الثنائية التي تحكم عالمنا نجاح كاظم*
ثمببة حالتان فببي عالمنببا ,وثنائيببة تحكببم حركيببة مجتمعاتنببا .فهناك حالة موجبببة وأخرى سالبة :بمعنى آخر هناك إجراء وإجراء مضاد ،هناك اتساق واختلف الخ. تتلقبى هاتان الحالتان أحيانبا ،وتتنافران فبي أحيان أخرى ،لتخلقبا بذلك أسباس التوازن والحركبة فبي المجتمبع .إنهبا معادلة الموجبب ضبد السبالب فبي لحظبة مبا ،والموجبب الذي يولد من رحم السالب في لحظة أخرى. في منطق النظام الثنائي الذي يحكم عمل الدوائر الكهربية في العالم الرقمي هناك ثنائية (مفتوح) ،و(مغلق) ،أو بمنطبق الحسباب :واحبد مقاببل صبفر .ويعنبي هذا أن احتمالت تواجبد الحالتين معا معدومة. لكبن فبي مبادئ علم ميكانيكبا الكبم المطبقبة فبي تطويبر الحاسببات الكميبة ،يمكبن لحالتبي السلب واليجاب (أو بلغة الرقام الصفر والواحد) أن تتواجدا معا في نفس الوقت. ولهذا الوضببع مضاعفات لمكانيببة أن يؤدي التنوع إلى الحركببة التببي تؤدي بدورهببا للتنسيق. ويبدو أن التنوع ،بما فيه من تغيرات ،يحفز مبادئ التنظيم .ويتطور التنظيم من الحركة الدائمة للتماثل والختلف التي تؤدي بدورها إلى وجود مواقف واحتمالت مختلفة أو جديدة.
إن احتمال وقوع حدث مبن عدمبه ل يعنبى اختلل أو أن المسبألة تخضبع للصبدفة كمبا قبد يعتقبد البعبض ،أو أنبه ل توجبد هناك غايبة مبن خلق هذا الكون .فكمبا أظهبر العلم الحديبث فإنبه حتى لو لم تكن الشواهد والنماط الحسابية التي تؤيد نظرية بعينها صحيحة ،فإن هذا ل يعني بالضرورة خطأ هذه النظريات. إن وجود التسباق والختلف معبا فبي نفبس الوقبت فبي حالت معينبة ،وتضادهمبا فبي حالت أخرى يؤدي إلى نشوء احتمالت جديدة .فنسبببية حدث ل يقببع الن ل تنفبببي بالمطلق إمكانية وقوعه مستقبل .ونسبية التعرف على مواقف جديدة وفهمها ل تنفي أصل المطلق.
إن الكهرباء ،عصب الحياة الحديثة تتولد من تضاد قطبين سالب وموجب .ويكفل تدفق هذه الشحنات المتنافرة في الدائرة الكهربية حدوث التنسيق المطلوب .ول يمكن للذرة ،أساس الحياة ،أن تتواجبد مبا لم يكبن هناك توازن بيبن اللكترونات(أو الشحنات السبالبة) ،التبي تحيبط بالنواة ،وبين البروتونات (أو الشحنات الموجبة) بنفس العدد. مببن ناحيببة أخرى ،وكمببا هببو ثابببت فببي اللكترونيات الكميببة فإن الشحنات السببالبة والموجبة تحدث معا في ذات الوقت في الحواسيب البصرية نتيجة تقلص الزمن وزيادة القوة الدافعة لهذه الشحنات.
قال النبي الخاتم محمد صلى ال عليه وآله وسلم في الحديث المشهور:اختلف أمتي رحمة.1 كما قال في حديث آخر:مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد اذا
اشتكبببببببى منبببببببه عضبببببببو تداعبببببببى له سبببببببائر الجسبببببببد بالسبببببببهر والحمبببببببى. .2فهبل يتناقبض الحديبث الول مبع الحديبث الثانبي؟ كل لن التنوع فبي الجنبس البشري ليبس مهمبا فحسبب ببل وضروري .فالتسباق والتنوع بحركتهمبا يخلقان عوامبل تطورهمبا .فالتنوع يحفبز المنافسبة وهبي دليبل حيويبة المجتمبع والتبي تولد بدورهبا مفاهيبم وطرقبا جديدة للتفكيبر ...وهكذا دواليك. إن البقاء على الشياء كمبا كانبت عليبه قببل ألف عام مضبت عبن طريبق عرقلة التجديبد وفقببا لتطور المجتمببع ،ل يؤدي إلى إصببابة المجتمببع بالجمود وتفشببي العادات غيببر المفيدة فحسبب ،وإنمبا يناقبض سبنة ال فبي خلقبه التبي تثببت لنبا أن الثنائيبة التبي يقوم عليهبا العالم هبي أساس أداء وظائقه. دعونا نطبق مفهوم الثنائية على بعض المثلة العملية من واقع حياة المسلمين. •يمكبن للجاليات المسبلمة المقيمبة فبي الغرب أن تتبنبى بسبهولة مفهوم ثنائيبة العيبش فبي الغرب والشعور ،فببي الوقببت ذاتببه ،بالنتماء للشرق والغرب معببا ،بمعنببى أن تعيببش كمواطن مسلم في قلب مجتمع غربي غير مسلم أو متعدد الثقافات .فيمكن للمسلمين أن يكونوا مواطنييبن غربييبن ،تمامبا كمبا يمكبن لبناء الغرب أن يصببحوا مسبلمين .فكونبك مسبلما يعنبي أن تكون مواطنبا صبالحا يعيبش فبي مجتمبع عصبري قوامبه تبادل أفراده العتماد على بعضهم البعض.
•يمكبن للمسبلمين أن يعيشوا عالم اليوم ويسبتشعروه بنفبس الدرجبة مبن الهميبة التببي يعيشون بهببا الماضببي ويسببتلهموه .وفببي واقببع المببر فإن العيببش فببي المستقبل واستشراف آفاقه ل يقل أهمية عن ذلك ،كما نفهم من القرآن الكريم عندمبا يتحدث عبن اسبتشراف المسبتقبل فبي غيبر موضبع ،ففبي سبورة يوسبف مثل نرى قصببة النبببي يوسببف عليببه السببلم وهببي تروي لنببا كيببف أن حُسببن تخطيطبه وإدارتبه للمسبتقبل أنقبذ مصبر مبن مجاعبة أو أزمبة اقتصبادية خانقبة بتعبببيرات اقتصبباديي اليوم .أمببا سببورة الروم فببي آياتهببا الربببع الُول فهببي تخاطببب المسببلمين فببي مكببة الذيببن كانوا يشعرون بالحزن لهزيمببة الرومان المسبببببيحيين على يبببببد المجوس (الفرس) عبدة النار ،لتبشرهبببببم بأن الروم س بيُلحقون الهزيمببة بأعدائهببم مببن الفرس خلل بضببع سببنين ،فببي إشارة إلى المسبتقبل .قال تعالى فبي محكبم التنزيبل( :ألم .غُلببت الروم فبي أدنبى الرض وهبم مبن بعبد غلبهبم سبيغلبون .فبي بضبع سبنين .ل المبر مبن قببل ومبن بعبد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر ال) •المبر إذن يتعلق بشعور مسبلمي اليوم بالعتداد بالنفبس والثقبة واحترام الذات على نحو يولد الشعور باحترام الخر نفسيا وماديا .فالعلقة هنا تبادلية.
•إن إدراك مفهوم الثنائية وتطبيقه يجب أن يجد طريقه أيضا لصلح علوم الدين. •فالفلسبفة المسبلمون الوائل تمكنوا مبن إيجاد تناغبم بيبن الفلسبفة الغريقيبة القديمبة وبيبن العقائد السبلمية .لكن المر اليوم يختلف عن ذلك .فمنطق الفكبر السائد حاليا هبو خلق عالم أُحادي متكامل بذاته .يجب على المسلمين أن يجابهوا هذا التحدي الضخم بالتعايش السبلمي مبع الملحديبن ،بدل مبن القتصبار على القبول فقبط بأهبل الكتاب .وبمعنبى آخبر، فإنبه يمكبن للقبول باليمان والمنطبق أن يتلقيبا فبي نقاط وأن يختلفبا فبي أخرى ،بدل مبن أن يسبعى كبل منهمبا إلى إلغاء الخبر وطمبس هويتبه .إن قراءة فبي آي القرآن العظيبم تبين لنا أن ثمة مساحة متاحة للكفار او الملحدين ،يقول تعالى: •(لكم دينكم ولي دين) سورة الكافرون آية 6 •وقال عزّ من قائل( :لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) سورة المائدة آية 48 •وقال تعالى( :فذكبر إنمبا أنبت مذكبر .لسبت عليهبم بمسبيطر) سبورة الغاشيبة اليتان 21و .22 •*نجاح كاظم :مدير المنبر الدولي للحوار السلمي ،واستاذ جامعي. •_________________ •-1محمد مظفر (السقيفة) ص 46 •(http://www.islamprophet.ws -2البخاري ومسلم)
1 2