Syarh Muhamad Bin Umar Bin Salim Bazmul

  • Uploaded by: abufadhil86
  • 0
  • 0
  • April 2020
  • PDF

This document was uploaded by user and they confirmed that they have the permission to share it. If you are author or own the copyright of this book, please report to us by using this DMCA report form. Report DMCA


Overview

Download & View Syarh Muhamad Bin Umar Bin Salim Bazmul as PDF for free.

More details

  • Words: 89,679
  • Pages: 104
‫شرح كتاب‬ ‫)مقدمة في أصول التفسير(‬ ‫لشيخ السلم أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلم ابن‬ ‫تيمية‬ ‫رحمه الله تعالى‬

‫شرح الشيخ‬ ‫محمد بن عمر بن سالم بازمول‬

‫فرغ الشرطة‪ ،‬وضبط اليات والحاديث‪ ،‬وخرجها‬ ‫بعض طلبة العلم‬ ‫غفر الله له ولوالديه‬ ‫‪1423‬هـ ‪1424 -‬هـ‬

‫‪2‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫إن الحمششد للششه‪ ،‬نحمششده‪ ،‬و نسششتعينه‪ ،‬و نسششتغفره‪ ،‬ونعششوذ بششالله‪ ،‬مششن شششرور‬ ‫أنفسنا‪ ،‬ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬مششن يهششده اللششه فل مضششل لششه‪ ،‬ومششن يضششلل فل‬ ‫هادي له‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له‪ .‬وأشهد أن محمدا عبششده ورسششوله‬ ‫‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫حقّ ت ُ َ‬ ‫مُنوا ْ ات ّ ُ‬ ‫َياأي َّها ال ّ ِ‬ ‫مو َ‬ ‫ه َ‬ ‫م ْ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ن إ ِل ّ وَأن ْت ُ ْ‬ ‫قات ِهِ وَل َت َ ُ‬ ‫قوا ْ الل ّ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫موت ُ ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫َ‬ ‫ث‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫ف‬ ‫خل َ َ‬ ‫س ات ّ ُ‬ ‫حد َةٍ وَ َ‬ ‫م ال ّذ ِيْ َ‬ ‫جَها وَب َ ّ‬ ‫س َوا ِ‬ ‫خل َقَ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫من َْها َزوْ َ‬ ‫قك ُ ْ‬ ‫وا َرب ّك ُ ُ‬ ‫َيآأي َّها الّنا ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ه َ‬ ‫ن‬ ‫سآًء َوات ّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫كششا َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫ن ب ِهِ َوال َْر َ‬ ‫سآَءُلو َ‬ ‫ما رِ َ‬ ‫حا َ‬ ‫ه ال ّذ ِيْ ت َ َ‬ ‫جال ً ك َث ِْيرا ً وَن ِ َ‬ ‫ن الّلشش َ‬ ‫وا الل ّ َ‬ ‫من ْهُ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫م َرقِْيبا ً‬ ‫ع َل َي ْك ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م وَي َغْفِشْر‬ ‫مُنوا ْ ات ّ ُ‬ ‫سش ِ‬ ‫َياأي َّها ال ّ ِ‬ ‫ص شل ِ ْ‬ ‫ه وَُقوُلوا ْ قَوْل ً َ‬ ‫مششال َك ُ ْ‬ ‫م أع ْ َ‬ ‫ح ل َك ُش ْ‬ ‫قوا ْ الل ّ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ديدًا‪ .‬ي ُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ظيمًا‪.‬‬ ‫ه فَ َ‬ ‫وزا ً ع َ ِ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫من ي ُط ِِع الل ّ َ‬ ‫م وَ َ‬ ‫م ذ ُُنوب َك ُ ْ‬ ‫ل َك ُ ْ‬ ‫قد ْ َفاَز فَ ْ‬ ‫أما بعد‪:‬‬ ‫فإن أصدق الكلم كلم الله‪ ،‬وخير الهدي هدي محمد‪ ،‬وشّر المور محششدثاتها‪،‬‬ ‫وكل محدثة بدعة‪ ،‬وكل بدعة ضللة‪ ،‬وكل ضللة في النار‪.‬‬ ‫مشا بعد‪:‬‬ ‫أ ّ‬ ‫فهذا كتاب لم أكتبه‪ ،‬وشرح لم أدونه!‬ ‫إنما ألقيت دروسا ً في شرح كتاب "مقدمة في أصششول التفسششير" لبششن تيميششة‬ ‫رحمه الله‪ ،‬فقام بعض إخواني ‪ -‬جزاه الله خيششرا ‪ -‬بتسششجيل هششذه الششدروس‪،‬‬ ‫وتفريغها‪ ،‬ضابطا ً اليششات‪ ،‬والحششاديث‪ ،‬مششع تخريجهششا‪ ،‬ودفششع لششي هششذه الوراق‬ ‫لنظر فيها؛‬ ‫فرأيت عبارات تستساغ سششمعا ً ل قششراءة‪ ،‬وكلمششات موهمششة فششي المششراد‪ ،‬مششع‬ ‫إحالت تحتج إلى عزو وبيان‪ ،‬وتكرار فششي المعششاني‪ ،‬يصششلح فششي الكلم ل فششي‬ ‫الكتابة‪ ،‬فحذفت المكرر من لفظه‪ ،‬وأقمششت عبششارته‪ ،‬لتسشهل قراءتششه‪ ،‬وبينشت‬ ‫العزو‪ ،‬ونقلت الكثير من الحالت بنصها‪ ،‬وحششذفت المعششاد مششن المعششاني فششي‬ ‫ثناياه؛ فكان هذا الشششرح لكتششاب مقدمششة فششي أصششول التفسششير؛ الششذي أقششدمه‬ ‫لطلب العلم‪ ،‬عسى أن يكون عونا ً لهم في فهم هذه الصششول‪ ،‬ولعششل شششاديا ً‬ ‫للعلم يقرؤه فيعجبه ‪ ،‬فيدعو لجامعه‪.‬‬ ‫ول يفوتني تسششجيل شششكري وتقششديري لمششن قششام بقششراءة الكتششاب علششي أثنششاء‬ ‫الدرس‪ ،‬وتسجيله‪ ،‬وتفريغه‪ ،‬فقام بجهششد كششبير‪ ،‬أسششأل اللششه العلششي القششدير أن‬ ‫يجعله في موازين حسناته‪ ،‬وأن يرفع من قدره‪ ،‬إنه سميع مجيب‪.‬‬ ‫وأخيرا ً أسأل الله عزوجل أن يرحم ابن تيمية ويسكنه فسيح جناته‪ ،‬فقد قعد‬ ‫هذه الصول‪ ،‬وأسسها‪ ،‬وصششنف كتابشا ً عششز نظيششره فششي كتششب النششاس‪ ،‬فششاللهم‬ ‫ارحمششه واغفششر لششه‪ ،‬وأرفششع درجتششه‪ ،‬واسششكنه الفششردوس‪ ،‬برحمتششك يششا ارحششم‬ ‫الراحمين‪ ،‬واجزه اللهم عن السششلم والمسششلمين خيششر الجششزاء‪ ،‬يشا رحمشن يششا‬ ‫رحيم‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫‪doc.16310781‬‬ ‫اللهم تقبل عملي خالص شا ً لوجهششك الكريششم‪ ،‬وداعي شا ً إلششى سششنة نبيششك الششرؤوف‬ ‫الرحيم ‪.‬‬

‫‪4‬‬

‫‪doc.16310781‬‬ ‫ددددد ددددد ‪ :‬ددددد ‪23/2/1423‬دد‬

‫نبذة مختصرة‬ ‫عن سيرة شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله تعالى‬ ‫إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور‬ ‫أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فل مضل له ومن يضلل‬ ‫فل هادي له وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له وأشهد أن‬ ‫َ‬ ‫حقّ ت َُقات ِهِ َول‬ ‫محمدا ً عبده ورسوله )َيا أي َّها ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫مُنوا ات ُّقوا الل ّ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫س ات ُّقوا‬ ‫مو َ‬ ‫م ْ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ن إ ِّل وَأن ْت ُ ْ‬ ‫تَ ُ‬ ‫ن( )آل عمران‪َ) (102:‬يا أي َّها الّنا ُ‬ ‫موت ُ ّ‬ ‫ما‬ ‫ن ن َْف‬ ‫حد َةٍ وَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫جَها وَب َ ّ‬ ‫س َوا ِ‬ ‫ث ِ‬ ‫خل َقَ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫من َْها َزوْ َ‬ ‫من ْهُ َ‬ ‫خل ََقك ُ ْ‬ ‫َرب ّك ُ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ه‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫ن ب ِهِ َواْل َْر َ‬ ‫ساَءُلو َ‬ ‫رِ َ‬ ‫حا َ‬ ‫ذي ت َ َ‬ ‫جال ً ك َِثيرا ً وَن ِ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ساًء َوات ُّقوا الل ّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه وَُقوُلوا‬ ‫م َرِقيبًا( )النساء‪َ) (1:‬يا أي َّها ال ّ ِ‬ ‫كا َ‬ ‫مُنوا ات ُّقوا الل ّ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ن عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫قَول ً سديدًا( )الحزاب‪) (70:‬يصل ِح ل َك ُ َ‬ ‫م‬ ‫َ ِ‬ ‫ُ ْ ْ‬ ‫م ذ ُُنوب َك ُ ْ‬ ‫م وَي َغِْفْر ل َك ُ ْ‬ ‫مال َك ُ ْ‬ ‫م أعْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ظيما( )الحزاب‪ (71:‬أل وإن‬ ‫وزا عَ ِ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫سول ُ‬ ‫ن ي ُط ِِع الل َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ه فََقد ْ َفاَز فَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫أصدق الكلم كلم الله تعالى وخير الهدي هدي محمد صلى الله‬ ‫عليه وسلم وشر المور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضللة‬ ‫وكل ضللة في النار‪.‬‬ ‫أما بعد ‪ :‬فهذا هو الدرس الول ويتعلق بتعريف مختصر بشيخ‬ ‫السلم ابن تيمية وكتابه وبالعلم الذي هذا هو موضوعه ‪.‬‬ ‫شيخ السلم اسمه ‪ :‬أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلم‬ ‫ابن تيمية ‪ ،‬ولد سنة ‪661‬هش يعني بعد الغزو التتري بخمس سنوات‬ ‫فإن الغزو التتري تحرك إلى العالم السلمي عام ‪656‬هش ‪ .‬ولد‬ ‫رحمه الله في مدينة حّران وهي مدينة موجودة الن من ضمن ديار‬ ‫بكر في تركيا ضمن محافظة اسمها )أورفا(‪.‬‬ ‫يلقب بتقي الدين ويكنى بأبي العباس كان أبوه مفتيا ً للحنابلة ‪،‬‬ ‫وكان جده عبد السلم هو الحاكم الشرعي‪ ،‬يعني ‪ :‬القاضي في‬ ‫مدينة حّران‪.‬‬ ‫كان شيخ السلم نادرة عصره وأعجوبة بين أقرانه شهد له‬ ‫العلماء الموافقون والمخالفون شهدوا له بالعلم وبالمعرفة وبطول‬ ‫الباع‪.‬‬ ‫يقول ابن الزملكاني ‪ :‬إذا حضر في مجلسه أهل الفقه‬ ‫)الشافعية‪ ،‬المالكية‪ ،‬الحنفية‪ ،‬الحنابلة( خرجوا من عنده وهم يظنون‬ ‫حل استفاد‬ ‫أنه ل يحسن غير الفقه‪ ،‬وإذا تكلم في الفرق والملل والن ّ َ‬ ‫كل أهل ملة وكل أهل ِنحلة شيئا ً يتعلق بنحلتهم وبعقيدتهم وملتهم‪.‬‬ ‫ول يعرف أنه انقطع في مناظرة قط‪.‬‬ ‫بارك الله في وقته رغم كثرة المشاغل والحروب والمشاكل‬

‫‪5‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫السياسية التي مر بها ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬فإن أعداءه تكالبوا عليه ‪:‬‬ ‫فالقوم أعداء له‬ ‫حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه‬ ‫وخصوم‬ ‫حسدوه لنه أظهر مخالفة ما استقروا عليه من بدع مخاِلفة لما‬ ‫عليه أهل السنة والجماعة‪ ،‬ووضع الله له القبول عند السلطان في‬ ‫أخريات حياته – رحمه الله ‪.‬‬ ‫خالف أهل عصره في مسائل وافقوا فيها أهل البدعة الضللة ‪،‬‬ ‫من هذه المسائل العظيمة التي اشتد النكير عليه فيها – رحمه الله‬ ‫‪:‬‬‫‪ -1‬المسألة الولى ‪ :‬تحريم شد الرحل لزيارة القبور‬ ‫حتى ولو كان القبر المشدود إليه قبر النبي صلى الله‬ ‫عليه وسلم أو قبور النبياء أو قبور الصالحين وهو في هذه‬ ‫الفتوى انطلق من حديث النبي صلى الله عليه وسلم َقا َ‬ ‫ل ‪َ ) :‬ل‬ ‫حا ُ‬ ‫تُ َ‬ ‫ل‬ ‫جدِ ال ْ َ‬ ‫شد ّ الّر َ‬ ‫جدِ الّر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫س ِ‬ ‫حَرام ِ وَ َ‬ ‫س ِ‬ ‫جد َ ال ْ َ‬ ‫سا ِ‬ ‫ل إ ِّل إ َِلى ث ََلث َةِ َ‬ ‫سو ِ‬ ‫َ‬ ‫صى () ( فبّين أن هذا الحديث ‪:‬‬ ‫م ْ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫س ِ‬ ‫م وَ َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫جدِ اْلقْ َ‬ ‫َ‬ ‫يمنع من شد الرحل إلى غير هذه المساجد الثلث ‪ ،‬فكيف يجوز أن‬ ‫نشد الرحل إلى القبور ولو كانت قبور أنبياء أو قبور صالحين أو‬ ‫حتى قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬والرسول صلى الله‬ ‫ري‬ ‫م قُُبوًرا وََل ت َ ْ‬ ‫عليه وسلم يقول ‪َ " :‬ل ت َ ْ‬ ‫جعَُلوا ب ُُيوت َك ُ ْ‬ ‫جعَُلوا قَب ْ ِ‬ ‫(‬ ‫جع َ ْ‬ ‫ري وَث ًَنا‬ ‫ِ‬ ‫م َل ت َ ْ‬ ‫عي ً‬ ‫دا") ‪ ،‬وقال صلى الله عليه وسلم ‪" :‬الل ّهُ ّ‬ ‫ل قَب ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫)(‬ ‫خ ُ‬ ‫د" ‪ .‬فقام عليه أهل‬ ‫ما ات ّ َ‬ ‫ج َ‬ ‫م َ‬ ‫سا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ذوا قُُبوَر أن ْب َِيائ ِهِ ْ‬ ‫ه قَوْ ً‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫ل َعَ َ‬ ‫عصره من هذا الباب وحرفوا كلمه وقالوا ‪ :‬ينهى عن زيارة مسجد‬ ‫الرسول صلى الله عليه وسلم والواقع أنه لم ينه عن زيارة مسجد‬ ‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬و إنما ينهى عن شد الرحل إلى قبر‬ ‫النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫‪ -2‬المسألة الثانية ‪ :‬مسألة الطلق ‪ :‬وتشتمل على عدة‬ ‫فروع خالف فيها أهل عصره ‪ ،‬فقد خالف أهل عصره في إيقاع‬ ‫الطلقات الثلث إذا كانت بفم واحد في مجلس واحد فكان يرى –‬ ‫رحمه الله – أن الصواب فيها ما كان عليه المر في زمن النبي‬ ‫صلى الله عليه وسلم وفي زمن أبي بكر رضي الله عنه بأن‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري في كتاب الجمعة ) ‪ ، (1189‬ومسلم في كتاب صلة‬ ‫المسافرين وقصرها ‪ ،‬وغيرهما ‪.‬‬ ‫)‪ (2‬جزء من حديث أخرجه أبو داود في سننه في كتاب المناسك )‬ ‫‪ ، (2042‬وأحمد في مسنده ) ‪ . (8586‬وحسنه اللباني في كتابه )تحذير‬ ‫الساجد ص ‪.( 97‬‬ ‫)‪ (3‬رواه أحمد في المسند ) ‪ ، (7311‬وأبي يعلى في مسنده )‪(1/312‬‬ ‫وغيرهما وصححه اللباني في كتابه ‪ :‬تحذير الساجد )ص‪. (18/‬‬

‫‪6‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫الطلقات الثلث بهذه الصورة ل تقع إل طلقة واحدة ‪ ،‬وله في بعض‬ ‫فتاواه ما ُيعلم أنه يرى ‪ :‬أن للحاكم الشرعي إيقاع الطلقات الثلث‬ ‫بهذه الصورة أو إيقاعها واحدة بحسب ما يراه الحاكم الشرعي من‬ ‫حال المسلم الذي حصلت له هذه الواقعة ‪ ،‬فقام أهل عصره عليه‬ ‫واتهموه بخرق الجماع ‪.‬‬ ‫أيضا ً كان يرى ‪ :‬أن من أوقع الطلق على هيئة يمين أن الذي‬ ‫يلزمه كفارة يمين ول يقع الطلق ‪.‬‬ ‫وقرر في مسائل العقيدة مسائل كثيرة خالف فيها كلمهم ‪:‬‬ ‫فقرر أن القرآن كلم الله غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود ‪ ،‬وأنكر‬ ‫مسألة )المعنى النفسي( لنها تؤول إلى أن القرآن الذي بين أيدينا‬ ‫ليس هو كلم الله وإنما هو كلم يدل على المعنى النفسي القائم‬ ‫في ذات الله سبحانه وتعالى أتى به جبريل إنباًء عن المعنى‬ ‫النفسي القائم بالله سبحانه وتعالى ‪ ،‬فلما رأى أن هذا الكلم خلف‬ ‫كلم السلف أنكره وأبطله وقام على أهل عصره فيه وبسبب هذه‬ ‫المسألة أّلف كتاب ‪) :‬التسعينية( ‪ ،‬المعروف في مسألة خلق‬ ‫القرآن ‪ ،‬وفي مسألة الزيارة أّلف رسالة كبيرة في مسألة الزيارة ‪،‬‬ ‫وأّلف ‪) :‬الرد على البكري( أيضا ً في هذا الموضوع ‪ ،‬وله في الطلق‬ ‫عدة مجلدات يتكلم فيها عن مسألة الطلق ‪.‬‬ ‫ووضع الله له القبول بين الناس ‪ ،‬حج إلى مكة المكرمة سنة‬ ‫‪680‬هش‪.‬‬ ‫جاء في مجموع الفتاوى قول ابن تيمية رحمه الله‪" :‬أخبرنا‬ ‫الصيل المسند نجم الدين أبو العز يوسف بن يعقوب بن محمد بن‬ ‫على المجاور الشيباني قراءة عليه وأنا أسمع في الحرم سنة‬ ‫‪680‬هش"اهش) (‪.‬‬ ‫وحج مرة ثانية في سنة ‪ 692‬هش يعني وعمره ‪ 31‬سنة كما نص‬ ‫على ذلك ابن كثير رحمه الله في )البداية والنهاية( في أحداث هذه‬ ‫السنة‪.‬‬ ‫ألف مؤلفات عظيمة وقام بالرد على الفلسفة والمناطقة‬ ‫وأهل الكلم وألف كتابا ً عظيما ً في هذا الباب اسمه ‪) :‬درء تعارض‬ ‫العقل والنقل(‪ ،‬وفتح الله عليه الفتوح ‪ ،‬وفيه يصدق ما جاء عن‬ ‫مل بما عِلم أورثه الله علم ما لم‬ ‫السلف رضوان الله عليهم‪" :‬من ع ِ‬ ‫يعلم"] ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫)( مجموع الفتاوى )‪ .(109 ،18/99‬وهذا هو تاريخ حجته رحمه الله‬ ‫وعمره تقريبا ً ‪ 15‬سنة‪ .‬وقد ذكر في اقتضاء الصراط المستقيم )‪(3/339‬‬ ‫أنه ألف منسكا ً في الحج قبل أن يحج في أول عمره! ولعل هذا السماع‬ ‫من ابن المجاور كان في هذا الوقت‪.‬‬

‫‪7‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫يذ ُ‬ ‫كر عنه أحد تلمذته وهو ‪ :‬أبو عبد الله بن ُر َ‬ ‫شْيق يقول ‪ :‬كان‬ ‫يقول ‪ :‬كنت ُأطالع في تفسير الية نحو مائة تفسير ثم أقول ‪ :‬اللهم‬ ‫يا معّلم إبراهيم علمني ويا مفّهم سليمان فهمني ‪ .‬وكان يقول‬ ‫ث والسمين ‪ .‬وتكلم أهل التفسير‬ ‫رحمه الله ‪ :‬كتب التفسير فيها الغ ّ‬ ‫وأجادوا ولم يبق إل مواضع مختلفة هي التي أفردها بمزيد الكلم ‪.‬‬ ‫وكان في أواخر حياته يندم على اشتغاله بالرد على الفلسفة‬ ‫ده سد ّ ثغرة في هذا الباب ورفع إثما ً‬ ‫والمناطقة واليونان علما ً أن ر ّ‬ ‫عن المة في قيامه بهذا المر ولكنه مع هذا ندم في أواخر حياته‬ ‫وكان يتمنى لو أنه صنف تفسيرا ً للقرآن الكريم أو شرحا ً لكتاب‬ ‫صحيح المام البخاري كما ذكر هذا عن بعض تلمذته ‪.‬‬ ‫أوذي كثيرا ً وسجن في سجن القلعة بدمشق وهو إلى الن‬ ‫قائم بجوار المسجد الموي ‪ ،‬وسجن بمصر وحاولوا قتله بطرق‬ ‫ملتوية فأرسلوه إلى السكندرية وأشاعوا عدم رضى السلطان عنه‬ ‫يريدون أن يقوم أحد المتهورين فيقتله فلما وصل إلى السكندرية‬ ‫وضع له القبول بين الناس فتاب جماعة من أهل الفسوق من‬ ‫فسوقهم وفجورهم‪ .‬وجماعة من أهل البدع تركوا ضللتهم وتعلموا‬ ‫على يد الشيخ فكان وجوده في السكندرية مصدر إزعاج لمن‬ ‫ي‬ ‫أرسله من القاهرة إلى السكندرية ‪ ،‬وكان له بمصر نشاط علم ٌ‬ ‫كبير‪ ،‬وفيها وضع ما يسمى )بالفتاوى المصرية( وفيها ألف )الرد‬ ‫على البكري( لما ذهب إلى مصر‪.‬‬ ‫وكان يقول ‪" :‬ما يفعل أعدائي بي أنا قتلي شهادة وسجني‬ ‫خلوة وإخراجي من بلدي سياحة جنتي في صدري أينما ذهبت فهي‬ ‫معي" ‪ .‬نقل هذا عنه تلميذه ابن القيم في )الوابل الصيب(‪.‬‬ ‫اختلف في سبب اشتهار هذه العائلة بش ) آل تيمية ( فقيل ‪:‬‬ ‫) تيمية ( هي جدة لهم ‪ ،‬فإن الشيخ محمد ابن تيمية المعروف بش‬ ‫) ابن تيمية ( لما جاء في طريق الحج؛ شاهد طفلة مولودة في‬ ‫تيماء في طريق الشام فلما رجع إلى بلده وجد أهله وضعوا مولودة‬ ‫فقال ‪ :‬هذه تيمية‪ ،‬تشبه تلك البنت ‪ ،‬فقال ‪ :‬تيمية فعرفت بهذا ‪.‬‬ ‫وقيل ‪ :‬إن تيمية لقب لقبوا به لمر آخر ل يحضرني الن ‪.‬‬ ‫اشتهر شيخ السلم ابن تيمية في جميع العلوم؛‬ ‫فهو في التفسير حامل رايته وفي الحديث أهل روايته ودرايته‪.‬‬ ‫وفي الفقه صاحب الباع الطويل في الستدلل والنتقاد‪.‬‬ ‫وفي أصوله يرجع إلى كلمه في تحرير المسائل‪.‬‬ ‫فتح الله عليه من العلوم ما الله به عليم يحتار من ينظر في‬ ‫كلمه إذا ما تكلم في المسألة من أين يأتي بهذه الستدللت وهذه‬

‫‪8‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫المادة العلمية‪.‬‬ ‫حاربه أعداؤه في حياته وبعد موته‪ ،‬آذوا تلمذته وحرقوا كتبه‬ ‫وأتلفوا جزءا ً كبيرا ً منها ولكن الله سبحانه وتعالى حفظها حتى‬ ‫وصلت إلينا‪ ،‬ومن صور حفظها أن بعض العلماء وهو ابن عروة‬ ‫الحنبلي أولع بحبها فألف كتابا ً في ترتيب مسند المام أحمد على‬ ‫أبواب البخاري ثم عمل له شرحا ً فصار في هذا الشرح إذا جاء‬ ‫لموضع فيه رسالة لبن تيمية يوردها فكانت هذه الطريقة من‬ ‫الطرق التي حفظ الله عز وجل بها كتب شيخ السلم ابن تيمية‬ ‫رحمه الله ‪.‬‬ ‫لم يتزوج لنشغاله بالعلم والجهاد ونحو ذلك من المور‬ ‫السياسية والمشاكل إلى آخره ‪.‬‬ ‫كان يقوم على خدمته أخ له ‪ ،‬يذكرون أنه كان ل يقرب الطعام‬ ‫حتى يأتيه وإذا اتسخت ثيابه يأخذونها ويغسلونها مات سنة ‪ 728‬هش‬ ‫بسجن القلعة ‪ .‬قال المام أحمد ‪ :‬بيننا وبين أهل البدع الجنائز‪ ،‬وكذا‬ ‫كان يوم موته يوما ً مشهودًا‪ ،‬في تلك السنين وفي تلك اليام‬ ‫صر الناس فكانوا يزيدون على مائة ألف وغُّلقت‬ ‫ح ِ‬ ‫يقولون ‪ُ :‬‬ ‫دت الطرق من‬ ‫س ّ‬ ‫الحوانيت ‪ -‬وهي الدكاكين ‪ -‬وغلقت السواق و ُ‬ ‫أجل جنازته رحمه الله ‪ .‬وهذه من علمات أهل السنة أن أهل البدع‬ ‫إذا ماتوا الناس ل ينشغلون بهم ‪.‬‬ ‫من المور التي حصلت له وتدل على كمال فضله – رحمه الله‬ ‫– أنه لما جاء أحد المراء في مصر واستتب له المر بعد المير‬ ‫السابق الذي آذى ابن تيمية ‪ ،‬جاء أمير آخر وكان يرى صواب ما‬ ‫عليه ابن تيمية وكان يرى أن هؤلء المشايخ يعادونه ويحسدونه فلما‬ ‫استتب المر للمير نادى ابن تيمية ونادى المشايخ ثم انفرد بابن‬ ‫تيمية وقال له ‪ :‬إن هؤلء المشايخ آذوك وكانوا يريدون قتلك وفعلوا‬ ‫وفعلوا أفتني بقتلهم وأنا أقتلهم – يقول الذي نقل الواقعة ‪ :‬فانتبه‬ ‫شيخ السلم إلى أن هذا المير إنما يريد أن يأخذ فتوى منه بقتل‬ ‫هؤلء العلماء بسبب أنهم كانوا يقفون ضده مع المير السابق فانتبه‬ ‫شيخ السلم لهذا فقال للمير ‪ :‬إن هؤلء العلماء هم الذين تقوم‬ ‫بهم الدولة وأنت إذا أضعتهم ل تجد مثلهم ولم يسمح للمير بمبرر‬ ‫ولو صغير منه بأن يقوم ضد هؤلء العلماء رغم أنهم كانوا يكيدون‬ ‫لبن تيمية ‪ ،‬ولذلك يقول ابن مخلوف – وهو الفقيه المالكي الذي‬ ‫قام ضد ابن تيمية وأمر بسجنه في مصر وإيذائه ‪ -‬يقول ‪ :‬رحم الله‬ ‫ابن تيمية لما قدر علينا أحسن ونحن لما قدرنا عليه أسأنا وكدنا له‪.‬‬ ‫لشيخ السلم ابن تيمية العديد من المؤلفات الناطقة الشاهدة‬

‫‪9‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫بعلمه من أفضلها وأنفسها الكتب التالية ‪) :‬اقتضاء الصراط‬ ‫المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم( ‪) ،‬الصارم المسلول في الرد‬ ‫على شاتم الرسول( ‪ ،‬وألف هذا الكتاب لنه ظهر رجل يقال له ‪:‬‬ ‫العساف النصراني أظهر سب النبي صلى الله عليه وسلم‬ ‫والنتقاص منه فاجتمع ابن تيمية – وكان في الثلثينيات من عمره –‬ ‫مع بعض العلماء وأفتوا بوجوب عقوبة هذا الذي يقال له ‪ :‬العساف‬ ‫النصراني ‪ ،‬وكان هذا من جلساء المير ‪ ،‬فانزعج المير لهذا المر‬ ‫فأتى بهؤلء المشايخ ومنهم ابن تيمية فضربهم أمام الناس وبعد هذا‬ ‫قام شيخ السلم وألف كتابه ‪ :‬الصارم المسلول في الرد على‬ ‫شاتم الرسول ‪.‬‬ ‫من كتبه النفيسة ‪:‬‬ ‫)شرح العمدة( ولم يتمه‪.‬‬ ‫و)مقدمة في أصول التفسير(‪.‬‬ ‫ومنها )شرح الصفهانية(‪.‬‬ ‫و)التدمرية(‪.‬‬ ‫و)الواسطية(‪.‬‬ ‫و)اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم(‬ ‫وله فتاوى كثيرة من أنفس ما يكون‪.‬‬ ‫ويتضمن مجموع الفتاوى المطبوع جملة كبيرة من كتبه‬ ‫ورسائله رحمه الله‪.‬‬ ‫أيضا ً من كتبه النفيسة ‪:‬‬ ‫منها )منهاج السنة النبوية في نقض كلم الشيعة والقدرية(‪.‬‬ ‫دل دين المسيح(‪.‬‬ ‫ومنها )الجواب الصحيح لمن ب ّ‬ ‫وله كتاب في إبطال التحليل ‪ ،‬وكان قد انتشر في عصره‬ ‫التحليل في النكاح وهو ‪ :‬أن المرأة إذا طلقت من زوجها ثلث‬ ‫طلقات ل يحل لها أن ترجع إلى زوجها الول حتى تنكح زوجا ً غيره‬ ‫فكانوا يأتون بمحلل يعقد العقد على هذه المرأة ثم يطلقها يحللها‬ ‫للزوج الول‪ ،‬وقد جاء في الحديث وصف هذا المحلل بالتيس‬ ‫المستعار ‪ ،‬فألف كتابا ً في إبطال هذا المر عرف بش )إبطال‬ ‫التحليل(‪.‬‬ ‫ومن كتبه‪" :‬مقدمة في أصول التفسير"‪ ،‬التي نعقد هذه‬ ‫الدروس لشرحها؛‬ ‫هذا الكتاب مع صغر حجمه إل أنه أصل فيه أصول ً نفيسة حتى‬ ‫إن العلماء لما جاءوا بعده أشادوا به وصاروا يوردون قطعا ً كبيرة‬ ‫منه في ثنايا مصنفاتهم؛‬

‫‪10‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫فابن كثير رحمه الله أورد جملة كبيرة منه في أول تفسيره‪.‬‬ ‫والسيوطي في ) التقان ( أورد جملة كبيرة من هذا الكتاب‬ ‫في ثنايا كتابه وكان يصفه بالنفاسة‪.‬‬ ‫أدار – رحمه الله – هذا الكتاب على فصول تكلم فيها عن عدة‬ ‫مسائل؛‬ ‫تكلم في فصل قاعدة أن الرسول‪ ‬مامات حتى فسر جميع‬ ‫القرآن‪.‬‬ ‫وفصل عن تفسير الصحابة والتابعين ونوع الختلف الحاصل‬ ‫بينهم في التفسير‪.‬‬ ‫ثم تكلم عن أنواع التفسير بالرواية والدراية‪ ،‬التفسير بالمنقول‬ ‫والتفسير بالرأي‪.‬‬ ‫ثم تكلم في فصل عن أهمية تفسير التابعين‪ .‬وركز الكلم على‬ ‫أهمية تفسير الصحابة‪.‬‬ ‫ثم ختم الكلم عن خطر التفسير بالرأي‪.‬‬ ‫موردا ً أثناء ذلك جملة من القواعد والفوائد‪ ،‬مما أثرى كتابه‬ ‫وجعله متميزا ً على غيره من الكتب‪.‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫‪11‬‬

‫ر(‪:‬‬ ‫سي‬ ‫ف‬ ‫لالت‬ ‫و‬ ‫ص‬ ‫ف)أ‬ ‫ري‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫)أصول التفسير( علششم مركششب إضششافي‪ ،‬لبششد عنششد تعريفششه مششن‬ ‫تعريف المضاف على حده‪ ،‬ثم ُيعّرف المضاف إليه‪ ،‬ثم يعرف العلششم‬ ‫بإضافة أحد اللفظين إلى الخر‪ .‬فأقول‪:‬‬ ‫الصل في اللغة ‪ :‬ما ينبني عليه غيره ‪ ،‬وقد يطلق في اللغة‬ ‫ويراد به ‪ :‬القاعدة ‪.‬‬ ‫)(‬ ‫والقاعدة هي ‪ :‬القضية الكلية المحيطة بمجموعة جزئياتها ‪.‬‬ ‫والتفسير في اللغة ‪ :‬الكشف والبيان ‪.‬‬ ‫وفي اصطلح العلماء هو ‪ :‬معرفة مراد الله عز وجل من كلمه‬ ‫المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم بحسب الطاقة البشرية ‪.‬‬ ‫وبإضافة لفظة )أصول( إلى )التفسير( ينتج عندنا أن )أصول‬ ‫التفسير( هي القضايا الكلية المحيطة بجزئياتها والتي ينبني عليها‬ ‫فهم القرآن ومعرفة مراد الله بحسب الطاقة البشرية ‪.‬‬ ‫ب ‪ :‬ذكر القواعد‬ ‫كتا‬ ‫عال‬ ‫و‬ ‫ض‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ف‬ ‫والصول التي ينبني عليها فهم القرآن الكريم بمعنى ‪ :‬أن من أحاط‬ ‫علما ً بهذه القواعد سهل عليه التعامل مع القرآن الكريم‪.‬‬ ‫والذي لحظته ‪ :‬أن هذا الكتاب ‪ -‬أعني‪) :‬مقدمة في أصول‬ ‫ن أحسن قراءته وفهمه استطاع أن يتعامل مع كتب‬ ‫التفسير( ‪َ -‬‬ ‫م ْ‬ ‫التفسير بالمأثور‪ ،‬خاصة مع أقوال السلف المتنوعة في تفسير‬ ‫اليات ويعرف كيف يستفيد منها‪.‬‬ ‫عْلم أصول التفسير من العلوم المعروفة المتداولة عند أهل‬ ‫و ِ‬ ‫العلم يعرف بقواعد التفسير‪ ،‬ويسمى بعلوم القرآن‪.‬‬ ‫هذا العلم مّر في نشأته حتى أصبح مفردا ً مستقل ً بمصنفات و‬ ‫تآليف بأربعة أحوال ‪:‬‬ ‫الحال الولى ‪ :‬كان عبارة عن قواعد مبثوثة في ثنايا كلم‬ ‫السلف رضوان الله عليهم في الحاديث والتفسير كلمة هنا عن ابن‬ ‫عباس‪ ،‬كلمة هنا عن ابن مسعود‪ ،‬حديث يدخل في قواعد التفسير‪،‬‬ ‫قضايا مبثوثة‪ ،‬أول صورة بدأ فيها هذا العلم ونشأ فيها هذا العلم‬ ‫على هيئة قضايا مبثوثة في ثنايا الحديث والتفسير ‪.‬‬ ‫المرحلة الثانية ‪ :‬صار العلماء يجعلون الكلم عن أصول‬ ‫التفسير في مقدمات تفاسيرهم‪ ،‬فلما يأتي واحد منهم ويؤلف‬ ‫تفسيرا ً يجعل في مقدمة التفسير الكلم عن شئ من أصول‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫)( التعريفات للجرجاني ص ‪.171‬‬

‫‪12‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫التفسير‪.‬‬ ‫المرحلة الثالثة ‪ :‬أفردوا فيها أنواعا ً من هذا العلم بالتصنيف‬ ‫فتجد هناك كتاب في ناسخ القرآن ومنسوخه وتجد هناك كتاب في‬ ‫مبهمات القرآن وهكذا ‪.‬‬ ‫المرحلة الرابعة ‪ :‬أفرد فيها هذا العلم بالتأليف وكانت على‬ ‫صورتين ‪:‬‬ ‫‪ -1‬جاءت مؤلفات ومصنفات جمعت مجموعة من أنواعه دون‬ ‫استقصاء مثل ‪ :‬كتاب )فنون الفنان( لبن الجوزي المتوفى سنة‬ ‫‪ 597‬هش فإنه جمع جملة من القواعد المتعلقة بهذا العلم ‪ :‬أصول‬ ‫التفسير لكنه لم يستقص‪.‬‬ ‫‪ -2‬صورة التأليف المفرد في هذا العلم ولكن بهيئة استقصاء‬ ‫للتعريف بالنوع ل مفردات النوع ‪ .‬فمثل ً يعّرف بناسخ القرآن‬ ‫ومنسوخه لكن يورد كل مفردات ناسخ القرآن ومنسوخه ‪ ،‬ويمثل‬ ‫هذه الصورة الجامعة كتاب ‪) :‬البرهان في علوم القرآن‬ ‫للزركشي( ‪ ،‬وكتاب ‪) :‬التقان في علوم القرآن( للسيوطي‬ ‫وهذه المراحل الربع متداخلة فقد يوجد من حيث التسلسل‬ ‫التاريخي مصنفات مفردة قبل مقدمات التفاسير ولكن مرادي بيان‬ ‫الهيئة العامة لنشأة هذا العلم كتأليف‪.‬‬ ‫ويعتبر هذا الكتاب )مقدمة في أصول التفسير( من الكتب‬ ‫المصنفة في علوم القرآن‪ ،‬لكن بغير استقصاء لجميع النواع‪ ،‬وبغير‬ ‫استقصاء للمسائل المتعلقة بتعريف النوع‪.‬‬ ‫م ‪ :‬من كلم الله‬ ‫عل‬ ‫ذاال‬ ‫ده‬ ‫دا‬ ‫م‬ ‫ست‬ ‫ا‬ ‫ومن كلم الرسول صلى الله عليه وسلم ومن كلم الصحابة‬ ‫والتابعين ‪ .‬وكل القواعد التي ستمر علينا هي مستمدة من هذه‬ ‫الصول والموضوعات‬ ‫ه‪ :‬هي المسائل التي تتعلق بالقرآن من‬ ‫سائل‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫جهة ما يبين معناه‪ ،‬كسبب النزول واختلف أقاويل السلف في الية‬ ‫والمطلق والمقيد والعام والخاص‪.‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫‪13‬‬

‫شرح كتاب‬ ‫دمة في أصول التفسير‬ ‫مق ّ‬

‫قال شيخ السلم أحمد بن عبد الحليم بن عبد‬ ‫السلم ابن تيمية الحّراني رحمه الله تعالى ‪:‬‬ ‫‪((1‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬ ‫مِتك‬ ‫وأ َ ِ‬ ‫ن ب َِر ْ‬ ‫َر ّ‬ ‫ب يَ ّ‬ ‫ع ْ‬ ‫ح َ‬ ‫سْر َ‬ ‫ِروُر ُ‬ ‫حْلا‬ ‫ن ِ‬ ‫م َ‬ ‫هُنيعِت َ ْ‬ ‫م هِّللا َب ِ ُذوعُن َوَ ه ُُرِفغْت َ ْ‬ ‫سن َ هِل ّل ِ د ُ ْ‬ ‫سن َوَ ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫لضم َلفَ هّللا هدهي نم انِلامعْأ َ تائ َيس نمو انسُفنأ َ‬ ‫ِ ّ َ ْ ِ َ َ ِ ْ‬ ‫ِ ِ َْ ْ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫هل َ ّ ِ ُ‬ ‫مو َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫هل َ َ‬ ‫هل َ يَِداهَ َلفَ ْ‬ ‫نأ د ُهَ ْ‬ ‫كيرِ َ‬ ‫ضي ُ‬ ‫لل ِ ْ‬ ‫هَلإ َل ْ‬ ‫ش َل ه ُد َ ْ‬ ‫شأوَ ُ‬ ‫هّللا ّلإ َ‬ ‫حوَ ُ‬ ‫ُ‬ ‫شأوَ‬ ‫َ‬ ‫م ّ‬ ‫م َ‬ ‫هُلو ُ‬ ‫مل ّ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫سَروَ هُد ُب ْعَ اد ً ّ‬ ‫ص ُ‬ ‫سوَ هِي ْل َعَ ُ‬ ‫َ‬ ‫هّللا ىل ّ َ‬ ‫نأ د ُهَ ْ َ‬ ‫ست َ(‪.‬‬ ‫ميل ِ ْ‬ ‫‪2‬ا ً‬ ‫(‬

‫(‬

‫)‬

‫ددددد دددددد ‪(29/3/1423‬‬

‫)‪ (1‬بدأ كتابه بش ) بسم الله الرحمن الرحيم ( كما في نص المخطوط فقال‪ :‬بسم الله‬ ‫سر وأعن برحمتك ثم ذكر )الحمد لله نحمده ‪. ( ...‬‬ ‫الرحمن الرحيم رب ي ّ‬ ‫بدأ بالبسملة جريا ً على سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في كتبه ورسائله إلى‬ ‫الملوك وغيرهم فقد جرت سنة الرسول عليه الصلة والسلم بالبدء بش ) بسم الله‬ ‫الرحمن الرحيم ( فالبدء بها في أول التأليف أو في أول الكلم هو من سنة الرسول‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫وقد اقتصر بعض المصنفين في الحديث على البسملة دون ذكر الحمدلة والصلة‬ ‫على النبي صلى الله عليه وسلم يعني دون ذكر خطبة الحاجة مثل ما صنع المام‬ ‫البخاري رحمه الله في الصحيح فإنه بدأ كتابه ‪) :‬بسم الله الرحمن الرحيم باب بدء‬ ‫الوحي( ولم يذكر الحمد لله ول الصلة والسلم على رسول الله استغناء بالبسملة‬ ‫وما فيها من الثناء على الله سبحانه وتعالى وبما يناسب هذا الكتاب من البدء ببدء‬ ‫الوحي فقال ‪) :‬بسم الله الرحمن الرحيم باب بدء الوحي(‪.‬‬ ‫ل أَ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫)‬ ‫‪:‬‬ ‫قال‬ ‫أنه‬ ‫وسلم‬ ‫الروايات المرفوعة عن النبي صلى الله عليه‬ ‫ْ‬ ‫ل ك ََلم َل يبدأ ُ ٍ‬ ‫وما باورد من ُ‬ ‫مدِ أ َقْط َعُ ( ]رواه ابن ماجه[ ‪ ،‬وفي رواية ‪) :‬ك ُ ّ‬ ‫ٍ ُْ َ‬ ‫ل َل ي ُب ْد َ ّأ ِفيهِ ِبا َل ْ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ِذي َ ْ ٍ‬ ‫جذ َ‬ ‫م ( ]رواه أبوداود[ أو نحو ذلك ‪ ،‬فهذه الروايات ضعفها أهل‬ ‫مد ُ ل ِلهِ فَهُوَ أ‬ ‫ح‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِفيهِ ِبال ْ‬ ‫العلم ولم يثبتوا من ذلك شيئا ً ‪ ،‬لكن سنية البدء بالبسملة في أول التآليف وفي أول‬ ‫الكتب وفي أول الكلم تؤخذ من كتب الرسول صلى الله عليه وسلم ورسائله التي‬ ‫كان يبدأها ببسم الله الرحمن الرحيم ‪ ،‬والله عز وجل ذكر لنا في القرآن الكريم أن‬ ‫سليمان عليه السلم ُلما أرسل كتابه إلى بلقيس بدأه ببسم الله الرحمن الرحيم ‪،‬‬ ‫والله تعالى يقول ‪) :‬أول َئ ِ َ‬ ‫م اقْت َدِهْ ()النعام‪ :‬من الية ‪(90‬‬ ‫ك ال ّ ِ‬ ‫ه فَب ِهُ َ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫داهُ ُ‬ ‫دى الل ّ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫فأمر بالقتداء بما كان عليه النبياء ‪ ،‬وهكذا جرى فعله صلى الله عليه وسلم فكان‬ ‫يبدأ رسائله وكتبه ببسم الله الرحمن الرحيم ‪ ،‬وعلى هذه السنة جرى المصنف رحمه‬ ‫الله ‪.‬‬ ‫) )‪ (2‬هكذا ذكر المصنف هذه الخطبة ‪ ،‬وهي خطبة قريبة في ألفاظها من خطبة‬ ‫الحاجة‪ .‬وههنا مسألة‪ :‬إن قلنا ‪ :‬إن خطبة الحاجة من باب الذكار والدعية فإنه ل‬ ‫يجوز ‪ -‬على الراجح من كلم أهل العلم ‪ -‬التصرف في ألفاظها؛ وعليه فإن الذي‬ ‫ذكره شيخ السلم ابن تيمية ليس هو خطبة الحاجة‪ ،‬وليس من باب روايتها بالمعنى‬ ‫لننا نقول ‪ :‬إن خطبة الحاجة من باب الدعية والذكار التي ل يجوز روايتها بالمعنى ‪.‬‬ ‫عند العلماء قاعدة وهي ‪ :‬أن باب الدعية والذكار يورد بحسب اللفظ الذي جاء عن‬ ‫الرسول صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬والدليل‪ :‬حديث عند مسلم في الصحيح عن ال ْب ََرا َُء‬ ‫سو ُ‬ ‫ل‪َ :‬قا َ‬ ‫ما َقا َ‬ ‫م‪َ " :‬إ ِ َ‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ن َ‬ ‫ب َر ِ‬ ‫ْ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫ل ِلي ََر ُ‬ ‫ذا َأت َ َ‬ ‫سل ّ ّ َ‬ ‫ص َّلى ْ َالل ّ ُ‬ ‫ه عَن ْ َهُ َ‬ ‫ي ْ الل ّ ُ‬ ‫ل َ الل ّهِ َ‬ ‫عازِ َ ٍ‬ ‫ض َ‬ ‫بْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ك‬ ‫ّ‬ ‫ق‬ ‫ش‬ ‫لى‬ ‫ع‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫ط‬ ‫ض‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ث‬ ‫ة‬ ‫ل‬ ‫ص‬ ‫لل‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ء‬ ‫ضو‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫ض‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫ك‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫ض‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫سل ْ‬ ‫ن‪ ،‬وَقل‪ :‬اللهُ ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬

‫‪14‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َ‬ ‫ما ب َعْد ُ ‪:‬‬ ‫أ ّ‬ ‫فََقد سأ َ‬ ‫خوان أ َن أ َ‬ ‫)(‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ة‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ض‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ني‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِ َ ِ‬ ‫ن) ( ‪.‬‬ ‫عد َ ك ُل ّي ّ ً‬ ‫وا ِ‬ ‫ن ع ََلى فَهْم ِ ال ُْقْرآ ِ‬ ‫ة ت ُِعي ُ‬ ‫قَ َ‬ ‫‪((1‬‬ ‫ه‬ ‫مَعاِني ِ‬ ‫معْرِفَةِ ت َْف ِ‬ ‫سيرِهِ وَ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫َ‬ ‫‪((1‬‬ ‫ل ذ َل ِ َ‬ ‫واِع‬ ‫معُْقول ِ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫مِييزِ ِفي َ‬ ‫َوالت ّ ْ‬ ‫حقّ وَأن ْ َ‬ ‫ه ب َي ْ َ‬ ‫من ُْقو ِ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫ك وأ َل ْجأ ْ‬ ‫َ‬ ‫مل ْ‬ ‫ة إ ِل َي ْ َ‬ ‫ري إ ِل َي ْ َ‬ ‫سي إ ِل َي ْ َ‬ ‫جأ َ وََل‬ ‫ك َل‬ ‫ة وََرغْب‬ ‫ك َرهْب‬ ‫ت ظ َه‬ ‫م‬ ‫نَ ْ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ف ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ري إ ِل َي ْ َ َ ّ َ َ‬ ‫ك ّ وَفَ َوّ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫تأ ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ت عَلى‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫سلتَ" ف َِإ‬ ‫ذي أْر‬ ‫ت وَب ِن َب ِي ّك ال‬ ‫ذي أ َن َْزل‬ ‫ت ب ِك َِتاب ِك ال‬ ‫من‬ ‫ك إ ِل إ ِلي ْك آ‬ ‫جا‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫سول ِ َ‬ ‫ت" َقا َ‬ ‫قو ُ‬ ‫ل‪َ" :‬ل‬ ‫ل فَ ُ‬ ‫ما ت َ ُ‬ ‫ن ْآ ِ‬ ‫ك ال ّ ِ‬ ‫ال ْ ِ‬ ‫رةِ َّفا ْ‬ ‫ذي أْر َ‬ ‫ن‪" :‬وَب َِر ُ‬ ‫تأ ْ‬ ‫سل ْ َ‬ ‫قل ْ ُ‬ ‫خَر َ‬ ‫ست َذ ْك ُِرهُ ّ‬ ‫جعَ َل ْهُ ّ‬ ‫فط ْ ََ‬ ‫ت(‪.‬‬ ‫وَب ِن َب ِي ّك ال ِ‬ ‫ذي أْر َ‬ ‫سل َ‬ ‫استدل العلماء بهذا الحديث الذي أخرجه مسلم ‪ :‬على أن ألفاظ الدعية والذكار‬ ‫ذلك‪ :‬أن الرسول صلى‬ ‫الواردة في الحاديث النبوية ل يجوز روايتها بالمعنى‪،‬‬ ‫ووجه َ‬ ‫سول ِ َ‬ ‫عليه وسلم لم يأذن للبراء أن يغير لفظة ‪) :‬وَب ِن َب ِي ّ َ‬ ‫ك‬ ‫الله‬ ‫ك ال ّ ِ‬ ‫ت( إلى )وب َِر ُ‬ ‫ذي أْر َ‬ ‫سل ْ َ‬ ‫ذي أ َ‬ ‫ْ‬ ‫ت( فلما لم يأذن له بذلك د ّ‬ ‫ل على أن أحاديث الدعية والذكار ُتروى‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫ال ّ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫بلفظها‪ ،‬ل بالمعنى ‪.‬‬ ‫فإذا قلنا ‪ :‬إن حديث خطبة الحاجة من باب الدعية والذكار فإنه ل يجوز التصرف‬ ‫في خطبة الحاجة تورد في أول الكلم كما جاءت في الحديث ‪ ،‬فإن تصّرف النسان‬ ‫فيها فإنه لم يقل خطبة الحاجة ‪ ،‬ولذا نحن نقول ‪ :‬إن هذا التصرف من شيخ السلم‬ ‫يدل على أنه ل يريد إيراد خطبة الحاجة ‪.‬‬ ‫فإن قيل ما حكم إيرادها ؟ أقول ‪ :‬الذي جرى عليه أهل العلم أن حكم إيرادها ‪ :‬من‬ ‫باب المستحبات والسنن ‪ ،‬وحيث إن هذه السنة أميتت في هذا العصر سعى كثير من‬ ‫العلماء إلى إحيائها فحرصوا على أن يفتتحوا بها كتبهم من باب إشاعة السنة وإحيائها‬ ‫‪.‬‬ ‫)( في مقدمة كل كتاب يذكر المصنف – أي مصنف – الباعث له على التصنيف‬ ‫ومقصوده في التصنيف ‪ ،‬ثم أقسام ما يورده من العلم داخل هذا الكتاب من أجل‬ ‫تحرير البحث أو المسألة التي يريد الكتابة فيها ‪.‬‬ ‫هكذا جرت عادة المصنفين وشيخ السلم لم يخرج عن عادة غيره فإنه بدأ بذكر‬ ‫الباعث على التأليف فذكر أن الباعث له على التصنيف ‪ :‬أن بعض إخوانه رحمه الله‬ ‫سأله أن يصنف له كتابا ً يذكر فيه قواعد كلية تساعده على فهم القرآن الكريم ‪ ،‬إذا ً‬ ‫هذا الباعث لتصنيف هذا الكتاب ‪.‬‬ ‫دمة ‪ ،‬في علم اللغة العربية وفي كتبها‬ ‫مق‬ ‫أو‬ ‫دمة‬ ‫مق‬ ‫ذكر شيخ السلم أن هذا الكتاب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫دمة( بالكسر هي الكلم الذي‬ ‫دمة ( هي أول الشيء ‪ ،‬و)المق‬ ‫ّ‬ ‫يقولون ‪ :‬إن ) المق ّ‬ ‫دمة يقدم بها شيئا ً‬ ‫دم به شيئا ً آخر ‪ ،‬فهل شيخ السلم أراد بكتابه هذا أن يصّنف مق ّ‬ ‫تق ّ‬ ‫دمة للتفسير ؟ الصحيح ‪ :‬أن شيخ السلم أراد‬ ‫آخر ‪ ،‬أو أراد بكتابه هذا أن يجعله مق ّ‬ ‫دمة للتفسير يضعها بين يدي من يريد أن يفهم كتاب الله‬ ‫بكتابه هذا أن يجعله مق ّ‬ ‫دمة ولذلك يخطئ‬ ‫دمة وليس مق ّ‬ ‫وبين يدي من يريد أن يفسر كتاب الله فهي مق ّ‬ ‫دمات ‪.‬‬ ‫دمات ‪ ،‬الصواب أنها مق ّ‬ ‫دمات يسميها مق ّ‬ ‫بعض الناس حينما يسمي بعض المق ّ‬ ‫دمة تاريخه )ديوان المبتدأ والخبر في أحوال العرب‬ ‫من ذلك ‪ :‬ابن خلدون في مق ّ‬ ‫دمة وضع فيها أصول التاريخ ومنهج‬ ‫والعجم والبربر(‪ ،‬فإنه جعل لهذا الكتاب مق ّ‬ ‫التاريخ وكيفية التثبت من تحقق المعلومات وقواعد الجتماع وما يترتب عليها فهي‬ ‫دمة بل قل ‪:‬‬ ‫دمة تفسير الطبري ول تقل مق ّ‬ ‫دمة ابن خلدون لتاريخه ‪ .‬وكذلك ‪ :‬مق ّ‬ ‫مق ّ‬ ‫دمة ‪.‬‬ ‫مق ّ‬ ‫دمات ويعنى بها ‪ :‬الكتاب الذي يضم المور الكلية التي‬ ‫بالمق‬ ‫الكتب‬ ‫بعض‬ ‫وتسمى‬ ‫ّ‬ ‫ينبني عليها علم آخر أو ينبني عليها ما وراءها ‪ ،‬ولذلك مثل ً ‪ :‬كتاب ابن الصلح في‬ ‫دمة ابن الصلح لماذا ؟ هو أّلف هذا الكتاب‬ ‫علوم الحديث اشتهر عند العلماء بمق ّ‬ ‫ليكون عونا ً للطالب إذا ما دخل في علم الحديث رواية ودراية ‪ ،‬هي ليست كل علم‬ ‫دمة يضع فيها المور الكلية التي ينبني‬ ‫الرواية والدراية بدقائقها وبتفاصيلها ولكنها مق ّ‬ ‫عليها ما ورائها‪.‬‬ ‫دمة لي علم ؟‬ ‫فهذا الكتاب مق ّ‬ ‫دمه شيخ السلم لُيجعل بين يدي من يريد أن يفسر كتاب الله‪،‬‬ ‫لعلم التفسير ‪ ،‬ق ّ‬ ‫فيكون بين يدي التفسير ‪.‬‬ ‫)( إذا ً هذه القواعد تعين على فهم القرآن‪ ،‬هي بمجردها ليست تفسير القرآن ولكن‬ ‫تعين على فهم القرآن‪.‬‬ ‫والقاعدة ‪ :‬القضية الكلية المحيطة بمجموعة جزئياتها‪ ،‬فهو سيذكر قضايا كلية تحيط‬ ‫بمواضيع كثيرة تتعلق بتفسير القرآن‪ ،‬ويرجع إليها؛‬ ‫مثل ً ‪ :‬من هذه القواعد قاعدة سيذكرها المصنف في أول فصل ‪ :‬أن تعلم أن‬ ‫سر لصحابه جميع القرآن ‪ ،‬وهذه قاعدة عظيمة‬ ‫الرسول صلى الله عليه وسلم ف ّ‬ ‫ينبني عليها أمور كثيرة من أيسرها وأهونها ‪ :‬أن تعلم أن تفسير الصحابي للقرآن‬

‫‪15‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َ‬ ‫‪((2‬‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل ال َْفا ِ‬ ‫اْل ََبا ِ‬ ‫ل‪ ;((3‬فَإ ِ ّ‬ ‫ن اْلَقاِوي ِ‬ ‫ل ب َي ْ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫َوالت ّن ِْبيهِ ع ََلى الد ِّلي ِ‬ ‫طي ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن‬ ‫ة ِبال ْغَ ّ‬ ‫حون َ ٌ‬ ‫صن َّف َ‬ ‫س ِ‬ ‫ة ِفي الت ّْف ِ‬ ‫ش ُ‬ ‫ال ْك ُت ُ َ‬ ‫ث َوال ّ‬ ‫سيرِ َ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫مي ِ‬ ‫ما ن َْق ٌ‬ ‫ن‬ ‫مِبي‬ ‫وا ِ‬ ‫ضِح َوال ْ َ‬ ‫ل ُ‬ ‫مإ ّ‬ ‫ن‪َ .‬وال ْعِل ْ ُ‬ ‫حقّ ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫صد ّقٌ ع َ ْ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫َوال َْباط ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪((1‬‬ ‫ل عَل َي ْهِ د َِلي ٌ‬ ‫ما قَوْ ٌ‬ ‫وى هَ َ‬ ‫ما‬ ‫ما ِ‬ ‫معُْلو ٌ‬ ‫ذا فَإ ِ ّ‬ ‫م وَ َ‬ ‫ل َ‬ ‫صوم ٍ وَإ ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫معْ ُ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬ ‫من ُْقود ٌ ‪.‬‬ ‫موُْقو ٌ‬ ‫مَزي ّ ٌ‬ ‫ه ب َهَْر ٌ‬ ‫ج وََل َ‬ ‫م أن ّ ُ‬ ‫ف َل ي ُعْل َ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫مْرُدود ٌ وَإ ِ ّ‬ ‫ف َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫حب ْ ُ‬ ‫ن‬ ‫س ٌ‬ ‫ج ُ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ذي هُوَ َ‬ ‫حا َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ما ّ‬ ‫ل الل ّهِ ال ْ َ‬ ‫مةِ َ‬ ‫ة اْل ّ‬ ‫مِتي ُ‬ ‫ة إَلى فَهْم ِ ال ُْقْرآ ِ‬ ‫بيقين أو بغلبة ظن هو مما استفاده من الرسول صلى الله عليه وسلم فيعطي‬ ‫تفسير الصحابة قيمة عليا ‪ .‬ومن فوائد هذه القاعدة‪ :‬أن ل تهجم على تفسير الية‬ ‫حتى تراجع كتب التفسير بالمأثور فلعلك تجتهد برأيك في تفسير الية بحسب قواعد‬ ‫الجتهاد والستنباط وبحسب اللغة لكن ل يقع تفسيرك موافقا ً للتفسير بالمأثور‬ ‫فيكون تفسيرك من باب التفسير بالرأي المذموم ولذلك جعل العلماء شروط قبول‬ ‫التفسير بالرأي الذي يسمونه ‪ :‬التفسير بالدراية جعلوا لقبوله خمسة شروط ‪:‬‬ ‫‪ -1‬أن ل يخالف التفسير بالمأثور مخالفة تضاد ‪.‬‬ ‫‪ -2‬أن يتفق مع سياق الية وسباقها ولحاقها )سياق الية هو ‪ :‬الجو العام الذي‬ ‫وضعت فيه الية والذي جاءت فيها الية ‪ ،‬وسباقها‪ :‬ما يسبقها ‪ ،‬ولحاقها‪ :‬ما يتلوها(‬ ‫وهذا إشارة إلى علم المناسبات‪.‬‬ ‫‪ -3‬أن ل يتنافى مع دللة اللفاظ من حيث اللغة ‪ ،‬ما تأتي لمعنى في الية ل يتفق مع‬ ‫دللة اللفاظ من حيث اللغة لن الله سبحانه وتعالى أخبر عن القرآن أنه أنزل‬ ‫بلسان عربي مبين ‪.‬‬ ‫‪ -4‬أن ل يتعارض مع أصول الشرع ‪ ،‬يعني ‪ :‬قد تأتي بتفسير وتقول هذا التفسير ل‬ ‫يتعارض مع التفسير بالمأثور ول يتعارض مع سياق الية وسباقها وهو يتفق مع دللت‬ ‫اللفظ في اللغة ولكن يعارض أصول الشرع ‪ ،‬فهذا أيضا ً مرفوض‬ ‫‪ -5‬أن ل يؤدي إلى نصرة أهل البدع والهواء المذمومة ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫هذه الشروط الخمسة ل بد منها حتى يكون التفسير بالرأي والجتهاد مقبول‪ ،‬و أول‬ ‫شرط فيها ‪ :‬أن ل يخالف التفسير بالمأثور مخالفة تضاد‪ .‬هذا الشرط لماذا اشترطناه‬ ‫؟‬ ‫نقول‪ :‬يا أخي لن عندنا من قواعد التفسير ‪ :‬أن الرسول صلى الله عليه وسلم بين‬ ‫للصحابة جميع القرآن فما يصح أن تأتي بمعنى خلف ما بينه الصحابة ‪ ،‬ولو قال ‪ :‬أنا‬ ‫أجتهد كالصحابة‪ ،‬نقول له‪ :‬أنت ل تحسن كالصحابة ‪ ،‬لن تفسير الصحابي يغلب على‬ ‫ظننا أنه مما استفاده من الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فله حكم الرفع في تفسير‬ ‫القرآن الكريم‪.‬‬ ‫دمة في التعريف بقواعد كلية تعين على فهم القرآن بدون هذه‬ ‫فهذا الكتاب مق ّ‬ ‫القواعد قد تفسر القرآن وقد تفهمه ولكن بصعوبة‪ ،‬وقد ل تفهمه الفهم السديد!‬ ‫)‬ ‫)‪ (1‬التفسير يراد به ‪ :‬تفسير اللفاظ ‪ ،‬والمعاني ‪ :‬يراد بها دللة الجملة بألفاظها‬ ‫على المعنى ‪ ،‬والعلماء الن يقولون ‪ :‬نحن نفرق بين أمرين بين تفسير اللفظ‬ ‫حى( ‪ ،‬أقول لك ‪ :‬الضحى هي ساعة‬ ‫ض َ‬ ‫والمراد من اللفظ ‪ ،‬فمثل ً قوله تعالى ‪َ) :‬وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ل إِ َ‬ ‫جى( ‪،‬‬ ‫س َ‬ ‫ض َ‬ ‫من ساعات النهار ‪ ،‬فما المراد من قوله تعالى ‪َ) :‬وال ّ‬ ‫ذا َ‬ ‫حى ‪َ.‬واللي ْ ِ‬ ‫الذي خلقه وهو‬ ‫أقول المراد هنا ‪ :‬قسم أراد الله عز وجل به تعظيم هذا المخلوق‬ ‫وقت الضحى ‪ ،‬ولفت النظار إليه إذ أنه من الوقات ‪ ..‬إلخ ‪ ،‬وهذا يسمونه ‪ :‬بيان‬ ‫المراد‪ ،‬فتفسير اللفظ شيء وبيان المراد شيء آخر؛‬ ‫فتفسير اللفظ هو بيان معناه من جهة اللغة‪ ،‬والمراد من اللفظ هو تبيين معناه داخل‬ ‫السياق الذي جاء فيه‪.‬‬ ‫إذا ً حينما قال ‪ ) :‬ومعرفة تفسيره ومعانيه ( أي ‪ :‬تفسير اللفاظ وبيان المراد منها ‪،‬‬ ‫ولذلك العلماء يقولون ‪) :‬تفسير غريب القرآن( يعني ‪ :‬اللفاظ ‪ ،‬فإن فسروها‬ ‫بحسب الدللة اللغوية بدون مراعاة المعنى الشرعي فهذا تفسير لغوي ل ينبغي أن‬ ‫ُيعتمد بمجرده في تفسير القرآن لماذا ؟ لن عندنا في كل لفظ يرد في القرآن أو‬ ‫في الحديث أربع احتمالت من حيث المعنى ‪:‬‬ ‫‪ -1‬إما أن يكون لهذا اللفظ معنى شرعي ‪.‬‬ ‫‪ -2‬وإما أن يكون لهذا اللفظ معنى عرفي ‪.‬‬ ‫‪ -3‬وإما أن يكون له معنى لغوي ‪.‬‬ ‫فإن لم يوجد له معنى لغوي ول معنى شرعي ول معنى عرفي؛ ُنظر فيه بحسب‬ ‫الحقيقة والمجاز عند من يقول بها ‪.‬‬ ‫فإذا أنت فسرت اللفظ من حيث اللغة قبل النظر هل له معنى شرعي أو عرفي؛‬ ‫فأنت قد هجمت على تفسير القرآن بالرأي لنه ليس كل معنى صح لغة صح تفسيرًا‪،‬‬ ‫وينبغي لمن أراد أن يفسر غريب القرآن أن يفسره بحسب المراد منه‪ ،‬إن كان‬ ‫المراد منه في هذا الموضع المراد الشرعي أورده ‪ ،‬إن كان المراد منه في هذا‬

‫‪16‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َ‬ ‫صَرا ُ‬ ‫واءُ وََل‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫َوالذ ّك ُْر ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫قي ُ‬ ‫ط ال ْ ُ‬ ‫كي ُ‬ ‫م َوال ّ‬ ‫زيغُ ب ِهِ اْلهْ َ‬ ‫ذي َل ت َ ِ‬ ‫َ‬ ‫ضي‬ ‫ن وََل ي َ ْ‬ ‫ن ك َث َْرةِ الت ّْرِديدِ وََل ت َن َْق ِ‬ ‫س ب ِهِ اْلل ْ ُ‬ ‫ت َل ْت َب ِ ُ‬ ‫خل َقُ ع َ ْ‬ ‫س ُ‬ ‫‪((2‬‬ ‫ه‬ ‫عَ َ‬ ‫جائ ِب ُ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن َقا َ‬ ‫وََل ي َ ْ‬ ‫ه‬ ‫ل بِ ِ‬ ‫ن عَ ِ‬ ‫شب َعُ ِ‬ ‫صد َقَ وَ َ‬ ‫ماُء َ‬ ‫ه ال ْعُل َ َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ل ب ِهِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬ ‫)(‬ ‫م ب ِهِ ع َد َ َ‬ ‫ط‬ ‫ن دَ َ‬ ‫صَرا ٍ‬ ‫عا إل َي ْهِ هُدِيَ إَلى ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ل وَ َ‬ ‫حك َ َ‬ ‫جَر وَ َ‬ ‫أ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫دى‬ ‫ه ِ‬ ‫ن اب ْت ََغى ال ْهُ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه وَ َ‬ ‫ه الل ّ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ص َ‬ ‫ن ت ََرك َ ُ‬ ‫ست َِقيم ٍ وَ َ‬ ‫ُ‬ ‫جّبارٍ قَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫‪1‬‬

‫)‬

‫)‬

‫الموضع المراد العرفي أورده‪ ،‬إن كان المراد منه في هذا الموضع المراد اللغوي‬ ‫أورده ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫خذ مثل ‪ :‬كلمة ) الصلة ( في اللغة ما معناها ؟ الدعاء ‪ ،‬في الشرع ‪ :‬وردت الصلة‬ ‫بمعان ‪ ،‬وردت بمعنى الصلة ذات الركوع والسجود التي هي مفتاحها الطهور‬ ‫وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم ‪ ،‬ويعرفها الفقهاء بقولهم ‪ :‬أقوال وأفعال مفتاحها‬ ‫الطهور ‪ ،‬تحريمها التكبير وتحليلها التسليم ‪ ،‬ووردت الصلة بمعنى ‪ :‬الصلة على‬ ‫ن‬ ‫النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬نقول ‪ :‬اللهم صل وسلم على‬ ‫سيدنا ونبينا محمد ‪) :‬إ ِ ّ‬ ‫ي ( )الحزاب‪ ، (56:‬ووردت أيضا ً في القرآن والسنة‬ ‫صّلو َ‬ ‫ملئ ِك َت َ ُ‬ ‫ه وَ َ‬ ‫الل ّ َ‬ ‫ه يُ َ‬ ‫ن عَ َّلى َالن ّب ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م()التوبة‪ :‬من الية ‪ (103‬يعني ‪:‬‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫كن‬ ‫س‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫صل‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ص‬ ‫و‬ ‫)‬ ‫‪،‬‬ ‫الدعاء‬ ‫‪:‬‬ ‫بمعنى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ِْ ْ ِ ّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫وادع لهم إن صلتك سكن لهم ‪.‬‬ ‫إذا جاء من يفسر القرآن بحسب الدللة ولم ُيلزم نفسه إل بالتفسير اللغوي فإنه‬ ‫الدعاء ‪ ،‬وهذا خطأ إذ هذا‬ ‫سيفسر كل هذه المواضع بمعنى واحد ‪ :‬الصلة بمعنى‬ ‫َ‬ ‫صلةَ َوآُتوا الّز َ‬ ‫كاةَ‬ ‫المعنى إن ص ّ‬ ‫ح لغة ل يصح تفسيرا ً ‪ ،‬فالله تعالى يقول ‪) :‬وَأِقي ُ‬ ‫موا ال ّ‬ ‫()البقرة‪ :‬من الية ‪ (43‬فيقول ‪ :‬الصلة يعني الدعاء ‪ ،‬يصح هذا ؟! ليس هذا هو‬ ‫المراد ‪.‬‬ ‫إذا ً ليس كل ما صح لغة صح تفسيرا‪ً.‬‬ ‫وليس كل ما صح إعرابا ً صح تفسيرًا‪.‬‬ ‫وهذه قاعدة أخرى نبه عليها ابن هشام في )مغني اللبيب( ص ‪ ،684‬فقد تأتي أوجه‬ ‫من العراب لللفاظ تسوغ لغة ونحوا ً ولكن ل تسوغ تفسيرًا؛ حيث ذكر ابن هشام‬ ‫في مغني اللبيب في الباب الخامس الجهات التي يدخل العتراض على المعرب من‬ ‫جهتها وهي عشرة‪ ،‬الجهة الولى ‪ :‬أن يراعي ما يقتضيه ظاهر الصناعة و ل يراعي‬ ‫المعنى‪ ،‬وكثيرا ما تزل القدام بسبب ذلك"اهش‬ ‫وقد نبه على القاعدتين ابن القيم أعني قاعدة مراعاة لغة القرآن والسنة ومعهودهما‬ ‫عند التفسير ‪ ،‬وقاعدة أن يراعي في العراب معاني القرآن‪ ،‬فليس كل معنى صح‬ ‫إعرابا ً صح تفسيرًا‪.‬‬ ‫مرادي ‪ :‬أن أنبه على أن شيخ السلم حينما قال ‪) :‬ومعرفة تفسيره ومعانيه( أراد ‪:‬‬ ‫بيان تفاوت القضية بين تفسير اللفاظ وبيان المعاني ‪ ،‬والعلماء يكثر عندهم قولهم ‪:‬‬ ‫فرق بين التفسير والمعنى المراد ‪ ،‬تفسير اللفظ من حيث هو لفظ ‪ ،‬أما المراد ‪:‬‬ ‫بيان دللة اللفظ مع اللفاظ الخرى التي كونت جملة وشكلت معنى ‪.‬‬ ‫‪ -2‬تفسير‬ ‫‪ (1‬هذا إشارة منه إلى أن التفسير نوعان ‪ -1 :‬تفسير منقول ‪.‬‬ ‫معقول ‪.‬‬ ‫ونحن نسميه هذه اليام ‪ :‬التفسير بالمأثور‪ ،‬والتفسير بالرأي‪ ،‬فالمنقول هو المأثور ‪،‬‬ ‫والمعقول هو التفسير بالرأي‪.‬‬ ‫وقدمت أن التفسير بالرأي ل يجوز إل بخمسة شروط ‪.‬‬ ‫دد الباطل؛ لن الحق واحد ‪ ،‬وهذا اتبع فيه أسلوب‬ ‫‪ (2‬انظروا كيف أفرد الحق وع ّ‬ ‫القرآن الكريم فإن القرآن الكريم لما يذكر الحق مع الباطل يذكر الحق واحدا ً ويعدد‬ ‫ن‬ ‫مُنوا ي ُ ْ‬ ‫ت إ َِلى الّنورِ َوال ّ ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ي ال ّ ِ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫ن ُالظ ّل ُ َ‬ ‫ج َهُ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫الباطل َ قال تعالى ‪)ُ ّ:‬الل ّ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫م َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه وَل ِ ّ‬ ‫ّ‬ ‫دد‬ ‫ل‬ ‫ظ‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫إ‬ ‫ر‬ ‫نو‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫جو‬ ‫ر‬ ‫خ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫كَ َ‬ ‫ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ت ( )البقرة‪ ، (257:‬فع ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫م الطاغو ُ‬ ‫فُروا أوْل َِياؤُهُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الهداية واحد ل يتعدد لكن الباطل أنواع‬ ‫الحق واحد نور‬ ‫الظلمات وأفرد النور لن‬ ‫ن عَب ْدِ ّ‬ ‫ن‬ ‫وسبل وطرق ‪ .‬الحديث الذي أخرجه بعض أصحاب السنن‬ ‫وغيرهم َ ‪ :‬عَ ْ‬ ‫ل الاللل ّهِه ب ْث ُ ِ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫خ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫سو ُ‬ ‫سُعودٍ َقا َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫بي‬ ‫س‬ ‫ذا‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫قا‬ ‫م‬ ‫ث‬ ‫ا‬ ‫ط‬ ‫مخ‬ ‫م‬ ‫ل َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫ط ل ََنا َر ُ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫خ ّْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ة ‪ -‬عََلى كلّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فّرق‬ ‫مت َ َ‬ ‫زيد‬ ‫سب ُل ‪ -‬قال ي‬ ‫م قال هَذِه‬ ‫مال ِهِ َث‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ني‬ ‫مين ِهِ وَعَ‬ ‫خطوطا ً عَ‬ ‫ط ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫من َْها َ‬ ‫ما َفات ّب ُِعوهُ وَل ت َت ّب ُِعوا‬ ‫سِبي‬ ‫ن ي َد ْ ُ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫صَرا ِ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫م قََرأ‪) :‬وأ ّ‬ ‫شي ْطا ُ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫قي ً‬ ‫طي ُ‬ ‫عو إلي ْهِ ث ُ ّ‬ ‫سب ُ ٍ َ‬ ‫س ِِبيل ِهِ ( ]أخرجه ‪ :‬أحمد والدارمي[ ‪ ،‬فالباطل متعدد ‪ ،‬ولذلك‬ ‫ل فَت َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ال ّ‬ ‫فّرقَ ب ِك ْ‬ ‫م عَ ْ‬ ‫هناك مسألة أصولية قال أهل العلم ‪ :‬قولهم ‪) :‬كل مجتهد مصيب ( فيه نظر لماذا ؟‬ ‫قالوا ‪ :‬لن الحق واحد وليس كل من اجتهد في المسألة أصاب الحق فإما أن يكون‬ ‫قولهم ‪ ) :‬كل مجتهد مصيب ( يعني ‪ :‬في الجر ‪ ،‬فالمجتهد بين أجر وأجرين ‪ ،‬أو هي‬ ‫ليس كل‬ ‫عبارة باطلة لماذا ؟ قالوا ‪:‬لن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين‬ ‫أنه َ‬ ‫وسلم ‪ ) :‬إ ِ َ‬ ‫ه‬ ‫َمجتهد مصيب ‪ ،‬قال صلى‬ ‫صا َ‬ ‫م َفا ْ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ب فَل َ ُ‬ ‫جت َهَد َ ث ُ ّ‬ ‫حاك ِ ُ‬ ‫حك َ َ‬ ‫مأ َ‬ ‫الله َ‬ ‫عليهل َ َ‬ ‫ن وَإ َ‬ ‫]رواه البخاري ومسلم وغيرهما[ ‪ ،‬فبين‬ ‫جٌر (‬ ‫م أَ ْ‬ ‫هأ ْ‬ ‫م َفا ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫أ ْ‬ ‫خط َأ فَ ُ‬ ‫جت َهَد َ ث ُ ّ‬ ‫حك َ َ‬ ‫جَرا ِ‬ ‫أن هناك ِمن يجتهد ويصيب وهناك من يجتهد ويخطئ ‪ ،‬فقولهم ‪ ) :‬كل مجتهد مصيب‬ ‫( باطل لن الحق واحد ل يتعدد‪.‬‬

‫‪17‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ل تعاَلى ‪﴿ :‬فَإما يأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ى‬ ‫هد‬ ‫ني‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ ّ َ‬ ‫ه‪َ .‬قا َ َ َ‬ ‫ِفي غَي ْرِهِ أ َ‬ ‫ْ‬ ‫ه الل ّ ُ‬ ‫ضل ّ ُ‬ ‫ً‬ ‫شَقى‪.‬ومن أ َ‬ ‫ن ذِك ِْ‬ ‫ض ّ‬ ‫ل َول ي َ ْ‬ ‫ري‬ ‫ع‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫دايَ َفل ي َ ِ‬ ‫ن ات ّب َعَ هُ َ‬ ‫فَ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫مى‪َ .‬قا َ‬ ‫ح ُ‬ ‫مِعي َ‬ ‫م‬ ‫ش ً‬ ‫ل َر ّ‬ ‫ضْنكا ً وَن َ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫فَإ ِ ّ‬ ‫شُرهُ ي َوْ َ‬ ‫ب لِ َ‬ ‫مةِ أعْ َ‬ ‫م ال ِْقَيا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫َ‬ ‫ك أ َت َت ْ َ‬ ‫ل ك َذ َل ِ َ‬ ‫صيرًا‪َ .‬قا َ‬ ‫ح َ‬ ‫ك آَيات َُنا‬ ‫ت بَ ِ‬ ‫َ‬ ‫مى وَقَد ْ ك ُن ْ ُ‬ ‫شْرت َِني أعْ َ‬ ‫)(‬ ‫سيت ََها وَك َذ َل ِ َ‬ ‫سى﴾ )طشه‪. (126-123:‬‬ ‫فَن َ ِ‬ ‫ك ال ْي َوْ َ‬ ‫م ت ُن ْ َ‬ ‫وََقا َ‬ ‫ن*‬ ‫م ِ‬ ‫ن الل ّهِ ُنوٌر وَك َِتا ٌ‬ ‫ل ت ََعاَلى ‪﴿ :‬قَد ْ َ‬ ‫ب ُ‬ ‫جاَءك ُ ْ‬ ‫مِبي ٌ‬ ‫م َ‬ ‫‪1‬‬

‫)‬

‫)‬

‫)‬

‫هنا شيخ السلم راعى هذا كله فقال ‪) :‬والتمييز في معقول ذلك ومنقوله بين الحق‬ ‫وأنواع الباطيل(‪ ،‬فالتمييز في المنقول ‪ :‬بمعرفة السانيد صحيحها وضعيفها وما‬ ‫يترتب عليها من علم الصناعة الحديثية ‪ .‬وفي المعقول ‪ :‬بمراعاة أصول الشرع‬ ‫والفهم من الشرع ‪ ،‬وسيشير شيخ السلم – إن شاء الله – في ثنايا كتابه إلى أشياء‬ ‫حول هذه القضية ‪.‬‬ ‫دمة أن ينبه فيها إلى الدليل الفاصل بين‬ ‫المق‬ ‫هذه‬ ‫من‬ ‫يريد‬ ‫إنه‬ ‫‪ (3‬يقول الشيخ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫القاويل‪ ،‬وشيخ السلم له قاعدة يقول‪) :‬ما من دليل استدل به على باطل إل وكان‬ ‫في الدليل نفسه ما ينقض استدلله به( ‪ ،‬وهكذا كل قول يستدل به أناس أو يذهبون‬ ‫إليه ويكون هذا القول باطل إل ويكون له في الدليل الذي استدلوا به في الية أو‬ ‫الحديث ما يبطله وما يدل على بطلنه ‪.‬‬ ‫والمصنف سيذكر لك بعض القواعد التي تعينك على التمييز بين القاويل سواء كانت‬ ‫هذه القاويل مبنية على المأثور أو مبنية على‬ ‫المعقول؛ لنه يرد في الية أكثر من معنى‪ ،‬لكن‬ ‫هل هذه المعاني كلها مرادة أو غير مرادة أو بينها تضاد ؟‬ ‫كيف ترجح هذا المعنى على هذا المعنى ؟‬ ‫كيف تجمع بين هذه القوال؟‬ ‫كيف تفرق بين هذه القوال؟‬ ‫هذا بابه باب التعارض والترجيح وأصول أخرى حوله‪ ،‬ذكرها العلماء سيشير إليها‬ ‫رحمه الله في هذا الكتاب إشارات كلية ‪.‬‬ ‫‪ (1‬العلم ل يخلو من هذين المرين ‪:‬‬ ‫إما نقل مصدق‪.‬‬ ‫أو قول محقق‪.‬‬ ‫والنقل المصدق هو نص شرعي من آية أو حديث‪.‬‬ ‫والقول المحقق يعني ‪ :‬فهما ‪ ،‬تفهمه من الشرع من هذه النصوص تأتي به فتحققه‬ ‫وترى فعل ً هذا الكلم صحيح أو غير صحيح‪.‬‬ ‫والمصنف يشير بذلك إلى أن أقوال العلماء في التفسير ل تخرج عن ذلك‪ ،‬فما كان‬ ‫منها من باب النقل سنطبق فيها قواعد النقل‪ ،‬وما كان منها من باب العقل والفهم‬ ‫سنطبق فيه القواعد المتعلقة به‪.‬‬ ‫‪ (2‬هذا الوصف الذي ذكره شيخ السلم للقرآن الكريم جاء مرفوعا ً في حديث من‬ ‫طريق الحارث العور عن علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪،‬‬ ‫والحارث متكلم فيه بل نسبه بعض العلماء إلى لكذب ‪ ،‬وبلغ من شدة ضعف هذا‬ ‫الحديث أن الشوكاني أورده في ) الفوائد المجموعة ( وعّلق المعلمي – رحمه الله –‬ ‫محقق الكتاب عليه بما معناه ‪ :‬بأن هذا الحديث ضعيف مبنى صحيح معنى ‪ ،‬فمعناه‬ ‫صحيح‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وذهب بعض العلماء إلى إثبات هذا موقوفا عن علي رضي الله عنه‪.‬‬ ‫وهذه الوصاف التي تضمنتها هذه العبارة كلها حق ‪.‬‬ ‫وإدراج المصنف في كلمه كلما ً لغيره دون الشارة ُيعرف في البلغة بالتضمين ‪ ،‬إذا‬ ‫قلنا ‪ :‬إن هذا أثر موقوف عن علي فنقول ‪ :‬إذا ضمن الناثر أو الشاعر في كلمه‬ ‫من‬ ‫كلما ً لغيره دون أن يقول ‪ً :‬قال فلن ‪ ،‬فإنه يسمى في البلغة‪) :‬تضمين( ‪ ،‬وإن ض ّ‬ ‫الناثر أو الشاعر آية أو حديثا دون أن يقول في أول الية ‪ :‬قال الله ‪ ،‬أو يقول في‬ ‫أول الحديث‪ :‬قال رسول الله ‪ ،‬فإنه يسمى في علم البلغة ‪) :‬اقتباس( ‪.‬‬ ‫فهذا الذي صنعه المصنف إما تضمين إذا قلنا ‪ :‬إنه موقوف عن علي ‪ ،‬وإما اقتباس‬ ‫إذا قلنا ‪ :‬إنه حديث مرفوع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ‪ .‬وهذا من التفنن في‬ ‫أداء المعنى المراد ‪.‬‬ ‫ومناسبة إيراد هذا المقطع ل تخفى عليكم ‪ :‬إذ فيها ذكر فضائل عظيمة للقرآن‬ ‫الكريم‪ ،‬فهو وصفه بأنه ‪ :‬حبل الله المتين ‪ ،‬والذكر الحكيم ‪ ،‬والصراط المستقيم‬ ‫دم ‪ ،‬تقول ‪ :‬ثوب‬ ‫الذي ل تزيغ به الهواء ول تلتبس به اللسن ول يخلق – يعني ‪ :‬ل يق َ‬ ‫خِلق يعني ثوب قديم – ول يخلق على كثرة الترديد ‪ ،‬يعني ‪ :‬كلما ترجع تقرؤه تشعر‬ ‫َ‬ ‫أنه جديد ل تمله ول تشعر أنه أصبح كلما ً معانيه متكررة – سبحان الله – وهذا يشهد‬

‫‪18‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫سب ُ َ‬ ‫ن‬ ‫سَلم ِ وَي ُ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ي َهْ ِ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫ن ات ّب َعَ رِ ْ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫جهُ ْ‬ ‫وان َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫دي ب ِهِ الل ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ض َ‬ ‫م ِ‬ ‫ط‬ ‫صَرا ٍ‬ ‫م إَلى ِ‬ ‫ت إَلى الّنورِ ب ِإ ِذ ْن ِهِ وَي َهْ ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫ديهِ ْ‬ ‫الظ ّل ُ َ‬ ‫ست َِقيم ٍ﴾ )المائدة‪.( )(16-15:‬‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ب أن َْزل َْناهُ إل َي ْ َ‬ ‫وََقا َ‬ ‫ن‬ ‫ك ل ِت ُ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫خرِ َ‬ ‫ل ت ََعاَلى ‪﴿ :‬الر ك َِتا ٌ‬ ‫ج الّنا َ‬ ‫م َ‬ ‫ه‬ ‫د‪ .‬الل ّ ِ‬ ‫مي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫صَرا ِ‬ ‫م إَلى ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫زيزِ ال ْ َ‬ ‫ن َرب ّهِ ْ‬ ‫الظ ّل ُ َ‬ ‫ت إَلى الّنورِ ب ِإ ِذ ْ ِ‬ ‫ط ال ْعَ ِ‬ ‫‪1‬‬

‫به كل أحد يقرأ القرآن ويختم أكثر من ختمة وفي كل مرة يشعر أنه شيء جديد فيه‬ ‫فوائد جديدة ومعان جديدة وأشياء جديدة تنقدح في نفسه من هذه التلوة ‪.‬‬ ‫قوله ‪ ) :‬ول تنقضي عجائبه ( أي ‪ :‬معانيه التي يشير إليها كثيرة ‪ ،‬فل تفنى عجائبه‬ ‫كلما تكتشف شيئا ً تجده يتضمن شيئا ً آخر ‪.‬‬ ‫وبعض الناس يتوسع في هذه القضية فإنه يتجرأ في تحميل القرآن ما ل يحتمل من‬ ‫قضايا العلم الحديث مرتكزا ً في ذلك على قضية ) ل تنقضي عجائبه أو ل تفنى‬ ‫عجائبه ( ‪ ،‬والتفسير العلمي للقرآن ‪ :‬هو من باب التفسير بالرأي ل ُيقَبل إل إذا‬ ‫خ ُ‬ ‫ل في‬ ‫توفرت فيه الشروط الخمسة السابقة]ص‪ ، [13:‬فبعض الناس يأتي وي ُد ْ ِ‬ ‫مُلها من المعاني العلمية ما يتنافى مع السياق والسباق أو ما يخالف‬ ‫تفسير الية وي ُ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫خُرج‬ ‫مخالفة تضاد ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة أو ما ي َ ْ‬ ‫باللفظ عن دللته اللغوية‪ ،‬فهذا تفسير بالرأي المذموم و ل يغير واقعه شيئا ً أن يقال‪:‬‬ ‫إن القرآن )ل تنقضي عجائبه( لني أقول‪ :‬نعم ل تنقضي عجائبه ولكنه ليس كتاب‬ ‫علم وليس كتاب جغرافيا ول كتاب هندسة ول كتاب طب ول كتاب جيولوجيا ول كتاب‬ ‫فلك ول كتاب أحياء ‪ ،‬هو قرآن كتاب هداية وإعجاز ل تجد فيه خل ً‬ ‫ل‪ ،‬واستنباط ما فيه‬ ‫بالرأي يشترط في قبوله الشروط السابقة في قبول التفسير بالرأي‪ ،‬ومنه التفسير‬ ‫العلمي! وتناول القرآن على هذا الساس بهذه الحيثية ل بأس به؛‬ ‫ما ب َْرَز ٌ‬ ‫ن( )الرحمن‪ ، (20:‬هذا إشارة إلى حقيقة‬ ‫مثل ً قوله تعالى ‪) :‬ب َي ْن َهُ َ‬ ‫خ ل ي َب ْغَِيا ِ‬ ‫علمية ‪ :‬أن في ملتقى النهار مع البحار برزخ أي ‪ :‬حاجز وفاصل – يقولون في‬ ‫العقيدة ‪ :‬الحياة البرزخية يعني التي تفصل بين الدنيا والخرة – نقول ‪ :‬هنا حقيقة‬ ‫علمية أشار الله إليها أن ما بين مصب ماء النهر وماء البحر برزخ فاصل بين‬ ‫المائين ‪ ،‬نعم الن العلم الحديث أثبت هذا الحمد لله ‪ ،‬هذه قضية أوردها الله عز‬ ‫وجل في ثنايا الية من باب المتنان وإنعامه على الناس وبأنه وحده مستحق أن ُيعبد‬ ‫دون سواه ‪ .‬وليس باللزم أن كل حقيقة علمية أو كل معلومة علمية تجد لها في‬ ‫القرآن أصل ً ‪ ،‬ل ‪ ،‬القرآن لم يوضع لهذا ‪.‬‬ ‫إذا ً قضية )ل تفنى عجائبه أو ل تنقضي عجائبه( هذه القضية مضبوطة في التفسير‬ ‫العلمي بشروط قبول التفسير بالرأي الخمسة‪ ،‬إن لم تتوفر يكون هذا التفسير‬ ‫تفسير بالرأي الباطل المذموم ‪ ،‬إذا ً )ل تنقضي عجائبه( لمن استعمله على الصول‬ ‫العلمية المعتبرة عند أهل العلم‪ .‬هذا هو المقصود بقوله ‪" :‬ل تنقضي عجائبه"‪،‬‬ ‫مل‬ ‫فليست القضية متروكة هكذا بدون قواعد وبدون ضوابط ‪ ،‬يأتي النسان وُيح ّ‬ ‫القرآن أمورا ً وأشياء ومعان هي ليست من دللة لفظه أو هي ليست مما يناسب‬ ‫سياق الية أو هي مما يخالف ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن‬ ‫الصحابة مخالفة تضاد ‪ ،‬هذا خطأ ول يصح الرتكاز على قضية "ول تنقضي عجائبه"‪.‬‬ ‫ن‬ ‫اله عليه‬ ‫‪َ () 1‬هذا إشارة إلى الحديث الوارد عن الرسول صلى‬ ‫وسلم أنه قال ‪َ ) :‬‬ ‫مَْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مَثال َِها ل أُقو ُ‬ ‫ة ب ِعَ ْ‬ ‫ن‬ ‫حْر ٌ‬ ‫سن َ ُ‬ ‫سن َ ٌ‬ ‫حْرًفا ِ‬ ‫ل الم َ‬ ‫ة َوال ْ َ‬ ‫ه ب ِهِ َ‬ ‫َقََرأ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ح َ‬ ‫شرِ أ ْ‬ ‫ب الل ّهِ فَل َ ُ‬ ‫ن َ ك َِتا ِ‬ ‫ف وَلك ِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫الترمذي [‪.‬‬ ‫ف ( ] أخرجه‬ ‫ر‬ ‫ح‬ ‫م‬ ‫مي ٌ َ ْ ٌ‬ ‫حْر ٌ‬ ‫حْر ٌ‬ ‫‪ 1‬أل ِ ٌ‬ ‫ف وَ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ف َ‬ ‫ف وَل ٌ‬ ‫)ددددد دددددد ‪7/3/1423 :‬دد( ‪.‬‬ ‫)‪ (2‬لحظتم أن القارئ قرأ هذه اليات دون تلوة وهذه هي السنة ‪ ،‬فبعض المحاضرين‬ ‫وبعض الخطباء إذا تكلم في أثناء الخطبة وفي أثناء الكلم وأورد آية على سبيل‬ ‫الستدلل يغير صوته عند ذكر الية أو عند ذكر محل الشاهد فيقرأها كما يقرأ‬

‫القرآن ‪ ،‬ولم تكن هذه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ‪ .‬والعلماء –‬ ‫رحمهم الله – بينوا أن هناك فرقا ً بين مقامين ‪:‬‬ ‫‪ .1‬بين مقام إيراد الية على سبيل التلوة والقراءة ‪.‬‬ ‫‪ .2‬وبين إيراد الية على سبيل الستشهاد والستدلل ‪.‬‬ ‫ففي المقام الثاني قالوا ‪ :‬ل يغير فيها القارئ صوته ول يقرأها كما يقرأ‬ ‫في تلوة القرآن ‪ ،‬قالوا ‪ :‬لن الحاديث التي وردت وورد فيها أن رسول‬ ‫الله صلى الله عليه وسلم أورد آية أو بعض آية أثناء الحديث لم يذكر‬ ‫الصحابة رضوان الله عليهم أنه غّير صوته ‪ ،‬وللسيوطي رسالة ضمن كتاب‬ ‫) الحاوي ( )‪ ،(2/297‬اسمها "القذاذة في تحقيق محل الستعاذة" قرر‬ ‫فيها الفرق بين قراءة القرآن للتلوة وبين إيراد آية منه للحتجاج‪ ،‬قلت‪:‬‬ ‫ومن ذلك هنا تغيير الصوت بالتلوة عند إرادة القراءة دون الحتجاج‪ .‬وهي‬

‫‪19‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ض﴾ )إبراهيم‪.( )(2-1:‬‬ ‫ما ِفي اْل َْر‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫ال ّ ِ‬ ‫ما ِفي ال ّ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫س َ‬ ‫ه َ‬ ‫ذي ل َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ك روحا م َ‬ ‫ك أَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وََقا َ‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫نا‬ ‫ي‬ ‫ح‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ما ك ُن ْ َ‬ ‫مرَِنا َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ل ت ََعاَلى ‪﴿ :‬وَك َذ َل ِ َ ْ‬ ‫ن‬ ‫جعَل َْناهُ ُنوًرا ن َهْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ما ُ‬ ‫ما ال ْك َِتا ُ‬ ‫دي ب ِهِ َ‬ ‫لي َ‬ ‫ت َد ِْري َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن وَل َك ِ ْ‬ ‫ب وََل ا ْ ِ‬ ‫عَباد َِنا وَإ ِن ّ َ‬ ‫نَ َ‬ ‫ه‬ ‫ن ِ‬ ‫ط الل ّ ِ‬ ‫صَرا ِ‬ ‫م‪ِ .‬‬ ‫صَرا ٍ‬ ‫دي إَلى ِ‬ ‫ك ل َت َهْ ِ‬ ‫شاُء ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ست َِقي ٍ‬ ‫َ‬ ‫ت وما ِفي اْل َ‬ ‫صيُر‬ ‫ر‬ ‫ض أَل إَلى الل ّهِ ت َ ِ‬ ‫ال ّ ِ‬ ‫ما ِفي ال ّ‬ ‫ماَوا ِ َ َ‬ ‫س َ‬ ‫ه َ‬ ‫ذي ل َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫‪1‬‬

‫من البدع الشائعة التي ينبغي الحذر منها‪.‬‬ ‫أقول ‪ :‬أورد المصنف هذه اليات للتدليل على أن القرآن الكريم كتاب‬ ‫هداية وكتاب إعجاز وأن من طلب الهدى في غير القرآن الكريم أضله‬ ‫الله‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫أما الية الولى ‪ :‬فهي قوله تعالى ‪َ ): :‬‬ ‫ى‬ ‫ف‬ ‫مّني ُ‬ ‫م ِ‬ ‫هد ً‬ ‫ما ي َأت ِي َن ّك ْ‬ ‫نإ ِ أّ َ‬ ‫ن ِذك ِْ‬ ‫ش َ‬ ‫ي َ‬ ‫َ‬ ‫ول ي َ ْ‬ ‫ض ّ‬ ‫ري‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫قى*‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ض َ‬ ‫ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫فل ًي َ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن َات ّب َ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ْ‬ ‫و َ‬ ‫دا َ‬ ‫ف َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مى* قا َ‬ ‫ح ُ‬ ‫عي َ‬ ‫م‬ ‫ضْنكا‬ ‫ة أ َْ‬ ‫ش ً‬ ‫م ال ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ة َ‬ ‫م ِ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫ق َ‬ ‫شُرهُ ي َ‬ ‫ون َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ب لِ َ‬ ‫ع َ‬ ‫يا َ‬ ‫ه َ‬ ‫نل ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫صيرا*قا َ‬ ‫ح َ‬ ‫ها‬ ‫شْرت َِني أ ْ‬ ‫ل كذَل ِك أت َت ْك آَيات َُنا فن َ ِ‬ ‫ت بَ ِ‬ ‫َ‬ ‫وقدْ كن ْ ُ‬ ‫سيت َ َ‬ ‫ع َ‬ ‫مى َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫سى( )طـه‪. (126-123:‬‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫و َ‬ ‫م ت ُن ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬

‫في هذه اليات يذكر ْالله سبحانه وتعالى أنه سيأتي آدم وذريته من الله سبحانه‬ ‫ى( يأتي هؤلء الرسل بالهدى ليخرجوا الناس من‬ ‫مّني ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ما ي َأت ِي َن ّك ُ ْ‬ ‫وتعالى رسل )فَإ ِ ّ‬ ‫هد ً‬ ‫النور ‪ ،‬وتعهد الله سبحانه وتعالى لمن اتبع هذا الهدى أن ل يضل ول‬ ‫الضلل إلى‬ ‫يشقى ‪ ،‬ومن أعرض عن هذا الهدى فلم يتبعه ولم يأخذ به ‪ ،‬أو كفر به وأنكره فإنه‬ ‫ً‬ ‫في الحياة الدنيا ‪ ،‬وعيشة ضنكا ً في‬ ‫سيعيش عيشة ضنكا ً ‪ .‬قال العلماء ‪ :‬عيشة‬ ‫ضنكمان أ َ‬ ‫َ‬ ‫البرزخ ‪ ،‬وعيشة ضنكا ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫مِعي َ‬ ‫ة‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫ري‬ ‫ك‬ ‫ذ‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫)‬ ‫الخرة‬ ‫ستكون له في‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ش ً‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ح ُ‬ ‫مى ( فالعيشة الضنك هنا المراد منها ‪ :‬عيشته في‬ ‫م ال ْ ِ‬ ‫ضْنكا ً وَن َ ْ‬ ‫َ‬ ‫شُرهُ ي َوْ َ‬ ‫مة ِ أ ع ْ َ‬ ‫قَيا َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ل‬ ‫قا‬ ‫)‬ ‫قال‪:‬‬ ‫صورتها‬ ‫‪.‬‬ ‫ا‬ ‫أيض‬ ‫ضنك‬ ‫عيشة‬ ‫هي‬ ‫الخرة‬ ‫وفي‬ ‫‪،‬‬ ‫البرزخ‬ ‫وفي‬ ‫الدنيا‬ ‫ِ‬ ‫َ ّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫سيت ََها وَك َذ َل ِ َ‬ ‫ك أت َت ْ َ‬ ‫ل ك َذ َل ِ َ‬ ‫صيرًا*َقا َ‬ ‫ح َ‬ ‫سى (‬ ‫ك آَيات َُنا فَن َ ِ‬ ‫ت بَ ِ‬ ‫َ‬ ‫ك ال ْي َوْ َ‬ ‫م ت ُن ْ َ‬ ‫مى وَقَد ْ ك ُن ْ ُ‬ ‫شْرت َِني أعْ َ‬ ‫هذه الية فيها مسائل ‪:‬‬ ‫‪ -1‬فيها بيان أن القرآن كتاب هداية وأن ل هدى ول سعادة ول خلص من الشقاء‬ ‫للناس إل باتباع هذا الهدى‪ ،‬فمن ترك الهتداء بكتاب الله سبحانه وتعالى وبشرعه‬ ‫سبحانه وتعالى فإنه في ضلل َوفي شقاء وفي تعاسة‪.‬‬ ‫ري( العراض عن ذكر الله المراد منه‪:‬‬ ‫‪ -2‬قوله في هذه الية ‪) :‬وَ َ‬ ‫ن أعَْر َ‬ ‫ض عَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ذِك ْ ِ‬ ‫العراض عن كتاب الله‪.‬‬ ‫ن ذِك ْ‬ ‫ري ( هل هو من باب إضافة السم إلى المفعول ؟ أو من باب إضافة‬ ‫فقوله ‪) :‬عَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫السم إلى الفاعل ؟ أو إضافة اللفظ إلى السم؟‬ ‫قال العلماء ‪ :‬الصواب أنه من باب إضافة اسم الفاعل إلى السم‪ ،‬ول يصح أن تكون‬ ‫الضافة إلى المفعول‪.‬‬ ‫ما الفرق بين هذه الثلثة ؟‬ ‫ن ذِك ِْ‬ ‫ري (‪ :‬المراد به ‪ :‬إضافة إلى اسم المفعول؛ فيصير‬ ‫ع‬ ‫)‬ ‫إذا قلت في قوله تعالى ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫المعنى‪ :‬من أعرض عن أن يذكر الله يعني بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل ونحو‬ ‫ذلك‪ ،‬فش )ذكري( أي ما ُيذكر به سبحانه‪ ،‬وهو قول العبد‪ :‬سبحان الله والحمد لله‬ ‫والله أكبر ول إله إل الله‪.‬‬ ‫ولو قلنا ‪ :‬الضافة من باب الضافة إلى اسم الفاعل؛ لصار المعنى ‪ :‬من أعرض عن‬ ‫ما ذكره الله‪ ،‬وهو كلمه‪ ،‬الذي هو القرآن العظيم‪.‬‬ ‫ولو قلنا ‪ :‬إن المعنى من باب الضافة إلى السم فيصير اسم ) الذ ّ ْ‬ ‫كر ( هو اسم‬ ‫للكتاب ابتداء فيكون المعنى ‪ :‬من أعرض عن كتاب الله أو عن شرع الله‪.‬‬ ‫فأي المعاني هي المرادة هنا ؟ هل المراد في هذه الية ‪ :‬من أعرض عن أن يذكر‬ ‫الله ؟ أو المراد في هذه الية ‪ :‬من أعرض عن شرع الله وعن كتاب الله وعن ما‬ ‫أنزله الله سبحانه وتعالى من كتاب يكون به الهداية ؟‬ ‫قال العلماء ‪ :‬المعنى الثاني والثالث هو المراد ويدخل فيه ضمنا ً المعنى الول ‪ ،‬ولو‬ ‫قلنا ‪ :‬إن المعنى الول هو المراد لصار دخول المعنى الثاني والثالث فيه ب ُْعد؛‬ ‫وعليه َفإن الضافة من باب إضافة السم إلى اسم الفاعل أو إلى السم ‪.‬‬ ‫ن ذِك ْ‬ ‫ري ( أي ‪ :‬عن كتابي الذي أنزلته ‪ ،‬أو أعرض عن شرع الله أو‬ ‫)و َ َ‬ ‫ن أعَْر َ‬ ‫ض عَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫دين الله أو كتاب الله ِ ‪.‬‬ ‫ه‬ ‫وقد‬ ‫جاء في القرآن تسمية القرآن بالذكر قال تعالى ‪) :‬إّنا ن َ ْ‬ ‫ن ن َّزل َْنا الذ ّك َْر وَإ ِّنا ل َ ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫حافِ ُ‬ ‫سمي القرآن بالذكر ‪ ،‬فيصير ) ِعن ذكر الله ( يعني ‪ :‬عن‬ ‫ظو َ‬ ‫لَ َ‬ ‫ن( )الحجر‪ُ ، (9:‬‬ ‫كتاب الله سبحانه وتعالى ‪.‬‬ ‫‪ -3‬العراض عن ذكر الله يطلق على ثلث معان ‪:‬‬

‫‪20‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ُ‬ ‫موُر﴾ )الشورى‪.( )(52-51:‬‬ ‫اْل ُ‬ ‫ه‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫سيرِ الل ّ ِ‬ ‫ب ت َي ْ ِ‬ ‫صَرةً) (ب ِ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ة ُ‬ ‫مَقد ّ َ‬ ‫وَقَد ْ ك َت َْبت هَذِهِ ال ْ ُ‬ ‫س ِ‬ ‫خت َ َ‬ ‫مَلِء‬ ‫ت ََعاَلى ِ‬ ‫نإ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫(‬ ‫ل الّر َ‬ ‫ال ُْف َ‬ ‫شاد ِ ‪.‬‬ ‫ه ال َْهاِدي إَلى َ‬ ‫ؤادِ) وََالل ّ ُ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫الول‪ :‬العراض بمعنى ‪ :‬الجحود ‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬العراض بمعنى التكذيب‪.‬‬ ‫والفرق بين الجحد والتكذيب ‪ :‬أن الجحود يكون َباللسان‪ ،‬والقلب يعتقد صدق‬ ‫م ظ ُْلما ً وَعُل ُوّا ً َفان ْظ ُْر‬ ‫قن َت َْها أن ْ ُ‬ ‫ست َي ْ َ‬ ‫ما‬ ‫ح ُ‬ ‫ج َ‬ ‫يكذب به‪ ،‬كما ْقال تعالى‪) :‬وَ َ‬ ‫ف ُ‬ ‫دوا ب َِها َوا ْ‬ ‫سه ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ن( )النمل‪ .(14:‬والتكذيب يكون باللسان والقلب‪ ،‬فهو ل‬ ‫دي‬ ‫س‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ة‬ ‫ب‬ ‫ق‬ ‫عا‬ ‫ن‬ ‫كا‬ ‫ف‬ ‫ك َي‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫يصدق بلسانه وليعتقد في قلبه كذلك؛ فمن صدق بقلبه وكذب بلسانه فهذا الجحود‪،‬‬ ‫ومن كذب بلسانه وبقلبه فهذا التكذيب‪.‬‬ ‫الثالث‪ :‬العراض بمعنى التولي والدبار عن شرع الله‪.‬‬ ‫وهذه الثلثة العراض فيها كفر أكبر محرج من الملة‪.‬‬ ‫الرابع‪ :‬العراض بمعنى ‪ :‬عدم العمل بما فيه على وجه المعصية‪ ،‬فإن من خالف‬ ‫شرع الله وارتكب المعاصي والمحرمات ولم يفعل الوامر والواجبات فقد أعرض‬ ‫عن ذكر الله ولكنه في هذه الصورة لم يكفر كفرا ً أكبر‪ ،‬ما دام الذي تركه ليس مما‬ ‫يكفر تاركه‪ .‬والعراض عن ذكر الله هنا صاحبه من أهل الفسوق ومن أصحاب‬ ‫المعاصي ‪.‬‬ ‫الخامس‪ :‬العراض عن ذكر الله بمعنى ‪ :‬عدم ذكر الله باللسان أو بالقلب‪ ،‬وهو‬ ‫التفكر في خلق الله وعظمته سبحانه‪.‬‬ ‫ما المراد في هذه الية من أنواع العراض ؟ قال العلماء ‪ :‬العراض في الية يشمل‬ ‫النواع الربعة الولى‪ ،‬التي نجملها في قسمين‪ :‬إعراض على سبيل الكفر‪ ،‬وإعراض‬ ‫على سبيل المعصية؛ بجحود أو تكذيب‪ ،‬ومن أعرض عن ذكري بمعصية أو بترك‬ ‫امتثال لطاعة أو بفعل لمنهي فإن له معيشة ضنكًا‪.‬‬ ‫مِعي َ‬ ‫ضْنكًا( ‪ .‬قال العلماء ‪ :‬هذا من ضمن الدلة التي يوردها‬ ‫ش ً‬ ‫ة َ‬ ‫‪ -4‬قوله ‪) :‬فَإ ِ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫على عذاب القبر ‪ ،‬فإن الية ظاهرة في أن هناك معيشة ضنكا ً قبل عذاب‬ ‫أهل العلم‬ ‫الخرة قبل يوم القيامة وليس قبل القيامة إل الدنيا والبرزخ ‪ ،‬والمشاهد أن بعض‬ ‫الناس من أهل المعاصي يستدرجه الله سبحانه وتعالى فل يكون في معيشته نوع‬ ‫من الضنك فأين يصير الضنك إذا ً ؟ الجواب ‪ :‬الضنك في عذاب القبر‪ ،‬ولذلك ذكروا‬ ‫في تفسير هذه الية عن السلف رضوان الله عليهم أنهم فسروا )العذاب الضنك( ‪:‬‬ ‫بما يكون من عذاب في القبر‪.‬‬ ‫وهناك عدة آيات ذكر فيها السلف رضوان الله عليهم عذاب القبر في القرآن الكريم؛‬ ‫منها هذه الية الكريمة‪.‬‬ ‫سطوُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قوله‬ ‫َومنها‬ ‫ملئ ِك ُ‬ ‫ة َبا ِ‬ ‫موْ ِ‬ ‫مَرا ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫مو َ‬ ‫ت َُوال َ‬ ‫ت ُال َ‬ ‫في غ َ‬ ‫تعالى ‪ُ ) :‬وَلوْ ْت ََرى إ ِذِ الظال ِ ُ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫ن عََلى الل ّهِ غَي َْر‬ ‫قو‬ ‫م تَ ُ‬ ‫ما كن ْت‬ ‫نب‬ ‫ب ال ُْهو‬ ‫ذا‬ ‫جَزو‬ ‫مت‬ ‫م الي َو‬ ‫سك‬ ‫جوا أ َن ْ ُ‬ ‫ف‬ ‫خر‬ ‫م أَ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أي ْ ْ ِ‬ ‫لو َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ديهِ‬ ‫ُ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫ح‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫جَزوْ َ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫ست َك ْب ُِرو َ‬ ‫َ‬ ‫ن()النعام‪ :‬من الية ً‪ ،(93‬قال‪) :‬ال ْي َوْ َ‬ ‫ن آَيات ِهِ ت َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن ( اليوم متى ؟ بعد خروج الروح مباشرة ‪ ،‬إذا هذا إشارة إلى عذاب القبر‪.‬‬ ‫ال ُْهو‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ن ال ْعَ َ‬ ‫ن ال ْعَ َ‬ ‫ن(‬ ‫ذي َ‬ ‫م ِ‬ ‫ومنها قوله تعالى ‪) :‬وَل َن ُ ِ‬ ‫جُعو َ‬ ‫دو َ‬ ‫ب اْل َد َْنى ُ‬ ‫م ي َْر ِ‬ ‫ب اْلك ْب َرِ ل َعَل ّهُ ْ‬ ‫قن ّهُ ْ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ذا ِ‬ ‫م َ‬ ‫)السجدة‪ ،(21:‬قالوا ‪) :‬العذاب الدنى( هو ‪ :‬ما يكون في القبر ‪.‬‬ ‫م‬ ‫م تَ ُ‬ ‫قوله تعالى عن آل‬ ‫ومنها‬ ‫ن عَل َي َْها غُد ُوّا ً وَعَ ِ‬ ‫ضو َ‬ ‫فرعون ْ ‪) :‬الّناُر ي ُعَْر ُ‬ ‫قو ُ‬ ‫شي ّا ً وَي َوْ َ‬ ‫ة أَ‬ ‫خُلوا آ َ‬ ‫شد ّ العَ َ‬ ‫ن أَ َ‬ ‫القبر ‪.‬‬ ‫عذاب‬ ‫في‬ ‫هذا‬ ‫‪:‬‬ ‫أي‬ ‫(‬ ‫‪46‬‬ ‫)غافر‪:‬‬ ‫ب(‬ ‫ذا‬ ‫و‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫سا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ال ّ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫با‬ ‫د‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫جو‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫بو‬ ‫ر‬ ‫ض‬ ‫ي‬ ‫ة‬ ‫ك‬ ‫ئ‬ ‫مل‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫روا‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ذي‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫فى‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫رى‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫)‬ ‫‪:‬‬ ‫تعالى‬ ‫وقوله‬ ‫َ ِ ُ َ ْ ُِ َ ُ ُ َ ُ ْ َ َْ َ ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ ََ َ‬ ‫َْ ْ ََ‬ ‫ذوُقوا عَ َ‬ ‫وَ ُ‬ ‫)لنفال‪ . (50:‬متى يكون عذاب الحريق المذكور هنا ؟ بعد‬ ‫ق(‬ ‫ري‬ ‫ب ال َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ح ِ‬ ‫إذا ً ِهذا إشارة إلى عذاب القبر ‪.‬‬ ‫الوفاة مباشرة ‪،‬‬ ‫ذكر هذه اليات الشيخ ابن سعدي عند تفسيره لهذه الية في تفسيره‪ ،‬وذكرها أيضا ً‬ ‫ابن قيم الجوزية في )بدائع الفوائد( ذكر هذه اليات كلها ‪.‬‬ ‫إثبات عذاب القبر‪.‬‬ ‫قال العلماء ‪ :‬ففي هذه اليات الكريمات‬ ‫ك أ َت َت ْ َ‬ ‫‪ -5‬بعض الناس يستدل بهذه الية ‪) :‬ك َذ َل ِ َ‬ ‫سيت ََها ( ‪ ،‬ويستدل ببعض‬ ‫ك آَيات َُنا فَن َ ِ‬ ‫الحاديث الضعيفة يقول ‪ :‬أنا ل أريد أن أحفظ القرآن الكريم لماذا ؟ يقول ‪ :‬أخشى‬ ‫إن أنا حفظت القرآن أن أنساه فإن نسيُته يكون عذابي ما جاء في هذه الية ‪.‬‬ ‫فالجواب أن نقول‪ :‬إنه لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم توعد من حفظ‬ ‫القرآن ونسيه لم يثبت في ذلك شيء عن الرسول صلى الله عليه وسلم وكل ما‬ ‫ورد هو أحاديث ضعيفة ‪ ،‬والثابت عنه عليه الصلة والسلم أنه رغب في حفظ القرآن‬ ‫م‪:‬‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫الكريم وحث عليه وأمر بتعاهده وأكد على ذلك فقال َ‬

‫‪21‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َ‬ ‫ص ٌ‬ ‫ل‬ ‫ف ْ‬ ‫يجب أ َن يعل َم أ َ‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫وسلم‬ ‫عليه‬ ‫الله‬ ‫صلى‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ ُ ْ ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه ت ََعاَلى ‪﴿ :‬‬ ‫ص َ‬ ‫ه فََقوْل ُ ُ‬ ‫م أل َْفاظ َ ُ‬ ‫ن ل َهُ ْ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫حاب ِهِ َ‬ ‫ِل ْ‬ ‫ما ب َي ّ َ‬ ‫ي ال ُْقْرآ ِ‬ ‫مَعان ِ َ‬ ‫م﴾ ي َت ََناوَ ُ‬ ‫ما ن ُّز َ‬ ‫ذا وَهَ َ‬ ‫ل هَ َ‬ ‫ذا‪.((1‬‬ ‫ن ِللّنا‬ ‫ل إل َي ْهِ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ل ِت ُب َي ّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ل أَ‬ ‫ن َ‬ ‫وَقَد ْ َقا َ‬ ‫كاُنوا‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫بو‬ ‫َ‬ ‫حد ّث ََنا ال ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن السلمي‪َ :‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫سُعودٍ‬ ‫ي ُْقرُِئون ََنا ال ُْقْرآ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ‪ :‬ك َعُث ْ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ن عفان وَعَب ْدِ اللهِ ب ْ ِ‬ ‫ن بْ ِ‬

‫‪1‬‬

‫مدٍ ب ِي َدِهِ ل َهُوَ أ َ َ‬ ‫دوا هَ َ‬ ‫قل َِها (‬ ‫ل ِفي عُ ُ‬ ‫شد ّ ت َ َ‬ ‫ذي ن َ ْ‬ ‫ذا ال ْ ُ‬ ‫فل ًّتا ِ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫قْرآ َ‬ ‫) ت ََعاهَ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ن اْل ِب ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن فَ َ‬ ‫] رواه البخاري ومسلم وغيرهما واللفظ لمسلم [ ‪ ،‬فأمر بالتعاهد لهذا القرآن الكريم‬ ‫دب صلى الله عليه وسلم من حفظ شيئا ً من القرآن ونسيه أن ل يقول ‪ ) :‬نسيت‬ ‫وأ ّ‬ ‫ما‬ ‫آية كذا َوكذا( وليقل ‪ :‬أنسيت آية كذا وكذا َفقد قال‬ ‫صلى الله َعليه وسلم‪ ) :‬ب ِئ ْ َ‬ ‫س َ‬ ‫ت بَ ْ‬ ‫قو َ‬ ‫ي(‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫ت آي َ َ‬ ‫ت أوْ ن َ ِ‬ ‫ل نَ ِ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ِللّر ُ‬ ‫ل هُوَ ن ُ ّ‬ ‫ت ُ‬ ‫ت وَكي ْ َ‬ ‫ة ك َي ْ َ‬ ‫سي ُ‬ ‫ت وَك َي ْ َ‬ ‫سوَرةَ ك َي ْ َ‬ ‫سي ُ‬ ‫س َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ً‬ ‫]رواه البخاري ومسلم وغيرهما واللفظ لمسلم[ ‪ .‬فلو كان هناك من نسي شيئا من‬ ‫القرآن ُبعد حفظه له آثما ً لبين ذلك الرسول‪ ‬لولما اكتفى بقوله‪) :‬ل يقل نسيت‬ ‫وليقل أنسيت آية كذا وكذا(؛‬ ‫فل دليل شرعي ثابت في أن من حفظ شيئا ً من القرآن ونسيه أنه يأثم أو أن عليه‬ ‫وزر‪ .‬إنما من تهاون فيما حفظه ولم يتعاهده فقد فرط في خير كثير وفضل عظيم‬ ‫يسره الله له‪،‬‬ ‫فالمراد بالنسيان هنا في هذه الية ‪ :‬هو ما ذكرناه ؛‬ ‫العراض بمعنى‪ :‬الجحود والتكذيب والتولي‪ ،‬وهو كفر أكبر ‪.‬‬ ‫والعراض على سبيل الفسق والمعصية والذنب‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫أما النسيان بالنسبة إلى الله عز وجل ‪) :‬وَك َذ َل ِ َ‬ ‫سى( أي ‪ :‬تترك في‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫العذاب ‪ ،‬وهذا يبين أن معنى ‪) :‬نسيتها( أي‪ :‬تركت العمل بها ‪ ،‬وكذا يكون الجزاء من‬ ‫جنس العمل ‪ ،‬فكما تركت العمل بها فالله يتركك في العذاب‪ ،‬فإن كنت من أهل‬ ‫المعاصي تترك فيَ العذاب حتى توافق بالعذاب ما شاء الله عز وجل لك من العذاب‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫شَر َ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫شاُء()النساء‪ :‬من الية‬ ‫دو َ‬ ‫ما ُ‬ ‫ه ل ي َغْفُِر أ ْ‬ ‫‪) :‬إ ّ‬ ‫ك لِ َ‬ ‫ك ب ِهِ وَي َغْفُِر َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م ْ‬ ‫‪ ، (ِ 48‬فمن كان من أهل المعاصي والذنوب وأراد الله عذابه فإنه يتركه في العذاب‬ ‫بقدر ما يوافي ذنوبه ‪ ،‬ومن ترك العمل بشرع الله جحودا ً وتكذيبا ً وتوليا ً فحصل فيه‬ ‫كفر التولي والعراض أو كفر الجحود أو كفر التكذيب فهذا يترك في النار خالدا ً‬ ‫مخلدا ً لنه أصبح من الكافرين الخارجين من الملة‪.‬‬ ‫‪ -6‬المسألة الخيرة ‪ :‬ما وجه إيراد المصنف رحمه الله لهذه الية في هذا المحل ؟‬ ‫فّهم القرآن والعمل بما فيه هو إعراض عن الله فهو‬ ‫وجه ذلك أنه أراد بيان أن عدم ت َ‬ ‫أورد هذه الية لما فيها من المناسبة من أن ترك تفّهم القرآن وترك تعلمه وترك‬ ‫طلب القواعد المعينة على فهمه من أجل امتثاله والقيام بما فيه هو إعراض عن ذكر‬ ‫الله ‪ ،‬ولما في هذه الية من الشارة لمن أخذ بتعلم هذه القواعد فإنها ستكون‬ ‫مطلعا ً إلى تفّهم القرآن الكريم فإذا ما تفّهم القرآن الكريم وعمل به حصلت له‬ ‫السعادة في الدنيا والخرة ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫)( هذه الية الثانية التي أوردها‬ ‫م ِ‬ ‫المصنف رحمه الله وهي قوله َتعالى ‪) :‬قَد ْ َ‬ ‫جاَءك ْ‬ ‫م َ‬ ‫سب ُ َ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫سلم ِ وَي ُ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ن * ي َهْ ِ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫ن ات ّب َعَ رِ ْ‬ ‫الل ّهِ ّ ُُنوٌر وَك ِ ََتا ٌ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫جه ُ ْ‬ ‫وان َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫دي ب ِهِ الل ّ َ ُ‬ ‫ب ُ‬ ‫م َ‬ ‫ض َ‬ ‫مِبي ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫م( )المائدة‪. (16-15:‬‬ ‫قي‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ط‬ ‫را‬ ‫ص‬ ‫لى‬ ‫إ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫دي‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫نو‬ ‫ال‬ ‫ت إلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ما ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ ِ ْ‬ ‫الظل َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫هذه الية أيضا ً فيها تأكيد أن اتباع سبل الهداية وسبل النجاة إنما يكون بالعمل‬ ‫ه‬ ‫بالقرآن الكريم فإن الله سبحانه وتعالى يقول‬ ‫في وصف هذا القرآن )ي َهْ ِ‬ ‫دي ب ِهِ َالل ّ ُ‬ ‫سب ُ َ‬ ‫م إلى‬ ‫م‬ ‫سَلم ِ وَي ُ ْ‬ ‫ت إَلى الّنورِ ب ِإ ِذ ْن ِهِ وَي َهْ ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫م ِ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫ن ات ّب َعَ رِ ْ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫ديهِ ْ‬ ‫ن الظ ّل ُ َ‬ ‫جهُ ْ‬ ‫وان َ ُ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫ض َ‬ ‫صِ‬ ‫القرآن الكريم فهو في ضلل ‪ ،‬وقد جاء في ذلك‬ ‫م( ‪ .‬فمن لم يتبع‬ ‫قي‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ط‬ ‫را‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫حديث أورده مالك في ) الموطأ ( بلغا ً وأسنده الحاكم َفي )المستدرك( وهو حديث‬ ‫م‬ ‫مَر‬ ‫ن تَ ِ‬ ‫مّ ّ‬ ‫سك ْت ُ ْ‬ ‫ما ت َ َ‬ ‫ضّلوا َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ت ِفيك ُ ْ‬ ‫حسن لغيره‪ ّ ،‬قال صلى الله عليه وسلم ‪) :‬ت ََرك ْ ُ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫القرآني ْ ِ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫دي‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫)‬ ‫بأنه‪:‬‬ ‫يصف‬ ‫ه(‪ ،‬وهنا الله عز‬ ‫سن ّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ة ن َ َب ِي ّ ِ‬ ‫َ‬ ‫ما ك َِتا َ‬ ‫ب اللهِ وَ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ب ِهِ َ‬ ‫ْ‬ ‫وجلأن من لم يتبعه ويأخذ ما فيه فهو ِ‬ ‫سب ُ َ‬ ‫في‬ ‫م(‪ ،‬مفهوم المخالفة‪:‬‬ ‫ات ّب َعَ رِ ْ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫وان َ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫سل ِ‬ ‫ضلل‪.‬‬ ‫فإن قيل‪ :‬كيف تتبعه وتأخذ ما فيه ؟‬ ‫أقول ‪ :‬بأن تفهمه ‪.‬‬ ‫فإن قيل‪ :‬كيف تفهمه ؟‬ ‫أقول‪ :‬بأن تسلك الطريق التي سلكها السلف الصالح في فهمه‪.‬‬ ‫فإن قيل‪ :‬كيف هذا ؟‬ ‫أقول‪ :‬عن طريق القواعد التي قعدوها والصول التي أصلوها‪ ،‬ومنها ما جمعه لك‬

‫‪22‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َ‬ ‫م َ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫موا ِ‬ ‫كاُنوا إَذا ت َعَل ّ ُ‬ ‫ما أن ّهُ ْ‬ ‫وَغ َي ْرِهِ َ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ ْ ْ‬ ‫عَ ْ‬ ‫جاوُِزو َ‬ ‫ما ِفيَها ِ‬ ‫شَر آَيا ٍ‬ ‫ها َ‬ ‫م يُ َ‬ ‫موا َ‬ ‫حّتى ي َت َعَل ّ ُ‬ ‫ت لَ ْ‬ ‫ن العِلم ِ‬ ‫م َ‬ ‫ميًعا; وَل ِهَ َ‬ ‫ذا‬ ‫ج ِ‬ ‫ل َ‬ ‫مَنا ال ُْقْرآ َ‬ ‫م َوال ْعَ َ‬ ‫ن َوال ْعِل ْ َ‬ ‫ل َقاُلوا ‪ :‬فَت َعَل ّ ْ‬ ‫َوال ْعَ َ‬ ‫م ِ‬ ‫َ‬ ‫ة ) (‪.‬‬ ‫مد ّةً ِفي ِ‬ ‫سوَر ِ‬ ‫حْف ِ‬ ‫كاُنوا ي َب َْقوْ َ‬ ‫ظ ال ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫وَقا َ َ‬ ‫س‪َ :‬‬ ‫ج ّ‬ ‫ل إَذا قََرأ َ ال ْب ََقَرةَ َوآ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ل‬ ‫ل ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مَرا َ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ل أن َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫المصنف في هذا الكتاب‪.‬‬ ‫هذه – فيما يظهر لي ‪ -‬مناسبة إيراد المصنف لهذه الية في هذا التقديم لهذا الكتاب‪.‬‬ ‫أورد الية لما فيها من دللة على أن المسلم يحتاج إلى أن يتبع القرآن ويعمل بما‬ ‫فيه ليتبع رضوان الله ليكون محصل ً لسبل الهداية والرشاد ونيل السعادة في‬ ‫الدارين؛‬ ‫و ل يكون ذلك إل بالعمل بالقرآن‪.‬‬ ‫ول يكون العمل بالقرآن إل بعد فهمه‪.‬‬ ‫ول يفهم القرآن إل بفهم السلف‪.‬‬ ‫ويساعدك في ضبط تحصيله وحسن فهمه ما أورده المصنف في هذا الكتاب من‬ ‫قواعد وأصول‪.‬‬ ‫ب أ َن َْزل َْناهُ إل َي ْ َ‬ ‫ك‬ ‫تا‬ ‫ك‬ ‫)الر‬ ‫‪:‬‬ ‫تعالى‬ ‫قوله‬ ‫‪:‬‬ ‫فقال‬ ‫المعنى‬ ‫هذا‬ ‫تؤيد‬ ‫أخرى‬ ‫آية‬ ‫)( أيضا ً أورد‬ ‫َِ ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ذي‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ط‬ ‫را‬ ‫ص‬ ‫لى‬ ‫إ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫نو‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫إ‬ ‫ت‬ ‫ما‬ ‫ل‬ ‫ظ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫ل ِت ُ ْ‬ ‫د‪ .‬الل ّهِ ال ّ ِ‬ ‫مي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫زيزِ ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫خرِ َ‬ ‫ِ ِِ ِ َ ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫ج الّنا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ما ِفي اْل َ‬ ‫س‬ ‫ض(‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫وا‬ ‫ما‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫ما‬ ‫ه‬ ‫)إبراهيم‪ ،(2-1:‬محل الشاهد‪) :‬ل ِت ُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خرِ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لَ ُ‬ ‫ج الّنا َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫م ( ‪ ،‬وفي‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫ب‬ ‫)‬ ‫‪:‬‬ ‫تعالى‬ ‫قوله‬ ‫الية‬ ‫هذه‬ ‫في‬ ‫ولحظوا‬ ‫ر(‪،‬‬ ‫نو‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫إ‬ ‫ت‬ ‫ما‬ ‫ل‬ ‫ظ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ َ ّ ْ‬ ‫م َ‬ ‫الية التي َ قبلها ‪) :‬ويخ ِ‬ ‫ت إَلى الّنورِ ب ِإ ِذ ْن ِهِ ( لماذا ِ؟ لن ِالرسول‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن الظ ّل ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫صلى الله عليه وسلم ِل يملك هداية التوفيق للقبول إذ الهداية ثلثة أنواع‪:‬‬ ‫الولى ‪ :‬هداية التعليم والرشاد‪ ،‬فالرسول صلى الله عليه وسلم هادٍ يهدي‬ ‫الناس والقرآن كتاب هداية يهدي الناس ‪ ،‬فيه تعليم وإرشاد فهذه هداية التعليم‬ ‫والرشاد ‪.‬‬ ‫بيد الله سبحانه وتعالى ‪:‬‬ ‫إل‬ ‫تكون‬ ‫ل‬ ‫وهذه‬ ‫‪:‬‬ ‫للقبول‬ ‫التوفيق‬ ‫هداية‬ ‫شاُء وهُو أ َ‬ ‫الثانيةل ت‪:‬هدي من أ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫) إ ِن ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ن( )القصص‪:‬‬ ‫دي‬ ‫ت‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫با‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫دي‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫ب‬ ‫ب‬ ‫ح‬ ‫ك‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َْ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫سبحانه ‪) :‬فَذ َ َك ّر إنّما أ َ‬ ‫مذ َك ٌّر( )الغاشية‪ (21:‬وقال سبحانه ‪)َ :‬وَذ َك ّْر‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫وقال‬ ‫‪،‬‬ ‫‪(56‬‬ ‫ْ ِّ َ ْ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫يٌء‬ ‫ش‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫)‬ ‫‪:‬‬ ‫سبحانه‬ ‫وقال‬ ‫(‬ ‫‪55‬‬ ‫)الذاريات‪:‬‬ ‫ن(‬ ‫ني‬ ‫م‬ ‫ؤ‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫رى‬ ‫ك‬ ‫ذ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫فَإ ِ ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫()آل عمران‪ :‬من الية ‪ ، (128‬ليس له شيء لنه عليه الصلة والسلم رسول يبلغ‬ ‫ما أمره الله سبحانه وتعالى بإبلغه يهدي الناس هداية تعليم وإرشاد وتوضيح وبيان ‪،‬‬ ‫أما هداية التوفيق للقبول فهي بيد الله سبحانه وتعالى يهدي من يشاء إلى صراط‬ ‫مستقيم ‪ ،‬واليات كلها – كما ترون – قيدت الهداية‪.‬‬ ‫النوع الثالث‪ :‬هداية الثبات وهي التي نقرؤها في الفاتحة ونقول ‪ ) :‬اهْدَِنا‬ ‫صَرا َ‬ ‫م( )الفاتحة‪ ، (6:‬أنا قبلت ولو لم أقبل لم أص ّ‬ ‫ل وتعلمت فهداية‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫قي َ‬ ‫ط ال ْ ُ‬ ‫ال ّ‬ ‫التعليم حاصلة عندي وهداية القبول موجودة لدي لي فما هي الهداية التي أكرر‬ ‫الثبات ‪ ،‬أن‬ ‫وتعالى إياها في كل صلة في كل ركعة ؟ هي ‪ :‬هداية‬ ‫سؤال الله سبحانه‬ ‫َ‬ ‫ل َ‬ ‫سو ُ‬ ‫س َقا َ‬ ‫ن‬ ‫ن َر‬ ‫كا‬ ‫ن أ َن‬ ‫يهديك إلى الثبات ‪ ،‬عَ‬ ‫ل ال ْل ّهِ‬ ‫َ‬ ‫مَ ي ُك ْث ُِر أ ْ‬ ‫َ‬ ‫ه عَ ّل َي ْهِ وَ َ‬ ‫ُ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ت قَل ِْبي عََلى ِدين ِ َ‬ ‫سو َ َ‬ ‫قو َ‬ ‫ت‬ ‫ك فَ ُ ُ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫يَ ُ‬ ‫قل ّ َ‬ ‫ت َيا َر ُ‬ ‫جئ ْ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫مّنا ب ِ ّك وَب ِ َ َ‬ ‫ل اللهِ آ ّ َ‬ ‫قل ُ‬ ‫ب ث َب ّ ْ‬ ‫ل َيا ُ‬ ‫قُلو َ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب ِهِ فَهَ ْ‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ك‬ ‫ها‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫صا‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ص‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ب‬ ‫لو‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫قا‬ ‫نا‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ل تَ َ‬ ‫ًْ َ‬ ‫خا ُ‬ ‫َْ‬ ‫ََ ْ ِ ّ‬ ‫َ َْ َ ْ َُ ْ ِ ِ ْ َ ِ‬ ‫ِ ُ َُ‬ ‫ِ‬ ‫يَ َ‬ ‫شاُء ( ] أخرجه الترمذي وابن ماجه [ ‪ .‬هذا النوع الثالث من الهداية هو أيضا بيد الله‬ ‫تعالى ليست بيد الرسول صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬فالرسول صلى الله عليه وسلم‬ ‫ليس بيده هداية التوفيق لقبول الحق وليس بيده هداية الثبات على الحق ‪ ،‬فل بد أن‬ ‫تعلم أن الله سبحانه وتعالى حينما يقول في القرآن ‪:‬‬ ‫ت إَلى الّنورِ ب ِإ ِذ ْن ِهِ ( لماذا قال ‪) :‬ب ِإ ِذ ْن ِهِ ( ؟ لنه ليس بيده عليه‬ ‫) وَي ُ ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫م ِ‬ ‫خر ُ‬ ‫ن الظ ّل ُ َ‬ ‫جه ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫الصلة ِ والسلم أن يوفقهم للقبول ‪.‬‬ ‫قيم ٍ ( أي ‪ :‬هداية تعليم وإرشاد ‪ .‬الية‬ ‫ست َ ِ‬ ‫را ٍ‬ ‫م إَلى ِ‬ ‫ثم قال بعد ذلك ‪) :‬وَي َهْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ُ‬ ‫ديهِ ْ‬ ‫ص َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫م ( لماذا ؟ لنه ليس‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫نو‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫إ‬ ‫ت‬ ‫ما‬ ‫ل‬ ‫ظ‬ ‫ن ال‬ ‫الثانية قال ‪) :‬ل ِت ُ ْ‬ ‫َ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫خرِ َ‬ ‫ّ ِ ِِ ِ َ ِّ ْ‬ ‫ج الّنا َ‬ ‫م َ‬ ‫أي ‪ :‬يوفقهم إلى‬ ‫‪،‬‬ ‫النور‬ ‫إلى‬ ‫الظلمات‬ ‫من‬ ‫الناس‬ ‫يخرج‬ ‫أن‬ ‫والسلم‬ ‫بيده عليه الصلة‬ ‫َ‬ ‫ك ل تهدي م َ‬ ‫قبول الحق ) إ ِن ّ َ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫ن(‬ ‫مهْت َ ِ‬ ‫ه ي َهْ ِ‬ ‫َْ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ِبال ْ ُ‬ ‫شاُء وَهُوَ أعْل َ ُ‬ ‫دي َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫حب َب ْ َ‬ ‫دي َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت وَل َك ِ ّ‬ ‫َ ْ‬ ‫)القصص‪. (56:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب وَلَ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫من أمرَنا‬ ‫)( الية التي‬ ‫حا ِ‬ ‫ما الك َِتا ُ‬ ‫حي َْنا إلي ْك ُرو ً‬ ‫بعدها ‪ } :‬وَكذل ِك أوْ َ‬ ‫ت ت َد ْ َِري َ‬ ‫ما َكن ْ َ‬ ‫ا ْ‬ ‫ع َْبادِ َ ْنا ِوَإ ِن ّ َ َ‬ ‫ن نَ َ‬ ‫ط‬ ‫دي إ‬ ‫ك َ لت َه‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫شاُء‬ ‫م‬ ‫دي ب ِه‬ ‫جعَل َْناهُ ُنوًرا ن َه‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ص َّرا ٍ‬ ‫لى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن وَل َك ِ‬ ‫َ‬ ‫ما ُ‬ ‫َ‬ ‫لي َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫صيُر‬ ‫ما ِفي ال‬ ‫ض أل إلى اللهِ ت َ ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫ط اللهِ ال ِ‬ ‫صَرا ِ‬ ‫قيم * ِ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ما ِفي ال ّ‬ ‫مْ ُ ْ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫س َ‬ ‫ه َ‬ ‫ذي ل ُ‬ ‫ُ‬ ‫المصنفْر ِ‬ ‫رحمه الله لما فيها من‬ ‫موُر {ٍ )الشورى‪ . (52-51:‬إذا ً هذه اليات أوردها‬ ‫ال ُ‬ ‫مناسبة بيان أن القرآن كتاب هداية وإعجاز ‪ ،‬والقرآن يهدي إلى صراط مستقيم ‪،‬‬ ‫يهدي هداية تعليم إرشاد وبيان والرسول صلى الله عليه وسلم يهدي هداية تعليم‬

‫‪23‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ِفي أ َع ْي ُن َِنا) (‪.‬‬ ‫وأ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ما‬ ‫ث‬ ‫ل‪:‬‬ ‫قي‬ ‫ن‬ ‫ني‬ ‫س‬ ‫ة‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ظ‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ح‬ ‫لى‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ك؛ وَذ َل ِ َ‬ ‫مال ِ ٌ‬ ‫ه ت ََعالى َقا َ‬ ‫ِ‬ ‫ل ‪﴿ :‬ك َِتا ٌ‬ ‫كأ ّ‬ ‫ب أن َْزلَناهُ‬ ‫ن الل َ‬ ‫ن ذ َك ََرهُ َ‬ ‫سِني َ‬ ‫َ‬ ‫مَباَر ٌ‬ ‫إل َي ْ َ‬ ‫ن﴾ وََقا َ‬ ‫ك ل ِي َد ّب ُّروا آَيات ِهِ﴾ وََقا َ‬ ‫ل‪:‬‬ ‫ن ال ُْقْرآ َ‬ ‫ل ‪﴿ :‬أفََل ي َت َد َب ُّرو َ‬ ‫ك ُ‬ ‫َ‬ ‫م ي َد ّب ُّروا ال َْقوْ َ‬ ‫ن ) (‪.‬‬ ‫ل﴾ وَت َد َب ُّر ال ْك ََلم ِ ب ِ ُ‬ ‫مَعاِنيهِ َل ي ُ ْ‬ ‫ن فَهْم ِ َ‬ ‫﴿أفَل َ ْ‬ ‫مك ِ ُ‬ ‫دو ِ‬ ‫َ‬ ‫وَك َذ َل ِ َ‬ ‫ك َقا َ‬ ‫م‬ ‫ل ت ََعاَلى ‪﴿ :‬إّنا أن َْزل َْناهُ قُْرآًنا عََرب ِّيا ل َعَل ّك ُ ْ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫)‬

‫وإرشاد وبيان ما هو إل مبلغ عن الله ما أمره الله سبحانه وتعالى بتبليغه ولذلك يقول‬ ‫حى( )النجم‪، (4-3:‬‬ ‫ي ُيو َ‬ ‫ن هُوَ إ ِّل وَ ْ‬ ‫وى‪ .‬إ ِ ْْ‬ ‫الله سبحانه وتعالى ‪) :‬وَ َ‬ ‫حَ ٌ‬ ‫ن ال ْ ُهَ َ‬ ‫ما ي َن ْط ِقُ َ عَ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ه ( ] أحمد وابن‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ث‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫رآ‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ت‬ ‫تي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫ويقول عليه الصلة والسلم ‪ ) :‬أَل إ ِّني أو ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ماجه [ ‪ ،‬فهو يهدي ويعلم الناس ويرشدهم لكن هداية الثبات ‪ ،‬وهداية التوفيق‬ ‫للقبول هي بيد الله سبحانه وتعالى وهذا هو الذي أفادته اليات‪.‬‬ ‫وكأن المصنف أورد هذه اليات وما فيها من الشارة إلى معنى الهداية ليبين أنك‬ ‫أيضا ً مع هذه القواعد ومع هذه الصول تحتاج إلى أن تسأل الله سبحانه وتعالى‬ ‫هداية التوفيق إلى قبول الحق وهداية التوفيق إلى الثبات على الحق ‪ ،‬هذه الصول‬ ‫تعلمك مفاتيح تستعين بها على فهم القرآن العظيم بالطريقة التي جرى عليها‬ ‫السلف الصالح ‪ ،‬وتعينك على فهم القرآن الكريم إذا أحسنت استعمالها ول تضمن‬ ‫لك أنك ثابت على الحق ول تضمن لك أنك قابل للحق فكم من إنسان تعلم هذه‬ ‫الصول ولم يشأ الله هدايته‪ ،‬فاللهم اهدنا هداية تعليم وإرشاد وقبول وثبات برحمتك‬ ‫يا أرحم الراحمين‪.‬‬ ‫)( أي ‪ :‬أنه كتبها باختصار لم يطل فيها ‪ ،‬والعلماء من السابقين كانوا يقولون ‪:‬‬ ‫)الكلم يختصر ليحفظ ويبسط ليفهم( فاختصار الكلم من المقاصد التي عدها‬ ‫العلماء من مقاصد التصنيف ‪ ،‬وقصدهم من هذا الختصار ‪ :‬أن يساعد على سرعة‬ ‫الحفظ ‪ ،‬قالوا‪) :‬ويبسط الكلم ليفهم ( ‪ ،‬ونحن نبسط لكم هذا المختصر بمزيد من‬ ‫الشروحات وبمزيد من التعليقات حتى تفهموا – إن شاء الله – مرامي كلم المصنف‬ ‫رحمه الله‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫دمة لم يحشد لها كتبا ً ولم يحشد لها مراجع وإنما كتبها‬ ‫المق‬ ‫هذه‬ ‫لف‬ ‫أ‬ ‫لما‬ ‫)( أي ‪ :‬أنه‬ ‫ّ‬ ‫هكذا بعفو الخاطر من فؤاده رحمه الله بدون رجوع إلى مراجع وبدون كتب هكذا‬ ‫كتبها فورا ً حينما سألها السائل وقد ذكر عنه رحمه الله شيئا ً عجيبا ً في باب‬ ‫التصنيف ‪ ،‬يذكرون أن منظومته الطويلة في القدر التي كتبها في باب القدر –‬ ‫ومعلوم أن الكلم في القدر من أصعب الكلم حتى في مسائل العقيدة يعتبر من‬ ‫أصعب الكلم وفهمه من أغمض ما يكون ‪ -‬فجاءه سؤال على هيئة شعر في القدر‬ ‫فثنى ساقه إلى فخذه وجلس على هذه الثنية وأملى أبياتا ً جوابا ً على سؤال السائل‬ ‫بالنظم وأورد أبياتا ً جوابا ً على هذه البيات على نفس النظم وعلى نفس الروي‬ ‫أوردها في هذه المسألة العويصة عفو الخاطر فورا ً وهذا من أصعب ما يكون ومن‬ ‫أعجب ما يكون عنه رحمه الله ‪.‬‬ ‫باب القدر وباب النجوم وباب الصحابة من البواب التي أمر الرسول صلى الله عليه‬ ‫وسلم المسلمين أن يسكتوا ل يفتحوها قال ‪ ) :‬إذا ذكر أصحابي فأمسكوا وإذا ذكر‬ ‫النجوم فأمسكوا وإذا ذكر القدر فأمسكوا ( ل تتدخلوا في شيء حصل بين الصحابة ‪،‬‬ ‫ل تنتقدوا ل تتكلموا عن شيء حصل بين الصحابة ) أما أنتم تاركي وأصحابي ( ‪ ،‬ل‬ ‫تتكلموا عن شيء حصل بين الصحابة ل تنتقص ‪ ،‬هذا الباب الصعب أملى فيه رحمه‬ ‫الله أبياتا ً يقرر فيها عقيدة السلف وأجاب فيها على استشكالت السائل فورا ً في‬ ‫مجلس واحد ‪ ،‬وذكر عنه رحمه الله أنه كان يحرر الفتاوى العجيبة الطويلة المحررة‬ ‫في مجلس يسير أو مجالس يسيرة ‪ .‬والله الهادي إلى سبيل الرشاد ‪.‬‬

‫ددددد دددددد ‪(15/7/1423‬‬

‫)‪ (1‬هذا الفصل وهو أول فصول هذه المقدمة ‪ ،‬يتضمن الصل الول من أصول‬ ‫التفسير ‪ ،‬ما هو هذا الصل ؟ هو ‪ :‬أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما مات إل وقد‬ ‫سر جميع القرآن للصحابة رضوان الله عليهم ‪.‬‬ ‫ف ّ‬ ‫إذا ً القرآن الكريم فسره الرسول صلى الله عليه وسلم وبّين معانيه ووضحه وكشف‬ ‫– عليه الصلة والسلم – المراد منه‪.‬‬ ‫فإن قيل ‪ :‬هذه دواوين السنة بين أيدينا ل يأتي فيها تفسير القرآن آية آية ‪ ،‬فكيف‬ ‫يكون الرسول صلى الله عليه وسلم ما مات حتى بين للصحابة جميع القرآن ؟‬ ‫فالجواب ‪ :‬ما مات صلى الله عليه وسلم حتى بين للصحابة جميع القرآن ‪ ،‬ولكن‬ ‫البيان يكون على طرق؛‬ ‫فالطريق الول ‪ :‬البيان المباشر‪ ،‬كأن يقول صلى الله عليه وسلم‪) :‬الكوثر ‪ :‬نهر‬ ‫‪ ،[2542‬فهذا تفسير مباشر عن الرسول صلى‬ ‫أعطاني الله إياه في الجنة(]الترمذي‪:‬‬ ‫الله عليه وسلم لكلمة ) الكوثر (‪) :‬إ ِّنا أ َعْط َي َْنا َ‬ ‫ك ال ْك َوْث ََر( )الكوثر‪ ،(1:‬ومنه تفسير‬ ‫م ب ِظ ُل ْ‬ ‫م()النعام‪ :‬من الية‬ ‫الظلم في قوله تعالى‪) :‬ال ّ ِ‬ ‫م ي َل ْب ِ ُ‬ ‫مان َهُ ْ‬ ‫سوا ِإي َ‬ ‫مُنوا وَل َ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ٍ‬ ‫‪ ،(82‬حيث جاء جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم إلى رسول الله صلى الله‬

‫‪24‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ن﴾ وَع َْق ُ‬ ‫مه) (‪.‬‬ ‫ن ل َِفهْ ِ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ت َعِْقُلو َ‬ ‫ض ّ‬ ‫ل ال ْك ََلم ِ ُ‬ ‫م ٌ‬ ‫ومن ال ْمعُلوم أ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ه‬ ‫ق‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫فا‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫مَعاِني ِ‬ ‫صود ُ ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه فَهْ ُ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ِ ْ‬ ‫َ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ن أوَْلى ب ِذ َل ِ َ‬ ‫ك ) (‪.‬‬ ‫جّردِ أل َْفاظ ِهِ َفال ُْقْرآ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ُدو َ‬ ‫ن ُ‬ ‫وأ َيضا َفال ْعادةُ تمنع أ َن يْقرأ َ‬ ‫ن ال ْعِل ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫ف‬ ‫في‬ ‫با‬ ‫تا‬ ‫ك‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫َ ْ ً‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ ْ َ ُ ْ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ب وََل يستشرحوه فَك َي ْ َ‬ ‫ب َوال ْ ِ‬ ‫ف ب ِك ََلم ِ الل ّهِ ال ّ ِ‬ ‫كالط ّ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫سا ِ‬ ‫ذي هُ َ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫عليه وسلم عند نزول الية‪ ،‬وقالوا‪ :‬يا رسول الله وأينا لم يلبس إيمانه بظلم ؟ ما منا‬ ‫إل وقد ظلم‪ ،‬من الذي لم يلبس إيمانه بظلم ؟ ففسر لهم الرسول صلى الله عليه‬ ‫وسلم الظلم المراد في الية فقال عليه الصلة والسلم ‪ ) :‬ألم تقرأوا قول الرجل‬ ‫شْر َ‬ ‫شر ْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ي ل تُ ْ‬ ‫م()لقمان‪ :‬من الية ‪((13‬‬ ‫م عَ ِ‬ ‫ك ِبالل ّهِ إ ِ ّ‬ ‫ظي ٌ‬ ‫ك ل َظ ُل ْ ٌ‬ ‫الصالح ‪َ ) :‬يا ب ُن َ ّ‬ ‫]البخاري ومسلم[‪ ،‬فبين ِ ‪ ‬أن المراد بالظلم هو ‪ :‬الشرك‪ ،‬فمعنى الية‪ :‬الذين آمنوا‬ ‫ولم يلبسوا إيمانهم بشرك ‪ ،‬هذا هو المقصود‪ .‬هذا النوع الول من البيان‪ ،‬وهو قليل‬ ‫في الحاديث‪.‬‬ ‫والطريق الثاني‪ :‬بيان الرسول صلى الله عليه وسلم للقرآن الكريم‪ ،‬بالتطبيق‬ ‫فهو صلى الله عليه وسلم وحينما عّلم الناس‬ ‫العملي في حياة المسلمين في زمنه‪،‬‬ ‫ة( )البقرة‪ :‬من الية ‪ ،(43‬هو‬ ‫صل‬ ‫موا ال‬ ‫الصلة ؛ فسر لهم معنى قوله تعالى ‪) :‬وَأ َِقي‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫صلى الله عليه وسلم حينما بين للناس أحكام الزكاة ؛ فسر لهم عمليا ً أحكام‬ ‫وحينما صلى بالناس في مواقيت الصلوات الخمس ؛ بين لهم معنى قوله‬ ‫الزكاة ‪،‬‬ ‫ي الن َّهارِ وَُزَلفا ً‬ ‫صلةَ ط ََرفَ‬ ‫ل()هود‪ :‬من الية ‪ (114‬ومعنى قوله‬ ‫ن الل ّي‬ ‫م‬ ‫تعالى‪َ ) :‬وَأ َقِم ِ ال‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫جر‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن قُْرآ َ‬ ‫جرِ إ ِ ّ‬ ‫ف ًْ‬ ‫ل وَقُْرآ َ‬ ‫صلةَ ل ِد ُُلو ِ‬ ‫س إَلى غَ َ‬ ‫ش ْ‬ ‫تعالى‪) :‬أقِم ال ّ‬ ‫سق الل ّي ْ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫معنى هذا الزنى ِ‪،‬‬ ‫وحينما ِأقام حد ِالزنى؛ بين تطبيقا‬ ‫شُهود ًِا( )السراء‪،(78:‬‬ ‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫وحينما أقام حد السرقة ؛ بين تطبيقا ً معنى حد السرقة الوارد في القرآن‪.‬‬ ‫ومن اقتصر على الطريق الول في بيان الرسول ‪ ‬للقرآن يفوته شيء كثير‪ ،‬إذ إن‬ ‫هذا النوع الثاني أكثر من النوع الول‪.‬‬ ‫الطريق الثالث من طرق بيان الرسول وتفسيره للقرآن الكريم‪ :‬هو ما كان يتخلق به‬ ‫صلى الله عليه وسلم في نفسه‪ ،‬وقد قالت عائشة رضي الله عنها حينما سئلت عن‬ ‫خلقه صلى الله عليه وسلم‪) :‬كان خلقه القرآن(‪ .‬فالرسول صلى الله عليه وسلم‬ ‫كان في خلقه في معاملته في نفسه عليه الصلة والسلم مفسرا ً ومطبقا ً للقرآن‬ ‫الكريم‪.‬‬ ‫إن رسول الله صلى الله عليه وسلم فسر جميع القرآن بقوله وفعله وتقريره ‪.‬‬ ‫ودلل شيخ السلم ابن تيمية – رحمه الله – لهذا الصل بأدلة سبعة ‪:‬‬ ‫ما ن ُّز َ‬ ‫ل إ ِل َي ْهم(‬ ‫ن ِلل‬ ‫س َ‬ ‫الدليل الول ‪ :‬وهو آية صريحة وهي قوله تعالى ‪ ) :‬ل ِت ُب َي ّ َ‬ ‫إلىّنا ِ‬ ‫وبيانه ِلهم‪.‬‬ ‫الناس‪،‬‬ ‫)النحل‪ :‬من الية ‪ ،(44‬فالرسول وظيفته بلغ ما أنزله الله‬ ‫والية نص في أن الرسول صلى الله عليه وسلم بين القرآن الكريم‪ ،‬لننا نقول ‪ :‬بما‬ ‫أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بذلك بحسب نص الية‪ ،‬وبما أن الرسول عليه‬ ‫الصلة والسلم ما مات حتى قام بالبلغ‪ ،‬وأداء الرسالة؛ إذا ً ‪ :‬ما مات رسول الله‬ ‫صلى الله عليه وسلم إل وقد بين القرآن الكريم ‪.‬‬ ‫الدليل الثاني الذي ذكره شيخ السلم ‪ :‬ما جاء عن الصحابة في أنهم كانوا‬ ‫يتعلمون القرآن ويتعلمون تفسيره ‪ ،‬فإذا كانوا ل يعلمون تفسيره ؛ كيف يقولون ‪:‬‬ ‫) نتعلم العلم والعمل ( ؟!‬ ‫ّ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫ن‪:‬‬ ‫قرُِئون ََنا ال ْ ُ‬ ‫كاُنوا ي ُ ْ‬ ‫ذي‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫نا‬ ‫ث‬ ‫د‬ ‫ح‬ ‫)‬ ‫‪:‬‬ ‫يقول‬ ‫السلمي‬ ‫الرحمن‬ ‫)( انظروا أبو عبد‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫قْرآ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ن ب ْن عفان وَعَب ْدِ الل ّ‬ ‫كاُنوا إ َ‬ ‫ي صلى‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫موا ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ذا ت َعَل ّ ُْ‬ ‫ما أ ّن ّهُ ْ‬ ‫سُعودٍ وَغَي ْرِهِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ك َعُث ْ َ‬ ‫ن ْالن ّب ِ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫شر آيات ل َ ِ‬ ‫عليه ِ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ها‬ ‫في‬ ‫ما‬ ‫موا‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫تى‬ ‫ح‬ ‫ها‬ ‫زو‬ ‫و‬ ‫جا‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫وسلم‬ ‫الله‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ ْ ْ ُ َْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ َ َ َ ِ‬ ‫ْ‬ ‫مِ َ‬ ‫ميًعا(‪ .‬هذا نص ودليل يبين أن الصحابة‬ ‫مَنا ال ْ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫ل َ‬ ‫قْرآ َ‬ ‫م َوالعَ َ‬ ‫ن َوالعِل َ‬ ‫َقاُلوا ‪ :‬فَت َعَل ّ ْ‬ ‫رضوان الله عليهم تعلموا تفسير القرآن من الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬إذ ل‬ ‫يعقل وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقنهم ويعلمهم ويحفظهم آيات القرآن‬ ‫الكريم؛ وهم ل يعقلون معناها‪ ،‬ول يعقل في ذكائهم ونباهتهم رضوان الله عليهم‬ ‫وحرصهم على الدين وعلى العلم أن يقرأوا القرآن على رسول الله ‪ ‬وهم ل‬ ‫يفهموه‪ ،‬هذا ليس بمعقول!‬ ‫رسول الله ‪ .‬قال‬ ‫من‬ ‫القرآن‬ ‫معاني‬ ‫يتعلمون‬ ‫كانوا‬ ‫أنهم‬ ‫)( هذا نص آخر يدل على‬ ‫أنس بن مالك ‪َ :‬‬ ‫ج ّ‬ ‫قَرةَ َوآ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫لإ َ‬ ‫ل ِفي أ َعْي ُن َِنا( ‪ ،‬يعني ‪:‬‬ ‫ذا قََرأ َ ال ْب َ َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مَرا َ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ع ْ‬ ‫عَ ُ‬ ‫دك ( أي ‪ :‬تعالت عظمتك ‪.‬‬ ‫ظم ‪ ) .‬وتعالى ج ّ‬ ‫ُ‬ ‫)جد ّ في أعيننا ( يعني ‪ :‬عظم وكبر‪ ،‬لماذا ؟ إذا كانت القضية مجرد حفظ فالصحابة‬ ‫كانوا من العرب القحاح الذين كانوا يوصفون بسيولة الذهن وسرعة الحفظ‪ ،‬وليس‬ ‫التمايز من جهة الحفظ‪ ،‬لماذا يكبروه ويعظموه إذا حفظ سورة البقرة ؟ الجواب‪:‬‬ ‫لن سورة البقرة من السور الطوال المتضمنة للحكام الكثيرة‪ ،‬ولن طريقتهم في‬ ‫القراءة والحفظ كانت طريقة بالعلم والعمل ‪ ،‬فإذا ما قرأ الرجل سورة البقرة معنى‬ ‫ذلك أنه حفظها وعرف معانيها وتفسيرها وما فيها من الحكام والعلم وعمل به‬

‫‪25‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫م؟) (‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫م وَب ِهِ ن َ َ‬ ‫م وَقَِيا ُ‬ ‫م وَ َ‬ ‫م وَد ُن َْياهُ ْ‬ ‫م ِدين ِهِ ْ‬ ‫سَعاد َت ُهُ ْ‬ ‫جات ُهُ ْ‬ ‫مت ُهُ ْ‬ ‫ص َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫وَل ِهَ َ‬ ‫ن قَِليًل‬ ‫حاب َةِ ِفي ت َْف ِ‬ ‫ص َ‬ ‫كا َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫سيرِ ال ُْقْرآ ِ‬ ‫ن الن َّزاعُ ب َي ْ َ‬ ‫كان في التابِعي َ‬ ‫و‬ ‫ن أك ْث ََر ِ‬ ‫ن َ َ ِ‬ ‫ص َ‬ ‫دا وَهُوَ وَإ ِ ْ‬ ‫ج ّ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ه ِفي ال ّ‬ ‫حاب َةِ فَهُ َ‬ ‫ّ ِ َ‬ ‫)(‬ ‫قَِلي ٌ‬ ‫م ‪.‬‬ ‫ل ِبالن ّ ْ‬ ‫ن ب َعْد َهُ ْ‬ ‫سب َةِ إَلى َ‬ ‫م ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ما َ‬ ‫صُر أ َ ْ‬ ‫م‬ ‫شَر َ‬ ‫ن اِل ْ‬ ‫كا َ‬ ‫كا َ‬ ‫ماعُ والئتلف َوال ْعِل ْ ُ‬ ‫جت ِ َ‬ ‫وَك ُل ّ َ‬ ‫ن ال ْعَ ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ميعَ الت ّْف ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ن ِفيهِ أك ْث ََر وَ ِ‬ ‫ن ت َل َّقى َ‬ ‫َوال ْب ََيا ُ‬ ‫ن َ‬ ‫سيرِ ع َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن الّتاب ِِعي َ‬ ‫م ْ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫ولذلك وكانوا إذا قرأوا القرآن وأرادوا حفظه يأخذون مددا ً طويلة لنهم يراعون في‬ ‫حال الحفظ معرفة المعنى‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ن ال ُ‬ ‫المر‬ ‫الثالث ‪ :‬ما جاء في القرآن الكريم من‬ ‫َ)( الدليل‬ ‫قْرآ َ‬ ‫بالتدبر ‪) َ ،‬أفل ي َت ٌ َد َب ُّرو َ‬ ‫َ‬ ‫ك ل ِي َد ّب ُّروا‬ ‫مَباَر‬ ‫ب أ َقْ َ‬ ‫فال َُها( )محمد‪ ، (24:‬وقوله ‪) :‬ك َِتا ٌ‬ ‫أ ْ‬ ‫ب أن َْزل َْناهُ إ ِل َي ْك ُ‬ ‫م عََلى قُُلو ٍ‬ ‫ص‪ :‬من الية ‪.(29‬‬ ‫آَيات ِهِ () ّ‬ ‫كيف يسمع الصحابة رضوان الله عليهم هذه اليات الكريمات التي فيها المر بالتدبر‬ ‫ثم هم ل يتدبرون القرآن ؟!‬ ‫التدبر هو ‪ :‬النظر في عواقب المور‪ ،‬أي ‪ :‬النظر إلى أدبار المور ماذا تكون ؟‬ ‫والفقيه إذا نزلت نازلة نظر في عواقبها‪ ،‬وعواقب القول الذي يريد أن يقول في‬ ‫حكم هذه النازلة قبل أن يتكلم‪.‬‬ ‫انظروا ما ذكره الله من أحوال الكافرين وما آلت إليه عاقبتهم‪ ،‬لما عصوا الرسل!‬ ‫انظروا إلى أحوال المؤمنين وما آلت إليه عاقبتهم‪ ،‬من نعيم الجنة والسعادة في‬ ‫الدنيا والخرة!‬ ‫هل يستطيع النسان أن يتدبر في شيء وهو ل يعرف معناه ؟‬ ‫الجواب ‪ :‬ل ‪ .‬مادام ل ‪ ،‬إذا ً ل بد لمن تدبر القرآن أن يفهم معانيه‪.‬‬ ‫من أولى الناس بأن يتدبر القرآن ؟‬ ‫الجواب‪ :‬من قرأه على رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهم الصحابة رضوان الله‬ ‫عليهم‪.‬‬ ‫القاعدة‪.‬‬ ‫هذه‬ ‫تأسيس‬ ‫في‬ ‫الثالث‬ ‫الدليل‬ ‫هو‬ ‫فهذا‬ ‫الدليل الرابع الذي أورده على هذه القاعدة ‪ :‬ما ذكره من قوله تعالى ‪) :‬إنا أ َ‬ ‫ْ‬ ‫ه‬ ‫نا‬ ‫ل‬ ‫ز‬ ‫ن‬ ‫)(‬ ‫ِّ َْ َ ُ‬ ‫قُْرآنا ً عََرب ِي ّا ً ل َعَل ّك ُْ‬ ‫ق ُ‬ ‫قل ‪:‬‬ ‫ل الكلم متضمن لفهمه ‪ .‬العَ ْ‬ ‫ن()يوسف‪ (2:‬قال ‪ :‬وعَ ْ‬ ‫م ت َعْ ِ‬ ‫قُلو َ‬ ‫ق َ‬ ‫ل الدابة ‪ ،‬أي ‪ :‬ربطها وأحكمها ‪،‬‬ ‫هو ربط الشيء وإحكامه حينما تقول‪ :‬فلن عَ َ‬ ‫قل الشيء ‪ ،‬أي ‪ :‬إنه فهمه وربطه في ذهنه وعقله وأحكمه‬ ‫وحينما تقول ‪ :‬فلن ع َ َ‬ ‫بعقله ‪.‬‬ ‫من أولى الناس بأن يتعقل القرآن ويتحقق فيه قوله سبحانه وتعالى ‪) :‬ل َعَل ّك ُْ‬ ‫ن‬ ‫م ت َعْ ِ‬ ‫قُلو َ‬ ‫(؟‬ ‫يقول العلماء ‪) :‬عسى( و )لعل( من الله واجبة ‪ ،‬حينما يقول‬ ‫‪،‬‬ ‫واجبة‬ ‫الله‬ ‫من‬ ‫و)لعل(‬ ‫َ‬ ‫ن( ‪ ،‬كأنه قال‪ :‬إنا أنزلناه‬ ‫الله‬ ‫م ت َعْ ِ‬ ‫قُلو َ‬ ‫سبحانه وتعالى ‪) :‬إ ِّنا أن َْزل َْناهُ قُْرآنا ً عََرب ِي ّا ً ل َعَل ّك ُ ْ‬ ‫قرآنا ً عربيا ً من أجل أن تعقلوا‪ ،‬ل ترجي بالنسبة إلى الله ‪ ،‬لن الله يعلم المور‬ ‫وعاقبتها ‪ ،‬ول يرد إرادته سبحانه شيء ‪ ،‬و)لعلكم تعقلون( أي ‪ :‬لتعقلوا‪.‬‬ ‫من أولى الناس أن يمتثل هذا ويقوم به ؟‬ ‫الجواب بل شك ‪ -‬إن شاء الله تعالى ‪ -‬الصحابة الذين قرأوا القرآن على رسول الله‬ ‫قل القرآن يتضمن فهمه‪.‬‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬هم أولى الناس بذلك‪ ،‬وع ِ‬ ‫فإذا كان الصحابة عقلوا القرآن فهذا دليل على أنهم فهموه وعرفوا تفسيره وكشفوا‬ ‫معانيه وتبينوا مراده سبحانه وتعالى بحسب ما علمهم إياه رسول الله صلى الله‬ ‫عليه وسلم‪.‬‬ ‫الدليل الخامس قال‪ ) :‬ومن ال ْمعُلوم أ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ف‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫صو‬ ‫ْ‬ ‫ق‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫فا‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫)( هذا هو‬ ‫ّ‬ ‫َ ُ ُ ِ ْ ُ ْ ُ‬ ‫َ َِ ْ‬ ‫لى ب ِذ َ َل ِ ْ َ‬ ‫ك ( ِقال‪ :‬القرآن ٍ كلم الله ‪ ،‬فإذا كان كل‬ ‫ن أْو‬ ‫فاظ ِهِ َفال ْ ُ‬ ‫جّردِ أ َل ْ َ‬ ‫ن‬ ‫دو‬ ‫قْرآ ُ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫مَعاِنيهِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫كلم المقصود منه ‪ :‬فهم معانيه ؛ فكلم الله أولى الكلم بأن تفهم معانيه ‪ ،‬فإذا قرأ‬ ‫الرسول صلى الله عليه وسلم على الصحابة كلم الله ‪ ،‬فل بد أن يكونوا قد فهموا‬ ‫معانيه ‪ ،‬إما بحسب لغة العرب التي عرفوها ‪ ،‬ويكون إقرار الرسول صلى الله عليه‬ ‫وسلم لفهمهم سنة تقريرية‪ ،‬وإما أن يكون بأحد الطرق التي سبقت وهي ‪ :‬إما عن‬ ‫طريق البيان المباشر ‪ ،‬وإما عن طريق التطبيق العملي في واقع الحياة السلمية ‪،‬‬ ‫ويعرف بطريقة التطبيق العملي لشخصه صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬ ‫يقول في هذا الدليل الخامس – وهو دليل عقلي ‪ : -‬كل كلم المقصود به التفاهم ‪،‬‬ ‫يعني ‪ :‬حينما تأتي لعلماء الجتماع تقول‪ :‬ما هو الكلم ؟ يقولون ‪ :‬الكلم لغة‬ ‫التخاطب التي يستطيع بها البشر أن يتواصلوا فيما بينهم فينقلوا مراداتهم بينهم ‪.‬‬ ‫والمراد بالتواصل ‪ :‬نقل المعاني من جهة إلى جهة ‪ ،‬هذا هو الكلم لغة تفاهم وحوار‬ ‫وتواصل ‪ ،‬فإذا كان المقصود بالكلم هو ‪ :‬فهم المعنى المراد وإيصاله من جهة إلى‬ ‫جهة ‪.‬‬

‫‪26‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ح َ َ‬ ‫ما َقا َ‬ ‫س‬ ‫ص َ‬ ‫جاه ِد ٌ ع ََر ْ‬ ‫م َ‬ ‫ص َ‬ ‫ت ال ْ ُ‬ ‫ض ُ‬ ‫ل ُ‬ ‫حاب َةِ ك َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ّ‬ ‫ن عَّبا ٍ‬ ‫ف ع َلى اب ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫عن ْد َ ك ُ ّ‬ ‫ه ع َن َْها؛‬ ‫ه ِ‬ ‫ل آي َةٍ ِ‬ ‫ه وَأ ْ‬ ‫سأل ُ ُ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫أوقُِف ُ‬ ‫ذا َقا َ‬ ‫وَل ِهَ َ‬ ‫جاهِدٍ‬ ‫جاَءك الت ّْف ِ‬ ‫م َ‬ ‫ل الث ّوْرِيّ ‪ :‬إَذا َ‬ ‫ن ُ‬ ‫سيُر عَ ْ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫سُبك ب ِ ِ‬ ‫فَ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫سيرِهِ ال ّ‬ ‫وَل ِهَ َ‬ ‫ما‬ ‫ي َوال ْب ُ َ‬ ‫مد ُ ع ََلى ت َْف ِ‬ ‫ذا ي َعْت َ ِ‬ ‫خارِيّ وَغَي ُْرهُ َ‬ ‫شافِعِ ّ‬ ‫ك اْلما َ‬ ‫م َ‬ ‫ف ِفي‬ ‫صن ّ َ‬ ‫مد وَغَي ُْرهُ ِ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ل ال ْعِل ْم ِ وَك َذ َل ِ َ ِ َ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ح َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن أهْ ِ‬ ‫ِ ْ‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫وعليه فإن كلم الله أولى الكلم بأن يكون قد تحصل فيه فهم المراد‪.‬‬ ‫ومن أولى الطبقات في فهم المراد من القرآن ؟‬ ‫هم بل شك الصحابة الذين سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫العظيم‪.‬‬ ‫القرآن‬ ‫فنتج أن الرسول بين للصحابة‬ ‫قرأ َ‬ ‫جميع تمنع أ َ‬ ‫ْ‬ ‫ن ال ْعِل ْم ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫ف‬ ‫في‬ ‫با‬ ‫تا‬ ‫ك‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ة‬ ‫د‬ ‫عا‬ ‫ل‬ ‫)ا‬ ‫)( الدليل السادس ‪ :‬يقول ‪َ :‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫كالط ّ ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ب وََل يستشرحوه( أي‪ :‬ل يطلبون شرحه ‪ ،‬يقول ‪ :‬العادة تمنع أن يقرأ على‬ ‫َوال ْ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫سا ِ‬ ‫شخص كتابا ً في فن من الفنون ل يطلبون شرحه وبيانه!‬ ‫إذا كان الصحابة قرأوا القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فبحسب ما‬ ‫جرت به العادة ل بد أن يكونوا قد سألوه عما أغلق عليهم ففهمهم إياه رسول الله‬ ‫صلى الله عليه وسلم فيتحصل أنهم فهموا جميع القرآن؛‬ ‫إما ببيانه المباشر‪.‬‬ ‫وإما من خلل تطبيقه العملي ‪.‬‬ ‫وإما من خلل تخلقه به ‪.‬‬ ‫وإما بمجرد التقرير للمعنى الذي فهموه بحسب ما جرى عليه العرف بينهم‪.‬‬ ‫وإما بمجرد تقرير المعنى بحسب لغة العرب‪.‬‬ ‫وفي هذه الحوال جميعها يكون الرسول بين لهم القرآن إما بالقول أو بالفعل أو‬ ‫بالتقرير‪ ،‬فصح أن الرسول بين للصحابة جميع القرآن!‬ ‫)( الدليل السابع ‪ :‬هو قلة اختلف السلف رضوان الله عليهم في تفسير القرآن بل‬ ‫يكاد يكون معدوما ً ‪ ،‬ل يوجد اختلف إل في قضايا هي من باب الناسخ والمنسوخ ‪ ،‬أو‬ ‫قضايا محتملة للوجه ويكون هذا أخذه ببيان وهذا أخذه ببيان ‪ ،‬أن يكون كل واحد من‬ ‫الصحابة أخذه بيانا ً على وجه من الوجوه ‪ ،‬هذا المر يحتم ما دام أنهم متفقون في‬ ‫تفسيره‪ ،‬إذا فإن مصدرهم في هذا التفسير واحد‪ ،‬وهو الرسول ‪ ،‬فصح أنه ‪ ‬ما‬ ‫مات إل وقد بين لهم جميع القرآن‪.‬‬ ‫هذه أدلة سبعة أوردها – رحمه الله – للتدليل على هذا الصل ‪ ،‬وهو أصل مهم من‬ ‫أصول تفسير القرآن الكريم ‪.‬‬ ‫فإن قيل ‪ :‬ماذا ينبني على هذا الصل ؟‬ ‫فالجواب ‪ :‬هذا الصل إذا فهمناه وعرفناه وثبت لدينا بالدلة ينبني عليه‬ ‫أمور كثيرة‪:‬‬ ‫‪ -1‬أول أمر ينبني عليه ‪ :‬توسيع معنى تفسير القرآن الكريم‪ ،‬فليس تفسير القرآن هو‬ ‫فقط باللفظ المباشر ‪ ،‬بل تستطيع في مواطن من القرآن الكريم أن تجعل الحكام‬ ‫الشرعية مفسرة للمراد‪ ،‬فيصير هنا تفسير بالطريق الثاني‪ ،‬وهو بطريق التطبيق‬ ‫العملي في الحياة السلمية‪.‬‬ ‫والسنة كلها تفسير للقرآن‪ ،‬فهي تفسر القرآن وتقضي عليه يعني ‪ :‬تخصص عامه‬ ‫وتقيد مطلقه توضح المراد منه‪.‬‬ ‫‪ -2‬المر الثاني الذي ينبني على هذه القاعدة‪ :‬ضرورة الهتمام بالثار الواردة عن‬ ‫الصحابة في تفسير القرآن الكريم‪ ،‬إذ بناًء على هذا الصل ‪ ،‬ماذا يكون حكم تفسير‬ ‫الصحابي؟ يغلب على الظن أنه مرفوع ‪ ،‬يصير حكمه حكم المرفوع بغلبة الظن ‪،‬‬ ‫ولذلك لما يأتي بعض أهل التفسير عند قراءة شاذة ويقول‪ :‬ولعل هذا من تفسير‬ ‫الصحابي فهي قراءة تفسيرية ‪ ،‬أقول ‪ :‬هذا ليس انتقاصا ً ‪ ،‬ولكنه أعطاها حكم‬ ‫المرفوع بل أكاد أصل إلى درجة اليقين أن الصحابي حينما يفسر الية داخل نصها‬ ‫فإنه ل يفعل هذا إل وقد سمعه من الرسول صلى الله عليه وسلم؟‬ ‫إذا ً المر الثاني الذي ينبني على هذا الصل ‪ :‬أهمية تفسير الصحابة ‪ ،‬إذ إنه يغلب‬ ‫على الظن أنه مما تلقوه عن الرسول صلى الله عليه وسلم فيكون له حكم الرفع‪،‬‬ ‫ومن ذلك القراءات الشاذة فإننا لو تنزلنا وقلنا إنها من أقوال الصحابة في تفسير‬ ‫القرآن فإن لها حكم الرفع‪.‬‬ ‫‪ -3‬مما ينبني على هذا أيضا ً ما ختم به شيخ السلم هذه القاعدة وهو ‪ :‬التنبيه على‬ ‫أهمية تفسير التابعين إذ إنهم ‪ -‬وبالذات بعضهم مثل مجاهد والكبار منهم ‪ ،-‬تلقوا‬ ‫القرآن عن الصحابة قراءة وتفسيرا ً ‪ .‬يقول مجاهد ‪ ) :‬قرأت القرآن أكثر من مرة‬ ‫على ابن عباس أوقفه عند كل آية ( حتى جاء في بعض الثار ‪ ) :‬قرأته عليه ثلثين‬ ‫مرة ( ‪ ،‬وفي بعضها ‪ ) :‬ثلث مرات ( ‪ ،‬أقل أو أكثر ‪ ،‬المهم أنه يقول ‪ ) :‬أوقفه عند‬

‫‪27‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫ن غَي ْرِ ِ‬ ‫جاه ِد ٍ أك ْث ََر ِ‬ ‫الت ّْف ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫سيرِ ي ُك َّرُر الط ُّرقَ عَ ْ‬ ‫َ‬ ‫ما‬ ‫وا الت ّْف ِ‬ ‫ص َ‬ ‫صود ُ أ ّ‬ ‫حاب َةِ ك َ َ‬ ‫َوال ْ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مْق ُ‬ ‫سيَر ع َ ْ‬ ‫ن ت َل َّق ْ‬ ‫ن الّتاب ِِعي َ‬ ‫ن َ‬ ‫ض ذ َل ِ َ‬ ‫ك‬ ‫م ِ‬ ‫مو َ‬ ‫سن ّةِ وَإ ِ ْ‬ ‫م ال ّ‬ ‫كاُنوا قَد ْ ي َت َك َل ّ ُ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫وا ع َن ْهُ ْ‬ ‫ت َل َّق ْ‬ ‫ن ِفي ب َعْ ِ‬ ‫ن‬ ‫ست ِن َْبا ِ‬ ‫مو َ‬ ‫ض ال ّ‬ ‫ط َواِل ْ‬ ‫ِباِل ْ‬ ‫ما ي َت َك َل ّ ُ‬ ‫ل كَ َ‬ ‫ست ِد َْل ِ‬ ‫سن َ ِ‬ ‫ن ِفي ب َعْ ِ‬ ‫ل‪.‬‬ ‫ست ِن َْبا ِ‬ ‫ط َواِل ْ‬ ‫ِباِل ْ‬ ‫ست ِد َْل ِ‬

‫كل آية ( ‪.‬‬ ‫إذا ً ينبني على هذا الصل ‪ :‬ضرورة الهتمام بتفسير التابعين‪.‬‬ ‫‪ -4‬المر الرابع الذي ينبني على هذا الصل ‪ :‬أننا نشترط في قبول أي تفسير فيه‬ ‫توسيع لمعنى الية أن ل يخالف مخالفة تضاد التفسير بالمأثور ‪.‬‬ ‫التفسير نوعان ‪ :‬التفسير بالمأثور ‪ ،‬والتفسير بالدراية أو بالرأي؛‬ ‫فالتفسير بالمأثور ‪ :‬هو تفسير للية بما ُأثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو‬ ‫عن صحابته أو عن التابعين الذين لهم مثل هذه الخصوصية‪ ،‬وبعضهم يقصره عن ما‬ ‫جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو عما جاء عن الصحابة‪ ،‬التفسير الذي تورد‬ ‫فيه هذه الثار صرفا ً بدون مزجها بالترجيح والتوجيه هو التفسير بالمأثور ‪.‬‬ ‫التفسير بالرأي ‪ :‬تفسير يورد فيه صاحبه بيان الية بحسب ما يراه من جهة اللغة‬ ‫والجتهاد والمور العامة‪ ،‬من شروط قبول التفسير بالرأي ‪ -‬وقد سبق أن ذكرت‬ ‫الشروط فيما مضى من دروس‪ -‬من هذه الشروط ‪ :‬أن ل يخالف التفسير بالرأي‬ ‫مخالفة تضاد التفسير بالمأثور‪ ،‬لماذا ؟ لننا نقول ‪ :‬التفسير بالمأثور تفسير الرسول‬ ‫صلى الله عليه وسلم سواء جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو عن الصحابة‬ ‫أو عن التابعين الذين عرفوا بهذه الخصوصية‪ ،‬وبناًء عليه ‪ :‬ل تجوز مخالفة هذا‬ ‫التفسير الذي جاء منقول ً ومأثورا ً عنهم‪ ،‬فأي معنى تأتي به في الية يخالف هذا‬ ‫التفسير المأثور مخالفة تضاد فهو مضروب عليه مطرح متروك‪.‬‬ ‫إذا جاء معنى في تفسير الية ل يخالف كلم الرسول والصحابة والتابعين مخالفة‬ ‫تضاد إنما يوسع المعنى بدون مخالفة ‪ ،‬فنقول ‪ :‬هذا من باب اختلف التنوع ول حرج‬ ‫فيه إذا روعيت بقية الشروط في قبول التفسير بالرأي ‪.‬‬ ‫‪ -5‬مما ينبني على هذه القاعدة ‪ -‬وهو المقصود العظم منها ‪ -‬تعظيم التفسير‬ ‫بالمأثور‪ ،‬والحرص على درسه وفهمه وتعلمه‪ ،‬إذ ما كان مرفوعا ً إلى الرسول ‪‬‬ ‫ظاهر في أهمية طلبه ودراسته‪ ،‬وما جاء موقوفا ً فإن جملة منه يجزم برفعها‪ ،‬وغيرها‬ ‫يغلب على الظن رفعها‪ ،‬ولو حصل الجزم بأنها قول للصحابي فل شك أن فهمه‬ ‫وتفسيره مقدم على تفسير غيره‪ ،‬لما لهم من الفضيلة والشرف‪ ،‬والعلم بأحوال‬ ‫القرآن العظيم ‪ ،‬وما كان عن التابعين فأغلبه مما يجزم بأنه مما تلقي عن الصحابة‬ ‫رضوان الله عليهم‪ ،‬إل ما يحصل الجزم أو بغلبة الظن أنه من كلمهم فل شك أنه‬ ‫جدير وحقيق بالنظر فيه ودرسه ورعايته‪.‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫‪28‬‬

‫َ‬ ‫ص ٌ‬ ‫ل‬ ‫ف ْ‬ ‫سيرِ قَِلي ٌ‬ ‫م ِفي‬ ‫ل وَ ِ‬ ‫خَل ُ‬ ‫ال ْ ِ‬ ‫ف ِفي الت ّْف ِ‬ ‫سل َ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫خَلفُهُ ْ‬ ‫ف ب َي ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ح َ‬ ‫سيرِ وَ َ‬ ‫م‬ ‫ن ِ‬ ‫ما ي َ ِ‬ ‫م ِفي الت ّْف ِ‬ ‫كام ِ أك ْث َُر ِ‬ ‫ص ّ‬ ‫غال ِ ُ‬ ‫اْل َ ْ‬ ‫ح عَن ْهُ ْ‬ ‫ب َ‬ ‫خَلفِهِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ضاد ّ وَذ َل ِ َ‬ ‫ك‬ ‫ف ت َن َوٍّع َل ا ْ‬ ‫جعُ إَلى ا ْ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف تَ َ‬ ‫خت َِل ِ‬ ‫خت َِل ِ‬ ‫خَل ِ‬ ‫ف ي َْر ِ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن ي ُعَب َّر ك ُ ّ‬ ‫ل َوا ِ‬ ‫مَرادِ‬ ‫حد ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ما"‪ :‬أ ْ‬ ‫ن) (‪" :‬أ َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫حد ُهُ َ‬ ‫م عَ ْ‬ ‫صن َْفا ِ‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫)( الختلف هو‪ :‬المعارضة وعدم التفاق ‪ ،‬وهو ‪ :‬أن يأتي شيء مكان شيء‪.‬‬

‫والختلف منفي عن الشرع‪ ،‬فإن الشرع ل اختلف فيه ول تعارض ول‬ ‫تناقض‪.‬‬ ‫فإن قيل ‪ :‬كيف ل اختلف في الشرع ول تعارض ول تناقض ‪ ،‬وهذه بعض‬ ‫اليات يشكل معناها على آيات أخرى وبعض الحاديث يشكل معناها على‬ ‫أحاديث أخرى ؟‬ ‫فالجواب ‪ :‬إن هذا التعارض والتناقض الموجود إنما هو بحسب المجتهدين‬ ‫ل بحسب القرآن والسنة ول بحسب الشرع‪ ،‬ولذلك قد يكون عند شخص‬ ‫بحسب علمه واجتهاده آية تعارض آية ‪ ،‬وعند عالم آخر ل تعارض ول‬ ‫إشكال‪.‬‬ ‫ك ل َنسأ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن(‬ ‫عي‬ ‫م‬ ‫ج‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ف‬ ‫)‬ ‫‪:‬‬ ‫تعالى‬ ‫قوله‬ ‫ويسمع‬ ‫إنسان‬ ‫يأتي‬ ‫حينما‬ ‫مثل ً ‪:‬‬ ‫ََ ّ‬ ‫َ ْ ُّ ْ ْ َ ِ َ‬ ‫سيسأل الناس يوم‬ ‫الله‬ ‫أن‬ ‫تقرير‬ ‫فيها‬ ‫الية‬ ‫هذه‬ ‫‪:‬‬ ‫يقول‬ ‫‪،‬‬ ‫(‬ ‫‪92‬‬ ‫)الحجر‪:‬‬ ‫سأ َ ُ‬ ‫س‬ ‫مئ ِذ ٍ ل ي ُ ْ‬ ‫القيامة ‪ ،‬ثم يقرأ في القرآن قوله تعالى ‪) :‬فَي َوْ َ‬ ‫ن ذ َن ْب ِهِ إ ِن ْ ٌ‬ ‫ل عَ ْ‬ ‫ن( )الرحمن‪ ، (39:‬فيقول ‪ :‬هذا مشكل ‪ ،‬الية الولى تقول ‪:‬إنهم‬ ‫جا ّ‬ ‫َول َ‬ ‫سيسألون ‪ ،‬والية الثانية تقول‪ :‬إنهم ل يسألون ‪ ،‬فيقول ‪ :‬هذا تعارض‬ ‫وتناقض ‪ ،‬فنقول له ‪ :‬ل ‪ ،‬هذا التعارض والتناقض بحسب فهمك لقصورك‬ ‫في العلم حصل هذا التناقض والختلف لديك وإل في الحقيقة ل تعارض‬ ‫ول تناقض ‪.‬‬ ‫والجواب عن هذا الشكال في هاتين اليتين كما قال ابن عباس رضي الله‬ ‫عنهما ‪ :‬إن الخرة مقامات ‪ ،‬ففي مقام ل يسأل أحد عن ذنبه ‪ ،‬وفي مقام‬ ‫ويحاسبوا ‪ ،‬ففي الموضع الذي جاء فيه أن الله ل يسأل عن شيء ‪:‬‬ ‫يسألواذ ل يسأ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫القيامة ل‬ ‫يوم‬ ‫مقامات‬ ‫في‬ ‫فهو‬ ‫‪،‬‬ ‫ن(‬ ‫جا‬ ‫ول‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ذ‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫مئ ِ ٍ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫)فَي َوْ َ‬ ‫ِ ِ ٌ َ‬ ‫ْ‬ ‫ك ل َنسأ َل َنهم أ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن(‬ ‫عي‬ ‫م‬ ‫ج‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ف‬ ‫)‬ ‫‪:‬‬ ‫فيه‬ ‫جاء‬ ‫الذي‬ ‫الموضع‬ ‫وفي‬ ‫‪،‬‬ ‫شيء‬ ‫عن‬ ‫يسأل‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫‪ ،‬فهو في مقام من مقامات القيامة يكون فيه السؤال والتقريع إما على‬ ‫سبيل التبكيت ‪ ،‬وإما على سبيل من السبل الخرى التي يذكرها أهل العلم‬ ‫في هذا المعنى ‪.‬‬ ‫ن فالمنفي‪ :‬سؤال الستعلم لن‬ ‫لمعا‬ ‫يأتي‬ ‫السؤال‬ ‫‪:‬‬ ‫قالوا‬ ‫جواب آخر َ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫خِبيُر()الملك‪ ، (14:‬فيكون‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ف‬ ‫طي‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫أل‬ ‫الله يعلم )‬ ‫َ‬ ‫ِ ُ‬ ‫َ ْ ُ َ َ ُْ َ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ن( أي ‪ :‬ل يسأل سؤال‬ ‫جا‬ ‫ول‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ذ‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫أ‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ئ‬ ‫م‬ ‫معنى )فَي َوْ َ ِ ٍ‬ ‫َ ْ ِْ ِ ْ ٌ َ َ ّ‬ ‫ُ ْ‬ ‫استعلم واستخبار لن الله يعلم ِما أحدثوا‪ ،‬وكل ما عملوا من عمل‬ ‫موجود محفوظ في إمام مبين ‪ ،‬كل إنسان كتابه موجود بما عمله من‬ ‫فلن يسأل أحد سؤال استعلم واستخبار ‪ ،‬أما قوله ‪) :‬فَوََرب ّ َ‬ ‫ك‬ ‫عمل ‪،‬‬ ‫ل َن َ‬ ‫َ‬ ‫ن( أي‪ :‬سؤال تبكيت وتوبيخ وتقريع ‪ ،‬فالسؤال المنفي غير‬ ‫عي‬ ‫م‬ ‫ج‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫َ ْ‬ ‫سأل َن ّ ُ ْ ْ َ ِ َ‬ ‫السؤال المثبت ‪ ،‬هذان جوابان لهل العلم في إزالة الشكال ‪ .‬وتعرفون‬ ‫أن من لم يعرف هذه الوجه من أوجه الجواب ومن أوجه المعنى تظهر‬ ‫الحقيقة ‪.‬‬ ‫عنده اليتان كأنها مشكلة وهي ليست مشكلة في‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ن ال ُ‬ ‫إذا ً الشرع من حيث هو هو ل اختلف ول تعارض‬ ‫قْرآ َ‬ ‫فيه )أَفل ي َت َد َب ُّرو َ‬ ‫ً‬ ‫وَل َوْ َ‬ ‫خِتلفا ً ك َِثيرا( )النساء‪ ، (82:‬لكن ما‬ ‫دوا ِفيهِ ا ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫عن ْد ِ غ َي ْرِ الل ّهِ ل َوَ َ‬ ‫كا َ‬ ‫م ْ‬ ‫دام من عند الله لن يكون فيه اختلف ‪.‬‬ ‫فإن قال قائل ‪ :‬هذا دعاء الستفتاح في الصلة له أكثر من صيغة ‪ ،‬هناك‬ ‫صيغة تقول ‪) :‬اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق‬ ‫والمغرب ‪ ...‬الخ(‪ ،‬وهناك صيغة تقول‪) :‬سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك‬ ‫اسمك وتعالى جدك ول إله غيرك (‪ ،‬وهناك صيغة تقول ‪ ) :‬الله أكبر‬ ‫كبيرا‪...‬الخ (‪ ،‬وهذا اختلف ؟ فنقول ‪ :‬نعم ‪ .‬هذا الختلف موجود في‬ ‫الشرع وهو غير الختلف المنفي ‪ ،‬فالمنفي ‪ :‬اختلف التعارض والتناقض‬ ‫ل اختلف في الشرع ‪ ،‬يعني ‪ :‬ل تعارض ول تناقض في الشرع ‪.‬‬

‫‪29‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫حب ِهِ ت َد ُ ّ‬ ‫ر‬ ‫صا ِ‬ ‫ب ِعَِباَرةِ غَي ْرِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫س ّ‬ ‫معًْنى ِفي ال ْ ُ‬ ‫ل ع ََلى َ‬ ‫عَباَرةِ َ‬ ‫مى غَي ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ة‬ ‫معَْنى اْل َ‬ ‫كافِئ َ ِ‬ ‫معَ ات ّ َ‬ ‫من ْزِل َةِ اْل ْ‬ ‫م َ‬ ‫ماِء ال ْ ُ‬ ‫س َ‬ ‫مى ب ِ َ‬ ‫س ّ‬ ‫حادِ ال ْ ُ‬ ‫خرِ َ‬ ‫ال ْ َ‬ ‫ما ِقي َ‬ ‫ف‪:‬‬ ‫مت ََباي ِن َ ِ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫سم ِ ال ّ‬ ‫ل ِفي ا ْ‬ ‫ة‪ .‬ك َ َ‬ ‫مت ََرادِفَةِ َوال ْ ُ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ال ِّتي ب َي ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ك مث ْ ُ َ‬ ‫ماِء‬ ‫د‪ ،‬وَذ َل ِ َ ِ‬ ‫ماِء الل ّهِ ال ْ ُ‬ ‫مهَن ّ ُ‬ ‫صارِ ُ‬ ‫سَنى وَأ ْ‬ ‫ح ْ‬ ‫لأ ْ‬ ‫س َ‬ ‫س َ‬ ‫م َوال ْ ُ‬ ‫ال ّ‬ ‫رسول ِه صلى الله عليه وسلم وأ َسماِء ال ُْقرآن‪ ،‬فَإ َ‬ ‫ماَء‬ ‫َ ُ ِ‬ ‫ِ ّ‬ ‫نأ ْ‬ ‫س َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫(‬ ‫الل ّهِ ك ُل َّها ت َد ُ ّ‬ ‫ن‬ ‫س دُ َ‬ ‫مى َوا ِ‬ ‫سم ِ ِ‬ ‫عاؤُه ُ ِبا ْ‬ ‫م َ‬ ‫س ّ‬ ‫ل ع ََلى ُ‬ ‫حدٍ) فَل َي ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫أَ‬ ‫ْ‬ ‫خَر;‬ ‫نى‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ئ‬ ‫ما‬ ‫س‬ ‫سم ِ آ َ‬ ‫ضاّدا ل ِد ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬ ‫عائ ِهِ ِبا ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ما َقا َ‬ ‫بَ ْ‬ ‫عوا‬ ‫ه أوِ اد ْ ُ‬ ‫ل اد ْ ُ‬ ‫عوا الل َ‬ ‫مُر ك َ َ‬ ‫ل ال ْ‬ ‫ل ت ََعالى ‪﴿ :‬قُ ِ‬ ‫الرحم َ‬ ‫َ‬ ‫سَنى﴾‪.‬‬ ‫ما ت َد ْ ُ‬ ‫ماُء ال ْ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ه اْل ْ‬ ‫س َ‬ ‫عوا فَل َ ُ‬ ‫ن أّيا َ‬ ‫ّ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫مائ ِهِ ي َد ُ ّ‬ ‫وَك ُ ّ‬ ‫ل ع ََلى ال ّ‬ ‫ماةِ وَع ََلى‬ ‫ذا ِ‬ ‫سم ٍ ِ‬ ‫م َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫لا ْ‬ ‫س ّ‬ ‫ت ال ْ ُ‬ ‫س َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ) (‪.‬‬ ‫صَفةِ ال ِّتي ت َ َ‬ ‫من ََها اِل ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ض ّ‬ ‫ال ّ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫الختلف الثاني موجود ‪ ،‬والعلماء من أجل التفريق بين النوعين من‬ ‫الختلف قالوا ‪ :‬الول المنفي اختلف التعارض ‪ ،‬والمثبت اختلف التنوع ‪،‬‬ ‫لن اختلف التنوع موجود في الشرع ‪ ،‬مثل ً ‪ :‬أنت في فدية الذى في الحج‬ ‫مخير بين ثلثة أنواع ‪ ،‬إما صيام ثلثة أيام أو إطعام ستة مساكين أو ذبح‬ ‫شاة ‪ ،‬أنت مخير قي صلة الليل توتر بركعة أو توتر بثلث أو توتر بخمس‬ ‫أو توتر بسبع ‪ ،‬هذا اختلف ‪ ،‬أنت مخير في أذكار الركوع بأكثر من ذكر ‪،‬‬ ‫أنت مخير في أذكار السجود بأكثر من ذكر‪ ،‬أنت مخير في دعاء الستفتاح‬ ‫بأكثر من ذكر ‪ ،‬هذا تنوع جاء به الشرع توسعة على الناس ‪ .‬هذا اسمه ‪:‬‬ ‫اختلف تنوع ‪.‬‬ ‫شيخ السلم ابن تيمية يريد أن يقول‪ :‬ل اختلف تعارض وتناقض في‬ ‫المنقول عن السلف في تفسير القرآن الكريم‪ ،‬وغالب اختلفهم هو من‬ ‫باب اختلف التنوع ‪.‬‬ ‫فمثل ً ‪ :‬تفتح التفسير فتجد أحد السلف يقول في قوله تعالى‪) :‬اهدنا‬ ‫الصراط المستقيم( قال ‪ :‬القرآن ‪ ،‬آخر قال ‪ :‬السلم ‪ ،‬آخر قال‪ :‬طريق‬ ‫الجنة ‪ ،‬آخر قال‪ :‬السنة ‪ ،‬آخر قال‪ :‬ما كان عليه الصحابة ‪ ،‬هذه القوال‬ ‫الربعة هي قول واحد‪ ،‬إذ إن الصراط المستقيم هو القرآن وهو السنة وهو‬ ‫طريق الجنة وهو ما كان عليه الصحابة‪ ،‬تنوعت اللفاظ والمعنى واحد‪،‬‬ ‫فهو اختلف تنوع ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وهذه القاعدة مهمة كثيرا لمن يطالع كتب التفسير بالمأثور ‪ ،‬أكثر الناس‬ ‫يستصعب القراءة في تفسير ابن جرير وابن كثير بسبب كثرة القوال‬ ‫التي يوردها في الية ؛ لكن لو تنبهوا لهذه القاعدة‪ ،‬لسُهل الخطب‪ ،‬ولم‬ ‫تعد القضية صعبة‪.‬‬ ‫ثم يقول ابن تيمية رحمه الله‪ :‬إن تنوعهم في التعبير عن الختلف يرجع‬ ‫إلى سببين‪:‬‬ ‫الول ‪ :‬أن يعبروا عن المعنى الواحد بأكثر من لفظ‪.‬‬ ‫الثاني ‪ :‬أن يكون كلمهم من باب التمثيل‪ ،‬من باب المثال ‪ ،‬ول يقصدون‬ ‫به الحصر‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫)( يعني وإن اختلف السم ‪ ،‬فالقرآن والكتاب والفرقان والذكر أسماء متنوعة لما‬ ‫أنزله الله سبحانه وتعالى على محمد ‪ ،‬والرسول ‪ ‬له أسماء متنوعة فهو أحمد‬ ‫ومحمد والماحي يمحو الله به الشرك وهو العاقب وهو الحاشر‪ ،‬والمقصود بها ذات‬ ‫معينة واحدة وهي ذات الرسول ‪ ،‬والله عزوجل له أسماء وصفات كثيرة‪ ،‬وقد جاء‬ ‫في الحديث ‪" :‬إن لله تسعا ً وتسعين اسما"‪ ،‬فهذه السماء المتنوعة تدل على ذات‬ ‫واحدة هي الله عزوجل‪.‬‬ ‫)( هذه القاعدة في باب السماء والصفات ‪ ،‬يقول العلماء – رحمهم الله ‪ : -‬كل اسم‬ ‫من أسماء الله تعالى يدل على ذاته ويدل على صفته ويدل على أثره‪ ،‬فمث ً‬ ‫ل‪ :‬اسم‬ ‫الله ) الرحمن ( يدل على ذات الله المسماة بالرحمن ‪ ،‬ويدل على صفة الرحمة ‪،‬‬ ‫ويدل على الثر وهو وجود خلق مرحوم يصل إليه أثر هذه الرحمة ‪ ،‬فكل اسم يدل‬

‫‪30‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫كال ْعَِليم ِ ي َد ُ ّ‬ ‫ل ع ََلى ال ّ‬ ‫م‪.‬‬ ‫ذا ِ‬ ‫ت َوالعِل ِ‬ ‫ديُر ي َد ُ ّ‬ ‫ل ع ََلى ال ّ‬ ‫ة‪.‬‬ ‫ت َوال ُْقد َْر ِ‬ ‫ذا ِ‬ ‫َوال َْق ِ‬ ‫م ي َد ُ ّ‬ ‫ل ع ََلى ال ّ‬ ‫ة ) (‪.‬‬ ‫َوالّر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ت َوالّر ْ‬ ‫ح َ‬ ‫حي ُ‬ ‫ومن أ َنك َر دَلل َ َ َ‬ ‫عي ال ّ‬ ‫ظاه َِر ‪:‬‬ ‫ن ي َد ّ ِ‬ ‫صَفات ِهِ ِ‬ ‫مائ ِهِ ع ََلى ِ‬ ‫َ َ ْ ْ َ َ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫س َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن‪:‬‬ ‫مط َةِ ال ّ ِ‬ ‫ل غ َُلةِ ال َْباط ِن ِي ّةِ ال َْقَرا ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن ي َُقوُلو َ‬ ‫ن ِ‬ ‫فََقوْل ُ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫س قَوْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫جن ْ ِ‬ ‫ي ; بَ ْ‬ ‫َل ي َُقا ُ‬ ‫ن‬ ‫ن ; فَإ ِ ّ‬ ‫ه الن ِّقي َ‬ ‫ل ي َن ُْفو َ‬ ‫س بِ َ‬ ‫ل هُوَ َ‬ ‫ن عَن ْ ُ‬ ‫ي وََل ل َي ْ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ضي ْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ض‬ ‫ح‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ما‬ ‫س‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫رو‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ط‬ ‫با‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ة‬ ‫ط‬ ‫م‬ ‫را‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ك‬ ‫ئ‬ ‫ل‬ ‫أو‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ َ‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫صَفا ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫سَنى ِ‬ ‫مَرا ِ‬ ‫مائ ِهِ ال ُ‬ ‫ما ي ُن ْك ُِرو َ‬ ‫م ْ‬ ‫ح ْ‬ ‫ما ِفي أ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ن َ‬ ‫ت وَإ ِن ّ َ‬ ‫ض َ‬ ‫كال ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ت؛‬ ‫اْل ِث َْبا ِ‬ ‫م َ‬ ‫واه ُ ال ْغُل ُوّ ِفي‬ ‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫صودِه ِ ْ‬ ‫م ع ََلى َ‬ ‫ن َوافََقهُ ْ‬ ‫فَ َ‬ ‫مْق ُ‬ ‫معَ د َعْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ّ‬ ‫وافًِقا ل ِغَُلةِ ال َْباط ِن ِي ّةِ ِفي ذ َل ِ َ‬ ‫س هَ َ‬ ‫ع‬ ‫موْ ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ظاهِرِ ُ‬ ‫ك‪ .‬وَل َي ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ط ذ َل ِ َ‬ ‫ك) ( ‪.‬‬ ‫س ِ‬ ‫بَ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مائ ِهِ ي َد ُ ّ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫ل عََلى َ‬ ‫ه‬ ‫ذات ِ ِ‬ ‫سم ٍ ِ‬ ‫صود ُ أ ّ‬ ‫نأ ْ‬ ‫لا ْ‬ ‫س َ‬ ‫ما ال ْ َ‬ ‫وَإ ِن ّ َ‬ ‫مْق ُ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫ه‪ ،‬وَي َد ُ ّ‬ ‫صَفةِ ال ِّتي‬ ‫صَفات ِ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫سم ِ ِ‬ ‫ل أي ْ ً‬ ‫ما ِفي اِل ْ‬ ‫وَع ََلى َ‬ ‫ضا عََلى ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬ ‫م‪.‬‬ ‫سم ِ اْل َ‬ ‫ِفي اِل ْ‬ ‫خرِ ب ِط َ ِ‬ ‫ق اللُزو ِ‬ ‫ري ِ‬ ‫وك َذ َل ِ َ َ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫مد ٍ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم ِ‬ ‫م َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ل ُ‬ ‫س َ‬ ‫ماُء الن ّب ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب‪.‬‬ ‫ما ِ‬ ‫حا ِ‬ ‫حي َوال ْ َ‬ ‫وَأ ْ‬ ‫مد َوال ْ َ‬ ‫ح َ‬ ‫شرِ َوال َْعاقِ ِ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫على صفة وذات وأثر لهذه الصفة‪.‬‬ ‫)( الفرق بين صفات الذات وصفات الفعل‪ :‬قال ابن سعدي رحمه الله )كما في‬ ‫الجوبة السعدية عن المسائل الكويتية ص ‪" :(119‬إن صفات الذات هي الصفات‬ ‫اللزمة التي ل تنفك ذات الباري عنها بل هو موصوف بها‪ .‬وهي ثابتة له كل وقت‪،‬‬ ‫وفي كل حال‪ ،‬ول تتعلق بقدرته ومشيئته‪ ،‬وذلك مثل الحياة والعلم‪ ،‬والقدرة‪،‬‬ ‫والسمع‪ ،‬والبصر‪ ،‬والعظمة‪ ،‬والكبرياء‪ ،‬والعلو‪ ،‬والحمد‪ ،‬والمجد‪ ،‬والجلل‪ ،‬والجمال‪،‬‬ ‫والعزة‪ ،‬والحكمة‪ ،‬ونحو ذلك من الصفات التي هي من لوازم ذاته و ل ينفك و ل يخلو‬ ‫منها‪ ،‬فله منها كمالها وغاياتها ونهاياتها بحيث ل يحيط العباد ببعض هذه الصفات‪.‬‬ ‫وأما صفات الفعال فهي كل صفة تتعلق بقدرته ومشيئته‪ ،‬وهي التي إن شاء فعلها‪،‬‬ ‫وإن لم يشأ لم يفعلها‪ ،‬وذلك مثل صفة الكلم‪ ،‬فإنه موصوف بالكلم الذي ل ينفد و ل‬ ‫يبيد‪ ،‬وكلمه متعلق بمشيئته وقدرته‪ ،‬فإن شاء تكلم وإن شاء لم يتكلم‪ ،‬وكذلك صفة‬ ‫ن‬ ‫الرحمة‪ ،‬فإنها صفة ذاتية‪ ،‬وصفة فعلية‪ ،‬فإنه يرحم من يشاء ﴿ن ُ ِ‬ ‫ب ب َِر ْ‬ ‫صي ُ‬ ‫مت َِنا َ‬ ‫ح َ‬ ‫م ْ‬ ‫نَ َ‬ ‫شاُء﴾ )يوسف‪ :‬من الية ‪ ،(56‬وكذلك الستواء على العرش فإنه لم يستو عليه إل‬ ‫بعد خلق السموات والرض‪ ،‬وكذلك النزول إلى السماء الدنيا كل ليلة‪ ،‬فإنها من‬ ‫صفات الفعال‪ ،‬فإنه ينزل إذا شاء كيف يشاء‪ ،‬وكذلك من صفاته الفعلية صفات‬ ‫الخلق والرزق والتصريف والتدبير‪ ،‬فإنه موصوف بأنه الخلق والرزاق المتصرف‬ ‫المدبر للمخلوقات‪ ،‬ولكنها تتعلق بمشيئته وقدرته‪ ،‬فإنه كل يوم هو في شأن‪ ،‬وهي‬ ‫شؤون وتدابير وتصاريف يبديها ويظهرها في أوقاتها اللئقة بها بحسب حكمته‬ ‫وحمده‪ ،‬ذلك كله بقدرته ومشيئته‪ .‬فهذا على وجه الشارة هو الفرق بين الصفات‬ ‫الفعلية الذاتية والصفات الفعلية"اهش‬ ‫وليعلم أن الله موصوف بهذه الصفات ومستحق لها‪ ،‬فهو لم يزل متصفا ً بصفات‬ ‫الكمال ‪ ،‬صفات الذات وصفات الفعل‪ ،‬ول يجوز أن يعتقد أن الله وصف بصفة بعد‬ ‫أن لم يكن متصفا بها‪ .‬وانظر شرح الطحاوية ص ‪.127‬‬ ‫)( ض ّ‬ ‫ل في أسماء الله وصفاته جماعات ‪ ،‬وضللهم ينحصر في ثلثة اتجاهات‪:‬‬ ‫اتجاه التأويل؛ وهو أن تصرف السماء والصفات عن معانيها ‪.‬‬ ‫واتجاه التعطيل؛ وهو أن يثبت السم أو الصفة وينفي المعنى‪ ،‬فعندهم الله عليم بل‬ ‫علم ‪ ،‬سميع بل سمع‪ ،‬تعالى الله عما يقولون علوا ً كبيرًا‪.‬‬ ‫واتجاه التجهيل‪ ،‬وهو أن يقولوا عن السماء والصفات‪ :‬معناها مجهول‪ ،‬ويقولوا ‪:‬‬ ‫الرسول لم يعّلم الناس معناها‪.‬‬

‫‪31‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫وك َذ َل ِ َ َ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫دى‬ ‫ن‪ِ :‬‬ ‫ن َوال ْهُ َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ن َوال ُْفْرَقا ِ‬ ‫ل ال ُْقْرآ ِ‬ ‫ماُء ال ُْقْرآ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ) (‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َوال ّ‬ ‫ل ذ َل ِك ‪.‬‬ ‫مَثا‬ ‫ن َوالك َِتا‬ ‫شَفاِء َوالب ََيا‬ ‫ب ‪ .‬وَأ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫فَإ َِذا َ‬ ‫ي‬ ‫كا َ‬ ‫م َ‬ ‫صود ُ ال ّ‬ ‫مى عَب ّْرَنا عَن ْ ُ‬ ‫س ّ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مْق ُ‬ ‫ه ب ِأ ّ‬ ‫ل ت َعِْيي َ‬ ‫سائ ِ ِ‬ ‫سم ٍ َ‬ ‫مى هَ َ‬ ‫م‪.‬‬ ‫س‬ ‫ن إَذا ع ُرِ َ‬ ‫كا َ‬ ‫ذا اِل ْ‬ ‫م َ‬ ‫ا ْ‬ ‫س ّ‬ ‫ف ُ‬ ‫ِ‬ ‫ما وَقَد ْ ي َ ُ‬ ‫وَقَد ْ ي َ ُ‬ ‫سأ َ ُ‬ ‫ن‬ ‫صَف ً‬ ‫ن ِ‬ ‫كو ُ‬ ‫كو ُ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ن اِل ْ‬ ‫ة كَ َ‬ ‫م عَل َ ً‬ ‫س ُ‬ ‫ل عَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫قَول ِه ‪﴿ :‬وم َ‬ ‫ن ذ ِك ْ‬ ‫ما ذِك ُْرهُ ؟‬ ‫ْ ِ‬ ‫ري﴾ َ‬ ‫ن أع َْر َ‬ ‫ض عَ ْ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فَي َُقا ُ‬ ‫ب‪.‬‬ ‫ه ِ‬ ‫ه ‪ :‬هُوَ ال ُْقْرآ ُ‬ ‫ما أن َْزل َ ُ‬ ‫مث ًَل أوْ هُوَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫ن ال ْك ُت ُ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل وََتاَرةً‬ ‫ف إَلى ال َْفا ِ‬ ‫ضا ُ‬ ‫صد َُر َتاَرةً ي ُ َ‬ ‫فَإ ِ ّ‬ ‫صد ٌَر ‪َ .‬وال ْ َ‬ ‫ن الذ ّك َْر َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫ل‪.‬‬ ‫إَلى ال ْ َ‬ ‫مْفُعو ِ‬ ‫معَْنى الّثاِني َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫فَإ َِذا ِقي َ‬ ‫ل‬ ‫ما ي ُذ ْك َُر ب ِهِ ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ل ذ ِك ُْر الل ّهِ ِبال ْ َ‬ ‫ه أ َك ْب َُر‪.‬‬ ‫ن الل ّهِ َوال ْ َ‬ ‫حا َ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ل ال ْعَب ْد ِ ُ‬ ‫ه وََالل ّ ُ‬ ‫ه إّل الل ّ ُ‬ ‫مد ُ ل ِل ّهِ وََل إل َ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫قَوْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ل َ‬ ‫وَإ َِذا ِقي َ‬ ‫ه‬ ‫كا َ‬ ‫م ُ‬ ‫ما ي َذ ْك ُُرهُ هُوَ وَهُوَ ك ََل ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ل ِبال ْ َ‬ ‫معَْنى اْلوّ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه َقا َ‬ ‫وَهَ َ‬ ‫ل‬ ‫ري﴾ ِلن ّ ُ‬ ‫مَراد ُ ِفي قَوْل ِهِ ‪﴿ :‬وَ َ‬ ‫ذا هُوَ ال ْ ُ‬ ‫ن أع َْر َ‬ ‫ض عَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ذِك ْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ل ذ َل ِ َ‬ ‫ض ّ‬ ‫قَب ْ َ‬ ‫ل وََل‬ ‫دايَ فََل ي َ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ات ّب َعَ هُ َ‬ ‫مّني هُ ً‬ ‫دى فَ َ‬ ‫ما ي َأت ِي َن ّك ُ ْ‬ ‫ك ﴿فَإ ِ ّ‬ ‫م ِ‬ ‫َ‬ ‫ل ب َعْد َ ذ َل ِ َ‬ ‫ك ‪َ﴿ :‬قا َ‬ ‫ن الذ ّك ْرِ وََقا َ‬ ‫يَ ْ‬ ‫ل‬ ‫ه ِ‬ ‫شَقى﴾ وَهُ َ‬ ‫ما أن َْزل َ ُ‬ ‫داهُ هُوَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫ك أ َت َت ْ َ‬ ‫ل ك َذ َل ِ َ‬ ‫صيًرا﴾ ﴿َقا َ‬ ‫ح َ‬ ‫ك‬ ‫ت بَ ِ‬ ‫م َ‬ ‫َر ّ‬ ‫مى وَقَد ْ ك ُن ْ ُ‬ ‫شْرت َِني أع ْ َ‬ ‫ب لِ َ‬ ‫سيت ََها﴾‪.‬‬ ‫آَيات َُنا فَن َ ِ‬ ‫ف أ َن الذ ّك ْر هُو ك ََلمه ال ْمنز ُ َ‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ُ ُ ُ َّ‬ ‫ن ي ُعَْر َ ّ‬ ‫صود ُ أ ْ‬ ‫َوال ْ َ‬ ‫مْق ُ‬ ‫ل أوْ هُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫واٌء ِقي َ‬ ‫دايَ أ َْو‬ ‫ري ك َِتاِبي أوْ ك ََل ِ‬ ‫مي أوْ هُ َ‬ ‫ه فَ َ‬ ‫ذ ِك ُْر ال ْعَب ْدِ ل َ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ل ذ ِك ْ ِ‬ ‫ك َ‬ ‫حوُ ذ َل ِ َ‬ ‫دا‪.‬‬ ‫مى َوا ِ‬ ‫ح ً‬ ‫كا َ‬ ‫نَ ْ‬ ‫م َ‬ ‫س ّ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ة‬ ‫معْرِفَ َ‬ ‫صَف ِ‬ ‫سم ِ ِ‬ ‫كا َ‬ ‫وَإ ِ ْ‬ ‫ما ِفي اِل ْ‬ ‫صود ُ ال ّ‬ ‫ة َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مْق ُ‬ ‫م ْ‬ ‫سائ ِ ِ‬ ‫ختصة به فََل بد من قَدر زائ ِد ع ََلى تعيين ال ْمسمى مث ْ َ َ‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ُ ّ ِ ْ ْ ٍ َ ٍ‬ ‫م ْ َ ّ ِ ِ ِ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ُ َ ّ‬ ‫َِْ‬ ‫ال ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫يسأ َ‬ ‫ل عَن ال ُْقدوس السَلم ال ْمؤْمن وقَد عَل ِم أ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫;‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ّ ِ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫حوَ ذ َل ِ َ‬ ‫ك ‪ .‬إَذا‬ ‫مؤْ ِ‬ ‫مًنا وَن َ ْ‬ ‫معَْنى ك َوْن ِهِ قُ ّ‬ ‫سا َ‬ ‫دو ً‬ ‫ما ُ‬ ‫سَل ً‬ ‫ما َ‬ ‫مَراد َهُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫مى ب ِعَِباَرةِ ت َد ُ ّ‬ ‫ف هَ َ‬ ‫ل‬ ‫سل ُ‬ ‫ع ُرِ َ‬ ‫ما ي ُعَب ُّرو َ‬ ‫م َ‬ ‫ذا َفال ّ‬ ‫س ّ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫ف ك َِثيًرا َ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ر‬ ‫سم ِ اْل َ‬ ‫ن ِفيَها ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ع ََلى ع َي ْن ِهِ وَإ ِ ْ‬ ‫س ِفي اِل ْ‬ ‫صَفةِ َ‬ ‫ما ل َي ْ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫خ ِ‬ ‫ك َمن يُقو ُ َ‬ ‫س‬ ‫ما ِ‬ ‫حا ِ‬ ‫ب ‪َ ,‬وال ُْق ّ‬ ‫حي َوال َْعاقِ ُ‬ ‫مد هُوَ ال ْ َ‬ ‫ل‪:‬أ ْ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫شُر َوال ْ َ‬ ‫ح َ‬ ‫دو ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ة‬ ‫صَف َ‬ ‫مى َوا ِ‬ ‫هُوَ ال ْغَُفوُر َوالّر ِ‬ ‫حد ٌ َل أ ّ‬ ‫م أيْ أ ّ‬ ‫م َ‬ ‫س ّ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫حي ُ‬ ‫ن هَذِهِ ال ّ‬ ‫ة‪ ،‬ومعُلو َ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫ه‬ ‫سا ْ‬ ‫خت َِل َ‬ ‫ف تَ َ‬ ‫مأ ّ‬ ‫صَف ُ َ َ ْ ٌ‬ ‫ما ي َظ ُن ّ ُ‬ ‫ضاد ّ ك َ َ‬ ‫ذا ل َي ْ َ‬ ‫ي هَذِهِ ال ّ‬ ‫هِ َ‬ ‫‪3‬‬

‫‪3‬‬

‫)( يعني وكذا ما جاء من اختلف في التفسير عن الصحابة فإن بعضه يعود إلى‬ ‫تعبيرهم عن المعنى الواحد بألفاظ مختلفة‪ ،‬فهو اختلف في اللفظ مع اتحاد المعنى‪،‬‬ ‫كما تختلف السماء للذات الواحدة‪.‬‬

‫‪32‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫س‪.‬‬ ‫ب َعْ ُ‬ ‫ض الّنا ِ‬ ‫ل ذ َل ِ َ‬ ‫مَثا ُ‬ ‫م؛‬ ‫صَرا ِ‬ ‫ك ت َْف ِ‬ ‫ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ال ْ ُ‬ ‫سيُرهُ ْ‬ ‫م ِلل ّ‬ ‫ست َِقي ِ‬ ‫َ‬ ‫فََقا َ‬ ‫ي‬ ‫م ‪ :‬هُوَ " ال ُْقْرآ ُ‬ ‫ل ب َعْ ُ‬ ‫ن "‪ :‬أيْ ات َّباعُ ُ‬ ‫ضهُ ْ‬ ‫ل الن ّب ِ ّ‬ ‫ه; ل َِقوْ ِ‬ ‫ي‬ ‫ذي َرَواه ُ الت ّْر ِ‬ ‫ي ال ّ ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫صلى الله عليه وسلم ِفي َ‬ ‫مذ ِ ّ‬ ‫ث عَل ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫حب ْ ُ‬ ‫و‬ ‫مت َعَد ّد َ ٍ‬ ‫وََرَواه ُ أُبو ن ُعَي ْم ٍ ِ‬ ‫ة‪" :‬هُوَ َ‬ ‫ل الل ّهِ ال ْ َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ن وَهُ َ‬ ‫مِتي ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ط ُُر ٍ‬ ‫صَرا ُ‬ ‫م") (‪.‬‬ ‫ح ِ‬ ‫الذ ّك ُْر ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ست َِقي ُ‬ ‫ط ال ْ ُ‬ ‫كي ُ‬ ‫م وَهُوَ ال ّ‬ ‫وََقا َ‬ ‫م "؛ ل َِقوْل ِهِ صلى الله عليه‬ ‫ل ب َعْ ُ‬ ‫سَل ُ‬ ‫م ‪ :‬هُوَ " اْل ِ ْ‬ ‫ضهُ ْ‬ ‫ي‬ ‫ذي َرَواهُ الت ّْر ِ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫مَعا َ‬ ‫وسلم ِفي َ‬ ‫ن َ‬ ‫س ْ‬ ‫مذ ِ ّ‬ ‫ث الن ّ ّ‬ ‫س بْ ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫صَرا ً‬ ‫ي‬ ‫مث ًَل ِ‬ ‫ما وَعََلى َ‬ ‫ضَر َ‬ ‫وَغ َي ُْرهُ ‪َ " :‬‬ ‫م ْ‬ ‫ست َِقي ً‬ ‫طا ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ب الل ّ ُ‬ ‫جن َب َت َ ْ‬ ‫الصراط سوران وفي السوري َ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ح ٌ‬ ‫ّ َ ِ ُ َ ِ َ ِ‬ ‫مَفت ّ َ‬ ‫وا ٌ‬ ‫ب ُ‬ ‫وا ِ‬ ‫ة وَعََلى اْلب ْ َ‬ ‫ن أب ْ َ‬ ‫ّ َ ْ ِ‬ ‫عو ع ََلى‬ ‫ط وََداٍع ي َد ْ ُ‬ ‫خاةٌ وََداٍع ي َد ْ ُ‬ ‫مْر َ‬ ‫صَرا ِ‬ ‫عو ِ‬ ‫ُ‬ ‫سُتوٌر ُ‬ ‫ق ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ن فَوْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫صَرا ُ‬ ‫ط َقا َ‬ ‫م‬ ‫َرأ‬ ‫صَرا ِ‬ ‫سَل ُ‬ ‫م هُوَ اْل ِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ست َِقي ُ‬ ‫ط ال ْ ُ‬ ‫ل ‪َ :‬فال ّ‬ ‫س ال ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫عي‬ ‫دا ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫م الل ّهِ َوال ّ‬ ‫م َ‬ ‫مَفت ّ َ‬ ‫وا ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫حارِ ُ‬ ‫َوال ّ‬ ‫ة َ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫دود ُ الل ّهِ َواْلب ْ َ‬ ‫سوَرا ِ‬ ‫ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫َ‬ ‫ظ‬ ‫ط َوا ِ‬ ‫دا ِ‬ ‫صَرا ِ‬ ‫صَرا ِ‬ ‫ب الل ّهِ َوال ّ‬ ‫ط ك َِتا ُ‬ ‫عي فَوْقَ ال ّ‬ ‫س ال ّ‬ ‫ع َلى َرأ ِ‬ ‫ب كُ ّ‬ ‫ن"‪.‬‬ ‫م‬ ‫مؤْ ِ‬ ‫ل ُ‬ ‫الل ّهِ ِفي قَل ْ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫فَهَ َ‬ ‫سَلم ِ هُوَ ات َّباعُ‬ ‫مت ّ ِ‬ ‫ن) (; ِل َ ّ‬ ‫ن اْل ِ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن ِدي َ‬ ‫فَقا ِ‬ ‫ن ال َْقوَْل ِ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫ر‪،‬‬ ‫ف اْل َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫ص ٍ‬ ‫ما ن َب ّ َ‬ ‫من ْهُ َ‬ ‫ف غ َي ْرِ ال ْوَ ْ‬ ‫ه عََلى وَ ْ‬ ‫ن‪ ،‬وَل َك ِ ْ‬ ‫ال ُْقْرآ ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫كَ َ‬ ‫ن ل َْف َ‬ ‫ط" ي ُ ْ‬ ‫ث‪.‬‬ ‫ف َثال ِ ٍ‬ ‫صَرا ٍ‬ ‫ظ" ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫ما أ ّ‬ ‫َ‬ ‫شعُِر ب ِوَ ْ‬ ‫ْ‬ ‫وَك َذ َل ِ َ‬ ‫ن َقا َ‬ ‫ك قَوْ ُ‬ ‫ة "‪.‬‬ ‫ماعَ ُ‬ ‫سن ّ ُ‬ ‫ة َوال َ‬ ‫ل ‪ :‬هُوَ " ال ّ‬ ‫ج َ‬ ‫ل َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َقا َ‬ ‫وَقَوْ ُ‬ ‫ة"‪.‬‬ ‫ريقُ ال ْعُُبودِي ّ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ‪" :‬هُوَ ط َ ِ‬ ‫ل ‪" :‬هُوَ َ‬ ‫ن َقا َ‬ ‫وَقَوْ ُ‬ ‫ه"صلى الله عليه‬ ‫طاع َ ُ‬ ‫سول ِ ِ‬ ‫ة الل ّهِ وََر ُ‬ ‫ل َ‬ ‫م ْ‬ ‫وسلم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ) (‬ ‫مَثا ُ‬ ‫م أَ َ‬ ‫حد َةٍ ;‬ ‫ت َوا ِ‬ ‫ل ذ َل ِ‬ ‫شاُروا إَلى َذا ٍ‬ ‫ك ‪ .‬فَهَؤ َُلِء ك ُل ّهُ ْ‬ ‫وَأ ْ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫)( هذا الحديث في سنده الحارث العور‪ ،‬وقد ضعفوه‪ ،‬ومدار أسانيده وطرقه عليه‪.‬‬ ‫الحديث صحيح معنى ضعيف مبنى ‪.‬‬ ‫)( القولن هما ‪ :‬تفسير )الصراط( بأنه القرآن ‪ ،‬أو تفسير )الصراط( بأنه السلم‬ ‫فهذان القولن متفقان ‪.‬‬ ‫)( فتحصل عندنا خمسة أقوال في تفسير )الصراط المستقيم(‪ :‬القرآن ‪ ،‬والسلم‪،‬‬ ‫والسنة والجماعة ‪ ،‬والعبودية ‪ ،‬وطاعة الله ورسوله ‪ ،‬هذه خمسة أقوال كلها في‬ ‫الحقيقة قول واحد‪ ،‬فهذا اختلف تنوع وليس اختلف تضاد ‪.‬‬ ‫هذه القاعدة مهمة لمن يطالع التفسير بالمأثور‪ ،‬وهي ‪ :‬أن يلحظ أن الختلف الوارد‬ ‫عن الصحابة والتابعين في مجمله ‪ -‬إن لم يكن كله ‪ -‬من باب اختلف التنوع ل‬ ‫اختلف التضاد؛ فينظر في أقوالهم الواردة في تفسير الية فإنها غالبا ُ ترجع إلى‬ ‫معنى واحد‪ ،‬والذي يحصل ‪ :‬أن كل واحد يعبر عن المعنى المراد باسم غير الذي يعبر‬ ‫عنه الثاني‪ ،‬أو يضرب أحدهم مثل ً للشيء فرد من أفراد العام غير ما يذكره الخر ‪،‬‬ ‫وهو السبب الثاني لهذا التنوع؛ لن الشيخ ذكر لختلف التنوع سببين في عبارات‬ ‫السلف‪:‬‬ ‫الول‪ :‬كل واحد يعبر عن الشيء باسم غير ما يعبر به الخر ‪ ،‬الذي هو ‪ :‬اختلف‬ ‫اللفظ والمعنى واحد ‪.‬‬

‫‪33‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫صَفَها ك ُ ّ‬ ‫صَفات َِها ‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫صَفةِ ِ‬ ‫م بِ ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َك ِ ْ‬ ‫ف الّثاِني") (‪ :‬أ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫ذ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫صن ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫سم ِ ال َْعا ّ‬ ‫ن اِل ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫"ال ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مِع عََلى الن ّوِْع‪،‬‬ ‫وا ِ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫عهِ ع ََلى َ‬ ‫ل وَت َن ِْبيهِ ال ْ ُ‬ ‫ل الت ّ ْ‬ ‫ب َعْ َ‬ ‫مِثي ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫ض أن ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫خ‬ ‫سِبي‬ ‫مهِ وَ ُ‬ ‫ص ِ‬ ‫صو ِ‬ ‫مو ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫َل عََلى َ‬ ‫دود ِ ِفي عُ ُ‬ ‫ق ل ِل ْ َ‬ ‫طاب ِ‬ ‫حد ّ ال ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ل سائ ِ َ‬ ‫سأ َ َ‬ ‫ي‬ ‫ظ ال ْ ُ‬ ‫مى "ل َْف ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل أعْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ي َ‬ ‫س ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫ز" فَأرِ َ‬ ‫ل عَ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫مث ْ َ َ ٍ‬ ‫خب ْ ِ‬ ‫َرِغيًفا وَِقي َ‬ ‫ذا َل إَلى هَ َ‬ ‫شاَرةُ إَلى ن َوِْع هَ َ‬ ‫ذا‪َ .‬فاْل ِ َ‬ ‫ه ‪ :‬هَ َ‬ ‫ذا‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫ف وَ ْ‬ ‫الّرِغي ِ‬ ‫حد َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ل ذ َل ِ َ‬ ‫ما ن ُِق َ‬ ‫مَثا ُ‬ ‫ن‬ ‫ب ال ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫م أوَْرث َْنا ال ْك َِتا َ‬ ‫ل ِفي قَوْل ِهِ ‪﴿ :‬ث ُ ّ‬ ‫ك َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م َ‬ ‫م‬ ‫ن ِ‬ ‫صد ٌ و َ ِ‬ ‫مْقت َ ِ‬ ‫سهِ وَ ِ‬ ‫م ل ِن َْف ِ‬ ‫عَبادَِنا فَ ِ‬ ‫صط ََفي َْنا ِ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ظال ِ ٌ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ا ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ت﴾ ؛‬ ‫ساب ِقٌ ِبال ْ َ‬ ‫خي َْرا ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫سهِ ي َت ََناوَ ُ‬ ‫ت‬ ‫جَبا ِ‬ ‫م ل ِن َْف ِ‬ ‫م َ‬ ‫مأ ّ‬ ‫معُْلو ٌ‬ ‫وا ِ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫ظال ِ َ‬ ‫فَ َ‬ ‫ضي ّعَ ل ِل ْ َ‬ ‫من ْت َهِ َ‬ ‫ت ) (‪.‬‬ ‫ما ِ‬ ‫م َ‬ ‫حّر َ‬ ‫ك ل ِل ْ ُ‬ ‫َوال ْ ُ‬ ‫ت وََتارِ َ‬ ‫ع َ‬ ‫صد ُ ي َت ََناوَ ُ‬ ‫ت‬ ‫ل َفا ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫جَبا ِ‬ ‫مْقت َ ِ‬ ‫م َ‬ ‫حّر َ‬ ‫ك ال ْ ُ‬ ‫وا ِ‬ ‫َوال ْ ُ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ت‪.‬‬ ‫ساب ِقُ ي َد ْ ُ‬ ‫جَبا ِ‬ ‫سَنا ِ‬ ‫ب ِبال ْ َ‬ ‫سب َقَ فَت ََقّر َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن َ‬ ‫َوال ّ‬ ‫وا ِ‬ ‫ت َ‬ ‫ل ِفيهِ َ‬ ‫معَ ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫َفال ْمْقتصدون هُم أ َ‬ ‫ب ال ْ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫مي‬ ‫ي‬ ‫حا‬ ‫ص‬ ‫ِ‬ ‫ساب ُِقو َ‬ ‫ساب ُِقو َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ِ ُ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ن ﴿َوال ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُأول َئ ِ َ‬ ‫م ي َذ ْك ُُر هَ َ‬ ‫واِع‬ ‫ذا ِفي ن َوٍْع ِ‬ ‫ن ك ُّل ِ‬ ‫مإ ّ‬ ‫مَقّرُبو َ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ن﴾‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫ك ال ْ ُ‬ ‫ن أن ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫ال ّ‬ ‫ل‬ ‫طا َ‬ ‫ساب ِقُ ال ّ ِ‬ ‫عا ِ‬ ‫ل ‪ :‬ال ّ‬ ‫ذي ي ُ َ‬ ‫صّلي ِفي أوّ ِ‬ ‫ل ال َْقائ ِ ِ‬ ‫ت ك ََقوْ ِ‬ ‫(‬ ‫صّلي ِفي أ َث َْنائ ِهِ َوال ّ‬ ‫ه‬ ‫س ِ‬ ‫م ل ِن َْف ِ‬ ‫صد ُ ال ّ ِ‬ ‫مْقت َ ِ‬ ‫ال ْوَقْ ِ‬ ‫ظال ِ ُ‬ ‫ت) َوال ْ ُ‬ ‫ذي ي ُ َ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫الثاني‪ :‬أن يكون اللفظ عاما ً فيذكر كل واحد فردا ً من أفراد العام على سبيل المثال‬ ‫ل على سبيل الحصر‪.‬‬ ‫)( يعني الصنف الثاني مما يرجع إليه اختلفهم في التفسير‪ ،‬وهذا هو السبب الثاني‪،‬‬ ‫والذي قبله هو السبب الول‪ ،‬وهو أن يعبر كل واحد منهم عن الشيء باسم غير‬ ‫السم الخر ؛ لكن كل السماء تعود إلى معنى واحد‪ .‬وأما السبب الثاني فهو أن‬ ‫يكون للمعنى أفراد كثيرة فيذكر كل واحد منهم فردا ً يشير إلى المعنى من باب‬ ‫التمثيل‪ ،‬أو من باب ذكر بعض أفراد العام‪.‬‬ ‫)( لو جاء شخص وقال ‪ :‬تفسير )الظالم لنفسه( قال هو ‪ :‬الذي يزني‪ .‬وجاء آخر‬ ‫وقال‪ :‬هو الذي يشرب الخمر‪ ،‬وثالث قال هو ‪ :‬الذي يأكل الربا‪ ،‬ورابع قال هو‪ :‬الذي‬ ‫ل يحافظ على الصلة‪ ،‬وخامس قال هو ‪ :‬الذي ل يحافظ على الصلة جماعة‪ ،‬فهل‬ ‫هذا اختلف ؟ الجواب ‪ :‬ل‪ ،‬ليس هذا اختلف‪ ،‬لنها كلها داخلة في معنى الظالم‬ ‫لنفسه‪ ،‬فالظالم لنفسه يشمل أفرادا كثيرة‪ ،‬وكل واحد ممن أراد تفسير الظالم‬ ‫لنفسه ذكر فردا ً من أفراد )الظالم لنفسه(‪.‬‬ ‫هنا هذا الختلف ‪ :‬اختلف تنوع‪ ،‬يختلف في سببه عن النوع الول؛ الول‪ :‬التعبير‬ ‫بأسماء متعددة عن ذات واحدة‪ ،‬أما هنا ‪ :‬فالتعبير عن اسم عام بفرد من أفراده ل‬ ‫لقصد الحصر أو التخصيص‪ ،‬ولكن لغرض التمثيل أو التنبيه‪.‬‬ ‫)( يقول ‪) :‬السابق بالخيرات( هو ‪ :‬الذي يصلي في أول الوقت ‪ ،‬وآخر يقول هو ‪:‬‬ ‫الذي يبذل الصدقة في أول ما يشعر أن هناك محتاج ‪ ،‬وآخر يقول هو ‪ :‬الذي يبادر‬ ‫إلى الحج أول ما يستطيع ‪ ،‬وآخر يقول هو ‪ :‬الذي يبدأ بالنفقة التي تجب عليه أول ما‬ ‫يتحصل على المال ‪ .‬هذه كلها من صفات السابق بالخيرات ‪ ،‬لكن ل يراد بها الحصر‪.‬‬ ‫إذا فهمتم هذه القاعدة ‪ -‬وهي قاعدة اختلف التنوع واختلف التضاد ‪ ،‬وإن الموجود‬ ‫بين السلف هو ‪ :‬اختلف التنوع ليس اختلف التضاد‪ ،‬وفهمتم أسباب اختلف التنوع –‬ ‫ننبهكم على أمر ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫من الظلم في معاملة اختلف التنوع إبطال النواع الخرى‪ ،‬إذا أنت رجحت نوعا ل‬ ‫تبطل النوع الثاني‪ ،‬نعم ترجح لكن ل تقول الثاني باطل‪ ،‬بل تقول ‪ :‬القرب الول‪،‬‬ ‫القرب الثاني‪ ،‬لكن ل تقول‪ :‬الصواب الول‪ ،‬أو الصواب الثاني‪ ،‬لنك إذا قلت هذا‬ ‫فمعناه أنك خطأت الخر‪.‬‬

‫‪34‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫صِفَراِر‪.‬‬ ‫ذي ي ُؤ َ ّ‬ ‫ال ّ ِ‬ ‫صَر إَلى اِل ْ‬ ‫خُر ال ْعَ ْ‬ ‫صد ُ َوال ّ‬ ‫وَي َُقو ُ‬ ‫م‬ ‫ل ] اْل َ‬ ‫مْقت َ ِ‬ ‫خُر [‪ :‬ال ّ‬ ‫م قَد ْ ذ َك ََرهُ ْ‬ ‫ظال ِ ُ‬ ‫ساب ِقُ َوال ْ ُ‬ ‫صد َقَةِ َوال ّ‬ ‫م‬ ‫ِفي آ ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫ظال ِ َ‬ ‫ه ذ َك ََر ال ْ ُ‬ ‫سوَرةِ ال ْب ََقَرةِ فَإ ِن ّ ُ‬ ‫ن ِبال ّ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬ ‫ب ِأ َك ْ‬ ‫ل الّرَبا َوال َْعادِ َ‬ ‫ما‬ ‫ل ِبال ْب َي ِْع َوالّنا‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن وَإ ِ ّ‬ ‫ما ُ‬ ‫لإ ّ‬ ‫س ِفي اْل ْ‬ ‫ُ‬ ‫س ٌ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ما َ‬ ‫عاد ِ ٌ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫حّبا ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫م َ‬ ‫ست َ َ‬ ‫ن ب ِأ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م؛ َفال ّ‬ ‫ت َ‬ ‫داِء ال ْ ُ‬ ‫ساب ِقُ ال ْ ُ‬ ‫ظال ِ ٌ‬ ‫ل وَإ ِ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫َ‬ ‫ت َوال ّ‬ ‫ال ْ‬ ‫مان ِعُ الّز َ‬ ‫م آك ِ ُ‬ ‫ذي‬ ‫صد ُ ال ّ ِ‬ ‫مْقت َ ِ‬ ‫جَبا ِ‬ ‫كاةِ َوال ْ ُ‬ ‫ل الّرَبا أوْ َ‬ ‫ظال ِ ُ‬ ‫وا ِ‬ ‫َ‬ ‫ي ُؤ َّدي الّز َ‬ ‫ة وََل ي َأ ْك ُ ُ‬ ‫ل الّرَبا‪.‬‬ ‫ض َ‬ ‫مْفُرو َ‬ ‫كاةَ ال ْ َ‬ ‫وأ َ‬ ‫ل هَذ ِهِ اْل َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ل‪.‬‬ ‫وي‬ ‫قا‬ ‫ثا‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬

‫لماذا ل نحكم بخطأ القول الخر في اختلف التنوع‪ ،‬خاصة ولدينا أدلة على الترجيح‬ ‫أو قرائن ؟‬ ‫الجواب‪ :‬لن القوال كلها في اختلف التنوع حق‪ ،‬والترجيح بينها من باب اختيار‬ ‫ما من باب‬ ‫الوضح والقرب للفهم في أداء المعنى‪ ،‬فقط‪.‬كلها معاني واحدة متفقة‪ ،‬إ ّ‬ ‫ذكر المعنى الواحد بألفاظ متعددة‪ ،‬وإما من باب ذكر بعض أفراد العام‪ ،‬أو التمثيل‪.‬‬ ‫فمن الظلم هنا ‪ :‬أن تبطل القول الخر‪ ،‬أو تصادره كما يعبر بعضهم‪ ،‬بل قد يتحتم‬ ‫أحيانا ً اعتماد جميع القوال الواردة‪ ،‬لن القتصار على بعضها تقصير في تفسير معنى‬ ‫الية‪.‬‬ ‫وكذا في العبادات ما جاء منها على سبيل اختلف التنوع‪ ،‬فمثل ً لو اختار رجل في‬ ‫دعاء الستفتاح )سبحانك اللهم وبحمدك ‪...‬الخ( هل يجوز له أن يقول ‪ :‬ما عدا هذه‬ ‫الصيغة ل يجوز الستفتاح بها ؟ الجواب‪ :‬ل! لماذا ؟ لن كل الصيغة الواردة في دعاء‬ ‫الستفتاح الثابتة جائزة‪ ،‬وهو رجح هذه الصيغة لنه رآها جاءت عن طريق عمر بن‬ ‫الخطاب أو عن طريق ابن مسعود ‪....‬الخ‪ ،‬لكن ينبغي أن ل يبطل القوال الخرى‬ ‫لنها من حيث المعنى راجعة إلى الول هذه قضية ‪.‬‬ ‫قضية ثانية ‪ :‬اختلف التنوع في باب الحكام غيره في باب التفسير ‪ ،‬اختلف التنوع‬ ‫في باب الحكام في باب العبادات السنة فيه ‪ :‬التنوع‪ ،‬والظلم فيه ‪ :‬ليس فقط في‬ ‫إبطال القول الخر فقط؛ ولكن أيضا ً من الظلم فيها أن تعمل بصفة واحدة وتترك‬ ‫الخرى‪ ،‬ولكنه ظلم من باب ترك الولى والفضل في متابعة السنة‪ ،‬فليس من‬ ‫السنة أن تقتصر في الصلة فقط على ‪ ) :‬سبحانك اللهم وبحمدك ‪ ....‬الخ( لن‬ ‫الرسول صلى الله عليه وسلم كان مرة يستفتح بهذه ‪ ،‬ومرة يستفتح بش ) اللهم باعد‬ ‫‪...‬الخ ( ‪ ،‬ومرة‪) :‬الله أكبر كبيرا ‪....‬الخ ( ‪ ،‬فالسنة في اختلف التنوع في العبادات ‪:‬‬ ‫التنوع في العمل بها‪ ،‬فمرة بهذه ومرة بهذه‪.‬‬ ‫أما في التفسير ‪ :‬فتارة ل مانع من أن تأخذ بقول واحد من الوارد‪ ،‬لن جميع القوال‬ ‫راجعة إليه‪ ،‬وتارة ل يتم عندك المعنى المراد إل بجمع جميع القوال‪.‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫‪35‬‬

‫فَك ُ ّ‬ ‫ف‬ ‫ل ِفيهِ ذ ِك ُْر ن َوٍْع َدا ِ‬ ‫ري ِ‬ ‫خ ٍ‬ ‫ل قَوْ ٍ‬ ‫ل ِفي اْلي َةِ ذ ُك َِر ل ِت َعْ ِ‬ ‫ف‬ ‫ري َ‬ ‫ظيرِ ِ‬ ‫ه وَت َن ِْبيهِهِ ب ِهِ عََلى ن َ ِ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ه; فَإ ِ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ل اْلي َةِ ل َ ُ‬ ‫ال ْ ُ‬ ‫مِع ب ِت ََناوُ ِ‬ ‫ن الت ّعْ ِ‬ ‫ل أَ‬ ‫مط ْل َ‬ ‫حد ّ ال ْ‬ ‫ف ِبال ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫سهُ ُ‬ ‫ق ) (‪.‬‬ ‫ري‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ث‬ ‫ك‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِبال ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ل قَد ْ ي َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫مَثا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُِ‬ ‫َوال ْعَْق ُ‬ ‫نإ َ‬ ‫ه إَلى‬ ‫ذا أ ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫شيَر ل َ ُ‬ ‫ن ِللن ّوِْع ك َ َ‬ ‫سِلي ُ‬ ‫ما ي َت ََفط ّ ُ‬ ‫م ي َت ََفط ّ ُ‬ ‫ف فَِقي َ‬ ‫ه ‪ :‬هَ َ‬ ‫خب ُْز‪.‬‬ ‫ذا هُوَ ال ْ ُ‬ ‫َرِغي ٍ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫ت‬ ‫ذا ال َْبا‬ ‫م‬ ‫م‪ :‬هَذِهِ اْلي َ ُ‬ ‫جيُء ك َِثيًرا ِ‬ ‫ة ن ََزل َ ْ‬ ‫ب قَوْل ُهُ ْ‬ ‫وَقَد ْ ي َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫شخصا ; ك َأ َ‬ ‫مذ ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ِفي ك َ َ‬ ‫ل‬ ‫زو‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫با‬ ‫س‬ ‫ّ‬ ‫ذا َل ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫كا َ‬ ‫ما إ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫سي ّ َ‬ ‫ِ‬ ‫كوُر َ ْ ً‬ ‫ِ‬ ‫مذ ْ ُ‬ ‫ر‪.‬‬ ‫سي‬ ‫كوَرةِ ِفي الت ّْف ِ‬ ‫ال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ة الظ ّهار نزل َت في امرأ َة أ َ‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ن آي َ َ‬ ‫ْ َ ِ‬ ‫َ ِ ََ ْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫م‪:‬إ ّ‬ ‫ك ََقوْل ِهِ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ت‪.‬‬ ‫م ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫ال ّ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ن آي َ َ‬ ‫وَإ ِ ّ‬ ‫ن ن ََزل َ ْ‬ ‫ت ِفي عويمر العجلني أوْ هَِل ِ‬ ‫ة الل َّعا ِ‬ ‫ل بْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ة‪.‬‬ ‫مي ّ َ‬ ‫أ َ‬ ‫وأ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫جا‬ ‫في‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ز‬ ‫ن‬ ‫ة‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫آ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ن عَب ْد ِ الل ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ما أن َْز َ‬ ‫ت ِفي‬ ‫نا ْ‬ ‫وَأ ّ‬ ‫ه﴾ ن ََزل َ ْ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫م بِ َ‬ ‫م ب َي ْن َهُ ْ‬ ‫حك ُ ْ‬ ‫ن قَوْل َ ُ‬ ‫ه ‪﴿ :‬وَأ ِ‬ ‫ر‪.‬‬ ‫ب َِني قَُري ْظ َ َ‬ ‫ة َوالن ّ ِ‬ ‫ضي ِ‬ ‫َ‬ ‫ت ِفي ب َد ٍْر‪.‬‬ ‫وَأ ّ‬ ‫مئ ِذ ٍ د ُب َُرهُ﴾ ن ََزل َ ْ‬ ‫م ي َوْ َ‬ ‫ن ي ُوَل ّهِ ْ‬ ‫ه ‪﴿ :‬و َ َ‬ ‫ن قَوْل َ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫شهادةُ بين ِك ُم إَذا حضر أ َ‬ ‫وأ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ز‬ ‫ن‬ ‫﴾‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫د‬ ‫ح‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫داٍء‪.‬‬ ‫ضي ّةِ ت َ ِ‬ ‫ِفي قَ ِ‬ ‫ن بَ َ‬ ‫ميم ٍ الداري وَع َد ِيّ ب ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وقَو َ َ‬ ‫م إَلى‬ ‫ه ‪﴿ :‬وََل ت ُل ُْقوا ب ِأي ْ ِ‬ ‫بإ ّ‬ ‫ل أِبي أّيو َ‬ ‫ديك ُ ْ‬ ‫ن قَوْل َ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫ددددد دددددد ‪23/7/1423‬دد‬

‫)( التعريف عند العلماء هو ‪ :‬الحد الجامع لفراد المعرف فل يخرج منها شيء‪ ،‬المانع‬ ‫من دخول غيرها فيه‪ ،‬لذلك يقولون ‪ :‬التعريف شرطه أن يكون جامعا ً مانعا ً ‪ .‬هذا‬ ‫التعريف ‪ ،‬لكن أحيانا ً يترك العلماء طريق التعريف الجامع المانع إلى ضرب المثال‪،‬‬ ‫ويكون تعريفهم بالمثال من باب التقريب للمعنى في أذهان المستمعين ‪.‬‬ ‫يعني مثل ً ‪ :‬تسأله ما هي الصلة يقول ‪ :‬الصلة مثل الصلوات الخمس ‪ ،‬كصلة‬ ‫الظهر ‪ ،‬هذا تعريف بالمثال ‪ ،‬تسأله مثل ً ‪ :‬ما هو الحديث الصحيح ؟ يقول ‪ :‬الحديث‬ ‫الصحيح مثل ما أخرجه البخاري في صحيحه عن فلن عن فلن قال ‪ :‬قال رسول‬ ‫الله صلى الله عليه وسلم كذا ‪ ،‬هذا اسمه تعريف بالمثال ‪.‬‬ ‫وأغلب ما جاء في القرآن والسنة وفي كلم السلف هو من هذا النوع لنا أمة أمية ‪،‬‬ ‫ولن الشرع يخاطب به جميع الناس على جميع مستوياتهم فيأتي البيان فيه على‬ ‫أيسر سبله وأقرب طرقه لفهام الناس ‪.‬‬ ‫وعادة يقصد المعّرف بالمثال ‪ :‬تقريب المعنى إلى السامع ل حصره ‪ ،‬ولذلك ل يصح‬ ‫إذا ما عّرف المصنف معنى من المعاني بالمثال أن ننتقده ‪ ،‬ونقول ‪ :‬هذا التعريف‬ ‫غير جامع مانع لنه أصل ً ما قصد التعريف بالحد الجامع المانع ‪ ،‬وبعض الناس يعترض‬ ‫على بعض العلماء عندما يعّرفون بعض المعاني بالمثال ثم يقول‪ :‬هذا التعريف غير‬ ‫جامع ‪ ،‬ويبدأ يعامل كلمه بالتعريف بالمثال كما يعامل التعريف بالحد الجامع المانع ‪،‬‬ ‫وهذا خطأ في التعامل‪.‬‬ ‫ومن أمثلتة التعريف بالمثال ما جاء عن بعض السلف لما سئل عن زيادة اليمان‬ ‫بالطاعة ونقصانه بالمعصية‪ ،‬فقيل له‪ :‬ما زيادته؟ فقال‪ :‬زيادته ذكر الله ‪ :‬سبحان الله‬ ‫والحمد لله و الله أكبر ‪ ...‬فهذا ظاهر أنه قصد التمثيل بجنس الطاعات وذكر أيسرها‬ ‫وأسهلها‪.‬‬

‫‪36‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َ‬ ‫معْ َ‬ ‫ث‪.‬‬ ‫دي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫صارِ ال ْ َ‬ ‫ت ِفيَنا َ‬ ‫الت ّهْل ُك َةِ﴾ ن ََزل َ ْ‬ ‫شَر اْلن ْ َ‬ ‫ذا ك َِثير مما يذ ْك ُرون أ َ‬ ‫وَن َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ظائ ُِر هَ َ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫في‬ ‫ل‬ ‫ز‬ ‫ن‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ ِ ّ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ٍ ْ‬ ‫ة أ َو في قَوم م َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْي َُهودِ‬ ‫مك ّ َ ْ ِ‬ ‫شرِ ِ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫ال ْ ُ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫ن أهْ ِ‬ ‫ْ ٍ ِ ْ‬ ‫كي َ‬ ‫َ‬ ‫ن؛‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫صاَرى‪ ،‬أوْ ِفي قَوْم ٍ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫َوالن ّ َ‬ ‫مِني َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫ن َقاُلوا ذ َل ِ َ‬ ‫ص‬ ‫م ْ‬ ‫م ي َْق ِ‬ ‫فَا َل ّ ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫دوا أ ّ‬ ‫ص ُ‬ ‫م اْلي َةِ ُ‬ ‫حك ْ َ‬ ‫ك لَ ْ‬ ‫خت َ ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫ب ُ‬ ‫ك اْل َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عاقِ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫قو‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ذا‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫م;‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫غ‬ ‫ن‬ ‫دو‬ ‫ن‬ ‫يا‬ ‫ع‬ ‫ئ‬ ‫ل‬ ‫أو‬ ‫م وََل َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ ْ ٌ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪((1‬‬ ‫ق ‪.‬‬ ‫ع ََلى اْل ِط َْل ِ‬ ‫ب‬ ‫ن ت ََناَز ُ‬ ‫عوا ِفي الل ّْف ِ‬ ‫س وَإ ِ ْ‬ ‫ظ ال َْعا ّ‬ ‫وارِدِ عََلى َ‬ ‫سب َ ٍ‬ ‫َوالّنا ُ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م ي َُق ْ‬ ‫هَ ْ‬ ‫ن‬ ‫ل يَ ْ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫حد ٌ ِ‬ ‫لأ َ‬ ‫سب َب ِهِ أ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ص بِ َ‬ ‫ماِء ال ْ ُ‬ ‫ن عُل َ َ‬ ‫م َل ؟ فَل َ ْ‬ ‫خت َ ّ‬ ‫مي َ‬ ‫م ْ‬ ‫أَ‬ ‫خص ال ْ‬ ‫ن عمومات ال ْ‬ ‫ّ‬ ‫ما‬ ‫ي‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ش‬ ‫بال‬ ‫ص‬ ‫ت‬ ‫خ‬ ‫ت‬ ‫ة‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫وال‬ ‫ب‬ ‫تا‬ ‫ك‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن وَإ ِن ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ب ِن َوِْع ذ َل ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ما ي َُقا ُ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫ه‬ ‫ش ْ‬ ‫ل إن َّها ت َ ْ‬ ‫غاي َ ُ‬ ‫شب ِهُ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ص فَي َعُ ّ‬ ‫ة َ‬ ‫خت َ ّ‬ ‫خ ِ‬ ‫وََل ي َ ُ‬ ‫ظ‪.‬‬ ‫ب الل ّْف ِ‬ ‫م ِفيَها ب ِ َ‬ ‫كو ُ‬ ‫مو ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ال ْعُ ُ‬ ‫س ِ‬ ‫كانت أ َ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫ف‬ ‫يا‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫را‬ ‫م‬ ‫َواْلي َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫نإ ْ‬ ‫سب َ ٌ‬ ‫ة ال ِّتي ل ََها َ‬ ‫ْ‬ ‫ن َ َ ْ‬ ‫ب ُ‬ ‫ً َ ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫معَي ّ ٌ‬ ‫ن َ‬ ‫ن َ‬ ‫ة ل ِذ َل ِ َ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫ت‬ ‫ش ْ‬ ‫مت ََناوِل َ ٌ‬ ‫من ْزِل َت ِ ِ‬ ‫ص وَل ِغَي ْرِهِ ِ‬ ‫ه‪ ،‬وَإ ِ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫م ّ‬ ‫ُ‬ ‫م ْ‬ ‫خ ِ‬ ‫َ‬ ‫ة ل ِذ َل ِ َ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫ن‬ ‫ش ْ‬ ‫َ‬ ‫مت ََناوِل َ ٌ‬ ‫ص وَغ َي ْرِهِ ِ‬ ‫مد ِْح أوْ ذ َ ّ‬ ‫م ّ‬ ‫ي ُ‬ ‫خب ًَرا ب ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م فَهِ َ‬ ‫خ ِ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫كا َ‬ ‫)‬

‫‪ (1‬الن شيخ السلم يضرب أمثلة يقول‪ :‬يدخل في باب اختلف التنوع عباراتهم عن‬ ‫أسباب النزول‪.‬‬ ‫ما تعريف سبب النزول ؟‬ ‫سبب النزول هو الحادثة التي تقع في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم أو السؤال‬ ‫الذي يسأل عنه الرسول صلى الله عليه وسلم فينزل القرآن متحدثا ً عنها أو مجيبا ً‬ ‫عن السؤال‪.‬‬ ‫تعريف آخر مختصر ‪ :‬أن سبب النزول هو ‪ :‬ما نزل بصدده قرآن من حدث أو سؤال‪.‬‬ ‫والعلماء – رحمهم الله – نبهوا أن تعبير السلف عن سبب النزول له صيغتان ‪:‬‬ ‫الولى ‪ :‬صيغة صريحة في التعبير عن سبب النزول ‪.‬‬ ‫الثانية ‪ :‬صيغة غير صريحة ‪.‬‬ ‫الصيغة الصريحة‪ ،‬كأن يقال‪ :‬حدث كذا فأنزل الله كذا ‪ ،‬أو جاء رجل فسأل الرسول‬ ‫صلى الله عليه وسلم عن كذا‪ ،‬فيرتب نزول الية على حدث أو سؤال‪.‬‬ ‫النوع الثاني ‪ :‬الصيغة غير الصريحة ‪ :‬هي أن يقال ‪ :‬سبب النزول هذه الية كذا‪ ،‬أو‬ ‫نزلت هذه الية في كذا‪ .‬هذه الصيغة محتملة لن يكون ما يذكر من باب سبب‬ ‫النزول على المعنى الول الصريح‪ ،‬أو من باب بيان دخول هذا المعنى في الية‪ ،‬كأنه‬ ‫يقول ‪ :‬هذا المعنى مما يدخل في معنى هذه الية‪ ،‬أو إن نزول هذه الية يشمل هذا‬ ‫المعنى‪ ،‬فهي صيغة محتملة لن يكون مراده التعبير عن السبب من الحدث أو‬ ‫ن هذا المر‬ ‫السؤال الذي نزل بصدده قرآن‪ ،‬ومحتمل أن يكون ما عناه ‪ :‬البيان عن أ ّ‬ ‫يدخل ضمن الية‪.‬‬ ‫فنبه شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله إلى أن النوع الثاني من الصيغة المحتملة في‬ ‫التعبير عن سبب النزول‪ ،‬إذا تعددت أقوالهم فيه مما يدخل في اختلف التنوع‪ ،‬لن‬ ‫مرادهم أن ذلك مما يدخل في معنى الية‪ .‬فل يضرب قول بعضهم ببعض‪ ،‬و ل يرد‬ ‫قول بعضهم بقول بعض‪ .‬فإذا فتحت التفسير تجد من الصحابة من يقول ‪ :‬نزلت هذه‬ ‫الية في كذا‪ ،‬صحابي آخر يقول ‪ :‬نزلت هذه الية في كذا‪ ،‬ويذكر معنى آخر‪ ،‬وثالث‬ ‫يقول ‪ :‬نزلت في كذا‪ ،‬فاعلم عندها أن مرادهم‪ :‬بيان أن الية تشمل في معناها هذه‬ ‫المور ‪ ،‬وأن مراد الصحابي بقوله ‪ :‬نزلت هذه الية في كذا ‪ ،‬بيان شمول المعنى في‬ ‫الية لهذه المور ‪ ،‬لن تعبيرهم بقولهم‪ :‬نزلت هذه الية في كذا ‪ ،‬هو من مثل قولهم‪:‬‬ ‫من معنى هذه الية كذا‪ ،‬أو يدخل في معنى هذه الية كذا ‪ ،‬فصار من اختلف التنوع‪.‬‬

‫‪37‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َ‬ ‫ضا [) (‪.‬‬ ‫من ْزِل َت ِهِ ] أي ْ ً‬ ‫بِ َ‬ ‫م‬ ‫معْرِفَ ُ‬ ‫ن عََلى فَهْم ِ اْلي َةِ فَإ ِ ّ‬ ‫ة" َ‬ ‫ن ال ْعِل ْ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫سب َ ِ‬ ‫ل " ي ُِعي ُ‬ ‫ب الن ُّزو ِ‬ ‫َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ب ; وَل ِهَ َ‬ ‫ي‬ ‫ب ُيورِ ُ‬ ‫ص ّ‬ ‫كا َ‬ ‫م َ‬ ‫ِبال ّ‬ ‫م ِبال ْ ُ‬ ‫ث ال ْعِل ْ َ‬ ‫نأ َ‬ ‫سب ّ ِ‬ ‫سب َ ِ‬ ‫ح قَوْل َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫حال ِ ُ‬ ‫م ي ُعَْر ْ‬ ‫مين ِ ِ‬ ‫ب يَ ِ‬ ‫واه ُ ال ْ َ‬ ‫جعَ إَلى َ‬ ‫ف ُر ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ه إَذا ل َ ْ‬ ‫ال ُْفَقَهاِء أن ّ ُ‬ ‫سب َ ِ‬ ‫ما ن َ َ‬ ‫ها) (‪.‬‬ ‫جَها وَأ ََثاَر َ‬ ‫ما هَي ّ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫َ‬ ‫ة ِفي ك َ َ‬ ‫ب‬ ‫ت هَذ ِهِ اْلي َ ُ‬ ‫سب َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ذا ي َُراد ُ ب ِهِ َتاَرةً أن ّ ُ‬ ‫م ن ََزل َ ْ‬ ‫وَقَوْل ُهُ ْ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫)( العبرة بعموم اللفظ ل بخصوص السبب ‪ ،‬وبعض الناس ممن شذ ّ عن طريقة أهل‬ ‫السنة والجماعة يجعل حكم الية خاصا ً في عين من نزلت فيه ‪ ،‬وهذا ل قائل به من‬ ‫أهل السنة المتبعين لما كان عليه السلف الصالح ‪ ،‬لن العبرة عندهم بعموم اللفظ ل‬ ‫بخصوص السبب‪.‬‬ ‫لكن هنا نكتة علمية نّبه عليها ابن دقيق العيد رحمه الله في إحكام الحكام وهي ‪:‬‬ ‫أن العبرة في اللفظ بعمومه ل بخصوص السبب لكن قد تفيد قرائن الحوال معنى‬ ‫التخصيص فل يكون للفظ معناه العام ‪ .‬قاله ابن دقيق العيد )ت ‪702‬هش( رحمه الله‬ ‫]إحكام الحكام )‪ ،(2/225‬بتصرف يسير‪ .‬وانظر فتح الباري )‪" :[(4/184‬السياق‬ ‫والقرائن ]يدلن[ على مراد المتكلم من كلمه وهي المرشدة إلى بيان المجملت‬ ‫وتعيين المحتملت‪ ،‬فاضبط هذه القاعدة‪ ،‬فإنها مفيدة في مواضع ل تحصى "اهش‪.‬‬ ‫والوقوف على مراد المتكلم ومقصده من كلمه واعتبار ذلك نافع للناظر؛ ومما يدل‬ ‫عليه السياق‪.‬‬ ‫قال ابن دقيق العيد رحمه الله‪ ،‬في كلمه على حديث‪" :‬الخالة بمنزلة الم"]إحكام‬ ‫الحكام )‪" :[(83-4/82‬سياق الحديث يدل على أنها بمنزلتها في الحضانة‪ ،‬وقد‬ ‫يستدل بإطلقه أصحاب التنزيل على تنزيلها منزلة الم في الميراث‪ ،‬إل أن الول‬ ‫أقوى؛ فإن السياق طريق إلى بيان المجملت‪ ،‬وتعيين المحتملت‪ ،‬وتنزيل الكلم‬ ‫على المقصود منه‪ .‬وفهم ذلك قاعدة كبيرة من قواعد أصول الفقه‪ ،‬ولم أر من‬ ‫تعرض لها في أصول الفقه بالكلم عليها وتقرير قاعدتها مطولة إل بعض المتأخرين‬ ‫ممن أدركنا أصحابهم وهي قاعدة متعينة على الناظر وإن كانت ذات شعب‬ ‫ومناظر"اهش‪.‬‬ ‫ومثل بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم لما قال ‪) :‬ليس من البر الصيام في‬ ‫السفر( ‪ ،‬فإن هذا الحديث لفظه عام ‪ ،‬سببه ‪ :‬أن رجل ً من الصحابة كان صائما ً مع‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر من السفار فشق عليه الصوم في‬ ‫السفر فأغمي عليه ‪ ،‬فكان الصحابة يحيطون به ويرشون عليه الماء ‪ ،‬فسأل النبي‬ ‫صلى الله عليه وسلم ما سبب هذا الجتماع ؟ فقالوا ‪ :‬فلن أغمي عليه بسبب‬ ‫الصوم ‪ ،‬فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يفطر وقال ‪) :‬ليس من البر الصيام‬ ‫في السفر(]البخاري ومسلم[‪.‬‬ ‫هذا الحديث لفظه عام فلو أخذنا بمعناه لكان معناه ‪ :‬أنه من الثم الصيام في السفر‬ ‫بمنطوقه ‪ ،‬وأن من البر الفطر في السفر ‪ ،‬هذا مفهوم المخالفة ‪ ،‬ولكن الرسول‬ ‫صلى الله عليه وسلم صام في السفر وأفطر وأقر فطر الصحابة وصيامهم في‬ ‫السفر – هنا قرائن أحوال – خصصت الحكم العام ‪ ،‬وجعلت حكم النص العام‬ ‫مخصوصا ً بسببه ‪ ،‬ما هو سببه ؟ المشقة بالصوم في السفر ‪ ،‬عندها نقول‪ :‬ترتيب‬ ‫المسألة سيكون هكذا ‪ ،‬نقول ‪ :‬ما حكم الصوم في السفر ؟ نقول ‪ :‬يجوز للمسافر‬ ‫أن يفطر ‪ ،‬إل أن يشق عليه الصوم في السفر ؛ فإن شق عليه الصوم في السفر فل‬ ‫يجوز له الصوم ‪ ،‬فإن صام والحال هذه أثم والدليل ‪) :‬ليس من البر الصيام في‬ ‫السفر( فنحن هنا خصصنا عموم اللفظ بالسبب ل لذات السبب لكن لقرائن أخرى ‪،‬‬ ‫ما هي ؟ ما ورد أن الرسول صلى الله عليه وسلم صام وأفطر في السفر ‪ ،‬وما ورد‬ ‫عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أقر الصحابة على فطرهم وعلى صيامهم في‬ ‫السفر‪.‬‬ ‫إذا ً هناك فرق بين أمرين ‪:‬‬ ‫الول ‪ :‬العبرة بعموم اللفظ ل بخصوص السبب ‪.‬‬ ‫الثاني ‪ :‬قرائن الحوال في السياق قد تفيد تخصيص اللفظ العام ‪.‬‬ ‫وهذه مسألة مهمة نبه عليها ابن دقيق العيد ‪ ،‬وأشار إليها في قضايا القرآن ؛ الكثير‬ ‫من أهل العلم ‪ ،‬منهم من المتأخرين‪ :‬القاسمي في مقدمة تفسيره محاسن التأويل‬ ‫)‪.(3/81‬‬ ‫)( هذا الكلم من شيخ السلم بيان لفائدة معرفة سبب النزول ‪ ،‬لو سئلت ما هي‬ ‫فائدة سبب النزول ؟ قل له فوائد عظيمة ‪ ،‬أهم فائدة له ‪ :‬أنه يورث العلم بالية‬ ‫ومعناها ‪ ،‬إذ العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب ‪ ،‬أنت حينما تعلم أن هذا المر‬ ‫حدث نتيجة هذا المر ستعرف إذا ً ما المراد بهذا اللفظ الذي جاء في هذه القضية ‪،‬‬ ‫تفهمه على أصله‪.‬‬ ‫وهل الولى للمفسر إذا جاء يفسر الية ‪ ،‬هل الولى أن يبدأ ببيان السبب ‪ ،‬أم الولى‬ ‫أن يبدأ ببيان المناسبة‪ ،‬على أقوال ثلثة‪ ،‬ثالثها‪ :‬أن يبدأ بما يعين على فهم الية ‪ ،‬فإن‬

‫‪38‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫خ ٌ‬ ‫ن‬ ‫ك َدا ِ‬ ‫ل ِفي اْلي َةِ وَإ ِ ْ‬ ‫ل وَي َُراد ُ ب ِهِ َتاَرةً أ ّ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫م ي َك ُ ْ‬ ‫الن ُّزو ِ‬ ‫ما ت َُقو ُ‬ ‫ل ع ََنى ب ِهَذ ِهِ اْلي َةِ ك َ َ‬ ‫ذا) (‪.‬‬ ‫سب َ ُ‬ ‫ال ّ‬ ‫ب كَ َ‬ ‫‪1‬‬

‫ة ِفي ك َ َ‬ ‫ذا‬ ‫ت هَذِهِ اْلي َ ُ‬ ‫صا ِ‬ ‫ب‪ :‬ن ََزل َ ْ‬ ‫وَقَد ْ ت ََناَزعَ ال ْعُل َ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ماُء ِفي قَوْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫هَ ْ‬ ‫جل ِهِ أ َْو‬ ‫ب ال ّ ِ‬ ‫ت ِل َ ْ‬ ‫سب َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل يَ ْ‬ ‫ما ي َذ ْك ُُر ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ذي أن ْزِل َ ْ‬ ‫سن َدِ ك َ َ‬ ‫جَرى ال ْ ُ‬ ‫ري َ‬ ‫ج ِ‬ ‫د؟‬ ‫ج‬ ‫سن َ ِ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫سيرِ ِ‬ ‫جَرى الت ّْف ِ‬ ‫م ْ‬ ‫يَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫س بِ ُ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ري َ‬ ‫ذي ل َي ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫د‪ ،‬وَأ َك ْث َُر‬ ‫َفال ْب ُ َ‬ ‫سن َدِ وَغَي ُْرهُ َل ي ُد ْ ِ‬ ‫خارِيّ ي ُد ْ ِ‬ ‫سن َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِفي ال ْ ُ‬ ‫خل ُ ُ‬ ‫ه ِفي ال ْ ُ‬ ‫خل ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ذا اِل ْ َ‬ ‫ما إ َ‬ ‫سان ِدِ عََلى هَ َ‬ ‫ذا ذ َك ََر‬ ‫ه; ب ِ ِ‬ ‫مد وَغَي ْرِ ِ‬ ‫خَل ِ‬ ‫سن َدِ أ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫ف َ‬ ‫ح َ‬ ‫ح كَ ُ‬ ‫ال ْ َ‬ ‫صط ِل ِ‬

‫‪1‬‬

‫توقف فهم الية على بيان السبب بدأ به‪ ،‬وإن توقف فهم الية على بيان المناسبة ؛‬ ‫بدأ به‪ ،‬فإن استويا بدأ بسبب النزول‪.‬‬ ‫قال شيخ السلم ابن تيمية ‪ :‬من فروع هذه القاعدة ‪ ،‬أن الفقهاء قالوا ‪ :‬أنه إذا لم‬ ‫يعرف هل هذا الرجل في يمينه أو في طلقه أو في غيرها من اللفاظ التي يناط‬ ‫فيها حكم ‪ ،‬إذا لم يعرف ما هو قصده وما هي نيته ؛ قالوا ‪ :‬ينظر في السبب الذي‬ ‫هّيج هذا الرجل لقول هذه اللفظة من طلق أو يمين ‪..‬الخ ‪ ،‬فإن السبب الذي هّيج‬ ‫هذه يكون معّينا ً لنية وقصد الحالف أو صاحب اليمين أو الذي قال هذا اللفظ ‪.‬‬ ‫فقضية العلم بالسبب من القضايا المهمة للمفسر وأيضا ً للفقيه ‪ ،‬هو يحتاجها في‬ ‫فهم النصوص من القرآن والسنة ‪ ،‬ويحتاجها أيضا ً في تنزيل الحكام الشرعية على‬ ‫أفراد الناس ‪.‬‬ ‫فائدة‪ :‬هل يوجد سبب نزول للحديث ؟ نقول ‪ :‬عندنا سبب لكن ل نسميه سبب نزول‬ ‫‪ ،‬إنما نسميه سبب ورود الحديث ‪.‬‬ ‫من الكتب المصنفة في أسباب نزول القرآن ‪) :‬أسباب النزول للواحدي(‪ ،‬وهو‬ ‫مطبوع متداول بتحقيق ‪ :‬سيد صقر‪ ،‬و)لباب النقول في معرفة أسباب النزول (‬ ‫لجلل الدين السيوطي‪ ،‬وهو أيضا ً كتاب معروف متداول ‪.‬‬ ‫وفي الحديث كتاب كبير في ثلثة مجلدات أسمه ‪) :‬أسباب ورود الحديث( للحسيني ‪،‬‬ ‫و )أسباب ورود الحديث ( للسيوطي‪ ،‬وشراح الحديث يهتمون غالبا ً ببيان سبب ورود‬ ‫الحديث وقصته لما يتوقف على معرفة السبب وقصة الحديث من بيان وإيضاح‬ ‫لمعنى الحديث‪.‬‬ ‫)( هذا الذي قلنا عنه ‪ :‬اللفاظ غير الصريحة‪ ،‬اللفاظ المحتملة‪.‬‬ ‫أحيانا ً بعض الخوة يقولون ‪ :‬نتعب من قراءة تفسير ابن كثير ‪ ،‬لماذا ؟ يقولون ‪ :‬لنه‬ ‫يذكر أقوال ً كثيرة‪ ،‬فنقول له‪ :‬إذا ضبطت هذه القاعدة في اختلف التضاد واختلف‬ ‫التنوع؛ لم تعد تصعب عليك القراءة في تفسير ابن كثير؛ لن أغلب التفسير الوارد‬ ‫في تفسير ابن كثير هو من أقوال الصحابة والتابعين وهو من باب اختلف التنوع‬ ‫يعبرون عن المعنى الواحد بأكثر من لفظ ‪ ،‬أو يمثلون بأمثلة تدخل تحت ما جاء في‬ ‫الية‪ ،‬فإذا ما تكلموا عن سبب النزول فانتبه! فإنه إذا جاءت صيغة في سبب النزول‪،‬‬ ‫صيغة غير صريحة‪ ،‬كقولهم نزلت الية في كذا‪ ،‬أو سبب نزول الية كذا‪ ،‬وتعددت في‬ ‫الموضع الواحد فإن ذلك يدل على أن مرادهم أن ذلك مما يدخل في معنى الية‪،‬‬ ‫كأنه يقول ‪ :‬معنى هذه الية كذا ‪ ،‬أو أن هذا المعنى داخل في تفسير الية‪.‬‬ ‫فتزول بذلك الكثير من المشقة والصعوبة في التعامل مع هذه الكتب ‪.‬‬ ‫فائدة ‪ :‬من الكتب المساعدة في التعامل مع الروايات الواردة في التفسير بالمأثور‬ ‫؛ كتاب ‪) :‬زاد المسير في علم التفسير ( لبن الجوزي‪ ،‬هذا الكتاب تحّرى فيششه رحمششه‬ ‫الله‪ ،‬أن يختصر القوال الكثيرة في أقوال قليلة‪ ،‬فمث ً‬ ‫ل‪ :‬تأتي سبعة أو ثمانية روايات ‪،‬‬ ‫واحدة عن ابن عباس ‪ ،‬وواحدة عن مكحول ‪ ،‬وكذا‪ ،‬كلها ترجششع إلششى قششول واحششد‪ ،‬ثششم‬ ‫تجد روايتين ترجع إلى قول ثالث‪ ،‬فيأتي يقششول‪ :‬فششي تفسششير هششذه اليششة ثلثششة أقششوال‪،‬‬ ‫القول الول كذا وهو مروي عن فلن وعن فلن‪ ،‬القول الثششاني كششذا وهششو مششروي عششن‬ ‫فلن وفلن ‪ ،‬القول الثالث ‪ :‬كذا ‪ ..‬الخ ‪ ،‬فهذا في الحقيقة يساعدك على التعامل مششع‬ ‫كتب التفسير بالمأثور ‪ ،‬والسبب في تحرير عبارة ابن الجششوزي فششي هششذا الكتششاب وأن‬ ‫تصنيفه في هذا الكتاب يعتبر من أفضل كتبه التي صنفها ‪ :‬أنه لخص هذا الكتششاب مششن‬ ‫كتاب له كبير اسمه )المغني في التفسشير( ‪ ،‬ثشم بعشد مشا لخصشه وقشرأه قشراءة بحشث‬ ‫وتحرير مع سيف الدين ابششن تيميششة عششم المجششد ابششن تيميششة ‪ ،‬قششرأه معششه قششراءة بحششث‬ ‫وتحرير من أول الكتاب إلى آخره ‪ ،‬فكم أمر تيسر لتحرير هذا الكتاب ‪) :‬زاد المسير(‬ ‫؟ الول ‪ :‬أنه لخصه من كتابه الكبير ‪ ،‬ول شك أن الرجل لما يلخششص مششن كتششاب كششبير‬ ‫سيكون دقيقا ً في عبارته‪ .‬الثاني ‪ :‬أن عبارته تحررت بمجالس المشذاكرة والبحشث مشع‬ ‫السيف ابن تيمية‪ ،‬لنه قرأه معه قراءة بحث ونظر فتحررت في هذا الكتاب العبارات‬ ‫الواردة في التفسير ‪ ،‬ويعتبر كتابه من الكتب المساعدة في تحريششر القششوال الششواردة‬ ‫عن السلف في تفسير الية وهو في تحريره وجمعه للقوال أفضل من كتاب )النكت‬ ‫والعيون( للماوردي ‪ ،‬وأفضل من كتاب التفسير للعز بششن عبششد السششلم ‪ ،‬وأفضششل مششن‬ ‫كثير من الكتب المنقولة في هذا الباب‪.‬‬ ‫أمر آخر في هذا الكتاب )زاد المسير(‪ :‬أن هذا الكتاب يعتبر من كتب التفسير التي‬ ‫مؤلفوها من علماء الحنابلة‪ .‬ما الفائدة ؟ أقول لك‪ :‬هذا الرجل حنبلي ‪ ،‬فلما جاء إلى‬ ‫تفسير آيات الحكام في داخل التفسير اعتنى ببيان المذهب الحنبلي ‪ ،‬ل تجد في‬

‫‪39‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫مث ْ َ‬ ‫ل هَ َ‬ ‫سن َدِ) (‪.‬‬ ‫م ي ُد ْ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫خُلو َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫ذا ِفي ال ْ ُ‬ ‫م ك ُل ّهُ ْ‬ ‫ه فَإ ِن ّهُ ْ‬ ‫ت عَِقب َ ُ‬ ‫سب ًَبا ن ََزل َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ذا‪َ ،‬ل ي َُناِفي قَوْ َ‬ ‫ذا؛ فََقوْ ُ‬ ‫ت ِفي ك َ َ‬ ‫ف هَ َ‬ ‫وَإ ِ َ‬ ‫ل‬ ‫ذا عُرِ َ‬ ‫لأ َ‬ ‫م‪ :‬ن ََزل َ ْ‬ ‫حدِهِ ْ‬ ‫ن الل ّْف ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫ذا إ َ‬ ‫ت ِفي ك َ َ‬ ‫ر‬ ‫اْل َ‬ ‫ما ذ َك َْرَناهُ ِفي الت ّْف ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫ظ ي َت ََناوَل ُهُ َ‬ ‫خرِ ن ََزل َ ْ‬ ‫سي ِ‬ ‫َ‬ ‫ل‪ .‬وَإ ِ َ‬ ‫مَثا‬ ‫جل ِهِ وَذ َك ََر اْل َ‬ ‫ِبال ْ ِ‬ ‫سب ًَبا ; فََقد ْ‬ ‫ت ِل َ ْ‬ ‫ذا ذ َك ََر أ َ‬ ‫خُر َ‬ ‫م ل ََها َ‬ ‫سب ًَبا ن ََزل َ ْ‬ ‫حد ُهُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ب ت ِل ْ َ َ‬ ‫ب‪ ،‬أ َوْ ت َ ُ‬ ‫ن تَ ُ‬ ‫ت‬ ‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫ت عَِق َ‬ ‫كو َ‬ ‫ما ب ِأ ْ‬ ‫ك اْل ْ‬ ‫ن ن ََزل َ ْ‬ ‫ن ن ََزل َ ْ‬ ‫صد ْقُهُ َ‬ ‫يُ ْ‬ ‫سَبا ِ‬ ‫مك ِ ُ‬ ‫)(‬ ‫مّرةً ل ِهَ َ‬ ‫مّرةً ل ِهَ َ‬ ‫ب ‪.‬‬ ‫ذا ال ّ‬ ‫ذا ال ّ‬ ‫ب وَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫سب َ ِ‬ ‫سب َ ِ‬ ‫مّرت َي ْ ِ‬ ‫ّ‬ ‫ن الل َ‬ ‫وَهَ َ‬ ‫ر‪:‬‬ ‫ما ِفي ت َن َوِّع الت ّْف ِ‬ ‫ن ذ َك َْرَناهُ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ذا ِ‬ ‫صن َْفا ِ‬ ‫ذا ِ‬ ‫سي ِ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫المكتبة التفسيرية كتابا ً في أحكام القرآن مؤلفه حنبلي ‪ ،‬عندنا أحكام القرآن لبن‬ ‫العربي المالكي ‪ ،‬عندنا أحكام القرآن للكيا الهراسي شافعي ‪ ،‬وأحكام القرآن‬ ‫للجصاص حنفي‪ ،‬والجامع لحكام القرآن للقرطبي مالكي‪ ،‬عندنا التفسير الكبير‬ ‫للرازي وما تضمنه من آيات الحكام شافعي ؛ وعليه فإن كتاب زاد المسير جدير بأن‬ ‫يعتنى به ‪ ،‬والله الموفق‪.‬‬ ‫)( اتفقوا على أن ما جاء عن الصحابي في بيان سبب النزول بصيغة صريحة كقوله‪:‬‬ ‫"حدث كذا فأنزل الله كذا"‪ ،‬أو "سئل رسول الله عن كذا فأنزل الله كذا"‪ ،‬أنه‬ ‫مرفوع‪ ،‬وأدخلوه في مصنفاتههم المفردة للمرفوعات‪.‬‬ ‫واختلفوا في ما جاء عن الصحابة بصيغة غير صريحة كقوله‪" :‬نزلت هذه الية في‬ ‫كذا"‪ ،‬أو "سبب نزول الية كذا"‪،‬‬ ‫فالمام البخاري ومسلم أدخله في كتابيهما‪.‬‬ ‫وغيرهما ل يدخله‪ ،‬وأكثر المسانيد على هذا‪.‬‬ ‫وقد نص الحاكم في المستدرك )‪ (2/258‬على أن ذلك من منهج البخاري‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫"ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين‬ ‫حديثا ً مسندًا"‪.‬اهش‬ ‫واختار في كتاب معرفة علوم الحديث في النوع الخامس ]ص ‪ /149‬السلوم[ أن‬ ‫الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل فأخبر عن آية من القرآن أنها نزلت في كذا‬ ‫وكذا‪ ،‬فإنه حديث مسند‪ ،‬بخلف تفسيرهم الموقوف عليهم‪.‬‬ ‫والذي يترجح بحسب القاعدة الولى المذكورة في كتاب مقدمة أصول التفسير ‪ :‬أن‬ ‫تفسير الصحابي للقرآن العظيم وبيانه لسباب النزول هو من قبيل المرفوع حكمًا‪،‬‬ ‫ما لم يقم دليل على خلفه‪ .‬ويستفاد من تقرير ابن تيمية رحمه الله للقاعدة أن هذا‬ ‫اختياره في هذه المسألة هنا‪ ،‬وقد سبق أن ذكرت أن هذا مما ينبني على هذه‬ ‫القاعدة الولى المشار إليها‪.‬‬ ‫)( هذه العبارة من كلم الشيخ ‪ ،‬تضمنت التنبيه على أكثر من مسألة وهي ‪:‬‬ ‫المسألة الولى ‪ :‬أنه ماذا تعمل إذا جاءت عبارات صريحة في سبب النزول ‪،‬‬ ‫واختلفوا في تحديد السبب ‪ ،‬فهذا يقول ‪ :‬حدث كذا فأنزل الله كذا وذكر هذه الية ‪،‬‬ ‫وآخر يقول مثله ‪ ،‬ويذكر نفس الية ؟ فنقول ‪ :‬هنا ننظر أول ً في صحة السند وثبوته ‪،‬‬ ‫إن ثبت السند في الروايتين فل مانع من أن نقول عندها ‪ :‬إن الية نزلت عقب هذين‬ ‫السببين‪ .‬أو أن نقول ‪ :‬إن الية تكرر نزولها ‪.‬‬ ‫المسألة الثانية التي يشملها كلم شيخ السلم هي ‪ :‬هل يصح القول بتكرار نزول‬ ‫القرآن؟‬ ‫من العلماء من قال ‪ :‬إنه ل يصح القول بتكرار نزول القرآن ‪ ،‬قال ‪ :‬لنه تحصيل‬ ‫حاصل يقول ‪ :‬لن الية نزلت فما المعنى من نزولها مرة ثانية ؟ ‪ ،‬والواقع ‪ :‬أن هذا‬ ‫القول قول باطل ل أعرف قائل ً له من السلف ‪ ،‬إنما قاله بعض المتأخرين وتبنوه ‪،‬‬ ‫ولكن الصواب ‪ :‬أنه ل مانع من القول بتكرار نزول القرآن بل جاءت أدلة نبوية تدل‬ ‫ُعلى تكرار نزول القرآن منها ‪ :‬حديث الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال ‪" :‬‬ ‫ف كاف"]النسائي[‪ ،‬فإن هذا الحديث يدل‬ ‫أنزل القرآن على سبعة أحرف كلها شا ٍ‬ ‫على أن القرآن تكرر نزوله ‪ ،‬وتقرير ذلك أن نقول ‪ :‬إن القرآن أول ما نزل لم ينزل‬ ‫على سبعة أحرف ‪ ،‬إنما نزل على حرف من هذه الحرف ثم في كل مرة ينزل على‬ ‫ي جبريل بالقرآن‬ ‫حرف آخر كما تفيده روايات هذا الحديث فإنه يقول ‪ " :‬نزل عل ّ‬ ‫فأقرأني إياه على حرف فاستزدته فزادني حرفا ً " ‪ ،‬فإنه يدل على تكرار النزول ‪.‬‬ ‫والواقع أيضا ً يدل على هذا ‪ ،‬فإن حديث نزول القرآن على سبعة أحرف إنما وقع في‬ ‫المدينة ‪ ،‬فقد جاء في إحدى روايات هذا الحديث عن أبي بن كعب أنه قال ‪ ) :‬أتى‬ ‫جبريل الرسول صلى الله عليه وسلم عند أحجار المراء ( ‪ ،‬فسمى هذا الموضع –‬ ‫وهو موضع معروف في المدينة – "عند أحجار المراء عند أضاة بني غفار"‪ ،‬وهو‬ ‫موضع معروف بالمدينة‪ .‬والمقصود بالضاة‪ :‬هو الفرع المائي الصغير ‪ ،‬مسيل الماء‬ ‫المتفرع من مسيل صغير ‪ ،‬هذا يسمى ‪) :‬أضاة( ‪ .‬فإذا كان أصغر منه قليل ً يسمى ‪:‬‬ ‫جعَ َ‬ ‫سرِي ًّا()مريم‪ :‬من الية ‪ .(24‬كانت قبيلة بني غفار‬ ‫حت َ ِ‬ ‫ك تَ ْ‬ ‫ل َرب ّ ِ‬ ‫ري( ‪ ) ،‬قَد ْ َ‬ ‫ك َ‬ ‫) َ‬ ‫س ِ‬ ‫تنزل عند هذه الضاة عند هذا المسيل من مسيل الماء ‪ ،‬فالرسول صلى الله عليه‬ ‫وسلم في حديث أبي ذكر أن جبريل ً أتاه عند أضاة بني غفار وعند أحجار المراء ‪،‬‬ ‫فهذا اسم مكان في المدينة مما يدل أن القرآن نزل في مكة على حرف ثم جاء‬ ‫التخفيف بعد ذلك في المدينة ‪ ،‬يعني ‪ :‬استمر ينزل عشر سنوات على حرف واحد ‪،‬‬

‫‪40‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َ‬ ‫ت‪.‬‬ ‫صَفا ِ‬ ‫َتاَرةً ل ِت َن َوِّع اْل ْ‬ ‫س َ‬ ‫ماِء َوال ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مه ِ َ‬ ‫ت؛‬ ‫مِثيَل ِ‬ ‫سا ِ‬ ‫وََتاَرةً ل ِذِك ْرِ ب َعْ‬ ‫مى وَأقْ َ‬ ‫م َ‬ ‫كالت ّ ْ‬ ‫س ّ‬ ‫واِع ال ْ ُ‬ ‫ض أن ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫هُما ال َْغال ِب في تْفسير سل َف اْل ُمة ال ّذي يظ َ َ‬ ‫ف‪.‬‬ ‫م ْ‬ ‫خت َل ِ ٌ‬ ‫ُ ِ‬ ‫َ ِ ِ َ ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن أن ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ ِ ِ ُ ّ‬ ‫ن الل ّْف ُ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫مًل‬ ‫حت َ ِ‬ ‫وَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫كو ُ‬ ‫مو ْ ُ‬ ‫ظ ِفيهِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫جودِ عَن ْهُ ْ‬ ‫ن الت َّناُزِع ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِْل َ‬ ‫ن;‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫د‬ ‫را‬ ‫ي‬ ‫ذي‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ة(‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫س‬ ‫ق‬ ‫)‬ ‫ظ‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ظ‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫كا‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ما‬ ‫ِ َُ ُ ِ ِ‬ ‫ْ ََ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إ ّ ِ ِْ ِ ُ ََ‬ ‫َ‬ ‫ذي ي َُراد ُ ب ِهِ إقَْبا ُ‬ ‫ل‬ ‫س( ال ّ ِ‬ ‫د‪ .‬وَل َْف ِ‬ ‫الّرا ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ظ )عَ ْ‬ ‫مي وَي َُراد ُ ب ِهِ اْل َ‬ ‫سع َ َ‬ ‫ل الل ّي ْ ِ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫وَإد َْباُر ُ‬ ‫ِ وإما ل ِك َون ِه متواطًئا في اْل َصل ل َكن ال ْمراد به أ َحد النوعَين أوَ‬ ‫ْ ِ ُ َ َ ِ ِ‬ ‫َِ ّ‬ ‫ُ َ َ ِ ِ َ ُ ّ ْ ْ ِ ْ‬ ‫ْ ِ ِ ّ‬ ‫أَ‬ ‫ّ‬ ‫م د ََنا فَت َد َلى﴾‪﴿ ،‬فَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ئ‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫ال‬ ‫د‬ ‫ح‬ ‫ن َقا َ‬ ‫كا َ‬ ‫كال ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫مائ ِرِ ِفي قَوْل ِهِ ‪﴿ :‬ث ُ ّ‬ ‫ض َ‬ ‫َ َِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ر‪َ .‬وال ّ‬ ‫ل عَ ْ‬ ‫ما‬ ‫ن أوْ أد َْنى﴾ وَكلْف ِ‬ ‫ظ ‪َ﴿ :‬والَف ْ‬ ‫قَوْ َ‬ ‫شْفِع َوالوَت ْرِ﴾ وَ َ‬ ‫ر‪ .‬وَلَيا ٍ‬ ‫ش ٍ‬ ‫ج ِ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫ه ذ َل ِ َ‬ ‫أَ ْ‬ ‫ك؛‬ ‫شب َ َ‬ ‫َ‬ ‫ن ي َُراد َ ب ِهِ ك ُ ّ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫ل هَ َ‬ ‫ف‪،‬‬ ‫سل َ ُ‬ ‫فَ ِ‬ ‫جوُز أ ْ‬ ‫ذا قَد ْ ي َ ُ‬ ‫مَعاِني ال ِّتي َقال ََها ال ّ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫جوُز ذ َل ِ َ‬ ‫ك؛‬ ‫وَقَد ْ َل ي َ ُ‬ ‫َفاْل َوّ ُ‬ ‫ذا َتاَرةً وَهَ َ‬ ‫ن فَأ ُِريد َ ب َِها هَ َ‬ ‫ذا‬ ‫ت َ‬ ‫ن اْلي َةِ ن ََزل َ ْ‬ ‫لإ ّ‬ ‫ما ل ِك َوْ ِ‬ ‫مّرت َي ْ ِ‬ ‫ة‪.‬‬ ‫َتاَر ً‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫جوَّز‬ ‫ن الل ّْف ِ‬ ‫معْن ََياهُ إذ ْ قَد ْ َ‬ ‫جوُز أ ْ‬ ‫ك يَ ُ‬ ‫شت ََر ِ‬ ‫ن ي َُراد َ ب ِهِ َ‬ ‫ظ ال ْ ُ‬ ‫وَإ ِ ّ‬ ‫ما ل ِك َوْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ذ َل ِ َ َ‬ ‫ة َوال ّ‬ ‫ل‬ ‫حن ْب َل ِي ّ ُ‬ ‫شافِعِي ّ ُ‬ ‫مال ِك ِي ّ ُ‬ ‫ة وَك َِثيٌر ِ‬ ‫ة َوال ْ َ‬ ‫ك أك ْث َُر ال ُْفَقَهاِء‪ :‬ال ْ َ‬ ‫ن أه ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫م‪.‬‬ ‫الك َل ِ‬ ‫واط ًِئا فَي َ ُ‬ ‫ما إ َ‬ ‫ه‬ ‫ن ل ِت َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ص ِ‬ ‫صي ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫ن الل ّْف ِ‬ ‫كو ُ‬ ‫ذا ل َ ْ‬ ‫عا ّ‬ ‫ظ ُ‬ ‫وَإ ِ ّ‬ ‫م ي َك ُ ْ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ما ل ِك َوْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ذا الن ّوْعُ إ َ‬ ‫ب فَهَ َ‬ ‫ف الّثاِني) (‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫صن ْ ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ص ّ‬ ‫ج ٌ‬ ‫مو ِ‬ ‫ُ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ذا َ‬ ‫م ْ‬ ‫ح ِفيهِ ال َْقوَْل ِ‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫ولذلك عثمان رضي الله عنه لما جمع القرآن قال‪) :‬إذا اختلفتم فاكتبوه على لسان‬ ‫قريش فإنه به نزل(]البخاري[‪ .‬أي ‪ :‬في النزلة الولى ‪.‬‬ ‫فهذا فيه دليل على أن القرآن تكرر نزوله ‪.‬‬ ‫وعليه فإن دعوى أن القرآن لم يتكرر نزوله ‪ ،‬وأن تكرار نزوله تحصيل حاصل‪ ،‬دعوى‬ ‫يكفي في ردها أن نقول ‪ :‬ل سلف لقائلها ‪ ،‬ويتأيد هذا بأن نقول ‪ :‬وقد قامت أدلة‬ ‫تدل على بطلن قوله ‪ ،‬فإذا لم يكن هناك مانع شرعي من تكرار النزول ؛ فكذا أيضا ً‬ ‫ل مانع شرعي من تكرار سبب النزول ‪.‬‬ ‫ولعل هذا يوضح بعض المور ‪ ،‬فمثل ً ‪ :‬الشائع عند العلماء أن سورة ) َالكوثر ( مكية ‪،‬‬ ‫شان ِئ َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ك هُوَ اْلب ْت َُر( )الكوثر‪:‬‬ ‫حتى إنه في آخرها أشار إلى الوليد بن عقبة بقوله ‪) :‬إ ّ‬ ‫‪ ، (3‬من كفار قريش ‪ ،‬الشائع عندهم أنها مكية ‪ ،‬فإن ِثبت سند بذلك فهي مكية ‪،‬‬ ‫لكن أخرج مسلم في الصحيح عن أنس بن مالك قال ‪ :‬بينا رسول الله صلى الله‬ ‫رسول الله ! ما إغفاءتك‬ ‫عليه وسلم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم أفاق ‪ ،‬فقلنا ‪ :‬يا‬ ‫حيم ِ ‪ .‬إ ِّنا أ َعْط َي َْنا َ‬ ‫ك ال ْك َوْث ََر ‪.‬‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫ن الّر ِ‬ ‫م ِ الل ّهِ الّر ْ‬ ‫ي آنفا ً َ ‪) :‬ب ِ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫َتلك ّ؟ قال َ ‪ " :‬أنزل عل ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ن َ‬ ‫شان ِئ َك هُوَ الب ْت َُر( ‪ .‬وأنس بن مالك كان في المدينة ‪ ،‬إذا هذه‬ ‫حْر ‪ .‬إ ِ ّ‬ ‫صل ل َِرب ّك َوان ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫الحديث في صحيح مسلم تكون مدنية ‪ ،‬فإذا قام دليل صحيح صريح‬ ‫السورة على هذا‬ ‫أن السورة مكية ؛ عندها نجمع بين هذين القولين ‪ :‬بتكرار النزول ‪.‬‬ ‫خذوا مثل ً ‪ :‬المعوذات ‪ ،‬المشهور عند أهل التفسير أنها مكية ‪ ،‬والذي ورد في كتب‬ ‫الحديث أنها نزلت لما سحر لبيد بن العصم اليهودي رسول الله صلى الله عليه‬ ‫عشرة مرة )قُ ْ‬ ‫وسلم ‪َ ،‬فنزل عليه جبريل وح ّ‬ ‫ل‬ ‫قد السحر بأن تل عليه إحدى‬ ‫عنه عُ َ‬ ‫ل‬ ‫ل أَ‬ ‫فل َ‬ ‫ب ال ْ‬ ‫ُ‬ ‫ق( )الفلق‪ ، (1:‬و)قُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫ذ‬ ‫عو‬ ‫ق‬ ‫د( )الخلص‪ ، (ُ 1:‬و)‬ ‫ل أَ ُ‬ ‫ُ‬ ‫عوذ ُ ب َِر ّ‬ ‫ّ‬ ‫ح ٌ‬ ‫هأ َ‬ ‫ِ‬ ‫هُوَ الل ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ح‬ ‫ص‬ ‫إن‬ ‫فالجواب‪:‬‬ ‫؟‬ ‫نجمع‬ ‫فكيف‬ ‫القصة‬ ‫هذه‬ ‫في‬ ‫عليه‬ ‫أنزلت‬ ‫وأنها‬ ‫(‬ ‫‪1‬‬ ‫)الناس‪:‬‬ ‫س(‬ ‫ّ‬ ‫الّنا ِ‬ ‫مستند أهل التفسير في أن هذه السورة نزلت في مكة ؛ فنجمع بين الروايات بتكرار‬ ‫النزول‪.‬‬ ‫)( هذا تعليق مختصر في معرفة اللفاظ يساعد ‪ -‬إن شاء الله تعالى ‪ -‬على فهم كلم‬ ‫المصنف رحمه الله‪ ،‬فأقول‪:‬‬

‫‪41‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َ‬ ‫من اْل َ‬ ‫جعَل ُ‬ ‫ل ال ْ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫نا‬ ‫ال‬ ‫ض‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ها‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ة‬ ‫د‬ ‫جو‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫وا‬ ‫ق‬ ‫سا ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫خت َِلًفا أ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وَ ِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ف ِفي‬ ‫ن الت َّراد ُ َ‬ ‫مَعاِني ب ِأل َْفا ِ‬ ‫مت ََرادِفَةٍ فَإ ِ ّ‬ ‫مت ََقارِب َةٍ َل ُ‬ ‫ظ ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ي ُعَب ُّروا عَ ْ‬ ‫الل ّغَةِ قَِلي ٌ‬ ‫ل) (‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م) (‪.‬‬ ‫ما ِفي أل َْفا ِ‬ ‫مع ْ ُ‬ ‫دو ٌ‬ ‫ما َ‬ ‫ما َنادٌِر وَإ ِ ّ‬ ‫ن فَإ ِ ّ‬ ‫وَأ ّ‬ ‫ظ ال ُْقْرآ ِ‬ ‫وقَ ّ َ‬ ‫معَْناهُ ; ب َ ْ‬ ‫ل‬ ‫ظ َوا ِ‬ ‫ظ َوا ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫حدٍ ب ِل َْف ِ‬ ‫ن ل َْف ٍ‬ ‫دي َ‬ ‫حدٍ ي ُؤَ ّ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ميعَ َ‬ ‫ن ي ُعَب َّر عَ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫)(‬ ‫يَ ُ‬ ‫معَْناهُ وَهَ َ‬ ‫ن ‪.‬‬ ‫ذا ِ‬ ‫ب إعْ َ‬ ‫ري ٌ‬ ‫كو ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ب لِ َ‬ ‫سَبا ِ‬ ‫جازِ ال ُْقْرآ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِفيهِ ت َْق ِ‬ ‫ل ال َْقائ ِ ُ‬ ‫ذا َقا َ‬ ‫فَإ ِ َ‬ ‫ة‬ ‫حَرك َ ُ‬ ‫موَْر هُوَ ال ْ َ‬ ‫موًْرا﴾إ ّ‬ ‫ل ‪﴿ :‬ي َوْ َ‬ ‫موُر ال ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ماءُ َ‬ ‫س َ‬ ‫م تَ ُ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫اللفاظ في اللغة على أنواع‪:‬‬ ‫النوع الول ‪ :‬اللفاظ المتباينة ‪:‬‬ ‫وهي أن يستقل كل لفظ بمعنى يختلف فيه عن الخر ‪ ،‬فالجمل غير الكرسي غير‬ ‫الحصان غير الهرة ‪ ،‬يستقل كل لفظ بمعناه عن الخر‪ ،‬وهكذا غالب ألفاظ اللغة من‬ ‫قبيل اللفاظ المتباينة‪ ،‬ويسمي هذا النوع بعضهم )متباين لفظي(‪ ،‬فلكل لفظة معنى‬ ‫تختلف به عن الخرى‪.‬‬ ‫النوع الثاني ‪ :‬اللفاظ التي هي من قبيل المشترك اللفظي ‪ :‬وهي أن‬ ‫يأتي لفظ واحد وله أكثر من معنى ‪ ،‬والمعاني مختلفة‪.‬‬ ‫مثل ‪ :‬كلمة ) عسعس ( بمعنى ‪ :‬أقبل وأدبر ‪ ،‬وكلمة ) قسورة ( بمعنى ‪ :‬السد‬ ‫والرامي ‪ ،‬وكلمة ) قرء ( بمعنى ‪ :‬حيض وطهر‪ ،‬وقس على ذلك ‪.‬‬ ‫هنا أسماء مشترك لفظي ‪ ،‬فتحتمل الكلمة أكثر من معنى ‪.‬‬ ‫فإن قيل‪ :‬كيف يعرف العربي أن المراد هذا أو هذا ؟‬ ‫فالجواب‪ :‬يعرف ذلك بدللة السياق‪ ،‬مثال ذلك ‪ :‬كلمة ) طاهر ( هي من باب‬ ‫المشترك اللفظي لنها تحتمل أكثر من معنى ‪ .‬فتحتمل كلمة ) طاهر ( بأنه‪ :‬ليس‬ ‫بنجس ‪ ،‬وتحتمل بمعنى ‪:‬أنه على غير حدث‪ ،‬فهو ليس بنجس لكنه محدث‪ ،‬فهو من‬ ‫ارتفع عنه الحدث‪ ،‬وتحتمل معنى‪ :‬مسلم مؤمن ‪ ،‬فيصير المشرك نجسا ً ‪ ،‬وقد جاء‬ ‫شر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫س()التوبة‪ :‬من الية ‪ ، (28‬وهذا معنى حديث‬ ‫ن نَ َ‬ ‫كو َ‬ ‫ما ال ْ ُ‬ ‫في القرآن ) إن ّ َ‬ ‫ج ٌ‬ ‫الرسول صلى ِ الله عليه ِ وسلم ‪ " :‬أما علمت أن المؤمن ل ينجس"]البخاري‬ ‫ومسلم[‪ ،‬يعني ‪ :‬أنه طاهر ‪ ،‬عندنا أيضا ً بمعنى ‪ :‬الطهارة المعنوية التي هي بمعنى‬ ‫ح ّ‬ ‫ل الشئ ‪ ،‬يقابلها ‪ :‬النجاسة المعنوية التي هي بمعنى تحريم الشيء ‪ .‬فنحن نقول ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫الخمر نجسة نجاسة معنوية بمعنى أنها محرمة ‪ ،‬ومن الفقهاء من يقول ‪ :‬الخمر‬ ‫نجسة نجاسة عينية ‪.‬‬ ‫ن ‪ ،‬هذا مشترك لفظي ‪.‬‬ ‫معا‬ ‫خمسة‬ ‫لها‬ ‫فإذا ً كلمة ) طاهر (‬ ‫ٍ‬ ‫كلمة ) طاهر ( ومشتقاتها يتحدد معناها بحسب السياق ‪ .‬خذ مثل ً ‪ :‬يقول صلى الله‬ ‫عليه وسلم ‪ " :‬إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فإن طهوره أن يغسله سبع مرات‬ ‫إحداهن بالتراب " ‪ .‬وفي رواية ‪ " :‬أولهن بالتراب " ‪ .‬قال ‪ " :‬طهور" فمالمراد‬ ‫بالطهارة هنا ؟ نقول‪ :‬الناء ل يتعرض للحدث ‪ ،‬وليس بمؤمن ول كافر ‪ ،‬وليس بحلل‬ ‫ول حرام‪ ،‬إذا ً الذي يقابل الطهارة هنا ‪ :‬هو إزالة النجاسة‪ ،‬هذا السياق دل على‬ ‫المعنى ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ن( )الواقعة‪ ، (79:‬ما معنى‬ ‫هُرو َ‬ ‫مط ّ‬ ‫م ّ‬ ‫ه إ ِل ال ُ‬ ‫س ُ‬ ‫قوله تعالى ‪) :‬ل ي َ َ‬ ‫)المطهرون( ؟‬ ‫نقول ‪ :‬الكلم هنا عن الملئكة ‪ ،‬والمعنى هنا في الملئكة يشمل الطهارة من الحدث‬ ‫سون ‪.‬‬ ‫‪ ،‬ويشمل الطهارة من النجس لنهم ملئكة ل ُيح ِ‬ ‫دثون ‪,‬ل َين ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫إذا ً المشترك اللفظي ‪ :‬أن تأتي لفظة واحدة تحتمل أكثر من معنى مختلف ‪،‬‬ ‫والعربي يعرف المعنى المراد بحسب السياق ‪.‬‬ ‫أحيانا ً ل يمتنع العربي من حمل اللفظة التي هي من قبيل المشترك اللفظي على‬ ‫جميع معانيها لعدم قيام مانع يمنع من هذا الحمل ‪ ،‬وهذا عليه جمهور أهل العلم ‪ ،‬أن‬ ‫المشترك اللفظي ل مانع من حمله على جميع معانيه ما لم يمنع من ذلك مانع‪.‬‬ ‫هذه القاعدة في معنى المشترك اللفظي هي سبب اختلفهم في معنى حديث عمرو‬ ‫بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إليه ‪" :‬أن ل يمس القرآن إل طاهر" ‪،‬‬ ‫فاختلفوا في معنى )طاهر( ‪ ،‬فقال بعض العلماء‪ :‬كلمة )طاهر( محتملة لهذه المعاني‬ ‫كلها فل نفسرها بأي معنى من المعاني فنتوقف ‪ ،‬وُرد ّ عليه بأنه ل مانع من حمل‬ ‫كلمة )طاهر( على جميع المعاني السابقة ‪ ،‬فل يمس القرآن محدث ‪ ،‬ول يمس‬ ‫القرآن نجس ‪ ،‬ول يمس القرآن كافر ‪ ،‬ول يمس القرآن بأمر حرام ‪ ،‬وما دام يجوز‬ ‫حمل اللفظ على كل هذه المعاني ؛ إذا ً الحديث يكون دليل ً على جميع هذه المعاني ‪.‬‬ ‫النوع الثالث ‪ :‬اللفاظ المتضادة ‪ :‬وهي نوع من المشترك اللفظي ‪ :‬أن يأتي‬ ‫لفظ واحد له معنيان مختلفان ‪ ،‬ولكن يضاد كل منهما الخر مثل ‪ :‬كلمة )عسعس(‬ ‫لها معنى )أقبل( ‪ ،‬ولها معنى )أدبر( ‪ ،‬لكن تلحظ أن ‪ :‬أقبل وأدبر معنيان متضادان‪.‬‬ ‫مثل كلمة ‪) :‬قرء( لها معنيان ‪ :‬الطهر والحيض وهما متضادان ‪.‬‬ ‫النوع الرابع ‪ :‬اللفاظ المترادفة ‪ :‬أن يأتي معنى واحد له أكثر من لفظ ‪.‬‬

‫‪42‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َ‬ ‫ة) (‪.‬‬ ‫س‬ ‫ن ت َْق‬ ‫ة َ‬ ‫ريعَ ٌ‬ ‫خِفيَف ٌ‬ ‫حَرك َ ٌ‬ ‫موُْر َ‬ ‫كا َ‬ ‫ة َ‬ ‫ريًبا إذ ْ ال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل ‪ " :‬ال ْوحي " اْلعَْلم‪ ،‬أ َو قي َ َ‬ ‫حي َْنا إل َي ْ َ‬ ‫وَك َذ َل ِ َ‬ ‫ذا َقا َ‬ ‫كإ َ‬ ‫ك﴾ أ َن َْزل َْنا‬ ‫ُ ْ ِ‬ ‫ل‪﴿ :‬أوْ َ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ل ‪﴿ :‬وقَضينا إَلى بِني إسراِئي َ َ َ‬ ‫ل ذ َل ِ َ‬ ‫مَثا ُ‬ ‫إل َْيك أ َوْ ِقي َ‬ ‫ك؛‬ ‫َ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫مَنا وَأ ْ‬ ‫ل﴾ أيْ أعْل َ ْ‬ ‫فَهَ َ‬ ‫ي‪،‬‬ ‫ريعٌ َ‬ ‫ن ال ْوَ ْ‬ ‫ق‪ ،‬فَإ ِ ّ‬ ‫ب َل ت َ ْ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ي هُوَ إعَْل ٌ‬ ‫م َ‬ ‫حِقي ٌ‬ ‫ذا ك ُل ّ ُ‬ ‫خِف ّ‬ ‫ح َ‬ ‫س ِ‬ ‫ه ت َْق ِ‬ ‫م) (‪.‬‬ ‫م أَ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫م وَِإي َ‬ ‫ن اْل ِعَْلم ِ فَإ ِ ّ‬ ‫َوال َْق َ‬ ‫حاًء إل َي ْهِ ْ‬ ‫ن ِفيهِ إن َْزاًل إل َي ْهِ ْ‬ ‫ضاُء إل َي ْهِ ْ‬ ‫خ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ن هَُنا غَل ِ َ‬ ‫ن ال ِْفعْ َ‬ ‫ط‬ ‫ه وَ ِ‬ ‫ل وَت ُعَ ّ‬ ‫ب تُ َ‬ ‫َوال ْعََر ُ‬ ‫ديهِ ت َعْدِي َت َ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ض ّ‬ ‫م ْ‬ ‫معَْنى ال ِْفعْ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫جع َ َ‬ ‫ن ِفي قَوْل ِهِ ‪﴿ :‬‬ ‫ما ي َُقوُلو َ‬ ‫حُرو ِ‬ ‫ض ال ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مَقا َ‬ ‫ف ت َُقو ُ‬ ‫ض كَ َ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫ل ب َعْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ب َعْ ٍ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫مثل ‪ :‬آلة الحرب السيف ‪ ،‬اسمه ‪ :‬سيف ‪ ،‬وحسام ‪ ،‬وفيصل ‪ ،‬ومهند ‪ .‬ومثل ‪ :‬السد‬ ‫اسمه ‪ :‬أسامة ‪ ،‬وليث وهَِزْبر‪ ،‬وهشام وضرغام‪ ،‬هذه اللفاظ التي فيها معنى واحد‬ ‫وله أكثر من اسم يقال عنها ألفاظ مترادفة ‪.‬‬ ‫وقد اختلف أهل اللغة هل يوجد المترادف في لغة العرب أم ل يوجد ؟‬ ‫من العلماء من قال ‪ :‬ل يوجد في لغة العرب ألفاظ مترادفة ‪ ،‬ومن العلماء من قال ‪:‬‬ ‫إنه يوجد فيها ذلك ‪ ،‬والصحيح ‪ :‬أنه يوجد في لغة العرب ألفاظ مترادفة بمعنى أنها‬ ‫تتشابه في أصول معانيها بمعنى ‪ :‬أنها تشترك في معنى واحد لكن لكل لفظ التنبيه‬ ‫على صفة ليست في اللفظ الخر ‪.‬‬ ‫خذ مثل ً ‪ :‬السيف والحسام والمهند والفيصل ‪ ،‬كلها أسماء لللة التي يقاتل بها الناس‬ ‫فهي مشتركة في أداء هذا المعنى ‪ ،‬لكن كل اسم من السماء ينفرد بذكر صفة في‬ ‫هذه اللة لم يذكرها السم الخر ‪ ،‬فتسميته بالمهند ‪ :‬إشارة إلى أنه يستعمل بالزند‬ ‫والساعد ‪ ،‬وتسميته بالفيصل ‪ :‬إشارة إلى أنه يستعمل في فصل المور والشياء ‪،‬‬ ‫وتسميته بالحسام ‪ :‬إشارة إلى أنه يحسم به الشياء ‪ ) ،‬سبق السيف الع ْ‬ ‫ذل ( ‪،‬‬ ‫وتسميته بالسيف ‪ :‬هو اسمه الصلي ‪ .‬وعلى هذا القول يوجد مترادف بمعنى ‪ :‬أن‬ ‫تشترك السماء في أصل المعنى لكن مع هذا لكل لفظة معنى زائد ل تذكره اللفظة‬ ‫الخرى‪.‬‬ ‫الكتب المصّنفة في هذا الباب ‪ :‬هي كتب فقه اللغة ‪ ،‬كتاب ) فقه اللغة ( للثعالبي ‪،‬‬ ‫ح َ‬ ‫كم ( لبن سيده في معاني اللفاظ هذا موضوعه ‪ .‬فمثل ً ‪:‬‬ ‫هذا موضوعه ‪ ) ،‬الم ْ‬ ‫تقول كان متكئا ً فجلس ‪ ،‬ول تقل ‪ :‬كان متكئا ً فقعد ‪ ،‬لن الجلوس يكون عن اتكاء‬ ‫والقعود يكون عن قيام ‪ .‬كل من القعود والجلوس مشترك بمعنى واحد وهو أن‬ ‫النسان يستوي على الرض لكن لكل لفظة تنبيه على صفة ليست عند الخرى ‪،‬‬ ‫فقولنا ‪ ) :‬كان متكئا ً فجلس ( كلمة ) جلس ( تنبه على أن هذا الستواء على الرض‬ ‫كان عن اتكاء ‪ ،‬أما قولنا ‪ ) :‬كان واقفا ً فقعد ( كلمة ) قعد ( تنبه على أن هذا‬ ‫الستواء على الرض كان عن قيام ‪) .‬اهش الدرس الخامس ( ‪.‬‬ ‫)( )ددددد دددددد ‪29/7/1423‬دد(‬ ‫تكلمنا في الدرس السابق عن أنواع اللفاظ في اللغة وهي ‪ :‬المتباينة ‪ ،‬والمشترك‬ ‫اللفظي ‪ ،‬والمترادفة ‪ ،‬والمتضادة ‪ ،‬ويبقى من أنواع اللفاظ‪.‬‬ ‫النوع الخامس ‪ :‬اللفاظ المتواطئة ‪ ،‬وهي ‪ :‬أن يوجد اللفظ له معنى واحد ‪،‬‬ ‫وهذا المعنى له أفراد كثيرون ‪.‬‬ ‫مثل ‪ :‬كلمة ) إنسان ( ‪ ،‬فإنها تصدق على زيد وعلى صالح ‪ ،‬وعلى ناصر ‪ ،‬وعلى‬ ‫محمد ‪ ،‬وعلى هند وعلى علياء ‪ ،‬وعلى زينب ‪ ،‬وغير ذلك ‪ ،‬هذا اسمه متواطئ لفظي‬ ‫‪ .‬تأتي لفظة واحدة تصدق على أفراد كثيرين ‪ ،‬مثل ‪ :‬كلمة ) بلد ( تطلق على مكة‬ ‫وجدة والمدينة والرياض ‪ ،‬ومثلها كلمة )مدينة( أيضا ً فهي متواطئ لفظي ‪.‬‬ ‫إذا ً اللفظ الذي يصدق معناه على أفراد كثيرين يسمى متواطئ لفظي ‪.‬‬ ‫صدق اللفظ على هذه الفراد متساويا ً‬ ‫يشترط في هذا المتواطئ اللفظي ‪ :‬أن يكون ِ‬ ‫‪ ،‬فل فرق بين علي وناصر وسالم في صفة رجل‪ ،‬فكلهم رجل ‪ ،‬لن كلمة ) رجل (‬ ‫تصدق عليهم بالتساوي ‪.‬‬ ‫النوع السادس ‪ :‬المشكك اللفظي ) اللفاظ المشككة ( ‪ :‬وهي أن يأتي اللفظ‬ ‫يصدق معناه على كثيرين ‪ ،‬لكن ل على التساوي ‪ ،‬فنقول ‪ :‬هذا المعنى موجود هنا‬ ‫وموجود هنا ‪ ،‬لكن في أحدهما وجوده أولى من الخر ‪.‬‬ ‫مثل ‪ :‬لفظة ) وجود ( ‪ ،‬و) حياة ( ‪ ،‬فإن لفظة ) حياة ( تصدق على حياة الله عز‬ ‫وجل ‪ ،‬وتصدق على حياة النسان ‪ ،‬وعلى حياة المخلوقات مثل ‪ :‬النباتات ‪ ،‬لكن‬ ‫صفة الحياة كصفة كاملة هي لله سبحانه وتعالى على الوجه اللئق بجلله وبكماله‬ ‫سبحانه ‪.‬‬ ‫مثل ً ‪ :‬الحياة الدنيا ‪ ،‬وحياة الخرة ‪ ،‬فإن الحياة الحقيقة هي حياة الخرة ‪ ،‬فإن لفظة‬ ‫) حياة ( من قبيل المشكك اللفظي ‪ ،‬لن لها أكثر من فرد تصدق عليه ولكن ليس‬ ‫على وجه التساوي ‪.‬‬ ‫مثل ‪ :‬لفظ ) شجاعة ( فأنت قد تقول ‪ :‬زيد شجاع ‪ ،‬وعنترة شجاع ‪ ،‬لكن في عنترة‬ ‫صفة الشجاعة أكثر من زيد ‪ ،‬فصفة الشجاعة من قبيل المشكك اللفظي ‪ ،‬لن‬ ‫معناها يصدق على عدة أفراد ل على وجه التساوي ‪.‬‬ ‫مثل ‪ :‬صفة ) اليمان ( من اللفاظ المشككة ‪ ،‬فالناس ليسوا على التساوي وفي‬

‫‪43‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ك إَلى ن ِعاجه﴾ أ َي مع ن ِعاجه و ﴿م َ‬ ‫جت ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬ ‫صاِري‬ ‫ْ َ َ َ ِ ِ‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫ل ن َعْ َ‬ ‫ك بِ ُ‬ ‫ل ََقد ْ ظ َل َ َ‬ ‫ن أن ْ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ؤا ِ‬ ‫َ‬ ‫حوَ ذ َل ِ َ‬ ‫ك) (‪.‬‬ ‫معَ الل ّهِ وَن َ ْ‬ ‫إَلى الل ّهِ﴾ أيْ َ‬ ‫ؤا ُ‬ ‫س َ‬ ‫ة‬ ‫ج ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫صَرةِ ِ‬ ‫ل الن ّعْ َ‬ ‫ن الت ّ ْ‬ ‫ه نُ َ‬ ‫َوالت ّ ْ‬ ‫ن فَ ُ‬ ‫ما َقال َ ُ‬ ‫حِقيقُ َ‬ ‫حاةُ ال ْب َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫مي ِ‬ ‫ن َ‬ ‫دوا ل َي َْفت ُِنون َ َ‬ ‫ه‪ .‬وَك َذ َل ِ َ‬ ‫ك‬ ‫ج ِ‬ ‫كا ُ‬ ‫ه‪﴿ :‬وَإ ِ ْ‬ ‫معََها وَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ي َت َ َ‬ ‫ك قَوْل ُ ُ‬ ‫مَها إَلى ن َِعا ِ‬ ‫ض ّ‬ ‫ج ْ‬ ‫ض ّ‬ ‫م ُ‬ ‫َ‬ ‫حي َْنا إل َي ْ َ‬ ‫دوَنك) (‪.‬‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ص ّ‬ ‫ك﴾ ُ‬ ‫ذي أوْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ض ّ‬ ‫زيُغوَنك وَي َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫معَْنى ي ُ ِ‬ ‫عَ ِ‬ ‫وَك َذ َل ِ َ‬ ‫ن‬ ‫ن ال َْقوْم ِ ال ّ ِ‬ ‫صْرَناهُ ِ‬ ‫ن ك َذ ُّبوا ِبآَيات َِنا﴾ ُ‬ ‫ض ّ‬ ‫ك قَوْل ُ ُ‬ ‫ه ‪﴿ :‬وَن َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م َ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫وصف اليمان ‪ ،‬لكن الموصوفين باليمان ك ُُثر ‪.‬‬ ‫إذا فهمتم هذه المقدمة ستفهمون – إن شاء الله – كلم شيخ السلم الذي وقفنا‬ ‫عنده ‪.‬‬ ‫يقول شيخ السلم ‪ ) :‬مثل كلمة ‪ :‬قسورة ‪ ،‬فإن المراد بها الرامي ‪ ،‬ويراد بها‬ ‫السد ( ‪ .‬إذا ً لفظة ) قسورة ( الن مشترك لفظي ‪ ،‬إذ إن هذه اللفظة لها معنيان ‪:‬‬ ‫الول ‪ :‬الرامي ‪ ،‬والثاني ‪ :‬السد ‪ ،‬فقد يأتي في كلم المفسرين تفسير كلمة‬ ‫)قسورة( بالرامي ‪ ،‬وقد يأتي كلم آخرين تفسيرها بالسد ول تنافي بينهما ‪ ،‬لن هذه‬ ‫اللفظة من قبيل المشترك اللفظي ‪.‬‬ ‫كذلك قوله تعالى ‪ ) :‬ثم دنا فتدلى ‪ .‬فكان قاب قوسين أو أدنى ( ‪ ،‬قول من أقوال‬ ‫أهل التفسير ‪ :‬أن الضمير يعود إلى جبريل عليه السلم ‪ ،‬وقول آخر يقول ‪ :‬إن‬ ‫الضمير يعود إلى محمد صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬لن الضمير من قبيل اللفاظ‬ ‫المتواطئة ‪ ،‬وهو اللفظ الذي يصدق على كثيرين ‪.‬‬ ‫فتفسير الضمير ‪ :‬بجبريل – عليه السلم – أو بمحمد صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬مما‬ ‫يحتمله اللفظ ‪ ،‬لن اللفظ من قبيل اللفاظ المتواطئة ‪.‬‬ ‫وكذلك قوله تعالى ‪ ) :‬والشفع والوتر ( ‪ ،‬يصدق على صلة الليل أنها شفع ووتر ‪،‬‬ ‫وقد يصدق على أمور أخرى مثل ليلة القدر ‪ ،‬وقد تجد في كلم أهل التفسير‬ ‫تفسيرها بأمور أخرى يصدق فيها أنها شفع ووتر ‪َ ،‬لنها من هذا القبيل ‪.‬‬ ‫ن ي َُراد َ ب ِهِ ك ُ ّ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫ل هَ َ‬ ‫مَعاِني ال ِّتي َقال ََها‬ ‫قال شيخ‬ ‫السلم ابن تيمية ‪) :‬فَ ِ‬ ‫جوُز أ ْ‬ ‫ذا قَد ْ ي َ ُ‬ ‫ل ًال ْ َ‬ ‫جوُز ذ َل ِ َ‬ ‫ك( ‪ ،‬فالول الذي يجوز فيه أن يكون مرادا للسلف ‪ :‬أن تكون‬ ‫سل َ ُ‬ ‫ف وَقَد ْ َل ي َ ُ‬ ‫ال ّ‬ ‫‪.‬‬ ‫الية‬ ‫في‬ ‫داخلة‬ ‫القوال‬ ‫هذه‬ ‫جميع‬ ‫ذا َ َتاَرةً وَهَ َ‬ ‫ن فَأ ُِريد َ ب َِها هَ َ‬ ‫ما‬ ‫مّر‬ ‫قال شيخ‬ ‫ذا َتاَرةً وَ ْإ ِ ّ‬ ‫ت َ‬ ‫ن َ اْلي َةِ ن ََزل َ ْ‬ ‫السلم ‪) :‬إ ّ‬ ‫ما ل ِك َوْ ِ‬ ‫يات َيه ْ إِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ة‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ء‬ ‫ها‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ث‬ ‫ك‬ ‫أ‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ز‬ ‫و‬ ‫ج‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ذ‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫د‬ ‫را‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ن الل ّ ْ‬ ‫مال ِك ِي ّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫َ ْ َ ّ َّ‬ ‫ك َي َ ُ‬ ‫شت ََر ِ‬ ‫َ‬ ‫جوُز ْ َ ُ َ َ ْ ِ َ َ َ ْ َ ُ‬ ‫ظ ا ْل ْ ُ‬ ‫ُ ً َ َُ‬ ‫ل ِك َوْ ِ‬ ‫ما إ َ‬ ‫َوال ّ‬ ‫ذا‬ ‫ن الل ْ‬ ‫و‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ما‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫م‪،‬‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ثي‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ح‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫شا‬ ‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫مت ََ‬ ‫ف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫واط ِئا في َكو ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫عا ّ‬ ‫ظ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْْ ِ‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذا الن ّوْعُ إ َ‬ ‫ب فهَ َ‬ ‫ف الّثاِني( ‪.‬‬ ‫ح ِِفيهِ ال َ‬ ‫ن ل ِت َ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫صي ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫صن ْ ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ص ّ‬ ‫ج ٌ‬ ‫مو ِ‬ ‫صهِ ُ‬ ‫لَ ْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ذا َ‬ ‫م ْ‬ ‫قوَْل ِ‬ ‫م ي َك ُ ْ‬ ‫أشار الشيخ الن إلى مسألة تكرار النزول وقد سبق ولله الحمد بيانها‪ ،‬وأن الصحيح‬ ‫أن الدليل الشرعي يقرر جواز تكرار نزل القرآن‪.‬‬ ‫إذا تقرر عندنا جواز نزول القرآن ؛ فل مانع أن ينزل القرآن أول ً ليقرر معنى من‬ ‫المعاني التي يحتملها لفظ الية ثم ينزل ثانيا ً ليقرر فيه معنى آخر ‪ ،‬والمعنيان ل‬ ‫تنافي بينهما ‪.‬‬ ‫أو أن يكون تعدد المعنى ‪ :‬أن اللفظ الذي جاء في الية من قبيل المشترك اللفظي ‪،‬‬ ‫وعند العلماء ‪ :‬ل مانع من أن يفسر اللفظ الذي هو من قبيل المشترك اللفظي‬ ‫بجميع معانيه بشرط أن ل يكون هناك تمانع أو تنافي بينهم ‪ ،‬أو أن ل يقوم دليل على‬ ‫تحديد أحد هذه المعاني‪ .‬وهذا موطن ينبغي أن يتفطن له المسلم ‪ ،‬إذا إن هناك آيات‬ ‫بل وأحاديث تحتمل أكثر من معنى ول تمانع بينهما ‪ ،‬ول مانع من تفسير الحاديث‬ ‫بهذا المعنى أو الية بهذا المعنى وهذا المعنى‪ ،‬إل إذا قام دليل يمنع ‪ ،‬كأن يقوم دليل‬ ‫على تحديد أحد هذه المعاني في المشترك اللفظي‪ ،‬أو أن تقوم علة تمنع حمل‬ ‫المشترك اللفظي على جميع معانيه‪.‬‬ ‫وقد نّبه شيخ السلم ابن تيمية – رحمه الله – إلى أن القول بجواز حمل المشترك‬ ‫اللفظي على جميع معانيه هو قول الكثر من أهل العلم‪.‬‬ ‫أو أن تكون اللفظة في الية من قبيل المتواطئ اللفظي الذي يصدق على كثيرين‬ ‫فيكون هذا النوع من الصنف الثاني الذي فيه التفسير من باب ضرب المثال ‪.‬‬ ‫‪ () 2‬وهذا سر! الذين تأملوا في نظم القرآن الكريم وجدوا أن من إعجاز اللفظ‬ ‫القرآني ‪ :‬أن الية إذا سيقت لمعنى ل يستطيع إنسان أن يأتي بلفظ يؤدي هذا‬ ‫المعنى كما جاء في لفظ الية ‪ ،‬وهذا حقيقة العجاز في النظم القرآني ‪ .‬أن كل‬ ‫أخرى ل تقوم مكانها في أداء المعنى ‪.‬‬ ‫لفظة في القرآن الكريم مهما أتيت بلفظة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ن(‬ ‫مؤ ِ‬ ‫ت بِ ُ‬ ‫ما أن ْ َ‬ ‫مثل ً ‪ :‬علماء البلغة قالوا ‪ :‬قوله تعالى ‪) :‬وَ َ‬ ‫ن لَنا وَلوْ كّنا َ‬ ‫صادِِقي َ‬ ‫م ٍ‬ ‫دق لنا ولو‬ ‫)يوسف‪ :‬من الية ‪ (17‬قالوا ‪ :‬تفيد من‬ ‫المعنى ما ل تفيده لو قال ‪) :‬بمص ّ‬ ‫ْ‬ ‫ن ل ََنا ( ‪ ،‬أي ‪ :‬أنت لم تركن لنا ولم تطمئن‬ ‫م‬ ‫كنا صادقين ( ‪ ،‬قالوا ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫لن قوله ‪) :‬ب ِ ُ‬ ‫مؤ ٍ‬ ‫الواقع ‪ ،‬فهم أرادوا أن يصفوا اطمئنانه إليهم ل‬ ‫ت أن كل ً منا يوافق‬ ‫لنا حتى لو علم َ‬ ‫دق( بدل لفظة )بمؤمن(؛ لذهب هذا‬ ‫مجرد قبول الخبر ‪ ،‬فلو أنه جاء بلفظة )بمص ّ‬ ‫المعنى ‪ ،‬مع أن اللفظتين تشتركان في معنى التصديق ‪.‬‬

‫‪44‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫صَناهُ) (‪ .‬وَك َذ َل ِ َ‬ ‫ه ‪﴿ :‬ي َ ْ‬ ‫ن‬ ‫جي َْناهُ وَ َ‬ ‫ب ب َِها ِ‬ ‫عَباد ُ الل ّهِ﴾ ُ‬ ‫شَر ُ‬ ‫معَْنى ن َ ّ‬ ‫ض ّ‬ ‫ك قَوْل ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫خل ّ ْ‬ ‫م َ‬ ‫)(‬ ‫ي ُْرَوى ب َِها وَن َ َ‬ ‫ظائ ُِرهُ ك َِثيَرةٌ ‪.‬‬ ‫ش ّ‬ ‫ن َقا َ‬ ‫ك" فَهَ َ‬ ‫ب َل َ‬ ‫ه‬ ‫ب ِفي ِ‬ ‫ب‪ ،‬وَإ ِّل َفالّري ْ ُ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ل‪َ" :‬ل َري ْ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ذا ت َْق ِ‬ ‫َ )(‬ ‫ما َقا َ‬ ‫ريُبك"‪ ،‬وَِفي‬ ‫حَرك ٌ‬ ‫ب وَ َ‬ ‫ضط َِرا ٌ‬ ‫ا ْ‬ ‫ريُبك إَلى َ‬ ‫ل ‪" :‬د َعْ َ‬ ‫ة ‪ ،‬كَ َ‬ ‫ما َل ي َ ِ‬ ‫ما ي َ ِ‬ ‫ل‪َ :‬ل يريبه أ َحد") (‪ ،‬فَك َ َ‬ ‫َ‬ ‫ف فََقا َ‬ ‫ن‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ما أ ّ‬ ‫َ ِ ُ ُ َ ٌ‬ ‫حاقِ ٍ‬ ‫ي َ‬ ‫مّر ب ِظ َب ْ‬ ‫ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ه‪َ " :‬‬ ‫ث أن ّ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫كون والط ّ ْ‬ ‫ب‬ ‫مأِنين َ َ‬ ‫ب ِ‬ ‫ضط َِرا َ‬ ‫ن اِل ْ‬ ‫ضد ّهُ ُ‬ ‫ة َفالّري ْ ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ض ّ‬ ‫َ‬ ‫ض ّ‬ ‫م َ‬ ‫س ُ َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ال ْي َِقي َ‬ ‫ة‪.‬‬ ‫حَرك َ َ‬ ‫َوال ْ َ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫‪3‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫والطمئنان والركون إلى الشيء ‪ ،‬زيادة‬ ‫كلمة )مؤمن( تفيد معنى التصديق مع‬ ‫المن)وما أ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ن( ‪،‬‬ ‫قي‬ ‫د‬ ‫صا‬ ‫نا‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫نا‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ؤ‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫القرآني‬ ‫على كلمة )مصدق( ‪ ،‬فجاء التعبير‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ ِ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫)مؤمن( ٍ‬ ‫بكلمة )مصدق(‪.‬‬ ‫لينبه على هذا المعنى الذي يزول لو أبدلت كلمة‬ ‫خذوا مثال ً آخر ‪) :‬ألشم ‪ .‬ذ َل ِ َ‬ ‫ه()البقرة‪ :‬من الية ‪ ،(2‬لماذا جاءت هنا‬ ‫ب ِفي ِ‬ ‫ب ل َري ْ َ‬ ‫ك ال ْك َِتا ُ‬ ‫كلمة )الكتاب( ولم تأت بكلمة )القرآن( ؟‬ ‫قالوا ‪ :‬لن كلمة ) القرآن ( تفيد الشارة إلى هذا الكلم بوصف أنه ملفوظ‪ ،‬لنه ُيقرأ‬ ‫ويلفظ دون تأكيد على معنى الجمع والضم ‪ ،‬بينما كلمة ) الكتاب ( تفيد معنى‬ ‫القراءة وزيادة عليها معنى الضم والجمع وأيضا ً شمول مجموع القرآن الكريم ‪ ،‬وهذا‬ ‫المعنى ل تفيده كلمة ) القرآن ( بمفردها لو جاءت في هذا المحل ‪.‬‬ ‫إذ إن المقصود بهذا المحل نفي الريب ‪ ،‬فالريب منفي ليس عن مجرد اللفظ بل‬ ‫حتى عن المكتوب ‪ ،‬فجاء التعبير بالكتاب ليشمل هذه المعاني الثلثة ‪.‬‬ ‫المعنى الول ‪ :‬لما تفيده كلمة ) الكتاب ( من أن كل مكتوب مقروء ‪ ،‬فتشمل‬ ‫القراءة لنفي الريب عنه كونه مقروءًا‪.‬‬ ‫المعنى الثاني ‪ :‬نفي الريب عنه كونه مكتوبًا‪.‬‬ ‫والمعنى الثالث ‪ :‬نفي الريب عنه جميعه من أوله إلى آخره بخلف كلمة ) القرآن (‬ ‫فإن الشارة فيها إلى القراءة دون المعاني الخرى‪ ،‬فكان المناسب لهذا السياق أن‬ ‫يقول ‪) :‬ذ َل ِ َ‬ ‫ه( باسم ) الكتاب ( دون اسم ) القرآن ( أو ) الفرقان‬ ‫ب ِفي ِ‬ ‫ب ل َري ْ َ‬ ‫ك ال ْك َِتا ُ‬ ‫( أو كلمة )تنزيل ( ‪ ،‬جاء بكلمة ) الكتاب ( للشارة إلى هذه المعاني التي يشملها‬ ‫هذا اللفظ دون غيره ‪.‬‬ ‫وهكذا مهما جئت إلى لفظ من ألفاظ القرآن في آية وأردت أن تبدله بلفظ آخر‬ ‫يشترك معه في أصل المعنى ؛ فإنك مهما جئت بلفظ ل يساوي اللفظ القرآني ‪،‬‬ ‫ولذلك أهل التفسير الذين درسوا البلغة القرآنية والعجاز القرآني يرفضون القول‬ ‫بالترادف في اللغة وفي القرآن الكريم ‪ .‬وهذا موضوع فقه اللغة‪.‬‬ ‫مثل ً يقولون ‪ :‬قل‪ :‬كان متكئا ً فجلس ول تقل‪ :‬فقعد ‪ ،‬لن القعود إنما يكون عن‬ ‫قيام ‪ ،‬قل‪ :‬كأس ‪ ،‬إذا كان مملوءًا‪ ،‬وقل‪ :‬زجاج ‪ ،‬أو إناء إذا كان فارغا ً ‪ ،‬هذا كله فقه‬ ‫اللغة يبعد الترادف عن اللفاظ‪ ،‬لنه عين من عيون إعجاز القرآن في النظم والبيان‬ ‫هو هذا الذي ذكرناه قبل قليل ‪ ،‬ولذلك شيخ السلم ابن تيمية يقول‪) :‬فإن الترادف‬ ‫في اللغة قليل ‪ ،‬وأما في ألفاظ القرآن فإما نادر وإما معدوم(‪.‬‬ ‫)( هذا من أسباب إعجاز القرآن الكريم في النظم ‪ .‬بعد ذلك سيورد لنا شيخ السلم‬ ‫ابن تيمية أمثلة لقوال بعض المفسرين في تفسير كلمات من القرآن كل واحد‬ ‫يحاول تفسير اللفظة القرآنية بلفظة مقاربة لها ‪ ،‬فيقول هذا الختلف سببه ‪ :‬أنهم‬ ‫ي ُعَّبرون عن اللفظ بلفظ قريب منه ‪.‬‬ ‫في مثل هذا النوع من الختلف في تفسير القرآن يستحسن جمع كل كلم السلف‬ ‫سر سيهتم ببيان لفظة‬ ‫فإن المعنى سيكون في مجموع هذه العبارات‪ ،‬فإن كل مف ّ‬ ‫تفيد معنى تدل عليه لفظة الية ‪.‬‬ ‫ور هو الحركة من باب‬ ‫)( يعني ‪ :‬إذا ف ّ‬ ‫ور ( بالحركة؛ كان قوله بأن الم ْ‬ ‫سر مفسر ) الم ْ‬ ‫ور ( ‪:‬‬ ‫ور ‪ ،‬إذ ) الم ْ‬ ‫ور‪ ،‬وإل ليس مجرد الحركة هو معنى الم ْ‬ ‫التفسير بتقريب معنى الم ْ‬ ‫حركة خفيفة سريعة ‪ .‬مثل ‪ :‬كلمة )الوحي( قد تجد من يفسرها بالعلم ‪ ،‬يقول ‪:‬‬ ‫العلم من معاني الوحي‪ ،‬لكن ليس هو معنى الوحي ككل‪ ،‬إذ إن الوحي‪ :‬إعلم‬ ‫خفية ليس مجرد إعلم ‪.‬‬ ‫بسرعة و ُ‬ ‫فقد تجد في كلم المفسرين شيئا ً من هذا الباب ‪ ،‬وهو تقريب معنى اللفظ القرآني‬ ‫بمعاني من اللغة العربية ل ليراد حصر كل معنى اللفظ القرآني ‪.‬‬ ‫)( يعني يقول ‪) :‬وقضينا إلى بني إسرائيل ( معناه ‪ :‬أنه أوحى إليهم وأعلمهم وأنزل‬ ‫إليهم وأوجب عليهم ‪ ،‬وهذه الربعة كلها من معاني كلمة ) قضينا ( وكلها مرادة في‬ ‫هذا النص ‪ ،‬قد تجد من أهل التفسير من يفسر ) قضينا ( بأعلمنا ‪ ،‬أو حمكنا ‪ ،‬أو‬ ‫ن لتقريب معنى اللفظ ل لتحقيق معنى اللفظ ‪ ،‬فإن هذا‬ ‫أنزلنا ‪ ،‬يقول ‪ :‬هذه كلها معا ٍ‬ ‫يختلف عن هذا ‪ ،‬إذ ل تجد ألفاظا ً مترادفة في اللغة ‪.‬‬ ‫)( من المسائل التي تأتي عند التفسير ويحتاجها المفسر ‪ :‬أنه قد يجد في الية‬ ‫دى بغير فعل التعدية المعروف له في اللغة العربية ‪ ،‬فيلجأ بعض‬ ‫القرآنية فعل ً ُيع ّ‬ ‫المفسرين إلى أن يقول ‪ :‬حرف التعدية هذا ‪ ،‬مثل ً ) على ( يراد به ) من ( مثل ً ‪ ،‬أو‬ ‫يقول ‪) :‬إلى( يراد به معنى ) على ( ‪ .. ،‬الخ ‪.‬‬

‫‪45‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫وَل َْف ُ‬ ‫ش ّ‬ ‫م هَ َ‬ ‫ظ "ال ّ‬ ‫ه َل‬ ‫ك" وَإ ِ ْ‬ ‫ست َل ْزِ ُ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ن ل َْفظ َ ُ‬ ‫ذا ال ْ َ‬ ‫ن ِقيل‪ :‬إن ّ ُ‬ ‫معَْنى; ل َك ِ ّ‬ ‫ي َد ُ ّ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫ل عَل َي ْ ِ‬ ‫ل ‪ :‬ذ َل ِ َ‬ ‫وَك َذ َل ِ َ‬ ‫ذا ِقي َ‬ ‫ن فَهَ َ‬ ‫ب هَ َ‬ ‫كإ َ‬ ‫ن‬ ‫ب; ِل َ ّ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ذا ال ُْقْرآ ُ‬ ‫ك ال ْك َِتا ُ‬ ‫ذا ت َْق ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ضورِ غَي ُْر اْل ِ َ‬ ‫دا َفاْل ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ة‬ ‫ن َوا ِ‬ ‫شاَر ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫جهَةِ ال ْ ُ‬ ‫ح ً‬ ‫كا َ‬ ‫شاَر إل َي ْهِ وَإ ِ ْ‬ ‫شاَرةُ ب ِ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬ ‫جهَةِ ال ْب ُعْدِ َوال ْغَي ْب َةِ وَل َْف ُ‬ ‫ما‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب" ي َت َ َ‬ ‫مو ً‬ ‫ض ُ‬ ‫مك ُْتوًبا َ‬ ‫ن ك َوْن ِهِ َ‬ ‫ض ّ‬ ‫بِ ِ‬ ‫ظ "ال ْك َِتا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ل َْف ُ‬ ‫ه‬ ‫مظ ْهًَرا َبادًِيا فَهَذِ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ما َل ي َت َ َ‬ ‫مْقُروًءا ُ‬ ‫ن ك َوْن ِهِ َ‬ ‫من ُ ُ‬ ‫ض ّ‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫ظ ال ُْقْرآ ِ‬

‫‪2‬‬

‫جت ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬ ‫ص‪ :‬من الية ‪(24‬‬ ‫مثل هذه الية قوله تعالى ‪) :‬ل َ َ‬ ‫ل ن َعْ َ‬ ‫ك بِ ُ‬ ‫ك إَلى ن َِعا ِ‬ ‫قد ْ ظ َل َ َ‬ ‫جه() ّ‬ ‫ؤا ِ‬ ‫‪ ،‬فيأتي بعض أهل التفسير فيقول ‪) :‬إلى( بمعنى )مع( ‪ ِ ،‬فيصير معنى الية ‪ :‬لقد‬ ‫ظلمك بسؤال نعجتك مع نعاجه ‪.‬‬ ‫شيخ السلم يقول ‪ :‬هذا خطأ ‪ ،‬ل يوجد عندنا في اللغة العربية حروف تنوب عن‬ ‫جت ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬ ‫ك‬ ‫من الفعل معنى آخر وقوله ‪) :‬ل َ َ‬ ‫ل ن َعْ َ‬ ‫حروف ‪ ،‬والصحيح ‪ :‬أنه ي ُ َ‬ ‫ك بِ ُ‬ ‫قد ْ ظ َل َ َ‬ ‫ض ّ‬ ‫ؤا ِ‬ ‫جه( ‪ ،‬أراد بكلمة )سؤال( أي ‪ :‬ضم وإلحاق ‪ ،‬فالمعنى حينئذ ٍ يكون أي ‪ :‬ظلمك‬ ‫إ َِلى ن َِعا ِ‬ ‫ً‬ ‫بإدخال وضم نعجتك إلى نعاجه ‪ ،‬فجعل فعل ) سؤال ( مضمن فعل آخر وهو فعل‬ ‫الضم ‪ ،‬أو فعل الجمع ‪ ،‬ولم يقل بتناوب الحروف ‪.‬‬ ‫وهذه مسألة من المسائل المهمة لنه يستسهل بعض الناس أن يقول ‪ :‬هنا حرف‬ ‫ناب عن حرف كذا ‪.‬‬ ‫]وقد عقد ابن هشام في كتابه )مغني اللبيب( الباب السادس في التحذير من أمور‬ ‫اشتهرت بين المعربين والصواب خلفها‪ ،‬وذكر منها ص ‪ ،861‬قولهم‪" :‬ينوب بعض‬ ‫حروف الجر عن بعض"‪ ،‬وقال‪" :‬هذا مما يتداولونه ويستدلون به‪ ،‬وتصحيحه بإدخال‬ ‫)قد( على قولهم‪" :‬ينوب‪ ،"...‬وحينئذ يتعذر استدللهم به‪ ،‬إذ كل موضع ادعوا فيه ذلك‬ ‫يقال لهم فيه‪ :‬ل نسلم هذا مما وقت فيه النيابة‪ ،‬ولو صح قولهم لجاز أن يقال‪:‬‬ ‫مررت في زيد‪ ،‬ودخلت من عمرو‪ ،‬وكتبت إلى القلم‪ ،‬على أن البصريين ومن تابعهم‬ ‫يرون في الماكن التي ادعيت فيها النيابة أن الحرف باق على معناه‪ ،‬وأن العامل‬ ‫ضمن معنى عامل يتعدى بذلك الحرف‪ ،‬لن التجوز في الفعل أسهل منه في‬ ‫الحرف"اهش‬ ‫وذكر في الباب الثامن الذي عقده في ذكر أمور كلية يتخرج عليها ما ل ينحصر من‬ ‫الصور الجزئية‪ ،‬ذكر ص ‪" 897‬القاعدة الثالثة‪ :‬قد يشربون لفظا ً معنى لفظ فيعطونه‬ ‫حكمه‪ ،‬ويسمى ذلك تضمينًا‪ ،‬وفائدته أن تؤدي كلمة مؤدى كلمتين"اهش‬ ‫وهذه المسألة من مسائل الخلف بين الكوفيين والبصريين‪ ،‬فالقول بجواز جعل‬ ‫بعض الحروف تقوم مقام بعض‪ ،‬هو قول أكثر الكوفيين‪ ،‬بخلف البصريين‪ .‬انظر‪:‬‬ ‫النصاف في مسائل الخلف بين النحويين ‪ :‬البصريين والكوفيين )‪ ،(1/266‬الجنى‬ ‫الداني ص ‪ ،46‬مغني اللبيب ص ‪ .151-150‬ونصر قول البصريين ابن جني في‬ ‫الخصائص )‪ ،(435 ،310-2/306‬ونسبه للمحققين المرادي في الجنى الداني ص‬ ‫‪ ،46‬ونسب ابن القيم في بدائع الفوائد )‪ (2/21‬طريقة الكوفيين إلى ظاهرية النحاة‪،‬‬ ‫ومذهب البصريين إلى فقهاء أهل العربية‪[.‬‬ ‫عد بني إسرائيل وتهددهم قال ‪:‬‬ ‫الله ُسبحانه وتعالى يقول عن فرعون لما تو ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫خل()طشه‪ :‬من الية ‪ ، (71‬بعض المفسرين يقول معناها ‪:‬‬ ‫ذوِع الن ّ ْ‬ ‫م ِفي ُ‬ ‫صل ّب َن ّك ُ ْ‬ ‫) وََل َ‬ ‫لن التصليب إنما يكون على جذوع النخل ول يكون فيه ‪.‬‬ ‫على جذوع النخل ‪،‬‬ ‫بتطبيق القاعدة التي قالها شيخ السلم ابن تيمية نقول ‪ :‬هذا الكلم خطأ ‪ ،‬فإن‬ ‫من معنى التصليب معنى )الغرس( ‪،‬‬ ‫الحروف ل ينوب بعضها عن بعض ‪ ،‬ولكن ُ‬ ‫ض ّ‬ ‫فكأنه قال ‪ :‬لغرسن أبدانكم في جذوع النخل ‪ ،‬أي ‪ :‬أدخلها ‪ ،‬فأفادت الية أنه لم ي ُرِد ْ‬ ‫– فقط – أنه يعلقهم على جذوع النخل ؛ بل إنه يأتي بالمسامير فيغرسها في‬ ‫لحومهم حتى تدخل لحومهم داخل الشجر ‪ .‬فبقي حرف ) في ( في قوله‪) :‬في‬ ‫جذوع النخل( على أصله ‪.‬‬ ‫من ُمعنى الفعل ) لصلبنكم ( معنى فعل آخر‬ ‫ض‬ ‫أنه‬ ‫‪:‬‬ ‫هذا‬ ‫والسر في التفسير الثاني‬ ‫ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫لغرس‬ ‫‪:‬‬ ‫أي‬ ‫خل(‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ع‬ ‫ذو‬ ‫ج‬ ‫في‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ص‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫))‬ ‫الية‬ ‫معنى‬ ‫ن ( ‪ ،‬فيصير‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫وهو ) لغرس ّ‬ ‫ِ‬ ‫التصليب ‪ ،‬لن التصليب قد‬ ‫رد – فقط مجرد‬ ‫لحومكم في جذوع النخل ‪ ،‬فهو لم ي ُ‬ ‫ِ‬ ‫يكون ‪ :‬تعليق الشيء بدون غرس بالمسامير وهذا المعنى غير مراد‪ ،‬وإنما أراد أن‬ ‫يغرس لحومهم في جذوع النخل حتى تصير فيها‪ ،‬فجاء حرف )في( لفادة هذا‬ ‫المعنى‪ ،‬ولو قلت ‪ ) :‬في ( ناب عن حرف )على(‪ ،‬وأصل الكلم ‪ :‬لصلبنكم على‬ ‫جذوع النخل‪ ،‬لما أفدت المعنى المراد‪ ،‬وقصرت في فهم الية‪.‬‬ ‫من معنى فعل‬ ‫ض‬ ‫هنا‬ ‫فل تقل‪ :‬إن الحرف ينوب عن حرف آخر ‪ ،‬ولكن قل‪ :‬الفعل‬ ‫ُ ّ‬ ‫آخر يتناسب مع حرف التعدية‪.‬‬ ‫فالمناسب‬ ‫‪،‬‬ ‫ديني‬ ‫في‬ ‫ني‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫‪،‬‬ ‫كذا‬ ‫في‬ ‫ني‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫‪:‬‬ ‫تقول‬ ‫)( المناسب لفعل ) فَت َن (‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫في َ الذي أو حينا إليك‪ ،‬لكنه قال ‪ ) :‬ل َ‬ ‫َ‬ ‫حي َْنا‬ ‫ع‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫نو‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫فِتنونك‬ ‫أن يقول ‪ :‬ل َي َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ذي أوْ َ‬ ‫َ‬ ‫إ ِل َْيك()السراء‪ :‬من الية ‪ ، (73‬بعض المفسرين بطريق الخطأ يقول ِ‪ ) :‬عن ( بمعنى‬ ‫) في ( ‪ ،‬فيصير معنى الية ‪) :‬وإن كادوا ليفتنونك في الذي أوحينا إليك(‪ ،‬كقولك ‪:‬‬ ‫دى بش )في(‪ ،‬لكن شيخ السلم‬ ‫لقد كاد أن ي َ ْ‬ ‫ن ( يتع ّ‬ ‫فت ِّني في ديني ‪ ،‬لن فعل ) فَت َ َ‬

‫‪46‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ل أ َحدهُم ‪﴿ :‬أ َن تبس َ َ‬ ‫ن) (‪ ،‬فَإ ِ َ‬ ‫ي‬ ‫مو ْ ُ‬ ‫ْ ُْ َ‬ ‫ذا َقا َ َ ُ ْ‬ ‫ال ُْفُروقُ َ‬ ‫ل﴾ أ ْ‬ ‫جود َةٌ ِفي ال ُْقْرآ ِ‬ ‫حوَ ذ َل ِ َ‬ ‫س وََقا َ‬ ‫نا ْ‬ ‫ل اْل َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ضاد ّ‬ ‫ف الت ّ َ‬ ‫خت َِل ِ‬ ‫ن وَن َ ْ‬ ‫تَ ْ‬ ‫ك لَ ْ‬ ‫حب ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ي َك ُ ْ‬ ‫خُر ‪ :‬ت ُْرت َهَ َ‬ ‫مْرت َهًَنا وَقَد ْ َل ي َ ُ‬ ‫س قَد ْ ي َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ن إذ ْ هَ َ‬ ‫ب‬ ‫ري ٌ‬ ‫كو ُ‬ ‫كو ُ‬ ‫م ْ‬ ‫كا َ‬ ‫وَإ ِ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫حُبو ُ‬ ‫ذا ت َْق ِ‬ ‫م) (‪.‬‬ ‫ما ت ََقد ّ َ‬ ‫معَْنى ك َ َ‬ ‫ل ِل ْ َ‬ ‫ل هَ َ‬ ‫موعَ‬ ‫مع ُ ِ‬ ‫ف ِفي ِ‬ ‫عَباَرا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫دا ; فَإ ِ ّ‬ ‫ج ّ‬ ‫سل َ ِ‬ ‫وَ َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ذا َنافِعٌ ِ‬ ‫ج ْ‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م أد َ ّ‬ ‫مع َ ه َ َ‬ ‫عَباَرةٍ أوْ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫صودِ ِ‬ ‫ذا فََل ب ُد ّ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫ل عََلى ال ْ َ‬ ‫عَباَرات ِهِ ْ‬ ‫مْق ُ‬ ‫م ْ‬ ‫عَباَرت َي ْ ِ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫يقول ‪ :‬ل ‪ ،‬هذا من باب تضمين الفعل معنى فعل آخر ‪ ،‬فيكون معنى )ليفتنونك(‬ ‫منا ً معنى‬ ‫من معنى ‪ :‬يزيغونك ‪ ،‬ويحرفونك ‪ ،‬ويحيدونك ‪ ،‬فلما‬ ‫كان هذا َالفعل ّم َ‬ ‫ُ‬ ‫ض ّ‬ ‫ض َّ‬ ‫ن َ‬ ‫حي َْنا‬ ‫دوا ل َي َ ْ‬ ‫فت ُِنون َك عَ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫ذي أوْ َ‬ ‫كا ُ‬ ‫فعل آخر جاء بحرف التعدية )في( ‪ ،‬فقال ‪) :‬وَإ ِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫إ ِل َْيك( أي ‪ :‬يزيغونك ‪ ،‬ويحرفونك ‪ ،‬ويحيدونك ‪ ،‬عن الذي أوحينا إليك ‪ ،‬فليس مجرد‬ ‫معنى الية ‪ :‬أنهم فتنوك وأنت باق ‪ ،‬ل ‪ ،‬الية ت ُب َّين أنهم لم يقتصروا على مجرد‬ ‫ق عليه ؛ٍ بل إخراجه عن الصراط السويّ وإحرافه عنه‬ ‫تشكيكه في شيء وهو‬ ‫جاء با ٍ‬ ‫بحرف الجر ) عن ( ‪ ،‬وبهذا السلوب تكتسب الية معنى ‪:‬‬ ‫وزيغانه عنه ‪ ،‬ولهذا‬ ‫الفتنة ومعنى الزيغان ‪.‬‬ ‫من الذي يناسب حرف التعدية الذي‬ ‫قد يقول قائل ‪ :‬لماذا لم يأ ِ‬ ‫ت أصل ً بالفعل المض ّ‬ ‫ُ‬ ‫ذكر في الية ؟‬ ‫نقول ‪ :‬لكي تشتمل الية على معنى الفعلين ‪ ،‬معنى فعل الفتنة ‪ ،‬ومعنى فعل‬ ‫الزيغان ‪.‬‬ ‫قد تقول ‪ :‬ما الضابط لهذا ؟‬ ‫من ‪،‬‬ ‫نقول ‪ :‬الضابط هذا الحرف ‪ ،‬حرف التعدية فإنه هو الذي يشير إلى الفعل المض ّ‬ ‫سر أن ينظر في السياق والسباق ‪ ،‬وينظر في الفعل المضمن المناسب‬ ‫وعلى المف ّ‬ ‫لهذا الموضوع ‪.‬‬ ‫فالذين يستسهلون هذه القضية ويقولون ‪ :‬هذا من باب تناوب أحرف الجر ؛ فعلهم‬ ‫ت فيه لفظ ول حرف إل‬ ‫هذا خطأ ل يتناسب مع عظمة السلوب القرآني الذي لم يأ ِ‬ ‫لمعنى ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫سوَء‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫مو‬ ‫سو‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫آ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫نا‬ ‫ي‬ ‫ج‬ ‫ن‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫)‬ ‫‪:‬‬ ‫وتعالى‬ ‫سبحانه‬ ‫قوله‬ ‫إلى‬ ‫وانظروا‬ ‫َ‬ ‫َ ِ َُ ّ ْ َ ْ ِ ْ ِ ِ ْ ْ َ َ ُ ُ َ ْ ُ‬ ‫ن أ َب َْناَءك ُ‬ ‫ال ْعَ َ‬ ‫هذه الية‬ ‫م()البقرة‪ :‬من الية ‪ ، (49‬جاءت‬ ‫ساَءك‬ ‫نن‬ ‫حُيو‬ ‫ست‬ ‫م وَي‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫حو َ‬ ‫ب ي ُذ َب ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ذا ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫سى ل ِ َ‬ ‫نفسها في سورة‬ ‫م َ‬ ‫قوْ ِ‬ ‫م ُإ ِذ ْ أن ْ َ‬ ‫مو َ‬ ‫جاك ْ‬ ‫ة اللهِ عَلي ْك ْ‬ ‫روا ن ِعْ َ‬ ‫إبراهيم‪) :‬وَإ ِذ ْ قا ْل ُ‬ ‫مهِ َاذ ْك ُ‬ ‫سوَء العَ َ‬ ‫ساَءكم(‬ ‫ِ‬ ‫حُيو َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫حو َ‬ ‫ب وَي ُذ َب ّ ُ‬ ‫ل فِْرعَوْ َ‬ ‫ن نِ َ‬ ‫م وَي َ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫ن أب َْناَءك ُ ْ‬ ‫مون َك ُ ْ‬ ‫سو ُ‬ ‫ذا ِ‬ ‫نآ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫)إبراهيم‪ :‬من الية ‪ ، (6‬ل فرق بين اليتين إل بحرف العطف ) الواو ( ‪ ،‬ففي سورة‬ ‫إبراهيم‪) :‬ويذبحون أبناءكم( ‪ ،‬وفي سورة البقرة ‪) :‬يسومونكم ‪ ....‬يذ َّبحون ( بدون‬ ‫)الواو ( ‪ ،‬فزيادة حرف ) الواو ( في سورة إبراهيم أفاد معنى غيره لما لم يكن في‬ ‫البقرة ‪.‬‬ ‫ذاب يذ َبحو َ‬ ‫م( ما‬ ‫حُيو َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫سوَء ال ْعَ َ ِ ُ ّ ُ َ‬ ‫ن نِ َ‬ ‫م وَي َ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫تفسير آية البقرة ‪) :‬ي َ ُ‬ ‫ساَءك ُ ْ‬ ‫ن أب َْناَءك ُ ْ‬ ‫مون َك ُ ْ‬ ‫سو ُ‬ ‫هو ) سوء العذاب ( ؟ هو ‪ :‬ذبح البناء ‪ ،‬واستحياء النساء ‪ ،‬فأفاد أن سوء العذاب هو‬ ‫سوَء ال ْعَ َ‬ ‫ب( ‪ ،‬فسوء العذاب أشياء‬ ‫في‬ ‫هذا ‪،‬‬ ‫م ُ‬ ‫سورة إبراهيم قال ‪ُ ) :‬ي َ ُ‬ ‫مون َك ُ ْ‬ ‫سو ُ‬ ‫ذا ِ‬ ‫بينما َ‬ ‫كم( ‪ ،‬فالواو أفادت أن سوء العذاب شيء آخر‬ ‫ساَء‬ ‫حُيو َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫حو َ‬ ‫‪) ،‬وَي ُذ َب ّ ُ‬ ‫ن نِ َ‬ ‫م وَي َ ْ‬ ‫ن أب َْناَءك ُ ْ‬ ‫غير هذا المذكور ‪ ،‬فدل ذلك على أن سوء العذاب أشياء كثيرة منها هذا ‪ ،‬بينما في‬ ‫البقرة حصر فقط ‪ ،‬فيكون في البقرة اقتصر على أهم أنواع العذاب ‪ ،‬وفي سورة‬ ‫إبراهيم أشار إلى تعدد أنواع العذاب ‪ ،‬ومنها هذا المذكور وهو ذبح البناء واستحياء‬ ‫النساء ‪ ،‬فالمعنى زاد بزيادة حرف الواو ‪.‬‬ ‫فالتعامل مع القرآن بهذه الخصوصية هو الذي يظهر المعاني ‪ ،‬أما تأتي وتستسهل‬ ‫المر وتقول ‪ :‬هذا الحرف ناب عن حرف آخر ‪ ،‬فهذا الكلم ل يتناسب مع السلوب‬ ‫القرآني وهو غلط في التعامل مع القرآن ‪ ،‬هذا قد يصح في كلم الناس العاديين لكن‬ ‫ل يصح مع القرآن الكريم الذي لم يأت فيه حرف ول لفظ إل لمعنى ‪.‬‬ ‫َْ‬ ‫ل َرب ّ َ‬ ‫ع ٌ‬ ‫تأملوا قوله تعالى ‪) :‬وَإ ِذ ْ َقا َ‬ ‫ة ()البقرة‪ :‬من‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ض َ‬ ‫خِلي ً‬ ‫جا ِ‬ ‫ملئ ِك َةِ إ ِّني َ‬ ‫ك ل ِل ْ َ‬ ‫ل ِفي الْر ِ‬ ‫الية ‪ (30‬قال ‪ :‬في الرض ‪.‬‬ ‫ن عََلى اْل َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ونًا()الفرقان‪ :‬من‬ ‫ه‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫شو‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ذي‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫وفي الية‬ ‫َ‬ ‫الخرى ‪) :‬وَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫عَباد ُ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ْ ِ ْ‬ ‫يوجد ّ ْ َ ِ‬ ‫فعل ) يمشي ( يتعدى‬ ‫تضمين فعل معنى فعل لن‬ ‫الية ‪ ، (63‬طبعا ً هنا ل‬ ‫بحرف الجر ) على ( فل يوجد تضمين ‪ ،‬لننا قلنا ‪ :‬علمة التضمين‪ ،‬أن يأتي حرف‬ ‫التعدية غير مناسب مع الفعل الظاهر مما يشير إلى معنى فعل آخر ‪ ،‬هذا علمة‬ ‫التضمين في الفعل ن لكن لما يأتي حرف التعدية متناسبا ً مع الفعل فهذا ليست فيه‬ ‫إشارة إلى تضمين فعل معنى فعل ‪ ) .‬هذا هو الضابط ( ‪.‬‬ ‫ع ٌ‬ ‫ض( لماذا لما ذكر آدم عليه الصلة والسلم‬ ‫ل ِفي اْل َْر‬ ‫جا ِ‬ ‫نرجع إلى الية قال ‪) :‬إ ِّني َ‬ ‫ِ‬ ‫)في الرض( ‪ ،‬ولما ذكر عباد الرحمن –‬ ‫)في(‬ ‫حرف‬ ‫استعمل‬ ‫وأنه سيكون في الرض‬ ‫ن عََلى اْل َ‬ ‫ُ‬ ‫ض( ؟‬ ‫ر‬ ‫شو‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫)‬ ‫‪:‬‬ ‫قال‬ ‫–‬ ‫وآدم من عباد الرحمن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫قالوا ‪ :‬لختلف المقامين ‪ ،‬فالمقام الول ‪ :‬كان مقام ذكر التمكين والنزال إلى‬ ‫الرض ‪ ،‬وهذا يناسب حرف الظرفية ) في ( ‪ ،‬أما في المقام الثاني ‪ :‬هو لبيان‬

‫‪47‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ح َ‬ ‫ل ذ َل ِ َ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫كام ِ) (‪.‬‬ ‫نا ْ‬ ‫جد ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك ِفي اْل َ ْ‬ ‫ما ُيو َ‬ ‫م َ‬ ‫خت َِل ٍ‬ ‫م كَ َ‬ ‫ق ب َي ْن َهُ ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫م ْ‬ ‫حّق َ ٍ‬ ‫ف‬ ‫ن اِل ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫س ِ‬ ‫خت َِل ِ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫مأ ّ‬ ‫وَن َ ْ‬ ‫مو ُ‬ ‫ضط َّر إل َي ْهِ عُ ُ‬ ‫ة َ‬ ‫عا ّ‬ ‫ن ن َعْل َ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫م الّنا ِ‬ ‫َ‬ ‫م بَ ْ‬ ‫ت‬ ‫مةِ أوْ ال ْ َ‬ ‫وات ٌِر ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫معُْلو ٌ‬ ‫صة ِ ك َ َ‬ ‫عن ْد َ ال َْعا ّ‬ ‫ل ُ‬ ‫َ‬ ‫ما ِفي عَد َدِ ال ّ‬ ‫خا ّ‬ ‫صل َ َ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ض الّز َ‬ ‫مَقاِديرِ ُر ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ر‬ ‫كو ِ‬ ‫عَها وَ َ‬ ‫وَ َ‬ ‫كاةِ وَن ُ ُ‬ ‫م َ‬ ‫شه ْ ِ‬ ‫صب َِها وَت َعِْيي ِ‬ ‫واِقيت َِها وَفََرائ ِ ِ‬ ‫ت وَغَي ْرِ ذ َل ِ َ‬ ‫ك) (‪.‬‬ ‫واِقي ِ‬ ‫ف َوال ْوُُقو ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫مارِ َوال ْ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ي ال ْ ِ‬ ‫ف وََر ْ‬ ‫َر َ‬ ‫م َ‬ ‫ن َوالط ّ َ‬ ‫م ِ‬ ‫حوِ ذ َل ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ك َل‬ ‫جد ّ َواْل ِ ْ‬ ‫ما ْ‬ ‫خت َِل ُ‬ ‫شّرك َةِ وَن َ ْ‬ ‫حاب َةِ ِفي ال ْ َ‬ ‫ص َ‬ ‫خوَةِ وَِفي ال ْ ُ‬ ‫ثُ ّ‬ ‫ف ال ّ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫صفات عباد الرحمن ‪ ،‬فمن صفاتهم أنهم يمشون باستعلء في الرض ‪ ،‬هذا الستعلء‬ ‫اليماني الذين يستعلون به على رغبات الدنيا وشهواتها يناسبه أن يكون ) يمشون‬ ‫على الرض ( ‪.‬‬ ‫ل ل َك ُم اْل َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫ذي‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫)‬ ‫‪:‬‬ ‫قال‬ ‫(‬ ‫في‬ ‫)‬ ‫ذكر‬ ‫للرزق‬ ‫وسعيه‬ ‫النسان‬ ‫ولما ذكر طلب‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن رِْزقِهِ وَإ ِل َي ْهِ الن ّ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫شوُر( )الملك‪ ، (15:‬لن فعل‬ ‫م‬ ‫لوا‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫ها‬ ‫ب‬ ‫ك‬ ‫نا‬ ‫م‬ ‫في‬ ‫شوا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ذ َُلول ً َفا ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫التعدية )مشى( يناسب الحرف )على( لكن هو قال هنا )في( لماذا ؟‬ ‫لن المقام مقام ذكر الرزق ‪ ،‬وكأن المعنى ‪ :‬اسكنوا وامشوا في مناكبها في سهولها‬ ‫في جبالها واطلبوا الرزق الذي فيها ‪ ،‬فكان المناسب لمعنى الية هنا ‪ :‬أن يأتي‬ ‫منا معنى طلب الرزق والسكنى فجاء بحرف الجر )في( مع المشي‬ ‫الفعل مض ّ‬ ‫م ُ‬ ‫من معنى‬ ‫مَناك ِب َِها( لن المقام مقام طلب الرزق ‪ ،‬والفعل ُ‬ ‫ض ّ‬ ‫شوا ِفي َ‬ ‫فقال ‪َ) :‬فا ْ‬ ‫السكون والستقرار ‪ ،‬استقروا في ‪ ،‬اسكنوا في ‪ ،‬بينما لما ذكر المؤمنين وكان‬ ‫المقام مقام استعلئهم على الرض جاء بالفعل على ظاهره وحرف التعدية المناسب‬ ‫له على ظاهره للشارة إلى معنى آخر‪ ،‬والذي د ّ‬ ‫ل عليه سياق الية وهو بيان ما عليه‬ ‫أهل اليمان من الستعلء على ما في الرض ‪.‬‬ ‫ولذلك دائما ً شعار المؤمنين في فعلهم للطاعات وتركهم للمعاصي ) من كان يؤمن‬ ‫بالله واليوم الخر ( ‪ ) ،‬وإن الدار الخرة لهي الحيوان ( يعني ‪ :‬الحياة الحقيقية ‪.‬‬ ‫)( تقول ‪ :‬فلن نصرته على فلن ‪ .‬لماذا عّبر بحرف التعدية )من( في قوله تعالى‪:‬‬ ‫ن ك َذ ُّبوا ِبآَيات َِنا(؟‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫قوْم ِ ال ّ ِ‬ ‫صْرَناهُ ِ‬ ‫)وَن َ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م َ‬ ‫ن( فكان‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫نا‬ ‫ي‬ ‫ج‬ ‫ن‬ ‫)‬ ‫جى(‬ ‫ن‬ ‫)‬ ‫الفعل‬ ‫وهو‬ ‫آخر‬ ‫فعل‬ ‫معنى‬ ‫من‬ ‫ض‬ ‫(‬ ‫ر‬ ‫ص‬ ‫ن‬ ‫)‬ ‫فعل‬ ‫لن‬ ‫‪:‬‬ ‫أقول‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫نصره بنجاته ‪ ،‬وكان نجاة بنصر ‪ ،‬بينما لو قال ‪ :‬نجيناه من القوم ‪ ،‬كان المعنى –‬ ‫فقط – مقصورا ً على التنجية دون معنى النصر ‪ ،‬لكن لما جاء باستعمال كلمة‬ ‫جى(‬ ‫من )ن َ ّ‬ ‫)نصر( ‪ ،‬وجاء بحرف التعدية )من( أشار إلى معنى النصر والفعل المض ّ‬ ‫فهي نجاة بنصر ‪ ،‬لنه قد تحصل نجاة بذِّلة وبعدم نصر ‪ ،‬فهو قد ينجو من المر ولكن‬ ‫بدون نصر ‪ ،‬لكن الله عز وجل – هنا – يريد إثبات المعنيين أنهما حصل معنى النجاة‬ ‫ن ك َذ ُّبوا ِبآيات َِنا( )النبياء‪ :‬من الية ‪،(77‬‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫قوْم ال ّ ِ‬ ‫صْرَناهُ ِ‬ ‫ومعنى النصر فقال ‪) :‬وَن َ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م َ‬ ‫هذا المعنى ل يوجد إذا قلت‪) :‬من( بمعنىِ )على( إذ المعنى نصرناه على الذين‬ ‫كفروا؛ لذلك غّلط شيخ السلم ابن تيمية الذين يأتون إلى القرآن الكريم ‪ ،‬ويقولون ‪:‬‬ ‫هذه الحروف من باب تناوب الحروف‪ ،‬فيقول‪ :‬هذا خطأ ‪ ،‬وإنما هو من باب تضمين‬ ‫الفعل معنى فعل آخر ‪.‬‬ ‫)( تقول ‪ :‬يشرب من العين ‪ ،‬أو يشرب بالعين ؟ في اللغة العربية يتعدى فعل‬ ‫) يشرب ( بالحرف ) من ( ‪ ،‬لكن في الية لماذا قال )يشرب بها عباد الله (؟‬ ‫قالوا ‪ :‬ليفيد ذلك معنيين ‪ :‬أفاد معنى شربهم واستمتاعهم بها ‪ ،‬ويفيد معنى شربهم‬ ‫ورّيهم بها فجاء بالفعل ) يشرب ( ‪ ،‬ثم جاء بالتعدية بحرف ) الباء ( الذي يناسب فعل ً‬ ‫آخر غير ) يشرب ( وهو فعل ) يروى ‪ ،‬ويستمتع ( ‪ ،‬فقال تعالى ‪) :‬عَْينا ً ي َ ْ‬ ‫ب ب َِها‬ ‫شَر ُ‬ ‫عَباد ُ الل ّهِ ()النسان‪ :‬من الية ‪ ، (6‬أي ‪ :‬يشربون ويرتوون ويستمتعون بهذه العين ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫فهو ليس مجرد شرب من الماء فقط ‪ ،‬فلو قال ‪ :‬يشربون منها ؛ لم نفهم هل‬ ‫ي‪ ،‬هل شربهم بغير‬ ‫شربهم باستمتاع ‪ ،‬هل شربهم بغير استمتاع ‪ ،‬هل شربهم ب ِر ّ‬ ‫ري ‪ ،‬ل يفيد شيئا ً ‪ ،‬لكن لما قال ‪ ) :‬يشرب بها ( ؛ أفاد هذه ِالمعاني الثلثة ‪ ،‬أفاد‬ ‫أنهم يشربون منها ويستمتعون بها ويرتوون بها ‪ ،‬وانظر ماذا تفقد من المعاني لو قال‬ ‫قائل ‪ ) :‬يشرب بها ( يعني ‪ :‬يشرب منها!‬ ‫لماذا أورد شيخ السلم ابن تيمية هذه المسألة ؟‬ ‫نقول ‪ :‬أوردها للشارة إلى ما يأتي من كلم أهل التفسير في تقرير معاني اليات ‪،‬‬ ‫فهو يقول ‪ :‬قد يأتي بعض أهل التفسير عند هذه الحروف في القرآن فيفسرها ببعض‬ ‫ن أكثر من هذا المعنى الذي‬ ‫معناها ل بكل معناها ‪ ،‬وإل فمعنى الية يشتمل على معا ٍ‬ ‫حاول المفسر أن يقّرب به المعنى المراد في الية ‪.‬‬ ‫فهو ضرب أمثلة على هذا من خلل تقريره لهذه القاعدة ‪ :‬الحروف في القرآن ل‬ ‫يتناوب بعضها عن بعض‪ ،‬ولكن تضمنت معنى أفعال أخرى‪.‬‬ ‫)( إذا ً )ل ريب( ليست هي مجرد )ل شك(‪ ،‬يقول ‪ :‬الريب ‪ :‬شك واضطراب وعدم‬ ‫استقرار وعدم طمأنينة وهدوء‪ ،‬فهو اضطراب وحركة‪ ،‬هذا هو الريب‪ ،‬فلما نفى الله‬ ‫عن القرآن قال ‪) :‬ل ريب فيه( ‪ ،‬فالريب يشمل جميع هذه المعاني ‪ ،‬فإذا وجدت من‬ ‫كلم أهل التفسير من قال ‪) :‬ل ريب( بمعنى )ل شك( ‪ ،‬ومن قال ‪) :‬ل ريب( أي ‪ :‬ل‬ ‫قلق ول تردد في قبول معانيه إذا ما استقرت في النفس وعلمها النسان على‬

‫‪48‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫سائ ِ ِ ْ‬ ‫ض) (ب َ ْ‬ ‫ة‬ ‫ج إل َي ْهِ َ‬ ‫م ُ‬ ‫حَتا ُ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫ب َري ًْبا ِفي ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫م َ‬ ‫عا ّ‬ ‫ل َ‬ ‫مُهورِ َ‬ ‫ج ْ‬ ‫ُيو ِ‬ ‫ل الَفَرائ ِ َ ِ‬ ‫ة‬ ‫ن اْل ِ ْ‬ ‫خو َ ِ‬ ‫ن اْلَباِء َواْلب َْناِء َوال ْك ََلل َةِ ; ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫مود ُ الن ّ َ‬ ‫س هُوَ عَ ُ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫الّنا َ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م َ ْ‬ ‫ه أن َْز َ‬ ‫ث‬ ‫َواْل َ‬ ‫ض ث ََل َ‬ ‫ت وَ ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ج فَإ ِ ّ‬ ‫ن نِ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫سائ ِهِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫خ َ‬ ‫ل ِفي الَفَرائ ِ ِ‬ ‫كالْزَوا ُِ‬ ‫ُ‬ ‫صو َ‬ ‫ة‬ ‫ل َوال ُْفُروعَ وَذ َك ََر ِفي الّثان ِي َ ِ‬ ‫آَيا ٍ‬ ‫ت ُ‬ ‫صل َةٍ ذ َك ََر ِفي اْلوَلى اْل ُ‬ ‫مَف ّ‬ ‫ُ‬ ‫ث ِبال َْفْرض َ‬ ‫ة‬ ‫ة ال ِّتي ت َرِ ُ‬ ‫شي َ َ‬ ‫م وَِفي الّثال ِث َ ِ‬ ‫حا ِ‬ ‫جي ْ‬ ‫كالّزوْ َ‬ ‫ال ْ َ‬ ‫ن وَوَل َدِ اْل ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خوةُ ِل َب َوي ْ َ َ‬ ‫وارِث َ َ‬ ‫شي َ َ‬ ‫ة ِبالت ّعْ ِ‬ ‫حا ِ‬ ‫جد ّ‬ ‫ماعُ ال ْ َ‬ ‫ب َوا ْ‬ ‫ال ْ َ‬ ‫جت ِ َ‬ ‫ب وَهُ ْ‬ ‫ن أوْ ِل ٍ‬ ‫صي ِ‬ ‫م اْل ِ ْ َ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫َ ِ‬ ‫خوَةِ َنادٌِر ; وَل ِهَ َ‬ ‫ي صلى‬ ‫َواْل ِ ْ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫م ي ََقعْ ِفي اْل ِ ْ‬ ‫سَلم ِ إّل ب َعْد َ َ‬ ‫ذا ل َ ْ‬ ‫ت الن ّب ِ ّ‬ ‫‪1‬‬

‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫الحقيقة وزالت موانع القبول ؛ فإن هذا معنى وهذا معنى ‪ ،‬وكل هذه المعاني مرادة‬ ‫وهي داخلة في معنى الريب ‪ ،‬فمن فسره بالشك فسر جانبا من معاني هذه‬ ‫اللفظة ‪ ،‬والمعنى الثاني أيضا ً من هذه اللفظة‪ ،‬فإذا أردت التفسير على التحقيق ؛‬ ‫اجمع هذه المعاني كلها‪.‬‬ ‫رب بسهم فصار واقفا ً ‪.‬‬ ‫ض‬ ‫‪:‬‬ ‫يعني‬ ‫حاقف‬ ‫)( أي ‪ :‬ل يحركه أحد ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫)( يقول ‪ :‬لو جاء أحد يفسر قوله تعالى‪) :‬ذلك الكتاب( بمعنى ‪ :‬هذا الكتاب؛ لكان‬ ‫في تفسيره هذا قصور في بيان معنى الية‪ ،‬نعم هذا التفسير قرب المعنى لكنه لم‬ ‫يؤد المعنى كام ً‬ ‫ل‪ ،‬لنك لو نظرت في كتب التفسير الذين يراعون هذه اللفاظ‬ ‫والتراكيب في السلوب القرآني يقولون ‪) :‬ذلك الكتاب( لماذا استعمل وصف‬ ‫الشارة للبعيد ‪ ،‬والقرآن قريب بين يدي من يقرؤه ‪ ،‬والرسول صلى الله عليه وسلم‬ ‫يقرؤه وهو قريب؟ قالوا ‪ :‬الشارة إلى ُبعده وعلوه وعظمته لما للقرآن من علو‬ ‫وعظمة ينبغي أن تكون في نفوس الناس لنه كلم الله ‪.‬‬ ‫أو على التفسير الشاري وهو هنا معنى مقبول‪ ،‬أن نقول ‪ :‬لُبعد من تلبس بخلف‬ ‫تعاليمه عن الوقوف على معانيه لبعده في معانيه ‪.‬‬ ‫ن( )الواقعة‪ ، (79:‬فإن أهل العلم قالوا ‪ :‬في‬ ‫مط َهُّرو َ‬ ‫م ّ‬ ‫ه إّل ال ْ ُ‬ ‫س ُ‬ ‫مثل قوله تعالى ‪) :‬ل ي َ َ‬ ‫خّلص نفسه وداخله عن المعاصي والذنوب فإنه ل‬ ‫هذه الية إشارة إلى أن من ِلم ي ُ َ‬ ‫يقف على فهم معاني القرآن ‪ ،‬فكذا قوله ‪ ) :‬ذلك الكتاب ( إشارة إلى بعده وعلوه‬ ‫عن أن يبلغ أفهام من تلبس بالذنوب والمعاصي ‪ ،‬فاسم الشارة ) ذلك ( فيه ‪:‬‬ ‫إشارة إلى الب ُْعد ‪ ،‬بينما اسم الشارة ) هذا ( فيه ‪ :‬إشارة إلى القرب ‪ ،‬والحقيقة ‪ :‬أن‬ ‫هذا القرآن بعيد معنويا ً في مكانته وفضله ‪ ،‬وبعيد عن أن تنال معاني ألفاظه لمن ب َعُد َ‬ ‫عن تعاليمه فائتمر بما فيه من الوامر وانتهى عما فيه من النواهي‪ ،‬فهذا المعنى‬ ‫باسم الشارة ) ذلك ( للبعيد ليس موجودا ً في اسم الشارة ) هذا ( للقريب ‪ ،‬فمن‬ ‫سر ) ذلك الكتاب ( بمعنى ‪ :‬هذا الكتاب ‪ ،‬أو هذا القرآن ؛ لم يأت بالمعنى المراد‬ ‫ف ّ‬ ‫بكامله‪ ،‬وإنما قّرر بعض المعنى‪.‬‬ ‫)( يمهد المصنف لقاعدة مستفادة من القاعدة الصلية التي نحن تكلمنا عليها وهي ‪:‬‬ ‫)الختلف الموجود بين السلف هو اختلف تنوع ل اختلف تضاد( ‪ ،‬فبعد أن بين أن‬ ‫اختلف التنوع تارة يكون من باب ذِ ْ‬ ‫كر المثال ‪ ،‬وتارة يكون من باب التعبير عن‬ ‫المعنى الواحد بألفاظ متعددة ‪.‬‬ ‫وأن هذا الختلف قد يكون من باب التعبير عن المشترك اللفظي بمعانيه المتعددة ‪،‬‬ ‫أو عن التعبير عن المتواطئ اللفظي ‪ ،‬أو من التعبير بالمعاني المتقاربة للفظ‬ ‫القرآني ‪ .‬إذا علمت ما سبق ‪ ،‬وخاصة في الكلم الخير ‪ :‬أنه قد يأتي في كلمهم‬ ‫كلما ً يريدون به تقريب معنى اللفظ القرآني ‪ ،‬إذا انتبهت لهذا؛ الن سينبهك على‬ ‫قاعدة‪.‬‬ ‫)( هذه هي القاعدة نقول ‪ :‬قد يوجد في بعض اليات أن يأتي معناها في مجموع‬ ‫كلم السلف الوارد فيها ل في بعضه‪.‬‬ ‫بصيغة أخرى ‪ :‬قد يكون معنى الية في مجموع عبارات السلف الواردة فيها ل في‬ ‫بعضها ‪ .‬لماذا ؟ لن الخلف الذي حصل بينهم يكون من النوع الخير الذي هو من‬ ‫باب التعبير عن المعاني التي في الية بألفاظ متقاربة ‪ ،‬أو أن تكون اللفظة التي فيها‬ ‫من قبيل المشترك اللفظي ‪ ،‬أو المتواطئ اللفظي إذا استعملنا كلمة ) قد ( لنه‬ ‫ليس دائما ً أن كل اختلف تنوع وارد عنهم هو بهذه المثابة ‪ ،‬فيصير الكلم ‪ :‬جمع‬ ‫عبارات السلف في مثل هذا نافع جدا ً فإن مجموع عباراتهم أدل على المقصود من‬ ‫عبارة أو عبارتين ‪.‬‬ ‫صياغة هذه القاعدة أن نقول ‪ ) :‬أنه قد يوجد في تفسير بعض اليات أن يكون معناها‬ ‫في مجموع عبارات السلف ل في بعضها ‪ ،‬وذلك فيما كان من قبيل المشترك‬ ‫اللفظي أو المتواطئ اللفظي ‪ ،‬أو التعبير بألفاظ متقاربة للدللة على معنى الية ‪،‬‬ ‫فاقتصارك على قول من أقوالهم فيه إهدار للمعاني الخرى ( ‪.‬‬ ‫سرت ) ل ريب ( بش ) ل شك ( هذا معنى قاصر في تفسير الية ‪ ،‬فيصير‬ ‫فمثل ً ‪ :‬لو ف ّ‬ ‫تفسير الية هو مجموع القوال المذكورة فيها‪.‬‬ ‫وهذه القاعدة مبنية على حقيقة أن الختلف الوارد بينهم هو اختلف تنوع قد يكون‬ ‫من باب التعبير عن المعنى بألفاظ متقاربة‪.‬‬ ‫فإن قيل ‪ :‬لماذا ل تكون هذه اللفاظ المتقاربة عند أحدهم هي معنى الية بمفرده ؟‬

‫‪49‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ف قَد ْ ي َ ُ‬ ‫ه‬ ‫ن لِ َ‬ ‫الله عليه وسلم‪َ .‬واِل ْ‬ ‫ل أ َوْ ل ِذ ُ ُ‬ ‫خت َِل ُ‬ ‫كو ُ‬ ‫ل عَن ْ ُ‬ ‫هو ِ‬ ‫خَفاِء الد ِّلي ِ‬ ‫ص وَقَد ْ ي َ ُ‬ ‫عهِ وَقَد ْ ي َ ُ‬ ‫وَقَد ْ ي َ ُ‬ ‫ن‬ ‫ما ِ‬ ‫ن ل ِل ْغَل َ ِ‬ ‫كو ُ‬ ‫كو ُ‬ ‫كو ُ‬ ‫ن ل ِعَد َم ِ َ‬ ‫س َ‬ ‫ط ِفي فَهْم ِ الن ّ ّ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ري ُ‬ ‫دو َ‬ ‫مرِ ُ‬ ‫ف بِ ُ‬ ‫ل اْل ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ح َفال ْ َ‬ ‫ض َرا ِ‬ ‫ِلعْت َِقادِ ُ‬ ‫مْق ُ‬ ‫م ِ‬ ‫صود ُ هَُنا الت ّعْ ِ‬ ‫ج ٍ‬ ‫مَعارِ ٍ‬ ‫ه) (‪.‬‬ ‫صيل ِ ِ‬ ‫ت ََفا ِ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫نقول ‪ :‬لنه ل يوجد في القرآن مترادف ‪ ،‬فل يقوم لفظ مقام اللفظ القرآني في‬ ‫جميع معناه ‪ ،‬فتجد كل واحد منهم ينّبه على معنى لفظ الية‪.‬‬ ‫)( يعني ‪ :‬أن هناك اختلفا ً معلوما ً عند العامة والخاصة ‪ ،‬خلف أقره الشرع ‪ ،‬فمثل ‪ً:‬‬ ‫دد صيغ التشهد ‪ ،‬وأذكار الركوع والسجود ‪ ،‬هذه‬ ‫دد صيغ دعاء الستفتاح‪ ،‬وع ّ‬ ‫الشارع ع ّ‬ ‫كلها أشياء من باب اختلف التنوع‪ ،‬وجاء أيضا ً في الشرع تعدد صفة صلة الجنازة‬ ‫بأربع تكبيرات وبخمس وبسبع وبتسع ‪ ،‬وهكذا أمور في الشرع يعلمها من تبصر في‬ ‫سنة رسول الله ‪ ‬هي ليست من باب التناقض ولكن من باب التوسعة على الناس‪،‬‬ ‫ولذلك كانوا يقولون عن السنة‪ :‬إنها سعة للناس‪ ،‬يعني من عَِلم السنة وعلم وجوه‬ ‫الختلف الواردة في الشرع الذي أقّره الشرع كان في ذلك توسعة على الناس‪.‬‬ ‫)( الن هو يدفع شبهة فهو يقول ‪ :‬ل يظنن ظان أن وجود الختلف يوجب الشك ‪،‬‬ ‫رف وجهه لنه كله أقّره الشرع‪ ،‬أما إذا كان‬ ‫فإن الختلف إذا كان من باب‬ ‫التنوع عُ ِ‬ ‫مرجعه إلى المجتهدين يجتهدون في هذه المور ‪،‬‬ ‫الختلف ليس من باب التنوع فهذا‬ ‫فالختلف من جهة الجتهاد ل من جهة الشرع وإل فإن العلماء القول الراجح‬ ‫عندهم ‪ :‬أن الحق واحد ل يتعدد ‪ ،‬أيّ مسألة خلفية اجتهادية اختلف فيها اجتهاد‬ ‫العلماء فإن الحق فيها واحد ‪ ،‬هذا الختلف الحاصل هو بالنسبة لفهام واجتهادات‬ ‫وسلم ‪ ) :‬إ ِ َ‬ ‫م‬ ‫والدليل على َ أن الحق واحد قوله صلى‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫حاك ِ ُ‬ ‫حك َ َ‬ ‫الله َ‬ ‫عليه َ‬ ‫العلماء ث‪ُ،‬م أ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن وَإ ِ َ‬ ‫فذكر أن من‬ ‫جٌر ( ‪،‬‬ ‫را‬ ‫ج‬ ‫أ‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ف‬ ‫ب‬ ‫صا‬ ‫م أَ ْ‬ ‫هأ ْ‬ ‫م َفا ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َفا ْ‬ ‫خط َأ فَل َ ُ‬ ‫جت َهَد َ ث ُ ّ‬ ‫حك َ َ‬ ‫ُ‬ ‫جت َهَد َ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ ِ‬ ‫المجتهدين من يصيب ومنهم من يخطئ ‪ ،‬ولكن حتى من أخطأ ل يأثم إنما له أجر‬ ‫واحد ‪ ،‬طالما أنه اجتهد ولديه آلة الجتهاد ‪ ،‬يعني أنه متأهل لهذا ‪ ،‬أما لو اجتهد من لم‬ ‫يبلغ آلة الجتهاد فهذا مخطئ حتى لو أصاب ويأثم بذلك لنه لم يملك آلة الجتهاد ‪.‬‬ ‫إذا ً الكلم في اختلف العلماء إذا حصل‪ ،‬واختلف المجتهدين إذا حصل ‪ ،‬فنقول ‪ :‬هذا‬ ‫الختلف إذا حصل فمرجعه إلى اجتهاد العلماء في الشرع ل إلى الشرع ‪ ،‬فهو ل‬ ‫ف عن الشرع ‪.‬‬ ‫يوجب شكا ً ول ريبا ً في الشرع ‪ ،‬فإن اختلف التناقض والتضاد منت ٍ‬ ‫مثال ذلك اختلف الصحابة‪ ،‬فهم اختلفوا في بعض المسائل ‪ ،‬هذه المسائل التي‬ ‫اختلفوا فيها لم توجب شكا ً ول ريبا ً فهو من باب اختلف المجتهدين بحسب نظرهم‬ ‫واجتهادهم ل بحسب الشرع من حيث هو هو ‪.‬‬ ‫)( من أراد التفاصيل المتعلقة بعذر العلماء فيما يقع بينهم من اختلف فليرجع إلى‬ ‫كتاب "رفع الملم عن الئمة العلم" للمصنف‪ ،‬فإنه فرد في بابه رحمه الله‪.‬‬

‫ومن أهم المور التي تنبني على هذا الفصل‬

‫‪ -1‬أنه ل يمكن ترجمة القرآن ‪.‬‬ ‫‪ -2‬أن ترجمة معاني القرآن إنما تأتي ببعض معاني الية ل جميعها‪.‬‬ ‫‪ -3‬أن تفسير ألفاظ القرآن بالكلمة ومعناها ل يعطي تفسيرا جامعا ً لمعاني الية‪ ،‬إنما‬ ‫يقرب ‪ -‬فقط ‪ -‬المعنى‪.‬‬ ‫‪ -4‬أن بعض المواضع في تفسير القرآن يكون معنى الية في مجموع القوال الواردة‬ ‫عن السلف في تفسيرها ل في بعضها‪.‬‬ ‫‪ -5‬خطورة التفسير بالرأي‪ ،‬ولبد من مراعاة شروط قبوله‪ ،‬حتى يكون سائغا‪ً.‬‬

‫‪50‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َ‬ ‫ص ٌ‬ ‫ل‬ ‫ف ْ‬ ‫َ‬ ‫ست َن َد ُهُ الن ّْق ُ‬ ‫ل‬ ‫اِل ْ‬ ‫خت َِل ُ‬ ‫ن" ِ‬ ‫ف ِفي الت ّْف ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫سيرِ عَلى " ن َوْعَي ْ ِ‬ ‫فََق ْ‬ ‫م ب ِغَي ْرِ ذ َل ِ َ‬ ‫ك؛‬ ‫ط وَ ِ‬ ‫ما ي ُعْل َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫م؛‬ ‫إذ ْ ال ْعِل ْ ُ‬ ‫ما ن َْق ٌ‬ ‫ق‪.‬‬ ‫صد ّ ٌ‬ ‫ل ُ‬ ‫إ ّ‬ ‫م َ‬ ‫ست ِد َْل ٌ‬ ‫حّققٌ ‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫وَإ ِ ّ‬ ‫من ُْقو ُ‬ ‫ل؛‬ ‫َوال ْ َ‬ ‫م‪.‬‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫إ ّ‬ ‫مع ْ ُ‬ ‫ما عَ ْ‬ ‫صو ِ‬ ‫صوم ِ ‪.‬‬ ‫ن غَي ْرِ ال ْ َ‬ ‫وَإ ِ ّ‬ ‫مع ْ ُ‬ ‫ما عَ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫واٌء َ‬ ‫ر‬ ‫كا َ‬ ‫صود ُ ب ِأ ّ‬ ‫ل‪َ -‬‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫س ال ْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫َوال ْ َ‬ ‫معْ ُ‬ ‫جن ْ َ‬ ‫مْق ُ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫س َ‬ ‫من ُْقو ِ‬ ‫صوم ِ أوْ غَي ْ ِ‬ ‫ذا هُوَ الن ّوْعُ اْل َوّ ُ‬ ‫صوم ِ وَهَ َ‬ ‫ه‬ ‫ص ِ‬ ‫معْرِفَ ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ل‪ِ -‬‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ال ْ َ‬ ‫ة ال ّ‬ ‫مع ْ ُ‬ ‫مك ِ ُ‬ ‫حي ِ‬ ‫ة ذ َل ِ َ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫معْرِفَ ُ‬ ‫ك ِفي ِ‬ ‫ف وَ ِ‬ ‫ضِعي ِ‬ ‫َوال ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ما َل ي ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫مك ِ ُ‬ ‫وَهَ َ‬ ‫ريقَ ل ََنا إَلى‬ ‫م الّثاِني ِ‬ ‫ذا ال ِْق ْ‬ ‫ل‪ ،‬وَهُوَ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫س ُ‬ ‫من ُْقو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ما َل ط َ ِ‬ ‫ل‬ ‫ه؛ َ‬ ‫م ِفيهِ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫ن فُ ُ‬ ‫ال ْ َ‬ ‫ما َل َفائ ِد َةَ ِفيهِ َفال ْك ََل ُ‬ ‫م ّ‬ ‫مت ُ ُ‬ ‫عا ّ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫جْزم ِ ِبال ّ‬ ‫ضو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫صد ْ ِ‬ ‫ْ َ‬ ‫م‪.‬‬ ‫الك َل َِ‬ ‫ب عََلى‬ ‫ص َ‬ ‫معْرِفَت ِهِ فَإ ِ ّ‬ ‫مو َ‬ ‫حَتا ُ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن إَلى َ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫ج ال ْ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫وَأ ّ‬ ‫ه نَ َ‬ ‫حقّ ِفيهِ د َِليًل) (‪.‬‬ ‫ال ْ َ‬ ‫ما َل ي ُِفيد ُ وََل د َِلي َ‬ ‫مَثا ُ‬ ‫ن‬ ‫ها ْ‬ ‫ص ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫فَ ِ‬ ‫خت َِلفُهُ ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ل عََلى ال ّ‬ ‫م ِفي ل َوْ ِ‬ ‫حي ِ‬ ‫َ‬ ‫ف‪.‬‬ ‫ب ال ْك َهْ ِ‬ ‫ص َ‬ ‫حا ِ‬ ‫بأ ْ‬ ‫ك َل ْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ة‪.‬‬ ‫ن ال ْب ََقَر ِ‬ ‫سى ِ‬ ‫ض ال ّ ِ‬ ‫ضَر َ‬ ‫ذي َ‬ ‫مو َ‬ ‫ب ب ِهِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫وَِفي الب َعْ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫خ َ‬ ‫شب َُها‪.‬‬ ‫ن َ‬ ‫وَِفي ِ‬ ‫كا َ‬ ‫مْق َ‬ ‫دارِ َ‬ ‫ح وَ َ‬ ‫سِفين َةِ ُنو ٍ‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫ددددد دددددد ‪7/8/1423‬دد‬

‫)( شيخ السلم يمهد للقاعدة بقوله‪ :‬الختلف في التفسير على نوعين ‪ :‬منه ما‬ ‫مستنده النقل فقط‪ ،‬ومنه ما مستنده غير ذلك ‪ ،‬يعني‪ :‬المور الجتهادية على‬ ‫عمومها ‪.‬‬ ‫أقوال التفسير التي مستندها النقل ‪:‬‬ ‫‪ -1‬إما أن يكون النقل فيها عن الرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫‪ -2‬وإما أن يكون النقل عن الصحابة والتابعين‪.‬‬ ‫والمنقولت عموما ً منها ما يمكن الوقوف على ما يدل على ثبوته‪ ،‬والجزم به‪ ،‬ومنها‬ ‫ما ل يمكن لنا الوقوف على ما يدل على ثبوته والجزم به‪.‬‬ ‫وما تحتاجه المة ل بد أن ُينقل ويبين‪ ،‬وعامة ما ل يمكننا الجزم به هو مما ل يتوقف‬ ‫عليه عمل‪ ،‬و ل تحتاجه المة‪ ،‬فهو مما ل فائدة فيه‪ ،‬والعلم بها هو من فضول الكلم‪.‬‬ ‫وتطبيق هذه القاعدة في مبهمات القرآن‪ ،‬وهي المور التي ذكرها الله عزوجل في‬ ‫كتابه ولم يسمها‪ ،‬مثل كلب أصحاب الكهف‪ ،‬وتعيين محل الكهف‪ ،‬وأسماء أصحاب‬ ‫الكهف‪ ،‬والشجرة التي أكل منها آدم عليه الصلة والسلم‪ ،‬والجزء الذي ضرب منه‬ ‫موسى عليه الصلة والسلم القتيل‪.‬‬ ‫والمقصود بالثبوت ما يشمل الصحيح لذاته أو لغيره‪ ،‬أو الحسن لذاته أو لغيره‪ ،‬وما‬ ‫يشمل ثبوت اللفظ والقصة‪ ،‬أو القصة فقط دون اللفظ‪.‬‬ ‫فكل ما تحتاجه المة من معاني القرآن والسنة مما يعود إلى النقل هو منقول‬ ‫وثابت‪ ،‬والمور التي تتوقف على النقل ول تحتاجها المة؛ ل ُيشترط أن تكون ثابتة‪،‬‬ ‫لن المة ل تحتاجها ولن العلم بها من فضول العلم ‪.‬‬ ‫مثل ما يقولون ‪ :‬هناك من العلم ضرب ل يضر الجهل به ول ينفع العلم به ما هو ؟‬ ‫هو ما سيذكره بعد قليل‬

‫‪51‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ضُر‪.‬‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫خ ِ‬ ‫سم ِ ال ْغَُلم ِ ال ّ ِ‬ ‫وَِفي ا ْ‬ ‫ذي قَت َل َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ما َ‬ ‫حوُ ذ َل ِ َ‬ ‫ريقُ ال ْعِل ْم ِ ب َِها الن ّْق ُ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫ذا‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫وَن َ ْ‬ ‫ل فَ َ‬ ‫ك فَهَذِهِ اْل ُ‬ ‫م ْ‬ ‫موُر ط َ ِ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم ‪َ -‬‬ ‫ب‬ ‫صا ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫حي ً‬ ‫كا ْ‬ ‫َ‬ ‫ح ِ‬ ‫سم ِ َ‬ ‫من ُْقوًل ن َْقًل َ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫حا عَ ْ‬ ‫َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن ك َذ َل ِ َ‬ ‫ك بَ ْ‬ ‫ضُر ‪ -‬فَهَ َ‬ ‫ما‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫كا َ‬ ‫معُْلو ٌ‬ ‫مو َ‬ ‫م ّ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫م‪ ،‬وَ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫سى أن ّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫م ي َك ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫(‬ ‫)‬ ‫ب ‪َ -،‬‬ ‫ن‬ ‫ل ال ْك َِتا‬ ‫خذ ُ عَ‬ ‫ي ُؤْ َ‬ ‫ن أهْ‬ ‫م َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ب وَ ُ‬ ‫كال ْ َ‬ ‫ب وَوَهْ ٍ‬ ‫ن ك َعْ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ل عَ ْ‬ ‫من ُْقو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫مدِ ب ْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫خذ ُ عَ َ‬ ‫ب ‪ -‬فَهَ َ‬ ‫ه‬ ‫ن ي َأ ُ‬ ‫ص ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ذا َل ي َ ُ‬ ‫س َ‬ ‫إ ْ‬ ‫ديُق ُ‬ ‫م ّ‬ ‫حاقَ وَغَي ْرِهِ ْ‬ ‫جوُز ت َ ْ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫ن أه ْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ي صلى الله عليه‬ ‫ص ِ‬ ‫وََل ت َك ْ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه إّل ب ِ ُ‬ ‫ما ث َب َ َ‬ ‫جة ِ ك َ َ‬ ‫ذيب ُ ُ‬ ‫ت ِفي ال ّ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫ح عَ ْ‬ ‫حي ِ‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫)( هذه أمثلة يذكرها الشيخ على أمور تحتاج إلى النقل‪ ،‬و ل يمكن الجزم بها‪ ،‬وهي‬ ‫مما ل تحتاجه المة ‪ ،‬و ل يتوقف عليه عمل؛‬ ‫ماذا ينقص المة لو لم تعلم أصحاب الكهف ؟‬ ‫مع البحرين؟‬ ‫م ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ماذا ينقص المة لو لم تعلم أين َ‬ ‫ماذا ينقص المة لو لم تعلم اسم كلب أصحاب الكهف؟‬ ‫ماذا ينقص المة لو لم تعلم عدد أصحاب الكهف؟‬ ‫ضرب به القتيل فأحياه الله‬ ‫ماذا ينقص المة لو لم‬ ‫تعلم الجزء أو البعض الذي ُ‬ ‫ضَها ()البقرة‪ :‬من الية ‪((73‬؟ ماذا يضر المة‬ ‫بموسى عليه السلم )فَ ُ‬ ‫ضرُِبوهُ ب ِب َعْ ِ‬ ‫قل َْنا ا ْ‬ ‫لو لم يعلموا ما هي الشجرة التي أكل منها آدم عليه السلم؟‬ ‫ماذا يضر الناس لو لم يعلموا الفيل الذي جاء به أبرهة الحبشي ماذا كان اسمه؟‬ ‫ماذا يضر الناس لو لم يعلموا من قريش ؟‬ ‫هذه كلها أشياء هي من فضول الكلم والعلم ‪.‬‬ ‫ما جاء بيانه في الشرع فهذا معلوم من الشرع‪ ،‬وما لم يأت بيانه فهذا ل يضر الجهل‬ ‫به‪ ،‬لكن المور التي يحتاجها الناس ل بد لها من بيان‪ ،‬ول بد أن ُينقل ‪ ،‬ول بد أن‬ ‫ي َْثبت‪.‬‬ ‫هذا القاعدة في المبهمات‪ُ ،‬تعَرف في علوم القرآن بعلم مستقل اسمه ‪) :‬مبهمات‬ ‫القرآن(؛‬ ‫والقاعدة في علم مبهمات القرآن ‪:‬‬ ‫أن المبهمات على قسمين ‪:‬‬ ‫القسم الول ‪ :‬ما استأثر الله بعلمه‪ ،‬كتحديد زمن قيام الساعة‪ ،‬وكتحديد عمر‬ ‫الدنيا‪ ،‬وكذكر مفاتح الغيب التي ل يعلمها إل الله‪.‬‬ ‫حكمه ‪ :‬هذا القسم يحرم طلب العلم به ‪ ،‬وتكلفه ل يجوز ‪ ،‬لنك تطلب ما أخبرك‬ ‫الشارع أنه ل يعلمه أحد ‪.‬‬ ‫وهذا ليس هو موضوع التصنيف في هذا العلم ‪ ،‬ومن تكلم فيه فإنما تكلم بجهل ووقع‬ ‫في أمر محظور شرعا ً ‪.‬‬ ‫القسم الثاني من أنواع المبهمات ‪ :‬ما لم يستأثر الله بعلمه ‪ ،‬ولم يأت‬ ‫في القرآن أو في السنة ما يفيد ذلك فهذا على أنواع ‪:‬‬ ‫النوع الول ‪ :‬ما أبهمه في محل وفسره في محل آخر ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م(‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫قي َ‬ ‫صَراط ال ُ‬ ‫مثاله ‪ :‬ما هو ) الصراط المستقيم ( في قوله تعالى ‪) :‬اهْدَِنا ال ّ‬ ‫ه‬ ‫وفسره في‬ ‫)الفاتحة‪ُ (6:‬؟ أبهمه‬ ‫ن ي ُط ِِع الل ّ َ‬ ‫موضع آخر فقال تعالى‪) :‬وَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫هناذين أ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ل فَأول َئ ِ َ‬ ‫سو َ‬ ‫ن َوال ّ‬ ‫داِء‬ ‫قي‬ ‫دي‬ ‫ص‬ ‫وال‬ ‫ن‬ ‫يي‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫شه َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َوالّر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ك َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫م ُ َ َ َ‬ ‫ك َرِفيقًا( )النساء‪. (69ِ :‬‬ ‫ن أولِئ‬ ‫صال ِ ِ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫َوال ّ‬ ‫س َ‬ ‫حي َ‬ ‫من هم المغضوب عليهم والضالون ؟ فسره الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله ‪) :‬‬ ‫ض ّ‬ ‫لل ( ‪.‬‬ ‫اليهود مغضوب عليهم والنصارى ُ‬ ‫حكم هذا النوع ‪ :‬هذا النوع طلب بيانه من المور الجائزة ‪.‬‬ ‫ووجوده ‪ :‬لشحذ الهمم للبحث والنظر وهو من أوجه التفسير ‪ ،‬فتارة يكون من باب‬ ‫تفسير القرآن بالقرآن‪ ،‬وتارة يكون من باب تفسير القرآن بالسنة ‪ ،‬وتارة يكون من‬ ‫باب تفسير القرآن بقول الصحابي ‪.‬‬ ‫النوع الثاني ‪ :‬ما أبهمه الله سبحانه وتعالى ‪ ،‬أو أبهمه الرسول صلى الله عليه وسلم‬ ‫بقصد الستر ‪.‬‬ ‫ف ل َك َُ‬ ‫ذي َقا َ‬ ‫ما ()الحقاف‪ :‬من الية ‪ ، (17‬فهذا‬ ‫وال ِد َي ْهِ أ ُ ّ‬ ‫ل ل َِ‬ ‫مثاله ‪ :‬قوله تعالى ‪َ) :‬وال ّ ِ‬ ‫أبهمه الله تعالى فلم يبين من هو بقصد الستر ‪ ،‬وكذا مواطن يبهم الله سبحانه‬ ‫وتعالى الشخص الذي فعل أمرا ً من المور بقصد الستر عليه ‪.‬‬ ‫حكمه ‪ :‬هذا النوع يكره طلب كشفه ‪ ،‬إذا كان الله ستره فكيف تكشفه وتفضحه ‪،‬‬ ‫فهذا يكره طلبه لكن ل يحرم ‪.‬‬ ‫النوع الثالث ‪ :‬ما أبهمه الله سبحانه وتعالى بقصد التعظيم ‪ ،‬كأمور من صفات‬ ‫الجنة ‪ ،‬وأمور من أحوال الخرة ‪ ،‬أبهمها بقصد أن تكون في الذهان شيئا ً عظيما ً ‪،‬‬ ‫إما لشرفه وعلوه ‪ ،‬أو لشدته وغلظته‪.‬‬

‫‪52‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َ‬ ‫م أ َهْ ُ‬ ‫ه َقا َ‬ ‫ل ‪" :‬إ َ‬ ‫م‬ ‫ذا َ‬ ‫م وََل ت ُك َذ ُّبوهُ ْ‬ ‫صد ُّقوهُ ْ‬ ‫حد ّث َك ُ ْ‬ ‫وسلم أن ّ ُ‬ ‫ب فََل ت ُ َ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه"‬ ‫ن يُ َ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫صد ُّقو ُ‬ ‫حد ُّثوك ُ ْ‬ ‫حقّ فَت ُك َذ ُّبوهُ وَإ ِ ّ‬ ‫حد ُّثوك ُ ْ‬ ‫فَإ ِ ّ‬ ‫ل فَت ُ َ‬ ‫م ب َِباط ِ ِ‬ ‫) (‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وَك َذ َل ِ َ‬ ‫ما ن ُِق َ‬ ‫ن‬ ‫ه أَ َ‬ ‫ن وَإ ِ ْ‬ ‫ن ب َعْ‬ ‫م ي َذ ْك ُْر أن ّ ُ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫خذ َهُ عَ ْ‬ ‫ض الّتاب ِِعي َ‬ ‫ل عَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ة عََلى‬ ‫مَتى ا ْ‬ ‫ج ً‬ ‫خت َل َ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫م ُ‬ ‫ف الّتاب ُِعو َ‬ ‫وال ِهِ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫ب؛ فَ َ‬ ‫ن ب َعْ ُ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫ض أقْ َ‬ ‫م ي َك ُ ْ‬ ‫أه ْ ِ‬ ‫ض‪.‬‬ ‫ب َعْ ٍ‬ ‫ل ِفي ذ َل ِ َ‬ ‫ما ن ُِق َ‬ ‫ه‬ ‫ص ِ‬ ‫س إل َي ْ ِ‬ ‫حي ً‬ ‫ص َ‬ ‫وَ َ‬ ‫حا َفالن ّْف ُ‬ ‫حاب َةِ ن َْقًل َ‬ ‫ض ال ّ‬ ‫ك عَ ْ‬ ‫ن ب َعْ ِ‬ ‫‪1‬‬

‫النوع الرابع ‪ :‬ما أبهمه الله تعالى بقصد التحقيق ‪.‬‬ ‫النوع الخامس ‪ :‬ما أبهمه الله تعالى بقصد التعميم ‪.‬‬ ‫النوع السادس ‪ :‬ما أبهمه الله تعالى لعدم تعلق فائدة به ‪ ،‬مثل ‪ :‬عدد أصحاب الكهف‬ ‫وأسماءهم واسم كلبهم ‪ ،‬واسم مجمع البحرين‪ ،‬وأين هو ‪ ،‬ونحو ذلك ‪ ،‬وهذا يكثر في‬ ‫قصص القرآن ‪.‬‬ ‫إذا ً نقول ‪ :‬المبهمات على نوعين ‪:‬‬ ‫‪ -1‬مبهمات استأثر الله بعلمها ‪ ،‬فطلبها حرام ‪.‬‬ ‫‪ -2‬ومبهمات لم يستأثر الله بعلمها ‪ ،‬فطلبها على أنواع ‪ ،‬ولكل نوع حكم ‪ .‬فكلها‬ ‫يجوز طلبها إل النوع الذي فيه طلب الستر فإنه يكره ‪.‬‬ ‫مع ملحظة ‪ :‬أنه ل يجوز الجزم بتعيين شيء من المبهمات في هذه النواع ما لم‬ ‫ت الدليل الصحيح الصريح فيها ‪ .‬وليس مجرد ذكرها في كتب التفسير يجعلنا نجزم‬ ‫يأ ِ‬ ‫‪.‬‬ ‫بها‬ ‫ل من أ َ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ة()القصص‪ :‬من الية ‪ ، (20‬في‬ ‫ق‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ء‬ ‫جا‬ ‫و‬ ‫)‬ ‫‪:‬‬ ‫تعالى‬ ‫قوله‬ ‫‪:‬‬ ‫مثال‬ ‫دين َ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫صى ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫كتب التفسير كثيرين يقولون ‪ :‬هي )أنطاكية( ‪ ،‬هذا غير صحيح لنه لم يأت في نص‬ ‫ّ‬ ‫صحيح صريح فكيف ُيساق مساق المسلمات ؟‬ ‫إذا ً ‪ :‬القاعدة هذه تنبهك على أنواع المبهمات ‪ ،‬وتنبهك على أمر خطير وهو ‪ :‬أنه ل‬ ‫يمكنك أن تجزم بشيء من تعيين هذه المبهمات ما لم يكن لديك دليل صحيح‬ ‫صريح ‪ ،‬ول حرج أن تذكره ولكنك تذكره على سبيل الحتمال‪ ،‬مثل ما قال الرسول‬ ‫دقوهم ول تك ّ‬ ‫ذبوهم (‪.‬‬ ‫صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬إذا حدثكم أهل الكتاب فل تص ّ‬ ‫وقد اختلفت الحاديث الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم في السرائيليات –‬ ‫أخبار أهل الكتاب – ففي بعض الحاديث نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن‬ ‫قراءة كتب أهل الكتاب وعن النظر فيها وبالتالي عن حكايتها ‪ ،‬من هذا لما جاء مرة‬ ‫في أحد طرقات المدينة ‪ ،‬ورأى عمر رضي الله عنه يطالع ورقة من التوراة فقال ‪) :‬‬ ‫أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب ؟! والله لو أن موسى حيا ً ما وسعه إل اتباعي(]أحمد‬ ‫والدارمي[‪ ،‬هذا النص أفاد عند العلماء ‪ :‬عدم جواز مطالعة كتب أهل الكتب وبالتالي‬ ‫ل يجوز النظر في أخبارهم ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫دثوا عن‬ ‫وح‬ ‫‪،‬‬ ‫آية‬ ‫ولو‬ ‫عني‬ ‫لغوا‬ ‫ب‬ ‫)‬ ‫‪:‬‬ ‫وسلم‬ ‫عليه‬ ‫الله‬ ‫صلى‬ ‫ن ‪ :‬يقول الرسول‬ ‫ّ‬ ‫ن ٌ‬ ‫ص ثا ٍ‬ ‫بني إسرائيل ول حرج ( ‪ ،‬فهنا ‪ :‬ينفي الحرج ‪.‬‬ ‫ص ثالث ‪ :‬وهو ما أشار إليه المصّنف – رحمه الله – يقول فيه الرسول صلى الله‬ ‫ن ٌ‬ ‫دقوهم ول تك ّ‬ ‫ذبوهم ( ‪.‬‬ ‫دثكم أهل الكتاب فل تص ّ‬ ‫عليه وسلم ‪ ) :‬إذا ح ّ‬ ‫جمع العلماء بين هذه النصوص ‪ ،‬وذكر قولهم الحافظ ابن كثير – رحمه الله – في‬ ‫أول التفسير قال ‪ :‬قال العلماء – رحمهم الله ‪ : -‬إن أخبار أهل الكتاب على ثلثة‬ ‫أنواع ‪:‬‬ ‫النوع الول ‪ :‬ما نعلم بطلنه بما جاءنا من الوحي ‪ ،‬فهذا ل يجوز لنا أن نحكَيه ول أن‬ ‫نسوَقه ‪ ،‬وإن سقناه فإننا نرده ونك ّ‬ ‫ذبه ‪ ،‬وذلك لما قام لدينا في شرعنا من الدليل‬ ‫على أن هذا من الباطل ‪.‬‬ ‫النوع الثاني ‪ :‬ما جاءنا من أخبار أهل الكتاب مما نعلم صدقه لموافقته ما أخبرنا الله‬ ‫عز وجل به ‪ ،‬وهذا كثير من الشياء في التوراة والنجيل نجدها توافق ما عندنا ‪،‬‬ ‫وبالذات في باب القصص والخبار ‪ ،‬فهذا النوع هو الذي قال فيه الرسول صلى الله‬ ‫متم أنه يوافق ما‬ ‫عليه وسلم ‪ ) :‬وح ّ‬ ‫دثوا عن بني إسرائيل ول حرج ( ‪ ،‬أي ‪ :‬فيما عَل ِ ْ‬ ‫عندكم ‪.‬‬ ‫النوع الثالث ‪ :‬ما ل يوافق ول يخالف ‪ ،‬فهذا هو الذي عناه الرسول صلى الله عليه‬ ‫وسلم بقوله ‪ ) :‬إذا حدثكم أهل الكتاب فل تصدقوهم ول تكذبوهم ( ‪ ) .‬ل تصدقوهم (‬ ‫لنه ل تعلمون صدقهم فيه ‪ ) ،‬ول تكذبوهم ( يعني ‪ :‬أنتم ل تعلمون كذبهم فيه‪.‬‬ ‫بعض أنواع المبهمات هذه قد يأتي تفسيرها في نفس كلم الرسول صلى الله عليه‬ ‫وسلم ‪ ،‬مثل ‪ :‬ما أشار إليه المصنف – رحمه الله – أنه جاء في الحديث الصحيح أن‬ ‫ضر ‪ ،‬بل بّين النبي صلى‬ ‫صاحب موسى الذي حصلت معه المحاورة والقصة هو ‪ :‬ال َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ضر ‪ ،‬فقد جاء في الحديث ‪ :‬أنه جاء ليجلس على‬ ‫الله عليه وسلم سبب تسميته بال َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ضر]البخاري[‪،‬‬ ‫ي‪ :‬بال َ‬ ‫خ ِ‬ ‫وسادة من فرو كبش أبيض فلما جلس ًعليها اخضّرت ف ُ‬ ‫س ّ‬ ‫م َ‬ ‫مبهما في القرآن ‪ ،‬وهو صاحب موسى وزاد أنه‬ ‫هذا جاء في حديث صحيح ‪ ،‬فعّين ُ‬ ‫بين سبب التسمية ‪ ،‬فهذا من نوع المبهمات التي يجوز حكايتها والجزم بها لما ورد‬

‫‪53‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫أَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن؛‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫ما‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫س‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ض الّتاب ِِعي َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِل َن احت ِما َ َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم أ َْو‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫لأ ْ‬ ‫ّ ْ َ‬ ‫كو َ َ ِ َ ُ ِ ْ ّ ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫وى‪.‬‬ ‫ه ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫مع َ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ه أقْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ب َعْ َ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب أقَ ّ‬ ‫ن ن َْق َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫ل ِ‬ ‫ص َ‬ ‫وَِل ّ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ل الّتاب ِِعي َ‬ ‫ن ن َْق ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن أه ْ ِ‬ ‫حاب َةِ عَ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف ي َُقا ُ‬ ‫ل‬ ‫هأ َ‬ ‫ه فَك َي ْ َ‬ ‫صا ِ‬ ‫مع َ َ‬ ‫ل إن ّ ُ‬ ‫ما ي َُقول ُ ُ‬ ‫ب ِفي َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫جْزم ِ ال ّ‬ ‫ن أه ْ ِ‬ ‫خذ َهُ عَ ْ‬ ‫) (‪.‬‬ ‫م؟‬ ‫ص ِ‬ ‫ديِقهِ ْ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫ال ْك َِتا ِ‬ ‫ب وَقَد ْ ن ُُهوا عَ ْ‬ ‫َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ل هَ َ‬ ‫ذا اِل ْ‬ ‫ص ِ‬ ‫ف ال ّ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه وََل ت ُِفيد ُ‬ ‫حي ُ‬ ‫خت َِل ِ‬ ‫صود ُ أ ّ‬ ‫ح ُ‬ ‫ذي َل ي ُعْل َ ُ‬ ‫َوال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫مْق ُ‬ ‫كاي َ ُ َ‬ ‫ل ِفيهِ هُوَ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ذي َل د َِلي َ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ث ال ّ ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ما ي ُْرَوى ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫معْرِفَةِ ل ِ َ‬ ‫كال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫وا ِ‬ ‫ة اْلقْ َ‬ ‫َ‬ ‫ل ذ َل ِ َ‬ ‫ك‪.‬‬ ‫عََلى ِ‬ ‫ص ّ‬ ‫حت ِهِ وَأ ْ‬ ‫مَثا ِ‬ ‫َ‬ ‫م اْل َوّ ُ‬ ‫ه فَهَ َ‬ ‫ذا‬ ‫ص ِ‬ ‫معْرِفَ ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ل " ال ّ ِ‬ ‫ما " ال ِْق ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي ي ُ ْ‬ ‫س ُ‬ ‫وَأ ّ‬ ‫ة ال ّ‬ ‫مك ِ ُ‬ ‫حي ِ‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫من النص الصحيح الصريح في إثباتها ‪.‬‬ ‫لكن أين مجمع البحرين ؟ أين سد ّ القرنين ؟ هذا ليس عندنا فيه خبر ‪ ،‬بل إن رسول‬ ‫ع‬ ‫الله صلى الله عليه وسلم نفسه في بعض المبهمات ل يجزم فيقول ‪ :‬ل أدري أت ُب ّ ٌ‬ ‫ي أم ل ؟]مستدرك الحاكم)‪ ،(111‬وأبو داود)‪.[(4674‬‬ ‫نب ٌ‬ ‫إذا ً ‪ :‬ل يجوز الجزم بشيء من المبهمات ما لم يكن هناك مستند صحيح صريح في‬ ‫هذا الموضوع ‪.‬‬ ‫ذبهم ‪ ،‬وكذلك من بعض التابعين ‪ ،‬وإن‬ ‫)( يعني‪ :‬والحال أنكم ل تعلمون صدقهم من ك َ ِ‬ ‫لم ي َذ ْ ُ‬ ‫كر أنه أخذه من أهل الكتاب‪.‬‬ ‫)( لدى بعض الناس جرأة غريبة‪ ،‬إذا ما جاء نص عن الصحابي‪ ،‬في قضية مما ل‬ ‫يجدها في القرآن العظيم والسنة النبوية‪ ،‬فإنه يهجم على القول بأنها مما تلقاه ذلك‬ ‫الصحابي عن بني إسرائيل!‬ ‫والحقيقة أن المر يحتاج إلى وقفة متأنية؛ فأقول‪ :‬ل شك أن الصحابي الذي جاء في‬ ‫كلمه ما هو من قبيل كشف المبهم‪ ،‬لن يورد شيئا ً عن أهل الكتاب يخالف ما في‬ ‫شرعنا‪ ،‬نجزم بذلك‪ .‬إذا ما أورده الصحابي ‪ -‬على فرض أنه مما تلقاه عن أهل‬ ‫ما أن يكون مما يوافق شرعنا‪ ،‬وإما أن يكون مما ل يوافق و ل يخالف‪،‬‬ ‫الكتاب – إ ّ‬ ‫ويدخل تحت عموم قوله ‪" :‬حدثوا عن بني إسرائيل ولحرج"]أحمد وأبو داود[‪،‬‬ ‫"وإذا حدثكم أهل الكتاب فل تصدقوهم و ل تكذبوهم"] أحمد وأبو داود[‪.‬‬ ‫فالجرأة على رد ما جاء عن الصحابي بدعوى أنه من أخبار أهل الكتاب‪ ،‬ل يناسب‬ ‫علمهم وفضلهم رضي الله عنه‪ ،‬ويوضح هذا‪ :‬أن الصحابي إذا جزم بشيء من هذه‬ ‫المور في تفسير آية فإنه يغلب على الظن أنه مما تلقاه عن الرسول ‪ ،‬أو مما‬ ‫قام على ثبوته الدليل‪ ،‬وإل كيف يجزم به في تفسير الية‪ ،‬وهو يعلم أن غاية هذا‬ ‫الخبر أنه مما ل نصدقه أو نكذبه؟!‬ ‫ُ‬ ‫صل القرآن الكريم‬ ‫ف‬ ‫)‬ ‫‪:‬‬ ‫قال‬ ‫أنه‬ ‫–‬ ‫عنهما‬ ‫الله‬ ‫رضي‬ ‫ابن عباس –‬ ‫من ذلك ما جاء‬ ‫ِ‬ ‫عن و ُ‬ ‫زل في بيت العزة في السماء الدنيا ‪ ،‬ثم ن ََزل على محمد‬ ‫أن‬ ‫المحفوظ‬ ‫من اللوح‬ ‫الله عليه وسلم ِ‬ ‫ما ً في ثلث وعشرين سنة (]الطبراني في الكبير‪):‬‬ ‫صلى‬ ‫من َ ّ‬ ‫ج َ‬ ‫ُ‬ ‫‪،(12243‬والحاكم في المستدرك‪،(2932):‬والبزارفي مسنده‪.[(210/2):‬‬ ‫ت بعض المتأخرين يجزم بأن هذا من السرائيليات‪ ،‬وبأن هذا مما تلقاه ابن عباس‬ ‫رأي ُ‬ ‫عنهم‪ ،‬مع أن هناك قرائن في نفس الخبر تمنع هذا؛ منها‪:‬‬ ‫جْزم ابن عباس به‪.‬‬ ‫أول ً ‪َ :‬‬ ‫ثانيا ً ‪ :‬ل علقة له بالتوراة والنجيل لنه يتكلم عن القرآن‪.‬‬ ‫ثالثا ً ‪ :‬هو يتكلم عن نزول القرآن على الرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫رابعا ً ‪ :‬ل مخالف لبن عباس في هذا ‪.‬‬ ‫فهذا مما يجعل سند ابن عباس هذا – وإن كان موقوفا ً سندا ً – فهو مرفوع حكما ً‬ ‫ومعنى ‪ ،‬يعني أن له حكم الرفع ‪.‬‬ ‫وجاء عن ابن عباس نفسه أنه كان ينهى عن الخذ عن أهل الكتاب‪ ،‬كما روى‬ ‫البخاري في صحيحه‪ ،‬فكيف نقول‪ :‬إن هذا من السرائيليات‪.‬‬ ‫عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – صحيح أنه وقعت له زاملتان من‬ ‫دث بها؛ لكن نستبعد استبعادا ً كبيرا ً أن عبد الله‬ ‫أخبار أهل الكتاب وكتبهم‪ ،‬وكان يح ّ‬ ‫بن عمرو – رضي الله عنهما – يجزم في تفسير آية بشيء هو من هذه الخبار ‪،‬‬ ‫در الناس وي ُن َّزلهم منازلهم ‪ ،‬وهؤلء صحابة رسول الله‬ ‫فينبغي للنسان أن يعرف ق ْ‬ ‫صلى الله عليه وسلم أعلم بالدين وأورع وأعلى فقها ً منا‪ ،‬وأكثر تقوى لله منا‪،‬‬ ‫وأعظم خشية لله منا؛ فكيف بمسألةٍ آحاد طلبة العلم يعلمها ويستنكرها ‪ ،‬هم يعملوا‬ ‫على خلفها ‪ ،‬هذا من أبعد ما يكون!‬

‫‪54‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ر‬ ‫جد ُ ِفي الت ّْف ِ‬ ‫ما ُيو َ‬ ‫ج إل َي ْهِ وَل ِل ّهِ ال ْ َ‬ ‫حَتا ُ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫مو ْ ُ‬ ‫مد ُ فَك َِثيًرا َ‬ ‫ح ْ‬ ‫جود ٌ ِفي َ‬ ‫َ‬ ‫سي ِ‬ ‫ُ‬ ‫ن ن َب ِي َّنا صلى الله عليه وسلم‬ ‫من ُْقول َ ٌ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫َوال ْ َ‬ ‫موٌر َ‬ ‫مَغاِزي أ ُ‬ ‫ث َوال ْ َ‬ ‫ة عَ ْ‬ ‫صل َ‬ ‫ه َوالن ّْق ُ‬ ‫ع‬ ‫ل ال‬ ‫ن اْل َن ْب َِياِء‬ ‫م‬ ‫ص ِ‬ ‫وَغَي ْرِهِ ِ‬ ‫ح ي َد ْفَ ُ‬ ‫حي ُ‬ ‫م وَ َ‬ ‫م ُ‬ ‫سَل ُ‬ ‫ت الل ّهِ عَل َي ْهِ ْ‬ ‫وا ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ذ َل ِ َ‬ ‫ست َن َد ُهُ الن ّْق ُ‬ ‫ك ; بَ ْ‬ ‫ل هَ َ‬ ‫موِر‬ ‫ما قَد ْ ي ُعَْر ُ‬ ‫مو ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ف ب ِأ ُ‬ ‫ل وَِفي َ‬ ‫ما ُ‬ ‫جود ٌ ِفي َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ل) (‪.‬‬ ‫أُ ْ‬ ‫خَرى غَي ْرِ الن ّْق ِ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫من ُْقوَل ِ‬ ‫ص َ‬ ‫ج إل َي َْها ِفي ال ّ‬ ‫حَتا ُ‬ ‫ت ال ِّتي ي ُ ْ‬ ‫صود ُ أ ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫َفال ْ َ‬ ‫ن قَد ْ ن َ َ‬ ‫مْق ُ‬ ‫دي ِ‬ ‫ه) (‪.‬‬ ‫ص ِ‬ ‫ه اْل َدِل ّ َ‬ ‫ح وَغَي ْرِ ِ‬ ‫ما ِفيَها ِ‬ ‫ن َ‬ ‫الل ّ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة عََلى ب ََيا ِ‬ ‫حي ٍَ‬ ‫ومعُلو َ‬ ‫سيرِ أك ْث َُرهُ َ‬ ‫من ُْقو َ‬ ‫مَغاِزي‬ ‫ل ِفي الت ّْف ِ‬ ‫مأ ّ‬ ‫َ َ ْ ٌ‬ ‫ل ِفي ال ْ َ‬ ‫كال ْ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫من ُْقو ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ذا َقا َ‬ ‫م; وَل ِهَ َ‬ ‫سَناد ٌ ‪:‬‬ ‫مد ث ََلث َ ُ‬ ‫مَل ِ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫س ل ََها إ ْ‬ ‫ةأ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ل اْل ِ َ‬ ‫َوال ْ َ‬ ‫مورٍ ل َي ْ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫حم وال ْمَغازي ويروى ل َيس ل َها أ َص ٌ َ‬ ‫ن‬ ‫الت ّْف ِ‬ ‫سَناد ٌ) (; ِل َ ّ‬ ‫ل أي ْ إ ْ‬ ‫سيُر َوال ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َُْ َ‬ ‫مَل ِ ُ َ َ ِ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫سي ُ‬ ‫ن الّزب َي ْرِ َوال ّ‬ ‫ي‬ ‫ل ِ‬ ‫مَرا ِ‬ ‫ال َْغال ِ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ب عَل َي َْها ال ْ َ‬ ‫شعْب ِ ّ‬ ‫ما ي َذ ْك ُُرهُ عُْروَةُ ب ْ ُ‬ ‫ن‬ ‫ن عُْقب َ َ‬ ‫م ك َي َ ْ‬ ‫س َ‬ ‫نإ ْ‬ ‫مو َ‬ ‫ن ب َعْد َهُ ْ‬ ‫حاقَ وَ َ‬ ‫َوالّزهْرِيّ وَ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ة َواب ْ ُ‬ ‫سى ب ْ ُ‬ ‫حَيى ب ْ ِ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫)( إذا ً المنقول على قسمين ‪:‬‬ ‫‪ -1‬منقول يحتاج الناس إلى معرفته‪.‬‬ ‫‪ -2‬ومنقول ل يحتاج الناس إلى معرفته ‪.‬‬ ‫ما يحتاج الناس إلى معرفته ‪ :‬ل بد أن يأتي ما يدل على ثبوته‪.‬‬ ‫أما ما ل يحتاج الناس إلى معرفته ‪ :‬فقد ُينقل وقد ل ُينقل ‪ ،‬لن معرفته تخلو من‬ ‫الفائدة ‪.‬‬ ‫تكلم رحمه الله عن القسم الثاني‪ ،‬والن رجع يتكلم عن القسم الول ‪ ،‬وهو المنقول‬ ‫الذي يحتاج الناس إلى معرفته ‪.‬‬ ‫يقول ‪ :‬هناك أمور من التفسير تعتمد على النقل ‪ ،‬لكن منها الصحيح ومنها غير‬ ‫الصحيح ‪ ،‬وإن كانت مما ُيحتاج إليه ‪ ،‬هي جنس ما ُيحتاج إليه ‪ ،‬لكن ليست هي عين‬ ‫ما يحتاج إليه ‪.‬‬ ‫مثل ً ‪ :‬نحتاج أن نعرف أخبار النبياء ‪ ،‬أمورهم وشؤونهم لثر ذلك في الدعوة ‪ ،‬فقد‬ ‫يأتي شيء من أخبارهم في كتب التفسير مستنده النقل لكن هو غير صحيح ‪ ،‬و نحن‬ ‫في ُ‬ ‫غنية عن هذا ؛ لوجود نقل آخر عن هؤلء النبياء ي ُْغني عن هذا الذي لم نجد‪.‬‬ ‫)( يمّهد المصنف رحمه الله لقاعدة أخرى مهمة في المنقولت سواء كانت أحاديث‬ ‫أو كانت أخبارًا‪ ،‬وسواء كانت الخبار متعلقة بمبهمات القرآن أم بغير ذلك‪.‬‬ ‫والقاعدة تجيب عن تساؤل مهم وهو هل ُيشترط في قبول الخبار الواردة في‬ ‫التراجم والسير وكتب التاريخ ما يشترط في قبول الحديث والثر؟!‬ ‫هل أعامل الخبار التاريخية أو الخبار المنقولة في سيرة شخص ‪ ،‬هل نعاملها‬ ‫بسندها كما أعامل الحديث والثر أو ل؟ وإن كنت أعاملها نفس المعاملة ؛ هل لها‬ ‫مزّية عنها ‪ ،‬أم هناك نوع توسع فيها أم ل؟‬ ‫مهد الشيخ لهذه القاعدة ‪ ،‬فبدأ بالشارة إلى أهل الختصاص وتعيينهم‪ ،‬فعّين من‬ ‫رف بالتفسير من الصحابة ثم من التابعين ثم من تابعيهم ‪ ،‬وبّين أن أكثر الروايات‬ ‫عُ ِ‬ ‫المنقولة مدارها على هؤلء‪.‬‬ ‫ثم تكلم عن هذا المنقول عنهم ‪ ،‬فقال ‪) :‬والمنقول عن هؤلء فيه ما هو متصل وفيه‬ ‫ما هو مرسل (‪.‬‬ ‫ثم تكلم عن المرسل ‪.‬‬ ‫والمرسل ما قال فيه التابعي قال رسول الله ‪.‬‬ ‫والموقوف ما أضيف إلى الصحابي‪.‬‬ ‫والمقطوع هو ما أضيف إلى التابعي‪.‬‬ ‫والمنقطع ما لم يتصل‪.‬‬ ‫)( وعليه فإن تفسير قول المام أحمد بن حنبل رحمه الله‪ " :‬ثلثة أمور ليس لها‬ ‫أصل وليس لها إسناد ‪ :‬التفسير ‪ ،‬والمغازي ‪ ،‬والملحم"‪ ،‬أنه يكثر في هذا النوع من‬ ‫العلم ‪ :‬المراسيل‪ ،‬وأن الغالب عليها الضعف من حيث السند‪.‬‬ ‫وكلمة ل أصل لها تطلق بمعنى ل سند لها‪.‬‬ ‫وتطلق بمعنى أن أسانيدها غير متصلة‪ ،‬فهي مرسلة ومنقطعة‪ ،‬ومعضلة‪ ،‬فهي‬ ‫ضعيفة‪.‬‬ ‫وتطلق بمعنى أن ما جاء فيها ل أصل له في الشرع‪.‬‬

‫‪55‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫سِعيدٍ اْل ُ‬ ‫موِيّ َوال ْ‬ ‫مَغاِزي;‬ ‫ب‬ ‫د‬ ‫لي‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سل ِم ٍ والواقدي وَن َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫م ِفي ال ْ َ‬ ‫حوِهِ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مَغاِزي أهْ ُ‬ ‫ة‪،‬‬ ‫دين َ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫فَإ ِ ّ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫س ِبال ْ َ‬ ‫ن أعْل َ َ‬ ‫م الّنا ِ‬ ‫م أ َهْ ُ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫م‪،‬‬ ‫ثُ ّ‬ ‫شا ِ‬ ‫َ‬ ‫م أه ْ ُ‬ ‫ق؛‬ ‫ل ال ْعَِرا‬ ‫ثُ ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م ب َِها ِلن َّها َ‬ ‫فَأهْ ُ‬ ‫م‪.‬‬ ‫ت ِ‬ ‫م ِ‬ ‫عن ْد َهُ ْ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫دين َةِ أعْل َ ُ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫جَهادٍ فَ َ‬ ‫شام ِ َ‬ ‫كاُنوا أهْ َ‬ ‫وَأ َهْ ُ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫جَهادِ‬ ‫م ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ن ال ْعِل ْم ِ ِبال ْ ِ‬ ‫ن ل َهُ ْ‬ ‫ل غَْزوٍ وَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫م‪ ،‬وَل ِهَ َ‬ ‫ق‬ ‫حا َ‬ ‫س َ‬ ‫س ك َِتا َ‬ ‫ب أِبي إ ْ‬ ‫َوال ّ‬ ‫ذا عَظ ّ َ‬ ‫س ل ِغَي ْرِهِ ْ‬ ‫سي َرِ َ‬ ‫م الّنا ُ‬ ‫ما ل َي ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ه ِفي ذ َل ِ َ‬ ‫م ب ِهَ َ‬ ‫ن‬ ‫ب ِ‬ ‫الفزاري ال ّ ِ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫جعَُلوا الوزاعي أعْل َ َ‬ ‫صن َّف ُ‬ ‫ذا ال َْبا ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫صاِر‪.‬‬ ‫غَي ْرِهِ ِ‬ ‫ماِء اْل ْ‬ ‫ن عُل َ َ‬ ‫م َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫س ب ِهِ أهْ ُ‬ ‫ب‬ ‫مك ّ َ‬ ‫ما "الت ّْف ِ‬ ‫حا ُ‬ ‫ص َ‬ ‫سيُر" فَإ ِ ّ‬ ‫ة ; ِلن ّهُ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ن أعْل َ َ‬ ‫وَأ ّ‬ ‫مأ ْ‬ ‫م َالّنا ِ‬ ‫ة َ َ‬ ‫جاهِدِ وَعَ َ‬ ‫س‬ ‫ن أِبي َرَبا‬ ‫م َ‬ ‫ح وَ ِ‬ ‫طاِء ب ْ‬ ‫م َ‬ ‫عك ْرِ َ‬ ‫س كَ ُ‬ ‫ن عَّبا ٍ‬ ‫موْلى اب ْ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ن عَّبا ٍ‬ ‫اب ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫س وَأِبي ال ّ‬ ‫ن‬ ‫م ِ‬ ‫ص َ‬ ‫شعَْثاِء وَ َ‬ ‫وَغَي ْرِهِ ْ‬ ‫حا ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫سِعيدِ ب ْ ِ‬ ‫س ك َطاُوو ِ‬ ‫ن عَّبا ٍ‬ ‫ب اب ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫م‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫مَثال ِهِ ْ‬ ‫جب َي ْرٍ وَأ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل ال ُ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫وَك َذ َل ِ َ‬ ‫ك أه ْ ُ‬ ‫ما‬ ‫سُعودٍ وَ ِ‬ ‫كوفَةِ ِ‬ ‫حا ُ‬ ‫ص َ‬ ‫م ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ن َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫هأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ب اب ْ ِ‬ ‫م‪.‬‬ ‫مي ُّزوا ب ِهِ عََلى غَي ْرِهِ ْ‬ ‫تَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫خذ َ‬ ‫ذي أ َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫سيرِ ِ‬ ‫دين َةِ ِفي الت ّْف ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ل َزي ْدِ ب ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫سل َ َ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫وَعُل َ َ‬ ‫ماُء أهْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫خذ َه عَن َ‬ ‫َ‬ ‫مال ِ ٌ‬ ‫ن وَأ َ َ‬ ‫ن عَب ْدِ‬ ‫ك الت ّْف ِ‬ ‫ه عَب ْد ُ الّر ْ‬ ‫ه أي ْ ً‬ ‫ح َ‬ ‫ضا اب ْن ُ ُ‬ ‫سيَر وَأ َ ُ ْ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عَن ْ ُ‬ ‫خذ َهُ عَ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ب) (‪.‬‬ ‫ن وَهْ‬ ‫ن عَب ْد ُ الل ّهِ ب ْ‬ ‫الّر ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫م ِ‬ ‫خل َت عَن ال ْمواط َأ َة قَصدا أوَ‬ ‫سي ُ‬ ‫ل"إ َ‬ ‫ِ‬ ‫مَرا ِ‬ ‫ت ط ُُرقَُها وَ َ ْ‬ ‫ذا ت َعَد ّد َ ْ‬ ‫و" ال ْ َ‬ ‫ْ ً ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫صدٍ َ‬ ‫ة قَط ًْعا) (‪.‬‬ ‫اِلت َّفا‬ ‫ح ً‬ ‫ص ِ‬ ‫حي َ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫ق ب ِغَي ْرِ قَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫ن الن ّْق َ‬ ‫ن ك َذًِبا‬ ‫طاب ًِقا ل ِل ْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫كو َ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫فَإ ِ ّ‬ ‫خب َرِ وَإ ِ ّ‬ ‫صد ًْقا ُ‬ ‫لإ ّ‬ ‫َ‬ ‫ب أ َوْ أ َ ْ‬ ‫صا ِ‬ ‫مدِ‬ ‫م ِ‬ ‫خط َأ ِفي ِ‬ ‫ه ال ْك َذِ َ‬ ‫مَتى َ‬ ‫ب ال ْعَ ْ‬ ‫سل ِ َ‬ ‫ه; فَ َ‬ ‫حب ُ ُ‬ ‫ت َعَ ّ‬ ‫ن ال ْك َذِ ِ‬ ‫مد َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫خط َأ ِ َ‬ ‫ب) (‪ .‬فَإ ِ َ‬ ‫ن أ َْو‬ ‫َوال ْ َ‬ ‫دي ُ‬ ‫جاَء ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ث َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫كا َ‬ ‫كا َ‬ ‫ن ِ‬ ‫صد ًْقا ب َِل َري ْ ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫جهَت َي ْ ِ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫)( فهؤلء أهل اختصاص في التفسير‪ ،‬فما ثبت عنهم له خصوصية‪ ،‬ولو كان مرس ً‬ ‫ل؛‬ ‫بل إن المراسيل إذا تعددت وخلت عن المواطأة كانت صحيحة قطعًا‪.‬‬ ‫)( قوله‪" :‬كانت صحيحة قطعًا" فيه أن السند المحتف بالقرائن يفيد العلم؛ بل فيه‬ ‫أن السند الضعيف إذا تعددت طرقه وقامت القرائن على عدم المواطأة والتفاق‬ ‫فإن ثبوته عنده قطعي‪ .‬ومراده )بصحيحة(‪ :‬أي ثابتة‪.‬‬ ‫صدقا ً مطابقا ً للواقع‪ ،‬وإما أن ل‬ ‫)( هذه قسمة عقلية؛ يقول ‪ :‬الخبر إما أن يكون ِ‬ ‫يكون‪.‬‬ ‫فإذا لم يكن صدقا ً مطابقا ً للواقع؛‬ ‫فإما أن يكون ناقل الخبر تعمد الكذب ‪ ،‬وإما أن يكون أخطأ ووهم لضعف الضبط‪.‬‬ ‫فما تعمد فيه الكذب ‪ :‬فهو الموضوع‪ ،‬وما لم يتعمد فيه الكذب‪ ،‬أي ‪ :‬وقع فيه الخطأ‬ ‫والوهم بسبب ضعف الضبط فهذا الذي يسميه العلماء‪ :‬الضعيف‪.‬‬ ‫رف أنه من النوع الثاني الذي يكثر في‬ ‫فإذا جاءنا خبر يطابق الواقع‪ ،‬ولكن ناقله عُ ِ‬ ‫عرف بالكذب ‪ ،‬ماذا يكون حال خبره ؟‬ ‫كلمه الخطأ والوهم‪ ،‬بل قد يكون ناقله ممن ُ‬ ‫سِلم من الخطأ العمد والكذب كان صدقا ً بل ريب ( ‪.‬‬ ‫يقول شيخ السلم ‪ ) :‬متى َ‬ ‫سَلم من الكذب؟‬ ‫ي‬ ‫فكيف‬ ‫‪،‬‬ ‫كذاب‬ ‫أنه‬ ‫لكن هذا الراوي نحن نعرف‬ ‫َ ْ‬ ‫قل هذا الخبر بطرق يستحيل تواطؤ أصحابها على‬ ‫سَلم من الكذب بأن ُين َ‬ ‫قال ‪ :‬ي َ ْ‬ ‫قل الحديث بطرق استحال عقل ً أن يتفق أصحابه على‬ ‫التفاق على الكذب‪ ،‬إذا ن ُ ِ‬ ‫الكذب‪ ،‬حتى ولو كانوا هم في أنفسهم أهل كذب؛ فإن خبرهم ُيقَبل ‪.‬‬ ‫أليس الله عزوجل يقول ‪) :‬إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا( ‪ ،‬وفي قراءة ‪ ) :‬فتثّبتوا (!‬ ‫هل رد ّ الله في هذه الية خبر الفاسق؟‬

‫‪56‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫خت َِلفه وعُل ِ َ‬ ‫جهات وقَد عُل ِم أ َ‬ ‫وا َ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫خ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ِ َ ٍ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫طآ عََلى ا ْ ِ ِ َ‬ ‫م ي َت َ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫)(‬ ‫ذ َل ِ َ‬ ‫ح ‪.‬‬ ‫ص ِ‬ ‫وافََق ُ‬ ‫حي ٌ‬ ‫م أن ّ ُ‬ ‫صدٍ عُل ِ َ‬ ‫ك َل ت ََقعُ ال ْ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ة ِفيهِ ات َّفاًقا ب َِل قَ ْ‬ ‫م َ‬ ‫صي َ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ن‬ ‫خ‬ ‫ش ْ‬ ‫حد ّ ُ‬ ‫ما ِفيَها ِ‬ ‫ت وَي َذ ْك ُُر ت ََفا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن َواقِعَةٍ َ‬ ‫ص يُ َ‬ ‫ل َ‬ ‫جَر ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ث عَ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ئ اْل َوّ َ‬ ‫ل وَي َأِتي َ‬ ‫ل‬ ‫صآ َ‬ ‫ش ْ‬ ‫واط ِ ْ‬ ‫ه لَ ْ‬ ‫م أن ّ ُ‬ ‫خُر قَد ْ عُل ِ َ‬ ‫خ ٌ‬ ‫م يُ َ‬ ‫ل َواْلفَْعا ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫اْلقْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ما ذ َك ََرهُ اْل َوّ ُ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫م قَط ًْعا‬ ‫ن ت ََفا ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫فَي َذ ْك ُُر ِ‬ ‫ل فَي ُعْل َ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ل َواْلفَْعا ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ل اْلقْ َ‬ ‫صي ِ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫ك ال ْ‬ ‫ه ل َوْ َ‬ ‫ن ت ِل ْ َ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫دا أ َْو‬ ‫واقِعَ َ‬ ‫ل ِ‬ ‫م ً‬ ‫كا َ‬ ‫حقّ ِفي ال ْ ُ‬ ‫ة َ‬ ‫أ ّ‬ ‫ما ك َذ ّب ََها عَ ْ‬ ‫من ْهُ َ‬ ‫مل َةِ فَإ ِن ّ ُ‬ ‫ج ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ما ب ِت ِل ْ َ‬ ‫ي كُ ّ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ن ي َأت ِ‬ ‫ك الت َّفا ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫من َ ُ‬ ‫م ي َت ِّفقْ ِفي ال َْعاد َةِ أ ْ‬ ‫ل ال ِّتي ت َ ْ‬ ‫من ْهُ َ‬ ‫خط َأ ل َ ْ‬ ‫صي ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ج َ‬ ‫ل‬ ‫صا ِ‬ ‫واط َأةٍ ِ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫حب ِهِ فَإ ِ ّ‬ ‫نأ َ‬ ‫ال َْعاد َةُ ات َّفاقَ اِلث ْن َي ْ‬ ‫حدِهِ َ‬ ‫ن عَل َي َْها ب َِل ُ‬ ‫ما ل ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬ ‫خر مث ْل َ َ‬ ‫َ‬ ‫خُر‬ ‫ب اْل َ‬ ‫ب ك ِذ ْب َ ً‬ ‫ة وَي َك ْذِ َ‬ ‫ه أوْ ي َك ْذِ َ‬ ‫قَد ْ ي َت ِّفقُ أ ْ‬ ‫م اْل َ ُ ِ ُ‬ ‫م ب َي ًْتا وَي َن ْظ ِ َ‬ ‫ن ي َن ْظ ِ َ‬ ‫ذا أ َن َ َ‬ ‫َ‬ ‫ة َ‬ ‫م‬ ‫ويل َ ً‬ ‫شأ ق َ ِ‬ ‫ما إ َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ن عََلى َقافِي َةٍ وََروِيّ فَل َ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫مث ْل ََها أ ّ‬ ‫ت فُُنو ٍ‬ ‫صيد َةً ط َ ِ‬ ‫َ‬ ‫معَ ال ّ‬ ‫مث ْل ََها ل َْف ً‬ ‫ط‬ ‫مْفرِ ِ‬ ‫ئ ِ‬ ‫ش ُ‬ ‫ن غَي َْرهُ ي ُن ْ ِ‬ ‫جرِ ال َْعاد َةُ ب ِأ ّ‬ ‫تَ ْ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫معًْنى َ‬ ‫ظا وَ َ‬ ‫طو ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ديًثا ط َ‬ ‫ه وَك َذ َل ِ َ‬ ‫بَ ْ‬ ‫كإ َ‬ ‫ه‬ ‫هأ َ‬ ‫حد ّ َ‬ ‫خذ َ َ‬ ‫ويًل ِفي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ها ِ‬ ‫ث َ‬ ‫ذا َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫م ِبال َْعاد َةِ أن ّ ُ‬ ‫ل ي ُعْل َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫ه أ َْو‬ ‫ن َواط َأهُ عَل َي ْهِ أ َوْ أ َ َ‬ ‫ثآ َ‬ ‫حد ّ َ‬ ‫خذ َهُ ِ‬ ‫خُر ب ِ ِ‬ ‫كو َ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫فُُنو ٌ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫هإ ّ‬ ‫مث ْل ِهِ فَإ ِن ّ ُ‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫ده ‪ ،‬والمعنى ‪ :‬خبر الفاسق إذا جاءكم انظروا في القرائن‪ ،‬فإذا دّلت القرائن‬ ‫لم ير ّ‬ ‫دوه‪ ،‬بخلف خبر العدل‪،‬‬ ‫على قبول خبره اقبلوه‪ ،‬وإذا دّلت القرائن على رد ّ خبر ُر ّ‬ ‫فالصل في العدل ‪ :‬أن خبره مقبول‪ ،‬وهذا مفهوم المخالفة في الية‪.‬‬ ‫إذا ً هذه الية ليس فيها ‪ :‬أن خبر الفاسق مردود ‪ ،‬بل فيها ‪ :‬أن خبر الفاسق يتثّبت‬ ‫فيه ‪ ،‬يعني ‪ :‬ينظر في القرائن ‪.‬‬ ‫ومن القرائن ‪ :‬أن يأتي الخبر نفسه من طرق متعددة ‪ ،‬ولو كانت هذه الطرق عن‬ ‫قل أناس‬ ‫من هذه صفتهم ولكن بدون مواطأة واتفاق ‪ ،‬هذه من القرائن ‪ .‬إذ كيف ُيع َ‬ ‫مختلفين بل اتفاق وكل ً في جهة وكل ً في مكان وكل ً في بلد لم يلتقوا ولم يتصلوا‬ ‫قل نفس القضية إما بلفظها أو بمعناها ‪ ،‬أليست هذه قرينة على‬ ‫ببعض‪ ،‬كلهم يأتي وَين ُ‬ ‫صدقهم ‪ ،‬وإن كانوا في الصل كذابين؟!‬ ‫ِ‬ ‫إذا ً هذه من القرائن التي يتثّبت فيها ‪ ،‬فقد ُيقَبل بها خبر الفاسق ‪.‬‬ ‫)( في مثل هذه الحال قال المام أحمد بن حنبل )هدي الساري ص ‪" :(363‬إذا كان‬ ‫في الحديث قصة‪ ،‬دل على أن راويه حفظه"اهش‬ ‫ة طويلة وهو صاحب القصة والموضوع ‪ ،‬هذا أدعى أن يكون‬ ‫هذا َالراوي يروي قص ً‬ ‫ط القصة ‪ ،‬أو يكون له علقة بمن وقَعت له القصة ‪ ،‬أو يكون الحديث فيه قصة‬ ‫ضب َ‬ ‫طويلة فيأتي هذا ويذكرها ‪ ،‬ويأتي غيره فيذكرها بل مواطأة ؛ فإن ورود القصة‬ ‫ت من المواطأة ‪ ،‬إذ كيف يتفقوا على القصة‬ ‫الطويلة مما ُيشِعر بالضبط إذا خل َ ْ‬ ‫الطويلة يدون أن يكون لهذه القصة أصل ‪.‬‬ ‫هل معنى هذا أن هذه الطريقة نستعملها مطلقا ً أم لها ضابط آخر ؟‬ ‫أقول شيخ السلم ذكر في كلمه السابق ضابطين ‪:‬‬ ‫الضابط الول ‪ :‬هو قيام القرائن على عدم الكذب أو الخطأ ‪.‬‬ ‫الضابط الثاني ‪ :‬أن يكون الحديث أو الخبر قصة طويلة ذات فنون فيتفقوا على‬ ‫أغلبها أو مجملها ‪.‬‬ ‫وسيأتي له ذكر ضابط ثالث‪ :‬أن مثل هذه السانيد تثبت بها هذه الخبار لكن ل تثبت‬ ‫بها اللفاظ‪.‬‬

‫‪57‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫يَ ُ‬ ‫صد ْقًا ً) (‪.‬‬ ‫دي ُ‬ ‫ث ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫كو َ‬ ‫وَب ِهَذِهِ الط ّ‬ ‫ة عََلى‬ ‫ري‬ ‫م ْ‬ ‫صد ْقُ َ‬ ‫خت َل َِف ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ال ْ ُ‬ ‫جَهات ُ ُ‬ ‫ما ت َت َعَد ّد ُ ِ‬ ‫مة ِ َ‬ ‫عا ّ‬ ‫ق ي ُعْل َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذا ال ْوجه من ال ْمنُقوَلت وإن ل َم يك ُ َ‬ ‫ها َ‬ ‫هَ َ‬ ‫ما‬ ‫حد ُ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫نأ َ‬ ‫ما ِل ِْر َ‬ ‫سال ِهِ وَإ ِ ّ‬ ‫كافًِيا إ ّ‬ ‫ِ َِ ْ ْ َ ْ‬ ‫َ ْ ِ ِ ْ‬ ‫ه) (؛‬ ‫ف َناقِل ِ ِ‬ ‫ضع ْ ِ‬ ‫لِ َ‬ ‫َ‬ ‫ط ب ِهِ اْلل َْفا ُ‬ ‫ضب َ ُ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫ل هَ َ‬ ‫ه‬ ‫م ب ِهَذِ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذا َل ت ُ ْ‬ ‫ظ َوالد َّقائ ِقُ ال ِّتي َل ت ُعْل َ ُ‬ ‫ل َك ِ ْ‬ ‫ل ت ِل ْ َ‬ ‫ج ذ َل ِ َ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫ظ‬ ‫ك اْل َل َْفا ِ‬ ‫ت ب َِها ِ‬ ‫حَتا ُ‬ ‫ق فََل ي َ ْ‬ ‫ق ي َث ْب ُ ُ‬ ‫ك إَلى ط َ ِ‬ ‫الط ّ ِ‬ ‫ري ٍ‬ ‫ري ِ‬ ‫ق؛‬ ‫َوالد َّقائ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ذا ث َبتت بالتواتر غَزوةُ بدر وأ َنها قَب َ ُ‬ ‫حدٍ ب َ ْ‬ ‫ن‬ ‫م قَط ًْعا أ ّ‬ ‫لأ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ل ي ُعْل َ ُ‬ ‫وَل ِهَ َ َ َ ْ ِ ّ َ ُ ِ ْ َ َ ْ ٍ َ ّ َ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫ضُبط به اللفاظ والدقائق ‪ ،‬فلو كان الخبر يتوقف على‬ ‫)( يقول ‪ :‬لكن مثل هذا ل ن َ ْ‬ ‫لفظة حكم أو تقرير قضية ؛ فنقول ‪ :‬مادام هذا سبيله ل يثبت به لفظ ؛ فإن هذه‬ ‫الطريقة في إثبات الخبار يثبت بها أصل الحديث أو الخبر أو القضية أو القصة ‪ ،‬لكن‬ ‫ل نستطيع أن ُندير حكما ً على اللفظ ‪ ،‬وهذه نقطة مهمة جدا ً خاصة للفقيه الذي يريد‬ ‫أن يستنبط الحكام ‪.‬‬ ‫خراج‬ ‫وقد جاء في حديث يصح جزء منه ول يصح الخر ‪ ،‬خذوا مثل ً ‪ :‬حديث ) ال َ‬ ‫بالضمان (]أخرجه أصحاب السنن[‪ ،‬ورد من طرق وهو ثابت لكن وردت له قصة ‪،‬‬ ‫القصة الولى ‪ :‬أن رجل ً اشترى عبدا ً في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم فلما‬ ‫أخذه عنده بعد أيام وجد فيه عيبًا‪ ،‬وكان في خلل هذه اليام استغله واستفاد منه ‪،‬‬ ‫فجاء يرده إلى صاحبه بالعيب الذي فيه ‪ ،‬فأراد الرجل أن يأخذ أجرة اليام التي‬ ‫استفادها منه خلل تلك اليام ‪ ،‬فقال الرسول صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬الخراج‬ ‫بالضمان ( ‪.‬‬ ‫هذا السبب جاء في رواية من روايات الحديث من طريق ضعيف ‪.‬‬ ‫ن ‪ :‬أن أحد الرواة يقول ‪ :‬كنت أنا وبعض الناس شركاء في عبد ‪،‬‬ ‫جاء سبب ثا ٍ‬ ‫فاستغليت العبد ثم وجدت فيه عيبا ً فرددته ‪ ،‬فجاء الشركاء ينازعوه في الخراج‬ ‫يريدون منه أجرة تلك اليام التي اشتغل فيها العبد ‪ .‬هذه القصة في ظاهرها أنها‬ ‫متفقة مع الولى ‪ ،‬لكنها مختلفة لنها في بعض الروايات الشارة إلى نوع تصرف في‬ ‫الغصب ‪ ،‬فصاروا يستدلون بها في باب الغصب ‪.‬‬ ‫نّبه البلقيني ]في محاسن الصطلح ص ‪ ،707-706‬عند كلمه عن أسباب ورود‬ ‫الحديث[‪ :‬إلى أن ما جاء في الطريق الول أولى من هذا الطريق ولم يذكر السبب ‪،‬‬ ‫أقول ‪ :‬لعل السبب في هذا ‪ :‬أن بناء الحكم على سبب هذه القصة وما جاء في‬ ‫لفظها غير صحيح ‪ ،‬لعل السبب في ذلك هو ما ذكره شيخ السلم ابن تيمية من أنه‪:‬‬ ‫ل يجوز بناء الحكم على ألفاظ جاءت في مثل هذه الطرق‪ ،‬فقال‪" :‬وقد جاء في‬ ‫سنن ابي داود أمر آخر يفهم منه تعدي ذلك الغاصب‪ ،‬قال أبوداود ]السنن حديث‬ ‫رقم ‪[3509‬حدثنا محمود بن خالد‪ ،‬ثنا الفريابي‪ ،‬عن سفيان‪ ،‬عن محمد بن عبد‬ ‫فاف الغفاري قال‪ :‬كان بيني وبين أناس شركة في عبد‪،‬‬ ‫خ َ‬ ‫الرحمن‪ ،‬عن مخلد بن ُ‬ ‫فاقتويته )معناه‪ :‬استخدمته( وبعضنا غائب‪ ،‬فأغ ّ‬ ‫ي غلة‪ ،‬فخاصمني في نصيبه إلى‬ ‫ل عل ّ‬ ‫بعض القضاة فأمرني أن أرد الغلة‪ ،‬فأتيت عروة بن الزبير فحدثته‪ ،‬فأتاه عروة فحدثه‬ ‫عن عائشة عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم قال‪" :‬الخراج بالضمان"‪.‬‬ ‫وقد أخذ بهذا العموم جماعة من العلماء من المدنيين والكوفيين‪ ،‬والخذ بالسبب‬ ‫المرفوع أولى لمور ليس هذا موضع بسطها"اهش‬ ‫ً‬ ‫قلت جريدة خبرا أن في المكان الفلني‬ ‫)( ومثله هذه اليام أخبار الجرائد‪ ،‬فلو ن َ َ‬ ‫ده ؟ انظر إلى‬ ‫حدث كذا ‪ ،‬انفردت جريدة بهذا الخبر ‪ ،‬هذا الخبر هل تقبله أم ت ُُر ّ‬ ‫أصحاب الجريدة إن كان مسلمين وأهل عدالة فالصل أن خبَرهم مقبول ‪ ،‬إما إذا‬ ‫كانوا ليسوا مسلمين ‪ ،‬أو مسلمين لكن ليسوا أهل عدالة ‪ ،‬يعني ‪ :‬فساقا ً ‪ ،‬فالصل‬ ‫أن خبرهم ل ُيقبل ول ي َُرد بل ُيتوقف فيه ‪ ،‬فننظر في القرائن إذا كانت كل الجرائد‬ ‫لم تذكر هذا الخبر ‪ ،‬زيادة على ذلك ‪ :‬أن الجرائد الصادرة من نفس البلد التي حصل‬ ‫فيها الخبر لم تذكره زيادة على ذلك ثبت عندنا كلم الجرائد الخرى على خلف هذا‬ ‫الخبر ‪ ،‬فنقول ‪ :‬إذا ً خبر هذه الجريدة مردود ‪ ،‬أليس هذا تطبيقا ً لنفس القاعدة ؟!‪.‬‬ ‫لذلك تسمعون نفس الجرائد تقول ‪ :‬ولم يأتنا الخبر من جهة محايدة ‪ ،‬لن ناقل الخبر‬ ‫إذا كان بين بلدين حرب‪ ،‬وناقله من أحدهما ‪ ،‬فناقل الخبر يريد أن يشن حربا ً نفسية‬ ‫قل من جهة محايدة ل ُيقَبل لنه ل مصلحة للجهة‬ ‫على الفريق الخر ‪ ،‬فإذا لم ُين َ‬ ‫المحايدة في أن تكذب ‪ ،‬بينما هذه الجهة لها مصلحة في ذلك ‪ ،‬وهذه التهمة تقتضي‬ ‫التوقف في قبول خبرها ‪.‬‬ ‫فهذه قضايا عقلية حتى عامة الناس بتأملهم يصلوا إلى هذه النتيجة ‪ ،‬هذا الكلم‬ ‫نفسه – هنا – الشيخ ي ُط َّبقه ‪ ،‬فيقول ‪ :‬إذا جاء الخبر متفق في اللفظ أو في معنى‬ ‫القصة من جهات متعددة بل اتفاق ول تواطؤ فهو وإن كان مرسل ً أو كان ضعيفا ً أو‬ ‫كان الناقل فاسقا ً أو غيره فإن هذا مما يقتضي – ليس فقط صحته – وإنما القطع‬ ‫بصحته ‪.‬‬

‫‪58‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َ‬ ‫ن عَل ِّيا قَت َ َ‬ ‫مَزةَ وَعَل ِّيا وَعُب َي ْد َةَ ب ََرُزوا إَلى عتبة وَ َ‬ ‫ل‬ ‫شي ْب َ َ‬ ‫ة َوال ْوَِلي ِ‬ ‫د‪ ،‬وَأ ّ‬ ‫َ‬ ‫ح ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ش ّ‬ ‫ك ِفي قَْرن ِهِ هَ ْ‬ ‫مَزةَ قَت َ َ‬ ‫ل هُوَ عتبة أوْ َ‬ ‫م يُ َ‬ ‫ة‪.‬‬ ‫شي ْب َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ال ْوَِليد َ وَأ ّ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫ل قَْرن َ ُ‬ ‫ح ْ‬

‫‪59‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ف فَإن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ص ٌ‬ ‫ص ُ‬ ‫وَهَ َ‬ ‫ر‬ ‫ل َنافِعٌ ِفي ال ْ َ‬ ‫ل) ( ي َن ْب َِغي أ ْ‬ ‫ن ي ُعَْر َ ِ ّ ُ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ذا اْل ْ‬ ‫جْزم ِ َب ِك َِثي ِ‬ ‫ما ي ُن َْق ُ‬ ‫ل‬ ‫ل ِ‬ ‫ث َوالت ّْف ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫من ُْقوَل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت ِفي ال ْ َ‬ ‫مَغاِزي وَ َ‬ ‫سيرِ َوال ْ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ن أقْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫م وَغَي ْرِ ذ َل ِ َ‬ ‫ك‪.‬‬ ‫س وَأفَْعال ِهِ ْ‬ ‫الّنا ِ‬ ‫َ‬ ‫ذي ي َت َأّتى ِفيهِ ذ َل ِ َ‬ ‫ذا إ َ‬ ‫وَل ِهَ َ‬ ‫ي صلى الله‬ ‫دي ُ‬ ‫ث ال ّ ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ذا ُروِيَ ال ْ َ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫ك عَ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫عليه وسلم من وجهين مع ال ْعِل ْم بأ َ‬ ‫ر‬ ‫ن اْل َ‬ ‫م ي َأ ُ‬ ‫نأ َ‬ ‫ِ ِ ّ‬ ‫ِ ْ َ ْ َْ ِ َ َ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫حد َهُ َ‬ ‫خذ ْهُ عَ ْ‬ ‫خ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ما إ َ‬ ‫ب‬ ‫سوا ِ‬ ‫ق‪َ ،‬ل ِ‬ ‫مد ُ ال ْك َذِ َ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬ ‫جزِ َ‬ ‫ه ل َي ْ ُ‬ ‫ن ي َت َعَ ّ‬ ‫م ّ‬ ‫ن ن ََقل َت َ ُ‬ ‫ذا عُل ِ َ‬ ‫سي ّ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫م ب ِأن ّ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫ن َوال ْغَل َ ُ‬ ‫ط;‬ ‫ما ي ُ َ‬ ‫خا ُ‬ ‫سَيا ُ‬ ‫ف عََلى أ َ‬ ‫م الن ّ ْ‬ ‫حدِهِ ْ‬ ‫وَإ ِن ّ َ‬ ‫ة َ‬ ‫مَر‬ ‫حاب َ َ‬ ‫ن عََر َ‬ ‫ص َ‬ ‫فَإ ِ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ن عُ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ك َعْ ٍ‬ ‫ف ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ب َواب ْ ِ‬ ‫سُعودٍ وأبي ب ْ َ ِ‬ ‫كاب ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫وا ِ‬ ‫حد َ ِ‬ ‫م ي َِقيًنا أ ّ‬ ‫وَ َ‬ ‫جاب ِرٍ وَأِبي َ‬ ‫م عَل ِ َ‬ ‫سِعيدٍ وَأِبي هَُري َْرةَ وَغَي ْرِهِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ل الل ّهِ صلى الله عليه‬ ‫ن ِ‬ ‫مد ُ ال ْك َذِ َ‬ ‫ب عََلى َر ُ‬ ‫ن ي َت َعَ ّ‬ ‫م ّ‬ ‫هَؤَُلِء ل َ ْ‬ ‫سو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ي َك ُ ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫ه‬ ‫ل ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ن َ‬ ‫م الّر ُ‬ ‫وسلم فَ ْ‬ ‫جّرب َ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ما ي َعْل َ ُ‬ ‫م كَ َ‬ ‫ن هُوَ فَوْقَهُ ْ‬ ‫ضًل عَ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫حا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وا َ‬ ‫ع‬ ‫وَ َ‬ ‫ويل َ ً‬ ‫خب َْرةً َباط ِن َ ً‬ ‫خب ََرهُ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫س وَي َْقط َ ُ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫سرِقُ أ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ة أن ّ ُ‬ ‫ه ل َي ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة طَ ِ‬ ‫ل الّنا ِ‬ ‫حوِ ذ َل ِ َ‬ ‫ريقَ وَي َ ْ‬ ‫ك‪.‬‬ ‫شهَد ُ ِبالّزورِ وَن َ ْ‬ ‫الط ّ ِ‬ ‫وَك َذ َل ِ َ‬ ‫ة َوال ّ‬ ‫ف‬ ‫ن عََر َ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫م ِ‬ ‫صَرةِ فَإ ِ ّ‬ ‫ك الّتاب ُِعو َ‬ ‫ن َ‬ ‫دين َةِ وَ َ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬ ‫شام ِ َوال ْب َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ل أ َبي صال ِح السمان واْل َعْرج وسل َيمان بن يسار وزيد ب َ‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫سل َ َ‬ ‫مث ْ َ ِ‬ ‫ّ ّ ِ َ‬ ‫َ ِ َ ُ ْ َ َ ْ ِ َ َ ٍ ََ ْ ِ ْ ِ‬ ‫َ ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫ث‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫كوُنوا ِ‬ ‫ب ِفي ال ْ َ‬ ‫مد ُ ال ْك َذِ َ‬ ‫ن ي َت َعَ ّ‬ ‫م ّ‬ ‫م لَ ْ‬ ‫م قَط ًْعا أن ّهُ ْ‬ ‫م عَل ِ َ‬ ‫مَثال ِه ْ‬ ‫وَأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫فَضًل ِعَمن هُو فَوقَهم مث ْل محمد بن سيرين وال َْقاسم بن محمد أوَ‬ ‫ْ‬ ‫ِ ِ ْ ِ ُ َ ّ ٍ ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ ْ َ ْ َُ ْ ِ ِ ُ َ ّ ِ ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م َ‬ ‫سوَدِ أوْ ن َ ْ‬ ‫ة أوْ اْل ْ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫حوِهِ ْ‬ ‫ب أوْ عُب َي ْد َةَ السلماني أوْ عَل َْق َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫سي ّ ِ‬ ‫سِعيدِ ب ْ ِ‬ ‫‪.‬‬ ‫ن ال ْغَل َ َ‬ ‫ن ك َِثيًرا‬ ‫ما ي ُ َ‬ ‫وا ِ‬ ‫خا ُ‬ ‫ن ال ْغَل َ ِ‬ ‫حدِ ِ‬ ‫سَيا َ‬ ‫ط; فَإ ِ ّ‬ ‫ط َوالن ّ ْ‬ ‫وَإ ِن ّ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ف عََلى ال ْ َ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫ك‬ ‫ن قَد ْ عََر َ‬ ‫حّفا ِ‬ ‫ن وَ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ض ل ِْل ِن ْ َ‬ ‫ظ َ‬ ‫َ‬ ‫ف الّنا ُ‬ ‫ما ي َعْرِ ُ‬ ‫س ب ُعْد َهُ عَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫سا ِ‬ ‫حا َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ي‬ ‫ما عََرُفوا َ‬ ‫ج ّ‬ ‫دا ك َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ي َوالّزهْرِيّ وَعُْروَةَ وقتادة َوالث ّوْرِ ّ‬ ‫شعْب ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫م َل ِ‬ ‫ه قَد ْ‬ ‫مان ِهِ فَإ ِن ّ ُ‬ ‫مان ِهِ َوالث ّوْرِيّ ِفي َز َ‬ ‫ما الّزهْرِيّ ِفي َز َ‬ ‫سي ّ َ‬ ‫مَثال ِهِ ْ‬ ‫وَأ ْ‬ ‫ه غَل َ ٌ‬ ‫ل ال َْقائ ِ ُ‬ ‫ي َُقو ُ‬ ‫ة‬ ‫ب الّزهْرِيّ َل ي ُعَْر ُ‬ ‫معَ ك َث َْر ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ل‪:‬إ ّ‬ ‫ط َ‬ ‫ف لَ ُ‬ ‫شَها ٍ‬ ‫ن اب ْ َ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫سعَةِ ِ‬ ‫حْفظ ِ ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫َ‬ ‫ديث ِهِ وَ َ‬ ‫َ‬ ‫وي َ‬ ‫لإ َ‬ ‫ن‬ ‫مْق‬ ‫دي َ‬ ‫مث ًَل ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن وَ ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫صود ُ " أ ّ‬ ‫ذا ُروِيَ َ‬ ‫و " ال ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ث الط ّ َ ِ‬ ‫جهَ َي ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ن غَل َ ً‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫مت َن َعَ أ ْ‬ ‫كو َ‬ ‫مت َن َعَ عَل َي ْهِ أ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫طا ك َ َ‬ ‫واط َأةٍ ا ْ‬ ‫ن غَي ْرِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫م َ‬ ‫م ْ‬ ‫خت َل َِفي ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ما ي َكو ُ‬ ‫ن الغَلط ل ي َكو ُ‬ ‫ن كذًِبا; فَإ ِ ّ‬ ‫ي َكو َ‬ ‫مت َن َوّعَةٍ وَإ ِن ّ َ‬ ‫ويلةٍ ُ‬ ‫ن ِفي قِ ّ‬ ‫صةٍ ط ِ‬ ‫ذا َرَوى هَ َ‬ ‫ضَها فَإ ِ َ‬ ‫ما‬ ‫ها اْل َ‬ ‫ة وََرَوا َ‬ ‫مت َن َوّعَ ً‬ ‫ويل َ ً‬ ‫ص ً‬ ‫خُر ِ‬ ‫ِفي ب َعْ ِ‬ ‫مث ْل َ َ‬ ‫ة ُ‬ ‫ذا قِ َ ّ‬ ‫ة طَ ِ‬ ‫مت َن َعَ ال ْغَل َ ُ‬ ‫ها اْل َوّ ُ‬ ‫ع‬ ‫َرَوا َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫مت َن َ َ‬ ‫ط ِفي َ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫ميعَِها ك َ َ‬ ‫واط َأةٍ ا ْ‬ ‫ن غَي ْرِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫م ْ‬ ‫‪1‬‬

‫‪)1‬ددددد دددددد ‪21/8/1423‬دد(‬ ‫ث إذا جاَء من جهتين أ َو جهات وقَد عُل ِ َ‬ ‫م‬ ‫)( الشارة إلى‬ ‫م ْ‬ ‫دي َ ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫خب َِري ْ‬ ‫م أ َّ‬ ‫َِ ْ َ ِ َ َ ْ ِ ْ ْ ِ َ ٍ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫قوله‪" :‬ال ْ َ‬ ‫ن ل ََ ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫وا َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫د‬ ‫ص‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫قا‬ ‫فا‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫في‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫وا‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ل‬ ‫ث‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫خت َِلفِهِ وَعُ‬ ‫طآ عََلى ا ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫م أن ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ي َت َ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ة عَلى هَ َ‬ ‫ذا‬ ‫خت َل ِ َ‬ ‫ق ي ُعْل‬ ‫ري‬ ‫ط‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫ذ‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫"‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ح"‪.‬‬ ‫حي‬ ‫ص‬ ‫م ْ‬ ‫صد ْقُ َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ِ‬ ‫مَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ه ال ُ‬ ‫جَهات ُ ُ‬ ‫ما ت َت َعَد ّد ُ ِ‬ ‫مةِ َ‬ ‫عا ّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫قوَلت وإن ل َِ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫ها َ‬ ‫م ِي َك ُ‬ ‫ه"‪ ،‬قال‪" :‬‬ ‫ضع‬ ‫سال ِهِ وَإ‬ ‫ما ِل ِْر‬ ‫كافًِيا إ‬ ‫حد‬ ‫نأ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫ال‬ ‫ما ل ِّ‬ ‫َ‬ ‫ف َنا َقِل ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ط بهِ اْل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ج ذ َل ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ري‬ ‫ط‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫ذ‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫تي‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ق‬ ‫ئ‬ ‫قا‬ ‫د‬ ‫وال‬ ‫ظ‬ ‫فا‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ذا‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ث‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حَتا ُ‬ ‫ق فَل ي َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َِ‬ ‫ْ ُِ ْ َ ْ َ ْ َ‬ ‫لَ َ ْ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ق"اهش‪.‬‬ ‫مثل ت ِلك الل َ‬ ‫فا ِ‬ ‫ت ب َِها ِ‬ ‫ق ي َثب ُ ُ‬ ‫إلى ط ِ‬ ‫ظ َوالد ّقائ ِ ِ‬ ‫ري ٍ‬

‫‪60‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫واط َأ َةٍ) (؛‬ ‫ميعَِها ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ب ِفي َ‬ ‫ال ْك َذِ ُ‬ ‫ن غَي ْرِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ذ َل ِ َ َ ٌ‬ ‫وَل ِهَ َ‬ ‫ة‬ ‫ص ِ‬ ‫ما ي ََقعُ ِفي ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ض َ‬ ‫ذا إن ّ َ‬ ‫جَرى ِفي ال ِْق ّ‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫ك غَلط ِفي ب َعْ ِ‬ ‫ثا ْ‬ ‫جاب ِرٍ ;‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم ال ْب َِعيَر ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ل َ‬ ‫م ْ‬ ‫شت َِراِء الن ّب ِ ّ‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫ص ِ‬ ‫دي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫كاُنوا قَد ْ‬ ‫ح وَإ ِ ْ‬ ‫حي ٌ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م قَط ًْعا أ ّ‬ ‫فَإ ِ ّ‬ ‫ه عَل ِ َ‬ ‫ل ط ُُرقَ ُ‬ ‫ن ت َأ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ث َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن) (‪.‬‬ ‫ا ْ‬ ‫خت َل َُفوا ِفي ِ‬ ‫مْق َ‬ ‫دارِ الث ّ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫ي‬ ‫ما ِفي ال ْب ُ َ‬ ‫ك ال ْب ُ َ‬ ‫حي ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫حهِ فَإ ِ ّ‬ ‫مُهوَر َ‬ ‫ج ْ‬ ‫خارِيّ ِفي َ‬ ‫خارِ ّ‬ ‫وَقَد ْ ب َي ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه‬ ‫سل ِم ٍ ِ‬ ‫ه; ِل َ ّ‬ ‫ما ي ُْقط َعُ ب ِأ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫غال ِب َ ُ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم َقال َ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫وَ ُ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫)( فإن قيل‪ :‬لم يكن الئمة يقوون الحديث الضعيف إذا تعششددت طرقششه‪ ،‬فهششذا حششديث‬ ‫التسمية في الوضوء ورد من طريق أبي هريششرة‪ ،‬ومششن حششديث سششعيد بششن زيششد‪ ،‬ومششن‬ ‫حديث أبي سعيد‪ ،‬ومن حديث سهل بن سعد‪ ،‬ومن حديث أبي سبرة‪ ،‬ومشع ذلشك قشال‬ ‫أحمد فيه لما سئل عنه]كما في نصب الراية )‪" :[(1/4‬أحسن ما فيها حديث كثير بششن‬ ‫زيد‪ ،‬و ل أعلم فيها حديثا ً ثابتًا‪ ،‬وأرجو أن يجزئه الوضوء؛ لنه ليس فيششه حششديث أحكششم‬ ‫به" اهش‪.‬‬ ‫فالجواب‪ :‬لبد أن تعلم أنه ليس كل ضعيف يتقوى بمجيئه من طرق أخرى‪ ،‬وأن لكل‬ ‫حديث نظر خاص به‪ ،‬وبخصوص كلمة أحمد بن حنبل رحمه الله هذه فقد علق عليها‬ ‫ابن تيمية رحمه الله]كما في شرح العمدة )كتاب الطهارة( )‪ ،(171-1/170‬باختصار[‬ ‫بقوله‪" :‬وتضعيف أحمد لها محمول على أحد الوجهين‪:‬‬ ‫إما إنها ل تثبت عنده أول ً لعدم علمه بحال الراوي ثم علمه فبنى عليه مذهبه برواية‬ ‫الوجوب‪... .‬‬ ‫وهكذا تجئ عنه كثيرا الشارة إلى انه لم يثبت عنده أحاديث ثم تثبت عنده فيعمل‬ ‫بها‪ ،‬و ل ينعكس هذا‪ ،‬بأن يقال‪ :‬ثبت عنده ثم زال ثبوتها؛ فان النفي سابق على‬ ‫الثبات‪.‬‬ ‫وإما أنه أشار إلى أنه لم يثبت على طريقة تصحيح المحدثين؛ فإن الحاديث تنقسم‬ ‫إلى صحيح وحسن وضعيف‪ ،‬وأشار إلى انه ليس بثابت أي ليس من جنس الصحيح‬ ‫الذي رواه الحافظ الثقة عن مثله‪ ،‬وذلك ل ينفي أن يكون حسنا‪ ،‬وهو حجة‪.‬‬ ‫ومن تأمل كلم الحافظ المام علم انه لم يوهن الحديث‪ ،‬وإنما بين مرتبته في‬ ‫الجملة‪ :‬أنه دون الحاديث الصحيحة الثابتة‪ .‬وكذلك قال في موضع آخر‪ :‬أحسنها‬ ‫حديث أبي سعيد؛ ولو لم يكن فيها حسن لم يقل فيها‪" :‬أحسنها"‪.‬‬ ‫وهذا معنى احتجاج أحمد بالحديث الضعيف‪ ،‬وقوله‪" :‬ربما أخذنا بالحديث الضعيف"‪،‬‬ ‫وغير ذلك من كلمه يعني به الحسن"اهش‪.‬‬ ‫قال ابن حجر )ت ‪852‬هش( رحمه الله معلقا ً على ما نقل عن المام أحمد رحمه الله‬ ‫من نفيه العلم بثبوت حديث في التسمية على الوضوء]كما نقله عنه في تحفة البرار‬ ‫بنكت الذكار للسيوطي ص ‪" :[35‬ل يلزم من نفي العلم ثبوت العدم‪ ،‬وعلى التنزل‬ ‫ل يلزم من نفي الثبوت ثبوت الضعف‪ ،‬لحتمال أن يراد بالثبوت الصحة‪ ،‬فل ينتفي‬ ‫الحسن ‪ ،‬وعلى التنزل ل يلزم من نفي الثبوت عن كل فرد نفيه عن المجموع"اهش‪.‬‬ ‫فإن قيل ‪ :‬هذا ابن حزم يمنع تقوية الحديث الضعيف بتعدد الطرق فيقول رحمه‬ ‫الله]النبذة الكافية ص ‪ ،34‬وانظر الحكام في أصول الحكام )‪:[(122-1/121‬‬ ‫"نقطع بأن كل حديث لم يأت قط إل مرسل ً أو لم يروه إل مجهول ل يعرف حاله أحد‬ ‫من أهل العلم أو مجرح متفق على جرحته أو ثابت الجرحه؛ فإنه خبر باطل لم يقله‬ ‫قط رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬و ل حكم به؛ لن من الممتنع أن يجوز أن ل‬ ‫ترد شريعة حق إل من هذه الطريق‪ ،‬مع ضمان الله تعالى حفظ الذكر النازل من‬ ‫عنده الذي أوحاه إلى نبيه صلى الله عليه وسلم‪ .‬ومع ضمانه تعالى ]أنه قد بين لنا‬ ‫جميع الدين‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫دين شيء أصل و ل يضيع أبدا ‪ ،‬و ل‬ ‫وبهذين البرهانين نقطع على[ أنه لم يضع من ال ّ‬ ‫بد أن يكون مع عصر من العلماء من يضبط بأخفى من غيره منهم‪ ،‬و يضبط غيره‬ ‫أيضا ً ما خفي عنه‪ ،‬فيبقى الدين محفوظا ً إلى يوم القيامة و ل بد‪ ،‬وبالله تعالى‬ ‫التوفيق"اهش‪.‬‬ ‫فالجواب ‪ :‬هذا القول لم يسبق إليه ‪ -‬فيما أعلم ‪ -‬أحد من أئمة العلم قبل ابن حزم‬ ‫رحم الله الجميع‪.‬‬ ‫وما أطلقه بعضهم من أن المتقدمين ل يقوون الحديث الضعيف بتعدد الطرق‪ ،‬غير‬ ‫مسلم‪ ،‬والواقع أن لهم في كل حديث نظر خاص‪ ،‬فقد يتقوى عندهم حديث ما بتعدد‬ ‫طرقه‪ ،‬وقد ل يتقوى عندهم حديث آخر بتعدد طرقه‪ ،‬ل منعا ً للتقوية بتعدد الطرق‪،‬‬ ‫ولكن لما قام لديهم من النظر الموجب عدم التقوية في هذا الحديث على خصوصه‬ ‫دون الخر؛ فإطلق القول أن المتقدمين ما كانوا يقوون بتعدد الطرق غير مطابق‬ ‫للواقع‪ ،‬وكذا إطلق القول بأن المتقدمين يقوون بتعدد الطرق مطلقا ً بدون مراعاة‬ ‫أن لكل حديث نظره الخاص به‪ ،‬غير مطابق للواقع‪.‬‬ ‫وهذا المام الشافعي )ت ‪204‬هش( رحمه الله يقوي الحديث الضعيف بغيره كما تراه‬ ‫في ]الرسالة ص ‪ [465-461‬حيث يقول فيما نقله من حوار دار بينه وبين محاوره‪:‬‬ ‫"فقال‪ :‬فهل تقوم بالحديث المنقطع حجة على من علمه وهل يختلف المنقطع أو هو‬

‫‪61‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ذا النحو; وِل َنه قَد تل َّقاه أ َ‬ ‫ُ‬ ‫ل ال ْعِل ْم ِبال ْ‬ ‫ُ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫ة َل‬ ‫دي‬ ‫ص‬ ‫ت‬ ‫وال‬ ‫ل‬ ‫بو‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫م ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ْ ِ َ ّ ُ ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ق َواْل ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫خط ٍَأ; فَل َوْ َ‬ ‫ة‬ ‫معُ عََلى َ‬ ‫م ُ‬ ‫دي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫جت َ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫كا َ‬ ‫تَ ْ‬ ‫ر; َواْل ّ‬ ‫س اْل ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ث ك َذًِبا ِفي ن َْف ِ‬ ‫َ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫س‬ ‫ه َقاب ِل َ ٌ‬ ‫صد ّقَ ٌ‬ ‫ص ِ‬ ‫كاُنوا قَد ْ أ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ج َ‬ ‫ة لَ ُ‬ ‫ة لَ ُ‬ ‫ُ‬ ‫مُعوا عََلى ت َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ما هُوَ ِفي ن َْف ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫َ‬ ‫ماعٌ عََلى الخطأ‪ ،‬وَذ َل ِ َ‬ ‫ب‪ ،‬وَهَ َ‬ ‫ن‬ ‫ن بِ ُ‬ ‫ن ك ُّنا ن َ ْ‬ ‫مت َن ِعٌ وَإ ِ ْ‬ ‫ذا إ ْ‬ ‫مرِ ك َذِ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ُ‬ ‫ج َ‬ ‫اْل ْ‬ ‫دو ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫خبر فَهو ك َتجويزنا قَب َ َ‬ ‫اْلجماع نجوز ال ْ َ َ َ‬ ‫م‬ ‫لأ ْ‬ ‫ب عََلى ال ْ َ َ ِ ُ َ َ ْ ِ ِ َ ْ‬ ‫خط َأ أوْ ال ْك َذِ َ‬ ‫ِ ْ َ ِ ُ َ ُّ‬ ‫ن ن َعْل َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫ق‬ ‫ت ب ِظاهِرِ أوْ قَِيا‬ ‫س ظن ّ‬ ‫ماعَ عََلى العِلم ِ ال ِ‬ ‫ن ال َ‬ ‫كو َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫اْل ِ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ذي ث َب َ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫خَلف ما اعْتَقدناه‪ ،‬فَإ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ن; ب ِ ِ‬ ‫مَنا ب ِأ ّ‬ ‫حك ْم ِ َ‬ ‫مُعوا عََلى ال ْ ُ‬ ‫ذا أ ْ‬ ‫جَز ْ‬ ‫ج َ‬ ‫َ َْ ُ‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِفي الَباط ِ ِ‬

‫‪2‬‬

‫وغيره سواء؟ قال الشافعي ‪ :‬فقلت له ‪ :‬المنقطع مختلف؛ فمن شاهد أصحاب‬ ‫رسول الله من التابعين فحدث حديثا منقطعا عن النبي اعتبر عليه بأمور‪ :‬منها أن‬ ‫ينظر إلى ما أرسل من الحديث فإن شركه فيه الحفاظ المأمونون فأسندوه‬ ‫إلى رسول الله بمثل معنى ما روى كانت هذه دللة على صحة من‬ ‫قبل عنه وحفظه‪ .‬وإن انفرد بإرسال حديث لم يشركه فيه من يسنده‬ ‫قبل ما يفرد به من ذلك‪ .‬ويعتبر عليه بأن ينظر هل يوافقه مرسل‬ ‫غيره ممن قبل العلم عنه رجاله الذين قبل عنهم فإن وجد ذلك كانت‬ ‫دللة يقوي به مرسله وهي أضعف من الولى‪ .‬وإن لم يوجد ذلك نظر إلى‬ ‫بعض ما يروى عن بعض أصحاب رسول الله قول له فإن وجد يوافق ما روى عن‬ ‫رسول الله كانت هذه دللة على أنه لم يأخذ مرسله إل عن أصل يصح إن شاء الله‪.‬‬ ‫وكذلك إن وجد عوام من أهل العلم يفتون بمثل معنى ما روى عن النبي‪.‬‬ ‫قال الشافعي ‪ :‬ثم يعتبر عليه بأن يكون إذا سمى من روى عنه لم ]يسم[ مجهول ول‬ ‫مرغوبا عن الرواية عنه فيستدل بذلك على صحته فيما روى عنه‪ .‬ويكون إذا شرك‬ ‫أحدا من الحفاظ في حديث لم يخالفه فإن خالفه وجد حديثه أنقص كانت في هذه‬ ‫دلئل على صحة مخرج حديثه‪ .‬ومتى ما خالف ما وصفت أضر بحديثه حتى ل يسع‬ ‫أحدا منهم قبول مرسله‪ .‬قال ‪ :‬وإذا وجدت الدلئل بصحة حديث بما وصفت أحببنا أن‬ ‫نقبل مرسله‪ .‬ول نستطيع أن نزعم أن الحجة تثبت به ثبوتها بالمتصل‪.‬‬ ‫وذلك أن معنى المنقطع مغيب‪ ،‬يحتمل أن يكون حمل عن من يرغب عن الرواية عنه‬ ‫مى‪ ،‬وأن بعض المنقطعات ش وإن وافقه مرسل مثله ش فقد يحتمل أن يكون‬ ‫إذا ُ‬ ‫س ّ‬ ‫مى لم يقبل‪ ،‬وأن قول بعض أصحاب النبي ش إذا قال‬ ‫مخرجها واحدا‪ ،‬من حيث لو ُ‬ ‫س ّ‬ ‫برأيه لو وافقه ش يدل على صحة مخرج الحديث دللة قوية إذا نظر فيها‪ ،‬ويمكن أن‬ ‫يكون إنما غلط به حين سمع قول بعض أصحاب النبي يوافقه ويحتمل مثل هذا فيمن‬ ‫وافقه من بعض الفقهاء ‪".... .‬اهش‪.‬‬ ‫فهذا كلم الشافعي فيه ما يفيد التقوية بتعدد الطرق‪.‬‬ ‫وعن أحمد بن حنبل )ت ‪241‬هش( رحمه الله ]نقله عنه من رواية ابن القاسم في‬ ‫شرح العلل لبن رجب‪/‬العتر‪" :[(1/91) /‬ابن لهيعة ما كان حديثه بذاك‪ ،‬وما أكتب‬ ‫حديثه إل للعتبار و الستدلل‪ ،‬إنما قد أكتب حديث الرجل كأني استدل به مع حديث‬ ‫ده ل أنه حجة إذا انفرد"‪.‬‬ ‫غيره يش ّ‬ ‫وقال رحمه الله]الجامع لخلق الراوي وأدب السامع )‪ ،2/193‬تحت رقم ‪:[(1583‬‬ ‫وي بعضه‬ ‫"ما ًحديث ابن لهيعة بحجة‪ ،‬وإني لكتب كثيرا ً مما أكتب اعتبر به‪ ،‬ويق ّ‬ ‫بعضا"اهش‪.‬‬ ‫وقال أيضا ً رحمه الله‪ ،‬لما ذكر له الفوائد]العلل ومعرفة الرجال عن أحمششد بششن حنبششل‬ ‫رحمه الله )رواية المروذي وغيره( ص ‪" :[163‬الحديث عن الضششعفاء قششد يحتششاج إليششه‬ ‫في وقت‪ ،‬والمنكر أبدا ً منكر"اهش‪.‬‬ ‫وفي رواية إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسششابوري]مسششائل أحمششد بششن حنبششل روايششة‬ ‫إسحاق بن إبراهيم بن هانئ )‪ .(2/167‬وقارن بشرح علل الترمذي لبن رجب‪ /‬العتر‪/‬‬ ‫)‪" :[(1/91‬قيل له )يعني‪ :‬لحمد بن حنبل( فهذه الفوائد التي فيها المنششاكير‪ ،‬تششرى أن‬ ‫يكتب الحديث المنكر؟ قال‪ :‬المنكر أبدا ً منكر‪ .‬قيشل لشه‪ :‬فالضشعفاء؟ قشال‪ :‬قشد يحتشاج‬ ‫إليهم في وقت‪ ،‬كأنه لم ير بالكتاب عنهم باسًا"اهش‪.‬‬ ‫عن أحمد بن أبي يحيى سمعت أحمد بن حنبل يقول]الكامل في ضعفاء الرجال )‪/‬‬ ‫‪" :[(266‬أحاديث أفطر الحاجم والمحجوم ول نكاح إل بولي أحاديث يشد بعضها بعضا‬ ‫وأنا أذهب إليها"‪.‬‬ ‫وهذا الذي ذهب إليه ابن حزم‪ ،‬نص على شذوذه فيه‪ ،‬قال الزركشي )ت ‪794‬هش(‬ ‫رحمه الله]نكت الزركشي على كتاب ابن الصلح )‪" :[(1/323‬شذ ابن حزم )ت‬ ‫‪456‬هش( عن الجمهور فقال‪" :‬لو بلغت طرق الضعيف ألفا ً ل يتقوى و ل يزيد انضمام‬ ‫الضعيف إلى الضعيف إل ضعفًا"اهش‪.‬‬ ‫ً‬ ‫)( حديث جابر أورده البخاري في أربع وعشرين موضعا ]حسب ما في برنامج‬ ‫موسوعة الحديث صخر‪ /‬حرف[‪ ،‬ومن ألفاظه ما أخرجه في كتاب البيوع‪ ،‬باب شراء‬ ‫ما َقا َ‬ ‫ل‪:‬‬ ‫الدواب والحمر‪ ،‬حديث رقم )‬ ‫ن َ عَب ْدِ الل ّهِ َر ِ‬ ‫جاب ِر ب ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ه عَن ْهُ َ‬ ‫ي الل ّ َُ‬ ‫ضَ َ‬ ‫‪" :(2097‬عَ ْ‬ ‫َ‬ ‫سل ّ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫تى‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫يا‬ ‫ع‬ ‫أ‬ ‫مِلي و‬ ‫ج‬ ‫م ِفي غََزاةٍ فَ ِأ َب ْط َِأ ِبي‬ ‫ه عَل َي ْهِ و‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫صّلى ّ الل ّ ُ‬ ‫ت َ‬ ‫ك ُن ْ ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ّ ِّ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫معَ ّ الن ّب ِ َ ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مِلي‬ ‫ج‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫أ‬ ‫ط‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫ت‪:‬‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫ما‬ ‫ل‪:‬‬ ‫قا‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ت‪:‬‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫جا‬ ‫ل‪:‬‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫ص‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ٌِ‬ ‫ل‪ْ :‬ارك َب فَ َركبت فَل َ َ ُ َ‬ ‫ت فَن َ ََز َ‬ ‫ن‬ ‫ه أ َك ُ ّ‬ ‫خل ّ ْ‬ ‫وَأ َعَْيا فَت َ َ‬ ‫ه بِ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫م ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫ل يَ ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫قد ْ َرأي ْت ُ ُ‬ ‫م َقا َ ْ ْ َ ِ ْ ُ‬ ‫جن ِهِ ث ُ ّ‬ ‫جن ُ ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ه عَ ْ‬

‫‪62‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ت َباط ًِنا وَ َ‬ ‫ظاهًِرا‪.‬‬ ‫ال ْ ُ‬ ‫م َثاب ِ ٌ‬ ‫حك ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ذا َ‬ ‫وَل ِهَ َ‬ ‫خب ََر‬ ‫ن" َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ل ال ْعِل ْم ِ ِ‬ ‫ف عََلى أ ّ‬ ‫وائ ِ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ج ْ‬ ‫ميِع الط ّ َ‬ ‫م ْ‬ ‫مُهوُر أهْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ة بال َْقبول تصديًقا ل َ َ‬ ‫ُ‬ ‫حدِ " إ َ‬ ‫ب‬ ‫وا ِ‬ ‫م ُ ِ ُ ِ َ ْ ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫ه ُيو ِ‬ ‫مًل ب ِهِ أن ّ ُ‬ ‫ه أو ْ ع َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ه اْل ّ‬ ‫ذا ت َل َّقت ْ ُ‬ ‫ال ْ َ‬ ‫م) (‪.‬‬ ‫ال ْعِل ْ َ‬ ‫ذا هُو ال ّذي ذ َك َره ال ْمصنُفون في أ ُصول ال ْفْقه م َ‬ ‫وَهَ َ‬ ‫ب‬ ‫َ ِ‬ ‫َ ُ ُ َ ّ‬ ‫َ ِ‬ ‫ص َ‬ ‫حا ِ‬ ‫نأ َْ‬ ‫ُ ِ ِ ِ ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك َوال ّ‬ ‫ن‬ ‫مت َأ ّ‬ ‫ة قَِليل َ ً‬ ‫مد إّل فِْرقَ ً‬ ‫حِنيَف َ‬ ‫ة ِ‬ ‫ي وَأ ْ‬ ‫مال ِ ٍ‬ ‫أِبي َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ة وَ َ‬ ‫ري َ‬ ‫م ْ‬ ‫شافِعِ ّ‬ ‫خ ِ‬ ‫ةم َ‬ ‫ك َ‬ ‫ل ال ْك ََلم ِ أ َن ْك َُروا ذ َل ِ َ‬ ‫ات ّب َُعوا ِفي ذ َل ِ َ‬ ‫ن‬ ‫ن ك َِثيًرا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ك; وَل َك ِ ّ‬ ‫ن أه ْ ِ‬ ‫طائ َِف ً ِ ْ‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫َ‬ ‫ت‪ :‬ب َ ْ‬ ‫م ََقا َ‬ ‫م َقا َ‬ ‫ل‬ ‫ل‪:‬‬ ‫ل‪ :‬ت ََزوّ ْ‬ ‫ك ًْرا َأ ْ‬ ‫ه َ عَل َي ْهِ وَ َ َ‬ ‫َر ُ‬ ‫م ث َي ًّبا قُل ْ َ ُ‬ ‫ت‪ :‬ن َعَ ْ‬ ‫ت قُل َْ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّ َهِ َ َ َ‬ ‫سو َ ِ‬ ‫تب ِ أ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫ز‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ب‬ ‫ح‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫وا‬ ‫خ‬ ‫أ‬ ‫لي‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ت‪:‬‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫ها‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫جا‬ ‫ل‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫ل‪:‬‬ ‫قا‬ ‫ث َي ًّبا‬ ‫َ‬ ‫مَرأةً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ل‪ ُ :‬أ َ‬ ‫ت َ‬ ‫ن َقا َ‬ ‫م فَإ ِ َ‬ ‫م ُ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ذا قَد‬ ‫ما ِ ُإ ِن ّك قاد‬ ‫م عَل َي ِْه‬ ‫قو‬ ‫ن وَت َ ُ‬ ‫شط ُ ِه‬ ‫ن وَت‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫تَ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫س َث ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫س ال ْك ّ َي ْ َ‬ ‫فال ْك َي ْ ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ج َ َ‬ ‫مل َ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫م َفا ْ‬ ‫ه‬ ‫َقا‬ ‫ه عَل ْي ْ ِ‬ ‫ل الل ّ ْهِ‬ ‫م ّْ‬ ‫شت ََرا َهُ ِ‬ ‫ل‪ :‬أت َِبيعُ َ‬ ‫م قَدِ َ‬ ‫م َر َ ُ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ني ب ِأوقِي ّةٍ ث ُ ّ‬ ‫ت‪ ْ :‬ن َعَ ْ‬ ‫ك قُل ْ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫جدِ ََقا َ‬ ‫ن‬ ‫ه عَلى َبا‬ ‫جد ْت‬ ‫و‬ ‫ف‬ ‫د‬ ‫ج‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫لى‬ ‫إ‬ ‫نا‬ ‫ئ‬ ‫ج‬ ‫ف‬ ‫ة‬ ‫دا‬ ‫غ‬ ‫ل‬ ‫با‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫لي‬ ‫ب‬ ‫ق‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‪ َ :‬آ ًل َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫مّ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫س ِ‬ ‫ب ال َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ‬ ‫وَ‬ ‫ت قُل ْ‬ ‫مل َ َ‬ ‫ت فَ‬ ‫ل فَ‬ ‫خ ْ‬ ‫م َقا َ‬ ‫ن‬ ‫ل َرك ْعَت َي‬ ‫ص‬ ‫ج‬ ‫ت‪ :‬ن َع‬ ‫م‬ ‫قَد‬ ‫ن فَد َ َ‬ ‫ك َِفاد ْ ُ‬ ‫ل‪ :‬فَد َعْ‬ ‫ِ‬ ‫مَر ب ِلل أ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت فَأ َ‬ ‫صلي ّْ ُ‬ ‫خل ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ن َ‬ ‫قا َ‬ ‫ن ِلي ب َِل ٌ‬ ‫ت فَ َ‬ ‫فان ْط َل َ ْ‬ ‫ل‪ :‬اد ْعُ‬ ‫ه أوقِي ّْ ً‬ ‫ح ِلي َ ِفي ال ْ ِ‬ ‫ت َ‬ ‫ج َ‬ ‫ل فَأ ْْر َ‬ ‫ة فَوََزْ َ‬ ‫ي َزِ َ‬ ‫حّتى وَلي ْ ُ‬ ‫ق َُ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫ميَزا ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫مل َكَ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه قال‪ُ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ي ِ‬ ‫خذ ْ َ‬ ‫ي ال َ‬ ‫ت‪ :‬ال َ‬ ‫لي َ َ‬ ‫ج َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫مل وَل ْ‬ ‫جًَ‬ ‫جاب ًِرا قل ُ‬ ‫يٌء أب ْغَ َ‬ ‫ض إ ِل ّ‬ ‫ش ْ‬ ‫م ي َك ْ‬ ‫ن ي َُرد ّ عَل ّ‬ ‫ه"‪ ،‬والحديث أخرجه أيضا مسلم في كتاب صلة المسافرين وقصرها‪ ،‬حديث‬ ‫من ُ ُ‬ ‫وَل َك ث َ َ‬ ‫رقم )‪.(715‬‬ ‫ووقع اختلف في روايات الحديث في تحديد ثمن الجمل‪.‬‬ ‫وقد أشار البخاري إلى اختلف الروايات في ثمن الجمل‪ ،‬وحاول التوفيق بين بعضها‪،‬‬ ‫وذلك عند روايته للحديث في كتاب الشروط‪ ،‬في باب إذا َاشترط البائع ظهر الدابة‬ ‫مسمى‪ ،‬حديث رقم )‪ ،(2718‬ولفظه‪" :‬وََقا َ‬ ‫إلى مكان‬ ‫ن َ‬ ‫ن َ‬ ‫ل اْلعْ َ‬ ‫م ُ‬ ‫سال ِم ٍ عَ ْ‬ ‫ش عَ ْ‬ ‫جاب ِرٍ‬ ‫"ت َب َل ّغْ عَل َي ْهِ إ َِلى أ َهْل ِ َ‬ ‫ك"‪.‬‬ ‫وََقا َ‬ ‫جاب ِرٍ ‪" :‬ا ْ‬ ‫ه‬ ‫ه عَل َي ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫س َ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ن وَهْ ٍ‬ ‫شت ََراهُ الن ّب ِ ّ‬ ‫ب عَ ْ‬ ‫حاقَ عَ ْ‬ ‫ل عُب َي ْد ُ الل ّهِ َواب ْ ُ‬ ‫ة"‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫وَ َ‬ ‫سل ّ َ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ر‪.‬‬ ‫ب‬ ‫جا‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫ز‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫وََتا َ َ ُ َ ْ ُ ْ ُ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫طاٍء َ وِ ٍغَيره عَن جابر‪" :‬أ ََ‬ ‫َ‬ ‫وََقا َ‬ ‫ْ‬ ‫ه ب ِأ َْرب َعَةِ د ََناِنيَر"‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ذ‬ ‫خ‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫جَري ٍْج عَ ْ َ‬ ‫َ ْ ِ ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ل اب ْ ُ‬ ‫ْ َ ِ ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ديَنارِ ب ِعَ َ‬ ‫وَهَ َ‬ ‫ة عَلى ِ‬ ‫ن وَقِي ّ ً‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ذا ي َكو ُ‬ ‫ح َ‬ ‫شَرةِ د ََراهِ َ‬ ‫سا ِ‬ ‫م‪.‬ل ْمنك َدر وأ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‪.‬‬ ‫ب‬ ‫جا‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ز‬ ‫ال‬ ‫بو‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫جا‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫ش‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫غي‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ث‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وَل َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ ٍ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وََقا َ‬ ‫ب"‪.‬‬ ‫ر‪" :‬وَقِي ّ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ن َ‬ ‫ل ا َلعْ َ‬ ‫ة ذ َهَ ٍ‬ ‫م ُ‬ ‫سال ِم ٍ عَ ْ‬ ‫ش عَ ْ‬ ‫جاب ِ ٍ‬ ‫َ‬ ‫م"‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ئ‬ ‫ما‬ ‫ب‬ ‫"‬ ‫ر‪:‬‬ ‫ب‬ ‫جا‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫سا‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ق‬ ‫حا‬ ‫س‬ ‫إ‬ ‫بو‬ ‫أ‬ ‫ل‬ ‫وََقا َ ُ ِ ْ َ َ َ ْ َ ِ ٍ َ ْ ّ َ ِ ٍ ِ ِ َ ْ ِ ْ َ ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وََقا َ‬ ‫ر‪" :‬ا ْ‬ ‫ه‬ ‫م ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ق ت َُبوك أ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ن قَي ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ق َ‬ ‫سب ُ ُ‬ ‫سم ٍ عَ ْ‬ ‫س عَ ْ‬ ‫داوُد ُ ب ْ َ ُ‬ ‫شت ََراهُ ب ِط ِ‬ ‫جاب ِ ٍ‬ ‫ري ِ‬ ‫ن عُب َي ْدِ اللهِ ب ْ ِ‬ ‫ق"‪ٍ .‬‬ ‫َقا َ‬ ‫وا‬ ‫أ‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫أ‬ ‫ب‬ ‫ل‪ٍ َ ِ َ ْ َ ِ :‬‬ ‫َ‬ ‫شت ََراهُ ب ِعِ ْ‬ ‫ر‪" :‬ا ْ‬ ‫نَ ِديَناًرا"‪.‬‬ ‫ن َ‬ ‫وََقال أُبو ن َ ْ‬ ‫ري َ‬ ‫ضَرةَ عَ ْ‬ ‫ش ِ‬ ‫جاب ِ ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫وَقَوْ ُ‬ ‫ي ب ِوَقِي ّةٍ أكث َُر اِل ْ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ه‪".‬اهش‬ ‫ح ِ‬ ‫ه أُبو عَب ْدِ الل ِ‬ ‫عن ْ ِ‬ ‫ص ّ‬ ‫دي َقال ُ‬ ‫شت َِراط أكث َُر وَأ َ‬ ‫شعْب ِ ّ‬ ‫فإن قيل ‪ :‬ما حكم هذا الختلف في الروايات ؟‬ ‫فالجواب ‪ :‬هو اضطراب‪ ،‬فإن ترجحت رواية فالمرجوحة شاذة والراجحة هي‬ ‫المحفوظة‪.‬‬ ‫فإن قيل ‪ :‬أليس من شروط الصحيح أن ل يكون شاذا ً ؟‬ ‫فالجواب ‪ :‬نعم ‪ ،‬ولكن البخاري صححه وأراد منه ما اتفقت عليه الروايات دون ما‬ ‫اختلفت عليه الروايات‪ ،‬ثم أمر آخر ‪ :‬وهو أن هذا الذي اختلفت فيه الروايات ل ينبني‬ ‫عليه حكم‪ ،‬إذا ل يؤثر اختلفهم في قيمة الجمل في حكم المسألة‪ ،‬ثم ل لوم على‬ ‫البخاري في تصحيحه للحديث‪ ،‬لنه نبه على محل الختلف فبرأت منه عهدته‪ ،‬وبقي‬ ‫غير محل الختلف على شرطه‪.‬‬ ‫وبعض أهل العلم يقول‪ :‬ما المانع أن يكون الحديث صحيحا ً مع كونه شاذا‪ ،‬كما نقول‬ ‫صحيح منسوخ‪ ،‬فلنقل صحيح شاذ‪ .‬وقال ‪ :‬اشتراط نفي الشذوذ في شروط الصحيح‪،‬‬ ‫شرط مختلف فيه!‬ ‫ولكن الذي عليه اتفاق أهل الحديث من الصحيح هو ما انتفى منه الشذوذ‪.‬‬ ‫)( خبر الواحد ل يخلو عن أحوال ‪:‬‬ ‫الحال الول ‪ :‬خبر الواحد إذا احتف بالقرائن الدالة على ثبوته ‪ ،‬كأن يخرجه أحد‬ ‫أصحاب الصحيح ‪ ،‬أو كأن يجري عليه عمل المة ‪ ،‬أو نحو ذلك من القرائن ؛ فإن‬ ‫جمهور أهل العلم من جميع الطوائف على أن خبر الواحد إذا تلقته المة بالقبول‬ ‫تصديقا ً له أو عمل ً به فأنه يوجب العلم‪.‬‬ ‫الحال الثاني ‪ :‬خبر الواحد الذي لم يحتف بالقرائن ‪ ،‬فهذا جمهور أهل الحديث على‬ ‫أنه إذ صح أوجب العلم والعمل‪.‬‬ ‫فمن نقل عن الجمهور أنهم يرون ‪ :‬أن خبر الواحد ل يوجب العلم‪ ،‬أو أنه يوجب‬ ‫الظن عندهم فقد أخطأ في النقل؛ لنهم يفصلون في ذلك‪ ،‬كما ترى!‬

‫‪63‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َ َ‬ ‫ن ال ُْفَقَهاَء وَأ َهْ َ‬ ‫ف عََلى‬ ‫سل َ َ‬ ‫أ َهْ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫وافُِقو َ‬ ‫م يُ‬ ‫ث َوال ّ‬ ‫ل ال ْك ََلم ِ أوْ أك ْث َرِهِ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫شعرية ك َأ َ‬ ‫ك وهُو قَو ُ َ‬ ‫ن فورك‪.‬‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫ق‬ ‫حا‬ ‫س‬ ‫إ‬ ‫بي‬ ‫َ‬ ‫ل أك ْث َرِ اْل َ ْ َ ِ ّ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ذ َل ِ َ َ َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ك وتبعه مث ْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مَعاِلي‬ ‫ذي أن ْك ََر ذ َل ِ َ َ َ ِ َ ُ ِ‬ ‫ن الباقلني فَهُوَ ال ّ ِ‬ ‫ل أِبي ال ْ َ‬ ‫وَأ ّ‬ ‫ما اب ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫خ ِ‬ ‫حا ِ‬ ‫ب والمدي وَن َ ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫وَأِبي َ‬ ‫طي ِ‬ ‫ن عَِقي ٍ‬ ‫ح ِ‬ ‫جوْزِيّ َواب ْ ِ‬ ‫ل َواب ْ ِ‬ ‫مدٍ َواب ْ ِ‬ ‫هَؤَُلِء ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫شي ُ َ‬ ‫َواْل َوّ ُ‬ ‫ق‬ ‫حا َ‬ ‫حا ِ‬ ‫ل هُوَ ال ّ ِ‬ ‫س َ‬ ‫خ أُبو َ‬ ‫ذي ذ َك ََرهُ ال ّ ْ‬ ‫ب وَأُبو إ ْ‬ ‫مدٍ وَأُبو الط ّي ّ ِ‬ ‫وأ َمَثال ُه م َ‬ ‫مةِ ال ّ‬ ‫ب‬ ‫ضي عَب ْد ُ ال ْوَ ّ‬ ‫ذي ذ َك ََرهُ ال َْقا ِ‬ ‫شافِعِي ّةِ وَهُوَ ال ّ ِ‬ ‫ن أئ ِ ّ‬ ‫ها ِ‬ ‫َ ْ ُ ِ ْ‬ ‫ما ذا يترتب على هذه المسألة ؟‬ ‫أقول ‪ :‬ينبني عليها أن من رد حديثا ً من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم الثابتة‬ ‫وقد قامت عليه الحجة بثبوته‪ ،‬ول مانع يمنع من أخذه به‪ ،‬و توفرت الشروط في‬ ‫الحكم على عينه‪ ،‬فإنه يحكم بكفره‪.‬‬ ‫وأما من قال‪ :‬إن أحاديث الحاد ظنية الثبوت؛ فإنه ل يكفر من ردها‪ ،‬و أنكرها‪،‬لنها ل‬ ‫توجب غير الظن‪ ،‬فل يحكم بكفر من ثبت إسلمه بيقين بأمر ظني! فهؤلء الذين‬ ‫يستهزئون بالحاديث الصحيحة ويردونها‪ ،‬ويسفهون أهل الحديث لروايتها ل يحكم‬ ‫بكفرهم و ل بزندقتهم‪ ،‬لن هذه الحاديث ظنية!!‬ ‫واعلم أن من أصول أهل البدع ‪ :‬تقرير المسائل على هذا الساس‪ ،‬فالحديث الحادي‬ ‫عندهم ظني الثبوت‪ .‬وهم يفرقون بين أبواب الشرع‪ ،‬فمنه ما ل يثبت إل بقطعي‬ ‫الثبوت‪ ،‬وهو أبواب العقيدة‪ ،‬ومنه ما يثبت بالقطعي والظني وهو أبواب الحكام‪ .‬و‬ ‫يحصرون ما يوجب العلم على التواتر؛ فل يوجب القطع بالثبوت إل التواتر‪ ،‬على صفة‬ ‫اختلفوا في تحديدها؛ وعليه فإن من خالف أهل السنة في أبواب العقيدة في مسائل‬ ‫مرجعها إلى أحاديث الحاد‪ ،‬إنما خالف في ظني‪ ،‬فل يخرج من أهل السنة‬ ‫والجماعة‪ ،.‬والفرقة الناجية والطائفة المنصورة‪ ،‬وهذا معنى ما يردده بعض الناس‬ ‫عن ما يسميه )المنهج الفيح للسنة(‪.‬‬ ‫ومثل هذا التنظير باب أهل البدع والضللت أعداء السنة‪ ،‬لن مآله ضياع مذهب أهل‬ ‫السنة‪ ،‬بل سيكون أهل السنة هم محل نقد لنهم بهذه الصورة سيظهرون بهيئة‬ ‫دد‪ ،‬مع أن من تعظيم دين الله الذي جرى عليه السلف ‪ :‬أن خبر‬ ‫المتنطع والمتش ّ‬ ‫الحاد يوجب العلم‪ ،‬بل صار بعضهم كأن منهجه منهج القرآنيين يقول ‪ :‬لن القرآن‬ ‫قطعي أما السنة فظنية‪ ،‬وهؤلء هم الذين حذر منهم رسول الله ‪ ‬بقوله فيما‬ ‫أخرجه في كتاب السنة‪ ،‬باب في لزوم السنة‪ ،‬حديث رقم )‪ ،(4605‬والترمذي‪ ،‬في‬ ‫كتاب العلم باب ما نهى عنه أن يقال عند حديث رسول الله ‪ ،‬حديث رقم )‪،(2663‬‬ ‫وابن ماجة‪ ،‬في المقدمة‪ ،‬باب تعظيم حديث رسول الله والتغليظ على من عارضه‪،‬‬ ‫حديث رقم )‪ ،(13‬والحاكم في المستدرك )‪ ،(109-1/108‬ولفظ الحديث عند‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫من‬ ‫س ْ‬ ‫ن عُي َي ْن َ َ‬ ‫حد ّث ََنا قُ ّت َي ْب َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫م َ‬ ‫فَيا ُ‬ ‫ة َ‬ ‫الترمذيَ بسنده قال‪َ " :‬‬ ‫ح َد ّث ََنا ُ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫نَ ُ‬ ‫ة عَ ْ‬ ‫ن ب ْ َُ‬ ‫ِ‬ ‫مردِفَب ْع ِ‬ ‫ل ْك ََل أ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫قا‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫غ‬ ‫و‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫را‬ ‫بي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫را‬ ‫بي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سال ُِم ٍ أِبي الن ّ ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫ْ َ ِ َ ٍ َ ْ ِ َ ََ ُ‬ ‫ن َعُب َي ْدِ ْ اللهَِ ب ْ ِ ِ‬ ‫َ ّ‬ ‫َ‬ ‫ضرِ َعَ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قو ُ‬ ‫جد َْنا‬ ‫ه فَي َ ُ‬ ‫مٌر ِ‬ ‫ما وَ َ‬ ‫أ َ‬ ‫ل ل أد ِْري َ‬ ‫ت عَن ْ ُ‬ ‫ت ب ِهِ أوْ ن َهَي ْ ُ‬ ‫مْر ُ‬ ‫ما أ َ‬ ‫م ّ‬ ‫مت ّك ًِئا ّ عََلى أِريكت ِهِ ي َأِتيهِ أ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫حد َك ْ‬ ‫ه"‬ ‫نا‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫تا‬ ‫ك‬ ‫في‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫والحديث قال عنه الترمذي ‪َ" :‬قا َ‬ ‫سى‪ :‬هَ َ‬ ‫ح‪.‬‬ ‫س‬ ‫ص ِ‬ ‫دي ٌ‬ ‫ل أ َُبو ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫حي ٌ‬ ‫ث َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ح َ‬ ‫عي َ‬ ‫ن َ‬ ‫ٌ‬ ‫سًل‬ ‫س ْ‬ ‫فَيا َ‬ ‫وََرَوى ب َ َعْ ُ‬ ‫م َْر َ‬ ‫ه عَل َي ْ ّهِ وَ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ُ‬ ‫س ّل ّ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ن ال ْ َ ُ‬ ‫ضه ُ ْ‬ ‫ي َ‬ ‫ن الن ّب ِ َ ّ‬ ‫من ْك َدِرِ عَ ْ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫م عَ ْ‬ ‫نل ّاهب ْ ب ِ‬ ‫ّ‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫ض‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫بي‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫وَ َ َ‬ ‫سل َ‬ ‫صلى الل ْ ُ‬ ‫سال ِم ٍ أ ِ‬ ‫ي َ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫ن أِبيهِ عَ ْ‬ ‫ن أِبي َ َرافٍِع عَ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ذا ال ْ‬ ‫ذا َرَوى هَ َ‬ ‫ة إِ َ‬ ‫ن‬ ‫ن اب‬ ‫كا‬ ‫دي َ‬ ‫دي ِ َ‬ ‫ن عُي َي ْن ََ َ‬ ‫من ْكدِ ّرِ ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ث عَلى اِلن ْ ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫مدِ ب ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن ال ّ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ثَ ُ‬ ‫م َْ‬ ‫فَرادِ َ ب َي ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫وَ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫را‬ ‫بو‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫ذا‬ ‫ك‬ ‫ه‬ ‫وى‬ ‫ر‬ ‫ما‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ج‬ ‫ذا‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ض‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫بي‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫سا‬ ‫ث‬ ‫دي‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ه عَلي ْ ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ي َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ ٍ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ‬ ‫م"اهش‪ِ َ ،‬‬ ‫وسل ّم اسم ٍ َ‬ ‫الحديث‪ ،‬في تحقيقه للرسالة ص‬ ‫وصحح الشيخ أحمد شاكر‬ ‫هأ ْ‬ ‫سل َ ُ‬ ‫َ َ َ ْ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ي َقا َ‬ ‫ل‪ :‬قال‬ ‫م‬ ‫سل‬ ‫ة ال‬ ‫سارِي‬ ‫ن‬ ‫ضب‬ ‫ن َ العِْرَبا‬ ‫أبوداود‬ ‫‪ .90‬وأخرج‬ ‫والترمذي وابن ماجه عَ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫مت ّك ًِئا عََلى أِريك َت ِهِ قَد ْ ي َظ ُ‬ ‫ُ‬ ‫م َ‬ ‫شي ًْئا إ ِّل‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫د‬ ‫ح‬ ‫أ‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫"‬ ‫‪:‬‬ ‫‪‬‬ ‫رسول الله‬ ‫م يُ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫حّر َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ه لَ ْ‬ ‫الل ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫قرآ َ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫ما ِفي هَ َ‬ ‫ل‬ ‫شَياَء إ ِن َّها ل ِ‬ ‫ت وَن َهَي ْ ُ‬ ‫مْر ُ‬ ‫ت وَأ َ‬ ‫ن أَل وَإ ِّني َوالل ّهِ قَد ْ وَعَظ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ت عَ ْ‬ ‫ذا َا ْل ْ َ ُ ْ ِ‬ ‫ن أ َوْ أكثُر"؛‬ ‫ال ْ ُ‬ ‫قْرآ ِ‬ ‫هذا الخبر الذي أخبر به ‪ ‬نص قاطع في حال هؤلء‪.‬‬ ‫دها‪ ،‬لن‬ ‫ور‬ ‫مخالفتها‬ ‫على‬ ‫فيتجرأ‬ ‫ون السنة في النفوس‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والمقصود ‪ :‬أن هذا القول يه ّ‬ ‫عقل المرء بهذا القول سيتجه – إل ما شاء الله – إلى أنه ل فائدة من الظنيات‪ ،‬فل‬ ‫يلبث أن يهجر السنة‪ ،‬ويدعي التمسك بالقرآن‪ ،‬ثم ل يمكث قليل ً حتى يجد أن دللت‬ ‫القرآن يعتريها الظن؛ فيتجه إلى تحكيم العقل على نصوص الشرع‪ ،‬فما دله عقله‬ ‫على سلمته قبله‪ ،‬وما ل فل‪ ،‬فيصير صاحب هذا القول عقلنيا ً صرفًا‪ ،‬يقدم العقل‬ ‫على النقل‪ ،‬ويحتكم إلى شريعة العقل‪ ،‬ل إلى شريعة النقل‪ ،‬فإنا لله وإنا إليه‬ ‫راجعون‪.‬‬ ‫فيقع في الضلل المبين ‪ ،‬فقد أخرج الدارقطني في سننه )‪ ،(4/245‬والحاكم في‬ ‫المستدرك )علوش ‪ ،1/284‬تحت رقم ‪ ،(324‬والبيهقي في السنن الكبرى )‬ ‫‪ ،(10/114‬ولفظ الحديث عند الحاكم‪" :‬عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله‬ ‫تعالى عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني قد تركت فيكم شيئين لن‬ ‫تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض"‪.‬‬

‫‪64‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َ‬ ‫خ ّ‬ ‫ب وَأ َُبو‬ ‫ذي ذ َك ََرهُ أ َُبو ي َعَْلى وَأ َُبو ال ْ َ‬ ‫مال ِك ِي ّةِ وَهُوَ ال ّ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫مَثال ُ ُ‬ ‫وَأ ْ‬ ‫طا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫ذي ذ َك ََرهُ َ‬ ‫س‬ ‫س‬ ‫حن ْب َل ِي ّةِ ‪ .‬وَهُوَ ال ّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ال ْ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ش ْ‬ ‫مَثال ُهُ ْ‬ ‫ن الزاغوني وَأ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن بْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ة‪.‬‬ ‫سَر ْ‬ ‫حن َِفي ّ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ال ّ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مَثال ُ ُ‬ ‫ي وَأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫س ّ‬ ‫دي ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫وَإ ِ َ‬ ‫جًبا ل ِل َْقط ِْع ب ِهِ َفاِلعْت َِباُر‬ ‫دي‬ ‫ق ال ْ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ن اْل ِ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫مو ِ‬ ‫خب َرِ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ماعُ عََلى ت َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِفي ذ َل ِ َ‬ ‫ماِع‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن اِلعْت َِباَر ِفي اْل ِ ْ‬ ‫ما أ ّ‬ ‫ل ال ْعِل ْم ِ ِبال ْ َ‬ ‫ك ب ِإ ِ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ث‪ ،‬ك َ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ماِع أهْ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح َ‬ ‫ة) (‪.‬‬ ‫ح ِ‬ ‫ي َواْل َِبا َ‬ ‫كام ِ ب ِإ ِ ْ‬ ‫عََلى اْل َ ْ‬ ‫ل ال ْعِل ْم ِ ِباْل ْ‬ ‫ج َ‬ ‫مرِ َوالن ّهْ‬ ‫ماِع أهْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫معَ عَد َم ِ الت ّ َ‬ ‫ق‬ ‫صود ُ هَُنا ‪ :‬أ ّ‬ ‫ق َ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫مْق ُ‬ ‫شاعُرِ أوْ اِلت َّفا ِ‬ ‫ن ت َعَد ّد َ الط ُّر ِ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫ذا ي ُن ْت ََفعُ ب ِهِ ك َِثيًرا‬ ‫م ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ض ُ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ب ال ْعِل ْ َ‬ ‫ِفي ال َْعاد َةِ ُيو ِ‬ ‫ل ; ل َك ِ ّ‬ ‫من ُْقو ِ‬ ‫مو ِ‬ ‫َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫ِفي ِ‬ ‫عل ْم ِ أ ْ‬ ‫ل الّناقِِلي َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ل هَ َ‬ ‫ث‬ ‫ئ ال ْ ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫حْف ِ‬ ‫وَِفي ِ‬ ‫ظ وَِبال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َوال ّ‬ ‫ذا ي ُن ْت ََفعُ ب ِرَِواي َةِ ال ْ َ‬ ‫سي ّ ِ‬ ‫جُهو ِ‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫حوِ ذ َل ِ َ‬ ‫ك;‬ ‫ل وَن َ ْ‬ ‫مْر َ‬ ‫ال ْ ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ن أ َهْ ُ‬ ‫وَل ِهَ َ‬ ‫ه‬ ‫حاِدي ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ث وَي َُقوُلو َ‬ ‫ل هَذِهِ اْل َ َ‬ ‫ل ال ْعِل ْم ِ ي َك ْت ُُبو َ‬ ‫كا َ‬ ‫ن‪ :‬إن ّ ُ‬ ‫ح ِلل ّ‬ ‫ه؛‬ ‫ح ل ِغَي ْرِ ِ‬ ‫صل ُ ُ‬ ‫صل ُ ُ‬ ‫واهِدِ َواِلعْت َِبارِ َ‬ ‫ما َل ي َ ْ‬ ‫يَ ْ‬ ‫ش َ‬ ‫َ‬ ‫َقا َ َ‬ ‫َ‬ ‫)(‬ ‫مث ّ َ‬ ‫ل هَ َ‬ ‫دي َ‬ ‫ذا ب ِعَب ْدِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ث الّر ُ‬ ‫ب َ‬ ‫مد ‪ :‬قَد ْ أك ْت ُ ُ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ل ِلعْت َب َِرهُ ‪ .‬وَ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ج ِ‬ ‫كان من أ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫نا‬ ‫ال‬ ‫ر‬ ‫ث‬ ‫ك‬ ‫م‬ ‫ن ل َِهيعَ َ‬ ‫ديًثا وَ ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ّ‬ ‫ه َ َ ِ‬ ‫ضي ِ‬ ‫ة َقا ِ‬ ‫س َ‬ ‫الل ّهِ ب ْ‬ ‫صَر ; فَإ ِن ّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خيار الناس ; ل َكن بسبب احتراق ك ُتبه وقَع في حديثه ال ْ َ‬ ‫خرِ غَل َ ٌ‬ ‫ط‬ ‫مت َأ ّ‬ ‫ِ ْ ِ َ َ ِ ْ َِ ِ ُِ ِ َ َ ِ‬ ‫َ ِ ِ ِ ُ‬ ‫ِ َ ِ ّ ِ‬ ‫صاَر ي َعْت َب ُِر ب ِذ َل ِ َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫ن هُوَ َوالل ّي ْ ُ‬ ‫سعْدٍ‬ ‫ما ي َْقت َرِ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ك وَي َ ْ‬ ‫شهِد ُ ب ِهِ وَك َِثيًرا َ‬ ‫فَ َ‬ ‫ث بْ ُ‬ ‫م‪.‬‬ ‫ج ٌ‬ ‫َوالل ّي ْ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ث ُ‬ ‫ما ٌ‬ ‫تإ َ‬ ‫ة ث َب َ ٌ‬ ‫وك َ َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫ظ‪،‬‬ ‫سوُء ِ‬ ‫حْف ٍ‬ ‫ث ال ّ ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫ن وَي َعْت َب ُِرو َ‬ ‫دو َ‬ ‫شه ِ ُ‬ ‫ذي ِفيهِ ُ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ما أن ّهُ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫فَإنه َ‬ ‫طأ ْ‬ ‫ن‬ ‫ضاب ِ ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ضعُّفون ِ‬ ‫ق ال ّ‬ ‫ص ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ضا ي ُ َ‬ ‫م أي ْ ً‬ ‫ِّ ُ ْ‬ ‫ث الث َّقةِ ال ّ‬ ‫شَياءَ ت َب َي ّ َ‬ ‫م ْ‬ ‫دو ِ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫قال في مجمع الزوائد )‪ " :(9/163‬رواه البزار وفيه صالح بن موسى الطلحي وهو‬ ‫ضعيف"اهش‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬في السند عند جميعهم صالح بن موسى‪ ،‬لكن أورد الحاكم والبيهقي في‬ ‫الموضع نفسه عن ابن عباس حديثا ً جاء فيه ‪" :‬يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما‬ ‫إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم"‪ ،‬وهو‬ ‫ن‬ ‫وجاء في الموطأ في كتاب الجامع باب النهي عن‬ ‫شاهد‬ ‫بالقدر‪َ " :‬عَ ْ‬ ‫القول ُم أ َ‬ ‫صالح‪.‬غَه أ َ‬ ‫لك‪ :‬أ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫في‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫"‬ ‫ل‪:‬‬ ‫قا‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫ص‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ل‬ ‫سو‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ َ ِ ْ‬ ‫ه"‪ .‬فالحديث يرتقي إن شاء الله إلى‬ ‫سن ّ َ‬ ‫ة ن َب ِي ّ ِ‬ ‫تَ ِ‬ ‫ما ك َِتا َ‬ ‫ب الل ّهِ وَ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫م ب ِهِ َ‬ ‫سك ْت ُ ْ‬ ‫ما ت َ َ‬ ‫ضّلوا َ‬ ‫درجة الحسن لغيره‪.‬‬ ‫فمن ترك الهتداء بكتاب الله تعالى وبسنته ‪ ‬فقد وقع في الضلل المبين‪ ،‬و ل‬ ‫حول و ل قوة إل بالله‪.‬‬ ‫ثم اعلموا – بارك الله فيكم – أن تقسيم السنة من حيث الثبوت والدللة إلى قطعي‬ ‫وظني تقسيم دخيل على أهل السنة والجماعة ما هو من قول السلف‪ ،‬تأمل لو كان‬ ‫الدين يقرر هذا التقسيم لما قامت الحجة على المسلمين في المدينة‪ ،‬ولما قامت‬ ‫الحجة على الناس في فارس والروم‪ ،‬لن الرسول عليه الصلة والسلم أوْفَد َ رسله‬ ‫إلى هذه الماكن أفرادا ً ل جماعات‪ ،‬فلو أن حديث الحاد ظني لما أوجب العلم‬ ‫لهؤلء‪ ،‬ولوسعهم أن يردوه!!‬ ‫)( يعني أن يرجع في كل علم إلى أهله‪ ،‬وهذه قاعدة شريفة‪ ،‬نبه عليها ابن تيمية في‬ ‫مواضع من كتبه؛ فيرجع في كل فن إلى أهله‪ ،‬والنقل وما يتعلق به هو فن أهل‬ ‫الحديث‪ ،‬فهم المرجع فيه‪.‬‬ ‫)( هذا دليل على أن المام أحمد بن حنبل كان يرى تقوية الحاديث بتعدد الطرق مع‬ ‫كونها أتت عن طريق رواة ضعفاء‪ .‬وعموما ً فإن وصف أئمة الحديث للراوي بأنه في‬ ‫منزلة العتبار دليل على أنهم يقوون حديث الضعيف‪ ،‬ويعضدونه بغيره‪.‬‬

‫‪65‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ُ‬ ‫ل َه َ‬ ‫ه غَل ِ َ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫ل‬ ‫م ِ‬ ‫ذا " ِ‬ ‫مو َ‬ ‫ست َدِّلو َ‬ ‫ن ب َِها وَي ُ َ‬ ‫مورِ ي َ ْ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫س ّ‬ ‫ط ِفيَها ب ِأ ُ‬ ‫م أن ّ ُ‬ ‫ُ ْ‬ ‫عل َ ِ‬ ‫َ‬ ‫ث يَ ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ة‬ ‫ث قَد ْ َرَواهُ ث َِق ٌ‬ ‫دي ُ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ف عُُلو ِ‬ ‫ث"؛ وَهُوَ ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫كو ُ‬ ‫م بِ َ‬ ‫شَر ِ‬ ‫ال ْ َ‬ ‫مه ِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ط وَغَل ِ َ‬ ‫ضاب ِ ٌ‬ ‫ف;‬ ‫ه ِفيهِ عُرِ َ‬ ‫َ‬ ‫ط ِفيهِ وَغَل َط ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ب َ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫ما عََرُفوا "أ ّ‬ ‫ما ب ِ َ‬ ‫ظاهِرٍ ك َ َ‬ ‫إ ّ‬ ‫سب َ ِ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫حَل ٌ‬ ‫ة‬ ‫جعَُلوا رَِواي َ َ‬ ‫مون َ َ‬ ‫صّلى ِفي ال ْب َي ْ ِ‬ ‫ن" وَ َ‬ ‫ة وَهُوَ َ‬ ‫ت ََزوّ َ‬ ‫ل وَأن ّ ُ‬ ‫مي ْ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ه َ‬ ‫ت َرك ْعَت َي ْ ِ‬ ‫ما) (‪،‬‬ ‫جَها َ‬ ‫حَرا ً‬ ‫س ل ِت ََزوّ ِ‬ ‫ن عَّبا ٍ‬ ‫اب ْ ِ‬ ‫ما وَقَعَ ِفيهِ ال ْغَل َ ُ‬ ‫ص ّ‬ ‫ط) (‪.‬‬ ‫ل ِ‬ ‫م ّ‬ ‫وَل ِك َوْن ِهِ ل َ ْ‬ ‫م يُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وك َذ َل ِ َ َ‬ ‫ن قَوْ َ‬ ‫ه‬ ‫موا أ ّ‬ ‫مَر ‪" :‬إن ّ ُ‬ ‫ن عُ َ‬ ‫ر‪ ،‬وَعَل ِ ُ‬ ‫مَر أْرب َعَ عُ َ‬ ‫ه اعْت َ َ‬ ‫ك أن ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫م ٍ‬ ‫ل اب ْ ِ‬ ‫(‬ ‫)‬ ‫ما وَقَعَ ِفيهِ‬ ‫ب" ‪ِ ،‬‬ ‫مَر ِفي َر َ‬ ‫م ّ‬ ‫اعْت َ َ‬ ‫ج ٍ‬ ‫ال ْغَل َ ُ‬ ‫ط‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن قَوْ َ‬ ‫ن‬ ‫مت ّعَ وَهُوَ آ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫داِع وَأ ّ‬ ‫جةِ ال ْوَ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن ِفي َ‬ ‫ل عُث ْ َ‬ ‫ه تَ َ‬ ‫موا أن ّ ُ‬ ‫وَعَل ِ ُ‬ ‫م ٌ‬ ‫ما وَقَعَ ِفيهِ ال ْغَل َ ُ‬ ‫ط‪.‬‬ ‫مئ ِذٍ َ‬ ‫ن") ( ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ي ‪" :‬ك ُّنا ي َوْ َ‬ ‫خائ ِِفي َ‬ ‫ل ِعَل ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫حّتى‬ ‫ق ال ْب ُ َ‬ ‫مت َل ِ ُ‬ ‫ئ َ‬ ‫ي‪" :‬أ ّ‬ ‫وَأ ّ‬ ‫ن الّناَر َل ت َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫خارِ ّ‬ ‫ض ط ُُر ِ‬ ‫ما وَقَعَ ِفي ب َعْ ِ‬ ‫ما وَقَعَ ِفيهِ ال ْغَل َ ُ‬ ‫ط‪.‬‬ ‫خل ًْقا آ َ‬ ‫ه ل ََها َ‬ ‫خَر") ( ِ‬ ‫ش َ‬ ‫ي ُن ْ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ئ الل ّ ُ‬ ‫)(‬ ‫س ِفي هَ َ‬ ‫وَهَ َ‬ ‫ن‪:‬‬ ‫ذا ال َْبا ِ‬ ‫ذا ك َِثيٌر ‪َ .‬والّنا ُ‬ ‫ب ط ََرَفا ِ‬ ‫َ‬ ‫ة‬ ‫ط ََر ٌ‬ ‫معْرِفَ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ل ال ْك ََلم ِ وَن َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ّ‬ ‫حوِهِ ْ‬ ‫ن هُوَ ب َِعيد ٌ عَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن أه ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ث وَأ َهْل ِهِ َ‬ ‫ش ّ‬ ‫ف فَي َ ُ‬ ‫ة‬ ‫حي‬ ‫ص‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ز‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ك ِفي ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ص ّ‬ ‫ضِعي ِ‬ ‫ح َوال ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫أ َحادي َ َ‬ ‫مْق ُ‬ ‫ل‬ ‫طو ً‬ ‫عا ب َِها ِ‬ ‫م ً‬ ‫َ ِ‬ ‫ة َ‬ ‫معُْلو َ‬ ‫معَ ك َوْن َِها َ‬ ‫ث أوْ ِفي ال َْقط ِْع ب َِها َ‬ ‫عن ْد َ أهْ ِ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫ال ْعِل ْم ِ ب ِ ِ‬ ‫جد َ ل َْف ً‬ ‫ظا‬ ‫ن ي َد ّ ِ‬ ‫وَط ََر ٌ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ما وَ َ‬ ‫عي ات َّباعَ ال ْ َ‬ ‫ل ب ِهِ ك ُل ّ َ‬ ‫ث َوال ْعَ َ‬ ‫م ّ‬ ‫م ِ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫في حديث قَد رواه ث َِق ٌ َ‬ ‫سَنادِ َ‬ ‫ن‬ ‫ح ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫َ ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ريد ُ أ ْ‬ ‫ص ّ‬ ‫ة أوْ َرأى َ‬ ‫ديًثا ب ِإ ِ ْ‬ ‫ْ َ َ ُ‬ ‫ظاهُِرهُ ال ّ‬ ‫ة يُ ِ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫‪5‬‬

‫‪6‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫‪5‬‬

‫‪6‬‬

‫)( أخرجه البخاري في كتاب الحج‪ ،‬باب تزويج المحرم‪ ،‬تحت رقم )‪ ،(1837‬ومسلم‬ ‫في كتاب النكاح‪ ،‬باب تحريم نكاح المحرم‪ ،‬وكراهة خطبته‪ ،‬حديث رقم )‪ .(1410‬وقد‬ ‫جه بعض أهل العلم تصحيح البخاري ومسلم للحديث؛ بأنهما تأول كلم ابن عباس‪،‬‬ ‫و ّ‬ ‫وأنه أراد أنه تزوجها في الشهر الحرام‪ ،‬أو قريبا ً من إحرامه‪ ،‬وهذا جريا على أسلوب‬ ‫العرب في إطلق الفعل على ما قاربه‪.‬‬ ‫)( أخرجه البخاري في كتاب الصلة باب قول الله تعالى‪] :‬واتخذوا من مقام‬ ‫إبراهيم مصلى‪‬ا‪ ،‬حديث رقم )‪ ،(398‬ومسلم في كتاب الحج باب استحباب دخول‬ ‫الكعبة للحاج وغيره والصلة‪ ،‬حديث رقم )‪ .(1331‬ويوجه تصحيح البخاري ومسلم‬ ‫للحديث بأن ابن عباس إنما تكلم بحسب علمه‪ ،‬فهو لم ينف علم غيره‪ ،‬ومن علم‬ ‫حجة على من لم يعلم‪.‬‬ ‫)( أخرجه البخاري في كتاب الحج باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬حديث‬ ‫رقم )‪ ،(1777‬ومسلم في كتاب الحج باب بيان عمر النبي صلى الله عليه وسلم‪،‬‬ ‫حديث رقم )‪ .(1255‬ووجه تصحيح حديث ابن عمر على أن هذا بحسب علمه‪.‬‬ ‫)( أخرجه مسلم في كتاب الحج‪ ،‬باب جواز التمتع‪ ،‬حديث رقم )‪ ،(1223‬واصل‬ ‫القصة في البخاري في كتاب الحج باب التمتع والقران والفراد‪ ،‬حديث رقم )‬ ‫‪.(1563‬‬ ‫)( أخرجه البخشاري في كتاب التوحيد‪ ،‬باب ما جاء في قول الله تعالى‪﴿ :‬إن رحمة‬ ‫الله قريب من المحسنين﴾‪ ،‬حديث رقم )‪.(7449‬‬ ‫)( يعني ما يذكرونه من أحاديث معلة ظاهرها الصحة! ومراد المصنف تقرير أن أهل‬ ‫الحديث كما يقوون حديث الضعيف إذا قامت القرائن المقتضية تقويته‪ ،‬قد يضعفون‬ ‫من حديث الثقة ما قامت القرآن على اختلل ضبطه فيه‪ ،‬فهذا المر سلم لهم‪ ،‬هم‬ ‫المختصون به دون سائر الناس‪ ،‬فالتسليم لهم واتباعهم فيه هو الصل‪ ،‬إذ يرجع في‬ ‫كل فن إلى أهله‪ ،‬وهم يقررون أن الحديث الحادي المحتف بالقرائن يفيد العلم‪،‬‬ ‫ويوجب العمل‪ ،‬بل يقررون أن الحديث الحادي إذا صح مطلقا ً عن رسول الله ‪‬‬ ‫أفاد العلم وأوجب العمل‪.‬‬

‫‪66‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ل ذ َل ِ َ‬ ‫م أ َهْ ُ‬ ‫جع َ َ‬ ‫حّتى إ َ‬ ‫ض‬ ‫ذا َ‬ ‫ل ال ْعِل ْم ِ ب ِ ِ‬ ‫جن ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫حت ِهِ َ‬ ‫ص ّ‬ ‫ما َ‬ ‫يَ ْ‬ ‫جَز َ‬ ‫س َ‬ ‫ن ِ‬ ‫عاَر َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ف أَ َ‬ ‫خذ َ ي َت َك َل ّ ُ‬ ‫معُْرو َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ه الت ّأِويَل ِ‬ ‫ت ال َْبارِد َةَ أوْ ي َ ْ‬ ‫حي َ‬ ‫ه د َِليًل ل َ ُ‬ ‫جعَل ُ ُ‬ ‫ف لَ ُ‬ ‫ح ال ْ َ‬ ‫ال ّ‬ ‫ل ال ْعِل ْم بال ْحديث يعرُفو َ‬ ‫َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ن أ َهْ َ‬ ‫ل هَ َ‬ ‫ذا‬ ‫ن ِ‬ ‫نأ ّ‬ ‫َ‬ ‫مع َ أ ّ‬ ‫م َ‬ ‫ل ال ْعِل ْم ِ َ‬ ‫ِفي َ‬ ‫سائ ِ ِ‬ ‫ِ ِ َ ِ ِ َْ ِ‬ ‫غَل َ ٌ‬ ‫ط) (‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫)( قال ابن رجب رحمه الله في بيان فضل علم السلف على علم الخلف ص ‪: ،69‬‬ ‫"في زماننا )قلت‪ :‬وفي زماننا أوكد( يتعين كتابة كلم أئمة السلف المقتدى بهم إلى‬ ‫زمن الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد‪ .‬وليكن النسان على حذر مما حدث بعدهم‬ ‫فإنه حدث بعدهم حوادث كثيرة‪ ،‬وحدث من انتسب إلى متابعة السنة والحديث من‬ ‫الظاهرية ونحوهم وهو أشد مخالفة لها لشذوذه عن الئمة‪ ،‬وانفراده عنهم بفهم‬ ‫يفهمه‪ ،‬أو يأخذ ما لم يأخذ به الئمة من قبله"اهش‬

‫‪67‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َ‬ ‫وك َ َ‬ ‫صد ْقٌ وَقَد ْ ي ُْقط َعُ ب ِذ َل ِ َ‬ ‫ك‬ ‫ث أ َدِل ّ ً‬ ‫ه ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن عََلى ال ْ َ‬ ‫ما أ ّ‬ ‫م ب َِها أن ّ ُ‬ ‫ة ي ُعْل َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ) (‬ ‫ب وَي ُْقط َعُ ب ِذ َل ِك ؛‬ ‫فَعَل َي ْهِ أ َدِل ّ ٌ‬ ‫ه ك َذِ ٌ‬ ‫م ب َِها أن ّ ُ‬ ‫ة ي ُعْل َ ُ‬ ‫عون م َ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ما ي َْرِويهِ ال ْوَ ّ‬ ‫ب َ‬ ‫ل َ‬ ‫ما ي ُْقط َعُ ب ِك َذِ ِ‬ ‫ل ال ْب ِد َِع َوال ْغُل ُ ّ‬ ‫ن أه ْ ِ‬ ‫ضا ُ َ ِ ْ‬ ‫ل‪:‬‬ ‫ِفي ال َْف َ‬ ‫ضائ ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن َ ّ‬ ‫عا ُ‬ ‫ن‬ ‫ث ي َوْم ِ َ‬ ‫مَثال ِهِ ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ما ِفيهِ أ ّ‬ ‫ل َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ّ‬ ‫شوَراَء وَأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫مث ْ َِ‬ ‫صلى َرك ْعَت َي ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ذا وَك َ َ‬ ‫جرِ ك َ َ‬ ‫ذا ن َب ِّيا‪.‬‬ ‫ه ك َأ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫ث‬ ‫ضو َ‬ ‫ت قِط ْعَ ٌ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ة ك َِبيَرةٌ ِ‬ ‫عا ِ‬ ‫سيرِ ِ‬ ‫وَِفي الت ّْف ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫مو ْ ُ‬ ‫ن هَذِهِ ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن‬ ‫وا ِ‬ ‫ال ّ ِ‬ ‫حدِيّ والزمخشري ِفي فَ َ‬ ‫ل ُ‬ ‫سوَرِ ال ُْقْرآ ِ‬ ‫ضائ ِ ِ‬ ‫ي َوال ْ َ‬ ‫ذي ي َْرِويهِ الث ّعْل َب ِ ّ‬ ‫سورةً سورةً فَإنه موضوعٌ باتَفا َ‬ ‫ل ال ْعِل ْم ِ) (‪.‬‬ ‫ِّ ُ َ ْ ُ‬ ‫ق أه ْ ِ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ِ ّ ِ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬ ‫(‬ ‫دد‬ ‫‪28/8/1423‬‬ ‫دددددد‬ ‫)ددددد‬ ‫َ‬ ‫)‪ (1‬يقول ‪) :‬وك َ َ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫قط َعُ ب ِشذ َل ِ َ‬ ‫ة‬ ‫صد ْقٌ وَقَد ْ ي ُ ْ‬ ‫ك فَعَل َي ْشهِ أ َدِل ّش ٌ‬ ‫ث أ َدِل ّ ً‬ ‫ه ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫لى ال ْ َ‬ ‫ما أ ّ‬ ‫م ب َِها أن ّ ُ‬ ‫ة ي ُعْل َ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قطعُ ب ِذ َل ِك(‪ ،‬هذا تنبيه على قاعدة أخرى في الحديث ‪ ،‬العلمششاء –‬ ‫ب وَي ُ ْ‬ ‫ه ك َذِ ٌ‬ ‫م ب َِها أن ّ ُ‬ ‫ي ُعْل َ ُ‬ ‫رحمهم الله – يقولون ‪ :‬الحكم على الحشديث ل يتوقشف علشى مجشرد السشند‪ ،‬إذ هنشاك‬ ‫علمات وأمارات تدل على كذب الحديث ووضعه‪.‬‬ ‫ولهذا تجدهم يفرقون بين الحكم على السند والحكم على المتن‪ ،‬فإذا جاء في السششند‬ ‫راوٍ كذاب أو وضاع‪ ،‬فلك أن تقول‪ :‬هذا إسناد موضوع‪ ،‬لكن ليس لششك أن تقششول‪ :‬هششذا‬ ‫حديث موضوع‪ ،‬حتى يجتمشع فشي السشند مشع الرجشل الوضشاع فشي السشند علمشة مشن‬ ‫علمات الوضع في المتن‪ ،‬أمشا مجشرد وجششود رجشل وضشاع فشي السششند‪ ،‬أو كش ّ‬ ‫ذاب فشي‬ ‫السند‪ ،‬ل يبرر لك أن تقول‪ :‬هذا حديث موضوع‪ ،‬إنما تقول‪ :‬هذا إسناده موضوع‪ ،‬نبششه‬ ‫عليه السخاوي حيث قال في فتششح المغيششث )‪" :(1/297‬إن مجششرد تفششرد الكششذاب بششل‬ ‫الوضاع ‪ -‬ولو كان بعد الستقصاء في التفتيش من حافظ متبحر تام السششتقراء ‪ -‬غيششر‬ ‫مستلزم لذلك )يعني‪ :‬للحكم بالوضع( بل لبد معه من انضمام شششيء ممششا سششيأتي ‪...‬‬ ‫يشير إلى ما ذكره في ما يعرف به الوضع )‪.(1/314‬‬ ‫وقد يأتي السند فيه راوٍ ضعيف‪ ،‬أو سند ظاهره الصحة‪ ،‬وتكون لديك أمارات في‬ ‫المتن تجزم فيها بكذب الحديث‪ ،‬فنقول ‪ :‬هذا حديث موضوع ‪ ،‬فآل المر في الحكم‬ ‫على الحديث بالوضع إلى نقد المتن ‪ ،‬من أجل هذا اهتم العلماء – رحمهم الله –‬ ‫بوضع المارات التي يستدل بها على وضع الحديث ‪ ،‬المارات التي ُيعرف بها أن‬ ‫منيف ( ذكر‬ ‫الحديث موضوع‪ ،‬أفردها بالذكر ابن قيم الجوزية في كتابه‪ ) :‬المنار ال ُ‬ ‫هذه العلمات ‪.‬‬ ‫‪ () 2‬قال ابن الصلح في معرفة أنواع علم الحديث ص ‪ ،100‬في آخر النوع الحادي‬ ‫والعشرين‪" :‬مثال روينا عن أبي عصمة وهو نوح بن أبي مريم أنه قيل له‪ :‬من أين‬ ‫لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة؟‬ ‫فقال‪ :‬إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي‬ ‫محمد بن إسحاق فوضعت هذه الحاديث حسبة‪.‬‬ ‫وهكذا حال الحديث الطويل الذي يروى عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه‬ ‫وسلم في فضل القرآن سورة فسورة بحث باحث عن مخرجه حتى انتهى إلى من‬ ‫اعترف بأنه وجماعة وضعوه‪ ،‬وإن أثر الوضع لبين عليه‪.‬‬ ‫ولقد أخطأ الواحدي المفسر ومن ذكره من المفسرين في إيداعه تفاسيرهم والله‬ ‫أعلم"اهش‪.‬‬ ‫وأورد الخطيب في الكفاية )‪ (2/466‬في ذكر المحفوظ عن أئمة أصحاب الحديث‬ ‫في أصح السانيد‪ ،‬بسنده من طريق محمود بن غيلن قال‪ :‬سمعت المؤمل ذكر‬ ‫عنده الحديث الذي يروى عن أبي عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل القرآن‬ ‫فقال‪ :‬لقد حدثني رجل ثقة سماه قال‪ :‬حدثني رجل ثقة سماه قال‪ :‬أتيت المدائن‬ ‫فلقيت الرجل الذي يروي هذا الحديث فقلت له‪ :‬حدثني فإني أريد أن آتي البصرة‬ ‫فقال‪ :‬هذا الرجل الذي سمعناه منه هو بواسط في أصحاب القصب قال‪ :‬فأتيت‬ ‫واسطا فلقيت الشيخ فقلت إني كنت بالمدائن فدلني عليك الشيخ وإني أريد آتي‬ ‫البصرة قال‪ :‬إن هذا الذي سمعت منه هو بالكلء فأتيت البصرة فلقيت الشيخ بالكلء‬ ‫فقلت له‪ :‬حدثني فإني أريد أن آتي عبادان فقال‪ :‬إن الشيخ الذي سمعناه منه هو‬ ‫بعبادان فأتيت عبادان فلقيت الشيخ فقلت له‪ :‬اتق الله ما حال هذا الحديث أتيت‬ ‫المدائن فقصصت عليه ثم واسطا ثم البصرة فدللت عليك وما ظننت إل إن هؤلء‬ ‫كلهم قد ماتوا فأخبرني بقصة هذا الحديث فقال‪ :‬إنا اجتمعنا هنا فرأينا الناس قد‬ ‫رغبوا عن القرآن وزهدوا فيه وأخذوا في هذه الحاديث فقعدنا فوضعنا لهم هذه‬ ‫الفضائل حتى يرغبوا فيه"اهش‬ ‫قلت‪ :‬وهذا من جهل هؤلء‪ ،‬حيث يظنون أن الكذب على الرسول ‪ ‬هو المحرم‪ ،‬أما‬ ‫الكذب للرسول من أجل نصرته فهو ليس بمحرم‪ ،‬حيث فهموا من قوله‪" :‬من‬ ‫كذب علي متعمدا ً فليتبوأ مقعده من النار"‪ . ،‬وهذا الفهم باطل‪ ،‬فإن قوله ‪ ‬في‬ ‫الحديث "علي متعمدًا" ل مفهوم مخالفة له‪ ،‬والمقصود أن يتحرى المسلم في‬ ‫الحديث عنه ‪ ‬الصدق‪ ،‬فإنه إذا لم يتحر وأخطأ فهو قد تعمد الكذب عليه‪ ،‬وهذا‬

‫‪68‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ن وَ َ‬ ‫سه ِ َ‬ ‫ل‬ ‫ن ِفيهِ َ‬ ‫ي هُوَ ِفي ن َْف ِ‬ ‫حاط ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫كا َ‬ ‫ب ل َي ْ ٍ‬ ‫خي ٌْر وَِدي ٌ‬ ‫و الث ّعْل َب ِ ّ‬ ‫ي َن ُْق ُ‬ ‫ضوٍع) (‪.‬‬ ‫حي‬ ‫ص ِ‬ ‫سيرِ ِ‬ ‫ب الت ّْف ِ‬ ‫مو ْ ُ‬ ‫ضِعي ٍ‬ ‫ح وَ َ‬ ‫ف وَ َ‬ ‫ما وُ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ن َ‬ ‫جد َ ِفي ك ُت ُ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن‬ ‫صا ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫صَر ِ‬ ‫كا َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫حب ُ ُ‬ ‫ن أب ْ َ‬ ‫حدِيّ " َ‬ ‫ن هُوَ أب ْعَد ُ عَ ْ‬ ‫ه ِبال ْعََرب ِي ّةِ ; ل َك ِ ْ‬ ‫و" ال ْ َ‬ ‫ف) (‪.‬‬ ‫سل َ ِ‬ ‫مةِ َوات َّباِع ال ّ‬ ‫ال ّ‬ ‫سَل َ‬ ‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫سيَرهُ ِ‬ ‫ن ت َْف ِ‬ ‫صٌر ِ‬ ‫والبغوي ت َْف ِ‬ ‫صا َ‬ ‫ي ل َك ِن ّ ُ‬ ‫سيُرهُ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫خت َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن الث ّعْل َب ِ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ة) (‪.‬‬ ‫مب ْت َد َعَ ِ‬ ‫حاِدي ِ‬ ‫مو ْ ُ‬ ‫اْل َ َ‬ ‫ضوعَةِ َواْلَراِء ال ْ ُ‬ ‫ث ال ْ َ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫ة‬ ‫ضو َ‬ ‫ث ال ْك َِثيَر ِ‬ ‫حاِدي ِ‬ ‫سيرِ ك َِثيَرةٌ ِ‬ ‫ب الت ّْف ِ‬ ‫ل اْل َ َ‬ ‫مو ْ ُ‬ ‫عا ُ‬ ‫َوال ْ َ‬ ‫ت ِفي ك ُت ُ ِ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫ي مالم‬ ‫المعنى دل عليه أمران‪ :‬الول‪ :‬أن الرسول قال في حديث آخر‪" :‬من قال عل ّ‬ ‫أقل فليتبوأ مقعده من النار"‪ ،‬فألغى كلمة "علي متعمدا"‪ ،‬وأناط الحكم بالتحريم‬ ‫والمقام في النار في مجرد القول عليه ‪ ‬ما لم يقل‪ .‬الثاني‪ :‬أن راوي الحديث أدرى‬ ‫بمرويه‪ ،‬وقد جاء في البخاري عن الزبير أنه امتنع عن التحديث عن الرسول ‪ ‬خوفا ً‬ ‫من الخطأ عليه ‪ ،‬فلما سئل عن ذلك استدل بحديث "من كذب علي متعمدا"‪.‬‬ ‫قق أغلبه أو‬ ‫ح ّ‬ ‫)( كتاب الثعلبي اسمه‪) :‬الكشف والبيان في تفسير سور القرآن(‪ُ ،‬‬ ‫جميعه في جامعة أم القرى‪ ،‬في رسائل ماجستير ودكتوراه‪ ،‬في قسم الكتاب‬ ‫والسنة‪ ،‬والكتاب مثل ما وصفه شيخ السلم رحمه الله احتوى على جملة كثيرة من‬ ‫الحاديث الموضوعة والروايات الضعيفة والباطلة ‪ ،‬وجملة من السرائيليات وغيرها ‪،‬‬ ‫وصاحبه كما وصفه شيخ السلم ‪ :‬حاطب ليل‪.‬‬ ‫وقوله ‪" :‬حاطب ليل" من أمثال العرب‪ ،‬يقولون ‪ :‬الرجل إذا خرج يحتطب في الليل‬ ‫عصية وهي حية فقد تلدغه بالسم وهو‬ ‫فإنه قد يأخذ الحية ويضعها بين الحطب يظنها ُ‬ ‫يحملها على ظهره ‪ ،‬فيقولون ‪ ) :‬فلن حاطب ليل ( ‪ ،‬يشّبهونه بمن يحطب في الليل‬ ‫فقد يحمل الحطب وبداخله الحية فتلدغه فيموت بسببها‪ ،‬هذا المثل يوصف به الرجل‬ ‫الذي يجمع و ل يحسن النظر في هذا الذي يجمعه ‪ ،‬قالوا ‪ :‬فلن حاطب ليل ‪ ،‬أهل‬ ‫مش ( فقط ل‪ .‬ومعناه ‪:‬‬ ‫مش ثم فّتش ( ‪ ،‬أما ) ق ّ‬ ‫الحديث عندهم سياسة ومنهج ‪ ) :‬ق ّ‬ ‫مع وبعد التجميع فّتش ‪ ،‬مّيز الصحيح والحسن والضعيف ‪ ،‬انظر المعمول به وغير‬ ‫ج ّ‬ ‫المعمول به ‪ ،‬أما هكذا جمع فقط ل ‪.‬‬ ‫دثين‬ ‫هذا الرجل كان من الذين يجمعون ‪ ،‬فمعناه ‪ :‬أنه لم يكن من المح ّ‬ ‫المتخصصين ‪ ،‬وإنما مجرد صاحب رواية بل هو حاطب ليل ل تمييز عنده في‬ ‫المنقولت التي ينقلها تجد في كتابه الصحيح والضعيف بل هناك قطعة كبيرة من‬ ‫أحاديث موضوعة معروفة عند العلماء بذلك موجودة في تفسيره ‪.‬‬ ‫)( الواحدي هو أبو الحسين علي بن أحمد النيسابوري‪ ،‬توفي سنة )‪468‬هش( له ثلثة‬ ‫كتب في التفسير له )البسيط( وهو أكبر كتبه في التفسير‪ ،‬الكتاب الثاني سماه ‪:‬‬ ‫)الوسيط في التفسير(‪ ،‬وهو مطبوع في ثلث مجلدات ومحقق‪ ،‬والكتاب الثالث ‪:‬‬ ‫سماه )الوجيز في التفسير( ‪ ،‬وهو أيضا ً مطبوع‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تنبيه ‪ :‬أنبه على خطأ شائع عند الناس‪ ،‬يقول بعضهم ‪) :‬اكتب بحثا بسيطا( يعني ‪:‬‬ ‫بحث صغير قليل الوراق‪ ،‬وهذا خطأ لغوي شائع‪ ،‬والبسيط بمعنى ‪ :‬الطويل الممدود‬ ‫الكثير‪ ،‬ولذلك ‪ ،‬الرض تسمى ‪ :‬البسيطة الممدودة‪.‬‬ ‫فائدة ‪ :‬الغزالي أبو حامد صاحب إحياء علوم الدين‪ ، ،‬له الوجيز في فقه الشافعية‪،‬‬ ‫وله الوسيط في فقه الشافعية‪ ،‬وللرافعي فتح العزيز شرح الوجيز‪.‬‬ ‫والواحدي كان َيغلب عليه شيء من منهج أهل الكلم‪ ،‬وشيء من الخوض في تفسير‬ ‫اليات من جهة اللغة بمجردها‪ ،‬وسبق التنبيه على أنه ل ينبغي أن يفسر القرآن‬ ‫بمجرد اللغة‪ ،‬فإنه ليس ك ّ‬ ‫ل ما ساغ لغة ساغ تفسيرا ً ‪ ،‬كما أن عليه مؤاخذات من‬ ‫جهة اتباعه لبعض أقوال أهل البدع‪ ،‬وتقصيرا ً في اتباع كلم السلف والوارد في‬ ‫المأثور عنهم في تفسير القرآن الكريم ‪.‬‬ ‫)( البغوي هو أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء الشافعي توفي سنة )‪516‬هش(‪ :‬له‬ ‫كتاب في التفسير‪ ،‬اسمه "معالم التنزيل"‪ ،‬وهو مطبوع‪ ،‬وهو مختصر عن تفسير‬ ‫قح عبارته واهتم بالمأثور‪ ،‬وكان في جملته‬ ‫الثعلبي‪ ،‬أخذ أحسن ما عند الثعلبي ون ّ‬ ‫سئل عن‬ ‫سليما ً بعيدا ً عن أقوال أهل البدع‪ ،‬وكان الشيخ ابن باز – رحمه الله – إذا ُ‬ ‫تفسير أقرب وأيسر من تفسير ابن كثير يحيل على تفسير البغوي‪ ،‬فكان يحيل‬ ‫الطلب كثيرا ً على تفسير ابن كثير‪ ،‬فإذا استصعب الطالب تفسير ابن كثير؛ أحاله‬ ‫فه شيخ السلم بقوله ‪ ) :‬تفسيره مختصر عن الثعلبي (‪،‬‬ ‫ص ُ‬ ‫على تفسير البغوي‪ ،‬وي ِ‬ ‫وهذا أكده الذين اشتغلوا بتحقيق كتاب الثعلبي‪ ،‬لكن صان تفسيره عن الحاديث‬ ‫الموضوعة والراء المبتدعة‪ ،‬ومفتاح هذا التفسير‪ :‬مقدمته ‪ ،‬فذكر في المقدمة‬ ‫أسانيده في الثار التي أوردها داخل الكتاب ‪ ،‬كتفسير ابن عباس وتفسير مجاهد ‪،‬‬ ‫ذكر أسانيده إليها ‪ ،‬كما ذكر أسانيده في القراءات التي أوردها ‪.‬‬ ‫وكلم شيخ السلم عن الثعلبي‪ ،‬وعن الواحدي‪ ،‬وعن البغوي؛ يندرج تحت علم جديد‬ ‫صار ي ُد َّرس الن اسمه ‪) :‬مناهج المفسرين(‪ ،‬والكتب المؤلفة فيه تحمل في الغالب‬ ‫اسم )التفسير والمفسرون(‪ ،‬أو )مناهج المفسرين(‪ ،‬وأشهرها كتاب التفسير‬ ‫والمفسرون لمحمد حسين الذهبي‪ ،‬وكتاب التفسير ورجاله لبن عاشور‪ ،‬فُيعّرفون‬ ‫بالمفسر‪ ،‬ثم بتفسيره وي َد ُْرسونه ويعطونك خلصة عن منهجه وطريقته في تفسير‬

‫‪69‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ة) (‪.‬‬ ‫مل َ ِ‬ ‫حةِ ِفي ال ْ َ‬ ‫ري َ‬ ‫جهْرِ ِبال ْب َ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬ ‫ص ِ‬ ‫ه‬ ‫صد ّقِهِ ب ِ َ‬ ‫خات َ ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫وَ َ‬ ‫صَلةِ فَإ ِن ّ ُ‬ ‫مهِ ِفي ال ّ‬ ‫ل ِفي ت َ َ‬ ‫وي ِ‬ ‫ث عَل ِ ّ‬ ‫ي الط ّ ِ‬ ‫َ‬ ‫ل ال ْعِل ْم ِ) (‪.‬‬ ‫ضوعٌ ِبات َّفا‬ ‫مو ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ق أهْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ه‪﴿ :‬وَل ِك ُ ّ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫ن‬ ‫ل قَوْم ٍ َ‬ ‫ما ُروِيَ ِفي قَوْل ِ ِ‬ ‫وَ ِ‬ ‫ي ﴿وَت َعِي ََها أذ ُ ٌ‬ ‫هادٍ﴾ أن ّ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ه عَل ِ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ي‪.‬‬ ‫عي َ ٌ‬ ‫َوا ِ‬ ‫ة﴾ أذ ُُنك َيا عَل ِ ّ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫القرآن ومزاياه والمآخذ عليه‪.‬‬ ‫وشيخ السلم بكلمه هذا فتح الباب في هذا الموضوع بالكلم عن مناهج المفسرين ‪.‬‬ ‫)( المصنف تابع للدارقطني والخطيب في جزمهم بعدم صحة ما جاء صريحا ً في جهر‬ ‫الرسول ‪ ‬بش )بسم الله الرحمن الرحيم(‪ .‬نعم‪ ،‬جاءت عن الصحابة جملة أحاديث‬ ‫أنهم جهروا بالبسملة في الصلة‪ ،‬وهذا مما ل مجال فيه للرأي‪ ،‬لن المقام في‬ ‫عبادة‪ ،‬والعبادات توقيفية‪ ،‬فهذه أقوى حجج القائلين بالجهر ببسم الله الرحمن‬ ‫الرحيم في الصلة‪ ،‬نعم جاءت أحاديث صحيحة لكنها غير صريحة في أنه صلى الله‬ ‫عليه وسلم جهر في الصلة بالبسملة‪ ،‬وأهل العلم في مسألة الجهر بالبسملة على‬ ‫أقوال ‪:‬‬ ‫ منهم من يرى سنية الجهر بالبسملة في الصلة الجهرية قبل قراءة الفاتحة‪.‬‬‫ ومنهم من يرى أن الجهر ليس بسنة فيقول ‪ُ :‬تقرأ سرا ً ول ُيجهر بها ‪.‬‬‫سر بها أحيانًا‪ ،‬والغالب السرار ‪ ،‬وهذا اختيار‬ ‫ ومنهم من يقول ‪ُ :‬يجهر بها أحيانا ً وي ُ َ‬‫ابن القيم وابن تيمية‪ ،‬وهذا الذي تدل عليه الثار الواردة عن الصحابة رضوان الله‬ ‫عليهم‪ ،‬تدل على أنهم كانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم‪ ،‬يجهرون بها أحيانًا‪،‬‬ ‫ن‬ ‫وفي أول قراء ًالفاتحة‪ ،‬وعليه نقول ‪ :‬حكم المسألة عن الناحية الفقهية ‪ :‬أنه ي َ‬ ‫س ّ‬ ‫الجهر بها أحيانا ‪ ،‬ويتأكد ذلك للتعليم ‪ ،‬لتعليم الناس أنه تقرأ بسم الله الرحمن‬ ‫الرحيم ‪ ،‬والغالب من حال الرسول صلى الله عليه وسلم أنه ما كان َيجهر بها‪.‬‬ ‫)( قال شيخ السلم ‪) :‬وحديث علي الطويل في تصدقه بخاتمه في الصلة(‪ ،‬هذا‬ ‫ن‬ ‫أورده علماء التفسير الذين ُيوردون مثل هذه الحاديث عند ً قوله تعالى ‪ ) :‬وَي ُؤُْتو َ‬ ‫الّز َ‬ ‫ن()المائدة‪ :‬من الية ‪ ، (55‬يذكرون حديثا أن علي بن أبي طالب –‬ ‫م َراك ُِعو َ‬ ‫كاةَ وَهُ ْ‬ ‫رضي الله عنه – جاءه سائل يطلب صدقة في المسجد وهو راكع ‪ ،‬وكان في يده‬ ‫خاتم فمد يده بالخاتم إلى السائل ليأخذه فتصدق بالخاتم وهو راكع ‪ ،‬فنزلت هذه‬ ‫الية‪ ،‬وهو حديث موضوع كما ذكر شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله‪) .‬انتهى الدرس‬ ‫التاسع (‪.‬‬

‫‪70‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َ‬ ‫ص ٌ‬ ‫ل‬ ‫ف ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ست َن َد َيْ اِل ْ‬ ‫ما الن ّوْعُ الّثاِني) ( ِ‬ ‫خت َِل ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ي ُعْل َ ُ‬ ‫ف وَهُوَ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫وَأ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫باِلست ِدَلل َل بالنْقل فَه َ َ‬ ‫ما ِفيهِ ال ْ َ‬ ‫خط َأ ِ‬ ‫حد َث ََتا ب َعْد َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذا أك ْث َُر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ّ ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ ْ ِ‬ ‫جهَت َي ْ ِ‬ ‫ن;‬ ‫ت َْف ِ‬ ‫م ب ِإ ِ ْ‬ ‫ص َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن وََتاب ِِعيهِ ْ‬ ‫سيرِ ال ّ‬ ‫سا ِ‬ ‫حاب َةِ َوالّتاب ِِعي َ‬ ‫صْرًفا) (َل ي َ َ‬ ‫م هَؤَُلِء ِ‬ ‫ن الت َّفا ِ‬ ‫جد ُ‬ ‫كاد ُ ُيو َ‬ ‫فَإ ِ ّ‬ ‫سيَر ال ِّتي ي ُذ ْك َُر ِفيَها ك ََل ُ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ِفيَها َ‬ ‫سيرِ عَب ْدِ الّرّزا‬ ‫ن َ‬ ‫كيٍع وَعَب ْدِ‬ ‫ق وَوَ ِ‬ ‫ل ت َْف ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫يٌء ِ‬ ‫جهَت َي ْ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ش ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هات َي ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫مد‬ ‫م‬ ‫ل ت َْف ِ‬ ‫م دحيم‪ ،‬وَ ِ‬ ‫ن إب َْرا ِ‬ ‫مام ِ أ ْ‬ ‫ن بْ‬ ‫ن حميد وَعَب ْدِ الّر ْ‬ ‫بْ‬ ‫ح َ‬ ‫سيرِ اْل ِ َ‬ ‫هي َ‬ ‫ح َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫سْفَيا َ‬ ‫س َ‬ ‫من ْذِرِ وَ ُ‬ ‫وَإ ِ ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ن بْ ِ‬ ‫ن مخلد وَأِبي ب َك ْرِ ب ْ ِ‬ ‫ن راهويه وبقي ب ْ ِ‬ ‫حاقَ ب ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫(‬ ‫نيد ٍ وابن جرير)‬ ‫سِعيدٍ اْل َ‬ ‫ج وَأِبي‬ ‫س ِ‬ ‫ش ّ‬ ‫ن أِبي َ‬ ‫حات ِم ٍ وَأِبي َ‬ ‫عيينة وَ َ‬ ‫َ ْ ِ َ ِ ٍ‬ ‫َواب ْ ِ‬ ‫ن مردويه‪:‬‬ ‫ن ماجه‪َ ،‬واب ْ‬ ‫عَب ْدِ الل ّهِ ب ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إحداهُما ‪ :‬قَوم اعْتَقدوا معان ِي ث ُم أ َرادوا حم َ َ‬ ‫ن‬ ‫ل أل َْفا ِ‬ ‫َ َ َ ّ َ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ ٌ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ظ ال ُْقْرآ ِ‬ ‫عَل َي َْها) (‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫والّثان ِي َ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ريد َهُ ب ِك ََل ِ‬ ‫سوّغُ أ ْ‬ ‫م َ‬ ‫سُروا ال ُْقْرآ َ‬ ‫ة ‪ :‬قَوْ ٌ‬ ‫ما ي ُ َ‬ ‫م فَ ّ‬ ‫جّردِ َ‬ ‫ن بِ ُ‬ ‫ن يُ ِ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫‪) 1‬ددددد ددددد دددددد ‪18/10/1423‬دد(‬ ‫ما‬ ‫ف ِفي الت ّ ْ‬ ‫)‪ (1‬سبق للمصنف رحمه الله أن قال‪ " :‬اِل ْ‬ ‫خت َِل ُ‬ ‫ن" ِ‬ ‫سيرِ عََلى " ن َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ق‪.‬وْعَوي ْإ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫م ب ِغَي ْرِ ذ َل ِ َ‬ ‫ست ِد َْل ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ق ُ‬ ‫ك؛ إذ ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ما‬ ‫د‬ ‫ص‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫ما‬ ‫إ‬ ‫م؛‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ل فَ َ‬ ‫ست َن َد ُهُ الن ّ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ط وَ ِ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫م ْ‬ ‫َِ ّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ما ي ُعْل َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ق"اهش‪ ،‬وهو فيما سبق تكلم عن التفسير الذي مستنده النقل وما يتعلق بقواعد‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫ق ٌ‬ ‫ُ‬ ‫النقل‪ ،‬وخصوصية أهل الحديث فيه‪ ،‬وخصوصية علماء التفسير فيما يروونه‪ .‬وفي هذا‬ ‫الفصل يتكلم المصنف عن التفسير الذي مستنده الستدلل‪ ،‬فذكر جهات دخول‬ ‫الخطأ في التفسير الذي مستنده الستدلل‪.‬‬ ‫‪ () 2‬هذا ضابط التفسير بالمأثور‪ ،‬وهو التفسير الذي تورد فيه أحاديث وآثار التفسير‬ ‫صرفة‪ ،‬بدون ترجيح أو توجيه‪.‬‬ ‫وكتب التفسير بالمأثور‪ :‬هي التي تورد كلم الرسول صلى الله عليه وسلم وكلم‬ ‫الصحابة وكلم التابعين في تفسير الية دون التعرض لترجيح أو توجيه‪.‬‬ ‫ول يعكر على هذا كون بعض كلمهم يرجع إلى الجتهاد‪ ،‬للفرق بين اجتهادهم في‬ ‫التفسير إن حصل )أعني الصحابة والتابعين( فهو ليس كاجتهاد غيرهم‪ ،‬ويكفي ما‬ ‫ذكره المصنف هنا من أن تفاسيرهم تكاد تخلو من جهات الخطأ في التفسير الذي‬ ‫مستنده الستدلل‪.‬‬ ‫وعليه فإن كتب التفسير بالرأي هي التي يدخل فيها التوجيه والترجيح من المفسر‪،‬‬ ‫وباعتبار شروط قبول التفسير بالرأي فإنه ينتج أن الرأي الصرف في التفسير غير‬ ‫مقبول‪ ،‬وإنما يقبل التفسير الجامع بين المأثور والرأي‪ ،‬بمعنى الكتب الجامعة بين‬ ‫الرواية والدراية‪.‬‬ ‫وترجيحات وتوجيهات المفسر تصطبغ بالعلم الغالب عليه‪ ،‬فالفقيه يهتم بهذا الجانب‪،‬‬ ‫والمتكلم الصولي يهتم بهذا الجانب‪ ،‬واللغوي والنحوي يهتم بهذا الجانب‪ ،‬وهكذا‪ ،‬مما‬ ‫جعل للتفسير بالرأي المقبول ‪ -‬الذي هو في الحقيقة )جامع بين الرواية والدراية( –‬ ‫له عدة أنواع فهناك التفسير البلغي‪ ،‬وهناك التفسير النحوي‪ ،‬وهناك التفسير‬ ‫الفقهي‪ ،‬وهناك التفسير الكلمي‪ ،‬وهناك التفسير الدبي‪ ،‬وهناك التفسير الجتماعي‪،‬‬ ‫وهناك التفسير العلمي‪ ،‬وهناك التفسير التحليلي‪ ،‬كل ذلك في حقيقته اصطباغ‬ ‫للتفسير بالرأي المقبول بحسب الشخصية العلمية للمفسر‪.‬‬ ‫‪ () 3‬تفسير ابن جرير الطبري المعروف بش )جامع البيان عن آي القرآن( هو من كتب‬ ‫التفسير الجامعة بين التفسير بالمنقول والتفسير بالستدلل‪ ،‬مثله مثل تفسير‬ ‫البغوي وابن كثير؛ لكن صبغة التفسير بالمأثور غالبة‪ ،‬وتوجيهاته وترجيحاته دائرة في‬ ‫مجال التفسير المنقول‪ ،‬فعد من التفسير بالمأثور تغليبًا‪ ،‬وإل فهو من كتب التفسير‬ ‫الجامعة بين الرواية والدراية‪.‬‬ ‫‪ () 4‬ولهذا تجد أصحاب البدع إذا فسروا نصوص الشرع التي تخالف معتقدهم يلوونها‬ ‫لتوافق اعتقادهم‪.‬‬ ‫ومن أجل هذا قالوا في آداب البحث والمناظرة‪ :‬استدل ثم اعتقد‪ ،‬لنك إذا اعتقدت‬ ‫ثم استدللت فإنك تبحث عما يؤيد اعتقادك‪ ،‬ل عن الحق من حيث هو‪ .‬فالطريقة‬ ‫القويمة أن تستدل ثم تعتقد‪ ،‬متمسكا ً في استدللك بالكتاب والسنة على منهج‬ ‫السلف الصالح‪ ،‬فل تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام‪ ،‬وكن حريصا ً على التباع‬ ‫ولزوم المر العتيق‪ ،‬فإنك إذا فعلت اهتديت‪ ،‬وإن خالفته لحقك الضلل‪" ،‬تركت فيكم‬ ‫ما إن أخذتم به لن تضلوا‪ :‬كتاب الله وسنتي‪ ،‬ولن يتفرقا حتى يردا علي‬ ‫الحوض"]المستدرك)‪.[(324‬‬

‫‪71‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ن َ‬ ‫ن‬ ‫ب ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ن غَي ْرِ ن َظ َرٍ إَلى ال ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ن ب ِل ُغَةِ ال ْعََر ِ‬ ‫مت َك َل ّم ِ ِبال ُْقْرآ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن الّناط ِِقي َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫)(‬ ‫ه ‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫ب بِ ِ‬ ‫ل عَل َي ْهِ َوال ْ ُ‬ ‫َوال ْ ُ‬ ‫خاط َ ِ‬ ‫من َّز ِ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ذي َرأوْهُ ِ‬ ‫معَْنى ال ّ ِ‬ ‫فاْل َوُّلو َ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫حّق ُ‬ ‫ن غَي ْرِ ن َظ َرٍ إَلى َ‬ ‫وا ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َراعَ ْ‬ ‫أ َل َْفا ُ‬ ‫ن) (‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫ن الد َّلل َةِ َوال ْب ََيا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ظ ال ُْقْرآ ِ‬ ‫عندهُ َ‬ ‫ه‬ ‫واْل َ‬ ‫ريد َ ب ِ ِ‬ ‫جّرد َ الل ّْف ِ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫خُرو َ‬ ‫جوُز ِ ْ َ ْ‬ ‫ظ‪ ،‬وَ َ‬ ‫وا ُ‬ ‫ن َراعَ ْ‬ ‫ن يُ ِ‬ ‫ق ال ْك ََلم ِ ‪.‬‬ ‫مت َك َل ّم ِ ب ِهِ وَل ِ ِ‬ ‫ي ِ‬ ‫صل ُ ُ‬ ‫ح ل ِل ْ ُ‬ ‫ن غَي ْرِ ن َظ َرٍ إَلى َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْعََرب ِ ّ‬ ‫سَيا ِ‬ ‫ما ي َغْل َ ُ‬ ‫ظ ل ِذ َل ِ َ‬ ‫معَْنى ِفي‬ ‫ل الل ّْف ِ‬ ‫ن ِفي ا ْ‬ ‫طو َ‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫حت ِ َ‬ ‫م هَؤَُلِء ك َِثيًرا َ‬ ‫ثُ ّ‬ ‫ما ِ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫)‪ (1‬تقدم التنبيه على خطورة تفسير القرآن بمجرد ما يسوغ لغة‪ ،‬وإعرابًا‪ ،‬وفي هذا‬ ‫المعنى يقول ابن قيم الجوزية رحمه الله في كتابه بدائع الفوائد )‪:(28-3/27‬‬ ‫"وينبغي أن يتفطن ههنا لمر ل بد منه وهو أنه ل يجوز أن يحمل كلم الله عز وجل‬ ‫ويفسر بمجرد الحتمال النحوي العرابي الذي يحتمله تركيب الكلم ويكون الكلم به‬ ‫له معنى ما؛‬ ‫فإن هذا مقام غلط فيه أكثر المعربين للقرآن‪ ،‬فإنهم يفسرون الية ويعربونها بما‬ ‫يحتمله تركيب تلك الجملة‪ ،‬ويفهم من ذلك التركيب أي معنى اتفق‪ ،‬وهذا غلط عظيم‬ ‫يقطع السامع بأن مراد القرآن غيره؛ وإن احتمل ذلك التركيب هذا المعنى في سياق‬ ‫آخر وكلم آخر‪ ،‬فإنه ل يلزم أن يحتمله القرآن‪.‬‬ ‫مثل قول بعضهم في قراءة من قرأ )والرحام إن الله كان عليكم رقيبا( بالجر‪ :‬إنه‬ ‫قسم‪.‬‬ ‫ومثل قول بعضهم في قوله تعالى )وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام(‪:‬‬ ‫إن المسجد مجرور بالعطف على الضمير المجرور في به‪.‬‬ ‫ومثل قول بعضهم في قوله تعالى‪) :‬لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون‬ ‫يؤمنون بما أنزل إليك وما انزل من قبلك والمقيمين الصلة(‪ :‬إن المقيمين مجرور‬ ‫بواو القسم‪.‬‬ ‫ونظائر ذلك أضعاف أضعاف ما ذكرنا‪ ،‬وأوهى بكثير‪.‬‬ ‫بل للقرآن عرف خاص ومعان معهودة ل يناسبه تفسيره بغيرها ول يجوز تفسيره‬ ‫بغير عُْرِفه والمعهود من معانيه‪ ،‬فإن نسبة معانيه إلى المعاني كنسبة ألفاظه إلى‬ ‫اللفاظ بل أعظم‪ ،‬فكما أن ألفاظه ملوك اللفاظ‪ ،‬وأجلها‪ ،‬وأفصحها‪ ،‬ولها من‬ ‫الفصاحة أعلى مراتبها‪ ،‬التي يعجز عنها قدر العالمين؛ فكذلك معانيه أجل المعاني‬ ‫وأعظمها وأفخمها فل يجوز تفسيره بغيرها من المعاني التي ل تليق به بل غيرها‬ ‫أعظم منها وأجل وأفخم‪.‬‬ ‫فل يجوز حمله على المعاني القاصرة بمجرد الحتمال النحوي العرابي فتدبر هذه‬ ‫القاعدة ولتكن منك على بال فإنك تنتفع بها في معرفة ضعف كثير من أقوال‬ ‫المفسرين وزيفها وتقطع أنها ليست مراد المتكلم تعالى بكلمه وسنزيد هذا إن شاء‬ ‫الله تعالى بيانا وبسطا في الكلم على أصول التفسير فهذا أصل من أصوله بل هو‬ ‫أهم أصوله"اهش‬ ‫وتقدم في أول هذا الشرح ذكر كلم ابن هشام في )مغني اللبيب( ص ‪ ،684‬فقد‬ ‫تأتي أوجه من العراب لللفاظ تسوغ لغة ونحوا ً ولكن ل تسوغ تفسيرًا؛ حيث ذكر‬ ‫ابن هشام في مغني اللبيب في الباب الخامس الجهات التي يدخل العتراض على‬ ‫المعرب من جهتها وهي عشرة‪ ،‬الجهة الولى ‪ :‬أن يراعي ما يقتضيه ظاهر الصناعة‬ ‫و ل يراعي المعنى‪ ،‬وكثيرا ما تزل القدام بسبب ذلك"اهش‬ ‫فإن قيل‪ :‬القرآن نزل بلسان عربي مبين ‪ ،‬فلماذا كان هذا خطئا ً ؟‬ ‫فالجواب‪ :‬لنك ل بد أن تلحظ خصوصية اللفظ القرآني والنبوي‪ ،‬فكم من لفظ جاء‬ ‫تفسيره ومعناه في لسان الشرع‪ ،‬وهو أدرى بمراده‪ ،‬وكم من لفظ يجرى على معنى‬ ‫في عرف الصحابة غيره في عرف اللغة‪ ،‬فالهجوم على تفسير اللفظ الوارد في‬ ‫النص الشرعي بمجرد المعنى اللغوي يلغي المعهود الشرعي أو العرفي للفظ الذي‬ ‫هذا سبيله‪.‬‬ ‫وبعبارة أخرى ‪ :‬الذي ينتج ‪ -‬من الهجوم على تفسير اللفاظ الشرعية بمجرد المعنى‬ ‫اللغوي دون البحث عن الحقيقة الشرعية والعرفية ‪ -‬إهمال المرادات الشرعية‪،‬‬ ‫وضياع المعنى الشرعي في تفسير اللفظ‪ ،‬وقد فصلت الكلم في هذه القضية في‬ ‫كتاب مفرد‪ ،‬مع إيراد أكثر من خمسين لفظة جاءت في الشرع لم يراع في تفسيرها‬ ‫هذه القاعدة فشاع عند الناس تفسيرها بغير المراد منها شرعًا‪ ،‬وكان ذلك سببا في‬ ‫تسويغ بعض البدع‪ ،‬واسمه "الحقيقة الشرعية في تفسير ألفاظ القرآن والسنة‬ ‫النبوية"‪ ،‬وهو مطبوع ولله الحمد‪.‬‬ ‫فليس كل ما جاز لغة جاز تفسيرًا‪ ،‬وهناك قوم من المفسرين يستندون في‬ ‫تفسيرهم على الستدلل‪ ،‬يفسرون اليات والحاديث بحسب اللغة ‪ ،‬فنتج عن هذا‬ ‫إهمال المرادات الشرعية؛ فأضاعوا الحقائق الشرعية لللفاظ‪ ،‬وأضاعوا الحقائق‬ ‫العرفية لللفاظ‪ ،‬وبالتالي صار عندنا تفسير قرآن ليس هو التفسير الذي أراده الله‬ ‫سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫‪72‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ذين قَب ْل َهم‪ ،‬ك َما أ َ ّ َ‬ ‫ما ي َغْل َ ُ‬ ‫ط ِفي ذ َل ِ َ‬ ‫ما‬ ‫ن ك َِثيًرا َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫الل ّغَةِ ك َ َ‬ ‫ن اْلوِّلي َ‬ ‫ك ال ّ ِ َ‬ ‫ما ي َغْل َ ُ‬ ‫ي َغْل َ ُ‬ ‫ط ِفي‬ ‫معَْنى ال ّ ِ‬ ‫ن ِفي ِ‬ ‫سُروا ب ِهِ ال ُْقْرآ َ‬ ‫ص ّ‬ ‫طو َ‬ ‫ذي فَ ّ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫حةِ ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذ َل ِ َ‬ ‫سب َقَ وَن َظ َُر‬ ‫كا َ‬ ‫ك الخرون‪ ،‬وَإ ِ ْ‬ ‫معَْنى أ ْ‬ ‫ن إَلى ال ْ َ‬ ‫ن ن َظ َُر اْلوِّلي َ‬ ‫َ‬ ‫سب َقُ ‪.‬‬ ‫الخرين إَلى الل ّْف ِ‬ ‫ظأ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ن ل َْف َ‬ ‫ما د َ ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫ل عَل َي ْهِ وَأِريد َ‬ ‫سل ُُبو َ‬ ‫َواْل َوُّلو َ‬ ‫ن ‪َ :‬تاَرةً ي َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ظ ال ُْقْرآ ِ‬ ‫صن َْفا ِ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫بِ ِ‬ ‫م ي َد ُ ّ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫م ي َُرد ْ ب ِ ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫وََتاَرةً ي َ ْ‬ ‫ل عَل َي ْهِ وَل َ ْ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫ه عََلى َ‬ ‫مُلون َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن قَد ْ ي َ ُ‬ ‫معَْنى‬ ‫ه ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫كو ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ه أوْ إث َْبات َ ُ‬ ‫دوا ن َْفي َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫وَِفي ك ََل اْل ْ‬ ‫ما قَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫مَري ْ ِ‬ ‫َباط ًِل فَي َ ُ‬ ‫ل‪.‬‬ ‫ن َ‬ ‫كو ُ‬ ‫ل َوال ْ َ‬ ‫خط َؤُهُ ْ‬ ‫مد ُْلو ِ‬ ‫م ِفي الد ِّلي ِ‬ ‫حّقا فَي َ ُ‬ ‫وَقَد ْ ي َ ُ‬ ‫ل) (‪.‬‬ ‫ن َ‬ ‫كو ُ‬ ‫ن َ‬ ‫كو ُ‬ ‫ل َل ِفي ال ْ َ‬ ‫خط َؤُهُ ْ‬ ‫مد ُْلو ِ‬ ‫م ِفي الد ِّلي ِ‬ ‫َ‬ ‫ذا ك َ َ‬ ‫وَهَ َ‬ ‫ر‬ ‫ضا ِفي ت َْف ِ‬ ‫ه وَقَعَ ِفي ت َْف ِ‬ ‫ه وَقَعَ أي ْ ً‬ ‫ن فَإ ِن ّ ُ‬ ‫ما أن ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫سيرِ ال ُْقْرآ ِ‬ ‫سي ِ‬ ‫ث) (‪.‬‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ال ْ َ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫وهذا من أكبر الخطاء في الكتب الصغيرة التي تسمى )كلمات القرآن( ‪ ،‬فإن أغلب‬ ‫الذين يفسرون في كلمات القرآن يفسرون من حيث اللغة‪ ،‬وقد سبق ذكر أمر آخر‬ ‫يقع في مثل هذه الكتب وهو‪ :‬أنه قد يأتي للفظة القرآنية أكثر من معنى وهو ل يورد‬ ‫إل معنى واحدًا‪ ،‬فيتحكم في ذلك‪ ،‬وقد يكون هذا المعنى الواحد بعض المراد ل كله‪،‬‬ ‫وهذا قصور!‬ ‫)‪ (2‬الولون هم الذين حملوا ألفاظ القرآن على اعتقادهم‪ .‬وسيأتي للمصنف ذكر‬ ‫أمثلة لتفاسيرهم الباطلة‪.‬‬ ‫)‪ (1‬الذين يحملون النصوص الشرعية على ما يعتقدونه‪ ،‬لهم ثلث أحوال‪:‬‬ ‫الحال الولى ‪ :‬أن تكون عقيدتهم باطلة وبالتالي استدللهم باطل ‪.‬‬ ‫الحال الثانية ‪ :‬أن يكون المعنى الذي يريدون حمل النص عليه صحيحًا‪ ،‬لكن طريقة‬ ‫استدللهم باطلة‪.‬‬ ‫الحال الثالثة ‪ :‬أن يكون المعنى صحيحا ً واستدللهم صحيحًا‪ ،‬فلم يتجاوزوا فيه معنى‬ ‫القياس والعتبار‪.‬‬ ‫وهذا مثل ما ذكره شيخ السلم في غير هذا المحل في التفسير الشاري‪ ،‬التفسير‬ ‫الشاري هو تفسير الصوفية ‪ ،‬يأتون إلى اليات فيقولون ‪ :‬هذه الية فيها إشارة إلى‬ ‫ن‪.‬‬ ‫كذا ‪ ،‬فيها إشارة إلى كذا ‪ ،‬ويأتون بمعا ٍ‬ ‫)فائدة أصولية( ‪ :‬لللفاظ منطوق ومفهوم ‪ ،‬المنطوق خمسة أنواع ‪ :‬النص والظاهر‬ ‫والمؤول والقتضاء والشارة‪.‬‬ ‫ما هي الشارة ؟ هي ما يسمى عند المناطقة ‪ :‬بش )دللة اللزوم( بأن يدل اللفظ‬ ‫على شيء خارج معناه‪ ،‬ولكنه لزم له ‪.‬‬ ‫دللة الشارة من دللة المنطوق‪ ،‬وهي طريقة التفسير الشاري‪ .‬مثل ً ‪ :‬حينما يذكر‬ ‫أصحاب التفسير الشاري معنى صحيحا ً واستدلل ً صحيحًا‪ ،‬فيقولون‪ :‬إن المعاني‬ ‫الصحيحة والفقه الصحيح للدين ل يأتي أصحاب القلوب المتدنسة بالدنيا وشهواتها ‪،‬‬ ‫هذا أخذوه إشارة من قوله تعالى ‪) :‬ل يمسه إل المطهرون(‪ ،‬وأخذوه إشارة من قوله‬ ‫صلى الله عليه وسلم ‪) :‬إن الملئكة ل تدخل بيتا ً فيه كلب أو صورة( ‪ ،‬فهذا المعنى‬ ‫إذا جاءوا به من باب القياس والعتبار‪،‬فإن ُيقَبل منهم ‪ ،‬هذا تفسير إشاري مقبول‪.‬‬ ‫ول شك أن هذا التفسير الشاري المقبول ليس هو موضع الخطأ‪ ،‬ولذلك اقتصر شيخ‬ ‫السلم ابن تيمية في كلمه على ذكر النوعين الولين‪:‬‬ ‫الذين يأتون بمعنى باطل‪ ،‬واستللهم باطل‪.‬‬ ‫والذين يأتون بمعنى صحيح ولكن باستدلل باطل‪.‬‬ ‫وسكت عن النوع الثالث‪ ،‬لنه خارج الموضوع‪.‬‬ ‫)‪ (2‬هذا أصل مهم ‪ .‬كل ما تكلم به العلماء في القرآن ؛ مثله يأتي في الحديث‪ ،‬ألم‬ ‫يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬أل إني أوتيت القرآن ومثله معه"؟! إل ما‬ ‫اختص به القرآن مما د ّ‬ ‫ل الدليل على اختصاصه؛‬ ‫في القرآن يوجد محكم ومتشابه‪ ،‬وفي الحديث فيه كذلك‪.‬‬ ‫وفي القرآن يوجد أسباب نزول وفي الحديث كذلك‪ ،‬وهي أسباب ورود الحديث‪.‬‬ ‫في القرآن الكلم عن نزوله والوحي به‪ ،‬وفي السنة كذلك‪ ،‬يقول حسان بن عطية ‪-‬‬ ‫وهو أحد التابعين الثقات ‪" :-‬كان جبريل ينزل بالسنة كما كان ينزل بالقرآن"‪ .‬وحديث‬ ‫يعلى بن أمية لما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن رجل أحرم‬ ‫وتضمخ بطيب في إحرامه ما الذي يصنع ؟ فأغفى إغفاءة ‪ ‬تعتريه عندما يوحى‬ ‫إليه‪ ،‬ثم قال ‪ :‬أين السائل آنفًا؟ قال له أنا يا رسول الله ؟ قال ‪ :‬انزع ثوبيك‬

‫‪73‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫فم َ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫ل‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫ل‪ِ -‬‬ ‫فَا َل ّ ِ‬ ‫ل َوال ْ َ‬ ‫ن أهْ ِ‬ ‫وائ ِ َ ِ ْ‬ ‫ل طَ َ‬ ‫مد ُْلو ِ‬ ‫خط َُئوا ِفي الد ِّلي ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ن َل‬ ‫مذ ْهًَبا ي ُ َ‬ ‫م ُ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫ط ال ّ ِ‬ ‫حق ّ ا ل ّ ِ‬ ‫ف ال ْ َ‬ ‫ال ْب ِد َِع ‪ -‬اعْت ََق ُ‬ ‫ة ال ْوَ َ‬ ‫ذي عَل َي ْهِ اْل ّ‬ ‫دوا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫َ‬ ‫ضَلل َةٍ ك َسل َ ِ ُ‬ ‫ن‬ ‫جت َ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ن عََلى َ‬ ‫مُعو َ‬ ‫يَ ْ‬ ‫َ‬ ‫مت َِها وَعَ َ‬ ‫مةِ وَأئ ِ ّ‬ ‫ف اْل ّ‬ ‫دوا إَلى ال ُْقْرآ ِ‬ ‫َ‬ ‫م؛‬ ‫فَت َأوُّلوهُ عََلى آَرائ ِهِ ْ‬ ‫ة ِفيَها‪.‬‬ ‫م وََل د ََلل َ َ‬ ‫ن ِبآَيا ِ‬ ‫ست َدِّلو َ‬ ‫َتاَرةً ي َ ْ‬ ‫مذ ْهَب ِهِ ْ‬ ‫ت عََلى َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ما ي ُ َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫حّرُفو َ‬ ‫ما ي ُ َ‬ ‫وََتاَرةً ي َت َأوُّلو َ‬ ‫ن ب ِهِ ال ْك َل ِ َ‬ ‫م بِ َ‬ ‫مذ ْهَب َهُ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ن َ‬ ‫م عَ ْ‬ ‫ن هَؤَُلِء فَِرقُ ال ْ َ‬ ‫معْت َزِل َةِ‬ ‫ه‪ ،‬وَ ِ‬ ‫ضع ِ ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ض والجهمية َوال ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫خ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫ج َوالّرَوافِ ِ‬ ‫وارِ ِ‬

‫واغسلهما ثم البسهما واصنع في عمرتك ما أنت صانعه في حجك"]البخاري‬ ‫ومسلم[‪ ،‬أو كما قال ‪ ،‬أنه أثبت أنها فتوى وجواب الرسول صلى الله عليه وسلم‬ ‫كانت وحيًا‪ ،‬فكان يوحي إليه بالسنة وبالحكام ‪ ،‬ويكفي قوله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬ ‫"إل إني أوتيت القرآن ومثله معه"‪.‬‬ ‫كلم شيخ السلم في قضية التفسير وأنه على نوعين ‪ ،‬تفسير بالرواية ‪ ،‬وتفسير‬ ‫بالدراية‪ ،‬ومثله يأتي في الحديث وشرحه‪ .‬تقرأون كتب ابن رجب في شرح الحديث‬ ‫وأشهرها جامع العلوم والحكم في شرح الربعين النووية مع زيادات له‪ ،‬رحمه الله‪، ،‬‬ ‫هل هي مثل كتب ابن حجر في شرح الحديث؟ أل تلحظون أن هناك اختلفا ً في‬ ‫السلوب؟ جامع العلوم والحكم‪ ،‬أل تلحظون أن ابن رجب صيغته في الشرح الكثار‬ ‫من إيراد الروايات عن السلف والتابعين والصحابة وغيرهم في تفسير الحديث أكثر‬ ‫من طريقة ابن حجر‪.‬‬ ‫والجزاء الحديثية التي عند أهل الحديث هي من طرق شرح الحديث‪ ،‬سواء كان‬ ‫الجزء في مسألة بعينها وما ورد فيها‪ ،‬أم كان في روايات حديث بعينه‪ ،‬فيأتي‬ ‫بالحديث الواحد ويجمع كل الحاديث المتعلقة به‪ ،‬مثل ‪) :‬جزء القراءة خلف المام( ‪،‬‬ ‫و )جزء رفع اليدين(‪ ،‬فهذه تعتبر شروح للحاديث الواردة في هذا الموضوع عن‬ ‫طريق الروايات وعن طريق أقوال السلف وعن طريق كلم الصحابة والتابعين في‬ ‫دث على إيراد الروايات المرفوعة‬ ‫هذا الموضوع‪ ،‬مثل التفسير بالمأثور‪ ،‬فإن زاد المح ّ‬ ‫والثار الموقوفة أو المقطوعة عن التابعين كلما ً منه في البيان‪ ،‬مثل ما يصنع‬ ‫الطبري مثل ً في ‪) :‬تهذيب الثار( ؛ فهذا يعتبر شرح بالدراية‪ ،‬وانظر مصداق كلمي‬ ‫في كتاب شرح معاني الثار للطحاوي‪.‬‬ ‫أي شيء يأتي في خاطركم في القرآن الكريم‪ ،‬مثله يأتي في السنة إل ما استثناه‬ ‫الدليل‪ ،‬حتى قضية العجاز في القرآن موجودة أيضا ً في السنة‪ ،‬ولكن بما يلئم‬ ‫السنة ‪ ،‬فإن القرآن معجر في ألفاظه‪ ،‬ولكن السنة معجزة من جهات أخرى‪:‬‬ ‫الجهة الولى ‪ :‬ما تضمنته سنته ‪ ‬من الفصاحة والبلغة‪.‬‬ ‫الجهة الثانية ‪ :‬ما تضمنته سنته ‪ ‬من الخبار عن أمور غيبية‪.‬‬ ‫الجهة الثالثة ‪ :‬ما تضمنته سنته ‪ ‬من اليات التي رآها الصحابة حسًا‪.‬‬ ‫الجهة الرابعة ‪ :‬ما تضمنته سنته ‪ ‬من تشريعات تخرج عن حد قدرة البشر‪ ،‬يشهد‬ ‫بصدقها وصلحيتها وإصلحها للبشرية جمعاء الواقع يوما ً بعد يوم إذا ً السنة فيها أيضا ً‬ ‫إعجاز كما في القرآن‪.‬‬ ‫هذا الصل مهم جدا ً ينبغي أن يتنبه له طلب العلم فإنه يعينهم على فهم السنة وعلى‬ ‫فتح أنواع كثيرة من أنواع الحديث غائبة عن الذهان ‪.‬‬ ‫وهناك أنواع كثيرة من أنواع الحديث غائبة عن الذهان يمكن استخراجها من خلل‬ ‫مقارنتها بعلوم القرآن‪ ،‬يأتي للنوع من علوم القرآن الموجود في علوم القرآن‬ ‫ويستخرج مثله في السنة‪.‬‬ ‫وكان عند الشيخ بكر أبو زيد – عافاه الله – مشروع اسمه )مد علوم الحديث (يعني ‪:‬‬ ‫زيادته‪ ،‬أقول‪ :‬من الطرق التي تستطيع أن تمد بها علوم الحديث أن تنظر في أنواع‬ ‫علوم القرآن وتصنع مثلها في السنة‪.‬‬

‫‪74‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫م) (‪.‬‬ ‫جئ َةِ وَغَي ْرِهِ ْ‬ ‫مْر ِ‬ ‫َوال َْقد َرِي ّةِ َوال ْ ُ‬ ‫م ْ َ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫وَهَ َ‬ ‫م ِ‬ ‫داًل‪ ،‬وَقَد ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ما وَ ِ‬ ‫س ك ََل ً‬ ‫مث ًَل فَإ ِن ّهُ ْ‬ ‫معْت َزِل َةِ َ‬ ‫كال ْ ُ‬ ‫ن أعْظم ِ الّنا ِ‬ ‫ُ‬ ‫م;‬ ‫صن ُّفوا ت ََفا ِ‬ ‫مذ ْهَب ِهِ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫سيَر عََلى أ ُ‬ ‫َ‬ ‫صو ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن‬ ‫خ إب َْرا ِ‬ ‫ل ت َْف ِ‬ ‫ِ‬ ‫سيرِ عَب ْدِ الّر ْ‬ ‫هي َ‬ ‫ص ّ‬ ‫ح َ‬ ‫ن كيسان ال َ‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫م بْ ِ‬ ‫شي ْ ِ‬ ‫ن بْ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫عي َ‬ ‫ن ي َُناظ ُِر ال ّ‬ ‫ي‪.‬‬ ‫ن عُل َي ّ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ة ال ّ ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ل بْ‬ ‫إ ْ‬ ‫س َ‬ ‫شافِعِ ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ي الجبائي‪.‬‬ ‫وَ ِ‬ ‫ل ك َِتا ِ‬ ‫ب أِبي عَل ِ ّ‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫مد الهمداني‪.‬‬ ‫سيرِ ال ْك َِبيرِ ل ِل َْقا ِ‬ ‫َوالت ّْف ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ضي عَب ْدِ ال ْ َ‬ ‫ح َ‬ ‫جّبارِ ب ْ ِ‬ ‫ي‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫ي بْ‬ ‫عي َ‬ ‫سى الّر ّ‬ ‫مان ِ ّ‬ ‫وَل ِعَل ِ ّ‬ ‫ِ‬ ‫َوال ْك َ ّ‬ ‫سم ِ الزمخشري؛‬ ‫ف ِل َِبي ال َْقا ِ‬ ‫شا ِ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫ة) (‪.‬‬ ‫معْت َزِل َ ِ‬ ‫ذاهِ َ‬ ‫م اعْت ََق ُ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫دوا َ‬ ‫مَثال ُهُ ْ‬ ‫فَهَؤَُلِء وَأ ْ‬ ‫ُ‬ ‫حيد ُ َوال ْعَد ْ ُ‬ ‫صو ُ‬ ‫ل‬ ‫معْت َزِل َةِ َ‬ ‫م ‪ :‬الت ّوْ ِ‬ ‫س ٌ‬ ‫ة يُ َ‬ ‫م َ‬ ‫مون ََها هُ ْ‬ ‫س ّ‬ ‫خ ْ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫وَأ ُ‬ ‫َ‬ ‫ن ال ْ َ َ‬ ‫ن‬ ‫ن وَإ ِن َْفاذ ُ ال ْوَ ِ‬ ‫من ْزِل َ ُ‬ ‫معُْرو ِ‬ ‫مُر ِبال ْ َ‬ ‫عيدِ َواْل ْ‬ ‫َوال ْ َ‬ ‫ي عَ ْ‬ ‫ف َوالن ّهْ ُ‬ ‫ة ب َي ْ َ‬ ‫من ْزِلت َي ْ ِ‬ ‫من ْك َرِ ‪.‬‬ ‫ال ْ ُ‬ ‫ت وَغَي ُْر‬ ‫م هُوَ ت َوْ ِ‬ ‫وت َوْ ِ‬ ‫صَفا ِ‬ ‫حيد ُ الجهمية ال ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مون ُ ُ‬ ‫ض ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫حيد ُهُ ْ‬ ‫ي ال ّ‬ ‫ه ن َْف ُ‬ ‫ذ َل ِ َ‬ ‫ق‬ ‫م ْ‬ ‫س فَوْ َ‬ ‫خُلو ٌ‬ ‫ن ال ُْقْرآ َ‬ ‫ه َل ي َُرى‪ ،‬وَإ ِ ّ‬ ‫ك َقاُلوا‪ :‬إ ّ‬ ‫ق‪ ،‬وَإ ِن ّ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ه ل َي ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫صٌر‪،‬‬ ‫حَيا ٌ‬ ‫م وََل قُد َْر ٌ‬ ‫م ب ِهِ ِ‬ ‫م ٌ‬ ‫ة‪ ،‬وََل َ‬ ‫ه َل ي َُقو ُ‬ ‫ة‪ ،‬وََل َ‬ ‫س ْ‬ ‫عل ْ ٌ‬ ‫م‪ ،‬وَإ ِن ّ ُ‬ ‫ع‪ ،‬وََل ب َ َ‬ ‫الَعال ِ‬ ‫ت‪.‬‬ ‫ن ال‬ ‫م‬ ‫صَف ٌ‬ ‫شيئ َ ٌ‬ ‫صَفا ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫ة وََل ِ‬ ‫م ِ‬ ‫وََل ك ََل ٌ‬ ‫م وََل َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫وأ َما عدل ُهم فَمن مضمونه أ َن الل ّه ل َم ي َ ْ‬ ‫ميعَ ال ْ َ‬ ‫ت وََل‬ ‫كائ َِنا ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫شأ َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ ّ َ ْ ُ ْ ِ ْ َ ْ ُ ِ ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن أفَْعا َ‬ ‫خل ََقَها ك ُل َّها وََل هُوَ َقادٌِر عَل َي َْها ك ُل َّها; ب َ ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل ِ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ل ال ْعَِبادِ ل َ ْ‬ ‫عن ْد َهُ ْ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫)( تقول لهم‪ :‬الله جل وعل موصوف بالستواء‪ ،‬استوى على عرشه‪ ،‬كما وصف نفسه‬ ‫في كتابه‪ ،‬فيقولون‪) :‬استوى( بمعنى )استولى(‪ ،‬ويستدلون بقول الشاعر ‪:‬‬ ‫قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراق‬ ‫وهذا الشعر لشاعر نصراني ليس بمسلم وهو الخطل‪.‬‬ ‫وهذا المعنى على فرض صحته لغة فإنه ل يصح في تفسير الستواء الذي صفة لله‬ ‫تعالى‪ ،‬لن السلف لم يفسروا )الستواء( بمعنى‪ :‬الستيلء‪ ،‬والله سبحانه وتعالى‬ ‫)ليس كمثله شيء(‪ ،‬فإن الذي استولى على الشيء قَب ِ َ‬ ‫ل أن ينازعه فيه غيره والله ل‬ ‫ينازعه في ملكه أحد‪) .‬استوى على العرش( على الوجه اللئق بجلله بمعنى‪ :‬عل‬ ‫وارتفع على الوجه اللئق بجلله )ليس كمثله شيء وهو السميع البصير(‪ .‬قال مالك‬ ‫ومن قبِله أم سلمة ومن قبله ربيعة بن عبد الرحمن المعروف بش ) ربيعة الرأي (‬ ‫قالوا‪ :‬الستواء معلوم‪ ،‬يعني ‪ :‬من حيث اللغة بمعنى عل وارتفع ‪ ،‬والكيف مجهول‪،‬‬ ‫والسؤال عنه بدعة"؛ لن السلف لما سمعوا هذه العبارة وقرأوا هذه اليات فهموا‬ ‫منها معنى العلو والرتفاع على الوجه اللئق بجلله‪ ،‬وفوضوا أمر الكيفية‪ ،‬ولم‬ ‫يفوضوا المعنى‪ ،‬قالوا‪ :‬على الوجه اللئق بجلله‪.‬‬ ‫)( وعلى طالب العلم أن يحذر من كتب أهل البدع‪ ،‬وهو ل يخلو من حالتين ‪:‬‬ ‫الحال الول ‪ :‬أن يكون لديه تمييز بين البدعة وغير البدعة‪ ،‬فهذا إن احتاج أن ينظر ل‬ ‫بأس بذلك لنه يميز لكن ل ينقل من هذه الكتب شيئا ً يجده عند أهل السنة‪ ،‬فإن‬ ‫العزو إلى كتب أهل البدع فيه رفع لذكرهم‪ ،‬والمطلوب إخماد ذكرهم حتى ل يغرر‬ ‫بهم عوام أهل السنة ومن في حكمهم‪.‬‬ ‫أما إذا كان طالب العلم ل يميز بين السنة والبدعة يخشى أن يدخل عليه من كلم‬ ‫أهل البدع إذا ما رجع إلى كتبهم فإنه يحرم عليه النظر فيها سدا ً للذريعة‪.‬‬ ‫وينبغي لطالب العلم أل يغتر حتى لو كان لك تمييز فالفضل لك أن ل تنظر فيها‪ ،‬فإن‬ ‫النظر في كتب أهل البدع قد يجعل الشبه تلبس قلبك ‪ ،‬وتدخل في فؤادك وأنت ل‬ ‫تشعر؛ ولذلك جاء عن بعض السلف قوله‪" :‬فِّر من صاحب البدعة فرارك من‬ ‫جرَِبك فينتقل لك جربه ومرضه"‪.‬‬ ‫المجذوم‪ ،‬نخشى أن ي ُ ْ‬ ‫وكان أحمد بن حنبل إذا احتاج في رواية الحديث إلى رواية شيخ من أهل البدع وهو‬ ‫يعاصره سمعها من رجل عنه ولم يسمعها منه مباشرة إذا احتاج إليها ول توجد عند‬ ‫غيره‪ ،‬ل يريد الرواية عنه مباشرة لن فيها نوع إعلء لذكر هذا الرجل‪.‬‬

‫‪75‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َ‬ ‫مَر ب ِهِ َ‬ ‫ها وََل َ‬ ‫ما‬ ‫شْر ً‬ ‫ه‪َ ،‬ل َ‬ ‫يَ ْ‬ ‫شّر َ‬ ‫خي َْر َ‬ ‫عا وَ َ‬ ‫ما أ َ‬ ‫م ي ُرِد ْ إّل َ‬ ‫ها‪ ،‬وَل َ ْ‬ ‫خل ُْقَها الل ّ ُ‬ ‫ه يَ ُ‬ ‫وى ذ َل ِ َ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫س‬ ‫شيئ َت ِ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ِ‬ ‫كو ُ‬ ‫ن ب ِغَي ْرِ َ‬ ‫ك فَإ ِن ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫شيعَةِ َ‬ ‫م عََلى ذ َل ِ َ‬ ‫خُرو ال ّ‬ ‫ر‬ ‫مت َأ ّ‬ ‫مِفيدِ وَأِبي َ‬ ‫كال ْ ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫وَقَد ْ َوافََقهُ ْ‬ ‫جعَْف ٍ‬ ‫َ‬ ‫جعَْفرٍ هَ َ‬ ‫ن‬ ‫ريَق ِ‬ ‫ذا ت َْف ِ‬ ‫ما‪ ،‬وَِل َِبي َ‬ ‫مَثال ِهِ َ‬ ‫الطوسي وَأ ْ‬ ‫ة; ل َك ِ ْ‬ ‫سيٌر عََلى هَذِهِ الط ّ ِ‬ ‫م إَلى ذ َل ِ َ‬ ‫ك قَوْ ُ‬ ‫ي عَ َ‬ ‫م‬ ‫معْت َزِل َ َ‬ ‫شرِي ّ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ة; فَإ ِ ّ‬ ‫يُ َ‬ ‫س ِفيهِ ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ل اْل ِ َ‬ ‫ض ّ‬ ‫ة ل َي ْ َ‬ ‫مي ّةِ اِلث ْن َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ل ب ِذ َل ِ َ‬ ‫ن ي َُقو ُ‬ ‫ي‪.‬‬ ‫خَلفَ َ‬ ‫ن ي ُن ْك ُِر ِ‬ ‫ما َ‬ ‫مَر وَعُث ْ َ‬ ‫ة أِبي ب َك ْرٍ وَعُ َ‬ ‫ك وََل َ‬ ‫َ‬ ‫ن وَعَل ِ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫مع َ ال ْ َ‬ ‫عيدِ ِفي اْل ِ‬ ‫ج إن َْفاذ ُ ال ْوَ ِ‬ ‫وَ ِ‬ ‫خَرةِ وَأ ّ‬ ‫معْت َزِل َةِ َ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫نأ ُ‬ ‫خ َ‬ ‫صو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وارِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه َل ي َْقب َ ُ‬ ‫ل ال ْك ََبائ ِرِ َ‬ ‫ن الّناِر) (‪.‬‬ ‫ة وََل ي ُ ْ‬ ‫شَفاعَ ً‬ ‫دا ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ح ً‬ ‫مأ َ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫الل ّ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِفي أهْ ِ‬ ‫َ‬ ‫جئ َةِ والكرامية‬ ‫وائ ِ ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫وََل َري ْ َ‬ ‫مْر ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ه قَد ْ َرد ّ عَل َي ْهِ ْ‬ ‫ب أن ّ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م طَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫صاُروا ِفي‬ ‫ساُءوا أ ُ ْ‬ ‫والكلبية وَأ َت َْبا ِ‬ ‫خَرى َ‬ ‫م; فَأ ْ‬ ‫سُنوا َتاَرةً وَأ َ‬ ‫ح َ‬ ‫عه ِ ْ‬ ‫حّتى َ‬ ‫س َ‬ ‫ط ِفي غَي ْرِ هَ َ‬ ‫ضِع‪.‬‬ ‫ي ن َِقي‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫ما قَد ْ ب ُ ِ‬ ‫ذا ال ْ َ‬ ‫ض كَ َ‬ ‫ط ََرفَ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫مُلوا أ َل َْفا َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ن‬ ‫ن ِ‬ ‫م َ‬ ‫ل هَؤَُلِء اعْت ََق ُ‬ ‫صود ُ أ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫دوا َرأًيا ث ُ ّ‬ ‫َوال ْ َ‬ ‫مْق ُ‬ ‫ظ ال ُْقْرآ ِ‬ ‫ن‬ ‫سل َ ٌ‬ ‫ن وََل ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫م ب ِإ ِ ْ‬ ‫ص َ‬ ‫ح َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ل َهُ ْ‬ ‫س ل َهُ ْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫عَل َي ْهِ وَل َي ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫سا ِ‬ ‫حاب َةِ َوالّتاب ِِعي َ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‪.‬‬ ‫م وََل ِفي ت َْف ِ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫سيرِهِ ْ‬ ‫ن َل ِفي َرأي ِهِ ْ‬ ‫مةِ ال ْ ُ‬ ‫أئ ِ ّ‬ ‫مي َ‬ ‫ن‬ ‫ه ي َظ ْهَُر ِ‬ ‫ن ت ََفا ِ‬ ‫سيرٍ ِ‬ ‫ن ت َْف ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫م ال َْباط ِل َةِ إّل وَب ُط َْلن ُ ُ‬ ‫سيرِهِ ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫جوهٍ ك َِثيَرةٍ وَذ َل ِ َ‬ ‫ن‪:‬‬ ‫ك ِ‬ ‫وُ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫جهَت َي ْ ِ‬ ‫م‪.‬‬ ‫َتاَرةً ِ‬ ‫ن ال ْعِل ْم ِ ب َِف َ‬ ‫سادِ قَوْل ِهِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ما د َِليًل عََلى‬ ‫وََتاَرةً ِ‬ ‫سُروا ب ِهِ ال ُْقْرآ َ‬ ‫ما فَ ّ‬ ‫ن ال ْعِل ْم ِ ب َِف َ‬ ‫ن‪ ،‬إ ّ‬ ‫سادِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫قَول ِهم‪ ،‬أ َ‬ ‫واًبا عََلى ال ْ‬ ‫م) (‪.‬‬ ‫ر‬ ‫عا‬ ‫م‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ض ل َهُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫)( المعتزلة يقولون بالمنزلة بين المنزلتين لهل الكبائر‪ ،‬والخوارج يقولون ‪ :‬أهل‬ ‫الكبائر في النار خالدين مخلدين كالكفار بل هم كفار‪ .‬والمعتزلة خالفوا الخوارج‪،‬‬ ‫وقالوا‪ :‬أصحاب الكبائر في منزلة بين المنزلتين‪ ،‬ثم مآلهم إلى النار فخالفوهم في‬ ‫الوصف ووافقوهم في الحكم‪ ،‬فإن الصل الرابع من أصولهم‪ :‬انفاذ الوعيد‪ ،‬وهو‬ ‫يقتضي أن هؤلء ينفذ فيهم الوعيد فيكونون في النار‪ ،‬فهم خالفوا الخوارج في‬ ‫البتداء ووافقوهم في المآل‪ ،‬فهم يقولون ‪ :‬أصحاب الكبائر في منزلة بين‬ ‫المنزلتين ‪ ،‬ليس كقول الخوارج ولكن قالوا‪ :‬بأن مآلهم إلى النار إنفاذا ً للوعيد‪.‬‬ ‫والصل الخامس وهو‪ :‬المر بالمعروف والنهي عن المنكر ‪ ،‬حقيقته عندهم ‪ :‬المر‬ ‫بالنكار على السلطان والحث على الخروج عليه ورفع السيف قال شيخ السلم في‬ ‫موضع آخر‪" :‬والمر بالمعروف والنهي عن المنكر ‪ :‬يتضمن عندهم جواز الخروج‬ ‫على الئمة ‪ ،‬وقتالهم بالسيف"‪ ،‬فهذا أصل من أصول المعتزلة التي توافق الخوارج‪،‬‬ ‫ليس عندهم أمر بالمعروف ونهي عن المنكر مثل أهل السنة بضوابط أهل السنة‪.‬‬ ‫أهل السنة ليس من عقيدتهم الخروج على السلطان المسلم ولو كان فاسقا ً جائرا‪ً،‬‬ ‫حتى المر بالمعروف والنهي عن المنكر مع السلطان ينبغي أن يكون بصورة ل‬ ‫يحصل منها خروج على السلطان ول ينتج عنها رفع السيف عليه ول قتل المسلمين‬ ‫وإراقة الدماء وإدخال الناس في فتن ومشاكل‪ ،‬لكن هذا من أصول المعتزلة‬ ‫والخوارج‪.‬‬ ‫)( )تارة من العلم بفساد قولهم( يعني ‪ :‬أن نعلم أن عقيدتهم هذه باطلة مخالفة لما‬ ‫عليه أهل السنة والجماعة ‪.‬‬ ‫)وتارة من العلم ببطلن استدللهم(‪ ،‬يعني ‪ :‬يستدلون بالية فيحملونها على معنى‪،‬‬ ‫والية ل تتناسب مع هذا المعنى ل من جهة لسياق ول من جهة السباق‪ .‬أو يكون‬ ‫عندنا دليل على تفسير الية يخالف كلمهم؛ فنحن نستدل على البطلن من هاتين‬ ‫الجهتين؛‬ ‫إما أن نقول‪ :‬هذا التفسير باطل لنه يخالف عقيدة أهل السنة بدون النظر في‬ ‫كلمهم من أصله في تفسير الية‪.‬‬ ‫أو نقول ‪ :‬هذا المعنى الذي حملوا عليه الية ؛ باطل لمخالفته لهذه لمعاني اللفاظ‪،‬‬ ‫أو لدللة السياق أو السباق‪ ،‬ولذلك اشترطنا في قبول التفسير بالرأي هذه الشروط‪،‬‬ ‫وقلنا ‪:‬‬ ‫الشرط الول في قبول التفسير بالرأي ‪ :‬أن ل يخالف التفسير بالمأثور مخالفة تضاد‬

‫‪76‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ن يَ ُ‬ ‫س ال ْب ِد َعَ ِفي‬ ‫ن ال ْعَِباَرةِ فَ ِ‬ ‫وَ ِ‬ ‫صي ً‬ ‫ن َ‬ ‫كو ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ن هَؤَُلِء َ‬ ‫حا وَي َد ُ ّ‬ ‫س َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫ب ال ْك َ ّ‬ ‫ه‬ ‫صا ِ‬ ‫حو ِ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ك ََل ِ‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫ف وَن َ ْ‬ ‫شا ِ‬ ‫مو َ‬ ‫حّتى إن ّ ُ‬ ‫س َل ي َعْل َ ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ه‪ ،‬وَأك ْث َُر الّنا ِ‬ ‫ج عََلى َ ْ‬ ‫ن َل ي َعْت َِقد ُ ال َْباط ِ َ‬ ‫ما‬ ‫ن ت ََفا ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫ق ك َِثيرٍ ِ‬ ‫ي َُروّ ُ‬ ‫م ال َْباط ِل َةِ َ‬ ‫سيرِهِ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫خل ٍ‬ ‫َ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫شاَء الل ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫س‬ ‫ن ي َذ ْك ُُر ِفي ك َِتاب ِ ِ‬ ‫وَقَد ْ َرأْيت ِ‬ ‫مَف ّ‬ ‫م َ‬ ‫ن وَغَي ْرِهِ ْ‬ ‫ماِء ال ْ ُ‬ ‫ن ال ْعُل َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ري َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ها‬ ‫ساد َ َ‬ ‫ن ت َْف ِ‬ ‫مه ِ ِ‬ ‫وَك ََل ِ‬ ‫م أوْ ي َعْت َِقد ُ فَ َ‬ ‫م ال ِّتي ي َعْل َ ُ‬ ‫صول َهُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫سيرِهِ ْ‬ ‫وافِقُ أ ُ‬ ‫ما ي ُ َ‬ ‫م ْ‬ ‫دي ل ِذ َل ِ َ‬ ‫ك) (‪.‬‬ ‫وََل ي َهْت َ ِ‬ ‫ة‬ ‫م دَ َ‬ ‫مي ّ ُ‬ ‫ض ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫ت الّرافِ َ‬ ‫ف هَؤَُلِء وَ َ‬ ‫ب ت َط َّر ِ‬ ‫ه لِ َ‬ ‫ة اْل ِ َ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ضَلل ِهِ ْ‬ ‫م إن ّ ُ‬ ‫ثُ ّ‬ ‫سب َ ِ‬ ‫َ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫م‬ ‫مط َ ُ‬ ‫سَف ُ‬ ‫ما هُوَ أب ْل َغُ ِ‬ ‫م ال َْقَرا ِ‬ ‫م ال َْفَل ِ‬ ‫ك وَت ََفاقَ َ‬ ‫م ِفي َ‬ ‫ة وَغَي ُْرهُ ْ‬ ‫ة ثُ ّ‬ ‫ثُ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ض ِ‬ ‫سَفةِ َوال َْقَرا ِ‬ ‫مرِ ِفي ال َْفَل ِ‬ ‫سُروا ال ُْقْرآ َ‬ ‫مط َةِ َوالّرافِ َ‬ ‫م فَ ّ‬ ‫ة‪ ،‬فَإ ِن ّهُ ْ‬ ‫اْل ْ‬ ‫َ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫م ِ‬ ‫واِع َل ي َْق ِ‬ ‫من َْها عَ َ‬ ‫جب َ ُ‬ ‫ضي ال َْعال ِ ُ‬ ‫ب ِأن ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫فَت َْف ِ‬ ‫ت يَ َ‬ ‫سيُر الّرافِ َ‬ ‫ب﴾ هُ َ‬ ‫م ‪﴿ :‬ت َب ّ ْ‬ ‫ضةِ ك ََقوْل ِهِ ْ‬ ‫دا أِبي ل َهَ ٍ‬ ‫ما أُبو ب َك ْ ٍ‬ ‫مُر‪.‬‬ ‫وَعُ َ‬ ‫ك﴾ أ َي بي َ‬ ‫مل ُ َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫ي ِفي‬ ‫ت ل َي َ ْ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫شَرك ْ َ‬ ‫ن أِبي ب َك ْرٍ وَعَل ِ ّ‬ ‫ْ َْ َ‬ ‫حب َط َ ّ‬ ‫و ﴿ل َئ ِ ْ‬ ‫ة‪.‬‬ ‫ال ْ ِ‬ ‫خَلفَ ِ‬ ‫و ﴿إن الل ّه يأ ْمرك ُ َ‬ ‫عائ ِ َ‬ ‫ة‪.‬‬ ‫ي َ‬ ‫ش ُ‬ ‫ن ت َذ ْب َ ُ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ ُ ُ ْ‬ ‫حوا ب ََقَرةً﴾ هِ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ة َوالّزب َي َْر‪.‬‬ ‫ح َ‬ ‫م َ‬ ‫ة الك ُْفرِ﴾ طل َ‬ ‫و ﴿فََقات ِلوا أئ ِ ّ‬ ‫ة‪.‬‬ ‫م ُ‬ ‫ج ال ْب َ ْ‬ ‫مَر َ‬ ‫ي وََفاط ِ َ‬ ‫و﴿ َ‬ ‫ن﴾ عَل ِ ّ‬ ‫حَري ْ ِ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫ن َوال ْ ُ‬ ‫ن ﴾ ال ْ َ‬ ‫جا ُ‬ ‫مْر َ‬ ‫ح َ‬ ‫ح َ‬ ‫و ﴿الل ّؤْل ُؤُ َوال ْ َ‬ ‫سي ْ ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ي ب ْن أ َِبي َ‬ ‫و ﴿وَك ُ ّ‬ ‫ل َ‬ ‫ب‪.‬‬ ‫يٍء أ ْ‬ ‫مام ٍ ُ‬ ‫صي َْناهُ ِفي إ َ‬ ‫طال ِ ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن﴾ ِفي عَل َ ِ ّ ِ‬ ‫مِبي ٍ‬ ‫ي ب ْن أِبي َ‬ ‫ب‪.‬‬ ‫ن الن ّب َإ ِ ال ْعَ ِ‬ ‫ساَءُلو َ‬ ‫م ي َت َ َ‬ ‫و ﴿عَ ّ‬ ‫طال ِ ٍ‬ ‫ظيم ِ﴾ عَل ِ ّ ِ‬ ‫ن‪ .‬عَ ِ‬ ‫‪1‬‬

‫‪.‬‬ ‫الشرط الثاني ‪ :‬أن يوافق دللة اللفظ من حيث اللغة لن القرآن أنزل بلسان عربي‬ ‫مبين ‪.‬‬ ‫الشرط الثالث ‪ :‬أن يناسب السياق والسباق ‪.‬‬ ‫الشرط الرابع ‪ :‬أن ل يكون في هذا التفسير بالرأي مخالفة للشرع ‪.‬‬ ‫الشرط الخامس ‪ :‬أن ل يكون في هذا التفسير تأسيس بدعة ‪.‬‬ ‫ذكرت في أول هذه الدروس هذه الشروط الخمسة‪ ،‬وهذا من المواطن التي أشار‬ ‫فيها شيخ السلم إلى معنى هذه الشروط الخمسة التي ذكرناها؛ فقد ذكر في أثناء‬ ‫كلمه وستأتي قضية اللغة ثم ذكر ترتيب التفسير اللغوي أنه يكون بعد عدم وجود‬ ‫الحقيقة الشرعية أو الحقيقة العرفية ‪ ،‬ثم ذكر أن هذا التفسير قد يستدل على بطلنه‬ ‫من نفس الية ‪ ،‬يعني من حيث دللتها‪ ،‬إما من جهة لفظها ومن حيث السياق العام أو‬ ‫سباقها أو لحاقها‪ ،‬هذا من المواطن في كلمه رحمه الله التي تستنبط منها مثل هذه‬ ‫الشروط في قبول التفسير بالرأي‪.‬‬ ‫‪ () 1‬الله أكبر! يقول ‪" :‬وقد رأيت من العلماء المفسرين"‪ ،‬إذا كان هذا الحال من‬ ‫العلماء المفسرين أنه ينقل كلم أهل الباطل‪ ،‬ول يهتدي إلى أن هذا الكلم باطل؛‬ ‫فما بالك بطلبة العلم والمبتدئين؟ لذلك فعل ً احذروا النقل عن أهل البدع‪ ،‬احذروا‬ ‫كتبهم!‬ ‫القراءة في‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫م َ‬ ‫مه ِ ِ‬ ‫ن ي َذ ْك َُر ِفي ك َِتاب ِهِ وَكل ِ‬ ‫يقول‪" :‬وَقَد ْ َرأْيت ِ‬ ‫ف ّ‬ ‫م َ‬ ‫ن وَغي ْرِهِ ْ‬ ‫ماِء ّال ُ‬ ‫ن ال َعُل َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ري َ َ‬ ‫م ُْ‬ ‫سمِ‬ ‫َ‬ ‫دي ل ِذ َل ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ك"‪ ،‬يعني ‪ :‬هذا‬ ‫ت‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ها‬ ‫د‬ ‫سا‬ ‫ف‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫تي‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫صو‬ ‫أ‬ ‫تَ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ َْ َ ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ ُ ْ ََْ ِ ُ‬ ‫وافِقُ ُ ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫سيرِهِ ْ‬ ‫ما ي ُ َ‬ ‫سر يعتقد بطلن ما عليه أهل العتزال ‪ ،‬لكن ينقل من كلمهم ما يؤيد‬ ‫العالم المف ّ‬ ‫أصولهم فما بالك بالطالب؟!‬

‫‪77‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫صَلةَ‬ ‫مُنوا ال ّ ِ‬ ‫ه َوال ّ ِ‬ ‫مو َ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ن ي ُِقي ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ما وَل ِي ّك ُ ُ‬ ‫و ﴿إن ّ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن الّز َ‬ ‫ضوعَ‬ ‫دي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫مو ْ ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ي وَي َذ ْك ُُرو َ‬ ‫م َراك ُِعو َ‬ ‫وَي ُؤُْتو َ‬ ‫ث ال ْ َ‬ ‫كاةَ وَهُ ْ‬ ‫ن﴾ هُوَ عَل ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫ة‪.‬‬ ‫ه بِ َ‬ ‫صَل ِ‬ ‫خات َ ِ‬ ‫ب ِإ ِ ْ‬ ‫صد ّقُ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫مهِ ِفي ال ّ‬ ‫ل ال ْعِل ْم ِ وَهُوَ ت َ َ‬ ‫ماِع أهْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ه‪﴿ :‬أول َئ ِ َ‬ ‫وَك َذ َل ِ َ‬ ‫ت‬ ‫م ٌ‬ ‫ت ِ‬ ‫م وََر ْ‬ ‫ة﴾ ن ََزل َ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ن َرب ّهِ ْ‬ ‫وا ٌ‬ ‫ك عَل َي ْهِ ْ‬ ‫ك قَوْل ُ ُ‬ ‫م َ‬ ‫م ْ‬ ‫صل َ َ‬ ‫ُ‬ ‫(‬ ‫ب هَ َ‬ ‫ما‬ ‫جو ِ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ة‪ .‬وَ ِ‬ ‫مَز ِ‬ ‫ما أ ِ‬ ‫ض ال ْوُ ُ‬ ‫ما ي َُقارِ ُ‬ ‫ب بِ َ‬ ‫صي َ‬ ‫ه) َ‬ ‫م ّ‬ ‫ح ْ‬ ‫ي لَ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ِفي عَل ِ ّ‬ ‫ن ب َعْ ِ‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫ن ِفي ِ‬ ‫ي َذ ْك ُُرهُ ك َِثيٌر ِ‬ ‫مَف ّ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ن َوال ّ‬ ‫ل قَوْل ِهِ ‪﴿ :‬ال ّ‬ ‫صادِِقي َ‬ ‫ري َ‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫ري َ‬ ‫م ْ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ل‬ ‫حارِ﴾ أ ّ‬ ‫س َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫رين ِباْل ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َوال ْ ُ‬ ‫ن َوال ْ ُ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ري َ‬ ‫من ِْفِقي َ‬ ‫َوال َْقانِتي َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫ست َغِْف ِ‬ ‫الل ّه والصادقي َ‬ ‫ن‬ ‫ما ُ‬ ‫ن عُث ْ َ‬ ‫مُر َوال ْ ُ‬ ‫ن عُ َ‬ ‫من ِْفِقي َ‬ ‫ن أُبو ب َك ْرٍ َوال َْقان ِِتي َ‬ ‫ِ َ ّ ِ ِ َ‬ ‫ي‪.‬‬ ‫ست َغِْف‬ ‫م ْ‬ ‫َوال ْ ُ‬ ‫رين عَل ِ ّ‬ ‫ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫ه﴾ أ َُبو ب َك ْرٍ ﴿‬ ‫ل الل ّهِ َوال ّ ِ‬ ‫وَِفي ِ‬ ‫م َ‬ ‫مد ٌ َر ُ‬ ‫مع َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ل قَوْل ِهِ ‪ُ ﴿ :‬‬ ‫ذي َ‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫م ُرك ًّعا‬ ‫أ ِ‬ ‫ما ُ‬ ‫مُر ﴿ُر َ‬ ‫ش ّ‬ ‫ن ﴿ت ََراهُ ْ‬ ‫م﴾ عُث ْ َ‬ ‫ماُء ب َي ْن َهُ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫داُء عََلى ال ْك ُّفارِ﴾ عُ َ‬ ‫ي) (‪.‬‬ ‫ج ً‬ ‫س ّ‬ ‫ُ‬ ‫دا﴾ عَل ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫ك قَوْ ُ‬ ‫ن﴾ أُبو ب َك ْرٍ ﴿‬ ‫م ‪َ﴿ :‬والّتي‬ ‫ل ب َعْ ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫وَأعْ َ‬ ‫ضه ِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫مُر ﴿وَ ُ‬ ‫ن ﴿وَهَ َ‬ ‫ي‪.‬‬ ‫ذا ال ْب َل َدِ اْل ِ‬ ‫طورِ ِ‬ ‫ما ُ‬ ‫َوالّزي ُْتو َ‬ ‫ن﴾ عُث ْ َ‬ ‫ن﴾ ع ُ َ‬ ‫ن﴾ عَل ِ ّ‬ ‫سيِني َ‬ ‫مي ِ‬ ‫َ‬ ‫مَثا ُ‬ ‫ن؛‬ ‫ل هَذِهِ ال ْ ُ‬ ‫خَراَفا ِ‬ ‫ت) (ال ِّتي ت َت َ َ‬ ‫ض ّ‬ ‫وَأ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ن هَذِهِ اْل َل َْفا َ‬ ‫ما َل ي َد ُ ّ‬ ‫ظ َل‬ ‫سيَر الل ّْف ِ‬ ‫َتاَرةً ت َْف ِ‬ ‫ل‪ ،‬فَإ ِ ّ‬ ‫ل عَل َي ْهِ ب ِ َ‬ ‫ظ بِ َ‬ ‫حا ِ‬ ‫َ‬ ‫ت َد ُ ّ‬ ‫ل عََلى هَؤَُلِء اْل ْ‬ ‫ص‪.‬‬ ‫خا‬ ‫ش َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫هأ ِ‬ ‫وقوله تعالى ‪َ﴿ :‬وال ّ ِ‬ ‫داُء عََلى ال ْك ُّفارِ ُر َ‬ ‫ش ّ‬ ‫ماُء ب َي ْن َهُ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫مع َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ذ َل ِ َ‬ ‫دا﴾ ك ُ ّ‬ ‫ميَها‬ ‫ت ل ِل ّ ِ‬ ‫ج ً‬ ‫س ّ‬ ‫ي ال ِّتي ي ُ َ‬ ‫م ُرك ًّعا ُ‬ ‫س ّ‬ ‫مع َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ك ن َعْ ٌ‬ ‫ت ََراهُ ْ‬ ‫ه وَهِ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫خب ًَرا ب َعْد َ َ‬ ‫حاةُ َ‬ ‫صود ُ هَُنا ‪ :‬أن َّها ك ُل َّها ِ‬ ‫صو ِ‬ ‫الن ّ َ‬ ‫ت لِ َ‬ ‫صَفا ٌ‬ ‫خب َرٍ ‪ .‬وال ْ َ‬ ‫مو ْ ُ‬ ‫مْق ُ‬ ‫َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫دا ب ِهِ َ‬ ‫ص‬ ‫ش ْ‬ ‫َوا ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫مَرا ً‬ ‫كو َ‬ ‫جوُز أ ْ‬ ‫ه‪ ،‬وََل ي َ ُ‬ ‫من َْها ُ‬ ‫مع َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫حدٍ وَهُ ْ‬ ‫خ ٌ‬ ‫ذي َ‬ ‫د!‬ ‫َوا ِ‬ ‫ح ٌ‬ ‫ظ ال ْ ُ ْ َ‬ ‫جع ْ َ‬ ‫صًرا ِفي َ‬ ‫ص‬ ‫ش ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ل الل ّْف ِ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ن َتاَرةً َ‬ ‫وَت َت َ َ‬ ‫ق ال َْعا ّ‬ ‫م ُ‬ ‫ض ّ‬ ‫م ُ‬ ‫خ ُ ٍ‬ ‫مطل ِ‬ ‫َوا ِ‬ ‫ه َوال ّ ِ‬ ‫مُنوا﴾ أِريد َ‬ ‫حدٍ ك ََقوْل ِهِ ‪ :‬إ ّ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ما وَل ِي ّك ُ ُ‬ ‫ه ‪﴿ :‬إن ّ َ‬ ‫ن قَوْل َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫ي وَ ْ‬ ‫حد َ ُ‬ ‫ب َِها عَل ِ ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ه ‪َ﴿ :‬وال ّ ِ‬ ‫ل ب َعْ ِ‬ ‫صد ّقَ ب ِهِ﴾ أِريد َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م‪:‬أ ّ‬ ‫ن قَوْل َ ُ‬ ‫ضه ِ ْ‬ ‫ق وَ َ‬ ‫جاَء ِبال ّ‬ ‫وَقَوْ ِ‬ ‫صد ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫ب َِها أُبو ب َك ْرٍ وَ ْ‬ ‫حد َ ُ‬ ‫وقَول ِه ‪َ﴿ :‬ل يستوي منك ُم من أ َنَفق من قَبل ال َْفتح وَقات َ ُ‬ ‫ِْ َ َ‬ ‫َ ْ ِ‬ ‫ل﴾ أِريد َ‬ ‫ِ ْ ْ َ ْ ْ َ ِ ْ ْ ِ‬ ‫َ ْ َ ِ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫)( هذه كلها تفاسير مبنية على الستدلل ‪ ،‬وهي باطلة ‪ ،‬منها ما ُيعلم بطلنه من جهة‬ ‫بطلن العقيدة نفسها التي يحملونها عليها ‪ ،‬ومنها ما ُيعلم بطلنه من جهة اللفظ ‪.‬‬ ‫هذه النماذج التي أوردها ‪ ،‬كلها ُيعلم بطلنها من الجهتين ‪ ،‬من جهة بطلنها عقيدةً ‪،‬‬ ‫من جهة بطلنها لفظا ً ‪ ،‬أي عربي يقرأ الية ؛ يفهم أن هذا ليس تفسيرها ‪ ،‬هذا ليس‬ ‫بصحيح ‪ ،‬هذا حال أهل البدع ‪ ،‬أما سمعتم كلم العلماء ‪ :‬أن أهل البدع يلوون أعناق‬ ‫النصوص لتوافق معتقدهم؟! هذه الن أمثلة من تفاسيرهم‪.‬‬ ‫)( وهم جاءوا وفرقوها‪ ،‬فجعلوا )أشداء على الكفار( لرجل من الصحابة‪ ،‬بينما هي‬ ‫كلها أخبار معطوف بعضها على بعض تعود على )الذين معه( يعني ‪ :‬الصحابة كلهم‪.‬‬ ‫)( يقولون خرافة رجل من العرب خطفته الجن اسمه خرافه‪ ،‬فلما عاد بعد غيبته‬ ‫عندهم سنين صار يخبر عما شاهد من تهاويل وأمور لم يقبلها أحد ممن سمعه‪،‬‬ ‫فصار الناس إذا سمعوا كلما ً ل يصدقونه قالوا‪ :‬حديث خرافة‪ ،‬أي كحديثه الذي ل‬ ‫يقبله عقل‪ ،‬و ل يصدق‪.‬‬

‫‪78‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫ب َِها أُبو ب َك ْرٍ وَ ْ‬ ‫حد َ ُ‬ ‫حوِ ذ َل ِ َ‬ ‫ك) (‪.‬‬ ‫وَن َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ن عَط ِي ّ َ‬ ‫م ِ‬ ‫و ت َْف ِ‬ ‫سن ّةِ َوال ْ َ‬ ‫ماعَةِ وَأ ْ‬ ‫مَثال ِهِ أت ْب َعُ ِلل ّ‬ ‫سل َ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ة وَأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫سيُر اب ْ ِ‬ ‫جود ُ ِفي‬ ‫ن ت َْف ِ‬ ‫ال ْب ِد ْعَةِ ِ‬ ‫مو ْ ُ‬ ‫سل َ ِ‬ ‫سيرِ الزمخشري‪ ،‬وَل َوْ ذ ُك َِر ك ََل ُ‬ ‫م ال ّ‬ ‫ف ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫التَفاسير ال ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫كا َ‬ ‫(‬ ‫م َ‬ ‫ه ك َِثيًرا‬ ‫ن وَأ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫جهِهِ ل َ َ َ‬ ‫م عََلى وَ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ل) فَإ ِن ّ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫مأُثوَرةِ عَن ْهُ ْ‬ ‫ّ ِ ِ َ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬ ‫ج ّ‬ ‫ما ي َن ُْق ُ‬ ‫ر‬ ‫ل الت َّفا ِ‬ ‫ريرٍ الطبري وَهُوَ ِ‬ ‫ن ت َْف ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫نأ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫ح ّ‬ ‫سيرِ ُ‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫سي ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫مدِ ب ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫كي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫وَأعْظ ِ‬ ‫ف ل يَ ْ‬ ‫سل ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ما ن ََقل ُ‬ ‫ه ي َد َعُ َ‬ ‫م إن ّ ُ‬ ‫مَها قَد ًْرا‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫ريرٍ عَ ْ‬ ‫ه اب ْ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫بحال‪ ،‬ويذ ْك ُر ما يزعُ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه قَوْ ُ‬ ‫ن‬ ‫طائ َِف ً‬ ‫ة ِ‬ ‫م َ‬ ‫ما ي َعِْني ب ِهِ ْ‬ ‫ن‪ ،‬وَإ ِن ّ َ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫م أن ّ ُ‬ ‫ِ َ ِ ََ ُ َ َْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫حّقِقي َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ت بِ ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫ل ال ْك ََلم ِ ال ّ ِ‬ ‫ما قَّرَر ْ‬ ‫س َ‬ ‫ن ِ‬ ‫صول َهُ ْ‬ ‫ن قَّرُروا أ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫أه ْ ِ‬ ‫م ب ِط ُُر ِ‬ ‫جن ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ال ْمعتزل َ ُ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ن‬ ‫معْت َزِل َ ِ‬ ‫سن ّةِ ِ‬ ‫كاُنوا أقَْر َ‬ ‫م‪ ،‬وَإ ِ ْ‬ ‫ب إَلى ال ّ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫صول َهُ ْ‬ ‫ةأ ُ‬ ‫ة; ل َك ِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ َْ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن ي ُعْ َ‬ ‫طى ك ُ ّ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫ر‬ ‫ه وَي َعْرِ َ‬ ‫مل َةِ الت ّْف ِ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫فأ ّ‬ ‫حق ّ َ‬ ‫ل ِذي َ‬ ‫ي َن ْب َِغي أ ْ‬ ‫ج ْ‬ ‫حّق ُ‬ ‫م ْ‬ ‫سي ِ‬ ‫ب؛‬ ‫عََلى ال ْ َ‬ ‫مذ ْهَ ِ‬ ‫َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ةإ َ‬ ‫ة‬ ‫م َ‬ ‫حاب َ َ‬ ‫سيرِ اْلي َ ِ‬ ‫م ِفي ت َْف ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ص َ‬ ‫فَإ ِ ّ‬ ‫ن ل َهُ ْ‬ ‫ن َواْلئ ِ ّ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ة َوالّتاب ِِعي َ‬ ‫َ‬ ‫ه‪ ،‬وَذ َل ِ َ‬ ‫قَوْ ٌ‬ ‫ك‬ ‫لآ َ‬ ‫سُروا اْلي َ َ‬ ‫ب اعْت ََق ُ‬ ‫خَر ِل ْ‬ ‫ل وَ َ‬ ‫جاَء قَوْ ٌ‬ ‫م فَ ّ‬ ‫دو ُ‬ ‫ل َ‬ ‫مذ ْهَ ٍ‬ ‫ج ِ‬ ‫ة ب َِقوْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫صاُروا‬ ‫س ِ‬ ‫م ب ِإ ِ ْ‬ ‫ص َ‬ ‫مذ ْهَ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ل َهُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ال ْ َ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ذاهِ ِ‬ ‫ب ل َي ْ َ‬ ‫سا ِ‬ ‫حاب َةِ َوالّتاب ِِعي َ‬ ‫م ْ‬ ‫شاركين ل ِل ْمعتزل َة وغَيرهم م َ‬ ‫ل هَ َ‬ ‫ذا‪.‬‬ ‫ل ال ْب ِد َِع ِفي ِ‬ ‫ُ‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫ن أه ْ ِ‬ ‫ُ َْ ِ ِ َ ْ ِ ِ ْ ِ ْ‬ ‫م َ ِ ِ َ‬ ‫ن عَد َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن‬ ‫ص َ‬ ‫و ِفي ال ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مل َةِ َ‬ ‫ج ْ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ذاهِ ِ‬ ‫حاب َةِ َوالّتاب ِِعي َ‬ ‫ل عَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ك َ‬ ‫خط ًِئا ِفي ذ َل ِ َ‬ ‫ف ذ َل ِ َ‬ ‫ك بَ ْ‬ ‫ن‬ ‫مب ْت َدِ ً‬ ‫م ْ‬ ‫ما ي ُ َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫وَت َْف ِ‬ ‫عا وَإ ِ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫م إَلى َ‬ ‫سيرِهِ ْ‬ ‫َ‬ ‫خط َؤُهُ) (‪.‬‬ ‫ه َ‬ ‫جت َهِ ً‬ ‫م ْ‬ ‫كا َ‬ ‫مغُْفوًرا ل َ ُ‬ ‫دا َ‬ ‫ن ُ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫)( بعد أن تكلم عن القاعدة في الختلف الذي مستنده الستدلل‪ ،‬أورد مجموعة من‬ ‫المفسرين ممن يغلب على تفسيرهم الستدلل ويبين حالهم‪ ،‬كما صنع في التفاسير‬ ‫التي مستندها النقل‪.‬‬ ‫)( فالخلل الذي حصل في تفسير ابن عطية أنه لم يراِع عدم مخالفة التفسير‬ ‫وقصرت معرفته في هذا الباب‬ ‫بالمأثور‪ ،‬فدخل في تفسيره القصور من هذه الناحية‪،‬‬ ‫فحصلت فيه أقوال تخالف المأثور وهو ل يشعر‪ ،‬وحصلت عنده نقول عن أهل البدع‬ ‫تقرر كلم أهل البدع وهو ل يشعر‪.‬‬ ‫)( ومن هنا كان من أهم شروط قبول بالتفسير بالرأي ‪ :‬أن ل يخالف التفسير‬ ‫بالمأثور مخالفة تضاد‪.‬‬ ‫وهنا تأتي المسألة الصولية‪ :‬إذا اختلف الصحابة في الية أو في الحديث على أقوال‬ ‫هل يجوز لمن بعدهم إحداث قول خارج عن أقوالهم ؟‬ ‫الصحيح ‪ :‬أنه ل يجوز ‪ ،‬قال العلماء ‪ :‬لن اختلفهم على هذه القوال في تفسير الية‬ ‫أو تفسير الحديث ؛ دليل أن الية أو الحديث ل يحتمل شيئا ً من المعنى إل ذلك ‪ ،‬فهذا‬ ‫كالجماع منهم على أن الية أو الحديث ل تحتمل من المعنى إل هذا ‪ .‬ولذلك قال‬ ‫العلماء ‪ -‬صحت عن أحمد والشافعي ومالك وأبي حنيفة ‪ : -‬أنه إذا اختلف الصحابة‬ ‫في المسألة‪ :‬نتخير من أقوالهم ‪ ،‬فننظر أيها أقرب إلى الدليل فنتبعه إن ظهر الدليل‬ ‫‪ ،‬فإن لم يظهر ؛ نتخير من هذه القوال ‪ ،‬ولم يقل أحد بإحداث قول جديد لم يقله‬ ‫الصحابة ‪ ،‬لم يقل أحد أنه يفتح لي معنى جديد يخالف ما قاله الصحابة‪.‬‬ ‫وفي أخبار أبي حنيفة للصيمري ص ‪ ،10‬وإيقاظ همم أولي البصار ص ‪ ،70‬قال ابن‬ ‫المبارك رحمه الله‪ :‬سمعت أبا حنيفة ]رضي الله عنه[ يقول‪" :‬إذا جاء عن النبي‬ ‫صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين‪ ،‬وإذا جاء عن أصحاب النبي صلى الله‬ ‫عليه وسلم نختار من أقوالهم‪ ،‬وإذا جاء عن التابعين زاحمناهم"اهش‪.‬‬ ‫وفي ترتيب المدارك )‪ ،(1/193‬قال مالك ‪ -‬وقد ذكر له كتابه الموطأ ‪" :-‬فيششه حششديث‬ ‫رسول الله صلى الله عليشه وسشلم‪ ،‬وقشول الصشحابة والتشابعين ورأيهشم‪ .‬وقشد تكلمشت‬ ‫برأيي على الجتهاد‪ ،‬وعلى ما أدركت عليه أهل العلم ببلدنا ولششم أخششرج عششن جملتهششم‬ ‫إلى غيره"اهش ‪.‬‬ ‫وفي المدخل إلى السنن للبيهقي ص ‪ ،110‬قال الشافعي رحمه الله‪" :‬العلم طبقات‪:‬‬ ‫الولى‪ :‬الكتاب والسنة؛ إذا ثبتت السنة‪ .‬ثم الثانية ‪ :‬الجماع فيما ليس فيه كتششاب و ل‬ ‫سنة‪ .‬والثالثة‪ :‬أن يقول بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم و ل نعلم له مخالفا ً‬

‫‪79‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫منهششم‪ .‬والرابعششة‪ :‬اختلف أصششحاب النششبي صششلى اللششه عليششه وسششلم ورضششي عنهششم‪.‬‬ ‫والخامسة‪ :‬القياس على بعض هذه الطبقات‪ .‬ول يصار إلى شيء غير الكتاب والسنة‬ ‫وهما موجودان وإنما يؤخذ العلم من أعلى"‪.‬‬ ‫وفي المسودة ص ‪ ،276‬قال أحمد بن محمد بن حنبل‪" :‬إذا كان في المسألة عن‬ ‫النبي صلى الله عليه وسلم حديث؛ لم نأخذ فيها بقول أحد من الصحابة و ل من‬ ‫بعدهم خلفه‪ .‬وإذا كان في المسألة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم‬ ‫قول مختلف نختار من أقاويلهم ولم نخرج عن أقاويلهم إلى قول غيرهم‪ .‬وإذا لم‬ ‫يكن فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬و ل عن الصحابة قول؛ نختار من أقوال‬ ‫التابعين‪."...‬‬ ‫دث قول ً هو في‬ ‫هذا كلم الئمة لم يكونوا يخرجون عن كلم الصحابة ‪ ،‬لكن أن ُتح ِ‬ ‫معنى كلمهم في معنى عباراتهم في المعنى الذي يدور عليه ل يخالفه مخالفة‬ ‫دث ‪ ،‬إنما هو في معنى الكلم الذي قالوه فل‬ ‫تضاد ؛ فهذا في الحقيقة ليس بقول مح َ‬ ‫بأس فيه ‪ ،‬أما إذا خالف كلمهم مخالفة تضاد فهو قول باطل مردود على صاحبه ‪،‬‬ ‫وهذا يفيدكم مدى خطورة وأهمية أن يعتمد المفسر على التفسير بالمأثور ‪ ،‬وليس‬ ‫لحد أن يفسر من عند نفسه ‪ ،‬أو من حيث اللغة ‪ ،‬ل بد أن تذكر أول ً التفسير‬ ‫بالمأثور ‪ ،‬ومّيزه وحرره ‪ ،‬ثم اجتهد إذا أردت أن تجتهد في دائرة المعاني التي‬ ‫قررها‪ ) .‬أ‪.‬هش الدرس العاشر ( ‪.‬‬

‫‪80‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ب‪.‬‬ ‫ق ال ْعِل ْم ِ وَأ َدِل ّت ِهِ وَط ُُر‬ ‫ن ط ُُر‬ ‫صود ُ ب ََيا ُ‬ ‫َفال ْ َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ق ال ّ‬ ‫مْق ُ‬ ‫ص َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ونحن نعل َ َ‬ ‫م‬ ‫حاب َ ُ‬ ‫ة َوالّتاب ُِعو َ‬ ‫ص َ‬ ‫ن ال ُْقْرآ َ‬ ‫مأ ّ‬ ‫م وَأن ّهُ ْ‬ ‫ن وََتاب ُِعوهُ ْ‬ ‫ََ ْ ُ َْ ُ‬ ‫ن قََرأهُ ال ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫مَعاِني ِ‬ ‫م ب ِت َْف ِ‬ ‫سيرِهِ وَ َ‬ ‫كاُنوا أعْل َ َ‬ ‫ك َما أ َنه َ‬ ‫ه صلى الله عليه‬ ‫ذي ب َعَ َ‬ ‫حقّ ال ّ ِ‬ ‫م ِبال ْ َ‬ ‫ه ب ِهِ َر ُ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫ث الل ّ ُ‬ ‫م أعْل َ ُ‬ ‫َ ُّ ْ‬ ‫وسلم؛‬ ‫فَمن خال َف قَول َهم وفَسر ال ُْقرآن بخَلف تْفسيرهم فََقد أ َخط َأ َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ْ َ ِ ِ‬ ‫ِ َ ِ ِ ِ ْ‬ ‫َ ْ ُ ْ َ ّ َ‬ ‫)(‬ ‫ميًعا ‪.‬‬ ‫ج ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ل َوال ْ َ‬ ‫مد ُْلو ِ‬ ‫ِفي الد ِّلي ِ‬ ‫َ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫ة‬ ‫ن َ‬ ‫ما عَْقل ِي ّ ٌ‬ ‫ة ي َذ ْك ُُر َ‬ ‫شب ْهَ ٌ‬ ‫خال َ َ‬ ‫مأ ّ‬ ‫معُْلو ٌ‬ ‫ها إ ّ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫ف قَوْل َهُ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫وَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة)‪.(2‬‬ ‫معِي ّ ٌ‬ ‫ما َ‬ ‫س ْ‬ ‫وَإ ِ ّ‬ ‫سو ٌ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫ضع ِ ِ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫مب ْ ُ‬ ‫ط ِفي َ‬ ‫ما هُوَ َ‬ ‫كَ َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫مَثارِ اِل ْ‬ ‫ف ِفي الت ّْف ِ‬ ‫ر‪ ،‬وَأ ّ‬ ‫خت َِل ِ‬ ‫ه عََلى َ‬ ‫صود ُ هَُنا ‪ :‬الت ّن ِْبي ُ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫مْق ُ‬ ‫سي ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫حّرُفوا‬ ‫سَباب ِهِ ال ْب ِد َعَ ال َْباط ِل َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ت أهْل ََها إَلى أ ْ‬ ‫ن أعْظ َم ِ أ ْ‬ ‫ة ال ِّتي د َعَ ْ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫سول ِهِ صلى الله عليه‬ ‫ضع ِ ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫سُروا ك َل َ‬ ‫م اللهِ وََر ُ‬ ‫ه‪ ،‬وَفَ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ال ْك َل ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫م عَ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ه) (‪.‬‬ ‫ما أِريد َ ب ِهِ وَت َأوُّلوهُ عََلى غَي ْرِ ت َأِويل ِ ِ‬ ‫وسلم ب ِغَي ْرِ َ‬ ‫‪1‬‬

‫‪3‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫)ددددد دددددد ددد ‪25/10/1423‬دد(‬ ‫سر القرآن أو‬ ‫ف‬ ‫"من‬ ‫(‪:‬‬ ‫‪13/243‬‬ ‫)‬ ‫الفتاوى‬ ‫)‪ (1‬قال ابن تيمية رحمه الله في مجموع‬ ‫ّ‬ ‫الحديث وتأّوله على غير التفسير المعروف عن الصحابة والتابعين فهو مفتر على‬ ‫الله‪ ،‬ملحد في آيات الله‪ ،‬محّرف للكلم عن مواضعه‪ .‬وهذا فتح لباب الزندقة‬ ‫واللحاد‪ ،‬وهو معلوم البطلن بالضطرار من دين السلم"اهش‪.‬‬ ‫فليس لحد أن يتأّول الية أو الحديث على معنى يخالف مخالفة تضاد المعنى الذي‬ ‫سره به صحابة الرسول رضوان الله عليهم‪.‬‬ ‫ف ّ‬ ‫ومن أجل هذا الصل )وهو فهم القرآن العظيم والسنة النبوية على ضوء فهم‬ ‫الصحابة رضوان الله عليهم(‪ ،‬ترى أهل السنة والجماعة‪ ،‬أهل الحديث‪ ،‬ل يخوضون‬ ‫في تفسير القرآن العظيم‪ ،‬وبيان معاني الحديث بمجرد اللغة‪ ،‬والرأي والمعقول؛ بل‬ ‫ينظرون في الثار‪ ،‬ويجمعون ما جاء عن السلف في مصنفاتهم‪ ،‬ويبنون عليه فقههم‬ ‫واجتهادهم‪ .‬وعلى خلفهم أهل البدع والهواء!‬ ‫قال ابن تيمية رحمه الله في كتاب اليمان ص ‪" :114‬وقد عدلت المرجئة في هذا‬ ‫الصل )يعني‪ :‬اليمان(‪ ،‬عن بيان الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين لهم‬ ‫بإحسان‪ ،‬واعتمدوا على رأيهم‪ ،‬وعلى ما تأّولوه بفهمهم اللغة‪ ،‬وهذه طريقة أهل‬ ‫البدع؛ ولهذا كان المام أحمد يقول‪ :‬أكثر ما يخطيء الناس من جهة التأويل‬ ‫والقياس؛ ولهذا نجد المعتزلة والمرجئة والرافضة وغيرهم من أهل البدع يفسرون‬ ‫القرآن برأيهم‪ ،‬ومعقولهم‪ ،‬وما تأّولوه من اللغة؛ ولهذا تجدهم ل يعتمدون على‬ ‫أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬والصحابة والتابعين وأئمة المسلمين‪ ،‬فل‬ ‫يعتمدون ل على السنة‪ ،‬و ل على إجماع السلف وآثارهم‪ ،‬وإنما يعتمدون على العقل‬ ‫واللغة؛ ونجدهم ل يعتمدون على كتب التفسير المأثورة‪ ،‬والحديث وآثار السلف‪،‬‬ ‫وإنما يعتمدون على كتب الدب‪ ،‬وكتب الكلم التي وضعها رؤوسهم‪ .‬وهذه طريقة‬ ‫ما كتب‬ ‫الملحدة أيضًا‪ ،‬إنما يأخذون ما في كتب الفلسفة وكتب الدب واللغة‪ ،‬وأ ّ‬ ‫القرآن والحديث والثار؛ فل يلتفتون إليها‪.‬‬ ‫هؤلء يعرضون عن نصوص النبياء إذ هي عندهم ل تفيد العلم‪.‬‬ ‫وأولئك يتأّولون القرآن برأيهم وفهمهم بل آثار عن النبي صلى الله عليه وسلم‬ ‫وأصحابه‪.‬‬ ‫وقد ذكرنا كلم أحمد وغيره في إنكار هذا وجعله طريقة أهل البدع"اهش‪.‬‬ ‫قلت ‪ :‬أورد في مجموع الفتاوى )‪ ،(21/291‬وأسند ابن الجوزي في مناقب المام‬ ‫أحمد بن حنبل ص ‪ ،178‬عن أحمد بن حنبل رحمه الله أنه قال‪":‬إياك أن تتكلم في‬ ‫مسألة ليس لك فيها إمام"‪.‬‬ ‫)( لشيخ السلم ابن تيمية رحمه الله قاعدة في أن جميع ما يحتج به المبطل يدل‬ ‫على فساد قوله‪ ،‬ل قوته‪ ،‬انظرها في مجموع الفتاوى )‪.(339-6/288‬‬ ‫)( نعم ! المقصود في هذه القاعدة ‪ :‬التنبيه على مثارات الختلف ‪ ،‬ومثارات‬ ‫الختلف في التفسير الذي يعود إلى النقل هي‪ :‬السانيد الضعيفة أو الباطلة ‪ ،‬أو‬ ‫تكلف بيان ما ل فائدة في بيانه من خلل السرائيليات وكتب أهل الكتاب‪.‬‬ ‫أما التفسير الذي مستنده الستدلل فمثار الختلف فيه ‪ :‬من جهة أن َيطلب أصحاب‬ ‫البدع دليل ً على بدعهم من القرآن والسنة‪ ،‬فيحملوا النصوص ويلووا أعناقها إلى‬

‫‪81‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫فَم ُ‬ ‫ل ال ْعِل ْم ِ ب ِذ َل ِ َ‬ ‫ك‪:‬‬ ‫نأ ُ‬ ‫صو ِ‬ ‫ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن ال َْقوْ َ‬ ‫ق‪.‬‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫سا ُ‬ ‫أ ْ‬ ‫م اْل ِن ْ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه‪ ،‬وَأن ّ ُ‬ ‫خال َُفو ُ‬ ‫ن ي َعْل َ َ‬ ‫وأ َن يعر َ َ‬ ‫م‪.‬‬ ‫ف يُ َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫ف ت َْف ِ‬ ‫ن ت َْف ِ‬ ‫سل َ ِ‬ ‫فأ ّ‬ ‫سيَر ال ّ‬ ‫سيَرهُ ْ‬ ‫َ ْ َْ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مب ْت َد َعٌ) (‪.‬‬ ‫حد َ ٌ‬ ‫ن ي َعْرِ َ‬ ‫ن ت َْف ِ‬ ‫م ْ‬ ‫فأ ّ‬ ‫وَأ ْ‬ ‫ث ُ‬ ‫م ُ‬ ‫سيَرهُ ْ‬ ‫ثُ َ‬ ‫ه‬ ‫ن ي َعْرِ َ‬ ‫ساد َ ت َْف ِ‬ ‫مأ ْ‬ ‫صل َةِ فَ َ‬ ‫ه الل ّ ُ‬ ‫صب َ ُ‬ ‫م بِ َ‬ ‫سيرِهِ ْ‬ ‫ق ال ْ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ما ن َ َ‬ ‫مَف ّ‬ ‫ف ِبالط ُّر ِ‬ ‫َ‬ ‫)(‬ ‫ق ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن اْلدِل ّةِ عََلى ب ََيا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وَك َذ َل ِ َ‬ ‫صن ُّفوا ِفي َ‬ ‫ن‬ ‫سيرِهِ ِ‬ ‫ث وَت َْف ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ك وَقَعَ ِ‬ ‫ح ال ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ْ‬ ‫شْر ِ‬ ‫ال ْمتأ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫رآ‬ ‫ق‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ح‬ ‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫فو‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ص‬ ‫ما‬ ‫في‬ ‫ع‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫ما‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫ج‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫ري‬ ‫خ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ ِ َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫)(‬ ‫ه ‪.‬‬ ‫سيرِ ِ‬ ‫وَت َْف ِ‬ ‫َ‬ ‫ل؛‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫ما ال ّ ِ‬ ‫خط ُِئو َ‬ ‫ل َل ِفي ال ْ َ‬ ‫وَأ ّ‬ ‫مد ُْلو ِ‬ ‫ن ِفي الد ِّلي ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫ن‬ ‫صوفِي ّةِ َوال ْوُ ّ‬ ‫عا ِ‬ ‫ل ك َِثيرٍ ِ‬ ‫فَ ِ‬ ‫سُرو َ‬ ‫م‪ ،‬ي َُف ّ‬ ‫ظ َوال ُْفَقَهاِء وَغَي ْرِهِ ْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َل ي َد ُ ّ‬ ‫ل عَل َي َْها) (؛‬ ‫ص ِ‬ ‫ح ٍ‬ ‫ن ال ُْقْرآ َ‬ ‫حي َ‬ ‫ال ُْقْرآ َ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ة; ل َك ِ ّ‬ ‫مَعا ٍ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫المعنى الذي يريدون ‪ ،‬ومن هنا قال أهل العلم ‪ :‬من قواعد البحث أن تستدل وتبحث‬ ‫ثم تعتقد‪ ،‬ل تعتقد أول ً ثم تستدل ‪ ،‬لنك في هذه الحال سوف تبحث في النصوص‬ ‫عما يدل لقولك وسيكون الهوى ِغطاًء ُيعمي بصيرتك عن أن تتبصر الحق ‪ -‬إن شاء‬ ‫الله تعالى ‪ ، -‬فيأتي نص تتكلف فيه‪ ،‬ويأتي آخر فترده ‪ ،‬ويأتي نص آخر ما تنتبه له ‪،‬‬ ‫فقط تريد أن تقرر ما تعتقد ‪ ،‬وهذا خطأ ‪ ،‬ابحث ونقي واستدل ثم اعتقد‪ .‬أو أن‬ ‫يفسروا القرآن بمجرد ما يسوغ لغة بدون ملحظة اتباع ما جاء في التفسير المنقول‬ ‫)التفسير بالمأثور(‪.‬‬ ‫)( هذه أول قضية ‪ :‬أن تعرف القول الباطل وتعرف ما يقابله‪ ،‬ولذلك كان من آلة‬ ‫المفسر ‪ :‬المعرفة باختلف الناس من جهة عقائدهم‪ ،‬ومن آلته المعرفة بمقالت أهل‬ ‫السنة وما يقابلها‪ ،‬ومن آلته المعرفة بمناهج المفسرين‪.‬‬ ‫صَبها الله على بيان الحق ؛ منها ما يكون في نفس النص ‪ ،‬ومنها ما‬ ‫)( والدلة التي ن َ َ‬ ‫يكون في خارجه ‪ ،‬فُيعرف هذه وُيعرف هذا ‪.‬‬ ‫)( تقدم أن كل ما يقال في القرآن العظيم يقال مثله في الحديث‪ ،‬وإذا كان‬ ‫المفسرون يقع في كلم بعضهم نصرة أهل البدع‪ ،‬والخروج عن كلم السلف ‪ ،‬فكذا‬ ‫الحال في شرح الحديث؛ فإن شرحه إذا كان مستنده الستدلل يرد فيه الخطأ من‬ ‫نفس الجهتين التين ذكرهما المصنف في حق التفسير‪ ،‬وشرحه إذا كان مستنده‬ ‫النقل فإنه يقع فيه الخطأ من نفس الجهة التي يقع فيها الخطأ في التفسير الذي‬ ‫مستنده النقل‪ .‬والشارح للحديث يحتاج إلى معرفة مقالت أهل السنة والجماعة وما‬ ‫يخالفها‪ ،‬ويحتاج إلى المعرفة بمناهج شراح الحديث واتجاهاتهم‪ ،‬والمعرفة بمقالت‬ ‫السلف الشارحة للحديث‪.‬‬ ‫)( القسمة ثلثية؛‬ ‫فمنهم من يفسر القرآن بمعان باطلة وبالتالي طريقة الستدلل باطلة‪ .‬وهذه سبق‬ ‫قبل قليل التنبيه على مثار الغلط عندهم‪.‬‬ ‫ومنهم من يفسر القرآن بمعان صحيحة ولكن استدللهم لها بالقرآن خطأ‪ .‬وهذا‬ ‫القسم هو موضوع الكلم هنا‪ .‬وهو جمهور ما يسمى بالتفسير الصوفي والشاري‪.‬‬ ‫ومنهم من يفسر بمعان صحيحة واستدلل صحيح على سبيل القياس والعتبار‪ .‬فهذا‬ ‫تفسير مقبول‪ ،‬وهو ليس موضوع الكلم هنا أصل؛ لن الكلم على محل الخطأ في‬ ‫التفسير‪ ،‬ولذا لم يذكر الشيخ هذا القسم هنا‪.‬‬ ‫وللمصنف كلم بسط فيه هذه المعاني‪ ،‬يصلح شرحا ً لكلمه هنا‪ ،‬حيث قال في‬ ‫مجموع الفتاوى )‪" :(243-13/240‬وجماع القول في ذلك أن هذا الباب نوعان‪:‬‬ ‫أحدهما ‪ :‬أن يكون المعنى المذكور باطل لكونه مخالفا لما علم فهذا هو في نفسه‬ ‫باطل فل يكون الدليل عليه إل باطل؛ لن الباطل ل يكون عليه دليل يقتضى أنه حق‪.‬‬ ‫والثاني ‪ :‬ما كان في نفسه حقا لكن يستدلون عليه من القرآن والحديث بألفاظ لم‬ ‫يرد بها ذلك فهذا الذي يسمونه‪" :‬إشارات" ‪.‬‬ ‫و "حقائق التفسير" لبى عبدالرحمن ]السلمي[ فيه من هذا الباب شيء كثير‪.‬‬ ‫وأما النوع الول فيوجد كثيرا في كلم القرامطة والفلسفة المخالفين للمسلمين في‬ ‫أصول دينهم؛‬ ‫فإن من علم أن السابقين الولين قد رضي الله عنهم ورضوا عنه؛ علم أن كل ما‬ ‫يذكرونه على خلف ذلك فهو باطل‪.‬‬ ‫ومن أقر بوجوب الصلوات الخمس على كل أحد ما دام عقله حاضرا؛ علم أن من‬ ‫تأول نصا على سقوط ذلك عن بعضهم‪ ،‬فقد افترى‪.‬‬

‫‪82‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ل ك َِثير مما ذ َك َره أ َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ق‬ ‫ئ‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫في‬ ‫السلمي‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫بو‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ٍ ِ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ل ِفي‬ ‫ك ي َد ْ ُ‬ ‫ن َباط ِل َ ٌ‬ ‫الت ّْف ِ‬ ‫ة فَإ ِ ّ‬ ‫كا َ‬ ‫سيرِ وَإ ِ ْ‬ ‫ما هُوَ َ‬ ‫ما ذ َك َُروهُ َ‬ ‫ن ِفي َ‬ ‫مَعا ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ث يَ ُ‬ ‫ن‬ ‫ل وَهُوَ ال ْ َ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫كو ُ‬ ‫ميًعا َ‬ ‫ل َ‬ ‫ال ِْق ْ‬ ‫ل َوال ْ َ‬ ‫مد ُْلو ِ‬ ‫خط َأ ِفي الد ِّلي ِ‬ ‫سم ِ اْلوّ ِ‬ ‫دا‪.‬‬ ‫دوهُ َفا ِ‬ ‫معَْنى ال ّ ِ‬ ‫س ً‬ ‫ص ُ‬ ‫ال ْ َ‬ ‫ذي قَ َ‬

‫ومن علم أن الخمر والفواحش محرمة على كل أحد ما دام عقله حاضرا؛ علم أن‬ ‫من تأول نصا يقتضى تحليل ذلك لبعض الناس أنه مفتر‪.‬‬ ‫وأما النوع الثاني فهو الذي يشتبه كثيرا على بعض الناس‪ ،‬فإن المعنى يكون صحيحا‬ ‫لدللة الكتاب والسنة عليه‪ ،‬ولكن الشأن في كون اللفظ الذي يذكرونه دل عليه‪،‬‬ ‫وهذان قسمان‪:‬‬ ‫أحدهما‪ :‬أن يقال إن ذلك المعنى مراد باللفظ فهذا افتراء على الله؛‬ ‫فمن قال المراد بقوله‪﴿ :‬تذبحوا بقرة﴾ هى النفس‪ .‬وبقوله‪﴿ :‬اذهب إلى فرعون﴾ هو‬ ‫القلب‪﴿ .‬والذين معه﴾ أبو بكر ﴿أشداء على الكفار﴾ عمر ﴿رحماء بينهم﴾ عثمان ﴿تراهم‬ ‫ركعا سجدا﴾ علي؛ فقد كذب على الله إما متعمدا وإما مخطئا‪.‬‬ ‫و القسم الثاني ‪ :‬أن يجعل ذلك من باب العتبار والقياس‪ ،‬ل من باب دللة اللفظ‬ ‫فهذا من نوع القياس؛ فالذي تسميه الفقهاء قياسا هو الذي تسميه الصوفية إشارة‪.‬‬ ‫وهذا ينقسم إلى صحيح وباطل‪ ،‬كانقسام القياس إلى ذلك؛‬ ‫فمن سمع قول الله تعالى‪﴿ :‬ل يمسه إل المطهرون﴾ وقال‪ :‬إنه اللوح المحفوظ أو‬ ‫المصحف‪ ،‬فقال كما أن اللوح المحفوظ الذي كتب فيه حروف القرآن ل يمسه إل‬ ‫بدن طاهر‪ ،‬فمعاني القرآن ل يذوقها إل القلوب الطاهرة‪ ،‬وهى قلوب المتقين؛ كان‬ ‫هذا معنى صحيحا واعتبارا صحيحا؛ ولهذا يروى هذا عن طائفة من السلف؛ قال‬ ‫تعالى‪﴿ :‬ألم ذلك الكتاب ل ريب فيه هدى للمتقين﴾ وقال ‪﴿ :‬هذا بيان للناس وهدى‬ ‫وموعظة للمتقين﴾‪ ،‬وقال‪﴿ :‬يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلم﴾‪ ،‬وأمثال ذلك‪.‬‬ ‫وكذلك من قال‪" :‬ل تدخل الملئكة بيتا فيه كلب ول جنب"‪ ،‬فاعتبر بذلك أن القلب ل‬ ‫يدخله حقائق اليمان إذا كان فيه ما ينجسه من الكبر والحسد؛ فقد أصاب‪ ،‬قال‬ ‫تعالى‪﴿ :‬أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم﴾‪ ،‬وقال تعالى‪﴿ :‬سأصرف عن آياتي‬ ‫الذين يتكبرون في الرض بغير الحق وان يروا كل آية ل يؤمنوا بها وان يروا سبيل‬ ‫الرشد ل يتخذوه سبيل وان يروا سبيل الغي يتخذوه سبيل﴾‪ ،‬وأمثال ذلك‪.‬‬ ‫و كتاب "حقائق التفسير" لبى عبدالرحمن السلمي يتضمن ثلثة أنواع‪:‬‬ ‫أحدها‪ :‬نقول ضعيفة عمن نقلت عنه مثل أكثر ما نقله عن جعفر الصادق فإن أكثره‬ ‫باطل عنه‪ ،‬وعامتها فيه من موقوف أبى عبدالرحمن‪.‬‬ ‫وقد تكلم أهل المعرفة في نفس رواية أبي عبدالرحمن حتى كان البيهقي إذا حدث‬ ‫عنه يقول‪" :‬حدثنا من أصل سماعه"‪.‬‬ ‫والثاني‪ :‬أن يكون المنقول صحيحا لكن الناقل أخطأ فيما قال‪.‬‬ ‫والثالث‪ :‬نقول صحيحة عن قائل مصيب‪ ،‬فكل معنى يخالف الكتاب والسنة فهو‬ ‫باطل وحجته داحضة‪ ،‬وكل ما وافق الكتاب والسنة والمراد بالخطاب غيره إذا فسر‬ ‫به الخطاب فهو خطأ‪.‬‬ ‫وإن ذكر على سبيل الشارة والعتبار والقياس فقد يكون حقا وقد يكون باطل‪.‬‬ ‫وقد تبين بذلك أن من فسر القرآن أو الحديث وتأوله على غير التفسير المعروف‬ ‫عن الصحابة والتابعين فهو مفتر على الله ملحد في آيات الله محرف للكلم عن‬ ‫مواضعه وهذا فتح لباب الزندقة واللحاد وهو معلوم البطلن بالضطرار من دين‬ ‫السلم"اهش‬

‫‪83‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َ‬ ‫ص ٌ‬ ‫ل‬ ‫ف ْ‬ ‫َ‬ ‫ل َقائ ِ ٌ‬ ‫ن َقا َ‬ ‫سيرِ ؟‬ ‫ق الت ّْف ِ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫فَإ ِ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ل ‪ :‬فَ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ن ط ُُر ِ‬ ‫َفال ْجواب ‪ :‬أ َ َ‬ ‫ق ِفي ذ َل ِ َ‬ ‫ك‪:‬‬ ‫ح الط ُّر‬ ‫ص ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫نأ َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫م َ‬ ‫سَر‬ ‫ج ِ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫سَر ال ُْقْرآ ُ‬ ‫أ ْ‬ ‫ه قَد ْ فُ ّ‬ ‫ن ي َُف ّ‬ ‫ن فَإ ِن ّ ُ‬ ‫ل ِفي َ‬ ‫ن‪ ،‬فَ َ‬ ‫كا ٍ‬ ‫ن ِبال ُْقْرآ ِ‬ ‫س َ‬ ‫م َ‬ ‫خَر) (‪..‬‬ ‫ضٍع آ َ‬ ‫ما ا ُ ْ‬ ‫ضٍع آ َ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫ن فََقد ْ ب ُ ِ‬ ‫صَر ِ‬ ‫خت ُ ِ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫ط ِفي َ‬ ‫ن َ‬ ‫خَر وَ َ‬ ‫ِفي َ‬ ‫كا ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫ن أعَْياك ذ َل ِ َ‬ ‫سن ّةِ فَإ ِن َّها َ‬ ‫ة‬ ‫ح ٌ‬ ‫ح ٌ‬ ‫ض َ‬ ‫مو َ ّ‬ ‫شارِ َ‬ ‫فَإ ِ ْ‬ ‫ك فَعَل َْيك ِبال ّ‬ ‫ن وَ ُ‬ ‫ة ل ِل ُْقْرآ ِ‬ ‫ل اْلما َ‬ ‫ه) (؛ ; ب َ ْ‬ ‫س ال ّ‬ ‫ي‪:‬‬ ‫م َ‬ ‫ل قَد ْ َقا َ ِ َ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫م أُبو عَب ْدِ الل ّهِ ُ‬ ‫لَ ُ‬ ‫ن إد ِْري َ‬ ‫شافِعِ ّ‬ ‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫سو ُ‬ ‫كُ ّ‬ ‫ن‬ ‫ه ِ‬ ‫ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫م ب ِهِ َر ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ما فَهِ َ‬ ‫م ّ‬ ‫حك َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫ال ُْقْرآ ِ‬ ‫ه ت ََعاَلى‪﴿ :‬إّنا أ َن َْزل َْنا إل َي ْ َ‬ ‫َقا َ‬ ‫س‬ ‫حقّ ل ِت َ ْ‬ ‫ب ِبال ْ َ‬ ‫ك ال ْك َِتا َ‬ ‫حك ُ َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫م ب َي ْ َ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫َ‬ ‫ل ت ََعاَلى ‪﴿ :‬وَأن َْزل َْنا إل َي ْ َ‬ ‫ما أ ََرا َ‬ ‫ما﴾‪ .‬وََقا َ‬ ‫ك‬ ‫ن َ‬ ‫ن ل ِل ْ َ‬ ‫خ ِ‬ ‫صي ً‬ ‫ك الل ّ ُ‬ ‫بِ َ‬ ‫خائ ِِني َ‬ ‫ه وََل ت َك ُ ْ‬ ‫ن﴾‪ .‬وََقا َ‬ ‫ما ن ُّز َ‬ ‫ل ت ََعاَلى‪﴿ :‬‬ ‫م ي َت ََفك ُّرو َ‬ ‫م وَل َعَل ّهُ ْ‬ ‫ل إل َي ْهِ ْ‬ ‫س َ‬ ‫الذ ّك َْر ل ِت ُب َي ّ َ‬ ‫ن ِللّنا ِ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫)( يطلق الجمال على معنيين بينهما تداخل ‪:‬‬ ‫ن‪ ،‬فلم يظهر معناه‪.‬‬ ‫‪ -1‬المعنى الول ‪ :‬المجمل من الكلم هو الذي لم ي َب ِ ْ‬ ‫‪ -2‬المعنى الثاني ‪ :‬أن تأتي الية ظاهرة على معنى ‪ ،‬ولكن هذا المعنى الظاهر ليس‬ ‫على آية أخرى‪ َ ،‬مثل ‪ :‬الذي‬ ‫هو المراد‪ ،‬ول يعرف المراد منها إل بحمل هذه الية‬ ‫م ب ِظ ُل ْم ٍ ُأول َئ ِ َ‬ ‫ن(‬ ‫حصل في آية ‪) :‬ال ّ ِ‬ ‫دو َ‬ ‫مهْت َ ُ‬ ‫م ي َل ْب ِ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ن وَهُ ْ‬ ‫م اْل ْ‬ ‫ك ل َهُ ُ‬ ‫مان َهُ ْ‬ ‫سوا ِإي َ‬ ‫مُنوا وَل َ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ظاهرها ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬عموم )ظلم( ‪ ،‬يدخل في‬ ‫)النعام‪ ، (82:‬فهم الصحابة الية على‬ ‫سياق هذه الية‪ ،‬لنه نكرة في سياق النفي فيشمل كل )ظلم( ‪ ،‬ففهموا الية على‬ ‫ظاهرها‪ ،‬ففزعوا‪ ،‬وقالوا‪ :‬أينا لم يلبس إيمانه بظلم؟! فجاءوا إلى النبي صلى الله‬ ‫عليه وسلم ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬يا رسول الله! أّينا لم يظلم نفسه؟ فأرشدهم الرسول صلى‬ ‫شْر َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م(‬ ‫م عَ ِ‬ ‫الله عليه وسلم إلى حمل هذه الية على الية الخرى ‪ ) :‬إ ّ‬ ‫ظي ٌ‬ ‫ك ل َظ ُل ْ ٌ‬ ‫)لقمان‪ :‬من الية ‪ ، (13‬فهذه الية الولى لها معنى ظاهر ِومراد ‪ ،‬ولكنه غير مراد إل‬ ‫بحمله على الموطن الثاني‪ ،‬فمعنى الظلم في الية الولى مجمل‪ ،‬لن الظاهر منه‬ ‫غير مراد‪.‬‬ ‫وحمل الكلم المجمل على المبين محله في كلم المعصوم‪ ،‬لنه معصوم عن الخطأ‪.‬‬ ‫وغير المعصوم ل يحمل كلمه المجمل على المفسر إنما يقال في الموضع المجمل‬ ‫إذا كان إجماله من المعنى الول‪ :‬هذا كلم مجمل ل يظهر معناه‪ ،‬و ل يقبل‪ ،‬و ل يبن‬ ‫ما إذا كان من المعنى الثاني‪ ،‬فإنه يحكم ببطلن الموضع المجمل‪ ،‬وأنه غير‬ ‫عليه‪ .‬أ ّ‬ ‫صحيح‪ ،‬فإن كان لصاحب هذا الكلم كلم آخر على الصواب‪ ،‬قبل صوابه وُرد ّ الخطأ‪،‬‬ ‫ول يلزم حمل مجمله على مبينه‪.‬‬ ‫فمن خرج عن هذا السبيل وطالب بحمل مجمل كلمه على مفصله فقد جعل لنفسه‬ ‫من الحكم ما للمعصوم!!‬ ‫)( هل معنى هذا التقسيم أن يستق ّ‬ ‫ل تفسير القرآن بالقرآن عن تفسير القرآن‬ ‫بالسنة ؟‬ ‫الجواب ‪ :‬ل‪ ،‬ليس المراد هنا أن يستق ّ‬ ‫ل تفسير القرآن بالقرآن عن تفسير القرآن‬ ‫بالسنة‪ ،‬وإنما المراد التقسيم والترتيب للفهم وتقريب المعنى‪ ،‬ل َيصلح أن نقول ‪:‬‬ ‫نكتفي بتفسير القرآن بالقرآن ونترك السنة؛ فمن زعم أن يفسر القرآن بالقرآن‬ ‫مجردا ً بدون السنة؛ فقد أخطأ‪ .‬ثم تفسير القرآن بالقرآن وتفسير القرآن بالسنة في‬ ‫مواطن قد يكون من باب التفسير بالمأثور المجرد‪ ،‬وفي مواطن قد يدخله اجتهاد؛‬ ‫ففي مواطن يكون من باب التفسير المجرد‪ ،‬مجرد أنه يورد آية وآية أخرى تفسرها‬ ‫سر للية والية الخرى‬ ‫فقط‪ ،‬والمعنى واضح‪ ،‬لكن في مواطن ثانية يكون إيراد المف ّ‬ ‫صل‬ ‫يو‬ ‫فل‬ ‫الية‪،‬‬ ‫يوضح‬ ‫التي تفسرها فيه إشارة إلى معنى استدللي في الية الخرى‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫إلى المعنى إل بنوع اجتهاد واستنباط‪ ،‬وقد يواَفق على هذا وقد ل يواَفق على هذا‪.‬‬ ‫فليس معنى تفسير القرآن بالقرآن‪،‬أن نستقل بتفسير القرآن بالقرآن‪ ،‬إنما معنى‬ ‫هذا بيان للمراتب فقط‪ ،‬وإل ل يمكن تفسير القرآن بالقرآن تفسيرا ً كامل ً صحيحا ً‬ ‫فقط بمجرد تفسير القرآن بالقرآن‪.‬‬ ‫وكذا في تفسير القرآن بالسنة‪ ،‬ليس معناه بالسنة دون القرآن‪ ،‬هذه نفس القضية؛‬ ‫ولذلك الذي يقولون بالتفسير الموضوعي ‪ -‬وهو نوع من أنواع التفسير حيث يأخذ‬ ‫المفسر موضوعا ً من موضوعات القرآن ويجمع اليات المتعلقة به ويفسرها ‪ -‬من‬ ‫قال بهذا النوع وجّرده فقط للقرآن بالقرآن فقد أخطأ‪ .‬فإن تفسير القرآن بالقرآن‬ ‫دون السنة غير صحيح‪ ،‬قال رسول الله ‪" :‬أل إني أوتيت القرآن ومثله معه"‪.‬‬

‫‪84‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ما أ َن َْزل َْنا عَل َي ْ َ‬ ‫ة‬ ‫ذي ا ْ‬ ‫م ً‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫دى وََر ْ‬ ‫خت َل َُفوا ِفيهِ وَهُ ً‬ ‫ك ال ْك َِتا َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ل َهُ ُ‬ ‫وَ َ‬ ‫ب إّل ل ِت ُب َي ّ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ذا َقا َ‬ ‫ن﴾؛ وَل ِهَ َ‬ ‫ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم ‪" :‬أ ََل‬ ‫ل َِقوْم ٍ ي ُؤْ ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ُ‬ ‫ة‪.‬‬ ‫سن ّ َ‬ ‫ن وَ ِ‬ ‫إّني أوِتيت ال ُْقْرآ َ‬ ‫ه" ي َعِْني ال ّ‬ ‫مع َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫مث ْل َ ُ‬ ‫والسن ُ َ‬ ‫ما ي َن ْزِ ُ‬ ‫ضا ت َن ْزِ ُ‬ ‫ن; َل أ َن َّها ت ُت َْلى‬ ‫َ ّ ّ‬ ‫ل ال ُْقْرآ ُ‬ ‫ل عَل َي ْهِ ِبال ْوَ ْ‬ ‫ة أي ْ ً‬ ‫ي كَ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ما ي ُت َْلى‪.‬‬ ‫كَ َ‬ ‫شافعي وغَيره من اْل َئمة عَلى ذ َل َ َ‬ ‫ست َد َ ّ‬ ‫ة‬ ‫ِ ّ ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ك ب ِأدِل ّ ِ‬ ‫ما ُ‬ ‫وَقَد ْ ا ْ‬ ‫ل اْل ِ َ‬ ‫م ال ّ ِ ِ ّ َ ْ ُ ُ ِ ْ‬ ‫ضعَ ذ َل ِ َ‬ ‫س هَ َ‬ ‫ك) (‪.‬‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫ك َِثيَرةٍ ل َي ْ َ‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫َ‬ ‫)( قال الله تبارك وتعالى‪﴿ :‬وَ َ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ما الكتا ُ‬ ‫ماك ُْنت تدِري َ‬ ‫رنا َ‬ ‫كذِلك أوحْينآ إلِيك ُروحا ً من أ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ط‬ ‫صرا‬ ‫إلى‬ ‫لتهدي‬ ‫نك‬ ‫وإ‬ ‫نا‬ ‫عباد‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ء‬ ‫نشا‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫دي‬ ‫ه‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ْ ِ َ‬ ‫ن ول ِ‬ ‫كن َ‬ ‫ما ُ‬ ‫ول الي َ‬ ‫ج ّعَْلنا ّهُ ُنور َا ً ن ْ ِ ِ ِ َ ْ‬ ‫الر ّ َ‬ ‫صيُر‬ ‫في‬ ‫ما‬ ‫و‬ ‫وات‬ ‫سم‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫ما‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ذي‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ط‬ ‫را‬ ‫ص‬ ‫تقيم‪.‬‬ ‫ض أل َ إ َِلى الل ّهِ ت َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س َ‬ ‫م ُْ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫موُر﴾ )الشورى‪.(53-52:‬‬ ‫ال ُ‬ ‫قال الشافعي رحمه الله تعليقا ً على هذه الية الكريمة ]كما في الرسالة للشافعي‬ ‫ص ‪ 105-88‬باختصار‪ .‬وانظر إبطال الستحسان )ضمن الم ‪ ،(7/299‬الموافقات )‬ ‫‪" :[(4/12‬وفي شهادته له ]‪ [ρ‬بأنه يهدي إلى صراط مستقيم؛ صراط الله‪ ،‬والشهادة‬ ‫بتأدية رسالته واتباع أمره‪ ،‬وفيما وصفت من فرضه طاعته‪ ،‬وتأكيده إّياها في الي‬ ‫ذكر ‪ :‬ما أقام الله به الحجة على خلقه‪ :‬بالتسليم لحكم رسول الله واتباع أمره‪.‬‬ ‫قال الشافعي‪ :‬وما سن رسول الله فيما ليس لله فيه حكم‪ :‬فبحكم الله سنه‪ .‬وكذلك‬ ‫ط الل ّهِ﴾ )الشورى‪-52:‬‬ ‫صَرا ِ‬ ‫سَتقيم‪ِ .‬‬ ‫أخبرنا الله في قوله‪﴿ :‬وإّنك لتهدي إلى صرا ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ُ‬ ‫‪.(53‬‬ ‫ن فيما ليس فيه بعينه نص كتاب‪.‬‬ ‫وس‬ ‫الله‪،‬‬ ‫كتاب‬ ‫مع‬ ‫الله‬ ‫رسول‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫وقد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن فقد ألزمنا الله اتباعه‪ ،‬وجعل في اتباعه طاعته‪ ،‬وفي العنود عن اتباعها‬ ‫وكل ما س ّ‬ ‫معصيته التي لم يعذر بها خلقًا‪ ،‬ولم يجعل له من اتباع سنن رسول الله مخرجًا‪ ،‬لما‬ ‫وصفت‪ ،‬وما قال رسول الله‪.‬‬ ‫أخبرنا سفيان عن سالم أبوا لنضر مولى عمر بن عبيدالله سمع عبيدالله بن أبي رافع‬ ‫دث عن أبيه أن رسول الله قال‪" :‬ل ألفين أحدكم متكئا ً على أريكته يأتيه المر من‬ ‫يح ّ‬ ‫أمري‪ ،‬مما أمرت به أو نهيت عنه‪ ،‬فيقول‪ :‬ل أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه"‪.‬‬ ‫قال سفيان ‪ :‬وحدثنيه محمد بن المنكدر عن النبي مرس ً‬ ‫ل‪.‬‬ ‫قال الشافعي‪ :‬الريكة‪ :‬السرير‪.‬‬ ‫وسنن رسول الله مع كتاب الله وجهان‪:‬‬ ‫أحدهما‪ :‬نص كتاب‪ ،‬فاتبعه رسول الله كما أنزل الله‪.‬‬ ‫والخر‪ :‬جملة‪ ،‬بّين رسول الله فيه عن الله معنى ما أراد بالجملة‪ ،‬وأوضح كيف‬ ‫فرضها‪ :‬عاما ً أو خاصًا‪ ،‬وكيف أراد أن يأتي به العباد‪ .‬وكلهما اّتبع فيه كتاب الله‪.‬‬ ‫قال ]الشافعي[ ‪ :‬فلم أعلم من أهل العلم مخالفا ً في أن سنن النبي من ثلثة وجوه‪،‬‬ ‫فاجتمعوا منها على وجهين‪ .‬والوجهان يجتمعان ويتفرعان‪:‬‬ ‫أحدهما ‪ :‬ما أنزل الله فيه نص كتاب‪ ،‬فبّين رسول الله مثل ما نص الكتاب‪.‬‬ ‫والخر ‪ :‬مما أنزل الله فيه جملة كتاب‪ ،‬فبّين عن الله معنى ما أراد‪.‬‬ ‫وهذان الوجهان اللذان لم يختلفوا فيهما‪.‬‬ ‫ن رسول الله فيما ليس فيه نص كتاب‪.‬‬ ‫والوجه الثالث ‪ :‬ما س ّ‬ ‫فمنهم من قال‪ :‬جعل الله له بما افترض من طاعته‪ ،‬وسبق في علمه من توفيقه‬ ‫لرضاه‪ :‬أن يسن فيما ليس فيه نص كتاب‪.‬‬ ‫ومنهم من قال ‪ :‬لم يسن سنة قط إل ولها أصل في الكتاب‪ ،‬كما كانت سنته لتبين‬ ‫ن من البيوع‪،‬‬ ‫الصلة‪،‬‬ ‫عدد‬ ‫وكذلك ما س ّ‬ ‫الصلة وعملها‪ ،‬على اصل جملة ْ‬ ‫فرض َ‬ ‫ل﴾ )النساء‪،(29:‬‬ ‫من‬ ‫وغيرها‬ ‫م ب َي ْن َك ُ ْ‬ ‫وال َك ُ ْ‬ ‫الشرائع؛ لن الله قال‪﴿ :‬ل َ ت َأك ُل ُوَا ْ أ ْ‬ ‫م ِّبال َْباط ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫ح ّ‬ ‫م الّرَبا﴾ )البقرة‪ ،(275:‬فما أحل وحّرم فإنما بّين فيه عن‬ ‫ه ال ْب َي ْعَ وَ َ‬ ‫وقال‪﴿ :‬وَأ َ‬ ‫حّر َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫الله‪ ،‬كما بّين الصلة‪.‬‬ ‫ومنهم من قال‪ :‬بل جاءته به رسالة الله‪ ،‬فأثبتت سنته بفرض الله‪.‬‬ ‫ن‪ ،‬وسنته الحكمة‪ :‬الذي ألقي في روعه‬ ‫ومنهم من قال ‪ :‬ألقي في روعه كل ما س ّ‬ ‫سنته‪ .‬ثم قال‪ :‬فكان مما ألقي في روعه سنته‪،‬‬ ‫عن الله‪ ،‬فكان ما ألقي في روعه ُ‬ ‫وهي الحكمة التي ذكر الله‪ ،‬وما نزل به عليه كتاب فهو كتاب الله‪ ،‬وكل ما جاءه من‬ ‫ن ِعَم ِ الله‪ ،‬كما أراد الله‪ ،‬وكما جاءته النعم‪ ،‬تجمعها النعمة‪ ،‬وتتفرق بأنها في أمور‬ ‫بعضها غير بعض‪ ،‬ونسأل الله العصمة والتوفيق‪.‬‬ ‫وأي هذا كان فقد بّين الله أنه فرض فيه طاعة رسوله‪ ،‬ولم يجعل لحد من خلقه‬ ‫عذرا ً بخلف أمر عرفه من أمر رسول الله‪ ،‬وأن قد جعل الله بالناس كلهم الحاجة‬ ‫إليه في دينهم‪ ،‬وأقام عليهم حجته‪ ،‬بما دّلهم عليه من سنن رسول الله معاني ما أراد‬ ‫الله بفرائضه في كتابه‪ ،‬ليْعلم من عرف منها ما وصفنا أن سنته مبينة عن الله معنى‬ ‫ما أراد من مفروضة فيما فيه كتاب يتلونه‪ ،‬وفيما ليس فيه نص كتاب أخرى‪ :‬فهي‬ ‫كذلك أين كانت‪ ،‬ل يختلف حكم الله ثم حكم رسوله بل هو لزم بكل حال‪.‬‬

‫‪85‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َ‬ ‫ن‬ ‫جد ْهُ فَ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ب ت َْف ِ‬ ‫ه فَإ ِ ْ‬ ‫ض أّنك ت َط ْل ُ ُ‬ ‫م تَ ِ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ال ْغََر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫سيَر ال ُْقْرآ ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫ما َقا َ‬ ‫ه‬ ‫مَعاذِ ِ‬ ‫سن ّ ِ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ال ّ‬ ‫ن ب َعَث َ ُ‬ ‫ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم ل ِ ُ‬ ‫ة‪ ،‬ك َ َ‬ ‫حي َ‬ ‫م؟‬ ‫م تَ ْ‬ ‫حك ُ ُ‬ ‫ن ‪" :‬ب ِ َ‬ ‫إَلى ال ْي َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫َقا َ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫ب الل ّ ِ‬ ‫ل ‪ :‬ب ِك َِتا ِ‬ ‫َقا َ‬ ‫جد ْ ؟‬ ‫ل ‪ :‬فَإ ِ ْ‬ ‫م تَ ِ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫َقا َ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سن ّةِ َر ُ‬ ‫ل ‪ :‬بِ ُ‬ ‫سو ِ‬ ‫َقا َ‬ ‫جد ْ ؟‬ ‫ل ‪ :‬فَإ ِ ْ‬ ‫م تَ ِ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫وكذلك قال رسول الله في حديث أبي رافع الذي كتبناه قبل هذا"اهش‪.‬‬ ‫قال إسماعيل بن سعيد الكسائي الفقيه )ت ‪230‬هش‪ ،‬أو ‪246‬هش( رحمه الله ]كما‬ ‫العتبار في الناسخ والمنسوخ من الثار ص ‪" :[26‬المذهب في ذلك‪ :‬يجب على‬ ‫الناس أن يتبعوا القرآن و ل يخالفوه؛ فإن احتج محتج بأن في السنن ما يخالف‬ ‫التنزيل! قيل لهم‪ :‬إن رسول الله ‪ ‬قال‪" :‬أل إني أوتيت القرآن ومثله معه"‪ ،‬فكل‬ ‫سنة ثبتت عن رسول الله ‪ ‬ل يجوز لقائل أن يقول إنها خلف التنزيل؛ لن السنة‬ ‫تفسير للتنزيل‪ ،‬والسنة كان ينزل بها جبرائيل‪ ،‬ويعلمها الرسول الله ‪ ،‬فكان ل‬ ‫يقول قول ً يخالف التنزيل‪ ،‬إل ما نسخ من قوله بالتنزيل‪ ،‬فمعنى التنزيل ما قال‬ ‫رسول الله ‪ ‬إذا كان ذلك بإسناد ثبت عنه"اهش‪.‬‬ ‫قال أبوعبدالله محمد بن نصر المروزي )‪394‬هش( ]في كتاب السنة له ص ‪:[35‬‬ ‫"السنة تتصرف على أوجه‪ :‬سنة اجتمع العلماء على أنها واجبة‪ .‬وسنة اجتمعوا على‬ ‫أنها نافلة‪ .‬وسنة اختلفوا عليها أواجبة هي أم نافلة‪.‬‬ ‫ثم السنة التي اجتمعوا على أنها واجبة تتصرف على وجهين‪:‬‬ ‫أحدهما ‪ :‬عمل‪ .‬والخر ‪ :‬إيمان‪.‬‬ ‫فالذي هو عمل يتصرف إلى أوجه‪:‬‬ ‫سنة اجتمعوا على أنها تفسير لما افترضه الله مجم ً‬ ‫ل‪ ،‬في كتابه فلم يفسره‪ َ ،‬وجعل‬ ‫تفسيره وبيانه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬قال الله عز وجل‪﴿ :‬وَأن َْزل َْنا‬ ‫إ ِل َي ْ َ‬ ‫مان ُّز َ‬ ‫ن﴾ )النحل‪.(44:‬‬ ‫م ي َت َ َ‬ ‫فك ُّرو َ‬ ‫م وَل َعَل ّهُ ْ‬ ‫ل إ ِل َي ْهِ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ك الذ ّك َْر ل ِت ُب َي ّ َ‬ ‫ن ِللّنا ِ‬ ‫والثاني‪ :‬سنة اختلفوا فيها فقال بعضهم‪ :‬هي ناسخة لبعض أحكام القرآن‪ .‬وقال‬ ‫بعضهم‪ :‬ل‪ ،‬بل هي مبينة في خاص القرآن وعامه‪ ،‬وليست ناسخة؛ لن السنة ل‬ ‫تنسخ القرآن‪ ،‬ولكنها تبين عن خاصه وعامه وتفسر مجمله ومبهمه‪.‬‬ ‫والوجه الثالث‪ :‬سنة اجتمعوا على أنها زيادة على ما حكم الله به في كتابه‪ ،‬وسنة‬ ‫هي زيادة من النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ليس لها أصل في الكتاب إل جملة المر‬ ‫بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬والتسليم لحكمه وقضائه‪ ،‬والنتهاء عما نهى‬ ‫عنه"اهش‪.‬‬ ‫فإن قيل ‪ :‬كيف يستقيم أن السنة وحي‪ ،‬وحديث تأبير النخل‪ ،‬فيه ‪ :‬أن الرسول صلى‬ ‫الله عليه وسلم يقول‪" :‬إنما أنا بشر فما خاطبنكم به من رأيي فل تأخذوا به فأنتم‬ ‫أدرى بشئون دنياكم"]مسلم[‪ -‬أو كما قال صلى الله عليه وسلم ‪-‬؟!‬ ‫فالجواب ‪ :‬حديث تأبير النخل دليل على أن ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم‬ ‫وأشعر في لفظه أنه من رأيه وأنه من عنده ؛ فهذا الذي يقول عنه‪) :‬أنتم أعلم بأمور‬ ‫دنياكم(‪ .‬وإل فإن الصل أن كلم الرسول صلى الله عليه وسلم المجرد عن مثل هذا‬ ‫وحي؛ ولذلك الصحابة لما لم يتبين لهم في مواطن هل كلم الرسول صلى الله عليه‬ ‫وسلم من باب الوحي أو من باب الجتهاد ‪ ،‬كما في حادثة بدر‪ ،‬قالوا ‪ :‬يا رسول‬ ‫الله ‪ ،‬الرسول في موقعة بدر تقدم كفار قريش إلى المحل فجعل البار أمامه وهو‬ ‫وقف من خلفها‪ ،‬فجاءه أحد الصحابة وقال‪ :‬يا رسول الله أهو وحي أم هو الرأي‬ ‫والحرب والمكيدة؟ قال ‪ :‬بل الرأي والحرب والمكيدة‪ .‬قال‪ :‬يا رسول الله ليس هذا‬ ‫هو المحل‪ ،‬قم بنا ‪ ،‬فقاموا وجعلوا البار من ورائهم‪ ،‬ولم يجعلوها من أمامهم‪.‬‬ ‫فانظر هنا لما أشكل عليهم سألوه لنه ل يوجد في عبارته ما يدل على أنه وحي أو‬ ‫غير ذلك‪ ،‬لماذا ؟ لن الصل عندهم ‪ :‬أن كل ما جاء عنه عليه الصلة والسلم أنه‬ ‫وحي‪.‬‬ ‫بل وأزيدكم أنهم كانوا يرون أن ما اختاره الله لرسوله صلى الله عليه وسلم ل يكون إل‬ ‫لوحي‪ ،‬وكان يلتبس أحيانا ً عليهم بعض الشياء‪ ،‬منها ما ورد في حديث أم سلمة‬ ‫رضي الله عنها في قصة الحديبية‪ ،‬فالرسول صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يحلوا‬ ‫وأن يذبحوا ما ساقوه من الهدي‪ ،‬وهو لم يفعل هذا‪ ،‬فدخل مغاضبا ً عند أم سلمة‬ ‫فقالت‪ :‬مالك يا رسول الله ؟ ‪ ،‬فقال ‪ :‬أمرتهم فلم ينفذوا أمري‪ ،‬قالت ‪ :‬يا رسول‬ ‫الله أخرج فاحلق وتحلل واذبح هديك أمامهم ‪ ،‬فخرج فصنع هذا ‪ ،‬فكاد أن يذبح‬ ‫بعضهم بعضًا‪ ،‬إذا ً لماذا تأخروا في الول ؟ لنهم فهموا من حال الرسول صلى الله‬ ‫عليه وسلم أن قوله وفعله وحي‪ ،‬فهم أرادوا أن يفعلوا مثل الرسول صلى الله عليه‬ ‫وسلم‪ ،‬ليس أنهم شكوا في اتباع الرسول‪ ،‬بل لنهم يعلمون أن قوله وحي وفعله‬ ‫وحي معصوم ‪ ،‬ل يفعل شيء من عند نفسه‪ ،‬فقالوا ‪ :‬مادام الرسول لم يحلق معناه‬ ‫أن فيه فضيلة فنبقى مثل الرسول‪.‬‬

‫‪86‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َقا َ َ‬ ‫جت َهِد ُ َرأ ِْيي ‪.‬‬ ‫ل‪:‬أ ْ‬ ‫سو ُ‬ ‫َقا َ‬ ‫ه‬ ‫صد ْرِ ِ‬ ‫ضَر َ‬ ‫ل ‪ :‬فَ َ‬ ‫ب َر ُ‬ ‫ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم ِفي َ‬ ‫سو َ‬ ‫سو َ‬ ‫وََقا َ‬ ‫ل‬ ‫ما ي ُْر ِ‬ ‫مد ُ ل ِل ّهِ ال ّ ِ‬ ‫ل ‪ :‬ال ْ َ‬ ‫ضي َر ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ذي وَفّقَ َر ُ‬ ‫ل الل ّهِ ل ِ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫سو ِ‬ ‫ه" وَهَ َ‬ ‫جي ّدٍ) (‪.‬‬ ‫دي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫الل ّ ِ‬ ‫سَنادِ َ‬ ‫ذا ال ْ َ‬ ‫ن ب ِإ ِ ْ‬ ‫سان ِدِ َوال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ث ِفي ال ْ َ‬ ‫سن َ ِ‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫وعليه فإن معنى حديث )تأبير النخل( ‪ :‬أن قول الرسول الذي اقترن بأنه رأي من‬ ‫عنده أو ظن من عنده ؛ هو الذي يقال فيه ‪) :‬أنتم أدرى بشئون دنياكم(‪ ،‬وما لم‬ ‫يقترن بذلك فالصل أنه وحي من الله‪ ،‬وعلى هذا جرى فعل السلف رضوان الله‬ ‫عليهم‪.‬‬ ‫)( كذا قال‪ ،‬وغير الشيخ يقول إسناده ضعيف‪ ،‬في السند مجاهيل‪.‬‬ ‫فإن قيل‪ :‬ما وجه حكم الشيخ عليه بأنه جيد السناد؟‬ ‫فالجواب‪ :‬ل يخلو حكم الشيخ من أمرين ل ثالث لهما حسب علمي‪:‬‬ ‫الول ‪ :‬أن يكون استبان للشيخ من حال رواة الحديث ما لم يستبن لنا‪ ،‬فارتفعت‬ ‫ود السند‪.‬‬ ‫جهالتهم عنده ‪ ،‬فج ّ‬ ‫الثاني ‪ :‬أن يكون الشيخ ‪ ،‬رأى تلقي العلماء للحديث بالقبول‪ ،‬وهذا يفيد ضمنا ً قوة‬ ‫ود إسناده‪.‬‬ ‫في رواته‪ ،‬فج ّ‬ ‫فإن قيل‪ :‬وهل تلقي العلماء للحديث بالقبول‪ ،‬يفيد ثبوت الحديث عن النبي ‪‬؟‬ ‫فالجواب ‪ :‬هذا الحديث من هذا القبيل ‪ ،‬قبله العلماء ‪ ،‬نص على ذلك ‪ :‬ابن عبد البر ‪،‬‬ ‫والخطيب البغدادي ‪ ،‬وابن القّيم ‪ ،‬وقبول العلماء لهذا الحديث أقوى من مجرد‬ ‫السند‪ ،‬فقول شيخ السلم‪" :‬بإسناد جيد"؛ على اعتبار هذه القاعدة ‪ ،‬وهي تلقي‬ ‫العلماء له بالقبول‪ ،‬وهذا من الطرق التي تثبت بها الحاديث‪ ،‬وهو أقوى من مجرد‬ ‫السند الفرد‪.‬‬ ‫ووجه النكارة التي استشعرها بعض أهل العلم في المتن‪ ،‬أنه قال ‪ :‬هذا الحديث‬ ‫يشعر أنه يمكن أن يكتفى بتفسير القرآن بالقرآن دون السنة‪ ،‬وهذا مخالف لما هو‬ ‫مقرر من أن القرآن يفسر بالقرآن والسنة‪ ،‬و ل يكتفى فقط بالقرآن في تفسيره‪،‬‬ ‫والفقيه ل يمكن أن يستغني بالقرآن عن السنة‬ ‫وتزول هذه النكارة ‪ -‬إن شاء الله تعالى ‪ -‬بما تقدمت الشارة إليه من أن الترتيب‬ ‫في الحديث ليس هو ترتيب طريقة الستدلل؛ لكن تقسيم مراتب الدليل من حيث‬ ‫هو فقط‪ ،‬فهذا من جهة الترتيب العام‪ ،‬ل من جهة أن الستدلل ُيستغنى فيه بالقرآن‬ ‫عن السنة‪ ،‬أو ُيستغنى فيه بالسنة عن القرآن‪.‬‬ ‫فهذه المراتب للتفهيم والبيان‪ ،‬وإل فإنه ل يمكن الستغناء في تفسير القرآن بمجرد‬ ‫القرآن‪ ،‬كما ل يمكن الستغناء بتفسير القرآن بمجرد السنة‪ ،‬ل بد من القرآن‬ ‫والسنة‪ ،‬وهذا التقسيم – الذي هو للتفهيم والتعليم – يسلكه أهل العلم‪ ،‬من ذلك‬ ‫قولهم ‪ :‬التوحيد ثلثة أقسام ؛ توحيد الربوبية ‪ ،‬وتوحيد اللوهية ‪ ،‬وتوحيد السماء‬ ‫ت بتوحيد‬ ‫والصفات‪ ،‬علما ً بأن الربوبية بمفردها من جاء بها يعتبر كافرًا؛ إذا لم يأ ِ‬ ‫اللوهية‪ ،‬وتوحيد السماء والصفات‪ ،‬ل بد أن يأتي بهذه الثلثة‪ ،‬من ادعى أنه يأتي‬ ‫بتوحيد اللوهية وهو ل يقر بتوحيد الربوبية‪ ،‬أو بتوحيد السماء والصفات؛ ُيعتبر كافرًا‪،‬‬ ‫وكذلك في السماء والصفات‪.‬‬ ‫فالقسمة للتعليم والبيان والتفهيم ‪.‬‬ ‫مثال آخر‪ :‬النسان ل يكون إنسانا ً إل بمجموع الجسد والروح ‪ ،‬الجسد بدون الروح‬ ‫يسمى )جثة(‪ ،‬ل يقال عنه إنسان‪ ،‬مجموع المرين هما النسان‪ ،‬يقال ‪ :‬فلن‪ ،‬جسدا ً‬ ‫سمون ويقولون ‪ :‬النسان جسد وروح؛‬ ‫ما ُيق ّ‬ ‫وروحًا‪ ،‬أما إذا غادرته الروح فهو جسد‪ ،‬ل ّ‬ ‫ليس معنى هذا أنه بأحدهما – فقط ‪ -‬يكون إنسانًا‪ ،‬بل هو بمجموع المرين‪.‬‬ ‫ما نقول ‪ :‬أفضل طرق التفسير ‪ ،‬القرآن بالقرآن ‪ ،‬ثم القرآن‬ ‫إذا ً هذه القسمة ل ّ‬ ‫بالسنة ‪ ،‬ثم القرآن بقول الصحابة ؛ هذه القسمة ل ُيقصد بها أنه يمكن بها تفسير‬ ‫القرآن استقلل ً جميعه بإحدى هذه الطرق‪ ،‬حتى لما جاء الشيخ محمد المين‬ ‫الشنقيطي رحمه الله المتوفى سنة )‪1393‬هش( أّلف كتابه ‪" :‬أضواء البيان في إيضاح‬ ‫القرآن بالقرآن"؛ ما مشى في هذا الكتاب على مجّرد إيضاح آية بآية‪ ،‬إنما هو قال ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫شرطي في إيضاح كل آية ُأورُدها ‪ ،‬أن يكون قد جاء إيضاحها في آية أخرى‪ ،‬لكنه لم‬ ‫ف بهذا فقط في التفسير‪ ،‬فهو يقول ‪ :‬أنا أفسر من اليات التي جاء تفسيرها في‬ ‫يكت ِ‬ ‫القرآن الكريم على هذا الوصف‪ ،‬لكن ليس فقط بالقرآن الكريم‪ ،‬إنما جاء تفسيرها‬ ‫في القرآن الكريم‪ ،‬ثم يدعم تفسيرها بما جاء في الحاديث والثار ‪.‬‬ ‫دعي أنه يفسر القرآن بالقرآن ‪ ،‬وإل فإنه سيكون من القرآنيين‬ ‫ل يمكن لنسان أن ي ّ‬ ‫الذين يقولون بالكتفاء بالقرآن ‪ ،‬هناك طائفة مبتدعة تقول ‪ :‬إننا نستقل في هذا‬ ‫الرسول صلى‬ ‫الدين ‪ ،‬وفي هذا الشرع بالقرآن بمفرده ‪ ،‬أقول ‪ :‬وهم الذين عناهم‬ ‫َ‬ ‫ش ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫ه‬ ‫مت ّك ًِئا عََلى أِريك َت ِ ِ‬ ‫الله عليه وسلم في حديثه الذي جاء فيه قوله‪ُ" :‬يو ِ‬ ‫ك الّر ُ‬ ‫ل ُ‬

‫‪87‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫حين َئ ِذٍ إ َ‬ ‫جعَْنا ِفي‬ ‫وَ ِ‬ ‫جد ْ الت ّْف ِ‬ ‫سن ّةِ َر َ‬ ‫ن وََل ِفي ال ّ‬ ‫م نَ ِ‬ ‫ذا ل َ ْ‬ ‫سيَر ِفي ال ُْقْرآ ِ‬ ‫َ‬ ‫م أ َد َْرى ب ِذ َل ِ َ‬ ‫ذ َل ِ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ن‬ ‫دوهُ ِ‬ ‫شاهَ ُ‬ ‫ص َ‬ ‫ك لِ َ‬ ‫حاب َةِ فَإ ِن ّهُ ْ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ن ال ُْقْرآ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وا ِ‬ ‫ك إَلى أقْ َ‬ ‫ح‬ ‫ل ال ِّتي ا ْ‬ ‫ص ِ‬ ‫م ِ‬ ‫َواْل َ ْ‬ ‫ن ال َْفهْم ِ الّتا ّ‬ ‫ما ل َهُ ْ‬ ‫صوا ب َِها; وَل ِ َ‬ ‫م َوال ْعِل ْم ِ ال ّ‬ ‫خت َ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫وا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫حي ِ‬ ‫سي ّما عُل َماؤُهُم وك ُب َراؤُهُم َ َ‬ ‫خل ََفاءِ‬ ‫مةِ اْل َْرب َعَةِ ال ْ ُ‬ ‫كاْلئ ِ ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ح ; َل ِ َ‬ ‫َوال ْعَ َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫صال ِ َ ِ‬ ‫سُعوٍد‪.‬‬ ‫ن‪ِ ،‬‬ ‫ش ِ‬ ‫الّرا ِ‬ ‫ل عَب ْدِ الل ّهِ ب ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ة ِ ال ْ َ‬ ‫ن َواْلئ ِ ّ‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫مهْدِّيي َ‬ ‫دي َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َقا َ‬ ‫حد ّث ََنا أُبو كريب‬ ‫ج‬ ‫ريرٍ الطبري ‪َ :‬‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫م أُبو َ‬ ‫ما ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫جعَْفرٍ ُ‬ ‫ل اْل ِ َ‬ ‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ل أ َنبأ َنا جابر بن نوح أ َنبأنا اْل َعْمش عَن أ َ‬ ‫ق‬ ‫رو‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫حى‬ ‫ض‬ ‫ال‬ ‫بي‬ ‫َ‬ ‫َقا َ ْ َ َ َ ِ ُ ْ ُ ُ ٍ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ٍ‬ ‫ل ‪َ :‬قا َ‬ ‫َقا َ‬ ‫ت‬ ‫سُعودٍ ‪" :‬وَا َل ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ن ََزل َ ْ‬ ‫ه غَي ُْرهُ َ‬ ‫ذي َل إل َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ل عَب ْد ُ الل ّهِ ي َعِْني اب ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫آي َ ٌ‬ ‫ة ِ‬ ‫ت وَل َوْ أعْل َ ُ‬ ‫ن ن ََزل َ ْ‬ ‫ن ن ََزل َ ْ‬ ‫م ِفي َ‬ ‫ب الل ّهِ إّل وَأَنا أعْل َ ُ‬ ‫ن ك َِتا ِ‬ ‫ت وَأي ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫كا َ‬ ‫م َ‬ ‫طاَيا َل َت َْيته") (‪.‬‬ ‫ب الل ّهِ ِ‬ ‫نأ َ‬ ‫م َ َ‬ ‫مّني تناوله ال ْ َ‬ ‫حدٍ أعْل َ َ‬ ‫َ‬ ‫م ب ِك َِتا ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫سُعودٍ َقا َ‬ ‫وََقا َ‬ ‫ن‬ ‫ل‪ :‬كا َ‬ ‫ش أي ْ ً‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ل العْ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ل عَ ْ‬ ‫ن أِبي َوائ ِ ٍ‬ ‫ضا عَ ْ‬ ‫ن اب ْ ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫م عَ ْ‬ ‫مّنا إ َ‬ ‫ن‬ ‫حّتى ي َعْرِ َ‬ ‫شَر آَيا ٍ‬ ‫ل ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م يُ َ‬ ‫الّر ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ت لَ ْ‬ ‫ذا ت َعَل ّ َ‬ ‫مَعان ِي َهُ ّ‬ ‫جاوِْزهُ ّ‬ ‫م َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫َوال ْعَ َ‬ ‫ل ب ِهِ ّ‬ ‫‪1‬‬

‫ج ّ‬ ‫قو ُ‬ ‫ن‬ ‫ديِثي فَي َ ُ‬ ‫ح َد ّ ُ‬ ‫جد َْنا ِّفيهِ ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ث ِ‬ ‫دي ٍ‬ ‫ح ِ‬ ‫ما وَ َ‬ ‫ب ّ الل ّهِ عَّز وَ َ‬ ‫م ك َِتا ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ث بِ َ‬ ‫يُ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل ب َي ْن ََنا وَب َي ْن َك ُ ْ‬ ‫مّ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫صلى‬ ‫حل‬ ‫جد َْنا ِفيهِ ّ ِ‬ ‫حل َل ْ َّ‬ ‫ما َ‬ ‫مَناهُ أل وَإ ِ ّ‬ ‫حَرام ٍ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ما وَ َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫َ‬ ‫حّر َ‬ ‫م َر ُ‬ ‫ل اَ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫حّر ْ‬ ‫ناهُ وَ َ‬ ‫سول اللهِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ٍ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫ه" ]رواه أحمد والترمذي وابن ماجة واللفظ له[‪.‬‬ ‫م ِ‬ ‫ما َ‬ ‫حّر َ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫م الل ُ‬ ‫ل َ‬ ‫سل َ‬ ‫الل ّ ُ‬ ‫نقول ‪ :‬هذا التقسيم هو للتفهيم والتعليم ‪ ،‬وكذا ما جاء في حديث معاذ بن جبل‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ة َفاقْطُعوا‬ ‫سارِقَ ُ‬ ‫سارِقُ َوال ّ‬ ‫َفلو اكتفى شخص في الحكم بالسرقة بما في الية ‪َ) :‬وال ّ‬ ‫بالية‪ ،‬وجاء‬ ‫ما ()المائدة‪ :‬من الية ‪ ،(38‬وقال‪ :‬هذا حد السرقة‪ ،‬أنا أعمل‬ ‫أي ْدِي َهُ َ‬ ‫يطبق ‪ ،‬فهو إما أنه يقطع اليد من الكف‪ ،‬وإما أن يقطعها من الكوع‪ ،‬وإما أن يقطعها‬ ‫من مفصل الكتف‪ ،‬الية ليست واضحة في هذا المعنى‪ ،‬فيها الحكم بقطع اليد‪ ،‬كيف‬ ‫يستطيع أن يطبق هذا الحد دون الرجوع إلى السنة؟ ثم كم تكون السرقة‪ ،‬بمعنى ما‬ ‫هو نصاب السرقة الذي إذا سرقه الشخص تقطع يده؟ ل يستطيع أن يحكم بشيء‬ ‫دون الرجوع إلى السنة!‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ما‬ ‫دوا كل َوا ِ‬ ‫مثال آخر‪ :‬الله تعالى في القرآن يقول ‪) :‬الّزان ِي َ ُ‬ ‫حدٍ ِ‬ ‫جل ِ ُ‬ ‫ة َوالّزاِني فا ْ‬ ‫من ْهُ َ‬ ‫جل ْد َةٍ ()النور‪ :‬من الية ‪ ، (2‬ذكر حد الزنا بدون تفصيل فمن يقول ‪ :‬أنا أكتفي‬ ‫مائ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ة َ‬ ‫بالقرآن في حد الزنا‪ ،‬الزنا هذا حكمه؛ فإنه يقال له‪ :‬هناك الزاني الثّيب ‪ ،‬هناك‬ ‫الزاني البكر ‪ ،‬هناك من ُيكَره ‪ ،‬هناك من كذا ‪ ،‬من أين يأتي بالحكم لهذه الحوال‬ ‫بمجرد هذه الية؟‬ ‫إذا ً ل يستطيع إنسان أن يدعي الكتفاء بتفسير القرآن الكريم بمجرد َالقرآن ‪ ،‬ولذلك‬ ‫الله سبحانه وتعالى أخبر أن السنة بيان لهذا القرآن فقال تعالى ‪ ) :‬وَأن َْزل َْنا إ ِل َي ْ َ‬ ‫ك‬ ‫ما ن ُّز َ‬ ‫م()النحل‪ :‬من الية ‪. (44‬‬ ‫ل إ ِل َي ْهِ ْ‬ ‫س َ‬ ‫الذ ّك َْر ل ِت ُب َي ّ َ‬ ‫ن ِللّنا ِ‬ ‫وقاعدة تلقي العلماء للحديث وتداوله بينهم دليل على ثبوته‪ ،‬تجري في مواضع‪،‬‬ ‫انظروا مثل ً ‪ :‬حديث "ل ضرر ول ضرار"‪ ،‬أسانيده فيها ضعف ‪ ،‬لكنه قاعدة شرعية‬ ‫متلقاة بالقبول على أنه من كلم الرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫انظروا مث ً‬ ‫ل‪ :‬القراءات متلقاة بالقبول جيل ً بعد جيل نقل ً متواترًا‪ ،‬لكن أسانيدها‬ ‫المذكورة في أول كتب القراءات فيها رواة ضعافًا‪ ،‬و ل تصل إلى حد التواتر! فكيف‬ ‫صحت القراءات وحكم بتواترها؟ والجواب‪ :‬هذه السانيد لبيان الختيار ل لثبوت‬ ‫القراءة‪ ،‬فإن القراءة ثابتة بالتلقي جيل ً عن جيل وبهذا التلقي ثبت المتواتر‪.‬‬ ‫ص ْ‬ ‫ل إلى حد التواتر‪ ،‬فإن تلقي العلماء للحديث بالقبول‬ ‫كذا هنا في الحديث‪ ،‬وإن لم ي َ ِ‬ ‫ف في إثبات صحته‪ ،‬وهذه من الطرق التي يسلكها أهل العلم ل في كل حديث‬ ‫كا ٍ‬ ‫مهَْيع معروف يسلكه‬ ‫إنما في الحاديث التي ينصون عليها ويذكرونها‪ ،‬وهذا السبيل َ‬ ‫أهل العلم‪.‬‬ ‫انظر كلمهم على حديث "ل وصية لوارث"‪ ،‬و حديث‪" :‬هو الطهور ماؤه الحل ميتته"‪،‬‬ ‫انظروا كلم ابن عبد البر عليه في كتاب )التمهيد( فإنه أشار فيه إلى هذه القاعدة ‪.‬‬ ‫)أهش‪ .‬الدرس الحادي عشر (‬ ‫‪) 1‬ددددد دددددد ددد ‪2/11/1423‬دد(‬ ‫)‪ (1‬حينما يسمع المسلم هذا الكلم هل يأتي في نفسه أن كلم ابن مسعود في تفسير‬ ‫القرآن اجتهاد منه ؟! ل أحد يأتي في نفسه هذا‪ ،‬لكن الناس يتهاونون في تفسير‬ ‫الصحابة ‪ ،‬إل من رحم رّبك‪ ،‬وهذا القول يؤكد ما تقدم من خصوصية تفسير‬ ‫الصحابي‪.‬‬

‫‪88‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ه‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫وَ ِ‬ ‫حب ُْر ال ْب َ ْ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫م َر ُ‬ ‫ن عَ ّ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫سو ِ‬ ‫س‪ ،‬اب ْ ُ‬ ‫حُر ‪ :‬عَب ْد ُ الل ّهِ ب ْ ُ‬ ‫ن عَّبا ٍ‬ ‫ل الل ّهِ صلى‬ ‫ن ب ِب ََرك َةِ د ُ َ‬ ‫صلى الله عليه وسلم وَت ُْر ُ‬ ‫عاِء َر ُ‬ ‫ج َ‬ ‫سو ِ‬ ‫ن ال ُْقْرآ ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫ث َقا َ‬ ‫ه‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫ه ِفي ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫م ُ‬ ‫ن وَعَل ّ ْ‬ ‫م فَّقهْ ُ‬ ‫ل ‪" :‬الل ّهُ ّ‬ ‫الله عليه وسلم ل َ ُ‬ ‫دي ِ‬ ‫الت ّأ ِْوي َ‬ ‫ل") (‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫وََقا َ‬ ‫ن بَ ّ‬ ‫ن‬ ‫شارٍ أن ْب َأَنا وَ ِ‬ ‫سْفَيا ُ‬ ‫م َ‬ ‫ريرٍ ‪َ :‬‬ ‫ن َ‬ ‫كيعٌ أن ْب َأَنا ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫حد ّث ََنا ُ‬ ‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫ل اب ْ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫َ‬ ‫ل ‪َ :‬قا َ‬ ‫ق َقا َ‬ ‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن اْلعْ َ‬ ‫ل عَب ْد ُ الل ّهِ ي َعِْني اب ْ َ‬ ‫سل ِم ٍ عَ ْ‬ ‫ش عَ ْ‬ ‫عَ ْ‬ ‫سُرو ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫س‪.‬‬ ‫ن عَّبا‬ ‫ما ُ‬ ‫م ت ُْر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ج َ‬ ‫سُعودٍ ‪ :‬ن ِعْ َ‬ ‫َ‬ ‫ن اب ْ ُ‬ ‫ن ال ُْقْرآ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫سْفَيا َ‬ ‫س َ‬ ‫حَيى ب ْ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫نإ ْ‬ ‫ثُ ّ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫ق عَ ْ‬ ‫ن داود عَ ْ‬ ‫م َرَواهُ عَ ْ‬ ‫حاقَ الْزَر ِ‬ ‫ِ‬ ‫اْل َعْمش عَن مسل ِم بن صبي َ‬ ‫ن‬ ‫ض َ‬ ‫ح أِبي ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ق عَ ْ‬ ‫حى عَ ْ‬ ‫سُرو ٍ‬ ‫ن اب ْ ِ‬ ‫َ َِ ْ ُ ْ ِ ْ ِ ُ َْ ٍ‬ ‫ه َقا َ‬ ‫س‪.‬‬ ‫ما ُ‬ ‫م الت ّْر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ل ‪ :‬ن ِعْ َ‬ ‫سُعودٍ أن ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ن اب ْ ُ‬ ‫ن ل ِل ُْقْرآ ِ‬ ‫ن عَّبا َ ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ش ب ِهِ ك َذ َل ِك‪َ.‬‬ ‫ن َ‬ ‫ن ب ُن ْ َ‬ ‫ن العْ َ‬ ‫ثُ ّ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫ن عَوْ ٍ‬ ‫دارٍ عَ ْ‬ ‫م َرَواهُ عَ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫جعَْفرِ ب ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫حي ٌ َ‬ ‫ه َقا َ‬ ‫فَهَ َ‬ ‫ه‬ ‫ص ِ‬ ‫س هَذِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ذا إ ْ‬ ‫سُعودٍ أن ّ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫سَناد ٌ َ‬ ‫ل عَ ْ‬ ‫ن عَّبا ٍ‬ ‫ن اب ْ ِ‬ ‫ح إلى اب ْ ِ‬ ‫ح‪،‬‬ ‫ص ِ‬ ‫ال ْعَِباَر ُ‬ ‫سن َةِ ث ََل ٍ‬ ‫سُعودٍ ِفي َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ما َ‬ ‫ة‪ ،‬وَقَد ْ َ‬ ‫ن عََلى ال ّ‬ ‫ث وَث ََلِثي َ‬ ‫ت اب ْ ُ‬ ‫حي ِ‬ ‫ن‬ ‫سن َ ً‬ ‫ه ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫سب َ ُ‬ ‫ما ظ َّنك ب ِ َ‬ ‫ة فَ َ‬ ‫وَعَ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫سّتا وَث ََلِثي َ‬ ‫مَر ب َعْد َهُ اب ْ ُ‬ ‫ن عَّبا ٍ‬ ‫سُعوٍد؟‪.‬‬ ‫ال ْعُُلوم ِ ب َعْد َ اب ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫ل اْل َعْمش عَ َ‬ ‫وََقا َ‬ ‫س‬ ‫ست َ ْ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ل‪ :‬ا ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ي عَب ْد َ الل ّهِ ب ْ َ‬ ‫ف عَل ِ ّ‬ ‫ن أِبي َوائ ِ ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ن عَّبا ٍ‬ ‫َ‬ ‫سوَرةَ ال ْب ََقَرةِ ‪ -‬وَِفي‬ ‫س فََقَرأ ِفي ُ‬ ‫سم ِ ف َ َ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫خط َ َ‬ ‫خط ْب َت ِهِ ُ‬ ‫عََلى ال ْ َ‬ ‫ب الّنا َ‬ ‫‪2‬‬

‫‪2‬‬

‫)( )الفقه في الدين( ليس المقصود به كثرة العلم بالمسائل؛ إنما الفقه في الدين‬ ‫هو‪ :‬ما يكون في نفس المرء من الخشية لله المقتضية لللتزام بحكم الله‪ ،‬إن كان‬ ‫أمرا ً بامتثاله‪ ،‬وإن كان نهيا ً بالنتهاء عنه‪ ،‬فالفقه في الدين هو هذه الخشية‪ ،‬قد يكون‬ ‫إنسان عامي ليس من العلماء لكنه فقيه في الدين‪ ،‬بمعنى ‪ :‬أن وازع الخشية‬ ‫والتعظيم والمتابعة عنده قوي‪ ،‬وقد يوجد إنسان عالم بالمسائل الفقهية وبمسائل‬ ‫العلم؛ لكنه ليس بفقيه في الدين ‪.‬‬ ‫قوله ‪" :‬وعلمه التأويل"‪ ،‬التأويل يذكر عند السلف وفي نصوص الكتاب‬ ‫والسنة بمعنيين ‪:‬‬ ‫‪ -1‬بمعنى ‪ :‬اليضاح والبيان ‪.‬‬ ‫‪ -2‬ويطلق بمعنى ‪ :‬حقيقة الشيء‪ ،‬فمثل ً ‪ :‬تأويل كلمة )ارفع الكتاب( أن أرفع‬ ‫تأويل الكلمة‪ْ ،‬ومنه في قصة يوسف عليه‬ ‫الكتاب‪ ،‬وتأويل كلمة ) قم ( أن أقف‪ ،‬فهذا‬ ‫َ‬ ‫ذا ت َأِوي ُ‬ ‫ل ُر ْ‬ ‫ت هَ َ‬ ‫ؤياي( )يوسف‪ :‬من‬ ‫الصلة والسلم المذكورة في القرآن قال ‪َ) :‬يا أب َ ِ‬ ‫الية ‪ ،(100‬يعني ‪ :‬هذا الذي حصل هذا حقيقة الرؤيا التي رأيتها ‪.‬‬ ‫ضعَ له‪ ،‬وهذا المعنى حادث‬ ‫وللتأويل مصطلح حادث وهو ‪ :‬استعمال اللفظ لغير ما وُ ِ‬ ‫ل ُيحمل عليه كلم السلف ول كلم الله تعالى ول كلم رسوله صلى الله عليه‬ ‫وسلم ‪.‬‬ ‫فقول الرسول صلى الله عليه وسلم‪" :‬وعلمه التأويل"‪ ،‬يعني‪ :‬التفسير وحقائق‬ ‫المعاني‪ ،‬فهو دعاء من الرسول صلى الله عليه وسلم لبن عباس رضي الله عنهما‪،‬‬ ‫وي لديه الوازع الديني بتعظيم الله ومتابعة شرع الله والعمل بما جاء عن الله‬ ‫بأن يق ّ‬ ‫وعن رسوله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وأن يرزقه بصيرة وفهما ً يتبين بها ويتضح له بها‬ ‫معاني النصوص ‪.‬‬ ‫ما الفرق بين التفسير والتأويل ؟‬ ‫التفسير ‪ :‬المعاني الظاهرة ‪ ،‬والتأويل ‪ :‬المعاني الباطنة الخفية التي ل تظهر إل‬ ‫بتقدير ‪ ،‬وتحتاج إلى نوع ب ُْعد‪.‬‬ ‫إذا قلنا ‪ :‬إن المنطوق خمسة أنواع ‪ :‬النص والظاهر والمؤول والقتضاء والشارة ؛‬ ‫فإن النص والظاهر ؛ باب التفسير‪ ،‬والتأويل والقتضاء والشارة باب التأويل‪.‬‬ ‫سر( هي الوضوح‪ ،‬وفي اللغة العربية ‪ :‬قارورة البول الذي يؤخذ للطبيب‬ ‫وكلمة )فَ َ‬ ‫سَرة (‪ ،‬قالوا ‪:‬‬ ‫ليعاينه وليعرف حال المريض في التحليل نسمي هذه القارورة ) ت َ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫سر بها حال الشخص المريض صاحب البول ‪.‬‬ ‫لن الطبيب يف ّ‬ ‫ن غير ظاهرة بادئ‬ ‫معا‬ ‫فهي‬ ‫‪،‬‬ ‫مل‬ ‫وتأ‬ ‫نظر‬ ‫وبنوع‬ ‫‪،‬‬ ‫دقة‬ ‫بنوع‬ ‫لكن‬ ‫تفسير‬ ‫والتأويل هو‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ذي بدء‪.‬‬

‫‪89‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫م َوالت ّْر ُ‬ ‫ك‬ ‫سَر َ‬ ‫س ِ‬ ‫ها ت َْف ِ‬ ‫ه الّرو ُ‬ ‫سيًرا ل َوْ َ‬ ‫سوَرةِ الّنورِ ‪ -‬فََف ّ‬ ‫رَِواي َةِ ُ‬ ‫معَت ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫موا‪.‬‬ ‫م َل ْ‬ ‫سل َ ُ‬ ‫َوالد ّي ْل َ ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫عي ُ‬ ‫وَل ِهَ َ‬ ‫ن السدي ال ْك َِبيُر‬ ‫ما ِ‬ ‫ن عَب ْدِ الّر ْ‬ ‫غال ِ ُ‬ ‫ما ي َْرِويهِ إ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫س َ‬ ‫ب َ‬ ‫ل بْ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ن هَذ َي ْن الّر ُ َ‬ ‫ن ِفي‬ ‫ِفي ت َْف ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫س‪ ،‬وَل َك ِ ْ‬ ‫سيرِهِ عَ ْ‬ ‫ن عَّبا ٍ‬ ‫س َُعودٍ َواب ْ َ ِ‬ ‫ن‪ :‬اب ْ ِ‬ ‫جلي ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ن ي َن ُْق ُ‬ ‫ب ال ِّتي‬ ‫ه ِ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫ض اْل ْ‬ ‫كون َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ل عَن ْهُ ْ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫ل أه ْ ِ‬ ‫ن أَقاِوي ِ‬ ‫م ْ‬ ‫حَيا ِ‬ ‫ب ََعْ ِ‬ ‫ث َقا َ‬ ‫سو ُ‬ ‫و‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم َ‬ ‫أَبا َ‬ ‫حَها َر ُ‬ ‫ل ‪" :‬ب َل ُّغوا عَّني وَل َ ْ‬ ‫ل وَل حرج ومن ك َذ َب عَل َي متعمدا فَل ْيتبوأ ْ‬ ‫آي َ ً‬ ‫ّ ُ ََ ّ ً‬ ‫َ‬ ‫ة وَ َ‬ ‫ن ب َِني إ ْ‬ ‫َََ ّ‬ ‫سَراِئي َ َ َ َ َ َ َ ْ‬ ‫حد ُّثوا عَ ْ‬ ‫ّ‬ ‫رو;‬ ‫ن الّناِر" َرَواهُ ال ْب ُ َ‬ ‫مْقعَد َهُ ِ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫َ‬ ‫خارِيّ عَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ٍ‬ ‫ن عَب ْ َدِ اللهِ ب ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫وَل ِهَ َ‬ ‫ن‬ ‫ك َزا ِ‬ ‫مو ِ‬ ‫صا َ‬ ‫ذا كا َ‬ ‫ب ي َوْ َ‬ ‫م الي َْر ُ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫رو قَد ْ أ َ‬ ‫ن عَب ْد ُ اللهِ ب ْ ُ‬ ‫م ٍ‬ ‫ملت َي ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ب فَ َ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫ث‬ ‫حد ّ ُ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ث ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذا ال ْ َ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫كا َ‬ ‫م ُ‬ ‫ما فَهِ َ‬ ‫ما ب ِ َ‬ ‫من ْهُ َ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫ن ك ُت ُ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب أه ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫َ) (‬ ‫ن ِفي ذ َل ِك ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ن اْل ِذ ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫ست ِ ْ‬ ‫حاِدي َ‬ ‫شَهادِ َل ل ِِلعْت َِقادِ‬ ‫ن هَذِهِ اْل َ‬ ‫ث السرائيلية ت ُذ ْك َُر ل ِِل ْ‬ ‫وَل َك ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫سام ٍ ‪:‬‬ ‫فَإ ِن َّها عََلى ث ََلث َةِ أقْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ق فَ َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫ك‬ ‫حد ُ َ‬ ‫ديَنا ِ‬ ‫ما ب ِأي ْ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫ص ّ‬ ‫أ َ‬ ‫شهَد ُ ل َ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫م ّ‬ ‫حت َ ُ‬ ‫ما عَل ِ ْ‬ ‫ها ‪َ :‬‬ ‫ه ِبال ّ‬ ‫صد ْ ِ‬ ‫ح‪.‬‬ ‫ص ِ‬ ‫حي ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫ما ي ُ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫عن ْد ََنا ِ‬ ‫خال ُِف ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫مَنا كذِب َ ُ‬ ‫ما عَل ِ ْ‬ ‫و الّثاِني ‪َ :‬‬ ‫س ُ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫ذا‬ ‫و الّثال ِ ُ‬ ‫ل وََل ِ‬ ‫ه َل ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ت عَن ْ ُ‬ ‫كو ٌ‬ ‫ما هُوَ َ‬ ‫ث‪َ :‬‬ ‫م ْ‬ ‫ذا ال َْقِبي ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ب ذ َل ِ َ‬ ‫م) (‪ ،‬وَ َ‬ ‫ك‬ ‫جوُز ِ‬ ‫ل فََل ن ُؤْ ِ‬ ‫غال ِ ُ‬ ‫ه وَت َ ُ‬ ‫ما ت ََقد ّ َ‬ ‫ه لِ َ‬ ‫كاي َت ُ ُ‬ ‫ن ب ِهِ وََل ن ُك َذ ّب ُ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ال َْقِبي ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي‪ ،‬وَل ِهَ َ‬ ‫ل‬ ‫ذا ي َ ْ‬ ‫خت َل ِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ف عُل َ َ‬ ‫ما َل َفائ ِد َةَ ِفيهِ ت َُعود ُ إَلى أ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ماُء أهْ ِ‬ ‫م ْرٍ ِدين ِ ّ‬ ‫ب ذ َل ِ َ‬ ‫ل هَ َ‬ ‫ك‪:‬‬ ‫خَل ٌ‬ ‫ن ِ‬ ‫ب ِفي ِ‬ ‫ف بِ َ‬ ‫مَف ّ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫سب َ ِ‬ ‫ال ْك َِتا ِ‬ ‫ري َ‬ ‫ذا ك َِثيًرا وَي َأِتي عَ ْ‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫َ‬ ‫ك َما يذ ْك ُرون في مث ْل هَ َ َ‬ ‫م‬ ‫َ َ ُ َ ِ‬ ‫ف وَل َوْ َ‬ ‫ب ال ْك َهْ ِ‬ ‫ص َ‬ ‫ذا أ ْ‬ ‫ن ك َل ْب ِهِ ْ‬ ‫س َ‬ ‫حا ِ‬ ‫ماَء أ ْ‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫)( سبق الكلم عن قضية )السرائيليات(‪ ،‬وسبق الكلم أن الصحابي لما يورد‬ ‫ن به أنه ل يورد من السرائيليات ما يخالف شرع الله‪ ،‬إنما‬ ‫إسرائيليات؛ فالذي ي ُظ َ ّ‬ ‫ُيورد من السرائيليات ما يوافق شرعنا أو ما ل ُيخالف ول يوافق ‪ ،‬ول حرج في‬ ‫إيراده للترخيص النبوي‪ ،‬و سبق بيان أنه ل ينبغي أن تتجرأ على ما جاء عن الصحابة‬ ‫فنقول‪ :‬إنه من السرائيليات؛ قبل النظر والتأمل‪ ،‬بل أقول ‪ :‬الصل أن ما يأتي من‬ ‫الصحابة أنه ليس من السرائيليات حتى تقوم قرينة دالة على هذا‪ .‬وإن ثبت أنه من‬ ‫السرائيليات فهو مما تجوز حكايته!‬ ‫)( يعني ‪ :‬لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬وحدثوا عن بني إسرائيل ول‬ ‫حرج ( ‪ ،‬وسبق في أول الدروس‪ :‬إن الحاديث في هذا الباب جاءت فيها نوع اختلف‬ ‫‪ ،‬ولكن كل حديث حالة ‪ ،‬جاء حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال – لما‬ ‫رأى عمر بن الخطاب يطالع صحيفة من التوراة ‪" : -‬أمتهوكون فيها يا ابن‬ ‫الخ ّ‬ ‫سعه إل اتباعي"‪ ،‬فهذا الحديث يفيد كراهية‬ ‫طاب ؟! والله لو أن موسى حيا ً لما وَ ِ‬ ‫ن عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ‪:‬‬ ‫النظر في كتب أهل الكتاب ‪ ،‬حديث ثا ٍ‬ ‫دقوهم ول تك ّ‬ ‫دثوا‬ ‫ذبوهم ( ‪ ،‬وحديث ًثالث قال ‪ ) :‬ح ّ‬ ‫دثكم أهل الكتاب فل تص ّ‬ ‫) إذا ح ّ‬ ‫عن بني إسرائيل ول حرج ( ‪ ،‬فهذا الحديث يفيد أنه يجوز مطلقا التحديث عن أهل‬ ‫الكتاب ‪ ،‬وقلنا ‪ :‬إن هذه الحاديث ُيجمع بينها بتقسيم أنواع المنقول عن بني إسرائيل‬ ‫إلى ثلثة أنواع ‪:‬‬ ‫ده ول تجوز حكايته إل مع‬ ‫نر‬ ‫فهذا‬ ‫؛‬ ‫شرعنا‬ ‫ويخالف‬ ‫إسرائيل‬ ‫بني‬ ‫عن‬ ‫قل‬ ‫‪ -1‬فالذي ُين َ‬ ‫ّ‬ ‫قرنه بالرد ‪.‬‬ ‫‪ -2‬الذي يوافق ما عندنا ؛ فهذا ل حرج من روايته ‪.‬‬ ‫‪ -3‬الذي ل يوافق ول يخالف ؛ فهذا ل حرج من روايته ومن ذكره‪ ،‬دون أن نصدقه أو‬ ‫نكذبه‪.‬‬ ‫على هذا الساس ترى بعض المفسرين يجرون في تفاسيرهم على إيراد‬ ‫السرائيليات التي توافق ما عندنا ‪ ،‬أو ل توافق ول تخالف؛ إنما فيها إيضاح لبعض‬ ‫المبهمات ‪ ،‬تمسكوا بهذا الجواز ‪.‬‬

‫‪90‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َ‬ ‫جرِ َ‬ ‫ن أ َيّ ال ّ‬ ‫ماَء الط ُّيورِ ال ِّتي‬ ‫وَ ِ‬ ‫سى ِ‬ ‫ش َ‬ ‫ت ؟ وَأ ْ‬ ‫مو َ‬ ‫س َ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫صا ُ‬ ‫عد ّت َهُ ْ‬ ‫م وَعَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫ب ب ِهِ ال َْقِتي ُ‬ ‫ة‬ ‫حَيا َ‬ ‫ن ال ْب ََقَر ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫ض ال ّ ِ‬ ‫ه ِل ِب َْرا ِ‬ ‫ضرِ َ‬ ‫ذي ُ‬ ‫ن ال ْب َعْ‬ ‫أ ْ‬ ‫هي َ‬ ‫ها الل ّ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م وَت َعِْيي َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫سى إَلى غَي ْرِ ذ َل ِ َ‬ ‫وَن َوْعَ ال ّ‬ ‫ه‬ ‫ك ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ش َ‬ ‫مو َ‬ ‫م ُ‬ ‫ما أب ْهَ َ‬ ‫م ّ‬ ‫من َْها ُ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫جَرةِ ال ِّتي ك َل ّ َ‬ ‫ن ِفي‬ ‫ن ِ‬ ‫ما َل َفائ ِد َةَ ِفي ت َعِْيين ِهِ ت َُعود ُ عََلى ال ْ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫الل ّ ُ‬ ‫مك َل ِّفي َ‬ ‫ه ِفي ال ُْقْرآ ِ‬ ‫(‬ ‫م ِفي ذ َل ِ َ‬ ‫ما َقا َ‬ ‫ن ن َْق َ‬ ‫ل‬ ‫ل ال ْ ِ‬ ‫ك َ‬ ‫خَل ِ‬ ‫جائ ٌِز) ‪ ،‬ك َ َ‬ ‫ف عَن ْهُ ْ‬ ‫م وََل ِدين ِهِ ْ‬ ‫د ُن َْياهُ ْ‬ ‫م‪ ،‬وَل َك ِ ّ‬ ‫(‬ ‫م‬ ‫ن َ‬ ‫س ٌ‬ ‫ن ث ََلث َ ٌ‬ ‫م) وَي َُقوُلو َ‬ ‫سي َُقوُلو َ‬ ‫سادِ ُ‬ ‫ة َ‬ ‫م َ‬ ‫ت ََعاَلى ‪َ ﴿ :‬‬ ‫سه ُ ْ‬ ‫خ ْ‬ ‫م ك َل ْب ُهُ ْ‬ ‫ة َراب ِعُهُ ْ‬ ‫م) ( ق ُ ْ‬ ‫ل َرّبي‬ ‫سب ْعَ ٌ‬ ‫ة وََثا ِ‬ ‫ما ِبال ْغَْيب) (وَي َُقوُلو َ‬ ‫م) ( َر ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ك َل ْب ُهُ ْ‬ ‫من ُهُ ْ‬ ‫ج ً‬ ‫ك َل ْب ُهُ ْ‬ ‫َ‬ ‫مَراًء َ‬ ‫م إّل قَِلي ٌ‬ ‫ظاهًِرا وََل‬ ‫م إّل ِ‬ ‫مارِ ِفيهِ ْ‬ ‫ل فََل ت ُ َ‬ ‫مه ُ ْ‬ ‫ما ي َعْل َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫م ب ِعِد ّت ِهِ ْ‬ ‫أعْل َ ُ‬ ‫تستْفت فيهم منه َ‬ ‫دا﴾‪.‬‬ ‫ح ً‬ ‫مأ َ‬ ‫َ ْ َ ِ ِ ِ ْ ِ ُْ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ب ِفي هَ َ‬ ‫فََقد ْ ا ْ‬ ‫م‪.‬‬ ‫م ُ‬ ‫ت هَذِهِ الي َ ُ‬ ‫ذا ال َ‬ ‫ري َ‬ ‫مل َ ْ‬ ‫شت َ َ‬ ‫ة عَلى الد َ ِ‬ ‫ة الك َ ِ‬ ‫مَقا ِ‬ ‫ل هَ َ‬ ‫ذا؛‬ ‫ما ي َن ْب َِغي ِفي ِ‬ ‫وَت َعِْليم ِ َ‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ضع ّ َ ْ َ‬ ‫ن‬ ‫ه ت ََعاَلى أ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫خب ََر عَن ْهُ ْ‬ ‫فَإ ِن ّ ُ‬ ‫وا ٍ‬ ‫م ب ِث ََلث َةِ أقْ َ‬ ‫ن الوّلي ْ ِ‬ ‫ف الَقوْلي ْ ِ‬ ‫ه; إذ ْ ل َوْ َ‬ ‫ث فَد َ ّ‬ ‫ما‬ ‫حت ِ ِ‬ ‫ل عََلى ِ‬ ‫ن الّثال ِ ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ص ّ‬ ‫وَ َ‬ ‫ن َباط ًِل ل ََرد ّهُ ك َ َ‬ ‫سك َ َ‬ ‫ت عَ ْ‬ ‫ما) (‪.‬‬ ‫َرد ّهُ َ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫‪5‬‬

‫‪6‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪6‬‬

‫)(‬ ‫)(‬ ‫)(‬ ‫)(‬ ‫)(‬

‫يعني عن أهل الكتاب في بيان المبهمات‪.‬‬ ‫هذا القول الول في عدد أصحاب الكهف‪.‬‬ ‫هذا القول الثاني في عدد أصحاب الكهف‪.‬‬ ‫هذا رد من الله تعالى للقولين السابقين‪.‬‬ ‫هذا القول الثالث‪ ،‬ذكره ولم يتعقبه بما يبطله‪ ،‬كالقولين السابقين‪ .‬وأرشد إلى‬

‫الدب في مثل هذه المواطن المبهمة التي ل يترتب عليها عمل ‪ ،‬نكل‬ ‫علمها إلى الله سبحانه وتعالى ‪.‬‬

‫)( وهذه قاعدة نافعة‪ ،‬في كل حكايششة وقعششت فششي القششرآن العظيششم ‪ ،‬ولششم يتعقبهششا أو‬ ‫يسبقها رد لها‪ ،‬فهي حق‪ ،‬إذ لو كانت باطلة لردها سبحانه‪.‬‬ ‫فإن قيل‪ :‬كيف يستقيم هذا المر؟‬ ‫فالجواب‪ :‬ألسنا نقول أن إقرار الرسول ‪ ‬سنة‪ ،‬لنه معصوم‪ ،‬فكيف في حق القرآن‬ ‫الكريششم الششذي هششو كلم اللششه‪ ،‬وفششي هششذا المعنششى يقششول الشششاطبي رحمششه اللششه فششي‬ ‫الموافقات )‪" :(3/353‬كل حكاية وقعت في القرآن فل يخلششو أن يقششع قبلهششا أو بعششدها‬ ‫وهو الكثر رد لها أوْ ل؛‬ ‫فإن وقع رد فل إشكال في بطلن ذلك المحكي وكذبه‪.‬‬ ‫وإن لم يقع معها رد فذلك دليل صحة المحكي وصدقه‪.‬‬ ‫أما الول فظاهر‪ ،‬ول يحتاج إلى برهان‪ .‬ومن أمثلة ذلك قوله تعالى‪) :‬إذ قالوا ما أنزل‬ ‫الله على بشر مششن شششيء(‪ ،‬فششأعقب بقششوله‪) :‬قششل مششن أنششزل الكتششاب الششذي جششاء بششه‬ ‫موسى( الية‪.‬‬ ‫وقال‪) :‬وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والنعام نصيبا( الية فوقع التنكيت على افتراء‬ ‫ما زعموا بقوله‪) :‬بزعمهم(‪.‬‬ ‫وبقوله‪) :‬ساء ما يحكمون( ثم قال‪) :‬وقالوا هذه أنعام وحرث حجششر( إلششى تمششامه‪ ،‬ورد‬ ‫بقوله‪) :‬سيجزيهم بما كانوا يفترون(‪.‬‬ ‫ثم قال‪) :‬وقالوا ما في بطون هذه النعام خالصششة( اليششة‪ ،‬فنبششه علششى فسششاده بقششوله‪:‬‬ ‫)سيجزيهم وصفهم( زيادة على ذلك‪.‬‬ ‫وقال تعالى‪) :‬وقال الذين كفروا إن هذا إل إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون( فششرد‬ ‫عليهم بقوله‪) :‬وقد جاءوا ظلما وزورا(‪.‬‬ ‫ثم قال‪) :‬وقالوا أساطير الولين( الية‪ ،‬فرد بقوله‪) :‬قل أنزله الذي يعلم السر( الية‪.‬‬ ‫ثم قال‪) :‬وقال الظالمون إن تتبعون إل رجل مسحورا(‪ ،‬ثم قال تعششالى‪) :‬انظششر كيششف‬ ‫ضربوا لك المثال فضلوا(‪.‬‬ ‫وقال تعالى‪) :‬وقال الكافرون هذا ساحر كشذاب أجعشل اللهششة إلهشا واحششدا( إلشى قشوله‬ ‫)أأنزل عليه الذكر من بيننا(‪ ،‬ثم رد عليهم بقوله‪) :‬بل هم في شك مششن ذكششري( إلششى‬ ‫آخر ما هنالك‪.‬‬ ‫وقال‪) :‬وقالوا اتخذ الله ولششدا(‪ ،‬ثششم رد عليهششم بششأوجه كششثيرة ثبتششت فششي أثنششاء القششرآن‬ ‫كقششوله‪) :‬بششل عبششاد مكرمششون(‪ ،‬وقششوله‪) :‬بششل لششه مششا فششي السششموات والرض(‪ ،‬وقششوله‬

‫‪91‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َ‬ ‫م َل َ‬ ‫ه فَي َُقا ُ‬ ‫طائ ِ َ‬ ‫م أ َْر َ‬ ‫ل ِفي‬ ‫ن اِلط َّلعَ عََلى ِ‬ ‫ل تَ ْ‬ ‫شد َ إَلى أ ّ‬ ‫حت َ ُ‬ ‫عد ّت ِهِ ْ‬ ‫ثُ ّ‬ ‫َ‬ ‫م ب ِذ َل ِ َ‬ ‫ك إّل قَِلي ٌ‬ ‫ذا ‪﴿ :‬قُ ْ‬ ‫ل هَ َ‬ ‫ن‬ ‫ل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ما ي َعْل َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫م﴾‪ ،‬فَإ ِن ّ ُ‬ ‫م ب ِعِد ّت ِهِ ْ‬ ‫ل َرّبي أعْل َ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ذا َقا َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ ; فَل ِهَ َ‬ ‫مَراًء‬ ‫م إّل ِ‬ ‫س ِ‬ ‫مارِ ِفيهِ ْ‬ ‫ل ‪﴿ :‬فََل ت ُ َ‬ ‫ه الل ّ ُ‬ ‫ن أط ْل َعَ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫م ْ‬ ‫الّنا ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ما َل َ‬ ‫َ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫طائ ِ َ‬ ‫ك‬ ‫ل تَ ْ‬ ‫ظاهًِرا﴾ أيْ ‪َ :‬ل ت ُ ْ‬ ‫ه وََل ت َ ْ‬ ‫جهِد ْ ن َْف َ‬ ‫سأل ْهُ ْ‬ ‫حت َ ُ‬ ‫سك ِفي َ‬ ‫م عَ ْ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫ب‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫ك إّل َر ْ‬ ‫مو َ‬ ‫ج َ‬ ‫م َل ي َعْل َ ُ‬ ‫فَإ ِن ّهُ ْ‬ ‫م ال ْغَي ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح َ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫وا ُ‬ ‫فَهَ َ‬ ‫ل‬ ‫كاي َةِ ال ْ ِ‬ ‫ن ِفي ِ‬ ‫ست َوْعَ َ‬ ‫ف‪ :‬أ ْ‬ ‫خَل ِ‬ ‫كو ُ‬ ‫ذا أ ْ‬ ‫ن تُ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ن َ‬ ‫ب اْلقْ َ‬ ‫س ُ‬ ‫َ‬ ‫ِفي ذ َل ِ َ‬ ‫ل ال َْباط ِ ُ‬ ‫من َْها وَي ُب ْط َ َ‬ ‫ل وَت ُذ ْك ََر‬ ‫ص ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫مَقام ِ وَأ ْ‬ ‫ن ي ُن َب ّ َ‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫ه عََلى ال ّ‬ ‫حي ِ‬ ‫ه ; ل ِئ َّل ي َ ُ‬ ‫طو َ‬ ‫ه‬ ‫خَل ُ‬ ‫ل الن َّزاعُ َوال ْ ِ‬ ‫َفائ ِد َةُ ال ْ ِ‬ ‫ما َل َفائ ِد َةَ ت َ ْ‬ ‫خَل ِ‬ ‫حت َ ُ‬ ‫ف ِفي َ‬ ‫مَرت ُ ُ‬ ‫ف وَث َ َ‬ ‫َ‬ ‫شت َغِ ُ‬ ‫فَي َ ْ‬ ‫م) (‪.‬‬ ‫ل ب ِهِ عَ‬ ‫ن اْلهَ ّ‬ ‫ْ‬ ‫كى خَلًفا في م َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح َ‬ ‫وا َ‬ ‫س‬ ‫ست َوْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫سأل َةٍ وَل َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫فَأ ّ‬ ‫ب أقْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل الّنا ِ‬ ‫َ‬ ‫ص; إذ ْ قَد ْ ي َ ُ‬ ‫كي‬ ‫ح ِ‬ ‫ب ِفي ال ّ ِ‬ ‫ه ) ( أو ْ ي َ ْ‬ ‫وا ُ‬ ‫كو ُ‬ ‫ذي ت ََرك َ ُ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ِفيَها فَهُوَ َناقِ ٌ‬ ‫ص َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ضا‪.‬‬ ‫حي‬ ‫ص ِ‬ ‫خَل َ‬ ‫ال ْ ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ص أي ْ ً‬ ‫ه وََل ي ُن َب ّ ُ‬ ‫ف وَي ُط ْل ُِق ُ‬ ‫ل فَهُوَ َناقِ ٌ‬ ‫ه عََلى ال ّ‬ ‫وا ِ‬ ‫ن اْلقْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ح َ‬ ‫ص ِ‬ ‫عا ِ‬ ‫جاهًِل فََقد ْ‬ ‫ب‪ .‬أوْ َ‬ ‫مد َ ال ْك َذِ َ‬ ‫م ً‬ ‫ح َ‬ ‫ص ّ‬ ‫فَإ ِ ْ‬ ‫دا فََقد ْ ت َعَ ّ‬ ‫ح غَي َْر ال ّ‬ ‫ن َ‬ ‫حي ِ‬ ‫خط ََأ‪.‬‬ ‫أَ ْ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫سبحانه‪) :‬هو الغني( الية‪ ،‬وقوله‪) :‬تكاد السموات يتفطرن منششه وتنشششق الرض( إلششى‬ ‫آخره وأشباه ذلك‪.‬‬ ‫ومن قرأ القرآن وأحضره في ذهنه عرف هذا بيسر‪.‬‬ ‫وأما الثاني فظاهر أيضا ولكن الدليل على صحته مششن نفششس الحكايششة وإقرارهششا؛ فششإن‬ ‫القرآن سمي‪ :‬فرقانا‪ ،‬وهدى‪ ،‬وبرهانا‪ ،‬وبيانا‪ ،‬وتبيانا لكل شيء‪ ،‬وهششو حجششة اللششه علشى‬ ‫الخلق على الجملة‪ ،‬والتفصيل والطلق والعموم وهذا المعنى يأبى أن يحكى فيه مششا‬ ‫ليس بحق ثم ل ينبه عليه‪.‬‬ ‫وأيضا فإن جميع ما يحكى فيه من شرائع الولين وأحكامهم ولم ينبه علششى إفسششادهم‬ ‫وافترائهم فيه فهو حق يجعل عمدة عند طائفة في شريعتنا‪ ،‬ويمنعه قوم ل مششن جهششة‬ ‫قدح فيه ولكشن مششن جهشة أمششر خشارج عشن ذلشك‪ ،‬فقشد اتفقشوا علشى أنششه حشق وصششدق‬ ‫كشريعتنا ول يفترق ما بينهما إل بحكم النسخ فقط‪.‬‬ ‫ولو نبه على أمر فيه لكان في حكم التنبيه على الول‪ .‬كقوله تعالى‪) :‬وقد كان فريق‬ ‫منهم يسمعون كلم الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه( الية‪.‬‬ ‫وقوله‪) :‬يحرفون الكلم عن مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه( الية‪ ،‬وكذلك قوله‬ ‫تعالى‪) :‬من الذين هادوا يحرفون الكلشم مشن بعشد مواضشعه ويقولششون سشمعنا وعصشينا‬ ‫واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين( فصار هذا من النمط الول‪.‬‬ ‫ومن أمثلة هذا القسم جميع ما حكي عن المتقدمين من المم السالفة مما كان حقششا‬ ‫كحكايته عن النبياء والولياء ومنه قصة ذي القرنين وقصة الخضششر مششع موسششى عليششه‬ ‫السلم وقصة أصحاب الكهف وأشباه ذلك"اهش‬ ‫)( يعني الشيخ ما كان من القوال معتبرا ‪ ،‬وليست من باب أقوال أهل البدع‬ ‫والضللت بحيث يضيع معها القول الصواب و ل يكاد يبين‪ ،‬وفي هذا المعنى يقول‬ ‫الذهبي‪ :‬رحمه الله]مسائل في طلب العلم وفضله للذهبي ص ‪ ،209‬ضمن ست‬ ‫رسائل للذهبي تحقيق جاسم الفهيد الدوسري[‪" :‬في تفسير القرآن‪ :‬منه ما هو حتم‪.‬‬ ‫ومنه ما هو مستحب‪ .‬و]منه[ مباح‪ .‬و]منه[ مكروه؛ فكثرة القوال في الية مع وهنها‬ ‫وبعدها من الصواب الذي هو وجه واحد دل السياق الخطاب العربي عليه؛ مكروه‬ ‫حفظها والعتماد عليها؛ فإن القول الصحيح يضيع بينها‪.‬‬ ‫والمحرم حفظ تفسير القرامطة السماعيلية وفلسفة المتصوفة الذين حّرفوا كتاب‬ ‫الله‪ ،‬فوق تحريف اليهود‪ ،‬مما إذا سمعه المسلم بل عامة المة ببداءة عقولهم‬ ‫علموا أن هذا التحريف افتراء على الله وتبديل للتنزيل‪ .‬ول استجيز ذكر أمثلة ذلك‪،‬‬ ‫فإنه من أسمج الباطل"اهش‪.‬‬ ‫)( هذا ناقص بحسب المقام‪ ،‬فإذا كان المقام يقتضي الذكر ولم يذكر ؛ فهذا ناقص‪،‬‬ ‫لكن أحيانا ً المقام ل يساعد على أن يستوعب المفسر أقوال المخالفين‪ ،‬مثل ً الن‬ ‫عامي يسأل عن معنى آية‪ ،‬أقول له ‪ :‬تفسير الية فيه خلف ‪ ،‬والصحيح كذا‪ ،‬أو‬ ‫الراجح كذا؛ فهذا جواب يناسب حال هذا العامي‪ ،‬بل أحيانا ً العامي ل يحتاج من‬ ‫الجواب إل أن َتذكر له الصواب‪ ،‬وهذه الطريقة ترونها كثيرا ً عند الشيخ ابن باز وعند‬ ‫المشايخ الكبار ‪ -‬حفظ الله الحياء منهم ورحم الموات ‪ ،-‬وهذا ليس قصورا ً علميا ً‬ ‫فيهم ‪ ،‬ول نقصا ً فيهم ؛ ولكن هذا يناسب المقام‪ ،‬إذ الخطاب مع العامي ليس‬ ‫كالخطاب مع طالب العلم‪ ،‬وليس كالخطاب مع العالم‪.‬‬

‫‪92‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ف فيما َل َفائ ِدةَ تحته أ َو ح َ َ‬ ‫ك َذ َل ِ َ‬ ‫واًل‬ ‫ب ال ْ ِ‬ ‫َ َ ْ َ ُ ْ َ‬ ‫ص َ‬ ‫خَل َ ِ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ن نَ َ‬ ‫كى أقْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ظا ويرجع حاصل ُها إَلى قَو َ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ضي ّ َ‬ ‫معًْنى فََقد ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ُ‬ ‫مت َعَد ّد َةً ل َْف ً َ َ ْ ِ ُ َ ِ َ‬ ‫ْ ٍ‬ ‫ل أوْ قَوْلي ْ ِ‬ ‫)‬ ‫حي )‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ما َ‬ ‫موَفّ ُ‬ ‫ه ال ْ ُ‬ ‫ي ُزورٍ وََالل ّ ُ‬ ‫ن وَت َك َث َّر ب ِ َ‬ ‫الّز َ‬ ‫س بِ َ‬ ‫ما ل َي ْ َ‬ ‫س ث َوْب َ ْ‬ ‫ح فَهُوَ ك َلب ِ ِ‬ ‫ص ِ ِ‬ ‫ب‪.‬‬ ‫وا ِ‬ ‫ِلل ّ‬ ‫ص َ‬ ‫‪3‬‬

‫‪3‬‬

‫)( والخلصة أن حكاية الخلف يراعى فيه الضوابط التالية‪:‬‬ ‫الضابط الول ‪ :‬استبعاد القوال التي هي من جنس أقوال أهل البدع والهواء ‪ ،‬أو‬ ‫ُنصرتهم‪..‬‬ ‫الضابط الثاني ‪ :‬حكاية القوال التي لها حظ من النظر‪ ،‬إذ ما عداها ل اعتبار له‪.‬‬ ‫الضابط الثالث ‪ :‬أن تراعي حال من يتوجه الكتاب له‪ ،‬فإن كان الكتاب يتوجه إلى‬ ‫طبقة العوام ؛ فل تذكر من القوال والخلفات ما يشتتهم ويضّعف القول الراجح في‬ ‫أذهانهم‪ ،‬لنه كما قال الذهبي ‪ :‬قد يؤدي تعداد القوال إلى إضاعة القول الصواب‪.‬‬ ‫الضابط الرابع ‪ :‬أن تحّرر هذه القوال فتنظر فيها فقد يكون في المسألة عشرة‬ ‫أقوال مآلها إلى قولين ‪ ،‬ويكون ذِ ْ‬ ‫كر هذه القوال من باب اختلف التنوع ‪ ،‬أو اختلف‬ ‫العبارة والمعنى واحد‪.‬‬ ‫الضابط الخامس ‪ :‬تذكر فائدة الخلف وثمرته‪ ،‬لئل يطول الخلف والنزاع فيما ل‬ ‫ثمرة له و ل فائدة‪.‬‬ ‫الضابط السادس ‪ :‬أن يعقب ذكر الخلف بالتنبيه على الصواب من القوال‪.‬‬

‫‪93‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َ‬ ‫ص ٌ‬ ‫ل‬ ‫ف ْ‬ ‫إ َ‬ ‫ن‬ ‫جد ْ الت ّْف ِ‬ ‫ج ْ‬ ‫سن ّةِ وََل وَ َ‬ ‫ن وََل ِفي ال ّ‬ ‫م تَ ِ‬ ‫ذا ل َ ْ‬ ‫دته عَ ْ‬ ‫سيَر ِفي ال ُْقْرآ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مةِ ِفي ذ َل ِ َ‬ ‫ن) (؛‬ ‫جعَ ك َِثيٌر ِ‬ ‫حاب َةِ فََقد ْ َر َ‬ ‫ص َ‬ ‫ن اْلئ ِ ّ‬ ‫ال ّ‬ ‫ل الّتاب ِِعي َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ك إَلى أقْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ما َقا َ‬ ‫ن‬ ‫ن آي َ ً‬ ‫ة ِفي الت ّْف ِ‬ ‫م َ‬ ‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫جاهِدِ ب ْ‬ ‫م َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ل ُ‬ ‫سيرِ ك َ َ‬ ‫جب ْرٍ فَإ ِن ّ ُ‬ ‫كَ ُ‬ ‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫جاهِدٍ َقا َ‬ ‫ف‬ ‫ح َ‬ ‫صال ِ‬ ‫ص َ‬ ‫ل ‪ :‬عََر ْ‬ ‫م َ‬ ‫حد ّث ََنا أَبا ُ‬ ‫حاقَ ‪َ :‬‬ ‫س َ‬ ‫إ ْ‬ ‫ضت ال ْ ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ح عَ ْ‬ ‫ن بْ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫عن ْد َ ك ُ ّ‬ ‫ل‬ ‫حت ِهِ إَلى َ‬ ‫ه ِ‬ ‫س ث ََل َ‬ ‫ث عرضات ِ‬ ‫ن َفات ِ َ‬ ‫مت ِهِ أوقُِف ُ‬ ‫خات ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن عَّبا َ ٍ‬ ‫عَلى اب ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ه عَن َْها) (‪.‬‬ ‫آي َةٍ ِ‬ ‫ه وَأ ْ‬ ‫سأل ُ ُ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫(‬ ‫مذِيّ َقا َ‬ ‫ي‬ ‫ه) إَلى الت ّْر ِ‬ ‫وَب ِ ِ‬ ‫حد ّث ََنا ال ْ ُ‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫ح َ‬ ‫ن َ‬ ‫مهْدِيّ ال ْب َ ْ‬ ‫صرِ ّ‬ ‫ن بْ ُ‬ ‫سي ْ ُ‬ ‫ن قتادة َقا َ‬ ‫ة إّل‬ ‫حد ّث ََنا عَب ْد ُ الّرّزا‬ ‫ن آي َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫مع َ ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫ما ِفي ال ُْقْرآ ِ‬ ‫مرٍ عَ ْ‬ ‫ق عَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫شي ًْئا وَب ِهِ إل َي ْهِ َقا َ‬ ‫مْعت ِفيَها َ‬ ‫ن‬ ‫س ِ‬ ‫سْفَيا ُ‬ ‫مَر َ‬ ‫ل َ‬ ‫حد ّث ََنا ُ‬ ‫وَقَد ْ َ‬ ‫ن أِبي عُ َ‬ ‫حد ّث ََنا اب ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل ‪َ :‬قا َ‬ ‫ش َقا َ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫م َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ن اْلعْ َ‬ ‫ن عيينة عَ ْ‬ ‫بْ ُ‬ ‫جاهِد ٌ ‪ :‬لوْ ك ُْنت قََرأت قَِراَءةَ اب ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫سأ َ‬ ‫ما‬ ‫ن ِ‬ ‫ن ك َِثيرٍ ِ‬ ‫جأ ْ‬ ‫حت َ ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬ ‫سُعودٍ ل َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ن ال ُْقْرآ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫س عَ ْ‬ ‫ل اب ْ َ‬ ‫ن عَّبا ٍ‬ ‫َ ْ )(‬ ‫سألت ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫‪) 1‬ددددد دددددد ددد ‪29/12/1423‬دد(‬ ‫)‪ (1‬التابعي من رأى الصحابي مسلمًا‪ .‬وما أضيف إلى التابعي يسمى مقطوع‪ .‬وقد يأتي‬ ‫في كلم التابعي ما له حكم الموقوف‪ .‬وما قال فيه التابعي قال رسول الله ‪ ،‬يسمى‬ ‫مرسل‪.‬‬ ‫‪ () 2‬هذا الثر وأمثاله مما سيأتي ذكره فيه دليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد‬ ‫سر جميع القرآن‪ ،‬وإل فمن أين للصحابي أن يعرف تفسير كل القرآن يوقفه‬ ‫ف ّ‬ ‫التابعي عليه آية آية‪.‬‬ ‫وهذا تفنن من المصنف إذ هو من رد العجاز على الصدور‪ ،‬إذ استفتح رسالته بالكلم‬ ‫عن تفسير الصحابة والتابعين‪ ،‬والن هو يرد العجاز إلى الصدور‪.‬إذ هذه الثار فيها‬ ‫دليل لما سبق‪.‬‬ ‫وقد ذكرت فيما سبق سبعة أدلة أشار إليها شيخ السلم‪ ،‬أو ستة أدلة في أول‬ ‫دمة‪ ،‬وهي بيان أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما‬ ‫مسألة أوردها في هذه المق ّ‬ ‫سر جميع القرآن العظيم‪ ،‬وكنا قد أشرنا هناك إلى أن تفسير الرسول‬ ‫مات إل وقد ف ّ‬ ‫لجميع القرآن منه ما فسره بأقواله ومنه ما فسره بأفعاله ‪ ،‬ومنه ما فسره بتقريراته‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وليس ببعيد عنكم قول السيدة عائشة رضي الله عنها‪" :‬كان‬ ‫خلقه القرآن"‪ ،‬من الدلة التي أشار لها الشيخ‪ :‬الثار الواردة في أن الصحابة فسروا‬ ‫جميع القرآن‪ ،‬فأقول ‪ :‬من أين لبن عباس أن يفسر جميع القرآن؟! من أين له ذلك‬ ‫إن لم يكن تلقاه عن الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهذا يرجح ما ذهب إليه‬ ‫البخاري وغيره من أهل العلم ‪ :‬أن أقوال الصحابة في تفسير القرآن مما له حكم‬ ‫الرفع‪ ،‬الن هذا مجاهد بن جبر يقول ‪" :‬عرضت القرآن على ابن عباس ثلث مرات‬ ‫أوقفه عند كل آية"‪ ،‬معنى ذلك ‪ :‬أنه فسر له القرآن آية آية ‪ .‬ومر معنا قول عبد الله‬ ‫بن مسعود رضي الله عنه ‪" :‬والله الذي ل إله إل هو ما من آية من كتاب الله إل وأنا‬ ‫أعلم أين نزلت وفيمن نزلت ولو أعلم أن أحدا ً أعلم مني بكتاب الله تبلغه البل‬ ‫لرحلت إليه" أو كما قال رضي الله عنه‪ ،‬من أين لبن مسعود رضي الله عنه هذا‬ ‫التفسير؛ إذا ً هذا مما يؤيد أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما مات إل وبّين جميع‬ ‫القرآن الكريم‪ ،‬وهذا فيه بيان مدى أهمية وخطورة التفسير الوارد عن الصحابة‬ ‫رضوان الله عليهم ‪ ،‬و عن التابعين الذين شهد لهم أهل العلم بأنهم تلقوا التفسير‬ ‫عن الصحابة رضوان الله عليهم‪ ،‬فلهم خصوصية في التفسير‪.‬‬ ‫‪ () 3‬هذه العبارة يستعملها المحدث إذا أورد إسناد نفسه‪ ،‬ثم أراد عطف إسناد آخر‪،‬‬ ‫من نفس الطريق فإنه يأتي إلى مدار السند ويقول‪" :‬به"‪ ،‬أي بالسند السابق نفسه‪،‬‬ ‫ثم يسوق الطريق‪ ،‬ومعنى هذا أن ابن تيمية ساق سنده إلى رواية ابن إسحاق‪ ،‬ولعل‬ ‫الناسخ لم يكتبه اختصارًا‪ ،‬أو أن النسخة التي بين أيدينا مختصرة‪ ،‬والله اعلم بحقيقة‬ ‫الحال‪.‬‬ ‫‪ () 4‬نعم ! الصحابة رضوان الله عليهم سمعوا القرآن من الرسول صلى الله عليه‬ ‫يقرئ الصحابة القرآن كل ً بحسب ما هو‬ ‫وسلم ‪ ،‬والرسول عليه الصلة والسلم كان‬ ‫القرآن ُ ُ‬ ‫صلى الله عليه‬ ‫الرسول‬ ‫على‬ ‫أنزل‬ ‫أقرب لحال لسانه ولحاله ‪ ،‬وذلك أن‬ ‫وسلم بسبعة أحرف ‪ ،‬والحرف في قوله عليه الصلة والسلم ‪ُ" :‬أنزل القرآن على‬ ‫سبعة أحرف"‪ ،‬يعني ‪ :‬القراءة التنزيلية ‪ ،‬فكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد‬ ‫ُيقرئ هذا الصحابي بحرف ل ُيقرئ عليه الصحابي الخر‪ ،‬وقد يقع في هذا الحرف من‬

‫‪94‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ل ابن جرير ‪ :‬حدث َنا أ َ‬ ‫حد ّث ََنا ط َل ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫نا‬ ‫غ‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ق‬ ‫‪:‬‬ ‫ل‬ ‫قا‬ ‫كريب‬ ‫بو‬ ‫ّ‬ ‫َ ّ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وََقا َ ْ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ ٍ‬ ‫َ‬ ‫عَن عُث ْمان ال ْمك ّي عَن اب َ‬ ‫سأ َ‬ ‫ة َقا َ‬ ‫ن‬ ‫مل َي ْك َ َ‬ ‫جاهِ ً‬ ‫م َ‬ ‫َ َ‬ ‫دا َ‬ ‫ل ‪َ :‬رأْيت ُ‬ ‫ن أِبي ُ‬ ‫ل اب ْ َ‬ ‫َ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ل ‪ :‬فَي َُقو ُ‬ ‫ه َقا َ‬ ‫س‬ ‫ن ت َْف ِ‬ ‫وا ُ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫مع َ ُ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫ه اب ْ ُ‬ ‫ه أل ْ َ‬ ‫سيرِ ال ُْقْرآ ِ‬ ‫س عَ ْ‬ ‫ن عَّبا ٍ‬ ‫عَّبا ٍ‬ ‫َ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫سيرِ ك ُل ّ ِ‬ ‫ن الت ّْف ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ا ُك ْت ُ ْ‬ ‫حّتى َ‬ ‫سأل َ ُ‬ ‫ه عَ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن الث ّوْرِيّ ي َُقو ُ‬ ‫ل‪:‬إ َ‬ ‫وَل ِهَ َ‬ ‫جاهِدٍ‬ ‫جاَءك الت ّْف ِ‬ ‫م َ‬ ‫ذا َ‬ ‫سْفَيا ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫سيُر عَ ْ‬ ‫سُبك ب ِهِ ‪.‬‬ ‫فَ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ر‪.‬‬ ‫ن ُ‬ ‫وَك َ َ‬ ‫جب َي ْ ٍ‬ ‫سِعيدِ ب ْ ِ‬ ‫البيان ما ل يقع في الحرف الخر ‪ ،‬يبدو أن القراءة التي أخذها ابن مسعود ‪ ،‬أو كان‬ ‫ابن مسعود له اهتمام بأن يسمع أو يقرأ القرآن على الحرف الكثر بيانا ً ‪ ،‬فكان‬ ‫حرفه في قراءة القرآن مما سمعه من الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر بيانا ً ‪،‬‬ ‫ولذا يقول هذا التابعي – مجاهد ‪ : -‬لو كنت قرأت القرآن على قراءة ابن مسعود ؛‬ ‫ج أن أسأل ابن عباس عن كثير مما سألت ‪ ،‬لماذا ؟ لن الحرف الذي قرأ عليه‬ ‫حت َ ْ‬ ‫لم ا ْ‬ ‫ابن مسعود أكثر بيانا ً من الحرف الذي قرأ عليه ابن عباس ‪ ،‬أو أن ابن مسعود كان‬ ‫أكثر اهتماما ً بجمع أحرف القراءة المفسرة الواضحة‪ ،‬لن القراءات السبع – وليس‬ ‫المقصود بالقراءات السبع هنا ‪ :‬القراءات السبع المعروفة ‪ ،‬إنما المراد بها القراءات‬ ‫السبع التنشزيلية التي نزل بها القرآن ‪ ،‬الن القراءات السبع هذه والقراءات العشر‬ ‫المتواترة عندنا هي قراءات اختيارية ترجع إلى الحرف الواحد ‪ ،‬أو إلى القراءة‬ ‫الواحدة التي جمع عليها عثمان الناس ‪ ،‬الرسول صلى الله عليه وسلم يقول ‪:‬‬ ‫) ُأنزل القرآن على سبعة أحرف ( ‪ ،‬يعني ‪ :‬سبع قراءات تنزيلية ‪ ،‬وليست هذه‬ ‫الختيارية ‪ ،‬هذه القراءات السبع أو العشر المعروفة الن ‪ :‬قراءة حفص عن عاصم ‪،‬‬ ‫وقراءة ورش عن نافع ‪ ،‬وقراءة ابن عامر ‪ ،‬وقراءة أبي العلء ‪ ،‬وقراءة الكسائي ‪،‬‬ ‫وغيرها ‪ ،‬هذه قراءات اختيارية مما اختاره كل قارئ من الحرف الذي جمع عليه‬ ‫عثمان الناس ‪ ،‬فإن عثمان رضي الله عنه جمع الناس على حرف واحد وقراءة‬ ‫واحدة على مصحف واحد ‪ ،‬هذا المصحف الواحد الذي جمع عليه عثمان الناس‬ ‫اشتمل على لسان قريش ‪ ،‬وما شابه رسمه من سائر الحرف ‪ ،‬بمعنى ‪ :‬أن هذا‬ ‫المصحف الموجود بين أيدينا الن ل يشتمل على كل الحرف السبعة ؛ إنما يشتمل‬ ‫على الحرف الذي نزل على وفق لسان قريش وما وافق رسمه من سائر الحرف‪،‬‬ ‫وكل القراءات السبع أو العشر الختيارية ترجع إلى هذا الحرف الذي جمع عليه‬ ‫عثمان الناس ‪.‬‬ ‫إذا ً القراءات السبع الختيارية ‪ ،‬أو العشر الختيارية شئ ‪ ،‬وقولي ‪ :‬القراءات السبع‬ ‫التنشزيلية التي هي معنى الحرف السبعة شئ آخر ‪ ،‬يكفي أن تعلم أن القراءات‬ ‫السبع الختيارية أو العشر الختيارية المتواترة ترجع إلى المصحف الذي جمع عثمان‬ ‫عليه الناس ‪ ،‬وهو المتضمن لرسم الحرف الذي نزل على لسان قريش ‪ ،‬وما وافق‬ ‫رسمه من سائر الحرف ‪ ،‬بمعنى أنه لم يشمل جميع الحرف السبعة ‪ ،‬يكفي أن‬ ‫تعلم هذا ‪.‬‬ ‫إذا ً هناك بعض القراءات التي هي من الحرف السبعة ل يتضمنها مصحف عثمان ‪،‬‬ ‫بعض أهل العلم يقول ‪ :‬يغلب على الظن أنها القراءات الحادية صحيحة السند‬ ‫المنقولة عن الصحابة والمخالفة لرسم المصحف ‪ ،‬يسمونها قراءة آحادية ‪ ،‬وتوصف‬ ‫بالشذوذ – عندهم – بمعنى أنها خالفت الرسم ‪ ،‬ل بمعنى أنها لم تصح ‪ ،‬إنما هي‬ ‫صحيحة ولكنها بسند آحادي ‪ ،‬يقولون ‪ :‬هذه القراءات يغلب على الظن أنها من‬ ‫الحرف السبعة التي لم تدخل في مصحف عثمان – رضي الله عنه ‪ ، -‬وبعض‬ ‫المفسرين يقول ‪ :‬هذه قراءة تفسيرية ‪ ،‬فيقول ‪ :‬هذا تفسير من الصحابي أدخله في‬ ‫أثناء القراءة ‪ ،‬وعلى هذا المعنى الثاني ‪ ،‬يكون معنى كلم مجاهد في قراءة ابن‬ ‫مسعود أي ‪ :‬أن ابن مسعود كان ُيدخل تفسيرا ً منه في ثنايا القرآن ‪ ،‬ولكن هذا ل‬ ‫يليق ‪ ،‬عرفت ‪ ،‬إل أن نقول ‪ :‬إن ابن مسعود كان في مصحفه تمييزا ً لهذا بشيء من‬ ‫الحرف ‪ ،‬أو من الرسم ‪ ،‬أو من الكتابة ‪ ،‬ولكن هذا المعنى ل يليق ‪ ،‬قد يصح أن‬ ‫خل في القرآن تفسيرا ً من عنده‬ ‫نقول ‪ :‬إن قراءة ابن مسعود كلها بهذه الطريقة ‪ُ ،‬يد ِ‬ ‫لمعانيه ‪ ،‬يصير المعنى المراد إذا ً قراءة ابن مسعود ‪ :‬أن ابن مسعود – رضي الله‬ ‫عنه – كان يعتني بالحرف التنزيلية التي فيها زيادة بيان عن باقي الحرف ‪ ،‬وكان‬ ‫عرف بهذه القراءة ‪ ،‬فقال التابعي ‪ :‬لو أني قرأت على قراءته‬ ‫شديد العناية بها ‪ ،‬و ُ‬ ‫لما احتجت أن أسأل عن كثير مما سألت عنه ابن عباس ‪.‬‬ ‫وكتاب ) المصاحف ( لبي داود موجود وفيه ذكر مصاحف الصحابة ‪ ،‬كيف كان ترتيبها‬ ‫‪ ،‬ويتضمن كثيرا ً من اليات التي كانت في مصاحفهم وتخالف الرسم العثماني ‪ ،‬وذلك‬ ‫عند العلماء محمول على أنها ‪ -‬في غلبة الظن – من الحرف السبعة ‪ ،‬لماذا ل‬ ‫نقول ‪ :‬إنها قرآن ؟ قالوا ‪ :‬القرآن ل يثبت إل بالتواتر ‪ ،‬وهذه ما جاءت إل بأسانيد‬ ‫آحادية ‪ .‬لكن هل يجوز أن نصلي يها ؟ قالوا ‪ :‬ل تجوز الصلة إل بما هو قرآن ‪ ،‬ومنهم‬ ‫من أجاز الصلة بها فيما ليس بواجب ‪ ،‬وقد أجمع العلماء على النكير على ابن شنبوذ‬ ‫‪ ،‬وابن قاسم لما صلوا في المحراب في صلة العامة بمثل هذه الحرف ‪ ،‬وممن قام‬ ‫عليهم في هذا ‪ ،‬ابن مجاهد صاحب كتاب ‪ ) :‬السبعة ( ‪.‬‬ ‫فهي تصح من حيث المعنى والتفسير ‪ ،‬بل الجزم برفعها من أظهر ما يكون ‪ ،‬إذ يبعد‬ ‫جدا ً أن ُيدخل الصحابي تفسيرا ً منه في أثناء آية لو كان تفسيرا ً إل ويكون سمعه ‪،‬‬

‫‪95‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ة َ َ‬ ‫س‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫وَ ِ‬ ‫عك ْرِ َ‬ ‫ن عَّبا ٍ‬ ‫موْ َلى اب ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ح‪.‬‬ ‫ن أِبي َرَبا ٍ‬ ‫وَعَطاِء ب ْ ِ‬ ‫ي‪.‬‬ ‫س‬ ‫َوال ْ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ال ْب َ ْ‬ ‫صرِ ّ‬ ‫ِ‬ ‫جد َِع‪.‬‬ ‫ن اْل َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫سُرو ِ‬ ‫ق بْ ِ‬ ‫ب‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫وَ َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫سي ّ ِ‬ ‫سِعيدِ ب ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ة‪.‬‬ ‫وَأِبي ال َْعال ِي َ ِ‬ ‫والربيع ب َ‬ ‫س‪.‬‬ ‫ن أن َ ٍ‬ ‫َ ّ ِ ِ ْ ِ‬ ‫وقتادة‪.‬‬ ‫م‪.‬‬ ‫مَزا ِ‬ ‫حا ِ‬ ‫ض َ‬ ‫َوال ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫ح ٍ‬ ‫ك بْ ِ‬ ‫م؛‬ ‫م ِ‬ ‫ن ب َعْد َهُ ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫ن وََتاب ِِعيهِ ْ‬ ‫وَغَي ْرِهِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن الّتاب ِِعي َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫ظ‬ ‫م ِفي اْلي َةِ فَي ََقعُ ِفي ِ‬ ‫ن ِفي اْل َل َْفا ِ‬ ‫عَباَرات ِهِ ْ‬ ‫وال ُهُ ْ‬ ‫م ت ََباي ُ ٌ‬ ‫فَت ُذ ْك َُر أقْ َ‬ ‫َ‬ ‫س ك َذ َل ِ َ‬ ‫ن‬ ‫عن ْد َهُ ا ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ن َل ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ك فَإ ِ ّ‬ ‫خت َِلًفا فَي َ ْ‬ ‫يَ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫سب َُها َ‬ ‫واًل‪ ،‬وَل َي ْ َ‬ ‫كيَها أقْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ص عََلى‬ ‫ظيرِهِ وَ ِ‬ ‫م ه ِ أو ْ ن َ ِ‬ ‫يِء ب َِلزِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫م َ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ن ي َن ُ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن ي ُعَب ُّر عَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫يِء ب ِعَي ْن ِهِ َوال ْك ُ ّ‬ ‫ال ّ‬ ‫ن‬ ‫معَْنى َوا ِ‬ ‫حدٍ ِفي ك َِثيرٍ ِ‬ ‫ن اْل َ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫ن فَل ْي َت ََفط ّ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ش ْ‬ ‫ماك ِ ِ‬ ‫ب ل ِذ َل ِ َ‬ ‫ه ال َْهاِدي) (‪.‬‬ ‫الل ِّبي ُ‬ ‫ك وََالل ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫وا ُ‬ ‫وََقا َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ن ِفي ال ُْفُروِع‬ ‫جا‬ ‫شعْب َ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ج وَغَي ُْر ُ‬ ‫ل الّتاب ِِعي َ‬ ‫ه‪ :‬أقْ َ‬ ‫ة بْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ر؟! ي َعِْني‪ :‬أن َّها َل ت َ ُ‬ ‫ف تَ ُ‬ ‫ن‬ ‫سي‬ ‫ج ً‬ ‫ة فَك َي ْ َ‬ ‫ج ً‬ ‫ة ِفي الت ّْف ِ‬ ‫كو ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫كو ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ت ُ‬ ‫ل َي ْ َ‬ ‫س ْ‬ ‫ِ‬ ‫حيح أ َما إ َ َ‬ ‫م‪ ،‬وَهَ َ‬ ‫مُعوا عََلى‬ ‫ن َ‬ ‫ج ً‬ ‫م ِ‬ ‫ذا أ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ص ِ ٌ ّ‬ ‫خال ََفهُ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ة عََلى غَي ْرِهِ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫م ْ‬ ‫خت َل َُفوا فََل ي َ ُ‬ ‫ن قَوْ ُ‬ ‫ال ّ‬ ‫م‬ ‫نا ْ‬ ‫ج ً‬ ‫ل ب َعْ ِ‬ ‫كو ُ‬ ‫ة‪ ،‬فَإ ِ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ب ِفي ك َوْن ِهِ ُ‬ ‫يِء فََل ي ُْرَتا ُ‬ ‫ضه ِ ْ‬ ‫ش ْ‬ ‫ج ً َ‬ ‫جعُ ِفي ذ َل ِ َ‬ ‫ن‬ ‫م وَي ُْر َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ُ‬ ‫ن ب َعْد َهُ ْ‬ ‫ض‪ ،‬وََل عََلى َ‬ ‫ك إَلى ل ُغَةِ ال ُْقْرآ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة عَلى ب َعْ ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ) (‬ ‫حاب َةِ ِفي ذ َل ِك ‪.‬‬ ‫ص َ‬ ‫أوْ ال ّ‬ ‫سن ّةِ أوْ عُ ُ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫موم ِ ل ُغَةِ ال ْعََر ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ب أوْ أقْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م ٌ‬ ‫حد ّث ََنا‬ ‫ما ت َْف ِ‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫ي فَ َ‬ ‫م َ‬ ‫حَرا ٌ‬ ‫مؤ َ ّ‬ ‫حد ّث ََنا ُ‬ ‫ن بِ ُ‬ ‫فَأ ّ‬ ‫سيُر ال ُْقْرآ ِ‬ ‫جّردِ الّرأ ِ‬ ‫حد ّث ََنا عَب ْد ُ اْل َعْ َ‬ ‫س َقا َ‬ ‫ل‪:‬‬ ‫با‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ج‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫د‬ ‫عي‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ن َ‬ ‫سْفَيا ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ن َقا َ‬ ‫سو ُ‬ ‫َقا َ‬ ‫ر‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ل اللهِ صلى الله عليه وسلم ‪َ " :‬‬ ‫ل ِفي الُقْرآ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ب ِغَي ْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ن الّناِر" ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫مْقعَد َهُ ِ‬ ‫عل ْم ٍ فَل ْي َت َب َوّأ َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫حد ّث ََنا وَ ِ‬ ‫سْفَيا ُ‬ ‫كيعٌ َ‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬ ‫حد ّث ََنا ُ‬ ‫ي عَ ْ‬ ‫ن عَب ْدِ اْلعَْلى الث ّعْل َب ِ ّ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫سِعيدِ ب ْ ِ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫وقد سبقت الشارة إلى هذا ‪.‬‬ ‫)( وهذا سبق بالتمثيل من كلم شيخ السلم حينما تكلم عن اختلف التنوع واختلف‬ ‫التضاد‪.‬‬ ‫)( سبق شرح هذا المعنى‪ ،‬حيث تكرر التنبيه إلى أنه ينبغي الرجوع إلى الحقيقة‬ ‫الشرعية في تفسير ألفاظ القرآن والسنة‪ ،‬فإن لم توجد صرنا إلى الحقيقة العرفية‬ ‫من لغة الصحابة‪ ،‬فإن لم توجد صرنا إلى لغة العرب‪.‬‬ ‫فإن قيل ‪ :‬لماذا قدم الشيخ هنا عموم لغة العرب على أقوال الصحابة؟‬ ‫فالجواب ‪ :‬إنما يرجع إلى تفسير التابعي إذا لم يجد المفسر تفسير الصحابة‪،‬‬ ‫فالفرض أنه ل يوجد تفسير للصحابة‪ ،‬فلو كان عندنا في تفسير الية أقوال عن‬ ‫الصحابة‪ ،‬وجاءت أقوال عن التابعين في تفسيرها‪ ،‬فإن الصل أن كلم التابعين لن‬ ‫رض أن بعض أقوال التابعين خالفت أقوال الصحابة؛‬ ‫يخالف كلم الصحابة‪،‬‬ ‫كلمفإن فُ ِ‬ ‫الصحابة‪ ،‬وانتهينا‪ .‬لكن افرض ما وجدت أقوال للصحابة في‬ ‫فالراجح ما وافق‬ ‫تفسير الية؛ إنما جاء في الية تفسير عن التابعين واختلفوا ‪ ،‬فإنك ترجح بحسب لغة‬ ‫القرآن ‪ ،‬أو عموم لغة العرب ‪ ،‬أو لغة أقوال الصحابة‪ .‬هذا محل كلم الشيخ‪ .‬أو أن‬ ‫يقال‪ :‬إن )أو( في كلمه هنا ليست للترتيب‪ .‬والله اعلم‪.‬‬

‫‪96‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫سو ُ‬ ‫ل ‪َ :‬قا َ‬ ‫س َقا َ‬ ‫ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬ ‫ن عَّبا‬ ‫ن اب ْ‬ ‫ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫جب َي ْرٍ عَ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ن َقا َ‬ ‫ن الّنارِ "‪.‬‬ ‫ن ب ِغَي ْرِ ِ‬ ‫مْقعَد َهُ ِ‬ ‫عل ْم ٍ فَل ْي َت َب َوّأ َ‬ ‫" َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِفي ال ُْقْرآ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مذِيّ َقا َ‬ ‫ن‬ ‫وَب ِهِ إَلى الت ّْر ِ‬ ‫سا ُ‬ ‫حد ّث َِني َ‬ ‫ن حميد َ‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫ح ّ‬ ‫ن بْ ُ‬ ‫حد ّث ََنا عَب ْد ُ ب ْ ُ‬ ‫حْزم ٍ القطعي َقا َ‬ ‫سهَي ْ ٌ‬ ‫ل َقا َ‬ ‫ن‬ ‫ل أَ ُ‬ ‫حد ّث ََنا أ َُبو ِ‬ ‫مَرا َ‬ ‫ل َ‬ ‫خو َ‬ ‫ل َ‬ ‫حد ّث ََنا ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫هَِل ٍ‬ ‫سو ُ‬ ‫ل ‪َ :‬قا َ‬ ‫ب َقا َ‬ ‫ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬ ‫ن ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫جن ْد ُ ٍ‬ ‫الجوني عَ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫خط َأ"‪َ .‬قا َ‬ ‫ن َقا َ‬ ‫ي‪ :‬هَ َ‬ ‫ذا‬ ‫ب فََقد ْ أ ْ‬ ‫ل الت ّْر ِ‬ ‫صا َ‬ ‫" َ‬ ‫ن ب َِرأي ِهِ فَأ َ‬ ‫مذ ِ ّ‬ ‫ل ِفي ال ُْقْرآ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ث غَريب وقَد تك َل ّم بعض أ َهْل ال ْحديث في سهيل ب َ‬ ‫م‪.‬‬ ‫دي ٌ‬ ‫َ ِ ِ ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن أِبي َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ٌ َ ْ َ َ َْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫حْز ٍ‬ ‫ُ َ ْ ِ ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وَهَك َ َ‬ ‫ي صلى الله عليه‬ ‫ل ال ْعِل ْم ِ ِ‬ ‫ص َ‬ ‫حا ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ذا َرَوى ب َعْ ُ‬ ‫ب الن ّب ِ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ض أه ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وسلم وغَيره َ‬ ‫ن ب ِغَي ْرِ ِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ما‬ ‫سَر ال ُْقْرآ ُ‬ ‫دوا ِفي أ ْ‬ ‫شد ّ ُ‬ ‫ن ي َُف ّ‬ ‫م‪ .‬وَأ ّ‬ ‫م أن ّهُ ْ‬ ‫َ ْ ِ ِ ْ‬ ‫عل ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫سُروا‬ ‫ما ِ‬ ‫ال ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫م فَ ّ‬ ‫ل ال ْعِل ْم ِ أن ّهُ ْ‬ ‫جاهِدٍ وقتادة وَغَي ْرِهِ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن أه ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ذي ُروِيَ عَ ْ‬ ‫ال ُْقرآن فَل َيس الظ ّن به َ‬ ‫عل ْم ٍ أ َْو‬ ‫سُروهُ ب ِغَي ْرِ ِ‬ ‫ْ َ‬ ‫ن وَفَ ّ‬ ‫م أن ّهُ ْ‬ ‫ّ ِِ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫م َقاُلوا ِفي ال ُْقْرآ ِ‬ ‫َ‬ ‫م‪.‬‬ ‫ل أن ُْف ِ‬ ‫ِ‬ ‫سه ِ ْ‬ ‫ن قِب َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫ما ي َد ُ ّ‬ ‫ل‬ ‫م ي َُقوُلوا ِ‬ ‫م لَ ْ‬ ‫ما قُل َْنا أن ّهُ ْ‬ ‫ل عََلى َ‬ ‫م َ‬ ‫وَقَد ْ ُروِيَ عَن ْهُ ْ‬ ‫ن قِب َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬ ‫أَ‬ ‫عل ْ‬ ‫ن َقا َ‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫غ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫س‬ ‫ف‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ما َل ِ‬ ‫ن ب َِرأي ِهِ فََقد ْ ت َك َل ّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫م‪ ،‬فَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ل ِفي ال ُْقْرآ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫مَر ب ِ ِ‬ ‫ما أ ِ‬ ‫ه بِ ِ‬ ‫صا َ‬ ‫ه‪ ،‬وَ َ‬ ‫س ال ْ‬ ‫ب ال َ‬ ‫ه‪ ،‬فلوْ أن ّ ُ‬ ‫سلك غي َْر َ‬ ‫لَ ُ‬ ‫هأ َ‬ ‫م ِ‬ ‫معَْنى ِفي ن َْف ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن قَد ْ أ َ ْ َ َ‬ ‫لَ َ‬ ‫س عََلى‬ ‫مُر ِ‬ ‫م ي َأ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫حك َ َ‬ ‫ن َباب ِهِ ك َ َ‬ ‫ت اْل ْ‬ ‫ه لَ ْ‬ ‫خط َأ; ِلن ّ ُ‬ ‫م ب َي ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال َّنا ِ‬ ‫ن‬ ‫وا َ‬ ‫ن َوافَقَ ُ‬ ‫ل فَهُوَ ِفي الّناِر‪ ،‬وَإ ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫س اْل ْ‬ ‫م ُ‬ ‫حك ْ ُ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ر; ل َك ِ ْ‬ ‫ص َ‬ ‫جه ْ ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫ب ِفي ن َْف ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يَ ُ‬ ‫م‪.‬‬ ‫نأ ْ‬ ‫نأ َ‬ ‫خ ّ‬ ‫ما ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫كو ُ‬ ‫ه أعْل َ ُ‬ ‫خط َأ وََالل ّ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫جْر ً‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ن فََقا َ‬ ‫وَهَك َ َ‬ ‫م ي َأُتوا‬ ‫ه ت ََعاَلى ال َْقذ َفَ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ل ‪﴿ :‬فَإ ِذ ْ ل َ ْ‬ ‫مى الل ّ ُ‬ ‫س ّ‬ ‫كاذِِبي َ‬ ‫ب‪ ،‬وَل َوْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫داِء فَُأول َئ ِ َ‬ ‫ِبال ّ‬ ‫ن﴾ َفال َْقاذِ ُ‬ ‫ك ِ‬ ‫ن قَد ْ‬ ‫كا َ‬ ‫كاذِ ٌ‬ ‫كاذُِبو َ‬ ‫شه َ َ‬ ‫عن ْد َ الل ّهِ هُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه‬ ‫ه اْل ِ ْ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ما َل ي َ ِ‬ ‫قَذ َ َ‬ ‫خَباُر ب ِ ِ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫خب ََر ب ِ َ‬ ‫ر; ِلن ّ ُ‬ ‫س اْل ْ‬ ‫ف َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َِ‬ ‫ن َزَنى ِفي ن َْف ِ‬ ‫م‪.‬‬ ‫ما َل ِ‬ ‫وَت َك َل ّ َ‬ ‫ه أعْل َ ُ‬ ‫ه ب ِهِ وََالل ّ ُ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫وَل ِهَ َ‬ ‫ه؛‬ ‫ما َل ِ‬ ‫ماعَ ٌ‬ ‫م بِ ِ‬ ‫ن ت َْف ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫سل َ ِ‬ ‫ج َ‬ ‫حّر َ‬ ‫ذا ت َ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م ل َهُ ْ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫سيرِ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ف عَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ما َرَوى ُ‬ ‫ن أ َِبي‬ ‫شعْب َ ُ‬ ‫ن عَب ْدِ الل ّهِ ب ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫سل َي ْ َ‬ ‫كَ َ‬ ‫مّرةَ عَ ْ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫ة عَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ل أ َبو بك ْر الصديق ‪ :‬أ َ َ‬ ‫مرٍ َقا َ‬ ‫ماءٍ‬ ‫ض ت ُِقل ِّني وَأيّ َ‬ ‫س َ‬ ‫ّ ّ ُ‬ ‫مع ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ل ‪َ :‬قا َ ُ َ ٍ‬ ‫يّ أْر ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ت ُظ ِلِني إ َ‬ ‫م؟‬ ‫م أعْل ْ‬ ‫ما ل ْ‬ ‫ب اللهِ َ‬ ‫ذا قُلت ِفي ك َِتا ِ‬ ‫َ‬ ‫وََقا َ‬ ‫ن‬ ‫ل أُبو عُب َي ْدٍ ال َْقا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫سَلم ٍ ‪َ :‬‬ ‫ن َ‬ ‫ح ُ‬ ‫حد ّث ََنا َ‬ ‫س ُ‬ ‫زيد َ عَ ْ‬ ‫مود ُ ب ْ ُ‬ ‫م بْ ُ‬ ‫ن يَ ِ‬ ‫ال ْعوام بن حوشب عَن إبراهيم التيمي أ َ َ‬ ‫سئ ِ َ‬ ‫ن‬ ‫ص ّ‬ ‫ّ‬ ‫ديقَ ُ‬ ‫ْ َْ ِ َ‬ ‫ن أَبا ب َك ْرٍ ال ّ‬ ‫ل عَ ْ‬ ‫َ ّ ِ ْ ِ‬ ‫ل ‪ :‬أ َي سماٍء تظل ِّني وأ َي أ َرض تقل ِّني إن أناَ‬ ‫َ‬ ‫ة وَأّبا﴾ فََقا َ‬ ‫قَوْل ِهِ ‪﴿ :‬وََفاك ِهَ ً‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ّ ْ ٍ ُِ‬ ‫ّ َ َ ُ ِ‬ ‫َ‬ ‫ع‪.‬‬ ‫من َْقط ِ ٌ‬ ‫م؟ ُ‬ ‫ما َل أعْل َ ُ‬ ‫ب الل ّهِ َ‬ ‫قُْلت ِفي ك َِتا ِ‬ ‫َ‬ ‫ل أ َبو عُبيد أ َيضا حدث َنا يزيد عَن حميد عَن أ َ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫سأ ّ‬ ‫َْ ٍ ْ ً َ ّ َ َ ِ ُ‬ ‫وََقا َ ُ‬ ‫ن عُ َ‬ ‫مَر ب ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫خ ّ‬ ‫ة وَأ َّبا﴾ فََقا َ‬ ‫ال ْ َ‬ ‫ل‪ :‬هَذِهِ ال َْفاك ِهَ ُ‬ ‫من ْب َرِ ‪﴿ :‬وََفاك ِهَ ً‬ ‫ب قََرأ عََلى ال ْ ِ‬ ‫ة قَد ْ‬ ‫طا ِ‬ ‫سهِ فََقا َ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫ف َيا‬ ‫ذا ل َهُوَ الت ّك َل ّ ُ‬ ‫عََرفَْنا َ‬ ‫جعَ إَلى ن َْف ِ‬ ‫ل‪:‬إ ّ‬ ‫م َر َ‬ ‫ما اْل َ ّ‬ ‫ب ؟ ثُ ّ‬ ‫ها فَ َ‬ ‫مُر ) (‪.‬‬ ‫عُ َ‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫)( انتبهوا لقوله‪" :‬على المنبر"فهو يريد تعليم الناس؛ فهذه الثار ‪ ،‬المراد منها كما‬

‫‪97‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ب َقا َ‬ ‫وََقا َ‬ ‫ماد ُ‬ ‫حد ّث ََنا َ‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫ن َ‬ ‫ما ُ‬ ‫ن حميد َ‬ ‫حد ّث ََنا ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫سل َي ْ َ‬ ‫حْر ٍ‬ ‫ن بْ ُ‬ ‫ل عَب ْد ُ ب ْ ُ‬ ‫بن زيد عَن َثابت عَ َ‬ ‫خ ّ‬ ‫س َقا َ‬ ‫ب وَِفي‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ل ‪ :‬ك ُّنا ِ‬ ‫ن أن َ‬ ‫ْ ِ ٍ‬ ‫ْ ُ َ ْ ٍ‬ ‫مَر ب ْ‬ ‫عن ْد َ عُ َ‬ ‫طا ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م َقا َ‬ ‫ة وَأّبا﴾ فََقا َ‬ ‫ل‪:‬‬ ‫صهِ أْرب َعُ رَِقاٍع فََقَرأ ‪﴿ :‬وََفاك ِهَ ً‬ ‫مي ِ‬ ‫ظ َهْرِ قَ ِ‬ ‫ما اْل ّ‬ ‫ب؟ ث ُ ّ‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫ذا ل َهُوَ الت ّك َل ّ ُ‬ ‫ن َل ت َد ِْري ِ‬ ‫ما عَل َْيك أ ْ‬ ‫إ ّ‬ ‫ف فَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مو ٌ‬ ‫وَهَ َ‬ ‫دا‬ ‫ما أَرا َ‬ ‫م ْ‬ ‫ما رضي الله عنهما إن ّ َ‬ ‫ل عََلى أن ّهُ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ذا ك ُل ّ ُ‬ ‫ن اْل َْرض َ‬ ‫ست ِك ْ َ‬ ‫ظاهٌِر َل‬ ‫ف ِ‬ ‫شا َ‬ ‫ه ن َب ًْتا ِ‬ ‫عل ْم ِ ك َي ِْفي ّةِ اْل َ ّ‬ ‫ا ْ‬ ‫ب وَإ ِّل فَك َوْن ُ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫جه َ ُ‬ ‫ضًبا‪ .‬وََزي ُْتوًنا‬ ‫حّبا‪ .‬وَ ِ‬ ‫عن ًَبا وَقَ ْ‬ ‫ل; لقوله تعالى ت ََعاَلى ‪﴿ :‬فَأن ْب َت َْنا ِفيَها َ‬ ‫يُ ْ‬ ‫دائ ِقَ غُل ًْبا﴾‪.‬‬ ‫وَن َ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫خًل‪َ .‬‬ ‫م َقا َ‬ ‫وََقا َ‬ ‫ن‬ ‫ن إب َْرا ِ‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫حد ّث ََنا ي َعُْقو ُ‬ ‫ريرٍ ‪َ :‬‬ ‫ن َ‬ ‫هي َ‬ ‫حد ّث ََنا اب ْ ُ‬ ‫ب بْ ُ‬ ‫ل اب ْ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫سئ ِ َ‬ ‫و‬ ‫ب عَ‬ ‫ة عَ‬ ‫مل َي ْك َ َ‬ ‫عُل َي ّ َ‬ ‫ة‪ :‬أ ّ‬ ‫ن اب ْ‬ ‫ن أّيو َ‬ ‫س ُ‬ ‫ن أِبي ُ‬ ‫ن آي َةٍ ل َ ْ‬ ‫ل عَ ْ‬ ‫ن اب ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ن عَّبا ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن ي َُقو َ‬ ‫م ل ََقا َ‬ ‫سئ ِ َ‬ ‫ح‪.‬‬ ‫ص ِ‬ ‫حي ٌ‬ ‫ل ِفيَها فَأَبى أ ْ‬ ‫ل عَن َْها ب َعْ ُ‬ ‫ل ِفيَها‪ .‬إ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ضك ُ ْ‬ ‫سَناد ُهُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عي ُ‬ ‫وََقا َ‬ ‫ن‬ ‫ما ِ‬ ‫ن إب َْرا ِ‬ ‫ن أّيو َ‬ ‫ل أُبو عُب َي ْدٍ ‪َ :‬‬ ‫حد ّث ََنا إ ْ‬ ‫هي َ‬ ‫س َ‬ ‫ب عَ ْ‬ ‫م عَ ْ‬ ‫ل بْ ُ‬ ‫ن َاب ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن ‪﴿ :‬ي َوْم ٍ َ‬ ‫ج ٌ‬ ‫سأ َ‬ ‫ة َقا َ‬ ‫ف‬ ‫ن عَّبا‬ ‫داُرهُ أل ْ َ‬ ‫مل َي ْك َ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫مْق َ‬ ‫كا َ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫أِبي ُ‬ ‫س عَ ْ‬ ‫ل اب ْ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ما ‪﴿ :‬ي َوْم ٍ َ‬ ‫سن َةٍ﴾ فََقا َ‬ ‫ف‬ ‫ن عَّبا‬ ‫داُرهُ َ‬ ‫ن أ َل ْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫مْق َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه اب ْ‬ ‫َ‬ ‫خ ْ‬ ‫س فَ َ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫سي َ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫حد ّث َِني فََقا َ‬ ‫ج ُ‬ ‫سن َةٍ﴾؟ فََقا َ‬ ‫ما‬ ‫سأل ُْتك ل ِت ُ َ‬ ‫ل الّر ُ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬ ‫س ‪ :‬هُ َ‬ ‫ل‪ :‬إن ّ َ‬ ‫ل اب ْ ُ‬ ‫ن َعَّبا ٍ‬ ‫َ‬ ‫ن ي َُقو َ‬ ‫ل ِفي‬ ‫ما‪ .‬فَك َرِهَ أ ْ‬ ‫م ب ِهِ َ‬ ‫ه أعْل َ ُ‬ ‫ه ِفي ك َِتاب ِهِ الل ّ ُ‬ ‫ما الل ّ ُ‬ ‫ن ذ َك ََرهُ َ‬ ‫ي َوْ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫م‬ ‫ما َل ي َعْل َ ُ‬ ‫ب الل ّهِ َ‬ ‫ك َِتا ِ‬ ‫وََقا َ‬ ‫ن‬ ‫ن إب َْرا ِ‬ ‫م َ‬ ‫حد ّث َِني ي َعُْقو ُ‬ ‫ريرٍ ‪َ :‬‬ ‫ن َ‬ ‫هي َ‬ ‫حد ّث ََنا اب ْ ُ‬ ‫ب ي َعِْني اب ْ َ‬ ‫ل اب ْ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫ن عَ ْ ْ‬ ‫سل ِم ٍ َقا َ‬ ‫ن‬ ‫عُل َي ّ َ‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫م ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫مي ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ن َ‬ ‫جاَء ط َل ْقُ ب ْ ُ‬ ‫مو ٍ‬ ‫ة عَ ْ‬ ‫ن الوَ َِليدِ ب ْ ِ‬ ‫مهْدِيّ ب ْ ِ‬ ‫ن‪ .‬فََقا َ‬ ‫ل‪:‬‬ ‫ن آي َةٍ ِ‬ ‫ب إَلى ُ‬ ‫َ‬ ‫ن عَب ْدِ الل ّهِ فَ َ‬ ‫سأل َ ُ‬ ‫جن ْد ُ ِ‬ ‫حِبي ٍ‬ ‫ن ال ُْقْرآ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه عَ ْ‬ ‫ب بْ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫مت عَّني أوْ َقا َ‬ ‫سِني) (‪.‬‬ ‫ن تُ َ‬ ‫ل‪:‬أ ْ‬ ‫ج عَل َْيك إ ْ‬ ‫حّر ُ‬ ‫أ َ‬ ‫جال ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ما قُ ْ‬ ‫ما ل َ َ‬ ‫سل ِ ً‬ ‫ن ك ُْنت ُ‬ ‫َ‬ ‫ه َ‬ ‫مال ِ ٌ‬ ‫وََقا َ‬ ‫ن‬ ‫كا َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن َ‬ ‫ب‪ :‬أن ّ ُ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫سي ّ ِ‬ ‫سِعيدٍ عَ ْ‬ ‫ك عَ ْ‬ ‫سِعيدِ ب ْ ِ‬ ‫حَيى ب ْ ِ‬ ‫ل‪ :‬إّنا َل ن َُقو ُ‬ ‫ن َقا َ‬ ‫سئ ِ َ‬ ‫إ َ‬ ‫ن‬ ‫سيرِ آي َةٍ ِ‬ ‫ن ت َْف ِ‬ ‫ذا ُ‬ ‫ل ِفي ال ُْقْرآ ِ‬ ‫ن ال ُْقْرآ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل عَ ْ‬ ‫َ‬ ‫شي ًْئا‪.‬‬ ‫وََقا َ‬ ‫ه‬ ‫ل الل ّي ْ ُ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن َ‬ ‫ب‪ :‬إن ّ ُ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫سي ّ ِ‬ ‫سِعيدٍ عَ ْ‬ ‫ث عَ ْ‬ ‫سِعيدِ ب ْ ِ‬ ‫حَيى ب ْ ِ‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫قال الشيخ تعليم الناس أن ل يتكلفوا في تفسير القرآن العظيم ما ل علم لهم به‪ ،‬أو‬ ‫منع الناس من تكلف طلب حقائق الشياء المذكورة في القرآن‪ ،‬والتشديد في‬ ‫التنقير عنها‪ ،‬فإن هذا من التكلف الذي ذمه الصحابة والتابعون‪ ،‬وعليه تحمل هذه‬ ‫الثار‪.‬‬ ‫)( هذا محمله أنهم كانوا يكرهون السؤال الذي يفتح باب فتنة‪ ،‬أو بدعه حتى لو يعلم‬ ‫الجواب‪ ،‬يعني‪ :‬أن يخوض الناس في الكلم عن موضوٍع الفضل أل يخوضوا فيه‪،‬‬ ‫كانوا يكرهون مثل هذا السؤال‪ ،‬مع علمهم بالجواب‪.‬‬ ‫من ذلك ‪ :‬لما جاء ذاك السائل يسأل المام مالك بن أنس عن الستواء ‪ ،‬يقولون ‪:‬‬ ‫م مطرقا ً ‪ ،‬ثم بعد ذلك‬ ‫فسكت مالك حتى علته الرحضاء ‪ ،‬يعني ‪ :‬تصّبب عرقا ً و ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫أجاب وقال ‪ :‬الستواء معلوم ‪ ،‬والكيف مجهول ‪ ،‬وأنت صاحب بدعة ‪ ،‬فأمر بإخراجه‬ ‫من المجلس ‪ ،‬لماذا قال ‪ :‬أنت صاحب بدعة ؟ لنك أثرت السؤال في موضوع يفتح‬ ‫فتنة بين الناس ‪.‬ومن ذلك المام عمر بن الخطاب رضي الله عنه بلغه عن رجل أنه‬ ‫كان يكثر السؤال في مثل هذه المسائل‪ ،‬اسمه ‪ :‬صبيغ بن عسل التميمي‪ ،‬هذا كان‬ ‫يسأل مثل هذه السئلة‪ ،‬وبلغ عمر ‪ ،‬فلما رآه واستفتح السؤال؛ عله بالدرة – وهي‬ ‫عصا صغيرة كانت معه يعلو بها الناس ‪ ،‬أو يضرب بها الناس إذا رأى شيئا ً يخالف‬ ‫السنة ‪ ،‬أو يخالف الشرع – عله بهذه الدرة وضربه بها وأمر بنفيه‪ ،‬حتى تاب ووعد‬ ‫أن ل يعود‪.‬‬

‫‪98‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫ن ال ُْقْرآ‬ ‫م‬ ‫معُْلوم ِ ِ‬ ‫كا َ‬ ‫م إّل ِفي ال ْ َ‬ ‫ن َل ي َت َك َل ّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ج ٌ‬ ‫سأ َ َ‬ ‫مّرةَ َقا َ‬ ‫وََقا َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ة عَ‬ ‫شعْب َ ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫رو ب ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫ن ُ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫سِعيد َ ب ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‪َ :‬ل ت َ‬ ‫س ْ‬ ‫ن فََقا َ‬ ‫ن‬ ‫ن آي َةٍ ِ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ل َ‬ ‫ال ْ ُ‬ ‫سي ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ُْقْرآ ِ‬ ‫سأل ِْني عَ ْ‬ ‫ن ال ُْقْرآ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب عَ ْ‬ ‫يزعُ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ة‪.‬‬ ‫ش‬ ‫ه َل ي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫يٌء ي َعِْني ِ‬ ‫خَفى عَل َي ْهِ ِ‬ ‫عك ْرِ َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫م أن ّ ُ‬ ‫َْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫سأ ُ‬ ‫زيد َ َقا َ‬ ‫وََقا َ‬ ‫ل‬ ‫ن شوذب ‪َ :‬‬ ‫ل ‪ :‬ك ُّنا ن َ ْ‬ ‫زيد ُ ب ْ ُ‬ ‫ل اب ْ ُ‬ ‫ن أِبي ي َ َ ِ‬ ‫حد ّث َِني ي َ ِ‬ ‫حَرام ِ وَ َ‬ ‫س فَإ ِ َ‬ ‫ذا‬ ‫حَل‬ ‫ب عَ‬ ‫كا َ‬ ‫ل َوال ْ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫سي ّ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫ن أعْل َ َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫س َِعيد َ ب ْ َ‬ ‫م الّنا ِ‬ ‫َ‬ ‫مع ْ ‪.‬‬ ‫سيرِ آي َةٍ ِ‬ ‫ن ت َْف ِ‬ ‫ت ك َأ ْ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫س َ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫سك َ َ‬ ‫ن ال ُْقْرآ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫سأل َْناهُ عَ ْ‬ ‫َ‬ ‫وََقا َ‬ ‫ن‬ ‫حد ّث ََنا َ‬ ‫ن عبدة الضبي َ‬ ‫حد ّث َِني أ ْ‬ ‫ريرٍ ‪َ :‬‬ ‫ن َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ح َ‬ ‫ماد ُ ب ْ ُ‬ ‫مد ب ْ ُ‬ ‫ل اب ْ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫َ‬ ‫ل‪ :‬ل ََقد ْ أد َْر ْ‬ ‫مَر َقا َ‬ ‫م‬ ‫م ِ‬ ‫َزي ْدٍ َ‬ ‫دين َةِ وَإ ِن ّهُ ْ‬ ‫كت فَُقَهاَء ال ْ َ‬ ‫ن عُ َ‬ ‫حد ّث ََنا عُب َي ْد ُ الل ّهِ ب ْ ُ‬ ‫ن ال َْقوْ َ‬ ‫ن‬ ‫ه‪َ ،‬وال َْقا ِ‬ ‫ن عَب ْدِ الل ّ ِ‬ ‫ر‪ِ ،‬‬ ‫ل ِفي الت ّْف ِ‬ ‫مو َ‬ ‫م َ‬ ‫س ُ‬ ‫سال ِ ُ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ل َي ُعَظ ّ ُ‬ ‫م بْ ُ‬ ‫م بْ ُ‬ ‫سي ِ‬ ‫ب‪ ،‬وََنافِعٌ ‪.‬‬ ‫م ٍ‬ ‫م َ‬ ‫م َ‬ ‫د‪ ،‬وَ َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ُ‬ ‫سي ّ ِ‬ ‫سِعيد ُ ب ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫وََقا َ‬ ‫ن هِ َ‬ ‫ن الل ّي ْ ِ‬ ‫ل أُبو عُب َي ْدٍ ‪َ :‬‬ ‫ن َ‬ ‫ث عَ ْ‬ ‫ح عَ ْ‬ ‫حد ّث ََنا عَب ْد ُ الَل ّهِ ب ْ ُ‬ ‫شام ِ‬ ‫صال ِ ٍ‬ ‫َ‬ ‫ب الل ّهِ قَ ّ‬ ‫مْعت أِبي ت َأوّ َ‬ ‫ن عُْروَةَ َقا َ‬ ‫ط‪.‬‬ ‫ل آي َ ً‬ ‫ة ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫ن ك َِتا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫بْ ِ‬ ‫َ‬ ‫وََقا َ‬ ‫ن وَهُ َ‬ ‫ن سيرين‬ ‫م َ‬ ‫ل أّيو ُ‬ ‫شا ٌ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫م الدستوائي عَ ْ‬ ‫ن عَوْ ٍ‬ ‫ب َواب ْ ُ‬ ‫مدِ ب ْ ِ‬ ‫ل سأ َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ذي‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫ذ‬ ‫‪:‬‬ ‫ل‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫رآ‬ ‫ق‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫آ‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫السلماني‬ ‫ة‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫لت‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َقا َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ما أ ُن ْزِ َ‬ ‫دادِ) (‪.‬‬ ‫ل ِ‬ ‫س َ‬ ‫مو َ‬ ‫ه وَعَل َْيك ِبال ّ‬ ‫ق الل ّ َ‬ ‫ن ِفي َ‬ ‫كاُنوا ي َعْل َ ُ‬ ‫ن ال ُْقْرآ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َفات ّ ِ‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫)( "اتق الله وعليك بالسداد"‪ ،‬وفي الحديث ‪" :‬سددوا وقاربوا"‪ ،‬ما معنى "سددوا‬ ‫وقاربوا"‪ ،‬و "عليك بالسداد"؟ السداد يعني ‪ :‬عليك بلزوم السنة‪ ،‬وقاربوا يعني ‪:‬‬ ‫اعمل من العمل ما تطيق وقارب بين أعمالك‪ ،‬فسددوا وقاربوا‪ ،‬أي ‪ :‬احرصوا على‬ ‫اتباع السنة ‪ ،‬وقاربوا بين أعمالكم ول تحملوا أنفسكم ما ل تطيقون ‪ ،‬وبدل ً من أن‬ ‫تعملوا العمل في وقت واحد؛ اجعلوه على فترات‪ ) .‬أهش الدرس الثالث عشر ( ‪.‬‬

‫‪99‬‬

‫‪doc.16310781‬‬

‫ل أَ‬ ‫ن عُب َي ْدِ الل ّ‬ ‫َ‬ ‫وََقا َ‬ ‫ٌ‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ذ‬ ‫عا‬ ‫م‬ ‫نا‬ ‫ث‬ ‫د‬ ‫ح‬ ‫‪:‬‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫بو‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن أ َِبيهِ َقا َ‬ ‫ل‪:‬إ َ‬ ‫حّتى ت َن ْظ َُر‬ ‫ن الل ّهِ فَِق ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬ ‫حد ّْثت عَ ْ‬ ‫سارٍ عَ ْ‬ ‫سل ِم ِ ب ْ ِ‬ ‫ما ب َعْد َهُ) (‪.‬‬ ‫ه وَ َ‬ ‫ما قَب ْل َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫م َقا َ‬ ‫ن‬ ‫ن إب َْرا ِ‬ ‫حاب َُنا ي َت ُّقو َ‬ ‫ص َ‬ ‫كا َ‬ ‫َ‬ ‫هي َ‬ ‫ن ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫مِغيَرةَ عَ ْ‬ ‫حد ّث ََنا هشيم عَ ْ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫الت ّْف ِ‬ ‫سيَر وَي ََهاُبون َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ل ‪َ :‬قا َ‬ ‫سَفرِ َقا َ‬ ‫وََقا َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ل ُ‬ ‫ي‬ ‫شعْب َ ُ‬ ‫ن أِبي ال ّ‬ ‫شعْب ِ ّ‬ ‫ة عَ ْ‬ ‫ن عَب ْدِ َاللهِ ب ْ ِ‬ ‫ه) (‪.‬‬ ‫م‬ ‫سأْلت عَن َْها وَل َك ِن َّها الّرَواي َ ُ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫ن آي َةٍ إّل وَقَد ْ َ‬ ‫وََالل ّهِ َ‬ ‫ة عَ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ل أ َبو عُبيد ‪ :‬حدث َنا هشيم أ َنبأ َنا عُمر ب َ‬ ‫ن‬ ‫َْ َ‬ ‫َ ّ َ‬ ‫َْ ٍ‬ ‫وََقا َ ُ‬ ‫ن أِبي َزائ ِد َةَ عَ ْ‬ ‫َ ُ ْ ُ‬ ‫ق َقا َ‬ ‫ال ّ‬ ‫ن‬ ‫ما هُوَ الّرَواي َ ُ‬ ‫ل ‪ :‬ات ُّقوا الت ّْف ِ‬ ‫م ْ‬ ‫سيَر فَإ ِن ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ة عَ ْ‬ ‫ي عَ ْ‬ ‫شعْب ِ ّ‬ ‫سُرو ٍ‬ ‫الل ّهِ ‪.‬‬ ‫شاك َل َها عَ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ة‬ ‫فَهَذِهِ اْلَثاُر ال‬ ‫مول َ ٌ‬ ‫ح ُ‬ ‫ص ِ‬ ‫م ْ‬ ‫سل َ ِ‬ ‫حي َ‬ ‫مةِ ال ّ‬ ‫ح ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ن أئ ِ ّ‬ ‫ة وَ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ما َل ِ‬ ‫م بِ ِ‬ ‫ن ال ْك ََلم ِ ِفي الت ّْف ِ‬ ‫عََلى ت َ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ه‪ ،‬فَأ ّ‬ ‫م ل َهُ ْ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫سيرِ ب ِ َ‬ ‫جه ِ ْ‬ ‫حّر ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م عَ ْ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪) 1‬ددددد دددددد ددد ‪6/1/1424‬دد(‬ ‫)‪ (1‬هذا الكلم ‪ -‬وإن لم يثبت بسند صحيح ‪ -‬إل إنه يدل أنه كان معروفا ً عند السلف‬ ‫رضوان الله عليهم مراعاة ما ُيعرف بالسياق‪ ،‬وذلك أن العلماء – رحمهم الله –‬ ‫ذكروا أنه ينبغي أن يكون التفسير – إذا كان باجتهاد المفسر بحسب اللغة – أن يكون‬ ‫متفقا ً مع سياق الية‪ ،‬فينظر ما قبلها ‪ ،‬وُيسمى السباق ‪ ،‬وينظر ما بعدها ويسمى‬ ‫اللحاق‪ ،‬والسياق هو ‪ :‬الجو العام ‪ ،‬يشمل السباق واللحاق‪ ،‬فإذا أردت أن تفسر آية‬ ‫من كتاب الله بتفسير تجتهد فيه بحسب اللغة ومراعاة الصول ؛ ينبغي أن تراعي‬ ‫في هذا التفسير موافقة السياق فتنظر ما سبق الية ‪ ،‬وهو السباق ‪ ،‬وتنظر ما أتى‬ ‫بعد الية ‪ ،‬وهو اللحاق‪.‬‬ ‫ومن علوم القرآن ما يقوم على أساس مراعاة السياق‪ ،‬وهو العلم المعروف بعلم‬ ‫المناسبات‪ ،‬أو ما عرفه به بعضهم من أنه‪ :‬العلم الذي ُيعرف به علل ترتيب سور‬ ‫القرآن وآياته‪ .‬هذا العلم يعتني عناية خاصة بالسياق ‪ ،‬وهي في الحقيقة قاعدة‬ ‫عظيمة جدا‪ ،‬أعني قاعدة مراعاة دللة السياق على المراد من النص‪ ،‬فإن النص‬ ‫الشرعي إذا نزعته من سياقه يفيد معنى‪ ،‬فإذا ما نظرت في سياقه تغير هذا المعنى‪،‬‬ ‫وتذكرون حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لما قال ‪" :‬ليس من البر الصيام في‬ ‫السفر" فإن من نظر إلى هذا الحديث‪ ،‬دون النظر في السياق الذي جاءت فيه‪،‬‬ ‫سيفهم أن الصوم في السفر ليس من البر‪ ،‬بمعنى ‪ :‬أنه محرم ‪ ،‬أو ممنوع منه‬ ‫شرعًا‪ ،‬لكن حينما ُتنظر أن هذا الحديث جاء في سياق رجل صام في السفر فشق‬ ‫عليه الصوم حتى أغمي عليه ‪ ،‬نقول عندها ‪ :‬إذا ً معنى حديث الرسول صلى الله عليه‬ ‫وسلم ‪" :‬ليس من البر ‪ :"...‬إذا أدى إلى مثل هذه الحالة التي صار إليها حال هذا‬ ‫الرجل‪.‬‬ ‫خذوا مثال ً آخر ‪ :‬حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لما قال ‪" :‬من صلى صلتنا‬ ‫هذه ووقف بعرفة ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه"‪ ،‬إذا نظرت لهذا الحديث‬ ‫مجردا ً عن سياقه‪ ،‬ستقول‪ :‬صلة الفجر في مزدلفة شرط في صحة الحج‪ ،‬لن‬ ‫الرسول صلى الله عليه وسلم قال ‪" :‬من صلى صلتنا هذه ووقف بعرفة ساعة من‬ ‫ليل أو نهار"]الترمذي ةالنسائي[‪ ،‬لكن حينما ترجع إلى سياق الحديث تجد أن هذا‬ ‫الكلم جاء في سياق جواب من الرسول صلى الله عليه وسلم لمن سأله في ذلك‬ ‫الوقت والمقام‪ ،‬فجاء الجواب مطابقا ً لسؤال السائل ولحاله‪ ،‬وهو عروة بن‬ ‫ي‬ ‫أل‬ ‫عليه‬ ‫حَبل ول جبل إل ووقفت‬ ‫ضّرس – قال ‪ :‬يا رسول الله ! ما تركت من َ‬ ‫الم ّ‬ ‫َ‬ ‫حج ؟ فكان سؤال السائل في وقت صلة الفجر‪ ،‬فالرسول صلى الله عليه وسلم‬ ‫أراد أن يبين الجواب‪ ،‬وطابق في جوابه حال السائل‪ ،‬ولم يرد أن يجعل أن هذا‬ ‫شرطا ً في صحة الحج‪ ،‬فكأنه قال ‪ :‬هذا الذي يسأل وصلى معنا الفجر ‪ ،‬فالذي صلى‬ ‫م حجه‪ ،‬فقوله ‪" :‬من صلى‬ ‫معنا الفجر ووقف بعرفة ساعة من ليل أو نهار فقد ت ّ‬ ‫صلتنا هذه"‪ ،‬هو موافقة لحال السائل‪ ،‬وليس قيدا ً في الحكم‪ .‬كيف استفيد هذا؟‬ ‫الجواب‪ :‬بدللة السياق‪.‬‬ ‫هذا المر نفسه نحن نستعمله في تفسير القرآن الكريم ‪ ،‬ونقول ‪ :‬ل بد من مراعاة‬ ‫ت بتفسير يجعل الية نشازا ً مخالفة لما قبلها‬ ‫السياق في تفسير الية ‪ ،‬فل تأ ِ‬ ‫ومخالفة لما بعدها ‪ ،‬وهذا فيه إشارة إلى علم ُيعرف بعلم المناسبات‪ ،‬وهو ‪ :‬المعنى‬ ‫الذي يربط بين الية والية ‪ ،‬أو بين السورة والسورة ‪.‬‬ ‫‪ () 2‬الفقيه يوقع عن الله في بيان الحكم الذي يفتي فيه‪ ،‬ولذا صنف ابن قيم الجوزية‬ ‫كتابه الفذ "إعلم الموقعين عن رب العالمين"‪ ،‬والمفسر ينقل للناس المعنى الذي‬ ‫أراده الله بكلمه‪ ،‬فهو رواية عن الله‪ ،‬فالمر شديد‪ ،‬فانظر ماذا تقول!!‬

‫‪doc.16310781 100‬‬

‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫ه; وَل ِهَ َ‬ ‫ة وَ َ‬ ‫ن‬ ‫شْر ً‬ ‫ك ل ُغَ ً‬ ‫ج عَل َي ْ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫حَر َ‬ ‫عا فََل َ‬ ‫ما ي َعْل َ ُ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ت َك َل ّ َ‬ ‫ذا ُروِيَ عَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫هَؤَُلِء وغَيره َ‬ ‫سير وَل مَناَفا َ َ‬ ‫وا ٌ‬ ‫ما‬ ‫موا ِفي َ‬ ‫م ت َك َل ّ ُ‬ ‫ة; ِلن ّهُ ْ‬ ‫ل ِفي الت ّْف ِ ِ َ ُ‬ ‫َ ْ ِ ِ ْ‬ ‫م أقْ َ‬ ‫َ‬ ‫ب عََلى ك ُ ّ‬ ‫ه‪ ،‬وَهَ َ‬ ‫ما‬ ‫لأ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ما َ‬ ‫موهُ وَ َ‬ ‫ه كَ َ‬ ‫حدٍ فَإ ِن ّ ُ‬ ‫وا ِ‬ ‫جهُِلو ُ‬ ‫سك َُتوا عَ ّ‬ ‫عَل ِ ُ‬ ‫ذا هُوَ ال ْ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ه ب ِهِ فَك َذ َل ِ َ‬ ‫سئ ِ َ‬ ‫ب ال َْقوْ ُ‬ ‫ه‬ ‫ما َل ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫ما ُ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ل عَن ْ ُ‬ ‫ل ِفي َ‬ ‫ك يَ ِ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫ت عَ ّ‬ ‫كو ُ‬ ‫يَ ِ‬ ‫جاَء ِفي‬ ‫ه ِللّنا‬ ‫ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ه﴾‪ ،‬وَل ِ َ‬ ‫مون َ ُ‬ ‫س وََل ت َك ْت ُ ُ‬ ‫ه; لقوله تعالى ‪﴿ :‬ل َت ُب َي ّن ُن ّ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ما ي َعْل َ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫سئ ِ َ‬ ‫م‬ ‫ن ِ‬ ‫مْروِيّ ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ال َ‬ ‫م ي َوْ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ه أل ِ‬ ‫م ُ‬ ‫علم ٍ فَك َت َ َ‬ ‫ق‪َ ":‬‬ ‫ث ال َ‬ ‫ل عَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن طُر ٍ‬ ‫ن َناٍر") (‪.‬‬ ‫جام ِ ِ‬ ‫مةِ ب ِل ِ َ‬ ‫ال ِْقَيا َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ٌ‬ ‫وََقا َ‬ ‫ن بَ ّ‬ ‫حد ّث ََنا‬ ‫ج‬ ‫ل َ‬ ‫شارٍ َ‬ ‫م َ‬ ‫ريرٍ ‪َ :‬‬ ‫ن َ‬ ‫مؤ َ ّ‬ ‫حد ّث ََنا ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫حد ّث ََنا ُ‬ ‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫ل اب ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ل ‪َ :‬قا َ‬ ‫ن أ َِبي الّزَنادِ َقا َ‬ ‫ة‬ ‫ن عَّبا‬ ‫سيُر عََلى أْرب َعَ ِ‬ ‫س‪ :‬الت ّْف ِ‬ ‫سْفَيا ُ‬ ‫ُ‬ ‫ل اب ْ ُ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫جَهال َت ِ ِ‬ ‫مَها‪ .‬وَت َْف ِ‬ ‫ن ك ََل ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫ج ٍ‬ ‫حد ٌ ب ِ َ‬ ‫سيٌر َل ي ُعْذ َُر أ َ‬ ‫ه ال ْعََر ُ‬ ‫ه‪ :‬وَ ْ‬ ‫أو ْ ُ‬ ‫ه ت َعْرِفُ ُ‬ ‫ج ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ )(‬ ‫ه‬ ‫ماُء‪ .‬وَت َْف ِ‬ ‫وَت َْف ِ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫حان َ ُ‬ ‫ه ‪ .‬وََالل ّ ُ‬ ‫ه إّل الل ُ‬ ‫م ُ‬ ‫سيٌر َل ي َعْل َ ُ‬ ‫ه ال ْعُل َ َ‬ ‫م ُ‬ ‫سيٌر ي َعْل َ ُ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫)( ل يخلو المر من حالتين ‪:‬‬ ‫سئلت عنه هو آية أو حديث أو آثار مروية‬ ‫فيما‬ ‫فيه‬ ‫تتكلم‬ ‫الحال الولى ‪ :‬أن يكون ما‬ ‫ُ‬ ‫عن السلف ؛ فهذا هو العلم‪ ،‬لن العلم إما أن يكون آية محكمة‪ ،‬أو سنة عن النبي‬ ‫سئلت عنه ‪ -‬وأنت تعلمه ‪ -‬ولم‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬أو قول عن الصحابة ؛ فهذا إذا ُ‬ ‫ت يوم القيامة‪.‬‬ ‫ُتجب‪ ،‬أثم َ‬ ‫الحال الثانية ‪ :‬أن يكون ما تتكلم به‪ ،‬هو من الجتهاد والستنباط منك‪ ،‬فل يلزمك أن‬ ‫تتكلم‪ ،‬إذ المر فيه واسع‪ ،‬إذا لم يتعّين عليك الكلم فيه‪ ،‬ول إثم عليك‪.‬‬ ‫سئل عن علم فكتمه ألجمه‬ ‫إذا ً محل حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ‪" :‬من ُ‬ ‫الله بلجام من نار"‪ ،‬هو في ما كان من رواية ‪ :‬نقل آية أو حديث أو أثر ‪ ،‬لن هذا هو‬ ‫العلم‪ ،‬ويدخل في حكمه الجماع‪ ،‬أو القياس الذي صححه أهل العلم‪ ،‬تنقله للسائل‪،‬‬ ‫فهذا علم يحرم عليك كتمانه ‪.‬‬ ‫أما ما كان من الجتهاد غير المتعّين عليك؛ فليس من العلم الذي تأثم إذا كتمته‪ ،‬لن‬ ‫هذا اجتهاد ليس بعلم‪ ،‬ثم هو لم يتعين عليك ‪ ،‬فل نقول ‪ :‬إن أي شيء ُتسأل عنه أيها‬ ‫الطالب ‪ ،‬أيها العالم ‪ ،‬ينبغي لك أن تتكلم فيه ‪ ،‬وأنك إذا لم تتكلم فيه تدخل تحت‬ ‫قوله ‪" :‬من سئل عن علم فكتمه ‪ "...‬الحديث‪ ،‬لن هذا ليس بعلم‪ ،‬وإنما هو‬ ‫باجتهاد منك‪ ،‬بالظن أو الظن الراجح‪ ،‬لكن ليس من العلم المتّين إبلغه فيأثم‬ ‫الساكت عنه خاصة إذا أنت لست ممن تعّين عليه الفتاء‪ ،‬وبالتالي تعّين عليه الجتهاد‬ ‫فيما ُيسأل عنه ‪ ،‬أنت في مندوحة أن تدخل تحت طائلة ‪" :‬من أفتى بغير علم ‪"...‬‬ ‫أنت في مندوحة عن ذلك‪ ،‬ولست بداخل تحت‪" :‬من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله‬ ‫بلجام من نار"‪ ،‬لست بداخل تحت هذا ‪ ،‬لن الحديث تكلم عما هو علم ‪ ،‬والعلم هو ‪:‬‬ ‫آية محكمة‪ ،‬أو سنة نبوية صحيحة ‪ ،‬أو أثر عن السلف رضوان الله عليهم‪ ،‬من‬ ‫الصحابة والتابعين‪ ،‬ويدخل في حكم ما سبق ‪ :‬الجماع الصحيح المعتبر‪ ،‬أو القياس‬ ‫الصحيح المعتبر‪.‬‬ ‫)( قول ابن عباس رضي الله عنه أصل عظيم من أصول التفسير ‪ ،‬يقول التفسير‬ ‫على أربعة أنحاء ‪:‬‬ ‫العرب‪ ،‬أي ‪ُ :‬يعرف من كلم العرب‪ ،‬ومن دللتها‪ ،‬ومن‬ ‫يعلمه‬ ‫تفسير‬ ‫النوع الول ‪:‬‬ ‫لسانها‪ ،‬لن القرآن العظيم ُأنزل بلسان عربي مبين‪ ،‬فهذا النوع من التفسير ُيرجع‬ ‫فيه إلى كلم العرب‪ ،‬وهذه مقتضيات اللسان العربي‪.‬‬ ‫النوع الثاني ‪ :‬ل ُيعذر أحد بجهله‪ ،‬وهو ما يتعلق بمعرفة أحكام الدين‪ :‬الصلوات‪،‬‬ ‫منت المر بهذه العبادات الواجبة؛ وما يتعلق‬ ‫الزكاة‪ ،‬الصوم‪ ،‬الحج‪ ،‬فاليات التي تض ّ‬ ‫بوحدانية الله في ربوبيته‪ ،‬وألوهيته‪ ،‬وأسمائه وصفاته‪ ،‬ورسالة النبي ‪ ،‬وبلغه‬ ‫ودعوته‪ ،‬فإنه ل ُيعذر أحد بالجهل بها ‪ ،‬كل ما وجب على المسلم القيام به في عبادته‬ ‫إذا ما ُ‬ ‫ذكر في القرآن فإنه ل ُيعذر أحد بجهله‪.‬‬ ‫ل ُيعذر أحد بجهل ‪) :‬أقيموا الصلة(‪ ،‬لنه مطالب بالصلة في كل يوم وليلة خمس‬ ‫مرات‪ ،‬فإذا لم َيعرف كيف يقيم الصلة؛ فهو جهل ل ُيعذر به‪ ،‬لن هذا واجب ‪ ،‬ولذلك‬ ‫قال العلماء رحمهم الله‪ :‬ما تعّين على المسلم طلبه؛ فإن الجهل به ل يرفع عنه‬ ‫ت‪،‬‬ ‫أثم‬ ‫ت في تعّلم هذا الواجب عليك فقد‬ ‫َ‬ ‫صْر َ‬ ‫الثم‪ ،‬لنه واجب عليك أن تتعلم‪ ،‬فإذا ق ّ‬ ‫وجهلك ل يرفع عنك الثم‪.‬‬ ‫وهذا معنى ما جاء في الحاديث ‪ :‬أن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما شاهد رجل ً‬ ‫ت على هذه الصلة لمت على‬ ‫م ّ‬ ‫يصلي صلة ل ُيتم ركوعها ول سجودها ‪ ،‬فقال له‪ :‬لو ُ‬ ‫غير فطرة السلم‪ ،‬وهذا معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم ‪" :‬ارجع فص ّ‬ ‫ل‬ ‫فإنك لم تصل"‪ ،‬ولم يعذره بجهله‪ ،‬ل نقول‪ :‬هو جاهل‪ ،‬وصلته مثل ما يفعلها فربنا‬ ‫يقبلها‪ ،‬ل "ارجع فصل فإنك لم تصل"‪" ،‬ولو مت على هذا لمت على غير فطرة‬ ‫السلم"‪ ،‬يعني‪ :‬في هذا العمل‪ ،‬فالجهل ليس بعذر في عدم تعلم ما يجب عليك‪،‬‬ ‫أنت تعرف نفسك ل تحسن إقامة الصلة‪ ،‬ل تحسن إيتاء الزكاة‪ ،‬ل تحسن أحكام‬

‫‪doc.16310781 101‬‬

‫َ‬ ‫م‪.‬‬ ‫وَت ََعاَلى أعْل َ ُ‬

‫النكاح‪ ،‬ل تحسن أحكام الطلق‪ ،‬وأنت تحتاجها؛ فهو مما يجب عليك تعلمه‪ ،‬فقصورك‬ ‫فيه يلحقك فيه الثم‪ ،‬ما يعذرك الجهل‪ ،‬الجهل ل تعذر به‪ ،‬فإنك آثم‪ ،‬وواجب عليك أن‬ ‫تطلب العلم بهذه المور من الدين التي تحتاجها لتقيم شرع الله على نفسك‪،‬‬ ‫وتقصيرك أنت آثم فبه ‪ ،‬فإذا بذلت وسعك وطاقتك في الطلب‪ ،‬ومع ذلك ما وجدت‬ ‫فأنت هنا معذور‪ ،‬أما إذا لم تسع ولم تطلب العلم فأنت لست معذورا ً بالجهل‪ ،‬فهذا‬ ‫النوع من التفسير ل يعذر أحد بجهله‪ ،‬وهو ما يتعلق بتفسير القرآن الكريم‪] ،‬أصول‬ ‫العقيدة‪ ،‬وأركان السلم[ والمعاملت التي يحتاج المسلم إلى تعلمها‪.‬‬ ‫النوع الثالث ‪ :‬تفسير يعلمه العلماء‪ ،‬وهو تفسير اليات الخرى التي ل يعلمها عوام‬ ‫الناس‪.‬‬ ‫النوع الرابع ‪ :‬تفسير ل يعلمه إل الله‪ ،‬وهو ما يتعلق بكيفية صفاته‪ ،‬وحقيقة أمور‬ ‫الجنة والنار التي ذكرها الله عزوجل في القرآن العظيم‪.‬‬ ‫والقرآن الكريم ل يوجد فيه ما ل ُيعلم معناه‪ ،‬فمن قال ‪ :‬إن في القرآن شيء ل يعلم‬ ‫معناه فقد قال بقول أهل البدع ‪.‬‬ ‫ونّبه بعض أهل العلم إلى أن العبارة التي يذكرها بعض الناس في الحرف المقطعة‪،‬‬ ‫حيث يقولون‪" :‬الله أعلم بمراده منها"‪ ،‬بمعنى ‪ :‬أنه ل يبين معناها‪ ،‬قالوا ‪ :‬هذا تفسير‬ ‫الشاعرة‪ ،‬ليس تفسير أهل السنة والجماعة‪ ،‬فليس في القرآن ول في السنة ما ل‬ ‫زم منه أن يكون الله قد خاطب الناس بما ل ُيعلم معناه‪ ،‬ولزم‬ ‫ُيفهم معناه ‪ ،‬وإل ل‬ ‫منه تقصير الصحابة ِ في السؤال وطلب العلم بما خوطبوا به‪.‬‬ ‫فإن قيل ‪ :‬ما معنى قول ابن عباس في النوع الرابع ‪ :‬تفسير ل يعلمه إل الله ؟‬ ‫فالجواب ‪ :‬قال العلماء معناه ‪ :‬معرفة حقائق المور‪ ،‬وما أبهمه و أعلم أنه ل يعلمها‬ ‫إل هو‪ ،‬مثل ً ‪ :‬الستواء معلوم‪ ،‬لكن كيف الستواء؟ ما حقيقته؟ الله سميع بصير‪ ،‬كيف‬ ‫كل الكيفية إلى الله‪.‬‬ ‫سميع بصير؟ ما حقيقته؟ ليس كمثله شيء‪ُ ،‬تثبت المعنى وت َ ِ‬ ‫معرفة القيامة؛ لكن متى تقع وكيف؟ ل نعرف‪ .‬أمور الجنة والنار ‪ ،‬أمور من الشياء‬ ‫الغيبية التي ذكرها الله عز وجل في القرآن‪ ،‬فنحن نذكر معناها بحسب ما دل عليه‬ ‫كل حقيقتها إلى الله‪.‬‬ ‫الشرع‪ ،‬أو بحسب اللغة‪ ،‬أو ما اتفق عليه أهل العلم‪ ،‬ولكن ن َ ِ‬ ‫"وتفسير ل يعلمه إل الله"‪ ،‬وهو أحد‬ ‫فهذا النوع هو الذي أراده ابن عباس بقوله ‪:‬‬ ‫ل عَل َي ْ َ‬ ‫ذي أ َن َْز َ‬ ‫ت‬ ‫تفسير قول‬ ‫القولين‬ ‫ب ِ‬ ‫تعالى‪ّ ) :‬هُوَ ال ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ال ْك َِتا َ‬ ‫ما ٌ‬ ‫حك َ َ‬ ‫ت ُ‬ ‫ه آَيا ٌ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫اللهت فَأ َ‬ ‫فيب وأ ُ‬ ‫هُن أ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ما ت َ َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ذي‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ما‬ ‫ها‬ ‫ب‬ ‫شا‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫خ‬ ‫تا‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن ِّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫م َزي ْغٌ فَي َت ّب ُِعو َ‬ ‫ّ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫شاب َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫في ّقُلوب ِهِ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ه( )آل عمران‪(7:‬؛‬ ‫اب ْت َِغاَء ال ْ ِ‬ ‫ه إ ِل الل ُ‬ ‫م ت َأِويل ُ‬ ‫ما ي َعْل َ ُ‬ ‫فت ْن َةِ َواب ْت َِغاَء ت َأِويل ِهِ وَ َ‬ ‫من وقف عند قوله ‪) :‬إل الله( قال‪ :‬المراد بالتأويل ‪ :‬حقيقة الشيء‪ ،‬فل يعلم حقيقة‬ ‫وتعالى‪.‬‬ ‫المور إل الله سبحانه‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م( ‪ ،‬من وقف عند‬ ‫ن ِفي‬ ‫س ُ‬ ‫ه َوالّرا ِ‬ ‫خو َ‬ ‫ه إ ِل الل ُ‬ ‫م ت َأِويل ُ‬ ‫ما ي َعْل ُ‬ ‫ومن وصل قال ‪) :‬وَ َ‬ ‫التفسير العِل ِ‬ ‫وبيان المعنى‪ .‬فإذا كان‬ ‫المراد هنا بالتأويل ‪:‬‬ ‫)الراسخون في العلم( قال ‪:‬‬ ‫المراد بالتأويل حقيقة الشيء؛ يجب أن تقف على )وما يعلم تأويله إل الله(؛ لن هذا‬ ‫ل يعلمه إل الله‪.‬‬ ‫)والراسخون يقولون آمنا به كل من عند ربنا(‪ ،‬وهذا هو الراجح في هذا الموطن‪ ،‬أن‬ ‫الوقف عند لفظة الجللة‪.‬‬ ‫وعلى القول الثاني ‪ :‬أنك تقف عند )العلم(؛ فعليه يكون المراد بالتأويل ‪ :‬التفسير‬ ‫بمعنى بيان المعنى‪ ،‬ل حقائق الشياء‪ ،‬فهذا يعلمه الله ويعلمه الراسخون في العلم‪،‬‬ ‫لنه ل يوجد في القرآن ول في السنة ما ل يعلم معناه إل الله من حيث المعنى‪ ،‬أما‬ ‫من حيث الحقيقة فهناك أشياء ل يعلم حقيقتها إل الله‪ ،‬يكفي أن تعلم أنه ليس في‬ ‫الدنيا مما في الجنة مما سماه الله لنا إل السماء‪ ،‬إذا كنا أمور الجنة ل نعرف‬ ‫حقيقتها‪ ،‬فقط نعرف السماء‪ ،‬ومعانيها‪ ،‬يوجد فيها فاكهة وتفاح وعنب ‪ ،‬ولكن ل‬ ‫ندري ما حقيقته؛ فما بالك بالمور الخرى ‪.‬‬ ‫دمة في أصول التفسير(‪ ،‬وهو من‬ ‫)مق‬ ‫كتابه‬ ‫بهذا النص ختم شيخ السلم ابن تيمية‬ ‫ّ‬ ‫رد العجاز على الصدور‪.‬‬ ‫وبه ننتهي – والحمد لله أول ً وآخرا ً وظاهرا ً وباطنا ً – من شرح هذا الكتاب المبارك‬ ‫النافع الذي احتوى على جملة كبيرة من الصول‪ ،‬والتي دّلت على غزارة علم‬ ‫المصنف رحمه الله‪ ،‬خاصة إذا تذكرت أنه أّلفه في جلسة واحد بين الظهر والعصر‪،‬‬ ‫وأن هذه الرسالة اهتم بها العلماء الموافقون والمخالفون لبن تيمية‪ ،‬حتى إن بعض‬ ‫العلماء مثل السيوطي أوردها بكاملها في كتابه "التقان في علوم القرآن"‪ ،‬مفرقة‪،‬‬

‫‪doc.16310781 102‬‬

‫الصفح‬ ‫ة‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪38‬‬

‫ت‬ ‫ويا‬ ‫حت‬ ‫م‬ ‫ل ال‬ ‫دلي‬ ‫الموضــــــــــــــــــــوع‬

‫المقدمة‬ ‫نبذة مختصرة عن شيخ السششلم ابششن تيميششة رحمششه اللششه‬ ‫تعالى‬ ‫الششدرس الول‪ :‬تعريششف أصششول التفسششير ‪ -‬موضششوعه‪،‬‬ ‫مراحله‪.‬‬ ‫مقدمة المصنف‪ ،‬الدرس الثاني‬ ‫شروط قبول التفسير بالدرايشة ‪ -‬معنشى التفسشير‪ ،‬ششرح‬ ‫عبشششششششارة ) ليشششششششس كشششششششل مشششششششا صشششششششح لغشششششششة‬ ‫صح تفسيرا ً (‬ ‫الدرس الثالث عشر‬ ‫تفسير آيات المقدمة ‪ -‬قوله تعالى‪) :‬ومن أعرض عن‬ ‫ذكري‪ ،(..‬معاني العراض‬ ‫اليات الدالة على عذاب القبر في القرآن‬ ‫تفسير قوله تعالى‪) :‬قد جاءكم من الله نور‪ - (..‬وتفسير‬ ‫آية سورة إبراهيم‬ ‫أنواع الهداية ‪ -‬تفسير آية سورة الشورى‬ ‫الدرس الرابع – قاعدة ‪ :‬الرسول صلى الله عليه وسلم‬ ‫سر لصحابه جميع القرآن‬ ‫ما مات حتى ف ّ‬ ‫الدلة على هذه القاعدة‬ ‫ما ينبني على هذه القاعدة – التفسير نوعان‬ ‫القاعدة الثانية‪ :‬خلف السلف في التفسير قليل‬ ‫الفرق بين صفات الذات وصفات الفعل‬ ‫الدرس الخامس‪ :‬التعريف بالمثال‬ ‫صيغ تعبير السلف عن سبب النزول – العبرة بعموم‬ ‫اللفظ ل بخصوص السبب ‪ :‬معناه وضابطه‬ ‫فائدة معرفة سبب النزول‬ ‫أهمية تفسير ) زاد المسير لبن الجوزي (‬ ‫صيغ سبب النزول – إذا جاء ت عبارات صريحة واختلفوا‬ ‫في السبب – هل يصح القول بتكرار نزول القرآن‬

‫وابن كثير أورد جملة كبيرة منها في مقدمة تفسيره "تفسير القرآن العظيم"‪،‬‬ ‫والحقيقة أنها احتوت من الصول المتعلقة بالتفسير مع التدقيق والتحرير‪ ،‬ما ل تجده‬ ‫في كتاب‪ ،‬فسبحان الله الوهاب‪ ،‬وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه‬ ‫وسلم‪.‬‬ ‫)ددددد ددد ددددد دددددد ددد(‬ ‫)ددد ددددد ددد ددد دددددد ددددددد دددددد ددد دددد دددددد ددد‬ ‫دددددددد(‬

‫‪doc.16310781 103‬‬ ‫اللفاظ في اللغة على أنواع‬ ‫‪40‬‬ ‫الدرس السادس‬ ‫‪42‬‬ ‫سر إعجاز اللفظ القرآني‬ ‫‪43‬‬ ‫تضمين الفعل معنى الفعل – هل يوجد في اللغة حروف‬ ‫‪44‬‬ ‫تنوب عن بعضها‬ ‫قاعدة ‪ :‬في جمع عبارات السلف‬ ‫‪48‬‬ ‫الختلف نوعان ‪ :‬تنوع وتضاد‬ ‫‪49‬‬ ‫الدرس السابع‪ :‬الختلف في التفسير على نوعين –‬ ‫‪50‬‬ ‫الختلف المستند على النقل‬ ‫قاعدة ‪ :‬في المبهمات في القرآن‬ ‫‪51‬‬ ‫أخبار أهل الكتاب على ثلثة أقسام‬ ‫‪52‬‬ ‫خطورة القول بأن بعض الصحابة يأخذ بالسرائيليات‬ ‫‪53‬‬ ‫مطلقا ً‬ ‫المنقول في التفسير على نوعين‬ ‫‪54‬‬ ‫هل يرد خبر الفاسق مطلقا ً ؟‬ ‫‪56‬‬ ‫ضوابط قبول القصص والخبار‬ ‫‪57‬‬ ‫الدرس الثامن‪ :‬تقوية الحديث الضعيف بتعدد طرقه‬ ‫‪59‬‬ ‫الكلم عن قبول خبر الواحد والرد على المخالفين من‬ ‫‪62‬‬ ‫أهل البدع فيه‬ ‫قاعدة شريفة في الرجوع في أي علم لهله‬ ‫‪64‬‬ ‫الدرس التاسع‪ :‬الحكم على الحديث ل يتوقف على مجرد‬ ‫‪67‬‬ ‫السند‬ ‫الكلم على الثعلبي والواحدي والبغوي وكتبهم‬ ‫‪68‬‬ ‫مسألة الجهر بالبسملة‬ ‫‪69‬‬ ‫الدرس العاشر‪ :‬الختلف المستند على الستدلل –‬ ‫ضابط التفسير بالمأثور – الفرق بين كتب التفسير‬ ‫‪70‬‬ ‫بالمأثور وكتب التفسير بالرأي‬ ‫خطورة التفسير باللغة فقط‬ ‫‪71‬‬ ‫أحوال المفسرين الذين حملوا النصوص على ما‬ ‫‪72‬‬ ‫يعتقدونه‬ ‫الفرق بين إعجاز السنة وإعجاز القرآن‬ ‫‪73‬‬ ‫حال طالب العلم مع كتب أهل البدع‬ ‫‪74‬‬ ‫أصول المعتزلة الباطلة‬ ‫‪75‬‬ ‫نماذج من تفاسير أهل البدع‬ ‫‪77‬‬ ‫قاعدة مهمة‪ :‬إذا اختلف الصحابة في مسألة فهل يجوز‬ ‫‪78‬‬ ‫إحداث قول خارج عن أقوالهم‬ ‫الدرس الحادي عشر‪ :‬ليس لحد أن يفسر القرآن أو‬ ‫‪80‬‬ ‫الحديث على غير تفسير الصحابة والتابعين‬

‫‪doc.16310781 104‬‬ ‫مثارات الختلف في التفسير‬ ‫‪80‬‬ ‫أقسام الناس في التفسير‬ ‫‪81‬‬ ‫الجمال على معنيين‬ ‫‪82‬‬ ‫أحسن طرق التفسير‬ ‫‪83‬‬ ‫السنة مثل القرآن في التشريع‬ ‫‪84‬‬ ‫هل تلقي العلماء للحديث بالقبول يفيد ثبوته ؟‬ ‫‪86‬‬ ‫الدرس الثاني عشر‪ :‬ما المقصود بالفقه في الدين ؟ ‪-‬‬ ‫‪88‬‬ ‫الفرق بين التأويل والتفسير‬ ‫الضوابط في حكاية الخلف‬ ‫‪92‬‬ ‫الدرس الثالث عشر‪ :‬كلم التابعين في التفسير‬ ‫‪93‬‬ ‫نزول القرآن على سبعة أحرف‬ ‫‪94‬‬ ‫تفسير القرآن بالرأي المجرد حرام‬ ‫‪95‬‬ ‫الدرس الرابع عشر والخير‪ :‬مراعاة السياق والسباق‬ ‫‪99‬‬ ‫في التفسير‬ ‫شرح حديث‪ ) :‬من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من‬ ‫‪100‬‬ ‫نار ‪( . . .‬‬ ‫قاعدة ‪ :‬قول ابن عباس ‪ ) :‬التفسير على أربعة‬ ‫‪101‬‬ ‫أنحاء ‪ ( ...‬وشرحه‬ ‫الخششششششششششششششاتمة‬ ‫‪101‬‬

Related Documents

Umar Bin Abdul Aziz
June 2020 43
Nasab Umar Bin Khattab
December 2019 34
Umar Bin Abdul Aziz
October 2019 60
Umar Bin Abdul Aziz
December 2019 36

More Documents from "mazni"