Khaalid Radadee Sharh Of 4 Principles

  • November 2019
  • PDF

This document was uploaded by user and they confirmed that they have the permission to share it. If you are author or own the copyright of this book, please report to us by using this DMCA report form. Report DMCA


Overview

Download & View Khaalid Radadee Sharh Of 4 Principles as PDF for free.

More details

  • Words: 17,940
  • Pages: 94
‫التعليق‬ ‫الممتع‬ ‫على‬ ‫القواعد الربع‬ ‫لشيخ السلم المام الجدد‬

‫ممد بن عبد الوهاب‬ ‫(‪1115-1206‬هـ)‬ ‫ـ رحمه ال ـ‬

‫بقلم‬ ‫خالد بن قاسم الردادي‬

‫‪1‬‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬ ‫إن ال مد ل‪ ،‬نمده ون ستعينه‪ ،‬ون ستغفره‪ ،‬ونعوذ بال من شرور أنف سنا‪ ،‬و من‬ ‫سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده ال فل مضل له‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له‪ ،‬وأشهد أن‬ ‫ل إله إل ال وحده ل شريصك له‪ ،‬وأشهصد أن ممدا عبده ورسصوله‪ ،‬صصلى ال‬ ‫عليصه وعلى آله وأصصحابه ومصن تبعهصم بإحسصان إل يوم الديصن وسصلم تسصليما‬ ‫كثيا‪.‬‬ ‫أما بعد‪:‬‬ ‫فإنّ رسالة( القواعد الربع ) للمام الجدد ممد بن عبد الوهاب‪-‬رحه ال‪:-‬‬ ‫ر سالة قيّ مة عظي مة الفائدة تُعْنَى ب ص( التحذ ير ) من ( شَبَكَةِ الشّر كِ ) وتي يز‬ ‫السلم من الشرك‪.‬‬ ‫وفص هذه الرسصالة يؤكصد المام‪-‬رحهص ال‪-‬ماذكره وقعّده فص بعصض مؤلفاتصه‬ ‫الخرى من وجوب العناية بالتوحيد‪ ،‬وإفراد العبادة ل تعال وحده لشريك له‪،‬‬ ‫والذر من الشرك وأهله‪ ،‬وأنّ الشرك إذا خالط العبادة أفسدها‪...‬‬

‫‪2‬‬

‫و قد تي سر ل‪-‬ول ال مد‪-‬شرح هذه القوا عد عدة مرات‪ ،‬ف عدة منا سبات‪،‬‬ ‫كما قمت ‪-‬أيضا‪ -‬بالعناية بشرح شيخنا الدكتور صال الفوزان ‪-‬حفظه ال‪-‬‬ ‫وطباعته طبعةً لقت قبولً ورواجا والمد ل على توفيق وفضله‪.‬‬ ‫وله ية هذه الر سالة ‪-‬على صغر حجم ها‪-‬رأ يت أن ا با جة لز يد من العنا ية‬ ‫والشرح‪ ،‬فقمصت بكتابصة هذا الشرح بدرر أودعتهصا وبنكصت حررتاص‪ ،‬رافعصة‬ ‫لجابا‪ ،‬كاشفة لنقابا‪ ،‬مكملة لشواهدها‪ ،‬متممة لفوائدها‪ ،‬كافية ل ن اقتصر‬ ‫عليها‪ ،‬وافية ببغية من جنح من الطلب إليها‪.‬‬ ‫وال السئول أن ينفع با كما نفع بأصلها‪ ،‬وأن يذلل لنا طرق اليات وسبلها‪،‬‬ ‫إ نه جواد كر ي رؤوف رح يم‪ ،‬و ما توفي قي إل بال عل يه توكلت وإل يه أن يب‪،‬‬ ‫وهوحسب ونعم الوكيل‪.‬‬

‫وكتب‪:‬‬ ‫خالد بن قاسم الردادي‬ ‫أبوياسر‬ ‫الدينة النبوية‬ ‫‪26/12/1425‬هص‬

‫‪3‬‬

‫ترجة الؤلف‬ ‫ل قد تر جم للش يخ المام الجدد م مد بن ع بد الوهاب ‪-‬رح ه ال‪ -‬كث ي من‬ ‫العلماء والؤرخيص والدباء والكتاب وأصصحاب التراجصم‪..‬كثرة ل تقصع إل‬ ‫للعلم الجددين‪.‬‬ ‫اسه ونسبه‪:‬‬ ‫هوممد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن ممد بن أحد بن راشد بن‬ ‫بريد بن ممد بن بريد بن مشرف بن عمر من أوهبة بن تيم‪.‬‬ ‫مولده ونشأته العلمية‪:‬‬ ‫ولد الش يخ م مد بن ع بد الوهاب‪-‬رح ه ال‪ -‬سنة ألف ومائة وخ س عشرة (‬ ‫‪ 1115‬هص )‪ ،‬من هجرة الصطفى ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ ،-‬ف بلدة العيينة‬ ‫على الصحيح‪.‬‬ ‫تعلم القرآن وحف ظه عن ظ هر قلب ق بل بلو غه ع شر سني‪ ،‬وكان حاد الف هم‬ ‫وقّاد الذ هن ذكي القلب سريع ال فظ‪ ،‬قرأ على أبيه ف الف قه‪ ،‬وكان رح ه ال‬ ‫ف صغره كث ي الطال عة ف ك تب التف سي والد يث وكلم العلماء ف أ صل‬ ‫السلم‪ ،‬فشرح ال صدره ف معرفة التوحيد وتقيقه ومعرفة نواقضه الضلة عن‬ ‫طريقصه‪ ،‬وجدّ فص طلب العلم وأدرك وهوفص سن مبكرة حظا وافرا مصن العلم‪،‬‬

‫‪4‬‬

‫حت إن أباه كان يتعجب من فهمه ويقول‪ :‬لقد استفدت من ولدي ممد فوائد‬ ‫من الحكام‪.‬‬ ‫وهكذا نشأ الشيخ ممد بن عبد الوهاب نشأة علمية ؛ فأبوه القاضي كان يثه‬ ‫على طلب العلم ويرشده إل طريصق معرفتصه‪ ،‬ومكتبصة جده العلمصة القاضصي‬ ‫سليمان بن علي بأيديهم‪ ،‬وكان يالس بعض أقاربه من آل مشرف وغيهم من‬ ‫طلب العلم‪ ،‬وبيتهصم فص الغالب ملتقصى طلب العلم وخواص الفقهاء سصيما‬ ‫الوافديصن باعتباره بيصت القاضصي‪ ،‬ول بصد أن يتخلل اجتماعاتمص مناقشات‬ ‫ومباحث علمية يضرها الشيخ ممد بن عبد الوهاب‪.‬‬ ‫رحلة الشيخ وطلبه للعلم‪:‬‬ ‫تو جه الش يخ للرحلة ف طلب العلم ؛ للت سلح ب سلح ماض قا طع ؛ فإن إنكار‬ ‫الش يخ للمعتقدات الاطئة الشائ عة ف زم نه ب ي الناس جعل ته ف مواج هة مع‬ ‫علماء السوء وتلبيساتم وشبهاتم‪ ،‬وتأليب العامة عليه‪ ،‬وتتمهم إياه بالنراف‬ ‫والهصل‪ ،‬فكان كصل ذلك يزيصد من حرصصه على تصصيل العلم وإدراك القص ؛‬ ‫فل بد أن ير حل ف طلب العلم وتق يق ما شرح ال له صدره من حقي قة هذا‬ ‫الد ين الق يم على أيدي حل ته العدول‪ ،‬الذ ين لن تلومن هم الرض ولن ينق طع‬ ‫من هم زمان إل قيام ال ساعة‪ ...‬فلي حل إل مظان م ف أقطار البلد ال سلمية‪،‬‬ ‫ح يث إن م ل ي صرون ف مكان دون آ خر‪ ،‬ول زمان دون زمان؛ فإن للعلماء‬ ‫بقايا‪ ،‬وف الزوايا خبايا‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫فر حل الشيخ ‪-‬رح ه ال‪-‬إل م كة والدينة والب صرة غي مرة‪ ،‬طلبا للعلم‪ ..‬ول‬ ‫يتم كن من الرحلة إل الشام‪ ،‬ث ر جع إل ن د يدعو هم إل ت صحيح العقائد‬ ‫السائدة بعقيدة السلف الصال‪.‬‬ ‫شيوخه‪:‬‬ ‫سبق ذ كر أن الش يخ تل قى العلم ف نشأ ته العلم ية ف بلدة العيي نة على والده‬ ‫الشيخ ع بد الوهاب قاضي العيينة وعلى عمه الشيخ إبراهيم‪ ،‬وكذلك أخذ عن‬ ‫كثي من العلماء ف بلده‪ ،‬وف رحلته التعددة إل الجاز والبصرة والحساء‪،‬‬ ‫ومنهم‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬الشيخ عبد ال بن إبراهيم بن سيف‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫‪-‬الشيخ الحدث ممد حياة السندي(ت ‪1 1 6 5‬هص)‪.‬‬

‫‪- 3‬الشيخ ممد الجموعي البصري‪.‬‬ ‫‪- 4‬الشيخ السند‪ :‬عبدال بن سال البصري(ت ‪1134‬هص)‪.‬‬ ‫‪- 5‬الشيخ عبد اللطيف العَفالقي الحسائي‪.‬‬ ‫دعوة الشيخ وصبه وجهاده‪:‬‬ ‫قال ا بن ب شر‪-‬رح ه ال‪(( :-‬فل ما ت قق الش يخ معر فة التوح يد ونواق ضه‪ ،‬و ما‬ ‫كان و قع ف يه كث ي من الناس من هذه البدع الضلة؛ صار ين كر هذه الشياء‪،‬‬ ‫واسصتحسن الناس مصا يقول‪ ،‬لكصن ل ينهوا عمصا فعصل الاهلون‪ ،‬ول يزيلوا مصا‬ ‫أحدث البتدعون))‪.‬‬ ‫فبعد مضي سنوات على رحلة الشيخ ‪-‬رحه ال‪ -‬ف طلب العلم‪ ،‬عاد إل بلدة‬ ‫حريلء الت انتقل إليها والده بعد أن تعي عليها أمي جديد يلقب برفاش بن‬ ‫‪6‬‬

‫معمر والذي ل يرق له بقاء الشيخ عبد الوهاب ف القضاء‪ ،‬فعزله عنه‪ ،‬فغادرها‬ ‫الشيخ عبد الوهاب إل حريلء وتول قضاءها وأقام با‪ .‬فأقام الشيخ ممد بعد‬ ‫عود ته من رحل ته العلم ية ف حريلء مع أب يه يدرس عل يه ويدعوإل التوح يد‬ ‫ويبي بطلن دعوة غي ال (‪.)1‬‬ ‫لقصد ابتلي الشيصخ ‪-‬رحهص ال‪ -‬فصصب على البلء وثبصت حتص جاوز المتحان‬ ‫والبتلء‪ ،‬و ما ذلك إل تأي يد ال له بروح م نه وتقوي ته ليا نه‪ ،‬وأمثلة ذلك ف‬ ‫حياته كثية‪..‬‬ ‫ولنأخذ أنوذجا من أحوال الشيخ الت وقعت له ؛ ففي حالة إخراجه من العيينة‬ ‫طريدا منها كان سبب إخراجه ‪-‬رحه ال‪ -‬من العيينة هوأن ابن معمر خاف‬ ‫من حا كم الح ساء من أن يق طع عنه العونة‪ ،‬فأخرج الشيخ ‪-‬رح ه ال‪ -‬من‬ ‫العيي نة وتو جه إل الدرع ية‪ ،‬فكان ا بن مع مر م ن آ ثر الدن يا على الد ين وباع‬ ‫العاجل بالجل لا تعارض ف صدره أمر صاحب الحساء وأمر ال تعال‪.‬‬ ‫لقد افتقد الشيخ حينئذ كل حظ من حظوظه الدنيوية الباحة ؛ افتقد ثقة المي‬ ‫وثقة الناس من حوله به وبا يدعوإليه من عقيد السلف الصال‪ ،‬وافتقد السكن‬ ‫والكانة وجيع الظوظ النفسية والغايات الدنيوية ومشى وحيدا أعزل من أي‬ ‫سلح ليس بيده إل مروحة من خوص النخيل‪ ،‬بيد أنه كان على ثقة من ربه‪،‬‬ ‫وال قد قوي إيانه حت صغر ف ميزانه أمر صاحب الحساء وخذلن ابن معمر‬ ‫له وفراق الو طن والال وال هل والزو جة وال سكن و ما ب قي لد يه سوى إيا نه‬ ‫القوي ويقينصه ولزومصه لدعوة الناس إل عقيدة السصلف الصصال‪ ،‬وحسصن الظصن‬ ‫بال‪ ..‬لقد سار من العيينة إل الدرعية يشي راجلً ليس معه أحد ف غاية الر‬ ‫‪ )1(1‬انظر‪ :‬الدرر السنية (‪.) 12/5‬‬ ‫‪7‬‬

‫ف فصل الصيف ل يلتفت عن طريقه ويلهج بقوله تعال‪{ :‬وَمَنْ يَتّ قِ اللّ هَ يَجْعَلْ‬ ‫لَ هُ مَخْرَجا *وَيَرْزُقْ هُ مِ نْ حَيْ ثُ ل يَحْتَ سِبُ }[الطلق‪ ]3 ،2 :‬ويل هج ل سانه‬ ‫بالت سبيح وذ كر ال‪ ،‬فل ما و صل الدرع ية ق صد ب يت ا بن سويلم العري ن‪ ،‬فل ما‬ ‫د خل عل يه ؛ ضا قت عل يه داره وخاف على نف سه من الم ي م مد بن سعود‪،‬‬ ‫فوعظه الشيخ وأسكن جأشه وقال‪ :‬سيجعل ال لنا ولك فرجا ومرجا(‪.)1‬‬ ‫ث انتقل الشيخ إل دار تلميذ الشيخ ابن سويلم الشيخ أحد بن سويلم‪ ،‬وهناك‬ ‫بدأ التزاور ب ي خصائص أ هل العلم من الدرع ية ول ا علموا بثبات دعوة الشيخ‬ ‫وأنا على سبيل الرسول صلى ال عليه وسلم أرادوا أن يشيوا على ابن سعود‬ ‫بن صرته‪ ،‬فهابوه‪ ،‬فأتوا إل زوج ته مو ضي ب نت أ ب وهطان من آل كث ي وأخ يه‬ ‫ثنيان‪ ..‬وكانت الرأة ذات عقل ودين ومعرفة فأخبوها بكان الشيخ وصفة ما‬ ‫يأمر به وينهى عنه‪ ،‬فوقر ف قلوبما معرفة التوحيد وقف ال ف قلوبما مبة‬ ‫الشيخ(‪.)2‬‬ ‫د خل الم ي م مد بن سعود ‪-‬رح ه ال‪ -‬على زوج ته فأ خبته بكان الش يخ‬ ‫وقالت له‪ :‬هذا الرجل ساقه ال إليك وهوغنيمة فاغتم ما خصك ال به‪ ،‬فقبل‬ ‫قولا ث دخل على أخوه ثنيان وأخوه مشاري وأشاروا عليه مساعدته ونصرته‪..‬‬ ‫أراد أن يرسل إليه‪ ،‬فقالوا‪ :‬سر إليه برجلك ف مكانه وأظهر تعظيمه والحتفال‬ ‫به‪ ،‬ل عل الناس أن يكرموه ويعظموه‪ ،‬فذ هب م مد بن سعود إل مكان الش يخ‬ ‫‪ )1(1‬انظر‪ " :‬عنوان الجد" لبن بشر (‪.) 1/11‬‬ ‫‪" )2(2‬الروضة" لبن غنام (‪.) 1/3‬‬ ‫‪8‬‬

‫ور حب به وأبدى غا ية الكرام والتبج يل وأ خبه أ نه ين عه ب ا ي نع به ن ساءه‬ ‫وأولده‪ ..‬قال‪ :‬أب شر ببلد خ ي من بلدك وأب شر بالعزة والن عة‪ ،‬فقال الش يخ‪:‬‬ ‫وأنا أبشرك بالعزة والتمكي وهذه كلمة ل إليه إل ال من تسك با وعمل با‬ ‫ونصصرها ؛ ملك باص البلد والعباد‪ ،‬وهصي كلمصة التوحيصد وأول مصا دعصت إليصه‬ ‫الر سل من أولمص إل آخر هم وأ نت ترى ندا وأقطار ها أطب قت على الشرك‬ ‫والهصل والفرقصة وقتال بعضهصم بعصض ؛ فأرجوأن تكون إماما يتمصع عليصه‬ ‫السلمون وذريتك من بعدك (‪.)1‬‬ ‫وهكذا ت اللقاء التاريي بي الشيخ وأمي الدرعية الراشد ممد بن سعود؛ فقام‬ ‫بنصرته‪ ،‬ووف بعهده‪ ،‬وأت وعده؛ فأظهر ال عقيدة السلف الصال‪ ،‬ونصر ال‬ ‫أهلها‪ ،‬وتوفر الشيخ لنشرها‪ ،‬وتدريس العلوم النافعة‪ ،‬وتأليف الكتب الفيدة ف‬ ‫أصول السلم وفروعه على طريقة السلف الصال‪ ،‬وانطلقا من العقيدة السلفية‬ ‫السليمة‪.‬‬ ‫عقيدة الشيخ السلفية‪:‬‬ ‫أ ما عن عقيدة الش يخ ‪-‬رح ه ال‪ -‬ف هي عقيدة ال سلف ال صال من هذه ال مة‪،‬‬ ‫عقيدة أئمة الدى‪ :‬أب حنيفة والشافعي ومالك وأحد وابن عيينة والثوري وابن‬ ‫البارك والبخاري وم سلم وأ ب داود و سائر أ صحاب ال سنن وأ هل الف قه وال ثر‬ ‫‪-‬رحهم ال ‪.-‬‬

‫‪" )1(1‬عنوان الجد" (‪.)1/121‬‬ ‫‪9‬‬

‫قال ‪-‬رحه ال‪(( :-‬أشهد ال ومن حضرن من اللئكة‪ ،‬وأشهدكم أن اعتقد‬ ‫ما اعتقدته الفرقة الناجية‪ ،‬أهل السنة والماعة))(‪)2‬‬ ‫ويقول ف مو ضع آ خر‪ (( :‬ول ست ول ال مد أدعوإل مذ هب صوف أوفق يه‬ ‫أومتكلم أوإمام من الئ مة الذ ين أعظم هم م ثل ا بن الق يم والذ هب وا بن كث ي‬ ‫وغي هم‪ ..‬بل أدعوإل ال وحده ل شر يك له وأدعوإل سنة ر سوله صلى ال‬ ‫عليه وسلم الت أوصى با أول أمته وآخرهم وأرجوأن ل أرد الق إذا أتان بل‬ ‫أش هد ال وملئك ته وج يع خل قه إن أتا نا من كم كل مة من ال ق لقبل ها على‬ ‫الرأس والعي‪ ..‬ولضربن الدار بكل ما خالفها من أقوال أئمت‪ ،‬وحاشا رسول‬ ‫ال صلى ال عليه وسلم فإنه ل يقول إل الق))(‪.)2‬‬ ‫تلميذه‪:‬‬ ‫ل قد أ خذ عن الش يخ ‪-‬رح ه ال‪-‬العلم ج ع غف ي من الطلب‪ ،‬تولوا من بعده‬ ‫مهمة الدعوة ورعاية الدولة‪ ،‬ومنهم‪:‬‬ ‫‪- 1‬المام الجاهد‪ :‬عبدالعزيز بن ممد بن سعود(ت ‪1218‬هص)‪.‬‬ ‫‪- 2‬المي‪ :‬سعود بن عبد العزيز بن ممد(ت ‪1229‬هص)‪.‬‬ ‫‪- 3‬أناله‪ :‬الشيصصخ حسصصي(‪1224‬هصصص)‪ ،‬والشيصصخ علي(ت‬ ‫‪1245‬هصص)‪ ،‬والشيصخ عبصد ال(ت ‪1243‬هصص)‪ ،‬والشيصخ‬ ‫إبراهيم‪.‬‬ ‫‪- 4‬حفيده الشيخ عبد الرحن بن حسن‪ ،‬مؤلف"فتح الجيد"‪.‬‬ ‫‪")1(2‬مموعة الؤلفات"(‪.)5/8‬‬ ‫‪" )2(2‬مموعة الؤلفات"(‪.)5/252‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪- 5‬الشيخ حد بن ناصر بن مُعمّر(ت ‪1225‬هص)‪.‬‬ ‫‪- 6‬الشيخ حسي بن غنّام(ت ‪1225‬هص)‪.‬‬ ‫علم الشيخ وصفاته‪:‬‬ ‫(كان الشيخ ‪-‬رحه ال تعال‪ -‬علما من العلم‪ ،‬ناصرا للسنة وقامعا للبدعة‪،‬‬ ‫خصبيا مطلعا‪ ،‬إماما فص لتفسصي والديصث والفقصه وأصصوله‪ ،‬وعلوم اللة‬ ‫كالنحووالصصرف والبيان‪ ،‬عارفا بأصصول عقائد السصلم وفروعهصا‪ ،‬كشافا‬ ‫للمشكلت‪ ،‬حللً للمعضلت‪ ،‬فصيح اللسان‪ ،‬قوي الجة‪ ،‬مقتدرا على إبراز‬ ‫الدلة ووا ضح الباه ي بأبلغ عبارة وأبين ها ‪ -‬تلوح على مياه علمات ال صلح‬ ‫وحسن السي‪ ،‬وصفاء السريرة‪ ،‬ي ب العباد ويغدق عليهم من كرمه ويصلهم‬ ‫ببه وإحسانه‪ ،‬ويلص ل ف النصح والرشاد‪ ،‬كثي الشتغال بالذكر والعبادة‪،‬‬ ‫قلما يفتر لسانه من ذكر ال‪.‬‬ ‫وكان يعطي عطاء الواثق بربه‪ ،‬ويتحمل الدّين الكثي لضيوفه ومن يسأله‪ .‬وكان‬ ‫عليه أبة العظمة‪ ،‬تنظره الناس بعي الجلل والتعظيم مع كونه متصفا بالتواضع‬ ‫واللي‪ ،‬مع الغن والفقي‪ ،‬والشريف والوضيع‪.‬‬ ‫وكان يص طلبة العلم بالحبة الشديدة‪ ،‬وينفق عليهم من ماله‪ ،‬ويرشدهم على‬ ‫حسب استعدادهم‪.‬‬ ‫وكان يلس كل يوم‪ ،‬عدة مالس ليلقي دروسه ف متلف العلوم‪ ،‬من توحيد‪،‬‬ ‫وتفسي‪ ،‬وحديث‪ ،‬وفقه‪ ،‬وأُصول وسائر العلوم العربية‪.‬‬ ‫وكان عالا بدقائق التفسصي والديصث‪ ،‬وله البصة التا مة فص علله ورجاله‪ ،‬غ ي‬ ‫ملول ول كسول من التقرير والتحرير‪ ،‬والتأليف والتدريس‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫وكان صصبورا عاقلً‪ ،‬حليما‪ ،‬ل يسصتفزه الغضصب إل أن تنتهصك حرمصة الديصن‬ ‫أوتان شعائر السلمي‪ ،‬فحينئذ يناضل بسيفه ولسانه‪ ،‬معظما للعلماء‪ ،‬منوها با‬ ‫لم من الفضائل‪ ،‬آمرا بالعروف‪ ،‬ناهيا عن النكر‪ ،‬غي صبور على البدع‪ ،‬ينكر‬ ‫على فاعليهصا بليص ورفصق‪ ،‬متجنبا الشدة والغضصب والعنصف‪ ،‬إل أن تدعوإليصه‬ ‫الاجة‪.‬‬ ‫ول غروإذا اتصف الشيخ بتلك السجايا الميدة‪ ،‬والخلق الكرية‪ ،‬فقد ورث‬ ‫تلك عن آبائه وأ سلفه البرار‪ ،‬لن م كانوا معروف ي بالعلم والف ضل والز هد )‬ ‫(‪.)1‬‬ ‫مؤلفات الشيخ ورسائله‪:‬‬ ‫قام الشيخ ‪-‬رحه ال ‪ -‬بتأليف عدد من الكتب والرسائل الهمة‪ ،‬وقد امتازت‬ ‫مؤلفات الشيصخ ‪-‬رحهص ال‪ -‬بسصهولة العبارة‪ ،‬وتقريصب العنص بيسصر وسصهولة‪،‬‬ ‫وأدلته الت يوردها ف سائر مصنفاته كلها مأخوذة من القرآن والسنة‪ ،‬وامتازت‬ ‫أيضا بعنايته القصوى ببيان التوحيد وتقريره‪ ،‬وتقعيد عقيدة السلف ف توحيد‬ ‫العبادة‪.‬‬ ‫وهذه قائمة بأساء بعض مصنفاته‪- :‬‬ ‫‪ -1‬التوحيد‪ :‬وهوأشهر مؤلفاته‪ ،‬والسم الكامل للكتاب هو‪" :‬كتاب التوحيد‬ ‫الذي هوحق ال على العبيد"‪.‬‬ ‫‪ -2‬كشف الشبهات‪ :‬ويعتب تكملة لكتاب التوحيد‪.‬‬ ‫‪ -3‬الصول الثلثة‪ :‬وهي معرفة الرب‪ ،‬ومعرفة دين السلم‪ ،‬ومعرفة الرسول‪.‬‬ ‫‪")1(1‬الشيخ ممد بن عبد الوهاب"لبن حجر آل بوطامي(ص ‪.)20‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪ -4‬شروط ال صلة وأركان ا‪ :‬و ف هذه الر سالة شرح لشروط ال صلة و هي‪:‬‬ ‫ال سلم‪ ،‬والع قل‪ ،‬التم يز‪ ،‬ر فع الدث وإزالة النجا سة‪ ،‬و ستر العورة ودخول‬ ‫الوقت واستقبال القبلة‪ ،‬والنية‪ ،‬وبيان أركان الصلة وواجباتا‪.‬‬ ‫‪ -5‬القواعد الربع‪- :‬وهي رسالتنا هذه‪.-‬‬ ‫‪-6‬أصول اليان‪.‬‬ ‫‪-7‬ف ضل ال سلم‪ :‬و قد وضّح ف يه مفا سد البدع والشرك‪ ،‬ك ما وضّح شروط‬ ‫السلم‪.‬‬ ‫‪-8‬الكبائر‪ :‬ذكر فيه جيع أقسام الكبائر‪ ،‬مفصّلة ف أبواب‪.‬‬ ‫‪ -9‬نصيحة السلمي‪.‬‬ ‫‪ -10‬ستة موا ضع من ال سية‪ :‬و هي ر سالة مت صرة تو ضح ستة أحداث من‬ ‫السية النبوية‬ ‫‪ -11‬تفسي الفاتة‪.‬‬ ‫‪ -12‬م سائل الاهل ية‪ :‬وذ كر ف يه الش يخ مائة وإحدى وثلث ي م سألة خالف‬ ‫الرسول ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬فيها معتقدات أهل الاهلية‪.‬‬ ‫‪ -13‬تفسصي الشهادة‪ :‬وهوتفسصي لكلمصة (ل إله إل ال)‪ ،‬وذكصر فيهصا أهيصة‬ ‫التوحيد‪.‬‬ ‫‪ -14‬تف سي لب عض سور القرآن‪ :‬و هي ممو عة لب عض تعليقات الش يخ على‬ ‫آيات و سور متل فة من القرآن و قد ا ستنبط عشرات ال سائل من آ ية واحدة‪،‬‬ ‫وهذه هي أهم مزاياها‪.‬‬ ‫‪-15‬مت صر سية الر سول‪ :‬وهومل خص من كتاب ال سية ل بن هشام‪-‬رح ه‬ ‫ال‪ -‬مع اعتماده على مصادر أخرى من بينها كتب الديث‪.‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪-16‬متصر الدي النبوي‪ :‬وهوملخص لكتاب زاد العاد لبن القيم ‪-‬رحه ال‬ ‫(‪.)1‬‬‫و قد قا مت جام عة المام م مد بن سعود ال سلمية ‪-‬مشكورة مأجورة‪-‬ب مع‬ ‫مؤلفات الشيصخ المام وتقيقهصا والعنايصة باص فص كتاب واحصد حافصل مصن عدة‬ ‫ملدات هو‪:‬‬ ‫(مؤلفات الشيخ المام ممد بن عبد الوهاب)‪.‬‬ ‫وفاة الشيخ ‪-‬رحه ال‪:-‬‬ ‫فص عام سصت ومئتيص وألف مصن هجرة الصصطفى ‪-‬صصلى ال عليصه وسصلم‪( -‬‬ ‫‪ 1206‬هص ) توف الشيخ المام ممد بن عبد الوهاب ‪-‬رحه ال‪.-‬‬ ‫قال ا بن غنام‪(( :‬كان ابتداء الرض به ف شوال‪ ،‬ث كان وفا ته ف يوم الثن ي‬ ‫من آخر الشهر)) (‪.)2‬‬

‫‪ )1(1‬ان ظر أيضا حول مؤلفات الش يخ‪" :‬عقيدة الش يخ م مد بن ع بد الوهاب" للعبود (‪/1‬‬ ‫‪ ) 235 191‬وقد فصّل القول ف هذه الكتب‪ ،‬وتدث أيضا عن الكتب الت نسبت إل الشيخ‬ ‫مثصل كتاب "أحكام تنص الوت"‪ ،‬وكتاب "نصصيحة السصلمي بأحاديصث خاتص الرسصلي"‪ ،‬كذلك‬ ‫رسصالة"أوثصق عرى اليان"‪ ،‬و"ممصد بصن عبصد الوهاب مصصلح مظلوم مفترى عليصه" للندوي(ص‬ ‫‪.)144-135‬‬ ‫‪" )1(2‬روضة الفكار" (‪.) 2/154‬‬ ‫‪14‬‬

‫وكذا قال عبد الرحن بن قاسم (‪ ،) 1‬أما ابن بشر فيقول‪(( :‬كانت وفاته آخر‬ ‫ذي القعدة من السنة الذكورة ))(‪.)2‬‬ ‫وقول ابصن غنام أرجصح ؛ لتقدمصه فص الزمصن على ابصن بشصر ومعاصصرته للشيصخ‬ ‫وشهوده زمن وفاته وتدوينه لتاريه‪.‬‬ ‫وكان للشيصخ مصن العمصر نواثنتيص وتسصعي سصنة‪ ،‬وتوفص ول يلف دينارا ول‬ ‫درها‪ ،‬فلم يوزع بي ورثته مال ول يقسم (‪.)3‬‬ ‫وقد كتب ف رثائه قصائد كثية تنضح بالوفاء والب‪.‬‬ ‫مصادر ترجته‪:‬‬ ‫لنص رام الزيصد عصن حياة الشيصخ المام الجدد‪-‬رحهص ال‪-‬وسصيته النية‪ ،‬ينظصر‬ ‫الكتب التالية‪:‬‬ ‫‪"-1‬روضة الفكار والفهام "(‪)50-1/25‬لسي بن غنام‪.‬‬ ‫"عنوان الجد ف تاريخ ند"(‪)96-89 ،15-1/6‬لعثمان بن بشر‪.‬‬ ‫" مموعة الرسائل والسائل النجدية "( ‪.)3 8 9 - 3/3 7 8‬‬ ‫"الدرر السنية" جع عبد الرحن بن ممد بن قاسم (‪.)25-12/3‬‬ ‫"علماء ند خلل ستة قرون"(‪)1/25‬لعبدال بن عبد الرحن البسام‪.‬‬

‫‪" )2(1‬الدرر السنية" (‪.) 12/20‬‬ ‫‪" )3(2‬عنوان الجد" (‪.) 1/95‬‬ ‫‪" )4(3‬روضة الفكار" (‪.) 2/155‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪(_2‬م مد بن ع بد الوهاب )لح د بن ع بد الغفور عطار‪ ،‬و( داع ية التوح يد‬ ‫م مد بن عبد الوهاب )لعبد العزيز سيد الهل‪ ،‬و( سية المام م مد بن عبد‬ ‫الوهاب) لمي سعيد‪ ،‬و(الشيخ ممد بن عبد الوهاب )للشيخ أحد بن حجر‬ ‫آل بوطامي‪ ،‬و(ممد بن عبد الوهاب‪ ،‬دعوته وسيته)للشيخ عبدالعزيز بن باز‪،‬‬ ‫(الشيخ ممد بن عبد الوهاب حياته وفكره) للدكتور عبد ال الصال العثيمي‪،‬‬ ‫و(المام الشيخ ممد بن عبد الوهاب ف التاريخ) لعبد ال بن سعد الرويشد‪،‬‬ ‫و(الشيخ المام ممد بن عبد الوهاب حياته ودعوته) للدكتور عبد ال يوسف‬ ‫الشبصل‪ ،‬و(ممصد بصن عبصد الوهاب مصصلح مظلوم مفترى عليصه )لسصعود عال‬ ‫الندوي‪ ،‬و( دعوة المام ممد بن عبد الوهاب سلفية ل وهابية) لحد بن عبد‬ ‫العزيز الصي‪..‬‬ ‫‪ -3‬الرسائل الامعية وهي كثية ومنها‪:‬‬ ‫(عقيدة الشيخ ممد بن عبد الوهاب السلفية وأثرها ف العال السلمي) رسالة‬ ‫دكتوراه للدكتور صال بن عبد ال العبود‪ ،‬من قسم العقيدة بالامعة السلمية‬ ‫بالدينة النبوية‪ ،‬و(دعوة الشيخ ممد بن عبد الوهاب وأثرها ف العال السلمي)‬ ‫رسالة دكتوراه للدكتور أحد بن عطية الزهران من قسم العقيدة ف جامعة أم‬ ‫القرى‪( ،‬دعاوى الناوئ ي لدعوة الش يخ ممصد بن ع بد الوهاب عرض ون قد )‬ ‫للدكتورعبصد العزيصز بصن ممصد العبصد اللطيصف‪ ،‬رسصالة ماجسصتي‪ ،‬و(النرافات‬ ‫العقدية والعلمية ف القرني الثالث عشر والرابع عشر الجريي وآثارها ف حياة‬ ‫المة )للستاذ علي بن بيت الزهران‪ ،‬رسالة ماجستي‪..‬‬

‫‪16‬‬

‫قَالَ الُؤَلّفُ‪-‬رَحِمَهُ الُ‪:-‬‬ ‫بِسْمِ الِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫افتتح الؤلف ‪-‬رحه ال‪ -‬هذه الرسالة الباركة بالبسملة كسائر رسائل أهل‬ ‫العلم ومؤلفاتم‪ ،‬وذلك منه لعدة أمور‪:‬‬ ‫‪-1‬اقتداء بكتاب ال تعال؛ إِذْ هي أول آية فيه على قول بعض أهل العلم‪،‬‬ ‫حَيْ ثُ افتتح ال صحابة ‪-‬ر ضي ال عنهم‪-‬ال صحف العثمان ب ا وتلو ها وتَبِعَ هم‬ ‫جيعُ من كتب الصحف بعدهم ف جيع المصار (‪.)1‬‬ ‫‪-2‬واتباعا لدي النب‬

‫ف مكاتباته ومراسلته‪ ،‬ككتابته إِل هرقل عظيم‬

‫الروم ك ما جاء ذلك ف حد يث أ ب سفيان ‪-‬ر ضي ال ع نه‪ -‬ف أول صحيح‬ ‫البخاري (‪.)2‬‬

‫‪-3‬قال ا بن ح جر‪-‬رح ه ال‪" :-‬و قد ا ستقر ع مل الئ مة الْمُ صَنّفي على‬ ‫افتتاح كتب العلم بالبسملة‪ ،‬وكذا معظم كتب الرسائل"(‪.)3‬‬

‫‪)1(1‬انظصر"فتصح الباري"لبصن حجصر (‪" ،)1/8‬مموع الفتاوى"لبصن تيميصة(‪،)439 ،22/276‬‬ ‫"الغن"لبن قدامة(‪" ،)2/151‬الستذكار"لبن عبد الب(‪.)2/176‬‬ ‫‪)2(2‬أخرجه البخاري(‪ ،)7‬ومسلم(‪.)1773‬‬ ‫‪" )3(3‬فتح الباري"(‪.)1/9‬‬ ‫‪17‬‬

‫قوله‪( :‬بسم )‬ ‫جار ومرور‪ ،‬وه ا متعلقان بحذوف تقديره ف عل مؤ خر منا سب للمقام تقديره‬ ‫بسم ال أكتب أوأصنف‪.‬‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫وقدرناه فعلً لن الصل ف العمل الفعال‪ ،‬وقدرناه مؤخرا لفائدتي‪:‬‬ ‫الول‪ :‬التبك بالبداءة باسم ال سبحانه وتعال‪.‬‬ ‫الثانية‪ :‬إفادة الصر لن تقدي التعلق يفيد الصر‪.‬‬ ‫وقدرناه منا سبا ل نه أدل على الراد فلوقل نا مثلً عند ما نر يد أن نقرأ كتابا‬ ‫بسم ال نبتدئ‪ ،‬لكن بسم ال نقرأ يكون أدل على الراد الذي أبتدئ به‪.‬‬ ‫‪ .‬وال سم ف الل غة مش تق من (ال سّمُو)وهوالعلووالرتفاع (‪ ،)1‬وهوالل فظ‬ ‫الدال على مسمى وما كان لْمُسَمّى (‪.)2‬‬ ‫وحذ فت اللف من (ب سم ال) ف ال ط اخت صارا وتفي فا لكثرة ال ستعمال‪،‬‬ ‫والباء للمصاحبة أوالستعانة‪.‬‬ ‫‪" )1(1‬العي"للخليل(‪" ،)7/318‬تذيب اللغة"(‪" ،)13/117‬تفسي القرطب"(‪.)1/101‬‬ ‫‪")2(2‬بدائع الفوائد"ل بن الق يم(‪ ،)1/16‬وان ظر‪" :‬مموع الفتاوى"ل بن تيم ية(‪-207 ،6/192‬‬ ‫‪.)209‬‬ ‫‪18‬‬

‫قوله‪( :‬ال)‬ ‫مفوض على الضافصصصة‪ ،‬وهوعلم على الباري‪-‬جلّ وعل‪ ،-‬وهوأعرف‬ ‫العارف على الطلق‪ ،‬الامصع لعانص السصاء السصن‪ ،‬والصصفات العليصا‪ ،‬ولذا‬ ‫يضاف إليصه جيصع السصاء‪ ،‬فيقال مثلً‪ :‬الرحنص مصن أسصاء ال‪ ،‬وليضاف‬ ‫هوإلىشيء‪ ،‬وهومشتق من (أَلَهَ) (يأله)إذا عُبِد‪ ،‬ومنه قول رؤبة‪:‬‬ ‫لِلّهِ َد ّر الغانِياتِ ا ُلدّهِ‬

‫سَّبحْنَ وَاسْتَرْجَ ْعنَ مِنْ َتَألّهِي‬

‫‪.....................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫والتّأَلّه هو‪ :‬التعبّد‪ .‬فهوبعن مألوه أي‪ :‬معبود‪ ،‬فهودال على صفة له وهي‪:‬‬ ‫اللية‪.‬‬ ‫وأصله‪ :‬الله‪ :‬حذفت المزة وأدغمت اللم باللم‪ ،‬فقيل‪ :‬ال‪.‬‬ ‫ومعناه ذواللوهية والعبودية على خلقه أجعي‪.‬‬ ‫وقال بعض العلماء‪ :‬إنه اسم ال العظم ول يتسم به غيه‪ ،‬ولذلك ل يثن‬ ‫ول يمع‪ ،‬وهوأحد تأويلي قوله تعال‪﴿ :‬هَلْ تَعْلَ مُ لَ هُ سَمِيّا ﴾ [مري‪ :‬من الية‬ ‫‪]65‬أي‪ :‬من تسمى باسه الذي هوال (‪.)1‬‬ ‫و عن ع بد ال بن عباس‪-‬ر ضي ال عنه ما‪ -‬قال‪ " :‬ال ذواللوه ية والعبود ية على‬ ‫خلقه أجعي "(‪.)2‬‬ ‫‪ ")1(1‬تفسصي القرطصب "(‪" ،)1/102‬بدائع الفوائد"لبصن القيصم (‪)1/22‬و(‪" ،)2/249‬تيسصي‬ ‫العزيز الميد"(ص ‪" ،)29-28‬فتح الجيد"(‪.)73-1/71‬‬ ‫‪)2(2‬أخرجه الطبي ف"تفسيه"(‪.)1/54‬‬ ‫‪19‬‬

‫قوله‪( :‬الرحن) نعت ل تعال ول يثن ول يمع لنه ل يكون إل ل ‪ -‬جل وعزّ‪-‬‬ ‫وأدغمت اللم ف الراء لقربا منها وكثرة لم التعريف‪.‬‬ ‫و(الرحيم) نعت أيضا‪.‬‬

‫وقال ا بن هشام‪-‬رح ه ال‪(( :-‬الرح ن‪ :‬بدل ل ن عت‪ ،‬وأن الرح يم بعده‪:‬‬ ‫ن عت له‪ ،‬ل ن عت ل سم ال سبحانه وتعال‪ ،‬إذ ل يتقدم البدل على الن عت ))‬ ‫(‪.)1‬‬ ‫وتعقب ابن القيم ‪-‬رحه ال‪ -‬القائلي بذا فقال‪:‬‬ ‫‪.....................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫((قلت‪ :‬أساء الرب تعال هي أساء ونعوت فإنا دالة على صفات كماله‬ ‫فل تناف فيها بي العلمية والوصفية‪ ،‬فالرحن اسه تعال ووصفه ل تناف اسيته‬ ‫و صفيته ف من ح يث هو صفة جرى تاب عا على ا سم ال و من ح يث هوا سم‬ ‫ورد ف القرآن غي تابع بل ورود السم العلم‪.‬‬ ‫ولا كان هذا السم متصا به تعال حسن ميئه مفردا غي تابع كمجيء‬ ‫اسم ال كذلك وهذا ل يناف دللته على صفة الرحن كاسم ال تعال فإنه دال‬ ‫على صصفة اللوهيصة ول ييصء قصط تابعصا لغيه بصل متبوعصا وهذا بلف العليصم‬ ‫والقدير والسميع والبصي ونوها ولذا ل تيء هذه مفردة بل تابعة فتأمل هذه‬ ‫النكتة البديعة يظهر لك با أن الرحن اسم وصفة ل يناف أحدها الخر وجاء‬ ‫استعمال القرآن بالمرين جيعا ))(‪.)2‬‬ ‫‪" )3(1‬مغن اللبيب"(‪.)2/89‬‬ ‫‪")1(2‬بدائع الفوائد"(‪.)1/24‬‬ ‫‪20‬‬

‫الرح ن‪ :‬ذوالرح ة الوا سعة‪ ،‬لن (فعلن) ف الل غة العرب ية تدل على ال سعة‬ ‫والمتلء‪ ،‬كما يقال‪ :‬رجل غضبان‪ :‬إذا امتل غضبا‪.‬‬ ‫الرحيم‪ :‬اسم يدل على الفعل‪ ،‬لنه فعيل بعن فاعل فهودال على الفعل‪.‬‬ ‫فيجتمع من "الرحن الرحيم"‪ :‬أن رحة ال واسعة وأنا واصلة إل اللق‪ .‬وهذا‬ ‫هومصا أومصأ إليصه بعضهصم بقوله‪ :‬الرحنص رحةص عامصة‪ ،‬والرحيصم رحةص خاصصة‬ ‫بالؤمن ي‪ .‬وه ا ا سان ل يتضمنان صفة الرح ة‪ ،‬واخْتُلِ فَ ف التفر يق بينه ما‪،‬‬ ‫وأحسن ما قيل‪ :‬إن الرحن دالّ على الصفة القائمة بالذات‪ ،‬والرحيم دال على‬ ‫تعلّقها بالرحوم‪.‬‬

‫‪.....................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫فالرح ن ا سم من ال ساء الخت صة بال ‪-‬عزّ وجلّ‪ -‬وليطلق إلّ على ال‬ ‫تعالىلمطلقا ولمضافا‪ ،‬والرحن معناه‪ :‬التصف بالرحة الواسعة‪.‬‬ ‫والرحيم يطلق على ال ‪-‬عزّ وجلّ‪ -‬وعلى غيه‪ ،‬ومعناه ذوالرحة الواصلة‪،‬‬ ‫فالرحن ذوالرحة الواسعة‪ ،‬والرحيم ذوالرحة الواصلة فإذا جعا صار الراد‬ ‫بالرحيم الوصل رحته إل من يشاء من عباده كما قال ال تعال‪:‬‬ ‫﴿ يُعَذّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ ﴾ [العنكبوت‪.)1(]21 :‬‬

‫‪)1(1‬انظصر‪" :‬اعراب القرآن"للنحاس(‪" ،)168-1/167‬بصصائر ذوي التمييصز"للفيوز آبادي(‬ ‫‪" ،)3/53‬التبيان ف اعراب القرآن"للعكبي(‪" ،)4-1/3‬فتح الجيد"(‪" ،)1/77‬الشرح المتع"(‪.)1/3‬‬ ‫‪21‬‬

‫تنبيــه‪:‬‬ ‫دَرَجَ كثيٌ من أهل العلم عند شرحهم للبسملة وسبب البداءة با إيراد‪ :‬حديث‬ ‫أب هريرة ‪-‬رضي ال عنه‪-‬مرفوعا‪:‬‬ ‫((كُلّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ ل يُبْدَأُ فِيهِ ببسمِ الِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ‪ ،‬فَهُوأَقَْطَعٌ))‪.‬‬ ‫أخرجصه الطيصب البغدادي فص"الامصع لداب الراوي والسصامع"(‪،)2/128‬‬ ‫وابصن السصمعان فص"أدب الملء"(‪ ،)1/283‬وعبصد القادر الرّهَاوِي فص‬ ‫"الربعي"‪ ،‬والسبكي ف"طبقات الشافعية"(‪.)1/6‬‬ ‫بيد أنه حديث ضعيف وا هٍ‪ ،‬وبذلك جزم غي واحد من أئمة الديث‪ ،‬ومنهم‪:‬‬ ‫الافظ ابن حجر‪ ،‬والسخاوي‪ ،‬وآخرون (‪.)1‬‬ ‫أَ سْأَلُ الَ الكَرِيَ‪ ،‬رَبّ العَرْ شِ العَظِي مِ‪ :‬أَ نْ يَتَوَلّك ف الدّنيَا والخِرَةِ‪ .‬وأَ نْ‬ ‫يَجْعَلَ كَ مُبَارَكا أَيْنَمَا كَُنْ تَ‪ .‬وأَ نْ يَجْعَلَ كَ مِمّ ن إذا أُعْطِ يَ شَكَرَ‪ ،‬وإذا ابتُل يَ‬ ‫صَبَرَ‪ ،‬وإذا أَذْنَبَ اسْتَغْفَرَ‪ ،‬فَإنّ هَؤُلَاءِ الثّلَاثَ عُنْوَانُ السّعَادَةِ ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ابتدأ الؤلف ‪-‬رحهص ال‪ -‬بيص يدي رسصالته بذه الفاتةص‪ ،‬وقصد تضمنصت‬ ‫أمر ين‪ :‬أول ما‪ :‬دعاء ؛ ح يث د عا ‪-‬رح ه ال ‪ -‬كعاد ته ف كث ي من ر سائله؛‬ ‫َنص يُعَلّمصه‬ ‫يبتدؤهصا بدعاء لنص يقرأ هذه الرسصالة أوإل مصن وُجّهصت إليصه‪ ،‬ول ْ‬ ‫(( القواعد الربع )) بدعوات ثلث‪:‬‬

‫‪)2(1‬ان ظر‪" :‬ف تح الباري"ل بن ح جر(‪" ،)8/220‬ف يض القد ير"للمناوي(‪" ،)5/13‬الفتوحات‬ ‫الربانية"لبن علن(‪" ،)3/290‬إرواء الغليل"لللبان(‪.)1/29‬‬ ‫‪22‬‬

‫ الول‪ :‬هي‪ ( :‬أسأل ال الكري‪ ،‬رب العرش العظيم‪ :‬أن يتولك ف‬‫الدنيا والخرة )‪.‬‬ ‫والعن‪ :‬سؤال ال أن يكون نصيا وظهيا لك ف الدنيا والخرة‪ .‬وال هوولّ‬ ‫الؤمني الوحّدين‪ ،‬قال تعال‪ ﴿ :‬اللّهُ وَلِيّ الّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظّلُمَاتِ‬ ‫إِلَى النّورِ ﴾ [البقرة‪ :‬من الية ‪.]257‬‬ ‫قال ابن جرير ‪-‬رحه ال ‪ (( :-‬نصيهم وظهيهم‪ ،‬يتولهم بعونه وتوفيقه ))‬ ‫(‪.)1‬‬ ‫وقال البغوي ‪-‬رحه ال‪ (( :-‬قوله تعال‪ ﴿ :‬ال ول الذين آمنوا ﴾ ناصرهم‬ ‫ومعينهم‪ .‬وقيل‪ :‬مُحِبّهم‪ .‬وقيل‪ :‬متولّي أمورهم ل يَكِلُهُم إل غيه‪ .‬وقال‬ ‫السن‪ :‬ولّ هدايتهم )) (‪.)2‬‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫وعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ ‪-‬رَضِيَ الُ عَنْهُ‪ -‬مرفوعا‪...(( :‬اللّهُمّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا‪،‬‬ ‫وَزَكّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكّاهَا‪ ،‬أَنْتَ وَلِيّهَا وَمَوْلَاهَا …)) (‪.)3‬‬ ‫ والثانية هي‪ ( :‬وأن يَجْعَلَك مباركا أينما كن تَ ) أي‪ :‬يَجْعلك كثي‬‫النّفْع للخرين‪ ،‬و(البارك) مفعول بارك‪ ،‬من البكة‪ ،‬وهووصف لوجود البكة‬ ‫ف الشيء‪.‬‬ ‫‪")1(1‬تفسي الطبي"(‪.)3/21‬‬ ‫‪")2(2‬تفسي البغوي"(‪.)1/241‬‬ ‫‪)1(3‬أخرجه مسلم(‪.)2722‬‬ ‫‪23‬‬

‫قال ابن القيم ‪-‬رحه ال‪ (( :-‬حقيقة اللفظة‪ :‬أن ( البكة ) كثرة الي‬ ‫ودوامه )) (‪.)4‬‬ ‫والثالثة هي‪ ( :‬وأن يَجْعَلَك مِمّن إذا أُعْطي شكر‪ ،‬وإذا ابْتُلِي صب‪،‬‬‫وإذا أَذْنَب استغفر ) لن النعم تقابل بالمد والشكر‪ ،‬والبليا‬ ‫والصائب الواجب فيها الصب‪ ،‬والذنب والسيئة الفرض فيها التوبة‬ ‫والستغفار‪.‬‬ ‫والمر الثا ن‪ :‬قوله‪ ( :‬فإن هؤلء )وف نسخة‪ :‬هذه (الثلث عُنْوان ال سعادة )‬ ‫فيه أنّ عنوان السعادة لكل مسلم يعود إل أمور ثلثة‪:‬‬ ‫الول‪ :‬الشكر على العَطِيّة‪.‬‬ ‫والثان‪ :‬الصب على البتلء‪.‬‬ ‫والثالث‪ :‬الستغفار عند الوقوع ف الذنب‪.‬‬ ‫فإن العبد ل يَنْفكّ عن هذه الثلث‪ ،‬فسعادته بتقييدها بقيودها السابقة‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ‪-‬رحه ال ‪ (( :-‬ول يَنْفكّ عبد عنها أبدا – يعن‪ :‬النعمة والبَليّة‬

‫‪" )2(4‬بدائع الفوائد"(‪.)2/411‬‬ ‫‪24‬‬

‫‪........................................................................‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫والذنب ‪ ،-‬فإن العبد دائم التقلّب بي هذه الطباق الثلث )) (‪.)1‬‬ ‫وشكر النعمة مبن على أركان ثلثة‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ‪-‬رحه ال ‪ (( :-‬نِعَ مٌ من ال تعال تترادف عليه‪ :‬فَقَيْدُها‬ ‫( الشكصر )‪ ،‬وهومبنص على ثلثصة أركان‪ :‬العتراف باص باطنا‪ ،‬والتحدّث باص‬ ‫ظاهرا‪ ،‬وتصصريفها فص مرضاة وَليّهصا ومسصديها ومعطيهصا‪ .‬فإذا فعصل ذلك فقصد‬ ‫شكرها مع تقصيه ف شكرها )) (‪.)2‬‬ ‫والصب عند الصيبة له أركان ثلثة ‪-‬أيضا‪.-‬‬ ‫قال ابن القيم ‪ -‬رحه ال ‪ (( :-‬مِحَ نٌ من ال تعال يبتليه با‪ :‬ففرضه‬ ‫في ها ال صب والتّ سلّي‪ .‬وال صب‪ :‬ح بس الن فس عن التّ سخّط بالقدور‪ ،‬وح بس‬ ‫اللسـان عصن الشكوى‪ ،‬وحبـس الوارح عصن العصصية‪ ،‬كاللّطصم وشَق ّص الثياب‬ ‫ون تف الش عر ونوه‪ .‬فمدار ال صب على هذه الركان الثل ثة‪ ،‬فإذا قام به الع بد‬ ‫كما ينبغي انقلبتْ الِحْنَة ف حقّه مِنْحة‪ ،‬واستحالتْ البليّة عطية‪ ،‬وصار الكروه‬ ‫مبوبا )) (‪.)3‬‬ ‫والستغفار والتوبة له حقيقة وشرائط‪:‬‬ ‫‪" )1(1‬الوابل الصيب"(ص ‪.)6‬‬ ‫‪ )2(2‬الصدر السابق‪.‬‬ ‫‪ )3(3‬السابق‪.‬‬ ‫‪25‬‬

‫(( فحقيقة التوبة‪ :‬هي الندم على ما سلف منه ف الاضي‪ ،‬والقلع عنه ف‬ ‫الال‪ ،‬والعزم على أن ل يعاوده ف الستقبل‪ .‬والثلثة تتمع ف الوقت الذي‬ ‫تقع فيه التوبة‪ ،‬فإنه ف ذلك الوقت‪ :‬يندم ويقلع ويعزم‪ .‬فحينئذ يرجع إل‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫العبودية الت خلق لا‪ ،‬وهذا الرجوع هوحقيقة التوبة‪ .‬ولا كان مُتوقّفا على‬ ‫تلك الثلثة جُعلت شرائط له ))(‪.)1‬‬ ‫وعلى كلّ فهذه الثلث‪ ،‬مِن شكر وصب واستغفار‪ :‬فيها توجّه ل‪ ،‬وسَكَنٌ إليه‪،‬‬ ‫وعبودية ؛ لذا سَعِدَ ووفق مَن تَعَلّق با واستمسك‪.‬‬

‫‪")1(1‬مدارج السالكي"(‪.)1/182‬‬ ‫‪26‬‬

‫اِعْلَم أَرْشَدَكَ الُ لِطَاعَتِهِ‪ :‬أَنّ الْحَنِيفِيَةَ مِلّةَ إِبْرَاهِيمَ‪ :‬أَنْ تَعْبُدَ الَ وَحْدَهَ‬ ‫مُخْلِصا لَهُ الدّيْن‪ ،‬كَمَا قَالَ تَعَالَى‪﴿ :‬وَمَا خَلَقْتُ الْجِنّ وَالْأِنْسَ إِلّا لِيَعْبُدُونِ﴾‬ ‫[الذريات‪.]56 :‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫قوله‪ ( :‬اعلم ) فعل أمر من‪ :‬العلم‪ .‬والعلم يُعرّف بأنه‪ :‬إدراك الشيء على ما‬ ‫هوعليه ادراكا جازما‪ .‬وفيه تعاريف أُخَر‪.‬‬ ‫والعلم ينقسم إل قسمي‪ :‬ضروري ونظري‪.‬‬ ‫فالضروري ما يكون إدراك العلوم فيه ضروريا بيث يضطر إليه من غي نظر‬ ‫ول استدلل كالعلم بأن النار حارة مثلً‪.‬‬ ‫والنظري ما يتاج إل نظر واستدلل كالعلم بوجوب النية ف الوضوء‪.‬‬ ‫والعلم إذا أطلق ف نصوص الشرع فالراد به العلم الشرعي‪.‬‬ ‫قال ابن حجر‪-‬رحه ال‪ (( :-‬والراد بالعلم‪ :‬العلم الشرعي‪ ،‬الذي يفيد معرفة‬ ‫مايب على الكلف من أمر دينه ف عباداته ومعاملته‪ ،‬والعلم بال وصفاته وما‬ ‫يب له من القيام بأمره وتنيهه عن النقائص؛ومدار ذلك على التفسي والديث‬ ‫والفقه ))(‪.)1‬‬ ‫والقصود تَنْبيه الُتَعَلّم إل ما بَعْدَ ( اعلم ) من علوم مُهمّة‪ ،‬وهو‪( :‬التوحيد)‪.‬‬ ‫قال ابن تيمية ‪-‬رحه ال ‪ (( :-‬فَبِالتّوْحِيدِ يَقْوَى الْعَبْدُ وَيَسْتَغْنِي وَمَنْ سَرّهُ أَنْ‬ ‫يَكُونَ أَقْوَى النّاسِ فَلْيَتَوَكّلْ عَلَى اللّهِ وبالستغفار يَغْفِرُ لَهُ وَيَدْفَعُ عَنْهُ عَذَابَهُ ﴿‬ ‫وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ فَلَا يَزُولُ فَقْرُ الْعَبْدِ وَفَاقَتُهُ إلّا‬ ‫‪")1(1‬فتح الباري"(‪.)1/8‬‬ ‫‪27‬‬

‫بِالتّوْحِيدِ ; فَإِنّهُ لَا بُدّ لَهُ مِنْهُ وَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ لَمْ يَزَلْ فَقِيًا مُحْتَاجًا مُعَذّبًا فِي‬ ‫طَلَبِ مَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ‪ .‬وَاَللّهُ تَعَالَى‪ ﴿ :‬لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ﴾‪ .‬إذَا حَصَلَ‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫مَعَ التّوْحِيدِ الِاسْتِغْفَارُ حَصَلَ لَهُ غِنَاهُ وَسَعَادَتُهُ وَزَالَ عَنْهُ مَا يُعَذّبُهُ وَلَا حَوْلَ وَلَا‬ ‫قُوّةَ إلّا بِاَللّهِ ))(‪.)1‬‬ ‫قوله‪ ( :‬أرشدك ال لطاعتـه )دعاء للمُتَعَلّم بأن يَهْديصه ال إل طاعتصه‬ ‫سبحانه ويوفقه لسلوك سبيلها‪.‬‬ ‫والرشد‪ :‬الستقامة على طريق الق‪ ،‬وهوضد الغي‪.‬‬ ‫و(الطاعة )‪ :‬موافقة أمر الشرع بفعل الأمور وترك الحظور‪.‬‬ ‫وف دعاء الؤلف ‪-‬رحه ال ‪ -‬للمُتَعلّم دللة على شَفَقَتِه عليه‪ ،‬ونُصْحِه له‪.‬‬ ‫وهوأدب رفيع ف التعليم أكثر الؤلف ‪-‬رحه ال‪ -‬منه ف كتبه ورسائله‪ ،‬وهذا‬ ‫من حسن عنايته ونصحه للمة‪.‬‬ ‫قوله‪ ( :‬أن النيف ية ملة إبراه يم ) النيف ية مُشْتَقّ ة من‪ :‬الَنَف‪ ،‬وهو ف‬ ‫اللغة بعن‪ :‬الَيَل‪ ،‬والنيف‪ :‬هوالائل‪.‬‬ ‫قال ابصن فارس ‪-‬رحهص ال ‪(( :-‬الاء والنون والفاء أصصلٌ مسصتقيم‪،‬‬ ‫وهوالَيَل‪ ....‬والنيف‪ :‬الائل إل الدين الستقيم‪ .‬قال ال تعال‪﴿ :‬وَلكِ نْ كا نَ‬ ‫حَنِيفا مُ سْلِما﴾ [آل عمران ‪ ،]67‬وال صل هذا‪ ،‬ت يُتّ سع ف تف سيه فيقال‪:‬‬

‫‪" )1(1‬مموع الفتاوى"(‪.)56-1/55‬‬ ‫‪28‬‬

‫النيصف النّاسصك‪ ،‬ويقال‪ :‬هوالختون‪ ،‬ويقال‪ :‬هوالسصتقيم الطريقصة‪ .‬ويقال‬ ‫هويتحنّف‪ ،‬أي يتحرّى أقومَ الطرِيق)) (‪.)1‬‬ ‫وهوهنا‪ :‬مَيْل عن الضلل إل الستقامة‪ ،‬والنيف هوالائل إل ذلك‪ ،‬ومنه قوله‬ ‫تعال‪ { :‬قانتا ل حنيفا}‪ ،‬وقوله‪{ :‬حنيفا مسلما}‪.‬‬ ‫‪.....................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫و(النيف ية ) يُقْ صد ب ا‪ :‬مِلّة إبراه يم عل يه ال سلم‪ ،‬و هي اللة الائلة عن‬ ‫الشرك‪ ،‬البينة على الخلص ل ‪-‬عزّ وجلّ‪.-‬‬ ‫و( اللة ) هصي‪ :‬الدّي ْن‪ ،‬وهصي اسصم لكصل ماشرعصه ال تعال لعباده على‬ ‫ألسنة أنبيائه عليهم الصلة والسلم‪ .‬وبي ( اللة ) و(الدين ) فروق منها‪:‬‬ ‫صَد‬ ‫(( أن (اللة ) ل تُضَاف إل إل النصب عل يه الصصلة والسصلم الذي تُس ْن‬ ‫إليصه‪ ،‬نوص‪ ﴿ :‬فاتبعوا مِلّة إبراهيصم ﴾‪﴿ ،‬واتبعصت ملة آبائي ﴾ول تكاد توجصد‬ ‫مضافة إل ال‪ ،‬ول إل آحاد أُمّة النب ‪ ،‬ول تُسْتَعْمَل إل ف حلة الشرائع دون‬ ‫آحادها‪ ،‬ل يقال‪ :‬مِلّة ال‪ ،‬ول يقال‪ :‬مِلّت ومِلّة زيد‪ ،‬كما يقال‪ :‬دين ال ودين‬ ‫زيد‪ ،‬ول يقال‪ :‬الصلة مِلّة ال))(‪.)2‬‬ ‫وملة إبراهيم ‪-‬عليه السلم‪ -‬خي اللل‪ ،‬يقول تعال‪ ﴿ :‬ومن يرغب عن ملة‬ ‫إبراهيم إل من سَفِه نفسه ولقد اصطفيناه ف الدنيا وإنه ف الخرة لن الصالي‬ ‫﴾‪.‬‬ ‫‪")2(1‬معجم مقاييس اللغة"(‪.)2/87‬‬ ‫‪")1(2‬الفردات فص غريصب القرآن"للصصفهان(ص ‪ ،)472-471‬وانظصر‪" :‬التعريفات"(ص‬ ‫‪.)141‬‬ ‫‪29‬‬

‫قوله‪ ( :‬أن تعبد ال وحده ملصا له الدين ) خب "أن" ف قول "أن النيفية"‪.‬‬ ‫و(العِبَادَةُ ) ف اللغة‪ :‬الذّلُ والُضُوعُ ؛يقال‪ :‬طريق مُعَبّد‪ :‬إذا كان مُذَلّل بوَطْئِ‬ ‫القدام‪ ،‬ويقال‪ :‬عَبَدَ الَ عِبَادَةً‪ ،‬وعُبُوديّةً‪ :‬انقاد له‪ ،‬وخَضَعَ‪ ،‬وذَلّ(‪.)1‬‬ ‫والعبادة بفهومها العام هي‪( :‬التذلل ل مبة وتعظيما بفعل أوامره واجتناب‬ ‫نواهيه على الوجه الذي جاءت به شرائعه)‪.‬‬ ‫‪.....................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أما الفهوم الاص للعبادة ؛ هو‪(( :‬اسم جامع لكل ما يُحِبّه ال ويرضاه‬ ‫من القوال الباطنة والظاهرة )) (‪.)2‬‬ ‫وأ ما أ هل البدع فإن م يعرفون العبادة ب ص‪( :‬الذل والضوع لوا مر اللّه‬ ‫القدرية الكونية)‪ .‬وهذا ل يكفي ويلزم منه أن الكافر عابد ل تعال ؛ لن كل‬ ‫إنسان خاضع لوامر اللّه القدرية‪.‬‬ ‫وبذا العتبار حتص الشيطان يكون خاضعا لوامصر اللّه القدريصة‪ ،‬وهذا‬ ‫تعريف باطل‪ ،‬والصحيح أن العبادة هي‪( :‬الذل والضوع لوامر اللّه الشرعية)‪،‬‬ ‫هذا تعريف العبادة الطلوبة من الناس‪ ،‬مع أننا ل ننكر أن الضوع لوامر اللّه‬ ‫القدرية‪ ،‬هوعبودية ل ولكنها عبودية إلزامية‪ ،‬يضع لا كل شيء‪.‬‬ ‫ومصن أمثلة العبادة‪ :‬الصصلة‪ ،‬والزكاة‪ ،‬والجص‪ ،‬والوف‪ ،‬والتوكصل‪،‬‬ ‫وال ستعانة‪ ،‬ال ستغاثة‪ ،‬وال مر بالعروف والن هي عن الن كر‪...‬وغ ي ذلك من‬ ‫شرائع السلم‪.‬‬ ‫‪)2(1‬انظر‪" :‬أساس البلغة"للزمشري(ص ‪" ،)406‬العجم الوسيط"(ص ‪.)579‬‬ ‫‪")1(2‬العبودية"(ص ‪.)38‬وانظر"الجموع الثمي من فتاوى ابن عثيمي"(‪.)2/25‬‬ ‫‪30‬‬

‫والعبادة أقسام‪ :‬عبادة قوليه‪ ،‬وعبادة اعتقادية‪ ،‬وعبادة فعلية‪...‬‬ ‫فالعتقادية‪ :‬أن تعتقد ما أمرك السلم أن تعتقده بأن ال هوالالق‪ ،‬وأنه الدبر‪،‬‬ ‫وأنصه الرازق‪ ،‬وأنصه على العرش اسصتوى‪ ،‬وأنصه ليصس كمثله شيصء وهوالسصميع‬ ‫البصي‪...‬‬ ‫والفعل ية‪ :‬كأن ت ج‪ ،‬وأن ت صلي‪ ،‬وأن تت صدق‪ ،‬وأن ت شي ف طا عة ال‪ ،‬وأن‬ ‫ترج ف سبيل عز وجل ال ماهدا‪ ،‬أوداعي ًة ونوهذا‪.‬‬

‫‪31‬‬

‫‪.....................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫والقولية‪ :‬كقراءة القرآن‪ ،‬وكذكر ال‪ ،‬وأذكار الصباح والساء‪..‬ونوذلك‪.‬‬ ‫وهذه كلها من العبادات‪.‬‬ ‫وقوله‪-‬رحه ال‪ ( :-‬وحده ملصا لَهُ الدّيْن) وف نسخة زيادة‪( :‬وبذلك‬ ‫أمر ال جيع النّاس وخلقهم لا)لن العبادة من حيث كونا عبادة نوعان‪:‬‬ ‫الول‪ :‬عبادة خالصة ل تعال‪ ،‬وهي العبادة الأمور با ف الشرع‪.‬‬ ‫قال ابن عباس ‪-‬رضي ال عنهما ‪ (( :-‬كل ما ورد ف القرآن من العبادة‪:‬‬ ‫فمعناه التوحيد)) (‪.)1‬‬ ‫وقال ابن تيمية ‪-‬رحه ال ‪ (( :-‬وال سبحانه وتعال أمر أل يُعْبد إل إيّاه‪،‬‬ ‫وأن ل يكون الدين إل له )) (‪.)2‬‬ ‫والثان‪ :‬عبادة شركية ؛ لنا غي خالصة ل‪ ،‬و سُمّيت (عبادة) لنا جعت‬ ‫بي كمال الب وكمال الذل‪ ،‬وإن كان لغي ال‪.‬‬ ‫قال ابن كثي ‪-‬رحه ال ‪ (( :-‬العبادة ف الشرع‪ :‬عبارة عَمّا يَجْمع كمال‬ ‫الحبة والضوع والوف )) (‪.)3‬‬ ‫ولذا قيّدص الؤلف ‪-‬رحهص ال‪ ( -‬العبادة ) بأن تكون خالصصة ل تعال وحده‬ ‫لشريك له‪.‬‬ ‫‪)1(1‬ذكره البغوي ف"تفسيه"(‪.)1/55‬‬ ‫‪")2(2‬مموع الفتاوى"(‪.)14/329‬‬ ‫‪" )3(3‬تفسي ابن كثي"(‪.)1/26‬‬ ‫‪32‬‬

‫والخلص‪ :‬هوأن يقصصد العبصد بعمله رضصا ربصه وثوابصه‪ ،‬ل غرضا مصن‬ ‫رئاسة أوجاه أوشيء من حطام الدنيا ومتاعها‪.‬‬ ‫‪.....................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫وهو‪ (( :‬تصفية العمل من كل شائبة‪ ،‬بيث ل يازج هذا العمل شيء‬ ‫من الشوائب ف الرادات‪ ،‬وأع ن بذلك إرادات الن فس‪ ،‬إ ما بطلب التز ين ف‬ ‫قلوب اللق‪ ،‬وإمصا بطلب مدحهصم‪ ،‬والرب مصن ذمهصم‪ ،‬أوبطلب تعظيمهصم‪،‬‬ ‫أوبطلب أموالم‪ ،‬أوخدمتهم‪ ،‬أومبتهم‪ ،‬أوأن يقضوا له حوائجه‪ ،‬أوغي ذلك‬ ‫من العلل والشوائب والرادات السيئة الت تتمع على شيء واحد‪ ،‬وهو‪ :‬إرادة‬ ‫مصا سصوى ال عصز وجصل بذا العمصل‪ ،‬وعليصه‪ :‬فالخلص هوتوحيصد الرادة‬ ‫والق صد‪ ،‬أن تفرد ال عز و جل بق صدك وإراد تك فل تلت فت إل ش يء مع ال‬ ‫تبارك وتعال ))‬

‫(‪.)1‬‬

‫قال ا بن الق يم ‪-‬رح ه ال‪(( :-‬الع مل بغ ي إخلص ول إقتداء كال سافر‬ ‫يل جرابصه رملً ينقله ول ينفعصه‪ ،‬فهوليصس له مصن هذا الراب وهذا المصل إل‬ ‫التعب‪ ،‬فمن حل التراب على ظهره‪ ،‬فإن ذلك ل ينفعه؛ لنه ل نفع فيه))(‪.)2‬‬ ‫قوله‪ ( :‬ك ما قال تعال‪﴿ :‬وَمَا خَلَقْ تُ الْجِنّ والِن سَ إِلّ لِيَعْبُدُو نِ ﴾)‬ ‫أي‪ :‬ما أوجد ال تعال الثقلي إلّ لكمة عظيمة جليلة وهي‪ :‬عبادة ال وحده‬ ‫لشر يك له‪ ،‬وترك عبادة ما سواه‪ ،‬وأفادت‪ :‬أن اللق ل يلقوا عبثا‪ ،‬ول يتركوا‬ ‫سدى‪.‬‬ ‫‪" )1(1‬مدارج السالكي"( )‬ ‫‪. 2/92‬‬ ‫‪")2(2‬الفوائد"(ص ‪.)49‬‬ ‫‪33‬‬

‫فقوله تعال‪﴿ :‬وَمَا خَلَقْتُ الْجِنّ والِن سَ إِلّ لِيَعْبُدُو نِ﴾ خب مستعمل ف‬ ‫التعر يض بالشرك ي الذ ين انرفوا عن الفطرة ال ت خُلقوا علي ها فخالفوا سنتها‬ ‫اتباعا لتضليل الضلي‪.‬‬ ‫‪.....................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫والستثناء مفرغ من علل مذوفة عامة على طريقة الستثناء الفرغ‪.‬‬ ‫واللم فص {لِيَعْبُدُونصِ} لم العلة‪ ،‬أي مصا خلقتهصم لعلة إل علة عبادتمص‬ ‫إياي‪ .‬والتقدير‪ :‬لِرادت أن يعبدون‪ ،‬ويدل على هذا التقدير قوله ف جلة البيان‪:‬‬ ‫﴿ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ﴾[الذريات‪.)1( ]57 :‬‬ ‫قال ابن كثي ‪-‬رحه ال ‪ (( :-‬معن الية‪ :‬أنه تبارك وتعال خلق العباد ليعبدوه‬ ‫وحده ل شريصك له‪ ،‬فمصن أطاعصه جازاه أتَمّ الزاء‪ ،‬ومصن عصصاه عَذّبصه أشصد‬ ‫العذاب ))‬

‫(‪. )2‬‬

‫وقال ا بن تيم ية ‪-‬رح ه ال ‪ (( :-‬إن ال خلق اللق لعباد ته الام عة لعرف ته‬ ‫والنا بة إل يه‪ ،‬ومب ته والخلص له‪ ،‬فبذكره تطمئن قلوب م‪ ،‬وبرؤي ته ف الخرة‬ ‫تَقَرّ عيونم‪ ،‬ول شيء يعطيهم ف الدنيا أعظم من اليان به‪ ،‬وحاجتهم إليه ف‬ ‫عبادتم إياه وتألهم كحاجتهم وأعظم ف خلقه لم وربوبيته إياهم‪ ،‬فإن ذلك‬ ‫هوالغاية القصودة لم‪ ،‬وبذلك يصيون عاملي متحركي‪ ،‬ول صلح لم ول‬ ‫فلح ول نعيم ول لذة‪ :‬بدون ذلك بال‪ ،‬بل من أعرض عن ذكر ربه‪:‬‬ ‫‪)1(1‬انظر"التحرير والتنوير"للطاهر ابن عاشور(‪.)/‬‬ ‫‪")2(2‬تفسي ابن كثي"(‪.)4/239‬‬ ‫‪34‬‬

‫﴿ فَإِنّ لَ هُ مَعِيشَةً ضَنْكا وَنَحْشُرُ هُ يَوْ مَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾[ط صه‪)) ]124 :‬‬ ‫(‪.)1‬‬ ‫فَإِذَا عَرَفْ تَ أَنّ الَ خَلَقَ كَ لِعِبَادَتِ هِ‪ :‬فَاعْلَ مْ أَنّ العِبَادَةَ ل تُ سَمّى عِبَادَةً إلَّ مَ عَ‬ ‫التّوحِيدِ‪ ،‬كَمَا أَنّ ال صّلَةَ ل تُ سَمّى صَلَاةً إلّ مَ عَ الطّهَارَةِ‪ ،‬فإذا دَخَلَ الشّر كُ‬

‫ف العِبَادَةِ فَسَدَتْ‪ ،‬كالَدَثِ إذَا دَخَلَ ف الطّهَارَةِ ‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫قوله‪ ( :‬فإذا عَرَفْتَ أن ال خَلَقَكَ لعبادته )‪ :‬جلة شَرْطيّة جوابا قوله‪:‬‬ ‫( فاعلم‪.)..‬‬ ‫قوله‪ ( :‬العبادة ل تُسَمّى عبادة إل مع التوحيد )‪ :‬التوحيد تَفْعِيل من‪:‬‬ ‫وَحّده توحيدا‪ ،‬إذا حكم بوحدانيّة الشيء‪ ،‬أي‪ :‬أنّ ذلك الشيء‪ :‬واحدٌ فَرْد‪.‬‬ ‫قال ابن فارس‪-‬رحه ال‪(( :-‬الواووالاء والدال‪ :‬أصلٌ واحد يدلّ على‬ ‫النفراد‪ .‬من ذلك الوَحْدَة‪ .‬وهووَاحدُ قبيلته‪ ،‬إذا ل يكنْ فيهم مثلُه‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫يا واحدَ العُرْبِ الذي *** ما ف النامِ لصه نَظِي‬ ‫ولقيتُ القَومَ مَوحَدَ مَوْحَدَ‪ .‬ولقيتُه وَحْدَه‪ .‬ول يُضاف إلّ ف قولم‪ :‬نَسيجُ‬ ‫وَحْدِه‪ ،... ،‬أي‪ :‬ل يُنسَج غيه لنفاسته‪ ،‬وهومَثَل‪ .‬والواحد‪ :‬النفرد‪ .‬وقول‬ ‫عبيد‪:‬‬ ‫والِ لومِتّ ما ضَرّن *** وما أنا إن عشت ف واحِدَه‬

‫‪ " )3(1‬مموع الفتاوى "(‪.)1/23‬‬ ‫‪35‬‬

‫يريد‪ :‬ما أنا إن عِشت ف خَلّة واحدة تدوم‪ ،‬لنه ل بدّ لكلّ شيءٍ من‬ ‫انقضاء)) (‪.)2‬‬

‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫قال الصفهان ‪-‬رحه ال‪ (( :-‬التوحيد على وزن التفعيل‪ ،‬وهومصدر‬ ‫وحّدتُه توحيدا‪ ،‬كما تقول‪ :‬كَلّمته تكليما …ومعن وحّدته‪ :‬جعلته منفردا‬ ‫عما يشاركه أويشبهه ف ذاته وصفاته‪ ،‬والتشديد فيه للمبالغة‪ ،‬أي‪ :‬بالغت ف‬ ‫وصفه بذلك … وتقول العرب‪ :‬واحد وأحد ووحد ووحيد‪ :‬أي‪ :‬مُنْفَرد‪ ،‬فال‬ ‫تعال واحد‪ ،‬أي‪ :‬منفرد عن النداد والشكال ف جيع الحوال )) (‪.)2‬‬ ‫والؤلف‪-‬رحه ال‪ -‬يعن بص(التوحيد ) هنا‪ :‬توحيد العبادة‪ ،‬وهوتوحيد‬ ‫اللوهية‪ ،‬بدليل أنه فسر التوحيد بالعبادة‪.‬‬ ‫فأراد الؤلف‪-‬رحه ال‪-‬نوعا من أنواع التوحيد ول يُرد كل التوحيد‪ ،‬بل‬ ‫أراد توحيد العبادة‪ ،‬وتوحيد اللوهية وأحيانا يسمى توحيد الرادة والطلب‬ ‫والقصد‪.‬‬ ‫وهوأعظم فريضة فرضها ال على العباد علما وعملً‪ ،‬ولجله أرسلت الرسل‬ ‫وأنزلت الكتب‪ ،‬وبه تكفر الذنوب‪ ،‬وتستوجب النة وينجى من النار‪.‬‬ ‫‪")2(2‬معجم مقاييس اللغة"(‪.)6/72‬‬ ‫‪ " )1(2‬الُجّة ف بيان الَحَجّة " ( ‪.)1/305‬‬ ‫‪36‬‬

‫قال ابن تيمية ‪-‬رحه ال‪ (( :-‬وذلك أن توحيد الرسل والؤمني هو‪ :‬عبادة‬ ‫ال وحده‪ ،‬فمن عَبَدَ ال وحده ل يُشْرِك به شيئا‪ :‬فقد وحّدَه‪ ،‬ومن عَبَدَ من‬ ‫دونه شيئا من الشياء فهومشرك به‪ ،‬ليس بُوَحّد ملص له الدين )) (‪.)3‬‬

‫‪ " )2(3‬نقض التأسيس " (‪.)1/478‬‬ ‫‪37‬‬

‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫وقال ‪-‬رحه ال ‪ (( :-‬أما التوحيد الذي ذكره ال ف كتابه‪ ،‬وأنزل به‬ ‫كتبه‪ ،‬وبعث به رسله‪ ،‬واتفق عليه السلمون من كل مِلّة‪ :‬فهوكما قال الئمة‪:‬‬ ‫شهادة أن ل إله إل ال‪ ،‬وهوعبادة ال وحده ل شريك له ))(‪.)1‬‬ ‫وقال ابن القيم‪-‬رحه ال‪ (( :-‬توحيد الرسل إثبات صفات الكمال ل على‬ ‫وجه التفصيل‪ ،‬وعبادته وحده ل شريك له‪ ،‬فل يعل له ندا ف قصد ول حب‬ ‫ول خوف ول رجاء ول لفظ ول حلف ول نذر؛ بل يرفع العبد النداد له من‬ ‫قلبه وقصده ولسانه وعبادته‪ ،‬كما أنا معدومة ف نفس المر ل وجود لا‬ ‫البتة‪ ،‬فل يعل لا وجودا ف قلبه ولسانه ))(‪.)2‬‬ ‫قوله‪ ( :‬كما أن الصلة ل تسمى صلة إل مع الطهارة ) أي‪ :‬أن‬ ‫الصلة ل تَ صِحّ إل مع الطهارة من الَدَث‪ ،‬لقوله تعال‪ ﴿ :‬يَا أَيّهَا الّذِي نَ آمَنُوا‬ ‫ْسصحُوا‬ ‫ِقص وَام َ‬ ‫ُمص إِلَى الْمَرَاف ِ‬ ‫ُمص وَأَيْدِيَك ْ‬ ‫ْسصلُوا وُجُوهَك ْ‬ ‫ُمص إِلَى الصصّلةِ فَاغ ِ‬ ‫إِذَا قُمْت ْ‬ ‫بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ﴾ [الائدة‪.]6 :‬‬ ‫قال ابن كثي ‪-‬رحه ال‪(( :-‬قال كثيون من السلف‪ :‬قوله‪ { :‬إذا قمتم‬ ‫إل الصلة } معناه‪ :‬وأنتم مُحْدِثون ))(‪.)3‬‬

‫‪ " )1(1‬التّسْعِيْنِيّة " (ص ‪.)208‬‬ ‫‪")2(2‬الروح"(ص ‪.)261‬‬ ‫‪" )3(3‬تفسي ابن كثي " (‪.)3/43‬‬ ‫‪38‬‬

‫‪.....................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ولقول النب ‪ (( :‬ل يَقْبل ال صلةَ أحدِكم إذا أحْدَث حت يَتَوَضّأ ))‬ ‫(‪.)1‬‬

‫وقصد انعقصد إجاع السصلمي على هذا‪ ،‬والمصر فيصه معلوم مصن الديصن‬ ‫بالضرورة(‪.)2‬‬ ‫قال ابن تيمية ‪-‬رح ه ال‪(( :-‬الطهارة وا جب للصلة بالكتاب والسنة‬ ‫والجاع‪ ،‬فرضها ونفلها)) (‪.)3‬‬ ‫ُسصتَحِلً لذلك‬ ‫صصلّى بغيص طهارة شرعيصة م ْ‬ ‫وقال ‪-‬رحهص ال‪ (( :-‬مصن َ‬ ‫ُسصتَحِق للعقوبصة‬ ‫َسصتَحِلّ ذلك فقصد اخْتُلِف فص كفره‪ ،‬وهوم ْ‬ ‫فهوكافصر‪ ،‬ولول ي ْ‬ ‫الغَلِيْظَة)) (‪.)4‬‬ ‫لدَث‬ ‫سدَتْ‪ ،‬كا َ‬ ‫قوله‪ ( :‬فإذا دخل الشرك ف العبادة) ف نسخة‪ :‬فيها( فَ َ‬ ‫إذا دخل ف الطهارة )‪.‬‬

‫‪ )1(1‬أخرجه البخاري (‪ )135‬ومسلم ( ‪.)225‬‬ ‫‪)2(2‬ان ظر‪ " :‬مموع الفتاوى " (‪" ،)23/169‬الجاع"ل بن النذر(ص ‪" ،)31‬الف صاح"ل بن‬ ‫هبية(‪" ،)1/78‬شر ح صحيح مسلم"للنووي(‪" ،)3/102‬تفة الحوذي"(‪.)1/21‬‬ ‫‪ " )3(3‬مموع الفتاوى " (‪ ،)21/268‬و"شرح العمدة" (‪.)4/145‬‬ ‫‪ " )4(4‬مموع الفتاوى "( ‪.)21/295‬‬ ‫‪39‬‬

‫( الشرك ) ف اللغة يَرْجع إل معنيي‪ ،‬قال ابن فارس ‪-‬رحه ال‪(( :-‬الشي‬ ‫والراء والكاف أصلنِ‪ ،‬أحدُها‪ :‬يدلّ على مقارنَة وخِلَ فِ انفراد‪ ،‬والخر يدلّ‬ ‫على امتدادٍ واستقامة‪.‬‬ ‫‪.....................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫فالول الشّرْكة‪ ،‬وهوأن يكون الشيءُ بي اثني ل ينفردُ به أحدها‪ .‬ويقال‬ ‫ْتص فلنا‪ ،‬إذا جعلتَه‬ ‫صصرْتَ شريكصه‪ .‬وأشرك ُ‬ ‫شاركتص فلنا فص الشيصء‪ ،‬إذا ِ‬ ‫ُ‬ ‫شريكا لك‪ .‬قال ال جلّ ثناؤ هُ ف قِ صّةِ مو سى‪ ﴿ :‬وَأَشْرِكْ هُ ف أَمْرِي ﴾ [ طه‬ ‫‪...]32‬‬ ‫وأمّا الصصل الخـر فالشرَك‪ :‬لَقَم الطّريصق‪ ،‬وهوشِرَاكُه أيضا‪ .‬وشِرَاك‬ ‫النّعْل مشبّه بذا‪ .‬ومنه شَرَكُ الصّائِدِ‪ ،‬سّي بذلك لمتداده)) (‪.)1‬‬ ‫وقال الزهري ‪-‬رحه ال‪(( :-‬الشرك بعن الشريك‪ ،‬وهوبعن النصيب‪،‬‬ ‫وجعه‪ :‬أشراك كشب وأشبار)) (‪.)2‬‬ ‫والؤلف ‪-‬رح ه ال‪ -‬يَعْ ن ب ص(الشرك) ه نا‪ :‬الشرك ف العبادة و صرفها‬ ‫لغي ال تعال‪.‬‬

‫‪" )1(1‬معجم مقاييس اللغة " ( ‪ ،)3/203‬وانظر‪" :‬لسان العرب" (‪.)450 - 10/449‬‬ ‫‪" )2(2‬تذيب اللغة " (‪.)10/17‬‬ ‫‪40‬‬

‫والشرك شرعا‪(( :‬صصَرفُ حقّص مصن حقوق ال تعال لغيه)) (‪ ،)1‬أو‪:‬‬ ‫(( مساواة غي ال بال فيما هوحق ل وخاص به))(‪.)2‬‬ ‫وحق ال‪ :‬كل مال يَقدر عليه إلّ ال‪ ،‬فل يُطلب إلّ منه ‪-‬عزّ وجلّ‪-‬فإذا‬ ‫طُلِبَ من غيه‪ ،‬كان صرفا لصائص ال لغيه‪.‬‬ ‫وهوأعظم ذنب عُصِيَ الُ به‪ ،‬كما قال تعال‪ ﴿ :‬إِنّ الشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ‬ ‫﴾ [لقمان‪ :‬من الية ‪.]13‬‬ ‫‪.....................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫وع نْ عَبْدِ الِ ب نِ مَسعودٍ‪-‬رَضِ يَ اللّ هُ عَنْ هُ‪ -‬قال‪ :‬قُلْ تُ‪ :‬يا ر سُولَ ال أيّ‬ ‫الذّنْبِ أعْظَمُ ؟ قال‪ (( :‬أنْ تَجْعَلَ ل نِدّا وهْوخَلَقَكَ ))(‪.)3‬‬

‫وقوله(نِدّا)‪- :‬بكسر النون‪ -‬أي‪ :‬مِثلً ونَظِيًا ف دعائك أوعبادتك (‪.)4‬‬ ‫قال الؤلف ‪-‬رحه ال‪ (( :-‬وأعظم ما أمر ال به التوحيد‪ ،‬وهو‪ :‬إفراد‬ ‫ال بالعبادة‪ .‬وأعظم ما نى عنه الشرك‪ ،‬وهو‪ :‬دعوة غيه معه ))(‪.)5‬‬ ‫‪)(1‬انظر"أضواء البيان"(‪.)4/561‬‬ ‫‪)(2‬ان ظر‪" :‬تي سي العز يز الم يد "(ص ‪" ،)91‬حاش ية ا بن قا سم على كتاب التوح يد"(ص‬ ‫‪" ،)50‬الدرر السنية"(‪" ،)197 ،133 ،1/130‬مصباح الظلم"(ص ‪.)98‬‬ ‫‪ )1(3‬أخرجه البخاري (‪ ،)4477‬ومسلم (‪.)86‬‬ ‫‪" )2(4‬عون العبود" (‪.)6/301‬‬ ‫‪ " )3(5‬الصصول الثلثصة "(ص ‪ -23‬مصع حاشيصة ابصن قاسصم )‪ ،‬وانظصر‪" :‬معارج القبول"(‬ ‫‪.)1/318‬‬ ‫‪41‬‬

‫وقال ا بن سعدي‪-‬رح ه ال‪(( :-‬وحقي قة الشرك بال‪ :‬أن يع بد الخلوق‬ ‫كما يعبد ال‪ ،‬أويعظم كما يعظم ال‪ ،‬أويصرف له نوع من خصائص الربوبية‬ ‫والليصة‪ ،‬وإذا ترك العبصد الشرك كله صصار موحدا ملصصا ل فص جيصع‬ ‫أحواله)) (‪.)1‬‬ ‫وقال ابصن القيصم ‪-‬رحهص ال‪ (( :-‬الشرك شركان‪ :‬شرك يَتَعَلّق بذات‬ ‫العبود وأسائه وأفعاله‪ ،‬وشرك ف عبادته ومعاملته‪ ،‬وإن كان صاحبه يعتقد أنه‬ ‫سبحانه ل شريك له ف ذاته‪ ،‬ول صفاته ول ف أفعاله‪ .‬والشرك الول نوعان‪:‬‬ ‫أحدهاص‪ :‬التعطيصل‪ ،‬وهوأقبصح أنواع الشرك‪ ،‬كشرك فرعون إذ قال‪  :‬ومصا ربّ‬ ‫العالي ‪… ‬النوع الثان‪ :‬شرك من جعل معه إلا آخر ول يُعَطّل أساءه‬ ‫‪.....................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫وربوبيتصه وصصفاته‪ ،‬كشرك النصصارى الذيصن جعلوه ثالث ثلثصة‪ ،‬فجعلوا‬ ‫السيح إلصها وأمه إلصها )) (‪.)2‬‬ ‫وقال القْرِيزي ‪-‬رحه ال‪ (( :-‬وشرك المم كله نوعان‪:‬‬ ‫شرك ف اللصهية‪ ،‬وشرك ف الربوبية‪.‬‬ ‫فالشرك ف اللية والعبادة‪ :‬هوالغالب على أهل الشراك‪ ،‬وهوشرك عُبّاد‬ ‫الصنام‪ ،‬وعبّاد اللئكة‪ ،‬وعبّاد الن‪ ،‬وعبّاد الشايخ والصالي الحياء‬

‫‪")(1‬تفسي السعدي" (ص ‪.)279‬‬ ‫‪ ")1(2‬الواب الكاف"(ص‪.)192/‬‬ ‫‪42‬‬

‫والموات‪ ،‬الذ ين قالوا‪ :‬إن ا نعبد هم ليقربو نا إل ال زل فى‪ ،‬ويشفعوا ل نا‬ ‫عنده‪ ،‬وينالنا بسب قربم من ال‪ ،‬وكرامته لم‪ :‬قرب وكرامة‪ ،‬كما هوالعهود‬ ‫ف الدنيا من حصول الكرامة‪ ،‬والزّلفى لن يدم أعوان اللك وأقاربه وخاصته‪.‬‬ ‫والك تب الل ية كل ها من أول ا إل آخر ها‪ :‬تُب طل هذا الذ هب وتردّه‪،‬‬ ‫وتُقَبّحص أهله‪ ،‬وتنصص على أنمص أعداء ال تعال‪ ،‬وجيصع الرسصل – صصلوات ال‬ ‫َنص‬ ‫عليهصم – متفقون على ذلك مصن أوّلمص إل آخرهصم‪ ،‬ومصا أهلك ال تعال م ْ‬ ‫أهلك من المم إل بسبب هذا الشرك ومن أجله ))(‪.)1‬‬ ‫وقال ابن تيمية ‪-‬رحه ال‪ (( :-‬الشرك إن كان شركا يكفر به صاحبه‬ ‫وهونوعان‪ :‬شرك ف اللصهية‪ ،‬وشرك ف الربوبية‪.‬‬ ‫فأمصا الشرك فص اللصصهية فهصو‪ :‬أن يَجْعصل ل ندّا – أي‪ :‬مِثْل – فص‬ ‫عبادتصه أومبتصه‪ ،‬أوخوفصه‪ ،‬أورجائه‪ ،‬أوإنابتصه‪ .‬فهذا هوالشرك الذي ل يغفره ال‬ ‫إل بالتوبة منه‪ ،‬قال تعال‪ ﴿ :‬قُلْ لِلّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا‬ ‫‪.....................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫قَدْ سَلَفَ ﴾ [لنفال‪…]38 :‬وأما النوع الثان‪ :‬فالشرك ف الربوبية‪ ،‬فإن‬ ‫الرب سبحانه هوالالك الدبر‪ ،‬العطي الانع‪ ،‬الضار النافع‪ ،‬الافض الرافع‪ ،‬العز‬ ‫الذل‪ ،‬فمن شهد أن العطي أوالانع‪ ،‬أوالضار أوالنافع‪ ،‬أوالعز أوالذل‪ :‬غي‪ ،‬فقد‬ ‫أشرك بربوبيته)) (‪.)2‬‬ ‫‪" )2(1‬تريد التوحيد " (ص ‪.)53-52‬‬ ‫‪ " )1(2‬مموع الفتاوى " (‪.)92-1/91‬‬ ‫‪43‬‬

‫فَإِذَا عَرَفْتَـ أَنّ الشّركَـ إِذَا خَالَطَـ العِبَادَةَ أَفْسَـدَهَا‪ ،‬وَأَحْبَطَـ العَمَلَ‪ ،‬وصـَارَ‬ ‫صَاحِبُهُ مِ نْ الَالِدِي نَ ف النّارِ‪ :‬عَرَفْ تَ أَنّ أَهَمّ مَا عَليّ كَ مَعْرِفَةُ ذَلِ كَ‪ ،‬لَعَلّ الَ‬ ‫أَ نْ يُخَلِ صَكَ مِ نْ هَذِ هِ الشّبَكَةِ وهِي‪ :‬الشّر كُ بالِ‪ ،‬الذّي قَالَ تَعَالَى فِي هِ‪﴿ :‬إِنّ‬ ‫اللّهَ ل يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾[النساء‪ :‬الية ‪.]48‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫قوله‪( :‬عَرَفْتَ أن أهم ما عليك معرفة ذلك) أي‪ :‬التوحيد والشرك الناقض له‪.‬‬ ‫ولر يب أ نّ الشرك إذا د خل ف العبادة أف سدها وأبطل ها وأو قع صاحبه ف النار‪،‬‬ ‫و قد تضافرت الن صوص على هذا‪ ،‬قال تعال‪ ﴿ :‬لَئِ نْ أَشْرَكْ تَ لَيَحْبَطَنّ عَمَلُ كَ‬ ‫وَلَتَكُونَنّ مِ نَ الْخَا سِرِينَ﴾ [الز مر‪ :‬من ال ية ‪ ,]65‬وقال‪-‬جلّ ف عله‪﴿ :-‬‬ ‫وَلَوأَشْرَكُوا لَحَبِط َص عَنْهُم ْص مَا كَانُوا يَعْمَلُون َص﴾ [النعام‪ :‬مصن اليصة ‪.]88‬وقال‬ ‫تعال‪ ﴿ :‬مَا كَا نَ لِلْمُشْرِكِيَ أَ نْ يَعْمُرُوا مَ سَاجِدَ اللّ هِ شَاهِدِي نَ عَلَى أَنْفُ سِهِمْ‬ ‫بِالْكُفْرِ أُولَئِ كَ حَبِطَ تْ أَعْمَالُهُ مْ وَفِي النّارِ هُ مْ خَالِدُو نَ ﴾ [التوبة‪.]17 :‬وقال‬ ‫عز ّوجلّ‪ ﴿ :-‬إِنّ هُ مَ نْ يُشْرِ كْ بِاللّ هِ فَقَدْ حَرّ مَ اللّ هُ عَلَيْ هِ الْجَنّةَ وَمَأْوَا هُ النّارُ وَمَا‬‫لِلظّالِمِيَ مِ نْ أَنْصَارٍ ﴾ [الائدة‪ :‬من الية ‪.]72‬وقال تعال‪ ﴿ :‬إِنّ الّذِي نَ كَفَرُوا‬ ‫‪44‬‬

‫مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِيَ فِي نَارِ جَهَنّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرّ الْبَرِيّةِ﴾‬ ‫[البينة‪.]6 :‬‬ ‫وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ‪-‬رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ‪ -‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللّهِ ‪:‬‬ ‫((َ قَالَ اللّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى‪ :‬أَنَا أَغْنَى الشّرَكَاءِ عَنْ الشّرْكِ‪ ،‬مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ‬ ‫فِيهِ مَعِي غَيْرِي‪ ،‬تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ))(‪.)1‬‬

‫‪)1(1‬أخرجه مسلم (‪.)2985‬‬ ‫‪45‬‬

‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫فَقَالَ‪:‬‬

‫وعَ نْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيّ ‪-‬رَضِ يَ اللّ هُ عَنْ هُ‪ -‬قَالَ‪ :‬جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النّبِيّ‬

‫أَرَأَيْ تَ رَجُلًا غَزَا يَلْتَمِ سُ الْأَجْرَ وَالذّكْرَ مَالَه؟ُ فَقَالَ رَ سُولُ اللّ هِ ‪ (( :‬لَا شَيْءَ‬ ‫لَ هُ)) فَأَعَادَهَا ثَلَا ثَ مَرّا تٍ يَقُولُ لَ هُ رَ سُولُ اللّ هِ ‪ (( :‬لَا شَيْءَ لَه))ُ ثُمّ قَال‪:‬‬ ‫((َ إِنّ اللّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إِلّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ))(‪.)1‬‬ ‫َوعَنْ أَبِي سَعْدِ بْنِ أَبِي فَضَالَةَ الْأَنْصَارِيّ ‪-‬رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ‪ -‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ رَسُولَ‬ ‫اللّ هِ صَلّى يَقُولُ‪ (( :‬إِذَا جَمَ عَ اللّ هُ النّا سَ يَوْ مَ الْقِيَامَةِ لِيَوْ مٍ لَا رَيْ بَ فِي هِ نَادَى‬ ‫مُنَادٍ‪ :‬مَ نْ كَا نَ أَشْرَ كَ فِي عَمَلٍ عَمِلَ هُ لِلّ هِ أَحَدًا فَلْيَطْلُ بْ ثَوَابَ هُ مِ نْ عِنْدِ غَيْرِ اللّ هِ‪،‬‬ ‫فَإِنّ اللّهَ أَغْنَى الشّرَكَاءِ عَنْ الشّرْكِ))(‪.)2‬‬ ‫وعَ نْ عَبْدِ اللّ هِ ب نِ مَ سْعودٍ‪-‬رَضِ يَ اللّ هُ عَنْ هُ‪ -‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَ سُولُ اللّ هِ ‪ (( :‬مَ نْ‬ ‫مَا تَ يُشْرِ كُ بِاللّ هِ شَيْئًا دَخَلَ النّار))َ وَقُلْ تُ أَنَا‪ :‬مَ نْ مَا تَ لَا يُشْرِ كُ بِاللّ هِ شَيْئًا‬ ‫دَخَلَ الْجَنّةَ(‪.)3‬‬ ‫وعَنْ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ ‪-‬رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ‪ -‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ‬

‫يَقُولُ‪(( :‬‬

‫مَنْ لَقِيَ اللّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنّةَ وَمَنْ لَقِيَهُ يُشْرِكُ بِهِ دَخَلَ النّارَ))(‪.)4‬‬ ‫‪ )1(1‬أخرجه النسائي ( ‪ ) 3089‬وحسنه اللبان ف"صحيح الامع"(‪.)1856‬‬ ‫‪)2(2‬أخرجصه الترمذي(‪ ،)3154‬وابصن ماجصه(‪ ،)4203‬وأحدص(‪)15838‬وحسصنه اللبانص‬ ‫ف"صحيح الامع"(‪.)482‬‬ ‫‪)3(3‬أخرجه البخاري(‪ ،)1162‬ومسلم(‪.)92‬‬ ‫‪)4(4‬أخرجه مسلم(‪.)93‬‬ ‫‪46‬‬

‫قال ا بن الق يم ‪-‬رح ه ال‪ (( :-‬إن الشرك ل ا كان أظلم الظلم‪ ،‬وأق بح القبائح‪،‬‬ ‫وأنكر النكرات‪ ،‬كان أبغض الشياء إل ال وأكرهها له‪ ،‬وأشد مقتا لديه‪،‬‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ورتب عليه من عقوبات الدنيا والخرة ما ل يرتبه على ذنب سواه‪ ،‬وأخب أنه‬ ‫صم‬ ‫صه‪ ،‬وحَرّم ذبائحهص‬ ‫صن قُرْبان حَرَمص‬ ‫صم مص‬ ‫ص‪ ،‬ومنعهص‬ ‫ل يغفره‪ ،‬وأن أهله نسص‬ ‫ومناكحهصم‪ ،‬وقطصع الوالة بينهصم وبيص الؤمنيص‪ ،‬وجعلهصم أعداء له سصبحانه‬ ‫وتعال‪ ،‬وللئك ته ور سله وللمؤمن ي‪ ،‬وأباح ل هل التوح يد أموالمص ون سائهم‬ ‫وأبنائهم …وهذا لن الشرك هضم لق الربوبية‪ ،‬وتَنَقّص لعظمة اللية‪ ،‬وسوء‬ ‫ظن برب العالي ))(‪.)1‬‬ ‫فهذا كله((يوجب للعبد شدة الوف من الشرك الذي هذا شأنه عند ال‪ ،‬لنه‬ ‫أقبصح القبيصح وأظلم الظلم‪ ،‬وتنقصص لرب العاليص‪ ،‬وصصرف خالص حقصه لغيه‬ ‫وعدل غيه به‪ ،‬كما قال تعال‪ ﴿ :‬ثُمّ الّذِي نَ كَفَرُوا بِرَبّهِ مْ يَعْدِلُو نَ ﴾ [النعام‪:‬‬ ‫الية ‪ ]1‬ولنه مناقض للمقصود باللق والمر مناف له من كل وجه‪ ،‬وذلك‬ ‫غاية العاندة لرب العال ي‪ ،‬وال ستكبار عن طاع ته‪ ،‬والذل له‪ ،‬والنقياد لوامره‬ ‫الذي ل صصلح للعال إل بذلك‪ ،‬فمتص خل منصه خرب وقامصت القيامصة‪ ،‬كمصا‬ ‫"قال صلى ال عليه وسلم ل تقوم الساعة حت ل يقال ف الرض ال ال "رواه‬ ‫مسصلم‪ .‬ولن الشرك تشصبيه للمخلوق بالالق تعال ومشاركصة فص خصصائص‬ ‫الليصة‪ :‬مصن ملك الضصر والنفصع‪ ،‬والعطاء والنصع‪ ،‬الذى يوجصب تعلق الدعاء‬ ‫والوف والرجاء‪ ،‬والتوكصل وأنواع العبادة كلهصا بال وحده‪ ،‬فمصن علق ذلك‬ ‫‪ ")1(1‬إغاثة اللهفان " (‪.)1/60‬‬ ‫‪47‬‬

‫بخلوق ف قد شب هه بالالق وج عل من ل يلك لنف سه ضرا ول موتا ول حياة‬ ‫ول نشورا‪ ،‬شصبيها بنص له المصد كله‪ ،‬وله اللق كله‪ ،‬وله اللك كله‪ ،‬وإليصه‬ ‫يرجع المر كله‪ ،‬وبيده الي كله‪ ،‬فأزمّةُ المورِ كلّها بيده سبحانه‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ومرجعها إليه‪ ،‬فما شاء كان وما ل يشأ ل يكن‪ .‬ل مانع لا أعطى ول معطي‬ ‫لا منع‪ ،‬الذي إذا فتح للناس رحة فل مسك لا‪ ،‬وما يسك فل مرسل له من‬ ‫بعده وهوالعزيز الكيم‪ .‬فأقبح التشبيه تشبيه العاجز الفقي بالذات‪ :‬بالقادر الغن‬ ‫بالذات‪ .‬ومن خصائص اللية‪ :‬الكمال الطلق من جيع الوجوه‪ ،‬الذى ل نقص‬ ‫فيه بوجه من الوجوه‪ .‬وذلك يوجب أن تكون العبادة كلها له وحده‪ ،‬والتعظيم‬ ‫والجلل‪ ،‬والشيصة والدعاء‪ ،‬والرجاء والنابصة والتوكصل والتوبصة والسصتعانة‪،‬‬ ‫وغا ية ال ب مع غا ية الذل‪ :‬كل ذلك ي ب عقلً وشرعا وفطرة أن يكون ل‬ ‫وحده‪ ،‬ويتنصع عقلً وشرعا وفطرة أن يكون لغيه‪ .‬فمصن فعصل شيئا مصن ذلك‬ ‫لغيه ف قد ش به ذلك الغ ي ب ن ل شبيه له ول مث يل له‪ ،‬ول ند له‪ ،‬وذلك أق بح‬ ‫التشبيه وأبطله‪ .‬فلهذه المور وغيها أخب سبحانه وتعال أنه ل يغفره‪ ،‬مع أنه‬ ‫كتب على نفسه الرحة))(‪.)1‬‬ ‫قوله‪ ( :‬لعل الَ أن يلصكَ من هذه الشّبَكَةِ‪ ،‬وهي‪ :‬الشرك بال )‬ ‫(يُخَلّصك ) من التخليص‪ ،‬وخَلّ صَهُ من كذا تَخْلِي صَا أي‪ :‬نَجّا هُ‪ ،‬والعن‪ :‬لعل‬ ‫الَ يُنْجِيك‪.‬‬ ‫‪")1(1‬فتح الجيد"(‪ ،)175-1/173‬و"الصواعق الرسلة"(‪.)2/460‬‬ ‫‪48‬‬

‫و(الشّبَكَةُ ) ‪-‬بتشديد الشي وفتح الباء والكاف‪ :-‬شَرَكَةُ الصائد التصي يصيد‬ ‫با فصي الب والصماء‪ ،‬والصجمع شَبَ كٌ وشِبَاك‪ ،.‬والعن‪ :‬أن للشّرك شَرَكا –‬ ‫حبائل ال صيد – قد ي قع ف يه الن سان‪ ،‬وهوت عبي لط يف ينا سب التخو يف من‬ ‫الشرك والذر منه والث على العناية بالتوحيد والهتمام به‪.‬‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫فإن أصل (شبكة الشرك) والت أوقعت صاحبها ف الضلل‪ ،‬قائمة على أمرين‪:‬‬ ‫سوء الظن بال‪ ،‬وعدم تقدير ال تعال حقّ قدره‪.‬‬ ‫ص جيصع طوائف الضلل‬ ‫قال القريزي ‪-‬رحهص ال‪ (( :-‬اعلم أنصك إذا تأمّلت َ‬ ‫وجدتص أصصل ضللمص راجعا إل شيئيص‪ :‬أحدهاص‪ :‬ظنهصم بال ظصن‬ ‫َ‬ ‫والبدع‪:‬‬ ‫السوء‪ .‬والثان‪ :‬أنم ل يَقْدُروا الرّبَ حق قدره ))(‪.)1‬‬ ‫قوله‪ ( :‬قال ال تعال ف يه‪ ﴿ :‬إِنّ اللّ هَ ل يَغْفِرُ أَ نْ يُشْرَ كَ بِ هِ وَيَغْفِرُ مَا دُو نَ‬ ‫ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء‪ :‬الية ‪.)]48‬‬ ‫قال ابن كثي ‪-‬رحه ال‪ (( -‬أخب تعال أنه (ل يغفر أن يشرك به) أي‪ :‬ل يغفر‬ ‫لع بد لَقِيَه وهومُشْرِك به‪( .‬ويغ فر ما دون ذلك) أي‪ :‬من الذنوب‪ ( ،‬ل ن يشاء)‬ ‫أي‪ :‬من عباده))(‪.)2‬‬ ‫وقال الشنقي طي‪-‬رح ه ال‪ (( :-‬ذ كر ف هذه ال ية الكري ة أ نه تعال ل يغ فر‬ ‫الشراك به وأ نه يغ فر غ ي ذلك ل ن يشاء‪ ،‬وأن من أشرك به ف قد افترى إث ا‬ ‫‪ " )1(1‬تريد التوحيد "( ص ‪.)79‬‬ ‫‪ " )2(2‬تفسي ابن كثي " ( ‪.)2/325‬‬ ‫‪49‬‬

‫عظي ما‪.‬وذ كر ف موا ضع أ خر أن م ل كو نه ل يغ فر الشراك به إذا ل ي تب‬ ‫َنص وَعَمِلَ‬ ‫َابص وَآم َ‬ ‫َنص ت َ‬ ‫الشرك مصن ذلك‪ ،‬فإن تاب غفصر له‪ ،‬كقوله‪ ﴿ :‬إِلّا م ْ‬ ‫صَالِحا﴾ ال ية فإن ال ستثناء را جع لقوله‪ ﴿ :‬وَالّذِي نَ ل يَدْعُو نَ مَ عَ اللّ هِ إِلَها‬ ‫آخَرَ ﴾ وما عطف عليه‪ ،‬لن معن الكل جع ف قوله‪ ﴿ :‬وَمَ نْ يَفْعَلْ ذَلِ كَ يَلْ قَ‬ ‫أَثَاما ﴾ ال ية‪.‬وقوله‪ ﴿ :‬قُلْ لِلّذِي نَ كَفَرُوا إِ نْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُ مْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾‪.‬‬ ‫وذكر ف موضع آخر‪ :‬أن من أشرك بال قد ضل ضلل بعيدا عن الق‪ ،‬وهو‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫قوله‪ ﴿ ..‬إِنّ اللّهَ ل يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ‬ ‫يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلّ ضَللً بَعِيدا﴾‪.‬‬ ‫وصرح بأن من أشرك بال فالنة عليه حرام ومأواه النار بقوله‪ ﴿ :‬إِنّهُ مَنْ‬ ‫يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرّمَ اللّهُ عَلَيْهِ الْجَنّةَ وَمَأْوَاهُ النّارُ﴾وقوله‪ ﴿ :‬وَنَادَى أَصْحَابُ‬ ‫النّارِ أَصْحَابَ الْجَنّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَومِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قَالُوا إِنّ اللّهَ‬ ‫حَرّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ﴾‪.‬‬ ‫وذكر ف موضع آخر‪ :‬أن الشرك ل يرجى له خلص‪ ،‬وهوقوله‪ ﴿ :‬حُنَفَاءَ لِلّهِ‬ ‫غَيْرَ مُشْرِكِيَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللّهِ فَكَأَنّمَا خَرّ مِنَ السّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطّيْرُ‬ ‫أَوتَهْوِي بِهِ الرّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ﴾ وصرح ف موضع آخر‪ :‬بأن الشراك‬ ‫ظلم عظيم بقوله عن لقمان مقررا له‪ ﴿ :‬إِنّ الشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾‪.‬‬ ‫وذكر ف موضع آخر‪ :‬أن المن التام والهتداء‪ ،‬إنا ها لن ل يلبس إيانه بشرك‬ ‫وهوقوله‪ ﴿ :‬الّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ‬

‫‪50‬‬

‫مُهْتَدُونَ﴾ وقد صح عنه ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬أن معن ( بظلم)‪:‬‬ ‫بشرك))(‪.)1‬‬

‫وذَلِكَ ِبَعْرِفَةِ أَرْبَعِ قَوَاعِدَ ذَكَرَهَا الُ تَعَالَى ف كِتَابِهِ‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫قوله‪ ( :‬وذلك ) الشارة فيه إل‪ :‬التّخَلّص من شبكة الشرك‪.‬‬ ‫قوله‪ ( :‬بعرفة ) أي أنّ‪ :‬اللص من شبكة الشرك مَجْموع أربع قواعد‪.‬‬ ‫قوله‪ ( :‬قواعد ) جعٌ‪ ،‬مفرده قاعدة‪.‬‬ ‫والقاعدة ف اللغة‪ :‬بعن الساس‪.‬وهي‪ :‬أساس الشيء وأصوله‪ ،‬حسيّا كان ذلك‬ ‫الشيء‪ :‬كقواعد البيت‪ ،‬أومعنويا‪ :‬كقواعد الدين أي دعائمه(‪.)2‬‬ ‫وأمصا فص الصصطلح‪(( :‬المصر الكلي الذي ينطبصق عليصه جزئيات كثية تفهصم‬ ‫أحكامها منها))(‪.)3‬‬ ‫ومثال القواعد‪( :‬الضرر يزال)‪ ،‬و(الشقة تلب التيسي)‪ ،‬و(المور بقاصدها)‪...‬‬ ‫‪")1(1‬أضواء البيان"(‪.)394-1/393‬‬ ‫‪ )1(2‬انظر‪" :‬الفردات ف غريب القرآن"(ص ‪" ،)409‬تاج العروس"للزبيدي(‪.)2/473‬‬ ‫‪ )2(3‬ان ظر‪" :‬التعريفات"للجرجا ن(ص ‪" ،)91‬التوق يف على مهمات التعار يف"للمناوي(ص‬ ‫‪" ،)569‬الكليات"لبصصص البقاء الكفوي(ص ‪" ،)728‬كشاف اصصصصطلحات الفنون"للتهانوي(‬ ‫‪" ،)5/1176‬القواعد الفقهية"للندوي(ص ‪.)40‬‬ ‫‪51‬‬

‫ف كل قاعدة من هذه القوا عد يندرج تت ها جزئيات كثية تأ خذ حكم ها وتدل‬ ‫عليها‪.‬‬ ‫ث ذكر الؤلف‪-‬رحه ال‪-‬القواعد ووصفها بأنا أربع‪ ،‬وهي مستنبطة بالستقراء‬ ‫من كتاب ال‪ ،‬وسنة رسوله وسيته‪.‬‬

‫القَا ِعدَةُ الُولَى‬ ‫أ نْ َتعْلَ مَ أَنّ ال ُكفَا َر الذي نَ قَاتَ َلهُم رَ سُولُ الِ ُم ِقرّو نَ بأنّ الَ َتعَالَى هوالَالِ قُ‬ ‫ا ُلدَبِرُ‪ ،‬وأَنّ ذَلِكَ َلمْ ُيدْخِ ْلهُم ف السْلَامِ‪.‬‬ ‫سمْعَ‬ ‫سمَآءِ وَالرْضِ َأمّن َيمْلِكُ ال ّ‬ ‫والدليلُ قَولُهُ َتعَالَى‪ ﴿ :‬قُلْ مَن َيرْزُقُكُم مِنَ ال ّ‬ ‫خرِجُ اْلمَيّتَ مِنَ اْلحَيّ‪َ ،‬ومَن ُيدَّبرُ‬ ‫خرِجُ اْلحَيّ مِنَ اْلمَيّتِ‪ ،‬وَُي ْ‬ ‫والبْصَارَ‪َ ،‬ومَن ُي ْ‬

‫ال ْمرَ‪َ ،‬فسَيَقُولُونَ ال ّلهُ َفقُلْ أَ َفلَ تَّتقُونَ ﴾ [ يونس‪.] 31 :‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫هذه القاعدة الول‪ :‬أن أهصل الشرك والوثنيصة فص الاهليصة كانوا يقرون بتوحيصد‬ ‫الربوبيصة ويعترفون بأن ال تعال هوالالق الرازق الدبر‪ ،‬ولكصن مصع هذا القرار‬ ‫والعتراف ل يكونوا مسلمي ؟ول ينجيهم من العذاب؟ لاذا؟‬ ‫لن السلم الق يستلزم بأن يوحد الَ العبدُ‪ ،‬توحيدا تاما بأقسامه الثلثة وهي‪:‬‬ ‫توحيد الربوبية‪ ،‬وتوحيد اللوهية‪ ،‬وتوحيد الساء والصافات(‪.)1‬‬ ‫‪ )1(1‬وهذا التق سيم للتوح يد ل يس بدعا ك ما ش غب به بعض هم‪ ،‬قال الش يخ ب كر أبوز يد‪-‬‬ ‫حفظه ال‪" :-‬وهذا التقسيم الستقرائي لدى متقدمي علماء السلف أشار إليه ابن منده وابن جرير‬ ‫‪52‬‬

‫فإ نه ما من شيءٍ على هذه الرض إل ويش هد بأن ال سبحانه وتعال هوالالق‬ ‫الدبر الرازق‪.‬‬ ‫فالتوحيد ليس هوالقرار بالربوبيّة فحسب‪ ،‬والشرك ليس هوالشرك ف الربوبيّة‬ ‫فحسب‪ ،‬بل ليس هناك أحدٌ أشرك ف الربوبيّة إل شواذّ من اللق‪ ،‬وإلّ فكل‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المم تُقِرّ بتوحيد الربوبية!‬ ‫وتوح يد الربوب ية هو‪ :‬القرار بأ نّ ال هوالالق الرازق الح يي الم يت الدبّر‪،‬‬ ‫أوبعبارة أخ صر‪ :‬توح يد الربوب ية هو‪ :‬إفراد ال ص تعال ص بأفعاله ص سبحانه‬ ‫وتعال ص‪.‬‬ ‫والتوحيد الذي دعت إليه الرسل هو‪ :‬دعوة الناس إل إفراد ال وحده بالعبادة‪،‬‬ ‫أما بالنسبة لتوحيد الربوبية فهومنتشرٌ معروف معلوم‪ ،‬ولذلك أستدل الؤلف‪-‬‬ ‫رحه ال‪ -‬بأنم موحدون بتوحيد الربوبية بقوله تعال‪ ﴿ :‬قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مّ نَ‬ ‫ال سّمَآءِ وَالرْ ضِ‪ ،‬أَمّن يَمْلِ كُ ال سّمْعَ والبْ صَارَ‪ ،‬وَمَن يُخْرِ جُ الْحَ يّ مِ نَ الْمَيّ تِ‪،‬‬

‫الطصبي وغيهاص‪ ،‬وقرره شي خا السصلم ا بن تيم ية وا بن القيصم‪ ،‬وقرره الزبيدي ف تاج العروس‪،‬‬ ‫وشيخ نا الشنقي طي ف أضواء البيان ف آخر ين ر حم ال الم يع‪ ،‬وهوا ستقراء تام لنصوص الشرع‪،‬‬ ‫وهومطرد لدى أهل كل فن؛كما ف استقراء النحاة كلم العرب إل‪ :‬اسم وفعل وحرف‪ ،‬والعرب‬ ‫ل تفصه بذا‪ ،‬ول يعتصب على النحاةفص ذلك عاتصب‪ ،‬وهكذا مصن أنواع السصتقراء"["التحذيصر مصن‬ ‫متصرات الصابون"(ص ‪.])30‬‬ ‫‪53‬‬

‫وَيُخْرِ جُ الْمَيّ تَ مِ نَ الْحَ يّ‪ ،‬وَمَن يُدَبّرُ المْرَ فَ سَيَقُولُونَ اللّ هُ فَقُلْ أَفَلَ تَتّقُو نَ﴾‬ ‫[ يونس‪.] 31 :‬‬ ‫وقال ‪-‬جلّ ف عله‪﴿ :-‬وَلَئِ نْ سَأَلْتَهُمْ مَ نْ خَلَ قَ ال سّمَاوَاتِ وَالْأَرْ ضَ لَيَقُولُنّ‬ ‫خَلَقَهُنّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ ﴾ [الزخرف‪.]9 :‬‬ ‫وقال تعال‪﴿ :‬وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنّ اللّهُ فَأَنّى يُؤْفَكُونَ ﴾ [الزخرف‪:‬‬ ‫‪.]87‬‬ ‫وقال‪ ﴿ :‬وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنّ اللّ هُ قُلِ الْحَمْدُ لِلّ هِ‬ ‫بَلْ أَكْثَرُهُمْ ل يَعْلَمُونَ ﴾ [لقمان‪.]25 :‬‬ ‫((فليصس التوحيصد هوالقرار بتوحيصد الربوبيّة كمصا يقول ذلك علماء الكلم‬ ‫والنُظّار ف عقائدهم‪ ،‬فإنّهم يقرّرون بأ نّ التوحيد هوالقرار بأن الله هوالالق‬ ‫الرازق الحيي الميت‪ ،‬فيقولون‪ ( :‬واحد ف ذاته ل قسيم له‪ ،‬واحد ف صفاته‬ ‫ل شبيه له‪ ،‬واحدٌ ف أفعاله ل شريك له ) وهذا هوتوحيد الربوبيّة‪ ،‬ارجعوا إل‬ ‫أ يّ كتاب من ك تب علماء الكلم تدو هم ل يرجون عن توح يد الربوبيّة‪،‬‬ ‫وهذا ليس هوالتوحيد الذي بعث الله به الرسل‪ ،‬والقرار بذا وحده ل ينفع‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫لنص هذا أقرّ بصه الشركون وصصناديد الكَفَرة‪ ،‬ول يُخرجهصم مصن‬ ‫صصاحبه‪ّ ،‬‬ ‫الكفر‪ ،‬ول يُدخلهم ف السلم‪ ،‬فهذا غل طٌ عظيم‪ ،‬فمن اعتقد هذا العتقاد ما‬ ‫زاد على‬ ‫اعتقاد أب جهل وأب لب‪ ،‬فالذي عليه الن بعض الثقّفي هوتقرير توحيد‬ ‫الربوب ية ف قط‪ ،‬ول يتطرّقون إل توح يد اللوهيّة‪ ،‬وهذا غل طٌ عظ يم ف م سمّى‬ ‫التوحيد‪.‬‬ ‫أنص أحدًا يلُق مصع الله أويرزق مصع‬ ‫وأمصا الشرك فيقولون‪ ( :‬هوأن تعتقصد ّ‬ ‫الله )‪ ،‬نقول‪ :‬هذا ما قاله أبوجهل وأبولب‪ ،‬ما قالوا إن أحدًا يلُق مع الله‬ ‫‪54‬‬

‫ويرزُق مصصع الله‪ ،‬بصصل هصصم مقرّون بأن الله هوالالق الرازق الحيصصي‬ ‫الميت))(‪.)1‬‬ ‫قوله‪ ( :‬والدليـل قوله تعال‪ ﴿ :‬قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِنَـ السّـمَآءِ وَالرْ ضِ أَمّن يَمْلِكُـ‬ ‫ال سّمْعَ والبْ صَارَ * وَمَن يُخْرِ جُ الْحَ يّ مِ نَ الْمَيّ تِ * وَيُخْرِ جُ الْمَيّ تَ مِ نَ الْحَ يّ *وَمَن‬ ‫يُدَبّرُ المْرَ * فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلَ تَتّقُونَ﴾ [ يونس‪.)] 31 :‬‬

‫قال ا بن كث ي‪-‬رح ه ال‪(( :-‬ي تج تعال على الشرك ي باعتراف هم بوحداني ته‬ ‫السصمَآءِ‬ ‫ّنص ّ‬ ‫وربوبيتصه على وحدانيصة إلهيتصه فقال تعال‪ ﴿ :‬قُلْ مَن يَرْزُقُكُم م َ‬ ‫ْضص ﴾ أي‪ :‬مصن ذا الذي ينل مصن السصماء ماء الطصر فيشصق الرض شقا‬ ‫والّر ِ‬ ‫صا ﴿ حَبّا * وَعِنَبا وَقَضْبا * وَزَيْتُونا وَنَخْلً *‬ ‫صه فيخرج منهص‬ ‫صه ومشيئتص‬ ‫بقدرتص‬ ‫وَحَدَآئِ قَ غُلْبا * وَفَصاكِهَةً وَأَبّا ﴾ أإله مع ال ؟ فسيقولون‪ :‬ال‪ ﴿ ...‬فَقُلْ أَفَلَ‬ ‫تَتّقُو نَ} أي‪ :‬أفل تافون م نه أن تعبدوا م عه غيه بآرائ كم وجهل كم وقوله‪﴿ :‬‬ ‫فَذَلِكُ مُ اللّ هُ رَبّكُ مُ الْحَق ّ﴾ ال ية أي فهذا الذي اعترف تم بأ نه فا عل ذلك كله‬ ‫هوربكم وإلكم الق الذي يستحق أن يفرد بالعبادة ﴿ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقّ إِلّ‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫الضّلَلُ﴾ أي‪ :‬فكل معبود سواه باطل ل إله إل هوواحد ل شريك له ﴿ فَأَنّى‬ ‫تُصْرَفُونَ ﴾ أي‪ :‬فكيف تصرفون عن عبادته إل عبادة ما سواه وأنتم تعلمون‬ ‫أ نه الرب الذي خلق كل ش يء والت صرف ف كل ش يء‪ ،‬وقوله‪ ﴿ :‬كَذَلِ كَ‬ ‫حَقّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ عَلَى الّذِينَ فَسَقُواْ ﴾ الية‪ ،‬أي‪ :‬كما كفر هؤلء الشركون‬ ‫‪")1(1‬شرح القواعد الربع"للفوزان(ص ‪-19‬بتحقيقي)‪.‬‬ ‫‪55‬‬

‫واسصتمروا على شركهصم وعبادتمص مصع ال غيه مصع أنمص يعترفون بأنصه الالق‬ ‫التصرف ف اللك وحده الذي بعث رسله بتوحيده‪ ،‬فلهذا حقت عليهم كلمة‬ ‫ّتص كَلِمَةُ‬ ‫ال أنمص أشقياء مصن سصاكن النار كقوله‪ ﴿ :‬قَالُواْ بَلَى وَلَصصكِنْ حَق ْ‬ ‫الْعَذَابِ عَلَى الْكَصافِرِين َ﴾ ))(‪.)1‬‬

‫القَا ِعدَةُ الثّانِيةُ‬ ‫شفَا َعةِ‪.‬‬ ‫أَّنهُمْ َيقُولُونَ‪ :‬مَا َدعَوْنَا ُهمْ وَتَوجّهنَا إِليهِم إِلّ ِلطَلَبِ القُرَبةِ وَال ّ‬ ‫ُمـ إِلّا‬ ‫ِهـ أَوْلِيَاءَ مَا َنعُْبدُه ْ‬ ‫ِنـ دُون ِ‬ ‫خذُوا م ْ‬ ‫ِينـ اّت َ‬ ‫ُهـ َتعَالَى‪ ﴿ :‬وَاّلذ َ‬ ‫َفدَلِيلُ ال ُقرْبَةِ قَول ُ‬

‫لُِي َقرّبُونَا إِلَى اللّ هِ زُْلفَى ِإنّ اللّ هَ َيحْكُ مُ بَيَْنهُ مْ فِي مَا هُ مْ فِي هِ َيخْتَ ِلفُو نَ ِإنّ اللّ هَ ل‬ ‫َيهْدِي مَنْ هُوكَاذِبٌ َكفّارٌ ﴾ [ الزمر‪.] 3 :‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪")1(1‬تفسي ابن كثي"(‪.)4/232‬‬ ‫‪56‬‬

‫بعصد أن فرغ الؤلف‪-‬رحهص ال‪ -‬فص القاعدة الول مصن تقريصر أن شرك‬ ‫الشرك ي القدا مى ل ي كن ف العتراف والقرار بربوب ية ال وإن ا ف صرف‬ ‫العبادة لغيه‪ ،‬انتقل لبيان وتقرير القاعدة الثانية وهي أنّ الشركي ف الاهلية ما‬ ‫وحدوا الصصنام والوثان وأفردوهصا بالعبادة‪ ،‬وإناص كانوا يعبدون ال ‪-‬سصبحانه‬ ‫وتعال‪ ،-‬ومصا هذه الصصنام والوثان التص عُبِدت فص زمانمص مصن دون ال إل‬ ‫وسائط وقرب اتذوها من أجل أن يتقربوا با إل ال تعال ل من أجل أنا هي‬ ‫الت تنفع وتضر!!‬ ‫وإنا هي عبارة عن صورٍ لصالي مضوا صوروها لم‪ ،‬فلما صُوُرتْ هذه‬ ‫ال صُور على هيئة أصنام توجهوا لعبادتا من دون ال تعال من أجل أن يستغيثوا‬ ‫با لتُقَربم إل ال تعال‪ ،‬وحت تشفع لم شفاعةً عند ربم‪ ،‬فهم عبدوا الصنام‬ ‫مصن باب اتاذهصا وسصائل للقُربصة إل ال ‪-‬عزّ وجلّ‪ -‬كمصا فص قوله تعال‪﴿ :‬‬ ‫وَالّذِي نَ اتّخَذُوا مِ نْ دُونِ هِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُ مْ إِلّا لِيُقَرّبُونَا إِلَى اللّ هِ زُلْفَى إِنّ اللّ هَ‬ ‫يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنّ اللّ هَ ل يَهْدِي مَنْ هُوكَاذِبٌ كَفّارٌ ﴾ [‬ ‫الزمر‪.] 3 :‬‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫قال ابصن كثيص‪-‬رحهص ال‪..(( :-‬أخصب ‪-‬عزّ وجلّ‪ -‬عصن عُبّاد الصصنام مصن‬ ‫الشرك ي أن م يقولون‪ ﴿ :‬مَا نَعْبُدُهُ مْ إِلّ لِيُقَرّبُونَآ إِلَى اللّ هِ زُلْفَى﴾ أي‪ :‬إن ا‬ ‫يمل هم على عبادت م ل م أن م عمدوا إل أ صنام اتذو ها على صور اللئ كة‬ ‫القربيص فص زعمهصم‪ ،‬فعبدوا تلك الصصور تنيلً لذلك منلة عبادتمص اللئكصة‬ ‫‪57‬‬

‫ليشفعوا لم عند ال تعال ف نصرهم ورزقهم وما ينوبم من أمور الدنيا‪ ،‬فأما‬ ‫العاد فكانوا جاحدين له كافرين به‪.‬‬ ‫قال قتادة والسدي ومالك عن زيد بن أسلم وابن زيد‪ ﴿ :‬إِلّ لِيُقَرّبُونَآ إِلَى اللّ هِ‬ ‫زُلْفَى ﴾ أي‪ :‬ليشفعوا لنا ويقربونا عنده منلة ولذا كانوا يقولون ف تلبيتهم إذا‬ ‫حجوا فص جاهليتهصم لبيصك ل شريصك لك إل شريكا هولك تلكصه ومصا ملك‪.‬‬ ‫وهذه الشبهة هي الت اعتمدها الشركون قدي الدهر وحديثه وجاءت م الرسل‬ ‫صلوات ال وسلمه عليهم أجعي بردّها والنهي عنها والدعوة إل إفراد العبادة‬ ‫ل وحده ل شر يك له وأ نّ هذا ش يء اختر عه الشركون من ع ند أنف سهم ل‬ ‫يأذن ال فيه ول رضي به بل أبغضه ونى عنه { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلّ أُمّةٍ رّ سُولً‬ ‫أَ نِ اعْبُدُواْ اللّ هَ وَاجْتَنِبُواْ الْطّصاغُوتَ ﴾‪ ﴿ ،‬وَمَآ أَرْ سَلْنَا مِن قَبْلِ كَ مِن رّ سُولٍ إِلّ‬ ‫نُوحِى إِلَيْ هِ أَنّ هُ لإِلَصهَ إِلّ أَنَاْ فَاعْبُدُو نِ﴾ وأخب أن اللئكة الت ف السماوات‬ ‫مصن اللئكصة القربيص وغيهصم كلهصم عبيصد خاضعون ل ل يشفعون) عنده إل‬ ‫بإذنه لن ارتضى وليسوا عنده كالمراء عند ملوكهم يشفعون عندهم بغي إذنم‬ ‫ّهص الّمْثَالَ﴾ تعال ال عصن ذلك علوا‬ ‫فيمصا أحبصه اللوك وأبوه ﴿ فَلَ تَضْرِبُواْ لِل ِ‬ ‫كبيا))(‪.)1‬‬ ‫‪.....................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫فهذا هوالباب الول الذي يلج منصه مصن يلج إل الشرك وأوحاله‪ ،‬وأمصا الباب‬ ‫الثان‪ :‬فهوالشفاعة‪.‬‬ ‫‪")1(1‬تفسي ابن كثي"(‪.)7/74‬‬ ‫‪58‬‬

‫ُمـ وَل‬ ‫ّهـ مَا ل َيضُرّه ْ‬ ‫ُونـ الل ِ‬ ‫ِنـ د ِ‬ ‫ُونـ م ْ‬ ‫ُهـ َتعَالَى‪ ﴿ :‬وََيعُْبد َ‬ ‫شفَا َعةِ قَوْل ُ‬ ‫ودَلِيلُ ال ّ‬

‫يَ ْن َفعُ ُهمْ وََيقُولُونَ هَؤُلءِ ُش َفعَاؤُنَا عِنْدَ ال ّلهِ ﴾ [ يونس‪.]18 :‬‬ ‫شفَا َعةُ َشفَاعَتَانِ‪َ :‬شفَاعَةٌ مَ ْنفَِيةٌ‪ ،‬و َشفَا َعةٌ مُثْبََتةٌ‪.‬‬ ‫وال ّ‬

‫ل فيمَا ل َيقْدِرُ عَليهِ إلّا الُ‪.‬‬ ‫شفَا َعةُ النفِيَةُ‪ :‬مَا كَانت تُطْلَبُ ِمنْ غَيِ ا ِ‬ ‫فال ّ‬ ‫والدّلِيلُ قَولُهُ َتعَالَى‪﴿ :‬يَا أَّيهَا اّلذِينَ آمَنُوا أَْن ِفقُوا ِممّا َرزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ‬

‫يَوْمٌ ل بَيْعٌ فِيهِ وَل خُ ّلةٌ وَل َشفَا َعةٌ وَالْكَا ِفرُونَ ُهمُ الظّاِلمُونَ﴾[البقرة‪.]254 :‬‬

‫شفُو عُ‬ ‫شفَا َعةِ‪ ،‬وا َل ْ‬ ‫شفَا َعةُ الُثْبََتةُ هِي‪ :‬الت تُطْلَ بُ مِ نْ الِ‪ .‬والشّافِ عُ مُ ْكرَ مٌ بال ّ‬ ‫وَال ّ‬

‫شفَعُ‬ ‫لَهُ مَنْ رَضِيَ الُ قَولَهُ و َعمَلَهُ بعد الذنِ‪َ ،‬كمَا قَالَ َتعَالَى‪َ ﴿ :‬منْ ذَا اّلذِي َي ْ‬ ‫‪59‬‬

‫عِنْدَهُ إِلّا ِبِإذْنِهِ﴾ [ البقرة‪.] 255 :‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫الشفاعة ف اللغة من الشفع‪ ،‬قال ابن فارس‪-‬رحه ال‪ (( :-‬الشي والفاء والعي‬ ‫أ صلٌ صحيحٌ يدلّ على مقار نة الشيئ ي‪ .‬من ذلك الشّفْع خلف الوَتْر‪ .‬تقول‪:‬‬ ‫كان فردَا فشفَعْتُه))(‪.)1‬‬ ‫ص‪-‬رحه ص ال‪(( :-‬يقال‪ :‬شفَصع َيشْفَصع شَفاع ًة فهوشَافِصع‬ ‫صن الثيص‬ ‫وقال ابص‬ ‫وشَفِيعٌ‪.‬وا ُلشَفّع‪ :‬الذي َيقْبل الشّفاعةَ‪ ،‬وا ُلشَفّع‪ :‬الذي تُقْبَل شفاعتُه‪.)2())..‬‬ ‫وتعريف ها شرعا هو‪ (( :‬سؤال الشا فع اليَ لغيه)) أو‪(( :‬تو سط الشا فع لغيه‬ ‫بلب نفع أودفع ضره‪ ،‬أورفعه)) أو‪(( :‬هي السؤال ف التجاوز عن الذنوب‬

‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫والرائم))(‪.)3‬‬ ‫قوله‪ ( :‬والشفاعة شفاعتان‪ :‬شفاعة منفية‪ ،‬وشفاعة مثبتة‪.)..‬‬ ‫يفيد أن الشفاعة نوعان‪:‬‬ ‫‪")1(1‬معجم مقاييس اللغة"(‪ ،)3/155‬وانظر‪" :‬لسان العرب"(‪.)8/184‬‬ ‫‪")2(2‬النهاية ف غريب الديث"(‪.)2/485‬‬ ‫‪)1(3‬ان ظر‪ " :‬النها ية ف غر يب الد يث"(‪" ،)2/485‬لوا مع النوار البه ية"(‪" ،)2/204‬شرح‬ ‫لعة العتقاد"لبن عثيمي(ص ‪" ،)128‬الشفاعة"للجديع(ص ‪.)15‬‬ ‫‪60‬‬

‫‪ -1‬مثبتة‪ :‬وهي الت توافرت فيها شروط الشفاعة‪.‬‬ ‫‪ -1‬منفية‪ :‬وهي الت ل تتوافر فيها تلك الشروط‪.‬‬ ‫والشفاعة الثبتة لا شرطان ذكرها الؤلف‪-‬رحه ال‪ -‬وها‪:‬‬ ‫ِهص‬ ‫َهصِإلّا بِإِذْن ِ‬ ‫َعص عِْند ُ‬ ‫َنص ذَا الّذِي َيشْف ُ‬ ‫‪ -1‬إذن ال للشافصع‪ ،‬قال تعال‪ ﴿ :‬م ْ‬ ‫﴾ [ البقرة‪.]255 :‬‬ ‫صن الشفوع له‪ :‬قال ال تعال‪﴿ :‬وَل َيشْفَعُونصَ ِإلّا لِمَنصِ‬ ‫‪ -2‬رضاه عص‬ ‫ارَْتضَى﴾ [ النبياء‪ ،]28 :‬ول يرضى ال تعال إل عن أهل التوحيد‪.‬‬ ‫قال ابن القيم‪-‬رحه ال‪(( :-‬فهذه ثلثة أصول‪..‬ل شفاعة إلّ بإذنه‪ ،‬ول‬ ‫يأذن إل لنص رضصي قوله وعمله‪ ،‬ول يرضصى مصن القول والعمصل إل توحيده‬ ‫واتباع رسوله))(‪.)1‬‬ ‫وبعض العلماء يزيد شرطي آخرين وها‪:‬‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪ -3‬قدرة الشافصع على الشفاعصة‪ ،‬كمصا قال تعال فص حصق الشافصع الذي‬ ‫ك الّذِي نَ َيدْعُو نَ مِ نْ دُونِ هِ الشّفَاعَةَ ِإلّا مَ نْ َش ِهدَ بِاْلحَقّ‬ ‫يطلب منه‪ ﴿ :‬وَل َيمْلِ ُ‬ ‫وَهُ مْ يَعَْلمُو نَ ﴾ [ الزخرف‪ .]86 :‬فعلم أن طلبها من الموات طلب م ن ل‬ ‫يلكها‪.‬‬

‫‪")2(1‬مدارج السالكي"(‪.)1/341‬‬ ‫‪61‬‬

‫‪ -4‬إسلم الشفوع له‪ ،‬قال تعال‪ ﴿ :‬مَا لِلظّاِلمِيَ ِم نْ َحمِي مٍ وَل شَفِي عٍ‬ ‫َاعص ﴾ [غافصر‪ .]18 :‬والراد بالظاليص هنصا‪ :‬الكافرون‪ ،‬ويسصتثن منهصم‬ ‫يُط ُ‬ ‫أبوطالب‪.‬‬ ‫وهذان الشرطان الخيان ‪ -‬ف القيقة ‪ -‬يدخلن ف الشرطي الولي؛‬ ‫فل يَقْدر على الشفاعة إل من أذن له ال‪ ،‬ول يُشفع إل لسلم‪.‬‬ ‫والناس ف أمر الشفاعة على ثلثة أصناف‪:‬‬ ‫‪ -1‬صنف غل ف إثباتا‪ :‬وهم النصارى‪ ،‬والشركون‪ ،‬وغلة الصوفية‪،‬‬ ‫والقبوريون‪ ،‬حيث جعلوا شفاعة من يعظمونه عند ال يوم القيامة كشفاعته ف‬ ‫الدنيا‪ ،‬حيث اعتقدوا أن هؤلء العظمي يشفعون استقللً‪.‬‬ ‫‪ -2‬و صنف أن كر الشفا عة‪ :‬كالعتزلة والوارج؛ ح يث أنكروا شفا عة‬ ‫النب وغيه لهل الكبائر‪ ،‬وقصروا الشفاعة على التائبي من الؤمني‪ ،‬لن‬ ‫إثبات الشفاعة للفساق يناف مبدأ الوعيد ف مذهبهم الباطل‪ ،‬فهم يرون وجوب‬ ‫إنفاذ الوعيد لن استحقه‪ ،‬ول يرون الشفاعة له ل من النب ول من غيه‪.‬‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪ -3‬و صنف تو سط‪ :‬و هم أهل السنة والما عة؛ فلم ينفوا كل شفا عة‪،‬‬ ‫ول يثبتوا كل شفا عة‪ ،‬بل أثبتوا من الشفا عة ما دلّ عل يه الدل يل من الكتاب‬ ‫والسنة‪ ،‬ونفوا منها ما نفاه الدليل؛ فالشفاعة الثبتة عندهم هي الت تطلب من‬

‫‪62‬‬

‫ال عصز وجصل وهصي التص تكون للموحديصن بعصد إذن ال للشافصع ورضاه عصن‬ ‫الشفوع له؛ فل تطلب من غي ال‪ ،‬ول تكون إل بعد إذنه ورضاه (‪.)1‬‬ ‫فهذه الشفا عة يثبت ها أ هل ال سنة بأنواع ها‪ ،‬ب ا ف ذلك الشفا عة ل هل‬ ‫الكبائر‪ .‬وأما الشفاعة النفية عند أهل السنة فهي الت نفاها الشرع‪ ،‬وهي الت‬ ‫تطلب من غي ال استقللً‪ ،‬ول تتوافر فيها شروط الشفاعة‪.‬‬ ‫قال ابن تيمية‪-‬رحه ال‪(( :-‬وَِإذَا كَا نَ اللّ هُ لَا َيشْفَ عُ أَ َحدٌ عِْندَ هُ إلّا بِإِذِْن ِه‬ ‫َولَا َيشْفَعُو نَ إلّا لِمَ ْن ارَْتضَى‪َ :‬فمَا بَقِ َي الشّفَعَاءُ ُش َركَاءَ َكشَفَاعَةِ اْل َمخْلُو قِ عِْندَ‬ ‫اْل َمخْلُو قِ‪ .‬فَإِنّ الْ َمخْلُو قَ َيشْفَ عُ عِْندَ هُ نَ ِظيُ هُ ‪ -‬أَومَ نْ هُوأَ ْعلَى مِنْ هُ أَودُونَ هُ ‪-‬‬ ‫ِبدُو نِ إذْ ِن الْ َمشْفُو عِ إلَيْ هِ‪ .‬وَيَقْبَلُ اْل َمشْفُو عُ إلَْي هِ َولَا ُبدّ شَفَاعَُت هُ‪ :‬إمّا لِرَغْبَتِ هِ إلَْي هِ‬ ‫خشَا هُ وَإِمّا لِرَهْبَتِ هِ مِْن هُ‬ ‫أَوفِيمَا عِْندَ هُ مِ ْن ُقوّةٍ أَو سََببٍ يَنْفَعُ هُ ِب هِ أَوَي ْدفَ عُ عَنْ هُ مَا َي ْ‬ ‫وَإِمّا ِلمَحَبّتِ هِ إيّا هُ َوإِمّا لِ ْلمُعَا َوضَةِ بَيَْن ُهمَا وَالْمُعَاوَنَةِ وَإِمّا لِغَيْرِ َذلِ كَ مِ ْن الْأَ سْبَابِ‪.‬‬ ‫وَتَكُونُ شَفَاعَةُ الشّفِيعِ‪ :‬هِ َي الّتِي حَ ّر َكتْ إرَا َدةَ اْل َمشْفُوعِ إلَْيهِ وَجَعَلَْتهُ مُرِيدًا‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ )1(1‬انظصر‪" :‬شرح صصحيح مسصلم"للنووي(‪" ،)3/35‬مموع الفتاوىلبصن تيميصة(‪،)1/148‬‬ ‫"ف تح الباري"(‪" ،)11/357‬شرح العقيدة الطحاو ية"ل بن أ ب ال عز(‪ ،)294-1/293‬و"لوا مع النوار‬ ‫البهية"للسفارين(‪" ،)2/212‬تيسي العزيز الميد"(ص ‪.)297-273‬‬ ‫‪63‬‬

‫لِلشّفَاعَةِ بَ ْعدَ أَ نْ لَ مْ يَ ُك نْ مُرِيدًا لَهَا‪ .‬كَأَمْ ِر الْآمِ ِر الّذِي ُيؤَثّ ُر فِي اْلمَأْمُورِ‪.‬‬ ‫فَيَفْعَلُ مَا أَمَرَهُ بِهِ بَ ْعدَ أَنْ َلمْ يَكُنْ مُرِيدًا لِفِعِْلهِ ))(‪.)2‬‬ ‫وجلة القول‪ :‬إن الشفاعصة النفيصة هصي التص تطلب بغيص إذن ال‪ ،‬أوتطلب‬ ‫لشرك‪.‬‬ ‫والشفاعة الثبتة هي الت تكون بعد إذن ال‪ ،‬ولهل التوحيد‪.‬‬

‫القَا ِعدَةُ الثّالَِثةُ‬ ‫أَنّ النّبِ يَ َظ َهرَ عَلَى أُنَا سٍ مَُت َفرِقِيَ ف عِبَادَاِتهِ مْ‪ :‬مِ ْنهُ مْ مَ نْ َيعْبُد اللئِكَةِ‪،‬‬ ‫ومِ ْنهُم ْـ مَن ْـ َيعْبُد النـبياءَ والصـاليَ‪ ،‬ومِ ْنهُم ْـ مَن ْـ َيعْبُد الَ ْشجَارَ والَأ ْحجَارَ‪،‬‬

‫شمْسَـ وال َق َمرَ‪ ،‬وقَاتَلَهُم رَسـُولُ الِ‬ ‫ومِ ْنهُ مْ مَ نْ َيعْبُد ال ّ‬

‫ول ُي َفرّق ْـبَيْنَهُم‪،‬‬

‫والدليلُ قَولُ هُ َتعَالَى‪﴿ :‬وَقَاتِلُوهُ مْ حَتّىَ لَ تَكُو نَ فِتَْنةٌ وَيَكُو َن الدّي نُ كُلّ هُ ل﴾‬ ‫[النفال ‪.]39‬‬ ‫‪")1(2‬مموع الفتاوى"(‪.)14/381‬‬ ‫‪64‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫هذه قاعدة عظي مة‪ :‬أن ال ‪ -‬سبحانه وتعال‪ -‬ل ير ضى الشرك‪ ،‬دون الن ظر عن‬ ‫ا ُلشْرَكِ به‪ ،‬فإنه ل يرتضِ ‪-‬سبحانه‪ -‬الشرك‪ ،‬سواءٌ كان الشرك به ملكا‪ ،‬أونبيا‪،‬‬ ‫أووليا صصالا‪ ،‬أوجنا‪ ،‬أوشجرا‪ ،‬أوحجرا‪ ،‬أوغيص ذلك‪ ،‬فإن ال ‪-‬تعال‪ -‬حرّم‬ ‫الشرك‪ ،‬وحذر منه بميع أنواعه وصوره‪.‬‬ ‫قوله‪ ..( :‬أن النـب صـلى ال عليـه وسـلم ظهـر على أناس متفرقيـ فـ‬ ‫عباداتم‪ )..‬فليسوا متمعي على عبادة واحدة‪ ،‬بل هم طرائق وسبل متعددة ف‬ ‫اتاذ معبوداتم الباطلة‪ ،‬منهم من يعبد ماذكره الؤلف‪ ،‬ومنهم من يعبدها جيعا‬ ‫ومنهصم مصن يمصع بيص بعضهصا دون بعصض‪ ،‬وهذا مصن قبصح الشرك فأصصحابه ل‬ ‫يتمعون على ش يء وا حد‪ ،‬بلف الوحّد ين فإ نّ معبود هم وا حد ص سبحانه‬

‫وتعال ص ﴿ َأَأرْبَابٌ مُتَفَ ّرقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ اْلوَا ِحدُ الْ َقهّار ُ﴾ [يوسف‪.]39 :‬‬

‫ولر يب أ ّن ال نب ل يُفَرّق ب ي من يعبد اللئ كة‪ ،‬وال صالي‪ ،‬وب ي من يعبد‬ ‫الجر‪ ،‬ول يقل‪ :‬للذين يعبدون اللئكة‪ :‬هؤلء الذين يعبدون اللئكة ل يضر‬ ‫وليصس بشرك‪ ،‬لن لمص منصصزلة ومكانصة عنصد ال‪ ،‬ول يقصل للذيصن يعبدون‬ ‫الصالي‪ :‬هؤلء ل يشركوا‪ ،‬أوأ نّ شركهم يتلف عن من عبد الوثان والصنام‬ ‫والنجوم‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫والكوا كب‪ ..‬بل إ نه ل ير ضَ الش صرك بم يع صوره وأنوا عه وحار به وحذر‬ ‫منه أيا تذير‪.‬‬ ‫فإن ال ‪-‬سصبحانه وتعال‪ -‬جعصل الشرك ملةً واحدة‪ ،‬وطريق ًة واحدة‪ ،‬وكذلك‬ ‫النصب حرّم الشرك كله‪ ،‬وقاتصل أهصل الشرك على اختلف أصصنافهم ومللهصم‬ ‫‪65‬‬

‫ومعبوداتم‪.‬‬ ‫ل صصالـا أويعبُد صصنمـا أوحجرًا‬ ‫َنص يعبُد رج ً‬ ‫فالشرك ل تفريصق فيصه بيص م ْ‬ ‫ص كان‪ ،‬ولذا يقول‪﴿ :‬‬ ‫أوشجرًا‪ ،‬لن الشرك هصو‪ :‬عبادة غيص ال كائنـصا مَن ْ‬ ‫ِهص شَيْئا ﴾ [النسصاء‪ ،]36 :‬وكلمصة { شيئـصا } فص‬ ‫ّهص وَل ُتشْ ِركُوا ب ِ‬ ‫وَاعْبُدُوا الل َ‬ ‫سياق الن هي تع مّ كلّ ش يء‪ ،‬تع مّ كل مَ نْ أُشرك مع ال ص عزّ و جل ص من‬ ‫اللئكة والرسل والصالي والولياء‪ ،‬والحجار والشجار‪.‬‬ ‫قوله‪ ( :‬وقاتلهم رسول ال صلى ال عليه وسلم ول يفرق بينهم )‬ ‫فالرسصول ل يفرّق بينهصم‪ ،‬بصل اعتصبهم مشركيص كلّهصم‪ ،‬واسصتحلّ دماءهصم‬ ‫وأموال م‪ ،‬ول يفرّق بين هم‪ ،‬فالذ ين يعبدون ال سيح‪ ،‬وال سيح ر سول الله‪ ،‬و مع‬ ‫هذا قاتلهصم‪ .‬واليهود يعبدون عُزيرًا‪ ،‬وهومصن أنصبيائهم‪ ،‬أومصن صصاليهم‪ ،‬قاتلهصم‬ ‫رسول الله ‪ ،‬ل يفرّق بينهم‪.‬‬ ‫قوله‪ ( :‬والدليل قوله تعال‪ ﴿ :‬وَقَاتِلُوهُمْ حَتّىَ لَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدّينُ‬ ‫كُلّهُ ل ﴾ [ النفال ‪)] 39‬‬ ‫أي‪ :‬الدليل على قتال الشركي من غي تفريق بينهم حسب معبوداتم؛ قوله‬ ‫عامص لكصل الشركيص‪ ،‬ل يُسصتثن أحدًا‪ ،‬ثص قال‪:‬‬ ‫تعال‪ { :‬وقاتلوهصم }‪ ،‬وهذا ّ‬ ‫{ ح ت ل تكون فت نة } والفت نة‪ :‬الشرك‪ ،‬أي‪ :‬ل يوجَد شرك‪ ،‬وهذا عا مّ؛ أيّ‬ ‫شركٍ‪ ،‬سواءً الشرك ف الولياء والصالي‪ ،‬أوبالحجار‪ ،‬أوبالشجار‪ ،‬أو‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫بالشمس‪ ،‬أوبالقمر‪.‬‬ ‫{ ويكون الديصن كلّه ل }‪ :‬تكون العبادة والطاعصة كلهصا ل‪ ،‬ليصس فيهصا‬ ‫ص كان‪ ،‬فل فرق بيص الشرك بالولياء والصصالي‬ ‫شَرِكَةٌ لحصد كائنـصا مَن ْ‬ ‫أوبالحجار أوبالشجار أوبالشياطي أوغيهم‪.‬‬ ‫قال ابصن جريصر‪-‬رحهص ال‪(( :-‬يقول ‪-‬تعال ذكره‪ -‬لنصبيه ممصد ‪ :‬وقاتلوا‬ ‫‪66‬‬

‫الشرك ي الذ ين يقاتلون كم ح ت ل تَكُو نَ فتنةٌ يع ن‪ :‬ح ت ل يكون شرك بال‪،‬‬ ‫وحت ل يعبد دونه أحد‪ ،‬وتضمحل عبادة الوثان اللة والنداد‪ ،‬وتكون العبادة‬ ‫والطاعة ل وحده دون غيه من الصنام والوثان‪.)1())..‬‬ ‫وقال ابن كثي‪-‬رحه ال‪ (( :-‬قال الضحاك عن ابن عباس { َوقَصاتِلُو ُهمْ حَتّى‬ ‫لَ تَكُو َن فِتْنَةٌ} يع ن‪ :‬ح ت ل يكون شرك‪ ،‬وكذا قال أبوالعال ية وما هد وال سن‬ ‫وقتادة والرب يع بن أ نس وال سدي ومقا تل بن حيان وز يد بن أ سلم‪... ،‬وقوله‬ ‫{ وَيَكُونَ الدّينُ كُلّهُ لِلهِ} قال الضحاك‪ :‬عن ابن عباس ف هذه الية‪ ،‬قال يلص‬ ‫التوحيد ل‪ ،‬وقال السن وقتادة وابن جريج { وَيَكُونَ الدّينُ كُلّهُ لِلهِ}‪ :‬أن يقال‬ ‫ل إله إل ال‪ ،‬وقال ممصد بصن إسصحاق‪ :‬ويكون التوحيصد خالصصا ل‪ ،‬ليصس فيصه‬ ‫شرك‪ ،‬ويلع ما دونه من النداد‪.)2())..‬‬

‫ْسـ‬ ‫شم ُ‬ ‫ِهـ اللّيْلُ وَالّنهَارُ وَال ّ‬ ‫ِنـ آيَات ِ‬ ‫ُهـ َتعَالَى‪َ ﴿ :‬وم ْ‬ ‫ْسـ وال َقمَرِ قَول ُ‬ ‫شم ِ‬ ‫ودَلِيلُ ال ّ‬ ‫جدُوا ِللّ هِ اّلذِي خَ َل َقهُنّ إِ نْ كُنْتُ مْ‬ ‫شمْ سِ وَل لِ ْل َق َمرِ وَا ْس ُ‬ ‫جدُوا لِل ّ‬ ‫وَاْل َقمَرُ ل تَ سْ ُ‬

‫إِيّاهُ َتعُْبدُون َ﴾ [ فصلت‪.] 37 :‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ذكصر الؤلف ‪-‬رحهص ال‪-‬هاهنصا الدليصل على تفرق هؤلء‪ ،‬وتنوع عباداتمص‪،‬‬ ‫واخصتلف طرائقهم ف العبادة‪.‬‬ ‫‪")1(1‬تفسي الطبي"(‪.)2/112‬‬ ‫‪")2(2‬تفسي ابن كثي"(‪.)4/48‬‬ ‫‪67‬‬

‫ث ذ كر الدل يل على أ نّ هناك مَن ي سجُد للش مس والق مر‪ .‬فهناك مَن ي سجُد‬ ‫للشمس عند طلوعها ويسجد لا عند غروبا‪ ،‬وقد جاء النهي أنْ نصليَ ف هذين‬ ‫الوقتي ‪-‬وإنْ كانت الصلة ل‪-‬؛ لِماَ ف الصلة ف هذا الوقت من مشابة لفعل‬ ‫الشركي‪ ،‬فجاء النعُ من ذلك سدّا للذريعة الت تُفضي إل الشرك‪.‬‬ ‫فعَنْ ابْنِ ُعمَرَ‪َ -‬رضِيَ اللّهُ عَْن ُهمَا‪ :-‬أَ ّن رَسُولَ اللّهِ قَالَ‪:‬‬ ‫س َولَا عِْندَ غُرُوِبهَا ))(‪.)1‬‬ ‫ع الشّمْ ِ‬ ‫(( لَا يََتحَرّى أَ َح ُدكُ ْم فَُيصَلّي عِْندَ طُلُو ِ‬ ‫وعن أَنَس بْن مَالِك ‪َ -‬رضِيَ اللّه عَنْه‪َ :ُ-‬سمِعْت رَسُول اللّه يَقُول‪:‬‬ ‫((تِلْ كَ صَلَاة الْمُنَافِق‪َ :‬يجْلِس يَ ْرقُب الشّمْس حَتّى ِإذَا كَانَ تْ بَيْن قَرْنَ ْي الشّيْطَان‪،‬‬ ‫قَامَ فَنَقَرَهَا َأرْبَعًا لَا َي ْذكُر اللّه فِيهَا ِإلّا قَلِيلًا ))(‪.)2‬‬ ‫قال النووي‪-‬رح ه ال‪َ(( :-‬قوْله صَلّى اللّه َعلَيْ ِه وَ َسّلمَ‪ ( :‬بَيْن قَرْنَ يْ الشّيْطَان )‬ ‫اِخْتَلَفُوا فِي ِه فَقِيلَ‪ :‬هُوعَلَى حَقِيقَته وَظَاهِر لَفْظه ‪ ,‬وَالْمُرَاد أَنّ هُ ُيحَاذِيهَا بِقَرْنَيْ هِ عِنْد‬ ‫سجُدُونَ لَهَا حِينَِئ ٍذ فَيُقَارِنَا لِيَكُو نَ‬ ‫غُرُوبَا ‪َ ,‬و َكذَا عِنْد ُطلُوعهَا ; لِأَنّ الْكُفّار يَ ْ‬ ‫السّا ِجدُونَ َلهَا فِي صُورَة السّا ِجدِينَ لَهُ ‪ ,‬وَُيخَيّل لِنَ ْفسِهِ َولِأَ ْعوَانِهِ أَّن ُهمْ إِّنمَا‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫سجُدُونَ لَهُ ))(‪.)3‬‬ ‫َي ْ‬ ‫فالرسول جاء بالنهي عن الشرك وسدّ ذرائعه الفضية إليه‪.‬‬

‫‪)1(1‬أخرجه البخاري(‪ ،)585‬ومسلم(‪.)828‬‬ ‫‪)2(2‬أخرجه مسلم(‪.)622‬‬ ‫‪")1(3‬شرح مسلم"للنووي(‪.)5/124‬‬ ‫‪68‬‬

‫ودَلِيلُ اللَائِ َكةِ قَوُلهُ َتعَالَى‪ ﴿ :‬وَل َي ْأمُرَ ُكمْ أَنْ تَّتخِذُوا اْلمَلئِ َكةَ وَالنّبِّييَ أَرْبَابا﴾‬ ‫[ آل عمران‪.] 80 :‬‬ ‫ودَلِيلُ الَنْبِيَاءِ قَولُ هُ َتعَالَى‪ ﴿ :‬وَِإذْ قَالَ اللّ هُ يَا عِي سَى ابْ نَ َمرْيَ مَ أَأَنْ تَ ُقلْ تَ‬ ‫خذُونِي وَُأمّيَ إَِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللّهِ‪ ،‬قَالَ سُ ْبحَاَنكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ‬ ‫لِلنّاسِ اّت ِ‬

‫حقّ ِإ نْ كُنْ تُ قُلْتُ هُ َف َقدْ عَلِمْتَ هُ َتعْلَ مُ مَا فِي َنفْ سِي وَل َأعْلَ مُ مَا فِي‬ ‫مَا لَيْ سَ لِي ِب َ‬

‫ت عَلّامُ اْلغُيُوبِ ﴾ [ الائدة‪.] 116 :‬‬ ‫َن ْفسِكَ إِنّكَ أَنْ َ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ث ذكر الؤلف‪-‬رحه ال‪ -‬الدليل على أ نّ هناك من عبد اللئكة والنبيي‪،‬‬ ‫وأنّ ذلك شرك‪.‬‬

‫‪69‬‬

‫قال ابن كثي‪-‬رحه ال‪-‬ف تفسي الية‪(( :‬أي‪ :‬ول يأمركم بعبادة أحد غي‬ ‫ّسصِلمُونَ}‬ ‫ال‪ :‬ل نصب مرسصل ول ملك مقرب { أََيأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَ ْعدَ إِذْ أَنتُم م ْ‬ ‫أي‪ :‬ل يفعل ذلك إل من دعا إل عبادة غي ال‪ ،‬لن من دعا إل عبادة غي ال‬ ‫ف قد د عا إل الك فر‪ ،‬وال نبياء إن ا يأمرون باليان وهوعبادة ال وحده ل شر يك‬ ‫له‪ ،‬كما قال تعال‪ { :‬وَمَآ َأرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رّسُولٍ ِإلّ نُوحِى ِإلَيْهِ أَنّه لإله ِإلّ‬ ‫ّهص‬ ‫َنص اعُْبدُواْ الل َ‬ ‫أَنَاْ فاعُْبدُونصِ} وقال تعال‪ { :‬وَلَ َقدْ بَعَثْن َا ف ِى كُلّ أُمّ ٍة رّسصُولً أ ِ‬ ‫وَاجْتَنِبُوْا الْطّ صاغُوتَ} ال ية‪ ،‬وقال‪ { :‬وَا سْئلْ مَ نْ َأرْ َسلْنَا مِن قَبْلِ كَ مِن رّ سُلِنَآ‬ ‫َأجَعَلْنَا مِن دُونِ الرّ ْحمَصنِ آِلهَةً يُعَْبدُونَ} وقال إخبارا عن اللئكة‪ { :‬وَمَن يَقُلْ‬ ‫مِْنهُمْ إِنّى ِإلَصهٌ مّن دُوِن ِه فَذلِكَ َنجْزِيهِ َجهَّنمَ َك َذلِكَ َنجْزِى الظّصالِمِيَ} ))(‪.)1‬‬

‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ثص ذكصر الؤلف‪-‬رحهص ال‪-‬الدليصل على أن عبادة النصبياء شرك مثصل عبادة‬ ‫الصنام‪.‬‬ ‫وفيصه ردّ على هؤلء الذيصن يقولون‪ :‬إن الشرك عبادة الصصنام‪ ،‬ول يسصوّى‬ ‫عندهم بي مَن عبد الصنام وبي مَن عبد وليـا أورجلً صالـا‪ ،‬وينكرون‬ ‫التسوية بي هؤلء‪ ،‬ويزعمون أنّ الشرك مقصورٌ على عبادة الصنام فقط‪ ،‬وهذا‬ ‫من الغالَطة الواضحة‪.‬‬ ‫سصسْأَلُ يوم القيامصة عيسصى بصن مريص _ مصع علم ال تعال بالواب‪،‬‬ ‫فال تعال ََي‬ ‫ول كن حت يكون حجةً على الليقَة‪ -‬هل أ مر هؤلء النصارى بعبادته ؟ لنم‬ ‫يعبدونَهُ من دون ال !!‬ ‫‪")1(1‬تفسي ابن كثي"(‪.)2/56‬‬ ‫‪70‬‬

‫في تبأ عي سى بن مر ي من هؤلء‪ ،‬ويُبي أ نه إن ا دعا هم إل توح يد ال وإفراده‬ ‫بالعبادة‪ ،‬وإل ترك الشرك والذر منه كما قال تعال‪ ﴿ :‬وَِإذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى‬

‫خذُونِي وَُأمّيَ إَِلهَيْنِ مِنْ دُو نِ اللّهِ‪ ،‬قَالَ سُ ْبحَاَنكَ‬ ‫ابْنَ َمرْيَمَ أَأَنْ تَ قُلْتَ لِلنّا سِ اّت ِ‬ ‫مَا يَكُو نُ لِي ﴾ تنيها لك يا ر بّ وتعظيما أن أفعل ذلك أوأتكلم به‪ ،‬ما يكون‬

‫حقّ ِإ نْ كُنْ تُ قُلْتُ هُ َف َقدْ عَلِمْتَ هُ َتعْلَ مُ مَا فِي َنفْ سِي‬ ‫ل ﴿ أَ نْ أَقُولَ مَا لَيْ سَ لِي ِب َ‬ ‫وَل َأعْ َلمُ مَا فِي َن ْفسِكَ إِنّكَ أَنْتَ عَلّامُ اْلغُيُوبِ ﴾ [ الائدة‪.] 116 :‬‬ ‫فيتبأ عيسى بن مري ‪-‬عليه السلم‪-‬يوم القيامة من الشرك‪ ،‬بل إنه يتبأُ من‬ ‫الشرك أيضا فص الدنيصا قبصل قِيام السصاعة حيص ينصصزل مصن السصماء إل الرض‬ ‫ويدعوالناس إل التوحيد الالص‪ ،‬ويتبأُ أيضا من عُبّاد الصليب‪ ،‬فعن أب هُرَيْرَةَ‬ ‫رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ‪ -‬قَال‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللّهِ ‪:‬‬‫((وَالّذِي نَفْ سِي بِيَدِ هِ لَيُوشِكَنّ أَ نْ يَنْزِلَ فِيكُ مْ ابْ نُ مَرْيَ مَ حَكَمًا عَدْلًا‪ ،‬فَيَكْ سِرَ‬ ‫َهص أَحَدٌ‪،‬‬ ‫ِيضص الْمَالُ حَتّىص لَا يَقْبَل ُ‬ ‫َعص الْجِزْيَةَ‪ ،‬وَيَف َ‬ ‫الصصلِيبَ‪ ،‬وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ‪ ،‬وَيَض َ‬ ‫ّ‬ ‫حَتّ ى تَكُو نَ ال سّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِ نْ الدّنْيَا وَمَا فِيهَا))‪ .‬ثُمّ يَقُولُ أَبُوهُرَيْرَةَ‪:‬‬ ‫وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ‪ ﴿ :‬وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلّا لَيُؤْمِنَنّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدا ﴾ [النساء‪.)1(]159 :‬‬

‫‪)1(1‬أخرجه البخاري(‪)3264‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم(‪.)155‬‬ ‫‪71‬‬

‫ودَلِيلُ ال صّالِحيَ قَولُ هُ تَعَالَى‪ ﴿ :‬أُولَئِ كَ الّذِي نَ يَدْعُو نَ يَبْتَغُو نَ إِلَى رَبّهِ مُ‬ ‫الْوَسِيلَةَ أَيّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ﴾ [السراء‪.]57 :‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أي‪ :‬الدليل على أن هناك من كان يعبد الصالي من البشر على زمن النب‬ ‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬قول ال نعال‪ ﴿ :‬أُولَئِكَ الّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبّهِمُ‬ ‫الْوَسِيلَةَ أَيّهُمْ أَقْرَبُ﴾‪.‬‬ ‫ِينص يَدْعُونصَ} (أولئك) مبتدأ (الذِيصن) صصفة‬ ‫َصصئِكَ ٱلّذ َ‬ ‫((قوله تعال‪{ :‬أُول ٰ‬ ‫ص‪ .‬يعن ص أولئك الدعوّون‪.‬‬ ‫صلة مذوف؛ أي يدعونمص‬ ‫(أولئك) وضمي ص الصص‬ ‫و{يَبْتَغُو نَ} خب‪ ،‬أويكون حالً‪ ،‬و(الّذِ ين يَدْعُون) خب؛ أي يدعون إل يه عبادا‬ ‫أوعبادة إل عبادته‪.‬‬ ‫و عن ع بد ال بن م سعود‪-‬ر ضي ال ع نه‪ -‬ف قوله عز و جل‪{ :‬أُولَ صٰئِكَ‬ ‫‪72‬‬

‫ٱلّذِي نَ يَدْعُو نَ يَبْتَغُو نَ إِلَىٰ رَبّهِ مُ ٱلْوَ سِيلَةَ} قال‪ :‬ن فر من ال ن أ سلموا وكانوا‬ ‫يُعبدون‪ ،‬فبَقِيَ الذين كانوا يَعبدون على عبادتم وقد أسلم النفر من الن(‪.)1‬‬ ‫وف رواية قال‪ :‬نزلت ف نفر من العرب كانوا يعبدون نفرا من الن فأسلم‬ ‫النيون و(ال نس) الذ ين كانوا يعبدون م ل يشعرون؛ فنلت {أُولَ صٰئِكَ ٱلّذِي نَ‬ ‫يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ}‪.‬‬ ‫وم نه أيضا‪ :‬أن م اللئ كة كا نت تعبد هم قبائل من العرب؛ ذكره الاوردي‪.‬‬ ‫وقال ابن عباس وماهد‪ :‬عُزير وعيسى‪.‬‬ ‫و(يبتغون) يطلبون من ال الزلفة والقربة‪ ،‬ويتضرعون إل ال تعال ف طلب‬ ‫ال نة‪ ،‬و هي الو سيلة‪ .‬أعلم هم ال تعال أن العبود ين يبتغون القر بة إل ربمص‪.‬‬ ‫والاء واليم ف (ربم) تعود على العابدين أوعلى العبودين أوعليهم جيعا‪ .‬وأما‬ ‫(يدعون) فعلى العابدين‪( .‬ويبتغون) على العبودين‪.‬‬ ‫{أَيّهُ مْ أَقْرَ بُ} ابتداء وخب‪ .‬ويوز أن يكون (أيّهم أقرب) بدلً من الضمي‬ ‫ف (يبتغون)‪ ،‬والعن‪ :‬يبتغي أيهم أقرب الوسيلة إل ال‪.‬‬ ‫{وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنّ عَذَابَ رَبّكَ كَانَ مَحْذُورا} أي‪:‬‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫مَخُوفا ل أمان لحد منه؛ فينبغي أن يُحذر منه ويُخاف))(‪.)2‬‬ ‫وقصد دلت اليصة على عدم جواز عبادة الصصالي‪ ،‬سصواءً كانوا مصن النصبياء‬ ‫والصصدّيقي‪ ،‬أومصن الولياء والصصالي‪ ،‬فل توز عبادتمص‪ ،‬لنّص الكُل عبادٌ ل‬ ‫فقراء إليه‪ ،‬فكيف يُعبدون مع الله ص جلّ وعل ص‪.‬‬ ‫وفص اليصة رد على مصن يدعوصصالا ويقول‪ :‬أنصا ل أشرك بال شيئا‪ ،‬الشرك‬ ‫عبادة الصنام‪.‬‬ ‫‪)1(1‬أخرجه مسلم(‪.)3030‬‬ ‫‪)1(2‬انظصر‪" :‬تفسصي القرطصب"(‪" ،)10/279‬تفسصي الطصبي"(‪" ،)15/72‬تفسصي ابصن كثيص"(‬ ‫‪.)5/81‬‬ ‫‪73‬‬

‫قال ا بن تيم ية‪-‬رح ه ال‪ -‬ف هذه ال ية الكري ة‪ ،‬ل ا ذ كر أقوال الف سرين‪:‬‬ ‫((وهذه القوال كلها حق‪ ،‬فإن الية تعم من كان معبوده عابدا ل‪ ،‬سواء كان‬ ‫من اللئكة أومن الن أومن البشر‪ ،‬والسلف ف تفسيهم يذكرون تفسي جنس‬ ‫الراد بال ية على نوع التمث يل‪ ،‬ك ما يقول الترجان ل ن سأله‪ :‬ما مع ن ال بز ؟‬ ‫فييه رغيفا‪ ،‬فيقول هذا‪ ،‬فالشارة إل نوعه ل إل عينه‪ ،‬وليس مرادهم من هذا‬ ‫تصيص نوع من شول الية‪ ،‬فالية خطاب لكل من دعا من دون ال مدعوا‪،‬‬ ‫وذلك الدعويبت غي ال ال الو سيلة ويرجورح ته وياف عذا به‪ ،‬ف كل من د عا‬ ‫ميتا أوغائبا مصن الولياء والصصالي سصواء كان بلفصظ السصتغاثة أوغيهصا فقصد‬ ‫تناولته هذه الية الكرية‪ ،‬كما تتناول من دعا اللئكة والن‪ ،‬فقد نى ال تعال‬ ‫من دعائ هم‪ ،‬وب ي أن م ل يلكون ك شف ال ضر عن الداع ي ول تويله‪ ،‬ول‬ ‫يرفعونه بالكلية ول يولونه من موضع إل موضع‪ ،‬كتغيي صفته أوقدره‪ ،‬ولذا‬ ‫قال‪( :‬ول تويل) فذ كر نكرة ت عم أنواع التحو يل‪ ،‬ف كل من د عا ميتا أوغائبا‬ ‫من الولياء وال صالي أود عا اللئ كة ف قد د عا من ل يغي ثه ول يلك ك شف‬ ‫الضر عنه ول تويله ))(‪.)1‬‬

‫ـ وَالْعُزّى *وَمَنَاةَ‬ ‫ـ اللّات َ‬ ‫ـ تَعَالَى‪ ﴿ :‬أَفَرَأَيْتُم ُ‬ ‫ودَلِيلُ الَحْجَارِ والَشْجَارِ قَولُه ُ‬ ‫الثّالِثَةَ الْأُخْرَى ﴾ [النجم‪.]20 ،19 :‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫قال ا بن كث ي‪-‬رح ه ال‪ -‬ف تف سي ال ية‪ (( :‬يقول تعال مقرعا للمشرك ي ف‬ ‫عبادتم الصنام والنداد والوثان‪ ،‬واتاذهم البيوت لا مضاهاة للكعبة الت بناها‬ ‫صتَ}‪.)2())..‬‬ ‫خليل الرحن عليه السلم { َأفَرَءَيُْتمُ ٱلّل ٰ‬ ‫وقال ابن جرير‪-‬رحه ال‪ (( :-‬يقول تعال ذكره‪ :‬أفرأيتم أيها الشركون اللّت‪،‬‬ ‫‪")2(1‬قاعدة جليلة ف التوسل والوسيلة"(ص ‪.)265 ،231 ،79‬‬ ‫‪")1(2‬تفسي ابن كثي"(‪.)7/422‬‬ ‫‪74‬‬

‫وهي من ال ألقت فيه التاء فأنثت‪ ،‬كما قيل عمروللذكر‪ ،‬وللنثى عمرة وكما‬ ‫ق يل للذ كر عباس‪ ،‬ث ق يل للن ثى عبا سة‪ ،‬فكذلك سى الشركون أوثانم بأساء‬ ‫ال تعال ذكره‪ ،‬وتقدّسصت أسصاؤه‪ ،‬فقالوا مصن ال اللت‪ ،‬ومصن العزيصز العُزّى‬ ‫وزعموا أننص بنات ال‪ ،‬تعال ال عمصا يقولون وافتروا‪ ،‬فقال جلّ ثناؤه لمص‪:‬‬ ‫أفرأيتم أيها الزاعمون أن اللت والعُزّى ومناة الثالثة بنا تُ ال ألَكُ مُ ال ّذكَرُ يقول‪:‬‬ ‫أتتارون لنف سكم الذكرَ من الولد‪ ،‬وتكرهون ل ا الن ثى‪ ،‬وتعلون لَ هُ الُنْثَى‬ ‫الت ل ترضونا لنفسكم‪ ،‬ولكنكم تقتلونا كراهة منكم لنّ‪.)1())..‬‬ ‫و{اللت} صص بتخفيصف التاء صص‪ :‬اللت بالطائف‪ ،‬وهصي أحدث مصن مَنَاة‬ ‫وكانت صخرةً مُربّعة بيضاء منقوشة عليها بيت الطائف له أستار وسدنة وحوله‬ ‫فناء معظم عند أهل الطائف‪ ،‬وهم ثقيف ومن تبعها‪ ،‬وكان سَدَنتها من ثَقِيف‪،‬‬ ‫وكانوا قد بنوا علي ها بناء‪ ،‬فكا نت قر يش وج يع العرب تعظم ها‪ .‬وب ا كا نت‬ ‫وتيمص الّلت‪ .‬وكانصت فص موضصع (منارة) مسصجد‬ ‫العرب تسصمى زيصد الّلت َ‬ ‫الطائف الي سرى‪ ،‬فلم تزل كذلك إل أن أ سلمت ثَقِي فٌ‪ ،‬فب عث ر سول ال‬ ‫الغية بن شعبة فهدمها وحرّقها بالنار‪.‬‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫وقُرئ‪ { :‬أفرأيتم اللتّ } ص بتشديد التاء ص اسم فاعل من ( لَتّ يَلُتّ )‪،‬‬ ‫وهو‪ :‬رجلٌ صال كان يلُتّ السّويق ويُطعمه للحُجّاج‪ ،‬فلمّا مات بنوا على قبه‬ ‫بيتـا‪ ،‬وأرْخوا عليه الستائر‪ ،‬فصاروا يعبدونه من دون الله ص عزّ وجل ص‪،‬‬ ‫هذا هواللّت‪ .‬قال بذا جاعة من أهل العلم‪.‬‬ ‫‪")2(1‬تفسي ابن جرير"(‪.)27/34‬‬ ‫‪75‬‬

‫ول منافاة بي القولي‪ .‬فإنم عبدوا الصخرة والقب تأليها وتعظيما‪.‬‬ ‫ول ثل هذا بن يت الشا هد والقباب على القبور واتذت أوثانا‪ .‬وف يه بيان أن‬ ‫أهل الاهلية كانوا يعبدون الصالي والصنام (‪.)1‬‬ ‫{والعُزّى}‪ :‬وهي أحدث من الّلت‪ ،‬ٱتذها ظال بن أسعد‪ ،‬وكانت بوادي‬ ‫نَخْلة الشام ية فوق ذات عِرْق‪ ،‬فبنوا علي ها بيتا وكانوا ي سمعون من ها ال صوت‪،‬‬ ‫وكان هذا الصنم لقريش وأهل مكّة ومَن حولم‪.‬‬ ‫قال ٱبن هشام‪ :‬وحدّثن أب عن أب صال عن ٱبن عباس قال‪ :‬كانت العُزّى‬ ‫شيطا نة تأ ت ثلث سَمُرات بب طن نَخْلة‪ ،‬فل ما ٱفت تح ر سول ال صلى ال عل يه‬ ‫وسلم مكة‪ ،‬بعث خالد بن الوليد رضي ال عنه فقال‪« :‬ٱي تِ بَطْن نلة فإنك‬ ‫ت د ثلث سَمُرات فٱعْضِد الول» فأتا ها فَعضَد ها فل ما جاء إل يه قال‪ « :‬هل‬ ‫رأيت شيئا» قال‪ :‬ل‪ .‬قال‪« :‬فٱعضِد الثانية» فأتاها فَعضَدها‪ ،‬ث أتى النبّ صلى‬ ‫ال عليه وسلم فقال‪« :‬هل رأيت شيئا» قال‪ :‬ل‪ .‬قال‪« :‬فٱعضِد الثالثة» فأتاها‬ ‫فإذا هوببشيّة نافشة شعرها‪ ،‬واضعة يديها على عاتقها تُصَرّفُ بأنيابا‪ ،‬وخلفها‬ ‫دُبَيّةُ السّلَمّي وكان سادِنَها فقال‪:‬‬ ‫يا عُزّ كُفْرَانِك ل سبْحانِك‬

‫إن رَأَيْتُ اللّهَ قَد أهانَكِ‬

‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ث ضربا ففلق رأسها فإذا هي حُمَمَة‪ ،‬ث عَضَد الشجرة وقتل دُبَيّة السادن‪،‬‬ ‫ث أتى النبّ صلى ال عليه وسلم فأخبه فقال‪« :‬تلك العُزّى (ولن تُعبَد أبدا)»‬ ‫(‪.)2‬‬ ‫‪)1(1‬انظصر‪" :‬تفسصي ابصن جريصر"(‪" ،)27/34‬تفسصي ابصن كثيص"(‪" ،)7/422‬إغاثصة اللهفان"(‬ ‫‪" ،)212-2/211‬فتح الجيد"(‪.)255-1/253‬‬ ‫‪ )1(2‬انظصر‪" :‬تفسصي ابصن جريصر"(‪" ،)27/34‬تفسصي ابصن كثيص"(‪" ،)7/422‬إغاثصة اللهفان"(‬ ‫‪76‬‬

‫{ ومَنَاة }‪ :‬فكا نت بالشلل ع ند قد يد‪ ،‬ب ي م كة والدي نة‪ ،‬وكا نت خزا عة‬ ‫والوس والزرج يعظمونا ويهلون منها للحج‪ ،‬ويعبدونا من دون ال‪ ،‬وأصل‬ ‫اشتقاق ها‪ :‬من إ سم ال النان‪ ،‬وق يل‪ :‬لكثرة ما ي ن ص أي يراق ص عند ها من‬ ‫الدماء للتبك با(‪.)3‬‬ ‫فدلت ال ية على أنّه كان هناك من الشرك ي ف ع هد ال نب عل يه ال صلة‬ ‫وال سلم من يع بد الحجار والشجار‪ ،‬ويق سم بالشجار وبالحجار ويعلون ا‬ ‫معبوداتٍ من دون ال ‪-‬سبحانه وتعال‪ ،-‬وأنّ عباد هذه الوثان كانوا يعتقدون‬ ‫حصصول البكصة منهصا بتعظيمهصا ودعائهصا والسصتعانة باص والعتماد عليهصا فص‬ ‫حصول ما يرجونه منها ويؤملونه ببكتها وشفاعتها وغي ذلك‪ ،‬فالتبك بقبور‬ ‫ال صالي كاللت‪ ،‬وبالشجار كالعزى ومناة من ض من ف عل أولئك الشرك ي‬ ‫مع تلك الوثان‪ ،‬فمن فعل مثل ذلك واعتقد ف قب أوحجر أوشجر فقد ضاهى‬ ‫عباد هذه الوثان في ما كانوا يفعلو نه مع ها من هذا الشرك‪ ،‬على أن الوا قع من‬ ‫هؤلء الشركي مع معبوديهم أعظم ما وقع من أولئك‪ .‬فال الستعان‪.‬‬ ‫قال ابن تيمية‪-‬رحه ال‪(( :-‬الْمَقْ صُودُ أَنّ أَ صْلَ الشّرْ كِ فِي الْعَالَ مِ كَا نَ مِ نْ‬ ‫عِبَادَةِ الْبَشَرِ الصّالِحِيَ وَعِبَادَةِ تَمَاثِيلِهِمْ‪ ...‬وَمِنْ الشّرْكِ مَا كَانَ أَصْلُهُ عِبَادَةَ‬

‫‪" ،)212-2/211‬فتح الجيد"(‪)255-1/253‬‬ ‫‪)2(3‬السابق‪.‬‬ ‫‪77‬‬

‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫الْكَوَاكِ بِ؛ إمّا الشّمْ سُ وَإِمّا الْقَمَرُ وَإِمّا غَيْرُهُمَا‪ ،‬وَ صَوّرَتْ الْأَ صْنَامُ طَلَا سِمَ‬ ‫لِتِلْ كَ الْكَوَاكِ بِ‪ ،‬وَشِرْ كُ قَوْ مِ إبْرَاهِي مَ ‪ -‬وَاَللّ هُ أَعْلَ مُ ‪ -‬كَا نَ مِ نْ هَذَا‪ ،‬أَوكَا نَ‬ ‫بَعْضُ هُ مِ نْ هَذَا‪ ،‬وَمِ نْ الشّرْ كِ مَا كَا نَ أَ صْلُهُ عِبَادَةَ الْمَلَائِكَةِ أَوالْجِنّ‪ ،‬وُضِعَ تْ‬ ‫الْأَ صْنَامُ لِأَجْلِهِ مْ‪ ،‬وَإِلّا فَنَفْ سُ الْأَ صْنَامِ الْجَمَادِيّةِ لَ مْ تُعْبَدْ لِذَاتِهَا‪ ،‬بَلْ لِأَ سْبَابٍ‬ ‫اقْتَضَتْ ذَلِكَ‪.)1())... ،‬‬

‫و َحدِي ثُ أَبِي وَا ِقدٍ اللّيْثِيّ ‪َ -‬رضِ يَ اللّ ُه عَنْ هُ‪ -‬قَالَ‪َ (( :‬خرَجْنَا مَ عَ النّبِي إل‬ ‫شرِ ِكيَ ِسدْ َرةٌ َيعْ ُكفُو َن عِ ْندَهَا‪ ،‬وَيَنُوطُو نَ‬ ‫حُنَيْ نٍ وََنحْ نُ ُحدَثَا َء َعهْدٍ بِ ُك ْفرٍ‪ ،‬ولِل ُم ْ‬

‫سدْ َرةٍ َفقُلْنَا‪ :‬يَا رَسُولَ الِ ا ْجعَلْ‬ ‫ِبهَا أَسْ ِلحََتهُم ُيقَالُ َلهَا‪ :‬ذَا تُ أَنْوَاطٍ‪َ ،‬ف َمرَرنَا بِ ِ‬ ‫‪")1(1‬مموع الفتاوى"(‪.)17/460‬‬ ‫‪78‬‬

‫لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ َكمَا َل ُهمْ ذَاتُ أَنَوَاطٍ‪ ))...‬الديث ‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫حديث أب واقد‪َ -‬رضِ يَ اللّ هُ عَنْ هُ‪ -‬أخرّجه الترمذي ف الفت باب ماجاء لتركب‬ ‫سنن من كان قبلكم(‪)2180‬ولفظه‪:‬‬ ‫عَنْ أَبِي وَاِقدٍ اللّيْثِيّ ص رضي ال عنه ص‪ :‬أَنّ رَسُولَ اللّهِ لَمّا خَرَجَ ِإلَى حُنَيْ ٍن‬ ‫شجَرَةٍ لِ ْل ُمشْرِكِيَ يُقَالُ لَهَا ذَا تُ أَْنوَا طٍ يُعَلّقُو نَ عَلَيْهَا َأ سِْلحََت ُهمْ‪ ،‬فَقَالُوا‪ :‬يَا‬ ‫مَرّ ِب َ‬ ‫رَسُولَ اللّهِ اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَْنوَاطٍ َكمَا َلهُمْ ذَاتُ أَْنوَاطٍ!‪ ،‬فَقَا َل النّبِيّ ‪:‬‬ ‫(( سُْبحَانَ اللّ هِ َهذَا كَمَا قَا َل َقوْ مُ مُو سَى اجْ َعلْ لَنَا ِإلَهًا كَمَا َلهُ مْ آِلهَةٌ وَاّلذِي‬ ‫نَ ْفسِي بَِيدِهِ لَتَرْكَبُنّ سُنّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَ ُكمْ ))(‪.)1‬‬ ‫اسصمُهُ‬ ‫صصحِيحٌ‪ ،‬وَأَبُووَاِقدٍ اللّيْثِيّ ْ‬ ‫َسص ٌن َ‬ ‫ِيثص ح َ‬ ‫قَالَ أَبُوعِيسصَى الترمذي‪َ " :‬هذَا َحد ٌ‬ ‫اْلحَارِثُ بْنُ َعوْفٍ"‪.‬‬ ‫صحَابِيّ مشهور‪ ،‬قِيلَ‪ :‬اِ ْسمُ ُه الْحَارِ ثُ بْ نُ مَالِ كٍ‪،‬‬ ‫قَوْلُ هُ‪ ( :‬عَ نْ أَبِي وَا ِقدٍ اللّيْثِيّ ) َ‬ ‫َوقِيلَ‪ :‬اِبْنُ َع ْوفٍ َوقِيل‪َ :‬عوْفُ بْ ُن اْلحَارِثِ‪ ،‬مات سنة ثان وستي وهوابن‬ ‫‪ )1(1‬وأخرجه أحد(‪ ،)5/218‬والطيالسي(‪ ،)2346‬والشافعي(‪-23‬بدائع النن)‪ ،‬والميدي(‬ ‫‪ ،)848‬ومعمر ف"الامع"(‪ ،)20763‬وابن أب عاصم ف"السنة"(‪ ،)76‬وابن نصر ف"السنة"(ص ‪،11‬‬ ‫‪ ،)12‬وأبويعلى(‪ ،)1441‬وا بن حبان(‪-6702‬الح سان)‪ ،‬وال طبي ف"تف سيه"(‪ ،)9/31‬وال طبان‬ ‫فص"الكصبي"(‪ ،)3294-3290‬واللكائي فص"شرح أصصول اعتقصد أهصل السصنة"(‪ ،)1/124‬والبغوي‬ ‫ف"نتف سيه"(‪ ،)2/280‬والبيه قي ف"معلر فة ال سنن والثار"(‪ ،)1/108‬و صححه ا بن حبان‪ ،‬وا بن‬ ‫حجر ف "الصابة"(‪ ،)4/216‬واللبان ف"ظلل النة"(‪ ،)76‬وقد قمت بدراسته رواية ودراية ف‬ ‫جزء مفرد يسر ال نشره‪.‬‬ ‫‪79‬‬

‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫خس وثاني على الصحيح(‪.)1‬‬ ‫قَوُْلهُ‪( :‬خرجنا مع النب إل حُني)وف حديث عمروابن عوف وهوعند ابن أب‬ ‫حا ت وا بن مردو يه وال طبان‪ :‬قال‪ " :‬غزو نا مع ر سول ال يوم الف تح‪ ،‬ون ن‬ ‫ألف ونيف حت إذا كنا بي حني والطائف ص" الديث(‪ ،)2‬وحُنَْي نٍ َم ْوضِ عٌ بَيْ نَ‬ ‫الطّاِئفِ وَمَكّةَ‪.‬‬ ‫قَوْلُ هُ‪( :‬وَن نُ ُحدَثَا ُء َعهْدٍ بِ ُك ْفرٍ) أي‪ :‬قر يب عهد نا بالك فر‪ ،‬فف يه دل يل على أن‬ ‫غيهم من تقدم إسلمه من الصحابة ل يهل هذا‪ ،‬وأن النتقل من الباطل الذي‬ ‫اعتاده قبله ل يأمن أن يكون ف قلبه بقية من تلك العادة (‪.)3‬‬ ‫قَوْلُ هُ‪( :‬وللمشركي سدرة يعكفون عندها) العكوف‪ :‬هوالقا مة على الشئ ف‬ ‫الكان‪ ،‬ومنصه قول الليصل ‪-‬عليصه السصلم‪ ﴿ :-‬مَا َهذِهِص الّتمَاثِي ُل الّتِي أَنْتُم ْصلَهَا‬ ‫عَاكِفُو نَ﴾ [ال نبياء‪ ]52 :‬وكان عكوف الشركي عند تلك السدرة تبكا با‬ ‫وتعظيما لا‪ ،‬وف حديث عمرو‪(( :‬كان يناط با السلح‪ ،‬فسميت ذَا تُ أَْنوَا طٍ‬

‫وكانت تعبد من دون ال))‪ ،‬وذَا تُ أَْنوَا طٍ‪ :‬اِ ْسمُ َشجَ َرةٍ بِعَيِْنهَا كَانَ تْ لِ ْل ُمشْرِكِيَ‬

‫يَنُوطُونَ ِبهَا ِسلَا َح ُهمْ‪ ،‬أَيْ‪ :‬يُعَلّقُونَهُ ِبهَا‪ ،‬وَيَعْكُفُونَ َح ْوَلهَا‪ ،‬فَسَأَلُوهُ أَنْ َيجْعَلَ َلهُمْ‬ ‫صدَرٌ ُسمّيَ بِ ِه اْلمَنُوطُ (‪)4‬‬ ‫مِثَْلهَا‪ ،‬فََنهَا ُهمْ عَنْ َذلِكَ‪.‬وَأَْنوَاطُ‪َ :‬ج ْمعِ َنوْطٍ‪ ،‬وَهُو َم ْ‬ ‫‪")1(1‬تقريب التهذيب"(ص ‪.)682‬وانظر"الصابة"(‪.)456-7/455‬‬ ‫‪")2(2‬الدر النثور"(‪.)3/114‬‬ ‫‪")3(3‬فتح الجيد"(‪.)1/360‬‬ ‫‪")4(4‬النهاية ف غريب الديث"(‪" ،)5/128‬فتح الجيد"(‪.)1/360‬‬ ‫‪80‬‬

‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫و ف هذا بيان أن عبادت م ل ا بالتعظ يم والعكوف وال تبك‪ ،‬وبذه المور الثل ثة‬ ‫عبدت الشجار ونوها‪.‬‬ ‫قَوْلُ هُ‪ ( :‬سُ ْبحَانَ اللّهِ ) تَنْزِيهًا وَتَ َعجّبًا ( َهذَا ) أي َهذَا الْقَوْلُ مِنْكُمْ والراد تعظيم‬ ‫ال تعال وتنييه عن هذا الشرك بأي نوع كان‪ ،‬ما ل يوز أن يطلب أويقصد به‬ ‫غيص ال وكان النصب يسصتعمل التكصبي والتسصبيح ف حال التعجصب تعظيما ل‬ ‫وتنيها له إذا سع من أحد ما ل يليق بال ما فيه هضم للربوبية أواللية‪.‬‬ ‫( َكمَا قَالَ قَوْ مُ مُو سَى اِ ْجعَلْ لَنَا إَِلهًا َكمَا َلهُ مْ آِل َهةٌ ) شبه مقالتهم هذه بقول‬ ‫ب ن إ سرائيل‪ ،‬با مع أن كلً طلب أن ي عل له ما يأل ه ويعبده من دون ال‪ ،‬وإن‬ ‫اختلف اللفظان‪ .‬فالعن واحد‪ ،‬فتغيي السم ل يغي القيقة‪.‬‬ ‫ففيه الوف من الشرك‪ ،‬وأن النسان قد يستحسن شيئا يظن أنه يقربه إل ال‪،‬‬ ‫وهوأبعد ما يبعده من رح ته ويقرهب من سخطه‪ ،‬ول يعرف هذا على القيقة‬ ‫إل من عرف ما و قع ف هذه الزمان من كث ي من العلماء والعباد مع أرباب‬ ‫القبور‪ ،‬من الغلوفيها وصرف جل العبادة لا‪ ،‬ويسبون أنم على شئ وهوالذنب‬ ‫الذي ل يغفره ال (‪.)1‬‬ ‫قال ابصن القيصم‪-‬رحهص ال‪ (( :-‬فإذا كان اتاذ هذه الشجرة لتعليصق السصلحة‬ ‫والعكوف حول ا اتاذ إله مع ال تعال‪ ،‬مع أن م ل يعبدون ا‪ ،‬ول ي سألونا‪ .‬ف ما‬ ‫الظن بالعكوف حول القب‪ ،‬والدعاء به ودعائه‪ ،‬والدعاء عنده ؟فأي نسبة للفتنة‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫‪")1(1‬فتح الجيد"(‪.)1/261‬‬ ‫‪81‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫بشجرة إل الفتنة بالقب ؟لوكان أهل الشرك والبدعة يعلمون ))(‪.)1‬‬ ‫وقال ابن أب شامة‪-‬رحه ال‪:-‬‬ ‫(( و من هذا الق سم أيضا ما قد عم البتلء به من تزي ي الشيطان للعا مة تل يق‬ ‫اليطان والعمد وإسراج مواضع مصوصة ف كل بلد‪ ،‬يكى لم حاك أنه رأى‬ ‫ف منامه با أحدا من شهر بالصلح والولية‪ ،‬فيفعلون ذلك ويافظون عليه مع‬ ‫تضييعهصم لفرائض ال تعال وسصننه‪ ،‬ويظنون أنمص متقربون بذلك‪ ،‬ثص يتجاوزون‬ ‫هذا إل أن يعظصم وقصع تلك الماكصن فص قلوبمص فيعظموناص ويرجون الشفاء‬ ‫لرضا هم وقضاء حوائج هم بالنذر ل ا‪ ،‬و هي من عيون وش جر وحائط وح جر‪.‬‬ ‫وفص مدينصة دمشصق مصن ذلك مواضصع متعددة كعوينصة المصى خارج باب تومصا‬ ‫والعمود الخلق دا خل باب الصصغي‪ ،‬والشجرة اللعو نة خارج باب الن صر ن فس‬ ‫قار عة الطر يق سهل ال قطع ها واجتثاث ها من أ صلها‪ ،‬ف ما أشبه ها بذات أنواط‬ ‫الواردة ف الديث‪.)2())..‬‬ ‫وقال أبوبكصر الطرطوشصي‪-‬رحهص ال‪(( :-‬فانظروا ‪-‬رحكصم ال‪-‬أينمصا وجدتص‬ ‫سصدرة أوشجرة يقصصدها الناس ويعظمون مصن شأناص ويرجون البء والشفاء مصن‬ ‫قبلها وينطون با السامي والرق فهي ذات أنواط فاقطعوها!))(‪.)3‬‬

‫‪")1(1‬إغاثة اللهفان"(‪.)1/205‬‬ ‫‪")2(2‬الباعث على إنكار البدع والوادث"(ص ‪.)101‬‬ ‫‪")3(3‬الوادث والبدع"(ص ‪.)105‬‬ ‫‪82‬‬

‫وقال ا بن الق يم‪-‬رح ه ال‪ (( :-‬ف ما أ سرع أ هل الشرك إل اتاذ الوثان‬ ‫مصن دون ال ولوكانصت مصا كانصت ويقولون‪ :‬إن هذا الجصر‪ ،‬وهذه الشجرة‪،‬‬ ‫وهذه‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫الع ي تق بل النذر أي تق بل العبادة من دون ال تعال‪ ،‬فإن النذر عبادة وقر بة‬ ‫يتقرب با الناذر إل النذور له ويتمسحون بذلك النصب ويستلمونه ولقد أنكر‬ ‫السلف التمسح بجر القام الذي أمر ال تعال أن يتخذ منه مصلى كما ذكر‬ ‫الزر قي ف كتاب تار يخ م كة عن قتادة ف قوله تعال‪{ :‬وَاتّخِذُوا مِ نْ مَقَا مِ‬ ‫إِبْرَاهِي مَ مُ صَلّىً }[البقره‪ ]125 :‬قال‪ :‬إنا أمروا أن يصلوا عنده ول يؤمروا‬ ‫بسحه ولقد تكلفت هذه المة شيئا ما تكلفته المم قبلها ذكر لنا من رأى أثره‬ ‫وأصابعه فما زالت هذه المة تسحه حت اخلولق‪.‬‬ ‫وأع ظم الفت نة بذه الن صاب‪ :‬فت نة أن صاب القبور‪ ،‬و هي أ صل فت نة عبادة‬ ‫الصنام كما قاله السلف من الصحابة والتابعي وقد تقدم‪.‬‬ ‫و من أعظصم كيصد الشيطان‪ :‬أ نه ينصصب لهصل الشرك قصب مع ظم يعظمصه‬ ‫الناس‪ ،‬ث يعله وث نا يع بد من دون ال‪ ،‬ث يو حي إل أوليائه‪ :‬أن من ن ى عن‬ ‫عبادتصه واتاذه عيدا وجعله وثنصا فقصد تنقصصه وهضصم حقصه فيسصعى الاهلون‬ ‫الشركون ف قتله وعقوبته ويكفرونه وذنبه عند أهل الشراك‪ :‬أمره با أمر ال‬ ‫به ورسوله ونيه عما نى ال عنه ورسوله‪ :‬من جعله وثنا وعيدا وإيقاد السرج‬ ‫عل يه وبناء ال ساجد والقباب عل يه وت صيصه وإشاد ته وت قبيله وا ستلمه ودعائه‬ ‫أوالدعاء به أوالسفر إليه أوالستغاثة به من دون ال ما قد علم بالضطرار من‬ ‫‪83‬‬

‫د ين ال سلم أ نه مضاد ل ا ب عث ال به ر سوله‪ :‬من تر يد التوح يد ل وأن ل‬ ‫يعبد إل ال فإذا نى الوحد عن ذلك غضب الشركون واشأزت قلوبم وقالوا‪:‬‬ ‫قد تنقص أهل الرتب العالية وزعم أنم ل حرمة لم ول قدر وسرى ذلك ف‬ ‫نفوس الهال والطعام وكثيص منص ينسصب إل العلم والديصن حتص عادوا أهصل‬ ‫التوحيد ورموهم بالعظائم ونفروا الناس عنهم ووالوا أهل الشرك وعظموهم‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫شدة أنمص هصم أولياء ال وأنصصار دينصه ورسصوله ويأبص ال ذلك فمصا كانوا‬ ‫أولياءه إن أولياؤه إل التبعون له الوافقون له العارفون با جاء به الداعون إليه ل‬ ‫التشبعون ب ا ل يعطوا لب سوثياب الزور الذ ين ي صدون الناس عن سنة نبيهم‬ ‫ويبغونا عوجا‪ ،‬وهم يسبون أنم يسنون صنعا ))(‬

‫(‪.)1‬‬

‫ضمّ اْلمُوَ ّحدَةِ وَالْمَعْنَى لَتَتّبِعُنّ ( سُّنةَ َمنْ كَانَ قَبْلَ ُكمْ ) َوفِي‬ ‫قَوُْلهُ‪ ( :‬لََترْكَُبنّ ) ِب َ‬ ‫َحدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ ‪-‬رضي ال عنه‪ (( :-‬لَتَتّبِعُنّ سََننَ مَ ْن قَبْلَ ُكمْ شِبْرًا شِبْرًا ‪,‬‬ ‫ضبّ تَبِعْتُمُو ُهمْ )) قُلْنَا‪ :‬يَا رَسُولَ اللّ ِه الَْيهُودَ‬ ‫وَ ِذرَاعًا ِذرَاعًا ‪ ,‬حَتّى لَودَخَلُوا ُجحْ َر َ‬ ‫وَالّنصَارَى !‪ .‬قَال‪َ (( :‬فمَنْ؟ )) (‪.)2‬‬ ‫س ‪َ -‬رضِي الُ عَْن ُهمَا‪َ -‬وفِي آخِ ِرهِ‪ (( :‬وَحَتّى لَوأَنّ‬ ‫وَجاءَ أَيضا مِنْ َحدِيثِ اِبْنِ عَبّا ٍ‬ ‫َأ َحدَهُمْ جَا َمعَ اِمْرَأَتَهُ فِي الطّرِيقِ لَفَعَلُْتمُوهُ )) (‪.)3‬‬ ‫‪")1(1‬إغاثة اللهفان"(‪.)213-1/212‬‬ ‫‪)2(2‬أخرجه البخاري(‪.)3456‬‬ ‫‪)3(3‬أخر جه الا كم(‪)4/502‬و صححه وواف قه الذ هب‪ ،‬و صححه الناوي ف"التي سيبشرح‬ ‫الامع الصغي"(‪ ،)290-2/289‬واللبان ف"صحيح الامع"(‪.)5067‬‬ ‫‪84‬‬

‫وَالسّنّةُ لُغَةً‪ :‬الطّرِيقَةُ َحسَنَةً كَاَنتْ أَوسَيّئَةً ‪ ,‬وَاْلمُرَادُ هُنَا‪ :‬طَرِيقَةُ أَ ْهلِ اْل َهوَا ِء‬ ‫سهِمْ بَ ْعدَ أَنْبِيَاِئ ِهمْ مِنْ تَغِْييِ دِيِن ِهمْ وََتحْرِيفِ‬ ‫وَالِْبدَعِ الّتِي اِبَْتدَعُوهَا مِنْ تِلْقَاءِ أَنْ ُف ِ‬ ‫كِتَاِبهِمْ كَمَا أَتَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ َحذْوالنّعْلِ بِالنّعْلِ (‪.)1‬‬ ‫وفيه علم من أعلم النبوة من حيث إنه وقع كما أخب به صلى ال عليه وسلم‪.‬‬ ‫وف الديث‪ :‬النهى عن التشبه بأهل الاهلية وأهل الكتاب فيما كانوا يفعلونه‪،‬‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫إل ما دل الدليل على أنه من شريعة ممد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬ ‫وبالملة فقد دل هذا الديث على أن ما يفعله من يعتقد ف الشجار والقبور‬ ‫والحجار من التبك با العكوف عندها والذبح لا‪ ،‬هوالشرك‪ ،‬ول يغتر بالعوام‬ ‫والطغام‪ ،‬ول يستبعد كون الشرك بال يقع ف هذه المة‪.‬‬ ‫فإذا كان بعض الصحابة ظنوا ذلك حسنا وطلبوه من النب ‪-‬صلى ال عليه‬ ‫وسلم‪ -‬حت بي لم أن ذلك كقول بن إسرائيل‪{ :‬اجْعَلْ لَنَا ِإلَها َكمَا َلهُمْ‬ ‫آِلهَةٌ}[لعراف‪.]138 :‬‬ ‫فكيف ل يفى على من دونم ف العلم والفضل بأضعاف مضاعفة‪ ،‬مع غلبة‬ ‫الهل وبعد العهد بآثار النبوة ؟ !‬ ‫بل خفي عليهم عظائم الشرك ف اللية والربوبية‪ ،‬فأكثروا فعله واتذوه قربة‪.‬‬ ‫وفيه أن العتبار ف الحكام بالعان ل بالساء‪ ،‬ولذا جعل النب ‪-‬صلى ال عليه‬ ‫وسلم‪ -‬طلبهم كطلب بن إسرائيل‪ ،‬ول يلتفت إل كونم سوها ذات أنواط‪.‬‬ ‫‪)4(1‬انظر‪" :‬تفة الحوذي"(‪.)340-6/339‬‬ ‫‪85‬‬

‫فالشرك مشرك وإن سى شركه ما ساه‪ ،‬كمن يسمى دعاء الموات والذبح‬ ‫والنذر لم ونوذلك تعظيما ومبة‪ ،‬فإن ذلك هوالشرك‪ ،‬وإن ساه ما ساه‪ .‬وقس‬ ‫على ذلك (‪.)2‬‬

‫القَا ِعدَةُ الرّاِبعَةُ‬ ‫شرِكُو نَ ف الرّخَاءِ‬ ‫أَنّ ُمشِْركِي َزمَانِنَا َأغْلَ ظُ ِشرْكا مِ نْ الَوليَ‪ ،‬لَنّ الَوِليَ ُي ْ‬ ‫شرِكُو َزمَانِنَا ِشرْ ُك ُهمْ دَائِما ف الرّخَاءِ والشّدَةِ‪.‬‬ ‫وَُيخْ ِلصُونَ ف الشّدَةِ‪َ ،‬و ُم ْ‬ ‫والدّلِيلُ قَوْلُه ُـ تَعَالَى‪ ﴿ :‬فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْك ِـ دَعَوُا اللّه َـ مُخْلِص ِـيَ لَه ُـ‬ ‫الدّينَ فَلَمّا نَجّاهُمْ إِلَى الْبَرّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ﴾ [ العنكبوت‪.] 65 :‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫هذه هي القاعدة الراب عة ص و هي الخية ص‪ :‬وفي ها يقرر الؤلف –رح ه‬ ‫ال‪ -‬أ نّ مشر كي زمان نا أعظ مُ شرك ـا من الوّل ي الذ ين بُ عث إلي هم ر سول‬ ‫الله ‪.‬‬ ‫فإن الشركي الولي يُخلصون ل إذا اشتدّ بم المر‪ ،‬فل يدعون غي الله‬ ‫ص عزّ و جل ص لعلم هم أنّه ل يُن قذ من الشدائد إلّ الله ك ما قال ص تعال‬ ‫ص‪ ﴿ :‬وَإِذَا مَ سّكُمُ الضّرّ فِي الْبَحْرِ ضَلّ مَ نْ تَدْعُو نَ إِلّا إِيّا هُ فَلَمّ ا نَجّاكُ مْ إِلَى‬ ‫الْبَرّ أَعْرَضْتُ مْ وَكَا نَ الْأِنْ سَانُ كَفُورا ً﴾ [السراء‪ ،]67 :‬وف الية الخرى‪﴿ :‬‬ ‫وَإِذَا غَشِيَهُ مْ مَوْ جٌ كَالظّلَلِ دَعَوُا اللّ هَ مُخْلِ صِيَ لَ هُ الدّي نَ ﴾ يع ن‪ :‬مل صي له‬ ‫‪")1(2‬ف تح الج يد"(‪)263-1/262‬وان ظر‪" :‬ك شف الشبهات"(ص ‪)175‬ض من مؤلفات المام‬ ‫الجدد‪/‬قسم العقيدة‪..‬‬ ‫‪86‬‬

‫الدعاء‪ ﴿ ،‬فَلَمّا نَجّاهُ مْ إِلَى الْبَرّ فَمِنْهُ مْ مُقْتَ صِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآياتِنَا إِلّا كُلّ خَتّارٍ‬ ‫كَفُورٍ ﴾ [لقمان‪ ،] 32 :‬و ف ال ية الخرى‪ ﴿ :‬فَلَمّ ا نَجّاهُ مْ إِلَى الْبَرّ إِذَا هُ مْ‬ ‫يُشْرِكُون ﴾ [العنكبوت‪.]65 :‬‬ ‫َوعنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ‪-‬رَضِي الُ عَنْهُمَا‪-‬قَالَ‪ :‬قَالَ النّبِيّ لِأَبِي‪:‬‬ ‫(( يَا حُصَيْنُ كَمْ تَعْبُدُ الْيَوْمَ إِلَهًا؟)) قَالَ أَبِي‪ :‬سَبْعَةً سِتّةً فِي الْأَرْضِ‪ ،‬وَوَاحِدًا‬ ‫فِي ال سّمَاءِ‪ ،‬قَالَ‪ (( :‬فَأَيّهُ مْ تَعُدّ لِرَغْبَتِ كَ وَرَهْبَتِ كَ؟)) قَالَ‪ :‬الّذِي فِي ال سّمَاءِ‪،‬‬ ‫قَالَ‪(( :‬يَا حُ صَيْنُ أَمَا إِنّ كَ لَوأَ سْلَمْتَ عَلّمْتُ كَ كَلِمَتَيْ نِ تَنْفَعَانِ كَ)) قَالَ‪ :‬فَلَمّ ا‬ ‫أَسْلَمَ حُصَيْنٌ‪ ،‬قَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللّهِ عَلّمْنِيَ الْكَلِمَتَيْنِ اللّتَيْنِ وَعَدْتَنِي‪ ،‬فَقَالَ‪:‬‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫((قُلْ اللّهُمّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي وَأَعِذْنِي مِنْ شَرّ نَفْسِي))(‪.)1‬‬ ‫فالوّلون يُشركون فص الرخاء‪ ،‬فيدعون الصصنام والحجار والشجار‪ .‬أمصا‬ ‫إذا وقعوا ف شدّة وأشرفوا على اللك فإن م ل يدعون صنمـا ول شجرًا ول‬ ‫حجرًا ول أي ملوق‪ ،‬وإناص يدعون الله وحده صص سصبحانه وتعال صص‪ ،‬فإذا‬ ‫كان ل يلّص من الشدائد إلّ الله ص جلّ وعل ص فك يف يُد عى غيُه ف‬ ‫الرخاء ؟!‬ ‫قال ا بن كث ي‪-‬رح ه ال‪(( :-‬لذا قال تعال‪{ :‬وَإِذَا مَ سّكُمُ ٱلْضّرّ فِى ٱلْبَحْرِ‬ ‫ضَلّ مَن تَدْعُو نَ إِلّ إِيّا هُ} أي‪ :‬ذهب عن قلوبكم كل ما تعبدون غي ال تعال‪،‬‬ ‫كما اتفق لعكرمة بن أب جهل لا ذهب فارا من رسول ال حي فتح مكة‬ ‫فذهب هاربا فركب ف البحر يدخل البشة فجاءتم ريح عاصف‪ ،‬فقال القوم‬ ‫بعضهصم لبعصض‪ :‬إنصه ل يغنص عنكصم إل أن تدعوا ال وحده‪ ،‬فقال عكرمصة فص‬ ‫نفسه‪ :‬وال إن كان ل ينفع ف البحر غيه‪ ،‬فإنه ل ينفع ف الب غيه‪ ،‬اللهم لك‬ ‫‪)1(1‬أخرجه الترمذي(‪ ،)3483‬والبزار(‪ ،)3580‬والطبان ف"الكبي"(‪" ،)18/174‬الوسط"(‬ ‫‪ ،)1985‬و"الدعاء"(‪ ،)1393‬والرويان ف"مسنده"(‪.)85‬‬ ‫قَالَ الترمذي‪" :‬هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ"‪.‬‬ ‫‪87‬‬

‫علي عهصد لئن أخرجتنص منصه لذهبص فلضعصن يدي فص يدي ممصد فل جدنصه‬ ‫رؤوفا رحيما‪ ،‬فخرجوا من البحر فرجع إل رسول ال أسلم وحسن إسلمه‬ ‫رضي ال عنه وأرضاه (‪.)1‬‬ ‫وقوله تعال‪ { :‬فَلَمّ ا نَجّ صٰكُمْ إِلَى ٱلْبَرّ أَعْرَضْتُ مْ} أي ن سيتم ما عرف تم من‬ ‫توحيده وأعرض تم عن دعائه وحده ل شر يك له { وَكَا نَ ٱلِنْ سَصٰنُ كَفُورًا}‬ ‫أي‪ :‬سجيته هذا ينسى النعم ويحدها إل من عصم ال))(‪.)2‬‬ ‫هذا حال الشركي القدامى‪ ،‬وأما مشركوا هذا الزمان يعن‪ :‬التأخّرين‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الذ ين حدث في هم الشرك من هذه المّة الحمديّة فإ نّ شرك هم دائ مٌ ف‬ ‫الرخاء والشدّة‪ ،‬ل يُخل صون ل ول ف حالة الشدّة‪ ،‬بل كل ما اشتدّ ب م ال مر‬ ‫اشتدّ شركهم وضللم‪.‬‬ ‫قال الشنقي طي‪-‬رح ه ال‪(( :-‬إن ال ذم الكفار وعاتب هم بأن م ف و قت الشدائد‬ ‫والهوال خاصة يلصون العبادة له وحده‪ ،‬ول يصرفون شيئا من حقه لخلوق‪.‬‬ ‫وف وقت المن والعافية يشركون به غيه ف حقوقه الواجبة له وحده‪ ،‬الت هي‬ ‫عباد ته وحده ف ج يع أنواع العبادة‪ ،‬ويعلم من ذلك أن ب عض جهلة الت سمي‬ ‫باسم السلم أسوأ حالً من عبدة الوثان‪ ،‬فإنم إذا دهتهم الشدائد‪ ،‬وغشيتهم‬

‫الهوال والكروب التجؤوا إل غي ال من يعتقدون فيه الصلح‪ .‬ف الوقت الذي‬ ‫يلص ف يه الكفار العبادة ل‪ .‬مع أن ال ‪-‬جلّ وعل‪ -‬أو ضح ف غ ي مو ضع‪ :‬أن‬ ‫‪)2(1‬أخرج قصصة إسصلمه‪ :‬أبوداود(‪ ،)4359‬والنسصائي(‪ ،)4078‬وأبويعلى(‪ ،)757‬والطصبان‬ ‫ف"الكبي"(‪ ،)17/372‬والاكم(‪ ،)3/45‬والبيهقي ف"الدلئل"(‪ ،)61 ،5/60‬وابن هشام ف"السية"(‬ ‫‪ ،)3/418‬وصححها اللبان ف"صحيح سنن النسائي"(‪.)7/105‬‬ ‫‪")3(2‬تفسي ابن كثي"(‪.)5/88‬‬ ‫‪88‬‬

‫إجابة الضطر‪ ،‬وإناءه من الكرب من حقوقه الت ل يشاركه فيها غيه‪.‬‬ ‫ومصن أوضصح الدلة فص ذلك قوله تعال‪{ :‬ءَآللّهُص خَيْرٌ أَمّاص ُيشْ ِركُون* َأَمّن ْص َخلَق َص‬ ‫سمَآءِ مَآ ًء فَأَنبَتْنَا ِبهِ َحدَآئِقَ ذَاتَ َب ْهجَةٍ مّا‬ ‫السّمَصاوَاتِ وَالّرْضَ وَأَن َزلَ لَكُمْ مّنَ ال ّ‬ ‫كَا نَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ َشجَرَهَا أَِإلَصهٌ مّعَ اللّ هِ بَلْ هُ ْم َقوْمٌ يَ ْع ِدلُون* َأَمّن جَعَلَ ا ّلرْضَ‬ ‫لَلهَآ أَْنهَارا َوجَعَلَ َلهَا َروَا سِىَ وَجَعَلَ بَْي َن الَْبحْرَيْ نِ حَاجِزا َأءِلصهٌ‬ ‫قَرَارا وَجَعَلَ خِ َ‬ ‫ص‬ ‫ص وَيَ ْكشِف ُ‬ ‫ص اْل ُمضْطَرّ ِإذَا دَعَاه ُ‬ ‫ص لَ يَعَْلمُون* َأَمّنص ُيجِيب ُ‬ ‫ص ال بَلْ َأكْثَرُهُم ْ‬ ‫مّع َ‬ ‫ال سّوءَ}[النمل‪]62-59 :‬فتراه ‪-‬جلّ وعل‪-‬ف هذه الية الكريات جعل إجابة‬ ‫الضطر إذا دعا وكشف السوء عنه من حقه الالص الذي ل يشاركه فيه أحد‪.‬‬ ‫كخل قه ال سموات والرض‪ ،‬وإنزاله الاء من ال سماء‪ ،‬وإنبا ته به الش جر‪ ،‬وجعله‬ ‫الرض قرارا‪ ،‬وجعله خللاص أنارا‪ ،‬وجعله لاص رواسصي‪ ،‬وجعله بيص البحريصن‬ ‫حاجزا‪ ،‬إل آخر ما ذكر ف هذه اليات من غرائب صنعه وعجائبه الت ل‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫يشاركه فيها أحد‪ ،‬سبحانه وتعال عن ذلك علوا كبيا))(‪.)1‬‬ ‫انص الوّليص يعبدون أُناسصـا‬ ‫وقال الؤلف‪-‬رحهص ال‪-‬فص بعصض كتبصه‪ّ :(( :‬‬ ‫صالي من اللئ كة وال نبياء والولياء‪ ،‬أ ما هؤلء فيعبدون أُنا سـا من أف جر‬ ‫الناس‪ ،‬وهصم يعترفون بذلك‪ ،‬فالذيصن يسصمّونم القطاب والغواث ل يصصلّون‪،‬‬ ‫ول ي صومون‪ ،‬ول يتنهّون عن الز نا واللواط والفاح شة‪ ،‬لن م بزعم هم ل يس‬ ‫عليهصم تكاليصف‪ ،‬فليصس عليهصم حرام ول حلل‪ ،‬إناص هذا للعوام فقصط‪ .‬وهصم‬ ‫يعترفون أ نّ سادتم ل ي صلّون ول ي صومون‪ ،‬وأن م ل يتورّعون عن فاح شة‪،‬‬ ‫ومع هذا يعبدونم‪ ،‬بل يعبدون أُناسـا من أفجر الناس‪ :‬كاللّج‪ ،‬وابن عرب‪،‬‬ ‫والرّفاعي‪ ،‬والبدوي وغيهم ))(‪.)2‬‬ ‫‪" )1(1‬أضواء البيان"(‪.)3/322‬‬ ‫‪89‬‬

‫وقوله تعال‪( :‬دَعَوُا اللّه‪)َ..‬الية يدل على أ نّ كلّ داع عابد‪ ،‬فكل من دعا‬ ‫ال وسئله فهوعابد له‪ ،‬وكل دعاء ذكره ال تعال ف كتابه فهويشمل ف الغالب‬ ‫دعاء السألة‪ ،‬ودعاء العبادة‪ ،‬خاصة فيما يذكره من دعاء الشركي‪ ،‬فإنه يشمل‬ ‫دعاء السألة‪ ،‬ودعاء العبادة‪.‬‬ ‫فدعاء العبادة‪ :‬هوطلب الثواب بالعمال الصصالة‪ :‬كالنطصق بالشهادتيص‬ ‫والعمل بقتضاها‪ ،‬والصلة‪ ،‬والصيام‪ ،‬والزكاة‪ ،‬والج‪ ،‬والذبح ل‪ ،‬والنذر له‪،‬‬ ‫وب عض هذه العبادات تتض من الدعاء بل سان القال مع ل سان الال كال صلة‪.‬‬ ‫فمن فعل هذه العبادات وغيها من أنواع العبادات الفعلية فقد دعا ربه وطلبه‬ ‫بلسان الال أن يغفر له‪ ،‬والل صة أنه يتعبد ل طلبا لثوابه وخوفا من عقابه‪.‬‬ ‫وهذا النوع ل ي صح لغ ي ال تعال‪ ،‬و من صرف شيئا م نه لغ ي ال ف قد ك فر‬ ‫ُمص ادْعُونِي‬ ‫كفرا أكصب مرجا مصن اللة‪ ،‬وعليصه يقصع قوله تعال‪ ﴿ :‬وَقَالَ رَبّك ُ‬ ‫أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنّ الّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنّمَ دَاخِرِين ﴾‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫[غافر‪ ،]60 :‬وقال تعال‪ ﴿ :‬قُلْ إِنّ صَلَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ‬ ‫رَبّ الْعَالَمِ ي َ* لَ شَرِي كَ لَ هُ وَبِذَلِ كَ أُمِرْ تُ وَأَنَاْ أَوّلُ الْمُ سْلِمِيَ﴾ [ النعام‪:‬‬ ‫‪.]163 ،162‬‬ ‫وأ ما دعاء ال سألة‪ :‬وهودعاء الطلب‪ :‬طلب ما ين فع الدا عي من جلب ن فع‬ ‫أوكشف ضر‪ ،‬وطلب الاجات‪ ،‬ودعاء السألة فيه تفصيل على النحوالتال‪:‬‬ ‫‪- 1‬إذا كان دعاء ال سألة صدر من ع بد لثله من الخلوق ي وهوقادر‬ ‫حي حا ضر فل يس بشرك‪ .‬كقولك‪ :‬ا سقن ماءً‪ ،‬أو يا فلن أعط ن‬ ‫طعاما‪ ،‬أونوذلك فهذا ل حرج فيه‪ ،‬ولذا قال ‪ (( :‬مَ نْ اسْتَعَاذَ‬ ‫بِاللّ هِ فَأَعِيذُو هُ‪ ،‬وَمَ نْ سَأَلَ بِاللّ هِ فَأَعْطُو هُ‪ ،‬وَمَ نْ دَعَاكُ مْ فَأَجِيبُو هُ‪،‬‬ ‫وَمَ نْ صَنَعَ إِلَيْكُ مْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُو هُ‪ ،‬فَإِ نْ لَ مْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَ هُ‬ ‫فَادْعُوا لَهُ حَتّى تَرَوْا أَنّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ))(‪.)1‬‬ ‫‪- 2‬أن يدعوالداعي ملوقا ويطلب منه ما ل يقدر عليه إل ال وحده‪،‬‬ ‫‪")1(2‬كشف الشبهات"(ص ‪)170-169‬ضمن مؤلفات المام الجدد‪/‬قسم العقيدة‪.‬‬ ‫‪90‬‬

‫فهذا مشرك كا فر سواء كان الدعوحيّا أوميتا‪ ،‬أوحاضرا أوغائبا‪،‬‬ ‫كمن يقول‪ :‬يا سيدي فلن اشف مريضي‪ ،‬رد غائب‪ ،‬مدد مدد‪،‬‬ ‫أعطنص ولدا‪ ،‬وهذا كفصر أكصب مرج مصن اللة‪ ،‬قال ال تعال‪﴿ :‬‬ ‫وَإِ نْ يَمْ سَسْكَ اللّ هُ بِضُرّ فَل كَاشِ فَ لَ هُ إِلّا هُووَإِ نْ يَمْ سَسْكَ بِخَيْرٍ‬ ‫َنص‬ ‫فَهُوعَلَى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [النعام‪ ،]17 :‬وقال تعال‪ ﴿ :‬وَم ْ‬ ‫أَضَلّ مِمّ نْ يَدْعُومِ نْ دُو نِ اللّ هِ مَ نْ ل يَ سْتَجِيبُ لَ هُ إِلَى يَوْ مِ الْقِيَامَةِ‬ ‫وَهُ مْ عَ نْ دُعَائِهِ مْ غَافِلُون َ﴾ [الحقاف‪ ،]5 :‬وقال‪-‬عزّ وجلّ‪:-‬‬ ‫﴿ وَلَ تَدْ عُ مِن دُو نِ اللّ هِ مَا لَ يَنفَعُ كَ وَلَ يَضُرّكَص فَإِن فَعَلْ تَ‬ ‫فَإِنّكَ إِذًا مّنَ الظّالِمِيَ *‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ْكص بِخَيْرٍ فَلَ رَآدّ‬ ‫َهص إِلّ هُووَإِن يُرِد َ‬ ‫ِفص ل ُ‬ ‫ّهص بِضُرّ فَلَ كَاش َ‬ ‫ْسصسْكَ الل ُ‬ ‫وَإِن يَم َ‬ ‫لِفَضْلِ هِ يُ صيبُ بِ هِ مَن يَشَآءُ مِ نْ عِبَادِ هِ وَهُوالْغَفُورُ الرّحِي مُ ﴾ [يو نس‪،106 :‬‬ ‫‪ ،]107‬وقال تعال‪ ﴿ :‬مَثَلُ الّذِينصَ اتّخَذُواْ مِصن دُونصِ اللّهصِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ‬ ‫الْعَنكَبُو تِ اتّخَذَ تْ بَيْتًا وَإِنّ أَوْهَ نَ الْبُيُو تِ لَبَيْ تُ الْعَنكَبُو تِ لَوكَانُواْ يَعْلَمُون َ*‬ ‫إِنّ اللّ هَ يَعْلَ مُ مَا يَدْعُو نَ مِن دُونِ هِ مِن شَيْءٍ وَهُوالْعَزِيزُ الْحَكِي مُ * وَتِلْ كَ الَمْثَالُ‬ ‫نَضْرِبُهَا لِلنّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَآ إِل الْعَالِمُون َ﴾ [العنكبوت‪.]43-41 :‬‬ ‫ودعاء ال سألة متض من لدعاء العبادة‪ ،‬ودعاء العبادة م ستلزم لدعاء ال سألة‪،‬‬ ‫ويراد بالدعاء فص القرآن دعاء العبادة تارة‪ ،‬ودعاء السصألة تارة‪ ،‬ويراد بصه تارة‬ ‫‪)1(1‬أخرجصه أبوداود(‪)1672‬و(‪ ،)5109‬والنسصائي فص"الجتصب"(‪)5/82‬و"الكصبى"(‪،)2348‬‬ ‫وأحدص(‪ ،)5365‬والبخاري فص"الدب الفرد"(‪ ،)216‬والطيالسصي(‪ ،)1895‬وابصن حبان (‪-3408‬‬ ‫الحسان)‪ ،‬والاكم(‪ ،)1/412‬وأبونعيم ف"اللية"(‪ ،)9/56‬والبيهقي(‪ ،)4/199‬والقضاعي ف"مسند‬ ‫الشهاب"(‪ )421‬من حد يث عبدال بن ع مر‪-‬ر ضي ال عنه ما‪ ،-‬وهوحد يث صحيح‘صححه ا بن‬ ‫حبان والاكم ووافقه الذهب‪ ،‬واللبان ف"السلسلة الصحيحة"(‪.)254‬‬ ‫‪91‬‬

‫مموعهما(‪.)1‬‬

‫تَمّتْ وّصَلَى الُ عَلَى مُحَمّدٍ وَآلهِ وَصَحْبِهِ وَسَلّمَ‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ت شرح هذه القواعد النافعة والتعليق عليها‪ ،‬سائلً ال التوفيق والسداد‪،‬‬ ‫وآخر دعوانا أن المد ل ربّ العالي‪ ،‬وصلى ال على نبينا ممد وعلى آله‬ ‫وصحبه وسلم تسليما كثيا‪.‬‬

‫‪ )1(1‬انظر‪" :‬فتح‬ ‫‪92‬‬

‫الجيد"(‪.)319-1/316‬‬

‫فهرس الحتويات‬ ‫مقدمة الشرح‪2.....................................................‬‬ ‫ترجة الؤلف‪4......................................................‬‬ ‫شرح وبيان معن البسملة‪17..........................................‬‬ ‫عنوان السعادة ثلثة‪21...............................................‬‬ ‫معن العلم‪26........................................................‬‬ ‫النيفية ملة إبراهيم‪27................................................‬‬ ‫معن العبادة والفهوم الصحيح لا‪28...................................‬‬ ‫‪93‬‬

‫معن التوحيد‪33.....................................................‬‬ ‫معن الشرك وأنواعه‪36...............................................‬‬ ‫فساد العبادة إذا خالطها الشرك‪41.....................................‬‬ ‫التحذير من شبكة الشرك‪44..........................................‬‬ ‫معن القاعدة لغة واصطلحا‪47.......................................‬‬ ‫شرح القاعدة الول‪48..............................................‬‬ ‫شرح القاعدة الثانية‪52..............................................‬‬ ‫الشفاعة وأنواعها‪55.................................................‬‬ ‫شرح القاعدة الثالثة‪60..............................................‬‬ ‫شرح حديث أب واقد الليثي‪74......................................‬‬ ‫شرح القاعدة الرابعة‪81.............................................‬‬ ‫أنواع الدعاء‪84 ....................................................‬‬

‫‪94‬‬

Related Documents