الوسيط-أسماء الله الحسنى جلالها ولطائف اقترانها وثمراتها.pdf

  • Uploaded by: Mohamad Razif
  • 0
  • 0
  • April 2020
  • PDF

This document was uploaded by user and they confirmed that they have the permission to share it. If you are author or own the copyright of this book, please report to us by using this DMCA report form. Report DMCA


Overview

Download & View الوسيط-أسماء الله الحسنى جلالها ولطائف اقترانها وثمراتها.pdf as PDF for free.

More details

  • Words: 60,859
  • Pages: 295
‫السلسلة الذهبية يف شرح أمساء اهلل احلسنى العلية (‪)2‬‬

‫> الوسيط <‬

‫أمساء اهلل احلسنى‬ ‫ٰ‬

‫جاللُها ولطائف اقرتانها ومثراتُها‬ ‫يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫تقديم وتقريظ‬ ‫فضيلة الشيخ العالمة حمدث العصر‬ ‫شعيب األرنؤوط‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬حممد عبد الرزاق الطبطبائي‬

‫أ‪ .‬د‪ .‬بسام خضر الشطي‬

‫عميد كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية السابق جبامعة الكويت‬

‫رئيس قسم العقيدة والدعوة بكلية الشريعة جبامعة الكويت‬

‫د‪ .‬عثمان حممد اخلميس‬

‫الشيخ حاي عمر احلاي‬

‫تأليف‬

‫ماهر مقدم‬ ‫>عرضت هذه األمساء كلها على املفيت العام للمملكة العربية السعودية‬

‫مساحة الشيخ ‪ /‬عبد العزيز آل الشيخ حفظه اهلل ورعاه فأجازها<‬

‫‪C‬‬

‫ا‬ ‫إال ملن أراد طبعه‪ ،‬وتوزيعهه انًهن‬ ‫بدون حذف‪ ،‬أو إضهنة‪ ،،‬أو تييهر‬ ‫ا‬ ‫هههرا‬ ‫ةلهههه ‪ ،‬ههها‪ ،‬وهللهههًا ا‬

‫الطبعة اخلامسة والثالثون‬ ‫‪2014‬م ـ ‪1436‬ـه‬ ‫مزيدة ومنقحة‬

‫احلمد‬

‫‪ ،‬وا صالة وا سالم ىلع رسول ا ‪ ،‬وبعد‪:‬‬

‫إ واين وأ وايت‪ ...‬هذا ا كتنب اذلي بني أيديكم‪، ،‬و شأن عظيم‬ ‫َّ‬ ‫ََ‬ ‫ا‬ ‫َّ‬ ‫وكبر‪ ،‬إًه ا كتنب اذلي أثر ىلع حينيت وغر مسنرهن‪ ،‬وقلبهن تمنمن‪ ،‬ةقد‬ ‫مقِّصا يف حقوق ريب عً وهللل‪ ،‬ولكن و احلمد أوالا وأ ا‬ ‫كنت اغةالا ر ا‬ ‫را‪،‬‬

‫ثم هلذا العمل العجيب ا كبر يف هذا ا كتنب كتب ا تعنىل يل اهلداي‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫بنتلربع بطبنعته وتوزيعه ىلع انلنس‪ ،‬حىت ي َروا‬ ‫واإلًنب‪ ،،‬وهلذا ةقد رغبت‬ ‫َّ‬ ‫ويتذوقوا حالوة من ةيه من املعنين اجلميل‪ ،،‬واثلمرات اجلليل‪ ،،‬ومن لطنئف‬

‫سهل وبسيط‪ ،‬يستفيد منه اجلميع‪ ،‬لعل ا‬ ‫االقرتان‪ ،‬من رشح ٍ‬

‫يهدي به اتلنئهني كمن كتب يل اهلداي‪ ،‬سبحنًه‪.‬‬

‫تعنىل أن‬

‫وإًين آمل أن ينترش بني ماليني املسلمني‪ ،‬كمن اًترش كتنب (حصن‬

‫املسلم)‪ ،‬ألن ةيه أىلع وأعظم األسمنء يف ا وهللود‪ ،‬وقد كتبت هذ املقدم‪،،‬‬ ‫ر‬ ‫حىت أشجع إ واين ليشنركوين يف نرش هذا العمل العظيم‪ ،‬وإًين أشكر اإل وة‬ ‫يف مكتب‪ ،‬اذلهيب أصحنب حقوق نرش ا كتنب ىلع مواةقتهم ىلع هذ‬ ‫ا‬ ‫را‬ ‫الطبع‪ .،‬وهللًاكم ا‬

‫ﺍ‬ ‫( ةنعل ر )‬

‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫قنل ‘‪> :‬إِن‬

‫ه‬ ‫الل‬ ‫َ‬ ‫القي ه‬ ‫وم‬ ‫َه ه‬ ‫الودود‬ ‫َ‬ ‫القا ِد هر‬ ‫َ‬ ‫األ َح هد‬

‫َ ه‬ ‫المالِك‬ ‫ك ه‬ ‫يم‬ ‫احل َ ِ‬

‫ابلص ه‬ ‫ي‬ ‫َ ِ‬ ‫هم‬ ‫المؤ ِم هن‬ ‫َّ ه ه‬ ‫الرؤوف‬ ‫َّ ه‬ ‫ازق‬ ‫الر ِ‬ ‫ه‬ ‫الم َص ِو ِر‬ ‫َّ‬ ‫الشا ِك هر‬ ‫َ ه‬ ‫األ َّول‬ ‫احلَق‬ ‫المق ه‬ ‫ه‬ ‫يت‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫القابِ هض‬ ‫الرف ه‬ ‫يق‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ‬ ‫السيِ هد‬ ‫السب ه‬ ‫وح‬

‫َ ا َّ‬ ‫ا َ ْ َ َ َ َ‬ ‫ْ َا َ ْ َ ْ ا‬ ‫ني اسمن‪ ،‬مِنئ‪ ،‬إِال َواحِدا‪ ،‬من ح ِفظهن د‬ ‫ِ ت ِسع‪ ،‬وت ِس ِع‬

‫َّ‬ ‫الرب‬ ‫َ‬ ‫الع ِل‬ ‫َ‬ ‫الغ هف ه‬ ‫ور‬ ‫َ‬ ‫الق ِد ه‬ ‫ير‬ ‫َ‬ ‫القر ه‬ ‫يب‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫الص َم هد‬ ‫َ‬ ‫العظ ه‬ ‫يم‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫القا ِـه هر‬ ‫َ‬ ‫الّب‬

‫اتل َّو ه‬ ‫َّ‬ ‫اب‬ ‫ه‬ ‫القد ه‬ ‫وس‬ ‫َّ َ‬ ‫السَّل هم‬ ‫َّ ه‬ ‫ك ه‬ ‫ور‬ ‫الش‬ ‫اآلخ هر‬ ‫ِ‬ ‫المب ه‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫انلص ه‬ ‫ي‬ ‫َّ ِ‬

‫َ‬ ‫اس هط‬ ‫ابل ِ‬ ‫احل َ ِي‬ ‫َّ‬ ‫الش ِاف‬ ‫َ‬ ‫احلَك هم‬

‫الر م َ‬ ‫َّ‬ ‫ْح هن‬ ‫َ مَ‬ ‫األْع‬ ‫َ‬ ‫الغ َّف ه‬ ‫ار‬

‫هم‬ ‫المقتَ ِد هر‬ ‫المج ه‬ ‫ه‬ ‫يب‬ ‫ِ‬ ‫احلَم ه‬ ‫يد‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الق ِوي‬ ‫َ‬ ‫الق َّه ه‬ ‫ار‬ ‫َ‬ ‫الو ِل‬ ‫احلَل ه‬ ‫يم‬ ‫ِ‬ ‫اخلَا ِل هق‬ ‫َ‬ ‫اس هع‬ ‫الو ِ‬ ‫َ‬ ‫العل ه‬ ‫يم‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫الظا ِـه هر‬ ‫َ‬ ‫الف َّت ه‬ ‫اح‬ ‫الرق ه‬ ‫يب‬ ‫َّ ِ‬ ‫هَ ِ‬ ‫المقد هم‬ ‫َّ ه‬ ‫ادليَّان‬ ‫هم‬ ‫المع ِطي‬ ‫اجل َ َو ه‬ ‫اد‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪ )1‬صحيح ابلخاري (‪.)6410‬‬

‫‪4‬‬

‫الر ِح ه‬ ‫َّ‬ ‫يم‬ ‫ه‬ ‫المتَ َعال‬ ‫َ‬ ‫العز ه‬ ‫يز‬ ‫ِ‬ ‫َه‬ ‫العفو‬

‫َ ه‬ ‫الم ِلك‬ ‫المج ه‬ ‫َ‬ ‫يد‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫المت ه‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫الو َّـه ه‬ ‫َ‬ ‫اب‬ ‫َ َ‬ ‫الم مول‬ ‫َّ‬ ‫الشه ه‬ ‫يد‬ ‫ِ‬ ‫َّ ه‬ ‫اخلََّلق‬ ‫َّ ه‬ ‫الل ِطيف‬ ‫احلَف ه‬ ‫يظ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫اط هن‬ ‫ابل ِ‬ ‫اخلَب ه‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫َ ه‬ ‫ارث‬ ‫الو ِ‬ ‫ه َ هِ‬ ‫المؤخر‬

‫ه م‬ ‫المح ِس هن‬ ‫الطيِ ه‬ ‫َّ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫الوت هر‬ ‫ِ‬

‫َ َل َ‬ ‫اجل َّن َ‪<،‬‬

‫َ‬ ‫الح‬ ‫َ‬ ‫الكر ه‬ ‫يم‬ ‫ِ‬ ‫َ ه‬ ‫اجل ِميل‬ ‫َ‬ ‫اح هد‬ ‫الو ِ‬

‫َ ه‬ ‫الم ِليك‬ ‫َ‬ ‫الغ ِن‬ ‫السم ه‬ ‫َّ‬ ‫يع‬ ‫ِ‬ ‫هَ َ‬ ‫كِه‬ ‫ّب‬ ‫المت‬

‫اجل َ َّب ه‬ ‫ار‬ ‫َّ ه‬ ‫الر َّزاق‬ ‫َ ه‬ ‫ارئ‬ ‫ابل ِ‬ ‫َ‬ ‫الكب ه‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫َ م‬ ‫األك َر هم‬ ‫ه‬ ‫الم َهيم ِم هن‬ ‫َ ه‬ ‫الو ِكيل‬

‫احلَس ه‬ ‫يب‬ ‫ِ‬ ‫َ َّ ه‬ ‫المنان‬ ‫ِ‬ ‫الستِ ه‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫الم َس ِع هر‬ ‫اإل هل‬ ‫ِ‬

‫(‪)1‬‬

‫‪‬‬

‫تقديم فضيلة الشيخ العالمة الفقيه حمدث العصر‬

‫احلمد لل‪َّ ،‬‬ ‫والصَّلة َّ‬ ‫والسَّلم ْع رسول الل‪ ،‬وبعد‪:‬‬ ‫فقد أخرج اإلمام ابلخاري رْحه الل ف >صحيحه< (‪،)2736‬‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫لل ت ِ مس َعة‬ ‫من حديث أيب ـهريرة ~‪ ،‬أن رسول الل ‘ قال‪> :‬إن ِ‬ ‫م َ م ً َ ً َّ‬ ‫َّ َ‬ ‫م َ َ َ َ‬ ‫ً‬ ‫واحدا َم من أح َصاـها دخل اجلَنة<‪ ،‬وقد اختلف‬ ‫وتِس ِعي اسما ِمائة إَّل ِ‬ ‫ه‬ ‫وفهم‬ ‫أـهل العلم ف معىن اإلحصاء‪ ،‬واجلامع فيها‪ :‬إحصاء ألفاظها‪،‬‬

‫معانيها‪ ،‬واتلعبد والعمل بمقتضاـها‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫وقد ألف كثي من العلماء ف ـهذا احلديث‪ ،‬وتتبعوا إحصائها‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫تتضمن من الفوائد العلمية‬ ‫ف أدلة الكتاب والسنة الصحيحة‪ ،‬وما‬ ‫َّ‬ ‫والرتبوية‪َّ ،‬‬ ‫ه‬ ‫وقفت ْع تصنيفه مؤخ ًرا األستاذ ماـهر املقدم ف‬ ‫وممن‬

‫كتابه املوسوم‪> :‬الوسيط< >أسماء الل احلسىن‪ ،‬جَّلهلا ولطائف‬ ‫ً‬ ‫اقرتانها وثمراتها ف ضوء الكتاب والسنة< وقد قرأ ع َّ‬ ‫كثيا منه‬ ‫ل‬

‫صاحيب الشيخ ادلكتور حممد بن يوسف اجلوراين جزاه الل ً‬ ‫خيا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫فوجدت املؤلف قد سار ف كتابه ْع تبيان اَّلسم ومعناه ف اللغة‪،‬‬ ‫ومعناه الرشيع‪ ،‬ودَّلئل ذلك‪ ،‬وفوائد اقرتانها ف كتاب الل تعاىل؛ ثم‬ ‫‪5‬‬

‫‪‬‬

‫ً ِ‬ ‫َّ‬ ‫يلتعبد الل‬ ‫إيضاحا للك مسلم؛‬ ‫لطائف معانيها وثمراتها؛ مما يزيدـها‬ ‫ِ ً‬ ‫بة ل حنو الل َّ‬ ‫وادلار اآلخرة اليت‬ ‫تعاىل بها ْع بصية‪ ،‬وتكون مقر‬ ‫َّ‬ ‫أعدـها الل تعاىل للمتقي‪.‬‬ ‫وقد َّ‬ ‫تمَّي كتاب األستاذ ماـهر وفقه الل‪ ،‬أن اعتمد ْع ما َّ‬ ‫صح‬ ‫ف ابلاب‪ ،‬ثم أضىف ذللك ما اختاره من أقوال أـهل العلم ف رشح ـهذه‬

‫األسماء والصفات‪ ،‬وقد سار فيها ْع منهج أـهل السنة واجلماعة‪،‬‬ ‫َ َ ه‬ ‫لم مسلك اذلي‬ ‫ومعتقد السلف الصالح ف األسماء والصفات‪ ،‬وـهو ا‬ ‫َّ‬ ‫أحقيته وصوابه حبمد الل تعاىل‪.‬‬ ‫نعتقد‬ ‫َّ‬ ‫وقد وفق الل تعاىل األستاذ املقدم ف كتابه‪ ،‬فتوالت طبعاته ف‬

‫َّ‬ ‫مدة يسية‪ ،‬وأرجو الل أن يكون ـهذا من اعجل برشى املؤمن؛ ف‬

‫اَّلنتفاع واَّلستفادة مما كتب‪ ،‬وإين أحثه أن يواصل نشاطه العليم‬ ‫َّ‬ ‫ه ِ‬ ‫ويقدم للناس ما ـهو نافع ماتع لإلسَّلم واملسلمي‪ ،‬وإين أويص لك‬ ‫مسلم ومسلم ٍة ف قراءة ـهذا الكتاب املبارك إن شاء الل‪ ،‬ف ابليوت‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫واملساجد‪ ،‬واجللسات اإليمانية‪.‬‬

‫واحلمد اذلي بنعمته ُّ‬ ‫تتم ا صنحلنت‬ ‫َّ‬ ‫ر‬ ‫وصىل ا وسلم ىلع ًبينن حممد وىلع آهل وصحبه أمجعني‬

‫‪6‬‬

‫‪‬‬

‫تقديم األستاذ الدكتور‬ ‫حممد السيد عبد الرزاق السيد إبراهيم الطبطبائي‬

‫حفظه اهلل(‪)1‬‬

‫احلمد لل رب العاملي‪ ،‬والصَّلة والسَّلم ْع نبينا حممد وْع‬

‫آل وصحبه أمجعي‪ ،‬أما بعد‪:‬‬

‫فإن الغاية من خلق اإلنسان يه عبادة الل وحده َّل رشيك ل‪،‬‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ} [اذلاريات]‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫وَّل يتحقق اإليمان إَّل بمعرفة اخلالق تبارك وتعاىل‪ ،‬ولكما ازدادت‬ ‫معرفة اإلنسان بربه‪ ،‬زادت خشيته ل‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯞ ﯟ ﯠ‬

‫ﯡ ﯢ ﯣ } [فاطر‪ ،]28 :‬ومن معرفة الل تعاىل تعلم أسمائه‬ ‫َّ‬ ‫احلسىن‪ ،‬فقد ورد ف احلديث املتفق عليه‪ ،‬عن أيب ـهريرة ~‪ ،‬أن‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫رسول الل ‘ قال‪> :‬إن تسع‪ ،‬وتسعني اسمن‪ ،‬منئ‪ ،‬إال واحدا‪ ،‬من‬ ‫أحصنهن د ل اجلن‪ ،<،‬ويه لكها أسماء لل تعاىل‪ ،‬والل ـهو اسمه‬

‫األعظم‪ ،‬وإيله ينسب إيله لك اسم‪ ،‬فيقال‪ :‬الرؤوف والكريم من‬

‫أسماء الل تعاىل‪ ،‬وَّل يقال‪ :‬من أسماء الرؤوف أو الكريم الل‪.‬‬

‫قال انلووي‪" :‬واتفق العلماء ْع أن ـهذا احلديث ليس فيه‬

‫حرص ألسمائه سبحانه وتعاىل‪ ،‬فليس معناه‪ ،‬أنه ليس ل أسماء غي‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ـهذه املقدمة للطبعة األول‪ ،‬قبل أن تزيد اإلضافات الكثية ف ـهذه الطبعة اليت بلغت نصف تلك الطبعة‪.‬‬

‫‪7‬‬

‫‪‬‬ ‫ـهذه التسعة والتسعي‪ ،‬وإنما مقصود احلديث أن ـهذه التسعة‬

‫والتسعي‪ ،‬من أحصاـها دخل اجلنة بإحصائها‪َّ ،‬ل اإلخبار حبرص‬

‫اسم سميت به‬ ‫األسماء‪ ،‬وهلذا جاء ف احلديث اآلخر‪> :‬أسأ ا بكل ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ًفسا‪ ،‬أو استأثرت به يف علم الييب عندك<‪ ،‬وعلة كونها مائة إَّل‬ ‫م‬ ‫واحدة‪ ،‬ألن الل ِوتر‪ ،‬حيب الوتر‪ ،‬قال انلووي‪ :‬ومعناه ف حق الل‬ ‫تعاىل الواحد اذلي َّل رشيك ل وَّل نظي‪ ،‬ومعىن حيب الوتر‪ ،‬تفضيل‬ ‫الوتر ف األعمال‪ ،‬وكثي من الطااعت‪.‬‬

‫واختلف العلماء ف معىن‪> :‬أحصنهن<‪ ،‬فقيل‪ :‬أي‪ :‬حفظها‪،‬‬ ‫وقيل‪ :‬أي‪َّ :‬‬ ‫مَّي بعضها عن بعض‪ ،‬وقيل‪ :‬أي‪ :‬أطاقها بأحسن املرااعة‬ ‫ّ‬ ‫هلا‪ ،‬واملحافظة ْع ما تقتضيه‪ ،‬وصدق بمعانيها‪ ،‬وقيل‪ :‬أي‪ :‬عمل بها‪،‬‬

‫وقيل غي ذلك‪ ،‬والراجح األول‪.‬‬

‫وحنن أمام كتاب جامع لطيف‪ ،‬لألخ الشيخ ماـهر بن مقدم‪،‬‬

‫بارك الل تعاىل ل ف علمه‪ ،‬وحرصه ْع مجع الفوائد ف علم‬ ‫َّ‬ ‫العقيدة‪ ،‬وقد أورد فيه ما ترجح دليه ف بابه‪ ،‬وـهو نافع ف موضوعه‪،‬‬

‫قدمه بأسلوب مبسط وسلس‪ ،‬فجزاه الل خي اجلزاء‪ ،‬ونفع الل‬

‫تعاىل بعلمه آمي‪ .‬واحلمد لل رب العاملي‪.‬‬

‫ً‬ ‫عميد لكية الرشيعة وادلراسات اإلسَّلمية ـ جامعة الكويت سابقا‬ ‫ورئيس املؤتمر ادلول للقضايا اإلسَّلمية املعارصة‬

‫أ‪ .‬دحممد السيد عبد الرزاق الطبطبائي‬ ‫‪8‬‬

‫‪‬‬ ‫تقديم األستاذ الدكتور‬

‫بسام الشطي حفظه اهلل‬

‫(‪)1‬‬

‫احلمد لل رب العاملي‪ ،‬والصَّلة والسَّلم ْع إمام املرسلي‪،‬‬

‫وبعد‪:‬‬

‫فإن كتاب >أسمنء ا‬

‫ُ‬ ‫احلس ٰ‬ ‫ىن هللالهلن وثمراتهن يف ضوء‬

‫ا كتنب وا سن‪ <،‬لألخ الشيخ ماـهر مقدم‪ ،‬إضافة جديدة للمكتبة‬ ‫اإلسَّلمية‪ ،‬وتظهر أـهميته من خَّلل العلم بأسماء الل تعاىل‪ ،‬ألنه‬ ‫أصل ف لك علم ومنشؤه‪ ،‬ووسيلة جليلة إىل اغية نبيلة‪ ،‬يتعرف‬ ‫ً‬ ‫ونّباسا هلم ف حياتهم‪ ،‬فاإليمان‬ ‫العباد ْع ربهم جل جَّلل‪،‬‬

‫باألسماء والصفات من غي تعطيل‪ ،‬وَّل تشبيه‪ ،‬وَّل تمثيل‪ ،‬وَّل تأويل‬ ‫فاسد‪ ،‬ـهو مفتاح دعوة الرسل‪ ،‬وزبدة رساتلهم‪ ،‬ومطلب نبوتهم‬ ‫هم‬ ‫وي َّ‬ ‫عليهم السَّلم‪ ،‬والل عز وجل حيب أن هحيمد‪ ،‬ه‬ ‫ويثىن عليه‬ ‫مجد‪،‬‬

‫بما ـهو أـهله‪ ،‬وأحب احلمد واملجد ذكر سبحانه وتعاىل بأسماء مجال‪،‬‬

‫وصفات كمال‪ ،‬ونعوت جَّلل‪ ،‬فحقيقة توحيد األسماء والصفات‬ ‫يه‪ :‬اإليمان واتلصديق اجلازم بانفراد الل سبحانه وتعاىل‪ ،‬جبميع ما‬ ‫سَّم به نفسه‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫وسماه به رسول ‘ من األسماء احلسىن‪ ،‬وجبميع ما‬ ‫ً‬ ‫وصف به نفسه‪ ،‬ووصفه به رسول ‘ من الصفات العىل‪ ،‬إثباتا‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ـهذه املقدمة للطبعة األول‪.‬‬

‫‪9‬‬

‫‪‬‬

‫ً‬ ‫ونفيًا‪ ،‬إثباتا بَّل تمثيل‪ ،‬ونفيًا بَّل تعطيل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ َ‬ ‫َّ‬ ‫بصحة‬ ‫وقت شكك فيه املشككون‬ ‫جاء ـهذا الكتاب ف‬ ‫ٍ‬

‫األسماء‪ ،‬وعدم فهم معانيها‪ ،‬وقلة اَّلرتباط العقدي فيها‪ ،‬وذللك قال‬

‫ابن القيم رْحه الل‪" :‬لك من ل مسكة من عقل يعلم‪ :‬أن فساد العالم‬ ‫وخرابه‪ ،‬إنما نشأ من تقديم الرأي ْع الويح‪ ،‬واهلوى ْع العقل‪ ،‬وما‬

‫قلب إَّل استحكم ـهَّلكه‪،‬‬ ‫استحكم ـهذان األصَّلن الفاسدان ف ٍ‬ ‫َّ‬ ‫أمة إَّل فسد أمرـها َّ‬ ‫أتم فساد‪ ،‬فَّل إلـه إَّل الل‪ ،‬كم نيف بهذه‬ ‫وَّل‬ ‫ه‬ ‫اآلراء من حق‪ ،‬وأثبت بها من باطل‪ ،‬وأميت بها من ـهدى‪ ،‬وأحي بها‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫من ضَّللة‪ ،‬وكم ـه ِد َم بها من معقل اإليمان‪ ،‬وع ّمر بها من دين‬ ‫َّ‬ ‫املتصف بالكمال‪َّ ،‬‬ ‫املزنه عن لك عيب‬ ‫الشيطان" فالل سبحانه وتعاىل‬ ‫َّ‬ ‫ومثال‪ ،‬قد سهل ْع عباده طريق اهلدى‪ ،‬وقطع املعذرة‪ ،‬وإزاحة العلة‪،‬‬ ‫والشبهة‪ ،‬فقال جل جَّلل‪{ :‬ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬

‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ} [األنفال]‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫فشكرا للشيخ أيب عبد الرْحن ْع ما قدم‪ ،‬ووفقه الل تعاىل‬ ‫َّ‬ ‫وسدد خطاه‪ ،‬واحلمد لل رب العاملي‪.‬‬

‫كتبه أ‪ .‬د‪ .‬بسام الشطي‬ ‫رئيس قسم العقيدة وادلعوة‬

‫بكلية الرشيعة ـ جامعة الكويت‬

‫اخلميس ‪ 1430/10/12‬ـه ــ ‪2009/10/1‬م‬

‫‪10‬‬

‫‪‬‬

‫تقديم الشيخ‬

‫حاي بن سامل احلاي‬

‫حفظه اهلل(‪)1‬‬

‫بسم الل‪ ،‬واحلمد لل‪ ،‬والصَّلة والسَّلم ْع رسول الل وآل‬

‫وسلم‪.‬‬

‫أما بعد‪ :‬فقد قرأت كتاب األخ الفاضل أيب عبد الرْحن ماـهر‬ ‫نافعا ً‬ ‫مقدم‪ ،‬فألفيته كتابًا ً‬ ‫ماتعا‪ ،‬قد مجع مؤلفه حفظه الل أسماء الل‬

‫احلسىن اثلابتة اليت أربت ْع تسعة وتسعي ً‬ ‫اسما من أسماء الرب‬ ‫ً‬ ‫جهدا ً‬ ‫طيبا جزاه الل ً‬ ‫خيا‪ ،‬ف مجع أسماء‬ ‫العظيم‪ ،‬ولقد بذل املؤلف‬ ‫ً‬ ‫الل عز وجل‪ ،‬وكتابه قد حوى هد ً‬ ‫ررا ونقوَّل من بعض العلماء‪ ،‬ف‬

‫رشح وبيان أسماء الل عز وجل‪ ،‬ومما يمَّي كتاب أخينا ماـهر جزاه‬ ‫خيا‪ ،‬أنه حرص ْع أن يورد ف كتابه ما َّ‬ ‫الل ً‬ ‫صح عن انليب ‘‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫صنعا‪ ،‬بأن ذكر الفوائد‬ ‫وجتنب الضعيف‪ ،‬وقد أحسن املؤلف‬ ‫الرتبوية‪ ،‬والفرائد اإليمانية‪ ،‬ف معرفة الل تعاىل‪.‬‬

‫َّ‬ ‫وإن العلم بأسماء الل وصفاته علم مبارك‪ ،‬ل فوائد عدة‪ ،‬منها‪:‬‬

‫(‪ )1‬أن ـهذا العلم أرشف العلوم‪ ،‬وأفضلها وأعَّلـها‪.‬‬ ‫(‪ )2‬أن معرفة الل والعلم به تدعو إىل حمبته وتعظيمه‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ـهذه املقدمة للطبعة األول‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫‪‬‬ ‫(‪ )3‬أن الل تعاىل حيب أسماءه وصفاته‪ ،‬وحيب ظهور آثارـها ف‬

‫خلقه‪.‬‬

‫َّ‬ ‫(‪ )4‬أن الل خلق اخللق وأوجدـهم من العدم‪ ،‬وسخر هلم ما ف‬

‫السماوات وما ف األرض يلعرفوه ويعبدوه‪.‬‬

‫(‪ )5‬أن أحد أراكن اإليمان الستة ـهو اإليمان بالل وصفاته‬

‫وأسمائه احلسىن‪.‬‬

‫(‪ )6‬أن العلم بالل تعاىل أصل العلوم لكها‪.‬‬

‫(‪ )7‬أن معرفة الل ومعرفة أسمائه وصفاته جتارة راحبة‪.‬‬

‫(‪ )8‬أن العلم بأسماء الل وصفاته ـهو الوايق من الزلل واملقيل‬

‫من العرثات‪.‬‬

‫فهذه مجلة من األسباب العظيمة ادلالة ْع فضل العلم بأسمائه‬

‫وصفاته وشدة حاجة العباد إيلها‪.‬‬ ‫فجزى الل املؤلف ً‬ ‫جهد تلقريب مثل ـهذا‬ ‫خيا ْع ما بذل من‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫فالل أسأل أن يرزقنا وإياه‬ ‫سهل ميَّس‪،‬‬ ‫العلم للناس بأسلوب‬ ‫ٍ‬ ‫اإلخَّلص ف القول والعمل‪ ،‬وآخر دعوانا أن احلمد لل رب العاملي‪،‬‬

‫وصىل الل وسلم وبارك ْع نبيه حممد وآل وصحبه أمجعي‪.‬‬ ‫كتبه‬

‫أبو عمر‬

‫حاي بن سامل احلاي‬

‫‪/11‬ربيع األول‪ 1430 /‬ـ ‪2009/3/8‬م‬ ‫‪12‬‬

‫‪‬‬

‫تقديم الشيخ الفاضل‬ ‫د‪ .‬عثمان حممد اخلميس‬ ‫بعد‪:‬‬

‫حفظه اهلل(‪)1‬‬

‫احلمد لل رب العاملي‪ ،‬والصَّلة والسَّلم ْع رسول األمي‪ ،‬أما‬

‫فأي عباد ٍة أعظم من معرفة الل تعاىل‪ ،‬بأسمائه وصفاته‬ ‫ٌ‬ ‫وأفعال‪ ،‬فهذا علم مطلوب ذلاته‪ ،‬وإنما يرشف العلم برشف املعلوم‪،‬‬ ‫ه‬ ‫وذلك أن انلفس تطيب وتسعد عند ذكر معبودـها سبحانه وتعاىل‪،‬‬ ‫وتأنس وترتاح إذا َّ‬ ‫تعرفت ْع فاطرـها وموَّلـها سبحانه وتعاىل‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫وقد قام أخونا ماـهر مقدم حفظه الل وراعه جبمع ما تيَّس ل‬

‫من أسماء الل احلسىن‪ ،‬ونقل أقوال أـهل العلم ف بيان معانيها‬ ‫ومدلوَّلتها‪ ،‬وما ينبيغ أن يستشعره املسلم وـهو يتعرف ْع بارئه‬ ‫سبحانه‪ ،‬وقد أحسن حفظه الل ف استيعاب ملن كتبه قبله ف‬

‫إضافات نافعة‪ ،‬نفع الل به‪ ،‬وإن كنت‬ ‫ـهذا املوضوع‪ ،‬وأضاف إيله‬ ‫ٍ‬

‫لم أوافقه ف بعض ما نسب إىل الل تعاىل من األسماء‬

‫يأت ببدع من القول‬ ‫احلسىن(‪ ،)2‬وـهذا رأيي‪ ،‬ول رأيه‪ ،‬ويكفيه أنه لم ٍ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ـهذه املقدمة للطبعة األول‪.‬‬

‫(‪ )2‬وـهذه األسماء اليت لم يوافقن فيها فقد أثبتها مجهور األئمة من املتقدمي واملتأخرين مثل‪:‬‬

‫‪13‬‬

‫=‬

‫‪‬‬ ‫به‪ ،‬اتبع فيه من ـهو أعلم من ومنه من سلف ـهذه األمة(‪.)1‬‬

‫ً‬ ‫ذخرا يوم‬ ‫فأسأل الل جل وعَّل أن ينفع به‪ ،‬وأن جيعلها ل‬

‫القيامة‪ .‬والل أعلم‪ ،‬وصىل الل وسلم وبارك ْع نبينا حممد‪.‬‬ ‫وكتبه‬

‫د‪ .‬عثمان بن حممد اخلميس‬ ‫‪1430/11/15‬ـه‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫=‬

‫(القريب) فقد أثبته لك من‪ :‬ابن القيم‪ ،‬وابن منده‪ ،‬واألصبهاين‪ ،‬وابن حجر‪ ،‬وسفيان ابن عيينة‪ ،‬وابن‬

‫السعدي‪ ،‬وابن باز‪ ،‬وابن عثيمي‪ ،‬واألشقر وغيـهم الكثي‪.‬‬

‫(احلي) فقد أثبته لك من‪ :‬ابليهيق‪ ،‬والقرطيب‪ ،‬وابن منده‪ ،‬واألصبهاين‪ ،‬وابن حجر‪ ،‬وابن القيم‪ ،‬وابن‬

‫السعدي‪ ،‬وابن باز‪ ،‬والعثيمي‪ ،‬واهلراس‪ ،‬والقحطاين‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫(املحيط) وقد حذفته كما بينت ف املقدمة‪.‬‬

‫(‪ )1‬وقد علمت أن لك ـهذه األسماء أجازـها سماحة املفيت العام للمملكة العربية السعودية‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫‪‬‬

‫املقدمة‬ ‫احلمد لل رب العاملي‪ ،‬والصَّلة والسَّلم ْع خي األنبياء‬ ‫واملرسلي‪ ،‬نبيِنا حممد وْع آل وأصحابه الطيبي املزكي‪.‬‬ ‫أما بعد‪:‬‬ ‫فإن من اكن ف قلبه أدىن حياة‪ ،‬وطلب للعلم‪ ،‬أو نهمة للعبادة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ينبيغ أن يكون أعظم شغله‪ ،‬وأجل مقصوده‪ ،‬معرفة أسماء الل‬

‫تعاىل احلسىن‪ ،‬وصفاته العَّل‪ ،‬ألنه أرشف العلوم‪ ،‬وأفضلها مزنلة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وأعَّلـها ماكنة‪ ،‬وأجلها رشفا‪ ،‬فهو الفقه األكّب ف ادلين‪ ،‬وأسَّم‬

‫املراتب ف كمال اإليمان وايلقي‪ ،‬وذلك أن رشف العلم يعلو برشف‬

‫معلومه‪ ،‬وَّل أرشف وأفضل من العلم بالل تبارك وتعاىل‪ ،‬بأسمائه‬ ‫َّ‬ ‫احلسىن‪ ،‬وصفاته العَّل‪ ،‬اليت جاءت ف اآليات والسنة املطهرة‪ ،‬قال‬ ‫ابن القيم رْحه الل‪" :‬من اكن ف قلبه أدىن حياة‪ ،‬أو حمبة لربه عز‬

‫وشوق إىل لقائه‪ ،‬فطلبه هلذا ابلاب‬ ‫وجل‪ ،‬وإرادة لوجهه الكريم‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وحرصه ْع معرفته‪ ،‬وازدياده من اتلبرص‪ ،‬وسؤال‪ ،‬واستكشافه عنه‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ـهو أكّب مقاصده‪ ،‬وأعظم مطابله‪ ،‬وأجل اغياته‪ ،‬وليست القلوب‬ ‫‪15‬‬

‫‪‬‬ ‫الصحيحة‪ ،‬وانلفوس املطمئنة إىل يشء من األشياء أشوق منها إىل‬ ‫معرفة ـهذا األمر‪ ،‬وَّل فرحها بيشء أعظم من فرحها بالظفر بمعرفة‬ ‫َ َ َّ‬ ‫حل‬ ‫احلق فيه‪ ،‬فإذا أرشقت ْع القلوب أنوار ـهذه األسماء‪ ،‬اضم‬

‫عندـها لك نور‪ ،‬ووراء ـهذا ما َّل خيطر بابلال‪ ،‬وَّل تنال عبارة"(‪.)1‬‬

‫ِ‬ ‫املتضمنة للصفات العَّل‪ ،‬يه احلياة‬ ‫فالعلم بأسمائه احلسىن‬ ‫َ َّ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫اخلي‬ ‫احلقيقية‪ ،‬اليت َّل أذل وَّل أمجل منها‪" ،‬ومن فقد ـهذه احلياة فقد‬ ‫تعوض عنها بما َّ‬ ‫لكَّه‪ ،‬ولو َّ‬ ‫تعوض من ادلنيا‪ ،‬بل ليست ادلنيا بأمجعها‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫عوضا عن ـهذه احلياة‪ ،‬فمن لك يشء يفوت عوض‪ ،‬وإذا فاته الل‪ ،‬لم‬ ‫ّ‬ ‫يه ِ‬ ‫عوض عنه اليشء ابلتة" ‪ ،‬ألنه لكما اكنت املعرفة بها أتم‪ ،‬والعلم‬ ‫(‪)2‬‬

‫بها أكمل‪ ،‬اكنت اخلشية لل تعاىل أعظم وأكرث‪ ،‬قال الل العظيم‪:‬‬

‫{ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ(‪.)4(})3‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫برش ِ‬ ‫سيد األولي واآلخرين ‘‪ ،‬جبنة عرضها السماوات‬ ‫وقد‬ ‫ً‬ ‫اسما من‬ ‫واألرض‪ ،‬ملن أحىص لل تبارك وتعاىل‪ ،‬تسعة وتسعي‬ ‫ِ‬ ‫أسمائه احلسىن تعاىل‪ ،‬فتسابق العلماء والعارفون‪ ،‬والصديقون‬ ‫ً‬ ‫والصاحلون‪ ،‬ف لك زمان وماكن‪ ،‬إىل إحصائها‪ ،‬أمَّل منهم ف نيل‬

‫ادلرجات العَّل‪ ،‬عند ربهم األْع‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )2‬اجلواب الاكف (‪.)133‬‬

‫(‪ )1‬الصواعق املرسلة (‪ ،)161/1‬والوابل الصيب (‪.)64‬‬

‫(‪ )3‬قال ابن عباس ريض الل عنهما‪" :‬اذلين يعلمون أن الل ْع لك يشء قدير" اتلفسي الصحيح (‪ .)172/4‬وـهذا‬ ‫من فقهه ~‪.‬‬

‫(‪ )4‬انظر ابن كثي (‪.)553/3‬‬

‫‪16‬‬

‫‪‬‬ ‫وإن مما يؤسف ل‪ ،‬أن أكرث املسلمي ايلوم عن ـهذا األمر‬ ‫ً‬ ‫كثيا من املسلمي ف مشارق‬ ‫اغفلون‪ ،‬ومما يؤسف ل كذلك‪ ،‬أن‬

‫األرض ومغاربها‪ ،‬يتعبدون بأسماء لم تثبت عن الل جل وعَّل‪ ،‬وَّل‬ ‫عن رسول ‘‪ ،‬وإنما َّ‬ ‫يتعبدون الل بأسماء انترشت من غي ديلل‬ ‫رصيح‪ ،‬وَّل سند صحيح‪ ،‬فإن لك الروايات اليت رسدت األسماء‬

‫احلسىن ضعيفة(‪ ،)1‬لم يثبت عن املصطىف ‘ يشء منها‪ ،‬وإنما يه‬ ‫واحد من أـهل‬ ‫اجتهادات مدرجة من بعض الرواة‪ ،‬وقد نقل غي‬ ‫ٍ‬

‫العلم أن ـهذه الروايات لكها ضعيفة(‪ ،)2‬وقد طبعت ْع شلك‬

‫وريقات صغية‪ ،‬أو ف لوحات تعلق ْع اجلدران‪ ،‬مقترصة ْع ـهذه‬ ‫الروايات الضعيفة‪.‬‬

‫وملا اكن ـهذا األمر ف اغية األـهمية واخلطورة‪ ،‬اجتهد علماء‬

‫ربانيون ف مجعها‪ ،‬من أدلة رصحية‪ ،‬ومن طرق صحيحة(‪.)3‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وأخيا‪ ،‬ف مجعها من مظانها من‬ ‫فاستعنت بالل جل وعَّل أوَّل‬

‫ً‬ ‫رشحا َّ‬ ‫مبس ًطا‪َّ ،‬ل الطويل اململ‪ ،‬وَّل‬ ‫املصادر واملراجع‪ ،‬ورشحتها‬

‫القليل املخل‪ ،‬مبتدأ ف بيان املعىن اللغوي للك اسم‪ ،‬ثم بيان بعض‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬وأشهر ـهذه الروايات‪ :‬رواية الويلد بن مسلم‪ ،‬انظر لَّلسزتادة‪ :‬الرسالة القيمة‪ ،‬أسماء الل احلسىن‪ ،‬لعبد الل‬ ‫بن غصن (ص ‪.)149‬‬

‫(‪ )2‬كشيخ اإلسَّلم ابن تيمية (‪ ،)379/2‬وابن الوزير ف العواصم (‪ )228/7‬والصنعاين ف سبل السَّلم (‪.)108/4‬‬

‫(‪ )3‬كجمع العَّلمة ابن عثيمي رْحه الل ف كتابه (القواعد املثىل)‪ ،‬وادلكتور عبد الل الغصن ف كتابه (أسماء‬ ‫الل احلسىن)‪ ،‬واألستاذ ادلكتور اجلليل حممود الرضواين ف كتابه انلفيس القيم (أسماء الل احلسىن اثلابتة ف‬ ‫الكتاب والسنة)‪ ،‬وـهو أفضل من أحىص أسماء الل احلسىن‪ ،‬ورشحه من أحسن الرشوح‪.‬‬

‫‪17‬‬

‫‪‬‬ ‫معانيه الرشعية‪ ،‬ثم ذكر اقرتانه مع أسماء أخر‪ ،‬وـهذا أصعب وأدق‬ ‫ما ف ـهذا ابلاب‪ ،‬ثم ذكر بعض جَّلل‪ ،‬وثمراته‪ ،‬فما اكن صوابًا فمن‬ ‫ً‬ ‫الل تعاىل‪ ،‬وما اكن خطأ فمن نفيس ومن الشيطان‪ ،‬والل تعاىل آمل‬ ‫أن يهدينا ملا اختلف فيه من احلق بإذنه‪ ،‬إنه يهدي من يشاء إىل‬

‫رصاط مستقيم‪.‬‬

‫وأسأل الل تبارك وتعاىل أن يرزق اكتبه‪ ،‬وقارئه‪ ،‬ونارشه‪ ،‬ولك‬ ‫من ساـهم ف نرشه‪ ،‬مرافقة نبيِنا حممد ‘ ف أْع الفردوس‪" ،‬امهلل‬ ‫آمي"‪.‬‬

‫وآ ر دعواًن أن احلمد‬

‫رب العنملني‬ ‫األحد ‪2009/3/1‬‬ ‫‪ /4‬ربيع األول‪1430/‬ـه‬

‫‪18‬‬

‫‪‬‬

‫املراد بإحصاء األمساء احلسنى‬ ‫قال ‘‪> :‬إن‬

‫أحصنهن د ل اجلن‪.)1(<،‬‬

‫ا‬ ‫ا‬ ‫تسع‪ ،‬وتسعني اسمن‪ ،‬منئ‪ ،‬إال واحدا‪ ،‬من‬

‫إن إحصاء أسماء الل تعاىل احلسىن‪ ،‬شأنه عجب‪ ،‬وفتحه‬

‫عجب‪ ،‬صاحبه قد سيقت ل السعادة‪ ،‬وـهو مستلق ْع فراشه‪ ،‬غي‬ ‫ّ‬ ‫مرشد عن سكنه‪،‬‬ ‫مشتت عن وطنه‪ ،‬وَّل‬ ‫تعب وَّل مكدود‪ ،‬وَّل‬ ‫ٍ‬

‫فالعلم بها أصل لسائر العلوم‪ ،‬فمن أحصاـها كما ينبيغ‪ ،‬أحىص مجيع‬ ‫العلوم‪ ،‬ألن املعلومات يه من مقتضاـها‪ ،‬ومرتبطة بها(‪.)2‬‬

‫وقد حقق معىن اإلحصاء اإلمام ابن القيم رْحه الل وذكر أنه‬

‫ثَّلثة أنواع ويه‪:‬‬

‫ّ‬ ‫(‪ )1‬إحصاء ألفاظها وعدـها‪.‬‬ ‫(‪ )2‬فهم معانيها ومدلوهلا‪.‬‬

‫(‪ )3‬دعـاء الل سـبحانه وتعـاىل بهـا‪ ،‬واتلعبد بمقتضـاـها(‪.)3‬‬

‫فتحصيلها حتصيل معانيها ف القلب‪ ،‬وامتَّلء القلب من آثار ـهذه‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ابلخاري (‪ ،)6957‬ومسلم (‪.)2677‬‬

‫(‪ )2‬طريق اهلجرتي (‪ ،)394‬بدائع الفوائد (‪.)163/1‬‬

‫(‪ )3‬بدائع الفوائد (‪.)64/1‬‬

‫‪19‬‬

‫‪‬‬ ‫املعرفة‪ ،‬فإن لك اسم ل ف القلب خاضع لل تعاىل‪ ،‬املؤمن به أثر‬ ‫َّ‬ ‫ه‬ ‫وحال‪َّ ،‬ل حي ّصل العبد ف ـهذه ادلار‪ ،‬وَّل ف دار القرار أجل وأعظم‬

‫منها(‪.)1‬‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ}‬

‫[األعراف‪:‬‬

‫‪،]180‬‬

‫أخّبنا ربنا جل جَّلل‪ ،‬أن ل أسماء حسىن‪ ،‬أي بالغة ف احلسن‬ ‫نهايته واغيته‪ ،‬انفرد بها عن مجيع املخلوقات بالكمال‪ ،‬واجلمال‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫واجلَّلل‪ ،‬وقد دلت اآلية أن أعظم ما يهدىع الل تعاىل به ويهسأل‪:‬‬

‫أسماؤه احلسىن‪.‬‬

‫وادلاعء بهن ًواعن‪:‬‬ ‫األول‪ :‬داعء مسأل‪ ،‬وطلب‪ :‬وـهو سؤال الل تعاىل باسم ما‬

‫يناسب ذلك املطلوب‪ ،‬كأن يقول‪ :‬امهلل اغفر يل إنك أنت الغفور‪،‬‬ ‫امهلل ارزقن يا رزاق‪ ،‬أو ادلاعء باسم يدل ف مبناه ومعناه ْع كرثة‬ ‫الصفات وسعة املعاين‪ ،‬وادلَّلَّلت‪ ،‬مثل‪ :‬الل‪ ،‬الرب‪ ،‬الح القيوم‪،‬‬

‫املجيد‪ ،‬العظيم‪ ،‬امللك‪ ،‬فإن ادلاعء بها يناسب لك مطلوب ومرغوب‪.‬‬ ‫انلوع اثلنين‪ :‬داعء العبندة‪ :‬وـهو اتلعبد لل تعاىل واثلناء عليه‬ ‫بأسمائه احلسىن‪ ،‬فلك اسم يتعبد به بما يقتضيه ذلك اَّلسم من‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫علما‪ ،‬ومعرفة‪،‬‬ ‫العبودية اخلاصة به إذ لك اسم ل تعبد خمتص به‪،‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬فتح الرحيم امللك (ص ‪.)11‬‬

‫‪20‬‬

‫‪‬‬

‫ً‬ ‫ه‬ ‫العبد أن الل سميع بصي عليم‪ ،‬أثمر ل حفظ‬ ‫وحاَّل‪ ،‬فإذا علم‬ ‫لسانه وجوارحه‪ ،‬وخطرات قلبه‪ ،‬عن لك ما َّل يريض ربه عز وجل‪،‬‬ ‫ف ظاـهره وباطنه‪ ،‬وإذا علم أن الل تعاىل جميد‪ ،‬عظيم‪ ،‬كبي‪ ،‬أثمرت‬

‫ل السيع تلعظيمه وإجَّلل‪ ،‬بكل وسيلة رشعية ممكنة‪.‬‬

‫وإذا علم أن ربه سبحانه حسيب‪ ،‬وكيل‪ ،‬انبعثت من العبد قوة‬

‫اتلولك عليه‪ ،‬واتلفويض إيله‪ ،‬والرضا اثلقة به‪ ،‬وبكل ما جيريه‬ ‫عليه‪ ،‬ورضاه بما يفعله به‪ ،‬وخيتاره ل‪ ،‬وكذلك أسماؤه اجلميل‪،‬‬

‫واألكرم‪ ،‬تمأل القلوب من أنوار املحبة‪ ،‬والود‪ ،‬والشوق‪ ،‬ومقتىض‬ ‫ً‬ ‫جابلا لرْحة الل‬ ‫الرْحن الرحيم تقتيض العمل الصالح اذلي يكون‬ ‫تعاىل‪ ،‬ومقتىض الغفور الغفار‪ :‬املغفرة‪ ،‬فافعل ما يكون سببًا ف‬

‫مغفرة ذنوبك‪ ،‬وـهكذا‪( ،‬وباجلملة) تبىق حراكته‪ ،‬وأقوال‪ ،‬وخواطره‪،‬‬

‫موزونة بمَّيان الرشع‪ ،‬غي مهملة‪ ،‬وَّل مرسل ٍة حتت حكم الطبيعة‪،‬‬

‫واهلوى‪ ،‬والل جل وعَّل حيب اتلعبد بمقتضيات أسمائه‪> ،‬شكور<‬ ‫حيب الشاكرين‪ ،‬و>عليم< حيب لك اعلم‪> ،‬عفو< حيب العفو وأـهله‪،‬‬ ‫وأكمل انلاس عبودية‪ ،‬املتعبد جبميع األسماء والصفات‪ ،‬فَّل حتجبه‬

‫عبودية اسم‪ ،‬عن عبودية اسم آخر (‪.)1‬‬

‫**‬

‫**‬

‫**‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مدارج السالكي (‪ ،)420/1‬والفوائد (‪ 80‬ـ ‪ ،)82‬ومفتاح دار السعادة (‪ 510/2‬ـ ‪ ،)513‬وفتح الرحيم‬ ‫امللك (‪ ،)49‬والقول املفيد ْع اتلوحيد‪ ،‬للعَّلمة ابن عثيمي (‪.)258/2‬‬

‫‪21‬‬

‫‪‬‬

‫أنواع صفات الرَّبِّ عز وجل‬

‫(‪)1‬‬

‫من األصول َّ‬ ‫املقررة عند أـهل السنة واجلماعة ف ـهذا ابلاب‪ :‬أن‬ ‫َّ‬ ‫يتضمن صفة‪،‬‬ ‫أسماءه احلسىن مشتقة من صفاته العَّل‪ ،‬فلك اسم‬ ‫وليس بالعكس‪ ،‬فمن أسمائه (الرْحن)‪ :‬يدل ْع صفة الرْحة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫العزة‪ ،...‬ومن صفاته امليجء‪ ،‬والزنول‪،‬‬ ‫(عزيز)‪ :‬يدل ْع صفة‬ ‫واإلرادة‪ ،‬وَّل يسَّم‪ :‬باجلايئ‪ ،‬وانلازل‪ ،‬واملريد(‪.)2‬‬

‫فإذا اكن األمر كذلك‪ ،‬ينبيغ أن يعلم أن صفات الل العَّل‬

‫تنقسم إىل قسمي‪ :‬صفنت ثبوتي‪ ،،‬وصفنت منفي‪.،‬‬

‫ةنثلبوتي‪ ،‬يه‪ :‬الصفات اليت تدل ْع معىن ثبويت ووجودي‪،‬‬

‫وـهذا انلوع ـهو املقصود األعظم(‪ ،)3‬ويه لك صفة أثبتها ربنا جل‬

‫جَّلل ف كتابه احلكيم‪ ،‬أو أثبتها املصطىف ‘ البشي انلذير ‘ ف‬ ‫ه‬ ‫سنته‪ ،‬ويه لكها صفات كمال‪ ،‬وجَّلل‪ ،‬وْحد‪ ،‬وعظمة‪َّ ،‬ل نقص فيها‬

‫بكثي من الصفات املنفية(‪.)4‬‬ ‫بوجه من الوجوه‪ ،‬وهلذا اكنت أكرث‬ ‫ٍ‬

‫والقسم اثلنين‪ :‬ا صفنت املنفي‪ ،،‬وتسَّم (السلبية) ويه‪:‬‬ ‫الصفات اليت نفاـها ربنا تبارك وتعاىل ف كتابه‪ ،‬أو نفاـها انليب ‘‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ألحقت فهرس ًا في آخر الكتاب في داللة كل اسم على صفات الرب (ص ‪.)279‬‬ ‫(‪ )2‬انظر بدائع الفوائد (‪ ،)161/1‬مدارج السالكين (‪ ،)140/1‬القواعد المثلى البن عثيمين (‪.)30‬‬ ‫(‪ )3‬الاكفية الشافية (‪ ،)116‬والصفات اإلهلية لدلكتور حممد بن أمان اجلايم (‪.)203‬‬ ‫(‪> )4‬رشح العقيدة الواسطية< َّلبن عثيمي (‪> ،)142/1‬رشح القواعد املثىل< (‪ 130‬ـ ‪.)139‬‬

‫‪22‬‬

‫‪‬‬ ‫ِ‬

‫ف سنته‪ ،‬ويه صفات نقص ف حقه‪ ،‬تهضاد كمال وجَّلل‪.‬‬ ‫وا صفنت اثلبوتي‪ ،‬تنقسم كذلك إىل قسمي‪ :‬صفنت ‪،‬ات‪،‬‬ ‫وصفنت أةعنل‪.‬‬ ‫ةصفنت اذلات‪ :‬يه الصفات اليت َّل تنفك عن الل حبال من‬

‫األحوال‪ ،‬فيه مَّلزمة ذلاته العلية ْع ادلوام‪ ،‬ف األزل واألبد‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫الح‪ ،‬والعليم‪ ،‬الوتر)‪.‬‬ ‫الوجه‪ ،‬وايلدين‪ ،‬والعيني‪( ،‬ومن األسماء‪:‬‬ ‫وا صفنت الفعلي‪ :،‬يه الصفات اليت تتعلق بمشيئته وإرادته‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫إن شاء فعلها‪ ،‬وإن شاء لم يفعلها‪ ،‬ولك صفات األفعال متعلقة‪،‬‬ ‫وصادرة عن صفات ثَّلث‪ :‬القدرة الاكملة‪ ،‬واملشيئة انلافذة‪،‬‬ ‫واحلكمة الشاملة‪.‬‬ ‫ومن أمثلتها‪ :‬الزنول إىل السماء ادلنيا‪ ،‬واَّلستواء ْع العرش‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫واملحبة‬ ‫والض ِحك‪ ،‬والفرح‪ ،‬والعجب‪ ،‬والغضب‪ ،‬والسخط‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫واملسعر)‪.‬‬ ‫وحنوـها‪( ،‬ومن األسماء‪ :‬الرب‪ ،‬والرزاق‪ ،‬والقيوم‪ ،‬والشاف‪،‬‬ ‫ويه كذلك نواعن‪:‬‬ ‫األول‪ :‬صفات فعلية هلا سبب معلوم‪ :‬مثل الرض‪ ،‬فالل عز‬

‫وجل إذا وجد سبب الرض‪ ،‬ريض‪ ،‬كما قال عز شأنه‪{ :‬ﭺ ﭻ‬

‫ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ‬ ‫ﮉ} [الزمر‪( .]7 :‬ومن األسماء‪ :‬الشكور‪ ،‬والغفور‪ ،‬والقريب‪ ،‬واحلليم)‪.‬‬ ‫‪23‬‬

‫‪‬‬ ‫اثلنين‪ :‬صفات ليس هلا سبب معلوم‪ ،‬مثل‪ :‬الزنول إىل السماء‬

‫ادلنيا لك يللة‪ ،‬حي يبىق ثلث الليل اآلخر‪.‬‬ ‫وا رصفنت املنفي‪ ،‬كذ ا ًواعن‪:‬‬

‫ً‬ ‫َّ َّ‬ ‫األول‪ :‬صفنت منفي‪ ،‬متصل‪ :،‬وـهو نيف لك ما يناقض صفة من‬

‫صفات الكمال اليت وصف الل تعاىل بها نفسه‪ ،‬أو وصفه بها رسول‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫صىل الل عليه وسلم‪ِ ،‬‬ ‫يتصور قيامه‬ ‫وسيم متصَّل؛ ألن املنيف معىن‬ ‫ِ‬ ‫اكلسنة‪ ،‬وانلوم املناف لكمال قيوميته‪ ،‬اجلهل‬ ‫باذلات املنيف عنها‪:‬‬

‫املناف لكمال علمه‪ ،‬الظلم املناف لكمال عدل‪.‬‬

‫اثلنين‪ :‬صفنت منفي‪ ،‬منفصل‪ :،‬ويه تزنيه الل تعاىل عن أن‬ ‫ٌ‬ ‫أحد من خلقه‪ ،‬ف يش ٍء من خصائصه اليت َّل تنبيغ ل‪،‬‬ ‫يشاركه‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ألوـهيته‪ ،‬والودل‪ ،‬والصاحبة‪،‬‬ ‫كنيف الرشيك عنه ف ربوبيته‪ ،‬ويف‬ ‫ً‬ ‫وانلصي‪ ،‬وغي ذلك‪ ،‬ه‬ ‫وانلِ ِد‪َّ ،‬‬ ‫وس ِيم منفصَّل؛ ألن املنيف يشء‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫منفصل عن اذلات‪ ،‬وـهو أمر متعلق بها‪ ،‬لكنه خارج عنها‪ ،‬فنيف‬ ‫الودل‪ ،‬والزوجة‪ ،‬أشياء منفصلة عن تلك اذلات(‪ .)1‬ومن األسماء‬

‫ادلالة ْع الصفات املنفية‪( :‬السَّلم‪ ،‬والسبوح‪ ،‬والقدوس‪ ،‬والصمد‪)...‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫"ومما تقدم يظهر للناظر أن اإلثبات مقصود ذلاته‪ ،‬وأما انليف‬ ‫وح مر ٌز وْحاية لإلثبات"(‪.)2‬‬ ‫فهو مقصود لغيه‪ ،‬فهو حصن ِ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر >رشح القواعد املثىل< (‪ 130‬ـ ‪َّ )139‬لبن عثيمي‪> ،‬القواعد اللكية لألسماء والصفات< (‪)158‬‬ ‫د‪ .‬إبراهيم البريكان‪> ،‬انليف ف صفات الل عز وجل< أيب حممد سعيداين (‪ 120‬ـ ‪.)124‬‬ ‫(‪> )2‬القواعد اللكية لألسماء والصفات< (‪.)155‬‬

‫‪24‬‬

‫‪‬‬

‫اسم اهلل األعظم‬ ‫أخّب الصادق املصدوق ‘ أن لل تعاىل ً‬ ‫اسما أعظم‪ ،‬اذلي إذا‬

‫ه‬ ‫ديع به أجاب‪ ،‬وإذا سئل به أعطى‪ ،‬فقد ذـهب معظم أـهل العلم أن‬

‫اسم اجلَّلل (الل) ـهو اَّلسم األعظم(‪ )1‬ملا جاء عن انليب ‘‪:‬‬

‫(‪ )1‬أنه سمع أحد الصحابة يدعو بهذا ادلاعء‪> :‬امهلل إين أسأ ا أين‬

‫أشهد أًا أًت ا ‪ ،‬ال هلإ إال أًت‪ ،‬األحد ا صمد‪ ،‬اذلي م يدل و م يودل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫و م يكن هل ا‬ ‫كفوا أحد< فقال ‘‪> :‬واذلي ًفيس بيد ‪ ،‬لقد سأل ا‬ ‫ٰ‬ ‫أعطى<(‪.)2‬‬ ‫بنسمه األعظم‪ ،‬اذلي إ‪،‬ا ديع به أهللنب‪ ،‬وإ‪،‬ا سئل به‬ ‫ً‬ ‫(‪ )2‬وسمع ‘ رجَّل يصل ثم داع‪> :‬امهلل إين أسأ ا بأن ا‬ ‫َّ‬ ‫احلمد‪ ،‬ال إلهه إال أًت‪ ،‬املننن‪ ،‬بديع ا سموات واألرض‪ ،‬ين ‪،‬ا اجلالل‬ ‫واإلكرام‪ ،‬ين يح ين قيوم< فقال انليب ‘‪> :‬لقد داع ا‬ ‫ُ‬ ‫ٰ‬ ‫أعطى<(‪.)3‬‬ ‫العظيم‪ ،‬اذلي إ‪،‬ا ديع به أهللنب‪ ،‬وإ‪،‬ا سئل به‬ ‫َّ‬ ‫واالسم األعظم ـهو‪ :‬ما دل ْع مجيع ما لل سبحانه من صفات‬ ‫َّ‬ ‫وتضمن ما ل من نعوت العظمة واجلَّلل واجلمال‪ ،‬فهذا ـهو‬ ‫الكمال‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫اَّلسم األعظم ملا دل عليه من املعاين اليت يه أعظم املعاين‪،‬‬ ‫بنسمه‬

‫وأوسعها(‪.)4‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر ص‪.31‬‬

‫(‪ )2‬صحيح أيب داود (‪.)1493‬‬

‫(‪ )4‬فتح الرحيم امللك (‪ ،)26‬وجمموع الفوائد (‪ )250‬للعَّلمة ابن السعدي‪.‬‬

‫‪25‬‬

‫(‪ )3‬صحيح ابن ماجه (‪.)3112‬‬

‫‪‬‬

‫وصية عزيزة‬ ‫َّ‬ ‫إن إحصاء أسماء الل احلسىن مطلب "عظيم انلفع‪َّ ،‬ل يلقاه إَّل‬ ‫ه‬ ‫أصحاب انلفوس الرشيفة‪ ،‬واهلمم العايلة"(‪ .)1‬فهو أول ما ترصف‬

‫إيله العناية‪ ،‬وأرشف ما رصفت فيه األنفس هلذه الغاية‪ ،‬اذلي عليها‬ ‫مدار السعادة‪ ،‬فَّل تزال مرتقيًا ف املعايل ْع قدر حتصيلك هلا‪،‬‬

‫واتلعبد بمقتضاـها‪ ،‬تكون لك الزلىف عند الل تعاىل‪ ،‬ف ادلرجات‬ ‫العَّل ف جنات املأوى‪ ،‬فاحرص راعك الل تعاىل أن يكون ّ‬ ‫ـهمك‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ـهما واحدا‪ ،‬وـهو إحصاء أسماءه احلسىن‪ ،‬فاجتهد ف اتلفقه فيه‪ ،‬ف‬

‫يللك ونهارك‪ ،‬ف حرضك وسفرك‪ ،‬ف منشطك ومكرـهك‪ ،‬فإنه سوف‬ ‫ً‬ ‫عظيما ف املعرفة‪ ،‬واملحبة‪ ،‬والشوق‪ ،‬والذلة‪ ،‬واألنس‬ ‫يفتح لك بابًا‬ ‫َّ‬ ‫يعّب عنه ِ‬ ‫جل وعَّل‪ ،‬ما َّل يصفه الواصفون‪ ،‬وفوق ما ِ‬ ‫املعّبون‪.‬‬ ‫بالل‬ ‫ً‬ ‫فإن دخلت فيه‪ ،‬وفتح لك ابلاب‪ ،‬فَّل أكون مبالغا إن قلت‬ ‫لك‪ :‬رأيت ما َّل عي رأت‪ ،‬وَّل أذن سمعت‪ ،‬وَّل خطر ْع قلب برش‪،‬‬

‫ف ادلنيا واآلخرة‪.‬‬

‫ألن "صاحب ـهذا احلال ف جنة معجلة‪ ،‬قبل جنة اآلخرة‪ ،‬ويف‬

‫نعيم اعجل"(‪ )2‬ليس ل مثيل ف ـهذه ادلار‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬بدائع الفوائد (‪.)205/2‬‬

‫(‪ )2‬رسالة ابن القيم إىل أحد إخوانه (‪.)29‬‬

‫‪26‬‬

‫‪‬‬ ‫اسم اجلاللة (اهلل)(‪ )1‬جل شأنه‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ} آية الكريس [ابلقرة‪]255 :‬‬

‫ـهذا اَّلسم اجلليل ـهو أعظم األسماء احلسىن وأعَّلـها‪َّ ،‬‬ ‫تفرد الل‬

‫به تبارك وتعاىل عن مجيع العاملي‪ ،‬وقد قبض الل تعاىل أفئدة‬ ‫ِ‬ ‫التسيم به‪ ،‬من غي مانع وَّل وازع‪ ،‬قال‬ ‫اجلاـهلي وألسنتهم عن‬

‫تعاىل‪{ :‬ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ}‬

‫[لقمان‪.)2(]25 :‬‬

‫وـهذا اَّلسم العظيم جامع جلميع األسماء احلسىن‪ ،‬والصفات‬

‫العَّل‪ ،‬دال عليها باإلمجال‪ ،‬فإذا داع به العبد‪ ،‬فقال‪( :‬امهلل)(‪ )3‬فقد‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫اذل َّ‬ ‫والفعلية‪.‬‬ ‫اتية‬ ‫داع بكل أسمائه تعاىل احلسىن‪ ،‬وصفاته العىل ‪،‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪( :‬ا ) أصله (اإللهه)(‪" ،)5‬واإللـه ف لغة‬

‫ملعان أربعة يه‪ :‬املعبود‪ ،‬وامللجأ‪ ،‬واملفزوع إيله‪،‬‬ ‫العرب‪ ،‬أطلق‬ ‫ٍ‬ ‫واملحبوب ًّ‬ ‫ً‬ ‫عظيما‪ ،‬واذلي حتتار العقول فيه"(‪.)6‬‬ ‫حبا‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ذو األلوـهية والعبودية للك الّبية‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ه ًّ‬ ‫ً‬ ‫تؤهله قلوب العباد‪ًّ ،‬‬ ‫حبا‪ ،‬وذَّل‪ ،‬وخوفا‪،‬‬ ‫‪ )1‬فهو تعاىل اذلي‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬لم ندخله ف (‪ )99‬ألنه ـهو األصل ف إسناد األسماء لكها إيله كما سيأيت‪.‬‬ ‫(‪ )2‬اتلوحيد َّلبن منده (‪ ،)268‬واألسىن للقرطيب (ص‪)348‬‬

‫(‪ )3‬أي (يا الل) انظر جَّلء األفهام (‪.)117‬‬

‫(‪ )4‬مدارج السالكي (‪.)32/1‬‬

‫(‪ )5‬بدائع الفوائد (‪.)492/1‬‬

‫(‪ )6‬منهج جديد دلراسة اتلوحيد للشيخ عبد الرْحن عبد اخلالق (ص ‪ ،)12‬واألسىن (‪ 348‬ـ ‪.)351‬‬

‫‪27‬‬

‫‪‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وفزاع إيله ف احلوائج‪ ،‬وانلوائب‪.‬‬ ‫وخضواع‪،‬‬ ‫وتعظيما‪،‬‬ ‫ورجاء‪،‬‬ ‫وطمعا‪،‬‬ ‫‪ )2‬فهو سبحانه اإلل املعبود ٍّ‬ ‫حبق‪ ،‬املستحق للعبادة وحده‪،‬‬ ‫وإخَّلص ادلين ل‪ ،‬دون ما سواه‪ ،‬ولك ما عبد من دونه باطل من‬

‫عرشه إىل قرار أرضه‪.‬‬

‫‪ )3‬وـهو الل اجلامع لصفات األلوـهية‪ ،‬املنعوت بنعوت الربوبية‪،‬‬

‫املنفرد بالوحدانية باألزيلة‪ ،‬واألبدية الَّسمدية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ )4‬فهو جل وعَّل اجلامع للك صفات الكمال‪ ،‬وعلو الشأن‪،‬‬

‫واجلَّلل‪ ،‬والعظمة‪ ،‬واجلمال‪ ،‬بغاياتها ْع الكمال األقىص‪ ،‬اذلي ل‬ ‫أمجل األسماء احلسىن‪ ،‬اليت َّل أحسن منها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫لك َّ‬ ‫واملّبأ عن اآلفات‬ ‫انلقائص‪ ،‬والشوائب‪،‬‬ ‫املزنه عن‬ ‫‪)5‬‬ ‫َّ‬ ‫واملعايب‪َّ ،‬ل رشيك ل‪ ،‬وَّل شبيه‪ ،‬وَّل مثيل ‪ ،‬وَّل نِد ‪ ،‬وَّل نظي ‪ ،‬وَّل‬

‫معي ل(‪ ،)1‬لكمال من لك الوجوه‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫هللالل (ا ) هللل هللالهل‪ :‬قال ‘‪> :‬ال أحيص ثننء عليا‬ ‫هم َ‬ ‫أًت كمن أثنيت ٰ‬ ‫ىلع ًفسا<(‪ )2‬كيف حيىص جَّلل ـهذا اَّلسم‬ ‫ِ‬ ‫اجلليل اذلي ل من لك كمال أكمله وأعَّله‪ ،‬وأوسعه‪ ،‬وأعظمه‪ ،‬فما‬ ‫َّ‬ ‫ذكر ـهذا اَّلسم ف قليل إَّل كرثه‪ ،‬وَّل عند خوف إَّل أزال‪ ،‬وَّل عند‬ ‫َ ٍّ َ ٍّ‬ ‫َّ‬ ‫يق إَّل‬ ‫كرب إَّل كشفه‪ ،‬وَّل عند ـهم وغم إَّل فرجه‪ ،‬وَّل عند ِض ٍ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬مدارج السالكي (‪ ،)27/3( ،)32/1‬جمموع الفتاوى (‪ ،)202/13‬األسىن (‪.)348‬‬ ‫(‪ )2‬مسلم (‪.)486‬‬

‫‪28‬‬

‫‪‬‬

‫َو َّسعه‪ ،‬وَّل تعلَّق به ضعيف إَّل َّ‬ ‫قواه‪ ،‬وَّل ذيلل إَّل َّ‬ ‫أعزه‪ ،‬وَّل فقي إَّل‬

‫مغلوب إَّل نرصه‪ ،‬فهو اَّلسم‬ ‫أغناه‪ ،‬وَّل مستوحش إَّل آنسه‪ ،‬وَّل‬ ‫ٍ‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫اذلي تكشف به الكربات‪ ،‬وتستزنل به الّباكت‪ ،‬وجتاب به‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ادلعوات‪ ،‬وترفع به ادلرجات‪ ،‬وتستجلب به احلسنات‪ ،‬وتستدفع به‬ ‫ِ‬ ‫السيئات(‪ ،)1‬فَّل أعظم من جَّلل (الل) تبارك وتعاىل‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫(ا ) االسم األعظم‪ :‬ذـهب معظم أـهل العلم إىل أن اسم‬ ‫اجلَّللة (الل) ـهو اَّلسم األعظم(‪ ،)2‬اذلي إذا هد ِ َ‬ ‫يع به أجاب‪ ،‬وإذا هس ِئل‬

‫به أعطى‪ ،‬قال اإلمام الغزايل‪" :‬اعلم أن ـهذا اَّلسم أعظم األسماء‬ ‫التسعة والتسعي‪ ،‬ألنه دال ْع اذلات اإلهلية اجلامعة لصفات اإلهلية‬

‫لكها حىت َّل يشذ منها يشء‪ .)3("...‬وذلك ملا يل من األدلة‪:‬‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫(‪ )1‬أنه أكرث األسماء ِذك ًرا ف القرآن‪ ،‬حيث ذكر (‪)2724‬‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫مرة(‪ ،)4‬وافتتح سبحانه به ف كتابه الكريم ثَّلثا وثَّلثي آية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫(‪ )2‬أنه اَّلسم الوحيد اذلي ورد ف لك األحاديث اليت أخّب بها‬ ‫الرسول ‘ أن فيها اسم الل األعظم(‪.)5‬‬

‫(‪ )3‬أن الل تبارك وتعاىل يضيف سائر األسماء احلسىن إىل‬

‫ـهذا اَّلسم العظيم‪ ،‬كقول‪{ :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ}‬

‫ه‬ ‫[األعراف‪ ،)6(]180 :‬يقال‪( :‬الل) الرْحن‪ ،‬والرحيم‪ ،‬والقدوس‪ ،‬والسَّلم‪...‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ً‬ ‫(‪ )1‬الكم ابن القيم نقَّل من تيسي العزيز احلميد (ص ‪ )30‬بترصف يسي‪.‬‬ ‫(‪ )3‬املقصد األسىن (‪.)37‬‬ ‫(‪ )2‬انظر >اسم الل األعظم< لدلكتور ادلمييج (ص‪.)130‬‬

‫(‪ )4‬أسماء الل احلسىن د‪ .‬عمر األشقر (‪.)33‬‬ ‫َّ‬ ‫ا‬ ‫(‪ )6‬وكما ف احلديث‪> :‬إن تسع‪ ،‬وتسعني اسمن‪.<...‬‬

‫(‪ )5‬انظر >اسم الل األعظم< لدلكتور ادلمييج (ص‪.)130‬‬

‫‪29‬‬

‫‪‬‬ ‫من أسماء الل‪ ،‬وَّل يقال‪( :‬الل) من أسماء الرْحن‪ ،‬وَّل من أسماء‬ ‫َّ‬ ‫العزيز‪ ،‬وحنو ذلك‪ ،‬ه‬ ‫فعلم أن اسمه (الل) جل وعَّل مستلزم جلميع‬ ‫معاين األسماء احلسىن‪ ،‬دال عليها باإلمجال(‪.)1‬‬ ‫َّ‬ ‫(‪ )4‬أنه أكرث ما يدىع الل جل وعَّل بلفظ‪( :‬امهلل) ومعناه‪ :‬يا‬ ‫الل‪ ،‬قال احلسن ابلرصي‪" :‬امهلل جممع ادلاعء"‪" ،‬فإذا قال السائل‪:‬‬

‫امهلل إين أسألك‪ :‬كأنه قال‪ :‬أدعو الل اذلي ل األسماء احلسىن‪،‬‬

‫والصفات العىل بأسمائه وصفاته"(‪.)2‬‬

‫(‪ )5‬أن الل تبارك وتعاىل قبض عنه األفئدة واأللسنة‪ ،‬فلم‬ ‫ٌ‬ ‫أحد ْع التَّ ِ‬ ‫سيم به‪.‬‬ ‫يتجارس‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫(‪ )6‬أنه اذلي يفتتح به لك أمر تّباك وتيمنا‪.‬‬ ‫َّ ٌ‬ ‫(‪ )7‬أنه متعارف عند اجلميع‪ ،‬لم تنكره أمة من األمم‪.‬‬ ‫(‪ )8‬أنه إذا ارتفع من األرض قامت الساعة(‪.)3‬‬

‫َّ ٌ‬ ‫اثلمرات‪ :‬عندما يعلم املؤمن أن الل تعاىل متصف بهذا اَّلسم‬ ‫ِ‬ ‫العظيم‪ ،‬ينبيغ ل أن يقوم حبقه من اتلعبد‪ ،‬اذلي ـهو كمال احلب‪ ،‬مع‬ ‫َّ‬ ‫كمال اذلل واتلعظيم‪ ،‬اذلي َّل يشء أطيب للعبد‪ ،‬وَّل أذل‪ ،‬وَّل أـهنأ‪ ،‬وَّل‬ ‫أنعم لقلبه وعيشه‪ ،‬من َّ‬ ‫حمبته تعاىل‪ ،‬ودوام ذكره‪ ،‬ف لسانه‪ ،‬وقلبه‪،‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ظاـهرا وباطنا‪ ،‬وـهذا‬ ‫وعقله‪ ،‬والسيع ف مرضاته واخلشوع واخلضوع ل‬ ‫ـهو الكمال اذلي َّل أكمل للعبد بدونه "ومن اكن كذلك فقد َّ‬ ‫تم ل‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬مدارج السالكي (‪ 32/1‬ـ ‪.)33‬‬

‫(‪ )2‬بدائع اتلفسي (‪ 491/1‬ـ ‪.)493‬‬

‫(‪ )3‬انظر‪ :‬اتلوحيد َّلبن منده (‪ )268‬واألسىن (ص ‪ 345‬ـ ‪.)354‬‬

‫‪30‬‬

‫‪‬‬ ‫غناه بالل تعاىل‪ ،‬وصار من أغىن العباد‪ ،‬ولسان حال يقول‪:‬‬ ‫مال عن انلاس لكهـم‬ ‫غنيت بَّل ٍ‬

‫وإن الغىن العايل عن اليشء َّل به‬ ‫َّ‬ ‫فيال من غىن ما أعظم خطره وأجل قدره"(‪.)1‬‬ ‫‪ 1‬ـ اهلل (الرَّبُّ) تبارك وتعاىلٰ‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﭖﭗﭘﭙﭚ} [الفاحتة]‪.‬‬ ‫وقال سبحانه‪{ :‬ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ} [يس]‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫والسيد‪ ،‬ه‬ ‫املع ٰ‬ ‫والمدبِر‪،‬‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬يطلق ا رب ْع‪ :‬املالك‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫والمنعم‪ ،‬ه‬ ‫واملرِّب‪ ،‬والقيِم‪ ،‬ه‬ ‫والمصلح‪ ،‬واملعبود‪.‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫والرب ف األصل من الرتبية‪ ،‬وـهو إنشاء اليشء حاَّل فحاَّل إىل‬ ‫َّ ً‬ ‫ً‬ ‫معرفا باأللف والَّلم مطلقا إَّل لل عز وجل‪،‬‬ ‫اتلمام‪ .‬وَّل يقال (ا رب)‬ ‫ً‬ ‫ويطلق مضافا ل ولغيه‪ ،‬حنو‪{ :‬ﮆ ﮇ}‪ ،‬وإذا أطلق ْع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫غيه أضيف‪ ،‬كرب ادلار‪ ،‬ورب الفرس‪ ،‬لصاحبهما(‪.)2‬‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو ا رب اذلي َّل رب نلا سواه‪:‬‬ ‫‪ )1‬فهو رب األرباب‪ ،‬ومعبود ه‬ ‫الع َّباد‪ ،‬يملك املالك واململوك‪ ،‬ومجيع‬ ‫العباد‪ ،‬وـهو خالق ذلك ورازقه‪.‬‬

‫ِ‬ ‫‪ )2‬فاسم الرب ل اجلمع اجلامع جلميع املخلوقات‪ ،‬فهو رب لك‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر طريق اهلجرتي (‪.)68‬‬

‫(‪ )2‬انلهاية َّلبن األثي (‪ ،)338‬املفردات (‪.)336‬‬

‫‪31‬‬

‫‪‬‬

‫يشء‪ ،‬وخالقه‪ ،‬والقادر عليه‪َّ ،‬ل خيرج يشء عن ربوبيته‪ ،‬ولك َم من‬ ‫ٌ‬ ‫ف األرض والسموات‪ ،‬عبد ل ف قبضته‪ ،‬وحتت قهره(‪.)1‬‬ ‫‪ )3‬فهو تعاىل السيد املطاع‪ ،‬اذلي َّل شبه ل‪ ،‬وَّل مثل ف سؤدده‪،‬‬

‫فهو سبحانه اذلي يسوس مربوبه‪ ،‬ويربيه كيف‪ ،‬وكما شاء(‪.)2‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ )4‬فهو سبحانه اذلي رّب مجيع املخلوقات بنعمه‪ ،‬وأوجدـها‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫وأعدـها للك كمال يليق بها‪ ،‬وأمدـها بما حتتاج إيله‪ ،‬أعطى لك يش ٍء‬ ‫مَ ّ‬ ‫َّ‬ ‫ه‬ ‫الَّلئق به‪َّ ،‬‬ ‫ثم ـهدى لك خملوق ملا خلق ل‪ ،‬وأغدق ْع عباده‬ ‫خلقه‬ ‫ابلقاء ‪.‬‬ ‫ٰ‬ ‫بانلِعم العظيمة‪ ،‬اليت لو فقدوـها لم يكن هلم‬ ‫(‪)3‬‬

‫وـهذا اَّلسم اجلليل جيمع الكثي من صفات األفعال‪" ،‬بل إنه إذا‬

‫ه‬ ‫فرد يتناول ف دَّلتله‪ ،‬سائر أسماء الل احلسىن‪ ،‬وصفاته العليا"(‪.)4‬‬ ‫أ ِ‬ ‫ٌ‬ ‫عزيز ف نفوس‬ ‫وهلذا اكن ـهذا اَّلسم العظيم الكبي الشأن‪،‬‬

‫وقلوب األنبياء‪ ،‬واألويلاء‪ ،‬وأول األبلاب‪ ،‬تلضمنه معاين اجلَّلل‬ ‫واجلمال والكمال‪ ،‬هلذا اكن تصدير ادلاعء ف اغلب أدعية القرآن‬ ‫َّ‬ ‫الكريم‪ ،‬وسنة احلبيب ‘ به‪ ،‬ف ِمن داعء أبوينا عليهما السَّلم‪:‬‬

‫{ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ}‬ ‫[األعراف]‪ ،‬وداعء موىس عليه السَّلم‪{ :‬ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬ ‫ﮊ} [القصص‪ ،]24 :‬وداعء إبراـهيم عليه السَّلم‪{ :‬ﯭ ﯮ ﯯ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬األسىن (‪ ،)394/1‬مدارج السالكي (‪ )2( .)34/1‬انظر‪ :‬تفسي الطّبي (‪ ،)62/1‬ومعارج القبول (‪.)80‬‬ ‫(‪ )3‬فتح الرحيم امللك (‪ ،)40‬واتلفسي (‪ )39‬الكـهما للعَّلمة ابن سعدي‪.‬‬ ‫(‪ )4‬فقه األسماء احلسىن‪ ،‬د‪ .‬عبد الرزاق ابلدر (‪.)79‬‬

‫‪32‬‬

‫‪‬‬

‫ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ} [إبراـهيم]‪ ،‬وداعء نبيِنا ‘‪:‬‬

‫{ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ} [املؤمنون]‪ ،‬وداعء أول‬ ‫العلم‪{ :‬ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ} [آل عمران‪ ،]8 :‬وداعء عباد‬

‫الرْحن األصفياء‪{ :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ}‬

‫[الفرقان‪.]74 :‬‬

‫فقد ورد ـهذا اَّلسم املبارك "ف أكرث من (‪ )900‬موضع ف كتاب‬

‫الل تبارك وتعاىل"(‪ ، )1‬ناـهيك عن كرثة وروده ف السنة املطهرة‪ ،‬فقد‬ ‫َّ‬ ‫عده بعض أـهل العلم من الصحابة "كأيب ادلرداء‪ ،‬وابن عباس ريض‬ ‫الل عنهم‪ ،‬أنه اسم الل األعظم"(‪.)2‬‬ ‫َّ‬ ‫وربوبيته هللل وعال خللقه ًواعن‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫(‪ )1‬ربوبي‪ ،‬اعم‪ :،‬ويه جلميع اخلَّلئق بَ ِرـهم وفاجرـهم‪ ،‬مؤمنهم‬

‫واكفرـهم‪ ،‬حىت اجلمادات‪ ،‬ويه تربيته هلم باخللق‪ ،‬واتلدبي‪ ،‬واإلصَّلح‪،‬‬ ‫والرزق‪ ،‬واإلنعام‪ ،‬والسيادة‪ ،‬وامللك‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫(‪ )2‬ربوبي‪ ،‬نص‪ :،‬ويه تربيته سبحانه ألصفيائه‪ ،‬بإصَّلح‬

‫قلوبهم‪ ،‬وأرواحهم‪ ،‬وأخَّلقهم‪ ،‬وأعماهلم‪ ،‬فيغذيهم باإليمان‪ ،‬وخيرجهم‬ ‫من الظلمات إىل انلور‪ ،‬وتيسيـهم لليَّسى‪ ،‬وجتنيبهم للعَّسى‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لك ّ‬ ‫رش‪ ،‬وهلذا اكن أكرث داعئهم‬ ‫وتيسيـهم للك خي‪ ،‬وحفظهم من‬ ‫بهذا اَّلسم اجلليل‪ ،‬ألنهم يطلبون منه الربوبية اخلاصة(‪.)3‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬أسماء الل احلسىن لألشقر (ص ‪.)41‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪> :‬اسم الل األعظم< لدلكتور ادلمييج (ص ‪.)146‬‬

‫(‪ )3‬تفسي ابن السعدي (‪ ،)486/5( ،)39/1‬وفتح الرحيم امللك (‪.)40‬‬

‫‪33‬‬

‫‪‬‬

‫َّ‬ ‫* محد مجيع املخلوقنت ٰ‬ ‫ىلع ربوبيته‪" :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭞ ﭟ‬ ‫ٌ‬ ‫إخبار عن ْحد الكون أمجعه ناطقه‬ ‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ} [الزمر]‪ ،‬ـهذا‬

‫وبهيمه لل رب العاملي‪ ،‬عقيب قضائه باحلق والعدل بي اخلَّلئق‬

‫أمجعي‪ ،‬وهلذا حذف فاعل احلمد من قول‪> :‬وقيل< يلفيد العموم‬

‫واإلطَّلق‪ ،‬حىت َّل يسمع إَّل حامد لل تعاىل من أويلائه ومن أعدائه‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ومن مجيع خملوقاته‪ ،‬فهو تعاىل املحمود بربوبيته ف ادلنيا واآلخرة‪،‬‬ ‫كما قال تعاىل عن أـهل اجلنة‪{ :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬

‫ﮇ ﮈ} [يونس]"(‪.)1‬‬

‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ربوبية‬ ‫هللالل ا رب‪ :‬من هللالل ربوبيته تبارك وتعاىل أنها‬

‫ِ‬ ‫للك العاملي‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬

‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ} [الشعراء]‪ .‬والعاملي‪ :‬لك ما سوى‬ ‫الل تعاىل(‪ ،)2‬ومن هللالهلن أنها ربوبية مزنـهة عن لك انلقائص والعيوب‬

‫املتضمنة للك كمال وتعظيم‪ ،‬قال سبحانه‪{ :‬ﮠ(‪ )3‬ﮡ ﮢ ﮣ‬

‫ﮤ} [انلحل]‪ ،‬ويه ربوبية عظمة وجَّلل‪ ،‬مزنـهة عن الشبيه واملثال‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ربوبية‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ} [الواقعة]‪ ،‬ويه‬ ‫َّ‬ ‫جل جَّلل‪{ :‬ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬ ‫عطف ورْحة‪ ،‬قال‬

‫ﭛ ﭜ ﭝ} [الفاحتة]‪ .‬وقال تعاىل‪{ :‬ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ‬ ‫ﭬ ﭭ} [يس]‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تفسي ابن كثي (‪ ،)75/4‬الصواعق املرسلة (‪.)1496/4‬‬ ‫(‪ )2‬ابن كثي (‪.)53/1‬‬

‫(‪ )3‬ألن التسبيح معناه اتلزنيه‪ ،‬وـهو إبعاد لك نقص عن املوصوف‪ ،‬انظر (ص ‪.)263‬‬

‫‪34‬‬

‫‪‬‬

‫َّ‬ ‫فاقرتان ربوبيته برْحته‪ ،‬اكقرتان استوائه ْع عرشه برْحته‪ ،‬قال‬

‫َّ‬ ‫عز شأنه‪{ :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ} [طه]‪ ،‬فوسع تعاىل لك‬ ‫سرت ومغفرة‪ ،‬قال‬ ‫يشء بربوبيته‪ ،‬ورْحته(‪ ،)1‬ومن هللالهلن أنها ربوبية ٍ‬

‫تعاىل‪{ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ} [سبأ]‪ ،‬فدل ْع أن من أخص‬

‫صفات ربوبيته الرْحة‪ ،‬والرأفة‪ ،‬واملغفرة‪ ،‬وأنها من موجبات‬ ‫ربوبيته اجلليلة‪ ،‬ويه ربوبيَّة عزة‪ ،‬وقوة‪ ،‬وغلبة‪ ،‬ومنعة‪ ،‬قال‬ ‫سبحانه‪{ :‬ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ} [ص]‪،‬‬

‫ومن هللالهلن أنها ربوبية كرم‪ ،‬وعطاء‪ ،‬وجود بَّل حدود‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬

‫{ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ} [اَّلنفطار]‪.‬‬

‫ومن هللالل ربوبيته أنه "قد استوى ْع عرشه وتفرد بتدبي‬

‫ملكه‪ ،‬فاتلدبي لكه بيديه‪ ،‬ومصي األمور لكها إيله‪ ،‬فمراسيم‬ ‫ِ‬ ‫اتلدبيات نازلة من عنده‪ْ ،‬ع أيدي مَّلئكته ف لك ساعة وحي‪:‬‬

‫خيلق ويرزق‪ ،‬حيي ويميت‪ ،‬خيفض ويرفع‪ ،‬يعطي ويمنع‪ ،‬يقبض‬ ‫ويبسط‪ ،‬يعز ه‬ ‫ويذل‪ ،‬يكشف الكرب عن املكروبي‪ ،‬وجييب دعوة‬

‫ِ‬ ‫املضطرين"(‪ )2‬فـ{ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ} [األعراف]‪.‬‬

‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ للعبد أن يكتيس ثوب العبودية‪ ،‬وخيلع‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫علو‬ ‫الربوبية‪ ،‬لعلمه أن ربه ـهو املنفرد بها‪ ،‬من‬ ‫عن نفسه رداء‬ ‫ّ‬ ‫الشأن‪ ،‬والقهر‪ ،‬والفوقية(‪ ،)3‬فيِّب نفسه ْع الطاعة والعبودية لرب‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬مدارج السالكي (‪.)35/1‬‬

‫(‪ )2‬انظر الصَّلة وحكم تاركها (‪.)172‬‬

‫(‪ )3‬انظر أسماء الل احلسىن‪ ،‬د‪ .‬حممود الرضواين (ص‪.)694‬‬

‫‪35‬‬

‫‪‬‬ ‫الّبية‪ ،‬واتباع انليب ‘ ف لك سننه السنية‪" ،‬وأن حيسن تربية من‬ ‫هجعلت تربيته إيله‪ ،‬فيقوم بأمره ومصاحله كما قام احلق به" ‪ ،‬ومن‬ ‫(‪)1‬‬

‫آمن بربوبية الل تعاىل اجلليلة‪ ،‬ذاق طعم اإليمان اذلي عليه الفَّلح‬

‫ف ادلنيا‪ ،‬ويف ادلار األخروية‪ ،‬قال ‘‪،> :‬اق طعم اإليمنن‪ ،‬من ريض‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫بن ربن وبنإلسالم دينن وبمحمد ‘ رسوال<(‪ ،)2‬وينبيغ للعبد أن‬

‫يتوسل إىل ربه بهذا اَّلسم اجلليل ف لك مطلوب ومرغوب‪ ،‬فإن‬ ‫َّ‬ ‫العلية‪.‬‬ ‫اإلجابة من لوازم ربوبيته‬

‫‪ 2‬ـ ‪ 3‬ــ اهلل (الرمحن الرحيم) جل ثناؤه‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ}‬

‫[ابلقرة]‬

‫َّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬ـهذان اَّلسمان الكريمان مشتقان من‬

‫(ا رمح‪ْ )،‬ع وجه املبالغة‪ ،‬والرْحة ف اللغة يه‪" :‬الرقة‪ ،‬والشفقة‪،‬‬ ‫واحلنان‪ ،‬والعطف‪ ،‬والرأفة"(‪.)3‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو ا رمحن ا رحيم اذلي َّل‬

‫أرحم منه ف العاملي‪:‬‬

‫‪ )1‬فهو تعاىل أرحم الراْحي‪ ،‬وخي الراْحي‪ ،‬ذو الرْحة الواسعة‪،‬‬

‫اليت َّل اغية بعدـها ف الرْحة‪ ،‬وَّل نظي هلا ف الورى‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )2‬مسلم (‪.)43‬‬

‫(‪ )1‬األسىن للقرطيب (‪.)395/1‬‬

‫(‪ )3‬معجم مقاييس اللغة (‪ ،)498/2‬اتلوحيد َّلبن منده (‪.)47/2‬‬

‫‪36‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ )2‬فبحار رْحته تبارك وتعاىل َّل شاط َ‬ ‫ئ هلا‪ ،‬وَّل حدود هلا‪ ،‬قد‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫وسعت لك يشءٍ‪ ،‬ف األرض والسموات العَّل(‪.)1‬‬ ‫‪" )3‬فجميع ما ف العالم العلوي والسفل‪ ،‬من حصول املنافع‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫واملسار واخليات‪ ،‬من آثار رْحته تعاىل‪ ،‬كما أن ما رصف عنهم من‬

‫ِ‬ ‫املاكره‪ ،‬وانلِقم‪ ،‬والسيئات‪ ،‬من آثار رْحته تعاىل"(‪.)2‬‬

‫‪ )4‬فهو تعاىل أرحم بنا من لك راحم‪ ،‬أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا‬

‫وأوَّلدنا [بل ومن] أنفسنا(‪.)3‬‬

‫الفرق بني (ا رمحن) و(ا رحيم)‪:‬‬ ‫األول‪ :‬أن (ا رمحن)‪ :‬أشد مبالغة من (ا رحيم)‪ ،‬ألن بناء فعَّلن‬ ‫أشد مبالغة من فعيل‪ ،‬فهو يدل ْع َّ‬ ‫السعة والشمول‪ ،‬فهو جيمع لك‬ ‫َ‬ ‫معاين الرْحة‪ ،‬وذللك َّل يهث َّىن وَّل جيمع‪ ،‬فدل ْع أنه تعاىل ذو الرْحة‬ ‫ِ‬ ‫الشاملة‪ ،‬اليت وسعت لك اخلَّلئق ف ادلنيا‪ ،‬إنسهم وجنهم‪ ،‬مؤمنهم‬

‫واكفرـهم‪ ،‬فما من موجو ٍد ف ـهذا الوجود‪ ،‬إَّل وقد شملته رْحته‪ ،‬أما‬

‫(ا رحيم)‪ :‬فهو ذو الرْحة الواسعة للمؤمني يوم ادلين‪ ،‬فاكن‬ ‫للمؤمني احلظ وانلصيب األكّب من ـهذين اَّلسمي ف ادلارين(‪.)4‬‬

‫اثلنين‪ :‬أن (ا رمحن) دال ْع الصفة اذلاتية‪ ،‬اليت َّل تنفك عن‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬قال سبحانه‪{ :‬ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ} [األعراف‪.]56 :‬‬ ‫(‪ )3‬تفسي ابن السعدي (‪.)405‬‬

‫(‪ )2‬انظر فتح الرحيم امللك (‪.)15‬‬

‫(‪ )4‬كما ف احلديث‪ ...> :‬ةيكملهن منئ‪ ،‬رمح‪ ،‬ألويلنئه يوم القينم‪ <،‬صحيح ْع رشط الشيخي‪ ،‬انظر "زوائد‬ ‫املوطأ واملسند" صالح الشايم (‪.)53/1‬‬

‫‪37‬‬

‫‪‬‬ ‫الل تعاىل‪ ،‬و(ا رحيم) دال ْع الصفة الفعلية اليت تتعلق بمشيئته‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫اثلنلث‪ :‬أن (ا رمحن)‪ :‬خمتص به َّل جيوز أن ي ه َس ََّّم به أحد غي‬

‫الل تعاىل‪ ،‬وَّل يوصف به غيه‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ‬ ‫ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ} [اإلرساء‪ ،]110 :‬فعادل به اسم‬

‫اجلَّللة (الل)‪ ،‬اذلي َّل يرشكه فيـه غيه‪ .‬أمـا (ا رحيم)‪ :‬فيوصف بــه‬

‫املخلوق‪ ،‬قال تعاىل ف وصف انليب ‘‪{ :‬ﮬ ﮭ ﮮ‬

‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ‬ ‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ} [اتلوبة] ‪ .‬ـهذا إن ذكرا ً‬ ‫مجيعا‪ ،‬أما إن‬ ‫(‪)1‬‬

‫ً‬ ‫ذكر أحدـهما منفردا عن اآلخر فهو متضمن ل(‪.)2‬‬ ‫ٰ‬ ‫تعنىل لعبند ‪:‬‬ ‫* أًواع رمحته‬ ‫ا‬ ‫أوال‪ :‬رمح‪ ،‬اعم‪ :،‬ويه جلميع اخلَّلئق‪ ،‬فلك اخللق مرحومون‬

‫برْحة الل تعاىل‪ ،‬بإجيادـهم وتربيتهم‪ ،‬ورزقهم‪ ،‬وإمدادـهم بانلعم‬

‫والعطايا‪ ،‬وتصحيح أبدانهم‪ ،‬وتسخي املخلوقات واجلمادات هلم‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫وغي ذلك من انلعم‪ ،‬اليت َّل تعد وَّل حتىص‪.‬‬ ‫ا‬ ‫ثنًين‪ :‬رمح‪ ،‬نص‪ :،‬اليت تكون بها سعادة ادلنيا واآلخرة‪ ،‬ويه َّل‬ ‫ِ‬ ‫تكون إَّل خلواص عباده املؤمني‪ ،‬فيْحهم تعاىل ف ادلًين‪ :‬بتوفيقهم‬

‫إىل اهلداية إىل الرصاط املستقيم‪ ،‬وينرصـهم ْع أعدائهم‪ ،‬ويدفع عنهم‬ ‫الرشور واملهالك واملصائب‪ ،‬ويرزقهم احلياة الطيبة انلافعة‪ ،‬اليت تعود‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر ـهذه الفروق‪ :‬تفسي الطّبي (‪ ،)84/1‬لسان العرب (‪ ،)230/1‬احلجة ف بيان املحجة (‪ ،)125/1‬بدائع‬ ‫(‪ )2‬تفسي سورة النساء َّلبن عثيمي (‪.)11/1‬‬ ‫الفوائد (‪ ،)24/1‬األسىن للقرطيب (‪.)476‬‬

‫‪38‬‬

‫‪‬‬ ‫عليهم باملنافع ادلنيوية‪ ،‬وادلينية(‪ ،)1‬وتتجىل ف اآل رة‪ :‬ف أْع‬

‫مظاـهرـها وكماهلا‪ ،‬ف السعادة األبدية‪ ،‬ف دخوهلم جنات الل تعاىل‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫العلية‪ ،‬واتلمتع برؤية رب الّبية(‪.)2‬‬ ‫ٰ‬ ‫* ا رمحن ٰ‬ ‫استوى‪ :‬يقرن الل تبارك وتعاىل استواءه‬ ‫ىلع العرش‬ ‫ً‬ ‫كثيا‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭾ ﭿ ﮀ‬ ‫ْع العرش بهذا اَّلسم اجلليل‬

‫ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ} [الفرقان]‪ ،‬وذلك أن العرش ـهو‬ ‫أعظم املخلوقات ْع اإلطَّلق‪ ،‬املحيط بها من مجيع اجلهات‪ ،‬والرْحة‬ ‫حميطة جبميع اخلَّلئق‪ ،‬وسعت من ف األرض والسموات‪ ،‬فاستوى ْع‬

‫أوسع املخلوقات‪ ،‬وـهو عرشه‪ ،‬بأوسع الصفات‪ ،‬ويه رْحته(‪.)3‬‬

‫ٰ‬ ‫قىض ا‬ ‫* رمحته سبقت غضبه‪ :‬قال ‘‪> :‬ملن‬ ‫َّ‬ ‫كتنب ةهو عند ‪ ،‬موضوع ٰ‬ ‫يف‬ ‫ىلع العرش‪ :‬إن رمحيت تيلب(‪)4‬‬ ‫ٍ‬ ‫اخللق‪ ،‬كتب‬

‫غضيب<(‪" ،)5‬وـهذا الكتاب العظيم الشأن‪ ،‬اكلعهد منه سبحانه‬ ‫للخليقة لكهم‪ ،‬بالرْحة هلم‪ ،‬والعفو عنهم‪ ،‬واملغفرة واتلجاوز والسرت‪،‬‬

‫واإلمهال واحللم‪ ،‬فاكن قيام العالم العلوي والسفل‪ ،‬بمضمون ـهذا‬

‫الكتاب‪ ،‬اذلي لوَّله لاكن للخلق شأن آخر"(‪.)6‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭩ ﭪ ﭫ‬

‫ﭬ} [يونس]‪ ،‬اقرتن ف كتاب الل تعاىل بي اسم (ا رحيم) مع‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر جمموع الفتاوى (‪ ،)79/8‬وشفاء العليل (‪ ،)263‬أحاكم من القرآن (‪ )184 ،25/1‬ابن عثيمي‪.‬‬

‫(‪ )2‬كما جاء ف احلديث القديس عن اجلنة‪..> :‬أًت رمحيت‪ ،‬أرحم با من أشنء< ابلخاري (‪ ،)4569‬مسلم (‪.)2846‬‬ ‫(‪ )3‬انظر مدارج السالكي (‪ ،)34/1‬خمترص الصواعق املرسلة (‪.)121/2‬‬

‫(‪ )4‬ويف رواية‪( :‬سبقت غضيب)‪ )5( .‬ابلخاري (‪ ،)7404‬مسلم (‪ )6( .)2751‬خمترص الصواعق املرسلة (‪.)303‬‬

‫‪39‬‬

‫‪‬‬

‫ً‬ ‫موضعا‪ ،‬فدل ـهذا اَّلقرتان ْع مزيد من‬ ‫(اليفور) ف اثني وسبعي‬

‫صفات الكمال‪ ،‬إضافة ْع الكمال ف لك اسم بمفرده‪ ،‬ففيه "تكثي‬ ‫طرق اتلعظيم للمحمود سبحانه‪ ،‬بتكثي صفات كمال‪ ،‬ادلالة ْع‬

‫عظمته"(‪ :)1‬فمن ذلك‪" :‬أن مغفرة الل تعاىل لعبده‪ ،‬مع استحقاقه‬ ‫للعقوبة بمقتىض عدل‪ ،‬إن ـهو إَّل أثر من آثار رْحة الل تعاىل‪ ،‬وـهذا‬

‫من مقتىض رْحته اليت كتبها ْع نفسه‪ ،‬وإَّل لاكن مقتىض العدل‪،‬‬ ‫أن يؤاخذ العبد ْع ذنبه‪ ،‬كما جيزيه ْع صالح عمله"(‪. )2‬‬

‫وا كمنل اآل ر‪ :‬أن املغفرة ختلية عن اذلنوب‪ ،‬اليت بها زوال‬

‫املكروه‪ ،‬والرْحة حتلية‪ ،‬أي‪ :‬بها حصول املطلوب‪ ،‬وـهو انلعمة‪،‬‬

‫واإلحسان(‪ ،)3‬هلذا قدم سبحانه (اليفور) ْع (ا رحيم) وـهو أول‬ ‫بالطبع‪ :‬ألن املغفرة سَّلمة‪ ،‬والرْحة غنيمة‪ ،‬والسَّلمة تطلب قبل‬

‫الغنيمة‪ ،‬فجمع بينهما لفائدة عظيمة ويه‪ :‬اجلمع بي الوقاية‪ ،‬ويه‪:‬‬

‫انلجاة من لك مرـهوب‪ ،‬والعناية‪ :‬اليت بها حصول لك مرغوب(‪.)4‬‬

‫(‪ )2‬قال تعاىل‪{ :‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬

‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ} [احلج]‪ ،‬دل ـهذا اَّلقرتان ْع اغية‬

‫الكمال من الرْحة لعباده‪ ،‬وأْع درجاتها‪ ،‬فلوَّل رأفته ويه‪ :‬أشد‬ ‫ً‬ ‫الرْحة‪ ،‬وأبلغها‪ ،‬ما أبىق الل أحدا من الكفرة‪ ،‬والفجرة‪ ،‬والظلمة‬ ‫َّ‬ ‫يدب ْع األرض‪ ،‬لكن لشدة رْحته أن أبقاـهم ْع ذنوبهم‪ ،‬ويسبغ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬القواعد اللكية لألسماء والصفات عند السلف‪ .‬د‪ .‬إبراـهيم الّبيكان (‪.)91‬‬ ‫(‪ )2‬ولل األسماء احلسىن‪ ،‬عبد العزيز بن نارص اجلليل (‪ )3( .)147‬أي من لوازم الرْحة ومقتضاـها‪.‬‬

‫(‪ )4‬انظر بدائع الفوائد (‪ ،)112/1‬تفسي آل عمران (‪ ،)515 ،193/1‬والنساء (‪ )102/2‬للعَّلمة ابن عثيمي‪.‬‬

‫‪40‬‬

‫‪‬‬ ‫عليهم آَّلءه وإنعامه‪ ،‬وإمهال‪ ،‬كذلك إمساكه السموات أن تقع ْع‬

‫األرض‪ ،‬إن ـهو إَّل أثر من آثار رْحته سبحانه‪.‬‬

‫هللالل ا رمحن ا رحيم‪ :‬من جَّلهلما‪> :‬أن ا‬

‫لق منئ‪،‬‬

‫رمح‪ ،،‬أًًل منهن رمح‪ ،‬واحدة بني اجلن واإلنس‪ ،‬وابلهنئم‪ ،‬واهلوام‪،‬‬

‫ةبهن يتعنطفون‪ ،‬وبهن يرتامحون‪ ،‬وبهن تعطف ا وحش ٰ‬ ‫ىلع ودلهن‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ا‬ ‫وأ ر ا تسعن وتسعني رمح‪ ،،‬يرحم عبند يوم القينم‪ ،<،‬ويف لفظ‪:‬‬

‫>لك رمح‪ ،‬طبنق من بني ا سمنء واألرض<(‪ .)1‬فاشرتك لك اخلَّلئق بهذه‬ ‫ً‬ ‫الرْحة‪ ،‬واستأثر الل جل جَّلل املؤمني بتسعة وتسعي رْحة يوم‬ ‫القيامة‪ ،‬فاكنت هلم الرْحة اتلامة‪ ،‬ف ادلنيا واآلخرة‪.‬‬ ‫ومن هللالهلن أنها َّ‬ ‫عمت حىت الاكفر‪" ،‬فإنه تعاىل قرن الرْحة مع‬ ‫العلم ف السعة والشمول‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ‬

‫ﯢ ﯣ} [اغفر‪ ،]7 :‬فلك ما بلغه علم الل تعاىل‪ ،‬وعلم الل تعاىل‬

‫بالغ للك يشء‪ ،‬فقد بلغته رْحته‪ ،‬فكما يعلم تعاىل الاكفر‪ ،‬يرحم‬ ‫َّ‬ ‫بدنية‪ ،‬دنيوية‪ ،‬خمتصة‬ ‫الاكفر‪ ،‬لكن رْحته للاكفر رْحة جسديَّة‪،‬‬ ‫بادلنيا‪ ،‬من الرزق‪ ،‬والطعام‪ ،‬والرشاب‪ ،‬وامللبس‪ ،‬واملسكن‪ ،‬واملنكح‪،‬‬

‫وغي ذلك‪ ،‬أما املؤمنون فرْحتهم أخص من ـهذه وأعظم‪ ،‬ألنها رْحة‬ ‫إيمانية‪ ،‬دينية‪ ،‬دنيوية"(‪ ،)2‬أخروية‪ ،‬أبدية‪.‬‬

‫ومن هللالل رمحته‪ :‬أنها رْحة بعزة‪ ،‬وقوة‪ ،‬وغلبة‪ ،‬ومنعة‪َّ ،‬ل‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬مسلم (‪ 2752‬ـ ‪.)2753‬‬

‫(‪ )2‬انظر رشح الواسطية للعَّلمة (‪َّ )249/1‬لبن عثيمي‪.‬‬

‫‪41‬‬

‫‪‬‬ ‫رْحة ضعف وذلة اكلّبية‪ ،‬قال الل العظيم‪{ :‬ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬

‫ﮚ ﮛ} [الشعراء]‪.‬‬

‫ومن هللالهلن‪" :‬أنه تعاىل أوجب ْع نفسه الرْحة‪ ،‬وـهو إجياب‬

‫تفضل وإنعام‪ ،‬ليس إجياب استحقاق‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭾ ﭿ ﮀ‬

‫ﮁ} [األنعام‪.)1("]54 :‬‬

‫ٰ‬ ‫تعنىل‪ :‬أنها َّل تقترص ْع املؤمني فقط‪ ،‬بل‬ ‫ومن هللالل رمحته‬ ‫ً‬ ‫تكريما هلم‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯛ‬ ‫تمتد لتشمل ذريتهم من بعدـهم‪،‬‬

‫ﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ‬ ‫ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ‬ ‫ﯱ ﯲ} [الكهف‪.)2(]82 :‬‬

‫ومن هللالهلن‪ :‬أنه كما "خلق اجلنة برْحته [كذلك أنه خلق] انلار‬

‫ً‬ ‫أيضا برْحته‪ ،‬فإنها سوطه اذلي يسوق به عباده املؤمني إىل جنته‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ويطهر بها أدران املوحدين من أـهل معصيته‪ ،‬وسجنه اذلي يسجن فيه‬ ‫أعداءه من خليقته"(‪.)3‬‬

‫ٌ‬ ‫ومن هللالل رمحته‪ :‬أنها تتضمن أنه َّل يهلك عليه أحد من‬ ‫املؤمني‪ ،‬من أـهل توحيده َّ‬ ‫وحمبته ‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫َّ‬ ‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذين اَّلسمي يثمران جتريد حمبة الل عز وجل‪،‬‬

‫وعبودية الرجاء واتلعلق برْحة الل تعاىل‪ ،‬واتلعرض لألسباب اليت‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬الآللئ ابلهية ف رشح العقيدة الواسطية ملعايل الشيخ صالح آل الشيخ (‪.)359/1‬‬ ‫(‪ )2‬أسماء الل احلسىن د‪ .‬الرضواين (‪.)240‬‬

‫(‪ )3‬اجلواب الاكف (‪.)168‬‬

‫‪42‬‬

‫(‪ )4‬الصَّلة َّلبن القيم (‪.)174‬‬

‫‪‬‬ ‫تستوجب رْحته تعاىل اخلاصة اليت من أعظمها‪ ،‬طاعة الل تعاىل‬

‫ورسول ‘ {ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ} [آل عمران]‪،‬‬ ‫وامتَّلء القلب بالرْحة والعطف مع اإلنسان‪ ،‬واحليوان‪ ،‬قال ‘‪:‬‬

‫>ا رامحون يرمحهم ا ‪ ،‬ارمحوا من يف األرض‪ ،‬يرمحكم من يف ا سمنء<(‪،)1‬‬ ‫ُ‬ ‫وقال ‘ وـهو ْع املنّب‪> :‬ارمحوا ترمحوا‪ ،‬واغفروا ييفر لكم<(‪.)2‬‬

‫‪ 4‬ـ ـ اهلل (احليّ) جل جالله‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ} [الفرقان‪.]58 :‬‬

‫ِ‬ ‫ـهذا اَّلسم اجلليل يدل ْع كمال حياة الرب تبارك وتعاىل‬

‫وتمامها‪ ،‬من مجيع الوجوه‪ ،‬كما أفاد (أل) لَّلستغراق‪.‬‬

‫ً‬ ‫املعىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه تعاىل ـهو اليح اذلي َّل يموت أبدا‪:‬‬

‫(‪ )1‬فهو تعاىل ذو احلياة الاكملة ف وجودـها‪ ،‬والاكملة ف زمانها‪ ،‬والاكملة‬ ‫َّ َ‬ ‫َ ٍّ‬ ‫آخ َر ل بأمد(‪.)3‬‬ ‫ف لك أوصافها‪ ،‬فهو سبحانه يح َّل‬ ‫أول ل ِحبد‪ ،‬وَّل ِ‬ ‫ه‬ ‫م َ ه‬ ‫َّ‬ ‫حقها زوال‪ْ ،‬ع‬ ‫الح‪ :‬اذلي لم ت مسبَ مق حياته بعدمٍ ‪ ،‬وَّل يل‬ ‫(‪ )2‬وـهو‬ ‫ادلوام‪ ،‬فوجوده من ذاته ذلاته‪ ،‬لم يستفده من غيه‪.‬‬ ‫تأخذه سنَ ٌة وَّل ٌ‬ ‫ه‬ ‫نوم‪ ،‬وَّل نقص‪،‬‬ ‫(‪ )3‬ومن كمال حياته وتمامها‪ :‬أنه َّل‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ ِ‬ ‫ٌ‬ ‫حال من األحوال‪.‬‬ ‫وَّل ضعف‪ ،‬وَّل سهو‪ ،‬وَّل غفلة‪ ،‬وَّل عجز‪ ،‬بأي ٍ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )2‬صحيح اجلامع (‪.)897‬‬

‫(‪ )1‬سلسلة األحاديث الصحيحة (‪.)925‬‬

‫(‪ )3‬انظر ابن جرير (‪ ،)386/5‬تفسي آل عمران َّلبن عثيمي (‪ ،)7/1‬األسىن (‪.)376‬‬

‫‪43‬‬

‫‪‬‬ ‫(‪ )4‬وـهو اذلي به َح َيا لك ّ‬ ‫يح‪ ،‬فهو اذلي حيي األجسام بعد العدم‬ ‫وحييىي انلفوس بنور اهلدى واإليمان بعد اجلهل‪.‬‬ ‫(‪ )5‬ومن كماهلا‪ :‬أنه تعاىل اكمل القدرة‪ ،‬نافذ اإلرادة‪ ،‬واملشيئة‪ ،‬ف‬ ‫ِ‬ ‫وحي(‪َّ )1‬ل يعىص عليه أمر مهما يكون‪.‬‬ ‫وقت‬ ‫لك‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫هللالل اليح‪ :‬أنه جيمع لك صفات اذلات وـهو أصلها‪َّ ،‬ل‬

‫تفوته صفة كمال ابلتة‪ :‬من السمع‪ ،‬وابلرص‪ ،‬والعلم‪ ،‬واإلرادة‪،‬‬

‫واملشيئة‪ ،‬والالكم‪ ،‬وسائر صفات الكمال(‪.)2‬‬

‫‪ 5‬ـ اهلل (القَيُّوم) عز شأنه‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ} [طه‪]111 :‬‬

‫َ ُّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬القيوم من ِص َيغ املبالغة‪ ،‬ف القيام ْع‬ ‫اليشء‪ ،‬والراعية ل‪ ،‬واملحافظة‪ ،‬واإلصَّلح(‪.)3‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو القيوم‪ :‬اذلي ل‬

‫َّ‬ ‫القيومية الاكملة ْع لك يشء‪ ،‬من لك الوجوه‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫(‪ )1‬فهو تعاىل القائم بنفسه مطلقا‪َّ ،‬ل بغيه أزَّل وأبدا‪ ،‬فلم‬ ‫حيتاج إىل أحد بوج ٍه من الوجوه‪ ،‬لكمال غناه وقدرته‪.‬‬

‫(‪ )2‬وـهو اذلي قامت به مجيع املخلوقات‪ ،‬من ف األرض‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر بدائع الفوائد (‪ ،)679/2‬الصواعق املرسلة (‪ ،)1024/3‬شأن ادلاعء (‪.)80‬‬ ‫(‪ )2‬اتلبيان ف أقسام القرآن (‪ ،)205‬وجمموع الفتاوى (‪ ،)311/18‬وزاد املعاد (‪.)204/4‬‬ ‫(‪ )3‬اللسان (‪ ،)355/11‬شأن ادلاعء (‪.)80‬‬

‫‪44‬‬

‫‪‬‬ ‫والسموات‪ ،‬فَّل بقاء هلا‪ ،‬وَّل صَّلح إَّل به سبحانه‪ ،‬فيه فقية إيله‬

‫من لك وجه‪ ،‬وـهو غن عنها من لك وجه‪ ،‬حىت العرش وْحلته‪ ،‬فإن‬ ‫العرش إنما قام بالل‪ ،‬وْحلة العرش ما قامت إَّل بالل تعاىل‪.‬‬

‫(‪ )3‬وـهو سبحانه القائم ْع لك العوالم‪ ،‬العلوي‪ ،‬والسفل‪ ،‬وما‬

‫فيهما من خملوقات‪ ،‬ف مجيع أحواهلم‪ :‬بتدبيـهم‪ ،‬وأرزاقهم‪ ،‬وحفظهم‪،‬‬

‫وقت وحي‪.‬‬ ‫ويف لك شؤونهم‪ ،‬بالعناية والراعية‪ ،‬ف لك ٍ‬

‫(‪ )4‬وـهو ابلايق اذلي َّل يزول وَّل حيول‪ ،‬ادلائم ف ديمومته‬

‫بالكمال واجلَّلل‪ ،‬ف لك األحوال‪ :‬بذاته‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وأفعال‪ ،‬وسلطانه‪.‬‬

‫(‪ )5‬وقيامه تعاىل بتدبي اخلَّلئق وترصيف لك أمورـهم بتمام‬

‫العدل‪ ،‬والقسط‪ ،‬قال الل العظيم‪{:‬ﭮ ﭯ} [آل عمران‪.]18 :‬‬

‫(‪ )6‬ومن تمام قيوميته‪ :‬أن قامت السموات واألرض واستقرتا‬

‫وثبتتا بأمره‪ ،‬وقدرته‪ ،‬بَّل عمد يعمدـهما(‪.)1‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ :‬يقرن الل تبارك وتعاىل بي (اليح)‬ ‫ِ‬ ‫و(القيوم) ف كتابه‪ ،‬ألن عليهما مدار األسماء احلهسىن لكها‪ ،‬وترجع‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫يتضمنان إثبات صفات الكمال أكمل تضم ٍن‪،‬‬ ‫معانيها إيلهما‪ ،‬فهما‬ ‫َ‬ ‫وأصدقه‪ ،‬ويدل ْع بقائها‪ ،‬ودوامها‪ ،‬بنهاياتها‪ ،‬وحقائقها ْع الكمال‬ ‫ً ً‬ ‫األقىص‪ ،‬وانتفاء انلقص والعدم عنها‪ ،‬أزَّل وأبدا‪:‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر املعاين السابقة‪ :‬جامع ابليان (‪ ،)388/5‬اشتقاق أسماء الل (‪ )105‬اتلوحيد َّلبن منده (‪ ،)84/2‬الآللئ‬ ‫ابلهية ف رشح العقيدة الواسطية (‪ ،)237/1‬تفسي ابن السعدي (‪.)303/5‬‬

‫‪45‬‬

‫‪‬‬

‫َ َّ‬ ‫ُّ‬ ‫فكمال األوصاف ف (اليح)‪ ،‬وكمال األفعال ف (القيوم)(‪ ،)1‬فدَّل‬ ‫َ َّ‬ ‫أجل منها‪ ،‬وكمال صفات اذلات‪،‬‬ ‫ْع كمال اذلات اليت َّل أكمل وَّل‬

‫واألفعال‪ ،‬اليت َّل أْع منها‪" ،‬اذلي فيهما الكمال اذلايت والكمال‬ ‫السلطاين" ‪" .‬فانتظم ـهذان اَّلسمان صفات الكمال‪َّ ،‬‬ ‫أتم انتظام" ‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫َّ‬ ‫عد ٌ‬ ‫مجع من أـهل العلم(‪ )4‬أنهما اسم الل األعظم(‪.)5‬‬ ‫هلذا‬

‫(‪)3‬‬

‫هللالل (القيوم)‪ :‬أنه جامع جلميع صفات األفعال‪َّ ،‬ل يتعذر‬

‫عليه فعل ممكن‪ ،‬اكخللق‪ ،‬والرزق‪ ،‬واإلنعام‪ ،‬واإلحياء‪ ،‬واإلماتة(‪.)6‬‬ ‫َّ‬ ‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذين اَّلسمي الكريمي يثمران للعبد اتلولك‬

‫ْع الل‪ ،‬واَّلستسَّلم ل تعاىل ف ظاـهره‪ ،‬وباطنه‪ ،‬ف رغبته ورـهبته‪،‬‬

‫قال سبحانه وتعاىل‪{ :‬ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬

‫ﭭ } [الفرقان‪ ،]85 :‬ومن داعء انليب ‘ >امهلل ا أسلمت‪ ،‬وبا‬

‫آمنت‪ ،‬وعليا تولكت‪ ،‬وإيلا أًبت‪ ،‬وبا نصمت‪ ،‬امهلل إين أعو‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫بعًتا ال إلهه إال أًت أن ت ُ ِضلَّين‪ ،‬أًت ُّ‬ ‫اليح اذلي ال يموت‪ ،‬واإلنس‬ ‫ُّ‬ ‫جلن يموتون<(‪.)7‬‬ ‫وا ِ‬ ‫وهلذين اَّلسمي الكريمي تأثي خاص ف إجابة ادلعوات(‪،)8‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬جمموع الفتاوى (‪ ،)311/18‬رشح العقيدة الطحاوية (‪ ،)125‬األسىن (‪.)378‬‬ ‫(‪ )3‬رشح العقيدة الطحاوية (‪.)125‬‬ ‫(‪ )2‬رشح العقيدة الواسطية‪ ،‬ابن عثيمي (‪.)166/1‬‬ ‫(‪ )5‬جمموع الفتاوى (‪ ،)311/18‬ومدارج السالكي‬ ‫(‪ )4‬اكبن تيمية وابن القيِم وغيـهما‪.‬‬ ‫ً‬ ‫(‪ .)488/1‬كما جاء أن انليب ‘ سمع رجَّل يدعو فقال‪> :‬امهلل إين أسأ ا بأن ا احلمد‪ ،‬ال هلإ إال أًت‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫املننن‪ ،‬ين بديع ا سمنوات واألرض‪ ،‬ين ‪،‬ا اجلالل واإلكرام‪ ،‬ين ُّ‬ ‫يح ين قيوم< فقال ‘‪> :‬لقد سألت ا بنسمه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٰ‬ ‫أعطى< سلسلة األحاديث الصحيحة (‪.)3411‬‬ ‫األعظم‪ ،‬اذلي إ‪،‬ا ديع به أهللنب‪ ،‬وإ‪،‬ا سئل به‬ ‫(‪ )7‬مسلم (‪.)2717‬‬

‫(‪ )6‬اتلبيان (‪ ،)205‬والصواعق املرسلة (‪.)2290‬‬

‫(‪ )8‬كما ف احلديث السابق اذلكر‪ ،‬أنهما مظنة اَّلسم األعظم‪ ،‬انظر ص ‪.29‬‬

‫‪46‬‬

‫‪‬‬

‫َّ‬ ‫(أـهمه) ٌ‬ ‫أمر‬ ‫وكشف الكربات‪ ،‬وإاغثة اللهفات‪ ،‬فقد اكن ‘ إذا حزبه‬ ‫قال‪> :‬ين ُّ‬ ‫يح ين قيوم‪ ،‬برمحتا أستييث<(‪ ،)1‬وتكفي اذلنوب والسيئات‬ ‫العظام‪ ،‬قال ‘‪> :‬من قنل‪ :‬استيفر ا العظيم اذلي ال هلإ إال هو‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫اليح القيوم‪ ،‬وأتوب إيله‪ ،‬غ ِف َر هل‪ ،‬وإن اكن ة َّر من ا ًحف<(‪. )2‬‬ ‫‪ 6‬ـ ‪ 7‬ـ ‪ 8‬ـ (العلي‪ ،‬األعلى‪ ،‬املتعال) عز شأنه‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ} [ابلقرة]‪.‬‬ ‫َّ‬

‫وقال عز شأنه‪{ :‬ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ} [األْع]‬

‫وقال جل ثناؤه‪{ :‬ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ} [الرعد]‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬العلو‪ :‬السمو واَّلرتفاع‪ ،‬ويطلق ْع العظمة‬ ‫واتلمجيد‪ ،‬واتلجّب(‪ ،)3‬ويأيت بمعىن‪ :‬الغلبة‪ ،‬والقهر(‪ ،)4‬والع ُّ‬ ‫ل‪:‬‬ ‫ًّ‬ ‫ِ‬ ‫علوا‪ :‬إذا ارتفع‪،‬‬ ‫العلو‪ ،‬يقال‪ :‬عَّل يعلو‬ ‫الرفيع‪ ،‬وـهو مشتَق من‬ ‫وأعجز من رامه‪ ،‬ول معنيان‪ :‬أحدـهما‪ :‬علو املاكن‪ ،‬واثلاين‪ :‬علو‬

‫األىلع‪ْ :‬ع وزن أفعل اتلفضيل‪ ،‬وـهو اذلي ارتفع عن غيه‪،‬‬ ‫ٰ‬ ‫املاكنة‪ ،‬و‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫العلو مجيعها ‪ ،‬فدل ْع‬ ‫وفاقه ف وصفه ‪ ،‬فهو جيمع معاين‬ ‫(‪)6‬‬

‫(‪)5‬‬

‫اتلفضيل املطلق ف العلو‪ ،‬واملتعنيل‪ :‬من العلو‪ ،‬أي املرتفع‪ ،‬وـهو يدل‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬صحيح اجلامع (‪.)2290‬‬

‫(‪ )2‬صحيح الرتغيب والرتـهيب (‪.)1622‬‬

‫(‪ )3‬ومنه قول تعاىل‪{ :‬ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ} [القصص‪.]4 :‬‬ ‫(‪ )4‬ومنه قول تعاىل‪{ :‬ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ} [املؤمنون‪.]91 :‬‬

‫(‪ )5‬لسان العرب (‪ 3088/5‬ـ ‪ ،)3091‬معجم مقاييس اللغة (‪ 112/4‬ـ ‪ ،)120‬األسىن (‪.)201‬‬ ‫(‪ )6‬اتلفسي الكبي َّلبن تيمية (‪.)135/6‬‬

‫‪47‬‬

‫‪‬‬ ‫ْع كمال العلو‪ ،‬ونهايته‪ ،‬وصيغت الصفة بصيغة اتلفاعل‪ ،‬لدلَّللة‬

‫ْع أن العلو صفة ذاتية ل‪َّ ،‬ل غيه(‪.)1‬‬

‫ً‬ ‫ومعىن متقارب‪،‬‬ ‫اشتقاق واحد‪،‬‬ ‫دلت ـهذه األسماء اجلليلة ْع‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫العلو‪" ،‬وأعظم املباينة‪ ،‬وأجلها‪ ،‬وأكملها"(‪ ،)2‬املطلق‬ ‫فتدل ْع كمال‬ ‫ه‬ ‫لل من مجيع الوجوه‪ ،‬فَّل أحد حييص أفراد كمال علوه إَّل ـهو تعاىل‪.‬‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو العل األ ٰ‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىلع املتعنل‪:‬‬

‫(‪ )1‬اذلي ل علو اذلات (املاكن)‪ :‬أي أنه تبارك وتعاىل عل‬ ‫ِ‬ ‫مستو ْع عرشه‪ ،‬فوق مجيع خلقه‪ ،‬قال‬ ‫يشء‪،‬‬ ‫لك‬ ‫بذاته أْع من‬ ‫ٍ‬ ‫تعاىل‪{ :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ(‪ )3‬ﮍ} [طه]‪.‬‬ ‫(‪ )2‬وعلو القدر (املاكنة)‪ :‬أي علو الصفات‪ ،‬وعظمتها‪ ،‬فلك‬

‫صفة من صفاته تعاىل ل من الكمال أعَّلـها‪ ،‬واغيتها من لك الوجوه‪،‬‬ ‫فَّل يقاربها صفة أحد‪ ،‬وَّل يقدر أحد من اخلَّلئق من َّ‬ ‫أوهلم إىل‬ ‫ِ‬ ‫آخرـهم‪ ،‬من إنسهم وجنهم‪ ،‬أن حييطوا بمعاين صفة من صفاته‬

‫الكمال العَّل‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮘ ﮙ ﮚ} [انلحل‪.]60 :‬‬

‫(‪ )3‬وعلو القهر والغلبة‪ :‬فهو سبحانه الغالب اذلي َّل يهغلب‪،‬‬ ‫والقاـهر اذلي َّل يهقهر‪ ،‬فلك املخلوقات حتت قهره‪ ،‬وسلطانه‪ ،‬خاضعون‬ ‫ِ‬ ‫لعلوه سبحانه‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ} [األنعام‪.]18 :‬‬

‫(‪ )4‬املتعايل عن الشبيه‪ ،‬وانلظي‪ ،‬واملثيل‪ ،‬جلت صفاته أن‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬بدائع الفوائد (‪ ،)159/2‬تفسي الطاـهر بن اعشور (‪.)274/15‬‬

‫(‪ )3‬أي‪ :‬عَّل وارتفع كما يليق بكمال وجَّلل‪ .‬الطّبي (‪.)184/5‬‬

‫‪48‬‬

‫(‪ )2‬الصواعق املرسلة (‪.)338/4‬‬

‫‪‬‬

‫تقاس بصفات خلقه ً‬ ‫شبها‪ ،‬وتعالت ذاته أن تشبه من اذلوات شيئًا‪.‬‬

‫(‪ )5‬وـهو اذلي عَّل عن لك عيب‪ ،‬ونقص‪ ،‬وسوء‪ ،‬ورش‪َّ ،‬‬ ‫مزنه‬

‫عنه من مجيع وجوـهه‪ ،‬لكمال سبحانه ْع اإلطَّلق‪.‬‬

‫(‪ )6‬وـهو العل عن لك كمال يساويه‪ ،‬أو يقرب منه‪ ،‬أو يدانيه‪،‬‬

‫ألنه ليس فوقه ما جيب ل من املعاين اجلَّلل والكمال أحد‪.‬‬

‫يستحق العبادة إَّل‬ ‫(‪ )7‬املتعايل عن لك الرشيك ف عبادته‪ ،‬فَّل‬ ‫ِ‬

‫ـهو‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ} [املؤمنون]‪.‬‬

‫(‪ )8‬وـهو املتعايل عن الرشيك ف ربوبيته‪ ،‬فليس ل ظهي‪ ،‬وَّل‬ ‫ً‬ ‫معي‪ ،‬وَّل ول من اذلل‪ ،‬وَّل نصي من خلقه أحدا‪.‬‬ ‫(‪ )9‬وـهو اذلي تعاىل عن الصاحبة‪ ،‬والودل‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭪ‬

‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ} [اجلن]‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫(‪ )10‬وـهو اذلي جل عن إفك املفرتين‪ ،‬واملبطلي‪ ،‬وإحلاد‬ ‫امللحدين ف حقه سبحانه وتعاىل‪ًّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫كبيا‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮋ‬ ‫علوا‬ ‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ} [اإلرساء]‪.‬‬

‫َّ‬ ‫(‪ )11‬وـهو اذلي تعاىل أن حياط به وصف الواصفي‪ ،‬وجل عن‬ ‫لك ثناء‪ ،‬فهو أعظم‪ ،‬وأجل‪ ،‬وأْع مما يهثىن عليه‪.‬‬

‫(‪ )12‬وـهو تعاىل أْع من أن يدركه اخللق باألبصار الفانية بَّل‬ ‫حجاب ‪ ،‬فليس لكمال ِ‬ ‫علوه تعاىل حد‪ ،‬وَّل عد‪ ،‬وَّل نِد‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر املعاين السابقة‪ :‬اللسان (‪ ،)3089/4‬معجم مقاييس اللغة (‪ 112/4‬ـ ‪ ،)120‬تفسي الطّبي (‪،)406/5‬‬ ‫اتلفسي الكبي (‪ 135/6‬ـ ‪ ،)140‬جمموع الفتاوى (‪ 119/16‬ـ ‪ ،)124‬انلونية (‪ ،)213/2‬األسىن (‪.)213/2‬‬

‫‪49‬‬

‫‪‬‬ ‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ}‬

‫[الشورى]‪ ،‬ذلك أن العل من اخللق قد يتفق علوه‪ ،‬وَّل تصحبه ف ِ‬ ‫علوه‬ ‫حكمة‪ ،‬فكم من ع ٍّ‬ ‫بالقهر‪،‬‬ ‫مستعل‬ ‫ل وـهو سفيه‪ ،‬ظالم‪ ،‬جهول‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬

‫وابلطش بغي احلق‪ ،‬أما الرب فعلوه سبحانه املطلق من لك الوجوه‪،‬‬ ‫مقرون حبكم َّ‬ ‫علية‪ ،‬شاملة ف مجيع أفراد ِ‬ ‫علوه‪ ،‬وهلذا قال سبحانه‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وتعاىل‪{ :‬ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ} أي‪ :‬بليغ ف ـهاتي الصفتي‪،‬‬ ‫فعلوه تعاىل ف ذاته عن حكمة‪ ،‬وعلوه ف قهره لعباده عن حكمة‪،‬‬ ‫وعدم إدراك اخللق ل باألبصار حلكمة‪ ...‬إَّل ما َّل نهاية‪.‬‬

‫هللالل العل األ ٰ‬ ‫ىلع املتعنل‪ :‬أنها تدل ْع صفة العلو اذلاتية‬ ‫ً ً‬ ‫َّ‬ ‫العلية‪ ،‬فهو‬ ‫لل تعاىل‪ ،‬اليت َّل تنفك عنه أزَّل وأبدا‪ ،‬ويه من لوازم ذاته‬ ‫ِ‬ ‫اعل ْع خلقه ْع ادلوام ‪ ،‬ةمن هللالل ر‬ ‫علو تعاىل ْع لك يشء‪ ،‬أنه َّل‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ٍ‬ ‫خيىف عليه يشء‪ ،‬من عرشه إىل قرار أرضه‪ ،‬يسمع ويرى‪َّ ِ ،‬‬ ‫الَّس‬ ‫ِ‬ ‫بالعلو األْع‪.‬‬ ‫وانلجوى‪ ،‬ويزنل لك يللة إىل السماء ادلنيا‪ ،‬وـهو‬ ‫فهو سبحانه "فوق مجيع خلقه‪ ،‬مباين هلم‪ ،‬وـهو مع ـهذا َّ‬ ‫مطلع ْع‬ ‫ِ‬ ‫أحواهلم‪ ،‬مشاـهد هلم‪ ،‬مدبِر ألمورـهم الظاـهرة وابلاطنة‪ ،‬متلكم بأحاكمه‬

‫القدرية‪ ،‬وتدبياته الكوينة‪ ،‬وبأحاكمه الرشعية"(‪.)2‬‬ ‫َّ‬ ‫اثلمرات‪ :‬من شهد مشهد ِ‬ ‫وفوقيته‬ ‫علو الل تعاىل ْع خلقه‪،‬‬ ‫لعباده من لك الوجوه‪َّ ،‬‬ ‫وتعبد بمقتىض ـهذه الصفة العلية‪ ،‬يصي لقلبه‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬أما استواؤه ْع العرش‪ :‬فهو صفة فعلية تتعلق بمشيئته‪ .‬انظر جمموع الفتاوى (‪.)68/6‬‬ ‫(‪ )2‬توضح الاكفية الشافية (‪.)116‬‬

‫‪50‬‬

‫‪‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫صمدا يعرج القلب إيله ناجيًا ل مطرقا‪ ،‬واقفا بي يديه(‪ ،)1‬ف‬

‫السؤال‪ ،‬والرغبة‪ ،‬والرـهبة‪ ،‬واذلل‪ ،‬واملحبة‪ ،‬ويتجىل ـهذا املشهد للعبد‬

‫عند سجوده‪ ،‬وتسبيحه تعاىل بعلوه املطلق اذلي ـهو ف اغية اذلل‬ ‫ّ‬ ‫للعبد‪ ،‬واغية العزة واملجد للرب‪ ،‬فَّل يزال العبد يعلو بعز العبودية‪،‬‬ ‫اليت َّل ّ‬ ‫أعز منها ف لك الوجود‪ ،‬إىل أن يصل إىل دار اخللود‪.‬‬

‫‪ 9‬ـ اهلل (الكريم) جل جالله‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ} [اَّلنفطار]‪.‬‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬ا كريم‪ :‬ابليه الكثي اخلي‪ ،‬العظيم انلفع‪،‬‬ ‫ً‬ ‫والعرب ت ه ِ‬ ‫كريما‪ ،‬وذللك قيل‬ ‫سيم اليشء انلافع اذلي يدوم نفعه‬ ‫ً‬ ‫للناقة احلوار‪ :‬كريمة‪ ،‬ويسَّم اليشء اذلي ل ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫كريما ‪،‬‬ ‫وخطر‬ ‫قدر‬ ‫(‪)2‬‬

‫والكريم ـهو‪ :‬اذلي ل لك كمال وصفات‪ ،‬فهو اجلامع ألنواع اخلي‪ ،‬والرشف‪،‬‬ ‫والفضائل(‪ ،)3‬ويطلق ْع اليشء احلسن املحمود‪ ،‬يوصف بالكرم(‪،)4‬‬ ‫والكريم‪َّ :‬‬ ‫الصفوح‪ ،‬ويأيت بمعىن العزيز‪ ،‬أي‪ :‬اذلي َّل يهغلب ‪.‬‬ ‫(‪)6()5‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬طريق اهلجرتي (‪ )82‬بترصف‪.‬‬

‫(‪ )2‬كما قالت بلقيس عن كتاب سليمان عليه السَّلم‪{ :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ} [انلمل]‪.‬‬ ‫(‪ )3‬ومنه احلديث‪> :‬إن ا كريم بن ا كريم يوسف بن يعقوب< ألنه اجتمع ل رشف َّ‬ ‫انلبوة‪ ،‬والعلم‪ ،‬واجلمال‪.‬‬

‫(‪ )4‬قال تعاىل‪{ :‬ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ} [الشعراء] ‪ ،‬وقال تعاىل‪{ :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬ ‫هه‬ ‫أكرمه بالضم‪ :‬إذا غلبته فيه‪.‬‬ ‫(‪" )5‬يقال‪ :‬اكرمت الرجل‪ :‬إذا فاخرته ف الكرم‪ ،‬فكرمته‬ ‫ﭱﭲ} [يوسف]‪.‬‬ ‫(‪ )6‬األسىن للقرطيب (‪ 99/1‬ـ ‪ ،)112‬جمموع الفتاوى (‪ ،)294/16‬خمتار الصحاح ( ‪ ،)308‬اشتقاق أسماء الل (‪.)176‬‬

‫‪51‬‬

‫‪‬‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو ا كريم اذلي َّل أكرم منه‪:‬‬ ‫(‪ )1‬فهو أكرم األكرمي‪َّ ،‬ل يوازيه أي كريم‪ ،‬وَّل يعادل فيه نظي‪.‬‬ ‫(‪)2‬وـهو تعاىل ابليه‪ :‬الكثي اخلي‪ ،‬العظيم انلفع‪ ،‬اذلي َّل ينقطع‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫(‪ )3‬وـهو سبحانه الكريم‪َّ :‬‬ ‫الصفوح اذلي يعفو عن عبده الزَّلت‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ِ‬ ‫وييَّس ل سبل األوبة واخليات‪.‬‬ ‫بل ويبدل سيئاته حسنات‪،‬‬ ‫(‪ )4‬وـهو تعاىل دائم اخلي‪ ،‬بَّل انقطاع وَّل انتهاء‪ ،‬يبدأ بانلعمة‬

‫قبل اَّلستحقاق‪ ،‬ويعطي قبل ادلاعء‪ ،‬ويبتدئ باإلحسان من غي‬

‫طلب اجلزاء‪ ،‬ويعطي ما زاد ْع منتىه الرجاء‪ ،‬وَّل يبايل كم‬

‫أعطى‪ ،‬وملن أعطى‪.‬‬

‫(‪ )5‬وـهو تعاىل الكريم‪ :‬العزيز‪ ،‬املنيع‪ ،‬العظيم اجلناب‪ ،‬الغالب‬ ‫اذلي َّل يهغلب‪ ،‬وَّل يهرام جنابه‪ ،‬وَّل يوصل إىل كنه ذاته‪.‬‬ ‫(‪ )6‬وـهو الكريم‪ :‬ل رشف اذلات‪ ،‬وكمال الصفات‪ ،‬والزناـهة‬ ‫عن لك انلقائص واآلفات‪ ،‬خبَّلف اخللق‪ ،‬فإنهم إن ه‬ ‫كرموا من وجه‪،‬‬ ‫ه‬ ‫سفلوا من وجه آخر‪ ،‬وبيق الكريم بالكمال من لك وجه واعتبار‪.‬‬ ‫(‪ )7‬والل تعاىل الكريم‪ :‬اذلي ل قدر عظيم‪ ،‬وخطر كبي‪ ،‬ليس‬

‫ل مثيل‪ ،‬وَّل عديل‪ ،‬فَّل يساميه أحد ف كمال قدره وشأنه‪.‬‬

‫(‪ )8‬ومن كرمه اذلي ليس ل حدود‪ ،‬وَّل مقيد بقيود‪ :‬أنه تعاىل‬

‫يسرت مساوئ األخَّلق(‪ ،)1‬بإظهار معايلها مع ما فيها من العيوب‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر املعاين السابقة‪ :‬مفتاح دار السعادة (‪ ،)241/2‬اتلبيان ف أقسام القرآن (‪ ،)286‬شأن ادلاعء (‪،)71‬‬ ‫اشتقاق أسماء الل (‪ ،)302‬األسىن (‪ ،)121/1‬نظم ادلرر للبقايع (‪.)228/5‬‬

‫‪52‬‬

‫‪‬‬ ‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬اقرتن ـهذا اَّلسم اجلليل باسم‬ ‫ٌ‬ ‫احلي) قال ‘‪> :‬إن ربكم ُّ‬ ‫( ر‬ ‫كريم يستحي إ‪،‬ا رةع ا رهللل إيله‬ ‫حي‬ ‫ِ‬ ‫َ َّ‬ ‫ُ َّ ُ ُ ا‬ ‫زائد ف الكمال‪،‬‬ ‫يديه‪ ،‬أن يردهمن صفرا نئبتني<(‪ ،)1‬فدل ْع معىن ٍ‬ ‫وـهو أن حياءه تعاىل ـهو ترك ما ليس يتناسب مع سعة كرمه وجوده‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫فدل ْع أن حياءه حياء كرم‪ ،‬وبر‪ ،‬وجَّلل‪ ،‬وجود بَّل حدود(‪.)2‬‬

‫(‪ )2‬اقرتن بصفة الكمال (ا وهلله) اذلاتية‪ ،‬كما جاء عن انليب‬

‫‘ أنه إذا دخل املسجد‪ ،‬قال‪> :‬أعو‪ ،‬بن‬

‫العظيم‪ ،‬وبوهللهه ا كريم‪،‬‬

‫وسلطنًه القديم من ا شيطنن ا رهلليم<(‪ ،)3‬فإن من معاين الكريم‬

‫كما سبق‪ :‬اجلامع ألنواع اخلي‪ ،‬والرشف‪ ،‬والفضائل‪ ،‬املوصوف بغاية‬ ‫َّ‬ ‫احلسن‪ ،‬واجلمال‪ ،‬وابلهاء‪َّ ،‬‬ ‫املزنه عن انلقائص واآلفات‪ ،‬فدل ـهذا‬

‫اَّلقرتان ْع أن وجه الل تبارك وتعاىل اذلي ـهو من صفات اذلات‪،‬‬ ‫موصوف بأْع صفات الكمال‪ ،‬من اغية احلسن‪ ،‬وابلهاء‪ ،‬واجلمال‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫أحد من األنام‪.‬‬ ‫واجلَّلل‪ ،‬املزنه عن مشابهة ٍ‬ ‫ِ‬ ‫رب َّ‬ ‫العزة واجلَّلل‪:‬‬ ‫كما جاء عن املصطىف ‘ فيما حيكيه عن‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫ٰ‬ ‫اًتىه إيله‬ ‫>‪ ...‬حجنبه انلور‪ ،‬و كشفه ألحرقت سبحنت وهللهه من‬ ‫من لقه< والسبحات‪ :‬مجع هسبهحة‪ ،‬ويه‪ :‬مجال الوجه‪ ،‬وبهاؤه‪،‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫ونوره‪ ،‬وجَّلل(‪ ،)5‬ونعوت اتلعايل‪ ،‬وهلذا اكن ‘ يسأل ربه أن يرزقه‬ ‫رؤية وجهه الكريم‪ ،‬اذلي ـهو أعظم نعيم‪ ،‬ف جنات انلعيم املقيم‪:‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬صحيح الرتمذي (‪ )2( .)3556‬انظر مدارج السالكي (‪ )3( .)259/2‬صحيح أيب داود (‪ )4( .)466‬مسلم (‪)179‬‬ ‫(‪ )5‬ذكر انلووي أن ـهذا قول مجيع الشارحي للحديث من اللغويي واملحدثي‪ ،‬رشح صحيح مسلم (‪.)13/3‬‬

‫‪53‬‬

‫‪‬‬ ‫إىل وهللها ‪ ،‬وا شوق ٰ‬ ‫>‪ ...‬امهلل إين أسأ ا ذلة انلظر ٰ‬ ‫إىل لقنئا<(‪.)1‬‬ ‫َّ‬ ‫فدل ـهذا اَّلقرتان ْع كمال‪ ،‬وعظمة صفات اذلات‪ ،‬واألفعال‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫(‪ )3‬قال تعاىل‪{ :‬ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ} [انلمل]‪ ،‬دل ـهذا‬

‫اَّلقرتان اجلليل ْع اجتماع عدة كماَّلت‪ ،‬من ذلك‪ :‬أنه ليس لك‬ ‫كريما‪ ،‬وليس لك كريم ًّ‬ ‫ً‬ ‫ٍّ‬ ‫غنيا‪ ،‬أما الل تعاىل فغناه مع كمال‬ ‫ٍ‬ ‫غن(‪)2‬‬ ‫مغن لك‬ ‫الكرم‪ ،‬وكرمه عن كمال غىن‪ ،‬فهو مع ـهذا الغىن املطلق‪ٍ ،‬‬ ‫عباده من أفضال وإحسانه ف يلله ونهاره‪.‬‬

‫وا كمنل اآل ر‪" :‬أنه تعاىل حمسن إىل عبده مع غناه عنه‪ ،‬يريد‬ ‫َّ‬ ‫الرض‪َّ ،‬ل جللب منفعة إيله من العبد‪ ،‬وَّل‬ ‫به اخلي‪ ،‬ويكشف عنه‬

‫َّ‬ ‫مرضة"(‪ ، )3‬بل من حمض فضله وكرمه‪ ،‬وجوده إيله‪ ،‬فهو تعاىل‬ ‫دلفع‬

‫من كمال غناه وكرمه‪ ،‬أنه خلق العباد يلعبدوه‪َّ ،‬ل ليزقوه‪ ،‬وَّل‬

‫يلطعموه‪ ،‬بل ـهو رازق العاملي(‪،)4‬أما العباد فإنهم لفقرـهم وحاجتهم‬ ‫ً‬ ‫بعض حلاجته إىل ذلك‪ ،‬وانتفاعه به اعجَّل أو‬ ‫إنما حيسن بعضهم إىل ٍ‬ ‫ً‬ ‫آجَّل‪ ،‬ولوَّل ذلك انلفع ملا أحسن إيله‪ ،‬فهو ف احلقيقة إنما أراد‬

‫اإلحسان إىل نفسه‪ ،‬أما الل سبحانه مع كمال استغنائه عن عباده‪،‬‬ ‫ه‬ ‫فهو جيود عليهم ف لك وقت من آَّلئه‪ ،‬يريد اإلحسان إيلهم‪َّ ،‬ل إىل‬ ‫نفسه سبحانه(‪.)5‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬رواه النسايئ ف املجتىب (‪ ،)54/3‬وصححه األبلاين ف صحيح النسايئ (‪.)1305‬‬ ‫(‪ )3‬إاغثة اللهفان (‪.)41/1‬‬ ‫(‪ )2‬املقصود من الغىن ـهنا ـهو عدم اَّلحتياج إىل أحد‪.‬‬

‫(‪ )4‬قال تعاىل‪{ :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ‬ ‫ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ} [اذلاريات]‪.‬‬

‫(‪ )5‬انظر إاغثة اللهفان (‪.)41/1‬‬

‫‪54‬‬

‫‪‬‬ ‫هللالل ا كريم‪ :‬من هللالل كرمه تعاىل أنه يسهل خيه وجوده‪،‬‬

‫ويقرب تناول ما عنده بأيَّس األسباب‪ ،‬ألنه سبحانه ليس بينه وبي‬

‫العبد حجاب‪ ،‬فهو تعاىل يعطي بغي سبب‪ ،‬وبدون عوض‪ ،‬ألنه بدأ‬ ‫اخللق بانلعم‪ ،‬وختم أحواهلم بانلعم(‪ ،)1‬ومن هللالهل أنه َّل تستعظمه‬ ‫املسائل وادلعوات‪ ،‬مهما كرثت‪ ،‬وكّبت‪ ،‬قال ‘‪> :‬إ‪،‬ا داع أحدكم‬ ‫ةليعظم رغبته‪ ،‬ةإن ا‬

‫ال يتعنظم عليه يشء أعطن <(‪.)2‬‬

‫ومن هللالل كرمه‪ :‬أنه تعاىل خيص عباده املؤمني من فضله‪،‬‬ ‫فَّل يَ هرد سؤاهلم إذا سألوه‪ ،‬قال ‘‪> :‬إن ربكم ٌّ‬ ‫حي كريم‪ ،‬يستحي‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ا‬ ‫صفرا نئبتني< ‪ ،‬بل ويزيدـهم من‬ ‫إ‪،‬ا رةع ا رهللل إيله يديه أن يردهمن‬ ‫(‪)3‬‬

‫األجر‪ ،‬واثلواب ْع قدر السؤال‪ ،‬قال ‘‪> :‬أةضل العبندة ادلاعء<(‪.)4‬‬ ‫ومن هللالهل‪ :‬أنه يعطي ويثن‪ ،‬كما فعل بأويلائه‪َّ ،‬‬ ‫حب َ‬ ‫ب إيلهم‬

‫اإليمان‪َّ ،‬‬ ‫وكره إيلهم الكفر والفسوق والعصيان(‪ ،)5‬ثم يدخلهم ف‬

‫اآلخرة اجلنان‪ ،‬فمنه السبب‪ ،‬ومنه املسبب‪.‬‬

‫ومن هللالل كرمه‪ :‬أنه تعاىل أسبغ صفة اسمه (ا كريم) ْع‬ ‫َّ‬ ‫أعظم عطاياه ف اآلخرة‪ ،‬ويه جنته‪ ،‬قال الل تعاىل‪{ :‬ﮛ‬

‫ﮜ ﮝ ﮞ} [النساء]‪" ،‬وإذا اعتّبت مجيع ما قيل ف معىن‬ ‫الكرم‪ ،‬علمت أن اذلي وجب لل تعاىل من ذلك َّل حيىص"(‪.)6‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬األسىن (‪.)116/1‬‬

‫(‪ )3‬صحيح الرتمذي (‪.)3556‬‬ ‫(‪ )5‬األسىن (‪.)113/1‬‬

‫(‪ )2‬صحيح أيب داود (‪ ،)1333‬وبنحوه مسلم (‪.)6753‬‬ ‫(‪ )4‬سلسلة األحاديث الصحيحة (‪.)1579‬‬ ‫(‪ )6‬املصدر السابق‪.‬‬

‫‪55‬‬

‫‪‬‬ ‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ أن يعلم لك مؤمن أن الل سبحانه وتعاىل‬ ‫أحق من َّ‬ ‫تسَّم بالكرم‪ ،‬فيسأل لك يشءٍ‪ ،‬فيزنل حاجاته به وحده‪ ،‬ف‬

‫َّ‬ ‫يلله ونهاره‪ ،‬فإنه كريم َّل يرد من سأل‪ ،‬ثم جيب عليه أن يتصف‬ ‫ه ه‬ ‫َّ‬ ‫بالكرم‪ ،‬ويسىع ف أسبابه‪ ،‬ويتحىل به ف خلقه‪ ،‬ويف قول‪ ،‬وفعله‪،‬‬ ‫فيصفح َّ‬ ‫عمن أساء ل‪ ،‬ويقابل املحسن بأكرث من إحسانه ‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪ 10‬ـ ـ اهلل (الودود) سبحانه وتعاىلٰ‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ} [ـهود]‪.‬‬

‫هِ‬ ‫املع ٰ‬ ‫الود‪،‬‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬الودود من صيغ املبالغة‪ ،‬أي‪ :‬كثي‬ ‫َمه‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ه‬ ‫احلب‪ ،‬وألطفه ‪.‬‬ ‫املحبة‪ ،‬تقول‪ :‬وددته إذا أحببته‪ ،‬وـهو أصىف‬ ‫والود‪:‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫ويأيت ْع معنيي‪ :‬األول‪ :‬فعول بمعىن فاعل‪ :‬أي اذلي حيب أنبياءه‬

‫ورسله‪ ،‬وأويلاءه‪ ،‬وعباده الصاحلي‪ ،‬ومن آثار ذلك‪ :‬أنه يرض عنهم‬

‫بأعماهلم‪ ،‬وحيسن إيلهم ويمدحهم بها‪.‬‬

‫اثلنين‪ :‬فعول بمعىن مفعول‪ ،‬أي‪ :‬مودود‪ ،‬يعن‪ :‬املحبوب اذلي‬ ‫َّ‬ ‫املحبة العظَّم ‪ ،‬فَّل يشء‬ ‫حيبه أنبياؤه‪ ،‬ورسله‪ ،‬وعباده املؤمنون‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫َّ‬ ‫أحب إيلهم منه سبحانه‪ ،‬فيه نسيمهم‪ ،‬وروح أبدانهم "فَّل تعادل‬ ‫حمبة الل تعاىل ف قلوب أصفيائه َّ‬ ‫َّ‬ ‫حمبة أخرى‪َّ ،‬ل ف أصلها‪ ،‬وَّل ف‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫كيفيتها‪ ،‬وَّل ف متعلقاتها"(‪ ،)4‬فهو سبحانه يود أويلاءه‪ ،‬ويودونه(‪.)5‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬األسىن (‪ )123/1‬بترصف‪.‬‬

‫(‪ )2‬معجم مقاييس اللغة (‪ ،)75/6‬روضة املحبي َّلبن القيم (‪.)46‬‬

‫(‪ )3‬جَّلء األفهام (‪ ،)447‬وأشتقاق أسماء الل (‪)152‬‬

‫(‪ )4‬احلق الواضح (ص ‪ )5( .)69‬الاكفية الشافية (‪)245‬‬

‫‪56‬‬

‫‪‬‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو ا ودود املحبوب للك معبود‪:‬‬ ‫‪ )1‬املتودد إىل أويلائه بمعرفته ونعوته اجلميلة‪.‬‬ ‫‪ )2‬واملتودد إىل املذنبي بعفوه‪ ،‬وسرته‪ ،‬ورْحته‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ )3‬واملتودد إىل مجيع خلقه برزقه‪ ،‬وآَّلئه الواسعة‪ ،‬وألطافه ونعمه‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫واجللية‪.‬‬ ‫اخلفية‬ ‫‪ )4‬وـهو املحبوب املستحق أن َّ‬ ‫حيب ذلاته‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وأفعال(‪.)1‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪" :‬وما ألطف اقرتان اسم (ا ودود)‬

‫بـ(ا رحيم) و(اليفور)‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ} [ـهود]‪،‬‬

‫وقال سبحانه‪{ :‬ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ} [الّبوج]‪ ،‬فإن الرجل قد يغفر‬ ‫ه‬ ‫حيبه‪ ،‬وكذلك قد يرحم من َّل حيبه‪ ،‬والرب تعاىل‬ ‫ملن أساء إيله وَّل ِ‬ ‫يغفر لعبده‪ ،‬إذا تاب إيله‪ ،‬ويرْحه‪ ،‬وحيبه مع ذلك‪ ،‬فإنه سبحانه حيب‬ ‫َّ‬ ‫اتلوابي‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ} [ابلقرة‪ ،]222 :‬وإذا تاب الل‬

‫ْع عبده َّ‬ ‫أحبه‪ ،‬ولو اكن منه ما اكن(‪ ،)2‬فارتباط ـهذا اَّلسم الكريم‬ ‫ً‬ ‫جلي ًة‪ْ ،‬ع َّ‬ ‫َّ‬ ‫حمبة الل لَّلستغفار من اذلنوب‪،‬‬ ‫باملغفرة‪ ،‬يدل دَّللة‬ ‫وحمبته لألوبة والرجوع‪ ،‬وأن ذلك من أعظم مقتضيات‪ ،‬وموجبات‬ ‫َّ‬ ‫املودة‪ ،‬اليت تقتيض املغفرة والرْحة ف ادلنيا واآلخرة‪.‬‬ ‫هللالل ا ودود‪ :‬من هللالل ـهذا اَّلسم املبارك أنه يدل ْع‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫املحبة لل تبارك وتعاىل‪ ،‬اليت نطق بها الكتاب والسنة‪ ،‬ويه‬ ‫صفة‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬أسماء الل للرازي (‪ ،)274‬فتح الرحيم (‪ 40‬ـ ‪ ،)41‬جَّلء األفهام (‪.)318‬‬

‫‪57‬‬

‫(‪ )2‬اتلبيان ف أقسام القرآن (‪.)124‬‬

‫‪‬‬ ‫فعلية َّ‬ ‫صفة َّ‬ ‫علية‪ ،‬تتعلق بمشيئته وقدرته‪ ،‬تقتيض اإلحسان‪ ،‬واثلواب‪،‬‬ ‫واإلنعام‪ ،‬واإلكرام‪.‬‬

‫ومن هللالهل‪ :‬أن َّ‬ ‫حمبة العبد ِ‬ ‫لربه جل وعَّل فضل من الل‬ ‫وقوته‪ ،‬فهو تعاىل اذلي َّ‬ ‫وإحسان‪ ،‬ليست حبول العبد َّ‬ ‫أحب عبده فجعل‬ ‫أحبه العبد بتوفيقه‪ ،‬جازاه الل تعاىل ٍّ‬ ‫املحبة ف قلبه‪ ،‬ثم ملا َّ‬ ‫َّ‬ ‫حبب آخر‪،‬‬

‫وـهذا ـهو اإلحسان املحض ْع احلقيقة‪ ،‬إذ منه السبب‪ ،‬ومنه املسبب‪.‬‬ ‫وـهو تعاىل حيبهم لكمال إحسانه‪ ،‬وسعة ِ‬ ‫بره‪ ،‬بل حب العباد ل‬ ‫َّ‬ ‫بمحبتي من ِ‬ ‫ربهم‪ ،‬حب وضعه ف قلوبهم‪ ،‬فانقادوا ل‬ ‫تعاىل‪ ،‬حمفوف‬ ‫َّ م‬ ‫ً‬ ‫جزاء حبِهم‪ ،‬وكمل هلم َّ‬ ‫ت قلوبهم‪ ،‬ثم َّ‬ ‫َ‬ ‫حمبته‪،‬‬ ‫أحبهم‬ ‫طواع‪ ،‬واطمأن‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫وآخرا(‪.)1‬‬ ‫والفضل لكه منه‪ ،‬واملنة لل أوَّل‪،‬‬ ‫ومن هللالل ا ودود‪ :‬أنه يرزق أويلاءه َّ‬ ‫حمبة انلاس‪ ،‬فيحببهم إىل‬ ‫ً‬ ‫خلقه‪ ،‬فيجعل لعباده الصاحلي هو ًّدا‪ ،‬أي ًّ‬ ‫ً‬ ‫عظيما‪ ،‬وودادا ف قلوب‬ ‫حبا‬

‫العباد‪ ،‬وأـهل السماء‪ ،‬وأـهل األرض‪ ،‬من غي تودد منهم‪ ،‬وَّل تعر ٍض‬ ‫َّ‬ ‫لألسباب اليت تكسب بها انلاس‪ ،‬مودات القلوب من قرابة‪ ،‬أو‬ ‫ًّ‬ ‫صداقة‪ ،‬أو اصطناع غيه‪ ،‬أو غي ذلك‪ ،‬داَّل ْع ما هلم عندـهم من‬ ‫هِ‬ ‫الود‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬ ‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ} [مريم](‪.)2‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬احلق الواضح (‪ 69‬ـ ‪ ،)70‬توضيح الاكفية الشافية (‪.)125‬‬

‫(‪ )2‬ابن السعدي (‪ ،)140/5‬نظم ادلرر للبقايع (‪ )559/4‬بترصف‪.‬‬

‫‪58‬‬

‫‪‬‬

‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ومن هللالهل‪ :‬أنه تعاىل جعل املودة والرْحة آية ْع وحدانيته ف‬

‫األلوـهية‪ ،‬وكمال رْحته ف أسَّم العَّلقة بي الزوجي‪ ،‬قال الل‬

‫العظيم‪{ :‬ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ}‬

‫[الروم‪:‬‬

‫‪ ،]21‬وارتضاـها‬

‫تلكون نهاية للمتخاصمي مع اآلخرين‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭧ ﭨ ﭩ‬

‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ} [املمتحنة‪ ،)1(]7 :‬أي‪" :‬حمبة‬ ‫بعد ابلغضة‪ ،‬ومودة بعد انلفرة‪ ،‬وألفة بعد الفرقة"(‪.)2‬‬

‫اثلمرات‪ :‬من ظهر ل اسم (الودود) وكشف ل عن معاين ـهذا‬ ‫ّ‬ ‫اَّلسم ولفظه‪ ،‬وتعلقه بظاـهر العبد وباطنه‪ :‬اكن احلال احلاصل ل من‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫حال اشتغال هح ٍّ‬ ‫ً‬ ‫ب وشوق‪ ،‬وذلة‪،‬‬ ‫مناسبا ل‪ ،‬فاكن‬ ‫حرضة ـهذا اَّلسم‬

‫ومناجاة‪َّ ،‬ل أحىل منها‪ ،‬وَّل أطيب‪ ،‬حبسب استغراقه ف شهوده معىن‬ ‫ِ‬ ‫وحظه من أثره ‪ ،‬وهلذا اكن ِ‬ ‫سيد األولي واآلخرين ‘‬ ‫ـهذا اَّلسم‬ ‫(‪)3‬‬ ‫ِ‬ ‫ربه الودود‪ ،‬أن يرزقه َّ‬ ‫يَّلزم سؤال ِ‬ ‫حمبته اليت يه أعظم املحاب‪ ،‬فاكن‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫عمل‬ ‫ب‬ ‫وح‬ ‫ا‪،‬‬ ‫حيب‬ ‫من‬ ‫ب‬ ‫وح‬ ‫ا‪،‬‬ ‫ب‬ ‫من داعئه‪...> :‬امهلل وأسأ ا ح‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ٰ ُر‬ ‫ُ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ً‬ ‫ر‬ ‫إىل حبا<(‪ ،)4‬ومن داعئه أيضا‪> :‬امهلل ارزقين حبا‪ ،‬وحب‬ ‫يقربين‬ ‫ُّ‬ ‫من ينفعين حبه عندك‪.)5(<...‬‬ ‫َّ‬ ‫وينبيغ للمؤمن أن يتودد إىل الل تعاىل‪ ،‬باَّلشتغال باألسباب‬ ‫اليت تقتيض حمبَّته تعاىل‪ ،‬من األقوال‪ ،‬واألفعال‪ ،‬وأعظمها‪ ،‬طاعة‬

‫الل ورسول ‘‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )2‬ابن كثي (‪.)460/4‬‬

‫(‪ )1‬مع الل اَّلسم األعظم (‪ )189‬د‪ .‬سلمان العودة‪.‬‬

‫(‪ )4‬صحيح الرتمذي (‪.)3235‬‬

‫(‪ )3‬مدارج السالكي (‪.)165/3‬‬ ‫َّ‬ ‫وحسنه‪ ،‬ووافقه األرنؤوط ف جامع األصول (‪.)341/4‬‬ ‫(‪ )5‬أخرجه الرتمذي (‪،)3491‬‬

‫‪59‬‬

‫‪‬‬ ‫ﭴ ﭵ} [آل عمران‪" ،]31 :‬فمن اتبع رسول فيما جاء به‪ ،‬وصدق ف‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫وأحبه الل"(‪ ،)1‬وأن َّل يه َواد من حاد‬ ‫أحب الل‪،‬‬ ‫اتباعه‪ ،‬فذلك اذلي‬ ‫الل ورسول‪ ،‬ولو اكنوا من أـهله‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ‬ ‫ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬

‫ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ} [املجادلة‪.]22 :‬‬

‫‪ 11‬ـ ‪ 12‬ـ اهلل (الغفور‪ ،‬الغفَّار) عز وجل‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ} [احلِجر]‪.‬‬ ‫وقال تعاىل‪{ :‬ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ} [نوح]‪.‬‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬أصل اليفر‪ِ :‬‬ ‫الس مرت َّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫واتلغطية‪ ،‬وال ِمغفر‪ :‬ما‬ ‫َّ‬ ‫يوضع ْع رأس املحارب حال احلرب‪ ،‬يتوَّق به السهام‪ ،‬وـهو يفيد‬ ‫فائدتي‪ :‬السرت‪ ،‬والوقاية‪ ،‬فاملغفرة يه‪ :‬سرت اذلنب‪ ،‬واتلجاوز عنه(‪.)2‬‬ ‫َّ‬ ‫وـهذان اَّلسمان الكريمان من صيغ املبالغة‪ ،‬يدَّلن ْع كرثة‬

‫مغفرة الل تعاىل‪ ،‬وكرثة من يغفر هلم فالكرثة واقعة ف الفعل‪ :‬وـهو‬ ‫كرثة غفرانه ذلنوب عباده‪ ،‬ويف املحل‪ :‬كرثة املغفور هلم(‪.)3‬‬

‫والفرق بينهمن أن اليفور‪ :‬ـهو اذلي يغفر اذلنوب مهما عظمت‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫وكّبت‪ .‬واليفنر‪ :‬ـهو اذلي يغفر اذلنوب مهما تعددت‪ ،‬وكرثت‪،‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬األسىن للقرطيب (‪.)430/1‬‬ ‫(‪ )2‬شأن ادلاعء (ص ‪ ،)52‬جامع العلوم واحلكم (‪َّ )407/2‬لبن رجب‪ ،‬تفسي آل عمران للعَّلمة ابن عثيمي‬ ‫(‪ )3‬تفسي سورة ابلقرة َّلبن عثيمي (‪.)252/2‬‬ ‫رْحه الل (‪.)166/2‬‬

‫‪60‬‬

‫‪‬‬

‫َّ‬ ‫ةنليفور‪ :‬لذلنوب اثلقال العظام‪ ،‬واليفنر‪ :‬للكم والكرثة من اذلنوب‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الكمية‬ ‫واآلثام‪ ،‬ةنليفور املبالغة باعتبار الكيفية‪ ،‬واليفنر باعتبار‬ ‫(‪)1‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو اليفور اليفنر‪:‬‬ ‫‪ )1‬املبالغ ف السرت ذلنوب عباده‪ ،‬ف الَّس واجلهار‪ ،‬اذلي يغطيهم‬

‫بسرته‪ ،‬ف لك األحوال‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫‪ )2‬فهو تعاىل َّل يطلع ْع ذنوب عباده أحد غيه‪ ،‬فَّل يشهرـهم‪،‬‬

‫وَّل يفضحهم بي خلقه‪.‬‬

‫ه‬ ‫املتجاوز عن خطاياـهم وذنوبهم‪ ،‬مهما عظمت‪،‬‬ ‫‪ )3‬فهو سبحانه‬

‫ومهما كرثت‪َّ ،‬ل تزال آثار ذلك تشمل اخلليقة آناء الليل وانلهار‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ه‬ ‫مرة بعد َّ‬ ‫‪ )4‬فهو يغفر ذنوب عباده َّ‬ ‫مرة‪ ،‬إىل ما َّل حيىص‪ ،‬لكما‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫تكررت املغفرة من الرب(‪.)2‬‬ ‫تكررت توبة العبد من اذلنب‪،‬‬ ‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬اقرتن ـهذان اَّلسمان بـ(العًيً)‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫قال تعاىل ‪{ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ} [امللك]‪ ،‬وقال جل ثناؤه‪{ :‬ﭷ‬ ‫َّ‬ ‫ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ} [ص]‪ ،‬دل ـهذان‬ ‫كمال لل تعاىل‪ ،‬واليت منها‪ :‬أنه‬ ‫اَّلقرتانان ْع مزيد من صفات‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫عزته‪ ،‬فهو تعاىل مع كمال َّ‬ ‫عًيً ف مغفرته‪ ،‬غفور ف َّ‬ ‫عزته‬ ‫سبحانه‬

‫اليت من معانيها أنه‪ :‬القوي الغالب‪" ،‬العظيم املنيع اجلناب‪ ،‬فهو‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر املقصد األسىن (‪ ،)95‬ورشح أسماء الل احلسىن للرازي (‪ ،)220‬ورشح مصابيح السنة للبيضاوي‬ ‫(‪ ،)60/2‬وأسماء الل احلسىن اثلابتة (‪ ،)663‬ويف الكتاب املقدس (‪ )488‬للرضواين‪.‬‬

‫(‪ )2‬شأن ادلاعء (‪ ،)52‬تفسي أسماء الل (‪ )46‬بترصف‪.‬‬

‫‪61‬‬

‫‪‬‬ ‫تعاىل مع ذلك غفور ملن تاب إيله وأناب‪ ،‬بعد ما عصاه وخالف أمره‪،‬‬

‫يغفر‪ ،‬ويرحم‪ ،‬ويصفح‪ ،‬ويتجاوز"(‪ ،)1‬فَّل يعاجل العقوبة فور وقوع‬

‫السيئة‪ ،‬بل يمهل للتوبة واألوبة‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫فمغفرته تعاىل عن َّ‬ ‫ضعف وعجز و ِذلة‪،‬‬ ‫عزة‪ ،‬وقدرة‪َّ ،‬ل عن‬ ‫ٍ‬ ‫"خبَّلف من يتصف بالعزة من املخلوقي‪ ،‬فإنه ف الغالب تكون‬ ‫ً‬ ‫عزته تغلب مغفرته‪ ،‬أو من اتصف باملغفرة‪ ،‬فتجد عنده ضعفا‪،‬‬ ‫وليس عنده َّ‬ ‫عزة" ‪ ،‬وملا اكن من معاين العزيز أنه‪ :‬املنيع الغن‬ ‫(‪)2‬‬

‫اذلي َّل يهوصل إيله‪ ،‬فَّل ترضه معصية العباد‪ ،‬وَّل تنفعه طاعتهم‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫دل ْع أن مغفرته تعاىل نلا فضل حمض منه ْع اإلطَّلق ف‬

‫احلقيقة‪ ،‬ألنه سبحانه َّل ينتفع باملغفرة هلم‪ ،‬وَّل يرضه كفرـهم‪.‬‬

‫(‪ )2‬واقرتن (اليفور) بـ(ا رحيم)‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭬ ﭭ‬ ‫َّ‬ ‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ} [انلحل‪ ،]18 :‬دل ـهذا‬ ‫اَّلقرتان اجلليل‪ ،‬اذلي جاء ف سياق اتلذكي باإلنعام(‪ ،)3‬أن الل تعاىل‬

‫يسرت ويتجاوز عن اتلقصي ف أداء شكرـها‪ ،‬ومن اتلفريط ف‬

‫كفرانها‪ ،‬واإلخَّلل بالقيام حبقوقها‪ ،‬وـهو مع ذلك (رحيم) بكم‪،‬‬

‫فلم يعاجلكم بالعقوبة ْع كفرانها‪ ،‬بل يفيضها عليكم‪ ،‬مع‬ ‫استحقاقكم لقطعها‪ ،‬وحرمانكم منها(‪.)4‬‬

‫يدَّلن ْع سرت الل تعاىل ف‬ ‫هللالل اليفور اليفنر‪ :‬أنهما‬ ‫ِ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )2‬تفسي سورة (ص) َّلبن عثيمي (‪.)706/8‬‬

‫(‪ )1‬انظر ابن كثي (‪.)524/4‬‬ ‫ً‬ ‫(‪ )3‬ذكر الل ف ـهذه السورة بضعا وعرشين من أمهات انلعم‪.‬‬

‫(‪ )4‬تفسي ابليضاوي (‪ ،)257/2‬وأيب السعود (‪ )51/4‬بترصف‪.‬‬

‫‪62‬‬

‫‪‬‬ ‫احلال ويف املآل‪ ،‬وتغطية القبيح عن اطَّلع الغي ل‪ ،‬وإىل العفو‬ ‫َّ َ‬ ‫وتضمنا ْع كمال الصّب واحللم ل تعاىل‪ ،‬واإلمهال‬ ‫وإسقاط احلق‪،‬‬

‫َّ‬ ‫وتضمنا نيف انلقائص اليت‬ ‫واألناة‪ ،‬وكرم اذلات والصفات وغي ذلك‪،‬‬

‫تضاد ـهذه الصفات(‪ ،)1‬ومن هللالهلمن‪ :‬أنه مهما بلغ عظم اذلنب‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫واستغفر منه العبد‪ ،‬وأخلص ووحد الرب‪" ،‬غفر الل ل لك ما صدر‬ ‫نقص وعيب"(‪ ،)2‬قال تعاىل ف‬ ‫منه من ذنب‪ ،‬وأزال عنه ما ترتب من ٍ‬

‫احلديث القديس‪> :‬ين ابن آدم! و بليت ‪ً،‬وبا عننن ا سمنء ثم‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫استيفرتين‪ ،‬غفرت ا وال أبنيل‪ ،‬ين ابن آدم! و أتيتين بقراب األرض‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫ا‬ ‫ُ ُ‬ ‫رشك يب شيئن‪ ،‬ألتيتا بقرابهن ميفرة<(‪.)3‬‬ ‫طنين‪ ،‬ثم لقيتين ال ت ِ‬ ‫اثلمرات‪ :‬ـهذان اَّلسمان الكريمان يثمران ف قلب العبد تويق‬

‫معايص الل تعاىل‪ ،‬ومراقبة األعمال ف الظاـهر وابلاطن‪ ،‬ويثمران قوة‬ ‫الرجاء ف قلب العبد‪ ،‬وقطع ايلأس من رْحته تعاىل‪ ،‬وينبيغ للمؤمن أن‬ ‫يسترت عن انلاس بذنبه‪ ،‬ويعرتف به لربه‪ ،‬فإنه أرىج ف املغفرة ذلنبه(‪.)4‬‬ ‫‪ 13‬ـ اهلل (العزيز) تبارك وتعاىلٰ‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ} [الشعراء]‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬العًيً‪ :‬من صيغ املبالغة ْع وزن فعيل‪،‬‬ ‫وـهذا اَّلسم اجلليل حيمل ف َّ‬ ‫معان جَّلل وكمال‪ ،‬اليت َّل حتيط‬ ‫طياته‬ ‫ٍ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬األسىن للقرطيب (‪ )2( .)155/1‬تفسي ابن سعدي (‪.)251‬‬

‫(‪ )4‬قال ‘‪> :‬إن العبد إ‪،‬ا اعرتف بذًبه ثم تنب إىل ا ‪ ،‬تنب ا‬

‫‪63‬‬

‫(‪ )3‬سلسلة األحاديث الصحيحة (‪.)137‬‬

‫عليه<‪ .‬ابلخاري (‪ )2661‬ومسلم (‪.)2770‬‬

‫‪‬‬ ‫بها العبارة‪ ،‬وَّل يشار إيلها بإشارة‪ ،‬فمنها‪ :‬أنه الغالب‪ ،‬واجلليل‬

‫الرشيف‪ ،‬الرفيع الشأن والقدر‪ ،‬والقوي القاـهر‪ ،‬والرفيع املنيع‪،‬‬

‫واملنقطع انلظي‪ ،‬اذلي يصعب منال‪ ،‬ووجود مثله(‪.)1‬‬

‫ىن ا رشيع‪ :‬الل جل جَّلل ـهو العًيً‪ :‬اذلي َّل َّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫أعز منه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ْع اإلطَّلق‪ ،‬ل مجيع معاين العزة‪ ،‬وصفا‪ ،‬وملاك‪ ،‬ف أسَّم معانيها‪،‬‬

‫وأْع كماهلا‪ ،‬قال الل تعاىل‪{ :‬ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ} [يونس‪.]65 :‬‬

‫(‪ )1‬فهو تعاىل العزيز‪ :‬ل عزة الغلبة والقهر‪ ،‬فهو تعاىل الغالب‬ ‫اذلي َّل يهغلب‪ ،‬والقاـهر اذلي َّل يهقهر‪.‬‬ ‫(‪ )2‬ول عزة اَّلمتناع‪ :‬فهو املنيع سبحانه‪ ،‬فَّل ينال منه‪ ،‬وَّل‬

‫يرام جنابه‪ ،‬وَّل يلحقه سوء‪ ،‬لعظمته‪ ،‬وجَّلل(‪.)2‬‬

‫(‪ )3‬ول عزة القوة والقدرة‪ :‬فهو تعاىل الشديد ف َّ‬ ‫قوته‪ ،‬اذلي‬ ‫لعزته الصعاب‪ ،‬وَّلنت َّ‬ ‫ذلت َّ‬ ‫لقوته الشدائد الصَّلب‪.‬‬ ‫(‪ )4‬وـهو تعاىل املنقطع انلظي‪ ،‬اذلي َّل شبيه ل‪ ،‬وَّل مثيل ل‪،‬‬

‫وَّل عديل‪ ،‬لكمال من مجيع الوجوه واَّلعتبارات‪.‬‬

‫(‪ )5‬وـهو سبحانه العزيز الشديد ف نقمته‪ ،‬إذا انتقم من‬ ‫ٌ‬ ‫أعدائه(‪ ،)3‬فَّل يقدر أحد ْع دفعه‪ ،‬أو منعه مىت أراده سبحانه‪.‬‬ ‫(‪ )6‬وـهو تعاىل العزيز‪ :‬اذلي يهب العزة ملن يشاء من عباده(‪،)4‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬لسان العرب (‪ ،)374/5‬املفردات (‪ ،)563‬األسىن للقرطيب (‪.)240‬‬

‫(‪ )3‬صح عن قتادة‪ ،‬انظر اتلفسي الصحيح (‪.)470/4‬‬

‫(‪ )2‬ابن كثي (‪ )343/4‬بترصف يسي‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫(‪ )4‬وـهذه َّ‬ ‫دنيوية اعمة يمنحها ملن شاء من خلقه‪ ،‬قد تكون للمؤمن والاكفر والفاجر‪.‬‬ ‫العزة‬

‫‪64‬‬

‫‪‬‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﮓ ﮔ ﮕ} [آل عمران‪.]26 :‬‬

‫ه‬ ‫يذل أنصاره‪ ،‬فيعز أـهل‬ ‫(‪ )7‬وـهو اذلي َّل يضام جاره‪ ،‬وَّل ِ‬

‫اإليمان‪ ،‬ويذل أـهل الكفران‪{ ،‬ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬

‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ} [املنافقون]‪.‬‬

‫(‪ )8‬وـهو سبحانه‪ :‬اجلليل الرفيع الشأن‪ ،‬والقدر‪ ،‬ل رشف‬

‫اذلات‪ ،‬واتلفرد ف كمال انلعوت‪ ،‬والصفات‪.‬‬ ‫(‪ )9‬ومن تمام َّ‬ ‫عزته‪ :‬براءته من لك نقص‪ ،‬وسوء‪ ،‬وعيب‪:‬‬

‫{ﯺ(‪ )1‬ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ} [الصافات]‪.‬‬ ‫(‪ )10‬ومن كمال َّ‬ ‫عزته سبحانه أنه أمنع األبصار أن تدركه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تكيفه ‪.‬‬ ‫وعن األوـهام أن‬ ‫(‪)2‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال الل العظيم‪{ :‬ﮖ ﮗ ﮘ‬

‫َّ‬ ‫تكرر ـهذا اَّلقرتان ف ـهذه السورة بعد‬ ‫ﮙ ﮚ ﮛ} [الشعراء]‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ختم قصص األنبياء مع َ‬ ‫أم ِمهم ثماين مرات‪ ،‬يلدل ْع مزيد من‬ ‫َّ‬ ‫قدره الل ألنبيائه من َّ‬ ‫انلرص‪،‬‬ ‫صفات الكمال العَّل‪ ،‬اليت منها‪ :‬أن ما‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫واتلأييد ِ‬ ‫اختصهم بها‪ ،‬وما قدره‬ ‫والرفعة‪ ،‬ـهو من آثار رْحته اليت‬ ‫سبحانه ألعدائهم من اخلذَّلن والعقوبة من آثار َّ‬ ‫عزته‪ ،‬فنرص رسله‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫وجناـهم برْحته‪ ،‬وانتقم من أعدائه فأـهلكهم َّ‬ ‫بعزته‪ ،‬فدل ْع أن ما‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬معناـها تزنيه وإبعاد لك سوء عن املوصوف‪ ،‬انظر (‪.)267‬‬ ‫(‪ )2‬انظر املعاين السابقة‪ :‬الطّبي (‪ ،)90/7‬ابن كثي (‪ ،)457/3‬إبطال اتلأويَّلت ألخبار الصفات (‪ )666‬ابن السعدي‬ ‫(‪ ،)300/5‬شفاء العليل (‪ ،)511/2‬الضياء الَّلمع (‪ ،)85/1‬األسىن (‪ ،)240‬تفسي سورة النساء َّلبن عثيمي (‪)424/1‬‬

‫‪65‬‬

‫‪‬‬

‫حكم به تعاىل بي الرسل وأتباعهم‪ ،‬وأـهل ِ‬ ‫ٌ‬ ‫صادر‬ ‫احلق وأعدائهم‪،‬‬ ‫عن َّ‬ ‫عزة ورْحة‪ ،‬وأنه تعاىل من كمال وعظيم شأنه‪ :‬أنه سبحانه عزيز‬

‫ف رْحته‪ ،‬رحيم ف َّ‬ ‫عزته‪ ،‬وـهذا ـهو أْع الكمال‪ :‬العزة مع الرْحة‪،‬‬ ‫والرْحة مع َّ‬ ‫العزة‪ ،‬فهو رحيم بَّل ضعف‪ ،‬وَّل ذلة ‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫عزة َّ‬ ‫عزته جل وعَّل كما يه َّ‬ ‫هللالل العًيً‪ :‬أن َّ‬ ‫قوة‪ ،‬وغلبة‪،‬‬ ‫ه َ‬ ‫وقهر‪ ،‬ورفعة‪ ،‬فإن من جَّلهلا أنها مقرتنة بكماَّلت أخر‪ ،‬من‬

‫احلكمة‪ ،‬والعدل‪ ،‬والرْحة‪ ،‬واملغفرة‪ ،‬فيه عزة حكمة‪ ،‬وعزة رْحة‪،‬‬

‫وعزة عدل‪ .‬قال تعاىل‪{ :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ}‬ ‫وقال تعاىل‪{ :‬ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ} [الروم] {ﭼ ﭽ ﭾ}‬ ‫[آل عمران]‬

‫[ص]‬

‫ه‬ ‫َّ‬ ‫عزته تعاىل َّ‬ ‫فلما اكنت َّ‬ ‫استحق أن حيمد‬ ‫عزة جَّلل وكمال‪،‬‬

‫عليها ْع ادلوام‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭶ ﭷ ﭸ} [الّبوج]‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫إن ـهذا اَّلسم الكريم يورث للعبد َّ‬ ‫العزة ف دين‬ ‫اثلمرات‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫الل تعاىل ‪ ،‬وأن ـهذه العزة تعلو ف اتباع أمره تعاىل‪ ،‬وسن ة نبيِه‬

‫‘ ‪ ،‬والسي مع الصاحلي من عباده‪ ،‬فإنه تعاىل كتبها ل‪ ،‬وحلزبه‪،‬‬

‫قال تعاىل ‪{ :‬ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬

‫ﮛ ﮜ} [املنافقون]‪ ،‬فمن أراد َّ‬ ‫العزة ف ادلنيا واآلخرة‪ ،‬فليطلبها‬ ‫من الل تعاىل وحده‪ ،‬قال َّ‬ ‫عز شأنه‪{ :‬ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬ ‫ِ‬ ‫ﯤ} [فاطر‪ ،]10 :‬وَّل تكون إَّل بطاعته‪ ،‬واتباع أمره‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬شفاء العليل (‪ ،)405‬وتفسي ابن كثي (‪ ،)457/3‬وفقه األسماء احلسىن‪ ،‬د‪ .‬عبد الرزاق ابلدر (‪،)42‬‬ ‫وأسماء الل احلسىن للرضواين (‪.)146‬‬

‫‪66‬‬

‫‪‬‬

‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫خاش ًعا‪ ،‬يكون‬ ‫واعلم أن ْع قدر ركوعك‬ ‫خاضعا‪ ،‬وسجو ِدك ِ‬ ‫ِ‬ ‫عزك ف دينك‪ ،‬ودنياك‪ ،‬وآخرتك‪ ،‬قال ‘ ملن سأل مرافقته ف اجلنة‪:‬‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫>أع رِين ٰ‬ ‫ًفسا بكرثة ا سجود<(‪ ،)1‬وعليك أن تتذلل ألويلائه وأـهل‬ ‫ىلع ِ‬ ‫طاعته‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ} [احلجر]‪ ،‬وقال‬ ‫سبحانه‪{ :‬ﮪ ﮫ ﮬ} [املائدة‪ ،]54 :‬وأن َّ‬ ‫تعزت ْع أـهل كفرانه‪،‬‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﮭ ﮮ ﮯ} [املائدة‪ ،]54 :‬وأن تعفو عمن َ‬ ‫أساء إيلك‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫بعفو إال عًا<(‪.)3()2‬‬ ‫من عباده‪ ،‬قال ‘‪> :‬ومن زاد ا عبدا‬ ‫ٍ‬

‫‪ 14‬ـ اهلل (اجلميل) جل وعال‬ ‫>إن ا‬

‫ثبت ـهذا اَّلسم الرشيف عن الصادق املصدوق ‘ ف قول‪:‬‬ ‫مجيل حيب اجلمنل<(‪.)4‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬اجلمنل ـهو‪ :‬احلهسن الكثي‪ ،‬وابلهاء‪ ،‬وـهو ضد‬

‫القبح‪ ،‬ويكون ف الفعل‪ ،‬واخللق(‪.)5‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل جل وعَّل ـهو اجلميل‪:‬‬

‫اذلي َّل أمجل منه سبحانه‪ ،‬بل اجلمال لكه ل‪ ،‬واجلمال لكه منه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٌ ه‬ ‫ه َّ‬ ‫حيب اجلمال‪،‬‬ ‫فَّل‬ ‫يستحق أن حيب ذلاته من لك وج ٍه سواه‪ ،‬فإنه مجيل ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ َّ‬ ‫ويكيف ف كمال مجال‪ ،‬أن لك مجال ظاـهر وباطن ف ادلنيا واآلخرة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫فمن آثار صنعته ومجال‪ ،‬فما الظن بمن صدر عنه ـهذا اجلمال؟‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬مسلم (‪.)2620‬‬

‫(‪ )3‬األسىن (‪ )243‬بترصف‪.‬‬

‫(‪ )2‬مسلم (‪.)2558‬‬

‫(‪ )5‬املفردات (‪ ،)202‬ولسان العرب (‪.)685/1‬‬

‫‪67‬‬

‫(‪ )4‬مسلم (‪.)91‬‬

‫‪‬‬

‫ّ‬ ‫فاألمر أجل وأعز مما خيطر بابلال‪ ،‬أو يعّب عنه املقال‪.‬‬ ‫ومجنهل سبحانه ْع (مخس‪ )،‬مراتب‪ :‬مجال اذلات‪ ،‬ومجال األسماء‪،‬‬ ‫ومجال الصفات‪ ،‬ومجال األفعال‪( ،‬ومجال امللك والسلطان)‪.‬‬ ‫األول‪ :‬أمن مجنل اذلات‪ :‬وما ـهو عليه‪ٌ ،‬‬ ‫فأمر َّل يدركه سواه‪ ،‬وَّل‬ ‫يعلمه غيه‪ ،‬وليس ف املخلوقي منه‪ ،‬إَّل تعريفات تعرف بها إىل من‬ ‫ٌ‬ ‫أكرمه من عباده‪ ،‬فإن ذلك اجلمال مصون عن األغيار‪ ،‬حمجوب‬ ‫بسرت الرداء واإلزار(‪ ،)1‬فَّل يمكن ملخلوق أن يعّب عن بعض مجال‬ ‫ذاته تعاىل‪ ،‬حىت أن أـهل اجلنة مع ما ـهم فيه من انلعيم املقيم‪ ،‬اذلي َّل‬ ‫ٌ‬ ‫يوصف‪ ،‬فيما َّل عي رأت‪ ،‬وَّل أذن سمعت‪ ،‬وَّل خطر ْع قلب برش‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫إذا رأوا َّ‬ ‫ربهم وتمتعوا جبمال‪ ،‬نسوا ما ـهم فيه من انلعيم‪ ،‬وتَّلىش ما ـهم‬

‫فيه من األفراح‪ ،‬وودوا لو تدوم ـهذه احلال‪ ،‬اليت يه أْع نعمة وذلة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫واكتسبوا من مجال‪ ،‬ونوره‪ ،‬مجاَّل إىل ما ـهم فيه من اجلمال‪.‬‬ ‫اثلنين‪ :‬مجنل األسمنء‪ :‬فإنها لكها حسىن‪ ،‬بل أحسن األسماء ْع‬

‫اإلطَّلق‪ ،‬وأجلها‪ ،‬فيه ف اغية احلسن واجلمال‪ ،‬اذلي ليس فوقها‪ ،‬أو‬

‫بعدـها كمال‪ ،‬قال سبحانه‪{ :‬ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ} [مريم‪ ،]65 :‬وقال‬

‫تعاىل‪{ :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ} [األعراف‪.]180 :‬‬

‫اثلنلث‪ :‬مجنل ا صفنت‪ :‬فيه أْع الصفات‪ ،‬وأكملها‪ ،‬وأعظمها‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وأوسعها‪ ،‬وأكرثـها تعلقا بالل‪ ،‬اذلي لم يبق صفة كمال إَّل اتصف‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬اجلواب الاكف (‪ ،)331‬بدائع الفوائد (‪ ،)300/1‬الفوائد (‪.)203‬‬

‫‪68‬‬

‫‪‬‬ ‫بها‪ ،‬ووصف بغايتها‪ ،‬حبيث َّل حتيط اخلَّلئق ببعض تلك الصفات‬ ‫ً‬ ‫خصوصا أوصاف الرْحة‪ ،‬والّب‪،‬‬ ‫بقلوبهم‪ ،‬وَّل تعّب عنها ألسنتهم‪،‬‬

‫واإلحسان‪ ،‬واجلود‪ ،‬والكرم‪ ،‬فإنها من آثار مجال‪.‬‬

‫ا رابع‪ :‬مجنل األةعنل‪ :‬فلكها ف اغية احلسن واجلمال‪ ،‬ألنها‬

‫دائرة بي أفعال الّب واإلحسان‪ ،‬اليت حيمد عليها‪ ،‬ويثىن عليه‬ ‫بها‪ ،‬وي هشكر عليها‪ ،‬وبي أفعال العدل اليت حيمد عليها‪ ،‬ملوافقتها‬ ‫للحكمة واحلمد‪ ،‬فليس ف أفعال عبث وَّل سفه‪ ،‬وَّل سدى وَّل‬

‫ظلم‪ ،‬بل لكها خي‪ ،‬وـهدى‪ ،‬ونور‪ ،‬ورْحة‪ ،‬وعدل‪ ،‬قال تعاىل‪ { :‬ﭻ‬

‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ} [ـهود] ‪ ،‬وقال عز شأنه‪{ :‬ﮤ ﮥ‬

‫ﮦ ﮧ ﮨ} [السجدة‪.]7 :‬‬

‫(اخلنمس‪ :‬مجنل ا سلطنن)‪ :‬فلك مجال ف ادلنيا وما حوته‬

‫األكوان من أصناف اجلمال‪ ،‬ولك مجال ف دار انلعيم‪ ،‬فإنه أثر مجال‪،‬‬

‫وكيف يقدر أحد أن يعّب عن مجال‪ ،‬وقد قال أعرف اخللق به ‘‪:‬‬ ‫أحيص ا‬ ‫ثننء عليا أًت كمن أثنيت ٰ‬ ‫ىلع ًفسا< ‪.‬‬ ‫>ال ِ‬ ‫(‪)2()1‬‬

‫ً‬ ‫هللالل اجلميل‪ :‬قال ‘ واصفا جَّلل ومجال ربه تبارك‬ ‫ْ ُ ُ ُ‬ ‫ٰ‬ ‫اًتىه‬ ‫وتعاىل‪> :‬حجنبه انلور‪ ،‬و كشفه ألحرقت سبحنت وهللهه(‪ )3‬من‬ ‫إيله بِّص من لقه< ‪ ،‬فإذا اكنت هسبهحات وجهه األْع‪َّ ،‬ل يقوم‬ ‫(‪)4‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫مسلم (‪.)486‬‬ ‫انظر ما سبق‪ :‬الفوائد (‪ ،)202‬وتوضيح الاكفية الشافية (‪ ،)117‬وفتح الرحيم امللك (‪ ،)31‬بهجة قلوب األبرار (‪)291‬‬ ‫أي نوره‪ ،‬وجَّلل‪ ،‬وبهاؤه‪ ،‬رشح صحيح مسلم (‪ ،)13/3‬املفهم بما أشلك ف صحيح مسلم (‪.)410/1‬‬ ‫مسلم (‪.)293‬‬

‫‪69‬‬

‫‪‬‬ ‫ٌ‬ ‫يشء من خلقه‪ ،‬ولو كشف حجاب انلور من تلك السبهحات‪،‬‬ ‫هلا‬

‫َّلحرتق العالم العلوي والسفل‪ ،‬فما الظن جبَّلل ذلك الوجه الكريم‪،‬‬

‫وعظمته‪ ،‬وكّبيائه‪ ،‬وكمال‪ ،‬قال ابن عباس ~‪( :‬حجب اذلات‬ ‫بن صفنت‪ ،‬وحجب ا صفنت بنألةعنل)‪ ،‬فما ظنك جبمال هحج َ‬ ‫ب‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫وس َ‬ ‫رت بنعوت العظمة واجلَّلل(‪.)1‬‬ ‫بأوصاف الكمال‪ِ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫إن من ِ‬ ‫أعز أنواع املعرفة‪ ،‬معرفة الرب سبحانه‬ ‫اثلمرات‪:‬‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫وتعاىل باجلمال‪ ،‬ويه معرفة خواص اخللق‪ ،‬ولكهم عرفه بصف ٍة من‬ ‫صفاته‪ ،‬وأتمهم معرفة من عرفه بكمال‪ ،‬وجَّلل‪ ،‬ومجال سبحانه‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ليس كمثله يشء ف سائر صفاته‪ ،‬وذلك أنه تعاىل إذا جتىل ف صفات‬

‫اجلمال والكمال‪ ،‬وـهو كمال األسماء‪ ،‬ومجال الصفات‪ ،‬ومجال األفعال‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫اذلات‪ ،‬فيستنفد ّ‬ ‫حبه من قلب العبد‪ ،‬قوة احلب‬ ‫ادلال ْع كمال‬ ‫لكها‪ ،‬حبسب ما عرفه من صفات مجال‪ ،‬ونعوت كمال‪ ،‬فيصبح فؤاد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫املحبة ً‬ ‫َّ‬ ‫فاراغ إَّل من َّ‬ ‫طبعا‪َّ ،‬ل تكلفا‪ ،‬فينبيغ‬ ‫حمبته‪ ،‬فتبىق‬ ‫عبده‬ ‫ّ‬ ‫للعبد أن َّ‬ ‫فيجمل ظاـهره‪ ،‬وباطنه‪ ،‬باجلمال‬ ‫يتعبد بهذا اَّلسم اجلليل‪،‬‬

‫اذلي حيبه تعاىل من األقوال‪ ،‬واألفعال‪.‬‬

‫ّ‬ ‫فيجمل ظاـهره وجوارحه بالطاعة‪ ،‬ومن ذلك الصدق ف األقوال‪،‬‬

‫وطيب الالكم مع األنام‪ ،‬وبدنه بإظهار نعمه عليه ف بلاسه وتطهيه‬

‫ل‪ ،‬من األجناس‪ ،‬واألدران(‪ ،)2‬لقول رسول الل ‘‪> :‬إن ا‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مجيل‬

‫(‪ )1‬الصواعق املرسلة (‪ ،)1082/3‬الفوائد (‪ ،)203‬اجلواب الاكف (‪ )2( .)323‬الفوائد (‪ )207‬بترصف يسي‪.‬‬

‫‪70‬‬

‫‪‬‬ ‫تعنىل أن ٰ‬ ‫ٰ‬ ‫يرى أثر ًعمته ٰ‬ ‫ىلع عبد <(‪ ، )1‬ولقول‬ ‫حيب اجلمنل‪ ،‬وحيب‬ ‫َّ‬ ‫‘ أليب األحوص حي رآه رث اثلياب‪> :‬أ ا منل؟< قال‪ :‬نعم‪ ،‬فقال‬ ‫‘‪> :‬ةإ‪،‬ا آتنك ا منالا‪َ ُ ،‬‬ ‫ةلر أثر ًعم‪ ،‬ا عليا وكرامته< ‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫وأن ِ‬ ‫جيمل باطنه‪ :‬باإلخَّلص‪ ،‬وحسن اَّلعتقاد‪ ،‬واإليمان‪ ،‬وحسن‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫الظ ِن‪ ،‬وسَّلمة القلب من احلقد‪ ،‬وال ِغل‪ ،‬ولك ذنب وكفران‪.‬‬ ‫‪15‬ـ ‪16‬ـ ‪17‬ـ اهلل (القادر‪ ،‬القدير‪ ،‬املقتدر) سبحانه‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ}‬

‫[األنعام‪]65 :‬‬

‫وقال تعاىل‪{ :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ} [النساء]‪.‬‬

‫وقال جل وعَّل‪{ :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬ ‫ﭴ ﭵﭶ} [القمر]‪.‬‬

‫املعنهى ا ليهوي‪ :‬القهندر والقديهر يكـونـان مـن القـدرة‪،‬‬

‫ويكونان من اتلقدير(‪ ،)3‬تدل ـهذه األسماء اجلليلة ْع معاين القدرة‬

‫الاكملة‪ ،‬اليت َّل تتخلف عنه جل وعَّل‪ ،‬وَّل يعرتضه عجز‪ ،‬وَّل‬

‫يفوته يشء‪ ،‬وتقدير املقادير قبل اخللق واتلصوير‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫يشء‬ ‫والفرق بني هذ األسمنء‪ :‬أن (القندر) اذلي َّل يعجزه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تغييا أو إاعدة‪ ،‬و(املقتدر) أكرث مبالغة‪ ،‬ألن‬ ‫إعداما‪ ،‬أو‬ ‫إجيادا أو‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )2‬صحيح النسايئ (‪.)5224‬‬

‫(‪ )1‬صحيح اجلامع (‪.)1742‬‬

‫(‪ )3‬لسان العرب (‪ ،)47/5‬املفردات (ص ‪ ،)657‬وانلهاية (‪.)22/4‬‬

‫‪71‬‬

‫‪‬‬ ‫زيادة املبىن تدل ْع زيادة املعىن‪ ،‬فهو جيمع دَّللة اسم القادر‪،‬‬ ‫والقدير‪ ،‬فهو أبلغ منهما ف ادلَّللة ْع الوصف‪ ،‬ومعناه‪ :‬اتلام القدرة‬ ‫ََ‬ ‫ٌ‬ ‫بمن َع ٍة وقوة ‪( ،‬والقدير)‬ ‫يشء‪ ،‬وَّل حيتجز عنه‬ ‫اذلي َّل يمتنع عليه‬ ‫ـهو الفاعل ملا يشاء ْع ما تقتضيه احلكمة(‪.)1‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو القندر القدير املقتدر‪:‬‬

‫‪ )1‬املتنايه ف القدرة واَّلقتدار‪َّ ،‬ل يمتنع عليه يشء ف لك‬

‫األقطار‪" ،‬ل انلفوذ املطلق والسلطان‪ ،‬واتلرصف اتلام‪ ،‬ف لك األكوان‪،‬‬

‫َّل يعارضه معارض‪ ،‬وَّل ينازعه منازع‪ ،‬وَّل خيرج عن قبضته‪،‬‬

‫خمالف‪ ،‬أو طائع"(‪.)2‬‬

‫‪" )2‬وـهو سبحانه مقدر لك يش ٍء وقاضيه‪ ،‬وـهو ْع لك يشء قدير‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫عجز وَّل فتور‪ ،‬وَّل يعجزه يشء‪ ،‬وَّل يفوته مطلوب" ‪.‬‬ ‫َّل يعرتضه‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪ )3‬ومن كمال قدرته تعاىل إجياد املعدوم‪ ،‬وإعدام املوجود‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫واملصلح للخَّلئق ْع وجه َّل يقدر عليه أحد غيه‪ ،‬فضَّل منه وإحسانا‪.‬‬ ‫‪ )4‬ومن تمام قدرته سبحانه أنه يوجد اخلَّلئق من غي معاجلة‪،‬‬ ‫فإذا أراد ً‬ ‫شيئا إنما يقول ل‪> :‬كن فيكون< {ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ‬ ‫ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ} [ابلقرة]‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ )5‬وـهو تعاىل مقدر مقادير اخلَّلئق‪ ،‬قبل أن خيلق األرض‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انلهاية (‪ ،)22/4‬وتفسي أيب السعود (‪ ،)161/2‬وشأن ادلاعء (‪ ،)86‬وأسماء الل احلسىن للرضواين (‪.)543‬‬ ‫(‪ )2‬موسوعة ل األسماء احلسىن للرشبايص (‪ )354/1‬بترصف‪.‬‬ ‫(‪ )3‬شأن ادلاعء (‪ ،)85‬تفسي أسماء الل للزجاج (‪.)59‬‬

‫‪72‬‬

‫‪‬‬ ‫والسماوات الطوابق‪ ،‬خبمسي ألف سنة(‪.)1‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬

‫ﭷ ﭸ} [املمتحنة]‪ ،‬قرن الل تعاىل (القدير) مع (اليفور) و(ا رحيم)‬ ‫ٌ‬ ‫فيه مزيد من الكمال‪ ،‬وذلك‪ :‬أن مغفرته تعاىل ورْحته لعباده عن‬

‫كمال القدرة‪" ،‬فَّل يتعاظم عليه ذنب أن يغفره‪ ،‬وَّل عيب أن‬

‫يسرته"(‪ ،)2‬وَّل رْحة أن يوصلها‪ ،‬فليس لك من ل قدرة‪ ،‬وقوة‪ ،‬يغفر‬ ‫ويرحم ملن قدر عليه‪ ،‬وليس لك من يغفر ويرحم ل قدرة نافذة‪ ،‬فهو‬

‫سبحانه مع كمال القدرة‪ ،‬فهو موصوف باملغفرة‪ ،‬مع سعة الرْحة‪.‬‬

‫(‪ )2‬قال تعاىل‪{ :‬ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ} [انلحل]‪ ،‬واملعنـى‬

‫املستفاد من اقرتان ـهذين اَّلسمي الكريمي‪ :‬أن قدرته ف إجياد‬ ‫األشياء‪ ،‬أو إعدامها‪ ،‬أو تغييـها‪ٌ ،‬‬ ‫منوط بالعلم‪ ،‬فيه قدرة شاملة‪ ،‬عن‬ ‫تمام العلم واخلّبة بما يأمر به‪ ،‬من األحاكم وغيـها‪ ،‬وأنه عليم‬

‫بمصاحله أو مفاسده(‪ ،)3‬فوسع علمه لك يشء مع قدرته ْع لك‬ ‫َّ‬ ‫يشء‪ ،‬وكذلك دل ـهذا اَّلقرتان اجلليل‪ْ :‬ع كمال عز وجل ف‬ ‫َّ‬ ‫الوصفية‪ ،‬ألن العلم بدون قدرة عجز‪ ،‬والقدرة بدون علم مظنة‬ ‫اإلفساد‪ ،‬والظلم‪ ،‬والطغيان ‪ ،‬والل تعاىل َّ‬ ‫مزنه عن لك نقصان‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫هللالل القدير‪ ،‬القندر‪ ،‬املقتدر‪ :‬إن آثار قدرة الل تبارك‬ ‫ه‬ ‫وتعاىل ف ـهذا الكون املعجز‪َّ ،‬ل تعد وَّل حتىص‪ ،‬فيه أكّب من أن‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬كما ف مسلم (‪.)2653‬‬

‫(‪ )3‬نظم ادلرر (‪ )42/8 ،290/4‬بترصف‪.‬‬

‫(‪ )2‬تفسي السعدي (‪.)856‬‬

‫(‪ )4‬ولل األسماء احلسىن (‪.)354‬‬

‫‪73‬‬

‫‪‬‬

‫ه‬ ‫حتاط به عبارة‪ ،‬أو يشار إيله بإشارة‪ ،‬فأينما وقع انلظر ْع يشء ف‬ ‫اآلفاق‪ ،‬ويف األنفس‪ ،‬رأيت كمال قدرة القادر‪ ،‬فبقدرته خلق الكون‬ ‫وما فيه‪ ،‬وبقدرته أمسك السماوات أن تقع ْع األرض إَّل بإذنه‪،‬‬ ‫ه َّ‬ ‫ه َّ‬ ‫ً‬ ‫مجيعا أينما كنا‪ ،‬وحيث كنا‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬ ‫يأت بنا‬ ‫وبكمال قدرته ِ‬

‫{ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ‬ ‫ﮀ} [ابلقرة]‪ ،‬ومن هللالل قدرته تعاىل أنه خلق السموات واألرض‬ ‫َّ‬ ‫ستة أيام‪ ،‬وما َّ‬ ‫مسه من تعب‪ ،‬وَّل عجز‪ ،‬وَّل نصب(‪،)1‬‬ ‫وما بينهما ف‬ ‫وـهو ٌ‬ ‫قادر تعاىل أن خيلقهما ف حلظ ٍة واحد ٍة‪ ،‬وبكلمة واحدة‪.‬‬ ‫اثلمرات‪ :‬من ثمرات ـهذه األسماء أنها تورث املؤمن‬

‫اإلجَّلل واملهابة [لل تعاىل]‪ ،‬واخلوف‪ ،‬واخلشية [منه سبحانه]‪،‬‬

‫ورجاء اإلنعام‪ ،‬وخوف اَّلنتقام‪ ،‬لشمول قدرته‪ ،‬ألنواع ما نفع ورض‪،‬‬ ‫ورس ‪ ،‬وتورث كمال احلب لل تعاىل‪َّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫وقوة اإليمان‪ ،‬وبرد‬ ‫وساء‬ ‫(‪)2‬‬

‫ايلقي‪ ،‬وكمال اثلقة به تعاىل ف لك ما حيدث ف ـهذا الكون‪ ،‬من‬ ‫جليل أو حقي‪ ،‬إنما ـهو بإذن من الل تعاىل القدير‪.‬‬

‫‪ 18‬ـ اهلل (العفوُّ) عزَّ شأنه‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ} [النساء]‪.‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬العفو ْع وزن فعول من العفو‪ ،‬وـهو من‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬قال تعاىل‪{ :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ} [ق‪.]38 :‬‬ ‫(‪ )2‬شجرة املعارف للعز بن عبد السَّلم (‪.)73‬‬

‫‪74‬‬

‫‪‬‬ ‫صيغ املبالغة‪ ،‬والعفو‪ :‬ـهو اتلجاوز عن اذلنب‪ ،‬وترك العقاب عليه‪،‬‬

‫وأصله املحو والطمس‪ ،‬مأخوذ من قوهلم‪ :‬عفت الرياح اآلثار‪ ،‬إذا‬

‫درستها‪ ،‬وحمتها‪ ،‬ويأيت بمعىن الكرثة والزيادة‪ ،‬فعفو املال ما يفضل عن‬

‫انلفقة‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ} [ابلقرة‪،]219 :‬‬

‫والعفو كذلك‪ :‬ما يسهل قصده‪ ،‬وتناول‪ ،‬وقد يكون بمعىن‪ :‬ابلذل‪،‬‬ ‫قال سبحانه‪{ :‬ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ} [البقرة‪.)1(]178 :‬‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه وتعاىل ـهو العفو‪:‬‬

‫َّ‬ ‫(‪ )1‬الكثي الصفح عن ذنوب عباده‪ ،‬إىل ما َّل نهاية ل‪ ،‬فهو جل‬ ‫َّ‬ ‫باللكية‪ ،‬فَّل يطالب‬ ‫وعَّل يتجاوز عن اذلنوب‪ ،‬ويزيل آثارـها عنهم‬ ‫بها العباد يوم القيامة‪ ،‬ويمحوـها من ديوان الكرام الاكتبي‪ ،‬بل‬

‫وينسيها من قلوبهم‪ ،‬كيَّل خيجلوا عند تذكرـها‪ ،‬ويثبت ماكن لك‬ ‫ِ‬ ‫سيئ ٍة حسنة(‪" ،)2‬والغالب أن العفو يكون عن ترك الواجبات‪،‬‬ ‫واملغفرة عن فعل املحرمات"(‪.)3‬‬

‫(‪ )2‬وـهو تعاىل كثي اخلي "يعطي اجلزيل من الفضل‬

‫واإلنعام"(‪ ،)4‬اذلي َّل ينقطع آناء الليل‪ ،‬وأطراف انلهار‪.‬‬

‫(‪ )3‬وـهو تعاىل يقبل العفو وـهو السهل(‪ )5‬بتيسي الواجبات ْع‬

‫عباده "ملا يقع من العبد من تقصي وضعف‪ ،‬فالل أوجب الوضوء ملن‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬لسان العرب (‪ ،)3019/4‬املفردات (ص‪ ،)574‬اشتقاق أسماء الل (ص ‪ ،)134‬األسىن (‪.)147/1‬‬ ‫(‪ )3‬رشح الواسطية للعَّلمة ابن عثيمي رْحه الل (‪.)92/2‬‬ ‫(‪ )2‬رشح أسماء الل احلسىن للرازي (‪.)340‬‬ ‫(‪ )4‬اَّلعتقاد للبيهيق (ص ‪.)56‬‬

‫(‪ )5‬تفسي القرطيب (‪.)213/3‬‬

‫‪75‬‬

‫‪‬‬ ‫أراد الصَّلة إذا انتقض وضوؤه‪ ،‬ولكنه عفا عمن َّل جيد املاء أن‬ ‫يتيمم مرااعة لضعف العباد"(‪.)1‬‬ ‫(‪" )4‬وـهو اذلي يبذل اتلوبة‪ ،‬واثلواب مع وجود‬

‫واستحقاقه للعقاب‪.‬‬

‫اذلنب"(‪)2‬‬

‫(‪ )5‬والل تعاىل عفو يسهل خيه‪ ،‬ويقرب تناول ما عنده بأيَّس‬

‫األسباب‪ ،‬ألنه تعاىل ليس بينه وبي العباد حجاب‪.‬‬

‫ٰ‬ ‫تعنىل ًواعن‪" :‬عفو العنم‪ :‬عن مجيع املجرمي‪ ،‬من‬ ‫وعفو‬

‫الكفار وغيـهم‪ ،‬بدفع العقوبات املنعقدة أسبابها‪ ،‬واملقتضية لقطع‬

‫انلعم عنهم‪ ،‬فهم يؤذونه بالسب والرشك وغيـها من أصناف‬ ‫ّ‬ ‫ويدر عليهم انلعم‪ ،‬الظاـهرة‬ ‫املخالفات‪ ،‬وـهو يعافيهم‪ ،‬ويرزقهم‪،‬‬ ‫وابلاطنة‪ ،‬ويبسط هلم ادلنيا‪ ،‬ويعطيهم من نعيمها ومنافعها‪ ،‬ويمهلهم‬

‫وَّل يهملهم‪ ،‬بعفوه وحلمه‪.‬‬

‫انلوع اثلنين‪ :‬عفو اخلنص‪ :‬ومغفرته للتائبي‪ ،‬واملستغفرين‪،‬‬

‫وادلاعي‪ ،‬والعابدين‪ ،‬واملصابي باملصائب املحتسبي"(‪.)3‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال الل العظيم‪{ :‬ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬

‫ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ} [النساء]‪ ،‬أي‪ :‬إن‬ ‫ً‬ ‫أكمل العفو ـهو اذلي يصدر عن قدرة تامة‪ْ ،‬ع اَّلنتقام واملؤاخذة(‪،)4‬‬ ‫َّ‬ ‫عجز وَّل ِذلة‪ ،‬كما يقال‪" :‬العفو عند املقدرة"‪.‬‬ ‫ضعف وَّل‬ ‫َّل عن‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪ )1‬أسماء الل احلسىن د‪ .‬عمر األشقر (ص‪.)255‬‬ ‫(‪ )3‬فتح الرحيم امللك (‪.)28‬‬ ‫(‪ )2‬األسىن (‪.)148/1‬‬

‫‪76‬‬

‫(‪ )4‬رشح الواسطية للهراس (‪.)77/2‬‬

‫‪‬‬ ‫هللالل العفو سبحنًه وتعنىل‪:‬‬

‫(‪ )1‬أن ما عفا الل عنه ف ادلنيا‪ ،‬فالل أكرم من أن يعود عفوه‬

‫يوم القيامة‪ ،‬فهو كريم َّل يرجع ف عفوه‪ ،‬فهذه سنة الل مع أويلائه‪.‬‬

‫(‪ )2‬من هللالهل‪ :‬أنه كما يعفو ف ادلنيا عن املذنبي اتلائبي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫املرصين‪.‬‬ ‫فإنه تعاىل ف اآلخرة يعفو عن املوحدين‬ ‫ذنب عبده‪ ،‬مهما اكن جرمه‪ ،‬حىت عن‬ ‫(‪ )3‬أنه تعاىل يعفو عن ِ‬ ‫ِ ه ِ‬ ‫ِ‬ ‫حسنـات‪ ،‬بل ويدر عليه من اآلَّلء واخليات(‪،)1‬‬ ‫ويبَدل سيئاتـه‬ ‫حقه‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫فمن اذلي يكافئ اذلنب بمثل ـهذا غي الرب سبحانه!‪.‬‬ ‫(‪ )4‬من هللالل عفوه أنه بعد حلم وإعذار‪ ،‬وعن كمال الغىن‬

‫والقدرة واَّلنتقام‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ} [النساء]‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫(‪ )5‬أنه دل عباده ْع األسباب‪ ،‬اليت ينال بها عفوه الكريم‪ ،‬من‬ ‫األعمال‪ ،‬واألخَّلق‪ ،‬واألقوال‪ ،‬واألفعال‪.‬‬

‫(‪ )6‬أنه لوَّل هللالل عفوه تعاىل‪ ،‬لغارت األرض بأـهلها‪ ،‬لكرثة ما‬

‫يهرتكب من املعايص ْع ظهرـها(‪.)2‬‬

‫اثلمرات‪ :‬عندما يؤمن املؤمن بأن َّ‬ ‫ربه ل كمال العفو‪ ،‬فإن ذلك‬ ‫َّ‬ ‫املحبة‪ ،‬ويه حمبة العبد لربه‪ ،‬اليت تثمر ل من‬ ‫يغرس ف قلبه شجرة‬ ‫ينابيع اآلثار واثلمرات الظاـهرة وابلاطنة‪ ،‬من الرجاء‪ ،‬واَّلنقطاع‪،‬‬

‫واألمل‪ ،‬والركون ل تعاىل وحده‪ ،‬ومن ذلك اتلعبد بهذا اَّلسم الكريم‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬كما جاء ف اقرتانه مع (الكريم) ف ادلاعء اذلي علمه انليب ‘ لعائشة >امهلل إنك عفو كريم‪ <..‬صحيح‬ ‫(‪ )2‬ابن كثي (‪ ،)142‬الشواكين (‪ ،)1556‬وتفسي السعدي (‪ )759‬األسىن (‪.)149/1‬‬ ‫الرتمذي (‪.)3513‬‬

‫‪77‬‬

‫‪‬‬ ‫مع خلقه‪ ،‬ابتغاء وجهه تعاىل‪ ،‬حىت يدخل ف الزمرة اليت أثىن عليها ف‬ ‫َّ ِ‬ ‫كتابه‪ ،‬وسنة نبيه ‘‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭥ ﭦ ﭧ} [آل عمران‪]134 :‬‬ ‫المىن‪ ،‬ويه َّ‬ ‫فمن َّ‬ ‫تعبد به‪ ،‬نال أسَّم مراتب ه‬ ‫حمبته تعاىل‪ ،‬ألنه تعاىل‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌ‬ ‫كريم‪ ،‬حتب العفو‪ ،‬ةنعف‬ ‫عفو‬ ‫حيب العفو وأـهله >امهلل إًا‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫عين< ‪ ،‬وكذلك نال َّ‬ ‫العزة ف ادلنيا‪ ،‬قال ‘‪> :‬ومن زاد ا عبدا‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ا‬ ‫بعفو إال ًّ‬ ‫عًا<(‪ ،)2‬والعىل ف اآلخرة‪ ،‬قال ‘‪> :‬من كظم غيظن وهو‬ ‫ٍ‬ ‫ىلع رؤوس اخلالئق يوم القينم‪ ،‬ح ٰ‬ ‫ٰ‬ ‫قندر ٰ‬ ‫ىت‬ ‫ىلع أن ينفذ ‪ ،‬داع ا‬ ‫ر‬ ‫خير من احلور العني من شنء<(‪.)3‬‬

‫‪ 19‬ـ ‪20‬ـ اهلل (الواحد‪ ،‬األحد) جل وعال‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ} [إبراـهيم]‪.‬‬ ‫وقال عز شأنه‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ} [اإلخَّلص]‪.‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬األحد‪ :‬ـهو اسم بن نليف ما يذكر معه من‬

‫العدد‪ ،‬تقول‪ :‬ما أتاين منهم أحد‪ ،‬فمعناه‪َّ :‬ل واحد أتاين وَّل اثنان‪،‬‬ ‫وـهو بانليف أعم من الواحد‪ ،‬وَّل جيوز وصف يشء ف جانب اإلثبات‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫بأحد‪ ،‬إَّل الل األحد‪ ،‬فَّل يقال‪ :‬رجل أحد‪ ،‬وَّل ثوب أحد‪.‬‬ ‫وا واحد ف الكم العرب‪ ،‬ل معنيان‪:‬‬ ‫أحدهمن‪ :‬اسم ملفتتح العدد‪ ،‬فيقال‪ :‬واحد‪ ،‬اثنان‪ ،‬ويمكن‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر اهلامش رقم (‪ )1‬من الصفحة السابقة‪.‬‬

‫(‪ )2‬مسلم (‪.)6592‬‬

‫‪78‬‬

‫(‪ )3‬صحيح أيب داود (‪.)4777‬‬

‫‪‬‬

‫ً‬ ‫جعله وصفا ألي يشء يريد‪ ،‬فيصح القول‪ :‬رجل واحد‪ ،‬وثوب‬

‫واحد‪ .‬واثلنين‪ :‬اذلي َّل نظي ل‪ ،‬وَّل مثيل‪ ،‬يقال‪ :‬فَّلن واحد العالم‪،‬‬ ‫أي َّل نظي ل ف العالم(‪.)1‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو ا واحد األحد‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫وتفرد بكل كمال‪ ،‬وباين‬ ‫(‪ )1‬اذلي توحد جبميع الكماَّلت‪،‬‬

‫بأحديته مجيع املوجودات‪ ،‬حبيث َّل يشاركه فيها مشارك(‪ ،)2‬فمن ذلك‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫وعلوـها ْع مجيع‬ ‫أ) أنه توحد ف ذاته‪ ،‬ف كماهلا‪ ،‬وعظمتها‪،‬‬ ‫ً‬ ‫اخلَّلئق‪ ،‬فـ"تعالت ذاته أن تشبه ً‬ ‫شيئا من اذلوات أصَّل"(‪.)3‬‬ ‫َّ‬ ‫ب) اذلي توحد ف كمال صفاته‪ ،‬فلكها عَّل‪َّ ،‬ل نقص فيها‪ ،‬وَّل‬

‫ْحد‪ ،‬وثناء‪ ،‬وجمد‪.‬‬ ‫مثيل هلا‪ ،‬وَّل أْع منها‪ ،‬ألنها لكها صفات ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ ـج) وتوحد ف كمال أسمائه‪ ،‬فلكها حسىن ليس فيها اسم سوء‪،‬‬ ‫فَّل أحسن منها‪ ،‬وَّل ِ َّ‬ ‫سيم ل بها‪ ،‬وليس هلا منتىه ف عددـها‪ ،‬وكمال‬ ‫متعلقاتها‪ ،‬ألنبائها عن أحسن املعاين‪ ،‬وأرشفها‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫د) اذلي توحد ف كمال أفعال‪ ،‬فلكها حكمة‪ ،‬وـهدى‪ ،‬ليس فيها‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫خال عن املصلحة‪ ،‬مألت اخلليقة عدَّل‪ ،‬ورْحة‪ ،‬وإحسانا‪.‬‬ ‫فعل ٍ‬ ‫َّ‬ ‫تفرد ف َّ‬ ‫(‪ )2‬اذلي َّ‬ ‫وآخريته بادليمومة‬ ‫أويلته ف الوجود بَّل ابتداء‪،‬‬

‫بَّل انتهاء قال تعاىل‪{ :‬ﯴ ﯵ ﯶ} [احلديد‪.]3 :‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬لسان العرب (‪ ،)277/1‬تفسي أيب مظفر السمعاين (‪ ،)161/1‬رشح كتاب اتلوحيد للغنيمان (‪.)257/1‬‬ ‫(‪ )2‬تفسي السعدي (‪.)486/5‬‬

‫(‪ )3‬مدارج السالكي (‪.)124/1‬‬

‫‪79‬‬

‫‪‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫املتفرد‪َّ ،‬ل مثيل‪ ،‬وَّل شبيه‪ ،‬وَّل عديل ل‪ ،‬متوحد‪َّ ،‬ل‬ ‫(‪ )3‬وـهو‬

‫رشيك ل‪ ،‬وَّل صاحبة‪ ،‬وَّل ودل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫املتفرد عن لك نقص‪ ،‬وعيب‪ ،‬وسوء‪ ،‬لكمال ْع‬ ‫(‪ )4‬وـهو تعاىل‬

‫اإلطَّلق‪ ،‬واتلمام‪ ،‬والكمال‪ ،‬من لك وجه‪ ،‬ويف لك حال‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫(‪ )5‬املنفرد ف ربوبيته‪ ،‬فَّل رشيك ل ف ملكه‪ ،‬وَّل معي‪ ،‬وَّل‬ ‫منازع‪ ،‬وَّل مغالب‪َّ ،‬‬ ‫املزنه عن الرشيك ف خصائصه وحقوقه‪.‬‬

‫َّ‬ ‫ألوـهيته‪ ،‬فهو اإلل املعبود ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫املتفرد‬ ‫حبق‪،‬‬ ‫(‪ )6‬وـهو الواحد األحد ف‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫املحبة‪ ،‬واتلعظيم‪ ،‬ليس ل نِد‪ ،‬وَّل ِضد‪ ،‬وَّل عديل‪.‬‬ ‫ف‬ ‫يتفرع عنه يشء‪ ،‬وَّل َّ‬ ‫(‪ )7‬وـهو اذلي لم ّ‬ ‫تفرع ـهو عن يشءٍ‪،‬‬

‫وليس ل ماكفئ من خلقه يساميه‪ ،‬أو يساويه‪ ،‬أو يقرب منه أو يدانيه(‪.)1‬‬

‫(‪ )8‬وـهو سبحانه اذلي يوحده عباده‪ ،‬ويعتمدون عليه‪،‬‬

‫ويقصدونه ف مجيع حواجئهم ادلنيوية‪ ،‬وادلينية(‪.)2‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬

‫ﭗ} [اإلخَّلص]‪ ،‬اقرتن اسم (األحد) بـ(ا صمد)‪ :‬دل ـهذا اَّلقرتان‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫أنه تعاىل متوحد ف صمديته‪ ،‬صمد ف أحديته‪ ،‬فاألحدية‪ :‬دلت ْع‬ ‫نيف انلعوت السلبية‪ ،‬من نيف الرشيك‪ ،‬والشبيه‪ ،‬واملثلية‪ ،‬والصمدية‪:‬‬

‫إثبات لك صفات الكمال العلية‪ ،‬وصفات الرب نواعن‪ :‬صفات ثبوتية‪،‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬ ‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ} [اإلخَّلص]‪.‬‬

‫(‪ )2‬انظر املعاين السابقة ف‪ :‬طريق اهلجرتي (‪ ،)214‬ابن جرير (‪ ،)265/3‬ابن كثي (‪ ،)793/4‬اشتقاق أسماء الل‬ ‫(‪ ،)90‬وفتح الرحيم امللك (‪ ،)36‬وبهجة األبرار (‪ .)291‬األسىن (‪.)230‬‬

‫‪80‬‬

‫‪‬‬ ‫وصفات سلبية‪ ،‬فدل ـهذا اَّلقرتان ْع اجتماع لك صفات الكمال لرب‬ ‫َّ ٌ‬ ‫الّبية‪" ،‬فاألحدية دالة ْع انفراده املطلق‪ ،‬والصمدية ْع كمال املطلق‪،‬‬

‫وـهذه يه جمامع اتلوحيد العليم اَّلعتقادي"(‪ ،)1‬وهلذا قال شيخ اإلسَّلم‬ ‫ابن تيمية‪" :‬فإن ـهذين اَّلسمي يستلزمان سائر األسماء احلسىن‪ ،‬وما‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فيها من اتلوحيد لكه قوَّل وعمَّل‪.)2("..‬‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫هللالل ا واحد األحد‪ :‬أنهما يدَّلن ْع أعظم خصائص الرب‬ ‫جل جَّلل‪ ،‬وـهو توحيده اخلالص ف العبودية‪ ،‬ملا َّ‬ ‫تفرد به من األلوـهية‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫العلية‪ ،‬وـهذا ـهو املقصد األْع‪،‬‬ ‫والربوبية‪ ،‬وأسمائه احلسىن‪ ،‬وصفاته‬ ‫اذلي جاء به مجيع األنبياء واملرسلي‪ ،‬للك َّ‬ ‫الّبية‪ ،‬فـ"اتلوحيد َّ‬ ‫أول دعوة‬ ‫الرسل‪ ،‬وأول منازل الطريق‪ ،‬وأول مقام يقوم به السالك إىل الل‪ ،‬فهو‬ ‫أول ما يدخل به ف اإلسَّلم‪ ،‬وآخر ما خيرج به من ادلنيا‪ ،‬فهو أول‬

‫واجب وآخر واجب‪ ،‬فاتلوحيد‪ :‬أول األمر‪ ،‬وآخره"(‪.)3‬‬

‫َّ‬ ‫اثلمرات‪ :‬عندما يدرك املؤمن بأحديته تعاىل‪ ،‬ووحدانيته ف‬

‫الوجود ْع اإلطَّلق‪ ،‬ينبيغ ل أن يوحد ربه ف حمبته‪ ،‬وخوفه‪ ،‬ورجائه‪،‬‬ ‫وداعئه‪ ،‬ولك عباداته‪ ،‬ف ظاـهره وباطنه‪ ،‬وباجلملة "جيب ْع العبيد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫توحيده‪ :‬عقدا‪ ،‬وقوَّل‪ ،‬وعمَّل"(‪" ،)4‬فإن حاجة العبد إىل توحيد الل‬

‫تعاىل ف عبادته وحده َّل رشيك ل‪ ،‬أعظم من حاجة اجلسد إىل روحه‪،‬‬ ‫نظي ته ه‬ ‫ٌ‬ ‫قاس به‪ ،‬فإن حقيقة‬ ‫والعي إىل نورـها‪ ،‬بل ليس هلذه احلاجة‬ ‫العبد روحه وقلبه‪ ،‬وَّل صَّلح هلا‪ ،‬إَّل بإهلها اذلي َّل هلإ إَّل ـهو"(‪.)5‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر جمموع الفتاوى (‪ 107/17‬ـ ‪ ،)325‬وزاد املعاد (‪ )2( .)316/1‬بيان تلبيس اجلهمية (‪.)409/2‬‬ ‫(‪ )3‬مدارج السالكي (‪.)433/3‬‬

‫(‪ )4‬تفسي السعدي (‪.)485/5‬‬

‫‪81‬‬

‫(‪ )5‬انظر طريق اهلجرتي (‪.)99/1‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ 21‬ـ اهلل (القريب) عز وجل‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ}‬ ‫َّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل جل جَّلل ـهو القريب‪:‬‬

‫[ابلقرة‪]186 :‬‬

‫مستو ْع عرشه‪ ،‬فوق مجيع خلقه‪.‬‬ ‫اذلي َّل أقرب منه خللقه‪ ،‬وـهو‬ ‫ٍ‬ ‫ُُ‬ ‫وقربه من لقه ًواعن‪:‬‬ ‫ا ٌ ٌّ‬ ‫أوال‪ :‬قرب اعم‪ :‬من لك أحد‪ ،‬بعلمه‪ ،‬وخّبته‪ ،‬ومراقبته‪ ،‬ومشاـهدته‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإحاطته بكل األشياء‪ ،‬وـهو فوق لك املخلوقات‪.‬‬ ‫ا‬ ‫ٌ‬ ‫ثنًين‪ :‬قرب نص‪ :‬من اعبديه‪ ،‬وسائليه‪ ،‬وحمبيه‪ ،‬وـهو قرب‬ ‫َّ‬ ‫املحبة‪ ،‬وانلرصة‪ ،‬واتلأييد ف احلراكت‪ ،‬والسكنات‪ ،‬واإلجابة‬ ‫يقتيض‬ ‫ٌ‬ ‫لدلاعي‪ ،‬والقبول واإلثابة للعابدين‪ ،‬وـهو قرب َّل تدرك ل حقيقة‪،‬‬ ‫ه‬ ‫وإنما تعلم آثاره من لطفه بعبده‪ ،‬وعنايته به‪ ،‬وتوفيقه‪ ،‬وتسديده(‪.)1‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال الل تعاىل‪{ :‬ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ‬

‫ٌ‬ ‫ترغيب وبشارة‪ ،‬ملن تقرب لل بالعبادة‪،‬‬ ‫ﰊ} [ـهود]‪ ،‬ف ـهذا اَّلقرتان‬ ‫ألنه َّ‬ ‫ً‬ ‫مغروسا ف فِ َطر العاملي‪ ،‬بأن الل تعاىل فوق مجيع‬ ‫لما اكن‬ ‫اخللق أمجعي‪ ،‬جاء ـهذا اَّلقرتان املبي‪ ،‬يلبي أنه تعاىل مع ِ‬ ‫علوه فوق‬ ‫ِ‬ ‫لك خلقه‪ ،‬فهو قريب منهم‪ ،‬أقرب إيلهم من أنفسهم‪ ،‬فيسمع الكمهم‪،‬‬

‫وجييب داعءـهم‪.‬‬

‫هللالل القريب‪ :‬سبحان الل تعاىل ما أعظمه‪ ،‬وما أقربه‪ ،‬فهو‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬تفسي ابن السعدي (‪ ،)491/5‬احلق الواضح (‪.)64‬‬

‫‪82‬‬

‫‪‬‬

‫سموات هم مستَ ٍو ْع عرشه‪ ،‬فوق لك خلقه‪ ،‬أقرب‬ ‫جل وعَّل فوق سبع‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫إىل العبد من عنق راحلته إيله‪ ،‬قال ‘‪> :‬إن اذلين تدعوًه سميع‬ ‫ُ‬ ‫قريب‪ ،‬أقرب إىل أحدكم من عنق راحلته<(‪ ،)1‬بل ـهو أقرب من‬

‫انلفس إىل انلفس‪ ،‬قال الل العظيم‪{ :‬ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬

‫ٌ‬ ‫قريب ف ِ‬ ‫علوه‪ ،‬عل ف قربه(‪.)2‬‬ ‫ﭟ} [ق‪ ،]16 :‬فهو سبحانه‬ ‫َّ‬ ‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذا اَّلسم اجلليل يورث العبد السيع ف القرب‬ ‫من الل تعاىل بالعبودية‪ ،‬ومن أجلها ادلاعء "فلكما استحرض القلب‬ ‫َّ‬ ‫وتصور ذلك‪،‬‬ ‫قرب الل تعاىل منه‪ ،‬وأنه أقرب إيله من لك قريب‪،‬‬ ‫أخىف داعءه ما أمكنه‪ ،‬ولم يتأت ل رفع الصوت به"(‪.)3‬‬

‫‪ 22‬ـ اهلل (اجمليب) عز وجل‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ} [ـهود]‪.‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو املجيب‪:‬‬

‫‪ )1‬دلعوة ادلاعي‪ ،‬وسؤال السائلي‪ ،‬وعباده املستجيبي‪ ،‬ومأمل‬

‫آن حي‪.‬‬ ‫الطابلي‪ ،‬ف لك ٍ‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫حيب‬ ‫‪ )2‬فهو تعاىل َّل خييب مؤمنا داعه‪ ،‬وَّل يرد مسلما ناجاه‪ ،‬و ِ‬

‫سبحانه أن يسأل العباد مجيع مصاحلهم‪ ،‬ادلنيوية‪ ،‬وادلينية(‪.)4‬‬

‫‪ )3‬فهو تعاىل يعلم حاجة املحتاجي قبل سؤاهلم‪ ،‬وقد َع ِلمها‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ابلخاري (‪ ،)2992‬ومسلم (‪.)2704‬‬

‫(‪ )2‬جمموع الفتاوى (‪.)505/5‬‬

‫(‪ )4‬فقه األسماء (‪.)251‬‬

‫‪83‬‬

‫(‪ )3‬بدائع الفوائد (‪.)845‬‬

‫‪‬‬ ‫ف األزل‪ ،‬فدبَّر أسباب كفاية احلاجات‪ ،‬خبلق األطعمة واألقوات‪ ،‬ف‬ ‫ِ‬ ‫لك اللحظات‪ ،‬وتيسي األسباب واآلَّلت املوصلة إىل مجيع َّ‬ ‫املهمات ‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫وإجابته سبحانه وتعاىل ًواعن‪:‬‬ ‫ا‬ ‫َّ‬ ‫اعم‪ ،‬دلاعني‪ :‬مهما اكنوا‪ ،‬وأينما اكنوا‪ ،‬وْع ِ‬ ‫حال‬ ‫أي‬ ‫إهللنب‪،‬‬ ‫‪:‬‬ ‫أوال‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫اكنوا‪ ،‬كما وعدـهم بهذا الوعد املطلق‪ ،‬الصادق اذلي َّل يتخلف‪.‬‬ ‫ا‬ ‫َّ‬ ‫ثنًين‪ :‬إهللنب‪ ،‬نص‪ :،‬للمستجيبي ل‪ ،‬املنقادين لرشعه‪ ،‬املخلصي‬

‫ل ف ادلاعء‪ ،‬والعبادة‪ ،‬وهلذا عقب ذلك بقول‪{ :‬ﯶ ﯷ}‬

‫[ابلقرة‪]186 :‬‬

‫وكذلك للمضطرين‪{ :‬ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ‬

‫ﯝ ﯞ} [انلمل‪ ،]62 :‬وللك من انقطع رجاؤه من املخلوقي(‪،)2‬‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫وتعلق قلبه برب العاملي‪ ،‬فما أرسع اإلجابة هلذا‪.‬‬

‫{ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ}‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ويفرج كربن‪ ،‬ويرةع قومن‪،‬‬ ‫[الرْحن] قال ‘‪> :‬من شأًه أن ييفر ‪ً،‬بن‪،‬‬ ‫ً‬ ‫كسيا‪ ،‬ويغن ً‬ ‫ً‬ ‫جائعا‪ ،‬ويكسو‬ ‫فقيا‪ ،‬ويشبع‬ ‫ويضع آ رين<(‪ ،)3‬وجيّب‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ويقصم َّ‬ ‫جب ً‬ ‫ه‬ ‫ارا(‪،)4‬‬ ‫مظلوما‪،‬‬ ‫عريانا‪ ،‬ويشيف مريضا‪ ،‬ويعاف مبتىل‪ ،‬وينرص‬ ‫فسأل أـهل سمواته وأرضه ْع اختَّلفهم وـهو يسعفهم ف مراداتهم‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫هللالل املجيب‪ :‬إن إجابته فضل وإحسان‪ ،‬ليست كإجابة‬ ‫األنام‪ ،‬اذلي يغضب عند السؤال‪ ،‬والل يغضب إن لم يهطلب منه‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬موسوعة ل األسماء احلسىن للرشباص (‪ ،)242/1‬ورشح أسماء الل احلسىن للبيضاوي (‪.)266‬‬ ‫(‪ )4‬الوابل الصيِب (‪.)62‬‬ ‫(‪ )3‬صحيح موارد الظمآن (‪.)1487‬‬ ‫(‪ )2‬انظر احلق الواضح (‪.)65‬‬

‫‪84‬‬

‫‪‬‬

‫ِ‬ ‫لك حال ‪" ،‬فَّل َّ‬ ‫َّ‬ ‫يتّبم‬ ‫انل َوال(‪ ،)1‬بل يهكرم من يسأل‪ ،‬ويلوذ به ف‬ ‫(‪)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫سمع عن‬ ‫امللحي‪ ،‬وكرثة ادلاعي ْع ادلوام‪ ،‬فَّل يشغله‬ ‫بإحلاح‬

‫سمع"(‪ ،)3‬ومن هللالل إجابته أنه يستجيب ادلاعء من الاكفرين‪ ،‬إذا‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫أخلصوا ل ادلاعء حال الشدة‪ ،‬ولم يكونوا قبل ذلك قد عرفوه ف‬ ‫ساعة وَّل حي‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬

‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ} [العنكبوت‪.]65 :‬‬ ‫َّ‬ ‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذا اَّلسم يورث العبد حمبته تعاىل واتلعلق به‪،‬‬ ‫ورجاءه‪ ،‬والطمع فيما عنده‪ ،‬واتلرضع بي يديه‪ ،‬ويذـهب عنه داء‬ ‫القنوط من م‬ ‫روحه‪ ،‬فعند ذلك يزنل حاجاته به‪ ،‬ويعظم راغئبه وسؤال‪،‬‬

‫ومن مقتىض ـهذا اَّلسم أن يكون املؤمن جميبًا لربه فيما أمر به ونهاه‬

‫عنه‪ ،‬حىت يترشف ويتعرض هلذا الوعد الصادق العظيم منه سبحانه‬ ‫اذلي َّل يتختلف‪{ :‬ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ} [اغفر‪.]60 :‬‬ ‫‪ 23‬ـ ‪ 24‬ـ ‪ 25‬ـ اهلل (امللك‪،‬املليك‪،‬املالك) جل وعال‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ} [طه‪.]114 :‬‬ ‫وقال جل وعَّل‪{ :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ‬

‫ﭳ ﭴ ﭵﭶ} [القمر]‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬قال ‘‪> :‬من م يسأل ا ييضب عليه<‪ .‬صحيح الرتمذي (‪.)3373‬‬ ‫(‪ )2‬قال ‘‪> :‬ليس يشء أكرم ٰ‬ ‫ىلع ا من ادلاعء< صحيح ابن ماجه (‪.)3825‬‬ ‫(‪ )3‬انظر إاغثة اللهفان (‪.)3/1‬‬

‫‪85‬‬

‫‪‬‬ ‫قال ‘‪> :‬إن أ نع اسم عند ا‬

‫من ا إال ا‬

‫عً وهللل<(‪.)1‬‬

‫ٰ‬ ‫تسىم ملا األمالك‪ ،‬ال‬ ‫رهللل‬

‫املعىن ا ليوي‪ :‬امللا ـهو‪ :‬احتواء اليشء‪ ،‬والقدرة ْع‬ ‫اَّلستبداديَّة‪ ،‬انلافذ األمر ف ملكه ‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫* الفرق بني هذ األسمنء‪ :‬أن املن ا‪ :‬ـهو صاحب امللك‪ ،‬أو من‬

‫ل ملكة اليشء‪ ،‬املترصف بفعله‪ ،‬وامللا هو‪ :‬املترصف بفعله‪ ،‬وأمره‪.‬‬

‫واملليا‪ :‬من صيغ املبالغة‪ ،‬وـهو املالك العظيم امللك‪ ،‬فهو اسم‬ ‫العلو املطلق للملك ف هملكه‪ ،‬وملم َّ‬ ‫ِ‬ ‫كيته‪ ،‬فله علو الشأن‪،‬‬ ‫يدل ْع‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫والفوقية ف وصف امللكية ْع ادلوام‪ ،‬أزَّل وأبدا‪ ،‬فهذا‬ ‫والقهر‪،‬‬

‫اَّلسم يشمل معىن امللك‪ ،‬واملالك(‪.)3‬‬

‫املعىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه وتعاىل ـهو امللا املليا املن ا‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ )1‬ل امللك لكه‪ ،‬ول احلمد لكه‪ ،‬أزمة األمور لكها بيده‪ ،‬ومصدرـها‬

‫مستو ْع عرشه‪ ،‬فوق مجيع خلقه‪.‬‬ ‫منه‪ ،‬ومردـها إيله‪ ،‬وـهو‬ ‫ٍ‬

‫‪ )2‬ومن تمام ملكه سبحانه أنه َّل ختىف عليه خافية ف أقطار‬ ‫ملكه‪ً ،‬‬ ‫اعلما بنفوس عبيده‪َّ ،‬‬ ‫مط ِل ًعا ْع أرسارـهم وعَّلنيتهم‪.‬‬ ‫ٌِ‬ ‫متفرد وحده بتدبي اململكة‪ ،‬يسمع‬ ‫‪ )3‬ومن كمال ملكه أنه تعاىل‬

‫ويرى‪ ،‬ويعطي ويمنع‪ ،‬ويثيب ويعاقب‪ ،‬ه‬ ‫ويكرم ويهي‪ ،‬وخيلق ويرزق‪،‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬مسلم (‪.)2143‬‬

‫(‪ )2‬انلهاية (‪ ،)358/4‬اللسان (‪.)4266/7‬‬

‫(‪ )3‬انظر بدائع الفوائد (‪ ،)972/4‬زاد املسي (‪ ،)104/8‬والقرطيب (‪ ،)248/11‬الرازي (‪ ،)188‬األسماء والصفات‬ ‫للبيهيق (‪.)46‬‬

‫‪86‬‬

‫‪‬‬

‫ِ‬ ‫ويقدر َ‬ ‫ويقيض‪.‬‬ ‫ويأمر وينىه‪ ،‬ويميت وحيي‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫‪ )4‬سلطانه جل جَّلل نافذ ف السماوات وأقطارـها‪ ،‬ويف األرض‬ ‫وما عليها وما حتتها‪ ،‬ويف ابلحار واجل َ ِو‪ ،‬يداول األيام بي انلاس‪،‬‬ ‫ويقلب ادلول‪ ،‬يذـهب بدولة ويأيت بأخرى‪.‬‬

‫‪ )5‬فهو تعاىل مالك امللوك واألمَّلك لكها‪ِ ،‬‬ ‫يرصفهم حتت أمره‬

‫ونهيه‪ ،‬وـهو يؤيت امللك من يشاء‪ ،‬ويزنع امللك ممن يشاء(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫املترصف ف املمالك لكها وحده‪ ،‬ت َرصف َم ِل ٍك قادر‪،‬‬ ‫‪ )6‬فهو‬ ‫قاـهر‪ ،‬رحيم‪ ،‬فترصفه ف اململكة دائر بي العدل‪ ،‬واإلحسان‪،‬‬ ‫واحلكمة‪ ،‬واملصلحة‪ ،‬والرْحة‪َّ ،‬ل تتحرك ذرة ف ملكه إَّل بإذنه‪ ،‬وَّل‬

‫تسقط ورقة إَّل بعلمه(‪{ )2‬ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ‬

‫ﯻ ﯼ ﯽ} [يس]‪.‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭛ ﭜ ﭝ‬ ‫ﭞ ﭟ ﭠﭡ} [الفاحتة]‪ ،‬وقال َّ‬ ‫عز شأنه‪{ :‬ﮌ ﮍ ﮎ‬ ‫ﮏ} [الفرقان‪ ،]26 :‬قرن (ا رمحن ا رحيم) بـ(من ا)‪ :‬وذلك أن ثبوت‬ ‫امللك ل تعاىل ف ذلك ايلوم اذلي ه‬ ‫يدل ْع كمال القهر‪ ،‬واَّلستعَّلء‪،‬‬ ‫واإلحاطة‪ ،‬واتلفرد ف احلساب واملجازاة‪ ،‬إَّل أنه تعاىل مع لك ـهذه‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫رحيم‪ ،‬وأن من رْحته تعاىل بعباده‪ :‬أنه ـهو‬ ‫رْحن‬ ‫العظمة فهو ملك‬

‫ِ‬ ‫املتفرد بامللك فيه‪ ،‬وذلك أنه حياسب عباده‪ ،‬بالعدل‪ ،‬والقسط‪،‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬قال تعاىل‪{ :‬ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ} [آل عمران‪.]26 :‬‬ ‫(‪ )2‬انظر‪ :‬شأن ادلاعء (‪ ،)40‬وتفسي األسماء (‪ ،)62‬وطريق اهلجرتي (‪ ،)228‬شفاء العليل (‪.)652/2‬‬

‫‪87‬‬

‫‪‬‬

‫ه ِ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ مَ‬ ‫أحد‪ ،‬وـهذا ـهو‬ ‫والفضل‪ ،‬فَّل يظلم مثقال ذرة‪ ،‬وَّل حيمل أحد ِوزر ٍ‬ ‫الكمال‪ :‬هملك مع الرْحة‪ ،‬ورْحة مع ه‬ ‫الملك‪.‬‬ ‫(‪ )2‬قال تعاىل‪{ :‬ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ} [احلرش‪،]23 :‬‬

‫اقرتنت ـهذه األسماء اجلليلة بـ(امللا)‪ ،‬بليان‪ :‬أنه تعاىل مع كونه‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫قدوس‪ ،‬أي‪ِ :‬‬ ‫ملاك ً‬ ‫متزن ٌه ف ملكه‬ ‫قاـهرا‪ ،‬بَّل ممانعة‪ ،‬وَّل مدافعة‪ ،‬إَّل أنه‬ ‫ٌ‬ ‫من َّ‬ ‫انلقائص‪ ،‬واجلور‪ ،‬والظلم‪ ،‬وسالم‪ :‬أي َس ِل َم عباده من ظلمه‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫مؤمن‪ :‬وـهو اذلي يهؤمن عبيده من اجلور والظلم‪،‬‬ ‫وجوره كذلك‪،‬‬ ‫ه ِ‬ ‫ؤمن من شاء من اخلوف‪ ،‬وغيـها من األسماء اليت ه‬ ‫تدل‪ْ :‬ع كونه‬ ‫وي‬ ‫ً‬ ‫ملاك َّل حيسن‪ ،‬وَّل يكمل إَّل مع ـهذه ِ‬ ‫الصفات‪ ،‬من الرْحة(‪،)1‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫والعزة‪ ،‬واهليمنة‪ ،‬فدل ْع انفراده تعاىل ف‬ ‫والقدوسية‪ ،‬والسَّلم‪،‬‬ ‫ملكه بالكمال‪ ،‬مع انتفاء عنه لك انلقائص‪ ،‬واملعايب‪ ،‬واملذام‪.‬‬

‫هللالل امللا املليا املن ا‪ :‬من جَّلل ملكه تعاىل أنه‬

‫ٌ‬ ‫مقارن حلمده ف لك األحوال واألوقات ف ادلنيا واآلخرة‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫{ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ} [اتلغابن‪ ،]1 :‬فامللك واحلمد ف حقه متَّلزمان‪،‬‬

‫فلك ما شمله ملكه وقدرته‪ ،‬شمله ْحده‪ ،‬فهو حممود ف ملكه‪ ،‬ول‬

‫امللك والقدرة مع ْحده‪ ،‬فكما يستحيل خروج يش ٍء من املوجودات‬

‫عن ملكه وقدرته‪ ،‬يستحيل خروجها عن ْحده‪ ،‬وحكمته‪ ،‬فإن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫عجزا‪،‬‬ ‫نقصا‪ ،‬واحلمد بَّل ملك يستلزم‬ ‫امللك بَّل ْحد يستلزم‬ ‫واحلمد مع امللك اغية الكمال واجلَّلل‪ ،‬فوسط امللك بي اجلملتي‪،‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬تفسي الرازي (‪ ،)243/1‬بترصف‪.‬‬

‫‪88‬‬

‫‪‬‬

‫ً‬ ‫فجعله حمفوظا حبمد قبله(‪ ،)1‬وْحد بعده(‪،)2‬‬ ‫ومن هللالهل‪ :‬أنه َّل ينازعه ف ملكه معارض‪ ،‬وَّل يمانعه مناقض‪،‬‬

‫فهو بتقديره متفرد‪ ،‬وبتدبيه متوحد‪ ،‬ليس ألمره مرد‪ ،‬وَّل حلكمه رد(‪.)3‬‬

‫ٰ‬ ‫تعنىل‪ :‬أن ملكه حق ثابت بَّل زوال‪ ،‬وَّل‬ ‫ومن هللالل ملكه‬

‫انتقال‪ ،‬وَّل نقصان ْع ادلوام(‪ ،)4‬فلم يكن ل رشيك فيه‪ ،‬وَّل معي ل‬

‫أحد من اخللق‪ ،‬قال سبحانه‪{ :‬ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬ ‫فيه من ٍ‬ ‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ} [اإلرساء‪ ،]111 :‬ورصف أموره فيه باحلكمة‪،‬‬

‫والعدل‪ ،‬واحلق‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ} [املؤمنون‪.]116 :‬‬

‫اثلمرات‪ :‬إذا اكن ربنا سبحانه وتعاىل ـهو ملك امللوك‪َّ ،‬ل‬

‫ينازعه فيه منازع‪ ،‬وَّل يشاركه فيه مشارك‪ ،‬فإن ذلك يوجب نلا أن‬

‫يكون ـهو تعاىل مَّلذنا ومعاذنا‪ ،‬ورجاءنا‪ ،‬فَّل غىن نلا عنه طرفة‬

‫عي ف لك أحوانلا‪ ،‬فينبيغ نلا أن نوحده تعاىل ف لك شؤوننا وأمورنا‪.‬‬ ‫‪ 26‬ـ ـ اهلل (الصمد) جل ثناؤه‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ} [اإلخَّلص]‬

‫َّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫معان جليلة‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬ا صمد ف اللغة‪ :‬يدل ْع عدة‬ ‫ٍ‬ ‫ورفيعة‪ ،‬وكثية‪ ،‬وهلذا اكنت العرب ِ‬ ‫تسيم أرشافها بهذا اَّلسم‪ ،‬لكرثة‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ} [سبأ‪.]1 :‬‬ ‫(‪ )2‬انظر شفاء العليل (‪ ،)609‬طريق اهلجرتي (‪ ،)230‬بدائع الفوائد (‪ )3( .)87/1‬رشح األسماء للاكفييج (‪.)132‬‬ ‫ً‬ ‫(‪ )4‬كملوك ادلنيا‪ ،‬إن أعطوا نقص من ملكهم‪ ،‬فضَّل أن يثبت هلم ملك ْع ادلوام‪ ،‬انظر تفسي الرازي (‪.)243/1‬‬

‫‪89‬‬

‫‪‬‬ ‫َّ‬ ‫املسَّم به(‪ ،)1‬فيطلق ْع السيد املطاع‪ ،‬اذلي َّل‬ ‫الصفات املحمودة ف‬ ‫يقىض دونه أمر‪ ،‬وـهو اذلي يصمد ويقصد إيله ف احلوائج‪ ،‬وـهو اذلي‬

‫َّل جوف ل‪ ،‬فَّل يأكل وَّل يرشب‪ ،‬وـهو السيد اذلي ينتيه إيله‬ ‫السؤدد ف لك يشء‪ ،‬وـهو ادلائم ابلايق‪ ،‬وـهو اذلي َّل خيرج منه يشء‪،‬‬

‫ويطلق ْع العايل اذلي تناىه علوه‪ ،‬من قوهلم‪ :‬بناء مصمد‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫معىل(‪ ،)2‬وـهو الرفيع ف لك يشء‪ ،‬لكرثة خصال اخلي فيه‪ ،‬وكرثة‬ ‫األوصاف احلميدة ل(‪.)3‬‬

‫َّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ـهو ا صمد املصمود للك موجود‪:‬‬ ‫َ‬ ‫(‪ )1‬السيد اذلي قد ك همل ف سؤدده‪ ،‬والرشيف اذلي قد كمل ف‬

‫رشفه‪ ،‬والعظيم اذلي قد كمل ف عظمته‪ ،‬واحلليم اذلي قد كمل ف‬

‫حلمه‪ ،‬والغن اذلي قد كمل ف غناه‪ ،...‬وـهو اذلي قد كمل ف أنواع‬ ‫الرشف والسؤدد‪ ،‬وـهو الل سبحانه ـهذه صفاته‪َّ ،‬ل تنبيغ إَّل ل(‪.)4‬‬

‫(‪ )2‬فهو اذلي تقصده اخلَّلئق لكها‪ ،‬إنسها وجنها‪ ،‬بل العالم‬ ‫ّ‬ ‫وملماتها ادلقيقة‪ ،‬واجلليلة‪ ،‬فجميع‬ ‫بأرسه العلوي والسفل‪ ،‬حباجاتها‬

‫الاكئنات فقية إيله بذاتهم‪ ،‬ف إجيادـهم‪ ،‬وإعدادـهم‪ ،‬وإمدادـهم‪ ،‬ليس‬

‫ألحد غىن عنه مثقال ذرة واحدة(‪ ،)5‬وَّل حلظة‪ ،‬وَّل خطرة‪ ،‬وَّل خطوة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬الصواعق املرسلة (‪.)1024/3‬‬

‫(‪ )2‬اللسان (‪ ،)2495/4‬الطّبي (‪ ،)222/30‬وابن كثي (‪ ،)570/4‬وتفسي سورة اإلخَّلص َّلبن تيمية (‪ 35‬ـ ‪.)60‬‬

‫(‪ )3‬ولك املعاين السابقة ثبتت عن السلف‪ ،‬ولكها يصح أن يوصف به ربنا تعاىل‪ ،‬كما ذكر ذلك ابلغوي ف تفسيه‬ ‫(‪ ،)321/7‬وابن كثي (‪ )570/4‬بعد أن ذكر قول احلافظ الطّباين ف كتاب السنة‪.‬‬

‫(‪ )4‬صح عن ابن عباس ريض الل عنهما‪ ،‬اتلفسي الصحيح (‪.)681/4‬‬

‫‪90‬‬

‫(‪ )5‬تفسي ابن السعدي (‪.)621/5‬‬

‫‪‬‬ ‫(‪ )3‬وـهو اذلي َّل جوف ل‪ ،‬فَّل يأكل وَّل يرشب‪ ،‬وـهو يهط ِعم وَّل‬

‫يه َ‬ ‫طعم(‪ ،)1‬املستغن عما سواه‪ ،‬اذلي حيتاج إيله لك ما عداه‪.‬‬ ‫(‪ )4‬ـهو تعاىل َّ‬ ‫الصمد‪" :‬اذلي لم يدل ولم يودل‪.‬‬

‫(‪ )5‬وـهو اذلي َّل يموت وَّل يورث‪ :‬ألنه ليس يشء يودل إَّل سيموت‪،‬‬

‫وليس يشء يموت إَّل سيورث‪ ،‬والل تعاىل َّل يموت وَّل يورث"(‪.)2‬‬ ‫َّ ه‬ ‫انلافذ أمره ف أرضه وسمواته‪،‬‬ ‫(‪ )6‬وـهو سبحانه السيِد املطاع‪،‬‬ ‫َّل يقىض دونه أمر‪ ،‬إَّل بإذنه ومشيئته‪.‬‬

‫(‪ )7‬وـهو تعاىل الرفيع الشأن والقدر‪ ،‬فهو واسع الصفات‪،‬‬

‫وعظيمها‪ ،‬اذلي لم يبق صفة كمال إَّل اتصف بها‪ ،‬بغايتها‪ ،‬وكماهلا(‪،)3‬‬

‫حبيث َّل حتيط اخلَّلئق لكهم‪ ،‬من أوهلم وآخرـهم‪ ،‬وإنسهم وجنهم‪،‬‬

‫بواحد ٍة منها‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ} [الزمر‪.]67 :‬‬

‫(‪ )8‬وـهو سبحانه الصمد اذلي تناىه علوه‪ ،‬ل العلو املطلق من‬

‫لك الوجوه‪ :‬بعلو اذلات‪ ،‬واتلعايل ف لك الصفات "من قوهلم‪ :‬بناء‬ ‫همصمد‪ ،‬املاكن املرتفع‪ ،‬وبناء همصمد‪ ،‬أي همعىل" ‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫(‪ )9‬وـهو تعاىل الصمد‪" :‬اذلي ليس كمثله يشء‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬

‫{ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ} [اإلخَّلص]"(‪ ،)5‬فليس ل من خلقه‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬تفسي ابن جرير (‪ ،)222/30‬انلهاية (‪.)52/3‬‬

‫(‪ )2‬الك املعنيي صح عن أيب بن كعب ريض الل عنه‪ ،‬صحيح الرتمذي (‪.)3364‬‬ ‫(‪ )3‬بهجة قلوب األبرار (ص ‪.)291‬‬ ‫(‪ )4‬األسىن للقرطيب (‪.)186/1‬‬

‫(‪َّ )5‬‬ ‫صح عن ابن عباس ريض الل عنهما‪ ،‬انظر اتلفسي الصحيح (‪.)681/4‬‬

‫‪91‬‬

‫‪‬‬ ‫نظي يساميه‪ ،‬أو قريب يدانيه(‪.)1‬‬ ‫(‪ )10‬وـهو سبحانه املصمود إيله ف احلوائج وانلوازل‪ ،‬املقصود‬ ‫إيله ف َّ‬ ‫الراغئب‪ ،‬املستغاث به عند املصائب ‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫هللالل ا صمد‪ :‬أنه انفرد تعاىل بصمديته ف الوجود من لك‬ ‫ٌ‬ ‫ٍّ‬ ‫الوجوه‪ ،‬ف لك يشء‪ ،‬إىل حد تنقطع دونه اآلمال‪ ،‬فليس صمد سوى‬ ‫ه‬ ‫الل(‪ ،)3‬ةمن هللالهل‪ :‬أنه دال ْع مجلة أوصاف عديدة َّل حتىص‪ ،‬وَّل‬ ‫تهستقىص‪ ،‬فَّل ختتص بصفة ّ‬ ‫معينة‪ ،‬فهو متعلق بالصفة من حيث‬ ‫دَّلتلها ْع الكرثة‪ ،‬والزيادة‪ ،‬والسعة‪ ،‬حبيث يدخل ف معناه ّ‬ ‫املعّب عنه‪،‬‬

‫باللفظ الكثي من معاين أسماء الل وصفاته‪ ،‬فهو يتضمن مجيع صفات‬

‫الكمال‪ ،‬من نعوت العظمة واجلَّلل‪ ،‬املستوجب لغايته ْع الكمال(‪.)4‬‬

‫اثلمرات‪ :‬جيب أن يعلم لك ملكف‪ ،‬أن َّل صمدية‪ ،‬وَّل‬

‫وحدانية إَّل لل تعاىل وحده‪ ،‬فينبيغ ل أن يصمد إىل ربه تعاىل ف‬

‫احلوائج لكها‪ ،‬ويكون مفزعه‪ ،‬واغيته‪ ،‬ومقصده ف لك أحوال‪ ،‬ـهو ربه‬

‫تعاىل‪ ،‬ومن جعله الل تعاىل مقصد عباده ف مهمات دينهم‪ ،‬ودنياـهم‪،‬‬ ‫ٍّ‬ ‫وأجرى ْع لسانه ويده حوائج خلقه‪ ،‬فقد أنعم عليه حبظ من معىن‬ ‫َّ‬ ‫ـهذا الوصف‪ ،‬وعليه أن يتخلق بأخَّلق السيادة‪ ،‬والسادة‪ ،‬حىت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يكون مصمودا‪ ،‬وبابه مقصودا(‪.)5‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ابن كثي (‪،)793/4‬‬

‫(‪ )2‬تفسي سورة اإلخَّلص (‪ ،)35‬وإبطال اتلأويَّلت أليب يعىل (‪.)668‬‬

‫(‪ )3‬انظر معالم اتلزنيل للبغوي (‪ ،)321/7‬ونظم ادلرر (‪.)588/8‬‬ ‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬بدائع الفوائد (‪ ،)176/1‬جمموع الفتاوى (‪.)178/17‬‬

‫‪92‬‬

‫(‪ )5‬األسىن (‪ ،)186/1‬القاموس (‪.)753‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ 27‬ـ اهلل (احلميد) جل جالله‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ} [الشورى]‪.‬‬ ‫املعىن ا ليوي‪ :‬احلميد‪ :‬صيغة مبالغة ْع وزن فعيل‪ ،‬واحلمد‬

‫نقيض اذلم‪ ،‬وـهو أعم وأصدق ف اثلناء ْع املحمود من املدح‬

‫والشكر‪ ،‬وـهو أوسع الصفات‪ ،‬وأعم املدائح‪ ،‬ويأيت بمعىن‪ :‬فاعل‪ ،‬أي‪:‬‬

‫حامد‪ ،‬وبمعىن مفعول‪ ،‬أي‪ :‬حممود‪ ،‬فهو تعاىل حامد‪ ،‬وحممود(‪.)1‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو احلميد‪ :‬ل احلمد لكه‪،‬‬

‫اذلي ل مجيع املحامد‪ ،‬واملدائح ف ادلنيا واآلخرة‪ ،‬فهو‪:‬‬

‫(‪ )1‬املحمود ف ذاته‪ ،‬وأسمائه‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وأفعال‪ ،‬فله من األسماء‬

‫أحسنها‪ ،‬ومن الصفات أكملها‪ ،‬ومن األفعال أتمها وأحسنها‪ ،‬فإنها‬

‫خال عن احلكمة‬ ‫دائرة بي الفضل والعدل‪ ،‬ليس فيها فعل‬ ‫ٍ‬ ‫واملصلحة‪ ،‬فَّل جيري ف أفعال الغلط‪ ،‬وَّل يعرتضه اخلطأ‪.‬‬ ‫(‪ )2‬وـهو تعاىل املحمود ف رشعه‪ ،‬فإنه أكمل الرشائع‪ ،‬وأنفعها‬

‫للك اخلَّلئق‪ ،‬ملا فيه من العدل‪ ،‬واحلكمة‪ ،‬والرْحة اليت َّل نظي هلا‪.‬‬

‫(‪ )3‬املحمود ف قضائه‪ ،‬وْع أحاكمه القدرية‪ ،‬والرشعية‪،‬‬

‫واجلزائية‪ ،‬ف األول واآلخرة‪ ،‬حيمد عليها ألنها لكها حق‪ ،‬وعدل‪،‬‬

‫وـهدى‪ ،‬مزنـهة عن الرش‪ ،‬والعبث‪ ،‬والظلم‪ ،‬وانلقص‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬لسان العرب (‪ ،)156/3‬وتفسي الطّبي (‪ ،)179/13‬طريق اهلجرتي (‪ ،)231‬تفسي سورة لقمان (‪)204/7‬‬ ‫َّلبن عثيمي‪.‬‬

‫‪93‬‬

‫‪‬‬

‫(‪ )4‬املحمود ْع وحدانيَّته‪ ،‬وتعايله عن الرشيك َّ‬ ‫ّ‬ ‫والول‬ ‫وانلظي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫من اذلل(‪.)1‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫(‪ )5‬وـهو اذلي جيعل من يشاء من عباده حممودا‪ ،‬فيهبه ْحدا من‬ ‫عنده‪ ،‬فيحمده اخللق‪ ،‬ويثنون عليه‪.‬‬

‫(‪ )6‬فمن كمال ْحده‪ ،‬يوجب أن َّل ينسب إيله رش‪ ،‬وَّل سوء‪،‬‬

‫وَّل نقص ف ذاته‪ ،‬وَّل ف أسمائه‪ ،‬وَّل ف أفعال‪ ،‬وَّل ف صفاته‪.‬‬

‫(‪ )7‬وـهو اذلي حيمد من يستحق احلمد‪ ،‬فهو يصف من يستحق من‬

‫عباده الصفات الاكملة بما يستحقه‪ ،‬وهلذا أثىن ْع أنبيائه‪ ،‬وْع أويلائه(‪.)2‬‬ ‫ِ‬ ‫(‪ )8‬وـهو املحمود بكل لسان‪ ،‬وْع لك حال‪ ،‬فجميع املخلوقات‬ ‫ناطقة حبمده‪ ،‬من اجلمادات‪ ،‬وانلاطقات‪ ،‬ف مجيع األوقات‪ْ ،‬ع آَّلئه‬

‫وإنعامه‪ ،‬وْع كمال‪ ،‬وجَّلل(‪.)3‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬

‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ} [الّبوج]‪ ،‬العزة صفة كمال لل عز‬ ‫كمال أخرى‪ ،‬واقرتان العزة باحلمد‪ ،‬صفة كمال‬ ‫وجل‪ ،‬واحلمد صفة‬ ‫ٍ‬ ‫ثاثلة لل تعاىل‪ ،‬فهو تعاىل ل احلمد ْع َّ‬ ‫عزته وغلبته‪ ،‬وْع إعزازه‬ ‫ألويلائه‪ ،‬ونرصه حلزبه وجنده‪ ،‬والل تعاىل حممود ف عزته‪ ،‬ألنها‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬قال تعاىل‪{ :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬ ‫ﯘ ﯙ ﯚ} [اإلرساء]‪.‬‬

‫(‪ )2‬جَّلء األفهام (‪ ،)244‬شأن ادلاعء (‪ ،)78‬بدائع الفوائد (‪ ،)178/2‬شفاء العليل (‪ ،)511/2‬تفسي سورة الّبوج‬ ‫(‪ )3( .)462/10‬قال سبحانه‪{ :‬ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ} [اإلرساء‪.]44 :‬‬

‫‪94‬‬

‫‪‬‬ ‫جارية عن سنن الرْحة‪ ،‬واحلكمة‪ ،‬والعدل(‪.)1‬‬ ‫فعزته تعاىل رْحة ألويلائه‪ ،‬وعدل ألعدائه‪ ،‬فيه َّ‬ ‫َّ‬ ‫عزة ْحد‬ ‫َّ َ‬ ‫مزنـهة عن لك العيوب وانلقائص‪ ،‬اكلظلم واجلور‪ ،‬كما‬ ‫كذلك‪ ،‬ألنها‬

‫يكون ف اغلب أعزاء املخلوقي‪ ،‬اذلين إذا أعزوا وغلبوا أرسفوا‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫استحق سبحانه أن حيمد ْع َّ‬ ‫عزته‪،‬‬ ‫وظلموا‪ ،‬أو سفهوا‪ ،‬وذللك‬

‫تلزنـهها عن لك انلقائص‪ ،‬وشموهلا للك األوصاف‪ ،‬واملدائح‪.‬‬

‫(‪ )2‬قال تعاىل‪{ :‬ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ‬

‫ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ} [احلديد]‪ ،‬أي‪ :‬ومن يعرض عن اإلنفاق‪،‬‬

‫فإن الل تعاىل غن عنه‪ ،‬وعن إنفاقه‪ ،‬حممود ف ذاته‪َّ ،‬ل يرضه اإلعراض‬ ‫عن شكره‪ ،‬وَّل ينفعه اتلقرب إيله بشكر من َّ‬ ‫نعمه‪ ،‬ل مجيع املحامد‪،‬‬ ‫وإن كفره مجيع اخلَّلئق(‪.)2‬‬

‫َّ‬ ‫(‪ )3‬قال تعاىل‪{ :‬ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ} [السشورى]‪ ،‬دل ـهذا‬

‫اَّلقرتان ْع أنه تعاىل حممود ْع وَّليته‪ ،‬ألنها وَّلية كمال ْع‬ ‫َّ‬ ‫اإلطَّلق‪ ،‬فمن ذلك‪ :‬أ) أنه ينرش رْحته لعباده‪ ،‬ويتوَّلـهم بإحسانه‪،‬‬

‫ب) ومنها‪ :‬أنه سبحانه حيمد من يطيعه‪ ،‬فَّييده من فضله‪ ،‬ويصل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وجّبا ل‪،‬‬ ‫حبله ادلائم حببله ‪ ،‬هلل) أنه تعاىل يوايل عبده إحسانا إيله‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫ورْحة‪ ،‬خبَّلف املخلوق‪ ،‬فإنه يوايل املخلوق تلعززه به‪ ،‬وتكرثه‬

‫بمواَّلته‪ ،‬ذلل العبد وحاجته(‪ ،)4‬د) ومنها‪ :‬أنه سبحانه حممود ْع‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ينظر ولل األسماء احلسىن (‪.)383‬‬ ‫(‪ )2‬ابليضاوي (‪ ،)376/3‬نظم ادلرر للبقايع (‪ )3( .)12/6‬ينظر تفسي ابليضاوي (‪ ،)239/3‬نظم ادلرر (‪.)63/6‬‬ ‫(‪ )4‬مفتاح دار السعادة (‪.)494/1‬‬

‫‪95‬‬

‫‪‬‬ ‫ِ‬ ‫عدوـهم‪ ،‬وحيفظهم من كيدـهم‪ ،‬ويدفع‬ ‫وَّليته ألويلائه‪ ،‬ينرصـهم ْع‬ ‫ّ‬ ‫عنهم الرشور‪ ،‬ولك ما يرضـهم‪ ،‬ف دنياـهم وأخراـهم‪.‬‬ ‫ه‬ ‫هللالل احلميد‪ :‬أنه تعاىل حممود من وجوه َّل حتىص‪ ،‬وجوانب‬ ‫ه‬ ‫َّل تستقىص‪ ،‬ل أسماء وأوصاف‪ ،‬ومدائح وثناء‪َّ ،‬ل يعلمها ملك‬ ‫هم‬ ‫َّ‬ ‫مقرب‪ ،‬وَّل نيب مرسل‪ ،‬تقرص بَّلاغت الواصفي عن بلوغ كن ِهها‪،‬‬ ‫بالواحد منها‪ ،‬ومع ذلك فلله سبحانه‬ ‫وتعجز األوـهام عن اإلحاطة‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫تتحرك به اخلواطر‪ ،‬وَّل‬ ‫وتعاىل حمامد‪ ،‬ومدائح‪ ،‬وأنواع من اثلناء‪ ،‬لم‬ ‫ِ‬ ‫ملتوسم‪ ،‬وَّل سنحت ف فكر‪ ،‬فهو‬ ‫ـهجست ف الضمائر‪ ،‬وَّل َّلحت‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫حممود ف الكون لكِه‪ً ،‬‬ ‫دائما بدوامه‪َّ ،‬ل يزول أبدا(‪ ،)1‬ف ادلنيا‬ ‫تعاىل‬ ‫ِ‬

‫واآلخرة‪ ،‬قال الل العظيم‪{ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬

‫ﭪ ﭫﭬ} [الروم]‪ .‬وقال سبحانه‪{ :‬ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ‬ ‫ﰂ} [القصص‪.]70 :‬‬

‫اثلمرات‪ :‬مىت عرف املؤمن أن الل تعاىل متصف باحلمد‪،‬‬

‫فينبيغ ل أن يسىع إىل ْحده تعاىل ْع آَّلئه‪ ،‬وأوصاف كمال‪ ،‬ف‬

‫رسه‪ ،‬وعلنه‪ ،‬ف لسانه‪ ،‬وقلبه‪ ،‬وأراكنه‪ ،‬فإن أفضل خلقه من َّلزم‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْحده‪ ،‬قال ‘‪ ...> :‬اعلم أن ر عبند ا‬ ‫يوم القينم‪ ،‬احلمندون<(‪)2‬‬

‫"ثم جيب (ْع العبد) أن يسىع ف خصال احلمد‪ ،‬ويه اتلخلق باألخَّلق‬

‫احلميدة‪ ،‬واألفعال اجلميلة‪ ،‬ويرتك نقيضها‪ ،‬ويدع سفسافها"(‪.)3‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )2‬صحيح اجلامع (‪.)1571‬‬

‫(‪ )1‬طريق اهلجرتي (‪ ،)250‬بدائع الفوائد (‪.)87/1‬‬ ‫(‪ )3‬األسىن للقرطيب (‪.)189/1‬‬

‫‪96‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ 28‬ـ ـ اهلل (اجمليد) جل وعال‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ} [ـهود]‪.‬‬

‫املعىن ا ليوي‪ :‬املجيد من صيغ املبالغة ْع وزن فعيل‪،‬‬

‫وأصل املجد‪ :‬الكرثة‪ ،‬والسعة‪ ،‬وبلوغ انلهاية‪ ،‬وَّل يكون إَّل ف‬ ‫ٌ‬ ‫حممود‪ ،‬يقال‪ :‬رجل ماجد‪ :‬إذا اكن َس ِخ ًّيا واسع العطاء‪ ،‬فإن املجد ف‬ ‫لغة العرب‪ :‬كرثة أوصاف الكمال‪ ،‬وكرثة أفعال اخلي‪ ،‬فهو يدل ْع‪:‬‬ ‫رشف اذلات‪ ،‬واجلميل الفعال‪ ،‬واملنيع املحمود‪ ،‬والرفيع العايل‪،‬‬

‫والكريم‪ ،‬وعظيم القدر‪ ،‬والشأن واجلَّلل(‪.)1‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو املجيد ل املجد لكه‪:‬‬

‫‪ )1‬الكريم املتنايه ف الكرم‪ ،‬اذلي َّل كرم فوق كرمه(‪.)2‬‬ ‫‪ )2‬فهو تعاىل ابلالغ الغاية ف املجد األْع‪ ،‬والرشف اتلام‪ ،‬من‬

‫لك كمال أعَّله‪ ،‬فهو سبحانه‪:‬‬

‫أ) الرشيف ذاته‪ ،‬ب) اجلميل أفعال‪ ،‬ـج) اجلزيل عطاؤه‬

‫ونوال(‪ ،)3‬د) العظيم ف أوصافه‪ ،‬ه) الكبي ف سلطانه‪.‬‬ ‫‪ )3‬وـهو املنيع اذلي َّل يه ه‬ ‫رام‪ ،‬وَّل يهوصل إىل جنابه‪ ،‬فَّل يلحقه‬

‫سوء‪ ،‬وَّل ّ‬ ‫رش من عباده‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ )4‬وـهو اذلي اد ًفسه لكمال‪ ،‬وعظمته‪ ،‬يقول الل ف احلديث‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬تفسي األسماء (‪ ،)53‬املفردات (‪ ،)463‬لسان العرب (‪ ،)4138/5‬جَّلء األفهام (‪ ،)317‬بدائع الفوائد‬ ‫(‪ ،)160/1‬املنهاج (‪ ،)197/1‬القاموس (‪ )2( .)33/1‬انظر‪ :‬بدائع الفوائد (‪ )3( .)160‬املقصد األسىن (‪.)110‬‬

‫‪97‬‬

‫‪‬‬

‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َُ ر‬ ‫ر‬ ‫عنل‪ ،‬يمجد‬ ‫القديس‪> :‬أًن اجلبنر‪ ،‬أًن املتكرب‪ ،‬أًن امللا‪ ،‬أًن املت ِ‬ ‫ًفسه‪.)1(<..‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ )5‬وـهو اذلي جمده خلقه لعظمته‪ ،‬قال تعاىل‪..> :‬وإ‪،‬ا قنل(‪:)2‬‬ ‫َّ َ‬ ‫{ﭞ ﭟ ﭠ}‪ ،‬قنل‪ :‬ادين عبدي<(‪.)3‬‬ ‫‪" )6‬ل اتلعظيم واإلجَّلل‪ ،‬ف قلوب أويلائه األبرار‪ ،‬وأصفيائه‬ ‫األخيار"(‪ ،)4‬جلزيل خياته‪ ،‬وإحسانه املدرار‪.‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ}‬

‫َّ‬ ‫زائد‪ ،‬وذلك أن املجيد من معانيه‬ ‫[ـهود] دل ـهذا اَّلقرتان ْع‬ ‫كمال ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ـهو‪ :‬املنيع املحمود‪ ،‬ألن العرب َّل تقول للك حممود‪ :‬جميدا‪ ،‬وَّل للك‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫منيعا غي حممود‪ ،‬اكللص‬ ‫منيع جميدا‪ ،‬ألن الواحد قد يكون‬ ‫ً‬ ‫املتحصن ببعض القَّلع‪ ،‬وقد يكون حممودا غي منيع‪ ،‬أما املجيد‪،‬‬ ‫ً‬ ‫منيعا َّل يرام‪ ،‬واكن ف منعته حسن‬ ‫فهو من مجع بينهما‪ ،‬فاكن‬ ‫اخلصال‪ ،‬مجيل الفعال‪ ،‬والل سبحانه وتعاىل جيهل عن أن يرام‪ ،‬أو‬ ‫حمسن‪ ،‬منعم‪ّ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ممجد‪َّ ،‬ل يستطيع العبد أن‬ ‫يوصل إيله‪ ،‬وـهو مع ذلك‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫حييص نعمته‪ ،‬ولو استنفد فيها مدته(‪.)5‬‬

‫وا كمنل اآل ر‪ :‬أن احلمد‪ :‬كرثة الصفات‪ ،‬واخليات‪ ،‬واملجد‪:‬‬

‫عظمة الصفات‪ ،‬وسعتها‪ ،‬فهو ْحيد لكرثة صفاته احلميدة‪ ،‬املجيد‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬رواه أْحد ف مسنده (‪ )5608‬وصحح إسناده شعيب األرناؤوط (‪.)432/9‬‬ ‫(‪ )2‬أي‪ :‬العبد‪.‬‬

‫(‪ )3‬مسلم (‪.)395‬‬

‫(‪ )4‬السعدي (‪.)315/1‬‬

‫‪98‬‬

‫(‪ )5‬املنهاج للحلييم (‪.)197/1‬‬

‫‪‬‬ ‫لعظمتها‪ ،‬وعظمة ملكه وسلطانه‪ ،‬فإذا مجع بينهما‪ ،‬صار احلميد‪:‬‬

‫أخص بكرثة الصفات‪ ،‬واملجيد‪ :‬أخص بعظمتها(‪ ،)1‬فذللك اكن‬

‫"احلمد واملجد إيلهما يرجع الكمال لكه"(‪.)2‬‬ ‫َّ‬ ‫هللالل املجيد‪ :‬أنه تتجىل فيه عظمة الصفات‪ ،‬وكرثتها‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫وسعتها‪ ،‬وتمامها‪ ،‬وكماهلا‪ ،‬حبيث َّل يستطيع أحد من اخللق إحصاءـها‪،‬‬

‫واإلحاطة بواحدة منها‪ ،‬فلك وصف من أوصافه عظيم شأنه‪ ،‬فهو‬ ‫َّ‬ ‫العليم الاكمل ف علمه‪ ،‬الرحيم اذلي وسعت رْحته لك يشءٍ‪ ،‬القدير‬ ‫اذلي َّل يعجزه يشء‪ ،‬احلليم الاكمل ف حلمه‪ ،‬إىل َّ‬ ‫بقية أسمائه وصفاته‪،‬‬

‫فهو ه‬ ‫يدل ْع مجلة أوصاف عديدة‪ ،‬وـهو متناول جلمي ِعها‪َّ ،‬ل ختتص‬ ‫بصفة َّ‬ ‫معينة‪ ،‬كمثل العظيم‪ ،‬والصمد‪ ،‬وهلذا جاء ـهذان اَّلسمان‬ ‫ٍ‬ ‫مقرتنان ف التشهد‪ ،‬بطلب الصَّلة من الل ْع رسول‪ ،‬ألنه ف مقام‬ ‫ّ‬ ‫واتلعرض لسعة العطاء وكرثته‪ ،‬ودوامه‪ ،‬فإنه يرشع‬ ‫طلب املزيد‪،‬‬ ‫لدلايع‪ ،‬أن خيتم داعءه باسم من األسماء احلسىن مناسب ملطلوبه(‪.)3‬‬ ‫َّ‬ ‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذا اَّلسم الكريم يورث العبد املؤمن السيع‬

‫احلثيث إىل تعظيم ربه تعاىل وتمجيده‪ ،‬بكل وسيلة رشعية ممكنة‪،‬‬

‫حىت ينال بها رضوان الل تعاىل‪ ،‬اذلي ـهو أكّب من لك يشء‪ ،‬وينبيغ‬ ‫للعبد أن يه ِ‬ ‫مجد ما جمده الل تعاىل‪ ،‬من ذلك كتابه الكريم باتلَّلوة‪،‬‬

‫والعمل باتلزنيل‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ} [ق]‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )2‬جَّلء األفهام (‪.)316‬‬

‫(‪ )1‬توضيح الاكفية (‪ ،)118‬وفتح الرحيم (‪.)23‬‬

‫(‪ )3‬انظر بدائع الفوائد (‪ ،)144/1‬اتلبيان ف أقسام القرآن (‪ ،)125‬جَّلء األفهام (‪ ،)318‬تفسي السعدي‬ ‫(‪ ،)379/2‬احلق الواضح (‪.)33‬‬

‫‪99‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ 29‬ـ ـ اهلل (الغين) تبارك وتعاىلٰ‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬

‫ﮯ ﮰ} [فاطر]‪.‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ألحد(‪.)1‬‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬اليين‪ :‬ـهو اذلي ليس بمحتاج‬ ‫ٍ‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا شهريع‪ :‬الل ـهو الينهي‪ :‬اذلي َّل أغنـى منه ْع‬

‫اإلطَّلق‪ ،‬واللك إيله فقي حمتاج إيله‪ ،‬من مجيع الوجوه واَّلعتبارات‪:‬‬

‫(‪ )1‬فهو الغن تعاىل بذاته‪ ،‬وأفعال‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وسلطانه‪ ،‬فَّل حيتاج‬ ‫ّ‬ ‫إىل أحد‪ ،‬ولك موجود ف ـهذا الوجود حمتاج إيله‪ ،‬ف إجياده‪ ،‬وإعداده‪،‬‬

‫وإمداده‪ ،‬ف أمور دينه‪ ،‬ودنياه(‪ ،)2‬ف لك حلظة‪ ،‬وخطوة‪.‬‬

‫(‪ )2‬من كمال غناه‪ :‬أنه َّل تنفعه طاعة الطائعي‪ ،‬وَّل ترضه‬

‫معصية العاصي(‪ ،)3‬لكمال‪ ،‬وكمال صفاته‪.‬‬

‫(‪ )3‬وـهو تعاىل الغن‪ :‬فهو حمسن إىل عبده‪ ،‬مع غناه عنه‪ ،‬يريد‬

‫به اخلي‪ ،‬ويكشف عنه الرض‪َّ ،‬ل جللب منفعة إيله من العبد‪ ،‬وَّل‬ ‫ً‬ ‫دلفع مرضة‪ ،‬بل رْحة منه وإحسانا(‪.)4‬‬ ‫(‪ )4‬ومن كمال غناه تزنـهه عن انلقائص والعيوب‪ ،‬وعن لك ما‬ ‫يناف غناه‪ ،‬فمن ذلك‪ :‬أ) أنه لم يتخذ صاحبة‪ ،‬ب) وَّل ً‬ ‫ودلا‪ ،‬ج) وَّل‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )3‬مسلم (‪.)2577‬‬ ‫(‪ )2‬توضيح الاكفية الشافية (‪.)119‬‬ ‫(‪ )1‬لسان العرب (‪.)3308/5‬‬ ‫ُّ‬ ‫(‪ )3‬قال الل العظيم‪> :‬ين عبندي إًكم لن تبليوا ًفيع ةتنفعوين‪ ،‬ولن تبليوا رضي ةترضوين< مسلم (‪.)2577‬‬ ‫(‪ )4‬إاغثة اللهفان (‪.)41/1‬‬

‫‪100‬‬

‫‪‬‬

‫ً‬ ‫ويلا من اذلل‪ ،‬ه) ولم يكن ل ً‬ ‫رشيكا ف امللك‪ ،‬د) وَّل ًّ‬ ‫كفوا أحد(‪.)1‬‬ ‫(‪ )5‬من سعة غناه تعاىل وكرمه‪ ،‬أنه يأمر عباده بداعئه‪َ ،‬‬ ‫وي ِع هدـهم‬ ‫بإجابة دعواتهم‪ ،‬وإسعافهم جبميع مراداتهم‪ ،‬ويؤتيهم من فضله ما‬ ‫سألوه‪ ،‬وما لم يسألوه(‪.)2‬‬

‫(‪ )6‬وـهو تعاىل الغن‪ :‬املغن من يشاء من عباده‪ْ ،‬ع قدر‬

‫حكمته‪ ،‬وابتَّلئه‪{ :‬ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ} [انلجم]‪" ،‬واملغن‬ ‫خواص خلقه بما أفاض ْع قلوبهم من املعارف الربانية‪ ،‬واحلقائق‬

‫اإليمانية"(‪ ،)3‬فاستغنوا به ف لك أمورـهم ادلنيوية‪ ،‬وادلينية‪.‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ )1 :‬قال تعاىل‪{ :‬ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ}‬

‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫[ابلقرة]‪ ،‬أي أن الل تعاىل‪ٌّ :‬‬ ‫حليم َّل يعجل‬ ‫غين عما يتصدقون به‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫بالعقوبة ْع من يمن بصدقته منكم‪ ،‬ويؤذي فيها من يتصدق بها‬ ‫عجز‪ ،‬أو فقر‪ ،‬إنما عن‬ ‫عليه(‪ ،)4‬فحلمه ْع عباده‪َّ ،‬ل عن حاجة‪ ،‬أو‬ ‫ٍ‬ ‫تام‪ ،‬وما استلزم غناه من كمال العزة‪ ،‬واملنعة‪َّ ،‬‬ ‫غىن ّ‬ ‫ولما اكن من‬ ‫معىن الغىن أنه يغن عباده من إنعامه وآَّلئه‪ ،‬ومع ذلك يهكفر وَّل‬ ‫يشكر‪ ،‬ه‬ ‫ويعىص وَّل حيمد‪ ،‬فلوَّل حلمه وإمهال اذلي َّل يرام‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫لعاجلهم بالعقاب والعذاب‪ ،‬ولكنه ـهو الغن احلليم بكل األنام‪.‬‬ ‫(‪ )2‬وقال سبحانه وتعاىل‪{ :‬ﭜ ﭝ ﭞ‬

‫ﭟ} [األنعام‪:‬‬

‫‪ ،]133‬أي أن الل جل شأنه ـهو (اليين) عن إيمان العباد‪ ،‬وطاعتهم‪،‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬احلق الواضح (‪.)48‬‬

‫(‪ )3‬تفسي ابن السعدي (‪.)629/5‬‬

‫(‪ )2‬املصدر السابق (‪ ،)47‬وفتح الرحيم امللك (‪.)38‬‬ ‫(‪ )4‬تفسي الطّبي (‪.)43/3‬‬

‫‪101‬‬

‫‪‬‬ ‫َّل ينفعه إيمانهم‪ ،‬وَّل يرضه كفرـهم‪ ،‬ومع ذلك فهو (‪،‬و رمح‪ :)،‬بهم‪،‬‬ ‫فلم يكن غناه عنهم ً‬ ‫مانعا من اتلفضل عليهم برْحته‪ ،‬وفيه تنبيه أن‬

‫ما سبق ذكره(‪ )1‬ليس نلفعه‪ ،‬بل لرتْحه ْع عباده‪( ،‬وـهذا أكمل الكمال)‪:‬‬ ‫فإن الرْحة هلم‪ ،‬مع الغىن عنهم‪ ،‬يه اغية اتلفضل‪ ،‬واتلطول"(‪.)2‬‬

‫(‪ )3‬وقال سبحانه ‪{ :‬ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ} [ابلقرة]‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫دل ـهذا اَّلقرتان ْع أنه تعاىل حممود ْع غناه من مجيع الوجوه‪ ،‬وذلك‬ ‫ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫اذلايت‪:‬‬ ‫أن غناه تعاىل وصف ذايت‪ ،‬وفعل‪ ،‬والكـهما حممود عليه‪ ،‬ةينن‬

‫أنه الغن بذاته وصفاته عن مجيع خلقه‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬أنه َّل يلحقه‬

‫رضر‪ ،‬أو نقص منهم‪ ،‬وأما غنن الفعل‪ :‬أنه تعاىل يغن من يشاء ْع‬

‫مغن غيه‪ ،‬وـهذا أقىص‬ ‫مقتىض حكمته وخّبته‪ ،‬فهو الغن بنفسه‪ٍ ،‬‬

‫الكمال‪" ،‬ألنه ليس لك غن حيمد ْع غناه‪ ،‬اكلغن ابلخيل‪ ،‬فإنه‬ ‫ً‬ ‫اكلفقي‪ ،‬بل أسوأ حاَّل منه"(‪ ،)3‬لكن الغن املحمود ـهو الغن بذاته‪،‬‬ ‫املغن غيه من إحسانه‪ ،‬وإنعامه‪.‬‬

‫هللالل اليين‪ :‬من هللالل غناه تعاىل أن ملكه َّل ينفد‪ ،‬مهما‬ ‫َّ‬ ‫أن َّ‬ ‫أولكم‬ ‫أعطى وأسبغ‪ ،‬يقول الل ف احلديث القديس‪> :‬ين عبندي و‬ ‫َّ‬ ‫وآ ركم‪ ،‬وإنسكم وهللنكم قنموا يف صعيد واحد ةسأ وين‪ ،‬ةأعطيت‬ ‫ْ‬ ‫لك إنسنن مسأتله‪ ،‬من ًقص ‪ ،‬ا ممن عندي‪ ،‬إال كمن ينقص ا ِمخيط إ‪،‬ا‬ ‫ُ‬ ‫أد ل ابلحر<(‪.)4‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬أي‪ :‬من إرسال الرسل لعباده‪ ،‬آية (‪.)130‬‬

‫(‪ )2‬فتح القدير (‪ ،)239/2‬وتفسي ابليضاوي (‪ )519/1‬بترصف يسي‬ ‫(‪ )4‬مسلم (‪.)2577‬‬

‫(‪ )3‬تفسي سورة النساء َّلبن عثيمي (‪.)311/2‬‬

‫‪102‬‬

‫‪‬‬

‫َّ‬ ‫ومن هللالهل‪ :‬أن خزائن السموات واألرض والرْحة بيده‪ ،‬وأن جوده‬ ‫ْع خلقه متواصل‪ ،‬وأن يده الكريمة َّ‬ ‫سحاء الليل وانلهار‪ ،‬وخيه ْع‬

‫خلقه مدرار(‪.)1‬‬

‫اثلمرات‪ :‬إذا شهد القلب غىن الرب‪ ،‬استغىن به عن لك‬

‫اخللق‪ ،‬وـهذا ـهو العز للعبد‪ ،‬قال الل ف احلديث القديس‪> :‬ين ابن‬ ‫آدم تفرغ لعبنديت أمأل صدرك غ ٰ‬ ‫ىن‪ ،‬وأسد ةقرك<(‪ .)2‬فهذا "ـهو الغن‬

‫احلقييق‪ ،‬ف ادلنيا‪ ،‬ويف املعاد‪ ،‬وابلايق بغناه أبد اآلباد"(‪.)3‬‬ ‫‪ 30‬ـ ـ اهلل (احلكيم) سبحانه وتعاىلٰ‬

‫قال الل عز وجل‪{ :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ} [املائدة‪.]38:‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬احلكيم‪ :‬صيغة مبالغة‪ْ ،‬ع وزن فعيل‪ ،‬ويأيت‬

‫َّ‬ ‫معان‪ :‬األول‪ :‬العالم بأحاكم األمور‪ ،‬صاحب احلكمة‪.‬‬ ‫ْع عدة‬ ‫ٍ‬ ‫اثلاين‪ :‬احلاكم اذلي يفصل بي األمور‪ .‬اثلالث‪ :‬املحكم املتقن‬ ‫ِ‬ ‫لألشياء‪ ،‬املدقق فيها‪ ،‬اذلي يضع األشياء ف أحسن مواضعها‪ ،‬الرابع‪:‬‬ ‫اذلي يمتنع عن فعل القبائح‪ ،‬ويمنع نفسه منها(‪.)4‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ـهو احلكيم وـهو أحكم احلنكمني‪:‬‬

‫(‪ )1‬احلكيم ف أقوال‪ ،‬ويف أفعال‪ ،‬ويف أحاكمه‪ ،‬فَّل يقول‪ ،‬وَّل‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫َّ‬ ‫(‪ )1‬قال ‘‪> :‬إن يمني ا‬

‫ٰ‬ ‫مألى‪ ،‬ال يييضهن ًفق‪ ،،‬سحنء ا ليل وانلهنر‪ ،‬أرأيتم من أًفق منذ لق ا سموات‬

‫واألرض ةإًه م ينقص من يف يمينه<‪.‬‬ ‫؟‬

‫(‪ )2‬سلسلة األحاديث الصحيحة (‪.)1359‬‬

‫(‪ )3‬األسىن (‪ )4( .)270‬لسان العرب (‪ ،)951/2‬املفردات (‪ ،)248‬معجم مقاييس اللغة (‪ ،)91/2‬تفسي األسماء (‪)43‬‬

‫‪103‬‬

‫‪‬‬ ‫يفعل‪ ،‬وَّل يفصل‪ ،‬إَّل احلق‪ ،‬والعدل‪ ،‬والصواب(‪.)1‬‬ ‫(‪ )2‬فهو اذلي حيكم األشياء ويتقنها‪ ،‬فَّل تفاوت فيها‪ ،‬ويضعها‬

‫ف أحسن مواضعها‪ ،‬ويزنهلا ف أفضل منازهلا الَّلئقة بها(‪.)2‬‬

‫(‪ )3‬وـهو تبارك وتعاىل احلكيم‪ :‬اذلي َّل يدخل ف تدبيه خلل‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫وَّل زلل(‪ ،)3‬اذلي أوجد اخللق بأحسن نظام‪ ،‬ورتبه بأكمل إتقان‪.‬‬ ‫(‪ )4‬وـهو احلكيم‪ :‬ل احلكمة العليا‪ ،‬ف خلقه‪ ،‬وأمره‪ ،‬فَّل خيلق‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫عبثا‪ ،‬وَّل يرشع هس ًدى ‪ ،‬وَّل ه‬ ‫يرتك عباده ـهمَّل‪.‬‬ ‫شيئا‬ ‫(‪)4‬‬

‫(‪ )5‬وـهو احلكيم‪ :‬ل احلكم ف األول واآلخرة‪ ،‬ول األحاكم‬ ‫اثلَّلثة‪ :‬األحاكم ادلينية الرشعية‪ ،‬واألحاكم القدرية الكونية‪،‬‬

‫واألحاكم اجلزائية‪َّ ،‬ل يشاركه فيها مشارك(‪.)5‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ}‬

‫ً‬ ‫موضعا‪ ،‬فيه‬ ‫[املائدة]‪ ،‬كرث ـهذا اَّلقرتان ف القرآن‪ ،‬حنو ستة وأربعي‬

‫دَّللة جلية ْع أـهميته‪ ،‬ملا حواه من مزيد من الكماَّلت اليت َّل‬ ‫ه‬ ‫حتىص‪ ،‬إضافة ْع كمال لك اسم ْع انفراده‪ ،‬فتكون عًة أكمل‪،‬‬

‫وحكم‪ ،‬أكمل‪ ،‬فمن ذلك‪:‬‬ ‫فعزته َّل تقتيض ً‬ ‫عزته تعاىل مقرونة باحلكمة‪َّ ،‬‬ ‫أوالا‪ :‬أن َّ‬ ‫ظلما‪ ،‬وَّل‬ ‫ً‬ ‫جورا‪ ،‬وَّل سوء فعل‪ ،‬كما قد يكون من أعزاء املخلوقي‪ ،‬اذلين إذا‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ابن كثي (‪ ،)459 ،184/1‬األسماء والصفات للبيهيق (‪.)22‬‬ ‫(‪ )3‬ابن جرير (‪.)608/1‬‬

‫(‪ )4‬تفسي ابن السعدي (‪.)621/5‬‬

‫‪104‬‬

‫(‪ )2‬انظر شأن ادلاعء (‪.)73‬‬ ‫(‪ )5‬نفس املصدر‪.‬‬

‫‪‬‬

‫َعزوا وغلبوا‪ ،‬أرسفوا وظلموا‪ ،‬وكذلك العزيز منهم قد تأخذه َّ‬ ‫العزة‬

‫باإلثم‪ ،‬فيظلم‪ ،‬وجيور‪ ،‬وييسء اتلرصف‪ ،‬وتقع أفعال ف طيش‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ويترصف بدون حكمة‪.‬‬ ‫فيتهور ف ترصفاته‪،‬‬ ‫وسفه‪،‬‬

‫ّ‬ ‫بالعز الاكمل‪ ،‬فإن ـهذه‬ ‫وكذلك حكمه تعاىل وحكمته مقرونان‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫حال من األحوال‪ ،‬خبَّلف هحكم‬ ‫العزة َّل خترج عن احلكمة بأي ٍ‬ ‫م‬ ‫وحكمته‪ ،‬فإنهما يعرتيهما اذلل واهلوان‪ ،‬فإذا اقرتنت‬ ‫املخلوق ِ‬ ‫بعزته‪ ،‬صار ل سلطان َّ‬ ‫حكمته َّ‬ ‫وقوة‪ ،‬ولم تفته األمور‪ ،‬فجمع الل‬ ‫سبحانه نلفسه بي العزة واحلكمة(‪.)1‬‬ ‫ا‬ ‫ثنًين‪ :‬أن العزة‪ :‬كمال القدرة‪ ،‬واحلكمة‪ :‬كمال العلم‪ ،‬وبهاتي‬ ‫ِ‬ ‫الصفتي يقيض سبحانه وتعاىل ما يشاء‪ ،‬ويأمر وينىه‪ ،‬ويثن‬

‫ه‬ ‫ويعاقب‪ ،‬فهاتان الصفتان‪ :‬مصدر اخللق‪ ،‬واألمر(‪.)2‬‬ ‫ثنثلان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬ ‫ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ} [املائدة]‪ ،‬أي‪ :‬أن مغفرتك صادرة عن َّ‬ ‫عزة‪:‬‬

‫عجز عن‬ ‫ويه كمال القدرة‪ ،‬وعن حكمة‪ ،‬ويه كمال العلم‪َّ ،‬ل عن‬ ‫ٍ‬ ‫جهل وخفاء عليك بمقدار جرائمهم‪ ،‬وـهذا ألن‬ ‫اَّلنتقام منهم‪ ،‬وَّل عن ٍ‬ ‫العبد قد يغفر لغيه لعجزه عن اَّلنتقام منه‪ ،‬وجلهله بمقدار إساءته‬

‫إيله‪ ،‬والكمال‪ :‬ـهو مغفرة القادر العالم‪ ،‬وـهو العزيز احلكيم(‪.)3‬‬ ‫ا‬ ‫رابعن‪ :‬أنه تعاىل إذا قىض ً‬ ‫أمرا اكن ف اغية اإلتقان واإلحاكم‪،‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬القواعد املثىل (‪ ،)10‬وتفسي ابلقرة (‪ ،)302/3‬وتفسي آل عمران (‪َّ )140/2‬لبن عثيمي‪.‬‬ ‫(‪ )2‬اجلواب الاكف (‪.)81‬‬

‫(‪ )3‬جمموع الفتاوى (‪ ،)180/14‬ومدارج السالكي (‪.)379/2‬‬

‫‪105‬‬

‫‪‬‬

‫ٌ‬ ‫فَّل يستطيع أحد نقض يش ٍء منه‪ ،‬أو نقض ما دبَّره‪ ،‬وَّل يمتنع عليه‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫يتحول‪ ،‬وَّل‬ ‫يشء إذا أراده‪ ،‬فلك ما دبَّره حبكمته َّل يتخلف‪ ،‬وَّل‬

‫يتغي‪ ،‬ألنه (عًيً) نافذ قوته وقدرته‪ْ ،‬ع ما يريده‪( ،‬حكيم)‪ :‬يعلم‬

‫أنه كيف ينبيغ أن يفعل‪ ،‬ما يريده(‪.)1‬‬ ‫ا‬ ‫نمسن‪ :‬أنه تعاىل عزيز ف انتقامه‪ ،‬فيمن خالفه من أعدائه‪،‬‬ ‫وأنه بمقتىض حكمته وعدل‪.‬‬ ‫ا‬ ‫سندسن‪ :‬أنه سبحانه جدير بإعزاز من انقطع إيله‪ ،‬وأنه تعاىل إذا‬ ‫َّ ً‬ ‫أعز أحدا‪ ،‬منعته حكمته من اتلعرض ل بإذَّلل بفعل‪ ،‬أو مقال ‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫ا‬ ‫سنبعن‪ :‬أي‪ :‬أنه تعاىل القادر القوي ْع اثلواب والعقاب‪ ،‬اذلي‬

‫َّل يثيب‪ ،‬وَّل يعاقب‪ ،‬إَّل عن حكمة وصواب‪ ،‬وـهو يغلب من يشاء‬ ‫َّ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫يغرت أحد فيظن أنه إلـهمال ‪.‬‬ ‫بعزته‪ ،‬ويمهله إن شاء حبكمته‪ ،‬فَّل‬ ‫(‪)3‬‬

‫ً‬ ‫هللالل احلكيم‪ :‬أنه إذا أمر بأمر اكن حسنا ف نفسه‪ ،‬وإذا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫قبيحا ف نفسه‪ ،‬وإذا أخّب خبّب اكن ِصدقا‪ ،‬وإذا‬ ‫نىه عن يشء اكن‬ ‫ً‬ ‫فعَّل اكن صوابًا‪ ،‬وإذا أراد ً‬ ‫شيئا اكن أول باإلرادة من غيه‪ ،‬فهو‬ ‫فعل‬ ‫حكيم ف إراداته‪ ،‬وأفعال‪ ،‬وأحوال(‪.)4‬‬ ‫ومن هللالهل‪ :‬أنه أحكم خلق األشياء ْع مقتىض حكمته‪ ،‬ل‬ ‫َّ‬ ‫احلكمة ف ما فعله‪ ،‬وخلقه‪ ،‬ويه حكمة تامة اقتضت صدور ـهذا‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬نظم ادلرر (‪.)192/3‬‬

‫(‪ )2‬نفس املصدر (‪.)552/5‬‬

‫(‪ )4‬مدارج السالكي (‪.)427/3‬‬

‫‪106‬‬

‫(‪ )3‬ابليضاوي (‪ ،)475/1‬نظم ادلرر (‪.)562/5‬‬

‫‪‬‬

‫َّ‬ ‫اخللق‪ ،‬ونتج منها ارتباط املعلول بعلته‪ ،‬وارتباط السبب بنتيجته‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫وتيسي لك خملوق لغايته‪ ،‬فبحكمته خلق َّ‬ ‫فسوى‪ ،‬وقدر فهدى‪ ،‬وأسعد‬ ‫َّ‬ ‫وأشىق‪ ،‬وأضل وـهدى‪ ،‬ومنع وأعطى‪ ،‬فهو تعاىل اذلي يضع األشياء ف‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫خواصها‪ ،‬ومنافعها‪ ،‬ويرتب أسبابها‪ ،‬ونتاجئها ‪.‬‬ ‫مواضعها‪ ،‬ويعلم‬ ‫(‪)1‬‬

‫اثلمرات‪ :‬عندما يؤمن العبد بكمال حكمته سبحانه‪ ،‬وأنه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حكيم ف أمره‪ ،‬ونهيه‪ ،‬وقضائه‪ ،‬ه‬ ‫وحكمه‪ ،‬فإنه يمتلئ قلبه أمنا وطمأنينة‬ ‫ً‬ ‫وتسليما حلكمه‪ ،‬وينبيغ للمؤمن "أن يتعلم احلكمة‬ ‫بقضاء الل وقدره‪،‬‬ ‫ً‬ ‫حكيما يضع األشياء مواضعها‪،‬‬ ‫ويطلبها عند أـهلها‪ ،‬حىت يكون‬

‫وحقيقة احلكمة إصابة الصواب‪ ،‬وموافقة احلق‪ ،‬والعدل‪ ،‬ف القول‬ ‫ً‬ ‫والعمل" ‪ ،‬فمن أوتيها فقد أويت ً‬ ‫كثيا‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯩ ﯪ‬ ‫خيا‬ ‫(‪)2‬‬ ‫ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ} [ابلقرة‪" ،]276 :‬واحلكمة يه القرآن"(‪،)3‬‬ ‫فمن أرادـها‪ ،‬فليطلبها ف "املعرفة بالقرآن‪ :‬ناسخه‪ ،‬ومنسوخه‪،‬‬

‫وحمكمه‪ ،‬ومتشابهه‪ ،‬ومقدمه‪ ،‬ومؤخره‪ ،‬وحَّلل‪ ،‬وحرامه‪ ،‬وأمثال"(‪.)4‬‬

‫‪ 31‬ـ ـ اهلل (العظيم) جل جالله‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ} [ابلقرة]‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫مشبهة‪ ،‬ملن اتصف بالعظمة‪،‬‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬العظيم صفة‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬أسماء الل احلسىن ف الكتاب املقدس (‪ )300‬د‪ .‬الرضواين‪.‬‬

‫(‪ )2‬األسىن (‪.)383‬‬

‫(‪ )3‬قول ابن مسعود‪ ،‬انظر معاين القرآن وإعرابه (‪.)351/1‬‬ ‫(‪ )4‬صح عن ابن عباس ريض الل عنهما ف تفسيـها‪ ،‬انظر اتلفسي الواضح (‪.)378/1‬‬

‫‪107‬‬

‫‪‬‬ ‫والعظم‪ :‬الكّب‪ ،‬والقوة‪ ،‬واتلعظيم‪ :‬اتلبجيل‪ ،‬والعظمة‪ :‬الكّبياء‪،‬‬ ‫فالعظيم يطلق ملعنيي‪:‬‬

‫ّ‬ ‫العلو‪،‬‬ ‫أحدهمن‪ :‬عظم األجسام‪ ،‬وكرثة أجرامها‪ ،‬واثلنين‪:‬‬

‫والقدر‪ ،‬ورفع املزنلة‪ ،‬فيستعمل للمحسوس‪ ،‬واملعقول‪ ،‬ومنه عظيم‬ ‫القوم‪ :‬من ل العظمة‪ ،‬والرياسة منهم(‪.)1‬‬

‫وـهذا اَّلسم اجلليل‪ ،‬لربنا العظيم‪ ،‬حيمل ف مبناه‪ ،‬ومعانيه‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫اجلَّلل‪ ،‬والعظمة‪ ،‬والرشف‪ ،‬والسؤدد‪" ،‬اذلي جاوز قدره‪ ،‬وجل عن‬ ‫حدود مجيع العقول‪ ،‬حىت َّل تتصور اإلحاطة بكنهه‪ ،‬وحقيقته"(‪" ،)2‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ورشاع‪،‬‬ ‫فلفظه موضوع لدلَّللة ْع السعة‪ ،‬والكرثة‪ ،‬والزيادة‪ ،‬لغة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫املعّب عنه‪ ،‬باللفظ الكثي من معاين أسماء‬ ‫حبيث يدخل ف معناه‬

‫الل تعاىل‪ ،‬وصفاته العلية‪َّ ،‬ل خيتص بصفة معينة"(‪.)3‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه وتعاىل ـهو العظيم ْع اإلطَّلق‪:‬‬

‫(‪ )1‬العظيم ف ذاته‪ :‬اليت ليس كمثلها يشء‪ ،‬فمن عظمته أن‬

‫السماوات واألرض ف كف الرْحن أصغر من اخلردلة(‪ ،)4‬وغيه‪ ،‬قال‬

‫تعاىل‪{ :‬ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬

‫ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ} [الزمر‪ ،]67 :‬قال ‘‪> :‬من‬

‫ا سمنوات ا سبع يف ا كريس إال كحلق‪ ،‬بأرض ةالة‪ ،‬وةضل العرش‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬لسان العرب (‪ ،)3004/4‬اشتقاق أسماء الل (‪ ،)111‬األسىن (‪.)232‬‬ ‫(‪ )3‬انظر بدائع الفوائد (‪.)175/1‬‬ ‫(‪ )2‬انلهاية (‪ ،)259/3‬واملقصد األسىن (‪.)64‬‬

‫(‪ )4‬رواه عبد الل بن أْحد ف السنة (الرد ْع اجلهمية) (‪ .)476/2( )1090‬كما قال ابن عباس ريض الل عنهما‪.‬‬

‫‪108‬‬

‫‪‬‬ ‫ىلع ا كريس كفضل تلا الفالة ٰ‬ ‫ٰ‬ ‫ىلع تلا احللق‪.)1(<،‬‬ ‫فإذا اكنت ـهذه العظمة ف الكريس‪ ،‬والعرش‪ ،‬وـهما من‬

‫خملوقاته‪ ،‬فكيف بعظمة الل تعاىل اذلي ل املثل األْع‪ ،‬اذلي استوى‬

‫ْع عرشه‪ ،‬وعَّل فوق مجيع خلقه سبحانه‪.‬‬

‫(‪ )2‬وـهو العظيم ف صفاته‪ :‬فهو موصوف بكل صفة كمال‪ ،‬ل‬

‫فيها من الكمال أكمله‪ ،‬وأعظمه‪ ،‬وأوسعه‪ ،‬فهو العظيم ف لك يشء‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫عظيم ف ـهباته وعطائه‪ ،‬فهو‬ ‫عظيم ف رْحته‪ ،‬عظيم ف قدرته‪،‬‬ ‫العظيم املطلق‪ ،‬فَّل أحد يساويه‪ ،‬وَّل عظيم يدانيه(‪.)2‬‬

‫(‪ )3‬العظيم ف أفعال‪ :‬ألنها تنبئ عن سعة احلكمة‪ ،‬والعدل‪،‬‬

‫والفضل‪ ،‬واملشيئة‪ ،‬واإلرادة انلافذة‪ ،‬املنفردة عن املعي‪ ،‬والرشيك‪،‬‬

‫وانلصي‪ ،‬وسعت متعلقاتها وآثارـها لك اخلليقة‪.‬‬

‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫(‪ )4‬من معاين عظمته‪ :‬أنه َّل يستحق أحد من اخللق أن يهعظم‬

‫كما يعظم الل تبارك وتعاىل‪ ،‬فهو املستحق من عباده أن يعظموه ف‬

‫قلوبهم‪ ،‬وألسنتهم‪ ،‬وجوارحهم(‪.)3‬‬

‫(‪ )5‬ومن كمال عظمته أنه تعاىل َّل يمكن اَّلمتناع عليه‬ ‫ً‬ ‫كرـها‪ ،‬وَّل خيالف أمره ً‬ ‫قهرا ‪.‬‬ ‫باإلطَّلق‪ ،‬فَّل يمكن أن يعىص‬ ‫(‪)4‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬سلسلة األحاديث الصحيحة (‪.)109‬‬

‫(‪ )2‬بدائع الفوائد (‪ ،)63/1‬ورشح انلونية للهراس (‪ ،)68/2‬وأسماء الل احلسىن لألشقر (ص ‪.)146‬‬ ‫(‪ )4‬املنهاج (‪.)195/1‬‬

‫(‪ )3‬احلق الواضح (ص ‪ ،)27‬واتلفسي (‪.)1232‬‬

‫‪109‬‬

‫‪‬‬

‫هم‬ ‫(‪ )6‬وـهو تعاىل العظيم اذلي يع ِظم الرزق‪ ،‬واألجر‪ ،‬واثلواب‪ ،‬ملن‬

‫يشاء من العباد‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ‬ ‫ُ‬ ‫ﰇ ﰈ ﰉ} [الطَّلق]‪ ،‬وقال ‘‪َ > :‬م ْن َّ‬ ‫رس أن يعظم ا رزقه‪ ،‬وأن‬ ‫َّ‬ ‫يمد يف أهللله‪ ،‬ةليصل رمحه<(‪.)1‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ‬ ‫(‪ )7‬ومن كمال عظمته‪ ،‬أنه عظم نفسه‪ ،‬وجمدـها‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬ ‫َ َّ‬ ‫{ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ} [الزمر‪ ،]67 :‬وعظمه خلقه‪ ،‬وأثنوا عليه بما ـهو‬ ‫َّ‬ ‫أـهله فيف احلديث >وإ‪،‬ا قنل‪{ :‬ﭞﭟﭠ} قنل‪ :‬ادين عبدي<(‪.)2‬‬ ‫ً‬ ‫صاحبة‪ ،‬وَّل ً‬ ‫ودلا‪ ،‬قال الل‬ ‫(‪ )8‬ومن تمام عظمته أنه لم يتخذ‬ ‫العظيم‪{ :‬ﭪ ﭫ ﭬ(‪ )3‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ} [اجلن]‪.‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ}‬

‫[ابلقرة]‪" ،‬فلله عز وجل صفة كمال من اسمه (العل)‪ ،‬وصفة كمال‬ ‫من اسمه (العظيم) وصفة ثاثلة من اجتماعهما‪ ،‬فقد حاز بهذا‬ ‫اَّلقرتان العلو بكل أنواعه‪ ،‬ومجع العظمة بكل صورـها‪ ،‬فهو عظيم‬

‫اعل ف عظمته سبحانه‪.‬‬ ‫ف علوه‪ٍ ،‬‬

‫ولعل تقديم اسم (العل) ْع (العظيم) من تقديم السبب ْع‬ ‫ّ‬ ‫فالعلو‪ :‬رفعته‪،‬‬ ‫املسبب‪ ،‬ألنه سبحانه عظم‪ ،‬لعلوه ْع لك يشء"(‪" ،)4‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫وعلو ذاته‪ ،‬والعظمة‪ :‬عظمة قدره‪ ،‬ذاتا‪ ،‬ووصفا"(‪ ،)5‬فاجتمع الكمال ف‬

‫علوه‪ ،‬وعظمته‪ ،‬الكمال لكه‪ ،‬أعَّله‪ ،‬وأعظمه‪ ،‬ف ذاته‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وسلطانه‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬صحيح اجلامع (‪.)6291‬‬

‫(‪ )4‬ولل األسماء احلسىن (‪.)244‬‬

‫(‪ )2‬مسلم (‪.)395‬‬

‫(‪ )2‬أي عظمته‪ .‬الصحاح (‪.)157‬‬

‫(‪ )5‬الصواعق املرسلة (‪ 1364/4‬ـ ‪.)1371‬‬

‫‪110‬‬

‫‪‬‬

‫َّ‬ ‫هللالل العظيم‪ :‬إن األجسام وإن عظمت أقدارـها‪ ،‬وتباعدت‬ ‫أقطارـها‪ ،‬فخالقها ٌ‬ ‫حميط بها ‪ ،‬قال ‘‪> :‬إن ا يمسا ا سموات ٰ‬ ‫ىلع‬ ‫(‪)1‬‬

‫ٰ‬ ‫ىلع إصبع‪ ،‬واجلبنل وا شجر ٰ‬ ‫إصبع‪ ،‬واألرضني ٰ‬ ‫والرثى‬ ‫ىلع إصبع‪ ،‬واملنء‬ ‫ُّ َّ‬ ‫ىلع إصبع‪ ،‬وسنئر اخللق ٰ‬ ‫ٰ‬ ‫يهًهن ةيقول‪ :‬أًن امللا< ‪.‬‬ ‫ىلع إصبع‪ ،‬ثم‬ ‫(‪)2‬‬

‫فإذا اكن تبارك وتعاىل جيعل ـهذه األجرام واألجسام العظام بي‬ ‫أصابعه اجلليلة‪ ،‬فكيف بعظمته وجَّلل‪ ،‬وصدق َّ‬ ‫عز وجل حيث‬ ‫قال‪{ :‬ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ} [الزمر‪.]67 :‬‬

‫ومن هللالهل‪ :‬أنه َّل تتعاظم عليه املسائل مهما كرثت‪ ،‬وكّبت(‪.)3‬‬ ‫ومن هللالهل‪" :‬أنه ليس لعظمته بداية‪ ،‬وَّل جلَّلل‬

‫نهاية"(‪)4‬‬

‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ للك مؤمن أن يعظم ربه تعاىل اتلعظيم لكه‪،‬‬ ‫ف قلبه‪ ،‬ولسانه‪ ،‬وجوارحه‪ ،‬ومن تعظيمه‪ :‬أن يطاع فَّل يعىص‪،‬‬ ‫ويذكر وَّل ينىس‪ ،‬ويشكر وَّل يكفر‪ ،‬ومن تعظيمه تعاىل أنه يعظم ما‬ ‫وأقوال‪ ،‬وأشخاص(‪.)5‬‬ ‫وأعمال‪،‬‬ ‫عظمه جل وعَّل من زمان‪ ،‬وماكن‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫‪ 32‬ـ ـ اهلل (القوي) عز شأنه‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﮑ ﮒ ﮓﮔ} [الشورى]‪.‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬القوة‪ :‬الشدة نقيض الضعف‪ ،‬والوـهن‪،‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬األسىن (‪.)234‬‬

‫(‪ )2‬ابلخاري (‪ ،)7417‬مسلم (‪.)2786‬‬

‫(‪ )3‬كما ف احلديث‪> :‬إ‪،‬ا داع أحدكم ةليعظم ا رغب‪ ،،‬ةإن ا ال يتعنظمه يشء أعطن < مسلم (‪.)6812‬‬ ‫(‪ )5‬فتح الرحيم امللك (ص ‪ ،.)30‬واحلق الواضح (‪ 28‬ـ ‪.)29‬‬ ‫(‪ )4‬رشح األسماء للرازي (‪.)247‬‬

‫‪111‬‬

‫‪‬‬ ‫والعجز‪ ،‬يقال‪ :‬قوي ْع يشء إذا أطاقه‪ ،‬وقدر عليه(‪.)1‬‬

‫ً‬ ‫املع ٰ‬ ‫مجيعا‪:‬‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو القوي ل القوة‬

‫ِ‬ ‫حال‪ ،‬وَّل حلظة‪.‬‬ ‫(‪ )1‬اتلام القوة املطلقة‪ ،‬اليت َّل تتخلف ف أي ٍ‬ ‫القوي اذلي َّل يعرتيه ضعف‪ ،‬أو قصور‪ ،‬وَّل يتأثر‬ ‫(‪ )2‬وـهو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بوـهن‪ ،‬أو فتور‪ ،‬ل املشيئة انلافذة ْع لك األمور‪ْ ،‬ع ِ‬ ‫مر ادلـهور‪.‬‬ ‫(‪ )3‬وـهو سبحانه القوي اتلام القوة‪ ،‬فَّل يغلبه اغلب‪ ،‬وَّل يمنعه‬

‫مانع‪ ،‬وَّل يدفعه دافع‪ ،‬وَّل يرد قضاءه راد‪.‬‬

‫ِ‬ ‫(‪ )4‬ومن كمال قوته تعاىل أنه ٌ‬ ‫قادر ْع األشياء لكها‪َّ ،‬ل يستول‬

‫حال من األحوال‪.‬‬ ‫عليه عجز‪ ،‬وَّل نصب‪ ،‬ف ٍ‬

‫(‪ )5‬وـهو املتنايه ف القوة‪ ،‬اليت تتصاغر لك قوة أمام َّ‬ ‫قوته جل‬

‫وعَّل‪ ،‬شديد عقابه‪ ،‬ملن كفر وجحد بآياته‪.‬‬

‫وقت‬ ‫(‪ )6‬وـهو القوي‪ :‬انلافذ أمره‪ ،‬القادر ْع إتمام فعله‪ ،‬ف أي ٍ‬ ‫َ َ‬ ‫أمر يريده ف َعله‪َّ ،‬ل يتعاىص عليه يشء‪ ،‬وليس ل‬ ‫شاء سبحانه‪ ،‬فلك ٍ‬ ‫عوين‪ ،‬وَّل مساعد ْع أمر يكون‪ ،‬بل إذا أراد ً‬ ‫أمرا قال ل‪" :‬كن ةيكون"‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫(‪ )7‬القوي ف بطشه وعقابه‪ ،‬إذا بطش بيشء أـهلكه‪ ،‬ل مطلق‬

‫املشيئة واألمر ف مملكته‪ ،‬فَّل يرده راد‪ ،‬وَّل يفوته ـهارب(‪.)2‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬لسان العرب (‪ ،)206/15‬معجم مقاييس اللغة (‪.)36/5‬‬ ‫(‪ )2‬انظر املعاين السابقة‪ :‬ابن جرير (‪ ،)39/12( ،)17/10‬شأن ادلاعء (‪ ،)77‬ابن كثي (‪ ،)320/2‬اشتقاق أسماء الل‬ ‫(‪ ،)149‬فتح الرحيم (‪ ،)27‬أسماء الل للرضواين (‪.)399‬‬

‫‪112‬‬

‫‪‬‬ ‫من لطنئف االقرتان‪ )1 :‬قال تعاىل‪{ :‬ﮑ ﮒ ﮓ‬

‫ﮔ} [الشورى]‪ ،‬أي‪ :‬أنه تعاىل قوي ْع إـهَّلك من أراد إـهَّلكه‪ ،‬فَّل‬ ‫ٌ‬ ‫أحد‬ ‫يستطيع أحد مدافعته‪ ،‬عًيً‪ :‬اغلب‪ ،‬ومنيع‪َّ ،‬ل يفتقر إىل نرصة ٍ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫من خلقه(‪ ،)1‬ودل ـهذا اَّلقرتان ْع نيف ما يتوـهمه بعض عباده‪ ،‬من‬

‫انلقائص ف حقه‪ ،‬وذلك أنه "ملا اكن القوي من املخلوقات قد‬ ‫وقت‪ ،‬نىف ذلك سبحانه بقول‪:‬‬ ‫يكون غيه أقوى من غيه‪ ،‬ولو ف ٍ‬

‫(عًيً)‪ :‬أي‪ :‬اغلب غلبة‪َّ ،‬ل جيد معها املغلوب‪ ،‬نوع مدافعة‪،‬‬ ‫وانفَّلت‪ ،‬دائم ل ـهذا الوصف ْع ادلوام"(‪.)2‬‬

‫(‪ )2‬وقال سبحانه‪{ :‬ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ}‬

‫[الشورى]‪ ،‬أي‪ :‬أنه تعاىل يرزق من يشاء‪ ،‬مهما شاء‪ْ ،‬ع سبيل من‬ ‫السعة‪ ،‬أو الضيق‪ ،‬أو اتلوسط‪َّ ،‬ل مانع ل من يشء من ذلك‪َّ ،‬‬ ‫ولما‬ ‫ذلك َّل يستطيعه أحد سواه‪ ،‬ملا حيتاج إيله من القوة الاكملة‪ ،‬والعزة‬

‫الشاملة‪ ،‬قال‪( :‬وهو القوي)‪ :‬أي‪ :‬فَّل يضيق عطاؤه بيشء‪( ،‬العًيً)‬ ‫ٌ‬ ‫فَّل يقدر أحد أن يمنعه عن يشء(‪.)3‬‬ ‫(‪ )3‬قال تعاىل‪{ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬

‫ﭮ ﭯ} [احلديد]‪ ،‬أي‪ :‬أنه (قوي) قادر ْع إـهَّلك من أراد‬ ‫إـهَّلكه‪ ،‬ومن ذلك أعداءه‪ ،‬وتأييد من ينرصه من أويلائه‪( ،‬عًيً)‪،‬‬ ‫أي‪ :‬منيع غي مفتقر إىل نرصة أحد من خلقه‪ ،‬وإنما داع عباده إىل‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ابليضاوي (‪ )376/3‬بترصف يسي‪.‬‬

‫(‪ )2‬نظم ادلرر (‪.)506/7‬‬

‫‪113‬‬

‫(‪ )3‬املصدر السابق (‪.)619/6‬‬

‫‪‬‬ ‫نرصة دينه‪ ،‬إنما ـهو يلنتفعوا به‪ ،‬ويستوجبوا اثلواب املرتتب ْع‬ ‫جهاده(‪ ،)1‬فبقوته ينرص أويلاءه‪ ،‬وبعزته يمنع عنهم أعداءه‪ ،‬فجاء‬ ‫ـهذا اَّلقرتان حىت يقطع ما قد يتوـهمه أنه حمتاج إىل أحد سواه‪ ،‬فهو‬

‫تعاىل غن بقدرته وعزته عنهم ف لك ما يريده‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫إن جَّللة ـهذا اَّلسم تظهر َّ‬ ‫جلية ف الكون‪،‬‬ ‫هللالل القوي‪:‬‬

‫من ْحله للسماوات أن تسقط ْع األرض‪ ،‬وْحله العرش أعظم‬

‫املخلوقات‪ ،‬وْحلته العظام‪.‬‬ ‫ومن هللالل َّ‬ ‫قوته سبحانه "إـهَّلكه للظاملي‪ ،‬وانتقامه من‬

‫املجرمي ف لك العصور‪ ،‬وإحَّلل بهم أنواع العقوبات‪ ،‬وصنوف‬ ‫املثَّلت‪ ،‬مهما اكنت َّ‬ ‫قوتهم وجّبوتهم‪{ ،‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬ ‫ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ‬

‫ﮞ ﮟ ﮠ} [فصلت‪.]15 :‬‬ ‫ومن هللالهل‪ :‬أنه تعاىل ينرص من ينرصه‪ ،‬وخيذل من خيذل‪ ،‬قال‬

‫تعاىل‪{ :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ} [احلج]‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫قل عددـهم ه‬ ‫وعددـهم" ‪:‬‬ ‫كتب الغلبة ل وألويلائه ْع أعدائهم‪ ،‬وإن‬ ‫(‪)2‬‬

‫{ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ} [املجادلة]‪.‬‬ ‫اثلمرات‪ :‬مىت علم املؤمن بقوة الل تعاىل ينبيغ ل أن َّ‬ ‫يتعزز‬ ‫بقوته ف الصدع باحلق‪ ،‬ف أمره باملعروف‪ ،‬ونهيه عن املنكر‪ ،‬وَّل خياف‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )2‬فتح الرحيم (‪ ،)76‬واحلق الواضح (‪ )46‬بترصف‪.‬‬

‫(‪ )1‬تفسي أيب السعود (‪ ،)209/6‬وابلقايع (‪.)460/7‬‬

‫‪114‬‬

‫‪‬‬ ‫ف الل لومة َّلئم‪ ،‬وْع قدر َّ‬ ‫قوتك ف طاعة الل سبحانه‪ ،‬تكون لك‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫املحبة منه تعاىل‪ ،‬قال ‘‪> :‬املومن القوي ر وأحب إىل ا من‬ ‫املؤمن ا ضعيف< ‪ ،‬وعليك أن َّ‬ ‫تتقوى ْع طاعة الل‪ ،‬باإلكثار من‬ ‫(‪)1‬‬

‫قول‪( :‬ال حول وال قوة إال بن ‪ ،‬ةإًهن كزن من كنوز اجلن‪.)2()،‬‬

‫‪ 33‬ـ اهلل (املتني) تبارك وتعاىل‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ} [اذلاريات]‪.‬‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬املتني ـهو‪ :‬اليشء اثلابت ف َّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫قوته‪ ،‬الشديد ف‬

‫عزمه‪ ،‬وتماسكه‪ ،‬وصَّلبته‪ ،‬ويطلق ْع السعة‪ ،‬واثلبات‪ ،‬واَّلمتداد‪،‬‬ ‫ومنه‪" :‬منت انلاس يوم كذا" أي‪ :‬سار بهم ف يومهم أمجع‪ ،‬ومنت ف‬ ‫ه‬ ‫فاملتي ـهو‪ :‬ابلالغ ف صفاته نهايتها‪ ،‬يقال‪ :‬ـهذا‬ ‫األرض إذا ذـهب ‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫يشء متي‪ :‬يعن بالغ نهاية ما يناسبه(‪.)4‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل جل جَّلل ـهو املتني اذلي ليس ل مثيل‪:‬‬ ‫(‪ )1‬الشديد ف َّ‬ ‫قوته‪ ،‬الشديد ف ّ‬ ‫عزته‪ ،‬الشديد ف مجيع صفات‬

‫اجلّبوت(‪ ،)5‬شديد ف لك ما تقتيض احلكمة الشدة فيه(‪.)6‬‬ ‫(‪ )2‬وـهو سبحانه الشديد اذلي َّل تنقطع َّ‬ ‫قوته‪ ،‬وَّل يلحقه ف أفعال‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬مسلم (‪.)2663‬‬ ‫(‪ )3‬انلهاية (‪ ،)855‬واللسان (‪.)299/13‬‬

‫(‪ )2‬ابلخاري (‪ ،)6409‬ومسلم (‪.)6868‬‬ ‫(‪ )4‬رشح الواسطية آلل الشيخ (‪.)291/1‬‬

‫(‪ )5‬اكلقهر‪ ،‬واَّلنتقام‪ ،‬وابلطش‪ ،‬واألخذ‪ ،‬واإلـهَّلك‪ ،‬واإلذَّلل‪ ،‬واتلنكيل‪.‬‬

‫(‪ )6‬رشح الواسطية َّلبن عثيمي (‪ ،)363/1‬وتفسي سورة احلجرات ل (‪.)169‬‬

‫‪115‬‬

‫‪‬‬

‫َّ‬ ‫مشقة‪ ،‬وَّل تعب‪ ،‬وَّل لكفة(‪ ،)1‬لكمال عظمته‪ ،‬وقوته‪ ،‬وتمام قدرته‪.‬‬ ‫(‪ )3‬وـهو الواسع املطلق‪ ،‬ابلالغ انلهاية ف الكمال‪ ،‬ف ذاته‪ ،‬وصفاته‪،‬‬ ‫وأفعال‪ ،‬ما َّل تدركه عقول العاملي‪ ،‬وَّل حتيط به عبارة املعّبين(‪.)2‬‬ ‫ٍ‬ ‫وطاغ‬ ‫(‪ )4‬وـهو سبحانه ذو ابلطش الشديد‪ ،‬للك ظالم عنيد‪،‬‬ ‫عتيد‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ} [الّبوج‪.]12 :‬‬ ‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬

‫ﮊ ﮋ} [اذلاريات]‪ ،‬اقرتان (املتني) بـ(القوي) فيه كمال آخر ف‬ ‫القوة‪ ،‬وـهو‪ :‬اتلنايه ف القدرة‪ ،‬واتلنايه ف شدة القوة‪ ،‬وـهذا أكمل ما‬

‫يكون ف القوة‪ ،‬واقرتانه بـ(ا رزاق)‪ :‬فألن من آثار قوته تعاىل‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫وكمال قدرته اليت َّل حد هلا‪ ،‬أنه تكفل بإيصال رزقه إىل مجيع‬ ‫ٌ‬ ‫العاملي ‪ ،‬ف ِ‬ ‫وقت شاء‪ ،‬فَّل يستطيع أحد سواه‪ ،‬أن يضيق‬ ‫أي‬ ‫ٍ‬ ‫(‪)3‬‬ ‫عطاءه‪ ،‬أو يمنع ما أراده‪ ،‬ولو اجتمع لك خلقه‪.‬‬

‫هللالل املتني‪ :‬أنه جيمع املتنايه ف الشدة‪ ،‬مع كمال القوة‪،‬‬

‫والقدرة‪ ،‬مع بلوغ انلهاية ف السعة ف الكمال ف ذاته‪ ،‬وصفاته‪،‬‬

‫ألحد‬ ‫وسلطانه‪ ،‬ومن هللالهل‪ :‬أن كيده باملجرمي شديد َّل يمكن‬ ‫ٍ‬

‫رده‪ ،‬أو منعه‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ}‬

‫[األعراف] "وصفه باملتانة‪ ،‬لقوة أثره ف التسبب ف إـهَّلكه"(‪.)4‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انلهاية (‪.)855‬‬ ‫(‪ )2‬انظر الآللئ ابلهية ف رشح العقيدة الواسطية‪ ،‬آلل الشيخ (‪ ،)290/1‬وتفسي األسماء (‪ ،)55‬توضيح الاكفية (‪.)89‬‬ ‫(‪ )4‬فتح ابليان (‪.)178/7‬‬ ‫(‪ )3‬تفسي السعدي (‪ ،)110/5‬ونظم ادلرر (‪.)619/6‬‬

‫‪116‬‬

‫‪‬‬

‫َّ‬ ‫"ومن هللالهل‪ :‬أنه َّل حيتاج ف إمضاء حكمه إىل جند‪ ،‬أو مدد‪،‬‬ ‫وَّل إىل معي‪ ،‬أو عضد‪ ،‬اذلي بلغت قدرته أقىص الغايات‪ ،‬ف ِ‬ ‫أي‬

‫وقت من األوقات"(‪.)1‬‬ ‫ٍ‬

‫ً‬ ‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ ملن عرف الل بهذا اَّلسم أن يكون شديدا‬ ‫ً‬ ‫ف اثلبات ْع احلق‪ ،‬متينا ف اإليمان وايلقي‪ ،‬واتلمسك حببل الل‬ ‫ِ‬ ‫تعاىل املتي‪ ،‬مع احللم‪ ،‬والرفق‪ ،‬واللي‪ ،‬مع نفسه‪ ،‬وأـهله‪ ،‬وخلقه‬ ‫َّ‬ ‫إن هذا ر‬ ‫ادلين متني‪ ،‬ةأوغلوا ةيه برةق<(‪.)2‬‬ ‫أمجعي‪ ،‬قال ‘‪> :‬‬

‫‪ 34‬ـ ـ اهلل (السَّميع) جل وعال‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﭡ ﭢ ﭣﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ} [الشورى]‪.‬‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو ا سميع اذلي َّل أسمع منه‪:‬‬ ‫‪ )1‬اذلي أحاط سمعه جبميع املسمواعت‪ ،‬باختَّلف اللغات‪ْ ،‬ع‬ ‫تفنن احلاجات‪ ،‬فالَّس عنده عَّلنية‪َّ ،‬‬ ‫وانلجوى إيله مفضية‪ ،‬وابلعيد‬ ‫ِ‬ ‫عنده قريب‪.‬‬ ‫‪ )2‬فهو تعاىل يسمع نداء املضطرين‪ ،‬وداعء املحتاجي‪ ،‬وغيث‬

‫مستو ْع عرشه‪ ،‬فوق لك املخلوقي‪.‬‬ ‫امللهوفي‪ ،‬وشكوى املظلومي‪ ،‬وـهو‬ ‫ٍ‬

‫‪ )3‬وـهو اذلي يسمع خطرات القلوب‪ ،‬وـهواجس انلفوس‪،‬‬

‫ومناجاة الضمائر‪ ،‬وما ختيف الصدور من الَّسائر‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )2‬صحيح اجلامع (‪.)2246‬‬

‫(‪ )1‬موسوعة ل األسماء احلسىن (‪.)294/1‬‬

‫‪117‬‬

‫‪‬‬ ‫ٰ‬ ‫تعنىل ًواعن‪:‬‬ ‫‪ )4‬وسمعه‬ ‫أحدهمن‪ :‬سمعه جلميع األصوات الظاـهرة وابلاطنة‪ ،‬اخلفية واجللية‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫اتلامة بها‪ ،‬فَّل ختتلف عليه األصوات‪ ،‬مهما كرثت‪َّ ،‬‬ ‫وتنوعت‪،‬‬ ‫وإحاطته‬ ‫وكأنها دليه صوت واحد‪.‬‬

‫اثلنين‪ :‬سمع اإلجابة منه للسائلي‪ ،‬وادلاعي فيجيبهم‪ ،‬والعابدين‬

‫فيثيبهم‪ ،‬ومنه قول تعاىل‪{ :‬ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ}‬ ‫جميب ادلاعء(‪.)1‬‬

‫[إبراـهيم]‬

‫أي‬

‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قول تعاىل‪{ :‬ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ‬

‫ﮧ} [يوسف]‪ ،‬دل ـهذا اَّلقرتان ْع مزيد من صفات الكمال‪ ،‬وذلك‪:‬‬ ‫أن السمع بدون علم نقص‪ ،‬والعلم بدون سمع كذلك نقص‪،‬‬

‫والسمع‪ :‬يتعلق باألصوات‪ ،‬ويه ظاـهرة‪ ،‬والعلم‪ :‬يتعلق باألمور‬ ‫َّ‬ ‫ابلاطنة‪ ،‬ويه خفية‪ ،‬فدل ـهذا اَّلقرتان ْع كمال إحاطة الل تعاىل‬ ‫بالظواـهر‪ ،‬وابلواطن‪ ،‬ومن ذلك أنه سميع ملن داعه‪ ،‬عليم حبال‪،‬‬

‫وحاجته‪ ،‬واضطراره‪ ،‬فَّل يفوته تعاىل قول من جيهر به‪ ،‬أو من يَّس‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫وانليات‪ ،‬اليت أدت إيله‪ ،‬فهو سبحانه‬ ‫عليم بابلواعث‪ ،‬واألسباب‪،‬‬ ‫به‪،‬‬ ‫عليم بمن داعه‪ ،‬أو ذكره بإخَّلص‪ ،‬أو خَّلف ذلك‪.‬‬

‫وكذلك "فإن تلقديم صفة (ا سميع) أثره ف ذكر العبد وداعئه‪ ،‬ف‬

‫مراقبة أقوال ملوَّله‪ ،‬حي يستشعر أنه خياطب من يسمعه ويصيغ إىل‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬إاغثة اللهفان (‪ ،)3/1‬احلق الواضح (‪ ،)34‬توضيح الاكفية (‪ ،)118‬وموسوعة ل األسماء احلسىن (‪ )151/1‬بترصف‪.‬‬

‫‪118‬‬

‫‪‬‬ ‫جنواه‪ ،‬وصفة العلم تقتيض أن حيسن العبد باطنه‪ ،‬بإحسان الظن لربه‪،‬‬

‫وهلذا قدم (السميع) ْع (العليم) ف لك آيات اَّلقرتان"(‪ )1‬الكريم‪.‬‬

‫(‪ )2‬قال عز وجل‪{ :‬ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ} [سبأ]‪ ،‬فإن سمعه‬

‫(قريب) من لك أحد‪ ،‬بل أقرب إىل نفس العبد من نفسه‪ ،‬وأنه "َّل‬ ‫يبعد عليه يشء‪ ،‬يلحتاج ف إدراكه إىل تأخي لقطع مسافة أو حنوـها‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫بل ـهو مدرك للك ما أراد‪ ،‬لكما أراد‪ ،‬ألنه ليس يسمع عن بعد"(‪.)2‬‬

‫اعل ف قربه‪.‬‬ ‫وَّل أنه جييب إَّل من قرب‪ ،‬ألنه سميع قريب ف علوه‪ٍ ،‬‬ ‫هللالل ا سميع‪ :‬أنه قد استوى ف سمعه َّ‬ ‫رس القول وجهره‪،‬‬

‫فَّل ختتلط‪ ،‬وَّل ختتلف عليه األصوات‪ ،‬وَّل تتشابه عليه اللكمات‪،‬‬

‫مهما اختلفت اللغات‪ ،‬وتنوعت‪ ،‬فَّل يشغله سمع عن سمع‪ ،‬وَّل‬

‫تغلطه املسا ئل‪ ،‬وَّل يّبمه كرثة السائلي وادلاعي‪ ،‬ف اآلن الواحد‪،‬‬

‫كصوت واحد(‪.)3‬‬ ‫بل يه عنده لكها‬ ‫ٍ‬

‫ِ‬ ‫ومن هللالهل سبحنًه‪ :‬أنه يدرك مقاصد املتلكمي‪ ،‬ومعاين‬

‫املعتّبين‪ ،‬ونظرة املتأملي‪ ،‬ف لك حلظة وحي‪.‬‬

‫اثلمرات‪ :‬عندما يدرك املؤمن أن الل تعاىل من فوق عرشه‬

‫يسمع الَّس وأخىف‪ ،‬فإنه يوجب ل املراقبة واَّلستحياء من الل تعاىل‬ ‫ِ‬ ‫الَّس وانلجوى‪ ،‬وجيتهد أَّل يسمع ربه األْع‪ ،‬ما َّل حيب‪ ،‬وَّل‬ ‫ف‬ ‫يرض‪ ،‬وأن َّ‬ ‫يتقرب إيله بسماع احلق واهلدى‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ولل األسماء احلسىن (‪ )349‬بترصف يسي‪.‬‬ ‫(‪ )3‬انظر إاغثة اللهفان (‪ ،)3/1‬وطريق اهلجرتي (‪.)76‬‬

‫(‪ )2‬نظم ادلرر (‪ ،)196/6‬وتفسي الرازي (‪.)272/18‬‬

‫‪119‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ 35‬ـ ـ اهلل (البصري) سبحانه وتعاىلٰ‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ‬

‫ﰒ ﰓ} [ابلقرة]‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬ابلصر‪ :‬من أبنية املبالغة‪ ،‬يطلق ْع العالم‬

‫خبفيات األمور‪ ،‬وْع املبرص لألشياء(‪.)1‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ـهو ابلصر اذلي َّل أبرص منه‪:‬‬

‫‪ )1‬اذلي أحاط برصه جبميع املبرصات‪ ،‬ف أقطار األرض‬

‫والسموات‪ ،‬دقيقها وجليلها‪ ،‬ف لك اللحظات‪.‬‬

‫‪ )2‬فهو اذلي يبرص مجيع املوجودات‪ ،‬ف اعلم الغيب والشهادة‪،‬‬

‫فَّل حيجبه ظاـهر عن باطن‪ ،‬وَّل قريب عن بعيد‪ ،‬فالَّس عنده‬ ‫عَّلنية‪ ،‬والغيب عنده شهادة(‪.)2‬‬

‫‪ )3‬وـهو ابلصي "العليم بمن يستحق اهلداية‪ ،‬ممن يستحق‬

‫الضَّللة‪ ،‬وبمن يستحق اجلزاء حبسب حكمته"(‪.)3‬‬ ‫‪ )4‬وبرصه تعاىل نواعن‪:‬‬

‫َّ‬ ‫األول‪ :‬برص رؤية‪ ،‬أي‪ :‬أنه تعاىل متصف بكمال ابلرص‪ ،‬اذلي‬

‫يليق جبَّلل‪ ،‬وكمال‪ ،‬وعظمته‪ ،‬فَّل حيجب عن برصه يشء‪ ،‬ما حتت‬

‫األرضي السبع‪ ،‬وَّل فوق السموات السبع‪.‬‬

‫اثلنين‪ :‬أنه ذو ابلصية باألشياء‪ ،‬اخلبي بها‪َّ ،‬‬ ‫املطلع ْع بواطنها‪،‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬لسان العرب (‪ ،)64/4‬شأن ادلاعء (‪.)60‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬فتح الرحيم امللك (‪ ،)21‬وأسماء الل للرضواين (‪.)326‬‬

‫(‪ )3‬قال تعاىل‪{ :‬ﯴ ﯵ ﯶ} [آل عمران‪ ،]15 :‬انظر تفسي ابن كثي (‪ ،)354/1‬والسعدي (‪.)299/5‬‬

‫‪120‬‬

‫‪‬‬ ‫وـهو بمعىن (العليم)‪ ،‬وـهذه بصية علم(‪.)1‬‬ ‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬

‫ﭦ ﭧ ﭨ} [الشورى]‪ ،‬دل ـهذا اَّلقرتان ْع اغية الكمال ف‬

‫سعة املراقبة‪ ،‬واإلحاطة الاكملة‪ ،‬من مجيع الوجوه‪ ،‬وذلك أن األشياء‬ ‫ف ـهذا الكون إما أن تكون مرئية‪ ،‬أو مسموعة‪ ،‬ظاـهرة‪ ،‬أو خمفية‪،‬‬

‫فدل ـهذا اَّلقرتان ْع إحاطة سمعه تعاىل جبميع املسمواعت‪ ،‬وكذلك‬

‫برصه جبميع املرئيات‪ ،‬واملخفيات‪ ،‬وكذلك أن "السمع وابلرص من‬ ‫حيث ـهما سمع وبرص‪ ،‬يتصف بهما مجيع (املخلوقات)‪ ،‬فكأن الل‬

‫تعاىل يشي للخلق‪ ،‬أَّل ينفوا عنه صفة سمعه وبِّص ‪ ،‬باداعء أن‬

‫احلوادث تسمع وتبرص‪ ،‬وأن ذلك تشبيه"(‪.)2‬‬ ‫َّ‬ ‫ودل ـهذا اَّلقرتان ف ـهذه اآلية ْع أصل من أصول أـهل السنة‬ ‫ً‬ ‫ف الصفات‪ ،‬أن انليف يكون جممَّل‪( :‬ليس كمثله يش)‪ ،‬واإلثبات‬ ‫ً‬ ‫مفصَّل‪( :‬وهو ا سميع ابلصر)(‪.)3‬‬ ‫هللالل ابلصر‪ :‬أنه يرى تعاىل دبيب انلملة السوداء‪ ،‬حتت‬ ‫َّ‬ ‫الصماء‪ ،‬ف الليلة الظلماء‪ ،‬حيث اكنت من سهله أو جبال‪،‬‬ ‫الصخرة‬ ‫َّ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ورسيان َّ‬ ‫ادلمِ‬ ‫ِ‬ ‫والقوت ف أعضائها ادلقيقة‪ ،‬ويرى تفاصيل خلق اذلرة(‪)4‬‬ ‫ه َّ‬ ‫الصغية‪ ،‬وأعضاءـها‪ ،‬وحلمها‪ ،‬ودمها‪ ،‬وخمها‪ ،‬ويرى نياط عروق انلملة‪،‬‬ ‫وابلعوضة‪ ،‬وأصغر من ذلك‪ ،‬فسبحان من َّ‬ ‫حتيت العقول ف عظمة‪،‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر طريق اهلجرتي (‪ ،)234‬انلونية (‪ ،)141‬توضيح الاكفية (‪ )183‬بترصف‪.‬‬ ‫(‪ )2‬منهج ودراسات آليات األسماء والصفات للعَّلمة الشنقيطي (ص‪.)4‬‬ ‫(‪ )3‬انظر جمموع الفتاوى (‪ ،)478/2‬الصواعق املرسلة (‪ )4( .)1009/3‬أي‪ :‬انلملة‪.‬‬

‫‪121‬‬

‫‪‬‬ ‫وسعة متعلقات صفاته‪ ،‬ولطفه(‪ ،)1‬وجَّلل‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذا اَّلسم الكريم يورث العبد املؤمن‪ ،‬ثمرتي‬

‫من ثمار اإليمان‪ ،‬وـهما‪ :‬املراقبة‪ ،‬واحلياء من الل تعاىل أن يراه حيث‬ ‫نهاه‪ ،‬وأن يفتقده حيث أمره‪ ،‬فمن َّلزم ـهذه العبادة‪ ،‬أوصلته إىل أْع‬

‫مقام اإليمان‪ ،‬وـهو‪ :‬اإلحسان‪.‬‬

‫‪ 36‬ـ ـ ‪ 37‬ـ ـ اهلل (القاهر‪ ،‬القهَّار) جل جالله‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ} [األنعام‪]18 :‬‬

‫وقال عز وجل‪{ :‬ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ} [إبراـهيم]‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬القهر‪ :‬مأخوذ من الغلبة‪ ،‬والعلو‪ ،‬واتلذيلل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫معا‪ ،‬ويستعمل لك منهما منفردا(‪.)2‬‬ ‫َّ‬ ‫والفرق بي القنهر‪ ،‬والقهنر‪ :‬أن القنهر‪ :‬ـهو اذلي ل علو القهر‬

‫اليلك املطلق‪ْ ،‬ع مجيع املخلوقات‪ْ ،‬ع اختَّلف تنوعهم‪ ،‬فهو القاـهر‬ ‫ً‬ ‫فوق عباده‪ ،‬ل علو القهر مقرتنا بعلو الشأن‪ ،‬والفوقية‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫والقهنر ‪ :‬صيغة مبالغة من القاـهر‪ ،‬فهو أبلغ منه‪ ،‬فيقتيض‬ ‫ه‬ ‫تكثي القهر‪ ،‬فهو تعاىل قهر من اجلبابرة ما َّل حيىص(‪.)4()3‬‬ ‫َّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو القنهر القهنر‪:‬‬ ‫(‪ )1‬اذلي قهر مجيع الاكئنات‪ ،‬وذلت ل مجيع املخلوقات‪ ،‬ودانت‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬طريق اهلجرتي (‪ ،)234‬انظر احلق الواضح (‪.)35‬‬

‫(‪ )2‬لسان العرب (‪ ،)3764/5‬عمدة احلفاظ (‪.)344/3‬‬

‫(‪ )3‬أـهلك قوم نوح وقهرـهم‪ ،‬وقهر قوم اعد‪ ،‬وقوم ثمود‪ ،‬وقهر فرعون وـهامان وانلمرود‪ ،‬وأبا جهل‪ ،‬واملرشكي‪،‬‬ ‫(‪ )4‬أسماء الل احلسىن‪ ،‬لدلكتور حممود الرضواين (ص ‪.)386‬‬ ‫والصليبيي‪ ،‬وغيـهم ممن َّل حيىص‪.‬‬

‫‪122‬‬

‫‪‬‬ ‫لقدرته ومشيئته‪ ،‬مواد وعنارص العالم العلوي‪ ،‬والسفل(‪.)1‬‬ ‫(‪ )2‬وـهو تعاىل القهار ألـهل السموات واألرض‪ ،‬فأـهل السموات‬

‫بالتسخي‪ ،‬وأـهل األرض فباتلعبيد واتلذيلل‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫بعلو اذلات‪،‬‬ ‫(‪ )3‬ـهو سبحانه القهار املستعل ْع لك اخلَّلئق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وعلو القهر‪ ،‬واملاكنة‪ ،‬والقدر‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﰂ‬ ‫وعلو السلطان‪،‬‬

‫ﰃ ﰄ ﰅ} [األنعام‪.]18 :‬‬

‫(‪ )4‬وـهو اذلي قهر املعاندين بما أقام من اآليات وادلَّلَّلت ْع‬

‫املستحق للعبادة وحده‪ ،‬وقهر جبابرة خلقه بالعقوبة‪،‬‬ ‫وحدانيته‪ ،‬وأنه‬ ‫ِ‬ ‫بعز سلطانه‪ ،‬وقهر باملوت لك خلقه(‪.)2‬‬ ‫َّ‬ ‫ويذل رقاب‬ ‫(‪ )5‬وـهو القهار اذلي يقصم ظهور العتاة واجلبابرة‪ِ ،‬‬ ‫الطغاة واألكارسة‪ ،‬ويقطع اآلمال باحلافرة(‪.)3‬‬

‫(‪ )6‬وـهو تعاىل يقهر العباد‪ ،‬باحلرش إىل أرض املعاد‪ ،‬يلقيم هلم‬

‫مَّيان العدل‪ ،‬واحلق‪ ،‬والصواب‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ‬

‫ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ} [إبراـهيم]‪.‬‬

‫(‪ )7‬وـهو سبحانه يقهر من نازعه ف ألوـهيته‪ ،‬وربوبيته‪،‬‬

‫وحكمه‪ ،‬باحلجة وابليان‪ ،‬والغلبة واذلل واهلوان‪.‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قال تعاىل‪{ :‬ﮪ ﮫ ﮬ‬

‫ﮭ} [الرعد]‪ ،‬دل ـهذا اَّلقرتان ْع معىن بديع‪ ،‬وـهو‪ :‬أن الغلبة‪،‬‬

‫واإلذَّلل من ملوك ادلنيا‪ ،‬إنما يكون بأعوانهم‪ ،‬وجندـهم‪ ،‬وعددـهم‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬احلق الواضح (ص‪ )2( .)76‬األسىن للقرطيب (‪ ،)213/1‬تفسي األسماء (‪ )38‬بترصف‪ )3( .‬انظر‪ :‬األسىن (‪.)213/1‬‬

‫‪123‬‬

‫‪‬‬

‫ه َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫يقهر لك اخللق‪ ،‬وـهو واحد أحد‪ ،‬فرد‬ ‫وعد ِدـهم‪ ،‬والل تبارك وتعاىل‬ ‫ه‬ ‫القهار إَّل‬ ‫مستغن عن الظهي واملعي(‪ ،)1‬وكذلك َّل يكون‬ ‫صمد‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫قه ً‬ ‫ارا ْع‬ ‫واحدا‪ ،‬إذ لو اكن معه كفؤ ل‪ ،‬فإن لم يقهره لم يكن‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫القه ه‬ ‫ار واحدا(‪.)2‬‬ ‫اإلطَّلق‪ ،‬وإن قهره لم يكن كفؤا‪ ،‬فاكن‬ ‫وا كمنل اآل ر‪ :‬أن وحدته تعاىل وقهره متَّلزمان‪ ،‬فالواحد َّل‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫قه ً‬ ‫والقه ه‬ ‫ار َّل يكون إَّل واحدا‪ ،‬وذلك ينيف الرشكة‬ ‫ارا‪،‬‬ ‫يكون إَّل‬ ‫َّ‬ ‫من لك وج ٍه‪ ،‬فإن القهر مَّلزم للوحدة‪ ،‬فَّل يكون اثنان قهاران‬ ‫ً‬ ‫متساويان ف قهرـهما أبدا‪ ،‬فاذلي يقهر مجيع األشياء ـهو الواحد‪،‬‬ ‫ً‬ ‫قاـهرا‬ ‫يستحق أن يعبد وحده‪ ،‬كما اكن‬ ‫اذلي َّل نظي ل‪ ،‬وـهو اذلي‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫وحده(‪ ،)3‬فدل ـهذا اَّلقرتان ْع انفراده سبحانه ف الكمال لكه‪ ،‬ومن‬ ‫ذلك ف قهره‪ ،‬اذلي يستلزم اختصاصه ف استحقاقه للعبادة وحده‪.‬‬

‫(‪ )2‬قال سبحان وتعاىل‪{ :‬ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ‬ ‫َّ‬ ‫ﰉ ﰊ} [األنعام]‪ ،‬دل ـهذا اَّلقرتان العظيم‪ْ ،‬ع أن قهر تعاىل‬

‫مقرون باحلكمة‪ ،‬واخلّبة‪ ،‬فاحلكمة تتضمن فعل الصواب ف األفعال‬ ‫َّ‬ ‫واألحاكم‪ ،‬واخلّبة‪ :‬تتضمن العلم ببواطن األمور‪ ،‬وحقائقها‪ ،‬فدل ْع‬ ‫ِ‬ ‫علوه عليهم بتذيلله هلم‪ ،‬جيري ْع مقتىض‬ ‫أن قهره لعباده ف‬ ‫احلكمة‪ ،‬والعدل‪ ،‬واخلّبة‪ ،‬وفعله لألحسن واألصلح هلم‪َّ ،‬‬ ‫املزنه فيه‬

‫عن لك ظلم وجور‪ ،‬وأن قهره عن كمال خّبته‪ ،‬بمصالح األمور‪،‬‬ ‫ً‬ ‫اعلما حبقائقها‪ ،‬من غي اشتباه‪ ،‬وَّل اتلباس بمآهلا‪ ،‬وأحواهلا‪ ،‬وـهو فوق‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬عمدة احلفاظ (‪.)344/3‬‬

‫(‪ )2‬الصواعق املرسلة (‪.)1018/3‬‬

‫‪124‬‬

‫(‪ )3‬تفسي ابن السعدي (‪)308 ،299/4‬‬

‫‪‬‬ ‫مستو عليه‪َّ ،‬ل خيىف عليه يشء من أمر عباده‪ ،‬فسبحانه ما‬ ‫عرشه‪،‬‬ ‫ٍ‬

‫أكمله‪ ،‬أنه جامع ف كمال قهره‪ ،‬مع حكمته‪ ،‬وسعة خّبته‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫يشء عن سيطرته‪ ،‬وغلبته‪،‬‬ ‫هللالل القنهر القهنر‪ :‬أنه َّل خيرج‬ ‫ولك يشء خاضع ألمره‪ ،‬ف حركته وسكونه‪ ،‬فهو حيي خلقه إذا شاء‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ويميتهم إذا شاء‪ ،‬ويفقرـهم إذا شاء‪ ،‬ويغنيهم إذا شاء‪َّ ،...‬ل يقدر أحد‬ ‫منهم إذا حكم عليه حبكم‪ ،‬أن يزيل ما حكم الل به‪ ،‬أو أن يرد‬ ‫تدبيه‪ ،‬أو خيرج من تقديره‪ ،‬فالعقول لكها مقهورة عن الوصول إىل‬ ‫هكنه صمديته‪ ،‬واألبصار لكها مقهورة عن اإلحاطة بأنوار َّ‬ ‫عزته ‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫َّ‬ ‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذين اَّلسمي اجلليلي يورثان املؤمن اذلل‬ ‫واخلضوع واإلكبار‪ ،‬للرب الواحد القهار‪ ،‬والعزة والرفعة‪ْ ،‬ع ذوي‬ ‫اإلحلاد‪ ،‬واملرشكي‪ ،‬والكفار‪ ،‬باحلجة وابليان والسطوة‪ ،‬واثلبات ْع‬ ‫احلق‪ ،‬ف ـهذه ادلار‪ ،‬قال ‘‪> :‬ال تًال عصنب‪ ،‬من أميت يقنتلون ٰ‬ ‫ىلع‬

‫أمر ا ‪ ،‬قنهرين لعدوهم‪ ،‬ال يرضهم من نلفهم ح ٰ‬ ‫ىت تأيت ا سنع‪،‬‬ ‫وهم ٰ‬ ‫ىلع ‪ ،‬ا<(‪.)2‬‬ ‫‪ 38‬ـ ـ اهلل (الوهَّاب) تبارك وتعاىلٰ‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯸ ﯹ‬

‫ﯺﯻ} [آل عمران]‬

‫َّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫العطية اخلايلة عن األعواض‪ ،‬واألغراض‪،‬‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬اهلب‪:،‬‬ ‫َّ‬ ‫فإذا كرثت ت َ َّ‬ ‫سَّم صاحبها وـهابًا‪ ،‬وـهو من أبنية املبالغة‪ ،‬فيه اإلعطاء‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬احلجة ف بيان املحجة (‪ ،)150/1‬األسماء والصفات (‪.)163/1‬‬

‫‪125‬‬

‫(‪ )2‬صحيح مسلم (‪.)1924‬‬

‫‪‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫استحقاق‪ ،‬وَّل ماكفأة(‪.)1‬‬ ‫وابتداء‪ ،‬من غي‬ ‫تفضَّل‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل جل جَّلل ـهو ا وهنب‪:‬‬ ‫‪ )1‬واسع اهلبات‪ ،‬شمل لك الاكئنات‪ ،‬من ف األرض والسماوات‪،‬‬ ‫ـهباته تدر ْع عباده ف ِ‬ ‫الَّس واجلهار‪ ،‬ويف الليل وانلهار‪.‬‬ ‫‪َّ )2‬ل ينقطع نوال حبال‪ ،‬وَّل ف املآل‪ ،‬يعطي من غي سؤال‪ ،‬وَّل‬

‫وسيلة‪ ،‬وينعم بَّل سبب‪ ،‬وَّل حيلة‪.‬‬

‫‪ )3‬فيهب العطايا وانلعم‪ ،‬واألفضال واملنن‪ ،‬من غي استحقاق‪،‬‬

‫وَّل عوض‪ ،‬يهب ما شاء ملن يشاء بَّل غرض‪.‬‬

‫‪ )4‬فكرثت نوافله‪ ،‬ودامت مواـهبه‪ ،‬واتصلت مننه وعوائده ف‬

‫ِ‬ ‫لك األوقات‪ ،‬نعمه اكمنة ف األنفس‪ ،‬ومجيع املصنواعت‪ ،‬ظاـهرة بادية‬

‫ف سائر املخلوقات‪.‬‬

‫‪ )5‬ـهباته سبحانه اليت تسبغ ْع خلقه بَّل انقطاع وَّل نفاد‪ ،‬بل‬

‫ف نماء‪ ،‬وازدياد‪ ،‬مع اآلباد(‪.)2‬‬

‫َّ‬ ‫وـهذا اَّلسم املبارك يدل ف مادته ْع السعة‪ ،‬والكرثة‪ ،‬والزيادة‪،‬‬

‫حبيث يدخل ف معناه املعّب عنه‪ ،‬باللفظ الكثي من معاين أسماء‬

‫الل تعاىل احلسىن‪ ،‬والصفات العَّل(‪.)3‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬لسان العرب (‪ ،)803/1‬تفسي األسماء (‪ )2( .)38‬انظر‪ :‬شأن ادلاعء (‪ ،)53‬واألسىن (‪ ،)396/1‬ورشح‬ ‫أسماء الل احلسىن للبيضاوي (‪ ،)215‬وأسماء الل احلسىن للرضواين (‪ )3( .)674‬بدائع الفوائد (‪.)175/1‬‬

‫‪126‬‬

‫‪‬‬ ‫ﮯ ﮰ ﮱ} [ص]‪ ،‬أي‪ :‬أن ـهباته تعاىل الصادرة منه لعباده‪،‬‬ ‫عن كمال العزة(‪ ،)1‬فهو يهب هلم العطايا‪َّ ،‬ل يمنعه مانع‪ ،‬وَّل يرده راد‪،‬‬

‫فَّل مانع ملا أعطى‪ ،‬وَّل معطي ملا منع‪ ،‬وأنه يهب العطايا عن كمال‬

‫الغىن(‪َّ ،)2‬ل جللب منفعة‪ ،‬وَّل دلفع مرضة‪ ،‬وَّل لعوض‪ ،‬وَّل لغرض‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫أما اخللق فمنهم من يكون وـهابًا‪ ،‬وـهو ذيلل‪ ،‬ليس بعزيز‪ ،‬ومنهم‬ ‫ً‬ ‫عزيزا‪ ،‬وـهو خبيل‪ ،‬وكذلك أنه إذا غضب منع ـهباته‪.‬‬ ‫من يكون‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫أما تعاىل فَّل ينقطع عطاؤه‪ ،‬حىت عن أشد أعدائه‪ ،‬فدل ْع أن‬ ‫َّ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫من كمال َّ‬ ‫عزيز‪.‬‬ ‫عزته أنه وـهاب‪ ،‬وأن من كمال ـهباته أنه‬ ‫هللالل ا وهنب‪ :‬أن ـهباته تعاىل ف لك اللحظات‪ ،‬اليت يتقلب بها‬

‫أـهل األرض والسموات‪ ،‬اليت َّل تنفك عنهم طرفة عي‪ ،‬منذ أن خلق‬ ‫ـهذه املعمورة واألفَّلك‪ ،‬فإنها لم تنقص مما عنده ً‬ ‫شيئا من اخليات‬

‫املكنونات(‪.)3‬‬

‫اثلمرات‪ :‬من ثمراته أنه يورث املؤمن حمبة ربه العظيم‪،‬‬

‫والقيام حبمده وشكره ف لك حي‪ْ ،‬ع نعمة اإلسَّلم‪ ،‬اليت يه أعظم‬ ‫العطايا واهلبات‪ ،‬ويثمر للعبد كذلك قوة الرجاء‪ ،‬واتلعلق برب األرض‬

‫والسماء‪ ،‬ف السؤال والعطاء‪ ،‬والرض بما قسمه تعاىل من األوَّلد‪ ،‬قال‬ ‫تعاىل‪{ :‬ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ} [الشورى‪.]49 :‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )2‬ألن من معاين (العزيز) املنيع‪ ،‬الغن عن لك ما سواه‪.‬‬ ‫(‪ )1‬ويه القوة والغلبة‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ٰ‬ ‫مألى‪ ،‬ال يييضهن(‪ً )3‬فق‪ ،،‬سحنء(‪ )3‬ا ليل وانلهنر‪ ،‬أرأيتم من أًفق منذ لق ا سمنوات واألرض‪،‬‬ ‫(‪ )3‬قال ‘‪> :‬يد ا‬

‫ييض من يف يد < البخاري (‪ ،)4684‬ومسلم (‪.)993‬‬ ‫ةإًه م ِ‬

‫‪127‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ 39‬ـ ـ اهلل (الـمُتكبِّر) جل ثناؤه‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﯚ ﯛ ﯜ} [احلرش‪.]23 :‬‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬املتكرب‪ :‬ذو الكّبياء‪ ،‬والكّب‪ :‬العظمة‪،‬‬

‫والرفعة ف الرشف‪ ،‬والكّبياء‪ :‬امللك‪ ،‬قال تعاىل حاكية عن فرعون‪:‬‬ ‫ً‬ ‫{ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ} [يونس‪ ،)1(]78 :‬ويه أيضا‪ :‬اتلجّب‬ ‫َّ‬ ‫والعظمة‪ ،‬وأصل لكمة الكّب‪ :‬اَّلمتناع‪ ،‬وقلة اَّلنقياد(‪.)2‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو املتكرب ل فيه لك معاين‬ ‫اجلَّلل والكمال‪ ،‬اذلي َّ‬ ‫تفرد به وحده‪ ،‬دون خلقه‪:‬‬ ‫َهَ َ ه‬ ‫ّب وعظ َم ف ذاته‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وأفعال‪ ،‬وسلطانه‪،‬‬ ‫(‪ )1‬ـهو اذلي ك‬

‫فلك يشء دونه صغي وحقي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫(‪ )2‬وـهو سبحانه املتعظم‪ ،‬اذلي أْع نفسه‪ ،‬وعظمها‪ ،‬املتعايل‬ ‫عن صفات خلقه‪ ،‬فليس ل شبيه‪ ،‬وَّل مثيل‪ ،‬وَّل نظي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫املتكّب‪ :‬ل امللك الاكمل‪ ،‬اذلي َّل يزول سلطانه‪،‬‬ ‫(‪ )3‬وـهو تعاىل‬

‫ادلائم بدوامه‪ ،‬واللك فيه عبيده وممايلكه‪.‬‬

‫ً‬ ‫(‪ )4‬املتكّب عن ظلم عباده‪ ،‬فَّل يظلم أحدا من خلقه‪ ،‬حىت لو‬

‫اكن من أـهل كفرانه‪ ،‬عدل ظاـهر ف سائر خلقه‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬يعن‪( :‬امللك)‪ ،‬صح عن جماـهد‪ ،‬اتلفسي الصحيح (‪.)30/3‬‬

‫(‪ )2‬معجم مقاييس اللغة (‪ ،)153/5‬الصحاح للجوـهري (‪ ،)801/2‬تفسي القرطيب (‪.)31/18‬‬

‫‪128‬‬

‫‪‬‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫وجتّبوا‪،‬‬ ‫املتكّب ْع عتاة خلقه‪ ،‬وجبابرتهم‪ ،‬إذا عتوا‬ ‫(‪)5‬‬ ‫ونازعوه ف عظمته‪ ،‬فيقصمهم‪.‬‬

‫ِ‬ ‫(‪ )6‬وـهو سبحانه املتعايل عن لك نقص‪ ،‬وعيب‪ ،‬املتعظم عن‬

‫مجيع ما َّل يليق بكّبيائه‪ ،‬وجمده‪ ،‬وجَّلل‪.‬‬

‫(‪ )7‬وـهو العظيم انلافذ أمره ْع لك العبيد‪ ،‬فَّل جيري ف ملكه‬

‫إَّل ما يريد‪ ،‬ل احلجة ابلالغة‪ ،‬والسطوة ادلامغة‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ورش‪ ،‬وسيئات‪ ،‬فَّل‬ ‫(‪ )8‬وـهو املتكّب جل ثناؤه عن لك سوء‪،‬‬

‫يصدر منه إَّل اآلَّلء واخليات‪.‬‬

‫(‪ )9‬وـهو سبحانه املتكّب‪ :‬العايل فوق لك خلقه‪ ،‬بكل أنواع‬

‫العلو‪ :‬ف اذلات‪ ،‬ويف الغلبة‪ ،‬والقهر‪ ،‬والصفات‪.‬‬

‫(‪ )10‬وـهو تعاىل املنيع‪ ،‬ابلليغ الكّبياء‪ ،‬والعظمة‪ ،‬اذلي ليس‬

‫لكّبيائه نهاية‪ ،‬وَّل لعظمته اغية‪.‬‬

‫(‪ )11‬وـهو املتكّب ف ربوبيته‪ ،‬فليس ل رشيك ف ملكه‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ألوـهيته‪ ،‬فَّل يقبل أن يعبد غيه‪.‬‬ ‫واملتكّب ف‬ ‫املستحق للك تكبي‪ ،‬وتعظيم‪ ،‬وإجَّلل‪ ،‬من عباده‪،‬‬ ‫(‪ )12‬وـهو‬ ‫ِ‬

‫بكل أنواعه(‪.)1‬‬

‫ر‬ ‫املتكرب‪ :‬أنه يدل ْع ِ‬ ‫علو قدر الل تبارك وتعاىل‪،‬‬ ‫هللالل‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر املعاين السابقة‪ :‬الطّبي (‪ ،)37/28‬تفسي القرطيب (‪ ،)301/9‬شأن ادلاعء (‪ ،)48‬خمترص الصواعق‬ ‫املرسلة (‪ ،)212‬أسماء الل للرازي (‪.)209‬‬

‫‪129‬‬

‫‪‬‬

‫ً‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫علوا‪ ،‬وكماَّل‪َّ ،‬ل يتناىه‪ ،‬وهلذا دخلت فيه‬ ‫املستحق ل‪ ،‬وكمال‬ ‫(اتلاء) وسماـها من فهم معناـها‪ :‬تاء اَّلختصاص‪ ،‬ألن ـهذا املعىن‬

‫خيتص بالل تعاىل وحده‪ ،‬ويه ف حق غيه تكلف‪ ،‬فهو يتضمن‬ ‫مجيع صفات الكمال واجلَّلل‪ ،‬اليت تنال مع بهعد الغاية‪ ،‬وعدم انلهاية‪،‬‬

‫فهو اذلي تاـهت األبلاب ف جَّلل‪ ،‬وكّب عن اتلصور صفاته(‪.)1‬‬

‫ومن هللالهل‪ :‬أنه جامع ألعظم أصلي ف توحيد األسماء‬

‫والصفات‪ ،‬فإن ـهذا اتلوحيد اجلليل يقوم ْع ركني عظيمي ـهما‪:‬‬ ‫(‪ )1‬إثبات لك صفات الكمال لل تعاىل‪.‬‬

‫(‪ )2‬نيف لك انلقائص اليت تناف صفات كمال(‪.)2‬‬ ‫َّ‬ ‫تضمنه من وصف الكّبياء‪ ،‬من‬ ‫وهلذا فإن ـهذا اَّلسم وما‬

‫خصائص الل سبحانه‪ ،‬اليت َّل تنبيغ إَّل ل‪ ،‬قال تعاىل‪> :‬العظم‪،‬‬ ‫ا‬ ‫واحدا منهمن قذةته يف انلنر<‬ ‫إزاري‪ ،‬وا كربينء ردايئ‪ ،‬ةمن ًنزعين‬ ‫َّ ُ ُ‬ ‫ويف لفظ‪> :‬ةمن يننزعين عذبته<(‪ .)3‬أما املخلوق فإن اتلكّب نقص‬ ‫ِ‬ ‫وعيب ٍّ‬ ‫ٌ‬ ‫وذم ف حقه‪ ،‬ألنه فقي وحمتاج لغيه‪َّ ،‬ل يقوم بنفسه‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذا اَّلسم الكريم يورث املؤمن اتلواضع‬ ‫واإلخبات جلَّلل الل تعاىل‪ ،‬واتلواضع لعباد الل جل وعَّل‪ ،‬فإن َمن‬

‫نازع كّبياء الل‪ ،‬فإن مآل انلار‪ ،‬وبئس املآل‪ ،‬قال الل العظيم‪:‬‬

‫{ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ} [الزمر]‪ ،‬ويف احلديث‪:‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬األسىن (ص ‪ ،)466‬وشفاء العليل (‪ ،)511/2‬الرازي (‪)252‬‬ ‫(‪ )3‬مسلم (‪ ،)2620‬وصحيح أيب داود (‪.)4090‬‬ ‫(‪ )2‬جمموع الفتاوى (‪ ،)182/4‬اتلدمرية (‪.)58‬‬

‫‪130‬‬

‫‪‬‬

‫َّ‬ ‫ر‬ ‫املتكربون يوم القينم‪ ،‬أمثنل اذل رر يف صور ا رهللنل‪ ،‬ييشنهم‬ ‫>حيرش‬ ‫ر‬ ‫ُّ ُّ‬ ‫ماكن‪ ،‬ةيسنقون إىل سجن يف هللهنم يسىم بو س<(‪.)1‬‬ ‫لك‬ ‫من‬ ‫ل‬ ‫اذل‬ ‫ٍ‬

‫‪ 40‬ـ ـ اهلل (املؤمن) عز وجل‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﯗ ﯘ ﯙ} [احلرش‪.]23 :‬‬ ‫املعىن ا ليوي‪ :‬املؤمن ل معنيان ف اللغة‪:‬‬ ‫(‪ )1‬اتلصديق واثلقة(‪.)2‬‬ ‫(‪ )2‬األمان اذلي ـهو ضد اإلخافة(‪.)3‬‬ ‫كمال كثية‪ ،‬وجليلة‪ ،‬ينبيغ‬ ‫دل ـهذا اَّلسم اجلليل ْع معاين‬ ‫ٍ‬ ‫للعبد أن يتأملها ويفهم مدلوَّلتها‪ ،‬ويعمل بمقتضاـها‪.‬‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو املؤمن‪:‬‬ ‫(‪ )1‬اذلي أمن لك اخلليقة من ظلمه‪ ،‬وجوره‪ ،‬ف األول‪ ،‬والعقىب‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫فأمن أويلاءه من ظلمه‪ :‬فَّل ينقص من حسناتهم ً‬ ‫شيئا‪ ،‬وَّل‬ ‫أ)‬

‫َّ‬ ‫يبطل ما عملوا من الصاحلات ً‬ ‫شيئا‪ ،‬ب) وأمن أعداءه من جوره‪ ،‬فَّل‬ ‫َّ‬ ‫يزيد ْع ما اجرتوا من السيئات مثقال ذرة‪ ،‬وَّل أدىن‪ ،‬ج) وأمن من‬ ‫َّ‬ ‫عذابه من َّل يستحقه‪ ،‬د) وأمن من آمن به من عقابه وبطشه‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬صحيح الرتمذي (‪.)2492‬‬

‫(‪ )2‬قال تعاىل‪{ :‬ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ} [يوسف]‪.‬‬

‫(‪ )3‬قال سبحانه‪{ :‬ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ} [قريش]‪ .‬معجم مقاييس اللغة (‪ ،)133/1‬والزجاج (ص‪.)31‬‬

‫‪131‬‬

‫‪‬‬ ‫(‪ )2‬وـهو تبارك وتعاىل اذلي آمن بقول أنه حق(‪.)1‬‬ ‫(‪ )3‬وـهو سبحانه اذلي يصدق العباد وعده‪ ،‬ووعيده‪ ،‬وذلك‪:‬‬ ‫ف ادلًين‪ :‬بكل ما خيّب عنه من أمور الغيب‪ ،‬عن طريق وحيه‪.‬‬ ‫ويف اآل رة‪ :‬أ) مصدق املؤمني بكل ما وعدـهم من اثلواب‪.‬‬ ‫ب) ومصدق الاكفرين ما وعدـهم من العقاب(‪.)2‬‬ ‫ِ‬ ‫(‪ )4‬وـهو تعاىل اذلي يهؤمن اخلائفي‪ ،‬فينرش األمان واَّلطمئنان‪،‬‬ ‫ملن شاء من األنام‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬

‫ﭤ ﭥ} [قريش]‪.‬‬

‫ِ‬ ‫(‪ )5‬وأخص من ذلك أنه يهؤمن أويلاءه وعباده املؤمني‪ ،‬فيهب‬ ‫ا‬ ‫هلم اَّلطمئنان ف قلوبهم ف ادلنيا‪ ،‬واآلخرة‪ :‬أوال‪ :‬يف ادلًين‪:‬‬

‫أ) ف القتال وعند الشدائد واملحن‪ ،‬فيما يزنل عليهم من األسباب‬ ‫ِ‬ ‫اليت تؤمنهم‪{ ،‬ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ} [األنفال‪{ ،]11 :‬ﮉ ﮊ‬ ‫ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ} [األنفال‪.]12 :‬‬

‫ب) وعند املوت‪ :‬عند اَّلحتضار ونزول مَّلئكة املوت‬

‫بالبشارة‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬

‫ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬

‫ﭢ ﭣ ﭤ} [فصلت]‪.‬‬ ‫ج) ويف الربزخ‪ :‬عند رؤية امللكي‪ ،‬كما جاء عن انليب ‘ أنه‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫َّ‬ ‫صح عن قتادة‪ ،‬انظر اتلفسي الصحيح (‪.)469/4‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪132‬‬

‫(‪ )2‬تفسي القرطيب (‪.)300/9‬‬

‫‪‬‬ ‫قال‪> :‬إ‪،‬ا أهلللس ا رهللل ا صنلح يف قرب غر ةًع وال مشعوف(‪.)2(<)1‬‬ ‫ا‬ ‫ثنًين‪ :‬ويف اآل رة‪ :‬عند الفزع األكّب‪{ ،‬ﭜ ﭝ ﭞ‬ ‫ﭟ} [األنبياء‪ ،]103 :‬وْع قدر اإليمان يكون األمان‪{ ،‬ﭑﭒ‬

‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛﭜ} [األنعام]‪.‬‬ ‫(‪ )6‬وـهو اذلي يصدق ظنون عباده املؤمني‪ ،‬وَّل خييب آماهلم‪،‬‬ ‫ر‬ ‫قال تعاىل‪> :‬أًن عند ظن عبدي يب‪ ،‬وأًن معه إ‪،‬ا داعين‪.)3(<...‬‬ ‫َِ‬ ‫(‪ )7‬وـهو اذلي يهؤمن املظلوم من الظالم‪ ،‬فيجيه‪ ،‬وينرصه عليه‪.‬‬ ‫(‪ )8‬وـهو املصدق لرسله وأنبياءه‪ ،‬وذلك بأمرين‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫أ) فيما يزنل عليهم من اآليات ابلينات‪ ،‬واملعجزات ابلاـهرات‪،‬‬

‫اليت تدل ْع صدقهم‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ب) وـهو اذلي يصدق الصادقي من أتباعهم‪ ،‬بما يقيم هلم من‬

‫شواـهد صدقهم من الكرامات‬

‫الساطعات(‪.)4‬‬

‫ِ‬ ‫هللالل املؤمن‪ :‬أنه تعاىل يصدق نفسه بتوحيده‪ ،‬وشهادته‬

‫نلفسه بالوحدانية‪ ،‬وانفراده بالعبودية‪ ،‬وبما أثىن ْع نفسه‪ ،‬بما ل‬ ‫َّ‬ ‫من الكمال‪ ،‬والصفات العلية‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬ ‫ﭪ} [آل عمران‪ ،]18 :‬وـهذه أجل الشهادات‪ ،‬الصادرة من امللك العظيم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وـهو الل رب العاملي‪ْ ،‬ع أجل مشهود‪ ،‬وـهو توحيد الل تعاىل‪ ،‬وقيامه‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬شدة الفزع اذلي يذـهب بالقلب‪ ،‬انلهاية (‪.)483‬‬ ‫(‪ )3‬ابلخاري (‪ ،)6970‬ومسلم (‪.)6805‬‬

‫(‪ )2‬صحيح الرتغيب والرتـهيب (‪.)3557‬‬

‫(‪ )4‬انظر تفسي السعدي (‪ ،)301/5‬أسماء الل احلسىن لألشقر (‪)64‬‬

‫‪133‬‬

‫‪‬‬ ‫بالقسط ‪ ،‬وـهذا املعىن ـهو َ‬ ‫أجل املعاين ف اسمه (املؤمن) والل أعلم‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ومن هللالهل‪ :‬أنه ملا اكن اإليمان صفته‪ ،‬واسمه (املؤمن)‪ ،‬لم‬ ‫َّ‬ ‫أحب اخللق إيله ‪.‬‬ ‫يعطه إَّل‬ ‫(‪)2‬‬

‫َّ‬ ‫اثلمرات‪ :‬إن املؤمن عندما يدرك أن الل تعاىل متصف‬

‫باألمان لعباده‪ ،‬وتصديق أنبيائه ورسله‪ ،‬وأويلائه‪ ،‬فَّل ريب أنه يثق‬

‫بوعد الل تعاىل‪ ،‬وأمانه ل من لك خوف(‪ ،)3‬فيكون ربه املؤمن ـهو‬ ‫َِ‬ ‫وانلقم‪ ،‬وينبيغ ل‬ ‫ملجأه ومعاذه عند املحن‪ ،‬والشدائد‪ ،‬واملصائب‪،‬‬ ‫ه ِ‬ ‫أمن املؤمني َّ‬ ‫رشه‪ ،‬وغوائله‪ ،‬قال ‘‪> :‬أال أ ربكم بنملؤمن! من‬ ‫أن ي‬ ‫أم َِن ُه انلنس ٰ‬ ‫ىلع أمواهلم وأًفسهم‪ ،‬واملسلم من سلِ َم املسلمون من‬ ‫سنًه ويد <(‪ ،)4‬وأول بذلك جاره‪ ،‬قال ‘‪> :‬وا‬

‫يؤمن‪ ،‬وا‬

‫ال يؤمن‪ ،‬من ال يأمن هللنر بوائقه<(‪.)5‬‬

‫ال يؤمن‪ ،‬وا‬

‫ال‬

‫‪ 41‬ـ ـ اهلل (البَرُّ) تبارك وتعاىلٰ‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ} [الطور]‬

‫الرب‪ :‬ـهو اتلوسع ف فعل اخلي واإلحسان‪ ،‬ه‬ ‫املعىن ا ليوي‪ُّ َ :‬‬ ‫وس ِميَت‬ ‫َّ‬ ‫برية َّلتِساعها‪ ،‬ويطلق ْع الصدق‪ ،‬يقال‪َّ :‬‬ ‫برت يمينه‪ :‬صدقت ‪ .‬والّب‬ ‫كذلك‪ :‬العطوف الرحيم(‪ ،)7‬والّب‪ :‬اللطيف(‪.)8‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬تفسي ابن السعدي (‪ 364/1‬ـ ‪.)301/5‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫(‪)6‬‬ ‫(‪)8‬‬

‫(‪ )2‬شفاء العليل (‪.)676/2‬‬

‫منهج ابن القيم ف رشح أسماء الل احلسىن (ص ‪.)284‬‬ ‫(‪ )5‬صحيح ابلخاري (‪.)6016‬‬ ‫صحيح ابن ماجه (‪ ،)3934‬وصحيح النسايئ (‪.)4622‬‬ ‫(‪ )7‬لسان العرب (‪.)252/1‬‬ ‫املفردات (ص‪ ،)114‬الصحاح للجوـهري (‪.)588/2‬‬ ‫َّ‬ ‫صح عن ابن عباس ريض الل عنهما‪ ،‬انظر‪ :‬اتلفسي الصحيح (‪.)396/4‬‬

‫‪134‬‬

‫(‪)6‬‬

‫‪‬‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو الرب اذلي َّل َّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫أبر منه‪:‬‬ ‫(‪ )1‬الكثي اإلحسان‪ ،‬اذلي َّ‬ ‫عم إحسانه‪ ،‬وبره‪ ،‬وخيه‪ ،‬مجيع أـهل‬ ‫ِ‬ ‫األرض والسماوات‪ ،‬ف لك اللحظات‪ ،‬من أصناف الّب‪ ،‬الظاـهرة‪،‬‬

‫وابلاطنة‪{ ،‬ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ } [لقمان‪.]20 :‬‬

‫(‪ )2‬وـهو تعاىل الصادق ف وعده‪ ،‬ووعيده‪ ،‬وخّبه‪ ،‬وقول‪ ،‬ف‬

‫آت َّل حمالة ل‪.‬‬ ‫ادلنيا‪ ،‬ويف اآلخرة‪ ،‬فلك ما وعد به سبحانه ٍ‬

‫(‪ )3‬وـهو سبحانه العطوف ْع عباده‪ ،‬الرحيم الرفيق بهم‪،‬‬

‫املصلح ألحواهلم‪ ،‬وشؤونهم‪ ،‬ادلنيوية‪ ،‬والرشعية‪.‬‬

‫(‪ )4‬ومن كمال بره تعاىل‪ :‬أنه يّب باملحسن ف مضاعفة اثلواب‬

‫ل‪ ،‬والّب بامليسء ف الصفح واتلجاوز عنه‪.‬‬ ‫(‪ )5‬وـهو َ‬ ‫الّب اللطيف بعباده‪ ،‬يريد بهم اليه َ‬ ‫َّس‪ ،‬وَّل يريد بهم‬ ‫ِ‬ ‫كثي من سيئاتهم‪ ،‬وَّل يؤاخذـهم جبميع جناياتهم‪،‬‬ ‫العَّس‪ ،‬يعفو عن‬ ‫ٍ‬ ‫جيزيهم باحلسنة عرش أمثاهلا‪ ،‬وَّل جيزي بالسيئة إَّل مثلها‪.‬‬ ‫الّب بأويلائه‪ ،‬إذ َّ‬ ‫(‪ )6‬وـهو َ‬ ‫خصهم بوَّليته‪ ،‬واصطفاـهم لعبادته‪،‬‬ ‫َمَ‬ ‫ويدفع عنهم مجيع أنواع الرشور‪ ،‬والسيئات‪ ،‬وامللمات‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫(‪ )7‬وتتجىل سعة ِ‬ ‫بره‪ ،‬ما أعده ألويلائه ف دار خدله‪ ،‬يتنعمون‬ ‫جبواره‪ ،‬ف حببوحة داره‪ ،‬يقولون وـهم فيها فاكهون‪{ :‬ﯨ ﯩ‬

‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ} [الطور](‪.)1‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر املعاين السابقة‪ :‬تفسي األسماء (‪ ،)61‬احلجة ف بيان املحجة (‪ ،)150/1‬شأن ادلاعء (‪ ،)90‬املنهاج (‪)204/1‬‬

‫‪135‬‬

‫‪‬‬ ‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ}‬

‫[الطور]‪ ،‬الّب كما سبق ـهو املحسن الرفيق املتفضل‪ ،‬وـهذه الصفات‬ ‫من موجبات رْحته اخلاصة بعباده املؤمني‪ ،‬فّب الل تعاىل وإنعامه‪،‬‬

‫أثر من آثار رْحته الواسعة‪ ،‬اليت غمرت الوجود‪ ،‬وتقلب فيها لك‬

‫موجود‪ ،‬وعن طريق تلك املنن اجلزيلة‪ ،‬وذلك اإلحسان العميم‪،‬‬

‫عرف العباد أن ربهم رحيم(‪.)1‬‬

‫هللالل الرب‪ :‬من هللالل بِ ّره تعاىل أنه مع كمال غناه عن‬ ‫عبده‪ ،‬وكمال فقر العبد إيله‪ ،‬أنه يَّب به ف سرته حال ارتكابه‬

‫املعصية‪ ،‬مع كمال رؤيته تعاىل ل‪ ،‬ولو شاء لفضحه بي خلقه‬

‫فحذروه(‪ ،)2‬بل يدر عليه من إحسانه‪ ،‬وإنعامه‪ ،‬وإمهال‪.‬‬

‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ للمؤمن أن يتعبد بمقتىض أسمائه تعاىل‬ ‫وصفاته‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬ـهذا اَّلسم الكريم‪ ،‬ف القيام ِ‬ ‫بالّب من مجيع أنواعه‪،‬‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬ ‫ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬ ‫ﭫ} [ابلقرة‪ ،]177 :‬وأن َّ‬ ‫يّب من أوجب عليه تعاىل بره‪ ،‬وـهما‬ ‫الوادلان‪ ،‬ويكون ف حياتهما حبسن صحبتهما‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭢ‬

‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ} [مريم]‪ ،‬وبعد مماتهما بادلاعء‪،‬‬ ‫ر‬ ‫وصلة أحبابهما‪ ،‬قال ‘‪> :‬إن َّ‬ ‫أبر الرب صل‪ ،‬ا ودل أهل ود أبيه<(‪.)3‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ولل األسماء احلسىن (ص‪.)151‬‬

‫(‪ )2‬مدارج السالكي (‪.)206/1‬‬

‫‪136‬‬

‫(‪ )3‬مسلم (‪.)2552‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ 42‬ـ ـ ‪ 43‬ـ اهلل (الوَلِيُّ‪ ،‬الـمَوْىلٰ) جل جالله‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ} [الشورى]‪.‬‬ ‫وقال جل ثناؤه‪{ :‬ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ} [األنفال]‪.‬‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬ا ويل‪ :‬صيغة مبالغة من اسم الفاعل‪ :‬الوايل‪،‬‬

‫ويدل ْع القرب وادلنو‪ ،‬ويطلق ْع‪ :‬انلارص‪ ،‬والسيد‪ ،‬ومتول األمر‪،‬‬

‫ومالك اتلدبي‪ ،‬فلك من تول أمر آخر‪ :‬فهو ويله‪ ،‬أي متول أمره‪،‬‬

‫والقيم ْع شؤونه‪.‬‬ ‫هم‬ ‫ٰ هم‬ ‫والمعتَق‪ ،‬ويطلق ْع املالك‪ ،‬واملنعم‪ ،‬وانلارص‪،‬‬ ‫المع ِتق‪،‬‬ ‫املول‪:‬‬

‫واملحب‪ ،‬واملعي‪ ،‬والصاحب‪ ،‬والقريب(‪.)1‬‬ ‫َّ‬ ‫والفرق بينهمن‪ :‬أن ا ويل ـهو من تول أمرك‪ ،‬وقام بتدبي حالك‬ ‫َ‬ ‫ٰ‬ ‫واملول‪ :‬ـهو من ت مركن إيله‪،‬‬ ‫وحال غيك‪ ،‬وـهذه من وَّلية العموم‪،‬‬

‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫والرضاء‪،‬‬ ‫الَّساء‬ ‫وتعتمد عليه‪ ،‬وحتتيم به عند الشدة والرخاء‪ ،‬ويف‬

‫وـهذه من وَّلية اخلصوص(‪.)2‬‬

‫ٰ‬ ‫املع ٰ‬ ‫املول‪:‬‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو ا ويل‬

‫للك اخللق أمجعي‪ ،‬باخللق‪ ،‬واتلدبي‪ ،‬وترصيف األمور واملقادير‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وقت وحي‪ ،‬فليس نلا ول سواه‪،‬‬ ‫ف السموات السبع واألرضي‪ ،‬ف لك ٍ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬لسان العرب (‪ )411/5‬وانلهاية (‪ ،)227/5‬اشتقاق أسماء الل احلسىن (‪ 113‬ـ ‪ ،)115‬شأن ادلاعء (‪.)101‬‬ ‫(‪ )2‬لسان العرب (‪ ،)411/5‬أسماء الل احلسىن لدلكتور حممود الرضواين (‪.)330‬‬

‫‪137‬‬

‫‪‬‬

‫َّ َّ‬ ‫جيلب نلا املنافع‪ ،‬ويدفع عنا الرض والرشور واملساوئ‪ ،‬نواصينا لكها‬ ‫بيده تعاىل‪ ،‬وـهذه ا والي‪ ،‬العنم‪ ،‬للّب‪ ،‬والفاجر‪ ،‬واملؤمن والاكفر‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ووالي‪ ،‬نص‪ :،‬ألويلائه املتقي‪ ،‬خيرجهم من الظلمات إىل‬ ‫ِ‬ ‫عدوـهم‪ ،‬ويصلح هلم أمورـهم ادلنيوية‪ ،‬وادلينية‪،‬‬ ‫انلور‪ ،‬وينرصـهم ْع‬ ‫فيه وَّلية تقتيض الرأفة‪ ،‬والرْحة‪ ،‬واإلصَّلح‪ ،‬واملحبَّة‪ ،‬قال‬ ‫الل العظيم‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬

‫ﭙ} [ابلقرة‪ ،]257 :‬وـهذا اتلول اخلاص منه تعاىل هلم‪ ،‬يقتيض عنايته‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ولطفه بعباده املؤمني‪ ،‬وأن الل ِ‬ ‫خاصة‪ ،‬يصلحون بها‬ ‫يربيهم تربية‬ ‫َّ‬ ‫للقرب منه‪ ،‬وجماورته ف جنات انلعيم(‪.)1‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ٰ‬ ‫واملول‪ :‬أن مواَّلته لعبده إحسانا إيله‪ ،‬وحمبة ل‪،‬‬ ‫هللالل ا ويل‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫وجّبا ل‪ ،‬ورْحة‪َّ ،‬ل يتكرث به من قلة‪ ،‬وَّل ّ‬ ‫ًّ‬ ‫يتعزز به من ِذلة‪،‬‬ ‫وبرا به‪،‬‬

‫وَّل ينترص به من غلبة‪ ،‬وَّل يستعي به ف أي أمر(‪ )2‬وحاجة‪ ،‬فوَّليته‬ ‫ه‬ ‫عزة‪ ،‬ومنعة‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫وقوة‪ ،‬وغىن‪ ،‬ونرصة‪ ،‬فهو تعاىل‪{ :‬ﯮ ﯯ ﯰ‬

‫ﯱ ﯲ} [األنفال]‪.‬‬

‫ً‬ ‫ظالما مثله‪ ،‬يسومونهم‬ ‫ومن هللالهلمن‪ :‬أنه تعاىل يول لك ظالم‪،‬‬

‫سوء العذاب‪ ،‬ويأخذون منهم بالظلم واجلور‪ ،‬أضعاف ما منعوا من‬

‫حقوق الل‪ ،‬وحقوق عباده(‪.)3‬‬ ‫َّ‬ ‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذين اَّلسمي الكريمي يوجبان للعبد وَّلية‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ينظر احلق الواضح (‪ ،)12‬فتح الرحيم امللك (‪ ،)51‬تفسي سورة ابلقرة َّلبن عثيمي (‪.)461/3‬‬ ‫(‪ )3‬تفسي السعدي (‪ ،)273‬قال تعاىل‪{ :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬ ‫(‪ )2‬مدارج السالكي (‪.)495/1‬‬ ‫ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ} [األنعام‪.]129 :‬‬

‫‪138‬‬

‫‪‬‬ ‫الل تعاىل‪ ،‬ورسول‪ ،‬واملؤمني‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ‬ ‫ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ} [املائدة] وقطع وَّلية لك‬ ‫َّ‬ ‫حاد الل ورسول من الاكفرين‪ ،‬واملنافقي‪ ،‬قال سبحانه‪{ :‬ﭑ‬ ‫من‬

‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ} [املمتحنة‪ ،]1 :‬وينبيغ‬ ‫َّ‬ ‫للمؤمن أن يرايع الل تعاىل فيمن وَّله عليهم‪ ،‬فيتيق الل بهم‪.‬‬ ‫‪ 44‬ـ ـ اهلل (اجلبَّارُ) تبارك وتعاىلٰ‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﯚ ﯛ ﯜ} [احلرش‪.]23 :‬‬ ‫َّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬اجلبنر‪ :‬صيغة مبالغة من اسم الفاعل‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫اجلابر‪ ،‬ويدل ْع عدة معان كمال وجَّلل‪ ،‬منها‪ :‬العظيم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫يد املتناول‪ ،‬ومنه قوهلم‪ :‬خنلة َّ‬ ‫جبارة‪،‬‬ ‫القوي(‪،)1‬وْع الطويل اذلي فات‬ ‫ِ‬ ‫ويطلق ْع املتكّب املتعظم‪ ،‬املمتنع عن اذلل والقهر‪ ،‬من قوهلم‪ :‬رجل‬

‫جّبية‪ ،‬وجّبوت‪ ،‬أي‪ :‬تكّب وعظمة‪ ،‬وإصَّلح اليشء برضب من‬ ‫القهر‪ ،‬ومنه جّب العظم‪ ،‬أي‪ :‬أصلح كَّسه‪ ،‬وجّب الفقي أغناه(‪.)2‬‬ ‫َّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه وتعاىل ـهو اجلبنر‪:‬‬

‫(‪ )1‬اذلي قهر خلقه ْع ما يريد‪ ،‬من أمر‪ ،‬ونيه‪ْ ،‬ع مقتىض‬

‫احلكمة‪ ،‬والعدل‪ ،‬ومن ذلك دينه‪ ،‬اذلي ارتضاه للك عبيده‪.‬‬ ‫(‪ )2‬وـهو َّ‬ ‫اجلبار‪ :‬املصلح أمر خلقه‪ ،‬املرصفهم فيما فيه صَّلحهم‪،‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬قال تعاىل‪{ :‬ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ} [املائدة‪.]22 :‬‬

‫(‪ )2‬املفردات (‪ ،)183‬تهذيب اللغة (‪ ،)57/11‬تفسي السمعاين (‪ ،)26/2‬إبطال اتلأويَّلت (‪ ،)666‬األسىن (‪.)459‬‬

‫‪139‬‬

‫‪‬‬ ‫اذلي جّب مفاقرـهم‪ ،‬فكفاـهم أسباب عيشهم‪ ،‬ورزقهم(‪.)1‬‬

‫(‪ )3‬وـهو َّ‬ ‫اجلبار‪ :‬اذلي جيّب ضعف الضعيف من عباده‪:‬‬ ‫أ) فيجّب الكسي‪ .‬ب) ويغن الفقي‪ .‬هلل) وييَّس ْع املعَّس لك‬

‫عسي‪ .‬د) وجيّب القلوب املنكَّسة من أجله‪ ،‬اخلاضعي جلَّلل‬

‫وعظمته‪ .‬هه) وجيبـر ضعف األبدان‪ ،‬فييسـر أسبـاب الشـفاء هلا‪.‬‬

‫و) وجيّب عبده املؤمن بإصَّلح حال ومآل‪ ،‬ف دينه ودنياه وآخرته‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫وـهذا اجلّب ف حقيقته إصَّلح للعبد‪ ،‬ودفع مجيع املاكره عنه(‪.)2‬‬ ‫(‪ )4‬وـهو َّ‬ ‫اجلبار‪ :‬العايل فوق خلقه‪ ،‬اذلي ْع العرش استوى‪ ،‬وْع‬

‫امللك احتوى‪ ،‬وْع السلطان وأنواع اتلصاريف استول(‪.)3‬‬

‫(‪ )5‬وـهو املنيع اذلي َّل ينال‪ ،‬فَّل يوصل إيله‪ ،‬وَّل يدانيه يشء‪.‬‬ ‫(‪ )6‬وـهو املتعاظم املتكّب‪ ،‬تقدس أن تنال انلقائص‪ ،‬وصفات‬ ‫ٌ‬ ‫كفوء‪ ،‬أو ِضد‪ ،‬أو نِد‪ ،‬أو‬ ‫أحد‪ ،‬وعن أن يكون ل‬ ‫احلدث‪ ،‬وعن مماثلة ٍ‬ ‫َس ِيم‪ ،‬أو رشيك ف خصائصه‪ ،‬وحقوقه(‪.)4‬‬ ‫(‪ )7‬وـهو َّ‬ ‫اجلبار‪ :‬إذا أراد شيئًا اكن كما أراد‪ ،‬ولم يمتنع عليه‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ولم يتخلف كونه عن حال إرادته‪ ،‬فيكون فعله ل اكجلّب(‪.)5‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬الطّبي (‪ ،)36/28‬وابن كثي (‪ ،)343/4‬شأن ادلاعء (‪.)48‬‬

‫(‪ )2‬تفسي القرطيب (‪ ،)301/9‬احلق الواضح (‪ ،)77‬األسىن (‪ 456‬ـ ‪.)459‬‬

‫(‪ )3‬فتح الرحيم امللك (‪ )4( .)18‬تفسي القرطيب (‪ ،)301/9‬واألسىن (ص‪ ،)458‬احلق الواضح (‪ )77‬الاكفية (‪)146‬‬ ‫(‪ )5‬األسماء والصفات (‪.)89/1‬‬

‫‪140‬‬

‫‪‬‬

‫َّ‬ ‫ً‬ ‫هللالل اجلبنر‪ :‬من جَّلل أنه تعاىل لم جيّب أحدا من خلقه‪،‬‬

‫ْع إيمان أو كفر‪ ،‬بل هلم املشيئة ف ذلك واَّلختيار‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬

‫{ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ}‬

‫[الكهف‪]29 :‬‬

‫فكونه عز وجل‬

‫جّب اخللق ْع ما شاء من أمر أو نيه‪ ،‬يعن أنه رشع هلم من ادلين‬

‫ما ارتضاه‪ ،‬كما قال‪{ :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ} [الشورى‪.]13 :‬‬

‫فرشع هلم من الرشائع ما شاء‪ ،‬وأرسل هلم الرسل‪ ،‬وأمرـهم بما‬

‫ينفعهم‪ ،‬ونهاـهم عن العدول عن طريقهم‪ ،‬فهو سبحانه وتعاىل أجل‪،‬‬

‫وأعظم‪ ،‬وأقدر‪ ،‬أن جيّب عبده‪ ،‬ويكرـهه ْع فعل ما يشاء منه(‪.)1‬‬

‫ومن هللالهل‪ :‬أنه كما جيمع صفات القهر‪ ،‬والعلو‪ ،‬والعظمة‪،‬‬

‫كذلك أنه جيمع صفات الرْحة‪ ،‬والعدل‪ ،‬واحلكمة‪ ،‬والرأفة‪ ،‬ونزاـهته‬

‫عن صفات انلقائص اكلظلم‪ ،‬واجلور‪ ،‬ولك آفة‪ ،‬فقهره لعباده‪ ،‬وجّبه هلم‪،‬‬

‫ْع ما أراد حسبما تقتضيه احلكمة(‪.)2‬‬ ‫َ َّ‬ ‫"فبجّبوته قهر اجلبابرة‪ ،‬وأذل األكارسة‪ ،‬وأنصف املظلومي من‬

‫الظلمة‪ ،‬ونرص جنده ْع املعاندين‪ ،‬والاكفرين‪ ،‬والفجرة‪ ،‬فكم من‬ ‫َّ‬ ‫ظالم جبار من البرش قصم الل ظهره‪ ،‬ورد كيده ف حنره"(‪ ،)3‬فهو تعاىل‬ ‫يقصم ظهور العتاة‪ ،‬وينلك باجلناة‪ ،‬ويشدد العقاب ْع الطغاة‪ ،‬وذلك‬

‫بعد اإلعذار واإلنذار‪ ،‬وبعد اتلمكي واإلمهال(‪.)4‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )2‬وهلذا اكن ‘ ِ‬ ‫يزنه جّبوته تعاىل عن لك نقص‪ ،‬ف ركوعه‪:‬‬ ‫(‪ )1‬شفاء العليل (‪.)251‬‬ ‫>سبحنن ‪،‬ي اجلربوت وامللكوت وا كربينء والعظم‪ ،<،‬صحيح أيب داود (‪.)873‬‬ ‫(‪ )3‬حتقيق العبودية بمعرفة األسماء والصفات (‪ ،)335‬د‪ .‬فوز الكردي‪ ،‬بترصف‪.‬‬ ‫(‪ )4‬املقصد األسىن (‪.)100‬‬

‫‪141‬‬

‫‪‬‬

‫َّ‬ ‫إن املؤمن حينما يدرك أنه تعاىل َّ‬ ‫اجلبار املتصف‬ ‫اثلمرات‪:‬‬

‫بكمال العظمة‪ ،‬وكمال الرأفة‪ ،‬والرْحة‪ ،‬فإن ذلك يثمر ل املحبة‬ ‫ِ‬ ‫واَّلعزتاز به‪ ،‬واَّلفتقار إيله‪ ،‬ف لك حال‪ ،‬وحلظة‪ ،‬فعامل عباده بكل‬ ‫خي وصَّلح‪ ،‬واسرتجع عند املصيبة عند نزول األقدار‪ ،‬فإن الل‬

‫سبحانه جابر مصيبتك ف احلال‪ ،‬أو ف املآل >من اسرتهللع عند املصيب‪،‬‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫صنحلن يرضن < ‪.‬‬ ‫هللرب ا مصيبته‪ ،‬وأحسن عقبن ‪ ،‬وهللعل هل لفن‬ ‫(‪)1‬‬

‫ٌ‬ ‫وـهذه الصفة العلية َّل جيوز أن يتعاطاـها أحد من اخلليقة‪ ،‬فإن‬

‫مآل اهلوان واذللة‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬‬ ‫ﮉ ﮊ ﮋ} [اغفر]‪ ،‬قال ‘‪> :‬خيرج عنق من انلنر يوم‬ ‫ﮃﮄﮅﮆﮇﮈ‬

‫القينم‪ ،،‬هل عيننن يبِّص بهمن‪ ،‬وأ‪ً،‬نن يسمع بهمن‪ ،‬و سنن ينطق به‪،‬‬

‫هللبنر عنيد‪.)2(<..‬‬ ‫ةيقول‪ :‬إين ولكت بثالث‪ :،‬بكل‬ ‫ٍ‬

‫‪ 45‬ـ ـ اهلل (الرَّؤوف) جل ثناؤه‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ} [ابلقرة]‪.‬‬

‫املعىن ا ليوي‪ :‬ا رؤوف‪ :‬صيغة مبالغة من اسم الفاعل‬

‫الرائف‪ ،‬وـهو املوصوف بالرأفة‪ ،‬والرأفة‪ :‬أشد الرْحة‪ ،‬وأبلغها‪ ،‬وأْع‬

‫معانيها‪ ،‬فيه رْحة وزيادة(‪.)3‬‬

‫والفرق بي ا رأة‪ ،‬وا رمح‪ :،‬أن ا رأة‪ ،‬أعم‪ ،‬وأبلغ من الرْحة‪،‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫عباس ريض الل عنهما‪ ،‬يرفعه للنيب ‘‪ ،‬انظر اتلفسي الصحيح (‪.)263/1‬‬ ‫(‪ )1‬عن ابن‬ ‫ٍ‬ ‫(‪ )2‬سلسلة األحاديث الصحيحة (‪ )3( .)512‬لسان العرب (‪ ،)112/9‬شأن ادلاعء (ص‪ ،)91‬تفسي الطّبي (‪)12/2‬‬

‫‪142‬‬

‫‪‬‬

‫َّ‬ ‫فيه املزنلة اثلانية‪ ،‬يقال‪ :‬فَّلن رحيم‪ ،‬فإذا اشتدت رْحته فهو‬

‫رؤوف‪ ،‬فيه نعمة مذلة من مجيع الوجوه‪ ،‬وا رمح‪ :،‬قد تكون مؤملة ف‬ ‫َّ‬ ‫احلال‪ ،‬ويكون عقباـها ذلة‪.‬‬ ‫ا رمح‪ :،‬تكون ف الكراـهة للمصلحة‪ ،‬وا رأة‪َّ :،‬ل تكون ف‬

‫الكراـهة‪ ،‬والرأفة اعمة جلميع اخللق ف ادلنيا‪ ،‬وبلعضهم ف اآلخرة‪،‬‬

‫وا رحيم‪ :‬فيه للمؤمني ف ادلنيا واآلخرة‪ ،‬وليست للك اخللق‪،‬‬ ‫وا رأة‪ ،‬إذا انسدلت ْع خملوق‪ ،‬لم يلحقه مكروه(‪.)1‬‬

‫املعىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ـهو ا رؤوف اذلي َّل أرأف منه‪:‬‬ ‫‪ )1‬فهو ذو الرأفة الواسعة‪ ،‬اليت َّل تضاـهيها‪ ،‬وَّل تساميها أي رأفة‪،‬‬

‫فهو سبحانه شديد الرأفة‪ ،‬بالغ منتهاـها‪ ،‬وأعَّلـها‪.‬‬

‫‪ )2‬فهو تعاىل الرحيم جبميع عباده‪ ،‬العطوف عليهم بألطافه‪ ،‬ورأفته‪،‬‬

‫فما من خملوق ف ـهذا الوجود إَّل وـهو مرؤوف برأفته سبحانه(‪.)2‬‬

‫‪ )3‬ومن كمال رأفته‪ :‬أنه أرأف بنا من لك رائف‪ ،‬أرأف بنا من‬

‫آبائنا‪ ،‬وأمهاتنا‪ ،‬وأوَّلدنا‪ ،‬بل أرأف بنا من أنفسنا‪ ،‬فما ظنك برأفته‪،‬‬

‫فيه فوق ما خيطر ْع ابلال‪ ،‬أو يدور ف اخليال‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪َّ )4‬ل تزال آثار رأفته "سارية ف الوجود‪ ،‬مائلة للموجود‪ ،‬تسح‬

‫يداه باخليات‪ ،‬آناء الليل وانلهار‪ ،‬ويوايل انلعم والفواضل ْع‬ ‫العباد‪ ،‬ف ِ ِ‬ ‫الَّس واجلهار"(‪.)3‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬تفسي األسماء (ص‪ ،)62‬األسىن للقرطيب (‪ )2( .)173/1‬قال تعاىل‪{ :‬ﮩ ﮪ ﮫ} آل عمران‪30 :‬‬ ‫(‪ )3‬تفسي السعدي (‪.)1020‬‬

‫‪143‬‬

‫‪‬‬ ‫ورأةته سبحنًه بعبند ًواعن‪:‬‬ ‫انلوع األول‪ :‬ا رأة‪ ،‬العنم‪ :،‬وـهذه "الرأفة صفة شاملة َّلستصَّلح‬ ‫ً‬ ‫العباد‪ ،‬والرفق بهم‪ ،‬ف تربيتهم مجلة وتفصيَّل‪ ،‬وانلظر بما ـهم عليه‬

‫من الضعف‪ ،‬واحلاجة‪ ،‬واملسكنة والفقر"(‪ .)1‬وـهذه الرأفة شاملة‬ ‫َِ‬ ‫للّب والفاجر‪ ،‬والصالح والطالح‪.‬‬

‫انلوع اثلنين‪ :‬ا رأة‪ ،‬اخلنص‪ :،‬ويه ألنبيائه‪ ،‬وأويلائه ف معاشهم‬ ‫َّ‬ ‫واملَّسات‪،‬‬ ‫ومعادـهم‪ ،‬واليت فيها من صنوف املنافع‪ ،‬واخليات‪،‬‬ ‫ودفع الرشور‪ ،‬واهللاكت ف ادلنيا‪ ،‬والّبزخ‪ ،‬والعرصات‪.‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪ { :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬ ‫َّ‬ ‫ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﮛ} [ابلقرة]‪ ،‬دل ـهذا اَّلقرتان‬ ‫ٌ ه ٍّ‬ ‫بود‪،‬‬ ‫ْع اغية اجلَّلل والكمال ف الرْحة‪ ،‬وأْع درجاتها‪ ،‬إذ يه رْحة‬ ‫وعطف‪ ،‬وشفقة‪ ،‬رْحة فيها من صنوف الّب والعطاء‪ ،‬ما َّل خيطر ْع‬ ‫ٍ‬

‫البرش‪ ،‬ويه خاصة باملؤمني‪ ،‬فإن الرأفة من موجبات الرْحة‪،‬‬

‫وآثارـها‪.‬‬

‫ويف ـهذا اَّلقرتان "بشارة عظيمة ملن َّ‬ ‫من الل عليهم باإلسَّلم‪،‬‬

‫واإليمان‪ ،‬بأن الل سيحفظ عليهم إيمانهم‪ ،‬فَّل يضيعه"(‪ )2‬فاجلمع‬ ‫بينهما إلفادته أنه يرحم الرْحة ابلالغة ملستحقيها‪ ،‬ويرحم مطلق‬

‫الرْحة من دون ذلك(‪.)3‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬األسىن (‪.)174‬‬

‫(‪ )2‬تفسي السعدي (‪.)71‬‬

‫‪144‬‬

‫(‪ )3‬روح املعاين (‪.)11/2‬‬

‫‪‬‬

‫ً‬ ‫صَّلحا‬ ‫هللالل ا رؤوف‪ :‬من هللالل رأةته تعاىل أن فيها‬

‫للعباد ف دينهم‪ ،‬ودنياـهم‪ ،‬وآخرتهم‪ ،‬فمنها‪:‬‬

‫(‪ )1‬أن حذرـهم‪ ،‬ورغبهم‪ ،‬ورـهبهم‪ ،‬ووعدـهم‪ ،‬وأوعدـهم‪ ،‬رأفة‬ ‫ً‬ ‫بهم‪ ،‬ومرااعة لصَّلحهم‪ ،‬قال سبحانه‪{ :‬ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ‬

‫ﭫ ﭬ ﭭ} [آل عمران]‪.‬‬

‫(‪ )2‬إنزال الكتاب ْع رسول يلخرجنا من الظلمات إىل انلور‪،‬‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ‬ ‫ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ} [احلديد]‪.‬‬

‫(‪ )3‬ومنها‪ :‬أن سخر نلا وسائل انلقل‪ ،‬اكجلمال واخليول‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫قديما‪ ،‬والسيارات‪ ،‬والطائرات حديثا‪ ،‬قال سبحانه‪:‬‬ ‫واحلمي‬

‫{ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ‬

‫ﭝ ﭞ ﭟﭠ} [انلحل]‪.‬‬

‫(‪ )4‬أن ما اشرتاه من العباد من أنفسهم وأمواهلم‪ ،‬إنما ـهو‬

‫خالص ملكه‪ ،‬ثم إنه سبحانه يشرتي منهم ملكه اخلالص‪ ،‬بما َّل‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ي َعد وَّل حيىص‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ‬ ‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ} [ابلقرة] (‪.)1‬‬

‫(‪ )5‬ومن هللالل رأفته أنه جييب داعء أويلائه‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬

‫{ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬تفسي أيب مظفر السمعاين (‪ ،)31/1‬وابليضاوي (‪ ،)255/1‬أسماء الل احلسىن‪ ،‬د‪.‬عمر األشقر (‪ ،)259‬تفسي‬ ‫الّبوسوي (‪.)160/1‬‬

‫‪145‬‬

‫‪‬‬ ‫ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ‬

‫ﭨ} [احلرش]‪ ،‬أي‪ :‬فحقيق بأن جييب داعءنا(‪.)1‬‬ ‫(‪ )6‬ومنها أنه نصب احلدود الزاجرة عن احلدود‪ ،‬احلاملة ْع‬

‫اتلقوى‪ ،‬فإن الرأفة تقيم املرؤوف به‪ ،‬ألنها ألطف الرْحة‪ ،‬وأبلغها‪،‬‬

‫{ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑﰒ} [انلور](‪.)2‬‬

‫(‪ )7‬ومن هللالهلن إمهال للاكفرين‪ ،‬والعاصي‪" ،‬من أن يأخذـهم‬ ‫بالعذاب ْع َّ‬ ‫غرة وـهم َّل يشعرون‪ ،‬بل يمهلهم‪ ،‬ويعافيهم‪ ،‬ويرزقهم" ‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫قال سبحانه‪{ :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ} [انلحل]‪.‬‬

‫(‪ )8‬ومن هللالل رأفته سبحانه‪ ،‬أنه يمسك {ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬

‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ} [احلج]‪.‬‬

‫اثلمرات‪ :‬جيب ْع لك ملكف أن يعلم أنه َّل رؤوف ْع‬

‫اإلطَّلق إَّل الل تعاىل‪ ،‬وأن رأفته ليست كرأفتنا‪ ،‬ومن رأفته لعباده‬

‫ورْحته بهم أن دفعهم عن مراتع اهللكة‪ ،‬ومنعهم من موارد‬

‫الشهوات‪ ،‬فمىت أصابهم نصيب من كتاب سبق‪ ،‬أقال عرثاتهم‪،‬‬

‫وأيقظهم من سبات غمراتهم‪ ،‬وربما رأف بهم ورْحهم‪ ،‬بما يكون‬ ‫ف الظاـهر بَّلء وشدة‪ ،‬وـهو ف احلقيقة رأفة بهم‪ ،‬ورْحة‪ ،‬ثم عليك أن‬

‫ترأف بنفسك كما رأف الل سبحانه بها‪ ،‬فَّل حتملها فوق وسعها(‪،)4‬‬ ‫ً‬ ‫وينبيغ للعبد أن يكون رؤوفا مع أـهله‪ ،‬وإخوانه‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ابليضاوي (‪.)391/1‬‬ ‫(‪ )3‬تفسي السعدي (‪.)441‬‬

‫(‪ )2‬نظم ادلرر (‪.)246/5‬‬ ‫(‪ )4‬األسىن للقرطيب (‪.)175/1‬‬

‫‪146‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ 46‬ـ ـ اهلل (التوَّاب) سبحانه وتعاىلٰ‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ} [ابلقرة]‪.‬‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬اتلَّ َّواب‪ :‬من صيغ املبالغة‪ ،‬واتلوبة الرجوع‬

‫عن اليشء إىل غيه‪ ،‬وترك اذلنوب ْع أمجل الوجوه‪ ،‬وـهو أبلغ وجوه‬

‫اَّلعتذار‪.‬‬

‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو َّ‬ ‫اتلواب للك َّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫أواب‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫أحب توفيقه‬ ‫‪ )1‬الوـهاب لعباده اإلنابة إىل الطاعة‪ ،‬املوفق من‬

‫منهم‪ ،‬ملا يرضيه عنه جل جَّلل(‪.)1‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ )2‬فهو سبحانه الرجاع ْع عباده بالعفو والصفح بعد اذلنب‬ ‫إذا تابوا‪ ،‬وباإلحسان واإلنعام بعد املنع إذا رجعوا(‪.)2‬‬

‫‪ )3‬وـهو اذلي يعفو عن العبيد‪ ،‬بعد الوعيد‪ ،‬وخيفف عنهم بعد‬ ‫ِ‬ ‫التشديد‪ ،‬ويوفقهم بعد اخلذَّلن‪ ،‬ويعطيهم بعد احلرمان(‪.)3‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ )4‬وـهو اذلي يهب أسباب اتلوبة‪ ،‬ويشفق ْع عباده من السيئات‬

‫واخلطوب‪ ،‬ويعينهم ْع مغابلة الشهوات‪ ،‬والشبهات‪ ،‬والكروب‪ ،‬ويصل‬

‫عليهم ومَّلئكته ف العَّل‪ ،‬يلخرجهم من ظلمات السىج إىل نور اهلدى(‪)4‬‬

‫‪ )5‬فهو تعاىل عظيم اتلوبة بالغ اغيتها‪ ،‬ومنتهاـها‪ ،‬مهما اكنت‬ ‫املعصية مداـها‪ ،‬كما وصف نفسه بصيغة املبالغة ( َّ‬ ‫اتلواب) وذلك‪:‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬الطّبي (‪.)41/11‬‬

‫(‪ )2‬تفسي السعدي (‪.)77‬‬

‫(‪ )3‬املوسوعة للرشبايص (‪.)386/1‬‬

‫(‪ )4‬كما قال تعاىل‪{ :‬ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ} األحزاب‪.43 :‬‬

‫‪147‬‬

‫‪‬‬ ‫أ) "لكرثة من يتوب عليه من اتلائبي‪ .‬ب) وتكرير الفعل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫واحد‪ْ ،‬ع طول الزمان"(‪.)1‬‬ ‫منهم دفعة بعد دفعة‪ ،‬وواحدا بعد‬ ‫ٍ‬ ‫‪ )6‬وتوبة العبد إىل الل تبارك وتعاىل‪ :‬حمفوفة بتوبة من الل‬

‫عليه قبلها‪ ،‬وتوبة منه بعدـها‪ ،‬فتوبته بي توبتي من ربه تعاىل‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫وإهلاما‪ ،‬فتاب‬ ‫سابقة‪ ،‬وَّلحقة‪ ،‬فإنه تاب عليه أوَّل إذنا‪ ،‬وتوفيقا‪،‬‬

‫العبد‪ ،‬فأقبل بقلبه ْع اتلوبة‪ ،‬واإلنابة‪ ،‬والرجوع‪ ،‬فتاب الل عليه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ثانيا‪ ،‬قبوَّل‪ ،‬وإنابة‪ ،‬ورضا‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬

‫ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ} [اتلوبة]‪ ،‬فله الفضل ف اتلوبة والكرم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وأخيا‪َّ ،‬ل هلإ إَّل ـهو ‪.‬‬ ‫أوَّل‬ ‫(‪)2‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬

‫ﭴ} [احلجرات]‪ ،‬أي‪ :‬أن توبة الل ْع من يشاء من عباده‪ ،‬بتوفيقهم‬ ‫إيلها‪ ،‬ثم قبوهلا منهم‪ ،‬ـهو من آثار رْحة الل ‪ ،‬وبِ ِره‪ ،‬وإحسانه(‪ ،)3‬فلوَّل‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫سعة رْحته ما ق ِبلها منهم‪ ،‬وَّل وفق من شاء إيلها‪ ،‬ولعاقبهم ْع‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫فتضمن ـهذا اَّلقرتان ْع عدة صفات من الكمال‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫تفريطهم‪،‬‬ ‫أ ) أن الل تعاىل رحيم بعباده‪ ،‬فَّل يعاقبهم بعد اتلوبة‪.‬‬ ‫ب) أنه تعاىل َّل خيذل‪ ،‬وَّل يرد من جاء منهم تائبًا‪ ،‬ولو بلغت‬

‫ذنوبه عنان السماء‪ ،‬وملء األرض‪.‬‬

‫هلل) أنه تعاىل يرحم عبده ويقبل توبته ف عي غضبه‪ ،‬ألن‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬املفردات (‪ ،)169‬لسان العرب (‪ ،)233/1‬اشتقاق أسماء الل (‪ ،)63‬شأن ادلاعء (‪.)90‬‬ ‫(‪ )3‬ولل األسماء احلسىن (‪.)587‬‬ ‫(‪ )2‬مدارج السالكي (‪ ،)340/1‬مفتاد دار السعادة (‪.)273/2‬‬

‫‪148‬‬

‫‪‬‬ ‫رْحته تعاىل تسبق غضبه‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫ه‬ ‫قتض رْحته‬ ‫د) أن قبول تلوبة عباده تفضل منه عليهم‪ ،‬وـهو م ٍ‬

‫تعاىل بهم(‪ ،)1‬فإن اتلوبة من مقتضيات الرْحة‪ ،‬وآثارـها‪ ،‬فالرْحة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األعم‪ ،‬والل أعلم‪.‬‬ ‫األخص ْع‬ ‫أوسع‪ ،‬واتلوبة أخص‪ ،‬فناسب تقديم‬ ‫ه) "أن ف اقرتانهما زوال املكروه‪ ،‬وحصول املطلوب"(‪ ،)2‬وذلك‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ئات‬ ‫أن من موجبات اتلوبة وآثارـها‪ ،‬زوال املكروه من‬ ‫تبعات السي ِ‬ ‫ِ‬ ‫واآلثام‪ ،‬وكذلك الرْحة‪ ،‬من آثارـها وموجباتها‪ ،‬حصول املطلوب‬

‫واملرغوب‪ ،‬من اإلنعام واإلحسان‪.‬‬

‫(‪ )2‬قال تعاىل‪{ :‬ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ‬ ‫َّ‬ ‫ه َ‬ ‫َّ‬ ‫كمال أخر‪:‬‬ ‫صفات‬ ‫ة‬ ‫عد‬ ‫ْع‬ ‫اَّلقرتان‬ ‫ـهذا‬ ‫دل‬ ‫ﰊ ﰋ} [انلور]‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫أ) أن الل عز وجل َّل يعاجل أـهل املعايص بالعقوبة‪ ،‬بل يهمهلهم‬ ‫الفرصة للتوبة والرجوع‪ ،‬وـهذا من كمال حكمته‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ابتداء‪ ،‬لكون ذلك عونا هلم‬ ‫ب) أنه تعاىل َّل يفضح أـهل اذلنوب‬

‫ْع توبتهم‪ ،‬وـهذا من مقتىض حكمته‪.‬‬

‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫هلل) أنه تعاىل رشع من احلدود والكفارات‪ ،‬ما يكفر به عن‬ ‫ه‬ ‫وعذاب ادلنيا أـهون من عذاب اآلخرة‪.‬‬ ‫عباده اذلنوب والسيئات‪،‬‬ ‫د) أنه جعل ف اتلوبة حكمة ويه‪ :‬استصَّلح انلاس(‪ ،)3‬ف أمور‬

‫دينهم‪ ،‬ودنياـهم‪ ،‬ومعادـهم‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر ابن جرير (‪ ،)41/11‬وانلهج األسَّم ملحمد احلمود (‪.)435‬‬ ‫(‪ )2‬تفسي سورة ابلقرة َّلبن عثيمي (‪ )3( .)190/1‬انلهج األسَّم ملحمد احلمود (‪ ،)437‬اتلحرير واتلنوير (‪)169/18‬‬

‫‪149‬‬

‫‪‬‬ ‫ه) أنه يوفق من يشاء من عباده إىل اتلوبة حلكمة‪ ،‬ألنه ليس‬

‫ّ‬ ‫لك العباد يوفقون إيلها‪ ،‬فحكمته اقتضت أن يوفق إيلها من ـهو‬ ‫أـهلها‪ ،‬ثم يقبل منها‪ ،‬وـهذا من كمال احلكمة اليت اقرتنت باتلوبة‪.‬‬

‫هللالل اتلواب‪ :‬من هللالهل أنه سبحانه يفرح بتوبة عبده إيله‪،‬‬

‫َّ‬ ‫أشد ما يكون من الفرح‪ ،‬مع غناه تعاىل عنه من لك وجه‪ ،‬قال ‘‪:‬‬ ‫َ َ ُّ‬ ‫ا‬ ‫ةرحن بتوب‪ ،‬عبد حني يتوب إيله من أحدكم‪ ،‬اكن ٰ‬ ‫ىلع‬ ‫> ُ أشد‬

‫راحلته بأرض ةالة‪ ،‬ةنًفلتت منه وعليهن طعنمه ورشابه‪ ،‬ةأيس‬ ‫ر‬ ‫منهن‪ٰ ،‬‬ ‫ةأىت شجرة ةنضطجع يف ظلهن قد أيس من راحلته‪ ،‬ةبينمن هو‬ ‫َّ‬ ‫كذ ا إ‪،‬ا هو بهن قنئم‪ ،‬عند ‪ ،‬ةأ ذ خبطنمهن ثم قنل من شدة‬ ‫َّ‬ ‫الفرح‪ :‬امهلل أًت عبدي وأًن ربا‪ ،‬أ طأ من شدة الفرح<(‪.)1‬‬ ‫فانظر يا عبد الل إىل عظم َّ‬ ‫حمبته تعاىل ورأفته بنا‪ ،‬ف توبة إيله‬ ‫َّ َّ‬ ‫َّ‬ ‫أحدنا‪ ،‬وـهو الغن عنا‪ ،‬فحري بنا أن َّ‬ ‫احلب لكه‪ ،‬وأن‬ ‫حنب الرب‬ ‫يهعظم بما ـهو أـهله‪ ،‬وأن يثىن عليه بما ـهو يستحقه‪.‬‬ ‫ومن هللالهل أنه تعاىل ـهيأ األسباب‪ ،‬ويَّس للعباد أسباب اتلوبة‪،‬‬ ‫ً ه‬ ‫ملن تاب وأناب إيله مرة أخرى‪ ،‬بما يظهر هلم من آياته‪ ،‬ويسوق إيلهم‬

‫من تنبيهاته‪ ،‬ويطلعهم عليه من ختويفاته‪ ،‬وحتذيراته‪ ،‬حىت إذا‬ ‫اطلعوا بتعريفه ْع غوائل اذلنوب‪ ،‬استشعروا اخلوف بتخويفه‪،‬‬

‫فرجعوا إىل اتلوبة‪ ،‬فرجع إيلهم فضل الل بالقبول(‪ ،)2‬وـهو اذلي َّل‬ ‫تنفعه توبتنا‪ ،‬وَّل ترضه معصيتنا‪ ،‬بل بمحض فضله علينا‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬مسلم (‪.)2747( ،)2744‬‬

‫(‪ )2‬املقصد األسىن (‪.)123‬‬

‫‪150‬‬

‫‪‬‬

‫َّ‬ ‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذا اَّلسم الكريم يورث املؤمن حمبة الل تعاىل‪،‬‬

‫واحلياء منه‪ ،‬واإلجَّلل ل‪ ،‬واملسارعة إىل اتلوبة انلصوح ف حال‪،‬‬ ‫"وأنه لكَّما أحدث ً‬ ‫ذنبا‪ ،‬أحدث ل توبة‪ ،‬وذلك أن مزنلة اتلوبة أول‬ ‫املنازل‪ ،‬وأوسطها‪ ،‬وآخرـها‪ ،‬فَّل يفارقه العبد السالك‪ ،‬وَّل يزال به‬

‫حىت املمات‪ ،‬فاتلوبة يه بداية العبد‪ ،‬ونهايته‪ ،‬قال عز شأنه‪{ :‬ﯻ‬

‫ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ} [انلور]" (‪.)1‬‬ ‫‪ 47‬ـ ـ اهلل (احلليم) عز شأنه‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ} [ابلقرة]‪.‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬احلليم‪ :‬من أبنية املبالغة‪ْ ،‬ع وزن فعيل‪،‬‬

‫جاء بصيغة املبالغة‪ ،‬لكرثة حلمه تعاىل ْع عباده‪.‬‬

‫واحللم‪ :‬ضبط انلفس والطبع عن ـهيجان الغضب‪ ،‬ويدل ْع‬

‫األناة واتلمهل‪ ،‬ومعاجلة األمور بصّب‪ ،‬وعلم وحكمة(‪ ،)2‬وربنا كذلك‪.‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل عز وجل ـهو احلليم اذلي َّل أحلم منه‪:‬‬

‫(‪ )1‬اذلي ل احللم الاكمل‪ ،‬اذلي وسع حلمه أـهل الكفر‬ ‫ً‬ ‫والفسوق والعصيان‪ ،‬ومنع عقوبته أن حتل اعجَّل بأـهل الظلم‬ ‫والطغيان‪ ،‬فهو يمهلهم‪ ،‬وَّل يهملهم‪.‬‬

‫(‪ )2‬وـهو سبحانه احلليم ذو الصفح واألناة‪ ،‬اذلي َّل يستفزه‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬مدارج السالكي (‪ )2( .)178/1‬املفردات (ص ‪ ،)129‬لسان العرب (‪ ،)146/12‬تفسي أسماء الل (ص‪.)45‬‬

‫‪151‬‬

‫‪‬‬ ‫اعص(‪ ،)1‬مع كمال‬ ‫غضب‪ ،‬وَّل يستخفه جهل جاـهل‪ ،‬وَّل عصيان ٍ‬

‫القدرة‪ ،‬واَّلنتقام‪.‬‬

‫(‪ )3‬ومن كمال حلمه تعاىل‪ :‬أنه يدر نعمه الظاـهرة‪ ،‬وابلاطنة‬

‫ْع العاصي‪ ،‬كما يدر نعمه ْع الطائعي‪.‬‬

‫(‪ )4‬ومن سعة حلمه أنه العبد يَّسف ْع نفسه‪ ،‬والل قد أرىخ‬

‫عليه حلمه‪ ،‬فإذا تاب العبد وأناب‪ ،‬فكأنه ما جرى منه جرم‪.‬‬

‫(‪ )5‬فهو تعاىل يمهل عباده الطائعي‪ ،‬لَّيدادوا من الطاعة‬ ‫واثلواب‪ ،‬ويمهل العاصي لعلهم يرجعوا إىل ِ‬ ‫احلق والصواب‪.‬‬

‫َّ‬ ‫استقرت‬ ‫(‪ )6‬أنه لوَّل حلمه عن اجلناة‪ ،‬ومغفرته للعصاة‪ ،‬ملا‬ ‫َّ‬ ‫وتأمل قول تعاىل‪{ :‬ﮑ ﮒ ﮓ‬ ‫السموات واألرض ف أماكنهما‪،‬‬

‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ‬

‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ} [فاطر](‪.)2‬‬ ‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قول تعاىل‪{ :‬ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ‬

‫ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ} [اتلغابن]‪ ،‬والل‬ ‫تبارك وتعاىل ما أكرمه وما أعظمه‪ ،‬وـهو ينشئ العبد‪ ،‬ثم يرزقه‪ ،‬ثم‬ ‫ً‬ ‫يسأل فضل ما أعطاه‪ ،‬قرضا يضاعفه‪ ،‬ثم يشكر لعبده اذلي أنشأه‬ ‫وأعطاه‪ ،‬ويعامله باحللم‪ ،‬ف تقصيه ـهو عن شكر موَّله‪ ...‬يا لل<(‪.)3‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬احلق الواضح (ص ‪ )55‬بترصف يسي‪ ،‬شأن ادلاعء (ص ‪.)63‬‬ ‫(‪ )2‬مفتاح دار السعادة (‪ ،)271/2‬وفتح الرحيم (‪.)43‬‬

‫‪152‬‬

‫(‪ )3‬ف ظَّلل القرآن (‪.)308/1‬‬

‫‪‬‬ ‫(‪ )2‬وقال تعاىل‪{ :‬ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ} [ابلقرة]‪ .‬أي‪ :‬إن الل‬ ‫ٌ‬ ‫تعاىل ٌّ‬ ‫يشء من صدقاتكم‪ ،‬وإنما احلظ األوفر‬ ‫غين عنكم‪ ،‬لن ينال‬

‫لكم ف الصدقة‪ ،‬فنفعها اعئد عليكم‪َّ ،‬ل إيله سبحانه وتعاىل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫اتلام عنها‪ ،‬وعن لك ما‬ ‫فكيف يمن بنفقته‪ ،‬ويؤذي مع غىن الل‬

‫سواه‪ ،‬ومع ـهذا فهو تعاىل حليم‪ ،‬يعطي عباده الرزق فَّل يشكروه‪،‬‬

‫فَّل يعاجلهم بالعقاب‪ ،‬وَّل يبادرـهم باإليذاء‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ومن ذلك أنه لم يعاجل املان بصدقته بالعقوبة‪ ،‬ويف ـهذا تعليم‬ ‫ِ‬ ‫للعبا ِد من رب العباد‪ ،‬أن يتعلموا من حلمه‪ ،‬فَّل يعجلوا باألذى‬ ‫ً‬ ‫جزاء مما أعطاـهم الل هلم‪ ،‬حي َّل يروقهم‬ ‫والغضب‪ْ ،‬ع من يعطونهم‬ ‫منه أمر‪ ،‬وَّل يناهلم منهم شكر(‪ ،)1‬وأنه مع كمال غناه من لك وجه‪،‬‬ ‫وعطائه الواسع للك فاجر َ‬ ‫َّ‬ ‫والعزة‪ ،‬ـهو موصوف باحللم‪َّ ،‬‬ ‫واتلجاوز‪،‬‬ ‫وب ٍّر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والعز‪.‬‬ ‫ضعف‪ ،‬أو عجز‪ ،‬وـهذا ـهو كمال الغىن‪،‬‬ ‫والصفح‪َّ ،‬ل عن‬ ‫ٍ‬

‫إال ا‬

‫(‪ )3‬وجاء اقرتان (احلليم) بـ(العظيم) ف داعء الكرب‪> :‬ال هلإ‬ ‫العظيم احلليم<(‪ .)2‬دل ـهذا اَّلقرتان ْع صفة زائدة ثاثلة ف‬

‫الكمال‪ ،‬وذلك أن حلمه تبارك وتعاىل عن كمال العظمة‪ ،‬واجلَّلل‪،‬‬

‫"فلم تمنعه عظمته وقدرته ْع خلقه أن حيلم عنهم‪ ،‬ولم يكن‬

‫حلمه سبحانه عن ضعف‪ ،‬وعجز‪ ،‬وـهوان‪ ،‬فعظمته يزينها احللم‪ ،‬فيه‪:‬‬ ‫عظمة مع حلم‪ ،‬وحلم عن عظمة‪ ،‬ألن الغالب ف عظماء البرش‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬طريق اهلجرتي (‪ 365‬ـ ‪ ،)370‬وظَّلل القرآن (‪ )308/1‬بترصف‪.‬‬ ‫(‪ )2‬ابلخاري (‪ ،)6345‬ومسلم (‪.)2730‬‬

‫‪153‬‬

‫‪‬‬ ‫وملوكهم ضعف احللم عندـهم‪ ،‬ألنهم يغرتون بعظمتهم‪ ،‬ويبطشون‬

‫بمن خالفهم‪ ،‬وَّل حيلمون عنه"(‪.)1‬‬

‫(‪ )4‬قال تعاىل‪{ :‬ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ} [فاطر]‪ ،‬أي أنه تعاىل‬

‫يرى عباده وـهم يكفرون به‪ ،‬ويعصونه‪ ،‬وـهو حيلم‪ ،‬فيؤخر‪،‬‬ ‫وينظر‪ ،‬ويؤجل‪ ،‬وَّل يعجل‪ ،‬ويسرت آخرين‪ ،‬ويغفر ذنوب آخرين(‪.)2‬‬

‫هللالل احلليم‪ :‬أنه تعاىل َّل أحد أصّب وأحلم منه‪ ،‬وذلك أنه‬

‫يؤخر العقوبة ف ادلنيا عن الكفرة‪ ،‬والفجرة‪ ،‬ومع ذلك أنهم‬ ‫َّ‬ ‫ىلع ٰ‬ ‫معافون‪ ،‬ف نعم الل يتقلبون‪ ،‬قال ‘‪> :‬من أحد أصرب ٰ‬ ‫أ‪،‬ى‬ ‫تعنىل‪ ،‬إًهم جيعلون هل ً ًِّدا‪ ،‬وجيعلون هل ا‬ ‫ٰ‬ ‫ودلا‪ ،‬وهو مع‬ ‫يسمعه من ا‬ ‫‪ ،‬ا يرزقهم ويعنةيهم ويعطيهم<(‪.)3‬‬ ‫ومن هللالهل‪ :‬أن َّ‬ ‫عرف عبده سعة حلمه‪ ،‬وكرمه‪ ،‬وإمهال‪ ،‬ف سرته‬

‫عليه‪ ،‬وأنه لو شاء لعاجله ْع ذنبه‪ ،‬وهلتكه بي عباده‪ ،‬فلم يطب ل‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ‬ ‫ً‬ ‫وقيض ل من حيفظه‪ ،‬وـهو ف‬ ‫معهم عيش أبدا‪ ،‬ولكن جلله بسرته‪،‬‬ ‫ً‬ ‫حاتله تلك‪ ،‬بل اكن شاـهدا‪ ،‬وـهو يبادره باملعايص واآلثام‪ ،‬ومع ذلك‬

‫حيرسه بعينه اليت َّل تنام(‪ ،)4‬فأي حلم أجل وأسَّم من ـهذا احللم؟‪.‬‬ ‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ للمؤمن أن َّ‬ ‫يتعبد َّ‬ ‫ربه األْع بمقتىض ـهذا‬ ‫اَّلسم الكريم‪ ،‬فإنه تعاىل حيب من َّ‬ ‫تعبد بأسمائه احلسىن‪ ،‬قال ‘‪:‬‬ ‫>إن ا حيب اليين احلليم‪ ،‬املتعفف‪ ، <..‬فمن عبوديَّته هلذا اَّلسم‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ولل األسماء احلسىن (‪ )566‬بترصف يسي‪.‬‬ ‫(‪ )4‬مفتاح دار السعادة (‪.)271/2‬‬

‫(‪)5‬‬

‫(‪ )2‬نظم ادلرر (‪.)22/8‬‬

‫(‪ )3‬مسلم (‪.)2804‬‬

‫(‪ )5‬صحيح الرتغيب والرتـهيب (‪.)819‬‬

‫‪154‬‬

‫‪‬‬ ‫أن حيلم ـهو ْع من خالف أمره‪ ،‬فإنه تعاىل مع كمال قدرته َّ‬ ‫وقوته‬

‫حليم‪ ،‬فمن باب أول بالعبد العاجز الضعيف‪" ،‬فكما حتب أن حيلم‬ ‫عنك مالكك‪ ،‬فاحلم أنت عمن تملك"(‪.)1‬‬

‫‪ 48‬ـ اهلل (الشَّهيد) عز وجل‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ} [احلج‪.]17 :‬‬ ‫املعىن ا ليوي‪ :‬ا شهيد‪ :‬صيغة مبالغة من اسم الفاعل‬

‫الشاـهد‪ ،‬والشهود ـهو‪ :‬احلضور مع الرؤية واملشاـهدة‪ ،‬فهو يرجع معناه‬ ‫إىل (العليم) مع خصوص إضافة‪ ،‬فالغيب عبارة عما بطن‪ ،‬والشهادة‬ ‫عما ظهر‪ ،‬ويأيت بمعىن احلكم‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮢ ﮣ ﮤ‬

‫ﮥ} [يوسف‪.)2(]26 :‬‬

‫املع ٰ‬ ‫دان وبعيد‪:‬‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ـهو ا شهيد ْع لك ٍ‬

‫‪ )1‬املطلع ْع مجيع األشياء‪ ،‬اذلي َّل يغيب عنه يشء منها‪ ،‬وَّل‬ ‫خيىف عليه مثقال َّ‬ ‫ذر ٍة ف األرض‪ ،‬وَّل ف السماوات العَّل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ )2‬فهو تعاىل َّ‬ ‫املطلع احلارض ْع لك حركة وسكنة‪ ،‬مشاـهد ل‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ذرة من َّ‬ ‫َّ‬ ‫ذراته‪،‬‬ ‫حبيث َّل يعزب عنه وجه من وجوه تفاصيله‪ ،‬وَّل ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ظاـهرا وَّل باطنا(‪.)3‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬األسىن (‪.)97/1‬‬ ‫(‪ )2‬اشتقاق أسماء الل (‪ ،)132‬واملقصد األسىن (‪ ،)112‬وتفسي سورة العنكبوت (‪َّ )640/6‬لبن عثيمي‪.‬‬ ‫(‪ )3‬مدارج السالكي (‪.)466/3‬‬

‫‪155‬‬

‫‪‬‬

‫‪ )3‬وـهو اذلي شهد لعباده‪ ،‬وْع عباده بما عملوه‪ ،‬فهو َّ‬ ‫املطلع‬

‫ْع ما ف الضمائر‪ ،‬وأكنة الَّسائر‪ ،‬وحلظته العيون‪ ،‬وما اختىف ف‬

‫خبايا الصدور‪ ،‬فكيف األقوال‪ ،‬واألفعال الظاـهرة(‪.)1‬‬

‫‪ )4‬فشهادته تعاىل أصل الشهادات‪ ،‬ومبعثها‪ ،‬وأعظمها‪" ،‬ألنه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جل جَّلل ملا اكنت األشياء َّل ختىف عليه‪ ،‬اكن شهيدا هلا‪ ،‬وشاـهدا‬ ‫ً‬ ‫اعلما حبقائقها‪ ،‬علم املشاـهدة هلا‪ ،‬ألنه َّل ختىف عليه‬ ‫هلا‪ ،‬أي‪:‬‬

‫خافية"(‪.)2‬‬

‫هللالل ا شهيد‪ :‬أن شهادته أجل شهادة‪ ،‬وأعظمها‪ ،‬وأعدهلا‪،‬‬

‫وأصدقها‪ ،‬فيه شاملة من لك الوجوه‪ ،‬وـهو تعاىل فوق عرشه "تشمل‪:‬‬

‫العلم‪ ،‬والرؤية‪ ،‬واتلدبي‪ ،‬والقدرة"(‪ ،)3‬فمن هللالهلن‪:‬‬

‫(‪ )1‬أنه تعاىل شهد نلفسه بالوحدانية والقيام بالقسط(‪ْ ،)4‬ع‬

‫لك اخلليقة‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ‬

‫ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ} [آل عمران‪ ،]18 :‬وـهذه أجل شهادة وأعظمها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫من أجل شاـهد‪ ،‬بأجل مشهود‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫(‪ )2‬شهادته جل وعَّل بصدق املؤمني إذا وحدوه‪ ،‬وشهادته‬ ‫لرسله‪ ،‬ومَّلئكته‪ ،‬وكتبه‪ ،‬حبقيقة ما ـهم عليه‪.‬‬

‫(‪ )3‬شهادته تعاىل للمظلوم اذلي َّل شاـهد ل‪ ،‬وَّل نارص ل‪ْ ،‬ع‬

‫الظالم إَّل ـهو سبحانه‪ ،‬وـهذه الشهادة تقتيض العون وانلرصة‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تفسي السعدي (‪ ،)303/5‬وفتح الرحيم (‪.)21‬‬

‫(‪ )2‬اشتقاق أسماء الل (‪.)132‬‬

‫(‪ )3‬أسماء الل احلسىن للرضواين (‪ ،)524‬تفسي سورة األنعام َّلبن عثيمي (‪.)608/4‬‬ ‫(‪ )4‬تفسي السمعاين (‪.)301/1‬‬

‫‪156‬‬

‫‪‬‬ ‫(‪ )4‬أن العباد يشهدون ل بالوحدانية‪ ،‬ويقرون ل بالعبودية‪ ،‬قال‬

‫تعاىل‪{ :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ} [األعراف‪.)1(]172 :‬‬ ‫َّ‬ ‫(‪ )5‬ومن جَّلل أن اذلي شهد به سبحانه قد بينه‪ ،‬وأوضحه‬

‫وأظهره‪ ،‬حىت جعله ف أْع مراتب الظهور وابليان(‪.)2‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫(‪ )6‬وتتجىل شهادته العلية يوم القيامة‪ْ ،‬ع لك الّبية‪ ،‬بما‬ ‫عملوه من األعمال الظاـهرة‪ ،‬واخلفية‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭥ ﭦ ﭧ‬

‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ} [احلج]‪.‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬

‫ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ} [اإلرساء]‪" ،‬أي‪ :‬أن‬ ‫ً‬ ‫مجيعا" ‪،‬‬ ‫شهادته تعاىل نتجت من خّبته‪ ،‬ومراقبته‪ ،‬ورؤيته للعباد‬ ‫(‪)3‬‬

‫وـهذه يه أعظم شهادة‪ ،‬ألنها عن‪ :‬علم‪ ،‬وخّبة‪ ،‬ورؤية‪ ،‬فبها حيكم‬

‫باحلق والعدل يوم املعاد‪ ،‬فَّل جيور وَّل يظلم مثقال ذرة من العباد‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذا اَّلسم اجلليل يوجب للعبد أعظم أعمال‬

‫القلوب‪ ،‬فمىت علم العبد أن حراكته الظاـهرة وابلاطنة‪ ،‬قد أحاط الل‬

‫بعلمها‪ ،‬واستحرض ـهذا العلم‪ ،‬وـهذا الشهود ف لك أحوال‪ ،‬أوجب ل‬

‫ذلك حراسة باطنة عن لك فكر وـهاجس يبغضه الل تعاىل‪ ،‬وحفظ‬ ‫ظاـهره عن لك قول‪ ،‬أو فعل يسخط الل تعاىل‪ ،‬فعند ذلك تعبد بمقام‬

‫اإلحسان‪ ،‬اذلي ـهو أعظم مقام‪ ،‬فيعبد الل تعاىل كأنه يراه(‪.)4‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬مدارج السالكي (‪ ،)450/3‬أحاكم القرآن َّلبن العرِّب (‪ ،)800/2‬أسماء الل احلسىن للرازي (‪.)292‬‬ ‫(‪ )3‬انظر موسوعة األسماء احلسىن‪ .‬ا‪.‬د عقيل حسي (‪.)90/4‬‬ ‫(‪ )2‬مدارج السالكي (‪.)450/3‬‬ ‫(‪ )4‬احلق الواضح (‪ )58‬بترصف يسي‪.‬‬

‫‪157‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ 49‬ـ ـ ‪ 50‬ـ ـ اهلل (الرزّاق‪ ،‬الرَّازق) جل وعال‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ} [املائدة]‪.‬‬ ‫وقال تعاىل‪{ :‬ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ} [اذلاريات]‪.‬‬ ‫ر‬ ‫قال ‘‪> :‬إن ا هو املسعر‪ ،‬القنبض‪ ،‬ابلنسط‪ ،‬ا رازق<(‪.)1‬‬ ‫َّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬ا رزاق من صيغ املبالغة‪ ،‬أي كثي الرزق‪،‬‬

‫والرزق‪ :‬ـهو ما ينتفع به‪ ،‬وـهو العطاء‪.‬‬

‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫أخرويا‪،‬‬ ‫دنيويا اكن‪ ،‬أم‬ ‫وا رزق‪ :‬يقال للعطاء اجلاري تارة‪،‬‬

‫وا رزق ًواعن‪ :‬ظاـهره لألبدان اكألقوات‪ ،‬وباطنه للقلوب وانلفوس‪،‬‬

‫اكملعارف والعلوم(‪.)2‬‬

‫َّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل جل جَّلل ـهو ا رزاق ا رازق‪:‬‬

‫‪ )1‬للخلق أمجعي‪ ،‬املتكفل بالرزق للك العاملي‪ ،‬القائم ْع لك‬ ‫ِ‬ ‫وقت وحي‪.‬‬ ‫نفس بما يقيمها من قوتها‪ ،‬ف لك ٍ‬

‫‪ )2‬اذلي وسع اخللق لكه رزقه ورْحته‪ ،‬فلم خيتص بذلك‬ ‫املؤمني دون الاكفرين‪ ،‬وَّل ًّ‬ ‫ويلا دون عدو‪.‬‬ ‫‪ )3‬ومن كمال رزقه سبحانه أنه يسوقه إىل الضعيف اذلي َّل‬ ‫حيل ل‪ ،‬وَّل همتكسب فيه‪ ،‬كما يسوقه إىل اجلدل القوي‪ ،‬ذي املرة‬

‫الس ّ‬ ‫َّ‬ ‫وي(‪.)3‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬صحيح أيب داود (‪.)3451‬‬

‫(‪ )2‬املفردات (ص ‪ ،)351‬واللسان (‪.)1636/3‬‬

‫‪158‬‬

‫(‪ )3‬شأن ادلاعء (ص ‪.)54‬‬

‫‪‬‬

‫ِ‬ ‫‪ )4‬فهو سبحانه خالق األرزاق‪ ،‬املتفضل بإيصاهلا إىل مجيع‬ ‫العباد‪ ،‬املسبِب هلا من مجيع أنواع األسباب ‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫ّ‬ ‫‪ )5‬وـهو اذلي يمد لك اكئن بما حيفظ مادته‪ ،‬وصورته‪ ،‬فأمد‬

‫األجساد بالطعوم‪ ،‬والعقول بالعلوم‪ ،‬والقلوب بالفهوم(‪.)2‬‬

‫"ورزقه لعبند ًواعن‪ً :‬وع هل سبب‪ :‬كما جعل الل تعاىل احلراثة‬ ‫ً‬ ‫واتلجارة والصناعة وحنوـها طرقا يرتزق بها مجهور انلاس‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬ ‫{ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ} [احلجر‪ ،]20 :‬أي أسبابًا ترزقون بها‪ ،‬وًوع‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫قدريا‬ ‫يرزقه الل تعاىل به عبده بير سبب منه‪ :‬كأن يقيض الل ل رزقا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫سماويا حمضا‪ ،‬أو ْع يد غيه‪ ،‬من غي أن يكون من املرتزق سيع ف‬ ‫ذلك ألجل اَّلحرتاز عن السؤال"(‪ .)3‬ومن كمال رزقه تعاىل "أنه يوصله‬

‫بسبب وبغي سبب‪ ،‬ويكون بطلب وبغي طلب"(‪.)4‬‬ ‫َّ‬ ‫هللالل ا رزاق ا رازق‪ :‬إن هللالل ـهذين اَّلسمي يتجىل ف‬

‫رزقه العام للك اخلَّلئق‪ ،‬ف األرض والسموات‪ ،‬وـهو رزق األبدان‪،‬‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ}‬

‫َّ‬ ‫[العنكبوت]‪ ،‬أي‪َّ :‬ل تطيق مجعه‪ ،‬وَّل حتصيله‪ ،‬وَّل تدخر شيئًا لغد‪،‬‬ ‫(ا يرزقهن)‪ ،‬أي‪ :‬يقيِض هلا رزقها ْع ضعفها‪ ،‬وييَّسه عليها‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫فيبعث إىل لك خملوق من الرزق ما يصلحه‪ ،‬حىت اذلر ف قرار‬ ‫األرض‪ ،‬والطي ف اهلواء‪ ،‬واحليتان ف املاء(‪.)5‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬موسوعة ل اَّلسماء احلسىن (‪.)116/1‬‬ ‫(‪ )2‬انظر‪ :‬رشح أسماء الل احلسىن وفوائدـها وخصائصها أليب العباس أْحد بن حممد الّبنيس (‪.)49‬‬ ‫(‪ )5‬تفسي ابن كثي (‪.)420/3‬‬ ‫(‪ )3‬فتح الرحيم امللك (ص ‪ )4( .)35‬شأن ادلاعء (ص ‪.)55‬‬

‫‪159‬‬

‫‪‬‬

‫ِ‬ ‫ومن هللالهلمن‪ :‬أنه سبحانه خيص أويلاءه برزق خاص‪ ،‬وـهو‬

‫الرزق انلافع املستمر نفعه ف ادلنيا واآلخرة‪ ،‬وـهو َّل تبعة فيه‪ ،‬وـهو‬ ‫ٌ‬ ‫موصل للعبد إىل أْع الغايات‪ ،‬وـهو نواعن‪:‬‬ ‫األول‪ :‬رزق القلوب وتغذيتها بالعلم انلافع‪ ،‬واإليمان‪.‬‬ ‫اثلنين‪ :‬رزق األبدان بالرزق احلَّلل‪ ،‬اذلي يغن عبده حبَّلل عن‬ ‫ٌ‬ ‫حرامه‪ ،‬وـهذا الرزق وسيلة ومعي للعبد‪ْ ،‬ع الطاعة‪ ،‬والصَّلح‪،‬‬

‫وادلين‪ ،‬واإليمان(‪ ،)1‬ويتجىل كمال رزقه هلم‪ ،‬ف جنات انلعيم‪ ،‬قال‬ ‫تعاىل‪{ :‬ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ} [اغفر]‪،‬‬

‫وقال تعاىل‪{ :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ} [ص]‪.‬‬

‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ للك من علم جبَّلل ـهذين اَّلسمي أن َّل‬

‫خياف ضيق العيش‪ ،‬وقلة ايلد‪ ،‬فإن الرزق آتيه َّل حمالة ف ايلوم‪ ،‬أو‬

‫الغد‪ ،‬قال ‘‪> :‬إن ا رزق يلطلب العبد أكرث ممن يطلبه أهللله<(‪،)2‬‬

‫"فارزق مما رزقك الل‪ ،‬يأتيك اخللف من الل {ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ‬

‫ﰀ ﰁ}‬

‫"(‪)3‬‬

‫[سبأ‪ ،]29 :‬وأسأل الل تعاىل أن يرزقك الرزق ادلائم‬

‫انلافع‪ ،‬اذلي يعينك ف أمور دينك‪ ،‬ودنياك‪ ،‬وآخرتك‪> :‬امهلل إين‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫أسأ ا علمن ًنةعن‪ ،‬ورزقن طيبن‪ ،‬وعمال متقبال<(‪ ،)4‬واعلم ـ رْحك‬

‫الل ـ أن اتلقوى‪ ،‬يه أعظم سبب ف حصول الرزق للورى(‪.)5‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )2‬صحيح اجلامع (‪.)1630‬‬ ‫(‪ )4‬صحيح ابن ماجه (‪.)925‬‬

‫(‪ )1‬تفسي السعدي (‪ ،)302/5‬واحلق الواضح (‪.)85‬‬ ‫(‪ )3‬األسىن للقرطيب (‪.)284/1‬‬

‫(‪ )5‬قال تعاىل‪{ :‬ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ} الطَّلق (‪ 2‬ـ ‪.)3‬‬

‫‪160‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ 51‬ـ ـ اهلل (القدُّوس) تبارك وتعاىلٰ‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﯕ ﯖ ﯗ} [احلرش‪.]23 :‬‬ ‫ُ ُّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬القدوس‪ْ :‬ع وزن فعول‪ ،‬من أبنية املبالغة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫وـهو‪ :‬الطهارة‪ ،‬والزناـهة‪ ،‬واتلعظيم‪ ،‬واتلكبي‪ ،‬يقال‪ :‬قدس الرجل‬ ‫َّ‬ ‫وكّبه ‪ ،‬ومنه ِ‬ ‫عظمه‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫سميت اجلنة حظية القدس‪،‬‬ ‫ربه‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫لطهارتها ونزاـهتها من لك آفات ادلنيا‪ ،‬كما جاء ف احلديث القديس‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫>من ترك اخلمر‪ ،‬وهو يقدر عليه ألسقينه من حظرة القدس‪.)2(<..‬‬ ‫ُّ‬ ‫والقدوس‪ :‬املبارك(‪ ،)3‬ومنه األرض املقدسة أي‪ :‬املباركة(‪.)4‬‬ ‫وـهذا اَّلسم الكريم يرجع إىل صفات العظمة‪ ،‬وإىل السَّلمة من‬

‫العيوب وانلقائص(‪ ،)5‬اليت تناف كمال‪.‬‬

‫ُ ُّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو القدوس‪:‬‬ ‫(‪َّ )1‬‬ ‫املزنه عن لك ما يناف كمال ف ذاته‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وأفعال‪.‬‬

‫(‪ )2‬وـهو املبارك اذلي كرثت َّ‬ ‫وعمت خياته‪ْ ،‬ع طول األوقات‬

‫ف األرض والسموات‪ ،‬تبارك اسمه‪ ،‬وأفعال‪ ،‬وذاته‪ ،‬وصفاته العَّل‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫(‪ )3‬املعظم(‪ ،)6‬اذلي ل لك قدس وطهارة وتعظيم املمدوح بالفضائل‪،‬‬ ‫واملحاسن‪ ،‬واملحامد لكها‪ ،‬املوصوف بأكمل الصفات‪ ،‬وأوسعها‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ثبت عن جماـهد أنه قال ف قول تعاىل‪{ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ} قال‪" :‬نعظمك‪ ،‬ونكّبك"‬ ‫(‪ )2‬صحيح الرتغيب والرتـهيب (‪.)2375‬‬ ‫اتلفسي الصحيح (‪.)135/1‬‬ ‫َّ‬ ‫(‪ )4‬اللسان (‪ ،)3549/6‬انلهاية (‪)23/5‬‬ ‫صح عن قتادة أنه قال‪( :‬املبارك)‪ .‬انظر اتلفسي الصحيح (‪.)469/4‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪ )6‬صح عن جماـهد‪ ،‬اتلفسي الصحيح (‪.)135/1‬‬ ‫(‪ )5‬فتح الرحيم امللك (‪.)19‬‬

‫‪161‬‬

‫‪‬‬

‫ٌ‬ ‫(‪ )4‬املزنه عن أن يقاربه‪ ،‬أو يماثله أحد ف يشء من الكماَّلت‪،‬‬ ‫أو أن يكون ل مثيل‪ ،‬أو شبيه‪ ،‬أو كفؤ‪ ،‬أو ِ ّ‬ ‫سيم من املخلوقات‪.‬‬

‫(‪ )5‬املقدس عن لك عيب‪ ،‬السالم من لك نقص‪ ،‬ابلليغ ف‬

‫الزناـهة عن لك ما يستقبح‪ ،‬وذلك لكمال من لك وجه سبحانه‪.‬‬ ‫ه ِ‬ ‫والم َطهر من شاء من خلقه‪ ،‬وفق‬ ‫(‪ )6‬وـهو الطاـهر ف نفسه‪،‬‬

‫حكمته ف استجابتهم ألمره ورشعه‪ ،‬اكملَّلئكة وأنبيائه‪ ،‬ومن شاء‬

‫من عباده‪ ،‬منهم أـهل بيت انليب ‘‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮇ ﮈ ﮉ‬

‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ} [األحزاب] وـهو‬ ‫هَ ِ‬ ‫تعاىل َّل يقدس من شاء من خلقه‪ْ ،‬ع مقتىض حكمته‪ ،‬قال ‘‪:‬‬ ‫ا‬ ‫ُ ر‬ ‫>إن ا ال يقدس أم‪ ،‬ال يأ ذ ا ضعيف حقه من القوي‪.)1(<..‬‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫واملذام‪ ،‬اليت‬ ‫(‪ )7‬وـهو القدوس سبحانه املطهر من األدناس‪،‬‬ ‫ينسبها إيله املبطلون‪ ،‬وامللحدون‪ ،‬والاكفرون‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮋ‬

‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ} [اإلرساء‪.]43 :‬‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ألوـهيته‪ ،‬أو ظهي‪ ،‬أو معي‪،‬‬ ‫املتزنه أن يكون ل رشيك ف‬ ‫(‪)8‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫أو ول من اذلل‪ ،‬ف ربوبيته‪ ،‬أو منازع‪ ،‬أو مغالب ف ملكيته‪.‬‬ ‫(‪ )9‬فهو سبحانه القدوس ف خلقه‪ ،‬وفعله‪ ،‬وقضائه‪ ،‬ويف مجيع‬ ‫أحاكمه اجلزائية‪ ،‬والرشعية‪ ،‬والقدرية‪ ،‬فيه ٌ‬ ‫خي لكها‪ ،‬لزناـهتها عن‬ ‫لك ما يناف احلكمة‪ ،‬واهلدى‪ ،‬والرشد‪ ،‬والعدل‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬صحيح اجلامع (‪.)1857‬‬

‫‪162‬‬

‫‪‬‬ ‫(‪ )10‬وـهو الطاـهر املزنه عن األوَّلد‪ ،‬والصاحبة‪ ،‬واألنداد‪ ،‬واألضداد‪.‬‬ ‫(‪ )11‬وـهو تعاىل املستحق للتقديس‪ ،‬واتلزنيه‪ ،‬واإلجَّلل‪ ،‬من‬

‫مجيع اخلَّلئق‪ ،‬وهلذا قالت املَّلئكة‪{ :‬ﭣ ﭤ ﭥ‬ ‫نزنـهك َّ‬ ‫ﭦ ﭧ} [ابلقرة‪ ،]30 :‬أي ِ‬ ‫عما َّل يليق بك ‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭙ ﭚ}‬

‫[اجلمعة‪]1 :‬‬

‫َّ‬ ‫"ملا اكن تداىع امللك ملوجبات اذل ِم‪ ،‬قال عقب صفات امللك‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫(القدوس) مرصحا بما لزم عن تمام ملكه من أنه بليغ ف الزناـهة"(‪)2‬‬ ‫ِ‬ ‫عن لك انلقائص والعيوب من لك الوجوه‪ ،‬اكلظلم‪ ،‬واجلور‪ ،‬والعجز‪،‬‬ ‫والنسيان‪ ،‬والغفلة‪ ،‬واَّلحتياج إىل اجلند للعون وانلرصة‪ ،‬كما يقع‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫معظم‪َّ ،‬‬ ‫مزنه‪ ،‬ومقدس ف ملكه‪.‬‬ ‫مللوك ادلنيا‪ ،‬فدل ْع أنه ملك‬

‫هللالل القدوس‪ :‬اتلقديس ـهو خَّلصة اتلوحيد‪ ،‬وأحد ركن‬

‫توحيد األسماء والصفات‪ ،‬وذلك أنه يقوم ْع ركني‪:‬‬

‫(‪ )1‬إثبات الكمال ف أسماء الل تعاىل‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وأفعال‪.‬‬ ‫(‪ )2‬تزنيه الل تعاىل عن لك انلقائص اليت تناف كمال‪ ،‬ف ذاته‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫وصفاته‪ ،‬وأفعال‪ ،‬فإن اتلزنيه مراد لغيه‪ ،‬ومقصود به حفظ كمال‬

‫عن الظنون السيئة(‪ ،)3‬اليت َّل تليق جبَّلل وعظمته‪.‬‬

‫وملا اكن من معاين القدوس ـهو اتلزنيه‪ ،‬لزم من ذلك اتلعظيم‪،‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر املعاين السابقة‪ :‬تفسي الطّبي (‪ ،)167/1‬ابن كثي (‪ ،)363/4‬شفاء العليل (‪ ،)512/2‬ابن السعدي‬ ‫(‪ ،)487/5‬اتلوحيد َّلبن منده (‪ ،)66/2‬تفسي األسماء (‪ ،)30‬شأن ادلاعء (‪ ،)40‬األسىن (‪ ،)274‬توضيح الاكفية‬ ‫(‪ )3‬احلق الواضح (‪.)81‬‬ ‫(‪ )2‬نظم ادلرر (‪.)540/7‬‬ ‫(‪ ،)127‬احلق الواضح (‪.)81‬‬

‫‪163‬‬

‫‪‬‬ ‫ً‬ ‫مدحا‪ ،‬حىت‬ ‫وإثبات صفات الكمال‪ ،‬فإن اتلزنيه املحض ليس‬ ‫يتضمن إثبات كمال ضده‪ ،‬فهو تعاىل املزنه عن النسيان والغفلة‪،‬‬ ‫لكمال علمه وحفظه‪ ،‬وـهو مزنه عن اتلعب واإلعياء‪ ،‬لكمال قدرته‬ ‫َّ‬ ‫وقوته‪ ،‬مزنه عن السنة وانلوم‪ ،‬لكمال حياته‪ ،‬مزنه عن الظلم‪ ،‬لكمال‬ ‫عدل‪ ،)1(...‬فجمع ـهذا اَّلسم اجلليل لك كمال‪ ،‬وجَّلل‪ ،‬ف أوسع‬ ‫املعاين‪ ،‬وأجل ادلَّلَّلت‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذا اَّلسم اجلليل يورث املؤمن احلب واتلعظيم‬

‫لرب العاملي‪ ،‬وينبيغ للمؤمن أن يطهر نفسه من أدران الرشك‬

‫والظلم‪ ،‬ولك تأثيم‪ ،‬وأن يَّلزم الطهارة احلسية واملعنوية ف لك حي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫املرضة‪ ،‬ف ادلنيا‪ ،‬وادلين‪.‬‬ ‫من ذلك الشبهات‪ ،‬والشهوات‬ ‫‪ 52‬ـ ـ ‪ 53‬ـ اهلل (اخلالق‪ ،‬اخلالق) تقدَّست أمساؤه‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ} [احلرش‪.]24 :‬‬ ‫وقال جل ثناؤه‪{ :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ} [احلجر]‪.‬‬ ‫املعىن ا ليوي‪ :‬اخللق يطلق ْع وجهي‪:‬‬ ‫(‪ )1‬اإلبداع‪ :‬وـهو إجياد يشء من غي أصل ْع غي مثال سابق‪.‬‬ ‫(‪ )2‬اتلقدير املستقيم(‪.)2‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬جمموع الفتاوى (‪ ،)425/16‬شفاء العليل (‪.)129/2‬‬

‫(‪ )2‬اللسان (‪ ،)1243/2‬املفردات (ص‪ ،)296‬اشتقاق األسماء (ص‪.)167‬‬

‫‪164‬‬

‫‪‬‬ ‫ـهذا اَّلسمان اجلليَّلن َّل جيوز إطَّلقهما باأللف والَّلم إَّل ْع‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫الل تعاىل‪َّ ،‬لختصاصه بهما‪َّ ،‬ل يشاركه فيهما أحد اكئنا من اكن‪.‬‬ ‫والفرق بينهمن‪ :‬أن اخلنلق ‪ :‬ـهو اذلي ينشئ اليشء من العدم‪،‬‬

‫بتقدير وعلم سابق للوجود ف اخلارج‪ ،‬واخلالق‪ :‬من أفعال املبالغة‬ ‫ْع وزن َّ‬ ‫فعال‪ ،‬ويدل‪ْ :‬ع كرثة خلق الل تبارك وتعاىل‪ ،‬وإجياده‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫كما‪ ،‬وكيفا(‪.)1‬‬

‫فلك أن تتأمل كم خيلق الل تعاىل من بَّليي املخلوقات ف‬ ‫اللحظة الواحدة‪َّ ،‬‬ ‫بشىت أنواعها‪ ،‬واختَّلف أشاكهلا‪.‬‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو اخلنلق اخلالق‪:‬‬

‫َّ‬ ‫‪ )1‬اذلي أوجد مجيع األشياء بعد أن لم تكن موجودة‪ ،‬وقدر‬

‫أمورـها ف األزل بعد أن اكنت معدومة‪ ،‬فأبدعها ْع غي مثال مسبوقه‪.‬‬

‫‪ )2‬وـهو املقدر للخلق واألخَّلق‪ ،‬فقسمهما بي العباد‪ ،‬العليم‬

‫بأـهل الوفاق‪ ،‬وانلفاق(‪.)2‬‬

‫‪" )3‬واخللق منه سبحانه وتعاىل ْع رضوب‪ :‬منه خلق بيديه‬

‫(كآدم)‪ ،‬و(العرش‪ ،‬والقلم‪ ،‬وجنات عدن)(‪ ،)3‬وخيلق بهما إذا شاء‪،‬‬

‫ومنه خلق بمشيئته والكمه (كسائر اخللق)‪ ،‬وـهو خيلق إذا شاء"(‪.)4‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬رشح أسماء الل للرازي (‪ ،)210‬األسماء والصفات (‪ ،)73/1‬أسماء الل احلسىن للرضواين (‪.)588‬‬ ‫(‪ )2‬انظر انلهاية (‪ ،)70/2‬وتفسي القرطيب (‪ ،)54/10‬وأسماء الل الرضواين (‪.)284‬‬

‫(‪ )3‬كما ف أثر عبد الل بن عمر ريض الل عنهما اذلي رواه اذلـهيب ف (العلو للعل الغفار) وقال األبلاين‪:‬‬ ‫(إسناده صحيح ْع رشط مسلم) (ص ‪ )105‬وحكمه حكم املرفوع‪.‬‬

‫‪165‬‬

‫(‪ )4‬اتلوحيد َّلبن منده (‪.)76/2‬‬

‫‪‬‬ ‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قال تعاىل‪{ :‬ﯚ ﯛ ﯜ}‬

‫[احلجر]‪ ،‬أي‪ :‬أنه تعاىل خلق اخللق مع اختَّلف طبائعهم‪ ،‬وتفاوت‬

‫أحواهلم‪ ،‬مع علمه بكونهم كذلك‪ ،‬فألجل املصلحة واحلكمة‪ ،‬فهو‬

‫تعاىل خلقنا وعلم األصلح نلا‪ ،‬فمصدر خلقه تعاىل وأمره‪ ،‬عن كمال‬

‫العلم واحلكمة‪ ،‬وبكمال ـهاتي الصفتي يكون املخلوق صادر‬ ‫َّ‬ ‫ًّ‬ ‫عن املوصوف بهما حكمة‪ ،‬ومصلحة‪ ،‬وحقا(‪ ،)1‬ودل ـهذا اَّلقرتان ْع‬ ‫َّ‬ ‫املختصة‬ ‫أنه ينبيغ الرض بما خلقه الل تعاىل ْع الكيفية واهليئة‪،‬‬ ‫باملخلوق‪ ،‬بالطول‪ ،‬أو القرص‪ ،‬أو اللون‪ ،‬أو الشلك‪ ،‬أو القوة‪ ،‬أو‬ ‫الضعف‪ ،‬أو السَّلمة‪ ،‬أو العاـهة‪ ،‬أو العجز‪ ،‬فلكه من تقدير اخلَّلق‬

‫العليم‪ ،‬فيما يناسب العاملي‪.‬‬

‫(‪ )2‬قال تعاىل‪{ :‬ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ} [الفرقان]‪،‬‬ ‫وقال َّ‬ ‫عز شأنه‪{ :‬ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ} [القمر]‪ ،‬اتلقدير يرجع‬ ‫واتلصوير(‪)2‬‬

‫إىل اسمه القادر والقدير‪ ،‬وـهو تقدير املقادير قبل اخللق‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ثم إنشائه وإجياده ْع وفق ـهذا اتلقدير‪ ،‬فدل ـهذا اَّلقرتان ْع أن‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كبيا‪ ،‬بقياس مضبوط وحمكم‪،‬‬ ‫صغيا اكن‪ ،‬أم‬ ‫لك يش ٍء خلقه الل‬ ‫وقت معلوم‪ ،‬وماكن حمدود مكتوب‪ ،‬ف اللوح‬ ‫وقسمة حمدودة‪ ،‬ف‬ ‫ٍ‬ ‫املحفوظ‪ ،‬قبل وقوعه‪ ،‬فَّل خيرم منه مثقال َّ‬ ‫ذرة‪ ،‬وَّل يتجاوز فيما‬

‫خلقه ألجله‪ ،‬وـهيئ ويَّس ل‪ ،‬إىل غيه‪ ،‬بوجه من الوجوه(‪.)3‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬بدائع الفوائد (‪ ،)136/4‬تفسي ابليضاوي (‪.)248/2‬‬ ‫(‪ )3‬نظم ادلرر (‪.)367/7( ،)249/5‬‬

‫‪166‬‬

‫(‪ )2‬انظر اسم (القادر)‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫هللالل اخلنلق اخلالق‪ :‬يتجىل هللالل الل تبارك وتعاىل‬ ‫ً‬ ‫أطوارا‪ ،‬كما قال تعاىل‪{ :‬ﭧ‬ ‫ف خلقه بكمال اإلتقان‪ ،‬كخلق انلاس‬

‫ا‬ ‫أطوارا)‬ ‫ﭨ ﭩ ﭪ} [نوح]‪ ،‬حيث أوجدـهم من العدم مقدرين (‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أخَّلطا‪ ،‬ثم‬ ‫أي‪ :‬تارات عنارص أوَّل‪ ،‬ثم مركبات تغذي احليوان‪ ،‬ثم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وحلوما‪ ،‬وأعصابًا ودماء‪ ،‬ثم خلقا‬ ‫عظاما‬ ‫نطفا ثم علقة‪ ،‬ثم مضغا‪ ،‬ثم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ناطقا‪ ،‬ه‬ ‫يمر ف ثَّلث مراحل ف أرحام األمهات‪ ،‬ذكرانا‬ ‫آخر تاما‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وقصارا‪ ،‬بيضا وسودا‪ ،‬وبي ذلك‪ ،‬إىل غي ذلك(‪.)1‬‬ ‫وإناثا‪ ،‬طواَّل‬ ‫َّ‬ ‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذين اَّلسمي الكريمي يورثان املؤمن كمال‬

‫ايلقي بأنه مربوب لرب العاملي‪ ،‬ويه الغاية ف خلقه تعاىل لإلنس‬ ‫ِ‬ ‫واجلن أمجعي‪ ،‬قال سبحانه‪{ :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ﭹ} [اذلاريات]‪ ،‬وأنه تعاىل لم خيلق اخللق ـهمَّل‪ ،‬ولن يرتكهم سدى‪،‬‬

‫{ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬ ‫ﯚ ﯛ} [املؤمنون]‪.‬‬

‫وأخّب سبحانه أنه خلق األرض والسموات العَّل‪ ،‬يلعرفوا الل‬

‫أحد سواه من خلقه‪ ،‬وبما ل من‬ ‫تعاىل وحده‪ ،‬ويفردوا ل العبادة دون ٍ‬

‫األسماء احلسىن‪ ،‬والصفات العَّل‪{ :‬ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ‬

‫ﰊﰋﰌ ﰍ ﰎ ﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗ‬ ‫َّ‬ ‫ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ} [الطَّلق]‪ ،‬وأن يتأمل العبد ف أصل خلقته‪،‬‬ ‫وما فيها من جَّلل حكمته‪{ :‬ﮢﮣ ﮤ ﮥﮦﮧ} [اذلاريات]‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬نظم ادلرر (‪ ،)171/8‬والقرطيب (‪.)302/9‬‬

‫‪167‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ 54‬ـ ـ اهلل (البارئ) سبحانه وتعاىلٰ‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬

‫ﯫ} [احلرش‪.]24 :‬‬

‫املعىن ا ليوي‪ :‬الربء هل معنيان‪ :‬األول‪ :‬اخللق‪ ،‬يقال‪ :‬برأ الل‬ ‫اخللق يّبؤـهم ً‬ ‫برءا‪ ،‬واثلاين‪ :‬اتلباعد عن اليشء‪ ،‬وخلوصه منه‪،‬‬ ‫وبرئ‪ :‬إذا َّ‬ ‫تزنه‪ ،‬وتباعد‪ ،‬ومن ذلك الّبء‪ ،‬وـهو السَّلمة من السقم‪،‬‬ ‫ومن ذلك الّباءة من العيب‪ ،‬واملكروه‪ ،‬أو اتلهمة‪ ،‬وخلص منها‪،‬‬

‫وتزنه عن وصفه بانلقص‪ ،‬قال تعاىل حاكية عن إبراـهيم‪{ :‬ﭸ ﭹ‬

‫ﭺ ﭻ ﭼ} [األنعام](‪.)1‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو ابلنرئ‪:‬‬ ‫(‪ )1‬املوجد واملبدع‪ ،‬من العدم إىل الوجود‪ْ ،‬ع مقتىض اخللق‬

‫واتلقدير {ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬

‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ} [احلديد‪.]22 :‬‬

‫(‪ )2‬ـهو اذلي فصل بعض اخللق عن بعض‪ ،‬أي َّ‬ ‫جنس‬ ‫مَّي لك‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫خملوق بما يناسب الغاية من خلقه‪.‬‬ ‫وصور لك‬ ‫عن اآلخر‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫(‪ )3‬وـهو سبحانه خلق اخللق بريئًا من اتلفاوت‪ ،‬واتلنافر‪ ،‬ومن‬ ‫الزلل واخللل‪ ،‬أبرياء من ذلك لكه‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬معجم مقاييس اللغة (‪ ،)236/1‬لسان العرب (‪ ،)239/1‬اشتقاق أسماء الل (‪ ،)242‬أسماء الل احلسىن‬ ‫للرضواين (‪.)290‬‬

‫‪168‬‬

‫‪‬‬ ‫(‪ )4‬أنه تعاىل خلق اإلنسان من الرتاب‪ ،‬وأن أصله من الّبي‪،‬‬

‫وـهو الرتاب‪.‬‬

‫(‪ )5‬وـهو قالب األعيان أي‪ :‬أنه أبدع املاء والرتاب‪ ،‬وانلار‬

‫واهلواء َّل من يشء‪ ،‬ثم خلق منها األجسام املختلفة(‪.)1‬‬ ‫ه‬ ‫(‪ )6‬وـهو ابلارئ‪ :‬اذلي يّبئ املظلوم مما ظلم به‪ ،‬كما برأ موىس‬ ‫عليه السَّلم‪{ :‬ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ} [األحزاب‪.)2(]69 :‬‬ ‫َّ‬ ‫املزنه من لك انلقائص والعيوب ف ذاته‪ ،‬وصفاته‪،‬‬ ‫(‪ )7‬وـهو‬ ‫ِِ‬ ‫وانلد‪،‬‬ ‫وأفعال(‪ ،)3‬وعن املثيل‪ ،‬والشبيه‪ ،‬والرشيك‪ ،‬والصاحبة‪ ،‬والودل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫حقه تعاىل عن ذلك ًّ‬ ‫علوا ً‬ ‫كبيا‪.‬‬ ‫وعن لك ما يفرتيه املعاندون ف‬ ‫(‪ )8‬وـهو اذلي يّبئ املريض مما فيه من ابلَّليا واألسقام‪ ،‬كما ف‬

‫رقية جّبيل خلي األنام ‘‪> :‬بسم ا‬

‫يربيا من لك داء يشفيا‪.)4(<..‬‬

‫هللالل ابلنرئ‪ :‬أنه وـهب احلياة لألحياء‪ ،‬اذلي خلق األشياء‬

‫صاحلة مناسبة للغاية اليت أرادـها‪.‬‬

‫وـهو اذلي يتم الصنعة ْع وجه اتلدبي‪ ،‬ويظهر املقدور وفق‬

‫سابق اتلقدير‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬

‫ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ‬

‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ﯦ} [احلديد]‪ ،‬وأوجد لك خملوق صاحلًا ومناسبًا لغايته‪ ،‬حمققا للعلة‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر املعاين السابقة‪ :‬املنهاج (‪ ،)192/1‬األسماء للرازي (‪ ،)216‬تفسي أسماء الل (‪ ،)27‬األسماء للبيهيق‬ ‫(‪ )2‬موسوعة األسماء احلسىن (‪ )118/2‬لدلكتور عقيل حسي‪.‬‬ ‫(‪ ،)40‬انلهج األسَّم ملحمد احلمود (‪.)117‬‬ ‫(‪ )3‬إذا اكن تقدير فعله برء يّبأ كفعل َّلزم‪ ،‬انظر أسماء الل احلسىن للرضواين (‪.)290‬‬

‫‪169‬‬

‫(‪ )4‬مسلم (‪.)2185‬‬

‫‪‬‬ ‫من وجوده‪ ،‬فأبرأ اخلَّلئق ف لك نوع ْع وجه الكمال‪ ،‬وفصل بي‬

‫األجناس مع تعاقب األجيال(‪.)1‬‬

‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ للمؤمن أن يّبأ إىل الل تبارك وتعاىل من لك‬

‫شهوة ختالف أمره‪ ،‬ومن لك شبهة ختالف خّبه‪ ،‬ومن لك بدعة‬ ‫ختالف سنة نبيِه‪ ،‬والّباءة ِمن لك َمن َّل يوايل الل ورسول وحزبه‪،‬‬

‫قال تعاىل عن إبراـهيم عليه السَّلم‪{ :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬ ‫ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ‬ ‫ﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ‬ ‫ﯡ ﯢ ﯣ} [املمتحنة‪.)2(]4 :‬‬

‫‪ 55‬ـ ـ اهلل (الـمُصوِّر) جل وعال‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ} [احلرش‪.]24 :‬‬ ‫ر‬ ‫املع ٰ‬ ‫املصور‪ :‬ـهو اسم فاعل للموصوف باتلصوير‪،‬‬ ‫ىن ا ليوي‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫معلوما‪ ،‬وصورة املخلوق‪ :‬يه ـهيئة‬ ‫وصور اليشء‪ :‬أي جعل ل شالك‬

‫خلقته‪ ،‬وتطلق ْع حقيقة اليشء وصفته(‪ ،)3‬واتلصوير ـهو‪:‬‬

‫اتلخطيط والتشكيل‪ ،‬فاملصور انلاقش كيف يشاء‪ ،‬يعن املمثل‬ ‫للمخلوقات‪ ،‬بالعَّلمات َّ‬ ‫املمَّية‪ ،‬باهليئات املتفرقة ‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )2‬أسماء الل للرضواين (‪.)293‬‬ ‫(‪ )1‬أسماء الل احلسىن للرضواين (‪ ،)290‬ويف الكتاب املقدس (‪.)212‬‬ ‫(‪ )3‬معجم مقاييس اللغة (‪ ،)319/3‬اللسان (‪ ،)2523/4‬اشتقاق أسماء الل (‪.)243‬‬ ‫(‪ )4‬تفسي الطّباين (‪.)253/6‬‬

‫‪170‬‬

‫‪‬‬ ‫ر‬ ‫املع ٰ‬ ‫املصور اذلي انفرد باتلصوير‪:‬‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ـهو‬ ‫‪ )1‬اذلي َّ‬ ‫صور بإحاكمه وحسن خلقه مجيع الاكئنات كيف شاء‪،‬‬

‫فعدهلا‪ ،‬وألبسها حلل الكمال‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ )2‬فهو سبحانه َّ‬ ‫صور مجيع املوجودات‪ ،‬ورتبها‪ ،‬فأعطى لك يشء‬ ‫صورة خاصة‪ ،‬وـهيئة مفردة‪َّ ،‬‬ ‫منها َّ‬ ‫يتمَّي بها ْع اختَّلفها وكرثتها‪.‬‬ ‫‪ )3‬فهو تعاىل أعطى لك خملوق صورة تتناسب مع نظام الوجود‪،‬‬

‫ودور لك موجود‪.‬‬

‫‪ )4‬وقد َّ‬ ‫صور سبحانه لك صورة َّل ْع مثال احتذاء‪ ،‬وَّل رسم‬ ‫ارتسمه تعاىل عن ذلك ًّ‬ ‫ً‬ ‫كبيا ‪.‬‬ ‫علوا‬ ‫(‪)1‬‬

‫الفرق بني‪( :‬اخلنلق)‪( ،‬ابلنرئ)‪( ،‬املصور)‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫أن (اخلنلق)‪ :‬ـهو املقدر قبل اإلجياد والظهور مجيع املخلوقات‬

‫ْع صفاتها‪ْ ،‬ع مقتىض حكمته ابلاـهرة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫و(ابلنرئ) ـهو اتلنفيذ وإبراز ما قدره‪ ،‬أي املوجد من العدم‪ْ ،‬ع‬ ‫ّ‬ ‫مقتىض اخللق واتلقدير‪ ،‬وليس لك من قدر شيئًا أوجده‪ ،‬إَّل الل تعاىل‪.‬‬ ‫( ر‬ ‫املصور)‪ :‬املشلك للك موجود‪ْ ،‬ع الصورة اليت أوجده عليها‪ ،‬اليت‬ ‫ه‬

‫ِ‬

‫ّ‬

‫ختتص به‪ ،‬فاخلالق اعم‪ ،‬وابلارئ أخص منه‪ ،‬واملصور أخص من األخص(‪)2‬‬

‫وـهذه الفروق تعرف عند اجتماع ـهذه األسماء‪ ،‬أما عند‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ابن جرير (‪ ،)55/30 ،37/28‬ابن كثي (‪ ،)344/4‬شأن ادلاعء (‪ ،)51‬تفسي أسماء الل (‪ ،)37‬وفتح الرحيم (‪.)16‬‬ ‫(‪ )2‬أضواء ابليان (‪ ،)124/8‬اعرضة األحوذي (‪ ،)35/13‬تفسي األسماء (‪.)36‬‬

‫‪171‬‬

‫‪‬‬ ‫افرتاقها فإن لك اسم من ـهذه األسماء احلسىن يشمل معناه‪ ،‬ومعاين‬ ‫اَّلسمي اآلخرين‪ ،‬والل أعلم(‪.)1‬‬ ‫اقرتان هذ األسمنء‪ :‬جاء ـهذا اَّلقرتان ف اغية املناسبة ف‬ ‫ً‬ ‫ترتيب اخللق‪ ،‬فاخللق أوَّل وـهو‪ :‬تقدير وجود املخلوق بعلمه‬ ‫وحكمته‪ ،‬ثم بريه ثانيًا‪ :‬وـهو إجياده من العدم‪ْ ،‬ع وفق اتلقدير‪ ،‬ثم‬

‫جعله بالصورة اليت شاءـها‪ ،‬وأرادـها سبحانه وتعاىل ثاثلًا‪ ،‬وكذلك‬ ‫ّ‬ ‫واملصور تفصيل ملعىن اسم اخلالق‪ ،‬وكذلك أنهما أخص من‬ ‫أن ابلارئ‬

‫اخلالق كما سبق(‪.)2‬‬

‫ر‬ ‫صور املخلوقات َّ‬ ‫املصور‪ :‬أنه تعاىل اذلي َّ‬ ‫بشىت أنواع‬ ‫هللالل‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫واحلسية‪ ،‬والعقلية‪ْ ،‬ع كرثتها وتنوعها‪ ،‬فَّل‬ ‫اجللية‪ ،‬واخلفية‪،‬‬ ‫الصور‬ ‫ٍّ‬ ‫يتماثل جنسان‪ ،‬أو يتساوى نواعن‪ ،‬فللك صورته‪ ،‬وصور سيته‪ ،‬وما‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ويمَّيه عن غيه‪ ،‬ف لونه‪ ،‬وشلكه‪ ،‬وذاته‪ ،‬وصفته‪ ،‬وإحصاؤـها ف‬ ‫خيصه‬

‫واحد‪ٌ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫أمر يعجز العقل‪ ،‬ويذـهل‬ ‫جنس‬ ‫واحد‪ ،‬أو حرصـها ف‬ ‫نوع‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫صور األبدان فتعددت َّ‬ ‫الفكر‪ ،‬ومن هللالهل‪ :‬أنه تعاىل كما َّ‬ ‫وتنوعت‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫صور الطبائع والسلوك واملذاـهب‪َّ ،‬‬ ‫كذلك َّ‬ ‫فتنوعت وتعددت(‪.)3‬‬ ‫َّ‬ ‫إن اتلعبد باسم الل ( ر‬ ‫املصور) يقتيض أن َّل يتشبه‬ ‫اثلمرات‪:‬‬ ‫العبد بما انفرد الل تعاىل به‪ ،‬من اخللق والربوبية‪ ،‬ويقع ف رشك‬ ‫ا‬ ‫َّ َّ‬ ‫اتلمثيل واتلصوير املناف للعبودية‪ ،‬قال ‘‪> :‬إن أشد انلنس عذابن عند‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ولل األسماء احلسىن (‪.)445‬‬

‫(‪ )2‬شفاء العليل (‪ ،)366/1‬وفقه األسماء (‪.)95‬‬

‫(‪ )3‬أسماء الل احلسىن (‪ ،)294‬وأسماء الل ف الكتاب املقدس (‪ )216‬للرضواين‪ ،‬بترصف يسي‪.‬‬

‫‪172‬‬

‫‪‬‬ ‫ر‬ ‫املصورون‪ ،‬يقنل هلم‪ :‬أحيوا من لقتم<(‪ .)1‬وقال ‘‪:‬‬ ‫ا يوم القينم‪،‬‬ ‫ًّ‬ ‫ا‬ ‫ُّ‬ ‫>أشد انلنس عذابن يوم القينم‪ ،‬رهللل قتل ًبين‪ ...‬أو مصور اتلمنثيل<(‪.)2‬‬

‫‪ 56‬ـ ـ اهلل (السَّالم) جل وعال‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﯕ ﯖ ﯗ} [احلرش‪.]23 :‬‬ ‫َّ‬ ‫املعىن ا ليوي‪ :‬ا سالم‪ :‬تدل تصاريف ـهذا اللفظ اجلليل‬

‫من السَّلمة‪ ،‬ويه الّباءة من لك آفة ظاـهرة وباطنة‪ ،‬واخلَّلص‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫والسَّلمة‪ :‬األمن واألمان‪،‬‬ ‫وانلجاة من لك مكروه‪ ،‬وعيب ورش‪،‬‬

‫واحلصانة واَّلطمئنان(‪ .)3‬فهو من اللكمات اجلامعة‪.‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل أحق به من لك ما سواه‪ ،‬ل فيه من‬

‫لك معاين الكمال أكمله‪ ،‬وأعَّله فهو ا سالم من لك وجه واعتبار‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫(‪ )1‬ـهو‪ :‬اذلي َس ِلم من مجيع العيوب وانلقائص‪ ،‬املضادة‬ ‫لكمال‪ ،‬فهو السَّلم ف ذاته‪ ،‬وأسمائه‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وأفعال‪.‬‬

‫(‪ )2‬وـهو اذلي سلم من عذابه من َّل يستحقه‪ ،‬وسلم أويلاءه من‬

‫عقوبته‪ ،‬وسلم لك اخللق من ظلمه‪ ،‬وجوره‪ ،‬ف ادلنيا واآلخرة‪.‬‬ ‫ه ِ‬ ‫المسلم ْع أنبيائه‪ ،‬وأويلائه‪ ،‬وأصفيائه ف ادلارين‪:‬‬ ‫(‪ )3‬ـهو‬

‫أ) يف ادلًين‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭛ ﭜ ﭝ} [الصافات‪{ ،]79 :‬ﭲ ﭳ‬

‫ﭴ} [الصافات‪ ،]109 :‬سلم ْع املرسلي لسَّلمة ما وصفوه من لك عيب‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ابلخاري (‪ ،)5606‬ومسلم (‪.)2109‬‬

‫(‪ )3‬انظر لسان العرب (‪ ،)289/12‬انلهاية (‪.)441‬‬

‫(‪ )2‬صحيح اجلامع (‪.)1000‬‬

‫‪173‬‬

‫‪‬‬ ‫ب) ويف اآل‬

‫رة ألـهل اجلنة‪ ،‬قال تعاىل‪{:‬ﭑﭒﭓﭔ} [األحزاب‪:‬‬

‫ٌ‬ ‫فسَّلم منه‬ ‫‪ ]44‬وقال سبحانه‪{ :‬ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ} [يس‪" ،]58 :‬‬ ‫اكف من لك سَّلم‪ ،‬ومغن عن لك حتية‪ ،‬ه‬ ‫وم ِ‬ ‫قرب من لك أمنية"(‪.)1‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫(‪ )4‬وـهو َّ‬ ‫السَّلم‪ :‬حيث إن ذاته خلصت بانفراد الوحدانية من‬ ‫لك يشء‪ ،‬وبانت عن لك يشء‪ ،‬وارتفعت ْع لك يشء‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫(‪ )5‬وـهو اذلي يهسلم من يشاء من خلقه من املاكره وخيلصه من‬

‫الشدائد‪ .‬أ) ف ادلًين‪ ،‬قال ‘ لعمرو بن العاص‪> :‬إين أريد أن أبعثا‬

‫إىل هلليش ةيسلما ا ‪ ،)2(<...‬ب) ويف اآل رة‪ :‬من عذابه ألويلائه‪،‬‬ ‫َ رْ َ رْ‬ ‫يومئذ‪> :‬امهلل سلم سلم<(‪.)3‬‬ ‫كما ف حديث الرصاط‪ ،‬والكم الرسل‬ ‫ٍ‬ ‫(‪ )6‬وـهو َّ‬ ‫السَّلم من‪ :‬الصاحبة‪ ،‬والودل‪ ،‬ومن اللهو واللعب‪،‬‬

‫والسَّلم من انلظي‪ ،‬والكفء‪ ،‬واملثيل‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫والس ِ ّ‬ ‫يم‪.‬‬ ‫(‪ )7‬ـهو َّ‬ ‫السَّلم عن لك رشيك ف الربوبية‪ ،‬واأللوـهية‪.‬‬

‫(‪ )8‬ـهو سبحانه مصدر َّ‬ ‫السَّلم واألمان‪ ،‬فلك سَّلمة منشؤـها‬ ‫َّ‬ ‫معزوة إيله‪ ،‬صادرة منه‪ ،‬فَّل تطلب إَّل منه تبارك وتعاىل ‪.‬‬ ‫منه‪،‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫َّ‬ ‫فاسم ا سالم ينيف عن الل تعاىل لك انلقائص من مجيع الوجوه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ويتضمن إثبات مجيع الكماَّلت من لك الوجوه‪ ،‬ألن انلقص إذا‬

‫انتىف‪ ،‬ثبت الكمال لكه‪ ،‬وـهذا معىن (ال هلإ إال ا ‪ ،‬وا‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬بدائع الفوائد (‪.)651/2‬‬

‫(‪ )2‬رواه أْحد ف املسند (‪ ،)17798‬وصححه شعيب األرنؤوط‪.‬‬

‫(‪ )3‬ابلخاري (‪.)7000‬‬

‫أكرب)‪،‬‬

‫(‪ )4‬انظر املعاين السابقة‪ :‬تفسي ابن كثي (‪ ،)105/8‬بدائع الفوائد (‪ ،)363/2‬اتلوحيد َّلبن منده (‪ ،)68/2‬وإبطال‬ ‫اتلأويَّلت (‪ ،)665‬املوسوعة للرشبايص (‪ ،)51/1‬واألسىن (‪ ،)260‬التسبيح (‪.)119/1‬‬

‫‪174‬‬

‫‪‬‬

‫ِ‬ ‫فانتظم َّ‬ ‫(السَّلم) ابلاقيات الصاحلات‪ ،‬اليت يثىن بها ْع الرب(‪.)1‬‬ ‫َّ‬ ‫هللالل ا سالم‪ :‬أنك إذا نظرت إىل أفراد صفات كمال جل‬ ‫ً‬ ‫سَّلما مما يضاد كماهلا‪ ،‬فحياته سَّلم من‬ ‫وعَّل وجدت لك صفة‬

‫ِ َ‬ ‫السنة وانلوم‪ ،‬وقيوميته وقدرته سَّلم من اتلعب والعجز‪،‬‬ ‫املوت‪ ،‬ومن‬

‫وعلمه سَّلم من عزوب يشء عنه‪ ،‬أو عروض نسيان‪ ،‬لكماته سَّلم من‬ ‫الكذب والظلم‪ ،‬غناه سَّلم من احلاجة إىل غيه‪َّ ،‬‬ ‫إهليته سَّلم من‬ ‫مشارك ل فيها‪ ،‬وعذابه وانتقامه سَّلم من أن يكونا ً‬ ‫ظلما أو ً‬ ‫جورا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫حمتاجا إىل ما حيمله‪ ،‬أو‬ ‫استواؤه ْع العرش سَّلم من أن يكون‬ ‫يستوي عليه‪ ،‬بل العرش وْحلته حمتاجون إيله‪.)2(..‬‬

‫اثلمرات‪ :‬من عرف ربه بهذا اَّلسم الكريم‪ ،‬ينبيغ ل أن‬ ‫يترضع إيله‪ ،‬ويسأل َّ‬ ‫السَّلمة ف ادلنيا واآلخرة‪ ،‬أما سَّلمة ادلنيا‪ ،‬فمنها‪:‬‬

‫ظاـهرة‪ ،‬وباطنة‪ ،‬فالظاـهرة‪ :‬العافية من األمراض واألسقام‪ ،‬ومجيع ما‬

‫تكرـهه‪ ،‬وابلاطنة ف ادلنيا‪ :‬فسَّلمة دينك‪ ،‬وسَّلمة يقينك عن‬ ‫الكفر‪ ،‬وابلدع‪ ،‬والعصيان‪ ،‬حىت تقدم ْع ربك بأوثق هعرى اإليمان‪،‬‬

‫ويسلم قلبك من الصفات املذمومة‪ ،‬حىت تأيت الل بقلب سليم‪ ،‬فتنال‬ ‫منه السَّلمة َّ‬ ‫املؤبدة ف دار السَّلم‪ ،‬وتنجو من العذاب املهي ‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫وقد مجع ـهذه املعاين املصطىف ‘ ف أمره بهذا ادلاعء‪> :‬ين أيهن‬ ‫ا‬ ‫را من‪ :‬ايلقني‪ ،‬واملعنةنة‪،‬‬ ‫انلنس إن انلنس م يعطوا يف ادلًين‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬أحاكم أـهل اذلمة (‪ ،)193‬وتيسي الكريم الرْحن (‪.)487/5‬‬ ‫(‪ )2‬بدائع الفوائد (‪ )363/2‬بترصف يسي‪.‬‬

‫(‪ )3‬األسىن للقرطيب (ص‪ ،)264‬بترصف‪.‬‬

‫‪175‬‬

‫ةسلوهمن ا‬

‫َ‬

‫‪‬‬ ‫عً وهللل<(‪.)1‬‬

‫وجيب عليك أن يسلم لسانك‪ ،‬وجوارحك عن أذية أـهل‬ ‫اإليمان‪ ،‬قال ‘‪> :‬املسلم من سلم املسلمون من يد و سنًه<(‪،)2‬‬ ‫َّ‬ ‫وأن تفيش َّ‬ ‫السَّلم بي األنام‪ ،‬قال ‘‪> :‬ا سالم اسم من أسمنء ا ‪،‬‬

‫ةأةشو بينكم<(‪ .)3‬فمن مجع ـهذه اخلصال "نال السَّلمة املؤبدة‪ ،‬ف‬ ‫دار َّ‬ ‫السَّلم" ‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪ 57‬ـ ـ اهلل (الواسع) سبحانه وتعاىلٰ‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﯙ ﯚ ﯛﯜ} [ابلقرة‪.]115 :‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬ا واسع‪ :‬اسم فاعل للموصوف بالوسع‪ ،‬وـهو‬

‫خَّلف الضيق‪ ،‬والسعة تقال‪ :‬ف األمكنة‪ ،‬ويف احلال‪ ،‬ويف الفعل‪،‬‬ ‫اكلقدرة‪ ،‬واجلود‪ ،‬والغىن‪ ،‬يقال‪ :‬فَّلن يهعطي من سعته‪ ،‬أي‪ :‬من غناه‪،‬‬ ‫فالواسع‪ :‬ـهو اجلواد‪ ،‬اذلي يسع عطاؤه لك يشء(‪.)5‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو ا واسع‪:‬‬

‫‪ )1‬الغن‪ ،‬اذلي وسع غناه مفاقر عباده‪ ،‬ووسع رزقه مجيع خلقه‬ ‫ً َّ‬ ‫بالكفاية‪ ،‬واإلفضال‪ ،‬واجلود‪ ،‬واتلدبي‪ ،‬فَّل جتد أحدا إَّل وـهو يأكل‬

‫من رزقه‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬رواه أْحد ف املسند (‪ ،)212/1‬وصححه شعيب األرناؤوط‪ ،‬وحمقق مسند أيب يعىل (‪.)121/1‬‬ ‫(‪ )4‬األسىن (ص‪.)264‬‬ ‫(‪ )3‬صحيح اجلامع (‪.)3697‬‬ ‫(‪ )2‬ابلخاري (‪.)6119‬‬ ‫(‪ )5‬معجم مقاييس اللغة (‪ ،)109/6‬املفردات (‪ ،)109/6‬تفسي الطّباين (‪.)451/1‬‬

‫‪176‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ )2‬وـهو تعاىل ا واسع املطلق‪ :‬ف ذاته‪ ،‬ويف أسمائه‪ ،‬وصفاته‪،‬‬

‫وأفعال‪ ،‬وملكه‪ ،‬وسلطانه‪.‬‬

‫فإن نظر إىل علمه فَّل ساحل بلحر معلوماته‪ ،‬بل تنفد ابلحار لو‬ ‫ً‬ ‫اكنت مدادا للكماته‪ ،‬وإن نظر إىل قدرته فَّل نهاية ملقدوراته‪ ،‬وإن نظر إىل‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫إحسانه ونِ َعمه‪ ،‬فيه َّل حتد‪ ،‬وَّل تعد‪ ،‬وإن نظر إىل رْحته‪ ،‬فَّل نهاية لسعتها‪،‬‬ ‫وسعت لك اخللق أمجعي‪{ :‬ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ} [األعراف‪،]156 :‬‬ ‫وإن نظر إىل مغفرته وعفوه‪ ،‬فمهما عظمت اذلنوب‪ ،‬وبلغت امللكوت‪،‬‬

‫فمغفرته أوسع‪ ،‬وأعظم‪{ :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ} [انلجم‪.)1(]32 :‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ )3‬وـهو الواسع ف ذاته‪ :‬فهو سبحانه أعظم من لك يشء‪ ،‬وأكّب‬

‫من لك يشء‪ ،‬وأْع من لك يشء‪.‬‬

‫‪ )4‬وـهو الواسع ف أسمائه احلسىن‪ :‬اليت َّل أسَّم منها‪ ،‬وَّل أمجل‬ ‫ه‬ ‫منها ْع اإلطَّلق‪ ،‬فَّل حيىص عددـها‪ ،‬وجَّللة معانيها‪ ،‬وسعة آثارـها‬

‫ومتعلقاتها‪.‬‬

‫‪ )5‬وـهو الواسع ف صفاته‪ :‬اليت بلغت انلهاية ف الكمال‪ ،‬اليت َّل‬

‫ه‬ ‫حتاط أفراد كماهلا‪ ،‬من لك اَّلعتبارات‪.‬‬

‫‪ )6‬وـهو الواسع ف ملكه وسلطانه‪ :‬فجميع العوالم السفلية‬

‫والعلوية ومن فيهما‪ ،‬لكها ل تعاىل‪{ :‬ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬

‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ} [ابلقرة]‪ ،‬فمع سعة ـهذه‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر ـهذه املعاين‪ :‬تفسي ابن جرير (‪ ،)537/2‬السمعاين (‪ ،)250/1‬الطّباين (‪ ،)403/1‬وابن كثي (‪ ،)160/1‬شأن‬ ‫ادلاعء (‪ ،)72‬املقصد األسىن (‪ ،)75‬ورشح األسماء احلسىن للاكفييج (‪.)177‬‬

‫‪177‬‬

‫‪‬‬

‫ً‬ ‫العوالم‪ ،‬وما فيها‪ ،‬وما بينها‪ ،‬فإن الل خلق خلقا أعظم وأوسع‪ ،‬من‬

‫ذلك‪ :‬الكريس‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ}‬

‫[ابلقرة‪:‬‬

‫‪" ،]255‬ا كريس موضع القدمني‪ ،‬والعرش ال يقدر أحد قدر "(‪" ،)1‬ولك‬ ‫ـهذه السعة والعظمة‪ ،‬فعرشه اذلي استوى عليه‪ ،‬أعظم‪ ،‬وأكّب‪،‬‬

‫وأوسع‪ ،‬قال ‘‪> :‬من ا كريس يف العرش إال كحلق‪ ،‬من حديد‬ ‫ألقيت بني ظهري ةالة من األرض<(‪.)2‬‬

‫‪ )7‬فَّل حدود هلذا اَّلسم من لك الكماَّلت‪ ،‬من مجيع الوجوه‬ ‫ْع اإلطَّلق‪ ،‬اذلي يقتيض تزنيهه عن انلقص‪ ،‬وعن لك اآلفات‪،‬‬

‫"واَّلعرتاف ل بأنه َّل يعجزه يشء‪ ،‬وَّل خيىف عليه يشء‪ ،‬ورْحته‬ ‫وسعت لك املخلوقات"(‪.)3‬‬ ‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قال تعاىل‪{ :‬ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ‬

‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ} [ابلقرة]‪" ،‬ختم باسمي مطابقي لسياقهما‪ ،‬فَّل‬ ‫يستبعد العبد ـهذه املضاعفة‪ ،‬وَّل يضيق عنها عطاؤه‪ ،‬فإن املضاعف‬

‫واسع العطاء‪ ،‬واسع الغىن‪ ،‬واسع الفضل‪ ،‬ومع ذلك فَّل يظن أن سعة‬

‫عطائه تقتيض حصوهلا للك منفق‪ ،‬فإنه عليم بمن تصلح ل‬ ‫املضاعفة‪ ،‬وـهو أـهل هلا‪ ،‬ومن َّل يستحقها‪ ،‬وَّل ـهو أـهل هلا‪ ،‬فإن‬

‫كرمه وفضله تعاىل َّل يناف حكمته‪ ،‬بل يضع فضله لسعته ورْحته‪،‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬رواه احلاكم ف املستدرك (‪ ،)282/2‬وقال صحيح ْع رشط الشيخي‪ ،‬وصححه األبلاين ف رشح الطحاوية (‪)312‬‬ ‫ً‬ ‫موقوفا عن ابن عباس ريض الل عنهما‪ .‬وحكمه حكم الرفع ألنه من الغيبيات اليت َّل تعلم إَّل من الشارع‪.‬‬ ‫(‪ )2‬صححه األبلاين ف املصدر السابق‪.‬‬

‫(‪ )3‬انظر املنهاج (‪.)198/1‬‬

‫‪178‬‬

‫‪‬‬ ‫ويمنعه من ليس من أـهله‪ ،‬حبكمته‪ ،‬وعلمه"(‪.)1‬‬

‫(‪ )2‬وقال تعاىل‪ { :‬ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬

‫ﯤ} [املائدة]‪ ،‬أي‪ :‬أنه كثي الفضل‪( ،‬واسع)‪ :‬ذو سعة‪َّ ،‬ل تنفد فواضله‬

‫ونعمه‪( ،‬عليم)‪ :‬بمن يستحقه‪ ،‬وبمن ـهو أـهله‪ ،‬فيتفضل عليه به‪.‬‬

‫(‪ )3‬وقال تعاىل‪{ :‬ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ‬

‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ} [النساء]‪ ،‬أي‪ :‬يغن الل تعاىل الزوج واملرأة‬

‫فزبوج ـهو أصلح هلا من املطلق‬ ‫املطلقة من سعة فضله‪ ،‬أما ـهذه‬ ‫ٍ‬

‫األول‪ ،‬أو برزق واسع وعصمة‪ ،‬وأما ـهذا فّبزق واسع وزوجة يه‬ ‫ا‬ ‫ً‬ ‫ٰ‬ ‫واسعا‬ ‫تعنىل واسعن) يعن‪:‬‬ ‫أصلح ل من املطلقة‪ ،‬أو عفة‪( ،‬واكن ا‬ ‫ا‬

‫هلما ف رزقه إياـهما‪ ،‬وغيـهما من خلقه‪( ،‬حكيمن) فيما قىض بينه‪،‬‬

‫وبينها من الفرقة والطَّلق(‪.)2‬‬

‫فالل تعاىل واسع الفضل‪ ،‬واسع الرْحة‪ ،‬وصلت رْحته‪ ،‬وإحسانه‬ ‫ا‬ ‫إىل حيث وصل إيله علمه‪ ،‬واكن مع ذلك (حكيمن) أي‪ :‬يعطي حبكمته‪،‬‬

‫ويمنع حلكمته‪ ،‬فإذا اقتضت حكمته منع بعض عباده من إحسانه‬ ‫ً‬ ‫بسبب ف العبد‪َّ ،‬ل يستحق معه اإلحسان حرمه‪ ،‬عدَّل وحكمة(‪ ،)3‬وأن‬ ‫ً‬ ‫واسعا‪ ،‬فالل سبحانه واسع‬ ‫ـهذه احلكمة من املنع َّل تقدح ف كونه‬

‫العطاء‪ ،‬واسع احلكمة‪ ،‬واسع الفضل واإلحسان والرْحة ً‬ ‫مجيعا‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫فدل اقرتانه تعاىل ف سعته مع حكمته‪ ،‬أن سعته عن كمال‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬طريق اهلجرتي (ص‪.)540‬‬

‫(‪ )2‬جامع ابليان (‪.)204/5‬‬

‫‪179‬‬

‫(‪ )3‬تفسي السعدي (‪.)168/2‬‬

‫‪‬‬ ‫احلكمة‪ ،‬فَّل يوسع ف اإلفضال واإلنعام إَّل بها‪ ،‬فيضع ـهذه السعة ف‬

‫أفضل مواضعها‪ ،‬ويف أحسن أحواهلا‪.‬‬

‫هللالل ا واسع‪ :‬أنه خمتص بعدم انلهاية ف سعة الصفات‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫أحد ً‬ ‫ثناء عليه‪ ،‬بل ـهو كما‬ ‫وانلعوت‪ ،‬ومتعلقاتها‪ ،‬حبيث َّل حييص‬

‫أثىن ْع نفسه(‪ ،)1‬فلك سعة وإن عظمت فتنتيه إىل طرف‪ ،‬واذلي‬

‫َّل ينتيه إىل طرف ـهو أحق باسم السعة‪ ،‬والل تعاىل ـهو الواسع‬ ‫املطلق(‪ ،)2‬اذلي َّل نهاية لسعة صفاته‪ ،‬وجَّلهلا‪.‬‬

‫ومن هللالل ـهذا اَّلسم املبارك أنه يتجىل لعباده املؤمني ف‬

‫ادلارين‪ ،‬ةيف ادلًين‪ :‬أنه تعاىل يغنيهم من سعته الظاـهرة‪ ،‬وابلاطنة‪،‬‬ ‫ةنلظنهرة منهن‪ :‬الغىن باملال احلَّلل‪ ،‬واذلرية الصاحلة‪ ،‬وابلنطن‪:،‬‬

‫غىن انلفس والقناعة‪ ،‬وكذلك أنه تعاىل " يوسع عليهم ف دينهم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وَّل يكلفهم ما ليس ف وسعهم"(‪ ،)3‬من العبادات والطااعت(‪.)4‬‬ ‫ويف اآل رة‪ :‬تتجىل سعته "ما احتوت عليه دار انلعيم من‬ ‫َّ‬ ‫واملَّسات‪ ،‬واألفراح‪ ،‬والذلات املتتابعات‪ ،‬مما َّل عي رأت‪،‬‬ ‫اخليات‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫وَّل أذن سمعت‪ ،‬وَّل خطر ْع قلب برش‪ ،‬فخي ادلنيا واآلخرة‪،‬‬ ‫وألطافهما من فضله‪ ،‬وسعته سبحانه"(‪.)5‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬املصدر السابق (‪.)631/5‬‬

‫(‪ )2‬املقصد األسىن (‪.)106‬‬

‫(‪ )3‬تفسي القرطيب (‪.)84/2‬‬

‫(‪ )4‬قال تعاىل‪{ :‬ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ} [ابلقرة‪ ،]233 :‬وقال سبحانه‪{ :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬ ‫ﯜ ﯝ ﯞ} [ابلقرة‪.]185 :‬‬

‫(‪ )5‬فتح الرحيم امللك (‪.)48‬‬

‫‪180‬‬

‫‪‬‬ ‫اثلمرات‪ :‬مىت عرف العبد أن الل تعاىل واسع الفضل‬ ‫ّ‬ ‫والعطاء‪ ،‬وأن فضله غي حمدود بطريق معي‪ ،‬بل وَّل بطرق معينة‪،‬‬

‫بل أسباب فضله وأبواب إحسانه َّل نهاية هلا‪ ،‬أنه َّل يعلق قلبه‬ ‫َّ‬ ‫باألسباب‪ ،‬بل يعلقه بمسببها‪ ،‬وَّل يتشوش إذا انسد عنه باب منها‪،‬‬ ‫فإنه يعلم أن الل واسع عليم‪ ،‬وأن هط هرق فضله َّل تعد‪ ،‬وَّل حتىص‪،‬‬

‫وأنه إذا انغلق منها يشء انفتح غيه مما قد يكون ً‬ ‫خيا وأحسن‬

‫للعبد اعقبة {ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ} [النساء‪.)1(]130 :‬‬ ‫‪ 58‬ـ ـ اهلل (اللطيف) تبارك وتعاىلٰ‬ ‫قال تعاىل‪ { :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ} [األنعام]‪.‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬ا لطيف ـهو‪ :‬الّب‪ ،‬واحلفاوة‪ ،‬واإلكرام‪،‬‬

‫والرتفق ف حتقيق املراد‪ ،‬والعلم بدقائق األمور‪ ،‬وغوامضها‪ ،‬فإذا‬

‫اجتمع الرفق ف الفعل‪ ،‬واللطف ف اإلدراك‪ ،‬تم معىن اللطيف‪ .‬فهذا‬

‫اَّلسم الكريم يتضمن‪ :‬علمه باألشياء ادلقيقة‪ ،‬وإيصال الرْحة‬

‫بالطرق اخلفية(‪ .)2‬وَّل جتتمع ـهذه املعاين لكها إَّل ف الل‪.‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل ـهو ا لطيف اذلي َّل ألطف منه سبحانه‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫(‪ )1‬اذلي لطف علمه ودق‪ ،‬حىت أحاط بالَّسائر واخلفايا‪،‬‬

‫وأدرك ابلواطن‪ ،‬واخلبايا‪ ،‬ومكنونات الصدور‪ ،‬ومغيبات األمور‪ ،‬وما‬

‫ف األرايض من خفايا احلبوب‪ ،‬وابلذور‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬املصدر السابق (‪.)47‬‬

‫(‪ )2‬املقصد األسىن (ص ‪ ،)101‬شفاء العليل (‪ ،)147/1‬إبطال اتلأويَّلت (‪.)657‬‬

‫‪181‬‬

‫‪‬‬ ‫(‪ )2‬اذلي يوصل األمور إىل اغياتها بألطف الوجوه‪ ،‬وبأحسن ما‬

‫يكون‪ ،‬فييَّس املنافع للعباد‪ ،‬من حيث يعلمون أو َّل يعلمون‪.‬‬

‫(‪ )3‬وـهو اللطيف الّب بعباده املؤمني ف لك آن وحي‪ ،‬فمن‬ ‫َّ‬ ‫ذلك‪ :‬أ) املوصل إيلهم مصاحلهم ومنافعهم‪ ،‬بلطفه وإحسانه‪ ،‬ب) وسهل‬ ‫هلم لك طريق يوصل إىل مرضاته وكرامته‪ ،‬هلل) وحفظهم من لك سبب‬

‫ووسيلة توصل إىل سخطه‪ ،‬من طرق َّل يشعرون‪ ،‬ومن حيث َّل حيتسبون‪.‬‬ ‫كما قال يوسف عليه السَّلم‪{ :‬ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ} [يوسف‪. ]100 :‬‬ ‫َّ‬ ‫(‪ )4‬وـهو سبحانه اذلي لطف صنعه‪ ،‬وحكمته ودق‪ ،‬حىت‬ ‫عجزت األفهام‪ ،‬عن إدراكه‪.‬‬

‫َّ‬ ‫(‪ )5‬ومن لطفه بعباده أنه تعاىل أعطاـهم فوق الكفاية‪ ،‬ولكفهم‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫دون الطاقة‪ ،‬وسهل عليهم الوصول إىل السعادة‪ ،‬ف مدة قصية‪.‬‬ ‫(‪ )6‬اذلي لطف بأويلائه حىت عرفوه‪ ،‬وبأعدائه حىت جحدوه(‪.)1‬‬ ‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قال سبحانه‪{ :‬ﯧ ﯨ ﯩ‬

‫ﯪ} [احلج‪ ]63 :‬جاء اَّلقرتان "ف موقع اتلعليل لإلنزال‪ ،‬أي‪ :‬أنزل املاء‬ ‫املتفرع عليه اَّلخرضار‪ ،‬ألنه (لطيف)‪ :‬رفيق بمخلوقاته‪ ،‬وألنه عليم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األخص‪:‬‬ ‫برتتيب املسببات ْع أسبابها" ‪ ،‬ويف ـهذا اَّلقرتان مجع بي‬ ‫(‪)2‬‬

‫(اخلبي)‪ ،‬واألعم‪( :‬اللطيف)‪ ،‬ألن اللطيف فيه معىن اخلبي‪ ،‬وزيادة(‪.)3‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر احلق الواضح (ص ‪ ،)60‬وتوضيح الاكفية الشافية (ص ‪ ،)123‬شأن ادلاعء (ص ‪ ،)62‬تفسي السعدي‬ ‫(‪ ،)488/5‬جمموع الفتاوى (‪ ،)354/16‬الصواعق املرسلة (‪ ،)492/2‬رشح أسماء الل احلسىن للرازي (‪.)254‬‬ ‫(‪ )3‬الزيادة يه‪ :‬إيصال تعاىل الرْحة بالطرق اخلفية‪.‬‬ ‫(‪ )2‬اتلحرير واتلنوير (‪.)319/8‬‬

‫‪182‬‬

‫‪‬‬ ‫(‪ )2‬قال تعاىل‪{ :‬ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ} [يوسف‪ ،]100 :‬دل ـهذا اَّلقرتان‬

‫ْع أن من خصائص ربوبيته تعاىل اللطف بكل معانيها اجلليلة‪ ،‬من‬ ‫إيصال إىل أويلائه اخليات واملنافع‪ ،‬ودفع عنهم الرشور واملساوئ‪.‬‬

‫َّ‬ ‫بالكيفية"‪،‬‬ ‫هللالل ا لطيف‪ :‬أنه تعاىل "لطف عن أن يدرك‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ‬ ‫ً‬ ‫لطفا وحكمة‪ ،‬ه‬ ‫ويرى‬ ‫ﭮ ﭯ} [األنعام]‪ .‬فإن الل َّل يهرى ف ادلنيا‬ ‫ً ََ ً‬ ‫َّل‪ ،‬وَّل يدرك وَّل هحياط به ً‬ ‫علما‪ ،‬ف ادلنيا‬ ‫ف اآلخرة إكراما وتفض‬ ‫وَّل ف اآلخرة‪ ،‬جلَّلل‪ ،‬وعظمته‪ ،‬ولطفه(‪.)1‬‬

‫ومن هللالهل‪ :‬أنه يلطف بعبده ف أموره ادلاخلية املتعلقة‬

‫بنفسه‪ ،‬ويلطف به ف أموره اخلارجية عنه‪ ،‬فيسوقه ويسوق إيله ما‬ ‫فيه صَّلحه وحسن اعقبته ف ادلنيا واآلخرى‪ ،‬من حيث َّل يشعر‪،‬‬

‫لطف وكرم‪َّ ،‬ل تدركه األفهام‪ ،‬وَّل تتصوره األوـهام(‪.)2‬‬ ‫فكم لل من ٍ‬ ‫ِ‬ ‫اثلمرات‪ :‬عندما يدرك املؤمن اتصافه تعاىل باللطف بكل‬ ‫معانيه‪ ،‬من دقة العلم‪ ،‬وإحاطته تعاىل بكنه األشياء‪ ،‬صغيـها‬ ‫ِ‬ ‫بويله بإيصال إحسانه إيله‪ ،‬من حيث َّل‬ ‫وكبيـها‪ ،‬وأنه يلطف‬

‫َّ‬ ‫املحبة‪ ،‬اليت تثمر ل أنواع‬ ‫حيتسب‪ ،‬فإن ذلك يغرس ف قلبه شجرة‬ ‫ه‬ ‫الق َرب‪ ،‬والعبودية‪ ،‬من ذلك حماسبة نفسه ْع أقوال‪ ،‬وأفعال‪،‬‬ ‫وحراكته‪ ،‬وسكناته‪ ،‬واتلعبد بمقتىض ـهذا اَّلسم الكريم‪ ،‬ف اتللطف‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬شأن ادلاعء (‪ ،)62‬األسىن للقرطيب (‪ ،)232/1‬انظر أسماء الل احلسىن للرضواين (‪ ،)349‬الصفات املنفية (‪.)334‬‬ ‫(‪ )2‬احلق الواضح (‪.)61‬‬

‫‪183‬‬

‫‪‬‬ ‫مع إخوانه املؤمني‪ ،‬وأخص من ذلك مع أـهله‪ ،‬ف انلصح‪ ،‬ويف أمره‬

‫ونهيه‪ ،‬وإيصال الّب واللطف بكل أنواعه ما استطاع إىل ذلك‬ ‫ً‬ ‫سبيَّل‪ ،‬وينبيغ ل أن يتوسل بهذا اَّلسم‪ ،‬ويستحرض معانيه "فإذا قال‬

‫العبد‪ :‬يا لطيف ألطف يب‪ ،‬أو يل‪ ،‬وأسألك لطفك‪ ،‬فمعناه‪ :‬تولن‬ ‫وَّلية َّ‬ ‫خاصة‪ ،‬بها تصلح أحوايل الظاـهرة وابلاطنة" ‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪ 59‬ـ ـ اهلل (الكبري) جل شأنه‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ} [الرعد]‪.‬‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬ا كبر‪ :‬من صيغ املبالغة‪ ،‬والكّب يكون ف‬ ‫عظمة اذلات‪ ،‬وكمال وعظمة الصفات‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ‬

‫ﭓ ﭔ}‬ ‫ً‬ ‫ﯚ} [الفرقان]‪ ،‬ويكون أيضا ف اتلعايل باملزنلة والرفعة‪ ،‬كقول‪:‬‬ ‫[األنبياء‪:‬‬

‫‪ ،]58‬وقول‪{ :‬ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬

‫{ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ}‬

‫[األنعام‪:‬‬

‫‪،]123‬‬

‫َّ‬ ‫وكّبت الل‪ ،‬أي‪ :‬وصفته بالكّبياء‪ ،‬والعظمة‪ ،‬ومنه قيل ف قصة‬ ‫يوسف‪{ :‬ﭢ ﭣ ﭤ} [يوسف‪ .]31 :‬وا كبر‪ :‬ـهو ذو الكّبياء‪:‬‬ ‫وـهو عبارة عن كمال اذلات‪ ،‬وكمال الوجود(‪.)2‬‬

‫وحاصل ـهذه املعاين‪ ،‬أن الكبي يدل ْع‪ :‬كّب وعظمة اذلات‪،‬‬

‫والشأن‪ ،‬والقدر‪ ،‬واملزنلة‪ ،‬والرفعة‪ ،‬والكّبياء‪ ،‬وكمال الصفات‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬املواـهب الربانية (‪ 70‬ـ ‪.)76‬‬

‫(‪ )2‬املفردات (ص ‪ ،)696‬مقاييس اللغة (‪ 153/5‬ـ ‪ ،)164‬واألسىن (‪.)257‬‬

‫‪184‬‬

‫‪‬‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو ا كبر ْع اإلطَّلق‪:‬‬ ‫(‪ )1‬اذلي كّب وعَّل ف ذاته‪ ،‬فهو أكّب من لك يشء‪ ،‬وأعظم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫وأجل‪ ،‬وأْع‪ ،‬من لك يشء‪.‬‬ ‫(‪ )2‬وـهو الكبي ف أوصافه‪ ،‬فلكها صفات كمال‪ ،‬وعظمة‪ ،‬وجمد‪،‬‬ ‫وجَّلل‪َّ ،‬ل ِ َّ‬ ‫سيم ل فيها‪ ،‬وَّل مثيل‪ ،‬وَّل شبيه‪ ،‬وَّل نظي‪.‬‬ ‫(‪ )3‬وـهو الكبي ف أفعال‪ ،‬فعظمة خلقه‪ ،‬تشـهـد جبَّلل أفعال‪،‬‬

‫قـال تعـالـى‪{ :‬ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬

‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ} [اغفر]‪.‬‬

‫(‪ )4‬اذلي كّب عن شبه املخلوقي‪ ،‬فليس ل شبيه‪ ،‬وَّل مثيل‪.‬‬ ‫(‪ )5‬وـهو الكبي العظيم ذو الكّبياء‪ ،‬اذلي صغر دون جَّلل‪،‬‬ ‫وعظمته لك كبي‪ ،‬فهذان الوصفان َّل يهقادر قدرـهما وَّل يهبلغ كنههما‪.‬‬ ‫أمر أو نيه‪ ،‬بكمال‬ ‫(‪ )6‬املرصف عباده ْع ما يريد‪ ،‬من ٍ‬ ‫احلكمة والعدل‪َّ ،‬ل يقىض دونه أمر‪ ،‬وَّل يرد حكمه أحد ف الكون‪.‬‬ ‫(‪ )7‬وـهو اذلي ل العظمة واإلكبار‪ ،‬واإلجَّلل‪ ،‬والسلطان‪ ،‬ف‬

‫السماوات واألرض‪ ،‬ويف قلوب وألسنة أويلائه‪ ،‬وأصفيائه األبرار‪.‬‬

‫(‪ )8‬ـهو اذلي كّب وتعاىل عن لك انلقائص‪ ،‬واملساوئ‪،‬‬

‫والعيوب(‪ ، )1‬اليت تناف كّبياءه‪ ،‬وعظمته‪ ،‬وجَّلل‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬األسىن (ص‪ ،)248‬شأن ادلاعء (ص ‪ ،)66‬اشتقاق أسماء الل (‪ ،)155‬تفسي األسماء لدلكتور الرضواين‬ ‫(ص ‪ ،)374‬تفسي السعدي (‪ ،)487/6‬وفتح الرحيم امللك (‪.)30‬‬

‫‪185‬‬

‫‪‬‬ ‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬

‫ﮡ} [اغفر]‪ ،‬العل‪ :‬العلو‪ ،‬والرفعة‪ ،‬والسمو‪ ،‬واتلعايل ْع اإلطَّلق ف‪:‬‬

‫اذلات‪ ،‬والصفات‪ ،‬وا كبر‪ :‬جيمع معاين العظمة‪ ،‬والسعة‪ ،‬ف ذاته‪،‬‬ ‫وأفعال‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وجَّلل‪ ،‬فدل ـهذا اَّلقرتان ْع أنه تعاىل‪ :‬كبي ف‬

‫علوه‪ ،‬عل ف كّبيائه‪" ،‬فهو أكّب من لك يشء‪ ،‬وأعظم من لك يشء‪،‬‬ ‫واعل ْع لك يشء"(‪.)1‬‬ ‫كما ـهو فوق لك يشء‪ٍ ،‬‬

‫ودل اَّلقرتان كذلك ْع "أن حكمه سبحانه‪ ،‬يعلو وتذعن ل‬

‫انلفوس‪ ،‬حىت نفوس املتكّبين واملرشكي"(‪ ،)2‬ألن علوه وكّبياءه‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ينفيان خَّلفه‪ ،‬فبهذا اَّلقرتان "حيصل الكمال املطلق‪ :‬العلو‬

‫والكّبياء‪ ،‬والكّب فيه كمال الكمال"(‪.)3‬‬

‫هللالل ا كبر‪ :‬هللالل كربينئه عز وجل َّل يعلمها إَّل ـهو‪َّ ،‬ل‬

‫ملك مقرب‪ ،‬وَّل نيب مرسل‪ ،‬فاختص الل جل وعَّل بها‪ ،‬فمن نازعه‬ ‫َّ‬ ‫عذبه‪ ،‬قال ‘ فيما حيكيه عن ِ‬ ‫ربه عز وجل‪> :‬العً إزار ‪،‬‬ ‫فيها‬ ‫وا كربينء رداؤ ‪ ،‬ةمن يننزعين عذبته<(‪.)4‬‬ ‫(ا‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫وقدرا‪ ،‬ومعىن‪ ،‬وعزة‪،‬‬ ‫أكرب)‪ :‬أي الل أكّب‪ ،‬من لك يشء ذاتا‪،‬‬

‫وجَّللة‪ ،‬يقال‪ :‬أنها أبلغ لفظة للعرب‪ ،‬ف معىن اتلعظيم‪ ،‬واإلجَّلل‪ ،‬فهو‬

‫أكمل من صفة العظمة‪ ،‬ألنه يتضمنها‪ ،‬ويزيد عليها ف املعىن(‪.)5‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر الصواعق املرسلة (‪.)1379/4‬‬

‫(‪ )3‬تفسي سورة اغفر (‪َّ )188/9‬لبن عثيمي‪.‬‬

‫(‪ )2‬تفسي السعدي (‪.)188/4‬‬ ‫(‪ )4‬مسلم (‪.)2620‬‬

‫(‪ )5‬جمموع الفتاوى (‪ ،)253/10‬الصواعق املرسلة (‪ ،)1379/4‬تفسي ابن عطية (‪ ،)1173‬األسىن (‪.)252‬‬

‫‪186‬‬

‫‪‬‬ ‫اثلمرات‪ :‬جيب أن يعلم لك ملكف أن الكّبياء‪ ،‬والعظمة لل‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫تعاىل وحده‪ ،‬وأنه َّل حظ ل من ـهذا اَّلسم‪ ،‬إنما حظه‪ :‬اذللة‬ ‫َّ‬ ‫واَّلفتقار‪ ،‬للكبي القهار(‪ ،)1‬فينبيغ ل أن يَّلزم اتلكبي واتلعظيم‬ ‫ِ‬ ‫لربه ف الليل وانلهار‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯘ ﯙ ﯚ} [اإلرساء]‪ ،‬وأن‬ ‫خيلع عن نفسه أوصاف الربوبية‪ ،‬ويلبس رداء العبودية‪ ،‬قال ‘‪:‬‬

‫>ال يد ل اجلن‪ ،‬من اكن يف قلبه مثقنل ‪،‬رة من كرب<(‪.)2‬‬

‫‪ 60‬ـ ـ ‪61‬ـ ـ اهلل (الشَّاكر‪ ،‬الشَّكور) عز شأنه‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ} [النساء]‪.‬‬ ‫وقال جل شأنه‪{ :‬ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ} [اتلغابن]‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫املعىن ا ليوي‪ :‬ا شنكر‪ :‬اسم فاعل للموصوف بالشكر‪،‬‬

‫َّ‬ ‫وا شكور‪ :‬صيغة مبالغة من فعول‪ ،‬أي كثي الشكر‪ ،‬وـهو أبلغ من‬ ‫شاكر‪ ،‬وأصل الشكر‪ :‬الزيادة‪ ،‬وانلماء‪ ،‬والظهور‪ ،‬يقال‪ :‬شكرت‬

‫األرض‪ :‬إذا كرث انلبات فيها‪ ،‬وحقيقة الشكر‪ :‬اثلناء ْع املحسن‪،‬‬

‫بذكر إحسانه(‪.)3‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه وتعاىل ـهو أول بصفة الشكر‬

‫من لك مشكور‪ ،‬بل ـهو ا شكور ْع احلقيقة‪:‬‬

‫(‪ )1‬فهو تعاىل يشكر اليسي من الطاعة‪ ،‬فيجازي عليه الكثي‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر األسىن (‪.)467‬‬

‫(‪ )2‬صحيح مسلم (‪.)91‬‬

‫‪187‬‬

‫(‪ )3‬املفردات (ص ‪ ،)461‬لسان العرب (‪)2305/4‬‬

‫‪‬‬

‫ٍّ‬ ‫املضاعف من اثلواب‪ ،‬بغي عد وَّل حساب‪.‬‬ ‫(‪ )2‬ويغفر الكثي من الزلل‪ ،‬ويقبل القليل من صالح العمل‪.‬‬ ‫(‪ )3‬وـهو سبحانه يشكر العباد ْع شكرـهم ل‪ ،‬فَّييدـهم من‬ ‫خيه وفضله‪ً ،‬‬ ‫نعما ـهو أعطاـهم إياـها‪ ،‬وجعلها هلم‪ ،‬وـهذا من شكره‪.‬‬ ‫(‪ )4‬ويشكر عبده بقول بأن يثن عليه بي مَّلئكته‪ ،‬ويف املأل‬

‫األْع‪ ،‬ويليق ل الشكر بي عباده‪ ،‬ويشكره بفعله‪.‬‬

‫(‪ )5‬وـهو سبحانه يعطي اجلزيل من انلعمة‪ ،‬فيض باليسي من‬

‫الشكر‪.‬‬

‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫(‪ )6‬ومن كمال شكره جل جَّلل أنه يعطي العبد‪ ،‬ويوفقه ملا‬

‫يشكره عليه‪ ،‬فمنه السبب‪ ،‬ومنه املسبب‪.‬‬

‫(‪ )7‬وـهو تعاىل يشكر القليل من العمل والعطاء‪ ،‬مع إنعامه‬ ‫ّ‬ ‫الكثي‪ ،‬فَّل يستقله أن يشكره‪ ،‬ومع ـهذا يثيب عليه اثلواب اجلليل‪.‬‬ ‫(‪ )8‬ومن شكره اجلميل أن من ترك ً‬ ‫شيئا ل سبحانه‪َّ ،‬‬ ‫عوضه‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫أفضل منه‪ ،‬وإذا بذل ل شيئًا‪ ،‬رده عليه أضعافا مضاعفة‪ ،‬وـهو اذلي‬ ‫َّ‬ ‫وفقه للرتك وابلذل‪ ،‬وشكره ْع ـهذا‪ ،‬وذاك(‪.)1‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قال تعاىل‪ { :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬

‫ﭱ} [الشورى]‪ ،‬فإنه سبحانه يغفر اذلنوب لعباده‪ ،‬إذا تابوا وأنابوا‪،‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر املعاين السابقة‪ :‬شأن ادلاعء (‪ ،)65‬جامع ابليان (‪ ،)18/25‬جمموع الفتاوى (‪ ،)203/18‬عدة الصابرين‬ ‫(‪ 419‬ـ ‪ ،)431‬تفسي األسماء (‪ .)48‬احلق الواضح (‪.)70‬‬

‫‪188‬‬

‫‪‬‬ ‫ويشكر هلم ْع طاعتهم ل‪ ،‬وـهو يغفر لعباده املؤمني ْع تقصيـهم‬ ‫ٌ‬ ‫عن شكره‪ ،‬ألنه َّل حييص أحد شكره ْع اتلمام والكمال‪ ،‬وأنه تعاىل‬ ‫من غفر ل‪ ،‬فإنه يشكره بزيادة اثلواب ل‪ ،‬واثلناء عليه‪.‬‬ ‫(‪ )2‬وقال سبحانه‪{ :‬ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ} [ابلقرة]‪ ،‬أي‪ :‬أن‬

‫الل تعاىل (عليم) بمن يستحق الشكر‪ ،‬فيجازيه ْع وفق علمه‬

‫الواسع‪ ،‬فهو يعلم سبحانه مقادير أعمال‪ ،‬وأقوال الشاكرين‪ ،‬وكيفياتها‪،‬‬ ‫وحقائقها‪ ،‬فَّل ينقص من أجورـهم شيئًا‪ ،‬فهو تعاىل عليم بمن يستحق‬

‫الشكر ْع عمله‪ ،‬وقبول‪ ،‬وإثابته عليه منهم‪ ،‬عليم بمن أخلص فيه‪،‬‬ ‫أو خَّلفه‪ ،‬فهو أعلم بالشاكرين حقيقة‪ ،‬كذلك أن ترك اثلواب عن‬ ‫اإلحسان َّل يكون إَّل عن جحود للفضيلة‪ ،‬أو جهل بها(‪ ،)1‬والل‬ ‫تبارك وتعاىل َّ‬ ‫مزنه عن ذلك لكه‪ ،‬فجاء اَّلقرتان كدَّللة ْع نيف ـهذه‬ ‫العيوب‪ ،‬فإن ـهذا من وصف العباد‪َّ ،‬ل رب العباد‪.‬‬

‫هللالل ا شنكر وا شكور‪ :‬أ) أنه تعاىل جيازي عدوه بما‬

‫يفعله من اخلي واملعروف ف ادلنيا‪ ،‬وخيفف به عنه يوم القيامة‪ ،‬فَّل‬ ‫يضيع عليه ما يعمله من اإلحسان‪ ،‬وـهو من أبغض خلقه‪.‬‬ ‫لعبد من أجل تنحية شوكة(‪.)2‬‬ ‫ب) ومن هللالهل أنه غفر ٍ‬ ‫بِغ سقت ا َ‬ ‫لكب َ‬ ‫ ـج) ومن هللالل شكره‪ :‬أنه غفر المرأة ِ ٍّ‬ ‫املنء(‪.)3‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬األلويس (‪ ،)39/2‬ابن اعشور (‪ )65/2‬بترصف‪.‬‬

‫َّ‬ ‫(‪ )2‬قال ‘‪> :‬بينمن رهللل يميش بطريق‪ ،‬وهللد غصن شوك ٰ‬ ‫ىلع الطريق‪ ،‬ةأ ر ‪ ،‬ةشكر ا‬ ‫(‪ ،)652‬مسلم (‪.)1914‬‬ ‫َّ‬ ‫(‪ )3‬قال ‘‪> :‬غفر المرأة مومس‪ ،‬مرت بكلب ىلع رأس ريك يلهث اكد يقتله العطش‪ ،‬ةزنعت فهن ةأوثقته‬ ‫هل ةيفر هل< ابلخاري‬

‫خبمنرهن ةزنعت هل من املنء ةيفر هلن بذ ا< ابلخاري (‪ ،)3467‬ومسلم (‪.)2245‬‬

‫‪189‬‬

‫‪‬‬ ‫د) أنه يعطي العبد ما يشكر عليه‪ ،‬ثم يشكره ْع إحسانه إىل‬

‫نفسه‪َّ ،‬ل ْع إحسانه إيله سبحانه‪ ،‬ووعده ْع إحسانه نلفسه‪ ،‬أن‬

‫حيسن جزاءه‪ ،‬ويقربه دليه‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫فسَّم‬ ‫اشتق للشاكرين اسمي من أسمائه احلسىن‪،‬‬ ‫ ـه) أنه‬ ‫وشكورا)‪ ،‬فأعطاـهم من وصفه ‪َّ ،‬‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫وسماـهم باسمه‪.‬‬ ‫شنكرا‪،‬‬ ‫نفسه (‬ ‫(‪)1‬‬ ‫و) من هللالهل‪ :‬أنه جيازي عباده ف طااعت يسية‪ ،‬ف أيام قليلة‪،‬‬ ‫جنات َّ‬ ‫علية رسمدية ‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ للك مؤمن عرف َّ‬ ‫ربه بهذا اَّلسم‪ ،‬أن يَّلزم‬

‫شكره‪ ،‬ف يلله‪ ،‬ونهاره‪ ،‬ف رسه‪ ،‬وعَّلنيته‪ ،‬بفعله‪ ،‬وقول‪ ،‬وجنانه‪ ،‬ملا‬

‫أسدى إيله تعاىل من نعمه وآَّلئه اليت َّل حتد‪ ،‬وَّل حتىص‪ ،‬وَّل تعد‪،‬‬ ‫وأعظمها نعمة اإلسَّلم‪ ،‬املغبون بها أكرث األنام‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫شكرا خيصها‪ ،‬وْع اللسان من‬ ‫"ثم اعلم أن ْع لك جارح ٍة‬

‫ذلك مثل ما ْع سائر اجلوارح‪ ،‬وشكر لك جارحة إنما ـهو باستعماهلا‬

‫بتقوى الل العظيم‪ ،‬ف امتثال ما خيصها من الطااعت‪ ،‬واجتناب ما‬ ‫ً‬ ‫خيصها من العصيان"(‪ ،)3‬وينبيغ أن تشكر من أسدى إيلك معروفا‬ ‫من أي إنسان‪ ،‬وأول بذلك الوادلان‪ ،‬الذلان اكنا ً‬ ‫سببا لوجودك‪ ،‬بإذن‬ ‫من الرْحن‪ ،‬واعلم "أن مزنلة الشكر‪ ،‬يه من أْع املنازل‪ ،‬ويه فوق‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ألن الصفات مشتقة من األسماء‪ ،‬فلك اسم يدل ْع صفة‪َّ ،‬ل العكس‪ ،‬انظر شفاء العليل (‪)277‬‬

‫(‪ )2‬انظر املعاين السابقة‪ :‬مدارج السالكي (‪ ،)252/2‬عدة الصابرين (‪ ،)426‬رشح أسماء الل للرازي (‪.)261‬‬ ‫(‪ )3‬األسىن (‪.)326/1‬‬

‫‪190‬‬

‫‪‬‬ ‫ٰ‬ ‫رض) وزيادة"(‪ ،)1‬فالزمها حىت تنال رض ادليان‪.‬‬ ‫مزنلة (ا‬ ‫‪ 62‬ـ ـ اهلل (العليم) سبحانه وتعاىلٰ‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ} [ابلقرة]‪.‬‬ ‫املعىن ا ليوي‪ :‬العلم‪ :‬معرفة اليشء‪ ،‬وإدراكه حبقيقته(‪،)2‬‬

‫وـهو من أبنية املبالغة‪ْ ،‬ع وزن فعيل‪.‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ـهو العليم اذلي َّل أعلم منه‪:‬‬

‫‪ )1‬العالم بكل يشء‪ ،‬اذلي لكمال علمه يعلم ما بي أيدي‬

‫اخلَّلئق وما خلفهم‪ ،‬فَّل تسقط ورقة إَّل بعلمه‪ ،‬وَّل تتحرك ذرة إَّل‬

‫بإذنه‪.‬‬

‫ََ‬ ‫‪ )2‬يعلم دبيب اخلواطر ف القلوب حيث َّل َّ‬ ‫الملك‪،‬‬ ‫يطلع عليها‬ ‫ويعلم ما سيكون منها‪ ،‬حىت َّل ّ‬ ‫يطلع عليه القلب ‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪ )3‬فالغيب عنده شهادة‪ ،‬والَّس عنده عَّلنية‪ ،‬واملستور دليه‬

‫أحد إيله فقي ْع ادلوام ملهوف‪.‬‬ ‫مكشوف‪ ،‬ولك ٍ‬ ‫َّ‬ ‫الَّس وأخىف من الَّس‪ ،‬فالَّس‪ :‬ما انطوى عليه ضمي‬ ‫‪ )4‬يعلم‬ ‫َّ‬ ‫تتحرك به شفتاه‪ ،‬وأخىف منه‪ :‬ما لم خيطر‬ ‫العبد‪ ،‬وخطر بقلبه‪ ،‬ولم‬

‫بقلبه بعد‪ ،‬فيعلم أنه سيخطر بقلبه كذا وكذا‪ ،‬ف وقت كذا وكذا(‪.)4‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر مدارج السالكي (‪ )2( .)252/2‬املفردات (‪ ،)580‬اللكيات (‪.)610‬‬ ‫(‪ )4‬الوابل الصيب (‪ ،)62‬شفاء العليل (‪ 41‬ـ ‪.)43‬‬

‫‪191‬‬

‫(‪ )3‬طريق اهلجرتي (‪.)234‬‬

‫‪‬‬ ‫ةمن كمنل علمه سبحنًه وسعته‪:‬‬ ‫(‪ )1‬أنه العالم بما اكن‪ ،‬وما يكون قبل كونه‪ ،‬وبما يكون وملا‬ ‫م‬ ‫يكن َبع هد‪ ،‬قبل أن يكون‪ ،‬فهو يعلم ما اكن وما يكون من‬

‫املستقبَّلت اليت َّل نهاية هلا‪.‬‬

‫(‪ )2‬ومن كمال علمه أنه أحاط علمه جبميع األشياء‪ ،‬باطنها‬

‫وظاـهرـها‪ ،‬دقيقها وجليلها‪ْ ،‬ع أتم اإلماكن‪.‬‬

‫(‪ )3‬يعلم ما ف السموات السبع‪ ،‬واألرضي السبع‪ ،‬وما بينهما‪،‬‬

‫وما حتت الرثى‪ ،‬وما ف قعر ابلحار‪ ،‬ومنبت لك شعرة‪ ،‬ولك شجرة‪،‬‬

‫ومسقط لك ورقة‪ ،‬وعدد احلصا والرمل والرتاب‪ ،‬ويعلم لك يشء‪،‬‬

‫وَّل خيىف عليه يشء‪ ،‬وـهو ْع العرش استوى‪ ،‬فوق لك الورى‪.‬‬

‫(‪ )4‬ومن سعة علمه أنه أحاط علمه بالواجبات‪ ،‬واملستحيَّلت‪،‬‬

‫واملمتنعات‪ ،‬واملمكنات‪ ،‬وباملاضيات‪ ،‬واملستقبَّلت‪ ،‬واملحسوسات‪،‬‬

‫واملعنويات‪ ،‬فَّل خيلو عن علمه ماكن‪ ،‬وَّل زمان‪.‬‬

‫(‪ )5‬ومن كمال أنه يعلم املمتنعات حال امتناعها‪ ،‬ويعلم ما‬ ‫يرتتب ْع وجودـها لو هوجدت ‪.‬‬ ‫(‪)2()1‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭰ ﭱ ﭲ‬

‫ﭳ ﯫ} [يس]‪ ،‬جاء ـهذا اَّلقرتان اجلليل ف سياق قيامه تعاىل‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬كما قال تعاىل‪{ :‬ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ} [األنبياء‪.]22 :‬‬ ‫(‪ )2‬انظر املعاين السابقة‪ :‬لسان العرب (‪ ،)3082/4‬السنة لإلمام أْحد (‪ ،)48‬احلق املبي (‪ ،)36‬توضيح الاكفية‬ ‫الشافية (‪.)118‬‬

‫‪192‬‬

‫‪‬‬ ‫ْع تدبي ـهذا انلظام الكوين العجيب(‪ .)1‬فإن العزة يه‪ :‬الغلبة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫والقوة كما سبق‪ ،‬فدل ذلك ْع أن قيامه ْع تدبي ـهذا الكون ابلاـهر‬ ‫للعقول‪ ،‬املتقن‪ ،‬ناشئ عن كمال العلم‪ ،‬وكمال القوة والقهر‪ ،‬حيث‬ ‫َّ‬ ‫مكن ـهذه األجرام العظام بهيئاتها‪َّ ،‬ل تتغي‪ ،‬وَّل تتحول‪ ،‬وَّل‬ ‫تصطدم‪ ،‬إَّل أن يريد الل إبادة ـهذا الكون‪ ،‬فتسكن حراكته وتفىن‬

‫موجوداته‪ ،‬وأنها مهما عظمت أجرامها‪ ،‬واتسعت أرجاؤـها‪ ،‬فَّل يعز‬ ‫عليه إجيادـها وتدبي أمورـها ْع وجه العلم واحلكمة(‪ ،)2‬فَّل يستطيع‬ ‫ٌ‬ ‫أحد أن يمنع ما أراده سبحانه ف تدبيه وتكوينه‪َّ " ،‬‬ ‫فعزته تمنع أن‬ ‫يكون ف ملكه ما َّل يشاؤه‪ ،‬أو أن يشاء ما َّل يكون"(‪.)3‬‬

‫وبعًته تعاىل كذلك قهرـهما وسيـهما ْع الوجه املخصوص‪ ،‬إىل‬

‫وقت معلوم‪ ،‬وـهو العليم بتدبيـهما(‪ ،)4‬واألنفع من اتلداوير املمكنة‬

‫هلما(‪ ،)5‬وأن عزته تعاىل إنما تكون بعلمه الشامل للك يشء‪ ،‬أي‪ :‬أن‬ ‫إنفاذ ـهذه العزة‪ ،‬إنما يكون بعلم ومعرفة‪ ،‬بمواطنها‪ ،‬وعواقبها‪ ،‬وليس‬

‫كعزة املخلوق‪ ،‬اليت تنطلق ف الغالب من اهلوى‪ ،‬والظلم‪ ،‬واجلهل‪ ،‬فدل‬ ‫ْع عزة قوامها شمول العلم‪ ،‬وإحاطته‪ ،‬فيه عزة (العليم)(‪ )6‬سبحانه‪.‬‬

‫(‪ )2‬قال تعاىل‪{ :‬ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ} [النساء]‪ ،‬دل اَّلقرتان‬

‫ْع‪ :‬أنه تعاىل لو يعامل عباده وجيازيهم‪ ،‬بما يعلمه سبحانه من ذنوبهم‬ ‫الظاـهرة‪ ،‬وابلاطنة‪ ،‬هللكوا‪ ،‬ولكنه حليم بمن عصاه‪ ،‬يمهله‪ ،‬وَّل يهمله‪،‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬كما ف سورة فصلت (‪ )12‬ف خلقه سبع سموات ف يومي‪ )2( .‬انظر نظم ادلرر (‪.)262/6‬‬ ‫(‪ )4‬أي‪ :‬الشمس والقمر كما ف سورة األنعام (‪.)96‬‬ ‫(‪ )3‬بدائع الفوائد (‪.)123/1‬‬ ‫(‪ )6‬ولل األسماء احلسىن (‪.)349‬‬ ‫(‪ )5‬انظر تفسي ابليضاوي (‪.)507/1‬‬

‫‪193‬‬

‫‪‬‬ ‫فحلمه عن علم‪ ،‬فإن املخلوق حيلم عن جهل‪ ،‬ويعفو عن عجز‪،‬‬

‫والرب تعاىل حليم مع كمال علمه‪ ،‬ويعفو مع تمام قدرته‪ ،‬وما‬

‫أضيف يشء إىل يشء أزين من حلم‪ ،‬إىل علم‪ ،‬ومن عفو‪ ،‬إىل اقتدار(‪.)1‬‬

‫(‪ )3‬وقال سبحانه‪{ :‬ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ}‬

‫[األحزاب]‪ ،‬أي‪ :‬أن خلقه تعاىل وأمره صدرا عن حكمته‪ ،‬وعلمه‪،‬‬

‫وحكمته وعلمه اقتضيا ظهور خلقه وأمره‪ ،‬فمصدر اخللق واألمر عن‬ ‫ـهذين املتضمني هلاتي الصفتي‪ ،‬وهلذا يقرن سبحانه بينهما(‪ )2‬عند‬

‫ذكر إنزال كتبه‪ ،‬وعند ذكر ملكه وربوبيته‪ ،‬إذ ـهما مصدر اخللق‬ ‫َ ِ‬ ‫ً‬ ‫أجلها‬ ‫واألمر‪ ،‬وملا اكن سبحانه اكمَّل ف مجيع أوصافه‪ ،‬ومن‬

‫حكمته‪ ،‬اكنت اعمة اتلعلق بكل مقدور‪ ،‬كما أن علمه اعم اتلعلق‬

‫بكل معلوم(‪.)3‬‬

‫هللالل العليم‪ :‬من هللالل علمه تبارك وتعاىل أنه >كتب‬

‫مقندير اخلالئق قبل أن خيلق ا سمنوات واألرض خبمسني ألف سن‪،،‬‬ ‫وعرشه ٰ‬ ‫ىلع املنء<(‪ ،)4‬وأمر القلم أن يكتب فقال ل‪> :‬اكتب مقندير‬ ‫لك يشء ح ٰ‬ ‫ىت تقوم ا سنع‪ .)5(<،‬فتم لك يشء‪ ،‬فجاءت املقادير‪ْ ،‬ع‬

‫وفق علمه وتقديره‪ ،‬دون تأخي‪ ،‬أو ختلف‪ ،‬أو تغي‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذا اَّلسم اجلليل يورث املؤمن هجل مقامات‬ ‫ِ‬ ‫العبودية‪ ،‬اليت من أعظمها‪ ،‬وأجلها‪ ،‬معرفة أسماء الل تعاىل وصفاته‪،‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )2‬جاء ـهذا اَّلقرتان ف القرآن (‪ )37‬مرة‪.‬‬ ‫(‪ )1‬عدة الصابرين (ص ‪ ،)236‬ولل األسماء احلسىن (‪.)351‬‬ ‫(‪ )3‬الصواعق املرسلة (‪ )4( .)1365/4‬مسلم (‪ )5( .)2044‬صححه األبلاين ف مشاكة املصابيح (‪.)34/1‬‬

‫‪194‬‬

‫‪‬‬ ‫وتقديسه‪ ،‬فإن علم العباد بربهم وصفاته‪ ،‬وعبادته وحده‪ ،‬يه الغاية‬

‫املطلوبة من اخللق واألمر‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ‬ ‫ﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖ‬

‫ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ}‬

‫[الطَّلق]‬

‫‪ ،‬وكذلك اخلوف منه تعاىل‪،‬‬

‫وخشيته‪ ،‬ومراقبته‪ ،‬واحلياء منه‪ ،‬ف الَّس والعلن‪ ،‬ألن العبد إذا أيقن‬

‫أن الل اعلم حبال‪ ،‬مطلع ْع باطنه وظاـهره‪ ،‬فإن ذلك يدفعه إىل‬

‫اَّلستقامة ْع أمر الل ف لك أحوال‪ ،‬فزتكو أعمال قلبه وجوارحه‪،‬‬ ‫ويصل إىل مرتبة اإلحسان اليت يه أْع درجات اإليمان(‪.)1‬‬ ‫‪ 63‬ـ ـ اهلل (احلفيظ) تبارك وتعاىلٰ‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ} [ـهود]‪.‬‬ ‫املعىن ا ليوي‪ :‬احلفيظ‪ :‬مبالغة من اسم الفاعل احلافظ‪،‬‬

‫واحلفظ نقيض النسيان‪ ،‬وـهو اتلعاـهد‪ ،‬وقلة الغفلة‪ ،‬وحفظ اليشء‪:‬‬

‫صيانته من اتللف والضياع‪ ،‬ويستعمل احلفظ ف العلم‪ْ ،‬ع معىن‬ ‫الضبط‪ ،‬وعدم النسيان‪ ،‬واحلفيظ‪ :‬املولك باليشء حيفظه(‪.)2‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل جل وعَّل ـهو احلفيظ وـهو خي احلافظي‪،‬‬

‫اذلي َّل يغيب عما حيفظه من األشياء لكها‪ ،‬فمن ذلك‪:‬‬

‫(‪ )1‬أنه حيفظ السماوات واألرض ومن فيهما‪ ،‬تلبىق مدة بقائها‪،‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬مفتاح دار السعادة (‪ ،)26/1‬انظر‪ :‬طريق اهلجرتي (ص‪.)275‬‬ ‫(‪ )2‬اللسان (‪ ،)929/2‬املفردات (ص ‪.)244‬‬

‫‪195‬‬

‫‪‬‬ ‫فَّل تزول‪ ،‬وَّل تدثر‪ ،‬فَّل يثقله ْحلهما‪ ،‬لكمال قدرته َّ‬ ‫وقوته(‪.)1‬‬ ‫(‪ )2‬وـهو اذلي حيفظ ْع خلقه وعباده ما يعملون‪ ،‬من خي أو‬ ‫رش‪ ،‬من ٍّ‬ ‫ّ‬ ‫رس وعلن‪ ،‬وصغي أو كبي‪ ،‬فيجازيهم بها ف يوم ادلين‪.‬‬ ‫(‪ )3‬وـهو اذلي َّل يعزب عن حفظه األشياء لكها‪ ،‬ولو اكنت‬

‫مثقال ذرة ف األرض‪ ،‬أو ف السموات العَّل‪.‬‬

‫(‪ )4‬وـهو تعاىل حيفظ عبده من املهالك‪ ،‬واملعاطب‪ ،‬ويقيه مصارع‬

‫السوء‪ ،‬وقد جعل ل حفظه‪ :‬من املَّلئكة ـهم املعقبات بأمره‪.‬‬ ‫(‪ )5‬وحفظ الل تعاىل نواعن‪:‬‬

‫األول‪ :‬حفظ اعم‪ :‬حفظه جلميع املخلوقات بتيسيه هلا ما يقيها‪،‬‬

‫وحيفظ بنيتها‪ ،‬وتميش إىل مصاحلها‪ ،‬بإرشاده وـهدايته العامة اليت‬

‫قال تعاىل عنها‪{ :‬ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ} [طه‪.]50 :‬‬

‫اثلنين‪ :‬حفظ نص‪ :‬وـهو أرشف انلوعي‪ :‬وـهو حفظه تعاىل‬

‫ألويلائه‪ ،‬وـهو كذلك نواعن‪ ،‬حفظهم ف دينهم‪ ،‬ودنياـهم‪:‬‬

‫أ) حفظه يف مصنلح دًين ‪ :‬كحفظه ف بدنه‪ ،‬وأـهله‪ ،‬وودله‪،‬‬

‫ومال‪ ،‬فجعل ل معقبات حيفظونه بأمر الل‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮠ ﮡ‬

‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ} [الرعد‪.]11 :‬‬

‫ب) حفظه يف دينه وإيمنًه‪ :‬فيحفظه من الشبهات املضلة‪ ،‬ومن‬ ‫َّ‬ ‫املحرمة‪ ،‬ولك ما يرض إيمانه‪ ،‬أو يزلزل يقينه‪ ،‬فيعافيهم‬ ‫الشهوات‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬قال سبحانه وتعاىل‪{ :‬ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ}‬ ‫ﯹ} [ابلقرة‪.]255 :‬‬

‫‪196‬‬

‫[فاطر‪ ،]41 :‬وقال‪{ :‬ﯷ ﯸ‬

‫‪‬‬ ‫وخيرجهم منها بسَّلم وحفظ وأمان‪ ،‬وحيفظهم من أعدائهم من اإلنس‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫واجلان فينرصـهم عليهم‪ ،‬وحيفظه عند موته‪ ،‬فيتوفاه ْع اإليمان‪ ،‬وْع‬ ‫حسب ما عند العبد من ايلقي‪ ،‬واإليمان تكون مدافعة الرْحن‪ ،‬قال‬

‫‘‪> :‬احفظ ا‬

‫حيفظا‪ ،‬احفظ ا‬

‫جتد جتنها<(‪.)2()1‬‬

‫هللالل احلفيظ‪ :‬أنه حيفظ األشياء بذواتها وصفاتها‪ ،‬فمن‬ ‫َّ‬ ‫ذلك‪ :‬أنه جعل احلفظ صيانة املتقابَّلت‪ ،‬املتضادات بعضها عن بعض‪،‬‬ ‫اكتلقابل بي املاء وانلار‪ ،‬فإنهما يتعاديان بطباعهما‪ ،‬فإما أن يطفئ املاء‬

‫انلار‪ ،‬وإما أن حتيل انلار املاء إىل خبار‪.‬‬

‫َّ‬ ‫وقد مجع الل بي ـهذه املتضادات املتنازعة ف سائر العنارص‬

‫واملركبات‪ ،‬وسائر األحياء‪ ،‬اكإلنسان وانلبات واحليوان‪ ،‬ولوَّل حفظه‬ ‫هلذه األسباب‪ ،‬وتنظيم معادَّلتها‪ ،‬وارتباط العلل بمعلوَّلتها؛ تلنافرت‬

‫وتباعدت‪ ،‬وبطل امزتاجها‪ ،‬فهذه يه األسباب اليت حتفظ اإلنسان من‬

‫اهلَّلك‪ ،‬وتؤمن ل حبفظ الل احلياة(‪.)3‬‬

‫ومن هللالهل‪ :‬أنه حيفظ العبد بصَّلحه ف ودله‪ ،‬وودل ودله(‪.)4‬‬ ‫َّ‬ ‫اثلمرات‪ :‬إن من أعظم ثمرات ـهذا اَّلسم الكريم‪ ،‬حفظ حدود‬

‫الل تعاىل‪ ،‬وحفظ ما وجب عليه من حقوقه‪ ،‬قال ‘‪> :‬احفظ ا‬

‫حيفظا<(‪ ،)5‬أي‪ :‬احفظ أوامره باَّلمتثال‪ ،‬ونواـهيه باَّلحتساب‪،‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬صحيح الرتمذي (‪.)2516‬‬ ‫(‪ )2‬انظر املعاين السابقة‪ :‬شأن ادلاعء (‪ ،)67‬جامع العلوم (‪ ،)465/1‬تيسي الكريم (‪ ،)488/5‬احلق الواضح (‪.)59‬‬ ‫(‪ )3‬املقصد األسىن (‪ ،)100‬وأسماء الل احلسىن للرضواين (‪.)507‬‬ ‫(‪ )4‬كما قيل ف قول‪{ :‬ﯦ ﯧ ﯨ} الكهف‪ ،82 :‬نور اَّلقتباس (‪َّ )51‬لبن رجب احلنبل‪.‬‬ ‫(‪ )5‬صحيح الرتمذي (‪.)2516‬‬

‫‪197‬‬

‫‪‬‬ ‫وحدوده بعدم تعديها‪ ،‬واَّلبتعاد عنها‪ ،‬فيحفظك الل تعاىل ف نفسك‪،‬‬

‫ودينك‪ ،‬ومالك‪ ،‬وودلك‪ ،‬ويف مجيع ما آتاك الل من فضله‪ ،‬واعلم أن‬ ‫أعظم احلفظ‪ ،‬حفظ القلوب‪ ،‬وحراسة ادلين عن الكفر‪ ،‬وأنواع‬

‫الفنت‪ ،‬وفنون األـهواء‪ ،‬وابلدع‪ ،‬وانلفاق(‪.)1‬‬

‫‪ 64‬ـ ـ اهلل (األكرم) جل شأنه‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ} [العلق]‪.‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬أخّب سبحانه وتعاىل أنه األكرم بصيغة‬ ‫ّ‬ ‫اتلفضيل واتلعريف هلا‪ ،‬فدل ْع أنه األكرم وحده‪ ،‬خبَّلف ما لو قال‪:‬‬

‫(وربك أكرم)‪ ،‬فإنه َّل يدل ْع احلرص‪ ،‬بل أطلق اَّلسم يلبي أنه‬ ‫ً‬ ‫األكرم مطلقا‪ ،‬فدل ْع أنه متصف بغاية الكرم‪ ،‬اذلي َّل يشء فوقه‪،‬‬ ‫وَّل نقص فيه‪ ،‬ولفظ الكرم لفظ جامع للمحاسن واملحامد‪َّ ،‬ل يراد‬

‫به جمرد اإلعطاء‪ ،‬بل اإلعطاء من تمام معناه‪ ،‬فإن اإلحسان إىل الغي‬ ‫تمام املحاسن‪ ،‬والكرم كرثة اخلي‪ ،‬ويَّسته(‪.)2‬‬

‫واألكرم‪ :‬ـهو األحسن‪ ،‬واألنفس‪ ،‬واألوسع‪ ،‬واألعظم‪ ،‬واألرشف‪،‬‬

‫واألْع من غيه‪ ،‬ف لك وصف كمال(‪.)4()3‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو األكرم اذلي َّل أكرم منه‪:‬‬

‫‪ )1‬فهو أكرم األكرمي َّل يوازيه كريم‪ ،‬وَّل يعادل فيه نظي‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر األسىن (‪ ،)312/1‬احلق الواضح (‪.)61‬‬

‫(‪ )2‬انظر جمموع فتاوى ابن تيمية (‪ )293/16‬بترصف يسي‪.‬‬

‫(‪ )3‬قال تعاىل‪{ :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ} [احلجرات‪.]13 :‬‬ ‫(‪ )4‬لسان العرب (‪ ،)510/12‬املفردات (ص ‪ ،)707‬وارجع إىل رشح اسمه (الكريم) فهناك توسع ف الرشح‪.‬‬

‫‪198‬‬

‫‪‬‬

‫ه‬ ‫‪ )2‬فهو تعاىل ابليه‪ ،‬الكثي اخلي وانلعم‪ ،‬اليت َّل حتىص وَّل تعد‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وَّل تستقىص‪ ،‬وَّل حتد‪ ،‬فهو سبب لك خي‪ ،‬و همسهله وميَّسه‪.‬‬

‫‪ )3‬فهو األكرم ف ذاته‪ ،‬وأوصافه‪ ،‬وأفعال‪ ،‬واخلي لكه بيديه‪،‬‬

‫واخلي لكه منه‪ ،‬وانلعم لكها ـهو موَّلـها‪ ،‬والكمال لكه ل‪ ،‬واملجد لكه‬ ‫ه ًّ‬ ‫األكرم حقا‪.‬‬ ‫ل‪ ،‬فهو‬ ‫‪ )4‬فهو مكرم‪ ،‬متفضل‪ ،‬منعم بما َّل يستحق عليه من اإلفضال‪.‬‬ ‫‪ )5‬والل جيل نفسه‪ ،‬ويكرم نفسه‪ ،‬فهو أـهل أن هجيَ َّل ه‬ ‫ويكرم‬

‫ه َّ‬ ‫ويعظم‪ ،‬ومع ذلك العباد َّل حيصون إجَّلل‪ ،‬وإكرامه(‪.)1‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ}‬

‫[العلق]‪ ،‬قرن ربوبيته بـ(األكرم)‪ ،‬فدل ْع أن ربوبيته تعاىل مقرونة‬

‫بسعة اخليات‪ ،‬وانلعم‪ ،‬واجلود‪ ،‬والفضل‪ ،‬الَّلحمدود جلميع‬

‫الاكئنات‪ ،‬ف لك األحوال واألوقات‪ ،‬وإن من خصائص ـهذه الربوبية‬ ‫اجلليلة اخليات والّباكت وأن ربوبيته مزنـهة من لك انلقائص‬

‫والسوء والعيوب من مجيع الوجوه(‪.)2‬‬ ‫َ‬ ‫هللالل األكرم‪ :‬أنه إذا ق ِد َر عفا‪ ،‬وإذا وعد وىف‪ ،‬وإذا أعطى‬

‫زاد ْع منتىه الرىج‪ ،‬وَّل يبايل كم أعطى‪ ،‬وملن أعطى‪ ،‬وإن رفعت‬ ‫ً‬ ‫حاجة إىل غيه َّل يرض‪ ،‬وإذا هج َ‬ ‫يف اعتب وما استقىص‪ ،‬وَّل يضيع‬ ‫ً‬ ‫من َّلذ به واتلىج‪ ،‬ويغنيه عن الوسائل والشفعاء‪ ،‬وإذا أبرص خلَّل‬ ‫ً‬ ‫جّبه وما أظهره‪ ،‬وإذا أول فضَّل أجزل ثم سرته‪ ،‬فمن اجتمع ل مجيع‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬تفسي األسماء (‪ ،)51‬مفتاح دار السعادة (‪ ،)242/1‬جمموع الفتاوى (‪ ،)320/16‬إبطال اتلأويَّلت (‪.)660‬‬ ‫َّ‬ ‫(‪ )2‬ألنه كما تقدم أن من معاين الكرم اتلزنه عن انلقائص واآلفات‪.‬‬

‫‪199‬‬

‫‪‬‬ ‫ذلك َّل باتللكف‪ ،‬فهو الكريم املطلق‪ ،‬وذلك لل تعاىل فقط‪ ،‬فله‬

‫جَّلل الشأن ف كرمه‪ ،‬وـهو مجال الكمال‪ ،‬وكمال اجلمال(‪.)1‬‬

‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ أن يعلم لك مؤمن أن اإلكرام احلقييق‪ ،‬ـهو‬

‫إكرام الل للعبد باتلقوى‪ ،‬قال تعاىل‪ { :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ}‬ ‫ٰ‬ ‫اتلقوى<(‪ ،)2‬وحبسب تقوى العبد يكون‬ ‫[احلجرات‪ ،]13 :‬وقال ‘‪> :‬ا كرم‬ ‫إكرامه عند الكريم األكرم‪ ،‬وينبيغ للعبد أن يهظهر كرائم الل تعاىل عليه‪،‬‬ ‫ا‬ ‫قال ‘‪> :‬ةإ‪،‬ا آتنك ا منال ةلر أثر ًعم‪ ،‬ا عليا وكرامته<(‪.)3‬‬

‫‪ 65‬ـ ـ ‪ 66‬ــ اهلل (األول‪ ،‬اآلخر) جل وعال‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﯴ ﯵ ﯶ} [احلديد‪.]3 :‬‬

‫قال ‘‪> :‬امهلل أًت األول ةليس قبلا يشء‪ ،‬وأًت اآل ر‬

‫ةليس بعدك يشء<(‪.)4‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬األول‪ :‬نقيض اآلخر‪ ،‬من أبنية املبالغة ْع وزن‬ ‫ً‬ ‫أيضا‪ :‬الرجوع إىل َّ‬ ‫أو ِل‬ ‫(أفعل)‪ ،‬وـهو اذلي يرتتب ْع غيه‪ ،‬واألويلة‬ ‫ه‬ ‫اليشءِ‪ ،‬ومبدؤه‪ ،‬أو مصدره‪ ،‬وأصله‪ ،‬ويهستعمل ْع أوجه ‪ ،‬واآلخر‪:‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫ً‬ ‫وـهو أيضا من أبنية املبالغة ْع وزن (أفعل)‪ ،‬وـهو نقيض املتقدم(‪.)6‬‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو األول بَّل بداية‪:‬‬

‫‪ )1‬فلم يكن يشء قبله‪ ،‬وَّل معه‪ ،‬فهو تعاىل سابق األشياء‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬املقصد األسىن (ص ‪ ،)96‬رشح األسماء للرازي (‪ ،)277‬أسماء الل احلسىن للرضواين (‪.)365‬‬ ‫(‪ )4‬مسلم (‪.)2713‬‬ ‫(‪ )3‬صحيح أيب داود (‪.)4063‬‬ ‫(‪ )2‬صحيح الرتمذي (‪.)3271‬‬ ‫(‪ )6‬انظر املرجع السابق‪.‬‬

‫(‪ )5‬انظر املفردات (‪ ،)100‬الصحاح (‪.)1839/5‬‬

‫‪200‬‬

‫‪‬‬ ‫لكها‪ ،‬بأوقات َّل نهاية هلا ف الوجود‪ ،‬والصفات‪.‬‬

‫ِ‬ ‫وعلو‬ ‫‪ )2‬فله سبحانه اتلقدم املطلق بالقبلية‪ ،‬بكمال اذلات‪،‬‬

‫الشأن‪ ،‬والفوقية‪ ،‬فوق لك املخلوقات‪.‬‬

‫‪ )3‬وـهو اذلي ابتدأت منه مجيع الّبية‪ ،‬فلكها مرجعها إىل الل‬

‫تعاىل‪ :‬بالعطاء‪ ،‬واإلجياد‪ ،‬واإلمداد‪.‬‬

‫والل جل جَّلل ـهو اآل ر بعد لك يشء بَّل نهاية‪:‬‬ ‫‪ )1‬ف الوجود‪ ،‬وانلعوت‪ ،‬فهو ابلايق بعد فناء لك اخلليقة‪ ،‬صامتة‪،‬‬

‫وناطقة‪.‬‬

‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫وعلو شأنه‪ ،‬وصفاته‬ ‫فآخريته سبحانه بَّل نهاية ف كمال ذاته‪،‬‬ ‫‪)2‬‬

‫َّ‬ ‫العلية‪ ،‬والسلطان بادليمومية‪.‬‬

‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ادلنيوية‪ ،‬وادلينية‪،‬‬ ‫الّبية‪،‬‬ ‫‪ )3‬وـهو اذلي تنتيه إيله أمور لك‬

‫والكونية‪ ،‬بما ف ذلك من األسباب والوسائل الظاـهرية وابلاطنية‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫دل ـهذان اَّلسمان ْع اإلحاطة الزمانية املطلقة(‪.)1‬‬ ‫َّ‬ ‫اثلمرات‪ :‬إن من أعظم ثمرات ـهذين اَّلسمي أن يلحظ‬ ‫ربه‪ ،‬وسابقته عليه ف لك نعمة‪َّ ،‬‬ ‫العبد فضل ِ‬ ‫دينية‪ ،‬ودنيوية‪ ،‬إذ السبب‬ ‫ٍ‬

‫واملسبب منه‪ ،‬كما أن اآلخر يدل ْع أنه ـهو الغاية وانلهاية‪ ،‬اذلي تصمد‬ ‫إيله املخلوقات بتأهلها ورغبتها‪ ،‬ومجيع مطابلها‪ ،‬فعبوديَّته باسمه (األول)‬ ‫تقتيض اتلجرد عن مطالعة األسباب‪ ،‬والوقوف أو اَّلتلفات إيلها‪ ،‬وجتريد‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مدارج السالكي (‪ ،)31/1‬وطريق اهلجرتي (‪ ،)25‬الاكفية (‪ ،)117‬أسماء الل للرضواين (‪.)299‬‬

‫‪201‬‬

‫‪‬‬ ‫انلظر إىل جمرد سبق فضله ورْحته‪ ،‬وأنه ـهو املبتدئ باإلحسان من‬ ‫غي وسيلة من العبد‪ ،‬إذ َّل وسيلة ل ف العدم قبل وجوده‪ ،‬وعبوديته‬ ‫ً‬ ‫باسمه (اآل ر) تقتيض أيضا عدم ركونه ووثوقه باألسباب‪ ،‬والوقوف‬ ‫معها‪ ،‬فإنها تنعدم َّل حمالة‪ ،‬وتنقيض باآلخرية‪ ،‬ويبىق ادلائم‪ ،‬ابلايق‬

‫بعدـها‪ ،‬فتأمل عبودية ـهذين اَّلسمي وما يوجبان من صحة‬

‫اَّلضطرار إىل الل وحده‪ ،‬ودوام الفقر إيله دون لك يشء سواه(‪.)1‬‬

‫‪ 67‬ـ ـ اهلل (الظَّاهر) عز شأنه‬ ‫قال تعاىل {ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ} [احلديد‪.]3 :‬‬ ‫َّ‬ ‫قال ‘‪...> :‬وأًت الظنهر ةليس ةوقا يشء<(‪.)2‬‬ ‫َّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬الظنهر‪ :‬اسم فاعل ملن اتصف بالظهور‪ ،‬ويطلق‬

‫معان‪ ،‬منها‪ :‬العلو‪ ،‬واَّلرتفاع‪ ،‬قال الل العظيم‪{ :‬ﰛ‬ ‫ْع عدة‬ ‫ٍ‬ ‫ﰜ ﰝ ﰞ} [الكهف‪ ،]97 :‬وبمعىن الغلبة‪ ،‬والقهر‪ ،‬قال سبحانه‪:‬‬ ‫{ﰠ ﰡ} [الصف‪ ،]15 :‬واملعاونة‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮣ ﮤ ﮥ‬

‫ﮦ ﮧ} [اتلحريم]‪ ،‬وقال تعاىل‪{ :‬ﮛ ﮜ ﮝ} [املمتحنة‪،]3 :‬‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ظهورا‪ :‬تبي‬ ‫وابليان وإظهار اليشء اخليف‪ ،‬يقال‪ :‬ظهر اليشء‬

‫وانكشف‪ ،‬وما اغب عنك‪ ،‬يقال‪ :‬تكلمت بذلك عن ظهر غيب‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫قال ‘ لسهل بن سعد‪> :‬هل تقرؤهن(‪ )3‬عن ظهر قلب(‪.)5(<)4‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬طريق اهلجرتي (‪ 19‬ـ ‪ ،)20‬وانظر منهج ابن القيم ف رشح أسماء الل احلسىن (‪.)414‬‬ ‫(‪ )4‬صحيح النسايئ (‪.)3339‬‬ ‫(‪ )3‬أي السور من القرآن‪.‬‬ ‫(‪ )2‬مسلم (‪.)2713‬‬ ‫(‪ )5‬انظر معجم مقاييس اللغة (‪ ،)471/3‬اللسان (‪ ،)2764/5‬واشتقاق أسماء الل (‪.)137‬‬

‫‪202‬‬

‫‪‬‬

‫َّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ـهو الظنهر اذلي َّل أظهر منه‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫(‪ْ )1‬ع لك يشء دونه‪ ،‬وـهو العايل فوق لك يشء‪ ،‬فَّل يشء أْع‬ ‫منه ‪ :‬أ) ِ‬ ‫بعلو اذلات‪ ،‬والفوقية‪ ،‬ب) وعلو الغلبة‪ ،‬والقهرية‪ ،‬هلل) وعلو‬ ‫(‪)1‬‬ ‫الشأن‪ ،‬والقدر‪ ،‬وانتفاء الشبيه‪ ،‬واملثلية(‪.)2‬‬ ‫َّ‬ ‫الظاـهر حبججه ابلاـهرة‪ ،‬وبراـهينه ِ‬ ‫انلية‪ ،‬وبشواـهد‬ ‫(‪ )2‬وـهو‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫إعَّلمه‪ ،‬ادلالة ْع ثبوت ربوبيته‪ ،‬وأدلة وحدانيته(‪.)3‬‬ ‫ه‬ ‫هم‬ ‫َّ‬ ‫ويظهر من يشاء من عباده‪،‬‬ ‫(‪ )3‬وـهو تعاىل الظاـهر اذلي ي مطلع‬ ‫من العلوم واملعارف العقلية‪ ،‬وانلقلية‪ ،‬والغيبية(‪.)4‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫الظاـهر اذلي أْع ـهذا ِ‬ ‫ادلين وأـهله‪ ،‬فوق لك األديان(‪،)5‬‬ ‫(‪ )4‬وـهو‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫احلجة‪ ،‬والسيف‪ ،‬والسنان‪ْ ،‬ع لك األنام ‪.‬‬ ‫نارصا ف‬ ‫وجعله‬ ‫(‪)6‬‬

‫(‪ )5‬وـهو اذلي بدا بنوره مع احتجابه بعالم الغيب‪ ،‬وبدت آثار‬

‫ظهوره ملخلوقاته ف اعلم الشهادة(‪.)7‬‬

‫(‪ )6‬وـهو سبحانه الظاـهر املعي للك العاملي‪ ،‬ف تدبي أرزاقهم‪،‬‬

‫ومعاشهم‪ ،‬وتيسي أمورـهم‪ ،‬وما فيه منافعهم ف دنياـهم‪ ،‬وخيص‬ ‫ِ‬ ‫أويلاءه املوحدين‪ ،‬فيعينهم ف أمور دينهم‪ ،‬ومعاشهم‪ ،‬ومعادـهم‪،‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )2‬انظر أسماء الل احلسىن للرضواين (‪.)308‬‬ ‫(‪ )1‬ابن جرير (‪.)670/11‬‬ ‫(‪ )3‬شأن ادلاعء (‪ ،)88‬تفسي األسماء (‪ ،)60‬وإبطال اتلأويَّلت (‪.)664‬‬ ‫(‪ )4‬قال تعاىل‪{ :‬ﭺ ﭻ ﭼ} [اتلحريم‪ ،]3 :‬وقال سبحانه‪{ :‬ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ‬ ‫ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ} [اجلن‪ 26 :‬ـ ‪.]27‬‬

‫(‪ )5‬عمدة احلفاظ (‪.)17/3‬‬

‫ﭮ ﭯ} [اتلوبة]‪.‬‬

‫(‪ )7‬الرضواين (‪.)309‬‬

‫(‪ )6‬قال تعاىل‪{ :‬ﮗ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬

‫‪203‬‬

‫‪‬‬ ‫وبنرصـهم ْع أعدائهم‪ ،‬ويدفع عنهم كيدـهم‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﰛ ﰜ‬ ‫ﰝ ﰞ ﰟ ﰠ ﰡﰢ} [الصف]‪.‬‬ ‫(‪ )7‬وـهو تعاىل الظاـهر حبكمته‪ ،‬وخلقه‪ ،‬وصنائعه‪ ،‬ومجيع نعمه‬

‫اليت أنعم بها‪ ،‬فَّل يرى غيه(‪.)1‬‬

‫‪ 68‬ـ ـ اهلل (الباطن) عز شأنه‬ ‫قال تعاىل {ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ} [احلديد‪.]3 :‬‬ ‫قال ‘‪ ...> :‬وأًت الظنهر ةليس ةوقا يشء‪ ،‬وأًت ابلنطن‬

‫ةليس دوًا يشء<(‪.)2‬‬

‫َّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬ابلنطن‪ :‬ـهو اسم الفاعل ملن اتصف بابلطون‪،‬‬

‫وابلاطن‪ :‬خَّلف الظاـهر‪ ،‬ويدل ْع اخلفاء‪ ،‬واَّلحتجاب‪ ،‬وعدم‬ ‫ً‬ ‫الظهور‪ ،‬يقال‪ :‬بطنت فَّلنا وخّبته‪ ،‬إذا عرفت باطنه‪ ،‬وظاـهره(‪.)3‬‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو ابلاطن‪:‬‬ ‫(‪ )1‬املحتجب عن أبصار اخلَّلئق‪ ،‬فَّل يهرى ف ادلنيا‪ ،‬وَّل‬

‫تدركه(‪ )4‬األبصار ف اآلخرة‪ ،‬لكمال عظمته‪ ،‬وجَّلل‪ ،‬وكّبيائه‪.‬‬

‫(‪ )2‬وـهو ابلاطن‪ :‬جلميع األشياء‪ ،‬فَّل يشء أقرب إىل يش ٍء منه‪.‬‬ ‫(‪ )3‬العليم ببواطن األمور‪ ،‬وظواـهرـها‪َّ ،‬‬ ‫املطلع ْع الَّسائر‪،‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )2‬صحيح مسلم (‪.)2713‬‬ ‫(‪ )1‬اتلوحيد َّلبن منده (‪.)82/2‬‬ ‫(‪ )3‬لسان العرب (‪ ،)136/1‬وتفسي األسماء (‪ ،)61‬والصحاح (‪.)2079/5‬‬ ‫ه‬ ‫(‪ )4‬اإلدراك‪ :‬ـهو اإلحاطة باملدرك من لك وجه‪ ،‬وـهو أخص من الرؤية‪ ،‬فهو تعاىل يرى ف اآلخرة وَّل تدرك‬ ‫حقيقته سبحانه‪ .‬انظر‪ :‬تفسي ابن كثي (‪ ،)161/2‬ابن السعدي (‪.)268‬‬

‫‪204‬‬

‫‪‬‬ ‫والضمائر‪ ،‬واخلبايا‪ ،‬واخلفايا‪ ،‬ودقائق األشياء‪ ،‬وأرسارـها‪.‬‬ ‫(‪ )4‬ومن كمال بطونه سبحانه‪ :‬إحاطته بكل يشءٍ‪ ،‬حبيث‬ ‫ِ‬ ‫املحب من حبيبه‪،‬‬ ‫قرب‬ ‫يكون أقرب إيله من نفسه‪ ،‬وـهذا قرب غي ِ‬ ‫ـهذا لون‪ ،‬وـهذا لون‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫العلية‪،‬‬ ‫(‪ )5‬وـهو اذلي احتجب عن ذوي األبلاب كنه ذاته‬

‫وكيفية صفاته اجلليلة‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫قريب ف ِ‬ ‫(‪ )6‬ومن كمال بطونه تعاىل أنه عل ف ِ‬ ‫علوه‪.‬‬ ‫دنوه‪،‬‬ ‫دل ـهذان اَّلسمان ْع إحاطته سبحانه جبميع األمكنة‪ ،‬وأنها‬

‫تنتيه إىل الل ف العلو‪ ،‬والقرب(‪.)1‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪" :‬دل اقرتان ـهذه األسماء األربعة‬

‫(األول واآل ر والظنهر وابلنطن) ْع إحاطة الل الزمانية‪ ،‬واملاكنية‪،‬‬

‫فإحاطة أويلته وآخريته بالقبل وابلعد‪ ،‬فلك سابق انتىه إىل أويلته‪،‬‬

‫ولك آخر انتىه إىل آخريته‪ ،‬فأحاطت أويلته وآخريته‪ ،‬باألوائل‬

‫واألواخر‪ ،‬وأحاطت ظاـهريته وباطنيته‪ ،‬بكل ظاـهر وباطن‪ ،‬فما من‬ ‫ظاـهر إَّل والل فوقه‪ ،‬وما من باطن إَّل والل دونه‪ ،‬فسبق لك يشء‬

‫بأويلته‪ ،‬وبيق بعد لك يشء بآخريته‪ ،‬وعَّل ْع لك يشء بظهوره‪،‬‬ ‫ودنا من لك يشء ببطونه"(‪.)2‬‬

‫هللالل األول واآل ر والظنهر وابلنطن‪ :‬أنها تشتمل ْع أراكن‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر املعاين السابقة‪ :‬ابن جرير (‪ ،)124/27‬طريق اهلجرتي (‪ ،)24‬احلق الواضح (‪ ،)25‬اتلوحيد َّلبن منده‬ ‫(‪ ،)82/2‬أسماء الل احلسىن للرضواين (‪ 312‬ـ ‪.)315‬‬

‫‪205‬‬

‫(‪ )2‬طريق اهلجرينت (‪.)25‬‬

‫‪‬‬

‫َّ‬ ‫آخريته‪ ،‬واآلخر ف‬ ‫اتلوحيد‪ ،‬وأراكن العلم واملعرفة‪ :‬فهو األول ف‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫وآخرا‪،‬‬ ‫أو َّيلته‪ ،‬والظاـهر ف بطونه‪ ،‬وابلاطن ف ظهوره‪ ،‬لم يزل أوَّل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وظاـهرا وباطنا‪ ،‬فحقيق بالعبد أن يبلغ ف معرفتها‪ ،‬إىل حيث ينتيه‬ ‫به قواه‪ ،‬وفهمه(‪.)1‬‬

‫َّ‬ ‫اثلمرات‪ :‬إن اتلعبد باسمه (الظنهر) جيمع القلب ْع‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫املعبود‪ ،‬وجيعل ل ًّ‬ ‫ربا يقصده‪ ،‬وصمدا يصمد إيله ف حواجئه‪ ،‬وملجأ‬ ‫َّ‬ ‫استقر ذلك ف قلبه‪ ،‬استقامت ل عبوديته‪ ،‬وصار ل‬ ‫يلجأ إيله‪ ،‬فإذا‬

‫وقت إيله‪.‬‬ ‫معقل‪ ،‬وموئل يلجأ إيله‪ ،‬ويهرب إيله‪ ،‬وي ِفر ف لك ٍ‬

‫واتلعبد باسمه (ابلنطن)‪ :‬فهو اتلعبد خبالص املحبة‪ ،‬وصفوة‬

‫الوداد‪ ،‬وأن يكون اإللـه أقرب إيله من لك يشء‪ ،‬وأقرب إيله من‬ ‫ً‬ ‫ظاـهرا فوق لك يشء‪ ،‬فإذا شهدت إحاطته بالعوالم‪،‬‬ ‫نفسه‪ ،‬مع كونه‬

‫وقرب العبيد منه‪ ،‬وظهور ابلواطن ل‪ ،‬وبدو الَّسائر ل‪ ،‬وأنه َّل يشء‬ ‫ّ‬ ‫بينه وبينها‪ ،‬فعامله بمقتىض ـهذا الشهود‪ ،‬وطهر ل رسيرتك‪ ،‬فإنها‬ ‫ِ‬ ‫عنده عَّلنية‪ ،‬وأصلح ل غيبك‪ ،‬فإنه عنده شهادة‪ ،‬وزك ل باطنك‪،‬‬ ‫فإنه عنده ظاـهر(‪.)2‬‬

‫‪ 69‬ـ اهلل (املهيمن) تبارك وتعاىلٰ‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﯗﯘ ﯙ} [احلرش‪.]23 :‬‬ ‫املعىن ا ليوي‪ :‬املهيمن‪ :‬اسم فاعل للموصوف باهليمنة‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬املصدر السابق‪.‬‬

‫(‪ )2‬املصدر السابق (‪.)44‬‬

‫‪206‬‬

‫‪‬‬ ‫وأصل اهليمنة‪ :‬احلفظ واَّلرتقاب‪ ،‬واهليمنة ْع اليشء‪ :‬السيطرة‬

‫عليه‪ ،‬وحفظه واتلمكن منه‪ ،‬ويأيت بمعىن الشهيد(‪ ،)1‬وبمعىن‬

‫األمي(‪ )2‬أي الصادق ف قول‪ ،‬وـهو اذلي آمن غيه من اخلوف‪ ،‬والعايل‬

‫ْع اليشء(‪" ،)3‬فاهليمنة شهادة خّبة‪ ،‬وإحاطة‪ ،‬وإبصار للكية ظاـهر‬ ‫َّ‬ ‫يتصف بها ِ‬ ‫ربنا تبارك وتعاىل‪ ،‬ف‬ ‫األمر وباطنه"(‪ ،)4‬ولك ـهذه املعاين‬ ‫أسَّم معانيها‪ ،‬وأْع دَّلَّلتها من الكمال‪.‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه وتعاىل ـهو املهيمن ْع لك يشء‪:‬‬

‫قول أو فعل‪َّ ،‬ل‬ ‫(‪ )1‬الشاـهد ْع خلقه بما يصدر منهم من ٍ‬ ‫املط ه‬ ‫يغيب عنه من أفعاهلم يشء‪َّ ،‬‬ ‫لع ْع خفايا األمور‪ ،‬وخبايا‬

‫الصدور‪َّ ،‬ل خيىف منه خافية ـهوية‪ ،‬وَّل بادية ظاـهرة‪.‬‬

‫ِ‬ ‫(‪ )2‬وـهو تعاىل الرقيب‪ ،‬احلفيظ القائم ْع لك اخلَّلئق‪،‬‬

‫بالراعية‪ ،‬والعناية‪ ،‬واإلصَّلح ألحواهلم‪ ،‬وشؤونهم‪ ،‬وأرزاقهم‪ ،‬وآجاهلم‪،‬‬

‫مستو فوقهم ْع عرشه‪.‬‬ ‫املستول عليهم بقدرته‪ ،‬وـهو‬ ‫ٍ‬ ‫َِ‬ ‫(‪ )3‬وـهو سبحانه اذلي يهؤمن من شاء من عباده من اخلوف‪،‬‬

‫انلارش األمان واَّلطمئنان‪ ،‬ملن يشاء من األنام‪.‬‬

‫(‪ )4‬وـهو األمي‪ ،‬اذلي َّل ينقص املطيعي يوم ادلين من طااعتهم‬

‫شيئًا‪ ،‬فَّل يثيبهم عليه‪ ،‬وكذلك َّل يزيد ْع العاصي‪ ،‬مما اجرتحوا من‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫صح عن ابن عباس ريض الل عنهما‪ ،‬انظر اتلفسي الصحيح (‪.)470/4‬‬ ‫صح عن ابن عباس كذلك‪ ،‬انظر املرجع السابق‪.‬‬ ‫انظر لسان العرب (‪ ،)4705/6‬الطّبي (‪ ،)172/6‬الطّباين (‪ ،)407/2‬السمعاين (‪.)43/2‬‬ ‫نظم ادلرر (‪.)540/7‬‬

‫‪207‬‬

‫‪‬‬ ‫السيئات شيئًا‪ ،‬فَّييدـهم عقابًا ْع ما استحقوه‪ ،‬لكمال عدل وصدقه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫(‪ )5‬وـهو سبحانه املصدق‪ ،‬اذلي يصدق أنبياءه بإخباره تعاىل‬ ‫عنهم‪ ،‬بأنهم صادقي‪ ،‬وبما يظهر من املعجزات ْع أيديهم(‪.)1‬‬

‫هللالل املهيمن‪ :‬أنه يدل ْع أنه تعاىل حميط بغيه بكمال‬ ‫ّ‬ ‫اَّلستعَّلء‪ ،‬اذلي َّل خيرج عن قدرته مقدور‪ ،‬وَّل ينفك عن حكمه‬

‫مفطور‪ ،‬ل امللك والفضل‪ْ ،‬ع مجيع اخلَّلئق‪ ،‬ف سائر األمور(‪.)2‬‬

‫ومن هللالهل‪ :‬أنه املبالغ ف حفظ أويلائه األبرار‪ ،‬الصائن عنهم‬ ‫األرضار‪ ،‬ادلافع عنهم األخطار ف ِ‬ ‫الَّس واجلهار‪.‬‬ ‫ومن هللالهل‪ :‬أنه يتضمن "نعوت اتلعايل‪ ،‬والرفعة‪ ،‬واملبالغة ف‬

‫العلو ْع لك اسم تسَّم به العباد‪ ،‬فهو املهيمن عليه‪ ،‬أي ـهو العايل‬ ‫عليه‪ ،‬أي أن ل حقيقته‪ ،‬وـهو املتصف به‪ ،‬ول تمامه األقىص‪ ،‬وكمال‬

‫األرفع‪ ،‬األْع دون اغية‪ ،‬وَّل نهاية‪ ،‬ـهو املؤمن املهيمن ْع لك‬ ‫مؤمن‪ ،‬وـهو الكريم املهيمن ْع لك كريم‪ ،‬والرحيم املهيمن ْع لك‬

‫رحيم‪ ،‬واحلليم املهيمن ْع لك حليم‪ ،‬ـهكذا ف سائر األسماء‬ ‫َّ‬ ‫والصفات‪ ،‬جل املهيمن عن صفات عبيده"(‪.)3‬‬ ‫اثلمرات‪ :‬ملا اكن من معاين ـهذا اَّلسم اجلليل الشهادة‪،‬‬

‫والرقابة‪ ،‬والقيامة ْع لك يشء‪ ،‬ينبيغ للمؤمن أن يكون ل حظ من‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر املعاين السابقة‪ :‬جامع ابليان (‪ ،)36/28‬ابن كثي (‪ ،)105/8‬تفسي ابن السعدي (‪ ،)488/5‬املنهاج‬ ‫(‪ )2‬أسماء الل احلسىن‪ ،‬د‪ .‬حممود الرضواين (ص ‪.)266‬‬ ‫(‪ ،)202/1‬الرازي (‪.)202‬‬ ‫(‪ )3‬األسىن (‪ 248/1‬ـ ‪ )252‬بترصف يسي‪.‬‬

‫‪208‬‬

‫‪‬‬ ‫ذلك‪ ،‬ف ـهيمنته ْع نفسه‪ ،‬وْع أـهله‪ ،‬ف مراقبته ألعمال وأقوال‪،‬‬ ‫فيحجمها عن لك ما يسخط الل‪ ،‬ويبغضه من األعمال‪ ،‬الظاـهرة وابلاطنة‬

‫‪ 70‬ـ ـ اهلل (احلقُّ) جل وعال‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ} [طه‪.]144 :‬‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬احلق بمعىن‪ :‬العدل‪ ،‬نقيض ابلاطل‪ ،‬والظلم‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ويدل ْع حتقيق وجود اليشء‪ ،‬يقال‪ :‬حققت اليشء إذا تيقنت كونه‬

‫ووجوده‪ ،‬وبمعىن املطابقة‪ ،‬واملوافقة‪ ،‬واثلبات‪ ،‬وعدم الزوال‪ ،‬واحلق‪:‬‬ ‫يقال لَّلعتقاد ف اليشء‪ ،‬املطابق ملا عليه ف احلقيقة‪ ،‬ويطلق ْع‬

‫الصدق‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭟ ﭠ ﭡ} [النساء‪.)1(]122 :‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل جل جَّلل ـهو احلق ْع اإلطَّلق‪:‬‬

‫(‪ )1‬املتحقق كونه‪ ،‬ووجوده ْع احلقيقة باألزيلة‪ ،‬اثلابت بادلوام‬ ‫َّ‬ ‫العلية‪.‬‬ ‫ف األبدية‪ ،‬فَّل حيول وَّل يزول‪ ،‬وجوده من لوازم ذاته‬ ‫(‪ )2‬وـهو تعاىل احلق ف ذاته‪ ،‬وأسمائه‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وأفعال‪ ،‬اكمل‬ ‫ف نعوته‪َّ ،‬‬ ‫املزنه عن ابلاطل‪ ،‬من مجيع وجوـهه‪.‬‬ ‫(‪ )3‬فهو احلق‪ ،‬اثلابت ف نفسه‪ ،‬اذلي به حتقق األشياء‪ ،‬اذلي َّل‬

‫وجود ليش ٍء من األشياء إَّل به‪ ،‬فقوامها‪ ،‬وبقاؤـها به‪.‬‬

‫(‪ )4‬وـهو احلق اذلي يليق احلق‪ ،‬ويزنل ْع من جيتبيه من‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬لسان العرب (‪ ،)939/2‬تفسي أسماء الل (‪ ،)53‬انلهاية (‪ )413/1‬واملفردات (ص‪ ،)246‬األسىن (ص‪.)167‬‬

‫‪209‬‬

‫‪‬‬ ‫عباده ‪ ،‬أو يريم به ابلاطل فيدمغه‪ ،‬أو يريم به إىل أقطار اآلفاق‪،‬‬ ‫ً‬ ‫فيكون وعدا بإظهار اإلسَّلم‪ ،‬وإفشائه وإعَّلئه فوق لك األنام‪ ،‬قال‬ ‫تعاىل‪{ :‬ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ} [سبأ]‪.‬‬

‫(‪ )5‬وـهو اذلي حيق احلق بكلماته‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭷ ﭸ ﭹ‬

‫ﭺ}‬

‫[يونس‪:‬‬

‫‪ ،]82‬أي‪ :‬سينفذ وعده‪ ،‬ويظهر صدقه‪ ،‬ف قول‪،‬‬

‫ووعده‪ ،‬وخّبه‪ ،‬ومن ذلك أنه ينرص أويلاءه‪ ،‬ويهلك أعداءه‪.‬‬

‫ً‬ ‫(‪ )6‬وـهو سبحانه احلق اذلي أوجب ْع نفسه تفضَّل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وتكر ًما نرصة املؤمني‪ ،‬ف لك زمان وماكن يف ادلًين‪ ،‬وإن لم يكن‬

‫بي ظهرانيهم رسول‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬ ‫ﮰ} [الروم]‪ ،‬ويف اآل رة‪ :‬قال سبحانه‪{ :‬ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬

‫ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ} [اغفر]‪.‬‬

‫(‪ )7‬وـهو تعاىل احلق العدل اذلي َّل يعرتيه ابلاطل ْع‬ ‫ً‬ ‫اإلطَّلق‪ ،‬من ذلك‪ :‬أنه َّل يظلم أحدا من اخلَّلئق‪.‬‬ ‫(‪ )8‬وـهو سبحانه احلق‪ :‬ف قضائه‪ ،‬وأحاكمه‪ ،‬ورشعه‪ ،‬فلكها‬

‫حق‪ ،‬ليس فيها يشء باطل‪ ،‬تلضمنها احلكمة‪ ،‬والرشد‪ ،‬والعدل‪.‬‬

‫(‪ )9‬وـهو سبحانه احلق ف ربوبيته‪ ،‬فهو رب العاملي‪َّ ،‬ل رب نلا‬ ‫ِ‬ ‫املتفرد ف اتلدبي‪ ،‬وترصيف لك األمور‪.‬‬ ‫سواه ف الوجود‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ألوـهيته‪ ،‬فهو اإللـه احلق‪ ،‬ولك ما هع ِبد من‬ ‫(‪ )10‬وـهو املتحقق ف‬ ‫‪210‬‬

‫‪‬‬ ‫دونه باطل‪ ،‬وزيغ‪ ،‬واحنَّلل‪ ،‬من عرشه‪ ،‬إىل قرار أرضه(‪.)1‬‬ ‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ‬

‫ﭔ} [املؤمنون‪ ،]116 :‬دل ـهذا اَّلقرتان اجلليل ْع أن ملكه تعاىل‬ ‫ملك ٍّ‬ ‫حق‪َّ ،‬ل يعرتيه ابلاطل‪ ،‬ثابت ْع ادلوام‪ ،‬بَّل انتقال وَّل زوال‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫فأحقية ملكه‪ ،‬ملا اتصف من صفات الكمال‪ ،‬وانتفاء عنه لك صفات‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫املذام‪ ،‬اكلظلم‪ ،‬واجلور‪ ،‬والغفلة‪ ،‬والعبث‪،‬‬ ‫انلقائص‪ ،‬والعيوب من‬ ‫والنسيان‪ ،‬واَّلستعانة باخللق واجلند كملوك ادلنيا‪ ،‬ومما يدل أن‬ ‫َّ‬ ‫ملكه "َّل يشبه سائر امللوك‪ ،‬ألنهم إن تصدقوا بيش ٍء انتقص‬ ‫َّ‬ ‫ملكهم‪ ،‬وقلت خزائنهم‪ ،‬أما امللك احلق‪ ،‬فملكه َّل ينتقص بالعطاء‬ ‫واإلحسان‪ ،‬بل يزداد‪ْ ، "...‬ع ِ‬ ‫مر الزمان‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫(‪ )2‬قال تعاىل‪{ :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ} [األنعام‪ ،]62 :‬قرن‬

‫(احلق) باسم (املول) أي‪ :‬أنهم يرجعون ـ أي‪ :‬العباد ـ إىل الل اذلي‬ ‫َّ‬ ‫يتول أمورـهم باحلق‪ ،‬أي‪ :‬العدل‪ ،‬اذلي ـهو نقيض ابلاطل‪ ،‬اذلي َّل‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫فدل اَّلقرتان أن وَّليته تعاىل وَّلية ٍّ‬ ‫حق ْع اإلطَّلق‪،‬‬ ‫شك فيه‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ألنها َّل َّ‬ ‫تتغي‪ ،‬وَّل تتبدل‪ ،‬فيه اكملة من مجيع الوجوه ْع ادلوام‪،‬‬

‫فمن ذلك‪:‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر املعاين السابقةف‪ :‬احلجة ف بيان املحجة (‪ ،)135/1‬جامع الرسائل (‪ ،)17/1‬نظم ادلرر (‪ ،)493/3‬األسىن‬ ‫(‪.)169/165‬‬ ‫(‪ )2‬تفسي الرازي (‪ .)239/1‬يقول‪ :‬بيانه أنه تعاىل إذا أعطاك ً‬ ‫ودلا لم يتوجه حكمه إَّل ْع ذلك الودل الواحد‪ ،‬أما‬ ‫لو أعطاك عرشة من األوَّلد اكن حكمه وتكليفه ً‬ ‫َّلزما ْع اللك‪ ،‬فثبت أنه تعاىل لكما اكن أكرث عطاء اكن‬ ‫ً‬ ‫أوسع ملاك"‪.‬‬

‫‪211‬‬

‫‪‬‬ ‫أنه ينرص املؤمن ْع الاكفر‪ ،‬والّب ْع الفاجر‪ ،‬واملظلوم ْع‬

‫الظالم‪ ،‬ويرفق ويعي الضعيف‪ ،‬وأنها وَّلية عطف‪ ،‬وإحسان‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وكرما‪.‬‬ ‫ألويلائه‪َّ ،‬ل يتعزز بهم‪ ،‬وَّل ينتفع منهم‪ ،‬بل فضَّل منه‬ ‫هللالل احلق‪ :‬أن لك ما يوصف به‪ ،‬أو ينسب إيله‪ ،‬أو يضاف‬

‫إيله حق‪ ،‬ولك يش ٍء من عنده حق‪ ،‬ولك ما اعد إيله حق‪ ،‬ولك ما‬ ‫يصدر منه حق‪ ،‬من لك الوجوه‪ :‬فأسماؤه حق‪ ،‬وصفاته حق‪ ،‬وذاته‬

‫حق‪ ،‬وقول حق‪ ،‬ووعده حق‪ ،‬وكتبه حق‪ ،‬وخلق املخلوقات بسبب‬ ‫احلق‪ ،‬وألجل ّ‬ ‫احلق‪ ،‬وخلقها متلبس باحلق‪ ،‬واجلنة حق‪ ،‬وانلار حق‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫حق‪ ،‬فمصدره حق‪ ،‬واغيته ّ‬ ‫وـهو ف نفسه ّ‬ ‫للحق(‪،)1‬‬ ‫متضم ٌن‬ ‫حق‪ ،‬وـهو‬

‫وصدق جل جَّلل حي قال‪{ :‬ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ‬

‫ﯿ ﰀ ﰁ} [يونس‪ .]32 :‬قال ‘‪> :‬أصدق لكم‪ ،‬قنهلن شنعر‪،‬‬ ‫بنطل<(‪.)2‬‬

‫لكم‪ ،‬بليد‪ :‬أال لك يشء من ال ا‬ ‫َّ‬ ‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذا اَّلسم الكريم يقتيض حتقيق مقام اتلولك‬

‫ْع الل تعاىل‪ ،‬واَّلكتفاء به‪ ،‬واَّلتلجاء إىل ركنه الشديد‪ ،‬فإن الل ـهو‬ ‫(احلق) وـهو ول احلق‪ ،‬ونارصه‪ ،‬ومؤيده‪ ،‬واكف من قام به‪ ،‬فما لصاحب‬

‫احلق أَّل يتولك عليه؟ وكيف خياف وـهو ْع احلق؟ كما قالت الرسل‬

‫ألقوامهم‪{ :‬ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬

‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ}‬

‫[إبراـهيم] ‪ ،‬فإذا اكن األمر كذلك‪ ،‬ينبيغ للعبد أن يلزتم َّ‬ ‫احلق ف أموره‬ ‫(‪)3‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬بدائع الفوائد (‪ ،)411/2‬شفاء العليل (‪ ،)57/2‬اشتقاق أسماء الل (‪.)307‬‬ ‫(‪ )3‬طريق اهلجرتي (ص‪.)463‬‬ ‫(‪ )2‬صحيح ابلخاري (‪ ،)2738‬مسلم (‪.)1627‬‬

‫‪212‬‬

‫‪‬‬

‫احلق‪ ،‬وَّل خيالل إَّل أـهل ّ‬ ‫لكّها‪ ،‬فَّل يقول إَّل احلق‪ ،‬وَّل يفعل إَّل ّ‬ ‫احلق‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫وينبيغ أن َّل يستح ف بيان ّ‬ ‫احلق‪ ،‬تعبدا للرب احلق‪.‬‬

‫‪ 71‬ـ ـ اهلل (املبني) عز وجل‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ} [انلور]‪.‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬املبني‪ :‬اسم الفاعل من أبان فهو مبي‪ ،‬إذا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أظهر وبي‪ ،‬إما قوَّل‪ ،‬أو فعَّل‪ ،‬وتبي اليشء‪ :‬وضح وظهر(‪ .)1‬وـهذا‬ ‫الفعل يأيت ْع صيغة واحدة‪ ،‬متعديًا‪ ،‬وغي متع ٍد‪ ،‬يهقال‪ :‬أبان‬ ‫َّ‬ ‫اليشء ف نفسه‪ ،‬إذا ظهر‪ ،‬يبي إبانة‪ ،‬وأبان فَّلن اليشء‪ :‬بينه إبانة‪،‬‬ ‫فهو ل مبي‪ ،‬إذا أظهره(‪.)2‬‬

‫وابلينة يه‪ :‬ادلَّللة الواضحة عقلية اكنت أو حمسوسة(‪.)3‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو املبي للك العاملي‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫(‪ )1‬ابلي أمره ف وجوده‪ ،‬ووحدانيته‪ ،‬وأنه َّل رشيك ل ف‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫وألوـهيته‪ ،‬وأسمائه‪ ،‬وصفاته‪ ،‬واستقرار ذلك ف العقول‪،‬‬ ‫ربوبيته‪،‬‬ ‫وال ِف َطر السليمة‪.‬‬ ‫(‪ )2‬والل تعاىل ـهو املبي اذلي َّل خيىف وَّل ينكتم‪ ،‬فهو تعاىل‬ ‫ٌ‬ ‫حماط به‪،‬‬ ‫موصوف غي جمهول‪ ،‬وموجود غي مدرك‪ ،‬ومريئ غي‬ ‫ٍ‬

‫لقربه كأنك تراه‪ ،‬وـهو يسمع ويرى‪ ،‬وـهو باملنظر األْع‪ ،‬فالقلوب‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬اللسان (‪ ،)403/1‬اشتقاق أسماء الل (ص ‪.)180‬‬ ‫(‪ )3‬املفردات (ص ‪.)157‬‬ ‫(‪ )2‬األسىن للقرطيب (ص‪.)171‬‬

‫‪213‬‬

‫‪‬‬

‫َّ‬ ‫تعرفه‪ ،‬والعقول َّل تكيفه‪ ،‬ألن ل من األفعال ادلالة عليه‪ ،‬ما‬ ‫يستحيل معها أن خيىف‪ ،‬فَّل يوقف عليه وَّل يهدرى‪.‬‬ ‫(‪ )3‬والل سبحانه ـهو املبي لعباده احلق‪ ،‬وإبانته هلم باألدلة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫السمعية‪ ،‬والعقلية‪ ،‬إما قوَّل‪ ،‬وإما فعَّل‪ ،‬فمنها‪:‬‬ ‫أ) أنه أبان عن نفسه بما ل من األسماء احلسىن‪ ،‬والصفات‬

‫اجلليلة‪ ،‬واألفعال احلميدة اجلميلة‪.‬‬

‫ب) وأبان هلم األدلة القاطعة ْع وحدانيته‪ ،‬وربوبيته‪ ،‬وانفراده‬

‫باخللق‪ ،‬واتلدبي للك اخلليقة‪.‬‬

‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫باأللوـهية‪ ،‬وإقراره تعاىل‬ ‫هلل) وأبان هلم األدلة ف وحدانيته‬ ‫َّ‬ ‫الّبية‪.‬‬ ‫أحد سواه من‬ ‫بالعبادة ل‪ ،‬دون ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫خملوق علة وجوده‪ ،‬واغيته‪.‬‬ ‫د) اذلي أبان للك‬ ‫ٍ‬ ‫‪ )4‬وـهو تعاىل املبي للعباد سبل الرشاد‪ ،‬من األعمال‪ ،‬واتلاكيلف‪،‬‬

‫القويلة والفعلية‪ ،‬املوجبة ثلوابه‪ ،‬واألعمال املوجبة لعقابه‪ ،‬واملبي هلم‬

‫ما يأتون وما يذرون‪ ،‬ف مجيع شؤونهم‪ ،‬وأحاكمهم‪ ،‬ف معاشهم‪ ،‬ومعادـهم‪.‬‬

‫ألحد‬ ‫(‪ )5‬وـهو تعاىل املبي‪ :‬الغن عن العاملي‪ ،‬اذلي َّل يفتقر‬ ‫ٍ‬

‫من خلقه أمجعي(‪.)1‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﮮ ﮯ ﮰﮱ‬

‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙﯚ} [انلور] أي أنهم يتحققون ذلك‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر املعاين السابقة‪ :‬احلجة ف بيان املحجة (‪ ،)143‬العلو للعل الغفار (‪ ،)235‬شأن ادلاعء (‪ ،)102‬وإبطال‬ ‫اتلأويَّلت (‪ ،)661‬اشتقاق أسماء الل (‪ ،)181‬املنهاج (‪.)189/1‬‬

‫‪214‬‬

‫‪‬‬ ‫يومئذ‪ ،‬أي‪ :‬يوم القيامة بالعلم القطيع‪َّ ،‬ل يقبل اخلفاء‪ ،‬وَّل الرتدد‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫حينئذ الشك فيه عند‬ ‫ما اكن يعدـهم ف ادلنيا من العذاب‪ ،‬ويزول‬ ‫ٍ‬ ‫أـهل انلفاق‪ ،‬اذلين اكنوا فيما اكن ي ِع هدـهم ف ادلنيا يمرتون(‪ ،)1‬وقد‬

‫علم أويلاؤه ف ادلنيا‪ ،‬بأنه ـهو احلق ابلي ف أحقيته تعاىل الاكملة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫من مجيع الوجوه‪ ،‬وازدادوا يقينا حينما رأوه‪.‬‬

‫هللالل املبني‪ :‬أنه تعاىل بائن عن مجيع خلقه‪ ،‬بذاته فوق‬ ‫ِ‬ ‫بعلو‪،‬‬ ‫مستو عليه كما يليق جبَّلل وكمال‪ ،‬فبان عن اخللق‬ ‫عرشه‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وكمال ذاته‪ ،‬وأسمائه‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وسلطانه‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ومن هللالهل‪ :‬أنه سبحانه "يرضب األمثال‪ّ ،‬‬ ‫وينوع األدلة والّباـهي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫وجييب عن ش َبه أعدائه أحسن األجوبة‪ ،‬ويصدق الصادقي‪ ،‬ويكذب‬

‫الاكذبي‪ ،‬ويدعو إىل دار انلعيم‪ ،‬بذكر أوصافها‪ ،‬وحسنها‪ ،‬وبهائها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وحيذ هر من اجلحيم‪ ،‬ويذكر عذابها‪ ،‬وقبحها‪ ،‬وآَّلمها" تذكرة للعاملي‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫اثلمرات‪" :‬جيب ْع لك مؤمن أن يكون ْع بينة من ربه‬

‫عز وجل‪ ،‬بأن يستكرث من الشواـهد ف معرفته"(‪ ،)3‬من صحيح‬

‫املنقول‪ ،‬ورصيح املعقول‪ ،‬ادلالة ْع كمال تعاىل ف صفاته‪ ،‬وأسمائه‪،‬‬ ‫وما أنزل علينا من األدلة واآليات الساطعات من كتابه‪ ،‬اليت بينت‬

‫نلا سبل الرشاد‪ ،‬وادلعوة إىل اهلدى والسداد‪ ،‬فإن نرش ذلك وتبليغه‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫واستذاكرا نلعم اخلالق ْع لك خملوق‪،‬‬ ‫أجل العلوم‪ ،‬وأْع املعارف‪،‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر الطّبي (‪ ،)106/18‬وابن اعشور (‪.)163/9‬‬

‫(‪ )2‬طريق اهلجرتي (‪.)250‬‬

‫‪215‬‬

‫(‪ )3‬األسىن (‪.)172‬‬

‫‪‬‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬ ‫ﭷ ﭸ ﭹ} [ابلقرة‪.]231 :‬‬

‫‪ 72‬ـ ـ اهلل (الفتَّاح) سبحانه وتعاىلٰ‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ} [سبأ]‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫الفتنح‪ :‬من صيغ املبالغة ْع وزن َّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫فعال‪،‬‬ ‫ىن ا ليوي‪:‬‬

‫والفتح‪ :‬إزالة اإلغَّلق واإلشاكل‪ ،‬وذلك رضبان‪:‬‬

‫أحدهمن حيس‪ :‬يدرك بابلرص كفتح ابلاب‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭥ‬

‫ﭦ ﭧ} [يوسف‪.]65 :‬‬

‫واثلنين معنوي‪ :‬يدرك بابلصية‪ :‬كفتح اهلم‪ ،‬وـهو إزالة الغم‬

‫وتفرجيه‪ ،‬وإزالة فقر‪ ،‬وتسهيل املعَّس‪ ،‬وفتح املستغلق من العلوم‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ويأيت الفتاح بمعىن القضاء(‪ .)1‬واحلكم ف فصل األمور(‪ .)2‬ويأيت‬

‫بمعىن انلرص ف اَّلستفتاح ف طلب انلرص(‪.)3‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ـهو الفتنح وـهو خي الفاحتي‪:‬‬

‫(‪ )1‬اذلي يفتح أبواب الرزق‪ ،‬والرْحة لعباده‪ ،‬ويفتح املنغلق‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ويفرج عن مكروب‪،‬‬ ‫فقيا‪،‬‬ ‫عليهم من أمورـهم‪ ،‬وأسبابهم‪ ،‬فيغن‬

‫ِ‬ ‫ً‬ ‫مطلبا للك مطلوب(‪.)4‬‬ ‫ويسهل‬ ‫َّ‬ ‫الفتاح‪ :‬اذلي فتح بي ِ‬ ‫احلق وابلاطل‪ ،‬فأوضح‬ ‫(‪ )2‬والل سبحانه‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫َّ‬ ‫صح عن ابن عباس ريض الل عنهما كما سيأيت‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫(‪ )2‬املفردات (‪.)370‬‬

‫(‪ )4‬قال تعاىل‪{ :‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ} [فاطر‪.]2 :‬‬

‫‪216‬‬

‫(‪ )3‬اللسان (‪.)3337/5‬‬

‫‪‬‬

‫َّ َّ‬ ‫احلق وبينه‪ ،‬وأدحض ابلاطل وأبطله‪.‬‬

‫(‪ )3‬وـهو تعاىل يفتح ألويلائه منافع ادلنيا‪ ،‬وادلين‪ ،‬فيفتح ملن‬ ‫َّ‬ ‫اختصهم بلطفه وعنايته‪ ،‬أقفال القلوب ملعرفته‪ ،‬وحمبته‪ ،‬وعيونهم‬

‫يلبرصوا احلق‪ ،‬ه‬ ‫ويدر عليهم من املعارف َّ‬ ‫الربانية‪ ،‬واحلقائق اإليمانية‬

‫ما يصلح أحواهلا‪ ،‬وتستقيم به ْع الرصاط املستقيم‪.‬‬

‫(‪ )4‬وـهو اذلي يفتح لعباده الطائعي خزائن جوده وكرمه‪،‬‬

‫ويفتح ْع أعدائه ضد ذلك‪ ،‬وذلك بفضله‪ ،‬وعدل‪.‬‬

‫(‪ )5‬والل سبحانه وتعاىل ـهو خي الفاحتي‪ ،‬أي‪ :‬خي احلاكمي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫فهو العدل اذلي َّل جيور ف حكمه أبدا(‪ ،)1‬قال تعاىل‪{ :‬ﮎ ﮏ‬

‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ} [األعراف]‪.‬‬

‫(‪ )6‬وـهو تعاىل اذلي "يفتح املمالك واألمصار ألنبيائه األطهار‪،‬‬ ‫ولعباده الصاحلي األبرار‪ ،‬كما فتح سبحانه نلبيِه ‘ مكة‪{ :‬ﭑ‬

‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ} [الفتح]‪ ،‬وقال تعاىل‪{ :‬ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‬ ‫ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ} [الصف] "(‪.)2‬‬

‫(‪ )7‬وـهو سبحانه كما يفتح خزائن فضله وجوده ْع من يشاء‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وابتَّلء‪ ،‬وحكمة ‪.‬‬ ‫استدراجا منه‪،‬‬ ‫من عباده‪ ،‬كذلك يفتحها‬ ‫(‪)3‬‬

‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ويذل ابلاطل‬ ‫(‪ )8‬وـهو الفتاح انلارص‪ :‬اذلي ينرص احلق وأـهله‪ِ ،‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬شأن ادلاعء (‪ ،)56‬األسىن (‪ ،)220/1‬تفسي األسماء (‪ ،)39‬فتح الرحيم امللك (‪ ،)34‬احلق الواضح (‪ ،)84‬ابن‬ ‫(‪ )2‬مع الل ‪ ،‬د‪ .‬سلمان العودة (‪ )115‬بترصف‪.‬‬ ‫كثي (‪.)444/3‬‬ ‫(‪ )3‬قال الل العظيم‪{ :‬ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ‬ ‫ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ} [األنعام]‪.‬‬

‫‪217‬‬

‫‪‬‬ ‫وأـهله‪ ،‬فينرص املؤمن ْع الاكفر‪ ،‬واملظلوم ْع الظالم‪ ،‬والّب ْع‬

‫الفاجر(‪.)1‬‬

‫(‪ )9‬وـهو الفتاح احلكم‪ :‬اذلي حيكم بي عباده باحلق‪ ،‬والعدل‪:‬‬ ‫أ) يف ادلًين‪ :‬بفتحه ادلين‪ ،‬وفتحه اجلزايئ‪ ،‬وفتحه القدري(‪.)2‬‬ ‫ب) ويف اآل رة‪ :‬بفتحه يوم القيامة‪ ،‬وحكمه بي اخلَّلئق حي‬

‫ى‬ ‫يوىف لك اعمل ما عمله(‪.)3‬‬

‫(‪ )10‬وـهو القايض سبحانه‪ ،‬العليم بالقضاء بي خلقه‪ ،‬ألنه َّل‬ ‫تعرفه امل َّ‬ ‫ختىف عنه خافية‪ ،‬وَّل حيتاج إىل شهود ِ‬ ‫حق من ابلاطل ‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ}‬

‫َّ‬ ‫[سبأ]‪ ،‬ملا اكن من معاين الفتاح‪ :‬فتح لك مغلق من األسباب‪ ،‬اكلرزق‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫والعلم‪ ،‬دل ْع كمال الفتح‪ ،‬وأنه جيري ْع مقتىض العلم‪ ،‬ويف ذلك‬ ‫صَّلح العباد‪ ،‬واستقامة أحواهلم‪ ،‬خبَّلف ما لو اكن ً‬ ‫فتحا بغي علم‪،‬‬

‫ً‬ ‫تعاىل الل عن ذلك ً‬ ‫كبيا‪.‬‬ ‫علوا‬ ‫َّ‬ ‫وإذا أريد بالفتاح القضاء‪ ،‬والفصل‪ ،‬واحلكم‪ ،‬دل ْع كمال‬ ‫ً‬ ‫الفتح أيضا‪ :‬وـهو أنه تعاىل القايض العليم بالقضاء بي خلقه‪ ،‬احلاكم‬ ‫الفاصل بينهم ف القضايا املنغلقة‪ ،‬العليم بما ينبيغ أن يقيض به‪ ،‬ألنه‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬قال تعاىل‪{ :‬ﭱﭲﭳﭴﭵ} [األنفال‪.]19 :‬‬

‫اقض بيننا وبي قومنا ثبت عن ابن‬ ‫(‪ )2‬قال تعاىل‪{ :‬ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ} [األعراف‪ ،]89 :‬أي‪ِ :‬‬ ‫عباس ريض الل عنهما‪ ،‬انظر اتلفسي الصحيح (‪.)336/2‬‬ ‫(‪ )3‬فتح الرحيم امللك (‪ ،)34‬شأن ادلاعء (‪ ،)56‬احلق الواضح (‪.)84‬‬ ‫(‪ )4‬تفسي ابن جرير (‪ ،)65/22‬احلق الواضح (‪.)84‬‬

‫‪218‬‬

‫‪‬‬ ‫ّ‬ ‫املحق من ابلاطل(‪،)1‬‬ ‫َّل ختىف عنه خافية‪ ،‬وَّل حيتاج إىل شهو ٍد تعرفه‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ألنه بكل يش ٍء عليم‪ ،‬ودل كذلك "ْع أن حكمه عدل حمض َّل‬ ‫حتف حبكمه أسباب اخلطأ‪ ،‬واجلور‪ ،‬انلاشئة عن اجلهل‪ ،‬والعجز‪،‬‬

‫واتباع الضعف انلفساين‪ ،‬انلاشئ عن اجلهل باألحوال‪ ،‬والعواقب"(‪.)2‬‬ ‫َّ‬ ‫هللالل الفتنح‪ :‬إن ـهذا اَّلسم اجلليل ـهو ملجأ صفوة‬

‫اخلليقة‪ ،‬من األنبياء واملرسلي‪ ،‬واملؤمني‪ْ ،‬ع أعدائهم ف ادلين‪،‬‬

‫فبه يستنرصون‪ ،‬قال نوح عليه السَّلم‪{ :‬ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬

‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ}‬ ‫ٌ‬ ‫وشعيب عليه السَّلم‪{ :‬ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬ ‫[الشعراء]‪،‬‬ ‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ} [األعراف]‪ ،‬وأمر جل وعَّل َّ‬ ‫نبيه ‘ أن يقول‪:‬‬ ‫{ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ}‬

‫[سبأ]‪ ،‬ففتح الل تبارك وتعاىل من توسل واستنرص به ف ادلنيا بانلرص‬

‫املبي‪ ،‬وانلجاة‪ ،‬واتلمكي‪ ،‬ويف يوم ادلين‪ ،‬يكون الفتح العظيم‪ ،‬كما‬ ‫َّ‬ ‫قص نلا ربنا تعاىل ف كتابه الكريم‪.‬‬

‫َّ‬ ‫اثلمرات‪ :‬إذا علم املؤمن بأن الل تعاىل ـهو الفتاح‪ ،‬ينبيغ ل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ٰ‬ ‫ةطوب لعبد‬ ‫مفتاحا للك خي‪ ،‬مغَّلقا للك رش‪ ،‬قال ‘‪> :‬‬ ‫أن يكون‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫هللعله ا مفتنحن لخر‪ ،‬ميالقن لرش‪ ،‬وويل لعبد هللعله ا مفتنحن‬ ‫ا‬ ‫لرش‪ ،‬ميالقن لخر<(‪ ،)3‬وينبيغ ملن عرف أنه تعاىل ـهو الفتاح اذلي‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ينظر ابليضاوي (‪ ،)107/3‬ابن جرير (‪ ،)65/22‬ولل األسماء احلسىن (ص ‪.)355‬‬ ‫(‪ )2‬اتلحرير واتلنوير (‪.)195/11‬‬

‫(‪ )3‬صحيح ابن ماجه (‪.)238‬‬

‫‪219‬‬

‫‪‬‬ ‫بيده لك مفتاح‪ ،‬أن يفتح يديه باجلآر‪ ،‬ف الليل وانلهار‪ ،‬من العلوم‬

‫انلافعة‪ ،‬وحقائق اإليمان الصادقة‪ ،‬واهلداية‪ ،‬والرزق‪ ،‬والرْحة الواسعة‪.‬‬

‫‪ 73‬ـ ـ اهلل (اخلبري) جل وعال‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ} [األنعام]‪.‬‬ ‫املعىن ا ليوي‪ :‬اخلبر‪ :‬من مباين املبالغة‪ ،‬فالعلم إذا أضيف‬ ‫سيم خّبة‪ .‬فاخلبي ـهو‪ :‬العالم بكنه اليشء‪َّ ،‬‬ ‫املطلع‬ ‫إىل اخلفايا ابلاطنة‪ِ ِ ،‬‬ ‫ْع حقيقته‪ ،‬كقول تعاىل‪{ :‬ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ} [الفرقان](‪.)1‬‬ ‫كمال ف العلم‪َّ ،‬ل‬ ‫واحد منهما عن‬ ‫واخلبي والعليم ينبئ لك‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ينبئ عنه اَّلسم اآلخر‪ ،‬ةنلعليم‪ :‬العليم بظواـهر األمور‪ ،‬واخلبر‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫ببواطن األمور‪ ،‬يلدَّل ف اجتماعهما ْع أبلغ الكمال ف العلم‬

‫وأوسعه‪ ،‬اذلي َّل منتىه ل‪.‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو اخلبي اذلي َّل أخّب منه‪:‬‬ ‫‪ )1‬اذلي انتىه علمه إىل اإلحاطة ببواطن األشياء وخفاياـها‪ ،‬كما‬

‫أحاط بظواـهرـها‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ومضارـها‪َّ ،‬ل ختىف عليه عواقب‬ ‫‪ )2‬اخلبي بمصالح األشياء‬

‫األمور وبواديها(‪.)2‬‬

‫‪ )3‬اذلي أدرك علمه الَّسائر‪َّ ،‬‬ ‫واطلع ْع مكنون الضمائر‪ ،‬وعلم‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬شأن ادلاعء (‪ ،)63‬املقصد األسىن (‪.)93‬‬

‫(‪ )2‬تفسي ابن جرير (‪ ،)288/11‬والصواعق املرسلة (‪.)492/2‬‬

‫‪220‬‬

‫‪‬‬ ‫خفيات ابلذور‪ ،‬ولطائف األمور‪ ،‬ودقائق اذلرات‪ ،‬ف ظلمات ادلجور(‪.)1‬‬ ‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قال تعاىل‪ { :‬ﭬ ﭭ ﭮ‬

‫ﭯ} [األنعام]‪ ،‬أي‪ :‬أن أفعال تعاىل لطفت عن أن تدركها العقول‬ ‫واألفهام‪ ،‬ألنها جارية ْع مقتىض خّبته تعاىل‪ ،‬اليت يه فوق إدراك‬ ‫العقول واألفهام(‪ ،)2‬فسحائب لطفه املقرتنة خبّبته تعجز العقول‬

‫والقلوب اإلحاطة بواحد ٍة منها‪ ،‬ولو اجتمع لك خلقه‪.‬‬

‫(‪ )2‬وقال تعاىل‪{ :‬ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ} [فاطر]‪ ،‬فإن‬

‫األشياء ف ـهذا الكون‪ ،‬إما أن تكون مبرصة مرئية‪ ،‬وإما أن تكون‬ ‫خمفية غي مرئية‪ ،‬وإما أن تكون معدومة غي موجودة‪ ،‬فاجتمع ف‬ ‫ـهذا اَّلقرتان "شمول علم الل تعاىل للبواطن واحلقائق‪ ،‬وكذلك‬ ‫لذلوات‪ ،‬واملشاـهدات‪ ،‬واملبرصات"(‪ ،)3‬ف األرض والسموات‪.‬‬

‫هللالل اخلبر‪ :‬أنه سبحانه َّل يعزب عنه األخبار ابلاطنة‪،‬‬ ‫وَّل جيري ف امللك وامللكوت يشء‪ ،‬وَّل تتحرك َّ‬ ‫ذرة وَّل تسكن‬ ‫ساكنة‪ ،‬وَّل يضطرب نفس وَّل يطمنئ إَّل ويكون عند ه‬ ‫خّبه(‪.)4‬‬

‫ةمن هللالل خّبته أنه العالم بدقائق األمور املعقولة‪ ،‬واملحسوسة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والظاـهرة‪ ،‬وابلاطنة(‪َّ ،)5‬ل خيلو عن علمه ماكن‪ ،‬وَّل يند عنه زمان‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذا اَّلسم الكريم يورث العبد املؤمن حسن‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬فتح الرحيم امللك (‪.)25‬‬

‫(‪ )3‬املصدر السابق (ص‪.)396‬‬

‫(‪ )2‬ولل األسماء احلسىن (ص ‪ )266‬بترصف‪.‬‬

‫(‪ )4‬املقصد األسىن (ص ‪.)103‬‬

‫‪221‬‬

‫(‪ )5‬اتلحرير واتلنوير (‪.)310/11‬‬

‫‪‬‬ ‫العبادة‪ ،‬وايلقي‪ ،‬واَّلستقامة‪ ،‬ف الظاـهر وابلاطن ْع الرصاط املستقيم‪،‬‬ ‫واَّلطمئنان بقضائه تعاىل وقدره‪ ،‬وأن لك ما جيري ف ملكوته‪ ،‬من‬

‫جار ْع مقتىض خّبته‪،‬‬ ‫إـهَّلك وعقاب للمجرمي واملعاندين‪ ،‬أنه ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وحكمته‪ ،‬اليت أحاطت بكل العاملي‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯾ ﯿ ﰀ‬

‫ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋﰌ} [اإلرساء]‪.‬‬

‫وكذلك مفارقة اذلنوب الصغية والكبية‪ ،‬ف لك حي‪ ،‬فمنها‪:‬‬

‫غض ابلرص‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬

‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ}‬

‫[انلور]‪ ،‬ومَّلزمة العدل ف قول‪ ،‬وفعله مع اخللق‪ ،‬ف حال رضاه‪،‬‬

‫وغضبه‪ ،‬وغيه‪ ،‬حىت مع أعداء الل تعاىل من الكفرة‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬ ‫{ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ‬

‫ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ} [املائدة]‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ومن أجل ثمرات ـهذا اَّلسم اجلليل‪ :‬طاعة الل تعاىل‪ ،‬ورسول‪،‬‬

‫اليت يه رأس العبادة‪ ،‬اليت عليها السعادة ف ادلنيا واآلخرة‪ ،‬قال‬

‫تعاىل‪{ :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ} [املجادلة]‪.‬‬

‫‪ 74‬ـ ـ اهلل (الوكيل) عز شأنه‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ} [آل عمران]‪.‬‬ ‫املعىن ا ليوي‪ :‬ا وكيل ـهو‪ :‬فعيل من الواكلة‪ ،‬واتلولك‪ :‬إظهار‬ ‫‪222‬‬

‫‪‬‬ ‫العجز واَّلعتماد ْع الوكيل‪ ،‬وحقيقة الوكيل أنه يستقل بأمر املولك‬ ‫معان‪ :‬أنه الكفيل‪ ،‬احلفيظ‪ ،‬املقسط‪ ،‬الاكف‪.‬‬ ‫إيله‪ ،‬ول عدة‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫والل سبحانه ل الواكلة اتلامة‪ ،‬ويه اليت جتمع علم الوكيل بما‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ـهو وكيل عليه‪ ،‬وإحاطته بتفاصيله‪ ،‬وقدرته اتلامة عليه يلتمكن‬

‫من اتلرصف فيه‪ ،‬وحفظ ما ـهو وكيل عليه مع حكمة‪ ،‬ومعرفة‪،‬‬ ‫بوجوه اتلرصفات‪ ،‬يلرصفها ويدبرـها ْع ما ـهو أيلق(‪.)1‬‬

‫ِ‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه وتعاىل ـهو الوكيل ْع لك العاملي‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وتقديرا‪،‬‬ ‫وتدبيا‪ ،‬وـهداية‪،‬‬ ‫(‪ )1‬اذلي تولك بالعاملي خلقا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وإمدادا‪ ،‬ورزقا‪ ،‬وراعية‪ ،‬وعونًا‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮏ ﮐ‬ ‫وإجيادا‪،‬‬ ‫ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ} [الزمر]‪ .‬وـهذه يه الواكلة‬ ‫َّ ِ‬ ‫العامة اتلامة للك اخلَّلئق‪.‬‬ ‫(‪ )2‬واكل‪ ،‬نص‪ :،‬أنه تعـاىل وكيل املؤمني‪ ،‬فييَّسـهم لليَّسى‪،‬‬

‫وجينبهم العَّسى‪ ،‬ويكفيهم ما يهمهم ف اآلخرة واألول‪ ،‬ألنهم‬

‫أفردوه باتلولك‪ ،‬واإلنابة‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ‬ ‫ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ‬ ‫ﭷ ﭸ} [األنفال](‪.)2‬‬ ‫َّ‬ ‫عمل جزاء من جنسه‪،‬‬ ‫للك‬ ‫جعل‬ ‫ه‬ ‫سبحان‬ ‫ه‬ ‫هللالل ا وكيل‪ :‬أن‬ ‫ٍ‬

‫وجعل جزاء اتلولك عليه‪ ،‬نفس كفايته لعبده‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮧ ﮨ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬لسان العرب (‪ ،)734/11‬األسىن للقرطيب (‪ ،)505/1‬وانظر تفسي ابن السعدي (‪.)335/4‬‬ ‫(‪ )2‬انظر تفسي السعدي (‪ )488/5‬بترصف‪.‬‬

‫‪223‬‬

‫‪‬‬ ‫ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ} [الطَّلق‪ ،]3 :‬ولم يقل‪ :‬نؤته كذا من األجر كما قال‬

‫ف األعمال‪ ،‬بل جعل نفسه سبحانه اكف عبده املتولك عليه(‪ )1‬وحسبه‪،‬‬ ‫وواقيه‪ ،‬ف لك ما يهمه ف دينه‪ ،‬ودنياه‪ ،‬وأخراه‪ ،‬فإذا َّ‬ ‫حتصل ل ذلك‪:‬‬

‫"فهناك َّل تسأل عن لك أمر يتيَّس‪ ،‬وخطوب تهون‪ ،‬وكروب تزول(‪.)2‬‬

‫اثلمرات‪ :‬إذا علمت أن وكيلك غن‪ّ ،‬‬ ‫ويف‪ ،‬قادر‪ ،‬مل‪ ،‬فأعرض‬

‫عن دنياك‪ ،‬وأقبل ْع عبادة موَّلك(‪ ،)3‬فمن عرف الل تعاىل بهذا‬ ‫اَّلسم حق ل أن يتولك عليه ف مجيع أموره‪ّ ،‬‬ ‫ويفوض إيله مجيع شؤونه‪،‬‬

‫يلحصل ل حقيقة اتلوحيد‪ ،‬اذلي ـهو حق الل ْع لك العبيد‪.‬‬

‫‪ 75‬ـ ـ اهلل (املُقِيت) جل جالله‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ} [النساء]‪.‬‬ ‫املعىن ا ليوي‪ :‬املقيت‪ :‬اسم فاعل للموصوف باإلقاتة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫والقوت ف اللغة‪ :‬ـهو ما يمسك الرمق من الرزق(‪ ،)4‬وإنما سيم قوتا‬ ‫ألنه مساك ابلدن‪َّ ،‬‬ ‫وقوته ‪.‬ويأيت بمعىن احلفيظ ‪ ،‬واملقتدر ْع‬ ‫(‪)6‬‬

‫(‪)5‬‬

‫اليشء‪ ،‬والشهيد‪ ،‬والقائم ْع لك يش ٍء باتلدبي(‪.)7‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬بدائع الفوائد (‪.)766/2‬‬

‫(‪ )2‬تفسي السعدي (‪.)920‬‬

‫(‪ )4‬شأن ادلاعء (ص ‪ ،)68‬املفردات (ص ‪.)414‬‬ ‫ا‬ ‫(‪ )5‬قال ‘‪ٰ > :‬‬ ‫كىف بنملرء إثمن أن يضيع من يقوت<‪ .‬صحيح أيب داود (‪.)1692‬‬

‫(‪ )6‬صح عن ابن عباس ريض الل عنهما‪ ،‬انظر اتلفسي الصحيح (‪.)85/2‬‬

‫(‪ )7‬اللسان (‪ ،)3769/5‬معجم مقاييس اللغة (‪ ،)38/5‬ابن جرير (‪.)583/8‬‬

‫‪224‬‬

‫(‪ )3‬األسىن للقرطيب (‪.)508/1‬‬

‫‪‬‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو املقيت‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ )1‬املقتدر‪ ،‬اذلي خلق األقوات‪ ،‬وتكفل بإيصاهلا إىل لك‬

‫املخلوقات‪ ،‬بكمال احلفظ واَّلقتدار‪.‬‬

‫‪ )2‬فيعطي لك خملوق قوته‪ ،‬ورزقه‪ْ ،‬ع ِ‬ ‫مر األوقات‪ْ ،‬ع ما‬ ‫ٍ‬ ‫َّ َ‬ ‫حدد هه سبحانه وتعاىل من زمان‪ ،‬أو ماكن‪ ،‬أو كم‪ ،‬أو كيف‪،‬‬ ‫بكمال املشيئة واحلكمة بَّل نقصان‪ ،‬وَّل نسيان‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وقت وحي‪ْ ،‬ع اختَّلف األنواع‪،‬‬ ‫‪ )3‬فهو تعاىل يمدـها ف لك ٍ‬ ‫ِ‬ ‫واأللوان‪ ،‬وييَّس أسباب نفعها لإلنسان واحليوان‪ْ ،‬ع تتابع األوقات‬

‫والزمان‪.‬‬

‫ألمد طويل بَّل حسبان‪،‬‬ ‫ألمد قليل‪ ،‬ومنه‬ ‫‪ )4‬فمنه من يعطيه‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫بما جعله ً‬ ‫قواما هلا‪ ،‬إَّل أن يريد إبطال يش ٍء منها‪ ،‬فيحبس عنه ما‬ ‫ِ‬ ‫وقت شاء سبحانه‪.‬‬ ‫جعله الل تعاىل ل مادة بلقائه‪ ،‬فيهلك ف أي ٍ‬ ‫ً‬ ‫‪ )5‬وكما أنه سبحانه املقيت لألبدان‪ ،‬فإنه أيضا مقيت القلوب‪،‬‬

‫باملعرفة واإليمان‪.‬‬

‫َّ‬ ‫قدرـها َّ‬ ‫عز وجل عند خلقه‬ ‫‪ )6‬ولك ـهذه األرزاق واألقوات‬

‫لألرض اليت وضعها لألنام‪{ ،‬ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬ ‫َّ‬ ‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ} [فصلت](‪ ،)1‬أي‪ :‬قدر‬ ‫فيها ما حيتاج أـهلها إيله من األرزاق واألماكن‪ ،‬اليت تزرع وتغرس(‪.)2‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر املعاين السابقة‪ :‬تفسي ابن جرير (‪ ،)269/5‬شأن ادلاعء (‪ ،)68‬تفسي األسماء للرازي (‪ ،)273‬األسىن‬ ‫للقرطيب (‪.)273/1‬‬

‫(‪ )2‬ابن كثي (‪.)93/4‬‬

‫‪225‬‬

‫‪‬‬

‫ً‬ ‫هللالل املقيت‪ :‬أن الل تعاىل جعل "للك خملوق قوتا‪ ،‬فاألبدان‬

‫قوتها املأكول‪ ،‬واملرشوب‪ ،‬واألرواح قوتها العلوم‪ ،‬واملَّلئكة قوتها‬ ‫التسبيح"(‪.)1‬‬

‫اثلمرات‪ :‬إ َّن ـهذا اَّلسم الكريم يورث املؤمن َّ‬ ‫حمبة الل تعاىل‪،‬‬

‫والطمأنينة واثلقة بقوة الل سبحانه‪َّ ،‬لسيما إذا اشتد به الكرب‪،‬‬ ‫ً‬ ‫َ َّ‬ ‫وقلت دليه سبل الكسب‪ ،‬وينبيغ للعبد أن يكون قوته حَّلَّل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫طيبًا‪ ،‬وأن يكون ً‬ ‫قواما بي‬ ‫وسطا‪َّ ،‬ل يكون مَّسفا‪ ،‬وَّل خبيَّل‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫يترضع إىل املقيت أن يقيته اهلدى واإليمان‪ ،‬والعمل‬ ‫ذلك‪ ،‬وأن‬ ‫قوت األبدان‪.‬‬ ‫الصالح واإلحسان‪ ،‬اذلي ـهو أرشف من ِ‬

‫‪ 76‬ـ ـ اهلل (النصري) سبحانه وتعاىلٰ‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬

‫ﯲ} [األنفال]‪.‬‬

‫وانل م ه‬ ‫املعىن ا ليوي‪ :‬انلصر‪ :‬من صيغ املبالغة‪َّ ،‬‬ ‫رص وانلرصة‪:‬‬ ‫ً‬ ‫العون‪ ،‬وتنارص القوم‪ :‬نرص بعضهم بعضا‪ ،‬وانترص منه‪ :‬انتقم منه‪،‬‬

‫وانلرص‪ :‬املنع‪ ،‬وانلارص‪ :‬ـهو امليَّس للغلبة‪ ،‬وانلرص إاعنة املظلوم(‪.)2‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو انلصي وـهو خي انلارصين‪:‬‬

‫(‪ )1‬اذلي ينرص رسله‪ ،‬وأنبياءه‪ ،‬وأويلاءه ْع أعدائهم ف ادلنيا‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬األسىن (‪.)276/1‬‬

‫(‪ )2‬املفردات (ص ‪ ،)495‬لسان العرب (‪ ،)212/5‬املنهاج (‪ ،)205/1‬األسىن (‪.)319/1‬‬

‫‪226‬‬

‫‪‬‬ ‫نرصا َّ‬ ‫ً‬ ‫مؤز ًرا‪ ،‬ويوم يقوم األشهاد‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭥ ﭦ ﭧ‬

‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ} [اغفر]‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫(‪ )2‬وـهو جل وعَّل اذلي ينرص املستضعفي‪ ،‬ويرفع الظلم عن‬ ‫املظلومي‪ ،‬ولو اكنوا اكفرين‪ ،‬فَّل نارص هلم إَّل الل سبحانه‪.‬‬ ‫(‪ )3‬وـهو عز وجل كما ينرص املؤمني ْع عد ِوـهم من الاكفرين‬

‫والظاملي‪ ،‬وـهما العدو اخلاريج‪ ،‬كذلك ينرصـهم ْع عدوـهم ادلاخل‬ ‫َّ‬ ‫العدوان الذلان َّل يفارقان العبد‪،‬‬ ‫من انلفس والشيطان‪" ،‬وـهما‬ ‫وعداوتهما أرض من عداوة العدو اخلارج‪ ،‬وانلرص ْع ـهذا العدو‬ ‫أـهم‪ ،‬والعبد إيله أحوج‪ ،‬وكمال انلرصة حبسب كمال اَّلعتصام‬

‫بالل"(‪ ،)1‬قال تعاىل‪{ :‬ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ} [حممد]‪.‬‬

‫(‪ )4‬وـهو اذلي يؤيد بنرصه من يشاء‪َّ ،‬ل اغلب ملن نرصه‪ ،‬وَّل نارص‬ ‫ملن خذل‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ} [آل عمران‪.]160 :‬‬ ‫(‪ )5‬وـهو املوثوق منه بأن َّل يسلم ويله إىل عدوه‪ ،‬وَّل خيذل(‪.)2‬‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫(‪ )6‬وـهو انلصي اذلي يهؤمن اخلائفي‪ ،‬وجيي املستجيين‪.‬‬ ‫هللالل انلصر‪ :‬أن أفراد نرصه وأنواعها لعباده املؤمني‪ ،‬يأيت‬ ‫ه‬ ‫بها الرب من حيث َّل حيتسب‪ ،‬فَّل تعد‪ ،‬وَّل حتد‪ ،‬وَّل ترد‪ ،‬ولكها‬ ‫خمزونة عنده ف الغيب‪ ،‬قد تكون باإلمداد واإلعداد‪ ،‬أو تكون‬ ‫ً‬ ‫بأسباب‪ ،‬أو بدون أسباب‪ ،‬وـهو حق أوجبه ْع نفسه تفضَّل وتكر ًما‪،‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر مدارج السالكي (‪.)180/1‬‬

‫(‪ )2‬األسماء والصفات (‪.)179/1‬‬

‫‪227‬‬

‫‪‬‬ ‫أحد من العباد(‪.)1‬‬ ‫دون إلزامٍ من ٍ‬ ‫فمنها‪ :‬تأييده بمَّلئكته‪ ،‬كما ف نرصه نلبيه وصحبه ف بدر‪،‬‬

‫وبالريح كما ف اع ٍد واألحزاب‪ ،‬وبإرسال الطي األبابيل‪ ،‬كما ف‬ ‫أصحاب الفيل‪ ،‬وبالصيحة كما ف ثمود‪ ،‬وباخلسف كما فعل بقارون‪،‬‬

‫والقذف كما ف قوم لوط‪ ،‬وإلقاء الرعب كما فعل بايلهود‪ ،‬فَّل حييص‬ ‫جَّلل نرصه إَّل الل اذلي ـهو خي انلارصين‪.‬‬

‫اثلمرات‪ :‬جيب ْع لك مسلم إن اكن ل ّ‬ ‫قوة‪ ،‬أن ينرص بها‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مظلومن<‬ ‫مظلوما‪ ،‬قال ‘‪> :‬اًِّص أ نك ظن من أو‬ ‫ظالما أو‬ ‫أخاه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ظالما؟ قال‪:‬‬ ‫مظلوما‪ ،‬فكيف ننرصه‬ ‫قالوا‪ :‬يا رسول الل‪ ،‬ـهذا ننرصه‬

‫>تأ ذ ٰ‬ ‫ىلع يديه<(‪ ،)2‬ومن أراد أن ينرصه الل سبحانه‪ ،‬فلينرص دينه‪،‬‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ} [حممد‪ ،]7 :‬وانلرص يكون مع الصّب‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫مقرتنان َّل ينفاكن‪ ،‬قال ‘‪> :‬واعلم أن انلِّص مع ا صرب<(‪.)3‬‬

‫‪ 77‬ـ اهلل (الرقيب) جل ثناؤه‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ} [األحزاب]‪.‬‬ ‫املعىن ا ليوي‪ :‬ا رقيب‪ :‬من صيغ املبالغة‪ ،‬وـهو املوصوف‬ ‫باملراقبة‪ ،‬والرقابة تأيت بمعىن احلفظ واحلراسة‪ ،‬واَّلنتظار‪ ،‬مع احلذر‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬كما قال تعاىل‪{ :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬ ‫(‪ )2‬رواه ابلخاري (‪.)6552‬‬

‫ﮰ} [املؤمنون]‪.‬‬

‫(‪ )3‬صحيح الرتمذي (‪.)2516‬‬

‫‪228‬‬

‫‪‬‬ ‫والرتقب‪ ،‬فالرقيب ـهو‪ :‬احلارس احلافظ‪ ،‬املولك حبفظ اليشء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫املتحرز عن الغفلة فيه‪َّ ،‬ل يغيب عنه يشء ‪.‬‬ ‫املرتصد ل‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ـهو الرقيب ْع لك العبيد‪:‬‬ ‫‪َّ )1‬‬ ‫املطلع ْع ما ف القلوب‪ ،‬وما حوته العلوالم‪ ،‬من األرسار‬

‫والغيوب‪.‬‬

‫‪ )2‬فهو سبحانه الرقيب ْع ما دار ف اخلواطر‪ ،‬وْع ما ف‬

‫الضمائر‪ ،‬الشاـهد ْع أكنة الَّسائر‪ ،‬وحلظته العيون‪ ،‬وما اختىف ف‬ ‫خبايا الصدور‪.‬‬

‫َّ‬ ‫‪ )3‬يعلم ويرى ما دق وما بدى‪ ،‬وَّل خيىف عليه الَّس وانلجوى‪ ،‬ما‬

‫ف األرض‪ ،‬وَّل ف السموات العَّل‪.‬‬

‫‪ )4‬فهو تعاىل رقيب راصد ألعمال العباد‪ ،‬وكسبهم‪ ،‬يرى لك حركة‬ ‫عليم باخلواطر اليت ه‬ ‫تدب ف قلوبهم‪ ،‬من َّ‬ ‫ٌ‬ ‫انليات‬ ‫وسكنة ف أبدانهم‪،‬‬

‫الطيبة‪ ،‬واإلرادات الفاسدة‪.‬‬

‫ً‬ ‫‪ )5‬فهو سبحانه املرايع أحوال املرقوب‪ ،‬احلافظ ل مجلة وتفصيَّل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫املحيص جلميع أحوال‪ ،‬وعد ما يدق‪ ،‬وجيل من أقوال‪ ،‬وأفعال‪ ،‬وسائر‬

‫أحوال‪.‬‬

‫‪ )6‬اذلي حفظ املخلوقات وأجراـها ْع أحسن نظام‪ ،‬وأكمل‬

‫تدبي‪ ،‬وـهو َّل يغفل عما خلقه‪ ،‬فَّل يلحقه نقص أو يدخل عليه خلل‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬معجم مقاييس اللغة (‪ ،)427/2‬لسان العرب (‪.)297/5‬‬

‫‪229‬‬

‫‪‬‬ ‫من قبل غفلته عنه(‪.)1‬‬

‫َّ‬ ‫مستو‬ ‫وفوقية‪ ،‬وقدرة‪ ،‬وصمدية(‪ ،)2‬وـهو‬ ‫‪ )7‬فمراقبته عن استعَّلء‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ْع عرشه‪ ،‬بائن عن لك اخلليقة‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫هللالل ا رقيب‪ :‬أنه رقيب ْع األشياء بعلمه املقدس عن‬ ‫َ‬ ‫النسيان‪ ،‬ورقيب للمبرصات ببرصه اذلي َّل تأخذه ِسنة وَّل نوم‪،‬‬

‫ورقيب للمسمواعت بسمعه املدرك للك حركة والكم‪ ،‬فهو سبحانه رقيب‬ ‫َّ‬ ‫اخلفيات‪،‬‬ ‫عليها بهذه الصفات‪ ،‬حتت رقبته اللكيات‪ ،‬واجلزئيات‪ ،‬ومجيع‬

‫ف األراضي والسماوات‪ ،‬وَّل خيف عنده‪ ،‬بل مجيع املوجودات لكها ْع‬ ‫نمط واحد‪ ،‬ف أنها حتت هرقبته‪ ،‬اليت يه من صفته ‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫اثلمرات‪ :‬إ َّن من َّ‬ ‫صح علمه بأن الل سبحانه رقيب عليه‪ ،‬لم‬

‫يفن عمره ف ابلطالة‪ ،‬ولم ينفق ف الغفَّلت أوقاته‪ ،‬بل يصل ف‬ ‫ِ‬ ‫طاعة ربه يلله ونهاره‪ ،‬وجهده بكده ف إحساسه‪ ،‬واختَّلف‬ ‫أنفاسه‪ ،‬ومن راقب الل تعاىل ف ِ‬ ‫رسه وجهره‪ ،‬واتَّقاه ف أمره ونهيه‪،‬‬

‫أوصله إىل املوافقة ف سبل املعاملة‪ ،‬ومن املقامات إىل علم القلب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫باطَّلع الرب جل جَّلل‪ ،‬حىت َّل يرى إَّل ـهو‪ ،‬فصاحب املراقبة يدع‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫استحياء منه وـهيبة ل‪ ،‬أكرث مما يرتكها من يدع املعايص‬ ‫املخالفات‬ ‫خلوف عقوبته‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ} [العلق](‪.)4‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬األسماء والصفات (‪ .)194/1‬تفسي ابن السعدي (‪ ،)625/5‬الاكفية الشافية (‪ )122‬بترصف‪.‬‬ ‫(‪ )3‬األسىن للقرطيب (‪.)402/1‬‬ ‫(‪ )2‬األسماء احلسىن لدلكتور الرضواين (ص‪.)610‬‬ ‫(‪ )4‬املصدر السابق (‪.)405/1‬‬

‫‪230‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ 78‬ـ اهلل (الوارث) عز وجل‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ} [احلِجر]‪.‬‬ ‫باق بعد ذاـهب‪ ،‬فهو وارث(‪.)1‬‬ ‫املعىن ا ليوي‪ :‬ا وارث‪ :‬لك ٍ‬

‫ةن وارث‪ :‬ـهو الاكئن بصفة املستحق حلال املوروث‪ ،‬وربنا ـهو خي‬

‫الوارثي‪ ،‬ألنه يبىق بعد ذـهاب األمَّلك‪ ،‬فرتجع األمور لكها إيله(‪.)2‬‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ـهو ا وارث وـهو خي الوارثي‪:‬‬

‫(‪ )1‬ابلايق ادلائم بعد فناء لك اخلَّلئق‪ ،‬الوارث جلميع األشياء‪،‬‬

‫بعد فناء لك من ف األرض‪ ،‬والسموات الطوابق‪.‬‬

‫(‪ )2‬وـهو تعاىل الوارث بَّل توريث أحد‪ ،‬ابلايق ليس مللكه أمد‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مالاك ألصول األشياء لكها‪ ،‬يه ِ‬ ‫ورثها‬ ‫(‪ )3‬وـهو تعاىل لم يزل باقيًا‬

‫ّ‬ ‫أحب(‪.)3‬‬ ‫من يشاء‪ ،‬ويستخلف فيها من‬

‫(‪ )4‬وـهو اذلي يورث املستضعفي ملك الظاملي‪ ،‬وجيعل هلم‬

‫العاقبة واتلمكي حىت حي‪.‬‬

‫ً‬ ‫(‪ )5‬وـهو اذلي أورث بن إرسائيل الكتاب فجعله متوارثا‬ ‫ً‬ ‫قرن إىل قرن‪ ،‬مشتمَّل ْع اهلدى ألول األبلاب(‪.)4‬‬ ‫بينهم‪ ،‬من ٍ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬تفسي األسماء للزجاج (ص ‪.)65‬‬

‫(‪ )2‬قال تعاىل‪{ :‬ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ} [مريم]‪ .‬األسىن للقرطيب (‪.)180‬‬

‫(‪ )3‬قال تعاىل‪{ :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖﯗ} [األعراف‪> .]127 :‬شأن ادلاعء< (‪ 96‬ـ ‪.)97‬‬

‫(‪ )4‬قال تعاىل‪{ :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬ ‫ﮉ} [اغفر]‪ ،‬انظر‪ :‬تفسي السعدي (‪.)740‬‬

‫‪231‬‬

‫‪‬‬

‫(‪ )6‬وـهو تعاىل اذلي ِ‬ ‫يورث املؤمني ديار الاكفرين ف ادلارين‪:‬‬

‫أ) يف ادلًين‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬

‫ﮡ ﮢ} [األحزاب‪.]27 :‬‬

‫ب) ومساكنهم يف اآل رة‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ‬

‫ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ} [مريم]‪.‬‬

‫هللالل ا وارث‪ :‬أنه سبحانه يورث من اصطفاـهم ملحبته‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫واجتباـهم لكرامته‪ ،‬أجل مياثه ف ادلنيا‪ ،‬وـهو كتابه قال تعاىل‪{ :‬ﭣ‬

‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ} [فاطر‪ ،]32 :‬وينعم ْع من‬ ‫َّ‬ ‫يشاء منهم ف حفظه‪ ،‬واتباعه‪ ،‬أْع ادلرجات ف جناته‪ ،‬قال ‘‪:‬‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫>يقنل صنحب القرآن‪ ،‬اقرأ‪ ،‬وارتق‪ ،‬ورتل كمن كنت ترتل يف ادلًين‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ةإن مزنتلا عند آ ر آي ٍ‪ ،‬تقرؤهن<(‪.)1‬‬ ‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ أن يعلم لك مؤمن أن عمله الصالح ـهو خي‬

‫مياثه‪ ،‬وـهو املياث احلقييق‪ ،‬اذلي يبىق وَّل يفىن‪ ،‬قال الل العظيم‪:‬‬

‫{ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ} [مريم]‪ ،‬وقال‬ ‫َّ‬ ‫عز شأنه‪{ :‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬ ‫َّ‬ ‫ﮓ ﮔ} [مريم]‪ ،‬وينبيغ للمؤمن أن يتيق الل تعاىل ف حقوق‬ ‫ً‬ ‫اإلرث‪ ،‬فَّل يظلم أحدا من الورثة‪ ،‬وأن يسأل ربه تعاىل أن يورثه‪،‬‬ ‫ويبيق ل سمعه‪ ،‬وبرصه‪ ،‬يلنتفع به ف أمور دنياه‪ ،‬ودينه‪> ،‬امهلل أمتعين‬

‫بسميع وبِّصي‪ ،‬واهللعلهمن ا وارث مين<(‪.)2‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬صحيح الرتمذي (‪.)2914‬‬

‫(‪ )2‬صحيح الرتمذي (‪.)3604‬‬

‫‪232‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ 79‬ـ ـ اهلل (احلسيب) جل وعال‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ} [النساء‪.]86 :‬‬

‫املعىن ا ليوي‪ :‬احلسيب‪ :‬من صيغ املبالغة‪ ،‬اسم الفاعل‬

‫احلاسب‪ ،‬وـهو املوصوف بمحاسبة غيه‪ ،‬واحلساب ـهو‪ :‬ضبط العدد‪،‬‬

‫وبيان مقادير األشياء املعدودة‪ ،‬ويأيت احلسب بمعىن الكفاية‪ ،‬من‬ ‫أحسبن اليشء‪ :‬إذا كفاين(‪ .)1‬وـهذا رجل حسبك من رجل‪ ،‬أي‪:‬‬

‫اكف لك من غيه‪ ،‬وحسيبك الل‪ ،‬أي‪ :‬انتقم الل منك‪ ،‬واحلسيب‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫الكريم‪ ،‬الرفيع الشأن‪ ،‬والرشيف اذلي ل خصال الرشف‪ ،‬والفعل‬

‫الصالح‪ ،‬واحلسيب‪ :‬املحاسب ْع اليشء(‪ ،)3()2‬ويأيت بمعىن‪:‬‬

‫احلفيظ(‪ ،)4‬والشهيد(‪.)5‬‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل جل ثناؤه ـهو احلسيب للك العبيد‪:‬‬

‫(‪ )1‬الاكف تعاىل مجيع عباده لك ما حيتاجون إيله من املنافع‪،‬‬

‫َّ‬ ‫ادلافع عنهم لك ما يكرـهون من املساوئ‪ ،‬ةكفنيته لعبند ًواعن‪:‬‬

‫األول‪ :‬كفني‪ ،‬اعم‪ :،‬للخَّلئق لكها‪ :‬بإجيادـها‪ ،‬وإرزاقها‪ ،‬وإمدادـها‪،‬‬ ‫للك ما خلقت ل‪َّ ،‬‬ ‫وـهيأ للعباد من مجيع األسباب ما يغنيهم‪ ،‬ويقنيهم‪.‬‬

‫ِ‬ ‫اثلنًي‪ :،‬كفني‪ ،‬نص‪ :،‬لعباده املوحديـن‪ ،‬املخلصيـن لـه فـي‬ ‫ِ‬ ‫العبوديـة‪ ،‬بانلرص واتلمكي‪ ،‬ادلافع عنهم ف لك ما يكرـهون‪ ،‬الاكف‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬قال تعاىل‪{ :‬ﭨ ﭩ ﭪ} [انلبأ]‪ )2( .‬قال تعاىل‪’{ :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ} [اإلرساء]‪.‬‬ ‫(‪ )3‬لسان العرب (‪ ،)863/2‬انلهاية (‪ ،)381‬اشتقاق أسماء الل (‪ ،)129‬القاموس املحيط (‪.)387‬‬

‫(‪ )5‬صح عن السدي‪ ،‬املصدر السابق (‪.)10/2‬‬

‫(‪ )4‬صح عن جماـهد‪ ،‬انظر اتلفسي الصحيح (‪.)87/8‬‬

‫‪233‬‬

‫‪‬‬ ‫للك أمورـهم ف ادلنيا وادلين‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬ ‫ﭻ ﭼ ﭽﭾ} [األنفال]‪ ،‬أي اكفيك‪ ،‬واكف أتباعك‪ ،‬فعىل‬

‫قدر املتابعة تكون الكفاية وانلرصة والعناية‪ ،‬وأخص من ذلك‪ :‬أنه‬ ‫ِ‬ ‫احلسيب للمتولكي‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ}‬ ‫ِ‬ ‫[الطَّلق‪ ،]3 :‬أي‪ :‬اكفيه لك أموره ادلينية‪ ،‬وادلنيوية‪ ،‬فيغنيه عن لك ما‬

‫سواه من الّبية‪ ،‬فكفاية الل تعاىل لعبده‪ ،‬حبسب ما قام به من‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ظاـهرا‪ ،‬وباطنا‪ ،‬وقيامه بعبودية الل تعاىل(‪.)1‬‬ ‫متابعة الرسول‪،‬‬

‫(‪ )2‬وـهو احلسيب‪ :‬املحاسب للك اخلَّلئق‪ ،‬يوم يردون إيله‪ْ ،‬ع‬ ‫أعماهلم‪ ،‬وجمازيهم عليها بمَّيان ِ‬ ‫احلق‪ ،‬والعدل‪ ،‬والفضل‪ ،‬وقد أحىص‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫منهم لك يش ٍء عددا‪َّ ،‬ل ختىف عليه خافية‪ ،‬وَّل يعزب عن علمه مثقال‬ ‫َّ‬ ‫ذرة‪ ،‬ف األرض وَّل ف السموات العىل ‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫(‪ )3‬وـهو تعاىل املحيط باألجزاء واملقادير‪ ،‬اليت يعلم العباد‬

‫أمثاهلا باحلساب‪ ،‬من غي أن حيسب سبحانه وتعاىل‪ ،‬فعلمه َّل‬

‫يتوقف ْع أمر يكون‪ ،‬أو حال حادث(‪.)3‬‬

‫(‪ )4‬وـهو سبحانه احلسيب الكريم‪ ،‬الرفيع الشأن‪ ،‬واملجد‪" ،‬ل‬

‫الرشف املطلق غي مقيد بيشء‪ ،‬وَّل يكتسب من يشء"(‪.)4‬‬

‫(‪ )5‬وـهو اذلي حييص أعداد املخلوقات‪ ،‬وـهيئاتها‪ ،‬وما ِ‬ ‫يمَّيـها‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ويضبط مقاديرـها‪ ،‬وخصائصها‪ ،‬وحييص أعمال امللكفي‪ ،‬ف خمتلف‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر زاد املعاد (‪ 36/1‬ـ ‪ ،)37‬فتح الرحيم امللك (‪ ،)45‬احلق الواضح (‪.)78‬‬

‫(‪ )2‬قال تعاىل‪{ :‬ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ} [األنبياء]‪.‬‬ ‫(‪ )4‬األسىن (‪.)503‬‬

‫(‪ )3‬األسماء والصفات للبيهيق (‪.)27/1‬‬

‫‪234‬‬

‫‪‬‬ ‫ادلواوين(‪ ،)1‬قال تعاىل‪{ :‬ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ} [مريم‪.]94 :‬‬

‫ه‬ ‫ٌ‬ ‫(‪ )6‬وـهو جل شأنه حمسوب عطاياه‪ ،‬وفواضله(‪ )2‬اليت َّل حتىص‪،‬‬ ‫ه‬ ‫وَّل تعد‪ ،‬ف ادلنيا للك أحد‪ ،‬ويف اجلنة ألويلائه فقط‪ ،‬ليس ل منتىه‬ ‫وَّل أمد‪ ،‬قال الل تعاىل‪{ :‬ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ} [انلبأ] "أي‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كثيا" ‪.‬‬ ‫عطاء حسابًا‪ ،‬اكفيًا‪ ،‬وافيًا‪ ،‬شامَّل‬ ‫(‪)3‬‬

‫(‪ )7‬والل تعاىل ـهو‪{ :‬ﮇ ﮈ ﮉ} [األنعام]‪َّ ،‬ل أحد‬ ‫ً‬ ‫أحد عن أحد(‪.)4‬‬ ‫أرسع حسابا منه‪ ،‬فَّل يشغله حساب ٍ‬ ‫هللالل احلسيب‪ :‬أن من اكن ـهذا اَّلسم املبارك حسبه وملجأه‬ ‫ِ‬ ‫عند شدائده‪ ،‬اكن الل حسيبه‪ ،‬وعند حسن ظنه‪ ،‬فيكفيه ما يهمه ف‬

‫أمور معاشه ومعاده‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ}‪،‬‬

‫قاهلا إبراـهيم عليه السَّلم حي أليق ف انلار‪ ،‬وقاهلا نبينا حممد ‘ حي‬ ‫اجتمع عليه الكفار‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ‬

‫ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ} [آل عمران](‪،)5‬‬ ‫فكفاه الل وصحبه لك ٍّ‬ ‫رش ونقمه‪ ،‬ونالوا السَّلمة‪ ،‬وحسن العاقبة ف‬ ‫ادلنيا واآلخرة‪ ،‬ومن هللالهل أنه "يكيف بفضله‪ ،‬ويرصف اآلفات بطول‪،‬‬

‫وإذا رفعت إيله احلوائج قضاـها‪ ،‬وإذا حكم بقضية أبرمها وأمضاـها"(‪.)6‬‬ ‫َّ‬ ‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذا اَّلسم اجلليل يثمر للعبد مراقبة حلال‪،‬‬ ‫ومجيع شؤونه‪ ،‬وحماسبة نلفسه ف لك ما يقول‪ ،‬ويفعله‪ ،‬كما يثمر ل‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )2‬تفسي األسماء (‪.)49‬‬

‫(‪ )1‬أسماء الل احلسىن د‪ .‬رضواين (‪.)621‬‬ ‫(‪ )3‬ابن كثي (‪ ،)621/4‬وصح عن قتادة أنه قال‪( :‬عطاء حسابًا) أي‪ :‬عطاء ً‬ ‫كثيا‪ .‬انظر اتلفسي الصحيح (‪)584/4‬‬ ‫(‪ )6‬أسماء الل للرازي (‪.)260‬‬ ‫(‪ )5‬صحيح ابلخاري (‪.)4563‬‬ ‫(‪ )4‬األسىن (‪.)208/1‬‬

‫‪235‬‬

‫‪‬‬ ‫الطمأنينة واثلقة ف أن الل تعاىل كما أنه جيازي عباده باخلي والرش‪،‬‬ ‫حبسب حكمته وعلمه‪ ،‬بدقيق أعماهلم وجليلها‪ ،‬فإنه اكف املتولكي‬ ‫عليه‪ ،‬اذلين َّ‬ ‫فوضوا أمورـهم إيله‪ ،‬فلم حيتاجوا معه إىل أحد ‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪ 80‬ـ‪ 81‬ـ اهلل (القابض‪ ،‬الباسط) تبارك وتعاىل‬

‫ا‬

‫ثبت ـهذان اَّلسمان الكريمان ف السنة املطهرة‪ ،‬قال ‘‪> :‬إن‬ ‫ُ ر‬ ‫هو ا مسعر‪ ،‬القنبض ابلنسط<(‪.)2‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬القبض خَّلف البسط‪ ،‬ويطلق ْع اتلقتي‬

‫واتلضييق‪ ،‬وْع اجلمع‪ ،‬كما ف‪ :‬قبض الل السموات واألرض‪ ،‬فقبض‬ ‫ايلد ْع اليشء مجعها بعد تناول(‪.)3‬‬

‫بسط اليشء‪ :‬نرشه‪ ،‬والبسطة ف لك يشء‪ :‬السعة‪ ،‬ويطلق‬

‫البسط ْع اتلوسعة ف الرزق‪ ،‬واإلكثار منه‪ ،‬وْع الطول‪ ،‬والفضل(‪.)4‬‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ـهو القابض ابلاسط‪:‬‬

‫(‪ )1‬اذلي يبسط الرزق ملن يشاء من عباده‪ ،‬حىت َّل تبىق فاقة‪،‬‬

‫ويقبضه عمن يشاء‪ ،‬حىت َّل تبىق طاقة‪ ،‬بكمال القدرة‪ ،‬والعدل‪ْ ،‬ع‬ ‫حسب ما تقتضيه حكمته‪ ،‬وما يليق بأحوال عباده‪ ،‬وإذا زاده تعاىل لم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًَ‬ ‫خرقا‪ ،‬وإذا أنقصه لم ينقصه عـ ً‬ ‫دما‪ ،‬وَّل خبَّل‬ ‫رسفا وَّل‬ ‫يزده‬ ‫(‪)5‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬منهج ابن القيم ف رشح أسماء الل احلسىن (ص ‪.)367‬‬ ‫(‪ )2‬صحيح الرتمذي (‪.)1059‬‬

‫(‪ )3‬املفردات (ص‪ ،)391‬الصحاح للجوـهري (‪.)1100/3‬‬

‫(‪ )4‬لسان العرب (‪ ،)258/7‬املفردات (ص ‪ ،)46‬الصحاح للجوـهري (‪.)1116/3‬‬

‫(‪ )5‬قال تعاىل‪{ :‬ﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬ ‫ﯙ ﯚ ﯛ} [الشورى]‪.‬‬

‫‪236‬‬

‫‪‬‬ ‫(‪ )2‬وـهو اذلي يقبض الصـدقات من األغنياء‪ ،‬ويبسط األرزاق‬

‫للضعفاء‪ ،‬ويقبض الصدقات فيبيها‪ ،‬ويبسط انلعم ويهيؤـها‪.‬‬

‫(‪ )3‬ويقبض األرواح عن األشباح عند املمات‪ ،‬ويبسط األرواح‬

‫ف األجساد عند احلياة‪.‬‬

‫حرجا كأنها َّ‬ ‫ً‬ ‫تص َّعد ف‬ ‫(‪ )4‬ويقبض القلوب فيضيقها حىت تصي‬ ‫السماء‪ ،‬ويبسطها بما يفيض عليها من معاين بِ ِره‪ ،‬ولطفه‪ ،‬ومجال‪،‬‬ ‫فتبىق منرشحة(‪.)2()1‬‬ ‫(‪ )5‬والل يقبض ويبسط بيديه الكريمتي‪ْ ،‬ع احلقيقة(‪ )3‬ملن‬ ‫َّ‬ ‫العلية‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬ ‫شاء من اخلليقة‪ ،‬فمن ذلك األرض والسماوات‬

‫{ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ}‬

‫[الزمر‪:‬‬

‫‪ ،]67‬قال ‘‪:‬‬

‫>يأ ذ اجلبنر عً وهللل سمنواته وأرضه بيديه‪ ،‬ةيقول‪ :‬أًن ا‬

‫(ويقبض‬

‫أصنبعه ويبسطهن) أًن امللا<(‪ ، )4‬ويف حديث خماطبة الرب ‪ ‬آلدم ‪،‬‬ ‫وفيه‪ ..> :‬ةقنل ا‬

‫هل‪ ،‬ويدا مقبوضتنن ‪ ...‬ثم بسطهن<(‪.)5‬‬

‫(‪ )6‬وـهو تعاىل يبسط يده باتلوبة ملن أساء‪ ،‬قال ‘‪> :‬إن ا‬

‫عً وهللل يبسط يد بن ليل يلتوب ميسء انلهنر‪ ،‬ويبسط يد بننلهنر‬ ‫يلتوب ميسء ا ليل‪ ،‬ح ٰ‬ ‫ىت تطلع ا شمس من ميربهن<(‪ ،)6‬وـهو اذلي‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬ ‫ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ} [األنعام‪]125 :‬‬

‫(‪ )2‬انظر املعاين السابقة‪ :‬املقصد األسىن (‪ ،)52‬شأن ادلاعء (‪ ،)857‬رشح أسماء الل احلسىن للبيضاوي (‪،)223‬‬ ‫رشح اهلراس للنونية (‪ ،)104/2‬تيسي الكريم املنان (‪ْ )3( .)490/5‬ع الكيفية اليت تليق جبَّلل وكمال‪.‬‬

‫(‪ )4‬مسلم (‪.)2788‬‬

‫(‪ )5‬صحيح الرتمذي (‪.)3368‬‬

‫‪237‬‬

‫(‪ )6‬مسلم (‪.)2759‬‬

‫‪‬‬ ‫يمل للعصاة‪ ،‬فيجعلهم بي اخلوف والرجاء(‪.)1‬‬

‫(‪ )7‬ويبسط يديه ملن سأل وداعه ف لك يللة‪ ،‬قال ‘(‪ ...> :)2‬ثم‬ ‫ٰ‬ ‫وتعنىل‪ ،‬يقول‪ :‬من يقرض غر عدوم وال ظلوم<(‪.)3‬‬ ‫يبسط يديه تبنرك‬ ‫(‪ )8‬وـهو تعاىل ه ِ‬ ‫الموسع ملن يشاء ف العلم‪ ،‬واخللقة‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮨ‬

‫ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ} [ابلقرة‪،]247 :‬‬ ‫ً‬ ‫ابتَّلء‪ ،‬وحكمة‪.‬‬ ‫ويضيقه ْع من يشاء‪،‬‬

‫ً‬ ‫أقواما من انلار‪،‬‬ ‫(‪ )9‬وـهو سبحانه يقبض بيده الكريمة‪ ،‬فيعتق‬ ‫خيا ّ‬ ‫لم يعملوا ً‬ ‫قط‪ ،‬قال ‘‪ ...> :‬ةيقول ا تعنىل‪ :‬شفعت املالئك‪،،‬‬

‫ُّ‬ ‫وشفع انلبيون‪ ،‬وشفع املؤمنون‪ ،‬و م يبق إال أرحم ا رامحني‪ ،‬ةيقبض قبض‪،‬‬ ‫ا‬ ‫قومن م يعملوا ا‬ ‫را قط<(‪.)4‬‬ ‫من انلنر‪ ،‬ةيخرج منهن‬

‫(‪ )10‬وـهو اذلي يبسط ويقبض الظَّلل واألنوار‪ ،‬وما يرتتب ْع‬

‫ذلك من اختَّلف الليل وانلهار‪ ،‬وتعاقب الفصول طول العام(‪.)5‬‬

‫(‪ )12‬ـهو اذلي يقبض قلوب العباد بدَّلئل اخلوف والكّبياء‪،‬‬

‫ويبسطها بدَّلئل الفضل والرجاء(‪.)6‬‬

‫(‪" )11‬والل تبارك وتعاىل يقبض باتلحريم‪ ،‬ويبسط باإلباحة"(‪.)7‬‬ ‫والكمال املطلق لل تعاىل يكون باجتماع ـهذين اَّلسمي‬

‫الكريمي‪ ،‬عند اثلناء وادلاعء‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬أسماء الل احلسىن ف الكتاب املقدس (‪.)341‬‬ ‫(‪ )2‬كما ف حديث نزول الرب تبارك وتعاىل إىل السماء ادلنيا لك يللة‪.‬‬ ‫(‪ )4‬ابلخاري (‪ ،)7439‬ومسلم (‪.)454‬‬

‫(‪ )6‬رشح أسماء الل احلسىن للبيضاوي (‪.)223‬‬

‫(‪ )3‬مسلم (‪.)758‬‬

‫(‪ )5‬ابن السعدي (‪ )584‬بترصف‪.‬‬

‫(‪ )7‬تفسي أيب املظفر السمعاين (‪.)248/1‬‬

‫‪238‬‬

‫‪‬‬ ‫من لطنئف اقرتاًهمن‪" :‬أن مقام اخلوف َّل جيامع مقام اَّلنبساط‪،‬‬ ‫واخلوف من أحاكم اسم (القنبض) واَّلنبساط من أحاكم (ابلنسط)‪،‬‬ ‫والبسط عندـهم من مشاـهدة أوصاف اجلمال‪ ،‬واإلحسان‪ ،‬واتلودد‪،‬‬

‫والرْحة‪ ،‬والقبض عندـهم من مشاـهدة أوصاف اجلَّلل‪ ،‬والعظمة‪،‬‬

‫والعدل‪ ،‬واَّلنتقام"(‪ ،)1‬ويف ـهذا اَّلقرتان "يشهد العبد حراكت العالم‬ ‫ِ‬ ‫وسكونه صادرة عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫متحرك‪ ،‬وساكن‪ ،‬يشهد تعلق‬ ‫احلق تعاىل ف لك‬ ‫احلراكت باسمه (ابلنسط) وتعلق السكون باسمه (القنبض) فيشهد‬ ‫تفرده سبحانه بالبسط والقبض"(‪ )2‬ف السماء واألرض‪.‬‬

‫َّ‬ ‫هللالل القنبض ابلنسط‪ :‬إن جَّلل ـهذين اَّلسمي َّل يستطيع‬

‫ٌ‬ ‫أحد أن حييص جَّلهلما‪ ،‬وكماهلما‪ ،‬وقدرـهما‪ ،‬إَّل الل رب العاملي فهما‬ ‫" َّ‬ ‫خيتصان بمصالح ادلنيا واآلخرة‪ ،‬قال الل العظيم‪{ :‬ﮨ ﮩ ﮪ‬

‫ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯗ ﯘ‬ ‫ﯙ ﯚ ﯛ} [الشورى]‪ ،‬وذلك يتضمن قوام اخللق باللطف‪ ،‬واخلّبة‪،‬‬

‫وحسن اتلدبي واتلقدير‪ ،‬مع كمال القدرة‪ ،‬والعلم بمصالح العباد ف‬ ‫اتلفصيل‪ ،‬واجلملة‪ ،‬فهو تعاىل يه ِ‬ ‫رصف مجلة العوالم‪ ،‬جلملة العاملي" ‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫َّ‬ ‫اثلمرات‪ :‬إن معرفتهما تثمر للمؤمن اخلوف من قبض منافع‬

‫ادلنيا واآلخرة‪ ،‬والرجاء لبسط اخليات العاجلة واآلجلة‪ ،‬وأن تبسط‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬مدارج السالكي (‪.)357/2‬‬

‫(‪ )3‬األسىن للقرطيب (‪ )360/1‬بترصف يسي‪.‬‬

‫(‪ )2‬املصدر السابق (‪.)184/2‬‬

‫‪239‬‬

‫‪‬‬ ‫برك ومعروفك ْع لك حمتاج‪ ،‬حىت ْع ادلواب‪ ،‬والالكب‪ ،‬واذلر‪،‬‬ ‫كبد رطب‪ ،‬أهللر<(‪" ، )1‬وأن تقبض عن لك أحد‪ ،‬ما‬ ‫قال ‘‪> :‬يف لك ٍ‬ ‫وعلم‪ ،‬وحكمة"(‪.)2‬‬ ‫مال‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ليس ل أـهَّل من ٍ‬

‫‪ 82‬ـ ‪ 83‬ـ اهلل (املقدِّم املؤخِّر) جل شأنه‬ ‫اكن من داعء املصطىف ‘‪> :‬امهلل اغفر يل من قدمت ومن‬

‫أ رت‪ ،‬ومن أرسرت ومن أعلنت‪ ،‬ومن أًت أعلم به مين‪ ،‬أًت املقدم‬ ‫ر‬ ‫وأًت املؤ ر‪ ،‬ال هلإ إال أًت<(‪.)3‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه وتعاىل ـهو املقدم واملؤخر‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ )1‬املزنل األشياء منازهلا‪ ،‬يقدم منها ما شاء‪ ،‬ويؤخر منها ما‬ ‫شاء‪ ،‬بكمال املشيئة والقدرة‪ ،‬والعلم‪ ،‬واحلكمة‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫أحب من‬ ‫‪ )2‬قدم املقادير قبل أن خيلق اخللق‪ ،‬وقدم من‬ ‫َّ‬ ‫أويلائه‪ْ ،‬ع غيـهم من عبيده‪ ،‬وقدم من شاء باتلوفيق إىل مقامات‬ ‫َّ‬ ‫السابقي‪ ،‬وأخر من شاء عن مراتبهم‪ ،‬وثبطهم عنها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫حكما‪ ،‬وفعَّل‪ْ ،‬ع‬ ‫‪ )3‬فهو تعاىل يقدم ما جيب تقديمه من يشء‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫أحب‪ ،‬وما قدمه فهو املقدم‪ ،‬وما أخره فهو املؤخر‪.‬‬ ‫أحب‪ ،‬وكيف‬ ‫ما‬

‫‪ )4‬وـهو اذلي يؤخر ما جيب تأخيه‪ ،‬لعلمه بما ف عواقبه من‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ابلخاري (‪ ،)2363‬مسلم (‪.)2244‬‬

‫(‪ )2‬شجرة املعارف (ص ‪.)92‬‬

‫‪240‬‬

‫(‪ )3‬مسلم (‪.)771‬‬

‫‪‬‬

‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫احلكمة‪ ،‬فَّل مقدم ملا أخر‪ ،‬وَّل مؤخر ملا قدم (‪.)1‬‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫هللالل املقدم واملؤ ر‪ :‬أن الل تعاىل ل جَّلل اتلقديم‬

‫واتلأخي الكوين‪ ،‬واتلقديم واتلأخي الرشيع‪ ،‬ةنتلقديم واتلأ ر‬ ‫ا كوين‪ :‬ـهو تقدير الل تعاىل ف خلقه‪ ،‬وتكوينه‪ ،‬وفعله(‪ ،)2‬كتقديم‬

‫بعض املخلوقات ْع بعض‪ ،‬وتأخي بعضها ْع بعـض‪ ،‬وكتقديم‬ ‫ِ‬ ‫األسباب ْع مسبباتها‪ ،‬والرشوط ْع مرشوطاتها‪ ،‬وأنـواع اتلقديم‪،‬‬ ‫واتلأخي ف اخللق‪ ،‬واتلقدير‪ٌ ،‬‬ ‫حبر َّل ساحل ل‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫بمحبة الل جل وعَّل‬ ‫واتلقديم واتلأ ر ا رشيع‪ :‬وـهو متعلق‬

‫لفعل دون فعل‪ ،‬وتقديم بعض األحاكم ْع بعض‪ ،‬ملا تقتضيه‬

‫املصلحة اليت تعود ْع العباد‪ ،‬كتفضيل الل األنبياء علـى اخللق‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫وفضل بعضهم ْع بعـض‪ ،‬وتفضيل بعض العباد ْع بعض‪ ،‬وأخر‬ ‫ّ‬ ‫منهم من أخر‪ ،‬كتقديم الصالح ْع الطالح‪ ،‬والعالم ْع اجلاـهل‪،‬‬ ‫والطائع ْع العايص‪ ،‬وأعمال دون أعمال‪.‬‬

‫ومن هللالل تأ ر جل وعَّل أنه يؤخر العذاب بمقتىض‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ابتَّلء للعباد‪ ،‬لعلهم يتوبوا إيله قبل يوم احلساب‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬ ‫حكمته‬

‫{ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬ ‫ﮬ ﮭ ﮮ} [انلحل‪.)3(]61 :‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انلهاية (‪ ،)25/4 ،29/1‬وشأن ادلاعء (‪ ،)86‬تفسي أسماء الل (‪ ،)59‬اَّلعتقاد للبيهيق (‪.)63‬‬

‫(‪ )2‬كما ف قول تعاىل‪{ :‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ} [سبأ]‬ ‫(‪ )3‬احلق الواضح (ص ‪ ،)100‬أسماء الل احلسىن‪ ،‬د‪ .‬الرضواين (‪ 527‬ـ ‪.)535‬‬

‫‪241‬‬

‫‪‬‬

‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫اثلمرات‪ :‬إن اإليمان بأنه سبحانه ـهو املقدم واملؤخر‪ ،‬يثمر‬

‫ف قلب املؤمن اتلعلق بالل وحده‪ ،‬واتلولك عليه سبحانه‪ ،‬ألنه‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫سبحانه َّل مقدم ملا أخر‪ ،‬وَّل مؤخر ملا قدم‪.‬‬ ‫ويلعلم أن اتلقدم احلقييق ـهو اتلقدم ف طاعة الل تعاىل‪،‬‬

‫واتلأخر يكون ف معصيته‪ ،‬وذلا ينبيغ اتلوسل بهما إيله تعاىل ف‬

‫نيل ـهذا اتلقدم احلقييق‪ ،‬اذلي يعود نفعه ف ادلين‪ ،‬وادلنيا‪ ،‬واآلخرة‪،‬‬ ‫وترك لك ما يؤخر عن جنته ومرضاته‪ ،‬من األقوال‪ ،‬واألفعال(‪ ،)1‬وأن‬ ‫ً‬ ‫تأخرا فقال هلم‪:‬‬ ‫يقدم ف ذلك األـهم فاألـهم‪ ،‬فقد رأى ‘ ف أصحابه‬

‫>تقدموا ةنئتموا يب‪ ،‬ويلأتم بكم من بعدكم‪ ،‬ال يًال قوم يتأ رون‬ ‫ح ٰ‬ ‫ىت يؤ رهم ا <(‪ ،)2‬وقال ‘‪> :‬احرضوا اجلمع‪ ،‬وادًوا من‬ ‫اإلمنم‪ ،‬ةإن ا رهللل ال يًال يتبنعد ح ٰ‬ ‫ىت يؤ ر يف اجلن‪ ،‬وإن د لهن<(‪.)3‬‬ ‫‪ 84‬ـ ـ اهلل (املنَّان) تبارك وتعاىلٰ‬

‫ً‬ ‫ثبت ـهذا اَّلسم املبارك عن انليب ‘‪ ،‬وذلك أنه سمع رجَّل‬

‫ِ‬ ‫يصل ثم داع فقال‪> :‬امهلل إين أسأ ا بأن ا احلمد‪ ،‬ال هلإ إال أًت‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫املننن‪ ،‬بديع ا سمنوات واألرض‪ ،‬ين ‪،‬ا اجلالل واإلكرام‪ ،‬ين ُّ‬ ‫يح ين‬ ‫ُّ‬ ‫قيوم< فقال ‘‪> :‬أتدرون بم داع ا ؟ داع ا بنسمه األعظم‪ ،‬اذلي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫إ‪،‬ا ديع به أهللنب‪ ،‬وإ‪،‬ا سئل به أعط ٰى<(‪.)4‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ولل األسماء احلسىن (ص ‪ )704‬بترصف‪.‬‬ ‫(‪ )3‬صحيح أيب داود (‪.)680‬‬

‫(‪ )2‬مسلم (‪.)438‬‬

‫(‪ )4‬صحيح أيب داود (‪.)1495‬‬

‫‪242‬‬

‫‪‬‬

‫ُّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬املن‪ :‬العطاء‪ ،‬وـهو صنع اجلميل‪ ،‬وـهو اإلحسان‬ ‫ّ‬ ‫إىل من َّل يستثيبه‪ ،‬وَّل يطلب عليه اجلزاء‪ ،‬واملنة‪ :‬انلعمة اثلقيلة‪،‬‬

‫ويقال‪ :‬ذلك ْع وجهي‪:‬‬

‫ٌ‬ ‫أحدـهما‪ :‬أن يكون بالفعل‪ ،‬فيقال‪َ :‬م َّن فَّلن ْع فَّلن إذا‬

‫أثقله بانلعمة‪ ،‬ومنه قول تعاىل‪{ :‬ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ}‬

‫[آل عمران‪ ،]164 :‬وذلك ْع احلقيقة َّل يكون إَّل لل‪ ،‬واثلاين‪ :‬أن يكون‬ ‫ذلك بالقول‪ ،‬وـهذا مستقبح فيما بي انلاس‪ ،‬إَّل عند كفران انلعمة(‪.)1‬‬ ‫َّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو املنان ْع لك األنام‪:‬‬

‫‪ )1‬عظيم اهلبات‪ ،‬والعطايا‪ ،‬واإلحسان‪ ،‬فهو سبحانه يبدأ بانلوال‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وانتهاء‪ ،‬ويعطي فوق اآلمال‬ ‫ابتداء‬ ‫قبل السؤال‪ ،‬وـهو املعطي‬ ‫والرجاء‪ ،‬فلما اكن ّ‬ ‫املن منه باجلود والعطاء ْع مجيع عباده‪ ،‬اكنت ل‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫أحد‪.‬‬ ‫املنة عليهم‪ ،‬وَّل منة عليه من ٍ‬

‫‪ )2‬ومن عظيم ـهباته‪ :‬أنه أعطى احلياة‪ ،‬والعقل‪ ،‬وانلطق‪ ،‬وصور‬

‫فأحسن‪ ،‬وأنعم فأجزل‪ ،‬وأكرث العطايا واملنح(‪ )2‬فأكرم‪.‬‬

‫‪ )3‬ومن عظيم مننه ْع عباده أمجعي‪ ،‬أنه أرسل إيلهم الرسل‪،‬‬

‫ِ‬ ‫مبرشين ومنذرين‪ ،‬يلبينوا هلم طريق احلق املبي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ )4‬فأنقذ سبحانه بمنه أويلاءه املؤمني‪ ،‬بأن ـهداـهم إىل رصاطه‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬املفردات (‪ ،)777‬اللسان (‪ ،)4277/7‬انلهاية (‪.)365/4‬‬ ‫(‪ )2‬انلبوات (‪ ،)68‬اللسان (‪ ،)4279/6‬األسماء والصفات (‪ ،)176/1‬األسىن (‪.)260/1‬‬

‫‪243‬‬

‫‪‬‬ ‫املستقيم‪ ،‬دون غيـهم من العاملي‪ ،‬اذلين عدلوا عن سلوك طريق‬ ‫ِ‬ ‫املرسلي‪ ،‬فأنعم عليهم بأعظم دين‪ ،‬وـهو اَّلستسَّلم لرب العاملي‪.‬‬

‫َّ‬ ‫وامنت عليهم سبحانه بهذا الرسول األمي‪ ،‬اذلي عصمهم به‬ ‫‪)5‬‬ ‫من ظلمات طريق رصاط اجلحيم‪َّ ،‬‬ ‫ومن عليهم باإليمان وايلقي‪،‬‬ ‫وـهذه أعظم مننه ف ادلنيا ْع املؤمني‪ ،‬قال الل العظيم‪{ :‬ﯣ ﯤ‬

‫ﯥﯦﯧﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬ ‫ﯰ ﯱﯲﯳﯴﯵﯶ‬ ‫ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ} [آل عمران]‪ ،‬وقال َّ‬ ‫عز شأنه‪{ :‬ﯾ ﯿ‬ ‫ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ} [احلجرات]‪.‬‬ ‫‪ )6‬ومن مننه اجلزيلة أنه ينيج املؤمني واملستضعفي ف لك‬ ‫ِ‬ ‫املتكّبين واملفسديـن‪ ،‬فينعم عليهم باألمن واألمان‪،‬‬ ‫زمان‪ ،‬من‬ ‫َّ‬ ‫واتلمكي‪ ،‬قال جل ثناؤه‪{ :‬ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ‬ ‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ} [القصص]‪.‬‬

‫‪ )7‬وأجزل نعمه ْع أويلائه ف يوم ادلين‪ ،‬أن وقاـهم عذاب‬ ‫َّ‬ ‫السعي‪ ،‬وأنعم عليهم ف دخول جنات انلعيم‪ ،‬بها خمدلين‪ ،‬قال الل‬ ‫عنهم‪{ :‬ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬

‫ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬ ‫ﯱ ﯲ} [الطور]‪.‬‬ ‫‪244‬‬

‫‪‬‬

‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫هللالل املننن‪" :‬أن منة اخلالق جل وعَّل ْع املخلوق‪ ،‬فيها‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫تمام انلعمة‪ ،‬وكماهلا‪ ،‬وذلتها‪ ،‬وطيبها‪ ،‬فإنها منة حقيقية‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬ ‫{ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬ ‫َّ‬ ‫ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ} [احلجرات]‪ ،‬فأما منة املخلوق ْع‬ ‫َّ َّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫املخلوق‪ ،‬فإنها منة تكدر انلعمة‪ ،‬أما منة املنان اذلي مجيع اخللق‬ ‫َّ‬ ‫ف مننه‪ ،‬فيه اليت ما طاب العيش إَّل بمنته‪ ،‬فلك نعمة منه ف‬ ‫ادلنيا واآلخرة‪ ،‬فيه منة يمن بها ْع من أنعم عليه"(‪ ،)1‬وأعظم من ٍة‬ ‫َّ‬ ‫من الل تعاىل ْع اإلطَّلق‪ ،‬من َّ‬ ‫من عليه بدخول جنته‪ ،‬وأنعم‬ ‫عليه برضاه‪ ،‬ورؤيته‪.‬‬

‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ للمؤمن مشاـهدة منن الل عليه‪ ،‬واستحضارـها‬

‫ومطالعتها‪" ،‬فإذا وصل إىل القلب نور صفة املنة‪ ،‬وشهد معىن اسمه‬ ‫(املننن) وجتىل سبحانه ْع قلب (املؤمن) بهذا اَّلسم مع اسمه (األول)‬ ‫ذـهل القلب وانلفس به‪ ،‬وصار العبد ً‬ ‫فقيا إىل موَّله‪ ،‬بمطالعة سبق‬

‫ً‬ ‫حال ينسبه إىل نفسه"(‪،)2‬‬ ‫أمر أو ٍ‬ ‫فضله األول‪ ،‬فصار مقطواع عن شهود ٍ‬

‫وإياك يا عبد الل أن تمنن بعطيتك‪ ،‬فتبطل وحيبط عملك‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬

‫{ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ} [ابلقرة‪ ،]264 :‬وقال‬

‫‘‪> :‬ثالث‪ ،‬ال يكلمهم ا يوم القينم‪ ،‬وال ينظر إيلهم وال يًكيهم‪ ،‬وهلم‬ ‫َّ‬ ‫ا‬ ‫عذاب أيلم‪ ،‬املسبل إزار ‪ ،‬واملننن اذلي ال يعطي شيئن إال منه<(‪.)3‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬بدائع اتلفسي (‪ ،)272/5‬بترصف يسي‪.‬‬

‫(‪ )2‬طريق اهلجرتي (ص ‪.)57‬‬

‫‪245‬‬

‫(‪ )3‬صحيح اجلامع (‪.)3067‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ 85‬ـ ـ اهلل (الرَّفيق) عز شأنه‬ ‫قال ‘‪> :‬إن ا‬

‫ر‬ ‫ُّ‬ ‫رةيق حيب ا رةق يف األمر لكه<(‪.)1‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬ا رةيق‪ :‬من صيغ املبالغة‪ ،‬والرفق ـهو‪ :‬اللطف‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫وـهو يدل ْع لي اجلانب‪ ،‬ولطافة الفعل‪ ،‬والرفيق ـهو اذلي يتول العمل‬ ‫ً‬ ‫برفق‪ ،‬ويقال أيضا‪ :‬أرفقته‪ ،‬أي‪ :‬نفعته‪ ،‬ويأيت بمعىن اإلرفاق‪ :‬وـهو‬ ‫العطاء اكلرتفق‪ ،‬ويأيت بمعىن‪ :‬اتلمهل ف األمور‪ ،‬واتلأين بها‪ ،‬واحلليم‪،‬‬ ‫والرفيق ـهو اذلي يرافقك ف السفر‪ ،‬وجيمعك وإياه رفقة واحدة(‪.)2‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو الرفيق اذلي َّل أرفق منه‪:‬‬

‫‪ )1‬الكثي الرفق ف أفعال‪ :‬خلق املخلوقات لكها باتلدريج شيئًا‬ ‫ً‬ ‫فشيئا‪ ،‬حبسب حكمته ورفقه‪ ،‬مع أنه ٌ‬ ‫قادر ْع خلقها دفعة واحدة‪،‬‬

‫ويف حلظة واحدة‪.‬‬

‫‪ )2‬وـهو سبحانه الرفيق ف رشعه‪ :‬ف أمره ونهيه‪ ،‬فلم يأخذ عباده‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫باتلاكيلف الشاقة‪ ،‬مرة واحدة‪ ،‬بل رشع األحاكم شيئًا فشيئًا‪ ،‬من‬ ‫حال إىل حال‪ ،‬حىت تألفها نفوسهم‪ ،‬وتأنس إيلها طبائعهم(‪ ،)3‬وـهو‬ ‫ً‬ ‫سبحانه ٌ‬ ‫قادر ْع أن يفرضها عليهم دفعة واحدة‪.‬‬ ‫‪ )3‬فهو تعاىل رفيق ف أمره‪ ،‬ونهيه‪ ،‬وفعله‪ ،‬وخلقه‪ ،‬وقدره‪،‬‬

‫وحكمه‪ ،‬فَّل نهاية لرفقه سبحانه‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ابلخاري (‪.)6539‬‬

‫(‪ )2‬لسان العرب (‪ ،)1694/3‬وتهذيب اللغة (‪ ،)109/9‬األسىن (‪.)557/1‬‬

‫(‪ )3‬احلق الواضح (‪ ،)63‬رشح انلونية للهراس (‪.)93/2‬‬

‫‪246‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ )4‬وـهو الرفيق بمعيته العامة بكل خلقه‪ ،‬واخلاصة(‪ )1‬ألويلائه‬

‫فقط(‪.)2‬‬

‫هللالل ا رةيق‪ :‬أنه يرفق بعباده خبفاء وسرت ولطف‪ ،‬ومن‬

‫ذلك أنه َّل يعاجل املذنبي بالعقوبة‪ ،‬بل يمهلهم وينظرـهم‪ ،‬ويدر‬ ‫ِ‬ ‫عليهم آَّلءه وإحسانه‪ ،‬وييَّس هلم أسباب اتلوبة‪ ،‬ولو شاء لعاجلهم‬ ‫بالعذاب‪ ،‬لكنه ـهو الرفيق احلليم‪ ،‬يمهلهم وَّل يهملهم يلحصل هلم‬

‫السعادة ف ادلنيا‪ ،‬ويوم املعاد‪.‬‬

‫ومن هللالل رةقه بعباده‪ :‬أنه رشع من الرخص واألسباب‬

‫الرشعية اليت تدفع عنهم احلرج‪ ،‬وترفق بهم ف حياتهم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومن هللالهل "أنه ـهو امليَّس واملسهل ألسباب اخلي لكها‪ ،‬واملعطي‬

‫هلا‪ ،‬وأعظمها تيسي القرآن للحفظ‪ ،‬ولوَّل ما قال‪{ :‬ﮞ ﮟ‬

‫ﮠ ﮡ} [القمر‪ ،]17 :‬ما قدر ْع حفظه أحد‪ ،‬فَّل تيسي إَّل‬

‫بتيسيه‪ ،‬وَّل منفعة إَّل بإعطائه‪ ،‬وتقديره"(‪.)3‬‬

‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ للمؤمن أن يأخذ من حظ ـهذا اَّلسم فيجعل‬

‫الرفق قائده‪ ،‬وديلله‪ ،‬يلصل إىل قلوب العباد‪ ،‬ويؤثر فيهم‪ ،‬وكذلك الرفق‬

‫واتلأين ف األمور‪ ،‬مع انلفس ومع اخللق‪ ،‬وخاصة مع أـهله‪ ،‬وزوجه‪،‬‬ ‫قال ‘‪> :‬من أعط ٰى حظه من ا رةق ةقد أعط ٰى حظه من اخلر<(‪،)4‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬املعية العامة ويه مع لك خلقة‪ :‬بالسمع والعلم وابلرص‪ ،‬واملعية اخلاصة يه ألويلائه‪ :‬باتلأييد وانلرص‪ .‬انظر‬ ‫جمموع الفتاوى (‪.)130/5‬‬ ‫(‪ )2‬وتكون هلهم ف ادلنيا كما سبق‪ ،‬واآلخرة معه ف اجلنة‪ ،‬كما ف داعء انليب‪( :‬امهلل الرفيق األْع)‪ .‬ابلخاري‬ ‫(‪ )4‬صحيح اجلامع (‪.)6055‬‬ ‫(‪ )3‬األسىن (‪.)557/1‬‬ ‫(‪.)4173‬‬

‫‪247‬‬

‫‪‬‬ ‫ا‬ ‫را أد ل عليهم ا رةق<‬ ‫بأهل بيت‬

‫وقال ‘‪> :‬إ‪،‬ا أراد ا‬

‫َ‬ ‫فمن حظي به فما أطيب عيشه‪ ،‬وما أنعم بال‪ ،‬وما أق َّر عينه(‪.)2‬‬

‫(‪)1‬‬

‫‪ 86‬ـ ـ اهلل ( احلـَيـيُّ ) سبحانه وتعاىلٰ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٰ‬ ‫حي كريم‪ ،‬يستحي من‬ ‫وتعنىل‬ ‫قال ‘‪> :‬إن ربكم تبنرك‬ ‫َّ‬ ‫ا‬ ‫نئبتني< ‪ .‬وقال ‘‪:‬‬ ‫صفرا‬ ‫عبد إ‪،‬ا رةع إيله يديه أن يردهمن‬ ‫(‪)3‬‬

‫>إن ا‬

‫(‪)4‬‬

‫ٌّ ر‬ ‫ُّ‬ ‫حي ِستر‪ ،‬حيب احلينء وا سرت<(‪.)5‬‬ ‫ِ‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬احلي‪ْ :‬ع وزن فعيل من أبنية املبالغة‪ ،‬أي‬

‫كثي احلياء‪ ،‬واحلياء واَّلستحياء‪ :‬ضد الوقاحة(‪.)6‬‬

‫ّ‬ ‫ٰ‬ ‫احلي‪:‬‬ ‫املعىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو ِ‬

‫‪ )1‬املوصوف بكمال احلياء‪ ،‬اذلي يليق بكمال‪ ،‬وجَّلل‪،‬‬

‫ِ‬ ‫وعلوه‪ ،‬ليس كحياء املخلوقي‪ ،‬اذلي ـهو تغي وانكسار‪.‬‬

‫‪ )2‬أما حياء الرب جل وعَّل فذاك نوع آخر َّل تدركه األفهام‪،‬‬ ‫وَّل تكيفه العقول‪ ،‬فإنه حياء كرم‪ّ ،‬‬ ‫وبر‪ ،‬وجود‪ ،‬وجَّلل ‪.‬‬ ‫(‪)7‬‬

‫‪ )3‬فمن كمال حيائه سبحانه أنه يكن باحلسن عن القبيح‪ ،‬قال‬

‫تعاىل‪{ :‬ﯤﯥ ﯦ} [النساء‪ ]43 :‬قال ابن عباس ¶‪" :‬كىن ادلخول‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬صحيح اجلامع (‪.)303‬‬

‫(‪ )4‬صحيح الرتمذي (‪.)3556‬‬

‫(‪ )2‬مفتاح دار السعادة (‪.)296/2‬‬ ‫(‪ )5‬صحيح أيب داود (‪.)4012‬‬

‫(‪ )7‬مدارج السالكي (‪ ،)259/2‬رشح انلونية (‪.)80/2‬‬

‫‪248‬‬

‫(‪ )3‬أي خايلتي‪.‬‬

‫(‪ )6‬معجم مقاييس اللغة (‪.)122/2‬‬

‫‪‬‬

‫َّ‬ ‫إن الل حي كريم يكن بما شاء‪َّ ،‬‬ ‫عما شاء"(‪.)1‬‬ ‫واللمس عن اجلماع‪،‬‬ ‫ِ‬

‫هللالل احلي‪ :‬أن حياءه ـهو ترك ما ليس يتناسب مع سعة‬

‫رْحته‪ ،‬وكمال جوده وكرمه‪ ،‬وعظيم عفوه‪ ،‬وحلمه‪ ،‬ومن ذلك أنه‬ ‫َّ‬ ‫يستحي أن يرد عبده‪ ،‬إذا رفع يديه إيله بادلاعء‪.‬‬ ‫ومن هللالهل‪ :‬أنه يستحي من عبده حيث َّل يستح العبد منه‪،‬‬

‫وذلك‪ :‬أنه سبحانه مع كمال غناه‪ ،‬وتمام قدرته‪ ،‬يستحي من ـهتك‬

‫سرت العبد وفضحه‪ ،‬حيث جياـهره باملعصية‪ ،‬مع أنه أفقر يشء إيله‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ويتقوى بنعم ربه ْع معاصيه‪ ،‬فهو يتحبب‬ ‫وأضعفه دليه‪ ،‬ويستعي‬ ‫ّ‬ ‫إىل عباده بانلعم واخليات‪ ،‬بعدد اللحظات‪ ،‬وـهم يتبغضون إيله‬ ‫باملعايص والقبائح ف لك األوقات(‪ ،)2‬فأىن أن يكون ـهذا اجلَّلل من‬

‫ألحد من اخللق‪ ،‬وأىن يكون حياء مع كمال الصفات من‬ ‫احلياء‬ ‫ٍ‬ ‫الغىن‪ ،‬والعزة‪ ،‬والقوة‪ ،‬والقدرة‪ ،‬والرفعة‪ ،‬واحلكمة‪ ،‬إَّل للرب‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫اثلمرات‪ :‬إن من أعظم ثمرات ـهذا اَّلسم الكريم احلياء من‬

‫الل تعاىل ف ظاـهر العبد‪ ،‬وباطنه‪ ،‬ف أن يراه ْع مشينة يبغضها الل‬ ‫تعاىل‪ ،‬ومجاع ذلك‪ ،‬ما قال ‘‪> :‬استحيوا من ا‬

‫حق احلينء< قلنا‪ :‬يا‬

‫رسول الل إنا لنستحي واحلمد لل‪ ،‬قال‪> :‬ليس ‪ ،‬ا‪ ،‬ولكن‬ ‫االستحينء من ا حق احلينء‪ ،‬أن حتفظ ا رأس ومن ٰ‬ ‫وع‪ ،‬وحتفظ‬ ‫ابلطن ومن حو ٰ‬ ‫ى‪ ،‬وتذكر املوت وابل ٰ‬ ‫ىل‪ ،‬ومن أراد اآل رة ترك زين‪،‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫َّ‬ ‫صحح إسناده ابن حجر ف الفتح (‪ )62/9( ،)122/8‬ويف اتلفسي الصحيح (‪ )293/1‬د‪ .‬حكمت بشي ياسي‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫وانظر‪ :‬تفسي أيب مظفر السمعاين (‪.)431/1‬‬

‫(‪ )2‬مدارج السالكي (‪ ،)259/2‬احلق الواضح (ص ‪ ،)54‬رشح انلونية للهراس (‪ )80/2‬بترصف يسي‪.‬‬

‫‪249‬‬

‫‪‬‬ ‫حق احلينء<(‪ ،)1‬فمن كرث‬

‫ادلًين‪ ،‬ةمن ةعل ‪ ،‬ا ةقد استحين من ا‬ ‫ه‬ ‫حياؤه من الل انقبضت نفسه عن حمارم الل‪ ،‬وجماـهرته بالعصيان‪،‬‬

‫واعلم أنك إذا استحييت منه تعاىل‪ ،‬استحيا منك كما يليق جبَّلل‪،‬‬

‫وكمال‪ ،‬قال ‘‪ ...> :‬وأمن اآل ر ةنستحين‪ ،‬ةنستحين ا‬

‫منه<(‪.)2‬‬

‫‪ 87‬ـ ـ اهلل (الدَّيَّان) جل وعال‬ ‫عن جابر بن عبد الل ريض الل عنهما‪ ،‬أن رسول الل ‘ قال‪:‬‬ ‫َ ْ ََُ‬ ‫ٰ‬ ‫بصوت يسمعه من بعد كمن‬ ‫تعنىل العبند‪ ،‬ةيننديهم‬ ‫>حيرش ا‬ ‫ٍ‬ ‫َّ َّ‬ ‫َ ْ َ َ‬ ‫ادلينن‪ ،‬وال ينبِغ ألحد من أهل انلنر‬ ‫يسمعه من ق ُرب‪ ،‬أًن امللا‪ ،‬أًن‬ ‫ٰ َّ‬ ‫ىت أقصه منه‪،‬‬ ‫أحد من أهل اجلن‪ ،‬حق‪ ،‬ح‬ ‫أن يد ل انلنر‪ ،‬وهل عند ٍ‬ ‫وألحد من أهل‬ ‫وال ينبِغ ألحد من أهل اجلن‪ ،‬أن يد ل اجلن‪،،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٰ َّ‬ ‫أقصه منه‪ ،‬ح ٰ‬ ‫ىت ا لطم‪.)3(<،‬‬ ‫انلنر عند حق‪ ،‬حىت‬ ‫ادليَّنن‪ :‬صيغة مبالغة ْع وزن َّ‬ ‫ىن ا ليوي‪َّ :‬‬ ‫املع ٰ‬ ‫فعال‪ ،‬ويدل‬

‫َّ‬ ‫عدة معان جَّلل وكمال‪ ،‬منها‪ :‬ه‬ ‫المجازي‪،‬‬ ‫ـهذا اَّلسم الطيِب ْع‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ه‬ ‫والمحاسب‪ ،‬وْع امللك املطاع‪ ،‬واحلاكم‪ ،‬والقايض‪ ،‬وْع القهار‪،‬‬ ‫يقال‪ :‬دان انلاس‪ ،‬أي قهرـهم ْع الطاعة‪ ،‬ويوم ادلين‪ :‬أي يوم احلساب(‪.)4‬‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه وتعاىل ـهو ادليَّان للك العاملي‪:‬‬

‫(‪ )1‬اذلي استوى ْع عرشه‪ ،‬فوق ملكه‪ ،‬فدانت ل لك اخلليقة‪،‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬صحيح اجلامع (‪.)935‬‬ ‫(‪ )3‬صحيح األدب املفرد (‪.)746‬‬

‫(‪ )2‬صحيح ابلخاري (‪ ،)66‬ومسلم (‪.)2176‬‬ ‫(‪ )4‬لسان العرب (‪،)1467/2‬انلهاية (‪.)148/2‬‬

‫‪250‬‬

‫‪‬‬

‫َّ‬ ‫وعنت ل الوجوه‪ ،‬وذلت لعظمته اجلبابرة‪ ،‬ولك الّبية(‪.)1‬‬

‫(‪ )2‬وـهو تعاىل ادليَّان‪ :‬اذلي حياسب العباد أمجعي‪ ،‬ويفصل بينهم‬

‫باحلق يوم ادلين‪ ،‬بمَّيان العدل‪ ،‬والفضل املبي‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭪ‬ ‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬

‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ}‬

‫[األنبياء]‬

‫ً‬ ‫يهضم أحدا من حسناته‪ ،‬أو يزيد ف سيئاته‪ ،‬أو يعذبه بغي جرمه‪.‬‬

‫فَّل‬

‫َّ‬ ‫(‪ )3‬وـهو احلاكم القهار‪ :‬ف دار القرار‪ ،‬اذلي َّل يملك أحد ف‬ ‫ً‬ ‫ألحد قول‪ ،‬وَّل حكم‪ ،‬حىت الشفااعت‬ ‫حكما‪ ،‬فَّل يبىق‬ ‫ذلك ايلوم معه‬ ‫ٍ‬ ‫لكها حتت إذنه"(‪ )2‬فيدين اجلنة لألبرار‪ ،‬ويقيص الفجار إىل انلار‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫هللالل ادلينن‪ :‬أنه تعاىل كما يقتص للمؤمن من الاكفر‪ ،‬كذلك‬

‫أنه يقتص للاكفر من املؤمن‪ ،‬حىت لو اكنت لطمة‪ ،‬فيحبس ويله من‬ ‫ِ‬ ‫عدوه‪ ،‬اذلي ـهو‬ ‫دخول جنته‪ ،‬وـهو أحب خلقه‪ ،‬حىت يقتص ل من‬

‫أبغض خلقه‪ ،‬فيعامل عدوه بعدل وقسطه‪ ،‬وويله بعدل‪ ،‬وفضله‪.‬‬

‫ومن هللالهل‪ :‬أنه تعاىل كما يقتص املظالم من بن آدم‪ ،‬فإنه‬

‫يقتص كذلك من ابلهائم‪ ،‬قال ‘‪> :‬حيرش اخلالئق لكهم يوم القينم‪،،‬‬ ‫وابلهنئم‪ ،‬وادلواب‪ ،‬والطر‪ ،‬ولك يشء‪ ،‬ةيبلغ من عدل ا‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫لجمنء من القرًنء<‪ ،‬ويف لفظ‪> :‬وحىت اذل َّرة من اذل َّرة<(‪.)3‬‬

‫أن يأ ذ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر الرضواين (‪.)571‬‬

‫(‪ )2‬فتح الرحيم امللك (‪.)32‬‬

‫‪251‬‬

‫(‪ )3‬السلسلة الصحيحة (‪.)612/4( ،)609/4‬‬

‫‪‬‬ ‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ للك عبد اخلوف من الل تعاىل‪ ،‬واَّلستعداد‬ ‫يلوم حياسب به ادليَّان اخلَّلئق أمجعي‪ ،‬فحاسب نفسك قبل أن‬ ‫ً‬ ‫ه‬ ‫ً‬ ‫جزاء ِوفاقا من‬ ‫حتاسب‪ ،‬واعلم يا عبد الل أنك كما تدين تدان‪،‬‬ ‫ادليَّان‪ ،‬قال عمر بن اخلطاب ريض الل عنه‪" :‬حاسبوا أنفسكم قبل‬ ‫أن حتاسبوا‪َّ ،‬‬ ‫وتزينوا للعرض األكّب‪ ،‬وإنما خيف احلساب يوم القيامة‬ ‫ْع من حاسب نفسه ف ادلنيا"(‪ ،)1‬فاجتنب الظلم بينك وبي الرب‪،‬‬ ‫ر‬ ‫َّ‬ ‫وبينك وبي اخللق‪ ،‬وأعد يلوم العرض‪ ،‬قال ‘‪> :‬ا كيس من دان‬ ‫ًفسه‪ ،‬وعمل ملن بعد املوت‪ ،‬والعنهللً من أتبع ًفسه هواهن‪ ،‬وتم ٰ‬ ‫ىن‬

‫ٰ‬ ‫ىلع ا <(‪ ،)2‬وـهذا اَّلسم الكريم فيه تسلية للمظلومي‪ ،‬واملقهورين ‪،‬‬ ‫وذلك بأن ادليَّان سوف يقتص هلم من الظاملي يوم ادلين‪.‬‬

‫سن) عز وجل‬ ‫‪ 88‬ـ ـ اهلل (الـمُحْ ِ‬ ‫ُْ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫عً وهللل حم ِس ٌن حيب اإلحسنن<(‪.)3‬‬ ‫قال ‘‪> :‬إن ا‬ ‫ً‬ ‫وحسنم ه‬ ‫َّ‬ ‫ت اليشء حتسينا‪:‬‬ ‫املعىن ا ليوي‪ :‬احلسن‪ :‬ضد القبح‪،‬‬

‫َّ‬ ‫زينتهه‪ ،‬وأحسنت إيله به‪ ،‬واإلحسان يقال ْع وجهي‪:‬‬

‫أحدهمن‪ :‬اإلنعام ْع الغي‪ ،‬يقال‪ :‬أحسن إىل فَّلن‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫علما حسنا‪ ،‬وعمل‬ ‫واثلنين‪ :‬إحسان ف فعله‪ ،‬وذلك إذا علم‬

‫ً‬ ‫حسنا‪ .‬واإلحسان فوق العدل(‪.)4‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬الرتمذي (‪.)2459‬‬

‫(‪ )2‬املصدر السابق‪.‬‬

‫(‪ )4‬لسان العرب (‪ ،)877/2‬املفردات (ص ‪.)235‬‬

‫‪252‬‬

‫(‪ )3‬صحيح اجلامع (‪.)1824‬‬

‫‪‬‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو املحسن اذلي َّل‬

‫أحسن وَّل أكمل منه ْع اإلطَّلق‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫(‪ )1‬فاإلحسان ل وصف َّلزم‪ ،‬فَّل خيلو موجود عن إحسانه‬

‫طرفة عي‪ ،‬اذلي ما طاب العيش إَّل بإحسانه‪.‬‬

‫َّ ِ‬ ‫ّ‬ ‫مكون من‬ ‫(‪ )2‬والل تعاىل حمسن للك موجود‪ ،‬فَّل بهد للك‬

‫إحسانه إيله‪ ،‬بنعمة اإلجياد‪ ،‬ونعمة اإلمداد(‪.)1‬‬

‫(‪ )3‬وـهو سبحانه املحسن ف أفعال‪ ،‬ليس فيها عبث‪ ،‬وَّل ف‬

‫أوامره سفه‪ ،‬بل لك أفعال َّل خترج عن احلكمة‪ ،‬والعدل‪ ،‬والفضل‪.‬‬

‫(‪ )4‬وـهو تعاىل اذلي أحسن لك يشء خلقه‪ ،‬فجعله ْع أحسن‬

‫صورة الَّلئقة بها‪ ،‬فأتقن صنعة‪ ،‬وأبدع كونه‪ ،‬وـهداه لغايته‪ ،‬قال‬ ‫تعاىل‪{ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ} [السجدة‪.)2(]7 :‬‬

‫ً‬ ‫(‪ )5‬وـهو املحسن اذلي أحسن رشعه‪ ،‬فجعله مشتمَّل ْع‬

‫العواقب احلميدة‪ ،‬والغايات العظيمة‪ ،‬اذلي فيها اخلي للك اخلليقة‪،‬‬

‫{ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ} [املائدة]‪.‬‬

‫(‪ )6‬ومن عميم إحسانه‪ ،‬أن حيسن إىل أويلائه ف ادلارين‪ ،‬فيف‬

‫ادلًين‪ :‬بالعلم واإليمان وايلقي‪ ،‬وتفريج كرباتهم‪ ،‬وشدائدـهم‪ ،‬قال‬ ‫تعاىل‪{ :‬ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ} [يوسف‪ ،]100 :‬ويتجىل‬ ‫كمال إحسانه يف اآل رة‪ ،‬اذلي ـهو أْع اإلحسان‪ :‬احلسىن‪ ،‬وزيادة‪،‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬فيض القدير (‪.)264/2‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬تفسي ابن السعدي (‪ )915‬واحلق الواضح (‪.)31‬‬

‫‪253‬‬

‫‪‬‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ} [يونس‪ ،]26 :‬فاحلسىن اجلنة‪،‬‬ ‫والزيادة‪ :‬انلظر إىل وجه ِ‬ ‫ربهم األْع‪ ،‬اذلي َّل أحسن‪ ،‬وَّل أمجل‪ ،‬وَّل‬ ‫أسَّم منه سبحانه(‪.)1‬‬

‫هللالل املحسن‪ :‬أن ل األسماء احلسىن‪ ،‬اليت بلغت كمال‬

‫األسىن‪ ،‬املتضمنة للصفات العَّل‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬ ‫ﮪ ﮫ ﮬ} [طه]‪ .‬احلس ٰ‬ ‫ىن‪ :‬ابلالغة احلسن ف لك يشء‪ ،‬من‬ ‫جهة الكمال‪ ،‬واجلمال‪ ،‬واجلَّلل‪ ،‬فله تعاىل كمال احلسن‪ ،‬وأعَّله‪،‬‬

‫وأتمه معىن‪ ،‬ف ذاته‪ ،‬ويف أسمائه‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وأفعال(‪ ،)2‬فَّل حيد كمال‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫وَّل يبلغ كنه جَّلل‪ ،‬وَّل حييص أحد من اخللق ثناءه‪ ،‬فَّل يشء‬ ‫أكمل‪ ،‬وَّل أمجل‪ ،‬وَّل أجل من الل سبحانه‪.‬‬

‫ومن هللالهل‪" :‬أن خيه َّل يزال إىل عباده نازل‪ ،‬ورشـهم َّل يزال‬

‫إيله صاعد‪ ،‬يدعوـهم إىل بابه‪ ،‬وجيرمون ف حقه‪ ،‬فَّل حيرمهم من‬

‫إحسانه‪ ،‬يبتليهم باملصائب‪ ،‬يلطهرـهم من املعايب"(‪.)3‬‬

‫ومن هللالهل‪ :‬أنه حيسن إىل أعدائه‪ ،‬ويسبغ عليهم من آَّلئه‪،‬‬

‫فيمهلهم‪ ،‬فإن لم يتوبوا حاسبهم بعدل‪.‬‬

‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ للمؤمن اتلحل باإلحسان اذلي ـهو أْع‬

‫درجات اإليمان‪ ،‬مع ربه‪ ،‬وخلقه‪ ،‬فاإلحسان مع ربه تعاىل‪ ،‬اذلي‬ ‫ٰ‬ ‫تعنىل كأًا ترا ‪ ،‬ةإن م تكن‬ ‫عرفه ‘‪> :‬اإلحسنن أن تعبد ا‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫َّ‬ ‫(‪ )1‬كما فَّسه انليب ‘ ‪ ،‬انظر صحيح مسلم (‪ ،)181‬وانظر تفسي ابن كثي (‪.)561/2‬‬ ‫(‪ )2‬انظر العواصم من القواصم (‪.)228/7‬‬

‫(‪ )3‬تفسي السعدي (‪ )567‬بترصف يسي‪.‬‬

‫‪254‬‬

‫‪‬‬ ‫ترا ةإًه يراك<(‪ ،)1‬والسيع بكل وسيلة رشعية‪ ،‬حىت يكون من‬

‫املحسني‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ} [ابلقرة]‪،‬‬

‫واإلحسان إىل خلقه‪ :‬بإيصال اخلي إيلهم بكل أنواعه‪ ،‬باللسان‪،‬‬ ‫واألقوال‪ ،‬واألفعال‪ ،‬وأول انلاس بذلك الوادلان {ﭑ ﭒ‬ ‫ﭓ ﭔ} [األحقاف‪.]15 :‬‬

‫‪ 89‬ـ اهلل (السِّتِّري) جل وعال‬ ‫قال ‘‪> :‬إن ا‬

‫عً وهللل ٌّ‬ ‫حي ستر‪ ،‬حيب احلينء وا سرت‪ ،‬ةإ‪،‬ا‬

‫اغتسل أحدكم ةليسترت<(‪.)2‬‬ ‫ر‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬ا ستر‪ْ :‬ع وزن فعيل‪ ،‬من صيغ املبالغة‪،‬‬ ‫يدل ْع‪ :‬اخلفاء‪ ،‬واتلغطية‪ ،‬والصون‪ ،‬ويأيت بمعىن املنع‪ ،‬واَّلبتعاد‬

‫عن اليشء(‪.)4()3‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل جل وعَّل ـهو ا ستر اذلي ليس ل عديل‪:‬‬

‫‪ )1‬الكثي السرت‪ ،‬حيب السرت‪ ،‬ويبغض القبائح‪ ،‬ويأمر بسرت‬

‫العورات‪ ،‬ويكره الفضائح‪.‬‬

‫‪ )2‬فهو سبحانه يسرت العيوب ْع عباده املؤمني‪ ،‬وإن اكنوا بها‬ ‫ِ‬ ‫جماـهرين‪ ،‬ويغفر اذلنوب مهما عظمت‪ ،‬طاملا أن عبده من املوحدين‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬مسلم (‪.)8‬‬

‫(‪ )2‬صحيح النسايئ (‪.)393‬‬

‫(‪ )3‬املفردات (‪ ،)396‬لسان العرب (‪ ،)344/4‬وانظر أسماء الل لدلكتور الرضواين (ص ‪.)370‬‬ ‫ىل أحدكم ٰ‬ ‫(‪ )4‬قال ‘‪> :‬إ‪،‬ا ص ٰ‬ ‫إىل يشء يسرت من انلنس‪ ،‬ةأراد أحد أن جيتنز بني يديه ةليدةعه< ابلخاري (‪.)487‬‬

‫‪255‬‬

‫‪‬‬ ‫ً‬ ‫‪ )3‬وإذا سرت الل سبحانه عبدا ف ادلنيا‪ ،‬سرته يوم ادلين‪ ،‬قال ‘‪:‬‬

‫ٰ‬ ‫تعنىل ٰ‬ ‫عبد يف ادلًين إال سرت ا‬ ‫>ال يسرت ا‬ ‫ىلع ٍ‬ ‫ر‬ ‫هللالل ا ستر‪ :‬أن العبد جياـهر باملعايص مع فقره الشديد‬ ‫إيله‪ ،‬حىت أنه َّل يمكنه أن يعيص إَّل أن ي َّ‬ ‫تقوى عليها بنعم‬ ‫يوم القينم‪.)1(<،‬‬

‫ربه‪ ،‬والرب مع كمال غناه عن خلقه‪ ،‬وتمام قدرته‪ ،‬يستح من‬ ‫ـهتكه وفضيحته‪ ،‬وإحَّلل العقوبة به‪ ،‬فيسرته بما يقيض ل من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أسباب السرت‪ ،‬ويعفو عنه ويغفر ل‪ ،‬بل ويبدل سيئاته حسنات‪ ،‬فهو‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫مسلما ف ادلنيا‪ ،‬واآلخرة‪.‬‬ ‫ستي حيب أـهل السرت‪ ،‬ويسرت ْع من سرت‬ ‫ومن هللالهل‪ :‬أنه ينرش من عباده املناقب‪ ،‬ويسرت عليهم املثالب(‪.)2‬‬

‫اثلمرات‪ :‬إ َّن ـهذا اَّلسم الكريم يورث املؤمن َّ‬ ‫حمبة الل تعاىل‬

‫واحلياء منه‪ ،‬وذلك أنه يرى عبده وـهو يعصيه‪ ،‬ويسدل عليه سرته‪،‬‬ ‫وينعم عليه بآَّلئه وإحسانه‪ ،‬فحري بالعبد أن َّ‬ ‫يتعبد َّ‬ ‫ربه بهذا اَّلسم ف‬

‫ِ‬ ‫اتلحل بالسرت ْع نفسه‪ ،‬ومع خلق الل سبحانه‪ ،‬ألنه تعاىل مع كمال‬ ‫ا‬ ‫غناه‪ ،‬حيب السرت ويأمر به‪ ،‬قال ‘‪> :‬ومن سرت مسلمن سرت ا يوم‬ ‫القينم‪ ،)3(<،‬ويلحذر اتلتبع لعورات املسلمي‪ ،‬قال ‘‪ ...> :‬ال‬ ‫َّ‬ ‫تيتنبوا املسلمني‪ ،‬وال تتبعوا عوراتهم‪ ،‬ةإًه من اتبع عوراتهم يتبع‬ ‫ا‬

‫عورته‪ ،‬ومن تبع ا‬

‫عورته يفضحه يف بيته<(‪.)4‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم (‪.)2590‬‬

‫(‪ )3‬ابلخاري (‪ ،)2442‬مسلم (‪)2580‬‬

‫(‪ )2‬احلق الواضح (ص‪ ،)54‬واألسىن (‪.)335/1‬‬ ‫(‪ )4‬صحيح أيب داود (‪.)4880‬‬

‫‪256‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ 90‬ـ ـ اهلل (السيِّد) عز شأنه‬

‫َّ ر‬

‫قال ‘‪> :‬ا سيد ا <(‪.)1‬‬ ‫َّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫مشبهة للموصوف بالسيادة‪،‬‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬ا سيد‪ :‬صفة‬ ‫معان جليلة‪ ،‬وعظيمة‪ ،‬وكثية‪ ،‬فالسيِد‬ ‫ويدل ـهذا اَّلسم املبارك ْع‬ ‫ٍ‬ ‫يطلق‪ْ :‬ع الرب‪ ،‬واملالك‪ ،‬والرشيف‪ ،‬واملول‪ ،‬والفاضل‪ ،‬والكريم‪،‬‬ ‫واحلليم‪ ،‬وسيِد لك يشء‪ :‬أرشفه‪ ،‬وأرفعه ‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو السيِد ْع اإلطَّلق‪ ،‬ل‬

‫السيادة الاكملة ف أْع معانيها‪ ،‬وكماهلا‪ ،‬وجَّلهلا ْع لك اخلليقة‪:‬‬ ‫‪ )1‬فهو تعاىل ِ‬ ‫سيد اخللق‪ ،‬وـهو مالكهم‪ ،‬ومالك أمرـهم‪ ،‬اذلي إيله‬ ‫َّ‬ ‫يرجعون‪ ،‬وبأمره يعملون‪ ،‬نواصيهم بيده‪ ،‬يتول أمرـهم‪ ،‬ويسوسهم إىل‬

‫صَّلحهم‪.‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪ )2‬فإذا اكنت املَّلئكة‪ ،‬واإلنس‪ ،‬واجلن‪ ،‬خلقا وعبيدا ل سبحانه‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫وتعاىل وملاك ل‪ ،‬ليس هلم ِغ ًىن عنه طرفة عي‪ ،‬ولك رغباتهم إيله‪ ،‬ولك‬ ‫ر‬ ‫حواجئهم إيله‪ ،‬اكن ـهو سبحانه وتعاىل (ا سيد) ْع احلقيقة(‪.)3‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وانكسارا ‪.‬‬ ‫وخضواع‪،‬‬ ‫وتدبيا‪ ،‬وذَّل‪،‬‬ ‫‪ )3‬ل السيادة ملاك‪ ،‬وخلقا‪،‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪ )4‬وـهو السيِد سبحانه "اذلي كمل ف سؤدده‪ ،‬والرشيف اذلي‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬صحيح أيب داود (‪.)4806‬‬

‫(‪ )2‬الصحاح (‪ ،)490/2‬انلهاية (‪.)418/2‬‬

‫(‪ )3‬بدائع الفوائد (‪ ،)730/3‬وحتفة املودود (ص‪ )109‬بترصف يسي‪.‬‬ ‫(‪ )4‬فقه األسماء احلسىن (ص‪ ،)78‬د‪ .‬عبد الرزاق ابلدر‪.‬‬

‫‪257‬‬

‫‪‬‬

‫هَ‬ ‫كمل ف‬ ‫قد كمل ف رشفه‪ ،‬واحلليم قد كمل ف حلمه‪ ،‬وـهو اذلي قد‬

‫أنواع الرشف والسؤدد"(‪.)1‬‬ ‫ر‬ ‫هم‬ ‫هللالل ا سيد‪ :‬من هللالهل‪ :‬أنه ليس ملخلوق غنية عنه ف لك‬

‫أمره وأحوال‪ ،‬ف يلله ونهاره‪ ،‬ف حرضه وسفره‪ ،‬ف أكله ورشبه‪ ،‬فلو‬ ‫ه‬ ‫يوجدوا‪ ،‬ولو لم يبقهم بعد اإلجياد لم يكن هلم بقاء‪،‬‬ ‫لم يوجدـهم لم‬ ‫ولو لم يعنهم فيما يعرض هلم‪ ،‬لم يكن هلم معي غيه‪ ،‬فحق ْع‬ ‫ً‬ ‫مجيعا‪ ،‬أن يدعوه السيِد دون سواه ‪.‬‬ ‫اخللق‬ ‫(‪)2‬‬

‫ِ‬ ‫السيد ْع اإلطَّلق‪،‬‬ ‫اثلمرات‪ :‬إذا اكن الل تبارك وتعاىل ـهو‬

‫ل اتلرصف اتلام ف الكون‪ ،‬فينبيغ أن يكون ـهو املعبود وحده ْع‬ ‫اإلطَّلق‪ ،‬فيطاع وَّل يهعىص‪ ،‬ويشكر وَّل يهكفر‪ ،‬يذكر وَّل ينىس‪،‬‬

‫فهذه يه حقيقة مواَّلة العبد لسيِده الرب عز وجل‪.‬‬

‫‪ 91‬ـ ـ اهلل (الشَّايف) عز وجل‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫اكن ‘ إذا أت مريضا أو أيت به قال‪> :‬أ‪،‬هب ابلنس رب انلنس‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ا‬ ‫اشف أًت ا شنيف‪ ،‬ال شفنء إال شفنؤك‪ ،‬شفنء ال ييندر سقمن<(‪.)3‬‬ ‫ِ‬

‫ّ‬ ‫وسيم‬ ‫املعىن ا ليوي‪ :‬أشىف ْع اليشء‪ :‬أرشف عليه‪،‬‬ ‫ً‬ ‫شفاء لغلبته للمرض‪ ،‬وإشفائه عليه‪ ،‬والشفاء يشمل شفاء‬ ‫الشفاء‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬صح عن ابن عباس ريض الل عنهما‪ ،‬اتلفسي الصحيح (‪.)681/4‬‬ ‫(‪ )2‬انظر‪ :‬احلجة ف بيان املحجة (‪.)156/1‬‬

‫(‪ )3‬ابلخاري (‪ )5351‬مسلم (‪.)2191‬‬

‫‪258‬‬

‫‪‬‬ ‫األبدان‪ ،‬واألرواح‪ ،‬وانلفوس(‪.)1‬‬

‫َّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو الشاف ْع احلقيقة‪:‬‬

‫(‪ )1‬اذلي يرفع ابلأس والعلل‪ ،‬ويشيف العليل باألسباب واألمل‪،‬‬

‫فقد يّبأ ادلاء مع انعدام ادلواء‪ ،‬وقد يشىف ادلاء بلزوم ادلواء‪،‬‬ ‫ويرتب عليه أسباب الشفاء والكـهما باعتبار قدر الل سواء(‪.)2‬‬ ‫َّ‬ ‫(‪ )2‬وـهو تعاىل الشاف اذلي يشيف القلوب من أمراضها‪ ،‬والصدور‬

‫من ضيقها‪ ،‬واألبدان من عللها(‪.)3‬‬

‫(‪ )3‬وـهو سبحانه يشيف من يشاء‪ ،‬ويطوي علم الشفاء ْع‬

‫األطباء‪ ،‬إذا لم يقدر الشفاء‪.‬‬

‫ِ‬ ‫املتفرد بالشفاء َّل رشيك ل‪.‬‬ ‫(‪ )4‬والل تبارك وتعاىل ـهو وحده‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫هللالل ا شنيف‪ :‬أنه خلق أسباب الشفاء‪ ،‬ورتب انلتائج ْع‬

‫أسبابها‪ ،‬واملعلوَّلت ْع عللها‪ ،‬فيشيف بها‪ ،‬وبغيـها(‪.)4‬‬

‫َّ‬ ‫ومن هللالهل‪ :‬أنه جعل قتال الكفار‪ ،‬شفاء ملا ف قلوب األبرار‪ ،‬من‬

‫الغم واهلم واألكدار‪ ،‬قال سبحانه وتعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ‬

‫ﭔﭕﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬

‫ﭜ} [التوبة]‪ ،‬وـهذا يدل ْع حمبة الل تعاىل للمؤمني‪ ،‬واعتنائه بأحواهلم‪،‬‬ ‫حىت إنه جعل من مجلة املقاصد الرشعية‪ :‬شفاء ما ف صدورـهم‪ ،‬وذـهاب‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬معجم مقاييس اللغة (‪ ،)199/3‬لسان العرب (‪.)2293‬‬

‫(‪ )2‬أسماء الل للرضواين (‪.)626‬‬

‫(‪ )3‬رشح أسماء الل احلسىن أليب عبد الل الرمل (ص ‪.)98‬‬

‫(‪ )4‬أسماء الل احلسىن للرضواين (‪.)626‬‬

‫‪259‬‬

‫‪‬‬ ‫غيظهم ‪ ،‬ومن هللالهل‪> :‬أًه م يضع ا‬ ‫داء‪ ،‬إال وضع هل دواء‪.)2(<...‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫اثلمرات‪ :‬جيب ْع لك ملكف أن يعتقد أن َّل شاف ْع‬

‫اإلطَّلق إَّل الل وحده‪ ،‬فيعتقد أن الشفاء ل‪ ،‬وبه‪ ،‬ومنه‪ ،‬وأن األدوية َّل‬ ‫توجب الشفاء‪ ،‬وإنما يه أسباب وأوساط‪ ،‬فهو تعاىل يشيف باألسباب أو‬

‫بدونها‪ ،‬وملا اكنت ادلنيا دار أسباب‪ ،‬جرت السنة فيها بمقتىض احلكمة‬

‫ْع تعليق األحاكم باألسباب‪ ،‬وإىل ـهذا املعىن أشار جّبيل عليه‬ ‫السَّلم‪ ،‬وإياه أوضح لرسول الل ‘‪> :‬بسم ا‬

‫أرقيا‪ ،‬ا يشفيا<(‪.)3‬‬

‫فبي أن الرقية منه‪ ،‬وـهو سبب لفعل الل تعاىل‪ ،‬وـهو الشفاء(‪.)4‬‬ ‫طي) تبارك وتعاىلٰ‬ ‫‪ 92‬ـ ـ اهلل (الـمُعْ ِ‬ ‫به ا‬ ‫را يفقهه يف ادلين‪ ،‬وا‬

‫قال ‘‪> :‬من يرد ا‬

‫وأًن القنسم<(‪.)5‬‬

‫املعطي‬

‫املعىن ا ليوي‪ :‬العطي‪ :،‬اسم ملا يعطى‪ ،‬واإلعطنء‪ :‬املناولة‪،‬‬

‫ورجل معطاء‪ ،‬أي‪ :‬كثي العطاء(‪.)6‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ـهو املعطي ْع احلقيقة للك اخلليقة‪:‬‬

‫‪ )1‬فعطاؤه سبحانه للك موجود ف الوجود‪ ،‬ليس ل حدود‪ ،‬وَّل‬

‫مقيد بقيود‪ ،‬بكمال الكرم واجلود‪ ،‬فإذا أعطى أجزل‪ ،‬وإن عىص أمجل‪.‬‬

‫‪ )2‬اذلي يوصل العطاء بَّل سبب‪ ،‬ويسهل األمور قبل القصد‪،‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر >تفسي السعدي< (‪.)331‬‬

‫(‪ )2‬صحيح أيب داود (‪.)3855‬‬

‫(‪ )3‬مسلم (‪.)2186‬‬

‫(‪ )4‬األسىن للقرطيب (‪.)532/1‬‬

‫(‪ )5‬ابلخاري (‪.)6882‬‬

‫(‪ )6‬القاموس املحيط (‪.)886‬‬

‫‪260‬‬

‫‪‬‬ ‫ويبتدئ بانلعمة من غي استيجاب‪ ،‬ويعطي ما يشاء من غي طلب(‪.)1‬‬ ‫َّ‬ ‫احلسية‪ ،‬واملعنوية‪ ،‬الظاـهرية‬ ‫‪" )3‬املعطي من شاء من القوى‬

‫وابلاطنية‪ ،‬ومن الكماَّلت املتنوعة من املعارف الربانية واحلقائق‬

‫اإليمانية"(‪.)2‬‬

‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫يستحق‬ ‫استحق العطاء‪ ،‬ويمنع من لم‬ ‫‪ )4‬وـهو تعاىل يعطي من‬

‫إَّل املنع‪ ،‬وـهو العادل ف مجيع ذلك‪ ،‬فإذا أعطى فتفضل وإصَّلح‪،‬‬ ‫وإذا منع فحكمة وصَّلح‪َّ ،‬ل مانع ملا أعطى‪ ،‬وَّل معطي ملا منع(‪.)3‬‬ ‫وعطنء ا‬

‫عً وهللل ًواعن‪:‬‬

‫األول‪ :‬عطنء اعم‪ :‬للك اخلَّلئق أمجعي‪ ،‬مؤمنهم واكفرـهم‪ّ ،‬‬ ‫برـهم‬

‫وفاجرـهم‪ ،‬من اهلبات واخليات‪ ،‬واألرزاق بما يقيم هلم‪ ،‬ويصلح هلم‬ ‫أمرـهم ف دنياـهم‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ‬ ‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ} [اإلرساء] (‪.)4‬‬

‫اثلنين‪ :‬عطنء نص‪ :‬ألنبيائه‪ ،‬ورسله‪ ،‬وعباده الصاحلي ف ادلارين‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫عطية‪،‬‬ ‫أ) يف ادلًين‪ :‬الرزق احلَّلل‪ ،‬واذلرية الصاحلة‪ ،‬وأعظمها‬

‫َّ‬ ‫عطية اإليمان‪ ،‬وايلقي‪ ،‬واهلدى املبي‪ ،‬قال ‘‪>:‬إن ا‬

‫يعطي‬

‫ادلًين من حيب ومن ال حيب‪ ،‬وال يعطي اإليمنن إال من أحب<(‪.)5‬‬

‫ب) ويف اآل رة‪ :‬ويه العطية الكّبى ف جناته العَّل‪ ،‬اليت َّل‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬الرشبايص (‪ )232/2( )25/2‬بترصف‪.‬‬

‫(‪ )3‬تفسي أسماء الل (‪ ،)63‬شأن ادلاعء (‪.)93‬‬

‫(‪ )2‬توضيح الاكفية (‪ )131‬بترصف‪.‬‬

‫(‪ )4‬وقال تعاىل‪{ :‬ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖﰗ} [طه]‬

‫(‪ )5‬سلسلة األحاديث الصحيحة لألبلاين (‪.)2714‬‬

‫‪261‬‬

‫‪‬‬ ‫َّ‬

‫أكمل‪ ،‬وَّل أجل منها‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ}‬

‫[انلبأ]‪ ،‬وأعظم العطاء ف دار احلسن وابلهاء‪ ،‬رضا رب العباد‪ ،‬قال‬ ‫‘‪...> :‬ثم يقول‪[ :‬أي الل] اد لوا اجلن‪ ،،‬ةمن رأيتمو ةهو لكم‪،‬‬ ‫ُْ‬ ‫ا‬ ‫ةيقو ون‪ :‬ربنن أعطيتنن من م تع ِط أحدا من العنملني‪ ،‬ةيقول‪ :‬لكم‬ ‫عندي أةضل من هذا‪ ،‬ةيقو ون‪ :‬ين ربنن أي يش ٍء أةضل من هذا؟‬ ‫ا‬ ‫ةيقول‪ :‬رضني ةال أسخط عليكم بعد أبدا<(‪.)1‬‬

‫هللالل املعطي‪" :‬أنه تعاىل يعطي من غي أن خياف نفاد‬

‫خزائنه‪ ،‬ويعطي املتنايه َّل من عدد أكرث منه‪ ،‬كما يفعله العباد‪،‬‬

‫ولكن يعطي اتلنايه من غي املتنايه"(‪.)2‬‬

‫ومن هللالهل أنه ـهو {ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ}‬

‫[طه]‪ ،‬فأعطى لك يش ٍء ما يناسبه ف اَّلنتفاع إىل مصاحله‪ ،‬مما ـهو به‬ ‫َّ‬ ‫املضار عنه ‪.‬‬ ‫أيلق ف املنافع املنوطة به‪ ،‬ثم أهلمه إىل منافعه‪ ،‬ودفع‬ ‫(‪)3‬‬

‫اثلمرات‪ :‬إذا علم العبد سعة عطائه تعاىل‪ ،‬فينبيغ ل أن‬

‫يبذل األسباب اليت تقتيض عطاءه من األقوال‪ ،‬واألفعال‪ ،‬ومن ذلك‬ ‫ىلع ا رةق من ال يعطي ٰ‬ ‫الرفق‪ ،‬قال ‘‪> :‬إن ا يلعطي ٰ‬ ‫ىلع اخلرق‪،‬‬ ‫ا‬ ‫وإ‪،‬ا أحب ا عبدا أعطن ا رةق<(‪.)4‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫معطاء‪َّ ،‬ل خيش من الفقر إقَّلَّل‪،‬‬ ‫وينبيغ للعبد أن يكون‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‘‪> :‬األيدي ثالث‪ :،‬ةيد ا العلين‪ ،‬ويد املعطي اليت تليهن‪،‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬مسلم (‪.)183‬‬

‫(‪ )2‬تفسي الطّباين (‪.)361/1‬‬

‫(‪ )4‬صحيح الرتغيب والرتـهيب (‪.)2666‬‬

‫‪262‬‬

‫(‪ )3‬نظم ادلرر (‪.)22/5‬‬

‫‪‬‬

‫ُ‬ ‫ويد ا سنئل ا سف ٰ‬ ‫ىل‪ ،‬ةأعط الفضل وال تعجً عن ًفسا<(‪.)1‬‬ ‫وملا اكن رض الل تعاىل ـهو أفضل املنح والعطايا‪ ،‬فينبيغ للعبد‬ ‫أن َّ‬ ‫يلح إىل ربه تعاىل‪ ،‬أن يرزقه رضاه‪> :‬امهلل إين أعو‪ ،‬برضنك من‬ ‫سخطا‪ ،‬وبمعنةنتا من عقوبتا‪.)2(<..‬‬

‫‪ 93‬ـ ـ اهلل (الطَّيِّب) عز شأنه‬ ‫قال ‘‪> :‬أيهن انلنس إن ا‬

‫را‬ ‫ٌ‬ ‫طيب ال يقبل إال طيبن<(‪.)3‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬الطيب‪ْ :‬ع بناء فعل‪ ،‬فعله طاب طيبًا فما‬

‫أطيبه‪ ،‬يعن ما أمجله‪ ،‬وما أزاكه‪ ،‬وما أنفسه‪ ،‬ويأيت بمعىن‪ :‬الطاـهر‪،‬‬

‫خَّلف اخلبيث‪ ،‬والطيب من لك يشء أفضله‪ ،‬وأصله‪ :‬الزاكة‪،‬‬ ‫والسَّلمة من اخلبث ‪ ،‬وـهذا اَّلسم الطيب املبارك‪ ،‬ل ٌ‬ ‫وقع عظيم ف‬ ‫(‪)4‬‬

‫اللسان‪ ،‬والقلب‪ ،‬ملا تضمنه من مجال‪ ،‬وجَّلل املعاين‪ ،‬واللكمات‪.‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو الطيب اذلي َّل أطيب منه‪:‬‬ ‫(‪ّ )1‬‬ ‫املطهر عن لك انلقائص‪ ،‬والعيوب‪ ،‬املقدس عن لك آفة‪،‬‬

‫ورش‪ ،‬وسوء‪ ،‬لكمال تعاىل وجَّلل من لك الوجوه‪.‬‬ ‫(‪ )2‬والل تعاىل َّ‬ ‫خال عن كمال(‪ ،)5‬أو عن‬ ‫املزنه عن لك‬ ‫ٍ‬ ‫وصف ٍ‬ ‫طيب اثلناء‪ ،‬ف أي حال من األحوال‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬صحيح أيب داود (‪.)1649‬‬ ‫(‪ )4‬لسان العرب (‪.)2731/4‬‬

‫(‪ )2‬مسلم (‪.)486‬‬

‫(‪ )5‬فيض القدير (‪.)239/2‬‬

‫‪263‬‬

‫(‪ )3‬مسلم (‪.)1015‬‬

‫‪‬‬

‫َّ‬ ‫(‪ )3‬وـهو سبحانه الطيب ف ذاته‪ ،‬فيه أكمل اذلوات‪ ،‬املتصفة‬

‫بأْع وأكمل الصفات‪ ،‬والطيب ف أسمائه إلنبائها عن أحسن املعاين‪،‬‬ ‫وأرشف ادلَّلَّلت‪ ،‬والطيب ف أفعال ألنها ف اغية احلق والصواب‪،‬‬

‫فَّل يفعل إَّل األكمل‪ ،‬واألحسن‪ ،‬واألطيب‪ ،‬والطيب ف أقوال‪ ،‬فيه‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫واملنهيات‪.‬‬ ‫صدق ف األخبار‪ ،‬وعدل ف األوامر‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ريح‬ ‫(‪ )4‬وـهو اذلي طيب اجلنة للمؤمني‪ ،‬فجعلها ذات ٍ‬

‫ِ‬

‫طيب ٍة(‪)1‬‬

‫بأطيب ما يكون‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮯ ﮰ ﮱ(‪)2‬ﯓ ﯔ} [حممد]‬

‫(‪ )5‬وـهو سبحانه الطيب ف أحاكمه القدرية‪ ،‬والرشعية‪ ،‬واجلزائية‪،‬‬ ‫فلكها ـهدى ورْحة‪ ،‬مزنـهة عن لك ٍّ‬ ‫رش وسوء وظلم للعباد ‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫هللالل الطيب‪ :‬أنه تعاىل طيب ْع اإلطَّلق من مجيع الوجوه‬ ‫واَّلعتبارات‪ ،‬فلك ما يسَّم‪ ،‬ويوصف به تعاىل طيب‪ ،‬وَّل يصدر‬

‫عنه إَّل طيب‪ ،‬وَّل يصعد إيله إَّل طيب‪ ،‬وَّل يقرب منه إَّل طيب‪،‬‬

‫فلكه طيب‪ ،‬وإيله يصعد اللكم الطيب‪ ،‬فالطيبات لكها ل‪ ،‬ومضافة‬ ‫ً‬ ‫إيله‪ ،‬وصادرة عنه‪ ،‬ومنتهية إيله‪ ،‬فهو الطيب ْع اإلطَّلق‪ ،‬بل ما‬ ‫طاب يشء قط إَّل بطيبته ‪ ،‬فطيب لك ما سواه من آثار طيبته‪.‬‬ ‫ومن هللالهل‪ :‬أنه قد حكم رشعه وقدره أن الطيبات للطيبي(‪.)4‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬قال ‘‪...> :‬ةإن ريح اجلن‪ ،‬يلوهللد من مسرة منئ‪ ،‬اعم<‪ .‬صحيح الرتغيب والرتـهيب (‪.)3692‬‬

‫(‪ )2‬أي طيبها‪ ،‬وـهو أحد املعاين اثلابتة ف تفسي ـهذه اآلية‪ ،‬انظر‪ :‬املفردات (ص‪ ،)561‬واتلفسي اللغوي ف‬ ‫القرآن (ص‪.)632‬‬

‫(‪ )3‬كما قال ‘‪> :‬وا رش ليس إيلا< مسلم (‪.)771‬‬

‫(‪ )4‬الصَّلة وحكم تاركها‪َّ ،‬لبن القيم (‪ )214‬بترصف يسي‪.‬‬

‫‪264‬‬

‫‪‬‬

‫ً‬ ‫اشتق للطيِبي ً‬ ‫َّ‬ ‫اسما من أسمائه احلسىن‪ ،‬ووصفا‬ ‫ومن هللالهل‪ :‬أنه‬ ‫من أوصافه‪ ،‬قال َّ‬ ‫عز شأنه‪{ :‬ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ‬ ‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ} [انلور‪.]26 :‬‬

‫ومن هللالهل‪ :‬أن ريح فم الصائم أطيب عند الل تعاىل من ريح املسك(‪.)1‬‬

‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ للمؤمن أن يطهر باطنه من أدران اذلنوب‬

‫واملعايص‪ ،‬وظاـهره بطيب األخَّلق واألفعال‪ ،‬وأن يتحرى الطيب‬ ‫ّ‬ ‫يتحرى أَّل يصعد إىل‬ ‫احلَّلل ف مأكله ومرشبه ْع ادلوام‪ ،‬وأن‬ ‫خالقه إَّل الطيب من اذلكر واثلناء‪ ،‬وصالح األعمال‪.‬‬

‫‪ 94‬ـ ـ اهلل (املُسَعِّر) جل ثناؤه‬ ‫عن أنس بن مالك ريض الل عنه أنه قال‪ :‬قال انلاس‪ :‬يا رسول‬ ‫ِ‬ ‫الل‪ :‬غَّل ِ‬ ‫فسعر نلا‪ ،‬فقال رسول الل ‘‪> :‬إن ا هو‬ ‫السعر‪،‬‬ ‫ر‬ ‫املسعر‪ ،‬القنبض ابلنسط‪ ،‬ا رازق<(‪.)2‬‬ ‫ىن ا ليوي‪َّ :‬‬ ‫املع ٰ‬ ‫سعر الطعام‪ :‬ـهو اذلي يقوم عليه اثلمن‪،‬‬ ‫هسيم بذلك ألنه يرتفع ويعلو‪.‬‬ ‫والتسعر‪ :‬تقدير السعر‪ ،‬يقال‪ :‬أسعر أـهل السوق َّ‬ ‫وسعروا‪ ،‬إذا‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫وسعر انلار وأسعرـها‪ :‬أوقدـها‬ ‫اتفقوا ْع سعر‪ ،‬والسعي‪ :‬انلار‪،‬‬

‫َّ‬ ‫وـهيجها‪ ،‬وكذا أسعر احلرب(‪.)4()3‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬قال ‘‪> :‬وخللوف ةم ا صنئم أطيب عند ا من ريح املسا< ابلخاري (‪ ،)5583‬ومسلم (‪.)1151‬‬ ‫(‪ )3‬معجم مقاييس اللغة (‪ ،)75/3‬اللسان (‪.)365/4‬‬ ‫(‪ )2‬صحيح الرتمذي (‪.)1314‬‬

‫(‪ )4‬وقول ‘‪> :‬إن ا هو املسعر< بضمي الفصل‪ ،‬اذلي يفيد اتلوكيد‪ ،‬واحلرص‪ .‬تفسي آل عمران َّلبن عثيمي (‪.)54/1‬‬

‫‪265‬‬

‫‪‬‬

‫ر‬ ‫ِ‬ ‫املع ٰ‬ ‫املتفرد ف التسعي‪:‬‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل عز وجل ـهو املسعر‬ ‫(‪ )1‬اذلي يرخص األشياء‪ ،‬ويغليها فَّل اعرتاض عليه‪ ،‬وفق‬

‫تدبيه الكوين‪ ،‬أو ما أمر به العباد‪ ،‬ف تدبيه الرشيع(‪.)1‬‬

‫(‪ )2‬وـهو تعاىل اذلي يزيد اليشء ويرفع من قيمته‪ ،‬أو تأثيه‬

‫وماكنته‪ ،‬فيقبض ويبسط‪ ،‬وفق مشيئته وحكمته‪.‬‬ ‫(‪ )3‬والل سبحانه ي ه َس ِعر بعدل العذاب ْع أعدائه ف انلار‪،‬‬ ‫ً‬ ‫سعيا ْع الكفار‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮫ ﮬ ﮭﮮﮯ ﮰ‬ ‫وزادـها‬ ‫ﮱ ﯓ ﯔﯕ} [الفتح]‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫هللالل املسعر‪ :‬أنه متعلق بترصيف املقادير‪ ،‬وـهو اتلدبي‬

‫الكوين‪ ،‬فارتفاع األسعار واخنفاضها بهذا اتلدبي‪ ،‬فالسعر يرتفع بي‬ ‫َّ‬ ‫انلاس‪ ،‬إما لقلة اليشء وندرته‪ ،‬وإما لزيادة الطلب وكرثته‪ ،‬وـهذا أمر‬ ‫َّ‬ ‫يتعلق بمشيئته وحكمته‪ ،‬فهو تعاىل يبتل عباده ف ترصيف أرزاقهم‪،‬‬ ‫وترتيب أسبابهم‪ ،‬فقد يهيئ أسباب الكسب إلغناء الفقي‪ ،‬وقد يهيئ‬

‫األسباب إلفقار الغن‪ ،‬وـهو ْع لك يش ٍء قدير‪ ،‬فهذا لكه من تدبي الل‬ ‫ف خلقه‪ ،‬وحكمته ف تقدير املقادير(‪.)2‬‬

‫اثلمرات‪ :‬أثر ـهذا اَّلسم الكريم ْع العبد أن يتيق الل تعاىل‬ ‫ف معامَّلته‪َّ ،‬لسيما إن اكن من اتلجار‪ ،‬فَّل يستغل انلاس ف زيادة‬ ‫ً‬ ‫سمحا‬ ‫األسعار‪ ،‬أو خييف األقوات سعيًا للتفرد واَّلحتاكر‪ ،‬وأن يكون‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انلهاية (‪.)430‬‬

‫(‪ )2‬أسماء الل احلسىن لدلكتور الرضواين (ص ‪ )548‬بترصف يسي‪.‬‬

‫‪266‬‬

‫‪‬‬ ‫ف بيعه ورشائه‪ ،‬ويف لك أحوال‪ ،‬سواء ف احلرض أو ف األسفار‪ ،‬قال‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫سمحن إ‪،‬ا بنع‪ ،‬وإ‪،‬ا اشرت ٰ‬ ‫ٰ‬ ‫اقتىض<(‪.)1‬‬ ‫ى‪ ،‬وإ‪،‬ا‬ ‫‘‪> :‬رحم ا رهللال‬

‫‪ 95‬ـ ـ اهلل (السُّبُّوح) جل وعال‬ ‫عن اعئشة ريض الل عنها‪ ،‬أن رسول الل ‘ اكن يقول ف‬ ‫ُّ ُ ُّ‬ ‫ركوعه وسجوده‪> :‬سبوح قدوس‪ ،‬رب املالئك‪ ،‬وا روح<(‪.)2‬‬ ‫ُّ‬ ‫املعىن ا ليوي‪ :‬ا سبوح‪ :‬من أبنية املبالغة ْع وزن فعول‪،‬‬ ‫و(سبحان)‪ :‬اتلزنيه‪ ،‬واتلعظيم‪ ،‬واتلكبي‪ ،‬واإلبعاد‪ ،‬والتسبيح‪ :‬اتلزنيه‪،‬‬ ‫وـهو‪ :‬إبعاد عن املوصوف لك سوء ونقص‪ْ ،‬ع جهة اتلعظيم(‪.)3‬‬ ‫ُّ‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل ـهو ا سبوح اذلي يسبحه لك مجاد وذو روح‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫(‪َّ )1‬‬ ‫واملّبأ من لك انلقائص والعيوب‪ ،‬ومن لك ّ‬ ‫رش وسوء ف‪:‬‬ ‫املزنه‬

‫أ) ذاته‪ :‬عن الفناء‪ ،‬والزوال‪ ،‬واإلحاطة‪ ،‬واملثال‪ ،‬لكماهلا من لك‬ ‫الوجوه‪ْ ،‬ع ادلوام‪.‬‬

‫ب) ويف صفاته‪ :‬ليس فيها صفة نقص‪َّ ،‬‬ ‫مزنه عن لك ما يضاد‬ ‫كماهلا‪ ،‬من لك شائبة عيب‪ ،‬أو ٍّ‬ ‫ذم‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫يتضم هن السوء أو‬ ‫هلل) ويف أسمائه‪ :‬فلكها حسىن‪ ،‬ليس فيها اسم‬

‫َ‬ ‫َّ‬ ‫مقامها‪.‬‬ ‫الرش‪ ،‬وليس ف األسماء أحسن منها‪ ،‬وَّل يقوم غيـها‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )2‬مسلم (‪.)487‬‬ ‫(‪ )1‬ابلخاري (‪.)2076‬‬ ‫(‪ )3‬انظر لسان العرب (‪ ،)471/2‬األسىن (‪ ،)271‬غريب القرآن َّلبن قتيبة (‪.)8‬‬

‫‪267‬‬

‫‪‬‬

‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫د) ويف أفعال‪ :‬ليس فيها عبث‪ ،‬وَّل سفه‪ ،‬وَّل خطأ‪ ،‬تلضمنها‬

‫العدل‪ ،‬والفضل‪ ،‬واملصلحة {ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ} [ـهود‪.]56:‬‬

‫(‪ )2‬وـهو تعاىل املزنه عن لك ما َّل يليق بإَّلـهيته‪ ،‬وربوبيته من‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫أ) رشيك‪ .‬ب) أو نِد‪ .‬هلل) أو مثيل‪ .‬د) أو ول من اذلل‪ .‬ه) أو معي‪.‬‬

‫و) أو ضد‪ .‬ز) أو صاحبة‪ ،‬ح) أو ودل‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫(‪ّ )3‬‬ ‫املزنه عن أن يقاربه أحد‪ ،‬أو يدانيه ف كمال وجَّلل‪ ،‬أو أن‬ ‫تسلب منه معاين الكمال الَّلئقة به سبحانه‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫املزنه ف أمره الكوين‪ ،‬والقدري‪ ،‬والرشيع‪،‬‬ ‫(‪ )4‬وـهو تعاىل‬

‫واجلزايئ‪ ،‬عن لك نقص‪ ،‬وعن منافاة احلكمة‪ ،‬فلكها جارية ْع‬ ‫احلكم واحلق‪ ،‬ف أصلها‪ ،‬وفرعها‪ ،‬واغياتها‪ ،‬وثمراتها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫معطَّل عن كمال‪ ،‬ف ِ‬ ‫(‪ )5‬والل سبحانه َّ‬ ‫أي‬ ‫املزنه من أن يكون‬ ‫حال من األحوال(‪.)1‬‬ ‫(‪ )6‬وـهو تعاىل السبوح اذلي يسبح حبمده لك من ف األرض‬ ‫والسموات‪ ،‬من األحياء‪ ،‬واجلمادات‪ ،‬باختَّلف األصوات واللغات‪،‬‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ} [اجلمعة‪.]1 :‬‬ ‫(‪ )7‬وـهو ا ّ‬ ‫ملزنه عما يقول الاكفرون‪ ،‬واملرشكون‪ ،‬واملبطلون‪ ،‬ف‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫حقه ً‬ ‫كبيا‪{ ،‬ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ} [اإلرساء]‪.‬‬ ‫علوا‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬بدائع الفوائد (‪ ،)168/1‬توضيح الاكفية (‪ 120‬ـ ‪ ،)121‬الآللئ ابلهية ف رشح العقيدة الواسطية‪ ،‬صالح آل‬ ‫الشيخ (‪ ،)191/1‬التسبيح ف الكتاب والسنة (‪.)480/1‬‬

‫‪268‬‬

‫‪‬‬ ‫(‪ )8‬والل تعاىل السبوح املعظم‪ ،‬ل العظمة‪ ،‬واتلكبي(‪،)1‬‬ ‫َّ ٌ‬ ‫مقيد بقيود‪.‬‬ ‫واإلجَّلل‪ ،‬اذلي ليس ل حدود‪ ،‬وَّل‬ ‫نزه نفسه َّ‬ ‫(‪ )9‬وـهو السبوح‪ :‬اذلي َّ‬ ‫وسبحها عن وصف العباد ل‪،‬‬

‫إَّل ما وصف به املرسلون‪{ :‬ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ‬

‫ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ} [الصافات](‪.)2‬‬ ‫(‪ )10‬وـهو َّ‬ ‫املزنه سبحانه عن الشبيه‪ ،‬والكفء‪ ،‬واملثيل‪ ،‬وانلظي‪،‬‬ ‫تلفرده بكل كمال‪ ،‬اغيته‪ ،‬وأكمله‪ ،‬وأعظمه‪.‬‬

‫هللالل ا سبوح‪ :‬أنه مشتق من التسبيح‪ ،‬اذلي ـهو أعظم ما‬ ‫ِ‬ ‫متضمن‬ ‫يعبد الل تعاىل به‪ ،‬وـهو عبادة أـهل السماء‪ ،‬وأـهل األرض‪ ،‬وـهو‬

‫ِ‬ ‫الرب‪ ،‬اليت َّ‬ ‫قررـها الكتاب والسنة‪ ،‬وـهو نزاـهته‬ ‫كذلك‪ ،‬ألعظم أوصاف‬ ‫ِ‬ ‫وبراءته تعاىل عن لك العيوب وانلقائص‪ ،‬املستلزم للكمال املطلق‬ ‫ل‪ ،‬ف لك األوصاف واثلناء واملدائح‪ ،‬فهو جيمع اتلزنيه‪ ،‬واتلعظيم من‬ ‫ِ‬ ‫لك الوجوه‪ ،‬فإن من جَّلل الل أن لكمة >سبحان< لكمة ممتنعة‪َّ ،‬ل‬ ‫جيوز أن يوصف بها غي الل ‪ ،‬ألنها صارت ً‬ ‫علما ف ادلين‪ْ ،‬ع أْع‬

‫ّ ه‬ ‫يستحقها إَّل رب العاملي(‪.)3‬‬ ‫املراتب‪ ،‬وأبلغها ف اتلعظيم‪ ،‬اليت َّل‬

‫ومن هللالهل‪ :‬أنه سبحانه ـهو أعظم املسبحي نلفسه العلية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اثلمرات‪ :‬جيب ْع لك ملكف أن يطهر ظاـهره‪ ،‬وباطنه‪ ،‬من‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ألن التسبيح يتضمن اتلعظيم‪ ،‬واتلكبي‪.‬‬

‫ا‬ ‫(‪ )2‬ويف احلديث القديس‪..> :‬ةسبحنين أن أختذ صنحب‪ ،‬أو ودلا<‪ .‬ابلخاري (‪.)4482‬‬

‫(‪ )3‬انظر‪ :‬التسبيح (‪ 78/1‬ـ ‪ ،)479/1( ،)86‬ومنهج اللغويي ف العقيدة (‪ ،)350‬وأسماء الل لدلكتور األشقر (‪.)52‬‬

‫‪269‬‬

‫‪‬‬ ‫أمراض الشبهات‪ ،‬والشهوات‪ ،‬وأن يكرث من تسبيحه تعاىل ف الليل‬ ‫وانلهار‪ ،‬حىت ينضم إىل بقية العوالم اليت ت ه ِ‬ ‫سبح الل عز وجل ف لك‬ ‫األحوال‪ ،‬واألوقات‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬ ‫ﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦ‬ ‫ﮧ ﮨ ﮩ} [اإلرساء]‪.‬‬ ‫‪ 96‬ـ ـ اهلل (احلَكَمُ) سبحانه وتعاىلٰ‬ ‫قال ‘‪> :‬إن ا‬

‫هو احلكم‪ ،‬وإيله ُ‬ ‫احلكم<(‪.)1‬‬

‫املعىن ا ليوي‪ :‬احلكم‪ :‬من صيغ املبالغة َّلسم الفاعل‬ ‫ً‬ ‫حاكما؛ ألنه‬ ‫احلاكم‪ ،‬وأصل ـهذه اللكمة من‪ :‬املنع‪ ،‬وسيم احلاكم‬ ‫يمنع اخلصمي من اتلظالم‪ ،‬وحكمة ادلابة‪ :‬سميت حكمة‪ ،‬ألنها‬

‫تمنعها من اجلماح‪ ،‬واحلكم‪ :‬القضاء بالعدل‪ ،‬فاحلاكم‪ :‬ـهو اذلي‬ ‫ً‬ ‫حيكم ويفصل ويقيض ف سائر األمور(‪ ،)2‬واحلكم أيضا‪ :‬احلكمة‬ ‫ا‬ ‫من العلم‪ ،‬قال ‘‪> :‬إن من ا شعر حلكمن<(‪.)4()3‬‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل ـهو احلكم ل احلكم ف األول واآلخرة‪:‬‬

‫(‪ )1‬اذلي حيكم بي عباده ف ادلنيا واآلخرة‪ ،‬بعدل وقسطه‪،‬‬ ‫ً‬ ‫فَّل يظلم مثقال َّ‬ ‫ذرة فيهما‪ ،‬وَّل حيمل أحدا وزر أحد‪ ،‬وَّل جيازي‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬صحيح أيب داود (‪.)4145‬‬ ‫(‪ )3‬ابلخاري (‪.)6145‬‬

‫(‪ )2‬لسان العرب (‪ ،)140/12‬تفسي األسماء للزجاج (ص ‪.)43‬‬ ‫(‪ )4‬األسىن (‪.)437/1‬‬

‫‪270‬‬

‫‪‬‬

‫ّ‬ ‫العبد بأكرث من ذنبه‪ ،‬ويؤدي احلقوق إىل أـهلها‪ ،‬فَّل يدع صاحب‬ ‫ّ‬ ‫ٍّ‬ ‫حق‪ ،‬إَّل وصل إيله حقه‬ ‫(‪ )2‬وـهو احلكم‪ :‬اذلي حيكم بي الرسل وأتباعهم‪ ،‬وبي‬

‫أعدائهم‪ ،‬فيكرم الرسل وأتباعهم‪ ،‬ويهي أعداءـهم ف ادلارين‪.‬‬ ‫(‪ )3‬وـهو اذلي ل احلكم العام ثلَّلثة أحاكم‪:‬‬

‫األول‪ :‬حكم كوين‪ :‬وـهو واقع َّل حمالة ألنه يتعلق بمشيئته‪،‬‬ ‫ومشيئة الل تعاىل َّل تكون إَّل باملعىن الكوين‪ ،‬فما حكم به ً‬ ‫قدرا‬

‫نفذ من غي مانع‪ ،‬وَّل منازع‪ ،‬فما شاء اكن‪ ،‬وما لم يشأ لم يكن‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫فَّل راد لقضائه‪ ،‬وَّل معقب حلكمه‪ ،‬وَّل أحد اغلب ألمره‪.‬‬

‫اثلنين‪ :‬حكم رشيع‪ :‬وـهو احلكم اتللكييف الرشيع‪ ،‬اذلي‬

‫يرتتب عليه اثلواب والعقاب ف يوم احلساب‪ ،‬وانلواعن نافذان ف‬

‫العبد‪ ،‬ماضيان فيه‪ ،‬وـهو مقهور حتت احلكمي‪ ،‬قد مضيا فيه‪ ،‬ونفذا‬

‫فيه‪ ،‬شاء أم أىب‪ ،‬لكن احلكم الكوين َّل يمكنه خمالفته‪ ،‬وأما‬ ‫الرشيع فقد خيالفه‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ورشـها‬ ‫اثلنلث‪ :‬حكم هللًايئ‪ :‬وـهو اجلزاء ْع األعمال خيـها‪،‬‬

‫ف ادلنيا واآلخرة‪ ،‬وإثابة الطائعي‪ ،‬وعقوبة العاصي(‪ ،)1‬فسبحان من‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫نفذ حكمه ف َّ‬ ‫وعمهم برْحته‪،‬‬ ‫بريته‪ ،‬وعدل بينهم ف أقضيته‪،‬‬

‫ورصفهم حتت مشيئته(‪.)2‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬الفوائد (‪ ،)32‬وفتح الرحيم امللك (‪ ،)32 ،18‬توضيح الاكفية الشافية (‪ ،)127‬أسماء الل احلسىن لدلكتور‬ ‫الرضواين (‪.)650‬‬

‫(‪ )2‬شفاء العليل (‪.)42‬‬

‫‪271‬‬

‫‪‬‬

‫َ َ‬ ‫احلكم‪ :‬أن لك أحاكمه تعاىل ف خلقه الرشعية‪،‬‬ ‫هللالل‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫واحلق‪ ،‬ف أصلها‪،‬‬ ‫حلك ِم‬ ‫والقدرية‪ ،‬واجلزائية‪" ،‬ف نفسها جارية‪ْ ،‬ع ا ِ‬ ‫وفرعها‪ ،‬واغياتها‪ ،‬وثمراتها"(‪ ،)1‬مزنـهة عن لك نقص‪ ،‬وزلل‪ ،‬وخطأ‪ ،‬ساملة‬ ‫من لك ظلم‪ ،‬وجهل‪ ،‬املتضمنة لكمال احلكمة‪ ،‬والعدل‪ ،‬واحلمد‪،‬‬

‫والفضل‪ ،‬والرْحة‪ ،‬واهلدى‪ ،‬والسداد‪ ،‬وأن حكمه الرشيع صالح للك‬ ‫زمان‪ ،‬ويف لك ماكن‪ ،‬ويف لك األحوال‪ ،‬اذلي فيه اخلي العاجل‬

‫واآلجل‪ ،‬للك األنام‪ ،‬قال الل العظيم‪{ :‬ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ‬

‫ﰇ ﰈ ﰉ} [املائدة]‪.‬‬

‫ومن هللالهل‪" :‬أن لك اخلَّلئق حتمده ْع حكمه يوم القيامة‪،‬‬

‫بعد أن يقيض بي اخلَّلئق‪ ،‬حىت من قىض عليهم بالعذاب‪ ،‬ما دخلوا‬ ‫انلار إَّل وقلوبهم ممتلئة من ْحده‪ ،‬وأن ـهذا من جراء أعماهلم‪ ،‬وأنه‬

‫اعدل ف حكمه بعقابهم‪ ،‬وأنه لم يظلمهم مثقال ذرة‪ ،‬قال سبحانه‪:‬‬

‫{ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ} [الزمر]"(‪.)2‬‬ ‫َّ‬ ‫اثلمرات‪ :‬جيب أن يعلم لك ملكف أن َّل حكم إَّل لل تعاىل‬ ‫ٌ‬ ‫أحاكم وقضايا‪ ،‬ولك أقوال‪ :‬حكم ووصايا‪،‬‬ ‫وحده‪ ،‬وأن لك أفعال‪:‬‬ ‫وجيب أن يعلم أن الرسل عليهم السَّلم ـهم معادن احلكمة‪ ،‬وأـهل‬

‫احلكم‪ ،‬ولم يفوض الل تعاىل احلكم إَّل هلم‪ ،‬ولك من سواـهم جيب‬

‫عليهم اَّلقتداء بهم‪ ،‬وأن َّل حيكموا إَّل بما أنزل الل‪ ،‬وتعبد الل‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬توضيح الاكفية (‪.)121‬‬

‫(‪ )2‬تفسي السعدي (‪ ،)674‬وتوضيح الاكفية (‪.)127‬‬

‫‪272‬‬

‫(‪ )3‬األسىن (‪.)440/1‬‬

‫‪‬‬ ‫اكفة املؤمني بنصب احلاكم‪ ،‬وإقامة األحاكم‪ ،‬ثم جيب ْع لك مسلم‬ ‫ه‬ ‫إذا ديع إىل احلكم عليه‪ ،‬أن جييب إىل ذلك‪ ،‬وينقاد حلكم الل‬ ‫َّ‬ ‫توجه عليه‪ ،‬وإَّل اكن ً‬ ‫ظالما(‪.)1‬‬ ‫تعاىل عليه إذا‬

‫‪ 97‬ـ ـ اهلل (اجلواد) عز وجل‬ ‫قال ‘‪> :‬إن ا‬

‫ويكر سفنسفهن<(‪.)2‬‬

‫ٰ‬ ‫تعنىل هللواد حيب اجلود‪ ،‬وحيب معنيل األ الق‪،‬‬

‫َّ‬ ‫مشبهة للموصوف باجلود‪،‬‬ ‫املعىن ا ليوي‪ :‬اجلواد‪ :‬صفة‬

‫واجليد‪ :‬نقيض الرديء‪ ،‬واجلود ـهو الكرم‪ ،‬ورجل جواد يعن سيخ‪،‬‬

‫كثي العطاء‪ ،‬واجلود من املطر‪ :‬ـهو اذلي َّل مطر فوقه ف الكرثة(‪.)3‬‬ ‫َّ‬ ‫ويطلق اجلواد كذلك ْع الطريق املمهد‪ ،‬أو سواء الطريق‬

‫ووسطه‪ ،‬أو الطريق األعظم(‪.)5()4‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو اجلواد‪ ،‬ل اجلود لكه‪:‬‬ ‫(‪ )1‬اذلي َّ‬ ‫عم جوده مجيع الاكئنات‪ ،‬من أـهل األرض والسموات‪،‬‬

‫فلك نعمة فمن جوده‪ ،‬فَّل خيلو موجود من جوده‪ ،‬وإحسانه‪ ،‬طرفة‬

‫عي‪ ،‬ف ـهذا الوجود‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )2‬سلسلة األحاديث الصحيحة (‪.)1627‬‬

‫(‪ )2‬لسان العرب (‪.)720/1‬‬

‫(‪ )4‬أسماء الل احلسىن للرضواين (‪.)679‬‬ ‫(‪ )5‬كما ف حديث عبد الل بن سَّلم ~‪ ،‬ف قصة الرؤيا للنيب ‘‪ ،‬وفيه‪> :‬بينمن أًن ًنئم‪ ،‬إ‪ ،‬أتنين رهللل‪ ،‬ةقنل يل‬ ‫قم‪ ،‬ةأ ذ بيدي‪ ،‬ةنًطلقت معه‪ ،‬ةإ‪،‬ا أًن جبواد عن شمنيل‪ ،...‬ةقنل يل‪ :‬ال تأ ذ ةيهن‪ ،‬ةإًهن طرق أصحنب‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ا شمنل‪ ،‬قنل‪ :‬ةإ‪،‬ا هللواد منهج عن يميين‪ <..‬أي طريق واضحة بينة مستقيمة‪ ،‬حاشية صحيح مسلم ملحمد‬ ‫عبد ابلايق‪ .‬صحيح مسلم (‪.)2484‬‬

‫‪273‬‬

‫‪‬‬ ‫(‪ )2‬والل سبحانه وتعاىل ـهو اجلواد ْع اإلطَّلق‪ ،‬فلك جود ف‬

‫العالم العلوي والسفل إىل جوده‪ ،‬أقل من قطرة ف حبار ادلنيا‪ ،‬ويه‬

‫من جوده‪.‬‬

‫(‪ )3‬ومن كمال جوده "أنه جيود ْع أويلائه باتلوفيق لصالح‬

‫األعمال‪ ،‬ثم حيمدـهم عليها‪ ،‬ويضيفها إيلهم‪ ،‬ويه من جوده‪ ،‬ويثيبهم‬

‫عليها من اثلواب العاجل واآلجل‪ ،‬ما َّل خيطر ْع ابلال"(‪.)1‬‬

‫آن وماكن‪،‬‬ ‫(‪ )4‬وـهو أجود األجودين‪ ،‬فيداه سحاء باجلود‪ ،‬ف لك ٍ‬ ‫فكم جاد تعاىل من جوده‪ ،‬فلم يهنقص من جوده ْع مدى األزمان ‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫َّ‬ ‫(‪ )5‬وـهو سبحانه اجلواد‪ :‬اذلي يهدي(‪ )3‬عباده أمجعي‪ ،‬إىل جادة‬

‫ِ‬ ‫احلق املبي‪ ،‬وخيص أويلاءه املؤمني‬ ‫َّ‬ ‫املستقيم‪ ،‬ويثبتهم عليها‪ ،‬حىت يتوفاـهم ْع ايلقي‪.‬‬ ‫باهلداية(‪)4‬‬

‫إىل طريق احلق‬

‫(‪ )6‬وـهو اجلواد ذلاته‪ ،‬كما أنه الح ذلاته‪ ،‬العليم ذلاته‪ ،‬السميع‬

‫وابلصي ذلاته‪ ،‬فجوده العايل‪ ،‬من لوازم ذاته(‪.)5‬‬ ‫ً‬ ‫(‪ )7‬ومن أعظم منه سبحانه جودا واخلَّلئق ل اعصون‪ ،‬وـهو‬ ‫ه‬ ‫يكلؤـهم ف مضاجعهم‪ ،‬كأنهم لم يعصوه‪ ،‬جيود ْع العايص‪ ،‬كما‬ ‫ه‬ ‫جيود ْع الطائع‪ ،‬يتحبب إيلهم باخليات‪ ،‬وـهم يتبغضون إيله بالسيئات‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬تفسي السعدي (‪.)238‬‬ ‫َّ‬ ‫ٰ‬ ‫(‪ )2‬قال ‘‪> :‬يد ا مألى‪ ،‬ال يييضهن ًفق‪ ،،‬سحنء ا ليل وانلهنر‪ ،‬أرأيتم من أًفق منذ لق ا سمنوات‬ ‫ييض من يف يد < َّل يغيضها‪ :‬أي َّل ينقصها‪ .‬سحاء‪ :‬أي‪ :‬كثية العطاء‪ ،‬تصب اخلي صبًّا‪.‬‬ ‫واألرض‪ ،‬ةإًه م ِ‬ ‫(‪ )3‬أي ـهداية اعمة‪ :‬ويه ادلَّللة واإلرشاد‪.‬‬ ‫ابلخاري (‪ ،)6484‬ومسلم (‪.)993‬‬ ‫ّ‬ ‫(‪ )4‬أي‪ :‬ـهداية اتلوفيق اذلي من وفق إيلها َّل يزيغ‪ )5( .‬مدارج السالكي (‪ ،)212/1‬والروح (‪.)499‬‬

‫‪274‬‬

‫‪‬‬ ‫(‪ )8‬وـهو تعاىل اجلواد‪ :‬الاكمل(‪ )1‬ف ذاته‪ ،‬وأسمائه‪ ،‬وصفاته(‪،)2‬‬ ‫ً‬ ‫وأفعال‪ ،‬وسلطانه‪ ،‬حبيث َّل يكون وراءه كمال أبدا‪.‬‬

‫ً‬ ‫هللالل اجلواد‪ :‬أن لك جواد خلقه الل سبحانه‪ ،‬وخيلقه أبدا‪،‬‬ ‫أقل من َّ‬ ‫ذرة بالقياس إىل جوده‪.‬‬ ‫ومن هللالهل‪ :‬أن َّ‬ ‫حمبته تعاىل للجود‪ ،‬والعطاء‪ ،‬واإلحسان‪ ،‬فوق‬ ‫َّ‬ ‫ه‬ ‫ما خيطر ْع ابلال‪ ،‬أو يدور ف اخليال‪ ،‬وهلذا َّ‬ ‫خص جل ثناؤه جبوده‬ ‫أـهل ادلاعء والسؤال‪ ،‬بلسان املقال‪ ،‬أو احلال‪ ،‬من ٍّ‬ ‫بر وفاجر‪ ،‬ومؤمن‬

‫واكفر(‪ ،)3‬قال ‘‪> :‬ليس يشء أكرم ٰ‬ ‫ىلع ا‬

‫عً وهللل من ادلاعء<(‪.)4‬‬

‫ومن هللالهل‪" :‬أنه أجاد ف فعله‪ ،‬وتقريره‪ ،‬وتدبيه‪ ،‬وتفصيله"(‪.)5‬‬ ‫وتتجىل سعة جوده ف دار خلوده‪ ،‬أنه يعطي مثل ادلنيا وعرشة‬

‫أمثاهلا ألدىن أـهل اجلنة مزنلة من أويلائه(‪.)6‬‬

‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ ملن عرف ربه تعاىل جبوده‪ ،‬أن يتعبد بمقتىض‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫معطاء‪َّ ،‬ل خيش من ذي العرش إقَّلَّل‪،‬‬ ‫ـهذا اَّلسم أن يكون جوادا‬

‫فعن أنس ~‬

‫أنه قال‪> :‬اكن رسول ا‬

‫‘ أحسن انلنس‪ ،‬وأهللود‬

‫انلنس<(‪ ،)7‬واعلم رْحن الل وإياك أن "من أعظم ما جاد به سبحانه‬ ‫ْع عباده‪ ،‬تعريفه هلم بأسمائه احلسىن‪ ،‬وصفاته العليا"(‪.)8‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ألن من معاين اجلود كما سبق نقيض الرديء‪.‬‬ ‫(‪ )3‬احلق الواضح (‪.)66‬‬

‫(‪ )2‬أسماء الل احلسىن للرضواين (‪.)679‬‬

‫(‪ )4‬صحيح الرتمذي (‪.)3370‬‬

‫(‪ )5‬رشح األسماء لإلشبيل (‪.)252/2‬‬

‫(‪ )6‬كما ف ابلخاري (‪ ،)7511( ،)6571‬ومسلم (‪ )7( .)186‬ابلخاري (‪ )8( .)2665‬جمموع الفوائد (‪.)250‬‬

‫‪275‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ 98‬ـ ـ اهلل (الوِتْر) جل وعال‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫قال ‘‪ > :‬تسع‪ ،‬وتسعني اسمن‪ ،‬منئ‪ ،‬إال واحدا ال حيفظهن‬ ‫ٌ ُ ُّ‬ ‫وتر حيب ا وتر< ‪.‬‬ ‫أحد إال د ل اجلن‪ ،،‬وهو‬ ‫(‪)1‬‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬ا وتر‪ :‬ـهو الفرد‪ ،‬أو ما لم يتشفع من العدد‪،‬‬

‫أي‪ :‬لك عدد َّل زوج ل(‪.)2‬‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه وتعاىل ـهو الوتر ْع اإلطَّلق‪:‬‬

‫(‪ )1‬الواحد الفرد‪ ،‬اذلي َّل نظي ل ف ذاته‪ ،‬وَّل انقسام(‪،)3‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وعلوـها فوق لك األنام‪.‬‬ ‫املتفرد بذاته بالكمال‪،‬‬

‫(‪ )2‬وـهو سبحانه املتفرد بالكمال ف أسمائه احلسان‪ ،‬وأفعال‬

‫اتلمام‪ ،‬وملكه‪ ،‬وسلطانه بادلوام‪ ،‬وصفاته العَّل اجلَّلل‪.‬‬ ‫(‪ )3‬وـهو اذلي َّ‬ ‫تفرد ف الوجود‪ ،‬وانلعوت‪ ،‬باألزيلة بَّل بداية‪،‬‬

‫واألبدية بَّل نهاية‪.‬‬

‫ِ‬ ‫(‪ )4‬وـهو اذلي تفرده وتوحده وتقصده لك الاكئنات بأرسـها‪ ،‬ف‬ ‫ٌ‬ ‫مجيع شؤونها‪ ،‬فليس هلا رب سواه‪ ،‬وَّل مقصود غيه تقصده‪ ،‬وتلجأ‬ ‫إيله‪ ،‬ف إصَّلح أمورـها ادلينية‪ ،‬ويف إصَّلح أمورـها ادلنيوية‪.‬‬

‫(‪ )5‬وـهو سبحانه الفرد ف ربوبيته‪ ،‬فَّل رشيك ل ف ملكه‪ ،‬وَّل‬

‫منازع‪ ،‬وَّل معي‪ ،‬وَّل ظهي‪ ،‬ل من أحد من الّبية(‪.)4‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ابلخاري (‪.)6410‬‬

‫(‪ )2‬اللسان (‪ ،)4757/6‬األسىن (‪.)196‬‬

‫(‪ )3‬فتح ابلاري (‪.)227/11‬‬

‫(‪ )4‬انظر املعاين السابقة‪ :‬شأن ادلاعء (‪ ،)104‬انلهاية (‪ ،)147/5‬األسماء والصفات (‪ ،)50/1‬وفتح الرحيم امللك (‪)37‬‬

‫‪276‬‬

‫‪‬‬

‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫املستحق إلفراده ف اتلأل‪،‬‬ ‫األلوـهية‪،‬‬ ‫املتفرد ف‬ ‫(‪ )6‬وـهو تعاىل‬

‫والعبودية‪ ،‬وإخَّلص ادلين ل من لك اخلليقة‪.‬‬

‫(‪ )7‬وـهو سبحانه الفرد األحد‪ :‬اذلي َّل مثيل ل‪ ،‬وَّل شبيه ل‪،‬‬

‫وَّل نظي ل‪ ،‬وَّل عديل‪ ،‬لكمال من لك الوجوه‪.‬‬

‫هللالل ا وتر‪ :‬أنه تعاىل انفرد عن مجيع اخللق باألحدية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫شفعا من اخلليقة‪ ،‬فَّل تستقر‪ ،‬وَّل تعتدل‪ ،‬إَّل‬ ‫فجعل لك ما دونه‬ ‫َّ‬ ‫بالزوجية‪ ،‬وَّل تهنأ ْع الفرديَّة واألحديَّة‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯻ ﯼ‬

‫ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ} [اذلاريات](‪.)1‬‬

‫َّ‬ ‫ومن هللالهل‪ :‬أنه سبحانه خلق األشياء املتضادة من اليشء‬ ‫ِ‬ ‫الواحد‪ ،‬فهو تعاىل خلق من لك يشء مثله شيئي‪ ،‬لك منهما يراوح‬ ‫أحد ِـهما إَّل‬ ‫اآلخر من وجه‪ ،‬وإن خالفه من وج ٍه آخر‪ ،‬وَّل يتم نفع ِ‬

‫بآخر‪ ،‬من احليوان‪ ،‬وانلبات‪ ،‬وغيـها‪ ،‬ويدخل فيه األضداد‪ ،‬من‬ ‫َّ َ‬ ‫والسقم‪،‬‬ ‫الغىن والفقر‪ ،‬واحلسن والقبح‪ ،‬والليل وانلهار‪ ،‬والصحة‬ ‫َّ ً‬ ‫والّب وابلحر‪َّ ،...‬‬ ‫َّ‬ ‫ولما اكن ذلك ف اغية ادلَّللة ْع أن الك من‬ ‫َّ‬ ‫الزوجي حيتاج إىل اآلخر‪ ،‬وأنه َّل بهد أن ينتيه األمر إىل واحد‪َّ ،‬ل‬ ‫م‬ ‫ِمثل ل‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﰀ ﰁ}(‪.)2‬‬ ‫اثلمرات‪ :‬أثر ـهذا اَّلسم ْع العبد يتجىل ف حمبته للتوحيد‬ ‫ّ‬ ‫والوترية‪ ،‬ف لك العبادات القويلة والفعلية‪ ،‬فيغتسل ً‬ ‫وترا‪ ،‬ويستنرث‬

‫وترا‪ ،‬وجيعل آخر صَّلته بالليل ً‬ ‫ً‬ ‫وترا‪ ،‬واملتتبع لكثي من األذاكر‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬أسماء الل احلسىن لدلكتور الرضواين (ص ‪.)358‬‬

‫‪277‬‬

‫(‪ )2‬نظم ادلرر (‪.)286/7‬‬

‫‪‬‬ ‫واألعمال‪ ،‬والرَّق الرشعية‪ ،‬جيد أنها تنتيه ً‬ ‫وترا‪ ،‬وـهذا من حتقيق‬

‫الفردية‪ ،‬واألحدية لل تعاىل بالعبادة‪ ،‬اليت يه أصل دعوة األنبياء‬

‫والرسل‪ ،‬للك اخلليقة‪.‬‬

‫‪ 99‬ـ ـ اهلل (اإلله) تبارك وتعاىلٰ‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆﰇ} [ابلقرة]‬

‫املع ٰ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬اإلهل‪ :‬اسم مفعول املألوه‪ :‬أي املعبود‪ ،‬اذلي‬

‫ِ‬ ‫تأهله القلوب‪ ،‬أي‪ :‬حتبه‪ ،‬وتذل ل‪ ،‬و(اإلل) ـهو لك ما اختذ من دونه‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫معبودا هلإ عند مت ِخ ِذه‪ ،‬واجلمع‪ :‬آهلة‪ ،‬وأصل (اتلأل)‪ :‬اتلعبد(‪.)1‬‬ ‫املع ٰ‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو (اإلهل) هلإ األولي واآلخرين‪:‬‬

‫‪ )1‬فهو تعاىل املحبوب املعبود حبق‪ ،‬اذلي يعبده من ف السموات‬

‫واألرض‪{ ،‬ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬

‫خرف‪.]84 :‬‬ ‫ﮱ } [ال ُّز ُ‬ ‫ِ‬ ‫ًّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫جل ثناؤه اذلي تأهله العباد ًّ‬ ‫ً‬ ‫ورجاء‪،‬‬ ‫حبا‪ ،‬وذَّل‪ ،‬وخوفا‪،‬‬ ‫‪ )2‬فهو‬ ‫ً‬ ‫وتعظيما‪ ،‬وطاعة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ )3‬وـهو سبحانه اذلي يؤل إيله اخللق لكهم‪ ،‬إنسهم‪ ،‬وجنهم‪،‬‬

‫ناطقهم‪ ،‬وبهيمهم‪ ،‬فهو تعاىل املفزع للاكئنات لكها‪ ،‬ف مجيع أمورـهم‬ ‫اخلاصة‪ ،‬والعامة‪ ،‬ف لك حال‪ ،‬وحلظة‪ ،‬وومضة‪ ،‬وحركة‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬لسان العرب (‪ ،)4671/13‬مدارج السالكي (‪.)27/3‬‬

‫‪278‬‬

‫‪‬‬ ‫َّ‬ ‫تتحي القلوب عند اتلفكر ف عظمته سبحانه‪،‬‬ ‫‪" )4‬وـهو اذلي‬ ‫وتعجز عن بلوغ كنه جَّلل"(‪.)1‬‬

‫‪ )5‬وـهو القاـهر الغالب‪ ،‬اذلي َّل يهقهر وَّل يهغلب‪ ،‬انلافذ اإلرادة‬ ‫وحده ف مجيع مراداته‪ ،‬حىت َّل يريد شيئًا إَّل اكن‪ ،‬وَّل يكون إَّل‬ ‫بإرادته‪ ،‬من غي مانع وَّل مدافع‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬ ‫ﯤ ﯥ} [األنبياء‪ ،]22 :‬أي متغابلي وخمتلفي(‪.)2‬‬ ‫‪ )6‬وـهو اإلل احلق‪ ،‬املوصوف بالصفات األلوـهية‪ ،‬اذلي انفرد بها‬ ‫عن لك الّبية‪ ،‬ويه مجيع أوصاف الكمال‪ ،‬وأوصاف اجلَّلل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫واملذام‪.‬‬ ‫وأوصاف اجلمال‪ ،‬مع نيف أضدادـها ‪ ،‬من الشبيه‪ ،‬واملثيل‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫َّ‬ ‫‪ )7‬فهو سبحانه املألوه‪ ،‬املستحق ألن يؤل‪ ،‬أي‪ :‬يعبد‪ ،‬ويوحد‬

‫وحده َّل رشيك ل‪َّ ،‬ل هلإ إَّل ـهو‪ ،‬فلك معبود من دلن عرشه إىل قرار‬ ‫أرضه باطل(‪.)4‬‬ ‫قال شيخ اإلسَّلم ابن تيمية رْحه الل‪َّ> :‬ل هلإ إَّل أنت< فيه إثبات‬ ‫َّ‬ ‫واأللوـهية تتضمن كمال علمه وقدرته‪ ،‬ورْحته‬ ‫انفراده باإلهلية‪،‬‬ ‫وحكمته‪ ،‬ففيها إثبات إحسانه إىل العباد‪ ،‬فإن اإلل ـهو املألوه‪ ،‬واملألوه ـهو‬ ‫اذلي يستحق أن يعبد‪ ،‬وكونه يستحق أن يعبد ـهو بما اتصف به من‬ ‫الصفات‪ ،‬اليت تستلزم أن يكون ـهو املحبوب اغية احلب‪ ،‬واملخضوع‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬األسىن (‪.)350‬‬

‫(‪ )4‬دقائق اتلفسي (‪.)364/2‬‬

‫(‪ )2‬إبطال اتلأويَّلت (‪.)651‬‬

‫‪279‬‬

‫(‪ )3‬جمموع الفتاوى (‪.)202/13‬‬

‫‪‬‬ ‫ل اغية اخلضوع‪ ،‬والعبادة تتضمن اغية احلب بغاية اذلل(‪.)1‬‬

‫الفرق بني اسم (اإلهل) و(ا رب) و(ا )‪:‬‬ ‫واسم >اإلهل< خيتلف ف معناه عن اسم >ا رب< ف كثي من‬

‫َّ‬ ‫انلوايح‪ ،‬فمنها‪ :‬أن الرب معناه يعود إىل اَّلنفراد باخللق واتلدبي‪ ،‬أما‬ ‫ِ‬ ‫>اإلهل<‪ :‬فيستحق عبادة املألوه اذلي تعظمه القلوب‪ ،‬وختضع ل‬ ‫َّ‬ ‫املحبة واتلعظيم‪ ،‬املستحق للعبادة بكل أنواعها وشموهلا‪،‬‬ ‫بكمال‬

‫ٌ‬ ‫كثي من املرشكي ملا‬ ‫والفرق بي >ا < و>اإلهل< أن اإلل قد وصفه‬

‫عبدوه منهم‪ ،‬اكلشمس والقمر والكواكب‪ ،‬ولم يفعل ذلك أحد ف‬ ‫اسمه >الل<‪ ،‬فلم َ‬ ‫يتس َّم به أحد قط ‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫اقرتان (اإلهل) به(ا رمحن) مع (ا رحيم)‪:‬‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ‬ ‫َّ‬

‫َّ‬ ‫أن من أعظم موجبات‪،‬‬ ‫ﰇ} [البقرة]‪ ،‬دل ـهذا اَّلقرتان اجلليل ْع‬ ‫ومقتضيات األلوـهية‪ ،‬يه الرْحة‪ ،‬فيه ألوـهية مبنية ْع الرْحة‪ ،‬وفيه‬ ‫َّ‬ ‫إشارة أن اذلي جيب أن يستحق للعبودية ـهو املتصف بالرْحة الواسعة‬

‫اليت َّل تماثلها أي رْحة‪ ،‬فيف "ذكر ـهاتي الصفتي تقرير للتوحيد‪،‬‬ ‫وتلميح دليلل األلوـهية‪ ،‬ف انفراده سبحانه بالعبودية‪ ،‬واستحقاقه‬ ‫للعبادة ل وحده‪ ،‬فذكر من األوصاف املقتضية لأللوـهية وقرصـها عليه‬ ‫ً‬ ‫مويلا‬ ‫بهاتي الصفتي‪ ،‬ألنه ملا اكن [من مقتضياتهما] أنه سبحانه‬ ‫جلميع انلعم أصوهلا وفروعها‪ ،‬جليلها ودقيقها‪ ،‬ومن ذلك أنه ابتدأك‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )2‬دقائق اتلفسي (‪.)364/2‬‬

‫‪280‬‬

‫‪‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫برشا ً‬ ‫إنشاء ً‬ ‫ً‬ ‫سويا اعقَّل‪ ،‬وتربية لك ف دار ادلنيا‪ ،‬موعودا‬ ‫بالرْحة‬

‫الوعد الصادق حبسن العاقبة ف اآلخرة‪ ،‬جدير بعبادتك ل‪ ،‬والوقوف‬

‫عند أمره ونهيه‪ ،‬وأطمعك بهاتي الصفتي ف سعة رْحته‪ ،‬تلحقق‬

‫أحد غيه(‪.)1‬‬ ‫وحدانيته سبحانه وحده‪ ،‬دون ٍ‬

‫هللالل اإلهل‪ :‬من جَّلل ـهذا اَّلسم الكريم أنه ـهو أعم األسماء‬

‫دَّللة بعد اسم (ا ) جل وعَّل‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬

‫ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ} [ابلقرة](‪.)2‬‬

‫ومن هللالهل أنه جامع جلميع صفات الكمال‪ ،‬ونعوت اجلَّلل‪،‬‬

‫فيدخل ف ـهذا اَّلسم مجيع األسماء احلسىن‪ ،‬والصفات العَّل(‪ ،)3‬فمن‬ ‫داع به فقد داع جبميع أسمائه تعاىل‪ ،‬وصفاته‪.‬‬

‫اثلمرات‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ‬ ‫ً‬ ‫ﮭ} [الزخرف‪ ،]84 :‬أي‪ :‬يأهله أـهل السماء‪ ،‬وأـهل األرض‪ً ،‬‬ ‫طواع وكرـها‪،‬‬

‫اللك خاضعون لعظمته‪ ،‬منقادون إلرادته ومشيئته‪ ،‬وهلذا عباد‬

‫الرْحن يأهلونه ويعبدونه‪ ،‬ويبذلون ل مقدورـهم باتلأل القليب‬

‫والرويح‪ ،‬والقول والفعل‪ ،‬فيعرفون من نعوته وأوصافه ما تتسع‬

‫قواـهم ملعرفته‪ ،‬وحيبونه من لك قلوبهم حمبة تتضاءل مجيع املحاب‬

‫هلا‪ ،‬فلما تمت حمبة الل تعاىل ف قلوبهم‪ ،‬أحبوا ما أحبه من‬ ‫أشخاص‪ ،‬وأعمال‪ ،‬وأزمنة‪ ،‬وأمكنة‪ ،‬فصارت حمبتهم وكراـهتهم ً‬ ‫تبعا‬

‫إلَّلـههم ّ‬ ‫وسيدـهم وحمبوبهم(‪.)4‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬تفسي أيب السعود (‪ ،)225/1‬وابلحر املحيط (‪ 76/2‬ـ ‪ ،)77‬واتلحرير واتلنوير (‪.)75/2‬‬ ‫(‪ )3‬بدائع الفوائد (‪ )4( .)212/2‬فتح الرحيم امللك (ص ‪ 13‬ـ ‪ )14‬بترصف يسي‪.‬‬ ‫(‪ )2‬األسىن (‪.)369‬‬

‫‪281‬‬

‫‪‬‬

‫داللة األمساء احلسنى على صفات اهلل العال‬ ‫ّ‬ ‫الرب عز شأنه اثلبوتي‪ ،،‬وـهما‪:‬‬ ‫‪ )1‬ا رب‪ :‬يدل ْع نويع صفات‬ ‫َّ‬ ‫اذلاتي‪ ،،‬والفعلي‪ ،،‬اذلاتي‪ :،‬دل عليها معاين‪ :‬أنه املعبود‪ ،‬وامللك‪ ،‬والسيادة‪،‬‬

‫والفعلي‪ :،‬قيامه ْع خلقه باتلدبي‪ ،‬واإلصَّلح‪ ،‬والرتبية‪.‬‬

‫‪ )2‬ا رمحن‪ :‬من أوصاف اذلات‪ ،‬ألنه َّل يوصف خَّلف ذلك ْع‬

‫ادلوام‪ ،‬وْع الفعل‪ :‬إفاضة رْحته العامة للك اخلليقة‪.‬‬

‫‪ )3‬ا رحيم‪ْ :‬ع الصفة الفعلي‪ ،‬اليت تقوم بمشيئته‪ ،‬وحكمته‪ ،‬ألن‬

‫"لك فعل علقه الل باملشيئة‪ ،‬فإنه مقرون باحلكمة‪ ،‬قال سبحانه‪{ :‬ﭸ‬ ‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ} [اإلنسان‪.)1("]30 :‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪ )4‬اليح‪ :‬من أوصاف اذلات‪ :‬وـهو دوام حياته أزَّل‪ ،‬وأبدا‪ ،‬والفعل‪:‬‬ ‫إحياؤه خللقه‪ ،‬قال سبحانه‪{ :‬ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ} [يس‪.]79 :‬‬

‫‪ )5‬القيوم‪ :‬من أسماء اذلات‪ ،‬والفعل‪ْ ،‬ع اذلات‪ :‬أنه الغن بنفسه‬

‫عن لك خلقه‪ ،‬بذاته‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وديمومته‪ ،‬والفعل‪ :‬قيامه بتدبي أمور‬ ‫خلقه‪ ،‬والعالم لكه‪ ،‬جبميع أحوال‪ ،‬وـهذا يقوم بمشيئته‪.‬‬

‫‪ 6‬ه ‪ )7‬العل األىلع‪ :‬من صفات اذلات اليت َّل تنفك عن الل بأي حال‪.‬‬ ‫‪ )8‬املتعنل‪ْ :‬ع اذلات‪ ،‬وْع الفعل‪ :‬أنه املستعل ْع لك خلقه‬

‫بقدرته‪ ،‬وقهره‪ ،‬مىت شاء سبحانه‪ ،‬ـهذا إذا اقرتنت ـهذه األسماء مع‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬رشح سورة ابلقرة للعَّلمة ابن عثيمي (‪.)85/3‬‬

‫‪282‬‬

‫‪‬‬ ‫َّ‬ ‫يتضمن اآلخر(‪.)1‬‬ ‫واحد منها‬ ‫بعضها‪ ،‬أما عند اَّلنفراد فلك‬ ‫ٍ‬ ‫‪ )9‬ا كريم‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ :،‬أن ل رشف اذلات‪ ،‬وسعة الصفات‪،‬‬

‫والفعل‪ :‬كرثة خيه‪ ،‬وصفحه عن عباده‪ ،‬وْع انليف‪ :‬نزاـهته عن لك اآلفات‪.‬‬ ‫‪ )10‬ا ودود‪ :‬من صفات األةعنل اَّلختيارية اليت تقوم بمشيئته‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ 11‬ه ‪ )12‬اليفور اليفنر من صفات األةعنل‪.‬‬

‫‪ )13‬العًيً‪ :‬من أوصاف اإلثبات وانليف‪ ،‬فمن األول‪ْ :‬ع اذلات‪ :‬أنه‬

‫املنيع‪ ،‬الرفيع الشأن والقدر‪ ،‬الفعل‪ :‬إعزازه من شاء من عباده‪ ،‬منهم‬

‫أويلاؤه‪ ،‬وْع انليف‪ :‬أنه املنيع‪ ،‬وأنه منقطع انلظي‪َّ ،‬ل مثيل ل‪.‬‬

‫‪ )14‬اجلميل‪ :‬من أسماء اذلات‪ ،‬واألةعنل‪ ،‬اذلات‪ :‬وـهو اجلمال‬ ‫ه‬ ‫والكمال املطلق‪ ،‬ف اذلات‪ ،‬والصفات‪ ،‬وْع األةعنل‪ :‬أنه جي ّمل من شاء من‬ ‫رْ‬ ‫مجله‪ ،‬وأدم مجنهل<(‪.)2‬‬ ‫األنام‪ ،‬كما ف داعء انليب ‘ لعمرو بن أخطب‪> :‬امهلل‬ ‫‪ 15‬ه ‪ 16‬ه ‪ )17‬القندر‪ ،‬القدير‪ ،‬املقتدر‪ :‬من أوصاف اذلات‪ :‬دَّلتلها‬

‫ْع القدرة الاكملة‪ ،‬وتقدير املقادير‪ْ ،‬ع وفق علمه‪ ،‬قبل ختليقه وتكوينه‪،‬‬ ‫وْع الفعل‪ :‬تنفيذ مقاديره ْع وفق تقديره‪.‬‬

‫‪ )18‬العفو‪ :‬من صفات األةعنل‪،‬ويه اليت يفعها مىت شاء‪ ،‬وكيف يشاء‪.‬‬ ‫‪ 19‬ه ‪ )20‬ا واحد‪ ،‬األحد‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ ،،‬وكذلك من الصفات‬

‫املنفي‪ ،‬بنوعيهن‪ ،‬وـهما‪ :‬أ) صفنت منفي‪ ،‬متصل‪ :،‬ويه نزاـهته عن لك العيوب‬ ‫وانلقائص ف ذاته‪ ،‬وصفاته العلية‪ ،‬ب) صفنت منفي‪ ،‬منفصل‪ :،‬ويه نزاـهته‬

‫عن لك رشيك ل ف الربوبية‪ ،‬واأللوـهية‪ ،‬واألسماء احلسىن‪ ،‬والصفات اجلليلة‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬انظر أسماء الل احلسىن د‪ .‬الرضواين (‪.)696 ،416 ،377‬‬

‫‪283‬‬

‫(‪ )2‬صحيح موارد الظمآن (‪.)395/2‬‬

‫‪‬‬

‫َم‬ ‫‪ )21‬القريب‪ :‬من أوصاف اذلات‪ ،‬وكذلك ْع الفعل‪ :‬أنه يقرب من‬ ‫خلقه كيف شاء‪ ،‬ومىت يشاء‪ ،‬ه‬ ‫وي ِ‬ ‫قرب من خلقه من شاء‪ ،‬قال ‘‪> :‬أقرب‬ ‫من يكون ا رب من العبد يف هللوف ا ليل اآل ر<(‪.)1‬‬

‫‪ )22‬املجيب‪ :‬من أسماء األةعنل اليت تقوم بمشيئته‪ ،‬وإرادته‪ ،‬وقدرته‪.‬‬ ‫‪ 23‬ه ‪ 24‬ه ‪ )25‬امللا‪ ،‬املليا‪ ،‬املن ا‪ :‬من أوصاف اذلات العَّل‪.‬‬ ‫‪ )26‬ا صمد‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ ،،‬ألن "حقيقة الصمدية وكماهلا ل‬

‫وحده‪ ،‬واجبة َّلزمة‪َّ ،‬ل يمكن عدم صمديته بوجه من الوجوه"(‪،)2‬‬

‫وكذلك يدل ْع الصفات املنفية بنوعيها‪.‬‬

‫‪ )27‬احلميد‪ :‬من صفات اذلات‪ :‬أنه املستحق للك املحامد‪ ،‬ويه‬

‫أوصاف الكمال ْع ادلوام‪ ،‬والفعل‪ :‬ثناؤه ْع نفسه‪ ،‬وْع من يستحق‬ ‫املحامد من خلقه‪.‬‬

‫‪ )28‬املجيد‪ :‬من أوصاف اذلات‪ ،‬وْع األةعنل‪ :‬أنه يهمجد نفسه‪،‬‬

‫ه ِ‬ ‫ويعظمها‪ ،‬كما يليق جبَّلل وكمال‪.‬‬

‫‪ )29‬اليين‪ :‬من الصفات اثلبوتية‪ ،‬ويه‪ :‬اذلاتي‪ ،،‬والفعلي‪.،‬‬ ‫‪ )30‬احلكيم‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ ،،‬والفعلي‪.،‬‬

‫‪ )31‬العظيم‪ :‬من األوصاف اذلاتي‪ ،،‬وكذلك الفعلي‪ ،،‬أنه يهعظم‬

‫األجر‪ ،‬والرزق‪ ،‬واثلواب ملن شاء من العباد‪.‬‬

‫‪ )32‬القوي‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ ،،‬اليت َّل تنفك عن الل ف أي حال‪.‬‬ ‫‪ )33‬املتني‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ ،‬كسابقه‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬صحيح الرتمذي (‪.)3579‬‬

‫(‪ )2‬جمموع الفتاوى (‪.)238/17‬‬

‫‪284‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ )34‬ا سميع‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ ،،‬وـهو‪ :‬سماعه للك األصوات ف لك‬

‫األوقات‪ ،‬والفعلي‪ :،‬دَّلتله ْع سمع اإلجابة‪ ،‬والقبول‪ ،‬واإلثابة‪.‬‬

‫‪ )35‬ابلصر‪ :‬من صفات اذلات أن ل عينان يبرص بهما لك األنام‪،‬‬

‫والفعل‪" :‬أنه ينظر بلعض خلقه‪ ،‬دون بعض‪ ،‬نظرة عطف‪ ،‬ورْحة‪ ،‬وتنعيم"(‪.)1‬‬

‫‪ 36‬ه ‪ )37‬القنهر‪ ،‬القهنر‪ :‬من أوصاف اذلات‪ ،‬ويه علوه املطلق ف‬ ‫ذاته‪ ،‬وشأنه‪ ،‬واألةعنل‪ :‬قهره لعباده‪ ،‬ومنه إذَّلل ه‬ ‫للعتاة من خلقه‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ )38‬ا وهنب‪ :‬من الصفات الفعلي‪ ،‬اَّلختيارية‪.‬‬

‫‪ )39‬املتكرب‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ ،،‬واملنفي‪ ،‬بنوعيها‪.‬‬

‫ِ‬ ‫‪ )40‬املؤمن‪ :‬من أوصاف اذلات‪ :‬أنه الصادق‪ ،‬اذلي يستحيل اتصافه‬

‫باملقابل‪ :‬اكلكذب‪ ،‬وإخَّلف الوعد والعهد‪ ،‬فهو تعاىل َّل خيلف وعده‪،‬‬

‫والفعل‪ :‬تصديقه من شاء من خلقه‪.‬‬ ‫‪ )41‬ال َرب‪ :‬من صفات الفعل‪.‬‬

‫‪ 42‬ه ‪ )43‬ا ويل‪ ،‬املول‪ :‬من صفات الفعل‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ )44‬اجلبنر‪ :‬من صفات اذلات‪ :‬وـهو العظمة‪ ،‬والعلو‪ ،‬واملنعة‪،‬‬

‫والرفعة‪ ،‬وْع األةعنل‪ :‬أنه املصلح أمور خلقه‪ ،‬وجّب الضعفاء منهم‪.‬‬ ‫‪ )45‬ا رؤوف‪ :‬من صفات الفعل‪.‬‬ ‫‪ )46‬اتلواب‪ :‬من صفات الفعل‪.‬‬ ‫‪ )47‬احلليم‪ :‬من صفات الفعل‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬أسماء الل احلسىن للرضواين (‪.)327‬‬

‫‪285‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ )48‬ا شهيد‪ :‬من صفات اذلات‪ ،‬ويه املشاـهدة‪ ،‬والرؤية‪ ،‬وعدم‬

‫الغفلة‪ ،‬والفعل‪ :‬شهادته نلفسه بالوحدانية‪ ،‬وألنبيائه بالصدق‪ ،‬واألمانة‪.‬‬ ‫‪ 49‬ه ‪ )50‬ا رزاق‪ ،‬ا َّرازق‪ :‬من أسماء األةعنل‪.‬‬

‫ُ ُّ‬ ‫‪ )51‬القدوس‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ :،‬أنه املعظم ف ذاته‪ ،‬وصفاته‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويطهر من شاء من عباده‪،‬‬ ‫وكذلك الفعلي‪ :،‬أنه املبارك ‪ ،‬واذلي يقدس‬ ‫(‪)1‬‬

‫ه‬ ‫ويدل كذلك ْع الصفات املنفي‪ ،‬بنوعيهن‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ 52‬ه ‪ )53‬اخلنلق‪ ،‬اخلالق‪ :‬من أوصاف الفعل‪.‬‬

‫‪ )54‬ابلنرئ‪" :‬من صفات اذلات‪ :‬إذا اكن تقديره كفعل َّلزم‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫املزنه عن لك انلقائص‪ ،‬وكفعل متعد‪ :‬صفة ةعل"(‪.)2‬‬ ‫‪ )55‬ا ر‬ ‫ملصور‪ :‬من صفات األةعنل‪.‬‬

‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫‪ )56‬ا سالم‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ ،،‬والفعلي‪ :،‬أنه يهسلم ْع أنبيائه‬ ‫وأويلائه ف ادلنيا واآلخرة‪ ،‬وكذلك ه‬ ‫يدل ْع نويع الصفات املنفي‪.،‬‬

‫‪ )57‬ا واسع‪ :‬من صفات اذلات‪ :‬أنه الاكمل الواسع‪ ،‬ف ذاته‪ ،‬وصفاته‪،‬‬ ‫وملكه‪ ،‬والفعل‪ :‬أنه يه ِ‬ ‫وسع ْع من شاء ف اخللق‪ ،‬كما قال سبحانه‪{ :‬ﯰ‬ ‫ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ} [اذلاريات‪ّ ،]47 :‬‬ ‫ويوسع ْع من يشاء ف الرزق‪ ،‬قال‬ ‫َّ‬ ‫‘‪> :‬إ‪،‬ا وسع ا ةأوسعوا<(‪.)3‬‬ ‫‪ )58‬ا لطيف‪ :‬من الصفات اثلبوتي‪ :،‬اذلاتي‪ ،،‬والفعلي‪.،‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬صفة الّبكة‪ :‬من الصفات اذلاتية‪ ،‬والفعلية‪ ،‬انظر بدائع الفوائد (‪ ،)242/1‬وجَّلء األفهام (‪.)167‬‬ ‫(‪ )2‬الرضواين (‪.)291‬‬

‫(‪ )3‬ابلخاري (‪.)358‬‬

‫‪286‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ )59‬ا كبر‪ :‬من أوصاف اذلاتي‪ ،،‬وكذلك ْع نويع الصفات املنفي‪.،‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ 60‬ه ‪ )61‬ا شنكر وا شكور‪ :‬من الصفات الفعلي‪.،‬‬ ‫‪ )62‬العليم‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ ،،‬والفعلي‪ ،‬كذلك‪ :‬وـهو تعليمه من‬

‫شاء من الّبية‪ ،‬قال سبحانه‪{ :‬ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ} [الرْحن]‪.‬‬ ‫‪ )63‬احلفيظ‪ :‬من األوصاف اذلاتي‪ ،،‬والفعلي‪.،‬‬

‫‪ )64‬األكرم‪ :‬من األوصاف اثلبوتية‪ ،‬اذلاتي‪ ،،‬والفعلي‪ ،،‬وْع الصفات‬

‫املنفية‪.‬‬

‫‪ 65‬ه ‪ )66‬األول‪ ،‬اآل ر‪ :‬من الصفات اذلاتي‪.،‬‬ ‫‪ )67‬الظنهر‪ :‬من صفات اذلات‪ ،‬والفعل‪ :‬إظهاره احلق للخلق‪ ،‬من‬

‫العلوم العقلية‪ ،‬والرشعية‪ ،‬ونرصه ألويلائه‪ ،‬وإعَّلئهم فوق لك اخلليقة‪.‬‬

‫‪ )68‬ابلنطن‪ :‬من صفات اذلات‪ ،‬والفعل‪ ،‬ـهو "فَّلحتجاب(‪ )1‬احلق‬

‫َّ‬ ‫عمن شاء من اخللق"(‪ْ )2‬ع مقتىض حكمته ومشيئته‪.‬‬ ‫‪ )69‬املهيمن‪ :‬من أوصاف اذلات‪ ،‬واألةعنل‪.‬‬

‫‪ )70‬احلق‪ :‬من صفات اذلات‪ :‬أنه واجب الوجوب‪ ،‬ادلائم بانلعوت‪،‬‬

‫واألةعنل‪ :‬إحقاقه احلق‪ ،‬ووعده الصدق‪.‬‬

‫‪ )71‬املبني‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ :،‬ابلي أمره ف وجوده‪ ،‬ووحدانيته‪،‬‬ ‫والفعلي‪ِ :،‬‬ ‫املبي لعباده سبل اهلدى والرشاد‬ ‫‪ )72‬الفتنح‪ :‬من األوصاف الفعلي‪.،‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫َّ‬ ‫واختصها ف اجلنة ألويلائه فقط‪.‬‬ ‫(‪ )1‬أي‪ :‬أنه احتجب عن رؤيته ف ادلنيا من لك أحد‪،‬‬

‫‪287‬‬

‫(‪ )2‬الرضواين (‪.)314‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ )73‬اخلبر‪ :‬من األوصاف اذلاتي‪.،‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ )74‬ا وكيل‪ :‬من األوصاف الفعلي‪.،‬‬ ‫‪ )75‬املقيت‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ :،‬أنه بمعىن القادر‪ ،‬والفعل‪ :‬أنه‬

‫املوصل األرزاق للك اخلَّلئق‪.‬‬

‫‪ )76‬انلصر‪ :‬من صفات األةعنل‪.‬‬ ‫‪ )77‬ا رقيب‪ :‬من صفات اذلات‪.‬‬ ‫‪ )78‬ا وارث‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ :،‬أنه ابلايق ادلائم‪ ،‬والفعلي‪ :،‬أنه‬ ‫الوارث جلميع األشياء‪ ،‬اذلي يه ِ‬ ‫ورث من يشاء من الّبية‪.‬‬ ‫‪ )79‬احلسيب‪ :‬من األوصاف اذلاتي‪ ،،‬والفعلي‪.،‬‬ ‫‪ 80‬ه ‪ )81‬القنبض‪ ،‬ابلنسط‪ :‬الصفات الفعلي‪.،‬‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫‪ 82‬ه ‪ )83‬املقدم املؤ ر‪ :‬من الصفات الفعلي‪.،‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ )84‬املننن‪ :‬من الصفات الفعلي‪.،‬‬

‫َّ‬ ‫باملعية العامة للك‬ ‫‪ )85‬ا رةيق‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ :،‬أنه املوصوف‬

‫اخلليقة(‪ ،)1‬والفعلي‪ :،‬تعلقه باملعية اخلاصة(‪ ،)2‬وكذلك رفقه وحلمه بعباده‪.‬‬

‫‪ )86‬احلي‪ :‬من أوصاف األةعنل اَّلختيارية اليت تقوم بمشيئته‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ )87‬ادلينن‪ :‬من أوصاف األةعنل‪.‬‬ ‫ًّ‬ ‫‪ )88‬املحسن‪" :‬من صفات اذلات‪ :‬إن اكن مشتقا من الفعل الَّلزم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫واألةعنل‪ :‬إن اكن من أحسن املتعدي"(‪.)3‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬ويه‪ :‬بالعلم‪ ،‬والسمع‪ ،‬واإلرادة‪.‬‬ ‫(‪ )3‬الرضواين (‪.)616‬‬

‫(‪ )2‬ويه‪ :‬باحلفظ‪ ،‬واتلأييد‪ ،‬وانلرصة‪.‬‬

‫‪288‬‬

‫‪‬‬

‫ر ر‬ ‫‪ )89‬ا ستر‪ :‬من الصفات الفعلي‪ ،‬اليت يفعلها مىت شاء سبحانه‪.‬‬ ‫‪ )90‬ا سيد‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ :،‬أن ل السؤدد‪ ،‬وـهو رشف اذلات‪،‬‬

‫وجَّللة الصفات‪ ،‬والفعلي‪ :،‬أنه الرب‪ ،‬واملول‪ ،‬واحلليم‪.‬‬ ‫‪ )91‬ا شنيف‪ :‬من الصفات الفعلي‪.،‬‬

‫‪ )92‬املعطي‪ :‬من الصفات الفعلي‪.،‬‬ ‫ر‬ ‫‪ )93‬الطيب‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ ،،‬والفعلي‪ :،‬أنه طيب اجلنة‬

‫ألويلائه‪ ،‬واستطابته تعاىل من الروائح(‪ ،)1‬وْع الصفات املنفي‪.،‬‬ ‫ر‬ ‫‪ )94‬املسعر‪ :‬من الصفات الفعلي‪.،‬‬ ‫نزه نفسه َّ‬ ‫‪ )95‬ا ُّس ُّبوح‪ :‬من أوصاف اذلاتي‪ ،‬والفعلي‪ :،‬أنه َّ‬ ‫وسبحها‬

‫عن وصف العباد ل‪ ،‬إَّل ما وصف به املرسلون ‪ ،‬وـهذا من الكمه‪ ،‬اذلي‬

‫ـهو صفة ةعلي‪ ،،‬و‪،‬اتي‪ ،،‬ويتضمن كذلك الصفات املنفي‪.،‬‬ ‫َ َ‬ ‫احلكم‪ :‬من صفات األةعنل‪.‬‬ ‫‪)96‬‬

‫‪ )97‬اجلواد‪" :‬من صفات اذلات‪ ،‬إن اكن تقدير معناه‪ :‬اتصاف الل‬

‫باحلسن اذلايت‪ ،‬والكمال اإلليه‪ ،‬ووصف ةعل‪ :‬إن اكن تقدير معناه‪:‬‬

‫اإلفاضة بانلعم"(‪.)2‬‬

‫‪ )98‬ا وتر‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ ،‬ومن الصفات املنفي‪.،‬‬ ‫‪ )99‬اإلهل‪ :‬من صفات اذلات‪ ،‬فهو املعبود حبق‪ ،‬للك موجود‪ْ ،‬ع‬

‫الوجوب‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )1‬كما ف احلديث >وخللوف ةم ا صنئم أطيب عند ا‬ ‫(‪ )2‬الرضواين (‪.)681‬‬

‫من ريح املسا< ابلخاري (‪ ،)5583‬ومسلم (‪.)1151‬‬

‫‪289‬‬

‫‪‬‬

‫الفهرس‬ ‫تقديم الشيخ شعيب األرنؤوط ‪5 .......‬‬

‫‪ 14‬ـ اجلميل ‪67 .............................‬‬

‫الطبطبايئ ‪7 ......................................‬‬

‫املقتدر ‪71 ........ ................................‬‬

‫تقديم الشيخ حاي احلاي ‪11..............‬‬

‫‪ 19‬ـ ‪20‬ـ الواحد‪ ،‬األحد ‪78............‬‬

‫‪15‬ـ ‪16‬ــ ‪17‬ــ القـادر‪ ،‬القـدير‪،‬‬

‫تقــديم ادلكتــور حممــد الســيد‬

‫‪ 18‬ـ العفو ‪74 ...............................‬‬

‫تقديم ادلكتور بسام الشطي ‪9 ............‬‬

‫‪ 21‬ـ القريب ‪82 ............................‬‬

‫تقديم ادلكتور عثمان اخلميس ‪13 .....‬‬

‫‪ 22‬ـ املجيب ‪83............................‬‬

‫املقدمة ‪15 ........ ................................‬‬

‫‪ 23‬ـ ‪ 24‬ـ ‪ 25‬ـ امللـك‪ ،‬املليـك‪،‬‬

‫املراد بإحصاء األسماء احلسىن ‪19 .....‬‬ ‫أنواع صفات َّ‬ ‫الر ِب ‪22 .....................‬‬

‫املالك ‪85 .......... ................................‬‬

‫وصية عزيزة ‪26 ................................‬‬

‫‪ 27‬ـ احلميد ‪93 ............................‬‬

‫‪ 26‬ـ الصمد ‪79 ............................‬‬

‫اسم الل األعظم ‪25 ..........................‬‬

‫‪ 28‬ـ املجيد ‪97 .............................‬‬

‫اسم اجلَّللة الل ‪27 ..........................‬‬ ‫‪ 1‬ـ َّ‬ ‫الرب ‪31 .....................................‬‬

‫‪ 29‬ـ الغن ‪100 ...............................‬‬ ‫‪ 30‬ـ احلكيم ‪103 ...........................‬‬

‫‪ 2‬ـ ‪ 3‬ـ الرْحن الرحيم ‪36 ................‬‬ ‫ّ‬ ‫الح ‪43 .....................................‬‬ ‫‪4‬ـ‬ ‫َ‬ ‫‪ 5‬ـ القيوم ‪44 ...................................‬‬

‫‪ 31‬ـ العظيم ‪107 ...........................‬‬

‫‪ 32‬ـ القوي ‪111 ............................‬‬

‫‪ 33‬ـ املتي ‪115 .............................‬‬ ‫‪ 34‬ـ َّ‬ ‫السميع ‪117 ...........................‬‬

‫‪ 6‬ـ ‪7‬ـ ‪ 8‬ـ العل األْع املتعال ‪47 .....‬‬

‫‪ 9‬ـ الكريم ‪51 ................................‬‬

‫‪ 35‬ـ ابلصي ‪120 .............................‬‬ ‫‪ 36‬ـ ‪ 37‬ـ القاـهر‪َّ ،‬‬ ‫القهار ‪122 ...........‬‬

‫‪ 10‬ـ الودود ‪56.................................‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ 11‬ـ ‪ 12‬ـ الغفور‪ ،‬الغفار ‪60 ...........‬‬

‫َّ‬ ‫‪ 38‬ـ الوـهاب ‪125 .............................‬‬

‫‪ 13‬ـ العزيز ‪63 .............................‬‬

‫‪290‬‬

‫‪‬‬ ‫الم ِ‬ ‫‪ 39‬ـ ه‬ ‫تكّب ‪128 ............................‬‬

‫‪ 65‬ـ ‪ 66‬ـ األول‪ ،‬اآلخر ‪200...........‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ 67‬ـ الظاـهر ‪202 ...........................‬‬

‫‪ 40‬ـ املؤمن ‪131 ...............................‬‬ ‫‪ 41‬ـ َ‬ ‫الّب ‪134 ...................................‬‬ ‫الول‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫الم مول ‪137 ..............‬‬ ‫‪ 42‬ـ ‪ 43‬ـ ِ‬ ‫‪ 44‬ـ َّ‬ ‫اجلب ه‬ ‫ار ‪139 ...............................‬‬ ‫‪ 45‬ـ َّ‬ ‫الرؤوف ‪142 .........................‬‬

‫‪ 68‬ـ ابلاطن ‪204 ...........................‬‬ ‫‪ 69‬ـ املهيمن ‪206 ..........................‬‬ ‫‪ 70‬ـ احلق ‪209 ...............................‬‬ ‫‪ 71‬ـ املبي ‪213..............................‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ 72‬ـ الفتاح ‪216 ..........................‬‬

‫‪ 46‬ـ َّ‬ ‫اتلواب ‪147 ..........................‬‬

‫‪ 73‬ـ اخلبي ‪220 ............................‬‬

‫‪ 47‬ـ ـ احلليم ‪151..........................‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ 48‬ـ الشهيد ‪154 ..........................‬‬ ‫‪ 49‬ـ ‪ 50‬ـ ّ‬ ‫الرزاق‪َّ ،‬‬ ‫الرازق ‪158 ..........‬‬

‫‪ 74‬ـ الوكيل ‪222............................‬‬ ‫‪ 75‬ـ ه‬ ‫الم ِقيت ‪224..........................‬‬

‫‪ 52‬ـ ‪ 53‬ـ اخلالق‪ ،‬اخلَّلق ‪164 .......‬‬

‫‪ 77‬ـ الرقيب ‪228 .........................‬‬

‫‪ 76‬ـ انلصي ‪226 ..........................‬‬

‫‪ 51‬ـ ـ القدوس ‪161 ........................‬‬

‫‪ 78‬ـ الوارث ‪231...........................‬‬

‫‪ 54‬ـ ابلارئ ‪168...........................‬‬ ‫ه‬ ‫الـم ِ‬ ‫صور ‪170.........................‬‬ ‫‪ 55‬ـ‬ ‫‪ 56‬ـ َّ‬ ‫السَّلم ‪173 ..........................‬‬

‫‪ 79‬ـ احلسيب ‪233 ........................‬‬

‫‪ 80‬ـ ‪ 81‬ـ القابض‪ ،‬ابلاسط ‪236 ....‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ 82‬ـ ‪ 83‬ـ املقدم املؤخر ‪240 ..........‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ 84‬ـ املنان ‪242.............................‬‬ ‫‪ 85‬ـ َّ‬ ‫الرفيق ‪246 ...........................‬‬

‫‪ 57‬ـ الواسع ‪176 ...........................‬‬

‫‪ 58‬ـ اللطيف ‪181 ........................‬‬ ‫‪ 59‬ـ الكبي ‪184 ...........................‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫‪ 60‬ـ ‪61‬ـ الشاكر‪ ،‬الشكور ‪187......‬‬

‫‪ 86‬ـ احلَي‬ ‫‪ 87‬ـ َّ‬ ‫ادليَّان ‪250 ............................‬‬ ‫ه م‬ ‫المح ِسن ‪252........................‬‬ ‫‪ 88‬ـ‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪ 89‬ـ الستي ‪255 ..........................‬‬ ‫‪248 ..........................‬‬

‫‪ 62‬ـ العليم ‪191............................‬‬

‫‪ 63‬ـ احلفيظ ‪195 .........................‬‬ ‫‪ 64‬ـ األكرم ‪198 ..........................‬‬

‫‪291‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ 90‬ـ السيِد ‪257 .............................‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ 91‬ـ الشاف ‪258............................‬‬ ‫هم‬ ‫المع ِطي ‪260 .........................‬‬ ‫‪ 92‬ـ‬ ‫‪ 93‬ـ َّ‬ ‫الط ِيب ‪263..........................‬‬

‫‪ 97‬ـ اجلواد ‪273 ...........................‬‬

‫‪ 99‬ـ اإلل ‪279 .................................‬‬

‫دَّللـــة األســـماء احلســـىن ْع‬

‫صفات الل العَّل ‪282 .......................‬‬

‫‪ 94‬ـ ـ ه‬ ‫الم َس ِعر ‪265 .......................‬‬

‫الفهرس ‪290 ..............................‬‬

‫‪ 95‬ـ السبوح ‪267 ........................‬‬ ‫َ‬ ‫‪ 96‬ـ احلَك هم ‪270 .........................‬‬ ‫**‬

‫**‬

‫‪292‬‬

‫**‬

‫‪‬‬

‫الفهرس األجبدي لألمساء احلسنى‬ ‫األكرم‪198 ..................................‬‬

‫احلكيم‪103 ..................................‬‬

‫األول ‪200.....................................‬‬

‫احلميد‪93 ....................................‬‬

‫اإلل ‪279 .....................................‬‬ ‫اآلخر ‪200.....................................‬‬

‫األْع‪47 .....................................‬‬

‫ابلارئ‪164 ..................................‬‬

‫ابلاسط ‪236 ................................‬‬ ‫ابلاطن‪204 ...................................‬‬ ‫الّب ‪134 ......................................‬‬

‫ابلصي‪120 ...................................‬‬

‫اتلواب‪147 ..................................‬‬ ‫اجلبار‪139 ...................................‬‬ ‫اجلميل‪67....................................‬‬

‫اجلواد‪273 ...................................‬‬

‫احلسيب‪233 ...............................‬‬ ‫احلفيظ‪195 .................................‬‬ ‫احلق‪209 ......................................‬‬ ‫احلكم‪270..................................‬‬

‫احلليم ‪151 ...................................‬‬ ‫الح‪43 .......................................‬‬

‫احلي‪248 ....................................‬‬ ‫اخلالق‪ ،‬اخلَّلق‪164 ......................‬‬

‫اخلبي‪220 ....................................‬‬

‫ادليان‪250 ....................................‬‬

‫الرب ‪31 ......................................‬‬

‫الرْحن الرحيم‪36.........................‬‬

‫الرزاق‪ ،‬الرازق ‪158 ......................‬‬ ‫الرفيق ‪246 ..................................‬‬

‫الرقيب‪228 .................................‬‬

‫الرؤوف ‪142 .................................‬‬ ‫السبوح ‪267 ................................‬‬ ‫الستي ‪255 ..................................‬‬

‫السَّلم ‪173 .................................‬‬ ‫السميع‪117 ..................................‬‬

‫‪293‬‬

‫‪‬‬ ‫السيد‪257 ...................................‬‬

‫القوي‪111 ....................................‬‬

‫الشاكر الشكور ‪187 ....................‬‬

‫الكبي ‪184 ..................................‬‬

‫الشاف ‪258 ..................................‬‬

‫الشهيد‪154..................................‬‬

‫الصمد‪79 ....................................‬‬ ‫الطيب ‪263 .................................‬‬ ‫الظاـهر ‪202 ..................................‬‬

‫العزيز ‪63....................................‬‬

‫العظيم ‪107 ..................................‬‬ ‫العفو‪74 ......................................‬‬

‫العل ‪47 ......................................‬‬

‫العليم ‪191 ...................................‬‬ ‫الغفور‪ ،‬الغفار‪60 .........................‬‬

‫الغن‪100 ......................................‬‬

‫الفتاح‪216 ..................................‬‬ ‫القابض‪ ،‬ابلاسط ‪236 ...................‬‬ ‫القادر‪ ،‬القدير‪ ،‬املقتدر ‪71 ............‬‬

‫القاـهر‪ ،‬القهار‪122 ........................‬‬

‫القدوس ‪161................................‬‬ ‫القريب ‪82 ..................................‬‬

‫القيوم ‪44 ....................................‬‬

‫الكريم ‪51....................................‬‬ ‫اللطيف‪181.................................‬‬ ‫الل‪27 .........................................‬‬

‫املبي‪213.....................................‬‬ ‫املتعال‪47 ....................................‬‬

‫املتكّب ‪128 .................................‬‬

‫املتي‪115 .....................................‬‬ ‫املجيب‪83...................................‬‬ ‫املجيد‪97 ....................................‬‬

‫املحسن‪252 ................................‬‬ ‫املسعر‪265 ..................................‬‬ ‫املصور‪170 ...................................‬‬

‫املعطي ‪260..................................‬‬ ‫املقدم‪ ،‬املؤخر‪240 .........................‬‬

‫املقيت‪224 ..................................‬‬ ‫امللك‪ ،‬املليك‪ ،‬املالك‪85 ...............‬‬

‫املنان‪242 ....................................‬‬

‫‪294‬‬

‫‪‬‬ ‫املهيمن‪206..................................‬‬

‫الواسع ‪176 ..................................‬‬

‫انلصي‪226 ..................................‬‬

‫الوكيل ‪222...................................‬‬

‫املؤمن ‪131...................................‬‬

‫الواحد‪ ،‬األحد‪78.........................‬‬

‫الوارث‪231 ..................................‬‬

‫الودود‪56 .....................................‬‬ ‫الول‪ ،‬املول‪137 ...........................‬‬

‫الوـهاب‪125 ..................................‬‬

‫‪295‬‬

Related Documents

Pdf
June 2020 43
Pdf
July 2020 31
Pdf
July 2020 33
Pdf
May 2020 55
_________.pdf
October 2019 74
Pdf
May 2020 61

More Documents from "Gabriela Coutinho"