إيران 30 :عاما على الثورة ـ الحلقة ( :)1سهولة الطريق للثورة ..ووعورة الطريق للدولة إيران تدخل العقد الثالث من ثورتها ..وتتذكر «اليام الولى» التي صاغت شكل الدولة اليرانية منال لطفي ل يقيس اليرانيون الزمن ..بالساعات واليام والشهور والسنين ،بل بالعقود والقرون ..ففي بلد يعود تاريخه إلى ألفي عام أو أكثر ،ل يعني مرور 30عاما شيئا من الناحية التاريخية .وبالتالي يشعر بعض اليرانيين بعدم النصاف حيال محاولت تقييم الثورة اليرانية في ذكرى مرور 30 عاما على قيامها ،ففي رأيهم «الثورة ما زالت في أيامها الولى» وما سيترتب عليها لليرانيين والمنطقة والعالم لم يتبلور كليا بعد .لكن الوقوف أمام الثورة اليرانية حتمي ،فالثورة غيرت الكثير في إيران .يكفي اليوم أن اليرانيين ل يحتفلون إل بنوعين من العياد .العياد الوطنية ،والدينية اليرانية التي يعود تاريخها لنحو ألف عام أو أكثر (مثل الحتفالت برأس السنة الفارسية أو عيد النوروز ،وعيدي الفطر والضحى ،والتاسع والعاشر من محرم ذكري مقتل المام الحسين بن على ،أو عاشوراء) ،والعياد المرتبطة بقيام الثورة اليرانية (مثل ذكرى انتصار الثورة اليرانية ،وذكرى اختيار النظام الجمهوري السلمي) ..وما بين ذلك كأنه لم يوجد .غير أن تأثيرات الثورة اليرانية تتجاوز «رمزية» العياد التي يتم الحتفال بها إلى كل شيء تقريبا؛ من طبيعة النظام السياسي وشكل الدولة ،إلى الحريات في الشارع ..من علقة طهران بحوزة قم إلى علقة البازار بصناعة القرار السياسي والنخبة اليرانية الجديدة .وفي هذه الحلقات تقدم «الشرق الوسط» ،من خلل مقابلت مع مسؤولين حاليين وسابقين ،ومفكرين وشهود عيان من إيران ولبنان والعراق وأميركا ،شهادات حول الظروف التي قادت للثورة ،والخلفات التي نشبت بين أطيافها المختلفة ،وكيف أثرت هذه «الولدة المتعثرة» لدولة الثورة على طبيعة الدولة اليرانية اليوم ..ومستقبلها .توفي آية ال الخميني يوم السبت 3يونيو عام 1989عن 87عاما وتسعة أشهر .وفي مبني البرلمان اليراني لم يقرأ أحمد الخميني وصية والده ،بل قرأها «الولي الفقيه الجديد» آية ال علي خامنئي ،الذي كان حجة السلم ،وتم رفعه لمرتبة آية ال لشغل منصب المرشد العلى وقائد الدولة بعد الخميني .كانت هناك صورة كبيرة للخميني موضوعة على المنصة التي كان خامنئي يقرأ منها ،وفوق الصورة شريط حداد أسود كبير ،ولفتة سوداء مكتوب عليها «إنا ل وإنا إليه راجعون» باللغة العربية ،فيما تناثرت الزهار الملونة حول الصورة .قرأ خامنئي وصية الخميني الخيرة وهى« :بفؤاد هادئ ،وقلب مطمئن ،وروح مسرورة ،وضمير أمل بفضل ال ،أستأذن الخوات والخوة وأسافر نحو المقر البدي ،وإني في حاجة مبرمة إلى دعائكم بالخير. وأسأل ال الرحمن الرحيم أن يقبل عذري في نقص الخدمة ،والقصور ،والتقصير .وآمل من الشعب أن يتقبل عذري في النقائص والقصور والتقصيرات .وأن يمضوا قدما بقوة وتصميم وإرادة ليعلموا أن ذهاب خادمهم ل يجب أن يؤدي إلى خلل في مناعة الشعب الحديدية ،فإن خداما أفضل يخدمون الن .وال حافظ هذا الشعب ومظلومي العالم .والسلم عليكم عباد ال الصالحين» .خلل قراءة خامنئي للوصية توقف 3مرات باكيا غير قادر على مواصلة القراءة ،أما هاشمي رفسنجاني فكان وجهه مغطي بكفى يديه ومنديل .لم يكن من السهل رؤية ملمح وجهه .جاءت وفاة الخميني بعد نحو 10أعوام من الثورة اليرانية عام ،1979التي وصفت بأنها ثالث أبرز الثورات في التاريخ الحديث بعد الثورة الفرنسية عام ( 1789أول ثورة ليبرالية) والثورة البلشفية في روسيا عام ( 1917أول ثورة شيوعية في القرن العشرين) ،ثم الثورة اليرانية 11فبراير .1979فوجئت قيادات الثورة اليرانية من التيارات السلمية والوطنية واليسارية والقومية بـ«سلسة الطريق» للثورة ،مع تحرك الشارع اليراني بالمليين لدعمها ،إل أنهم فوجئوا أيضا بـ«وعورة الطريق» للدولة .ففي اليام والشهر الولى بعد نجاح الثورة اليرانية شهدت إيران حربا تشبه «حرب الشوارع» بين أنصار التيار الديني من الشباب المعممين وأنصار التيارين الليبرالي واليساري من الشباب الذين يضعون في غرفهم صور شي جيفارا وشعار التحاد السوفياتي السابق «المطرقة والسندان» .قتل خلل «حرب الشوارع» هذه عدد كبير جدا من عناصر الثورة ،ونحو %70من قيادات الحلقة الضيقة التي كانت تحيط بالخميني من تلميذه ومرافقيه عندما كان منفيا في تركيا أو العراق أو فرنسا. «مرارة» تلك اليام ل تزال حاضرة حتى اليوم ،و«الشكوك» التي زرعتها بين أطياف الثورة اليرانية ما زالت أيضا حاضرة وماثلة .ويقول إبراهيم يزدي وزير الخارجية اليراني في حكومة مهدي بازوكان رئيس وزراء أول حكومة بعد نجاح الثورة لـ«الشرق الوسط» إن المشكلة كانت أن كل القوى كانت متفقة على هدف التخلص من الشاه ،لكنها كانت مختلفة على كل شيء بعد ذلك ،على نوع الدولة وعلى دستورها وعلى قوانينها الحاكمة وعلقاتها الخارجية .ويوضح يزدي لـ«الشرق الوسط»« :أثناء الثورة ،كانت جميع الحزاب والفصائل السياسية ،اليمينية أو
اليسارية ،الدينية أو غير الدينية ،متفقة على ما ل تريده ،وهو :أن الشاه يجب أن يغادر ،وأنه تجب الطاحة بنظام حكم الشاه الستبدادي ..ولكن لم يكن هناك مثل هذا الجماع في مواقفهم المتعلقة بالبديل الذي سيحل مكان نظام الشاه .ولهذا ،بدأ الخلف على الفور بعد الثورة ..كان رئيس الوزراء بازركان وزملؤه في مجلس الوزراء يعتقدون أن المرحلة المدمرة أو السلبية في الثورة انتهت ،وأنه يجب البدء في مرحلة البناء أو المرحلة اليجابية .ولكن في المرحلة الثانية من الثورة ،كانت أهدافها اليجابية أصعب في تحقيقها .وكانت تحتاج إلى الكثير من التخطيط ،ولم يكن ممكنا تحقيقها بسرعة ،وكان تنفيذها يحتاج إلى نظام .ولكن كان المناخ السياسي فيما بعد الثورة مشتعل بشدة ،وكان صوت العقل والمنطق غائبا» .هذه الختلفات بين الجناح الديني من الثورة اليرانية والجناح الليبرالي واليساري ،والتي تحولت إلى مواجهات ثم إلى صراعات ،وأدت إلى تهميش التيار الليبرالي والوطني الذي كان قطبا فاعل في الثورة ،أثرت على الطريقة التي تكونت بها «دولة الثورة» منذ ذلك الحين وحتى اليوم .ورمزيا فقط تكفي الشارة إلى أنه حتى اليوم ل يوجد في إيران شارع باسم «محمد مصدق» زعيم الجبهة الوطنية اليرانية ،والب الروحي للتيار الليبرالي الوطني في إيران ،الذي ما زالت صوره معلقة في منازل كثير من اليرانيين حتى اليوم بوصفه رئيس الوزراء المنتخب، بين أعوام 1951و ،1953الذي أمم صناعة النفط اليرانية ،حتى قامت الستخبارات الميركية بالطاحة به في انقلب أعاد الشاه للحكم .هذه الخصومة «الرمزية» بين التيار الديني من ناحية ،والتيار الوطني الليبرالي من ناحية أخرى ،بدأت بعد نجاح الثورة اليرانية مباشرة ،فبعدما سمى «شارع بهلوى» بـ«شارع محمد مصدق» بعد نجاح الثورة عام ،1979تم تغيير اسم الشارع من «محمد مصدق» إلى «ولي عصر» ،أي ولي الزمان أو المام الغائب .وفي طهران ،التي تحمل غالبية شوارعها أسماء شهداء ،مثل شارع «الشهيد قرني» (أحد قادة ساباه باسداران خلل الحرب اليرانية -العراقية) ،وشارع «الشهيد همت» (أحد أبرز قادة الحرب مع العراق) ،وشارع «الشهيد مفتح» (رمز العلقة بين الجامعة والحوزة العلمية والثورة) ،والذي باسمه أيضا محطة للمترو في طهران وهي «ايستكاه مترو شهيد مفتح» ،ومكتبة هي «كتابخانة شهيد مفتح» في طهران ،وشارع «الشهيد مطهري» (أحد تلميذ الخميني وأحد منظري الثورة) ،وشارع طالقاني (أحد أبرز منظري الثورة اليرانية) وشارع المل الصدر (موسى الصدر) .وشارع «هفتي تير» (الذي سمي لحياء ذكري مقتل آية ال بهشتي ،تلميذ الخميني وصديقه ،في 28يونيو ،)1981 ليس هناك شارع «محمد مصدق» ..على الرغم من أنه خلل اليام الخيرة من حكم الشاه ،كان المتظاهرون يخرجون مرددين «نصر من ال.. مردم شاه» أى الموت للشاه ،وهم يحملون صور الخميني ومصدق جنبا إلى جنب .لكن هذه «الخصومة الرمزية» لم تكن إل انعكاسا لخصومة حقيقة كانت قد بدأت تظهر على الرض بين التيارات الفكرية والسياسية للثورة حتى قبل فترة طويلة من نجاحها عام .1979وما بين ليلة شديدة البرودة في 1فبراير عام ،1979عندما خرج نحو 3مليين شخص لستقبال الخميني ،وبين ظهيرة شديدة السخونة في يونيو 1989عندما خرج نفس العدد تقريبا لوداعه ،شهدت إيران تعرجات عديدة مرت بها دولة الثورة من دستور ليبرالي إلى ولية الفقيه ،ومن حوار مع أميركا بدأ منذ أن كان الخميني في باريس ،إلى قطيعة مع أميركا بوصفها «الشيطان الكبر» .يتذكر محمد على مهتدي يوم عودة الخميني لطهران يوم 1 فبراير ،1979فهو كان صحافيا في التلفزيون اليراني (اليوم مسؤول الخبار الدولية في صحيفة اطلعات اليرانية) .كان مهتدي مؤيدا للثورة، ومتحفزا لنجاحها .كانت أجواء ترقب متفائل ،وشعور جماعي بالقدرة على التغيير ،تحرك الناس في مسيرات جماعية حاشدة جعلت شاه إيران وكبار المسؤولين السياسيين والعسكريين غير قادرين على مواجهة المد .ويقول مهتدي لـ«الشرق الوسط»« :كانت الشوارع ل تخلو من المظاهرات ،من شوارع طهران إلى أصفهان إلى شيراز ومشهد .لكن الثورة كانت مفاجئة مع ذلك .لم يتوقع أحد نجاحها بهذه السرعة» .ويتابع مهتدي« :بعض الناس ربما كانوا يتوقعون أن نصل إلى مرحلة عمليات عسكرية وثورة مسلحة .ربما هذه الثورة المسلحة تأخذ أشهرا أو سنين. كانت هناك خطط لعمليات حرب عصابات .وحده الخميني كان متأكدا أن هذه الثورة ستنتصر من خلل حركة شعبية ،وليس من خلل حرب عصابات أو عمليات عسكرية» .صبيحة يوم الجمعة 8سبتمبر 1978خرج اللف في مظاهرة بطهران ،وأمر حاكم طهران العسكري بإطلق النار على المتظاهرين فقتل 4آلف (وسمى «الجمعة السوداء» في أدبيات الحركة السلمية في إيران) ،فخرج الناس يرددون« :سنقتل سنقتل من قتل إخوتنا» ،وزاد وضع الشاه حرجا وهشاشة .ثم كانت استراتيجية الخميني ،من منفاه في باريس ،بتحييد الجيش اليراني .وكان شعار الخميني: "«ل تهاجموا الجيش في صدره ،بل هاجموه في قلبه» ،أى خاطبوا قلوب جنوده وقادته .فخرجت مظاهرات بأزهار وورود لتوضع في فوهات الرشاشات ،مع شعارات« :أخى في الجيش لماذا تقوم بقتل أخيك» .وبالتالي لما دعا الخميني الجنود والقادة لترك الجيش والتخلي عن أسلحتهم وثكناتهم ،كانت الستجابة التي غيرت مسار إيران ،فالجيش كان القاعدة الوحيدة التي بقيت للشاه بعدما فقد البازار والطبقة الوسطى والطلب والحوزة الدينية والفقراء .دعا الخميني البازار إلى الضراب ،فأضرب الجميع بسبب العلقة التقليدية الوثيقة بين البازار والحوزة في قم .وأصاب
إيران الشلل التام .ثم دعا عمال النفط لوقف التصدير ،والنتاج فقط بما يكفي لسد حاجة اليرانيين اليومية .فقال الشاه لعمال النفط :سنطردكم ونأتي بعمال أجانب بدل منكم .فرد الخميني بفتوى تبيح هدر دم العمال الجانب ،وأمر بدفع رواتب عمال النفط من الموال الشرعية ،أى الخمس لمرجع التقليد .قام الطلبة بإحراق المصالح الجنبية في إيران ،كالبنوك وشركات الطيران والشركات .وأخيرا أعلن الخميني تنظيم إضراب كبير في ذكرى عاشوراء يكون بمثابة رسالة أخيرة للشاه .فأعلن رئيس الحكومة العسكرية اليرانية أزهري ،إلغاء الحتفال بذكرى عاشوراء حتى في المساجد ،وحظر التجول .فرد الخميني بدعوة اليرانيين للتظاهر من على أسطح المنازل .وعندما ألغت الحكومة العسكرية حظر التجول خرج اليرانيون بعشرات اللف وهم يرددون «أيها الشاه الخائن .نحن جاهزون للقتال ..لقد دمرت هذا البلد .وقتلت شباب هذا البلد» .فرد الشاه بخطاب متلفز قال فيه إنه لن يكرر أخطاء الماضي ،وسيعين حكومة وطنية في أسرع وقت تقوم بتحقيق الحريات الساسية ،وإجراء انتخابات حرة .حل الشاه الحكومة العسكرية وعين حكومة من الجبهة الوطنية المعارضة التي اختارت شاهبور باختيار ،أحد قادتها لرئاستها ،لكن كانت المفارقة أن العلن عن حكومة بختيار تم في واشنطن وعلى لسان الرئيس الميركي جيمي كارتر ،وليس من طهران أو على لسان الشاه .وكان أول قرار لحكومة بختيار هو أن يغادر الشاه إيران ،ومن مطار مهر أباد قبل مغادرته طهران ،قال الشاه آخر عبارة له في إيران« :قلت إنني محتاج إلى راحة .وكنت في انتظار أن تستقر أحوال البلد» .غادر الشاه إيران ،وكان يعتقد أنه سيعود عندما تهدأ الوضاع على يد بختيار .إل أن الخميني دعا اليرانيين إلى مواصلة حركتهم وإسقاط بختيار نفسه .فخرج الناس في الشوارع تردد «الموت لبختيار» لينقلب الخميني على الحركة الوطنية .ويعلن أنه سيعود إلى إيران لتشكيل حكومة أخرى مختلفة .قرار عودة الخميني باغت بختيار ،وكان يعرف أن الهوة كبيرة بينه وبين الخميني وآيات ال ،فقرر أن يغلق مطارات طهران لمنع الخميني من العودة ،قائل قبل أيام من الطاحة به« :أن تكون هذه الدولة جمهورية أو إسلمية أو ديمقراطية أو سلطنة أو ديكتاتورية أو فاشية ،فهذا أمر ،والذي يحصل في الشارع أمر آخر .عندما يأتي آية ال الخميني إذا كان لديه برنامج يطرحه أو آراء يدلى بها، فسنصغي إليه بكل احترام ،لكن إذا أراد أن يصبح رئيسا للوزراء أو ما شابه ،فإني مرتاح للغاية في مكاني هذا» .خرج الناس في الشوارع يرددون «بختيار بختيار بختيار ..الفرار الفرار الفرار» ،ففي نظر الكثيرين كان بختيار معينا من قبل الشاه وهذا ل يكفي لشرعيته .عندما حاول الخميني العودة مجددا لطهران ،كانت كل مطارات إيران أغلقت ،إل أن الفرنسيين سمحوا له باستخدام مطار «شارل ديغول» وباستئجار طائرة إيرباص بعدما دفع له أحد اليرانيين تأمينها .أقلعت الطائرة وعلى متنها أعضاء مكتب الخميني وعائلته وصحافيين من المقربين منه في باريس، وهم غير واثقين تماما من قدرتهم على الهبوط في إيران ،لكن السلطات الجوية اليرانية سمحت للطائرة بالهبوط في مطار «مهر أباد» .عاد الخميني وقال إن السلطة من حق «الفقيه» الذي تتوافر فيه الشروط .وفي خطابه وبعد دقائق من عودته ليران قال« :أنا سأعين الحكومة.. سأعين الحكومة بدعم هذا الشعب لي .إن الشعب يريدني .بختيار يقول إنه ل يمكن أن تكون هناك حكومتان في بلد واحد .وهذا أمر واضح .أنا أقول إنه ل يمكن أن تكون هناك حكومتان في بلد واحد .لكن يجب أن تذهب الحكومة غير الشرعية .إنك (بختيار) غير قانوني .الحكومة القانونية هي التي تعتمد على آراء الناس ،القائمة على حكم ال .عليك أن تعين من قبل ال أو من قبل الشعب» .ذهب بختيار ،لكن الحكومات المدنية اللحقة لم تكن أسعد حظا .فـ«دولة الثورة» لم تكن «مثالية» كما كان يتصور صانعوها ،سواء من قيادات التيارات الليبرالية والدينية واليسارية، أو صانعوها من اليرانيين العاديين ..فنجاح الثورة كان أمرا سهل مقارنة ببناء دولتها ،خاصة أن منظريها من التيار الديني لم يكن لديهم تصور محدد حول شكل الدولة .ويقول هاني فحص ،الذي كان قريبا من الخميني ومن الثورة اليرانية قبل وبعد نجاحها ،حيث عمل مع هاني الحسن، الذي كان سفيرا لفتح لدى إيران ،كحلقة وصل بين الثورة اليرانية والثورة الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات ،إن الخميني في البداية «لم يكن لديه مشروع سياسي محدد» ،كان في الساس رجل دين يعارض سياسـات الشاه. ويوضح فحص لـ«الشرق الوسط»« :كان يرى أنه معني بالجانب القيمي من الدين وحياة الناس ومن دون أن يكون بالضرورة حامل لمشروع سياسي بديل ..لو قرأنا الرسالة العملية ،أي المدونة الفقهية التي حررها الخميني لتكون دليل عمليا لتباعه ومقلديه إلى فتاواه في المعاملت (تحرير الوسيلة) وقارنا كثيرا من مضامينها وفتاواها الصريحة بما حدث بعد ذلك في الثورة والدولة تحت نظره لصابنا العجب ،فالرسالة غير ثورية وتقليدية جدا في أمور حساسة وكثيرة ،من صلة الجمعة إلى مسألة الحتكار .ومسلك الخميني بعد الثورة مختلف عن نهجه فيها ،وهو ل يعدو أن يكون في هذه الرسالة محرضا فقهيا على المعارضة ومقاومة الجور والظلم ،قدم مجموعة من الدبيات الفقهية السياسية التعبوية ليس إل، بينما نجده في خطبه اللحقة والمحررة مباشرة للثورة وقد انتقل إلى ملمسة مختلفة للقضايا والتحديات المطروحة» .ويتابع فحص« :أعتقد أن
الخميني كان على شيء من الحيرة عندما انتقل من الثورة إلى الدولة ،لن الســئلة تغيرت والقوى تمايزت والوقائع ألحت والمشاكل تفاقمت. لقد تحول المام من حالته الثورية التي تقوم على التركيز على حرية الجتماع مع الدولة ،إلى القول والعمل على شمولية الدولة ..إلى حد إمكان تعطيل الحكام لصالح ضرورات الدولة .في قناعتي أن الخميني كرجل دين وكثوري كان أجمل ،ولكن كرجل دولة كان أشد تــركيبا ،لنه أصبح أشد تعقيدا .وأذكر وأتذكر أن الخميني كان من أول يوم للبدء في بناء الدولة حتى آخر يوم في حياته مختلفا في قناعته ورؤيته وطموحاته عن المتحقق ،كما يختلف المثال عن الواقع ،من دون أن يفصل الواقع أو يتنكر له» .عندما يتجمع اللف في شوارع طهران اليوم إحياء لذكرى الثورة ،سيكون هناك إحساس بأن مجرد «صمودها» إنجاز في حد ذاته ،كما يعتقد محمد على مهتدي ،لكن آخرين ،حتى من المؤيدين للثورة ،ل يرون هذا ،فالكثيرون يعتقدون أن دولة الثورة «قاصرة» أمام الشارع. * غدا :الخميني ..الهندي
إيران 30عاما على الثورة ـ الحلقة ( : )2الباء الروحيون لـ «روح ال» ..ومعركة الرادات بين الشاه والحوزة بدأ الصراع بين «كرسي الملك» ..و«كرسي المرجعية» منذ ثورة المشروطية ..1906إل أن الخميني نقله من الحوزة إلى الشارع
إيرانيون يحتفلون بذكرى الثورة في طهران أمس (رويترز) آية ال فضل ال نوري (الثاني من اليمين) وسط اقاربه آية ال المدرس منال لطفي يقول الصحافي الفرنسي إيريك رولو الذي كان يعمل صحافيا في صحيفة «لوموند» الفرنسية إنه في إحدى المقابلت مع شاه إيران سأله عن البيان الذي أصدره آية ال الخميني لنتقاد البذخ في احتفالت مرور 2500عام على حكم الشاهنشاهية ،فرد الشاه غاضبا :من هو الخميني حتى أرد على السؤال .فقال له رولو :هذا مجرد سؤال صحافي ..وهناك بيان نشر من الخميني وأنا فقط أسألك رأيك .فقال له الشاه :أنا لن أرد على السؤال لن الخميني ليس إيرانيا ول فارسيا .هذا هنديا .وأنا ل أرد على الهنود .تلخص هذه الرواية الصراع الذي بدأ يطفو على السطح بين «كرسي الملك» في إيران و«كرسي المرجعية» .تاريخيا كانت المرجعية الدينية في «قم» لها صوتها واستقللها ،إل أن هذا الصوت وهذه الستقللية لم تقف يوما مهددة «كرسي الملك» ،وبالتالي عندما شعر محمد رضا شاه بالخطر ،لم يكن أمامه إل محاولة التخلص من «كرسي المرجعية» بمحاولة نقله من قم إلى النجف .وكانت الظروف مواتية فقد كانت حوزة قم بل مرجعية واضحة بعد وفاة آية ال البرجردي ،وكانت قم منقسمة على نفسها فيما يتعلق بطريقة التعامل مع تصرفات الشاه ،فيما اسم الخميني يصعد خصوصا وسط تيار من طلبة الحوزة يريد النشغال بالسياسة ،بل وحتى العمل المسلح .يقول المفكر هاني فحص ،الذي كان همزة الوصل بين الثورة الفلسطينية والثورة اليرانية وشاهد عيان على الكثير من تطورات تلك المرحلة في إيران ،إن الخميني في انشغالته السياسية لم يكن يشكل خروجا على المألوف وسط الحوزة ،غير أن ما تميز به هو أنه وتدريجيا طور «مشروعا سياسيا» لحركته الحتجاجية ،موضحا لـ«الشرق الوسط»« :لم يكن المام الخميني استثناء أو شاذا عن قاعدة رجال الدين في قم خاصة وفي إيران عامة من حيث انشغاله بالسياسة واشتغاله عليها .ونحن نتذكر أن الثورة الدستورية) أو ما سمى بالمشروطية) في العقد الول من القرن الماضي كانت قيادتها في إيران من رجال الدين وخريجي حوزة النجف ،وبعدها كانت حركة آية ال المدرس ،وحركة آية كاشاني وشراكته في النقلب الول على الشاه مع محمد مصدق ورفاقه .إلى ذلك فقد كانت النطلقة في الثورة الدستورية من النجف وبقيادة كبار المجتهدين اليرانيين ،كما كانت معارضتها منهم .ول يمكن إنكار مشاركة علماء من أصول إيرانية في ثورة العشرين في العراق ضد الحتلل النجليزي .ومن الطبيعي أن نأخذ في اعتبارنا اللحظة التاريخية بكل تفاصيلها ،وشخصية الخميني ودور هذين المرين في إقدام الخميني على اتخاذ موقفه المعارض علنا ليكون بما ترتب عليه ..بداية في حركة انتهت بالثورة وإسقاط النظام .وفي محددات اللحظة كان هناك ما سمي بالثورة البيضاء أو الصلح الزراعي على طريقة الشاه ،والتي أعادت أو جددت تمركز الملكيات الزراعية على حال من الجمع العشوائي بين السلوب القطاعي ،وطموحات برجوازية مستجدة وطفيلية إلى الثروة والسلطة .وقد أدى هذا التركيب الهجين إلى مزيد من التردي في النتاج الزراعي ومستوى معيشة الفلحين والهجرة الريفية في المدينة ،مترافقا مع إطلق يد الشركات الستثمارية الجنبية في السيطرة على دورة النتاج والسوق ،وفي طليعتها الشركات الميركية مع شراكة واسعة لسرائيل ،كادت أن تطال كل شيء ،في مصادر الثروة الوطنية وحركتها لتصبح عملية النمو مرتهنة بالكامل .ما ذكر اليرانيين بقضية شركات احتكار التبغ والتنباك النجليزية في أواخر القرن التاسع عشر بعد سلسلة من النشطة الحتكارية بدءا من الهاتف والبريد .وذكرهم بأن رجال الدين وعلى رأسهم الميرزا محمد تقي الشيرازي هم الذين تصدوا لهذه المسألة وقادوا بالفتاوى حركة شعبية أدت إلى توقيف العملية» .وقوف الخميني إذن معارضا علنيا للشاه كان استمرارا لتقاليد آيات ال في قم بدءا من الميرزا محمد تقي الشيرازي في القرن التاسع عشر وحتى آية ال الحائري وآية ال البرجردي في منتصف القرن العشرين .وفيما كان لكل
منهم أسلوبا في المعارضة ،إل أن ما جمع بينهم هو أنهم أبقوا هذه المعارضة في قلب «قم» ،فيما خرج بها الخميني إلى شوارع طهران ومشهد وأصفهان وشيراز .لكن ممارسات «اعتراض» الشاه كانت دائما موجودة في قم ،ففي مطلع القرن العشرين كانت إيران خاضعة شكليا لحكم السرة القاغارية ،إل أنها فعليا كانت خاضعة للنفوذ الروسي في شمال إيران والبريطاني في جنوب إيران حيث حقول النفط .وكانت فترة صعبة اقتصاديا واجتماعيا .كانت الناس تذهب يوميا إلى مراجعها الدينية في المدن اليرانية المختلفة تشتكي لها صعوبة الحوال القتصادية ،وتحالف القطاعيين مع النفوذين الروسي والبريطاني .فتبلورت حركة احتجاج من رجال الدين عام ( 1906عرفت باسم ثورة المشروطية) ضد الحكم القاغاري والنفوذ الروسي والبريطاني .واستطاع الشيخ فضل ال نوري ،أحد كبار المرجعيات في قم في ذلك الوقت ،تقييد سلطة الملك القاغاري مظفر الدين شاه وإلزامه بدستور مكتوب هو دستور عام .1906وكان عدد من أساتذة الخميني في «المدرسة الفيضية» في حوزة «قم» من قادة «ثورة المشروطية» من أمثال آية ال التبريزي وآية ال أبادي وآية ال الخونساري ،وكان لهذا تأثير على الخميني ،الذي كان يغادر دروس الحوزة في «قم» ويتوجه إلى البرلمان اليراني في طهران في العشرينات من القرن الماضي لسماع مداخلت آية ال حسن المدرس أحد أبرز وجوه المعارضة الدينية والسياسية في ذلك الوقت( .لما أkعلنت ثورة المشروطية في إيران ،طلب علماء الدين من رضا خان من السرة القاغارية أن يحد من النفوذ الروسي والبريطاني وأن يقبل تقييد سلطاته .وكان من بينهم آية ال المدرس الذي عرف بلسانه اللذع إذ قال مرة لرضا خان: «أنت إنسان همجي ،ما شأنك وشأن السياسة ،اذهب وفتش عن عمل يناسبك» .وقد حاول رضا خان اغتيال آية ال المدرس في أصفهان ،مسقط رأسه ،لكن المحاولة باءت بالفشل ،ثم تكررت محاولة الغتيال في طهران حيث هاجمه نحو 10مسلحين ،إل أنه لم تصبه إل أربع رصاصات جاءت كلها في اليد) .وبعد الحرب العالمية الولى عينت بريطانيا التي اتسع نفوذها في إيران بعد انتصارها في الحرب حكومة جديدة عام 1919 برئاسة سياسي إيراني اسمه «وفوق الدولة» في ظل حكم السرة القاغارية ،ووقع وفوق الدولة اتفاقية مع بريطانيا تقضي بإدارة الشؤون العسكرية والمالية تحت إشراف مستشارين بريطانيين .لكن وقف آية ال المدرس ضد هذه المعاهدة وضغط على الملك القاغاري لرفض الضغوط النجليزية .فتصاعدت الخلفات وقام اليرانيون بحركات احتجاجية في الشمال والجنوب .فاستقال وفوق الدولة ،وعينت بريطانيا ضياء الدين الطباطبائي رئيسا للوزراء ،فاتفق الطباطبائي مع الضابط في الجيش البريطاني ورضا شاه وزير الدفاع اليراني آنذاك على احتلل طهران، وسجن المعارضين ومن بينهم آية ال المدرس ،رئيس كتلة طهران في البرلمان اليراني .وبعد 3أشهر فقط استقال ضياء الدين وحل محله رضا شاه على رأس الحكومة ثم انقلب على الملك القاغاري أحمد شاه وأعلن نفسه ملكا على إيران 1926لينتهي عصر السرة القاغارية ويبدأ عهد السرة البهلوية .خلل حكمه ( )1941 -1926تأثر رضا شاه كثيرا بتجربة مصطفى كمال أتاتورك في تركيا ،فمنع مجالس العزاء الحسينية في إيران ،وفي عام 1935منع علماء الدين من ارتداء العمامة ،وفي عام 1936فرض نزع الحجاب ،ثم ألغى العمل بالتقويم الهجري ،وعطل مراسم العزاء في عاشوراء ،كما عطل خطبة صلة الجمعة ،وفرض الخدمة العسكرية على طلبة العلوم الدينية .إل أن رضا شاه وخلل الحرب العالمية الثانية دعم ألمانيا التي خسرت الحرب وتكبدت إيران خسائر فادحة .واجتاحت دول الحلفاء إيران من الشمال والجنوب ،وسقطت طهران عام 1941في أيدي الحلفاء واتخذت بريطانيا قرارا بعزل رضا شاه عن عرش إيران ونفيه ليطاليا وتعيين ابنه محمد رضا شاه ملكا .ووسط كل هذه الحداث كانت حوزة قم تحت زعامة آية ال الحائري في قلب الحدث السياسي ،إل أنها وبعدما فقدت الحائري عام 1947اثر وفاته ،وحلول آية ال البرجردي زعيما للحوزة مكانه ،أصبحت الحوزة أقل انغماسا في الشأن السياسي .وبالتالي امتنع الخميني ،الذي أصبح أحد الوجوه المعروفة في الحوزة ،عن القيام بأي تحرك سياسي في قم مخافة تهديدها بالنقسام ،وتجنب الدخول في القضايا السياسية إل بتكليف من البرجردي نفسه .ويقول هاشمي رفسنجاني ،رئيس مجلس الخبراء في إيران وأحد تلميذ الخميني في حوزة قم ،في مذكراته إن السبب في عدم انشغال البرجردي بالشأن السياسي هو أن البرجردي كان يرى ان الحوزة بلغت من الضعف منزلة ينبغي فيها أن تركز على إصلحها من الداخل أول، وذلك بعد ضربات الشاه المتكررة ليات ال الكبار في الحوزة أمل في إضعاف صوتهم السياسي .كما أن الحوزة كانت في ذلك الوقت تعاني من النقسام بين آيات ال بسبب الختلفات فيما بينهم حول الصلحات التي يريدها الشاه .فالولوية إذا كانت لعادة الحوزة لقوتها وتماسكها الداخلي ،ثم النشغال بالسياسة ثانيا .وفي ظل مرجعية البرجردي ،تم تعيين الخميني مستشارا له للشؤون السياسية وتنظيم شؤون الحوزة .وبالرغم من وجود اختلفات في وجهات النظر وتحفظات للخميني على الداء السياسي لية ال البرجردي إل انه لم ينتقده علنا ،وان نشط عمليا في دعم توجهات سياسية لم تنل تأييد البرجردي .ويقول هاني فحص أنه برغم التباينات بين البرجردي والخميني ،إل أن علقتهما لم تكن مضطربة، موضحا لـ«الشرق الوسط»« :في حدود علمي لم تكن العلقة مضطربة بين الخميني والبروجردي .كانت ظروف البروجردي صعبة .كانت
هناك مراكز نفوذ تحت ظل مرجعيته ،أحاطت به وجعلت أداءه يبدو مضطربا ،خاصة بعد فشل الثورة الدستورية وانقلب بعض قياداتها عليها (مثل الشيخ فضل ال نوري الذي تراجع عن بعض مطالبه الصلحية) ،وبعد الفصل بين كاشاني وحركة مصدق وعودة الشاه للحكم بدعم أميركي ورضاء سوفياتي» .وعندما حاول محمد رضا شاه تغيير الدستور في مطلع الخمسينات لزيادة صلحياته ،عارضت الحوزة ،وزاد من غضبها تلعب في نتائج انتخابات البرلمان .فأرسل محمد رضا شاه رئيس وزرائه إقبال مبعوثا للحوزة ،فانتدب آية ال البرجردي وآية ال كاشاني ،رئيس كتلة نواب طهران في البرلمان ،الخميني لمقابلته ،وكان موقف الحوزة واضحا وموحدا وهو رفض توسيع صلحيات الشاه على أساس أن هذا سيكون بداية يستغلها من أجل أن يلغى القوانين ويتصرف كما يشاء .وكانت الحوزة تتحرك مدفوعة بتحركات الشارع وباقي القوى الوطنية في إيران ،فاضطر الشاه للتراجع عن رغبته في تغيير الدستور .ما شجع الخميني على أن يظهر بشكل علني أكثر معارضته للشاه. لكن بالرغم من انشغال الحوزة بمعارضة سياسات الشاه ،إل أن إطاحة الشاه لم تكن في الواقع هدفا لرجال الدين في قم آنذاك .ويقول المفكر اليراني محسن كديور لـ«الشرق الوسط» :إن رجال الدين في حوزة قم بالرغم من اعتراضاتهم على سياسات الشاه ،إل أن مبتغاهم كان إجباره على تغيير سياساته ،موضحا« :في ذلك الوقت لم يكن قد تبلور التيار الكثر ثورية في قم الذي رأى أنه ل أمل في إصلح الشاه ..هذا التيار تبلور تدريجيا داخل قم ،والحقيقة أنه تأثر بالشارع اليراني الذي كانت تتحرك فيه تيارات ثورية عديدة من يمين إلى يسار ..أي أن الشارع اليراني سارع إلى تثوير الحوزة» .جاءت اللحظة الفاصلة في النشغال السياسي للخميني بعد وفاة آية ال البرجردي عام ،1961ما أتاح للخميني التحرك بسلسة أكبر في الحوزة ،إل أن الشاه كان يريد شيئا آخر ،كان يريد إضعاف حوزة قم لصالح حوزة النجف للتخلص من ضغوطات رجال الدين في إيران .فقد جاء الشاه إلى الحوزة العلمية في قم بعد وفاة البرجردي مباشرة وقام بإلقاء خطبة في مقام السيدة المعصومة ،وقال إنه كان هناك سد منعه من تحقيق نوايا والده في إيران (مشيرا إلى وقوف الحوزة ضد خطوات العلمنة التي حاولها والده). واستطرد الشاه مؤكدا انه منذ اليوم ستنفذ نوايا والده في إيران .بعد ذلك أرسل الشاه رسالة إلى آية ال الحكيم في حوزة النجف ،عبر له فيها عن احترامه وتقديره .ولم يكن الحكيم يتدخل في الشأن اليراني لكن الشاه أراد إرسال رسالة مفادها أن المرجعية بالنسبة له انتقلت إلى النجف بعد وفاة البرجردي ،بهدف تهميش المرجعية في قم وآيات ال فيها مثل الخميني ،والقلبيقاني والمرعشي نجفي ،وشريعتمداري .كانت هذه المرحلة مهمة في «صراع الرادات» بين الحوزة وبين الشاه ،فبعد عام على وفاة البرجردي ،رأى الشاه أن الوقت بات مناسبا لجراء التعديلت الدستورية التي يريدها ،فأجرى تعديلت على قوانين النتخابات البلدية تقضي بحذف شرط السلم للناخب والمرشح ،وحذف شرط القسم بالقرآن، والسماح للنساء بالترشح في النتخابات .فدعا الخميني إلى اجتماع عاجل في بيت آية ال الحائري اليزدي ،وعارض آيات ال البند الول لنه يسمح في رأيهم بإدخال الطائفة البهائية في مؤسسات الدولة .فإرسال الشاه رسالة إلى آيات ال الكبار في قم داعيا إياهم «حجة السلم» وحثهم على الهتمام بشؤون الفقه وهداية العامة فقط ل الدخول في السياسة وطرح رأيهم في التعديلت الدستورية التي أجراها الشاه . .لكن الحوزة كانت في مزاج آخر بعد وفاة البرجردي ،كان مزاجها أكثر ثورية .فأمر الخميني تلميذه بتنظيم مظاهرات ،وامتلت شوارع مدن إيران لمدة 6أشهر بالمظاهرات .فاضطر الشاه إلى إرسال رسائل إلى آيات ال ،باستثناء الخميني ،يعلن فيها التراجع عن التعديلت الدستورية ،غير أن الخميني أصر على أن يكون خطاب التنازل عن التعديلت علنيا وليس في رسالة للعلماء فنشر القرار في الصحيفة الرسمية .ويلحظ هاني فحص أن الشاه لم يستطع أن يلحظ مبكرا تزايد المد ضده في حوزة قم ،إذ كان الشاه يعتقد ان الخطر الساسي يأتي من الحركتين اليسارية والوطنية الليبرالية في إيران اللتين دفعتا ثمنا باهظا بسبب هذا العتقاد .فعندما أعلن الشاه عن إحباط محاولة لغتياله ،اعتقل عشرات المعارضين من حزب «توده» اليساري ،كما أعتقل آية ال كاشاني زعيم كتلة طهران في البرلمان الذي كان قريبا من الحركة الوطنية بقيادة زعيم الجبهة الوطنية محمد مصدق. فيما كانت حركة «فدائيان إسلم» المسلحة والتي خرجت من قلب قم إلى يد أحد طلبة العلوم الدينية وهو نواب صفوي تعمل من دون تضييقات كثيرة ما جعل تأثيرها يمتد بسرعة وسط طلبة الحوزة في قم ،ثم خارج قم ،ما ساهم في انتشار سمعة الخميني كمعارض قوى للشاه وسط الحوزة، إذ أنه كان مؤيدا لحركة نواب صفوي .وفي عام 1963ووسط أوضاع اقتصادية واجتماعية وسياسية صعبة ،أعلن الشاه الثورة البيضاء وتتضمن الصلح الزراعي ومحو المية وبيع نسبة معينة من أسهم الشركات الحكومية للشعب وتعديل قانون ،إل أن الخميني انتقد مسالب في الثورة البيضاء ومن بينها أنها تجعل إيران تعتمد على الستيراد من الخارج ،وقال الخميني إن الصلحات انتهاك للدستور لنها تمنح الشاه كل هذه الصلحيات ،وقال لنصاره إن الهدف الن «لم يعد الحكومة» بل «الشاه شخصيا» .فخرجت المظاهرات في كل المدن اليرانية ،وبدأت الضرابات وتعطلت العمال ،فأعلن الشاه إجراء استفتاء على إصلحاته وتعديلت للقوانين وقرر زيارة قم ،إل أن الخميني اصدر فتوى بتحريم
استقبال الشاه .فقاطع أهالي قم ورجال الدين زيارة الشاه ،إل أن الستفتاء مر شعبيا .لكن الخميني دعا إلى مواصلة رجال الدين الضراب ،فقرر الشاه الرد وأعطى أوامر باقتحام «المدرسة الفيضية» ،أكبر المدارس الدينية في قم في مارس (آذار) عام .1963وفي مطلع عام 1963قرر الشاه فتح سفارة لسرائيل في طهران فاجتمع الخميني مع آيات ال في قم وقرروا إرسال رسالة اعتراض للشاه في ذكرى عاشوراء احتجاجا ،ما أدى إلى اعتقاله في 4يونيو (حزيران) عام 1963من منزله في قم حيث أخذ إلى طهران ،ولحقا أطلقه الشاه ووضعه قيد القامة الجبرية في منطقة الداودية التي تبعد 12كيلو مترا عن طهران ،فأعلن البازار الضراب حتى إطلق الخميني .وبعد 9أشهر أطلقه الشاه في أبريل (نيسان) .1964لكن خلل سجن الخميني صعد تيار داخل الحوزة بقيادة آية ال شريعتمداري يتساءل حول جدوى الثورة ضد الشاه وفرص نجاحها وكانت هذه فرصة ملئمة للشاه لتعزيز النشقاق داخل الحوزة .وإذا كانت «تقاليد العتراض» داخل الحوزة أحد العوامل الساسية التي ساهمت في دفع الثورة ضد الشاه للمام ،فإن «جذور الختلفات» بين التيار الديني من ناحية ،والتيار الليبرالي الوطني واليساري من ناحية أخرى أحد العوامل الساسية التي أثرت على مسار الثورة والدولة اليرانية اليوم .ويلحظ محمد علي مهتدي الصحافي اليراني في صحيفة «اطلعات» اليومية الرسمية أن الحركة الوطنية اليرانية خلل تلك الفترة في الخمسينات والستينات شهدت تعاونا وتنسيقا وتبادل للدوار بين التيارين الليبرالي واليساري من ناحية ،والتيار الديني من ناحية أخرى ،موضحا لـ«الشرق الوسط» أن هذا التنسيق والتواصل كان أيضا كاشفا وبشكل مبكر للختلفات بين التيارين .فمنذ البداية وبالرغم من عداء التيار الوطني الليبرالي واليساري والتيار الديني للشاه ،إل أن كليهما كان يعتقد أنه هو «التيار الساسي المحرك» للحتجاجات ضد الشاه ،وان التيار الخر ما هو إل «لعب إضافي ثانوي» يدعم اللعب الساسي .وكان لسان حال الحركة الوطنية الليبرالية يقول :نحن دفعنا الثمن أكثر من رجال الدين ،نحن من دخل السجن وتعذب .فيما رجال الدين في قم يقولون :نحن أيضا دخلنا السجون ،وإن لم يكن بنفس الدرجة ،لكننا حركنا الشارع بفتاوى آيات ال في الحوزة .وهناك حادثة تاريخية توضح الجذور الولى لسوء التفاهم هذا .ففي الخمسينات شكل رجال الدين والحركة الوطنية العلمانية ائتلفا في البرلمان .وقدم زعيم الجبهة الوطنية محمد مصدق بدعم من آية ال كاشاني مشروع قانون لتأميم النفط اليراني ،فرفضت الحكومة على أساس أن إيران عاجزة عن إدارة شؤونها النفطية .فرد مصدق وكاشاني باللجوء إلى الشارع وأعلنا الضراب العام ،ثم أفتى كاشاني بالضراب ودعا بالذات القلب القتصادي لطهران وهو بالبازار بالضراب ..وهو ما كان .تواصلت المظاهرات والضرابات وأعمال العنف ،فاضطر الشاه للسماح بوصول مصدق لرئاسة الوزراء بعد فوزه في النتخابات .لكن الختلفات الفكرية سرعان ما بدأت تظهر بين مصدق أو الحركة الوطنية من ناحية ،وبين كاشاني أو رجال الدين من ناحية أخرى .فبعد وصول مصدق لرئاسة الوزراء بدأ رجال الدين يوجهون انتقادات إلى مصدق على أساس أنه في قرارة نفسه ليس مؤمنا بدور رجال الدين أو بكاشاني( .كان مصدق يريد من كاشاني ورجال الدين أن يتراجعوا ويتركوا التكنوقراط يديرون الحكومة لنه كان يؤمن بانفصال الدين عن السياسة ،غير أن هذا لم يرض رجال الدين في قم الذين لم يشعروا بالراحة لترك السلطة في يد الحركة الوطنية التي لم تكن لتنجح لول وجودهم معها ،بحسب ما يقول هاشمي رفسنجاني في مذكراته) .ثم انتقد مصدق بسبب إهانات تعرض لها كاشاني ،فقد صوره البعض في الحركة الوطنية بأنه ل يفهم في السياسة أو أمور الدولة ،كما أن أحدهم ألبس كلبا قطعة قماش مكتوبا عليها كاشاني ،ما أثار استياء بالغا لدى رجال الدين، أما المر الثاني الذي أزعج رجال الدين فهو حبس نواب صفوي زعيم «فدئيان إسلم» لمدة 20شهرا عندما كان مصدق رئيسا للوزراء .وفيما كانت أميركا تحضر لنقلب ضد مصدق ،وبحسب روايات عديدة فقد اتصل كاشاني بمصدق لخباره بما تخطط له أميركا ،وقال له إن رجال الدين يمكن أن يساعدوه أمام الشاه ومحاولت واشنطن النقلب عليه .لكن مصدق لم يأخذ التحذيرات على محمل الجد على اعتبار انه مدعوم من الشعب لكن أميركا نفذت النقلب بنجاح أغسطس (آب) 1953واعتقل مصدق ثم أطيح به وعينت حكومة جديدة .كانت إطاحة مصدق وإضعاف كاشاني ،ثم إعدام نواب صفوي ..بداية جديدة لحركة رجال الدين في إيران .فقد رأى الخميني أن السبب الساسي في نجاح النقلب ضد مصدق وفشل حركة مصدق -كاشاني وإعدام صفوي هو غياب «الدفاع الشعبي الذي يحمي الثورة» .فبدأ الخميني في نقل الثورة من الحوزة والجامعة إلى الشارع والمصانع والبازار وحتى رجال الجيش .الخميني بين الموسوي والهندي * وفقا للدوائر الرسمية اليرانية فإن جذور آية ال الخميني تعود إلى المام موسى بن جعفر الحفيد الخامس للنبي محمد (صلى ال عليه وسلم) والمام السابع في أئمة الشيعة الجعفرية الثني عشرية .وقد استقرت عائلة المام موسي بن جعفر في العراق وعرفت باسم عائلة «الموسوي» ،ثم هاجر جزء من العائلة إلى نيشابور ،وهى إحدى المدن اليرانية اليوم .بقوا في نيشابور فترة ومنها توجهوا إلى كشمير بالهند ،إذ تولت عائلة
الموسوى نشر السلم في كشمير ،فتحول لقب العائلة إلى «الهندي» .استمر نسل العائلة إلى مير حامد حسين الموسوى الهندي الذي يعتبر الجد الثالث لروح ال الخميني ،أي قبل ولدة الخميني بـ 250عاما .nسافر جد الخميني أحمد الهندي إلى النجف في العراق لكمال علومه الدينية، ومنها عاد إلى «خمين» وهى قرية صغيرة وسط إيران حيث عمل قاضيا nلخمين بناء على طلب من آية ال ميزرا شيرازي زعيم حوزة قم آنذاك، وهناك أنجب أحمد الهندي ،مصطفي والد روح ال الخميني عام ،1864حيث أصبح «الخميني» لقب العائلة .ويوم ولدة روح ال االخميني في 24سبتمبر (أيلول) عام ،1902قتل والده مصطفى على يد جماعات إقطاعية ،فظلت شقيقة مصطفى وعمة روح ال الخميني صاحبة خانم في طهران 6أشهر تلح على الملك لتعقب القاتل وتسليمه إلى أن تم ذلك وأkخذ وأkعدم في خمين. * غدا :مستشار كارتر :هكذا فوجئنا بالثورة
إيران 30 :عاما على الثورة ـ الحلقة ( :)3الخميني من شارع أتاتورك ..إلى حضرة النجف ألقى الخميني في حوزة النجف 19محاضرة كانت الساس لكتاب «حاكمية السلم» الذي يعد شيعيا nبمثابة كتاب «معالم في الطريق» لسيد قطب
إيرانيتان تسيران بجوار ملصق للخميني في طهران (أ.ف.ب) منال لطفي نqفpي oآية ال الخميني 14عاما nخارج إيران منذ عام 1964إلى عام ..1979وتوزع منفاه على 3محطات ،تركيا ( 11شهرا )nوالعراق (13 عاما )nوفرنسا ( 4أشهر) ،كان لكل من هذه المحطات تأثير مختلف على مسار الثورة اليرانية والخميني .ففي المنفى التركي ذهب الخميني ،كما يقول هاني فحص لـ«الشرق الوسط»« :كواحد من كبار العلماء والمناضلين غير النقلبيين ،وعكف على تحرير الرسالة العملية (تحرير الوسيلة) بذهنية المرجع التقليدي من دون أن يحمل مشروعا nثوريا ،»nإل أن المنفي العراقي كان تجربة مخالفة ،ففي حوزة النجف أعطى الخميني 19محاضرة في الفترة من 21يناير (كانون الثاني) إلى 8فبراير (شباط) عام 1970حولها لحقا nإلى كتاب «حاكمية السلم :ولية الفقيه»، الذي كان الساس للدستور اليراني بعد الثورة ،ويعد شيعيا nبمثابة كتاب «معالم في الطريق» لسيد قطب .وقد خرجت المحاضرات في كتاب من 150صفحة بعنوان «الحكومة السلمية :سلطة القاضي الشرعي وخطاب من المام موسوي كاشف» وذلك لخداع الستخبارات اليرانية .ثم سرب الكتاب إلى الحوزة العلمية في قم ،وصrور بأعداد كبيرة لتوزيعه على تلميذ الخميني في حوزة قم ،مع تعمد عدم نشر الكتاب وسط الوساط العلمانية والليبرالية واليسارية اليرانية التي كانت معارضتها مؤكدة لمبدأ ولية الفقيه .ويقول أبو الحسن بني صدر ،أول رئيس جمهورية في إيران بعد نجاح الثورة ،إن الخميني استفاد من عدم انتشار أفكاره حول حاكمية الولي الفقيه على نطاق واسع قبل نجاح الثورة ،فالتيارات الليبرالية واليسارية وحتى رجال دين من داخل الحوزة ،مثل آية ال منتظري ،لم تكن راغبة في أن يحل محل الشاه ،حكم من رجال الدين .لكن على مستوى آخر ،كانت الفكار الثورية واللغة الحماسية التي استخدمها الخميني من السباب الساسية لتحريك الشارع اليراني .وعندما نشبت الثورة كانت مفاجئة للجميع ..للشاه وحكومته وضباطه ولميركا ومسؤوليها« .لم تكن لدينا معلومات كافية حول الخميني وفريقه ..نعم فوجئنا بالثورة»، يقول جاري سيك مساعد زبيجنيو برجينسكي رئيس مجلس المن القومي الميركي خلل إدارة الرئيس الميركي جيمي كارتر لـ«الشرق الوسط» ،موضحا« :nلكن حتى لو كانت معلوماتنا أفضل ..لم نكن لنستطيع وقفها» .لم تتوقف انتقادات الخميني للشاه بعد إعلن الشاه عن «الثورة البيضاء» عام ،1963وقال الخميني إن الصلحات انتهاك للدستور لنها تمنح الشاه كل هذه الصلحيات ،وقال لنصاره إن الهدف الن «لم يعد الحكومة» بل «الشاه شخصيا .»nوفي ظهيرة أحد أيام عاشوراء في 3يونيو (حزيران) 1963ومن قلب المدرسة الفيضية شبsه الخميني الشاه بـ «يزيد بن معاوية» ،واصفا nالشاه بـ«البائس» ،محذرا nمن أنه إذا لم يغير سياساته فإنه سيأتي اليوم الذي يرحsل فيه الشعب الشاه إلى خارج إيران. بعد ذلك بيومين وفي 15يونيو (حزيران) ألقي القبض على الخميني ،وظل قيد القامة الجبرية لمدة 8أشهر ،ثم أkطلق عام .1964لكن وفي منتصف 1964وقtع الشاه اتفاقية الحصانة القضائية التي تقضي بعدم محاكمة الميركيين في إيران تحت أي دعوى ،فاستغل الخميني ذكرى ولدة فاطمة الزهراء ليعلن معارضته للتفاقية .بعد ذلك هاجمت القوات الخاصة اليرانية منزل الخميني وأخذته ،ليس إلى سجن آخر ،بل إلى مطار طهران حيث أkبلغ في المطار نفيه إلى تركيا ،بقرار موقtع في 3نوفمبر عام 1964من رئيس الوزراء اليراني آنذاك حسن علي منصور ،نصه: «وفقا nللمعلومات المؤكدة والشواهد والدلة الكافية ثبت لدينا أن تصرفات السيد الخميني وإثارته للضطرابات كانت ضد مصالح الشعب وأمن واستقلل ووحدة الوطن .لذلك تقرر إبعاده من إيران في تاريخ 3نوفمبر ( .»1964اغتال تنظيم «فدائيان إسلم» ،الذي يدين بالولء للخميني ونشط في قم ،حسن علي منصور ردا nعلى توقيعه قرار البعاد بعد أسبوعين) .بات الخميني الليلة الولى من منفاه التركي في فندق «بلوار بالس» .وفي اليوم التالي غادر وانتقل إلى شارع «أتاتورك» في أنقرة وظل به أسبوعا nواحدا ،nوكان في تركيا العلمانية مجبرا nعلى خلع عمامته وردائه الديني ،بموجب القوانين التي وضعها كمال أتاتورك والتي تمنع لبس العباءة أو العمامة .وفي هذه الفترة أkخذت للخميني صور بدون عمامة أو عباءة ،بل بالطو طويل وكوفية حول الرقبة وبنطلون ورأس عار .بعد فترة قصيرة انتقل الخميني من أنقرة إلى مدينة بورصة التركية ،وفي
يناير 1965قررت السلطات اليرانية نفي مصطفى الخميني ،البن الكبر للخميني معه إلى تركيا .بدأ الخميني يتعلم اللغة التركية ،ثم شرع في كتابه «تحرير الوسيلة» وفيه فقه سياسي وليس فقط معاملت ،إل أنه لم يتضمن رؤية سياسية ثورية .ويقول هاني فحص ،الكاتب والمفكر اللبناني الذي عمل كحلقة وصل بين الثورة اليرانية والثورة الفلسطينية ،لـ«الشرق الوسط»« :في تقديري وفي معلوماتي أن الخميني عندما نqفي إلى تركيا ذهب كواحد من كبار العلماء والمناضلين غير النقلبيين ..أي vمعارض شديد ليس إل ..وترافق ذلك مع فراغ نسبي في المرجعية الفقهية السياسية بعد وفاة البروجردي .وقد زاد النفي من تعلق الجمهور المتدين بالخميني وأخذ يتعاطى معه كمرجع تقليدي ،متواصل من خلل زائريه، حاملين معهم الستفتاءات والحقوق الشرعية .وقد فاتحه كثير من المقربين منه بضرورة التصدي للمرجعية التي كان زاهدا nفيها (ولكنها أصبحت أمرا nواقعا) .وهنا عكف على تحرير الرسالة العملية (تحرير الوسيلة) بذهنية المرجع التقليدي من دون أن يحمل مشروعا nثوريا nوإن كان قد حمsلها رؤية سياسية معارضة تاركا nللجمهور وقواه الطليعية (خاصة الطبقة المتوسطة الناهضة) أن يتدبروا أمرهم في حركة سياسية في الوقت المناسب. ولكن ذلك لم يمنع المرجعية الفقهية الخمينية من أن تتحول جزئيا nفي سلوك القاعدة الشعبية وسلوك المام وطريق من الطلبة الدينيين والشخصيات المدنية ورجال البازار الذين يتوافدون على السوق التركية في حركة تبادلية ..لم يمنع من الدخول التدريجي في نشاطات وحركة اتصالت وفعاليات سياسية صريحة ..وشرع الفقهي يصبح سياسيا ،nمخالفا nبذلك الشروط التي اتفق عليها نظام الشاه مع السلطة التركية ،فكان الحل الذي اتفق عليه هو إعادة النفي إلى العراق على أساس فواتير سياسية متبادلة بين النظام العراقي ونظام الشاه ،تسمح بأن يقيم الخميني في النجف أستاذا للشباب من رجال الدين الذين هم برفقته والذين قد ينضم إليهم عدد من الطلبة اليرانيين في النجف ،أو الهاربين من إيران ليندمجوا جميعا nفي الحوزة في سياقها العلمي التقليدي والذي يخضع لرقابة عراقية أمنية صارمة تمنع عليهم أي حراك سياسي وفي أي اتجاه» .أزعجت تحركات الخميني وذهابه للمساجد وخطبه وكتاباته وعلقته ببعض التراك السلطات التركية ،فطلبت أنقرة من الخميني أن يغادر بأقصى سرعة دون أن تبلغه إلى أين سيتجه .استقل الخميني الطائرة في 5أكتوبر (تشرين الول) عام ،1965وبعد ساعات قليلة وجد نفسه في بغداد .كان العراق ساعتها تحت حكم عبد السلم عارف وفي مفترق طرق ،فقد أسقط النظام الملكي تحت قيادة الملك فيصل عام 1958وأعدم رئيس الوزراء نوري السعيد ،إثر انقلب عبد الكريم قاسم الذي ألغى الملكية ،ثم انسحب العراق من حلف بغداد .هذا من ناحية ،أما من ناحية أخرى فقد كانت هناك تشابهات في تاريخ الحركة السلمية الشيعية بين البلدين ،إذ يعود تاريخها إلى الفترة نفسها بين 1958و ،1963على يد محمد باقر الصدر في العراق ،والخميني في إيران .في بغداد استقر الخميني في حي الكاظمية ليومين ثم توجه إلى كربلء لسبوع في ضيافة آية ال السيد محمد الشيرازي ،ثم إلى النجف حيث بقي فيها 13عاما .nوهناك لحقت به زوجته وابنه أحمد ،فيما كان ابنه الكبر مصطفى معه منذ المنفى التركي .لم تقلق السلطات في إيران كثيرا nلنفي الخميني إلى العراق ،فقد كانت الصوات التي ترى أن حوزة النجف ستضعف زعامة الخميني ومكانته في إيران هي الكثر غلبة ،على أساس أن حوزة النجف بعيدة عن إيران ،وحساسة جدا nحيال التدخلت في السياسة .كما أن الخميني لم تكن له معرفة وثيقة بأمور حوزة النجف .أما آيات ال الكبار في حوزة النجف من أمثال آية ال محسن الحكيم ،وآية ال أبو القاسم الخوئي ،وآية ال باقر الصدر فقد كانوا من الهمية والمكانة بما يمكنهم من تجاوز مكانة الخميني .كل هذه مبررات جعلت السلطات اليرانية تأمل في أن تكون هذه بداية «نهاية تأثير الخميني في إيران» .لكن في الواقع وفرت «الحلقة العراقية» والـ 13عاما nالتي قضاها الخميني في منفاه العراقي أرضية خصبة لعمله المستقبلي ،وعززت علقاته خارج إيران من العراق وحتى لبنان مرورا nبسورية .ففي حوزة النجف افتتح الخميني حوزته العلمية في جامع الشيخ النصاري وبدأ دروسه الدينية في الفقه ،وبعد 4سنوات بدأ بإلقاء دروسه عن الحكومة السلمية .وشكلت هذه المحاضرات «الساس النظري» الذي بrني على أساسه دستور إيران بعد الثورة .وفي هذه المحاضرات يقول الخميني« :الدين السلمي ليس دينا nمحدودا nيقتصر على العلقة بين العبد وربه .فالسلم هو دين سياسي» .وساعد الخميني أن حوزة النجف نفسها كانت بدأت تدخل في مزاج سياسي .ففي السينيات بدأ آية ال محمد باقر الصدر النشغال بالسياسة ،وظهر «حزب الدعوة» .لكن حركة الصدر لم تحظ wبإجماع واسع ،خصوصا nأن آيات ال كبار لم يرحبوا كثيرا بانخراط حوزة النجف في النشغال السياسي ومن بين هؤلء آية ال محسن الحكيم الذي لم يفضل دخول غمار العمل السياسي والثوري بالرغم من إلحاح الخميني عليه .وفي النهاية قرر الخميني عدم التدخل كي ل تتزايد الشقوق بين آيات ال في النجف .فلم يقم الخميني بدفع المبالغ الشهرية للطلب ول بتوزيع رسالته العلمية ،ونأى بنفسه عن أن يكون من مراجع التقليد في النجف ،وبات شغله الساسي ما يدور في إيران. ويقول هاني فحص حول تأثير هذه الخطوة على نشاط الخميني في إيران لـ«الشرق الوسط»« :في النجف قام الخميني بحركته الذكية ..تجاوز الحتفاء الجماهيري الواسع واندفاع الطلبة في النجف لستقباله والحاطة به ،وبنى حوله سورا nأو سياجا nتتخلله فتحات محدودة قدم من خللها
بعض المساعدات للطلبة العرب الجادين والفقراء في النجف دون أن يحاول استقطابهم .وخرج من منافسات المرجعيات الدينية في النجف ،فأصبح في منأى عن اعتراضاتها ومشاغلها المعتادة ،ونظم فريق عمله وشق قنواته المرتبة نحو النجف وطهران والمنافي التي اختارها عدد من أنصاره على اختلف اتصالتهم وثقافاتهم. وفي النجف تيسر ،أو كان لبد ،للبدايات السياسية المتدرجة من طهران إلى الناضول ،أن تتواصل مع معطيات وظروف عربية وعراقية ودولية تشجعها على التوغل في مسارها السياسي ..فقبل وصوله إلى النجف بسنوات كانت النجف أو حيز منها قد تلقفت أدبيات الخوان المسلمين وأسس حزب الدعوة -الخوان الشيعة -واحتدم الجدل داخل الحوزة بين المرجعيات التقليدية والمرجعية الحزبية المستجدة والتي انضم إليها عدد كبير من شباب العلماء المعروفين بالفضيلة العلمية والطموح إلى التغيير (كمحمد باقر الصدر مثل) .عاش الخميني في هذه الفضاءات وتأثر بها وظهر مختلفا nعن مراجع الذين ل يحبذون النقلب ويراهنون على مراكمة التغيرات ببطء وحذر مع نزوع دائم إلى التسويات المقبولة ..وحول دروسه ومحاضراته في فريق عمله ،الذي اتسع نسبيا ،nإلى بحث فقهي سياسي أنتج من خلله كتابه المعروف (الحكومة السلمية) والذي كان –شيعيا-n بمثابة كتاب سيد قطب (معالم في الطريق) .وإن كان سيد قطب وكتابه أقرب إلى مزاج السلم السياسي الحركي الشيعي المستجد في النجف والذي كان عموما nأقرب إلى القبول والرضا بالشاه ونظامه ومسلكه المتعارض مع مسلك الحركة القومية العربية خاصة في جانبها العارفي والناصري ثم البعثي لحقا» .سنوات وجود الخميني في النجف لم تشهد انقطاعا nبينه وبين إيران ،فقد كان الزوار يتوافدون بشكل شبه يومي بين النجف وقم ،وواصل طلبة الخميني التنظيم في القرى والمدن وتنظيم الجماعات السياسية ومن ضمنهم آية ال مطهري وآية ال بهشتي وآية ال خامنئي وهاشمي رافسنجاني .كانت بيانات الخميني تطبع بشكل سري وترسل ليران عن طريق سورية أو الكويت ،يحملها غالبا nتلميذ للخميني خضعوا لدورة تدريبية في معسكرات فتح في لبنان ويحملون هوية منظمة «فتح» .كما كان الخميني يرسل مع أقاربه خلل زيارتهم للنجف أشرطة كاسيت تفرsغ وتطبع وتوزع في قم ،كما ساعد على انتشار أفكار الخميني داخل العراق وإيران سماح عبد السلم عارف بإقامة إذاعة خاصة للمعارضة اليرانية في النجف بقيادة الخميني ،مما منح الخميني هامشا nملئما nللحركة .وفي عام 1968حدث النقلب البعثي ،فتدهورت علقة الخميني بالنظام العراقي بسبب الضربات التي وجهها أحمد حسن البكر للمؤسسة الدينية في العراق والحركة السلمية .غير أن المور تغيرت لحقا ،nفبعد تصاعد الخلفات بين العراق وشاه إيران عام ،1971قام أحمد حسن البكر بطرد عدد كبير من اليرانيين في حوزة النجف أو اعتقالهم ردا nعلى تسليح الشاه للكراد العراقيين المنتشرين على المنطقة الحدودية بين البلدين .واستمرت التوترات بين عراق البعث وشاه إيران حتى ،1974ووسط هذا حاول النظام البعثي التقرب إلى المعارضة اليرانية في النجف وأرسل وفدا nلمقابلة الخميني ،لكن الخميني أعلن نيته مغادرة العراق ،غير أن نظام البعث أبقاه قيد القامة الجبرية لستغلله كورقة في اللحظة المناسبة .أصبح بيت الخميني محاصرا nفي النجف تحت الحراسة المنية ،فاعتصم احتجاجا nولم يعد يخرج من البيت ،إلى أن توفي ابنه الكبر مصطفى في 23يوليو 1978بطريقة غامضة ،قيل إنها تسمم ،فقرر الخميني مغادرة العراق بأي شكل ،توجه أول إلى الكويت ومنها إلى سورية .على الحدود مع الكويت تركه تلميذه وأخذ هو سيارة لدخول الكويت ،لكن السلطات الكويتية رفضت السماح له بالدخول ،فطلب أن يستقل الطائرة لبلد آخر فرفضوا .عاد الخميني إلى بغداد وهو يعرف أنه لن يسمح له بدخول العراق التي لم تكن تريد إفساد علقتها بالشاه بعد اتفاق بين البلدين في الجزائر 1975يقضي بتضييق هامش حركة الحركات المعارضة في كل بلد .من بغداد حجز الخميني تذكرة إلى فرنسا ،التي استقبلته مشترطة عدم القيام بأي نشاط سياسي معاد yللشاه، فرد« sلن أقوم بأي نشاط داخل فرنسا لكنني سأواصل العمل بالبيانات داخل إيران» .بقي الخميني في فرنسا من أكتوبر 1978حتى فبراير 1979 ومعه ابنه أحمد ،فيما بقيت زوجته في العراق .وكان يجري 5أحاديث صحافية في اليوم ،وخلل نحو 4أشهر كان قد أجرى 450حديثا صحافيا .في هذه الفترة ،كما يقول محمد علي مهتدي الصحافي في صحيفة «إطلعات» اليرانية لـ«الشرق الوسط» :كانت إيران تغلي من الداخل ،وتم حل الحكومة المدنية وتم تشكيل حكومة عسكرية محلها ،وانتشرت العتقالت والدبابات في الشارع .ثم بدأ الشاه يهين الخميني عبر مقالت في صحف رسمية مثل «اطلعات» ،في تناقض مع معادلة تاريخية وهى احترام الشاه الصفوي ولحقا nالشاه القاغاري ثم البهلوي للمرجع الكبر سواء كان هذا المرجع نجفيا nأو قميا .ويوضح مهتدي أن الشاه دفع ثمنا nغاليا nلستخفافه بهذه المعادلة ،إذ خرجت الناس في مظاهرات كبيرة جدا nفي قم وطهران ويزد وتبريز وعبدان ،فيما بات يعرف بـ «الحركة الربعينية» .وقqتل المئات .في ظل هذه الجواء الملتهبة في إيران، كان الرئيس الميركي جيمي كارتر مشغول بالسلم بين مصر وإسرائيل ،وقلق قلقا nبسيطا nعلى تطورات إيران بعد تقارير مطمئنة من الستخبارات الميركية .لكن المشكلة أن الستخبارات الميركية في إيران كان لها وجود في كل مكان ،وأعين وسط الحركة الوطنية والحركة
الليبرالية والحركة اليسارية ،إل في قم ووسط رجال الدين. ويقول جاري سيك الذي عمل في مجلس المن القومي الميركي تحت إدارة 3رؤساء أميركيين هم جيرالد فورد وجيمي كارتر ورونالد ريغان، وكان متابعا nلملف الثورة اليرانية ثم أزمة الرهائن يوما nبيوم مع بيرجينسكي خلل إدارة كارتر لـ«الشرق الوسط» حول مستوى ودرجة معرفة الستخبارات الميركية بما كان يدور في إيران قبل الثورة« :مستوى معرفتنا الستخباراتية بما كان يدور داخل حركة الخميني كان محدودا nجدا..n لكن كانت لدينا اتصالت مع عدد مختلف من الناس المحيطين بمهدي بازوركان(زعيم الجبهة الوطنية اليرانية) في طهران من بينهم إبراهيم يزدي الذي كان مع الخميني في باريس .لكن مع ذلك ،وبالرغم من ذلك ،ل يمكننا القول إنه بسبب نقص معرفتنا الستخباراتية بما كان يدور داخل حركة الخميني ،حدثت الثورة نتيجة ذلك .أو القول إنه لو كانت لدينا معرفة أكبر بما كان يدور داخل حركة الخميني لكان بإمكاننا منع الثورة .لن الشاه فعل لم يكن قادرا nعلى التعامل مع التهديد الذي يواجه عرشه .وإذا كان هناك أي شخص كانت لديه معلومات مضللة حول ما الذي يستطع المللي في إيران فعله ،وكيف يمكن أن يفعلوه ،فذلك الشخص هو الشاه نفسه .فهو فعل فشل في فهم تطورات الموقف حتى النهاية. كان يعتقد أن الثورة في شوارع إيران سببها الروس ،أو الستخبارات المركزية الميركية ،وكان هذا تفسيره الوحيد لما كان يحدث في شوارع إيران لنه لم يستطع أن يصدق أن المللي ورجال الدين في إيران قادرون على أن يقودوا ثورة ضده بهذا الشكل .وكنتيجة لذلك لم يكن لديه أي فكرة عما ينبغي أن يفعل إزاء ثورة اليرانيين في الشارع .نحن في إدارة كارتر لم نكن أيضا nلدينا معلومات كافية .هذا صحيح تماما .nلكن حتى إذا كانت لدينا كل المعلومات ،فإنه ليس من المؤكد أننا كنا في وضع يمكtننا من وقف الثورة .كان هناك مليين اليرانيين يتظاهرون في الشوارع كل يوم .هذا مد من الصعب وقفه عندما يبدأ ،والشاه جعل هذا المد يمتد إلى نقطة أنه بات من الصعب جدا nجدا nوقفه» .ويتابع سيك« :نعم كانت لدينا معلومات محدودة حول الخميني وجماعته ،نعم فوجئنا بدرجة وقدرة رجال الدين في إيران على تعبئة دعم اليرانيين ضد الشاه .نعم حقيقة فوجئنا أن الشاه أثبت أنه غير قادر على تطوير استراتيجية متماسكة للتعامل مع الوضع .كرر دائما nأنه سيخرج باستراتيجية لمواجهة الوضع لكنه لم يفعل .حقيقة لقد فوجئنا بعدد من الشياء .لكن في النهاية ،القول إننا لو امتلكنا معلومات استخباراتية كافية لكان بإمكاننا وقف الثورة ،هذا غير صحيح .فهؤلء لم يكونوا مجموعة قليلة من الناس ،توافر المعلومات عنهم تمكننا من وقف حركاتهم .في الحقيقة هذه كانت ثورة واسعة جدا .nلم تكن الخميني وجماعته فقط في باريس ،بل ضمت عددا nمن مساعديه ومسؤولين عسكريين وتلميذ عملوا معه لسنوات ويتحركون بشكل مستقل في إيران ،وداخل المساجد ،وهى منطقة لم ينجح الشاه في السيطرة عليها ،وفشلت شرطته السرية في معرفة ماذا يدور داخلها .كان وضعا nمعقدا ومتداخل ،وحتى إذا كانت لدينا معلومات ،هل كنا قادرين على وقفها ..ردي :ل على الطلق». فوجئت أميركا بمدى نفوذ التيارات السياسية المعارضة في الشارع اليراني ،وخطورة وضع الشاه لدرجة أن الوقت الذي بقي متاحا nللتفكير في بدائل كان قليل جدا ..كان الوقت بدأ ينفد .ويؤكد سيك أن إدارة كارتر لم تناقش فكرة «تدخل عسكري أميركي من جانب واحد» لنقاذ نظام الشاه، موضحا nلـ«الشرق الوسط»« :الشاه كان لديه جيش من 400ألف جندي ،يدينون له بالولء .لم يدعrهم الشاه أبدا nكي يتصدوا لما كان يحدث. وعندما جاءت اللحظة ،وبات واضحا nأن الثورة في طريقها للنتصار ومنشآت تقع في يد الثوريين ،انهار الجيش اليراني .لم تكن قياداته قادرة على التفاق على استراتيجية حتى لمواجهة ما كان يحدث ،على النقيض تخلوا عن سلحهم وغادروا ثكناتهم .إذا كان لديك جيش من 400ألف جندي يدينون بالولء للشاه وفشلوا تماما nفي الرد ..فما الذي يعنيه هذا بالنسبة لي تدخل عسكري أميركي؟ فكرة أن أميركا كان يمكنها أن تأتي وتتدخل عسكريا nلنقاذ الشاه في الوقت الذي يستطيع ،أو لم يرد ،جيش الشاه التدخل ،يجعلنا أمام قرار من الصعب جدا nاتخاذه .حقيقة فكرة تدخل عسكري أميركي أحادي الجانب للسيطرة على الوضاع في إيران لم يتم بحثها خلل الزمة» .ويوضح سيك أن إدارة كارتر عندما باتت شبه متأكدة من أن الثورة ستنجح ،قررت عقد لقاءات مع الخميني في باريس في محاولة لمعرفة توجهاته ،موضحا« :كما أتذكر أجرينا محادثتين في باريس مع مقربين من الخميني لمعرفة ما إذا كان هناك أي شيء يمكن الحديث حوله مع الخميني .وما حدث هو أن هذه المحادثات الولية لم تؤد إلى أي نتيجة وبالتالي لم تتواصل .هذه كانت محادثات محدودة جدا .nعموما nهناك من ينتقدون الوليات المتحدة لنه لم يكن لديها اتصالت كافية مع الخميني وفريقه أو المعارضة ،كما أن هناك من انتقدوا الوليات المتحدة لنها أجرت اتصالت في رأيهم أكثر من اللزم مع المعارضة اليرانية في ذلك الوقت» .ويلحظ محمد علي مهتدي أنه عندما بدأت أميركا تتحرك في محاولة للحوار مع التيارات الثورية ومنعا nلنهيار النظام
بأكمله تحركت متأخرة جدا ،nوبعدما كانت علقات التيارات الثورية مع أميركا قد تدهورت تماما ،nموضحا nلـ«الشرق الوسط»« :لم يكن هناك شيء بيد أميركا .لم يكن لميركا أن تفعل أي شيء سوى ما فعلته وهو إخلء القواعد العسكرية وإخلء المستشارين العسكريين وترحيلهم من إيران لنهم تأكدوا من انتصار الثورة ،لم يكن هناك من طريق لمواجهة الثورة ،كما لم يكن من الممكن قتل مليين الناس في الشوارع ،والجيش اليراني كان على وشك النهيار ..والميركيون عرفوا أن الجيش منهار ول يمكن العتماد عليه لن جسد الجيش ،بغض النظر عن الجنرالت الكبار الذين كانوا أوفياء للشاه ،كان مع الشعب ،وفي النهاية حدث تمرد وهرب الجنود من ثكناتهم ومعسكراتهم ،وسلموا السلحة للشعب ،فعرف الميركيون أنه من المستحيل التدخل لجهاض الثورة .وجاءت تلك الحداث بعد أشهر معدودة فقط من قول الرئيس الميركي جيمي كارتر إن إيران (جزيرة الستقرار وسط منطقة مضطربة) وذلك خلل زيارة ليران للحتفال برأس السنة الميلدية .وهذا يدل كم أن الميركيين كانوا بعيدين عن الواقع في إيران .لم يكن بإمكان أي طرف خارجي أو قوة عظمى أن تفعل شيئا nللنظام المنهار ،الميركيون حاولوا بمجرد أن عرفوا أن نظام الشاه سينهار؛ فتحوا قنوات حوار مع المام الخميني قبل نحو شهرين من نجاح الثورة وقبل مجيء الخميني إلى طهران ،وذلك في نوفيل شاتو في فرنسا ،من خلل بعض الصحافيين والمستشارين وبعض الشخصيات المعروفة ،وفشلوا لن المام الخميني كان ل يثق بالميركيين». عاد الخميني إلى طهران يوم 1فبراير ..1979ثم خاض ليام حرب شوارع ،وتحولت طهران إلى أرض معركة بين الخميني وأنصاره ورئيس الوزراء الذي عينه الشاه شهبور بختيار وأنصاره واندلعت مواجهات عنيفة وأقيمت متاريس لتقسيم طهران .وظل القتال طوال الليل حتى احتل مؤيدو الخميني المباني الساسية والثكنات ومبنى الذاعة والتلفزيون وأصدروا البيان رقم واحد :لقد انتصرت الثورة .غدا :nالخميني ..سياسياn
إيران 30 :عاما على الثورة ـ الحلقة ( : )4خميني باريس ..وخميني طهران من بازركان إلى يزدي إلى بني صدر ..هكذا تفاقمت الصراعات داخل تيارات الثورة اليرانية
جدارية في ميدان «انقلب» في وسط طهران للخميني ضمن صور وجداريات كثيرة له في ايران لحياء ذكرى الثورة («الشرق الوسط») منال لطفي يقول أبو الحسن بني صدر ،أول رئيس جمهورية في إيران بعد الثورة ،إن السبب في الخلفات التي حدثت بين التيار الوطني الليبرالي واليساري وبين التيار الديني يعود إلى أن «خميني باريس» كان غير «خميني طهران» ،موضحا لـ«الشرق الوسط»« :في باريس كان الخميني محاطا بالمثقفين والمفكرين ..فيما في قم وطهران كان محاطا برجال دين» .ومن قم إلى طهران بدأت قصة الخلف بين تيارات الثورة اليرانية ،وبدأت العصاب تتوتر ،وتتزايد عمليات الغتيال من الطرفين ،وشلت الدولة ،وبدأت القوى التي شاركت في الثورة تترصد بعضها لبعض وتتصيد الخطاء وتتبادل التهامات. ويروي هاني فحص الذي كان قريبا من الثورة اليرانية وقيادتها لـ«الشرق الوسط»« :أذكر أنه في إحدى الليالي عقدت جلسة تشاورية في منزل المرحوم الدكتور علي شريعتي (أحد أهم منظري الثورة اليرانية) ،حضرها المرحوم السيد أحمد الخميني ،ابن الخميني ،الذي خضع لستجواب طويل وتفصيلي ومعقد ،يدور حول مخالفات الدولة أو السلطة لتقييم الثورة وأفكارها .وناقش السيد أحمد ،وعندما حوصر قال أحمد الخميني :اعذرونا ،فالمام معزول ومحاصر ومكتوف اليد .فقالت زوجة المرحوم شريعتي لحمد الخميني :أنت تذكرنا بالشاه ،فقد كان كثيرون وقتها يقولون إن الشاه جيد ويريد خيرا لكنه محاصر .فهل أصبح المام مثل الشاه؟ هذه كارثة». عاد الخميني إلى طهران وقال بعد أيام من نجاح الثورة اليرانية في 11فبراير (شباط) « :1979إننا نعيش في الجمهورية السلمية .في الجمهورية السلمية كانت حكومة السلم تدار من قبل الرسول الكرم والئمة .علينا أن تكون حكومتنا كحكومتهم» .إل أن هذا التوجه سبب قلقا وسط التيارات الليبرالية والقومية واليسارية اليرانية ،فرجال الدين لم يكونوا سوى جزء من التيارات التي قادت الثورة في إيران. يقول محسن كديور المفكر اليراني البارز لـ«الشرق الوسط»« :لم تكن الثورة اليرانية ثورة إسلمية دينية ،بل ثورة وطنية ،شارك فيها فئات من الشعب يعملون في إطار التيار الليبرالي والجبهة الوطنية والتيار اليساري .لم يتوقع الذين شاركوا فيها حتى من رجال الدين في اليام الولى بعد قيامها أن تصبح لهم اليد العليا في السلطة». بعد فترة من عودته إلى طهران غادر الخميني إلى قم ،حيث أدار شؤون الحكم من هناك .وكان الوزراء والمسؤولون يتوجهون إليه في منزله في قم ،ويعرضون عليه القرارات والتطورات السياسية وهم جالسون على حصيرة على الرض بجواره( .ظلت قم هي مركز اتخاذ القرار إلى أن اضطر الخميني إلى العودة إلى طهران بعدما قال له الطباء إن حالة قلبه ل تحتمل أن يعيش في قم ،وإن عليه أن يتوجه إلى طهران كي يكون قريبا من فريقه المعالج). من قم أصدر الخميني تعليماته بوضع أسس جديدة للسلطة التشريعية والتنفيذية ،فأمر بتشكيل مجلس الشورى الثوري برئاسة آية ال طالقاني وعضوية مرتضى مطهري ومحمد بهشتي وهاشمي رفسنجاني ومهدي العراقي ومحمد مفتح ،وكلهم من رجال الدين وتلميذ الخميني المقربين منه ،إضافة إلى أبو الحسن بني صدر وقطب زاده ،وكلهما كان قريبا من الخميني ،فأبو الحسن بني صدر كان معه عندما كان منفيا في فرنسا. وفي 15فبراير (شباط) 1979أصدر الخميني قرارا بتشكيل «حكومة مؤقتة» ،مهمتها تنفيذ قرارات «مجلس شورى الثورة» ،وبدأ البحث عن
أسماء أعضاء الحكومة بشرط أل يكونوا من علماء الدين .فطرح حزب نهضة حرية إيران أو «نهضت ازادي إيران» نفسه لتشكيل الحكومة في ظل الدعم الذي يحظى به من آية ال طالقاني (أحد أهم منظري الثورة اليرانية وصديق الخميني) .خصوصا أن زعيم حزب حرية إيران مهدي بازركان كان معارضا للشاه ،وسجن إلى جانب آية ال مطهري وآية ال بهشتي وآيه ال منتظري ،كما أن من قياداته إبراهيم يزدي الذي كان قريبا من الخميني ومن مستشاريه في باريس. وقع الختيار على بازركان ليرأس أول حكومة في عهد الثورة ،وكان بازركان وإبراهيم يزدي بلباس مدني وربطة عنق وثقافة منفتحة على الغرب .ويقول هاشمي رفسنجاني في مذكراته حول أسباب التوترات التي بدأت تظهر بين رجال الدين وبين حكومة بازركان :إن بازركان كان مسلما ورعا ،لكنه كان ل يؤمن بالحكومة الدينية ،وإن الخميني عيsنه بشكل مؤقت للشراف على الدستور وإجراء الستفتاء ،وإنه كان منفذا للقرارات فيما مجلس شورى الثورة هو الذي يصنع السياسات. جلس بازركان على الرض في منزل الخميني في قم ومعه وزراء حكومته الجديدة يقدمهم إلى الخميني .لم تكن هناك طاولة أو أوراق أو جلسة عمل ،فقط حصيرة على الرض جلس عليها الخميني مع الوزراء الجدد وقد خلعوا أحذيتهم .وكان هذا مؤشرا لما سوف يأتي ،فالحكومة بات عليها أن تذهب إلى قم بدل من أن تأتي قم إلى طهران. كان رجال الدين أصحاب اليد العليا منذ البدايات الولى ولو من وراء الستار ،لكن sاليرانيين في تلك اليام الولى لم يكونوا يدركون حجم التوتر الخفي بين تيارات الثورة .خرج الناس سعداء في الشوارع يرددون« :بازركان ..بازركان ..منفذ أحكام القرآن» ،و«رئيس وزراء إيران ..هو مهدي بازركان ،لن الخميني قال ..والخميني حامل القرآن» ،فيما كان مقربون من الخميني بنتقدون بازركان بحجة عدم معرفته بالجانب السياسي في الفقه السلمي .وسرعان ما اصطدم بازركان بالكثير من العقبات ،منها شعارات الثورة الدينية ،ومجلس شوراها من آيات ال ،وفكرة أنه منفذ لقرارات مجلس شورى آيات ال في قم. وردا على توجه رجال الدين لتشكيل حكومة دينية ،شكل حزب «توده» اليساري و«حزب حرية إيران» بقيادة مهدي بازركان ويد ال سحابي وإبراهيم يزدي ،و«الجبهة الوطنية» بقيادة كريم سنجابي ،إضافة إلى جماعات «فدائي خلق» و«مجاهدي خلق» و«بيكار» و«الفرقان» و«الحزب الشيوعي» اليراني ،جبهة واسعة لمعارضة أفكار الحكومة الدينية ،لكنهم اختلفوا على نوع الحكومة المبتغاة ،فحزب نهضة حرية إيران طالب بديمقراطية ليبرالية ،أما الشيوعيون فطرحوا حكومة الطبقة العاملة ،فيما كان السلميون يطرحون مصطلح «الحكومة السلمية» ،ودخل مطهري وبهشتي في مناظرات تلفزيونية لشرح وجهة نظر السلميين ،ثم لحقا أسس رجال الدين حزب «جمهوري إسلمي» أو الجمهورية السلمية ،ليكون لهم حزبا سياسيا يعبر عن أفكارهم بالرغم من عدم رضا الخميني عن فكرة الحزاب السياسية عموما. طرح الخميني فكرة استفتاء شعبي على نظام الحكم ،فطلب بازركان أن يكون الستفتاء على «جمهورية إسلمية ديمقراطية» ،فرفض الخميني وأصر على أن تكون «جمهورية إسلمية» .وعمق هذا الخلف بين بازركان والخميني وإن كان صامتا .ثم حدث الستفتاء في مارس (آذار) عام 1979على سؤال واحد ،وهو« :هل توافق على الجمهورية السلمية؟ نعم أم ل؟» وقد صوت % 98بـ «نعم» ،فأعلن قيام الجمهورية السلمية في أول أبريل (نيسان) ،1979وطلب الخميني انتخاب لجنة من رجال دين وقانونين لوضع «الدستور السلمي» ،واجتمعت اللجنة في طهران وحدثت الكثير من الختلفات ،خصوصا حول مبدأ ولية الفقيه ،وأبدى بازركان وأبو الحسن بني صدر وإبراهيم يزدي وقطب زادة معارضتهم الشديدة .وقال بني صدر ساعتها إنها «ديكتاتورية رجال الدين» ،فغضب أنصار الخميني ،وقررت الحكومة النتقالية الستقالة ما لم تحل| مسألة ولية الفقيه. ويوضح بني صدر لـ«الشرق الوسط» أن قادة التيارات الوطنية الليبرالية واليسارية فوجئوا برغبة رجال الدين في المساك بمقاليد السلطة في
يدهم ،موضحا أن العتقاد الذي ساد في بداية الثورة هو أن الخميني سيعود إلى قم ليكون بمثابة أب روحي للثورة ،وأنه ل رغبه لديه في مشاركته ،أو مشاركة رجال الدين عموما ،في السلطة التنفيذية .إل أن اليام أثبتت أن هذه القراءة لم تكن صحيحة. خرج اللف من أنصار رجال الدين وأنصار الجبهة الوطنية ،ونشبت مواجهات حادة عنيفة قتل فيها ما ل يقل عن 3وكأن الثورة لم تنته pبعد. وكان أمل الجبهة الوطنية الخير هو الجيش ،لكن الجيش كان يردد «ال أكبر ..خميني رهبر» ،أي «خميني هو القائد» ،فطلبت الحركة الوطنية والحزب الشيوعي حل الجيش لنه من بقايا النظام السابق ،لكن sالخميني ومستشاريه ورجال الدين لم يقبلوا ،فبدأت عناصر من الجبهة الوطنية واليسار تستولي على أسلحة الثكنات العسكرية .وخلل أشهر من التوترات تمت تصفية العشرات من رجال الدين المقربين من الخميني ،من بينهم قائد أركان الجيش اليراني المقرب من الخميني ،وآية ال مرتضى مطهري ،أقرب مساعدي الخميني ،وصهر الخميني الدكتور إشراقي ،وآية ال الطباطبائي ،والدكتور مفتح ومهدي عراقجي ،وآيه ال بهشتي ،ومحمد علي رجائي وباهنر ،فيما فشلت محاولت اغتيال علي محتشمي وموسوي أردبيلي وهاشمي رفسنجاني وعلي خامنئي .لم يعد الخميني يثق بالجيش لن الكثير من قياداته لم تتغير ،والكثير منهم كان لديه مoيل ليبرالي ،فقرر أن ينشئ خليا الحرس الثوري أو حراس الثورة ،التي كانت أولى مهامها القضاء على تحركات الكراد ،وهو ما تم في صيف .1979 كانت إيران الثورة في حالة فوضى غير عادية ،وكانت حساسية السلميين من الليبراليين والجبهة الوطنية كبيرة جدا ،يعززها الخوف من أن تتدخل أميركا لصالح الليبراليين ضد السلميين .وذادت المخاوف بعد اجتماع بازركان وإبراهيم يزدي مع زبيجنيو برجنيسكي في الجزائر. ويقول محمد علي مهتدي الصحافي في صحيفة «اطلعات» اليرانية لـ«الشرق الوسط»« :كانت هناك احتفالت في الجزائر بمناسبة مرور 25 عاما على انتصار الثورة الجزائرية ،وكنت في الجزائر وقتها ،وكان هناك أبو عمار وهاني الحسن وكثيرون كانوا في الجزائر ،فطلب برجينسكي اللقاء مع المهندس مهدي بازركان ،ولم يكن هذا اللقاء مبرمجا أو معدا سلفا .بازركان لم يجد أي مانع للقاء مع برجينسكي والتباحث معه .ربما كان بازركان يريد أن يطمئن أميركا أن هذه الثورة لها مبادئ ،وأنه إذا احترمت أميركا مبادئ الثورة ربما يكون بالمكان التفاق على بدء نوع من الحوار ،لنه كان أول لقاء من نوعه وحضره من الجانب اليراني بازركان ،بالضافة إلى وزير الدفاع مصطفى شمران ،ووزير الخارجية إبراهيم يزدي .لم يحدث شيء ،وكان لقاء يتيما ،لكن يبدو أنه كانت هناك بعض التيارات تقف بالمرصاد في إيران ،ولم يكونوا راضين عن هذا اللقاء بين برجينسكي وبازركان وفريقه ،وخلقوا أجواء ضاغطة إعلمية وسياسية ضد الحكومة المؤقتة ،وبعد ذلك حدث هجوم الطلبة على السفارة الميركية وأخذ رهائن ،ليستمر ذلك لمدة 444يوما ،ونتيجة لذلك استقالت حكومة مهدي بازركان لنه كان يريد أن يصنع دولة تسير حسب القوانين الدولية». وفي 4نوفمبر (تشرين الثاني) 1979احتل طلبة إيرانيون السفارة الميركية في طهران ،وهو الحدث الذي يقول الكثير من داخل الجبهة الوطنية في إيران إنه تم بضوء أخضر من رجال دين مقربين من الخميني ،بهدف «قلب الطاولة» على رجال الجبهة الوطنية والتيار الليبرالي لضعافهم وتشديد قبضتهم .ويؤكد رفسنجاني أن مجلس شورى الثورة ،الجهة التي كانت تحكم فعليا ،لم يكن على علم بنية احتلل السفارة ،موضحا« :كنت أنا وخامنئي قد ذهبنا إلى مكة للحج ،وكنا نياما على سطح البيت الذي كنا نسكنه هناك .عندما سمعنا الخبار عبر الراديو عرفنا أن الجامعيين سيطروا على السفارة الميركية». طالب مهدي بازركان وإبراهيم يزدي بإنهاء احتلل السفارة وإطلق الرهائن ،وهددوا بتقديم استقالتهم .ويقول يزدي إن الخميني قال إنه لم يكن يعلم مسبقا بخطوة الطلبة للستيلء على السفارة الميركية ،فالطلبة لم يفاتحوا أحدا في المر سوى موسوي خوئيني ،أحد مستشاري الخميني. ذهب يزدي إلى قم للقاء الخميني وحكى له خطورة خطوة احتلل الطلبة للسفارة الميركية .ويقول يزدي إن الخميني رد عليه بقوله« :ألقوا بهؤلء الطلبة في الخارج» ،فقرر يزدي العودة إلى طهران لنهاء أزمة الرهائن مع بازركان ،على اعتقاد أن الخميني غير راض عن هذه
الخطوة .غير أن اتصال هاتفيا من موسوي خوئيني لحمد الخميني ،ابن الخميني ،غيsر كل شيء ،فقد تراجع الخميني عن موقفه ،وفي الواقع وقف أمام تحرك حكومة بازركان لنهاء أزمة الرهائن .وكانت هذه تحولت مفصلية ،فقد أدت إلى انفصال بين التيار الوطني الليبرالي بقيادة الجبهة الوطنية ،وبين تيار رجال الدين في الثورة ،فقد قبل الخميني استقالة حكومة بازركان ،وأمر مجلس قيادة الثورة بتصريف مهام الحكومة ،وذلك بعد 9أشهر فقط من توليها السلطة ،ليخرج الليبراليون والحركة الوطنية من الحكم. لحقا دعا الخميني إلى انتخابات رئاسية ،فترشح لها أبو الحسن بني صدر وجلل الدين الفارسي من الحزب الجمهوري السلمي ،الذي كان حتى ذلك الوقت يرشح سياسيين وليس رجال دين ،ومسعود رجوي من مجاهدي خلق ،وحسن حبيبي ،وكان مقربا من السلميين دون أن يكون رجل دين أو يرتدي اللباس الديني ،مثله مثل بني صدر ورجوي .ألغى الخميني ترشيح جلل الدين الفارسي لن والدته أفغانية ،وألغى ترشيح رجوي لنه لم يصوت في الستفتاء على نظام الجمهورية السلمية ،موضحا أنه ل يمكن لرجوي أن يكون رئيسا «لنظام لم يصوت له». فأصبحت المنافسة الحقيقية بين بني صدر وحبيبي ممثل السلميين ضمنا ،وحصل بني صدر على دعم الليبراليين والوطنيين وبعض رجال الدين وفاز بالنتخابات ،وساعده على الفوز علقته الجيدة بالخميني منذ أن كان مستشارا له في باريس .إل أن الخميني في قرارة نفسه لم يكن مرتاحا لتولي بني الصدر الرئاسة ،ففي الحقيقة صوت الخميني لحسن حبيبي كما قال أحمد الخميني ،إل أنه لم يقل للناس ل تصوتوا لبني صدر. بعد انتخابه توجه بني صدر إلى مستشفى القلب في طهران عام 1980لينال مباركة الخميني وتكليفه بالرئاسة ،فانحنى بني صدر وقبل يده .وقرأ أحمد الخميني كلمة والده لتنصيب بني صدر التي صاغها بعناية وقال فيها« :إني أنفذ رأي الشعب وأعين بني صدر في هذا المنصب ،لكن هذا التعيين وتنصيبه ورأي الشعب مشروط بعدم مخالفته للحكام السلمية المقدسة واتباعه للدستور السلمي اليراني» .لم يكن رجال الدين الذين جلسوا في الصفوف الولى خلف الخميني سعداء ،فيما كان الخميني مقطب الجبين .وبعدما انتهى أحمد الخميني من إلقاء كلمة أبيه قال الخميني عبارة واحدة عابسا« :إني أذكtر السيد بني صدر بجملة ،وهي تذكرة للجميع ،إن حب الدنيا رأس كل خطيئة .إني أطلب من السيد بني صدر أل تتغير سيرته بعد رئاسة الجمهورية». ويتذكر بني صدر تلك اليام والظروف التي كان يعمل خللها والضغوطات ,موضحا لـ«الشرق الوسط» «كانت هناك عدة عوامل غيرت مسار الثورة ،وليس فقط الخميني ،لكن بالطبع تأثيره كان كبيرا .كانت هناك ميول وحب للسلطة لديه ،وهذا ما سهل بالنسبة إليه وضع يده على إيران بطريقة ديكتاتورية .بالطبع كان هناك فرقاء من اليسار أرادوا أن يلعبوا دور لينين في الثورة اليرانية ،بينما السلميون كانوا قد بدأوا بالتصدي للنظام بقوة السلح .وهناك قضية الرهائن والحصار القتصادي ،كل هذه الشياء لعبت دورا في إعادة تركيب الديكتاتورية في إيران .لكن لو كان الخميني يريد أن يلعب هذه اللعبة ،لكان بإمكانه التصدي لها .حيث كان قد وعد أمام العالم أجمع ،باحترام الديمقراطية والتقدم وحقوق النسان. وأنا أعتقد انه لو أراد أن يحترم وعوده لكان بإمكانه أن يفعل .كانت هناك بالطبع عوامل تدفعه باتجاه عدم احترامها ،ولكن الخميني كان قويا لدرجة انه كان بإمكانه أن يقاوم لو أراد أن يحترم وعوده». من ناحيته يقول هاني فحص لـ«الشرق الوسط» حول علقة بني صدر مع الخميني« :بني صدر كان محسوبا على بيت المام (أحمد الخميني، أشراقي صهر الخميني ،ومحمد منتظري ،كانوا مؤيدين لبني صدر) ،ومشكلته أنه كان مثقفا أكثر مما كان سياسيا .الخطأ الذي ارتكبته منظمة مجاهدي خلق أنها بدأت تعلن تحفظاتها للتيار الديني وللمام الخميني وللثورة عموما بجانبيها الليبرالي والديني في لحظة النتصار ،ثم طورت ذلك إلى ممارسة العنف ،فمورس قمع ضدها .أما الخلف بين التيارات الليبرالية فقد بدأ أول فيما بين التيارات الليبرالية ،وبدأ بين تيار جبهة ملي (أو الجبهة الوطنية) كريم سنجابي الذي كان وزير خارجية ،وبين حركة تحرير إيران ،أي بازركان ويزدي .هؤلء هم الذين بدأوا بإقصاء أو بمساعدة المام الخميني وترغيبه في إقصاء كريم سنجابي .أي حدث الخلف في الصف الليبرالي في البداية لن سنجابي كان أكثر ليبرالية منهم، وأقل قربا من تيار رجال الدين ..أما التناقضات بين التيار الليبرالي والتيار الديني فقد كانت موجودة منذ البداية ،فقد كنت أراهم قبل نجاح الثورة
وكانوا متعاطفين مع المام الخميني على أساس أنه طريق لدولتهم ..المام الخميني لحظ هذه المسائل منذ البداية .كان المام الخميني يحاول أن يمسك العصا من الوسط ،يحافظ على الجميع ،إلى أن بدأ رجال الدين يطلون على السلطة ،فبعد أن أصبح هاشمي رفسنجاني رئيسا لمجلس النواب بدأت شكاوى الليبراليين ،وبدأوا يفتحون خطوطا على حسابهم ،أي ضمن تصوراتهم الليبرالية .وبدأوا من خلل موقعهم في السلطة بعزل التيار الديني ومحاصرته ،وارتكبوا خطأهم الكبير بأنهم التقوا مع برجنيسكي في الجزائر .جلسوا معه جلسة طويلة ،ولم يفصحوا تماما للخميني عما حدث خلل اللقاء ،فتفجرت المور في هذه اللحظة ،فالمام الخميني لم يعرف باللقاء مسبقا .وهنا يتردد أنه عندما التقى إبراهيم يزدي مع الخميني وتحدث معه حول اللقاء مع برجنيسكي تكلم يزدي 10دقائق ،فقال الخميني :أنتم جلستم مدة ساعة ونصف ،لكنك تكلمت 10دقائق فقط ..فبدأت الشكوك تنفجر». ويتابع فحص« :بني صدر خلط بينه نفسه وبين الثورة والخميني ،اعتبر أن الـ 11مليون صوت و 700ألف التي حصل عليها في النتخابات له ،علما أن سمعته كانت محصورة بين المثقفين ،وهذا ليس انتقاصا منه ،لكنه كان مثقفا ،لم يكن منخرطا في عمل سياسي مباشر ،ولم يكن معروفا شعبيا ..وصلت المور ببني صدر إلى أنه انحاز إلى مجاهدي خلق في النهاية ،وهم الذين كانوا في الصل أعداء له .وكانت طبيعة المثقف متحكمة فيه ،أي يرى المور كما يحب وكما يكره ،وبدأت تظهر ذاتيته ،حتى إن الشعب اليراني أسماه (اقاي من) أي «السيد أنا» ..ومع ذلك ظل الخميني يعطيه فرصا ويطلب منه أن يراجع مواقفه ،إل أن بني صدر لم يتغير ،وعمل مهرجانات كان جمهورها فقط مجاهدي خلق في لحظة صعبة ،إلى أن تشكلت لجنة لدراسة أهليته وحكمت بفقدانه للهلية ،فأقصي من الرئاسة .أما مع بازركان ،الخميني كان يحب بازركان، وكانت علقته بحركة تحرير إيران علقة طيبة أيام الثورة .مع بدء الدولة بدأت التميزات ،وبدأ الجانب الليبرالي يتبلور أكثر ،بمعنى أن التيار الديني يريد التيار الليبرالي مساعدا له وتحت إمرته ،والتيار الليبرالي يريد من التيار الديني أن يكون داعما لدولته ،وأن تصير الدولة ليبرالية، ويعود المتدينون إلى مواقعهم الساسية في قم ،وهذه مشكلة ولية الفقيه .كنت في طهران يوم النتهاء من وضع الدستور ،وكانت جماعة بني صدر وبازركان يتناقشون مع الخرين من رجال الدين ..الولي الفقيه ،ماذا ترك في الدستور لرئيس الجمهورية؟ شعر الناس كلهم أن رأس الهرم هو المتحكم ،وأن رئاسة الجمهورية والسلطة التنفيذية تشتغل بأمر الولي الفقيه ،وهي محدودة ومحاصرة .هذه هي المشكلت التي حدثت». كان الصدام محتوما إذن بين بني صدر والخميني ،ففي أدائه القسم لم يذكر بني صدر كلمة «ثورة إسلمية» أو «انقلب إسلمي» ،ولم يذكر عبارة «دستور إسلمي» أو «جمهورية إيران السلمية» ،وتعهد بالعمل «وفاء للشعب» ،لكن الهم من كل ذلك أنه لم يذكر اسم الخميني ،بل قال« :إني أقسم بالقرآن المجيد أن أكون وفيا للدستور ،وأن أبذل قصارى جهدي دوما من أجل إعلء اسم إيران ،ومن أجل تحسين الوضع المعيشي للناس .وليس هناك أي سبب يجعلني ل أبذل هذا الجهد عندما يبدي أهلنا كل هذا الصفاء والصدق قبل وبعد انتصار الثورة ،وأظهروا كل هذا الوفاء والستقامة». خلل 9أشهر شهدت إيران صراعا متواصل مكتوما وعلنيا بين التيارات الليبرالية وبين التيار الديني على اختيار أسماء أعضاء الحكومة وقيادات الدولة ،وتعطل تشكيل الحكومة ،وكان الصراع في البرلمان أكثر وضوحا بين القلية النيابية التي تدعم بني صدر ،وبين النواب الذين يدعمون الحزب الجمهوري السلمي .وكان عدد هؤلء كبيرا حتى إن أول برلمان كان غالبيته من رجال دين بعمامات وعباءات ،وكان الصراع على شخصية رئيس الوزراء وهل يمثل التيار الليبرالي أو رجال الدين. ثم بشكل مفاجئ طرح بني صدر اسم أحمد الخميني لرئاسة الوزراء ،وبعث رسالة إلى الخميني بهذا المضمون ،جاء فيها« :سماحة آية ال العظمى المام الخميني قائد الثورة السلمية اليرانية ،نظرا إلى الوضاع الحالية ،وبما أن مجتمعنا هو مجتمع شاب ،ويشهد حماسا إيجابيا وتوجها نحو النتاج والنشاط ،ولن الجانب المعنوي الثوري هو المحرك الساسي ،لذلك أعتبر أن حجة السلم السيد أحمد هو أحد أنسب الشخاص لرئاسة الوزراء .وأجد أن موافقتكم عين الصواب» .فرد الخميني عليه بشكل مقتضب وحازم وسريع« :باسمه تعالى ،ل أنوي أن يتسلم أبنائي مناصب .أحمد خادم للشعب ،وفي هذه المرحلة إذا كان حرا يمكنه أن يخدم بشكل أفضل .والسلم عليكم».
تشكلت لجنة ثلثية داخل مجلس الشورى للحوار مع بني صدر حول شخصية رئيس الوزراء ،وتم وضع قائمة بها 14اسما ،شطب بني صدر نصفها وتبقى 7أسماء ،فقال بني صدر إن أي اسم منها يختاره البرلمان لن يمانع فيه .وقد صوsت المجلس في اجتماع مغلق على الـ 7الباقين، وتم اختيار محمد علي رجائي بأكثرية الصوات ،لكن العلقات كانت شبه مقطوعة بين بني صدر ورجائي .وحاول بني صدر اللجوء إلى الشارع فدعا إلى مهرجان في جامعة طهران في ذكرى وفاة زعيم الجبهة الوطنية محمد مصدق ،وحضر المهرجان كل أطياف اللون السياسي ،وهناك أعلن بني صدر تشكيل جبهة وطنية لمعارضة رجائي وحزب الجمهورية السلمية. فأمر الخميني بتشكيل لجنة لدراسة الختلفات بين مسؤولي الدولة ،تتكون من طرف يمثل بني صدر وآخر يمثل الطرف المعارض والثالث يمثل الخميني .وأمر بني صدر وبهشتي ورجائي ورفسنجاني -كان رئيس البرلمان ساعتها -بعدم إعطاء أي تصريحات صحافية حول الخلفات بينهم حتى تنهي اللجنة عملها ،لكن بني صدر تحدث لوكالة «رويترز» للنباء وحذر من «نظام ديكتاتوري» في إيران مشابه لنظام الشاه .فواجه انتقادات شديدة في البرلمان وساءت العلقات أكثر وامتدت إلى الشارع ،ونشبت صدامات عنيفة في جامعة طهران ،فتدخل الخميني في الزمة لئما بني صدر ،قائل« :إن لحن النتقاد يختلف عن لحن التآمر ..وإضعاف الجمهورية السلمية». وسط هذه الصرعات والفوضى هاجم العراق إيران واستولى على خورمشهر ،فتزايدت النتقادات لبني صدر بصفته القائد العلى للقوات المسلحة ،وتزامن مع هذا إعلن الطلبة الذين احتلوا السفارة العثور على وثائق قالوا إنها تثبت تورط بني صدر في التجسس لصالح أميركا قبل سنة من انتخابه رئيسا ليران .وفي 10يونيو (حزيران) عام ،1981وبعد عام و 4أشهر على تعيين بني صدر رئيسا ،أمر الخميني بعزله من قيادة القوات المسلحة ومن الرئاسة. ويقول هاني فحص لـ«الشرق الوسط» حول تحولت الخميني من رفضه المبدئي لتعيين رجال الدين في المناصب السياسية ،ثم موافقته على ذلك لحقا« :صبر الخميني على بني صدر وأعطاه الفرص ..وصبر على بازركان والجبهة الوطنية على الرغم من اللقاء المتسرع مع برجنيسكي ..وكنت حاضرا عندما تم إبلغ الخميني بأن الحزب الجمهوري رشح جلل الدين فارسي -وهو مدني -لرئاسة الجمهورية .فسأل الخميني :وماذا فعل السيد بهشتي؟ فأجيب بأنه انسحب ،فابتسم الخميني راضيا (أي لم يكن محبذا في البداية تولي رجال الدين مناصب تنفيذية). وكان سفير فلسطين وقتها حاضرا ،وقلت له :أرايت؟ ..هذا رجل (الخميني) ديني -مدني .فقال هاني الحسن :أتفق». ويتابع فحص« :لكن الخميني اضطر لحقا إلى القبول بأن يتولى رجال الدين كل السلطات لسباب تتصل بأداء القوى السياسية المدنية واستعجالتها ،والرغبة الجامحة لدى رجال الدين في السلطة .وقد حصل ذلك ،وأذكر أن القوى الوطنية الليبرالية ارتأت أن الخميني لم يكن إل محرضا في تاريخ الثورة ،وأن الدولة هي شأنها حصريا ،وأن الخميني ل يمكن أن يترك حتى يصادر الدولة .وفي اعتقادي أنه لم يكن يريد ذلك، ولكنه كان يلزم نفسه بأن تبقى روح الثورة في الدولة ،وهي نظرية مثالية جميلة لكنها غير واقعية ،ولذلك عدل عنها لحقا عندما حوصر، وشرعت القوى السياسية تبني الدولة وعلقتها بعيدا عنه ..بعدها بأسابيع كنت مع السيد حسين الخميني في دمشق حيث وصلنا خبر استيلء الطلبة على السفارة الميركية في طهران ،فقال حفيد المام لي :جهز نفسك لنصل إلى طهران ،فقد انفك الحصار عن المام .بعدها كان ل بد للخميني أن يزج بتلميذه من المعممين وغيرهم إلى بناء الدولة ،بعيدا عن القوى الليبرالية التي أساءت رسم سلم أولوياتها ،فيما كنت أرى ضرورة عدم قمعها وإقصائها .هل تصرف الخميني بشكل مختلف من الثورة إلى الدولة؟ ل بد أن يحدث ذلك ،وإل كانت الكارثة .والثورة ل بد أن تؤدي إلى الدولة ،ومنطقها يختلف عن منطق الثورة ،والفضل بين الثوريين الذين يحكمون هو أن يقصروا المسافة بين الدولة والثورة لن إلغاءها مستحيل عمليا». غير أن بني صدر يوضح أن تركيبة الخميني ومن حوله هي السبب في التوترات بينهما وليس طبيعة بناء الدولة ,موضحا لـ«الشرق الوسط»
«جاء الخميني إلى هنا ،فرنسا ،وقال ما قاله أمام العالم حول الحريات والديمقراطيات والتقدم والسلم ،الذي يؤمن بالحرية .هل كان يعتقد بكل ما قاله لو كان يؤمن بذلك حقا؟ فانطلقا من كونه رجل دين ،ل يمكنه أن يقوم بعكس ما يؤمن به .لو لم يؤمن بما قاله ،فهذا يعني أنه بالنسبة إليه، فإن السلطة كان تحتل الولوية .وكونه رجل دين ،يعرف أن الدين يعني اللتزام ،ول يمكنه أن يغير خطابه .ولكنه غير التزامه .وعندما فعل ذلك ،تبين أن السلطة بالنسبة إليه كان لها الولوية المطلقة». جرد البرلمان بني صدر من صلحياته السياسية وأقر الخميني القرار ،وجرت انتخابات جديدة جاءت بمحمد علي رجائي رئيسا ،إل أنه اغتيل لحقا .فدعا الخميني لنتخابات جديدة وسمح لول مرة لرجال الدين بخوضها ،وفي 2أكتوبر (تشرين الول) عام 1981انتخب علي خامنئي الرئيس الثالث للجمهورية السلمية اليرانية بعد بني صدر ورجائي ،ليكون بذلك أول رجل دين معمم يحتل هذا المنصب في إيران ،وعين مير حسين موسوي رئيسا للحكومة .وكان الخميني مرتاحا أخيرا لشخصية الرئيس ورئيس الوزراء وفي خطاب كلمة الخميني له ،قال له« :عليكم أنتم المحافظة على هذا النظام ..فإن استمرار ما حصل في إيران أمر صعب ،وعليكم القيام بحفظ هذا النظام رغم كل العقبات التي تواجهنا». وبعد عامين و 8أشهر انتزعت الثورة الدولة لتصبح برئاسة خامنئي ورئاسة وزراء مير حسين موسوي ورئاسة رفسنجاني للبرلمان ،لكن هذا تم على حساب شخصيات من الجبهة الوطنية ،على رأسهم مهدي بازركان وأبو الحسن بني صدر وإبراهيم يزدي وقطب زادة ،وكانت الختلفات كبيرة ،وعلى رأسها الموقف من ولية الفقيه ،والحكومة الدينية .اختار بازركان ويزدي النسحاب بهدوء ،واختار قطب زادة وبني صدر المواجهة العلنية.
إيران 30 :عاما على الثورة الحلقة ( )5ـ أبو الحسن بني صدر لـ«الشرق الوسط» :فوجئت برغبة الخميني في المساك بمقاليد السلطة أول رئيس إيراني بعد الثورة يروي الخلفات مع الخميني ..ورأيه في خامنئي ورفسنجاني
تزايد نفوذ العسكر في إيران خلل العقد الماضي (رويتزر) صورتان لبو الحسن بن صدر في شبابه والن منال لطفي يقول أبو الحسن بني صدر ،أول رئيس إيراني بعد نجاح الثورة اليرانية عام ،1979أن آية ال الخميني غير وجهة نظره حول ولية الفقيه 5 مرات من قم إلى النجف إلى باريس إلى طهران ،موضحا في حوار مع «الشرق الوسط» أنه فوجئ بعد الثورة برغبة الخميني في المساك بمقاليد السلطة ،غير أنه يشدد على أنه لم يندم على قيام الثورة اليرانية .ويوضح بني صدر أنه عندما كان رئيسا ليران ،بين 1980و ،1981 عاني من الضغوطات التي شكلها رجال الدين الذين كانوا يريدون إحكام سيطرة رجال الدين على مؤسسات الحكم .ويشير إلى أن الخميني عندما كان في باريس كان محاطا بالمثقفين والمفكرين الذين كان الخميني يعتمد عليهم في كتابة أجوبته لسئلة الصحافة الغربية ،مشيرا إلى أن الخميني في هذه المرحلة كان «تحرري» في أفكاره ،إل أنه عندما هبطت طائرة الخميني في مطار طهران يوم 1فبراير (شباط) 1979دخل اثنان من كبار رجال الدين المقربين من الخميني إلى الطائرة وغادر معهما ،وكانت هذه نهاية تأثير المثقفين والمفكرين وبداية تأثير رجال الدين على دولة الثورة .كما يتحدث بني صدر عن ترشيح الرئيس اليراني السابق محمد خاتمي للرئاسة اليرانية في يونيو (حزيران) المقبل ،موضحا أن من سيطبع العلقات مع أميركا سيصبح بطل قوميا في إيران ..فمن يريد المرشد العلى ليران آية ال خامنئي أن يصبح بطل قوميا ..محمد خاتمي أم محمود أحمدي نجاد؟ وهنا نص الحوار: * هل ندمت يوما على قيام الثورة في إيران على أساس أن أوضاع حقوق النسان والديمقراطية ،كما يقول البعض داخل وخارج إيران ،ليست أفضل حال بكثير مما كانت عليه قبل قيام الثورة؟ ـ ل أبدا .فالثورة اليرانية لم تطلب موافقة أو عدم موافقة ،الثورة حصلت من قلب المجتمع ،ولكن أيضا في وقت بدء تغيير على الصعيد الدولي. كان هدف الثورة اليرانية تحقيق الستقلل والحرية والتقدم ،وإرساء إسلم يفهم كل هذه السس ويفتح آفاقا روحية جديدة للنسان .لهذه السباب قمنا بالثورة .والثورة حدثت في إيران لنها كانت محاصرة بين القوتين العظميين في العالم حينها (أميركا والتحاد السوفياتي السابق) .كانت الثورة تعني أن فترة توسع هاتين الدولتين انتهت ،وبدأتا بالتراجع. * هل تعتقد أن الخميني كان مؤمنا بالديمقراطية في بداية الثورة ،ثم عندما نجحت الثورة غير آراءه وطبق مفهوم ولية الفقيه؟ ـ من الصعب أن نقول إنه كان يعتقد بذلك ،فلو كان يعتقد بذلك ،لكان من الصعب جدا أن يغير أفكاره بهذه السهولة .جاء الخميني إلى فرنسا، وقال ما قاله أمام العالم حول الحريات والديمقراطيات والتقدم والسلم الذي يؤمن بالحرية .فهل كان يعتقد بكل ما قاله؟ لو كان يؤمن بذلك حقا، وانطلقا من كونه رجل دين ،ل يمكنه أن يقوم بعكس ما يؤمن به ،لما تغيرت أفكاره .لكن السلطة كان تحتل الولوية بالنسبة إليه. * ماذا قلت عندما رأيت مبدأ ولية الفقيه في الدستور اليراني؟ ـ في البداية عندما كنا نحضر لول دستور إيراني بعد الثورة ،كان أساسه سيادة الشعب وليس سيادة الولي الفقيه .مجلس الخبراء ورجال الدين
كانوا يتمتعون بالغلبية ،حاولوا إدخال مبدأ ولية الفقيه وجعله مصدر الحكم والسلطات .وقد تناقشت كثيرا مع آية ال على منتظري في حينها، الذي كان يرأس مجلس الخبراء( .منتظري كان نائبا للخميني إلى أن تم عزله بعد خلفات بينهما) .في البداية أراد الخميني سلطة كاملة للولي الفقيه ،ثم في النهاية وافق على أن يكون الولي الفقيه بمثابة نظام مراقبة .لهذا فإن القانون اليراني ل يعطي القوة التشريعية ول التنفيذية ول القضائية لنظام ولية الفقيه ،إل أنه عمليا يتحكم في مفاصل الحكم. * هل تعتقد أن الخميني استغل الليبراليين ثم تخلى عنهم وعن أفكارهم عندما أقر نظام ولية الفقيه الذي أعطى الكلمة العليا في الحكم لرجال الدين؟ ـ كثيرون يقولون ذلك ،ولكن هذا ليس صحيحا ،لنه في ما يخص ولية الفقيه ،غيsر الخميني رأيه خمس مرات ،بحسب ما يقول آية ال على منتظري في مذكراته .فعندما كان الخميني في قم ،في ظل عهد الشاه ،كان ضد مبدأ ولية الفقيه .ثم في حوزة النجف بالعراق ،علtم الخميني ولية الفقيه لطلبه ،وحددها بأنها تطبيق للقوانين السلمية( .أعطى الخميني 19درسا في النجف حول ولية الفقيه ،ثم حول المحاضرات إلى كتابه :حاكمية السلم :ولية الفقيه) .وقد سألته مرة ،عندما التقيته في النجف إذا كان يعلtم هذا المبدأ لكي يبقى الشاه في السلطة إلى البد؟ (على أساس أن الشاه سيستغل ذلك ضد حركات المعارضة) فأجاب الخميني« :ل ..ذلك فقط لنفتح نقاشا حتى يتمكن أشخاص من أمثالك أن يصوغوا النظرية» .ثم جاء الخميني إلى فرنسا ،واكتشف هناك أنه إذا تحدث عن ولية الفقيه ،فإن الشاه سيبقى على العرش ،فيما سيعيش الخميني في المنفى باقي عمره .فتحدث الخميني عن «ولية الجمهور» بدل من «ولية الفقيه» .وكانت هذه هي المرة الثالثة التي يغير فيها رأيه .ثم عندما تم تشكيل مجلس الخبراء بعد نجاح الثورة ،عاد هذه المرة ليتحدث عن «ولية الفقيه» ولكنه وافق في النهاية على أن تلعب ولية الفقية دور «مراقب» فقط ،أى أن يكون سلطة إشرافية .ثم مع اقتراب نهاية حياته ،قبل انتهاء الحرب اليرانية -العراقية ،تحدث الخميني عن «السلطة المطلقة لولية الفقيه» .وكانت هذه هي المرة الخامسة التي يغير فيها رأيه حول «ولية الفقيه» .أي رأي كان رأيه الحقيقي؟ أنا أقول إن الخميني لم يكن رجل أفعال ،بل رجل ردود أفعال ،كان يتأقلم بشكل جيد جدا مع الوضاع ،أى أن التحولت في أفكاره حول ولية الفقيه ،كانت مرتبطة بتحولت على الرض. * ما الشيء الذي كان يقوده إذا لتتغير أفكاره حول ولية الفقيه؟ ـ السلطة هي التي كانت تقوده .عندما كان الشاه ل يزال في الحكم ،والخميني في قم ،كان يعرف أن الحديث عن ولية الفقيه سيؤدي به إلى المنفى .أما في النجف فقد تحدث عن تطبيق الولية السلمية لنه كان ضد حكم الشاه على أساس أنه حكم ضد السلم .وفي فرنسا ،كانت الثورة اليرانية تتأجج ،وبدأ حكم الشاه يضعف ،فبدأ الخميني يتحدث عن «ولية الجمهور» .وفي إيران ،عندما وصل للسلطة بعد الثورة تحدث الخميني عن ولية الفقيه .هذا يفسر بشكل جيد التغييرات الدورية في آرائه في هذا الخصوص ،ويبرهن على أنه كان يتأقلم مع احتياجات الوصول إلى السلطة. * هل فوجئت برغبة الخميني في المساك بمقاليد السلطة بنفسه؟ ـ كليا ،بالطبع .لنه بحسب ما كنا نؤمن به منذ طفولتنا ،فإن رجل الدين هو شخص ل تحركه السلطة ،بل هو شخص زاهد .فأن نرى رجل دين يغير رأيه بهذه السهولة فقط لدواعي السلطة ،كان أمرا صعب تصوره. * قلت من قبل إن الخميني وصل للثورة متأخرا ،ولم يكن واثقا من نجاحها .ما الذي تعنيه بذلك؟ ـ عندما كان الخميني في النجف ،وكانت الحركة الوطنية قد بدأت تتأجج في إيران ،لم يكن الخميني مستعدا للتدخل ،لنه خشي من أن تكون حركة المعارضة هذه من دون مستقبل وأن تنطفئ سريعا .فأخر الخميني رد فعله طوال أربعين يوما .الحركة الحتجاجية الواسعة بدأت في شهر يناير (كانون الثاني) ،1978ثم في أبريل (نيسان) .1978وبدأ الخميني التجاوب معها عندما رأى أن للحركة مستقبل .عندما جاء إلى فرنسا كان خائفا ،لنه في هذا الوقت كان الصحافيون في إيران يرسلون تقارير يقولون فيها إن هذه ثورة ل تعرف ماذا تريد وتتحدث عن سلطة السلم لكن
ل أحد يمكنه أن يحدد ماذا يعني ذلك .كانت حملة دعائية ضد الثورة .ووجد الخميني نفسه في فرنسا حيث للعلم رأى سلبي في الثورة اليرانية، لذلك لم يكن واثقا من أن الشاه سيرحل وأن الثورة ستنجح ،حتى أنه تم شراء منزل له في فرنسا في حال لم تنجح الثورة ،لكي يبقى فيه. * كيف يمكنك وصف المرشد العلى ليران آية ال على خامنئي وهاشمي رفسنجاني ،رئيس مجلس الخبراء وغيرهم من رجال الدين الذين كانوا محيطين بالخميني في ذلك القوت؟ ـ رافسنجاني وغيره لم يكن لديهم تأثير حينها ،فقد كانوا رجال دين غير معروفين .الخميني كان الشخص المهم .قبل الثورة كان الخميني بحاجة إلى المفكرين ،وقدرته على التأقلم كان جيدة لدرجة أنه تأقلم مع خطاب هؤلء المفكرين .كانت هناك لجنة مؤلفة من هؤلء المفكرين المحيطين بالخميني في باريس تأخذ أسئلة الصحافيين وتحضر أجوبة يرددها الخميني على الصحافيين .عندها كان الخميني «تحرري» .ولكن عندما عاد إلى إيران ،لحظة هبوط الطائرة في طهران ،دخل اثنان من رجال الدين إلى الطائرة وغادر الخميني معهما (آية ال مطهري وآية ال بهشتي) .وهكذا كانت نهاية عهد المفكرين وبداية عهد المللي .شكل الخميني مجلس الثورة ،وأنا أصبحت عضوا فيه بعد شهر ،ورفسنجاني أيضا كان عضوا فيه. لقد اختار الخميني رجال دين غير معروفين لنهم كانوا يأتمرون بأوامره ،بينما رجال الدين الكبار يتمتعون بالستقللية. * هل كنت ضمن الحلقة الضيقة للخميني التي كان يستمع إليها؟ ـ كل ،الخميني في الخارج ،فرنسا مثل ،كان يستمع إلى المفكرين ،ولكن في إيران كان هناك الكثيرون حوله ،خاصة من رجال الدين ذوى الميول الراديكالية .ولكن أهم من كان يستمع إليه الخميني كانت السلطة وما تتطلبه. * قلت مرة إنك كنت ستتوصل إلى اتفاق لوقف إطلق النار لنهاء الحرب اليرانية – العراقية عندما كنت رئيسا ليران بين 1980و ،1981 لكن ذلك لم يحدث لن رجال الدين أرادوا استمرار الحرب .لماذا؟ وهل تعتقد أن الحرب العراقية -اليرانية كان أداة لتصفية الليبراليين ورجال الحركة الوطنية؟ ـ يوم تنفيذ النقلب ضدي في يونيو (حزيران) عام 1981قلت في أحد بياناتي إن أحد أسباب هذا النقلب ضدي هو أن رجال الدين في السلطة يريدون مواصلة الحرب .وزير دفاع بريطانيا في ذلك الوقت عندما كانت مارغريت تاتشر رئيسة للوزراء ،قال إن البريطانيين فعلوا كل ما باستطاعتهم لكي تبدأ الحرب اليرانية -العراقية ولكي تستمر .هل عقد الخميني والمقربون منه صفقة مع البريطانيين لكي تستمر الحرب؟ هذا المر بحاجة إلى وثائق لتأكيده .ولكن الخميني لم يكن بحاجة إلى هذه الصفقة لكي يطالب بمتابعة الحرب .فحتى اليوم ،يقولون ذلك في إيران .قبل عدة أيام قال محسن رضائي ،القائد السابق للحرس الثوري اليراني إنه لو لم تستمر الحرب حينها ،لم يكن باستطاعة السلطة الحالية في إيران أن تتبلور وتتشكل .فالخميني كان بحاجة إلى استمرار الحرب .رجال الدين أرادوا أن يفتتوا الجيل الذين غير نظام الشاه بتلك الثورة الشعبية ،أرادوا تحييد ذلك الجيل .وخلل الحرب اليرانية -العراقية ،جرى تدمير وتحييد جيل بكامله عن الساحة السياسية ،فهم إما قتلوا خلل الحرب التي استمرت ثماني سنوات ،أو لم يتمكنوا من مواصلة أى عمل سياسي بسبب الحرب ،فتمكن رجال الدين من فرض سطوتهم على إيران .أما في ما يخص أزمة الرهائن الميركيين بعد احتلل الطلبة اليرانيين للسفارة الميركية ،فبالطبع عقدت السلطات في إيران صفقة سرية مع إدارة رونالد ريغان لطلق الرهائن الميركيين ،في إيران ولبنان( .جزء منها كان معروفا تم التفاق عليه في الجزائر ويقضي بالفراج عن نحو 7مليارات دولر من الموال اليرانية التي جمدتها أميركا بعد الثورة مقابل إطلق الميركيين المحتجزين في السفارة الميركية بطهران ،وجزء آخر متعلق بشراء أسلحة أميركية وإسرائيلية لدعم المجهود الحربي اليراني خلل الحرب مع العراق مقابل إطلق أميركيين محتجزين في لبنان ،وهى الصفقة التي عرفت بإيران غيت).
* قلت مرة إن جماعة الخميني كانت ل تمانع في فتح حوار مع الوليات المتحدة ،فيما أنت كنت تمانع .فلماذا؟ ـ لم أمانع ،ولكن بالنسبة لي ،فإن العلقات الطبيعية كانت مقبولة ،ولكن ما لم يكن مقبول هو العداء في الظاهر ،ثم اعتماد سياسة عقد صفقات في السر ،كما حدث عندما جرى فضح قضية «إيران غيت» .واليوم يحصل المر نفسه ،فهناك حديث عن مفاوضات سرية مع المقربين من الرئيس الميركي باراك أوباما وبين مسؤولين إيرانيين .فكيف يمكن لنظام يقول إنه إسلمي أن يسمح بهذه التصرفات؟ كل هذا بالنسبة لي فساد يسمح بأن تستمر الديكتاتورية .أنا أؤيد العلقات الطبيعية المفتوحة والشفافة كي ل يعود الشعب خائفا .فالنظام اليراني يقول إن الميركيين يريدون قلب نظام ،مما يسهل تبرير القمع الداخلي والمواقف العدائية. * من هي إذا الطبقة التي تحكم إيران اليوم؟ هل ما زال رجال الدين نافذون كما كانوا في بداية عهد الثورة؟ ـ نفوذ رجال الدين في إيران شارف على النتهاء ..في الوقت الحاضر المافيا العسكرية -المالية هي التي تحكم .من يملكون قوة السلح والمال يحكمون .جزء كبير من القتصاد اليراني بيد الحرس الثوري ،وعدد كبير منهم في السلطة التنفيذية وفي البرلمان وفي السلطة القضائية ،وحتى النشاطات الثقافية جزء كبير منها في أيدي الحرس الثوري. * كيف تصف المرشد العلى خامنئي؟ ـ خامنئي ضعيف .ولذلك سمح للمافيا بالسيطرة على الدولة .رجال الدين حذروه من أن سياسته يمكن أن تكون كارثية على طبقة رجال الدين، وأن الطبقة التي تملك المال والسلح ستحكم (الحرس الثوري) وهذا سيجعل الشعب مستاء ،وسيعبر عن استيائه لنا لننا سبب هذا الوضع .ولنه رجل ضعيف ،ترك المر يصل إلى هذا الحد .فليس هناك تفسير آخر لكيف تمكن جزء من الحرس الثوري من السيطرة على الدولة اليرانية بهذا الشكل. * عندما تم اختيار خامنئي ليحل مكان الخميني ،هل استغربت؟ ـ في الواقع لقد اعترضت على هذا التعيين ،لن خامنئي لم يكن من بين الزعماء الدينيين الكبار ،بل كان رجل دين متوسط المكانة ،وبحسب الدستور ل يمكنه أن يحل محل الخميني. لقد تردد أن هناك رسالة من الخميني لرئيس مجلس الخبراء ،قال فيها الخميني إنه من غير الضروري أن يكون خلفه من بين الزعماء الدينيين الكبار أو من آيات ال ،وإنه يمكن تعيين أى رجل دين إذا كان يتمتع بالصفات القيادية .لكن أنا سألت خبراء عن الرسالة هنا في فرنسا ،فأكد الخبراء الدوليون أن هذا ليس خط يد الخميني ،وأن هذه الرسالة مزورة .عارضت السفارة اليرانية ذلك ،وكان الرد أنه إذا كان هناك اعتراض، يمكن الذهاب إلى المحكمة .بالطبع لم تذهب السفارة اليرانية إلى المحكمة لن الرسالة كانت مزورة .لكن حتى لو لم تكن مزورة ،فإن الخميني لم يكن لديه الحق لن يقول لمجلس الخبراء أن يختار شخصا ل يتمتع بالصفات اللزمة لكي يخلفه. * ما رأيك بالرئيس الصلحي محمد خاتمي وترشحه للنتخابات الرئاسية في يونيو (حزيران) المقبل؟ هل تعتقد أنه أخذ الضوء الخضر من المرشد العلى؟ ـ التزامات خاتمي تظهر أنه بالفعل أخذ الضوء الخضر من خامنئي ،وإل كيف يمكن تفسير أنه منذ إعلن ترشحه ،أكد لخامنئي أنه ليس فقط وفيا للنظام ،بل سيحترم القوة المطلقة لخامنئي.
* هل تعتقد أن هناك قرارا من خامنئي أن فترة رئاسية واحدة للرئيس اليراني محمود أحمدي نجاد تكفي ،وأن فترة باراك أوباما في إيران تحتاج إلى وجه مثل خاتمي في إيران؟ ـ إذا كان خامنئي والمافيا المالية -العسكرية في إيران قرروا تطبيع العلقات مع الميركيين ،فان أحمدي نجاد سيكون في وضع أفضل من محمد خاتمي لكي يفعل ذلك .فكما قال أحد المحللين اليرانيين ،إذا تمكن أحد من تطبيع العلقات مع الوليات المتحدة ،فإنه سيصبح بطل قوميا في إيران .فهل يمكن أن نتخيل أن يسمح خامنئي لخاتمي بأن يصبح بطل قوميا؟ بحسب القوانين الراهنة ،فإن السياسة الخارجية تعود لخامنئي، فإذا قرر هو تطبيع العلقات ،فلن يعود هناك فرق بين أحمدي نجاد وخاتمي ..لكن السؤال من يريد خامنئي أن يصبح بطل قوميا؛ أحمدي نجاد أم خاتمي؟ * بعيدا عن العلقات مع أميركا ..هل تعتقد أنه لو أراد خاتمي إحداث تغيير وبدء إصلحات داخلية ديمقراطية وفي مجال حقوق النسان ..هل سيتمكن من تحقيق ذلك؟ ـ في ظل هذا النظام ..مستحيل .ورجال الدين يقولون له هذا المر بوضوح. * هل أنت إذا متفائل أم متشائم من مستقبل إيران؟ ـ أنا متفائل جدا ،لن التغيير على صعيد الشعب مستمر .اليوم الشعب اليراني يفهم أن الديمقراطية ضرورية لكي تخرج إيران من العزلة والفقر والعنف .الحركة لن تتوقف وهذا شيء سيستمر رغم الكبت ،وهذا أمر حتى في عهد الشاه لم نر مثله. * هل تتوقع ثورة ثانية في إيران؟ ـ حركة شعبية واحدة تكفي ،والمر يتوقف على عامل الخوف .إذا تقلص الخوف من الخارج ،آمل أن تقترب هذه الحركة .أملي مبني على أن الشعب اليراني يعرف الن ماذا يريد .يريد الديمقراطية .كان هناك أشخاص وقت الثورة لم يكونوا مع الديمقراطية ،هم اليوم معها .فالنظام فقد شرعيته .وكل العوامل الخارجية والداخلية حاضرة لكي تستعيد إيران بعد ثلث ثورات ،ديمقراطيتها .الشعب اليراني لديه رغبة في التغيير ،لكن السلطة في الوقت الحالي لديها أموال البترول ،واقتصاد إيران يعتمد على هذه الموال .لذلك في الوقت الحالي ،إذا أردنا التحدث اقتصاديا ،فإنها ليست الدولة التي تعتمد على الشعب ،بل العكس .الشعب أو المجتمع يعتمد على الدولة التي تملك الموال والقوة المسلحة وعنصر الخوف ،وهو العنصر الهم .تخيلوا 70مليون إيراني بحاجة لكي يستوردوا حتى موادهم الغذائية .إيران اليوم هي أول مستورد للقمح في العالم ،أضيفوا إلى ذلك التهديد الذي عاشته إيران خلل فترة حكم الرئيس الميركي جورج بوش ،من ضربة عسكرية ،إلى حصار اقتصادي .إذا لم يشعر اليرانيون أن هناك تهديدات جدية ضدهم ..فإنهم سيتحركون نحو الحرية
إيران 30 :عاما على الثورة الحلقة ( - )6محسن كديور لـ «الشرق الوسط» 3 :قوى من المحافظين تحكم إيران اليوم المفكر اليراني البارز يتحدث عن تنازع القوى وقلق خامنئي من الصلحيين ..و«الحلقة الضيقة» حول المرشد العلى التي تتخذ القرارات
دور قم في إتخاذ القرار السياسي تراجع في الونة الخيرة لصالح طهران («الشرق الوسط») منال لطفي قبل عامين قال المفكر اليراني البارز حجة السلم محسن كديور لـ«الشرق الوسط» إن الولي الفقيه المقبل ليران لن يكون من قم ..بل من طهران .ومن يتابع التطورات في إيران اليوم يلحظ أن موزاين القوى تتحول من قم الى طهران بسرعة كبيرة .فكل موارد القوى (اقتصاد- سياسة -أمن) باتت في طهران ،فيما فقدت قم ورجال الدين فيها الكثير من نفوذهم التقليدي .البعض يرى هذا تطورا سلبيا ،والبعض يراه تطورا ايجابيا .والبعض الخر ل يعرف بالضبط تأثير هذه التحولت على مستقبل إيران ،ومن هؤلء محسن كديور ،الذي يقول في حوار جديد أجرته معه «الشرق الوسط» أخيرا إن إيران لديها اليوم بازار جديد ،غير البازار التقليدي في طهران ،لكن هذا البازار ل يعلم أحد عنه الكثير ،وهو عبارة عن رجال أعمال يملكون المال لكنهم ل يملكون العقل وهذا ما يجعلهم خطرين ،بحسب قوله .كما يتحدث عن ثلثة قوى من المحافظين تحكم إيران اليوم ،هم المحافظون الجدد ،ممثلون في تيار علي لريجاني رئيس البرلمان ومحمد قليباف عمدة طهران .والمحافظون التقليديون ويمثلهم البازار .والمحافظون الراديكاليون ويمثلهم الحرس الثوري .ويتذكر كديور انه قبل نحو 30عاما عندما كان آية ال الخميني في باريس، جاءت صحافية من صحيفة «الفيجارو» الفرنسية تسأله« :ما الذي تعنيه بالجمهورية السلمية وما هي طبيعة هذه الجمهورية في إيران ..فقد سمعنا عن جمهوريات إسلمية في ليبيا وباكستان وموريتانيا لكن أيا منهم ليست جمهورية ديمقراطية»؟ فرد عليها آية ال الخميني« :الجمهورية اليرانية تماما مثل أي جمهورية أخرى» .فسألته الصحافية« :أرجوك ..هل يمكن أن توضح أكثر»؟ فرد عليها الخميني« :دولة جمهورية مثل الجمهورية الفرنسية» .ويتابع كديور« :كان هذا الحوار منذ 30عاما ،فقد كان في عام ..1979وصدقنا ما قاله الخميني» .وهنا نص الحوار: * هل هناك تنازع بين القوى التي تحكم إيران اليوم؟ ـ نعم ..لكن تدريجيا ومع الزمن بات حيز السلطة يضيق أكثر فأكثر .بات مقصورا على المرشد العلى والمؤمنين بولية الفقيه ،وبالتالي صار هناك عرف وليس قانونا مكتوبا وهو أنه إذا أراد شخص أن يعمل في السياسة فعليه أن يؤمن بولية الفقيه ،إذا لم تكن مؤمنا ،ل يمكنك المشاركة ل في البرلمان ول في الرئاسة ول في المجالس المحلية أو كحاكم لي منطقة .هذا يعني أن السياسة في إيران مشروطة ،وهذا الشرط هو اليمان بالولي الفقيه .تدريجيا المواطنون اليرانيون ابتعدوا عن السياسة .أعتقد أن تنازع القوى الن انتقل من حيز السياسة إلى حيز القتصاد وحيز الجتماع وحيز الثقافة وهذا سيكون له تأثير كبير على مستقبل إيران .فاليوم الشباب اليراني يعيشون حياتهم بطريقة مختلفة تماما عن السيناريو الذي تتصوره الحكومة ،فهم ل يؤمنون بأيدولوجيتهم ،ول أفكارهم ،يؤمنون فقط بما يعتقدونه، وهذا مختلف جدا عما ينقل في التلفزيون أو يقوله المرشد العلى. * ما هو برأيك مستقبل الصلحيين في إيران وحظوظهم في انتخابات الرئاسة في يونيو المقبل؟ ـ وضع الصلحيين في انتخابات الرئاسة سيكون أفضل في اعتقادي من وضعهم في انتخابات البرلمان العام الماضي ،لنه في البرلمان يمكن تصفية العديد من الصلحيين ،لكن في الرئاسة ،الوضع مختلف ،فأسماء الصلحيين معروفة جدا ول يمكن استبعادهم بسهولة .أحدهم هو مهدي كروبي الذي كان رئيسا للبرلمان لمدة 8 سنوات خلل ولية محمد خاتمي .وطبعا خاتمي نفسه .وعلى الرغم من أن البعضاأنتقد سياسات خاتمي الناعمة إزاء المحافظين ،إل أن خاتمي شخص جيد ،وأعتقد أنه ل أحد يمكن أن ينافسه على الرئاسة ،ل بين الصلحيين ول بين المحافظين .والسيد خامنئي يعرف هذا .لكن المشكلة أن خاتمي اذا انتخب مجددا ،فإنه قد ل يكون قادرا على تأدية عمله بطريقة أفضل مما كان عليه المر خلل الثماني سنوات التي كان فيها رئيسا. فالمشكلة في إيران ليست مشكلة أداء الرئيس ،لدينا مشكلة في الدستور اليراني وأعتقد أن خاتمي ل يستطيع حلها ( يقصد القيود على أداء الرئيس من مؤسسات غير منتخبة مثل مجلس صيانة الدستور ومجلس الوصياء) .كذلك كروبي ل يستطيع حل هذه المشاكل ،ففي انتخابات البرلمان
الماضي احتل حزبه مرتبة متأخرة وسط الحزاب الصلحية. * هل ما زال البازار قادرا على التأثير سياسيا؟ ـ لدينا بازار جديد (يضحك) في إيران .البازار التقليدي دعم المحافظين التقليديين ،أي طبقة رجال الدين .أما كوادر العمار والبناء (حزب براغماتي أسسه هاشمي رفسنجاني نهاية الثمانينيات من القرن الماضي) فيدعمه التكنوقراطيون والمهندسون وليس البازار التقليدي وهم أغني من البازار التقليدي .لكن هناك ايضا بازار جديد في إيران وهؤلء مجموعات من رجال العمال القريبين من الحكومة ،وهم حريصون على متابعة كل مجريات المور ،يريدون الحصول على المعلومات ويريدون الحفاظ على ثرواتهم ،وهؤلء أغنى من التكنوقراط ،وليسوا معروفين أو مشهورين لكنهم أثرياء جدا .غير أنهم ايضا ل يتمتعون بالخبرة الكافية ،وهذا يجعلهم خطرين .فهم لديهم المال لكن ليس لديهم العقل. * هل هؤلء هم القوة التي تدعم أحمدي نجاد؟ ـ ربما بعضهم ..لكن أحمدي نجاد ليس قويا جدا كما يعتقد البعض ،هو مجرد جندي في جيش المرشد العلى .هذه النخبة القتصادية قريبة أكثر من مركز صنع السياسة في إيران .ليس لدينا معلومات كافية عنهم لكننا نعرف أنهم اقوياء جدا، وهم في إيران ،الكثير منهم له خلفية عسكرية ،أي عمل في المؤسسات العسكرية قبل أن يتجه للمال والعمال .بعضهم كان يعمل في دول الخليج وعادوا إلى إيران بأموال هائلة. * هل ولء هؤلء للمرشد العلى وولية الفقيه؟ ـ ليس لدى معلومات كافية حولهم ،أعرف فقط بعضهم ،وهم أغنياء جدا وتدريجيا بدأوا يبتعدون عن الساحة السياسية .وهم أقوياء جدا بسبب علقاتهم وخلفياتهم والمعلومات التي يعرفونها ،كذلك هم إذا أرادوا فعل شئ ،فإن لديهم القدرة. بإختصار هذه النخبة الجديدة أقوى من البازار التقليدي ومن الحكومة .فالبازار التقليدي يؤيد المحافظين التقليديين ورجال الدين في قم .اما التكنوقراط فبعضهم يؤيد الصلحيين ،وبعضهم الخر يؤيد المحافظين الجدد .أما النخبة الجديدة فأعتقد أنه سيكون لها دور في مستقبل إيران لكن للسف ليس دورا جيدا في اعتقادي .انا لست متفائل بدورهم لأهم ل يتمتعون بالخبرة اللزمة ،أو المعرفة ،لكن يجب أن ننتظر ونرى. * هل انتقادات رئيس البرلمان علي لريجاني وعمدة طهران محمد قليباف والقائد السابق للحرس الثوري محسن رضائي ،وكلهم من التيار المحافظ ،لسياسات أحمدي نجاد دليل على تفكك يحدث وسط المحافظين؟ ـ لست متفائل كثيرا بهذه المجموعة من المنشقين عن المحافظين. النظام اليراني أزاح الصلحيين تدريجيا ،وهو يحتاج الن إلى معارضة داخلية ،لكن معارضة داخلية في يد المرشد العلى .السيناريو مكتوب بالفعل وهم سيلعبون بهذه الطريقة .السيناريو هو منافسة بين فريقين من داخل التيار المحافظ .كان هذا هو الوضع بعينه في العقد الخير من حكم الشاه .فقد أنشأ حزبين تابعين له كي ينافسا بعضهما البعض ،أحدهما كان «حزب الشعب» ،والخر كان حزب «إيران الجديدة» .كلهما كان يلعب دورا مختلفا في المسرحية نفسها .بمعنى آخر ،المحافظون في إيران اليوم أحرار طالما هم تحت ظل المرشد العلى ،وبالتالي هم أحرار في أن ينافسوا بعضهم البعض في اطار النظام العام. * هل يمكنهم الحفاظ على وجودهم بهذه الطريقة ..هل يمكن أن تتضارب مصالحهم يوما ما ..إنها مسرحية خطرة ،أليس كذلك؟ ـ نعم ..السياسة كلها لعبة خطرة .لكن كما يعرف الجميع ،هناك حدود يجب أن يلتزموا بها ،وفي اطار هذه الحدود يمكن أن يلعبوا بشكل حر ،وهذه الحدود يضعها المرشد العلى .ل مشكلة إذاn؟ (يضحك). * ما هي علقة الحوزة العلمية في قم بأحمدي نجاد ،وهل هي أحد مصادر قوته؟ ـ أحمدي نجاد ليس مهما ..وعلى هذا الساس ليس هناك أي تغيير في علقة الحوزة مع الرئاسة .أحمدي نجاد ليس مهما ،المهم هو المرشد العلى .فالوضع في قم هو كما كان عليه قبل وصول أحمدي نجاد للسلطة .ما صنعه أحمدي نجاد هو الترويج للخرافة في السياسة والثقافة
اليرانية .فقد قدم أموال إلى مراكز تقوم بالترويج للفكار الخرافية مثل مسجد «جانكران» في قم .فقد أشيع أن الشخص الذي يزور هذا المكان يكون مرتبطا بالمام الثاني عشر أو المام المهدي ،ومع أن هذا الكلم ليس له أساس في الفكر الديني عند الشيعة ،إل أن البعض يؤمن بهذه الفكار .البعض قال بعد زيارة المسجد إنه رأى المام المهدي في منامه أو أن المام جاء وصلى في المسجد ،وبالتالي يذهب الناس مساء كل ثلثاء إلى مسجد «جانكران» ويصلون هناك ،حتى أن زوار هذا المكان زاد عددهم على عدد زوار مقام السيدة المعصومة( ،أخت المام الرضا). وهذه ظاهرة سلبية لنها تعني أن الخرافة تسود مكان الدين الحقيقي .أعتقد أن دور أحمدي نجاد هو زيادة الخرافة وتقليص الفكر الديني الحقيقي. * هل الصراع الن بين الصلحيين والمحافظين يذكرك بالحال في السنوات الولى بعد الثورة؟ ـ خلل سنوات حكمه حتى الن أراد أحمدي نجاد أن يحي زمن الثورة ،وقال شيئا مقاربا جدا لما قاله المام الخميني حول العودة لصول الثورة ،لكن ،ولن الزمن تغير ،فقد ظهر ما قاله أحمدي نجاد مثل شئ كوميدي .فالخميني عندما قال ما قاله كان في ظرف معين وكان نفوذه بالغا ،لكن بعد 30عاما من الثورة تغير الوضع. غالبية اليرانيين يرون أن هذه العبارات هدفها جذب أصوات الناخبين للتصويت لحمدي نجاد لنيل ولية ثانية في يونيو المقبل .لكن أحمدي نجاد يصدر الكثير من الجلبة ،وخلف هذه الجلبة ،يجب أن نعرف أن المرشد العلى هو الذي يدير السياسات اليرانية .عندما يسألني الصحافيون حول أحمدى نجاد أطلب منهم أن ل يركزوا عليه ،لن كل وظيفته في الواقع هى صناعة الجلبة والضوضاء. * لكن جلبة أحمدي نجاد تضمنت مؤخرا الهجوم على محمد خاتمي وعلى هاشمي رفسنجاني ،الول أتهم بالخيانة لنه صافح إمراة ،والثاني وصف بأنه رئيس مافيا و«مليونير المللي» ..أليست هذه الجلبة خطيرة على الصلحيين ..وهل كان هذا الوضع ذاته في العوام الولى بعد الثورة؟ ـ أعتقد أنه في السنوات الولي بعد الثورة لم يكن الصلحيين مؤثرين ،بينما الن نحن أكثر تأثيرا ،ول يمكن تكرار السنوات الولى بعد الثورة للمرة الثانية في تاريخ إيران ،وربما لهذا تتزايد الضغوط علينا. * لكن هل صحيح أن خامنئي ل يريد عودة الصلحيين للحكم؟ ـ هو ل يحب الصلحيين ،ول يريد أن يسمح لهم بالعودة للحكم ،ولديه من السلطة ما يكفي ليفعل هذا .مشكلة الصلحيين أن لديهم برامج عديدة ،وليس لديهم برنامج واحد .إذا كان لدينا برنامج واحد لكان بإمكاننا أن نفعل الكثير .فبعض الصلحيين مثل خاتمي وكروبي وهاشمي رفسنجاني ،رئيس مجلس الخبراء ،يريدون العمل في اطار المؤسسات الرسمية، والمشاركة في السلطة ،ولهذا ل يقولون الكثير من الشياء ول يفعلون الكثير من الشياء أيضا ،ودورهم مقيد .الكثير من اليرانيين ل يوافقون على هذه التضييقات لكن ليس لديهم من القوة ما يكفي ليفعلوا ما يريدون .في المستقبل القريب لن يستطيع الصلحيون في إيران فعل شئ، خصوصا في ضوء الدستور والمرشد العلى .المر كان على الحال ذاته عندما كان خاتمي في السلطة ،المرشد العلى يسيطر على %80من السلطة ،والـ % 20الباقية في يد باقي القوى. * هل تعتبر رفسنجاني اصلحيا؟ ـ إنه قريب من الصلحيين. * هل أصبح مقربا من الصلحيين لن المحافظين دفعوه بعيدا عن حلقاتهم الضيقة ..أي انه لم يختار أن يكون اصلحيا بل دفع دفعا لهذا المعسكر ردا على تهميشه وسط المحافظين؟ ـ هذه هي السياسة ..السيد هاشمي رفسنجاني أكبر من المرشد العلى ليران بنحو 10سنوات، اعتقد أنه أفضل من الكثير من المحافظين ،وهو قريب حاليا من الصلحيين ،ربما هو ليس اصلحيا لكنه قريب من الصلحيين .السيد كروبي مثل لم يشارك مع الصلحيين ،وقطع وحدة الصلحيين في انتخابات البرلمان على عكس رفسنجاني الذي اتحد مع الصلحيين .هذا يعني أن الصلحيين في إيران غير قادرين على تعزيز قدراتهم ،بسبب تفككهم ،ويجب أن ننتظر بعض الوقت ،لكنني لست متفائل كثيرا بالمستقبل القريب. * من الخارج يبدو رفسنجاني كالرجل الثاني في منظومة الحكم في إيران ،فقد تولي رئاسة الجمهورية لفترتين ،والن يرأس مجلس الخبراء ،وهو
الهيئة التي تختار المرشد العلى ولها حق فصله ،لكن في الحقيقة أظهرت النتخابات البرلمانية والرئاسية الخيرة ،التي خسرها رفسنجاني أمام احمدي نجاد عام ،2005ان قدرات رفسنجاني ليست بل حدود ..هل هذا صحيح ،وهل فقد رفسنجاني قدراته؟ ـ ما أعلمه ،وأنا ل أعلم كل شئ وقد سمعت الكثير من الشياء ،لكنني سأقول فقط الشياء التي أثق في صحتها .لنبدأ بالحقائق المؤكدة ومنها تزايد عائدات النفط في إيران ،فقد ارتفع سعر البرميل إلى أكثر من 100دولر بداية عام ،2008هذا جعل الحكومة اليرانية الحالية ثرية جدا ،ويعني أنها كانت أغنى حكومة تحكم إيران منذ الثورة اليرانية عام .1979عندما يكون لدى الحكومة كل هذا المال ،فإن هذا يعني أن بإمكانها ان تفعل أي شئ .هذه هي النقطة الولى .النقطة الثانية هي أن الستخبارات اليرانية قوية جدا ،وهي كلها تتبع المرشد العلى ،وكذلك الحرس الثوري (ساباه باسدران) والباسيدج (قوات التعبئة) .إذا nقوات الباسدران والباسيدج والستخبارات ،اضافة إلى أموال النفط تجعل المرشد العلى ورجاله أقوياء .أيضا من ناحية أخرى ،هؤلء لديهم خبرة أمام الصلحيين .ففي زمن خاتمي ،وقبله في زمن رفسنجاني ،عندما كان رئيسا ،أي خلل الستة عشر عاما ،اكتسب السيد خامنئي خبرة كبيرة جدا ،وبات اليوم يعرف كيف يتصرف حيال الصلحيين .وبالتالي ل أعتقد ان الصلحيين ضعفوا ،ولكن اعتقد أن المحافظين باتوا أكثر قوة بسبب القتصاد والقوات العسكرية .أي إن رفسنجاني لم يضعف لكن المحافظين باتوا أكثر قوة. * وماذا عن الحلقة الضيقة التي تحكم حاليا ..فخامنئي ل يمكن أن يحكم منفردا .فمن هم أعضاء هذه الحلقة الضيقة وهل رفسنجاني داخلها؟ ـ ليس لدى معلومات كافية حول هذه النقطة ،لكنني واثق من أن أبناء خامنئي ضمن هذه الحلقة الضيقة (مجتبي خامنئي وأحمد خامنئي) ،وهم أقوياء جدا .كذلك مدير مكتبه حجة السلم أصغر حجازي الذي كان يعمل في الستخبارات قبل أن يعين خامنئي مرشدا أعلى ليران وقبل ذلك كان من رجال الدين .كما ان من ضمن الحلقة الضيقة قيادات من الساباه والجيش والستخبارات. * هل أحمدي نجاد ضمن هذه الحلقة الضيقة؟ ـ لست واثقا .لكنني أعتقد انه ليس أكثر من منفذ أوامر بالنسبة للمرشد العلى. * وماذا عن العلقة بين رفسنجاني والمرشد العلى خامنئي؟ ـ ليس لدي معلومات كافية حول هذا .سمعت أشياء لكنني لست واثقا منها .كلهما يقيم مع الخر علقة رسمية .يزور رفسنجاني المرشد العلى مرة في السبوع ،ويظل معه نحو ساعتين ،لكنني ل أعلم ماذا يبحثان. * أليسا قريبين من بعضهما البعض الن؟ ـ كانا صديقين قريبين من بعضهما البعض في الماضي ..لكن خامنئي هو المرشد العلى ،كما دخلت السياسة بينهما. * ما الذي فعلته الحركة الصلحية كي يكون خامنئي منزعجا منها لدرجة اقصائها من الساحة السياسية؟ ـ الصلحيون أرادوا أن يسيطروا على السلطة في إيران .قالوا إن السلطة يجب أن تكون مسؤولية .وكان هذا هو المبدأ الول للصلحيين في إيران ،السلطة يجب أن تكون مسؤولة أمام المواطنين .ونحتاج إلى مؤسسات تعكس هذه المسؤولية وتجيب على أسئلة الرأي العام .هذه المؤسسات يمكن أن تكون برلمانا قويا، وليس مثل مؤسسة البرلمان الحالية والتي هى بيد المرشد العلى (عن طريق تصفية المرشحين عبر مجلس الوصياء) .كان لدينا برلمان في زمن الشاه ،لكن في ذلك الوقت مكتب الشاه كان يحدد من يجب أن يكون موجودا في ذلك البرلمان ،وتدريجيا ،كان ثلثا المجلس يحددان من قبل الشاه من دون أي منافسة حقيقية .وهذا الوضع قريب جدا للوضع الحالي .الصلحيون قالوا أيضا إن المرشد العلى يجب أن يكون مسؤول أمام مجلس الخبراء .ومن حق مجلس الخبراء توجيه استفسارات إلى المرشد العلى ،وعليه أن يجيب .المرشد العلى ل يخضع وحده للمساءلة ،بل كل المؤسسات التي تتبع له .كذلك تحدث الصلحيون عن صحافة وتلفزيون حر ل يخضعان للرقابة .قلنا إنه في زمن الرسول والخلفاء الراشدين ،كان بإلمكان انتقاد الخليفة .سيدنا عمر بن الخطاب قال للمسلمين :إذا اعوججت صححوني .ايضا في زمن سيدنا علي كان الناس تنتقده ،ولم يذهب أحد للسجن .هذه أفكار الصلحيين .إذا الصلحيون خطيرون بالنسبة لخامنئي (يضحك). * بعد الثورة كان هناك حزب حرية إيران بزعامة مهدي بازركان وإبراهيم يزدي وعزت ال سحابي وكانت لهم أفكار حول المسؤولية والمحاسبة
وحرية وسائل العلم ..وقد تمت تنحيتهم جانبا واقصاؤهم عن الساحة السياسية ،وهذا يتكرر الن .أنتم لم تتحركوا حقيقة للمام منذ الثورة اليرانية قبل 30عاما؟ ـ نعم ..أنا أؤمن بالثورة السلمية في إيران .وبعد 30عاما أعتقد أنها كانت ثورة حقيقية .لكن النظام السياسي بعد الثورة ،وتدريجيا ابتعد عن أهداف الثورة .في ذلك الوقت كل حزب كان لديه أعضاء في الحكومة .لم يكونوا ينتمون إلى حزب واحد أو نهج فكري واحد .الن كل المؤسسات الحاكمة في إيران تمثل حزبا واحدا وهو تيارالمحافظين .ولنه ليس في إيران أحزاب بالمعني الحقيقي للكلمة أفضل أن أسميها جماعة واحدة .لدينا تيارات وفصائل وسط المحافظين ،وهؤلء هم المحافظون الجدد (لريجاني وقليباف ورضائي) ،والمحافظون التقليديون (البازار) والمحافظون الراديكاليون (الحرس الثوري) .لكن كلهم محافظون في النهاية .ليس هناك اصلحيون في المؤسسات الحاكمة في إيران اليوم .الوضع كان مختلفا في زمن آية ال الخميني .مجلس الوصياء كان بيد المحافظين ،والحكومة والمؤسسة القضائية كانت بيد تيار كان يعتبر التيار الصلحي بمعايير اليوم ،وهو التيار اليساري .اليوم ليس لدينا هذا التنوع .ربما حجة السيد خامنئي ان الصلحيين والمحافظين آنذاك كانوا يؤمنون بالخميني .لكن الكثير من الصلحيين في إيران اليوم ل يؤمنون بولية الفقيه .وبالتالي من وجهة نظر خامنئي ل مكان لهم داخل النظام .وربما هو محق ،فالجماعتان ،محافظون ومعتدلون ،آمنوا بالخميني .والن الوضع مختلف. * هل إيران اليوم وبعد 30عاما من الثورة «جمهورية اسلمية» أم «دولة اسلمية»؟ ـ اسم «الجمهورية السلمية» اسم مقدس بالنسبة لنا لنه في بداية الثورة قبل 30عاما استخدم الخميني لول مرة تعبير «الجمهورية السلمية» بدل من «الدولة السلمية» ،وكان ذلك مصطلحا جديدا في وقته ،والفرق بين الدولة السلمية والجمهورية السلمية أن النظام اليراني يجب أن يكون جمهوريا ،بالضافة إلي كونه اسلميا .لكن تدريجيا ،وخاصة خلل سنوات حكم أحمدي نجاد بات هو والمحافظون يستخدمون تعبير «الدولة السلمية» ،بدل من «الجمهورية السلمية» وهذا يعني أنهم يريدون أن يلغوا الجمهورية. * هل فعل يستخدم أحمدي نجاد تعبير الدولة السلمية؟ ـ نعم أحمدي نجاد يستخدم تعبير «الدولة السلمية» أكثر مما يستخدم تعبير «الجمهورية السلمية» .وهذا نفس المصطلح الذي يستخدمه معلمه آية ال مصباح يزدي .مصباح يزدي قال إن «الجمهورية السلمية» تعبير إنتقالي في بداية الثورة قبل الوصول إلى «الدولة السلمية» .فكما يقول يزدي ،لم يكن بمقدار الخميني استخدام تعبير «الدولة السلمية» لن اليرانيين كانوا أقرب إلى الليبرالية آنذاك ،وإذا استخدم الخميني تعبير «الدولة السلمية» فإن أغلبية الناس لم يكونوا ليقبلوا بالمصطلح ،لذا استخدم تعبيرا انتقاليا وهو «الجمهورية السلمية» .كما يقول يزدي إن المحافظين لديهم الن ما يكفي من القوة لستخدام التعبير الصحيح ،ليس فقط كمصطلح ،بل كحقيقة واقعية .وبحسب ما يرى يزدي في الدولة السلمية ليس هناك حاجة إلى انتخابات ،فالنتخابات مصطلح غربي والمرشد العلى معين من ال والرئيس مصطلح غربي ،وما نحتاج إليه هو مجلس إستشاري للتشاور حول القضايا الهامة ،وليس برلمانا وحكم أغلبية وأقلية .هذه كلها مصطلحات غربية وليست اسلمية ،كما يقول يزدي .هذه هى نظرية المحافظين ،وأعتقد أنهم يريدون أن يغيروا «الجمهورية السلمية» إلى «دولة اسلمية» .هم يعتقدون أن هناك تناقضا بين الديمقراطية والسلم ،هذا ما قاله مصباح يزدي وأحمدي نجاد. لكن السيد خامنئي يلجأ إلى تعابير أفضل من هذا ،وبالتالي خرج بمصطلح «الديمقراطية السلمية» ،و«الديمقراطية السلمية» تعني ما انجزوه حتى الن .لكن «الديمقراطية السلمية» ليست الديمقراطية الحقيقية« ،الديمقراطية السلمية» ليست أكثر من البيعة ،وتعني أننا نحدد ونعين الشخص الجيد لهذا المنصب ،وما على المواطنين سوى أن يقولوا إننا نقبل هذا التعيين .فالنتخابات في إيران الن تعني البيعة وليس أكثر ،وهي ل تعني إختيار المواطنين .في «الديمقراطية السلمية» أعضاء مجلس الوصياء يقررون الشخصيات التي يعتقدون أنها مناسبة لهذه المناصب. ربما يمكن اختيار عدد أكبر كثيرا من العدد المطلوب انتخابه ،لكن كلهم متشابهون مع بعضهم البعض ،وعلى الناخبين الختيار من بينهم ،لكن الختيار الساسي تم بالفعل من قبل المرشد العلى ،عن طريق تصفية المرشحين غير المرغوب فيهم ،وهذه بيعة وليست إنتخابات .وبالتالي عندما نسمع «ديمقراطية اسلمية» فهي تعني البيعة تحت ظل ولية الفقيه .ومن الواضح جدا أن هذه ليست ديمقراطية ،لكنهم يقولون :ديمقراطيتنا أفضل من الديمقراطية الغربية .فهذا النظام في رأيهم أو البيعة يعني أن هناك جولتين من النتخابات في إيران .الجولة الولى :مجلس الوصياء وهم مجموعة من رجال الدين مقربين من المرشد العلى يختارون المرشحين المسموح لهم بالترشح .أما الجولة الثانية فهي عندما يذهب الناس ويقبلون بهؤلء المرشحين .فالتصويت في «الديمقراطية السلمية» ،في تعبير السيد خامنئي ،يعني قبول اختيار مجلس الوصياء ،وهذا قريب
جدا من نظام البيعة وهذا هو النموذج الشيعي من الخلفة .المثقفون السلميون في إيران حاولوا خلل الخمسين عاما الماضية أن يظهروا أن هناك تفسيرا جديدا للسلم السياسي ،وأن هناك توافقا بين الديمقراطية والسلم .وهذا يعني أن الديمقراطية جاءت من السلم والقرآن والسنة. أنا ل اقول هذا ول أعتقد أنه صحيح ول أعتقد أن الديمقراطية هي الشوري .ما أقوله هو أنه يمكننا أن نحظى بنظام ديمقراطي بإحترام القيم السلمية ،لكن كل منهما يسير بجانب الخر ،ل أن يشتق من الخر .فليس هناك تناقض بين القيم السلمية وبين الدولة السلمية وبين النظام الديمقراطي ،هذا ما أعتقده .قبل نحو 30عاما عندما كان آية ال الخميني في باريس .جاءت صحافية من صحيفة «الفيجارو» الفرنسية سألته ما الذي تعنيه بالجمهورية السلمية؟ ما هي طبيعة الجمهورية السلمية في إيران ،فقد سمعنا عن جمهوريات اسلمية في ليببا وباكستان وموريتانيا لكن أيا منهم ليست جمهورية ديمقراطية؟ فرد عليها آية ال الخميني :الجمهورية اليرانية تماما مثل أي جمهورية اخري .فسألته الصحافية: أرجوك ..هل يمكن أن توضح أكثر؟ فرد عليها الخميني :دولة جمهورية مثل الجمهورية الفرنسية .وكان هذا الحوار منذ نحو 30عاما ،فقد كان في عام ..1979وصدقنا ما قاله الخميني .هناك تفسيران ليدولوجية الثورة اليرانية .الول :وهو الن التفسير الرسمي للدولة وقريب جدا من تفسير المحافظين ،هو نموذج «الدولة السلمية» وهو بعيد عن حقيقة «الجمهورية السلمية» والديمقراطية .أما التفسير الثاني :فهو ما يؤمن به الصلحيون ،لكن ليس بنفس الدرجة .بعض الصلحيين يقول :يمكن أن نحتفظ بولية الفقيه عبر الوسائل الديمقراطية ،أي ولي فقيه منتخب. لكن الن غالبية الصلحيين في إيران بدأت تدرك أن هناك تناقضا بين ولية الفقيه والديمقراطية ،باتت تعتقد أن إيران يمكن ان تظل «جمهورية اسلمية» من دون ولية الفقيه .لكن الصلحيين لم يعملوا «نظريا» بما يكفي لتكريس مفهوم «الجمهورية السلمية». * هل يمكن فعل تغيير اسم الجمهورية السلمية؟ ومن يدفع في هذا التجاه؟ ـ أعتقد أنه اجمال سيتم الحفاظ على اسم «الجمهورية السلمية» لكن مع تغيير طبيعة النظام .وسيكون المر بسيطا جدا ،أي لدينا السم من دون أن يكون لدينا واقع الجمهورية .وهذا التغيير تقوده القوى الدينية التقليدية والمحافظون. * ما الفرق بين القوي الدينية التقليدية والمحافظين في إيران؟ ـ هما قريبان من بعضهما البعض .التقليديون (سنتي) من جهة هو «تعبير ديني». والمحافظون (محافظة كار) من جهة أخري «تعبير سياسي» .عندما نقول «القوي التقليدية» في إيران تتجه الفكار إلى رجال الدين وإلى الشخاص المتدينين والبازار التقليدي .هؤلء الشخاص محافظون بالمعني السياسي ويريدون الحفاظ على المر الواقع ،وهم قريبون من الفكار المحافظة في القتصاد ،ويعارضون أي اصلحات سواء سياسية أو ثقافية ويخافون من الحريات الثقافية والسياسية .غير المتعلمين في إيران يميلون إلى دعم المحافظين والتقليديين ،أما الذين تلقوا تعليما جامعيا فهم أقرب إلى الصلحيين .في قم مثل المحافظون والتقلديون أكثرية .في طهران المحافظون والتقليديون ضعفاء أكثر مما هم ضعفاء في أي مدينة إيرانية أخرى .بين طلبة الجامعات اليرانية المحافظون ليسوا أكثرية. لكن السلطات تفسد البنية الطبيعية للجامعات وذلك بتسهيل دخول قوات الباسيدج للجامعة بأعداد كبيرة ،وكذلك بتغيير أساتذة الجامعات. * كيف غيرت سنوات حكم أحمدي نجاد إيران؟ ـ أهم تغيير هو نزع تسيس الشارع اليراني ،فمقدار اهتمام الناس بالسياسة قل كثيرا .لكن هذا ليس في صالح المحافظين ،فإيران دولة صغيرة السن ،مشاركة الناس وانخراطهم السياسي كان جيدا ،لكن الن وتدريجيا صار اليرانيون يبتعدون عن السياسة لنهم إذا قالوا ما يعتقدون فإنهم يمكن أن يدخلوا السجن مثل .هذا ليس وقتا جيدا لطلبة الجامعات في إيران .هذا وقت جيد للمساجد. (يضحك) .حتى هذا ليس وقت جيد للمساجد ،فخلل أوقات الصلة تجد الكثير من المساجد اليرانية خالية وليست ممتلئة .إنهم يستغلون المساجد للغراض السياسية وليس للغراض الدينية .يمكنك أن تذهب إلى أي مسجد خلل صلة الظهر ،ستجد نحو 20أو 30شخصا يصلون ،والكثير من المساجد اليرانية الن ل تقيم صلة الفجر ،وخلل صلة الظهر ،ربما نصف المساجد فقط تقيم الصلة ،فيما عدا ذلك يذهب الناس للصلة بشكل فردي وليس صلة الجماعة .المحافظون عززوا من استغلل المساجد في الغراض السياسية .فخلل عاشوراء أو غير ذلك من الحتفالت الدينية يستغلون المساجد من أجل أهدافهم السياسية .المر ليس جيدا. * هل تعتقد أن فكرة تصدير الثورة ما زالت قائمة في إيران الن؟ ـ بعض الشخاص ربما يحبون هذا .من الطبيعي أن هؤلء الشخاص يقيمون
علقات مع أشخاص مثلهم في بلد أخرى .عندما يقوم الميركيون بمد نفوذهم في العراق أو افغانستان ،فإن من الطبيعي أن يقوم المحافظون اليرانيون بالشئ ذاته .في السياسة أي شخص يمكن أن يقوم بهذا النوع من الفعال .بوش كان يقوم بتصدير الديمقراطية باسمه * .هل تعتقد أن إيران أقوى الن مما كانت عليه قبل 5سنوات؟ فأحمدي نجاد دائما ما يشدد على النتصارات التي تحققها إيران اقليميا وفيما يتعلق بالبرنامج النووي؟ ـ الطاقة النووية ليست شيئا جديدا في إيران .فمشروعات الطاقة النووية بدأت في السنوات الولى بعد الثورة .خلل سنوات أحمدي نجاد سمعنا كثيرا عن الطاقة النووية ،لكن هذا ل يعني أن المشروع النووي وليد هذه اليام .في زمن هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي كان لدينا برنامج نووي .بدأنا هذا قبل 20عاما ،وهذا ليس شيئا جديدا .بل إن البرنامج النووي بدأ خلل زمن الشاه .هذا ليس انجاز أحمدي نجاد ،هذه انجازات 3رؤساء سابقين ،وجني الثمار جاء في زمن رئاسته .أعتقد مثل الكثير من اليرانيين أن إيران يمكن أن تكون لديها طاقة نووية سلمية. حساسية الغرب ضد إيران حساسية سياسية .يشعرون أن إيران إذا حصلت على هذه القوة فإنها ستكون قادرة على تهديد إسرائيل وليس أكثر. رأي المجتمع الدولي والرأي العام العالمي حول إيران كان أفضل قبل السنوات الخمس الخيرة .أحمدي نجاد أظهر للعالم صورة شرسة عن إيران ،صورة غير عقلنية ،فيما خاتمي أظهر صورة عقلنية متسامحة ناعمة .أعتقد أن حقيقة إيران أقرب إلى صورة خاتمي وليس إلى صورة أحمدي نجاد .الن عندما يقال إيران تتقمص صورة أحمدي نجاد أو يعتقد البعض ان أحمدي نجاد هو إيران ،هذا ليس صحيحا. يقولون إن الثورة تأكل أبناءها ..هذا حدث لي * يعمل محسن كديور ،الذي يعد من أبرز الوجوه الصلحية في إيران ،في التدريس الجامعي ،كما أنه المدير المسؤول عن لجنة حماية الصحافيين في إيران ،وهى لجنة غير حكومية أسست لحماية حريات الصحافة ،إل أن المفارقة أنه يتعرض بدوره للتضييقات .ويقول كديور لـ«الشرق الوسط»« :أردت أن أقدم العام الماضي ورقة بحثية في قم حول حقوق النسان والسلم .لكن قالت لي بعض الشخصيات من قم إنه من الفضل لي عدم الذهاب إلى هناك .بعد ذلك سمعت أن جماعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم (وهى جماعة محافظة) ذهبت إلى آية ال اردبيلي ،أحد آيات ال النافذين في الحوزة ،وقالت له :هذه الورقة يجب أل تقدم أو تنشر في قم .بعد ذلك خرجت 3أو 4مقالت ضد ملخص ورقتي وتضمنت أنني كتبت ضد السلم ،مما سبب لى أجواء غير مريحة ،ثم منعت من العمل في الجامعات .والن أعمل في المعهد اليراني للفلسفة وهو ليس جامعة .لقد دفعوا الكثير من الساتذة اليرانيين للتقاعد من عملهم مثل محمد شبستري وعبد الكريم سروش واشيليه وهو عالم إيراني شهير في العلوم السياسية .نحو 50أستاذا جامعيا أجبروا على التقاعد .لكن أنا سني صغير على التقاعد ،كما أنهم ل يملكون ما يكفي من الدلة ضدي لجباري على التقاعد ،فقاموا بتجميع ملف قضائي ضدي .أنا الن في برزخ (يضحك) .لقد درست 16عاما في الجامعة ،و 14 عاما في قم .والن عملي مقيد .المعهد الفلسفي الذي أعمل فيه الن كان من قبل المعهد الملكي للفلسفة في عهد الشاه .أى أنه تم نقلي من (جامعة ثورية) وهى كلية التربية التي كانت أول كلية يتم إنشاؤها بعد الثورة اليرانية ،إلى المعهد الملكي للفلسفة .هذا تطور سيئ بالنسبة للثورة .هذا يعنى ،كما يقولون ،أن الثورة تأكل أبنائها ..هذا حدث لى .الصحف التي كانت تنشر مقالتي مثل «افتاب» و«المدرسة» ،وهى دورية بحثية و«كيان» كلها أغلقت .كل ما أملكه الن هو موقعي اللكتروني ،ولو نشطته قليل ،فسوف يتم التضييق عليه .وبالتالي ل أنشط فيه كثيرا ،هو أشبه بمكتبة أضع فيها كتاباتي ودراساتي ليطلع عليها تلميذي» .وسط انشغاله الكاديمي والصحافي ،ألف كديور كتاب «نظريات الحكم في الفقه الشيعي» ،تناول فيه أهم النظريات الفقهية لدى الشيعة حول ولية الفقيه .وفي كتابه «نظريات الحكم في الفقه الشيعي» حدد كديور أهم النظريات التي وردت في كتب آيات ال الكبار على مر العصور ،حول نظريات الحكم .ووفقا لقراءة كديور ،فإن هذه النظريات يمكن تلخصيها في 9 نظريات ،كلها تدور حول سؤال أساسي :هل ولية الفقيه جزء من الدين؟ هل ولية الفقيه مقيدة أم مطلقة؟ من يقيدها ،المراجع الدينية أم الشعب؟ وملخص النظريات التسع هو1 :ـ نظام السلطنة المشروطة .وهو يعني وجود مجلس من المراجع الدينية العليا يفتي في شؤون الشريعة ،في إطار نظام سلطاني يتمتع فيه الولي بسلطات واسعة ،ومن آيات ال الذين يؤيدون تلك النظرية آية ال محمد باقر مجلسي ،وآية ال ميرزاي قمي، والشيخ فضل ال نوري ،وآية ال عبد الكريم حائري يزدي (مؤسس الحوزة العلمية في النجف في عشرينات القرن العشرين) 2 .ـ الولي معين من الشعب ،والشعب هو ميزان الحكم .ومن المؤيدين لهذه النظرية المل أحمد نراقي ،والسيد محمد حسن نجفي (صاحب كتاب الجواهر ،أشهر كتاب في الفقه الشيعي) ،وآية ال بروجردي ،وآية ال الخميني (قبل الثورة اليرانية).
3ـ نظرية «مجلس فقهي» من 3أو 4من كبار آيات ال تحكم بدل من شخص واحد .وتقوم المراجع الدينية باختيار مجلس الحكم هذا .ومن آيات ال الذين يدعمون هذه النظرية آية ال جواد آملي ،وآية ال بهشتي ،وآية ال طاهر خرام آبادى 4 .ـ نظرية الولية المطلقة للفقيه ،أو الولية غير المقيدة بأية شروط ،على أساس أن الولي ممثل ال في الرض ،وسلطاته تماثل سلطات النبي .ومن المؤيدين لهذه النظرية آية ال الخميني (بعد الثورة اليرانية) 5 .ـ نظرية الدولة الدستورية ،وهي تعني أن الولية للناس ،لكن تحت إشراف رسمي من المراجع الدينية( .مثل إشراف مؤسسات كمجلس صيانة الدستور في إيران على «إسلمية» القوانين التي يقرها البرلمان اليراني) .ومن المؤيدين لهذه النظرية آية ال نائيني وآية ال منتظري ،وآية ال طاهراني ،وآية ال خورساني وآية ال طباطبائي والشيخ إسماعيل محلتي 6 .ـ نظرية الحكومة المنتخبة مع إشراف المراجع الدينية من دون أن يكون لهم دور رسمي .ومن آيات ال المؤيدين لهذه النظرية آية ال محمد باقر الصدر. 7ـ نظرية الولية المشروطة للفقيه ،وهي تعني أن يكون الولي الفقيه محاسبا من قبل الشعب ،وسلطاته مقيدة .ومن مؤيديها آية ال منتظري، وآيه ال مطهراني 8 .ـ نظرية الحكومة المنتخبة ،من دون أن يكون هناك أي دور للفقيه أو للمراجع الدينية .ولكنها تعد دولة اسلمية لن الناس مسلمون .ومن مؤيديها آية ال محمد باقر الصدر 9 .ـ نظرية الولية لكل الناس وللجميع حق في الحكم .وهنا ليس هناك أي دور للولي الفقيه. ومن مؤيديها آية ال محمد حائري يزدي .ما خرج به كديور من وسط كل هذه النظريات هو أنها تطورت في سياقات زمنية مختلفة ،وأن الزمن هو معيار الحكم وليس النظريات الثابتة .وكان كديور ،الذي ولد في شيراز في 7يونيو (حزيران) ،1959ودخل الجامعة لدراسة الهندسة الكهربائية في جامعة شيراز 1977وخلل دراسته أصبح ناشطا سياسيا ،أول مثقف إيراني يعتقل خلل حملة العتقالت التي طالت المثقفين والطلبة والصحافيين 1999على خلفية المظاهرات التي عمت إيران بسبب التضييق على الصلحيين ،وحكم ساعتها على كديور 47 ،عاما، بالسجن 18شهرا في سجن ايفين ،ثم أفرج عنه في 17يوليو (تموز) .2000
إيران 30 :عاما على الثورة الحلقة ( )7ـ خفوت صوت الصلحيين إيران ثاني بلد بعد الصين في المدونات اللكترونية ..و 28مليون مستخدم للنترنت
منال لطفي عندما زار وزير الرشاد والثقافة اليراني صفار هرندي سورية نهاية العام الماضي شكا لنظيره السوري محسن بلل من عدم اهتمام سورية بدبلجة المسلسلت اليرانية باللغة العربية وعرضها وبيعها في السواق العربية ،كما تفعل سورية مع المسلسلت التركية .قال هرندي ساعتها إن المسلسلت التركية المدبلجة بالعربية ساهمت في أن يعرف العالم العربي المزيد عن تركيا ،وأن الشيء نفسه يجب أن يحدث مع إيران .فهناك رغبة إيرانية في أن يعرف العالم عن إيران أكثر ..لكن بعيون إيرانية وعبر وسائل وأدوات إيرانية .وبالتالي ل غرابة في أن يكون من ضمن أهم المشروعات اليرانية في اميركا اللتينية إنشاء قناة تبث باللغتين البرتغالية والسبانية بعضا من محتوى قناة «برس تى في» التي تبث بالنجليزية .لكن بالرغم من الهتمام اليراني الملحوظ في السنوات الخيرة بالتوسع اعلميا في الخارج ،فإن الداخل شهد تضييقا اعلميا ،يقول الصحافيون اليرانيون إنه يشتد مع قرب النتخابات الرئاسية اليرانية المقررة في يونيو (حزيران) المقبل .وليس من السهل أن تعمل صحافيا في إيران .فالصحافيون عادة يقعون بين ضغطين .ضغط الشارع الذي يريد قيودا أقل على الخبار وضغط وزارة الرشاد والثقافة التي تريد قيودا أكبر على الخبار ،وإذا اضفت الى ذلك تناقص معدلت القراءة وتراجع نسبة التوزيع ونسبة العلنات وصعوبة شراء الورق وتوجه أكثر من %50من اليرانيين للنترنت للتزود بالخبار ..فستشعر إذا كنت صحافيا في إيران ان هذا وقت صعب .يقول ما شاء ال شمس الواعظين الصحافي ومدير المركز اليراني لدراسات الشرق الوسط« :هذه المرحلة أسوأ مرحلة نمر بها من ناحية وضع الصحف والعلم .ل توجد في هذه المرحلة صحافة حرة ومستقلة ،توجد هناك بعض التيارات وصحافة تنطق باسمها ،لكن منضبطة جدا ،ومراقبة جدا من قبل وزارة الرشاد والثقافة وحكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد ،والمجلس العلى للمن القومي الذي يطلق بين الحين والخر الكثير من التعليمات للعلم .مثل يحدد الطريقة التي يجب ان تعالج بها الصحف اليرانية الملف النووي والسياسة الخارجية :اكتبوا هذا ..ول تكتبوا ذلك .هناك 530عنوان صحيفة ومجلة ودورية تنشر في إيران في هذه المرحلة ،لكن معدل القراءة لكل مواطن إيراني قليل جدا .فكل 64مواطنا إيرانيا يقرأون نسخة واحدة يوميا .وهذا رقم قياسي متدن جدا من ناحية المعايير الدولية .لكن مرحلة ربيع الديمقراطية ،إذا صح التعبير ،كانت في عهد الرئيس محمد خاتمي .هذه المرحلة وكنت أنا نشطا فيها أيضا ،تم مصادرة 5صحف كنت أكتب فيها ،كما سجنت 3مرات في عهد الرئيس خاتمي ومنعت من العمل الصحافي حتى اشعار آخر .العلم في إيران موجه ،لكن يوجد هناك هامش من الحرية ايضا لبعض من التيارات التي يقودها رجالت الثورة مثل مهدي كروبي ،رئيس حزب اعتماد ملي ،وبعض الشخصيات الخرى» .وبسبب التضييق على الصحافة المطبوعة فإن المجتمع اليراني شهد نقلة نوعية في استخدام النترنت والعتماد على المدونات اللكترونية لنقل الخبار ،واليوم هناك في إيران 28مليون مستخدم للنترنت .ويوضح شمس الواعظين لـ«الشرق الوسط»« :إيران البلد الول ،طبعا بعد الصين ،في المدونات اللكترونية ،ويب بلوغ ،وهذا شيء غريب ،فالصين مليار و 200مليون وإيران 80مليونا فقط .نحن إذن الدولة الولي بعد الصين ،بالرغم من التباين الكبير في عدد السكان .من ناحية الصحافة اللكترونية هناك ازدياد مطرد بسبب وجود تضييقات على الصحافة المطبوعة .أما الصحافة المرئية والمسموعة فكلها محتكرة من السلطات ،فليس في إيران تلفزيون أو اذاعة مستقلة او تابعة للقطاع الخاص .لكن لكي أكون أكثر انصافا في حكمي على الوضع الصحافي في إيران ،عندما اتحدث عن العلم ومعاييره ،أتحدث مستندا الى المعايير الدولية في العلم الحر ،بدون التطرق الى المقارنة بين المجتمع اليراني والمجتمعات السلمية .فاذا قارنا ايران مع باقي الدول السلمية سيكون لدينا هامش حرية أكثر بكثير من الهامش المتاح لغيرنا من دول المنطقة. لكن اذا قارنا وضعنا بالمعايير الدولية سيكون وضعنا سيئا» .وتؤكد وزارة الرشاد والثقافة اليرانية أنه يوجد اليوم 30صحيفة يومية في إيران، غالبيتها تنتمي للمحافظين ،وأن الصحف ذات التوزيع المرتفع كلها صحف رياضية .فمتوسط توزيع الصحف الرياضية اليومية مليوني نسخة، ترتفع الى 4مليين نسخة بعد المباريات الهامة ،وذلك على العكس من التوجه العام منتصف التسعينات ،عندما كانت صحف إصلحية مثل «شرق» توزع نحو مليون نسخة في اليوم .ويقول محسن كديور مدير لجنة حماية الصحافيين في إيران لـ«الشرق الوسط» إن الصحف
الصلحية التي كان عددها يبلغ 20صحيفة قبل نحو 8أعوام ،تقلصت تدريجيا حتى باتت إيران تخلو كليا من صحيفة اصلحية كبيرة، موضحا« :تدريجيا تدهورت حالة حرية الصحافة في إيران .الن ليس لدى الصلحيين صحافة حقيقية .هناك 3صحف يومية تعتبر قريبة من الصلحيين وليست اصلحية .وعندما أقول صحيفة أعني مطبوعة توزع على القل 10آلف نسخة في اليوم .فهناك بعض الصحف توزيعها مثل 5آلف أو حتى الفين ،وأنا ل أسمي هذه صحفا .من ضمن الصحف التي توزع ما ل يقل عن 10آلف نسخة في اليوم ،هناك 3صحف فقط تعتبر قريبة من الصلحيين ،احدها هى (اعتماد ملي) التي يصدرها السيد مهدي كروبي باسم حزبه السياسي (اعتماد ملي) .والثانية هى (كاركوزران) او كوادر البناء وهي تابعة لهاشمي رفسنجاني ورئيس تحريرها حسين كرباستشي ،عمدة طهران السبق .والثالثة هى «اعتماد» ويديرها احد الصلحيين( .اعتماد) ربما هى الكثر راديكالية بين هذه الصحف الثلث ،أي أنها تعبر بطريقة أفضل عن مزاج الصلحيين .كل من هذه الصحف توزع نحو 50الفا نسخة في اليوم .في الفترة الذهبية للصلحيين كانت صحيفة «شرق» التي يرأسها سعيد حجاريان توزع نحو مليون نسخة في اليوم .اليوم أكثر الصحف الصلحية انتشارا ل توزع أكثر من 50الف في اليوم .في العصر الذهبي للصلحيين كان لدينا 20 صحيفة في اليوم ،اثنتان منهما كانتا توزعان في المتوسط مليون نسخة في اليوم .والباقي يوزع نحو 50الف في المتوسط .ما الذي يعنيه هذا؟ يعني أن اليرانيين اليوم ل يقرأون الصحف .وبعضهم ،مثلنا ،يستخدمون النترنت .لكن هناك الكثير من التضييقات على النترنت في المنازل. فكل يوم يتم فلترة المواقع التي يمكن فتحها .أما وكالت النباء التي يمكن عن طريقها الحصول على المعلومات ،فقد أغلقوا المستقل منها مثل «إلينا» وهى وكالة النباء العمالية .أما وكالة أنباء «أسنا» التي كانت قريبة من الصلحيين ،فقد غيروا مديرها العام» .أهم الصحف اليومية في إيران * كيهان :تأسست عام 1941وهى محافظة ،قريبة من مركز صنع القرار ويعين رئيس تحريرها المرشد العلى ليران .وتوزيعها 350الف نسخة في اليوم. *جمهوري إسلمي :تتبع مباشرة لية ال خامنئي بوصفه المرشد العلى ليران .وهى أول صحيفة يؤسسها المحيطون بآية ال الخميني بعد نجاح الثورة عام 1979لتكون المتحدث باسم السلطة الجديد .وأرقام توزيعها غير معروفة. * طهران تايمز :تتبع لمؤسسة «النتشار السلمي» وهى إحدى المؤسسات التي تتبع مكتب المرشد العلى .أسست «طهران تايمز» عام 1979 لتكون اول صحيفة إيرانية يومية ناطقة بالنجليزية بعد الثورة .وبالرغم من أن روؤساء تحريرها دائما من المحافظين ،فإنها تقدم الخبار بطريقة مباشرة ،ول تستخدم عادة التعبيرات التي تستخدم في الصحف اليرانية الناطقة بالفارسية ،مثل وصف إسرائيل بـ«الشيطان الصغر» مثل. توزيعها نحو 15الف نسخة في اليوم. * رسالت :تأسست عام ،1985وهى تعكس وجهات نظر المحافظين .وتوزيعها 100الف نسخة في اليوم. * جامي جام :الصحيفة الرسمية لهيئة الذاعة والتلفزيون اليرانية ،التي يرأسها المرشد العلى آية ال على خامنئي .وتوزيعها نحو 460ألف نسخة. * سياست روز :تعكس وجهات نظر الجيل الشاب وسط المحافظين اليرانيين .وارقام توزيعها غير محددة * إيران :هى الصحيفة الرسمية لوكالة النباء اليرانية (ارنا) وهى مثل (ارنا) تعكس وجهات النظر الحكومية .وتوزيعها غير معروف. * افتاب يزد :تأسست عام ،2000وهى تعكس وجهات نظر الصلحيين ،ومقربة من الرئيس اليراني السابق محمد خاتمي وتوزيعها 100الف نسخة في اليوم.
* اعتماد :محسوبة على التيار المعتدل وسط الصلحيين بسبب ميولها الوسطية .وتوزيعها غير معروف. * اعتماد ملي :تصدر عن حزب «اعتماد ملى» المحسوب على الصلحيين الذي يرأسه مهدي كروبي ،رئيس البرلمان خلل ولية محمد خاتمي .وتوزيعها غير معروف. * همشهري :معتدلة ،تتبع لرئاسة بلدية طهران .وتركز على أخبار العاصمة طهران وعلى الخبار الداخلية اليرانية .وتوزيعها نحو 50الف نسخة. * اطلعات :تأسست خلل عهد الشاه ،وهى الصحيفة الوحيدة التي تطبع خارج إيران .وأرقام توزيعها غير معروفة * الوفاق :تصدر باللغة العربية عن وكالة النباء اليرانية (ارنا) وتوزيعها غير معروف .أما وكالت النباء في إيران ،فهي بالضافة الى ارنا، وكالة النباء الطلبية «أسنا» ووكالة النباء العمالية ،ووكالة أنباء فارس ووكالة أنباء مهر ،وكلها على صلة بطريقة أو بأخرى بالمؤسسات العسكرية أو التنفيذية في إيران .غدا :معنى تصدير الثورة
إيران 30 :عاما على الثورة الحلقة ( )8ـ إيران الخائفة ..والمخيفة ذهب عباس الموسوي إلى الخميني بعد هجوم إسرائيل 1982وسأله :ما العمل ..فرد الخميني :ابدأوا من الصفر
منال لطفي للدول تركيبات نفسية مثل الشخاص .هذه التركيبات تتغير بتغير الظروف والحوال .فأحيانا nتكون الدول في «مزاج جيد» وأحيانا nفي «مزاج عابس» .أحيانا nتشعر بـ«القوة والنفتاح» وأحيانا nأخرى تشعر بـ«الضعف والعزلة» .إيران ليست استثناء €من هذه القاعدة .فقبل وبعد نجاح الثورة اليرانية عام 1979بأشهر عملت إيران على مد أواصر العلقات مع دول عربية من بينها سورية ولبنان والجزائر والمنظمات الفلسطينية وليبيا ،وتوقعت «دولة الثورة» في إيران أن تكون علقاتها جيدة مع دول المنطقة ،مستفيدة بشكل خاص من إعلن شاه إيران إقامة علقات مع إسرائيل والستياء السلمي آنذاك من الخطوة ،وسعي الدولة اليرانية الجديدة لزالة تهمة «العنصرية الفارسية» التي لطالما نعتت بها .لكن وعندما تعذر هذا في معظم الحالت ،للكثير من السباب المعقدة والمركبة ،من بينها الحرب مع العراق ودعم الغرب والكثير من الدول للنظام العراقي ،بدأت إيران تشعر بـ«العصبية والتوتر» وأن «دولة الثورة» مستهدفة ،وأنه لبد لها من «أصدقاء» و«حلفاء» و«أذرع» يشكلون حائط دفاع عن الدولة الجديدة ،ويمدونها بالطمأنينة .فبدأت إيران تبحث عن «تنظيمات» بدل من « دول» .ومن هنا ولد مفهوم «تصدير الثورة» ،وهو المفهوم الذي خدم إيران كثيرا ،nكما سبب لها أيضا nضررا nكبيرا ،nفقد وفر لها علقات عميقة ومركبة ومعقدة مع تنظيمات ،وأبعدها في المقابل عن دول .ويوضح المفكر اللبناني هاني فحص الذي وصل إلى إيران على أول طائرة تصل إلى طهران بعد نجاح الثورة مع ياسر عرفات ،وكان دائم التنقل بين لبنان وإيران ،كما بقي في إيران 3سنوات من عام 1982إلى عام 1985بعدما عrين مسؤول ثقافيا nفي مركز التصال بعلماء المسلمين في رئاسة الجمهورية اليرانية ،يوضح لـ«الشرق الوسط» تعقيدات علقة إيران بالدول العربية بقوله« :حظيت الثورة في إيران بإعجاب عدد من الدول العربية مرة ،وتأييد البعض مرة أخرى ،وسلبية البعض مرة ثالثة .والمعجبون كانوا حذرين -بعض دول الخليج مثل - والمؤيدون كانوا قلة .وفي مقابل مصر والمغرب والردن وغيرها ممن عادت الثورة ،أيدتها سورية وليبيا بعد منظمة التحرير التي كنت قناة التصال بينها وبين الثورة .كانت إيران تشعر بالنقص في هذا الجانب وتبحث عن موقف عربي يحررها من التهمة العنصرية الفارسية ،بعد مجاهرة الشاه في دعمه للعدوان السرائيلي ولدولة إسرائيل ،وهو ما كان أحد السباب المعلنة للثورة على الشاه منذ عام .»1963وعندما قام الرئيس العراقي السابق صدام حسين بالهجوم على إيران ،فيما الحكومة الجديدة والوزارات لم تستقر بعد ،شعر آية ال الخميني ،أن المستهدف ليس الستيلء على جزء من الراضي اليرانية ،بل إسقاط النظام الجديد كله ،وكانت فكرة «تصدير الثورة» أساسية وجوهرية بالنسبة للطريقة التي سيرد بها الخميني .فقد كانت شعارات الثورة اليرانية مثل «ل شرقية ..ل غربية ..جمهورية إسلمية» أو «نه شرقي ..نه غربي.. جمهوري إسلمي» ،و«صراع المستضعفين والمستكبرين» ،و«أميركا الشيطان الكبر ..وإسرائيل الشيطان الصغر ..وورم سرطاني يجب أن يزول» ،كانت هذه الشعارات جزء€ا أساسيا nمن أدبيات الثورة اليرانية .كان الناس في الشوارع تهتف« :فلتحيoا فلسطين ..ولتزrل إسرائيل» ،فيما وسائل العلم اليرانية تردد شعارات الخميني التي يرى البعض أنها دشنت جماهيريا nلمبدأ تصدير الثورة مثل« :عندما ثqرنا نحن إنما ثqرنا من أجل السلم .فجمهوريتنا هي جمهورية إسلمية .والنهضة من أجل السلم ل يمكن أن تكون خاصة ببلد بعينه ،بل إنها تحد بالدول السلمية». كانت هذه الشعارات والفكار سببا nفي جذب الكثير من الحركات السياسية الثورية في المنطقة ليران الثورة ،أمل في أن تنال «الدعم اليديولوجي» والهم «الدعم المادي والعسكري» من دولة لطالما وصفت بأنها «شرطي الخليج» وبها خامس أكبر جيش تقليدي في العالم .لكن وفيما كان آية ال الخميني يردد في البداية أن هدف النفتاح على تيارات وأحزاب وقوى أخرى في المنطقة هو التضامن المتبادل وأن «يعمل كل طرف على قضيته» وليس الندماج بين «طرف مهيمن» وطرف «تابع» أو «علقات وصاية» ،إل أن هذا النهج لم يستمر طويل ،والمثال البارز على هذا هو علقة الثورة اليرانية بحركة فتح وقائدها ياسر عرفات .فعندما نشبت الحرب وتقدمت القوات العراقية سريعا ،nوأعلن صدام أن قواته ستدخل إيران خلل أسبوع ،واحتلت القوات العراقية مدن مهران وقصر شيرين وخورمشهر وغيرها ،وقال صدام :حدودنا مع إيران حيث تتواجد قواتنا ..كان الشعور في إيران أن هذه الحرب حرب «حياة أو موت» وأنه ما من أداة ينبغي توفيرها ،سواء داخل إيران أو خارجها .ويقول
الجنرال محمد رفيق دوست أحد أبرز قيادات الحرس الثوري اليراني في شهادة له لقناة «المنار» اللبنانية التابعة لحزب ال« :عندما هاجمنا العراق لم تكن قوات الحرس الثوري قد أخذت شكلها المنتظم بعد .كانت أنشئت بشكل جزئي ،وأخذ المتطوعون للتدريب ،لكنها لم تكن قسمت إلى كتائب وألوية وفرق .فالجيش كان فقد قادته ومسؤوليه وسrرsح الكثير من الجنود وتجهيزاته كانت معطلة» .ولهذا أمر الخميني بإنشاء تنظيم شعبي أطلق عليه اسم الباسيدج أو «تعبئة المستضعفين» من المتطوعين للحرب .ثم وبعد عام كانت إيران تحقق تقدما nبعد إعادة تشكيل الجيش والحرس الثوري والباسيدج ،واستعادت خورمشهر ،وشعر صدام أن اليرانيين يزدادون قوة ففكر في وساطة لنهاء الحرب ووقف إطلق النار .وكان ياسر عرفات هو الوسيط المثل بسبب علقة منظمة التحرير مع إيران .ففي عام 1969أفتى الخميني بتوزيع جزء من أموال الزكاة وأموال الخqمس للمقاومة الفلسطينية المتمثلة آنذاك في فتح ،فيما كان أول وزير دفاع إيراني بعد الثورة اليرانية وهو مصطفى جمران ناشطا nفي لبنان، كما التقى هاشمي رفسنجاني مع عرفات في أحد معسكرات التدريب اليرانية في لبنان وحمل مساعدات إيرانية .وبعد انتصار الثورة 1979كان وفد منظمة التحرير أول من وصل طهران لتهنئة الخميني ،ووصل على متن الطائرة الخاصة للرئيس السوري حافظ السد .لكل هذه السباب كانت منظمة التحرير وسيطا nمناسبا nبين العراق وإيران .بدأت الوساطة على يد خليل الوزير (أبو جهاد) ،وعرضت منظمة التحرير التوسط أيضا في العلقات مع بعض البلد الوروبية ،لكن الخميني قال ساعتها« :للثورة اليرانية مشاكلها ..وللثورة الفلسطينية مشاكلها .وكل• يخلع شوكته بيده» .فدخل عرفات بنفسه على الخط مع وفد وسطاء من الدول السلمية كان يزور طهران ،لكن الخميني رفض الوساطة للمرة الثانية .ولم يتطرق أساسا nإلى موضوع الحرب مع العراق وفتح مواضيع أخرى .ثم قال عباراته الشهيرة موضحا nأسباب رفض الوساطة مرتين« :إننا ل نريد أن نحارب .ومن البداية لم نحارب ،لم نكن البادئين في الحرب .لكننا قمنا بالدفاع عن أنفسنا بعد أن هاجمونا وما زلنا في حالة دفاع .لكن ل يعني الدفاع أن نتركه ،صدام حسين ،بمجرد أن يطلب منا المصالحة .إنه كلم خاطئ» .كان الخميني غير راض yعن موقف منظمة التحرير الفلسطينية لن عرفات لم يقل إن العراق هو البادئ بالحرب .لكن موقف منظمة التحرير كان دقيقا ،nفهي كانت تحتاج العالم العربي ،وكان الفلسطينيون منتشرين في كل العالم العربي ،وكان التوازن ضروريا ،nلكن في إيران كان الخيار بين :إما أن تكونوا معنا أو ضدنا .ويقول هاني فحص إن التعقيد في علقات الخميني وياسر عرفات بدأ عندما وضح أن كل منهما كان يريد الخر جزء€ا من برنامجه الوطني ،ومن هنا جاء الشقاق بين الطرفين .ويوضح فحص لـ«الشرق الوسط»« :انفتح الخميني على القضية الفلسطينية من دون نية في التدخل في تفاصيلها ولم يتردد في إعلن تأييده لها ،وقد استقبلني بارتياح شديد حامل إليه رسالة التعزية بوفاة نجله السيد مصطفى عام 1978من المرحوم ياسر عرفات حيث أجريت معه حوارا nمفصل ومعمقا nنqشر بالعربية والفارسية ،اكتشفت من خلله أنه ل يريد لصحاب القضايا الكبرى أن ينخرطوا معه ،بل يؤيدوه ويعملوا على قضاياهم ،كما أنه أصر على تأييده لهم بكل الوسائل من دون أن ينخرط في خصوصياتهم .وفي رسالته ردا nعلى رسالة عرفات أوصاه بأن يعمل، إضافة إلى عمله على طريق تحرير فلسطين ،على تحقيق وحدة المة العربية ..لكن هذا النهج لم يستمر طويل ..ولعل أهم أسباب الفراق بين الخميني وعرفات هو أن كل منهما كان يريد الخر جزءا من برنامجه الوطني اليراني والفلسطيني». لكن هذه البرودة لم تمتد إلى باقي عناصر الفصائل الفلسطينية .فقد دعمت إيران حركتي الجهاد وحماس ،كما دعمت الوجود الفلسطيني في لبنان ودعت إلى توحيد جهود المقاومة اللبنانية والفلسطينية ضد إسرائيل ،ثم أسهمت في تأسيس حزب ال .ففي الثمانينات عندما بدأت الهجمات المسلحة داخل لبنان لجبار الفصائل الفلسطينية على المغادرة ،أصدر الخميني بيانا nيدعوهم فيه إلى عدم الخروج ،وغضب من فتح وعرفات لحقا لمغادرتهم إلى بلدان أخرى منها قبرص وتونس ،فقد كان يريد مواصلة موطئ قدم ليران في لبنان ،وهو موطئ القدم الذي أسسه موسى الصدر، إل أنه كان عرضة للخطر كما رأى مسؤولون إيرانيون لن حركة «أمل» التي أسسها الصدر كانت لبنانية النشأة ،كوادرها تتنوع بين التيار الديني الملتزم واليسار( .كان واضحا nأن الخميني لم يعد يثق بأمل وكان يشعر أنها اختqرقت وبها عملء ،وكان لبد من تأسيس حزب وجناح عسكري جديد ل شك في ولء عناصره) .ويوضح السيد علي المين مفتي صور وجبل عامل ،الذي كان من أبرز شهود العيان على التحولت التي شهدتها العلقة بين إيران وحركة أمل خلل هذه التطورات الحساسة ،لـ«الشرق الوسط»« :بعد قيام الثورة السلمية في إيران بقيادة المام الخميني ووصولها إلى السلطة ،نشأت العلقة بين حركة أمل اللبنانية والنظام الجديد في إيران ،وكان العامل الساسي في هذه العلقة هو العامل العاطفي الناتج عن الروابط الدينية والمذهبية ،باعتبار أن حركة أمل أسسها المام موسى الصدر على مبادئ من الثقافة الدينية العامة في المناطق التي تسكنها غالبية من الطائفة الشيعية ،التي تنظر باحترام وتقدير إلى العلماء ومراجع الدين بحسب موروثاتها الدينية .وبما أن الثورة في إيران كانت بقيادة رجال الدين ،وعلى رأسهم المام الخميني ،فقد لقت التأييد في نفوس الطائفة الشيعية عموما nوحركة أمل خصوصا ،nمعتقدين أن هذه
الثورة ستكون عونا nلهم في تعزيز مكانتهم في النظام اللبناني في تلك المرحلة ..وقد توقعت حركة أمل أن تكون إيران الجديدة إلى جانبها في الصراع الدائر بينها وبين التنظيمات الفلسطينية والحزاب اليسارية اللبنانية ،التي كانت تسيطر على الجنوب وكثير من المناطق اللبنانية .وكانت حركة أمل وقتذاك تحمل لواء الدفاع عن الشرعية اللبنانية ،داعية إلى بسط سلطة الدولة على كامل تراب الوطن اللبناني» .ولكن الذي جرى من القيادة اليرانية الجديدة كان مخالفا nلتلك التوقعات ،فبدأت تلك العلقة العاطفية تتبدل ،وتراجع التأييد الشيعي ليران ،فإيران الثورة ،كما يقول السيد علي المين« :وقفت إلى جانب التنظيمات الفلسطينية في لبنان ،وبدأ الخلف السياسي والثقافي يظهر بين ما نشأت عليه حركة أمل والطائفة الشيعية اللبنانية من ثقافة وسياسة قائمتين على الرتباط بالمحيط العربي ،انسجاما nمع أصولهم العربية والتمسك بمشروع الدولة اللبنانية الواحدة والعيش المشترك الذي قام عليه لبنان ،وبين ثقافة إيرانية جديدة قائمة على رفض النظمة والدول التي ل تقوم على أساس ديني ،وخصوصا النظام اللبناني الذي وصفه المام الخميني في ذلك الوقت بالنظام الفاسد والمجرم ،وبدأت بعض المجموعات المحسوبة على إيران والمرتبطة بسفارتيها في بيروت والشام يرفعون شعار الجمهورية السلمية في لبنان ،وهذا ما رفضته الطائفة الشيعية وقيادتها السياسية والدينية بشكل قاطع وحاسم واعتبروه أمرا nغريبا nعلى حياتهم السياسية والدينية ..ولذلك وقفت حركة أمل والطائفة الشيعية في وجه المشروع اليراني ،الذي بدأت تظهر تباشيره على الساحة الشيعية في لبنان ،وهنا أدركت إيران أن حركة أمل ل يمكن أن تكون أداة لها في مشروع تصدير الثورة خارج إيران». وفي عام 1982وبعد الهجوم السرائيلي على بيروت بدأت الفصائل الفلسطينية في الرحيل ،فتوجه حسين الموسوي ،أحد قادة أمل وينتمي للجناح الثوري للحركة ،إلى هاشمي رفسنجاني في إيران وقال له :الجميع يهربون ،لبد من التصرف وإل فقدنا المقاومة السلمية في لبنان ..ما العمل؟. ثم جاء وفد من رجال الدين الشيعة من لبنان برئاسة عباس الموسوي لبحث «بدائل المقاومة السلمية» في لبنان وطلبوا نصيحة الخميني .فقال لهم« :ابدأوا من الصفر» .وشكل هذا الجتماع النواة التي تكون منها «حزب ال» ،والذي سيعرف لحقا nبأنه أبرز نجاح تحققه إيران فيما يتعلق بتصدير الثورة .فبعد انتهاء الجتماع تحدث عباس الموسوي ،الذي أصبح لحقا nأول أمين عام لحزب ال ،في مقر الخميني بحضور الصحافيين في طهران وقال في كلمته« :أهنئ نفسي وأهنئكم جميعا ،nوأبارك لكم هذا الجتماع .ببركة المام اجتمعنا .وأصبحنا نعي حكمة المام ،وعظمة المام والفق الذي كان يفكر فيه المام .اجتماعنا هذا المبارك هو الصاعقة التي نزلت على رأس القوى الكبرى .القوى التي حاولت في كل الماضي اختراقنا والنفوذ إلى العماق .تهانينا أيها المسلمون .تهانينا بهذا اللقاء ونشكر ال عز وجل أن بفضل إمام المة قد اجتمعنا» .بعد ذلك أعطى الخميني أوامره بإرسال قوات من الحرس الثوري إلى لبنان للمساعدة في بناء وتدريب حزب ال .ويوضح الجنرال بالحرس الثوري رفيق دوست« :كنت أول من قدم إلى العاصمة السورية دمشق بناء على أوامر مباشرة من المام الخميني لتجهيز أرضية قدوم الحرس الثوري واستقبالهم في منطقة الزابداني كمرحلة أولى تمهيدا nلنقلهم إلى جنوب لبنان» .إل أن الخميني ،وكما يقول هاني فحص ،لم يكن راغبا nفي تواجد عسكري إيراني ملحوظ على الراضي اللبنانية ،الحرس الثوري ،كما كان يريد التركيز على الداخل اليراني ،وترافق مع هذا ،كما يقول فحص: «رغبة بعض اللبنانيين الموجودين في طهران في تأسيس حالة نضالية ضد العدو الصهيوني بمساعدة إيرانية ..وكنت ممن استشير في الموضوع واتفقنا على مشروع مقاومة ليس إل ،ولكننا لم ندع إلى الجتماعات السرية» ،وهى الجتماعات التي أدت إلى تأسيس حزب ال .وكانت هذه نقطة فاصلة في علقات إيران مع محطيها القليمي .فإيران «الخائفة» من العزلة ،باتت «مخيفة» ،لن تمددها بهذه الذرع الطويلة خارج حدودها سبب مشاكل وتوترات سياسية وايديولوجية ،لم يكن من الممكن ان تحدث في سياق أخر .واليوم وبعد 30عاما nعلى قيام الثورة اليرانية ،يقول فحص إن تصدير الثورة ما زال قائما ،nموضحا« :غاب الشعار وحضر الواقع .الثورة صادرة وتصدر وهناك من يستوردها .إيران مستمرة في جمع الشيعة حولها مهما اعترضوا أو عاندوا لنها تقدم نفسها كضرورة شيعية .والسنة العرب وغير العرب شتات في شتات ،ل جامع ول مرجعية. البلدوزر اليراني ل يستطيع أن يحل أزماته الداخلية إل باجتياز الحدود وصول إلى غزة ،قضية العرب الولى ،التي أصبحت وكأنها قضية إيران الولى .السؤال :كيف نحول النفوذ اليراني المتعاظم إلى دور متكامل ونحن من دون مشروع عربي للتضامن؟ ..أنا أتمنى ليران التي أحبها أن ل تقع في منطق القوة ..أرجو أن تعود إيران إلى إيران ..مختارة ل مجبرة».
إيران 30 :عاما على الثورة الحلقة ( )8ـ شريعتمداري :الثورة اليرانية لم تكن حية أكثر من اليوم شريعتمداري لـ«الشرق الوسط» :الثورة اليرانية لم تكن حية أكثر من اليوم ..ولم يكن تصديرها أقوى
شريعتمداري في مكتبه بصحيفة «كيهان» في طهران ..وخلفه صورة المين العام لحزب ال حسن نصر ال («الشرق الوسط») طهران :منال لطفي يشعر حسين شريعتمداري رئيس تحرير صحيفة «كيهان» اليرانية اليومية النافذة بالرتياح ،فعام 2008كان عاما جيدا ليران ،وبالتالي فإن الذكرى الثلثين للثورة اليرانية التي يحتفل بها اليرانيون في فبراير (شباط) الجاري تأتي ومعها «علمات النتصار» اليراني .يقول شريعتمداري في حوار مع «الشرق الوسط»« :عندما قامت الثورة كنا وحدنا .اليوم نحن لسنا وحدنا ،معنا أصدقاء من كل مكان .الثورة اليرانية لم تكن حية أكثر من اليوم ،ولم يكن تصديرها أقوى .المقاومة تنتصر في كل مكان ..الحمد ال الحرب على حماس استمرت 22يوما ،والحرب على حزب ال استمرت 33يوما .الحرب القادمة ستكون 11يوما ،والتي بعدها ستكون يوما واحدا» ،يقول شريعتمداري ضاحكا مشيرا إلى «الصمود الباسل للمقاومة» أمام اسرائيل .وإذا كان مجلس المن القومي اليراني مشغول بتنفيذ استراتيجية إيران الدفاعية والتي وضعها المرشد العلى ليران آية ال علي خامنئي بجعل إيران القوة الولى في المنطقة بحلول ،2015فإن شريعتمداري يشعر بأن بعض ثمار هذه الستراتيجية بدأ يؤتي ثماره ،إذ ل يمكن الحديث عن حل الزمات في الشرق الوسط ،من العراق إلى أفغانستان ،مرورا بالموضوع الفلسطيني من دون العروج على إيران .ولحسين شريعتمداري نوعان من العداء يخشى منهما على إيران ،العداء الخارجيون مثل أميركا والغرب الذين يريدون إخضاع إيران ،كما يرى .والعداء الداخليون الذين يحملون نفس وجهات النظر مع الغرب .وهؤلء يسميهم شريعتمداري «إصلحيين على الطراز الغربي». ويوضح شريعتمداري :لقد ضحينا كثيرا من أجل هذه الثورة ،ضحينا كثيرا في إيران من أجل أن نتحرر من الطغيان الميركي .اليوم أميركا ل تريد الحوار معنا من دون شروط ،بل بشروطها وهي شروط تهدف إلى كسرنا« .الشرق الوسط» تحدثت إلى شريعتمداري حول إيران بعد 30 عاما من الثورة .وهنا نص الحوار: * كيف هي إيران بعد ثلثين عاما من الثورة؟ الثورة حية في إيران اليوم وبعد ثلثين عاما على قيامها ،أكثر مما كانت حية في أي وقت آخر خلل الثلثين عاما الماضية .الثورة وأفكارهاتصدر لبلد إسلمية أخرى .بينما في العام الول بعد الثورة كنا وحدنا ،لم يكن معنا أو حولنا الكثير من الحلفاء والصدقاء الذين يؤمنون معنا بنفس الفكار .هذا الوضع مختلف الن .نحن لسنا وحدنا ،معنا دول كثيرة حول العالم ،يمكن رؤية هذا في لبنان وفلسطين وتركيا وكل العالم السلمي ،وحتى دول غير إسلمية تميل للثورة السلمية في إيران وتردد شعاراتها وأفكارها .في الجانب الخر ،بعد ثلثين عاما من الثورة، نحن القوة الولى في المنطقة عسكريا وتكنولوجيا ،في مجالت العلوم والطب والتكنولوجيا النووية. * لماذا تقول إن الثورة اليوم حية أكثر من أي وقت مضى؟ لنه برغم كل المؤامرات علينا لضعافنا ،فشل الذين يريدون القضاء على ثورتنا .اليرانيون يعرفون أن أميركا تكن عداء شديدا ليران،ويعرفون أن عداوة أميركا لم تتوقف طوال ثلثين عاما .من عقوبات إلى خطط ومؤامرات لضعافنا .واليوم ما زالت أميركا تقف نفس موقفها من برنامجنا النووي ،كل هذا يثبت أن أميركا تريد أن توقف تقدم إيران .لكن هذا لن يحدث .انظروا إلى موقف أميركا من حزب ال وحماس ،تواطؤ
أميركا في الحرب عليهما لضرب المقاومة ،لكن الحمد ال الحرب على حماس استمرت 22يوما ثم اضطرت القوى الصهيونية إلى النسحاب، أما الحرب على حزب ال فاستمرت 33يوما وانتصرت المقاومة ..فهل بعد ذلك ستكون الحرب 11يوما ،ثم الحرب التالية يوما واحدا؟ (يضحك) ..عندما تصمد المقاومة السلمية ،فهذا دليل على أن الثورة حية وعلى أن خطط أميركا وإسرائيل تفشل .لهذا أقول إن الثورة في أقوى حالتها وحية أكثر من أي وقت مضى .وتصديرها أقوى من أي وقت مضى. * عندما تتكلم عن تصدير الثورة اليوم ..ما الذي تقصده؟ الحدود الجغرافية ل يمكن أن تمنع نشر الفكار .عندما ترى الدول الخرى المحيطة بنا أو حول العالم أن إيران لديها استقللها وحريتهاوسيادتها ،وأنه بعد ثلثين عاما من الحرب والتخريب لم تتمكن أميركا من تدميرها ،يلهم هذا الخرين .إيران نموذج ملهم في السيادة والوقوف أمام الستكبار والجبروت .السيد ياسر عرفات رحمه ال عندما ذهب إلى المم المتحدة وبيده غصن زيتون وبيده الخرى سلح مقاومة ،وخطب أمام المم المتحدة حول حقوق الشعب الفلسطيني ،قال سيناتور أميركي عندما رأى فرع الزيتون في يد وسلح فارغ من الطلقات في اليد الخرى: ماذا يمكن أن يحققا؟ بعد الثورة السلمية في إيران ومقاومة حزب ال والنتفاضة والمقاومة في فلسطين والن موقف تركيا ..كل شيء يتغير، فالحدود الجغرافية ل تمنع نشر أفكار المقاومة .أشياء كثيرة تغيرت في المنطقة منذ نجاح الثورة السلمية قبل ثلثين عاما. * هناك من يقول إن الثورة ولدت وبداخلها الكثير من الخلفات بين الجنحة العديدة التي قادتها .وأن هذه الخلفات ما زالت موجودة داخل إيران، وبالتالي ليست الثورة في أحسن حالتها؟ أنا ل أريد استخدام كلمة أجنحة .ول أعتقد أن هناك اليوم خلفات بين الذين شاركوا في الثورة حول تأييد الثورة .خلل الثورة كانت هناكتيارات وعناصر موجودة .لكن عندما ننظر ل نجد أن الكل شاركوا بنفس الدرجة ،بل هناك تيارات وأشخاص لم تفعل حقيقة أي شيء ،هناك تيارات وأشخاص شاركت ،ثم انفصلت عن الثورة ومسارها .إذا أردنا أن نقسم هؤلء اليوم فسنجد أنهم ينقسمون إلى محافظين ،وأنا أفضل تسميتهم مبدئيين ،وهناك الصلحيون .وهذان التياران قد يختلفان في الكثير من القضايا ،إل أنهما لم يتصارعا أو يتنافسا خلل الثورة أو قبلها. لكن بعد الثورة تغيرت وجهات النظر في إدارة الدولة .ومن هنا حدث التباعد .لكن هؤلء ليسوا ضد الثورة ،فعندما نحتفل بذكرى الثورة ،نحتفل معا وجنبا إلى جنب. * تتحدث عن الصلحيين ..البعض يقول إن مستوى الحريات قبل الثورة كان أفضل مقارنة باليوم ،وأن الصلحيين يتعرضون لضغوط؟ هذا ليس صحيحا أبدا .الرد على هذا يكون بالوقائع .في عهد الشاه لم تكن هناك أي حريات سياسية أو فكرية ،كانت السجون مليئة بالسياسيين.كانت هناك تباينات في الوضع القتصادي والجتماعي .بعد الثورة تغير كل هذا .هناك انتخابات بلدية وبرلمانية ورئاسية .هناك تحركات اجتماعية نشطة ،الصحف تكتب ما تريد .الرد بالوقائع. * هل خدم الرئيس الميركي جورج بوش إيران طوال 8سنوات من حكمه من دون أن يتعمد؟ ردي سيكون باستعارة حديث للمام زين العابدين بن الحسين بن علي رضي ال عنه وهو« :الحمد ال الذي جعل أعداءنا من الحمقى».* البعض يتهم إيران بأنها تسبب توترات ،فمثل في الملف النووي يريد الرئيس الميركي الجديد باراك أوباما حوارا ،فيما تضع إيران شروطا لهذا الحوار مثل اعتذار مسبق عن جرائم بحق إيران؟
ل أعتقد أن أوباما سيحدث أي تغيير .فحتى الن ليس هناك أي تغيير حقيقي في السياسات .باراك أوباما يعبر عن وجهات النظر التي عبرعنها من قبله بوش .اوباما قريب جدا من منظمة «ايباك» اليهودية ولديه مساعدون موالون لسرائيل .إذا كان يعني تغييرا فيجب أن نرى هذا في مواقفه .بعد الحرب الصهيونية على غزة تظاهر الناس في العالم كله تأييدا للفلسطيينين وخرج زعماء حول العالم ينددون بهجمات الصهاينة ،لكن أوباما لم يقل أي شيء ضد إسرائيل والمذابح التي ارتكبتها .فكيف نكون راضين عنه؟ في اليوم الول لنتخاب أوباما كتبنا في صحيفة «كيهان» عنوانا «صقر في ثياب حمامة» .لبد من تغيير جوهري في طريقة التفكير والبنية الميركية .اوباما مجرد تغيير فرعي .لقامة أي علقات بين أميركا وإيران لبد لواحد منا من ان يغير مبادئه وأفكاره .إيران لن تفعل هذا .يجب على أميركا أن تتغير وأن ترى العلقات الدولية في ضوء مختلف .كما قال المام الخميني ليس في ضوء علقات الستكبار الدولي. * هل تعتقد أن الرئيس محمود أحمدي نجاد سيفوز في النتخابات الرئاسية المقبلة؟ لحمدي نجاد إنجازات كثيرة ،أهمها أنه أعاد الثورة إلى أيامها الولى ،ومبادئها الولى .وأعتقد أنه سينتخب لولية ثانية .الطريقة التي تعاملبها مع تهديدات الغرب لنا بسبب برنامجنا النووي أظهرت أنه كان على حق .مشكلة الغرب أنه يتعامل مع إيران من منطق القوة .لكن هذه اللغة فات أوانها .نحن أمام عالم ل يمكن فيه لقوى أن تفرض هيمنتها وإرادتها على باقي دول العالم ،هناك عالم جديد يتشكل.
إيران 30 :عاما على الثورة الحلقة ( )9ـ صانع الملوك كرباستشي لـ«الشرق الوسط» :ل أصلح أن أكون رئيسا ليران
كرباستشي في مكتبه بصحيفة «كوادر البناء» بطهران («الشرق الوسط» ) وسط مكتب صغير مكتظ بالصحافيين والصحف والكتب وتليفونات ل تنقطع ،يعمل غلم حسين كرباستشي المين العام لحزب «كوادر البناء»، الذي يرأسه هاشمي رفسنجاني ،وعمدة طهران السابق بين أعوام 1988و ،1998ومدير تحرير صحيفة «كوادر البناء» الصلحية ،وناشر أول صحيفة ملونة في إيران وهي «همشهري» التي تصدر عن بلدية طهران ،والناشط السياسي البارز وسط الحركة الصلحية. مهام ومناصب عديدة يتولها كرباستشي ،غير أنها ليست كل ما يقوم به ،فهو أيضا «صانع الملوك» في إيران ،أو «صانع الرؤساء» بالحرى، مع أنه ل يتوقع أن يكون هو نفسه رئيسا ليران بالرغم من الشعبية الكبيرة التي كان يتمتع بها عندما كان عمدة لطهران ،وترديد أهالي طهران إلى اليوم أنه أفضل عمدة تولى رئاسة المدينة .فهو الذي بنى الوسط التجاري والمالي في شمال طهران ،مما أدى إلى ارتفاع أسعار العقارات في شمال العاصمة بطريقة جنونية ،وهو الذي زرع اللف من الشجار للحد sمن التلوث في العاصمة التي تعد من أكثر العواصم تلوثا في العالم، وهو الذي بنى مئات الحدائق والمتنزهات العامة في طهران ،وأزال رسوم الحرب العراقية -اليرانية من فوق جدران العاصمة ،وضاعف الضرائب على تجار البازار ،ومنع السيارات من الدخول وسط طهران إل بحساب معين ،لدرجة أنه بات «أكثر شخص محبوب ..وأكثر شخص مكروه» في طهران في الوقت ذاته. استبعاد كرباستشي أن يكون يوما رئيسا ليران ،بالرغم من مكانته وسط الصلحيين ،يعود كما يقول هو إلى أن رئيس إيران يجب أن يكون مصدر إجماع بطريقة أو بأخرى ،فيما هو «مكروه قطعا وسط المحافظين». فكرباستشي الذي طالما عمل في الظل وفي العلن لمد الحركة الصلحية بدماء التجديد ،كان في الوقت ذاته أول «كبش فداء» في «حرب البقاء» بين الصلحيين والمحافظين ،بعد تولي خاتمي الرئاسة عام .1997 فقد وجهت إليه المؤسسة القضائية المحافظة اتهامات بالفساد لجباره على التنحي عن رئاسة طهران عام ،1998ثم حكم عليه بالسجن عام 1999ليدخل السجن لشهر قبل أن يتدخل رفسنجاني لدى المرشد العلى ليران آية ال علي خامنئي لطلق سراحه. لكن بالرغم من غياب كرباستشي عن واجهة المناصب السياسية الرسمية منذ تجربته في رئاسة بلدية طهران ،فإنه من «قوى الدفع» الساسية وسط الحركة الصلحية والبراغماتية .فخلل رئاسة هاشمي رفسنجاني ليران بين 1989و 1996كان كرباستشي مع رفسنجاني «مهندسoي» عملية نقل إيران وطهران من «دولة الثورة» إلى «ما بعد دولة الثورة» .بدأ رفسنجاني خصخصة القتصاد وفتح إيران للستثمارات الجنبية وتحديث القتصاد وإزالة لفتات الدعاية للحرب العراقية -اليرانية ،وبنفس الفلسفة بدأ كرباستشي تحرير حوائط طهران من لفتات الدعاية للحرب ،وتحديث العاصمة وبناء الجسور والكباري ومترو النفاق. أما خلل رئاسة محمد خاتمي ليران بين 1997و 2005فكان كرباستشي من صانعي القرارات الساسية للصلحيين ،وما زال يذكر له أنه من الذين دعموا ترشح خاتمي وراهنوا على نجاحه بالرغم من أن خاتمي لم يكن ساعتها معروفا ،ولم يكن المرشح الوفر حظا للفوز. الطريقة التي عمل بها كرباستشي في طهران ،ومع كل من رفسنجاني وخاتمي ،وفرت له ما يكفي من العداء .ويقول السياسيون الصلحيون إن
تهم الفساد التي وجهت إليه لم تكن غير مؤامرة للتخلص منه لنه بات ضلعا ل يحتمل في التيار الصلحي .واليوم وفيما يستعد خاتمي لخوض النتخابات الرئاسية في إيران مجددا ،يبرز اسم كرباستشي كواحد من السياسيين الصلحيين الذين سيكونون ضمن حلقة تحديد سياسات الصلحيين وأجندتهم وشعاراتهم. ويقول كرباستشي ،الذي ل يحب الدعاية أو التصوير ،لكنه يحب السخرية من حاله ومن ذكريات سجنه في سجن «إيفين» ،لـ«الشرق الوسط» إن مزاج اليرانيين اليوم هو مزاج انتخاب إصلحيين ،رافضا الحديث عن حزب كوادر البناء برئاسة رفسنجاني والحركة الصلحية بزعامة خاتمي على أنهما حركتان منفصلتان ،موضحا أن «كوادر البناء» هي «المنبع الم» لكل التيارات الصلحية في إيران .كما يتحدث عن علقته مع رفسنجاني وخاتمي وتجربته في عمدية طهران. وهنا نص الحوار: * هل التحالف الحالي بين «كوادر البناء» برئاسة هاشمي رفسنجاني و«الصلحيين» برئاسة محمد خاتمي سيستمر ،أم أنها علقة تحالف مؤقت بسبب الظروف الراهنة ورغبة الطرفين في انتخاب رئيس جديد بسبب تحفظاتهم الكثيرة على أداء الرئيس اليراني محمود أحمدي نجاد؟ ـ ل ،في الحقيقة كوادر البناء تعتبر الحركة الصلحية جزءا منها ،لن كوادر العمار هي المنبع الذي خرجت منه حركة التغيير في إيران منذ نهاية الثمانينات خلل رئاسة هاشمي رفسنجاني ،فيما يتعلق بتغيير الظروف والنخراط في النتخابات وإدخال قوى جديدة للبرلمان .أغلبية القوى الصلحية في إيران على اختلفها وقبل أن تتحول إلى تيارات ومجموعات مستقلة كانت في البداية جزءا من كوادر البناء .مؤسس الحركة الصلحية في إيران كان حزب كوادر البناء الذي وقف ضد المحافظين وقدsم مرشحين مستقلين للمشاركة في النتخابات البرلمانية .قبل ذلك الوقت لم يكن هناك وجود للصلحيين على الخريطة السياسية اليرانية ،لم يكونوا موجودين في الساحة السياسية اليرانية ،لهذا ليس هناك شيء اسمه «هم ونحن» ،أي الصلحيين والبراغماتيين ،أو كوادر البناء وتيار خاتمي .أحيانا هناك أشخاص أكثر راديكالية وسط الصلحيين يريدون أن يميزوا أنفسهم عن كوادر البناء .لكن كلنا جزء من نفس فرع الشجرة ،كلنا معتدلون في أفكارنا وآيديولوجيتنا ،ونحاول اللهام بالفكار العقلنية والتحليل المنطقي .وفي انتخابات البرلمان اليراني عام 2008أنقذت كوادر البناء الصلحيين من التفكك بعد تحالف رفسنجاني مع خاتمي ،ردا على خروج مهدي كروبي بلئحة مستقلة لحزبه «اعتماد ملي». * ما الدور الذي سيلعبه رفسنجاني في النتخابات الرئاسية اليرانية المقبلة؟ ـ رفسنجاني رمز العتدال والتفكير العقلني في إيران ،وفي أوقات كثيرة من عمر الجمهورية اليرانية بعد الثورة كانت هناك دائما قوى متشددة وسط المحافظين تعمل ضده ،لكن أيضا بعض الراديكاليين وسط التيار الصلحي عملوا ضده .أي أن رفسنجاني كان يحارب على جبهتين في وقت واحد ،وهذا يؤكد مكانته كرمز العتدال والعقلنية ،فهو حاول دائما أن يقود إيران إلى العتدال وإلى العقلنية .ونتيجة هذا فإن رفسنجاني هو أحد القوى الصلبة التي تقف ضد المتشددين والمحافظين الذين يسيطرون على السلطة التنفيذية في البلد الن .إزالة رفسنجاني لفتات الدعاية للحرب العراقية اليرانية ،وانتهج السوق الحرة ،وفتح إيران لستثمارات أجنبية ،كل هذا جعل رجال دين وبعض النافذين في البازار غير راضين عنه. * كيف تتذكر تجربتك في عمدية طهران وتوجيه اتهامات إليك أدت إلى تنحيتك عن المنصب؟ سمعت الكثير من الناس يقولون إنه خلل عمديتك لطهران كانت طهران في أحسن حالتها ،وشعبيتك كانت كبيرة في الشارع .فما الذي فعلته خلل سنوات حكمك لطهران جعل المحافظين يتوجسون منك إلى هذا الحد؟
ـ ما مر قد مر ،وأنا لم أعد عمدة لطهران ،وأن نفكر في ماذا حدث في الماضي من أخطاء ليس مفيدا للمستقبل .لكن على كل حال شعبية الصلحيين في الشارع اليراني كان سببها الشعور العام الذي ساد بعد انتخاب خاتمي ،أن الحركة الصلحية تتبلور وتبزغ وأنها ستغير الكثير في إيران ،أضpف إلى هذا طريقة إدارتنا في بلدية طهران ،وخلق المزيد من الوظائف وفرص العمل ،والطريقة العقلنية المعتدلة التي كنا ندير بها شؤون طهران والبلد ،وعلى سبيل المثال المباني وطريقة الدارة العامة والخصخصة وعمل المؤسسات .لكن ظهر أيضا لهذه الطريقة معارضون ومنتقدون ،وشيء طبيعي أن يكون هناك منافسة بين الصلحيين والمحافظين .لكن في كل الحالت أفكار التحديث بدأت تدريجيا تغير حتى المحافظين ،ومثال هذا الصحف ،فمثل كانت صحيفتنا في بلدية طهران «همشهري» أول صحيفة ملونة حديثة في إيران .كان الناس يسألوننا لماذا تصدرون صحيفة ملونة؟ لماذا تصدرونها في الصباح؟ فكل الصحف التقليدية في إيران كانت تصدر مساء .وتدريجيا هؤلء الذين كانوا ينتقدوننا لننا نطبع صباحا ولننا نطبع صحيفة ملونة ،بدأوا يفعلون نفس الشيء ،حتى إن بعضهم أخذ نفس مقاس «همشهري». * يقال بشكل استعاري إنك «صانع الملوك» في إيران ،تعمل من وراء الستار لتقديم وجوه من وسط الصلحيين ليشاركوا في النتخابات البرلمانية والرئاسية ،لنك ل تستطيع أن تشارك في النتخابات بسبب الحظر عليك؟ لكن هذا الحظر يrرفع هذا العام .هل أنت متهم بالمشاركة في النتخابات الرئاسية المقبلة؟ ـ بخلف الجانب الشخصي المتعلق بوجود أو عدم وجود الرغبة في الترشح للرئاسة ،رأيي الشخصي هو أن الرئيس يجب أن يكون رمزا للوحدة الوطنية ،يجب على الرئيس أن يجتذب اهتمام الجانب الكبر من الشعب .هناك مرشحون راديكاليون وسط تيار الصلحيين يمكن أن يحصلوا على الكثير من الصوات وسط الصلحيين إذا ترشحوا ،لكن المشكلة أنه سيكون لهم معارضون شرسون أيضا وسط المحافظين الراديكاليين، وبالتالي لن يكون لهم حظوظ حقيقة ليكونوا رؤوساء ،وإذا أصبحوا رؤوساء فسيواجهون مشكلت. الرئيس يجب أن يكون رئيسا لكل اليرانيين .إذا اختير الرئيس من حزب معين أو تيار سياسي معين فإن الحزب المعارض يجب أن يقبله .مشكلة أحمدي نجاد أن هناك جماعات ،خصوصا المتعلمين وغير المحافظين ،ضده وضد أفكاره وتصرفاته .وأعتقد أنه بكل المعايير لم يحقق نجاحا كبيرا حتى الن في جذب عقول وقلوب اليرانيين .نحن إلى حد ما عبرنا عن اعتراضنا وانتقدنا أحمدي نجاد ولدينا أسباب لذلك ،لكنني شخصيا ل أصلح أن أكون رئيسا ليران ،فالرئيس يجب أن يكون رمزا للوحدة الوطنية ،وأنا أعرف أن هناك بين المحافظين من ل يحتملون فكرة أن أكون رئيسا. * هل صحيح أن البازار التقليدي ورجال الدين لم يعودا مسيطرين على صناعة القرار في إيران ،وأن هناك نخبة جديدة من رجال العمال والعسكريين بدأت تنال صلحيات أكبر وأوسع في مسألة صناعة القرار؟ ـ فيما يتعلق بالجانب المتعلق ببنية أو هيكل السلطة ،عندما تتحول الدولة إلى المرحلة الصناعية ،فإنه يحدث تلقائيا أن مصادر القوى التقليدية والطبقات النافذة مثل البازار التقليدي تضعف قوتها ويقل تأثيرها ،ويحدث تلقائيا وطبيعيا أيضا أن البنى القتصادية التقليدية تتغير .حزب «كوادر البناء» الذي أسسناه مع رفسنجاني صعد وظهر على أساس اقتصاد التصنيع واقتصاد السوق والخصخصة .كنا ندعو إلى التحديث الصناعي ،فيما كان البازار التقليدي يدعو فقط إلى الهتمام بالتجارة التقليدية .ولن حركة كوادر البناء كانت السباقة إلى القتصاد القائم على التصنيع ،وليس على التبادل التجاري التقليدي ،فإنها أوجدت لها قاعدة شعبية وسط الطبقة الوسطى والتكنوقراط ،فيما القتصاد التقليدي أو البازار بشكله التقليدي ،الذي يدعمه المحافظون ،له شعبية في الوساط التقليدية .لكن حركة كوادر البناء ليست حركة إصلحية فيما يتعلق بالقتصاد فقط ،بل حركة إصلحية بالمعنى الفكري ،فكما قلنا نحن حزب ديمقراطية إسلمية ليبرالية ،ولهذا ففي أي انتخابات حرة فإن البازار التقليدي لن يصوت للمرشحين الذين يؤيدون اقتصادا تصنيعيا حديثا ،لكن في نفس الوقت هناك تغيير يحدث في إيران ،والطبقة السياسية الجديدة التي تفكر في القتصاد الحديث
سيكون المستقبل في أيديهم. * هل التطورات الخيرة في إيران تعكس ضعف الصلحيين ،أم زيادة نفوذ المحافطين؟ ـ المشكلة ليست في من أقوى ومن أضعف في إيران ،المحافظون في انتخابات البرلمان العام الماضي كان بحوزتهم وزارة الداخلية ومجلس الوصياء ونجحوا في جعل الناس تحجم عن التوجه إلى صناديق القتراع بكثافة .قلنا نحن الصلحيين إنه إذا قلtت نسبة المشاركة عن %60فلن يصل إصلحيون كثيرون إلى البرلمان ،ومع ذلك وبالرغم من أنه لم يكن لدينا فرصة حقيقة ،بسبب عدم السماح للصلحيين بالترشح وعدم مشاركة الناس بكثافة في النتخابات ،فإن الجبهة المتحدة للمحافظين برئاسة أحمدي نجاد لم تحصل على عدد المقاعد في البرلمان الذي توقعت الحصول عليه .أما في معسكر الصلحيين فإننا لم يكن لنا مرشحون في الكثير من المدن اليرانية ،لم يكن لدينا أكثر من 100مرشح في كل إيران ،ومع ذلك الكثير من الناس صوتوا لنا وللمستقلين .عموما نحن لسنا أعداء فريق أحمدي نجاد أو أحمدي نجاد شخصيا ،نحن نعارض سياساته .مشكلتنا ليست مع الشخص ،مشكلتنا مع السياسات. * هل تعتقد أن النجاحات النسبية التي حققها الصلحيون في انتخابات البرلمان الماضي يمكن القياس عليها في النتخابات الرئاسية؟ ـ الصلحيون في إيران يعانون من تضييقات كثيرة ،وفي انتخابات البرلمان 2008كان هناك الكثير من الممارسات ضدنا ،مثل استبعادنا من الترشح ،ووسائل العلم الرسمية كانت ضدنا بقسوة (صحيفة «كيهان» مثل اتهمت محمد رضا خاتمي ،شقيق خاتمي ،بالخيانة بسبب مقابلته مع السفير اللماني في طهران ،وات‚هم مرشحون إصلحيون بالتجسس لنهم أجروا مقابلت صحافية مع قنوات أجنبية خلل النتخابات) .أنا واثق من أن اليرانيين الذين يميلون إلى المحافظين يتقلص عددهم ،فما لدى المحافظين حقيقة هو الدعم الذين يتلقونه بسبب المناخ الحالي في إيران. المحافظون حقيقة ل يستطيعون أن يحصلوا إل على ما بين %25و %30من أصوات اليرانيين في أي انتخابات حرة .وتغلب الصلحيون على التضييقات المفروضة عليهم يعتمد على الظروف المستقبلية ،فوسائل العلم والبرلمان والسلطة القضائية تدعم المحافظين ،لكن الشعب لم يعد يدعمهم .غير أن فوزنا في النتخابات يعتمد على مشاركة الناس في النتخابات ،وعلى سياسة أميركا حيال إيران .الميركيون ضد سيطرة الصلحيين على السلطة في إيران لن هذا يسلب من أميركا العذر للدعاية ضد إيران ،فنحن الصلحيين عموما نتعاون مع العالم الخارجي وسلوكنا معتدل ،ول يمكن للميركيين أن ينتهجوا أسلوب الدعاية ضدنا. الميركيون يفضلون أن يكون المحافظون على رأس السلطة في إيران .رأينا أنه خلل السنوات الماضية مرsرت أميركا 3قرارات عقوبات ضد إيران ،وبالتالي واشنطن حقيقة تفضل المحافظين وليس الصلحيين لنهم يمنحونها الوسيلة للضغط أكثر على إيران .بينما خلل الـ 16عاما الماضية ،خلل وليتwي هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي ،لم نواجه مثل هذه العقوبات أو الجراءات .ربما في العلن يقول الميركيون إنهم يؤيدون الصلحيين ،لكن الحقيقة غير ذلك ..فكرة أن هناك ارتباطا بين وصول محافظين للحكم في إيران وأميركا صحيحة في إطارها العام، فوصول المحافظين إلى البيت البيض يؤثر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على إيران ،إذ يمهد الطريق أمام المحافظين للحكم في إيران أيضا. لكن هل صحيح أن السياسة الميركية حيال إيران ستختلف بوجود شخص مثل جورج بوش أو مثل باراك أوباما؟ لسنا متأكدين من هذا. * ما هي حالة الصحافة في إيران اليوم؟ ـ الصحافة في إيران ليست في وضع جيد من حيث الجودة .الصحف في إيران اليوم إما حكومية تعتمد على تمويل الدولة أو النظام الحاكم ،وإما صحف محافظة تتبع التيار المحافظ ،أو ما يمكن أن نطلق عليها الصحف الصفراء .وهذه الصحف الصفراء ل تهتم بالسياسة ،بل تكتب حول الحوادث والموضوعات الفنية ،أما الصحف السياسية الملتزمة فإنها تواجه الكثير من التضييق والتشدد من جانب السلطات .وباستثناء صحيفتين أو
ثلث ليس لدى الصلحيين صحيفة حقيقة تتحدث باسمهم .والصحف التي تعتبر إصلحية دائما ما تتلقى تحذيرات وملمحظات من السلطات. هذا هو حال الصحف الصلحية ومن بينهما «كوادر البناء» ،حالنا في الصحيفة ليس جيدا ،ول نستطيع التوسع ،وأرقام التوزيع منخفضة ،وهناك قيود على ما نكتبه ..لكننا نواصل عملنا إلى أن تتغير الظروف.
إيران 30 :عاما على الثورة الحلقة ( )9ـ أوباما ..إيران كرباستشي «الدينامو» ..أم عبد ال نوري «المفكر» ..أم مهاجراني «المثقف» ..أم محتشمي «رجل الميدان» ..أم خوئيني «الصامت» أم خاتمي «الب الروحي»؟
مهاجراني وخاتمي ونوري وجوه بارزة وسط الصلحيين منال لطفي عندما تنتخب أميركا رئيسا ديمقراطيا ..تنتخب إيران رئيسا إصلحيا .هذه هي الحكمة التقليدية ،التي ربما تؤيدها بعض الشواهد .هاشمي رفسنجاني البراغماتي /جورج بوش الب البراغماتي .محمد خاتمي الصلحي /بيل كلينتون الديمقراطي .أحمدي نجاد المتشدد /جورج بوش البن المحافظ .إذا يفترض أن يكون هناك باراك أوباما إيراني؟ لكن السؤال الذي يتردد داخل إيران هو :من هو ذلك الشخص؟ إذا سألت إيرانيا فوق الخمسين يميل للصلحيين فستكون الجابة في الغلب هى :محمد خاتمي .لكن إذا سألت شخصا في العشرينات أو الثلثينات من العمر سيأتي اسم خاتمي الثالث أو الرابع بعد أسماء أخرى اكثر راديكالية في توجهها الصلحي ،من بينها عبد ال نوري وزير الداخلية اليراني خلل ولية محمد خاتمي ،وغلم حسين كرباستشي عمدة طهران السابق وأحد أبرز الوجوه الصلحية ،وعطاء ال مهاجراني وزير الثقافة اليراني خلل حكم خاتمي ،ومحمد موسوي خوئيني الصلحي البارز وناشر صحيفة «سلم» الصلحية ،بل وعلي محتشمي السفير اليراني السابق في سورية والب الروحي لحزب ال الذي هو «نسر» في السياسة الخارجية و«اصلحي» داخليا .بالنسبة للشباب في إيران اليوم سيأتي اسم خاتمي وسط القائمة وليس على رأسها بالضرورة .فغالبية الشارع الصلحي في إيران بات اليوم على يسار خاتمي ،وهو يريد رئيسا لديه القدرة على «توجيه اللكمات» ،وليس «تلقيها صامدا» .وبالتالي تقول جيزو ميشا أحمدي ،الصحافية في قناة «برس تى في» اليرانية لـ«الشرق الوسط»: «ل يجب أن تكون هناك مبالغة في شعور الشباب في إيران بأن ترشح خاتمي حل لكل شيء» .ما يجمع كل هذه السماء المرشحة لكي تكون «باراك أوباما إيران» هو أنهم كلهم من خارج مؤسسة الحرس الثوري ،باستثناء محتشمي ،ومن خارج مجلس صيانة الدستور أو الخبراء أو تشخيص مصلحة النظام .لكن ،وفيما يجمعهم إيمانهم بالفكار الصلحية ،فإنهم مختلفين عن بعضهم بعضا في «درجة الراديكالية» في أفكارهم الصلحية ،وعلقتهم مع المرشد العلى آية ال خامنئي ،وقدرتهم على تحمل الضغوط ،ورغبتهم في المواجهة .فحمد موسوي خوئيني ،يعتبر من أهم الصلحيين في إيران ،وله شعبية كبيرة بين النخب الصلحية .ويقول المقربون منه إنه دخل «غرفة الصمت» منذ إغلق صحيفة «سلم» الصلحية التي كان مدير تحريرها خلل حكم خاتمي .لكن من يعرفون خوئيني يقولون إنه من الصعب أن يوافق على الترشح لنتخابات الرئاسة اليرانية ،فهو شخص مستقل جدا ،ومن الصعب على آية ال خامنئي تطويعه أو إخضاعه .وهذا ما يجعله مرشحا «مستحيل» بالنسبة لخامنئي أيضا .واليوم يتابع خوئيني ما يحدث على الساحة السياسة اليرانية من دون أن يكون ناشطا فيها ،ومن دون أن يكتب أو يتحدث كثيرا لوسائل العلم .غير أنه سياسيا ما زال ناشطا ،فهو نائب تنظيم «روحانيون مبارز» الصلحي الذي يرأسه خاتمي ،خلفا لمهدي كروبي الذي ترك «روحانيون مبارز» بعدما أسس حزب «اعتماد ملي» وشارك في النتخابات الرئاسية عام .2005أما عبد ال نوري ،وزير الداخلية في عهد خاتمي ،فهو «مفكر» الصلحيين ،والشخص القادر أكثر من غيره على صياغة مفاهيم وأفكار الصلحيين ،السياسية والجتماعية والثقافية .عبد ال نوري بدوره دخل «غرفة الصمت» بعد معاناته السياسية عندما كان وزيرا للداخلية في عهد خاتمي ،التي اضطرته إلى الستقالة بعد حملت منظمة من المحافظين ضده .لكن على الرغم من غيابه عن ساحة المناصب الرسمية ،فإن المحافظين ما زالوا يعتبرونه «عدو المحافظين الول» بسبب اتهامه لبعض المرجعيات الدينية في قمة الهرم السياسي بالفساد المالي والسياسي .في عام 1999اتهمت إحدى المحاكم اليرانية نوري بالخيانة ،وأصدرت حكما بإغلق صحيفته «خرداد» التي كان يصدرها وسجنه خمسة أعوام بتهمة معاداة الثورة ،فانتهز عبد ال نوري فرصة مثوله أمام المحكمة لينادي بالصلح ،مذكرا من يتهمونه من المحافظين بأنهم ل يستطيعون فرض تفسيرهم للسلم ،وطعن كذلك في السلطة الدينية والقانونية للمحكمة ،مشبها إياها بمحاكم التفتيش ،واحتوت كلمات عبد ال نوري على نصوص كاملة من انتقادات آية ال منتظري لمبدأ ولية الفقيه .واليوم نادرا ما بات عبد ال نوري يتكلم .غير أنه وبسبب قرب النتخابات الرئاسية في إيران تحدث مؤخرا منتقدا أحمدي نجاد،
قائل إن الصلحيين ل يمكن أن يحققوا الفوز في ظل الستبداد السياسي .ويقال عن نوري في إيران إنه ينطبق عليه المثل اليراني القائل« :ل أستطيع تحمل الضغط ..أستطيع تحمل الضغط الشديد فقط» .أما عطاء ال مهاجراني ،أحد أبرز الوجوه الصلحية في إيران ،فكان وزيرا للرشاد والثقافة خلل ولية خاتمي ،إل أنه استقال احتجاجا على التضييق على الصحافيين الصلحيين ،وإغلق غالبية الصحف الصلحية، وتشديد الرقابة على دور النشر .وفي خطاب استقالته الذي بعث بنسخة منه لية ال خامنئي ،ونشرته الصحف اليرانية قال مهاجراني« :أنا لست وزيرا للرشاد ..أنا وزير للثقافة» .واليوم يطل مهاجراني على ساحة السياسة اليرانية من دون أن يظهر اهتماما بالرغبة في خوض غمار النتخابات الن ،مفضل تأجيلها لربع سنوات أخرى .مركزا اهتمامه على انشغالت ثقافية بين الترجمة والتأليف والدراسة .أما على محتشمي، فهو نموذج مغاير لكل هؤلء الصلحيين ،فلديه أفكار إصلحية اجتماعية ،غير أنه في الوقت نفسه لديه علقات تاريخية قوية مع المؤسسات المنية في إيران ،خاصة الحرس الثوري ،وذلك بسبب دوره في بناء حزب ال عندما كان سفيرا ليران في سورية .ومحتشمي من المقربين من آية ال خامنئي ،ومن طلبه البارزين ،وعلقته معه كانت مباشرة وقوية .وهو حاد الذكاء ،متعدد المواهب ،بين السياسي والستخباراتي .وإذا كان يمكن القول إن أبو إياد كان «مفكر» الحركة الوطنية الفلسطينية ،بينما أبو جهاد «رجلها الميداني» ،يمكن القول إن عبد ال نوري «مفكر» الحركة الصلحية ،بينما محتشمي أحد رجالها الذين ل يملكون ملكات فكرية ،لكنهم يملكون قدرات ميدانية .فهو السياسي الوحيد المحسوب على الصلحيين الذي تربطه حقيقة علقات قوية مع المحافظين .وهو يمكن أن يكون «همزة الوصل» بين التيارين أو «ممر» فض النزاعات ،إذا وصل الصلحيون للرئاسة بعد 4أشهر .أما غلم حسين كرباستشي ،عمدة طهران السابق والمعروف بأنه «دينامو» الحركة الصلحية بسبب علقاته التي تمتد بين الحركة الصلحية وحزب كوادر البناء ،فهو أحد أكثر الشخصيات شعبية في إيران بعد خاتمي .ولن طهران قلب إيران السياسي ،فقد كانت هذه الشعبية الكبيرة ،مصدر متاعب كبيرة لكرباستشي الذي واجه اتهامات بالفساد وحكم عليه بالسجن وحظر عليه العمل السياسي .ومع أن هذا الحظر ينتهي هذا العام ،إل أن كرباستشي ،مثل كثير من الوجوه الصلحية البارزة ،ل يريد خوض انتخابات الرئاسة المقبلة ،مما فتح الباب أمام خاتمي «الب الروحي» للحركة الصلحية ووجهها الكثر شعبية ،والذي أعلن خوضه غمار السباق الرئاسي ليشكل «صداعا» مؤكدا لحمدي نجاد .ويقول محسن كديور المفكر اليراني البارز وأحد أبرز الوجوه الصلحية لـ«الشرق الوسط»« :نحتاج إلى وجوه جديدة ،لكن لدينا مجلس الوصياء (يضحك) .لدينا وجوه ،ربما ليست كثيرة ،لكنها كافية .وجوه يمكن أن تحصد أصوات الناخبين ،لكنها ل تستطيع المرور من فلتر مجلس صيانة الدستور .على سبيل المثال لدينا عبد ال نوري وزير الداخلية اليراني السابق في عهد خاتمي ،فهو شخصية ممتازة ،وإذا استطاع المشاركة في النتخابات فإنه سيحصل على ما يكفي من الصوات ،لكن السيد خامنئي لن يسمح له (يضحك) .كذلك السيد حسين كرباستشي عمدة طهران السابق ،وهو أيضا يمكن أن يحصد الصوات ،ولهذا السبب ذهب إلى السجن (يضحك) .أيضا هناك السيد محمد موسوي خوئيني ناشر جريدة «سلم» .وفي زمن آية ال الخميني كان رئيس الهيئة القضائية ،وهو قادر بدوره على حصد الصوات .إذا لدينا ما يكفي من الوجوه وسط الصلحيين للوصول للرئاسة إذا كانت النتخابات حرة .لكن لكل واحد من هؤلء ملف قضائي ،وكلهم دخلوا السجن لفترة بسبب انتقاداتهم للنظام والحكومة ،وبالتالي من غير المسموح لهم المشاركة في النتخابات» .لكن كثيرا من هذه الوجوه الصلحية قد ل يرغب بالضرورة في الترشح للنتخابات الرئاسية المقبلة .فالمواجهة مع أحمدي نجاد لن تكون سهلة ،ولن تكون شعبية أى مرشح إصلحي بحد ذاتها ضمانا للنجاح ،حتى خاتمي نفسه ،وفي انتخابات نزيهه قد ل يفوز ،إذا لم تتعد نسبة المشاركة فوق الـ .%70ويقول عطاء ال مهاجراني وزير الثقافة اليراني السابق في عهد خاتمي لـ«الشرق الوسط» إن كثيرا من السياسيين البارزين وسط التيار الصلحي ل يريدون المغامرة بحرق أوراقهم في هذه النتخابات ،موضحا« :من الفضل النتظار وتقويه الصلحيين وأحزابهم واستعادة صحفهم ..مثلما يقول المثل الشهير :مجتني الثمرة لغير وقت قطفها ،كالزارع بل أرض».
إيران 30 :عاما على الثورة الحلقة (الخيرة) ـ بين دولة بني صدر ودولة أحمدي نجاد ..قqبلة على يد خامنئي خامنئي اكتفى بمنصبه كرأس للدولة ..وإيران استطاعت أن تجعل طهران «محل السياحة السياسية» ..وقم «محل السياحة الفكرية» * إيران بين من يريدون «دولة الشهداء» ..ومن يريدون «دولة الحياء»
السلطة في طهران استطاعت أن تسيطر على قم ..بدون أن تلغيها («الشرق الوسط») تمايزت القوى السياسية في إيران ودخل التيار المحافظ ودور خامئني منع تفجرها («الشرق الوسط») منال لطفي يوم الجمعة 2يونيو (حزيران) عام 1989استمع آية ال الخميني إلى الخبار في التلفزيون اليراني من غرفته بمستشفى طهران ،حيث كان يعالج من السرطان ،ثم قرأ بعض الخبار والمقالت في الصحف الميركية والسرائيلية واليرانية كما هي عادته .كان بصحبته هاشمي رفسنجاني رئيس البرلمان وعلي خامنئي رئيس الجمهورية آنذاك ،يأتيان ويذهبان ،فيما ابنه أحمد دائما nبجواره .عندما كان أحمد يذهب لمتابعة بعض أمور أبيه ،كان الخميني يضبط الراديو على محطة الخبار أو القرآن الكريم يستمع حينا ،nأو يمشط لحيته ويضبط عمامته في مرآته التي كان يضعها بجواره على المكتب الصغير بجوار السرير .يوم السبت 3يونيو كانت حالته تتدهور بسرعة ،وقال الطباء إنه ليس بإمكانهم فعل أي شيء .تجمع كل أفراد السرة وكبار المسؤولين في المستشفى .وبعد فترة قال الخميني لبنته زهراء« :أطفئي المصباح ..من أراد أن يبقي ومن أراد فليخرج ..أطفئي المصباح» ثم دخل في غيبوبة وأkعلنت وفاته صباح اليوم التالي .بعد وفاة الخميني تحدثت وسائل العلم عن صراع على خلفته بين من وrصفوا ساعتها بـ«المثلث الذهبي» ،وهم أحمد الخميني وخامنئي ورفسنجاني .كان أحمد الخميني في اعتقاد الكثيرين الوفر حظا بخلفة الخميني كمرشد أعلى ليران .لكن وبعد مرور ساعات فقط على الوفاة انعقد مجلس الخبراء لختيار مرشد أعلى جديد ،فالخميني لم يوص بشخص معين لخلفته ،وإن كان أظهر ميل إلى عدم توريث أحمد الخميني لمنصب قائد الدولة ،كما أظهر ميل نحو خامنئي لسبب ليس معروف بدقة .وذلك بعدما عزل منتظري قبل وفاته بأشهر من منصب نائبه .ويقول المفكر اللبناني هاني فحص الذي كان همزة الوصل بين الثورة اليرانية والثورة الفلسطينية لـ«الشرق الوسط» حول أسباب عزل منتظري« :السبب الجوهري هو أن منتظري بقي في موقعه الثوري لنه لم يوضع في موقع سلطوي (أو في موقع رسمي بالدولة) .ومن هنا أعطى منتظري نفسه حق المراقبة والعتراض .وكانت مراقبته دقيقة واعتراضاته دقيقة وصادقة وشجاعة .لكن ضرورات الدولة كانت مختلفة وبعض القوى المستفيدة من السلطة والدولة عموما nل تتحمل أن تبقى موضع مراقبة وإدانة واعتراض من خارجها .وأنا أشك بأن الخميني كان يرى تناقضا nحقيقيا nبينه وبين منتظري .ولعل الصورة التي نqقلت إليه حول انتقادات منتظري كانت مضخtمة .بالضافة إلى أن فريق عمل منتظري لم يكن واقعيا ،nوهذا ما لمسته بيدي .مع محبتي المعروفة له .كما أن فريق عمله لم يكن متماسكا ،nما أدى إلى اختراق من قبل الجهزة ،وعادة ما يكون المعارضون من داخل الفريق ،والمخترقون ،أقرب إلى المبالغة في تصوير المور وتضخيمها .وفي النهاية تقديري أن منتظري كان ضرورة ثورية ،ومن دون شك ضمير ،وبقى ضرورة علمية وأخلقية للدولة ،لكنه ل يملك ذهنية المساومة والتسوية كضرورة من ضرورات الحكم والدارة» .غاب منتظري في القامة الجبرية في منزله بحوزة قم. ومن قبله غاب آية ال محمد بهشتي وآية ال مرتضى مطهري ومحمد مفتح وآية ال طالقاني بعدما قqتلوا كلهم في التفجيرات التي أرعبت إيران بعد نجاح الثورة وظهور الخلفات بين تياراتها المختلفة .غياب هؤلء أثر على طبيعة الدولة التي ستولد لحقا .nفبينما كان الخميني يرى العالم بعين الفقيه ،كان طالقاني يرى العالم بعين المجتهد الحر ،وبينما كان الخميني ممثل الحوزة الدينية وطلبها خلل الثورة ،كان طالقاني ممثل الجامعات والطلب والمثقفين .وبالرغم من أن طالقاني عrين رئيسا nلمجلس الثورة ،وإمام جمعة طهران ممثل عن المرشد العلى بعد نجاح الثورة ،فإن علقته مع الخميني لم تخل kمن اختلفات .ويقول فحص« :في حدود ما تيسر لي عرفت وعن كثب في علقتي القصيرة مع طالقاني أنه لم يكن مختلفا nمع الخميني .وإن كان مقربون منه ومن أرحامه يؤكدون أن الخلف بينه وبين الخميني كان عميقا nجدا .nوأن المام وفريقه كانوا حريصين على استبعاده ،لكنني أشك في ذلك .ما عرفته أن طالقاني كان على شك وتناقض غير خفي مع عدد من القيادات الدينية التي تحولت من
الصفين الثاني والثالث إلى الصف الول بعد الثورة ،وحينها أخذ طالقاني ينعي الثورة ..والدولة لحقا .»nبغياب قادة الصف الول مثل بهشتي وطالقاني ومطهري ومفتح ،ظهر خامنئي ورفسنجاني من الصف الثاني إلى الصف الول ،وفي فترة وجيزة أصبح رفسنجاني رئيسا nللبرلمان وخامنئي رئيسا nللجمهورية عندما سمح الخميني لرجال الدين باحتلل المناصب السياسية بعد التصادمات الحادة بينه وبين حكومتي مهدي بازركان وأبو الحسن بني صدر المدنيتين .وفي 2أكتوبر (تشرين الول) 1981انتخب علي خامنئي الرئيس الثالث للجمهورية اليرانية بعد أبو الحسن بني صدر ومحمد رجائي ،ليكون بذلك أول رجل دين معمم يحتل هذا المنصب في تاريخ إيران ،ومير حسين الموسوي رئيسا nللحكومة .وكان الخميني مرتاحا nأخيرا nلشخصية الرئيس ورئيس الوزراء .وفي كلمة للخميني يوم تنصيب خامنئي قال« :عليكم أنتم المحافظة على هذا النظام.. فإن استمرار ما حصل في إيران أمر صعب .وعليكم القيام بحفظ هذا النظام رغم كل العقبات التي تواجهنا» .إذ بعد عامين و 8أشهر من الثورة اليرانية ،استطاعت دولة الثورة أن تستقر قليل برئاسة خامنئي للجمهورية ومير حسين موسوي للحكومة ورفسنجاني للبرلمان .لكن sأيا nمن هؤلء ،خامنئي ورفسنجاني ومير حسين موسوي ،لم يكن بارزا nفي اليام الولى بعد الثورة ،بل كان بهشتي ومطهري مثل أكثر أهمية بكثير .كما أن أيا nمنهم لم تكن له اليد العليا ،أو مقربا nمن الخميني بما يكفي ليكون مرشحا« nطبيعيا »nلخلفته .ويقول فحص« :كان محمد بهشتي ومرتضى مطهري ومحمد مفتح وعلى إشراقي حول الخميني ،وكلهم كانوا متساوين في الهمية ،لم يكن بينهم شخص راجح على الخرين .أما السيد خامنئي في هذه اللحظة فلم يكن له موقع متقدم ،كان ممثل للمام في وزارة الدفاع ،فيما كان رفسنجاني ممثل للمام في وزارة الداخلية .لكن عندما احتدمت المواجهات بين رجال الدين والجبهة الوطنية صعد نجم رفسنجاني الذي كان رقمه 17في انتخابات طهران ،لكنه أصبح في الصف الول لحقا nلن رجال الدين خافوا من صراعهم مع الليبراليين وهجوم الليبراليين عليهم .لكن ساعتها لم يكن هناك أحد مرجح لدى الخميني» .ويقول علي دري نجف آبادي ،الذي كان ساعتها أحد أعضاء مجلس الخبراء ،إن مجلس الخبراء عندما تدهورت صحة الخميني بسبب تمكن سرطان المعدة منه ،بحث هل يكون منصب الولي الفقيه من عدة أشخاص يعملون معا nكمجلس «شورى مصغر» ،أم يكون الولي الفقيه شخصnا واحدا،n مثلما كان الخميني .لكن لم يتم التوافق على مجلس شورى ،وتم التوافق على أن تكون القيادة «فردية» وأن يتم اختيار مرشد أعلى خلفة للخميني. ويقول نجف آبادي« :تم التداول على الشخصية المناسبة .وقد اختار مجلس الخبراء بأكثرية حاسمة شخصية حازمة صلبة شجاعة فقهيه ،€وهى آية ال خامنئي» .لم يكن خامنئي معروفا nآنذاك كواحد من آيات ال الكبار .والصورة التي انطبعت عنه في أذهان اليرانيين هي صورته والكوفية الفلسطينية ملفوفة على عنقه ،فيما تغطي عينه نظارة كبيرة وهو يتحرك بلباس عسكري على جبهة الحرب مع العراق يصافح الجنود والمتطوعين .وفي أوقات الهدوء يقرأ كتبا nتاريخية وروايات ،غالبا nروسية مترجمة للفارسية .كان خامنئي يحب في الدب الروسي واقعيته وحسه بالقدر وإدراكه لهمية التاريخ ،ويرى الرواية طريقا nللتعلم ونقل تجارب الخرين ،سواء أشخاص أو أمم .قرأ خامنئي على جبهة الحرب مع العراق عشرات الروايات ،كان قارئا nنهما nوسريعا ،nومن ضمن الكتب التي قرأها رواية الكاتب الروسي ميخائيل خولوتشوف «الفجر الهادئ» أو quiet downوهى رواية حول الحياة والموت والقدر والوطن ومعنى الولء .وعندما سأله أحد المقربين منه عن رأيه في الرواية ،جاوبه بنقد كامل للرواية ،فقد كانت له عين ناقد أدبي أيضا .أما رفسنجاني فكانت له اهتمامات أخرى ،كانت لديه مطبعة تجارية في قم أسسها مع أشقاء له خلل دراسته في حوزتها من أجل أن تساعدهم على تكاليف الحياة ،وعندما تيسرت المور بعض الشيء بدأ يشترى أراضي ويستثمر فيها ،كما كانت لديه أراض مزروعة بالفستق .كان رفسنجاني محبا nللتجارة ،ولديه مؤهلتها ،من القناع ،إلى المساومة ،إلى حب الربح .لم يكن خامنئي ورفسنجاني قريبين من بعضهما البعض في الصفات ،إل أنهما كانا قريبين من بعضهما البعض في المكانة في اليام الخيرة من حياة الخميني. لم يزعج اختيار خامنئي لمنصب المرشد العلى أحمد الخميني ،فقد كان حريصا nعلى تأكيد أن «بيت الخميني»لن يرث ل منصبا nسياسيا nول مال من إرث الخميني (لم يتول• أحمد الخميني أي منصب رسمي في إيران حتى وفاته عام ،)1993إل أن هناك شخصا nحامت الشكوك في أنه لم يكن مرتاحا nتماما nلختيار خامنئي لخلفة الخميني ،هذا الشخص هو رفسنجاني .فالبرغم من أن رفسنجاني دعم اختيار خامنئي في المنصب ،إل أن تبديل ميزان القوى بينهما أثر على علقتهما .فقد كان رفسنجاني الكثر نفوذا nوقوة قبل أن يتم تعيين خامنئي في منصب الولي الفقيه .بعد التعيين تغيرت الصورة .ويوضح فحص« :في تقديري أن التمايزات بين خامنئي ورفسنجاني بدأت مبكرا nمنذ أن كان رفسنجاني رئيسnا للبرلمان .كان دور خامنئي كرئيس جمهورية ثانويا nجدا .وكنت في هذه الفترة أعيش تفاصيل هذا الوضع ..وإحدى العلمات أن خامنئي ،بعد مقتل محمد علي رجائي ومحمد باهنر ،رشح على أكبر وليتي لرئاسة الوزراء ،فأسقط وليتي مرتين في مجلس النواب (البرلمان) الذي يرأسه رفسنجاني ،وحل محله مير موسوي رئيسا nللوزراء .وكان موسوي مرشح رفسنجاني .واعتبر اختيار موسوي وإسقاط وليتي هزيمة لخامنئي .لكن عندما أصبح
رفسنجاني رئيس جمهورية وأصبح خامنئي مرشدا nأعلى تعدلت طبيعة النظام .تحول النظام إلى نظام رئاسي ،وأصبح رئيس الجمهورية هو رئيس السلطة التنفيذي،ة فوضع عمليا nحدا nلسلطة المرشد ،فخلل عهد رفسنجاني كرئيس كان قويا nأمام خامنئي .ثم جاء محمد خاتمي والتبست المور .إذ كان التيار المحافظ مصرsا nعلى تحقيق مكاسب أمام الصلحيين .فعمل على إبطال مساعي الصلحيين ،وساعد على هذا تردد خاتمي وقتها، ووضع الصلحيون المزعزع .عندما تدهور وضع الصلحيين ،رجع رفسنجاني للنتخابات البرلمانية عام 2004فدفع الثمن ،فقد عاداه الصلحيون (بسبب اتهامات أنه لم يدعمهم بما يكفي) .أما المحافظون فلم يصوتوا له في طهران ،كما لم يصوت له الصلحيون ،ليأتي في المرتبة 29أو 30في انتخابات طهران» .ويتابع فحص« :تم تحمل رفسنجاني مسؤولية الفشل القتصادي .الطبقة المتوسطة حملته مسؤولية تراجع دورها ،فذهب باتجاه رئاسة الجمهورية عام 2005ليرمم الوضع ،فعمل المحافظون بجد كي يمنعوه من النجاح .والصلحيون عملوا ضده بشكل مواز ،yكما عملوا ضد بعضهم البعض ،فدفعوا الثمن معا( nالصلحيون ورفسنجاني) مما جعلهم الن يميلون للتفاهم أكثر ،مع بقاء رفسنجاني على صلة أوثق بتيارات معينة داخل تيار المحافظين ظهرت آثارها في انتخابه رئيسا nلمجلس الخبراء» .كان تبدل موازين القوى بين رفسنجاني وخامنئي والخلف بينهما على تعيين ولياتي أو مير حسين موسوي في رئاسة الوزراء أولى الدلئل على التوتر الذي سيأتي مستقبل في العلقات بينهما .فقد تلى ذلك محطات أخرى من بينها التباينات حول خطط إعمار إيران بعد انتهاء الحرب العراقية -اليرانية وإزالة رفسنجاني للفتات الحرب .تلى ذلك التباينات بينهما حول انتخاب محمد خاتمي رئيسnا للجمهورية عام .1997فعندما طرح خامنئي اسم علي أكبر ناطق نوري رئيس البرلمان ساعتها للرئاسة اليرانية خلفا nلرفسنجاني ،مقابل رئيس المكتبة الوطنية في طهران محمد خاتمي ،الذي كان سياسيا مغمورا nلكن بخطاب ملهم وثقافة واسعة وروح إصلحية ،توقع خامنئي أن يفوز ناطق نوري بسهولة .وكان فوز خاتمي الكاسح بالنسبة له أشبه بالصدمة التي فاقمها ميل رفسنجاني لهذا الجناح الليبرالي أمام ناطق نوري الذي كان ،وما زال ،من رجال الحلقة الضيقة المحيطة بخامنئي. وطوال 8سنوات من حكم خاتمي كانت علقات خامنئي مع رفسنجاني وخاتمي باردة على أحسن الحوال ،ومشتعلة في أحيان أخرى كثيرة على خلفية استهداف أبرز الوجوه الصلحية في حكومة خاتمي ،ومن بينها وزير الداخلية عبد ال نوري ،ووزير الثقافة عطاء ال مهاجراني ،ورئيس بلدية طهران غلم حسين كرباستشي ،الذين اضطروا كلهم للستقالة .ثم تدهورت العلقات تماما nبعد دعم خامنئي للرئيس اليراني محمود أحمدي نجاد أمام رفسنجاني في انتخابات الرئاسة .2005وفي انتخابات مجلس الخبراء الخيرة ،لم يكن خامنئي يريد لرفسنجاني أن يترشح ،ناهيك عن أن يفوز ،وكان ميال إلى آية ال جنتي .وكان من ضمن أعضاء مجلس الخبراء آية ال يزدي الذي قال لرفسنجاني إن جنتي هو الشخص المناسب لرئاسة مجلس الخبراء ،فلم يعلق رفسنجاني ،واعتقد يزدي أن رفسنجاني قرر عدم الترشح ،لكن لحقا nكان اسم رفسنجاني في قائمة المرشحين ليفوز بهامش كبير على جنتي .ولم يكن هذا خبرا nطيبا nلخامنئي الذي عندما توجه إلى المجلس في أول جلسة بعد انتخابه لم يتحدث عن رفسنجاني بصفته رئيسnا للمجلس بل تحدث إلى المجلس بصفته الجماعية .ثم لحقا أتسعت التباينات لتشمل هوية المرشد العلى ليران مستقبل بعد خامنئي. فرفسنجاني من بين السماء المطروحة ،وهناك أيضا nرئيس جهاز القضاء في إيران آية ال محمود شهرودي .لكن هناك أيضا nمجتبى خامنئي، ابن خامنئي .وبينما ل يملك مجتبي ل الشعبية الجماهيرية ول المكانة الدينية التي تؤهله للقيادة الفقهية لنه درس في «حوزة طهران» ل «حوزة قم» ويحمل فقط مرتبة حجة السلم وليس آية ال ،وبالتالي ل تنطبق عليه الشروط الدستورية لتولي منصب ولية الفقيه ،إل أنه يملك قدرات وعلقات سياسية وأمنية توفر له قاعدة دعم مهمة .فهو الساعد اليمن لبيه ،إضافة إلى أنه يمسك بمفاتيح الحرس الثوري والستخبارات والجهزة المنية التي امتدت قوتها من مجرد القوة العسكرية ،إلى القوة القتصادية والجتماعية ،مما يجعل من يسيطر عليها ..يسيطر ضمنا nعلى مفاتيح السلطة في إيران .وبالتالي يلفت نظر الصلحيين اليوم ويقلقهم أن المؤسسات الحاكمة في إيران باتت تنتقل تدريجيا nوبشكل سريع من يد رجال الدين والتكنوقراط إلى يد العسكريين من الحرس الثوري ،الذين باتوا يسيطرون على الحكومة والكثير من الوزارات .وأحمدي نجاد يعد تعبيرا nعن هذا التحول ،فهو أول رئيس إيراني من الحرس الثوري .كان هناك فارق كبير بين دولة أبو الحسن بني صدر الذي عندما أقسم اليمين الدستورية كأول رئيس بعد الثورة بدون أن يذكر اسم الخميني ،وبين أحمدي نجاد الذي أقسم اليمين ثم توجه وانحنى أمام خامنئي وقبsل يده (ليس هذا أمرا nشائعا ،nفقد أثار جلبة في إيران .وفيما قال البعض إن الحركة يمكن أن تفسر ببراءة على أنها إعجاب من تلميذ بأستاذ ،إل أن آخرين كانوا أكثر تشككا nقائلين إن تقبيل اليد أمر رمزي سيدل لحقا nعلى نوعية العلقة المستقبلية بين أحمدي نجاد وخامنئي) ،وهكذا ظهرت بين العهدين هوة كبيرة تكشف عن تحولت اجتماعية واقتصادية وآيديولوجية وسياسية كبيرة .فإذا كان رفسنجاني عندما كان رئيسا قد مهد لمشروع دولة ما بعد الثورة ،ودشن عصر التكنوقراط والنفتاح على الخارج والستثمارات الخاصة ،فإن هناك قوى داخل داخل النظام قريبة من خامنئي ،كما
يقول ابو الحسن بني صدر لم ترتاح لهذا المشروع ،فمشروعها كان مختلف تماما وهو الحفاظ على دولة الثورة وايديولوجية المواجهة ،وهذا ما وفرته شعارات دولة أحمدي نجاد ،وهو ما ساهم أكثر في صعود الحرس الثوري .ويقول فحص لـ«الشرق الوسط»« :سمعت في إيران قبل سنة أن خامنئي قال إنه استلم الحكم فعليا nمنذ 3سنوات .أي منذ بداية رئاسة أحمدي نجاد ،من دون أن يعني ذلك في ذهني أن أحمدي نجاد أداة للسيد خامنئي .خامنئي ليس حاكما nمطلقا nوإن رغب في ذلك ،لكنه الول ،ومعظم مقاليد السلطة في يده .فهناك قوى متفقة معه وأخرى مختلفة معه، تضيق وتتسع دائرة اتفاقها واختلفها ،كما هي طبيعة التحالفات في الدول التي تحكمها أطراف متعددة متمايزة على قاعدة مشتركات متحركة بينها ،مع وجود مركز ليس في معزل عن الهتزاز» .ويشير فحص إلى أن ما حدث خلل الثلثين عاما nبعد الثورة اليرانية هو تدهور حال رجال الدين كقوة اجتماعية وسياسية ،وصعود العسكريين ،لكن بدون أن يلغي أي طرف الطرف الخر ،موضحا« :لم يتم إلغاء أحد .كانت هناك مجموعة قوى ،ما زالت موجودة .أحمدي نجاد يمثل بعضها ،رفسنجاني يمثل بعضها ،الشيخ أحمد جنتي يمثل بعضها ،مصباح يزدي يمثل بعضها ،الحرس الثوري يمثل أكثرها .بل إن هناك تمايزات داخل الحرس الثوري .فيما أصبح السيد خامنئي بعد انتخاب أحمدي نجاد في الوسط؛ بمعنى القدرة على التوازن ،القدرة على حسم المور ،صار هو المرجح بين كل القوى» .ويتابع« :في تقديري أن الحرس كمؤسسة صارت كبيرة ومسيsسة ،حتى السلطة التنفيذية موجودة فيها ،هناك تفاصيل تدل على أن بها تمايزات .منذ البداية كان الحرس الثوري لعبا nسياسيا ،nليس فقط لن عددا nمن أعضائه أصبحوا في الرئاسة أو في الحكومة أو البرلمان .الحرس لعب سياسي يمكن أن يأتي بأحمدي نجاد ،لكن هل يمكن أن يأتي بأحد قياداته في رأس الرئاسة أو السلطة التنفيذية؟ ..ل أعرف( .أحمدي نجاد كان بالحرس الثوري في شبابه ولم يكن أحد قيادييه) .التمايزات موجودة داخل الحرس الثوري ،لكنها غير متفجرة ،ودور خامنئي منع التفجير عادة ،مثل تغيير قائد الحرس سابقا ،nواستقالة علي لريجاني من رئاسة مجلس المن القومي اليراني .كلها تحركات ليس الحرس الثوري بعيدا nعنها» .لكن الحرس الثوري ،الباسيدج والباسدران ،وإن كان أعضاؤهم بالمليين ،إذا تم حساب المتطوعين ،إل أنهم ل يشكلون طبقة اجتماعية .وبالتالي في إيران اليوم ل يستفيد الكل من هذا الصعود الكبير للحرس الثوري اقتصاديا nواجتماعيا nأو سياسيا ،nبل يستفيد البعض ،ومن بينهم الطبقة «الطبيعية» لنفوذه من أبناء «شهداء» الحرب العراقية – اليرانية .أما المشروع السياسي للحرس الثوري فهو «إحياء دولة الشهداء» ،فنفوذ الحرس يتزايد كلما تم تذكير اليرانيين بالخطر المحدق بهم والتضحيات التي ضحوا بها خلل الثورة والحرب والحتياجات المنية للدولة اليوم والعداء المحدقين بها وبثورتها .وهناك قصة حقيقية توضح كيف أن رمزية «الشهيد» ما زالت مهمة جدا nفي آيديولوجية الدولة اليرانية ،بدون أن تحمل لطبقتها امتيازات كبيرة اليوم كما كان عليه الحال قبل عpقد مثل .هذه القصة هي أنه خلل الحرب العراقية -اليرانية أسرت القوات العراقية صبيا nإيرانيا nفي الثالثة عشرة من عمره ،أkخذ الصبي إلى العراق ووrضع في معسكر اعتقال لسرى الحرب كان مخصصا nللصبية .وسمح النظام العراقي آنذاك لوسائل العلم الجنبية بالتوجه إلى المعسكر وتصوير الصبي اليراني ومعه عدد آخر كبير من الطفال والصبية صغار السن الذين شاركوا على جبهات القتال الولى ضد العراق، وذلك للتدليل على أن إيران تستخدم أطفال nفي الحرب في انتهاك للقوانين الدولية .جاءت صحافية فرنسية إلى معسكر العتقال ،وسألت الصبي عن حاله وعما إذا ما كان يلقى معاملة جيدة .فرد عليها الطفل قائل :يا سيدتي ..رسالة فاطمة إليك هي أن أهم شيء للمرأة هو حجابها .نقل التلفزيون العراقي هذه اللقطة ،كما نقلها التلفزيون الفرنسي .لكن الهم أن التلفزيون اليراني أيضا nنقلها مفتخرا nبـ«البطل» ،مكررا nأن هذا «الصبي البطل» فخر إyيران ،وأنه بالرغم من أنه في السر فإن لديه الشجاعة ليقول لهذه الصحافية هذا الكلم .كبر الصبي +وصار رجل nوترشح في انتخابات البرلمان اليراني العام الماضي ،إل أن مجلس صيانة الدستور رفض ترشيحه لعدم الهلية .قصة هذا الرجل تختلف كثيرا nعن قصة حسين جانبخش ،فهو ابن «شهيد» من «شهداء» الحرب العراقية – اليرانية .دخل إحدى الجامعات اليرانية في إطار النسب التي تحدد لبناء الشهداء ،وعندما تخرج وجد بسهولة عمل في إحدى المؤسسات الحكومية اليرانية في إطار التسهيلت التي تعطى لبناء «الشهداء» .فذكرى «الشهداء» في كل مكان .في مدخل صحيفة «كيهان» المحافظة وبهو الذاعة والتلفزيون هناك صور لشهداء الحرب مع العراق .وعند أعلى نقطة في سلسلة جبال «البرز» في شمال طهران تضاء شعلة خضراء عملقة فوق الجبل على مدار الـ 24ساعة للدللة على عدم نسيانهم .والشعلة تقف على رفات العشرات من ضحايا الحرب الذين لم يتم التعرف على رفاتهم ودrفنوا بشكل جماعي في تلك المقبرة التي يزورها اليرانيون في المناسبات الدينية .وأينما حولت عينيك في إيران تجد آثار الشهداء .أسماء الشوارع ،مطهري وبهشتي ومفتح وطالقاني وقرني وجمران وهمت. وليست فقط أسماء الشوارع هي التي تحمل أسماء «شهداء» ،بل الجامعات أيضا .nوهناك نصب تذكاري لضحايا الحرب العراقية اليرانية في كل مكان بإيران تقريبا ،nورفات للضحايا مدفون وسط جامعة طهران ،يسير حولها الطلبة الذين لم يعودوا يبالون كثيرا nبالسياسة .ويقول هاني فحص:
«الشهيد هو الذي يحكم وليس البطل ..وهذا الفرق بين السنة والشيعة ..يحكمنا ،نحن الشيعة ،المام الحسين وهو شهيد لم ينتصر .أما السنة فيحكمهم عمر بن الخطاب وعمرو ابن العاص وعثمان ابن عفان وأبو بكر الصديق وعبد الملك بن مروان وعمر بن عبد العزيز ،وهؤلء جميعا أبطال» .لكن وفيما يصعد نجم العسكر ،مستندين على آيديولوجية الشهادة وتأثيرها السياسي ،يخفت صوت رجال الدين .فإذا كان الخميني قد حكم إيران من مدينة قم بعد نجاح الثورة ،إلى أن استقر في طهران مضطرا nبعد اكتشاف مرضه بالقلب ،فإن قم اليوم ليست مهمة ،ورجال الدين «خافتو الصوت» ،فيما مدينة طهران هي مصنع السياسة والحكم». ويقول محسن كديور المفكر اليراني البارز لـ«الشرق الوسط» إن ميل الحوزة في قم اليوم للصمت يعني ضمنا nاعتراضها ،موضحا nأن الكثير من آيات ال الكبار فيها معارضون لحكومة محمود أحمدي نجاد ،ومن هؤلء آية ال صانعي ،وآية ال وحيدي وآية ال منتظري وآية ال أردبيلي الذي قال مؤخرا nإن إيران في مفترق طرق .هؤلء المنتقدون والمعارضون للحكومة اليرانية الحالية وسياساتها يتعرضون للتضييق ،غير أن هذا التضييق ل يبلغ حد المنع ،ففي الحوزة اليوم منشورات من كل نوع ،تعبر عن كل التيارات والفكار .ومقابل آيات ال المعارضين ،هناك آيات ال مؤيدون وداعمون لحمدي نجاد والتيار المحافظ المتشدد ،ومن هؤلء آية ال همداني ،وآية ال شيرازي ،ومصباح يزدي ،وهو ليس من آيات ال الكبار وليس مرجع تقليد ،لكنه نافذ جدا nوسط التيار المحافظ المتشدد .وعلى الجانب الخر هناك آيات ال ل تتدخل في السياسة بشكل مباشر مثل آية ال صافي الكلبيكاني ،الذي يعد من أبرز آيات ال في قم .ويقول هاني فحص لـ«الشرق الوسط» حول قم وعلقتها مع الدولة اليرانية اليوم: «برأيي أن الدولة استطاعت أن تسيطر على الحوزة .وبعد السيطرة وسعت هيمنتها لدرجة أنها تركت الحوزة تعمل كما تريد (في إطار السيطرة الكلية) .بمعنى أن التيار الكلسيكي التقليدي قوي ومستمر ويعيد إنتاج نفسه .في الوقت نفسه التيار الصلحي ،تيار السؤال الفلسفي واللهوتي الفكري المفتوح على كل شيء أيضا nاستراح وتحميه الدولة الن من المحافظين .بات هناك نوع من التعايش؛ كل فريق يعمل على مساره بدون منغصات كثيرة ،وهذا مسموح به ،بشرط أنه ل يقترب من الدائرة الخطرة ،وهى أن ل يحمل مشروعا nسياسيا nآخر ،سواء من قبل الكلسيكيين التقليديين أو من قبل تيار الفكر الصلحي .المهم أن (مربع السياسة) يظل خارج اهتمامهم المباشر ،أي ل يحملون مشروعا .nهذا التعايش يسمح بالتعدد داخل التيار التقليدي ،أو الموالي للدولة ،أي يسمح أن تخرج أصوات منتقدة من بين التيار المحافظ ،خاصة أن مصباح يزدي لم يكن معدودا nفي المراجع من وجهة نظر فقهية .وله نفوذ ،وأحمدي نجاد محسوب فكريا nعليه ،وهو يستقوي بالدولة ،فمن الطبيعي أن تحدث النتقادات. بالضافة إلى أن المراجع علقتهم الميدانية بالناس يومية .كنت أشاهد بعيني وأسمع بأذني أن شكوى الناس تصل إليهم ،وفي هذه الحالة ليس لديهم مقدسات في السلطة .يعني ينتقدون الجميع ،مطمئنين إلى أن موقعهم محفوظ ،والدولة مطمئنة إلى أن دورهم محدد في مكان معين .أي لم يعودوا يشكلون خطرا nعلى الدولة حتى لو انتقدوها ،ولم تعد الدولة تريد إلغاءهم حتى لو انتقدوها ..فالدولة ل تقوي شخصnا على آخر داخل الحوزة. بمعني أن الرجح علميا nهو آية ال خراساني لسباب فقهية ،لكن في السياسة في تقديري أن الدولة اليرانية استطاعت أن تسمح بتعدد في المرجعية غير عادي ،وتحفظ الجميع بدون أن تعطي مجال nلن يستقوي أحدهم على الخر .ليس هناك زعامة الن في قم .هناك مرجعيات بالمعنى الكاديمي والديني تطل على السياسة لكنها ل تحمل رؤية سياسية .ل توجد زعامة ،ليست هناك هرمية .هناك تعدد متكافئ». على الجانب الخر وبعيدا nعن العسكر والحوزة ومجالس العزاء الحسينية ومقبرة الشهداء في جامعة طهران والشعلة الخضراء فوق قمة جبل البرز .هناك إيران أخرى .فاليوم في طهران بنايات ومشروعات تعادل في بذخها أي مكان آخر في العالم .بنايات من الرخام ،مقسمة لشقق ،مع كل بناية حمام سباحة ومرآب سيارات خاص بكل شقة ،أما السعار فتتجاوز دوما nالمليون دولر .ول يستطيع إل قلة قليلة جدا nشراء هذه الشقق شديدة الفخامة ،إل أن الغلبية في إيران تسأل أيضا nعن نصيبها وتتحدث عن تباين كبير في مستويات المعيشة تبلور خلل العوام العشرة الماضية .يتساءل محمد محمدي« :أسر وعائلت شهداء الحرب تعطى مساعدات .أولدها يدخلون الجامعات مجانا .nلكن هذا وحده ل يجعل الحياة سهلة» ،فيما يقول محمدي مفتح «أريد أن أعيش في بلدي ،لكن الوضع غير واضح .القتصاد سيئ ،والسعار مرتفعة جدا ،nحتى لشخص مثلي يعتبر أساسا nمن الميسورين .لقد تزوجت حديثا ،nلكنني ل أمتلك ما يكفي لشراء منزل .أي منزل لئق سيكون أكبر كثيرا nمن قدراتي المالية. ولنني ل أدري ما الذي يمكن أن يحل بي ،أو بأولدي عندما أنجب ،فقد تقدمت مازحا nبطلب للحصول على البطاقة الخضراء للهجرة إلى أميركا لن زوجتي ،وهى إيرانية ولدت في أميركا ،تحمل جواز السفر الميركي .والمفاجأة أنه تم اختياري عشوائيا nللحصول على البطاقة الخضراء .أنا
ل أجيد النجليزية ول أريد مغادرة إيران .ل أدري ماذا أفعل» .بعد فترة قرر محمدي السفر مع زوجته .فهل اليرانيون فخورون بالثورة بعد 30 عاما nعلى قيامها بالرغم من التباين الطبقي والمشاكل الجتماعية؟ .غالبية الجابات ستكون نعم .يقول حميد رضا بهاني وهو شاب إيراني في العشرينات إنه وإن كان ل يخرج في الشارع ليحتفل كما يفعل الكثير من اليرانيين بذكرى الثورة ،إل أن والدته تحيي الذكرى في منزلها بمشاهدة الفلم في التلفزيون التي تتحدث عن الثورة ،فيما يعكف هو ووالده على قراءة الصحف .ويوضح رضا بهاني« :كان والدي من الذين يحتفلون بالثورة ،إل أنه لم يعد يحتفل .هناك الكثير من الشياء التي ل تعجبني ول تعجبه .هذه الحكومة ل تعبر عن الثورة .هذه الدولة ل تعبر عن الثورة .لدينا سياسيون يمارسون السياسة ،لكنهم ل يريدون منا أن نحاسبهم كما يحاسoب السياسيون في العالم .بل أن نتعامل معهم على أنهم فقهاء فوق الخطأ» .واليوم وبعد 30عاما nعلى الثورة يبدو أن نجاح الثورة كان أمرا nسهل مقارنة ببناء دولتها ،وعندما يتذكر الكثيرون الخميني اليوم، ل يذكرونه بصفته قائد الثورة اليرانية فحسب ،بل بوصفه آية ال الذي أحيا نظرية قديمة لم يعطها أحد أي اهتمام حقيقي من قبله في حوزة قم، وهى ولية الفقيه .وإذا كانت إيران قد توحدت خلف الثورة ضد الشاه ،فإنها انقسمت حول «ولية الفقيه» ودور رجال الدين في السياسة .حدث هذا منذ اليوم الول للثورة قبل 30عاما nكما أوضح لـ«الشرق الوسط» أول رئيس إيراني بعد الثورة أبو الحسن بني صدر والذي اضطر للجوء إلى فرنسا ،وكما أوضح إبراهيم يزدي أول وزير خارجية في حكومة مهدي بازركان أول حكومة بعد الثورة ،والذي فضل البقاء في إيران والصلح من الداخل .لكن بالرغم من التأثير المركب الذي تركه مبدأ ولية الفقيه وسيطرة رجال الدين ثم العسكر على السلطة في إيران ،يرى فحص أن الدولة اليرانية تخرج تدريجيا nمن حالة الثورة لتؤسس نموذج الدولة ،موضحا« :برأيي أن فكرة الدولة غلبت في إيران على الثورة وعلى الدين .بمعنى أن إيران دولة وطنية إيرانية ذات ثقافة إسلمية عامة ،وفيها نكهة شيعية .لكنها دولة وطنية تعمل وفق معايير وطنية إيرانية. خامنئي طرح نفسه كمرجع ،ثم هو نفسه وضع حدا nلهذه المسألة ..مرجعيته لم تعد شرطا nإداريا .nاكتفي بمنصبه كرأس للدولة وليس للمرجعية .في رأيي أن إيران استطاعت أن تجعل طهران «المحل السياسي» وقم «محل سياحة فكرية» لطهران .في رأيي الدولة احتوت الحوزة بدون أن تلغيها .بالعكس لو لم يكن البابا موجودا nلخلقته ،كما قال نابليون بونابرت .اى لو تكن الحوزة موجودة لوجدتها .هذا ما أثير في أعمال فكرية كبيرة من أن الحوزة والتعليم الحوزوي هو تعليم للسلطة ،تعليم للدولة .وليس عملية معرفية خالصة .هذا ما حدث ،حتى الصلحيون في النهاية إذا صارت لهم دولتهم ،فالولوية للدولة ل للحوزة .وهذه أولوية طبيعة ،المسألة ليست أخلقية.الولوية للدولة عمليا nوواقعيا .»nويتابع« :إذا أردت أن أصف إيران بعد الثورة ومن خلل الدولة بكل تطوراتها أرى أنه في كل الحالت كانت إيران هي أكثر دولة مركزية فيها حريات ،وأكثر دولة ديمقراطية فيها مركزية .إذا جئناها في جهة الديمقراطية نصل إلى المركزية ،إذا جئناها في جهة المركزية نصل إلى نسبة ديمقراطية .تقديري أن هذه النسبة من الديمقراطية خفت في الدارة وفي صناعة الرأي في القرار التنفيذي في الزنة الخيرة .وفي رأيي أن الجمهور اليراني جمهور إصلحي .والصلحيون لم يصلوا إلى مستوى إصلحية الجمهور .في رأيي هناك مسلمة وهى أن الذي يقاتل يريد أن يحكم .ففي النهاية :المن موضوع سياسي ،علما nبأن الحرس الثوري أعاد بناء نفسه بطريقة متماسكة بعد الحرب مع العراق ،وأعطى أهمية للمسألة القتصادية .الحرس الثوري مؤسسة شاملة ،ليست عادية أبدا nوهى صاحبة النفوذ الول ،علما nبأن داخلها يوجد تعدد ما ،حتى يوجد مزاج إصلحي ل يعرف كيف يعبر عن نفسه .وهذا ليس سرا .»nومن الشاه إلى مهدي بازركان وبني صدر بعد الثورة ،إلى علي خامنئي ورجال الدين من قم ،إلى سيطرة العسكر والحرس الثوري اليوم ..تتأقلم إيران .تتأقلم مع الظروف الداخلية والقليمية والدولية ..لكن التأقلم يترك بصماته ،لذلك من النصاف القول إن إيران اليوم مزاجها سيئ .ول تحتاج إلى جهد كبير لتتبع آثار هذا المزاج السيئ .يكفي أن تسير في الشارع فترى الفتيات ل يرتدين غير السود والرمادي والبني .ونادرا nما تجد فتاة لبست ألوانا nزاهية ،إل في المناطق الثرية في شمال العاصمة ،لكن نسب هؤلء قلت كثيرا nفي خلل عام واحد .يكفي أن تنظر إلى الناس في الشارع لترى تأثير المشاكل القتصادية ،وطوابير البنزين ،وتأثير تقنينه .يكفي أن تنظر إلى مزاج اليرانيين العصبي بسبب تقنين الكهرباء ،تنقطع بشكل يومي لمدة ساعتين أو ثلث ،وتترك الناس في حالة من الغضب والحباط وتعكير المزاج بسبب عدم استخدام الكمبيوتر أو ثلجات المنازل أو التلفزيونات خلل ساعات النقطاع هذه ،في بلد به ثالث أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة على مستوى العالم ،لكنه يستورد قرابة %40من احتياجاته من الجازولين لنه يفتقر إلى الموارد أو المعرفة اللزمة لتحديث معامل التكرير لديه بما يمكنه من ضخ المزيد من النفط .إيران اليوم بمزاجها السيئ تجد نفسها بين عالمين .عالم يحكمه من يريدون «دولة الشهداء» وعالم يتطلع إليه من يريدون «دولة الحياء».