I'rob Laa Ilaaha Illalloh.docx

  • June 2020
  • PDF

This document was uploaded by user and they confirmed that they have the permission to share it. If you are author or own the copyright of this book, please report to us by using this DMCA report form. Report DMCA


Overview

Download & View I'rob Laa Ilaaha Illalloh.docx as PDF for free.

More details

  • Words: 5,694
  • Pages: 23
‫إعراب ال إله إال هللا‬ ‫مقدمة‬ ‫لقد صنف علماؤنا القدامى كثيرا من الرسائل في بيان معنى ال إله إال هللا وفي‬ ‫إعرابها‪ .‬وقد اطلعت في مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة على عدد من‬ ‫الرسائل المخطوطة في ذلك‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫للا‪ .‬البن هشام األنصاري‪ .‬المتوفى سنة ‪ 761‬هـ‪.‬‬ ‫ رسالة في إعراب ال إله إال ّ‬‫للا‪ .‬للزركشي المتوفى سنة ‪794‬هـ‪.‬‬ ‫ رسالة في إعراب ال إله إال ّ‬‫ رسالة في إعراب ال إله إال هللا‪ .‬وتسمى التجريد في إعراب كلمة التوحيد‬‫لمصنفها علي بن سلطان القاري‪ .‬المتوفى سنة ‪1014‬هـ‪.‬‬ ‫للا‪ ،‬لمصنفها إبراهيم بن حسن‬ ‫ إنباه األنباه على تحقيق إعراب ال إله إال ّ‬‫الكوراني‪ ،‬المتوفى سنة ‪1101‬هـ‪.‬‬ ‫ولم يطبع من هذه الرسائل‪ -‬فيما أعلم‪ -‬سوى رسالة واحدة بعنوان "معنى ال إله إال‬ ‫هللا"لإلمام الزركشي‪.‬‬ ‫وهذه رسالة أخرى أقـوم بتحقيقها في إعراب ال إله إال هللا‪ ،‬منسوبة إلى ابن هشام‬ ‫األنصاري‪ ،‬اطلعت عليها في قسم المخطوطات بمكتبة عارف حكمت‪ ،‬فرأيتها‬ ‫تشتمل على فوائد قيّمة وتوجيهات عديدة لم أجدها في غيرها من المصنفات‪ .‬وهذا‬ ‫ما دعاني إلى االهتمام بها وتحقيقها‪ ،‬على الرغم من أنها نسخة فريدة‪.‬‬ ‫وقد عانيت كثيرا في إقامة النص‪ ،‬وتقويم العبارات المضطربة‪ ،‬وشرح الوجوه‬ ‫المختلفة‪ ،‬ونسبة اآلراء إلى أصحابها‪ .‬وال أدّعي الكمال في ذلك‪ ،‬وحسبي أنني‬ ‫بذلت جهدي‪.‬‬ ‫وللا أسأل أن يوفقنا ويسدد خطانا‪ ،‬ويهدينا سواء السبيل‪ ،‬والحمد ّلل رب العالمين‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ابن هشام األنصـاري‬

‫للا بن يوسف بن أحمد بن عبد هللا بن هشام األنصاري جمال‬ ‫هو أبو محمد عبد ّ‬ ‫الدين المشهور بابن هشام [‪. ]1‬‬ ‫ولد في القاهرة خامس ذي القعدة سنة ‪ 708‬هـ‪ ،‬وتلقّى على عدد من علماء‬ ‫عصره‪ ،‬حتى فاق أقرانه‪ ،‬وتخرج به جماعة من أهل مصر وغيرهم‪.‬‬ ‫قالت ابن خلدون‪" :‬ما زلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية‬ ‫يقال له ابن هشام أنحى من سيبويه"‪.‬‬ ‫وقد ترك ابن هشام عددا من المصنفات ما بين مطبوع ومخطوط ومفقود‪ ،‬ومن‬ ‫أشهر مصنفاته‪ :‬مغني اللبيب عن كتب األعاريب‪ ،‬أوضح المسالك إلى ألفية ابن‬ ‫مالك‪ ،‬شرح شذور الذهب‪ ،‬شرح قطر الندى‪ ،‬شرح اللمحة البدرية‪ ،‬التذكرة‪.‬‬ ‫للا‪.‬‬ ‫وقد توفي ابن هشام ليلة الجمعة خامس ذي القعدة سنة ‪ 7 6 1‬هـ‪ .‬رحمه ّ‬ ‫نسبة هذه الرسالة إلى ابن هشام‪:‬‬ ‫اطلعت على هذه الرسالة‪ ،‬منسوبة إلى ابن هشام‪ ،‬في مخطوطة فريدة‪ ،‬بمكتبة‬ ‫عارف حكمت‪ ،‬برقم (‪ )88‬مجاميع‪ .‬وقد ورد في هذه المخطوطة نسبتها إلى ابن‬ ‫هشام مرتين‪ ،‬مرة في العنوان‪ ،‬ومرة في مقدمة الرسالة‪.‬‬ ‫ولم أجد أحدا ممن ترجم البن هشام ذكر له هذه الرسالة‪ ،‬ولم أعثر على نسخة‬ ‫أخرى تؤكد نسبتها إليه‪.‬‬ ‫ول ّكن الدكتور علي فودة نيل يؤكد نسبتها إلى ابن هشام لألسباب التالية‪:‬‬ ‫(ملخصة)‪:‬‬ ‫للا‪"...‬هو المألوف في‬ ‫‪ -1‬أن ما جاء في مقدمتها من قول المؤلف "أما بعد حمد ّ‬ ‫تقديم معظم مصنفاته‪.‬‬ ‫‪ -2‬أن منهج التأليف في هذه الرسالة من العرض الشامل لآلراء المختلفة‬ ‫ومناقشتها لبيان الراجح والمرجوح شبيه بمنهج ابن هشام‪.‬‬ ‫‪ -3‬أن بعض ما ذكر في هذه الرسالة من آراء مذكور في كتاب المغني‪.‬‬

‫‪ -4‬أن االعتـداد في هذه الرسالة بآراء بعض العلماء السابقين‪ ،‬كابن عمرون‪،‬‬ ‫ملحوظ في بعض رسائل أُخر البن هشام [‪. ]2‬‬ ‫ومما يقوي نسبتها إلى ابن هشام أنها ضمن مجموعة من الرسائل مكتوبة بخط‬ ‫عالم مشهور‪ ،‬هو العالمة محمد بن أحمد بن علي البهوتي الشهير بالخلوتي‪ ،‬وهو‬ ‫فقيه حنبلي مصري توفي سنة ‪ 1088‬هـ [‪. ]3‬‬ ‫وعلى الرغم من قوة األسباب التي تنسب هذه الرسالة إلى ابن هشام‪ ،‬فإنّي لست‬ ‫على ثقة من نسبتها إليه‪ ،‬ومما رابني في ذلك أمور‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫‪ -1‬أن هذه الرسالة لم ترد في مصنفات ابن هشام‪ ،‬ولم يذكرها أحد م ّمن ترجم له‪.‬‬ ‫‪ -2‬أن هذه الرسالة تشير إلى عالقة طيبة بين مصنفها وأبي حيان النحوي‬ ‫األندلسي المشهور‪ .‬فقد قال فيها المصنف‪" :‬وكنت عرضت هذا النظر على‬ ‫شيخنا أبي حيان‪ ،‬فقال‪."...‬‬ ‫ومن المعروف أن ابن هشام لم يكن على وفاق مع أبي حيان‪ ،‬بل كان كثير‬ ‫المخالفة له‪ ،‬شديد االنحراف عنه [‪. ]4‬‬ ‫ومهما يكن من أمر فستبقى هذه الرسالة تذكر البن هشام حتى يثبت خالف ذلك‬ ‫وللا أعلم‪.‬‬ ‫بأدّلة قاطعة‪ّ .‬‬

‫موضوع الرسالـة‬ ‫هذه رسالة قيّمة تكتسب قيمتها من أهمية الموضوع الذي تعالجه‪ ،‬وهو إعراب‬ ‫للا"‪.‬‬ ‫االسم الواقع بعد إال من كلمة التوحيد‪ ،‬في قولنا‪" :‬ال إله إال ّ‬ ‫وقد ذكر المصنّف في هذه الرسالة جواز الرفع والنصب في االسم الواقع بعد‬ ‫"إال"من كلمة التوحيد‪ ،‬فقال‪ :‬يجوز الرفع فيما بعد إال والنصب‪ .‬واألول أكثر‪،‬‬ ‫صل‪ .‬وظاهر‬ ‫نص على ذلك جماعة منهم العالمة ابن عمرون في شرحه على المف ّ‬ ‫كالم ابن عصفور واألبذي يقتضي أن النصب على االستثناء أفصح‪ ،‬أو مساو‬ ‫للرفع على بعض الوجوه‪...‬‬

‫صـل المصنّف كثيرا في بيان أوجه الرفع والنصب‪ ،‬مع المناقشة‬ ‫وقـد ف ّ‬ ‫واالستدالل والترجيح‪ ،‬فذكر للرفع ستة أوجه وللنصب وجهين‪ .‬وهذا موجز‬ ‫لألوجه المختلفة‪:‬‬ ‫فأما الرفع فمن ستة أوجه‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫‪ -1‬أن خبر "ال"محذوف‪ ،‬و"إال هللا"بدل من موضع المع اسمها‪ ،‬أو من موضع‬ ‫اسمها قبل دخولها‪ .‬وهذا هو اإلعراب المشهور لدى المتقدمين وأكثر المتأخرين‪.‬‬ ‫‪ -2‬أن خبر ال محذوف‪ ،‬كـما سبق‪ ،‬واإلبدال من الضمـير المستكن فيه‪ .‬وهـذا‬ ‫اإلعراب اختاره بعض‪.‬‬ ‫للا "صفة لـ "إله"على الموضع‪ ،‬أي موضع ال‬ ‫‪ -3‬أن الخبر محذوف أيضا‪ ،‬و"إال ّ‬ ‫مع اسمها‪ ،‬أو موضع اسمها قبل دخول "ال"‪.‬‬ ‫للا"الخبر‪ .‬وهذا‬ ‫‪ -4‬أن يكون االستثناء مفزعا‪ ،‬و"إله"اسم "ال"بني معها‪ ،‬و"إال ّ‬ ‫اإلعراب منقول عن الشلوبين‪ ،‬ونقله ابن عمرون عن الزمخشري‪.‬‬ ‫للا"في موضع المبتدأ‪ .‬وهذا اإلعراب‬ ‫‪ -5‬أن "ال إله"في موضع الخبر‪ ،‬و"إال ّ‬ ‫منسوب للزمخشري‪.‬‬ ‫‪ -6‬أن تكـون "ال"مبنية مع اسمهـا‪ ،‬و"إال هللا"مرفوع بـ "إلـه"ارتفاع االسم‬ ‫بالصفة‪ ،‬واستغني بالمرفوع عن الخبر‪ ،‬كـما في مسألة‪ :‬ما مضروب ّ‬ ‫الزيدان‪،‬‬ ‫وما قا ِئم الع ْمران‪.‬‬ ‫وأما نصب ما بعد "إال"فمن وجهـين‪:‬‬ ‫للا‬ ‫‪ -1‬أن يكون على االستثناء‪ ،‬إذا قدر الخبر محذوفا‪ ،‬أي ال إله في الوجود إال ّ‬ ‫عز وجل‪.‬‬ ‫للا" صفة السم "ال"على اللفظ‪ ،‬أو‬ ‫‪ -2‬أن يكون الخبر محذوفا‪ ،‬كـما سبق‪ ،‬و"إال ّ‬ ‫على الموضع بعد دخول "ال"ألن موضعه النصب‪.‬‬ ‫للا"عشرة أوجه‪ ،‬غير‬ ‫ثم ختم المصنف الرسالة بقوله‪ :‬وقد تل ّخـص في "ال إله إال ّ‬ ‫أن في البدل من الموضع إما من موضع اسم ال قبل الدخول‪ ،‬وإما من ال مع‬

‫اسمها‪ ،‬فيتقدر سبعة‪ .‬والنصب من وجهين إال أن في وجه الصفة إما أنه صفة للفظ‬ ‫اإلعراب‪ ،‬وإما أن يكون صفة لموضعه‬ ‫اسم ال إجراء لحركة البناء مجرى حركة ِ‬ ‫بعد دخول ال‪ ،‬فيتقدر ثالثة مع السبعة‪ ،‬فتلك عشرة كاملة‪ .‬والذي في كالم ابن‬ ‫عصفور من ذلك أربعة أوجه‪ ،‬وهو أكثر من وسع في إال من األوجه‪...‬‬ ‫دراسة لالسم الواقع بعد إالّ في الشواهد اللغوية‬ ‫بعد الفراغ من تحقيق هذه الرسالة‪ ،‬قمت بدراسة وصفية‪ ،‬تتبعت فيها ما أمكن من‬ ‫الشواهد اللغوية لحاالت االسم الواقع بعد إال‪ ،‬في نصوص القرآن الكريم والحديث‬ ‫النبوي والشعـر العربي التي جاءت على نمط "ال إله إال هللا"‪ ،‬للمقارنة بين الواقع‬ ‫اللغوي لهذه النصوص‪ ،‬وما ورد في هذه الرسالة من جواز الرفع والنصب‪،‬‬ ‫فكانت النتيجة أن رفع االسم الواقع بعد إال هو الفصيح الغالب في اللغة‪ ،‬بل لم يرد‬ ‫في القرآن الكريم والحديث النبوي غيره‪ ،‬وأما النصب فقد ورد في بعض األبيات‬ ‫الشعرية على قلّة‪.‬‬ ‫وقد جاءت الدراسة على النحو التالي‪:‬‬ ‫(‪ )1‬في القرآن الكريم ‪ :‬تتبعت اآليات القرآنية التي وردت فيها "ال إله إال هللا"أو‬ ‫ما كان على وفق هذا األسلوب‪ ،‬فوجدتها كلها جاءت برفع االسم الواقـع بعد‬ ‫"إال"‪ ،‬ولم تأت قراءة واحدة‪ ،‬ولو شاذة؟ بالنصب‪.‬‬ ‫وهذه هي اآليات مع السور التي وردت فيها في القرآن الكريم‪:‬‬ ‫أ‪{ -‬ال ِإله ِإالا ا‬ ‫للا} ‪ :‬الصافات (‪ ،)35‬محمد (‪.)19‬‬ ‫ب‪{ -‬ال إِله إِالا ُهو} ‪ :‬البقرة (‪ ،)255 ، 163‬آل عمران (‪ ،)1 8 ،6 ،2‬النسا ء‬ ‫(‪ )87‬واألنعـام (‪ ،)106 ، 102‬األعراف (‪ ،)158‬التوبـة (‪ ،)129 ،31‬هود‬ ‫(‪ ،)14‬الرعد (‪ ،)30‬طه (‪ ،)98 ،8‬المـؤمنـون (‪ ،)116‬الـنـمـل (‪ ،)26‬القصص‬ ‫(‪ ،)88 ،7 0‬فاطر (‪ ،)3‬الزمر (‪ ،)6‬غافر (‪ ،)65 ،62 ،3‬الدخان (‪ ،)8‬ا لحشر‬ ‫(‪ ،)23 ،22‬التغابن (‪ ،)13‬المزمل (‪.)9‬‬ ‫جـ_ {ال ِإله ِإالا أنا} ‪ :‬النحل (‪ ،)2‬طه (‪ ،)14‬األنبياء (‪.)25‬‬

‫د‪{ -‬ال إِله إِالا أ ْنت} ‪ :‬األنبياء (‪.)87‬‬ ‫هـ _ {فال كا ِشف لهُ إِالا هُو} ‪ :‬األنعام (‪ ،)17‬يونس (‪.)107‬‬ ‫ق قال أبو جعفر النحاس في قوله تعالى‪ { :‬ا‬ ‫للاُ ال ِإله ِإالا ُهو} [‪ : ]5‬ويجوز في‬ ‫غير القرآن‪ :‬ال إله إال إياه‪ ،‬نصب على االستثناء [‪. ]6‬‬ ‫وكرر هذه العبارة بعينها القرطبي عند حديثه عن هذه اآلية [‪. ]7‬‬ ‫للا جاز‪.‬‬ ‫وقال الزجاج [‪ : ]8‬ولو قيل‪ :‬ال رجل عندك إال زيدا جاز‪ .‬وال إله إال ّ‬ ‫للا عز وجل‪{ :‬إِنا ُه ْم‬ ‫ولكن األجود ما في القرآن‪ ،‬وهو أجود أيضا في الكالم‪ .‬قال ّ‬ ‫كانُوا ِإذا قِيل ل ُه ْم ال ِإله ِإالا ا‬ ‫للاُ ي ْست ْك ِب ُرون} [‪ . ]9‬فإذا نصبت بعد إال فإنما نصبت‬ ‫على االستثناء‪.‬‬ ‫(‪ )2‬في الحديث النبـوي‪:‬‬ ‫للا) في مواضع كثيرة من الحديث‪ ،‬وجاءت كلها‬ ‫وردت كلمة الشهادة (ال إله إال ّ‬ ‫بالرفع‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬ ‫أ‪ -‬في صحيح البخاري‪ ،‬ومعه فتح الباري (‪.)129( ،)103/1‬‬ ‫ب‪ -‬في صحيح مسلم بشرح النووي (‪.)206( ،)197( ،)188( ،)183 /1‬‬ ‫اإلقامة إال المكتوبة"‪.‬‬ ‫جـ‪ -‬ومن ذلك قوله صلى هللا عليه وسلم‪" :‬ال صالة بعد ِ‬ ‫قال أبو البقاء العكـبري [‪ : ]10‬الوجه هو الرفع على البدل من موضع ال‪،‬‬ ‫للا‪.‬‬ ‫والنصب ضعيف‪ ،‬وقد بين ذلك في مسائل النحو‪ ،‬ومثل ذلك‪ :‬ال إله إال ّ‬ ‫د‪ -‬وقوله صلى هللا عليه وسلم‪" :‬ال شفاء إال شفاؤك"‪.‬‬ ‫قال العكبري [‪" : ]11‬شفاؤك"مرفوع بدال من موضع "ال شفاء"ومثله ال إله إال‬ ‫للا‪.‬‬ ‫ّ‬

‫(‪ )3‬في الشـعر‪:‬‬ ‫أ‪ -‬قال الشنفري في ال ميّته‪:‬‬

‫نصـبـت له وجـهـي وال ِك ّن دُونـهُ وال ستر إال األتْح ِمـي ال ُمـرعْـبـ ُل [‪]12‬‬ ‫قال الزمخشري [‪ّ " : ]13‬كن"مبنية مع ال لتضمنها معنى من المقدرة بعد ال‪.‬‬ ‫ودونه‪ :‬في موضـع رفـع‪ ،‬أي ال ّ‬ ‫كن استقر دونـه‪ ،‬وهو خبر ال‪ ...‬واألتحمي‪ :‬بدل‬ ‫من موضع ال واسمها‪ ،‬ألن موضعهما رفع على أنه مبتدأ‪ .‬وهو مثل قولنا (ال إله‬ ‫للا اإلله‪.‬‬ ‫للا)‪ ،‬كأنه قال‪ّ :‬‬ ‫إال ّ‬ ‫وقال أبو البقاء [‪ : ]14‬األتحمي‪ :‬بدل من موضع ال واسمها‪ .‬ألن موضعها رفع‪،‬‬ ‫للا)‪.‬‬ ‫ومثله قولنا (ال إله إال ّ‬ ‫الشاعر‪:‬‬ ‫ب‪ -‬وقال‬ ‫ِ‬ ‫هـامـهـا وخروقـا ال أنـيس بها‬ ‫صـداء والبُـومـا [‪ ]15‬م ِ‬ ‫إالّ الضاـوا ِبـح واأل ْ‬ ‫جـ‪ -‬وقال آخـر‪:‬‬ ‫ي ِ إالّ ُمضـياعـا [‪]16‬‬ ‫أمـرتـكـ ُم أمـري ب ُمنـعـرجِ الـلّوي وال أ ْمـر ِل ْلمـعص ّ‬ ‫هذان البيتان استش ِهـد بهما الرضي [‪ ]17‬على أن النصب بعد إال فيهما قليل‪ ،‬كـما‬ ‫في قولك‪ :‬ال أحد فيها إال زيدا‪.‬‬ ‫واستشهد سيبـويه بالبيت الثاني منهـما على أن "مضيعـا"نصب على الحال‪ .‬قال‬ ‫سيبويه [‪ ]18‬كأنه قال‪ :‬للمعصي أمر ُمضياعا‪ .‬كـما جاء‪ :‬فيها رجل قائما‪ .‬وهذا‬ ‫للا‪ .‬وقد يكون أيضا على قوله‪ :‬ال أحد فيها إال زيدا‪.‬‬ ‫قول الخليل رحمه ّ‬ ‫قال ابن السيرافي [‪ : ]19‬يريد أن "مضـياعا"قد ينتصب أيضا على غير وجه‬ ‫الحال‪ ،‬على أن يكون مستثنى من "أمر"في قوله "وال أمر"‪ ،‬كـما استثني زيد من‬ ‫رجل‪ ،‬في قوله‪ :‬ال رجل فيها إال زيدا‪ .‬وكأنه قال‪ :‬وال أثر للمعصي إال أمرا‬ ‫ُمضيعا‪ ،‬فحذف المنعوت وقام النعت مقامه‪.‬‬ ‫و وقوال األعلم [‪ :)1( ]20‬ونصف "مضيعا"على وجهين‪ :‬أجودهما الحال‪،‬‬ ‫وحرف االستثناء قد يدخـل بسم الحـال وصاحبها‪ ...‬والوجه اآلخر أنه نصب على‬ ‫االستثناء بعد النفي‪ ،‬والوجه البدل من موضع ال‪ ،‬كـما أن الرفع على البدل من‬ ‫موضع ال في (ال إله إال ا‬ ‫للاُ) أقوى من النصب باالستثناء‪.‬‬

‫نسخـة الرسالـة الخطيـة‬ ‫لهذه الرسالة نسخة خطية فريدة تقع في اثنتي عشرة صفحة‪ ،‬ضمن مجموع يضم‬ ‫‪ 15‬رسالة بمكتبة عارف حكـمت برقم ‪ 88‬مجاميع‪ .‬وهي الرسالة التاسعة في‬ ‫المجموع‪ ،‬وتقع من ورقة ‪ .34 -29‬وقد كـتبت بخط نسخي عادي‪ ،‬بخط العالمة‬ ‫محمد بن أحمد بن علي البهوتي الحنبلي الشهير بالخلوتي‪ .‬وفي الصفحة نحو ‪27‬‬ ‫سطرا وفي السطر ‪ 10‬كـلمات تقريبا‪.‬‬ ‫وقد ورد في آخر الرسالة األولى ورقة ‪ :3‬وعلقه لنفسه أفقر العباد‪ ،‬وأحوجهم إلى‬ ‫عفو ربه العلي محمد بن أحمد البهوتي الحنبلي‪ ،‬في يوم الجمعة المبارك ثاني‬ ‫عشر ذي القعدة من شهور سنة ‪ 1038‬من الهجرة النبوية‪.‬‬ ‫والنسخـة كاملة واضحة‪ ،‬ولكنها ال تخلو من التحريف واالضطراب والغموض في‬ ‫بعض المواضيع‪.‬‬ ‫وقـد عملت على خدمـة النصر وضبطه وتوثيق محا شيه‪ ،‬والتعليق عليه‪ ،‬ما‬ ‫أمكن‪ ،‬لتوضيح الجوانب الدقيقة لكل مسألة‪.‬‬ ‫وبالل التوفيق‪ ،‬والحمد ّلل أوال وآخرا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫للا الرحمن الرحيم‬ ‫بسم ّ‬ ‫وبه ثقـتي‬ ‫قال الشيخ العالمة جمال الدين [ عبد هللا بن] [‪ ]21‬يوسف بن هشام األنصاري‪،‬‬ ‫للا تعالى‪ ،‬ونفعنا بتحقيقاته‪:‬‬ ‫رحمه ّ‬ ‫للا‪ ،‬والصالة على رسوله محـ ّمد‪ ،‬صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فهذه رسالة‬ ‫أما بعد حمد ّ‬ ‫كـتبتها في إعراب ال إله إال هللا [‪ ]22‬سألني في وضعها بعض األصحاب‪،‬‬ ‫فأجبته مستمدا من الكريم الوهاب‪.‬‬ ‫[جواز الرفع والنصب في االسم الواقع بعد إالّ]‪:‬‬ ‫واألول أكثر [‪. ]23‬‬ ‫يجوز الرفع فيما بعد إال‪ ،‬والنصب‪.‬‬ ‫ّ‬

‫نص على ذلك جماعة منهم العالّمة محمد بن [محمد]بن عمرون [‪ ]24‬في شرحه‬ ‫صل‪ .‬وظاهر كالم ابن عصفـور [‪ ]25‬واألبـذي [‪ ]26‬يقتضي أن‬ ‫على المف ّ‬ ‫النصب على االستثناء أفصح [‪ ، ]27‬أو مساو للرفع على بعض الوجوه‪ ،‬كـما‬ ‫سيأتي تقريره‪.‬‬ ‫[أوجـه الرفـع]‪:‬‬ ‫فأما الرفع فمن ستة أوجه‪:‬‬ ‫للا"بدل من موضع ال مع اسمها‪ ،‬أو من‬ ‫أولهـا‪ :‬أن خبر "ال"محذوف‪ ،‬و"إالّ ّ‬ ‫موضع اسمها قبل دخولها‪ .‬وقع للنحويين الح ْمالن‪.‬‬ ‫اإلعراب مشهـور في كالم جماعة من أكابر هذه الصناعة‪ ،‬قيل أطبق عليه‬ ‫وهـذا ِ‬ ‫المعربون من المتقدمين وأكثر المتأخرين [‪. ]28‬‬ ‫قلت‪ :‬وقد استشكل من قاعدة أن البدل ال بد أن يص ّح إحالله في محل المبدل منه‪،‬‬ ‫وهو على ن ِيّة تكرار العامل‪ .‬وال يص ّح تكرار "ال"لو قلت‪ :‬إال عبد هللا في قولك‪:‬‬ ‫ال أحد فيها إال عبد هللا‪ .‬لم ْ‬ ‫يجز‪.‬‬ ‫للا‪ ،‬ويمكنك‬ ‫وأجاب الشلوبين [‪ ]29‬بأن هذا في معنى‪ ،‬ما فيها من أحد إالّ عبدُ ّ‬ ‫في هذا اإلحالل [‪. ]30‬‬ ‫للا تعالى‪ :‬وهذا اإلشكال ال يتقرر‪ ،‬ألنه ال يلزم أن يح ّل‬ ‫قال ابن عصفور‪ ،‬رحمه ّ‬ ‫"أحد"الواقع بعد إالّ‪ ،‬إنـما يلزم تقدير العامل في المبدل منه‪ ،‬والعامل في المبدل‬ ‫منه االبتداء‪ ،‬فإذا أبدلت منه كان‬ ‫مبتدأ‪ ،‬وخبره محذوف‪ .‬والتقدير في "ال أحد فيها إالّ عبد هللا‪ :‬ال فيها [ أحد] إال‬ ‫عبدُ هللا [‪. ]31‬‬ ‫وهذا فيه تأمل يظهر بما ذكره النحويون‪ ،‬في مسألة (ما زيد بشيء إال شيء ال‬ ‫يعبأ به) من أن "إالّ شيء"بالرفع ال غير على اللغتين [‪. ]32‬‬ ‫ّ‬ ‫فألن (بشيء) في محل رفع‪ ،‬وتعذّر حمله على اللفظ [‪ ]33‬ألن‬ ‫أما عند بني تميم‬ ‫الباء ال تزاد في اإليجاب‪.‬‬

‫وأمـا عنـد أهل الحجاز فألنهم وإن أعملوا ما‪ ،‬و"بشيء"في محل نصب عندهم‪،‬‬ ‫فإعمالها مشروط بعدم انتقاض النفي‪ .‬فـما بعد "إال"ال يمكن تقدير عملها فيه‪،‬‬ ‫والبدل على نية التكرار‪ ،‬ولذلك قال سيبويه [‪ : ]34‬وتستوي اللغتان [‪. ]35‬‬ ‫وقد زعم ابن خروف [‪ ]36‬أن مراده باالستواء فيما قبل إالّ وفيما بعدها من‬ ‫المستثنى والمستثنى منه‪.‬‬ ‫قال ابن الضائع [‪" : ]37‬وغلط األستاذ أبو علي [‪ ]38‬في النقل عنه‪ ،‬فنقل‬ ‫االستواء فيما بعد إالّ‪ ،‬ال فيما بعد المجرور‪ ،‬حتى يرد عليه بأنه ال يجوز بدال‬ ‫مرفوع من منصوب"‪.‬‬ ‫قال ابن الضائع‪ :‬و ِعندي أن القياس أن يبقوا على لغتهم في المجرور‪ ،‬وإال كان‬ ‫يلزم الرفع في قولنا‪ :‬ما زيد قائـما بل قاعد ‪ ،‬وكذا في ْ‬ ‫لكن‪ .‬ولم ينقل عن‬ ‫الحجازيين رجوعهم إلى اللغة التميمية في ذلك‪ .‬وإنـما نقل عنهم الرفع فيما بعد‬ ‫بل ولكن على جهة االبتداء‪ ]39[ .‬فهاهنا ينبغي أن يرجع فيما بعد "إال"على‬ ‫النصب على االستثناء‪ .‬فقول سيبويه‪ :‬استوت اللغتان في الرفع‪ ،‬ينبغي أن يحمل‬ ‫على ما بعد إالّ‪ .‬وال حجة لهم في قول سيبويه‪ :‬وصارت "ما"على أقيس اللغتين‬ ‫[‪ ، ]40‬فإنه يمكن حمله على ما بعد إالّ‪ ،‬كما قالوا في‪ :‬ما زيد إال منطلق‪ ،‬رجعوا‬ ‫إلى اللغة التميمية‪.‬‬ ‫ويقوى أنه يريد ما بعد إالّ‪ ،‬تقديره وقوله‪ :‬كأنك قلت‪ :‬ما زيد إال شيء ال يعبأ به‬ ‫ّ‬ ‫[‪. ]41‬‬ ‫وقـول األستـاذ "ال يبـدل مرفوع من منصوب"‪ ،‬جوابه أن البدل هنا بالحمل على‬ ‫المعنى [‪ . ]42‬فإن الشرط في البـدل تقدير تكرار العامل‪ ،‬فإن العامل يتكرر‬ ‫على أن البدل مرفوع‪ .‬ويظهر البدل هنا في أنه ال يعمل فيه اللفظ المتقدم العامل‬ ‫للا"‪ ،‬أال ترى أنه بدل على تقدير‬ ‫في المبدل منه‪ ،‬بل االبتداء قولهم "ال إله إال ّ‬ ‫للا‪ ،‬ألن "ال"ال تلغى إال‬ ‫مالنا أو ما في الوجود‪ .‬وال يجوز تقدير ال في الوجود إال ّ‬ ‫مكررة [‪ . ]43‬وكذا البدل هنا على تقدير‪ :‬ما زيد إال شيء‪ .‬وكأن "ما"لها‬ ‫عمالن‪ ،‬عمل فيما بعد إال وهو الرفع‪ ،‬وعمل فيما قبلها وهو النصب‪ ،‬فترك األول‬ ‫على أحد العملين‪ ،‬وحمل الثاني‪ ،‬وهو ما بعد إال‪ ،‬على العمل اآلخر‪ .‬انتهى [‪]44‬‬ ‫‪.‬‬

‫وفي كالمه نظران‪:‬‬ ‫للا "ليس معنا في اللفظ إالّ "ال"‬ ‫األول‪ :‬قوله "وال يجوز تقدير ال في الوجود إال ّ‬ ‫واحدة وهي عاملة‪ .‬نعم إذا أعربناه على ما سبق بدال نوينا تكرار ال‪ ،‬وانتفى عمل‬ ‫تلك المقدرة بالدخول على المعرفة‪ .‬ومن أين لزوم التكرار لتلك المقدّرة‪ .‬ولو قيل‬ ‫إنها تكررت في الجملة كان كافيا في جوابه‪.‬‬ ‫للا "وباب "ما زيد بشيء إال شيء"سواء‪ .‬ولقائل أن‬ ‫الثاني ‪ :‬جعله باب "ال إله إال ّ‬ ‫للا "مرفوع بدال من منصوب‪.‬‬ ‫يقول بينهما فرق‪ ،‬بأن " ّ‬ ‫للا "بدل من موضع اسم ال‪ ،‬ال من "ال"مع‬ ‫وقد يعتذر له عن الثاني بأن "إال ّ‬ ‫اسمهـا [‪ . ]45‬بل ال يفتقر إلى ذلك جميعه‪ ،‬فإن العامل المقدر مع البدل هو‬ ‫االبتداء‪ ،‬وهو صالح للعمل في البدل والمبدل منه‪ ،‬كـما تقدم في كالم ابن‬ ‫عصفور‪.‬‬ ‫صل [‪ ]46‬أن الرفع في "ما زيد‬ ‫وقد رأيت في المجد المؤثل مما كتبته على المف ّ‬ ‫بشيء إال شيء"يحتمل [‪ ]47‬ثالثة أوجه‪ :‬إما البدل من جهة المعنى كـما سبق‪،‬‬ ‫وإما على موضع "بشيء" قبل دخول "ما"‪ ،‬و إما على أن الرفع في الثاني هو‬ ‫اإلثبات‪ .‬وشبهت ذلك بمسألة التنزيل‬ ‫الرفع في األول‪ ،‬لو اتصف األول بصفته من ِ‬ ‫في توريث ذوي األرحام في الفرائض [‪ ، ]48‬أي إعطاء الذكر ما لألنثى التي‬ ‫أدلى بها [‪ ، ]49‬وبالعكس‪ ،‬مع مراعاة العدد منه نفسه‪ ،‬فليتأمل‪.‬‬ ‫ثانيها‪ :‬أن خبر "ال"محذوف‪ ،‬كـما سبق‪ ،‬واإلبدال من الضمير المستكن فيه‪ .‬وهذا‬ ‫ال كلفة فيه‪ ،‬واختاره بعض المتأخرين [‪. ]50‬‬ ‫للا "صفة إلله على الموضع [‪، ]51‬‬ ‫ثالثها‪ :‬أن الخبر محذوف كـما سبق‪ ،‬و"إال ّ‬ ‫أي موضع ال مع اسمها‪ ،‬أو موضع اسمها قبل دخول "ال"‪.‬‬ ‫وال يستنكرون وقوع "إال" صفة [‪ ، ]52‬فقد جاء {ل ْو كان فِي ِهما آ ِلهة ِإالا ا‬ ‫للاُ‬ ‫للا في الوجود‪ .‬وقد جاء {ما ل ُك ْم ِم ْن‬ ‫لفسدتا} [‪ . ]53‬ويصير المعنى‪ :‬ال إله غير ّ‬ ‫ِإله غي ُْرهُ} [‪ ]54‬بالوصف‪ّ ،‬‬ ‫لكن الخبر المحذوف قدّره بعضهم "في الوجود"‪،‬‬ ‫وقدّره بعضهم "كائن"‪ ،‬وبعضهم "لنا"‪.‬‬

‫قيل والتقديران األوالن أولى من حيث كونه أدل على التوحيد المطلق من غير‬ ‫احد} وأعقب بقوله {ال إِله إِالا ُهو} [‪. ]55‬‬ ‫تقييد‪ .‬ولذلك جاء {وإِل ُه ُك ْم إِله و ِ‬ ‫للا عز‬ ‫وقد يقال إذا قدِّر "لنا"فالمراد لنا أيها العالم الذي هو كل موجود سوى ّ‬ ‫وجل‪ ،‬فاتحدت التقادير [‪. ]56‬‬ ‫وقـد ردّ اإلمـام فخر الدين [‪ ]57‬على من قدر الخبر "في الوجود"ألن هذا النفي‬ ‫عام‬ ‫مستغرق‪ ،‬فتقييده بالوجود مخصص‪ ،‬فال يبقى النفي على عمومه المراد منه‪ ،‬فال‬ ‫يكون هذا إقرارا بالوحدانية على اإلطالق [‪. ]58‬‬ ‫قال األنـدلسي [‪" : ]59‬ال إلـه حقيقة إال من له الخلق واألمر‪ ،‬البد أن يكون‬ ‫موجودا فينعكس بعكس النقيض فـما ليس موجودا ليس بإله‪ .‬والمراد بقوله "في‬ ‫الوجود"مسمى الوجود الصادق على العيني والذهني‪ ،‬فنفي اإلله عن الوجود نفي‬ ‫لحقيقته"‪.‬‬ ‫ي الظمآن [‪" : ]60‬ال يتصور نفي الماهية عندنا إال مع الوجود‪ .‬هذا‬ ‫وفي ر ّ‬ ‫مذهب أهل السنة‪ ،‬خالفا للمعتزلة فإنهم يثبتون الماهية عارية عن الوجود‪،‬‬ ‫والدليل يأبى ذلك"‪.‬‬ ‫للا‬ ‫رابعها‪ :‬أن يكون االستثناء مفرغا [‪ ، ]61‬و"إله "اسم "ال"بني معها‪ ،‬و"إالّ ّ‬ ‫"الخبر [‪. ]62‬‬ ‫و هذا منقول عن الشلوبيـن فيما علّقه على المفصل‪ ،‬ونقله عن الزمخشري [‪]63‬‬ ‫في حواشيه ابن عمرون‪ ،‬وإن كـان في المفصل قال غيره‪ ،‬وذهب إلى أن الخبر‬ ‫محذوف [‪. ]64‬‬ ‫ومقتضى كالم ابن خروف‪ ،‬على ما نقله عنه ابن الضائع قول الشاعر‪:‬‬ ‫أال طعـان أال فُرسـان عادية أال تج ّ‬ ‫شـؤُكم حو ْل الـتـناـانـير [‪]65‬‬ ‫من أنه أعرب ( إالّ تجشؤكم) خبر ال‪ ،‬لكن ردّه عليه بوجهين‪ ،‬أحدهما‪ :‬أن "ال"ال‬ ‫تعمل في الموجب‪ .‬الثاني‪ :‬أنها ال تعمل في الموجب مع المعرفة‪ ،‬وهما الزمان‬ ‫للا "خبرا‪.‬‬ ‫إلعراب "إالّ ّ‬

‫وفي الوجهين نظر‪ّ ،‬‬ ‫ألن "ال "عند سيبويه وجمهور البصريين [‪ ]66‬ال عمل لها‬ ‫في الخبر إذا بني االسم معها‪.‬وقولك ال ر ُجل حاضر‪ ،‬بمثابة‪ :‬هل ِم ْن رجل‬ ‫حاضر؟ الجواب كالسؤال‪.‬‬ ‫واستدل لذلك ابن عصفور في شرحه لإليضاح بجواز حمل جميع التوابع السمها‬ ‫على الموضع قبل الخبر‪.‬‬ ‫والقائل إن "ال"ترفع الخبر األخفش [‪ ]67‬وتابعوه‪.‬‬ ‫وبنى ابن عصفـور على االختالف جواز‪ :‬ال رجـل وال امرأة قائـمان‪ .‬على القول‬ ‫األول‪ ،‬وامتناعه على الثاني [‪ . ]68‬مع أن كالم أبي البقاء [‪ ]69‬في اللباب‪،‬‬ ‫وابن يعيش [‪ ]70‬في شرح المفصل ما يوهم أن خالف سيبويه واألخفش في‬ ‫"ال"مطلقا المبني معها االسم والمعرب‪ ،‬حيث علال مذهب سيبويه بضعف عمل‬ ‫ال‪.‬‬ ‫ولكن ابن مالك [‪ ]71‬في التسهيل [‪ ]72‬نقل االتفاق على عمل "ال"في الخبر إذا‬ ‫كان اسمها معربا‪ ،‬واختار قوله األخفش فيما إذا بني االسم معها‪.‬‬ ‫ورتب أبو البقاء على الخالف أن قوله الشاعر‪:‬‬ ‫فال ل ْغـو وال‬

‫تأثـيم‬

‫فيهـا ومـا فاهـوا به أبدا ُمقـيم [‪]73‬‬

‫ال يحتاج إلى تقدير "فيها"عند سيبويه‪ ،‬بل الثابت "فيها"خـبر االثنين‪ ،‬ويحتاج‬ ‫لتقدير "فيها"أخرى عند سيبويه في أحد قوليه‪ ،‬وعند األخفش‪.‬‬ ‫وكنت عرضت هذا النظر على شيخنا أبي حيان [‪ ]74‬فقال‪ :‬كالم ابن الضائع‬ ‫محمول على مذهب من يرى أنها عاملة في الخبر مطلقا‪ .‬ثم اعترض عليه من‬ ‫وجه آخر‪ ،‬وهو أنه يلزم أن تعمل "ال" [‪ ]75‬في المعرفة‪ .‬وهذا إن تم به‬ ‫االعتراض على األخفش فسيبويه سالم منه‪ ،‬حيث يقول إن "ال"ال عمل لها في‬ ‫الخبر‪.‬‬ ‫اإلعراب عن الزمخشري في الحواشي‪ ،‬ردّه‬ ‫على أن ابن عمرون حين نقل هذا ِ‬ ‫بأن المعرفة ال تكون خبرا عن النكرة‪ .‬فيقال له هذا ال يضر سيبويه إذا كان مع‬

‫النكرة ما يسوغ اإلخبار عنها‪ ،‬وهي متقدمة على المعرفة حفظا لألصول‪ ،‬وقد‬ ‫أعرب‪ :‬كم جربيا أرضك؟ [‪ ]76‬مبتدأ مقدما وخبرا مؤخرا‪.‬‬ ‫على أن ما ذكره ابن الضائع من أن "ال"ال تعمل في الموجب‪ ،‬قد يقال فيه إن تلك‬ ‫"ال"العاملة عمل ليس‪ ،‬من حيث إنها إنـما عملت للشبه بليس من جهة النفي‪ ،‬فإذا‬ ‫زال النفي زال الشبه فزال العمل‪ .‬أما ال النافية للجنس فعملها إنـما هو بالحمل‬ ‫على إن‪ ،‬وهي لإلثبات‪.‬‬ ‫وقد قال العطار [‪ ]77‬في شرح الكراسة‪ :‬إذا قلت "ال فيها رجل"رفعت على‬ ‫االبتداء ال غير‪ ،‬ألنه ال يتقدم خبر "ما"الحجازية‪ ،‬يعني "ال"العاملة عمل ليس‪.‬‬ ‫وإال فالعاملة عمل ّ‬ ‫إن امتناع التقديم فيها ألجل تركبها مع ال‪ .‬وإن حملت كالمه‬ ‫اإلطالق‪ ،‬فالكالم معه كالكالم مع ابن الضائع‪.‬‬ ‫على ِ‬ ‫للا "خبرا‪ .‬وسبق [‪ ]79‬إلى ذلك‬ ‫وقد ردّ ابن الحاجب [‪ ]78‬على من جعل "إال ّ‬ ‫األندلسي‪ ،‬قال‪ :‬ألنه مستثنى من االسم‪ ،‬وال يجوز أن يكون المستثنى خبرا عن‬ ‫المستثنى منه‪ ،‬ألنه مبين له [‪ . ]80‬ويمكن أن يقال ال نسلّم أن االستثناء إخراج‬ ‫من المحكوم عليه بل من الحكـم‪ .‬سلّمنا أنه إخراج من المحكوم عليه‪ ،‬لكن‬ ‫للا"‪ ،‬إال أنه‬ ‫المستثنى منه المحكوم عليه ليس اسم "ال"الذي أخبر عنه بـ "إال ّ‬ ‫حذف لقصد التفريغ وأقيم المستثنى مقامه‪ ،‬وأعرب بإعرابه‪.‬‬ ‫وهـذا فرق ما بين األقـوال السـابقة‪ .‬وهذا حيث جعلنا االستثناء فيها تاما‪ ،‬وهنا‬ ‫مفـرغا‪ ،‬مع أن الخبر وهو "موجود"فيهما محذوف‪ .‬إال أن ذلك حذف لمحذوف‬ ‫محكوم له بحكم الثابت‪ ،‬وهذا فيه حذف لمحذوف معرض عنه في اإلعراب‪.‬‬ ‫وقد ردّ أبو البقاء العكـبري هذا اإلعراب أيضا في شرح الخطب النباتية‪ ،‬بأنه‬ ‫يلزم منه اإلخبار بالخاص عن العام‪ ،‬وهذا مع اإلخبار بالمعرفة عن النكرة‪.‬‬ ‫ويمكن أن يقال إنما يمنع ذلك في اإلثبات‪ ،‬كقولنا‪ :‬الحيوان إنسان‪ .‬أما في النفي‬ ‫للا"على‬ ‫للا"خبرا بجواز نصب "إال ّ‬ ‫فال‪ .‬وقد ردّ ابن عمرون قول من جعل "إال ّ‬ ‫االستثناء‪ ،‬ومحال نصب خبر ال المشبهة بأن‪ ،‬وإن كان الرفع المشهور‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫ولقائل أن يقول إذا نصبنا لم نعتقد الخبر إال محذوفا‪ .‬وال يحسن الرد بهذا على من‬ ‫وللا أعلم‪.‬‬ ‫جعل "إال"خـبرا‪ ،‬مع تجويزه الوجوه السابقة‪ّ .‬‬

‫للا"في موضع المبتدأ‪ .‬ذكر ذلك‬ ‫خامسها‪ :‬أن "ال إلـه"في موضـع الخبر‪ ،‬و"إال ّ‬ ‫الزمخشري [‪ ]81‬في كالم تلقفه عنه بعض تالمذته‪ ،‬وكتب ما ملخصه‪ :‬اعلم أن‬ ‫للا‪ ،‬كالم غير مستقل بنفسه‪ ،‬بل‬ ‫متقدمي الشيوخ ذهبوا إلى أن قولنا‪ :‬ال إله إال ّ‬ ‫بتقدير خبر‪ ،‬أي في الـوجود‪ ،‬أو موجود‪ ،‬أو لنا‪ .‬تقدير قولنا‪ :‬ال رجل في الدار إال‬ ‫زيد ‪ .‬فجعلوا الكالم جملتين‪ .‬وليس كذلك‪ ،‬وال يحتاج إلى تقدير‪ ،‬ألن الكالم ال‬ ‫يخلو من وجهين‪ :‬أحدهما أصل الكالم‪ .‬الثاني‪ :‬تفريع يزيد الكالم تحقيقا‪ ،‬وفائدة‬ ‫زائدة‪.‬‬ ‫فيجوز السامع مجيء اثنين‪[ .‬‬ ‫نحـو‪ :‬ما جاءني رجل‪ .‬يفيد نفي واحد غير معين‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فلذلك يص ّح أن يقول‪ :‬ما جاءني رجل بل رجالن] [‪ . ]82‬فإذا قيل‪ :‬ما جاءني‬ ‫من رجل‪ [ ،‬فيعلم السامع أنه لم يجئه أحد من جنس الرجال]‪ ،‬فلم يص ّح‪ :‬ما‬ ‫جاءني من رجل بل رجالن [‪. ]83‬‬ ‫وكذا {ف ِبما ر ْحمة ِمن ا‬ ‫ض ِه ْم ِميثاق ُه ْم لعناا ُه ْم}‬ ‫للاِ ِل ْنت ل ُه ْم} [‪ ]84‬و {ف ِبما ن ْق ِ‬ ‫جوزنا أن اللين واللعن كانا للسببين المذكورين‬ ‫[‪ ، ]85‬لو لم يأت بـ "ما" ّ‬ ‫ولغيرهما‪ ،‬وحين دخلت "ما"قطعنا بأن اللين لم يكن إال للرحمة‪ ،‬وأن اللعن لم‬ ‫يكن إالّ ألجل نقض الميثاق‪.‬‬ ‫واالستثناء من تفريعات الكالم يزيده تأكيدا‪ ،‬فأصل الكالم‪ :‬جاءني زيد‪.‬‬ ‫وهذا ال يقتضي قطع السامع بأن غير زيد لم يجيء‪ ،‬فإذا أريد جمع المعنيين‪،‬‬ ‫مجيء زيد ونفي مجيء‪ ،‬غيره قيل‪ :‬ما جاءني إال زيد‪.‬‬ ‫فرع عليه وقيل "ال إله إال‬ ‫وكذا في مسألتنا‪ّ :‬‬ ‫للا إله‪ ،‬يوازن‪ :‬زيد منطلق‪ .‬فلما ّ‬ ‫للا"أفاد الفائدتين‪ :‬إثبات اإللهية ّلل تعالى‪ ،‬ونفيها ع ّما سواه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فإذن "ال إلـه"في موضع الخبر‪ ،‬و"إال هللا"في موضع المبتدأ‪ .‬يوضح هذا أن‬ ‫"ال"تطلب النكرة أبدا [‪ ، ]86‬ال تقول‪ :‬ال زيد منطلق‪ .‬والمبتدأ يجب أن يكون‬ ‫معرفة والخبر نكرة‪.‬‬ ‫ثم تكلم بكلم آخر‪ [ .‬انتهى ملخص كالم الزمخشري ]‪.‬‬ ‫وهذا اإلعراب ارتضاه جماعة منهم ابن الحاجب وبعـض مشايخنا‪ ،‬وذكره في‬ ‫ابتداء تدريسه قاضي القضاة جالل الدين القزويني [‪ ، ]87‬رحمه هللا‪ ،‬بالقاهرة‪،‬‬

‫وأنكره بعـض العلماء‪ ،‬ولم يبين لفساده معنى‪ ،‬وقد ُردّ بمخالفته اإلجماع من‬ ‫وجهين‪ :‬أحدهما أن "ال"إنـما يبنى معها المبتدأ ال الخبر‪ .‬الثاني‪ :‬جوار النصب بعد‬ ‫إالّ [‪. ]88‬‬ ‫للا عليه‪ ،‬تعقّب‪.‬‬ ‫وفي بقية الكالم المنسوب للزمخشري‪ ،‬رحمة ّ‬ ‫للا"مرفوع بإله‪ ،‬ارتفاع االسم‬ ‫سادسها‪ :‬أن تكون "ال"مبنية مع اسمها‪ ،‬و"إال ّ‬ ‫بالصفة‪ ،‬واستغني بالمرفوع عن الخبر‪ ،‬كـما في مسألة‪ :‬ما مضروب الزيدان‪ ،‬وما‬ ‫قائم العمران‪.‬‬ ‫للا تعالى‪ :‬إله بمعنى مألوه [‪، ]89‬‬ ‫وشجعني على ذلك قول الزمخشري رحمه ّ‬ ‫للا‪ ،‬لم يمتنع فيه ما ذكرت‪.‬‬ ‫عبِد‪ .‬ولو قلت‪ :‬ال معبود إال ّ‬ ‫من أ ُ ِلـه إذا ُ‬ ‫وعـلى ذلـك اعتراضان‪ :‬األول أن هذا الوصف الرافع لمكتفى به ينظر في دخول‬ ‫النواسخ عليه‪ ،‬فقد منع سيبويه‪ّ :‬‬ ‫إن قائـما أخواك [‪. ]90‬‬ ‫مطوال [‪ ]91‬فيقتضي ذلك تنوينه‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬أنـه على تقـدير عمـل "إله"يكون ذلك‬ ‫ّ‬ ‫والتطويل كـما يكون بالعمل نصبا‪ ،‬كذلك يكون بالعمل رفعا‪.‬‬ ‫للا تعالى‪ ،‬لشيخه ت إذا قلت‪ :‬يا منطلق‬ ‫ففي مسـائـل ابن جني [‪ ]92‬رحمـه ّ‬ ‫وزيد‪ ،‬وعطفت على المرفوع في منطلق‪ ،‬وقلت ّ‬ ‫إن العامل في المعطوف هو‬ ‫العامل في المعطوف عليه [‪ ، ]93‬أتنصب "منطلق"أم ترفعه؟ فاستقر أمرهما‬ ‫مطول [‪. ]94‬‬ ‫بعد محاورة طويلة على أن ينصب‪ ،‬وأنه ّ‬ ‫والجواب عن األول‪ :‬أن األخفش قد أجاز‪ّ :‬‬ ‫إن قائـما أخواك‪ .‬ومنع سيبويه لها إنـما‬ ‫هو لعدم مسوغ االبتداء بالنكرة‪.‬‬ ‫قال بعض الفضالء من أهل العصر‪ ،‬وقد عرضت ذلك عليه وارتضاه‪ :‬قد خطر‬ ‫لي أن نحو "ليس قائم أخواك"يتفق اإلمامان على إجازته‪.‬‬ ‫وعن الثاني‪ :‬أن ابن كيسان [‪ ]95‬اختار حذف التنوين من نحو ذلك‪ ،‬وجعل منه‬ ‫اس} [‪ ]96‬و {ال تثْ ِريب عل ْي ُك ُم} [‪ . ]97‬وإن كان‬ ‫{ال غا ِلب ل ُك ُم ْالي ْوم ِمن النا ِ‬ ‫جمهور البصريين يؤولون ذلك‪.‬‬

‫قال بعض مشايخنا‪ :‬وأرى أن مذهب ابن كيسان أولى لعدم التكلف‪.‬‬ ‫[ وجهـا النصب] ‪:‬‬ ‫للا"فمن وجهين‪:‬‬ ‫وأما النصب في "إال ّ‬ ‫أولهما‪ :‬أن يكون على االستثناء إذا قدر الخبر محذوفا‪ ،‬أي ال إله في الوجود إال‬ ‫للا عز وجل‪ .‬وال يرجح عليه الرفع على البدل‪ ،‬كـما هو مقدر في االستثناء التام‬ ‫ّ‬ ‫غير الموجب‪ ،‬من جهة أن الترجيح هناك لحصول المشاكلة في اإلتباعِ دون‬ ‫االستثناء‪ .‬حتى لو حصلت المشاكلة فيهما استويا‪ ،‬نحو‪ :‬ما ضربت أحدا إال زيدا‪.‬‬ ‫للا تعالى‪ .‬بل إذا حصلت المشاكلة في‬ ‫نص على ذلـك جماعـة منهم األُبذي رحمه ّ‬ ‫النصب على االستثناء وفاتت في اإلتباع ترجح النصب على االستثناء‪ .‬وهذا‬ ‫كذلك يترجح النصب في القياس‪ ،‬لكن السماع واألكثر الرفع‪ .‬وال يستنكر مثل‬ ‫ذلك‪ ،‬فقد يكون الشيء شاذا في القياس وهو واجب االستعمال‪ .‬وليس هذا موضع‬ ‫بسط ذلك [‪. ]98‬‬ ‫وقاك أبو الحسن األبذي في شرح الكراسة‪ :‬إنك إذا قلت‪ :‬ال رجل في الدار إال‬ ‫عمرو‪ ،‬كان نصب "إال عمرو" على االستثناء أحسن من رفعه على البدل‪ ،‬لما في‬ ‫ذلك من المشاكلة‪.‬‬ ‫للا تعالى‪ ،‬قال في كتاب الغرائب‪ ،‬في‬ ‫على أن أبا القاسم الكرماني [‪ ]99‬رحمه ّ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬ال ِإله ِإالا ُهو} [‪ : ]100‬وال يجوز النصب هنا‪ ،‬ألن الرفع يدل‬ ‫على أن االعتماد على الثاني‪ ،‬والنصب يدل على أن االعتماد على األول‪ .‬يعني‬ ‫إنك إذا أبدلت فما بعد إال مسند إليه كالذي قبلها‪ ،‬إال أن االعتماد في الحكـم على‬ ‫البدل [‪ ، ]101‬وإذا نصبت فـما بعد إال ليست مسندا إليه‪ ،‬إنـما هو مخرج‪.‬‬ ‫وقد اعترض عليه بأنه ال فرق في المعنى بين قولنا‪ :‬ما قام القوم إال زيد وإال زيدا‪،‬‬ ‫إال من حيث ان الرفع أولى من جهة المشاكلة‪.‬‬ ‫وكالم الكرماني ال يقتضي منع النصب مطلقا‪ ،‬بل في اآلية من جهة األرجحية‬ ‫التي يجب حمل أفصح الكالم عليها‪.‬‬

‫للا تعالى وإقباال عليه‬ ‫وقي كالم بعضهم أرجحية الرفع ألن فيه إعراضا عن غير ّ‬ ‫بالكلية‪ .‬وأما االستثناء فيقتضي االشتغال بنفي السابق وإثبات الالحق‪ ،‬ففيه اشتغال‬ ‫بهما جميعا‪ .‬وهذا قد يرجح به النصب‪]102[ ....‬‬ ‫للا "صفة السم "ال"على اللفظ‬ ‫ثانيهما‪ :‬أن يكون الخبر محذوفا كـما سبق‪ ،‬و"إال ّ‬ ‫[‪ . ]103‬وفي عبارة بعضهم أو على الموضع بعد دخـول "ال"‪ ،‬وهما متقاربان‬ ‫كـما سبق مثلهما في اللفظ‪.‬‬ ‫قال األبذي‪ :‬وال يجوز البدل من اسم "ال"عام اللفظ‪ ،‬يعني في‪ :‬ال رجل في الدار‬ ‫إال‪ ،‬زيدا‪ ،‬ألن البدل في نية تكرار العامل‪ ،‬ولو قدر فسد المعنى‪ ،‬وعملت "ال"في‬ ‫المعرفة‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫للا تعالى‪ :‬ألن "ال"إنما عملت للنفي [‪ . ]104‬وفيه ما‬ ‫وقال ابن الحاجب‪ ،‬رحمه ّ‬ ‫سبق‪.‬‬ ‫وقال النيلي [‪" : ]105‬وإن شئت قلت ا‬ ‫إن " ِم ْن "مقدرة في النفي إذا كان مفردا‪،‬‬ ‫وجاء بعد إال موجب ال يصح تقدير "من "فيه‪ .‬وقيل ألن تقدير "ال" يقتضي‬ ‫النفي‪ ،‬ووقوعه بعد إال يقتضي اإلثبات‪ ،‬فيفضي إلى التناقض"‪.‬‬ ‫للا"عشرة أوجه‪ :‬الرفع من ستة أوجه‪ ،‬غير أن البدل‬ ‫وقد تلخص في "ال إله إال ّ‬ ‫من الموضع إما من موضع اسم ال قبل الدخول‪ ،‬وإما من ال مع اسمها‪ ،‬فيتقدر‬ ‫سبعة‪.‬‬ ‫والنصب من وجهين إال أن في وجه الصفة‪ ،‬إما أنه صفة للفظ اسم ال إجراء‬ ‫لحركة البناء مجرى حركة اإلعراب‪ ،‬وإما أن يكون صفة لموضعه بعد دخول ال‪،‬‬ ‫فيتقدر ثالثة مع السبعة‪ ،‬فتلك عشرة كاملة‪.‬‬ ‫سع في "إالّ"من‬ ‫والذي في كالم ابن عصفور من ذلك أربعة أوجه‪ ،‬وهو أكثر من و ّ‬ ‫األوجه‪.‬‬ ‫وللا يرزقنا منه‬ ‫انتهى ما خطر لي في هذه المسألة من األوجه الواضحة‪ّ ،‬‬ ‫المسامحة‪.‬‬

‫والحمد ّلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين‬ ‫وصحابته أجمعين‪.‬‬ ‫للا وعونه وحسن توفيقه‬ ‫تمت بحمد ّ‬

‫فهرس المصادر‬ ‫‪ _1‬ابن هشام األنصاري‪ /‬آثاره ومذهبه النحوي‪ /‬د‪ .‬علي فودة نيل‪ .‬منشورات‬ ‫جامعة الملك سعود‪ -‬الرياض ‪ 1406‬هـ‪.1985 /‬‬ ‫براج‪ .‬دار الفكر للنشر‬ ‫اإلسالمية‪ :‬د‪.‬جمعة ّ‬ ‫‪ _2‬أحكام الميراث في الشريعة ِ‬ ‫والتوزيع‪ .‬عمان‪ ،‬الطبعة األولى‪ 1401‬هـ‪1981 /‬م‪.‬‬ ‫‪ _3‬أخبار النحويين البصريين‪ :‬السيرافي‪ ،‬تحقيق د‪ .‬محمد البنا‪ ،‬دار االعتصام‬ ‫الطبعة األولى ‪ 1405‬هـ‪1985/‬م‪.‬‬ ‫‪ _4‬ارتشاف الضرب‪ :‬أبو حيان األندلسي‪ ،‬تحقيق د‪ .‬مصطفى النماس‪.‬‬ ‫‪ _5‬االستغناء في أحكام االستثناء‪ :‬شهاب الدين القرافي‪ ،‬تحقيق د‪ .‬طه محسن‪.‬‬ ‫‪ _6‬أسرار العربية‪ :‬األنباري‪ ،‬تحقيق محمد بهجة البيطار‪ ،‬دمشق ‪1377‬هـ‪/‬‬ ‫‪1957‬م‪.‬‬ ‫‪ _7‬إشارة التعين‪ :‬عبد الباقي اليماني‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عبد المجيد دياب‪ ،‬الطبعة األولى‬ ‫‪ 1406‬هـ‪.‬‬ ‫للا‪ :‬الزجاجي‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عبد الحسـين المبارك‪ ،‬مؤسسة‬ ‫‪ _8‬اشتقاق أسماء ّ‬ ‫الرسالة‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ 1406‬هـ‪1986 /‬م‪.‬‬ ‫‪ _9‬األشباه والنظائر‪ :‬السيوطي‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عبد العال سالم مكرم‪ ،‬مؤسسة‬ ‫الرسالة‪.‬‬ ‫السراج‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عبد الحسين الفتلي‪.‬‬ ‫‪ _10‬األصول في النحو‪ :‬ابن‬ ‫ّ‬

‫‪ _11‬أعجب العجب في شرح المية العرب‪ :‬الزمخشري‪ ،‬الطبعة األولى بالجوائب‬ ‫‪ 1300‬هـ‪.‬‬ ‫‪ _12‬إعراب الحديث النبوي‪ :‬العكبري‪ ،‬تحقيق د‪.‬حسن موسى الشاعر‪ ،‬الطبعة‬ ‫الثانية ‪ 1408‬هـ‪ 1987/‬م‪.‬‬ ‫‪ _13‬إعراب القرآن الكريم‪ :‬النحاس‪ ،‬تحقيق د‪ .‬زهير غازي زاهد‪ ،‬الطبعة الثانية‬ ‫‪ 1405‬هـ‪1 985 /‬م‪.‬‬ ‫‪ _14‬إعـراب المية الشنفري‪ :‬العكبري‪ ،‬تحقيق محمد أديب جمران‪ ،‬المكتب‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1404‬هـ‪1984 /‬م‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ _15‬األعالم ‪ :‬الزركلي‪ ،‬دار العلم للماليين‪.‬‬ ‫‪ _16‬إنباه الرواة‪ :‬القفطي‪ ،‬تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬الطبعة األولى‪.‬‬ ‫‪ _17‬اإلنصاف في مسائل الخالف‪ :‬األنباري‪ ،‬تحقيق المرحوم الشيخ محي الدين‬ ‫عبد الحميد‪.‬‬ ‫‪ _18‬أوضح المسالك‪ :‬ابن هشام األنصاري‪ ،‬تحقيق المرحوم الشيخ محي الدين‬ ‫عبد الحميد‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ -‬بيروت‪.‬‬ ‫‪ _19‬إيضاح المكنون‪ :‬إسماعيل باشا البغدادي‪.‬‬ ‫صل‪ :‬ابن الحاجب‪ ،‬تحقيق د‪ .‬موسى بناي العليلي‪،‬‬ ‫‪ _20‬اإليضاح في شرح المف ا‬ ‫مطبعة العاني‪ -‬بغداد ‪ 1982‬م‪.‬‬ ‫‪ _21‬البحر المحيط‪ :‬أبو حيان األندلسي‪.‬‬ ‫‪ _22‬البدر الطالع‪ :‬الشوكاني‪ ،‬مطبعة السعادة‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1348‬هـ‪.‬‬ ‫‪ _23‬البلغة في تاريخ أئمة اللغة‪ :‬الفيروز أبادي‪ ،‬تحقيق محمد المصري‪ ،‬دمشق‬ ‫‪1392‬هـ‪ 1972/‬م‪.‬‬ ‫‪ _24‬بغية الوعاة‪ :‬السيوطي‪ ،‬تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬مطبعة الحلب‬

‫ي‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1384‬هـ‪ 1964/‬م‪.‬‬ ‫‪ _25‬تاريخ األدب العربي‪ :‬بروكلمان‪ ،‬جـ‪ 5‬نقله إلى العربية د‪ .‬رمضان عبد‬ ‫التواب‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار المعارف بمصر‪.‬‬ ‫‪ _26‬تاريخ العلماء النحويين‪ :‬التنوخي‪ ،‬تحقيق د‪.‬عبد الفتاح الحلو‪،‬‬ ‫الرياض‪ 1401،‬هـ‪ 1981/‬م‪.‬‬ ‫‪ _27‬التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية‪ :‬الشيخ صالح الفوزان‪ ،‬مكتبة‬ ‫المعارف‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ 1407‬هـ‪ 1986 /‬م‪.‬‬ ‫‪ _28‬تخليص الشواهد وتلخيص الفوائد‪ :‬ابن هشام األنصاري‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عباس‬ ‫الصالحي‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1406‬هـ‪ 1986 /‬م‪.‬‬ ‫‪ _29‬تسهيل الفوائد‪ :‬ابن مالك‪ ،‬تحقيق محمد كامل بركات‪ ،‬القاهرة ‪1968‬ام‪.‬‬ ‫‪ _30‬التصريح على التوضيح‪ :‬الشيخ خالد األزهري‪.‬‬ ‫‪ _31‬التفسير الكبير‪ :‬فخر الدين الرازي‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1354‬هـ‪.1935 /‬‬ ‫‪ _32‬الجامع ألحكام القرآن‪ :‬القرطبي‪ ،‬دار إحياء التراث العربي عن طبعة دار‬ ‫الكتب المصرية‪.‬‬ ‫‪ _33‬الجني الداني في حروف المعاني‪ :‬المرادي‪ ،‬تحقيق طه محسن ‪ 1396‬هـ‪/‬‬ ‫‪ 1976‬م‪.‬‬ ‫‪ _34‬حاشية الصبان على شرح األشموني‪ :‬دار إحياء الكتب العربية‪.‬‬ ‫‪ _35‬حاشية يس العليمي على التصريح‪ :‬دار إحياء الكتب العربية‪.‬‬ ‫‪ _36‬خزانة األدب‪ :‬البغدادي‪ ،‬تحقيق عبد السالم هارون‪ ،‬دار الكتاب العربي‪.‬‬ ‫‪ _37‬الخصائص‪ :‬ابن جني‪ ،‬تحقيق محمد علي النجار‪ ،‬مطبعة دار الكتب‬ ‫المصرية‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ 1371‬هـ‪1952/‬م‪.‬‬ ‫‪ _38‬الدرر الكامنة‪ :‬ابن حجر‪ ،‬تحقيق محمد سيد جاد الحق‪.‬‬ ‫الدر المصون‪ :‬السمين الحلبي‪ ،‬تحقيق د‪ .‬أحمد الخراط‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪.‬‬ ‫‪ّ _39‬‬

‫‪ _40‬شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك‪ ،‬تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد‪.‬‬ ‫‪ _41‬شرح أبيات سيبويه‪ :‬ابن السيرافي‪ ،‬تحقيق د‪ .‬محمد علي سلطاني‪ ،‬دار‬ ‫المأمون للتراث‪ ،‬دمشق ‪ 1979‬م‪.‬‬ ‫‪ _42‬شرح األشموني مع الصبان‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية‪.‬‬ ‫‪ _43‬شرح جمل الزجاجي‪ :‬ابن عصفور‪ ،‬تحقيق د‪ .‬صاحب أبو جناح‪ 1400 ،‬هـ‪/‬‬ ‫‪ _44‬شرح ا لكافية‪ :‬ا لرضي‪ ،‬بيروت‪.‬‬ ‫‪ 1980‬م‪.‬‬ ‫‪ _45‬شرح الكافية الشافية‪ :‬ابن مالك‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عبد المنعم هريدي‪ ،‬الطبعة األولى‬ ‫‪1402‬هـ‪1982/‬م‪.‬‬ ‫‪ _46‬شرح اللمحة البدرية‪ :‬ابن هشام‪ .‬تحقيق د‪ .‬هادي نهر‪.‬‬ ‫‪ _47‬شرح المفصل‪ :‬ابن يعيش‪ ،‬إدارة الطباعة المنيرية‪.‬‬ ‫‪ _48‬فتح القدير‪ :‬الشوكاني‪ ،‬دار الفكر‪ -‬بيروت‪.‬‬ ‫‪ _49‬الكتاب‪ :‬سيبويه‪ ،‬تحقيق عبد السالم هارون‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪.‬‬ ‫‪ _50‬الكشاف‪ :‬الزمخشري‪ ،‬مطبعة الحلبي‪.‬‬ ‫‪ _51‬كشف الظنون‪ :‬حاجي خليفة‪ -‬بيروت‪.‬‬ ‫‪ _52‬مجلة البحوث اإلسالمية‪ ،‬تصدرها الرئاسة العامة إلدارات البحوث‪ ،‬في‬ ‫الرياض العدد ‪ 25‬لسنة ‪ 1409‬هـ‪.‬‬ ‫‪ _53‬مسألة في كلمة الشهادة‪ :‬الزمخشري‪ ،‬مخطوطة برلين‪.‬‬ ‫ي‪ ،‬تحقيق مصطفى الحدري‪ ،‬مطبوعات‬ ‫‪ _54‬المسـائل المنثورة‪ :‬أبو علي الفارس ّ‬ ‫مجمع اللغة العربية بدمشق‪.‬‬ ‫‪ _55‬المساعد على تسهيل الفوائد‪ :‬ابن عقيل‪ ،‬تحقيق د‪ .‬محمد كامل بركات‪،‬‬ ‫الطبعة األولى‪ ،‬منشورات جامعة أم القرى‪.‬‬ ‫‪ _56‬معاني القرآن وإعرابه‪ :‬الزجاج‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عبد الجليل شلبي‪ ،‬عالم الكتب‪،‬‬ ‫بيروت‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 14 08‬هـ‪1988/‬م‪.‬‬

‫‪ _57‬معجم المؤلفين‪ :‬عمر رضا كحالة‪ -‬بيروت‪.‬‬ ‫للا‪ :‬الزركشي‪ ،‬تحقيق علي محي الدين القرة داغي‪ ،‬دار‬ ‫‪ _58‬معنى ال إله إال ّ‬ ‫اإلصالح‪ ،‬القاهرة‪.‬‬ ‫‪ _59‬مغني اللبيب‪ :‬ابن هشام‪ .‬تحقيق د‪ .‬مازن المبارك وزميله‪ ،‬دمشق‪ ،‬الطبعة‬ ‫األولى ‪ 1384‬هـ‪1964/‬م‪.‬‬ ‫‪ _60‬المقتصد في شرح اإليضاح‪ :‬عبد القاهر الجرجاني‪ ،‬تحقيق د‪ .‬كاظم بحر‬ ‫المرجان‪ 1982 ،‬م‪.‬‬ ‫‪ -61‬النكت في تفسير كتاب سيبويه‪ :‬األعلم الشنتمري‪ ،‬تحقيق زهير سلطان‪،‬‬ ‫الكويت ‪1407‬هـ‪1987 /‬م‪.‬‬ ‫‪ -62‬همع الهوامع‪ :‬السيوطي‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عبد العال سالم مكرم‪ ،‬دار البحوث‬ ‫العلمية‪ -‬الكويت‪.‬‬

Related Documents