سياسة التزييف الإسرائيلي

  • Uploaded by: faqed ilzakira
  • 0
  • 0
  • May 2020
  • PDF

This document was uploaded by user and they confirmed that they have the permission to share it. If you are author or own the copyright of this book, please report to us by using this DMCA report form. Report DMCA


Overview

Download & View سياسة التزييف الإسرائيلي as PDF for free.

More details

  • Words: 2,467
  • Pages: 7
‫سياسة التزييف السرائيلي‬ ‫ماجد كيالي *‬

‫في إطار سعي الحركة الصهيونية لتبرير مشروعها واغتصابها حقوق الفلسطينيين‬ ‫واحتلل أرضهم والعتداء عليهم‪ ،‬عملت إسرائيل على استخدام كل ما في ترسانة الحضارة‬ ‫الغربية من موروث تاريخي وثقافي‪ ،‬لحتلل الوجدان العالمي وتعزيز التعاطف معها‪ ،‬ل‬ ‫سيما في البلدان الغربية (أوربا والوليات المتحدة)‪.‬‬ ‫هكذا استغلت إسرائيل‪ ،‬مثلً‪ ،‬عقدة "المحرقة"‪ ،‬عند الغربيين‪ ،‬كي تحتكر موقع الضحية‬ ‫في الوجدان الجمعي لديهم‪ ،‬واستعارت فكرة الستعمار الستيطاني‪ ،‬معتبرة نفسها امتدادًا‬ ‫"حضاريّا" للدور الوربي في الشرق الوسط‪ ،‬وظلت تدّعي بأنها "واحة للديمقراطية" في‬ ‫"صحراء" العالم العربي‪ ،‬وأنها رسولة الغرب لنشر الحداثة والعلمانية‪ ،‬في هذه المنطقة من‬ ‫العالم!!!‬ ‫لم تتوقف إسرائيل عند هذا الحد في محاولتها مصادرة تاريخ الشعب الفلسطيني وحقوقه‬ ‫ووجوده‪ ،‬وإنما ظلت تبتدع كل يوم جديدًا‪ ،‬لمحو الشعب الفلسطيني من الوجدان العالمي ووأده‬ ‫أو تشويهه سياسيّا وأخلقيّا وحضاريّا‪.‬‬ ‫معروف أن الصهيونية انطلقت من دعوى مزيفة مفادها أن "فلسطين أرضًا بل شعب‬ ‫لشعب بل أرض"!‪ ،‬ولكن عندما ظهر الشعب الفلسطيني متحديًا حال الغياب والتغييب التي‬ ‫فرضت عليه‪ ،‬ادعت إسرائيل بأن الفلسطينيين هم مجرد طارئين على الزمان والمكان‪ ،‬وأنه لم‬ ‫يكن لهم قط في يوم من اليام كيان ما!‪.‬‬ ‫وعندما ظهر الفلسطينيون على شكل شعب يكافح من أجل تحرره الوطني واستقلله‬ ‫استعارت إسرائيل المفاهيم الستعمارية العنصرية التي تدعي أن الشعب الفلسطيني مجرد‬ ‫شعب قاصر ل يليق به التمثّل في دولة ول التحكم بأحواله‪ ،‬وبالتالي فهو ل يستحق الحقوق‬ ‫التي يدعيها؛ لن إسرائيل متقدمة عليه وهي الولى بوراثة هذه الحقوق أو الوصاية عليها‪،‬‬ ‫ريثما يجري تأهيله بالمعايير الدولية إلى حين يصبح أهلً لثقة إسرائيل والعالم الغربي!‪.‬‬ ‫على ذلك فقد خاض الشعب الفلسطيني‪ ،‬خصوصًا في الفترة من ‪ ،1987 - 1965‬كفاحًا‬ ‫صعبًا وعنيدًا ومعقدًا من أجل نيل تعاطف العالم مع حقوقه‪ ،‬ومن أجل نزع العتراف به كونه‬ ‫ضحية للصهيونية وكيانها إسرائيل‪ ،‬بقدر ما هو ضحية لعقدة الغرب تجاه اليهود‬ ‫(الهلوكوست)‪.‬‬ ‫لكن الفضل في كسر الدعاءات التي روّجتها إسرائيل ضد الفلسطينيين‪ ،‬يعود إلى‬ ‫النتفاضة الفلسطينية الولى (‪ ،)1997 - 1987‬فهي التي وضعت حدّا لهذه الدعاءات‪،‬‬ ‫وكشفت إسرائيل على حقيقتها‪ ،‬كدولة عنصرية غاشمة تسيطر على شعب آخر بالقوة والعنف‪،‬‬ ‫في حين أن هذا الشعب يقاومها بصدوره وبحجارته‪ ،‬مقوضًا بذلك صورتها الخلقية‪ .‬وهذه‬ ‫النتفاضة هي التي أظهرت عدالة كفاح الفلسطينيين وعززت التعاطف العالمي معهم‪ ،‬وهي‬ ‫التي كسرت احتكار إسرائيل لصورة الضحية‪ ،‬في الوجدان الغربي‪ ،‬وأحلّت مكانها صورة‬ ‫إسرائيل الغاشمة المعتدية العنصرية؛ وفي حينه ساهم ذلك كله في الضغط على إسرائيل‬ ‫ودفعها إلى ولوج عملية التسوية‪ ،‬في محاولة منها لترميم صورتها أمام العالم‪.‬‬ ‫في النتفاضة الثانية (عام ‪ )2000‬استمر الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين على‬ ‫الوجدان العالمي برغم اللتباسات والشكاليات التي أحاطت بهذه النتفاضة نتيجة انتهاج‬

‫الفلسطينيين للكفاح المسلح‪ ،‬ول سيما خط العمليات الستشهادية التي طالت المدنيين في المدن‬ ‫السرائيلية في مناطق ‪.48‬‬ ‫في هذا السياق سارعت إسرائيل إلى استغلل هذا التطور للتلعب على وتر التعاطف‬ ‫الدولي مع الفلسطينيين‪ ،‬ل سيما بعد ازدياد النقمة الدولية على العمال الرهابية التي باتت‬ ‫تشكل خطرًا على العالم كله‪ ،‬عبر ترويج الدعاءات التالية‪:‬‬ ‫‪ - 1‬التشكيك بأخلقية كفاح الفلسطينيين‪ ،‬حيث وصل المر بإسرائيل حد اعتبار نفسها‬ ‫ضحية للفلسطينيين! واعتبار الفلسطينيين معتدين يبتغون تدمير إسرائيل وقتل شعبها‪.‬‬ ‫‪ - 2‬نزع الشرعية عن كفاح الفلسطينيين والدعاء بأن حربها ضدهم مشروعة؛ لنها‬ ‫تدافع عن حياة السرائيليين وعن حقها بالوجود‪.‬‬ ‫‪ - 3‬اعتبار حربها ضد الفلسطينيين جزءا من الحرب الدولية ضد الرهاب‪ ،‬وجزءا من‬ ‫صراع التنوير والحداثة ضد الظلمية والتخلف‪ ،‬وهي في ذلك تحاول تجريد الكفاح الفلسطيني‬ ‫من طابعه الوطني التحرري‪.‬‬ ‫‪ - 4‬تكريس وجهة نظر مفادها أنه يحق للدول الديمقراطية ما ل يحق لغيرها‪ ،‬بما في‬ ‫ذلك حق استخدام مبدأ "الحرب الستباقية" واحتلل أراضي شعب آخر‪.‬‬ ‫طبعًا ل المنطق يستجيب لهذه الدعاءات ول الوجدان العالمي‪ ،‬بدليل تزايد عزلة إسرائيل‬ ‫وتآكل صورتها على الصعيد العالمي‪ .‬وإذا نحينا جانبًا الحديث عن مشروعية كفاح‬ ‫الفلسطينيين وعدالة قضيتهم‪ ،‬لسهولة النيل من ادعاءات إسرائيل في هذا المجال‪ ،‬فإن‬ ‫طروحات إسرائيل المتعلقة باعتبارها دولة ديمقراطية علمانية‪ ،‬يستحقان وقفة خاصة‪ ،‬لتفنيد‬ ‫هذه الدعاءات الستعلئية المتغطرسة أمام الرأي العام العالمي‪ ،‬وكشف التناقضات‬ ‫واللتباسات التي تعتورها‪.‬‬ ‫في حقيقتها فإن العلمانية الصهيونية والسرائيلية هي علمانية مشوّهة‪ ،‬وهي تختلف ثقافيّا‬ ‫ل للحيز الديني عن الحيز‬ ‫وتاريخيّا عن العلمانية كما ظهرت عليه في الغرب (باعتبارها فص ً‬ ‫المدني)؛ لنها متأسسة على نقيضها‪ ،‬أي على الموروث السطوري الديني والثقافة الدينية‪،‬‬ ‫أصلً؛ وهي لذلك ل تستطيع النفكاك عن هذا الموروث؛ لنه يشكل العجينة التي تحاول بها‬ ‫صوغ فكرتها ودولتها المصطنعة‪.‬‬ ‫مثلً‪ ،‬من وجهة نظر الصهيونية‪ ،‬المفترض أنها حركة قومية علمانية‪ ،‬فإن اليهودية ليست‬ ‫مجرد دين‪ ،‬وإنما هي رابطة قومية تصهر جميع اليهود في مختلف القارات والبلدان في بوتقة‬ ‫شعب واحد‪ ،‬بغض النظر عن انتماءاتهم القومية وخلفياتهم الثقافية والتاريخية؛ وكأن اليهودية‬ ‫ظاهرة سرمدية عابرة للزمان والقارات‪ ،‬ونسقًا فوق الجغرافيا والتاريخ واللغة والثقافة‬ ‫المشتركة! هكذا وقعت الصهيونية في تناقض فريد من نوعه‪ ،‬بين الدين والعلمانية‪ ،‬في خلطها‬ ‫بين الرابطة الدينية والرابطة القومية‪ ،‬وبين الموروث الديني والموروث الثقافي‪ ،‬في محاولتها‬ ‫اصطناع سردية واحدة متماثلة لليهود في العالم لتبرير مشروعها الستعماري وخلفيتها‬ ‫العنصرية‪ .‬وفيما بعد حملت إسرائيل تبعات هذه التناقض في واقع اتكائها على كونها دولة‬ ‫علمانية وارتكازها على الدين لتبرير ذاتها وجلب المهاجرين إليها وصوغ ثقافتها وهويتها‬ ‫وفرادتها‪.‬‬ ‫النتيجة أنه يتعذر النظر إلى الحركة الصهيونية‪ ،‬وكيانها إسرائيل‪ ،‬باعتبارها ظاهرة‬ ‫علمانية خالصة‪ ،‬فهي ليست كذلك ل من حيث اليدلوجيا ول الثقافة ول التشريع ول النتماء‬ ‫الفردي‪ ،‬وفاقم من هذا المر واقع انبعاث الصولية اليهودية المتطرفة وازدياد نفوذها في دولة‬ ‫تحتل فيها الحزاب الدينية الحريدية ‪ 27‬مقعدًا من مقاعد الكنيست (‪ 120‬مقعدًا)‪ ،‬من دون أن‬

‫نذكر نفوذ المتدينين في الحزاب الخرى‪ ،‬ونفوذهم في مؤسسات الدولة الخاصة بالتعليم‬ ‫والقضاء والتشريع‪.‬‬ ‫وفي الواقع فإن إسرائيل تكاد تتحول مع سطوة المتدينين والحاخامات‪ ،‬من دولة يغلب‬ ‫عليها الطابع العلماني إلى دولة دينية يغلب عليها الطابع الصولي؛ وتلك هي إحدى أهم‬ ‫مشكلت إسرائيل اليوم‪ ،‬في محاولتها التماثل مع الحداثة الغربية وترميم صورتها في الغرب‪.‬‬ ‫إذ كيف لها تتحدث عن خطر الصولية في العالم السلمي فيما هي تتحول باطراد نحو‬ ‫التماثل مع هذا العالم؟!‬ ‫أما بالنسبة لدعاء إسرائيل الديمقراطية فقد بات بدوره يتعرض للتآكل بسبب تمييز‬ ‫إسرائيل ضد مواطنيها الفلسطينيين (في مناطق ‪ )48‬وبسبب تحكمها بوسائل القوة بشعب آخر‪.‬‬ ‫فقد حاولت الصهيونية ثم خليفتها إسرائيل‪ ،‬كما قدمنا‪ ،‬انتهاج خط تغييب أهل الرض‬ ‫الصليين‪ ،‬على اعتبار أن تغييب الفلسطينيين يعني الخلص الخلقي للمشروع الصهيوني‪،‬‬ ‫وتكوين دولة يهودية خالصة‪ ،‬من دون التشوه بشبهة التمييز ضد الخرين‪ .‬طبعًا لم يكتب‬ ‫للصهيونية ول لسرائيل النجاح في "سفرها" هذا التي حاولت أن تخطه رغم التاريخ‬ ‫والجغرافيا والبشر في هذه المنطقة‪ ،‬فالشعب الفلسطيني لم يختفِ من الخريطة وواصل‬ ‫وجوده‪ ،‬إن داخل الدولة السرائيلية ذاتها‪ ،‬على شكل مواطنين من الدرجة الثانية‪ ،‬أو على‬ ‫شكل لجئين يكافحون من أجل حقوقهم المغتصبة‪ ،‬أو على شكل شعب يكافح للتحرر من‬ ‫الحتلل‪ .‬وكانت جولدا مائير‪ ،‬رئيسة الحكومة السرائيلية منذ أواخر الستينيات إلى أوائل‬ ‫السبعينيات‪ ،‬متنبهة إلى هذا الوضع‪ ،‬ولكن البجاحة الستعمارية العنصرية وصلت بها حد‬ ‫القول إنها لن تسامح الشعب الفلسطيني على التشويه الذي ألحقه بإسرائيل وبأخلقياتها‪ ،‬حين‬ ‫اضطرها لكشف وجهها الحقيقي!‪.‬‬ ‫من كل ذلك يستدل أن الجدل حول طابع إسرائيل يحتاج إلى مزيد من التفحص لفضح‬ ‫الخداع الذي تمارسه إسرائيل على العالم وكشف حقيقتها كدولة عنصرية استعمارية تنحو نحو‬ ‫الصولية المتطرفة‪ .‬وهذا الجدل مهم جدّا في الصراع لكسر احتكار إسرائيل لصورة الضحية‬ ‫وكسب المعركة معها على الصعيد الخلقي‪.‬‬

‫المغرب وبولندا ورومانيا كلهم‪ ..‬كلهم‪ ..‬أما الفلسطينيون فقد قرأنا عنهم في التو راة‪ ..‬أنهم كانوا يسببون المتاعب واللم‬ ‫لبنائنا‪ ،‬وأننا لم نشاهدهم منذ زمن طويل‪.)1/34( ...‬‬ ‫* كتاب تاريخ اسرائيل في العصور الحديثة‪/‬د‪ .‬شمشون كير شنبويم (ص ‪:)162 ،161‬‬ ‫‪-‬‬

‫ان الحكام العرب قتلة وانهم مسؤولون عن سوء أحوال اليهود في القطار العربية والسلمية معاً‪.‬‬

‫* أدير كوهين‪:‬‬ ‫ ينظرون للعرب على أنهم " قتلة لصوص مخربون ووجوههم قبيحة"‪.‬‬‫* كتاب شعب اسرائيل للصف السابع‪/‬ب‪ .‬أحيا و م‪ .‬هرباز ‪:1972‬‬ ‫‪-‬‬

‫السلم دين المحاربين (ص ‪)5‬‬

‫ ان التعاليم التي انطلقت من شبه الجزيرة العربية قد أيقظت قلقاً عميقاً في القلوب‪ ،‬لقد قاد (محمد) حرب إبادة لجميع الشعوب‬‫والقبائل‪ ...‬فأباد قسم ًا كبيراً من اليهود في الجزيرة العربية (ص ‪.)29‬‬ ‫* كتاب‪ :‬اسرائيل والشعوب‪/‬يعقوب كاتس وموشيه هرتسكو‪:1972 /‬‬ ‫‪-‬‬

‫"إن المحتلين العرب كانوا في غالبيتهم سكان الصحاري والن تحولوا الى حكام لدول عظيمة " (ص ‪)36‬‬

‫* كتاب‪ :‬روما في عظمتها وسقوطها‪ /‬اشراف البروفيسور تملومر وصفا لترس يافة‪ /‬وزارة المعارف‪:‬‬

‫ ان (محمداً) أمر المسلمين بالتوجه في صلتهم نحو الكعبة بدل القدس بعكس ما كان الحال في بداية الدع وة‪ ،‬أي حين كانت‬‫علقته جيدة باليهود‪(...‬ص ‪)78‬‬ ‫‪-‬‬

‫" السبب في بناء المسجد القصى وقبة الصخرة يعود الى اعتماد المسلمين على المعتقدات اليهودية التي تقدس جبل‬ ‫الهيكل‪.‬‬

‫* كتاب‪ :‬رجال في التكوين‪ /‬اليعازر شموئيلي‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫ان العربي (طويل القامة عريض المنكبين‪ ،‬يلمع في عينيه بريق الغضب وجهه قاس‪ ،...،‬وشاربه مدبب يرتفع على شكل‬ ‫قرنين‪...،‬‬

‫* كتاب القلية العربية في اسرائيل‪ /‬راحيل غرومات‪:1995/‬‬ ‫‪-‬‬

‫هروب العرب أدى الى إصابتهم بجرح ل يندمل وأنهم مسؤولون عن هذه الهزيمة التي لحقت بهم‪( ...‬ص ‪)21‬‬

‫في المرة الولى في تاريخ أرض إسرائيل‪ ،‬منذ الحتلل السلمي كان عرب أرض إسرائيل أقلية واليهود أكثرية‪.‬‬

‫أتى هذا المقال من جمعية اقرأ ‪Eqraa Association -‬‬ ‫‪http://www.eqraa.com‬‬ ‫عنوان الرابط لهذا المقال هو‪:‬‬ ‫‪http://www.eqraa.com/modules.php?name=News&file=article&sid=390‬‬ ‫الستعمار وفلسطين‬ ‫بدأت فكرة دولة إسرائيل عمليا عام ‪ 1897‬على أساس القومية اليهودية‪ ،‬وكانت مسألة الدولة اليهودية قومية‬ ‫أكثر منها قضية اجتماعية وحقوقا مدنية أو دينية‪ ،‬ويمكن حلها فقط بجعلها مسألة سياسية عالمية‪ ،‬وكان لجوء‬ ‫هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية إلى الباعث الديني خفيفا‪.‬‬ ‫ولكن جرى صياغة وتطوير خطاب ديني قائم على التطرف والفصل وقتل غير اليهودي وطرده من فلسطين‪،‬‬ ‫مما جعل الصهيونية ذات طابع ديني وليس قوميا أو علمانيا كما سوقت في بداية تكوينها‪ ،‬وأصبحت كلمة‬ ‫صهيون ذات دللت دينية‪ ،‬وتحولت المعارضة الدينية للصهيونية إلى مرجعية ومصدر إلهام‪.‬‬ ‫قدمت تفسيرات النصوص الدينية إلى الصهيونية العلمانية أساسا لهوتيا لتجذير‬ ‫”‬ ‫الستيطان في الرض عن طريق تقاليد أقدم بكثير من القومية الوروبية والستعمار‪ ،‬كان لجوء ثيودور‬ ‫وكان إعلن دولة إسرائيل دولة يهودية تأكيدا للروابط بين الدين والحياة السياسية‪،‬‬ ‫هرتزل للباعث الديني‬ ‫وحققت الحزاب الدينية حصة كبيرة في مقاعد الكنيست والحكومات السرائيلية‬ ‫خفيفا‪ ,‬لكن جرى‬ ‫المتعاقبة‪.‬‬ ‫صياغة وتطوير خطاب‬ ‫ديني قائم على التطرف‬ ‫ويتيح النظام النتخابي السرائيلي لعقيدة القلية أن تحدث تأثيرا أكبر من الدعم‬ ‫والفصل وقتل غير‬ ‫العددي الذي تتمتع به ديمقراطيات أخرى‪ ،‬فتستطيع الحزاب الكثيرة في إسرائيل أن اليهودي وطرده من‬ ‫تحصل على حصة في مقاعد الكنيست‪ ،‬وفي غياب الغلبية الحاسمة تصبح هذه‬ ‫فلسطين‬ ‫الحزاب الدينية الصغيرة ذات أهمية كبيرة لرؤساء الحزبين الكبيرين العمل والليكود‬ ‫”‬ ‫لتأمين غطاء من الغلبية البرلمانية‪ .‬وقد تولت الحزاب الدينية مثل شاس والمفدال‬ ‫حقائب وزارات التربية والتعليم والثقافة والعمل والداخلية‪.‬‬ ‫وبينما يرى التفكير الشمولي المعاصر معاداة السامية شكل من أشكال التمييز الجتماعي والقانوني والسياسي‬ ‫التي يتوجب أن تعالج دستوريا من داخل مؤسسات الدول على أساس الحقوق المدنية‪ ،‬يرى ثيودور هرتزل أن‬ ‫حل المسألة اليهودية لن يتأتى عبر جعل البلد المضيفة أكثر تسامحا وليبرالية‪ ،‬بل بقيام دولة على أرض‬ ‫يهودية نقية منفصلة يستطيع أن يعيش فيها اليهود متمتعين بالحترام الكامل بسبب هويتهم اليهودية‪.‬‬ ‫ومع أن هرتزل نفسه كان مندمجا كليا فقد رأى أن البلد الوروبية غير قادرة على مسامحة اليهود الذين‬ ‫أصبحوا غرباء منفرين لنهم شعب منفصل ومن خلل ممارساتهم غير المتكيفة مع الخرين‪ ،‬وبلجوئه إلى‬ ‫الستعمار القومي تحاشى حل دستوريا يكفل الحقوق المدنية‪.‬‬ ‫وكانت التصورات الصهيونية مشابهة للقوميات الوروبية التي نشأت في تسعينات القرن التاسع عشر‪.‬‬ ‫وتماشيا مع العقيدة السياسية التي تشترك فيها القوميات الوروبية والتي تحكم على مختلف الشعوب بالدونية‪،‬‬ ‫قررت الصهيونية تحسين وضع اليهودية الدولية على حساب سكان فلسطين الصليين‪ ،‬ولكي تحقق النجاح‬ ‫تطلب ذلك برنامجا تؤيده القوى الدولية الرئيسية وبخاصة بريطانيا ثم في وقت متأخر الوليات المتحدة‪ .‬وكان‬ ‫وجود دولة صديقة في الشرق الوسط مصلحة إستراتيجية مهمة لدى بريطانيا والوليات المتحدة‪.‬‬ ‫وأشرف الستعمار البريطاني في فلسطين على عمليات ترحيل واسعة لليهود من كل أنحاء العالم إلى فلسطين‬ ‫في وقت بدأت فكرة الستعمار تنهار فيه‪ ،‬وبدأت المم الوروبية تحترم مبدأ تقرير المصير بالنسبة لجميع‬ ‫الشعوب والمم‪.‬‬

‫ولقى المشروع الصهيوني الستعماري دعما دينيا واسع النتشار ‪-‬مسيحيا ويهوديا‪ -‬ونظر إليه في معظم‬ ‫الدوائر اللهوتية والدينية على أنه متوافق مع النبوءة التوراتية‪ ،‬أو على القل لم يكن أكثر مما يستحقه الشعب‬ ‫اليهودي بفضل وعود الرب الواردة في الكتاب المقدس‪.‬‬ ‫واستمدت الصهيونية كثيرا من زخمها من التفسير الحرفي لنظرة الكتاب المقدس للرض وبعض نصوصه‬ ‫المسيحية الخاصة بالمسيح المخلص المنتظر‪ ،‬مع التفات قليل جدا لحقوق السكان الصليين‪.‬‬ ‫”‬ ‫وكان قيام دولة إسرائيل عام ‪- 1948‬كما نص إعلن قيامها‪ -‬استجابة لمر السماء‬ ‫يبدو اليوم أن أي‬ ‫وكما تخيلها أنبياء بني إسرائيل‪ ،‬ونجم عنه إجلء غالبية السكان الفلسطينيين وتدمير‬ ‫شخص يشكك في حق‬ ‫قراهم والستيلء على مدنهم‪ .‬وكان أشد ما يبعث على السى من المنظور الديني‬ ‫والخلقي هو أن الدعم العقدي الرئيسي للمبريالية الصهيونية والعقبة الكأداء التي تقف إسرائيل في أرض‬ ‫كنعان إنما هو في‬ ‫في وجه معاملة السكان الصليين باحترام يأتي من الدوائر الدينية التي ترى في‬ ‫الواقع يعارض الرب‬ ‫القصص التوراتية عن الرض أمرا ملزما‪ ،‬حتى إن أحد فلسفة اليهود قال عام‬ ‫‪- 1913‬وهو يرى التصرفات السيئة للصهاينة بحق الفلسطينيين‪ -‬إنه يخشى المستقبل وعهده المقدس الذي‬ ‫قطعه مع الباء الولين‬ ‫إذا وصل اليهود إلى السلطة‪ ،‬وأضاف‪ :‬إذا كان ذلك هو المسيح المنتظر فإني ل‬ ‫أرغب في رؤيته آتيا‪.‬‬ ‫”‬ ‫ويبدو اليوم أن أي شخص يشكك في حق إسرائيل في أرض كنعان إنما هو في الواقع يعارض الرب وعهده‬ ‫المقدس الذي قطعه مع الباء الولين الذين ورد ذكرهم في التوراة‪ ،‬وأنه يكافح ضد كلمات ووعود ال‬ ‫المقدسة والمحرمة التي حلف بأن يحفظها‪.‬‬ ‫ولفق مؤرخو الصهيونية تاريخا يتماشى مع ممارسات المم والحركات السياسية‪ ،‬وقاموا بتزييف خرافة‬ ‫الحنين اليهودي الدائم من أجل التخلي عن المنفى وتأسيس دولة يهودية خالصة في وطن الجداد وسلموا بها‬ ‫كأنها النموذج عند كل جيل‪ ،‬وصمدت الراء القومية الستثنائية للحاخامات‪.‬‬ ‫إن تكديس النصوص من فترات وأماكن مختلفة يعكس عزلة معينة عن الرض المقدسة وإزعاجا في أماكن‬ ‫الشتات‪ ،‬ول يصل إلى حد تقديم الدليل على الضطهاد المستديم لليهود في كل مكان‪ ،‬فالخطر الجسيم لم يكن‬ ‫موجودا في كل مكان وفي كل وقت‪ ،‬ويدل على ذلك بقاء اليهود‪.‬‬ ‫وقد مر على أهل الشتات عصور ذهبية وأخرى مظلمة‪ ،‬وقد سمح بن غوريون عام ‪ 1950‬بتفجير معابد‬ ‫ومصالح اليهود في العراق‪ ،‬وتل ذلك حملة مكثفة دفعت بأكثر من عشرة آلف يهودي إلى الهرب من‬ ‫العراق‪.‬‬ ‫وكان حنين يهود الشتات إلى أرض إسرائيل مرتبطا بالعبادة‪ ،‬وظلت مجلدات الدب اليهودي تناقش موضوع‬ ‫الهيكل والقرابين ولم تتناول القدس كمدينة‪ .‬وأحدثت صحيفة هآرتس صدمة لقرائها عام ‪ 1995‬عندما ذكرت‬ ‫أن الصرار على توضيف التعامل مع قرابين الهيكل يفسد الحنين الدنيوي إلى القدس‪.‬‬ ‫ومبعث الحج إلى القدس مرتبط بموقع الهيكل‪ ،‬ولم تكن القدس طموحا صهيونيا استعماريا‪ ،‬فالحجاج أساسا‬ ‫يزورون الماكن المقدسة ويعودون من حيث أتوا‪ .‬وبإصرارهم على تقديم سجل ناصع عن النجاز الصهيوني‬ ‫لم يعاود المؤرخون الرسميون للصهيونية ولدولة إسرائيل كتابة تاريخهم فقط‪ ،‬بل وأيضا الوثائق التي يقوم‬ ‫عليها مثل هذا التاريخ‪.‬‬ ‫واستبعدت الشارات الواردة والمتعلقة بأهداف الستيطان وبالترحيل والعتداء الذي‬ ‫”‬ ‫ما‬ ‫وقع على السكان العرب‪ ،‬وحذفت من اليوميات والمذكرات والوثائق الساسية كل‬ ‫حذف من اليوميات‬ ‫كتب عن الوحشية والقتل الذي مارسته قوات الهاغاناه‪ ،‬مثل ذبح المئات من الرجال‬ ‫والمذكرات والوثائق‬ ‫شهد‬ ‫والنساء في طبريا وبيسان بعد استسلم المدينتين‪ .‬وتساءل يوسف نحماني الذي‬ ‫الساسية اليهودية كل‬ ‫هذه المذابح‪ :‬من أين أتوا بمثل هذا الجراء البالغ القساوة الشبيه بالنازية؟‬ ‫ما كتب عن الوحشية‬ ‫والقتل الذي مارسته‬ ‫قوات الهاغاناه ضد‬ ‫الفلسطينيين‬ ‫”‬

‫ولعل من أبرز آثار القراءة الصهيونية الشاملة للتاريخ اليهودي اختصار التنوع الغني في التجربة التاريخية‬ ‫اليهودية إلى نوع واحد من الدينامية العقائدية التي تؤكد بعض أكثر العناصر النكفائية والوضعية في التقليد‬ ‫اليهودي‪ ،‬أل وهو ذلك التقليد الذي تعتز به بانفصالها عن باقي المم وتقرير مصير الدولة اليهودية بغض‬ ‫النظر عن الغبن الذي يلحق بالخرين‪.‬‬ ‫فتلك النزعة الثنية القائمة على كراهية الغرباء وخشيتهم والمبنية على مواقف الهيمنة والعنصرية والستبعاد‬ ‫ل ترقى بهدف التقاليد الخرى داخل اليهودية‪ ،‬وبذلك تدعو الجماعة اليهودية إلى أن تكون منارة للمم‪.‬‬

More Documents from "faqed ilzakira"

May 2020 5
May 2020 3
May 2020 4
May 2020 5
April 2020 7
B Td
May 2020 4