Impact Of Global Financial Crsis

  • Uploaded by: Amr Saker
  • 0
  • 0
  • July 2020
  • PDF

This document was uploaded by user and they confirmed that they have the permission to share it. If you are author or own the copyright of this book, please report to us by using this DMCA report form. Report DMCA


Overview

Download & View Impact Of Global Financial Crsis as PDF for free.

More details

  • Words: 5,306
  • Pages: 16
‫أثر الزمة المالية العالمية في‬ ‫الفقر والبطالة‬ ‫ووسائل معالجتها في القتصاد‬ ‫السلمي‬ ‫إعداد‬ ‫الدكتور صالح العلي‬

‫نائب عميد كلية الشريعة للشؤون العلمية ‪ -‬جامعة دمشق‪.‬‬

‫الجمهورية العربية السورية‬

‫بحث مقدم للمؤتمر الدولي الذي تقيمه وزارة الوقاف في الجمهورية العربية السورية‬ ‫بالتعاون مع السفارة البريطانية بعنوان "رسالة السلم في السلم"‪ ،‬وذلك في قصر‬ ‫المؤتمرات بدمشق خلل الفترة من ‪ 9 – 8‬جمادى الثاني ‪1430‬هـ ‪ -‬الموافق لـ ‪/ 2 – 1‬‬ ‫‪6/2009.‬م‬

‫‪1‬‬

‫المبحث الول‬ ‫نشوء الزمة المالية العالمية‬ ‫إن قطاع العقارات في الوليات المتحدة المريكية ش ّ‬ ‫كل على مدى العقد المنصرم‬ ‫قاطرة نمو للقتصاد المريكي‪ ,‬وتوجهت إليه أموال المستثمرين إثر أزمة فقاعة النترنت في‬ ‫العام ‪ ,2000‬ونتيجة لهذا التوجه الجديد بدأت أسعار العقارات بالرتفاع في الوليات المتحدة‬ ‫المريكية‪.‬‬ ‫ونتج عن ارتفاع السعار أمران‪ :‬الول ‪:‬أن الراغبين في شراء المساكن الجديدة ذات‬ ‫السعار المرتفعة أصبحوا مطالبين بمبالغ أكبر من ذي قبل للحصول على هذه المساكن‪،‬‬ ‫لذلك ارتفع حجم القروض المسحوبة من البنوك للحصول على العقارات التي سيبتاعونها‪ .‬و‬ ‫الثاني‪ :‬إن ارتفاع أسعار العقارات سمح لمالكي هذه العقارات بزيادة حجم القروض‬ ‫المسحوبة‪،‬ورهن عقاراتهم وبشكل طردي؛ فكلما زاد سعر العقار ازداد حجم القرض‬ ‫المسحوب عليه ‪.‬‬ ‫وقد لعبت المصارف دورا ً أساسيا ً لزيادة الزمة تمثل في المور التية‪:‬‬ ‫الول‪:‬قيام المصارف بإعادة تقييم قيمة العقارات بشكل دوري التي يستدين أصحابها‬ ‫برهنها‪ ,‬ولما كان سوق العقارات بارتفاع دائم في تلك الفترة‪ ،‬فإن هذا المر سمح لصحاب‬ ‫العقارات بزيادة القروض المسحوبة بناًء على هذا التقييم‪ .‬علما أن المصرف يعطي قرضا ً قد‬ ‫تعادل قيمته نصف قيمة العقار‪ ،‬فمثل ً إذا كانت قيمة منزل شخص مليون دولر فيحق له أن‬ ‫يسحب قرضا ً مقداره نصف مليون دولر‪,‬وبعد فترة يتم تقييم العقار من قبل المصرف‪،‬‬ ‫فيعطي قيمة غير حقيقية قد تبلغ مليوني دولر‪ ،‬وهذا يعني زيادة نسبة القرض المسحوب‬ ‫ليصل إلى مليون دولر‪ ،‬وهكذا يقوم المصرف بزيادة القيمة السوقية غير الحقيقية للعقار‬ ‫من أجل أن يزيد من توظيف رأسماله‪ .‬وهنا بالغت السواق في تقييم قيمة العقارات حتى‬ ‫وصلت حدا ً بلغ فيه ‪ 20‬ضعفا ً ثمن المنزل الحقيقي‪ .‬ومعنى هذا أن العقار الذي قيمته‬ ‫م زادت قيمة القرض‬ ‫الحقيقية مليون دولر قد أصبحت قيمته عشرين مليون دولر‪ ،‬ومن ث َ ّ‬ ‫المسحوب من البنك لتصل إلى عشرة مليين دولر‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬أن المصارف قد فرضت في البداية معدلت فائدة منخفضة على المقترضين‬ ‫بغية تشجيعهم على القتراض‪ ,‬لكن هنا مارست هذه المصارف عملية احتيال خفية‪ ,‬وبشكل‬ ‫لم ينتبه إليه أغلب المقترضين حينها‪ ,‬حيث ربطت سعر فائدة قرض الرهن العقاري بفائدة‬ ‫البنك الفيدرالي المريكي‪ ،‬وأضافت عليه سعر فائدتها هي‪ ,‬وبما أن معدلت فوائد البنك‬ ‫الفيدرالي المريكي كانت منخفضة في ذلك الوقت فلم ينعكس ذلك على ارتفاع فوائد هذه‬ ‫القروض‪ ,‬لكن المصارف كانت تقصد من هذا الربط الحتيال على الجمهور‪ ،‬والحصول على‬ ‫فوائد أعلى عندما يرفع الحتياطي الفيدرالي أسعار فائدته‪ ,‬وهذا ما حدث فع ً‬ ‫ل‪.‬‬ ‫الثالث‪ :‬ما تضمنه أحد شروط القرض وهو أن دفعات السنوات الثلث الولى من‬ ‫القرض تذهب لسداد قيمة فوائد القرض فقط‪ ،‬وليس لسداد القرض ذاته‪,‬وهذا المر أدى إلى‬ ‫ترك معظم المقترضين دون تملك أي جزء من منزلهم بعد مرور ثلث سنوات على بدء‬ ‫دفعهم لقساط القرض‪.‬‬ ‫الرابع‪ :‬قيام المصارف بإقراض أصحاب العقارات الذين يتميز سجلهم الئتماني‪،‬‬ ‫ومركزهم المالي بالسوء في سداد القروض بفوائد أكبر‪ ،‬بدافع الربح السريع ‪ ,‬وتوسعت في‬ ‫‪2‬‬

‫هذا القراض حتى بلغت قيمة القروض المقدمة ذات المخاطر العالية والعوائد‬ ‫المرتفعة حوالي ‪ 13 ,3‬ترليون دولر‪ ,‬وهو مايشكل حوالي خمس إجمالي قروض‬ ‫الرهن العقاري‪ ,1‬ومن هنا أتت تسميتها ‪. subprime mortgage‬‬ ‫الخامس‪ :‬والمر الذي زاد من الزمة أن عقد القراض برهن العقار ينص في أحد‬ ‫بنوده على أن ترتفع الفوائد إلى حدود قد تصل إلى ثلثة أضعاف قيمة القرض عند التأخر‬ ‫عن السداد أو عدم السداد‪ ,‬مما زاد من حجم الديون المعطاة‪ ,‬فعلى الرغم من استمرار‬ ‫المقرضين في السداد فإن الدين ل ينتهي‪ ,‬بل قد يدفع المدين عدة أمثال الدين الصلي دون‬ ‫أن يتمكن من سداده‪ ،‬وهذا المر أدى إلى إعسار المقترض بحيث ل يتمكن الكثير من سداد‬ ‫ديونهم‪ .‬وهذا يعني أن الشخص الذي يملك العقار الذي قيمته الحقيقية مليون دولر‪ ،‬قد‬ ‫وصل قيمة القرض المسحوب عليه إلى ثلثين مليون دولر‪ ،‬نتيجة التقييم غير الحقيقي‪،‬‬ ‫ومضاعفة قيمة القرض إلى ثلثة أضعاف عند التأخر عن السداد أو عدم السداد‪.‬‬ ‫ما بدأت مؤشرات انخفاض أسعار العقارات التي كانت أسعارها مرتفعة‪،‬‬ ‫السادس‪ :‬و ل ّ‬ ‫وبقيمة بأكثر من قيمتها الحقيقية‪ ،‬فإن المصارف المريكية قامت بعملية احتيال لتخفف من‬ ‫ثقل الزمة عليها ‪،‬وتدويلها‪ ،‬وتحويلها إلى الدول الخرى‪ ،‬فقامت بتحويلها إلى الدول الخرى‬ ‫من خلل قيام هذه المصارف بطرح سندات للرهن العقاري ‪ ،‬وبيعها‪ ،‬مقابل إعطاء مشتري‬ ‫هذه السندات فوائد عالية‪ .‬فقامت حينئذ ٍ الشركات والبنوك والفراد وصناديق الستثمار في‬ ‫من عليها لدى شركات تأمين‬ ‫مختلف أحاء العالم بشرائها باعتبار أنها مضمونة بعقارات ‪ ،‬ومؤ ّ‬ ‫كبيرة‪ ،‬تحمل تصنيفا ً ائتمانيا ً متقدما ً بعضها ‪ AAA‬و ‪.AA‬‬ ‫ثم قام مشترو هذه السندات باستثمارها ؛ إما ببيعها مرة أخرى والحصول على‬ ‫‬‫‪2‬‬ ‫فوائد أكبر‪ ،‬أو برهن سنداتهم ليحصلوا على قرض جديد من بنوك أخرى ‪ ،‬وهكذا‪ ,‬إلى أن‬ ‫وصلت عدد مرات إعادة بيع هذه الديون إلى ثلثين ضعفًا‪ .‬وهذا المر أَدى إلى زيادة تشعب‬ ‫الزمة‪ ،‬وصعوبة معالجتها فيما بعد‪.‬‬ ‫قام مستثمرو هذه السندات بالتأمين عليها لدى شركات التأمين خوفا من‬ ‫‬‫مخاطر عدم تحصيل قيمتها‪ ،‬مما زاد من عدد المتورطين في هذه العملية‪ ،‬فأصبح للعقار‬ ‫الواحد جهات عدة تطالب به؛ صاحب العقار الذي يعتقد أنه ما زال يملكه‪ ،‬والمصرف الذي‬ ‫ارتهنه مقابل القرض الذي قدمه‪ ،‬ومشترو السندات الذين يعتقدون أنهم يملكون سندات‬ ‫مدعومة برهن عقاري‪ ،‬وشركات التأمين التي تعتقد أن لها حقا ً في هذا العقار‪.‬‬ ‫أدى ما سبق إلى نقص في سيولة المصارف بسبب عدم قدرة المقترضين على‬ ‫‬‫سداد قروضهم‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ثم إفلس المصارف وصناديق الستثمار‪.‬‬

‫ثم إفلس شركات التأمين التي قامت بدفع مبالغ التأمين إلى‬ ‫‬‫المستأمنين)المصارف‪ ،‬صناديق الستثمار‪ ،‬الشركات‪ ،‬الفراد(‪.‬‬ ‫ بعد ذلك بدأت مظاهر الزمة بالتكشف رويدا رويدا‪ 3 ,‬وكانت أولى هذه المظاهر‬‫في شباط من عام ‪ 2007‬عندما أعلن عن عدد من حالت الفلس في مؤسسات مالية‬ ‫متخصصة نتيجة زيادة عدم السداد لقروض الرهن العقاري‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬

‫مجلة أقلم اللكترونية‪ 6/2/2008 ,‬أزمة الرهن العقاري في أمريكا تهدد اقتصادها بالركود‪ ,‬نايف دوابة‪.‬‬ ‫سامر قنطقجي‪,‬ضوابط القتصاد السلمي في معالجة الزمة المالية العالمية ‪ ،‬دمشق‪ ،‬دار النهضة ‪ ,‬ص ‪30‬‬ ‫موقع الجزيرة نت نقل ً عن وكالة النباء الفرنسية‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫ و المظهر الثاني كان في آب من عام ‪ 2007‬عندما تدهورت السواق المالية العالمية‬‫أمام مخاطر اتساع الزمة‪ ,‬وبدأت المصارف المركزية بالتدخل لدعم سوق السيولة‪.‬‬ ‫ بعد ذلك انخفضت أسعار أسهم مصارف كبرى نتيجة أنباء عن شطبها لمبالغ ضخمة من‬‫ديون الرهن العقاري‪.‬‬ ‫ في كانون الثاني من عام ‪ 2008‬بدأ البنك الفيدرالي المريكي سلسلة تخفيضات‬‫لمعدلت الفائدة حتى وصلت إلى مستويات قريبة من الصفر في نهاية عام ‪.2008‬‬ ‫ في أيلول من عام ‪ 2008‬وضعت الخزانة المريكية المجموعتين العملقتين في مجال‬‫تسليفات الرهن العقاري )فريدي ماك( و )فاني ماي( تحت الوصاية‪ ,‬وكفلت ديونهما حتى حدود‬ ‫‪ 200‬مليار دولر‪.‬‬ ‫ في ‪ 15‬أيلول عام ‪ 2008‬أفلس بنك ليمان براذرز وهو رابع أكبر بنك في الوليات‬‫المتحدة المريكية‪.‬‬ ‫ في ‪ 16‬أيلول أممت الحكومة المريكية أكبر مجموعة تأمين في العالم )‪ (AIG‬المهددة‬‫بالفلس‪.‬‬ ‫ السلطات المريكية تعلن عن خطة بمقدار ‪ 700‬مليار دولر لمعالجة الزمة المالية‪.‬‬‫واستمرت السواق المالية في أنحاء العالم بالتراجعات الحادة‪ ,‬وأعلنت المزيد من‬ ‫المصارف والمؤسسات المالية عن إفلسها‪ ,‬وبدت حدود الزمة غير معلومة بعد أن بدأت‬ ‫بضرب قطاع الصناعة‪ ،‬وخاصة صناعة السيارات نتيجة أزمة نقص السيولة فتهددت أكبر شركة‬ ‫في العالم لتصنيع السيارات ‪ General Motors‬بالفلس‪.‬‬ ‫بعد ذلك تحولت الزمة إلى أزمة اقتصادية عالمية‪ ،‬ودخل القتصاد العالمي في كساد‬ ‫يوصف بأنه السوأ من نوعه منذ أزمة الكساد الكبير عام ‪.1929‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أســــــباب الزمـــة‬ ‫يتضح مما سبق أن أسباب الزمة يمكن إجمالها في ما يأتي‪:‬‬ ‫أو ً‬ ‫ل‪:‬الربا) القراض بفائدة(‪:‬‬ ‫إن السبب الرئيس للزمة المالية العالمية هو القراض بفائدة‪ ,‬وذلك باعتراف‬ ‫القتصاديين في كل مكان‪ ,‬حيث أدت الرتفاعات المتتالية لسعار الفائدة من قبل البنك‬ ‫الفيدرالي المريكي إلى زيادة أعباء القروض العقارية‪ ،‬وعدم قدرة معظم المقترضين على‬ ‫م أعباء إضافية‬ ‫السداد‪ ،‬أو التأخر في السداد‪ ,‬مما فرض عليهم أسعار فائدة أعلى ومن ث َ ّ‬ ‫فوق أعبائهم وهكذا‪ ...‬إلى أن توقف أغلبهم عن السداد بالكامل نتيجة عدم قدرتهم على دفع‬ ‫ما يستحق عليهم‪ ,‬وهذا هو الثر الطبيعي لفرض الفائدة على المقترضين‪.‬‬ ‫ثانيًا‪ :‬بيع الدين‬ ‫لحظنا أن المصارف التي قامت بإعطاء قروض الرهن العقاري‪ ،‬ثم قامت بإصدار‬ ‫سندات)ديون( ‪ ،‬وبيعها‪ ،‬في السواق المالية لعدد من المصارف والمؤسسات والشركات‬ ‫‪4‬‬

‫والفراد بمختلف أنحاء العالم ‪ ،‬ثم قامت هذه المصارف والشركات بإعادة بيعها أيضًا‪ .‬ومن‬ ‫المعلوم أن سوق الديون بطبيعتها يسهل الدخول فيها بشراء السندات الذي‬ ‫يمكن أن يتم في لحظات‪ ,‬كما يسهل الخروج منها عن طريق بيع السندات‬ ‫لذلك فإن الديون واستثمارها لهي السبب الحقيقي وراء تدويل الزمة‪ .‬ففي‬ ‫الزمة الخيرة انخفضت قيمة السندات المدعمة بالصول العقارية في السوق‬ ‫المريكية بأكثر من ‪ 1%70‬المر الذي حرض على التهاوي المفاجئ الذي شهدناه في‬ ‫أسواق السهم‪ ,‬إنه من المذهل معرفة حجم تداول الديون يوميا ً في العالم‪ ,‬فحجم تجارة‬ ‫الديون)أو السندات( أصبح يفوق حجم النتاج من السلع والخدمات بمراحل‬ ‫حيث يبلغ حجم التعامل في الديون في السواق المالية العالمية ما يزيد على‬ ‫ألف مليار دولر يوميا ً بينما يصل النتاج العالمي من السلع والخدمات إلى‬ ‫بضع وثلثين ألف مليار في العام الكامل فقط‪ ,‬لقد بلغ حجم ديون الرهن‬ ‫العقاري المتداولة لدى مؤسستي)فريدي ماك( و )فاني ماي( وحدهما ما‬ ‫قيمته ‪ 5‬تريليونات دولر‪ 5000 ),‬مليار دولر (وهو ما يقارب حجم اقتصاديات‬ ‫الدول العربية مجتمعة‪.2‬‬ ‫إن هذا الختلل القتصادي الواضح بين حجم الديون وحجم النتاج العالمي يعتبر وحده‬ ‫مسببا ً أساسيا ً ومحرضا ً على نشوء عدد من الزمات وليس أزمة واحدة فقط‪ ,‬وهذا ما‬ ‫يخشى منه في حال لم تتم معالجة بيع الدين‪.‬‬ ‫ثالثًا‪ :‬تداول الرهن‪:‬‬ ‫إن أساس الرهن وثيقة تضمن لصاحبها الدائن المرتهن الحصول على حقه إذا تعذر‬ ‫عليه حصوله من المدين الراهن‪ ،‬عند حلول أجل الدين‪ ،‬عن طريق بيعه‪ .‬ولما خرج الرهن‬ ‫عن هدفه‪ ،‬وأصبح وسيلة للربح بدل من كونه وثيقة ضمان‪ ،‬فبدأت المؤسسات والشركات‬ ‫والمصارف بالحصول على مزيد من القروض‪ ،‬وسندات الديون بفضل تداول الرهون؛ببيعها‪،‬‬ ‫وشرائها‪ ،‬والقتراض عليها‪ ،‬وهذا المر أدى إلى التوسع بالديون وبيعها‪ ،‬وزيادة حجم سوق‬ ‫التوريق في العالم)) حيث بلغ ‪500‬بليون دولر عام ‪ 1994‬في الوليات المتحدة‪ ،‬وبلغت‬ ‫‪3‬‬ ‫القروض المورقة بسندات أوربية بمبلغ مماثل((‬ ‫لذلك إن اللتزام بالحكام الشرعية في القتصاد السلمي المتعلقة بالرهن‪ ،‬ليقضي‬ ‫على هذا السبب‪ ،‬من حيث عدم جواز انتفاع الدائن المرتهن بالرهن‪ ،‬ولو بإذن الراهن‪ ،‬وعدم‬ ‫جواز انتفاع المدين الراهن) صاحب الرهن( ]إل في حالت معينة[بالرهن من خلل أخذ‬ ‫عمولة أو فائدة من المرتهن مقابل انتفاعه بالعين المرهونة‪،‬لن ذلك يؤدي إلى الربا في‬ ‫الجملة‪ ،‬والنظر إلى الرهن على أنه مجرد وثيقة ضمان‪ ،‬توضع عند المرتهن‪ ،‬إلى أجل الوفاء‪،‬‬ ‫فإذا عجز الراهن عن وفاء دين المرتهن‪ ،‬فإنه يبيع المرهون‪ ،‬ويستوفي دينه‪.‬‬ ‫رابعًا‪ :‬طبيعة مبادئ القتصاد الرأسمالي‪:‬‬ ‫‪1‬مجلة القتصاد السلمي‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬د‪.‬أشرف محمد دوابة ص‪،73 -‬و مجلة القتصاد السلمي العددان ‪ 332-331‬شوال – ذو القعدة‬ ‫‪ ,1429‬د‪ .‬معبد علي الجارحي ص ‪10-9‬‬ ‫‪ 2‬مجلة القتصاد السلمي‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬د‪ .‬عبد الرحمن يسري ص‪65-‬‬ ‫‪ 3‬سامر قنطقجي‪,‬ضوابط القتصاد السلمي في معالجة الزمة المالية العالمية ‪ ,‬ص ‪55‬‬

‫‪5‬‬

‫من المعلوم أن النظام القتصادي الرأسمالي يقوم على مبادئ عامة ؛ كالحرية‬ ‫القتصادية المطلقة‪ ،‬وما يتفرع عنها من قضايا تتعلق؛ بالنتاج‪ ،‬والستهلك‪ ،‬والتداول‪،‬‬ ‫والستثمار‪ ،‬والملكية‪ ،‬والمعاملت المالية المطلقة‪ ،‬غير المنضبطة‪،‬والنفاق الستثماري‪،‬‬ ‫والستهلكي كل أولئكم أسهم في نشوء هذه الزمة‪ ،‬وسيسبب أزمات أخرى‪.‬‬ ‫فالحرية القتصادية المطلقة في المعاملت المالية المطلقة بذرت أساس هذه الزمة‪.‬‬ ‫فقد أعطى القانون الذي صدر عام ‪ ،1999‬والذي سمي قانون ) جلس – ستيجال (‪ 1‬الحرية‬ ‫المطلقة للمصارف ‪ ،‬وهذا القانون شكل الرضية القانونية الخصبة التي هيأت لحدوث الزمة‪,‬‬ ‫فمقتضى القانون سمح للشركات المصرفية بحرية التعامل في نشاط التأمين والوراق‬ ‫المالية‪ ,‬كما سمح لها القيام بأعمال المصارف التجارية والستثمارية‪ ،‬والستثمار في‬ ‫العقارات والنشاطات المتممة لذلك‪ .‬فبعد صدور هذا القانون‪ ,‬عكف الموظفون‬ ‫والمستثمرون الذين تنقصهم الخبرة في المؤسسات المالية الكبرى على ابتكار أدوات‬ ‫ومشتقات مالية متطورة باستخدام جداول الكسل وبرامج التحليل المالي‪ ،‬بغية مضاعفة‬ ‫أرباح مؤسساتهم دون النظر إلى المخاطر والثار اقتصادية التي يمكن أن تنتج عن هذه‬ ‫الدوات‪ ,‬ثم تولت آليات السوق المختلة عملها في نشر هذه الدوات وتعميمها لتفاقم من‬ ‫الزمة وتعولمها‪.‬‬ ‫ومن نتائج هذه الحرية المطلقة في التعاملت المالية أيضًا‪ ,‬ماتعج به السواق المالية‬ ‫من أنواع المعاملت المشبوهة التي كان لها دور كبير في نقل الزمة إلى السواق المالية‬ ‫العالمية‪ ,‬من أمثلة؛ عقود المستقبليات‪ ,‬والمشتقات‪ ,‬والخيارات‪ ,‬والبيع بالهامش‪ ,‬والبيع‬ ‫القصير‪.......‬إلخ‪.‬‬ ‫خامسًا‪ :‬الفصل بين القتصاد والخلق في النظام الرأسمالي‪:‬‬ ‫إن انعدام الخلق في هذا النظام أدى إلى البحث عن المال و الربح‪ ،‬وجعل الحصول‬ ‫عليه بأي وسيلة غاية ‪ ،‬ولو كانت هذه الوسيلة مدمرة للقتصاد ‪ .‬فتهافت الفراد‬ ‫والمؤسسات على تحصيل الثروة بأي طريقة كانت وبغض النظر عن مشروعيتها‪ ،‬وآثارها‬ ‫المستقبلية‪ .‬لقد أدى الطمع والجشع في الحصول على الثروة إلى انتشار الفساد الخلقي‬ ‫بكافة مظاهره في الحياة القتصادية من؛ استغلل وكذب وغش وتدليس واحتكار ومعاملت‬ ‫وهمية‪ ...‬إلخ؛لذلك فان النهيار‪ 2‬الذي حدث ليس أزمة مالية واقتصادية فحسب‪ ,‬بل هو أزمة‬ ‫ضمير وأخلق وسقوط لفكار وإيديولوجيات قامت على باطل‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫مجلة القتصاد السلمي‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬د‪ .‬عبد الحميد البعلي ص ‪32‬‬ ‫مجلة القتصاد السلمي‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬سعيد لوتاه ص ‪64‬‬

‫‪6‬‬

‫المبحث الثالث‬ ‫نتائج الزمة المالية العالمية‬ ‫سنبحث في هذا المبحث في نتائج الزمة المالية العالمية على القتصاد العالمي و‬ ‫النظام المصرفي السلمي‪.‬‬ ‫ةةةة‪:‬ة ةةةةةة ةةةةةةةة ةةةةةة‪:‬‬ ‫من المعروف أن الزمة بدأت مالية ثم تحولت إلى اقتصادية‪ ,‬لذا فإننا سنتعرض لثار‬ ‫الزمة المالية‪ ،‬والقتصادية من خلل الفقرات التية‪:‬‬ ‫آثار الزمة المالية‪:‬‬

‫‪-1‬‬ ‫‪(1‬‬

‫إفلس وخسائر عدد من المؤسسات المالية العملقة‪:‬‬

‫فقد كان أول آثار الزمة تهاوي عروش مالية كبرى عمرها أكثر من قرن من الزمن‪,‬‬ ‫والحلقة الولى في سلسلة تهاوي هذه المؤسسات الكبرى كان إفلس بنك "ليمان بروذرز"‬ ‫‪ Lehman brothers‬وهو رابع أكبر بنك في الوليات المتحدة‪ ,‬تبعه تعثر شركة "ميريل لينش"‬ ‫‪ Merillynch‬التي خسرت في عام واحد ما قيمته ‪ 23‬مليار دولر‪ ,‬ثم تتابعت حلقات‬ ‫السلسلة في التفكك واحدة تلو الخرى‪ ,‬وكان أهمها‪" :‬واشنطن ميوتشوال" أحد أكبر‬ ‫مصارف التوفير والقروض في الوليات المتحدة‪ ,‬بالضافة إلى "فاني ماي" و "فريدي ماك"‬ ‫المختصتين بتمويل العقارات‪ ,‬وقد بلغت خسائر شركة" فاني ماي"‪ ،‬خلل الربع الول من‬ ‫عام ‪2009‬م‪23.2،‬مليار دولر‪ 2.‬وقد تعدت الزمة حدود الوليات المتحدة لتضرب مؤسسات‬ ‫مالية ضخمة في أوروبا مثل‪ :‬مصرف "نورثن روك" في بريطانيا للتسليف العقاري‪ ،‬والذي‬ ‫قامت الحكومة بتأميمه‪ ,‬إضافة إلى بنك "إتش بي أو إس" رابع بنك في بريطانيا من حيث‬ ‫الرسملة‪ ,‬وكان من ضحايا الزمة أيضا ً في بريطانيا بنك "هاليفاكس بنك أوف سكوتلند"‬ ‫الذي قام بنك "لويدز" البريطاني بشرائه‪ ,‬أما خارج بريطانيا فقد ضربت الزمة العديد من‬ ‫البنوك من أمثلة؛ شركة "غليتنير" المالية في أيسلندا‪ ,‬وبنك "هيبو ريل إيستيت" في ألمانيا‪,‬‬ ‫ناهيك عن الخسائر التي منيت بها مجموعة "سيتي غروب" المصرفية المريكية وبنك "جي‬ ‫بي مورغان تشيس"‪ ,‬لكن الطامة الكبرى كان في إفلس أكبر شركة تأمين في الوليات‬ ‫المتحدة المريكية والعالم وهي "‪ "AIG‬دافعة معها قطاع شركات التأمين في العالم إلى‬ ‫الهبوط‪ ,‬حتى إن سهم هذه الشركة أصبح يتداول عند سعر ‪ 46‬سنتا ً أمريكيا ً فقط في شهر‬ ‫آذار ‪ 2009‬بعد ان فقد أكثر من ‪ %90‬من قيمته‪ .3‬والحقيقة أن الزمة مازالت تطيح بالعديد‬ ‫من المؤسسات المالية وتمني أخرى بخسائر كبيرة كل يوم دون أن يتضح لها نهاية‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫وبلغت خسائر شركة جنرال موتورز أكبر شركة للسيارات في العالم في‬ ‫العام ‪ 2008‬ما قيمته ‪ 30,9‬مليار دولر‪ ،4‬وبلغت خسائر شركة تويوتا خلل الربع الول‬ ‫من عام ‪2009‬م‪ 7،‬مليار دولر بسبب تراجع مبيعاتها‪ ،5‬والتأثر بأزمة السيولة العالمية‪،‬‬ ‫وانخفاض الطلب العالمي على السيارات‪.‬‬ ‫‪(2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬

‫أزمة سيولة عالمية‪:‬‬

‫قنطقجي‪ ,‬مرجع سابق ص ‪66‬‬ ‫حصاد الجمعة القتصادي‪ ،‬الجزيرة‪ ،‬تاريخ ‪2009\5\8‬‬ ‫مؤشرات السهم المريكية على قناة سي إن بي سي عربية بتاريخ ‪2009-3-3‬‬ ‫الجزيرة نت‪ ,‬القتصاد والعمال ‪2009-2-26‬‬ ‫حصاد الجمعة القتصادي‪ ،‬الجزيرة‪.2009\5\8،‬‬

‫‪7‬‬

‫أفرزت الزمة المالية العالمية أزمة سيولة خانقة تولد عنها أزمة ثقة بين المصارف‬ ‫في شتى أنحاء العالم‪ ,‬المر الذي أدى إلى انخفاض القراض على مستوى العالم بشكل‬ ‫كبير‪ ,‬وقد حاولت المصارف المركزية مواجهة هذا الجفاف في السيولة وإعادة الثقة إلى‬ ‫النظام المصرفي عن طريق عدة خطوات سنبينها لحقًا‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫آثار الزمة القتصادية‪:‬‬

‫لقد تعدت آثار الزمة النظام المالي المريكي إلى القتصاد برمته المريكي والعالمي‬ ‫نتيجة الرتباط الوثيق بين القتصاديات العالمية‪ ,‬مع تفاوت درجة هذه الثار على اقتصاديات‬ ‫الدول تبعا ً لختلف درجة انفتاحها على القتصاد العالمي وارتباطها به‪ ,‬ويمكننا إجمال الثار‬ ‫القتصادية للزمة في المور التالية‪:‬‬ ‫‪(1‬‬

‫النهيارات في أسواق المال العالمية‪:‬‬

‫لقد كان من أول وأهم آثار الزمة العالمية حدوث سلسلة انهيارات متتالية في أسواق‬ ‫المال العالمية‪ ،‬بدأت من الوليات المتحدة المريكية وانتهت في آسيا‪ ,‬وقد قدرت وكالة‬ ‫بلومبيرغ المالية التي تابعت أداء ‪ 89‬سوقا ً مالية حول العالم خسارة أسواق‬ ‫المال في عام ‪ 2008‬بقرابة ‪ 30‬تريليون دولر‪ ,1‬بينما تشير تقديرات بنك التنمية‬ ‫السيوي إلى أن خسارة العالم قاربت الـ ‪ 50‬تريليون دولر من الصول المالية في عام‬ ‫‪.22008‬‬ ‫ولنظرة أكثر قربأ ً على خسار أسواق المال العالمية نورد هنا الخسائر التي منيت بها‬ ‫بعض السواق الرئيسية‪:‬‬ ‫‪−‬ففي الوليات المتحدة خسر مؤشر "داو جونز" الصناعي ما يقارب ‪ % 50‬من قيمته‬ ‫منذ أعلى مستوى له عند ‪ 14043‬نقطة في ‪ 8‬تشرين الول عام ‪ ,2007‬والمخطط التالي‬ ‫‪3‬‬ ‫يبين خسارة المؤشر لنصف قيمته خلل سنة واحدة‪:‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬

‫محمد أيمن عزت الميداني‪ ,‬ندوة الثلثاء القتصادية‪ ,‬قراءة في الزمة القتصادية العالمية الراهنة ‪2009-3-3‬‬ ‫الجزيرة نت‪ ,‬القتصاد والعمال ‪2009-3-9‬‬ ‫مؤشرات السهم المريكية على موقع شبكة سي إن إن المريكية على النترنت‬

‫‪8‬‬

‫وفي إنكلترا خسر مؤشر "فاينانشال تايمز" لبورصة لندن ما يقارب ‪ % 40‬من‬ ‫‪−‬‬ ‫قيمته خلل أقل من سنة واحدة منذ أيار ‪ 2008‬وحتى آذار ‪ , 2009‬والمخطط التالي يوضح‬

‫ذلك‪:1‬‬ ‫‪−‬وفي ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا‪ ,‬خسر مؤشر سوقها "داكس" ما يقارب‬ ‫‪ %45‬من قيمته نتيجة للزمة المالية العالمية خلل سنة واحدة من أيار ‪ 2008‬وحتى آذار‬ ‫‪ ,2009‬والمخطط أدناه يبين ذلك‪:2‬وتوقعت الحكومة اللمانية عجزا ً في الموازنة لعام ‪200‬‬ ‫‪9‬م‪ ،‬يصل إلى ‪ %3.9‬من ناتجها الجمالي‪.3‬‬

‫‪−‬في اليابان كذلك خسر مؤشر "نيكاي" لبورصة طوكيو ما يقارب ‪ % 42‬من قيمته‬ ‫خلل عام ‪ 2008‬فقط‪.4‬‬ ‫‪−‬أما على صعيد أسواق المال العربية فلم تكن هذه الخيرة أفضل حا ً‬ ‫ل‪ ,‬وفيما يلي‬ ‫‪5‬‬ ‫خسائر بعض أسواق المال العربية في عام ‪ 2008‬حسب تقرير لبنك الكويت الوطني ‪:‬‬ ‫‪−‬سوق دبي كانت أكبر الخاسرين عربيا ً عندما فقدت ‪ % 72‬من قيمتها‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬

‫مؤشرات السهم الوربية على موقع بي بي سي على النترنت‬ ‫مؤشرات السهم الوربية على موقع بي بي سي على النترنت‬ ‫حصاد الجمعة القتصادي‪ ،‬الجزيرة ‪.2009\5\8‬‬ ‫محمد أيمن عزت الميداني‪ ,‬مرجع سابق‬ ‫المرجع السابق نفسه‬

‫‪9‬‬

‫‪−‬سوق السعودية‪ ,‬أكبر السواق العربية خسرت ‪ % 57‬من قيمتها‪ ,‬ما يقارب ‪1,02‬‬ ‫تريليون ريال سعودي ) ‪ 272‬مليار دولر (‪.‬‬ ‫‪−‬سوق مصر خسرت ‪ % 53.9‬من قيمتها‪.‬‬ ‫‪−‬سوق الكويت خسرت ‪ % 38‬من قيمتها‪.‬‬ ‫ول يفوتنا هنا عند الحديث عن خسائر أسواق المال العالمية أن نذكر خسائر صناديق‬ ‫الستثمار السيادية الخليجية المملوكة لحكومات الدول الخليجية ‪ ,‬فحسب بنك‬ ‫"دويتشه بنك" اللماني‪ ,‬بلغت قيمة هذه الصناديق ما يقارب ‪ 1,3‬تريليون‬ ‫دولر‪ ,‬أما خسائرها فقد بلغت ‪ 450‬مليار دولر‪ ,‬وهذا المبلغ يعادل عوائد‬ ‫منطقة الخليج من النفط لعام ‪ 2008‬كامل ً‪.1‬‬ ‫‪(2‬‬

‫البطالة‪:‬‬

‫رأينا أنه كان من آثار الزمة المالية إفلس وانهيار عدد من المؤسسات المالية‬ ‫والعقارية حول العالم‪ ,‬المر الذي رفع من معدلت البطالة حول العالم‪ ,‬هذا من جهة‪ ,‬ومن‬ ‫جهة أخرى تعمد الكثير من المؤسسات حول العالم إلى تخفيض عدد العاملين لديها بهدف‬ ‫التقليل من التكاليف والهروب من شبح الفلس‪ ,‬وتشير تقديرات منظمة العمل‬ ‫الدولية إلى أن العالم قد يفقد نحو ‪ 51‬مليون وظيفة في عام ‪ 2009‬نتيجة‬ ‫الزمة المالية العالمية‪ ،‬وما تبعها من ركود اقتصادي‪ ,‬ففي الوليات المتحدة‬ ‫وحدها فقد نحو ‪ 5.1‬مليون أمريكي وظائفهم منذ بداية الكساد القتصادي في‬ ‫أوائل عام ‪,2008‬من هؤلء ما يقارب ‪ 663‬ألف فقدوا وظائفهم في شهر آذار ‪,2009‬‬ ‫المر الذي رفع نسبة البطالة في الوليات المتحدة إلى ‪ % 8.5‬حسب تقديرات‬ ‫شهر آذار ‪ ,2009‬وهي أعلى نسبة تسجل منذ عام ‪ ,1983‬وفي دول اليورو بلغ‬ ‫معدل البطالة ‪ % 8.5‬كذلك‪ ,2‬في حين تشير التوقعات إلى وصول عدد العاطلين عن العمل‬ ‫في العالم العربي إلى ‪ 22‬مليون عاطل في ظل الزمة العالمية بزيادة ‪ 5‬مليون‬ ‫‪3‬‬ ‫عن عام ‪.2008‬‬ ‫‪ (3‬أثر الزمة في زيادة الفقر في العالم‬ ‫لم تتأثر البنوك والمؤسسات المالية العالمية‪ ،‬والقطاعات القتصادية بالزمة المالية‬ ‫فحسب‪ ،‬بل أدت إلى تعميق الفقر في العالم ‪،‬فقد أشار "روبرت زوليك" رئيس البنك‬ ‫الدولي إلى أن الفقراء في البلدان النامية ل يتوفر لديهم سوى أقل القليل من السبل لحماية‬ ‫أنفسهم ضد الثار الناجمة عن هذه الزمة‪" .‬ففي لندن وواشنطن وباريس‪ ،‬يتحدث الناس‬ ‫عن ما إذا كانوا سيحصلون على مكافآت من عدمه‪ ,‬إل أن المر يختلف تماما ً في أجزاء من‬ ‫مناطق أفريقيا وجنوب آسيا وأمريكا اللتينية‪ ،‬حيث تدور المعركة حول ما إذا كان الناس‬ ‫سيحصلون على الطعام من عدمه"‪.‬‬ ‫ولقد أشار تقرير صادر عن صندوق النقد والبنك الدولي أن الزمة تعرقل جهودا ً تبذلها‬ ‫المؤسسات الدولية لتخفيض أعداد من يعيشون تحت خط الفقر في العالم إلى النصف‬ ‫بحلول عام ‪.2015‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬

‫جريدة القبس الكويتية‪ ,‬العدد بتاريخ ‪2009-2-4‬‬ ‫الجزيرة نت‪ ,‬القتصاد والعمال ‪2009-4-3‬‬ ‫الجزيرة نت‪ ,‬القتصاد والعمال ‪2009-3-13‬‬

‫‪10‬‬

‫إذ من المتوقع أن يشهد العام الحالي ‪ 2009‬انضمام ما بين ‪ 55‬مليون إلى ‪ 90‬مليون‬ ‫شخص إلى فئة الشد فقرا ً في العالم بسبب الركود الناجم عن الزمة المالية العالمية‪,‬‬ ‫بالضافة إلى أن التقرير يتوقع ارتفاع مستويات الفقر في أكثر من نصف الدول النامية‪ ,‬أما‬ ‫‪1‬‬ ‫عدد من يعانون من جوع شديد فمن المتوقع أن يقفزوا إلى أكثر من مليار نسمة هذا العام‪.‬‬ ‫ويمكن بيان أثر الزمة المالية العالمية في زيادة معدلت الفقر في العالم‪ ،‬ول سيما‬ ‫في إفريقيا وأوربا وآسيا الوسطى‪ ،‬استنادا ً إلى تقارير البنك الدولي‪:‬‬ ‫أ‪-‬أثر الزمة المالية العالمية في الفقر بإفريقيا‪ :‬لقد حذر البنك الدولي من‬ ‫أن أفريقيا قد تصبح أشد مناطق العالم تضررا من الزمة المالية العالمية‪ ،‬على الرغم من‬ ‫أنها أقل المناطق اندماجا في النظم القتصادية والمالية العالمية‪ ,‬وأوضح البنك الدولي أن‬ ‫تضرر إفريقيا من الزمة العالمية يأتي من أربعة مجالت‪:‬‬ ‫‪ -1‬انخفاض تدفقات رؤوس الموال الداخلة‪ :‬فتدفقات رؤوس الموال الخاصة إلى‬ ‫أفريقيا‪ -،‬والتي كانت ‪ 30‬مليار دولر عام ‪ ،2002‬وارتفعت إلى ‪ 53‬مليار دولر عام ‪-2007‬‬ ‫قد نضبت‪ ،‬المر الذي دفع إلى إلغاء مشاريع حيوية‪ ،‬وتأجيل أخرى ‘ وهذا سينعكس سلبيا ً‬ ‫على خطط مكافحة الفقر‪.‬‬ ‫‪-2‬انخفاض تحويلت المغتربين‪ :‬ثمة شواهد تشير إلى هبوط ملموس في تحويلت‬ ‫المغتربين الفارقة‪ ،‬وهذا سيكون له في نهاية المطاف أثر على قنوات تدفق المعونات التي‬ ‫يتيحها المغتربون للفقراء‪ ،‬ول سيما خلل الوقات العصيبة‪ ,‬فنسبة ‪% 77‬من التحويلت ‪-‬‬ ‫التي كانت قد ارتفعت إلى ‪ 20‬مليار دولر ‪ -‬تأتي من الوليات المتحدة‪ ،‬وغرب أوروبا التي‬ ‫تأثرت بالزمة بشكل رئيسي‪.‬‬ ‫‪-3‬انخفاض المعونات‪ :‬إن المعونة الجنبية للدول الفريقية الفقيرة آخذة في التناقص‪،‬‬ ‫بسبب انتشار الزمة في البلدان التي تقدم هذه المعونة‪ ،‬وبسبب انكماش اقتصادها‪ ،‬وبالتالي‬ ‫فإن المعونة ستنخفض من حيث حجمها‪ ،‬وكنسبة من إجمالي الناتج المحلي‪.‬‬ ‫‪-4‬انخفاض أسعار السلع الساسية‪ :‬باعتبار أن أغلب صادرات الدول الفريقية هي سلع‬ ‫أساسية ‪،‬ومواد خام‪ ،‬فقد أدى انهيار أسعار السلع الساسية إلى إلحاق الضرر بكثير من‬ ‫البلدان الفريقية‪ .‬فلقد قامت بلدان عديدة‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬بإعداد موازناتها على أساس‬ ‫عائدات مرتفعة من النفط حين كان سعر البرميل ‪ 140‬دولرا في حين أنه انخفض إلى ‪50‬‬ ‫دولرا اليوم‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬في أنغول من المتوقع أن يهبط إجمالي الناتج المحلي نحو‬ ‫‪ ، % 23‬وهو انخفاض يعادل ما شهدته الوليات المتحدة خلل فترة الكساد العظيم‪.‬‬ ‫من المتوقع أن تؤدي العوامل السابقة مجتمعة إلى انخفاض في معدلت النمو‬ ‫القتصادي المتوقع للقارة الفريقية بمعدل ‪ ,% 3‬هذا النخفاض قد يكون له آثار مدمرة‬ ‫طويلة المدى على القتصاديات الفريقية‪ ,‬ومن المحتمل أن يؤدي إلى وقوع أزمات إنسانية‬ ‫شديدة‪ ,‬فبيانات البنك الدولي تظهر أن ما يصل إلى ‪ 700‬ألف رضيع آخر في أفريقيا قد‬ ‫موا عاما واحدا نتيجة الفقر المتولد عن هذه الزمة‪.‬‬ ‫يموتون قبل أن يت ّ‬ ‫جاء في دراسة حديثة صادرة عن المم المتحدة أن الزمة المالية العالمية‪ ،‬التي‬ ‫تعصف بوول ستريت وقطاع البنوك الوروبية‪ ،‬ستمس حياة الفقراء في العالم مما سيدفع‬ ‫بالمليين إلى مزيد من الفقر وتؤدي إلى وفاة اللف من الطفال‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫موقع بي بي سي على شبكة النترنت‪ 24 ,‬نيسان ‪2009‬‬

‫‪11‬‬

‫وقال التقرير الصادر عن منظمة المم المتحدة للتربية والعلم والثقافة )يونسكو(‪ :‬إن‬ ‫تباطؤ النمو سيكلف ‪ 390‬مليون شخص في أفريقيا جنوب الصحراء‪ ،‬يعيشون في فقر‬ ‫مدقع‪ ،‬نحو ‪ 18‬مليار دولر أو نحو ‪ 46‬دولرا لكل شخص‪.1‬‬ ‫ب ‪ -‬أثر الزمة المالية العالمية في الفقر في أوربا وآسيا الوسطى‪:‬‬ ‫بعد أن تمتعت بلدان منطقة أوروبا وآسيا الوسطى بنمو قوي وانخفاض في معدلت‬ ‫الفقر‪ ،‬فإنها تشهد اليوم آثار الزمة القتصادية والمالية العالمية التي قد تدفع بحوالي ‪35‬‬ ‫مليون شخص إلى براثن الفقر والمعاناة من جديد‪ ،‬أي حوالي ثلث عدد السكان الذين كانوا‬ ‫فوق خط الفقر خلل السنوات العشر الماضية‪.‬‬ ‫فمن بين ‪ 480‬مليون نسمة هم عدد سكان المنطقة‪ ،‬تمكن ‪ 90‬مليون شخص‪ -‬حوالي‬ ‫‪% 18‬من عدد السكان‪ -‬من الخروج من هوة الفقر والمعاناة منذ عام ‪ 1999‬لكن هذه‬ ‫المكاسب تقف الن في مهب الريح نتيجة للزمة المالية الراهنة‪ ,‬فاليوم يعتبر ‪% 40‬تقريبا‬ ‫من بين إجمالي سكان المنطقة من الفقراء أو المعرضين للمعاناة‪ ,‬لكن من المتوقع أن‬ ‫يرتفع عدد الفقراء والمعرضين للمعاناة في جميع أنحاء المنطقة بحوالي خمسة مليين‬ ‫شخص مقابل كل واحد بالمائة من النخفاض في إجمالي الناتج المحلي‪ .‬ويتوقع أن تزيد‬ ‫معدلت الفقر والمعاناة بنهاية عام ‪ 2009‬بنسبة ‪ ،%5‬وهو ما يعني زيادة عدد الفقراء أو‬ ‫المعرضين للمعاناة بحوالي ‪ 25‬مليون شخص‪ ,‬وسيزيد هذا العدد بمقدار ‪ 10‬مليين شخص‬ ‫آخر ليصل إلى ما مجموعه ‪ 35‬مليون شخص بنهاية عام ‪.2010‬‬ ‫فالزمة إذا ً أسهمت في توسيع هوة الفقر في العالم‪ ,‬وخصوصا ً في البلدان‬ ‫النامية‪ ,‬حتى إن بعض الدول الغنية أو التي كانت بعيدة عن مصطلحات الفقر أصبحت تعد‬ ‫العدة لمواجهة زيادة محتملة في أعداد الفقراء‪ ,‬ولعل أولى هذه الدول هي أيسلندا التي‬ ‫شارفت على الفلس نتيجة الزمة المالية العالمية بعد أن ارتفع حجم مديونيتها بشكل كبير‪,‬‬ ‫ومن ثم اضطرت الحكومة اليسلندية إلى وضع يدها على معظم القطاع المصرفي في‬ ‫البلد‪ ،‬والى التخلي عن خطة للدفاع عن عملتها‪ ،‬والى ايقاف عمليات بيع وشراء السهم‪،‬‬ ‫‪2‬‬ ‫والبحث عن طرق للحصول على المساعدة من الخارج‪.‬‬ ‫وفي بريطانيا أيضا ً من المتوقع أن تعمق الزمة من فقر حوالي خمس السكان‪ ,‬فقد‬ ‫أشارت منظمة "أوكسفام" إلى أن أوضاع مليين البريطانيين ستسوء بسبب الركود المستمر‬ ‫منذ عدة أشهر‪ ,‬وأشارت منظمة أخرى تعنى بشؤون الطفال إلى أن واحدا ً من بين كل ثلثة‬ ‫أطفال بالمملكة يعيشون تحت خط الفقر‪ ،‬على الرغم من تعهد الحكومة بتحسين ظروفهم‬ ‫المعيشية‪ ,‬وجاء في التقرير ذاته "من المرعب حقا ً أن يكون هناك ‪ 3.9‬مليين طفل يعانون‬ ‫‪3‬‬ ‫من الفقر في بريطانيا التي ُتعد واحدة من أكثر دول العالم ثراء"‪.‬‬ ‫‪(4‬انخفاض أسعار النفط‪:‬‬ ‫كان من نتائج الزمة القتصادية العالمية أن جرى تخفيض توقعات معدلت النمو‬ ‫والنشاط القتصادي على مستوى العالم‪ ,‬المر الذي انعكس سلبيا ً على أسعار النفط نتيجة‬ ‫توقع انخفاض الطلب عليه‪ ,‬فقد انهارت أسعار النفط من أعلى مستوياتها عند ‪ 147‬دولرا ً‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬

‫موقع رسالة السلم ‪2009‬‬ ‫موقع بي بي سي على شبكة النترنت‪ 11 ,‬تشرين الثاني ‪.2008‬‬ ‫الجزيرة نت‪ ,‬القتصاد والعمال‪ 7 ,‬نيسان ‪.2009‬‬

‫‪12‬‬

‫للبرميل في تموز عام ‪ ,2008‬إلى ما دون ‪ 40‬دولر في نهاية عام ‪ ,2008‬أي بأكثر من ‪70‬‬ ‫‪ ,%‬والمخطط التالي يوضح هذا الهبوط الحاد لسعار النفط حتى آذار ‪: 12009‬‬

‫هذا التراجع الكبير لسعار النفط انعكس على شكل عجوزات ظهرت في موازنات‬ ‫بعض الدول الخليجية‪ ,‬فقد بلغ عجز الموازنة السعودية لعام ‪ 2009‬ما قيمته ‪65‬‬ ‫مليار ريال أي بنسبة ‪ ,%13.7‬وهي أعلى نسبة عجز منذ عام ‪ ,2002‬وقد توقع‬ ‫محللون ان يتراجع معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الجمالي من ‪% 4.9‬‬ ‫إلى ‪ % 1.9‬في عام ‪ ,22009‬وهذا ما ينسحب طبعا ً على باقي الدول الخليجية‪.‬‬ ‫نشير في النهاية إلى أنه من آثار الزمة القتصادية العالمية انخفاض معدلت التضخم‬ ‫ة‪.‬‬ ‫على مستوى العالم ككل‪ ,‬وهذه نتيجة طبيعية تصاحب حالت الركود القتصادي عاد ً‬ ‫ثانيًا‪:‬أثر الزمة في النظام المصرفي السلمي‪:‬‬ ‫على الرغم من تورط بعض البنوك في منطقتنا العربية بشراء أو الستثمار في‬ ‫سندات الرهن العقاري عالية المخاطرة‪ ,‬فإن النظام المصرفي السلمي ممثل ً بالمصارف‬ ‫السلمية في شتى أنحاء العالم وليس فقط في الدول العربية و السلمية كان بمنأى عن‬ ‫الزمة ونتائجها على الصعيد المالي‪ ,‬ففي الوقت الذي نشهد فيه تعرض بعض البنوك في‬ ‫المنطقة لحالت عجز ) مثل بنك الخليج "الكويت" (‪ ,‬أو حتى للفلس أو لفقدان حجم كبير‬ ‫من السيولة التي يملكها‪ ,‬نجد أن البنوك السلمية بقيت خارج دائرة الخطر‪,‬‬ ‫بسبب السياسات الئتمانية التي تتبعها والتي تتسم بالمحافظة وتجنب‬ ‫الدخول في أدوات الدين أو أدوات الستثمار التقليدية‪ ,‬المر الذي مكنها من‬ ‫اكتساب استقرار في الودائع لدرجة عالية‪ ,‬وكسب ثقة العملء في الوقت‬ ‫الذي ل تتوافر فيه هذه المور للمصارف التقليدية‪ .‬وهذا ما خلصت إليه‬ ‫صحيفة كريستيان ساينس مونيتور‪ ,3‬حيث أشارت إلى أنه في وقت تفاقم‬ ‫الزمة المالية العالمية‪ ,‬ينظر حاليا ً إلى البنوك السلمية على أنها قاعدة‬ ‫مصرفية آمنة‪ ,‬وأشارت إلى أن أعداد المنتسبين إليها من الفراد والشركات‬ ‫في تزايد مستمر‪ .‬وأشارت الصحيفة إلى دراسة جديدة أصدرتها "إنترناشيونال‬ ‫سيرفسز‪ -‬لندن" وهي مؤسسة مستقلة تمثل صناعة الخدمات المالية‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬

‫مؤشرات النفط على موقع بي بي سي على النترنت‬ ‫محمد أيمن عزت الميداني‪ ,‬مرجع سابق‬ ‫الجزيرة نت‪ ,‬القتصاد والعمال‪,‬‬

‫‪13‬‬

‫البريطانية‪ ,‬تفيد بأن البنوك السلمية بشكل عام لن تتضرر من الزمة الحالية‬ ‫بسبب هيكليتها التي ل تتعامل أو تتعامل بشكل بسيط فقط مع الدوات‬ ‫المالية المعقدة التي كانت السبب وراء الزمة المالية الحالية‪ ,‬مثل المشتقات‬ ‫والبيع على المكشوف‪.‬‬ ‫ومما يؤكد عدم تأثر المصارف السلمية بالزمة المالية ازدياد قطاع‬ ‫الخدمات المصرفية السلمية نموا ً سنويا ً مقداره ‪ % 15‬في عام ‪2008‬م‪،‬‬ ‫وبلغ حجمه حول العالم حوالي التريليون دولر‪ ,1‬مع توقعات باستمرار النمو‬ ‫في أصول الصيرفة السلمية بنسبة ‪.% 15‬ويلحظ أن المصارف السلمية تزيد من‬ ‫الطلب على الموظفين‪ ،‬في الوقت الذي تقوم فيه البنوك الغربية بتخفيض عدد الموظفين‬ ‫لديها وبأعداد كبيرة‪.‬‬ ‫أما على صعيد الرباح المتحققة‪ ,‬فقد حققت الكثير من المصارف‬ ‫السلمية نموا ً في الرباح زاد عن العوام السابقة‪ ,‬في الوقت الذي تعرضت‬ ‫فيه الكثير من المصارف التقليدية لخسائر فادحة‪ ,‬وعلى السبيل ل الحصر‪,‬‬ ‫فإن مجموعة البركة المصرفية حققت إيرادات تشغيلية بقيمة ‪ 586‬مليون‬ ‫دولر عن عام ‪ ,2008‬ونما صافي أرباح المجموعة بنسبة ‪ % 37‬ليصل إلى‬ ‫‪ 201‬مليون دولر أمريكي‪.2‬‬ ‫على الرغم من عدم تأثر المصارف السلمية بالزمة المالية بشكل‬ ‫مباشر فإنه ل يمكننا إهمال التأثيرات غير المباشرة التي من الممكن أن‬ ‫تتعرض لها المصارف السلمية نتيجة الزمة العالمية‪ ,‬نظرا ً لن المصارف‬ ‫السلمية تعيش في عالم يطغى فيها التمويل بالفوائد على غيره‪ ,‬لذا فل‬ ‫مفر من أن تتأثر بالعوامل غير المباشرة ول سيما الكساد‪ ،‬وتدني أسعار‬ ‫الصول‪ ,‬ول نقول ضياع الصول بكاملها كما في المصارف التقليدية‪ .‬لكن بشكل عام فإن‬ ‫اقتصار تأثر النظام المصرفي السلمي على العوامل غير المباشرة يعني أن المصارف‬ ‫ة بالمصارف التقليدية‪.‬‬ ‫السلمية سيكون تأثرها أقل‪ ,‬وقدرتها على الصمود أكبر مقارن ً‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫مجلة أريبيان بيزنس‪ ,‬الموقع على النترنت ‪ ,www.arabianbusiness.com‬هادية نزال ‪2009-2-2‬‬ ‫إعلن صحفي للمجموعة منشور على موقع المجموعة على شبكة النترنت‪2009-2-25 ,‬‬

‫‪14‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬وسائل مكافحة الفقر والبطالة في القتصاد السلمي‬ ‫هناك وسائل عامة لمكافحة الفقر والبطالة شرعها القتصاد السلمي‪ ،‬ووسائل خاصة‬ ‫لمعالجة الزمة المالية العالمية‪.‬‬ ‫أول‪ -‬الوسائل الخاصة لمعالجة الزمة المالية العالمية‪ :‬ويكون بأمرين‪:‬‬ ‫الول‪:‬تبني النظام المصرفي العالمي النظام المصرفي السلمي‪:‬‬ ‫ويتحقق ذلك من خلل ما يأتي‪:‬‬ ‫اللتزام بالقيم الخلقية السلمية في النشطة القتصادية المختلفة‪،‬ومنها‬ ‫‪-1‬‬ ‫المعاملت المالية والمصرفية؛ كالعدل‪ ،‬والصدق‪ ،‬والوفاء‪ ،‬والبتعاد عن الغش‪ ،‬والحتكار‪،‬‬ ‫والكذب‪،‬والسراف والتبذير‪...‬إلخ‪.‬‬ ‫نبذ الربا)الفائدة( الذي هو أساس البلء لكل الزمات‪،‬واستخدام صيغ التمويل‬ ‫‪-2‬‬ ‫السلمي المختلفة‪ ،‬والتي تراعي حاجات الفراد والمؤسسات التمويلية والستثمارية؛من‬ ‫مرابحات ومشاركات‪ ،‬واستصناع ‪ ،‬وسلم‪ ،‬وإجارة‪...‬إلخ‪.‬‬ ‫تجنب المعاملت المالية والمصرفية غير المشروعة؛ كبيع الدين‪ ,‬والبيع على‬ ‫‪-3‬‬ ‫الهامش‪ ,‬والبيع القصير‪ ,‬والتعامل في عقود المستقبليات‪ ,‬وعقود الخيارات‪ ,‬وأسواق‬ ‫المشتقات‪,‬وكل صور أكل أموال الناس بالباطل‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫بفائدة‪.‬‬

‫استخدام صكوك الستثمار السلمية المختلفة؛ كأداة تمويل بدل من السندات‬

‫ منع بيع الديون‪ ،‬وجدولتها التي يتم فيها زيادة المدة مقابل زيادة الفائدة‪ ,‬وهو‬‫‪-5‬‬ ‫ما حرمته الشريعة السلمية‪.‬‬ ‫‪ - -6‬زيادة الرقابة المصرفية من قبل البنوك المركزية على المؤسسات المالية‪,‬‬ ‫بغرض التأكد من تطبيق ضوابط منح التمويل‬ ‫والثاني‪ :‬إقامة نظام اقتصادي عالمي على أساس الشريعة السلمية‪:‬‬ ‫ويكون ذلك من خلل ما يأتي‪:‬‬ ‫اعتماد مبادئ القتصاد السلمي؛ من الملكية العامة والخاصة المقيدة‪ ،‬والحرية‬ ‫‪-1‬‬ ‫القتصادية المقيدة‪ ،‬والتكافل القتصادي والجتماعي‪.‬‬ ‫التركيز على وظيفة الدولة القتصادية‪ ،‬وضرورة تدخلها في النشطة القتصادية‬ ‫‪-2‬‬ ‫المختلفة‪ ,‬وضبط سلوك الفراد القتصادي‪.‬‬ ‫مراعاة نظام الولويات في القضايا القتصادية على وفق ترتيب المصالح التي‬ ‫‪-3‬‬ ‫نظمتها الشريعة السلمية‪ ،‬فيتم النتاج والستهلك ‪ ،‬والتبادل‪ ،‬والستثمار ‪...‬إلخ حسب‬ ‫أهميتها في إشباع حاجات الفراد والمجتمع‪ ،‬فيبدأ بالضروريات ثم الحاجيات ثم التكميليات‪،‬‬ ‫والعمل على التوازن بين هذه المستويات الثلثة‪.‬‬ ‫إحلل سياسة نقدية عالمية‪ ،‬قوامها منع الفائدة‪ ،‬والكتناز‪ ،‬وتصحيح وظيفة‬ ‫‪-4‬‬ ‫النقود‪ ،‬بالنظر إليها على أنها وسيلة للتداول‪ ،‬وثمن للسلع والخدمات‪ ،‬وليست هدفا‪ ،‬أو‬ ‫سلعة‪.‬‬ ‫‪15‬‬

‫ثانيًا‪ -‬وسائل عامة لمكافحة الفقر والبطالة‪:‬‬ ‫شرع القتصاد السلمي وسائل عدة لمكافحة مشكلتي الفقر والبطالة‪ ،‬يمكن ذكر‬ ‫أهمها باختصار في ما يأتي‪:‬‬ ‫العمل في القطاعات القتصادية المختلفة؛ كالزراعة‪ ،‬والصناعة‪ ،‬والتجارة‪،‬‬ ‫‪.1‬‬ ‫والخدمات‪ ،‬والهتمام بصيغ العقود المنظمة لهذه القطاعات؛كالستصناع‪ ،‬والسلم‪،‬‬ ‫والمرابحة‪ ،‬والجارة‪،‬والشركات‪...‬إلخ‪ .‬والتركيز على قاعدة توسيع الملكية‪ ،‬من خلل‬ ‫استعمال وسائل عدة‪ ،‬من شأنها المساهمة في علج مشكلتي الفقر والبطالة؛كإقطاع‬ ‫الرض‪،‬وإحياء مواتها‪ ...‬إلخ‪.‬‬ ‫الزكاة‪،‬ومصارفها‪ ،‬ول سيما اهتمام الفقه السلمي بإعطاء الفقير ما يكفيه‪،‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫ويمكن أن ينقله من الفقر إلى الغنى‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫الميراث والوقف والوصية‪.‬‬

‫‪.4‬‬

‫الهبة وصدقات التطوع‪.‬‬

‫‪.5‬‬

‫الكفارات والنذور‪.‬‬

‫تشريعات التكافل الجتماعي القتصادي المختلفة؛كالتشريعات‬ ‫‪.6‬‬ ‫المهتمة بالمساعدة السعافية العاجلة‪ ،‬وحقوق القارب‪،‬و الجوار‪،‬والضيافة‪ ،‬والنفقات‪.‬‬ ‫إعطاء الدولة دورها للقيام بوظائفها الجتماعية والقتصادية‪،‬من‬ ‫‪.7‬‬ ‫خلل الهتمام بالتنمية المستدامة‪،‬ومحاربة الربا‪،‬و الحتكار والكتناز‪ ،‬واعتماد نظام توزيع‬ ‫عادل للثروات‪،‬ومراقبة السعار في السوق‪ ،‬والتسعير عند الحاجة‪.‬‬

‫‪16‬‬

Related Documents


More Documents from ""