Zia Ul Sakafa Issue 9 Oct-dec 2008 Arabic

  • Uploaded by: M. Zakariya Babur
  • 0
  • 0
  • December 2019
  • PDF

This document was uploaded by user and they confirmed that they have the permission to share it. If you are author or own the copyright of this book, please report to us by using this DMCA report form. Report DMCA


Overview

Download & View Zia Ul Sakafa Issue 9 Oct-dec 2008 Arabic as PDF for free.

More details

  • Words: 13,440
  • Pages: 29
‫المديح النبوي على صاحبه أفضل الصلة والتسليم‬ ‫نظمه‬ ‫محمد جلل رضا الزهري‬ ‫عني ابعدي أ نوائب الزمان‬ ‫لي بالمدينة من يهبّ لنصرتي‬ ‫ناديته يا مصطفى متوددا‬ ‫وهو الملذ لدى الشدائد كلها‬

‫مدد سيأتيني خــــلل ثوانـــــــي‬ ‫يا مصطفى يامصطفى العدنـــاني‬ ‫وهو المنى في مُهلك الحزان‬

‫إن أخطأتنا كلّ غيم في العطا‬

‫فبحاره بالجود في الفيضان‬

‫وسخاءه شمل الخلئق كلهــــا‬

‫وعطائه صاف عن الدران‬

‫وهو الغمام إذا أُصبنا بالظمأ‬

‫وبه الرجا في شدة الزمان‬

‫عذرا رسول ال من جهل الورى‬ ‫ومن الساءة من فم العداء‬ ‫فهمو أبو لهب أخو الجهل الشقي‬ ‫نفسي ومالي قد جعلت لك الفد ا‬

‫‪1‬‬

‫سندي قوي الصــــل والبنيــان‬

‫بمقامك السامي لدى الرحمان‬ ‫تبّا لهم في آية القرآن‬ ‫وعواقب الكفار في الخسران‬ ‫في صدّ كل سفاهة العدوان‬

‫افتتاحية العدد‬ ‫التفكروستتيلة متتن الوستتائل التتتي تحرضنتتا على مشاهدة جمال العالم‪،‬ووقفتتة متتن الوقفات التتتي‬ ‫تشجعنتا على معرفتة عميقتة لسترارالكون ومعارفته وطريقتة متن طرق الكشتف عتن وجته الحستن‬ ‫المستتور فتي مفردات الكون‪ ،‬وذريعتة متن الذرائع التتي تهدينتا إلى ست ّر السترار المنطويتة فتي كتل‬ ‫ذرة من ذرات الكائنات‪ ،‬والتفكر من الواجبات الدينية والمطالب الفطرية للنسان‪.‬‬ ‫ومن عاداتنا في العصر الراهن عدم الهتمام بالتفكر وآلياته وأدواته وطريقته ونتائجه وثمراته‬ ‫وبذلك أصتتبحنا بعيديتتن عتتن الحقائق التتتي ينبغتتي العثور عليهتتا فتتي التعرف على كوامتتن الحياة‬ ‫ونواميس الكون‪.‬‬ ‫وممتا لشتك فيته أن كتل شعتب وأمتة بدأت تعيتش بالتقاليتد والعراف التتي تختلف تمامتا عتن المتم‬ ‫الخرى‪،‬يقتضتي هذاالختلف بحثاوإمعانتا فتي القضايتا بكتل النواع والشكال‪ ،‬ومتن القضايتا التتي‬ ‫يجب التفكر فيها في هذه الونة قضية "النسانية" وإن هناك شعورا عاما في المجتمع البشري‬ ‫على مستتوى العالم ويتمثتل هذاالشعور العام النبيتل فتي الخوة النستانية والحترام المتبادل على‬ ‫مستوى الفراد والشعوب والدول‪.‬‬ ‫ومتن العجيتب جدا أننتا ل نتفكتر فتي هذه الهداف الستامية والمعانتي الكريمتة النابعتة متن ينبوع‬ ‫النسانية والتي تؤدي إلى رؤية شاملة لجميع المعاني التي تنفع البشرية فالدين جوهر أساسي‬ ‫يدفعنا إلى تقويم العوجاج المتوطن الساري في شرايين المة وإعادة المور إلى مجاريها‪.‬‬ ‫وفتتي هذا الستتياق ينبغتتي التوجتته إلى أمتتر يتشكتتل فتتي الدعوة إلى التفكتتر بالحكمتتة والموعظتتة‬ ‫الحستتنةلننا نستتتخدم أدوات التشدد فتتي الدعوة الستتلمية‪،‬وبذلك ل تظهرالنتائج المنشودة التتتي‬ ‫ينبغي وجودها كالعواقب الحسنة‪.‬‬ ‫لقتد أمرال تعالى أن نتحلّى بالحكمتة فتي تقديتم الدعوة إلى التفكتر فتي أشياء الكون للتوصتّل إلى‬ ‫الحقائق والسرار والمعارف المستورة في ثنايا الكتب وطوايا العالم‪،‬وحر يّ بنا أن نكون جدّيين‬ ‫بصتتفة دائمتتة متتع النّاس ل س تيّما فتتي التحدث والبحتتث عتتن الدلّة والبراهيتتن التتتي تستتوقناإلى‬ ‫شعورعام يتجلى بعد التفكروالتمعن‪.‬‬ ‫ولوتعمقنتا فتي أشياء الكون فنجتد أن الشعور العام يجمعنتا على نقطتة رئيستية يدور حولهتا جميتع‬ ‫الفكاروالنظريات‪،‬فالتفكتر حستب الزمان والمكان‪،‬وكذلك وفتق الشخاص متن العوام والخواص‪،‬و‬ ‫من البديهي أن العوام ليسوا كالخواص في عملية التفكير وكذاالخواص فوقهم في هذه العملية‪.‬‬ ‫و تأستيسا على ذلك واجتب علينتتا أن نلحتظ هذه الفروق الدقيتق بينهتم ‪ ،‬فالذي يدقتتق فيهتا يكون‬ ‫ناجحتا فتي التعاملت متع الناس بصتورة حستنة تليتق بالذيتن يريدون خدمتة النستانية فتي إطار‬ ‫شموليتة الستلم ‪ ،‬هذا هتو المقصتود فتي الوقتت الراهتن ‪ ،‬و تقتع المستؤلية على كواهتل الجميتع‬ ‫لتقديم الدعوة إلى الخرين‪.‬‬

‫بقلم ‪/‬الدكتور حافظ محمد منير‬

‫‪2‬‬

‫الدكتور حسن الشافعي‬ ‫وأثره في الوسط العلمي‬ ‫في جمهورية باكستان السلمية‬ ‫بقلم الدكتور‪/‬حافظ محمد منير‬ ‫لقتتتد ظهتتتر عديتتتد متتتن المفكريتتتن والمثقفيتتتن على خريطتتتة العالم بالبداعات الفريدة‬ ‫والنتاجات المميزة لنفع البشرية وجدواهم بغض النظرعن الجنس والعرق واللون‪.‬‬ ‫ول غرو فتي أن الفكرليتس ملكتا للقوام والشعوب بتل هتو درب أو ستبيل يستلكه كتل متن‬ ‫كان في قلبه وعتي للتوّصل إلى الهداف السنيّة و إرادة ليصتال الخريتن إليهتا لن تغيير النماط‬ ‫والنظتم أمرعستيرلسيّما فتي الفكتر والعمتل والستلوك‪ ،‬فالفكتر أمرجوهري تدورحوله العتقادات‬ ‫والخلق والتقاليد والعراف حتّى الشعوب والمم‪.‬‬ ‫ومتتن اللفتتت للنظرأن صتتاحب الفكريتقدّم بفكره الثاقتتب نحتتو التجمّعات البشريّتة فتتي‬ ‫الوقات التتي ينبغتي فيهتا عرض هذا الفكتر ويراعتي فتي الوقتت ذاتته الحكمتة والموعظتة الحستنة‬ ‫لبناء الثقافتة الواعيتة والحضارة الراقيتة‪ ،‬تلك الحكمتة تأتتي بفضتل متن الّ ومنحتة منته ‪-‬عزّوجلّ‪-‬‬ ‫يؤتيه من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا‪ .‬فكثير من المفكرين ل يهتمّون بأسلوب‬ ‫الحكمة لقلّة العناية بها أوالعتماد على وفرة المعلومات التي يملكها دون النظرإلى عقول النّاس‬ ‫وأحوالهم في الثقافة والسّياسة والقتصاد‪.‬‬ ‫وفتي هذاالطارينبغتي التنويته لمتر أن العلقتة بيتن الفكروصتاحبه تتوثتق بأستاليب‬ ‫الحكمتتتة ومراعاة التخاطتتتب قدرالعقول البشريّتتة كمتتتا نرى هذه الظاهرة فتتتي أستتتلوب النتتتبياء‬ ‫والمرسلين وبذلك تت مّ الحجّة على البشريّة جمعاء ول يكون لهم عذر يوم القيامة عندما يسألون‬ ‫عن اعتقاداتهم وأعمالهم ‪ ،‬ول شكّ في أن العلماء ورثة النبياء في تبليغ رسالت الّ إلى النّاس‬ ‫كافة وأنّهم في صلة دائمة بعلوم النبياء والمرسلين‪ ،‬وانطلقا من هذا المبدأ النبيل يحاولون‬ ‫قدرالمستطاع تجسيرالمسافات بين الّ وعباده‪.‬‬ ‫ومتن بيتن هولء العلماء الربّانيّيتن الستتاذ الدكتورحستن الشافعتي الذي يؤدي رستالته‬ ‫مزيجتة بالعلم والحكمتة فتي العالميتن العربتي والستلمي ‪ ،‬وإنته متن العباقرة الذيتن غيروا مجرى‬ ‫التاريتتخ النستتاني فتتي الفكار والعمال بالتوجيتته والتوعيتتة والتجديتتد والرشاد مهمتتا كانتتت‬ ‫النسانية عاجزة عن ممارستها على أحسن وجه ‪.‬‬ ‫تتولد هذه الفكرة في إطار الفكار والعمال التي تتكون منها النسانية ‪ ،‬لنها تتفكر ثم‬ ‫تعمتل ‪ ،‬فالعمتل بدون التفكيتر متن خواص الحيوانيتة التتي ل تتفكتر بتل تعمتل صتباح مستاء لجتل‬ ‫الحياة التتتتي وهبهتتتا ال عزوجتتتل‪ ،‬هذا النمتتتط متتتن الحياة يدور حول الغراض النفستتتانية و‬ ‫الشهوانية‪ .‬ول يخرج من دائرة الغراض الدنيئة‪ .‬وأما أسلوب الحياة المتكون من الفكر والعمل‬ ‫فيفيد الكون و ما فيه ‪ ،‬و من أجل ذلك خلق ال السماوات والرض ليكون الخلق نافعا و منتفعا‪.‬‬ ‫و فتتي إطار هذا الستتياق نرى الستتتاذ الدكتور حستتن الشافعتتي نموذجتتا متتن‬ ‫نماذج الفكتر والعمتل ‪ ،‬نافعتا ومنتفعتا فتي وقتت واحتد لن النفتع و النتفاع متن صتفات النتبياء‬ ‫والمرستلين ‪ ،‬فهتم ينتفعون بالوحتي اللهتي وينفعون الناس بتبليتغ رستالت ال عزوجتل ‪ ،‬وهكذا‬ ‫‪3‬‬

‫ينطبتق قول الرستول ‪ -‬صتلى ال عليته و ستلم‪" -‬العلماء ورثتة النتبياء" على العلماء الربانييتن‬ ‫الذين يحاولون بصفة استمرارية بالنفع و النتفاع‪.‬‬ ‫و متتن المثيتتر للنتباه أن الدكتور حستتن الشافعتتي فتتي هذا الكيان الرقيتتق يأختتذ العون‬ ‫اللهي و الفيض النبوي على صاحبه أفضل الصلوات والتسليم ‪ ،‬ثم يوزع هذه المنافع بين الخلق‬ ‫أجمعيتن ‪ ،‬فقتد بدأ ينشتر النوار العلميتة و الثقافيتة منتذ ربيتع عمره بفضتل الهبتة متن ال تعالى‬ ‫يؤتيه من يشاء ‪ ،‬وال ذوالفضل العظيم‪.‬‬ ‫ويهمنتتا فتتي هذاالستتياق حياة الدكتور حستتن الشافعتتي خلل إقامتتته فتتي باكستتتان فتتي‬ ‫الثمانينيات والتستتعينيات فتتي الجامعتتة الستتلمية العالميتتة بإستتلم آباد‪ .‬وهذا متتن حستتن حتتظ‬ ‫جمهوريتتة باكستتتان الستتلمية التتتي شرفتتت بقدمتتي الدكتور حستتن الشافعتتي واستتتفادت متتن‬ ‫أنوارعلمه وفكره وعمله وسلوكه وأنفاسه الطاهرةالتي أنعشها في الجامعة العالمية باسلم اباد‬ ‫بتأستتتتتتتيسها وبنائهتتتتتتتا بناء تدريجيتتتتتتتا‪،‬وشاهدتطورهتتتتتتتا ماثلةإلى المزاوجتتتتتتتة بيتتتتتتتن‬ ‫الصتتتتتتالةوالمعاصرة‪،‬وحاول بكتتتتتتل متتتتتتا فتتتتتتي وستتتتتتعهاللتقدم إلى المام بإمكان رؤيتتتتتتة‬ ‫الزمنةالغابرة‪،‬وأخذالعبرمن الوقائع والحوادث عبرالتاريخ‪ ،‬وهذا ما نلمسه في الوساط العلمية‬ ‫بباكستتتان بتأثيره تأثيرا تدريجيتتا كمتتا تحدث فتتي شأنتته الشيتتخ ‪،‬المجدد‪،‬العلمتتة محمتتد كرم شاه‬ ‫الزهري(‪( )1‬القاضتتي بالمحكمتتة العليتتا بباكستتتان خلل الثمانينيات والتستتعينيات) قائل"إن‬ ‫الدكتور حسن الشافعتي صادق في قوله و فكره و عمله ‪ ،‬فاليمان يجري منه مجرى الدم ‪ ،‬وهتو‬ ‫بدوامة يذكر النبي ‪-‬عليه الصلوة و السلم ‪ -‬و أحواله و صفاته و معجزاته و عاداته و سلوكه‪،‬‬ ‫و حب النبي عليه‪ -‬الصلوة و السلم‪ -‬في رأي سيادته أساس للتوحيد"‪.‬‬ ‫و كذلك أبدى الشيتتخ ‪،‬المجدد‪،‬العلمتتة محمتتد كرم شاه الزهري شعوره المرهتتف تجاه‬ ‫الدكتور حسن الشافعي بشأن التصوف و أصحابه بقوله"الدكتور حسن الشافعي نموذج رائع من‬ ‫نماذج التصوّف السلمي وأنّه أحيا تصوّف السلف ال صّالحين‪،‬ونفض الغبار وأزال الشكوك عنه‬ ‫بالحجج الدامغة والبراهين الساطعة‪ ،‬فكتابه"التصوّف السلمي"خيرشاهد على ذلك‪،‬فالتصوّف‬ ‫في رأيه يوصل النسان إلى الّ ورسوله ‪-‬عليه الصّلوة والسّلم‪."-‬‬ ‫الدكتورحستن الشتا فعتي متن محتبي العلمتة محمتد كرم شاه الزهري الذي يريتد تكويتن‬ ‫مجتمتع فيته الحتب والخلص‪،‬فيته التستامح والخوة‪،‬فيته الفادة والستتفادة‪،‬وفتي هذاالطارذكرلي‬ ‫الدكتورحستن الشتا فعتي قصتة حكاهتا عنده الدكتورزهرة الديتن(‪( )2‬أختذ الدكتوراة بكليتة أصتول‬ ‫الديتن بالجامعتة العالمية باستلم اباد) وهتو متن مريدي العلمتة محمتد كرم شاه الزهري‪،‬فقال إنتي‬ ‫رأيت في الحلم شيخي‪،‬وقد خرج النورمن جبينه ودخل في فم الدكتورحسن الشا فعي ففهمت من‬ ‫ذلك أن الروحانيتة والعلم انتقلتتا منته إليته وهذا متن قبتل العليتم الختبير الذي يورث العلم والحكمتة‬ ‫ن دَاوُودَ "(‪ )3‬هذه الوراثتة علمية تمتزج‬ ‫كمتا أكده القران في ستياق ستورة النمتل" َووَرِثَت سُتلَيْمَا ُ‬ ‫فيها الروحانية‪.‬‬ ‫ولشكتّ فتتي أنتّ الشيتتخ المجدد العلمتتة محمتتد كرم شاه الزهري متتن العلماءالمفكريتتن‬ ‫الذيتتن خدموا الستتلم والمستتلمين خدمتتة جليلة فتتي القرن العشريتتن ‪،‬وعاش متتع الدكتورحستتن‬ ‫الشافعتتي مدة مديدة فتتي جوّعلميتتّ روحيتتّ ورافقتته كثيرا فتتي الستتفر والحضتتر فتتي باكستتتان‬ ‫وخارجهتا‪،‬وشاهتد شخصتيّته كمتا يمكتن المشاهدة بكتل دقتة وبصتيرة‪،‬هذه المشاهدة دليتل ناصتع‬ ‫يعطينتا فرصتة لختذ المعانتي الجميلة والفكارالطيّبتة للتحلّي بالخلق الفاضلة والصتفات النتبيلة ‪،‬‬ ‫ول يفوتنتا ذكتر الشيتخ العلمتة محمتد أميتن الحستنات شاه(‪ )4‬الذي قابتل الدكتور حستن الشافعتي‬ ‫عدة مرات في باكستان ومصر المحروسة في المجالس العلمية واللقاءات الشخصية وقضى معه‬ ‫أوقاتا طيبة فقال " إن الدكتور حسن الشافعي ثروة فكرية غالية في عصرنا هذا وإنه نور علمي‬ ‫يستضاء به في العصور القادمة"‪.‬‬

‫‪4‬‬

‫وقد كشف الشيخ العلمة محمد أمين الحسنات شاه عن تجاربه السلوكية التي مرّ بها‬ ‫خلل اللقاءات متتع الدكتور حستتن الشافعتتي فقال" إن ستتيادة الدكتور متتن كبار صتتوفية الستتلم‬ ‫الذيتتن دافعوا عتتن الستتلم على جميتتع الصتتعدة وعرضوا فكتتر الستتلم كمتتا ينبغتتي عرضته أمام‬ ‫العالم‪ ،‬والحتق أنته ل يخاف لومتة لئم فتي إظهار الحقّت وإعلء كلمتة الستلم وبصتفة شخصتية قتد‬ ‫رأيته مسلما غيورا على العقيدة السلمية والمحافظة عليها"‬ ‫وكذلك يرى الشيخ أبوالحسن محمد شاه(‪" )5‬أن الدكتور حسن الشافعي قمة فكريّة في‬ ‫العصترالراهن‪،‬استتفاد منته جيتل عصترنا فتي أختذ الثقافتة الواعيتة‪،‬وستتستفيد متن ستيادته الجيال‬ ‫القادمة في التسلح بالعلم والمعرفة والحكمة"‪.‬‬ ‫وكذلك أظهر الشيخ أبوالحسن محمد شاه رأيه في وصف شخصيّته"أن سيادته مؤمن‬ ‫صتادق يتلل جتبينه بالنواراللهيتة وبحتب النتبيّ ‪-‬عليته الصتّلوة والستّلم‪،-‬كلمتا التقيتته تجتد راحتة‬ ‫روحيّة فتي صتدرك‪،‬وتشعربالستكينة فتي قلبتك‪،‬وتحصتل على العلوم والمعارف بمجرد المجالستة‬ ‫معه وينشرح صدرك بنظرة إلى وجهه الجميل"‪.‬‬ ‫ومتتن هنتتا ظهرالمؤمتتن الصتّادق بصتتفاته المميّزةالتتتي ذكرهتتا القرآن الكريتتم والحديتتث‬ ‫النبوي على صاحبه أفضل الصّلوة والتسليم‪.‬‬ ‫ومتن البديهتي أن المؤمتن يكون محبوبتا عنتد الّ –عزّوجلّ‪ -‬بستبب اتّباع النتبيّ ‪-‬عليته‬ ‫الصتّلوة والستّلم‪ -‬فتي أقواله وأفعاله وأفكاره‪،‬وإليته أشارالقرآن الكريتم فتي ستورة آل عمران" ُقلْ‬ ‫غفُورٌ رّحِيمٌ"‪)6(.‬‬ ‫ن الّ فَاتّ ِبعُونِي ُيحْبِ ْب ُك ُم الّ َو َيغْفِ ْر َلكُ ْم ذُنُو َب ُك ْم وَالّ َ‬ ‫حبّو َ‬ ‫إِن كُن ُتمْ تُ ِ‬ ‫هذه اليتة ترشدنتا إلى أن المؤمتن فتي بدايتة ستلوكه يريتد المحبتة والشفقتة متن الّ –‬ ‫عزّوجلّ‪ -‬لكن هذه المحبة تحصل بامتثال الوامرالصّادرة من ذات النبيّ ‪-‬عليه الصّلوة والسّلم‪،-‬‬ ‫و بالتالي " هذه اليتة الكريمتة حاكمتة على كتل متن ادعتى محبتة ال‪ ،‬وليتس هتو على الطريقتة‬ ‫المحمديتة فإنته كاذب فتي دعواه فتي نفتس المتر حتتى يتبتع الشرع المحمدي والديتن النبوي فتي‬ ‫جميع أقواله وأفعاله وأحواله"(‪ )7‬وعندما يكون النسان فانيا في طاعة الرّسول ‪-‬عليه ال صّلوة‬ ‫والستّلم‪ -‬يكون محبوبتتا عندالّ –عزّوجلّ‪ -‬ويوضتتع له القبول فتتي الرض والستّماء وأكّد المام‬ ‫البخاري هذه الفكرة بالحديتث الذي رواه فتي كتابته أنّه ‪ -‬صتلّى الّ عليته وستلّم‪ -‬قال"إذا أحبّت ال‬ ‫العبتد قال لجبريتل‪:‬لقتد أحببتت فلنتا فأحبّه فيحبته جبريتل ثمّت ينادي فتي أهتل الستّماء إن ال قتد أحبّت‬ ‫فلنا فأحبّوه فيحبه أهل السّماء ثمّ يوضع له القبول في الرض"(‪.)8‬‬ ‫يؤكدهذاالحديتث تأكيدا واضحتا على أن المؤمتن محبوب كرائحةالمستك ول أحتد يمنتع أن‬ ‫تفوح رائحتته‪،‬وفتي هذاالستياق ذكرلكاتتب هذه الستطور الشيتخ الكبيرالعلمتة علءالديتن الصتديقي‬ ‫النقشبندي(‪ )9‬حلمتتا رأه فتتي شأن الدكتور حستتن الشافعتتي حيتتث قال "إنتتي رأيتنتتي فتتي مستتجد‬ ‫الرسول ‪-‬عليه الصلة والسلم‪ -‬بالمدينة المنورة سمعت نداء من الرسول‪-‬عليه الصلة والسلم‪-‬‬ ‫وهتو يطلب الدكتور حستن الشافعتي‪ ،‬أيتن هتو؟ فمتا لبتث أن حضتر الدكتور حستن منحنيتا رأسته‬ ‫تواضعتا وأدبتا فتي حالة البكاء والتضرع فأحضره الخدام أمام الرستول‪ -‬عليته الصتلة والستلم‪-‬‬ ‫وبعد برهة سمعت نداء آخر يقول" أن الرسول –عليه الصلة والسلم‪ -‬راض عن الدكتور حسن‬ ‫الشافعي" فرجع باكيا بشدة الفرح والسرور وظهر من حالته أنه قد ظفر ببغيته المتمثلة في حب‬ ‫الرسول‪-‬عليه الصلة والسلم‪ -‬وذاق حلوة اليمان وصار محبوبا عند ال‪-‬عز وجل‪"-‬‬ ‫وعندمتا التقتى الشيتخ العلمتة علء الديتن الصتديقي النقشبندي بالدكتور حستن الشافعتي‬ ‫في باكستان بشّره" أنك محبوب ومقبول عند الرسول – عليه الصلة والسلم‪"-‬‬ ‫ول غبار على أن متن كان محبوبتا عنتد الرستول‪-‬عليته الصتلة والستلم‪ -‬كان‬ ‫محبوبتا ومرضيتا عنتد ال‪-‬عزوجتل‪ -‬لن اليمان يبدأ متن النتبي‪ -‬عليته الصتلة والستلم‪ -‬ويوصتله‬ ‫إلى ال‪-‬عزوجل‪-‬‬

‫‪5‬‬

‫ومتن أجتل ذلك تأثتر كثيتر متن العلماء الباكستتانيين بشخصتيته المتميزة وثقافتته الواعيتة‬ ‫النابعتة متن الفكتر المستتنير مثتل الشيتخ الحافتظ محمتد زاهتد ستلطاني الصتديقي النقشبندي(‪ )10‬و‬ ‫فضيلة الستتتاذ الدكتور شيتتخ الستتلم محمتتد طاهتتر القادري(‪ )11‬والمحدث الكتتبير العلمتتة عبتتد‬ ‫الحكيتتم شرف القادري –رحمتته ال تعالى‪ -‬والدكتور جميتتل أحمتتد قلندر والستتتاذ الدكتور أحمتتد‬ ‫غازي وزير التعليم السبق والدكتور منظور أحمد والدكتور ثناء ال والدكتور حافظ عبد الواحد‬ ‫والدكتور ألطاف حسين الزهري والدكتور ممتاز أحمد سديدي وغيرذلك‪.‬‬ ‫اغترف كثير من الدكاترة من بحور علمه ومعارف أسراره واعترفوا بمحكم علمه كما‬ ‫قال الدكتور زاهتد منيتر عامتر(رئيتس قستم اللغتة الرديتة بجامعةبنجاب والستتاذالزائربقسم اللغتة‬ ‫الردية بجا معة الزهرالشريف حاليا)"أن أن الدكتور حسن الشافعي من النوادرالتي تفتخر بها‬ ‫النستتتتانية وتستتتتتطيع تشكيتتتتل المجتمتتتتع المثالي بناء على فكره المستتتتتنير"‪،‬وبالختتتتص قدم‬ ‫الستتتتتتتتتتتتتتتاذالدكتورخورشيدأحمد رضوي(‪ )12‬والستتتتتتتتتتتتتتتاذالدكتورظهورأحمدأظهر(‪)13‬‬ ‫والستاذالدكتورمحمد شريف السيالوي()‪ 114‬اعترافاتهم تجاه صنيعه العلمي‪.‬‬ ‫وجملة القول أن الدكتور حستتن الشافعتتي متتن أعلم الفكتتر الستتلمي قتتد أثرى الثقافتتة‬ ‫الستلمية بفكره وعلمته وستلوكه وألف عديدا متن الكتتب الستلمية التتي تشهتد على وفرة علمته‬

‫‪1‬الهوامش‬ ‫‪ -1‬أحسد أعلم الفكسر السسلمي فسي باكسستان‪ ،‬ولد ‪1918‬م وتوفسي ‪1998‬م‪ ،‬وله كتسب فسي التفسسير‬ ‫والحد يث والف قه وأ صوله والقضاء ال سلمي وال سياسة والقت صاد بالضا فة إلى ذلك المرا كز العلم ية‬ ‫والثقافية في باكستان وخارجها‪ ،‬وقام بتجديد الفكر الديني في العصر الراهن‪ .‬انظر د‪/‬حافظ محمد منير‬ ‫الزهري‪ ،‬تجد يد الف كر الدي ني في جهود العل مة مح مد كرم شاه الزهري ط دار ال سلم‪ ،‬القاهره س‬ ‫‪2008‬م‪.‬‬ ‫‪ 2‬أحدتلمذة الدكتورحسن الشا فعي بكلية أصول الدين بالجامعة العالمية باسلم اباد وهـو مـن الصـين‬‫وقد تخرج فيها عام ‪2000‬م‬ ‫‪-3‬ســورةالنمل‪،‬اليــة ‪ 16‬هــو مــن أبناء الشيــخ ‪،‬المجدد‪،‬العلمــة محمــد كرم شاه الزهري‪ ،‬ولد ‪1949‬م‬ ‫بباكستان تلقى العلوم على يدي أبيه و عباقرة عصره‪ ،‬وقد عيّن رئيسا للجامعة دار العلوم المحمدية الغوثية‬ ‫بباكستان عام ‪1986‬م وله دور رئيسي في الوسط العلمي والثقافي‪.‬‬ ‫‪ - -4‬هو من أبناء الش يخ ‪،‬المجدد‪،‬العل مة مح مد كرم شاه الزهري‪ ،‬ولد عام ‪1972‬م تتل مذ على يدي‬ ‫أبيسه و مشاهيسر السساتذة ‪ ،‬وحاليسا يحضسر رسسالة الدكتوراه بقسسم الشريعسة كليسة دار العلوم جامعسة‬ ‫القاهره‪.‬‬ ‫‪-5‬سورة آل عمران الية ‪.32‬‬ ‫‪6‬إسماعيل بن كثير‪ ،‬تفسير القرآن العظيم ط دار الغد الجديد ‪،‬القاهرة س ‪2005‬م‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪.333‬‬‫‪ -7‬المام مح مد بن إ سماعيل البخاري ‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬باب" كلم الر بّ مع جبر يل ونداء ال‬ ‫الملئكة" ‪ ،‬ط دار ابن كثير‪،‬بيروت س ‪1978‬م‪ ،‬ج ‪ 6‬ص ‪.2721‬‬ ‫‪-8‬أ حد كبار العلماء الباك ستانيين‪ ،‬ولد ‪1940‬م بكشم ير الحرة وح صل على كث ير من العلوم والفنون‬ ‫من أعلم عصره‪ ،‬أسس جامعة أهلية بكشمير باكستان‪ ،‬كما قام بتأسيس "قناة النور الفضائية" بأوربا‬ ‫لنشر الوعي السلمي في أنحاء العالم السلمي‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫وقوة روحانيتتته وأعدّ اللف متتن طلب العلم والحكمتتة الذيتتن اغترفوا متتن ينابيتتع علمتته وثقفوا‬ ‫نفسهم ونفسيتهم وبدأوا في نشر أفكاره في جميع العالم‪.‬‬ ‫ندعـو ال‪ -‬عزوجـل‪ -‬بإطالة بقائه بتمام الصـحة والعافيـة فـي خدمـة السـلم والمسـلمين‪-‬‬ ‫آمين بجاه حبيبه طه و يس‪ -‬صلى ال عليه وآله وسلم‪-‬‬

‫‪-9‬هو من شيوخ الطريقة النقشبندية بكشمير الحرة بباكستان‪،‬ولد ‪1974‬م و بعد ما وحصل على كثير من‬ ‫العلوم والفنون اشتغل بنشر الوعي الثقافي في أرجاء باكستان و خارجها‪.‬‬ ‫‪ -10‬كبار العلماء الباكسستانيين‪،‬ولد ‪1951‬م وتلقـــى العلوم والفنون مسن أعلم عصسره ولقـــب بشيـــخ‬ ‫السلم‪،‬وله مولفات في العلوم القديمة و الحديثة‪.‬‬ ‫‪-11‬أحدأصدقاء لدكتور حسن الشافعي و رئيس قسم اللغة العربية السبق بجامعة بنجاب باكستان‪.‬‬ ‫‪ -12‬أحدأصدقاء الدكتور حسن الشافعي و رئيس قسم اللغة العربية السبق بجامعة بنجاب باكستان‪.‬‬ ‫‪ --13‬أحدأصــدقاء الدكتور حسسن الشافعسي و رئيــس قســم اللغــة العربيــة بجامعــة بهاءالديــن زكريــا ملتان‬ ‫ ‪ -14‬أحدأصــدقاء الدكتور حسسن الشافعسي و رئيــس قســم اللغــة العربيــة بجامعــة‬‫باكســتان‬ ‫بهاءالدين زكريا ملتان باكستان‬

‫‪7‬‬

‫الخضر في التراث الصوفي‬ ‫أ ‪ .‬د ‪ .‬إبراهيم محمد إبراهيم‬ ‫رئيس قسم اللغة الردية‬

‫جامعة الزهر فرع البنات مصر سابقا‬ ‫والستاذ الزائر بقسم دائرة المعارف السلمية‬ ‫جامعة البنجاب باكستان حاليا ‪.‬‬

‫وللخضر لدى المتصوفة مكانة كبيرة ‪ ،‬ولذلك وجدناهم يتحدثون عنه في مؤلفاتهم ‪،‬‬ ‫ويذكرون حياته الخارقة للعادة ‪ ،‬فيذكرون أنه يطير في الهواء ‪ ،‬ويعيش على سطح الماء ‪،‬‬ ‫ويعيش في الصحارى والودية والجبال ‪ ،‬ويرشد الضال ‪ ،‬ويهدي الحيارى ‪ ،‬ويغيث الملهوف ‪،‬‬ ‫ويعين المحتاج ‪ ،‬ولديه من " العلم اللدني " ما ليس عند أحد غيره ‪ ،‬وأنه ل يزال حياً ‪ ،‬وأنه‬ ‫يتقابل مع " إلياس " – الذي ل يزال حي ًا هو الختر ‪ -‬كل عتام في " عرفات " ‪ .‬جاء في كتاب‬ ‫" اللمع " لت " أبي نصر السراج " الصوفي (‪ )1‬قوله ‪:‬‬ ‫" قال الشيخ رحمه ال ‪ :‬وأما علياً رضي ال عنه فإني سمعت أحمد بن علي الوجيهي‬ ‫يقول ‪ :‬سمعت أبا علي الروذباري يقول ‪ :‬سمعت جنيداً رحمه ال يقول ‪ :‬رضوان ال على أمير‬ ‫المؤمنين عليّ رضي ال عنته ‪ ،‬لول أنه اشتغل بالحروب لفادنا من علمنا هذا معاني كثيرة ‪،‬‬ ‫ذاك امرؤ أعطي " العلم اللدني " ‪ ،‬و " العلم اللدني " هو العلم الذي خص به " الخضر "‬ ‫عليه السلم ‪ .‬قال ال تعالى ‪ " :‬وعلمناه من لدنا علماً " (‪)2‬‬ ‫وجاء فيه أيضاً ‪:‬‬ ‫" وحكى جعفر عن إبراهيم الخواص رحمهما ال أنه قال ‪ :‬كنت في البادية في موضع‬ ‫منها ‪ ،‬جالساً مستجمع الهم ‪ ،‬وقد مضت عليّ أوقات لم أتناول فيها الطعام ‪ ،‬فبينما أنا كذلك إذ‬ ‫( أنا ) بت " الخضر " عليه السلم ماراً في الهواء ‪ ،‬فلما رأيته طأطأت رأسي وغمضت بصري‬ ‫ولم أنظر إليه ‪ ،‬فلما رآني جلس إلى جنبي ‪ ،‬فرفعت رأسي ‪ ،‬فقال لي ‪ :‬يا إبراهيم ‪ ،‬لو أعرتني‬ ‫الطرف ما جئت إليك " (‪. )3‬‬ ‫وجاء فيه أيضاً ‪:‬‬ ‫" وفيمتا حكي عن أبي محمتد الجريري قال ‪ :‬سمعت إبراهيم المارستاني يقول ‪ :‬رأيت‬ ‫" الخضر " رحمه ال في المنام ‪ ،‬فعلمني عشر كلمات وأحصاها عليّ بيده ‪ :‬اللهم إني أسألك‬ ‫حسن القبال عليك ‪ ،‬والصغاء إليك ‪ ،‬والفهم عنك ‪ ،‬والبصيرة في أمرك ‪ ،‬والنفاذ في طاعتك ‪،‬‬ ‫والمواظبة على إرادتك ‪ ،‬والمبتادرة في خدمتك ‪ ،‬وحسن الدب في معاملتك ‪ ،‬وبرد التسليم‬ ‫إليك ‪ ،‬والنظر إلى وجهك " (‪. )4‬‬ ‫و " الخضر " في اصطلح الصوفية كما ورد في " قاموس المصطلحات والتعبيرات‬ ‫العرفتتانيتتة " (‪ ، )5‬كنتاية عن " البستتط " ‪ ،‬و " إليتتاس " كناية عن " القبض " (‪. )6‬‬ ‫ويقول " عبد الرازق الكاشاني " عن " الخضر " أنه " كناية عن القبض ‪ ،‬وأما كون‬ ‫الخضر شخصاً إنسانياً باقياً من زمن موسى عليه السلم إلى هذا العهد ‪ ،‬أو روحانياً يتمثل‬

‫‪8‬‬

‫بصورته لمن يرشده ‪ ،‬فغير محقق عندي ‪ ،‬بل قد يتمثل معناه له بالصفة الغالبة عليه ثم يضمحل‬ ‫وهو روح ذلك الشخص أو روح القدس " (‪. )7‬‬ ‫وجاء في التفسير الصوفي " تفسير أدبي وعرفاني قرآن مجيد " (‪ )8‬باللغة الفارسية‬ ‫عن " الخضر " ما يلي ‪:‬‬ ‫" ذكتر في بعض الكتب أن اسمته " بلياء " ‪ ،‬وأن " الخضر " هو لقبه ‪ ،‬وأن أمه "‬ ‫رومية " وأباه " فارسي" " أهل إيران " ‪ ،‬والبعض يعده نبياً ‪ ،‬والبعض الخر يعده ولي ًا ‪،‬‬ ‫ويقولتون إن " الخضر " و " إلياس " " نبي بني إسرائيل " على قيد الحياة ‪ ،‬ويتقابل كل‬ ‫منهما مع الخر سنوياً في " عرفات " ‪ ،‬وسيبقيان ما بقي القرآن " (‪. )9‬‬ ‫وجاء في كتاب " طبقات الصوفية " لت " أبي عبد الرحمن السلمي " فيما يتعلق بت " الدعاء‬ ‫بالسم العظم " ‪:‬‬ ‫" سمعت أبا العباس محمد بن الحسن بن الخشاب ‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنا أبو الحسن علي بن‬ ‫محمد بن أحمد المصري ‪ ،‬قال ‪ :‬حدثني أبو سعيد أحمد بن عيسى الخراز قال ‪ :‬حدثنا إبراهيم بن‬ ‫بشتار ‪ ،‬قال ‪ :‬صحبت إبراهيم بن أدهم بالشام أنا وأبو يوسف الغسولي وأبو عبد ال‬ ‫السنجاري ‪ ،‬فقلت ‪ :‬يا أبا إسحاق ‪ ،‬خبرني عن بدء أمرك ‪ .‬كيف كان ؟‪ .‬قال ‪ :‬كان أبي من ملوك‬ ‫خراسان ‪ ،‬وكنت شاب ًا ‪ ،‬فركبت إلى الصيد ‪ ،‬فخرجت يوماً على دابة لي ومعي كلب ‪ ،‬فأثرت‬ ‫أرنبتاً ‪ ،‬أو ثعلباً ‪ ،‬فبينا أنا أطلبه إذ هتف بي هاتف ل أراه فقال ‪ :‬يا إبراهيم ‪ ،‬ألهذا خلقت ؟‪ .‬أم‬ ‫بهذا أمرت ؟‪ .‬ففزعت ‪ ،‬ووقفت ‪ ،‬ثم عدت فركضت الثانية ‪ ،‬ففعل بي مثل ذلك ثلث مرات ‪ ،‬ثم‬ ‫هتف بي هاتف من قربوس السرج (‪ : )10‬وال ما لهذا خلقت ‪ ،‬ول بهذا أمرت ‪ .‬قال ‪ :‬فنزلت‬ ‫فصادفت راعياً لبي يرعى الغنم ‪ ،‬فأخذت جبته الصوف فلبستها ودفعت إليه الفرس وما كان‬ ‫معي ‪ ،‬وتوجهت إلى مكة ‪ ،‬فبينا أنا في البادية إذ أنا برجل يسير ‪ ،‬ليس معه إناء ول زاد ‪ ،‬فلما‬ ‫أمسى وصلى المغرب حرك شفتيه بكلم لم أفهمه ‪ ،‬فإذا أنا بإناء فيه طعام ‪ ،‬وإناء فيه شراب ‪،‬‬ ‫فأكلت وشربت ‪ ،‬وكنت معه على هذا أياماً ‪ ،‬وعلمني " اسم ال العظم " ‪ ،‬ثم غاب عني وبقيت‬ ‫وحدي " ‪.‬‬ ‫" فبينا أنا ذات يوم مستوحش من الوحدة دعوت ال به ‪ ،‬فإذا أنا بشخص آخذ‬ ‫بحجزتي وقال ‪ :‬سل تعطه ‪ .‬فراعني قوله ‪ .‬فقال ‪ :‬ل روع عليك ‪ ،‬ول بتأس عليك ‪ ،‬أنا أخوك "‬ ‫الخضر " ‪ .‬إن أخي داود علمك " اسم ال العظم " ‪ ،‬فل تدع به على أحد بينك وبينه شحناء‬ ‫فتهلكه هلك الدنيا والخرة ‪ ،‬ولكن ادع ال أن يشجع به جبنك ‪ ،‬ويقتوي به ضعفتك ‪ ،‬ويؤنس به‬ ‫وحشتك ‪ ،‬ويجدد به في كل ساعة رغبتك ‪ .‬ثم انصرف وتركني " (‪. )11‬‬ ‫وجاء ذكر الموضوع نفسه في الصفحات التالية فيما يتعلق بالدعاء باسم ال العظم‬ ‫وهي الروايتة السابقتة نفسها ولكن باستفاضتة وزيادة ‪ ،‬وما يهمنا منها هو الجزء المتعلق بت "‬ ‫الخضر " ‪ ،‬فيقول المتحدث ‪:‬‬ ‫" ‪ ...‬وذلك أن البقاع تفاخرت بكينونة داود فيها ‪ .‬يا غلم ‪ ،‬ما قال لك ؟‪ .‬وما علمك ؟‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬قلت ‪ :‬علمني " اسم ال العظم " ‪ .‬فسأل الشيخ ‪ :‬ما هو ؟‪ .‬فقلت ‪ :‬إنه يتعاظم عليّ أن‬ ‫أنطق به ‪ ،‬فإني سألت به مرة فإذا برجتل آخذ بحجزتي وقال ‪ :‬سل تعطه ‪ .‬فراعني ‪ ،‬فقال ‪ :‬ل‬ ‫روع عليك ‪ ،‬أنا أخوك " الخضر " ‪ ،‬إن أخي داود علمك إياه ‪ ،‬فإياك أن تدعو به إل في بر ‪" ...‬‬ ‫(‪. )12‬‬ ‫ومن المعجزات التي تنسب إلى " الخضر " واشتهرت عنه كما أشرنا سابقاً " مشيه‬ ‫على الماء " ‪ ،‬وحياته بالقرب منها ‪ ،‬أو أنه يعيش في الصحراء وبين الودية والجبال ‪ ،‬وهو ما‬ ‫ورد في كتب الصوفية ‪ ،‬فقد جاء في كتاب " فوائد الفوائد " من ملفوظات الصتوفي الكبير "‬ ‫نظام الدين أوليا " ما يلي ‪:‬‬

‫‪9‬‬

‫" كان هناك فيما مضى من الزمن رجل صالح ‪ ،‬وذات مرة افترش هذا الرجل الصالح‬ ‫سجادة الصلة على الماء وشرع يصلي وهو يقول ‪ :‬يا رب ‪ ،‬إن " الخضر " قد ارتكب كبيرة‬ ‫من الكبائر فتب عليه منها " ‪.‬‬ ‫" وفي تلك الثناء حضر " الخضر " عليه الستلم وقال ‪ :‬أيها الشيخ ‪ ،‬أي كبيرة‬ ‫ارتكبتها أنا حتى أتوب منها ؟‪ .‬فقال الشيخ ‪ :‬لقد زرعت شجترة في الصحراء ‪ ،‬وجلست أنت‬ ‫تحتها مستريحاً ‪ ،‬ثم تقول إنك فعلت هذا لوجه ال تعالى " ‪.‬‬ ‫" عندئذ تاب " الخضر " عليه السلم من فعلته هذه على الفور ‪ .‬وبعد ذلك قال‬ ‫الشيخ لت " الخضر " عليه السلم فيما يتعلق بالزهد في الدنيا ‪ :‬إن عليك أن تعيش مثلما أعيش‬ ‫أنا ‪ .‬فسأله " الخضر " عليه السلم ‪ :‬وكيف تعيش أنت ‪ ،‬وما الذي تفعله ؟‪ .‬فقال الشيخ ‪ :‬إن‬ ‫طريقتي هي أنه إن أعطيت الدنيا كلها وقيل لي اقبلها ‪ ،‬ولن تحاسب عليها ‪ ،‬وإن لم تقبلهتا‬ ‫فستوف تدخل جهنتم ‪ ،‬فإنني سأقبتل دخول جهنم ‪ ،‬لكني لن أقبل الدنيا ‪ .‬فسأله " الخضر " ‪:‬‬ ‫ولماذا ؟‪ .‬قال ‪ :‬لن الدنيا مبغوضة عند ال ‪ ،‬وأنا أقبل جهنم ‪ ،‬لكن ل أقبل شيئاً يبغضه ال " (‬ ‫‪. )13‬‬ ‫وفي موضع آخر من الكتاب وردت هذه الحكاية في باب الحديث عن " رجال الغيب ‪:‬‬ ‫مردان غيب " ‪ ،‬وقد حدثت هذه الحكاية مع الشيخ " قطب الدين بختيار " من أكابر الصوفية ‪،‬‬ ‫ورواها الشيخ " نظام الدين أوليا " في ملفوظاته ‪:‬‬ ‫" كان هناك مسجد مهجور في أحد أطراف مدينة من المدن ‪ ،‬وكان لهذا المسجد مئذنة‬ ‫واحدة ‪ ،‬وكانت تسمى بالمآذن السبعة ‪ .‬كانت مئذنة واحدة ‪ ،‬ولكن هكذا كان يقال لها ‪ .‬وقد عرف‬ ‫سيدنا " الشيخ قطب الدين بختيار " دعاءً من دعا به فوق هذه المئذنة يلتقي بسيدنا " الخضر‬ ‫" عليه السلم ‪ ،‬وهذا الدعاء يقال له " الدعية السبعة " بالرغم من أنه كان دعاءً واحداً ‪ ،‬وأن‬ ‫هناك ركعتين من صلهما رأى " الخضر " عليه السلم " ‪.‬‬ ‫المهم أن الشيخ " قطب الدين بختيار " اشتاق لرؤية " الخضر " عليه السلم ‪،‬‬ ‫وهكذا ذهب في ليلة من ليال رمضان المبارك إلى المسجد وصلى الركعتين ‪ ،‬ثم صعد المئذنة‬ ‫ل ‪ ،‬ومع ذلك لم يظهر له أحد ‪ ،‬فخرج من‬ ‫ودعا بالدعاء ‪ ،‬ونزل من على المئذنة وانتظر قلي ً‬ ‫المسجد وقد أصابه بعض اليأس " ‪.‬‬ ‫" وما أن خرج من المسجد حتى رأى شخصاً يقف أمامه ‪ .‬نادى هذا الشخص على‬ ‫الشيخ " قطب الدين " قائلً ‪ :‬متاذا تفعل في هذا الوقت غير المعتتاد ‪ .‬قال الشيتخ ‪ :‬جئت للقاء‬ ‫" الخضر " ‪ ،‬وقد صليت الركعتين ‪ ،‬ودعوت بالدعاء ‪ ،‬لكني لم أنعم بلقائه ‪ ،‬والن أعود إلى‬ ‫البيت ‪ .‬فقال الشخص ‪ :‬وماذا ستفعل بلقاء " الخضر " ‪ ،‬إنه مثلك في تجوال دائم ‪ .‬ما تفعل‬ ‫برؤيته ‪ .‬ثم سأله ‪ :‬هل لك رغبة في الدنيا ؟‪ .‬قال الشيخ ‪ :‬ل ‪ .‬قال ‪ :‬هل تحتاج إلى سداد دين ؟‪.‬‬ ‫قال الشيخ ‪ :‬ل ‪ .‬فقال الشخص ‪ :‬فلماذا إذاً تطلب " الخضر " ‪ .‬ثم قال له ‪ :‬إن في هذه المدينة‬ ‫شخص ًا ذهب " الخضر " عليه السلم إلى بابه للقائه اثنتي عشرة مرة ‪ ،‬ولكن لم يسمح له‬ ‫بالدخول " ‪.‬‬ ‫" وبينما كان الثنان مشغولين في الحديث إذ بشيخ نوراني طاهر الملبس يظهر لهما‬ ‫ويقف أمامهما باحترام بالغ ‪ ،‬وينكب على أقدامهما ‪ .‬يقتول الشيتخ " قطب الدين بختيار " ‪:‬‬ ‫عندما وصل هذا الشيخ عندي التفت إلى الشخص الول وقال له ‪ :‬إن هذا الدرويش ليس في‬ ‫حاجة إلى سداد دين ‪ ،‬ول يطلب الدنيا ‪ ،‬إنه يرغب في لقائك أنت " ‪.‬‬ ‫" وفي تلك الثناء أذن للصلة ‪ ،‬وأخذ المتصوفة والدراويش في الظهور من كل‬ ‫مكان ‪ ،‬واصطفوا للصلة ‪ ،‬وأذّن لقامة الصلة ‪ ،‬فتقدم شخص وأم الناس ‪ ،‬وقرأ في التراويح‬ ‫اثني عشر جزءاً ‪ ،‬وكنت أتمنى أن يقرأ أكثر من هذا ‪ .‬المهم انتهت الصلة ‪ ،‬وتفرق الناس ‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫يقول الشيخ ‪ :‬وعدت أنا أيضاً إلى البيت ‪ ،‬وفي الليلة الثانية توضأت مبكراً وذهبت إلى المسجد ‪،‬‬ ‫وانتظرت حتى الصباح ‪ ،‬ولكن لم يظهر أحد " (‪. )14‬‬ ‫ونحن هنا ل نبحث في كون " الخضر " عليه السلم كان " نبياً " أم " ولياً " أم كان‬ ‫" عبداً " من عباد ال الصالحين ‪ ،‬وهل ل يزال " حياً " أم " توفاه " ال تعالى ‪ ،‬أم أنه يحيا "‬ ‫حياة خاصة " ‪ ،‬كما أن المجال هنا ليس البحث فيما يقوم به من " أعمال " وما ينسب إليه من‬ ‫" معجزات " ‪ ،‬أو الحكم على كل هذا من وجهة النظر الدينية ‪ ،‬وإنما كل الذي يهمنا هو أن‬ ‫نعرف إن كان التصور الشعبي عن " الخضر " عليه السلم يستند إلى أساس ديني أو صوفي ‪،‬‬ ‫أم أنه من اختراع " العقل الجمعي " لدى الشعوب المسلمة ‪ .‬ومن الواضح أن تصور " الخضر‬ ‫" لدى عامة المسلمين قد تأسس على أسس دينية وصوفية ‪ ،‬وإن كان المر كله محل خلف‬ ‫بين الفقهاء والمفسرين والمتصوفة الكرام ‪ ،‬لكن هذا التصور تسلل إلى الداب السلمية ولقي‬ ‫فيها رواجاً كبيراً حتى صار " الخضر " رمزاً من رموز الشعر في هذه الداب ‪ ،‬ونخص هنا‬ ‫على وجه التحديد الشعر الردي الذي هو مجال تخصصنا ‪ .‬وللمقال بقية في العدد القادم إن شاء‬ ‫ال ‪.‬‬ ‫هوامش‬ ‫‪ - 1‬أبو نصر السراج الصوفي – كتاب اللمع – حققه وقدم له وأخرج أحاديثه د ‪ .‬عبد الحليم‬ ‫محمود وطه عبد الباقي سرور – دار الكتب الحديثة – مصر ‪1308‬هت ‪1960 /‬م – ص ‪. 179‬‬ ‫‪ - 2‬الكهف ‪. 65 :‬‬ ‫‪ - 3‬المرجع السابق – ص ‪. 224‬‬ ‫‪ - 4‬المرجع السابق – ص ‪. 332‬‬ ‫‪ - 5‬راجع دكتر سيد جعفر سجادي – فرهنكت اصطلحات وتعبيرات عرفاني – جاب ششم –‬ ‫تهران ‪1281‬هت ‪ .‬ش – ص ‪. 353 ، 352‬‬ ‫‪ " - 6‬خضر ‪ :‬خضر در اصطلح صوفيه كنايه از بسط والياس كنايه از قبض است " ‪.‬‬ ‫‪ - 7‬عبد الرازق الكاشاني – اصطلحات الصوفية – حققه وقدم له د ‪ .‬عبد الخالق محمود –‬ ‫الطبعة الثانية ‪1984‬م – ص ‪. 170 ، 169‬‬ ‫‪ - 8‬خواجه عبد ال النصاري – تفسير ادبي وعرفاني قرآن مجيد – الجزء الثاني – تهران ‪-‬‬ ‫الطبعة الحادية عشرة ‪1374‬هت ‪ -‬ص ‪. 16‬‬ ‫‪ - 9‬در بعضي كتابها نوشته اند كه نام خضر بلياء بوده وخضر لقب او است ‪ ،‬ومادرش رومي‬ ‫وبدرش فارسي ( أهل إيران ) بوده است ‪ ،‬وبعض اورا نبي وبرخي اورا ولي مي دانند ‪،‬‬ ‫وكويند خضر والياس ( بيغمبر بني إسرائيل ) هر دو زنده هستند وهر سال در عرفات بيكت دكر‬ ‫ميرسند وتا قرآن باقي است آنها هم باقي هستند ‪.‬‬ ‫‪ - 10‬القربوس ‪ :‬مقدم السرج ‪ ،‬أو مؤخره ‪.‬وهما قربوسان ‪ ،‬وجمعه قرابيس ‪.‬‬ ‫تاج العروس – الجزء الرابع – ص ‪. 214‬‬ ‫‪ - 11‬أبو عبد الرحمن السلمي – طبقات الصوفية – تحقيق نور الدين شريبة – الطبعة الثالثة‬ ‫‪1986‬م – ص ‪. 31 ، 30 ، 29‬‬ ‫‪ - 12‬المرجع السابق – ص ‪. 34‬‬ ‫‪ - 13‬فوائد الفوائد – ملفوظات الشيخ نظام الدين أوليا – المجلد الثاني ‪ -‬ترجمه من الفارسية‬ ‫إلى الردية خواجه حسن ثاني نظامي دهلوي ‪ -‬إعداد أمير حسن سنجري – لهور – باكستان‬ ‫‪2003‬م – المجلس الثاني والثلثون – ص ‪. 241‬‬ ‫" اكلت وقتون مين ايكت بزركت تهت ‪ -‬ايكت دفعه وه باني بر مصلى بجها كر نماز برهت رهت تهت اور‬ ‫كهه رهت تهت كه خداوند خضر ست كبيره ( كناه ) كا ارتكاب هوا –ان كو اس ست توبه عطا فرما !‬ ‫اتنت مين حضرت خضر عليه السلم بهي آ كئت ‪ -‬اور بولت كه ايت بزركت مين نت كونست كبيره كا‬ ‫‪11‬‬

‫ارتكاب كيا هت كه اس ست توبه كرون – ان بزركت نت كها كه تم نت صحرا مين ايكت درخت لكايا تها‬ ‫اس كت سائت مين خود بيتهتت هو – اور آرام اتهاتت هو اور بهر كهتت هو كه مين نت يه كام خدا كت‬ ‫واسطت كيا هت خضر عليه السلم نت اسي وقت توبه كي – اس كت بعد ان بزركت نت تركت دنيا كي‬ ‫بابت خضر عليه السلم ست كها كه ايست رهو جيست مين رهتا هون – خضر عليه السلم نت‬ ‫بوجها آب كس طرح رهتت هين اور كيا كرتت هين ‪ .‬ان بزركت نت جواب ديا كه ميرا طرز عمل يه‬ ‫هت كه اكر ساري دنيا مجهت دي جائت اور كها جائت كه است قبول كرو تم ست اس كا كجهت حساب‬ ‫نهين ليا جائت كا – اور اكر تم نت قبول نه كيا تو تمهين دوزخ مين لت ليا جائت كا تو مين دوزخ كو‬ ‫قبول كر لون كا – مكر دنيا داري كو قبول نه كرون كا – خضر نت بوجها كه ايسا كيون ؟‪ .‬بولت‬ ‫كه اس وجه ست دنيا ال كي مبغوض هت ( دنيا ال كي نا بسنديده هت ) – بس جس جيز كو خدا‬ ‫نت دشمن ركها – مين اس كي جكه دوزخ قبول كر لون كا – مكر است قبول نهين كرون كا " ‪.‬‬ ‫‪ - 14‬المرجع السابق – المجلد الخامس – المجلس الخامس – ص ‪. 300 ، 299‬‬ ‫" شهر كت كناريت ايكت ويران مسجد تهي – اور اس مسجد كا ايكت مينار تها جس كو‬ ‫سات مينار كهتت تهت ‪ -‬مينار ايكت هي تها ليكن كهلتا سات مينار تها – حضرت كو شايد ايكت دعا‬ ‫بهنجي تهي كه جو اس دعا كو اس مينار كت اوبر برهت اس كي حضرت خضر عليه السلم ست‬ ‫ملقات هو جائت ‪ -‬يه دعا بهي اكرجه ايكت هي دعا تهي ليكن اس كو بهي هفت دعا كهتت تهت ‪ -‬دو‬ ‫ركعتين بهي بيان كي جاتي تهين كه جو يه ركعتين يرهت وه حضرت خضر عليه السلم كو ديكهت‬ ‫لت ‪ -‬الغض شيخ قطب الدين قدس سره العزيز كو اشتياق هوا كه حضرت خضر كو ديكهين –‬ ‫جنانجه رمضان كي راتون مين ست ايكت رات كو اس مسجد مين كئت اور وه دو ركعتين ادا كين –‬ ‫اور اس مينار بر جرهت كر وه دعا بهي برهي اور نيجت اتر كر كجهت دير تكت انتظار كيا مكر‬ ‫كوئي شخص ظاهر نهين هوا – كجهت ما اميد ست هو كر مسجد ست باهر آئت ‪ -‬جيست هي مسجد‬ ‫ست باهر قدم ركها ايكت شخص كو كهريت ديكها – اس شخص نت شيخ قطب الدين كو آواز دي اور‬ ‫كها كه اس نا وقت تم يهان كبا كر رهت هو – شيخ نت فرمايا كه مين يهان حضرت خضر ست‬ ‫ملقات كي غرض ست حاضر هوا تها – دو ركعت نماز مين بهي ادا كي اور جو دعا آئي وه‬ ‫بهي برهي مكر يه دولت حاصل نه هوئي اب وابس كهر جاتا هون – وه شخص بول كه خضر‬ ‫عليه السلم كا كيا كرو كت ‪ -‬وه تو خود تمهاري طرح مارا مارا بهرتا هت ‪ -‬اس كت ديكهنت ست كيا‬ ‫هوكا – اس درميان اس نت بوجها كه كيا دنيا كي خواهش هت ؟‪ .‬شيخ نت كها ‪ :‬نهين ‪ .‬بول كيا‬ ‫كجهت رقم قرضت كي ادا كرني هت ؟‪ .‬شيخ نت جواب ديا ‪ :‬نهين ‪ .‬اس كت بعد يه شخص بول كه بهر‬ ‫كس لئت خضر كت طلبكار هو ؟‪ .‬بهر كهنت لكت اس شهر مين ايكت ايسا آدمي هت كه خضر باره دفعه‬ ‫اس كت دروازيت بر كيا مكر داخلت كي اجازت نهين ملي – يه دونون اس كفتكو مين مصروف تهت‬ ‫كه ايكت نوراني بزركت باكيزه لباس بهنت نمودار هوئت ‪ -‬يه شخص بريت احترام كت ساتهت ان كت‬ ‫سامنت كيا اور ان كت قدمون مين كر برا – شيخ قطب الدين طيب ال ثراه فرماتت هين كه وه‬ ‫بزركت جب ميريت باس بهنجت تو اس بهلت شخص كي طرف رخ كر كت بولت كه اس درويش كو نه‬ ‫قرض جكانا هت نه دنيا كا طلبكار هت بس تم ست ملقات كي آرزو هت ! اسي دوران اذان كي آواز‬ ‫آئي اور هر طرف ست صوفي ار درويش ظاهر هونت لكت ‪ -‬جماعت تيار هو كئي – تكبير كهي‬ ‫كئي – ايكت شخض نت آكت برهت كر نماز ادا كرائي اور تراويح مين باره سي باريت برهت ‪ -‬ميريت دل‬ ‫مين خيال يا كه اكر اور زياده برهتت تو اجها هوتا – الغرض جب نماز هو جكي تو هر شخص‬ ‫كسي طرف جل ديا – شيخ كهتت هين مين بهي ابنت كهر آ كيا – جب دوسري رات هوئي تو اور‬ ‫سويريت ست وضو كيا اور اس مسجد مين كيا – صبح تكت وهان رها مكر كوئي مخلوق ظاهر‬ ‫نهين هوئي " ‪.‬‬

‫‪1‬‬

1

‫الراضي الموات وخصخصتها في الفقه‬ ‫السلمي‬ ‫الستاذ محمد أرشد أعوان‬ ‫الباحث بمرحلة الدكتوراة بكلية الشريعة والقانون‬ ‫جامعة الزهرالشريف‪-‬القاهرة‪-‬مصر‬ ‫من صور الملكية الجماعية في الفقه السلمي الرض الموات ‪ ،‬وهي غير المستغلة في‬ ‫الزراعة وغيرها ‪ ،‬والمعطلة عن النتاج تعد مملوكة ملكية عامة ‪ ،‬إل أنها قد تتحول إلي ملكية‬ ‫خاصة إذا قام أحد بإحياءها ‪ ،‬فتصبح ملكا خاصا به ‪ ،‬أو إذا قررت الدولة إقطاعها لفرد أو شركة‬ ‫من شركات القطاع الخاص ‪ ،‬ولدراسة الرض الموات وحكم خصخصتها في الفقه السلمي‬ ‫قسمت هذا المبحث إلي ثلثة مطالب ‪:‬‬ ‫المطلب الول ‪ :‬تعريف الموات لغة واصطلحا ‪،‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬شروط الرض الموات ‪،‬‬ ‫المطلب الثالث ‪ :‬أنواع الرض الموات وخصخصتها ‪.‬‬ ‫المطلب الول ‪ :‬تعريف الموات لغة واصطلحا ‪،‬‬ ‫أول ‪ :‬تعريف الموات في اللغة ‪:‬‬ ‫الموات مشتقة من الموت ‪ ،‬والموت والموتان من كل شئ ما ل روح فيه ‪ .‬والموات ‪ :‬الرض‬ ‫التى لم يجر عليها ملك أحد ول ينتفع بها‪. )1(.‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬تعريف الرض الموات عند الفقهاء ‪:‬‬ ‫عرف الفقهاء الرض الموات بتعريفات متعددة ‪ ،‬وفيما يلى نذكر بعض هذه التعاريف التى‬ ‫وردت في كل مذهب من المذاهب الفقهية كى نصل إلى التعريف المختار‪.‬‬ ‫تعريف الموات في المذهب الحنفى‪:‬‬ ‫قال المام ابوحنيفة(‪ )2‬رحمه ال ‪" :‬الموات ما بعد من العامر ولم يبلغه الماء"(‪.)3‬‬ ‫وفى تعريف الموات عندهم أنه ‪ " :‬أرض تعذر زرعها لنقطاع الماء عنها أو لغلبته عليها غير‬ ‫مملوكة بعيدة من العامر" (‪. )4‬‬ ‫وعرف الكاسانى(‪ )5‬فقال ‪" :‬هى أرض خارج البلد لم تكن ملكا لحد ول حقا له خاصا" (‪. )6‬‬ ‫وأما عن حد البعد فقد قال أبو يوسف ‪ " :‬إذا وقف على أدناها من العامر مناد بأعلى صوته لم‬ ‫يسمع أقرب الناس إليها في العامر "(‪. )7‬‬ ‫تعريف الموات في المذهب المالكى ‪:‬‬ ‫عرف صاحب مواهب الجليل الموات فقال ‪ " :‬ما سلم عن الختصاص لعمارة ولو اندرست‬ ‫"(‪. )8‬‬ ‫وعرف ابن عرفة(‪ )9‬الموات بقوله ‪ " :‬الموات هى الرض التى لملك عليها أو ل نبات بها‬ ‫"(‪. )10‬‬ ‫تعريف الموات في المذهب الشافعى ‪:‬‬

‫‪1‬‬

‫قال الماوردى(‪ " : )11‬حد الموات عند الشافعى ما لم يكن عامرا ول حريما لعامر ‪ ،‬قرب من‬ ‫العامر أو بعد "(‪. ) 12‬‬ ‫وجاء في مغنى المحتاج ‪ " :‬الموات الرض التى ل ماء لها ‪ ،‬ول ينتفع بها أحد" (‪. )13‬‬ ‫وعرف ابن حجر الهيثمى (‪ )14‬الموات بأنها ‪ " :‬الرض التى لم تعمر قط ‪ ،‬أى لم يتيقن‬ ‫عمارتها في السلم من مسلم أو ذمى ‪ ،‬وليست من حقوق عامر ‪ ،‬ول من حقوق المسلمين " (‬ ‫‪. )15‬‬ ‫تعريف الموات في المذهب الحنبلى ‪:‬‬ ‫عرف ابن قدامة الموات بقوله ‪ ":‬الرض الخراب الدارسة تسمى ميتة " (‪. )16‬‬ ‫وجاء في الحكام السلطانية ‪" :‬الموات ما لم يكن عامرا ول حريما لعامر ‪ ،‬وإن كان متصل‬ ‫بعامر " (‪. )17‬‬ ‫تعريف الموات عند الظاهرية ‪:‬‬ ‫عرف ابن حزم الظاهرى(‪ )18‬الرض الموات بأنها ‪ " :‬كل أرض ل مالك لها ول‬ ‫يعرف أنها عمرت في السلم " (‪. )19‬‬ ‫تعريف الموات عند المامية ‪:‬‬ ‫جاء في شرائع السلم في مسائل الحلم والحرام ‪ " :‬الموات هو الرض الذى ل ينتفع به‬ ‫لعطلة ‪ ،‬إما لنقطاع الماء عنه أو لستيلء الماء عليه ‪ ،‬أو غير ذلك من موانع النتفاع به " (‬ ‫‪. )20‬‬ ‫ومن مجموع التعاريف السابقة يتبين لنا أن المقصود من الرض الموات هى التى ل يملكها‬ ‫أحد ‪ ،‬ولم يتعلق بها حق لحد ول ينتفع به ‪ ،‬إما لعدم وصول الماء إليها أو لغلبته عليها ‪،‬أو‬ ‫لسوء تربتها أو لنها سبخة ‪ ،‬أو كثير الحصا وإما لغير ذلك من السباب التى تحول دون‬ ‫صلحيتها والنتفاع بها (‪)21‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬شروط الرض الموات‬ ‫لكى تعتبر الرض مواتا فقداشترط الفقهاء عدة شروط منها أل تكون الرض مملوكة لحد ‪ ،‬وأل‬ ‫يكون قريبامن العامر‪ ،‬و أليتعلق به حق عام ‪ ،‬وفيما يلي نتناول هذه الشروط بشيء من‬ ‫التفصيل ‪:‬‬ ‫الشرط الول ‪ :‬أل تكون الرض مملوكة لحد‬ ‫اتفق الفقهاء (‪)22‬على أن ما لم يجر عليه ملك لحد من الرض الموات ‪ ،‬ول يوجد فيه أثر‬ ‫عمارة (‪ )23‬ولم يكن من حقوق عامة من حقوق المسلمين ‪ ،‬فإنه يجوز احياؤها ‪ ،‬والحاديث‬ ‫الدالة على مشروعية الحياء تشمل هذا النوع من الموات وكذلك أجمع العلماء على أن ما عرف‬ ‫بملك مالك غير منقطع أنه ل يجوز إحياؤه لحد غير أربابه (‪. )24‬‬ ‫الشرط الثاني ‪ :‬أل يكون قريبا من العامر‪:‬‬ ‫اتفق الفقهاء على أن ما بين العامر من الرحاب والشوارع ومقاعد السواق ل يجوز تملكه‬ ‫بالحياء (‪ )25‬؛ لن الشرع قد ورد بإحياء الموات ‪ ،‬وهذا من جملة العامر‪ ،‬ولنا لوجوزنا ذلك‬ ‫ضيقنا على الناس فى أملكهم وطرقهم وهذا ل يجوز (‪ ، )26‬كما أجمع الفقهاء على أن ما قرب‬ ‫من العامر وتعلق بمصالحه من طرقه ومسيل مائه ومطرح قمامته وملقى ترابه وآلته ل يملك‬ ‫بالحياء (‪. )27‬‬ ‫وأما ما قرب من العامر ولم يتعلق بمصالحه فهل يجوز تملكه بالحياء؟ هذا ما اختلف فيه‬ ‫الفقهاء وكان لهم فيه مذهبان ‪:‬‬ ‫المذهب الول ‪ :‬يرى أصحابه أن ما قرب من العامر ولم يتعلق بمصالحه فل يجوز احياؤه ‪ ،‬وإلى‬ ‫هذا ذهب المام الليث (‪ )28‬وأبو يوسف من الحنفية (‪ )29‬والمام أحمد فى احدى الروايتين‬ ‫عنه (‪. )30‬‬ ‫‪1‬‬

‫المذهب الثانى ‪ :‬يرى أصحابه أن ما قرب من العامر ولم يتعلق بمصالحه يجوز‬ ‫احياؤه‪ ،‬وهذا ما ذهب إليه المالكية(‪ )31‬واشترطوا لحيائه إذن المام ‪ ،‬والشافعية (‪)32‬‬ ‫والحنابلة (‪ )33‬في الرواية الثانية ‪ ،‬و محمد بن الحسن (‪ )34‬من الحنفية فى ظاهر‬ ‫الرواية عنهم (‪ )35‬والمامية (‪ )36‬والباضية (‪. )37‬‬ ‫الدلة ‪:‬‬ ‫أدلة المذهب الول القائل بعد م جواز احياء ما قرب من العامر ولم يتعلق بمصالحه‪:‬‬ ‫فقد استدلوا بالمعقول فقالوا ‪ :‬إن ما قرب من العامر ولم يتعلق بمصالحه فهو فى مظنة تعلق‬ ‫المصلحة به‪ ،‬فإنه يحتمل أن يحتاج إلى فتح باب فى حائطه إلى فنائه ويجعله طريقا أو يخرب‬ ‫حائطه فيصنع آلت البناء فى فنائه وغير ذلك ولم يجز تفويت ذلك عليه بخلف البعيد (‪. )38‬‬ ‫أدلة المذهب الثانى‪:‬‬ ‫فقد استدل أصحاب المذهب الثانى على جواز إحياء ما قرب من العامر إذا لم تتعلق به مصلحة‬ ‫العامر بالسنة والقياس ‪:‬‬ ‫اول ‪ :‬من السنة ‪:‬‬ ‫‪ -1‬استدلوا بعموم قول النبى صلى ال عليه وسلم " من أحياء أرضا ميتة فهى له" (‪. )39‬‬ ‫ووجه الدللة ‪ :‬أن هذا الحديث بعمومه يدل على جواز احياء الموات دون تفريق بين القريب‬ ‫والبعيد من العامر‪.‬‬ ‫‪ -2‬كما استدلوا بأن النبى صلى ال عليه وسلم أقطع بلل بن الحارث المزنى(‪ )40‬العقيق وهو‬ ‫يعلم أنه بين عمارة المدينة (‪. )41‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬من القياس ‪:‬‬ ‫استدلوا بقياس الموات القريب من العامر على الموات البعيد عنه بجامع عدم تعلق مصلحة‬ ‫العامر بكل فقالوا ‪ :‬لنه لم يتعلق به مصلحة العامر فجاز احياؤه كالبعيد (‪. )42‬‬ ‫الرأى الراجح ‪ :‬بعد عرض أدلة الفقهاء يظهر لنا أن القول بجواز احياء ما قرب من العامر إذا لم‬ ‫يتعلق به مصلحة العامر هو الراجح وذلك لقوة دليله‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬ ‫حد القريب والبعيد من العامر‪:‬‬ ‫ومن الفقهاء من وضع حدا للقرب والبعد عن العمران ومنهم من ترك ذلك للعرف‪ ،‬وبذلك‬ ‫ظهر فى هذه المسألة مذهبان ‪:‬‬ ‫المذهب الول ‪ :‬وضع أصحابه حدا للقريب من العمران والبعيد عنه وإن كانوا قد اختلفوا فى‬ ‫مقدار هذا الحد‪ .‬قال المام الليث ‪ :‬حد البعيد غلوة‪ ،‬وهى خمسة فراسخ (‪ ، )43‬وذهب أبو‬ ‫يوسف إلى أن حد البعيد هو الذى إذا وقف الرجل فى أدناه فصاح بأعلى صوته لم يسمع أدنى‬ ‫أهل المصر إليه (‪ ، )44‬وذهب المالكية إلى أن حد القريب وما تلحقه الماشية بالرعى فى غدوها‬ ‫ورواحها وهو مسرح ومحتطب‪ ،‬وأما ما كان على اليوم وما قاربه‪ ،‬وما ل تدركه المواشى فى‬ ‫غدوها ورواحها فهو من البعيد‪. )45( .‬‬ ‫المناقشة ‪:‬‬ ‫وقد ناقش ابن قدامة هذا الرأى وقال‪" :‬هذا تحكم بغير دليل ‪ ،‬وليس ذلك أولى من تحديده‬ ‫بشيء آخر ‪ ،‬كميل ونصف ميل ‪ ،‬ونحو ذلك ‪ .‬وهذا التحديد الذي ذكراه وال أعلم مختص بما‬ ‫قرب من المصر أو القرية ‪ ،‬ول يجوز أن يكون حدا لكل ما قرب من عامر ‪ ،‬لنه يفضي إلى أن‬ ‫من أحيا أرضا في موات ‪ ،‬حرم إحياء شيء من ذلك الموات على غيره ‪ ،‬ما لم يخرج عن ذلك‬ ‫الحد" (‪. )46‬‬ ‫المذهب الثانى ‪ :‬وفريق آخر من الفقهاء يرى عدم وضع حد للقرب والبعد من العامر وهم‬ ‫الشافعية ‪ ،‬والظاهرية (‪ ،)47‬والحنابلة (‪ ،)48‬وتركوا تحديد القرب والبعد من العامر للعرف‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫واستدلوا على رأيهم بأن التحديد ل يعرف إل بالتوقيف ول يعرف بالرأى والتحكم ولم يرد من‬ ‫الشرع لذلك تحديد فوجب أن يرجع فى ذلك إلى العرف كالقبض والحراز (‪. )49‬‬ ‫الرأى الراجح‪:‬‬ ‫بعد عرض آراء الفقهاء فى تحديد القرب والبعد من العامر نرى أن ترك هذا التحديد‬ ‫للعرف هو الولى لنه مادام لم يرد فى الشرع ما يحدده فوجب الرجوع فيه إلى العرف ‪ ،‬والعرف‬ ‫يتغير باختلف المكان والزمان وفى وضع حد من غير دليل تضييق على الناس‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬ ‫الشرط الثالث ‪ :‬أليتعلق به حق عام ‪:‬‬ ‫اتفق الفقهاء (‪ )50‬على أن ما يتعلق به حق عام ليجوز إحياؤه ‪ ،‬وما كان من الشوارع‬ ‫والطرقات والرحاب بين العمران ‪ ،‬فليس لحد إحياؤه ‪ ،‬سواء كان واسعا أو ضيقا ‪ ،‬وسواء‬ ‫ضيق على الناس بذلك أو لم يضيق ؛ لن ذلك يشترك فيه المسلمون ‪ ،‬وتتعلق به مصلحتهم ‪،‬‬ ‫فأشبه مساجدهم ) ول يجوز إحياء المحتطب والمرعى القربين وهما اللذان يقتصر عليهما في‬ ‫الخوف ل البعد فيجوز ‪ ،‬إذ ل اختصاص ‪ .‬ول ميدان الخيل واللعب بالكرة ونحوها لتعلق الحق‬ ‫به ‪ ،‬ول مضحي الغنم عند إسراحها ول مناخ البل إن كانت ول موضع حضور أهلها واجتماعهم‬ ‫للجلوس فيه للشورى ونحوها ‪ ،‬ول مصرخهم الذي يجتمعون فيه عند لقاء العدو ومصلهم ‪،‬‬ ‫ونحو ذلك ‪.‬‬ ‫المطلب الثالث ‪ :‬أنواع الرض الموات وخصخصتها‬ ‫الموات قسمان ‪:‬‬ ‫القسم الول ‪ :‬ما لم يزل مواتا من قديم الدهر ‪ ،‬فلم تجر فيه عمارة ول يثبت عليه ملك ‪ ،‬فهذا‬ ‫يجوز إحياءه لقول النبي صلي ال عليه وسلم ‪ :‬من أحيا أرضا ميتة فهي له (‪. )51‬‬ ‫القسم الثاني من الموات ‪ :‬ما كان عامرا فخرب ‪ ،‬فصار مواتا عاطل‪ ،‬وذلك نوعان أحدهما ‪ :‬ما‬ ‫كان عاديا ( أي قديما ‪ ،‬جاهليا ) فهو كالموات الذي لم يثبت فيه عمارة ويجوز إحياؤه ‪ .‬لقول‬ ‫النبي صلى ال عليه وسلم { عادي الرض ل ولرسوله ‪ ،‬ثم هي لكم مني } (‪. )52‬‬ ‫ثانيهما ‪ :‬ما كان إسلميا جرى عليه ملك المسلمين ‪ ،‬ثم خرب حتى صار مواتا عاطل ‪ ،‬وهذا‬ ‫ينقسم إلى قسمين ‪:‬‬ ‫القسم الول ‪ :‬ما ملك بشراء أو عطية أو بأى طريق آخر غير الحياء ‪ .‬وقد كان هذا الموات‬ ‫عامرا ثم دثر وهذا القسم من الموات ل يجوز لغير مالكه تملكه وإحياؤه (‪ . )53‬ذهب جمهور‬ ‫الفقهاء إلى أن ملك العيان ل يسقط بالسقاط ‪ ،‬ول بعدم الستعمال ‪ ،‬يظل على ملك صاحبه لو‬ ‫أسقط أو أعرض عنه (‪. )54‬‬ ‫اختلف‬ ‫القسم الثانى ‪ :‬موات ملك بالحياء ثم ترك حتى دثر وعاد خرابا كما كان ‪ ،‬فقد‬ ‫الفقهاء فى حكم هذا النوع من الموات على مذهبين ‪:‬‬ ‫المذهب الول ‪:‬‬ ‫ذهب الحنفية في الصح (‪ )55‬وسحنون (‪)56‬من المالكية (‪ )57‬والشافعية (‪ )58‬والحنابلة‬ ‫(‪ )59‬والظاهرية (‪ )60‬والزيدية (‪ )61‬إلى أن الموات يبقى على ملك صاحبه الول – إن عرف‬ ‫– ول يجوز لحد أن يتملكه أو يقوم بإحيائه ‪.‬‬ ‫المذهب الثانى ‪:‬‬ ‫ذهب بعض الحنفية (‪ )62‬وجمهور المالكية (‪)63‬إلى أن الموات الذى تم تملكه عن طريق‬ ‫الحياء ‪ ،‬ثم ترك وعاد مواتا فإنه يرجع إلى حكمه الول ‪ ،‬فيملكه من أحياها ثانية إذا طال زمن‬ ‫اندراسه‪.‬‬ ‫قال المام مالك (‪ –)64‬رحمه ال ‪ " : -‬ولو أن رجل أحيا أرضا مواتا ‪ ،‬ثم أسلمها بعد حتى‬ ‫تهدمت آبارها ‪ ،‬وهلكت أشجارها ‪ ،‬وطال زمانها حتى عفت بحال ما وصفت لك ‪ ،‬فصارت إلى‬ ‫حالها الول ‪ ،‬ثم أحياها آخر بعده كانت لمن أحياها بمنزلة الذى أحياها أول مرة " (‪. )65‬‬ ‫‪1‬‬

‫الدلة ‪:‬‬ ‫أدلة المذهب الول القائل ببقاء ملك المحيي الول ‪:‬‬ ‫استدلوا بعموم الدلة التى تدل على حرمة التعدى على ملك الخرين من مثل قول النبى صلى‬ ‫ال عليه وسلم ‪ :‬فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام (‪. )66‬‬ ‫ووجه الدللة ‪ :‬أن الموات الذى تركه صاحبه ل يزال على ملكه كما استدلوا بقول النبى صلي‬ ‫ال عليه وسلم ‪ :‬من أعمرأرضا ليست لحد فهو أحق (‪. )67‬‬ ‫ووجه الدللة ‪ :‬أن هذه الحاديث تدل على أن من شروط الموات الجائز احياءه أل يكون‬ ‫مملوكا لحد ‪ ،‬والموات الذي تركه صاحبه مملوك له ‪ ،‬فهذا يوجب تقييد مطلق الحديث‪ " :‬من‬ ‫أحيا أرضا ميتة فهى له " (‪. )68‬‬ ‫كما استدلوا بقول النبى صلى ال عليه وسلم ‪ :‬من أحيا أرضا ميتة فهى له وليس لعرق ظالم‬ ‫حق (‪. )69‬‬ ‫ووجه الدللة ‪ :‬قال ابن قدامة ‪ ":‬قال هشام بن عروة فى تفسير قوله صلى ال عليه وسلم "‬ ‫وليس لعرق ظالم حق " العرق الظالم‪ ،‬أن يأتى الرجل الرض الميتة لغيره فيغرس فيها (‪. )70‬‬ ‫وقال المام الشافعى(‪ - )71‬رحمه ال ‪ " :‬الرض الموات التى ملكت بالحياء ثم عادت كما‬ ‫كانت بالرض التى بنى عليها ثم تهدم البناء فل تسقط ملكية هذه الرض وكذلك من الموات " (‬ ‫‪. )72‬‬ ‫كما استدلوا بالقياس فقالوا ‪ :‬إن هذه الرض يعرف مالكها فلم تملك بالحياء كالتى ملكت‬ ‫بشراء أو عطية ‪.‬‬ ‫المناقشة ‪ :‬ويمكن أن يناقش هذا الدليل ‪ :‬إن هذا قياس مع الفارق لن سبب الملك فى البيع‬ ‫والهبة وهوالعقد ‪ ،‬وأما سبب الملك فى الموات هو الحياء فافترقا ‪.‬‬ ‫أدلة المذهب الثانى ‪:‬‬ ‫استدل أصحاب المذهب الثانى على ما ذهب إليه من ثبوت الملك للمحيي الثاني بعموم قول‬ ‫النبى صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬من أحيا أرضا ميتة فهى له " (‪. )73‬‬ ‫ووجه الدللة ‪ :‬عموم الحديث يدل على أن كل أرض ميتة سواء كانت ميتة بأصلها أو تم‬ ‫احياؤها ثم أندثرت تملك بالحياء (‪. )74‬‬ ‫المناقشة ‪ :‬قد ناقش ابن قدامة الستدلل بالحديث ‪ " :‬من أحيا أرضا ميتة فهى له " بأن هذا‬ ‫الحكم مقيد بالحاديث التى تشمل القيد فى غير حق مسلم‪ ،‬وليست لحد " ‪ ،‬وههنا يوجد حق‬ ‫مسلم فيحمل المطلق على المقيد كما يقول الصوليون ‪.‬‬ ‫كما استدلوا بالمعقول فقالوا‪ :‬إن أصل هذه الرض مباح فإذا تركت حتى صارت مواتا عادت‬ ‫إلى الباحة كمن أخذ ماء من نهر ثم رده فيه ‪.‬‬ ‫المناقشة ‪ :‬قال ابن قدامة ‪ :‬وما ذكروه يبطل بالموات إذا أحيا إنسان ثم باعه فتركه المشترى‬ ‫حتى عاد مواتا‪ ،‬وباللقطة إذا ملكها ثم ضاعت منه‪ ،‬ويخالف ماء النهر فإنه استهلك (‪. )75‬‬ ‫الرأى الراجح‪ :‬بعد عرض أدلة المذهبين ومناقشتها يظهر أن القول ببقاء ملكية المحيي الول‬ ‫هوالراجح لقوة دليله ‪ .‬وال أعلم ‪.‬‬ ‫أما ماكان إسلميا جرى عليه ملك المسلمين ‪ ،‬ثم خرب حتى صار مواتا عاطل ‪ ،‬ول يعرف له‬ ‫مالك ول ورثة مالك فللفقهاء في إحياءه ثلثة أقوال ‪:‬‬ ‫القول الول ‪ :‬إنه مال ضائع يرجع فيه إلى رأي المام مطلقا‪،‬وإلي هذا ذهب الشافعية (‪. )76‬‬ ‫القول الثاني ‪ :‬يملك بالحياء مطلقا ‪ ،‬إذا كانت الرض غير مقطعة ‪ ،‬أما إذا كانت مقطعة فالراجح‬ ‫أنها ل تملك بالحياء هذا قول المالكية (‪. )77‬‬ ‫القول الثالث ‪ :‬إن لم يعرف أربابه ملك بالحياء ‪ ،‬بشرط إقطاع المام له ‪ ،‬هذا رأي الحنفية‬ ‫والحنابلة (‪. )78‬‬ ‫‪1‬‬

‫هذا عن تحويل ملكية الرض الموات إلي الملكية الخاصة عن طريق إحياءها ‪ ،‬وقد يتم‬ ‫تحويل الرض الموات إلي ملكية خاصة بإقطاع المام ‪ ،‬وباستقراء آراء الفقهاء تبين لنا أن كل‬ ‫ما يجوز إحياؤه من الرض الموات يجوز إقطاعه ‪.‬‬

‫هوامش‬

‫‪ .‬القاموس المحيط‪ :‬باب التاء فصل الميم ‪ ،‬لسان العرب ‪ ،2/93 :‬مختار الصحاح ‪ :‬ص ‪. 639‬‬ ‫‪ . .‬هو النعمان بن ثابت بن زوطي التيمي بالولء ‪ ،‬الكوفي ‪ ،‬أصله من بلد فارس ‪ ،‬فقيه ‪ ،‬مجتهد صاحب‬

‫‪2‬‬

‫المذهب الحنفي ‪ ،‬إمام أصحاب الرأي وفقيه العراق ‪ ،‬ولد بالكوفة سنة ثمانين ‪ ،‬ونشأ فيها ‪ ،‬تفقه على حماد ‪،‬‬ ‫مات سنة ‪ 150‬ه وهو في السجن ‪ ،‬وهو ابن سبعين سنة ‪ .‬أنظر ‪ :‬الطبقات السنية ‪، 1/86‬وفيات العيان ‪5/39‬‬

‫‪ ،‬شذرات الذهب ‪ ، 1/227‬طبقات الفقهاء ‪ :‬ص ‪ ، 86‬العلم ‪. 9/4‬‬

‫‪ .‬البحر الرائق شرح كنز الدقائق ‪ . 8/238 :‬ط‪ .‬دار الكتاب السلمي ‪ ،‬الطبعة الثانية‬

‫‪3‬‬

‫‪ .4‬كنز الدقائق مع تبيين الحقائق ‪ . 6/34 :‬ط‪ .‬دار الكتاب السلمي ‪.‬‬

‫‪ . .‬هو ‪:‬علء الدين الكاساني ( ت ‪ 587‬هس ) ‪ ،‬الفقيه الحنفي ‪ ،‬ويعرف بملك العلماء ‪ ،‬من أهل حلب ‪ ،‬قدم‬

‫‪5‬‬

‫دمشق وناظر الفقهاء فيها ‪ ،‬وله شعر ‪ ،‬من مؤلفاته بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ‪ ،‬والسلطان المبين في‬ ‫أصول الدين ‪ ،‬أنظر ‪ :‬العلم ‪ ، 6/46 :‬طبقات الحنفية ‪1/244:‬‬

‫‪ .6‬بدائع الصنائع ‪.6/194 :‬‬

‫‪ .‬الهداية شرح بداية المبتدى ‪ ،4/98 :‬شرح فتح القدير ‪ .8/136 :‬ط‪ .‬دار الفكر ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬الطبعة الثانية‬

‫‪7‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪ .‬مواهب الجليل شرح مختصر سيدى خليل ‪ ، 6/3 :‬وانظر ‪ :‬حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ‪. 4/67 :‬‬

‫‪9‬‬

‫‪ .‬ابن عرفة ( ‪ 803 – 716‬هس ) هومحمد بن محمد بن عرفة الورغمي ‪ ،‬الرصاع ‪ ،‬التونسي ‪ ،‬أبو عبد ال‬

‫‪ ،‬عالم المغرب وخطيبها ‪ ،‬كان من كبار فقهاء المالكية ‪ ،‬تصدى للتدريس بجامع تونس ‪ ،‬وانتفع به خلق كثير ‪،‬‬ ‫من كتبه الحدود ‪ ،‬المبسوط ‪ ،‬أنظر ‪ :‬الديباج المذهب ‪ :‬ص ‪ ، 337‬العلم ‪7/272 :‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪ .‬شرح حدود ابن عرفة ‪ :‬ص ‪ . 408‬ط‪ .‬المكتبة العلمية ‪ .‬بيروت ‪.‬‬

‫‪ . .11‬هو علي بن محمد بن محمد بن حبيب الماوردي (‪ 450 – 364‬هس ) قاضي القضاة ‪ ،‬الفقيه الشافعي‬

‫الصولي ‪ ،‬المفسر الديب ‪ ،‬ولد بالبصرة ‪ ،‬ونسبته إلى بيع ماء الورد‪ ،‬تولي القضاء في بلدان كثيرة ‪ ،‬له‬

‫تصانيف كثيرة منها ‪ :‬الحاوي الكبير ‪ ،‬الحكام السلطانية ‪ ،‬أنظر ‪ :‬طبقات الشافعية الكبرى ‪ ، 5/267‬العلم ‪:‬‬ ‫‪. 5/146‬‬

‫‪ . 12‬الحكام السلطانية ‪ :‬ص ‪ ،181‬وانظر ‪ :‬الم ‪. 3/264 :‬‬ ‫‪ .13‬مغنى المحتاج ‪. 3/496 :‬‬

‫‪ . . 14‬هو أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيثمي السعدي النصاري ( ‪ 974 – 909‬ه ) وكنيته أبو العباس‬

‫‪ ،‬ولقب بالهيثمي نسبة إلى محلة أبي الهيثم ( من إقليم الغربية بمصر ) فقيه مجتهد ‪ ،‬من كتبه ‪ :‬الفتاوي‬

‫الفقهية الكبرى ‪ ،‬تحفة المحتاج لشرح المنهاج ‪ ،‬وشرح الربعين النووية ‪ ،‬أنظر ‪ :‬مقدمة كتابه الفتاوى الفقهية‬

‫الكبرى ‪ ،‬والعلم للزركلي ‪.‬‬

‫‪ .15‬تحفة المتحاج في شرح المنهاج ‪. 6/202 :‬ط‪ .‬دار إحياء التراث العربي ‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫‪ .16‬المغنى ‪. 5/328 :‬‬

‫‪ . 17‬الحكام السلطانية ‪ :‬لبى يعلى ‪ :‬ص ‪. 209‬‬ ‫‪ . 18‬هو علي بن أحمد بن سعيد بن حزم ( ‪ 456 – 384‬ه ) ولد بقرطبة ‪ ،‬الفقيه المجتهد الظاهري ‪ ،‬نشأ‬ ‫علي المذهب الشافعي ‪ ،‬ثم انتقل إلي مذهب الظاهري ‪ ،‬كان فقيها مفسرا ‪،‬محدثا ‪ ،‬أصوليا ‪ ،‬متكلما ‪ ،‬أديبا ‪،‬‬

‫مؤرخا ‪ ،‬أشهر مصنفاته ‪ :‬المحلي ‪ ،‬والحكام في أصول الفقه ‪ ،‬والفصل في الملل والهواء والنحل ‪ ،‬أنظر ‪:‬‬ ‫تذكرة الحفاظ ‪ ، 3/1146‬شذرات الذهب ‪ ، 3/299‬العلم ‪. 5/59‬‬ ‫‪ .19‬المحلى ‪. 8/233 :‬‬

‫‪ . 20‬شرائع السلم في مسائل الحلل والحرام ‪. 3/217 :‬‬ ‫‪ . 21‬الملكية في الشريعة السلمية للشيخ على الخفيف ‪ :‬ص ‪. 249‬‬

‫‪ . 22‬مراتب الجماع لبن حزم ‪ :‬ص ‪ ، 95‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬رحمة المة في اختلف الئمة‬ ‫لمحمد بن عبد الرحمن الدمشقي العثماني الشافعي ‪ :‬ص ‪ ، 140‬دار الفكر ‪ ،‬بيروت ‪2005‬م ‪.‬‬

‫‪ . 23‬المغنى ‪. 5/328 :‬‬

‫‪ .24‬كشاف القناع ‪. 4/185 :‬‬

‫‪ . 25‬انظر ‪ :‬بدائع الصنائع للكاساني ‪ ، 6/194 :‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت‪ .‬المنتقي شرح الموطا ‪. 6/29 :‬‬ ‫دار الكتاب السلمي ‪ ،‬روض الطالب ‪ ، 2/450 :‬لزكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا النصاري ‪ ،‬دار الكتاب‬

‫السلمي ‪ ،‬المغني لبن قدامة ‪ ، ، 5/335 :‬دار إحياء التراث العربي ‪ ،‬بيروت ‪ .‬المحلي لبن حزم ‪. 7/74 :‬‬

‫دار الفكر بيروت ‪ .‬البحر الزخارلبن المرتضي ‪ . 5/79 :‬دار الكتاب السلمي‪ ،‬شرائع السلم للحلي ‪3/221 :‬‬ ‫‪ .‬مؤسسة مطبوعاتي إسماعليان‬

‫‪ . 26‬المهذب ‪ ، 1/423 :‬الكافى ‪. 2/436 :‬ط‪ .‬المكتب السلمي بيروت ‪ 1408،‬هس ‪ 1988-‬م‪ .‬ط ‪، 5‬‬

‫تحقيق زهير الشاويش ‪ ، .‬بدائع الصنائع‪. 6/194:‬‬ ‫‪ .27‬المغني ‪. 5/330 :‬‬

‫‪ . 28‬الليث بن سعد بن عبد الرحمن مولى قيس بن رفاعة وهو مولى عبد الرحمن بن خالد بن مسافر الفهمي‬ ‫وكان أصله من اصفهان وقال الليث قال لي بعض أهلي ولدت سنة اثنتين وتسعين والذي أوقن سنة أربع‬

‫وتسعين ومات للنصف من شعبان يوم الخميس سنة خمس وتسعين ومائة ودفن يوم الجمعة ‪ ،‬وقال الشافعي‬ ‫رحمه ال تعالى الليث افقه من مالك ال أن أصحابه لم يقوموا به ‪ ،‬طبقات الفقهاء للشيرازي ‪ :‬ص ‪. 76، 75‬‬ ‫‪ .29‬شرح فتح القدير ‪ ، 10/73 :‬الهداية مع العناية ‪ ، 10/69 :‬حاشية ابن عابدين ‪. 6/433 :‬‬ ‫‪ . 30‬المغني ‪ :‬نفس المرجع سابق ‪.‬‬

‫‪ . 31‬مواهب الجليل ‪ ، 6/12 :‬حاشية الدسوقي علي الشرح الكبير ‪. 4/66 :‬‬ ‫‪ . 32‬روضة الطالبين ‪. 5/285 :‬ط‪ .‬المكتب السلمي بيروت ‪،‬ط ‪ 1405 ، 2‬هس‬ ‫‪ .33‬المغني ‪. 5/330:‬‬

‫‪ . 34‬هوأبو عبد ال محمد بن الحسن الشيباني ( ‪ 189 – 131‬ه ) صاحب أبي حنيفة ‪ ،‬الفقيه المجتهد ‪،‬‬ ‫أصله من حرستا بغوطة دمشق ‪ ،‬تفقه علي أبي حنيفة وهو الذي دون فقهه‪ ،‬كما تتلمذ علي أبي يوسف‬

‫ومالك ‪ ،‬صحب الرشيد إلي خراسان ‪ ،‬فمات بقرية من قري الري مع الكسائ في يوم واحد ‪ ،‬من كتبه ‪ :‬الجامع‬

‫‪2‬‬

‫الصغير والكبير ‪ ،‬والسير الصغير والكبير ‪ .‬أنظر ‪ :‬طبقات الفقهاء ص ‪ ، 135‬الفوائد البهية ص ‪ ، 163‬شذرات‬ ‫الذهب ‪ ، 1/320‬العلم ‪. 6/309‬‬

‫‪ . 35‬شرح فتح القدير ‪. 10/73 :‬‬ ‫‪ . 36‬شرائع السلم ‪. 3/216 :‬‬

‫‪ .37‬شرح النيل ‪ . 10/518 :‬ط ‪ .‬مكتبة الرشاد ‪ ،‬الرياض ‪.‬‬ ‫‪ . 38‬المغني ‪. 5/330 :‬‬

‫‪ .39‬أخرجه البخارى‪ ،‬كتاب الحرث والمزارعة‪ ،‬باب من أحيا أرضا مواتا‪ ( ، 2/823 :‬جعله البخاري موقوفا‬

‫علي عمر‪ ،‬وجعله عنوانا للباب ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬يروي عن عمر وابن عوف عن النبي صلي ال عليه وسلم وقال ‪:‬‬

‫في غير حق مسلم وليس لعرق ظالم فيه حق ) و أخرجه مالك في مؤطا‪ :‬كتاب القضية‪ :‬باب القضاء في عمارة‬ ‫الموات‪ ، 2/743،‬رقم الحديث ‪ ، 1422 :‬وأخرجه الترمذى‪ :‬كتاب الحكام عن رسول ال ‪ :‬باب ما جاء في‬ ‫إحياء الموات ‪ ، 3/663‬رقم الحديث ‪ ، 1379:‬وقال هذا حديث حسن صحيح‪.‬‬

‫‪ . 40‬بلل بن الحارث المزني أبو عبد الرحمن المدني صحابي مات سنة ستين وله ثمانون سنة ‪ ،‬روى عن‬ ‫النبي صلى ال عليه وسلم وعن عبد ال بن مسعود وعمر بن الخطاب روى عنه ابنه الحارث‬ ‫أنظر ‪ :‬تهذيب الكمال ‪ ، 4/283‬تقريب التهذيب ‪. 129 /1‬‬

‫‪ .41‬المغني ‪. 5/330 :‬‬

‫‪ . 42‬نفس المرجع السابق ‪.‬‬ ‫‪ . 43‬المغني ‪ . 5/330:‬والفرسخ يساوي ثلثة أميال ‪ ،‬والميل ‪ 1848‬مترا ‪ ،‬مصطلحات الفقهاء والصوليين‬

‫للدكتور ‪ /‬محمد إبراهيم الحفناوي ص ‪ ، 227‬دار السلم ‪ ،‬القاهرة ‪2005 ،‬م ‪.‬‬ ‫‪ . 44‬الهداية مع العناية ‪ ،10/69‬البحر الئق ‪8/230‬‬

‫‪ . 45‬شرح مختصر خليل ‪ ،7/70 :‬المنتقى شرح الموطا ‪. 6/29 :‬‬ ‫‪ .46‬المغنى ‪. 331 ،5/330 :‬‬ ‫‪ .47‬المحلى ‪. 7/73 :‬‬

‫‪ .48‬المغنى ‪. 330 / 5 :‬‬ ‫‪ .49‬المغني ‪. 5/331 :‬‬

‫‪ .50‬انظر‪ :‬الهداية مع فتح القدير ‪ ، 10/72 :‬بدائع الصنائع ‪ ،6/194 :‬مغنى المحتاج ‪، 3/495 :‬الكافى ‪:‬‬ ‫‪ ،2/440‬المحلى ‪ ، 7/74 :‬البحر الزخار ‪ ، 5/73 :‬شرائع السلم ‪. 3/221 :‬‬

‫‪ . 51‬سبق تخريجه‬

‫‪ . 52‬أخرجه البيهقي ‪ ،‬كتاب إحياء الموات ‪ ،‬باب ل يترك ذمي يحييه ‪ . 6/143 ،‬وأبو عبيد في الموال ‪ :‬ص‬ ‫‪. 371‬‬

‫‪ .53‬حاشية الدسوقى ‪ ،4/66 :‬بدائع الصنائع ‪ ،6/193 :‬المغنى ‪. 5/328 :‬‬

‫‪ . 54‬المللكية وضوابطها فى السلم ‪ :‬ص ‪.120‬‬

‫‪ .55‬تبيين الحقائق ‪ ، 6/35 :‬تنوير البصار مع حاشية ابن عابدين ‪. 6/433 :‬‬

‫‪ . 56‬هو أبو سعيد عبد السلم بن سعيد بن حبيب بن سعيد التنوخي ( ‪ 240 – 160‬ه ) ‪ ،‬الفقيه المالكي‬

‫القاضي ‪ ،‬وسحنون لقبه ‪ ،‬أصله من حمص ‪ ،‬ولد وتوفي في القيروان ‪ ،‬انتهت إليه رئاسة المذهب المالكي في‬

‫‪2‬‬

‫المغرب ‪ ،‬ولي قضاء القيروان إلي أن مات ‪ ،‬صنف كتاب المدونة في مذهب المام مالك ‪ .‬أنظر ‪ :‬الديباج‬ ‫المذهب ص ‪ ، 160‬طبقات الفقهاء ص ‪ ، 156‬العلم ‪. 4/129‬‬

‫‪ .57‬حاشية الدسوقي علي الشرح الكبير ‪. 4/66 :‬‬ ‫‪ .58‬المهذب ‪ ،1/423 :‬مطبعة المنيرية‬ ‫‪ ،‬معنى المحتاج ‪.2/362 :‬‬

‫‪ .59‬كشاف القناع ‪ ، 4/185 :‬المغني ‪ :‬مرجع سابق ‪.‬‬ ‫‪ .60‬المحلى ‪. 7/74:‬‬

‫‪ . 61‬البحر الزخار‪. 5/72 :‬‬ ‫‪ . 62‬الهداية ‪ ،4/98 :‬البحر الرائق ‪. 8/239 :‬‬

‫‪ .63‬المدونة ‪ ،195/ 15 :‬ط ‪ .‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ .‬حاشية الدسوقى ‪ ،4/66 :‬المنتقى شرح الموطا ‪:‬‬ ‫‪ ، 6/20‬جمهور المالكية يفرقون بين حالتين ‪ -1 :‬ما ثبت من الملك بالسباب الفعلية كما فى الصيد والحياء‬

‫فإن الملك يزول بزوال هذه السباب‪ - 2 .‬ما ثبت من الملك بالسباب القولية‪ ،‬كما فى البيع فإن الملك ل يسقط‬ ‫إل بسبب ناقل نظرا لقوة السباب القولية لكونها بينة على ملك سابق ‪ ،‬الفروق ‪.43 ،4/41 .‬‬

‫‪ . 64‬هو مالك بن أنس الصبحي ( ‪179 – 93‬هس) إمام دار الهجرة ‪ ،‬وأحد الئمة المتبوعين ‪ ،‬وإليه ينسب‬ ‫المذهب المالكي ‪ ،‬مولده ووفاته بالمدين المنورة ‪ ،‬طلب العلم علي التابعين ‪ ،‬جمع بين الفقه والحديث والجتهاد‬

‫بالرأي ‪ .‬أنظر ‪ :‬الديباج المذهب ‪ :‬ص ‪، 17‬طبقات الفقهاء ص ‪ ، 67‬شذرات الذهب ‪ ، 1/289‬العلم ‪6/128‬‬ ‫‪.65‬المدونة ‪. 15/195 :‬‬

‫‪ .66‬صحيح البخاري ‪ :‬باب قول النبي صلى ال عليه وسلم رب مبلغ أوعى من سامع ‪ ، 1/37 ،‬رقم الحديث‬ ‫‪. 67 :‬‬

‫‪ .67‬صحيح البخاري ‪ ،‬كتاب المزارعة ‪ ،‬باب من أحيا أرضا مواتا من حديث عائشة رضي ال عنها ‪، 2/823 :‬‬ ‫‪ .68‬سبق تخريجه ‪.‬‬

‫‪ .69‬أخرجه مالك في مؤطا ‪ :‬كتاب القضية‪ :‬باب القضاء في عمارة الموات‪ ، 2/743،‬رقم الحديث ‪، 1422 :‬‬ ‫وأخرجه الترمذى‪ :‬كتاب الحكام عن رسول ال ‪ :‬باب ما جاء في إحياء الموات ‪ ، 3/663‬رقم الحديث ‪، 1379:‬‬

‫وقال هذا حديث حسن غريب ‪ .‬وأبو داؤد ‪ :‬كتاب الخراج والمارة والفيء ‪ ،‬الباب في إحياء الموات ‪،‬‬ ‫‪ .70‬المغنى ‪. 5/328 :‬‬

‫‪ . 71‬هو أبو عبد ال محمد بن إدريس الشافعي ( ‪ 204 – 150‬ه ) المام ‪ ،‬حبر المة ‪ ،‬نسيب رسول ال‬ ‫وناصر سنته ولد بغزة وحمل إلى مكة ونشأ بها صاحب المذهب الشافعي توفي بمصر ‪ .‬أنظر ‪ :‬تذكرة الحفاظ‬ ‫‪ 1/361‬طبقات الشافعية ‪. 1/191‬‬

‫‪ . 72‬الم ‪4/41 :‬‬

‫‪ .73‬سبق تخريجه ‪.‬‬ ‫‪ . 74‬المغنى ‪. 5/327 :‬‬

‫‪ .75‬المغني ‪. 5/327 :‬‬ ‫‪ . 76‬الحكام السلطانية للماوردى ‪ :‬ص ‪ . 195‬و الم ‪. 4/50 :‬‬ ‫‪ . 77‬المنتقي شرح الموطا ‪. 6/30 :‬‬

‫‪2‬‬

‫‪ . 78‬بدائع الصنائع ‪ . 6/194 :‬الحكام السلطانية لبي يعلي ‪ :‬ص ‪213‬‬

‫‪2‬‬

‫الحج‪...‬‬ ‫حقائق إيمانية ومشاهد تاريخية‬ ‫بقلم‪ :‬محمد لطف الرحمن عبد القادر الزهرى‬ ‫الباحث بمرحلة الدكتوراه بقسم الفلسفة السلمية‬ ‫دار العلوم – جامعة القاهرة – مصر‬ ‫إن حج بيت ال الحرام أحد أركان السلم ‪ ،‬وثوابته العظام ‪ ،‬فرضه ال على عباده مرة فى‬ ‫العمر ‪ ،‬لقوله النبى (عليه الصلوة و السلم) ‪ " :‬يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج فُحُجُو ‪،‬‬ ‫فقال رجل ‪ :‬أكل عام يا رسول ال ؟ فسكت (عليه الصلوة و السلم) حتى قالها ثلثاً ‪ ،‬فقال (عليه‬ ‫الصلوة و السلم) ‪ " :‬لو قلتُ نعم لوجَبتْ ولما استط َع ُتمْ " ‪ ،‬وقد ثبت فرضيته بالكتاب والسنة‬ ‫سبِيلً ‪ [ ‬سورة‬ ‫ستَطَاعَ ِإلَيْهِ َ‬ ‫علَى النّاس حِجّ ا ْلبَيْتِ مَنِ ا ْ‬ ‫والجماع ‪ ،‬أما الكتاب فقوله تعالى‪َ ‬ولّ َ‬ ‫آل عمران ‪ -‬الية ‪ ،] 97 :‬وأما السنة فقوله (عليه الصلوة و السلم) ‪ " :‬بنى السلم على‬ ‫خمس ‪ " :‬شهادة أن ل إله إل ال وأن محمدا رسول ال ‪،‬‬ ‫وإقام الصلة ‪ ،‬وإيتاء الزكاة ‪ ،‬والحج ‪ ،‬وصوم رمضان " (‪ ، )1‬وأما الجماع فقد اتفقت المة‬ ‫على فرضيته ‪ ،‬ولم يخالف أحد من المسلمين ‪ ،‬فهى معلومة من الدين بالضرورة ‪ ،‬ومنكرها‬ ‫كافر ‪ ،‬كمنكر فرضية الصلة والصيام والزكاة "(‪. )2‬‬ ‫والحج بالنسبة للفرد المسلم مدرسة إيمانية تربوية خاصة ‪ ،‬و َم ْع َلمُ طريق فى حياته ‪ ،‬وحدث‬ ‫تاريخى ‪ ،‬ل يزال يلهج بذكره ‪ ،‬يقضى الحاج أياماً وليالى فى رحلة مباركة ‪ ،‬يجتمع له فيها‬ ‫شرف الزمان ‪ ،‬وشرف المكان ‪ ،‬وشرف العمل ‪:‬‬ ‫فالزمان ‪ :‬أيام عشر ذى الحجة ‪ ،‬التى أقسم بها الرب (عزوجل) فقال سبحانه ‪ ‬والفجر وليلٍ‬ ‫عشر ‪ [ ‬الفجر‪ -‬الية ‪ ، ] 2 :‬وقال عنها نبيه (عليه الصلوة و السلم) ‪ " :‬أفضل أيام الدنيا أيام‬ ‫العشر – يعنى عشر ذى الحجة – قيل ‪ :‬ول مثلهن فى سبيل ال ؟ قال ‪ :‬ول مثلهن فى سبيل‬ ‫ال ‪ ،‬إل رجل عفّر وجهه بالتراب " (‪. )3‬‬ ‫والمكتان ‪ :‬بيت ال الحرام ‪ ،‬والمشاعر العظام ‪ { :‬منى ‪ ،‬ومزدلفة ‪ ،‬وعرفه } قال تعالى ‪ ‬إِنّ‬ ‫خلَهُ‬ ‫ض َع لِلنّاس َللّذي ِب َبكّة مُبَارَك ًا َو ُهدًى ّل ْلعَالَمِينَ‪ ،‬فِيهِ آيَاتٌ بَيّتناتٌ مّقامُ ِإبْرَاهِي َم وَمَن دَ َ‬ ‫ت وُ ِ‬ ‫َأوّل َبيْ ٍ‬ ‫ن ال غَ ِنيّ عَنِ ا ْلعَالَمِينَ ‪‬‬ ‫ل وَمَن كَفَرَ َفإِ ّ‬ ‫علَى النّاس حِجّ الْ َبيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ ِإَليْهِ سَبِي ً‬ ‫كَانَ آمِن ًا َولّ َ‬ ‫[ سورة آل عمران ‪ -‬الية ‪] 97 -96:‬‬ ‫ول شك أن كل نسك من مناسك الحج يشير إلى معنى من معان عظيمة تجعل الوجدان يهتز من‬ ‫العماق هيبة من عظمة ال ( جل جلله ) حين الداء ‪ ،‬لهذا وجب على كل حاج أن يستحضر‬ ‫فى نفسه أثناء قيامه بكل نسك هذه المعانى السامية أو بعضها ‪ ،‬كى يتولد فى قلبه تعظيم شعائر‬ ‫شعَائِ َر الّ‬ ‫ظمْ َ‬ ‫ال‪ ،‬لن تعظيمها دليل على تقوى القلوب وإخباتها له بقوله تعالى‪َ ‬ذلِكَ وَمَن ُيعَ ّ‬ ‫َفإِنّها مِن تَ ْقوَى الْ ُقلُوبِ ‪ [ ‬سورة الحج ‪ -‬الية‪. ] 32 :‬‬ ‫والعمل ‪ :‬أحب العمل إلى ال سبحانه وتعالى ‪ ،‬قال (عليه الصلوة و السلم) ‪ " :‬ما من أيام العمل‬ ‫أحب إلى ال من هذه اليام – يعنى أيام العشر – قالوا ‪ :‬يا رسول ال ! ول الجهاد فى سبيل‬ ‫ال ؟ قال ‪ :‬ول الجهاد فى سبيل فى ال ‪ ،‬إل رجل خرج بنفسه ‪ ،‬وماله ‪ ،‬ثم لم يرجع من ذلك‬

‫‪2‬‬

‫بشى " (‪ ، )4‬وأى عمل أعظم مما اختصه ال بها ‪ ،‬وهو الحج الذى قال فيه (عليه الصلوة و‬ ‫السلم) ‪ " :‬الحج المبرور ليس له جزاء إل الجنّة " (‪. )5‬‬ ‫والحج بالنسبة للمة السلمية مؤتمر سنوى ‪ ،‬وتظاهره عالمية ليس لها نظير ‪،‬‬ ‫تنصهر فى رحابه مختلف العراق ‪ ،‬واللغات ‪ ،‬والبلدان ‪ ،‬والطبقات ‪ ،‬فى وحدة إيمانية ‪ ،‬ولحمة‬ ‫أخوية ‪ ،‬ومناسك مشتركة تدهش الناظرين ‪ ،‬وتدل على حكمة أحكم الحاكمين ‪.‬‬ ‫وقد وعد ال عباده المستجيبين لندائه شهود منافع مطلقة – مادية ومعنوية ‪ ..‬ل حصر لها‬ ‫ى ُكلّ ضَامِرٍ َيأْتِينَ مِن ُكلّ فَجّ عَم ِيقٍ‬ ‫عَل َ‬ ‫ول حدّ ‪ ،‬فقال تعالى ‪ ‬وََأذّن فِي النّاس بِالْحَجّ َي ْأتُوكَ رِجَالً وَ َ‬ ‫ش َهدُواْ مَنَا ِفعَ َل ُهمْ ‪ [ ‬سورة الحج ‪ -‬الية‪. )6( ] 28 -27 :‬‬ ‫‪ ،‬لّي ْ‬ ‫نعم إنه دعوة إلى وحدة الصف السلمى ‪ ،‬دعوة إلى وحدة الكلمة ‪ ،‬وتوحيد الهدف ‪ ،‬دعوة‬ ‫إلى نبذ كل عوامل الفرقة والختلف ‪ ..‬دعوة إلى تحطيم كل الصنام والطواغيت ‪ ..‬ودعوة إلى‬ ‫إظهار قوة المة والعلن عن جاهزيتها واستعدادها للمواجهة وقدرتها على التحديات عندما‬ ‫يحدق الخطر ‪ ..‬ودعوة إلى إخلص العبودية ل تعالى ‪ ،‬فما الطواف حول البيت ‪ ..‬والسعى بين‬ ‫الصفا والمروة ‪ ،‬إل إحياء لذكريات تاريخية عالية ‪ ،‬تبعث فى النفس قيماً سامية ‪ ،‬حيث ل قداسة‬ ‫لهذه الماكن فى ذاتها إل بتوجية الدين ‪ ،‬وما ترمز إليه من معان خالدة ‪..‬‬ ‫وفيما يلى التماس عن لمحات من ذكريات الحج ومقاصده وأسراره ‪:‬‬ ‫الطواف حول الكعبة ليس أجساداً مجردة تهيم حولها ‪:‬‬ ‫من الحقائق التاريخية الثابتة أن السلم يتصدر العالم – كما يقول المفكر السلمى الكبير دكتور‬ ‫رشدى فكار – فى القرن القادم بثوابته ‪ ،‬ولكن معظم المسلمين – مع السف الشديد – ما زالوا‬ ‫حتى اليوم يجهلون طريقاً صحيحاً للتعامل مع ثوابتهم الباقية الخالدة ‪ ..‬ومن أبرز هذه الثوابت "‬ ‫الكعبة " وهى بيت ال الحرام وأول بيت وضع للناس فى الرض‪ ،‬وقد تنبه أعداء المة‬ ‫السلمية والمتربصين بالسلم إلى أهمية هذه الثوابت – وفى مقدمتها الكعبة والقرآن –‬ ‫ووضعوا خططهم العاجلة والجلة للعمل على تقويض دعائم هذه الثوابت ومحاولة المساس بها‬ ‫أو حتى التشكيك فى أهميتها وقدسيتها ‪..‬‬ ‫ومن العجب العجاب أن نجد بعض السطحاء من أبناء المسلمين من يحاول التقليل من شأن الحج‬ ‫ويصفه بأنه عادة جاهلية ‪ ،‬وأنه ل معنى أن يطوف المسلمون اليوم حول الكعبة كما كان يفعل‬ ‫كفار قريش وأهل الجاهلية الولى ‪ ..‬وإن هذا الذى يتم هو عبادة المادة !!‬ ‫هذا القول بعيد عن الصحة عار عن الصواب ‪ ،‬وذلك لنه ل ضير على السلم – كما يؤكد‬ ‫الدكتور يوسف القرضاوى – أن يبقى الصالح من تقاليد العرب وشرائعهم التى ورثوها من دين‬ ‫إبراهيم ‪ ..‬ولكنهم العرب خلطوا حقاً بباطل ‪ ..‬واصطنعوا فى الحج تقاليد ما أنزل ال بها من‬ ‫سلطان ‪ ،‬منها طوافهم حول البيت عرايا ‪ ،‬زاعمين أنه ل يليق بهم أن يطوفوا ببيت ل بثياب‬ ‫ارتكبوا فيها الذنوب ‪ ،‬وحرموا على أنفسهم بعض طيبات الطعام كالدسم ‪ ..‬فلما جاء السلم نقى‬ ‫الحج من ضللت الجاهلية وأدران الوثنية وجعله كله خالص ًا ل‪ ،‬وحمل على هذا العرى المزرى‬ ‫خذُواْ زِي َن َت ُكمْ‬ ‫‪ ،‬وذلك التحريم للطيبات بغير إذن من ال ‪ ،‬وفى مثل هذا نزل قوله تعالى ‪ ‬يَا َب ِنيَ آ َدمَ ُ‬ ‫ج ٍد و ُكلُو ْا وَاشْرَبُو ْا َولَ تُسْرِ ُفوَاْ إِنّه لَ يُحِبّ الْمُسْرِفِينَ ‪ُ ،‬قلْ مَنْ حَرّم زِينَ َة الّ الّتيَ‬ ‫عِن َد ُكلّ مَسْ ِ‬ ‫ج ِلعِبَا ِد ِه وَالْطّيّباتِ ِمنَ الرّ ْزقِ ‪ [‬سورة العراف الية‪] 32 -31 :‬‬ ‫أَخْ َر َ‬ ‫فالمسلم الذى يطوف بالكعبة ويستلسم الحجر يعتقد اعتقاداً جازماً أنها جميعاً أحجار ل تضر ول‬ ‫تنفع ‪ ،‬ولكنه إنما يقدسها لنها تمثل معنى روحياً عميقاً ‪ ،‬وإن دوران المسلم حول الكعبة ‪ ،‬هذه‬ ‫الدائرة التى يرسمها بدورانه ومركزها الكعبة ترمز إلى أن المسلم مهما شرق وغرب ‪ ،‬أو أيمن‬ ‫ج َعلَ الّ ا ْل َكعْبَةَ‬ ‫أو أشمل ‪ ،‬فمركز حياته هو دين ال وشرعه الذى ترمز إليه الكعبة ‪ ،‬قال تعالى ‪َ ‬‬

‫‪2‬‬

‫الْ َبيْتَ الْحَرَامَ ِقيَاماً لّلنّاس ‪ [  ..‬سورة المائدة ‪ -‬الية‪ ، ]97 :‬ومحور تصرفاته كلها وقطب‬ ‫الرحى فى سلوكه هو هذا الدين الذى هو منهج ال الذى رسمه ليحيا به المسلم ‪.‬‬ ‫ومن المعلوم أن الرمزية هى اللغة الوحيدة لتمثيل المعانى الدقيقة والمشاعر النبيلة التى ل يمكن‬ ‫أن تصورها اللفاظ أو تجلوها العبارات ‪.‬‬ ‫إن الذى يعظم عَلم وطنه ويقف أمامه خاشعاً ومطأطأً يعلم أنه قطعة نسيج ل قيمة لها مادياً ‪،‬‬ ‫ولكنه يشعر كذلك أنها ترمز إلى كل معانى المجد والسمّو التى يعتز بها وطنه‪ ،‬واأنها تصور أدق‬ ‫المشاعر فى وطنيته‪ ،‬فهو يُحيى هذا العَلم ويعظمه ويحترمه ويكرمه لهذه المعانى التى تجمعت‬ ‫جميعاً وتمثلت فيه ‪ ،‬والكعبة المشرفة علم ال المركوز فى أرضه ليمثل به للناس أوضح معانى‬ ‫أخوتهم وليرمز به إلى أقدس مظاهر وحدتهم ‪ ،‬وإنما كانت بناء ليكونوا كالبنيان المرصوص‬ ‫يشدّ بعضه بعضاً ‪ ،‬ومن أجمل الجميل أن يقوم على رفع هذا البناء إبراهيم الخليل أبو النبياء ‪،‬‬ ‫وما الحجر السود إل موضع البتداء ونقطة التمييز فى هذا البناء‪ ،‬وعنده تكون البيعة لرب‬ ‫الرض والسماء على اليمان والتصديق والعمل والوفاء ‪..‬‬ ‫فأين هذه المعانى الرمزية العلوية من تلك المظاهر الوثنية الخرافية ؟! ‪ ..‬إن الكعبة رمز قائم‬ ‫خالد ركز السلم من حوله أخلد وأقدس وأسمى معانى النسانية العالمية والخوة بين البشر‬ ‫جمعياً (‪، )7‬‬ ‫ج َعلْنَا ا ْلبَيْتَ َمثَابَ ًة لّلنّاس وَأَمْناً ‪[  ..‬سورة‪ :‬البقرة ‪ -‬الية‪]125 :‬‬ ‫قال تعالى‪ ‬وَِإذْ َ‬ ‫ومن ناحية أخرى أن الطواف حول الكعبة إنسجام وتسبيح مع هذا الكون ‪ ،‬لنك إذا نظرت إلى‬ ‫هذا الكون وجدت أن كل أجزاء هذا الكون تتمثل فى أشياء – تلك مهما اختلفت – هى عبارة عن‬ ‫ذرات متراصة أو مبعثرة ‪ ،‬كل واحدة منها تتكون من نواة يحيط بها عدد غير قليل من‬ ‫الكترونيات تدور كلها حولها فى اتجاه واحد ‪ ،‬فى دوائر ذات مدارات متعددة تماماً كما يفعل‬ ‫حجاج بيت ال حين يطوفون حول الكعبة ‪ ،‬إن طوافهم هذا انسجام مع حركة هذا الكون ‪ ،‬ومن‬ ‫ثم نستطيع أن نقول ‪ :‬إن الذى يشذ عن هذه الحركة هم أولئك الذين ل يطوفون حول البيت الذى‬ ‫ثبت أنه ( مركز هذا العالم ) مثل تلك النواة فى منتصف الذرة ‪ ،‬كذلك الحال بالنسبة لهذه‬ ‫المجموعة الشمسية التى نعيش فى قلبها ‪ ،‬إن جميع كواكبها تدور حول شمسها ‪ ،‬تدور فى‬ ‫اتجاه واحد ‪ ،‬فى نفس الوقت الذى تدور فيه تلك الشمس وتوابعها حول مركز ما يتمثل أيضاً فى‬ ‫جرم آخر ‪ ،‬فى نفس الوقت الذى تدور فيه مجرتنا هذه التى تضم مجموعتنا الشمسية حول مركز‬ ‫آخر ‪ ...‬وهكذا كل أجرام هذا الكون (‪.)8‬‬ ‫سبّح‬ ‫إن هذا النظام البديع الذى نراه متمثلً فى ذلك الطواف ما هو إل تسبيح ل رب العالمين ‪ ‬تُ َ‬ ‫يءٍ ِإلّ يُسَبّح ِبحَ ْم َدهِ َولََتكِن لّ تَفْ َقهُونَ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن وَإِن مّن َ‬ ‫ض وَمَن فِيهِ ّ‬ ‫لَهُ السّماوَاتُ السّ ْب ُع وَالرْ ُ‬ ‫ح ُهمْ ‪ [ ‬سورة السراء ‪ -‬الية‪] 44 :‬‬ ‫تَسْبِي َ‬ ‫السعى بين الصفا والمروة تمثل توكيداً على تفريج الكروب ‪:‬‬ ‫شعَآئِ ِر الّ ‪ [ ‬سورة البقرة ‪ -‬الية‪] 158 :‬‬ ‫لقوله تعالى ‪‬إِنّ الصّفا وَالْمَ ْر َوةَ مِن َ‬ ‫إن ظهور مكة كبلد استقر فيه هؤلء البدو أو اتجهوا إليه قد بدأ من عند هذا المعنى التاريخى‬ ‫لهذا النسك‪ ،‬حينما اصطحب إبراهيم عليه الصلة والسلم زوجته هاجر التى هاجر بها إلى ال ‪،‬‬ ‫فكانت اعتباراً من ذلك الوقت أول من هاجر إلى صحراء جرداء قحل ل زرع فيها ول ماء ‪..‬‬ ‫وهى لم ترفض ما فرضه ال وزوجها على بقائها وحدها مهاجرة اللهم إل وليدها الذى زاد همّها‬ ‫امتثالً لمر ربها ‪ ،‬إنها لم تتعلق بثياب زوجها كى يبقى أولً بتركها‪ ،‬لنها قد علمت أن ال الذى‬ ‫يرزق ويرحم موجود فى كل مكان ‪ ،‬ول يوجد مكان يخلو منه ‪ ،‬إن إبراهيم عليه السلم كان‬ ‫واثقاً من أن الذى نجاه من النار قادر على حفظهما ولن يضيعهما أبداً ‪..‬‬

‫‪2‬‬

‫والسعى بين الصفا والمروة ل يعنى مجرد الهرولة بين الميلين الخضرين ‪ ،‬وقطع هذه المسافة‬ ‫ماشياً ‪ ،‬وإنما التردد بين علمى الرحمة استمطارًا لها ‪ ،‬والتماساً للمغفرة والرضوان‪.‬‬ ‫والسعى تأكيداً وتوكيداً بأن ال – تعالى – أقرب إلينا من حبل الوريد ‪ ،‬وأن النسان عليه قبل أن‬ ‫يرجو عونه تبارك تعالى ‪ ،‬أن يتأكد من صحة مسعاه ويؤكده مرة أخرى ليصيب مسعاه بعون ال‬ ‫مما هو فى حاجة إليه (‪. )9‬‬ ‫رمى الجمرات يشير إلى اتخاذنا الشيطان عدوًا لدوداً ‪:‬‬ ‫وهكذا الجمرة التى نرمى بها الشيطان! إننا نرفض بها مكره السئ ‪ ..‬عملً بقوله تعالى ‪َ ‬ولَ‬ ‫ع ُدوّ مّبينٌ ‪ [ ‬سورة البقرة ‪ -‬الية‪ ، ]168 :‬بل نجدّد العهد على‬ ‫شيْطَانِ إِنّه َل ُكمْ َ‬ ‫طوَاتِ ال ّ‬ ‫تَتّبعُواْ خُ ُ‬ ‫ع ُدوّا إِنّما‬ ‫ع ُدوّ فَاتّخذُوهُ َ‬ ‫ن َلكُمْ َ‬ ‫شيْطَا َ‬ ‫أن نحبط كيده امتثالً لقوله (عليه الصلوة و السلم)‪ ‬إِنّ ال ّ‬ ‫َيدْعُو حِزْبَ ُه لِ َيكُونُواْ ِمنْ أَصْحَابِ السّعيرِ‪[ ‬سورة فاطر ‪ -‬الية‪. ]6 :‬‬ ‫وقد حذر ال آدم من الشيطان وعرّفه أسباب عدواته له – كما تشهده اليات القرآنية الكثيرة –‬ ‫بعد أن امتنع عن السجود له امتثالً لمره ‪ ،‬فإنه أيضاً عرّفنا بتلك العداوة التى امتدت‬ ‫واستمرت ‪ ،‬وحذرنا أيضاً منه حتى ل نقع فريسة لوساوسة كتلك التى وقع فيها آدم حين‬ ‫استجاب له وأكل من الشجرة ‪.‬‬ ‫وحيث أننا ل نرى الشيطان من حيث يرانا ‪ ،‬فإننا كثيراً ما ننسى وجوده متناسين تحذير ال لنا‬ ‫رغم أنه ل يتوقف عن وسوسته لنا ليحرك نفوسنا لشهواتها حينما يبث فيها أحقاده ‪..‬‬ ‫لقد علمنا ال فى محكم تنزيله كيف نبتعد عن ذلك الشيطان اللعين ونبعده عن طريقنا قال تعالى ‪‬‬ ‫سوِسُ فِي‬ ‫سوَاسِ الْخَنّاس ‪ ،‬الّذى ُيوَ ْ‬ ‫ُقلْ َأعُوذُ بِرَبّ النّاس‪ ،‬لِكِ النّاس ِإلَتَهِ النّاس ‪ ،‬مِن شَرّ ا ْلوَ ْ‬ ‫صدُورِ النّاس ‪ِ ،‬منَ الْجِنّة وَالنّاس ‪[ ‬سورة الناس – ‪ ، ]5 -1‬كذلك علمنا ال فى مناسك الحج أن‬ ‫ُ‬ ‫نجعل أجسامنا تشارك أيضاً فى رجم هذا الشيطان ‪ ،‬حتى نتذكر دائماً أننا قد اتخذناه عدواً لنا قولً‬ ‫وفعلً طاعة ال وخوفاً ‪ ،‬كما فعل من قبل إبراهيم وإسماعيل وهاجر – عليهم السلم – وسوس‬ ‫لهم كل واحد منهم على حدة بالمانى والعصيان يقول حجة السلم أبو حامد الغزالى فى حكمه‬ ‫الرمى " فاقصد به النقياد للمر إظهاراً للرق والعبودية ‪ ..‬ثم اقصد به التشبه بإبراهيم – عليه‬ ‫السلم – حيث عرض له إبليس لعنه ال تعالى ‪ ،‬فى ذلك الموضع ‪ ،‬ليدخل على حجة شبهة ‪ ،‬أو‬ ‫يفتنه بمعصية ‪ ،‬فأمر ال (عزوجل) أن يرميه بالحجارة طرداً له وقطعاً لمله ‪ ، ...‬ويقول – أيضاً‬ ‫‪:‬‬ ‫واعلم أنك فى الظاهر ترمى الحصى إلى العقبة ‪ ،‬وفى الحقيقة ترمى به وجه الشيطان‪ ،‬وتقصم‬ ‫به ظهره ‪ ،‬إذ ل يحصل إرغام أنفه إل بامتثالك أمر ال (عزوجل) تعظيماً له بمجرد المر من‬ ‫غير حظ للنفس والعقل فيه " (‪. )10‬‬ ‫الهدى تمثيل لذبح الحب الذى ينازع الحب اللهى ويقاسمه ‪:‬‬ ‫إننا حينما نذبح فإنما نفدى أنفسنا من بعض ما اكتسبت من تقصير أو بعض ما اقترفت من آثام‬ ‫‪ ،‬أما حجاج بيت ال فحينما ينحرون فإنما يكون ذلك بسبب الحرام بالتمتع أو بالقران أو نتيجة‬ ‫لترك بعض العمال الواجبة ( فيما عدا الركان ) أو بهدف التطوع ابتغاء مرضاه ال ‪.‬‬ ‫لقد سمى الذبح هدياً لنه (عليه الصلوة و السلم) طيب ل يحب إل طيبا يهدى له ‪ ،‬إنه (عليه‬ ‫الصلوة و السلم) سيتقبلها لكنه على أى حال لن ينال منها شيئ ًا سوى ما يراه فينا من تقوى‬ ‫تنفعنا ‪ ‬لَن يَنَا َل الّ لُحُو ُمهَا َولَ دِمَآ ُؤهَا َولََتكِن يَنَالُهُ التّ ْق َوىَ مِن ُكمْ ‪[ ‬سورة الحج ‪ -‬الية‪. ]37 :‬‬ ‫إنه نسك يذكرنا بأن إسماعيل لما كبر وبلغ السنّ التى تقوى فيها عاطفة البوة ‪ ،‬فيرافق والده‬ ‫ويسعى معه‪ ،‬ويشعر الوالد العظيم الذى قويت فيه العاطفة النسانية ‪ ،‬بميل شديد إلى ولده وفلذة‬ ‫كبده ‪ ،‬وهنا المشكلة ‪ ،‬فإن قلبه هو القلب السليم الذى خُص بالمحبة اللهية ‪ ،‬إنه ليس كقلب كل‬ ‫إنسان ‪ ،‬إنه قلب ( خليل الرحمن ) ‪ ،‬والمحبة ل تعرف شريكاً ‪ ،‬فكيف وهى المحبّة اللهية ‪ ،‬وهنا‬

‫‪2‬‬

‫يتلقى إبراهيم إشارة بذبح الولد الحبيب ‪ ،‬ورؤيا النبياء حقٌ بل وحى من ال ‪ ،‬فعرف أنه أمر‬ ‫يراد ‪ ،‬وأنه جد ‪ ،‬لذلك عندما قال إبراهيم لبنه ‪" :‬فانظر ماذا ترى " لم يكن بهذا القول قاصدًا‬ ‫أى تخيير ‪ ،‬بل كان يريد أن يتيح له فرصة الرضا والمثول لقضاء ال – تعالى ‪ ،‬لنه قد علم –‬ ‫وهو أبوه الذى رباه – مدى تقواه ‪ ،‬فإراد أن يعينه فى الدخول ضمن عباد اله الصابرين قولً‬ ‫ل ‪ ،‬فيجد عند ابنه غاية البر ‪ ،‬وغاية التضحية والتسليم للمر اللهى ‪ ،‬وهى نبى ابن نبى ‪،‬‬ ‫وعم ً‬ ‫وجد نبى ‪ ‬قَالَ يَ ُب َنيّ ِإنّي َأ َرىَ فِي الْ َمنَامِ َأنّي َأذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَ َرىَ قَالَ َيَأبَتِ ا ْف َعلْ مَا تُؤمَرُ‬ ‫جدُ ِنيَ إِن شَآءَ الّ مِنَ الصّابرِينَ ‪[ ‬سورة الصافات ‪ -‬الية‪]102 :‬‬ ‫ستَ ِ‬ ‫َ‬ ‫وهنا يقع ما ل يصدقه العقل ‪ ،‬وتضطرب له الملئكة ‪ ،‬ويفزع له النس والجن ‪ ،‬فينتصب الولد‬ ‫للذبح ‪ ،‬ويضع الوالد السكين على حلقومه يحاول جهده الذبح ‪ ،‬ووقع ما أراد ال ‪ ،‬فلم يكن‬ ‫المقصود ذبح إسماعيل ‪ ،‬إنما كان المقصود ذبح الحب الذى ينازع الحب اللهى ويقاسمه ‪ ،‬وقد‬ ‫ذُبح بوضع السكين على الحلقوم ‪ ،‬إنما ولد إسماعيل ليعيش ويزدهر ويَنْسِل ‪ ،‬ويولد فى ذريته‬ ‫آخر النبياء وسيدهم ‪ ،‬فكيف يُذبح وكيف يموت قبل أن يتحقق ما أراد ال ؟ وفدى ال إسماعيل‬ ‫بكبش من الجنّة يذبح مكانه ‪ ،‬وجعلها سنة باقية فى عقبه وأتباعه إلى يوم الدين‪ ،‬يذبحون أيام‬ ‫ن ‪ ،‬وَنَادَيْنَاهُ أَن َيِإبْرَاهِيمُ ‪،‬‬ ‫سلَمَا وَ َتلّه ِللْجَبِي ِ‬ ‫النحر ويحددّون ذكرى هذا الذبح العظيم (‪َ  ، )11‬فلَمّا أَ ْ‬ ‫عظِيمٍ‪،‬‬ ‫لءُ الْ ُمبِينُ‪ ،‬وَ َف َديْنَاهُ ِبذِبْحٍ َ‬ ‫ن هََتذَا َل ُهوَ ا ْلبَ َ‬ ‫سنِينَ‪ ،‬إِ ّ‬ ‫صدّقْتَ ال ّرؤْيَآ إِنّا َك َذلِكَ نَجْزِي الْمُحْ ِ‬ ‫َقدْ َ‬ ‫علَىَ ِإبْرَاهِيمَ‪ [ ‬سورة‪ :‬الصافات ‪ -‬الية‪. ]109 -103:‬‬ ‫لمٌ َ‬ ‫خرِينَ سَ َ‬ ‫علَيْهِ فِي ال ِ‬ ‫وَ َت َركْنَا َ‬ ‫الوقوف بعرفات مشهد رهيب يذكر بيوم الحساب ‪:‬‬ ‫إن يوم عرفة هو اليوم الوحيد فى فريضة الحج الذى يجمع كل حجاج بيت ال الحرام فى مكان‬ ‫واحد ‪ ،‬إنهم يجتمعون فيه ما بين أبيض أسود ‪ ،‬أحمر وأصفر ‪ ،‬وأسمر وأشق ‪ ،‬كل له لغته‬ ‫ولسانه الذى يختف به عن غيره ‪ ،‬لكنهم جميعاً فى هذا الموقف يلبون بلغة واحدة ‪ ،‬وفى هذا‬ ‫الوقوف ينطقون بصوت قلب واحد ‪.‬‬ ‫وقد أشار العارفون ‪ ،‬إلى ما فى اجتماع المسلمين العظيم بعرفات من مقاصد وأسرار ‪ ،‬وإلى‬ ‫اجتماع هممهم ودعواتهم وقلوبهم الصادثة من تحريك لرحمة ال تعالى ‪ ،‬ومن تحريك للقلوب‬ ‫القاسية ‪ ،‬وإثارة للشواق ‪ ،‬يقول شيخ السلم أحمد بن عبدالرحيم الدهلوى ‪:‬‬ ‫" إن حقيقة الحج اجتماع جماعة عظيمة من الصالحين فى زمان ‪ ،‬يذكر حال المنعم عليهم من‬ ‫النبياء والصديقين ‪ ،‬والشهداء والصالحين ‪ ،‬ومكان فيه آيات بينات ‪ ،‬قد قصده جماعات من‬ ‫أئمة الدين ‪ ،‬معظمين لشعائر ال ‪ ،‬متضرعين راغبين وراجين من ال الخير ‪ ،‬وتكفير الخطايا ‪،‬‬ ‫فإن الهمم إذا اجتمعت بهذه الكيفية ل يتخلف عنها نزول الرحمة والمغفرة ‪ ،‬وهو قوله (عليه‬ ‫الصلوة و السلم) ‪ " :‬ما رؤى الشيطان يوماً هو فيه أصغر ول أدحر ‪ ،‬ول أحقر ‪ ،‬ول أغيظ منه‬ ‫فى يوم عرفة ‪. )12( " ..‬‬ ‫ول شك أن مشهد الوقوف بعرفات مشهد مهيب تقشعر منه القلوب والبدان ‪ ،‬إن كل حاج هناك‬ ‫يقف حاملً إزار إحرامه على جسده ‪ ،‬وكأنه قد حمل على كتفه كفنه الذى منعه أن يطير فيصعد‬ ‫إلى أعلى إلى السماء مع هذا النداء الذى مل أرجاء عرفات ‪.‬‬ ‫إنه حقاً مشهد مهيب رهيب لنه يذكرنا بيوم الحشر ‪ ،‬يوم القيامة ‪ ،‬يوم تشخص البصار فى‬ ‫انتظار الحساب ‪ ،‬فإما جنة وإما النار ‪ ،‬إنه يوم سيكون فيه معيار الجزاء بيد ال الواحد القهار ‪،‬‬ ‫إن الحساب سيكون بمكيال العزيز الجبار ‪.‬‬ ‫من هنا يجب على الحاج أن يتهيأ لهذا اليوم العظيم بحضور قلب وخشوع نفس وزيادة ضراعة‬ ‫وكثرة دعاء ‪ ،‬فهو يوم تقبل فيه الدعوات وتقال فيه العثرات وتسكب العبرات لرب الرض‬ ‫والسماوات ‪..‬‬ ‫ولتعلم أن ال – تعالى – يباهى بأهل عرفة أهل السماوات وأهل الرض فإياك وما يغضب ال‬ ‫منك ‪ ،‬أو يصرف وجه ال عنك ‪ ،‬بل إياك وما يصرفك عن ربك أو يشغلك عن ذكره وحبه ‪ ..‬فهو‬ ‫‪2‬‬

‫شكُرُو ْا لِي َولَ َتكْفُرُونِ‪ [ ‬سورة‪ :‬البقرة ‪ -‬الية‪:‬‬ ‫– سبحانه وتعالى – القائل ‪ ‬فا ْذكُرُو ِنيَ َأ ْذكُ ْر ُكمْ وَا ْ‬ ‫‪. ]152‬‬ ‫وبالجملة أن الحج بمناسكة أركانه وأعماله ‪ ،‬كله تمرين وتمثيل للطاعة المطلقة ‪ ،‬وامتثال‬ ‫للمر المجرد ‪ ،‬وسعى وراء المر ‪ ،‬وتلبية وإجابة للطلب ‪ ،‬فالحاج يتقلب بين مكة ومنى ‪،‬‬ ‫وعرفات والمزدلفة ثم منى ومكة ‪ ،‬يقيم ويرحل ‪ ،‬ويمكث وينتق ‪ ،‬ويخيم ويقلع ‪ ،‬إنما هو طوع‬ ‫إشارة ورهين أمر ‪ ،‬ليست له إرادة ول حكم ‪ ،‬وليس له اختيار ول حرية ‪ ..‬ولذلك قال (عليه‬ ‫الصلوة و السلم) فى الحج على الخصوص ‪ " :‬لبيك بحجة حقاً ‪ ،‬تعبداً ورقاً " ولم يقل ذلك فى‬ ‫صلة ول غيرها ‪.‬‬ ‫نسأل ال – عزو جل – أن يمن علينا بحجٍ مبرور ‪ ،‬وأن يصلح لنا ولمتنا جميع المور ‪ ،‬إنه‬ ‫غفور ‪ ،‬شكور ‪.‬‬ ‫وصلى ال على نبينا ومولنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليم ًا كثيراً‬ ‫الهامش‬ ‫رواه البخارى فى صحيحه ‪ ،‬كتاب اليمان ‪ ،‬باب اليمان ‪ ، 1/13 ،‬رقم الحديث ‪ ، 8‬من حديث‬ ‫ابن عم رضى ال عنهما‬ ‫كتاب الفقة على المذاهب الربعة ‪ ،‬عبدالرحمن الجزائرى ‪ ،‬ج ‪ ، 1‬ص ‪ ، 595 -594‬ط الولى‬ ‫‪1417‬هت ‪1996 -‬م ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬لبنان ‪.‬‬ ‫رواه البزاز وابن حبان ‪ ،‬وصححه اللبانى ‪.‬‬ ‫رواه البخارى ‪.‬‬ ‫رواه مسلم ‪.‬‬ ‫مقالة الدكتور أحمد بن عبدالرحمن القاضى بعنوان ‪ :‬مقاصد الحج ‪ ،‬مجلة البيان ‪ ،‬المملكة‬ ‫العربية السعودية ‪ ،‬العدد ‪ ، 231‬ديسمبر ‪2006‬م ‪ ،‬ص ‪. 8‬‬ ‫مقالة بعنوان ‪ :‬كيف نتعامل مع الثوابت السلمية للستاذ مجاهد خلف‪ ،‬مجلة منبر السلم ‪،‬‬ ‫العدد ‪ 11‬السنة ‪1994‬م‪ ،‬مجلس العلى للشئون السلمية بالقاهرة ‪ ،‬ص ‪. 8‬‬ ‫مقالة الستاذ سعد عوض المر بعنوان ‪ :‬مناسك الحج بين الذكر والذكرى ‪ ،‬مجلة الوعى‬ ‫السلمى ‪ ،‬العدد ‪1403 ، 288‬هت ‪1983 -‬م ‪ ،‬وزارة الوقاف والشئون السلمية بالكويت ‪ ،‬ص‬ ‫‪ 9‬وما بعدها ( بتصرف ) ‪.‬‬ ‫مقالة الدكتور محمود محمد عمارة بعنوان ‪ :‬الحج ‪ ،‬مجلة الزهر ‪1426 ،‬هت ‪ -‬يناير ‪2006‬م ‪،‬‬ ‫مجمع البحوث السلمية بالقاهرة ‪ ،‬ص ‪. 2067‬‬ ‫إحياء علوم الدين ‪ ،‬المام أبو حامد الغزالى ‪. 1/243‬‬ ‫الركان الربعة ‪ ،‬الشيخ أبوالحسن الندوى ‪ ،‬ص ‪ 223‬وما بعدها (بتصرف )‪ ،‬ط الولى ‪1999‬م‬ ‫‪ ،‬دار القلم ‪ ،‬دمشق ‪.‬‬ ‫حجة ال البالغة ‪ ،‬الشيخ أحمد بن عبدالرحيم الدهلوى ‪ ،‬ج ‪ ، 1‬ص ‪ ، 144‬ط الولى ‪1995‬م ‪،‬‬ ‫دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪.‬‬

‫‪2‬‬

Related Documents


More Documents from "M. Zakariya Babur"