الموسوعة الفقهية /الجزء الثالث والعشرون رفقة التّعريف - 1الرّفقة في اللّغة :الصّحبة ،والرّفقة أيضًا اسم جمعٍ ومفرده رفيق ،والجمع منه رفاق ي ل يخرج عن ورفقاء ،وهم الجماعة الّتي ترافق الرّجل في السّفر .وفي الصطلح الشّرع ّ المعنى اللّغويّ . ( اللفاظ ذات الصّلة ) : أ -الصّحب : - 2الصّحب اسم جم ٍع لصاحبٍ ،وهو من صحبه أصحبه صحبةً ،والصل في هذا الطلق لمن حصل له رويّة ومجالسة . ب -الرّكب : - 3الرّكب في الصل :جماعة ركبان البل في السّفر ،ثمّ اتّسع فيه وأطلق على ركبان أيّ وسيل ٍة من وسائل السّفر . ج -النّفر : - 4النّفر والنّفير في اللّغة :الجماعة من النّاس .والجمع أنفار .ويطلق على عشيرة الرّجل وقومه ،قال الفرّاء :نفر الرّجل رهطه » . د -الرّهط : - 5الرّهط في اللّغة :قوم الرّجل وعشيرته ،ومنه قوله تعالى حكايةً عن قوم شعيبٍ : { ولول رهطك لرجمناك } ويطلق على الجماعة من الرّجال من ثلث ٍة إلى عشر ٍة كالنّفر . ( الحكم التّكليفيّ ) : - 6يستحبّ لمن يسافر أن يسافر مع رفق ٍة ،ويكره أن يسافر الرّجل منفردًا ،ول تزال ل بثلثةٍ ،لحديث ابن عمر رضي ال عنهما قال :قال رسول اللّه صلى ال عليه الكراهة إ ّ وسلم { :لو يعلم النّاس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليلٍ وحده } ولخبر { :الرّاكب شيطان ،والرّاكبان شيطانان والثّلثة ركب } فينبغي أن يسير مع النّاس ول ينفرد بطريقٍ ، ب أن تكون الرّفقة من أهل الصّلح الّذين يحبّون الخير ول يركب اثنان الطّريق ،ويستح ّ شرّ ،يذكّرونه إن نسي ،وإن ذكر أعانوه ،ويستحبّ أن تكون الرّفقة من ويكرهون ال ّ الصدقاء والقارب الموثوقين ،لنّهم أعون له في مهمّاته ،وأرفق به في أموره ،وينبغي أن يحرص على إرضاء رفقائه في جميع طريقه ،وأن يحتمل ما يصدر منهم من هفواتٍ ، ويصبر على ما يقع منهم في بعض الوقات .
-7وينبغي للرّفقة أن يؤمّروا على أنفسهم أفضلهم ،وأجودهم رأيًا ،وأن يطيعوه ،لحديث أبي سعيدٍ وأبي هريرة رضي ال عنهما قال :قال رسول اللّه صلى ال عليه وسلم { :إذا ل يشتركوا في الزّاد خرج ثلثة في سفرٍ فليؤمّروا أحدهم } قال النّوويّ :يستحبّ للرّفقة أ ّ والرّاحلة والنّفقة ،لنّ ترك المشاركة أسلم منه ،لنّه يمتنع بسببها من التّصرّف في وجوه الخير من الصّداقة ،وغيرها ،ولو أذن شريكه لم يوثق باستمراره ،فإن شارك جاز ، واستحبّ أن يقتصر على ما دون حقّه ; ولنّه ربّما أفضى إلى النّزاع .أمّا اجتماعهم على طعامٍ يومًا بيومٍ ،أو يأكلوا كلّ يومٍ عند أحدهم تناوبًا فحسن .فقد روي { :أنّ أصحاب رسول اللّه صلى ال عليه وسلم قالوا :يا رسول اللّه ،إنّا نأكل ول نشبع ،فقال عليه الصلة والسلم :فلعلّكم تفترقون ،قالوا :نعم .قال :فاجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم اللّه يبارك لكم فيه } . اشتراط وجود رفق ٍة في وجوب الحجّ : - 8يشترط في وجوب الحجّ وجود رفقةٍ يخرج معهم في الوقت الّذي جرت عادة بلده بالخروج فيه ،إذا كان الطّريق مخوفًا ،وأن يسيروا السّير المعتاد ،فإن خرجوا قبل الوقت ل يومٍ المعتاد ،أو أخّروا الخروج بحيث ل يصلون إلى مكّة إلّ بالسّير بأكثر من مرحلةٍ في ك ّ ،أو كانوا يسيرون فوق العادة لم يجب عليه الحجّ ،أمّا إن كان الطّريق آمنًا بحيث ل يخاف الواحد فيه لزمه الحجّ ،وإن لم يجد رفقةً ول غيره للوحشة .والتّفصيل في ( حجّ ) .هذا في حقّ الرّجل . ج ،لحديث { ل ل مع محرمٍ أو زو ٍ -9أمّا المرأة فل يجب عليها الحجّ ول يجوز لها السّفر إ ّ ل مع ذي محرمٍ ،ول يدخل عليها إلّ ومعها محرم } .وحديث { ل يحلّ تسافر المرأة إ ّ لمرأ ٍة تؤمن باللّه واليوم الخر أن تسافر مسيرة يومٍ وليل ٍة ليس معها حرمة } .وهذا محلّ اتّفاقٍ بين الفقهاء .وعند الحنفيّة والحنابلة ل تخرج إلّ مع محرمٍ أو زوجٍ ،وعند الشّافعيّة تخرج مع محرمٍ أو زوجٍ أو جماع ٍة من النّساء .وقال المالكيّة :إذا لم تجد المرأة محرمًا ول زوجًا تخرج معه ،أو امتنعا من الخروج معها جاز أن تخرج للسّفر الواجب مع رفقةٍ مأمونةٍ ،وقالوا :والرّفقة المأمونة رجال صالحون ،أو نساء صالحات ،وأولى إن اجتمعا .وقال ي فلتخرج مع من ج وليس لها ول ّ صاحب مواهب الجليل :قال مالك :إذا أرادت المرأة الح ّ ج معها فل أرى بأسًا أن تخرج مع من ي فأبى أن يح ّ تثق به من الرّجال والنّساء ،فإن كان ول ّ ذكرت لك .وقال أيضًا :وتخرج المرأة مع المرأة الواحدة » .أمّا سفر التّطوّع والمباح فل ج .وقيّد الباجيّ من المالكيّة المنع بالعدد القليل من ل مع محرمٍ أو زو ٍ يجوز لها الخروج فيه إ ّ
الرّفقة .أمّا القوافل العظيمة فهي كالبلد فيجوز فيها سفرها ،دون نساءٍ أو محارم . والتّفصيل في ( حجّ ) . الرّفقة في السّفر بمنزلة الهل في الحضر : - 10يجب على الرّفقة في سفرٍ دفن من مات منهم وتجهيزه ،فإن لم يدفنوه أثموا ،وللحاكم تعزيرهم .وصرّح الحنفيّة أنّه يجوز للرّفقة في السّفر الشّراء للمريض من ماله إذا احتاج إلى ذلك ،كما يجوز للورثة أن يشتروا من ماله ; لنّ الرّفقة في السّفر بمنزلة الهل في الحضر . بيع الرّفقة متاع من مات منهم . - 11قال الحنفيّة :للرّفقة بيع متاع من مات منهم ،ومركبه ،وحمله إلى ورثته بعد مؤنة ن الرّفيق مأذون له في ذلك دللةً ،كما يجوز له التّجهيز ،ول يجوز ذلك لجنبيّ ; ل ّ الحرام عنه إذا أغمي عليه ،وكذا إنفاقه عليه ،جاء في حاشية ابن عابدين :وقعت هذه المسألة لمحمّد بن الحسن في سفرٍ له :مات بعض أصحابه فباع كتبه ،وأمتعته ،فقيل له : ض ؟ فقال { :واللّه يعلم المفسد من المصلح } ولنّه لو حمل أمتعته كيف تفعل ذلك ولست بقا ٍ إلى أهله لحتاج إلى نفق ٍة ربّما تستغرق المتاع . شهادة الرّفقة في قطع الطّريق : ل يتعرّضا لنفسهما ،وليس على - 12يثبت قطع الطّريق بشهادة اثنين من الرّفقة بشرط :أ ّ ل يجيبا ،وإن تعرّضا القاضي أن يبحث عنهما هل هما من الرّفقة أم ل ،فإن بحث فلهما أ ّ لنفسها بأن قال :قطع علينا هؤلء الطّريق فأخذوا مالنا ومال رفقتنا لم تقبل شهادتهما ، لنّهما صارا عدوّين ( .ر :شهادة ) . سؤال المسافر رفقته عن الماء : - 13يجب على المسافر إن لم يجد ماءً للوضوء أن يسأل رفقته عن الماء ،وأن يستوعبهم بالسّؤال ،بأن ينادي فيهم :من معه ماء ؟ فإن تيمّم قبل سؤال الرّفقة لم يصحّ تيمّمه . والتّفصيل في ( :تيمّم ) . جواز السّفر في يوم الجمعة خشية فوات الرّفقة : - 14يجوز لمن وجبت عليه الجمعة أن يسافر في يوم الجمعة قبل صلة الجمعة إذا كان يلحقه ضرر بتخلّفه عن الرّفقة ( ر :صلة الجمعة ) .
رقًى انظر :رقية رقبى التّعريف - 1الرّقبى في اللّغة :من المراقبة .يقال :رقبته ،وأرقبته ،وارتقبته :انتظرته .وأن ت قبلي عادت يقول الرّجل :أرقبتك هذه الدّار ،أو هي لك رقبى مدّة حياتك على أنّك إن م ّ ن كلّا منهما يرقب موت صاحبه . ت قبلك فهي لك ولعقبك .وسمّيت الرّقبى ل ّ إليّ ،وإن م ّ ت قبلك فداري ت قبلي فدارك لي ،وإن م ّ وقال المالكيّة :هي أن يقول الرّجل للخر :إن م ّ لك . ( اللفاظ ذات الصّلة ) : أ -العمرى : - 2العمرى -وهي بضمّ العين وسكون الميم مع القصر -مأخوذة من العمر ،وهو الحياة ،ومعناها :أن يقول الرّجل :أعمرتك داري هذه أو هي لك عمرى مدّة حياتك ،فإذا متّ فهي لعقبك . ب -الهبة والعارة والمنيحة : ض .والمنيحة :الشّاة ض .والعاريّة :تمليك المنفعة بل عو ٍ - 3الهبة :تمليك العين بل عو ٍ أو النّاقة يعطيها صاحبها رجلًا ليشرب لبنها ثمّ يردّها إذا انقطع اللّبن . ( الحكم التّكليفيّ ) : - 4الرّقبى نوع من الهبة ،كان العرب يتعاملون بها في الجاهليّة .فكان الرّجل منهم يقول ت قبلي رجعت إليّ ،وإن متّ قبلك للرّجل :أرقبتك داري أو أرضي في حياتك ،فإذا م ّ ن كلّا منهما يرقب الخر متى يموت لترجع إليه .واختلف استقرّت لك .وسمّيت رقبى :ل ّ الفقهاء في جوازها ،فذهب الشّافعيّة والحنابلة وأبو يوسف إلى أنّها جائزة ،وهي لمن أرقبها ،ول ترجع إلى المرقب ،ويلغو الشّرط ،واستدلّوا بخبر { :من أعمر شيئًا فهو لمعمره ن النّبيّ صلى محياه ومماته ،ول ترقبوا ،فمن أرقب شيئًا فهو سبيله } .وفي حديثٍ آخر { أ ّ ال عليه وسلم قال :الرّقبى جائزة } وفي رواي ٍة { العمرى جائزة لهلها والرّقبى جائزة لهلها } ،وقالوا :فهذه نصوص تدلّ على ملك المعمر والمرقب ( بالفتح في ك ّل منهما ) وبطلن شرط العود إلى المرقب .وقال أبو يوسف :قول المرقب :داري لك ،تمليك ، ن معنى ن الرّقبى باطلة ; ل ّ وقوله :رقبى شرط فاسد فيلغو .وقال أبو حنيفة ومحمّد :إ ّ ت قبلي رجعت إليّ ،وهذا تعليق التّمليك بالخطر ( أي الرّقبى :إن متّ قبلك فهو لك وإن م ّ
ي صلى ال عليه وسلم { :أجاز ن النّب ّ المر المتردّد بين الوقوع وعدمه ) فيبطل .ولخبر أ ّ ح الرّقبى تكون العين عاريّةً ; العمرى ور ّد الرّقبى } وإلى هذا ذهب المالكيّة ،وإذا لم تص ّ لنّه يتضمّن إطلق النتفاع به . رقبة . التّعريف - 1الرّقبة في اللّغة :العنق ،وقيل :أعله ،وقيل :مؤخّر أصل العنق .والجمع رقب ، ورقاب ،ورقبات ،وأرقب ،وهي في الصل اسم للعضو المعروف ،فجعلت كنايةً عن جميع ذات النسان تسمي ًة للشّيء ببعضه ،أو إطلقًا للجزء وإرادة الكلّ ،وسمّيت الجملة باسم العضو لشرفها ،والرّقبة :المملوك ،وأعتق رقبةً أي نسمةً ،وفكّ رقبةً أي أطلق أسيرًا .ويقال :أعتق اللّه رقبته ،ول يقال :أعتق اللّه عنقه .وجعلت الرّقبة اسمًا للمملوك ،كما عبّر بالظّهر عن المركوب .وسمّي الحافظ :الرّقيب ،وذلك إمّا لمراعاته رقبة المحفوظ ،وإمّا لرفعه رقبته .وفي الصطلح ل تخرج عن المعنى اللّغويّ الحكام الجماليّة : أ -مسح الرّقبة في الوضوء : - 2ذهب الحنفيّة وهو رواية عن أحمد إلى استحباب مسح الرّقبة بظهر يديه ل الحلقوم إذ لم ن مسح الرّقبة سنّة ،وليس مستحبّا يرد بذلك سنّةً عند الوضوء .وهناك قول لدى الحنفيّة :بأ ّ فقط .وذهب المالكيّة إلى كراهة مسح الرّقبة في الوضوء ،لعدم ورود ذلك في وضوئه صلى ال عليه وسلم ; ولنّ هذا من الغل ّو في الدّين المنهيّ عنه .وذهب الحنابلة إلى أنّه ل ب مسح الرّقبة أو العنق في الوضوء ،لعدم ثبوت ذلك .وقال الشّافعيّة :من سنن يستح ّ ل زائدٍ على الواجب من الوجه من جميع جوانبه ،وغايتها غسل الوضوء إطالة الغرّة بغس ٍ ن أمّتي يدعون يوم القيامة غرّا محجّلين من صفحة العنق من مقدّمات الرّأس ،لحديث { :إ ّ آثار الوضوء ،فمن استطاع منكم أن يطيل غرّته فليفعل } ب -إضافة الطّلق إلى الرّقبة . - 3أجمع الفقهاء على أنّ الزّوج إذا أضاف الطّلق إلى رقبة زوجته أو عنقها ،كأن يقول :طلّقت رقبتها أو عنقها ،أو خاطبها بطلّقت رقبتك أو عنقك ،فإنّ الطّلق يقع ; لنّها جزء يستباح بنكاحها فتطلق به . ج -إضافة الظّهار إلى الرّقبة :
- 4ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ المظاهر لو شبّه رقبة زوجته أو عنقها بظهر أمّه فهو مظاهر .وذهب فقهاء المالكيّة و الشّافعيّة والحنابلة في الرّاجح عندهم إلى أنّه لو شبّه عضوًا من زوجته برقبة أمّه أو عنقها فهو مظاهر كذلك .وذهب أحمد في روايةٍ عنه إلى أنّه ليس بمظاهرٍ حتّى يشبّه جملة امرأته ; لنّه لو حلف باللّه ل يمسّ عضوًا منها لم يسر إلى غيره من العضاء ،فكذلك المظاهر .ويرى الحنفيّة أنّه لو شبّهها برقبة المّ أو عنقها لم يكن مظاهرًا ; لنّه شبّهها بعضوٍ من المّ ل يحرم النّظر إليه ،ويكون مظاهرًا عندهم إذا شبّهها بعض ٍو يحرم النّظر إليه من المّ كالفرج والفخذ والبطن ونحوها .الرّقبة بمعنى النسان المملوك : - 5ترد الرّقبة بمعنى النسان المملوك في أبواب العتق ،والمكاتبة ،والكفّارات ،وعدّد بعض الفقهاء شروطًا للرّقبة الّتي تعتق من أجل كفّارة إفساد الصّوم والحجّ ،وكذلك الظّهار ، والقتل ،واليمين ،والنّذر منها .وتفصيل ذلك في البواب المذكورة وفي مصطلح ( :رقّ ) . رقص التّعريف - 1الرّقص والرّقص والرّقصان معروف .وهو مصدر رقص يرقص رقصًا ،والرّقص : أحد المصادر الّتي جاءت على فعل فعلًا نحو طرد طردًا ،وحلب حلبًا .ويقال :أرقصت المرأة ولدها ورقّصته ،وفلن يرقص في كلمه أي :يسرع ،وله رقص في القول أي : عجلة .فتدور موادّ اللّفظ لغ ًة على معاني السراع في الحركة والضطراب والرتفاع والنخفاض .والزّفن :الرّقص ،وفي حديث فاطمة أنّها كانت تزفن للحسن أي :ترقّصه . واصطلحًا :عرّف ابن عابدين الرّقص بأنّه التّمايل ،والخفض ،والرّفع بحركاتٍ موزونةٍ . ( اللفاظ ذات الصّلة ) ( :أ ) اللّعب : - 2وهو طلب الفرح بما ل يحسن أن يطلب به ( .ب ) اللّهو : - 3صرف الهمّ بما ل يحسن أن يصرف به ،وقيل :اللّهو الستمتاع بلذّات الدّنيا .واللّعب :العبث ،وقيل :اللّهو :الميل عن الجدّ إلى الهزل ،واللّعب :ترك ما ينفع بما ل ينفع . حكم الرّقص : - 4عن أنسٍ رضي ال عنه قال { :كانت الحبشة يزفنون بين يدي رسول اللّه صلى ال عليه وسلم ويرقصون ،يقولون :محمّد عبد صالح .فقال رسول اللّه صلى ال عليه وسلم : ما يقولون ؟ قالوا :يقولون :محمّد عبد صالح } .وعن عائشة قالت { :كان رسول اللّه
صلى ال عليه وسلم جالسًا فسمعنا لغطًا وصوت صبيانٍ ،فقام رسول اللّه صلى ال عليه وسلم فإذا حبشيّة تزفن -أي ترقص -والصّبيان حولها ،فقال :يا عائشة تعالى فانظري } .فذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة والقفّال من الشّافعيّة إلى كراهة الرّقص معلّلين ذلك بأنّ فعله دناءة وسفه ،وأنّه من مسقطات المروءة ،وأنّه من اللّهو .قال البيّ :وحمل العلماء حديث رقص الحبشة على الوثب بسلحهم ،ولعبهم بحرابهم ،ليوافق ما جاء في روايةٍ : { يلعبون عند رسول اللّه بحرابهم } .وهذا كلّه ما لم يصحب الرّقص أمر محرّم كشرب الخمر ،أو كشف العورة ونحوهما ،فيحرم اتّفاقًا .وذهب ابن تيميّة إلى أنّ اتّخاذ الرّقص ذكرًا أو عبادةً ،بدعة ومعصية ،لم يأمر اللّه به ،ول رسوله ،ول أحد من الئمّة ،أو السّلف .وذهب الشّافعيّة إلى أنّ الرّقص ل يحرم ول يكره بل يباح ،واستدلّوا بحديث عائشة قالت { :جاء حبشة يزفنون في يوم عيدٍ في المسجد فدعاني النّبيّ صلى ال عليه وسلم فوضعت رأسي على منكبه فجعلت أنظر إلى لعبهم حتّى كنت أنا الّتي أنصرف عن النّظر إليهم } .وهذا دليل على إقراره صلى ال عليه وسلم لفعلهم ،فهو دليل على إباحته ،ودليله ن الرّقص مجرّد حركاتٍ على استقامةٍ واعوجاجٍ .وذهب البلقينيّ إلى أنّ من المعقول أ ّ الرّقص إذا كثر بحيث أسقط المروءة حرم ،والوجه في المذهب خلفه .وقيّد الشّافعيّة الباحة بما إذا لم يكن فيه تكسّر كفعل المخنّثين وإلّ حرم على الرّجال والنّساء ،أمّا من يفعله خلق ًة من غير تكّلفٍ فل يأثم به .قال في الرّوض :وبالتّكسّر حرام ولو من النّساء . شهادة الرّقّاص : - 5اتّفق الفقهاء على ردّ شهادة ال ّرقّاص لنّه ساقط المروءة ،وهي شرط من شروط صحّة ص الشّافعيّة والحنابلة على أنّ المعتبر في إسقاط المروءة هو المداومة والكثار الشّهادة .ون ّ من الرّقص ،وهو مقيّد عند الشّافعيّة بمن يليق به الرّقص ،أمّا من ل يليق به فتسقط مروءته ولو بمرّةٍ واحد ٍة .والمرجع في المداومة والكثار إلى العادة ،ويختلف المر ص قدر ل يستقبح من غيره .وظاهر باختلف عادات النّواحي والبلد ،وقد يستقبح من شخ ٍ كلم الحنفيّة يفيد اعتبار المداومة والكثار كذلك ،حيث عبّروا بصيغة المبالغة .قال في البناية :ول تقبل شهادة الطّفيليّ والمشعوذ والرّقّاص والسّخرة بل خلفٍ . الستئجار على الرّقص : - 6الستئجار على الرّقص يتبع حكم الرّقص نفسه ،فحيث كان حرامًا أو مكروهًا أو مباحًا ن الرّقص حيث كان حرامًا ل ص المالكيّة على أ ّ كان حكم الستئجار عليه كذلك .وقد ن ّ يجوز الستئجار عليه ول يجوز دفع الدّراهم لل ّرقّاص .ول خلف بين الفقهاء في عدم جواز
الستئجار على المنافع المحرّمة وغير المتقوّمة ،فحيث كان الرّقص حرامًا ل يجوز الستئجار عليه .ويراجع في هذا مصطلح :إجارة » . رقّ التّعريف - 1ال ّرقّ لغ ًة :مصدر رقّ العبد يرقّ ،ضدّ عتق ،يقال :استرقّ فلن مملوكه وأرقّه ، نقيض أعتقه .والرّقيق :المملوك ذكرًا كان أو أنثى ،ويقال للنثى أيضًا رقيقة ،والجمع رقيق وأرقّاء .وإنّما سمّي العبيد رقيقًا ; لنّهم يرقّون لمالكهم ،ويذلّون ويخضعون .وأصله من الرّقّة وهي ضدّ الغلظ والثّخانة في المحسوسات ،يقال :ثوب رقيق ،وثياب رقاق ،ثمّ استعمل في المعنويّات فقيل :فلن رقيق الدّين ،أو رقيق القلب .وال ّرقّ في الصطلح الفقهيّ موافق لمعناه لغ ًة ،فهو كون النسان مملوكًا لنسانٍ آخر .وعرّفه بعض أهل الفرائض والفقه بأنّه " عجز حكميّ يقوم بالنسان سببه الكفر " أو أنّه " عجز شرعيّ مانع للوليات من القضاء والشّهادة وغيرهما » .وللرّقيق أسماء أخرى بحسب نوعه وحاله ، كالقنّ :وهو من ل عتق فيه أصلًا ،ويقابله المبعّض ،وهو المعتق بعضه وسائره رقيق ، ومن فيه شائبة حرّيّةٍ ،وهو من انعقد له سبب العتق كالمكاتب ،والمدبّر ،والموصى بعتقه ، والمعتق عند أجلٍ ،وأمّ الولد . أسباب تملّك الرّقيق : - 2يدخل الرّقيق في ملك النسان بواحدٍ من الطّرق التية :أوّلًا :استرقاق السرى والسّبي من العداء الكفّار ،وقد { استرقّ النّبيّ صلى ال عليه وسلم نساء بني قريظة وذراريّهم } . وفي استرقاقهم تفصيل يرجع إليه في مصطلح ( استرقاق ) .ول يجوز ابتداء استرقاق ن السلم ينافي ابتداء السترقاق ; لنّه يقع جزا ًء لستنكاف الكافر عن عبوديّة المسلم ; ل ّ اللّه تعالى ،فجازاه بأن صيّره عبد عبيده .ثانيًا :ولد المة من غير سيّدها يتبع أمّه في ن ولدها من نمائها ، الرّقّ ،سواء ،أكان أبوه حرّا أم عبدًا ،وهو رقيق لمالك أمّه ،ل ّ ونماؤها لمالكها ،وللجماع ،ويستثنى من ذلك ولد المغرور وهو من تزوّج امرأ ًة على أنّها حرّةً فإذا هي أمة .وكذا لو اشترط متزوّج المة أن يكون أولده منها أحرارًا على ما صرّح به بعض الفقهاء .ثالثًا :الشّراء ممّن يملكه ملكًا صحيحًا معترفًا به شرعًا ،وكذا الهبة والوصيّة والصّدقة والميراث وغيرها من صور انتقال الموال من مالكٍ إلى آخر .ولو كان ح ذلك أيضًا ،وقد أهدى المقوقس للنّبيّ من باع الرّقيق ،أو وهبه كافرًا ذ ّميّا أو حربيّا فيص ّ
صلى ال عليه وسلم جاريتين ،فتسرّى بإحداهما ،ووهب الخرى لحسّان بن ثابتٍ رضي ال عنه . الصل في النسان الحرّيّة ل ال ّرقّ : ن اللّقيط إذا وجد ولم يعرف - 3الصل في النسان الح ّريّة ل ال ّرقّ ،وقد اتّفق الفقهاء على أ ّ نسبه يكون حرّا ،وإن احتمل أنّه رقيق ،قال ابن المنذر :أجمع عامّة أهل العلم على أنّ ن اللّه تعالى خلق آدم اللّقيط حرّ .وقال ابن قدامة :لنّ الصل في الدميّين الح ّريّة ،فإ ّ وذ ّريّته أحرارًا ،وإنّما ال ّرقّ لعارضٍ ،فإذا لم يعلم ذلك العارض فله حكم الصل .والح ّريّة حقّ للّه تعالى فل يقدر أحد على إبطاله إلّ بحكم الشّرع ،فل يجوز إبطال هذا الحقّ ،ومن ذلك أنّه ل يجوز استرقاق الحرّ ولو رضي بذلك .وما كان من خواصّ الدميّة في الرّقيق ل ن حقّ تطليق زوجة العبد هو له ، يبطل برقّه ،بل يبقى على أصل الح ّريّة ،كالطّلق ،فإ ّ سيّد أن يطلّقها عليه . وليس لل ّ ألغاء الشّريعة السلميّة لنواعٍ من السترقاق : - 4حرّمت الشّريعة السلميّة استرقاق الحرّ بغير حقّ ،وقد قال النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :قال اللّه تعالى :ثلثة أنا خصمهم يوم القيامة :رجل أعطى بي ثمّ غدر ،ورجل باع حرّا فأكل ثمنه ،ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره } .رواه البخاريّ وهذا لفظه .وروى أبو داود من حديث عبد اللّه بن عمرٍو { :ثلثة ل يقبل اللّه منهم صلةً } ... وذكر منهم { ورجل اعتبد مح ّررًا } قال الخطّابيّ :اعتباد الحرّ يقع بأمرين :أن يعتقه ثمّ يكتم ذلك ،أو يجحده ،والثّاني :أن يستخدمه كرهًا بعد العتق .ا .هـ وكذلك السترقاق بخطف الحرّ ،أو سرقته ،أو إكراهه ،أو التّوصّل إلى جعله في حبائل الرّقّ ،بأيّ وسيلةٍ ، ح منه شيء ،بل يبقى المخطوف أو المسروق حرّا إن كان كلّ ذلك محرّم ،ول يص ّ معصومًا بإسلمٍ أو عه ٍد ،ومن اشترى من هؤلء واتّخذ ما اشتراه رقيقًا أو باعه ،حرم عليه ما فعل ،ودخل في الّذين قال رسول اللّه تعالى فيهم { :ثلثة أنا خصمهم يوم القيامة } كما في الحديث المتقدّم آنفًا ،فإن وطئ شيئًا من الجواري الّتي ( استملكت ) بهذه الطّرق المحرّمة فهو زنًا ،حكمه حكم الزّنا ،من إقامة ح ّد الزّنا على الواطئ ،وعلى الموطوءة إن زال الكراه ورضيت بالبقاء على ما هي عليه ،والولد الّذي يولد لهما ولد زنًا ،ل يلتحق نسبه بالواطئ . ( إثبات ال ّرقّ ) :
- 5تثبت دعوى ال ّرقّ على مجهول النّسب بالبيّنة ،فإن لم تكن بيّنة فل استحلف في ذلك عند أبي حنيفة ،ويستحلف فيها عند الصّاحبين ،ول يكفي الشّاهد رؤيته يستخدم الرّجل أو المرأة ليشهد برقّهما ،بل ل بدّ أن يعرف رقّهما ،ول تكفي اليد ،ما لم يكن المشهود عليه صغيرًا ل يعبّر عن نفسه ،وقيل عندهم :له أن يشهد أيضًا على الكبير بمجرّد اليد .وقال النّوويّ :إذا ادّعى رقّ بالغٍ فقال البالغ :أنا حرّ الصل ،فالقول قوله ،وعلى المدّعي البيّنة ،وسواء أكان المدّعي استخدمه قبل النكار وتسلّط عليه أم ل ،وسواء جرى عليه البيع مرارًا وتداولته اليدي أم ل ،وقال في موضعٍ آخر :وإذا لم يقرّ اللّقيط برقّ فهو حرّ إلّ أن يقيم أحد بيّن ًة برقّه .وإن أقرّ وهو بالغ عاقل برقّه لشخصٍ فصدّقه قبل إن لم يسبق إقراره ل لم يقبل .وقال أيضًا :لو ادّعى رقّ صغيرٍ ،فإن لم يكن في يده ،لم يصدّق بالح ّريّة ،وإ ّ إلّ ببيّنةٍ ،وإن كان في يده ،فإن استندت اليد إلى التقاطٍ فكذلك على الظهر ،وإن لم يعرف ح يحكم استناده إلى التقاطٍ صدّق وحكم له ،كما لو ادّعى ثوبًا في يده ،فلو كان مميّزًا فالص ّ له برقّه ،ول أثر لنكاره ،والثّاني أنّه كالبالغ ،ثمّ إذا بلغ الصّغير الّذي حكم برقّه وأنكر الرّقّ فالصحّ استمرار ال ّرقّ حتّى تقوم بيّنة بخلفه ،والثّاني :يصدّق منكر ال ّرقّ إلّ أن تقوم به بيّنة .ويكفي في الشّهادة على ال ّرقّ رجل وامرأتان .ومن ادّعى على رجلٍ أنّه عبده فقال المدّعى عليه :بل أنا حرّ ،وأقام كلّ منهما بيّن ًة ،تعارضتا وتساقطتا .قال البهوتيّ :ويخلّى ن الصل الح ّريّة ،والرّقّ طارئ ولم يثبت . سبيله ،ل ّ ثبوت الرّقّ بالقرار : - 6قال الحنفيّة :إذا كان صبيّ مجهول النّسب في يد رجلٍ وهو يعبّر عن نفسه ،أي يعقل فحوى ما يجري على لسانه ،وادّعى الرّجل رقّه ،فقال الصّبيّ :أنا حرّ ،فالقول قوله ; ن -لغير من هو في يده -فهو للّذي هو في يده ; لنّه في يد نفسه ،ولو قال :أنا عبد لفل ٍ لنّه أقرّ بالرّقّ ،وإن كان ل يعبّر عن نفسه فهو للّذي هو في يده .وأمّا الصّبيّ الّذي يعبّر عن نفسه إذا أقرّ بالرّقّ وهو مجهول النّسب فهو رقيق ،ومن باب أولى من كان عند إقراره بالغًا .وعند الحنابلة ل يثبت الرّقّ بإقرار الصّبيّ المميّز ويثبت بإقرار البالغ لكن إن أقرّ بال ّرقّ من هو ثابت الح ّريّة لم يصحّ إقراره ،فلو أقرّت حرّة لزوجها بأنّها أمته ،فباعها للجوع والغلء ،فوطئها المشتري ،قال المالكيّة :فل حدّ عليها ول تعزير ; لعذرها بالجوع ،ويرجع المشتري على زوجها بالثّمن .أي لنّها حرّة فل ترقّ بذلك . من يملك الرّقيق ،ومن ل يملكه :أوّلًا :الكافر :
- 7ل يجوز للكافر استدامة تملّك رقيقٍ مسلمٍ اتّفاقًا .وهذا الحقّ للّه تعالى ; لنّ السلم يعلو ول يعلى ،ولما فيه من إهانة المسلم بملك الكافر له .وقياسًا على تحريم نكاح الكافر مسلمةً ،بل أولى .وقد يدخل الرّقيق المسلم في ملك الكافر في صورٍ معيّنةٍ ،لكن يجبر على إزالة ملكه عنه ببيعٍ ،أو هبةٍ لمسلمٍ ،أو إعتاقٍ أو نحو ذلك ،ومن أمثلة تلك الصّور : - 1أن يكون في يد كافرٍ عبد كافر فيسلم .فقد صرّح الحنفيّة بأنّه يؤمر الكافر ببيعه تخليصًا للعبد الّذي أسلم من بقائه في ملك الكافر . - 2ومنها أن يملكه بالشّراء ،وهذا في رواي ٍة عند مالكٍ وقولٍ للشّافعيّ :فيصحّ ويجبر على إزالة ملكه عنه ،وقال الحنابلة وهو الرّواية الخرى عن مالكٍ ،والقول الثّاني للشّافعيّ ، وهو الظهر عند أصحابه :ل يصحّ شراء الكافر مسلمًا أصلًا .ويحرم بيع المسلم عبده صحّة ل في التّحريم .ويستثنى ما إذا المسلم لكافرٍ على كل القولين ،إذ الخلف في ال ّ اشترى الكافر مسلمًا يعتق عليه بالقرابة ،أو اشتراه بشرط العتق في الحال ،فذلك أولى ن الملك يزول في الحال عقب الشّراء صحّة ،ولذلك أجازه أيضًا الحنابلة في رواي ٍة ; ل ّ بال ّ مباشرةً ،ويحصل ذلك بحكم الشّرع ،بدون توقّفٍ على تص ّرفٍ من المالك ،ويحصل به من ل شرا ٍء يستتبع نفع الح ّريّة أضعاف ما حصل من الهانة بالملك في لحظ ٍة يسير ٍة .وهكذا ك ّ عتقًا .وعند المالكيّة يمنع بيع الرّقيق المسلم لكافرٍ ،فإن وقع مضى بيعه فل يفسخ ،ويجبر على إزالة ملكه بشي ٍء ممّا تقدّم .ولو وكّل كافر مسلمًا في شراء رقيقٍ لم يصحّ الشّراء عند من منع شراء الكافر لعبدٍ مسلمٍ ; لنّ الملك يقع للموكّل ،والموكّل ليس بأهلٍ لشرائه كما لو وكّل مسلم ذ ّميّا في شراء خمرٍ .وإن وكّل المسلم كافرًا يشتري له رقيقًا كافرًا صحّ ،أمّا إن ن المنع منه كان لما وكّله في شراء رقيقٍ مسلمٍ ففيه عند الحنابلة قولن :أحدهما :يصحّ ; ل ّ فيه من ثبوت ملك الكافر على المسلم ،والملك هنا يثبت للمسلم ،فلم يتحقّق المانع .والثّاني ن ما منع من شرائه منع من التّوكّل فيه ،كتوكّل المحرم في شراء صيدٍ ، :ل يصحّ ; ل ّ وتوكّل الكافر في عقد نكاح مسلمة ،وتوكّل المسلم في شراء خمرٍ لذ ّميّ .وإن كان عبد كافر في ملك شخصٍ كافرٍ في دار السلم ،فأسلم العبد ،لم يزل ملك صاحبه بإسلمه ،لكن ل يقرّ في يده ،بل يؤمر بإزالة ملكه عنه ببيعٍ ،أو هبةٍ ،أو عتقٍ ،أو غيرها ،ول يكفي الرّهن أو التّزويج أو الحيلولة بينهما .أمّا إن أسلم العبد الكافر المملوك لكافرٍ بدار الحرب فإنّه يصير بذلك حرّا ،سواء هاجر إلينا أو التحق بجيش المسلمين .فلو خرج إلينا مسلمًا ، أو سباه المسلمون ،لم يجز استرقاقه ; لنّ ملك الكافر ارتفع عنه حكمًا بمجرّد إسلمه ،ولو ن السلم ينافي ابتداء السترقاق . بقي في يد الكافر ; ل ّ ثانيًا :القريب :
- 8إذا ملك النسان أحدًا من والديه وإن علوا أو ولده وإن سفل ولو من ذوي الرحام ، عتق عليه بنفس الملك دون توقّفٍ على حكم حاكمٍ ،ول على نطقٍ بصيغة عتقٍ ،وذلك لقول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :من ملك ذا رحمٍ محرمٍ فهو حرّ } .وسواء كان دخوله في ملكه باختياره كشراءٍ أو بغير اختياره كما لو ورثه .واختلف في بقيّة ذوي الرّحم المحرم سوى أصحاب قرابة الولد .وفي المسألة اختلف وتفصيل يرجع إليه تحت عنوان : ( عتق ) . ثالثًا :المماليك : ك آخر إذا كان المملوك مكاتبًا ،وكذلك عند من قال بأنّ - 9يدخل المملوك في ملك مملو ٍ العبد يملك ،أمّا من قال بأنّ العبد ل يملك أصلًا فل يتصوّر عنده أن يكون العبد أو المة ملكًا لعبدٍ أو أمةٍ ،ولهذه القاعدة فروع في التّسرّي وغيره . ق على العرب : جريان الرّ ّ ن العربيّ إذا سبي جاز أن يسترقّ ،وإذا تزوّج العربيّ - 10قال ابن حجرٍ :الجمهور على أ ّ ن { النّبيّ صلى ال أم ًة كان ولدها رقيقًا أخذًا بإطلق الحاديث الدّالّة على السترقاق ،وبأ ّ عليه وسلم استرقّ من سبي هوازن وبني المصطلق وهم عرب } { .وأمر عائشة بشراء رقب ٍة من أسرى بني تميمٍ وإعتاقها عن نذرها } .قال ابن حجرٍ :والفضل عتق من يسترقّ منهم ،ولذلك قال عمر رضي ال عنه :من العار أن يملك الرّجل ابن عمّه أو بنت عمّه . ن على سيّد المة تقويم الولد ،ويلزم أبوه بأداء وذهب الوزاعيّ ،والثّوريّ ،وأبو ثورٍ إلى أ ّ القيمة ،ول يسترقّ الولد أصلًا .وذهب الشّافعيّ في القديم وأبو عبيدٍ إلى أنّ العرب ل يسترقّ رجالهم .قال أبو عبيدٍ :بذلك مضت سنّة رسول اللّه صلى ال عليه وسلم أنّه لم يسترقّ أحدًا من ذكورهم .قال :وكذلك حكم عمر فيهم أيضًا حتّى ردّ سبي أهل الجاهليّة وأولد الماء منهم أحرارًا إلى عشائرهم على فديةٍ يؤدّونها إلى الّذين أسلموا وهم في أيديهم . قال :وهذا مشهور من رأي عمر .وروى عنه الشّعبيّ أنّ عمر قال :ليس على عربيّ ملك .ونقل عنه أنّه قضى بفداء من كان في ال ّرقّ منهم . أنواع ال ّرقّ : - 11الرّقيق إمّا أن يكون خالصًا ل شائبة فيه ،وإمّا أن يكون فيه شائبة .والرّقيق ن ،إمّا أن يكون سلمًا لمالكٍ واحدٍ ،وإمّا أن يكون مشتركًا وهو الّذي الخالص ،يسمّى الق ّ يملكه شريكان أو أكثر .والرّقيق الّذي فيه شائبة هو الّذي أعتق بعضه فعلًا ،كنصفه أو ربعه ،وبقي سائره رقيقًا ،ويسمّى المبعّض ،أو انعقد فيه سبب التّحرير ،وهو ثلثة
أصنافٍ :الوّل :أمّ الولد ،وهي الجارية إذا ولدت من سيّدها ،فإنّها تكون بالولدة مستحقّةً جمٍ ،فهو للحرّيّة بوفاة سيّدها .والثّاني :المكاتب ،وهو من اشترى نفسه من سيّده بمالٍ من ّ سيّد عبده معتقًا مستحقّ للح ّريّة بمجرّد تمام الداء .والثّالث :المدبّر ،والتّدبير أن يجعل ال ّ سيّد ،وفي معناه :الموصى بعتقه ،والمعلّق عتقه بصفةٍ أو عن دبرٍ منه ،أي بمجرّد وفاة ال ّ ن ال ّرقّ سيّد الوطء .ولك ّ أجلٍ .وهذه النواع الثّلثة الملك فيها كامل ،فإن كانت أمةً جاز لل ّ فيها ناقص لنعقاد سبب الح ّريّة في ،ولذا ل يجزئ عتقه عن الكفّارة . ن ،ثمّ أحكام المشترك والمبعّض .أمّا أمّ الولد ،والمكاتب ، وفيما يلي أحكام الرّقيق الق ّ والمدبّر ،فتنظر أحكامهم في ( استيلد ) ( ،تدبير ) ( ،مكاتبة ) .النّوع الوّل أحكام سيّد رجلًا كان أو سيّد وواجبات رقيقه تجاهه :لل ّ ن المملوك لمالكٍ واحدٍ حقوق ال ّ الرّقيق الق ّ امرأةً على مماليكه الذّكور والناث حقوق يجب على الرّقيق مراعاتها ،منها : ل ما يأمره به أو ينهاه عنه ،ول يتقيّد وجوب الطّاعة بقيدٍ إلّ سيّد في ك ّ - 12أوّلًا :طاعته لل ّ ما ورد التّقييد به شرعًا ،ومن جملة ذلك : سيّد بأمرٍ فيه معصية للّه تعالى كشرب خمرٍ ،أو سرق ٍة ،أو إيذاءٍ لحدٍ من أ -أن يأمره ال ّ ي صلى ال عليه وسلم { :ل طاعة لحدٍ في معصية اللّه } النّاس بغير حقّ ،وذلك لقول النّب ّ صنًا لتبتغوا عرض الحياة وقد قال اللّه تعالى { :ول تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تح ّ ن فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفور رحيم } أي غفور لهنّ رحيم بهنّ حيث الدّنيا ومن يكرهه ّ سيّد رقيقه المسلم على ترك الفرائض أكرهن على ما ل يحلّ .ومن هذا الباب ما لو أجبر ال ّ الشّرعيّة من صل ٍة أو صومٍ ،هذا مع مراعاة أنّ بعض الفرائض اللّازمة للحرار ساقطة شرعًا عن الرقّاء ،كالحجّ ،ويأتي تفصيل ذلك . ب -أن يكون كافرًا فيجبره سيّده على السلم ،فل يجب على الرّقيق طاعته في ذلك لنّه ي من الشّافعيّة أن تكون كافرةً غير كتابيّ ٍة ويرغب سيّدها ل إكراه في الدّين .واستثنى الحليم ّ في الستمتاع بها ،فيجبرها على السلم لتحلّ له ،فرأى الحليميّ جواز ذلك لزالة المانع من الوطء ،قاسه على جواز إجبارها على إزالة النّجاسة وغسل الحيض .والصّحيح عند سيّد إن حمل رقيقه على الفساد يجبر على بيعه الشّافعيّة خلف ذلك .وصرّح الشّافعيّة بأنّ ال ّ .لنّ ال ّرقّ أفادها المان من القتل فل تجبر كالمستأمنة ،قالوا :وليس كالغسل فإنّه ل يعظم المر فيه . سيّد أن يزوّج عبده الذّكر البالغ امرأ ًة ل يرضاها حرّ ًة كانت أو أمةً ،فإن كان ج -ليس لل ّ سيّد أن العبد صغيرًا جاز ،وهذا مذهب أحمد وقول للشّافعيّ ،وقال أبو حنيفة ،ومالك :لل ّ يجبر عبده على النّكاح .ول يلزم العبد طاعة سيّده لو كان المطلوب من الرّقيق فسخ زواجه
سيّد أن الصّحيح ،سواء تمّ بإذنه أو إذن مالكٍ سابقٍ ،فلو كانت المة مزوّجةً ،فليس لل ّ يجبرها على طلب الطّلق ،وكذا ليس له الحقّ في منعها من الكون مع زوجها ليلًا . سيّد ،يأتي بيانه إن شاء اللّه . وللفقهاء تفصيل في مراعاة الحقّين ،حقّ الزّوج وحقّ ال ّ د -إن كان العبد ذ ّميّا فقد ذكر بعض الفقهاء أنّه ل يمنع من إتيان الكنيسة ،أو شرب ي عن قول مالكٍ في المدوّنة الخمر ،أو أكل لحم الخنزير لنّ ذلك دينه ،نقله البنان ّ ل يعمله في زراعةٍ أو سيّد حقّ الستخدام في المنزل وخارجه فيما شاء من عم ٍ - 13ثانيًا :لل ّ خدمةٍ أو رسالةٍ أو غير ذلك .ويتقيّد هذا بأن يكون العمل ممّا يطيقه الرّقيق ،فيحرم تكليفه بما ل يطيقه أو يشقّ عليه مشقّ ًة كبير ًة ،لقول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :إخوانكم خولكم ،جعلهم اللّه تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه ممّا يأكل ،وليلبسه ممّا يلبس ،ول تكلّفوهم ما يغلبهم ،فإن كلّفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم } أي ليعنه بنفسه أو بغيره ; سيّد ممنوع من الضرار برقيقه .وقال مالك :بلغني أنّ ن ذلك يضرّ به ويؤذيه ،وال ّ ول ّ ت فإذا وجد عبدًا في عملٍ ل يطيقه وضع عمر بن الخطّاب كان يذهب إلى العوالي كلّ سب ٍ عنه منه .قال مالك :وكان عمر يزيد في رزق من قلّ رزقه ،قال :وأكره ما أحدثوا من إجهاد العبيد .وإذا استعمل العبد نهارًا أراحه ليلًا ،وكذا بالعكس ،ويريحه بالصّيف في وقت القيلولة ،والنّوم ،والصّلة المفروضة ،ويستعمله في الشّتاء النّهار مع طرفي اللّيل ،ويتّبع في ذلك كلّه العادة الغالبة .وإذا سافر بهم يجب عليه أن يركبهم ولو عقب ًة عند الحاجة . سيّد حقّ انتزاع المال المتحصّل للرّقيق بأيّ وج ٍه كان ،كما لو كان أجر عمله - 14ثالثًا :لل ّ أو مهر المة ،أو أرش جناي ٍة على الرّقيق ،أو بدل خلع العبد امرأته ،أو غير ذلك ،كما ن العبد يملك أو ل يملك كما لو وهب للرّقيق مال ،أو اكتسب من المباح .وقد اختلف في أ ّ سيأتي ،لكن عند من قال إنّه يملك فلسيّده انتزاع ما بيده من المال متى شاء ،وقد قال اللّه تعالى { :ضرب اللّه مثلًا عبدًا مملوكًا ل يقدر على شيءٍ ومن رزقناه منّا رزقًا حسنًا فهو ينفق منه سرّا وجهرًا } . سيّد سيّد رقيقه فيما يدرّ على ال ّ سيّد حقّ استغلل مماليكه ،أي أن يستعمل ال ّ - 15رابعًا :لل ّ سيّد أجره ،أو يأذن له إن كان ذا صنعةٍ ل ويأخذ ال ّ مالًا ،وذلك بأن يؤجّره فيما شاء من عم ٍ كحداد ٍة أو خياطةٍ في أن يعمل بأجرٍ ،وكذا لو أذن له في تجارةٍ أو زراع ٍة أو غيرها .ومن سيّد أن يأمر عبده أو أمته بالكسب أو يأذن غلّة المة ولدها إن زوّجت ،وولد على ال ّرقّ .ولل ّ له أن يتكسّب بما شاء ،غير أنّه يكره له أن يلزم بالكسب أمةً ل صنعة لها ،قال عثمان رضي ال عنه في بعض خطبه :ل تكلّفوا المة غير ذات الصّنعة الكسب ،فإنّكم متى
كلّفتموها ذلك كسبت بفرجها ،ول تكلّفوا الصّغير الكسب ،فإنّه إذا لم يجد سرق .قال الباجيّ :أي إنّها إذا ألزمت خراجًا وهي ليست ذات صنع ٍة تصنعها بخراجٍ ،اضطرّها ذلك للكسب من أيّ وجهٍ أمكنها ،وكان ذلك سببًا إلى أن تكسب بفرجها ،وكذلك الصّبيّ الصّغير إذا كلّف أن يأتي بالخراج وهو ل يطيق ذلك ،فإنّه ربّما اضطرّه إلى أن يتخلّص ممّا لزمه ن النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :نهى من الخراج بأن يسرق .وما ورد في صحيح البخاريّ أ ّ عن كسب المة } فليس على إطلقه لما روى أبو داود من حديث رافع بن خديجٍ مرفوعًا { : نهى عن كسب المة حتّى يعلم من أين هو } .وروى أبو داود أيضًا من حديث رفاعة بن ل ما عملت بيدها } .وقال هكذا بيده ،نحو الغزل والنّفش . رافعٍ { نهى عن كسب المة إ ّ المخارجة : سيّد على عبده أو أمته خراجًا معلومًا يؤدّيه ككلّ يومٍ أو - 16المخارجة أن يضرب ال ّ سيّد ،بل هو عقد سيّد أن يجبر العبد عليها ول للعبد إجبار ال ّ أسبوعٍ ممّا يكتسبه ،وليس لل ّ سيّد إجباره .قال النّوويّ :وليس هذا القول ل :لل ّ يعتبر فيه التّراضي من الطّرفين ،وفي قو ٍ بشيءٍ .وإذا تراضيا على خراجٍ فليكن له كسب دائم يفي بذلك الخراج فاضلًا عن نفقته وكسوته إن جعلها في كسبه .فإن وضع عليه أكثر من كسبه بعد نفقته لم يجز .وكذا إن كلّف من ل كسب له المخارجة ،وإذا وفّى ما عليه وزاد كسبه على المضروب عليه فالزّيادة سيّد بعبده ،وتوسيع للنّفقة عليه .ويجبر النّقص في بعض اليّام له .وهي برّ ورفق من ال ّ بالزّيادة في بعضها ،واذا أدّى ما عليه فله ترك العمل .والمخارجة جائزة من الطّرفين أي غير لزمةٍ ،فلكلّ منهما فسخها . - 17خامسًا :يجب على الرّقيق أيضًا الحفظ والصّيانة لما بيده من مالٍ أو غيره ،ومن جملة ذلك نفسه .وقد قال النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :كلّكم راعٍ ومسئول عن رعيّته ، فالمام راعٍ ،وهو مسئول عن رعيّته ،والرّجل في أهله راعٍ ،وهو مسئول عن رعيّته ، والمرأة في بيت زوجها راعية ،وهي مسئولة عن رعيّتها ،والخادم في مال سيّده راعٍ ، وهو مسئول عن رعيّته } .قال ابن حجرٍ :رعايته حفظ ما تحت يده والقيام بما يجب عليه من خدمته .وعلى الرّقيق أيضًا النّصح لسيّده ،وبذل جهده في خدمته ،وتنفيذ أوامره وترك الكسل فيها ،لحديث أبي موسى الشعريّ مرفوعًا { أيّما عبدٍ أدّى حقّ اللّه وحقّ مواليه فله أجران } .وفي رواي ٍة { للمملوك الّذي يحسن عبادة ربّه ،ويؤدّي إلى سيّده الّذي له عليه من الحقّ والنّصيحة والطّاعة أجران } .وفي حديث ابن عمر مرفوعًا { :إذا نصح العبد لسيّده وأحسن عبادة ربّه كان له أجره مرّتين } قال ابن عبد البرّ :معنى هذا الحديث عندي أنّ
العبد لمّا اجتمع عليه أمران واجبان طاعة ربّه في العبادات ،وطاعة سيّده في المعروف ، فقام بهما جميعًا ،كان له ضعف أجر الحرّ المطيع لطاعته . سيّد حقّ تأديب عبده ومعاقبته على ترك ما أوجبه اللّه عليه ،أو فعل ما - 18سادسًا :لل ّ سيّد ،أو إساءة الدب ،أو غير ذلك باللّوّم أو الضّرب ،كما حرّمه اللّه تعالى ،أو مخالفة ال ّ سيّد الحدّ والقصاص على عبده .وسيأتي يؤدّب ولده وزوجته النّاشز .واختلفوا في إقامة ال ّ سيّد أن يضربه على ترك الصّلة إذا بيان ذلك إن شاء اللّه .ومن جملة العقوبة الّتي يملكها ال ّ كان مم ّيزًا وبلغ عشر سنين ،وذلك لتمرينه عليها حتّى يألفها ويعتادها لحديث { :واضربوهم سيّد أن يزيد في ضرب الرّقيق ،تأديبًا عليها وهم أبناء عش ٍر } .قال الحجّاويّ والبهوتيّ :ولل ّ على ضرب الولد والزّوجة ،لقول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :ل تضرب ظعينتك كضرب سيّد أن أ ّميّتك } وقوله { :ل يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثمّ يجامعها في آخر اليوم } .ولل ّ يقيّد عبده إذا خاف عليه الباق . سيّد حقّ وطء مملوكته ما لم يمنع من ذلك مانع شرعيّ ،كأن تكون حائضًا - 19سابعًا :لل ّ أو نفساء أو مزوّجةً ،أو كافر ًة غير كتابيّ ٍة ،أو تكون مرتدّ ًة أو غير ذلك ،أو فيها شرك لغيره ،فإذا وطئت تكون سريّ ًة ،إلّ أنّها إن كانت مزوّجةً ثمّ ملكت بالسّبي جاز لمالكها فسخ نكاحها ثمّ وطؤها بعد الستبراء .وللستمتاع بالماء أحكام وضوابط شرعيّة تنظر في موضعها ممّا يلي .وفي مصطلح ( :تسرّي ) .ويجب على المملوكة أن تمكّن سيّدها من نفسها للستمتاع ،ويحرم عليها المتناع من ذلك لنّه منع حقّ ،ما لم تكن محرّمةً عليه ،أو يكون لها عذر صحيح . سيّد التّصرّف في رقيقه بالبيع وغيره من العقود وسائر التّصرّفات كما يأتي - 20ثامنًا :لل ّ سيّد أن يمنع عبده من التّزوّج ،أو التّعاقد ،أو التّصرّف بالوجه الّذي قريبًا - 21 .تاسعًا :لل ّ سيّد إلى غير ذلك من الحقوق يريد .فليس للعبد أن يتصرّف ببيعٍ أو شراءٍ أو تعاقدٍ إلّ بإذن ال ّ سيّد على رقيقه كما يعلم من باقي هذا البحث . الّتي لل ّ إباق الرّقيق وهربه : ل ،فإن - 22الباق :انطلق العبد تم ّردًا على من هو في يده من غير خوفٍ ول كدّ عم ٍ كان تمرّده لذلك ل يسمّى آبقًا ،بل هو هارب أو ضالّ أو فارّ .والباق محرّم ،لما فيه من سيّد ،وهو من عيوب الرّقيق .وللباق أحكام مختلفة تنظر في ( إباق ) . إبطال حقّ ال ّ
سيّد من رقيقه : ما ل يملكه ال ّ سيّد قتل عبده ،ول جرحه ،ول التّمثيل به بقطع شيءٍ من أعضائه ،كجدع - 23ليس لل ّ سيّد خصاء عبده ي صلى ال عليه وسلم عن المثلة } .وليس لل ّ أنفه أو قطع أذنه { ،لنهي النّب ّ ل لذنبٍ عظيمٍ .وليس له أن يلطمه في وجهه لقول النّبيّ .وليس له أن يضربه ضربًا شديدًا إ ّ صلى ال عليه وسلم { :إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه } .ولحديث { :من لطم غلمه سيّد أن يشتم أبوي رقيقه فكفّارته عتقه } .وليس له أن يضربه من غير ذنبٍ جناه .وليس لل ّ سيّد برقيقه ،فقطع أذنه أو أنفه أو عضوًا منه ،أو جبّه أو وإن كانا كافرين .وإن مثّل ال ّ خصاه أو خرق أو حرق عضوًا منه ،عتق عليه بل حكم حاكمٍ بل بمجرّد التّمثيل به .على ن زنباعًا وجد ل :بل بحكم الحاكم ،لما ورد { أ ّ ما صرّح به المالكيّة والحنابلة ،وفي قو ٍ غلمًا له مع جاري ٍة فجدع أنفه وجبّه ،فأتى النّبيّ صلى ال عليه وسلم فقال من فعل هذا بك ؟ فقال :زنباع :فدعاه النّبيّ صلى ال عليه وسلم فقال :ما حملك على هذا ؟ فقال كان من أمره كذا وكذا ،فقال النّبيّ صلى ال عليه وسلم للعبد :اذهب فأنت حرّ } .ولو استكره ط عتق أيضًا ،ومثله ما لو وطئ جاريته الّتي ل تطيق الوطء عبده على الفاحشة بلوا ٍ فأفضاها ; لنّه في معنى التّمثيل .ول يعتق بخدشه أو ضربه أو لعنه ،وفي المسألة تفصيل ي كحلق وخلف يذكر في مصطلح ( عتق ) ،وألحق المالكيّة بالتّمثيل به تعمّد الشّين المعنو ّ لحية عبدٍ تاجرٍ ،أو حلق شعر أمةٍ رفيعةٍ .وألحقوا به أيضًا تمثيل الرّجل بعبد غيره ، ل إن كانت مفسدةً لمنافع الرّقيق كلّها أو ويغرم قيمته لصاحبه ،لكن ل يستحقّ العتق بذلك إ ّ جلّها .حقوق الرّقيق على سيّده : - 24أوّلًا :نفقة المملوكين واجبة على مالكيهم إجماعًا ،لما ورد في ذلك من الحاديث منها ل ما يطيق } قول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :للمملوك طعامه وكسوته ل يكلّف من العمل إ ّ ولقوله صلى ال عليه وسلم { :كفى بالمرء إثمًا أن يحبس عمّن يملك قوته } .ولنّه ل بدّ له ص النّاس به فوجبت عليه نفقته .والواجب من ذلك قدر من نفق ٍة ،ومنافعه لسيّده ،وهو أخ ّ سيّد مخيّر بين أن يجعل كفايته .وسواء أكان الرّقيق موافقًا في الدّين لمالكه أو مخالفًا له .وال ّ سيّد نفقته من كسبه إن كان له كسب ،وبين أن يأخذ كسبه أو يجعله برسم خدمته وينفق ال ّ سيّد نفقته في ل ماله .وإن كان للمملوك كسب أكثر من نفقته وجعل ال ّ ن الك ّ عليه من ماله ; ل ّ سيّد أخذ الزّائد عن نفقته ،وإن كان كسبه ل يكفي لنفقته فعلى سيّده إتمامها . كسبه ،فلل ّ وتسقط النّفقة بمضيّ الزّمان .والواجب من الطعام كفايته من غالب قوت البلد وأدم مثله بالمعروف .والواجب من الكسوة المعروف من غالب الكسوة لمثال المملوك في ذلك البلد
الّذي هو فيه .ويجب له الغطاء والوطاء والمسكن والماعون .ول يجوز القتصار في سيّد من النفاق الكسوة على ما يستر العورة وإن كان ل يتأذّى بحرّ أو بردٍ .فإن امتنع ال ّ سيّد على ذلك ،وصرّح الشّافعيّة بأنّ الواجب لعسره أو إبائه فطلب المملوك بيعه أجبر ال ّ سيّد أن يسوّي بين عبيده في النّفقة ، سيّد في نفقة رقيقه .ول يجب على ال ّ القاضي يبيع مال ال ّ ول بين الجواري ،بل يستحبّ ذلك .وإن كان بعضهنّ للستمتاع فل بأس أن يزيدها في النّفقة .وهذا كلّه تفصيل الشّافعيّة والحنابلة في المسألة .وقد صرّح الحنابلة بأنّه إذا مرض المملوك أو زمن أو عمي ،وانقطع كسبه ،فعلى سيّده النفاق عليه ،والقيام به ; لنّ نفقته تجب بالملك ل بالعمل ،ولذا تجب مع الصّغر .ول تسقط نفقة الرّقيق بإباقه أو عصيانه أو سيّد عن النفاق فقدر العبد على أخذ قدر كفايته من مال حبسه أو نشوز المة .ولو امتنع ال ّ ب مداواه الرّقيق إذا سيّد نفقة تجهيز رقيقه إذا مات ودفنه .وتستح ّ سيّده فله ذلك .ويلزم ال ّ سيّد ،ويجب ختان من لم يكن مرض وما لزم من أجرة الطّبيب وثمن الدّواء فهو على ال ّ مختونًا منهم ،وهذا عند من قال بوجوب الختان ( .ر :ختان ) سيّد إعفاف مماليكه ذكورًا كانوا أو إناثًا إذا - 25ثانيًا :ذهب الحنابلة إلى أنّه يجب على ال ّ طلبوا ذلك :لقوله تعالى { :وأنكحوا اليامى منكم والصّالحين من عبادكم وإمائكم } وقال ابن عبّاسٍ " .من كانت له جارية فلم يزوّجها ولم يصبها ،أو عبد فلم يزوّجه فما صنعا من ن النّكاح تدعو سيّد إثم بفعلهما ،ول ّ سيّد فلول وجوب إعفافهما لما لحق ال ّ شيءٍ كان على ال ّ سيّد عليه كالنّفقة ، إليه الحاجة غالبًا ويتضرّر بفواته ويتعرّض بمنعه منه للفتنة ،فأجبر ال ّ ويكون العفاف للذّكر بتزويجه أو بتمليكه أمةً يتسرّاها على خلفٍ في جواز تسرّيه ،يأتي ن المقصود قضاء بيانه ،وللنثى بتزويجها أو بوطء سيّدها لها بما يغنيها عن التّزويج ; ل ّ حاجتها ودفع شهوتها ،فلم يتعيّن تزويجها .وإذا كان للعبد زوجة فعلى سيّده تمكينه من الستمتاع بها ليلًا ; لنّ وجوب العفاف يقتضي الذن في الستمتاع المعتاد .فإن امتنع سيّد من النّفقة الواجبة أو العفاف الواجب بما تقدّم ،سواء لعجزه أو إبائه فطلب العبد أو ال ّ سيّد إجابته إلى ذلك لما تقدّم ،ولحديث { :تقول المرأة :إمّا الجارية أن يباع ،وجب على ال ّ أن تطعمني أو تطلّقني ،ويقول العبد :أطعمني واستعملني ،ويقول البن :أطعمني إلى من ل فبعني } .فإن لم يفعل باع الحاكم ماله في تدعني وفي روايةٍ :ويقول خادمك أطعمني وإ ّ نفقته ،فإن لم يجد له مالًا أمره ببيعه ،أو يؤجّره أو يعتقه ،فإن لم يفعل باعه الحاكم .وإذا سيّد يطأ جاريته فغاب غيبةً ل تقطع إلّ بكلفةٍ ومشقّ ٍة فطلبت التّزويج زوّجها الحاكم . كان ال ّ سيّد ،والصحّ ول يجب على الولد وغيره من أقارب الرّقيق إعفافه ،بل الحقّ على ال ّ سيّد رقيقه .ولم نجد للحنفيّة والمالكيّة كلمًا في هذه المسألة ، للشّافعيّة عدم وجوب إعفاف ال ّ
سيّد ; ولنّ ونسب صاحب المغني إليهما عدم الوجوب ،لما فيه من الضرار الماليّ بال ّ التّزويج ليس ممّا تقوم به البيّنة . - 26ثالثًا :إذا طلب الرّقيق العتق لم يلزم سيّده أن يعتقه ،لكن إن طلب الكتابة ،وهي ل يؤدّيه لسيّده ،وجب على سيّده أن يعاقده على ذلك عند بعض الفقهاء ،منهم العتق على ما ٍ ضحّاك ،لقوله تعالى { :والّذين يبتغون عكرمة وعطاء ومسروق وعمر وابن دينا ٍر وال ّ الكتاب ممّا ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم } ن سيرين أبا محمّد بن سيرين سأل أنس بن مالكٍ وهو موله أن يكاتبه ،فأبى أنس ، وروي أ ّ فرفع عليه عمر بن الخطّاب رضي ال عنه ال ّدرّة وتل { :فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا } فكاتبه أنس .وذهب أئمّة المصار إلى أنّ ذلك مندوب غير واجبٍ ،قالوا :لنّها معاوضة فل تصحّ إلّ عن تراضٍ ،ولقول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :ل يحلّ لمرئٍ من مال أخيه إلّ ما طابت به نفسه } .والمراد بالخير في الية القوّة على الكسب والداء ،وقيل :المراد الصّلح والمانة والدّين .وينظر تفصيل الكلم في الكتابة وأحكام المكاتب تحت عنوان : ( مكاتبة ) النفاق على زوجة الرّقيق وولده : سيّد أن ينفق على زوجة الرّقيق حرّ ًة كانت أو أمةً ،ونفقة الجارية - 27يجب على ال ّ المزوّجة على زوجها إن كان حرّا ،وعلى سيّد زوجها إن كان رقيقًا ما كانت مع زوجها ، وحيث عادت إلى سيّدها لخدمته ينفق عليها ما كانت عنده .ونفقة أولد الرّقيقة على سيّدها سيّد تبعًا لمّهم ،ونفقة أولد الحرّة من عبدٍ على ولو كان أبوهم حرّا ; لنّهم يكونون رقيقًا لل ّ سيّد ،بل يكونون أحرارًا ،ومن من تجب عليهم نفقتهم من القارب ; لنّهم ل يتبعون ال ّ القارب المّ ،على تفصيلٍ يرجع إليه في بحث ( :نفقة ) . الرّفق بالرّقيق والحسان إليه : - 28أمر اللّه تعالى بالحسان إلى الرّقيق في قوله سبحانه { :واعبدوا اللّه ول تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصّاحب بالجنب وابن السّبيل وما ملكت أيمانكم } .قال القرطبيّ :ندبهم إلى مكارم الخلق ،وأرشدهم إلى الحسان وإلى طريق التّواضع ،حتّى ل يروا لنفسهم مزيّ ًة على ل عبيد اللّه ،والمال مال اللّه ،لكن سخّر بعضهم لبعضٍ ،وملك بعضهم بعضًا عبيدهم إذ الك ّ ن اللّه كتب الحسان إتمامًا للنّعمة ،وتنفيذًا للحكمة .وقال النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :إ ّ ن النّبيّ صلى ال عليه وسلم أوصى بهم ل شيءٍ } .وورد في حديث حجّة الوداع أ ّ على ك ّ
ث :قال :كان آخر ما تكلّم به النّبيّ صلى ال عليه فقال { :أرقّاءكم أرقّاءكم } .وفي حدي ٍ وسلم أن قال { :الصّلة الصّلة .اتّقوا اللّه فيما ملكت أيمانكم } .وقد بيّنت شريعة السلم ن الختلف بالح ّريّة والرّقّ ل يعني عدم قيام هذه الخوّة ، ن الرّقيق والحرار إخوة ،وأ ّ أّ وأمّا جعل الرّقيق بيد سيّده ،وتمليكه رقبته فهو نوع من الفتنة والبتلء من اللّه تعالى ،ليعلم من يقوم بحقّ ذلك ،قال اللّه تعالى { :ومن لم يستطع منكم طولًا أن ينكح المحصنات ض } أي المؤمنات فممّا ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات واللّه أعلم بإيمانكم بعضكم من بع ٍ أنتم بنو آدم .وقال النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :إخوانكم خولكم جعلهم اللّه تحت أيديكم } وروي أنّه صلى ال عليه وسلم قال { :حسن الملكة يمن ،وفي رواية :نماء ،وسوء الخلق شؤم } أي إذا أحسن الصّنيع بالمماليك ومعاملتهم فإنّهم يحسنون خدمته ،وذلك يؤدّي إلى اليمن والبركة ،كما أنّ سوء الملكة يؤدّي إلى الشّؤم والهلكة .والحسان إلى الرّقيق يتضمّن بالضافة إلى اللتزام بحقوقه الواجبة له كما تقدّم أمورًا ،منها : أ -ترك ظلمه والساءة إليه : - 29سواء كان ذلك بضربٍ ،أو شتمٍ ،أو تحقيرٍ كما تقدّم ،فقد ورد عن أبي مسعودٍ ي قال { :كنت أضرب غلمًا لي ،فسمعت من خلفي صوتًا :اعلم أبا مسعودٍ - النصار ّ قال راوي الحديث :مرّتين -للّه أقدر منك عليه فالتفتّ فإذا هو رسول اللّه صلى ال عليه وسلم فقلت يا رسول اللّه :هو حرّ لوجه اللّه .قال :أما إنّك لو لم تفعل للفحتك النّار .أو : لمسّتك النّار } وقال صلى ال عليه وسلم { :ل يدخل الجنّة سيّئ الملكة } . ب -الحسان إلى العبد في الطّعام : - 30ومن ذلك أن يجلسه معه ليأكل من طعامه إذا أحضره ،فإن لم يجلسه معه استحبّ أن يناوله منه ،فإن كان هو الّذي عالج الطّعام تأكّد الستحباب ،وقد ذهب الشّافعيّة في هذا الحال إلى الوجوب في قولٍ ،وذلك لقول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :من كان أخوه تحت يده فليطعمه ممّا يطعم وليلبسه ممّا يلبس } .وقوله { :إذا أتى أحدكم خادمه بطعامٍ فإن لم يجلسه معه فليناوله أكلةً أو أكلتين ،أو لقمةً أو لقمتين ،فإنّه ولي حرّه وعلجه } .وفي رواي ٍة { إذا كفى أحدكم خادمه صنعة طعامه وكفاه حرّه ودخانه فليجلسه معه فليأكل ،فإن أبى فليأخذ لقمةً فليروّغها ثمّ ليعطها إيّاه } .قال النّوويّ :التّرويغ أن يرويها دسمًا .قال : وليكن ما يناوله لقمةً كبير ًة تسدّ مسدّا ،ل صغيرةً تهيّج الشّهوة ول تقضي النّهمة . ج -الحسان إلى العبد في الملبس : - 31ومن ذلك أن يجعل لباس عبده مثل ملبسه هو في الجودة ،فيستحبّ ذلك للحديث السّابق ،وفيه { :وليلبسه ممّا يلبس } .
د -أن يبيعه عند عدم الملءمة : ل يستمرّ أذاه .قال ابن تيميّة سيّد أن يبيعه لئ ّ - 32إذا ساء المر بين الرّقيق وسيّده ينبغي لل ّ :لو لم تلئم أخلق العبد أخلق سيّده ،لزمه إخراجه عن ملكه ،لما في حديث أبي ذرّ قال :قال رسول اللّه صلى ال عليه وسلم { :من لءمكم من مملوكيكم فأطعموه ممّا تأكلون ، واكسوه ممّا تلبسون ،ومن لم يلئمكم منهم فبيعوه ،ول تعذّبوا خلق اللّه } .وجاء في سيّد عليه ،نصّ عليه أحمد . سيّد قد وفّى بحقوقه لم يجبر ال ّ المغني :إن طلب الرّقيق البيع وال ّ قال أبو داود :قيل لحمد :استباعت المملوكة وهو يكسوها ممّا يلبس ويطعمها ممّا يأكل ؟ ل أن تحتاج إلى زوجٍ فتقول :زوّجني .قال ابن قدامة : قال :ل تباع وإن أكثرت من ذلك إ ّ سيّد بهذا قال عطاء وإسحاق في العبد يحسن إليه سيّده وهو يستبيع :ل يبيعه ،لنّ الملك لل ّ والحقّ له ،فل يجبر على إزالته من غير ضر ٍر بالعبد ،كما ل يجبر على طلق امرأته مع القيام بما يجب لها ،ول على بيع بهيمته مع النفاق عليها . هـ -أن يحسن اسمه : - 33لما ورد في الحديث { نهانا النّبيّ صلى ال عليه وسلم أن نسمّي رقيقنا بأربعة أسماءٍ : ح ،ويسارٍ ،ونافعٍ } ..وأن يحسن في مخاطبته ،ومن ذلك أن ل يكلّفه مناداته أفلح ،وربا ٍ سيّد بلفظ " يا عبدي " " ويا أمتي " بل بنحو " ربّي " بل يقول :سيّدي " ول ينبغي أن يدعوه ال ّ يقول :يا فتاي ويا فتاتي " ونحو ذلك ،لما روى أبو هريرة أنّ النّبيّ صلى ال عليه وسلم قال { :ل يقل أحدكم أطعم ربّك .وضّئ ربّك .وليقل :سيّدي مولي .ول يقل أحدكم : عبدي ،أمتي ،وليقل :غلمي وفتاي وفتاتي } .رواه البخاريّ وبوّب له " باب كراهة التّطاول على الرّقيق " ،ورواه مسلم وزاد في آخره { وجاريتي } قال ابن حجرٍ :أرشد ن لفظ الفتى والغلم صلى ال عليه وسلم إلى ما يؤدّي المعنى مع السّلمة من التّعاظم ،ل ّ ليس دالّا على محض الملك كدللة العبد ،فقد كثر استعمال الفتى في الحرّ ،وكذلك الغلم والجارية . و -أن يحسن أدبه وتعليمه : ن النّبيّ صلى ال عليه وسلم قال { :أيّما رجلٍ كانت عنده - 34روى أبو موسى الشعريّ أ ّ وليدة فعلّمها فأحسن تعليمها ،وأدّبها فأحسن تأديبها ،ثمّ أعتقها وتزوّجها كان له أجران } السّلطان ورعاية الرّقيق : سيّد يلزم رقيقه بخراجٍ ل يطيقه ، - 35على السّلطان رعاية الرّقيق ،ومن ذلك إذا كان ال ّ ل ل يطيقه .وقد تقدّم النّقل عن عمر رضي ال عنه منعه السّلطان .وكذلك إن كان يكلّفه بعم ٍ ل سبتٍ إلى العوالي فإذا وجد عبدًا في عملٍ ل يطيقه وضع عنه .ومن ذلك أنّه كان يخرج ك ّ
سيّد رقيقه ،أو ارتكب في حقّه ما ل يحلّ له من مثل ٍة ،أو جرحٍ أو قطعٍ ،ألزمه إذا عذّب ال ّ بتحريره فيما يستحقّ فيه التّحرير ،أو دعاه إلى ذلك إن لم يكن التّحرير واجبًا ،كما تقدّم في سيّد في تلك الحال بقولٍ مواضع من فعل النّبيّ صلى ال عليه وسلم ذلك .وللسّلطان تعزير ال ّ سيّد عبده كان للعبد رفعه إلى الحاكم أو فعلٍ ،على القاعدة في التّعزير .وإذا قذف ال ّ ي :هذا هو الصّحيح ،وقيل :ليس له طلب التّعزير من سيّده .واذا كان ليعزّره ،قال النّوو ّ سيّد ل ينفق على عبيده ،أو ينفق عليهم نفقةً ل تكفيهم ألزمه السّلطان بذلك ،وكذا إذا أبى ال ّ تزويجهم مع الحاجة إلى ذلك ،وإن أمره السّلطان بتزويجهم فأبى ،يزوّجهم السّلطان . تصرّفات المالك في رقيقه : سيّد فله أن يتصرّف فيهم كما يتصرّف في سائر أمواله بالبيع - 36الرّقيق من جملة مال ال ّ والشّراء والجارة والرّهن والهبة والعارة ،وله أن يجعل العبد أو المة ثمنًا في بيعٍ ،أو عوضًا في الجارة ،أو مهرًا لزوجته ،وغير ذلك من وجوه التّصرّف .إلّ أنّ التّصرّف في الرّقيق له خصوصيّات يقتضيها وضعه من حيث هو إنسان ،ومن حيث هو مسلم ،أو كافر ،وغير ذلك .وفيما يلي بعض هذه الخصوصيّات :أوّلًا :البيع :بيع العبد بشرط العتق : - 37استثناء من قاعدة فساد الشّرط الّذي ليس من مقتضى عقد البيع ول مصلحته ،فإنّ البائع إذا اشترط على المشتري أن يعتق الرّقيق الّذي باعه إيّاه ،فالشّرط المذكور صحيح عند مالكٍ والشّافعيّة في القول المشهور ،وفي روايةٍ عن أحمد ،واحتجّ لهذا القول بأنّ { عائشة رضي ال عنها اشترت بريرة وشرط أهلها عليها عتقها وولءها ،فأنكر النّبيّ صلى ال عليه وسلم شرط الولء دون شرط العتق } .ثمّ إن أعتقه المشتري فقد وفّى بما شرط عليه ،وإن لم يعتقه فقيل :يجبر عليه ،وقيل :ل يجبر ،ولكن يكون للبائع الفسخ ، كما لو شرط رهنًا فلم يسلّم له .ومذهب أبي حنيفة أنّ البيع يكون فاسدًا ،على أصله في فساد البيع بالشّرط ،لكن إن أعتقه المشتري بعدما اشتراه بشرط العتق يصحّ البيع حتّى يجب ن البيع عليه الثّمن عند أبي حنيفة ،وقال صاحباه :يبقى فاسدًا حتّى يجب عليه القيمة ; ل ّ ح البيع ويفسد الشّرط ،وهو مقتضى وقع فاسدًا ،فل ينقلب جائزًا .وفي رواي ٍة عن أحمد يص ّ ما نقل عن ابن أبي ليلى . بيع العبيد أو شراؤهم سلمًا ،أو في ال ّذمّة :
- 38يجوز عند الجمهور بيع الرّقيق سلمًا لمكان الضّبط بالوصاف المشروطة في السّلم . وذهب الحنفيّة والثّوريّ وهو رواية عن أحمد إلى أنّه ل يصحّ السّلم في الرّقيق ; لنّه يختلف اختلفًا فاحشًا بالمعاني الباطنة ،فل يمكن ضبطه ،فيفضي إلى المنازعة . التّفريق في البيع بين القارب : سيّد في البيع أن يفرّق بين ذوي رحمٍ محرمٍ ،كالتّفريق - 39ذهب الحنفيّة إلى أنّه يكره لل ّ بين عبدٍ وأمّه ،أو ابنه ،أو بنته ،أو عمّه ،أو عمّته ،أو خاله ،أو خالته .وذهب الحنابلة إلى أنّه يحرم التّفريق المذكور بين ذوي الرّحم المحرم .واحتجّ الفريقان بما روى أحمد من ي رضي ال عنه قال { :أمرني النّبيّ صلى ال عليه وسلم أن أبيع غلمين حديث عل ّ أخوين ،فبعتهما ففرّقت بينهما .فذكرت ذلك للنّبيّ صلى ال عليه وسلم فقال :أدركهما فارتجعهما ،ول تبعهما إلّ جميعًا } ،وفي روايةٍ { ردّه ردّه } .وعن أبي موسى مرفوعًا { لعن اللّه من فرّق بين الوالدة وولدها ،والخ وأخيه } .قالوا :والنّصّ وإن ورد في الوالدة وولدها والخ وأخيه فيقاس عليهما سائر القرابات ذات المحرم من باب قياس الدّللة .ولنّ الصّغير يستأنس بالصّغير والكبير ،والكبير يتعاهده ،وفي التّفريق قطع المرحمة على الصّغار ،ول يدخل في التّحريم أو الكراهة التّفريق بين الزّوجين .وذهب المالكيّة إلى أنّه ل ل التّفريق بين المّ وولدها لحديث " من فرّق بين الوالدة وولدها فرّق اللّه بينه يحرم من ذلك إ ّ وبين أحبّته يوم القيامة " وحديث { ل تولّه والدة عن ولدها } .والمحرّم عندهم التّفريق بمعاوضةٍ كالبيع وجعل أحدهما عوضًا في الجارة وهبة الثّواب ،وما بمعنى المعاوضة ن الحقّ للمّ ، كالقسمة ،ل في غير المعاوضة كالصّدقة والهبة المحضة .والمشهور عندهم أ ّ فإن رضيت بالتّفريق جاز .وسواء أختلف دين المّ وابنها ،أم اتّفق .وذهب الشّافعيّة إلى أنّه يحرم التّفريق بين الوالدة وولدها بالبيع والقسمة والهبة ونحوها ،ول يحرم التّفريق في العتق والوصيّة .قال القليوبيّ :ويلحق بال ّم الب والجدّ والجدّة وإن علوا ولو من جهة ل ذكره النّوويّ في الرّوضة في باب المّ ،ول يحرم التّفريق بين بقيّة المحارم .وفي قو ٍ ن حكم التّفريق المتقدّم يستمرّ عند الجهاد :ل يفرّق بين الصّغير وسائر المحارم .هذا وإ ّ الحنفيّة والحنابلة وفي قولٍ عند الشّافعيّة ،ما دام كلهما أو أحدهما دون البلوغ ،وعند ن التّمييز كسبعٍ أو ثمانٍ ،فإن زاد كلهما عن ذلك جاز ،لما ورد الشّافعيّة في الظهر إلى س ّ { أنّ سلمة بن الكوع رضي ال عنه أتى أبا بكرٍ رضي ال عنه بامرأ ٍة وابنتها ،فنفله أبو ي صلى ال عليه وسلم فوهبها له } .وما روي أنّه { أهدى بك ٍر ابنتها ،فاستوهبها النّب ّ ي صلى ال عليه وسلم مارية وأختها سيرين ،فأعطى سيرين لحسّان بن المقوقس إلى النّب ّ ثابتٍ ،وترك مارية لنفسه } .ولنّه بعد البلوغ يصير مستقلّا بنفسه .والعادة التّفريق بين
الحرار ،فالمرأة تزوّج ابنتها .وعند المالكيّة يستمرّ إلى أن يثغر الصّغير ،أي تنبت أسنانه بعد سقوط الرّواضع ،فإن أثغر جاز التّفريق لستغنائه عن أمّه في أكله وشربه ومنامه وقيامه .حكم البيع الّذي حصل به التّفريق : - 40البيع الّذي فرّق به بين المّ وولدها أو غيره من التّفريق المحرّم ،على الخلف السّابق ،إذا وقع يكون فاسدًا عند الجمهور ،وقد قال النّبيّ صلى ال عليه وسلم لعليّ حين فرّق بين أخوين بالبيع { :اذهب فارتجعهما } وإنّما يجب الرتجاع في البيع الفاسد .وقال الحنفيّة :ل ن النّهي في أمرٍ خارجٍ عن صلب العقد وشرائطه ،فيكره العقد عندهم ويصحّ . يفسد ،ل ّ ردّ الرّقيق في البيع بالعيب : - 41العيوب هي النّقائص الموجبة لنقص الماليّة في عادات ال ّتجّار ،والمرجع في ما أشكل منه عرف أهله ،ويردّ الرّقيق بعيوبٍ معيّن ٍة إذا لم تكن معلوم ًة عند العقد ،وينظر تفصيل ذلك في المطوّلت . حكم مال الرّقيق إذا بيع : - 42ذهب جمهور الفقهاء ،إلى أنّه إذا بيع الرّقيق وله مال ملّكه إيّاه موله أو خصّه به ، ن المال للمشتري ،فإنّه يكون للبائع ،لقول النّبيّ صلى ال عليه ولم يشترط في عقد البيع أ ّ ل أن يشترط المبتاع } ولنّ العبد وماله وسلم { :من ابتاع عبدًا وله مال فماله للّذي باعه إ ّ ص البيع به دون ماله ،كما لو كان له عبدان ،فباع أحدهما لم سيّد ،فإذا باع العبد اخت ّ لل ّ يتناول البيع العبد الثّاني .ثمّ ذهب الحنابلة في قولٍ ،والشّافعيّة في خلف الظهر عندهم : إلى أنّه إن اشترط المشتري مال العبد صحّ ،ويكون المال له ،لما في الحديث السّابق ح ذلك إلّ إن كان مقصوده شراء العبد والرّغبة فيه ،وأنّ المال تبع ،وإنّما الذّكر ،ول يص ّ قصد بقاء المال للعبد وإقراره في يده ،وحينئذٍ يغتفر في المال الجهالة ،ويغتفر كونه من ح استقللًا ، ح تبعًا ولو كان ل يص ّ ن الشّيء قد يص ّ جنس الثّمن ولو كان أكثر من الثّمن ; ل ّ ت بيع بذهبٍ .فإن كان المال هو المقصود اشترط العلم به ، كالتّمويه بالذّهب في سقف بي ٍ وسائر شروط البيع .ومذهب الشّافعيّة في الظهر أنّه ل يصحّ للمشتري أن يشترط مال العبد إلّ أن تتحقّق شروط البيع ; لنّه مبيع آخر ،فاشترط فيه ما يشترط في سائر المبيعات . ي الجارية الّتي تلبسها ،وما قد يكون عليها أو على العبد من وهذا كلّه يجري أيضًا في حل ّ الثّياب الّتي تراد للجمال .أمّا الثّياب المعتادة ممّا كان يلبسه عند البائع للبذلة والخدمة فهو للمشتري عند الحنابلة .وقال الشّافعيّة في الصحّ :ل يدخل في البيع شيء من الثّياب إلّ بالشّرط .
رهن الرّقيق : - 43يجوز لسيّد الرّقيق ارتهانه بحقّ عليه ،ذكرًا كان الرّقيق أو أنثى .ولو كان لها ولد فيجوز رهنها دون ولدها ،أو معه ; لنّ الرّهن ل يزيل الملك ،فإن دعت الحاجة إلى بيعها ن التّفريق بينهما حرام كما تقدّم ،فإذا بيعا تعلّق حقّ المرتهن في الدّين بيع ولدها معها ; ل ّ بما يخصّ المّ من الثّمن - .وليس للرّاهن أن يتصرّف في المرهون بغير إذن المرتهن ، كالبيع ،أو الجارة ،أو الهبة ،أو الوقف ،أو الرّهن .وإن تصرّف يكون تصرّفه باطلًا . وكذلك العتق ،فليس للرّاهن عتق العبد المرهون ; لنّه يبطل الوثيقة منه ،لكن إن أعتقه نفذ العتق إن كان الرّاهن موسرًا ،وهو قول عامّة العلماء ،وخالف عطاء والب ّتيّ وأبو ثورٍ والشّافعيّ في أحد أقواله الثّلثة ،فقالوا :ل ينفذ العتق ولو كان الرّاهن موسرًا .وعند من قال بنفاذه يؤخذ من الرّاهن قيمته فتكون رهنًا مكانه .وأمّا المعسر فينفذ عتقه أيضًا عند الحنفيّة ،وفي قولٍ للشّافعيّ ،وروايةٍ عن أحمد ،ثمّ قال الشّافعيّ وأحمد :إن أيسر قبل حلول الحقّ أخذت منه القيمة فجعلت رهنًا ،وإن أيسر بعد حلوله طولب بأصل الدّين .قال أبو حنيفة :يستسعى العبد المعتق في قيمته ،فإذا أدّاها جعلت رهنًا ،ويرجع العتيق على الرّاهن .وقال مالك وهو قول للشّافعيّ -قال النّوويّ :هو الظهر -ورواية أخرى عن ق المرتهن من الوثيقة ومن بدلها ،فيمتنع أحمد :ل ينفذ عتق المعسر ; لنّه بالعتق يسقط ح ّ نفاذه لما فيه من الضرار بالمرتهن .وأضاف المالكيّة :فإن أيسر في الجل أخذ من الرّاهن ل بيع من العبد مقدار ما يفي بالدّين ،فإن تعذّر بيع بعضه بيع كلّه الدّين ونفذ العتق ،وإ ّ والباقي للرّاهن .وفي رهن الرّقيق تفصيل وتفريع ينظر في مواطنه . اليصاء بالرّقيق ،أو بمنافعه : - 44تجوز الوصيّة بالرّقيق ،وتنطبق عليه أحكام الوصيّة ( ر :وصيّة ) .ويجوز عند عامّة العلماء أن يوصي بمنافع الرّقيق ،سواء وصّى بذلك في مدّةٍ معلومةٍ ،أو في الزّمان ح بالوصيّة ،كالعيان .وإذا كلّه .وذلك لنّه يصحّ تمليك المنفعة بعقد المعاوضة ،فيص ّ ص بها وحده ،كالخدمة ،أو أطلق كان ذلك على التّأبيد .وإن خصّ نوعًا من المنافع اخت ّ ن المنفعة معدومة حين اليصاء ، الكتابة .ونقل عن ابن أبي ليلى القول بامتناع ذلك ،ل ّ ع .فإن مات الموصى والوصيّة بالمنفعة تمليك للمنافع بعد الموت وليست مجرّد تمليك انتفا ٍ له انتقل الحقّ فيها للوارث ،ويعتبر خروج المنفعة من الثّلث .ويجوز أن يوصي لرجلٍ برقبة العبد ،ولخر بنفعه .ونفقة العبد الموصى بنفعه في الظهر عند الشّافعيّة وهو قول للحنابلة :تكون على مالك الرّقبة ،قياسًا على العبد الّذي ل منفعة فيه ،وعلى العبد ن فطرته على مالكه فالنّفقة عليه .والصحّ عند الحنابلة وهو قول للشّافعيّة : المستأجر ; ول ّ
سيّد ن نفقته على مالك المنفعة ،قياسًا على المة المزوّجة ،فإنّ نفقتها على الزّوج ل على ال ّ أّ ن النّفع له ،فكان الضّرر عليه ،وإلّ كان ضرارًا وفي الحديث { الخراج بالضّمان } . ،ول ّ وهذا عند الشّافعيّة كلّه في نفقة الموصى بنفعه على التّأبيد ،أمّا إن كان لمدّةٍ معلومةٍ فنفقته على الوارث قولًا واحدًا ،قال النّوويّ :قياسًا على المستأجر .وقال الحنفيّة :إن كان ض فنفقته على مالك الرّقبة إلى أن يدرك الموصى بنفعه ل يطيق الخدمة لصغرٍ أو مر ٍ الخدمة ،فإذا أدركها كانت نفقته على الموصى له بالخدمة . التّصرّف في الرّقيق الموصى بنفعه : ل في كلّ من - 45اختلف الشّافعيّة والحنابلة في بيع الرّقيق الموصى بنفعه على ثلثة أقوا ٍ ق الموصى له في المذهبين :فقيل :لمالك الرّقبة التّصرّف فيها بالبيع ،فإن بيع بقي ح ّ المنفعة .فيباع مسلوب المنفعة إلى نهاية المدّة الموصى بها ،ويقوم المشتري مقام البائع فيما ن ملك الرّقبة يقتضي جواز البيع ; له وعليه ،وسواء بيع من مالك المنفعة أو من غيره ،ل ّ ن مشتريه يمكن أن يعتقه فيحصل له أجره وولؤه .وقيل :ل يجوز بيعه من مالك ول ّ ن ما ل نفع فيه ل يصحّ بيعه كالحشرات ،وقيل :يجوز بيعه من مالك منفعته منفعته ; ل ّ دون غيره ; لنّ مالك منفعته يجتمع له الرّقبة والمنفعة ،فينتفع بذلك ،بخلف غيره - 46 . ولمالك الرّقبة أن يعتق الرّقيق الموصى بنفعه ،وتبقى المنفعة لمن أوصي له بها ،ول يرجع الرّقيق على معتقه بشيءٍ ،وفي قولٍ عند الشّافعيّة :تبطل الوصيّة .وفي رجوع الموصى له على المعتق بقيمة المنافع وجهان .قال النّوويّ :لع ّل أصحّهما الرّجوع .وصرّح الشّافعيّة بأنّ إعتاق الموصى بنفعه عن الكفّارة ل يجزئ - 47 .وأمّا التّصرّف في منفعة العبد الموصى بنفعه فهو للموصى له بها ،فله أن يؤجّر العبد المدّة الّتي أوصي له بالنّفع فيها ، ح ملكًا تامّا ،فله التّصرّف فيها كما لو وله أن يهبها ،وذلك لنّه ملك المنفعة بوج ٍه صحي ٍ ملكها بالجارة .وهذا مذهب الشّافعيّة والحنابلة .وذهب الحنفيّة ،إلى أنّه ل يجوز للموصى له إجارة تلك المنفعة ; لنّها ليست بمالٍ على أصل الحنفيّة ،فإذا ملكها بعوضٍ كان ممّلكًا أكثر ممّا ملكه ،وذلك ل يجوز .وللموصى له أن يثبت يده على العبد الموصى بنفعه له ، وله منافعه ،وأكسابه المعتادة ،وأجرة الحرفة .وذهب الحنابلة وهو أحد قولين للشّافعيّة : إلى أنّه ليس للوارث ول للموصى له بنفعها الوطء ; لنّ الوارث ل يملك نفعها ملكًا تامّا يحلّ له به الوطء ،والموصى له ليست هي من ملك يمينه حتّى يجوز له الوطء .وليس لحدٍ ل برضا الخر .لكن إن احتاجت إلى التّزويج وطلبته وجب تزويجها ، منهما تزويجها إ ّ ويتولّى تزويجها مالك الرّقبة .وصرّح الحنفيّة بأنّه إذا مات الموصى له بنفع العبد في حياة الموصي بطلت الوصيّة ،وإذا مات بعد وفاته يعود العبد إلى ورثة الموصي بحكم ملكهم
ن الموصي أوجب الحقّ للموصى له ليستوفي المنافع على حكم ملكه ،ولو للرّقبة .قالوا :ل ّ انتقل إلى وارث الموصى له استحقّها ابتدا ًء من ملك الموصي من غير رضاه وذلك ل يجوز .وقال المالكيّة في الحالة الثّانية :بل تكون منافعه لورثة الموصى له إن لم يكن حدّد الوصيّة بزمنٍ ،وإن كان حدّدها بزمنٍ فيكون كالعبد المستأجر يورث ما بقي من زمان الجارة ويؤاجر فيها . الرّقيق والتّكاليف الشّرعيّة ،وأحكام التّصرّفات : - 48الصل في الرّقيق أنّه مكلّف كسائر المكلّفين متى كان بالغًا عاقلًا ،رجلًا كان أو امرأةً ،ولذا فهو مجزيّ على أعماله خيرها وشرّها في الخرة ،ويؤاخذ بها في الدّنيا .قال الشّيخ عميرة البرلّسيّ :الرّقيق يشبه الحرّ في التّكاليف وكثيرٍ من الحكام ،كإيجاب القصاص ،والفطرة ،والتّحليف ،والحدود ،ووجوب الكفّارة في قتله .وتنبني غالب أحكام أفعال الرّقيق على الصول التّالية :الصل الوّل :أهليّة الرّقيق : ن الرّقّ عارض على الهليّة - 48عرض الصوليّون من الحنفيّة لهليّة الرّقيق ،فبيّنوا أ ّ ينقصها ،فالرّقيق من بعض الجهات هو على أصل الح ّريّة ،فتصحّ أقاريره بالحدود والقصاص ،وله التّزوّج بإذن سيّده ،وإنّما احتاج فيه للذن لنّه يجب به المال في ال ّذمّة ، ن التّصرّف هو بصحّة العقل وال ّذمّة .أمّا العقل فهو ل يختلّ بالرّقّ ، وهو أهل للتّصرّف ل ّ ولذا كانت رواية الرّقيق صحيح ًة ملزمةً للعمل ،ولو لم يكن كلمه معتبرًا لم تعتبر روايته ، وأمّا ال ّذمّة فإنّما تكون بأهليّة اليجاب عليه والستحباب له ،ولتحقّقهما خوطب بحقوق اللّه تعالى من الصّلة والصّوم والكفّ عن المحرّمات ،وتجب له النّفقة على سيّده ،وإنّما حجر سيّد ،وسقط عنه بعض الواجبات كالجمعة عليه التّصرّف لمانعٍ هو المحافظة على حقّ ال ّ ن ال ّرقّ يمنع كون سيّد في منافع العبد ; ل ّ ج والجهاد ،محافظ ًة على حقّ ال ّ والعيدين والح ّ سيّد له في التّصرّف رفع سيّد .فإذن ال ّ الرّقيق مالكًا لمنافع نفسه ،كما أنّه هو بذاته مملوك لل ّ للمانع ،ل إثبات للهليّة ،وعند الشّافعيّة الرّقيق غير أهلٍ للتّصرّف ،فإن أذن له سيّده تثبت ح الشّهادة منه على أحدٍ ،ول قضاؤه ،ول الهليّة .وال ّرقّ يمنع الوليات ،فل تص ّ تحكيمه ،ول إمارته ،وال ّرقّ ينقص ال ّذمّة ،ومن هنا تضمّ رقبته إلى ذمّته ،في مثل غرامات الجنايات ،فتباع رقبته فيها ،إلّ أن يفديه المولى . سيّد عبده المال فل الصل الثّاني :هل يملك الرّقيق المال أم ل يملك ؟ - 49إذا لم يملّك ال ّ ن سيّده يملك عينه ومنافعه ،فما حصل بسبب ذلك يجب أن يكون لسيّده يملكه اتّفاقًا .وذلك ل ّ لنّه ثمرة ملكه ،كثمرة شجرته ،فأمّا إن ملّكه سيّده مالًا ،فقد اختلف الئمّة في ذلك :فذهب
أبو حنيفة والثّوريّ وإسحاق والشّافعيّ في الجديد ،وهو رواية عن أحمد ،إلى أنّه ل يملكه بحالٍ ،لنّه مملوك فل يملك ; ولنّه ل يتصوّر اجتماع ملكين على الحقيقة والكمال في مالٍ واحدٍ .وذهب مالك والشّافعيّ في القديم وأحمد في الرّواية الخرى -ورجّحها ابن قدامة - إلى أنّه يملك إذا ملّكه سيّده ; لنّه آدميّ حيّ حجر عليه لحقّ سيّده ،فإن أذن له في التّملّك ملك ،لثبوت المقتضي وهو الدميّة مع الحياة وزوال المانع ،وقياسًا على ملكه للنّكاح بإذن سيّده ; ولنّه بالدميّة يتمهّد للملك ; لنّ اللّه تعالى خلق المال لبني آدم ليستعينوا به على القيام بوظائف العبادات ،وأحكام التّكاليف ،والرّقيق آدميّ فتمهّد للملك ،وصلح له ،كما تمهّد للتّكليف والعبادة .وصرّح الشّافعيّة بأنّه لو ملّكه غير سيّده مالًا ل يملك ،وعلى القول سيّد ،وليس للعبد التّصرّف فيما سيّد الرّجوع في المال الّذي ملّكه إيّاه متى شاء ال ّ بأنّه يملك فلل ّ سيّد - 50 .وإذا مات الرّقيق المملّك ارتفع ملكه عن المال ،ول ملّكه إيّاه سيّده إلّ بإذن ال ّ سيّد لرقيقه ينقطع ملك يورث عنه ،بل يكون لسيّده .وإذا أتلف إنسان المال الّذي ملّكه ال ّ سيّد ،والمطالبة له دون العبد .وتنبني على قاعدة الملك هذه فروع كثيرة العبد عنه ويكون لل ّ من أحكام الرّقيق منها :أنّه هل عليه زكاة ،وهل يضحّي ،وهل يكفّر بالطعام ،وهل يتسرّى ؟ وغير ذلك ممّا يأتي بيانه . الصل الثّالث :الموال المتعلّقة بالرّقيق :قسّم السّيوطيّ من الشّافعيّة الموال المتعلّقة بالرّقيق أربعة أقسامٍ : - 51الوّل :ما يتعلّق برقبة العبد ،فيباع فيه ،وهو أرش جناياته وبدل ما يتلفه ،سواء سيّد أم ل ،لوجوبه بغير رضا المستحقّ ،وهذا إن كان فعله معتبرًا بأن كان كان فعله بإذن ال ّ عاقلًا مميّزًا ،فلو كان صغيرًا غير مم ّيزٍ أو مجنونًا ،فل يتعلّق برقبته ضمان على الصحّ . سيّد أداؤه ،بل يطالب به متى - 52القسم الثّاني :ما يتعلّق بذمّته ،فل يباع فيه ،ول يلزم ال ّ عتق ،وهو ما وجب برضا المستحقّ كبدل المبيع والقرض إذا أتلفهما .ولو نكح بغير إذن سيّده ووطئ تعلّق مهر المثل بذمّته ،لكونه وجب برضا المستحقّ ،وقيل برقبته ; لنّه ل أو رضاعٍ خوفًا على الولد فالفدية في ذمّتها إتلف ،ولو أفطرت الجارية في رمضان لحم ٍ سيّد ،وهو المهر - 53 .القسم الثّالث :ما يتعلّق بكسب العبد ،وهو ما ثبت برضا العبد وال ّ والنّفقة ،إذا أذن له سيّده في النّكاح فنكح ،وهو كسوب ،أو مأذون له في التّجارة ،أو سيّد ،أو لزمه دين تجارةٍ .والمعتبر ما وقع من ذلك بعد الذن ل قبله . ضمن بإذن ال ّ وحيث لم يوف في هذه الصّور ،يتعلّق الفاضل بذمّته ،ول يتعلّق بكسبه .وفي وجهٍ :أنّ المال في الضّمان متعلّق بذمّته وفي وج ٍه آخر :برقبته - 54 .القسم الرّابع :ما يتعلّق بالسّيّد ،وهو ما يتلفه العبد المجنون ،والصّغير غير المميّز ،كما تقدّم .
أحكام أفعال الرّقيق :أوّلًا :عبادات الرّقيق :الصل في الرّقيق أنّه في العبادات كالحرّ سواء ،ويختلف عنه في أمورٍ منها : - 55أ -عورة المملوكة في الصّلة -وفي خارجها أيضًا -أخفّ من عورة الحرّة ،فهي سرّة إلى الرّكبة ،واستدلّوا بحديث أبي داود عند المالكيّة وفي الصحّ عند الشّافعيّة ،من ال ّ سرّة وفوق الرّكبة مرفوعًا { :إذا زوّج أحدكم خادمه عبده أو أجيره ،فل ينظر إلى ما دون ال ّ ن أعلى صدرها ليس بعور ٍة ،ثمّ } .ويزيد الحنفيّة :البطن والظّهر ،وفي كلمهم ما يفيد أ ّ قال المالكيّة :ل تطالب المة بتغطية رأسها في الصّلة ل وجوبًا ول ندبًا بل هو جائز . وظاهر كلمهم أنّ المة إن صلّت مكشوفة شيءٍ ممّا عدا العورة المذكورة أعله ل إعادة ب للمة أن عليها ،وصرّحوا بأنّها لو صلّت مكشوفة الفخذ أعادت .وعند الحنابلة يستح ّ تستتر في الصّلة كستر الحرّة احتياطًا . ب -الذان ،والقامة ،والمامة : - 56يجوز أن يكون المؤذّن والمقيم عبدًا عند الشّافعيّة والحنابلة .ثمّ قال الحنابلة :إنّ عليه أن يستأذن سيّده .وذكر ابن هبيرة أنّه يستحبّ أن يكون المؤذّن حرّا - 57 .وإمامة العبد أيضًا جائزة للحرار والعبيد على السّواء .وهذا قول الجمهور .وقال مالك :ل يكون العبد إمامًا في مساجد القبائل ،ول مساجد الجماعة ،ول العياد ،ول يصلّي بالقوم الجمعة ،ول بأس أن يؤ ّم في السّفر إن كان أقرأهم من غير أن يتّخذ إمامًا راتبًا ،ول بأس أن يؤ ّم في رمضان في النّافلة .واحتجّ الجمهور بما روي عن سعيدٍ مولى أبي أسيدٍ قال :تزوّجت وأنا عبد ،فدعوت نفرًا من أصحاب النّبيّ صلى ال عليه وسلم فأجابوني ،فكان فيهم أبو ذرّ وابن مسعودٍ وحذيفة ،فحضرت الصّلة ...إلى أن قال :فقدّموني وأنا عبد فصلّيت بهم .ثمّ قال الحنفيّة :يكره تنزيهًا تقديم العبد للمامة .قالوا :ولو اجتمع الحرّ والمعتق ،فالحرّ الصليّ أولى .ثمّ قال الحنابلة :الحرّ أولى من العبد ما لم يكن العبد إمام المسجد فالحقّ له في التّقدّم ،وكذا لو كانت الصّلة ببيته فهو أولى من غيره بالمامة ما عدا سيّده . ج -صلة الجمعة والجماعة : - 58صلة الجمعة واجبة على الحرار اتّفاقًا .وصلة الجماعة سنّة مؤكّدة إلّ عند الحنابلة ح عندهم :إنّها واجبة ،وقيل :شرط .ول تجب الجمعة على العبيد .فقد قيل -وهو الص ّ عند الجمهور من الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة ،وهي رواية عن أحمد ،لقول النّبيّ صلى ال ل أربع ًة :عبد ل مسلمٍ إ ّ عليه وسلم فيما رواه طارق بن شهابٍ { :الجمعة حقّ واجب على ك ّ مملوك ،أو امرأة ،أو صبيّ ،أو مريض } ،وروي نحوه مرفوعًا من حديث جابرٍ وتميمٍ
ن الجمعة يجب السّعي إليها ولو من مكان بعيدٍ فلم تجب على العبد كالحجّ الدّاريّ ،ول ّ سيّد فأشبه المحبوس في الدّين ،ولنّها لو والجهاد ،ولنّ منفعته مملوكة محبوسة على ال ّ سيّد ،ولم يكن لسيّده منعه منها كسائر وجبت عليه لجاز له المضيّ إليها من غير إذن ال ّ الفرائض .وذهب الحنابلة في الرّواية الخرى إلى أنّها تجب على العبد ،ولكن ل يذهب إليها إلّ بإذن سيّده ،فإن منعه سيّده تركها .وحكي عن الحسن وقتادة أنّ العبد إن كان عليه ضريبة معلومة يؤدّيها إلى سيّده تجب عليه الجمعة ; لنّ حقّ سيّده عليه تحوّل إلى المال ، فإن لم يكن كذلك لم تجب عليه .وصرّح المالكيّة والشّافعيّة بأنّه يندب للعبد حضور الجمعة سيّد وجب عليه الحضور . سيّد .واختلف قول الحنفيّة ،فقال بعضهم :إن أذن له ال ّ بإذن ال ّ ن لها بدلًا وهو الظّهر ،بخلف صلة العيد ،فتجب ; لنّها ل بدل لها . وقيل :ل ; ل ّ سيّد أجزأت عنه .ثمّ قال الشّافعيّة : وصرّح الشّافعيّة بأنّ العبد لو حضر الجمعة بدون إذن ال ّ ل تنعقد الجمعة بالعبد ،أي في إتمام العدد اللّازم لنعقاد الجمعة . د -الرّقيق والزّكاة : - 59ل زكاة على الرّقيق فيما عنده من المال ،لنّه غير تامّ الملك .قال ابن قدامة :ل ل ما ورد عن عطاءٍ وأبي ثورٍ ،من أنّ على العبد زكاة ماله - 60 .ثمّ نعلم في ذلك خلفًا إ ّ سيّد زكاة مال العبد أم ل .فذهب الحنفيّة والشّافعيّة في اختلف الفقهاء في أنّه هل يجب على ال ّ سيّد أن قولٍ ،وهو رواية عن أحمد عليها المذهب ،وسفيان وإسحاق :إلى أنّه يجب على ال ّ ن العبد ل يملك ولو ملّكه سيّده .فما بيده من المال يزكّي المال الّذي بيد عبده .قالوا :ل ّ سيّد فتجب عليه زكاته .وذهب مالك وأبو عبيدٍ وهو قول مملوك على الحقيقة والكمال لل ّ للشّافعيّة ورواية عن أحمد :إلى أنّه ل زكاة في مال الرّقيق ول على سيّده .قال ابن المنذر ي أيضًا عن ابن عمر وجابرٍ والزّهريّ وقتادة .ووجهه أنّ الرّقيق آدميّ يملك ، :وهذا مرو ّ سيّد ،ول تجب على العبد سيّد زكاة ماله ; لنّ المال للعبد وليس لل ّ كما تقدّم ،فل تجب على ال ّ سيّد انتزاع مال رقيقه متى شاء ،والزّكاة ل تجب إلّ ; لنّ ملكه لماله ناقص ،إذ يستطيع ال ّ فيما هو مملوك ملكًا تامّا ; ولنّه ل يملك تمام التّصرّف في ذلك المال . هـ -زكاة الفطر في الرّقيق : ن رسول اللّه - 61تجب زكاة الفطر إجماعًا في الرّقيق من حيث الجملة ،لحديث ابن عمر أ ّ صلى ال عليه وسلم { فرض زكاة الفطر من رمضان على النّاس ،صاعًا من تمرٍ ،أو صاعًا من شعيرٍ ،على كلّ حرّ أو عبدٍ ،ذكرٍ وأنثى ،من المسلمين } .والمطالب بالزّكاة
سيّد ،وليس الرّقيق نفسه .فليس على الرّقيق فطرة نفسه .وصرّح الحنابلة ،بأنّ العبد هو ال ّ لو أخرج الزّكاة عن نفسه بغير إذن سيّده لم يجزئه ; لنّه تصرّف في مال سيّده بغير إذنه . و -تطوّعات الرّقيق : سيّد منع رقيقه من صلة النّفل والرّواتب في غير وقت الخدمة ،ول من صوم - 62ليس لل ّ ل أن يضعفهم ذلك سيّد في ذلك ،إ ّ التّطوّع ،أو الذّكر ،أو قراءة القرآن ،إذ ل ضرر على ال ّ سرّيّة الّتي يحتاج إليها سيّدها . عن العمل والخدمة .واستثنى المالكيّة من هذا ال ّ ز -صوم الرّقيق : سيّد منعه ; لنّه يجب - 63يجب على الرّقيق صوم رمضان ،كالحرار ،اتّفاقًا ،وليس لل ّ على الفور .ونصّ المالكيّة على أنّ قضاء رمضان كذلك .وأمّا الصّوم الّذي وجب بالنّذر سيّد ،ول فرضًا وجب بإيجاب العبد ل بإذن ال ّ فقد قال الحنفيّة :ل يصوم العبد غير فرضٍ إ ّ سيّد فليس له المنع " ، ت ل يضرّ بال ّ على نفسه - 64 .وأمّا صوم التّطوّع ،فإن كان في وق ٍ س ّريّة الّتي يحتاج إليها سيّدها ،فل تصوم وإن كان يضرّ به فله المنع .واستثنى المالكيّة ال ّ ل بإذنه ،قياسًا على الزّوجة . تطوّعًا إ ّ ح ( -اعتكاف الرّقيق ) : سيّد عند الجمهور ( الحنفيّة ل بإذن ال ّ ح اعتكاف الرّقيق ،ول يجوز اعتكافه إ ّ - 65يص ّ سيّد ،والعتكاف يفوّتها ويمنع استيفاءها ،وليس ن منافعه مملوكة لل ّ والشّافعيّة والحنابلة ) ل ّ سيّد إخراجه من ن لل ّ ب بالشّرع ،فإن اعتكف بغير إذنه فقد صرّح الشّافعيّة والحنابلة بأ ّ بواج ٍ اعتكافه .وإن أذن له ث ّم أراد إخراجه ،فإن كان تطوّعًا فله إخراجه ; لنّه ل يلزم بالشّروع ،وإن كان واجبًا فحكمه حكم النّذر على ما يأتي . ج الرّقيق : ط-حّ ج في رقّه فحجّته تطوّع .فإن عتق فعليه أن يحجّ ج على الرّقيق .فإن ح ّ - 66ل يجب الح ّ س :يا أيّها النّاس ،أسمعوني حجّة السلم إجماعًا ،إذا تمّت شرائط الوجوب ،لقول ابن عبّا ٍ ما تقولون ،ول تخرجوا تقولون :قال ابن عبّاسٍ " ،أيّما غلمٍ حجّ به أهله فمات فقد قضى حجّة السلم ،فإن أدرك فعليه الحجّ ،وأيّما عبدٍ حجّ به أهله فمات ،فقد قضى حجّة السلم ،فإن أعتق فعليه الحجّ .قال ابن الهمام :الفرق بين الحجّ وبين الصّلة والصّوم من وجهين :أحدهما :كونه ل يتأتّى إلّ بالمال غالبًا ،بخلفهما ،ول ملك للعبد ،فلم يكن أهلًا للوجوب ق العبد مقدّم بإذن الشّرع لفتقار العبد ن حقّ المولى يفوت في م ّدةٍ طويلةٍ ،وح ّ .والثّاني :أ ّ
وغنى اللّه تعالى ،بخلف الصّلة والصّوم فإنّه ل يحرج المولى في استثناء مدّتهما .ول ج إلّ بإذن سيّده ،فإن فعل انعقد إحرامه صحيحًا ،لكن يكون لسيّده تحليله يحرم العبد بالح ّ من إحرامه ; لنّ في بقائه على الحرام تفويتًا لحقّه من منافعه بغير إذنه .فإن حلّله يكون ي وأحمد ،وقال حكمه حكم المحصر .أمّا إن أحرم بإذنه فليس له تحليله عند مالكٍ والشّافع ّ أبو حنيفة :له ذلك .فإن عتق العبد وكان بعرفة غير محرمٍ ،ثمّ أحرم وحجّ أجزأه عن حجّة ج بإذن سيّده ث ّم عتق بعرفة السلم .قال ابن قدامة :ل نعلم في ذلك خلفًا .وإن أحرم بالح ّ ج كلّها .وهذا عند أو قبلها وأتمّ مناسكه أجزأه عن حجّة السلم ; لكونه أتى بأركان الح ّ الشّافعيّ وأحمد ،ويجب عليه إعادة السّعي إن كان قد سعى بعد طواف القدوم .وقال أبو حنيفة ومالك :ل يجزئهما عن حجّة السلم .وحكمه في حال إتيانه شيئًا من محظورات الحرام كحكمه في الكفّارات كما تقدّم ،فيفدي بالصّوم ل غير ،ويصوم عن الهدي الواجب ،وفي دم الحصار خلف . ثانيًا :الرّقيق وأحكام السرة :الرّقيق والستمتاع : ل أن يكون في ملك يمينٍ أو نكاحٍ صحيحٍ ، - 67الستمتاع بالجواري ل يكون مشروعًا إ ّ وما خرج عن ذلك فهو محرّم يأثم فاعله ،وهو من الكبائر ،لقوله تعالى { :والّذين هم ل على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنّهم غير ملومين فمن ابتغى وراء لفروجهم حافظون إ ّ ذلك فأولئك هم العادون } .الستمتاع في ملك اليمين : - 68ليس للمالك الذّكر أن يستمتع بمملوكه الذّكر ،وليس ذلك داخلًا فيما أباحته الية السّابقة ،بل هو لواطة محرّمة تدخل فيما حرّمه اللّه تعالى من عمل قوم لوطٍ الّذي عذّبوا به على ما قصّه اللّه تعالى في كتابه .وكذا إن كان المالك امرأ ًة والمستمتع به المملوكة النثى ل يدخل فيما أباحته الية السّابقة ،بل هو من السّحاق المحرّم .وكذلك إن كان المالك امرأةً والمملوك ذكرًا فليس لها أن تستمتع به ،أو أن تمكّنه من الستمتاع بها ،ول له أن يفعل شيئًا من ذلك ،بل هو عليها حرام ،وهي عليه حرام ،سواء أكانت خلّيةً ،أو ذات زوجٍ .قال القرطبيّ :وعلى هذا إجماع العلماء .ا .هـ .وكما لو أرادت أن يتزوّجها ،فإنّها حرام عليه حرمةً مؤقّتةً ،أي ما دام رقيقًا لها ،فإن أعتقته أو باعته جاز لها النّكاح بشروطه .وقد نقل ابن المنذر الجماع على أنّ نكاح المرأة عبدها باطل .وسواء في هذه النواع الثّلثة السّابقة الوطء ومقدّماته من التّقبيل ،والمباشرة ،واللّمس ،والنّظر بشهوةٍ ،كلّها محرّمة بحسبها .ووجه خروج هذه الصّورة الثّالثة ( استمتاع المالكة بمملوكها ) من دللة الية ،أنّ الية خاطبت الزواج من الرّجال .قال ابن العربيّ :من غريب القرآن ،أنّ هذه اليات ل قوله تعالى { :والّذين هم العشر من أوّل سورة المؤمنون عامّة في الرّجال والنّساء ،إ ّ
لفروجهم حافظون } فإنّما خاطب بها الرّجال خاصّةً دون الزّوجات ،بدليل قوله { إلّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم } وإنّما عرف حفظ المرأة فرجها من أدلّ ٍة أخرى ،كآيات الحصان عمومًا وخصوصًا وغير ذلك من الدلّة » .ونقل ابن كثيرٍ عن ابن جريرٍ بسنده عن قتادة أنّ امرأ ًة اتّخذت مملوكها ،وقالت :تأوّلت آيةً من كتاب اللّه { أو ما ملكت أيمانهم } قال :فأتي بها عمر رضي ال عنه ،فضرب العبد ،وجزّ رأسه ونقل ابن قدامة ن امرأةً جاءت إلى عمر بالجابية وقد نكحت عبدها ،فانتهرها عمر ،وهمّ أن عن جابرٍ أ ّ يرجمها ،وقال :ل يحلّ لك .فالوطء الجائز بملك اليمين ،هو وطء المالك الذّكر لمملوكته النثى خاصّ ًة ،وفي هذا وردت الية السّابقة .وطء الرّجل الحرّ لمملوكته : ل للرّجل الحرّ أن يستمتع بجاريته بالوطء ،أو بمقدّماته ،بشرط أن تكون مملوكةً - 69يح ّ له ملكًا كاملًا ،وهي الّتي ليس له فيها شريك ،ول لحدٍ فيها شرط أو خيار ،وبشرط أن ل يكون فيها مانع يقتضي تحريمها عليه ،كأن تكون أخته من الرّضاعة ،أو بنت زوجته ،أو موطوءة فرعه ،أو أصله .أو تكون مزوّج ًة ،أو مشركةً .والجارية الّتي يتّخذها سيّدها للوطء تسمّى سريّةً ،واتّخاذها لذلك يسمّى التّسرّي .وتنظر الحكام التّفصيليّة لذلك في مصطلح ( تسرّ ) . ن تعلّقها وفيما يلي بعض الحكام الّتي أغفل ذكرها هناك ،أو ذكرت بإيجازٍ ،نظرًا إلى أ ّ س ّريّة والظّهار منها ،وتحريمها ،واليلء منها : بمصطلح ( رقّ ) أظهر .طلق ال ّ س ّريّة ول أثر له اتّفاقًا .وأمّا الظّهار ،فقد ذهب جمهور العلماء - 70الطّلق ل يلحق ال ّ ( الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ) إلى أنّه لو ظاهر من أمته لم يكن مظاهرًا ،فل كفّارة عليه ، ويجب عليه التّوبة ممّا قاله ،فإنّه كذب وزور .لقوله تعالى { :الّذين يظاهرون منكم من نسائهم } ...فهي ظاهرة في الزّوجات ،والمة وإن صحّ إطلق لفظ " نسائنا " عليها لغةً ن الحلّ ن صحّة الطلق ل تستلزم الحقيقة ،بل يقال :هؤلء " جواريه ل نساؤه » .ول ّ لك ّ ل الوطء ،كما في المة تابع غير مقصودٍ من العقد بل يصحّ العقد ،ويثبت الملك مع عدم ح ّ في شراء المة المجوسيّة .ونقل هذا القول أيضًا عن ابن عمر وعبد اللّه بن عمرٍو وسعيد ن المة يلحقها ظهار سيّدها ،فلو بن المسيّب ومجاهدٍ والوزاعيّ .وذهب المالكيّة إلى أ ّ ل له أن يطأها بعد ذلك حتّى يكفّر كفّارةً تامّ ًة ،لنّها محلّلة له حلّا أصليّا ظاهر منها لم يح ّ ح الظّهار منها كالزّوجة ،وهو مرويّ أيضًا عن الحسن وعكرمة والنّخعيّ وعمرو بن فيص ّ ل فل .وقال دينارٍ والزّهريّ وقتادة .وعن الحسن والوزاعيّ إن كان يطؤها فهو ظهار وإ ّ ن المة على النّصف من الحرّة في الحكام عطاء :عليه نصف كفّارة الظّهار من الحرّة ; ل ّ .ولو آلى من أمته فليس ذلك إيلءً ،فل يطالب بالفيئة ،أو التّطليق ،وعليه الكفّارة إن
ل كفّارة يمينٍ ، حنث .وكذا إن حرّم أمته على نفسه بقوله « :هي عليّ حرام " فليس فيه إ ّ لنّه كتحريم الطّعام ،وقد ورد { أنّ النّبيّ صلى ال عليه وسلم حرّم على نفسه أمته فنزل . ل اللّه لك } ...إلى قوله { :قد فرض اللّه لكم قوله تعالى { :يا أيّها النّبيّ لم تحرّم ما أح ّ تحلّة أيمانكم } } . استبراء المة إذا دخلت في الملك : - 71من اشترى أمةً فليس له أن يطأها إن كانت حاملًا حتّى تضع حملها إجماعًا ،فإن لم يكن بها حمل بيّن ،فل يطؤها حتّى يستبرئها ،بأن تحيض عنده حيض ًة ; ليتيقّن براءة ب ،كهبةٍ ،أو ميراثٍ ،أو رحمها من حمل غيره ،وكذا من دخلت في ملكه بأيّ سب ٍ وصيّةٍ ،أو غير ذلك ،ودليل ذلك قول النّبيّ صلى ال عليه وسلم في سبايا أوطاسٍ { :ل ل لمرئٍ توطأ حامل حتّى تضع ،ول غير ذات حملٍ حتّى تحيض حيض ًة } وقال { :ل يح ّ يؤمن باللّه واليوم الخر أن يسقي ماءه زرع غيره } .والتّسرّي في هذا يختلف عن النّكاح ، فمن نكح حرّةً حلّ له وطؤها دون استبرا ٍء .وذهب بعض الفقهاء أيضًا إلى أنّ الرّجل إذا أراد أن يبيع أم ًة كان يطؤها ،أو أراد أن يزوّجها ،فل ب ّد من استبرائها قبل ذلك .والعلّة ل له بيعها ، في الستبراء ،أنّها إن كانت حاملًا من سيّدها تكون أمّ ولدٍ له إذا ولدت ،فل يح ّ ح البيع ،ول تحلّ للمشتري ; ولئلّ يفضي إلى اشتباه النساب .وهذا الّذي تقدّم هو ول يص ّ في الوطء .أمّا دواعيه ومقدّماته فقد اختلف فيها .وتفصيل القول في الستبراء وأحواله ينظر تحت عنوان ( استبراء ) . آثار وطء المة بملك اليمين : - 72الثار اللّاحقة بالوطء من وجوب الغسل وإثبات الحرمة بالصّهر ،لحقة بالوطء بملك ن وطء الح ّر الحرّة في النّكاح يحصن اليمين ،ويفترق عن الوطء في النّكاح بأمورٍ منها :أ ّ ن ثمّ الرّجل والمرأة ،بحيث لو زنى أحدهما يكون حدّه الرّجم .أمّا من وطئ في ملك يمي ٍ زنى فحدّه الجلد ل غير .قال ابن قدامة :ل نعلم في ذلك خلفًا . نكاح الرّقيق : سيّد إجماعًا ; - 73يجوز للرّقيق ذكرًا كان أو أنثى أن يتزوّج ،ول يكون ذلك إلّ بإذن ال ّ ن رقيقه ماله .وقد حثّ اللّه تبارك وتعالى السّادة على تزويج المماليك ; لما فيه من لّ الصّيانة والعفاف ،فقال تعالى { :وأنكحوا اليامى منكم والصّالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله واللّه واسع عليم } .قال القرطبيّ :الصّلح هنا اليمان . سيّد ، سيّد أن يجبر المة على التّزويج بمن شاء ال ّ والمر في الية للتّرغيب والستحباب .ولل ّ
ب يردّ به في النّكاح فل يجبرها عليه ،وأمّا واستثنى الحنابلة أن يكون الزّوج معيبًا بعي ٍ ن له ذلك أيضًا ; لنّ إجباره العبد على النّكاح فمذهب أبي حنيفة ومالكٍ والشّافعيّ في القديم أ ّ سيّد ،وذهب الشّافعيّة على الجديد والحنابلة إلى أنّه ل يجبره ; لنّ مصلحته موكولة إلى ال ّ سيّد .ونكاح تكليفه كامل ،وليس له منفعة بضعه .وليس للعبد ول للمة التّزوّج بغير إذن ال ّ الرّقيق على ثلثة أنحاءٍ كلّها جائزة من حيث الجملة .الوّل :أن ينكح الحرّ أم ًة .الثّاني : أن ينكح العبد أمةً .الثّالث :أن ينكح العبد حرّةً .وفيما يلي بيان ذلك :النّوع الوّل :نكاح الحرّ للمة : - 74ذكر اللّه تعالى زواج الحرار بالماء في قوله { :ومن لم يستطع منكم طولًا أن ينكح المحصنات المؤمنات فممّا ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات واللّه أعلم بإيمانكم بعضكم من ن بالمعروف محصناتٍ غير مسافحاتٍ ول ن بإذن أهلهنّ وآتوهنّ أجوره ّ بعضٍ فانكحوه ّ متّخذات أخدانٍ } ...إلى قوله { :ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم واللّه غفور رحيم } .وقد أخذ الئمّة أكثر أحكام هذا النّكاح من هذه الية .فقد ذهب جمهور ن الصل تحريم هذا النّوع من الزّواج وأنّه ل يحلّ ،والعقد فاسد ما لم تجتمع الفقهاء إلى أ ّ شروط معيّنة تفيدها الية .وأنّ الجواز إذا اجتمعت الشّروط هو من باب الرّخصة .وقالوا ن الولد تبع لمّه ن هذا النّوع من الزّواج يؤدّي إلى رقّ الولد ; ل ّ في حكمة هذا التّحريم :إ ّ حرّيّ ًة ورقّا ،ولما فيه من الغضاضة على الحرّ بكون زوجته أمةً تمتهن في حوائج سيّدها وحوائج أهله .ولذا قال عمر رضي ال عنه :أيّما حرّ تزوّج أمةً فقد أرقّ نصفه .واستدلّوا بما يلي : - 1أنّ الية جعلت إباحة هذا النّكاح لمن لم يستطع طول حرّةٍ ،ولمن خاف العنت ،فدلّت ن من لم يوجد هذان الشّرطان فيه ،فل يكون مباحًا له . بمفهومها على أ ّ - 2قوله تعالى في آيةٍ لحق ٍة مشيرًا إلى هذا النّوع من النّكاح { :يريد اللّه أن يخفّف عنكم ل على أنّه رخصة ،والصل التّحريم .فأمّا إن وجدت الشّروط وخلق النسان ضعيفًا } فد ّ المعتبرة فإنّ نكاح المة جائز إجماعًا لما تقدّم من الية . شروط إباحة نكاح الحرّ للمة :يشترط لباحة نكاح الحرّ المسلم للمة ما يلي ( :الشّرط الوّل ) : - 75أن ل يكون عنده زوجة حرّة يمكنه أن يستعفّ بها .فإن وجدت لم يجز له نكاح المة ; لنّ الحرّة طول ،وفي الحديث { تنكح الحرّة على المة ،ول تنكح المة على الحرّة } . قال ابن قدامة :ل نعلم في هذا خلفًا " لكن قد نقل في ذلك خلف عن مالكٍ ،قال القرطبيّ : اختلف قول مالكٍ في الحرّة أهي طول أم ل ،فقال في المدوّنة :ليست الحرّة بطولٍ تمنع
نكاح المة إذا لم يجد سع ًة لخرى وخاف العنت ،وقال في كتاب محمّدٍ ما يقتضي أنّ الحرّة ن من عنده حرّة فل يجوز له نكاح المة وإن بمثابة الطّول .قال القرطبيّ :فيقتضي هذا أ ّ عدم السّعة وخاف العنت .ومن كان عنده أمة يتسرّاها ل يحلّ له نكاح المة ،وكذا إن كان قادرًا على شراء أم ٍة تصلح للوطء .ويعتبر عند الحنابلة وفي الصحّ عند الشّافعيّة ،في الحرّة الّتي يمنع وجودها تحته صحّة نكاحه للمة ،أن تكون بحيث يحصل بها العفاف ، فإن لم تكن كذلك لم تمنع نكاح المة ،كأن تكون صغير ًة ،أو هرمةً ،أو غائبةً ،أو مريضةً ل يمكن وطؤها .لنّه عاجز عن حرّةٍ تعفّه فأشبه من ل يجد شيئًا .وفي روضة الطّالبين : أو كانت مجنونةً ،أو مجذوم ًة ،أو برصاء ،أو رتقاء ،أو مضنا ًة ل تحتمل الجماع . ( الشّرط الثّاني ) : ل نكاح المة أن يخاف أن يقع في الزّنا ن من شروط ح ّ - 76ذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أ ّ إن لم يتزوّج ،وشقّ عليه الصّبر عن الجماع فعنت بسبب ذلك ،أي وقع في المشقّة الشّديدة .قال إمام الحرمين :وليس المراد بالخوف أن يغلب على ظنّه الوقوع في الزّنا ،بل أن يتوقّعه ل على النّدور .قال النّوويّ :من غلبت عليه شهوته وضعفت تقواه فهو خائف . وهذا الشّرط غير معتبرٍ عند الحنفيّة ،إذ ليس زواج المة مقصورًا على الضّرورة ،أخذًا بعموم قوله تعالى { :فانكحوا ما طاب لكم من النّساء } وقوله { :وأحلّ لكم ما وراء ذلكم } ولم يرد ما يوجب تخصيصه ،قالوا :وقوله تعالى { :ذلك لمن خشي العنت منكم } إنّما يدلّ على المنع بالمفهوم ،وليس ذلك حجّ ًة عند الحنفيّة ،ولو سلم ،لمكن حمله على الكراهة ، صحّة .وقد صرّح صاحب البدائع بالكراهة ( .الشّرط الثّالث ) : وهي ل تنافي ال ّ - 77أن ل يقدر على نكاح حرّةٍ ،لعدم وجود حرّةٍ ،أو لعدم وجود الطّول وهو الصّداق . وقيل :الصّداق والنّفقة .وهذا قول الجمهور ( .الشّرط الرّابع ) : سيّد أمته الّتي يملكها ،قال - 78أن ل تكون المة مملوكةً له ،ول لولده .فل يتزوّج ال ّ ن النّكاح ما شرع إلّ مثمرًا ثمراتٍ مشترك ًة بين المتناكحين ،والمملوكيّة صاحب الهداية :ل ّ ن ملك الرّقبة يفيد ملك تنافي المالكيّة فيمتنع وقوع الثّمرة على الشّركة .وقال ابن قدامة :ل ّ المنفعة وإباحة البضع ،فل يجتمع معه عقد أضعف منه .ولو ملك زوجته وهي أمة انفسخ نكاحها .قال ابن قدامة :ل نعلم فيه خلفًا .ول يجوز للرّجل أن يتزوّج أمة ابنه أو بنته ; ن له فيها شبهةً ،وهذا قول الجمهور .لقول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :أنت ومالك لّ لبيك } .وقال الحنفيّة :يجوز للرّجل أن يتزوّج أمة ابنه أو بنته .لنّها ليست مملوكةً له ول تعتق بإعتاقه ( .الشّرط الخامس ) :
- 79أن تكون المة مسلمةً إن كان من يريد الزّواج بها حرّا مسلمًا ،فلو كانت كتابيّةً لم يصحّ النّكاح ،لمفهوم قوله تبارك وتعالى { :فممّا ملكت أيمانكم من فتياتكم المومنات } وهذا قول الشّافعيّة ،وقول عند المالكيّة ،وهو المذهب عند الحنابلة ; لنّ زواج المة للضّرورة ، والضّرورة تندفع بزواجه بأمةٍ مسلمةٍ ،ولنّه يجتمع فيها نقص الكفر ونقص ال ّرقّ ،وذهب الحنفيّة وهو قول عند الحنابلة :إلى عدم اشتراط ذلك ،أخذًا بإطلق قوله تعالى { :فانكحوا ل لكم ما وراء ذلكم } قالوا :فل يخرج عنه شيء إلّ ما طاب لكم من النّساء } وقوله { وأح ّ ن دللتها بمفهوم بما يوجب التّخصيص ،وليست الية السّابقة موجب ًة للتّخصيص ; ل ّ ن وطأها الصّفة ،وليس هو حجّة عند الحنفيّة ،كما هو معلوم في أصول الفقه .قالوا :ول ّ بملك اليمين جائز ،فيجوز بالنّكاح .وقالوا :إنّ زواج المة في تلك الحال يكون مكروهًا ، ل حرامًا . استدامة نكاح المة عند زوال بعض الشّروط : - 80لو زال بعض الشّروط المتقدّمة بعد أن نكح الحرّ المة لم ينفسخ نكاحها عند عامّة العلماء ،ولم يلزمه الطّلق ،كأن تزوّج عليها حرّ ًة ،أو أمكنه التّزوّج بها لوجودها ،أو كان معسرًا ل يجد صداقًا فأيسر ،أو كان يخاف العنت ثمّ زال ذلك الخوف لمرٍ ما ،وذلك أنّ الشّروط المتقدّمة هي شروط ابتدا ٍء ،ل شروط دوامٍ .وفي قول المزنيّ من الشّافعيّة :ينفسخ نكاح المة بذلك ،وهو قول عند الحنابلة .ولو كان الزّوج قد طلّق المة ثمّ زالت بعض الشّروط بأن تزوّج حرّةً مثلًا ،صرّح الشّافعيّة بأنّه ل يحرم عليه مراجعة المة في عدّتها . الولية في تزويج المة : - 81ل تزوّج المة نفسها ،بل ولية تزويجها لسيّدها لنّها ماله .وقد قال تعالى سيّد صغيرًا أو سفيهًا ن ومالكيهنّ .فإن كان ال ّ ن } أي بولية أربابه ّ ن بإذن أهله ّ { فانكحوه ّ فلوليّه في المال تزويجها ; لنّه قد يكون في ذلك مصلحة ماليّة للصّغير ،لما فيه من تحصيل مهرها وولدها ،وكفاية مؤنتها ،وصيانتها عن الزّنا الموجب للحدّ .وذهب الشّافعيّة على الصحّ عندهم ،إلى أنّ لوليّ الصّغير أن يزوّج أمته إذا ظهرت الغبطة ( الحظّ الماليّ ) . ن من يتولّى تزويج وإن كان مالك المة امرأةً فمذهب الشّافعيّ وهو رواية عن أحمد :أ ّ ل بإذن سيّدتها لنّها مالها ،فل يتصرّف فيها أحد المرأة يتولّى تزويج أمتها ،ول يزوّجها إ ّ إلّ بإذنها . المهر والنّفقة والستخدام :
سيّد أمته فمهرها له ; لنّها ملكه ذاتًا ومنفعةً ،وهذا قول الجمهور .وقال - 82إذا زوّج ال ّ سيّد ،لقوله تبارك وتعالى { :فانكحوهنّ بإذن أهلهنّ مالك :مهرها لها ،وهي أحقّ به من ال ّ ن } .هذا ما ذكره القرطبيّ عنه ،وفي الزّرقانيّ أنّ المنقول عن مالكٍ في وآتوهنّ أجوره ّ سيّد أمته امتنع عليه الستمتاع بها ،ويبقى له منفعة ذلك فيه خلف .وإذا زوّج ال ّ استخدامها ،فتكون على ما ذكره الشّافعيّة والحنابلة عنده نهارًا ; لنّه وقت الخدمة ،وتكون سيّد بأن تكون عند الزّوج ليلًا ونهارًا عند زوجها ليلًا ; لنّه وقت الستمتاع ،فإن تبرّع ال ّ سيّد فعليه نفقتها في وقته ،وحيث كانت عند الزّوج فعليه كانت عنده .وحيث كانت عند ال ّ ن نفقة المة ح للشّافعيّة .وذهب المالكيّة إلى أ ّ نفقتها في وقته .هذا مذهب الحنابلة وهو الص ّ سيّد ل حالٍ .وذهب بعض الشّافعيّة إلى أنّ نفقة الزّوجة المة على ال ّ المزوّجة على زوجها بك ّ سيّد إذا ن ال ّ ل حالٍ ; لنّها ل تجب إلّ بالتّمكين التّامّ ،ولم يوجد .وذهب الحنفيّة إلى أ ّ على ك ّ زوّج أمته فليس عليه أن يبوّئها بيت الزّوج ،لكنّها تخدم الوليّ ،ويقال للزّوج :متى ظفرت ل فل . بها وطئتها ،فإن بوّأها معه فلها النّفقة والسّكنى ،وإ ّ أولد الحرّ من المة : سيّد ،وقد - 83إذا تزوّج الحرّ أمةً فأولده منها أرقّاء تبعًا لمّهم ،فيولدون على ملك ال ّ ن ذلك ما لم يشترط الزّوج في عقد النّكاح ،ح ّريّة أولده منها ،فإن شرطه صرّح الحنفيّة بأ ّ صحّ وعتق جميع أولده منها من ذلك النّكاح لنّه في معنى تعليق الح ّريّة بالولدة ،ثمّ إن سيّد أو باع المة الزّوجة فالصّحيح أنّ الشّرط قائم ويعتق من يولد بعد ذلك أيضًا . مات ال ّ سيّد أولد أمته فعلى الب الحرّ نفقتهم ،قال المالكيّة :إلّ أن يعدم واتّفقوا على أنّه إن أعتق ال ّ ن من أعتق صغيرًا ليس له من ينفق عليه فنفقته على معتقه ،لنّه سيّد ; ل ّ أو يموت فعلى ال ّ ن الزّوج اشترى زوجته المة انفسخ نكاحه يتّهم أنّه إنّما أعتقه ليسقط عن نفسه نفقته .ولو أ ّ كما تقدّم ،فإن كانت حاملًا منه صار الحمل محكومًا بح ّريّته ; لنّها صارت أ ّم ولدٍ له ،ولو كان العلوق أثناء ال ّرقّ .صرّح بذلك القليوبيّ من الشّافعيّة . زواج الحرّة على المة : - 84من تزوّج أم ًة بشروطها ،ثمّ أمكنه زواج الحرّة فتزوّجها ،فقد تقدّم أنّه ل ينفسخ نكاح المة .ويثبت المالكيّة للحرّة هنا الحقّ في فسخ نفسها إن لم تكن علمت بأنّه متزوّج بأمةٍ ، قالوا :ذلك لما يلحقها من المعرّة .قال المالكيّة :ويكون فسخها بطلقةٍ واحد ٍة بائنةٍ ،فإن أوقعت أكثر من واحدةٍ لم يقع إلّ واحدة .قالوا :وكذا لو تزوّج على الحرّة أمةً يكون للحرّة الخيار .
العشرة والقسم ) : - 85يستمتع الزّوج من زوجته المة بمثل ما يستمتع به من الحرّة ،ويجتنب الدّبر ل برضاها ،ول يعزل عن زوجته المة عند الحنابلة والحيضة ،لكن ل يعزل عن الحرّة إ ّ وهو قول أبي حنيفة إلّ برضا سيّدها لنّ الحقّ له في الولد .وقال صاحبا أبي حنيفة :الحقّ في الذن لها خاصّ ًة ; لنّ الوطء حقّها إذ تثبت لها المطالبة به ،وفي العزل تنقيص حقّها فيشترط رضاها كالحرّة .وقال المالكيّة :ليس للزّوج أن يعزل عن زوجته المة إلّ بإذن ن العزل ينقص الستمتاع .وقال الشّافعيّة :ل يحرم العزل عن الحرّة سيّد وإذنها ،ل ّ ال ّ والمة ،زوج ًة أو س ّريّةً ،بالذن وغير الذن .والحقّ في الستمتاع للمة ل لسيّدها ،فلو تنازلت عن حقّها في القسم صحّ ،ولو رضيت بعيب الزّوج فل فسخ .وللزّوجة المة الحقّ س ّريّة .ولها عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة نصف ما يقسم للحرّة في أن يقسم لها ،بخلف ال ّ ن ،قال الحنابلة - ن إماءً كلّهنّ وجب العدل بينه ّ ل ليلتين للحرّة .فإن ك ّ ،فللمة ليلة مقابل ك ّ ن كلّهنّ حرائر ،إلّ أن وهو وجه عند الشّافعيّة : -فيقسم لهنّ ليلةً وليل ًة ل أكثر ،كما لو ك ّ يرضين بالزّيادة .قالوا :والحقّ في القسم للمة ل لسيّدها ،فلها أن تهب ليلتها لضرّتها أو لزوجها ،وليس لسيّدها العتراض ،وقال المالكيّة :يجب التّسوية بين الزّوجة الحرّة والزّوجة المة في القسم .وإن تزوّج أم ًة بكرًا أقام عندها سبعًا ث ّم دار ،وإن كانت ث ّيبًا أقام عندها ثلثًا ثمّ دار ،كما يفعل مع الحرّة .ولو تبيّن الزّوج عنّينًا فرضيت به كان لسيّدها المطالبة بالفسخ عند أبي حنيفة ،وقال الشّافعيّة وأبو يوسف :الطّلب لها .وهذه المسألة فرع عن مسألة العزل وقد تقدّمت . استبراء الزّوجة المة : - 86من اشترى أمةً لم يحلّ له وطؤها من غير استبراءٍ ،وذلك ليتحقّق براءة رحمها ( ر : استبراء ) .أمّا من تزوّج أم ًة فقد اختلف فيها ،فذهب أبو حنيفة إلى أنّه ليس على الزّوج أن يستبرئها ولو كان المولى يطؤها قبل التّزويج ،وعلّلوا ذلك بأنّ عقد النّكاح متى صحّ تضمّن العلم ببراءة الرّحم شرعًا وهو المقصود من الستبراء ،وعلى المولى أن يستبرئها سيّد أن يستبرئ قبل أن يزوّجها .وقريب من هذا قول المالكيّة فقد قالوا :إنّ على ال ّ سيّد إن قال :إنّه استبرأها قبل التّزويج .وذهب أبو موطوءته إن أراد تزويجها ويصدّق ال ّ يوسف إلى أنّ على الزّوج أن يستبرئها استحسانًا . النّوع الثّاني :زواج العبد بالمة :
- 87يجوز أن يتزوّج العبد أم ًة ،ول يشترط في ذلك شيء من الشّروط المتقدّمة لزواج ي صلى ال عليه وسلم : ل بإذن سيّد العبد وسيّد المة لقول النّب ّ الحرّ بالمة ،ول يصحّ ذلك إ ّ ل عند الحنفيّة :يكون نكاحه موقوفًا { أيّما عبدٍ تزوّج بغير إذن سيّده فهو عاهر } وفي قو ٍ سيّد عبد وأمة فله أن يزوّج عبده أمته ،ويشترط إذن العبد عند سيّد .إذا كان لل ّ على إجازة ال ّ من ل يجيز إجباره على النّكاح وهم الحنفيّة والمالكيّة .وإذا زوّج عبده من أمته فل مهر عند من قال :إنّ مهر المة لسيّدها .ومهر زوجة العبد في كسبه هو إن كان له كسب في قول الشّافعيّة ورواي ٍة عند الحنابلة ،فإن لم يكن عنده ما ينفق ،يفرّق بينهما بطلب الزّوجة ، ل نفقة سيّد منعه من الكسب ،ثمّ قال الشّافعيّة :ليس على العبد أن ينفق على زوجته إ ّ وليس لل ّ سيّد سواء ن النّفقة على ال ّ المعسرين إن كثر ماله ; لضعف ملكه .والمعتمد عند الحنابلة أ ّ ضمنها أو لم يضمنها ،وسواء باشر هو العقد أو باشره العبد بإذنه ،وسواء كان مأذونًا له سيّد العبد أو في التّجارة أم ل ; لنّه حقّ تعلّق بالعبد برضا سيّده فيضمنه ،فعلى هذا لو باع ال ّ سيّد .وتعلم غالب أحكام هذا النّوع من النّكاح ،بمراجعة زواج أعتقه لم يسقط المهر عن ال ّ الحرّ بالمة السّابق ذكره . النّوع الثّالث :زواج العبد بالحرّة : - 88ل يمتنع شرعًا أن يتزوّج العبد حرّةً ،وله أن يجمع بين حرّةٍ وأمةٍ ،ولكن ل يحلّ له ل واحدٍ منهما يقتضي أن أن يتزوّج سيّدته ; لنّ أحكام النّكاح تتنافى مع أحكام الملك ،فإنّ ك ّ يكون الطّرف الخر بحكمه يسافر بسفره ويقيم بإقامته وينفق عليه فيتنافيان ; ولنّ مقتضى الزّوجيّة قوامة الرّجل على المرأة بالحفظ والصّون والتّأديب ،والسترقاق يقتضي قهر السّادات للعبيد بالستيلء والستهانة ،فيتعذّر أن تكون سيّد ًة لعبدها وزوجةً له .ولو أنّ الزّوجة الحرّة ملكت زوجها العبد انفسخ نكاحهما .وممّا يد ّل لصحّة زواج العبد بحرّةٍ ما ورد في قصّة { بريرة ،فإنّها كانت زوج ًة لعب ٍد اسمه مغيث ،فلمّا أعتقت ،قال لها النّبيّ صلى ال عليه وسلم لو راجعتيه .فقالت يا رسول اللّه أتأمرني ؟ قال :إنّما أنا شفيع .قالت :ل حاجة لي فيه } .فل يشفع إليها النّبيّ صلى ال عليه وسلم في أن تنكح عبدًا إلّ والنّكاح صحيح .ولكن لمّا كان العبد غير كف ٍء للحرّة فل تتزوّجه إلّ برضا أوليائها ،فإن تزوّجته فلمن لم يرض منهم الفسخ .وهذا قول مالكٍ والشّافعيّ وأحمد ،وهو قول الصّاحبين ،على ن المنقول عنهما أنّ ذلك في الولياء إذا تساووا في الدّرجة .وقال أبو حنيفة :إن رضي أّ بعضهم ورضيت المرأة لم يكن لباقي الولياء الفسخ .وأخذ العلماء من قصّة بريرة أيضًا أنّ المة إذا أعتقت تحت عبدٍ يكون لها الخيار بين البقاء معه وبين الفسخ .وصرّح الحنفيّة بأنّ
الفسخ يقع بمجرّد اختيارها ول يتوقّف على حكم القاضي لظهوره وعدم الخلف فيه .وولد ن الولد تابع لمّه ح ّريّ ًة ورقّا . العبد من زوجته الحرّة أحرار ; ل ّ إنفاق العبد على أولده : سيّد ، - 89إن كان أولد العبد أحرارًا ،كأن تكون أمّهم حرّةً ،أو يكونوا من أمةٍ فيعتقهم ال ّ ن نفقة القارب فل تلزم أباهم العبد نفقتهم ،وكذا ل تلزمه نفقة أحدٍ من أقاربه سواهم ; ل ّ تجب على سبيل المواساة وليس العبد أهلها .وتكون النّفقة على من يليه من أقاربهم على ما يذكر في باب النّفقات ،فإن لم يكن من تلزمه نفقتهم كانت في بيت المال .وإن كانوا أرقّاء فليس على أبيهم العبد نفقتهم أيضًا ،وتلزم نفقتهم سيّدهم . عدد زوجات العبد : - 90اختلف في العدد الّذي يجوز للعبد أن يجمعه من النّساء ،فقيل :ل يتزوّج أكثر من امرأتين ،وهذا مذهب الحنفيّة والحنابلة ،واحتجّوا بما ورد عن عمر وعليّ وعبد الرّحمن بن ف في ذلك .وبما روى ليث بن أبي سليمٍ عن الحكم بن عتيبة أنّه قال :أجمع أصحاب عو ٍ النّبيّ صلى ال عليه وسلم أنّ العبد ل ينكح أكثر من اثنتين ،ولكون أحكام الرّقيق على النّصف من أحكام الحرار من حيث الجملة .وقيل :له أن يتزوّج أربعًا ،وهو مذهب ن النّكاح من العبادات ،والعبد والحرّ فيهما سواء . المالكيّة ،قالوا :لعموم آية :ورباع ل ّ ( أحكام نكاح العبد ) : ل ما يستثنى من ذلك ،وهو قليل - 91الصل أنّ أحكام نكاح العبد كأحكام نكاح الحرار ،إ ّ ن نكاح المة ن العبد إن وطئ الحرّة في نكاحٍ لم يحصنها ،كما أ ّ ،ومنه -غير ما تقدّم -أ ّ ل يحصن الحرّ ،فلو تزوّجت عبدًا فوطئها ثمّ زنت حدّت حدّ البكر وهو مائة جلد ٍة ولم ترجم ; لعدم إحصانها .وهذا قول جمهور العلماء .وقال مالك :إن كان أحد الزّوجين حرّا والخر مملوكًا وت ّم الوطء فالح ّر منهما محصن فيرجم إن زنى . اليلء من الزّوجة المة ،وإيلء العبد من زوجته - :مذهب الشّافعيّة وظاهر مذهب أحمد ن اليلء من الزّوجة المة كاليلء من الزّوجة الحرّة ،وسواء كان الزّوج عبدًا أو حرّا ، أّ سيّد ; لنّ الحقّ لها في الستمتاع ، وللمة المطالبة بالوطء بعد الشهر الربعة وإن عفا ال ّ فإن تركت المطالبة لم يكن لسيّدها الطّلب .واحتجّوا على الشهر الربعة بعموم آية اليلء . وذهب المالكيّة إلى أنّ مدّة اليلء إن كان الزّوج عبدًا شهران ولو كانت زوجته حرّ ًة ،فإن كان المولى حرّا فالمدّة أربعة أشهرٍ ولو كانت زوجته أمةً .واحتجّوا بالقياس قياسًا على العدّة
ح الخلع عند سيّد ص ّ ل في ال ّذمّة بغير إذن ال ّ ( .الخلع ) :إن خالعت المة زوجها على ما ٍ الجمهور ول يلزم سيّدها أداء المال ،بل يكون في ذمّتها تؤدّيه إن عتقت ،وقيل :يتعلّق سيّد لزمه وتعلّق بذمّته هو .وقال المالكيّة :ل يصحّ برقبتها فتباع فيه ،فإن كان بإذن ال ّ ح الخلع ; لنّه يملك الطّلق على غير مالٍ سيّد .وإن خالع العبد زوجته ص ّ خلعها بغير إذن ال ّ سيّد .فإن كانت المة فملك الخلع ،وهو طلق أو فسخ على مالٍ ،والحقّ في العوض لل ّ مأذونًا لها في التّجارة ،أو تملك شيئًا من المال عند من يقول بأنّها تملك المال ،لزمها المال . ( الظّهار والكفّارات ) : ل بالصّيام ; لنّه ل يستطيع العتاق ول - 94إذا كان المظاهر عبدًا لم يجب عليه التّكفير إ ّ الطعام ،فهو كالحرّ المعسر وأسوأ منه حالًا .لكن إن أذن له سيّده في العتاق أو الطعام ففي إجزائه قولن :الوّل :أنّه ل يجزئه لو أعتق ولو أذن له سيّده في التّكفير بالعتق ، وهذا مذهب الحنفيّة والشّافعيّة ورواية عن أحمد ،وذلك لنّه هو مملوك ل يملك ،فيقع تكفيره بمال غيره فلم يجزئه .والثّاني :يجزئه الطعام المأذون فيه دون العتق المأذون فيه ، ن العتق يقتضي الولء والولية والرث ،وليس ذلك وهذا قول مالكٍ وقول للشّافعيّة ; ل ّ للرّقيق .والثّالث :إن أذن له سيّده في التّكفير بالمال جاز سواء كان إطعامًا أو عتقًا ،وهذا ن للشّافعيّة ،ورواية عن أحمد وقول الوزاعيّ .ثمّ قال الشّافعيّة :فإن أعتق فالولء قول ثا ٍ موقوف ،فإن عتق فالولء له ،وإن دام رقّه فالولء لسيّده .ولو أذن له سيّده في العتق أو ن الصّيام فرضه . الطعام لم يجب عليه شيء منهما حتّى عند من يقول بإجزائهما ; ل ّ سيّد مع ذلك منعه من الصّوم ن لل ّ ث لهم :بأ ّ وصرّح الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة في قولٍ ثال ٍ إن أضرّ بخدمته .قال الحنفيّة :وهذا في غير كفّارة الظّهار ،أمّا فيها فليس له المنع ; لنّه يتعلّق بها حقّ الزّوجة .وقال الحنابلة :ليس له أن يمنعه ولو أضرّ بخدمته ; لنّه واجب لحقّ اللّه تعالى كالصّلة المفروضة وصوم رمضان .وممّا تقدّم يعلم حكم التّكفير في اليمين أو القتل إذ تنطبق عليهما الحكام السّابقة بقدرهما . ( الطّلق ) : - 95اختلف الفقهاء في عدد الطّلق في نكاح الرّقيق .فذهب الجمهور ( المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ) ،وهو مرويّ عن عمر وابن عبّاسٍ وسعيد بن المسيّب وإسحاق وابن المنذر ن عدد الطّلق معتبر بالزّوج ،فإن كان الزّوج حرّا فإنّه يملك على زوجته وغيرهم إلى أ ّ ثلث تطليقاتٍ ولو كانت أمةً .وإن كان الزّوج عبدًا فإنّه يملك تطليقتين ل غير ،ولو كانت
زوجته حرّ ًة ،فإن طلّقها الثّانية بانت منه ولم تحلّ له حتّى تنكح زوجًا غيره .واستدلّوا لذلك ن النّبيّ صلى ال عليه وسلم قال { :طلق العبد بما روى الدّارقطنيّ بسنده عن عائشة أ ّ ن الرّجل هو المخاطب بالطّلق فكان معتبرًا به تطليقتان ول تحلّ له حتّى تنكح زوجًا } .وبأ ّ ن الطّلق خالص حقّ الزّوج ،وهو ممّا يختلف بالح ّريّة وال ّرقّ اتّفاقًا ،فكان اختلفه به ; ول ّ ن الطّلق معتبر بالنّساء ،فإن كانت الزّوجة حرّ ًة فطلقها ثلث ولو .وذهب الحنفيّة إلى أ ّ كان زوجها عبدًا ،وإن كانت أم ًة فطلقها اثنتان وإن كان زوجها حرّا .وهو مرويّ عن عليّ وابن مسعودٍ ،والحسن وابن سيرين ،وعكرمة وعبيدة السّلمانيّ ،ومسروقٍ ، والزّهريّ ،والثّوريّ وغيرهم .واحتجّوا بحديث { طلق المة اثنتان وعدّتها حيضتان } . ن المرأة محلّ الطّلق فهو معتبر بها كالعدّة .وذهب ابن عمر رضي ال عنهما إلى أنّ ول ّ أيّهما رقّ نقص الطّلق برقّه .وإنّما ذهبوا من حيث الجملة إلى نقص طلق الرّقيق عن ن فإن أتين بفاحشةٍ طلق الحرار قياسًا على الحدّ الّذي قال اللّه تعالى فيه { :فإذا أحص ّ ل أنّه لمّا كان التّنصيف يقتضي أن يكون ن نصف ما على المحصنات من العذاب } إ ّ فعليه ّ طلق ًة ونصفًا ،ول نصف للطّلقة ،حتّى لو قال :أنت طالق نصف طلق ٍة طلقت طلقةً كاملةً ، فلذا كان طلق الرّقيق طلقتين على الخلف المتقدّم في من يعتبر به الطّلق من الزّوجين .ثمّ إن طلّق العبد زوجته مرّتين أو ثلثًا على الخلف المتقدّم لم تحلّ له من بعد حتّى تنكح زوجًا غيره ،فلو لم تنكح زوجًا آخر لكن أصابها سيّدها بملك اليمين لم تحلّ لمطلّقها بذلك بدللة ل ما يملكه من الطّلق اشتراها لم يحلّ له وطؤها بملك ن زوجها بعد أن طلّقها ك ّ الية .ولو أ ّ اليمين ما لم تنكح زوجًا آخر . سيّد على العبد ) : ( تطليق ال ّ سيّد زوجة عبده لم يقع طلقه سواء كانت الزّوجة حرّةً أو أمةً ،وسواء - 96لو طلّق ال ّ سيّد أم لغيره .وقد قال ابن عبّاسٍ رضي ال عنهما { :أتى النّبيّ صلى ال عليه كانت أم ًة لل ّ ن سيّدي زوّجني أمته ،وهو يريد أن يفرّق بيني وبينها وسلم رجل فقال :يا رسول اللّه ،إ ّ قال :فصعد النّبيّ صلى ال عليه وسلم المنبر فقال :يا أيّها النّاس ما بال أحدكم يزوّج عبده أمته ث ّم يريد أن يفرّق بينهما ،إنّما الطّلق لمن أخذ بالسّاق } .وحقّ الرّجعة في الطّلق سيّد .والمة تثبت عليها الرّجعة الرّجعيّ هو للعبد ل لسيّده ،فله المراجعة ولو لم يأذن ال ّ أيضًا ولو لم يرض سيّدها . انفساخ نكاح المة بملك زوجها لها :
- 97صرّح الحنابلة بأنّه إذا ملك الزّوج زوجته المة انفسخ نكاحه لها بأيّ وج ٍه كان الملك ، سواء أكان بشراءٍ ،أو بقبولها هب ًة ،أو وصيّ ًة ،أو بالميراث ،أو غير ذلك .ولو أوصى ن النّكاح ل سيّد بجاريته لزوجها الحرّ ،ومات ،فقبل الزّوج الوصيّة ،انفسخ النّكاح ; ل ّ ال ّ يجتمع مع الملك ،ثمّ من قال بأنّه تملك الوصيّة بالقبول ،فحينئذٍ ينفسخ النّكاح .ومن قال ن النفساخ يتبيّن حصوله بأنّه إذا قبل تبيّن أنّه ملك الموصى به من حين الموت يقول :إ ّ بالموت . بيع المة المزوّجة هل يكون فسخًا لنكاحها : سيّد أمته المزوّجة لغير زوجها فل ينفسخ نكاحها عند جمهور العلماء . - 98إذا باع ال ّ ن بيع المة يكون س رضي ال عنهم ،أ ّ ب ،وجابرٍ وأن ٍ وروي عن ابن مسعودٍ ،وأبيّ بن كع ٍ ل ما ملكت أيمانكم } وهو مرويّ طلقًا لها ،لظاهر قوله تعالى { :والمحصنات من النّساء إ ّ عن ابن عبّاسٍ والتّابعين ،قال ابن حجرٍ :بأسانيد صحيح ٍة ،وذكر منهم سعيد بن المسيّب ، س بيعها طلقها والحسن ومجاهدًا ،وعكرمة ،والشّعبيّ .ا هـ .ونقل القرطبيّ عن ابن عبّا ٍ ج الجمهور بالقياس على بيع العين المؤجّرة ،والصّدقة بها طلقها ،وأن تورث طلقها واحت ّ :ل تنفسخ الجارة بالبيع ،فكذا هنا ،وبقصّة بريرة ،فإنّها لمّا أعتقت خيّرت ،أي فلم يكن عتقها طلقًا ،فكذا بيعها .وهذا بخلف سبي المرأة الكافرة ،فإنّ الية نزلت فيها ،فتحلّ لمن وقعت في سهمه بعد استبرائها . عدّة المة : - 99تنتهي عدّة المة إن كانت حاملًا بوضع الحمل كالحرّة .فإن لم تكن حاملًا ،وكانت العدّة من وفاةٍ فهي على النّصف من عدّة الحرّة ،فتكون شهرين وخمسة أيّامٍ .فإن كانت العدّة من طلقٍ وكانت المة ممّن يحضن كانت عدّتها قرأين ،وهما حيضتان ،أو طهران ، على الخلف المعروف في تفسير القرء ،لقول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :طلق المة ن الرّقّ منصّف ،والحيضة ل تتجزّأ ،فأكملت فصارت اثنتان وعدّتها حيضتان } .وهذا ل ّ قرأين ..وقد أشار عمر بن الخطّاب رضي ال عنه إلى ذلك بقوله :لو استطعت أن أجعلها حيض ًة ونصفًا لفعلت .وإن كانت ممّن ل يحضن لصغرٍ ،أو إياسٍ ،وكذا الّتي بلغت بالسّنّ ولم تحض ،فعدّتها عند الحنفيّة ،وفي القول الظهر للشّافعيّ ،وروايةٍ عن أحمد :شهر ن الشهر متجزّئة ، ونصف ،على النّصف من عدّة الحرّة ،ولم يكمل الشّهر الثّاني ; ل ّ ن للشّافعيّ ،ورواية ثانية عن فأمكن تنصيفها .وقيل :تكون عدّتها شهرين ،وهذا قول ثا ٍ ن الشهر بدل من أحمد عليها المذهب ،وهو مرويّ عن عطاءٍ والزّهريّ وإسحاق ; ل ّ
القروء ،وعدّة الّتي تحيض قرءان ،فعدّة الّتي ل تحيض شهران .وقال مالك وربيعة : تكون عدّتها ثلثة أشهرٍ ،كالحرّة ،ولنّ العدّة للعلم ببراءة الرّحم وذلك معنًى ل تختلف فيه المة عن الحرّة ،وهذا أيضًا قول ثالث للشّافعيّ ،ورواية ثالثة عن أحمد وهو مرويّ عن الحسن ومجاهدٍ وعمر بن عبد العزيز والنّخعيّ . حداد المة على زوجها ،وسكناها مدّة العدّة : - 100يجب على المة الحداد على زوجها المتوفّى مدّة عدّتها ،وذلك لنّها مخاطبة بحقوق اللّه تعالى فيما ليس فيه إبطال لحقّ مولها ،وليس في الحداد إبطال لحقّه .وصرّح الحنفيّة سيّد في استخدامها .وعند الحنفيّة أيضًا بأنّها ل تمنع من الخروج ; لنّه لو لزمها فات حقّ ال ّ يجب عليها الحداد للطّلق البائن .ولكن تخرج في العدّة بخلف الحرّة .وحيث استحقّت المة المزوّجة السّكنى في حياة زوجها فإنّها تستحقّها مدّة العدّة ،على ما صرّح به الشّافعيّة . ( اللّعان ) : - 101إن قذف الزّوج زوجته بالزّنا وأحدهما أو كلهما رقيق ،فقد اختلف العلماء في صحّة اللّعان بينهما :فذهب مالك ،وأحمد في الرّواية المنصوصة عنه الّتي رواها الجماعة من أصحابه إلى صحّة اللّعان بينهما ،سواء كان الزّوج حرّا أو عبدًا ،وسواء كانت الزّوجة حرّةً أو مملوكةً .وهو منقول عن سعيد بن المسيّب ،وسليمان بن يسارٍ ،والحسن ،وربيعة ، ن اللّعان يمين فل يفتقر إلى اشتراط وإسحاق .ويستدلّ لهذا القول بعموم آيات اللّعان ; ول ّ ن الزّوج إذا كان عبدًا يحتاج إلى نفي الولد ،فيشرع اللّعان طريقًا له إلى نفي الحرّيّة ; ول ّ الولد .وذهب الحنفيّة إلى أنّه إن كان أحد الزّوجين أو كلهما مملوكًا فل لعان ،وهو مرويّ أيضًا عن الزّهريّ والثّوريّ والوزاعيّ وحمّادٍ ،قالوا :لنّ اللّعان شهادة على ما نصّ عليه ل للقاضي من الحنابلة :إنّه إذا كانت المقذوفة أمةً الكتاب ،والرّقيق ليس من أهلها .وفي قو ٍ ح اللّعان لنفي الولد خاصّةً ،وليس له لعانها لسقاط القذف والتّعزير ; لنّ الح ّد ل فيص ّ يجب ،واللّعان إنّما يشرع لسقاط حدّ أو نفي ولدٍ ،فإذا لم يكن ولد امتنع اللّعان . النّسب ) : - 102ولد الحرّة منسوب إلى زوجها وإن كان عبدًا إذا أتت به تامّا لقلّ مدّة الحمل من حين عقد عليها وهي ستّة أشهرٍ فأكثر ،ما لم يزد عن أكثر مدّة الحمل منذ فارقها .وولد المة إن كانت ذات زوجٍ لحق بزوجها ،على ما ذكر في الحرّة .فإن كانت المة غير ذات زوجٍ فأتت بولدٍ لمدّة المكان ،فإن كان سيّدها وطئها وثبت ذلك باعترافه ،أو بأيّ طريقٍ كان ،
فأتت بالولد بعد ستّة أشهرٍ من وطئه ،لحقه نسبه عند جمهور العلماء من غير استلحاقٍ وصارت أمّ ولدٍ له ولو لم يستلحقه ،ولو نفاه وأنكره ما دام مقرّا بالوطء أو ثبت عليه ، ل أن يدّعي أنّه استبرأها بحيضةٍ فأتت بالولد بعد وليس له نفيه .فإن نفاه لم ينتف عنه ،إ ّ أكثر من ستّة أشهرٍ من استبرائه لها .ول لعان بين المة وسيّدها ،وقيل :له اللّعان للنّفي . واستدلّوا بقول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :الولد للفراش } وقد صارت المة بالوطء فراشًا .واستدلّوا بما روي عن عمر رضي ال عنه أنّه قال { :حصّنوا هذه الولئد فل يطأ رجل ل يطئون ولئدهم ث ّم يعزلونهنّ ، ل ألزمته إيّاه } وقال { :ما بال رجا ٍ وليدته ثمّ ينكر ولدها إ ّ ل تأتيني وليدة يعترف سيّدها أنّه أتاها إلّ ألحقت به ولدها فاعزلوا بعد ذلك أو اتركوا } .ثمّ إن أقرّ بالولد فليس له نفيه بعد ذلك ،وكذا إن هنئ به فسكت .وقال أبو حنيفة والثّوريّ :ل تصير المة بالوطء فراشًا ،ول يلحقه ولدها إذا ترك العتراف به أو سكت ما لم يقرّ بولدها ،فإن أقرّ به لحقه ذلك الولد وسائر أولدها بعد ذلك .ولو وطئها في الفرج فعزل عنها أو وطئها دون الفرج لم تكن بذلك فراشًا ،ول يلحقه ولدها وقيل :بلى .ولو أتت بول ٍد من زنًا لم يلحقه .وحيث ل يلحق الولد سيّدها يكون عبدًا له ،ما لم يكن الوطء بشبهةٍ . الحضانة : ن الحضانة ل تثبت للرّقيق - 103ذهب جمهور الفقهاء ( الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ) إلى أ ّ ; لنّه ل يملك منافع نفسه ،والحضانة إنّما تحصل بتلك المنافع .ولنّ الحضانة ولية ،ول ولية لرقيقٍ .وعلى هذا فلو كانت أ ّم الطّفل مملوكةً وكان ولدها حرّا فحضانته لمن يلي المّ في استحقاق الحضانة إن كان حرّا ،وكذا إن كان الب عبدًا فل حضانة له .قال صاحب سيّد جاز ; لنتفاء المانع .واستثنى الشّافعيّة صورةً :وهي أن تسلّم كشّاف القناع :فإن أذن ال ّ أمة لكافرٍ له منها ولد ،فحضانته لها ،لنّها فارغة إذ يمنع سيّدها من قربانها .وذهب المالكيّة إلى أنّ المّ الرّقيقة أحقّ بولدها الحرّ ; لنّها أمّ مشفقة فأشبهت الحرّة .قالوا :فإن بيعت المة فنقلت كان الب أحقّ به .لكن قالوا :إن تسرّر بها الزّوج بعد طلقها تسقط ق بحضانته حضانتها ،لنّها حينئذٍ بمنزلة الحرّة تتزوّج .وأمّا إن كان الولد رقيقًا فسيّده أح ّ من أمّه وأبيه ولو كانا حرّين ; لنّه مملوك له ،وصور رقّه مع حرّيّة ال ّم متعدّدة ،منها : أن يولد من رقيقةٍ فتعتق هي دون ولدها .لكن ليس له أن يفرّق بينه وبين أمّه ،لما ورد من النّهي عن التّفريق بين الوالدة وولدها . ( الرّضاع ) :
سيّد تمكينها من ذلك ،وعليه - 104للمة إرضاع ولدها حرّا كان أو عبدًا ،ويجب على ال ّ ن فيه إضرارًا بالولد للنّقص من كفايته وصرف اللّبن أن ل يسترضع المة لغير ولدها ; ل ّ المخلوق له إلى غيره مع حاجته إليه ،فل يجوز كنقص الكبير عن كفايته .فإن كان في لبنها فضل عن كفاية ولدها فلسيّدها التّصرّف فيه بإجارتها للرضاع ،كما لو مات ولدها وبقي لبنها . ( الرّقيق والوصايا ) : أ -وصيّة الرّقيق : - 105إن وصّى العبد بمالٍ ثمّ مات على ال ّرقّ بطلت وصيّته ; لنّه ل مال له بل ما بيده ل للشّافعيّة لسيّده .أمّا إن أعتق ثمّ مات ولم يغيّر وصيّته فإنّها تكون عند الحنابلة وفي قو ٍ ح صدورها ممّن ل مال له ،كما ن الوصيّة يص ّ ن قوله صحيح وأهليّته تامّة ; ول ّ صحيحةً ل ّ لو وصّى ،الفقير الّذي ل مال له ثمّ استغنى .وقال المالكيّة والشّافعيّة في الصحّ :تكون سيّد ; لعدم أهليّة الملك فيه . باطل ًة أيضًا ولو أذن ال ّ ب ( -الوصيّة للرّقيق ) : سيّد بعتق عبده صحّت الوصيّة إجماعًا ،بشرطها ،ويكون تدبيرًا ( ر : - 106إن أوصى ال ّ سيّد لعبده بجزءٍ شائعٍ من ماله فقد اختلف الفقهاء في صحّة ذلك : تدبير ) وإن أوصى ال ّ فذهب الحنفيّة والحنابلة والشّافعيّة في قولٍ إلى أنّ الوصيّة بذلك صحيحة ،وتصرف جميعها إلى عتق العبد ،فإن خرج العبد من الوصيّة عتق واستحقّ باقيها بعد قيمته ،وإن لم يخرج عتق منه بقدر الوصيّة .ثمّ قال الحنفيّة :يستسعى بعد ذلك فيما بقي منه على ال ّرقّ .ووجه ن الجزء الشّائع يتناول العبد لنّه من جملة الثّلث الشّائع .والوصيّة له بنفسه تصحّ صحّة :أ ّ ال ّ ويعتق ،وما فضل يستحقّه لنّه يصير حرّا فيملك بالوصيّة ،فيصير كأنّه قال :أعتقوا عبدي ح عند الشّافعيّة أنّه يكون له بنسبة ذلك الجزء من من ثلثي وأعطوه ما فضل منه .والص ّ ب أو دارٍ ،أو بمائة درهمٍ مثلًا ، ن كثو ٍ رقبته ومن سائر التّركة .وإن أوصى له بمعيّ ٍ ن العبد يكون ملكًا للورثة ،فما وصّى له به يكون ملكًا ن الوصيّة باطلة ; ل ّ فالجمهور على أ ّ لهم ،فكأنّه أوصى للورثة بما يرثونه .وقال مالك وأبو ثورٍ وهو رواية عن أحمد :تصحّ . ل أن يوصي بعتقه .أمّا إن أوصى ل للشّافعيّة :الوصيّة للرّقيق باطلة بكلّ حالٍ إ ّ وفي قو ٍ سيّد .ول ح اتّفاقًا .ثمّ إن عتق فالمال له .وإن بقي على ال ّرقّ فلل ّ بمالٍ لعبد غيره فيص ّ سيّد في القبول عند الجمهور لنّه كسب ،كالحتطاب .وفي قولٍ للشّافعيّة يشترط إذن ال ّ ح :يفتقر إلى إذن سيّده ،كالبيع والشّراء . خلف الص ّ
ج ( -اليصاء إلى الرّقيق ) : - 107اختلف الفقهاء في اليصاء إلى الرّقيق :فذهب المالكيّة والحنابلة إلى صحّة اليصاء ح استنابته في الحياة فصحّ أن يوصي إليه إليه سواء أكان عبده أم عبد غيره ،وذلك لنّه تص ّ سيّد في القبول كالحرّ .ثمّ قال المالكيّة :إن كانت الوصيّة لعبد غيره ،فإن كانت بإذن ال ّ فليس له الرّجوع بعد ذلك .وإن كان بغير إذنه فليس للعبد التّصرّف بغير إذنه .وقال الشّافعيّ وأبو يوسف ومحمّد :ل تصحّ الوصيّة إلى الرّقيق بحالٍ ; لنّه ل يكون وليّا على ن في اليصاء إليه على ورثة الموصي ابنه بالنّسب فل يكون وصيّا على أولد غيره ; ول ّ إثبات الولية للمملوك على المالك ،وهو قلب للمشروع .وقال الوزاعيّ ،والنّخعيّ ،وابن ح اليصاء إلى عبد نفسه ول يصحّ إلى عبد غيره .وقال أبو حنيفة :يصحّ شبرمة :يص ّ اليصاء إلى الرّقيق على أولد الموصي إن كانوا صغارًا ولم يكن فيهم رشيد .فإن كان فيهم ح ; لنّ للكبير بيعه أو بيع نصيبه منه فيعجز عن القيام بالوصاية .أمّا إن لم يكن كبير لم يص ّ ح ; لنّه يكون مكلّفًا مستبدّا بالتّصرّف ،وليس لحدٍ عليه ولية ،فإنّ الصّغار فيهم كبير فتص ّ وإن كانوا مالكين له لكن لمّا أقامه أبوهم مقام نفسه صار مستبدّا بالتّصرّف مثله بل وليةٍ لهم ح اليصاء إلى عبد الغير أصلًا ،فلو أوصى إليه ثمّ عليه .وقال أبو حنيفة أيضًا :ل يص ّ أعتق لم يخرجه القاضي عن الوصاية .أمّا إن لم يعتق فيخرجه ويبدّله بغيره . إرث الرّقيق : 107م -الرّقّ أحد موانع الرث ،فالرّقيق ل يرث أحدًا من أقاربه ،لنّه مملوك يورث عن س أنّه يرث ،ويكون ما ل ما روي عن الحسن وطاوو ٍ مالكه فل يرث ،وذلك بالجماع إ ّ يرثه لسيّده كسائر كسبه ،والمملوك ل يورث لنّه ل مال له ،وعلى القول بأنّه يملك ملكًا ن ماله يئول لسيّده اتّفاقًا . ضعيفًا فإ ّ ( الرّقيق والتّبرّعات ) : ن الحجر عليه لحقّ سيّده ،فإن أذنه في الهبة - 108تجوز الهبة من الرّقيق بإذن سيّده ،ل ّ انفكّ حجره فيها .فإن لم يأذن له لم يجز .وذهب أبو حنيفة وابن أبي ليلى والثّوريّ وهو المقدّم عند الحنابلة إلى أنّه ليس للرّقيق أن يضمن أحدًا بغير إذن سيّده ولو كان مأذونًا له في ح بغير إذنٍ كالنّكاح .وذهب الشّافعيّة في التّجارة ،لنّه عقد يتضمّن إيجاب مالكٍ فلم يص ّ ح ضمانه ; لنّه أهل للتّصرّف ،ول أصحّ الوجهين عندهم والحنابلة في احتمالٍ إلى أنّه يص ّ سيّد أن يضمن ليكون القضاء من سيّد ،ويتّبع به بعد العتق .فإن أذن له ال ّ ضرر فيه على ال ّ المال الّذي بيده صحّ .
قبول الرّقيق للتّبرّعات : - 109للرّقيق أن يقبل التّبرّعات من هب ٍة أو هديّةٍ أو عطّيةٍ ولو بغير إذن سيّده ،لنّه تحصيل منفعةٍ كالحتشاش والصطياد ،وتكون لسيّده ل له .ولو أبى العبد قبول الهبة فقد سيّد أن يجبره على قبولها . ذهب المالكيّة على الرّاجح عندهم إلى أنّه ليس لل ّ الحجر على الرّقيق : - 110الرّقيق في الصل محجور عليه شرعًا لحظّ سيّده .فليس له أن يبيع أو يشتري بعين المال ،أو يتّجر أو يستأجر أو يؤجّر ،ولو أن يؤجّر نفسه إلّ بإذن سيّده ،فإن فعل شيئًا من ن كان تصرّفه باطلًا أو موقوفًا ،على الخلف في تصرّف المحجور عليهم . ذلك دون إذ ٍ وقيل :يصحّ الشّراء لنّ الثّمن يتعلّق بالذّمّة .وإذا لزم الرّقيق المحجور عليه دين بغير رضا سيّده ،كأن اشترى في ال ّذمّة أو اقترض ،فقد ذهب الشّافعيّة ،وهو رواية عن أحمد ،إلى ن الدّين يتعلّق بذمّته يتّبعه الغريم به إذا عتق وأيسر ،كالحرّ ،وكالمة إذا اختلعت من أّ زوجها بغير إذنٍ .وفي روايةٍ عند الحنابلة :يتعلّق الدّين برقبته كأرش جنايته ،فإن شاء سيّده فداه ،ول يلزمه فداؤه بما يزيد عن قيمته ،وإن شاء سلّمه للدّائن عوض دينه . ( الرّقيق المأذون ) : سيّد أن يأذن لرقيقه في التّصرّف والمتاجرة ،قال ابن قدامة :بغير خلفٍ - 111يجوز لل ّ ق سيّده ،فجاز له التّصرّف بإذنه .ثمّ قد ذهب الشّافعيّة ن الحجر عليه كان لح ّ نعلمه ; ل ّ سيّد ،وينفكّ عنه حجره بقدر ما أذن له فيه ، ن الذن يتحدّد بقدر ما أذن ال ّ والحنابلة إلى أ ّ ويستم ّر الحجر في القدر الّذي لم يؤذن له فيه ،فإن دفع إليه مالًا يتّجر به كان له أن يبيع ويشتري ويتّجر فيه ،إن أذن له أن يشتري في ذمّته جاز .وإن عيّن له نوعًا من المال يتّجر فيه جاز ،ولم يكن له التّجار في غيره ،ولم يجز له أن يؤجّر نفسه ،ول أن يؤجّر مال ن ; لنّ الذن لم يقتض ذلك .وعند الجمهور وزفر من التّجارة كدوابّها ،ول أن يتوكّل لنسا ٍ الحنفيّة يتصرّف الرّقيق المأذون بالوكالة والنّيابة عن سيّده .وليس له عند الشّافعيّة أن يتصدّق بشي ٍء من مال التّجارة -ولو يسيرًا -ما لم يعلم برضا سيّده بذلك .وقال الحنابلة سيّد في هذا مثل قول الحنفيّة كما يأتي .قال الجمهور :ول ب ّد من الذن بالقول ،فلو رأى ال ّ ن الرّقيق المأذون ينفكّ عنه عبده يتّجر فلم ينهه لم يصر بذلك مأذونًا .وذهب الحنفيّة إلى أ ّ الحجر في ما هو من باب التّجارة .قالوا :والذن هنا إنّما هو إسقاط للحقّ ،وليس توكيلًا أو ع ،فلو إنابةً ،ثمّ يتصرّف الرّقيق لنفسه بمقتضى أهليّته ،فل يتوقّت بوقت ول يتخصّص بنو ٍ ن السقاط ل يتوقّت . أذن لعبده يومًا أو شهرًا صار مأذونًا مطلقًا حتّى يعيد الحجر عليه ل ّ
ع ع ّم إذنه النواع كلّها ولو نهاه عنها صريحًا ،كأن قال :اشتر البزّ ول وإذا أذن له في نو ٍ ح منه كلّ تجارةٍ .قال الحنفيّة :ويثبت الذن للعبد في التّجارة دلل ًة ،فلو تشتر غيره ،فتص ّ سيّد صار العبد بذلك مأذونًا ،إلّ أنّهم فرّقوا سيّد عبده يبيع ويشتري ما أراد فسكت ال ّ رأى ال ّ بين ما قصد به من الذن الستخدام ،كأن يطلب من عبده شراء شيءٍ لحاجته ،فل يكون ذلك إذنًا في التّجارة ،وبين ما قصد به فكّ الحجر .قالوا :وللمأذون أن يبيع ويشتري ، ويوكّل بالبيع والشّراء ،ويرهن ويرتهن ،ويعير الثّوب والدّابّة ; لنّه من عادة ال ّتجّار ،وله أن يصالح عن قصاصٍ وجب على عبده ،وتقبل الشّهادة على العبد المأذون إن لم يحضر موله .ويجوز له أن يأخذ الرض إجارةً أو مساقا ًة أو مزارع ًة ،ويشارك عنانًا ل ب ،ويهدي مفاوضةً ،وله أن يستأجر ويؤجّر ،وله أن يؤجّر نفسه ويق ّر بنحو وديعةٍ أو غص ٍ طعامًا يسيرًا بما ل يعدّ سرفًا ،وأن يضيف الضّيافة اليسيرة ،وليس له أن يعتق عبده ولو ل ،ول أن يقرض أو يهب ولو بعوضٍ ،ول يكفل بنفسٍ أو مالٍ ،ول يصالح عن على ما ٍ قصاصٍ وجب عليه .وفي الهداية :ل بأس بقبول هديّة العبد التّاجر وإجابة دعوته واستعارة دابّته بخلف هديّته الدّراهم والدّنانير ،استحسانًا ،والقياس بطلنه لنّه تبرّع ،والعبد ليس ن النّبيّ صلى ال عليه وسلم قبل هديّة سلمان رضي ال من أهله ،ووجه الستحسان { :أ ّ عنه حين كان عبدًا } { ،وقبل هديّة بريرة رضي ال عنها } .وأجاب بعض الصّحابة دعوة ن في هذه الشياء ضرور ًة ل يجد التّاجر منها بدّا ،بخلف مولى أبي أسيدٍ وكان عبدًا ; ول ّ نحو الكسوة وإهداء الدّنانير فل ضرورة فيها .وقول المالكيّة قريب من قول الحنفيّة ،فقد ض فيما أذن سيّد إن أذن للعبد في نوعٍ من التّجارة ،كالبرّ مثلًا كان كوكيلٍ مفوّ ٍ ن ال ّ قالوا :إ ّ له فيه وفي غيره من باقي النواع لنّه أقعده للنّاس ول يدرون ليّ أنواع التّجارة أقعده . غير أنّه ل يسوغ له القدام على غير ما عيّنه له .فإن صرّح له بمنعه من غير النّوع منع منه أيضًا ،ثمّ إن أشهر المنع ردّ ما أجراه من البيع والشّراء فيما أشهره ،وإن لم يشهره مضى ولم يردّ .قالوا :وكما يحصل الذن بقوله :أذنتك " ويكون إذنًا له مطلقًا ،كذلك ت وأقعده فيه للبيع يحصل بالذن الحكميّ ،كما لو اشترى له بضاع ًة ووضعها بحانو ٍ ل إلى أجلٍ والشّراء .قالوا :وللمأذون أن يضع من دينٍ له على شخصٍ ،أو يؤخّر دينه الحا ّ قريبٍ إن لم تكثر الوضيعة ،وله أن يضيف الضّيف للستئلف على التّجارة ،وله نحو الضّيافة كالعقيقة لولده إن اتّسع المال ولم يكره ذلك سيّده ،وله أن يأخذ من غيره مالًا مضاربةً ليعمل فيه لنّه من التّجارة ،وله أن يتسرّى ويقبل الوديعة ول يقبل التّوكيل ،وله ل هبة الثّواب ( الهبة أن يتصرّف فيما يوهب له ببيعٍ أو شرا ٍء ل بصدقةٍ ونحوها ول بهبةٍ إ ّ بعوضٍ ) .ويجوز الحجر عليه للفلس وهو في ذلك كالحرّ .
اكتساب الرّقيق من المباحات والتقاطه : - 112للرّقيق الكتساب من المباحات كالصطياد والحتطاب ،ويكون ما يحصّله لسيّده . وكذا لو وجد ركازًا .وإن وجد لقط ًة فله أخذها وهو بغير إذن سيّده ،والتقاطه صحيح ، ل للشّافعيّة .بدللة وتجري عليه أحكام اللّقطة .وهذا عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة وفي قو ٍ عموم أحاديث اللّقطة ،وقياسًا على التقاط الصّبيّ بغير إذن وليّه ; ولنّ اللتقاط تخليص مالٍ سيّد ،كإنقاذ الغريق والمغصوب .وإذا التقط كانت اللّقطة أمانةً من الهلك فجاز بغير إذن ال ّ سيّد انتزاعها منه أثناء ح تعريفه فإذا تمّ الحول ملكها سيّده ،ولل ّ في يده ،وإن عرّفها حولًا ص ّ الحول ويتمّم تعريفها .وإن تملّكها العبد أثناء الحول أو تصدّق بها ضمنها لصاحبها في رقبته ح التقاط العبد لنّ اللّقطة في الحول أمانة .والقول الثّاني للشّافعيّة وهو الظهر ،ل يص ّ وولية وبعده تملّك ،والعبد ليس من أهل الولية ول من أهل الملك . الرّقيق والجنايات :القصاص بين الحرار والرّقيق : ص منه عند جمهور العلماء بل يعزّر ،سواء - 113أ -إذا قتل الحرّ المسلم رقيقًا فل يقت ّ كان القاتل س ّيدًا للرّقيق أو أجنبيّا ،لما روى عمر بن الخطّاب رضي ال عنه أنّ النّبيّ صلى ال عليه وسلم قال { :ل يقاد مملوك من مالكٍ } .وما روى ابن عبّاسٍ أنّ النّبيّ صلى ال عليه وسلم قال { :ل يقتل ح ّر بعبدٍ } .ويجلد الحرّ إذا قتل عبدًا مائةً عند المالكيّة ،لما ي رضي ال عنه { :أنّ رجلًا قتل عبده فجلده النّبيّ صلى ال عليه وسلم مائة جلدةً روى عل ّ ونفاه عامًا ومحا اسمه من المسلمين أي من العطاء } » .ولمفهوم قوله تعالى { :الحرّ بالحرّ ن الحرّ يقتل ن العبد منقوص بالرّقّ فل يكافئ الحرّ .وذهب الحنفيّة إلى أ ّ والعبد بالعبد } ول ّ ل عبد نفسه فل يقتل به ،وكذا عبد ولده -لعموم آيات القصاص نحو قوله تعالى : بالعبد -إ ّ { كتب عليكم القصاص في القتلى } وقوله { :وكتبنا عليهم فيها أنّ النّفس بالنّفس } ،ولعموم الحاديث نحو قول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :المسلمون تتكافأ دماؤهم } .وقوله { النّفس ن الحرّ يقتل بعبد نفسه وعبد غيره لقول بالنّفس } .ونقل ابن رشدٍ أنّ النّخعيّ ذهب إلى أ ّ النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :من قتل عبده قتلناه } .وأمّا في الطراف فل يقتصّ من الحرّ سيّد ، إذا قطع طرف رقيقٍ .ونقل ابن رشدٍ في ذلك خلفًا .وحيث وجب القصاص فالحقّ لل ّ له طلبه ،وله العفو عنه .وحيث لم يجب القصاص ،يجب التّعزير ،كما في الحديث المتقدّم . - 114ب -وأمّا إذا قتل الرّقيق حرّا سواء كان المقتول سيّده أو غيره فإنّه يقتل به اتّفاقًا إذا تمّت شروط القصاص ،وذلك لعموم آيات القصاص ،ولنّه يقتل بالعبد لقوله تعالى :
ن الحرّ أكمل من العبد .وكذا يؤخذ طرف العبد بطرف { والعبد بالعبد } فقتله بالحرّ أولى ل ّ الحرّ عند الحنابلة .وذهب الحنفيّة في المعتمد والمالكيّة إلى أنّه ل يقتصّ من العبد للحرّ في الجراح والعضاء ،قال الزّرقانيّ :لنّه كجناية اليد الشّلّاء على اليد الصّحيحة .ونقل ابن رشدٍ أنّ في ذلك عن مالكٍ روايتين . - 115ج -وكذلك يقتل الرّقيق بالرّقيق عند الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة وهو رواية عن أحمد ،سواء اتّحدت قيمة القاتل وقيمة المقتول أو اختلفتا ،واستدلّوا بعموم آيات القصاص ، ن تفاوت القيمة في الرّقيق كتفاوت ص عليه في قوله تعالى { :والعبد بالعبد } ول ّ وبالنّ ّ الفضائل في الحرار ،كالعلم والشّرف والذّكورة والنوثة ،فكما أهدر هذا التّفاوت بين الحرار فوجب القصاص مع وجوده ،فكذا تفاوت القيم في الرّقيق .وفي روايةٍ أخرى عن ن من شرط القصاص أن ل تكون قيمة القاتل أكثر من قيمة المقتول .وروي عن ابن أحمد أ ّ عبّاسٍ :ليس بين العبيد قصاص في نفسٍ ول جرحٍ لنّهم أموال ،ونقله ابن رشدٍ عن الحسن وابن شبرمة وجماعةٍ .ويجري القصاص بين العبيد في الطراف عند المالكيّة والشّافعيّة وفي رواي ٍة عند الحنابلة ،وهو قول عمر بن الخطّاب -نقله ابن رشدٍ -وقول عمر بن عبد العزيز والزّهريّ وقتادة وأبي ثو ٍر وابن المنذر ،لعموم قوله تعالى { :وكتبنا عليهم فيها أنّ النّفس بالنّفس والعين بالعين والنف بالنف والذن بالذن } الية .وقال الحنفيّة على المشهور وهو رواية أخرى عن أحمد :ل يجري القصاص بينهم فيما دون النّفس .وهو قول ابن مسعو ٍد والشّعبيّ والنّخعيّ والثّوريّ ; لنّ الطراف من العبيد مال فل يجري القصاص فيها ; ولنّ التّساوي في الطراف معتبر ،فل تؤخذ الصّحيحة بالشّلّاء ،ول كاملة الصابع بناقصتها ،وأطراف العبيد ل تتساوى .وحيث يجري القصاص في طرف العبد فاستيفاؤه له وله العفو عنه . ( الدّية والرش ) : - 116أ -إذا قتل الحرّ عبدًا ،أو عكسه ،أو قطعه ،أو فعل ذلك عبد بعبدٍ ،خطأً ،أو عمدًا ولم يجب القصاص ،ثبت المال ،وهو في الحرّ دية النّفس أو العضو أو الحكومة على ما هو معلوم في باب الدّيات .وفي العبد قيمته إذا قتل ،مهما كانت ،قليل ًة أو كثير ًة ،حتّى لو كانت تبلغ دية الحرّ أو تزيد عليها أضعافًا ،وهذا قول المالكيّة والشّافعيّة وأبي يوسف من الحنفيّة ،وهو مرويّ عن سعيدٍ والحسن وابن سيرين ،وعمر بن عبد العزيز والزّهريّ والوزاعيّ وإسحاق قالوا :لنّه مال متقوّم أتلفه -سواء عمده وخطؤه -فيضمنه بكمال قيمته .قال النّوويّ :ول مدخل للتّغليظ في بدل الرّقيق .ا هـ .وقال أبو حنيفة ومحمّد : إن ضمن بالجناية يضمن بقيمته ،لكن لو كانت قيمته أكثر من دية حرّ أو مثلها ينتقص عن
دية الحرّ دينارًا أو عشرة دراهم وهو القدر الّذي يقطع به السّارق ،وإن كانت أم ًة فعلى النّصف من دية العبد ،إلّ نصف دينارٍ .وإن ضمن باليد ،بأن غصبه فمات في يده فإنّ الواجب قيمته وإن زاد عن ديةٍ أو دياتٍ .ووجه قولهما بأنّ في العبد الدميّة والماليّة ، والدميّة أعلهما ،فيجب اعتبارها بإهدار الدنى عند تعذّر الجمع بينهما ،وذلك في حال الجناية عليه بدليل ثبوت القصاص في العمد ،والكفّارة في الخطأ ،والقيمة بدل عن الدّية في قليل القيمة بالرّأي ،وتنقص فيما زاد عن الدّية لنقص رتبة العبد عن الحرّ ،وضمان الغصب بمقابلة الماليّة ،فيضمن بكامل قيمته في حالة تلفه مغصوبًا إذ الغصب ل يرد إلّ على المال .وإنّما حدّدوا النّقص في الحالة الولى بدينارٍ أو عشرة دراهم لثرٍ ورد عن ابن مسعودٍ رضي ال عنه .ونقل ابن رشدٍ أنّ قومًا من أهل الكوفة قالوا :في نفس العبد الدّية كالحرّ ، لكن ينقص منها شيء . العاقلة وجناية العبد والجناية عليه : - 117ل تحمل العاقلة جناية العبد لنّه ل عاقلة له .وأمّا الجناية على العبد فقد ذهب الجمهور من المالكيّة والحنابلة وهو قول للشّافعيّة ،وقول الشّعبيّ والثّوريّ والنّخعيّ واللّيث ن الّذي يتحمّل قيمة العبد هو القاتل نفسه إن كان حرّا وليس عاقلته ولو كان القتل خطأً ، إلى أ ّ لحديث { :ل تحمل العاقلة ل عمدًا ول صلحًا ول اعترافًا ول ما جنى المملوك } ولنّ الواجب القيمة ل الدّية إذ العبد مال .وقال الحنفيّة ،وهو قول للشّافعيّ ،وقول عطاءٍ والزّهريّ والحكم وحمّادٍ :تحمل العاقلة نفس العبد كما تحمل الحرّ ،قال الحنفيّة :ول تحمل ن الطراف تعامل كالمال . ما دون النّفس من العبد ل ّ - 118ب -وأمّا أروش جراح العبد وأعضائه فقد اختلف فيها على أقوالٍ :فذهب الشّافعيّة في قولٍ ( هو قديم قولي الشّافعيّ ) والحنابلة في إحدى الرّوايتين ،قوّاها ابن قدامة إلى أنّ سيّد يستحقّ على الجاني ما نقص من قيمة العبد ،فلو كانت قيمته ألفًا ،فلمّا قطع يده أو ال ّ شجّه موضح ًة أو غيرها صارت قيمته ثمانمائ ٍة فإنّ الرش يكون مائتين ،ولو جبّه وخصاه ن العبد مال ،فيجرى في سيّد .واحتجّوا لهذا القول بأ ّ فلم تنقص قيمته أو زادت ،فل شيء لل ّ ضمان التلف فيه على قاعدة إتلف الموال الخرى .وذهب الشّافعيّة في الظهر عندهم والحنابلة في روايةٍ عليها المذهب إلى التّفريق بين جنايةٍ ليس لها في الحرّ أرش مقدّر ، فيكون أرشها ما نقص من قيمة العبد المجنيّ عليه كما تقدّم ،وبين جناي ٍة لها في الحرّ دية مقدّرة شرعًا ،فيكون أرشها بنسبة ذلك من قيمته ،فلو كانت قيمته ألفًا فقطع يده ففيها سيّد ،ولو جبّه ثمّ خصاه خمسمائ ٍة ،أو قطع أنفه ففيه قيمته كامل ًة ،مع بقاء العبد على ملك ال ّ
سيّد .وقال الحنابلة في مثل الحالة الخيرة ففيه قيمته مرّتين عند الشّافعيّة ،مع بقاء ملكيّته لل ّ ب للخصاء .واحتجّ لهذا القول بما روي عن عليّ ب ،وقيمته بعد الج ّ :له قيمته كاملةً للج ّ رضي ال عنه ،وروي نحوه عن سعيدٍ ،وابن سيرين وعمر بن عبد العزيز ،وبالقياس ن في قتله القصاص ن العبد ليس بمالٍ من كلّ وج ٍه ،بدليل أ ّ على التّقدير في الحرّ ،ل ّ والكفّارة بخلف سائر الموال .وذهب الحنفيّة إلى اعتبار التّقدير بالنّسبة ،كما تقدّم في القول الثّاني ،لكن قالوا :إنّه ل يزاد عن دية مثل ذلك العضو من الحرّ ،فلو قطع يد عبدٍ ففيها نصف قيمته لو كانت قيمته ألفين أو ثلثةً أو أكثر ،فإن كانت قيمته عشرة آلف درهمٍ ،كدية الحرّ ،أو أكثر من ذلك مهما كانت الزّيادة ،فإنّ أرش يده خمسة آلفٍ إلّ خمسة دراهم ل يزاد عليها .قالوا :لنّ اليد من الدميّ نصفه فتعتبر بكلّه ،وينقص هذا ل ما يقدّر من دية الحرّ فهو مقدّر من المقدار إظهارًا لنحطاط رتبته عن رتبة الحرّ .وك ّ قيمة العبد ; لنّ القيمة في العبد كالدّية في الحرّ إذ هو بدل الدّم .قالوا :ومن فقأ عيني عبدٍ فقد فوّت جنس المنفعة فإن شاء الوليّ دفع عبده إلى الجاني وأخذ قيمته ،وإن شاء أمسكه ول شيء له من النّقصان عند أبي حنيفة ،وقال الصّاحبان :بل يكون له إن أمسكه أخذ ما نقصه .وذهب المالكيّة إلى التّفريق في الضّمان بين جراحات العبد وبين قطع طرفٍ أو عضوٍ ، ففي الجراحات الّتي لها أرش مقدّر في الحرّ يضمن بنسبتها من كامل قيمته ،ففي الجائفة أو المّة ثلث قيمته ،وفي موضحته نصف عشر قيمته ،وفي منقّلته عشر قيمته ونصف عشرها .وفي غير ذلك من الجراح وهو ما ليس فيه مقدّر ،يقدّر نقص قيمة العبد فيدفع كاملًا مهما ن فل شيء فيه سوى الدب في العمد .وكذا قطع العضاء فيها ما بلغ .فإن برئ بل شي ٍ ن الضّمان في العضاء نقص من قيمة العبد بسبب ذلك .وقد يفهم من متن خليلٍ وشرّاحه أ ّ بنسبتها من القيمة . الجناية على جنين المة : - 119لو جنى على أمةٍ فأسقطت جنينًا حيّا ثمّ مات ،وكان محكومًا برقّه ،ففيه قيمته على ما تقدّم .أمّا إن أسقطته م ّيتًا بعد تخلّقه أو نفخ الرّوح ،ففيه عند المالكيّة والشّافعيّة عشر قيمة أمّه ذكرًا كان أو أنثى ،وتعتبر قيمتها يوم الجناية .وقال أبو حنيفة :إن كان أنثى ففيه عشر قيمته لو كان حيّا ،وإن كان ذكرًا ففيه نصف عشر قيمته لو كان حيّا .وقال أبو يوسف :فيه ما نقص من قيمة أمّه . جنايات الرّقيق :
- 120إن كان القاتل رقيقًا فما وجب بجنايته من المال سواء أكان دية نفس حرّ أو طرفه ، أو قيمة عب ٍد أو قيمة طرفه ،وسواء كانت الجناية عمدًا فلم يجب القصاص ،أو كانت خطأً فعفي عنها على مالٍ ،فإنّ ذلك كلّه يجب في رقبته ،ول تتعلّق بذمّته ول بذمّة سيّده وهكذا جميع الدّيون الّتي تلزمه بسبب التلفات ،سواء أكان مأذونًا له بالتّجارة أو غير مأذونٍ . وهذا قول الشّافعيّة والحنابلة .قالوا :ولم تتعلّق هذه الدّيون بذمّته لنّه يفضي إلى إلغائها أو سيّد ; لنّه لم يجن ،فتعيّن تعلّقها تأخير حقّ المجنيّ عليه إلى غير غايةٍ ،ولم تتعلّق بذمّة ال ّ برقبة العبد لنّ الضّمان موجب جنايته فتعلّق برقبته كالقصاص .وفي وجهٍ عند الشّافعيّة : تتعلّق أيضًا بذمّة العبد .ثمّ إن كان أرش الجناية بقدر قيمة العبد الجاني أو أقلّ ،فالسّيّد مخيّر بين أن يدفع أرش الجناية أو يسلّم العبد إلى وليّ الجناية للبيع ; لنّه إن دفع أرش ل الّذي تعلّق الحقّ به ،وحقّ المجنيّ الجناية فقد تأدّى الحقّ ،وإن سلّم العبد فقد أدّى المح ّ سيّد ، عليه ل يتعلّق بأكثر من الرّقبة ،وقد أدّاها ،فل يكون عليه غير ذلك .والخيار إلى ال ّ فل يلزمه تسليم العبد إن أدّى الرش ،ول يلزمه الرش إن سلّم العبد .وإن كانت الجناية أكثر من قيمة العبد ففي قولٍ للشّافعيّ وروايةٍ عن أحمد :يخيّر سيّده بين أن يفديه بقيمته وبين أن يسلّمه .وقال المالكيّة وهو قول آخر للشّافعيّ ورواية أخرى عن أحمد :يلزمه تسليمه ما لم يفده بأرش جنايته بالغ ًة ما بلغت ; لنّه يجوز أن يرغب فيه راغب فيشتريه بأكثر من ثمنه ،فإذا منع تسليمه للبيع لزمه جميع الرش لتفويته ذلك .وقال الحنفيّة :إذا جنى العبد جناية خطأٍ بقتل نفسٍ قيل لموله :إمّا أن تدفعه بدلها أو تفديه لما ورد في ذلك س رضي ال عنهما أنّه قال :إذا جنى العبد فإن شاء دفعه وإن شاء فداه .ولنّ عن ابن عبّا ٍ الصل في الجناية على الدميّ في حالة الخطأ أن تتباعد عن الجاني تحرّزًا عن استئصاله والجحاف به ،إذ هو معذور فيه حيث لم يتعمّد الجناية ،وتجب على عاقلة الجاني إذا كان سيّد عاقلة عبده ; لنّ العبد يستنصر به -والصل في العاقلة النّصرة عند له عاقلة ،وال ّ الحنفيّة -فتجب في ذمّته صيان ًة للدّم عن الهدار .وهذا عندهم بخلف جناية العبد على ن العواقل ل تحمل المال .والواجب الصليّ من المرين عندهم دفع العبد الجاني المال ل ّ ق النّقل إلى إلى المجنيّ عليه ،ولهذا يسقط بموت العبد لفوات محلّ الواجب ،وإن كان له ح ّ المر الثّاني وهو الفداء بالرش .قالوا :فإن دفعه مالكه ملكه وليّ الجناية ،وإن فداه فداه ن التّأجيل في العيان باطل ،وأمّا الفداء ل من المرين يلزم حالّا ،أمّا الدّفع فل ّ بأرشها ،وك ّ فلنّه جعل بدلًا ،فيقوم مقامه ويأخذ حكمه فيجب حالّا .وأيّهما اختاره وفعله فل شيء لوليّ الجناية غيره .فإن لم يختر شيئًا حتّى مات العبد بطل حقّ المجنيّ عليه لفوات محلّ الحقّ ، ي الفداء لم يبرأ لتحوّل الحقّ من رقبة العبد إلى ذمّة المولى . وإن مات بعدما اختار الول ّ
والختيار قد يكون بالقول ،وقد يكون بالفعل فلو أعتق العبد الجاني مع علمه بالجناية لزمه أرش الجناية وكذا كلّ ما يمنع التّسليم كلّا أو بعضًا ،كأن يبيع العبد أو يهبه أو يدبّره ،أو يستولد المة ال ّثيّب ،أو يطأ البكر .وأمّا إذا قتل العبد حرّا أو عبدًا فالواجب عندهم القصاص كما تقدّم . الكفّارة في قتل الرّقيق : ن في قتل الرّقيق -بالضافة إلى قيمته الواجبة - 121ذهب الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أ ّ لسيّده -الكفّارة ولو قتل عبد نفسه فتجب الكفّارة كذلك ،لعموم قوله تعالى { :ومن قتل مؤمنًا خطأً فتحرير رقبةٍ مؤمن ٍة } .الية ،ولنّه مؤمن فأشبه الحرّ ،وهي ككفّارة قتل الحرّ سواء ،على التّفصيل والخلف في ذلك ( ر :كفّارة ) .وذهب المالكيّة إلى أنّه ل تجب كفّارة في قتل العبد لنّه مال ،ويضمن بالقيمة ،فل كفّارة فيه ،كما ل كفّارة في إتلف سائر الممتلكات .والتّكفير مع ذلك مستحبّ .قال المالكيّة :وحكم الرّقيق في التّكفير إذا قتل حرّا أو عبدًا حكم الحرّ من حيث أصل التّكفير .وأمّا ما يكفّر به العبد فقد ذكر في موضعٍ آخر . ( غصب الرّقيق ) : - 122من غصب عبدًا أو أمةً جرت عليه أحكام الغصب من حيث الجملة ( ر :غصب ) . وذلك لنّ الرّقيق مال فيجري عليه حكم غصب سائر الموال من حيث الجملة ،ومن غصب سيّد لها ،ول يضمن الغاصب جاري ًة لم تثبت يده على بضعها وهو الجماع ،فيصحّ تزويج ال ّ مهرها لو حبسها عن النّكاح حتّى فات نكاحها بالكبر .وإن وطئها بعد الغصب فهو زنًا لنّها ليست زوجته ول ملك يمينه ،فيكون عليه الحدّ بشروطه ،ويلزمه مهر مثلها إن لم تكن مطاوع ًة اتّفاقًا .أمّا إن كانت مطاوعةً فذهب الشّافعيّة في الصحّ إلى أنّه ل مهر لها ،لنّ النّبيّ صلى ال عليه وسلم { نهى عن مهر البغيّ } .وقال البخاريّ :وليس في المة ال ّثيّب في قضاء الئمّة غرم ولكن عليه الحدّ .وقال الحنابلة :يجب المهر ويكون لسيّدها لنّه حقّه ،فل يسقط بمطاوعتها كأجر منافعها . الرّقيق والحدود :حدّ الزّنا : - 123إذا زنى الرّقيق يجلد خمسين جلدةً ذكرًا كان أو أنثى ،ول يرجم ،اتّفاقًا ،لقوله ن فإن أتين بفاحشةٍ فعليهنّ نصف ما على المحصنات من العذاب } تعالى { :فإذا أحص ّ ن الجلد هو المذكور في القرآن دون فينصرف التّنصيف إلى الجلد دون الرّجم لوجهين :أ ّ ن الرّجم ل يتنصّف بل الّذي يتنصّف هو الجلد ،لحديث أبي هريرة وزيد بن خالدٍ الرّجم ،وأ ّ
ن النّبيّ صلى ال عليه وسلم سئل عن المة إذا زنت ولم تحصن فقال إذا زنت الجهنيّ { أ ّ فاجلدوها ،ث ّم إن زنت فاجلدوها ،ث ّم إن زنت فاجلدوها ،ث ّم بيعوها ولو بضفيرٍ } والعبد ي رضي ال عنه :يا أيّها النّاس ،أقيموا على أرقّائكم الحدّ ، كالمة لعدم الفرق .قال عل ّ من أحصن منهم ومن لم يحصن . السّرقة :المملوك السّارق : - 124ذهب عامّة العلماء إلى أنّه إن سرق المملوك ما فيه الحدّ وتمّت شروط الحدّ وجب قطعه ،لعموم آية حدّ السّرقة ،ولما ورد أنّ رقيقًا لحاطب بن أبي بلتعة سرقوا ناقةً لرجلٍ من مزينة فنحروها ،فأمر بهم عمر رضي ال عنه أن تقطع أيديهم .ثمّ قال عمر :واللّه إنّي لراك تجيعهم ،ولكن لغرّمنّك غرمًا يشقّ عليك .ثمّ قال للمزنيّ :كم ثمن ناقتك ؟ قال :أربعمائة درهمٍ .قال :أعطه ثمانمائة درهمٍ .وروي أنّ عبدًا أقرّ بالسّرقة عند عليّ رضي ال عنه فقطعه .وإن سرق الرّقيق مال سيّده أو مال رقيقٍ آخر لسيّده لم يقطع لخبر عمر : ن العبد وما ملكت يداه لسيّده فكأنّه لم عبدكم سرق متاعكم ; ولشبهة استحقاق النّفقة عليه ; ول ّ سيّد لم يخرجه من حرزه .وعند الحنفيّة والحنابلة ل يقطع العبد بسرقته ممّن لو سرق منه ال ّ سيّد ،أو أبيه أو جدّه أو ابنه أو بنته . سيّدة أو زوجة ال ّ يقطع ،وذلك كزوج ال ّ حدّ القذف : أ -إيقاع الحدّ على الرّقيق إذا قذف محصنًا أو محصنةً : - 125إذا قذف الرّقيق المكلّف محصنًا أو محصن ًة بالزّنا ولم تتمّ الشّهادة وجب عليه الحدّ إجماعًا إذا تمّت شروطه لعموم آية القذف ،وجمهور العلماء على أنّ ح ّد الرّقيق نصف حدّ الحرّ ،وذلك أنّه لمّا كان حدّ القذف الجلد فهو يتنصّف ،فوجب تنصيفه ،كحدّ الجلد في الزّنا ،وقد قال عبد اللّه بن عامر بن ربيعة :أدركت أبا بكرٍ وعمر وعثمان ومن بعدهم من الخلفاء فلم أرهم يضربون المملوك إذا قذف إلّ أربعين . ب ( -قذف الرّقيق ) : - 126من قذف رقيقًا فل حدّ عليه اتّفاقًا ،سواء كان القاذف سيّد الرّقيق أو غير سيّده . واستثنى مالك من قذف أم ًة حاملًا من سيّدها الحرّ بعد موته بأنّها حامل من زنًا .ودليل عدم حدّ قاذف الرّقيق قوله تعالى { :والّذين يرمون المحصنات ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلد ًة } فجعلت الية :الحدّ لقاذف المحصنة ،وشرط الحصان الحرّيّة .واحتجّوا أيضًا بما روى البخاريّ من حديث أبي هريرة رضي ال عنه أنّ النّبيّ صلى ال عليه وسلم قال { :من قذف مملوكه وهو بريء ممّا قال جلد يوم القيامة إلّ أن يكون كما قال } .وروى
ن النّبيّ صلى ال عليه وسلم قال { :من قذف مملوكه كان للّه في ظهره حدّ يوم ابن عمر أ ّ سيّد الحدّ في الدّنيا ل الحديث على ذلك ; لنّه لو وجب على ال ّ القيامة } قال ابن حجرٍ :فد ّ لذكره كما ذكره في الخرة .وحيث انتفى الح ّد شرع التّعزير ،وللعبد إن قذفه سيّده أو غيره سيّد المطالبة . سيّد ،فإن مات فلل ّ أن يرفعه إلى الحاكم ليعزّره ،والحقّ في العفو للعبد ل لل ّ ( حدّ شرب المسكر ) : ن حدّ الرّقيق - 127يحدّ الرّقيق إذا شرب المسكر بالتّفصيل الّذي يذكر في حدّ الحرّ ،إلّ أ ّ ن الح ّر يح ّد ثمانين جلدةً جعل حدّ العبد أربعين ،ومن قال حدّ نصف حدّ الحرّ ،فمن قال :إ ّ الحرّ أربعون قال :إنّ ح ّد الرّقيق عشرون جلدةً . ( الرّقيق والوليات ) : - 128الرّقيق ليس من أهل الوليات ،من حيث الجملة ; لنّ ال ّرقّ عجز حكميّ سببه في ن الرّقيق مولّى عليه مشغول بحقوق سيّده وتلزمه طاعته فل يكون واليًا . الصل الكفر ; ول ّ ن المامة العظمى ل تكون في العبيد إذا كان بطريق قال ابن بطّالٍ :أجمعت المّة على أ ّ الختيار .قال ابن حجرٍ بعد أن نقل ذلك :أمّا لو تغلّب عبد حقيق ًة بطريق الشّوكة فإنّ طاعته تجب إخمادًا للفتنة ما لم يأمر بمعصي ٍة .ا هـ .قال ابن حجرٍ :أمّا لو استعمل العبد على إمارة بلدٍ مثلًا وجبت طاعته .وحمل على ذلك ما في حديث البخاريّ من طريق أنسٍ رضي ن رأسه زبيبة } . ال عنه مرفوعًا { :اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشيّ كأ ّ وفسّر استعمال العبد في الحديث بأن يجعل عاملًا فيؤمّر إمار ًة عامّ ًة على بل ٍد مثلًا ،أو يولّى فيها ولي ًة خاصّ ًة كإمامة الصّلة ،أو جباية الخراج أو مباشرة الحرب .وقال الحنفيّة :العبد ل يلي أمرًا عامّا ،إلّ نيابةً عن المام العظم فله نصب القاضي نيابةً عن السّلطان ولكن ل يقضي هو .وصرّح الشّافعيّة بأنّ العبد ل يولّى تقرير الفيء ول جباية أمواله بعد تقريرها . ن العبد ل يجوز شرعًا أن يكون قاضيًا لنقصه .قال الحنفيّة والشّافعيّة :العبد ويذكر الفقهاء أ ّ ل يكون قاضيًا ،ول قاسمًا ،ول مق ّومًا ،ول قائفًا ول مترجمًا ،ول كاتب حاكمٍ ،ول أمينًا لحاكمٍ ،ول وليّا في نكاحٍ أو قودٍ ،وأضاف ابن نجيمٍ :ول مزكّيًا علنيةً ،ول عاشرًا ، ل إذا عيّن له المام قومًا يأخذ وأضاف السّيوطيّ :ول خارصًا ،ول يكون عاملًا في الزّكاة إ ّ منهم قدرًا مع ّينًا . شهادة الرّقيق : 128م -من شرط الشّاهد عند الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة أن يكون حرّا ،فل تقبل شهادة العبد .قال عميرة البرلّسيّ :لنّ المخاطب بالية ( يعني آية الدّين ) الحرار ،بدليل قوله
تعالى { :إذا تداينتم } لقوله تعالى { :ممّن ترضون من الشّهداء } وإنّما يرتضى الحرار ، قال :وأيضًا نفوذ القول على الغير نوع ولي ٍة .يعني والرّقيق ليس من أهلها ،ومال ابن ص في العبد .وذهب الحنابلة ن عدم وليته هو لحقّ المولى ل لنق ٍ الهمام إلى قبول شهادته ل ّ ن شهادة العبد جائزة على الحرار والعبيد في غير الحدود والقصاص ،ونقله ابن قدامة إلى أ ّ ن عليّا كان يقول : وابن الهمام عن أنسٍ وعليّ رضي ال عنهما ،إلّ أنّ ابن الهمام قال إ ّ تقبل على العبيد دون الحرار .وممّن نقل عنه قبول شهادة العبيد عروة وشريح وإياس وابن سيرين وأبو ثو ٍر وابن المنذر .قال أنس :ما أعلم أحدًا ردّ شهادة العبد .ووجّهه ابن قدامة بأنّ العبيد من رجالنا فدخل في عموم قوله تعالى { :واستشهدوا شهيدين من رجالكم } ولنّه إن كان عدلًا غير متّهمٍ تقبل روايته وفتياه وأخباره الدّينيّة ،فتقبل شهادته كالحرّ ،ولنّ الشّهادة تعتمد المروءة ،والعبيد منهم من له مروءة وقد يكون منهم المراء والعلماء ن من أعتق منهم قبلت شهادته اتّفاقًا ،والح ّريّة ل تغيّر طبعًا ول والصّالحون والتقياء .ول ّ تحدث علمًا ول مروءةً .وأمّا شهادة العبد في الحدود فل تجوز عند الحنابلة في ظاهر المذهب ; لنّ الحدود تسقط بالشّبهات ،والختلف في قبول روايته في الموال يورث شبهةً ي فأشبه الموال . ق آدم ّ .وأمّا في القصاص فتقبل شهادته عندهم في أحد الوجهين لنّه ح ّ قالوا :وتقبل شهادة المة فيما تقبل فيه شهادة الحرّة ،وذلك في المال .وهذا إن شهد العبد أو المة لغير سيّده .أمّا لو شهد لسيّده فل تقبل شهادته اتّفاقًا لنّه يتبسّط في مال سيّده ، وينتفع به ،ويتصرّف فيه ،وتجب نفقته منه ،ول يقطع بسرقته منه فل تقبل شهادته له ، ن مال العبد سيّد لعبده اتّفاقًا كما ل يقبل قضاؤه له ل ّ كالبن مع أبيه .وكذا ل تقبل شهادة ال ّ لسيّده ،فشهادته له شهادة لنفسه في المال .وكذا ل تقبل شهادته له بنكاحٍ ،ول لمته بطلقٍ سيّد ،وفي نكاح العبد نفع له .وبعض ن في طلق أمته تخليصها من زوجها وإباحتها لل ّ لّ الّذين لم يقبلوا شهادة العبد استثنوا الشّهادة على رؤية هلل رمضان منهم الحنفيّة وهو وجه عند الشّافعيّة .فقالوا :تقبل شهادة العبد والمة على ذلك كالحرار لنّه أمر دينيّ فأشبه ص بلفظ الشّهادة . رواية الخبار ،ولهذا ل يخت ّ ( رواية العبد وأخباره ) : - 129رواية العبد والمة للحديث وأخبارهما مقبولة اتّفاقًا حتّى في أمور الدّين كالقبلة ، والطّهارة ،أو النّجاسة ،وكحلّ اللّحم وحرمته إن كانا عدلين ،وذلك لنّ باب الرّواية واسع ن الهدايا تبعث عاد ًة على بخلف الشّهادة .ويقبل قول العبد والمة في الهديّة والذن ،ل ّ أيدي هؤلء ،فلو لم يقبل قولهم أدّى ذلك إلى الحرج ،حتّى لقد قال الحنفيّة :إذا قالت جارية لرجلٍ :بعثني مولي هديّةً إليك ،وسعه أن يأخذها ،لنّه ل فرق بين ما إذا أخبرت بإهداء
المولى غيرها أو نفسها .وقال النّوويّ في التّقريب :يقبل تعديل العبد العارف .ونقل ي مثل ذلك عن الخطيب البغداديّ والرّازيّ والقاضي أبي بكرٍ الباقلّانيّ . السّيوط ّ الرّقيق والجهاد : - 130الجهاد ل يجب على الرّقيق ،لما روي أنّ النّبيّ صلى ال عليه وسلم { كان يبايع ن الجهاد عبادة الحرّ على السلم والجهاد ،ويبايع العبد على السلم دون الجهاد } .ول ّ ج .وقال النّوويّ :ل جهاد على رقيقٍ وإن أمره تتعلّق بقطع مساف ٍة فلم تجب على العبد كالح ّ سيّد ،ول يلزمه الذّبّ عن سيّده عند خوفه سيّده ،إذ ليس القتال من الستخدام المستحقّ لل ّ سيّد استصحابه سيّد في ذلك كالجنبيّ ،ولل ّ على روحه إذا لم نوجب الدّفع عن الغير ،بل ال ّ في سفر الجهاد وغيره ليخدمه ويسوس دوابّه .ا هـ .لكن إن فاجأ العدوّ بلدًا بنزوله عليها ل أحدٍ به طاقة على القتال الخروج لدفع العدوّ حتّى المرأة والعبد ،ولو لم يأذن بغتةً ،فيلزم ك ّ سيّد ،وكذا يلزم الخروج الصّبيّ والمطيق للقتال ،ومن هنا قال المالكيّة :يسهم الزّوج أو ال ّ لهؤلء ممّا يغنم من العد ّو في هذه الحال ،لكون القتال واجبًا عليهم .ول يسهم للعبد إذا حضر الوقعة عند جمهور العلماء ،لما روى عمير مولى آبي اللّحم أنّه قال { :شهدت خيبر مع سادتي ،فكلّموا في رسول اللّه صلى ال عليه وسلم فأمرني ،فقلّدت سيفًا ،فإذا أنا أجرّه س :المملوك والمرأة ،فأخبر أنّي مملوك فأمر لي بشيءٍ من خرثيّ المتاع } .وقال ابن عبّا ٍ يحذيان من الغنيمة وليس لهم سهم .وقال أبو ثورٍ وعمر بن عبد العزيز والحسن والنّخعيّ : يسهم للعبيد كالحرار ،لما روى السود بن يزيد أنّه شهد فتح القادسيّة عبيد فضربت لهم سهامهم ،ولنّ حرمة العبد في الدّين كحرمة الحرّ .وذكر النّوويّ تبعًا للقول الوّل أنّه لو انفرد العبيد بالغتنام قسمت عليهم الغنيمة بعد تخميسها .ولو قتل العبد كافرًا فله سلبه ، وهذا هو المذهب عند الشّافعيّة .ولو خرج أحد من رقيق الكفّار الحربيّين إلينا مسلمًا مراغمًا لهم فهو حرّ إن فارقهم ثمّ أسلم ،وإن كانت رقيق ًة لم تردّ على سيّدها ول زوجها وتكون حرّةً ; لنّها ملكت نفسها بقهرها لهم على نفسها . حقّ العبيد في الفيء : ن العبيد ل حقّ لهم في الفيء . - 131قال ابن قدامة :ل نعلم بين أهل العلم اليوم خلفًا في أ ّ ا هـ .وهو مبنيّ على مذهب عمر رضي ال عنه في ذلك فقد قال :ما من أحدٍ من المسلمين إلّ له في هذا المال نصيب إلّ العبيد فليس لهم فيه شيء .وروي أنّ أبا بكرٍ رضي ال عنه سوّى بين النّاس في العطاء وأدخل فيه العبيد ..فلمّا ولي عمر رضي ال عنه فاضل بينهم وأخرج العبيد ،فلمّا ولي عليّ سوّى بينهم وأخرج العبيد .ومن هنا قال النّوويّ :ل
تثبت في الدّيوان أسماء العبيد ،وإنّما هم تبع للمقاتل ،يعطي لهم ،وذلك أنّ الّذي يثبت في الدّيوان أسماء الرّجال المكلّفين المستعدّين للغزو . نظر العبد إلى سيّدته : - 132ذهب الحنفيّة إلى أنّ عورة الحرّة بالنّسبة إلى عبدها ل تختلف عن عورتها بالنّسبة إلى غيره من الرّجال الجانب ،وهي ما عدا الوجه والكفّين ،ولكن قال الحنفيّة :يدخل العبد ن .وقال الشّافعيّة :عبد المرأة محرم لها على الصحّ ،وهو على مولته بغير إذ ٍ سنّة يعني قوله تعالى { :ل المنصوص عن الشّافعيّ قال النّوويّ :وهو ظاهر الكتاب وال ّ ن في آبائهنّ ول أبنائهنّ } إلى قوله { :ول ما ملكت أيمانهنّ } .وحديث { :إنّما جناح عليه ّ هو أبوك وغلمك } .وقال الحنابلة :للعبد أن ينظر من مولته الرّأس والرّقبة والذّراع والسّاق ،ول يكون محرمًا لها في السّفر لحديث ابن عمر مرفوعًا { سفر المرأة مع عبدها ضيعة } .وفصّل المالكيّة :فقالوا :إن كان العبد له منظر ،كره له أن يرى من سيّدته ما عدا وجهها ،فإن كان وغدًا ( أي بخلف ذلك ) جاز أن يرى منها ما يراه المحرم . والمشهور عندهم أنّه يجوز أن يخلو بها . ذبيحة الرّقيق وتضحيته : - 133يملك الرّقيق أن يذبح ،وذبيحته حلل ،لما ورد في صحيح البخاريّ { أنّ جاريةً لكعب بن مالكٍ كانت ترعى غنمًا بسلعٍ ،فأصيبت شاة منها ،فأدركتها فذبحتها بحجرٍ ،فسئل النّبيّ صلى ال عليه وسلم فقال :كلوها } .قال عبيد اللّه راوي الحديث :فيعجبني أنّها أمة وأنّها ذبحت .ونقل ابن حجرٍ أنّ محمّد بن عبد الحكم روى عن مالكٍ كراهته أي من حيث هي امرأة ،وفي وج ٍه للشّافعيّة يكره ذبح المرأة الضحيّة ،وفي المدوّنة عن مالكٍ جوازه ( . ر :ذبائح ) .قال النّوويّ :والعبد ل يجوز له التّضحية إن قلنا :إنّه ل يملك بالتّمليك فإن سيّد وقعت سيّد ،فإن قلنا :إنّهم يملكون بالتّمليك وإذن ال ّ سيّد ،وقعت التّضحية عن ال ّ أذن ال ّ التّضحية عن العبد .وهذه المسألة فرع من فروع مسألة ملك العبد بالتّمليك ،وقد تقدّمت . النّوع الثّاني أحكام الرّقيق القنّ المشترك - 134قد يكون الرّقيق مملوكًا لكثر من شخصٍ واحدٍ .وينشأ الشتراك كما في سائر الموال ،نحو أن يشتري العبد شخصان فأكثر ،أو سيّد جزءًا شائعًا من عبده أو أمته . يرثاه أو يقبله هب ًة أو وصيّ ًة أو غير ذلك ،أو أن يبيع ال ّ وقد يشتري الشّركاء في شركة العقود عبدًا للتّجارة ،فيكون مشتركًا أيضًا .وأحكام الرّقيق المشترك هي أحكام الرّقيق غير المشترك من حيث الجملة ،لنّه قنّ مثله ،لكن يختصّ الرّقيق المشترك بأحكا ٍم تقتضيها الشّركة منها :
ن الوطء ل يحلّ - 135ليس ليّ الشّريكين أو الشّركاء وطء المة المشتركة بملك اليمين ; ل ّ إلّ أن يملكها الواطئ ملكًا تامّا ( ر :تسرّ ) لكن إن وطئها أحد الشّركاء فيعزّر ول يحدّ لشبهة الملك إجماعًا ،إلّ ما نقل عن أبي ثورٍ ،فإن لم تلد منه كان لهم بقدر أنصبائهم فيها من مهر المثل وأرش البكارة إن كانت بكرًا على الخلف المتقدّم ،فإن ولدت منه كانت أمّ ولدٍ له ،ويضمن لشركائه قيمة أنصبائهم منها ; لنّه أخرجها عن ملكهم ،فلزمته القيمة ،كما لو أعتقها .ويكون ولده حرّا ،واختلف هل يلزمه لشركائه قيمة نصيبهم منه أم ل .وأمّا في ن العبد المشترك مع سيّدته كالجنبيّ ، النّظر والعورة فقد صرّح المالكيّة والشّافعيّة ،بأ ّ والمة المشتركة مع سيّدها كالمحرم ،ول يحلّ له أن يتزوّجها . ن النفاق على الرّقيق المشترك واجب على الشّركاء جميعًا بنسبة أنصبائهم - 136ومنها أ ّ في ملكيّته ،وكذا فطرته . - 137ومنها الولية على الرّقيق المشترك ،وهي مشتركة بين المالكين ،فإن كان الرّقيق أم ًة فليس لح ٍد من الشّركاء تزويجها بغير إذن الخرين ; لنّه ل يتأتّى تزويج نصيبه وحده . ثمّ إن اشتجر المالكون في تزويجها لم يكن للسّلطان ولية تزويجها ; لنّها مملوكة لمكلّفٍ رشيدٍ بالغٍ حاضرٍ ل ولية عليه لحدٍ ،وهذا بخلف أولياء الحرّة إن اشتجروا .والشتجار في شؤون العبد المشترك في تزويجه ،أو الذن له بتجارةٍ ،أو عملٍ ،أو سفرٍ ،أو غير ذلك يجعله في نصبٍ ول يرضى منه المشتركون غالبًا ،لختلف أهوائهم وإراداتهم ،ولذا ضرب اللّه المثل به للمشركين باللّه فقال { :ضرب اللّه مثلًا رجلًا فيه شركاء متشاكسون ورجلًا سلمًا لرجلٍ هل يستويان مثلًا الحمد للّه بل أكثرهم ل يعلمون } .وقرئ في السّبع ( سالمًا لرجلٍ ) .والمهايأة طريقة لتقليل نزاع الشّركاء في العبد المشترك كما يأتي . - 138ومنها النتفاع بالعبد المشترك واستخدامه ،وذلك قد يكون بطرقٍ منها ،المهايأة على الستخدام في الزّمان ،بأن يستخدمه هذا يومًا وهذا يومًا أو يومين أو أكثر من ذلك بحسب ل من الشّركاء بنفقته العامّة وكسبه العامّ في مدّته ليحصل أنصبائهم فيه ،فإذا تهايآه اختصّ ك ّ مقصود القسمة .أمّا النّفقات النّادرة كأجرة الحجّام والطّبيب والكساب النّادرة كاللّقطة والهبة ص به من هو في نوبته في الظهر عند الشّافعيّة ،وفي والرّكاز ،أي إذا وجده العبد فل يخت ّ وجهٍ عند الحنابلة ،والوجه الخر عند كلّ من الفريقين تكون مشتركةً كالنّفقة العامّة والكسب العامّ .وكذا تجوز المهايأة في خدمة العبد الواحد عند الحنفيّة في الزّمان اتّفاقًا للضّرورة ، وقالوا :يقرع في البداية ،أي يعيّن بالقرعة من يكون له اليوم الوّل من الخدمة نفيًا للتّهمة . قالوا :ولو كان عبدان بين اثنين جاز أن يتهايآ على الخدمة فيهما ،على أن يخدم هذا الشّريك هذا العبد ،والخر الخر .ويجوز للقاضي أن يقسم بينهما على هذا الوجه جبرًا إذا
طلبه أحدهما ; لنّ المنافع قلّما تتفاوت بخلف العيان .قالوا :ولو تهايآ فيهما على أنّ نفقة كلّ عب ٍد على من يأخذه جاز استحسانًا للمسامحة في إطعام المماليك بخلف شرط الكسوة فإنّها ل يسامح فيها .وأمّا التّهايؤ في استغلل العبد الواحد فقد منعه الحنفيّة ،بخلف التّهايؤ ن عمله في في استغلل الدّار مثلًا ،قالوا :لنّ الستغلل إنّما يكون بالستعمال ،والظّاهر أ ّ الزّمان الثّاني ل يكون كما كان في الزّمان الوّل .فلو فعل فزادت الغلّة لحدهما عن الخر يشتركان في الزّيادة ليتحقّق التّعديل ،ولنّ الغلّة يمكن به قسمتها فل ضرورة إلى التّهايؤ فيها ،بخلف الخدمة ،وأمّا في العبدين في الستغلل فجائز عند الصّاحبين ،لما في ذلك ن المنع في صورة العبدين أولى من معنى الفراز والتّمييز ،خلفًا لبي حنيفة الّذي رأى أ ّ ن التّفاوت في الستغلل يكثر ; ولنّ الظّاهر التّسامح في بالمنع في صورة العبد الواحد ،ول ّ الخدمة والستقصاء في الستغلل .وكذا قال المالكيّة :يجوز تهايؤ العبد الواحد وتهايؤ العبدين ( على ما تقدّم من بيان كيفيّته عند الحنفيّة ) على سبيل النتفاع والستخدام ،ول يجوز في العبد الواحد والعبدين على سبيل الستغلل .وحيث جاز قيّدوا بأن يكون العبد عند أحد الشّريكين يومًا فأكثر إلى شهرٍ ل أكثر ،ثمّ يكون عند الخر كذلك . النّوع الثّالث الرّقيق المبعّض وهو الّذي بعضه رقيق وبعضه حرّ .وينشأ التّبعيض في الرّقيق في صو ٍر ،منها : - 139أ -أن يعتق مالك الرّقيق جزءًا منه سواء كان شائعًا كربعه ،أو مع ّينًا كيده ،فقد ذهب أبو حنيفة إلى أنّ ما أعتقه يكون حرّا ،وما لم يعتقه يبقى على الرّقّ ،ويستسعى العبد في قيمة جزئه الّذي لم يعتق ،كالمكاتب ،إلّ أنّه ل يردّ إلى ال ّرقّ لو عجز عن الداء ،وما لم يؤ ّد فهو مبعّض ،فإن أدّى عتق .وذهب الجمهور منهم صاحبا أبي حنيفة إلى أنّ من أعتق جزءًا من عبده مع ّينًا كيده أو شائعًا كربعه سرى العتق إلى باقيه فيعتق كلّه ،قالوا : لنّ زوال ال ّرقّ ل يتجزّأ ،وقياسًا على سراية العتق فيما لو أعتق شركًا له في العبد ،كما سيّد المعتق غير سفيهٍ . يأتي ( وانظر :تبعيض ف . ) 40واشترط المالكيّة أن يكون ال ّ ب -أن يكون الرّقيق مشتركًا بين مالكين فأكثر ،فيعتق أحدهم نصيبه ،فإنّ باقيه يبقى رقيقًا عند أبي حنيفة أيضًا ،ولشريك المعتق إمّا أن يحرّر نصيبه ،أو يدبّره ،أو يضمّن المعتق إن كان العتق بغير إذنه ،أو يستسعي العبد في تحصيل قيمة باقيه ليتحرّر ،فإن امتنع آجره ن الشّريك إن أعتق نصيبه وكان موسرًا جبرًا .وذهب الجمهور ومنهم الصّاحبان ،إلى أ ّ سرى العتق إلى الباقي فصار كلّ العبد حرّا ،ويكون على من بدأ بالعتق قيمة أنصباء شركائه ،والولء له دونهم ،فإن أعتق الثّاني بعد الوّل وقبل أخذ القيمة ،فقد ذهب الحنابلة ن العبد قد صار وأبو يوسف ومحمّد وهو قول للشّافعيّ :إلى أنّه ل يثبت للثّاني عتق ،ل ّ
حرّا بعتق الوّل .وذهب مالك والشّافعيّ في قولٍ آخر :إلى أنّه ل يعتق بعتق الوّل ما لم يأخذ القيمة ،أمّا قبل أخذ القيمة فباقي العبد مملوك لصاحبه ينفذ تصرّفه فيه بالعتق ،ول ينفذ ن العتق مراعًى ،فإن دفع القيمة تب ّينّا أنّه كان عتق من ث للشّافعيّ :إ ّ بغيره .وفي قولٍ ثال ٍ حين أعتق الوّل نصيبه ،وإن لم يدفع تب ّينّا أنّه لم يكن عتق .أمّا إن كان من أعتق نصيبه معسرًا فل يسري العتق ،ويكون العبد مبعّضًا .واحتجّ الجمهور بحديث الصّحيحين { من أعتق شركًا له في عبدٍ فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوّم العبد عليه قيمة عدلٍ فأعطى شركاءه حصصهم } .وعتق عليه العبد ،وإلّ فقد عتق منه ما عتق ( .وانظر تبعيض ف . ) 41 وعلى مثل هذا التّفصيل ما لو عتق على المالك سهمه من عبدٍ بحكم الشّرع ،كمن ملك سهمًا من ذي محرمٍ باختياره ،أمّا إن ملك بغير اختياره ،كمن ورث جزءًا من ابنه ،فإنّه يعتق عليه ول يسري إلى باقيه اتّفاقًا ،بل يبقى مب ّعضًا ; لنّه لم يقصد ما يتلف به نصيب شريكه . ج -أن تلد المبعّضة ولدًا من زوجٍ أو زنًا ،فمقتضى تبعيّة الولد لمّه في ال ّرقّ والح ّريّة أن يكون ولدها مبعّضًا كذلك . ح عند الشّافعيّة هـ -أن د -ولد الجارية المشتركة من وطء الشّريك المعسر ،في الص ّ يضرب المام ال ّرقّ على بعض السير لعتق بعضه ،فيكون مب ّعضًا عند الحنفيّة ،وفي الصحّ عند الشّافعيّة كذلك .وذكر السّيوطيّ في الشباه والنّظائر صورًا أخرى نادرةً . ( أحكام الرّقيق المبعّض ) : - 140لمّا كان المبعّض بعضه حرّ وبعضه مملوك ،فإنّه يكون شبيهًا بالرّقيق المشترك من ن سيّده ل يملك كلّه بل يملك جزءًا منه ،وشبيهًا بالح ّر من وج ٍه ; لنّه ل يد لحدٍ وجهٍ ; ل ّ ن أحكام المبعّض كأحكام القنّ فيما عدا على ذلك الجزء الحرّ منه .وقد صرّح المالكيّة بأ ّ سيّد أمته المبعّضة فل يجوز .وفي تحفة الطّلّاب لزكريّا النصاريّ من الشّافعيّة أنّ وطء ال ّ ض آخر هو كالحرّ وكالعبد ن ،وفي بعضها كالحرّ ،وفي بع ٍ المبعّض في بعض أحكامه كالق ّ باعتبارين .وباستقراء كلم الحنابلة في فروع هذه المسألة يتبيّن أنّهم في ذلك كالشّافعيّة وإن خالفوهم في بعض الفروع .التّصرّف فيه : سيّد أن يتصرّف في الجزء المملوك بالبيع وغيره كالمشترك ،فله أن يرهنه ،أو - 141لل ّ يقفه عند من يجيز رهن المشاع أو وقفه .وعند الحنفيّة ل يباع المبعّض ،ولكن يجوز لسيّده أن يؤجّره ليأخذ قيمة باقيه من أجرته . ( كسب المبعّض ) - 142ذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ المبعّض لو كسب شيئًا من المباحات كالحتشاش والحتطاب واللتقاط ،فإنّه يكون مشتركًا بينه وبين سيّده ،فلسيّده
نسبة ملكه فيه ،والباقي له ،كما في العبد المشترك ،وهذا إن لم يكن بينه وبين سيّده مهايأة ،فإن كانت فلصاحب النّوبة منه أو من سيّده ،على التّفصيل والخلف المتقدّم في ن المبعّض أحقّ بكسبه كلّه إلى أن يؤدّي قيمة مسائل العبد المشترك .وذهب الحنفيّة إلى أ ّ باقيه المملوك من مكاسبه أو يعتق . الحدود بالنّسبة للمبعّض : - 143ل يرجم المبعّض في الزّنا لعدم تمام إحصانه ،وحدّ المبعّض كحدّ الرّقيق عند الشّافعيّة في الصحّ ،فهو على النّصف من حدّ الحرّ في الزّنا ،والقذف ،وشرب الخمر . وقال الحنابلة :يح ّد بنسبة ح ّريّته ورقّه ،فالمنصّف يجلد في الزّنا خمسًا وسبعين جلدةً ،ول يحدّ قاذف المبعّض على الصحّ عند الشّافعيّة ،كما ل يحدّ قاذف الرّقيق ،بل يعزّر .ول يقطع بسرقته مال سيّده ،كما ل يقطع سيّده بسرقته من مال المبعّض ،ولو كان المسروق ممّا ملكه المبعّض بجزئه الحرّ على أحد الوجهين عند الشّافعيّة . ( جنايات المبعّض ) : - 144لو قتل المبعّض حرّا فيجب القصاص إذا تمّت شروطه ; لنّه يقتل بالحرّ الحرّ الكامل الحرّيّة ،فلن يقتل به المبعّض الّذي ح ّريّته ناقصة أولى .ولو قتل المبعّض مب ّعضًا آخر فل قصاص على القول المعتمد عند الشّافعيّة ; لنّه ل يقتل جزء ال ّرقّ بجزء ال ّرقّ ،بل يقتل جميعه بجميعه ح ّريّ ًة ورقّا شائعًا ،فلو قتل به يلزم قتل جزء حرّيّ ٍة بجزء رقّ وهو ممتنع . وذهب الحنابلة وهو قول عند الشّافعيّة :إلى أنّه يقتل به إن لم تزد ح ّريّة القاتل على ح ّريّة المقتول ،بأن كانت بقدرها أو أقلّ ; لنّ المقتول حينئذٍ مساوٍ للقاتل أو يزيد عنه ح ّريّةً ،فلم يفضل القاتل المقتول بشي ٍء ،فل يمتنع القصاص .ولو قتل الحرّ مب ّعضًا لم يقتل به عند من ل يقتل الحرّ بالعبد -وهم غير الحنفيّة ومن معهم كما تقدّم -لنقصه برقّ بعضه ،وكذا لو قتل المبعّض قنّا لم يقتل به ،ولو قتل القنّ مب ّعضًا قتل به .أمّا عند الحنفيّة فلو قتل المبعّض عمدًا ،فإن كان ترك مالًا يفي بباقي قيمته فهو حرّ ويثبت القصاص ،وإن لم يترك وفاءً فل قصاص للختلف في أنّه يعتق كلّه أو ل ،فالسّبب في عدم ثبوت القصاص جهل المستحقّ ، سيّد أو القريب . إذ هو دائر بين أن يكون ال ّ ن المبعّض إذا قتل ووجب ضمانه ،فإنّ فيه ( الدّيات ) - 145ذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أ ّ من دية الحرّ بنسبة ح ّريّته ،ومن قيمته لو كان كلّه رقيقًا بنسبة رقّه .فمبعّض نصفه حرّ نصف دية حرّ تحمله العاقلة ،ونصف قيمته لو كان عبدًا ،في مال الجاني .وإن قطع إحدى يديه فربع الدّية وربع القيمة ،وكلّها في مال الجاني .وإن كان الجرح ممّا ل مقدّر له يقوّم
كلّه رقيقًا سليمًا بل جرحٍ ،ثمّ رقيقًا وبه الجرح ،ويضمن الجاني النّقص ،لكن يكون نصف ذلك النّقص ( أي في الرّقيق المنصّف ) دي ًة ( أي أرشًا ) لجزئه الحرّ .والنّصف الخر قيمةً لما نقص من جزئه الرّقيق . إرث مال المبعّض عنه : ن المبعّض ل يورث عنه ماله بل - 146ذهب أبو حنيفة ومالك والشّافعيّ في القديم إلى أ ّ يكون كلّ ما تركه لمالك جزئه المملوك .وفي وج ٍه عند الشّافعيّة على القديم :يكون لبيت المال .وذهب الشّافعيّة -على الجديد -وهو الظهر والحنابلة ،إلى التّفريق بين ما كسبه بجزئه الحرّ وبين غيره .والّذي كسبه بجزئه الح ّر مثل أن يكون قد ورث شيئًا عن قريبٍ له مثلًا ; لنّه ل يرث إلّ بجزئه الحرّ ،أو يكون قد هايأ سيّده فكسب ذلك المال في اليّام سيّد حقّه ،فيكون المخصّصة له ( أي للمبعّض ) أو كان قد قاسم سيّده قبل الموت وأخذ ال ّ الّذي بقي لجزئه الحرّ .قالوا :فيورث عنه ذلك ،يرثه قريبه وزوجته ومعتقه .وأمّا إن لم يكن قد كسبه بجزئه الحرّ ،ول قاسم سيّده في حياته ،فما تركه من المال يكون بين ورثته وبين سيّده ،فلسيّده بنسبة ملكه .والباقي للورثة . إرث المبعّض من غيره : ن في جميع أحكامه ،فل يرث ،كما ل - 147ذهب أبو حنيفة ومالك ،إلى أنّ المبعّض كالق ّ يورث ،وهو مرويّ عن زيد بن ثابتٍ رضي ال عنه .وكذا قال الشّافعيّة في الصّحيح المنصوص الّذي قطع به الصحاب :ل يرث المبعّض من أقاربه وغيرهم شيئًا ،ول يحجب أحدًا من الورثة .وقال أحمد ،والمزنيّ ،وابن سريجٍ ،من الشّافعيّة ،وهو مرويّ عن عليّ وابن مسعودٍ :يرث ،ويحجب بقدر جزئه الحرّ ،فجزؤه الحرّ يعامل معاملة الحرار ، ن النّبيّ صلى ال عليه وجزؤه المملوك يعامل معاملة العبيد ،واحتجّوا بما روى ابن عبّاسٍ أ ّ وسلم قال { في العبد يعتق بعضه :يرث ويورث بقدر ما عتق منه } .ومثّل له في العذب ن لها نصفه حرّ ،فيكون للبن الرّبع الفائض بامرأ ٍة ماتت عن زوجٍ ،وأخٍ شقيقٍ حرّين ،واب ٍ والثّمن ،وهو نصف ما يأخذه لو كان كامل الح ّريّة ،وللزّوج الرّبع والثّمن كذلك ،وللخ الرّبع ،لنّه لو كان البن رقيقًا كان للزّوج النّصف وللخ النّصف ول شيء للبن ،ولو كان كامل الح ّريّة كان للزّوج الرّبع والباقي للبن وهو نصف وربع ،ول شيء للخ ،فيأخذ كلّ منهم نصف ما يأخذه في مجموع المسألتين .وقال أبو يوسف ومحمّد والحسن وجابر والنّخعيّ والشّعبيّ والثّوريّ :هو كالحرّ في جميع أحكامه فيرث ويحجب كالحرّ ،وهو
س رضي ال عنهما .قال ابن عابدين :هو عند الصّاحبين حرّ مديون - مرويّ عن ابن عبّا ٍ أي لنّه يستسعى في فكاك باقيه -فيرث ويحجب . انقضاء ال ّرقّ : - 148ينقضي ال ّرقّ في الرّقيق بأمورٍ :الوّل :أن يعتقه مالكه ،سواء بادر بعتقه من عند نفسه ،أو أعتقه عن نذرٍ أو كفّارة يمينٍ ،أو ظهارٍ ،أو قتلٍ أو غير ذلك ،وسواء كان عتقه ل يلتزمه العبد كما في الكتابة ،أو على غير مالٍ ( ر :عتق ) .الثّاني :أن يعتق على ما ٍ سيّد ،أو خصاه ،أو ضربه ضربًا مب ّرحًا على خلفٍ بحكم الشّرع ،كما لو جرحه ال ّ سيّد ( ر :استيلد ) وكما لو اشترى وتفصيلٍ ،وكما لو ولدت المة من سيّدها ثمّ مات ال ّ الرّجل قريبه .الثّالث :أن يوصي بعتقه يخرج من الثّلث وقد تقدّم .الرّابع :أن يدبّره :أي سيّد يكون العبد عتيقًا ،وكذا لو سيّد ،فإن مات ال ّ سيّد عتق العبد على موته أي موت ال ّ يعلّق ال ّ كاتبه وأدّى الكتابة ( ر :تدبير ،عتق ) . رقم التّعريف - 1لغةً :الرّقم في الصل مصدر ،يقال :رقمت الثّوب رقمًا أي وشّيته ،فهو مرقوم ، ورقمت الكتاب :كتبته فهو مرقوم .والرّقم :الخطّ والكتابة والختم .والرّقم :خزّ موشّى ، ب وشّي فهو رقم .ورقمت الشّيء :أعلمته بعلم ٍة تميّزه عن غيره كالكتابة ونحوها وكلّ ثو ٍ .وفي الصطلح :علمة يعرف بها مقدار ما يقع به البيع ،أو هو الثّمن المكتوب على الثّوب .وفي الحديث { :كان يزيد في الرّقم } أي ما يكتب على الثّياب من أثمانها لتقع المرابحة عليه ،أو يغترّ به المشتري ( .اللفاظ ذات الصّلة ) : أ -البرنامج : - 2البرنامج :الورقة الجامعة للحساب ،وهو معرّب ( برنامه ) .وفي المغرب :هي ن لخر ،فتلك النّسخة المكتوب فيها عدد الثّياب والمتعة وأنواعها المبعوث بها من إنسا ٍ ص فقهاء المالكيّة على أنّ البرنامج هو النّسخة الّتي فيها مقدار المبعوث هي البرنامج .ون ّ الدّفتر المكتوب فيه أوصاف ما في العدل من الثّياب المبيعة لتشترى على تلك الصّنعة للضّرورة . ب -النموذج : - 3النموذج :ما يدلّ على صفة الشّيء ،وهو معرّب ،وفي لغةٍ :نموذج ،قال الصّغانيّ :النّموذج :مثال الشّيء الّذي يعمل عليه .
ج -النّقش ،والوشي ،والنّمنمة ،والتّزويق : - 4هذه اللفاظ تكاد تكون متّفقة المعنى وهي تشترك مع ( الرّقم ) في معنى التّجميل ، والتّزيين . ما يتعلّق بالرّقم من أحكامٍ :البيع بالرّقم : - 5من شروط صحّة البيع العلم بالثّمن ،فلو كان الثّمن مرقومًا على السّلعة ( أي مكتوبًا عليها ) ،وت ّم البيع بالرّقم بأن قال البائع للمشتري :بعتك هذه السّلعة برقمها ،أي بالثّمن ح البيع باتّفاقٍ .وإن كانا الّذي هو مرقوم عليها .فإن كان البائع والمشتري عالمين بقدره ص ّ جاهلين أو كان أحدهما جاهلًا وتمّ البيع على ذلك وافترقا فسد البيع عند الجمهور ( الحنفيّة ، ح عند الشّافعيّة والمذهب عند الحنابلة ،وهو المفهوم من مذهب المالكيّة ) وذلك وهو الص ّ ن البيع صحيح واختار لجهالة الثّمن ،وجهالة الثّمن تمنع صحّة البيع .وفي روايةٍ عن أحمد أ ّ هذه الرّواية ابن تيميّة ،وهو وجه حكاه الرّافعيّ من الشّافعيّة ; للتّمكّن من معرفة الثّمن ، ل صاعٍ بدرهمٍ يصحّ البيع ،وإن كانت جملة الثّمن في نظيره ما لو قال :بعت هذه الصّبرة ك ّ الحال مجهولةً ،لكن قال النّوويّ عمّا حكاه الرّافعيّ :هذا ضعيف شاذّ .وإن علم الجاهل ن المانع كان هو بالثّمن -قدر الرّقم -في المجلس ( أي قبل الفتراق ) فالبيع صحيح ; ل ّ جهالة الثّمن عند العقد ،وقد زالت في المجلس ،ويصير كتأخير القبول إلى آخر المجلس ، وهذا عند الحنابلة وبعض الحنفيّة وهو وجه حكاه الفورانيّ وصاحب البيان وغيرهما من الشّافعيّة في مقابل الصحّ ،وهو مفهوم مذهب المالكيّة .وقال البعض الخر من الحنفيّة : ن فيه زيادة جهال ٍة تمكّنت في صلب العقد وهي جهالة الثّمن بسبب الرّقم ، البيع فاسد ; ل ّ وصار بمنزلة القمار للخطر الّذي فيه أنّه سيظهر كذا وكذا لنّه يحتمل أن يبيّن البائع قدر الرّقم بعشرة دراهم أو أكثر أو أقلّ .لكنّه مع ذلك يجوز البيع مع العلم في المجلس لكن بعقدٍ آخر هو التّعاطي أو التّراضي .وعن هذا قال شمس الئمّة الحلوانيّ :وإن علم بالرّقم في المجلس ل ينقلب ذلك العقد جائزًا ،ولكن إن كان البائع دائمًا على الرّضا فرضي به المشتري ينعقد بينهما عقد ابتدا ٍء بالتّراضي .وتفصيله في بحث ( ثمن ج 15ص ) 35الرّقم بمعنى النّقش والتّصوير : - 6الصل في هذا ما رواه البخاريّ من حديث ابن عمر رضي ال عنهما قال { :أتى النّبيّ ي فذكرت له ذلك ،فذكره للنّبيّ صلى ال عليه وسلم بيت فاطمة فلم يدخل عليها ،وجاء عل ّ صلى ال عليه وسلم قال :إنّي رأيت على بابها سترًا موشيّا ،فقال :ما لي وللدّنيا ،فأتاها عليّ فذكر ذلك لها فقالت :ليأمرني فيه بما شاء ،قال :ترسلي به إلى فلنٍ ،أهل بيتٍ فيهم حاجة } .قال ابن حجرٍ :قوله صلى ال عليه وسلم { :ما لي وللدّنيا } ،زاد ابن نميرٍ :
{ ما لي وللرّقم } .وما رواه مسلم عن بسر بن سعيدٍ عن زيد بن خالدٍ عن أبي طلحة ن رسول اللّه صلى ال عليه وسلم قال : صاحب رسول اللّه صلى ال عليه وسلم أنّه قال :إ ّ { إنّ الملئكة ل تدخل بيتًا فيه صورة } قال بسر :ثمّ اشتكى زيد بعد فعدناه ،فإذا على بابه ي ربيب ميمونة زوج النّبيّ صلى ال عليه ستر فيه صورة ،قال :فقلت لعبيد اللّه الخولن ّ وسلم :ألم يخبرنا زيد عن الصّور يوم الوّل ؟ فقال عبيد اللّه :ألم تسمعه حين قال { :إلّ ب } .أمّا ما ذكره الفقهاء في ذلك من حيث التّصوير والستعمال فينظر في رقمًا في ثو ٍ بحث تصوير ( ) 92 12ومصطلح ( نقش ) . رقيب انظر :حراسة ،ربيئة ( رقية ) . التّعريف - 1الرّقية لغةً :اسم من الرّقي يقال رقى الرّاقي المريض يرقيه .قال ابن الثير :الرّقية العوذة الّتي يرقى بها صاحب الفة كالحمّى والصّرع وغير ذلك من الفات لنّه يعاذ بها ، ومنه قوله تعالى { :وقيل من راقٍ } أي من يرقيه ،تنبيهًا على أنّه ل راقي يرقيه فيحميه ، ورقيته رقي ًة أي عوّذته باللّه ،والسم الرّقيا ،والمرّة رقية ،والجمع :رقًى .ول يخرج اصطلح الفقهاء للرّقية عن المعنى اللّغويّ .والرّقية قد تكون بكتابة شيءٍ وتعليقه ،وقد ي - 2اختلف تكون بقراءة شيءٍ من القرآن والمعوّذات والدعية المأثورة .الحكم التّكليف ّ الفقهاء في الرّقى .فذهب الجمهور إلى جواز الرّقي من كلّ دا ٍء يصيب النسان بشروطٍ ثلثةٍ :أوّلها :أن يكون بكلم اللّه تعالى أو بأسمائه وصفاته .ثانيها :أن يكون باللّسان العربيّ أو ن الرّقية ل تؤثّر بذاتها بل بإذن اللّه تعالى بما يعرف معناه من غيره .ثالثها :أن يعتقد أ ّ ك رضي ال عنه قال { :كنّا نرقي في الجاهليّة فقلنا :يا وقدرته لما روى عوف بن مال ٍ ي رقاكم ،ل بأس رسول اللّه كيف ترى في ذلك ؟ فقال صلى ال عليه وسلم :اعرضوا عل ّ بالرّقى ما لم يكن فيه شرك } .وعن جابرٍ رضي ال عنه قال { :نهى رسول اللّه صلى ال عليه وسلم عن الرّقى فجاء آل عمرو بن حزمٍ فقالوا :يا رسول اللّه إنّه كانت عندنا رقية نرقي بها من العقرب وإنّك نهيت عن الرّقى ،قال :فعرضوها عليه .فقال :ما أرى بأسًا ، من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه } .وقال الرّبيع :سألت الشّافعيّ عن الرّقى فقال :ل بأس إن رقي بكتاب اللّه أو بما يعرف من ذكر اللّه .وسئل مالك عن الرّقى بالسماء العجميّة فقال :وما يدريك أنّها كفر ؟ ومقتضى ذلك أنّ ما جهل معناه ل يجوز الرّقية به مخافة أن ل من العين يكون فيه كفر أو سحر أو غير ذلك .وقال قوم من العلماء :ل تجوز الرّقية إ ّ
ن أو حمّ ٍة } . واللّدغة لحديث عمران بن حصينٍ رضي ال عنهما { :ل رقية إلّ من عي ٍ وذهب بعض العلماء إلى أنّه تكره الرّقى حتّى وإن كانت بكتاب اللّه أو أسمائه وصفاته لنّها قادحة في التّوكّل على اللّه ،واستدلّوا بحديث النّبيّ صلى ال عليه وسلم عندما ذكر الّذين يدخلون الجنّة بغير حسابٍ { :هم الّذين ل يتطيّرون ول يكتوون ول يسترقون وعلى ربّهم ل بالمعوّذات . يتوكّلون } .ومن هؤلء سعيد بن جبيرٍ .وذهب آخرون إلى كراهة الرّقي إ ّ وفرّق قوم من العلماء بين الرّقي قبل وقوع البلء وبعد وقوعه ،فقالوا :المنهيّ عنه من الرّقي هو ما يكون قبل وقوع البلء ،والمأذون فيه ما كان بعد وقوعه .أخذ الجعل على الرّقي : - 3ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز الجعل على الرّقي على تفصيلٍ ( سبق في بحث تعويذ من الموسوعة ) . ( ركاز ) . التّعريف - 1الرّكاز لغ ًة بمعنى المركوز وهو من الرّكز أي :الثبات ،وهو المدفون في الرض إذا خفي .يقال :ركز الرّمح إذا غرز أسفله في الرض ،وشيء راكز أي :ثابت .والرّكز هو الصّوت الخفيّ .قال اللّه تعالى { :أو تسمع لهم ركزًا } .وفي الصطلح :ذهب ن الرّكاز هو ما دفنه أهل الجاهليّة . جمهور الفقهاء ( المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ) إلى أ ّ ن الشّافعيّة خصّوا إطلقه على ل ما كان مالًا على اختلف أنواعه .إلّ أ ّ ويطلق على ك ّ الذّهب والفضّة دون غيرهما من الموال .وأمّا الرّكاز عند الحنفيّة فيطلق على أعمّ من كون راكزه الخالق أو المخلوق فيشمل على هذا المعادن والكنوز .على تفصيلٍ سيأتي .اللفاظ ذات الصّلة ) : أ -المعدن : - 2المعدن لغ ًة :هو بفتح الدّال وكسرها اسم للمحلّ ولما يخرج ،مشتقّ من عدن بالمكان يعدن إذا أقام به ،ومنه سمّيت جنّة عدنٍ لنّها دار إقامةٍ وخلودٍ .ومنه المعدن لمستقرّ الجواهر .وأصل المعدن المكان بقيد الستقرار فيه ،ثمّ اشتهر في نفس الجزاء المستقرّة الّتي ركّبها اللّه تعالى في الرض يوم خلق الرض ،حتّى صار النتقال من اللّفظ إليه ابتداءً بل قرين ٍة .واصطلحًا :هو كلّ ما خرج من الرض ممّا يخلق فيها من غير جنسها ممّا له قيمة ويحتاج في إخراجه إلى استنباطٍ .قال أحمد :المعادن هي الّتي تستنبط ،ليس هو شيء دفن .والمعادن ثلثة أنواعٍ :
- 1جامد يذوب وينطبع بالنّار كالنّقدين ( الذّهب والفضّة ) ،والحديد والرّصاص والصّفر وغير ذلك . - 2جامد ل ينطبع بالنّار كالجصّ والنّورة والزّرنيخ وغير ذلك . ن الرّكاز مباين - 3ما ليس بجامدٍ كالماء والقير والنّفط والزّئبق .وقد تبيّن ممّا سبق أ ّ للمعدن عند جمهور الفقهاء .وأمّا عند الحنفيّة فإنّ الرّكاز أعمّ من المعدن ،حيث يطلق عليه وعلى الكنز .وللتّفصيل ينظر مصطلح ( :معدن ) ب -الكنز : - 3الكنز لغ ًة :المال المجموع المدّخر ،يقال :كنزت المال كنزًا إذا جمعته وادّخرته ، والكنز في باب الزّكاة :المال المدفون تسمي ًة بالمصدر ،والجمع كنوز .وفي الصطلح : قال ابن عابدين :الكنز في الصل اسم للمثبت في الرض بفعل إنسانٍ ،والنسان يشمل المؤمن أيضًا لكن خصّه الشّارع بالكافر لنّ كنزه هو الّذي يخمّس ،وأمّا كنز المسلم فلقطة ، وهو كذلك عند سائر الفقهاء ،وفيه خلف وتفصيل يذكر في مصطلح ( كنز ) .والكنز أعمّ من الرّكاز ; لنّ الرّكاز دفين الجاهليّة فقط ،والكنز دفين الجاهليّة وأهل السلم ،وإن اختلفا في الحكام . ج -الدّفين : - 4الدّفين في اللّغة :هو ما أخفي تحت أطباق التّراب ،ونحوه مدفون ودفين .ول يخرج المعنى الصطلحيّ عن المعنى اللّغويّ فالدّفين أعمّ من الرّكاز . أحكام الرّكاز : - 5اتّفق الفقهاء على أنّ الرّكاز في قوله صلى ال عليه وسلم { :وفي الرّكاز الخمس } يتناول دفين الجاهليّة من الذّهب والفضّة سواء كان مضروبًا أو غيره .واختلفوا في غير النّقدين من دفين الجاهليّة .فذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة والشّافعيّ في القديم إلى أنّ الرّكاز يتناول كلّ ما كان مالًا مدفونًا على اختلف أنواعه ،كالحديد ،والنّحاس والرّصاص ،والصّفر ،والرّخام والعمدة ،والنية والعروض والمسك وغير ذلك . واستدلّوا بعموم حديث { وفي الرّكاز الخمس } إذ الحديث ل يخصّ مدفونًا دون غيره ،بل هو عامّ في جميع ما دفنه أهل الجاهليّة .إلّ أنّ الحنفيّة خالفوا جمهور الفقهاء فعمّموا إطلق الرّكاز على المعادن الخلقيّة أيضًا لكن ليس جميعها ،بل قصروا ذلك على كلّ معدنٍ جامدٍ ينطبع -أي يلين -بالنّار كالذّهب والفضّة والحديد والنّحاس والرّصاص وغير ذلك . وألحقوا بما تقدّم المعادن السّائلة الزّئبق ،وهو قول أبي حنيفة ومح ّمدٍ لنّه يستخرج بالعلج من عينه وطبع مع غيره فكان كالفضّة ،فإنّ الفضّة ل تنطبع ما لم يخالطها شيء .قال ابن عابدين نقلًا عن النّهر :والخلف -أي :في الزّئبق -في المصاب في معدنه ،أمّا الموجود
ن الرّكاز أعمّ من المعدن في خزائن الكفّار ففيه الخمس اتّفاقًا لنّه مال .وبناءً على هذا فإ ّ ومن الكنز عند الحنفيّة أي :يطلق عليهما .واستدلّوا بعموم حديث { :وفي الرّكاز الخمس } ن كلّا من المعدن والكنز مركوز في الرض إن اختلف الرّاكز .وظاهره أنّ الرّكاز حقيقةً لّ فيهما مشترك اشتراكًا معنويّا وليس خاصّا بالدّفين .وأمّا الشّافعيّة فقد قصروا إطلق الرّكاز ن الرّكاز مال على ما وجد من الذّهب والفضّة فقط دون غيرهما من الموال والمعادن ; ل ّ مستفاد من الرض فاختصّ بما تجب فيه الزّكاة قدرًا ونوعًا . ( دفين الجاهليّة ) : ن دفين الجاهليّة ركاز ،ويستدلّ على كونه من دفين الجاهليّة - 6ل خلف بين الفقهاء في أ ّ ت فيعرف بأن ترى عليه بوجوده في قبورهم أو خزائنهم أو قلعهم .فإن وجد في موا ٍ علماتهم كأسماء ملوكهم وصورهم وصلبهم وصور أصنامهم ونحو ذلك .فإن كان على بعضه علمة كفرٍ وبعضه ل علمة فيه فركاز .أمّا إذا لم تكن بالكنز علمة يستدلّ بها على كونه من دفين الجاهليّة أو السلم أو اشتبه ،فالجمهور ( الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة وبعض ن الغالب في الدّفن أن يكون من أهل الجاهليّة .وذهب الشّافعيّة الشّافعيّة ) على أنّه ركاز ; ل ّ ح -إلى أنّه ليس بركازٍ بل هو لقطة ،وذلك لنّه مملوك فل يستباح إلّ بيقينٍ . في الص ّن الحكم مدار على كونه من دفن الجاهليّة ل أنّه من وفي المجموع :قال الرّافعيّ :واعلم أ ّ ضربهم ،فقد يكون من ضربهم ويدفنه مسلم بعد أن وجده وأخذه وملكه .وهذا الّذي قاله ن الكنز الّذي ل علمة فيه يكون لقط ًة .فأمّا ح من هذين القولين :أ ّ الرّافعيّ تفريع على الص ّ إذا قلنا بالقول الخر أنّه ركاز ،فالحكم مدار على ضرب الجاهليّة .المراد بالجاهليّة : - 7المراد بالجاهليّة :ما قبل السلم ،أي قبل مبعث النّبيّ صلى ال عليه وسلم سمّوا بذلك لكثرة جهالتهم ،أو من كان بعد مبعثه ولم تبلغه الدّعوة .وعلى هذا فلفظ الجاهليّة يطلق على من ل دين له قبل السلم أو كان له دين كأهل الكتاب .قال الشّربينيّ :ويعتبر في كون الدّفين الجاهليّ ركازًا كما قاله أبو إسحاق المروزيّ أن ل يعلم أنّ مالكه بلغته الدّعوة ، فإن علم أنّه بلغته وعاند ووجد في بنائه أو بلده الّتي أنشأها كنز فليس بركازٍ بل فيء ،حكاه في المجموع عن جماعةٍ وأقرّه .واختلف المالكيّة فيمن كان له كتاب هل يقال :إنّه جاهليّ ؟ قال الدّسوقيّ :الجاهليّة كما في التّوضيح ما عدا السلم كان لهم كتاب أم ل .وقال أبو ن الجاهليّة أهل الفترة الّذين ل كتاب لهم .وأمّا أهل الكتاب قبل الحسن :اصطلحهم أ ّ السلم فل يقال لهم :جاهليّة .وعلى كلّ حالٍ دفنهم جميعهم ركاز .هذا وأخرج الفقهاء من الرّكاز دفين أهل ال ّذمّة .ففي الفواكه الدّواني :إنّما كان مال ال ّذ ّميّ كالمسلم لنّه محترم بحرمة السلم لدخوله تحت حكم المسلمين .
اشتراط الدّفن في الرّكاز : ل ما دفنه أهل الجاهليّة يعتبر ركازًا .ولكن اختلفوا في نكّ - 8ل خلف بين الفقهاء في أ ّ ن ما وجد على ظهر الرض من اشتراط الدّفن في الرّكاز .فصرّح المالكيّة والحنابلة بأ ّ أموال الجاهليّة يعتبر ركازًا أيضًا ،جاء في المدوّنة :ما وجد على وجه الرض من مالٍ جاهليّ ،أو بساحل البحر من تصاوير الذّهب والفضّة فلواجده مخ ّمسًا .قال الصّاويّ : واقتصر على الدّفن لنّه الغالب ،هذا إذا تحقّق أنّه مال جاهليّ .وفي منتهى الرادات : ويلحق بالدّفن ما وجد على وجه أرضٍ .وقد فصّل الشّافعيّة هنا على قولين متى يعتبر كونه ركازًا ؟ فقيل :بدفن الجاهليّة ،وقيل :بضربهم .قال السّبكيّ :والحقّ أنّه ل يشترط العلم بكونه من دفنهم فإنّه ل سبيل إليه ،وإنّما يكتفى بعلمةٍ تدلّ عليه من ضربٍ أو غيره .ا هـ .وهذا أولى ،والتّقييد بدفن الجاهليّ يقتضي أنّ ما وجد في الصّحارى من دفين الحربيّين الّذين عاصروا السلم ل يكون ركازًا بل فيئًا ،ويشترط في كونه ركازًا أيضًا أن يكون ن السّيل أظهره فركاز ،أو أنّه كان ظاهرًا فلقطة ،وإن مدفونًا ،فإن وجده ظاهرًا فإن علم أ ّ ك في أنّه ضرب الجاهليّة أو السلم .قاله الماورديّ .ولم نر للحنفيّة شكّ فكما لو ش ّ تصريحًا في هذا الموضوع . دفين أهل السلم : ن دفين أهل السلم لقطة .ويعرف بأن يكون عليه علمة - 9ل خلف بين الفقهاء في أ ّ ل لهم ،أو آية من السلم أو اسم النّبيّ صلى ال عليه وسلم أو أحد خلفاء المسلمين أو وا ٍ ن أو نحو ذلك .وتفصيل حكم اللّقطة في مصطلح ( لقطة ) .قال في المغني :وإن كان قرآ ٍ على بعضه علمة السلم ،وعلى بعضه علمة الكفر فكذلك ( أي :لقطة ) ،نصّ عليه ن الظّاهر أنّه صار إلى مسلمٍ ،ولم يعلم زواله عن ملك أحمد في رواية ابن منصورٍ ; ل ّ ن ذلك ليس قول المسلمين ،فأشبه ما لو كان على جميعه علمة المسلمين .والّذي يظهر أ ّ الحنابلة وحدهم بل هو قول بقيّة الفقهاء أيضًا كما يظهر من كلمهم في معرفة دفين الجاهليّة .قال ابن عابدين نقلًا عن عليّ القاريّ :وأمّا مع اختلط دراهم الكفّار مع دراهم المسلمين كالمشخّص المستعمل في زماننا ،فل ينبغي أن يكون خلف في كونه إسلميّا . الواجب في الرّكاز : - 10اتّفق الفقهاء على أنّ الواجب في الرّكاز الخمس ،لقول النّبيّ صلى ال عليه وسلم : { العجماء جبار وفي الرّكاز الخمس } .قال ابن المنذر :ل نعلم أحدًا خالف في هذا الحديث إلّ الحسن فإنّه فرّق بين ما يوجد في أرض الحرب وأرض العرب ،فقال :فيما يوجد في
أرض الحرب الخمس ،وفيما يوجد في أرض العرب الزّكاة .قال المالكيّة :محلّ تخميسه ما لم يحتج لنفق ٍة كبير ٍة وإلّ فيزكّى .قال مالك :المر الّذي ل اختلف فيه عندنا ،والّذي ن الرّكاز إنّما هو دفن يوجد من دفن الجاهليّة ما لم يطلب سمعته من أهل العلم يقولون :إ ّ بمالٍ .وأمّا ما طلب بمالٍ كثيرٍ فليس بركازٍ ،إنّما فيه الزّكاة بعد وجود شروط الزّكاة حيث استأجر على العمل ،ل إن عمل بنفسه أو عبيده فل يخرج عن الرّكاز .وأمّا أربعة أخماسه فلواجده .وسيأتي بيان مصرف الخمس الواجب إخراجه ف 22
ما يلحق بما يخمّس : - 11ألحق المالكيّة بالرّكاز النّدرة :وهي قطعة الذّهب والفضّة الخالصة الّتي ل تحتاج إلى تصفيةٍ ،والّتي توجد في الرض من أصل خلقتها ل بوضع واضعٍ لها في الرض .وفيها ل الزّكاة وإنّما الخمس في الخمس على المشهور .وروى ابن نافعٍ عن مالكٍ أنّه ليس فيها إ ّ الرّكاز .نبش القبر لستخراج المال : - 12صرّح المالكيّة بأنّ ما يوجد في قبر الجاهليّ ركاز .وأمّا ما يوجد في قبر المسلم ففي حكم اللّقطة .وتفصيل ذلك في مصطلح ( قبر ،ولقطة ) . النّصاب في الرّكاز : - 13ذهب جمهور الفقهاء ( الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة والشّافعيّ في القديم ) إلى أنّه ل يشترط النّصاب في الرّكاز ،بل يجب الخمس في قليله وكثيره .وحكاه ابن المنذر عن إسحاق وأبي عبيدٍ وأصحاب الرّأي ،وقال :وبه قال أكثر أهل العلم ،وهو أولى بظاهر ن الخمس الحديث .وذهب الشّافعيّة -على المذهب -إلى اشتراط النّصاب بناءً على أ ّ ي :اتّفقت نصوص الشّافعيّ والصحاب على هذه المأخوذ من الرّكاز زكاة .قال النّوو ّ المسألة :أنّه إذا وجد من الرّكاز مائة درهمٍ ،ثمّ وجد مائ ًة أخرى أنّه ل يجب الخمس في واحد ٍة منهما ،بل ينعقد الحول عليهما من حين كمل النّصاب ،فإذا تمّ لزمه ربع العشر كسائر النّقود الّتي يملكها ،وهذا تفريع على المذهب ،وهو اشتراط النّصاب في الرّكاز .ثمّ قال :إذا وجد من الرّكاز دون النّصاب ،وله دين تجب فيه الزّكاة يبلغ به نصابًا ،وجب خمس الرّكاز في الحال .فإن كان ماله غائبًا أو مدفونًا أو وديعةً أو دينًا -والرّكاز ناقص - لم يخمّس حتّى يعلم سلمة ماله ،وحينئذٍ يخمّس الرّكاز النّاقص عن النّصاب سواء أبقي المال أم تلف إذا علم وجوده يوم حصول الرّكاز . الحول في الرّكاز :
- 14اتّفق الفقهاء على أنّه ل يشترط الحول في الرّكاز ; لنّ الحول يعتبر لتكامل النّماء وهذا ل يتوجّه في الرّكاز .قال النّوويّ :ونقل الماورديّ فيه الجماع من يجب عليه الخمس : ن الّذي يجب عليه الخمس هو - 15ذهب جمهور الفقهاء ( الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ) إلى أ ّ كلّ من وجد الرّكاز من مسلمٍ أو ذ ّميّ صغي ٍر أو كبيرٍ ،عاقلٍ أو مجنونٍ .فإن كان صبيّا أو مجنونًا فهو لهما ،ويخرج الخمس عنهما وليّهما .وهذا قول أكثر أهل العلم .قال ابن المنذر ن على ال ّذمّيّ في الرّكاز يجده :الخمس ،قاله :أجمع كلّ من نحفظ عنه من أهل العلم على أ ّ أهل المدينة والثّوريّ والوزاعيّ وأهل العراق ،وأصحاب الرّأي وغيرهم .وذهب الشّافعيّة إلى أنّه ل يجب الخمس إلّ على من تجب عليه الزّكاة ،سواء كان رجلًا أو امرأ ًة ،رشيدًا أو سفيهًا ،أو صبيّا أو مجنونًا .ويمنع ال ّذ ّميّ عند الشّافعيّة من أخذ المعدن والرّكاز بدار السلم ،كما يمنع من الحياء بها ; لنّ الدّار للمسلمين وهو دخيل فيها .وأمّا الحربيّ المستأمن فقد ل إذا عمل بإذن المام على شرطٍ فله ذكر صاحب ال ّدرّ من الحنفيّة أنّه يستردّ منه ما أخذ إ ّ المشروط .وعند الحنفيّة والحنابلة أيضًا أنّه لو عمل رجلن في طلب الرّكاز فهو للواجد ، ن الواجد نائبه فيه .وللتّفصيل انظر مصطلح : وإن كانا مستأجرين لطلبه فهو للمستأجر ; ل ّ ( حربيّ ،شركة ،إجارة ،خمس ) . موضع الرّكاز :أوّلًا :في دار السلم : - 16أ -أن يجده في مواتٍ أو ما ل يعلم له مالك من مسلمٍ أو ذي عهدٍ ،كالبنية القديمة ، والتّلول ،وجدران الجاهليّة وقبورهم ،فهذا فيه الخمس بل خلفٍ سوى ما روي عن الحسن ض خراجيّ ٍة أو عشريّ ٍة ،وهي أعمّ من أن تكون مملوك ًة لحدٍ أو ل .وعبارة الحنفيّة :في أر ٍ ،صالح ٍة للزّراعة أو ل .فيدخل فيه المفاوز وأرض الموات ،فإنّها إذا جعلت صالحةً للزّراعة كانت عشريّةً أو خراجيّةً .وقال في المغني :لو وجده في هذه الرض على وجهها ب فهو كذلك في الحكم ،لما روى عمرو بن شعيبٍ أو في طريقٍ غير مسلوكٍ ،أو قري ٍة خرا ٍ عن أبيه عن جدّه قال { :سئل رسول اللّه صلى ال عليه وسلم عن اللّقطة ؟ فقال :ما كان في طريقٍ مأتيّ أو قريةٍ عامرةٍ فعرّفها سنةً ،فإن جاء صاحبها وإلّ فلك ،وما لم يكن في ق مأتيّ ول في قريةٍ عامر ٍة ففيه وفي الرّكاز الخمس } .وقال المالكيّة :يخرج خمس طري ٍ الرّكاز والباقي لواجده حيث وجده في أرضٍ ل مالك لها ،كموات أرض السلم ،أو فيافي العرب الّتي لم تفتح عنو ًة ول أسلم عليها أهلها ،وأمّا لو وجد الرّكاز في أرضٍ مملوكةٍ ض لم تبلغها الدّعوة .قال فيكون ما فيه لمالك الرض .وشرط الشّافعيّة أن يجده في أر ٍ
النّوويّ :إذا بنى كافر بنا ًء وكنز فيه كنزًا وبلغته الدّعوة وعاند فلم يسلم ث ّم هلك وباد أهله ن الرّكاز إنّما هو أموال الجاهليّة العاديّة الّذين ل فوجد ذلك الكنز كان فيئًا ل ركازًا ،ل ّ يعرف هل بلغتهم دعوة أم ل ؟ فأمّا من بلغتهم فما لهم فيء ،فخمسه لهل الخمس وأربعة ك فلقطة عند الشّافعيّة والحنابلة ، أخماسه للواجد .فإن وجد الرّكاز في شارعٍ أو طريقٍ مسلو ٍ وعند المالكيّة ركاز . ب -أن يجد الرّكاز في ملكه : - 17الملك إمّا أن يكون قد أحياه أو انتقل إليه . - 1أن يكون مالكه هو الّذي أحياه ،فإذا وجد فيه ركازًا فهو له وعليه أن يخمّسه ،وزاد المالكيّة على الحياء الرث ،وزاد الشّافعيّة إقطاع السّلطان .أمّا الحنفيّة فيعنون بمالك الرض أن يكون قد ملكها أوّل الفتح ،وهو من خصّه المام بتمليك الرض حين فتح البلد . - 2أن يجد الرّكاز في ملكه المنتقل إليه : - 18إذا انتقل الملك عن طريق الرث ووجد فيه ركازًا فل خلف بين الفقهاء في أنّه لورثته .أمّا لو انتقل إليه ببيعٍ أو هبةٍ ووجد فيه ركازًا فقد اختلف الفقهاء في من يكون له الرّكاز .فذهب جمهور الفقهاء ( المالكيّة والشّافعيّة وأبو حنيفة ومحمّد وهي رواية عن أحمد ) إلى أنّه للمالك الوّل أو لوارثه لو كان حيّا ; لنّه كانت يده على الدّار فكانت على ما فيها .قال ابن عابدين نقلًا عن البحر :إنّ الكنز مودع في الرض فلمّا ملكها الوّل ملك ما فيها ،ول يخرج ما فيها عن ملكه ببيعها كالسّمكة في جوفها درّة .وذهب أبو حنيفة ومحمّد إلى أنّه إذا لم يعرف المالك الوّل ول ورثته فيوضع الرّكاز في بيت المال على الوجه . وهو قول المالكيّة .قال في الشّرح الصّغير :وهو الظّاهر بل المتعيّن .والقول الثّاني ن الرّكاز للمالكيّة :أنّه لقطة .وذهب أحمد في روايةٍ -وأبو يوسف وبعض المالكيّة إلى أ ّ الباقي بعد الخمس للمالك الخير ،لنّه مال كافرٍ مظهور عليه في السلم ،فكان لمن ظهر عليه كالغنائم ; ولنّ الرّكاز ل يملك بملك الرض لنّه مودع فيها ،وإنّما يملك بالظّهور عليه ،وهذا قد ظهر عليه فوجب أن يملكه .وقد صحّح في المغني هذه الرّواية ،ثمّ قال : ن الرّكاز ل يملك بملك الدّار لنّه ليس من أجزائها ،وإنّما هو مودع فيها ،فينزّل منزلة لّ المباحات من الحشيش والحطب والصّيد يجده في أرض غيره فيأخذه فيكون أحقّ به .وقال ابن عابدين :قال أبو يوسف :الباقي للواجد كما في أرضٍ غير مملوكةٍ ،وعليه الفتوى ، وبه قال أبو ثورٍ .وذهب الحنابلة إلى أنّه إذا اختلف الورثة فأنكر بعضهم أن يكون لمورثهم ولم ينكره الباقون ،فحكم من أنكر في نصيبه حكم المالك الّذي لم يعترف به ،وحكم المعترفين حكم المالك المعترف .
ج -أن يجد الرّكاز في ملك غيره : ن الرّكاز الموجود في دارٍ - 19ذهب الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة في روايةٍ إلى أ ّ أو أرضٍ مملوكةٍ يكون لصاحب الدّار وفي رواي ٍة أخرى عن أحمد أنّه لواجده .ونقل عن أحمد ما يدلّ أنّه لواجده .لنّه قال في مسألة من استأجر أجيرًا ليحفر له في داره فأصاب في الدّار كنزًا :فهو للجير .نقل ذلك عنه محمّد بن يحيى الكحّال ،قال القاضي :هو الصّحيح ل على أنّ الرّكاز لواجده ،وهو قول أبي ثورٍ ،واستحسنه أبو يوسف ،وذلك لنّ ،وهذا يد ّ الكنز ل يملك بملك الدّار ،فيكون لمن وجده ،لكن إن ادّعاه المالك فالقول قوله ،وإن لم يدّعه فهو لواجده . ثانيًا :أن يوجد الرّكاز في دار الصّلح : - 20صرّح المالكيّة بأنّ دفين المصالحين لهم ولو كان الدّافن غيرهم ،فما وجد من الرّكاز مدفونًا في أرض الصّلح ،سواء كانوا هم الّذين دفنوه أو دفنه غيرهم فهو للّذين صالحوا على تلك الرض ،والمشهور أنّه ل يخمّس ،فإن وجده أحد المصالحين في داره فهو له بمفرده ن الرّكاز الموجود في موات دار أهل العهد سواء وجده هو أو غيره .وذهب الشّافعيّة إلى أ ّ يملكه واجده كموات دار السلم . ثالثًا :أن يوجد الرّكاز في دار الحرب : - 21اختلف الفقهاء في الرّكاز الموجود في دار الحرب :فذهب الحنفيّة إلى أنّ الرّكاز ل وجب ردّه الموجود في دار الحرب إن كان في أرضٍ مملوكةٍ لغير مستأمنٍ فالكلّ للواجد وإ ّ للمالك ،وأمّا الموجود في أرضٍ مملوك ٍة أصلًا فالكلّ للواجد بل فرقٍ بين المستأمن وغيره ; ن ما في صحرائهم ليس في يد أحدٍ على الخصوص فل يعدّ غدرًا .وفرّق الشّافعيّة في لّ الرض المملوكة بين أن يؤخذ الرّكاز بقهرٍ وقتالٍ فهو غنيمة ،كأخذ أموالهم ونقودهم من بيوتهم فيكون خمسه لهل خمس الغنيمة وأربعة أخماسه لواجده ،وبين أن يؤخذ بغير قتالٍ ول قهرٍ فهو فيء ومستحقّه أهل الفيء .وذهب الشّافعيّة إلى أنّهم إن لم يذبّوا عنه فهو كموات دار السلم -بل خلفٍ عندهم -وهو ركاز .وهذا محمول عند الحنفيّة والشّافعيّة ن فل يجوز له أخذ الكنز ل بقتالٍ ن .أمّا إذا دخل بأما ٍ على ما إذا دخل دار الحرب بغير أما ٍ ول بغيره .وذهب الحنابلة إلى أنّه إن قدر عليه بنفسه فهو لواجده ،حكمه حكم ما لو وجده في موات أرض المسلمين ،ولم يفرّق الحنابلة في الموات بين ما يذبّ عنه وبين ما ل يذبّ عنه ; لنّه ليس لموضعه مالك محترم أشبه ما لو لم يعرف مالكه .
مصرف خمس الرّكاز : - 22ذهب جمهور الفقهاء ( الحنفيّة والمالكيّة والمذهب عند الحنابلة وبه قال المزنيّ من ن خمس الرّكاز يصرف مصارف الغنيمة وليس زكاةً .ومن ثمّ فإنّه حلل الشّافعيّة ) إلى أ ّ للغنياء ول يختصّ بالفقراء ،وهو لمصالح المسلمين ،ول يختصّ بالصناف الثّمانية .قال ابن قدامة :مصرفه مصرف الفيء ،وهذه الرّواية عن أحمد أصحّ ممّا سيأتي وأقيس على ن رجلًا وجد ألف دينارٍ مدفون ًة خارجًا من مذهبه ،لما روى أبو عبيدٍ عن الشّعبيّ :أ ّ المدينة ،فأتى بها عمر بن الخطّاب ،فأخذ منها الخمس مائتي دينارٍ ،ودفع إلى الرّجل بقيّتها ،وجعل عمر يقسم المائتين بين من حضره من المسلمين ،إلى أن أفضل منها فضلةً ،فقال :أين صاحب الدّنانير ؟ فقام إليه ،فقال عمر :خذ هذه الدّنانير فهي لك .ولو كان المأخوذ ص به أهلها ولم يردّه على واجده ; ولنّه مال مخموس زالت عنه يد الكافر ،أشبه زكا ًة لخ ّ خمس الغنيمة .وذهب الشّافعيّة وهي رواية عن أحمد إلى أنّه يجب صرف خمس الرّكاز مصرف الزّكاة .قال النّوويّ :هذا هو المذهب .ولتفصيل توزيع الخمس ينظر مصطلح ( : خمس ،غنيمة ،فيء ) . ركن ) التّعريف - 1الرّكن في اللّغة :الجانب القوى والمر العظيم ،وما يقوى به من ملكٍ وجندٍ وغيرهما ،والعزّ ،والمنعة .والركان :الجوارح ،وفي حديث الحساب { :يقال لركانه : انطقي } أي جوارحه ،وأركان كلّ شي ٍء جوانبه الّتي يستند إليها ويقوم بها .وركن الشّيء ل به .وهو " الجزء الذّاتيّ الّذي تتركّب الماهيّة في الصطلح :ما ل وجود لذلك الشّيء إ ّ منه ومن غيره بحيث يتوقّف تقوّمها عليه » ( .اللفاظ ذات الصّلة ) أ -الشّرط : - 2الشّرط في اللّغة إلزام الشّيء والتزامه ،وكذلك الشّريطة ،والجمع شروط وشرائط وبالتّحريك العلمة ،وجمعه أشراط .واصطلحًا عرّفه ابن السّبكيّ بقوله :ما يلزم من ن الشّرط " عدمه العدم ،ول يلزم من وجوده وجود ول عدم لذاته » .واختار ابن الحاجب أ ّ ما استلزم نفيه نفي أمرٍ على غير جهة السّببيّة » .وهو اختيار شارح التّحرير العلّامة أمير ب من معانٍ ل متركّ ٍ باد شاه .قال المام الكاسانيّ مف ّرقًا بين الرّكن والشّرط :والصل أنّ ك ّ متغاير ٍة ينطلق اسم المركّب عليها عند اجتماعها ،كان كلّ معنًى منها ركنًا للمركّب ، ل ما كأركان البيت في المحسوسات ،واليجاب والقبول في باب البيع في المشروعات ،وك ّ يتغيّر الشّيء به ول ينطلق عليه اسم ذلك الشّيء كان شرطًا ،كالشّهود في باب النّكاح . ن الرّكن يكون وعلى هذا فكلّ من الرّكن والشّرط ل بدّ منه لتحقّق المسمّى شرعًا ،غير أ ّ
داخلًا في حقيقة المسمّى ،فهو جزؤه ،بخلف الشّرط فإنّه يكون خارجًا عن المسمّى .وقد ن جعل بعض المور ن الركان توقيفيّة ،قال :وإ ّ صرّح الشّيخ محبّ اللّه بن عبد الشّكور بأ ّ ركنًا وبعضها شرطًا توقيفيّ ل يدرك بالعقل . ب -الفرض : سنّة - 3الفرض في اللّغة :القطع والتّوقيت ،والحزّ في الشّيء ،وما أوجبه اللّه تعالى ،وال ّ ،يقال :فرض رسول اللّه صلى ال عليه وسلم أي :سنّ .واصطلحًا :خطاب اللّه ن الجمهور ل يفرّقون المقتضي للفعل اقتضا ًء جازمًا .وهو تعريف الواجب أيضًا ،حيث إ ّ بينهما ،فهما من التّرادف عندهم .وقال العضد في تعريف اليجاب :هو خطاب بطلب فعلٍ غير كفّ ينتهض تركه في جميع وقته سببًا للعقاب .والواجب هو الفعل المتعلّق باليجاب ، ف تعلّق به خطاب بطلبٍ بحيث ينتهض تركه في جميع وقته سببًا للعقاب . فهو فعل غير ك ّ وعند الحنفيّة يفترق الفرض والواجب بالظّنّ والقطع ،فإن كان ما ذكر ثبت بقطعيّ ففرض ، وإن ثبت بظ ّنيّ فهو الواجب .ثمّ إنّ الفقهاء قد يطلقون الفرض على الرّكن ،كما صنع ي في تنوير البصار ،فقال في باب صفة الصّلة :من فرائضها التّحريمة .وقال التّمرتاش ّ خليل في مختصره في باب الوضوء :فرائض الوضوء ..وقال في كتاب الصّلة :فرائض الصّلة ..قال الدّردير :أي :أركانها وأجزاؤها المتركّبة هي منها .والنّوويّ في المنهاج . ي الخطيب :الفرض والواجب بمعنًى فقال في باب الوضوء :فرضه ستّة .قال الشّربين ّ واحدٍ ،والمراد هنا الرّكن ل المحدود في كتب أصول الفقه .والشّيخ أبو النّجا الحجّاويّ في ن الفرض عندهم أع ّم من الرّكن .وقد القناع ،فقال في باب الوضوء :فرضه ستّة ..لك ّ صرّح بذلك الحصكفيّ فقال :ثمّ الرّكن ما يكون فرضًا داخل الماهيّة ،وأمّا الشّرط فما يكون خارجها ،فالفرض أع ّم منها وهو ما قطع بلزومه حتّى يكفر جاحده . الحكم الجماليّ : - 4الرّكن إمّا أن يكون جزء ماهيّة الحقيقة الشّرعيّة في العبادات ،كالقيام في الصّلة والمساك في الصّوم ،وفي العقود كاليجاب والقبول في عقد البيع .أو جزء ماهيّة الشياء المحسوسة كأركان البيت ( .الرّكن والواجب ) : - 5يفرّق الفقهاء بين الرّكن والواجب في بابي الحجّ والعمرة ،والصّلة ،أمّا باب الحجّ والعمرة فباتّفاق المذاهب الربعة فينصّون أنّ للحجّ والعمرة أركانًا ،وواجباتٍ ،وتظهر ثمرة التّفريق بينهما في التّرك ،فمن ترك ركنًا من أركان الحجّ أو العمرة لم يتمّ نسكه إلّ به ،فإن أمكنه التيان أتى به ،وذلك كالطّواف والسّعي ،وإن لم يمكن التيان به كمن فاته الوقوف بعرفة بأن طلع عليه فجر يوم النّحر ولم يقف فإنّه يفوته الحجّ في هذه السّنة ،ويتحلّل بعمرةٍ
ل بجميع الركان .وانظر ( حجّ :ف وعليه الحجّ من قابلٍ .وذلك لنّ الماهيّة ل تحصل إ ّ ) 123ومن ترك واجبًا فعليه دم ،ويكون حجّه تامّا صحيحًا ،فالواجب يمكن جبره بالدّم بخلف الرّكن .وأمّا باب الصّلة فعند الحنفيّة والحنابلة فقط فإنّهم يجعلون للصّلة أركانًا وواجباتٍ .وتظهر ثمرة التّفريق بينهما في التّرك أيضًا .فترك الرّكن يترتّب عليه بطلن الصّلة إن كان تركه عمدًا .أمّا إن تركه سهوًا أو جهلًا فل تصحّ صلته إلّ إن أمكن التّدارك ،وفي كيفيّته خلف وتفصيل ينظر في مصطلح ( :سجود السّهو ) .وأمّا ترك الواجب فإنّ الصّلة ل تبطل بتركه سهوًا ،ويسجد للسّهو جبرًا له ،وتركه عمدًا يبطل الصّلة عند الحنابلة ،وقال الحنفيّة :عليه إعادة الصّلة وجوبًا إن تركه عمدًا جبرًا لنقصانه ،وكذا لو تركه سهوًا ولم يسجد للسّهو . الرّكن في العبادات :تختلف أركان العبادات باختلفها : أ -أركان الوضوء : - 6اختلف الفقهاء في أركان الوضوء .فذهب الحنفيّة إلى أنّها أربعة أركانٍ ،غسل الوجه ، وغسل اليدين ،ومسح ربع الرّأس وغسل الرّجلين .وزاد الشّافعيّة عليها ال ّنيّة والتّرتيب ، وزاد الحنابلة الموالة ،إلّ أنّهم اعتبروا ال ّنيّة شرطًا ل ركنًا .وزاد المالكيّة الدّلك . ب -أركان التّيمّم :اختلف الفقهاء في أركان التّيمّم . ن للتّيمّم ركنين ،الضّربتان ،والمسح ،وال ّنيّة شرط عندهم .وقال -7فذهب الحنفيّة إلى أ ّ المالكيّة :أركانه خمسة :ال ّنيّة ،وضربة واحدة ،وتعميم الوجه واليدين إلى الكوعين بالمسح ،والصّعيد الطّاهر ،والموالة .كما ذهب الشّافعيّة إلى أنّ أركانه خمسة وهي :نقل التّراب ،ونيّة استباحة الصّلة ،ومسح الوجه ،ومسح اليدين إلى المرفقين ،والتّرتيب بين الوجه واليدين .وقال الحنابلة :أركانه أربعة :مسح جميع الوجه ،ومسح اليدين إلى الكوعين ،والتّرتيب ،والموالة في غير الحدث الكبر ،وأمّا ال ّنيّة فهي شرط عندهم . ج -أركان الصّلة : - 8اختلف الفقهاء في أركان الصّلة ،فذهب جمهور الفقهاء -المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ن أركان الصّلة هي :ال ّنيّة ،واعتبرها الحنابلة شرطًا ،وتكبيرة الحرام ،والقيام ، إلى أ ّل ركع ٍة ،والرّكوع ،والعتدال بعده ،والسّجود ،والجلوس بين وقراءة الفاتحة في ك ّ السّجدتين ،والجلوس للتّشهّد الخير ،والتّشهّد الخير ( .وقال المالكيّة :التّشهّد الخير ليس بركنٍ وأمّا الجلوس فإنّه ركن لكنّه للسّلم ) والسّلم ،والتّرتيب ،والطّمأنينة .وزاد المالكيّة الرّفع من الرّكوع ،والرّفع من السّجود ،قال الدّردير :الصّلة مركّبة من أقوالٍ
ل ثلثةً :تكبيرة الحرام ،والفاتحة ،والسّلم ، ل فجميع أقوالها ليست بفرائض إ ّ وأفعا ٍ ل ثلث ًة رفع اليدين عند تكبيرة الحرام ،والجلوس للتّشهّد ،والتّيامن وجميع أفعالها فرائض إ ّ بالسّلم .وزاد الشّافعيّة والحنابلة الصّلة على النّبيّ صلى ال عليه وسلم في التّشهّد الخير ، ن أركان الصّلة هي :القيام ، كما قال الحنابلة بركنيّة التّسليمتين .وذهب الحنفيّة إلى أ ّ والرّكوع ،والسّجود ،والقراءة ،والقعدة الخيرة مقدار التّشهّد ،وترتيب الركان ،وإتمام ن وكذا التّحريمة . الصّلة ،والنتقال من ركنٍ إلى ركنٍ .وال ّنيّة عندهم شرط وليست برك ٍ د -أركان الصّيام : ن للصّوم ركنًا واحدًا وهو المساك عن المفطرات ،وأمّا - 9ذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أ ّ ال ّنيّة فهي شرط عندهم .واعتبر المالكيّة والشّافعيّة ال ّنيّة ركنًا ،فللصّوم ركنان عند المالكيّة هما ال ّنيّة والمساك ،وزاد الشّافعيّة ثالثًا وهو الصّائم . هـ -أركان العتكاف : ن للعتكاف ركنًا واحدًا وهو اللّبث في المسجد .وقال الشّافعيّة : - 10ذهب الحنفيّة إلى أ ّ أركانه أربعة :ال ّنيّة ،والمعتكف ،واللّبث ،والمسجد . و -أركان الحجّ والعمرة : - 11ذهب الحنفيّة إلى أنّ للحجّ ركنين ،الوقوف بعرفة ،ومعظم طواف الزّيارة ( أربعة أشواطٍ ) .وأمّا الحرام فهو شرط ابتداءً ،ركن انتها ًء .وذهب المالكيّة إلى أنّ أركان الحجّ أربعة :الحرام ،والوقوف بعرفة ،والطّواف اتّفاقًا والسّعي على المشهور خلفًا لبن القصّار .وزاد ابن الماجشون في الركان :الوقوف بالمشعر الحرام ورمي جمرة العقبة ، وحكى ابن عبد الب ّر قولًا بركنيّة طواف القدوم .قال الدّسوقيّ :والمشهور أنّ الوقوف بالمشعر الحرام ورمي جمرة العقبة غير ركنين ،بل الوّل مستحبّ ،والثّاني واجب يجبر بالدّم .وأمّا القول بركنيّة طواف القدوم فليس بمعروفٍ بل المذهب أنّه واجب يجبر بالدّم . ج ستّة :الحرام ،والوقوف بعرفة ،والطّواف والسّعي ،والحلق وقال الشّافعيّة :أركان الح ّ أو التّقصير ،والتّرتيب بين الركان .كما اختلف الفقهاء في أركان العمرة .فقال الحنفيّة : لها ركن واحد وهو الطّواف .وقال المالكيّة والحنابلة :أركانها ثلثة :الحرام ،والطّواف ، والسّعي .وزاد الشّافعيّة :الحلق أو التّقصير ،والتّرتيب . الرّكن في العقود :
- 12هناك اتّجاهان في تحديد الرّكن في العقود :الوّل :ذهب جمهور الفقهاء -المالكيّة ن هي :الصّيغة ،والعاقدان ،والمعقود والشّافعيّة والحنابلة -إلى أنّ لكلّ عق ٍد ثلثة أركا ٍ عليه ،وهذه الثّلثة تئول في الحقيقة إلى ستّ ٍة ،فمثلًا في البيع :الصّيغة عبارة عن اليجاب والقبول .والعاقدان هما البائع والمشتري .والمعقود عليه هو المبيع والثّمن .الثّاني :ذهب ن لكلّ عقدٍ ركنًا واحدًا فقط وهو الصّيغة ( اليجاب والقبول ) . الحنفيّة إلى أ ّ ( أقسام الرّكن ) : ي وقوليّ .وتظهر ثمرة هذا التّقسيم - 13اتّفق الفقهاء على تقسيم الرّكن في الصّلة إلى فعل ّ ن زائدٍ ،فالقيام في التّكرار .وانفرد الحنفيّة بتقسيم الرّكن في الصّلة إلى ركنٍ أصليّ ورك ٍ والرّكوع والسّجود أركان أصليّة ،والقراءة والقعود الخير ركنان زائدان .والرّكن الزّائد عندهم هو ما يسقط في بعض الصّور من غير تحقّق ضرورةٍ بل خلفٍ ،كسقوط القراءة ل لضرور ٍة .ومعنى كون الرّكن زائدًا أنّه ركن من ي ما ل يسقط إ ّ بالقتداء .والرّكن الصل ّ حيث قيام ذلك الشّيء به في حالةٍ ،وانتفاؤه بانتفائه ،وزائد من حيث قيامه بدونه في حالةٍ ن وأخرى بأقلّ منها أخرى ،فالصّلة ماهيّة اعتباريّة ،فيجوز أن يعتبرها الشّارع تار ًة بأركا ٍ ن اعتبار القراءة ،والقعود الخير ركنين زائدين ليس متّفقًا عليه عند الحنفيّة ،وإنّما .ثمّ إ ّ هو محلّ خلفٍ عندهم .أمّا القراءة فالكثر على أنّها ركن زائد .كما انفرد الشّافعيّة بتقسيم ن قصيرٍ ،فالقصير عندهم ركنان :العتدال بعد الرّكن في الصّلة إلى ركنٍ طويلٍ ورك ٍ الرّكوع ،والجلوس بين السّجدتين ،وما عداهما طويل .ويترتّب على هذا التّقسيم عندهم أنّ تطويل الرّكن القصير عمدًا بسكوتٍ أو ذكرٍ لم يشرع فيه يبطل الصّلة ; لنّ تطويله تغيير لوضعه ،ويخلّ بالموالة ; ولنّه ليس مقصودًا لذاته بل للفصل بين الركان ،وأمّا تطويله سهوًا فل يبطل الصّلة ويسجد للسّهو .ومقدار التّطويل عندهم أن يلحق العتدال بعد الرّكوع بالقيام للقراءة ،والجلوس بين السّجدتين بالجلوس للتّشهّد ،والمراد قراءة الواجب فقط ل قراءته مع المندوب أي الفاتحة وأقلّ التّشهّد . أقلّ الرّكن وأكمله : - 14قد يكون للرّكن كيفيّتان يتحقّق بهما ،إحداهما :كيفيّة الجزاء ويطلق عليها بعض سنّة .ومن الفقهاء كالشّافعيّة أقلّ الرّكن ،والثّانية :كيفيّة الكمال ،وهي الكيفيّة الّتي توافق ال ّ تلك الركان في باب الصّلة الرّكوع والسّجود ،فينصّ الفقهاء على أنّ لهما كيفيّتين فأقلّ الرّكوع وهو القدر المجزئ منه عند الجمهور أن ينحني حتّى تقترب فيه راحتا كفّيه من ركبتيه .وقال الحنفيّة :هو خفض الرّأس مع انحناء الظّهر ،وذلك لنّه المفهوم من موضوع
ص الشّافعيّة على كراهة القتصار على اللّغة فيصدق عليه قوله تعالى { :اركعوا } ،وقد ن ّ القلّ .وأكمل الرّكوع أن يسوّي ظهره وعنقه ،ويمكّن يديه من ركبتيه مفرّقًا أصابعه وناصبًا لركبتيه .وأقلّ السّجود مباشرة بعض جبهته مصلّاه ،وهناك خلف في بقيّة العضاء بين المذاهب وينظر تفصيل ذلك في مصطلحاتها ( :ركوع ،سجود ) .وأكمل السّجود أن يضع ركبتيه ث ّم يديه ثمّ جبهته وأنفه ،ويضع يديه حذو منكبيه ،وينشر أصابعه مضمومةً للقبلة ،ويفرّق ركبتيه ،ويرفع بطنه عن فخذيه ،ومرفقيه عن جنبيه ،وهذا في ج :الوقوف بعرفة فأقلّه أن ض .وفي باب الح ّ الرّجل .أمّا المرأة فإنّها تضمّ بعضها إلى بع ٍ يحصل بعرفة في وقت الوقوف ولو لحظةً ،ولو مارّا بها ،أو نائمًا أو جاهلًا بها ،فمن حصلت له هذه اللّحظة في وقت الوقوف صار مدركًا للحجّ ،ول يجري عليه الفساد بعد ذلك .ووقت الوقوف من زوال يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم النّحر عند الجمهور .ومن الغروب إلى طلوع فجر يوم النّحر عند مالكٍ ،فالرّكن عند المالكيّة الستقرار لحظةً في عرفة بعد الغروب ،أمّا الوقوف نهارًا بعد الزّوال فواجب ينجبر بالدّم .وأكمله أن يجمع في الوقوف بين اللّيل والنّهار { لفعله صلى ال عليه وسلم } مع قوله صلى ال عليه وسلم : { لتأخذوا مناسككم } .وقد عدّ الحنابلة الجمع بين اللّيل والنّهار واجبًا يجب في تركه دم . وعند الحنفيّة يكون الجمع واجبًا فيما إذا وقف نهارًا ،أمّا إذا وقف ليلًا فل واجب عليه . واستحبّ الشّافعيّة إراقة الدّم حينئذٍ خروجًا من خلف من أوجبه . ( ترك الرّكن وتكراره ) : - 15لترك الرّكن آثار وصور في العبادات والمعاملت تختلف باختلف كيفيّة التّرك عمدًا كان أو سهوًا أو جهلًا ،وفي كلّ حال ٍة تفصيل وخلف ينظر في مظانّه من الموسوعة .كما ت تنظر في مظانّها . ن تكرار الرّكن يجري عليه ما يجري على التّرك مع ضوابط وتفصيل ٍ أّ ترك الرّكن في العقود : - 16ترك الرّكن في العقود يوجب بطلنها ،وذلك لنعدام المور الّتي ل ب ّد منها ليتحقّق العقد في الخارج .فمن ترك اليجاب أو القبول في جميع صورهما في أيّ عقدٍ من العقود ل ولم يقع على سبيل التّعاطي فعقده باطل ،وذلك كمن باع أو اشترى من غير إيجابٍ أو قبو ٍ فيكون بيعه حينئذٍ باطلًا .ثمّ إن تخلّف الرّكن في العقود عند الحنفيّة يدخل في حالة البطلن ، والّتي يفرّقون بينها وبين حالة الفساد ،وقد سبق تفصيل ذلك في مصطلح ( بطلن ) .وأمّا ما يترتّب على بطلن العقود فينظر تفصيله في مصطلح ( :بطلن ) . الرّكن بمعنى جزء الماهيّة المحسوسة :استلم الركان في الطّواف :
ن تقبيله - 17استحبّ الفقهاء استلم ركنين من أركان البيت .الوّل :الحجر السود ،ويس ّ لحديث ابن عمر رضي ال عنهما { استقبل النّبيّ صلى ال عليه وسلم الحجر ،ثمّ وضع شفتيه عليه يبكي طويلًا ،ثمّ التفت فإذا هو بعمر بن الخطّاب يبكي ،فقال :يا عمر ،هاهنا تسكب العبرات } .وعن عابس بن ربيعة عن { عمر رضي ال عنه أنّه جاء إلى الحجر السود فقبّله ،وقال :إنّي أعلم أنّك حجر ل تضرّ ول تنفع ،ولول أنّي رأيت رسول اللّه صلى ال عليه وسلم يقبّلك ما قبّلتك } .وقد صرّح الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة بأن تكون القبلة بل صوتٍ ،وعند المالكيّة في الصّوت بالتّقبيل قولن :الكراهة والباحة .قال الشّيخ الحطّاب نقلًا عن الشّيخ زرّوقٍ في شرح الرشاد :ورجّح غير واحدٍ الجواز ،ونقله أيضًا الشّيخ دسوقيّ عن الحطّاب .وزاد الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة :أن يسجد عليه .قال الحنابلة :فعله ابن عمر وابن عبّاسٍ ،وأنكر المام مالك وضع الخدّين على الحجر السود ،قال في المدوّنة :وهو بدعة ،قال الشّيخ الدّردير في الشّرح الكبير :وكره مالك السّجود وتمريغ الوجه عليه ،قال الحطّاب :قال بعض شيوخنا :وكان مالك يفعله إذا خل به .وعند الحنفيّة والشّافعيّة يسنّ أن يكون التّقبيل والسّجود ثلثًا .فإن لم يتمكّن من تقبيله استلمه بيده وقبّل يده ن النّبيّ صلى ال عليه وسلم استلمه وقبّل يده } .ولما ،لحديث ابن عمر رضي ال عنهما { أ ّ روى مسلم عن نافعٍ قال { :رأيت ابن عمر يستلم الحجر بيده ثمّ قبّل يده .وقال :ما تركته منذ رأيت رسول اللّه صلى ال عليه وسلم يفعله } وهذا مذهب جمهور الفقهاء الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة .ومذهب المالكيّة أنّه ل يقبّل يده بل يضعها على فيه من غير تقبيلٍ ، ن التّقبيل في وعندهم رواية أنّه يقبّل يده كما يقبّل الحجر ،والوّل هو المشهور ،وحجّته أ ّ الحجر تعبّد وليست اليد بالحجر .قال الشّافعيّة والحنابلة :ويسنّ أن تكون يده اليمنى ،وقال الحنفيّة :يضع يديه عليه ثمّ يقبّلها أو يضع إحداهما ،والولى أن تكون اليمنى لنّها المستعملة فيما فيه شرف .فإن لم يتمكّن من استلمه بيده استلمه بشيءٍ كعصًا ،ثمّ يقبّل ما استلمه به لقوله صلى ال عليه وسلم { :إذا أمرتكم بشي ٍء فأتوا منه ما استطعتم } وهذا مذهب الجمهور ،وعند المالكيّة :يضع العصا على فيه من غير تقبيلٍ . ل ذلك لشدّة الزّحام أشار إليه بيده أو شيءٍ فيها من بعيدٍ ول يزاحم - 18فإن عجز عن ك ّ النّاس فيؤذي المسلمين ،لما روي { أنّه صلى ال عليه وسلم قال لعمر :يا عمر إنّك رجل قويّ ،ل تزاحم على الحجر فتؤذي الضّعيف ،إن وجدت خلو ًة فاستلمه ،وإلّ فاستقبله فهلّل سنّة . ن الستلم سنّة ،وإيذاء المسلم حرام ،وترك الحرام أولى من التيان بال ّ وكبّر } .ول ّ وعن ابن عبّاسٍ رضي ال عنهما قال { :طاف النّبيّ صلى ال عليه وسلم بالبيت على بعيرٍ كلّما أتى على الرّكن أشار إليه بشيءٍ عنده وكبّر } .قال الحنفيّة :يشير إليه بباطن كفّيه كأنّه
واضعها عليه وذلك بأن يرفع يديه حذاء أذنيه ويجعل باطنهما نحو الحجر مشيرًا بهما إليه وظاهرهما نحو وجهه ،وصرّحوا بتقبيل كفّيه .ومذهب الشّافعيّة في التّقبيل كمذهب الحنفيّة حيث إنّهم صرّحوا بتقبيل ما أشار به ،سواء كانت الشارة بيده أو غيرها .ومذهب الحنابلة أنّه ل يقبّل المشار به قالوا :لعدم وروده .وذهب المالكيّة أنّه إن تعذّر استلمه يكبّر فقط إذا حاذاه من غير إشار ٍة بيده ول رفعٍ ،وصفة الستلم عند الحنفيّة أن يضع كفّيه على الحجر ويضع فمه بين كفّيه ويقبّله ،وعند المالكيّة والشّافعيّة أن يلمسه بيده ،وقال الحنابلة : ن استلم الرّكن اليمانيّ في الطّواف من غير تقبيلٍ يمسحه بيده .الثّاني :الرّكن اليمانيّ ،فيس ّ ،لحديث ابن عمر رضي ال عنهما { أنّه صلى ال عليه وسلم كان ل يستلم إلّ الحجر والرّكن اليمانيّ } .وذهب محمّد بن الحسن إلى أنّه يسنّ تقبيله ،وقال المالكيّة :إذا استلمه بيده وضعها على فيه من غير تقبيلٍ ،ومذهب الشّافعيّة أنّه يقبّل ما استلمه به .وإذا لم يتمكّن من استلمه أشار إليه بيده عند الشّافعيّة والحنابلة ،قال الشّافعيّة :لنّها بدل عنه لترتّبها عليه عند العجز في الحجر السود فكذا هنا ،ومقتضى القياس أنّه يقبّل ما أشار به ،قال الشّربينيّ الخطيب :وهو كذلك .وذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّه ل يشير عند الزّحام ،وعند المالكيّة أنّه يكبّر إذا حاذاه . - 19وما ذكر من أحكام استلم الرّكنين يراعى في كلّ طوفةٍ لحديث ابن عمر رضي ال عنهما { أنّه صلى ال عليه وسلم كان ل يدع أن يستلم الرّكن اليمانيّ والحجر السود في كلّ طوفةٍ } .وهذا ممّا ل خلف فيه بين الفقهاء .وأمّا استلم الرّكنين الخرين -الشّاميّ والعراقيّ -فليس بمشروعٍ في الجملة .قال البهوتيّ :ول يستلم ول يقبّل الرّكنين الخرين ، لقول ابن عمر رضي ال عنهما { :لم أر النّبيّ صلى ال عليه وسلم يمسح من البيت إلّ الرّكنين اليمانيّين } .وقد صرّح الحنفيّة والمالكيّة بكراهة استلم الرّكنين العراقيّ والشّاميّ - وهي كراهة تنزيهيّة عند الحنفيّة -قالوا :لنّهما ليسا ركنين حقيق ًة بل من وسط البيت ; لنّ ن استلم الرّكنين ول تقبيلهما .قال الشّربينيّ بعض الحطيم من البيت .وقال الشّافعيّة :ل يس ّ الخطيب :والمراد بعدم تقبيل الركان الثّلثة إنّما هو نفي كونه سنّ ًة ،فلو قبّلهنّ أو غيرهنّ من البيت لم يكن مكروهًا ول خلف الولى ،بل يكون حسنًا ،كما نقله في الستقصاء عن نصّ الشّافعيّ قال :وأيّ البيت قبّل فحسن غير أنّا نؤمر بالتّباع .قال السنويّ :فتفطّن له ، ن الرّكن الّذي فيه الحجر فإنّه أمر مهمّ - 20 .والسّبب في اختلف الركان في هذه الحكام أ ّ السود فيه فضيلتان :كون الحجر فيه ،وكونه على قواعد إبراهيم عليه السلم ،واليمانيّ فيه فضيلة واحدة ،وهو كونه على قواعد إبراهيم عليه السلم .وأمّا الشّاميّان فليس لهما شيء من الفضيلتين { .قال ابن عمر رضي ال عنهما :ما أراه -يعني النّبيّ صلى ال
عليه وسلم -ترك استلم الرّكنين اللّذين يليان الحجر إلّ أنّ البيت لم يتمّ على قواعد ل لذلك } . إبراهيم ،ول طاف النّاس من وراء الحجر إ ّ ( ركوب ) . التّعريف - 1الرّكوب لغ ًة :مصدر ركب .يقال :ركب الدّابّة يركبها أي عل عليها ،وكلّ ما علي عليه فقد ركب .وقيل :هو خاصّ بالبل .ول يخرج الرّكوب في الصطلح عن ذلك . ( الحكم التّكليفيّ ) : أ -صلة التّطوّع راكبًا : - 2ل خلف بين الفقهاء في إباحة صلة التّطوّع على الرّاحلة ،في السّفر الطّويل -وهو ل من سافر سفرًا ما يجوز فيه قصر الصّلة -وقال ابن عبد البرّ :أجمعوا على أنّه جائز لك ّ يقصر فيه الصّلة أن يتطوّع على دابّته حيثما توجّهت ،أمّا السّفر القصير وهو ما ل يباح فيه القصر فإنّه يباح فيه الصّلة على الرّاحلة عند الجمهور واستدلّوا بقوله تعالى { :فأينما تولّوا فثمّ وجه اللّه } وبالصّلة على الرّاحلة فسّرت الية ،وقال ابن عمر :نزلت هذه الية في التّطوّع خاصّ ًة ،أي حيث توجّه بك بعيرك ،وعن عبد اللّه بن دينارٍ قال { :كان عبد اللّه بن عمر رضي ال عنهما يصلّي في السّفر على راحلته أينما توجّهت يومئ ،وذكر عبد ن النّبيّ صلى ال عليه وسلم كان يفعله } .وأخرج البخاريّ عن ابن عمر قال { :كان اللّه أ ّ النّبيّ صلى ال عليه وسلم يصلّي في السّفر على راحلته حيث توجّهت به يومئ إيماء صلة ل الفرائض ويوتر على راحلته } » .ولمسلمٍ { :غير أنّه ل يصلّي عليها المكتوبة } ، اللّيل إ ّ ولم يفرّق بين قصير السّفر وطويله ; ولنّ إباحة الصّلة على الرّاحلة تخفيف في التّطوّع كي ل يؤدّي إلى قطعها وتقليلها ،وهذا يستوي فيه الطّويل والقصير .وقال المالكيّة :يشترط أن يكون سفر قصرٍ ،أمّا إن لم يكن سفر قصرٍ فل يتنفّل على الدّابّة . شروط جواز التّنفّل على الرّاحلة : - 3يشترط لجواز التّنفّل على الرّاحلة ما يأتي : - 1ترك الفعال الكثيرة بل عذ ٍر كالرّكض . - 2دوام السّفر إلى انتهاء الصّلة .فلو صار مقيمًا في أثناء الصّلة عليها وجب إتمامها على الرض مستقبلًا القبلة ،وإلى هذا ذهب المالكيّة ،والشّافعيّة ،والحنابلة وأبو يوسف ، ومحمّد من الحنفيّة .وقال أبو حنيفة :يجوز له أن يتمّ الصّلة عليها .وتفصيله في الصّلة ، وصلة التّطوّع .
استقبال القبلة في صلة التّطوّع على الرّاحلة : - 4قال الشّافعيّة والحنابلة :إن أمكن استقبال القبلة على الرّاحلة وإتمام أركان الصّلة كركوعها وسجودها لزمه ذلك ،وإن لم يمكن فل يلزمه ذلك ،لما روي عن أنسٍ { :أنّ رسول اللّه صلى ال عليه وسلم كان إذا سافر ،فأراد أن يتطوّع استقبل بناقته القبلة فكبّر ثمّ صلّى حيث وجّهه ركابه } .ويختصّ وجوب الستقبال بتكبيرة الحرام ،فل يجب فيما سواه ; لوقوع أوّل الصّلة بالشّرط ،ثمّ يجعل ما بعده تابعًا له .وقال المالكيّة والحنفيّة :ل يلزمه الستقبال وإن أمكنه ،ولو في تكبيرة الحرام أمّا راكب السّفينة ونحوها كالعماريّة وهي نوع من السّفن يدور فيها كيف يشاء ،ويتمكّن من الصّلة إلى القبلة ،فعليه استقبال القبلة في صلته . قبلة الرّاكب وجهته : - 5قبلة المصلّي على الرّاحلة حيث وجّهته ،فإن عدل عنها ل إلى جهة القبلة فسدت صلته ،لنّه ترك قبلته عمدًا .فإن عدل إلى القبلة فل تبطل صلته ،لنّها الصل ،وإنّما جاز تركها للعذر .وتفصيله في مصطلح ( استقبال ) . أداء صلة الفرض راكبًا : - 6يجوز أداء صلة الفرض راكبًا في السّفينة ونحوها كالمحفّة والعماريّة ممّا يمكن معه استقبال القبلة وإتمام أركانها ،واختلفوا في الرّاحلة :فقال الجمهور :ل يجوز أداؤها على ف .فإن صلّى على راحلته لعذرٍ لم تلزمه ل لعذرٍ كخو ٍ دابّةٍ ،سواء أكانت واقف ًة أم سائرةً إ ّ العادة .وقال الشّافعيّة :إن كانت واقفةً وتوجّه إلى القبلة وأتمّ الفرض جاز وإن لم تكن معقولةً ،لستقراره في نفسه .أمّا إن كانت سائر ًة ،أو لم يتوجّه إلى القبلة ،أو لم يتمّ ن سير الدّابّة منسوب إليه ،ويعيد الصّلة في حالة العذر . ل لعذ ٍر ; ل ّ أركانها فل يجوز إ ّ اتّباع الجنازة راكبًا : - 7ذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه ينبغي لمشيّع الجنازة أن ل يتبعها راكبًا إلّ لعذرٍ كمرضٍ أو ضعفٍ .فقد روي { أنّ النّبيّ صلى ال عليه وسلم رأى أناسًا ركبانًا في جناز ٍة فقال :أل ن ملئكة اللّه يمشون على أقدامهم ،وأنتم على ظهور الدّوابّ } .وإذا اتّبعها تستحيون ؟ إ ّ راكبًا يكون خلف الجنازة .أمّا الرّكوب في الرّجوع فل بأس به .ول بأس باتّباع الجنازة ن المشي أفضل منه ; لنّه أقرب إلى الخشوع ،ويكره أن يتقدّم راكبًا عند الحنفيّة ،ولك ّ الرّاكب الجنازة ; لنّ ذلك ل يخلو عن إضرارٍ بالنّاس .
صلة المجاهد راكبًا : - 8يجوز للمجاهد أن يصلّي راكبًا إذا التحم القتال ولم يتمكّن من تركه ،لقوله تعالى : { فإن خفتم فرجالًا أو ركبانًا } .والتّفصيل في ( صلة الخوف ) . ج راكبًا : الح ّ ج ماشيًا ،لنّ ذلك فعله صلى ال عليه - 9الحجّ راكبًا على الدّوابّ ،ونحوها أفضل من الح ّ وسلم ،ولنّه أقرب إلى الشّكر ،وإلى هذا ذهب المالكيّة والحنفيّة والشّافعيّة ،ولم نجد للحنابلة تصريحًا في هذه المسألة . الطّواف راكبًا : - 10ل خلف بين الفقهاء في صحّة طواف الرّاكب إذا كان له عذر لحديث أ ّم سلمة رضي ال عنها ،قالت { :شكوت إلى رسول اللّه صلى ال عليه وسلم أنّي أشتكي فقال :طوفي من وراء النّاس وأنت راكبة } .واختلفوا في حكم الطّواف راكبًا بل عذرٍ فذهب الشّافعيّة إلى أنّه ن النّبيّ صلى ال عليه وسلم طاف س رضي ال عنهما { :إ ّ ل يجب عليه دم لحديث ابن عبّا ٍ في حجّة الوداع على بعيرٍ ،يستلم الرّكن بمحجنٍ } .وقال جابر { :طاف النّبيّ صلى ال ن اللّه تعالى أمر بالطّواف عليه وسلم على راحلته بالبيت وبين الصّفا والمروة } » .ول ّ مطلقًا فكيفما أتى به أجزأه ،ول يجوز تقييد المطلق بغير دليلٍ ،وهو رواية عن أحمد . ن المشي في الطّواف من وذهب الحنفيّة والمالكيّة وأحمد في إحدى الرّوايات عنه ،إلى أ ّ واجبات الطّواف ،فإن طاف راكبًا بل عذرٍ وهو قادر على المشي وجب عليه دم ،واستدلّوا ي صلى ال عليه وسلم قال { :الطّواف بالبيت بمنزلة الصّلة } .ولنّ ن النّب ّ عليه :بأ ّ ن اللّه أمر بالطّواف الطّواف عبادة تتعلّق بالبيت فلم يجز فعلها راكبًا لغير عذ ٍر كالصّلة ،ول ّ بقوله { :وليطّوّفوا بالبيت العتيق } ،والرّاكب ليس بطائفٍ حقيقةً ،فأوجب ذلك نقصًا فيه فوجب جبره بالدّم ،وزاد الحنفيّة :إن كان بمكّة فعليه العادة ،وإن عاد إلى بلده فعليه دم .وينظر التّفصيل في مصطلح ( :طواف ) .أمّا السّعي راكبًا فيجزئه لعذرٍ ،ولغير عذرٍ بالتّفاق . ضمان الرّاكب ما تجنيه الدّابّة : - 11ذهب أبو حنيفة والشّافعيّ وأحمد إلى أنّ الرّاكب يضمن ما تتلفه الدّابّة بيدها حال ل أو نفسٍ .واختلفوا في ضمان ما تجنيه برجلها ،فقال الحنفيّة والحنابلة في ركوبه من ما ٍ ن الرّاكب ل يضمن ما جنته دابّته برجلها ; لنّه ل يمكنه حفظ رجلها عن روايةٍ عن أحمد :إ ّ الجناية فل يضمنها كما لو لم تكن يده عليها ،وقال الشّافعيّة وهو رواية عن أحمد :يضمن
الرّاكب ما تجنيه الدّابّة في حال ركوبه مطلقًا .سواء جنت بيدها ،أم برجلها ،أم برأسها ، لنّها في يده ،وعليه تعهّدها وحفظها .وقال المالكيّة :ل يضمن الرّاكب ما تعطبه الدّابّة بيدها أو رجلها أو ذنبها ،إلّ أن يكون ذلك من شي ٍء فعله بها .والتّفصيل في ( ضمان ، وإتلف ) . ما يقوله الرّاكب إذا ركب دابّته : ن للرّاكب إذا استوى على دابّته أن يكبّر ثلثًا ثمّ يقرأ آية { :سبحان الّذي سخّر لنا - 12يس ّ هذا وما كنّا له مقرنين وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون } .ويدعو بالدّعاء المأثور عن النّبيّ صلى ال عليه وسلم فعن عليّ بن ربيعة قال { :شهدت عليّا رضي ال عنه أتي بدابّةٍ ليركبها ،فلمّا وضع رجله في الرّكاب قال :بسم اللّه ،فلمّا استوى على ظهرها قال { :سبحان الّذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون } .ثمّ قال :الحمد للّه ثلث مرّاتٍ ، ثمّ قال :اللّه أكبر ثلث مرّاتٍ ،ثمّ قال :سبحانك إنّي ظلمت نفسي فاغفر لي ،إنّه ل يغفر الذّنوب إلّ أنت ،ث ّم ضحك ،فقيل :يا أمير المومنين من أيّ شي ٍء ضحكت ؟ قال :رأيت النّبيّ صلى ال عليه وسلم فعل مثل ما فعلت ثمّ ضحك ،فقلت :يا رسول اللّه من أيّ شيءٍ ضحكت ؟ قال :إنّ ربّك سبحانه يعجب من عبده إذا قال :اغفر لي ذنوبي ،يعلم أنّه ل يغفر الذّنوب غيري } .وإذا ركب للسّفر دعا بما جاء في صحيح مسلمٍ { :أنّ رسول اللّه صلى ال عليه وسلم كان إذا استوى على بعيره خارجًا إلى سفرٍ كبّر ثلثًا ثمّ قال { :سبحان الّذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون } ،اللّهمّ إنّا نسألك في سفرنا هذا البرّ والتّقوى ،ومن العمل ما ترضى ،اللّهمّ هوّن علينا سفرنا هذا ،واطو عنّا بعده ،اللّهمّ أنت الصّاحب في السّفر ،والخليفة في الهل .اللّهمّ إنّي أعوذ بك من وعثاء السّفر وكآبة ع من وسائل المنظر وسوء المنقلب في المال والهل } .وكذلك الحكم إذا ركب أيّ نو ٍ الرّكوب . ( ركوع ) التّعريف - 1الرّكوع لغةً :النحناء ،يقال :ركع يركع ركوعًا وركعًا ،إذا طأطأ رأسه أو حنى ظهره ،وقال بعضهم :الرّكوع هو الخضوع ،ويقال :ركع الرّجل إذا افتقر بعد غنًى وانحطّت حاله ،وركع الشّيخ :انحنى ظهره من الكبر .والرّاكع :المنحني ،وكلّ شيءٍ ينكبّ لوجهه فتمسّ ركبته الرض أو ل تمسّها بعد أن ينخفض رأسه فهو راكع ،وجمع الرّاكع ركّع وركوع .وركوع الصّلة في الصطلح :هو طأطأة الرّأس أي خفضه ،لكن
مع انحناءٍ في الظّهر على هيئ ٍة مخصوصةٍ في الصّلة .وهي أن ينحني المصلّي بحيث تنال راحتاه ركبتيه مع اعتدال خلقته وسلمة يديه وركبتيه ،وذلك بعد القومة الّتي فيها القراءة . أمّا في غير الصّلة فهو ل يخرج عن المعنى اللّغويّ . ( اللفاظ ذات الصّلة ) : أ -الخضوع . ل والستكانة والنقياد والمطاوعة ،ويقال :رجل أخضع ،وامرأة - 2الخضوع لغةً :الذّ ّ خضعاء وهما :الرّاضيان بالذّلّ .وخضع النسان :أمال رأسه إلى الرض أو دنا منها ، وهو تطامن العنق ودنوّ الرّأس من الرض ،والخضوع :التّواضع والتّطامن ،وهو قريب من الخشوع يستعمل في الصّوت ،والخضوع يستعمل للعناق .والخضوع أعمّ من الرّكوع ،إذ الرّكوع هيئة خاصّة . ب -السّجود : - 3السّجود لغةً :مصدر سجد ،وأصل السّجود التّطامن والخضوع والتّذلّل ،يقال :سجد البعير إذا خفض رأسه عند ركوبه ،وسجد الرّجل إذا وضع جبهته على الرض .والسّجود في الصطلح :وضع الجبهة أو بعضها على الرض ،أو ما اتّصل بها من ثابتٍ مستقرّ على هيئةٍ مخصوصةٍ في الصّلة .ففي كلّ من الرّكوع والسّجود نزول من قيامٍ ،لكنّ النّزول في السّجود أكثر منه في الرّكوع . أوّلًا :الرّكوع في الصّلة ( :الحكم التّكليفيّ ) : ن الرّكوع ركن من أركان الصّلة لقوله تعالى { :يا أيّها الّذين - 4أجمعت المّة على أ ّ آمنوا اركعوا واسجدوا } الية ،وللحاديث الثّابتة ،منها قوله صلى ال عليه وسلم في حديث ن رسول اللّه صلى ال عليه وسلم دخل المسجد ،فدخل المسيء صلته :عن أبي هريرة { أ ّ رجل فصلّى ،فسلّم على النّبيّ صلى ال عليه وسلم فردّ ،وقال :ارجع فصلّ ،فإنّك لم تصلّ ،فرجع يصلّي كما صلّى ،ث ّم جاء فسلّم على النّبيّ صلى ال عليه وسلم فقال :ارجع فصلّ فإنّك لم تصلّ -ثلثًا -فقال :والّذي بعثك بالحقّ ما أحسن غيره ،فعلّمني ،فقال : ن راكعًا ثمّ إذا قمت إلى الصّلة فكبّر ،ثمّ اقرأ ما تيسّر معك من القرآن ،ث ّم اركع حتّى تطمئ ّ ن جالسًا ،وافعل ن ساجدًا ،ثمّ ارفع حتّى تطمئ ّ ارفع حتّى تعدل قائمًا ،ثمّ اسجد حتّى تطمئ ّ ذلك في صلتك كلّها } » . الطّمأنينة في الرّكوع :
- 5ذهب جمهور الفقهاء ( المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وأبو يوسف من الحنفيّة ) إلى أنّ ض ،ل تصحّ الصّلة بدونها .ومن أدلّة الجمهور على الطّمأنينة في الرّكوع بقدر تسبيحة فر ٍ وجوب الطّمأنينة :قوله صلى ال عليه وسلم في قصّة المسيء صلته { :ثمّ اركع حتّى ن راكعًا } .الحديث .ولقول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :أسوأ النّاس سرق ًة الّذي تطمئ ّ يسرق من صلته ،قالوا :يا رسول اللّه ،وكيف يسرق من صلته ؟ قال :ل يتمّ ركوعها ول سجودها } .وروي عن النّبيّ صلى ال عليه وسلم { أنّه كان إذا ركع استوى ،فلو صبّ على ظهره الماء لستقرّ ،وذلك لستواء ظهره ولطمئنانه فيه } .وحديث أبي مسعودٍ البدريّ رضي ال عنه قال :قال النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :ل تجزئ صلة الرّجل حتّى يقيم ظهره في الرّكوع والسّجود } .وفي رواي ٍة { ل تجزئ صلة ل يقيم الرّجل فيها صلبه في الرّكوع والسّجود } .قال التّرمذيّ :والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النّبيّ صلى ال عليه وسلم ومن بعدهم .وقد رأى أبو حذيفة رضي ال عنه رجلًا ل يتمّ الرّكوع ت على غير الفطرة الّتي فطر اللّه عليها مح ّمدًا صلى والسّجود فقال :ما صلّيت ،ولو متّ م ّ ال عليه وسلم فإذا رفع رأسه من الرّكوع ثمّ شكّ هل أتى بقدر الجزاء أو ل ،ل يعتدّ به ن الطّمأنينة في ن الصل عدم ما شكّ فيه .وذهب الحنفيّة إلى أ ّ ويلزمه إعادة الرّكوع ،ل ّ ح بدونها ; لنّ المفروض من الرّكوع أصل النحناء ن الصّلة تص ّ الرّكوع ليست فرضًا ،وأ ّ والميل ،فإذا أتى بأصل النحناء فقد امتثل ،لتيانه بما ينطلق عليه السم الوارد في قوله تعالى { :يا أيّها الّذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربّكم } .الية .أمّا الطّمأنينة فدوام على أصل الفعل ،والمر بالفعل ل يقتضي الدّوام .وهي عندهم من واجبات الصّلة ،ولهذا يكره تركها عمدًا ،ويلزمه سجود السّهو إذا تركها ساهيًا ،وذكر أبو عبد اللّه الجرجانيّ أنّها سنّة عند أبي حنيفة ومح ّمدٍ ول يلزم بتركها سجود السّهو ،وروى الحسن عن أبي حنيفة فيمن لم يقم صلبه في الرّكوع ،إن كان إلى القيام أقرب منه إلى تمام الرّكوع لم يجزه ،وإن كان إلى تمام الرّكوع أقرب منه إلى القيام أجزأه ،إقامةً للكثر مقام الكلّ . هيئة الرّكوع : - 6الهيئة المجزئة في الرّكوع أن ينحني انحناءً خالصًا قدر بلوغ راحتيه ركبتيه بطمأنينةٍ ، بحيث ينفصل رفعه من الرّكوع عن هويّه ،على أن يقصد من هويّه الرّكوع ،وهذا في معتدل الخلقة من النّاس ل طويل اليدين ول قصيرهما ،فلو طالت يداه أو قصرتا أو قطع شيء منهما أو من أحدهما لم يعتبر ذلك ،ولم يزد على تسوية ظهره ،فإن لم تقرب راحتاه من ركبتيه بالحيثيّة المذكورة لم يكن ذلك ركوعًا ،ولم تخرجه عن حدّ القيام إلى الرّكوع ، وكذا إن قصد من هبوطه غير الرّكوع .والعاجز ينحني قدر إمكانه ،فإن عجز عن النحناء
أصلًا أومأ برأسه ثمّ بطرفه ،ولو عجز عن القيام وصلّى قاعدًا ينحني لركوعه بحيث تحاذي جبهته ما قدّام ركبتيه من الرض ،والكمل أن تحاذي جبهته موضع سجوده .وذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ أكمل هيئات الرّكوع أن ينحني المصلّي بحيث يستوي ظهره وعنقه ، ويمدّهما كالصّحيفة ،ول يخفض ظهره عن عنقه ول يرفعه ،وينصب ساقيه إلى الحقو ، ول يثني ركبتيه ،ويضع يديه على ركبتيه ،ويأخذ ركبتيه بيديه ،ويفرّق أصابعه حينئذٍ ، فإن كانت إحدى يديه مقطوعةً أو عليل ًة ،فعل بالخرى ما ذكرنا ،وفعل بالعليلة الممكن ، فإن لم يمكنه وضع اليدين على الرّكبتين أرسلهما ،ويجافي الرّجل مرفقيه عن جنبيه ،أمّا المرأة فتضمّ بعضها إلى بعضٍ ،ولو لم يضع يديه على ركبتيه ولكن بلغ ذلك القدر أجزأه ، إلّ أنّه يكره التّطبيق في الرّكوع ،وهو أن يجعل المصلّي إحدى كفّيه على الخرى ثمّ يجعلهما بين ركبتيه أو فخذيه إذا ركع .والتّطبيق كان مشروعًا في أوّل السلم ثمّ نسخ ، قال { مصعب بن سعد بن أبي وقّاصٍ رضي ال عنه :صلّيت إلى جنب أبي فطبّقت بين ك ّفيّ ،ثمّ وضعتهما بين فخذيّ ،فنهاني أبي وقال :كنّا نفعله فنهينا عنه ،وأمرنا أن نضع أيدينا على الرّكب } .وعن أبي حميدٍ السّاعديّ رضي ال عنه قال { :أنا أعلمكم بصلة رسول اللّه صلى ال عليه وسلم قالوا :فاعرض ،فقال :كان رسول اللّه صلى ال عليه وسلم إذا قام إلى الصّلة اعتدل قائمًا ورفع يديه حتّى يحاذي بهما منكبيه ،فإذا أراد أن يركع رفع يديه حتّى يحاذي بهما منكبيه ،ثمّ قال :اللّه أكبر ،وركع ،ث ّم اعتدل ،فلم يصوّب رأسه ولم يقنع ،ووضع يديه على ركبتيه .الحديث .قالوا -أي الصّحابة رضي ال عنهم : -صدقت ، ي صلى ال عليه وسلم } .وذكر أبو حميدٍ { :أنّ النّبيّ صلى ال عليه وسلم هكذا صلّى النّب ّ وضع يديه على ركبتيه كأنّه قابض عليهما } .وذهب قوم من السّلف منهم عبد اللّه بن مسعودٍ رضي ال عنه إلى أنّ التّطبيق في الرّكوع سنّة لما رواه من أنّه رأى النّبيّ صلى ال عليه وسلم يفعله . رفع اليدين عند تكبير الرّكوع : ن رفع اليدين عند ك إلى أ ّ - 7ذهب جمهور الفقهاء من الشّافعيّة والحنابلة وهو رواية عن مال ٍ تكبيرة الرّكوع وعند الرّفع منه سنّة ثابتة ،فيرفع يديه إلى حذو منكبيه كفعله عند تكبيرة الحرام ،أي يبدأ رفع يديه عند ابتداء تكبيرة الرّكوع وينتهي عند انتهائها ،لتضافر الحاديث الصّحيحة في ذلك ،منها ما روى محمّد بن عمرو بن عطا ٍء أنّه سمع أبا حميدٍ في عشرةٍ من أصحاب رسول اللّه صلى ال عليه وسلم أحدهم أبو قتادة رضي ال عنه قال : { أنا أعلمكم بصلة رسول اللّه صلى ال عليه وسلم فذكر صفة صلته ،وفيه أنّه رفع يديه ل :كان أصحاب رسول اللّه عند الرّكوع } .وقال البخاريّ :قال الحسن وحميد بن هل ٍ
صلى ال عليه وسلم يرفعون أيديهم -يعني عند الرّكوع . -وإلى هذا ذهب الوزاعيّ وعلماء الحجاز والشّام والبصرة .وقال الحنفيّة والثّوريّ وابن أبي ليلى وإبراهيم النّخعيّ ن المصلّي ل يرفع يديه إلّ لتكبيرة الحرام .لدلّةٍ منها :قول وهو المشهور عن مالكٍ :إ ّ عبد اللّه بن مسعودٍ رضي ال عنه :لصلّينّ بكم صلة رسول اللّه صلى ال عليه وسلم فلم ن رسول اللّه صلى يرفع يديه إلّ في أوّل مرّةٍ .وقول البراء بن عازبٍ رضي ال عنه { :إ ّ ب من أذنيه ثمّ ل يعود } .وقول ابن ال عليه وسلم كان إذا افتتح الصّلة رفع يديه إلى قري ٍ مسعودٍ رضي ال عنه { :صلّيت خلف النّبيّ صلى ال عليه وسلم وأبي بكرٍ وعمر رضي ل عند افتتاح الصّلة } . ال عنهما فلم يرفعوا أيديهم إ ّ التّكبير عند ابتداء الرّكوع : سنّة أن يبتدئ الرّكوع بالتّكبير - 8ذهب أكثر أهل العلم وجمهور الفقهاء إلى أنّ من ال ّ للحاديث النّبويّة الواردة في ذلك منها ) 1 ( :ما روى أبو هريرة رضي ال عنه قال : { كان رسول اللّه صلى ال عليه وسلم إذا قام إلى الصّلة يكبّر حين يقوم ،ثمّ يكبّر حين يركع ،ث ّم يقول :سمع اللّه لمن حمده حين يرفع صلبه من الرّكعة } .الحديث ) 2 ( .وعن أبي هريرة رضي ال عنه { :أنّه كان يصلّي بهم فكبّر كلّما خفض ورفع ،فإذا انصرف قال :إنّي لشبهكم صلةً برسول اللّه صلى ال عليه وسلم } ) 3 ( .وعن ابن مسعودٍ رضي ال عنه قال { :كان رسول اللّه صلى ال عليه وسلم يكبّر في كلّ خفضٍ ،ورفعٍ ،وقيامٍ ، ن من أركان وقعودٍ ،وأبو بكرٍ وعمر رضي ال عنهما } ) 4 ( .ولنّه شروع في رك ٍ الصّلة فشرع فيه التّكبير كحالة ابتداء الصّلة .وذهب الحنابلة إلى أنّ تكبيرة الرّكوع كغيرها من تكبيرات النتقال من واجبات الصّلة الّتي تبطل الصّلة بتركها عمدًا ،وتسقط إذا تركت سهوًا أو جهلًا ،ولكنّها تجبر بسجود السّهو ،لقوله صلى ال عليه وسلم { :صلّوا كما رأيتموني أصلّي } وثبت { أنّه صلى ال عليه وسلم .كان يبتدئ الرّكوع بالتّكبير } .وإلى ن للمام عند الجمهور والحنابلة معًا أن يجهر بهذه هذا ذهب إسحاق بن راهويه .ويس ّ التّكبيرة ،ليعلم المأموم انتقاله ،فإن لم يستطع لمرضٍ أو غيره بلّغ عنه المؤذّن أو غيره . التّسبيح في الرّكوع : - 9اتّفق الفقهاء على مشروعيّة التّسبيح في الرّكوع لحديث عقبة بن عامرٍ قال { :لمّا نزلت { فسبّح باسم ربّك العظيم } قال رسول اللّه صلى ال عليه وسلم :اجعلوها في ركوعكم } . ن التّسبيح في الرّكوع سنّة ،وأقلّه واختلفوا فيما وراء ذلك من الحكام .ومذهب الحنفيّة أ ّ ثلث ،فإن ترك التّسبيح أو نقص عن الثّلث كره تنزيهًا .والزّيادة على الثّلث للمفرد
أفضل بعد أن يختم على وترٍ ،ول يزيد المام على وج ٍه يملّ به القوم .وقيل :إنّ تسبيحات الرّكوع والسّجود واجبات .وذهب المالكيّة إلى أنّ التّسبيح في الرّكوع مندوب بأيّ لفظٍ كان ،والولى سبحان ربّي العظيم وبحمده ،وقيل :إنّه سنّة ،والتّسبيح ل يتحدّد بعددٍ بحيث إذا نقص عنه يفوته الثّواب ،بل إذا سبّح مرّ ًة يحصل له الثّواب ،وإن كان يزاد الثّواب بزيادته .وينهى عن الطّول المفرط في الفريضة ،بخلف النّفل ; لنّ المطلوب في حقّ سنّة بتسبيحةٍ ن التّسبيح في الرّكوع ،ويحصل أصل ال ّ المام التّخفيف .وقال الشّافعيّة :يس ّ واحد ٍة ،وأقلّه سبحان اللّه ،أو سبحان ربّي ،وأدنى الكمال سبحان ربّي العظيم وبحمده ثلثًا ،وللكمال درجات .فبعد الثّلث خمس ،ثمّ سبع ،ثمّ تسع ،ثمّ إحدى عشرة ،وهو الكمل ،ول يزيد المام على الثّلث ،أي يكره له ذلك ; تخفيفًا على المأمومين .ويزيد المنفرد وإمام قومٍ محصورين راضين بالتّطويل { :اللّهمّ لك ركعت ،وبك آمنت ،ولك أسلمت ،خشع لك سمعي وبصري ومخّي وعظمي ،وما استقلت به قدمي } .وذهب الحنابلة إلى أنّه يشرع للمصلّي أن يقول في ركوعه :سبحان ربّي العظيم ،وهو أدنى الكمال ، سنّة ثلث ،وهو أدنى الكمال ،والفضل القتصار على سبحان ربّي والواجب مرّة ،وال ّ العظيم ،من غير زيادةٍ ( وبحمده ) .ول يستحبّ للمام التّطويل ،ول الزّيادة على ثلثٍ كي ل يشقّ على المأمومين .وهذا إذا لم يرضوا بالتّطويل . قراءة القرآن في الرّكوع : - 10اتّفق الفقهاء على كراهة قراءة القرآن في الرّكوع لحديث عليّ رضي ال عنه قال : { نهاني رسول اللّه صلى ال عليه وسلم عن قراءة القرآن وأنا راكع أو ساجد } .وعن ابن عبّاسٍ رضي ال عنهما أنّ رسول اللّه صلى ال عليه وسلم قال { :أل وإنّي نهيت أن أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا ،فأمّا الرّكوع فعظّموا فيه الرّبّ ،وأمّا السّجود فاجتهدوا في الدّعاء ، ن الرّكوع والسّجود حال ذلّ وانخفاضٍ ،والقرآن أشرف الكلم . فقمن أن يستجاب لكم } ول ّ الدّعاء في الرّكوع : - 11ذهب المالكيّة إلى كراهة الدّعاء في الرّكوع ،وذهب الشّافعيّة إلى استحباب الدّعاء في ن { النّبيّ صلى ال عليه وسلم كان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده :سبحانك الرّكوع ،ل ّ اللّهمّ ربّنا وبحمدك اللّهمّ اغفر لي } .ولما روى عليّ رضي ال عنه { أنّ النّبيّ صلى ال عليه وسلم كان إذا ركع قال :اللّهمّ لك ركعت ،ولك خشعت وبك آمنت ،ولك أسلمت ، خشع لك سمعي وبصري ومخّي وعظمي وعصبي } . إدراك الرّكعة بإدراك الرّكوع مع المام :
- 12اتّفق الفقهاء على أنّ من أدرك المام في الرّكوع فقد أدرك الرّكعة ،لقول النّبيّ صلى ل القيام ، ال عليه وسلم { :من أدرك الرّكوع فقد أدرك الرّكعة } ولنّه لم يفته من الركان إ ّ وهو يأتي به مع تكبيرة الحرام ،ثمّ يدرك مع المام بقيّة الرّكعة ،وهذا إذا أدرك في طمأنين ٍة الرّكوع أو انتهى إلى قدر الجزاء من الرّكوع قبل أن يزول المام عن قدر الجزاء .وعليه أن يأتي بالتّكبيرة منتصبًا ،فإن أتى بها بعد أن انتهى في النحناء إلى قدر الرّكوع أو ببعضها ل تنعقد ; لنّه أتى بها في غير محلّها قال بعضهم :إلّ النّافلة -ثمّ يأتي بتكبيرةٍ ن ،وقد أخرى للرّكوع في انحطاطٍ إليه ،فالولى ركن ل تسقط بحالٍ ،والثّانية ليست برك ٍ تسقط في مثل هذه الحالة . إطالة الرّكوع ليدرك الدّاخل الرّكعة : س المام وهو في الرّكوع بداخلٍ يريد الصّلة معه هل يجوز له النتظار بتطويل - 13لو أح ّ الرّكوع ليلحقه أم ل ؟ ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّه ل ينتظره ; لنّ انتظاره فيه تشريك في العبادة بين اللّه عزّ وجلّ وبين الخلق ،قال اللّه تعالى { :ول يشرك بعبادة ربّه أحدًا } . ن المام مأمور بالتّخفيف رفقًا بالمصلّين .فعن أبي هريرة رضي ال عنه قال :قال النّبيّ ول ّ ن فيهم الضّعيف والسّقيم والكبير ، صلى ال عليه وسلم { :إذا صلّى أحدكم للنّاس فليخفّف فإ ّ وإذا صلّى أحدكم لنفسه فليطوّل ما شاء } .وإلى هذا ذهب الوزاعيّ واستحسنه ابن المنذر ، وهذا إذا كان يعرف الدّاخل ،أمّا إذا لم يعرفه فل بأس بالنتظار ،قال ابن عابدين :لو أراد التّقرّب إلى اللّه من غير أن يتخالج في قلبه شيء سوى اللّه لم يكره اتّفاقًا لكنّه نادر ،وتسمّى مسألة الرّياء ،فينبغي التّحرّز عنها .وذهب الحنابلة وهو أحد القوال عند الشّافعيّة :إلى أنّه ن الّذين معه أعظم حرم ًة من الدّاخل ،وإن يكره النتظار إذا كان يشقّ على المأمومين ،ل ّ لم يشقّ عليهم لكونه يسيرًا ينتظره ،لنّه ينفع الدّاخل ول يشقّ على المأمومين .وإلى هذا ذهب أبو مجلزٍ والشّعبيّ والنّخعيّ ،وعبد الرّحمن بن أبي ليلى وإسحاق وأبو ثورٍ .وذهب ط هي : ح عندهم إلى استحباب النتظار بشرو ٍ الشّافعيّة في الص ّ أ -أن يكون المسبوق داخل المسجد حين النتظار . ب -أن ل يفحش طول النتظار . ج -أن يقصد به التّقرّب إلى اللّه ل التّودّد إلى الدّاخل أو استمالة قلبه . ل ،لشرف المنتظر ،أو صداقته ،أو سيادته ،أو نحو ذلك ، د -أن ل يميّز بين داخلٍ وداخ ٍ ن النتظار بدون تمييزٍ إعانة للدّاخل على إدراك الرّكعة .أمّا إذا أحسّ بقادمٍ للصّلة خارجٍ لّ عن محلّها ،أو بالغ في النتظار كأن يطوّله تطويلًا لو وزّع على جميع الصّلة لظهر أثره ، أو لم يكن انتظاره للّه تعالى ،أو فرّق بين الدّاخلين للسباب المذكورة ،فل يستحبّ النتظار
قطعًا بل يكره ،فإن انتظر لم تبطل صلته في الرّاجح عندهم ،وحكي عن بعضهم بطلن الصّلة ،وهو قول ضعيف غريب . ثانيًا -الرّكوع لغير اللّه : - 14قال العلماء :ما جرت به العادة من خفض الرّأس والنحناء إلى حدّ ل يصل به إلى أقلّ الرّكوع -عند اللّقاء -ل كفر به ول حرمة كذلك ،لكن ينبغي كراهته لقوله صلى ال عليه وسلم :لمن قال له { :يا رسول اللّه ،الرّجل منّا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له ؟ قال :ل ،قال :أفيلتزمه ويقبّله ؟ قال :ل ،قال :أفيأخذ بيده ويصافحه ؟ قال :نعم } .الحديث .أمّا إذا انحنى ووصل انحناؤه إلى حدّ الرّكوع فقد ذهب بعض العلماء إلى أنّه إن لم يقصد ن صورته تعظيم ذلك الغير كتعظيم اللّه لم يكن كفرًا ول حرامًا ،ولكن يكره أشدّ الكراهة ل ّ تقع في العادة للمخلوق كثيرًا .وذهب بعضهم إلى حرمة ذلك ولو لم يكن لتعظيم ذلك ن صورة هيئة الرّكوع لم تعهد إلّ لعبادة اللّه سبحانه .قال ابن علّان الصّدّيقيّ : المخلوق ،ل ّ من البدع المحرّمة النحناء عند اللّقاء بهيئة الرّكوع ،أمّا إذا وصل انحناؤه للمخلوق إلى حدّ ن صاحبه الرّكوع قاصدًا به تعظيم ذلك المخلوق كما يعظّم اللّه سبحانه وتعالى ،فل شكّ أ ّ يرتدّ عن السلم ويكون كافرًا بذلك ،كما لو سجد لذلك المخلوق . ركون . التّعريف - 1الرّكون في اللّغة :من ركن إلى الشّيء يركن ،ويركن :مال وسكن واطمأنّ إليه . وفي الصطلح الفقهيّ :الميل إلى الخاطب ،وظهور الرّضا به من المرأة أو من ذويها . ل واح ٍد لشرط والرّكون يشمل الموافقة الصّريحة وظهور الرّضا بوجهٍ يفهم منه إذعان ك ّ صاحبه وإرادة العقد . ( الحكم التّكليفيّ ) : - 2يباح للوليّ وللمرأة الرّجوع عن الرّكون في الخطبة لغرضٍ صحيحٍ ; لنّه مقدّمة للزّواج الّذي هو عقد عمريّ يدوم ضرره ،فكان لها الحتياط لنفسها ،والنّظر في حظّها ،والوليّ ض صحيحٍ فهو مكروه لما فيه من قائم مقامها في ذلك .أمّا الرّجوع عن الرّكون بل غر ٍ إخلف الوعد ،والرّجوع عن القول ،ولم يحرم لنّ الحقّ لم يلزم بعد ،كمن ساوم لسلع ٍة ثمّ بدا له أن ل يبيعها .وفي المسألة تفصيل ينظر في مصطلح ( :خطبة ج 19ص ) 195 رماد
التّعريف - 1الرّماد في اللّغة :دقاق الفحم من حراقة النّار ،والجمع :أرمدة وأرمداء ،وأصل المادّة ينبئ عن الهلك والمحق ،يقال :رمد رمدًا ورمادةً ورمودةً :هلك ،ولم تبق فيه بقيّة ،قال اللّه تعالى { :مثل الّذين كفروا بربّهم أعمالهم كرما ٍد اشتدّت به الرّيح في يومٍ عاصفٍ } . ضرب اللّه مثلًا لعمال الكفّار في أنّه يمحقها كما تمحق الرّيح الشّديدة الرّماد في يومٍ عاصفٍ .ويقال :فلن " عظيم الرّماد " ،كنايةً عن الكرم ،كما ورد في الحديث .والرّماد في الصطلح يستعمل في المعنى اللّغويّ نفسه ،وهو ما بقي بعد احتراق الشّيء . ( اللفاظ ذات الصّلة ) ( :التّراب والصّعيد ) : - 2التّراب ما نعم من أديم الرض ،وهو اسم جنسٍ ،والطّائفة منه تربة ،وهي ظاهر الرض ،وجمع التّراب أتربة وتربان .والصّعيد وجه الرض ترابًا كان أو غيره ،قال ن الصّعيد في قوله تعالى { :فتيمّموا صعيدًا ط ّيبًا } هو الزهريّ :ومذهب أكثر العلماء أ ّ التّراب الطّاهر الّذي على وجه الرض . الحكام المتعلّقة بالرّماد :طهارة الرّماد : ن الرّماد الحاصل من احتراق الشّيء الطّاهر طاهر ما لم - 3ل خلف بين الفقهاء في أ ّ ن حرق الشّيء ل ينجّسه ،بل هو سبب التّطهير عند بعض الفقهاء ،وقد تعتره النّجاسة ; ل ّ ثبت في الحديث أنّه { لمّا جرح وجه النّبيّ صلى ال عليه وسلم يوم أحدٍ ،أخذت فاطمة رضي ال عنها حصيرًا فأحرقته حتّى صار رمادًا ،ثمّ ألزقته فاستمسك الدّم } .مع { منعه س بعد صلى ال عليه وسلم عن التّداوي بالنّجس والحرام } .أمّا الرّماد الحاصل من أصلٍ نج ٍ احتراقه فاختلفوا فيه :فذهب أبو حنيفة ومحمّد وهو المفتى به عند الحنفيّة والمختار المعتمد عند اللّخميّ والتّونسيّ وابن رشدٍ من المالكيّة وخلف الظّاهر عند الحنابلة إلى أنّ الرّماد الحاصل من احتراق شيءٍ نجسٍ أو متنجّسٍ طاهر ،والحرق كالغسل في التّطهير .قال في ال ّدرّ ( :وإلّ لزم نجاسة الخبز في سائر المصار ) أي لنّه كان يخبز بالرّوث النّجس ، ويعلق به شيء من الرّماد ،ومثله ما ذكره الحطّاب .ولنّ النّار تأكل ما فيه من النّجاسة ، أو تحيله إلى شي ٍء آخر ،فيطهر بالستحالة والنقلب ،كالخمر إذا تخلّلت .وعلى ذلك ح الصّلة به قبل غسل فالمخبوز بالرّوث النّجس طاهر ولو تعلّق به شيء من رماده ،وتص ّ الفم من أكله ،ويجوز حمله في الصّلة ،كما ذكره الدّسوقيّ .وذهب الشّافعيّة ،وهو ظاهر ن الرّماد المذهب عند الحنابلة ومقابل المعتمد عند المالكيّة وقول أبي يوسف من الحنفيّة إلى أ ّ ن أجزاء النّجاسة قائمة ،والحراق ل يجعل ما يتخلّف الحاصل من احتراق النّجس نجس ; ل ّ
منه شيئًا آخر ،فل تثبت الطّهارة مع بقاء العين النّجسة .قال البهوتيّ :ل تطهر نجاسة باستحالةٍ ،ول بنارٍ ،فالرّماد من الرّوث النّجس نجس . التّيمّم بالرّماد : - 4الصل في مشروعيّة التّيمّم قوله تعالى { :فتيمّموا صعيدًا ط ّيبًا } قال الحنفيّة ( عدا أبي يوسف ) والمالكيّة :الصّعيد ما صعد أي ظهر من أجزاء الرض ،فهو ظاهر الرض ، ل ما هو من جنس الرض ،كما يؤيّده حديث { :جعلت لي الرض مسجدًا فيجوز التّيمّم بك ّ ل ما يحترق بالنّار فيصير رمادًا ،كالشّجر والحشيش فليس من جنس وطهورًا } .وك ّ الرض .وقال الشّافعيّة والحنابلة :الصّعيد هو التّراب ،كما نقل عن ابن عبّاسٍ قال : طيّب :الطّاهر ) والمراد بالحرث أرض الزّراعة ،وعلى ( الصّعيد :تراب الحرث ،وال ّ ذلك فل يجوز التّيمّم بالرّماد ولو كان طاهرًا عند جميع الفقهاء ; لنّه ليس بترابٍ ول من جنس الرض .وذهب جمهور الفقهاء ( المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ) إلى أنّه إن دقّ الخزف أو الطّين المحرق لم يجز التّيمّم به كذلك ،كما ل يجوز التّيمّم بأجزاء الرض المحروقة لنّ الطّبخ أخرجها عن أن يقع عليها اسم التّراب .وقال الحنفيّة :إذا أحرق تراب الرض من ن المتغيّر لون التّراب ل ذاته ،كما صرّحوا غير مخالطٍ حتّى صار أسود جاز التّيمّم به ،ل ّ بأنّ الرّماد إذا كان من الحطب ل يجوز به التّيمّم ،وإن كان من الحجر يجوز . ماليّة الرّماد وتقوّمه : - 5المال ما يميل إليه الطّبع ،ويجري فيه البذل والمنع ،والمتقوّم ما يباح النتفاع به شرعًا ل طاهرٍ ذي نف ٍع غير مح ّرمٍ شرعًا مال عند الفقهاء ،وهو متقوّم بتعبير الحنفيّة .وعلى .وك ّ ح بيعه وشراؤه عند الفقهاء ،لنّه ممّا يباح النتفاع به ذلك فالرّماد الطّاهر مال متقوّم يص ّ شرعًا ،وقد ثبت النتفاع به في التّداوي في حديث فاطمة رضي ال عنها المتقدّم ف . فالعرف جارٍ على استعماله خالصًا ومخلوطًا بإلقائه في الرض لستكثار الرّيع في الزّراعة ،ونحوها .ولم يرد النّصّ بالنّهي عن استعماله ،فكان متموّلًا منتفعًا به عند النّاس يجوز بيعه وشراؤه .كذلك الرّماد الحاصل من حرق النّجس أو المتنجّس عند من يقول بطهارته وهم الحنفيّة وبعض المالكيّة ،وهو رواية عند الحنابلة ،فإنّ الرّماد الحاصل من احتراق النّجس طاهر يجوز النتفاع به عندهم .أمّا من يقول ببقائه نجسًا ،وهم الشّافعيّة ومن معهم فيختلف حكمه باختلف أصل الرّماد .فإن كان أصل الرّماد قبل احتراقه نجسًا بحيث ل يعتبر مالًا متق ّومًا في الشّرع ،كالخمر والخنزير ،والميتة والدّم المسفوح ،ورجيع الدميّ ونحوها ،وكالكلب والحشرات عند أكثر الفقهاء ،وسباع البهائم الّتي ل نفع فيها عند
البعض مع تفصيلٍ فيها ،فما يتخلّف من حرق هذه الشياء من الرّماد باقٍ على حاله من النّجاسة ،فل يعتبر مالًا متق ّومًا عندهم لنّ المتخلّف من النّجاسة جزء منها ،والحرق ل يجعله شيئًا آخر .قال الدّردير :النّجاسة إذا تغيّرت أعراضها ل تتغيّر عن الحكم الّذي كانت عليه عملًا بالستصحاب ( .ر :بيع منهيّ عنه ف . ) 12 - 7 رمضان . التّعريف - 1رمضان اسم للشّهر المعروف ،قيل في تسميته :إنّهم لمّا نقلوا أسماء الشّهور من اللّغة القديمة سمّوها بالزمنة الّتي وقعت فيها ،فوافق هذا الشّهر أيّام رمض الحرّ ،فسمّي بذلك . ثبوت شهر رمضان : - 2يثبت شهر رمضان برؤية هلله ،فإن تعذّرت يثبت بإكمال عدّة شعبان ثلثين يومًا . واختلف الفقهاء في أقلّ من تثبت الرّؤية بشهادتهم .فذهب الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ،إلى ل واحدٍ .وقيّد الحنفيّة اعتبار رؤية عدلٍ واحدٍ بكون السّماء ثبوت شهر رمضان برؤية عد ٍ غير مصحيةٍ ،بأن يكون فيها علّة من غيمٍ أو غبارٍ ،أمّا إذا لم يكن في السّماء علّة فل تثبت الرّؤية إلّ بشهادة جمعٍ يقع العلم بخبرهم .واستدلّ القائلون بثبوت الشّهر برؤية العدل ، بحديث عبد اللّه بن عمر -رضي ال عنهما -قال { :تراءى النّاس الهلل ،فأخبرت النّبيّ صلى ال عليه وسلم أنّي رأيته فصامه ،وأمر النّاس بصيامه } .واستدلّوا كذلك بحديث ابن ي صلى ال عليه وسلم فقال :إنّي رأيت عبّاسٍ رضي ال عنهما قال { :جاء أعرابيّ إلى النّب ّ ن محمّدًا رسول اللّه ؟ قال الهلل -يعني رمضان -قال :أتشهد أن ل إله إلّ اللّه ؟ أتشهد أ ّ :نعم .قال :يا بلل ،أذّن في النّاس أن يصوموا غدًا } .وذهب المالكيّة وهو قول عند الشّافعيّة :إلى أنّه ل يثبت شهر رمضان إلّ برؤية عدلين واستدلّوا بحديث الحسين بن ن أمير مكّة -الحارث بن حاطبٍ -قال :عهد إلينا رسول اللّه ي قال { :إ ّ الحارث الجدل ّ صلى ال عليه وسلم أن ننسك للرّؤية ،فإن لم نره وشهد شاهدا عدلٍ نسكنا بشهادتهما } . والخبار برؤية هلل رمضان متردّد بين كونه روايةً أو شهادةً ،فمن اعتبره روايةً وهم الحنفيّة والحنابلة وهو قول عند الشّافعيّة قبل فيه قول المرأة .ومن اعتبره شهاد ًة وهم المالكيّة وهو الصحّ عند الشّافعيّة لم يقبل فيه قول المرأة .فإن لم تمكن رؤية الهلل وجب استكمال عدّة شعبان ثلثين يومًا ،وهو قول الجمهور -الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة ورواية ن النّبيّ صلى ال س -رضي ال عنهما -أ ّ في مذهب الحنابلة -واستدلّوا بحديث ابن عبّا ٍ عليه وسلم قال { :صوموا لرؤيته ،وأفطروا لرؤيته ،فإن حال بينكم وبينه سحابة ،فأكملوا العدّة ول تستقبلوا الشّهر استقبالًا } .وفي رواي ٍة { :ل تصوموا قبل رمضان ،صوموا
للرّؤية وأفطروا للرّؤية ،فإن حالت دونه غياية فأكملوا ثلثين } .وفي رواي ٍة أخرى هي المذهب عند الحنابلة أنّه إذا كانت السّماء مصحي ًة ولم ير الهلل ليلة الثّلثين أكملت عدّة شعبان ثلثين يومًا ،فإذا كان في السّماء قتر أو غيم ولم ير الهلل ،قدّر شعبان تسعةً شكّ ) احتياطًا بنيّة رمضان ،واستدلّوا بحديث وعشرين يومًا ،وصيم يوم الثّلثين ( يوم ال ّ ابن عمر -رضي ال عنهما -قال :سمعت رسول اللّه صلى ال عليه وسلم يقول { :إذا رأيتموه فصوموا ،وإذا رأيتموه فأفطروا ،فإن غمّ عليكم فاقدروا له } وفسّروا قوله : { فاقدروا له } أي ضيّقوا له ،وهو أن يجعل شعبان تسعةً وعشرين يومًا .وجمهور الفقهاء ل بالرّؤية . على عدم اعتبار الحساب في إثبات شهر رمضان ،بنا ًء على أنّنا لم نتعبّد إ ّ وخالف في هذا بعض الشّافعيّة .وانظر التّفصيل في مصطلح ( :رؤية الهلل ،وتنجيم ) . اختلف مطالع هلل رمضان : - 3ذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة وهو قول عند الشّافعيّة :إلى عدم اعتبار اختلف المطالع في إثبات شهر رمضان ،فإذا ثبت رؤية هلل رمضان في بلدٍ لزم الصّوم جميع المسلمين في جميع البلد ،وذلك لقوله صلى ال عليه وسلم { :صوموا لرؤيته } وهو ح عند الشّافعيّة اعتبار اختلف المطالع ،وتفصيل ذلك في خطاب للمّة كافّةً .والص ّ مصطلحي ( :رؤية الهلل ،ومطالع ) . - 4واتّفق الفقهاء على اعتبار شهادة عدلين في رؤية هلل شوّالٍ ،وبه ينتهي رمضان ، ل أبو ثورٍ ،فقال :يقبل قول الواحد .ودليل اعتبار شهادة العدلين حديث ولم يخالف في هذا إ ّ ل واحدٍ على ابن عمر رضي ال عنهما عن النّبيّ صلى ال عليه وسلم { أنّه أجاز شهادة رج ٍ ل بشهادة رجلين } . رؤية الهلل -هلل رمضان -وكان ل يجيز على شهادة الفطار إ ّ وقياسًا على باقي الشّهادات الّتي ليست مالًا ،ول يقصد منها المال ،كالقصاص والّتي يطّلع عليها الرّجال غالبًا ،ولنّها شهادة على هللٍ ل يدخل بها في العبادة ،فلم تقبل فيها إلّ شهادة اثنين كسائر الشّهود . خصائص شهر رمضان :يختصّ شهر رمضان عن غيره من الشّهور بجمل ٍة من الحكام والفضائل :الولى :نزول القرآن فيه : - 5نزل القرآن جملةً واحدةً من اللّوح المحفوظ إلى بيت العزّة في السّماء الدّنيا ،وذلك في شهر رمضان ،وفي ليلة القدر منه على التّعيين .ثمّ نزل مفصّلًا بحسب الوقائع في ثلثٍ وعشرين سنةً .كما ورد في القرآن الكريم { :شهر رمضان الّذي أنزل فيه القرآن هدًى ت من الهدى والفرقان } وقوله سبحانه تعالى { :إنّا أنزلناه في ليلة القدر } .وقد للنّاس وبيّنا ٍ
جاء في التّفسير عن مجاهدٍ -رضي ال عنه -قوله { :ليلة القدر خير من ألف شهرٍ } ، ليس في تلك الشّهور ليلة القدر » .وورد مثله عن قتادة والشّافعيّ وغيرهما ،وهو اختيار ابن جريرٍ وابن كثيرٍ .الثّانية :وجوب صومه : - 6صوم رمضان أحد أركان السلم الخمسة كما جاء في حديث ابن عمر -رضي ال س :شهادة أن ل إله إلّ ن النّبيّ صلى ال عليه وسلم قال { :بني السلم على خم ٍ عنهما -أ ّ اللّه ،وأنّ مح ّمدًا رسول اللّه ،وإقام الصّلة ،وإيتاء الزّكاة ،وحجّ البيت ،وصوم ل الكتاب الكريم على وجوب صومه ،كما في قوله تعالى { :يا أيّها الّذين رمضان } .ود ّ آمنوا كتب عليكم الصّيام كما كتب على الّذين من قبلكم لعلّكم تتّقون } وقوله تعالى { :شهر رمضان الّذي أنزل فيه القرآن هدًى للنّاس وبيّناتٍ من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشّهر فليصمه } .الية .وفرضيّة صومه ممّا أجمعت عليه المّة .وينظر التّفصيل في مصطلح : ( صوم ) .الثّالثة :فضل الصّدقة فيه : ن الصّدقة في رمضان أفضل من غيره من الشّهور ،من ذلك حديث سنّة على أ ّ - 7دلّت ال ّ ابن عبّاسٍ قال { :كان النّبيّ صلى ال عليه وسلم أجود النّاس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ،وكان جبريل عليه السلم يلقاه كلّ ليل ٍة في رمضان حتّى ينسلخ ،يعرض عليه النّبيّ صلى ال عليه وسلم القرآن ،فإذا لقيه جبريل عليه السلم كان أجود بالخير من الرّيح المرسلة } .قال ابن حجرٍ والجود في الشّرع إعطاء ما ينبغي لمن ن نعم اللّه على عباده فيه ينبغي ،وهو أعمّ من الصّدقة ،وأيضًا رمضان موسم الخيرات ،ل ّ ي صلى ال عليه وسلم يؤثر متابعة سنّة اللّه في عباده .الرّابعة : زائدة على غيره ،فكان النّب ّ ن ليلة القدر في رمضان : أّ - 8فضّل اللّه تعالى رمضان بليلة القدر ،وفي بيان منزلة هذه اللّيلة المباركة نزلت سورة القدر ووردت أحاديث كثيرة منها :حديث أبي هريرة -رضي ال عنه -قال :قال رسول اللّه صلى ال عليه وسلم { :أتاكم رمضان شهر مبارك فرض اللّه عزّ وجلّ عليكم صيامه ، ل فيه مردة الشّياطين ،للّه فيه ليلة تفتح فيه أبواب السّماء ،وتغلق فيه أبواب الجحيم ،وتغ ّ خير من ألف شهرٍ ،من حرم خيرها فقد حرم } .وحديث أبي هريرة -رضي ال عنه - قال :قال رسول اللّه صلى ال عليه وسلم { :من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدّم من ذنبه } » .وينظر التّفصيل في مصطلح ( :ليلة القدر ) .الخامسة :صلة التّراويح : ن المراد بقيام - 9أجمع المسلمون على س ّنيّة قيام ليالي رمضان ،وقد ذكر النّوويّ أ ّ رمضان صلة التّراويح يعني أنّه يحصل المقصود من القيام بصلة التّراويح .وقد جاء في
فضل قيام ليالي رمضان قوله صلى ال عليه وسلم { :من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدّم من ذنبه } .وينظر التّفصيل في مصطلح ( :إحياء اللّيل ) ومصطلح ( :صلة التّراويح ) .السّادسة :العتكاف فيه : ن العتكاف في العشر الواخر من رمضان سنّة مؤكّدة ،لمواظبة - 10ذهب الفقهاء إلى أ ّ ن النّبيّ النّبيّ صلى ال عليه وسلم عليه ،كما جاء في حديث عائشة -رضي ال عنها { -أ ّ صلى ال عليه وسلم كان يعتكف العشر الواخر من رمضان حتّى توفّاه اللّه تعالى ،ثمّ ن رسول اللّه اعتكف أزواجه من بعده } .وفي حديث أبي سعيدٍ الخدريّ رضي ال عنه { أ ّ صلى ال عليه وسلم كان يعتكف في العشر الوسط من رمضان ،فاعتكف عامًا حتّى إذا كان ليلة إحدى وعشرين وهي اللّيلة الّتي يخرج من صبيحتها من اعتكافه قال :من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الواخر } .الحديث .ويراجع التّفصيل في مصطلح : ( اعتكاف . ) 207 5السّابعة :قراءة القرآن الكريم في رمضان والذّكر : ب في رمضان استحبابًا مؤ ّكدًا مدارسة القرآن وكثرة تلوته ،وتكون مدارسة - 11يستح ّ ن جبريل كان يلقى النّبيّ القرآن بأن يقرأ على غيره ويقرأ غيره عليه ،ودليل الستحباب { أ ّ ل ليل ٍة من رمضان فيدارسه القرآن } .وقراءة القرآن مستحبّة صلى ال عليه وسلم في ك ّ مطلقًا ،ولكنّها في رمضان آكد .الثّامنة :مضاعفة ثواب العمال الصّالحة في رمضان : س المتقدّم ; لنّه أفضل الشّهور ; - 12تتأكّد الصّدقة في شهر رمضان ،لحديث ابن عبّا ٍ ن النّاس فيه مشغولون بالطّاعة فل يتفرّغون لمكاسبهم ،فتكون الحاجة فيه أشدّ ، ول ّ ولتضاعف الحسنات به .قال إبراهيم :تسبيحة في رمضان خير من ألف تسبيح ٍة فيما سواه .التّاسعة :تفطير الصّائم : - 13لحديث زيد بن خال ٍد الجهنيّ رضي ال عنه قال :قال رسول اللّه صلى ال عليه وسلم { :من فطّر صائمًا كان له مثل أجره ،غير أنّه ل ينقص من أجر الصّائم شيئًا } .العاشرة :فضل العمرة في رمضان : - 14العمرة في رمضان أفضل من غيره من الشّهور لحديث ابن عبّاسٍ قال :قال رسول اللّه صلى ال عليه وسلم { :عمرة في رمضان تعدل حجّةً } . ترك التّكسّب في رمضان للتّفرّغ للعبادة : - 15ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ الكتساب فرض للمحتاج إليه بقدر ما ل بدّ منه .واختلف الفقهاء أيّهما أفضل :الشتغال بالكسب أفضل ،أم التّفرّغ للعبادة ؟ .فذهب البعض إلى أنّ الشتغال بالكسب أفضل ; لنّ منفعة الكتساب أع ّم ،فمن اشتغل بالزّراعة -مثلًا -ع ّم نفع عمله جماعة المسلمين ،ومن اشتغل بالعبادة نفع نفسه فقط .وبالكسب يتمكّن من أداء أنواع
ج والصّدقة وبرّ الوالدين وصلة الرحام والحسان إلى القارب الطّاعات كالجهاد والح ّ والجانب ،وفي التّفرّغ للعبادة ل يتمكّن إلّ من أداء بعض النواع كالصّوم والصّلة .ومن ذهب إلى أنّ الشتغال بالعبادة أفضل احتجّ بأنّ النبياء والرّسل عليهم الصلة والسلم ما اشتغلوا بالكسب في عامّة الوقات ،وكان اشتغالهم بالعبادة أكثر ،فيدلّ هذا على أفضليّة الشتغال بالعبادة ; لنّهم عليهم الصلة والسلم كانوا يختارون لنفسهم أعلى الدّرجات . وعليه فمن ملك ما يكفي حاجته في رمضان كان الفضل في حقّه التّفرّغ للعبادة طلبًا للفضل في هذا الشّهر ،وإلّ كان الفضل في حقّه التّكسّب حتّى ل يترك ما افترض عليه من تحصيل ما ل بدّ منه .وقد أخرج أحمد في مسنده عن وهب بن جابرٍ الخيوانيّ قال :شهدت عبد اللّه بن عمرٍو في بيت المقدس وأتاه مولًى له فقال :إنّي أريد أن أقيم هذا الشّهر هاهنا - يعني رمضان -قال له عبد اللّه :هل تركت لهلك ما يقوتهم ؟ قال :ل ،قال :أما ل ، فارجع فدع لهم ما يقوتهم ،فإنّي سمعت رسول اللّه صلى ال عليه وسلم يقول { :كفى بالمرء إثمًا أن يضيّع من يقوت } وقد ترجم الخطيب في كتابه الجامع لخلق الرّاوي وآداب السّامع لهذا الحديث بقوله :ذكر ما يجب على طالب الحديث من الحتراف للعيال واكتساب الحلل .وانظر مصطلح ( :اكتساب ) . رمق ) التّعريف - 1الرّمق :لغ ًة بقيّة الرّوح ،وقال بعضهم :إنّه القوّة ،وقيل :هو آخر النّفس ،وفي الحديث عن عبد اللّه بن مسعودٍ :أتيت أبا جهلٍ وبه رمق .ورمقه يرمقه رمقًا :أي أطال النّظر إليه ،والرّمقة القليل من العيش الّذي يمسك الرّمق ،وعيش مرمق أي قليل ،وأرمق ش في رماقٍ ،ويطلق العيش أي ضعف ،ومن كلمهم :موت ل يجرّ إلى عا ٍر خير من عي ٍ الرّمق على القوّة ومنه قولهم :يأكل المضطرّ من لحم الميتة ما يسدّ به رمقه أي ما يمسك به ل الرّمق .ول يختلف معناه الصطلحيّ عن قوّته ويحفظها ،والمرامق :الّذي لم يبق فيه إ ّ معناه اللّغويّ . الحكام المتعلّقة بالرّمق : أ -التّوبة في الرّمق الخير : - 2بحث الفقهاء حكم توبة من كان في الرّمق الخير من حياته .فذهب جمهورهم إلى أنّه ل تقبل توبة من حضره الموت ،وشاهد الحوال الّتي ل يمكن معها الرّجوع إلى الدّنيا ، ن من ن تلك الحالة أشبه شي ٍء بالخرة .ول ّ وعاين ملك الموت وانقطع حبل الرّجاء منه ; ل ّ
ل يعود ،وذلك إنّما يتحقّق مع تمكّن التّائب من الذّنب وبقاء أوان شروط التّوبة عزمه على أ ّ سيّئات حتّى إذا حضر أحدهم الختيار .قال اللّه تعالى { :وليست التّوبة للّذين يعملون ال ّ الموت قال إنّي تبت الن ول الّذين يموتون وهم كفّار } .وقال صلى ال عليه وسلم { :إنّ اللّه عزّ وجلّ يقبل توبة العبد ما لم يغرغر } .وقال بعضهم :تصلح توبته في هذا الوقت ن الرّجاء باقٍ ويصحّ منه النّدم والعزم على ترك الفعل لقوله تعالى { :وهو الّذي يقبل لّ التّوبة عن عباده } الية والتّفاصيل في مصطلح ( توبة ،إياس ) ب -القود على من قتل شخصًا في الرّمق الخير : ص ،فأوصل إنسانًا إلى حركة مذبوحٍ بأن - 3اتّفق الفقهاء على أنّه لو وجدت جناية من شخ ٍ لم يبق له إبصار ونطق وحركة اختياريّة ،ثمّ جنى عليه آخر بفع ٍل مزهقٍ ،فالقاتل هو الوّل ،ويعزّر الثّاني لنّه اعتدى على حرمة الميّت ،وإن جنى الثّاني قبل وصول المجنيّ عليه ل مزهقٍ كحزّ رقب ٍة ،فالقاتل هو الثّاني ،وعلى الوّل قصاص العضو إلى حركة المذبوح بفع ٍ أو ديته .وأنّه لو كان جرح الوّل يفضي إلى الموت ل محالة إلّ أنّه لم يصل إلى الرّمق الخير ،ولم يخرج من الحياة المستقرّة ،فضرب الثّاني عنقه ،فالقاتل هو الثّاني أيضًا لنّه فوّت حيا ًة مستقرّةً ،بدليل :أنّ عمر رضي ال عنه لمّا جرح دخل عليه الطّبيب فسقاه لبنًا فخرج صلدًا أبيض ( أي ينصبّ ) فعلم الطّبيب أنّه ميّت فقال :اعهد إلى النّاس ،فعهد إليهم وأوصى وجعل الخلفة إلى أهل الشّورى ،فقبل الصّحابة رضي ال عنهم عهده وأجمعوا على قبول وصاياه .أمّا لو كان وصول المجنيّ عليه إلى الرّمق الخير بسبب مرضٍ ل ح ،أو بدت عليه مخايل الموت ، بسبب جنايةٍ ،بأن كان في حالة النّزع وعيشه عيش مذبو ٍ ع بها أو قتل مريضًا ل يرجى برؤه ،وجب القصاص على القاتل لنّ هذه المور غير مقطو ٍ ن المريض لم يسبق فيه فعل يحال القتل وأحكامه عليه حتّى ،وقد يظنّ ذلك ثمّ يشفى .ول ّ يهدر الفعل الثّاني .والتّفاصيل في مصطلح ( :قصاص ،دية ،وقتل ) ج -سدّ الرّمق بأكل ما هو محرّم : - 4أجمع الفقهاء على أنّ للمضطرّ أن يأكل من لحم الميتة والخنزير وغيرهما من المحرّمات ما يسدّ به رمقه ،ويحفظ به قوّته وصحّته وحياته لقوله تعالى { :إنّما حرّم عليكم ل به لغير اللّه فمن اضطرّ غير باغٍ ول عادٍ فل إثم عليه الميتة والدّم ولحم الخنزير وما أه ّ ل لغير ن اللّه غفور رحيم } وقوله تعالى { :حرّمت عليكم الميتة والدّم ولحم الخنزير وما أه ّ إّ اللّه به والمنخنقة والموقوذة والمتردّية والنّطيحة وما أكل السّبع إلّ ما ذكّيتم } -إلى أن قال ن اللّه غفور رحيم } واختلفوا في وجوب { -فمن اضطرّ في مخمصة غير متجانفٍ لثمٍ فإ ّ
أكل هذه المحرّمات على من خاف على نفسه موتًا أو ضررًا كبيرًا من عدم الكل ،كما اختلفوا في القدر الّذي يأكل منه هل يكتفي بسدّ الرّمق أم يشبع منه ،وهل هناك فرق بين المسافر والمقيم أم ل ؟ وتفاصيل ذلك في مصطلح ( :ضرورة ) . د -ذبح الحيوان الّذي وصل إلى الرّمق الخير : - 5الحياة المستقرّة عند الذّبح شرط لحلّ أكل المذبوح سواء كانت هذه الحياة حقيقّيةً أو مظنونةً بعلماتٍ وقرائن .فإن مرض الحيوان أو جاع فذبح وقد صار في آخر رمقٍ من ل أكله لنّه لم يوجد سبب يحال عليه الهلك ،ولو مرض بأكل نباتٍ مضرّ حتّى الحياة ح ّ صار في آخر رمقٍ فذبحه لم يحلّ أكله لكون هذا سببًا يحال عليه الهلك .وتفاصيل ذلك في مصطلح ( :ذبائح ) . رمل التّعريف - 1الرّمل -بتحريك الميم : -الهرولة .رمل يرمل رملًا ورملنًا .كما في القاموس ن لمعنى الرّمل قول صاحب النّهاية :رمل يرمل رملًا ورملنًا :إذا وغيره .وأحسن بيا ٍ أسرع في المشي وه ّز كتفيه » ( .الحكم التّكليفيّ ) : ن في الشواط الثّلثة الولى من كلّ طوافٍ بعده - 2الرّمل سنّة من سنن الطّواف ،يس ّ سعي ،وعليه جمهور الفقهاء ،وس ّنيّة الرّمل هذه خاصّة بالرّجال فقط دون النّساء .انظر مصطلح ( :طواف ) . رمي رمي التّعريف - 1الرّمي لغ ًة :يطلق بمعنى القذف ،وبمعنى اللقاء ،يقال :رميت الشّيء وبالشّيء ،إذا قذفته ،ورميت الشّيء من يدي أي :ألقيته فارتمى ،ورمى بالشّيء أيضًا ألقاه ،كأرمى ، يقال :أرمى الفرس براكبه إذا ألقاه .ورمى السّهم عن القوس وعليها ،ل بها ،رميًا ورمايةً .ول يقال :رميت بالقوس إلّ إذا ألقيتها من يدك ،ومنهم من يجعله بمعنى رميت عنها . ورمى فلن فلنًا ،أي قذفه بالفاحشة كما في قوله تعالى { :والّذين يرمون المحصنات } . الرّمي اصطلحًا :
- 2استعمل الفقهاء الرّمي في المعاني اللّغويّة السّابقة ومنها رمي الجمار الّذي هو منسك ج .والرّمي بالسّهام ونحوها ،والرّمي بمعنى القذف ( .أوّلًا ) رمي واجب من مناسك الح ّ الجمار - 3رمي الجمار ،هو رمي الحصيات المعيّنة العدد في الماكن الخاصّة بالرّمي في منًى ( الجمرات ) .وليست الجمرة هي الشّاخص ( العمود ) الّذي يوجد في منتصف المرمى ،بل الجمرة هي المرمى المحيط بذلك الشّاخص ،فليتنبّه لذلك . - 4والجمرات الّتي ترمى ثلثة ،هي : أ -الجمرة الولى :وتسمّى الصّغرى ،أو الدّنيا ،وهي أوّل جمرةٍ بعد مسجد الخيف بمنًى ،سمّيت " دنيا " من الدّنوّ ; لنّها أقرب الجمرات إلى مسجد الخيف . ب -الجمرة الثّانية :وتسمّى الوسطى ،بعد الجمرة الولى ،وقبل جمرة العقبة . ج -جمرة العقبة :وهي الثّالثة ،وتسمّى أيضًا " الجمرة الكبرى " وتقع في آخر منًى تجاه مكّة ،وليست من منًى ( .ر :منًى ) .وترمى هذه الجمرات كلّها من جميع الجهات . الحكم التّكليفيّ لرمي الجمار : ج ف 165 - 153 ج(.ر:حّ - 5اتّفق الفقهاء على أنّ رمي الجمار واجب من واجبات الح ّ
سنّة فالحاديث كثيرة منها :حديث عبد اللّه سنّة والجماع .أمّا ال ّ ) .واستدلّوا على ذلك بال ّ بن عمرو بن العاص { أنّ رسول اللّه صلى ال عليه وسلم وقف في حجّة الوداع بمنًى للنّاس يسألونه ،فجاءه رجل فقال :لم أشعر ،فحلقت قبل أن أذبح ؟ قال :اذبح ول حرج فجاء آخر فقال :لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي ؟ قال :ارم ول حرج } الحديث ،فقد أمر بالرّمي ،والمر للوجوب .وكذلك فعله صلى ال عليه وسلم وقد ثبت عنه في الحاديث الكثيرة ن المّة الصّحيحة ،وقد قال { :خذوا عنّي مناسككم } .وأمّا الجماع :فقول الكاسانيّ :إ ّ أجمعت على وجوبه ،فيكون واجبًا .وما روي عن الزّهريّ من أنّه ركن من أركان الحجّ فهو قول شاذّ مخالف لجماع من قبله ،وقد بيّن العلماء بطلنه . شروط صحّة رمي الجمار : - 6يشترط لصحّة رمي الجمار شروط هي : ج :لنّه شرط لصحّة كلّ أعمال الحجّ . أ -سبق الحرام بالح ّ ج ،والرّمي مرتّب عليه . ب -سبق الوقوف بعرفة :لنّه ركن إذا فات فات الح ّ ج -أن يكون المرميّ حجرًا :فل يصحّ الرّمي بالطّين ،والمعادن ،والتّراب عند الجمهور ح بالمرمر ،وحجر النّورة أي الجصّ قبل طبخه ، ( المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ) ويص ّ ويجزئ حجر الحديد على الصّحيح عند الشّافعيّة لنّه حجر في هذه الحال ،إلّ أنّ فيه حديدًا
كامنًا يستخرج بالعلج ،وفيما يتّخذ منه الفصوص كالفيروزج ،والياقوت ،والعقيق ، والزّمرّد ،والبلّور ،والزّبرجد وجهان عند الشّافعيّة أصحّهما الجزاء لنّها أحجار .وذهب ن الشّرط في المرميّ أن يكون من جنس الرض ،فيصحّ عندهم الرّمي الحنفيّة إلى أ ّ بالتّراب ،والطّين ،والجصّ ،والكحل ،والكبريت ،والزّبرجد ،والزّمرّد ،والبلّور ، والعقيق ،ول يصحّ بالمعادن ،والذّهب ،والفضّة ،واختلفوا في جواز الرّمي بالفيروزج والياقوت :منعه الشّارحون وغيرهم ،بناءً على أنّه يشترط كون الرّمي بالرّمي به استهانةً . وأجازه غيرهم بناءً على نفي ذلك الشتراط .استدلّ الجمهور بما ثبت من فعل النّبيّ صلى ال عليه وسلم كما في حديث جابرٍ { يصف رمي جمرة العقبة :فرماها بسبع حصياتٍ - يكبّر مع كلّ حصا ٍة منها -مثل حصى الخذف } .وبقوله صلى ال عليه وسلم في أحاديث كثير ٍة { :ارموا الجمار بمثل حصى الخذف } وفي عددٍ منها أنّه قال ذلك { وهو واضع أصبعيه إحداهما على الخرى } .قال النّوويّ :فأمر صلى ال عليه وسلم بالحصى ،فل يجوز العدول عنه ،والحاديث المطلقة محمولة على هذا المعنى » .واستدلّ الحنفيّة بالحاديث الواردة في المر بالرّمي مطلقةً عن صف ٍة مقيّدةٍ ،كقوله صلى ال عليه وسلم : { ارم ول حرج } متّفق عليه .قال الكاسانيّ :والرّمي بالحصى من النّبيّ صلى ال عليه وسلم وأصحابه رضي ال عنهم محمول على الفضليّة ،توفيقًا بين الدّلئل ،لما صحّ من مذهب أصحابنا أنّ المطلق ل يحمل على المقيّد ،بل يجري المطلق على إطلقه ،والمقيّد على تقييده ما أمكن ،وهاهنا أمكن بأن يحمل المطلق على الجواز ،والمقيّد على الفضليّة . ن المقصود فعل الرّمي ،وذلك يحصل بالطّين ،كما يحصل بالحجر ، وقال الحنفيّة أيضًا :إ ّ بخلف ما إذا رمى بالذّهب أو الفضّة ; لنّه يسمّى نثرًا ل رميًا .ول يخفى أنّ الحوط في ن أكثر المحقّقين على أنّها أمور تعبّديّة ،ل ذلك مذهب الجمهور ،قال الكمال بن الهمام :إ ّ يشتغل بالمعنى فيها -أي بالعلّة -والحاصل أنّه إمّا أن يلحظ مجرّد الرّمي ،أو مع الستهانة ،أو خصوص ما وقع منه عليه الصلة والسلم ،والوّل يستلزم الجواز بالجواهر ،والثّاني بالبعرة والخشبة الّتي ل قيمة لها ،والثّالث بالحجر خصوصًا ،فليكن هذا ل ما قام دليل على عدم تعيينه أولى ،لكونه أسلم ،ولكونه الصل في أعمال هذه المواطن ،إ ّ .أمّا صفة المرميّ به ،فقد ورد في الحاديث أنّه { مثل حصى الخذف } وحصى الخذف سبّابة هي الّتي يخذف بها ،أي ترمى بها الطّيور والعصافير ،بوضع الحصاة بين أصبعي ال ّ سنّة في الرّمي أن يكون بمثل حصى الخذف ،فوق ن ال ّ والبهام وقذفها .وقد اتّفقوا على أ ّ الحمّصة ،ودون البندقة ،وكرهوا الرّمي بالحجر الكبير ،وأجاز الشّافعيّة -وهو رواية عن سنّة ; لنّه رمي بالحجر أحمد -الرّمي بالحجر الصّغير الّذي كالحمّصة ،مع مخالفته ال ّ
فيجزئه .ولم يجز ذلك المالكيّة ،بل ل بدّ عندهم أن يكون أكبر من ذلك .وقيل :ل يجزئ ل بحصًى كحصى الخذف ،ل أصغر ول أكبر .وهو مرويّ عن أحمد ،ووجهه أنّ الرّمي إ ّ النّبيّ صلى ال عليه وسلم أمر بهذا القدر ،ونهى عن تجاوزه ،والمر يقتضي الوجوب ، والنّهي يقتضي الفساد . د -أن يرمي الجمرة بالحصيات السّبع متفرّقاتٍ :واحدةً فواحد ًة ،فلو رمى حصاتين معًا أو السّبع جملةً ،فهي حصاة واحدة ،ويلزمه أن يرمي بستّ سواها وهو المعتمد في المذاهب . سنّة . ن المنصوص عليه تفريق الفعال فيتقيّد بالتّفريق الوارد في ال ّ والدّليل عليه :أ ّ هـ -وقوع الحصى في الجمرة الّتي يجتمع فيها الحصى :وذلك عند الجمهور ( المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ) قال الشّافعيّ :الجمرة مجتمع الحصى ،ل ما سال من الحصى ،فمن أصاب مجتمعه أجزأه ،ومن أصاب سائله لم يجزه .وتوسّع الحنفيّة فقالوا :لو رماها فوقعت قريبًا من الجمرة يكفيه ; لنّ هذا القدر ممّا ل يمكن الحتراز عنه ،ولو وقعت بعيدًا ل في مكان مخصوصٍ .قال الكاسانيّ :لنّ ما يقرب منها ل يجزيه ; لنّه لم يعرف قربه إ ّ من ذلك المكان كان في حكمه ،لكونه تبعًا له .وأمّا مقدار المسافة القريبة ،فقيل :ثلثة أذرعٍ فما دون ،وقيل :ذراع فأقلّ ،وهو الّذي فسّره به المحقّق كمال الدّين بن الهمام ،وهو أحوط . و -أن يقصد المرمى ويقع الحصى فيه بفعله اتّفاقًا في ذلك :فلو ضرب شخص يده فطارت ح .كذلك لو رمى في الهواء فوقع الحجر في المرمى لم الحصاة إلى المرمى وأصابته لم يص ّ يصحّ .ونصّوا على أنّه لو رمى الحصاة فانصدمت بالرض خارج الجمرة ،أو بمحملٍ في الطّريق أو ثوب إنسانٍ مثلًا ث ّم ارتدّت فوقعت في المرمى اعتدّ بها لوقوعها في المرمى بفعله من غير معاونةٍ .ولو حرّك صاحب المحمل أو الثّوب فنفضها فوقعت في المرمى لم يعتدّ بها .وما قاله بعض المتأخّرين من الشّافعيّة :ليس لها إلّ وجه واحد ،ورمي كثيرين من أعلها باطل ،هو خلف كلم الشّافعيّ نفسه ،ونصّه في المّ :ويرمي جمرة العقبة من ق كثيرٍ في زمن بطن الوادي ،ومن حيث رماها أجزأه .والدّليل على ذلك أنّه ثبت رمي خل ٍ الصّحابة من أعلها ،ولم يأمروهم بالعادة ،ول أعلنوا بالنّداء بذلك في النّاس ،وكأنّ وجه اختياره عليه الصلة والسلم للرّمي من الوادي أنّه يتوقّع الذى لمن في أسفلها إذا رموا من أعلها ،فإنّه ل يخلو من النّاس ،فيصيبهم الحصى .ز -ترتيب الجمرات في رمي أيّام التّشريق :وهو أن يبدأ بالجمرة الصّغرى الّتي تلي مسجد الخيف ،ثمّ الوسطى ،ثمّ جمرة العقبة .وهو مذهب الجمهور ( المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ) فهذا التّرتيب شرط لصحّة الرّمي .فلو عكس التّرتيب فبدأ من العقبة ثمّ الوسطى ثمّ الصّغرى وجب عليه إعادة رمي
ن هذا التّرتيب سنّة ،إذا أخلّ به الوسطى والعقبة عندهم ليتحقّق التّرتيب .ومذهب الحنفيّة أ ّ ن النّبيّ صلى ال عليه وسلم رتّبها يسنّ له العادة .وهو قول الحسن وعطا ٍء .استدلّوا بأ ّ كذلك ،كما ثبت عن { ابن عمر رضي ال عنهما أنّه كان يرمي الجمرة الدّنيا بسبع حصياتٍ ل حصا ٍة ،ثمّ يتقدّم حتّى يسهل ،فيقوم مستقبل القبلة ،فيقوم طويلًا ويدعو يكبّر على إثر ك ّ ويرفع يديه ،ثمّ يرمي الوسطى ،ثمّ يأخذ ذات الشّمال فيستهلّ ويقوم مستقبل القبلة ،فيقوم طويلًا ،ويدعو ،ويرفع يديه ويقوم طويلًا ،ثمّ يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي ول يقف عندها ،ثمّ ينصرف فيقول :هكذا رأيت النّبيّ صلى ال عليه وسلم يفعله } .فاستدلّ به الجمهور على وجوب ترتيب الجمرات ،كما فعله النّبيّ صلى ال عليه وسلم .وفسّره الحنفيّة ل لهم بحديث ابن عبّاسٍ أنّ النّبيّ صلى ال عليه س ّنيّة ،ل الوجوب ،واستد ّ بأنّه على سبيل ال ّ وسلم قال { :من قدّم من نسكه شيئًا أو أخّره فل شيء عليه } . ح ( -الوقت ) :فللرّمي أوقات يشترط مراعاتها ،في رمي العدد الواجب في كلّ منها . تفصيله فيما يلي :وقت الرّمي وعدده : - 7وقت رمي الجمار أربعة أيّامٍ لمن لم يتعجّل هي :يوم النّحر " وثلثة أيّامٍ بعده ،وتسمّى ن لحوم الهدايا تشرّق فيها ،أي تعرّض للشّمس لتجفيفها . " أيّام التّشريق » .سمّيت بذلك ل ّ أ -الرّمي يوم النّحر : - 8يجب في يوم النّحر رمي جمرة العقبة وحدها فقط ،يرميها بسبع حصياتٍ .وأوّل وقت الرّمي ليوم النّحر يبدأ من طلوع فجر يوم النّحر عند الحنفيّة والمالكيّة وفي روايةٍ عن أحمد . وهذا الوقت عندهم أقسام :ما بعد طلوع الفجر من يوم النّحر إلى طلوع الشّمس وقت الجواز مع الساءة ،وما بعد طلوع الشّمس إلى الزّوال وقت مسنون ،وما بعد الزّوال إلى الغروب وقت الجواز بل إساءةٍ ،واللّيل وقت الجواز مع الساءة عند الحنفيّة فقط ول جزاء فيه .أمّا عند المالكيّة فينتهي الوقت بغروب الشّمس ،وما بعده قضاء يلزم فيه الدّم .وتحديد الوقت المسنون مأخوذ من فعل النّبيّ صلى ال عليه وسلم فإنّه رمى في ذلك الوقت .وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ أوّل وقت جواز الرّمي يوم النّحر إذا انتصفت ليلة يوم النّحر لمن وقف بعرفة قبله .وهذا الوقت ثلثة أقسامٍ :وقت فضيلةٍ إلى الزّوال ،ووقت اختيارٍ إلى س { أنّ النّبيّ الغروب ،ووقت جوازٍ إلى آخر أيّام التّشريق .استدلّ الحنفيّة بحديث ابن عبّا ٍ صلى ال عليه وسلم بعثه في الثّقل وقال :ل ترموا الجمرة حتّى تصبحوا } .فأثبتوا جواز الرّمي ابتدا ًء من الفجر بهذا الحديث .وعن ابن عبّاسٍ رضي ال عنهما قال { :كان رسول اللّه صلى ال عليه وسلم يقدّم ضعفاء أهله بغلسٍ ،ويأمرهم يعني ل يرمون الجمرة حتّى
تطلع الشّمس } .فأثبتوا بهذا الحديث الوقت المسنون .واستدلّ الشّافعيّة والحنابلة بحديث عائشة رضي ال عنها { أنّ النّبيّ صلى ال عليه وسلم أرسل بأمّ سلمة ليلة النّحر ،فرمت قبل الفجر ،ثمّ مضت فأفاضت } .وجه الستدلل أنّه علّق الرّمي بما قبل الفجر ،وهو تعبير صالح لجميع اللّيل ،فجعل النّصف ضابطًا له ; لنّه أقرب إلى الحقيقة ممّا قبل النّصف .أمّا آخر وقت الرّمي يوم النّحر فهو عند الحنفيّة إلى فجر اليوم التّالي ،فإذا أخّره عنه بل عذرٍ لزمه القضاء في اليوم التّالي ،وعليه دم للتّأخير ،ويمتدّ وقت القضاء إلى آخر أيّام التّشريق .وعند المالكيّة :آخر وقت الرّمي إلى المغرب ،وما بعده قضاء ،ويجب الدّم إن أخّره إلى المغرب على المشهور عندهم .وآخر وقت الرّمي أدا ًء عند الشّافعيّة والحنابلة يمت ّد إلى آخر أيّام التّشريق ; لنّها كلّها أيّام رميٍ .واستدلّ أبو حنيفة بحديث ابن عبّاسٍ : { أنّه صلى ال عليه وسلم سأله رجل قال :رميت بعدما أمسيت ؟ فقال :ل حرج } . س أيضًا { أنّ النّبيّ صلى ال عليه وسلم رخّص للرّعاة أن يرموا ليلًا } . وحديث ابن عبّا ٍ ل على أنّ وقت الرّمي في اللّيل جائز ،وفائدة الرّخصة زوال الساءة عنهم تيسيرًا وهو يد ّ عليهم ،ولو كان الرّمي واجبًا قبل المغرب للزمهم به ; لنّهم يستطيعون إنابة بعضهم على الرّعي . ب -الرّمي في اليوم الوّل والثّاني من أيّام التّشريق : - 9وهما اليومان الثّاني والثّالث من أيّام النّحر :يجب في هذين اليومين رمي الجمار الثّلث على التّرتيب :يرمي أوّلًا الجمرة الصّغرى الّتي تلي مسجد الخيف ،ثمّ الوسطى ،ثمّ يرمي ل جمرةٍ بسبع حصياتٍ . جمرة العقبة ،يرمي ك ّ - 1يبدأ وقت الرّمي في اليوم الوّل والثّاني من أيّام التّشريق بعد الزّوال ،ول يجوز الرّمي فيهما قبل الزّوال عند جمهور العلماء ،ومنهم الئمّة الربعة على الرّواية المشهورة الظّاهرة ن الفضل أن يرمي في اليوم الثّاني والثّالث -أي عن أبي حنيفة .وروي عن أبي حنيفة أ ّ من أيّام النّحر -بعد الزّوال فإن رمى قبله جاز ،وهو قول بعض الحنابلة .وروى الحسن عن أبي حنيفة :إن كان من قصده أن يتعجّل في النّفر الوّل فل بأس بأن يرمي في اليوم الثّالث قبل الزّوال ،وإن رمى بعده فهو أفضل ،وإن لم يكن ذلك من قصده ل يجوز أن ل بعد الزّوال ،وذلك لدفع الحرج ; لنّه إذا نفر بعد الزّوال ل يصل إلى مكّة إلّ يرمي إ ّ باللّيل فيحرج في تحصيل موضع النّزول .وهذا رواية أيضًا عن أحمد ،لكنّه قال :ينفر بعد الزّوال .استدلّ الجمهور بفعل النّبيّ صلى ال عليه وسلم كما ثبت عنه .فعن ابن عمر رضي ال عنهما قال { :كنّا نتحيّن ،فإذا زالت الشّمس رمينا } .وعن جابرٍ قال { :رأيت النّبيّ صلى ال عليه وسلم رمى الجمرة يوم النّحر ضحًى ،وأمّا بعد ذلك فإذا زالت الشّمس }
.وهذا باب ل يعرف بالقياس ،بل بالتّوقيت من الشّارع ،فل يجوز العدول عنه .واستدلّ ل أيّام نحرٍ ، للرّواية بجواز الرّمي قبل الزّوال بقياس أيّام التّشريق على يوم النّحر ; لنّ الك ّ س ّنيّة .واستدلّ لجواز الرّمي ثاني أيّام ويكون فعله صلى ال عليه وسلم محمولًا على ال ّ التّشريق قبل الزّوال لمن كان من قصده النّفر إلى مكّة بما ذكروا أنّه لرفع الحرج عنه ; لنّه ل باللّيل ،وقد قوّى بعض المتأخّرين من الحنفيّة هذه الرّواية توفيقًا بين الرّوايات ل يصل إ ّ عن أبي حنيفة .والخذ بهذا مناسب لمن خشي الزّحام ودعته إليه الحاجة ،ل سيّما في زمننا . - 2وأمّا نهاية وقت الرّمي في اليوم الوّل والثّاني من أيّام التّشريق :فقد ذهب الشّافعيّة ن آخر الوقت بغروب شمس اليوم الرّابع من أيّام النّحر ،وهو آخر أيّام والحنابلة إلى أ ّ التّشريق الثّلث ،فمن ترك رمي يو ٍم أو يومين تداركه فيما يليه من الزّمن ،والمتدارك أداء على القول الصحّ الّذي اختاره النّوويّ واقتضاه نصّ الشّافعيّة وهكذا لو ترك رمي جمرة ح أنّه يتداركه في اللّيل وفي أيّام التّشريق .ويشترط فيه التّرتيب العقبة يوم العيد فالص ّ فيقدّمه على رمي أيّام التّشريق .كذلك أوجب المالكيّة والحنابلة التّرتيب في القضاء .وصرّح الحنابلة بوجوب ترتيبه في القضاء بال ّنيّة .وإن لم يتدارك الرّمي حتّى غربت شمس اليوم الرّابع فقد فاته الرّمي وعليه الفداء .ودليلهم :أنّ أيّام التّشريق وقت للرّمي ،فإذا أخّره من أوّل وقته إلى آخره لم يلزمه شيء .وأمّا الحنفيّة والمالكيّة فقيّدوا رمي كلّ يومٍ بيومه ،ثمّ فصّلوا :فذهب الحنفيّة إلى أنّه ينتهي رمي اليوم الثّاني من أيّام النّحر بطلوع فجر اليوم الثّالث ،ورمي اليوم الثّالث بطلوع الفجر من اليوم الرّابع .فمن أخّر الرّمي إلى ما بعد وقته فعليه قضاؤه ،وعليه دم عندهم .والدّليل على جواز الرّمي بعد مغرب نهار الرّمي حديث الذن للرّعاء بالرّمي ليلًا .وذهب المالكيّة إلى أنّه ينتهي الداء إلى غروب كلّ يومٍ ،وما بعده قضاء له ،ويفوت الرّمي بغروب الرّابع ،ويلزمه دم في ترك حصاةٍ أو في ترك الجميع ،وكذا يلزمه دم إذا أخّر شيئًا منها إلى اللّيل . ج -الرّمي ثالث أيّام التّشريق : - 10يجب هذا الرّمي على من تأخّر ولم ينفر من منًى بعد رمي ثاني أيّام التّشريق على ما نفصّله وهذا الرّمي آخر مناسك منًى .واتّفق العلماء على أنّ الرّمي في هذا اليوم بعد الزّوال رمي في الوقت ،كما رمى في اليومين قبله ،اقتدا ًء بفعله صلى ال عليه وسلم .واختلفوا ح الرّمي قبل الزّوال ، في جواز تقديمه :فذهب الئمّة الثّلثة والصّاحبان إلى أنّه ل يص ّ استدللًا بفعل النّبيّ صلى ال عليه وسلم وقياسًا لرمي هذا اليوم على اليومين السّابقين ،فكما ح قبل زوال اليوم الخير .وقال أبو حنيفة ل يصحّ الرّمي فيهما قبل الزّوال ،كذلك ل يص ّ
:الوقت المستحبّ للرّمي في هذا اليوم بعد الزّوال ،ويجوز أن يقدّم الرّمي في هذا اليوم قبل الزّوال ،بعد طلوع الفجر .قال في الهداية :ومذهبه مرويّ عن ابن عبّاسٍ رضي ال عنهما ; ولنّه لمّا ظهر أثر التّخفيف في هذا اليوم في حقّ التّرك ،فلن يظهر في جوازه -أي ن آخر وقت الرّمي في هذا اليوم غروب الرّمي -في الوقات كلّها أولى .واتّفقوا على أ ّ ن وقت الرّمي لهذا اليوم ولليّام الماضية لو أخّره أو شيئًا منه الشّمس ،كما اتّفقوا على أ ّ يخرج بغروب شمس اليوم الرّابع ،فل قضاء له بعد ذلك ،ويجب في تركه الفداء .وذلك " لخروج وقت المناسك بغروب شمسه . ( شروط الرّمي ) : 10م -يشترط لصحّة رمي الجمار ما يلي : أ -أن يكون هناك قذف للحصاة ولو خفيفًا .فكيفما حصل أجزأه ،حتّى قال النّوويّ :ول يشترط وقوف الرّامي خارج المرمى ،فلو وقف في طرف المرمى ورمى إلى طرفه الخر ن الرّمي قد وجد بهذا أجزأه » .ولو طرح الحصيات طرحًا أجزأه عند الحنفيّة والحنابلة ; ل ّ الطّرح ،إلّ أنّه رمي خفيف ،فيجزئ مع الساءة .وذهب المالكيّة والشّافعيّة إلى أنّه ل يجزئه الطّرح بتاتًا .أمّا لو وضعها وضعًا فل يصحّ اتّفاقًا ; لنّه ليس برميٍ . ل جمر ٍة ،حتّى لو ترك رمي حصاةٍ واحدةٍ ب -العدد المخصوص :وهو سبع حصياتٍ لك ّ كان كمن ترك السّبع عند المالكيّة ،وعند الجمهور تيسير بقبول صدقةٍ في ترك القليل من الحصيات ،اختلفت فيه اجتهاداتهم ( ر :حجّ ف ) 273 .واجب الرّمي : - 11يجب ترتيب رمي يوم النّحر بحسب ترتيب أعمال يوم النّحر ،وهي هكذا :رمي جمرة العقبة ،فالذّبح ،فالحلق ،فطواف الفاضة ،وذلك عند الجمهور ،خلفًا للشّافعيّة فإنّ ترتيبها سنّة عندهم ،وعند الجمهور تفصيل واختلف في كيفيّة هذا التّرتيب ( انظر مصطلح :حجّ ف ) 196 - 195وسبق الحكم في ترتيب رمي الجمرات الثّلث ( ف ) 6 سنن الرّمي : ن في الرّمي ما يلي : - 12يس ّ ن ما دون أ -أن يكون بين الرّامي وبين الجمرة خمسة أذرعٍ فأكثر ،كما نصّ الحنفيّة ; ل ّ سنّة . ل أنّه مخالف لل ّ ذلك يكون طرحًا ،ولو طرحها طرحًا أجزأه إ ّ ب -الموالة بين الرّميات السّبع ،بحيث ل يزيد الفصل بينها عن الذّكر الوارد . ج -لقط الحصيات دون كسرها ،وله أخذها من منزله بمنًى .
د -طهارة الحصيات ،فيكره الرّمي بحصًى نجسٍ ،ويندب إعادته بطاهرٍ ،وفي وجهٍ اختاره بعض الحنابلة :ل يجزئ الرّمي بنجسٍ ،ويجب إعادته بطاهرٍ ،لكنّ الصّحيح في مذهبهم الجزاء مع الكراهة . هـ -ألّ يكون الحصى ممّا رمي به ،فلو خالف ورمى بها كره ،سواء كان ممّا رمى به هو أو غيره ،وهو مذهب الجمهور .وقال بعض المالكيّة :ل يجزئ ،ومذهب الحنابلة : إن رمى بحجرٍ أخذه من المرمى لم يجزه .استدلّ الجمهور بعموم لفظ الحصى الوارد في الحاديث الواردة في تعليم النّبيّ صلى ال عليه وسلم الرّمي ،وذلك يفيد صحّة الرّمي بما ن { النّبيّ صلى ال عليه وسلم أخذ من غير رمي به ولو أخذ من المرمى .واستدلّ الحنابلة بأ ّ المرمى ،وقال :خذوا عنّي مناسككم } ولنّه لو جاز الرّمي بما رمي به ،لما احتاج أحد إلى أخذ الحصى من غير مكانه ول تكسيره ،والجماع على خلفه . و -التّكبير مع كلّ حصاةٍ ،ويقطع التّلبية مع أوّل حصا ٍة يرمي بها جمرة العقبة يوم النّحر عند الجمهور .وينظر الخلف والتّفصيل في بحث ( :تلبية ) . ز -الوقوف للدّعاء :وذلك إثر كلّ رميٍ بعده رمي آخر ،فيقف بين الرّميّين مدّ ًة ويطيل الوقوف يدعو ،وقدّر ذلك بمدّة ثلثة أرباع الجزء من القرآن ،وأدناه قدر عشرين آيةً . ن أن يقف بعد رمي الجمرة الصّغرى وبعد الوسطى ،لنّه في وسط العبادة ،فيأتي فيس ّ ل رميٍ ليس بعده رمي ل يقف فيه للدّعاء ; لنّ العبادة قد انتهت ،فل يقف بالدّعاء فيه ،وك ّ سنّة فعل بعد رمي جمرة العقبة يوم النّحر ،ول بعد رميها أيّام التّشريق أيضًا .ودليل هذه ال ّ النّبيّ صلى ال عليه وسلم كما ثبت عنه في حديث ابن عمر السّابق . مكروهات الرّمي : - 13يكره في الرّمي ما يلي : أ -الرّمي بعد المغرب في يوم النّحر عند الحنفيّة ،وبعد زواله عند المالكيّة ،قال السّرخسيّ :ففي ظاهر المذهب وقته إلى غروب الشّمس ،ولكنّه لو رمى باللّيل ل يلزمه شيء » . ب -الرّمي بالحجر الكبير ،سواء رمى به كبيرًا ،أو رمى به مكسورًا . ج -الرّمي بحصى المسجد ،فل يأخذه من مسجد الخيف ; لنّ الحصى تابع للمسجد ،فل يخرج منه . د -الرّمي بالحصى النّجس عند الجمهور ،وقيل :ل يجزئ الرّمي بالحصى النّجس . ل جمر ٍة من الجمرات . هـ -الزّيادة على العدد ،أي السّبع ،في رمي ك ّ صفة الرّمي المستحبّة :
- 14يستعدّ الحاجّ لرمي الجمرات فيرفع الحصى قبل الوصول إلى الجمرة ،ويستحبّ أن يرفع من المزدلفة سبع حصياتٍ مثل حصى الخذف ،فوق الحمّصة ودون البندقة ليرمي بها جمرة العقبة في اليوم الوّل من أيّام الرّمي ،وهو يوم عيد النّحر ،وإن رفع سبعين حصاةً من المزدلفة أو من طريق مزدلفة فهو جائز ،وقيل :مستحبّ ،وهذا هو عدد الحصى الّذي ل من عند يرمى في كلّ أيّام الرّمي ،ويجوز أخذ الحصيات من كلّ موضعٍ بل كراهةٍ .إ ّ ن حصى المسجد تابع له فيصير الجمرة ،فإنّه مكروه ،ويكره أخذها من مسجد الخيف ،ل ّ محترمًا ،ويندب غسل الحصى مطلقًا ،ولو لم تكن نجس ًة عند الحنفيّة ،ورواية عند الحنابلة ج منًى يوم العاشر من ذي الحجّة وهو يوم النّحر ،وعليه في هذا اليوم أربعة .ثمّ يأتي الحا ّ أعمالٍ على هذا التّرتيب :رمي جمرة العقبة ،ثمّ ذبح الهدي وهو واجب على المتمتّع والقارن ،ثمّ يحلق أو يقصّر ،ث ّم يطوف طواف الفاضة ،وإن لم يكن قدّم السّعي عند طواف القدوم فإنّه يسعى بعد طواف الفاضة ،ويتوجّه الحاجّ فور وصوله منًى إلى جمرة العقبة ،وتقع آخر منًى تجاه مكّة ،من غير أن يشتغل بشيءٍ آخر قبل رميها ،فيرميها بعد ل حصا ٍة ويدعو ، دخول وقتها بسبع حصياتٍ من أيّ جه ٍة يرميها واحدةً فواحدةً يكبّر مع ك ّ وكيفما أمسك الحصاة ورماها صحّ ،دون تقييدٍ بهيئ ٍة ،لكن ل يجوز وضع الحصاة في سنّة إلى الزّوال ،ويباح المرمى وضعًا ،ويسنّ أن يرمي بعد طلوع الشّمس ،ويمتدّ وقت ال ّ بعده إلى المغرب . - 15أمّا كيفيّة الرّمي فهي أن يبعد عن الجمرة الّتي يجتمع فيها الحصى قدر خمسة أذرعٍ فأكثر على ما اختاره الحنفيّة ،ويمسك بالحصاة بطرفي إبهام ومسبّحة يده اليمنى ،ويرفع يده حتّى يرى بياض إبطيه ،ويقذفها ويكبّر .وقيل :يضع الحصاة على ظهر إبهامه اليمنى ويستعين بالمسبّحة ،وقيل :يستحبّ أن يضع الحصاة بين سبّابتي يديه اليمنى واليسرى ويرمي بها . ل حصا ٍة » .فيجوز بأيّ - 16أمّا صيغة التّكبير فقد جاءت في الحديث مطلق ًة " يكبّر مع ك ّ صيغ ٍة من صيغ التّكبير .واختار العلماء نحو هذه الصّيغة { :بسم اللّه واللّه أكبر ،رغمًا للشّيطان ورضًا للرّحمن ،اللّهمّ اجعله حجّا مبرورًا وسعيًا مشكورًا ،وذنبًا مغفورًا } والمستند في ذلك ما ورد من الثار الكثيرة عن الصّحابة .ولو رمى وترك الذّكر فلم يكبّر سنّة .ويقطع التّلبية مع أوّل حصا ٍة يرميها ولم يأت بأيّ ذك ٍر جاز ،وقد أساء لتركه ال ّ ويشتغل بالتّكبير .وينصرف من الرّمي وهو يقول { :اللّهمّ اجعله حجّا مبرورًا ،وسعيًا مشكورًا وذنبًا مغفورًا } .ووقت الرّمي في هذه اليّام بعد الزّوال ،ويندب تقديم الرّمي قبل صلة الظّهر في المذاهب الثّلثة ،وعند الحنفيّة يقدّم صلة الظّهر على الرّمي - 17 .وقد
بحثوا في أفضليّة الرّكوب أو المشي في رمي الجمار ،واختلفوا في ذلك وكانوا يركبون ب فكان الرّمي للرّاكب ممكنًا .فذهب أبو يوسف وهو المختار عند الحنفيّة إلى أنّه يرمي الدّوا ّ جمرة العقبة راكبًا وغيرها ماشيًا في جميع أيّام الرّمي ،وقال أبو حنيفة ومحمّد :الرّمي كلّه راكبًا أفضل .وعند المالكيّة يرمي جمرة العقبة يوم النّحر كيفما كان وغيرها ماشيًا .وقال الشّافعيّ :يرمي جمرة العقبة يوم النّحر راكبًا ،وكذلك يرميها يوم النّفر راكبًا ،ويمشي في ي استحباب المشي إلى ي " ،واختار صاحب الفتاوى الظّهيريّة الحنف ّ اليومين الخرين أحبّ إل ّ الجمار مطلقًا ،وهو الكثر عند الحنابلة .عن { ابن عمر رضي ال عنهما أنّه كان يأتي ن النّبيّ صلى ال عليه الجمار في اليّام الثّلثة بعد يوم النّحر ماشيًا ذاهبًا وراجعًا ،ويخبر أ ّ وسلم كان يفعل ذلك } .ثمّ إذا فرغ من الرّمي ثاني أيّام العيد وهو أوّل أيّام التّشريق رجع إلى منزله في منًى ،ويبيت تلك اللّيلة فيها ،فإذا كان من الغد وهو ثاني عشر ذي الحجّة ، وثالث أيّام النّحر ،وثاني أيّام التّشريق رمى الجمار الثّلثة بعد الزّوال على كيفيّة رمي اليوم السّابق .ثمّ إذا رمى في هذا اليوم فله أن ينفر أي يرحل ،بل كراهةٍ لقوله تعالى { :فمن تعجّل في يومين فل إثم عليه } .ويسقط عنه رمي اليوم الرّابع ،لذلك يسمّى هذا اليوم يوم النّفر الوّل . - 18وإن لم ينفر لزمه رمي اليوم الرّابع ،وهو الثّالث عشر من ذي الحجّة ،ثالث أيّام التّشريق ،يرمي فيه الجمرات الثّلث على الكيفيّة السّابقة في ثاني يومٍ أيضًا ،لكن عند أبي سنّة ،وينتهي وقت الرّمي ح الرّمي في هذا اليوم من الفجر مع الكراهة لمخالفته ال ّ حنيفة يص ّ في هذا اليوم بغروب الشّمس أدا ًء وقضا ًء ،فإن لم يرم حتّى غربت شمس اليوم فات الرّمي ن المكث في منًى وتعيّن الدّم فداءً عن الواجب الّذي تركه ،ويرحل بعد الرّمي ،ول يس ّ بعده ،ويسمّى هذا النّفر الثّاني ،وهذا اليوم يوم النّفر الثّاني .والفضل أن يتأخّر بمنًى ويرمي اليوم الرّابع ،لقوله تعالى { :ومن تأخّر فل إثم عليه لمن اتّقى } واتّباعًا للنّبيّ صلى ال عليه وسلم تكميلًا للعبادة .أمّا ما ورد من ركوب النّبيّ صلى ال عليه وسلم في الرّمي فأجيب عنه بأنّه " محمول على رميٍ ل رمي بعده ،أو على التّعليم ليراه النّاس فيتعلّموا منه مناسك الحجّ " والجواب الثّاني أولى وأقوى ،يدلّ عليه قوله في اليوم الوّل وهو راكب : { لتأخذوا عنّي مناسككم } . آثار الرّمي :يترتّب على رمي الجمار أحكام هامة في الحجّ ،سوى براءة ال ّذمّة من وجوبه ،وهذه الثار هي : أ -أثر رمي جمرة العقبة :
ج عند المالكيّة ، - 19يترتّب على رمي جمرة العقبة يوم النّحر التّحلّل الوّل من إحرام الح ّ وهو قول عند الحنابلة ،خلفًا للحنفيّة الّذين قالوا :إنّ التّحلّل الوّل يكون بالحلق ،وعلى تفصيلٍ عند الشّافعيّة والحنابلة ( ر :مصطلح إحرام ف . ) 125 - 122 ب -أثر رمي الجمار يومي التّشريق :النّفر الوّل : ج الجمار أوّل وثاني أيّام التّشريق يجوز له أن ينفر ،أي يرحل إن أحبّ - 20إذا رمى الحا ّ التّعجّل في النصراف من منًى ،هذا هو النّفر الوّل ،وبهذا النّفر يسقط رمي اليوم الخير ، وهو قول عامّة العلماء ،لقوله تعالى { :فمن تعجّل في يومين فل إثم عليه ومن تأخّر فل إثم عليه لمن اتّقى } .وفي حديث عبد الرّحمن بن يعمر الدّيليّ الصّحيح :قال رسول اللّه صلى ال عليه وسلم { :أيّام منًى ثلثة :فمن تعجّل في يومين فل إثم عليه ومن تأخّر فل إثم عليه }. ج -أثر الرّمي ثالث أيّام التّشريق :النّفر الثّاني : ج الجمار في اليوم الثّالث من أيّام التّشريق انصرف من منًى إلى مكّة ، - 21إذا رمى الحا ّ ول يقيم بمنًى بعد رميه هذا اليوم ،ويسمّى هذا النّفر النّفر الثّاني ،واليوم يوم النّفر الثّاني ، وهو آخر أيّام التّشريق ،وبه ينتهي وقت رمي الجمار ،ويفوت على من ل يتداركه قبل غروب شمس هذا اليوم ،وبه تنتهي مناسك منًى . حكم ترك الرّمي : - 22يلزم من ترك الرّمي بغير عذرٍ الثم ووجوب الدّم ،وإن تركه بعذرٍ ل يأثم ،لكن ل يسقط الدّم عنه ،ولو ترك حصاةً واحد ًة عند المالكيّة ،ويجزئه شاة عن ترك الرّمي كلّه ، أو عن ترك رمي يومٍ .وتسامح الشّافعيّة والحنابلة في حصا ٍة وحصاتين فجعلوا في ذلك صدقةً ،وأنزل الحنفيّة الكثر منزلة الكلّ مع وجوب جزاءٍ عن النّاقص ( .انظر تفصيل جف). أحوال ترك الرّمي في مصطلح :ح ّ النّيابة في الرّمي : - 23وهي رخصة خاصّة بالمعذور ،تفصيل حكمها فيما يلي : أ -المعذور الّذي ل يستطيع الرّمي بنفسه ،كالمريض ،يجب أن يستنيب من يرمي عنه ، وينبغي أن يكون النّائب قد رمى عن نفسه ،فإن لم يكن رمى عن نفسه فليرم عن نفسه أوّلًا الرّمي كلّه ،ثمّ يرمي عمّن استنابه ،ويجزئ هذا الرّمي عن الصيل عند الحنفيّة والشّافعيّة ن الحنفيّة والمالكيّة قالوا :لو رمى حصا ًة عن نفسه وأخرى عن الخر جاز والحنابلة ،إلّ أ ّ
ن النابة خاصّة بمن به علّة ل يرجى زوالها قبل انتهاء أيّام ويكره .وقال الشّافعيّة :إ ّ ض أو محبوسٍ .وعند الشّافعيّة قول :أنّه يرمي حصيات كلّ جمرةٍ عن نفسه التّشريق كمري ٍ أوّلًا ،ثمّ يرميها عن المريض الّذي أنابه إلى أن ينتهي من الرّمي ،وهو مخلّص حسن لمن خشي خطر الزّحام . ب -من عجز عن الستنابة كالصّبيّ الصّغير ،والمغمى عليه ،فيرمي عن الصّبيّ وليّه اتّفاقًا ،وعن المغمى عليه رفاقه عند الحنفيّة ،ول فدية عليه وإن لم يرم عند الحنفيّة .وقال ل فالدّم عليه ، المالكيّة :فائدة الستنابة أن يسقط الثم عنه إن استناب وقت الداء { وإ ّ ل الصّغير ومن ألحق به ،وإنّما وجب عليه الدّم دون الصّغير ومن ألحق استناب ،أم ل ،إ ّ به كالمغمى عليه ; لنّه المخاطب بسائر الركان } . ( ثانيًا ) الرّمي في الصّيد الصّيد بالرّمي بالمحدّد : - 24يجوز الصّيد بالرّمي بالسّهام المحدّدة للحاديث الصّحيحة والجماع ،فإن رمى الصّيد من هو أهل للتّذكية من مسلمٍ أو كتابيّ فقتله بح ّد ما رماه به كالسّهم الّذي له نصل محدّد ، سكّين ،والسّنان ،والحجر المحدّد والخشبة المحدّدة وغير ذلك من المحدّدات والسّيف ،وال ّ ل ما يصاد بالرّمي . ط ذكرها الفقهاء لح ّ حلّ أكله بشرو ٍ الصّيد بالرّمي بالمثقّل : ل ما صيد بالمثقّل ويعتبر وقيذًا .فل يحلّ ما أصابه - 25يرى جمهور الفقهاء أنّه ل يح ّ الرّامي بما ل حدّ له فقتله كالحجر ،وخشبةٍ ل حدّ لها ،أو رماه بمح ّددٍ فقتله بعرضه ل بحدّه ي بن حاتمٍ رضي ال عنه قال { :سألت رسول اللّه صلى ال عليه وسلم عن لما روى عد ّ صيد المعراض قال :إذا أصبت بحدّه فكل ،فإذا أصاب بعرضه فقتل فل تأكل فإنّه وقيذ } . ولما ورد أنّه عليه الصلة والسلم { نهى عن الخذف وقال :إنّه ل يصاد به صيد ول ينكأ به عد ّو ،ولكنّها قد تكسر السّنّ وتفقأ العين } .والخذف :الرّمي بحصًى صغارٍ بطريقةٍ مخصوص ٍة بين الصابع .وينظر تفصيله في بحث ( خذف ) .وصرّح الحنفيّة والشّافعيّة أنّه إذا أصاب الصّيد بما ل حدّ له ل يحلّ وإن جرحه .وذهب الوزاعيّ ومكحول وغيرهما من علماء الشّام إلى أنّه يحلّ صيد المعراض مطلقًا فيباح ما قتله بحدّه وعرضه .قال النّوويّ : إنّه إذا كان الرّمي بالبنادق وبالخذف ( بالمثقّل ) إنّما هو لتحصيل الصّيد ،وكان الغالب فيه عدم قتله فإنّه يجوز ذلك إذا أدركه الصّائد وذكّاه ،كرمي الطّيور الكبار بالبنادق .وللتّفصيل ( ر :صيد ) والمراد بالبندق في كلم النّوويّ ومن عهده :كرات من الطّين بحجم حبّة البندقة .
اتّخاذ الحيوان هدفًا يرمى إليه : - 26يحرم اتّخاذ شي ٍء فيه الرّوح غرضًا .فقد قال رسول اللّه صلى ال عليه وسلم { :ل تتّخذوا شيئًا فيه الرّوح غرضًا } .أي ل تتّخذوا الحيوان الحيّ غرضًا ترمون إليه كالغرض من الجلود وغيرها ،وهذا النّهي للتّحريم لنّه أصله ،ويؤيّده حديث { ابن عمر أنّه م ّر بنفرٍ قد نصبوا دجاجةً يترامونها ،فلمّا رأوا ابن عمر تفرّقوا عنها .فقال ابن عمر :من فعل ن رسول اللّه صلى ال عليه وسلم لعن من فعل هذا } وروى مسلم من حديث هشام هذا ؟ إ ّ بن زيد بن أنس بن مالكٍ أنّه قال :دخلت مع جدّي أنس بن مالكٍ دار الحكم بن أيّوب فإذا قوم قد نصبوا دجاجةً يرمونها .قال :فقال أنس { :نهى رسول اللّه صلى ال عليه وسلم أن تصبر البهائم } .قال العلماء :صبر البهائم أن تحبس وهي حيّة لتقتل بالرّمي ونحوه .قال ن فيه إيلمًا للحيوان ،وتضييعًا لماليّته ،وتفويتًا الصّنعانيّ وغيره في وجه حكمة النّهي :إ ّ لذكاته إن كان ممّا يذكّى ،ولمنفعته إن كان غير مذكّى .وينظر بحث ( :تعذيب ) . ( ثالثًا ) الرّمي في الجهاد ( تعلّم الرّمي ) : ث النّبيّ صلى ال عليه وسلم أصحابه على الرّمي وحضّهم على مواصلة التّدرّب - 27ح ّ عليه ،وحذّر من تعلّم الرّمي فتركه ،روى سلمة بن الكوع رضي ال عنه { أنّ النّبيّ صلى ال عليه وسلم .مرّ على نف ٍر من أسلم ينتضلون فقال النّبيّ صلى ال عليه وسلم :ارموا بني إسماعيل فإنّ أباكم كان راميًا ،ارموا ،وأنا مع بني فلنٍ .قال :فأمسك أحد الفريقين بأيديهم ،فقال رسول اللّه صلى ال عليه وسلم :ما لكم ل ترمون ؟ قالوا :كيف نرمي وأنت معهم ؟ فقال النّبيّ صلى ال عليه وسلم :ارموا فأنا معكم كلّكم } .وفسّر النّبيّ صلى ال عليه وسلم القوّة الّتي أمر اللّه بها في قوله تعالى { وأعدّوا لهم ما استطعتم من ق ّوةٍ } بالرّمي ،كما في حديث عقبة بن عامرٍ قال { :سمعت رسول اللّه صلى ال عليه وسلم وهو على ن القوّة الرّمي ،أل إنّ القوّة الرّمي ،أل المنبر يقول :وأعدّوا لهم ما استطعتم من ق ّوةٍ ،أل إ ّ إنّ القوّة الرّمي } .وعن { خالد بن زيدٍ قال :كنت راميًا أرامي عقبة بن عام ٍر الجهنيّ ، فمرّ ذات يومٍ فقال يا خالد :اخرج بنا نرمي ،فأبطأت عليه فقال :يا خالد :تعال أحدّثك ما حدّثني رسول اللّه صلى ال عليه وسلم وأقول لك كما قال رسول اللّه صلى ال عليه وسلم : ن اللّه يدخل بالسّهم الواحد ثلثة نفرٍ الجنّة :صانعه الّذي احتسب في صنعته الخير ،ومنبّله إّ ي من أن تركبوا ،وليس من اللّهو إلّ ،والرّامي به ،ارموا واركبوا ،وأن ترموا أحبّ إل ّ ثلث :تأديب الرّجل فرسه ،وملعبته زوجته ،ورميه بنبله عن قوسه ،ومن علم الرّمي ثمّ تركه فهي نعمة كفرها } .وهناك أحاديث أخرى تدلّ على فضل الرّمي والتّحريض عليه ن رسول اللّه صلى ال عليه وسلم قال { :من رمى بسهمٍ في سبيل منها ما روى أبو نجيحٍ أ ّ
ي في تعليقه على الحاديث الّتي ذكرها مسلم في فضل اللّه فهو له عدل محرّ ٍر } .وقال النّوو ّ الرّمي ،والحثّ عليه :في هذه الحاديث فضيلة الرّمي والمناضلة ،والعتناء بذلك بنيّة الجهاد في سبيل اللّه تعالى ،وكذلك المشاجعة ،وسائر أنواع استعمال السّلح ،وكذا المسابقة بالخيل وغيرها ،والمراد بهذا كلّه التّمرّن على القتال ،والتّدرّب ،والتّحذّق فيه ، ورياضة العضاء بذلك .وقال القرطبيّ :فضل الرّمي عظيم ،ومنفعته عظيمة للمسلمين ، ونكايته شديدة على الكافرين ،قال صلى ال عليه وسلم { :يا بني إسماعيل ارموا فإنّ أباكم كان راميًا } وتعلّم الفروسيّة واستعمال السلحة فرض كفايةٍ وقد يتعيّن . ( المناضلة ) : - 28المناضلة هي المسابقة في الرّمي بالسّهام ،والمناضلة مصدر ناضلته نضالًا ن السّهم التّامّ يسمّى نضلًا ،فالرّمي به عمل بالنّضل ومناضلةً ،وسمّي الرّمي نضالًا ل ّ ح المناضلة على الرّمي بالسّهام بالتّفاق .وأجاز الشّافعيّة فسمّي نضالًا ومناضلةً .وتص ّ المناضلة -بجانب ما تقدّم -على رماحٍ ،وعلى رميٍ بأحجارٍ بمقلعٍ ،أو بيدٍ ،ورميٍ ل ناف ٍع في الحرب بما يشبه ذلك كالرّمي بالمسلّات ،والبر ،والتّردّد بالسّيوف بمنجنيقٍ ،وك ّ والرّماح .وقد تجب المناضلة إذا تعيّنت طريقًا لقتال الكفّار ،وقد يكره أو يحرم -حسب ب اللّه ورسوله ،وبذلك تعتري اختلف المذاهب -إذا كان سببًا في قتال قريب كافرٍ لم يس ّ المناضلة الحكام التّكليفيّة الخمسة . ( رابعًا ) الرّمي في القذف الرّمي بالزّنا : - 29الرّمي بالزّنا ل في معرض الشّهادة يوجب حدّ القذف لقوله تعالى { :والّذين يرمون المحصنات ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلد ًة } والمراد :الرّمي بالزّنا بإجماع العلماء .وأمّا الرّمي في معرض الشّهادة فينظر :إن تمّ عدد الشّهود أربعةً وثبتوا على شهادتهم أقيم حدّ الزّنا على المرميّ ول شيء عليهم ،وإن لم يتمّ العدد ،بأن شهد اثنان أو ثلثة فعليهم حدّ القذف عند أكثر الفقهاء .ويرى الشّافعيّة في القول المقابل للظهر والحنابلة ن الشّهود -عند عدم تمام العدد -ل حدّ عليهم لنّهم شهود فلم يجب في إحدى الرّوايتين :أ ّ عليهم الحدّ كما لو كانوا أربعةً أحدهم فاسق .وللتّفصيل ( ر :قذف ) . رمي الجمار انظر :رمي رهان التّعريف يأتي الرّهان على معانٍ منها :
- 1المخاطرة :جاء في لسان العرب :الرّهان والمراهنة :المخاطرة .يقال :راهنه في كذا ،وهم يتراهنون ،وأرهنوا بينهم خطرًا ،وصورة هذا المعنى من معاني الرّهان :أن يتراهن شخصان أو حزبان على شي ٍء يمكن حصوله كما يمكن عدم حصوله بدونه ،كأن يقول مثلًا :إن لم تمطر السّماء غدًا فلك عليّ كذا من المال ،وإلّ فلي عليك مثله من المال ، والرّهان بهذا المعنى حرام باتّفاق الفقهاء بين الملتزمين بأحكام السلم من المسلمين وال ّذ ّميّين ; لنّ كلّا منهم متردّد بين أن يغنم أو يغرم ،وهو صورة القمار المحرّم .وأمّا الرّهان بين الملتزم وبين الحربيّ فقد اختلف الفقهاء في تحريمه ،فذهب الجمهور إلى أنّه محرّم لعموم ن مالهم الدلّة ( ر :ميسر ،ربًا ) .وقال أبو حنيفة :الرّهان جائز بين الملتزم والحربيّ ،ل ّ مباح في دارهم ،فبأيّ طريق ٍة أخذه المسلم أخذ مالًا مباحًا إذا لم يكن غدرًا ،واستدلّ بقصّة ش في مكّة قبل الهجرة { ،لمّا نزلت آية { ألم غلبت الرّوم في أدنى الرض أبي بكرٍ مع قري ٍ وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين للّه المر من قبل ومن بعد ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر اللّه ينصر من يشاء وهو العزيز الرّحيم } فقالت قريش لبي بكرٍ :ترون أنّ الرّوم تغلب فارسًا قال :نعم ،فقالوا :أتخاطرنا على ذلك ؟ فخاطرهم ،فأخبر النّبيّ صلى ال عليه وسلم فقال عليه الصلة والسلم :اذهب إليهم فزد في الخطر ففعل ،وغلبت الرّوم فارسًا ،فأخذ أبو بكرٍ خطره ،فأجاز النّبيّ صلى ال عليه وسلم ذلك } .قال ابن الهمام : وهذا هو القمار بعينه .وينظر التّفصيل في ( :ميسر ) . - 2ويأتي الرّهان بمعنى المسابقة بالخيل أو الرّمي ،وهذا جائز بشروطه ( -ر :مسابقة ) ن يستوفى منها عند ل وثيقةً بدي ٍ - 3 .ويأتي بمعنى :رهنٍ ،والرّهان جمعه ،وهو جعل ما ٍ تعذّر وفائه ( .ر :رهن ) . - 4ويطلق الرّهان على المال المشروط في سباق الخيل ونحوه ،جاء في لسان العرب : السّبق -بفتح الباء -الخطر الّذي يوضع في الرّهان على الخيل والنّضال ،والرّهان بهذا ب إذا قصد به التّأهّب للجهاد . المعنى مشروع باتّفاق الفقهاء ،بل هو مستح ّ - 5واختلف الفقهاء فيما يجوز فيه الرّهان من الحيوان فقال الشّافعيّة :يكون في الخيل ، والبل ،والفيل ،والبغل ،والحمار في القول الظهر عندهم ،وقال المالكيّة :ل يجوز إلّ في الخيل والبل ،وقال الحنفيّة :يجوز في الخيل والبل وعلى الرجل . شروط جواز الرّهان في السّباق : - 6يشترط لجواز الرّهان على ما ذكر :علم الموقف الّذي يجريان منه ،والغاية الّتي يجريان إليها ،وتساويهما فيهما ،والعلم بالمشروط ،وتعيين الفرسين ونحوهما ،وإمكان
ل واح ٍد منهما ،ويجوز المال من غيرهما ومن أحدهما ،فيقول :إن سبقتني فلك عليّ سبق ك ّ كذا ،وإن سبقتك فل شيء لي عليك ،وإن شرط أنّ من سبق منهما فله على الخر كذا لم يصحّ ; لنّ كلّا منهما متردّد بين أن يغنم وأن يغرم ،وهو صورة القمار المحرّم ،إلّ أن يكون هناك محلّل فرسه كفء لفرسيهما ،إن سبق أخذ مالهما ،وإن سبق لم يغرم شيئًا . والتّفصيل وأقوال الفقهاء في ( مسابقة ) . رهبانيّة . التّعريف - 1الرّهبانيّة لغةً :من الرّهبة ،وهي الخوف والفزع مع تحرّزٍ واضطرابٍ ،ومنها الرّاهب :وهو المتعبّد في صومعةٍ من النّصارى يتخلّى عن أشغال الدّنيا وملذّها زاهدًا فيها معتزلًا أهلها ،والجمع :رهبان ،وقد يكون الرّهبان واحدًا ،والجمع رهابين وترهّب الرّجل إذا صار راهبًا .والرّهبانيّة - :بفتح الياء -منسوبة إلى الرّهبان وهو الخائف ،فعلن من رهب ،كخشيان من خشي .وتكون أيضًا -بضمّ الرّاء -نسبةً إلى الرّهبان وهو جمع ن .والمعنى الصطلحيّ ل يخرج عن المعنى اللّغويّ . راهبٍ كراكبٍ وركبا ٍ ( اللفاظ ذات الصّلة ) : أ -العزلة : - 2العزلة لغ ًة :التّجنّب وهي اسم مصدرٍ ،وهي ضدّ المخالطة .ول يخرج المعنى الصطلحيّ عن ذلك .والفرق بينها وبين الرّهبانيّة :أنّ العزلة من وسائل الرّهبانيّة ،وهي على خلف الصل ،وقد تقع عند فساد الزّمان لغير التّرهّب فل تحرم . ب -السّياحة : - 3من معاني السّياحة في اللّغة :الذّهاب في الرض للتّعبّد والتّرهّب ،ول يخرج المعنى الصطلحيّ عن ذلك .وكانت السّياحة هكذا ممّا يتعبّد به رهبان النّصارى ،ولذا جاء في الحديث { :سياحة أمّتي الجهاد } ،وتأتي السّياحة بمعنى إدامة الصّوم .فالسّياحة بالمعنى الوّل قريبة من الرّهبانيّة .وينظر مصطلح ( سياحة ) . الحكم التّكليفيّ ) : - 4نهت الشّريعة عن الرّهبانيّة -بمعناها الّذي كان يمارسه رهبان النّصارى -وهو الغلوّ في العبادات ،والتّخلّي عن أشغال الدّنيا وترك ملذّها ،واعتزال النّساء ،والفرار من مخالطة النّاس ،ولزوم الصّوامع والدّيارات أو التّعبّد في الغيران والكهوف ،والسّياحة في الرض على غير هدًى بلحوقهم بالبراريّ والجبال ،وحمل أنفسهم على المشقّات في المتناع
من المطعم والمشرب والملبس والمنكح ،وتعذيب النّفس بالعمال التّعبّديّة الشّاقّة كأن يخصي نفسه أو يضع سلسل ًة في عنقه .ودليل ذلك قوله تعالى { :قل يا أهل الكتاب ل تغلوا في دينكم غير الحقّ ول تتّبعوا أهواء قو ٍم قد ضلّوا من قبل وأضلّوا كثيرًا وضلّوا عن سواء السّبيل } .وقول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :عليك بالجهاد ،فإنّه رهبانيّة السلم } . وقوله صلى ال عليه وسلم { :ولن يشادّ الدّين أحد إلّ غلبه } .وقوله صلى ال عليه وسلم : ن الفضل للمسلم أن يختلط { من رغب عن سنّتي فليس منّي } .واتّفق العلماء على أ ّ بالنّاس ،ويحضر جماعاتهم ومشاهد الخير ومجالس العلم ،وأن يعود مريضهم ،ويحضر جنائزهم ،ويواسي محتاجهم ،ويرشد جاهلهم ،ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ،ويدعو للخير ،وينشر الحقّ والفضيلة ،ويجاهد في سبيل اللّه لعلء كلمة اللّه ،وإعزاز دينه مع ن الختلط بالنّاس على قمع نفسه عن إيذاء المسلمين والصّبر على أذاهم .قال النّوويّ :إ ّ هذا الوجه هو المختار الّذي كان عليه رسول اللّه صلى ال عليه وسلم وسائر النبياء صلوات اللّه وسلمه عليهم ،وكذلك الخلفاء الرّاشدون ،ومن بعدهم من الصّحابة والتّابعين ،ومن بعدهم من علماء المسلمين وأخيارهم لقوله تعالى { وتعاونوا على البرّ والتّقوى } وقوله تعالى { :كنتم خير أمّ ٍة أخرجت للنّاس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر } وقوله تعالى : ب الّذين يقاتلون في سبيله صفّا كأنّهم بنيان مرصوص } .وقوله صلى ال عليه { إنّ اللّه يح ّ وسلم { :العبادة في الهرج كهجر ٍة إليّ } وقوله صلى ال عليه وسلم { المؤمن الّذي يخالط النّاس ويصبر على أذاهم أعظم أجرًا من الّذي ل يخالطهم ول يصبر على أذاهم } .هذا إذا لم تكن هناك فتنة عامّة أو فساد سائد ل يستطيع إصلحه ،أو غلب على ظنّه وقوعه في الحرام بسبب المخالطة فيستحبّ له في هذه الحالة العزلة لقوله تعالى { :واتّقوا فتن ًة ل ن الّذين ظلموا منكم خاصّ ًة } .وقوله صلى ال عليه وسلم { :خير النّاس رجل جاهد تصيب ّ بنفسه وماله ،ورجل في شعبٍ من الشّعاب يعبد ربّه ويدع النّاس من شرّه } .وقوله صلى ال عليه وسلم { :يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شغف الجبال ومواقع القطر يفرّ بدينه من الفتن } . رهن . التّعريف - 1الرّهن في اللّغة :الثّبوت والدّوام ،يقال :ماء راهن أي :راكد ودائم ،ونعمة راهنة ل امرئٍ بما أي :ثابتة دائمة .ويأتي بمعنى الحبس .ومن هذا المعنى :قوله تعالى { :ك ّ كسب رهين } وحديث { :نفس المؤمن مرهونة -أي محبوسة -بدينه حتّى يقضى عنه دينه
ن يستوفى منها أو من ثمنها إذا تعذّر الوفاء .اللفاظ } .وشرعًا :جعل عينٍ ماليّ ٍة وثيقةً بدي ٍ ذات الصّلة ) :الضّمان : - 2وهو في اللّغة اللتزام .وشرعًا هو التزام بحقّ ثابتٍ في ذمّة الغير ،أو بإحضار من ن العرف جارٍ باستعمال عليه الحقّ ،ويسمّى الملتزم ضامنًا ،وكفيلًا ،وقال الماورديّ :إ ّ لفظ الضّمان في الموال والكفالة في النّفوس .والفرق بينهما :أنّ كلّا من الرّهن والضّمان ن الضّمان يكون ضمّ ذمّةٍ إلى ذمّةٍ في المطالبة ،أمّا الرّهن فل بدّ من عقد وثيقةٍ للدّين ،لك ّ ن ماليّةٍ يستوفى منها الدّين عند عدم القدرة على الوفاء . تقديم عي ٍ مشروعيّة الرّهن : - 3الصل في مشروعيّة الرّهن قوله تعالى { :وإن كنتم على سفرٍ ولم تجدوا كاتبًا فرهان مقبوضة } ،والمعنى :فارهنوا ،واقبضوا ،كقوله تعالى { :فتحرير رقب ٍة } .وخبر { أنّ ل ورهنه درعًا من حديدٍ } . النّبيّ صلى ال عليه وسلم :اشترى طعامًا من يهوديّ إلى أج ٍ وقد أجمعت المّة على مشروعيّة الرّهن ،وتعاملت به من لدن عهد النّبيّ صلى ال عليه وسلم إلى يومنا هذا ،ولم ينكره أحد . ( الحكم التّكليفيّ ) : - 4الرّهن جائز وليس واجبًا .وقال صاحب المغني :ل نعلم خلفًا في ذلك ،لنّه وثيقة بدينٍ ،فلم يجب كالضّمان ،والكفالة .والمر الوارد به أمر إرشادٍ ،ل أمر إيجابٍ ،بدليل قوله تعالى { :فإن أمن بعضكم بعضًا فليؤدّ الّذي اؤتمن أمانته } ولنّه أمر بعد تعذّر الكتابة ،والكتابة غير واجب ٍة ،فكذلك بدلها . جواز الرّهن في الحضر : - 5الرّهن في الحضر جائز جوازه في السّفر ،ونقل صاحب المغني عن ابن المنذر أنّه قال ضحّاك أيضًا . ل مجاهدًا ،وقال القرطبيّ :وخالف فيه ال ّ :ل نعلم أحدًا خالف ذلك إ ّ ي صلى ال عليه وسلم :توفّي ودرعه مرهونة عند يهوديّ بثلثين ن النّب ّ واستدلّوا بخبر { :أ ّ صاعًا من شعيرٍ } " ولنّها وثيقة تجوز في السّفر ،فجازت في الحضر كالضّمان ،وقد تترتّب العذار في الحضر أيضًا فيقاس على السّفر .والتّقييد بالسّفر في الية خرج مخرج الغالب فل مفهوم له ،لدللة الحاديث على مشروعيّته في الحضر ،وأيضًا السّفر مظنّة فقد ل فيه . الكاتب ،فل يحتاج إلى الرّهن غالبًا إ ّ أركان الرّهن :
أ -ما ينعقد به الرّهن : ل اتّفاقٍ بين الفقهاء ،واختلفوا في انعقاده - 6ينعقد الرّهن باليجاب والقبول وهذا مح ّ ن الرّهن ل ينعقد إلّ بإيجابٍ وقبولٍ قوليّين كالبيع بالمعاطاة ،فذهب الشّافعيّة في المعتمد إلى أ ّ .وقالوا :لنّه عقد ماليّ فافتقر إليهما .ولنّ الرّضا أمر خفيّ ل اطّلع لنا عليه فجعلت الصّيغة دليلًا على الرّضا ،فل ينعقد بالمعاطاة ،ونحوه .وقال المالكيّة والحنابلة :إنّ الرّهن ح بالمعاطاة ،والشارة المفهمة ،والكتابة ،لعموم ل على الرّضا عرفًا فيص ّ ينعقد بكلّ ما يد ّ الدلّة كسائر العقود ،ولنّه لم ينقل عن النّبيّ صلى ال عليه وسلم ول عن أحدٍ من الصّحابة ل في معاملتهم ،ولو استعملوا ذلك لنقل إلينا شائعًا ،ولم يزل استعمال إيجابٍ وقبو ٍ المسلمون يتعاملون في عقودهم بالمعاطاة .ويشترط في الصّيغة ما يشترط في صيغة البيع . ( ر :بيع ) . ب ( -العاقد ) : ل من الرّاهن والمرتهن أن يكون مطلق التّصرّف في المال بأن يكون عاقلًا - 7شرط في ك ّ بالغًا رشيدًا ،غير محجو ٍر من التّصرّف ،فأمّا الصّبيّ ،والمجنون ،والمحجور عليه في ح منهم . التّصرّف الماليّ فل يصحّ منه الرّهن ،ول الرتهان لنّه عقد على المال فلم يص ّ ح رهن ح إلّ من أهل التّبرّع ،فيص ّ ض فلم يص ّ والرّهن نوع تب ّرعٍ ; لنّه حبس مالٍ بغير عو ٍ البالغ العاقل الرّشيد ماله ،أو مال مولّيه بشرط وقوعه على وجه الغبطة الظّاهرة ،فيكون بها مطلق التّصرّف في مال مولّيه ،بأن تكون في رهنه إيّاه غبطة ظاهرة أو ضرورة . ن الرّهن من توابع التّجارة ن الصّبيّ المأذون يجوز له الرّهن والرتهان ; ل ّ وصرّح الحنفيّة بأ ّ فيملكه من يملك التّجارة .وصرّح المالكيّة بأنّ الصّبيّ المميّز والسّفيه يصحّ رهنهما ويكون موقوفًا على إجازة الوليّ . ج ( -المرهون به ) : ق لزمٍ في ال ّذمّة ،أو آيلٍ إلى اللّزوم ،ثمّ لحّ - 8اتّفق الفقهاء على أنّه يجوز أخذ الرّهن بك ّ اختلفوا في بعض التّفاصيل .فقال الشّافعيّة :يشترط فيما يجوز أخذ الرّهن به ثلثة شروطٍ : ح أخذ الرّهن بالعيان مضمونةً كانت أو أمانةً ،وسواء كان - 1أن يكون دينًا ،فل يص ّ ضمان العين بحكم العقد أو بحكم اليد ،كالمستعار ،والمأخوذ بالسّوم ،والمغصوب ، ن اللّه تعالى ذكر الرّهن في المداينة فل والمانات الشّرعيّة كالوديعة ونحوها ،وقالوا :ل ّ يثبت في غيرها ; ولنّ العيان ل تستوفى من ثمن المرهون ،وذلك مخالف لقرض الرّهن عند بيعه .
- 2أن يكون الدّين ثابتًا ،فل يصحّ أخذ الرّهن بما ليس بثابتٍ ،وإن وجد سبب وجوبه ، فل يصحّ بما سيقرضه غدًا ،أو نفقة زوجته غدًا ; لنّ الرّهن وثيقة حقّ فل يتقدّم عليه ، وهو رأي الحنابلة . - 3أن يكون الدّين لزمًا أو آيلًا إلى اللّزوم ،فل يصحّ بجعل الجعالة قبل الفراغ من العمل ح عندهم أخذ الرّهن بكلّ حقّ ; لنّه ل فائدة في الوثيقة مع تمكّن المديون من إسقاطها .فيص ّ ض للسقاط من الرّاهن ،كدين السّلم ،وعوض القرض ، لزمٍ في ال ّذمّة ثابتٍ غير معرّ ٍ وثمن المبيعات ،وقيم المتلفات ،والمهر ،وعوض الخلع غير المعيّنين ،والدّية على العاقلة بعد حلول الحول ،والجرة في إجارة العين .وقال المالكيّة :يجوز أخذ الرّهن بجميع الثمان الواقعة في جميع البيوعات ،إلّ الصّرف ،ورأس مال السّلم ; لنّه يشترط فيهما التّقابض في المجلس ،ويجوز أخذ الرّهن بدين السّلم والقرض ،والمغصوب ،وقيم المتلفات ،وأرش الجنايات في الموال ،وجراح العمد الّذي ل قود فيه كالمأمومة ،والجائفة ، ل يعمله ض أو بيعٍ ،وما يلزم المستأجر من الجرة بسبب عم ٍ وارتهان قبل الدّين من قر ٍ الجير له بنفسه أو دابّته ،وما يلزم بسبب جعالةٍ ما يلزم بالعاريّة المضمونة .وقال الحنفيّة :يجوز أخذ الرّهن بعوض القرض وإن كان قبل ثبوته ،بأن يرهنه ليقرضه مبلغًا من النّقود في الشّهر القادم ،فإن هلك الرّهن في يد المرتهن كان مضمونًا بما وعد من الدّين ،وبرأس مال السّلم ،وثمن الصّرف ،والمسلّم فيه ،فإن هلك الرّهن في المجلس تمّ الصّرف والسّلم ، ك بطل .ويجوز وصار المرتهن مستوفيًا حقّه حكمًا ،وإن افترقا قبل نقدٍ ( قبضٍ ) أو هل ٍ الرّهن بالعيان المضمونة بعينها كالمغصوبة ،وبدل الخلع ،والصّداق ،وبدل الصّلح عن دم العمد ; لنّ الضّمان متقرّر ،فإنّه إن كان قائمًا وجب تسليمه ،وإن كان هالكًا تجب قيمته ، فكان رهنًا بما هو مضمون .أمّا العيان المضمونة بغيرها كالمبيع في يد البائع ،والمانات الشّرعيّة كالودائع ،والعواريّ ،والمضاربات ،ومال الشّركة ،فل يجوز أخذ الرّهن بها . ل دينٍ واجبٍ أو مآله إلى الوجوب ،كقرضٍ ،وقيمة متلفٍ ، ح الرّهن بك ّ وقال الحنابلة :يص ّ ن في مدّة الخيار ،وعلى العين المضمونة كالمغصوب والعواريّ ،والمقبوض على وجه وثم ٍ السّوم ،والمقبوض بعقدٍ فاسدٍ .لنّ المقصود من الرّهن الوثيقة بالحقّ ،وهو حاصل ،فإنّ الرّهن بهذه العيان يحمل الرّاهن على أدائها ،فإن تعذّر أداؤها استوفى بدلها من ثمن الرّهن ،فأشبهت ما في ال ّذمّة .ويجوز أخذ الرّهن على منفع ٍة إجار ًة في ال ّذمّة ،كمن استؤجر لبناء دارٍ ،وحمل شي ٍء معلومٍ إلى مح ّل معيّنٍ ،فإن لم يعمل الجير العمل بيع الرّهن ،واستؤجر منه من يعمله .ويجوز أخذ الرّهن بديةٍ على عاقلةٍ بعد حلول الحول لوجوبها ،أمّا قبل حلول الحول فل يصحّ لعدم وجوبها .ول يجوز أخذ الرّهن على جعل الجعالة قبل العمل ،ول
على عوض مسابق ٍة قبل العمل لعدم وجوب ذلك ،ول يتحقّق أنّه يئول إلى الوجوب .وبعد العمل جاز فيهما .ول يصحّ أخذ الرّهن بعوضٍ غير ثابتٍ في ال ّذمّة كالثّمن المعيّن كقطعةٍ من الذّهب جعلت بعينها ثمنًا .والجرة المعيّنة في الجارة ،والمنفعة المعيّنة المعقود عليها ن ال ّذمّة لم في الجارة ،كدارٍ معيّن ٍة ،ودابّ ٍة معيّنةٍ ،لحمل شي ٍء معيّنٍ إلى مكان معلومٍ ; ل ّ ن الحقّ يتعلّق بأعيان هذه يتعلّق بها في هذه الصّور حقّ واجب ،ول يئول إلى الوجوب ; ول ّ الشياء . د ( -المرهون ) : ل يمكن أخذ الدّين منه ،أو من ثمنه - 9ل خلف بين الفقهاء في أنّه يجوز رهن كلّ متموّ ٍ عند تعذّر وفاء الدّين من ذمّة الرّاهن .ثمّ اختلفوا في بعض التّفاصيل .فقال الشّافعيّة ن كلّ عينٍ جاز بيعها جاز رهنها ،لنّ المقصود من الرّهن أن يباع ويستوفى والحنابلة :إ ّ ن جاز بيعها ،ولنّ ما الحقّ منه إذا تعذّر استيفاؤه من ذمّة الرّاهن ،وهذا يتحقّق في كلّ عي ٍ كان محلّا للبيع كان محلّا لحكمة الرّهن ،فيصحّ عندهم بيع المشاع سواء رهن عند شريكه أم عند غيره قبل القسمة أم لم يقبلها ،وما ل يصحّ بيعه ل يصحّ رهنه ،فل يصحّ رهن المسلم ،أو ارتهانه كلبًا ،أو خنزيرًا ،أو خمرًا .وقال المالكيّة :يجوز رهن ما فيه غرر ن للمرتهن دفع ماله بغير وثيقةٍ ،فساغ أخذه يسير ،كبعيرٍ شاردٍ ،وثمرٍ لم يبد صلحه ،ل ّ بما فيه غرر ،لنّه شيء في الجملة وهو خير من ل شيءٍ ،بخلف ما فيه غرر شديد كالجنين ،وزرعٍ لم يخلق .واشترط الحنفيّة في المرهون ما يلي : - 1أن يكون محوزًا أي مقسومًا ،فل يجوز رهن المشاع . - 2وأن يكون مفرغًا عن ملك الرّاهن ،فل يجوز رهن مشغول بحقّ الرّاهن ،كدارٍ فيها متاعه . - 3وأن يكون مم ّيزًا ،فل يجوز رهن المتّصل بغيره اتّصال خلقةٍ كالثّمر على الشّجر بدون الشّجر ،لنّ المرهون متّصل بغير المرهون خلق ًة فصار كالشّائع . رهن المستعار : - 10ل يشترط أن يكون المرهون ملكًا للرّاهن ،فيصحّ رهن المستعار بإذن المعير باتّفاق الفقهاء .ونقل صاحب المغني عن ابن المنذر إجماع أهل العلم على جواز الستعارة للرّهن ، ن للمعير أن لنّه توثّق ،وهو يحصل بما ل يملكه الرّاهن بدليل صحّة الشهاد والكفالة ،ول ّ ن كلّا منهما محلّ حقّه ،وتصرّفه . يلزم ذمّته دين غيره ،فيملك أن يلزم عين ماله ; ل ّ شروط صحّة رهن المستعار للرّهن :
- 11يشترط في عقد العاريّة للرّهن :ذكر قدر الدّين ،وجنسه وصفته ،وحلوله وتأجيله ، ن الغرر يختلف بذلك فاحتيج إليه .وإلى هذا ذهب والشّخص المرهون عنده ،ومدّة الرّهن ل ّ الشّافعيّة ،وهو قول عند الحنابلة .وقال الحنفيّة والحنابلة ،وهو مقتضى كلم المالكيّة :ل ح العقد ،وللرّاهن أن يرهن يجب ذكر شيءٍ من ذلك في العقد ،فإن أطلق ولم يقيّد بشيءٍ ص ّ ن الجهالة ل تفضي فيها ن الطلق واجب العتبار خصوصًا في العارة ; ل ّ بما شاء ; ل ّ ن مبناها على المسامحة ،والمالك قد رضي بتعلّق دين المستعير بماله ، إلى المنازعة ; ل ّ وهو يملك ذلك كما يملك تعلّقه بذمّته بالكفالة .وإن شرط شيئًا ممّا ذكر فخالف المستعير لم يصحّ الرّهن باتّفاق الفقهاء ; لنّه لم يؤذن له في هذا الرّهن ،فأشبه من لم يؤذن له في أصل ن من ل منه فيصحّ ; ل ّ ل أن يخالف إلى خيرٍ منه ،كأن يؤذن له بقدرٍ ،ويرهن بأق ّ الرّهن .إ ّ رضي بقدرٍ فقد رضي بما دونه . ضمان المستعار : - 12اختلف الفقهاء في ضمان العين المستعارة للرّهن ،وفيمن يضمنها .فذهب الشّافعيّة والحنابلة ،وهو مقتضى كلم المالكيّة إلى أنّ الصل في العين المستعارة للرّهن الضّمان ، ثمّ قال الشّافعيّة :إذا هلكت في يد المستعير قبل أن يرهنها ضمن ; لنّه مستعير ،والعاريّة مضمونة .وإن تلفت بعد قبض المرتهن بل تعدّ ول تفريطٍ فل ضمان عليهما ،ول يسقط ن العقد عقد ضمانٍ أي ضمان الدّين على الحقّ عن ذمّة الرّاهن .لنّ المرتهن أمين ; ول ّ رقبة المرهون ،فتكون يد المرتهن يد أمانةٍ بعد الرّهن ،فل ضمان بالتّعدّي .وقال الحنابلة ن الستعارة للرّهن عقد ضمانٍ ،فيضمن الرّاهن المرهون إن هلكت ،بتفريطٍ أو بغير :إّ ن العقد ل يخرج عن أن يكون عقد عاريّ ٍة والعاريّة مضمونة ،فيضمن المستعير تفريطٍ ; ل ّ ن يد المستعير للرّهن يد أمان ٍة ،فل يضمن العين المستعارة وهو الرّاهن .وقال الحنفيّة :إ ّ للرّهن إن هلكت قبل رهنه أو بعد فكّه ،وإن استخدمه أو ركبه من قبل ; لنّه أمين خالف ثمّ عاد إلى الوفاق ،أمّا المرتهن فيده يد ضمانٍ ،فإذا هلكت العين المستعارة للرّهن في يده صار مستوفيًا حقّه ووجب للمعير على المستعير الرّاهن مثل الدّين . لزوم الرّهن : ن عقد - 13اختلف الفقهاء فيما يلزم به الرّهن :فذهب الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أ ّ ل بالقبض والقباض من جائز التّصرّف ،وللرّاهن الرّجوع عنه قبل القبض الرّهن ل يلزم إ ّ لقوله تعالى { :فرهان مقبوضة } .فلو لزم عقد الرّهن بدون قبضٍ لما كان للتّقييد به فائدة ; ولنّه عقد إرفاقٍ يفتقر إلى القبول فافتقر إلى القبض .وقال بعض أصحاب أحمد :إن كان
المرهون مكيلًا أو موزونًا ل يلزم رهنه إلّ بالقبض ،وفيما عداهما روايتان عن أحمد إحداهما :ل يلزم إلّ بالقبض ،والخرى :يلزم بمجرّد العقد كالبيع .وقال المالكيّة :يلزم عقد الرّهن بالعقد ،ثمّ يجبر الرّاهن على التّسليم للمرتهن ،لنّه عقد يلزم بالقبض ،فيلزم بالعقد قبله كالبيع .هذا ،وإذا شرط الرّهن أو الكفيل في عق ٍد ما ثمّ لم يف الملتزم بالشّرط فللخر الفسخ . رهن العين عند من هي بيده : - 14إذا كانت العين المرهونة بيد المرتهن عاريّةً أو وديعةً ،أو مغصوب ًة ،فرهنها منه ح رهنه كما لو كان بيده .ويلزم الرّهن صحّ الرّهن باتّفاق الفقهاء ،لنّه ماله ،له أخذه فص ّ ج إلى أم ٍر زائدٍ ; لنّ اليد ثابتة ،والقبض حاصل ، في الصّور السّابقة بالعقد من غير احتيا ٍ فلم يحتج إلى إقباضٍ ،وإلى هذا ذهب الحنفيّة والحنابلة .وقال الشّافعيّة يشترط فيه القباض ،أو الذن به إن كان المرهون حاضرًا ،وإن كان المرهون غائبًا عن مجلس العقد يشترط مع إذن القبض مضيّ مدّة إمكان القبض ،وقالوا :لنّ اليد كانت عن غير جهة الرّهن ،فلم يحصل القبض بها .ثمّ على قول الجمهور بعدم الحاجة لتجديد القبض يزول الضّمان بالرّهن ; لنّه مأذون في إمساكه رهنًا ،ولم يتجدّد منه عدوان ،فلم يضمنه كما لو ن سبب الضّمان :الغصب ،والعارة أخذه الرّاهن منه ،ثمّ أقبضه أو أبرأه من ضمانه ; ول ّ ،ولم يعدّ المرتهن غاصبًا أو مستعيرًا .وقال الشّافعيّة :ل يبرأ الغاصب المرتهن ،ول المستعير عن الضّمان وإن لزم العقد ،لنّه وإن كان الرّهن عقد أمانةٍ :الغرض منه التّوثّق وهو ل ينافي الضّمان -فإنّ المرتهن لو تعدّى في المرهون ضمنه مع بقاء الرّهن ،فإذاكان ل يرفع الضّمان فلن ل يدفعه ابتدا ًء أولى ،وللغاصب إجبار الرّاهن على إيقاع يده على المرهون ( أي وضع يده عليه ) ليبرأ من الضّمان ،ثمّ يستعيده منه بحكم الرّهن ،فإن لم يقبل رفع إلى الحاكم ليأمره بالقبض ،فإن امتنع قبضه الحاكم أو مأذونه ،ويردّه إلى المرتهن . زوائد المرهون ،ونماؤه : ن زيادة المرهون المتّصلة كالسّمن وكبر الشّجر تتبع الصل - 15ل خلف بين الفقهاء في أ ّ ن الزّيادة المنفصلة .أمّا الزّيادة المنفصلة فقد اختلفوا في حكمها .فذهب الشّافعيّة إلى أ ّ ن الرّهن ل يزيل الملك فلم يسر عليها كالجارة .وقال بأنواعها ل يسري عليها الرّهن ; ل ّ الحنفيّة :إنّ نماء المرهون كالولد ،والثّمر ،واللّبن ،والصّوف ،ونحو ذلك رهن مع الصل ،بخلف ما هو بدل عن المنفعة كالجرة ،والصّدقة ،والهبة ،فل تدخل في
ن ما تناسل من الرّهن ،أو نتج منه كالولد يسري الرّهن ،وهي للرّاهن .ويقول المالكيّة :إ ّ إليه الرّهن ،وما عدا ذلك من الزّوائد كالصّوف واللّبن ،وثمار الشجار وسائر الغلّات فل ن زوائد العين المرهونة المنفصلة رهن كالصل ، يسري عليها الرّهن .وذهب الحنابلة إلى أ ّ ل فرق بين ما تناسل منها أو نتج منها كالولد ،وبين غيره كالجرة ،والثّمر ،واللّبن ، والصّوف ،وقالوا :لنّه حكم ثبت في العين بعقد المالك ،فيدخل فيه النّماء والمنافع بأنواعها ن النّماء حادث من عين الرّهن فيدخل فيها كالمتّصل .وقالوا في ،كالملك بالبيع وغيره ; ول ّ سراية الرّهن على الولد :إنّه حكم مستقرّ في المّ ثبت برضا المالك فيسري إلى الولد كالتّدبير ،والستيلد . النتفاع بالمرهون : - 16اختلف الفقهاء في جواز النتفاع بالمرهون ،وفيمن له ذلك .فذهب الحنفيّة إلى أنّه ليس للرّاهن ول للمرتهن النتفاع بالمرهون مطلقًا ،ل بالسّكنى ول بالرّكوب ،ول غيرهما ،إلّ بإذن الخر ،وفي قولٍ عندهم :ل يجوز النتفاع للمرتهن ولو بإذن الرّاهن ; لنّه ل جاز انتفاعه بإذن الرّاهن .وقال ربًا ،وفي قولٍ :إن شرطه في العقد كان ربًا ،وإ ّ المالكيّة :غلّات المرهون للرّاهن ،وينوب في تحصيلها المرتهن ،حتّى ل تجول يد الرّاهن ط هي : في المرهون ،ويجوز للمرتهن النتفاع بالمرهون بشرو ٍ - 1أن يشترط ذلك في صلب العقد . - 2وأن تكون المدّة معيّنةً . - 3ألّ يكون المرهون به دين قرضٍ .فإن لم يشرط في العقد وأباح له الرّاهن النتفاع به ن ،وهي غير جائز ٍة ،وكذا إن شرط مطلقًا ولم يعيّن مدّةً مجّانًا لم يجز ; لنّه هديّة مديا ٍ للجهالة ،أو كان المرهون به دين قرضٍ ،لنّه سلف جرّ نفعًا .وفرّق الحنابلة بين المرهون المركوب أو المحلوب وبين غيرهما ،وقالوا :إن كان المرهون غير مركوبٍ أو محلوبٍ ، ل بإذن الخر .أمّا المرتهن فلنّ المرهون ونماءه فليس للمرتهن ول للرّاهن النتفاع به إ ّ ومنافعه ملك للرّاهن ،فليس لغيره أخذها بدون إذنه ،وأمّا الرّاهن فلنّه ل ينفرد بالحقّ ،فل ل بإذن المرتهن .فإن أذن المرتهن للرّاهن بالنتفاع بالمرهون جاز ،وكذا يجوز له النتفاع إ ّ إن أذن الرّاهن للمرتهن بشرط : - 1أن ل يكون المرهون به دين قرضٍ . ض ،فإن أذن الرّاهن للمرتهن بالنتفاع بغير عوضٍ ،وكان - 2وأن ل يأذن بغير عو ٍ المرهون به دين قرضٍ ،فل يجوز له النتفاع به ; لنّه قرض ج ّر نفعًا ،وهو حرام ،أمّا إن كان المرهون بثمن مبيعٍ أو أجرة دارٍ ،أو دين غير القرض جاز للمرتهن النتفاع بإذن
الرّاهن ،وكذا إن كان النتفاع بعوضٍ ،كأن يستأجر الدّار المرهونة من الرّاهن بأجرة مثلها في غير محاباةٍ ; لنّه لم ينتفع بالقرض بل بالجارة ،وإن شرط في صلب العقد أن ينتفع بها المرتهن فالشّرط فاسد ; لنّه ينافي مقتضى العقد .أمّا المركوب ،والمحلوب ،فللمرتهن أن ن من الرّاهن ينفق عليه ،ويركب ،ويحلب بقدر نفقته متح ّريًا العدل -من غير استئذا ٍ بالنفاق ،أو النتفاع -سواء تعذّر إنفاق الرّاهن أم لم يتعذّر .واستدلّوا بحديث { الظّهر يركب بنفقته إذا كان مرهونًا ،ولبن ال ّدرّ يشرب بنفقته إذا كان مرهونًا ،وعلى الّذي يركب ويشرب النّفقة } .وقالوا :إنّ قوله صلى ال عليه وسلم { :بنفقته } يشير إلى النتفاع بعوض النّفقة ،ويكون هذا في حقّ المرتهن ،أمّا الرّاهن فإنفاقه وانتفاعه ليسا بسبب الرّكوب وشرب ال ّدرّ ،بل بسبب الملك .فإن لم يتّفقا على النتفاع بالعين المرهونة في غيرهما لم يجز النتفاع بها ،فإن كان دارًا أغلقت ،وإن كانت حيوانًا تعطّلت منافعه حتّى يفكّ الرّهن . وقال الشّافعيّة :ليس للمرتهن في المرهون إلّ حقّ الستيثاق فيمنع من كلّ تصرّفٍ أو انتفاعٍ بالعين المرهونة ،أمّا الرّاهن فله عليها كلّ انتفاعٍ ل ينقص القيمة كالرّكوب ودرّ اللّبون ، والسّكنى والستخدام ،لحديث { :الظّهر يركب بنفقته إذا كان مرهونًا } ،وحديث { :الرّهن مركوب ومحلوب } .وقيس على ذلك ما أشبهه من النتفاعات .أمّا ما ينقص القيمة كالبناء ل بذلك على الرض المرهونة والغرس فيها فل يجوز له إلّ بإذن المرتهن ; لنّ الرّغبة تق ّ عند البيع . تصرّف الرّاهن في المرهون : - 17ل خلف بين الفقهاء في أنّه ليس للرّاهن التّصرّف في المرهون بعد لزوم العقد بما يزيل الملك كالبيع ،والهبة والوقف ،أو يزحم المرتهن في مقصود الرّهن ،كالرّهن عند ل بإذن المرتهن .فإن تصرّف بما ذكر فتصرّفه آخر ،أو يقلّل الرّغبة في المرهون ،إ ّ ق المرتهن في الوثيقة ،فلم يصحّ بغير موقوف على إجازة المرتهن ،لنّه تصرّف يبطل ح ّ ح التّصرّف ،وبطل الرّهن إن كان التّصرّف ممّا ليس فيه للمرهون بدل إذنه ،فإن أذن له ص ّ ن المنع كان لحقّه وقد زال كالوقف ،والهبة ،ويسقط حقّ المرتهن في حبس المرهون .ل ّ بإذنه .وإن كان للمرهون بدل كالبيع ففيه تفصيل :فإن كان الذن مطلقًا ،والدّين مؤجّلًا ل ثمن العين صحّ البيع وبطل الرّهن لخروج المرهون من ملك الرّاهن بإذن المرتهن ،ول يح ّ ق المرتهن من ثمن المرهونة محلّها لعدم حلول الدّين .أمّا إذا كان حالّا عند الذن قضى ح ّ المرهون ،وحمل إذنه على البيع من غرضه لمجيء وقته ; ولنّ مقتضى الرّهن بيعه والستيفاء منه ،ول يبطل الرّهن ،فيكون الرّاهن محجورًا في ثمن المرهون إلى وفاء الدّين .وإن شرط في الذن أن يقضى الدّين من ثمن المرهون صحّ البيع للذن ،ولغا الشّرط ;
ن التّأجيل أخذ قسطًا من الثّمن وهو ل يجوز ،ويكون الثّمن رهنًا مكان المرهون ; لنّ لّ ل طامعًا في وفاء الدّين من ثمنه فلم يسقط حقّه منه مطلقًا ،وإلى المرتهن لم يأذن في البيع إ ّ هذا ذهب الحنابلة .وقال الشّافعيّة :إن شرط في إذن البيع أن يكون الثّمن رهنًا لم يصحّ البيع سواء أكان الدّين حالّا أم مؤجّلًا لفساد الذن بفساد الشّرط .وقال الحنفيّة :إذا باع الرّاهن وأجاز المرتهن البيع جاز ; لنّ توقيف البيع لحقّه ،وقد رضي بسقوطه ،وإن نفذ البيع بإجازة المرتهن ينتقل حقّه إلى بدله لنّ حقّه بالماليّة ،وللبدل حكم البدل ،وإن لم يجز ح الرّوايتين في المذهب ،وللمشتري الخيار بين أن يصبر المرتهن البيع يبقى موقوفًا في أص ّ حتّى يفكّ الرّاهن المرهون ،وبين أن يرفع المر إلى الحاكم فيفسخ البيع لفوات القدرة على ن الحقّ الثّابت للمرتهن بمنزلة الملك فصار التّسليم ،وفي روايةٍ :للمرتهن فسخ البيع ل ّ كالمالك ،له أن يفسخ أو يجيز .وعن أبي يوسف :إن شرط المرتهن في الجازة أن يكون الثّمن رهنًا فهو رهن ،لنّه إذا أجاز بهذا الشّرط لم يرض ببطلن حقّه عن العين ،إلّ أن يكون متعلّقًا بالبدل ،فإن لم يشترط ذلك فقد سقط حقّه عن المرهون ،والثّمن ليس بمرهونٍ حتّى يتعلّق به حقّ .وقال المالكيّة :إن أذن المرتهن للرّاهن بالبيع بطل الرّهن عن العين المرهونة ،وحلّ مكانها الثّمن رهنًا إن لم يأت الرّاهن برهنٍ كالوّل . اليد على المرهون : - 18اليد على المرهون بعد لزوم العقد للمرتهن ; لنّ الرّهن الرّكن العظم للتّوثيق ،وليس للرّاهن استرداده إلّ برضا المرتهن أو بأداء الدّين وإن اتّفقا على أن يجعله في يد ثالثٍ جاز ،وكان وكيلًا للمرتهن في قبضه ; لنّ كلّا منهما قد ل يثق بصاحبه ،وهذا محلّ اتّفاقٍ بين الفقهاء .وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ يد المرتهن على العين المرهونة يد أمانةٍ ،فل يضمن إن تلفت بغير تعدّ منه لحديث { :ل يغلق الرّهن لصاحبه غنمه وعليه غرمه } . لنّنا لو ضمّنّاه لمتنع النّاس من فعله خوفًا من الضّمان ،ولتعطّلت المداينات وفيه ضرر عظيم ،ولنّه وثيقة بالدّين فل يضمن كالزّيادة على الدّين ،إلّ بالتّعدّي أو التّفريط .وقال ن ،فيضمن المرتهن إن هلك بيده بالقلّ من قيمته ومن الدّين ،فإن الحنفيّة :إنّها يد ضما ٍ تساويا كان المرتهن مستوفيًا حقّه ،وإن زادت قيمة المرهون كانت الزّيادة أمان ًة بيده ،وإن نقصت عنها سقط بقدره من الدّين ،ورجع المرتهن بالفضل على الرّاهن .واستدلّوا بما ورد ح أنّه حدّث { أنّ رجلًا رهن فرسًا ،فنفق في يده ،فقال رسول اللّه عن عطاء بن أبي ربا ٍ صلى ال عليه وسلم للمرتهن :ذهب حقّك } .وقالوا أيضًا :أجمع الصّحابة رضي ال عنهم على أنّ الرّهن مضمون ،وإن اختلفوا في كيفيّته .ول فرق عندهم بين أن يكون المرهون مالًا ظاهرًا كالحيوان والعقار ،وبين أن يكون مالًا باطنًا يمكن إخفاؤه كالحليّ والعروض ،
وبين أن يقيم شهادةً بهلكها بل تفريطٍ ،وبين ألّ يقيم على ذلك شهادةً .أمّا إن هلك المرهون بتع ّد منه فإنّه يضمن ضمان الغصب .وفرّق المالكيّة بين ما يمكن إخفاؤه كالحليّ والعروض ،وبين ما ل يمكن إخفاؤه كالحيوان والعقار ،فيضمن الوّل إن لم يكن المرهون عند أمين ، أو لم يقم بيّن ًة على هلكه بل تفريطٍ منه ،ول يضمن الثّاني إلّ بتفريطٍ منه . مؤنة المرهون : - 19ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ مؤنة المرهون على الرّاهن كعلف الحيوان ،وسقي الشجار ،وجذاذ الثّمار وتجفيفها ،وأجرة مكان الحفظ ،والحارس ،ورعي الماشية وأجرة الرّاعي ونحو ذلك ،لقوله صلى ال عليه وسلم { :ل يغلق الرّهن من راهنه الّذي رهنه ، عليه غرمه ،وله غنمه } .ولنّه ملكه ،فوجب عليه ما يحتاج لبقاء الرّهن .وقال الحنفيّة : ن ما يحتاج إليه لمصلحة الرّهن بنفسه أو تبعيّته كعلف الدّابّة ،وأجرة الرّاعي ،وسقي إّ البستان فعلى الرّاهن ،وما يحتاج لحفظ المرهون كمأوى الماشية ،وأجرة الحفظ فعلى ن حبس المرهون له . المرتهن ،ل ّ المتناع من بذل ما وجب : - 20إذا امتنع من وجبت عليه مؤنة المرهون أجبره الحاكم عليه ،فإن أصرّ فعله الحاكم من ماله بقدر الحاجة ،وإن قام المرتهن بالمؤنة بغير إذن الحاكم صار متط ّوعًا فل يرجع على الرّاهن بشيءٍ ،وإن قام بالمؤنة بإذن الحاكم ،أو أشهد على النفاق عند فقد الحاكم وامتناع من وجب عليه المؤنة أو كان غائبًا عن البلد رجع بما أنفقه عليه .وقال المالكيّة :يرجع المرتهن على الرّاهن بما أنفقه وإن لم يأذن له الحاكم أو الرّاهن . ما يبطل به عقد الرّهن قبل اللّزوم : ف يزيل الملك كالبيع - 21يبطل الرّهن قبل القبض برجوع الرّاهن عن الرّهن بالقول وبتص ّر ٍ والصداق ،وجعله أجرةٍ ورهنه عند آخر مع القبض ،وهبةٍ ،ووقفٍ ; لنّه أخرجه عن إمكان استيفاء الدّين من ثمنه ،أمّا موت أحد المتعاقدين قبل القبض وجنونه ،وتخمّر العصير ،وشرود العين المرهونة قبل اللّزوم فل يبطل ،أمّا في الموت :فلنّ مصير الرّهن إلى اللّزوم فل يتأثّر بموته كالبيع في زمن الخيار ،فيقوم وارث الرّاهن مقامه في القباض ، ي بما فيه ووارث المرتهن في القبض ،أمّا المجنون ونحوه فكالموت بل أولى فيعمل الول ّ المصلحة له ،من الجازة أو الفسخ والرّجوع عن العقد .وقال المالكيّة :يبطل العقد بموت الرّاهن ،وفلسه ومرضه وجنونه المتّصلين بالموت قبل الحوز ،وإذنه بسكنى الدّار أو إجارة العين المرهونة ،ولو لم يسكن .
ما يبطل به الرّهن بعد لزوم العقد : - 22يبطل العقد بعد لزومه :بتلف المرهون بآف ٍة سماوّيةٍ أو بفعل من ل يضمن كحربيّ ، ن الحقّ له ،والعقد جائز من جهته ،وبالبراءة من الدّين لفواته بل بدلٍ ،وبفسخ المرتهن ل ّ بأداءٍ أو إبراءٍ أو حوالةٍ به أو عليه ،وبتصرّف الرّاهن بإذن المرتهن بما يزيل الملك ، ن عند غير المرتهن كالهبة ،والوقف ،والبيع ،أو إجار ٍة يحلّ الدّين قبل انقضاء مدّتها ،وره ٍ بإذنه أيضًا . الشّرط في عقد الرّهن : - 23الشّرط في عقد الرّهن كالشّرط في البيع فإن شرط فيه مقتضى العقد كتقدّم المرتهن بالمرهون عند تزاحم الغرماء وكون المرهون في يد المرتهن ،صحّ العقد ،وإن شرط فيه ل بأكثر من ثمن المثل ما ينافي مقتضى العقد ،كأن ل يباع عند الحاجة إلى البيع أو ل يباع إ ّ ،أو أن يكون المرهون بيد الرّاهن ونحو ذلك ممّا يضرّ المرتهن أو الرّاهن بطل الشّرط لمنافاته مقصود الرّهن ومقتضاه ،ويبطل العقد لفساد الشّرط . استحقاق بيع المرهون : - 24إذا حلّ الدّين لزم الرّاهن بطلب المرتهن إيفاء الدّين لنّه دين حالّ فلزم إيفاؤه كالّذي ل رهن به ،فإن وفى الدّين جميعه في ماله غير المرهون انفكّ المرهون ،فإن لم يوف كلّ الدّين أو بعضه ،وجب عليه بيع المرهون بنفسه أو بوكيله بإذن المرتهن ; لنّ له حقّا فيه ، ويقدّم في ثمنه المرتهن على سائر الغرماء ،وهذا محلّ اتّفاقٍ بين الفقهاء .فإن امتنع عن وفاء الدّين وبيع المرهون لداء الدّين من ثمنه أمره الحاكم بوفاء الدّين من ماله ،أو بيع المرهون ،وأدائه من ثمنه فإن أصرّ على المتناع من كل المرين عزّره الحاكم بالحبس أو الضّرب ليبيع المرهون ،فإن لم يفعل باع الحاكم المرهون ،وقضى الدّين من ثمنه لنّه تعيّن طريقًا لداء الواجب ،وإلى هذا ذهب الشّافعيّة والحنابلة .وقال المالكيّة :ل يضرب ،ول يحبس ،ول يهدّد بهما ،بل يقتصر الحاكم على بيع المرهون وأداء الدّين من ثمنه .وقال الحنفيّة :للمرتهن مطالبة الرّاهن بدينه ،وإن كان الرّهن بيده ،وأن يطالب بحبسه لدينه لنّ حقّه باقٍ بعد الرّهن ،والرّهن لزيادة التّوثيق والصّيانة فل تمتنع به المطالبة ،والحبس جزاء الظّلم ،وحبسه القاضي إن ظهر مطله ،ول يبيع القاضي المرهون لنّه نوع حجرٍ ، وفي الحجر إهدار أهليّته ،فل يجوز ،ولكنّه يديم الحبس عليه حتّى يبيعه دفعًا للظّلم ( .ر : حجر ) .
رواتب انظر :راتب . رواج . التّعريف - 1الرّواج اسم من راج يروج روجًا ورواجًا بمعنى أسرع .ويقال :راج الشّيء أي نفق وكثر طلّابه .وراجت الدّراهم رواجًا :كثر تعامل النّاس بها .ول يخرج المعنى الصطلحيّ له عن المعنى اللّغويّ . الحكم الجماليّ : - 2للرّواج أثر في تعيين النّقود والثّمن في العقود ،وهو قرينة دالّة على إرادة الطّرفين حال إطلق الثّمن في البيوع ،فقد ذكر الفقهاء أنّه يشترط لصحّة البيع أن يكون الثّمن معلومًا ، ن الجهالة تفضي إلى المنازعة فل يحصل المقصود من شرعيّة العقد ل فسد العقد ; ل ّ وإ ّ المبنيّ على التّراضي .وإذا ذكر مقدار الثّمن ولم يبيّن نوعه وصفته ،كأن قال :بعتك هذه ح العقد ، السّلعة بألف دينا ٍر مثلًا ،فإذا كان في البلد المعقود فيه نقد واحد يتعامل النّاس به ص ّ وانصرف إلى ذلك النّقد الرّائج في البلد ; لنّه تعيّن بانفراده وعدم مشاركة غيره له ،فل جهالة .كذلك إذا كان في البلد نقود متعدّدة -مختلفة في الماليّة أو متساوية فيها -لكنّ ح البيع وانصرف الطلق إلى النّقد الرّائج ; لدللة القرينة الحاليّة أحدها غالب رواجًا ص ّ ن المعلوم بالعرف كالمعلوم بالنّصّ . على إرادته ،فكأنّه معيّن ،ل ّ ح البيع إذا أطلق الثّمن وكان في البلد نقود متعدّدة مستوية في القيمة الماليّة - 3كما يص ّ والرّواج ،وفي هذه الحالة يخيّر المشتري في أن يؤدّي أيّهما شاء ،وجبر البائع على قبول ن الجهالة في هذه الحالة ل تؤدّي إلى المنازعة .أمّا إذا أطلق الثّمن ولم ما يدفع له منها ; ل ّ يبيّن نوعه ول صفته ،وكان في البلد نقود مختلفة في القيمة والماليّة ومتساوية في الرّواج ن جهالة وصف الثّمن في هذه الحالة تفضي إلى المنازعة ، فإنّ البيع يفسد اتّفاقًا ; ل ّ فالمشتري يريد دفع الدون والبائع يطلب الرفع ; ولعدم إمكان الصّرف إلى أحدها دون الخر لما فيه من التّحكّم عند التّساوي في الرّواج .وإذا لم يمكن الصّرف إلى أحدها والحالة أنّها متفاوتة الماليّة جاءت الجهالة المفضية إلى المنازعة فيفسد البيع ،وهذا عند الجميع .ثمّ ح ،لرتفاع قال الحنفيّة :إن ارتفعت الجهالة ببيان أحدها في المجلس وبرضا الخر ص ّ المفسد قبل تقرّره .وتفصيل هذه المسائل في مصطلح ( :نقود ) . روث . التّعريف
- 1الرّوث لغ ًة :رجيع ( فضلة ) ذي الحافر ،واحده روثة والجمع أرواث .ويستعمل الفقهاء هذا اللّفظ بأوسع من ذلك فيطلق عندهم على رجيع ذي الحافر وغيره كالبل والغنم . وقريب منه الخثي ،والخثي للبقر ،والبعر للبل والغنم ،والذّرق للطّيور .والعذرة للدميّ ،والخرء للطّير والكلب والجرذ والنسان .والسّرجين أو السّرقين هو رجيع ما سوى النسان . حكم الرّوث من حيث الطّهارة والنّجاسة : ن روث ما يؤكل لحمه طاهر .وبهذا قال - 2يرى المالكيّة والحنابلة والشّافعيّة في وجهٍ أ ّ ن النّبيّ صلى ال عليه وسلم كان يصلّي في عطاء والنّخعيّ والثّوريّ ،واستدلّوا بما روي { أ ّ مرابض الغنم .وقال :صلّوا في مرابض الغنم } .وصلّى أبو موسى في موضعٍ فيه أبعار الغنم فقيل له :لو تقدّمت إلى هاهنا .قال :هذا وذاك واحد .ولم يكن للنّبيّ صلى ال عليه وسلم وأصحابه ما يصلّون عليه من الوطئة والمصلّيات وإنّما كانوا يصلّون على الرض ، ومرابض الغنم ل تخلو من أبعارها وأبوالها ; ولنّه متحلّل معتاد من حيوانٍ يؤكل لحمه فكان طاهرًا .أمّا روث غير مأكول اللّحم فنجس عند هؤلء الفقهاء ،وقد صرّح المالكيّة بنجاسة روث مكروه الكل كمحرّمه وإن لم يستعمل النّجاسة .وقال الحنفيّة والشّافعيّة -على المذهب -بنجاسة الرّوث من جميع الحيوانات المأكول اللّحم وغيرها . ثمّ اختلف الفقهاء في صفة نجاسة الرواث :فعند أبي حنيفة هي نجسة نجاسةً غليظةً ،وعند أبي يوسف ومح ّمدٍ نجاسةً خفيف ًة .وذكر الكرخيّ أنّ النّجاسة الغليظة عند أبي حنيفة ما ورد ل على طهارته ،وإن اختلف العلماء فيه ل على نجاسته ،ولم يرد نصّ معارض له يد ّ نصّ يد ّ .والخفيفة ما تعارض نصّان في طهارته ونجاسته .وعند أبي يوسف ومح ّمدٍ الغليظة ما وقع التّفاق على نجاسته .والخفيفة ما اختلف العلماء في نجاسته وطهارته . - 3بنا ًء على هذا الصل فالرواث كلّها نجسة نجاسةً غليظةً عند أبي حنيفة لنّه ورد نصّ ن النّبيّ صلى ال عليه يدلّ على نجاستها وهو حديث ابن مسعو ٍد رضي ال عنه قال { :إ ّ وسلم طلب منه أحجار الستنجاء فأتى بحجرين وروثةٍ فأخذ الحجرين ورمى بالرّوثة وقال : ص معارض ،وإنّما قال بعض العلماء بطهارتها بالرّأي هذا ركس } أي :نجس .وليس له ن ّ ص فكانت نجاستها غليظةً .وعلى قول الصّاحبين والجتهاد ،والجتهاد ل يعارض النّ ّ ن في الرواث ضرورةً ،وعموم ن العلماء اختلفوا فيها .كما أ ّ نجاسة ما يؤكل لحمه خفيفة ل ّ البليّة لكثرتها في الطّرقات فتتعذّر صيانة الخفاف والنّعال عنها ،وما عمّت بليّته خفّت قضيّته .ويتفرّع عن اختلف الصلين أنّه إذا أصاب الثّوب من الرّوث أكثر من قدر درهمٍ لم تجز
الصّلة فيه عند أبي حنيفة .وقال الصّاحبان :يجزئه حتّى يفحش ،ول فرق عندهما بين ل ما يعتبر فيه الفاحش فهو مقدّر بالرّبع في قول مح ّمدٍ وهو المأكول وغير المأكول .وفي ك ّ رواية عن أبي حنيفة .وقال أبو يوسف :شبر في شبرٍ .وفي رواية ذراع في ذراعٍ . وروي عن مح ّمدٍ في الرّوث أنّه ل يمنع جواز الصّلة وإن كان كثيرًا فاحشًا .وقيل :إنّ هذا آخر أقاويله حين كان بالرّيّ وكان الخليفة بها ،فرأى الطّرق والخانات مملوءةً من الرواث وللنّاس فيها بلوًى عظيمة .وعند المالكيّة يعفى عمّا أصاب الخفّ والنّعل من أرواث الدّوابّ ب كثيرًا ; لعسر الحتراز من ذلك ،بخلف وأبوالها في الطّرق والماكن الّتي تطرقها الدّوا ّ ما أصاب غير الخفّ والنّعل كالثّوب والبدن فل عفو .أمّا الشّافعيّة فنجاسة الرّوث عندهم ل ل إذا كانت ممّا ل يدركه الطّرف فيعفى عنها في قولٍ .وعند المام أحمد يعفى يعفى عنها إ ّ عن يسير فضلت سباع البهائم وجوارح الطّير والبغل والحمار .وظاهر مذهب أحمد أنّ س .وقال ابن أبي ليلى :السّرقين ليس اليسير ما ل يفحش في القلب .وهو قول ابن عبّا ٍ بشي ٍء ،قليله وكثيره ل يمنع الصّلة ; لنّه وقود أهل الحرمين ولو كان نجسًا لما استعملوه ، كما لم يستعملوا العذرة .ولتفصيل ذلك انظر مصطلح ( :نجاسة ) . الستنجاء بالرّوث : - 4ذهب الشّافعيّة والحنابلة والمالكيّة في قولٍ والثّوريّ وإسحاق إلى عدم جواز الستنجاء بالرّوث طاهرًا كان أو غير طاهرٍ .واستدلّ هذا الفريق من الفقهاء على ما ذهبوا إليه بما يأتي : - 1حديث أبي هريرة رضي ال عنه قال { :اتّبعت النّبيّ صلى ال عليه وسلم وخرج لحاجته فقال :ابغني أحجارًا أستنفض بها أو نحوه ول تأتني بعظمٍ ول روثٍ } . - 2حديث سلمان رضي ال عنه قال { :نهى رسول اللّه صلى ال عليه وسلم عن الرّوث والعظام } .ولنّ الرّوث نجس في نفسه عند من قال بنجاسته والنّجس ل يزيل النّجاسة . وقال المالكيّة :ل يجوز الستنجاء بالرّوث النّجس ويجوز بالطّاهر منه مع الكراهة ; لنّ ن يرجع علفًا كما كان عليه .ويرى الحنفيّة كراهة الستنجاء بالرّوث الرّوث طعام دوابّ الج ّ ن النّصّ الوارد في الستنجاء بالحجار معلول بمعنى الطّهارة ،وقد حصلت بالرّوث كما لّ تحصل بالحجار ،إلّ أنّه كرهه بالرّوث لما فيه من استعمال النّجس وإفساد علف دوابّ الجنّ . -5ثمّ اختلف الفقهاء في العتداد بالستنجاء بالرّوث :فذهب الحنفيّة والمالكيّة وابن تيميّة ن من خالف واستنجى بالرّوث يعتدّ به إن حصل به النقاء .قال الكاسانيّ :فإن فعل إلى أ ّ ذلك ( استنجى بالرّوث ) يعتدّ به عندنا ،فيكون مقيمًا سنّ ًة ( سنّة الستنجاء ) ومرتكبًا كراهةً
،ويجوز أن يكون لفعلٍ واحدٍ جهتان مختلفتان فيكون بجه ٍة كذا وبجهةٍ كذا .ويرى الشّافعيّة ن من خالف واستنجى بالرّوث لم يصحّ .واستدلّوا بحديث ابن مسعودٍ وجمهور الحنابلة أ ّ ن الزّاد من رسول اللّه صلى ال عليه وسلم فقال :لكم كلّ رضي ال عنه { في سؤال الج ّ عظمٍ ذكر اسم اللّه عليه يقع في أيديكم ،أوفر ما يكون لحمًا ،وكلّ بعر ٍة علف لدوابّكم فقال رسول اللّه صلى ال عليه وسلم :فل تستنجوا بهما ،فإنّهما طعام إخوانكم } .والنّهي يقتضي الفساد وعدم الجزاء . صحّة -6أمّا من استنجى بالرّوث ثمّ استنجى بعده بمباحٍ كحجرٍ فقد اختلف من يرى عدم ال ّ من الفقهاء فيه على التّجاهات التّالية : - 1عدم الجزاء مطلقًا ،وهو الصّحيح عند جمهور الشّافعيّة وهو قول عند الحنابلة ،وبناءً على هذا التّجاه يتعيّن الستنجاء بالماء بعده . ل من الشّافعيّة والحنابلة . - 2الجزاء مطلقًا وهو قول عند ك ّ - 3الجزاء إن أزال شيئًا ،وهو قول ذكره ابن حمدان الحنبليّ في الرّعاية الكبرى واختاره س من الجمادات .وللتّفصيل ( ر :استجمار ، .وأجاز ابن جريرٍ الستنجاء بكلّ طاهرٍ ونج ٍ استنجاء ) . بيع الرّوث : - 7اختلف الفقهاء في حكم بيع الرّوث ،وينظر التّفصيل في بحث ( زبل ) . ريبة . التّعريف شكّ والتّهمة ،وجمعها ريب كسدرةٍ - 1الرّيبة اسم مأخوذ من الرّيب ،وهي في اللّغة ال ّ وسدر .ول يخرج المعنى الصطلحيّ للرّيبة عن المعنى اللّغويّ . ( الحكم التّكليفيّ ) : - 2يندب ترك ما من شأنه أن يوقع في الرّيبة ،والخذ بما ل يوقع فيها ،للحديث الّذي ن رسول اللّه صلى ال عليه وسلم قال { :دع ما رواه الحسن بن عليّ رضي ال عنهما أ ّ يريبك إلى ما ل يريبك } .فإنّ المر فيه للنّدب ; لنّ توقّي الشّبهات مندوب ل واجب على الصحّ .ومعنى الحديث اترك ما تشكّ فيه من الشّبهات واعدل إلى ما ل تشكّ فيه من ن { من اتّقى الشّبهات استبرأ لدينه وعرضه } .كما في الحديث .فمن أشكل الحلل ،ل ّ عليه شيء والتبس ولم يتبيّن أنّه من أي القبيلين هو ،فليتأمّل فيه فإن وجد ما تسكن إليه نفسه ويطمئنّ به قلبه وينشرح له صدره فليأخذ به وإلّ فليدعه ،وليأخذ بما ل شبهة فيه ول ريبة ،
ويسأل المجتهدين إن كان من المقلّدين وهذا هو طريق الورع والحتياط .وينبغي للمام اجتناب الرّيبة في الرّعيّة ،وعدم تتبّع العورات ; لنّه إن فعل ذلك أفسدهم لقوله صلى ال ن المير إذا ابتغى الرّيبة في النّاس أفسدهم } .ومقصود الحديث حثّ المام عليه وسلم { :إ ّ ن بذلك يقوم النّظام ويحصل النتظام .والنسان قلّما على التّغافل ،وعدم تتبّع العورات .فإ ّ ل ما قالوه أو فعلوه اشتدّت عليهم الوجاع واتّسع المجال ،بل يسلم من عيبه فلو عاملهم بك ّ يستر عيوبهم ويتغافل ويصفح ول يتّبع عوراتهم ول يتجسّس عليهم .وأمّا ظنّ السّوء والخيانة بمن شوهد منه السّتر والصّلح فحرام شرعًا ،بخلف من اشتهر بين النّاس بتعاطي الرّيب والمجاهرة بالخبائث ،لقوله تعالى { :يا أيّها الّذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظّنّ إنّ ن أكذب الحديث } . ن فإنّ الظّ ّ ن إثم } .ولقوله صلى ال عليه وسلم { :إيّاكم والظّ ّ بعض الظّ ّ ل المسلم على المسلم حرام :دمه ،وماله ، ولما روي عن النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :ك ّ وعرضه } .والظّنّ في الشّريعة قسمان :محمود ومذموم ،فالمحمود منه ما سلم معه دين الظّانّ ،وسلم أيضًا المظنون به عند علمه بذلك الظّنّ .والمذموم ضدّه بدللة قوله تعالى : ن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم { إنّ بعض الظّنّ إثم } ،وقوله تعالى { :لول إذ سمعتموه ظ ّ خيرًا } ،وقوله { :وظننتم ظنّ السّوء وكنتم قومًا بورًا } .وقال النّبيّ صلى ال عليه وسلم : { إذا كان أحدكم مادحًا ل محالة فليقل أحسب كذا وكذا إن كان يرى أنّه كذلك ،واللّه حسيبه ،ول يزكّي على اللّه أحدًا } .وقال { :إذا حسدت فاستغفر ،وإذا ظننت فل تحقّق ، ن الظّنّ القبيح بمن ظاهره الخير ي :وأكثر العلماء على أ ّ وإذا تطيّرت فامض } .قال المهدو ّ ن القبيح بمن ظاهره القبح . ل يجوز ،وأنّه ل حرج في الظّ ّ ( آثار الرّيبة ومواطن البحث ) : - 3يظهر أثر الرّيبة في كثيرٍ من مسائل الفقه ،فيظهر أثرها في الفقر والمسكنة كما لو كان ل ببيّنةٍ - .ويظهر ظاهر من يدّعي ذلك مخالفًا لدعواهما فتلك ريبة تكذّب دعواهما فل تقبل إ ّ أثرها أيضًا في الوصيّة بمعنى اليصاء كما لو ظهر للحاكم ريبة في الوصيّ ،فإنّه يجوز له أن يضمّ إليه مع ّينًا بمجرّد الرّيبة كما أفتى السّبكيّ . شكّ كما ذكر الحنفيّة ،وذكر المالكيّة وتؤثّر الرّيبة أيضًا في العدّة فإنّها أي العدّة تثبت بال ّن المستحاضة إذا لم تميّز دم المرض من دم الحيض ،أو تأخّر الحيض بل سببٍ ظاهرٍ من أّ رضاعٍ أو استحاض ٍة ،أو مرضت المطلّقة فتأخّر حيضها بسببه قبل الطّلق أو بعده ، تربّصت تسعة أشهرٍ استبراءً على المشهور لزوال الرّيبة لنّها مدّة الحمل غالبًا .وفي كونها تعتبر من يوم الطّلق أو من يوم ارتفاع حيضها قولن ،وقالوا في المعتدّة من طلقٍ أو وفاةٍ
إن ارتابت في الحمل ،أنّها تتربّص إلى أقصى أمد الحمل ،وفي كونها تتربّص أربع سنين أو خمسًا خلف .وذكر الشّافعيّة -كما جاء في المنهاج -أنّه لو ظهر في عدّة أقراءٍ أو أشهرٍ حمل من الزّوج اعتدّت بوضعه ،ول اعتبار بما مضى من القراء أو الشهر لوجود الحمل ،ولو ارتابت في العدّة المذكورة لثقلٍ وحرك ٍة تجدهما ،لم تنكح آخر بعد تمامها حتّى تزول الرّيبة .وذكر الحنابلة أنّ المعتدّة إذا ارتابت بأن ترى أمارات الحمل من حركةٍ أو نفخ ٍة ونحوهما وشكّت .هل هو حمل أم ل ؟ فل يخلو ذلك من ثلثه أحوالٍ :أحدها :أن تحدث بها الرّيبة قبل انقضاء عدّتها وفي هذه الحالة تبقى في حكم العتداد حتّى تزول الرّيبة ،فإن بان حملًا انقضت عدّتها بوضعه ،فإن زالت وبان أنّه ليس بحم ٍل تبيّنّا أنّ عدّتها انقضت بالقروء أو الشهر ،فإن زوّجت قبل زوال الرّيبة فالنّكاح باطل ; لنّها تزوّجت وهي ح النّكاح ،لنّا تب ّينّا في حكم المعتدّات في الظّاهر ،ويحتمل أنّه إذا تبيّن عدم الحمل أنّه يص ّ أنّها تزوّجت بعد انقضاء عدّتها .الثّاني :أن تظهر بها الرّيبة بعد انقضاء عدّتها وزواجها ، فالنّكاح صحيح لوجوده بعد انقضاء العدّة ظاهرًا ،والحمل مع الرّيبة مشكوك فيه فل يزول شكّ في صحّة النّكاح ،ولنّه ل يحلّ لمن به ما حكم بصحّته ،لكن ل يحلّ لزوجها وطؤها لل ّ يؤمن باللّه واليوم الخر أن يسقي ماءه زرع غيره .ثمّ ننظر فإن وضعت الولد لقلّ من ستّة أشهرٍ منذ تزوّجها الثّاني ووطئها فنكاحه باطل لنّه نكحها وهي حامل ،وإن أتت به لكثر من ذلك فالولد ل حقّ به ونكاحه صحيح .الثّالث :أن تحدث بها الرّيبة بعد انقضاء العدّة ل النّكاح لها وجهان أحدهما :عدم الحلّ ،فإن تزوّجت فالنّكاح باطل لنّها وقبل النّكاح ففي ح ّ شكّ في انقضاء العدّة فلم يصحّ ،كما لو وجدت الرّيبة في العدّة ،ولنّنا لو تتزوّج مع ال ّ ل لها النّكاح صحّحنا النّكاح لوقع موقوفًا ،ول يجوز كون النّكاح موقوفًا .والثّاني :يح ّ ل النّكاح ،وسقوط النّفقة والسّكنى ،فل يجوز زوال ح لنّنا حكمنا بانقضاء العدّة ،وح ّ ويص ّ شكّ الطّارئ ،ولهذا ل ينقض الحاكم ما حكم به بتغيّر اجتهاده ورجوع الشّهود . ما حكم به لل ّ وتؤثّر الرّيبة أيضًا في الشّهادة على الدّم ،كما لو ادّعى الوليّ القتل على رجلين ،وشهد له شاهدان فبادر المشهود عليهما وشهدا على الشّاهدين بأنّهما القاتلن ،وذلك يورث ريبةً للحاكم فيراجع الوليّ ويسأله احتياطًا - .ويندب للحاكم تفرقة الشّهود عند ارتيابه فيهم ،كما ذكر الشّافعيّة ويسأل كلّا ويستقصي ،ثمّ يسأل الثّاني كذلك قبل اجتماعه بالوّل ويعمل بما ن أصل ال ّردّ في الشّهادة مبناه التّهمة . غلب على ظنّه .والولى كون ذلك قبل التّزكية .ثمّ إ ّ هذا ،ويبحث عن المسائل الخاصّة بمصطلح ريبةٍ في :الزّكاة ،والوصيّة ،والعدّة ، والقضاء ،والشّهادة ،ويبحث عنها أيضًا في مصطلح ( :شكّ ) ومصطلح ( :تهمة ) .
ريح . التّعريف - 1الرّيح في اللّغة :الهواء المسيّر بين السّماء والرض ،والرّيح بمعنى الرّائحة :عرض طيّب من النّسيم ل على ال ّ يدرك بحاسّة الشّمّ ،يقال :ريح زكيّة .وقيل :ل يطلق اسم الرّيح إ ّ .أمّا الرّائحة فهي النّسيم ط ّيبًا كان أم نتنًا .وجمعها :رياح ،وأرواح ،وأراويح .ويستخدم لفظ ( الرّياح ) في الرّحمة ،ولفظ ( الرّيح ) في العذاب ،ومنه حديث { :اللّهمّ اجعلها رياحًا ول تجعلها ريحًا } .والرّيح :الهواء الخارج من أحد السّبيلين .ول يخرج المعنى الصطلحيّ عن هذه المعاني اللّغويّة . الحكام المتعلّقة بالرّيح :الدّعاء عند هبوب الرّيح : - 2يستحبّ للمرء عند هبوب الرّيح أن يسأل اللّه خيرها ويتعوّذ من شرّها ،ويكره سبّها لقوله صلى ال عليه وسلم { :الرّيح من روح اللّه تأتي بالرّحمة وبالعذاب ،فإذا رأيتموها فل تسبّوها ،وسلوا اللّه خيرها ،واستعيذوا باللّه من شرّها } .ويقول في دعائه { :اللّهمّ إنّي أسألك خيرها ،وخير ما فيها وخير ما أرسلت به ،وأعوذ بك من شرّها ،ومن شرّ ما فيها وشرّ ما أرسلت به } .ويقول { :اللّهمّ اجعلها رحمةً ،ول تجعلها عذابًا ،اللّهمّ اجعلها رياحًا ،ول تجعلها ريحًا } . الرّيح الخارج من السّبيلين : ن خروج ريحٍ من دبر النسان ينقض الوضوء لقوله صلى ال - 3ل خلف بين الفقهاء في أ ّ ت أو ريحٍ } .واختلفوا في نقضه إذا خرج من قبل عليه وسلم { :ل وضوء إلّ من صو ٍ المرأة أو من ذكر الرّجل .فذهب الشّافعيّة ،وبعض الحنابلة إلى أنّ خروج الرّيح من قبل ل من المرأة أو ذكر الرّجل ناقض للطّهارة ،لعموم قوله صلى ال عليه وسلم { :ل وضوء إ ّ ن الرّيح الخارج من القبل أو الذّكر ليس ح } .وقال الحنفيّة والمالكيّة :إ ّ صوتٍ أو ري ٍ ل النّجاسة فهو كالجشاء .وهو قول عند الحنابلة .والتّفصيل بناقضٍ ،لنّها ل تنبعث عن مح ّ في مصطلح ( :حدث ) . الستنجاء من الرّيح : - 4الرّيح الخارجة من الدّبر ليست بنجس ٍة ،فل يستنجى منها لقوله صلى ال عليه وسلم { : من استنجى من الرّيح فليس منّا } وقال أحمد :ليس في الرّيح استنجاء في كتاب اللّه ول في سنّة رسوله ،فهي طاهرة فل تنجّس سراويله المبتلّة إذا خرجت .والتّفصيل في ( استنجاء ) .
( وجوب إزالة ريح النّجاسة ) : - 5يجب إزالة ريح النّجاسة عند تطهير الشّيء المتنجّس ،وفي ذلك خلف وتفصيل ينظر في مصطلح ( :نجاسة ) . إخراج الرّيح في المسجد : - 6يكره إخراج الرّيح في المسجد وإن لم يكن فيه أحد لحديث { :إنّ الملئكة تتأذّى ممّا يتأذّى منه بنو آدم } .ويخرج من يفعل ذلك ،كما يكره حضور المسجد لمن أكل شيئًا له رائحة كريهة كالبصل النّيء ونحوه ،وتسقط عنه الجماعة إن تعذّر عليه إزالة ريحها ،ومثل ذلك من له صنان ،أو بخر ،لقوله صلى ال عليه وسلم { :من أكل من هذه الشّجرة فل يقربنّ مسجدنا } . ثبوت حدّ شرب الخمر بفوح ريحها من فمه : - 7ل يثبت حدّ شرب الخمر بوجود ريحها في فمه لحتمال أنّه تمضمض بها ،أو ظنّها ماءً فلمّا ذاقها مجّها ،أو أنّه تناول شيئًا آخر تشبه ريحه ريح الخمر ،والحتمال شبهة يسقط به الحدّ لقوله صلى ال عليه وسلم { :ادرءوا الحدود بالشّبهات } ،وإلى هذا ذهب أكثر أهل العلم .وقال المالكيّة :يثبت حدّ شرب الخمر بوجود الرّيح ،وهي إحدى روايتين عن أحمد ، ن ابن مسعودٍ رضي ال عنه ن الرّيح تدلّ على شربه للخمر فأجري مجرى القرار ،وأ ّ لّ جلد رجلًا وجد منه ريح الخمر .ولتفصيل ذلك انظر مصطلح ( :سكر ) . ب الرّيح ) : ( البول في مه ّ ل يصيبه رشاش النّجاسة ،ول يكره استقبال - 8يكره التّبوّل والتّغوّط في مهبّ الرّيح ; لئ ّ القبلة عند إخراج الرّيح ; لنّ النّهي عن استقبالها واستدبارها مقيّد بحالة قضاء الحاجة ،وهو منتفٍ في الرّيح . التّخلّف عن الجمعة والجماعة لشدّة الرّيح : ل اتّفاقٍ بين الفقهاء ،وذلك - 9يجوز التّخلّف عن الجماعة والجمعة لشتداد الرّيح ،وهو مح ّ للمشقّة ،ولقول النّبيّ صلى ال عليه وسلم في اللّيلة المطيرة وذات الرّيح { :أل صلّوا في الرّحال } .ولتفصيل ذلك ينظر مصطلح ( :صلة الجماعة ) . ريش . التّعريف
- 1الرّيش لغةً :كسوة الطّائر ،والواحدة ريشة ،وهو يقابل الشّعر في النسان ونحوه ، والصّوف للغنم ،والوبر للبل ،والحراشف للزّواحف ،والقشور للسماك ،والرّيش أيضًا اللّباس الفاخر ،والثاث ،والمال ،والخصب ،والحالة الجميلة .وجمعه أرياش ورياش . ول يخرج استعمال الفقهاء للكلمة عن المعنى اللّغويّ . ( اللفاظ ذات الصّلة ) :الشّعر والوبر والصّوف : - 2الشّعر :ما ينبت على الجسم ممّا ليس بصوفٍ ول وبرٍ للنسان وغيره .والشّعر يقابله الرّيش في الطّيور فهما متباينان . الحكام المتعلّقة بالرّيش : أ ( -طهارة الرّيش ) : - 3اتّفق الفقهاء على أنّ الرّيش يوافق الشّعر في أحكامه ،ومقيس عليه ،واتّفقوا على طهارة ريش الطّير المأكول حال حياته إذا كان متّصلًا بالطّير ،أمّا إذا نتف أو تساقط فيرى الجمهور -أيضًا -طهارته ،أمّا المالكيّة فيرون أنّ الطّاهر منه هو الزّغب ،وهو ما يحيط ن الرّيش المتساقط والمنتوف بقصب الرّيش ،أمّا القصب فنجس ،ويرى الشّافعيّة في روايةٍ أ ّ نجس ،لقوله صلى ال عليه وسلم { :ما قطع من البهيمة وهي حيّة فهي ميتة } ودليل الجمهور قوله تعالى { :ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثًا ومتاعًا إلى حينٍ } والرّيش مقيس عليها ،ولو قصر النتفاع على ما يكون على المذكّى لضاع معظم الشّعور والصواف سنّة فيهما بالكتاب ،فإنّ عموم قوله صلى ،قال بعضهم :وهذا .أحد موضعين خصّصت ال ّ ال عليه وسلم { :ما قطع من البهيمة وهي حيّة فهي ميتة } .خصّ بقوله تعالى { :ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها } .الية .ومذهب جمهور العلماء -في الجملة -طهارة ريش الطّير المأكول إذا مات .ولهم تفصيل في ذلك :قال صاحب الختيار من الحنفيّة :شعر الميتة وعظمها طاهر ،لنّ الحياة ل يحلّهما ،حتّى ل يتألّم الحيوان بقطعهما ،فل يحلّهما الموت ،وهو المنجّس ،وكذلك العصب والحافر والخفّ والظّلف والقرن والصّوف والوبر والرّيش والسّنّ والمنقار والمخلب لما ذكرنا ،لقوله تعالى { :ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثًا ومتاعًا إلى حينٍ } امتنّ بها علينا من غير فصلٍ بين المأخوذ من الحيّ أو الميّت .واستدلّوا أيضًا بقوله صلى ال عليه وسلم { في شاة ميمونة :رضي ال عنها إنّما ن ما عدا اللّحم ل يحرم ،فدخلت الجزاء حرم أكلها } وفي روايةٍ { لحمها } فدلّ على أ ّ ن المعهود فيها قبل الموت الطّهارة فكذا بعده ; المذكورة ،وفيها أحاديث أخر صريحة ; ول ّ لنّه ل يحلّها .وقيّدها في ال ّدرّ المختار :بأن تكون خالي ًة من الدّسومة .ومذهب المالكيّة ن الزّغب طاهر بالنّسبة لريش الميتة كمذهبهم بالنّسبة للرّيش المنتوف والمنفصل ،وهو أ ّ
ن ذلك مشروط بجزّ الزّغب ولو بعد نتف الرّيش ،ويستحبّ غسله بعد دون القصب ،ولك ّ جزّه .وكذا الحنابلة يوافقون الجمهور في طهارة ريش الميتة ،غير أنّهم يستثنون من ذلك أصول الرّيش إذا نتف سواء أكان رطبًا أم يابسًا ; لنّه من جملة أجزاء الميتة ،أشبه سائرها ن أصول الشّعر والرّيش جزء من اللّحم ،لم يستكمل شعرًا ول ريشًا .وفي روايةٍ ; ول ّ ن أصل الرّيش إذا كان رطبًا ،ونتف من الميتة ،فهو نجس ; لنّه رطب في أخرى للحنابلة أ ّ محلّ نجسٍ ،وهل يكون طاهرًا بعد غسله ؟ على وجهين :أحدهما :أنّه طاهر كرءوس الشّعر إذا تنجّس .والثّاني :أنّه نجس لنّه جزء من اللّحم لم يستكمل شعرًا ول ريشًا ،وهو ن ريش الميتة نجس ،لنّه جزء المعتمد كما سبق .ومذهب الشّافعيّة -في الصّحيح -أ ّ متّصل بالحيوان اتّصال خلقةٍ فنجس بالموت كالعضاء ،واستدلّوا بقوله تعالى { :حرّمت عليكم الميتة } وهذا عامّ يشمل الشّعر والرّيش وغيرهما .وذهب جماعة من السّلف إلى أنّ الرّيش ينجس بالموت ،ولكنّه يطهر بالغسل ،واستدلّوا بحديث أمّ سلمة { :ل بأس بمسك الميتة إذا دبغ ،ول بأس بصوفها وشعرها وقرونها إذا غسل بالماء } .أمّا الطّير غير المأكول فمذهب الحنفيّة والمالكيّة في ريشه كمذهبهم في ريش الطّير المأكول أنّه طاهر . وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى نجاسة ريش الطّير الميّت غير المأكول ،إلّ أنّ الحنابلة لهم ل حيوانٍ فشعره -أي وريشه -مثل بقيّة أجزائه ،ما تفصيل في ذلك .قال في المغني :وك ّ كان طاهرًا فشعره وريشه طاهر ،وما كان نجسًا فشعره -ريشه -كذلك ،ول فرق في ن الحيوانات الّتي حكمنا بطهارتها لمشقّة الحتراز منها ، حالة الحياة وحالة الموت ،إلّ أ ّ كالسّنّور وما دونه في الخلقة ،فيها بعد الموت وجهان :أحدهما :أنّها نجسة ،لنّها كانت طاهر ًة مع وجود علّة التّنجيس لمعارضٍ ،وهو الحاجة إلى العفو عنها للمشقّة ،وقد انتفت الحاجة ،فتنتفي الطّهارة .والثّاني :هي طاهرة ،وهذا أصحّ ; لنّها كانت طاهرةً في الحياة ،والموت ل يقتضي تنجيسها ،فتبقى الطّهارة . ن من حيّ : حكم الرّيش على عضوٍ مبا ٍ ي من الشّافعيّة :أنّه لو قطع جناح طائ ٍر مأكولٍ في حياته فما عليه من الرّيش - 4قال البغو ّ نجس تبعًا لميتته .وانظر التّفصيل في ( :شعر ) .حكم الرّيش على الجلد المدبوغ : - 5إذا دبغ جلد الميتة وعليه شعر ( أو ريش ) قال في المّ :ل يطهر لنّ الدّباغ ل يؤثّر في تطهيره .وروى الرّبيع بن سليمان الجيزيّ عن الشّافعيّ أنّه يطهر ; لنّه شعر -ريش -
نابت على جلدٍ طاهرٍ فكان كالجلد في الطّهارة ،كشعر الحيوان حال الحياة ،والوّل أصحّ عند الشّافعيّة .وينظر التّفصيل :في ( دباغ ) ( ،شعر ) . حكم الجناية على ريش الصّيد للمحرم أو في الحرم : - 6إن نتف المحرم ريش الصّيد أو شعره أو وبره فعاد ما نتفه فل شيء عليه ; لنّ النّقص زال ،أشبه ما لو اندمل الجرح ،فإن صار الصّيد غير ممتنعٍ بنتف ريشه ونحوه فكما لو جرحه جرحًا صار به غير ممتنعٍ -أي عليه جزاء جميعه -وإن نتفه فغاب ولم يعلم خبره فعليه نقصه .وينظر التّفصيل في ( :حرم ) ( ،صيد ) . الستنجاء بالرّيش : - 7ل يحرم الستنجاء بالرّيش إذا كان طاهرًا قالعًا ،ولو استنجى بشي ٍء منه وشكّ هل وجدت فيه تلك الشّروط أو ل ؟ فالمعتمد عند الشّافعيّة الجزاء .وينظر ( استنجاء ) ، ( شعر ) . السّلم في الرّيش ) : ح السّلم في الوبر والشّعر والصّوف والرّيش ما لم يعيّن حيوانها .انظر التّفصيل في - 8يص ّ ( :سلم ) ( ،شعر ) ( ،صوف ) . نتف الرّيش بالماء الحارّ : - 9في فتاوى النقرويّ ( نقلًا عن فتاوى ابن نجي ٍم في الحظر والباحة ) :سئل عن الدّجاج إذا ألقي في الماء حال الغليان لينتف ريشه ،قبل شقّ بطنه هل يتنجّس ؟ فأجاب :يتنجّس ، ولكن يغسل بالماء ثلث مرّاتٍ فيطهر .وجاء في شرح الزّرقانيّ على مختصر خليلٍ للمالكيّة :ليس من اللّحم المطبوخ بالنّجاسة الدّجاج المذبوح ،يوضع في ماءٍ حارّ لخراج خ حتّى تدخل النّجاسة في أعماقه ،بل يغسل ن هذا ليس بطب ٍ ريشه من غير غسل المذبح ; ل ّ ويؤكل . ريع . التّعريف - 1الرّيع لغةً :النّماء والزّيادة ،وريّع :زكا وزاد ويقال :أراعت الشّجرة :كثر حملها . ويقال :أخرجت الرض المرهونة ريعًا ،أي غّلةً لنّها زيادة .والفقهاء يفسّرون الرّيع بالغلّة ويفسّرون الغلّة بالرّيع ،ويستعملون اللّفظين بمعنًى واح ٍد فيعبّرون تارةً بالرّيع وتارةً
بالغلّة ،والمسمّى عندهم واحد وهو الزّيادة والفائدة والدّخل الّذي يحصل كالزّرع والثّمر واللّبن وكراء الرض وأجرة الدّابّة وما شابه ذلك . ( اللفاظ ذات الصّلة ) : أ -الرّبح : - 2الرّبح نماء المال نتيجة البيع والشّراء .والمرابحة بيع السّلعة بالثّمن الوّل مع زيادةٍ . أمّا الرّيع فهو ما يكون ممّا تخرجه الرض من زرعٍ ،أو الشّجر من ثمرٍ ،أو ما يكون من كراء الحيوان والعقار . ما يتعلّق بالرّيع من أحكامٍ : - 3يتعلّق بالرّيع بعض الحكام ومن ذلك :أوّلًا :إيراد بعض العقود عليه سواء أكان موجودًا أم معدومًا وذلك كالوقف والوصيّة والمساقاة والمزارعة وما أشبه ذلك .وبيان ذلك فيما يأتي : أ -الوقف : - 4الوقف عبارة عن تحبيس الصل والتّصدّق بالرّيع ،ففي الصّحيحين عن ابن عمر ي صلى ال عليه وسلم رضي ال تعالى عنهما .قال { :أصاب عمر أرضًا بخيبر ،فأتى للنّب ّ يستأمره فيها ،فقال :يا رسول اللّه :إنّي أصبت أرضًا بخيبر ،لم أصب مالًا قطّ هو أنفس عندي منه ،فما تأمرني به ؟ قال :إن شئت حبست أصلها وتصدّقت بها .قال :فتصدّق بها عمر ،أنّه ل يباع أصلها ،ول يبتاع ،ول يورث ،ول يوهب .قال :فتصدّق عمر في الفقراء ،وفي القربى ،وفي الرّقاب ،وفي سبيل اللّه ،وابن السّبيل ،والضّيف ،ل جناح ل فيه } .وإذا لزم على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ،أو يطعم صديقًا ،غير متموّ ٍ الوقف أصبح ريعه -إن كان له ريع -من حقّ الموقوف عليهم وملكًا لهم ،سواء أكانوا معيّنين ،أم غير معيّنين كالفقراء والمساكين .ويتّبع في صرف الرّيع للمستحقّين شرط الواقف .وتفصيل ذلك في مصطلح ( :وقف ) .اشتراط الواقف الغلّة لنفسه : - 5اختلف الفقهاء في اشتراط الواقف الغلّة أو بعضها لنفسه ،فعند المالكيّة والشّافعيّة ن الوقف يقتضي حبس العين ومح ّمدٍ من الحنفيّة وروايةٍ عن المام أحمد أنّه ل يجوز ذلك ; ل ّ وتمليك المنفعة ،والعين محبوسة ومنفعتها تكون مملوكةً له فلم يكن للوقف معنًى .وعند أبي يوسف من الحنفيّة ،وهو الظهر والصّواب عند الحنابلة ،أنّه يجوز أن يشترط الواقف غلّة الوقف لنفسه ،أو أن ينفق منه على نفسه لما روى أحمد قال :سمعت ابن عيينة عن ابن ن في صدقة رسول اللّه صلى ال عليه وسلم أن يأكل طاوسٍ عن أبيه عن حجرٍ المدريّ { أ ّ ل ذلك على جوازه ; ولنّ ل بالشّرط فد ّ منها أهله بالمعروف غير المنكر } ،ول يحلّ ذلك إ ّ
ن عمر رضي ال عنه لمّا وقف قال الوقف إزالة الملك إلى اللّه تعالى على وجه القربة ،ول ّ :ول بأس على من وليها أن يأكل منها أو يطعم صديقًا غير متموّلٍ فيه ،وكان الوقف في يده إلى أن مات ،ولنّه إذا وقف وقفًا عامّا كالمساجد والسّقايات والرّباطات والمقابر كان له النتفاع به فكذلك هاهنا .وهذا في الجملة وينظر تفصيل ذلك في مصطلح ( :وقف ) . هل يزكّى ريع الوقف وعلى من تجب زكاته ؟ - 6غلّة الرض الموقوفة وثمار البساتين ، ب نصاب ففيه الزّكاة ، إن كان الوقف على قومٍ بأعيانهم فحصل لبعضهم من الثّمرة أو الح ّ لنّه استغلّ من أرض الوقف أو شجره نصابًا فلزمته زكاته كغير الوقف ،والملك فيها تامّ وله التّصرّف فيها بجميع أنواع التّصرّفات وتورث عنه .وهذا عند المالكيّة والشّافعيّة ن الرض ليست مملوكةً لهم والحنابلة ،وروي عن طاوسٍ ومكحولٍ أنّه ل زكاة في ذلك ،ل ّ ،فلم تجب عليهم زكاة في الخارج منها كالمساكين .وقال الحنفيّة :إن شرط الواقف تقديم العشر أو الخراج وسائر المؤن ،وجعل للموقوف عليه الفاضل ،عمل بشرط الواقف ولم ل الجر له بحكم العقد فيفوت شرط يكن للموقوف عليه أن يؤجّرها ; لنّه لو جاز كان ك ّ الواقف ،ولو لم يشترط الواقف شيئًا كان العشر أو الخراج على الموقوف عليه .وإن كان الوقف على جهةٍ عامّةٍ كالمساجد والرّبط والقناطر والفقراء والمساكين ونحو ذلك فل زكاة فيها ،ول فيما يحصل في أيدي المساكين ،سواء حصل في يد بعضهم نصاب من الحبوب ل واحدٍ والثّمار أو لم يحصل ; لنّ الوقف على المساكين ل يتعيّن لواحدٍ منهم ،بدليل أنّ ك ّ منهم يجوز حرمانه والدّفع إلى غيره ،وإنّما ثبت الملك فيه بالدّفع والقبض لما أعطيه من غلّته ملكًا مستأنفًا ،فلم تجب عليه فيه زكاة كالّذي يدفع إليه من الزّكاة .وهذا عند الحنابلة وهو الصّحيح المشهور من نصوص الشّافعيّ .وعند الحنفيّة والمالكيّة تجب الزّكاة إذا بلغت ن المالك للرض غير معتبرٍ في العشر والثّمار كما يقول الحنفيّة .وعلى ذلك فإنّ نصابًا ; ل ّ الزّكاة تخرج أوّلًا بمعرفة من يلي الوقف ،ثمّ يفرّق الباقي على الموقوف عليهم بالجتهاد كما يقول المالكيّة .وإن كان الموقوف ماشيةً لتفرقة لبنها أو صوفها أو نسلها ،فعند المالكيّة تجب الزّكاة فيها على ملك الواقف ول فرق بين كون الموقوف عليهم معيّنين أو غير معيّنين .ول زكاة فيها عند الشّافعيّة والحنابلة إن كانت على جهةٍ عامّةٍ كالفقراء والمساكين ،وإن كانت على معيّنٍ ففي الصحّ عند الشّافعيّة :ل تجب فيها الزّكاة وهو اختيار بعض الحنابلة لضعف الملك .وينظر تفصيل ذلك في ( وقف ) . ب ( -الوصيّة ) :
- 7تجوز الوصيّة بغلّة العبد والدّار والرض والشّجر لمعيّنٍ أو لغير معيّنٍ ،وسواء أوصى بذلك مع الرّقبة أو أوصى بالغلّة فقط ،وسواء أكانت الغلّة موجود ًة وقت الوصيّة ،أو كانت ن المعدوم يصحّ تملّكه بعقد السّلم والمساقاة معدوم ًة كالوصيّة بما تحمل الشّجرة من ثمارٍ ،ل ّ والجارة والوقف ،فكذا يجوز بالوصيّة .وهذا باتّفاقٍ في الجملة .وتفصيل ذلك في مصطلح ( :وصيّة ) . ج -المساقاة : - 8المساقاة هي أن يدفع الرّجل شجره إلى آخر ليقوم بسقيه وعمل سائر ما يحتاج إليه بجز ٍء معلومٍ له من ثمره .والصل في جوازها ما روى عبد اللّه بن عمر رضي ال عنهما قال { :عامل رسول اللّه صلى ال عليه وسلم أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمرٍ أو زرعٍ } .وأجازها جمهور الفقهاء استدللًا بهذا الحديث الّذي رواه ابن عمر وخالف أبو حنيفة ج قال { :وطواعية اللّه ورسوله أنفع فلم يجزها ،واستدلّ بما روى مسلم عن رافع بن خدي ٍ لنا ،نهانا أن نحاقل بالرض فنكريها على الثّلث والرّبع والطّعام المسمّى .وأمر ربّ الرض أن يزرعها أو يزرعها وكره كراءها ،وما سوى ذلك } .وفي رواي ٍة لبي داود { : ث ول بربعٍ ،ول بطعامٍ من كانت له أرض فليزرعها ،أو فليزرعها أخاه ،ول يكاريها بثل ٍ مسمّى } .وهذا متأخّر عمّا كانوا يعتقدونه من الباحة ويعملونه فاقتضى نسخه ; لنّه استئجار بأجر ٍة مجهولةٍ معدوم ٍة وذلك مفسد ; ولنّه استئجار ببعض ما يحصل من عمله فل طحّان .لكنّ جمهور الفقهاء اختلفوا فيما تجوز فيه المساقاة وتفصيل ذلك في يجوز كقفيز ال ّ مصطلح ( :مساقاة ) د ( -المزارعة ) : - 9المزارعة عقد على الزّرع ببعض الخارج ،وهي جائزة عند الجمهور غير أبي حنيفة ، والستدلل فيها كالستدلل في المساقاة .وينظر تفصيل ذلك في ( مزارعة ) . ( ضمان الرّيع ) : - 10يظهر ضمان الرّيع في حالة الغصب ،وهو الستيلء على مال الغير بغير حقّ ،وهو محرّم لقوله تعالى { :يا أيّها الّذين آمنوا ل تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلّ أن تكون تجارةً عن تراضٍ منكم } .ويجب على الغاصب ردّ المغصوب لقول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { : ل أو شجرٍ ،أو تناسل على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي } .كما أنّ غلّة المغصوب من ثمر نخ ٍ ن حلب يجب ردّ ذلك كلّه مع المغصوب ،فإن أكله الغاصب أو ن أو صوفٍ جزّ ،أو لب ٍ حيوا ٍ تلف منه شيء عنده ضمنه ،لنّه نماء ملك المغصوب منه فكان على الغاصب ردّه إن كان
باقيًا ،وبدله إن كان تالفًا .وهذا عند الجمهور ( الشّافعيّة والحنابلة وهو المشهور عند ل بالتّعدّي أو المالكيّة ) .وعند الحنفيّة :زوائد الغصب أمانة في يد الغاصب ل تضمن إ ّ بالمنع بعد الطّلب .وهذا في الجملة .وينظر تفصيل ذلك في ( غصب ) . زكاة الرّيع : - 11ما تخرجه الرض من زرعٍ وما تحمله الشجار من ثمارٍ تجب فيه الزّكاة على التّفصيل الّذي ذكره الفقهاء .وزكاة الزّروع والثّمار فرض لقول اللّه تعالى { :يا أيّها الّذين آمنوا أنفقوا من طيّبات ما كسبتم وممّا أخرجنا لكم من الرض } ،وقوله تعالى { :وآتوا حقّه يوم حصاده } ،وقول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :فيما سقت النهار والغيم العشور وفيما سقي بالسّانية نصف العشر } .وسبب فرضيّة الزّكاة في الزّروع :الرض النّامية بالخارج حقيق ًة ،حتّى إنّ الرض لو لم تخرج شيئًا لم تجب زكاة ; لنّ الواجب جزء من الخارج ،وإيجاب جز ٍء من الخارج ول خارج محال ،كما أنّه يشترط أن يكون الخارج من الرض ممّا يقصد بزراعته نماء الرض وتستغلّ به الرض عادةً ،فل عشر في الحطب ن الرض ل ن هذه الشياء ل تستنمى بها الرض ول تستغلّ بها عادةً ; ل ّ والحشيش ; ل ّ تنمو بها ،بل تفسد ،فلم تكن نماء الرض .وانظر تفصيل ذلك في مصطلح ( :زكاة ) . ريق انظر :صوم ،سؤر زاغ انظر :أطعمة . زبل . التّعريف - 1الزّبل لغةً :السّرقين ،وهما فضلة الحيوان الخارجة من الدّبر ،والمزبلة مكان طرح الزّبل وموضعه ،والجمع مزابل .ويستعمل الفقهاء هذا اللّفظ بنفس المعنى اللّغويّ .وفسّر الحصكفيّ والبهوتيّ السّرقين بالزّبل ،وفي الشّرنبلليّة :هو رجيع ( فضلة ) ما سوى النسان .والسّرقين أصلها ( :سركين ) بالكاف فعرّبت إلى الجيم والقاف ،فيقال سرجين وسرقين ،والرّوث والسّرقين لفظان مترادفان .وعن الصمعيّ أنّ السّرقين الرّوث .ونقل ل من الرّوث ، ابن عابدين أنّ السّرقين هو رجيع ما سوى النسان .ويختلف الزّبل عن ك ّ والخثي ،والبعر ،والخرء ،والنّجو ،والعذرة .فالرّوث للفرس والبغل والحمار ،والخثي للبقر والفيل ،والبعر للبل والغنم ،والذّرق للطّيور ،والنّجو للكلب ،والعذرة للنسان ،
سعًا والخرء للطّير والكلب والجرذ والنسان .وقد يستعمل بعض هذه اللفاظ مكان بعضٍ تو ّ . حكم الزّبل من حيث الطّهارة والنّجاسة :اختلف الفقهاء في حكم طهارته وتفصيل ذلك في مصطلح ( :روث ) . الصّلة في المزبلة : - 2يرى الحنفيّة والشّافعيّة كراهة الصّلة في المزبلة إذا لم تكن بها نجاسة .وجازت الصّلة بمزبلةٍ عند المالكيّة إذا أمنت من النّجس -بأن جزم أو ظنّ طهارتها -أمّا إذا تحقّقت نجاستها أو ظنّت فل تجوز الصّلة فيها ،وإذا صلّى أعاد أبدًا ،وإن شكّ في نجاستها أعاد في الوقت على الرّاجح بناءً على ترجيح الصل على الغالب وهو قول مالكٍ ،وقال ابن حبيبٍ :يعيد أبدًا ترجيحًا للغالب على الصل .وذهب الحنابلة إلى عدم صحّة الصّلة في المزبلة ولو طاهرةً .وللتّفصيل ( ر :صلة ) . الصّلة بالثّوب المصاب بالزّبل : - 3الزّبل منه ما هو طاهر ،كذرق الطّيور ممّا يؤكل لحمه عند جمهور الفقهاء ،وفضلة سائر الحيوانات الّتي يؤكل لحمها عند المالكيّة والحنابلة ،فإذا أصاب شيء منها بدن النسان أو ثوبه ل ينجّسه ،ول تفسد صلته عندهم .أمّا الزّبل النّجس ،كفضلة الحيوانات الّتي ل يؤكل لحمها ،وكذلك فضلة الحيوانات مأكولة اللّحم عند من يقول بنجاستها ففيه ما يأتي من التّفصيل :قال الحنفيّة :النّجاسة الغليظة يعفى عنها في الصّلة قدر الدّرهم فأقلّ ،والخفيفة يعفى عنها قدر ربع الثّوب فأقلّ ،وللتّمييز بينهما ( ر :نجاسة ) .فإذا أصاب الثّوب من الرّوث أو من أخثاء البقر أكثر من قدر الدّرهم لم تجز الصّلة فيه عند أبي حنيفة ،لنّ النّصّ الوارد فيه وهو قوله صلى ال عليه وسلم { :هذا رجس أو ركس } لم يعارضه غيره ،فيكون من النّجاسة الغليظة .وقال أبو يوسف ومحمّد :يجزئه الصّلة حتّى يفحش ، ن فيه أي يصل ربع الثّوب ; لنّ للجتهاد فيه مساغًا فيثبت التّخفيف في نجاستها .ول ّ ضرور ًة لعدم خل ّو الطّرق فيه .وإن أصابه خرء ما ل يؤكل لحمه من الطّيور كالصّقر والبازي والحدأة وكان أكثر من قدر الدّرهم جازت الصّلة فيه عند أبي حنيفة وأبي يوسف ; لنّها تذرق من الهواء والتّحامي عنها متعذّر فتحقّقت الضّرورة .وقال محمّد :ل تجوز ; ن التّخفيف للضّرورة ،ول ضرورة هنا لعدم المخالطة . لّ اقتناء الزّبل واستعماله .
- 4الزّبل الطّاهر يجوز اقتناؤه ،واستعماله في الزّراعة والتّسخين وإنضاج الخبز ونحوها .واختلفوا في الزّبل النّجس .فقال الحنفيّة :يجوز اقتناؤه واستعماله في تنمية الزّرع وإنضاج الخبز ونحوهما .كذلك يجوز الستفادة من الزّبل واقتناؤه للزّراعة عند الشّافعيّة لكنّه يكره ذلك عندهم .وقالوا :الزّرع النّابت على الزّبل ليس بنجس العين ،لكن ينجس بملقاة النّجاسة فإذا غسل طهر ،وإذا سنبل فحبّاته الخارجة طاهرة .والصل عند المالكيّة أنّه ل يجوز النتفاع بنجسٍ ،لكنّهم استثنوا منه أشياء منها :جعل عذرةٍ بماء سقي الزّرع فيجوز عندهم ،والمعتمد عندهم أنّ الخبز المخبوز على نار الرّوث النّجس طاهر ولو تعلّق به شيء من الرّماد .ولم نعثر للحنابلة على كلمٍ في استعمال الزّبل ،لكنّهم صرّحوا بعدم جواز بيع الزّبل النّجس ،كما سيأتي في الفقرة التّالية . بيع الزّبل : - 5يرى الحنفيّة جواز بيع الزّبل لتّفاق أهل المصار في جميع العصار على بيعه من غير إنكارٍ ،ولنّه يجوز النتفاع به ،فجاز بيعه كسائر الشياء .وذكر ابن عرفة في بيع الزّبل ثلثة أقوالٍ للمالكيّة : أ -المنع ،وهو قياس ابن القاسم للزّبل على العذرة في المنع عند مالكٍ . ب -الجواز ،وهو قول لبن القاسم . ج -الجواز للضّرورة ،وهو قول أشهب .وتزاد الكراهة على ظاهر المدوّنة وفهم أبي الحسن .هذا والعمل عند المالكيّة على جواز بيع الزّبل دون العذرة للضّرورة .قال الحطّاب ن القول بالمنع هو الجاري على أصل المذهب في المنع من بيع النّجاسات ،والقول :واعلم أ ّ ن أخذ الثّمن بالجواز لمراعاة الضّرورة .ومن قال بالكراهة تعارض عنده المران ،ورأى أ ّ عن ذلك ليس من مكارم الخلق .والقول الخر رأى أنّ العلّة في الجواز إنّما هي الضطرار ،فل بدّ من تحقّقها بوجود الضطرار إليه .وقال الشّافعيّة :بيع زبل البهائم المأكولة وغيرها باطل وثمنه حرام .واستدلّوا بحديث ابن عبّاسٍ رضي ال عنه أنّ النّبيّ ن الزّبل ن اللّه إذا حرّم على قومٍ شيئًا حرّم عليهم ثمنه } .ول ّ صلى ال عليه وسلم قال { :إ ّ نجس العين فلم يجز بيعه كالعذرة .ويرى الحنابلة عدم صحّة بيع الزّبل النّجس بخلف الطّاهر منه ،كروث الحمام ،وبهيمة النعام .وللتّفصيل ( ر :نجاسة ،وبيع منهيّ عنه ) . زبور . التّعريف
- 1الزّبور :فعول من الزّبر ،وهو الكتابة ،بمعنى المزبور أي :المكتوب .وجمعه : ن التّوراة هي المنزّلة زبر .والزّبور :كتاب داود على نبيّنا وعليه الصّلة والسّلم ،كما أ ّ على موسى عليه الصلة والسلم ،والنجيل هو المنزّل على عيسى عليه الصلة والسلم . والقرآن المنزّل على مح ّمدٍ صلى ال عليه وسلم .قال اللّه تعالى { :وآتينا داود زبورًا } . وكان مائةً وخمسين سور ًة ،ليس فيها حكم ،ول حلل ،ول حرام ،وإنّما هي حكم ومواعظ ،والتّحميد والتّمجيد والثّناء على اللّه تعالى ،كما قال القرطبيّ . الحكم الجماليّ ) :أوّلًا :مسّ الزّبور للمحدث : - 2اتّفق الفقهاء على أنّه ل يجوز مسّ القرآن للمحدث ،لقوله تعالى { :ل يمسّه إلّ المطهّرون } .ولقوله صلى ال عليه وسلم { :ل يمسّ القرآن إلّ طاهر } .وألحق بعض الفقهاء به كتب التّفسير إذا كان القرآن فيه أكثر ( .ر :مصحف ) .أمّا الكتب السّماويّة الخرى ،كالتّوراة والنجيل والزّبور فاختلفوا فيها :فقال المالكيّة والحنابلة :ل يكره مسّ التّوراة والنجيل والزّبور ،وزاد الحنابلة :وصحف إبراهيم وموسى وشيثٍ إن وجدت ; لنّها ليست قرآنًا ،والنّصّ إنّما ورد في القرآن .وقال الشّافعيّة :إن ظنّ أنّ في التّوراة ونحوها غير مبدّلٍ كره مسّه ،ويفهم من هذا أنّ المبدّل منها -وهو الغالب -ل يكره مسّه عندهم . ثانيًا :وجوب اليمان بالزّبور : - 3اليمان بما أوتي النّبيّون من ربّهم واجب من غير تفريقٍ ،والزّبور كتاب أنزل على داود عليه الصلة والسلم كما تقدّم فيجب اليمان به ،كما وجب اليمان على ما أنزل إلى سائر النبياء عليهم الصلة والسلم ،لقوله تعالى { :قولوا آمنّا باللّه وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النّبيّون من ربّهم ل نفرّق بين أحدٍ منهم ونحن له مسلمون } .يعني ل نفرّق بينهم بأن نؤمن ببعض ض كما فعل اليهود والنّصارى ،بل نشهد لجميعهم أنّهم كانوا رسل اللّه النبياء ونكفر ببع ٍ وأنبياءه بعثوا بالحقّ والهدى .واليمان الواجب بالزّبور وسائر الكتب المنزّلة قبل القرآن العظيم هو اليمان بها على ما أنزلت عليه قبل أن يدخل عليها التّحريف . زخرفة . التّعريف - 1الزّخرفة لغ ًة الزّينة وكمال حسن الشّيء ،والزّخرف في الصل الذّهب ،ثمّ سمّيت كلّ زين ٍة زخرفًا .والمزخرف المزيّن ،وتزخرف الرّجل إذا تزيّن وزخرف البيت أي زيّنه ،
ومنه قوله تعالى { :ولبيوتهم أبوابًا وسررًا عليها يتّكئون وزخرفًا } ...وكلّ ما زوّق أو زيّن فقد زخرف ،وزخرف القول ،أي المزوّقات من الكلم .ول يخرج معناه الصطلحيّ عن معناه اللّغويّ . ( اللفاظ ذات الصّلة ) :التّزويق : - 2الزّوق لغةً الزّينة ،وأصله من الزّاووق ،والمزوّق المزيّن به ،ثمّ كثر حتّى سمّي كلّ ن بشيءٍ مز ّوقًا ،وزوّقت الكلم والكتاب إذا أحسنته وقوّمته ،وفي الحديث { :إنّه ليس مزيّ ٍ لي أو لنبيّ أن يدخل بيتًا مز ّوقًا } .أي مز ّينًا " ( الحكم التّكليفيّ ) :زخرفة المساجد : ش ،أو صبغٍ ، - 3ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه يكره زخرفة المسجد بذهبٍ أو فضّةٍ ،أو نق ٍ ن النّبيّ صلى ال عليه وسلم نهى أو كتابةٍ أو غير ذلك ممّا يلهي المصلّي عن صلته ،ل ّ عن ذلك .فعن ابن عبّاسٍ رضي ال عنهما قال :قال رسول اللّه صلى ال عليه وسلم { :ما ص ،قال ابن عبّاسٍ :لتزخرفنّها أمرت بتشييد المساجد } والتّشييد :الطّلء بالشّيد أي الج ّ ن النّبيّ صلى ال عليه وسلم س رضي ال عنه أ ّ كما زخرفت اليهود والنّصارى .وعن أن ٍ قال { :ل تقوم السّاعة حتّى يتباهى النّاس في المساجد } .وروى البخاريّ في صحيحه أنّ عمر رضي ال عنه أمر ببناء مسجدٍ وقال :أكنّ النّاس من المطر ،وإيّاك أن تحمّر أو تصفّر فتفتن النّاس .وقال أبو الدّرداء رضي ال عنه :إذا حلّيتم مصاحفكم وزخرفتم مساجدكم فالدّبار عليكم .ولنّ ذلك يلهي المصلّي عن الصّلة بالنّظر إليه فيخلّ بخشوعه ; ن هذا من أشراط السّاعة .واتّفق الفقهاء على أنّه ل يجوز زخرفة المسجد أو نقشه من ول ّ مال الوقف ،وأنّ الفاعل يضمن ذلك ويغرم القيمة ; لنّه منهيّ عنه ول مصلحة فيه وليس ببناءٍ ،قال الحنفيّة :إلّ إذا خيف طمع الظّلمة ،كأن اجتمعت عنده أموال المسجد وهو مستغنٍ عن العمارة فل بأس بزخرفته .وكذلك ما لو كانت الزّخرفة لحكام البناء ،أو كان الواقف قد فعل مثله ،لقولهم :إنّه يعمر الوقف كما كان ،فل بأس به كذلك . - 4وذهب بعض الفقهاء ومنهم الحنابلة وأحد الوجهين لدى الشّافعيّة إلى أنّه يحرم زخرفة ب أو فضّ ٍة وتجب إزالته كسائر المنكرات ; لنّه إسراف ،ويفضي إلى كسر المسجد بذه ٍ قلوب الفقراء ،كما يحرم تمويه سقفه أو حائله بذهبٍ أو فضّةٍ ،وتجب إزالته إن تحصّل منه شيء بالعرض على النّار ،فإن لم يجتمع منه شيء بالعرض على النّار فله استدامته حينئذٍ لعدم الماليّة ،فل فائدة في إتلفه ،ولما روي أنّ عمر بن عبد العزيز لمّا ولي الخلفة أراد جمع ما في مسجد دمشق ممّا موّه به من الذّهب فقيل له :إنّه ل يجتمع منه شيء فتركه ، وأوّل من ذهّب الكعبة في السلم وزخرفها وزخرف المساجد الوليد بن عبد الملك ،ولذلك
عدّها كثير من العلماء من أقسام البدعة المكروهة .وذهب بعض الفقهاء من الشّافعيّة وهو ش ،أو صبغٍ ،أو قول عند الحنفيّة :إلى استحباب زخرفة المسجد بذهبٍ ،أو فضّةٍ ،أو نق ٍ كتابةٍ أو غير ذلك لما فيه من تعظيم المسجد وإحياء الشّعائر السلميّة .وذهب الحنفيّة في ب أو نحوهما من ص أو ماء ذه ٍ الرّاجح عندهم إلى أنّه ل بأس بزخرفة المسجد أو نقشه بج ّ الشياء الثّمينة ما لم يكن ذلك في المحراب أو جدار القبلة ; لنّه يشغل قلب المصلّي ،وما لم يكن كذلك في حائط الميمنة أو الميسرة ،لنّه أيضًا يلهي المصلّي القريب منه ،أمّا زخرفة هذه الماكن من المسجد فمكروهة عندهم أيضًا .والتّفاصيل في مصطلح ( مساجد ، وقف ،ذهب ) . ب -زخرفة المصحف : - 5ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة وهو أحد القوال لدى الحنابلة إلى جواز زخرفة المصاحف بالذّهب والفضّة وغيرهما تعظيمًا للقرآن وإعزازًا للدّين .واتّفق هؤلء على حرمة الزّخرفة بالذّهب لما عدا المصحف من كتب العلم الخرى .وذهب ب أو فضّ ٍة لتضييق النّقدين ،وإلى حرمة كتابته بذهبٍ أو الحنابلة إلى كراهة زخرفته بذه ٍ فضّةٍ ،ويؤمر بحكّه ،فإن كان يجتمع منه شيء يتموّل به زكّاه إن بلغ نصابًا أو بانضمام مالٍ آخر له ،قال أبو الخطّاب :يزكّيه إن بلغ نصابًا ،وله حكّه وأخذه .وإلى هذا ذهب الشّافعيّة في قولٍ ،والقول الصحّ عند الشّافعيّة :جواز زخرفته بالذّهب للمرأة والصّبيّ بخلف الرّجل فل يجوز له ،وتجوز زخرفته بالفضّة للرّجل أو المرأة ،وقيل :ل يجوز زخرفة المصحف بالذّهب ل للرّجل ول للمرأة .والتّفاصيل في مصطلح ( :مصحف ،ذهب ) ج ( -زخرفة البيوت ) : ب أو فضّ ٍة ،أمّا الزّخرفة - 6ذهب الجمهور إلى حرمة زخرفة البيوت والحوانيت بذه ٍ بغيرها فل بأس بها ما لم تخرج إلى حدّ السراف .وكذلك يحرم تمويه السّقف والحائط والجدار ; لما فيه من السراف والخيلء ،وكسر قلوب الفقراء .وتجب إزالته ; لنّه منكر من المنكرات ،كما تجب زكاته إن بلغ نصابًا بنفسه أو ضمّه إلى غيره ،فإن لم يجتمع منه شيء بعرضه على النّار فله استدامته ،ول زكاة فيه لعدم الماليّة .وانظر مصطلح ( :نقش ). -7هذا وتجوز الزّخرفة بغير الذّهب والفضّة في القمشة والخشب وغير ذلك وسائر المتعة ما لم يصل إلى درجة السراف .
زرافة انظر :أطعمة زرع . التّعريف - 1الزّرع في اللّغة :ما استنبت بالبذر -تسميةً بالمصدر -ومنه يقال :حصدت الزّرع ض طريّ .وقد أي :النّبات ،والجمع :زروع .قال بعضهم :ول يسمّى زرعًا إلّ وهو غ ّ غلب على الب ّر والشّعير ،وقيل :الزّرع :نبات كلّ شيءٍ يحرث ،وقيل :الزّرع :طرح البذر .ول يخرج المعنى الصطلحيّ عن المعنى اللّغويّ . ( اللفاظ ذات الصّلة ) : أ -الغرس : - 2الغرس مصدر غرس يقال :غرست الشّجرة غرسًا فالشّجر مغروس وغرس وغراس .فالفرق بينه وبين الزّرع ،أنّه مختصّ بالشّجر . الحكام الّتي تتعلّق بالزّرع :إحياء الموات : ن من جملة ما تحيا به الرض زرعا أو الغرس فيها .وقد - 3ل خلف بين الفقهاء في أ ّ تقدّم في مصطلح ( إحياء الموات ) ( . ) 249 - 248 2 ( زكاة الزّروع ) : ن الزّكاة واجبة في الزّروع من حيث الجملة .وتفصيل ذلك في - 4أجمعت المّة على أ ّ مصطلح ( زكاة ) . بيع الزّروع : - 5إذا باع الرض وأطلق ،دخل ما فيها من الزّرع سواء اشتدّ وأمن العاهة أم ل ; لنّ ل بعد اشتداده ليأمن العاهة .وإذا باع الزّرع لم تدخّل الزّرع تابع ولو بيع وحده لم يجز إ ّ الرض .ويجوز بيع الرض واستثناء ما فيها من الزّرع .وتفصيله في ( بيع ) . بيع المحاقلة : - 6المحاقلة :هي بيع الحنطة في سنبلها بحنط ٍة مثل كيلها خرصًا .ول خلف بين الفقهاء في أنّ بيع المحاقلة غير صحيح ،إذ هو فاسد عند الحنفيّة باطل عند الجمهور ،وتفصيله في ( بيع ) ( . ) 168 ، 138 9 بيع ما يكمن في الرض :
- 7اختلف الفقهاء في بيع ما يكمن في الرض من الزّرع قبل قلعه ،كالبصل ،والثّوم ، ونحوهما ،فذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى عدم الجواز .وذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى الجواز بشرطٍ .وقد سبق تفصيله في مصطلح ( جهالة . ) 171 - 170 9 إتلف الزّرع : - 8فرّق الفقهاء بين ما تتلفه الدّوابّ من الزّروع نهارًا وبين ما تتلفه ليلًا ،فذهب الجمهور ن فعلها منسوب إليه .وأمّا إذا وقع ن التلف إذا كان ليلًا ضمن صاحب الدّوابّ ; ل ّ إلى أ ّ ن العادة ب وحدها فل ضمان على صاحبها عند الجمهور ،ل ّ التلف نهارًا ،وكانت الدّوا ّ الغالبة حفظ الزّرع نهارًا من قبل صاحبه .وقد سبق الكلم على هذا في مصطلح ( إتلف 1
. ) 224 زعامة انظر :إمارة ،إمامة ،خلفة ،كفالة زعفران . التّعريف - 1الزّعفران نبات بصليّ مقمر من الفصيلة السّوسنيّة منه أنواع برّيّ ونوع صيفيّ ط ّبيّ مشهور .وزعفرت الثّوب صبغته فهو مزعفر . الحكم الجماليّ لستعمال الزّعفران : أ -حكم المياه الّتي خالطها طاهر كالزّعفران : ن الماء الّذي خالطه الزّعفران أو غيره من الشياء الطّاهرة الّتي تنفكّ - 2اتّفق الئمّة على أ ّ عن الماء غالبًا متى غيّرت أحد أوصافه الثّلثة ،فإنّه طاهر .ولكنّهم اختلفوا في طهوريّته ، فذهب الجمهور إلى أنّه غير مط ّهرٍ لنّه ل يتناوله اسم الماء المطلق لقوله تعالى { :فلم تجدوا ما ًء فتيمّموا صعيدًا ط ّيبًا } .فالماء هنا على إطلقه ،وأمّا المخالط فيضاف إلى الشّيء الّذي خالطه ،فيقال مثلًا :ماء زعفرانٍ ،أو ريحانٍ .وذهب الحنفيّة إلى أنّه مطهّر ما لم خ .أمّا المتغيّر بالطّبخ مع شيءٍ طاهرٍ فقد أجمعوا على أنّه ل يجوز يكن التّغيّر عن طب ٍ الوضوء ول التّطهّر به ( .ر :مياه ) . ب -الختضاب بالزّعفران : - 3يستحبّ الختضاب بالزّعفران لحديث أبي مالكٍ الشجعيّ عن أبيه ،قال { :كان خضابنا مع رسول اللّه صلى ال عليه وسلم الورس والزّعفران } وعن أبي ذرّ ورفعه { إنّ
ن الخضاب أحسن ما غيّرتم به الشّيب الحنّاء والكتم } .قال ابن عابدين :الحديث يدلّ على أ ّ غير مقصورٍ عليهما بل يشاركهما غيرهما من أنواع الخضاب في أصل الحسن .ولحديث أبي أمامة قال { :خرج رسول اللّه صلى ال عليه وسلم على شيخةٍ من النصار بيض لحاهم فقال :يا معشر النصار حمّروا وصفّروا وخالفوا أهل الكتاب } ،والصّفرة هي أثر الزّعفران .واتّفق الئمّة على جواز خضب رأس الصّبيّ بالزّعفران وبالخلوق ( قال بعض الفقهاء :هو طيب مائع فيه صفرة ) وقال ابن حجرٍ :الخلوق طيب يصنع من زعفرانٍ وغيره .وفي حديث بريدة رضي ال عنه قال { :كنّا في الجاهليّة إذا ولد لحدنا غلم ذبح شاةً ولطّخ رأسه بدمها ،فلمّا جاء اللّه بالسلم كنّا نذبح شا ًة ونحلق رأسه ونلطّخه بزعفرانٍ } تزعفر الرّجل : - 4الصل جواز التّزعفر للمرأة .أمّا الرّجل فقد نقل البيهقيّ عن الشّافعيّ أنّه قال :أنهى ل حالٍ أن يتزعفر ،وآمره إذا تزعفر أن يغسله ،وأرخّص في المعصفر ، الرّجل الحلل بك ّ ل ما قال عليّ رضي ال عنه :نهاني ول أقول نهاكم .وقال لنّني لم أجد أحدًا يحكي عنه إ ّ الحنفيّة والحنابلة :بكراهة لبس الثّياب المصبوغة بالزّعفران والمعصفر للرّجال للحاديث الواردة ،منها حديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي ال عنه قال :رأى رسول اللّه ن هذه من ثياب الكفّار فل تلبسها } . صلى ال عليه وسلم على ثوبين معصفرين ،فقال { :إ ّ س رضي ال عنه { : وقد حملوا النّهي على الكراهة ل على التّحريم ،وهو مشهور ،لقول أن ٍ ف أثر صفرةٍ فقال :ما هذا ؟ قال : رأى النّبيّ صلى ال عليه وسلم على عبد الرّحمن بن عو ٍ إنّي تزوّجت امرأ ًة على وزن نوا ٍة من ذهبٍ فقال :بارك اللّه لك .أولم ولو بشا ٍة } . .وقد ك أنّه رخّص في لبس المزعفر والمعصفر في البيوت وكرهه في المحافل روي عن مال ٍ س قال { :دخل رجل على النّبيّ صلى ال عليه وسلم وعليه أثر صفرةٍ والسواق .وعن أن ٍ فكره ذلك ،وقلّما كان يواجه أحدًا بشيءٍ يكرهه ،فلمّا قام قال :لو أمرتم هذا أن يترك هذه الصّفرة } .وهذا دليل على أنّ لبس هذين ل يعدو الكراهة ،فلو كان محرّمًا لمره رسول اللّه صلى ال عليه وسلم أن يغسله ولما سكت عن نصحه وإرشاده .هذا والكراهة لمن تزعفر في بدنه أشدّ من الكراهة لمن تزعفر في ثوبه ،لحديث أنسٍ رضي ال عنه { نهى النّبيّ صلى ال عليه وسلم أن يتزعفر الرّجل } .ولبي داود من حديث عمّارٍ قال { :قدمت على أهلي ليلًا وقد تشقّقت يداي ،فخلقوني بالزّعفران ،فغدوت على النّبيّ صلى ال عليه وسلم فسلّمت عليه فلم يردّ عليّ ولم يرحّب بي .وقال :اذهب فاغسل هذا عنك ،ثمّ قال :ل
تحضر الملئكة جنازة الكافر بخيرٍ ،ول المتضمّخ بالزّعفران ،ول الجنب } .وللتّفصيل ( ر :ألبسة ) ( أكل الزّعفران ) : - 5يحرم أكل كثير الزّعفران لنّه يزيل العقل ،وقد صرّح الشّافعيّة بذلك وعدّوه من المسكرات الجامدة الّتي تحرم ،ول حدّ فيها ،بل فيها التّعزير .وهي طاهرة في ذاتها بخلف المائعات من المسكرات . هـ -أكل الزّعفران في الحرام : - 6يحظر أكل الزّعفران خالصًا أو شربه للمحرم عند الئمّة اتّفاقًا ; لنّه نوع من الطّيب . أمّا إذا خلط بطعامٍ قبل الطّبخ وطبخه معه فل شيء عليه قليلًا كان أو كثيرًا ،عند الحنفيّة خ بعد الطّبخ فإنّه ل شيء على المحرم في والمالكيّة .وكذا عند الحنفيّة لو خلطه بطعا ٍم مطبو ٍ خ ،فإن كان الطّعام غالبًا فل شيء عليه ول فدية إن لم أكله .أمّا إذا خلطه بطعامٍ غير مطبو ٍ طيّبة .وإن كان الطّيب غالبًا وجب توجد الرّائحة ،وإلّ يكره عندهم عند وجود الرّائحة ال ّ في أكله الدّم سواء ظهرت رائحته أو لم تظهر ،كخلط الزّعفران بالملح .وأمّا عند المالكيّة ل الصّور وفيه الفدية . فكلّ طعامٍ خلط بعد الطّبخ بالزّعفران فهو محظور على المحرم في ك ّ وعند الحنفيّة والمالكيّة ،إن خلط الزّعفران بمشروبٍ ،وجب فيه الجزاء قليلًا كان الطّيب أو كثيرًا .وعند الشّافعيّة والحنابلة ،إذا خلط الزّعفران بغيره من طعامٍ أو شرابٍ ،ولم يظهر له ريح أو طعم فل حرمة ول فدية ،وإلّ ففيه الحرمة وعليه الفدية . و -حكم لبس المزعفر من الثّياب أثناء الحرام : ن المحرم ل يجوز له أن يلبس الثّوب المصبوغ بالورس والزّعفران - 7أجمع العلماء على أ ّ ،لقوله صلى ال عليه وسلم في حديث ابن عمر رضي ال عنهما فيما يلبس المحرم من الثّياب { :ول تلبسوا من الثّياب شيئًا مسّه زعفران أو ورس } .ويلتحق بالثّياب الجلوس ن .ول يضع عليه ثوبًا مزعفرًا ،ولو علق بنعاله على فراشٍ مزعفرٍ أو مطيّبٍ بزعفرا ٍ زعفران أو طيب وجب أن يبادر إلى نزعه ( .ر :ألبسة -ب فقرة 14وإحرام ) . ي -التّداوي بالزّعفران في الحرام : - 8التّداوي ملتحقة أحكامه بالطّعام ،وقد فصّل الحناف في الطّيب الّذي ل يؤكل بأنّ على المتداوي إحدى الكفّارات الثّلث أيّها شاء ،إذا فعله المحرم لضرورةٍ وعذرٍ ( .ر :إحرام ) .
زعيم انظر :كفالة ،إمامة ،إمارة . زفاف انظر :عرس . زكاة . التّعريف - 1الزّكاة لغةً :النّماء والرّيع والزّيادة ،من زكا يزكو زكاةً وزكاءً ،ومنه قول عليّ رضي ال عنه :العلم يزكو بالنفاق .والزّكاة أيضًا الصّلح ،قال اللّه تعالى { فأردنا أن يبدلهما ربّهما خيرًا منه زكا ًة } .قال الفرّاء :أي صلحًا ،وقال تعالى { :ولول فضل اللّه ن اللّه يزكّي من يشاء } عليكم ورحمته ما زكا منكم من أح ٍد أبدًا } أي ما صلح منكم { ولك ّ أي يصلح من يشاء .وقيل لما يخرج من حقّ اللّه في المال " زكاة " ،لنّه تطهير للمال ممّا فيه من حقّ ،وتثمير له ،وإصلح ونماء بالخلف من اللّه تعالى .وزكاة الفطر طهرة ل مخصوصةٍ ،على وجهٍ للبدان .وفي الصطلح :يطلق على أداء حقّ يجب في أموا ٍ مخصوصٍ ويعتبر في وجوبه الحول والنّصاب .وتطلق الزّكاة أيضًا على المال المخرج نفسه ،كما في قولهم :عزل زكاة ماله ،والسّاعي يقبض الزّكاة .ويقال :زكّى ماله أي أخرج زكاته ،والمزكّي :من يخرج عن ماله الزّكاة .والمزكّي أيضًا :من له ولية جمع الزّكاة .وقال ابن حجرٍ :قال ابن العربيّ :إنّ الزّكاة تطلق على الصّدقة الواجبة والمندوبة ، والنّفقة والحقّ ،والعفو .ثمّ ذكر تعريفها في الشّرع . ( اللفاظ ذات الصّلة ) : أ -الصّدقة : - 2الصّدقة :تطلق بمعنيين :الوّل :ما أعطيته من المال قاصدًا به وجه اللّه تعالى فيشمل ما كان واجبًا وهو الزّكاة ،وما كان تط ّوعًا .والثّاني :أن تكون بمعنى الزّكاة ،أي في الحقّ الواجب خاصّةً ،ومنه الحديث { :ليس فيما دون خمس ذودٍ صدقة } .والمصدق - بفتح الصّاد مخفّف ًة -هو السّاعي الّذي يأخذ الحقّ الواجب في النعام ،يقال :جاء السّاعي صدّق -بتشديد الصّاد -هو فصدق القوم ،أي أخذ منهم زكاة أنعامهم .والمتصدّق والم ّ معطي الصّدقة . ب -العطيّة : - 3العطيّة :هي ما أعطاه النسان من ماله لغيره ،سواء كان يريد بذلك وجه اللّه تعالى ، ل من الزّكاة والصّدقة والهبة ونحو ذلك . أو يريد به التّودّد ،أو غير ذلك ،فهي أعمّ من ك ّ
( الحكم التّكليفيّ ) : ل على وجوبها - 4الزّكاة فريضة من فرائض السلم ،وركن من أركان الدّين .وقد د ّ سنّة والجماع .فمن الكتاب قوله تعالى { :وأقيموا الصّلة وآتوا الزّكاة } .وقوله الكتاب وال ّ { :فإن تابوا وأقاموا الصّلة وآتوا الزّكاة فإخوانكم في الدّين } وقوله { :والّذين يكنزون الذّهب والفضّة ول ينفقونها في سبيل اللّه فبشّرهم بعذابٍ أليمٍ يوم يحمى عليها في نار جهنّم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون } .وقد سنّة قول النّبيّ صلى قال النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :ما أدّيت زكاته فليس بكنزٍ } ومن ال ّ س } وذكر منها إيتاء الزّكاة { وكان النّبيّ صلى ال ال عليه وسلم { :بني السلم على خم ٍ عليه وسلم يرسل السّعاة ليقبضوا الصّدقات ،وأرسل معاذًا إلى أهل اليمن ،وقال له :أعلمهم ن اللّه افترض عليهم صدق ًة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وتردّ على فقرائهم } .وقال صلى أّ ال عليه وسلم { :من آتاه اللّه مالًا فلم يؤ ّد زكاته مثّل له يوم القيامة شجاعًا أقرع له زبيبتان ،يطوّقه يوم القيامة ،ثمّ يأخذ بلهزمتيه -يعني شدقيه -ثمّ يقول :أنا مالك ،أنا كنزك } .وأمّا الجماع فقد أجمع المسلمون في جميع العصار على وجوبها من حيث ن أبا هريرة الجملة ،واتّفق الصّحابة رضي ال عنهم على قتال مانعيها .فقد روى البخاريّ أ ّ رضي ال عنه قال :لمّا توفّي رسول اللّه صلى ال عليه وسلم وكان أبو بكرٍ رضي ال عنه ،وكفر من كفر من العرب ،فقال عمر رضي ال عنه :كيف تقاتل النّاس وقد قال رسول اللّه صلى ال عليه وسلم { :أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يقولوا :ل إله إلّ اللّه .فمن قالها فقد عصم منّي ماله ونفسه إلّ بحقّه وحسابه على اللّه } .فقال أبو بكرٍ :واللّه لقاتلنّ من فرّق بين الصّلة والزّكاة ،فإنّ الزّكاة حقّ المال .واللّه لو منعوني عناقًا كانوا يؤدّونها ل أن قد إلى رسول اللّه صلى ال عليه وسلم لقاتلتهم على منعها قال عمر :فواللّه ما هو إ ّ شرح اللّه صدر أبي بكرٍ رضي ال عنه ،فعرفت أنّه الحقّ . أطوار فرضيّة الزّكاة : - 5إيتاء الزّكاة كان مشروعًا في ملل النبياء السّابقين ،قال اللّه تعالى في حقّ إبراهيم وآله عليهم الصلة والسلم { :وجعلناهم أئ ّمةً يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصّلة وإيتاء الزّكاة وكانوا لنا عابدين } .وشرع للمسلمين إيتاء الصّدقة للفقراء ،منذ العهد الم ّكيّ ،كما في قوله تعالى { :فل اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فكّ رقب ٍة أو إطعام في يومٍ ذي مسغب ٍة يتيمًا ذا مقربةٍ أو مسكينًا ذا متربةٍ } وبعض اليات الم ّكيّة جعلت للفقراء في أموال المؤمنين حقّا معلومًا ،كما في قوله تعالى { :والّذين في أموالهم حقّ معلوم للسّائل والمحروم } .وقال ابن حجرٍ :اختلف في أوّل فرض الزّكاة فذهب الكثرون إلى أنّه وقع
ن فرضها كان قبل الهجرة .واحتجّ بقول بعد الهجرة ،وادّعى ابن خزيمة في صحيحه أ ّ جعفرٍ للنّجاشيّ { :ويأمرنا بالصّلة والزّكاة والصّيام } ويحمل على أنّه كان يأمر بذلك في الجملة ،ول يلزم أن يكون المراد هذه الزّكاة المخصوصة ذات النّصاب والحول .قال : ن صيام رمضان إنّما فرض ل على أنّ فرض الزّكاة وقع بعد الهجرة اتّفاقهم على أ ّ وممّا يد ّ بعد الهجرة ; لنّ الية الدّالّة على فرضيّته مدنيّة بل خلفٍ ،وثبت من حديث قيس بن سعدٍ قال { :أمرنا رسول اللّه صلى ال عليه وسلم بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزّكاة ،ثمّ نزلت فريضة الزّكاة فلم يأمرنا ولم ينهنا ،ونحن نفعله } . فضل إيتاء الزّكاة : - 6يظهر فضل الزّكاة من أوجهٍ : - 1اقترانها بالصّلة في كتاب اللّه تعالى ،فحيثما ورد المر بالصّلة اقترن به المر بالزّكاة ،من ذلك قوله تعالى { :وأقيموا الصّلة وآتوا الزّكاة وما تقدّموا لنفسكم من خيرٍ تجدوه عند اللّه } .ومن هنا قال أبو بكرٍ في قتال مانعي الزّكاة :واللّه لقاتلنّ من فرّق بين الصّلة والزّكاة ،إنّها لقرينتها في كتاب اللّه . - 2أنّها ثالث أركان السلم الخمسة ،لما في الحديث { بني السلم على خمسٍ :شهادة أن ل اللّه وأنّ مح ّمدًا رسول اللّه ،وإقام الصّلة ،وإيتاء الزّكاة ،وصوم رمضان ،وحجّ ل إله إ ّ البيت } . - 3أنّها من حيث هي فريضة أفضل من سائر الصّدقات لنّها تطوّعيّة ،وفي الحديث ب إليّ ممّا افترضته عليه } .أمّا فضل إيتاء الزّكاة القدسيّ { ما تقرّب إليّ عبدي بشيءٍ أح ّ من حيث هي صدقة من الصّدقات فيأتي في مباحث ( :صدقة التّطوّع ) . حكمة تشريع الزّكاة : ن الصّدقة وإنفاق المال في سبيل اللّه يطهّران النّفس من الشّحّ والبخل ،وسيطرة -7أ-أّ حبّ المال على مشاعر النسان ،ويزكّيه بتوليد مشاعر الموادّة ،والمشاركة في إقالة العثرات ،ودفع حاجة المحتاجين ،أشار إلى ذلك قول اللّه تعالى { .خذ من أموالهم صدقةً تطهّرهم وتزكّيهم بها } ،وفيها من المصالح للفرد والمجتمع ما يعرف في موضعه ،ففرض اللّه تعالى من الصّدقات حدّا أدنى ألزم العباد به ،وبيّن مقاديره ،قال الدّهلويّ :إذ لول التّقدير لفرّط المفرط ولعتدى المعتدي .ب -الزّكاة تدفع أصحاب الموال المكنوزة دفعًا ي صلى ال عليه إلى إخراجها لتشترك في زيادة الحركة القتصاديّة ،يشير إلى ذلك قول النّب ّ وسلم { :أل من ولي يتيمًا له مال فليتّجر فيه ،ول يتركه حتّى تأكله الصّدقة } .
ج -الزّكاة تسدّ حاجة جهات المصارف الثّمانية وبذلك تنتفي المفاسد الجتماعيّة والخلقيّة النّاشئة عن بقاء هذه الحاجات دون كفايةٍ . أحكام مانع الزّكاة :إثم مانع الزّكاة : سنّة ما - 8من منع الزّكاة فقد ارتكب محرّمًا هو كبيرة من الكبائر ،وورد في القرآن وال ّ ع خاصّ ،كما في حديث مسلمٍ عن أبي هريرة رضي ال يفيد أنّ عقوبته في الخرة من نو ٍ عنه قال :قال رسول اللّه صلى ال عليه وسلم { :ما من صاحب كن ٍز ل يؤدّي زكاته إلّ أحمي عليه في نار جهنّم ،فيجعل صفائح ،فيكوى بها جنباه وجبينه ،حتّى يحكم اللّه بين عباده في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سن ٍة ،ثمّ يرى سبيله إمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النّار ، ل ل يؤدّي زكاتها إلّ بطح لها بقاعٍ قرقرٍ كأوفر ما كانت تستنّ عليه ،كلّما وما من صاحب إب ٍ مضى عليه أخراها ردّت عليه أولها ،حتّى يحكم اللّه بين عباده ،في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سن ٍة ،ثمّ يرى سبيله إمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النّار ،وما من صاحب غن ٍم ل ع قرقرٍ ،كأوفر ما كانت ،فتطؤه بأظلفها وتنطحه بقرونها ، ل بطح لها بقا ٍ يؤدّي زكاتها ،إ ّ ليس فيها عقصاء ول جلحاء ،كلّما مضى عليه أخراها ردّت عليه أولها ،حتّى يحكم اللّه بين عباده ،في يو ٍم كان مقداره خمسين ألف سن ٍة ممّا تعدّون ،ثمّ يرى سبيله إمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النّار } . العقوبة لمانع الزّكاة : - 9من منع الزّكاة وهو في قبضة المام تؤخذ منه قهرًا لقول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { : أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يقولوا :ل إله إلّ اللّه محمّد رسول اللّه ،فإذا قالوها عصموا ل بحقّها وحسابهم على اللّه } ومن حقّها الزّكاة ،قال أبو بكرٍ رضي منّي دماءهم وأموالهم إ ّ ال عنه بمحضر الصّحابة :الزّكاة حقّ المال " وقال رضي ال عنه :واللّه لو منعوني عقالًا كانوا يؤدّونه إلى رسول اللّه صلى ال عليه وسلم لقاتلتهم عليه .وأقرّه الصّحابة على ذلك . ن مانع الزّكاة إذا أخذت منه قهرًا ل يؤخذ معها من ماله شيء وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ .وذهب الشّافعيّ في القديم ،وإسحاق بن راهويه ،وأبو بكرٍ عبد العزيز من أصحاب أحمد ن مانع الزّكاة يؤخذ شطر ماله عقوبةً له ،مع أخذ الزّكاة منه .واحتجّوا بقول النّبيّ إلى أ ّ ن ،ل تفرّق إبل عن ل في كلّ أربعين بنت لبو ٍ صلى ال عليه وسلم { :في كلّ سائمة إب ٍ حسابها ،من أعطاها مؤتجرًا فله أجرها ،ومن منعها فإنّا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربّنا ،ل يحلّ لل مح ّمدٍ منها شيء } .ويستدلّ لقول الجمهور بقول النّبيّ صلى ال ن الصّحابة رضي ال عنهم لم يأخذوا عليه وسلم { :ليس في المال حقّ سوى الزّكاة } .وبأ ّ
نصف أموال العراب الّذين منعوا الزّكاة .فأمّا من كان خارجًا عن قبضة المام ومنع ن الصّحابة قاتلوا الممتنعين من أدائها ،فإن ظفر به أخذها الزّكاة ،فعلى المام أن يقاتله ; ل ّ منه من غير زياد ٍة على قول الجمهور كما تقدّم .وهذا فيمن كان مقرّا بوجوب الزّكاة ،لكن منعها بخلًا أو تأوّلًا ،ول يحكم بكفره ،ولذا فإن مات في قتاله عليها ورثه المسلمون من أقاربه وصلّي عليه .وفي روايةٍ عن أحمد يحكم بكفره ول يورث ول يصلّى عليه ،لما ن أبا بكرٍ لمّا قاتل مانعي الزّكاة ،وعضّتهم الحرب قالوا :نؤدّيها ،قال :ل أقبلها روي أ ّ ن قتلنا في الجنّة وقتلكم في النّار ،ووافقه عمر .ولم ينقل إنكار ذلك عن حتّى تشهدوا أ ّ أحدٍ من الصّحابة فدلّ على كفرهم .وأمّا من منع الزّكاة منكرًا لوجوبها ،فإن كان جاهلًا ومثله يجهل ذلك لحداثة عهده بالسلم ،أو لنّه نشأ ببادي ٍة بعيدةٍ عن المصار ،أو نحو ذلك ،فإنّه يعرّف وجوبها ول يحكم بكفره لنّه معذور ،وإن كان مسلمًا ناشئًا ببلد السلم بين أهل العلم فيحكم بكفره ،ويكون مرتدّا ،وتجري عليه أحكام المرتدّ ،لكونه أنكر معلومًا من الدّين بالضّرورة . من تجب في ماله الزّكاة : - 10اتّفق الفقهاء على أنّ البالغ العاقل المسلم الحرّ العالم بكون الزّكاة فريضةً ،رجلًا كان أو امرأةً تجب في ماله الزّكاة إذا بلغ نصابًا ،وكان متمكّنًا من أداء الزّكاة ،وتمّت الشّروط في المال .واختلفوا فيما عدا ذلك كما يلي : أ -الزّكاة في مال الصّغير والمجنون : - 11ذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ الزّكاة تجب في مال كلّ من الصّغير والمجنون ذكرًا كان أو أنثى ،وهو مرويّ عن عمر ،وابنه ،وعليّ وابنه الحسن ، وعائشة ،وجابرٍ ،وبه قال ابن سيرين ومجاهد ،وربيعة ،وابن عيينة ،وأبو عبيدٍ وغيرهم .واستدلّوا بقول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :أل من ولي يتيمًا له مال فليتّجر فيه ،ول ن اليتيم ل يخرج من ماله يتركه حتّى تأكله الصّدقة } والمراد بالصّدقة الزّكاة المفروضة ; ل ّ ن الزّكاة تراد لثواب ع ،إذ ليس للوليّ أن يتبرّع من مال اليتيم بشي ٍء ; ول ّ صدقة تط ّو ٍ المزكّي ومواساة الفقير ،والصّبيّ والمجنون من أهل الثّواب وأهل المواساة على ما قال ن الزّكاة حقّ يتعلّق بالمال ،فأشبه نفقة القارب وأروش الجنايات وقيم الشّيرازيّ ،وبأ ّ المتلفات .وقال الدّردير :إنّما وجبت في مالهما لنّها من باب خطاب الوضع .ويتولّى ي يقوم مقامهما في أداء ما عليهما من الحقوق ، ن الول ّ الوليّ إخراج الزّكاة من مالهما ; ل ّ كنفقة القريب ،وعلى الوليّ أن ينوي أنّها زكاة ،فإن لم يخرجها الوليّ وجب على الصّبيّ بعد البلوغ ،والمجنون بعد الفاقة ،إخراج زكاة ما مضى .وروي عن ابن مسعودٍ والثّوريّ
والوزاعيّ أنّهم قالوا :تجب الزّكاة ،ول تخرج حتّى يبلغ الصّبيّ ،أو يفيق المجنون ، وذلك أنّ الوليّ ليس له ولية الداء ،قال ابن مسعودٍ :احص ما يجب في مال اليتيم من الزّكاة ،فإذا بلغ فأعلمه ،فإن شاء زكّى وإن شاء لم يزكّ ،أي ل إثم على الوليّ بعدئ ٍذ إن لم ك الصّبيّ .وذهب ابن شبرمة إلى أنّ أمواله الظّاهرة من نعمٍ وزرعٍ وثم ٍر يزكّى ،وأمّا يز ّ الباطنة فل .وقال سعيد بن المسيّب :ل يزكّي حتّى يصلّي ويصوم ،وقال أبو وائلٍ ، والنّخعيّ ،وسعيد بن جبيرٍ والحسن البصريّ :ل زكاة في مال الصّبيّ ،وذهب أبو حنيفة ن الزّكاة ل تجب في مال الصّغير والمجنون ،إلّ أنّه س إلى أ ّ وهو مرويّ عن عليّ وابن عبّا ٍ يجب العشر في زروعهما وثمارهما ،وزكاة الفطر عنهما .واستدلّ لهذا القول بقول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :رفع القلم عن ثلثةٍ :عن المجنون المغلوب على عقله حتّى يفيق ، ل بالختيار وعن النّائم حتّى يستيقظ ،وعن الصّبيّ حتّى يحتلم } .ولنّها عبادة ،فل تتأدّى إ ّ تحقيقًا لمعنى البتلء ،ول اختيار للصّبيّ والمجنون لعدم العقل ،وقياسًا على عدم وجوبها على ال ّذ ّميّ لنّه ليس من أهل العبادة ،وإنّما وجب العشر فيما يخرج من أرضهما لنّه في معنى مؤنة الرض ،ومعنى العبادة فيه تابع .وممّا يتّصل بهذا زكاة مال الجنين من إرثٍ أو غيره ،ذكر فيه النّوويّ عند الشّافعيّة طريقين والمذهب أنّها ل تجب ،قال :وبذلك قطع الجمهور ; لنّ الجنين ل يتيقّن حياته ول يوثق بها ،فل يحصل تمام الملك واستقراره ،قال :فعلى هذا يبتدئ حول ماله من حين ينفصل . ب -الزّكاة في مال الكافر : - 12ل تجب الزّكاة في مال الكافر الصليّ اتّفاقًا ،حربيّا كان أو ذ ّميّا ; لنّه حقّ لم يلتزمه ; ولنّها وجبت طهر ًة للمزكّي ،والكافر ل طهرة له ما دام على كفره .وأخذ عمر رضي ال عنه الزّكاة مضاعف ًة من نصارى بني تغلب عندما رفضوا دفع الجزية ورضوا بدفع الزّكاة .وقد ذهب الجمهور إلى أنّ ما يؤخذ منهم يصرف في مصارف الفيء ; لنّه في حقيقته جزية ،وذهب محمّد بن الحسن إلى أنّه يصرف في مصارف الزّكاة وهو قول أبي الخطّاب من الحنابلة .أمّا المرتدّ ،فما وجب عليه من الزّكاة في إسلمه ،وذلك إذا ارتدّ بعد تمام الحول على النّصاب ل يسقط في قول الشّافعيّة والحنابلة ،لنّه حقّ مالٍ فل يسقط بال ّردّة كالدّين ،فيأخذه المام من ماله كما يأخذ الزّكاة من المسلم الممتنع ،فإن أسلم بعد ذلك لم يلزمه أداؤها .وذهب الحنفيّة إلى أنّه تسقط بال ّردّة الزّكاة الّتي وجبت في مال المرتدّ قبل ن من شرطها ال ّنيّة عند الداء ،ونيّته العبادة وهو كافر غير معتبرةٍ ،فتسقط بال ّردّة ال ّردّة ،ل ّ كالصّلة ،حتّى ما كان منها زكاة الخارج من الرض .وأمّا إذا ارتدّ قبل تمام الحول على النّصاب فل يثبت الوجوب عند الجمهور من الحنفيّة ،والحنابلة ،وهو قول عند الشّافعيّة .
ن ملكه لماله موقوف فإن عاد إلى السلم تبيّن بقاء ملكه وتجب فيه ح عند الشّافعيّة أ ّ والص ّ الزّكاة وإلّ فل . ج -من لم يعلم بفرضيّة الزّكاة : ن العلم - 13ذهب المالكيّة ،والشّافعيّة ،والحنابلة ،وابن المنذر ،وزفر من الحنفيّة إلى أ ّ بكون الزّكاة مفروض ًة ليس شرطًا لوجوبها ،فتجب الزّكاة على الحربيّ إذا أسلم في دار الحرب وله سوائم ومكث هناك سنين ول علم له بالشّريعة السلميّة ،ويخاطب بأدائها إذا ن العلم بكون الزّكاة فريضةً شرط خرج إلى دار السلم .وذهب أبو حنيفة وصاحباه إلى أ ّ ي في الصّورة المذكورة . لوجوب الزّكاة فل تجب الزّكاة على الحرب ّ د -من لم يتمكّن من الداء : ن التّمكّن من الداء شرط لوجوب أداء الزّكاة ،فلو حال - 14ذهب مالك والشّافعيّ إلى أ ّ الحول ثمّ تلف المال قبل أن يتمكّن صاحبه من الداء فل زكاة عليه ،حتّى لقد قال مالك :إنّ المالك لو أتلف المال بعد الحول قبل إمكان الداء فل زكاة عليه إذا لم يقصد الفرار من الزّكاة .واحتجّ لهذا القول بأنّ الزّكاة عبادة فيشترط لوجوبها إمكان أدائها كالصّلة والصّوم . ن التّمكّن من الداء ليس شرطًا لوجوبها ،لمفهوم قول النّبيّ وذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أ ّ ل حتّى يحول عليه الحول } .فمفهومه وجوبها عليه صلى ال عليه وسلم { :ل زكاة في ما ٍ ن الزّكاة عبادة ماليّة ،فيثبت وجوبها في ال ّذمّة مع عدم إمكان الداء ، إذا حال الحول ،ول ّ كثبوت الدّيون في ذمّة المفلس . الزّكاة في المال العامّ ( أموال بيت المال ) : 14م -نصّ الحنابلة على أنّ مال الفيء ،وخمس الغنيمة ،وكلّ ما هو تحت يد المام ممّا يرجع إلى الصّرف في مصالح المسلمين ل زكاة فيه .ولم نجد لدى غيرهم تع ّرضًا لهذه المسألة مع مراعاتها في التّطبيق ،إذ لم يعهد علمًا ول عملًا أخذ الزّكاة من الموال العامّة . الزّكاة في الموال المشتركة والموال المختلفة والموال المتفرّقة : - 15الّذي يكلّف بالزّكاة هو الشّخص المسلم بالنّسبة لماله ،فإن كان ما يملكه نصابًا وحال عليه الحول وتمّت الشّروط ففيه الزّكاة ،فإن كان المال شركةً بينه وبين غيره ،وكان المال نصابًا فأكثر فل زكاة على أحدٍ من الشّركاء عند الجمهور ،وهو قول عند الشّافعيّة حتّى يكون نصيبه نصابًا ،ول يستثنى من ذلك عند الحنفيّة شيء ،ويستثنى عند الجمهور ومنهم الشّافعيّة السّائمة المشتركة فإنّها تعامل معاملة مال رجلٍ واحدٍ في القدر الواجب وفي النّصاب
عند غير المالكيّة ،وكذا السّائمة المختلطة -أي الّتي يتميّز حقّ كلّ من الخليطين فيها لكنّها ن المال تشترك في المرعى ونحوه من المرافق -وذهب الشّافعيّة على الظهر إلى أ ّ المشترك والمال المختلط يعامل معاملة مال رجلٍ واحدٍ في النّصاب والقدر الواجب ،وهو رواية أخرى عند الحنابلة رجّح العمل بها بعضهم كابن عقيلٍ والج ّريّ .واحتجّوا بعموم قول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :ل يفرّق بين مجتمعٍ ول يجمع بين متف ّرقٍ خشية الصّدقة } .ولمعرفة تفصيل القول في ذلك والخلف فيه ينظر مصطلح ( خلطة ) .هذا إذا كان المال في بل ٍد واحدٍ ،أمّا إن كان مال الرّجل مفرّقًا بين بلدين أو أكثر ،فإن كان من غير المواشي ل واحدٍ .وإن كان من المواشي وكان بين البلدين مسافة فل أثر لتفرّقه ،بل يزكّى زكاة ما ٍ قصرٍ فأكثر فكذلك عند الجمهور ،وهو رواية عن أحمد رجّحها صاحب المغني .والمعتمد ل منها يزكّى منفردًا عمّا سواه ،فإن كان كل المالين نصابًا زكّاهما ن كلّ ما ٍ عند الحنابلة أ ّ كنصابين ،وإن كان أحدهما نصابًا والخر أقلّ من نصابٍ زكّى ما تمّ نصابًا دون الخر . ج من ذهب إلى هذا بأنّه لمّا أثّر قال ابن المنذر :ل أعلم هذا القول عن غير أحمد .واحت ّ اجتماع مال الجماعة حال الخلطة في مرافق الملك ومقاصده على أتمّ الوجوه حتّى جعله كمالٍ ج أحمد بقول واحدٍ وجب تأثير الفتراق الفاحش في المال الواحد حتّى يجعله كمالين .واحت ّ ل مالٍ تخرج زكاته ببلده . نكّ النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :ول يجمع بين متفرّقٍ } ول ّ شروط المال الّذي تجب فيه الزّكاة : - 16يشترط في المال الّذي تجب فيه الزّكاة من حيث الجملة شروط : - 1كونه مملوكًا لمعيّنٍ . - 2وكون مملوكيّته مطلق ًة ( أي كونه مملوكًا رقبةً ويدًا ) . - 3وكونه ناميًا . - 4وأن يكون زائدًا على الحاجات الصليّة . -5حولن الحول . ع من المال بحسبه . -6وبلوغه نصابًا ،والنّصاب في كلّ نو ٍ -7وأن يسلم من وجود المانع ،والمانع أن يكون على المالك دين ينقص النّصاب . - 17الشّرط الوّل :كون المال مملوكًا لمعيّنٍ :فل زكاة فيما ليس له مالك معيّن ،ومن هنا ذهب الحنفيّة إلى أنّ الزّكاة ل تجب في سوائم الوقف ،والخيل المسبّلة ; لنّها غير مملوكةٍ . ن في الزّكاة تمليكًا ،والتّمليك في غير الملك ل يتصوّر ،قالوا :ول تجب الزّكاة قالوا :ل ّ في ما استولى عليه العد ّو ،وأحرزوه بدارهم ; لنّهم ملكوه بالحراز ،فزال ملك المسلم عنه .وقال المالكيّة :ل زكاة في الموصى به لغير معيّنين .وتجب في الموقوف ولو على غير
ن الوقف عندهم ل يخرجه عن ملك الواقف ،فلو وقف نقودًا معيّنٍ كمساجد ،أو بني تميمٍ ; ل ّ للسّلف يزكّيها الواقف أو المتولّي عليها منها كلّما مرّ عليها حول من يوم ملكها ،أو زكّاها إن كانت نصابًا ،وهذا إن لم يتسلّفها أحد ،فإن تسلّفها أحد زكّيت بعد قبضها منه لعا ٍم واحدٍ .وفصّل الشّافعيّة والحنابلة فقالوا :إذا كان الوقف على غير معيّنٍ ،كالفقراء ،أو كان على مسجدٍ ،أو مدرسةٍ ،أو رباطٍ ونحوه ممّا ل يتعيّن له مالك ل زكاة فيه .وكذا النّقد الموصى ن ،بخلف الموقوف على معيّنٍ فإنّه يملكه به في وجوه البرّ ،أو ليشترى به وقف لغير معيّ ٍ ن ملكه فتجب فيه الزّكاة عند الحنابلة ،وهو قول عند الشّافعيّة ،وقيل عندهم :ل تجب ; ل ّ ينتقل إلى اللّه تعالى ل إلى الموقوف عليه . - 18الشّرط الثّاني :أن يكون ملكيّة المال مطلقةً :وهذه عبارة الحنفيّة ،وعبّر غيرهم بالملك التّامّ :وهو ما كان في يد مالكه ينتفع به ويتصرّف فيه .والملك النّاقص يكون في أنواعٍ من المال معيّن ٍة ،منها : ل مالٍ مالكه غير قاد ٍر على النتفاع به لكون يده ليست عليه ، - 1مال الضّمار :وهو ك ّ فمذهب أبي حنيفة ،وصاحبيه ،وهو مقابل الظهر عند الشّافعيّة ،ورواية عند الحنابلة أنّه ل زكاة عليه فيه ،كالبعير الضّالّ ،والمال المفقود ،والمال السّاقط في البحر ،والمال الّذي أخذه السّلطان مصادرةً ،والدّين المجحود إذا لم يكن للمالك بيّنة ،والمال المغصوب الّذي ل يقدر صاحبه على أخذه ،والمسروق الّذي ل يدري من سرقه ،والمال المدفون في الصّحراء إذا خفي على المالك مكانه ،فإن كان مدفونًا في البيت تجب فيه الزّكاة عند الحنفيّة ،أي لنّه ي رضي ال عنه أنّه قال :ليس في مال في مكان محدودٍ .واحتجّوا بما روي عن عل ّ ن المال إذا لم يكن النتفاع به والتّصرّف فيه مقدورًا ل يكون المالك به غنيّا الضّمار زكاة ول ّ .قالوا :وهذا بخلف ابن السّبيل ( أي المسافر عن وطنه ) فإنّ الزّكاة تجب في ماله ; لنّ مالكه يقدر على النتفاع به ،وكذا الدّين المقرّ به إذا كان على مليءٍ .وذهب مالك إلى أنّ المال الضّائع ونحوه كالمدفون في صحراء إذا ضلّ صاحبه عنه أو كان بمحلّ ل يحاط به ، فإنّه يزكّى لعامٍ واحدٍ إذا وجده صاحبه ولو بقي غائبًا عنه سنين .وذهب الشّافعيّة في الظهر ن الزّكاة تجب في المال الضّائع ولكن ل يجب دفعها حتّى يعود وهو رواية عند الحنابلة إلى أ ّ ن السّبب الملك ،وهو ثابت المال .فإن عاد يخرجها صاحبه عن السّنوات الماضية كلّها ; ل ّ .قالوا :لكن لو تلف المال ،أو ذهب ولم يعد سقطت الزّكاة .وكذا عندهم المال الّذي ل يقدر عليه صاحبه لنقطاع خبره ،أو انقطاع الطّريق إليه .والمال الموروث صرّح المالكيّة ل بعد قبضه ،يستقبل به الوارث حولًا ،ولو كان قد أقام سنين ،وسواء بأنّه ل زكاة فيه إ ّ علم الوارث به أو لم يعلم .
الزّكاة في مال السير ،والمسجون ونحوه : - 19من كان مأسورًا أو مسجونًا قد حيل بينه وبين التّصرّف في ماله والنتفاع به ،ذكر ن ذلك ل يمنع وجوب الزّكاة عليه ; لنّه لو تصرّف في ماله ببيعٍ وهبةٍ ونحوهما ابن قدامة أ ّ نفذ ،وكذا لو وكّل في ماله نفذت الوكالة .أمّا عند المالكيّة فإنّ كون الرّجل مفقودًا أو أسيرًا يسقط الزّكاة في حقّه من أمواله الباطنة ،لنّه بذلك يكون مغلوبًا على عدم التّنمية فيكون ماله حينئذٍ كالمال الضّائع ،ولذا يزكّيها إذا أطلق لسنةٍ واحد ٍة كالموال الضّائعة .وفي قول ي والزّرقانيّ :ل زكاة عليه فيها أصلًا .وفي قول البنانيّ :ل تسقط الزّكاة عن الجهور ّ ل عامٍ ،لكن ل يجب الخراج من مالهما بل السير والمفقود ،بل تجب الزّكاة عليهما ك ّ يتوقّف مخافة حدوث الموت .أمّا المال الظّاهر فقد اتّفقت كلمة المالكيّة أنّ الفقد والسر ل يسقطان زكاته ; لنّها محمولن على الحياة ،ويجوز أخذ الزّكاة من مالهما الظّاهر وتجزئ ، ن نيّة المخرج تقوم مقام نيّته .ولم نجد لغير من ذكر تعرّضًا لهذه ول يضرّ عدم ال ّنيّة ; ل ّ المسألة . زكاة الدّين : - 20الدّين مملوك للدّائن ،ولكنّه لكونه ليس تحت يد صاحبه فقد اختلفت فيه أقوال الفقهاء : فذهب ابن عمر ،وعائشة ،وعكرمة مولى ابن عبّاسٍ رضي ال عنهم ،إلى أنّه ل زكاة في الدّين ،ووجهه أنّه غير نامٍ ،فلم تجب زكاته ،كعروض القنيّة ( وهي العروض الّتي تقتنى ل قسمان :دين حالّ ن الدّين الحا ّ لجل النتفاع الشّخصيّ ) .وذهب جمهور العلماء إلى أ ّ ل المرج ّو الداء :هو ما كان ل غير مرج ّو الداء - 21 .فالدّين الحا ّ مرج ّو الداء ،ودين حا ّ على مق ّر به باذلٍ له ،وفيه أقوال :فمذهب الحنفيّة ،والحنابلة ،وهو قول الثّوريّ :أنّ ل عامٍ لنّه مال مملوك له ،إلّ أنّه ل يجب عليه إخراج الزّكاة زكاته تجب على صاحبه ك ّ ل ما مضى من السّنين .ووجه هذا القول :أنّه دين منه ما لم يقبضه ،فإذا قبضه زكّاه لك ّ ثابت في ال ّذمّة فلم يلزمه الخراج قبل قبضه ; ولنّه ل ينتفع به في الحال ،وليس من ن الوديعة الّتي يقدر صاحبها أن يأخذها في المواساة أن يخرج زكاة مالٍ ل ينتفع به .على أ ّ ت ليست من هذا النّوع ،بل يجب إخراج زكاتها عند الحول .ومذهب الشّافعيّ في أيّ وق ٍ الظهر ،وحمّاد بن أبي سليمان ،وإسحاق ،وأبي عبيدٍ أنّه يجب إخراج زكاة الدّين المرجوّ ل ،كالمال الّذي هو بيده ،لنّه قادر على أخذه والتّصرّف فيه . الداء في نهاية كلّ حو ٍ ل عامٍ وهي دين التّاجر المدير عن ثمن وجعل المالكيّة الدّين أنواعًا :فبعض الدّيون يزكّى ك ّ ل من أصله لسن ٍة واحدةٍ عند قبضه ولو أقام عند بضاعةٍ تجاريّةٍ باعها ،وبعضها يزكّى لحو ٍ المدين سنين ،وهو ما أقرضه لغيره من نقدٍ ،وكذا ثمن بضاعةٍ باعها محتكر ،وبعض
الدّيون ل زكاة فيه ،وهو ما لم يقبض من نحو هبةٍ أو مهرٍ أو عوض جنايةٍ - 22 .وأمّا الدّين غير المرج ّو الداء ،فهو ما كان على معسرٍ أو جاحدٍ أو مماطلٍ ،وفيه مذاهب : فمذهب الحنفيّة فيه كما تقدّم ،وهو قول قتادة وإسحاق ،وأبي ثورٍ ،ورواية عن أحمد ، وقول مقابل للظهر للشّافعيّ :أنّه ل زكاة فيه لعدم تمام الملك ; لنّه غير مقدورٍ على النتفاع به .والقول الثّاني وهو قول الثّوريّ ،وأبي عبيدٍ ورواية عن أحمد ،وقول للشّافعيّ هو الظهر :أنّه يزكّيه إذا قبضه لما مضى من السّنين ،لما روي عن عليّ رضي ال عنه في الدّين المظنون " إن كان صادقًا فليزكّه إذا قبضه لما مضى .وذهب مالك إلى أنّه إن كان ممّا فيه الزّكاة يزكّيه إذا قبضه لعامٍ واح ٍد وإن أقام عند المدين أعوامًا .وهو قول عمر بن ي .واستثنى الشّافعيّة والحنابلة ما كان من الدّين عبد العزيز ،والحسن واللّيث ،والوزاع ّ ماشي ًة فل زكاة فيه ; لنّ شرط الزّكاة في الماشية عندهم السّوم ،وما في ال ّذمّة ل يتّصف بالسّوم .الدّين المؤجّل : - 23ذهب الحنابلة وهو الظهر من قولي الشّافعيّة :إلى أنّ الدّين المؤجّل بمنزلة الدّين على ن صاحبه غير متمكّنٍ من قبضه في الحال فيجب إخراج زكاته إذا قبضه عن المعسر ; ل ّ جميع السّنوات السّابقة .ومقابل الظهر عند الشّافعيّة :أنّه يجب دفع زكاته عند الحول ولو لم يقبضه .ولم نجد عند الحنفيّة والمالكيّة تفريقًا بين المؤجّل والحالّ .أقسام الدّين عند الحنفيّة : ن الدّيون كلّها نوع واحد ،فكلّما قبض شيئًا منها زكّاه إن كان - 24ذهب الصّاحبان إلى أ ّ ن الدّين ثلثة أقسامٍ : الدّين نصابًا أو بلغ بضمّه إلى ما عنده نصابًا .وذهب أبو حنيفة إلى أ ّ الوّل :الدّين القويّ :وهو ما كان بدل مالٍ زكويّ ،كقرض نقدٍ ،أو ثمن مال سائمةٍ ،أو عرض تجار ٍة .فهذا كلّما قبض شيئًا منه زكّاه ولو قليلًا ( مع ملحظة مذهبه في الوقص في الذّهب والفضّة ،فل زكاة في المقبوض من دين دراهم مثلًا إلّ إذا بلغت 40درهمًا ويكون ن أصله زكويّ فيبنى على حول أصله روايةً واحدةً . فيها درهم ) وحوله حول أصله ; ل ّ الثّاني :الدّين الضّعيف :وهو ما لم يكن ثمن مبيعٍ ول بدلًا لقرض نق ٍد ،ومثاله المهر والدّية وبدل الكتابة والخلع ،فهذا متى قبض منه شيئًا وكان عنده نصاب غيره قد انعقد حوله يزكّيه ل إذا قبض معه كالمال المستفاد ،وإن لم يكن عنده من غيره نصاب فإنّه ل تجب فيه الزّكاة إ ّ منه نصابًا وحال عليه الحول عنده منذ قبضه ; لنّه بقبضه أصبح مالًا زكويّا .الثّالث :الدّين المتوسّط :وهو ما كان ثمن عرض قني ٍة ممّا ل تجب فيه الزّكاة ،كثمن داره أو متاعه المستغرق بالحاجة الصليّة .ففي رواي ٍة ،يعتبر مالًا زكويّا من حين باع ما باعه فتثبت فيه ل بعد أن يتمّ ما يقبضه منه نصابًا ،وفي الزّكاة لما مضى من الوقت ،ول يجب الداء إ ّ
رواي ٍة أخرى :ل يبتدئ حوله إلّ من حين يقبض منه نصابًا ،لنّه حينئذٍ أصبح زكويّا ، فصار كالحادث ابتداءً . الجور المقبوضة سلفًا : - 25مذهب الحنابلة ،ونقله الكاسانيّ عن محمّد بن الفضل البخاريّ الحنفيّ ،وهو قول عند الشّافعيّة :إنّ الجرة المعجّلة لسنين إذا حال عليها الحول تجب على المؤجّر زكاتها كلّها ، لنّه يملكها ملكًا تامّا من حين العقد .بدليل جواز تصرّفه فيها ،وإن كان ربّما يلحقه دين بعد ل بتمام ملكه ، الحول بالفسخ الطّارئ .وعند المالكيّة ل زكاة على المؤجّر فيما قبضه مق ّدمًا إ ّ ستّين معجّل ًة ول شيء فلو آجر نفسه ثلث سنين بستّين دينارًا ،كلّ سن ٍة بعشرين ،وقبض ال ّ ن العشرين الّتي هي أجرة السّنة الولى له غيرها ،فإذا مرّ على ذلك حول فل زكاة عليه ; ل ّ لم يتحقّق ملكه لها إلّ بانقضائها ; لنّها كانت عنده بمثابة الوديعة ،فلم يملكها حولًا كاملًا ، ل ما أنقصته الزّكاة ،فإذا فإذا مرّ الحول الثّاني زكّى عشرين ،وإذا مرّ الثّالث زكّى أربعين إ ّ مرّ الرّابع زكّى الجميع .وفي قولٍ عند المالكيّة وهو الظهر للشّافعيّة :ل تجب إلّ زكاة ما ن ما لم يستقرّ معرّض للسّقوط ،فتجب زكاة العشرين الولى بتمام الحول الوّل ، استقرّ ; ل ّ ن الغيب كشف أنّه ملكها من أوّل الحول .وإذا تمّ الحول الثّاني فعليه زكاة عشرين لسنةٍ لّ وهي الّتي زكّاها في آخر السّنة الولى ،وزكاة عشرين لسنتين ،وهي الّتي استقرّ عليها ملكه الن ،وهكذا .ولم نجد عند الحنفيّة تعرّضًا لهذه المسألة . زكاة الثّمن المقبوض عن بضائع لم يجر تسليمها : - 26إذا اشترى مالًا بنصاب دراهم ،أو أسلم نصابًا في شي ٍء فحال الحول قبل أن يقبض ق لم يجر فسخه ،قال الحنابلة :زكاة الثّمن المشتري المبيع ،أو يقبض المسلّم فيه ،والعقد با ٍ ن ملكه ثابت فيه .ثمّ لو فسخ العقد لتلف المبيع ،أو تعذّر المسلّم فيه ،وجب على البائع ; ل ّ ن البضاعة المشتراة إذا حال ردّ الثّمن كاملًا .وصرّح الشّافعيّة بما هو قريب من ذلك وهو أ ّ عليها الحول من حين لزوم العقد تجب زكاتها على المشتري وإن لم يقبضها . - 27الشّرط الثّالث :النّماء :ووجه اشتراطه على ما قال ابن الهمام ،أنّ المقصود من شرعيّة الزّكاة بالضافة إلى البتلء مواساة الفقراء على وجهٍ ل يصير به المزكّي فقيرًا ، بأن يعطي من فضل ماله قليلًا من كثيرٍ ،واليجاب في المال الّذي ل نماء له يؤدّي إلى خلف ذلك مع تكرّر السّنين .قالوا :والنّماء متحقّق في السّوائم بالدّرّ والنّسل ،وفي الموال المعدّة للتّجارة ،والرض الزّراعيّة العشريّة ،وسائر الموال الّتي تجب فيها الزّكاة ،ول يشترط تحقّق النّماء بالفعل بل تكفي القدرة على الستنماء بكون المال في يده أو يد نائبه .
وبهذا الشّرط خرجت الثّياب الّتي ل تراد لتجارةٍ سواء كان صاحبها محتاجًا إليها أو ل ، وأثاث المنزل ،والحوانيت ،والعقارات ،والكتب لهلها أو غير أهلها ،وخرجت النعام الّتي لم تعدّ لل ّدرّ والنّسل ،بل كانت معدّ ًة للحرث ،أو الرّكوب ،أو اللّحم .والذّهب والفضّة ل يشترط فيهما النّماء بالفعل ; لنّهما للنّماء خلقةً ،فتجب الزّكاة فيهما ،نوى التّجارة أو لم ينو أصلًا ،أو نوى النّفقة .قالوا :وفقد النّماء سبب آخر في عدم وجوب الزّكاة في أموال الضّمار بأنواعها المتقدّمة ; لنّه ل نماء إلّ بالقدرة على التّصرّف ،ومال الضّمار ل قدرة عليه .وهذا الشّرط يصرّح به الحنفيّة ،ويراعيه غيرهم في تعليلتهم دون تصريحٍ به . - 28الشّرط الرّابع :الزّيادة على الحاجات الصليّة :وهذا الشّرط يذكره الحنفيّة .وبناءً عليه قالوا :ل زكاة في كتب العلم المقتناة لهلها وغير أهلها ولو كانت تساوي نصبًا ،وكذا ن المشغول بالحاجة الصليّة ب الرّكوب ونحو ذلك .قالوا :ل ّ دار السّكنى وأثاث المنزل ودوا ّ كالمعدوم ،وفسّره ابن ملكٍ بما يدفع عنه الهلك تحقيقًا كثيابه ،أو تقديرًا كدينه .وقد جعل ابن ملكٍ من هذا النّوع أن يكون لديه نصاب دراهم أمسكها بنيّة صرفها إلى الحاجة الصليّة فل زكاة فيها إذا حال عليها الحول عنده ،لكن اعترضه ابن نجيمٍ في البحر الرّائق ،بأنّ الزّكاة تجب في النّقد كيفما أمسكه للنّماء أو للنّفقة ،ونقله عن المعراج والبدائع .ولم يذكر ن الزّكاة أوجبها الشّرع في أجناسٍ أيّ من أصحاب المذاهب هذا الشّرط مستقلّا ،ولعلّه ; ل ّ ب كاملٍ منها ،فإذا وجد ذلك وجبت الزّكاة ، معيّنةٍ من المال إذا حال الحول على نصا ٍ واستغناءً بشرط النّماء .والنّتيجة واحدة . - 29الشّرط الخامس :الحول :المراد بالحول أن يتمّ على المال بيد صاحبه سن ًة كاملةً قمريّةً ،فإن لم تتمّ فل زكاة فيه ،إلّ أن يكون بيده مال آخر بلغ نصابًا قد انعقد حوله ، وكان المالن ممّا يضمّ أحدهما إلى الخر ،فيرى بعض الفقهاء ،أنّ الثّاني يزكّى مع الوّل عند تمام حول الوّل ،كما يأتي بيانه تفصيلًا .ودليل اعتبار الحول قول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :ل زكاة في مالٍ حتّى يحول عليه الحول } .ويستثنى من اشتراط الحول في الموال الزّكويّة الخارج من الرض من الغلل الزّراعيّة ،والمعادن ،والرّكاز ،فتجب الزّكاة في هذين النّوعين ولو لم يحل الحول ،لقوله تعالى في الزّروع { وآتوا حقّه يوم حصاده } ولنّها نماء بنفسها فلم يشترط فيها الحول ،إذ أنّها تعود بعد ذلك إلى النّقص ، بخلف ما يشترط فيه الحول فهو مرصد للنّماء .وسيأتي تفصيل ذلك في النّوعين في ن ما أرصد للنّماء اعتبر له الحول ،ليكون إخراج الزّكاة من النّماء موضعه .والحكمة في أ ّ
ن الزّكاة إنّما وجبت مواساةً ،ولم يعتبر حقيقة النّماء ; لنّه ل ضابط له ،ول لنّه أيسر ; ل ّ بدّ من ضابطٍ ،فاعتبر الحول . المال المستفاد أثناء الحول : - 30إن لم يكن عند المكلّف مال فاستفاد مالًا زكويّا لم يبلغ نصابًا فل زكاة فيه ول ينعقد حوله ،فإن تمّ عنده نصاب انعقد الحول من يوم تمّ النّصاب ،وتجب عليه زكاته إن بقي إلى تمام الحول .وإن كان عنده نصاب ،وقبل أن يحول عليه الحول استفاد مالًا من جنس ذلك النّصاب أو ممّا يضمّ إليه ،فله ثلثة أقسامٍ :الوّل :أن تكون الزّيادة من نماء المال الوّل . كربح التّجارة ،ونتاج السّائمة ،فهذا يزكّى مع الصل عند تمام الحول .قال ابن قدامة :ل نعلم في ذلك خلفًا ،لنّه تبع للنّصاب من جنسه ،فأشبه النّماء المتّصل .القسم الثّاني :أن يكون المستفاد من غير جنس المال الّذي عنده ،كأن يكون ماله إبلًا فيستفيد ذهبًا أو فضّةً . فهذا النّوع ل يزكّى عند حول الصل .بل ينعقد حوله يوم استفادته إن كان نصابًا ،اتّفاقًا ، ما عدا قولًا شاذّا أنّه يزكّيه حين يستفيده .ولم يعرّج على هذا القول أحد من العلماء ،ول قال به أحد من أئمّة الفتيا .القسم الثّالث :أن يستفيد مالًا من جنس نصابٍ عنده قد انعقد حوله وليس المستفاد من نماء المال الوّل .كأن يكون عنده عشرون مثقالًا ذهبًا ملكها في ل في أوّل ذي الحجّة ،فقد اختلف العلماء في ذلك :فذهب أوّل المحرّم ،ثمّ يستفيد ألف مثقا ٍ الشّافعيّة والحنابلة ،إلى أنّه يضمّ إلى الوّل في النّصاب دون الحول ،فيزكّي الوّل عند حوله أي في أوّل المحرّم في المثال المتقدّم ،ويزكّي الثّاني لحوله أي في أوّل ذي الحجّة ولو ل من نصابٍ ،لنّه بلغ بضمّه إلى الوّل نصابًا .واستدلّوا بعموم قول النّبيّ صلى ال كان أق ّ ل حتّى يحول عليه الحول } .وبقوله { :من استفاد مالًا فل عليه وسلم { :ل زكاة في ما ٍ ل ما يأتي في زكاة عليه حتّى يحول عليه الحول عند ربّه } .وذهب الحنفيّة إلى أنّه يضمّ ك ّ الحول إلى النّصاب الّذي عنده فيزكّيهما جميعًا عند تمام حول الوّل ،قالوا :لنّه يضمّ إلى جنسه في النّصاب فوجب ضمّه إليه في الحول كالنّصاب ،ولنّ النّصاب سبب ،والحول شرط ،فإذا ضمّ في النّصاب الّذي هو سبب ،فضمّه إليه في الحول الّذي هو شرط أولى ; ل يفضي إلى تشقيص الواجب في السّائمة ،واختلف أوقات ل مالٍ يستفاد بحو ٍ ن إفراد ك ّ ول ّ الواجب ،والحاجة إلى ضبط مواقيت التّملّك ،ووجوب القدر اليسير الّذي ل يتمكّن من إخراجه ،وفي ذلك حرج ،وإنّما شرع الحول للتّيسير ،وقد قال اللّه تعالى { وما جعل عليكم في الدّين من حرجٍ } وقياسًا على نتاج السّائمة وربح التّجارة .واستثنى أبو حنيفة ما كان ل قد زكّي فل يضمّ ،لئلّ يؤدّي إلى الثّني .وذهب المالكيّة إلى التّفريق في ذلك بين ثمن ما ٍ ن زكاة السّائمة موكولة السّائمة وبين النّقود ،فقالوا في السّائمة كقول أبي حنيفة ،قالوا :ل ّ
إلى السّاعي ،فلو لم تضمّ لدّى ذلك إلى خروجه أكثر من مرّ ٍة ،بخلف الثمان فل تضمّ ، فإنّها موكولة إلى أربابها . الشّرط السّادس :أن يبلغ المال نصابًا : - 31والنّصاب مقدار المال الّذي ل تجب الزّكاة في أقلّ منه ،وهو يختلف باختلف أجناس الموال الزّكويّة ،فنصاب البل خمس منها ،ونصاب البقر ثلثون .ونصاب الغنم أربعون ،ونصاب الذّهب عشرون مثقالًا ،ونصاب الفضّة مائتا درهمٍ ،ونصاب الزّروع والثّمار خمسة أوسقٍ .ونصاب عروض التّجارة مقدّر بنصاب الذّهب أو الفضّة .وفي بعض ما تقدّم تفريعات وخلف ينظر في مواضعه ممّا يلي من هذا البحث .والحكمة في اشتراط النّصاب واضحة ،وهي أنّ الزّكاة وجبت مواساةً ،ومن كان فقيرًا ل تجب عليه المواساة ، بل تجب على الغنياء إعانته ،فإنّ الزّكاة تؤخذ من الغنياء لتردّ على الفقراء .وجعل ن من ملكه فهو غنيّ إلى تمام سنته ن الغالب في العادات أ ّ الشّرع النّصاب أدنى حدّ الغنى ; ل ّ . الوقت الّذي يعتبر وجود النّصاب فيه : ن من شرط وجوب الزّكاة - 32ذهب الشّافعيّة والحنابلة على المعتمد في المذهب ،إلى أ ّ وجود النّصاب في جميع الحول من أوّله إلى آخره ،فلو نقص في بعضه ولو يسيرًا انقطع الحول فلم تجب الزّكاة في آخره .قالوا :فلو كان له أربعون شا ًة فماتت في الحول واحدة ثمّ ولدت واحدة انقطع الحول .فإن كان الموت والنّتاج في لحظةٍ واحدةٍ لم ينقطع ،كما لو تقدّم النّتاج على الموت ،واحتجّوا بعموم حديث { ل زكاة في مالٍ حتّى يحول عليه الحول } . ن المعتبر طرفا الحول ،فإن تمّ النّصاب في أوّله وآخره وجبت الزّكاة وذهب الحنفيّة إلى أ ّ ولو نقص المال عن النّصاب في أثنائه ،ما لم ينعدم المال كّليّ ًة ،فإن انعدم لم ينعقد الحول إلّ عند تمام النّصاب ،وسواء انعدم لتلفه ،أو لخروجه عن أن يكون محلّا للزّكاة ،كما لو كان له نصاب سائم ٍة فجعلها في الحول علوفةً .وفي قولٍ عند الحنابلة :إذا وجد النّصاب ل كاملٍ إلّ أنّه نقص نقصًا يسيرًا كساعةٍ أو ساعتين وجبت الزّكاة .ولو زال ملك المالك لحو ٍ للنّصاب في الحول ببيعٍ أو غيره ث ّم عاد بشراءٍ أو غيره استأنف الحول لنقطاع الحول الوّل بما فعله ،لكن إن فعل ذلك حيل ًة ففي انقطاع الحول خلف ينظر في ما سبق تحت عنوان ن الشّرط أن يحول الحول على ملك النّصاب أو ( الحيل لسقاطها ) .وذهب المالكيّة إلى أ ّ ملك أصله ،فالوّل كما لو كان يملك أربعين شاةً تمام الحول ،والثّاني كما لو ملك عشرين شاةً من أوّل الحول فحملت وولدت فتمّت بذلك أربعين قبل تمام الحول ،فتجب الزّكاة في
ب فيشتري به سلعةً النّوعين عند حول الصل .ومثاله أيضًا ،أن يكون عنده دينار ذه ٍ للتّجارة فيبيعها بعشرين دينارًا قبل تمام الحول ،ففيها الزّكاة عندما يحول الحول على ملكه للدّينار ،والّذي يضمّ إلى أصله فيتمّ به النّصاب هو نتاج السّائمة وربح التّجارة ،بخلف المال المستفاد بطريقٍ آخر كالعطيّة والميراث فإنّه يستقبل بها حولها .الشّرط السّابع :الفراغ من الدّين : - 33وهذا الشّرط معتبر من حيث الجملة عند جمهور الفقهاء ومنهم الشّافعيّ في قديم قوليه ،وعبّر بعضهم بأنّ الدّين مانع من وجوب الزّكاة .فإن زاد الدّين الّذي على المالك عمّا بيده فل زكاة عليه ،وكذا إن لم يبق بيده بعدما يسدّ به دينه نصاب فأكثر .واحتجّوا بقول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :إذا كان لرجلٍ ألف درهمٍ وعليه ألف دره ٍم فل زكاة عليه } .وقوله { :أمرت أن آخذ الصّدقة من أغنيائكم فأردّها على فقرائكم } .ومن عليه ألف ومعه ألف فليس غنيّا ،ولقول عثمان رضي ال عنه :هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين ل إن استقرّ في ال ّذمّة قبل وجوب الزّكاة ، فليؤدّه وليزكّ بقيّة ماله .ول يعتبر الدّين مانعًا إ ّ فأمّا إن وجب بعد وجوب الزّكاة لم تسقط ; لنّها وجبت في ذمّته ،فل يسقطها ما لحقه من ي في الجديد ،وحمّاد ،وربيعة إلى أنّ الدّين ل يمنع الزّكاة الدّين بعد ثبوتها .وذهب الشّافع ّ ن الحرّ المسلم إذا ملك نصابًا حولًا وجبت عليه الزّكاة فيه لطلق الدلّة الموجبة أصلًا ; ل ّ للزّكاة في المال المملوك . الموال الّتي يمنع الدّين زكاتها والّتي ل يمنع : ن الجمهور القائلين بأنّ الدّين يمنع - 34أمّا الموال الباطنة وهي النّقود وعروض التّجارة فإ ّ ن الدّين يمنع الزّكاة فيها ،ولو كان من غير جنسها على ما صرّح به الزّكاة ذهبوا إلى أ ّ المالكيّة .وأمّا الموال الظّاهرة وهي السّائمة والحبوب والثّمار والمعادن فذهب الجمهور ن الدّين ل ل والحنابلة في الرّواية المعتمدة في المذهب ) إلى أ ّ ( المالكيّة والشّافعيّة على قو ٍ ن المصدّق إذا جاء فوجد إبلًا أو بقرًا يمنع وجوب الزّكاة فيها ،روي عن أحمد أنّه قال :ل ّ ي شيءٍ على صاحبها من الدّين ،وليس المال -يعني الثمان -هكذا . أو غنمًا لم يسأل :أ ّ والفرق بين الموال الظّاهرة والباطنة أنّ تعلّق الزّكاة بالظّاهرة آكد ; لظهورها وتعلّق قلوب ن الحاجة إلى حفظها أوفر ،فتكون الزّكاة فيها آكد .واستثنى الحنابلة على الفقراء بها ; ول ّ الرّواية المشهورة الدّين الّذي استدانه المزكّي للنفاق على الزّرع والثّمر ،فإنّه يسقطه لما روي عن ابن عمر :يخرج ما استدان أو أنفق على ثمرته وأهله يزكّي ما بقي .وذهب ن الدّين يمنع الزّكاة في الموال الباطنة وفي السّوائم ،أمّا ما وجب في الخارج الحنفيّة إلى أ ّ
ن العشر والخراج مؤنة الرض من الرض فل يمنعه الدّين ،كما ل يمنع الخراج ،وذلك ل ّ ،ولذا يجبان في الرض الموقوفة وأرض المكاتب وإن لم تجب فيهما الزّكاة .وذهب الحنابلة في رواي ٍة إلى أنّ الدّين يمنع الزّكاة في الموال الظّاهرة والباطنة ،ونقله ابن قدامة عن الثّوريّ وإسحاق واللّيث والنّخعيّ . الدّيون الّتي تمنع وجوب الزّكاة : ن الدّين الّذي يمنع وجوب الزّكاة هو ما كان له مطالب من جهة - 35ذهب الحنفيّة إلى أ ّ العباد سواء كان دينًا للّه كزكاةٍ وخراجٍ ،أو كان للعباد ،وسواء كان حالّا أو مؤجّلًا ،ولو صداق زوجته المؤجّل للفراق ،أو نفقةً لزوجته ،أو لقريبٍ لزمته بقضاءٍ أو تراضٍ ،وكذا ن الكفيل محتاج إلى ما بيده ليقضي عنه دفعًا للملزمة أو عندهم دين الكفالة ،قالوا :ل ّ الحبس .أمّا ما لم يكن له مطالب من جهة العباد فل يمنع وجوب الزّكاة ،قالوا :كدين النّذر والكفّارة والحجّ ،ومثلها الضحيّة ،وهدي المتعة ،ودين صدقة الفطر .وذهب المالكيّة إلى ن زكاة المال الباطن يسقطها الدّين ولو كان دين زكا ٍة ،أو زكاة فطرٍ ،أو كان للعباد حالّا أّ كان أو مؤجّلًا ،أو كان مهر زوجةٍ أو نفقة زوج ٍة مطلقًا ،أو نفقة ولدٍ أو والدٍ إن كان قد حكم بها القاضي .واختلف قول المالكيّة في مثل دين الكفّارة والهدي الواجب فاختار منها خليل وابن راشدٍ القفصيّ أنّه ل يمنع وجوب الزّكاة لعدم المطالب من العباد ،واختار ابن ب أنّه يمنع لنّ المام يطالب الممتنع بإخراج ما عليه من مثل هذه الدّيون .وذهب عتّا ٍ الحنابلة إلى أنّ دين الدميّ مطلقًا يمنع وجوب الزّكاة ،أمّا دين اللّه ففي قولٍ :يمنع وفي قولٍ :ل . شروط إسقاط الزّكاة بالدّين : - 36القائلون بأنّ الدّين يسقط الزّكاة في قدره من المال الزّكويّ ،اشترط أكثرهم أن ل يجد المزكّي مالًا يقضي منه الدّين سوى ما وجبت فيه .فلو كان له مال آخر فائض عن حاجاته الساسيّة ،فإنّه يجعله في مقابلة الدّين ،لكي يسلم المال الزّكويّ فيخرج زكاته .ثمّ قد قال المالكيّة والحنابلة :إنّه يعمل بذلك سواء كان ما يقضي منه من جنس الدّين أو غير جنسه . فلو كان عليه دين مائتا درهمٍ وعنده عروض قنيةٍ تساوي مائتي درهمٍ فأكثر وعنده مائتا درهمٍ ،جعل العروض في مقابلة الدّين لنّه أحظّ للفقراء .وكذا إن كان عليه دين وله مالن زكويّان ،لو جعل أحدهما في مقابل الدّين لم يكن عليه زكاة ،ولو جعل الخر في مقابلة الدّين كان عليه زكاة ،فإنّه يجعل في مقابلة الدّين ما هو أحظّ للفقراء ،كمن عليه دين مائة درهمٍ وله مائتا درهمٍ وتسع من البل ،فإذا جعلنا في مقابلة الدّين الربعة من البل الزّائدة
عن النّصاب لكون الربعة تساوي المائة من الدّراهم أو أكثر منها وجب ذلك رعايةً لحظّ الفقراء ،لنّنا لو جعلنا ممّا معه من الدّراهم مائةً في مقابلة الدّين سقطت زكاة الدّراهم . وذكر المالكيّة أيضًا ممّا يمكن أن يجعل في مقابلة الدّين فيمنع سقوط الزّكاة :الدّين الحالّ ن العرض يقوّم وقت الوجوب ، المرجوّ ،والموال الزّكويّة الخرى ولو جرت تزكيتها ،وأ ّ وأخرجوا من ذلك نحو البعير الشّارد ،والمال الضّائع ،والدّين المؤجّل أو غير المرج ّو لعدم صلحيّة جعله في مقابلة الدّين الّذي عليه .ومذهب الحنفيّة -ومثله حكي عن اللّيث بن سعدٍ على ما نقله صاحب المغني وهو رواية عن أحمد على ما ذكره صاحب الفروع -أنّ من كان عنده مال زكويّ ومال غير زكويّ فائض عن حاجته الساسيّة وعليه دين فله أن يجعل في مقابلة الدّين المال الزّكويّ ،ولو من غير جنسه ،فإن بقي منه نصاب فأكثر زكّاه وإلّ فل زكاة عليه ،قالوا :لنّ غير مال الزّكاة يستحقّ للحوائج ،ومال الزّكاة فاضل عنها ، فكان الصّرف إليه أيسر ،وأنظر بأرباب الموال .قالوا :ولو كان له مالن زكويّان من جنسين أو أكثر جاز له أن يجعل أيّا منهما أو بعضه في مقابلة الدّين والخيار له .فلو كان عنده دراهم ودنانير وعروض تجارةٍ وسوائم يصرف الدّين ليسرها قضاءً ،ولو كان عنده نصاب بقرٍ ونصاب إبلٍ وعليه شاة دينًا ،جاز جعلها في مقابلة شيءٍ من البقر لئلّ يجب عليه التّبيع ; لنّ التّبيع فوق الشّاة . زكاة المال الحرام : - 37المال الحرام كالمأخوذ غضبًا أو سرقةً أو رشوةً أو ربًا أو نحو ذلك ليس مملوكًا لمن ن الزّكاة تمليك ،وغير المالك ل يكون منه تمليك ; ولنّ هو بيده ،فل تجب عليه زكاته ; ل ّ الزّكاة تطهّر المزكّي وتطهّر المال المزكّى لقوله تعالى { :خذ من أموالهم صدق ًة تطهّرهم ل } .والمال وتزكّيهم بها } وقال النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :ل يقبل اللّه صدقةً من غلو ٍ الحرام كلّه خبث ل يطهر ،والواجب في المال الحرام ردّه إلى أصحابه إن أمكن معرفتهم ل وجب إخراجه كلّه عن ملكه على سبيل التّخلّص منه ل على سبيل التّصدّق به ،وهذا وإ ّ متّفق عليه بين أصحاب المذاهب .قال الحنفيّة :لو كان المال الخبيث نصابًا ل يلزم من هو بيده الزّكاة ; لنّه يجب إخراجه كلّه فل يفيد إيجاب التّصدّق ببعضه .وفي الشّرح الصّغير للدّردير من المالكيّة :تجب الزّكاة على مالك النّصاب فل تجب على غير مالكٍ كغاصبٍ ومودعٍ .وقال الشّافعيّة كما نقله النّوويّ عن الغزاليّ وأقرّه :إذا لم يكن في يده إلّ مال حرام محض فل حجّ عليه ول زكاة ،ول تلزمه كفّارة ماليّة .وقال الحنابلة :التّصرّفات الحكميّة ح ،وذلك كالوضوء من ما ٍء مغصوبٍ والصّلة للغاصب في المال المغصوب تحرم ول تص ّ ب ،وكإخراج زكاة المال المغصوب ،والحجّ منه ، ب أو في مكان مغصو ٍ ب مغصو ٍ بثو ٍ
والعقود الواردة عليه كالبيع والجارة .وعلى القول بأنّ المال المغصوب يدخل في ملك الغاصب في بعض الصّور كأن اختلط بماله ولم يتميّز فإنّه يكون بالنّسبة للغاصب مالًا ن ذلك يمنع زكويّا ،إلّ أنّه لمّا كان الدّين يمنع الزّكاة ،والغاصب مدين بمثله أو قيمته ،فإ ّ الزّكاة فيه .قال ابن عابدين :من ملك أموالًا غير طيّبةٍ أو غصب أموالًا وخلطها ،ملكها بالخلط ويصير ضامنًا ،وإن لم يكن له سواها نصاب فل زكاة عليه فيها وإن بلغت نصابًا لنّه مديون وأموال المدين ل تنعقد سببًا لوجوب الزّكاة عند الحنفيّة ،فوجوب الزّكاة مقيّد بما إذا كان له نصاب سواها ،ول يخفى أنّ الزّكاة حينئذٍ إنّما تجب فيما زاد عليها ل فيها .ثمّ ن المال المغصوب الّذي ل يقدر صاحبه على أخذه ل زكاة عليه فيه ،ومتى قدر صاحبه إّ عليه فقيل :ليس عليه زكاة لما مضى من السّنين لنّه كان محجوزًا عنه ولم يكن قادرًا على استنمائه ( تنميته ) فكان ملكه ناقصًا ،وقيل :عليه زكاته لما مضى ،وهذا مذهب الشّافعيّة في الجديد .وقال الحنابلة :يخرج زكاته ويعود بها على الغاصب ،وليس ذلك عند الحنابلة من باب تزكية الغاصب للمال الحرام ،وإنّما ذلك لنّه نقص حصل في المال وهو بيد الغاصب أشبه ما لو تلف بعضه . القسم الثّاني الصناف الّتي تجب فيها الزّكاة وأنصبتها ومقادير الزّكاة في ك ّل منها أوّلًا : زكاة الحيوان : - 38أجمع الفقهاء على أنّ البل والبقر والغنم هي من الصناف الّتي تجب فيها الزّكاة ، واستدلّوا لذلك بأحاديث كثيرةٍ ،منها حديث أبي هريرة المتقدّم في مسألة الحكم التّكليفيّ للزّكاة ،وفي الخيل خلف ،وأمّا البغال والحمير وغيرها من أصناف الحيوان فليس فيها زكاة ما لم تكن للتّجارة . شروط وجوب الزّكاة في الحيوان :يشترط في الماشية لوجوب الزّكاة فيها تمام الحول ، وكونها نصابًا فأكثر ،بالضافة إلى سائر الشّروط المتقدّم بيانها لوجوب الزّكاة في الموال عامّ ًة على التّفصيل المتقدّم .ويشترط هنا شرطان آخران : - 39الوّل :السّوم :ومعناه أن يكون غذاؤها على الرّعي من نبات البرّ ،فلو كانت معلوفةً لم تجب فيها الزّكاة عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ; لنّ في المعلوفة تتراكم المئونة ،فينعدم النّماء من حيث المعنى ،واستدلّوا لذلك بما في حديث بهز بن حكيمٍ عن أبيه عن جدّه ل أربعين بنت لبونٍ } .وحديث { :في كلّ خمسٍ من ل سائمة إبلٍ في ك ّ مرفوعًا { :في ك ّ ن المعلوفة ل زكاة فيها .ثمّ اختلف القائلون بهذا ، البل السّائمة شاة } .فدلّ بمفهومه على أ ّ ن السّائمة هي الّتي تكتفي بالرّعي في أكثر الحول ،فلو علفها فذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أ ّ
صاحبها نصف الحول أو أكثر كانت معلوفةً ولم تجب زكاتها لنّ القليل تابع للكثير ; ولنّ أصحاب السّوائم ل يجدون بدّا من أن يعلفوا سوائمهم في بعض الوقات كأيّام البرد والثّلج . ن الّتي تجب فيها الزّكاة هي الّتي ترعى كلّ الحول ،وكذا وذهب الشّافعيّة على الصحّ إلى أ ّ ن تجب فيها الزّكاة ،فإن علفت أكثر من ذلك إن علفت قدرًا قليلًا تعيش بدونه بل ضررٍ بيّ ٍ فل زكاة فيها .وذهب المالكيّة إلى أنّ الزّكاة تجب في النعام غير السّائمة كوجوبها في ن السّوم هو السّائمة حتّى لو كانت معلوف ًة كلّ الحول .قالوا :والتّقييد في الحديث بالسّائمة ل ّ الغالب على مواشي العرب ،فهو قيد اتّفاقيّ لبيان الواقع ل مفهوم له .نظيره قوله تعالى { : وربائبكم اللّاتي في حجوركم } فإنّها تحرم ولو لم تكن في الحجر - 40 .الشّرط الثّاني :أن ل تكون عاملةً ،فالبل المعدّة للحمل والرّكوب ،والنّواضح ،وبقر الحرث والسّقي ل زكاة ح ومذهب الحنابلة ، فيها ولو كانت سائمةً .هذا مذهب الحنفيّة ،وهو قول الشّافعيّة في الص ّ واستدلّوا بحديث { :ليس في العوامل والحوامل والبقر المثيرة شيء } .والحوامل هي المعدّة لحمل الثقال ،والبقر المثيرة هي بقر الحرث الّتي تثير الرض ،ولحديث { :ليس في البقر ن العمل ل يمنع الزّكاة في العوامل شيء } .وذهب المالكيّة وهو قول آخر للشّافعيّة :إلى أ ّ ن استعمال الماشية لعموم قول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :في كلّ خمس ذودٍ شاة } .ول ّ السّائمة زيادة رفقٍ ومنفع ٍة تحصل للمالك فل يقتضي ذلك منع الزّكاة ،بل تأكيد إيجابها 41 .
الشّرط الثّالث :بلوغ السّاعي إن كان هناك ساعٍ ،فإن لم يكن هناك ساعٍ فل يشترط هذاالشّرط بل يكتفى بمرور الحول .وهذا الشّرط للمالكيّة خاصّةً .وبنوا عليه أنّه إذا مات شيء من المواشي أو ضاع بغير تفريطٍ من المالك بعد الحول وقبل مجيء السّاعي فل زكاة فيه ، ب الماشية قبل بلوغ السّاعي فل ل فل .ولو مات ر ّ وإنّما يزكّى الباقي إن كان فيه الزّكاة وإ ّ زكاة ،ويستقبل الوارث حولًا ،ول تجزئ إن أخرجها قبل وصول السّاعي .قالوا :وإن سأل السّاعي ربّ الماشية عن عددها فأخبره بعددها فغاب عنه ثمّ رجع إليه فوجدها قد زادت أو نقصت بموت شيءٍ منها -أو بذبحه -فالمعتبر الموجود .وإن تخلّف السّاعي عن الوصول مع إمكان وصوله وكان تخلّفه لعذرٍ أو لغير عذ ٍر فأخرج المالك الزّكاة أجزأه وإن لم تجب عليه بمجرّد مرور الحول ،وإنّما يصدّق ببيّنته . الزّكاة في الوحشيّ من بهيمة النعام والمتولّد بين الهليّ والوحشيّ : - 42ذهب جمهور العلماء ومنهم الحنابلة في الصحّ عندهم ،إلى أنّه ل زكاة في الوحشيّ من البل والبقر والغنم ،وذلك لنّ اسم البل والبقر والغنم ل يتناولها عند الطلق ; ولنّها ن السم يشملها ل تجزئ في الهدي والضحيّة .وفي رواي ٍة أخرى عن أحمد فيها الزّكاة ،ل ّ ن مذهب أبي حنيفة وهو ي فإ ّ فتدخل في الخبار الواردة .وأمّا ما تولّد بين الهليّ والوحش ّ
ي عن مالكٍ أنّه إن كانت الوحشيّة أمّه فل زكاة فيه ،وإن كانت أمّه أهلّيةً والوحشيّ قول مرو ّ ن ولد البهيمة يتبع أمّه في أحكامه .وقال الشّافعيّ ،وهو القول المشهور أباه ففيه الزّكاة ; ل ّ عند المالكيّة :ل زكاة في المتولّد بين الهليّ والوحشيّ مطلقًا ،ومال إليه ابن قدامة من ص ول إجماع ول قياس صحيح ،فل تتناوله الحنابلة ; لنّه ليس في أخذ الزّكاة منها ن ّ نصوص الشّرع .وقال الحنابلة وهو قول ثالث عند المالكيّة :تجب الزّكاة في المتولّد مطلقًا ،سواء كانت الوحشيّة الفحول أو المّهات ،كما إنّ المتولّد بين السّائمة والمعلوفة تجب فيه الزّكاة إذا سام . أ ( -زكاة البل ) : - 43البل اسم جمعٍ ليس له مفرد من لفظه وواحده الذّكر :جمل ،والنثى :ناقة ، ي من البل والنثى بكرة . والصّغير حوار إلى سن ٍة ،وإذا فطم فهو فصيل ،والبكر هو الفت ّ سنّة واستعملها الفقهاء ،كابن وللعرب تسميات للبل بحسب أسنانها ورد استعمالها في ال ّ ن أمّه تكون غالبًا قد حملت ، المخاض ،وهو ما أتمّ سنةً ودخل في الثّانية ،سمّي بذلك ل ّ ن أمّه والنثى بنت مخاضٍ ،وابن اللّبون وهو ما أتمّ سنتين ودخل في الثّالثة ،سمّي بذلك ل ّ ن ،والحقّ ما دخل في الرّابعة ، تكون قد ولدت بعده فهي ذات لبنٍ ،والنثى بنت لبو ٍ والنثى حقّة ،سمّيت بذلك لنّها استحقّت أن يطرقها الفحل ،والجذع هو الّذي دخل في الخامسة ; لنّه جذع أي أسقط بعض أسنانه ،والنثى جذعة .وهذه النواع الربعة هي الّتي تؤخذ الناث منها في الدّية ،وقد يؤخذ الذّكور منها كابن اللّبون ،على تفصيلٍ يذكر فيما يلي .المقادير الواجبة في زكاة البل : - 44بيّن النّبيّ صلى ال عليه وسلم المقادير الواجبة في زكاة البل ،وهي في حديث البخاريّ المذكور فيما يلي بكماله لكثرة الحاجة إليه في المسائل التّالية :عن أنسٍ رضي ال ن { أبا بكرٍ رضي ال عنه كتب له هذا الكتاب لمّا وجّهه إلى البحرين بسم ال الرحمن عنه أ ّ الرحيم .هذه فريضة الصّدقة الّتي فرض رسول اللّه صلى ال عليه وسلم على المسلمين ، والّتي أمر اللّه بها رسوله ،فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها ،ومن سئل فوقها ل خمسٍ شاة ،فإذا بلغت فل يعط :في أربعٍ وعشرين من البل فما دونها من الغنم من ك ّ خمسًا وعشرين إلى خمسٍ وثلثين ففيها بنت مخاضٍ أنثى ،فإذا بلغت ستّا وثلثين إلى خمسٍ ن أنثى ،فإذا بلغت ستّا وأربعين إلى ستّين ففيها حقّة طروقة الجمل ، وأربعين ففيها بنت لبو ٍ فإذا بلغت واحد ًة وستّين إلى خمسٍ وسبعين ففيها جذعة ،فإذا بلغت -يعني ستّا وسبعين - إلى تسعين ففيها بنتا لبونٍ ،فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائ ٍة ففيها حقّتان طروقتا ل خمسين حقّة . الجمل .فإذا زادت على عشرين ومائ ٍة ففي كلّ أربعين بنت لبونٍ ،وفي ك ّ
ومن لم يكن معه إلّ أربع من البل فليس فيها صدقة إلّ أن يشاء ربّها ،فإذا بلغت خمسًا من البل ففيها شاة .وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائ ٍة شاة .فإذا زادت على عشرين ومائ ٍة إلى مائتين شاتان ،فإذا زادت على مائتين إلى ثلثمائ ٍة ففيها ثلث ل مائةٍ شاة ،فإذا كانت سائمة الرّجل ناقص ًة من أربعين شاةً ،فإذا زادت على ثلثمائةٍ ففي ك ّ ل أن يشاء ربّها .وفي الرّقّة ربع العشر ،فإن لم تكن إلّ تسعين واحد ًة فليس فيها صدقة إ ّ ل أن يشاء ربّها } .وفي موضعٍ آخر روى البخاريّ من حديث أنسٍ ومائ ًة فليس فيها شيء إ ّ ن أبا بكرٍ رضي ال عنه كتب له فريضة الصّدقة الّتي أمر اللّه رسوله صلى ال عليه وسلم أّ { :من بلغت عنده من البل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقّة فإنّها تقبل منه الحقّة ،ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له ،أو عشرين درهمًا .ومن بلغت عنده صدقة الحقّة وليست عنده الحقّة وعنده الجذعة فإنّها تقبل منه الجذعة ويعطيه المصدّق عشرين ل بنت لبونٍ فإنّها تقبل منه درهمًا أو شاتين .ومن بلغت عنده صدقة الحقّة وليست عنده إ ّ بنت لبونٍ ويعطي شاتين أو عشرين درهمًا .ومن بلغت صدقته بنت لبونٍ وعنده حقّة فإنّها تقبل منه الحقّة ويعطيه المصدّق عشرين درهمًا أو شاتين .ومن بلغت صدقته بنت لبونٍ ض فإنّها تقبل منه بنت مخاضٍ ،ويعطي معها عشرين درهمًا وليست عنده ،وعنده بنت مخا ٍ أو شاتين } - 45 .وبنا ًء على هذا الحديث ،تؤخذ الزّكاة من البل حسب الجدول التّالي : عدد البل القدر الواجب من - 1إلى 4ليس فيها شيء .من 9 - 5فيها شاة واحدة .من 14 - 10فيها شاتان من 19 - 15فيها 3شيا ٍه من 24 - 20فيها 4شياهٍ من 35 - 25فيها ض يجزئ ابن لبونٍ ذكر ) .من 45 - 36بنت بنت مخاضٍ ( فإن لم يوجد فيها بنت مخا ٍ ن من 60 - 46حقّة من 75 - 61فيها جذعة من 90 - 76فيها بنتا لبونٍ من 120 - 91 لبو ٍ ن من 140 فيها حقّتان من 129 - 121فيها 3بنات لبونٍ من 139 - 130فيها حقّة وبنتا لبو ٍ
149حقّتان وبنت لبونٍ من 159 - 150فيها 3حقاقٍ من 169 - 160فيها 4بنات لبونٍوهكذا في ما زاد ،في كلّ 40بنت لبونٍ ،وفي كلّ 50حقّة .وهذا الجدول جارٍ على مذهب الشّافعيّة ،ورواية في مذهب الحنابلة ،وهو قول الوزاعيّ وإسحاق ،وأوّله إلى 120مجمع عليه ،لتناول حديث أنسٍ له ،وعدم الختلف في تفسيره .واختلف فيما بين 129 - 121
ن ،وذهب أبو عبيدٍ ،وهو الرّواية فقال مالك يتخيّر السّاعي بين حقّتين وثلث بنات لبو ٍ ل بمائ ٍة وثلثين - 46 .وذهب ن الفرض ل يتغيّر إ ّ ن فيها حقّتين ; ل ّ الخرى عن أحمد إلى أ ّ ن الفريضة تستأنف بعد ، 120ففي كلّ خمسٍ ممّا زاد عليها شاة بالضافة إلى الحنفيّة إلى أ ّ الحقّتين ،فإن بلغ الزّائد ما فيه بنت مخاضٍ أو بنت لبونٍ وجبت إلى أن يبلغ الزّائد ما فيه حقّة فتجب ،ويمثّل ذلك الجدول التّالي :عدد البل القدر الواجب 124 - 121حقّتان - 125
129حقّتان وشاة 134 - 130حقّتان وشاتان 139 - 135حقّتان و 3شيا ٍه 144 - 140حقّتان ض 3 154 - 150حقاقٍ 3 159 - 155حقاقٍ وشاة و 4شيا ٍه 149 - 145حقّتان وبنت مخا ٍ 3 164 - 160حقاقٍ وشاتان 3 169 - 165حقاقٍ و 3شيا ٍه 3 174 - 170حقاقٍ و 4شياهٍ ن 4 199 - 196حقاقٍ ض 3 195 - 186حقاقٍ وبنت لبو ٍ 3 185 - 175حقاقٍ وبنت مخا ٍ 4 204 - 200حقاقٍ أو 5بنات لبونٍ 4 209 - 205حقاقٍ أو بنات لبونٍ وشاة وهكذا . واحتجّوا بما في حديث قيس بن سعدٍ أنّه قال :قلت لبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزمٍ : أخرج لي كتاب الصّدقات الّذي كتبه رسول اللّه صلى ال عليه وسلم قال :فأخرج كتابًا في ورقةٍ وفيه { :فإذا زادت البل على مائ ٍة وعشرين استؤنفت الفريضة } . وفي زكاة البل مسائل فرعيّة منها : ل ابن اللّبون إن عدم بنت ن الّذي يؤخذ في زكاة البل الناث دون الذّكور ،إ ّ - 47أ -أ ّ المخاض كما في الحديث المتقدّم ،بخلف البقر فتؤخذ منها الذّكور كما يأتي .فإن كان المال ح عند الشّافعيّة وهو المقدّم عند الحنابلة ،وعند المالكيّة كلّه ذكورًا أجزأ الذّكر على الص ّ ن المطلوب . يلزم الوسط ولو انفرد الذّكور ،والظّاهر أنّه يريدون ناقةً وسطًا من السّ ّ ن الشّاة الّتي تؤخذ في زكاة البل إن كانت أنثى ( جذعة من الضّأن ،أو ثنيّة - 48ب -أ ّ من المعز فما فوق ذلك ) أجزأت بل نزاعٍ .وأمّا الذّكر ،فيحتمل أن يجزئ لصدق اسم الشّاة ح عند الشّافعيّة . عليه ،وهو المعتمد عند المالكيّة ،والص ّ ن الواجب جاز ،مثل أن ج -إن تطوّع المزكّي فأخرج عمّا وجب عليه سنّا أعلى من السّ ّ يخرج بدل بنت المخاض بنت لبونٍ أو حقّةً أو جذعةً ،أو عن بنت اللّبون ح ّقةً أو جذعةً . قال ابن قدامة :ل نعلم في ذلك خلفًا .لما في حديث أبيّ بن كعبٍ { أنّ النّبيّ صلى ال عليه وسلم قال لمن قدّم ناق ًة عظيم ًة سمين ًة عن بنت مخاضٍ :ذاك الّذي عليك .فإن تطوّعت بخيرٍ آجرك اللّه فيه ،وقبلناه منك } . د -إن أخرج بدل الشّاة ناقةً أجزأه ،وكذا عمّا وجب من الشّياه فيما دون خمسٍ وعشرين; لنّه يجزئ عن ، 25فإجزاؤه عمّا دونها أولى .وهذا مذهب أبي حنيفة والشّافعيّ ،وهو الصحّ عند المالكيّة ،وذهب الحنابلة إلى أنّه ل يجزئ ،لنّه أخرج عن المنصوص عليه غيره من غير جنسه فلم يجزئه ،كما لو أخرج عن أربعين من الغنم بعيرًا .
ن من وجب عليه في إبله سنّ فلم هـ -ذهب الشّافعيّة والحنابلة والنّخعيّ وابن المنذر إلى أ ّ ن الّذي فوقه ممّا يؤخذ في زكاة البل ،ويأخذ ن فله أن يخرج من السّ ّ يكن في إبله ذلك السّ ّ ن الّذي تحته ممّا يجزئ في من السّاعي شاتين أو عشرين درهمًا ،أو أن يخرج من السّ ّ س المتقدّم الزّكاة ويعطي السّاعي معها شاتين أو عشرين درهمًا .واستدلّوا بما في حديث أن ٍ بيانه .وذهب الحنفيّة إلى أنّ المزكّي إذا لم يكن عنده السّنّ الواجب ،أو كان عنده فله أن يدفع قيمة ما وجب ،أو يدفع السّنّ الدون وزيادة الدّراهم بقدر النّقص ،كما لو أدّى ثلث ض ،وذلك على أصلهم في شياهٍ سمانٍ عن أربعٍ وسطٍ ،أو بعض بنت لبونٍ عن بنت مخا ٍ جواز إخراج القيمة في الزّكاة . نصاب زكاة البقر والقدر الواجب : سنّة نصاب زكاة البقر والقدر الواجب ،وذلك فيما روى مسروق { أنّ النّبيّ - 51بيّنت ال ّ ل حالمٍ صلى ال عليه وسلم بعث معاذًا رضي ال عنه إلى اليمن وأمره أن يأخذ من ك ّ ل ثلثين تبيعًا ،ومن ك ّل أربعين مسنّةً } .وروي عن معاذٍ رضي دينارًا ،ومن البقر من ك ّ ال عنه نحو ذلك ،وفي حديثه { وأمرني رسول اللّه صلى ال عليه وسلم أن ل آخذ فيما ن الوقاص ل شيء فيها } - 52 . ل إن بلغ مسنّةً أو جذعًا -يعني تبيعًا -وأ ّ بين ذلك شيئًا إ ّ وبنا ًء على الحديثين المذكورين تؤخذ زكاة البقر حسب الجدول التّالي :عدد البقر القدر الواجب 29 - 1ل شيء فيها 39 - 30تبيع ( أو تبيعة ) 59 - 40مسنّة 69 - 60تبيعان 79 - 70تبيع ومسنّة 89 - 80تبيعان 3 99 - 90أتبع ٍة 109 - 100تبيعان ومسنّة - 110 ل ثلثين تبيع أو تبيعة ، ت .وهكذا في ك ّ 119تبيع ومسنّتان 4 129 - 120أتبعةٍ أو 3مسنّا ٍ وفي كلّ أربعين مسنّة .وعلى هذا تجري مذاهب جماهير العلماء ،وفي ذلك خلف في بعض المواضع ،منها : - 53أ -ذهب سعيد بن المسيّب والزّهريّ خلفًا لسائر الفقهاء ،إلى أنّ في البقر من ( - 5 س شاة قياسًا على زكاة البل ; لنّ البقرة تعدل ناقةً في الهدي والضحيّة . ) 24في كلّ خم ٍ - 54ب -ومنها :أخذ الذّكر في زكاة البقر :أمّا التّبيع الذّكر فيؤخذ اتّفاقًا ،فهو بمنزلة ن الذّكر فمذهب الحنفيّة أنّه يجوز أخذه . ص عليه في حديث أنسٍ ،وأمّا المس ّ التّبيعة ،للنّ ّ ومذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ل يؤخذ إلّ المسنّة النثى لنّ الّنصّ ورد فيها - 55 .ج ومنها في السنان ،فالتّبيع عند الجمهور ما تمّ له سنة وطعن في الثّانية ،والمسنّة ما تمّلها سنتان وطعنت في الثّالثة ،وعند المالكيّة التّبيع ما تمّ له سنتان ودخل في الثّالثة ،والمسنّة ن الوقص الّذي من ( 59 - 41 ما تمّ لها ثلث سنين ودخلت في الرّابعة - 56 .د -ومنها أ ّ
) ل شيء فيه عند الجمهور ،وهو رواية عن أبي حنيفة وقول الصّاحبين ،وهو المختار
عند الحنفيّة لظاهر ما تقدّم من الحديث .وذهب أبو حنيفة في ظاهر الرّواية إلى أنّ ما زاد على الربعين ليس عفوًا ،بل يجب فيه بحسابه ،ففي الواحدة الزّائدة عن الربعين ربع عشر مسنّةٍ ،وفي الثّنتين نصف عشر مسنّةٍ ،وهكذا ،وإنّما قال هذا فرارًا من جعل الوقص ( ) 19وهو مخالف لجميع أوقاص زكاة البقر ،فإنّ جميع أوقاصها تسعة تسعة . زكاة الغنم : - 57زكاة الغنم واجبة بالسّنّة والجماع ،فممّا ورد فيها حديث أنسٍ المتقدّم ذكره في زكاة البل ( .ف . ) 46وبناءً على الحديث المذكور تؤخذ زكاة الغنم طبقًا للجدول التّالي :عدد الغنم القدر الواجب 39 - 1ل شيء فيها 120 - 40شاة 200 - 121شاتان 3 399 - 201
ل مائة شا ٍة شاة شياهٍ 4 499 - 400شياهٍ 5 599 - 500شياهٍ وهكذا ما زاد عن ذلك في ك ّ مهما كان قدر الزّائد .وعلى هذا تجري مذاهب جمهور الفقهاء ،وأوّل هذا الجدول وآخره مجمع عليه - 58 .واختلف فيه فيما بين ( ) 399 - 300فقد ذهب النّخعيّ وأبو بكرٍ من الحنابلة إلى أنّ فيه أربع شياهٍ ل ثلثةً ،ثمّ ل يتغيّر القدر الواجب إلى ( ) 500فيكون فيها ن النّبيّ صلى ال عليه وسلم في حديث أنسٍ خمس شياهٍ كقول الجمهور ،واستدلّ هؤلء بأ ّ المتقدّم جعل الثّلثمائة حدّا لما تجب فيه الشّياه الثّلثة فوجب أن يتغيّر الفرض عندها فيجب أربعة . وفي زكاة الغنم مسائل خاصّة بها - 59 .أ -منها أنّ الشّاة تصدق على الذّكر والنثى ومن هنا ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى جواز إخراج الذّكر في زكاة الغنم ،ولنّ الشّاة إذا أمر بها مطلقًا أجزأ فيها الذّكر كالضحيّة والهدي .وذهب الشّافعيّة إلى أنّ الغنم إن كانت إناثًا كلّها أو كان فيها ذكور وإناث فيتعيّن إخراج الناث .وذهب الحنابلة كذلك إلى أنّه ل يجوز إخراج الذّكر في صدقة الغنم إذا كان في النّصاب شيء من الناث . ب -الّذي يؤخذ في صدقة الغنم هو الثّنيّة ،والثّنيّ في اصطلح الفقهاء -خلفًا لما عند أهل اللّغة -ما تمّ له سنة فما زاد ،فتجزئ اتّفاقًا ،فإن كانت أقلّ من ذلك لم تجزئ سواء كانت من الضّأن أو المعز ،وهذا قول أبي حنيفة ،واحتجّ له بأنّ عمر بن الخطّاب رضي ال عنه قال للسّاعي :اعتدّ عليهم بالسّخلة ول تأخذها منهم .وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى ن الجذعة -وهي ما تمّ لها ستّة أشهرٍ -إن كانت من الضّأن -ل من المعز -تجزئ في أّ الزّكاة ،وقال الصّاحبان :يجزئ الجذع من الضّأن سواء كان الجذع ذكرًا أو أنثى ،وهو ن الجذع نحوًا من اختلف أصحاب مالكٍ فيه ،وقال رواية عن أبي حنيفة ،واختلفوا في س ّ
مالك :تجزئ الجذعة سواء أكانت من الضّأن أو المعز ،لكن اختلف أصحاب مالكٍ في سنّ الجذع ،فقال بعضهم :أدناه سنة ،وقيل :عشرة أشهرٍ ،وقيل :ثمانية ،وقيل :ستّة . مسائل عامّة في زكاة البل والبقر والغنم : س من البل والبقر والغنم ينقسم إلى نوعين ،فالبل نوعان :العراب وهي - 61أ -كلّ جن ٍ البل العربيّة ،وهي ذات سنامٍ واح ٍد ،والبخاتيّ ( جمع بختيّةٍ ) وهي إبل العجم والتّرك ، وهي ذات سنامين .والبقر نوعان :البقر المعتاد ،والجواميس .والغنم :إمّا ضأن ،وهي ذوات الصّوف ،واحدتها ضأنة ،وإمّا معز ،وهي ذوات الشّعر ،واحدتها عنز ،والذّكر تيس ،ويقال للذّكر والنثى من الضّأن والمعز :شاة .والمقادير الواجبة في الجداول السّابقة تشمل من كلّ جنسٍ نوعيه ،ويضمّ أحدهما إلى الخر في تكميل النّصاب إجماعًا .أمّا من أيّ النّوعين تؤخذ الزّكاة ففيه تفصيل - 62 .ب -فإن كان عنده أحد النّوعين فزكاته منه تجزئه اتّفاقًا ،أمّا إن أخرج عن البل العراب مثلًا بختيّةً بقيمة العربيّة فجائز أيضًا ،وهو مذهب الشّافعيّة والحنابلة ،وكذلك المعتمد عند المالكيّة ،لكن ل يشترط عندهم رعاية القيمة .وقيل :ل يجوز ; لنّ فيه تفويت صفةٍ مقصودةٍ ،وهو قول القاضي من الحنابلة .وقال الحنفيّة :الواجب إخراج الزّكاة من النّوع الّذي عنده - 63 .ج -أمّا إن اختلف النّوعان : فقد قال الحنفيّة وإسحاق :إذا اختلف النّوعان تجب الزّكاة من أكثرهما ،فإن استويا فعند الحنفيّة يجب الوسط أي أعلى الدنى ،أو أدنى العلى ،وإذا علم الواجب فالقاعدة عندهم جواز شيءٍ بقيمته سواء من النّوع الخر أو غيره .وقال الشّافعيّة والحنابلة :يؤخذ من كلّ نوعٍ ما يخصّه ،فلو كانت إبله كلّها مهريّ ًة أو أرحبيّةً أخذ الفرض من جنس ما عنده ،وهذا ع منه ،كأنواع الثّمرة هو الصل ; لنّها أنواع تجب فيها الزّكاة ،فتؤخذ زكاة كلّ نو ٍ ح بشرط رعاية القيمة والحبوب ،قالوا :فلو أخذ عن الضّأن معزًا ،أو عكسه جاز في الص ّ ل عند الشّافعيّة :يؤخذ الضّأن عن المعز دون العكس ،وعراب البقر عن ،وفي قو ٍ الجواميس دون العكس ; لنّ الضّأن والعراب أشرف .وقال المالكيّة :إن وجبت واحدة في ل نوعٍ واحدةً إن نوعين فمن الكثر ،فإن تساويا خيّر السّاعي ،وإن وجب ثنتان أخذ من ك ّ ل بشرطين :كونه نصابًا لو انفرد ،وكونه غير تساويا ،فإن لم يتساويا لم يأخذ من القلّ إ ّ ع بانفراده أخذ منه ،وما لم يمكن ل نو ٍ وقصٍ .وإذا زادت عن ذلك وأمكن أن يؤخذ من ك ّ يضمّ بعضه إلى بعضٍ ،فيأخذ من الكثر ،ويخيّر السّاعي عند التّساوي ففي 340من الضّأن و 160من المعز يؤخذ ثلث من الضّأن عن ثلثمائة ضأنةٍ ،وواحدة من المعز عن المائة ، ن المعز أكثر فإن كانت 350 ستّين من المعز ; ل ّ وتؤخذ عنز واحدة عن الربعين ضأن ًة وال ّ
من الضّأن و 150من المعز خيّر السّاعي في المائة المجتمعة بين ضأنةٍ وعنزٍ .
صفة المأخوذ في زكاة الماشية : - 64ينبغي أن يكون المأخوذ في الزّكاة من الوسط ،لقول النّبيّ صلى ال عليه وسلم : ن فقد طعم طعم اليمان :من عبد اللّه وحده ،وأنّه ل إله إلّ اللّه ،وأعطى { ثلث من فعله ّ ل عامٍ ،ل يعطي الهرمة ،ول الدّرنة ،ول زكاة ماله طيّبةً بها نفسه رافدةً عليه ك ّ المريضة ،ول الشّرط اللّئيمة ،ولكن من وسط أموالكم ،فإنّ اللّه لم يسألكم خيره ،ولم يأمركم بشرّه } .الحديث .وهذا يقتضي أمرين :الوّل :أن يتجنّب السّاعي طلب خيار المال ،ما لم يخرجه المالك طيّب ًة به نفسه ،وقد قال النّبيّ صلى ال عليه وسلم للسّاعي : { إيّاك وكرائم أموالهم } .قال عمر رضي ال عنه لساعيه :ل تأخذ الرّبى ،ول الماخض ، ول الكولة ،ول فحل الغنم والرّبى هي القريبة العهد بالولدة ; لنّها تربّي ولدها . والماخض الحامل ،والكولة الّتي تأكل كثيرًا ; لنّها تكون أسمن ،وفحل الغنم هو المعدّ للضّراب .فإن كانت ماشية الرّجل كلّها خيارًا ،فقد اختلف الفقهاء فقيل :يأخذ السّاعي من أوسط الموجود ،وقيل :يكلّف شراء الوسط من ذلك الجنس .المر الثّاني :أن ل يكون المأخوذ من شرار المال ،ومنه المعيبة ،والهرمة ،والمريضة ،لكن إن كانت كلّها معيبةً أو هرمةً أو مريضةً ،فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أنّه يجوز إخراج الواجب منها ،وقيل :يكلّف شراء صحيح ٍة أخذًا بظاهر النّهي الوارد في الحديث ،وقيل :يخرج صحيحةً مع مراعاة القيمة . زكاة الخيل : ن الخيل الّتي ليست للتّجارة ل زكاة - 65ذهب جمهور الفقهاء ومنهم صاحبا أبي حنيفة إلى أ ّ فيها ولو كانت سائمةً واتّخذت للنّماء ،وسواء كانت عاملةً أو غير عامل ٍة ،واستدلّوا بقول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :ليس على المسلم في فرسه وغلمه صدقة } وقوله { :قد ن الخيل إذا كانت سائمةً عفوت عن صدقة الخيل والرّقيق } .وذهب أبو حنيفة وزفر إلى أ ّ ذكورًا وإناثًا ففيها الزّكاة ،وليس في ذكورها منفرد ًة زكاة ،لنّها ل تتناسل ،وكذلك في الناث منفرداتٍ ،وفي روايةٍ عن أبي حنيفة في الناث المنفردات زكاة لنّها تتناسل بالفحل ج له بقول النّبيّ المستعار ،وروي عنه أيضًا أنّها تجب في الذّكور المنفردات أيضًا .واحت ّ صلى ال عليه وسلم { في الخيل :هي لرجلٍ أجر ،ولرجلٍ ستر ،وعلى رجلٍ وزر } فساق الحديث إلى أن قال في الّذي هي له ستر { :ولم ينس حقّ اللّه في رقابها ول في ظهورها } ن أخاه عبد فحقّ ظهورها العاريّة ،وحقّ رقابها الزّكاة ،وبما ورد عن يعلى بن أميّة أ ّ الرّحمن بن أميّة اشترى من أهل اليمن فرسًا أنثى بمائة قلوصٍ ،فندم البائع ،فلحق بعمر ،
فقال :غصبني يعلى وأخوه فرسًا لي ،فكتب عمر إلى يعلى أن الحق بي ،فأتاه فأخبره ن الخيل لتبلغ هذا عندكم ؟ ،ما علمت أنّ فرسًا يبلغ هذا .فنأخذ عن كلّ الخبر ،فقال :إ ّ ل فرسٍ دينارًا .فقرّر على الخيل أربعين شاةٍ شا ًة ول نأخذ من الخيل شيئًا ؟ ،خذ من ك ّ ن عثمان رضي ال عنه كان يصدّق الخيل ،أي يأخذ زكاةً دينارًا دينارًا .وعن الزّهريّ أ ّ منها ،ثمّ قال أبو حنيفة :إن شاء المزكّي أعطى عن كلّ فرسٍ دينارًا ،وإن شاء قوّم خيله وأعطى عن كلّ مائتي دره ٍم خمسة دراهم . زكاة سائر أصناف الحيوان : - 66ذهب عامّة الفقهاء إلى أنّه ل زكاة في سائر الحيوان غير ما تقدّم ،ما لم تكن ن النّبيّ للتّجارة ،فليس في البغال والحمير وغيرها زكاة .واحتجّوا لذلك بما في الحديث { أ ّ صلى ال عليه وسلم سئل عن الخيل فقال :هي لرجلٍ أجر } ...الحديث المتقدّم ،ثمّ { سئل ل هذه الية الفاذّة { :فمن يعمل مثقال ذرّ ٍة خيرًا يره ي فيها إ ّ عن الحمير ،فقال :لم ينزل عل ّ }}. ثانيًا :زكاة الذّهب والفضّة والعملت المعدنيّة والورقيّة - 67أ -زكاة الذّهب والفضّة : زكاة الذّهب والفضّة واجبة من حيث الجملة بإجماع الفقهاء ،لقول اللّه تبارك وتعالى : { والّذين يكنزون الذّهب والفضّة ول ينفقونها في سبيل اللّه فبشّرهم بعذابٍ أليمٍ يوم يحمى عليها في نار جهنّم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون } .مع قول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :ما أدّيت زكاته فليس بكنزٍ } .وقوله ب ول فضّ ٍة ل يؤدّي منها حقّا إلّ إذا كان يوم القيامة صفّحت له { :ما من صاحب ذه ٍ صفائح من نارٍ فأحمي عليها في نار جهنّم ،فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره } ...الحديث . فالعذاب المذكور في الية للكنز مطلقًا بيّن الحديث أنّه لمن منع زكاة النّقدين ،فتقيّد به . ما تجب فيه الزّكاة من الذّهب والفضّة : - 68تجب الزّكاة في الذّهب والفضّة إذا تمّت الشّروط العامّة للزّكاة المتقدّم بيانها من الحول والنّصاب وغيرهما في جميع أنواع الذّهب والفضّة سواء المضروب منها دنانير أو دراهم ( وقد يسمّى العين ،والمسكوك ) ،وفي التّبر وهو غير المضروب ،والسّبائك ،وفي ي من المصوغ منها على شكل آني ٍة أو غيرها .ول يستثنى من ذلك إلّ شيئان :الوّل :الحل ّ الذّهب والفضّة الّذي يعدّه مالكه لستعماله في التّحلّي استعمالًا مباحًا .قال المالكيّة :ولو لعارةٍ أو إجار ٍة ،فل يكون فيه زكاة عند الجمهور ومنهم الشّافعيّة على المذهب ،لنّه من باب المقتنى للستعمال كالملبس الخاصّة ،وكالبقر العوامل .وذهب الحنفيّة وهو قول مقابل
للظهر عند الشّافعيّة :إلى وجوب الزّكاة في الحليّ ،كغيرها من أنواع الذّهب والفضّة . وينظر تفصيل القول في وجوبها وبيان الدلّة في مصطلح ( حليّ ) أمّا المقادير الواجبة والنّصاب فتأتي في موضعها من هذا البحث .الثّاني :الذّهب والفضّة المستخرجان من المعادن ( من باطن الرض ) ،فيجب فيهما الزّكاة بمجرّد الستخراج إذا بلغ المستخرج نصابًا بدون اشتراط حولٍ ،ويأتي تفصيل ذلك . نصاب زكاة الذّهب والفضّة والقدر الواجب فيهما : - 69نصاب الذّهب :نصاب الذّهب عند جمهور الفقهاء عشرون مثقالًا ،فل تجب الزّكاة ل أن يكون لمالكها فضّة أو عروض تجارةٍ يكمل بهما النّصاب عند من قال ل منها ،إ ّ في أق ّ ن النّصاب ذلك على ما سيأتي بيانه ،ولم ينقل خلف في ذلك إلّ ما روي عن الحسن أ ّ أربعون مثقالًا .وما روي عن عطا ٍء ،وطاووسٍ ،والزّهريّ وسليمان بن حربٍ ،وأيّوب ن نصاب الذّهب معتبر بالفضّة ،فما كان من الذّهب قيمته 200درهمٍ ففيه السّختيانيّ أ ّ الزّكاة ،سواء كان أقلّ من ( ) 20مثقالًا أو مساويةً لها أو أكثر منها ،قالوا :لنّه لم يثبت عن النّبيّ صلى ال عليه وسلم تقدير في نصاب الذّهب ،فيحمل نصابه على نصاب الفضّة . ج الجمهور بقول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :ليس في أقلّ من عشرين مثقالًا من واحت ّ الذّهب ،ول في أقلّ من مائتي درهمٍ صدقة } .وفي حديث عمر وعائشة رضي ال عنهما { ن النّبيّ صلى ال عليه وسلم كان يأخذ من كلّ عشرين دينارًا فصاعدًا نصف دينارٍ ،ومن أّ الربعين دينارًا } . نصاب الفضّة : - 70يقال للفضّة المضروبة ( ورق ) ( ورقّة ) ،وقيل :تسمّى بذلك مضروب ًة كانت أو غير مضروبةٍ ،ونصاب الفضّة مائتا درهمٍ بالجماع ،وقد ورد فيه قول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :ليس فيما دون خمس أواقٍ من الورق صدقة } والوقيّة ( 40أربعون ) درهمًا ل تسعين ومائ ًة فليس فيها س المرفوع { وفي ال ّرقّة ربع العشر ،فإن لم يكن إ ّ ،وفي كتاب أن ٍ شيء إلّ أن يشاء ربّها } .ثمّ الدّرهم المعتبر هو الدّرهم الشّرعيّ ،وما زاد عنه أو نقص فبالوزن .وقيل عند بعض الحنفيّة :إنّ المعتبر في حقّ ك ّل أهل بلدٍ دراهمهم بالعدد . النّصاب في المغشوش من الذّهب والفضّة : - 71المغشوش من الذّهب أو الفضّة ،وهو المسبوك مع غيره .ذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه ل زكاة فيه حتّى يبلغ خالصه نصابًا ،لما في الحديث المتقدّم { ليس فيما دون خمس أواقٍ من الورق صدقة } .فإذا بلغه أخرج الواجب خالصًا أو أخرج من المغشوش ما يعلم
اشتماله على خالصٍ بقدر الواجب مع مراعاة درجة الجودة .وقال الحنفيّة :إذا كان الغالب على الورق المضروب الفضّة فهو في حكم الفضّة ،فتجب فيه الزّكاة كأنّه كلّه فضّةً ،ول تزكّى زكاة العروض ،ولو كان قد أعدّها للتّجارة ،قالوا :لنّ الدّراهم ل تخلو من قليل الغشّ ،لنّها ل تنطبع إلّ به ،والغلبة أن تزيد الفضّة على النّصف .أمّا إن كان الغشّ غالبًا فل يكون لها حكم الفضّة بل حكم العروض ،فل زكاة فيها إلّ إن نواها للتّجارة ،وبلغت نصابًا بالقيمة ،فإن لم ينوها للتّجارة فإن كانت بحيث يخلّص منها فضّةً تبلغ نصابًا وجبت ل فل .وقال المالكيّة :إن كانت الدّراهم والدّنانير المغشوشة رائجةً كرواج غير زكاتها ،وإ ّ المغشوشة فإنّها تعامل مثل الكاملة سوا ًء ،فتكون فيها الزّكاة إن بلغ وزنها بما فيها من الغشّ نصابًا ،أمّا إن كانت غير رائجةٍ فالعبرة بما فيها من الذّهب أو الفضّة الخالصين على تقدير ل فل .وهذا الّذي تقدّم فيما كان الغشّ فيه نحاسًا أو غيره ، التّصفية ،فإن بلغ نصابًا زكّي وإ ّ أمّا الذّهب المغشوش بالفضّة فيعتبر عند الشّافعيّة والحنابلة كلّ جنسٍ منهما ،فإن كان أحدهما نصابًا زكّي الجميع ولو لم يبلغ الخر نصابًا ،وكذا إن كانا بضمّ أحدهما إلى الخر يكمل ل فل زكاة . منهما نصاب ،كأن يكون فيه ثلثة أرباع نصاب ذهبٍ وربع نصاب فضّةٍ ،وإ ّ وذهب الحنفيّة إلى أنّه إن بلغ الذّهب المخلوط بالفضّة نصاب الذّهب ففيه زكاة الذّهب ،وإن بلغت الفضّة نصاب الفضّة ففيها زكاة الفضّة إن كانت الغلبة للفضّة ،أمّا إن كانت الغلبة للذّهب فهو كلّه ذهب ،لنّه أعزّ وأغلى قيمةً .ولم نجد للمالكيّة تعرّضًا لهذه المسألة . القدر الواجب : - 72تؤخذ الزّكاة ممّا وجبت فيه من الذّهب والفضّة بنسبة ربع العشر ( ) 2 . 5وهكذا بالجماع ،إلّ أنّهم اختلفوا في الوقص .فذهب الجمهور ومنهم الصّاحبان ،إلى أنّه ل وقص في الذّهب والفضّة ،فلو كان عنده ( ) 210دراهم ففي المائتين خمسة دراهم ،وفي الزّائد بحسابه ،وهو في المثال ربع درهمٍ ،لما ورد أنّ النّبيّ صلى ال عليه وسلم قال { :إذا كانت مائتي درهمٍ ففيها خمسة دراهم ،فما زاد فبحساب ذلك } .ولنّ الوقص في السّائمة ن الزّائد على النّصاب عفو لتجنّب التّشقيص ،ول يضرّ في النّقدين .وذهب أبو حنيفة إلى أ ّ ل شيء فيه حتّى يبلغ خمس نصابٍ .فإذا بلغ الزّائد في الفضّة أربعين درهمًا فيكون فيها درهم ،ثمّ ل شيء في الزّائد حتّى تبلغ أربعين درهمًا ،وهكذا ،وكذا في الذّهب ل شيء في الزّائد على العشرين مثقالًا حتّى يبلغ أربعة مثاقيل .واحتجّ له ابن الهمام بحديث عمرو بن ن النّبيّ صلى ال عليه حزمٍ مرفوعًا { ليس فيما دون الربعين صدقة } .وحديث معاذٍ { أ ّ وسلم أمره أن ل يأخذ من الكسور شيئًا } .
ب -الزّكاة في الفلوس : ن غير الذّهب والفضّة .وقد ذهب الحنفيّة إلى أنّ - 73الفلوس ما صنع من النّقود من معد ٍ الفلوس إن كانت أثمانًا رائجةً أو سلعًا للتّجارة تجب الزّكاة في قيمتها ،وإلّ فل .وحكم الفلوس عند المالكيّة حكم العروض .نقل البنانيّ عن المدوّنة :من حال الحول على فلوسٍ ل أن يكون مديرًا فيقوّمها كالعروض .قالوا :ويجزئ عنده قيمتها مائتا درهمٍ فل زكاة فيها إ ّ ل :ل يجوز ; لنّها من إخراج زكاتها منها ( أي فلوسًا ) على المشهور ،وفي قو ٍ العروض ،والعروض يجب إخراج زكاتها بالقيمة دنانير من الذّهب ،أو دراهم من الفضّة . وعند الحنابلة إن كانت الفلوس للنّفقة فل زكاة فيها ،كعروض القنية ،وإن كانت للتّجارة كالّتي عند الصّيارفة تزكّى زكاة القيمة ،كسائر عروض التّجارة ،ول يجزئ إخراج زكاتها منها بل تخرج من ذهبٍ وفضّ ٍة ،كقولهم في العروض . زكاة الموا ّد الثّمينة الخرى : - 74ل زكاة في الموادّ الثّمينة المقتناة إذا كانت من غير الذّهب والفضّة ،وذلك كالجواهر من اللّؤلؤ والمرجان والزّمرّد والفيروز ونحوها ،وكذا ما صنع من التّحف الثّمينة من حديدٍ أو نحاسٍ أو صفرٍ أو زجاجٍ أو غير ذلك ،وإن حسنت صنعتها وكثرت قيمتها ،فإن كانت عروض تجارةٍ ففيها الزّكاة على ما يأتي . ج -زكاة الوراق النّقديّة ( ورق النّوط ) : - 75إنّ ممّا ل شكّ فيه أنّ الزّكاة في الوراق النّقديّة واجبة ،نظرًا لنّها عامّة أموال النّاس ورءوس أموال التّجارات والشّركات وغالب المدّخرات ،فلو قيل بعدم الزّكاة فيها لدّى إلى ضياع الفقراء والمساكين ،وقد قال اللّه تعالى { :وفي أموالهم حقّ للسّائل والمحروم } ول سيّما أنّها أصبحت عمل ًة نقديّ ًة متواضعًا عليها في جميع أنحاء العالم ،وينبغي تقدير النّصاب فيها بالذّهب أو الفضّة . ضمّ الذّهب إلى الفضّة في تكميل النّصاب ،وضمّ عروض التّجارة إليهما : - 76ذهب الجمهور ( الحنفيّة والمالكيّة وهو رواية عن أحمد وقول الثّوريّ والوزاعيّ ) ن الذّهب والفضّة يضمّ أحدهما إلى الخر في تكميل النّصاب ،فلو كان عنده خمسة إلى أ ّ عشر مثقالًا من الذّهب ،ومائة وخمسون درهمًا ،فعليه الزّكاة فيهما ،وكذا إن كان عنده من ن نفعهما متّحد ، أحدهما نصاب ،ومن الخر مالًا يبلغ النّصاب يزكّيان جميعًا ،واستدلّوا بأ ّ من حيث إنّهما ثمنان ،فمنهما القيم وأروش الجنايات ،ويتّخذان للتّحلّي .وذهب الشّافعيّة وهو رواية أخرى عن أحمد وقول أبي عبيدٍ وابن أبي ليلى وأبي ثو ٍر إلى أنّه ل تجب في أحد
الجنسين الزّكاة حتّى يكمل وحده نصابًا ،لعموم حديث { :ليس فيما دون خمس أواقٍ من الورق صدقة } .والقائلون بالضّ ّم اختلفوا فذهب مالك وأبو يوسف ومحمّد وأحمد في روايةٍ ضمّ يكون بالجزاء فلو كان عنده خمسة عشر مثقالًا ذهبًا ،وخمسون درهمًا لوجبت ن ال ّ إلى أ ّ الزّكاة ; لنّ الوّل نصاب ،والثّاني 25نصاب ،فيكمل منهما نصاب ،وكذا لو كان عنده ثلث نصابٍ من أحدهما وثلثان من الخر ونحو ذلك .وذهب أبو حنيفة إلى أنّه يضمّ أحدهما إلى الخر بالتّقويم في أحدهما بالخر بما هو أحظّ للفقراء ،أي يضمّ الكثر إلى القلّ ،فلو ب تساوي قيمته نصف نصاب فضّةٍ فعليه كان عنده نصف نصاب فضّ ٍة ،وربع نصاب ذه ٍ الزّكاة .أمّا العروض فتض ّم قيمتها إلى الذّهب أو الفضّة ويكمل بها نصاب كلّ منهما .قال ابن قدامة :ل نعلم في ذلك خلفًا .وفي هذا المعنى العملة النّقديّة المتداولة . ثالثًا :زكاة عروض التّجارة : - 77التّجارة تقليب المال بالبيع والشّراء لغرض تحصيل الرّبح .والعرض بسكون الرّاء ، ل شيءٍ فهو عرض سوى ل سوى النّقدين ،قال الجوهريّ :العرض المتاع ،وك ّ هو كلّ ما ٍ الدّراهم والدّنانير فإنّهما عين ،وقال أبو عبيدٍ :العروض المتعة الّتي ل يدخلها كيل ول وزن ول يكون حيوانًا ول عقارًا .أمّا العرض بفتحتين فهو شامل لكلّ أنواع المال ،قلّ أو كثر ،قال أبو عبيدة :جميع متاع الدّنيا عرض .وفي الحديث { :ليس الغنى عن كثرة ل ما العرض } .وعروض التّجارة جمع العرض بسكون الرّاء ،وهي في اصطلح الفقهاء ك ّ س تجب فيه زكاة العين كالبل والغنم والبقر ،أو أعدّ للتّجارة كائن ًة ما كانت سواء من جن ٍ ل ،كالثّياب والحمير والبغال .حكم الزّكاة في عروض التّجارة : - 78جمهور الفقهاء على أنّ المفتى به هو وجوب الزّكاة في عروض التّجارة ،واستدلّوا لذلك بقوله تعالى { :يا أيّها الّذين آمنوا أنفقوا من طيّبات ما كسبتم } وبحديث سمرة { :كان النّبيّ صلى ال عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الصّدقة من الّذي نعدّ للبيع } .وحديث أبي ذرّ مرفوعًا { :في البل صدقتها ،وفي الغنم صدقتها ،وفي البزّ صدقتها } وقال حماس :مرّ بي عمر فقال :أ ّد زكاة مالك .فقلت :ما لي إلّ جعاب أدمٍ .فقال :قوّمها ثمّ أدّ زكاتها . ولنّها معدّة للنّماء بإعداد صاحبها فأشبهت المعدّ لذلك خلقةً كالسّوائم والنّقدين . شروط وجوب الزّكاة في العروض :الشّرط الوّل :أن ل يكون لزكاتها سبب آخر غير كونها عروض تجارةٍ : أ ( -السّوائم الّتي للتّجارة ) :
- 79فلو كان لديه سوائم للتّجارة بلغت نصابًا ،فل تجتمع زكاتان إجماعًا ،لحديث { :ل ثني في الصّدقة } بل يكون فيها زكاة العين عند المالكيّة والشّافعيّة في الجديد ،كأن كان عنده خمس من البل للتّجارة ففيها شاة ،ول تعتبر القيمة ،فإن كانت أقلّ من خمسٍ فإنّها تقوّم فإن بلغت نصابًا من الثمان وجبت فيها زكاة القيمة .وإنّما قدّموا زكاة العين على زكاة التّجارة ن زكاة العين أقوى ثبوتًا لنعقاد الجماع عليها ،واختصاص العين بها ،فكانت أولى . لّ وذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أنّها تزكّى زكاة التّجارة لنّها أحظّ للمساكين ; لنّها تجب فيما زاد بالحساب ،لكن قال الحنابلة :إن بلغت عنده نصاب سائمةٍ ولم تبلغ قيمته نصابًا من الثمان فل تسقط الزّكاة ،بل تجب زكاة السّائمة ،كمن عنده خمس من البل للتّجارة لم تبلغ قيمتها مائتي درهمٍ ،ففيها شاة .ونظير هذا عند الفقهاء غلّة مال التّجارة ،كأن يكون ثمرًا ممّا تجب فيه الزّكاة إن كان الشّجر للتّجارة . ضيّة الّتي للتّجارة : ب -الحليّ والمصنوعات الذّهبيّة والف ّ - 80أمّا المصوغات من الذّهب والفضّة إن كانت للتّجارة ،فقد ذهب المالكيّة إلى أنّه ليس ب بسبب الجودة أو فيها زكاة إن كانت أقلّ من نصابٍ بالوزن ،ولو زادت قيمتها عن نصا ٍ الصّنعة ،ويزكّى على أساس القيمة الشّاملة أيضًا لما فيه من الجواهر المرصّعة .أمّا ن الصّناعة المحرّمة ل تقوّم لعدم العتداد بها شرعًا ،أمّا الصّنعة الحنابلة فقد صرّحوا بأ ّ المباحة فتدخل في التّقويم إن كان الحليّ للتّجارة ،ويعتبر النّصاب بالقيمة كسائر أموال التّجارة ،ويقوّم بنقدٍ آخر من غير جنسه ،فإن كان من ذهبٍ قوّم بفضّةٍ ،وبالعكس ،إن كان تقويمه بنقدٍ آخر أحظّ للفقراء ،أو نقص عن نصابه ،كخواتم فضّ ٍة لتجار ٍة زنتها ( مائة وتسعون درهمًا ) وقيمتها ( عشرون ) مثقالًا ذهبًا ،فيزكّيها بربع عشر قيمتها ،فإن كان وزنها ( مائتي ) درهمٍ ،وقيمتها تسعة عشر مثقالًا وجب أن ل تقوّم ،وأخرج ربع عشرها . ن مذهب الحنفيّة أنّ العبرة في الحليّ والمصنوع من النّقدين ويظهر من كلم ابن عابدين أ ّ بالوزن من حيث النّصاب ومن حيث قدر المخرج ،وعند زفر المعتبر القيمة ،وعند محمّدٍ النفع للفقراء .وعند الشّافعيّة في مصوغ الذّهب والفضّة الّذي للتّجارة هل يزكّى زكاة العين أو زكاة القيمة قولن . ج -الراضي الزّراعيّة الّتي للتّجارة وما يخرج منها : - 81ذهب الحنفيّة إلى أنّه تجب الزّكاة في الخارج من الرض الزّراعيّة من ثم ٍر أو زرعٍ ، ول يجب الزّكاة في قيمة الرض العشريّة ولو كانت للتّجارة ،وهذا إن كان قد زرع الرض العشريّة فعلًا ووجب فيها العشر ; لئلّ يجتمع حقّان للّه تعالى في مالٍ واح ٍد .فإن لم يزرعها
تجب زكاة التّجارة فيها لعدم وجوب العشر ،فلم يوجد المانع ،بخلف الخراج الموظّف فإنّه يجب فيها ولو عطّلت أي لنّه كالجرة .أمّا عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة فيجب زكاة رقبة الرض كسائر عروض التّجارة بكلّ حالٍ .ثمّ اختلف الجمهور في كيفيّة تزكية الغلّة . ن النّاتج من الرض الزّراعيّة الّتي للتّجارة ل زكاة في قيمته في عامه اتّفاقًا فمذهب المالكيّة أ ّ إن كانت قد وجبت فيه زكاة النّبات ،فإن لم تكن فيه لنقصه عن نصاب الزّرع أو الثّمر ، ح عندهم تجب فيه زكاة التّجارة ،وكذا في عامه الثّاني وما بعده .وقال الشّافعيّة على الص ّ والقاضي من الحنابلة :يزكّى الجميع زكاة القيمة ،لنّه كلّه مال تجارةٍ ،فتجب فيه زكاة التّجارة ،كالسّائمة المعدّة للتّجارة .قال الشّافعيّة :ويزكّى التّبن أيضًا والغصان والوراق وغيرها إن كان لها قيمة ،كسائر مال التّجارة .وذهب الحنابلة وأبو ثو ٍر إلى أنّه يجتمع في العشريّة العشر وزكاة التّجارة ،لنّ زكاة التّجارة في القيمة ،والعشر في الخارج ،فلم ن زكاة العشر في الغلّة أحظّ للفقراء من زكاة التّجارة فإنّها ربع يجتمعا في شيءٍ واحدٍ ; ول ّ ن زكاة السّوم أقلّ من زكاة العشر ،ومن هنا فارقت عندهم زكاة السّائمة المتّجر بها ،فإ ّ التّجارة . الشّرط الثّاني :تملّك العرض بمعاوضةٍ : ن حالّ أو - 82يشترط أن يكون قد تملّك العرض بمعاوضةٍ كشراءٍ بنقدٍ أو عرضٍ أو بدي ٍ مؤجّلٍ ،وكذا لو كان مهرًا أو عوض خلعٍ .وهذا مذهب المالكيّة والشّافعيّة ،ومح ّمدٍ ،فلو ب واستغلل أرضه بالزّراعة أو نحو ذلك فل ملكه بإرثٍ أو بهبةٍ أو احتطابٍ أو استردادٍ بعي ٍ ن التّجارة كسب المال ببدلٍ هو مال ،وقبول الهبة مثلًا اكتساب بغير بدلٍ زكاة فيه .قالوا :ل ّ ن المهر وعوض الخلع ل يزكّيان زكاة التّجارة . أصلًا .وعند الشّافعيّة في مقابل الصحّ أ ّ وقال الحنابلة وأبو يوسف :الشّرط أن يكون قد ملكه بفعله ،سواء كان بمعاوضةٍ أو غيرها من أفعاله ،كالحتطاب وقبول الهبة ،فإن دخل في ملكه بغير فعله ،كالموروث ،أو مضيّ حول التّعريف في اللّقطة ،فل زكاة فيه .وفي روايةٍ عن أحمد :ل يعتبر أن يملك العرض ض ،بل أيّ عرضٍ نواه للتّجارة كان لها ،لحديث سمرة بفعله ،ول أن يكون في مقابلة عو ٍ { :أمرنا النّبيّ صلى ال عليه وسلم أن نخرج الصّدقة من الّذي نعدّ للبيع } . الشّرط الثّالث :نيّة التّجارة : - 83اتّفق الفقهاء على أنّه يشترط في زكاة مال التّجارة أن يكون قد نوى عند شرائه أو ن التّجارة عمل تملّكه أنّه للتّجارة ،وال ّنيّة المعتبرة هي ما كانت مقارن ًة لدخوله في ملكه ; ل ّ فيحتاج إلى ال ّنيّة مع العمل ،فلو ملكه للقنية ثمّ نواه للتّجارة لم يصر لها ،ولو ملك للتّجارة ثمّ
نواه للقنية وأن ل يكون للتّجارة صار للقنية ،وخرج عن أن يكون محلّا للزّكاة ولو عاد فنواه ن ترك التّجارة ،من قبيل التّروك ،والتّرك يكتفى فيه بال ّنيّة كالصّوم .قال للتّجارة ل ّ ن ال ّنيّة سبب ضعيف تنقل إلى الصل ول تنقل عنه ،والصل في العروض الدّسوقيّ :ول ّ ل بقصدها فيه . القنية .وقال ابن الهمام :لمّا لم تكن العروض للتّجارة خلق ًة فل تصير لها إ ّ واستثنى الحنفيّة ممّا يحتاج لل ّنيّة ما يشتريه المضارب ،فإنّه يكون للتّجارة مطلقًا ; لنّه ل يملك بمال المضاربة غير المتاجرة به .ولو أنّه آجر داره المشتراة للتّجارة بعرضٍ ،فعند بعض الحنفيّة ل يكون العرض للتّجارة إلّ بنيّتها ،وقال بعضهم :هو للتّجارة بغير نيّةٍ .قال المالكيّة :ولو قرن بنيّة التّجارة نيّة استغلل العرض ،بأن ينوي عند شرائه أن يكريه وإن وجد ربحًا باعه ،ففيه الزّكاة على المرجّح عندهم ،وكذا لو نوى مع التّجارة القنية بأن ينوي النتفاع بالشّيء كركوب الدّابّة أو سكنى المنزل ثمّ إن وجد ربحًا باعه .قالوا :فإن ملكه للقنية فقط ،أو للغلّة فقط أو لهما ،أو بل نيّ ٍة أصلًا فل زكاة عليه . الشّرط الرّابع :بلوغ النّصاب : ب أو فضّ ٍة ،فل زكاة في ما يملكه النسان من - 84ونصاب العروض بالقيمة ،ويقوّم بذه ٍ العروض إن كانت قيمتها أقلّ من نصاب الزّكاة في الذّهب أو الفضّة ،ما لم يكن عنده من ض في تكميل ب .وتضمّ العروض بعضها إلى بع ٍ الذّهب أو الفضّة نصاب أو تكملة نصا ٍ النّصاب وإن اختلفت أجناسها .واختلف الفقهاء فيما تقوّم به عروض التّجارة :بالذّهب أم بالفضّة .فذهب الحنابلة وأبو حنيفة في روايةٍ عنه عليها المذهب ،إلى أنّها تقوّم بالحظّ للفقراء ،فإن كان إذا قوّمها بأحدهما ل تبلغ نصابًا وبالخر تبلغ نصابًا تعيّن عليه التّقويم بما يبلغ نصابًا .وقال أبو حنيفة في روايةٍ عنه :يخيّر المالك فيما يقوّم به لنّ الثّمنين في تقدير قيم الشياء بهما سواء .وقال الشّافعيّة وأبو يوسف :يقوّمها بما اشترى به من النّقدين ،وإن اشتراها بعرضٍ قوّمها بالنّقد الغالب في البلد ،وقال محمّد :يقوّمها بالنّقد الغالب على كلّ حالٍ كما في المغصوب والمستهلك .ولم نجد عند المالكيّة تعرّضًا لما تقوّم به السّلع ،مع أنّهم قالوا :إنّها ل زكاة فيها ما لم تبلغ نصابًا .نقص قيمة التّجارة في الحول عن النّصاب : ن المعتبر في وجوب الزّكاة - 85ذهب المالكيّة والشّافعيّة على القول المنصوص إلى أ ّ القيمة في آخر الحول ،فلو كانت قيمة العروض في أوّل الحول أقلّ من نصابٍ ثمّ بلغت في آخر الحول نصابًا وجبت فيها الزّكاة ،وهذا خلفًا لزكاة العين فل بدّ فيها عندهم من وجود النّصاب في الحول كلّه .قالوا :لنّ العتبار في العروض بالقيمة ،ويعسر مراعاتها كلّ
وقتٍ لضطراب السعار ارتفاعًا وانخفاضًا فاكتفي باعتبارها في وقت الوجوب ،قال الشّافعيّة :فلو تمّ الحول وقيمة العرض أقلّ من نصابٍ فإنّه يبطل الحول الوّل ويبتدئ حول ن التّقويم يشقّ في ن للشّافعيّة :المعتبر طرفا الحول ،ل ّ جديد .وقال الحنفيّة وهو قول ثا ٍ ل في جميع الحول فاعتبر أوّله للنعقاد وتحقّق الغنى ،وآخره للوجوب ،ولو انعدم بهلك الك ّ أثناء الحول بطل حكم الحول .وقال الحنابلة وهو قول ثالث للشّافعيّة :المعتبر كلّ الحول كما في النّقدين ،فلو نقصت القيمة في أثناء الحول لم تجب الزّكاة ،ولو كانت قيمة العرض من حين ملكه أقلّ من نصابٍ فل ينعقد الحول عليه حتّى تتمّ قيمته نصابًا ،والزّيادة معتبرة سواء كانت بارتفاع السعار ،أو بنماء العرض ،أو بأن باعها بنصابٍ ،أو ملك عرضًا آخر أو أثمانًا كمّل بها النّصاب . الشّرط الخامس :الحول : - 86والمراد أن يحول الحول على عروض التّجارة ،فما لم يحل عليها الحول فل زكاة فيها ،وهذا إن ملكها بغير معاوض ٍة ،أو بمعاوض ٍة غير ماليّ ٍة كالخلع ،عند من قال بذلك ،أو ض تجار ٍة آخر ،فإنّه يبني اشتراها بعرض قنيةٍ ،أمّا إن اشتراها بمالٍ من الثمان أو بعر ٍ ن مال التّجارة تتعلّق الزّكاة بقيمته ،وقيمته هي الثمان حول الثّاني على حول الوّل ; ل ّ ن النّماء في التّجارة يكون بالتّقليب .فإن أبدل عرض التّجارة بعرضٍ قنيةٍ أو نفسها ; ول ّ ن حول زكاة التّجارة ينقطع .وربح التّجارة في الحول يضمّ بسائم ٍة لم يقصد بها التّجارة فإ ّ إلى الصل فيزكّي الصل والرّبح عند آخر الحول .فإذا حال الحول وجب على المالك تقويم عروضه وإخراج زكاتها عند الجمهور ،ولمالكٍ تفصيل بين المحتكر لتجارته والمدير لها يأتي تفصيله في الشّرط التّالي . الشّرط السّادس :تقويم السّلع : - 87يرى المالكيّة أنّ التّاجر إمّا أن يكون محتكرًا أو مديرًا ،والمحتكر هو الّذي يرصد بسلعه السواق وارتفاع السعار ،والمدير هو من يبيع بالسّعر الحاضر ثمّ يخلفه بغيره ب أو فضّ ٍة يبلغ وهكذا ،كالبقّال ونحوه .فالمحتكر يشترط لوجوب الزّكاة عليه أن يبيع بذه ٍ نصابًا ،ولو في مرّاتٍ ،وبعد أن يكمل ما باع به نصابًا يزكّيه ويزكّي ما باع به بعد ذلك وإن قلّ ،فلو أقام العرض عنده سنين فلم يبع ثمّ باعه فليس عليه فيه إلّ زكاة عامٍ واحدٍ يزكّي ذلك المال الّذي يقبضه .أمّا المدير فل زكاة عليه حتّى يبيع بشيءٍ ولو قلّ ،كدرهمٍ ، وعلى المدير الّذي باع ولو بدرهمٍ أن يقوّم عروض تجارته آخر كلّ حولٍ ويزكّي القيمة ، ن الزّكاة شرعت في الموال النّامية كما يزكّي النّقد .وإنّما فرّق مالك بين المدير والمحتكر ل ّ
ل عامٍ -وقد تكون كاسدةً -نقصت عن شرائها ،فيتضرّر ،فإذا زكّيت ،فلو زكّى السّلعة ك ّ عند البيع فإن كانت ربحت فالرّبح كان كامنًا فيها فيخرج زكاته ; ولنّه ليس على المالك أن ل آخر .وبهذا يتبيّن أنّ تقويم السّلع عند المالكيّة هو للتّاجر المدير يخرج زكاة مالٍ من ما ٍ ل زكاة فيما احتكره بل يزكّيه ن المحتكر ليس عليه لكلّ حو ٍ خاصّ ًة دون التّاجر المحتكر ،وأ ّ ن المحتكر كغيره ،عليه لكلّ حولٍ لعامٍ واحدٍ عند بيعه وقبض ثمنه .أمّا عند سائر العلماء فإ ّ زكاة . كيفيّة التّقويم والحساب في زكاة التّجارة : أ -ما يقوّم من السّلع وما ل يقوّم : - 88الّذي يقوّم من العروض هو ما يراد بيعه دون ما ل يعدّ للبيع ،فالرّفوف الّتي يضع ب إن اشترى لها مقاود عليها السّلع ل زكاة فيها .وممّا ذكره الحنفيّة من ذلك أنّ تاجر الدّوا ّ أو براذع ،فإن كان يبيع هذه الشياء معها ففيها الزّكاة ،وإن كانت لحفظ الدّوابّ بها فل زكاة فيها .وكذلك العطّار لو اشترى قوارير ،فما كان من القوارير لحفظ العطر عند التّاجر فل زكاة فيها ،وما كان يوضع فيها العطر للمشتري ففيها الزّكاة .وموادّ الوقود كالحطب ، ونحوه ،وموا ّد التّنظيف كالصّابون ونحوه الّتي أعدّها الصّانع ليستهلكها في صناعته ل ليبيعها فل زكاة فيما لديه منها ،والموادّ الّتي لتغذية دوابّ التّجارة ل تجب فيها الزّكاة . وذكر المالكيّة أنّه ل زكاة في الواني الّتي تدار فيها البضائع ،ول اللت الّتي تصنع بها ل أن تجب الزّكاة في عينها .وذكر الشّافعيّة أنّ الموادّ الّتي السّلع ،والبل الّتي تحملها ،إ ّ للصّباغة أو الدّباغة ،والدّهن للجلود ،فيها الزّكاة ،بخلف الملح للعجين أو الصّابون للغسل فل زكاة فيهما لهلك العين ،وذكر الحنابلة نحو ذلك . ب -تقويم الصّنعة في الموا ّد الّتي يقوّم صاحبها بتصنيعها : - 89الموادّ الخام الّتي اشتراها المالك وقام بتصنيعها يستفاد من كلم المالكيّة أنّها تقوّم على الحال الّتي اشتراها عليها صاحبها ،أي قبل تصنيعها ،وذلك بيّن ،على قول من يشترط في ن هذا قد ملكها بغير معاوض ٍة بل بفعله . وجوب الزّكاة في العروض أن يملكها بمعاوضةٍ ; ل ّ صنّاع يزكّون ما حال على أصله الحول من مصنوعاتهم إذا كان ن ال ّ ص البنانيّ " الحكم أ ّ ون ّ نصابًا ول يقوّمون صناعتهم " قال ابن لبّ :لنّها فوائد كسبهم استفادوها وقت بيعهم . السّعر الّذي تقوّم به السّلع : ن عروض التّجارة يقوّمها المالك على أساس سعر البلد الّذي فيه - 90صرّح الحنفيّة أ ّ المال ،وليس الّذي فيه المالك ،أو غيره ممّن له بالمال علقة ،ولو كان في مفازةٍ تعتبر
قيمته في أقرب المصار .وتعتبر القيمة يوم الوجوب في قول أبي حنيفة لنّه في الصل بالخيار بين الخراج من العين وأداء القيمة ،ويجبر المصدّق على قبولها ،فيستند إلى وقت ثبوت الخيار وهو وقت الوجوب .وقال الصّاحبان :المعتبر القيمة يوم الداء ; لنّ الواجب عندهما جزء من العين ،وله ولية منعها إلى القيمة ،فتعتبر يوم المنع كما في الوديعة . زيادة سعر البيع عن السّعر المقدّر : - 91إن قوّم سلعةً لجل الزّكاة وأخرجها على أساس ذلك ،فلمّا باعها زاد ثمنها على القيمة ،فقد صرّح المالكيّة بأنّه ل زكاة في هذه الزّيادة بل هي ملغاة ; لحتمال ارتفاع سعر السّوق ،أو لرغبة المشتري ،أمّا لو تحقّق أنّه غلط في التّقويم فإنّها ل تلغى لظهور الخطأ ن الزّيادة عن التّقويم ل زكاة فيها عن الحول السّابق . قطعًا .وكذا صرّح الشّافعيّة بأ ّ التّقويم للسّلع البائرة : - 92مقتضى مذهب الجمهور أنّه ل فرق في التّقويم ،بين السّلع البائرة وغيرها .أمّا المالكيّة فقد ذكروا أنّ السّلع الّتي لدى التّاجر المدير إذا بارت فإنّه يدخلها في التّقويم ويؤدّي ل عامٍ إذا تمّت الشّروط ; لنّ بوارها ل ينقلها للقنية ول للحتكار ،وهذا هو زكاتها ك ّ المشهور عندهم وهو قول ابن القاسم .وذهب ابن نافعٍ وسحنون إلى أنّ السّلع إذا بارت تنتقل للحتكار ،وخصّ اللّخميّ وابن يونس الخلف بما إذا بار القلّ ،أمّا إذا بار النّصف أو الكثر فل يقوّم اتّفاقًا عندهم ،ومقتضى ذلك أن ل زكاة فيها إلّ إذا باع قدر نصابٍ فيزكّيه ، ثمّ كلّما باع شيئًا زكّاه كما تقدّم . التّقويم للسّلع المشتراة الّتي لم يدفع التّاجر ثمنها : - 93ذهب المالكيّة إلى أنّ التّاجر المدير ل يقوّم -لجل الزّكاة -من سلعه إلّ ما دفع ثمنه ،أو حال عليه الحول عنده وإن لم يدفع ثمنه ،وحكمه في ما لم يدفع ثمنه حكم من عليه دين وبيده مال .وأمّا ما لم يدفع ثمنه ولم يحل عليه الحول عنده فل زكاة عليه فيه ،ول يسقط عنه من زكاة ما حال حوله عنده شيء بسبب دين ثمن هذا العرض الّذي لم يحل حوله عنده ،إن لم يكن عنده ما يجعله في مقابلته . تقويم دين التّاجر النّاشئ عن التّجارة : - 94ما كان للتّاجر من الدّين المرجوّ إن كان سلعًا عينّيةً -أي من غير النّقدين -فإنّه عند المالكيّة إن كان مديرًا -ل محتكرًا -يقوّمه بنقدٍ حالّ ،ولو كان الدّين طعام سلمٍ ،ول يضرّ تقويمه لنّه ليس بيعًا له حتّى يؤدّي إلى بيع الطّعام قبل قبضه .وإن كان الدّين المرجوّ من
ل ،فيزكّي تلك القيمة أحد النّقدين وكان مؤجّلًا ،فإنّه يقوّمه بعرضٍ ،ثمّ يقوّم العرض بنقدٍ حا ّ لنّها الّتي تملك لو قام على المدين غرماؤه .أمّا الدّين غير المرجوّ فل يقوّمه ليزكّيه حتّى يقبضه ،فإن قبضه زكّاه لعامٍ واحدٍ .وأمّا عند الجمهور فلم يذكروا هذه الطّريقة ،فالظّاهر ن الدّين المؤجّل يحسب للزّكاة بكماله إذا كان على مليءٍ مقرّ . عندهم أ ّ إخراج زكاة عروض التّجارة نقدًا أو من أعيان المال : - 95الصل في زكاة التّجارة أن يخرجها نقدًا بنسبة ربع العشر من قيمتها ،كما تقدّم ، لقول عمر رضي ال عنه لحماسٍ :قوّمها ثمّ أدّ زكاتها .فإن أخرج زكاة القيمة من أحد النّقدين أجزأ اتّفاقًا .وإن أخرج عروضًا عن العروض فقد اختلف الفقهاء في جواز ذلك . فقال الحنابلة وهو ظاهر كلم المالكيّة وقول الشّافعيّ في الجديد وعليه الفتوى :ل يجزئه ذلك ن البقر لمّا كان ،واستدلّوا بأنّ النّصاب معتبر بالقيمة ،فكانت الزّكاة من القيمة ،كما إ ّ نصابها معتبرًا بأعيانها ،وجبت الزّكاة من أعيانها ،وكذا سائر الموال غير التّجارة .وأمّا ن للشّافعيّة قديم :يتخيّر المالك بين الخراج من العرض أو من عند الحنفيّة وهو قول ثا ٍ ض بقيمة ما وجب عليه من زكاة العروض ،قال الحنفيّة :وكذلك القيمة فيجزئ إخراج عر ٍ زكاة غيرها من الموال حتّى النّقدين والماشية ولو كانت للسّوم ل للتّجارة ،ويأتي تفصيل ن زكاة العروض تخرج منها ل من ث للشّافعيّة قديمٍ :أ ّ ذلك إن شاء اللّه .وفي قولٍ ثال ٍ ثمنها ،فلو أخرج من الثّمن لم يجزئ . زكاة مال التّجارة الّذي بيد المضارب : ن فربح فزكاة رأس المال على ربّ المال اتّفاقًا ،أمّا - 96من أعطى ماله مضارب ًة لنسا ٍ الرّبح فقد اختلف فيه فظاهر كلم الحنفيّة أنّ على المضارب زكاة حصّته من الرّبح إن ظهر ن مال القراض يزكّي منه ربّ المال في المال ربح وتمّ نصيبه نصابًا .وذهب المالكيّة إلى أ ّ رأس ماله وحصّته من الرّبح كلّ عامٍ ،وهذا إن كان تاجرًا مديرًا ،وكذا إن كان محتكرًا وكان عامل القراض مديرًا ،وكان ما بيده من مال ربّ المال الكثر ،وما بيد ربّه المحتكر القلّ .وأمّا العامل فل يجب عليه زكاة حصّته إلّ بعد المفاصلة فيزكّيها إذا قبضها لسنةٍ ن زكاة المال وربحه كلّها على صاحب المال ، واحد ٍة .وذهب الشّافعيّة على الظهر إلى أ ّ ن المال فإن أخرجها من مال القراض حسبت من الرّبح ; لنّها من مئونة المال وذلك ل ّ ملكه ،ول يملك العامل شيئًا ولو ظهر في المال ربح حتّى تتمّ القسمة .هذا على القول بأنّ العامل ل يملك بالظّهور ،أمّا على القول بأنّه يملك بالظّهور فالمذهب أنّ على العامل زكاة ن على صاحب المال زكاة المال كلّه ما عدا نصيب العامل ; حصّته .وذهب الحنابلة إلى أ ّ
ن نصيب العامل ليس لربّ المال ول تجب على النسان زكاة مال غيره .ويخرج الزّكاة لّ من المال لنّه من مئونته ،وتحسب من الرّبح ; لنّه وقاية لرأس المال .وأمّا العامل فليس عليه زكاة في نصيبه ما لم يقتسما ،فإذا اقتسما استأنف العامل حولًا من حينئذٍ .وقال أبو الخطّاب من الحنابلة :يحتسب من حين ظهور الرّبح ،ول تجب عليه إخراج زكاته حتّى يقبضه . رابعًا :زكاة الزّروع والثّمار :ما تجب فيه الزّكاة من أجناس النّبات : ن في التّمر ( ثمر النّخل ) والعنب ( ثمر الكرم ) من الثّمار ، - 97أجمع العلماء على أ ّ والقمح والشّعير من الزّروع الزّكاة إذا تمّت شروطها .وإنّما أجمعوا على ذلك لما ورد فيها من الحاديث الصّحيحة ،منها حديث عبد اللّه بن عمرٍو رضي ال عنهما مرفوعًا { :الزّكاة في الحنطة والشّعير والتّمر والزّبيب } وفي لفظٍ { العشر في التّمر والزّبيب والحنطة والشّعير } ومنها حديث عمر بن الخطّاب رضي ال عنه قال { :إنّما سنّ رسول اللّه صلى ال عليه وسلم الزّكاة في هذه الربعة الحنطة والشّعير والزّبيب والتّمر } وعن أبي بردة عن أبي موسى ومعاذٍ رضي ال عنهم أجمعين { أنّ رسول اللّه صلى ال عليه وسلم بعثهما إلى اليمن ل من هذه الربعة :الحنطة يعلّمان النّاس أمر دينهم ،فأمرهم أن ل يأخذوا الصّدقة إ ّ والشّعير والتّمر والزّبيب } - 98 .ثمّ اختلف العلماء في ما عدا هذه الصناف الربعة : ل ما يقصد بزراعته استنماء الرض ،من الثّمار ن الزّكاة تجب في ك ّ فذهب أبو حنيفة إلى أ ّ والحبوب والخضراوات والبازير وغيرها ممّا يقصد به استغلل الرض ،دون ما ل يقصد سكّر ) به ذلك عاد ًة كالحطب والحشيش والقصب ( أي القصب الفارسيّ بخلف قصب ال ّ والتّبن وشجر القطن والباذنجان وبذر البطّيخ والبذور الّتي للدوية كالحلبة والشّونيز ،لكن لو قصد بشيءٍ من هذه النواع كلّها أن يشغل أرضه بها لجل الستنماء وجبت الزّكاة ، ج بقول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :فيما سقت السّماء أو كان فالمدار على القصد .واحت ّ عثريّا العشر } .فإنّه عا ّم فيؤخذ على عمومه ،ولنّه يقصد بزراعته نماء الرض ن الزّكاة ل تجب إلّ فيما له ثمرة واستغللها فأشبه الحبّ .وذهب صاحبا أبي حنيفة إلى أ ّ باقية حولًا .وذهب المالكيّة إلى التّفريق بين الثّمار والحبوب ،فأمّا الثّمار فل يؤخذ من أيّ جنسٍ منها زكاة غير التّمر والعنب ،وأمّا الحبوب ،فيؤخذ من الحنطة والشّعير والسّلت والذّرة والدّخن والرز والعلس ،ومن القطانيّ السّبعة الحمّص والفول والعدس واللّوبيا والتّرمس والجلبّان والبسيلة ،وذوات الزّيوت الربع الزّيتون والسّمسم والقرطم وحبّ الفجل ن الزّكاة .فهي كلّها عشرون جنسًا ،ل يؤخذ من شيءٍ سواها زكاة .وذهب الشّافعيّة إلى أ ّ ل تجب في شيءٍ من الزّروع والثّمار إلّ ما كان قوتًا .والقوت هو ما به يعيش البدن غالبًا
دون ما يؤكل تن ّعمًا أو تداويًا ،فتجب الزّكاة من الثّمار في العنب والتّمر خاصّةً ،ومن الحبوب في الحنطة والشّعير والرز والعدس وسائر ما يقتات اختيارًا كالذّرة والحمّص والباقلء ،ول تجب في السّمسم والتّين والجوز واللّوز وال ّرمّان والتّفّاح ونحوها والزّعفران ل ما ن الزّكاة تجب في ك ّ والورس والقرطم .وذهب أحمد في رواي ٍة عليها المذهب إلى أ ّ استنبته الدميّون من الحبوب والثّمار ،وكان ممّا يجمع وصفين :الكيل ،واليبس مع البقاء ( أي إمكانيّة الدّخار ) وهذا يشمل أنواعًا سبعةً :الوّل :ما كان قوتًا كالرز والذّرة والدّخن .الثّاني :القطنيّات كالفول والعدس والحمّص والماشّ واللّوبيا .الثّالث :البازير ،كالكسفرة والكمّون والكراويا .الرّابع :البذور ،وبذر الخيار ،وبذر البطّيخ ،وبذر القثّاء ،وغيرها ممّا يؤكل ،أو ل يؤكل كبذور الكتّان وبذور القطن وبذور الرّياحين .الخامس :حبّ البقول ب الفجل والقرطم والحلبة والخردل .السّادس :الثّمار الّتي تجفّف ،وتدّخر كالرّشاد وح ّ كاللّوز والفستق والبندق .السّابع :ما لم يكن حبّا ول ثمرًا لكنّه يكال ويدّخر كسعترٍ وسمّاقٍ ،أو ورق شجرٍ يقصد كالسّدر والخطميّ والس .قالوا :ول تجب الزّكاة فيما عدا ذلك كالخضار كلّها ،وكثمار التّفّاح والمشمش والتّين والتّوت والموز وال ّرمّان والبرتقال ص عليه أحمد ; لنّه معدود ،ول تجب في القصب ول في وبقيّة الفواكه ،ول في الجوز ،ن ّ البقول كالفجل والبصل والكرّاث ،ول في نحو القطن والقنّب والكتّان والعصفر والزّعفران ونحو جريد النّخل وخوصه وليفه .وفي الزّيتون عندهم اختلف يأتي بيانه .واحتجّ الحنابلة ق من تمرٍ ول حبّ ن النّبيّ صلى ال عليه وسلم قال { :ليس فيما دون خمسة أوسا ٍ لذلك بأ ّ ن غير المدّخر ل تكمل فيه النّعمة لعدم صدقة } فدلّ على اعتبار الكيل ،وأمّا الدّخار فل ّ النّفع به مآلًا .وذهب أحمد في روايةٍ ،وأبو عبيدٍ ،والشّعبيّ ،وهو مرويّ عن ابن عمر ن النّصّ بها ورد ; رضي ال عنهما إلى أنّه ل زكاة في شي ٍء غير هذه الجناس الربعة ،ل ّ ولنّها غالب القوات ول يساويها في هذا المعنى وفي كثرة نفعها شيء غيرها ،فل يقاس عليها شيء .واحتجّ من عدا أبا حنيفة على انتفاء الزّكاة في الخضر والفواكه بقول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :ليس في الخضراوات صدقة } وعلى انتفائها في نحو ال ّرمّان والتّفّاح ن قبله من الثّمار بما ورد أنّ سفيان بن عبد اللّه الثّقفيّ وكان عاملًا لعمر على الطّائف :أ ّ حيطانًا فيها من الفرسك ( الخوخ ) وال ّرمّان ما هو أكثر من غلّة الكروم أضعافًا فكتب يستأمر في العشر .فكتب إليه عمر أن ليس عليها عشر ،وقال :هي من العفاة كلّها وليس فيها عشر . الزّكاة في الزّيتون :
ي ومالكٍ - 99تجب الزّكاة في الزّيتون عند الحنفيّة والمالكيّة ،وهو قول الزّهريّ والوزاع ّ واللّيث والثّوريّ ،وهو قول الشّافعيّ في القديم ،ورواية عن أحمد ،وهو مرويّ عن ابن عبّاسٍ ،لقوله تعالى { :وآتوا حقّه يوم حصاده } بعد أنّ ذكر الزّيتون في أوّل الية .ولنّه يمكن ادّخار غلّته فأشبه التّمر والزّبيب .وذهب الشّافعيّة في الجديد وأحمد في الرّواية الخرى إلى أنّه ل زكاة في الزّيتون لنّه ل يدّخر يابسًا ،فهو كالخضراوات . شروط وجوب الزّكاة في الزّروع والثّمار : - 100ل يشترط الحول في زكاة الزّروع والثّمار اتّفاقًا ،لقوله تعالى { :وآتوا حقّه يوم ن الخارج نماء في ذاته فوجبت فيه الزّكاة فورًا كالمعدن ،بخلف سائر الموال حصاده } ول ّ الزّكويّة فإنّما اشترط فيها الحول ليمكن فيه الستثمار .ويشترط لوجوب الزّكاة في الزّروع والثّمار ما يلي :الشّرط الوّل النّصاب :ونصابها خمسة أوسقٍ عند الجمهور ،وبه قال ق من تمرٍ ول صاحبا أبي حنيفة في ما يوسق ،لما في حديث { :ليس فيما دون خمسة أوسا ٍ حبّ صدقة } والوسق لغةً :حمل البعير ،وهو في الحنطة والعدس ونحوهما ستّون صاعًا بصاع النّبيّ صلى ال عليه وسلم ( وينظر تحرير مقدار الصّاع في مصطلح :مقادير ) فالنّصاب ثلثمائة صاعٍ .وقال أبو حنيفة :ل يشترط نصاب لزكاة الزّروع والثّمار بل هي واجبة في القليل والكثير ما لم يكن أقلّ من نصف صاعٍ .النّصاب فيما ل يكال : - 101ذهب أبو يوسف إلى أنّ ما ل يوسق فنصابه بالقيمة ،فإن بلغت قيمته قيمة أدنى ن نصابه خمسة أمثال ما يقدّر ل فل .وذهب محمّد إلى أ ّ ب ممّا يوسق ففيه الزّكاة ،وإ ّ نصا ٍ سكّر خمسة أمناءٍ .وفي به ،ففي القطن خمسة أحمالٍ ،وفي العسل خمسة أفراقٍ ،وفي ال ّ النّصاب مسائل : أ -ما يضمّ بعضه إلى بعضٍ لتكميل النّصاب : - 102تضمّ أنواع الجنس الواحد لتكميل النّصاب ،كأنواع التّمر وإن اختلفت أسماؤها لنّها ع بقسطه ،فإن شقّ أخرج من الوسط .. كلّها تمر ،وصرّح الشّافعيّة بأنّه يؤخذ من كلّ نو ٍ ويضمّ الجيّد من الجنس الواحد إلى الرّديء منه ول يكمّل جنس من جنسٍ آخر فل يض ّم التّمر إلى الزّبيب ول أيّ منهما إلى الحنطة أو الشّعير .إلّ أنّهم اختلفوا في بعض الشياء أنّها أجناس أو أنواع ،كالعلس وكان قوت صنعاء اليمن ،فقد قيل :هو جنس مستقلّ ،فل بدّ أن يكمّل نصابًا وحده ،وهو قول ابن القاسم وأصبغ وابن وهبٍ من المالكيّة ،وقيل :هو نوع من الحنطة ،فيضمّ إليها ،وهو مذهب الشّافعيّة والحنابلة .وقول مالكٍ وسائر أصحابه ، والقمح والشّعير والسّلت أجناس ثلثة ل يضمّ أحدها إلى الخر عند الشّافعيّة .ومذهب ن الشّعير والسّلت نوعان من جنسٍ واحدٍ .ومذهب المالكيّة أنّ الحنابلة أنّ القمح جنس وأ ّ
الثّلثة جنس واحد يكمّل النّصاب منها جميعًا .بخلف الرز والذّرة والدّخن فهي أجناس مختلفة ،وكذلك القطانيّ عند المالكيّة وهي سبعة أصنافٍ كلّها جنس واحد يضمّ بعضه إلى بعضٍ ،وكذلك تضمّ القطانيّ بعضها إلى بعضٍ في رواي ٍة عند الحنابلة .ضمّ غلّة العام الواحد بعضها إلى بعضٍ : ب كذلك .وأمّا في العام - 103ل تضمّ ثمرة عامٍ إلى ثمرة عامٍ آخر ول الحاصل من الح ّ الواحد ،فقد فرّق الشّافعيّة في الظهر بين الزّرع والثّمر ،فأمّا الزّرع فيضمّ ما زرع في العام الواحد بعضه إلى بعضٍ ،كالذّرة تزرع في الرّبيع وفي الخريف ،وأمّا الثّمر إذا اختلف ض في العام الواحد ،وذلك كما لو اختلف إدراكه لختلف إدراكه فل يض ّم بعضه إلى بع ٍ أنواعه واختلف بلده حرارةً وبرود ًة ،وكما لو أطلع النّخل في العام الواحد مرّتين فل يضمّ ل عندهم :إن أطلع الثّاني بعد جداد الوّل فل يضمّ وإلّ فيضمّ .وقال المالكيّة : .وفي قو ٍ يشترط للضّ ّم أن يزرع أحدها قبل استحقاق حصاد الخر وهو وقت وجوب الزّكاة فيه ، ويشترط أيضًا أن يبقى من حبّ الوّل إلى استحقاق حصاد الثّاني وإن لم يحصد ما يكمل به النّصاب ،أمّا لو أكل الوّل قبل وقت وجوب الزّكاة في الثّاني ،فل يضمّ الثّاني للوّل بل إن ن إلى ثالثٍ ،إن كان كان الثّاني نصابًا زكّي ،وإلّ فل .وكذا يضمّ زرع ثانٍ إلى أوّلٍ ،وثا ٍ فيه مع كلّ منهما خمسة أوسقٍ ،وهذا إن لم يخرج زكاة الوّلين حتّى يحصد الثّالث .وحيث ض فإنّه يخرج من كلّ صنفٍ بحسبه .وأطلق الحنابلة القول أنّ ضمّ أصنافًا بعضها إلى بع ٍ زرع العام الواحد يضمّ بعضه إلى بعضٍ إذا اتّفق الجنس ،وكذا ثمرة العام ،سواء كان الصل ممّا يحمل مرّتين في العام كالذّرة ،أو ل . - 104والمعتبر في قدر النّصاب اتّحاد المالك ،فإن كان الزّرع والثّمر مشتركًا ،أو مختلطًا ن المال فل زكاة فيه ما لم يبلغ ما يملكه المزكّي منه وحده نصابًا ،وذهب الشّافعيّة إلى أ ّ المشترك والمختلط يزكّى زكاة مالٍ واحدٍ فإن بلغ مجموعه نصابًا زكّي ،وإلّ فل .وينظر التّفصيل في مصطلح ( :خلطة ) .ول ترد هذه التّفريعات كلّها عند الحنفيّة لنّ النّصاب هنا غير معتبرٍ بل تجب الزّكاة عندهم في قليل الزّروع وكثيرها كما تقدّم . ب -نصاب ما له قشر ،وما ينقص كيله باليبس : - 105يرى الشّافعيّة والحنابلة أنّه تعتبر الوسق الخمسة بعد التّصفية في الحبوب ،وبعد الجفاف في الثّمار فلو كان له عشرة أوسقٍ من العنب ل يجيء منها بعد الجفاف خمسة أوسقٍ من الزّبيب فليس عليه فيها زكاة ،وذلك لنّ الجفاف هو وقت وجوب الخراج ،فاعتبر ب فصله من التّبن ومن القشر الّذي النّصاب بحال الثّمار وقت الوجوب .والمراد بتصفية الح ّ ب ييبس ويدّخر .أمّا إن كان ممّا ل يصلح ادّخاره إلّ في ل يؤكل معه .وهذا إن كان الح ّ
ب شبيه بالحنطة ،والرز في بعض البلد إذ قشره الّذي ل يؤكل معه كالعلس ،وهو ح ّ ن نصابه عشرة أوسقٍ اعتبارًا لقشره الّذي يخزّنونه بقشره ،فقد أطلق بعض الشّافعيّة القول بأ ّ ادّخاره فيه أصلح له .وقال الحنابلة وهو قول الشّيخ أبي حامدٍ من الشّافعيّة :يعتبر ما يكون صافيه نصابًا ،ويؤخذ الواجب منه بالقشر .وقال المالكيّة :بل يحسب في النّصاب قشر الرز والعلس الّذي يخزّنان به كقشر الشّعير فلو كان الرز مقشورًا أربعة أوسقٍ فإن كان بقشره خمسة أوسقٍ زكّي ،وإن كان أقلّ فل زكاة ،وله أن يخرج الواجب مقشورًا أو غير مقشورٍ ،وأمّا القشر الّذي ل يخزّن الحبّ به كقشر الفول العلى فيحتسب فيه الزّكاة مقدّر الجفاف . وقت وجوب الزّكاة في الحبّ والثّمر : - 106اختلف الفقهاء في الوقت الّذي تجب فيه زكاة الزّروع والثّمار .فذهب المالكيّة ما ب ،وطيب الثّمر والمن عدا ابن عرفة ،والشّافعيّة وأبو حنيفة إلى أنّها تجب بإفراك الح ّ ب طيبه واستغناؤه عن السّقي ،وإن بقي في الرض عليه من الفساد ،والمراد بإفراك الح ّ لتمام طيبه ،وطيب الثّمر نحو أن يزهي البسر ،أو تظهر الحلوة في العنب .قالوا :لنّ الحبّ باشتداده يكون طعامًا حقيقةً وهو قبل ذلك بقل ،والثّمر قبل بدوّ صلحه بلح وحصرم ، وبعد بد ّو صلحه ثمرة كاملة ،ولنّ ذلك وقت الخرص ،والمراد بالوجوب هنا انعقاد سبب ل بعد اليبس والجفاف .وذهب أبو يوسف من الحنفيّة وهو الوجوب ،ول يكون الخراج إ ّ قول ابن أبي موسى من الحنابلة وقول ابن عرفة من المالكيّة إلى أنّ الوجوب يتعلّق باليبس واستحقاق الحصاد .وذهب محمّد بن الحسن إلى أنّ الوجوب ل يثبت إلّ بحصاد الثّمرة وجعلها في الجرين .وقال الحنابلة :يثبت الوجوب ببدوّ الصّلح في الثّمر ،واشتداد الحبّ في الزّرع ،ويستقرّ الوجوب بجعل الثّمرة أو الزّرع في الجرين أو البيدر ،فلو تلف قبل استقرار الحبوب بجائحةٍ فل شيء عليه إجماعًا على ما قال ابن المنذر ونقله في شرح المنتهى عنه ،أمّا قبل ثبوت الوجوب فلو بيع النّخل أو الرض فل زكاة على البائع في الزّرع والثّمر ،ولو مات المالك قبل الوجوب فالزّكاة على الورثة إن بقي إلى وقت الوجوب وبلغ نصيب الوارث نصابًا ،وكذا إن أوصى بها ومات قبل الوجوب فل زكاة فيها ،ولو أكل من الثّمرة قبل الوجوب لم يحتسب عليه ما أكل ،ولو نقصت عن النّصاب بما أكل فل زكاة عليه .وأمّا بعد الوجوب فتلزمه الزّكاة وإن باع أو أوصى بها ،ول شيء على من ملكها بعد أن ثبت الوجوب .وذكر الحنابلة ممّا يتفرّع على ذلك أنّه ل زكاة على من حصل على نصابٍ من لقاط السّنبل أو أجرة الحصاد ،أو ما يأخذه من المباحات من الحبّ أو العفص والشنان ونحوها لنّه لم يملكها وقت الوجوب .
من تلزمه الزّكاة في حال اختلف مالك الغلّة عن مالك الرض : - 107إن كان مالك الزّرع عند وجوب الزّكاة فيه هو مالك الرض ،فالمر واضح ، فتلزمه الزّكاة .أمّا إن كان مالك الزّرع غير مالك الرض فلذلك صور : أ -الرض الخراجيّة : - 108أرض الصّلح الّتي أقرّت بأيدي أصحابها على أنّها لهم ولنا عليها الخراج ،متى أسلموا سقط خراجها ،ووجب عليهم في غلّتها الزّكاة ،فإن اشتراها من ال ّذ ّميّ مسلم فعليه الزّكاة فيها ،وأرض العنوة الّتي ملكها المسلمون وحيزت لبيت المال فهذه عليها الخراج اتّفاقًا ،سواء بقي من هي بيده على دينه أو أسلم أو باعها لمسلمٍ ; لنّه خراج بمعنى الجرة ، واختلف الفقهاء هل يجب في غلّتها إن كان صاحبها مسلمًا الزّكاة أيضًا ،فذهب الجمهور إلى ن الخراج يؤدّى أوّلًا ،ثمّ يزكّى ما بقي .وذهب الحنفيّة إلى أنّه ل زكاة في غلّة الرض أّ الخراجيّة ،وذلك لنّ الخراج مئونة الرض ،والعشر فيه معنى المئونة ،فل يجتمع عشر وخراج .والتّفصيل في مصطلح ( :خراج ) . ب -الرض المستعارة والمستأجرة : ن من استعار - 109ذهب جمهور الفقهاء ( المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة والصّاحبان ) إلى أ ّ ن الغلّة ملكه ،والعبرة في أرضًا أو استأجرها فزرعها ،فالزّكاة على المستعير والمستأجر ل ّ ن العشر على الزّكاة بملكيّة الثّمرة ل بملكيّة الرض أو الشّجر .وذهب أبو حنيفة إلى أ ّ ن الرض كما تستنمى بالزّراعة تستنمى بالجارة . المؤجّر ل ّ ل بالمزارعة أو المساقاة : ج -الرض الّتي تستغ ّ ن العشر في هاتين الحالتين على كلّ من - 110ذهب الحنابلة والصّاحبان من الحنفيّة إلى أ ّ ل بحسب نصيبه من الغلّة إن بلغ نصيبه نصابًا ،ومن كان نصيبه منهما أقلّ المالك والعامل ك ّ من نصابٍ فل عشر عليه ،ما لم يكن له من أرضٍ غيرها ما يكمّل به النّصاب .وهذا عند الحنابلة على الرّواية الّتي ل تجعل الخلطة مؤثّر ًة في زكاة الزّروع .أمّا على الرّواية الّتي تجعل الخلطة مؤثّرةً فيها ،فإذا بلغت غلّة الرض خمسة أوسقٍ يكون فيها الزّكاة فيؤخذ من كلّ من الشّريكين عشر نصيبه ،ما لم يكن أحدهما ممّن ل عشر عليه ،كالذّ ّميّ .وعند أبي حنيفة العشر في المزارعة على ربّ الرض ; لنّ المزارعة عنده فاسدة ،فالخارج منها له ،تحقيقًا أو تقديرًا .ويرى المالكيّة أنّه يجب إخراج زكاة الحائط ( البستان ) المساقى عليه من جملة الثّمرة إن بلغت نصابًا ،أو كان لربّ الحائط ما إن ضمّه إليها بلغت نصابًا ،ثمّ يقتسمان ما بقي ،ول بأس أن تشترط الزّكاة في حظّ ربّ الحائط أو العامل ; لنّه يرجع إلى
جزءٍ معلومٍ ساقاه عليه فإن لم يشترطا شيئًا فشأن الزّكاة أن يبدأ بها ثمّ يقتسمان ما بقي . ب الحائط فيجب ضمّها إلى ماله ن المساقاة تزكّى على ملك ر ّ وقال اللّخميّ نقلًا عن مالكٍ :إ ّ من ثمرٍ غيرها ،ويزكّي جميعها ولو كان العامل ممّن ل تجب عليه ،وتسقط إن كان ربّ الحائط ممّن ل تجب عليه والعامل ممّن تجب عليه . د -الرض المغصوبة : - 111ذهب الحنفيّة إلى أنّه لو غصب أرضًا عشريّ ًة فزرعها إن لم تنقصها الزّراعة فل عشر على ربّ الرض ،وإن نقصتها الزّراعة كان العشر على ربّ الرض .وقال قاضي خان :أرض خراجها وظيفة اغتصبها غاصب فإن كان الغاصب جاحدًا ول بيّنة للمالك إن لم يزرعها الغاصب فل خراج على أحدٍ ،وإن زرعها الغاصب ولم تنقصها الزّراعة ،فالخراج على الغاصب ،وإن كان الغاصب مقرّا بالغصب أو كان للمالك بيّنة ولم تنقصها الزّراعة فالخراج على ربّ الرض ،وإن نقصتها الزّراعة عند أبي يوسف الخراج على ربّ الرض قلّ النّقصان أو كثر ،كأنّه آجرها من الغاصب بضمان النّقصان .وعند مح ّمدٍ ينظر إلى الخراج والنّقصان فأيّهما كان أكثر كان ذلك على الغاصب إن كان النّقصان أكثر من الخراج ،فمقدار الخراج يؤدّيه الغاصب إلى السّلطان ويدفع الفضل إلى صاحب الرض ، وإن كان الخراج أكثر يدفع الكلّ إلى السّلطان ،ومن نصّهم هذا في الخراج يفهم مرادهم ممّا ن النّخل إذا غصبت ثمّ ردّت بعد أعوامٍ مع ثمرتها ، تقدّم في العشر .وذهب المالكيّة إلى أ ّ فإنّها تزكّى لكلّ عا ٍم بل خلفٍ إذا لم تكن زكّيت أي يزكّى ما يخرج منها إذا ردّ الغاصب ل سنةٍ نصاب ولم يردّ جميعه بل ردّ منه جميعها .فإن ردّ بعض ثمارها وكان حصل في ك ّ قدر نصابٍ فأكثر وكان بحيث لو قسم على سنين الغصب لم يبلغ كلّ سن ٍة نصابًا ففي زكاته ن زكاة الزّرع على مالك الرض إن تملّك الزّرع قبل وقت قولن .وصرّح الحنابلة بأ ّ الحصاد وبعد اشتداده ،وذلك لنّه يتملّكه بمثل بذره وعوض لواحقه ،فيستند ملكه إلى أوّل زرعه .أمّا إن حصد الغاصب الزّرع بأن لم يتملّكه ربّها قبل حصاده ،فزكاة الزّرع على الغاصب لستقرار ملكه عليه .ولم نجد للشّافعيّة نصّا في هذه المسألة . زكاة الزّرع والثّمر المأخوذين من الرض المباحة : - 112من أخذ من الرض المباحة ما في جنسه الزّكاة ،وبلغ نصابًا .فقد ذهب المالكيّة والحنابلة وأبو يوسف إلى أنّه ل زكاة عليه ،وهو لمن أخذه .قال الحنابلة :لكن لو زرع في ن ثمر الجبال والمفاوز فيه العشر ، أرضٍ مباح ٍة ففيه الزّكاة .وذهب أبو حنيفة ومحمّد إلى أ ّ
ك ولم إن حماه المام أي من أهل الحرب والبغاة وقطّاع الطّريق ،ولو كان الشّجر غير مملو ٍ ن المقصود النّماء ،وقد حصل بأخذه . يعالجه أحد ; ل ّ خرص الثّمار إذا بدا صلحها : - 113ذهب جمهور الفقهاء -خلفًا للحنفيّة -إلى أنّه ينبغي للمام إذا بدا صلح الثّمار أن يرسل ساعيًا يخرصها -أي يقدّر كم سيكون مقدارها بعد الجفاف -ليعرف قدر الزّكاة الواجبة على أصحابها ،وذلك لمعرفة حقّ الفقراء وأهل استحقاق الزّكاة ،وللتّوسعة على أهل الثّمار ليخلّي بينهم وبينها فيأكلوا منها رطبًا ثمّ يؤدّون الزّكاة بحساب الخرص المتقدّم ، وذلك عند جفاف الثّمر .ولمعرفة مؤهّلت الخارص ،وما يراعيه عند الخرص ،ومعرفة ما يخرص من الغلل وما ل يخرص ،وسائر أحكام الخرص ينظر مصطلح ( :خرص ) . الحيل لسقاط الزّكاة : ن المالك - 114اختلف الفقهاء في حكم التّحيّل لسقاط الزّكاة :فذهب الحنفيّة والشّافعيّة إلى أ ّ إن فعل ما تسقط به الزّكاة عنه ولو بنيّة الفرار منها سقطت ،ومثّل له ابن عابدين بمن وهب النّصاب قبل الحول بيومٍ ،ثمّ رجع في هبته بعد الحول ،وكذا لو وهبه أثناء الحول ثمّ رجع أثناء الحول لنقطاع الحول بذلك ،وكذا لو وهب النّصاب لبنه ،أو استبدل نصاب السّائمة بآخر .ثمّ قال أبو يوسف :ل يكره ذلك لنّه امتناع عن الوجوب ،ل إبطال لحقّ الغير ، وقال محمّد :يكره لنّ فيه إضرارًا بالفقراء وإبطال حقّهم مآلًا .والفتوى على قول محمّدٍ عند الحنفيّة .وعند الشّافعيّة :الفرار مكروه في المعتمد ،وقال الغزاليّ :حرام ول تبرأ به ال ّذمّة في الباطن .وذهب المالكيّة والحنابلة والوزاعيّ وابن الماجشون وإسحاق وأبو عبيدٍ وهو ما نقله القاضي ابن كجّ من الشّافعيّة -إلى تحريم التّحيّل لسقاط الزّكاة ،ولو فعل لمتسقط ،كمن أبدل النّصاب من الماشية بغير جنسه فرارًا من الزّكاة ،أو أتلف أو استهلك جزءًا من النّصاب عند قرب الحول ..ولو فعل ذلك في أوّل الحول لم تجب الزّكاة ; لنّ ذلك ليس بمظنّة الفرار من الزّكاة .واستدلّوا بما ذكره اللّه تعالى في سورة القلم من قصّة أصحاب الجنّة ،وقوله فيها { :فطاف عليها طائف من ربّك وهم نائمون فأصبحت كالصّريم } فعاقبهم اللّه تعالى على تحيّلهم لسقاط حقّ الفقراء ،فتؤخذ معاقبةً للمحتال بنقيض قصده ، قياسًا على منع ميراث القاتل ،وتوريث المطلّقة في مرض الموت .والّذي يؤخذ منه على ما بيّنه المالكيّة هو زكاة المبدل ،ول تؤخذ منه زكاة البدل إن كانت أكثر لنّها لم تجب . قدر المأخوذ في زكاة الزّروع والثّمار :
- 115يؤخذ في زكاة الزّروع والثّمار عشر الخارج أو نصف عشره .فالعشر اتّفاقًا فيما سقي بغير كلف ٍة ،كالّذي يشرب بماء المطر أو بماء النهار سيحًا ،أو بالسّوّاقي دون أن يحتاج إلى رفعه غرفًا أو بآل ٍة ،أو يشرب بعروقه ،وهو ما يزرع في الرض الّتي ماؤها قريب من وجهها تصل إليه عروق الشّجر فيستغني عن السّقي .ويجب فيما يسقى بكلفةٍ نصف العشر ،سواء سقته النّواضح أو سقي بالدّوالي ،أو السّواني أو الدّواليب أو النّواعير أو غير ذلك .وكذا لو مدّ من النّهر ساقيّ ًة إلى أرضه فإذا بلغها الماء احتاج إلى رفعه بالغرف أو بآل ٍة .والضّابط لذلك أن يحتاج في رفع الماء إلى وجه الرض إلى آلةٍ أو عملٍ . واستدلّ لذلك بقول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :فيما سقت السّماء والعيون أو كان عثريّا العشر ،وما سقي بالنّضج نصف العشر } والحكمة في تقليل القدر الواجب فيما فيه عمل أنّ للكلفة أثرًا في تقليل النّماء .ولو احتاجت الرض إلى ساقٍ يسقيها بماء النهار أو المطار ، ويحوّل الماء من جهةٍ إلى جهةٍ ،أو احتاجت إلى عمل سواقٍ أو حفر أنهارٍ لم يؤثّر ذلك في تقليل النّصاب .وإن سقيت الرض نصف الوقت بكلفةٍ ونصفها بغير كلفةٍ فالزّكاة ثلثة أرباع العشر اتّفاقًا ،وإن سقيت بأحدهما أكثر من الخر فالجمهور على اعتبار الكثر ، ويسقط حكم القلّ ،وقيل :يعتبر كلّ منهما بقسطه . ما يطرح من الخارج قبل أخذ العشر أو نصفه : - 116ذهب الحنفيّة إلى أنّ العشر أو نصفه على التّفصيل المتقدّم يؤخذ من كلّ الخارج ،فل يطرح منه البذر الّذي بذره ول أجرة العمّال أو كري النهار أو أجرة الحافظ ونحو ذلك بل ن النّبيّ صلى ال عليه وسلم حكم بتفاوت الواجب لتفاوت المؤنة ، يجب العشر في الكلّ ،ل ّ ولو رفعت المؤنة لكان الواجب بنفس المقدار ،واستظهر الصّيرفيّ أنّ الواجب إن كان جزءًا ن النّفقة على من الخارج فإنّه يجعل كالهالك وتجب الزّكاة في الباقي .وذهب الحنابلة إلى أ ّ الزّرع إن كانت دينًا يسقطها مالكه منه قبل احتساب العشر ،قال أحمد :من استدان ما أنفق على زرعه واستدان ما أنفق على أهله ،احتسب ما أنفق على زرعه دون ما أنفق على أهله .قالوا :وذلك لنّه من مؤنة الزّرع ،فالحاصل في مقابلته يجب صرفه إلى غيره ،فكأنّه لم يحصل ،وهذا بخلف سائر الدّيون فإنّها ل تسقط من الحاصل لنّه من الموال الظّاهرة على المشهور عند الحنابلة كما تقدّم .وشبيه بمؤنة الزّرع عند الحنابلة خراج الرض فإنّه يؤخذ من الغلّة قبل احتساب الزّكاة فيها .ولم نجد للمالكيّة والشّافعيّة كلمًا في هذه المسألة . ما يلزم المالك فعله قبل إخراج القدر الواجب :
- 117يؤخذ القدر الواجب من الغلّة بعد التّجفيف في الثّمار والتّصفية في الحبوب ; لنّه أوان الكمال وحال الدّخار ،والمؤنة على الثّمرة إلى حين الخراج لزمة لربّ المال ،لنّه في حقّ الغلّة ،كالحفظ في حقّ الماشية ،ول يحقّ للسّاعي أخذه رطبًا .ولو أخرج ربّ المال العشر رطبًا لم يجزئه .نصّ على ذلك الحنابلة .ويستثنى من ذلك أحوال :منها :أن يضطرّ إلى قطع الثّمرة قبل كمالها خوفًا من العطش ،أو إلى قطع بعضها ،فيجوز له ذلك ، ومثل ذلك أن يكون قطعها رطبةً أنفع وأصلح .ومنها :أن يكون الثّمر ممّا ل يجفّ بل يؤكل رطبًا كبعض أنواع العنب والتّمر والفول ونحوها ،فتجب فيه الزّكاة حتّى عند من قال بأنّ من شرط ما يزكّى الدّخار ،وذلك لنّه يدّخر من حيث الجملة .وفي كلتا الحالتين : ب المال فعليه القيمة ويجوز إخراج قدر الزّكاة يجوز أخذ حقّ الفقراء رطبًا ،وإن أتلفها ر ّ من الجنس جافّا إن شاء ربّ المال .وقيل :يجب في ذمّته العشر جافّا ولو بأن يشتريه . وقال المالكيّة :يجب عشر الثّمن إن بيع وإلّ فالقيمة .والزّيتون عند من قال تؤخذ منه الزّكاة ،إن كان من الزّيتون الّذي يعصر منه الزّيت يؤخذ العشر من زيته بعد عصره ،ولو كان زيته قليلًا ; لنّه هو الّذي يدّخر فهو بمثابة التّجفيف في سائر الثّمار .وإن كان يدّخر حبّا ، ب خمسة أوسقٍ .وهذا مذهب المالكيّة والحنابلة .قال مالك :إذا فيؤخذ عشره حبّا إذا بلغ الح ّ بلغ الزّيتون خمسة أوسقٍ أخذ الخمس من زيته بعد أن يعصر .وذهب أبو حنيفة إلى أنّه يخرج العشر منه حبّا على كلّ حالٍ . زكاة العسل والمنتجات الحيوانيّة : - 118ذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أنّ العسل تؤخذ منه الزّكاة ،واحتجّ لهم بما روى عمرو ن رسول اللّه صلى ال عليه وسلم { كان يؤخذ في زمانه من بن شعيبٍ عن أبيه عن جدّه أ ّ قرب العسل من عشر قرباتٍ قربة من أوسطها } .وورد أنّ أبا سيّارة المتعيّ قال { :قلت : يا رسول اللّه إنّ لي نحلًا ،قال :أدّ العشر ،قلت :يا رسول اللّه :احمها لي .فحماها له } .وأخذ عمر من العسل العشر .وذهب المالكيّة والشّافعيّة إلى أنّ العسل ل زكاة فيه .قال ابن المنذر :ليس في وجوب الصّدقة في العسل خبر يثبت .ثمّ ذهب الحنفيّة إلى أنّه يشترط ن الخراجيّة يؤخذ منها الخراج ، أمران :الوّل :أن ل يكون النّحل في أرضٍ خراجيّةٍ ; ل ّ ول يجتمع عندهم عشر وخراج كما تقدّم .الثّاني :إن كان النّحل في أرض مفاز ٍة أو جبلٍ ل إن حفظه المام من اللّصوص وقطّاع الطّرق ،وقال أبو يوسف ك فل زكاة فيه إ ّ غير مملو ٍ ل إن كانت الرض مملوكةً . :ل زكاة إ ّ
نصاب العسل 118 ( :م ) -قال الحنابلة :نصابه عشرة أفراقٍ ( والفرق مكيال يسع 16
رطلًا عراقيّا من القمح ) .وقيل :عندهم النّصاب ألف رطلٍ .وقال محمّد :خمسة أفراقٍ . ص الحنفيّة والحنابلة وقال أبو حنيفة :تجب الزّكاة في قليله وكثيره .أمّا ما عدا العسل فقد ن ّ والشّافعيّة على أنّه ل زكاة في الحرير ودودة القزّ .وقال الشّافعيّة والحنابلة :لنّه ليس ص ول في معنى المنصوص .وأضاف صاحب مطالب أولي النّهى :الصّوف بمنصو ٍ والشّعر واللّبن ،وذكر الشّافعيّ ممّا ل زكاة فيه أيضًا :المسك ونحوه من الطّيب . زكاة الخارج من الرض غير النّبات : - 119قد يستخرج من الرض غير النّبات الذّهب أو الفضّة أو غيرهما من المعادن الّتي ل ذلك قد تنطبع كالنّحاس والحديد والزّئبق أو ل تنطبع كالنّفط والقار والفحم وغيرها .وك ّ يكون مخلوقًا في الرض بفعل اللّه تعالى ،أو يكون ممّا وضعه فيها الدميّون كالكنوز الّتي يضعها أهلها في الرض ثمّ يبيدون وتبقى فيها .ويرى الحنفيّة أنّ اسم ( الرّكاز ) شامل لكلّ ذلك ،ويرى الحنابلة أنّ اسم الرّكاز خاصّ بما هو مركوز في الرض خلقةً ،ويؤخذ الخمس من ذلك أو ربع العشر على اختلفٍ وتفصيلٍ عند الفقهاء ،وقد اختلفوا فيما يؤخذ أهو زكاة تصرف في مصارفها أم فيء يصرف في مصارفه .ولمعرفة كلّ ذلك تنظر المصطلحات : ( ركاز ،كنز ،معدن ) . زكاة المستخرج من البحار : - 120ذهب جمهور العلماء الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة وهي إحدى روايتين عن أحمد وهو قول أبي عبيدٍ وأبي ثورٍ إلى أنّ المستخرج من البحر من اللّؤلؤ والعنبر والمرجان ونحوها ل شيء فيه من زكاةٍ أو خمسٍ ،لما روي عن ابن عبّاسٍ :ليس في العنبر شيء ،إنّما هو شيء ألقاه البحر وروي مثله عن جابرٍ ،ولنّه قد كان يستخرج على عهد النّبيّ صلى ال عليه وسلم وخلفائه فلم يأت فيه سنّة عنه ول عنهم .وفي روايةٍ عن أحمد وهو قول أبي ن ابن عبّاسٍ قال في العنبر يوسف :فيه الزّكاة ،لنّه يشبه الخارج من معدن البرّ .وروي أ ّ :إن كان فيه شيء ففيه الخمس ،وكتب يعلى بن أميّة إلى عمر بن الخطّاب رضي ال عنه في عنبرةٍ وجدها على ساحل البحر فاستشار الصّحابة ،فأشاروا أن يأخذ منها الخمس . فكتب عمر إليه بذلك .وروي مثل ذلك عن الحسن والزّهريّ .وعن عمر بن عبد العزيز أنّه أخذ من العنبر الخمس .وأمر عمر بن عبد العزيز عامله بعمان أن يأخذ من السّمك الزّكاة إذا بلغ ثمنه مائتي درهمٍ .وقال المالكيّة :ما خرج من البحر كعنب ٍر إن لم يتقدّم عليه ملك
فهو لواجده ول يخمّس كالصّيد ،فإن كان تقدّم عليه ملك فإن كان لجاهليّ أو شكّ فيه فركاز ،وإن كان لمسلمٍ أو ذمّيّ فلقطة . القسم الثّالث إخراج الزّكاة : - 121من وجبت عليه الزّكاة إمّا أن يخرجها بإعطائها مباشر ًة إلى الفقراء وسائر المستحقّين ،وإمّا أن يدفعها إلى المام ليصرفها في مصارفها .ونذكر هنا الحكام المتعلّقة بالخراج وخاصّةً الخراج المباشر إلى الفقراء .ال ّنيّة عند أداء الزّكاة : ن ال ّنيّة شرط فيها عند عامّة - 122الزّكاة فريضة من فرائض العبادات ،كالصّلة ،ولذلك فإ ّ العلماء .وروي عن الوزاعيّ عدم اشتراط ال ّنيّة فيها لنّها دين على صاحبها ،وأداء الدّين ل يفتقر إلى نيّةٍ .واستدلّ الجمهور بقول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :إنّما العمال بال ّنيّات ن إخراج المال للّه يكون فرضًا ويكون نفلًا ،فافتقرت ل امرئٍ ما نوى } .ول ّ وإنّما لك ّ الفريضة إلى ال ّنيّة لتمييزها عن النّفل ،وقياسًا على الصّلة .ومعنى ال ّنيّة المشترطة في ن ما يخرجه هو الزّكاة الواجبة عليه في ماله ،وإن كان يخرج عمّن الزّكاة أن يقصد بقلبه أ ّ تحت يده من صبيّ أو مجنونٍ أن يقصد أنّها الزّكاة الواجبة عليهما .ويعتبر أن يكون النّاوي مكلّفًا ; لنّها فريضة .وينوي عند دفعها إلى المام أو إلى مستحقّها ،أو قبل الدّفع بقليلٍ . فإن نوى بعد الدّفع لم يجزئه على ما صرّح به المالكيّة والشّافعيّة .أمّا عند الحنفيّة فالشّرط مقارنة ال ّنيّة للداء ولو حكمًا ،كما لو دفع بل نيّ ٍة ثمّ نوى والمال ل يزال قائمًا في ملك الفقير بخلف ما إذا نوى بعدما استهلكه الفقير أو باعه فل تجزئ عن الزّكاة .وقال الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة :إن عزل الزّكاة عن ماله ونوى عند العزل أنّها زكاة كفى ذلك ،ولو لم ن الدّفع يتفرّق ،فيتحرّج باستحضار ال ّنيّة عند كلّ دفعٍ ، ينو عند الدّفع ،قال ابن عابدين :ل ّ فاكتفي بذلك ،للحرج .وإن دفع الزّكاة إلى وكيله ناويًا أنّها زكاة كفى ذلك ،والفضل أن ينوي الوكيل أيضًا عند الدّفع إلى المستحقّين أيضًا ول تكفي نيّة الوكيل وحده .ولو دفع النسان كلّ ماله إلى الفقراء تط ّوعًا بعد ما وجبت فيه الزّكاة ،لم تسقط عنه الزّكاة ،بل تبقى في ذمّته ،وبهذا قال الشّافعيّة والحنابلة لنّه لم ينو الفرض .وقال الحنفيّة :تسقط عنه الزّكاة في هذه الحال استحسانًا لنّه لمّا أدّى الكلّ زالت المزاحمة بين الجزء المؤدّى وسائر الجزاء ل للّه تعالى تحقّق أداء الجزء الواجب .ول يجب تعيين المال المخرج عنه ،لكن ،وبأداء الك ّ لو عيّنه تعيّن .فلو أخرج الزّكاة ونوى عن ماله الغائب الّذي ل يعلم سلمته جاز ،لنّ الصل بقاؤه ثمّ إن تبيّنت سلمته أجزأه ،وإن تبيّن تلفه لم يجز أن يصرف الزّكاة إلى مالٍ آخر ،وإن نوى عن مالي الغائب أو الحاضر ،فتبيّن تلف الغائب أجزأت عن الحاضر ،وإن
نوى بالمخرج أن يكون زكاة المال الموروث الّذي يشكّ في موت مورثه لم تجزئه ،لنّه متردّد والصل عدم الموت .ول يشترط علم آخذ الزّكاة أنّها زكاة . ال ّنيّة عند أخذ السّلطان الزّكاة : - 123إن أخذ السّلطان أو نوّابه الزّكاة من الممتنع عن أدائها قهرًا ،وبمنزلة الممتنع قهرًا ل تؤخذ منه الزّكاة ،والسير ،ومن يتعذّر الوصول إليه ،على ما صرّح به من غيّب ماله لئ ّ شارح المنتهى ،فقد اختلف الفقهاء في ذلك .فقال الشّافعيّة في الصحّ وهو قول عند الحنابلة :إن أخذ السّلطان الزّكاة من الممتنع قهرًا ونوى عند الخذ أو عند التّفريق ،أجزأت عن ن تعذّر ال ّنيّة في حقّه أسقط وجوبها عنه ،كالصّغير والمجنون ، الممتنع ظاهرًا وباطنًا ،ل ّ والسّلطان له ولية على المالك .وأطلق المالكيّة القول بإجزائها ،وظاهره إجزاؤها ظاهرًا وباطنًا .وقال القاضي من الحنابلة :إذا أخذها السّلطان أجزأت من غير نيّ ٍة سواء أخذها طوعًا أو كرهًا ،لنّ أخذ المام لها بمنزلة القسم بين الشّركاء ،لنّه وكيل الفقراء ; ولنّ للسّلطان ولي ًة عا ّمةً ،وبدليل أنّه يأخذها من الممتنع اتّفاقًا ،ولو لم يجزئه لما أخذها ،أو لخذها ثانيةً وثالث ًة ،حتّى ينفد ماله .وفي قول أبي الخطّاب وابن عقيلٍ من الحنابلة :إن أخذها المام قهرًا أجزأت ظاهرًا ،فل يطالب بها ،ول تجزئ باطنًا ،لنّها عبادة ،فل تجزئ عمّن وجبت عليه بغير نّيةٍ ،كالصّلة ،وأخذ المام لها يسقط المطالبة بها ل غير . تعجيل الزّكاة عن وقت الوجوب : - 124ذهب جمهور الفقهاء ومنهم الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة وأبو عبيدٍ وإسحاق ،إلى أنّه يجوز للمزكّي تعجيل إخراج زكاة ماله قبل ميعاد وجوبها ،لما ورد { أنّ العبّاس سأل رسول اللّه صلى ال عليه وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحلّ ،فرخّص له في ذلك .وقال النّبيّ ن الشّافعيّة صلى ال عليه وسلم لعمر :إنّا قد أخذنا زكاة العبّاس عام الوّل للعام } .إلّ أ ّ قالوا :يجوز التّعجيل لعامٍ واحدٍ ول يجوز لعامين في الصحّ لنّ زكاة العام الثّاني لم ينعقد حولها .واشترطوا لجواز ذلك أن يكون النّصاب موجودًا ،فل يجوز تعجيل الزّكاة قبل ن النّصاب سبب وجوب الزّكاة ،والحول شرطها ول وجود النّصاب ،بغير خلفٍ ،وذلك ل ّ يقدّم الواجب قبل سببه ،ويجوز تقديمه قبل شرطه ،كإخراج كفّارة اليمين بعد الحلف وقبل الحنث ،وكفّارة القتل بعد الجرح وقبل الزّهوق .وتوسّع الحنفيّة فقالوا :إن كان مالكًا ن اللّاحق تابع للحاصل .والشّافعيّة أجازوا ب كثيرةٍ ل ّ ب واحدٍ جاز أن يعجّل زكاة نص ٍ لنصا ٍ ن النّصاب فيها عندهم مشترط في آخر الحول فقط ل في أوّله ول في ذلك في مال التّجارة ل ّ أثنائه .وقال الحنابلة :إن ملك نصابًا فقدّم زكاته وزكاة ما قد يستفيده بعد ذلك فل يجزئه
عندهم .وقال الحنفيّة ،وهو المعتمد عند الشّافعيّة :إن قدّم زكاته وزكاة ما قد ينتج منه ،أو يربحه منه ،أجزأه لنّه تابع لما هو مالكه الن .وذهب المالكيّة إلى أنّه إن أخرج زكاة ح ولم تجزئ عنه .وكذا الثّمار أو الزّروع قبل الوجوب ،بأن دفع الزّكاة من غيرها لم يص ّ ل تجزئ زكاة الماشية إن قدّمها وكان هناك ساعٍ يأتي لقبضها فأخرجها قبل قدومه .أمّا زكاة العين والماشية الّتي ليس لها ساعٍ فيجوز تقديمها في حدود شه ٍر واحدٍ ل أكثر ،وهذا على سبيل الرّخصة ،وهو مع ذلك مكروه والصل عدم الجزاء لنّها عبادة موقوتة بالحول . تأخير إخراج الزّكاة عن وقت وجوبها : - 125ذهب جمهور العلماء ( الشّافعيّة والحنابلة وهو المفتى به عند الحنفيّة ) إلى أنّ الزّكاة متى وجبت ،وجبت المبادرة بإخراجها على الفور ،مع القدرة على ذلك وعدم الخشية من ن اللّه تعالى أمر بإيتاء الزّكاة ،ومتى تحقّق وجوبها توجّه المر على ضررٍ .واحتجّوا بأ ّ المكلّف بها ،والمر المطلق يقتضي الفور عندهم ; ولنّه لو جاز التّأخير لجاز إلى غير غايةٍ فتنتفي العقوبة على التّرك ; ولنّ حاجة الفقراء ناجزة ،وحقّهم في الزّكاة ثابت ،فيكون تأخيرها منعًا لحقّهم في وقته .وسئل أحمد :إذا ابتدأ في إخراجها فجعل يخرجها أوّلًا فأوّلًا ؟ قال :ل ،بل يخرجها كلّها إذا حال الحول .وقال :ل يجري على أقاربه من الزّكاة كلّ شهرٍ ،أي مع التّأخير .ثمّ قال الشّافعيّة والحنابلة :ويجوز التّأخير لعذرٍ .وممّا ذكره الشّافعيّة من العذار :أن يكون المال غائبًا فيمهل إلى مضيّ زمنٍ يمكن فيه إحضاره ،وأن يكون بإخراجها أمر مه ّم دينيّ أو دنيويّ ،وأن ينتظر بإخراجها صالحًا أو جارًا .وممّا ذكره الحنابلة أن يكون عليه مضرّة في تعجيل الخراج ،مثل من يحول عليه الحول قبل مجيء السّاعي ،ويخشى إن أخرجها بنفسه أخذها السّاعي منه مرّةً أخرى .وكذا إن خشي في ن مثل ذلك يجوز تأخير دين الدميّ لجله ، إخراجها ضررًا في نفسه أو مالٍ له سواها ،ل ّ فدين اللّه أولى .وذهب المالكيّة إلى أنّ الحاضر يجب عليه أن يخرج زكاة ما حضر من ماله وما غاب دون تأخيرٍ مطلقًا ،ولو دعت الضّرورة لصرف ما حضر ،بخلف المسافر فله التّأخير إن دعته الضّرورة أو الحاجة لصرف ما معه في نفقته .والقول الخر للحنفيّة ، ي وقتٍ أدّى يكون ن افتراض الزّكاة عمريّ ،أي على التّراخي ففي أ ّ وعليه عامّة مشايخهم أ ّ مؤ ّديًا للواجب ،ويتعيّن ذلك الوقت للوجوب ،وإذا لم يؤدّ إلى آخر عمره يتضيّق عليه ن من عليه الزّكاة إذا هلك الوجوب حتّى لو لم يؤدّ يأثم إذا مات .واستدلّ له الجصّاص بأ ّ نصابه بعد تمام الحول والتّمكّن من الداء ل يضمن ،ولو كانت على الفور لضمن ،كمن أخّر صوم رمضان عن وقته فإنّ عليه القضاء .
حكم من ترك إخراج الزّكاة حتّى مات : - 126من ترك الزّكاة الّتي وجبت عليه ،وهو متمكّن من إخراجها ،حتّى مات ولم يوص بإخراجها أثم إجماعًا .ثمّ ذهب جمهور الفقهاء منهم مالك والشّافعيّ ،وأحمد ،وإسحاق ، وأبو ثو ٍر ،وابن المنذر ،وهو مرويّ عن عطاءٍ ،والحسن ،والزّهريّ إلى أنّ من مات وعليه زكاة لم يؤدّها فإنّها ل تسقط عنه بالموت كسائر حقوق اللّه تعالى الماليّة ،ومنها الحجّ ل ماله والكفّارات ،ويجب إخراجها من ماله سواء أوصى بها أو لم يوص ،وتخرج من ك ّ ن الثّلث يكون فيما لنّها دين للّه ،فتعامل معاملة الدّين ،ول تزاحم الوصايا في الثّلث ; ل ّ بعد الدّين .واستدلّوا بأنّه حقّ واجب في المال ،فلم تسقط بالموت كدين الدميّ .ثمّ قال الشّافعيّة :إذا اجتمع دين اللّه مع دين الدميّ يقدّم دين اللّه لحديث { دين اللّه أحقّ أن يقضى } .وقيل :يقدّم دين الدميّ ،وقيل :يستويان .وذهب الوزاعيّ واللّيث إلى أنّها تؤخذ من الثّلث مقدّمةً على الوصايا ول يجاوز بها الثّلث .وذهب أبو حنيفة والثّوريّ والنّخعيّ والشّعبيّ إلى أنّ الزّكاة تسقط بالموت بمعنى أنّها ل يجب إخراجها من تركته ،فإن كان قد أوصى بها فهي وصيّة تزاحم سائر الوصايا في الثّلث ،وإن لم يوص بها سقطت ، لنّها عبادة من شرطها ال ّنيّة ،فسقطت بموت من هي عليه كالصّلة والصّوم ،فإن أخرجها الورثة فهي صدقة تط ّوعٍ منهم .ويستثنى من هذا عند الحنفيّة في ظاهر الرّواية عشر الخارج من الرض ،فيؤخذ من تركة الميّت لنّه عندهم في معنى مئونة الرض .وفي رواي ٍة :بل يسقط أيضًا .ثمّ عند المالكيّة تخرج زكاة فرّط فيها من رأس ماله إن تحقّق أنّه لم يخرجها ،أمّا إن كان ذلك بمجرّد إقراره في مرض موته وأشهد على بقائها في ذمّته ، وأوصى بإخراجها فهي من الثّلث ،وإلّ فل تخرج أصلًا .وأمّا زكاة عام موته فإن اعترف بحلولها وأوصى بإخراجها أخرجت من رأس المال . تراكم الزّكاة لسنين : - 127إذا أتى على المكلّف بالزّكاة سنون لم يؤدّ زكاته فيها وقد تمّت شروط الوجوب ،لم يسقط عنه منها شيء اتّفاقًا ،ووجب عليه أن يؤدّي الزّكاة عن كلّ السّنين الّتي مضت ولم يخرج زكاته فيها .ولكن اختلف الفقهاء في أنّه هل يسقط من المال قدر زكاته للسّنة الولى ل السّنين ؟ . ويزكّي في الثّانية ما عداه ،وهكذا في الثّالثة وما بعدها ،أم يزكّي كلّ المال لك ّ قال ابن قدامة :فائدة الخلف :أنّها إذا كانت في ال ّذمّة فحال على ماله حولن لم يؤدّ زكاتهما وجب عليه أداؤها لما مضى ،ول تنقضي عنه الزّكاة في الحول الثّاني ،وكذلك إن كان أكثر من نصابٍ لم تنقص الزّكاة ،وإن مضى عليه أحوال ،فلو كان عنده أربعون شاةً
مضى عليها ثلثة أحوالٍ لم يؤدّ زكاتها وجب عليه ثلث شياهٍ ،وإن كانت مائة دينارٍ ،فعليه ن الزّكاة وجبت في ذمّته فلم يؤثّر في تنقيص النّصاب ،لكن إن لم سبعة دنانير ونصف ; ل ّ يكن له مال آخر يؤدّي الزّكاة منه احتمل أن تسقط الزّكاة في قدرها ; لنّ الدّين يمنع وجوب الزّكاة .وإن قلنا :الزّكاة تتعلّق بالعين ،وكان النّصاب ممّا تجب الزّكاة في عينه فحالت عليه أحوال لم تؤدّ زكاتها تعلّقت الزّكاة في الحول الوّل من النّصاب بقدرها ،فإن كان ن النّصاب نقص فيه ،وإن كان نصابًا ل زيادة عليه فل زكاة فيه فيما بعد الحول الوّل ; ل ّ أكثر من نصابٍ عزل قدر فرض الحول الوّل ،وعليه زكاة ما بقي .وهذا هو المنصوص عن أحمد في رواية جماعة . ك هل أدّى الزّكاة أم لم يؤدّها : حكم من ش ّ ن من شكّ هل أدّى زكاته أو ل يجب عليه أن - 128تعرّض لهذه المسألة الحنفيّة :فقالوا :إ ّ يزكّي بخلف ما لو شكّ بعد الوقت أنّه هل صلّى أم ل ،ل يعيد .قالوا :لنّ وقت الزّكاة ل ك في الصّلة في الوقت .وقواعد المذاهب شكّ فيها كالشّ ّ آخر له ،بل هو العمر ،فال ّ شكّ . ن اليقين ل يزول بال ّ الخرى تقتضي مثل ذلك فإ ّ ( صور إخراج الزّكاة ) : - 129الزّكاة إمّا أن تخرج من أعيان المال وهو الصل في غير زكاة العروض التّجاريّة ن الواجب في زكاة عروض التّجارة وقد تقدّم .وإمّا أن تخرج القيمة .ذهب الجمهور إلى أ ّ إخراج القيمة ،ول يجزئ إخراج شي ٍء من أعيان العروض عندهم ،خلفًا للحنفيّة القائلين بالجواز .ويجزئ إخراج الذّهب عن الفضّة بالقيمة وعكسه ،وهو مذهب الحنفيّة والمالكيّة ، ورواية عند الحنابلة رجّحها ابن قدامة .وذلك لنّ المقصود من هذين الجنسين الثّمنيّة ، والتّوسّل بها إلى المقاصد ،وذلك موجود في الجنسين جميعًا ،ومن هنا فرّق من فرّق بينهما ن لكلّ جنسٍ مقصودًا مختصّا به ل يحصل بالجنس الخر .ولنّ وبين سائر الجناس ،فإ ّ إخراج القيمة هنا قد يكون أرفق بالخذ والمعطي .وقد يندرئ به الضّرر عنهما ،فإنّه لو تعيّن إخراج زكاة الدّنانير منها شقّ على من يملك أقلّ من أربعين دينارًا ذهبًا إخراج جزءٍ من دينارٍ ،لنّه يحتاج إلى قطعه أو بيعه أو مشاركة الفقير له فيه ،وفي كلّ ذلك ضرر ، قال ابن قدامة :وعلى هذا ل يجوز البدال في موضعٍ يلحق فيه الفقير ضرر .وأضاف ل من الذّهب والفضّة . المالكيّة على المشهور عندهم جواز إخراج الفلوس عن ك ّ - 130وأمّا ما عدا ذلك كزكاة المواشي والزّروع وإخراج زكاة الذّهب أو الفضّة عن غيرهما أو العكس ،فقد اختلف الفقهاء في إخراج القيمة على مذاهب :فذهب الجمهور
( الشّافعيّة ،والمالكيّة على قولٍ ،والحنابلة في روايةٍ وهي المذهب ) إلى أنّه ل يجوز إخراج القيم في الزّكاة ،واستثنى بعض أصحاب هذا القول نحو إخراج بنت لبونٍ عن بنت مخاضٍ .واحتجّوا بحديث { في أربعين شا ٍة شاة ،وفي مائتي درهمٍ خمسة دراهم } فتكون الشّاة المذكورة والدّراهم المذكورة هي المأمور بها ،والمر يقتضي الوجوب .واحتجّوا أيضًا بما في حديث كتاب أبي بكرٍ { هذه الصّدقة الّتي فرضها رسول اللّه صلى ال عليه وسلم على المسلمين وأمر بها أن تؤدّى ،وكان فيه :في خمسٍ وعشرين من البل بنت ن ذكر } وهذا يدلّ على أنّه أراد عينها .وبحديث معاذٍ أنّ مخاضٍ ،فإن لم تكن فابن لبو ٍ النّبيّ صلى ال عليه وسلم بعثه إلى اليمن فقال { خذ الحبّ من الحبّ ،والشّاة من الغنم ، والبعير من البل ،والبقرة من البقر } .قالوا :ولنّ الزّكاة فرضت دفعًا لحاجة الفقير ، وحاجاته متنوّعة ،فينبغي أن يتنوّع الواجب ليتنوّع ما يصل إليه ،ووجبت شكرًا لنعمة المال ،ويحصل ذلك بالمواساة ممّا أنعم اللّه به عليه .ولنّ الزّكاة قربة للّه تعالى وما كان كذلك ي صلى ال عليه وسلم .وذهب الحنفيّة ،وهو فسبيله التّباع ،ولو جازت القيمة لبيّنها النّب ّ ن إخراج القول المشهور عند المالكيّة ،والرّواية الخرى عند الحنابلة وقول الثّوريّ إلى أ ّ القيمة جائز ،وروي ذلك عن عمر بن عبد العزيز .لكن قال المالكيّة :يجوز ،ويجزئ مع ج القائلون الكراهة ; لنّه من قبيل شراء النسان الصّدقة الّتي أخرجها للّه تعالى .واحت ّ ن معاذًا قال لهل اليمن :ائتوني بعرض ثيابٍ آخذه منكم مكان بإجزاء القيمة ،بما روي أ ّ الذّرة والشّعير ،فإنّه أهون عليكم ،وخير للمهاجرين بالمدينة .وقال عطاء « :كان عمر بن ن الغرض منها الخطّاب رضي ال عنه يأخذ العروض في الصّدقة من الدّراهم أي عنها ; ول ّ ن حاجاته مختلفة ،وبالقيمة يحصّل ما شاء من سدّ خلّة المحتاج ،وذلك معنًى معقول ; ول ّ ن القيمة مجزئة فيها اتّفاقًا ،والغرض منها كفاية المقاتلة ، حاجاته .وقياسًا على الجزية فإ ّ س المرفوع { من بلغت عنده من ومن الزّكاة كفاية الفقير .واحتجّوا أيضًا بما في حديث أن ٍ البل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقّة فإنّها تؤخذ منه الحقّة ،ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له ،أو عشرين درهمًا } .قال ابن الهمام :فانتقل إلى القيمة في ن المعيّن وإلّ لسقط إن تعذّر ،أو موضعين ،فعلمنا أن ليس المقصود خصوص عين السّ ّ لوجب عليه أن يشتريه فيدفعه .ثمّ قال المالكيّة :إن أكره على دفع القيمة فدفعها أجزأت ، قولًا واحدًا .وقال ابن تيميّة :ل تجزئ القيم إلّ عند الحاجة ،مثل من يبيع عنبه ورطبه قبل اليبس .قال :وهذا هو المنصوص عن أحمد صريحًا ،فإنّه منع من إخراج القيم وجوّزه في مواضع للحاجة . الخراج بإسقاط المزكّي دينه عن مستحقّ للزّكاة :
- 131ل يجوز للدّائن أن يسقط دينه عن مدينه الفقير المعسر الّذي ليس عنده ما يسدّ به دينه ويحسبه من زكاة ماله .فإن فعل ذلك لم يجزئه عن الزّكاة ،وبهذا قال الحنفيّة والحنابلة ح عند الشّافعيّة ،وقول أبي عبيدٍ .ووجه المنع أنّ والمالكيّة ما عدا أشهب ،وهو الص ّ الزّكاة لحقّ اللّه تعالى ،فل يجوز للنسان أن يصرفها إلى نفع نفسه أو إحياء ماله ،واستيفاء دينه .وذهب الشّافعيّة في قولٍ وأشهب من المالكيّة وهو منقول عن الحسن البصريّ وعطاءٍ :إلى جواز ذلك ; لنّه لو دفع إليه زكاته ثمّ أخذها منه عن دينه جاز ،فكذا هذا .فإن دفع الدّائن زكاة ماله إلى مدينه فردّها المدين إليه سدادًا لدينه ،أو استقرض المدين ما يسدّ به دينه فدفعه إلى الدّائن فردّه إليه واحتسبه من الزّكاة ،فإن لم يكن ذلك حيلةً ،أو تواطؤًا ،أو قصدًا لحياء ماله ،جاز عند الجمهور ،وهو قول عند المالكيّة .وإن كان على سبيل الحيلة لم يجز عند المالكيّة والحنابلة ،وجاز عند الشّافعيّة ما لم يكن ذلك عن شرطٍ واتّفاقٍ ،بل بمجرّد ال ّنيّة من الطّرفين .لكن صرّح الحنفيّة بأنّه لو وهب جميع الدّين إلى المدين الفقير سقطت زكاة ذلك الدّين ولو لم ينو الزّكاة ،وهذا استحسان . احتساب المكس ونحوه عن الزّكاة : - 132قال السّرخسيّ الحنفيّ :إذا نوى أن يكون المكس زكا ًة فالصّحيح -أي عند الحنفيّة أنّه ل يقع عن الزّكاة ،ونقله ابن عابدين عن الفتاوى البزّازيّة .وعند المالكيّة أفتى الشّيخل سنةٍ ،يأخذه بغير عليش فيمن يملك نصابًا من النعام ،فجعل عليه الحاكم نقدًا معلومًا ك ّ اسم الزّكاة ،فل يسوغ له أن ينوي به الزّكاة ،وإن نواها ل تسقط عنه ،وقال :أفتى به النّاصر اللّقانيّ والحطّاب .وفي المجموع للنّوويّ :اتّفق الصحاب أنّ الخراج المأخوذ ظلمًا ل يقوم مقام العشر ،فإن أخذه السّلطان على أن يكون بدل العشر فهو كأخذ القيمة ،وفي سقوط الفرض به خلف ،والصّحيح السّقوط به ،فعلى هذا إن لم يبلغ در العشر أخرج ن ما يؤخذ من التّاجر من المكس ل يحسب عنه زكاةً ، الباقي .وأفتى ابن حجرٍ الهيتميّ بأ ّ ن المام لم يأخذه باسم الزّكاة .وعند الحنابلة روايتان :إحداهما ولو نوى به الزّكاة ; ل ّ ح ; لنّه أخذها غصبًا .وفي فتاوى ح :وهي الص ّ يجزئ والخرى ل يجزئ ،قال ابن مفل ٍ ابن تيميّة :ما يأخذه ولة المور بغير اسم الزّكاة ل يعتدّ به من الزّكاة . ما ينبغي لمخرج الزّكاة مراعاته في الخراج : - 133أ -يستحبّ للمزكّي إخراج الجيّد من ماله ،مع العلم بأنّ الواجب في حقّه الوسط ، وذلك لقول اللّه تبارك وتعالى { :يا أيّها الّذين آمنوا أنفقوا من طيّبات ما كسبتم وممّا أخرجنا
لكم من الرض ول تيمّموا الخبيث منه تنفقون } وقوله { :لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون } . سرّ في - 134ب -إظهار إخراج الزّكاة وإعلنه ،قال ابن عبّاسٍ :جعل اللّه صدقة ال ّ التّطوّع تفضل علنيتها ،يقال :بسبعين ضعفًا ،وجعل صدقة الفريضة علنيتها أفضل من سرّها ،يقال :بخمس ٍة وعشرين ضعفًا ،قال :وكذلك جميع الفرائض والنّوافل في الشياء ن إظهار الواجب أفضل .ا هـ .وأمّا قوله تعالى كلّها .وقال الطّبريّ :أجمع النّاس على أ ّ { :إن تبدوا الصّدقات فنعمّا هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم } فهو في صدقة التّطوّع ،نظيرها الصّلة ،تطوّعها في البيت أفضل ،وفريضتها في المسجد ومع الجماعة أفضل . ل ما يخرج من المال ممّا ن والرّياء والذى ،وهذه المور محرّمة في ك ّ ج -الحذر من الم ّ يقصد به وجه اللّه تعالى ،وتحبط الجر لقوله تعالى { :يا أيّها الّذين آمنوا ل تبطلوا ن والذى } .ومن هنا استحبّ المالكيّة للمزكّي أن يستنيب من يخرجها خوف صدقاتكم بالم ّ قصد المحمدة . ج -اختيار المزكّي من يعطيه الزّكاة : - 136إعطاء المستحقّين الزّكاة ليس بدرج ٍة واحدةٍ من الفضل ،بل يتمايز .فقد نصّ المالكيّة على أنّه يندب للمزكّي إيثار المضطرّ أي المحتاج ،على غيره ،بأن يزاد في إعطائه منها دون عموم الصناف . د -أن ل يخبر المزكّي الفقير أنّها زكاة : - 137قيل لحمد :يدفع الرّجل زكاته إلى الرّجل ،فيقول :هذا من الزّكاة ،أو يسكت ؟ قال :ولم يبكّته بهذا القول ؟ يعطيه ويسكت ،ما حاجته إلى أن يقرّعه ؟ وهذا يقتضي الكراهة وبه صرّح اللّقانيّ من المالكيّة ،قال :لما فيه من كسر قلب الفقير .وقال ابن أبي هريرة من الشّافعيّة :ل بدّ أن يقول بلسانه شيئًا ،كالهبة ،قال النّوويّ :هذا ليس بشيءٍ . قال :والصّحيح المشهور أنّه إذا دفعها إلى المستحقّ ولم يقل هي زكاة ،ول تكلّم بشيءٍ أصلًا فإنّها تجزئه وتقع زكاةً .لكن قال الشّافعيّة :إن أعطاه ولم يبيّن له أنّها زكاة فبان الخذ غنيّا لم يرجع عليه بشيءٍ . التّوكيل في أداء الزّكاة :
- 138يجوز للمزكّي أن يوكّل غيره في أداء زكاته ،سواء في إيصالها للمام أو نائبه ،أو ق أو فوّض تعيينه إلى الوكيل .وقد نصّ في أدائها إلى المستحقّ ،سواء عيّن ذلك المستح ّ الشّافعيّة على أنّ إخراج المزكّي الزّكاة بنفسه أفضل من التّوكيل ; لنّه بفعل نفسه أوثق . وقال المالكيّة :التّوكيل أفضل خشية قصد المحمدة ،ويجب لمن يعلم من نفسه ذلك القصد ، أو يجهل المستحقّين .قالوا :وليس للوكيل صرفها لقريب المزكّي الّذي تلزمه نفقته ،فإن لم تلزمه نفقته كره .ثمّ قال الشّافعيّة :إن كان الوكيل بالغًا عاقلًا ،جاز التّفويض إليه ،فإن ل إن نوى الموكّل وعيّن له من يعطيه المال . ح التّوكيل ،إ ّ كان صبيّا أو سفيهًا لم يص ّ تلف المال كلّه أو بعضه بعد وجوب الزّكاة : - 139من وجبت عليه الزّكاة فلم يخرجها ثمّ ضاع المال كلّه أو بعضه ،أو تلف بغير فعل المزكّي فقد اختلف الفقهاء في ذلك :فقال الحنفيّة :إن تلف المال سقطت الزّكاة ; لنّ الواجب جزء من النّصاب فيسقط بهلك محلّه ،لكن إن كان هلكه بعد طلب السّاعي فقيل : يضمن ،وقيل :ل يضمن .قالوا :وإذا هلك بعض المال يسقط من الزّكاة بقدره أي بنسبة ما هلك .وقالوا :إن تلف من مال الزّكاة بعد الحول ما كان به الباقي أقلّ من نصابٍ قبل إمكان الداء بل تفريطٍ سقطت الزّكاة ،فإن أمكن الداء وفرّط ضمن .وقال المالكيّة ل المال ،وكذا إن فرّط والشّافعيّة :إن كان ضياعه بتفريطه في حفظه وجبت عليه زكاة ك ّ في الخراج بعد التّمكّن ،بأن وجد المستحقّ ،سواء طلب الزّكاة أم لم يطلبها ،لتقصيره بحبس الحقّ عن مستحقّه .ثمّ قال الشّافعيّة :إن لم يكن فرّط زكّى الباقي فقط بقسطه ،ولو ل من نصابٍ ،على الظهر عندهم ،فلو ملك خمسًا من البل فتلفت واحدة منه قبل كان أق ّ التّمكّن ففي الباقي 4 5شاةٍ على الظهر ،ول شيء على الثّاني .وقال المالكيّة -وهو قول ب سقطت الزّكاة .وقال الحنابلة :يجب عليه آخر للشّافعيّة :إن كان الباقي أقلّ من نصا ٍ ل المال ،حتّى لو ضاع كلّه بعد الحول فالزّكاة في ذمّته ل تسقط إلّ بالداء ،لنّها زكاة ك ّ حقّ للفقراء ومن معهم لم يصل إليهم ،كدين الدميّ .تلف الزّكاة بعد عزلها : - 140لو عزل الزّكاة ونوى أنّها زكاة ماله فتلفت فالحكم كذلك عند كلّ من المالكيّة والحنابلة .وذكر المالكيّة صورة ما لو عزل الزّكاة فتلف المال وبقيت الزّكاة ،فإنّه يجب عليه إخراجها ول تسقط بتلف المال . القسم الرّابع :جمع المام ونوّابه للزّكاة : - 141للمام حقّ أخذ الزّكاة من المال الّذي وجبت فيه ( على خلفٍ في بعض الموال يأتي بيانه ) .وكان رسول اللّه صلى ال عليه وسلم والخليفتان بعده يأخذون الزّكاة من كلّ
الموال ،إلى أن فوّض عثمان رضي ال عنه في خلفته أداء الزّكاة عن الموال الباطنة إلى ملّاكها ،كما يأتي .ودليل ذلك قوله تعالى لنبيّه صلى ال عليه وسلم { :خذ من أموالهم صدق ًة تطهّرهم وتزكّيهم بها } وقول أبي بكرٍ رضي ال عنه :واللّه لو منعوني عقالًا كانوا يؤدّونه إلى رسول اللّه صلى ال عليه وسلم لقاتلتهم على منعه واتّفق الصّحابة على ذلك . ويجب على المام أخذ الزّكاة ممّن وجبت عليهم ،فقد صرّح الشّافعيّة بأنّه يجب على المام ي صلى ال عليه وسلم والخلفاء من بعده كانوا يبعثون ن النّب ّ بعث السّعاة لخذ الصّدقات ،ل ّ السّعاة ،ولنّ في النّاس من يملك المال ول يعرف ما يجب عليه ،ومنهم من يبخل . والوجوب هو أحد قولي المالكيّة ،واحتجّوا بقوله تعالى { :خذ من أموالهم صدق ًة } .والّذين رخّصوا للمام في عدم أخذ الزّكاة من جميع الموال أو من بعضها دون بعضٍ ،إنّما هو إذا علم المام أنّهم إذا لم يأخذها منهم أخرجوها من عند أنفسهم ،أمّا لو علم أنّ إنسانًا من النّاس أو جماع ًة منهم ل يخرجون الزّكاة فيجب على المام أخذها منهم ولو قهرًا ،كما تقدّم ; لنّ ن من أركان الدّين . المامة لحراسة الدّين وسياسة الدّنيا ،ومنع الزّكاة هدم لرك ٍ حكم دفع الزّكاة إلى المام العادل : - 142المراد بالمام العادل هنا من يأخذ الزّكاة بحقّها ،ويعطيها لمستحقّها ،ولو كان جائرًا في غير ذلك على ما صرّح به المالكيّة .ومن دفع زكاة ماله إلى المام العادل جاز ، وأجزأت عنه اتّفاقًا .ولو كان بإمكانه دفعها إلى المام وتفريقها بنفسه فقد اختلف الفقهاء في ذلك :فذهب مالك وأبو حنيفة وأبو عبيدٍ ،وهو القديم من قولي الشّافعيّ ،إلى التّفريق بين الموال الظّاهرة ،وهي الزّروع ،والمواشي ،والمعادن ،ونحوها ،وبين الموال الباطنة وهي الذّهب والفضّة والتّجارات .فأمّا الظّاهرة فيجب دفعها إلى المام ،لنّ أبا بكرٍ طالبهم بالزّكاة وقاتلهم عليها ،ووافقه الصّحابة على هذا ،فليس للمزكّي إخراجها بنفسه ،حتّى لقد صرّح الشّافعيّة بأنّه لو أخرجها كذلك لم تجزئه .ولنّ ما للمام قبضه بحكم الولية ل يجوز ي اليتيم .وأمّا زكاة الموال الباطنة فقال الحنفيّة :للمام دفعه إلى المولّى عليه ،كول ّ ل مالٍ تجب فيه الزّكاة ،للية .وما فعله عثمان طلبها ،وحقّه ثابت في أخذ الزّكاة من ك ّ رضي ال عنه أنّه فوّض إلى الملّاك زكاة المال الباطن ،فهم نوّابه في ذلك ،وهذا ل يسقط ن أهل بلدةٍ ل يؤدّون زكاتهم طالبهم بها .فأمّا إذا لم طلب المام أصلًا ،ولهذا لو علم أ ّ يطلبها لم يجب الدّفع إليه .وقال المالكيّة والشّافعيّة :زكاة الموال الباطنة مفوّضة لربابها ، ب المال أن يوصلها إلى الفقراء وسائر المستحقّين بنفسه .وذهب الحنابلة ،وهو الجديد فلر ّ ب في الموال الظّاهرة والباطنة ن الدّفع إلى المام غير واج ٍ المعتمد من قولي الشّافعيّ :إلى أ ّ على السّواء ،فيجوز للمالك صرفها إلى المستحقّين مباشرةً ،قياسًا للظّاهرة على الباطنة ،
ن في ذلك إيصال الحقّ إلى مستحقّه الجائز تصرّفه ،فيجزئه ،كما لو دفع الدّين إلى ول ّ غريمه مباشرةً ،وأخذ المام لها إنّما هو بحكم النّيابة عن مستحقّها ،فإذا دفعها إليهم جاز ; لنّهم أهل رشدٍ .ثمّ قال الشّافعيّة في الظهر :الصّرف إلى المام أفضل من تفريقها بنفسه ; لنّه أعرف بالمستحقّين ،وأقدر على التّفريق بينهم ،وبه يبرأ ظاهرًا وباطنًا .ثمّ قال الحنابلة :تفرقتها بنفسه ،أولى وأفضل من دفعها إلى المام ،لنّه إيصال للحقّ إلى مستحقّه ،فيسلم ن فيه مباشرة تفريج كربة من يستحقّها ،وفيه عن خطر الخيانة من المام أو عمّاله ; ول ّ توفير لجر العمالة ،مع تمكّنه من إعطاء محاويج أقربائه ،وذوي رحمه ،وصلتهم بها ، إلّ أنّه إن لم يثق بأمانة نفسه فالفضل له دفعها إلى السّاعي ،لئلّ يمنعه الشّحّ من إخراجها . أمّا لو طلب المام العادل الزّكاة فإنّه يجب الدّفع إليه اتّفاقًا ،وسواء كان المال ظاهرًا أو باطنًا ،والخلف في استحقاقه جمع زكاة المال الباطن ل يبيح معصيته في ذلك إن طلبه ، ن الموضع موضع اجتهادٍ ،وأمر المام يرفع الخلف كحكم القاضي ،كما هو معلوم من لّ ن المام العدل إن طلبها فادّعى المالك إخراجها لم يصدّق قواعد الشّريعة .وصرّح المالكيّة بأ ّ . دفع الزّكاة إلى الئمّة الجائرين ،وإلى البغاة : - 143إن أخذ المام الجائر الزّكاة قهرًا أجزأت عن صاحبها .وكذا إن أكره المام المزكّي فخاف الضّرر إن لم يدفعها إليه .واختلف الفقهاء فيمن كان قادرًا على المتناع عن دفعها إلى المام الجائر ،أو على إخفاء ماله ،أو إنكار وجوبها عليه ،أو نحو ذلك :فذهب الجمهور من الحنفيّة والمالكيّة إلى عدم جواز دفعها إلى المام حينئذٍ ،وأنّها ل تجزئ عن دافعها على التّفصيل التّالي :فقال الحنفيّة :إذا أخذ الخوارج والسّلطين الجائرون زكاة الموال الظّاهرة كزكاة السّوائم والزّروع وما يأخذه العاشر ،فإن صرفوه في مصارفه ل فعلى المزكّي فيما بينه وبين اللّه تعالى إعادة المشروعة فل إعادة على المزكّي ،وإ ّ إخراجها .وفي حالة كون الخذ لها البغاة ليس للمام أن يطالب أصحاب الموال بها ; لنّه لم يحمهم من البغاة ،والجباية بالحماية ،ويفتى البغاة بأن يعيدوا ما أخذوه من الزّكاة .وأمّا الموال الباطنة فل يصحّ دفعها إلى السّلطان الجائر .وقال المالكيّة :إن دفعها إلى السّلطان ل لم تجزئه .فإن طلبها الجائر الجائر اختيارًا ،فدفعها السّلطان لمستحقّها أجزأت عنه ،وإ ّ فعلى ربّها جحدها والهرب بها ما أمكن ،فإن أكرهه جاز .وهذا إن كان جائرًا في أخذها أو صرفها ،وسواء كانت من الموال الظّاهرة أو الباطنة .أمّا إن كان عادلًا فيها وجائرًا في غيرها ،فيجوز الدّفع إليه مع الكراهة .أمّا الشّافعيّة فذهبوا إلى أنّه إن طلب المام الجائر زكاة المال الباطن ،فصرفها إليه أفضل ،وكذا زكاة المال الظّاهر سواء لم يطلبها أو
ن دفع الزّكاة إلى المام طلبها ،وفي التّحفة إن طلبها وجب الدّفع إليه .وذهب الحنابلة إلى أ ّ الجائر والبغاة والخوارج إذا غلبوا على البلد جائز سواء كانت من الموال الظّاهرة أو الباطنة .ويبرأ المزكّي بدفعها إليهم ،سواء صرفها المام في مصارفها أو ل .واحتجّوا بما ورد ص وجابرٍ وأبي هريرة وابن عمر في ذلك عن بعض الصّحابة ،منهم سعد بن أبي وقّا ٍ وغيرهم . إرسال الجباة والسّعاة لجمع الزّكاة وصرفها : - 144يجب على المام أن يرسل السّعاة لقبض الزّكاة وتفريقها على مستحقّيها ،وقد { كان النّبيّ صلى ال عليه وسلم يولّي العمّال ذلك ويبعثهم إلى أصحاب الموال ،فقد استعمل عمر بن الخطّاب رضي ال عنه عليها } ،وورد أنّه استعمل ابن اللّتبيّة .وكذلك الخلفاء الرّاشدون كانوا يرسلون سعاتهم لقبضها .ويشترط في السّاعي ما يلي : - 1أن يكون مسلمًا ،فل يستعمل عليها كافرًا لنّها ولية ،وفيها تعظيم للوالي . - 2وأن يكون عدلًا ،أي ثق ًة مأمونًا ،ل يخون ول يجور في الجمع ،ول يحابي في القسمة . - 3وأن يكون فقيهًا في أمور الزّكاة ،لنّه يحتاج إلى معرفة ما يؤخذ وما ل يؤخذ ، ومحتاج إلى الجتهاد فيما يعرض له من وقائع الزّكاة . - 4وأن يكون فيه الكفاية ،وهي القدرة على القيام بالعمل وضبطه على الوجه المعتبر . -5وأن ل يكون من آل البيت ،وفي هذا الشّرط اختلف بين الفقهاء .ومعنى اشتراطه هنا عدم استحقاقه للخذ منها مقابل عمله فيها ،فلو عمل بل أجرٍ أو أعطي أجره من مال الفيء أو غيره جاز ( ،و ر :آل ،جباية ) .والسّعاة على الزّكاة أنواع فمنهم الجابي :وهو القابض للزّكاة ،والمفرّق :وهو القاسم ،والحاشر :وهو الّذي يجمع أرباب الموال لتؤخذ منهم الزّكاة ،والكاتب لها .وإن لم يكن هناك إمام ،أو كان المام ل يرسل السّعاة لجبي ق فيها الزّكاة فيجب على أهل الموال إخراجها وتفريقها على المستحقّين ; لنّهم أهل الح ّ والمام نائب .موعد إرسال السّعاة : - 145الموال قسمان :فما كان منها ل يشترط لزكاته الحول كالزّروع والثّمار والمعادن ، فهذا يرسل المام سعاته وقت وجوبها ،ففي الزّروع والثّمار عند إدراكها بحيث يصلهم وقت الجذاذ والحصاد .وهذا في غير الخرص ،أمّا الخارص فيرسل عند بدء ظهور الصّلح كما تقدّم ( وانظر مصطلح :خرص ) .وما كان يشترط فيه الحول كالمواشي :فذهب الشّافعيّة إلى أنّه يجب أن يعيّن لهم شهرًا معيّنًا من السّنة القمريّة يرسل إليهم فيه السّاعي كلّ عامٍ .
حقوق العاملين على الزّكاة : - 146العامل على الزّكاة يجوز إعطاؤه حقّه من الزّكاة نفسها بالشّروط المتقدّمة في السّاعي .ويجوز إعطاؤه من بيت المال .ويتعيّن ذلك إن لم يكن من أهل الزّكاة ،كأن يكون من آل البيت على ما صرّح به المالكيّة ،أو يكون العمل ممّا ل يحتاج إليه غالبًا كالرّاعي والحارس والسّائق على ما صرّح به المالكيّة والشّافعيّة ،وقال الحنابلة :يعطى الرّاعي والحارس ونحوهما من الزّكاة كغيرهم من العاملين .وليس للسّاعي أن يأخذ من الزّكاة لنفسه شيئًا غير ي بن عميرة رضي ال عنه قال :سمعت الجر الّذي يعطيه إيّاه المام ،لما في حديث عد ّ ل فكتمنا مخيطًا فما فوقه ،كان غلولًا رسول اللّه صلّى يقول { :من استعملناه منكم على عم ٍ يأتي به يوم القيامة } .وليس للسّاعي أن يأخذ شيئًا من أهل الموال باسم الهديّة بسبب وليته ،وإن أخذه لم يحلّ له أن يكتمه ويستأثر به ،لما ورد في حديث أبي حميدٍ السّاعديّ رضي ي صلى ال عليه وسلم رجلًا من الزد يقال له ابن اللّتبيّة على ال عنه قال { :استعمل النّب ّ الصّدقة ،فلمّا قدم قال :هذا لكم ،وهذا أهدي لي .قال :فهلّ جلس في بيت أبيه -أو بيت ل جاء به يوم أمّه ،فينظر أيهدى له أم ل ؟ والّذي نفسي بيده ،ل يأخذ أحد منكم شيئًا إ ّ القيامة يحمله على رقبته ،إن كان بعيرًا له رغاء ،أو بقرةً لها خوار ،أو شا ًة تيعر -ثمّ رفع بيده حتّى رأينا عفرة إبطيه -اللّهمّ هل بلّغت ،اللّهمّ هل بلّغت ،ثلثًا } . دعاء السّاعي للمزكّي : - 147إذا أخذ السّاعي الزّكاة استحبّ له أن يدعو للمالك ،لقوله تعالى { :خذ من أموالهم ل عليهم إنّ صلتك سكن لهم } ولما ورد من حديث عبد صدق ًة تطهّرهم وتزكّيهم بها وص ّ اللّه بن أبي أوفى رضي ال عنه قال { :كان النّبيّ صلى ال عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم ن فأتاه أبي بصدقته ،فقال :اللّهمّ صلّ على آل أبي أوفى } . قال :اللّهمّ صلّ على آل فل ٍ ل للشّافعيّة :يجب ذلك ،لظاهر الية .ويقول :اللّهمّ صلّ على آل فلنٍ .وإن شاء وفي قو ٍ ل للشّافعيّة :ل يدعو بالصّلة على آل المزكّي ،بل يدعو بغيرها ; دعا بغير ذلك .وفي قو ٍ ن الصّلة خاصّة بالنبياء . لّ ما يصنع السّاعي بالممتنع عن أداء الزّكاة : - 148قال الشّافعيّة :إن كان السّاعي جائرًا في أخذ الزّكاة أو صرفها لم يكن له تعزير من ن الممتنع أو المخفي يكون بذلك معذورًا .أمّا إن كان امتنع أو أخفى ماله أو غلب به ; ل ّ السّاعي عادلًا فإنّه يأخذها من الممتنع أو المخفي ،ويعزّره ما لم يكن له فيما فعله شبهة معتبرة .ولو خرج على المام قوم فلم يقدر السّاعي على أخذ الزّكاة منهم حتّى مضت أعوام
،ثمّ قدر عليهم ،يؤخذون بزكاة ما وجد معهم حال القدرة عليهم لماضي العوام ولعام القدرة ،وإن ادّعوا أنّهم أخرجوها يصدّقون ،لكن إن كان خروجهم لمنعها ل يصدّقون على ما صرّح به المالكيّة . ما يصنع السّاعي عند اختلف الحول على الملّاك : - 149قال النّوويّ :إذا وصل السّاعي إلى أرباب الموال ،فإن كان حول صاحب المال قد تمّ أخذ منه الزّكاة ،وإن كان حول بعضهم لم يت ّم سأله السّاعي تعجيل الزّكاة ،ويستحبّ للمالك إجابته ،فإن عجّلها برضاه أخذها منه ،وإلّ لم يجبره ،ثمّ إن رأى السّاعي المصلحة في أن يوكّل من يأخذها عند حلولها ويفرّقها على أهلها فعل .وإن رأى أن يؤخّرها ليأخذها منه في العام المقبل فعل ،ويكتبها كي ل ينساها أو يموت فل يعلمها السّاعي الّذي بعده ، وإن رأى أن يرجع في وقت حلولها ليأخذها فعل ،وإن وثق بصاحب المال جاز أن يفوّض إليه تفريقها .وتقدّم أنّ وصول السّاعي شرط في وجوب الزّكاة عند المالكيّة إن كان هناك ساعٍ ،فهو يحاسبهم على ما يملكونه يوم وصوله إليهم . ( حفظ الزّكاة ) : - 150على السّاعي المحافظة على مال الزّكاة .وهو أمانة في يده حتّى يوصله إلى مستحقّيه ،أو يوصله إلى المام إن فضل منه شيء ،وله في سبيل ذلك أن يتّخذ حارسًا أو راعيًا ونحوهما .وممّا ذكره الفقهاء من وسائل الحفظ وسم بهائم الصّدقة من البل والبقر ل تضيع ،ويسمها بالنّار بعلمةٍ خاصّةٍ ،كأن تكون علمة والغنم لتتميّز عن غيرها ; ولئ ّ الوسم ( للّه ) لما ورد في الصّحيحين عن أنسٍ رضي ال عنه أنّه قال { :وافيت النّبيّ صلى ال عليه وسلم وبيده الميسم يسم إبل الصّدقة } ولثارٍ وردت من فعل عمر وغيره من الصّحابة رضوان اللّه عليهم . بيت مال الزّكاة : - 151على المام أن يتّخذ بيتًا لموال الزّكاة تحفظ فيه وتضبط إلى أن يتمكّن من صرفها لهلها .وتفصيل ذلك في مصطلح :بيت المال » . تصرّفات السّاعي في الزّكاة : - 152إذا قبض السّاعي الزّكاة يفرّقها على مستحقّيها من أهل البلد الّتي جمعها فيها إن كان المام أذن له في تفريقها ،فل ينقلها إلى أبعد من مسافة القصر ،إلّ أن يستغني عنها فقراء ن عمر بعث معاذًا رضي ال عنه إلى اليمن ،فبعث إليه من الصّدقة ،فقال البلد ،وقد ورد أ ّ
له :إنّي لم أبعثك جابيًا ول آخذ جزيةٍ ولكن بعثتك لتأخذ من أغنياء النّاس فتردّ في فقرائهم . فقال معاذ :أنا ما بعثت إليك بشي ٍء وأنا أجد أحدًا يأخذه منّي .فلو نقلها في غير تلك الحال ففيه خلف يأتي .وليس للسّاعي أن يأخذ من الزّكاة لنفسه على أنّه أحد أصناف أهل الزّكاة ، ل ما أعطاه المام على ما صرّح به المالكيّة ; لنّه كما لو كان غارمًا أو فقيرًا .ول يأخذ إ ّ يقسم فل يحكم لنفسه . - 153وإذا تلف من مال الزّكاة شيء في يد المام أو السّاعي ضمنه إن كان ذلك بتفريطٍ منه بأن قصّر في حفظه ،وكذا لو عرف المستحقّين وأمكنه التّفريق عليهم فلم يفعل حتّى تلفت ; لنّه متعدّ بذلك ،فإن لم يتعدّ ولم يفرّط لم يضمن .قال النّوويّ :ينبغي للمام والسّاعي وكلّ من يفوّض إليه أمر تفريق الصّدقات أن يعتني بضبط المستحقّين ،ومعرفة أعدادهم ،وأقدار حاجاتهم ،بحيث يقع الفراغ من جمع الصّدقات بعد معرفتهم أو معها ، ليعجّل حقوقهم ،وليأمن هلك المال عنده .وتصرف الزّكاة في الصناف الثّمانية ،ول يجوز صرفها إلّ لمن جمع شروط الستحقاق ،ويأتي بيان ذلك بالتّفصيل . - 154وإذا أخذ المام أو السّاعي الزّكاة فاحتاج إلى بيعها لمصلحةٍ ،من كلفةٍ في نقلها ،أو مرض البهيمة أو نحو ذلك جاز ،أمّا إذا باعها لغير ذلك فقد ذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى ن أهل الزّكاة أهل رشدٍ ل عدم الجواز ،والبيع باطل ،وعليه الضّمان إن تلف ،وذلك ل ّ ولية عليهم ،فلم يجز بيع مالهم بغير إذنهم .وفي احتمالٍ عند الحنابلة يجوز ذلك ،لما ورد ن النّبيّ صلى ال عليه وسلم رأى في إبل الصّدقة ناقةً كوماء ، عن قيس بن أبي حازمٍ { أ ّ ل ،فسكت } قال أبو عبيدٍ :الرّجعة أن يبيعها فسأل عنها ،فقال المصدّق :إنّي ارتجعتها بإب ٍ ويشتري بثمنها مثلها أو غيرها . ( نصب العشّارين ) : - 155ينصب المام على المعابر في طرق السفار عشّارين للجباية ممّن يمرّ عليهم بالمال من المسلمين وأهل ال ّذمّة وأهل الحرب إذا أتوا بأموالهم إلى بلد السلم ،فيأخذ من أهل السلم ما يجب عليهم من زكاةٍ ،ويأخذ من أهل ال ّذمّة نصف العشر ،ويأخذ من أهل الحرب العشر .والّذي يأخذه من أهل ال ّذمّة وأهل الحرب فيء حكمه حكم الجزية يصرف في مصارف الفيء ،وينظر تفصيله في مصطلح ( :عشر ) .أمّا ما يأخذه من أهل السلم فهو زكاة يشترط له ما يشترط في سائر الموال الزّكويّة ويصرف في مصارف الزّكاة ،إلّ أنّ هذا النّوع من المال وإن كان في الصل مالًا باطنًا لكنّه لمّا انتقل صاحبه به في البلد أصبح في حكم المال الظّاهر على ما صرّح به ابن عابدين ،ولذا كانت ولية قبض زكاته إلى
المام ،كالسّوائم والزّروع .وصرّح الحنفيّة بتحليف من يمرّ على العاشر إن أنكر تمام ن عليه دينًا يسقط الزّكاة ،فإن حلف فالقول قوله ،وكذا إن الحول على ما بيده ،أو ادّعى أ ّ قال أدّيتها إلى عاشرٍ آخر وأخرج براءةً ( إيصالًا رسميّا بها ) ،وكذا إن قال أدّيتها بنفسي إلى الفقراء في المصر .ويشترط أن يكون ما معه نصابًا فأكثر حتّى يجب الخذ منه ،فإن كان معه أقلّ من نصابٍ وله في المصر ما يكمل به النّصاب فل ولية للعاشر على الخذ ن وليته على الظّاهر فقط .ويشترط في العاشر ما يشترط في السّاعي كما تقدّم وأن منه ; ل ّ يأمن المسافرون بحمايته من اللّصوص . القسم الخامس :مصارف الزّكاة : ص عليها - 156مصارف الزّكاة محصورة في ثمانية أصنافٍ .والصناف الثّمانية قد ن ّ القرآن الكريم في قوله تعالى { :إنّما الصّدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلّفة قلوبهم وفي الرّقاب والغارمين وفي سبيل اللّه وابن السّبيل فريضةً من اللّه واللّه عليم حكيم } .و " إنّما " الّتي صدّرت بها الية أداة حصرٍ ،فل يجوز صرف الزّكاة لحدٍ أو في وجهٍ ن رسول اللّه أتاه رجل فقال :أعطني غير داخلٍ في هذه الصناف ،وقد أكّد ذلك ما ورد { أ ّ من الصّدقة ،فقال :إنّ اللّه تعالى لم يرض بحكم نبيّ ول غيره في الصّدقات حتّى حكم فيها هو فجزّأها ثمانيةً ،فإن كنت من تلك الجزاء أعطيتك حقّك } .ومن كان داخلًا في هذه ل بأن تنطبق عليه شروط معيّنة تأتي بعد بيان الصناف . الصناف فل يستحقّ من الزّكاة إ ّ بيان الصناف الثّمانية :الصّنفان الوّل والثّاني :الفقراء والمساكين : - 157الفقراء والمساكين هم أهل الحاجة الّذين ل يجدون ما يكفيهم ،وإذا أطلق لفظ ( الفقراء ) وانفرد دخل فيهم ( المساكين ) ،وكذلك عكسه ،وإذا جمع بينهما في كلمٍ ل منهما بمعنًى .وقد اختلف الفقهاء في أيّهما واحدٍ ،كما في آية مصارف الزّكاة ،تميّز ك ّ أشدّ حاجةً ،فذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ الفقير أشدّ حاجةً من المسكين ،واحتجّوا بأنّ اللّه تعالى قدّم ذكرهم في الية ،وذلك يدلّ على أنّهم أه ّم وبقوله تعالى { :أمّا السّفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر } .فأثبت لهم وصف المسكنة مع كونهم يملكون سفينةً ويحصّلون نولًا ،واستأنسوا لذلك أيضًا بالشتقاق ،فالفقير لغ ًة :فعيل بمعنى مفعولٍ ،وهو من نزعت بعض فقار صلبه ،فانقطع ظهره ،والمسكين مفعيل من السّكون ،ومن كسر صلبه أشدّ ن المسكين أشدّ حاج ًة من الفقير ،واحتجّوا حالًا من السّاكن .وذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أ ّ بأنّ اللّه تعالى قال { :أو مسكينًا ذا مترب ٍة } .وهو المطروح على التّراب لشدّة جوعه ، ن أئمّة اللّغة قالوا ذلك ،منهم الفرّاء وثعلب وابن قتيبة ،وبالشتقاق أيضًا ،فهو من وبأ ّ
ن الفقير والمسكين صنف السّكون ،كأنّه عجز عن الحركة فل يبرح .ونقل الدّسوقيّ قولًا أ ّ واحد ،وهو من ل يملك قوت عامه ،سواء كان ل يملك شيئًا أو يملك أقلّ من قوت العام . - 158واختلف الفقهاء في ح ّد كلّ من الصّنفين :فقال الشّافعيّة والحنابلة :الفقير من ل مال له ول كسب يقع موقعًا من حاجته ،كمن حاجته عشرة فل يجد شيئًا أصلًا ،أو يقدر بماله وكسبه وما يأتيه من غّلةٍ وغيرها على أقلّ من نصف كفايته .فإن كان يجد النّصف أو أكثر ول يجد كلّ العشرة فمسكين .وقال الحنفيّة والمالكيّة :المسكين من ل يجد شيئًا أصلًا فيحتاج ل له .واختلف قولهم في الفقير :فقال الحنفيّة :الفقير من له أدنى شيءٍ وهو ما للمسألة وتح ّ ي ل يستحقّ شيئًا من الزّكاة ،فإن ي فهو غن ّ ل زكو ّ دون النّصاب ،فإذا ملك نصابًا من أيّ ما ٍ ملك أقلّ من نصابٍ فهو غير مستحقّ ،وكذا لو ملك نصابًا غير نامٍ وهو مستغرق في الحاجة الصليّة ،فإن لم يكن مستغرقًا منع ،كمن عنده ثياب تساوي نصابًا ل يحتاجها ،فإنّ الزّكاة تكون حرامًا عليه ،ولو بلغت قيمة ما يملكه نصبًا فل يمنع ذلك كونه من المستحقّين للزّكاة إن كانت مستغرق ًة بالحاجة الصليّة كمن عنده كتب يحتاجها للتّدريس ،أو آلت حرفةٍ ،أو نحو ذلك .وقال المالكيّة :الفقير من يملك شيئًا ل يكفيه لقوت عامه . الغنى المانع من أخذ الزّكاة بوصف الفقر أو المسكنة : - 159الصل أنّ الغنيّ ل يجوز إعطاؤه من الزّكاة ،وهذا اتّفاقيّ ،لقول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :ل حظّ فيها لغنيّ } .ولكن اختلف في الغنى المانع من أخذ الزّكاة :فقال الجمهور من المالكيّة والشّافعيّة وهو رواية عن أحمد قدّمها المتأخّرون من أصحابه :إنّ يل المر معتبر بالكفاية ،فمن وجد من الثمان أو غيرها ما يكفيه ويكفي من يموّنه فهو غن ّ تحلّ له الزّكاة ،فإن لم يجد ذلك حلّت له ولو كان ما عنده يبلغ نصبًا زكويّةً ،وعلى هذا ، فل يمتنع أن يوجد من تجب عليه الزّكاة وهو مستحقّ للزّكاة .وقال الحنفيّة :هو الغنى ي صلى ال الموجب للزّكاة ،فمن تجب عليه الزّكاة ل يحلّ له أن يأخذ الزّكاة ،لقول النّب ّ ن اللّه قد فرض عليهم صدق ًة تؤخذ من أغنيائهم فتردّ على فقرائهم } .ومن عليه وسلم { :إ ّ ل زكويّ كان فهو غنيّ ،فل يجوز أن تدفع إليه الزّكاة ولو كان ما ملك نصابًا من أيّ ما ٍ عنده ل يكفيه لعامه ،ومن لم يملك نصابًا كاملًا فهو فقير أو مسكين ،فيجوز أن تدفع إليه الزّكاة ،كما تقدّم .وفي روايةٍ أخرى عند الحنابلة عليها ظاهر المذهب :إن وجد كفايته ، فهو غنيّ ،وإن لم يجد وكان لديه خمسون درهمًا ،أو قيمتها من الذّهب خاصّةً ،فهو غنيّ كذلك ولو كانت ل تكفيه ،لحديث { من سأل النّاس وله ما يغنيه جاء يوم القيامة ومسألته في وجهه خموش أو خدوش أو كدوح .قالوا يا رسول اللّه وما يغنيه ؟ قال :خمسون درهمًا أو قيمتها من الذّهب } .وإنّما فرّقوا بين الثمان وغيرها اتّباعًا للحديث .
وفيما يلي تفصيل فروع هذه المسألة :إعطاء الزّكاة لمن ل يملك مالًا وله مورد رزقٍ : - 160من لم يكن له مال أو له مال ل يكفيه فإنّه يستحقّ من الزّكاة عند الجمهور ،إلّ أنّ من لزمت نفقته مليئًا من نحو والدٍ ل يعطى من الزّكاة ،وكذا ل تعطى الزّوجة لستغنائها بإنفاق زوجها عليها .ومن له مرتّب يكفيه لم يجز إعطاؤه من الزّكاة .وكذا من كان له صنعة تكفيه وإن كان ل يملك في الحال مالًا .فإن كان واحد من هذه السباب يأتيه منه أقلّ ن من له ضيعة تغلّ بعض كفايته أنّه ل من كفايته يجوز إعطاؤه تمام الكفاية .ونقل النّوويّ أ ّ يلزمه بيعها لتحلّ له الزّكاة ،وكذلك آلت المحترفين وكسب العالم .وقال الحنفيّة :يجوز ي أو شهريّ أو يوميّ من عقارٍ أو نحو ذلك ،إن لم يملك دفع الزّكاة إلى من عنده دخل سنو ّ نصابًا زكويّا ،ويجوز دفعها إلى الولد الّذي أبوه غنيّ إن كان الولد كبيرًا فقيرًا ،سواء كان ذكرًا أو أنثى ; لنّه ل يعدّ غنيّا بيسار أبيه وإن كانت نفقته عليه ،أمّا الولد الصّغير الّذي أبوه غنيّ فل تدفع إليه الزّكاة لنّه يعدّ غنيّا بيسار أبيه ،وسواء كان الصّغير في عيال أبيه أم ل . وكذا قال أبو حنيفة ومحمّد :يجوز دفع الزّكاة إلى رجلٍ فقيرٍ له ابن موسر .وقال أبو يوسف :إن كان الب في عيال البن الموسر ل يجوز ،وإن لم يكن جاز .قالوا :وكذلك المرأة الفقيرة إن كان لها زوج غنيّ يجوز إعطاؤها من الزّكاة ،لنّها ل تعدّ غنّيةً بيسار زوجها ،وبقدر النّفقة ل تصير موسرةً ،واستيجابها النّفقة بمنزلة الجرة .ومن كان مستغنيًا بأن تبرّع أحد من النّاس بأن ينفق عليه ،فالصّحيح عند الحنابلة أنّه يجوز إعطاؤه من الزّكاة ،ويجوز للمتبرّع بنفقته أن يدفع إليه من الزّكاة ولو كان في عياله ،لدخوله في ص أو إجماعٍ يخرجه من العموم . أصناف الزّكاة ،وعدم وجود ن ّ إعطاء الفقير والمسكين القادرين على الكسب : - 161من كان من الفقراء والمساكين قادرًا على كسب كفايته وكفاية من يموّنه ،أو تمام الكفاية ،لم يحلّ له الخذ من الزّكاة ،ول يحلّ للمزكّي إعطاؤه منها ،ول تجزئه لو أعطاه وهو يعلم بحاله ،لقول النّبيّ في الصّدقة { :ل حظّ فيها لغنيّ ول لقويّ مكتسبٍ } .وفي لفظٍ ي } .وهذا مذهب الشّافعيّة والحنابلة .وقال الحنفيّة { ل تحلّ الصّدقة لغنيّ ول لذي مرّةٍ سو ّ :يجوز دفع الزّكاة إلى من يملك أقلّ من نصابٍ ،وإن كان صحيحًا مكتسبًا ،لنّه فقير أو مسكين ،وهما من مصارف الزّكاة ; ولنّ حقيقة الحاجة ل يوقف عليها ،فأدير الحكم على دليلها ،وهو فقد النّصاب .واحتجّوا بما في قصّة الحديث المذكور سابقًا ،وهي { أنّ النّبيّ صلى ال عليه وسلم كان يقسم الصّدقات فقام إليه رجلن يسألنه ،فنظر إليهما فرآهما جلدين فقال :إنّه ل حقّ لكما فيه وإن شئتما أعطيتكما } .لنّه أجاز إعطاءهما ،وقوله { :ل حقّ
ن الحدّ ق لكما في السّؤال .ومثله قول المالكيّة المعتمد عندهم ،إلّ أ ّ لكما فيه } معناه ل ح ّ الدنى الّذي يمنع الستحقاق عندهم هو ملك الكفاية ل ملك النّصاب ،كما عند الحنفيّة . إعطاء الزّكاة لمن له مال أو كسب وامتنع عنه ماله أو كسبه : - 162من كان عنده مال يكفيه فل يستحقّ من الزّكاة ،لكن إن كان ماله غائبًا أو كان دينًا مؤجّلًا ،فقد صرّح الشّافعيّة بأنّه ل يمنع ذلك من إعطائه ما يكفيه إلى أن يصل إلى ماله أو يحلّ الجل .والقادر على الكسب إن شغله عن الكسب طلب العلم الشّرعيّ لم يمنع ذلك من ن طلب العلم فرض كفايةٍ بخلف التّفرّغ للعبادة .واشترط بعض إعطائه من الزّكاة ; ل ّ الشّافعيّة في طالب العلم أن يكون نجيبًا يرجى نفع المسلمين بتفقّهه .ومن كان قادرًا على ن ذلك الكسب ل يليق به ،أو يليق به لكن لم يجد من يستأجره ،لم يمنع ذلك كسبٍ لك ّ استحقاقه من الزّكاة . جنس الكفاية المعتبرة في استحقاق الزّكاة : - 163الكفاية المعتبرة عند الجمهور هي للمطعم والمشرب والمسكن وسائر ما ل ب ّد منه على ما يليق بالحال من غير إسرافٍ ول تقتيرٍ ،للشّخص نفسه ولمن هو في نفقته .وصرّح المالكيّة وغيرهم بأنّ مال الزّكاة إن كان فيه سعة يجوز العانة به لمن أراد الزّواج . القدر الّذي يعطاه الفقير والمسكين من الزّكاة : - 164ذهب الجمهور ( المالكيّة وهو قول عند الشّافعيّة وهو المذهب عند الحنابلة ) إلى أنّ الواحد من أهل الحاجة المستحقّ للزّكاة بالفقر أو المسكنة يعطى من الزّكاة الكفاية أو تمامها ل عامٍ غالبًا له ولمن يعوله عامًا كاملًا ،ول يزاد عليه ،إنّما حدّدوا العام لنّ الزّكاة تتكرّر ك ّ ن { النّبيّ صلى ال عليه وسلم ادّخر لهله قوت سنةٍ } .وسواء كان ما يكفيه يساوي ،ول ّ نصابًا أو نصبًا .وإن كان يملك أو يحصل له بعض الكفاية أعطي تمام الكفاية لعامٍ .وذهب ل منصوصٍ والحنابلة في رواي ٍة إلى أنّ الفقير والمسكين يعطيان ما يخرجهما الشّافعيّة في قو ٍ من الفاقة إلى الغنى وهو ما تحصل به الكفاية على الدّوام ،لحديث قبيصة مرفوعًا { إنّ المسألة ل تحلّ إلّ لثلث ٍة :رجلٍ أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلّت له المسألة حتّى يصيب ش ،أو قال :سدادًا من عيشٍ } ..الحديث .قالوا :فإن كان من عادته قوامًا من عي ٍ الحتراف أعطي ما يشتري به أدوات حرفته قلّت قيمتها أو كثرت بحيث يحصل له من ربحه ما يفي بكفايته غالبًا تقريبًا ،وإن كان تاجرًا أعطي بنسبة ذلك ،وإن كان من أهل الضّياع يشترى له ضيعة تكفيه غلّتها على الدّوام .قال بعضهم :يشتريها له المام ويلزمه بعدم إخراجها عن ملكه .وذهب الحنفيّة إلى أنّ من ل يملك نصابًا زكويّا كاملًا يجوز أن يدفع إليه
أقلّ من مائتي درهمٍ أو تمامها .ويكره أكثر من ذلك ،وقال زفر ل يجوز تمام المائتين أو أكثر .وهذا عند الحنفيّة لمن لم يكن له عيال ول دين عليه ،فإن كان له عيال فلكلّ منهم مائتا درهمٍ ،والمدين يعطى لدينه ولو فوق المائتين كما يأتي في الغارمين . ( إثبات الفقر ) : ي أنّه ل يجد مكسبًا يجوز أن يعطى من الزّكاة إن كان - 165إذا ادّعى رجل صحيح قو ّ ي صلى ال عليه وسلم كما في الحديث مستور الحال ،ويقبل قوله بغير يمينٍ ،لقول النّب ّ المتقدّم { :إن شئتما أعطيتكما } لكن من علم كذبه بيقينٍ لم يصدّق ولم يجز إعطاؤه من الزّكاة .وإن ادّعى أنّ له عيالًا وطلب من الزّكاة لجلهم ،فعند الشّافعيّة والحنابلة ل يقبل قوله إلّ ببيّنةٍ ،لنّ الصل عدم العيال ،ول تتعذّر إقامة البيّنة على ذلك .وكذا من كان ن ماله تلف أو فقد كلّف البيّنة على ذلك معروفًا باليسار ل يعطى من الزّكاة ،لكن إن ادّعى أ ّ .واختلف قول الحنابلة في عدد البيّنة ،فقيل :ل ب ّد من ثلث ٍة ،لما ورد في حديث قبيصة أنّ ن المسألة ل النّبيّ قال له { :أقم حتّى تأتينا الصّدقة فنأمر لك بها .ثمّ قال :يا قبيصة :إ ّ تحلّ إلّ لحد ثلثةٍ ...وذكر منهم :رجلٍ أصابته فاقة حتّى يقوم له ثلثة من ذوي الحجا من ش أو قال :سدادًا قومه ،لقد أصابت فلنًا فاقة ،فحلّت له المسألة حتّى يصيب قوامًا من عي ٍ من عيشٍ } .وقيل عندهم :يقبل قول اثنين فقط كسائر الحقوق ،والحديث وارد في المسألة ،ل في العطاء دون مسألةٍ . الصّنف الثّالث :العاملون على الزّكاة : - 166يجوز إعطاء العاملين على الزّكاة منها .ويشترط في العامل الّذي يعطى من الزّكاة شروط تقدّم بيانها .ول يشترط فيمن يأخذ من العاملين من الزّكاة الفقر ; لنّه يأخذ بعمله ل لفقره .وقد قال النّبيّ { :ل تحلّ الصّدقة لغنيّ إلّ لخمس ٍة ..فذكر منهم العامل عليها } .قال الحنفيّة :يدفع إلى العامل بقدر عمله فيعطيه ما يسعه ويسع أعوانه غير مق ّدرٍ بالثّمن ،ول يزاد على نصف الزّكاة الّتي يجمعها وإن كان عمله أكثر .وقال الشّافعيّة والحنابلة :للمام ل معلومٍ .ثمّ أن يستأجر العامل إجارةً صحيحةً بأجرٍ معلومٍ ،إمّا على مدّ ٍة معلومةٍ ،أو عم ٍ قال الشّافعيّة :ل يعطى العامل من الزّكاة أكثر من ثمن الزّكاة ،فإن زاد أجره على الثّمن أتمّ له من بيت المال .وقيل من باقي السّهام .ويجوز للمام أن يعطيه أجره من بيت المال . وله أن يبعثه بغير إجار ٍة ثمّ يعطيه أجر المثل .وإن تولّى المام ،أو والي القليم أو القاضي من قبل المام أو نحوهم أخذ الزّكاة وقسمتها لم يجز أن يأخذ من الزّكاة شيئًا ; لنّه يأخذ رزقه من بيت المال وعمله عامّ .
الصّنف الرّابع :المؤلّفة قلوبهم : - 167اختلف الفقهاء في صنف المؤلّفة قلوبهم :فالمعتمد عند ك ّل من المالكيّة والشّافعيّة ل عند ك ّل من المالكيّة والشّافعيّة ن سهم المؤلّفة قلوبهم باقٍ لم يسقط .وفي قو ٍ والحنابلة أ ّ وروايةٍ عند الحنابلة :أنّ سهمهم انقطع لعزّ السلم ،فل يعطون الن ،لكن إن احتيج لستئلفهم في بعض الوقات أعطوا .قال ابن قدامة :لعلّ معنى قول أحمد :انقطع ن الئمّة ل يعطونهم اليوم شيئًا ،فأمّا إن سهمهم ،أي ل يحتاج إليهم في الغالب ،أو أراد أ ّ احتيج إلى إعطائهم جاز الدّفع إليهم ،فل يجوز الدّفع إليهم إلّ مع الحاجة .وقال الحنفيّة : انعقد الجماع على سقوط سهمهم من الزّكاة لما ورد أنّ القرع بن حابسٍ وعيينة بن حصنٍ جاءا يطلبان من أبي بك ٍر أرضًا ،فكتب لهما بذلك ،فمرّا على عمر ،فرأى الكتاب فمزّقه ، وقال :هذا شيء كان رسول اللّه صلى ال عليه وسلم يعطيكموه ليتألّفكم ،والن قد أعزّ اللّه ل فبيننا وبينكم السّيف ،فرجعا إلى أبي بكرٍ السلم وأغنى عنكم ،فإن ثبتّم على السلم ،وإ ّ ،فقال ،ما ندري :الخليفة أنت أم عمر ؟ فقال :هو إن شاء ،ووافقه .ولم ينكر أحد من الصّحابة ذلك . - 168ثمّ اختلفوا :ففي قو ٍل للمالكيّة :المؤلّفة قلوبهم كفّار يعطون ترغيبًا لهم في السلم لجل أن يعينوا المسلمين ،فعليه ل تعطى الزّكاة لمن أسلم فعلًا .وقال الشّافعيّة :ل يعطى ن الزّكاة ل تعطى لكافرٍ ،للحديث { :تؤخذ من أغنيائهم وتردّ من هذا السّهم لكافرٍ أصلًا ،ل ّ على فقرائهم } بل تعطى لمن أسلم فعلًا ،وهناك أقوال أخرى للشّافعيّة .وقال الحنابلة : ل من الشّافعيّة والمالكيّة يجوز العطاء من الزّكاة للمؤلّف مسلمًا كان أو كافرًا .وعند ك ّ أقوال بمثل هذا .قال ابن قدامة :المؤلّفة قلوبهم ضربان :كفّار ومسلمون ،وهم جميعًا السّادة المطاعون في قومهم وعشائرهم .ثمّ ذكر المسلمين منهم فجعلهم أربعة أضربٍ : - 1سادة مطاعون في قومهم أسلموا ونيّتهم ضعيفة فيعطون تثبيتًا لهم . - 2قوم لهم شرف ورياسة أسلموا ويعطون لترغيب نظرائهم من الكفّار ليسلموا . - 3صنف يراد بتألّفهم أن يجاهدوا من يليهم من الكفّار ،ويحموا من يليهم من المسلمين . - 4صنف يراد بإعطائهم من الزّكاة أن يجبوا الزّكاة ممّن ل يعطيها .ثمّ ذكر ابن قدامة الكفّار فجعلهم ضربين : - 1من يرجى إسلمه فيعطى لتميل نفسه إلى السلم . - 2من يخشى شرّه ويرجى بعطيّته كفّ شرّه وكفّ غيره معه . الصّنف الخامس :في الرّقاب :
- 169وهم ثلثة أضربٍ :الوّل :المكاتبون المسلمون :فيجوز عند الجمهور الصّرف من الزّكاة إليهم ،إعان ًة لهم على فكّ رقابهم ولم يجز ذلك مالك ،كما لم يجز صرف شيءٍ من الزّكاة في إعتاق من انعقد له سبب ح ّريّ ٍة بغير الكتابة ،كالتّدبير والستيلد والتّبعيض .فعلى قول الجمهور :إنّما يعان المكاتب إن لم يكن قادرًا على الداء لبعض ما وجب عليه ،فإن كان ل يجد شيئًا أصلًا دفع إليه جميع ما يحتاج إليه للوفاء .الثّاني :إعتاق الرّقيق المسلم ، وقد ذهب إلى جواز الصّرف من الزّكاة في ذلك المالكيّة وأحمد في روايةٍ ،وعليه فإن كانت الزّكاة بيد المام أو السّاعي جاز له أن يشتري رقبةً أو رقابًا فيعتقهم ،وولؤهم للمسلمين . وكذا إن كانت الزّكاة بيد ربّ المال فأراد أن يعتق رقب ًة تامّةً منها ،فيجوز ذلك لعموم الية { وفي الرّقاب } ويكون ولؤها عند المالكيّة للمسلمين أيضًا ،وعند الحنابلة :ما رجع من الولء ردّ في مثله ،بمعنى أنّه يشترى بما تركه المعتق ول وارث له رقاب تعتق .وعند أبي عبيدٍ :الولء للمعتق .وذهب الحنفيّة والشّافعيّة وأحمد في روايةٍ أخرى إلى أنّه ل يعتق سيّد ن ل تدفع إليه الزّكاة ; ولنّه دفع إلى ال ّ ن ذلك كدفع الزّكاة إلى القنّ ،والق ّ من الزّكاة ،ل ّ ك ،وليس بتمليكٍ ،لكن إن أعان من زكاته ن العتق إسقاط مل ٍ في الحقيقة ،وقال الحنفيّة :ل ّ في إعتاق رقب ٍة جاز عند أصحاب هذا القول من الحنابلة .الثّالث :أن يفتدي بالزّكاة أسيرًا مسلمًا من أيدي المشركين ،وقد صرّح الحنابلة وابن حبيبٍ وابن عبد الحكم من المالكيّة بجواز هذا النّوع ; لنّه فكّ رقبةٍ من السر ،فيدخل في الية بل هو أولى من فكّ رقبة من بأيدينا .وصرّح المالكيّة بمنعه . الصّنف السّادس :الغارمون :والغارمون المستحقّون للزّكاة ثلثة أضربٍ :الضّرب الوّل : من كان عليه دين لمصلحة نفسه .وهذا متّفق عليه من حيث الجملة ،ويشترط لعطائه من الزّكاة ما يلي : - 1أن يكون مسلمًا . - 2أن ل يكون من آل البيت ،وعند الحنابلة قول :بجواز إعطاء مدين آل البيت منها . - 3واشترط المالكيّة أن ل يكون قد استدان ليأخذ من الزّكاة ،كأن يكون عنده ما يكفيه وتوسّع في النفاق بالدّين لجل أن يأخذ منها ،بخلف فقيرٍ استدان للضّرورة ناويًا الخذ منها . - 4وصرّح المالكيّة بأنّه يشترط أن يكون الدّين ممّا يحبس فيه ،فيدخل فيه دين الولد على والده ،والدّين على المعسر ،وخرج دين الكفّارات والزّكاة .
-5أن ل يكون دينه في معصيةٍ ،وهذا عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ،كأن يكون بسبب خمرٍ ،أو قمارٍ ،أو زنًا ،لكن إن تاب يجوز الدّفع إليه ،وقيل :ل .ورجّح المالكيّة الوّل ،وع ّد الشّافعيّة السراف في النّفقة من باب المعصية الّتي تمنع العطاء من الزّكاة . -6أن يكون الدّين حالّا ،صرّح بهذا الشّرط الشّافعيّة ،قالوا :إن كان الدّين مؤجّلًا ففي المسألة ثلثة أقوالٍ ثالثها :إن كان الجل تلك السّنة أعطي ،وإلّ فل يعطى من صدقات تلك السّنة . -7أن ل يكون قادرًا على السّداد من مالٍ عنده زكويّ أو غير زكويّ زائدٍ عن كفايته ،فلو كان له دار يسكنها تساوي مائةً وعليه مائة ،وتكفيه دار بخمسين فل يعطى حتّى تباع ، ويدفع الزّائد في دينه على ما صرّح به المالكيّة ،ولو وجد ما يقضي به بعض الدّين أعطي البقيّة فقط ،وإن كان قادرًا على وفاء الدّين بعد زمنٍ بالكتساب ،فعند الشّافعيّة قولن في جواز إعطائه منها .الضّرب الثّاني :الغارم لصلح ذات البين : ن المسألة ل تحلّ إلّ لثلثةٍ .فذكر منهم - 171الصل فيه حديث قبيصة المرفوع { :إ ّ ورجلٍ تحمّل حمال ًة فحلّت له المسألة حتّى يصيبها ثمّ يمسك } فذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى ن هذا النّوع من الغارمين يعطى من الزّكاة سواء كان غنيّا أو فقيرًا ; لنّه لو اشترط الفقر أّ فيه لقلّت الرّغبة في هذه المكرمة ،وصورتها أن يكون بين قبيلتين أو حيّين فتنة ،يكون فيها ل ،فيتحمّله لجل الصلح بينهم ،فيعطى من الزّكاة لتسديد حمالته ، قتل نفسٍ أو إتلف ما ٍ ن استدانه ; لنّ وقيّد الحنابلة العطاء بما قبل الداء الفعليّ ،ما لم يكن أدّى الحمالة من دي ٍ الغرم يبقى .وقال الحنفيّة :ل يعطى المتحمّل من الزّكاة إلّ إن كان ل يملك نصابًا فاضلًا عن دينه كغيره من المدينين .ولم يصرّح المالكيّة بحكم هذا الضّرب فيما اطّلعنا عليه . الضّرب الثّالث :الغارم بسبب دين ضمانٍ وهذا الضّرب ذكره الشّافعيّة ،والمعتبر في ذلك أن يكون كلّ من الضّامن والمضمون عنه معسرين ،فإن كان أحدهما موسرًا ففي إعطاء الضّامن من الزّكاة خلف عندهم وتفصيل . ( الدّين على الميّت ) : 171م -إن مات المدين ول وفاء في تركته لم يجز عند الجمهور سداد دينه من الزّكاة . وقال المالكيّة :يوفّى دينه منها ولو مات ،قال بعضهم :هو أحقّ بالقضاء لليأس من إمكان القضاء عنه ،وهو أحد قولين عند الشّافعيّة .ويأتي بيان ما يتعلّق بالميّت تفصيلًا . الصّنف السّابع :في سبيل اللّه .وهذا الصّنف ثلثة أضربٍ .
- 172الضّرب الوّل :الغزاة في سبيل اللّه تعالى ،والّذين ليس لهم نصيب في الدّيوان ، بل هم متطوّعون للجهاد .وهذا الضّرب متّفق عليه عند الفقهاء من حيث الجملة ،فيجوز إعطاؤهم من الزّكاة قدر ما يتجهّزون به للغزو من مركبٍ وسلحٍ ونفق ٍة وسائر ما يحتاج إليه الغازي لغزوه مدّة الغزو وإن طالت .ول يشترط عند الجمهور في الغازي أن يكون فقيرًا ، بل يجوز إعطاء الغنيّ لذلك ،لنّه ل يأخذ لمصلحة نفسه ،بل لحاجة عامّة المسلمين ،فلم يشترط فيه الفقر .وقال الحنفيّة :إن كان الغازي غنيّا ،وهو من يملك خمسين درهمًا أو قيمتها من الذّهب كما تقدّم في صنف الفقراء فل يعطى من الزّكاة ،وإلّ فيعطى ،وإن كان ن الكسب يقعده عن الجهاد .وعند محمّدٍ الغازي منقطع الحاجّ ل منقطع الغزاة . كاسبًا ; ل ّ وصرّح المالكيّة بأنّه يشترط في الغازي أن يكون ممّن يجب عليه الجهاد ،لكونه مسلمًا ذكرًا بالغًا قادرًا ،وأنّه يشترط أن يكون من غير آل البيت .وأمّا جنود الجيش الّذين لهم نصيب في الدّيوان فل يعطون من الزّكاة ،وفي أحد قولين عند الشّافعيّة :إن امتنع إعطاؤهم من بيت المال لضعفه ،يجوز إعطاؤهم من الزّكاة .الضّرب الثّاني :مصالح الحرب - 173 وهذا الضّرب ذكره المالكيّة ،فالصّحيح عندهم أنّه يجوز الصّرف من الزّكاة في مصالح الجهاد الخرى غير إعطاء الغزاة ،نحو بناء أسوارٍ للبلد لحفظها من غزو العدوّ ،ونحو بناء المراكب الحربيّة ،وإعطاء جاسوسٍ يتجسّس لنا على العد ّو ،مسلمًا كان أو كافرًا .وأجاز بعض الشّافعيّة أن يشترى من الزّكاة السّلح وآلت الحرب وتجعل وقفًا يستعملها الغزاة ثمّ يردّونها ،ولم يجزه الحنابلة .وظاهر صنيع سائر الفقهاء -إذ قصروا سهم سبيل اللّه على الغزاة ،أو الغزاة والحجّاج ،أنّه ل يجوز الصّرف منه في هذا الضّرب ،ووجهه أنّه ل تمليك فيه ،أو فيه تمليك لغير أهل الزّكاة ،أو كما قال أحمد :لنّه لم يؤت الزّكاة لحدٍ ، وهو مأمور بإيتائها ( .الضّرب الثّالث :الحجّاج ) : - 174ذهب جمهور العلماء ( الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والثّوريّ وأبو ثورٍ وابن المنذر وهو رواية عن أحمد ،وقال ابن قدامة :إنّه الصّحيح ) إلى أنّه ل يجوز الصّرف في الحجّ من الزّكاة ; لنّ سبيل اللّه في آية مصارف الزّكاة مطلق ،وهو عند الطلق ينصرف إلى ن الكثر ممّا ورد من ذكره في كتاب اللّه تعالى قصد به الجهاد في سبيل اللّه تعالى ،ل ّ ج في سبيل اللّه فيصرف فيه الجهاد ،فتحمل الية عليه .وذهب أحمد في رواي ٍة ،إلى أنّ الح ّ ن رجلًا جعل ناقته في سبيل اللّه ،فأرادت امرأته أن تحجّ ،فقال لها من الزّكاة ،لما روي { أ ّ ج من سبيل اللّه } فعلى هذا القول ل النّبيّ صلى ال عليه وسلم :فهلّ خرجت عليه فإنّ الح ّ ج الفريضة خاصّةً ،وفي ج به سواها ،ول يعطى إلّ لح ّ يعطى من الزّكاة من كان له مال يح ّ قولٍ عند الحنابلة :يجوز حتّى في حجّ التّطوّع .وينقل عن بعض فقهاء الحنفيّة أنّ مصرف
ج يعطى من الزّكاة عند الشّافعيّة على أنّه في سبيل اللّه هو لمنقطع الحجّاج .إلّ أنّ مريد الح ّ ل كما يأتي . ابن سبي ٍ الصّنف الثّامن :ابن السّبيل :سمّي بذلك لملزمته الطّريق ،إذ ليس هو في وطنه ليأوي إلى سكنٍ .وهذا الصّنف ضربان : - 175الضّرب الوّل :المتغرّب عن وطنه الّذي ليس بيده ما يرجع به إلى بلده :وهذا ل في قو ٍل ضعيفٍ الضّرب متّفق على أنّه من أصحاب الزّكاة ،فيعطى ما يوصله إلى بلده ،إ ّ عند الشّافعيّة :أنّه ل يعطى ; لنّ ذلك يكون من باب نقل الزّكاة من بلدها .ول يعطى من الزّكاة إلّ بشروطٍ :الشّرط الوّل :أن يكون مسلمًا ،من غير آل البيت .الشّرط الثّاني :أن ل يكون بيده في الحال مال يتمكّن به من الوصول إلى بلده وإن كان غنيّا في بلده ،فلو كان له مال مؤجّل أو على غائبٍ ،أو معسرٍ ،أو جاحدٍ ،لم يمنع ذلك الخذ من الزّكاة على ما صرّح به الحنفيّة .الشّرط الثّالث :أن ل يكون سفره لمعصيةٍ ،صرّح بهذا الشّرط المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ،فيجوز إعطاؤه إن كان سفره لطاعةٍ واجبةٍ كحجّ الفرض ،وبرّ الوالدين ،أو مستحبّ ٍة كزيارة العلماء والصّالحين ،أو كان سفره لمباحٍ كالمعاشات والتّجارات ،فإن كان سفره لمعصي ٍة لم يجز إعطاؤه منها لنّه إعانة عليها ،ما لم يتب ،وإن كان للنّزهة فقط ففيه وجهان عند الحنابلة :أقواهما :أنّه ل يجوز ; لعدم حاجته إلى هذا السّفر .الشّرط الرّابع :وهو للمالكيّة خاصّ ًة :أن ل يجد من يقرضه إن كان ببلده غنيّا .ول يعطى أهل هذا ل للحنابلة :إن كان قاصدًا الضّرب من الزّكاة أكثر ممّا يكفيه للرّجوع إلى وطنه ،وفي قو ٍ بلدًا آخر يعطى ما يوصله إليه ثمّ يردّه إلى بلده .قال المالكيّة :فإن جلس ببلد الغربة بعد أخذه من الزّكاة نزعت منه ما لم يكن فقيرًا ببلده ،وإن فضل معه فضل بعد رجوعه إلى بلده ل عند الحنابلة .ثمّ قد قال الحنفيّة :من كان قادرًا على السّداد فالولى له نزع منه على قو ٍ أن يستقرض ول يأخذ من الزّكاة .الضّرب الثّاني :من كان في بلده ويريد أن ينشئ سفرًا : - 176فهذا الضّرب منع الجمهور إعطاءه ،وأجاز الشّافعيّة إعطاءه لذلك بشرط أن ل يكون معه ما يحتاج إليه في سفره ،وأن ل يكون في معصي ٍة ،فعلى هذا يجوز إعطاء من يريد ج ما ل يحجّ به .والحنفيّة ل ج من الزّكاة إن كان ل يجد في البلد الّذي ينشئ منه سفر الح ّ الح ّ ن من كان ببلده ،وليس له بيده مال ينفق منه يرون جواز العطاء في هذا الضّرب ،إلّ أ ّ وله مال في غير بلده ،ل يصل إليه ،رأوا أنّه ملحق بابن السّبيل . أصناف الّذين ل يجوز إعطاؤهم من الزّكاة :
ن الزّكاة والصّدقة محرّمتان على النّبيّ ي محمّدٍ صلى ال عليه وسلم ل ّ - 1 - 177آل النّب ّ صلى ال عليه وسلم وعلى آله ،وقد تقدّم بيان حكمهم في ( آل ) . - 2الغنياء ،وقد تقدّم بيان من هم في صنف الفقراء والمساكين .قال ابن قدامة :خمسة ل يعطون إلّ مع الحاجة :الفقير ،والمسكين ،والمكاتب ،والغارم لمصلحة نفسه ،وابن السّبيل ،وخمسة يأخذون مع الغنى :العامل ،والمؤلّف قلبه ،والغازي ،والغارم لصلح ذات البين ،وابن السّبيل الّذي له اليسار في بلده .وخالف الحنفيّة في الغازي والغارم لصلح ذات البين ،فرأوا أنّهم ل يأخذون إلّ مع الحاجة . - 3الكفّار ولو كانوا أهل ذمّ ٍة :ل يجوز إعطاؤهم من الزّكاة .نقل ابن المنذر الجماع على ذلك لحديث { :إنّ اللّه افترض عليهم صدقةً تؤخذ من أغنيائهم وتردّ على فقرائهم } وأجاز الحنابلة في قولٍ إعطاءهم مع العاملين إن عملوا على الزّكاة .ويستثنى المؤلّف قلبه أيضًا على التّفصيل والخلف المتقدّم في موضعه .ويشمل الكافر هنا الكافر الصليّ والمرتدّ ، ومن كان متس ّميًا بالسلم وأتى بمك ّفرٍ نحو الستخفاف بالقرآن ،أو سبّ اللّه أو رسوله ،أو دين السلم ،فهو كافر ل يجوز إعطاؤه من الزّكاة اتّفاقًا ،وانظر مصطلح ( :ردّة ) . كلّ من انتسب إليه المزكّي أو انتسب إلى المزكّي بالولدة .ويشمل ذلك أصوله وهم أبواه وأجداده ،وجدّاته ،وارثين كانوا أو ل ،وكذا أولده وأولد أولده ،وإن نزلوا ،قال الحنفيّة :لنّ منافع الملك بينهم متّصلة ،وهذا مذهب الحنفيّة والحنابلة .أمّا سائر القارب ،وهم الحواشي كالخوة والخوات والعمام والعمّات والخوال والخالت ،وأولدهم ،فل يمتنع إعطاؤهم زكاته ولو كان بعضهم في عياله ،لقول النّبيّ صلى ال عليه وسلم { :الصّدقة على المسكين صدقة ،وهي على ذي الرّحم اثنتان :صدقة وصلة } وهذا مذهب الحنفيّة وهو القول المقدّم عند الحنابلة .وأمّا عند المالكيّة والشّافعيّة فإنّ القارب الّذين تلزم نفقتهم المزكّي ل يجوز أن يعطيهم من الزّكاة ،والّذين تلزم نفقتهم عند المالكيّة الب والمّ دون الجدّ والجدّة ،والبن والبنت دون أولدهما ،واللّازم نفقة البن ما دام في ح ّد الصّغر ،والبنت إلى أن تتزوّج ويدخل بها زوجها .والّذين تلزم نفقتهم عند الشّافعيّة الصول والفروع .وفي روايةٍ عند الحنابلة وهو قول الثّوريّ :يفرّق في غير الصول والفروع بين الموروث منهم وغير الموروث ،فغير الموروث يجزئ إعطاؤه من الزّكاة ،والموروث ل يجزئ ،وعلى الوارث نفقته إن كان الموروث فقيرًا فيستغني بها عن الزّكاة ،إذ لو أعطاه من الزّكاة لعاد نفع زكاته إلى نفسه ،ويشترط هنا شروط الرث ومنها :أن ل يكون الوارث محجوبًا عن الميراث وقت إعطاء الزّكاة واستثنى الحنفيّة في ظاهر الرّواية من فرض له القاضي النّفقة على
ب آخر ،على أنّهم نصّوا على ب في واج ٍ المزكّي ،فل يجزئ إعطاؤه الزّكاة ،لنّه أداء واج ٍ أن يجوز أن يدفعها إلى زوجة أبيه وزوجة ابنه وزوج ابنته .وقيّد المالكيّة والشّافعيّة وابن تيميّة من الحنابلة العطاء الممنوع بسهم الفقراء والمساكين ،أمّا لو أعطى والده أو ولده من سهم العاملين أو المكاتبين أو الغارمين أو الغزاة فل بأس .وقالوا أيضًا :إن كان ل يلزمه نفقته جاز إعطاؤه . دفع الزّوج زكاة ماله إلى زوجته وعكسه : - 178ل يجزئ الرّجل إعطاء زكاة ماله إلى زوجته .قال ابن قدامة :هو إجماع ،قال الحنفيّة :لنّ المنافع بين الزّوجين مشتركة ،وقال الجمهور :لنّ نفقتها واجبة على الزّوج ، ل المنع إعطاؤها الزّكاة لتنفقها على نفسها ،فأمّا لو أعطاها ما فيكون كالدّافع إلى نفسه ،ومح ّ تدفعه في دينها ،أو لتنفقه على غيرها من المستحقّين ،فل بأس ،على ما صرّح به المالكيّة ن الممنوع إعطاؤها من سهم الفقراء أو المساكين ،أمّا من وقريب منه ما قال الشّافعيّة :إ ّ سهمٍ آخر هي مستحقّة له فل بأس ،وهو ما يفهم أيضًا من كلم ابن تيميّة .وأمّا إعطاء المرأة زوجها زكاة مالها فقد اختلف فيه :فذهب الشّافعيّ وصاحبا أبي حنيفة وهو رواية عن أحمد واختيار ابن المنذر ،إلى جواز ذلك لحديث { زينب زوجة عبد اللّه بن مسعودٍ رضي ال عنهما ،وفيه أنّها هي وامرأة أخرى سألتا النّبيّ صلى ال عليه وسلم :هل تجزئ الصّدقة عنهما على أزواجهما ،وعلى أيتا ٍم في حجرهما ؟ فقال :لهما أجران أجر القرابة وأجر الصّدقة } .وقال ابن قدامة :ولنّه ل تجب عليها نفقة الزّوج ،ولعموم آية مصارف ص أو إجماع يمنع إعطاءه .وقال أبو حنيفة ، الزّكاة ،إذ ليس في الزّوج إذا كان فقيرًا ن ّ وهو رواية أخرى عن أحمد :ل يجزئ المرأة أن تعطي زوجها زكاتها ولو كانت في عدّتها ن المنافع بين الرّجل وبين امرأته مشتركة ،فهي من طلقه البائن ولو بثلث طلقاتٍ ; ل ّ ن الزّوج ل يقطع بسرقة مال امرأته ،ول تصحّ تنتفع بتلك الزّكاة الّتي تعطيها لزوجها ; ول ّ شهادته لها .وقال مالك :ل تعطي المرأة زوجها زكاة مالها .واختلف أصحابه في معنى كلمه ،فقال بعضهم :بأنّ مراده عدم الجزاء ،وقال آخرون :بإجزائه مع الكراهة . ( - 6الفاسق والمبتدع ) : - 179ذكر الحافظ ابن حجرٍ في شرحه لحديث { :تصدّق اللّيلة على كافرٍ } أنّ في إعطاء الزّكاة للعاصي خلفًا ،وقد صرّح المالكيّة بأنّ الزّكاة ل تعطى لهل المعاصي إن غلب ن المعطي أنّهم يصرفونها في المعصية ،فإن أعطاهم على ذلك لم تجزئه عن على ظ ّ الزّكاة ،وفي غير تلك الحال تجوز ،وتجزئ .وعند الحنابلة قال ابن تيميّة :ينبغي للنسان
أن يتحرّى بزكاته المستحقّين من أهل الدّين المتّبعين للشّريعة ،فمن أظهر بدعةً أو فجورًا فإنّه يستحقّ العقوبة بالهجر وغيره والستتابة فكيف يعان على ذلك ؟ ،وقال :من كان ل يصلّي يؤمر بالصّلة ،فإن قال :أنا أصلّي ،أعطي ،وإلّ لم يعط ،ومراده أنّه يعطى ما لم يكن معلومًا بالنّفاق .وعند الحنفيّة يجوز إعطاء الزّكاة للمنتسبين إلى السلم من أهل البدع إن كانوا من الصناف الثّمانية ،ما لم تكن بدعتهم مكفّرةً مخرجةً لهم عن السلم .على أنّ الولى تقديم أهل الدّين المستقيمين عليه في العتقاد ،والعمل على من عداهم عند العطاء ي}. من الزّكاة ،لحديث { :ل تصاحب إلّ مؤمنًا ول يأكل طعامك إلّ تق ّ ( - 7الميّت ) : - 180ذهب الحنفيّة وهو قول للشّافعيّة والحنابلة ( على المذهب ) والنّخعيّ :إلى أنّه ل ن الميّت ل تعطى الزّكاة في تجهيز ميّتٍ عند من قال بأنّ ركن الزّكاة تمليكها لمصرفها ،فإ ّ يملك ،ومن شرط صحّة الزّكاة التّمليك ،قالوا :ول يجوز أن يقضى بها دين الميّت الّذي لم يترك وفا ًء ; لنّ قضاء دين الغير بها ل يقتضي تمليكه إيّاها ،قال أحمد :ل يقضى من الزّكاة دين الميّت ،ويقضى منها دين الحيّ .وقال المالكيّة وهو قول للشّافعيّة ونقله في الفروع عن أبي ثورٍ ،وعن اختيار ابن تيميّة ،وأنّ في ذلك روايةً عن أحمد :أنّه ل بأس أن يقضى من الزّكاة دين الميّت الّذي لم يترك وفاءً إن تمّت فيه شروط الغارم ،قال بعض المالكيّة :بل هو أولى من دين الحيّ في أخذه من الزّكاة ،لنّه ل يرجى قضاؤه بخلف ج النّوويّ لهذا القول بعموم الغارمين في آية مصارف الزّكاة ،وبأنّه يصحّ الحيّ ،واحت ّ التّبرّع بقضاء دين الميّت كدين الحيّ . - 8جهات الخير من غير الصناف الثّمانية : - 181ذهب الفقهاء إلى أنّه ل يجوز صرف الزّكاة في جهات الخير غير ما تقدّم بيانه ،فل تنشأ بها طريق ،ول يبنى بها مسجد ول قنطرة ،ول تشقّ بها ترعة ،ول يعمل بها سقاية ، ول يوسّع بها على الصناف ،ولم يصحّ فيه نقل خلفٍ عن معيّنٍ يعتدّ به ،وظاهر كلم الرّمليّ أنّه إجماع ،واحتجّوا لذلك بأمرين :الوّل :أنّه ل تمليك فيها ; لنّ المسجد ونحوه ل يملك ،وهذا عند من يشترط في الزّكاة التّمليك .والثّاني :الحصر الّذي في الية ،فإنّ ن اللّه جعل المساجد ونحوها ليست من الصناف الثّمانية ،وفي الحديث المتقدّم الّذي فيه { :إ ّ الزّكاة ثمانية أجزا ٍء } .ول يثبت ممّا نقل عن أنسٍ وابن سيرين خلف ذلك . ما يراعى في قسمة الزّكاة بين الصناف الثّمانية : أ ( -تعميم الزّكاة على الصناف ) :
- 182ذهب جمهور العلماء ( الحنفيّة والمالكيّة وهو المذهب عند الحنابلة وهو قول الثّوريّ وأبي عبيدٍ ) إلى أنّه ل يجب تعميم الزّكاة على الصناف ،سواء كان الّذي يؤدّيها إليها ربّ المال أو السّاعي أو المام ،وسواء كان المال كثيرًا أو قليلًا ،بل يجوز أن تعطى لصنفٍ واحدٍ أو أكثر ،ويجوز أن تعطى لشخصٍ واح ٍد إن لم تزد عن كفايته ،وهو مرويّ عن عمر ف وضعته أجزأك . س ،قال ابن عبّاسٍ :في أيّ صن ٍ وابن عبّا ٍ - 183واحتجّوا بحديث { :تؤخذ من أغنيائهم فتردّ على فقرائهم } قالوا :والفقراء صنف واحد من أصناف أهل الزّكاة الثّمانية ،وبوقائع أعطى فيها النّبيّ صلى ال عليه وسلم الزّكاة لفردٍ واح ٍد أو أفرادٍ ،منها { :أنّه أعطى سلمة بن صخرٍ البياضيّ صدقة قومه } .وقال لقبيصة { :أقم يا قبيصة حتّى تأتينا الصّدقة فنأمر لك بها } .قالوا :واللّام في آية الصّدقات بمعنى " أو " ،أو هي لبيان المصارف ،أو هي للختصاص ،ومعنى الختصاص عدم خروجها عنهم .وصرّح المالكيّة بأنّ التّعميم ل يندب إلّ أن يقصد الخروج من الخلف ، وكذا استحبّ الحنابلة التّعميم للخروج من الخلف .وذهب الشّافعيّة ،وهو رواية عن أحمد وقول عكرمة ،إلى أنّه يجب تعميم الصناف ،وإعطاء كلّ صنفٍ منهم الثّمن من الزّكاة المتجمّعة ،واستدلّوا بآية الصّدقات ،فإنّه تعالى أضاف الزّكاة إليهم فاللّام التّمليك ،وأشرك ب المال :هذا بينهم بواو التّشريك ،فدلّ على أنّها مملوكة لهم مشتركة بينهم ،فإنّه لو قال ر ّ المال لزيدٍ وعمرٍو وبك ٍر قسمت بينهم ووجبت التّسوية ،فكذا هذا ،ولو أوصى لهم وجب التّعميم والتّسوية .وتفصيل مذهب الشّافعيّة في ذلك أنّه يجب استيعاب الصناف الثّمانية في القسم إن قسم المام وهناك عامل ،فإن لم يكن عامل بأن قسم المالك ،أو حمل أصحاب الموال زكاتهم إلى المام ،فالقسمة على سبعة أصنافٍ ،فإن فقد بعضهم فعلى الموجودين منهم ،ويستوعب المام من الزّكوات المجتمعة عنده آحاد كلّ صنفٍ وجوبًا ،إن كان ن الية ل صنفٍ ; ل ّ المستحقّون في البلد ،ووفى بهم المال .وإلّ فيجب إعطاء ثلث ٍة من ك ّ ذكرت الصناف بصيغة الجمع .قالوا :وينبغي للمام أو السّاعي أن يعتني بضبط المستحقّين ،ومعرفة أعدادهم ،وقدر حاجاتهم ،واستحقاقهم ،بحيث يقع الفراغ من جمع الزّكوات بعد معرفة ذلك أو معه ليتعجّل وصول حقّهم إليهم .قالوا :وتجب التّسوية بين الصناف ،وإن كانت حاجة بعضهم أشدّ ،ول تجب التّسوية بين أفراد كلّ صنفٍ إن قسم المالك ،بل يجوز تفضيل بعضهم على بعضٍ ،أمّا إن قسم المام فيحرم عليه التّفضيل مع تساوي الحاجات ،فإن فقد بعض الصناف أعطى سهمه للصناف الباقية ،وكذا إن اكتفى بعض الصناف وفضل شيء ،فإن اكتفى جميع أفراد الصناف جميعًا بالبلد ،جاز النّقل إلى أقرب البلد إليه على الظهر ،على ما يأتي بيانه .وقال النّخعيّ :إن كانت الزّكاة قليلةً
ل وجب استيعاب الصناف ،وقال أبو ثورٍ وأبو عبيدٍ : جاز صرفها إلى صنفٍ واحدٍ ،وإ ّ إن أخرجها المام وجب استيعاب الصناف ،وإن أخرجها المالك جاز أن يجعلها في صنفٍ واحدٍ . التّرتيب بين المصارف : - 184صرّح الشّافعيّة والحنابلة بأنّ العامل على الزّكاة يبدأ به قبل غيره في العطاء من الزّكاة ; لنّه يأخذ على وجه العوض عن عمله ،وغيره يأخذ على سبيل المواساة ،قال الشّافعيّة وهو قول عند الحنابلة :فإن كان سهم العاملين وهو ثمن الزّكاة قدر حقّه أخذه ،وإن زاد عن حقّه ردّ الفاضل على سائر السّهام ،وإن كان أقلّ من حقّه تمّم له من سهم ن العامل يقدّم بأجرته على سائر المصالح ،وقيل :من باقي السّهام .والمذهب عند الحنابلة أ ّ الصناف ،أي من مجموع الزّكاة .أمّا ما بعد ذلك ،فقال الشّافعيّة :يقسم بين باقي الصناف كما تقدّم .ونظر الحنفيّة والمالكيّة إلى الحاجة ،فقال الحنفيّة :يقدّم المدين على ن حاجة المدين أشدّ ،وراعى الحنفيّة أمورًا أخرى تأتي في نقل الزّكاة .وقال الفقير ل ّ المالكيّة :يندب إيثار المضطرّ على غيره بأن يزاد في إعطائه منها .ونظر الحنابلة إلى الحاجة مع القرابة فقالوا :يقدّم الحوج فالحوج استحبابًا ،فإن تساووا قدّم القرب إليه ،ثمّ من كان أقرب في الجوار وأكثر دينًا ،وكيف فرّقها جاز ،بعد أن يضعها في الصناف الّذين سمّاهم اللّه تعالى . نقل الزّكاة : - 185إذا فاضت الزّكاة في بلدٍ عن حاجة أهلها جاز نقلها اتّفاقًا ،بل يجب ،وأمّا مع الحاجة فيرى الحنفيّة أنّه يكره تنزيهًا نقل الزّكاة من بلدٍ إلى بلدٍ ،وإنّما تفرّق صدقة كلّ أهل ي صلى ال عليه وسلم { :تؤخذ من أغنيائهم فتردّ على فقرائهم } .ولنّ بلدٍ فيهم ،لقول النّب ّ فيه رعاية حقّ الجوار ،والمعتبر بلد المال ،ل بلد المزكّي .واستثنى الحنفيّة أن ينقلها المزكّي إلى قرابته ،لما في إيصال الزّكاة إليهم من صلة الرّحم .قالوا :ويقدّم القرب فالقرب .واستثنوا أيضًا أن ينقلها إلى قومٍ هم أحوج إليها من أهل بلده ،وكذا لصلح ،أو أورع ،أو أنفع للمسلمين ،أو من دار الحرب إلى دار السلم ،أو إلى طالب علمٍ .وذهب المالكيّة والشّافعيّة في الظهر والحنابلة إلى أنّه ل يجوز نقل الزّكاة إلى ما يزيد عن مسافة ن عمر رضي ال عنه بعث معاذًا إلى اليمن ، القصر ،لحديث معا ٍذ المتقدّم ،ولما ورد أ ّ فبعث إليه معاذ من الصّدقة ،فأنكر عليه عمر وقال :لم أبعثك جابيًا ول آخذ جزيةٍ ،ولكن بعثتك لتأخذ من أغنياء النّاس فتردّ على فقرائهم ،فقال معاذ :ما بعثت إليك بشي ٍء وأنا أجد
ن عمر بن عبد العزيز أتي بزكا ٍة من خراسان إلى الشّام فردّها إلى من يأخذه منّي .وروي أ ّ ن المالكيّة قالوا :المعتبر في الموال الظّاهرة خراسان .قالوا :والمعتبر بلد المال ،إلّ أ ّ البلد الّذي فيه المال ،وفي النّقد وعروض التّجارة البلد الّذي فيه المالك .واستثنى المالكيّة أن يوجد من هو أحوج ممّن هو في البلد ،فيجب حينئذٍ النّقل منها ولو نقل أكثرها . - 186ثمّ إن نقلت الزّكاة حيث ل مسوّغ لنقلها ممّا تقدّم ،فقد ذهب الحنفيّة والشّافعيّة ، والحنابلة على المذهب ،إلى أنّها تجزئ عن صاحبها ; لنّه لم يخرج عن الصناف الثّمانية . وقال المالكيّة :إن نقلها لمثل من في بلده في الحاجة فتجزئه مع الحرمة ،وإن نقلها لدون منهم في الحاجة لم تجزئه على ما ذكره خليل والدّردير ،وقال الدّسوقيّ :نقل الموّاق أنّ ل .وقال الحنابلة في روايةٍ :ل تجزئه بكلّ حالٍ .وحيث نقلت المذهب الجزاء بكلّ حا ٍ الزّكاة فأجرة النّقل عند المالكيّة تكون من بيت المال ل من الزّكاة نفسها .وقال الحنابلة : تكون على المزكّي . ف فزال الوصف وهي في يده : حكم من أعطي من الزّكاة لوص ٍ - 187من أهل الزّكاة من يأخذ أخذًا مستقرّا فل يستر ّد منه شيء إن كان فيه سبب الستحقاق بشروطه عند الخذ ،وهم أربعة أصنافٍ :المسكين ،والفقير ،والعامل ، والمؤلّف قلبه .ومنهم من يأخذ أخذًا مراعًى ،فيستردّ منه إن لم ينفقه في وجهه ،أو تأدّى الغرض من بابٍ آخر ،أو زال الوصف والزّكاة في يده ،وهم أيضًا أربعة أصنافٍ ،على خلفٍ في بعضها : ح عند الشّافعيّة ،وفي روايةٍ عند - 1المكاتب ،فيستردّ من المعطى ما أخذ على الص ّ الحنابلة إن مات قبل أن يعتق ،أو عجز عن الوفاء فلم يعتق ،وقال الحنفيّة وهو رواية عند الحنابلة :يكون ما أخذه لسيّده ويحلّ له ،وفي روايةٍ عن أحمد :ل يستردّ ،ول يكون لسيّده ،بل ينفق في المكاتبين .ول ترد المسألة عند المالكيّة ; لنّهم ل يرون صرف الزّكاة للمكاتبين كما تقدّم . - 2الغارم :فإن استغنى المدين الّذي أخذ الزّكاة قبل دفعها في دينه تنزع منه ،وكذا لو أبرئ من الدّين ،أو قضاه من غير الزّكاة ،أو قضاه عنه غيره .وهذا عند المالكيّة ،وعلى الصحّ عند كلّ من الشّافعيّة والحنابلة ،ما لم يكن فقيرًا . - 3الغازي في سبيل اللّه :وقد صرّح المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة بأنّه إن أخذ الزّكاة للغزو ثمّ جلس فلم يخرج أخذت منه ،وقال الشّافعيّة والحنابلة أيضًا :لو خرج للغزو وعاد دون أن يقاتل مع قرب العد ّو تؤخذ منه كذلك .وحيث وجب ال ّردّ تنزع منه إن كان باقيه في يده ، وإن أنفقها أتّبع بها ،أي طولب ببدلها إن كان غنيّا ; لنّها تكون دينًا في ذمّته .
- 4ابن السّبيل :ويستردّ منه ما أخذه إن لم يخرج ،ما لم يكن فقيرًا ببلده ،وهذا عند ل :تمام السّنة . المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ،ويعتبر له عند الشّافعيّة ثلثة أيّامٍ ،وفي قو ٍ قالوا :ويردّ ما أخذ لو سافر ثمّ عاد ولم يصرف ما أخذه ،وقال المالكيّة :إنّما تنزع منه إن كانت باقي ًة ،فإن كان أنفقها لم يطالب ببدلها .وظاهر كلم الحنفيّة أنّه ل يلزم بال ّردّ ; لنّهم قالوا :ل يلزمه التّصدّق بما فضل في يده . حكم من أخذ الزّكاة وليس من أهلها : - 188ل يحلّ لمن ليس من أهل الزّكاة أخذها وهو يعلم أنّها زكاة ،إجماعًا .فإن أخذها فلم تستردّ منه فل تطيب له ،بل يردّها أو يتصدّق بها ; لنّها عليه حرام ،وعلى دافع الزّكاة أن يجتهد في تعرّف مستحقّي الزّكاة ،فإن دفعها بغير اجتهاده ،أو كان اجتهاده أنّه من غير أهلها وأعطاه لم تجزئ عنه ،إن تبيّن الخذ من غير أهلها ،والمراد بالجتهاد النّظر في أمارات الستحقاق ،فلو شكّ في كون الخذ فقيرًا فعليه الجتهاد كذلك . - 189أمّا إن اجتهد فدفع لمن غلب على ظنّه أنّه من أهل الزّكاة فتبيّن عدم كونه من أهلها ، فقد اختلف الفقهاء في ذلك ،فقال بعضهم :تجزئه ،وقال آخرون :ل تجزئه ،على تفصيلٍ ب إلى مذهبٍ .فعند أبي حنيفة ومح ّمدٍ :إن دفع الزّكاة إلى من يظنّه فقيرًا ثمّ يختلف من مذه ٍ ن الخذ أبوه ،أو ابنه فل إعادة بان أنّه غنيّ أو هاشميّ أو كافر ،أو دفع في ظلم ٍة ،فبان أ ّ عليه ،لحديث معن بن يزيد قال { :كان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدّق بها فوضعها عند رجلٍ في المسجد ،فجئت فأخذتها فأتيته بها ،فقال :واللّه ما إيّاك أردت ،فخاصمته إلى رسول اللّه صلى ال عليه وسلم فقال :لك ما نويت يا يزيد ،ولك ما أخذت يا معن } . ولنّا لو أمرناه بالعادة أفضى إلى الحرج ; لنّه ربّما تكرّر خطؤه ،واستثنوا من هذا أن ن الخذ عبده أو مكاتبه ،فل تجزئ في يتبيّن الخذ غير أهلٍ للتّمليك أصلًا ،نحو أن يتبيّن أ ّ ن الخذ ليس من المصارف ،لظهور هذا الحال .وقال أبو يوسف :ل تجزئه إن تبيّن أ ّ ب نجسٍ . ن مع إمكان معرفة ذلك ،كما لو تحرّى في ثيابٍ فبان أنّه صلّى في ثو ٍ خطئه بيقي ٍ وفصّل المالكيّة بين حالين :الولى :أن يكون الدّافع المام أو مقدّم القاضي أو الوصيّ ، ن اجتهاد المام حكم ل يتعقّب .والثّانية فيجب استردادها ،لكن إن تعذّر ردّها ،أجزأت ،ل ّ ل فعليه :أن يكون الدّافع ربّ المال فل تجزئه ،فإن استردّها وأعطاها في وجهها ،وإ ّ الخراج مرّةً أخرى ،وإنّما يستحقّ استردادها إن فوّتها الخذ بفعله ،بأن أكلها ،أو باعها ، ي ،فإن كان غرّ الدّافع أو وهبها ،أو نحو ذلك .أمّا إن فاتت بغير فعله بأن تلفت بأمرٍ سماو ّ بأن أظهر له الفقر ،أو نحو ذلك فيجب عليه ردّها أيضًا ،أمّا إن لم يكن غرّه فل يجب عليه ال ّردّ .وقال الشّافعيّة :يجب السترداد ،وعلى الخذ ال ّردّ ،سواء علم أنّها زكاة أم ل ،فإن
استردّت صرفت إلى المستحقّين ،وإن لم يمكن السترداد فإن كان الّذي دفعها المام لم يضمن ،وإن كان الّذي دفعها المالك ضمن ،وهذا هو المقدّم عندهم ،وفي بعض صور المسألة عندهم أقوال أخرى .وقال الحنابلة :إن بان الخذ عبدًا أو كافرًا أو هاشميّا ،أو قراب ًة للمعطي ممّن ل يجوز الدّفع إليه ،فل تجزئ الزّكاة عن دافعها روايةً واحد ًة ; لنّه ليس بمستحقّ ،ول تخفى حاله غالبًا ،فلم يجزه الدّفع إليه ،كديون الدميّين .أمّا إن كان ظنّه فقيرًا فبان غنيّا فكذلك على رواي ٍة ،والخرى يجزئه ،لحديث معن بن يزيد المتقدّم ، ن رسول اللّه صلى ال عليه وسلم قال { :قال رجل :لتصدّقنّ وحديث أبي هريرة أ ّ بصدقةٍ ،فخرج بصدقته فوضعها في يد غنيّ ،فأصبحوا يتحدّثون :تصدّق على غنيّ . ... الحديث وفيه :فأتي فقيل له :أمّا صدقتك فقد قبلت ،لعلّ الغنيّ يعتبر فينفق ممّا آتاه اللّه } . ن ول ّ
تخفى غالبًا .
من له حقّ طلب الزّكاة وهو من أهلها : - 190فرّق الحنفيّة بين مستحقّي الزّكاة من الفقراء من حيث جواز طلبهم الزّكاة بالرّغم من ل له طلب الزّكاة هو من ل شيء له ليومه وليلته فيحتاج استحقاقهم ،فقالوا :إنّ الّذي يح ّ للسّؤال لقوته ،أو ما يواري بدنه ،وهو في اصطلحهم المسمّى مسكينًا ،وكذا ل يحلّ السّؤال لمن ل يملك قوت يومه وليلته لكنّه قادر على الكسب ،أمّا الفقير وهو في اصطلحهم من يملك قوته ليومه وليلته ،فل يحلّ له سؤال الصّدقة ،وإن كان يحلّ له أخذها إن لم يكن مالكًا لخمسين درهمًا على ما تقدّم .وعند الحنابلة على المذهب :من أبيح له أخذ الزّكاة أبيح له طلبها ،وفي رواي ٍة :يحرم طلبها على من له قوت يومه وليلته ،وقال ابن الجوزيّ :إن علم أنّه يجد من يسأله كلّ يو ٍم لم يجز أن يسأل أكثر من قوت يومه وليلته ،وإن خاف أن ل يجد من يعطيه أبيح له السّؤال أكثر من ذلك . زكاة الفطر . التّعريف - 1من معاني الزّكاة في اللّغة :النّماء ،والزّيادة ،والصّلح ،وصفوة الشّيء ،وما أخرجته من مالك لتطهّره به .والفطر :اسم مصدرٍ من قولك :أفطر الصّائم إفطارًا . وأضيفت الزّكاة إلى الفطر ; لنّه سبب وجوبها ،وقيل لها فطرة ،كأنّها من الفطرة الّتي هي الخلقة .قال النّوويّ :يقال للمخرج :فطرة .والفطرة -بكسر الفاء ل غير -وهي لفظة مولّدة ل عربيّة ول معرّبة بل اصطلحيّة للفقهاء ،فتكون حقيقةً شرعيّ ًة على المختار ،
كالصّلة والزّكاة .وزكاة الفطر في الصطلح :صدقة تجب بالفطر من رمضان .حكمة مشروعيّتها : - 2حكمة مشروعيّة زكاة الفطر الرّفق بالفقراء بإغنائهم عن السّؤال في يوم العيد ،وإدخال السّرور عليهم في يوم يسرّ المسلمون بقدوم العيد عليهم ،وتطهير من وجبت عليه بعد شهر س رضي ال تعالى عنهما قال : الصّوم من اللّغو والرّفث .روى أبو داود عن ابن عبّا ٍ { فرض رسول اللّه صلى ال عليه وسلم زكاة الفطر ،طهر ًة للصّائم من اللّغو والرّفث ، وطعم ًة للمساكين ،من أدّاها قبل الصّلة فهي زكاة مقبولة ،ومن أدّاها بعد الصّلة فهي صدقة من الصّدقات } . ( الحكم التّكليفيّ ) : - 3ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ زكاة الفطر واجبة على ك ّل مسلمٍ .واستدلّ القائلون بالوجوب بما رواه ابن عمر رضي ال تعالى عنهما قال { :فرض رسول اللّه صلى ال عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على النّاس صاعًا من تمرٍ ،أو صاعًا من شعيرٍ ،على كلّ حرّ ،أو عبدٍ ،ذكرٍ أو أنثى من المسلمين } .وبقوله صلى ال عليه وسلم { :أدّوا عن كلّ حرّ وعب ٍد صغيرٍ أو كبيرٍ ،نصف صاعٍ من برّ أو صاعًا من تمرٍ أو شعيرٍ } وهو أمر ، والمر يقتضي الوجوب .وفي قولٍ للمالكيّة مقابل للمشهور :إنّها سنّة ،واستبعده الدّسوقيّ . شرائط وجوب أداء زكاة الفطر :يشترط لوجوب أدائها ما يلي : - 4أوّلًا :السلم :وهذا عند جمهور الفقهاء .وروي عن الشّافعيّة في الصحّ عندهم أنّه يجب على الكافر أن يؤدّيها عن أقاربه المسلمين ،وإنّما كان السلم شرطًا عند الجمهور ; لنّها قربة من القرب ،وطهرة للصّائم من الرّفث واللّغو ،والكافر ليس من أهلها إنّما يعاقب ن العبد ل على تركها في الخرة - 5 .ثانيًا :الح ّريّة عند جمهور الفقهاء خلفًا للحنابلة ; ل ّ يملك ،ومن ل يملك ل يملّك . -6ثالثًا :أل يكون قادرًا على إخراج زكاة الفطر ،وقد اختلف الفقهاء في معنى القدرة على إخراجها :فذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى عدم اشتراط ملك النّصاب في وجوب زكاة ن معنى القدرة على إخراج صدقة الفطر أن يكون مالكًا للنّصاب الفطر .وذهب الحنفيّة إلى أ ّ الّذي تجب فيه الزّكاة من أيّ مالٍ كان ،سواء كان من الذّهب أو الفضّة ،أو السّوائم من البل والبقر والغنم ،أو من عروض التّجارة .والنّصاب الّذي تجب فيه الزّكاة من الفضّة ل وملبسٍ ومسكنٍ مائتا درهمٍ .فمن كان عنده هذا القدر فاضلًا عن حوائجه الصليّة من مأك ٍ ح وفرسٍ ،وجبت عليه زكاة الفطر .وفي وج ٍه آخر للحنفيّة إذا كان ل يملك نصابًا وسل ٍ
تجوز الصّدقة عليه .ول يجتمع جواز الصّدقة عليه مع وجوبها عليه .وقال المالكيّة :إذا كان قادرًا على المقدار الّذي عليه ولو كان أقلّ من صاعٍ وعنده قوت يومه وجب عليه دفعه ،بل قالوا :إنّه يجب عليه أن يقترض لداء زكاة الفطر إذا كان يرجو القضاء ; لنّه قادر حكمًا ،وإن كان ل يرجو القضاء ل يجب عليه .وقال الشّافعيّة والحنابلة :إنّها تجب على من عنده فضل عن قوته وقوت من في نفقته ليلة العيد ويومه ،ويشترط كونه فاضلًا عن مسكنٍ وخادمٍ يحتاج إليه في الصحّ .واتّفق جميع القائلين بعدم اشتراط ملك النّصاب على أنّ المقدار الّذي عنده إن كان محتاجًا إليه ل تجب عليه زكاة الفطر ،لنّه غير قادرٍ . ل الجمهور على عدم اشتراط ملك النّصاب بأنّ من عنده قوت يومه فهو غنيّ ،فما زاد استد ّ على قوت يومه وجب عليه أن يخرج منه زكاة الفطر ،والدّليل على ذلك ما رواه سهل بن الحنظليّة عن النّبيّ صلى ال عليه وسلم قال { :من سأل وعنده ما يغنيه فإنّما يستكثر من النّار ،فقالوا :يا رسول اللّه ،وما يغنيه ؟ قال :أن يكون له شبع يومٍ وليل ٍة } .دلّ الحديث على أنّ من عنده قوت يومه فهو غنيّ وجب عليه أن يخرج ممّا زاد على قوت يومه . واستدلّ الحنفيّة ومن وافقهم على اشتراط ملك النّصاب بقوله صلى ال عليه وسلم { :ل صدقة إلّ عن ظهر غنًى } .والظّهر ها هنا كناية عن القوّة ،فكأنّ المال للغنيّ بمنزلة ن التّصدّق إنّما تجب عليه الصّدقة إذا كانت الظّهر ،عليه اعتماده ،وإليه استناده ،والمراد أ ّ له قوّة من غنًى ،ول يعتبر غنيّا إلّ إذا ملك نصابًا . من تؤدّى عنه زكاة الفطر : ن زكاة الفطر يجب أن يؤدّيها عن نفسه من يملك نصابًا ،وعن كلّ - 7ذهب الحنفيّة إلى أ ّ من تلزمه نفقته ،ويلي عليه وليةً كامل ًة .والمراد بالولية أن ينفذ قوله على الغير شاء أو أبى ،فابنه الصّغير ،وابنته الصّغيرة ،وابنه الكبير المجنون ،كلّ أولئك له حقّ التّصرّف ن زكاة الفطر في ما لهم بما يعود عليهم بالنّفع شاءوا أو أبوا .وينبني على هذه القاعدة أ ّ يخرجها الشّخص عن نفسه لقوله صلى ال عليه وسلم { :ابدأ بنفسك ،ثمّ بمن تعول } . ويخرجها عن أولده الصّغار إذا كانوا فقراء ،أمّا الغنياء منهم ،بأن أهدي إليهم مال ،أو ن زكاة الفطر ليست ورثوا مالًا ،فيخرج الصّدقة من مالهم عند أبي حنيفة وأبي يوسف ،ل ّ عباد ًة محض ًة ،بل فيها معنى النّفقة ،فتجب في مال الصّبيّ ،كما وجبت النّفقة في ماله لقاربه الفقراء ،وقال محمّد :تجب في مال الب لنّها عبادة محضة ،وهو ليس من أهلها ; لنّه غير مكّلفٍ .أمّا أولده الكبار ،فإن كانوا أغنياء وجب عليهم إخراج الزّكاة عن أنفسهم ،وعمّن يلون عليهم وليةً كاملةً ،وإن كانوا فقراء ل يخرج الزّكاة عنهم ; لنّه وإن كانت نفقتهم واجبةً عليه إلّ أنّه ل يلي عليهم وليةً كامل ًة فليس له حقّ التّصرّف في مالهم إن
كان لهم مال إلّ بإذنهم .وإن كان أحدهم مجنونًا ،فإن كان غنيّا أخرج الصّدقة من ماله ، وإن كان فقيرًا دفع عنه صدقة الفطر ; لنّه ينفق عليه ،ويلي عليه وليةً كامل ًة ،فله حقّ التّصرّف في ماله بدون إذنه .وقال الحنفيّة بنا ًء على قاعدتهم المذكورة :ل تجب عن ل في حقوق النّكاح زوجته لقصور الولية والنّفقة ،أمّا قصور الولية ،فإنّه ل يلي عليها إ ّ فل تخرج إلّ بإذنه ،أمّا التّصرّف في مالها بدون إذنها فل يلي عليه .وأمّا قصور النّفقة فلنّه ل ينفق عليها إلّ في الرّواتب كالمأكل والمسكن والملبس .وكما ل يخرجها عن زوجته ل يخرجها عن والديه وأقاربه الفقراء إن كانوا كبارًا ; لنّه ل يلي عليهم ولي ًة كاملةً . وذهب المالكيّة إلى أنّ زكاة الفطر يخرجها الشّخص عن نفسه وعن كلّ من تجب عليه نفقته .وهم الوالدان الفقيران ،والولد الذّكور الفقراء ،والناث الفقيرات ،ما لم يدخل الزّوج بهنّ .والزّوجة والزّوجات وإن كنّ ذوات مالٍ ،وزوجة والده الفقير لحديث ابن عمر : { أمر رسول اللّه صلى ال عليه وسلم بصدقة الفطر عن الصّغير والكبير والحرّ والعبد ممّن ن صدقة الفطر يخرجها الشّخص عن تمونون } .أي :تنفقون عليهم .وذهب الشّافعيّة إلى أ ّ ل من تجب عليه نفقته من المسلمين ،لقرابةٍ ،أو زوجّيةٍ ،أو ملكٍ ،وهم : نفسه ،وعن ك ّ أوّلًا :زوجته غير النّاشزة ولو مطلّقةً رجعيّةً ،سواء كانت حاملًا أم ل ،أم بائنًا حاملًا ، ن أولت حملٍ فأنفقوا عليهنّ حتّى يضعن لوجوب نفقتهنّ عليه .لقوله تعالى { :وإن ك ّ حملهنّ } ومثلها الخادم إذا كانت نفقته غير مقدّرةٍ ،فإن كانت مقدّر ًة بأن كان يعطى أجرًا كلّ ل شهرٍ ،ل يخرج عنه الصّدقة ; لنّه أجير والجير ل ينفق عليه .ثانيًا :أصله يومٍ ،أو ك ّ وفرعه ذكرًا أو أنثى وإن علوا ،كجدّه وجدّته .ثالثًا :فرعه وإن نزل ذكرًا أو أنثى صغيرًا أو كبيرًا ،بشرط أن يكون أصله وفرعه فقراء .وقالوا :إن كان ولده الكبير عاجزًا عن الكسب أخرج الصّدقة عنه ،وقالوا :ل يلزم البن فطرة زوجة أبيه الفقير ; لنّه ل تجب ل من تجب عليه نفقتها .وذهب الحنابلة إلى أنّه يجب إخراج الصّدقة عن نفسه ،وعن ك ّ عليه نفقته من المسلمين ،فإن لم يجد ما يخرجه لجميعهم بدأ بنفسه ،فزوجته ،فأمّه ، فأبيه ،ثمّ القرب فالقرب على حسب ترتيب الرث ،فالب وإن عل مقدّم على الخ الشّقيق ،والخ الشّقيق مقدّم على الخ لبٍ .أمّا ابنه الصّغير الغنيّ فيخرج من ماله . ( سبب الوجوب ووقته ) : - 8ذهب الحنفيّة إلى أنّ وقت وجوب زكاة الفطر طلوع فجر يوم العيد ،وهو أحد قولين مصحّحين للمالكيّة .واستدلّوا بما رواه نافع عن ابن عمر رضي ال عنهما قال { :أمر رسول اللّه صلى ال عليه وسلم بزكاة الفطر أن تؤدّى قبل خروج النّاس إلى الصّلة } .دلّ ن أداءها الّذي ندب إليه الشّارع هو قبل الخروج إلى مصلّى العيد ،فعلم أنّ الحديث على أ ّ
ل على أنّ وجوبها بطلوع فجر وقت وجوبها هو يوم الفطر ،ولنّ تسميتها صدقة الفطر ،تد ّ ن الفطر إنّما يكون بطلوع فجر ذلك اليوم ،أمّا قبله فليس بفطرٍ ; لنّه في كلّ يوم الفطر ; ل ّ ليل ٍة من ليالي رمضان يصوم ويفطر ،فيعتبر مفطرًا من صومه بطلوع ذلك اليوم .وذهب الشّافعيّة في الظهر والحنابلة ،إلى أنّ الوجوب هو بغروب شمس آخر يو ٍم من رمضان ، س رضي ال عنهما { :فرض رسول اللّه صلى ال وهو أحد قولين للمالكيّة ،لقول ابن عبّا ٍ عليه وسلم صدقة الفطر طهرةً للصّائم من اللّغو والرّفث ،وطعم ًة للمساكين ،فمن أدّاها قبل الصّلة فهي زكاة مقبولة ،ومن أدّاها بعد الصّلة فهي صدقة من الصّدقات } .دلّ الحديث على أنّ صدقة الفطر تجب بغروب شمس آخر يومٍ من رمضان ،من جهة أنّه أضاف الصّدقة إلى الفطر ،والضافة تقتضي الختصاص ،أي الصّدقة المختصّة بالفطر ،وأوّل فطرٍ يقع عن جميع رمضان هو بغروب شمس آخر يومٍ من رمضان .ويظهر أثر الخلف فيمن مات بعد غروب شمس آخر يومٍ من رمضان :فعند الشّافعيّة ومن وافقهم تخرج عنه صدقة الفطر ; لنّه كان موجودًا وقت وجوبها ،وعند الحنفيّة ومن وافقهم ل تخرج عنه صدقة الفطر لنّه لم يكن موجودًا ،ومن ولد بعد غروب شمس آخر يومٍ من رمضان تخرج عنه صدقة الفطر عند الحنفيّة ومن وافقهم ; لنّه وقت وجوبها كان موجودًا ،ول تخرج عنه الصّدقة عند الشّافعيّة ومن وافقهم ; لنّه كان جنينًا في بطن أمّه وقت وجوبها .ومن أسلم بعد غروب الشّمس من آخر يو ٍم من رمضان ،ل تخرج عنه الصّدقة عند الشّافعيّة ومن وافقهم ; لنّه وقت وجوبها لم يكن أهلًا ،وعند الحنفيّة ومن وافقهم تخرج عنه صدقة الفطر ; لنّه وقت وجوبها كان أهلًا . ( وقت وجوب الداء ) : ن المر بأدائها - 9ذهب جمهور الحنفيّة إلى أنّ وقت وجوب أداء زكاة الفطر موسّع ،ل ّ غير مق ّيدٍ بوقتٍ ،كالزّكاة ،فهي تجب في مطلق الوقت وإنّما يتعيّن بتعيّنه ،ففي أيّ وقتٍ ن المستحبّ إخراجها قبل الذّهاب إلى المصلّى ،لقوله صلى أدّى كان مؤ ّديًا ل قاضيًا ،غير أ ّ ال عليه وسلم { :اغنوهم في هذا اليوم } .وذهب الحسن بن زيادٍ من الحنفيّة إلى أنّ وقت وجوب الداء مضيّق كالضحيّة ،فمن أدّاها بعد يوم العيد بدون عذرٍ كان آثمًا ،وهو مذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة .واتّفق جميع الفقهاء على أنّها ل تسقط بخروج وقتها ; لنّها وجبت في ذمّته لمن هي له ،وهم مستحقّوها ،فهي دين لهم ل يسقط إلّ بالداء ; لنّها حقّ ل بالستغفار والنّدامة للعبد ،أمّا حقّ اللّه في التّأخير عن وقتها فل يجبر إ ّ .إخراجها قبل وقتها :
- 10ذهب المالكيّة والحنابلة إلى أنّه يجوز تقديمها عن وقتها يومين لقول ابن عمر رضي ال تعالى عنهما :كانوا يعطون صدقة الفطر قبل العيد بيومٍ أو يومين .وذهب الشّافعيّة إلى أنّه يسنّ إخراجها قبل صلة العيد ويكره تأخيرها عن الصّلة ،ومحرّم تأخيرها عن يوم العيد بل عذرٍ ; لفوات المعنى المقصود ،وهو إغناء الفقراء عن الطّلب في يوم السّرور ، فلو أخّرها بل عذرٍ عصى وقضى ،لخروج الوقت .وروى الحسن بن زيادٍ عن أبي حنيفة أنّه يجوز تقديمها عن وقتها سن ًة أو سنتين كالزّكاة .وذهب بعض الحنفيّة إلى أنّه يجوز تقديمها في رمضان فقط ،وهو قول مصحّح للحنفيّة . ( مقدار الواجب ) : - 11اتّفق الفقهاء على أنّ الواجب إخراجه في الفطرة صاع من جميع الصناف الّتي يجوز إخراج الفطرة منها عدا القمح والزّبيب ،فقد اختلفوا في المقدار فيهما :فذهب المالكيّة ن الواجب إخراجه في القمح هو صاع منه .وسيأتي بيان الصّاع والشّافعيّة والحنابلة ،إلى أ ّ ومقداره كيلًا ووزنًا .واستدلّ الجمهور على وجوب صاعٍ من برّ بحديث أبي سعيدٍ الخدريّ رضي ال تعالى عنه قال { :كنّا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول اللّه صلى ال عليه وسلم صاعًا من طعامٍ ،أو صاعًا من تمرٍ ،أو صاعًا من شعيرٍ ،أو صاعًا من زبيبٍ ،أو صاعًا من أقطٍ ،فل أزال أخرجه كما كنت أخرجه ما عشت } .وذهب الحنفيّة إلى أنّ الواجب إخراجه من القمح نصف صاعٍ ،وكذا دقيق القمح وسويقه ،أمّا الزّبيب فروى ن الزّبيب تزيد قيمته على قيمة القمح ، الحسن عن أبي حنيفة أنّه يجب نصف صاعٍ كالبرّ ،ل ّ وذهب الصّاحبان -أبو يوسف ومحمّد -إلى أنّه يجب صاع من زبيبٍ ،واستدلّوا على ذلك بما روي عن أبي سعيدٍ الخدريّ -رضي ال عنه { : -كنّا نخرج إذ كان فينا رسول اللّه ك ،صاعًا من أقطٍ ،أو ل صغيرٍ وكبيرٍ ،حرّ أو مملو ٍ صلى ال عليه وسلم زكاة الفطر عن ك ّ صاعًا من طعامٍ ،أو صاعًا من شعيرٍ ،أو صاعًا من تمرٍ ،أو صاعًا من زبيبٍ ،فلم نزل نخرج ،حتّى قدم علينا معاوية حاجّا أو معتمرًا ،فكلّم النّاس على المنبر ،وكان فيما كلّم به ن مدّين من سمراء الشّام يعني القمح تعدل صاعًا من تمرٍ ،فأخذ النّاس أن قال :إنّي أرى أ ّ النّاس بذلك ،أمّا أنا فل أزال أخرجه أبدًا ما عشت ،كما كنت أخرجه } .دلّ الحديث على ن الّذي كان يخرج على عهد رسول اللّه صلى ال عليه وسلم صاع من الزّبيب .استدلّ أّ ن النّبيّ صلى ال عليه وسلم خطب قبل الحنفيّة على وجوب نصف صاعٍ من برّ بما روي { أ ّ الفطر بيومٍ أو يومين ،فقال :أدّوا صاعًا من برّ بين اثنين ،أو صاعًا من تمرٍ ،أو شعيرٍ ، ل حرّ ،وعب ٍد صغي ٍر أو كبيرٍ } . عن ك ّ
( نوع الواجب ) : - 12ذهب الحنفيّة إلى أنّه يجزئ إخراج زكاة الفطر القيمة من النّقود وهو الفضل ،أو العروض ،لكن إن أخرج من البرّ أو دقيقه أو سويقه أجزأه نصف صاعٍ ،وإن أخرج من الشّعير أو التّمر أو الزّبيب فصاع ،لما روى ابن عمر -رضي ال تعالى عنهما -قال : { كان النّاس يخرجون على عهد رسول اللّه صلى ال عليه وسلم صاعًا من شعيرٍ أو تمرٍ أو سلتٍ أو زبيبٍ } .قال ابن عمر :فلمّا كان عمر ،وكثرت الحنطة جعل عمر نصف صاع حنط ٍة ،مكان صاعٍ من تلك الشياء .ثمّ قال الحنفيّة :ما سوى هذه الشياء الربعة المنصوص عليها من الحبوب كالعدس والرز ،أو غير الحبوب كاللّبن والجبن واللّحم والعروض ،فتعتبر قيمته بقيمة الشياء المنصوص عليها ،فإذا أراد المتصدّق أن يخرج صدقة الفطر من العدس مثلًا ،فيقوّم نصف صاعٍ من برّ ،فإذا كانت قيمة نصف الصّاع ش مثلًا ،ومن الرز واللّبن والجبن ثمانية قروشٍ مثلًا ،أخرج من العدس ما قيمته ثمانية قرو ٍ وغير ذلك من الشياء الّتي لم ينصّ عليها الشّارع ،يخرج من العدس ما يعادل قيمته . وذهب المالكيّة ،إلى أنّه يخرج من غالب قوت البلد كالعدس والرز ،والفول والقمح ل إذا اقتاته النّاس والشّعير والسّلت والتّمر والقط والدّخن .وما عدا ذلك ل يجزئ ،إ ّ وتركوا النواع السّابقة ،ول يجوز الخراج من غير الغالب ،إلّ إذا كان أفضل ،بأن اقتات النّاس الذّرة فأخرج قمحًا .وإذا أخرج من اللّحم اعتبر الشّبع ،فإذا كان الصّاع من البرّ يكفي اثنين إذا خبز ،أخرج من اللّحم ما يشبع اثنين .وذهب الشّافعيّة إلى أنّه يخرج من جنس ما يجب فيه العشر ،ولو وجدت أقوات فالواجب غالب قوت بلده ،وقيل :من غالب قوته ، وقيل :مخيّر بين القوات ،ويجزئ العلى من الدنى ل العكس .وذهب الحنابلة إلى أنّه يخرج من الب ّر أو التّمر أو الزّبيب أو الشّعير ،لحديث أبي سعيدٍ السّابق وفيه { :كنّا نخرج زكاة الفطر على عهد رسول اللّه صلى ال عليه وسلم صاعًا من طعامٍ ،أو صاعًا من شعيرٍ ،أو صاعًا من تمرٍ } ...الحديث ويخيّر بين هذه الشياء ،ولو لم يكن المخرج قوتًا . ل ما يصلح ب في الوزن ،فإن لم يجد ذلك أخرج من ك ّ ويجزئ الدّقيق إذا كان مساويًا للح ّ قوتًا من ذرةٍ أو أرزٍ أو نحو ذلك . - 13والصّاع مكيال متوارث من عهد النّبوّة ،وقد اختلف الفقهاء في تقديره كيلًا ،واختلفوا في تقديره بالوزن .وينظر تفصيله في مصطلح ( مقادير ) . مصارف زكاة الفطر : - 14اختلف الفقهاء فيمن تصرف إليه زكاة الفطر على ثلثة آراءٍ :ذهب الجمهور إلى جواز قسمتها على الصناف الثّمانية الّتي تصرف فيها زكاة المال ،وينظر مصطلح :
( زكاة ) .وذهب المالكيّة وهي رواية عن أحمد واختارها ابن تيميّة إلى تخصيص صرفها بالفقراء والمساكين .وذهب الشّافعيّة إلى وجوب قسمتها على الصناف الثّمانية ،أو من وجد منهم . ( أداء القيمة ) : - 15ذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه ل يجوز دفع القيمة ،لنّه لم يرد نصّ ض منهم ،وليس لصدقة الفطر مالك ن القيمة في حقوق النّاس ل تجوز إلّ عن ترا ٍ بذلك ،ول ّ معيّن حتّى يجوز رضاه أو إبراؤه .وذهب الحنفيّة إلى أنّه يجوز دفع القيمة في صدقة الفطر ،بل هو أولى ليتيسّر للفقير أن يشتري أيّ شيءٍ يريده في يوم العيد ; لنّه قد ل يكون محتاجًا إلى الحبوب بل هو محتاج إلى ملبس ،أو لحمٍ أو غير ذلك ،فإعطاؤه الحبوب ، س أقلّ يضطرّه إلى أن يطوف بالشّوارع ليجد من يشتري منه الحبوب ،وقد يبيعها بثمنٍ بخ ٍ من قيمتها الحقيقيّة ،هذا كلّه في حالة اليسر ،ووجود الحبوب بكثر ٍة في السواق ،أمّا في شدّة وقلّة الحبوب في السواق ،فدفع العين أولى من القيمة مراعاةً لمصلحة الفقير ، حالة ال ّ وينظر التّفصيل في الزّكاة . مكان دفع زكاة الفطر : - 16تفرّق زكاة الفطر في البلد الّذي وجبت على المكلّف فيه ،سواء أكان ماله فيه أم لم ن الّذي وجبت عليه هو سبب وجوبها ،فتفرّق في البلد الّذي سببها فيه . يكن ; ل ّ نقل زكاة الفطر : - 17اختلف في نقل الزّكاة من البلد الّذي وجبت فيه إلى غيره ،وتفصيله ينظر في مصطلح ( :زكاة ) . نهاية الجزء الثالث والعشرين /الموسوعة الفقهية