب ِ‬ ‫ع نْ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫عمْرو‪.‬‬ ‫ب وقْ ُفهُ عَلى َ‬ ‫ع ْبدِ البرّ وأَعَلّ ُه النسائي‪ .‬والصّوا ُ‬ ‫شيءٌ" رواهُ النسائيّ والدا َرقُطْنيّ‪ ،‬وقَوا ُه ابنُ َ‬ ‫والحديث له شواهد كثيرة ل تقصر عن العمل بمجموعها‪.‬‬ ‫وإلى ما أفاده من عدم إرث القاتل عمدا كان أو خطأ ذهب الشافعي وأبو حنيفة وأصحابه وأكثر العلماء‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬ل يرث من الدية ول من المال‪.‬‬ ‫وذهبت الهادوية و مالك إلى أنه إن كان القتل خطأ ورث من المال دون الدية ول يتم لهم دليل ناهض على هذه‬ ‫التفرقة‪.‬‬ ‫بل أخرج البيهقي عن خلس‪ :‬أن رجلً رمى بحجر فأصاب أُمه فماتت من ذلك‪ ،‬فأراد نصيبه من ميراثها فقال‬ ‫له إخوته‪ :‬ل حق لك‪ .‬فارتفعوا إلى عليّ عليه السلم فقال له عليّ عليه السلم‪ :‬حقك من ميراثها الحجر فأغرمه‬ ‫الدية ولم يعطه من ميراثها شيئا‪.‬‬ ‫وأخرج أيضا عن جابر بن زيد قال‪" :‬أيما رجل قتل رجلً أو امرأة عمدا أو خطأ ممن يرث فل ميراث له منهما‬ ‫وأيما امرأة قتلت رجلً أو امرأة عمدا أو خطأ فل ميراث لها منهما"‪.‬‬ ‫وإن كان القتهل عمدا فالقود إل أن يعفهو أولياء المقتول فإن عفوا فل ميراث له مهن عقله ول مهن ماله قضهى‬ ‫بذلك[اث] عمر بن الخطاب[‪/‬اث] و[اث] عليّ[‪/‬اث] وشريح وغيرهم من قضاة المسلمين‪.‬‬ ‫حرَزَ الوَاِلدُ أَو‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم يقولُ‪" :‬ما َأ ْ‬ ‫ت رسو َ‬ ‫س ِمعْ ُ‬ ‫عمَ َر ب نِ الخطا بِ رضي اللّ هُ عَن هُ قالَ‪َ :‬‬ ‫ع نْ ُ‬ ‫وَ َ‬ ‫ع ْبدِ البر‪.‬‬ ‫ن المديني وابنُ َ‬ ‫ححَ ُه اب ُ‬ ‫ن ماجَهْ وص ّ‬ ‫ص َبتِ ِه مَنْ كانَ" رَوَا ُه أبُو داودَ والنسائي واب ُ‬ ‫الوََلدُ َفهُوَ ِل َع َ‬ ‫ح َرزَ الوَاِلدُ أَو‬ ‫س ِمعْتُ رسولَ ال صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم يقولُ‪" :‬ما َأ ْ‬ ‫ن الخطا بِ رضي اللّ هُ عَن هُ قالَ‪َ :‬‬ ‫ع َمرَ ب ِ‬ ‫ع نْ ُ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ع ْبدِ البر)‪.‬‬ ‫ن المديني وابنُ َ‬ ‫ححَ ُه اب ُ‬ ‫ن ماجَهْ وص ّ‬ ‫ص َبتِ ِه مَنْ كانَ" رَوَا ُه أبُو داودَ والنسائي واب ُ‬ ‫الوََلدُ َفهُوَ ِل َع َ‬ ‫المراد بإحراز الوالد أو الولد أن مها صهار مسهتحقا لهمها مهن الحقوق فإنهه يكون للعصهبة ميراثا‪ ،‬والحديهث فيهه‬ ‫قصة‪.‬‬ ‫‪44‬‬

‫ولف ظه في ال سنن‪" :‬أن رئاب بن حذي فة تزوج امرأة فولدت له ثل ثة غل مة فما تت أم هم فورثو ها رباع ها وولء‬ ‫موالي ها وكان عمرو بن العاص ع صبة بني ها فأخرج هم إلى الشام فماتوا فقدم عمرو بن العاص ومات مولى ل ها‬ ‫وترك مالً فخاصمه إخوتها إلى عمر بن الخطاب فقال عمر‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم ما أحرز‬ ‫هههه الحديث هههه قال فكتب له كتابا فيه شهادة عبد الرحمن بن عوف وزيد بن ثابت ورجل آخر"‪.‬‬ ‫والحديث دليل على أن الولء ل يورث وفيه خلف‪.‬‬ ‫وتظ هر فائدة الخلف في ما إذا أع تق ر جل عبدا ثم مات ذلك الر جل وترك أخو ين أو ابن ين ثم مات أ حد البن ين‬ ‫وترك ابنا أو أحد الخوين وترك ابنا‪.‬‬ ‫فعلى القول بالتوريث ميراثه بين البن وابن البن أو الخ وابن الخ‪.‬‬ ‫وعلى القول بعدمه يكون للبن وحده‪.‬‬ ‫حمَةِ‬ ‫حمَةٌ كَُل ْ‬ ‫ع ْنهُما قالَ‪ :‬قالَ رسولُ ال صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم‪" :‬الوَل ُء ُل ْ‬ ‫عمَر رَض يَ اللّ هُ َتعَالَى َ‬ ‫ع نْ ع ْب ِد اللّ ِه ب نِ ُ‬ ‫وَ َ‬ ‫ححَ ُه اب نُ‬ ‫صّ‬ ‫سفَ وَ َ‬ ‫ن أبي يُو ُ‬ ‫ن الح سَنِ عَ ْ‬ ‫ن محمدٍ بِ ْ‬ ‫النّسبِ ل يبا عُ وَل يُوهَ بُ" رَوا ُه الحاكِ مُ ِم نْ طري قِ الشافعيّ عَ ْ‬ ‫حبّانَ وَأعَلّ ُه ال َب ْيهَ ِقيّ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫حمَةِ‬ ‫حمَ ٌة كَُل ْ‬ ‫ل ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬الوَل ُء ُل ْ‬ ‫ع ْنهُما قالَ‪ :‬قالَ رسو ُ‬ ‫عمَر رَض يَ اللّ ُه َتعَالَى َ‬ ‫ع نْ ع ْبدِ اللّ هِ ب نِ ُ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ححَ ُه اب نُ‬ ‫صّ‬ ‫سفَ وَ َ‬ ‫ن أبي يُو ُ‬ ‫ن الح سَنِ عَ ْ‬ ‫ن محمدٍ بِ ْ‬ ‫النّسبِ ل يبا عُ وَل يُوهَ بُ" رَوا ُه الحاكِ مُ ِم نْ طري قِ الشافعيّ عَ ْ‬ ‫حبّانَ وَأعَلّ ُه ال َب ْيهَ ِقيّ)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وللعلماء كلم كثير في طرق الحديث وصحته وعدمها‪ ،‬وقد تقدّم في كتاب البيع ودل على أن الولء ل يكتسب‬ ‫ببيع ول ه بة ول يقاس عليه ما سائر التمليكات من النذر والو صية ل نه قد جعله كالن سب‪ ،‬والن سب ل ينت قل‬ ‫بعوض ول بغير عوض‪.‬‬ ‫ن ثاب تٍ"‬ ‫ع ْن ُه قالَ‪ :‬قالَ رَ سول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪َ" :‬أفْرضُ كم َزيْ ُد ب ُ‬ ‫ن أَ بي قِلبَةَ عَ نْ َأنَ سٍ رض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫حبّان والحاكِمُ وَأُعِ ّل بالرْسَالِ‪.‬‬ ‫ححَ ُه الترمذي وابن ِ‬ ‫حمَدُ والربعةُ سوى أبي داودَ وص ّ‬ ‫أَخرجَ ُه َأ ْ‬ ‫عنْ ُه قالَ‪ :‬قالَ‬ ‫ن َأنَ سٍ رض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ع نْ أَبي قِلبَةَ) بك سر القاف وتخف يف اللم ب عد أل فه موحدة تاب عي جل يل (عَ ْ‬ ‫(وَ َ‬ ‫ححَهُ‬ ‫ح َمدُ والربعةُ سهوى أبهي داودَ وصه ّ‬ ‫رَسهول ال صَهلّى ال عََليْهِه وَسَهلّم‪َ" :‬أفْرضُكهم زَ ْيدُ بنُه ثابتهٍ" أَخرجَهُه َأ ْ‬ ‫علّ بالرْسَالِ)‪.‬‬ ‫حبّان والحاكِمُ وَأُ ِ‬ ‫الترمذي وابن ِ‬ ‫بأن أبا قلبة لم يسمع هذا الحديث من أنس وإن كان سماعه لغيره من الحاديث عن أنس ثابتا‪.‬‬ ‫وهذا الذي ذكر قطعة من الحديث فإنه حديث طويل فيه ذكر سبعة من الصحابة يختص كل منهم بخصلة خير‪،‬‬ ‫فذكر المصنف منه ما له تعلق بباب الفرائض لنه شهادة لزيد بن ثابت بأنه أعلم المخاطبين بالمواريث‪ .‬فيؤخذ‬ ‫منه أنه يرجع إليه عند الختلف واعتمده الشافعي في الفرائض ورجحه على غيره‪.‬‬ ‫باب الوصايا‬ ‫الوصايا جمع وصية كهدايا وهدية وهي شرعا عهد خاص يضاف إلى ما بعد الموت‪.‬‬ ‫حقّ امرىءٍ مُسلم ل هُ شيءٌ يريد أن‬ ‫ع ْن ُهمَا َأنّ رسول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قال‪" :‬مَا َ‬ ‫ع َمرَ رضيَ اللّ هُ َ‬ ‫عَ نِ اب نِ ُ‬ ‫ع ْن َدهُ" متّفقٌ عََل ْيهِ‪.‬‬ ‫ص ّيتُهُ َم ْكتُوبَةٌ ِ‬ ‫يُوصِيَ في ِه يَبيتُ َليَْل َتيْنِ إل َو َو ِ‬ ‫حقّ امرى ٍء مُسلم ل ُه شي ٌء يريد أن‬ ‫ع ْن ُهمَا َأنّ رسول ال صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم قال‪" :‬مَا َ‬ ‫ع َمرَ رضيَ اللّهُ َ‬ ‫(عَنِ ابنِ ُ‬ ‫ع ْن َدهُ" متّفقٌ عََل ْيهِ)‪.‬‬ ‫ص ّيتُهُ َم ْكتُوبَةٌ ِ‬ ‫يُوصِيَ في ِه يَبيتُ َليَْل َتيْنِ إل َو َو ِ‬ ‫كلمة "ما" نافية بمعنى ليس وحق اسمها وخبرها ما بعد إل والواو زائدة في الخبر لوقوع الفصل بإل‪.‬‬ ‫قال الشافعهي‪ :‬معناه مها الحزم والحتياط للمسهلم إل أن تكون وصهيته مكتوبهة عنده إذا كان له شيهء يريهد أن‬ ‫يوصي فيه لنه ل يدري متى تأتيه منيته فتحول بينه وبين ما يريد من ذلك‪.‬‬ ‫وقال غيره‪ :‬الحق لغة الشيء الثابت ويطلق شرعا على ما يثبت به الحكم والحكم الثابت أعم من أن يكون واجبا‬ ‫أو مندوبا ويطلق على المباح بقلة فإن اقترن به "على" ونحوه كان ظاهرا في الوجوب وإل فهو على الحتمال‪.‬‬ ‫وفي قوله‪" :‬يريد أن يوصي" ما يدل على أن الوصية ليست بواجبة عليه وإنما ذلك عند إرادته‪.‬‬ ‫وقد أجمع المسلمون على المر بها وإنما اختلفوا هل هي واجبة أم ل‪.‬‬ ‫فذهب الجماهير إلى أنها مندوبة‪.‬‬ ‫وذهب داود وأهل الظاهر إلى وجوبها‪.‬‬ ‫وحكي عن الشافعي في القديم‪ ،‬وادعى ابن عبد البر الجماع على عدم وجوبها مستدلً من حيث المعنى بأنه لو‬ ‫لم يوص لقسم جميع ماله بين ورثته بالجماع فلو كانت الوصية واجبة لخرج من ماله سهم ينوب عن الوصية‪.‬‬ ‫‪45‬‬

‫والقرب ما ذهب إليه الهادوية وأبو ثور من وجوبها على من عليه حق شرعي يخشى أن يضيع إن لم يوص به‬ ‫كوديعة ودين ل تعالى أو لدمي‪.‬‬ ‫ومحل الوجوب فيمن عليه حق ومعه مال ولم يمكنه تخليصه إل إذا أوصى به وما انتفى فيه واحد من ذلك فل‬ ‫وجوب‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬ليلتين" للتقريب ل للتحديد وإل فقد روي ثلث ليال‪.‬‬ ‫وقال الطيبي‪ :‬في تخصيص الليلتين والثلث تسامح في إرادة المبالغة أي ل ينبغي أن يبيت زمانا وقد سامحناه‬ ‫في الليلتين والثلث فل ينبغي أن يتجاوز ذلك‪.‬‬ ‫وروى مسلم عن[اث] ابن عمر[‪/‬اث] راوي الحديث أنه قال‪ :‬ولم أبت ليلة إل ووصيتي مكتوبة عندي‪.‬‬ ‫وأما ما أخرجه ابن المنذر بسند صحيح عن نافع "أنه قيل لبن عمر في مرض موته‪ :‬أل توصي قال‪ :‬أما مالي‬ ‫فال أعلم ما كنت أصنع فيه" فيجمع بينه وبين ما قبله بأنه كان يكتب وصيته ويتعاهدها وينجز ما كان يوصي به‬ ‫حتى وفد عليه الموت ولم يكن له شيء يوصي به‪.‬‬ ‫وفي قوله‪" :‬أما مالي فال أعلم ما كنت أصنع فيه" ما يدل لهذا الجمع‪.‬‬ ‫واستدل بقوله‪" :‬مكتوبة عنده" على جواز العتماد على الكتابة والخط وإن لم يقترن بشهادة‪.‬‬ ‫وقال ب عض أئ مة الشافع ية إن ذلك خاص بالو صية وأ نه يجوز العتماد على ال خط في ها من دون شهادة لثبوت‬ ‫ال خبر في ها ول نّ الو صية ل ما أ مر الشارع ب ها و هي تكون م ما يلزم من حقوق ولوازم كان حق ها أن تجدد في‬ ‫الوقات واستصحاب الشهاد في كل لزم يريد أن يتخلص منه خشية مفاجأة الجل متعسر بل متعذر في بعض‬ ‫الوقات فيلزم م نه عدم وجود الو صية أو شرعيت ها بالكتا بة من دون شهادة إذ ل فائدة في ذلك و قد ث بت ال مر‬ ‫المذكور في الحديث بها فدل على قبولها من غير شهادة‪.‬‬ ‫وقال الجماهيهر‪ :‬المراد مكتوبهة بشرطهها وههو الشهادة واسهتدلوا بقوله تعالى‪{ :‬شهادة أحدكهم أذا حضهر أحدكهم‬ ‫الموت} إنه دال على اعتبار الشهاد في الوصية‪.‬‬ ‫وأجيب بأنه ل يلزم من ذكر الشهاد في الية أنها ل تصح الوصية إل به‪.‬‬ ‫والتحقيق أن المعتبر معرفة الخط فإذا عرف خط الموصي عمل به ومثله خط الحاكم وعليه عمل الناس قديما‬ ‫وحديثا‪.‬‬ ‫و قد كان ر سول ال صلى ال عل يه وآله و سلم يب عث الك تب يد عو في ها العباد إلى ال تعالى وتقوم علي هم الح جة‬ ‫بذلك ولم يزل الناس يك تب بعض هم إلى ب عض في المهمات من الدينيات والدنيويات ويعملون ب ها وعل يه الع مل‬ ‫بالوجادة كل ذلك من دون إشهاد‪.‬‬ ‫والحديث دليل على اليصاء بشيء يتعلق بالحقوق ونحوها لقوله‪" :‬له شيء يريد أن يوصي"‪.‬‬ ‫وأما كتب الشهادتين ونحوهما مما جرت به عادة الناس فل يعرف فيه حديث مرفوع وإنما أخرج عبد الرزاق‬ ‫بسند صحيح عن أنس موقوفا قال‪ :‬كانوا يكتبون في صدور وصاياهم‪ :‬بسم ال الرحمن الرحيم‪ .‬هذا ما أوصى‬ ‫به فلن أ نه يش هد أن ل إله إل ال وحده ل شر يك له وأن محمدا عبده ور سوله وأن ال ساعة آت ية ل ر يب في ها‬ ‫وأن ال يبعث من في القبور وأوصى من ترك من أهله أن يتقوا ال ويصلحوا ذات بينهم ويطيعوا ال ورسوله‬ ‫إن كانوا مؤمن ين وأو صاهم ب ما أو صى به إبراه يم بن يه ويعقوب إن ال ا صطفى ل كم الد ين فل تمو تن إل وأن تم‬ ‫مسلمون‪.‬‬ ‫وضمير كانوا عائد إلى الصحابة إذ المخبر صحابي‪.‬‬ ‫واختلف العلماء هل أوصى رسول ال صَلّى ال عََليْهِ َوسَلّم أو لم يوص لختلف الروايات في ذلك‪.‬‬ ‫ففي البخاري عن ابن أبي أَ ْوفَى أنه لم يوص قالوا‪ :‬لنه لم يترك مالً وأما الرض قد كان سلبها وأما السلح‬ ‫والبغلة فقد كان أخبر أنها ل تورث كما ذكره النووي‪.‬‬ ‫وفهي المغازي لبهن إسهحاق أنهه صهلى ال عليهه وآله وسهلم لم يوص عنهد موتهه إل بثلث لكهل مهن الدارييهن‬ ‫والرهاويين والشعريين بجاد مائة وسق من خيبر وأل يترك في جزيرة العرب دينان وأن ينفذ بعث أسامة‪.‬‬ ‫وأخرج م سلم من حد يث ا بن عباس "أو صى صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم بثلث‪ :‬أجيزوا الو فد بم ثل ما ك نت أجيز هم‬ ‫هههه الحديث"‪.‬‬ ‫وفي حديث ابن أبي أوفى "أوصى بكتاب ال"‪.‬‬ ‫وفي حديث أنس عند النسائي وأحمد وابن سعد "كانت وصيته صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم حين حضره الموت‪ :‬الصلة‬ ‫وما ملكت أيمانكم"‪.‬‬ ‫‪46‬‬

‫وقد ثبتت وصيته بالنصار وبأهل بيته ولكنها ليست عند الموت وروي غير ذلك‪.‬‬ ‫وقد ثبت أنه صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم أراد في مرضه أن يكتب كتابا وهو وصيته للمة إل أنه حيل بينه وبينه كما‬ ‫أخرجه البخاري‪.‬‬ ‫ل ال أَنا ذو مال ول يرثُني إل ابنَ ٌة لي واحدةٌ‬ ‫س ْعدِ بْنِ أَبي وقاص رضيَ اللّ ُه َتعَالَى عنه قالَ‪ :‬قُلْتُ‪ :‬يا رسو َ‬ ‫ن َ‬ ‫عْ‬ ‫وَ َ‬ ‫ص ّدقُ بثلثِ هِ؟ قالَ‪" :‬الثّلْ ثُ والثّلْ ثُ كثيرٌ؛‬ ‫ي مالي؟ قالَ‪" :‬ل" قُلْ تُ‪َ :‬أ َفَأتَ صَ ّدقُ بِشطره؟ قالَ "ل" قُلْ تُ‪َ :‬أ َفَأتَ َ‬ ‫صدّق ِبثُُلثَ ْ‬ ‫َأ َفَأتَ َ‬ ‫ن الناسَ" ُمتّفقٌ عََليْهِ‪.‬‬ ‫ن َتذَرَ ُهمْ عال ًة َي َتكَفَفُو َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫إنكَ َأنْ َت َذرَ ور َث َتكَ َأغْنياءَ خ َيرٌ مِ ْ‬ ‫(و عن سعد بن أ بي وقاص قال‪ :‬قل تُ يا ر سول ال أ نا ذو مال) و قع في روا ية‪ :‬كث ير (ول يَرثُ ني إل ابن ٌة لي‬ ‫واحدةٌ أفأتصهّدقُ ِبثُُلثَي ْه مالي قال‪" :‬ل" قلت‪ :‬أفأتصهدقُ ِبشَطْر مالي؟ قال‪" :‬ل" قلتُه أفأتصهدقُ بثلثِه ِه قال‪" :‬الثّلُثُه‬ ‫ث كثيرٌ إنّك أنْ) يروى بفتح الهمزة وكسرها فالفتح على تقدير لم التعليل والكسر على أنها شرطية وجوابه‬ ‫والثّلُ ُ‬ ‫خ ْيرٌ مِن َأ نْ َت َذرَهُ مْ عاَلةً) جمع عائل هو الفقير (ي َتكَفّفُون) يسألون‬ ‫غ ِنيَا َء َ‬ ‫خير على تقدير فهو خير (تَذرْ و َر َثتَ كَ أَ ْ‬ ‫(النّاسَ) بأكفهم (متفق عليه)‪.‬‬ ‫اختلف متى وقع هذا الحكم فقيل‪ :‬في حجة الوداع بمكة فإنه مرض سعد فعاده صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم فذكر ذلك‬ ‫وهو صريح في رواية الزهري‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬في فتح مكة أخرجه الترمذي عن ابن عيينة واتفق الحفاظ أنه وهم وأن الول هو الصحيح وقيل‪ :‬وقع‬ ‫ذلك في المرتين معا‪.‬‬ ‫وأخهذ مهن مفهوم قوله كثيهر أنهه ل يوصهي مهن مال قليهل روي هذا عهن[اث] علي[‪/‬اث] و[اث]ابهن عباس[‪/‬اث]‬ ‫و[اث]عائشة[‪/‬اث]‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬ل يرثني إل ابنة لي" أي ل يرثني من الولد وإل فإن سعدا كان من بني زهرة وهم عصبته وكان هذا‬ ‫قبل أن يولد له الذكور وإل فإنه ذكر الواقدي أنه ولد لسعد بعد ذلك أربعة بنين وقيل أكثر من عشرة ومن البنات‬ ‫اثنتا عشرة بنتا‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬أفأتصدق" يحتمل أنه استأذنه في تنجيز ذلك في الحال أو أراد بعد الموت إل أنه في رواية بلفظ‪ :‬أوصي‬ ‫وهي نص في الثاني فيحمل الول عليه‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬بشطر مالي" أراد به النصف وقوله والثلث كثير يروى بالمثلثة وبالموحدة على أنه شك من الراوي وقع‬ ‫ذلك في البخاري ومثله وقع في النسائي وأكثر الروايات بالمثلثة‪.‬‬ ‫ووصف الثلث بالكثرة بالنسبة إلى ما دونه‪ .‬وفي فائدة وصفه بذلك احتمالن‪:‬‬ ‫الول بيان أن الولى القتصار عليه من غير زيادة وهذا هو المتبادر وفهمه[اث] ا بن عباس[‪/‬اث] فقال‪ :‬وددت‬ ‫أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع في الوصية‪.‬‬ ‫والثاني بيان أن التصدق بالثلث وهو الكمل أي كثير أجره ويكون من الوصف بحال المتعلق‪.‬‬ ‫وفي الحديث دليل على منع الوصية بأكثر من الثلث لمن له وارث وعلى هذا استقر الجماع‪.‬‬ ‫وإنما اختلفوا هل يستحب الثلث أو أقل؟‬ ‫فذههب[اث] ابهن عباس[‪/‬اث] والشافعهي وجماعهة إلى أن المسهتحب مها دون الثلث لقوله والثلث كثيهر قال قتادة‪:‬‬ ‫أوصى أبو بكر بالخمس وأوصى عمر بالربع والخمس أحب إليّ‪.‬‬ ‫وذههب آخرون إلى أن المسهتحب الثلث لقوله صهلى ال عليهه وآله وسهلم‪" :‬إن ال جعهل لكهم فهي الوصهية ثلث‬ ‫أموالكم زيادة على حسناتكم" وسيأتي قريبا أنه حديث ضعيف‪.‬‬ ‫والحديث ورد فيمن له وارث فأما من ل وارث له فذهب مالك إلى أنه مثل من له وارث فل يستحب له الزيادة‬ ‫على الثلث‪.‬‬ ‫وأجازت الهادويهة والحنفيهة له الوصهية بالمال كله وههو قول[اث] ابهن مسهعود[‪/‬اث] فلو أجاز الوارث الوصهية‬ ‫بأكثر من الثلث نفذت لسقاطهم حقهم وإلى هذا ذهب الجمهور وخالفت الظاهرية و المزني‪.‬‬ ‫وسيأتي في حديث ابن عباس‪" :‬إل أن يشاء الورثة" وأنه حسن يعمل به‪.‬‬ ‫نعم فلو رجع الورثة عن الجازة فذهب جماعة إلى أنه ل رجوع لهم في حياة الموصي ول بعد وفاته‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬إن رجعوا بعد وفاته فل يصح لن الحق قد انقطع بالموت بخلف حال الحياة فإنه يتجدد لهم الحق‪.‬‬ ‫وسبب الخلف الختلف في المفهوم من قوله صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬إنك أن تذر إلى آخره" هل يفهم م نه علة‬ ‫المنع من الوصية بأكثر من الثلث وأن السبب في ذلك رعاية حق الوارث وأنه إذا انتفى ذلك انتفى الحكم بالمنع؟‬ ‫أو أن العلة ل تتعدى الحكم؟ أو يجعل المسلمون بمنزلة الورثة كما هو أحد قولي الشافعي؟‪.‬‬ ‫‪47‬‬

‫والظهر أن العلة متعدية وأنه ينتفي الحكم في حق من ليس له وارث معين‪.‬‬ ‫ظنّهَا‬ ‫سهَا وَلَمْ تُوص وََأ ُ‬ ‫ل ال إن أمي ا ْفتُِلتَتْ نَفْ ُ‬ ‫ن َرجُلً أَتى النبيّ صَلّى ال عََل ْيهِ وَسَلّم فَقَالَ‪ :‬يَا رسو َ‬ ‫عنْ عائشَ َة أَ ّ‬ ‫وَ َ‬ ‫ع ْنهَا؟ قالَ‪َ " :‬نعَمْ" ُمتّ َفقٌ عََليْهِ‪ .‬واللّ ْفظُ لمسِْلمٍ‪.‬‬ ‫ص ّدقْتُ َ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫جرٌ إ ْ‬ ‫ص ّدقَتْ َأفََلهَا َأ ْ‬ ‫ت تَ َ‬ ‫َلوْ َتكَّلمّ ْ‬ ‫(وعن عائ شة رضي ال عنها أن رجلً) جاء مبينا أنه سعد بن عبادة (أتى النبي صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم فقال يا‬ ‫رسول ال إن أمي ا ْفتُِلتَ تْ) بضم المثناة بعد الفاء الساكنة وكسر اللم (نَفْ سُها) أخذت فلتة (ولم تو صِ وأظنّها لو‬ ‫ص ّدقْتُ عنها؟ قال‪َ " :‬نعَمْ" متفق عليه واللفظ لمسلم)‪.‬‬ ‫ص ّدقَتْ َأفََلهَا أَج ٌر إن تَ َ‬ ‫َتكَّلمَتْ ت َ‬ ‫في الحد يث دل يل على أن ال صدقة من الولد تل حق الم يت ول يعار ضه قوله تعالى‪{ :‬وأن ل يس للن سان إل ما‬ ‫سعى} لثبوت حديث‪" :‬إن أولدكم من كسبكم" ونحوه فولده من سعيه وثبوت "أو ولد صالح يدعو له" وقد قدمنا‬ ‫الكلم في ذلك في آخر كتاب الجنائز‪.‬‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم يَقُولُ‪" :‬إنّ اللّ َه قَدْ‬ ‫ت ر سو ُ‬ ‫سمِعْ ُ‬ ‫ع نْ أَ بي أُمام َة الْباهليّ ر ضي اللّ هُ َتعَالى ع نه قالَ‪َ :‬‬ ‫وَ َ‬ ‫سنَهُ أَح َمدُ والترمذيّ َوقَوّا ُه اب نُ‬ ‫ل ذي ح قَ حَ ّق هُ فل وصيّ َة لِوار ثٍ" رَوَا ُه َأحْمدُ والربعةُ إل النسائيّ وح ّ‬ ‫َأعْطى كُ ّ‬ ‫ن َيشَاءَ‬ ‫ع ْنهُ ما َوزَادَ في آخرِ هِ "إل َأ ْ‬ ‫عبّا سٍ َرضِ يَ اللّ هُ َ‬ ‫خُزيمةَ وَاب نُ ا ْلجَارود‪َ ،‬ورَوَا ُه الدّارَ ُقطْنيّ مِ نْ حد يث اب نِ َ‬ ‫حسَنٌ‪.‬‬ ‫سنَادُ ُه َ‬ ‫ال َو َرثَةُ" وإ ْ‬ ‫ل ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم يَقُولُ‪" :‬إنّ اللّ َه قَ ْد أَعْطى‬ ‫ت رسو ُ‬ ‫سمِعْ ُ‬ ‫ن أَبي أُمامةَ الْباهليّ رضي اللّ هُ عنه قالَ‪َ :‬‬ ‫ع ْ‬ ‫(وَ َ‬ ‫سنَهُ أَح َمدُ والترمذيّ َوقَوّا ُه اب نُ خُزيمةَ‬ ‫ل ذي ح قَ حَ ّق ُه فل وصّيةَ لِوار ثٍ" رَوَا ُه َأحْمدُ والربع ُة إل النسائيّ وح ّ‬ ‫كُ ّ‬ ‫ع ْنهُما َوزَادَ في آخرِ ِه "إل َأ نْ َيشَاءَ ال َو َرثَةُ"‬ ‫س رَضِ يَ اللّ هُ َ‬ ‫عبّا ٍ‬ ‫ن حد يث اب نِ َ‬ ‫ن ا ْلجَارود‪َ ،‬و َروَا ُه الدّا َر ُقطْنيّ مِ ْ‬ ‫وَاب ُ‬ ‫حسَنٌ)‪.‬‬ ‫سنَادُ ُه َ‬ ‫وإ ْ‬ ‫وفي الباب عن عمرو بن خارجة عند الترمذي والنسائي‪.‬‬ ‫وعن أنس عند ابن ماجه وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عند الدارقطني‪.‬‬ ‫وعن جابر عنده أيضا وقال‪ :‬الصواب إرساله‪.‬‬ ‫وعن علي عند ابن أبي شيبة ول يخلو إسناد كل واحد منها عن مقال لكن مجموعها ينهض على العمل به‪.‬‬ ‫بل جزم الشافعي في الم أن هذا المتن متواتر فإنه قال‪ :‬إنه نقل كافة عن كافة وهو أقوى من نقل واحد‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬القرب وجوب العمل به لتعدد طرقه ولما قاله الشافعي وإن نازع في تواتره الفخر الرازي ول يضر ذلك‬ ‫بثبوته فإنه متلقى بالقبول من المة كما عرف‪.‬‬ ‫وقد ترجم له البخاري فقال‪" :‬باب ل وصية لوارث" وكأنه لم يثبت على شرطه فلم يخرجه ولكنه أخرج بعده عن‬ ‫عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس موقوفا في تفسير الية وله حكم المرفوع‪.‬‬ ‫والحديث دليل على منع الوصية للوارث وهو قول الجماهير من العلماء‪.‬‬ ‫وذ هب الهادي وجما عة إلى جواز ها م ستدلين بقوله تعالى‪{ :‬كُ تب علي كم إذا ح ضر أحد كم الموت} ال ية قالوا‪:‬‬ ‫ونسخ الوجوب ل ينافي بقاء الجواز‪.‬‬ ‫قلنا‪ :‬نعم لو لم يرد هذا الحديث فإنه ناف لجوازها إذ وجوبها قد علم نسخه من آية المواريث كما قال [اث]ابن‬ ‫عباس[‪/‬اث]‪" :‬كان المال للولد والوصية للوالدين فنسخ ال سبحانه من ذلك ما أحب فجعل للذكر مثل حظ النثيين‬ ‫وجعل للبوين لكل واحد منهما السدس وجعل للمرأة الثمن والربع وللزوج الشطر والربع"‪.‬‬ ‫وقوله "إل أن يشاء الور ثة" دل على أنها تصح وتنفذ الوصية للوارث إن أجازها الور ثة وتقدم الكلم في إجازة‬ ‫الورثة ما زاد على الثلث هل ينفذ بها أو ل وأن الظاهرية ذهبت إلى أنه ل أثر لجازتهم والظاهر معهم لنه‬ ‫صلى ال عل يه وآله و سلم ل ما ن هى عن الو صية للوارث قيد ها بقوله‪" :‬إل أن يشاء الور ثة" وأطلق ل ما م نع عن‬ ‫الوصية بالزائد على الثلث وليس لنا تقييد ما أطلقه‪.‬‬ ‫ومن قيد هنالك قال‪ :‬إنه يؤخذ القيد من التعليل بقوله‪ :‬إنك أن تذر الخ‪ .‬فإنه دل على أَن المنع من الزيادة على‬ ‫الثلث كان مراعاة لحق الورثة فإن أجازوا سقط حقهم ول يخلو عن قوة‪ .‬هذا في الوصية للوارث‪.‬‬ ‫واختلفوا إذا أقرّ المريض للوارث بشيء من ماله فأجازه الوزاعي وجماعة مطلقا‪.‬‬ ‫وقال أحمد ل يجوز إقرار المريض لوارثه مطلقا واحتج بأنه ل يؤمن بعد المنع من الوصية لوارثه أن يجعلها‬ ‫إقرارا‪.‬‬ ‫واحتج الول بما يتضمن الجواب عن هذه الحجة فقال‪ :‬إن التهمة في حق المحتضر بعيدة وبأنه وقع التفاق أنه‬ ‫لو أقر بوارث آخر صح إقراره مع أنه يتضمن القرار بالمال وبأن مدار الحكام على الظاهر فل يترك إقراره‬ ‫للظن المحتمل فإن أمره إلى ال‪.‬‬ ‫‪48‬‬

‫قلت‪ :‬وهذا القول أقوى دليلً‪.‬‬ ‫واستثنى مالك ما إذا أقر لبنته ومعها من يشاركها من غير الولد كابن العم قال‪ :‬لنه يتهم في أنه يزيد لبنته‬ ‫وينقص ابن العم‪.‬‬ ‫وكذلك استثنى ما إذا أقر لزوجته المعروف بمحبته لها وميله إليها وكان بينه وبين ولده من غيرها تباعد ل سيما‬ ‫إذا كان له منها ولد في تلك الحال‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬والحسن ما قيل عن بعض المالكية واختاره الروياني من الشافعية أن مدار المر على التهمة وعدمها فإن‬ ‫فقدت جاز وإل فل وههي تعرف بقرائن الحوال وغيرهها وعهن بعهض الفقهاء أنهه ل يصهح إقراره إل للزوجهة‬ ‫بمهرها‪.‬‬ ‫صدّقَ عََليْك ْم بثل ثِ‬ ‫عنْ ُه قالَ‪ :‬قال رسول ال صَلّى ال عََل ْي هِ وَ سَلّم‪" :‬إن ال تَ َ‬ ‫جبَلٍ رض يَ اللّ ُه َتعَالى َ‬ ‫ن َ‬ ‫ع نْ ُمعَاذِ ب ِ‬ ‫وَ َ‬ ‫سنَا ِت ُكمْ" رَوَا هُ الدّا َرقُطْن يَ‪ ،‬وََأخْرج ُه َأحْمدُ وال َبزّارُ م نْ حَدي ثِ أَ بي الدّرْداءِ واب نُ‬ ‫ع ْندَ وَفاتِكُم زيادة في حَ َ‬ ‫أَموالكُ مْ ِ‬ ‫ضعِيفةٌ لكنْ َقدْ يُقوّي َب ْعضُها َبعْضا‪ ،‬وال أَعْلمُ‪.‬‬ ‫ن حديثِ أَبي هُريرةَ‪ ،‬وكلها َ‬ ‫مَاجَ ْه مِ ْ‬ ‫ص ّدقَ عََليْك مْ بثل ثِ‬ ‫ع ْن هُ قالَ‪ :‬قال ر سول ال صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم‪" :‬إن ال تَ َ‬ ‫جبَلٍ رض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ع نْ ُمعَاذِ ب نِ َ‬ ‫(وَ َ‬ ‫سنَا ِت ُكمْ" رَوَا هُ الدّا َرقُطْن يَ‪ ،‬وََأخْرج ُه َأحْمدُ وال َبزّارُ م نْ حَدي ثِ أَ بي الدّرْداءِ واب نُ‬ ‫ع ْندَ وَفاتِكُم زيادة في حَ َ‬ ‫أَموالكُ مْ ِ‬ ‫ضعِيفةٌ لكنْ َقدْ يُقوّي َب ْعضُها َبعْضا‪ ،‬وال أَعْلمُ)‪.‬‬ ‫ن حديثِ أَبي هُريرةَ‪ ،‬وكلها َ‬ ‫مَاجَ ْه مِ ْ‬ ‫وذلك لن في إسناده[تض] إسماعيل بن عياش [‪/‬تض] وشي خه[تض] عتبة بن حميد[‪ /‬تض] وهما ضعيفان وإن‬ ‫كان لهم في رواية إسماعيل تفصيل معروف‪.‬‬ ‫والحديث دليل على شرعية الوصية بالثلث وأنه ل يمنع منه الميت‪.‬‬ ‫وظاهره الطلق في حق من له مال كثير ومن قل ماله وسواء كانت لوارث أو غيره‪.‬‬ ‫ول كن يقيده ما سلف من الحاد يث ال تي هي أ صح م نه فل تن فذ للوارث وإل يه ذ هب الفقهاء الرب عة وغير هم‬ ‫والمؤيد بال‪ .‬وروى عن زيد بن علي‪.‬‬ ‫وذهبت الهادوية إلى نفوذها للوارث وادعى فيه إجماع أهل البيت ول يصح هذا‪.‬‬ ‫واعلم أن قوله تعالى‪{ :‬من بعد وصية يوصين بها أو دين} يقتضي ظاهره أنه يخرج الدين والوصية من تركة‬ ‫الميت على سواء فتشارك الوصية الدين إذا استغرق المال‪.‬‬ ‫وقد اتفق العلماء على أنه يقدّم إخراج الدين على الوصية لما أخرجه أحمد والترمذي وغيرهما من حديث عل يّ‬ ‫عليه السلم من رواية الحارث العور عنه قال‪" :‬قضى محمد صَلّى ال عََليْ ِه وَ سَلّم أن الدين قبل الوصية وأنتم‬ ‫تقرءون الوصية قبل الدين" وعلقه البخاري وإسناده ضعيف‪.‬‬ ‫ل كن قال الترمذي‪ :‬الع مل عل يه ع ند أ هل العلم وكأن البخاري اعت مد عل يه لعتضاده بالتفاق على مقتضاه و قد‬ ‫أورد له شاهدا ولم يختلف العلماء أن الدين يقدم على الوصية‪.‬‬ ‫فإن قيل‪ :‬فإذا كان المر هكذا فلم قدمت الوصية على الدين في الية؟‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬أجاب السهيلي بأنها لما كانت الوصية تقع على وجه البر والصلة والدين يقع بتعدي الميت بحسب الغلب‬ ‫بدأ بالوصية لكونها أفضل‪.‬‬ ‫وأجاب غيره‪ :‬بأنها قدمت الوصية لنها شيء يؤخذ بغير عوض والدين يؤخذ بعوض فكان إخراج الوصية أشق‬ ‫على الوارث من إخراج الد ين وكان أداؤ ها مظ نة التفر يط بخلف الد ين قد مت الو صية لذلك‪ ،‬لن ها حظ الفق ير‬ ‫والم سكين غالبا والد ين حظ الغر يم يطل به بقوة وله مقال‪ ،‬ولن الو صية ينشئ ها المو صي من ق بل نف سه فقد مت‬ ‫تحريضا على العمل بها بخلف الدين فإنه مطلوب منه ذكر أو لم يذكر‪.‬‬ ‫أو لن الو صية ممك نة من كل أ حد تتعلق بذم ته إ ما ندبا أو وجوبا فيشترك في ها جم يع المخا طبين وت قع بالمال‬ ‫وبالعمل وقل ما يخلو عن ذلك بخلف الدين‪ ،‬وما يكثر وقوعه أهم بأن يذكر أَ ّولً مما يقل وقوعه‪.‬‬ ‫باب الوديعة‬ ‫الوديعة هي العين التي يضعها مالكها أو نائبه عند آخر ليحفظها وهي مندوبة إذا وثق من نفسه بالمانة لقوله‬ ‫تعالى‪{ :‬وتعاونوا على البر والتقوى} وقوله صلى ال عل يه وآله و سلم‪" :‬وال في عون الع بد ما كان الع بد في‬ ‫عون أخيه" أخرجه مسلم‪ .‬وقد تكون واجبة إذا لم يكن من يصلح لها غيره وخاف الهلك عليها إن لم يقبلها‪.‬‬ ‫ن أُ ْودِ عَ وَديعةً‬ ‫ع ْن ُهمَا عَ نِ النبيّ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قالَ‪" :‬مَ ْ‬ ‫جدّ هِ رض يَ اللّ هُ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن أَبيه عَ ْ‬ ‫عْ‬ ‫ش َعيْ بٍ َ‬ ‫عمْرو ب نِ ُ‬ ‫عَ نْ ُ‬ ‫سنَادُ ُه ضعيفٌ‪.‬‬ ‫خ َرجَ ُه ابن مَاجَهْ وإ ْ‬ ‫ضمَانٌ" َأ ْ‬ ‫فََليْسَ عََليْهِ َ‬ ‫‪49‬‬

‫ن أُ ْودِ عَ وَديع ًة فََليْ سَ عََليْ هِ‬ ‫جدّ هِ عَ نِ ال نبيّ صَلّى ال عََليْ هِ وَ سَلّم قالَ‪" :‬مَ ْ‬ ‫ش َعيْ بٍ عَ نْ أَب يه عَ نْ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫عمْرو ب ِ‬ ‫(عَ نْ ُ‬ ‫سنَادُ ُه ضعيفٌ)‪.‬‬ ‫خ َرجَهُ ابن مَاجَ ْه وإ ْ‬ ‫ضمَانٌ" َأ ْ‬ ‫َ‬ ‫وذلك أن في رواته المثنى بن الصباح وهو متروك‪.‬‬ ‫وأخرجه الدارقطني بلفظ‪" :‬ليس على المستعير غير المغل ضمان ول على المستودع غير المغل ضمان" وفي‬ ‫إسناده ضعيفان‪.‬‬ ‫قال الدارقط ني‪ :‬وإن ما يوري هذا عن شر يح غ ير مرفوع وف سر الم غل في روا ية الدارقط ني بالخائن وق يل هو‬ ‫المستغل‪.‬‬ ‫و في الباب آثار عن[اث] أ بي ب كر[‪/‬اث] و[اث] علي[‪/‬اث] و[اث] ا بن م سعود[‪/‬اث] و[اث] جابر[‪/‬اث] أن الودي عة‬ ‫أمانة وفي بعضها مقال‪.‬‬ ‫ويغ ني عن ذلك الجماع فإ نه و قد على أ نه ل يس على الود يع ضمان إل ما يروى عن الح سن الب صري أ نه إذا‬ ‫اشترط الضمان فإنه يضمن وقد تؤول بأنه مع التفريط‪.‬‬ ‫والوديعة قد تكون باللفظ كاستودعتك ونحوه من اللفاظ الدالة على الستحفاظ ويكفي القبول لفظا‪.‬‬ ‫وقد تكون بغير لفظ كأن يضع في حانوته وهو حاضر ولم يمنعه من ذلك أو في المسجد وهو غير مصل وأما‬ ‫إذا كان في الصلة فل لنه ل يمكنه إظهار الكراهة‪.‬‬ ‫و في باب الودي عة تفا صيل في الفروع كثيرة‪ .‬قوله‪( :‬وباب ق سم ال صدقات) ب ين ال صناف الثمان ية ( في آ خر‬ ‫الزكاة) و هو أل يق بالت صال به (وباب ق سم الف يء والغني مة يأ تي ع قب الجهاد إن شاء ال) و هو أولى بأن يلي‬ ‫الجهاد لنه من توابعه‪.‬‬ ‫وإنمها ذكهر المصهنف هذا لنهها جرت عادة كتهب فروع الشافعيهة على جعهل هذيهن البابيهن قبيهل كتاب النكاح‬ ‫والمصنف خالفهم فألحقهما بما هو أليق بهما‪.‬‬

‫‪50‬‬

Related Documents

Wa
May 2020 44
Wa
May 2020 28
Wa Qhaanii
April 2020 13
Wa-coeportugese
June 2020 14