«الشرق الوسط» في إيران ( :)1طهران ..مدينة المتناقضات أركان البازار ..مسجد الخميني وقصر «جلستان» والتجار طهران :منال لطفي عندما تضع قدميك للمرة الولى في طهران تفاجئك المتناقضات لسببين ،أول لنها فعل مليئة بالمتناقضات ،وثانيا لن ما نعرفه عن ايران المعاصرة قليل .لذلك من السهل أن يدهش الزائر الذي يزور إيران للمرة الولى ،فالصور النمطية عن طهران تتبخر ،فهي مدينة نظيفة منفتحة ويمكن أن تجد فيها أي شيء ،وكل شيء يخطر على بالك .وعلى الرغم من ان معمار طهران ليس فخما ،بل يتميز بطابع عملي بسيط ،إل أن سلسلة جبال «البورز» التي تحيط بها تحولها من مدينة عادية الى مدينة جميلة جدا .طهران ليست فقط العاصمة ،بل أكبر المدن مساحة ،وأكثرها تعددا للسكان ،اذ تضم 14مليون نسمة ،غالبيتهم من الشباب ،وبالتالي فإن فيها اكبر عدد من التنظيمات الطلبية ودور السينما والمطاعم والحزاب والتنظيمات النسائية ،وهي مركز الحكم والنقاشات والصحف والكاديميين. ل عجب ان تكون طهران متعددة الوجه ،وكل جزء بها له شخصيته ،فالشمال غير الوسط ،غير الجنوب ،غير الغرب ،ومنطقة وسط طهران ليست قلبها التجاري والمالي ،فقلبها التجاري تاريخيا هو الجنوب ،وحاليا بات الشمال منافسا قويا للجنوب في السيطرة على العمال والتجارة والمشروعات الجديدة .الوسط فيه عدة وزارات وفنادق ومتاحف ،منها متحف الفن المعاصر ومتحف السجاد .لكن وزن طهران وشخصيتها الحقيقية يبدوان في الجنوب من جهة ،والشمال من جهة اخرى .فالجنوب الذي يقع فيه «بازار طهران الكبير» كان القلب الحقيقي للمدينة طوال القرن العشرين وهو يضم أبرز المتاحف اليرانية ومنها المتحف القومي اليراني والمتحف القومي للمجوهرات و«قصر جلستان» ،وهي قلعة بنيت خلل الحقبة الصفوية ،لكن في عهد ناصر الدين شاه ،أحد الحكام المهمين من الحقبة الغاجارية ،حول القلعة إلى قصر على الطراز الغربي في نهاية القرن التاسع عشر .شوارع طهران مقسمة على الطراز الغربي ،وأطول شارع بها هو شارع «فالي قصر» الذي يمتد من جنوب المدينة إلى شمالها ،ويقول عنه اليرانيون إنه أطول شارع في الشرق الوسط ،وكان قبل الثورة اليرانية يسمى «شارع بهلوي» .وكالكثير من الشوارع اليرانية تغير اسمه بعد الثورة .1979ويعود الطابع الغربي الحديث لمباني طهران خصوصا الوسط ،وهو ما يعني ان المباني رمادية وكلها تشبه علب الكبريت ،الى التأثيرات النجليزية على العمارة اليرانية في القرن التاسع عشر عندما بدأ ناصر الدين شاه ينقل من الغرب أساليبه في البناء والتصميم. أما الشمال ،فكان قبل نحو 30عاما فقط منطقة شبه ريفية ،وأصبح اليوم أغلى منطقة في طهران ،وفيه يقع قصرا الشاه «سعد اباد» و«نيافران»، والن يعيش فيه الثرياء وكبار المسؤولين ،كما أن به أكبر عدد من السفارات الجنبية ومن المراكز التجارية الحديثة التي تبيع بضائع أميركية وأوروبية .وخارج الشمال قليل بني على جانب «جبل البورز» عدد من القرى السياحية على غرار القرى السويسرية ،ومطاعم انيقة ومقاه تنتشر على مدرجات الجبل .ويشعر المرء وكأنه انتقل من مدينة إلى أخرى بمجرد التوجه نصف ساعة بالسيارة من الجنوب أو الوسط إلى الشمال الذي يتميز بالهدوء النسبي في حركة المرور وبعمارات عالية غربية الطابع ،وفيلت حديثة واسعة بحمامات سباحة وحدائق تختفي خلف البواب الحديدية والسوار التي تعكس ثراء غير عادي لسكانها ،ومراكز تجارية تبيع أحدث الملبس والمنتجات الكهربائية وأدوات الترفيه ،ومطاعم راقية مقسمة إلى عدة مطابخ ،من بينها المطبخ الفرنسي واليطالي والصيني والسباني ومحلت «سوبر ماركت» على الطراز الغربي .الشمال منطقة سكن التكنوقراط اليرانيين ،أو الموظفين الكبار في الدولة ،والتجار وأصحاب العمال الخاصة والمهندسين والطباء ،والكتاب والناشرين ،وهؤلء دائمو السفر إلى الوليات المتحدة الميركية وأوروبا والخليج .ثراء الشمال كذلك ينعكس في سياراته ،فإذا كانت السيارات التي تصنعها شركة «خوردو» اليرانية تسيطر على وسط طهران ،فإن سيارات «مرسيدس بنز» و«بي ام دبليو» ،و«هوندا» ،و«هيونداي» ،و«بيجو» تسيطر على شمال طهران .ومن العادي جدا في الشمال أن تجد طالبات الجامعة وهن متوجهات للجامعة في الصباح بكامل مكياجهن وملبسهن النيقة خصوصا الحذاء طويل الرقبة على بنطلون جينز وجاكيت قصير وغطاء رأس زاهي اللوان ،فيما يندر ان تجد التشادور في هذه المنطقة من طهران .بين شمال طهران الثري وجنوبها الفقير ،يقع «بازار طهران الكبير» في الجزء الجنوبي من المدينة ،وهو يعد من أقدم السواق وأكبرها. وتشير التقديرات إلى أن البازار يتحكم في نحو %30من حجم التجارة في إيران ،وتجار السجاد بالذات لديهم رؤوس أموال بالعملت الصعبة، وهم كالبنوك يستطيعون أن يعطوا قروضا مالية بنسب فائدة .وليس من المعروف على وجه الدقة متى ظهر البازار لول مرة ،غير أن بعض
الباحثين يقولون إن رحالة دونوا في كتبهم أن البازار ظهر بعد دخول السلم إيران بقرون قليلة وانه بدأ محدودا ،ثم تطور على مرور الزمن ليصل إلى الحجم المعروف به حاليا .وجانب من البازار ظهر خلل حكم سللة الدولة الصفوية ،وحتى القرن السابع عشر ،كان الجزء الكبر من البازار مفتوحا ،وليس مغطى بأسقف كما هو اليوم .وفي البازار اليوم عدة حوائط ومبان تعود إلى 400سنة ،غير أن الجانب الكبر منه يعود إلى 200سنة فقط .البازار مقسم إلى حارات ضيقة ،كل حارة تضم تجارا متخصصين في نوع من التجارة ،هناك حارة تجار السجاد ،وأخرى للذهب والمشغولت الفضية والنحاس ،وثالثة للدوات المنزلية ،وأخرى للملبس ،والعطارة ،والصناعات اليدوية التقليدية .كما توجد حارة متخصصة في بيع الملبس المقلدة ،بدءا من ايف سان لوران ،حتى كالفن كلين وبيير كاردان ولكوست ونايكي .بعض هذه الحارات يصل طولها إلى 10 كيلومترات .وهناك عدة مداخل للبازار ،بعضها يغلق ويحرس بالليل .وعلى عكس سوق خان الخليلي بالقاهرة الذي ل ينام تقريبا ويظل عامرا بالزائرين والسائحين حتى الفجر ،يغلق بازار طهران أبوابه الساعة السابعة مساء .والى جانب البازار هناك بنوك ومساجد ،ومحلت صرافة، وفنادق صغيرة ،ومطاعم .وهو عادة مزدحم جدا ،إل انه منذ ظهر الخميس حتى صباح السبت يتوقف تماما عن العمل .وفي قلب البازار هناك المسجد والقصر لتكتمل أضلع مثلث السلطة في الشرق« ،السوق والمسجد والقصر» ،فإلى جانب البازار يقع «قصر جلستان» أو القصر الزرق، الذي كان قصر الحكم خلل فترة حكم ناصر الدين شاه .وداخل البازار يقع «مسجد المام الخميني» ،الذي كان قبل ذلك «مسجد الشاه» ،وقد بني في مطلع القرن الثامن عشر ،وساحته مفتوحة على السوق .وتاريخيا لعب المسجد دورا في تقريب تجار البازار من السلطات ،فخلل الصلة يتجمع التجار للصلة ،ثم يجلسون يتحدثون داخله في الشؤون التي تهمهم ،ينسقون فيما بينهم كل شيء حتى التصويت في النتخابات ،ويحددون مصالحهم ،وهم يعملون كـ«لوبي» أو جماعة ضغط منظمة. وخلل حكم الشاه السابق ،محمد رضا بهلوي ،تعارضت مصالح البازار مع سياساته ،فطبقة التجار لم تستفد من طفرة أسعار البترول العالمية بين عامي 1974و ،1978كما انها تعرضت للتهميش في ظل مساعي الشاه تحويل إيران إلى دولة صناعية .وفي محاولة لضعاف قوة البازار القتصادية ومن ثم تأثيرهم السياسي ،أقام الشاه عدة طرق جانبية داخل البازار بهدف تفكيك وحدته ،كما ساعد في تمويل مشاريع «سوبر ماركت» ،وانشأ جمعيات استهلكية حكومية تعزز سيطرة الدولة على بيع اللحوم والسكر والقمح .لكن عندما قامت الثورة اليرانية جاءت الفرصة لتجار البازار للرد ،فأغلقوا البازار وشلوا حركة القتصاد حتى غادر الشاه إيران إلى المنفى .ومنذ الثورة اليرانية والبازار وثيق الصلة بالحكم، غير أن العلقات بين البازار والسلطة السياسية وصلت الى مستوى غير مسبوق من التنسيق خلل حكم الرئيس اليراني السبق هاشمي رفسنجاني الذي عمل على تحويل القتصاد اليراني الى السوق الحر ،وترافق مع هذا تخفيض الضرائب على التجار .وكانت الشكاوى العتيادية ساعتها من اليرانيين هي ان الكثير من السياسات القتصادية في عهد رفسنجاني ،خصوصا التوجه للخصخصة ،تميل لمصلحة التجار في البازار. وبعد رفسنجاني ،ظل خلفه محمد خاتمي يتمتع بدعم البازار ،ليس فقط بسبب سياساته القتصادية التي كانت تسير بشكل جيد ،لكن كذلك بسبب سياساته الجتماعية .فالكثير من تجار البازار لم يعارضوا توجهات خاتمي الجتماعية بسبب أبنائهم ،فأبناء التجار منفتحون على العالم الخارجي، ويسافرون كثيرا بسبب أوضاعهم القتصادية الجيدة ،هؤلء الشباب كانوا القوة الجتماعية الساسية التي دعمت خاتمي ،وآباؤهم التجار دعموا بدروهم خاتمي وإصلحاته الجتماعية وصوتوا له في دورتي النتخابات الرئاسية .الكثير من هؤلء التجار ل يدعمون الن الرئيس محمود احمدي نجاد ايضا بسبب ابنائهم ،والكثير منهم يشعر بالغضب من تعرض ابنه أو ابنته للمضايقات في الشارع من قبل قوات الباسيج ،اذا كان حجاب البنت ل يخفي الشعر بشكل كاف ،او اذا كان شعر البن طويل .وقد حاول خاتمي ان يحد من تدخلت الباسيج في الحريات العامة ،غير ان احمدي نجاد ،منذ جاء للسلطة ،يحاول ان يعززها .وقالت زهرة نجاد بهرام ،وهي ناشطة اصلحية لـ«الشرق الوسط»« :حتى اذا كان الشخص محافظا أو تقليديا في افكاره الجتماعية ،فانه بمجرد ان يرى ابنه يعود مضطربا لنه أوقف من قبل الباسيج بسبب شعره الطويل ،أو ابنته تعود باكية ليقافها بسبب غطاء رأسها ،يتحول الب الى شخص ثائر وغاضب بسبب ما تعرض له ابنه او ابنته .هذا شيء طبيعي ،هذه غريزة البوة .في المجالس الخاصة ،هؤلء الباء يتحدثون ضد احمدي نجاد بسبب هذا المر ،وبسبب سوء الدارة القتصادية » .في ظل التحولت السياسية والفكرية التي تشهدها إيران لم يعد من الصحيح اطلق الحكم التقليدي حول ان تجار البازار محافظون في افكارهم الجتماعية والقتصادية والسياسية .فالكثير من العوامل غيرت البازار وتجاره ،فبعضهم بدأ يتجه الى أعمال أخرى منها الستثمار العقاري ،والتجار في الدوات الكهربائية من آسيا ،وهذا مؤشر على الصعوبات التي تواجه تجار البازار وعلى تدهور أهميتهم الجتماعية والقتصادية ،إل انه كذلك مؤشر على أن أفكارهم تتغير .وبسبب الوضاع القتصادية وقلة السياحة عموما الى إيران ،لم يعد تجار البازار يستطيعون التمسك بالصناعات
التقليدية اليدوية ،لنها مرتفعة الثمان .واليوم هناك هجمة صينية ،فتحت قبة البازار هناك سلع صينية رخيصة الثمان ،ضئيلة الجودة ،تشوه منظر البازار وتحوله من منطقة تاريخية الى سوق شعبي معدوم القيمة .على الحوائط الملونة هناك أحذية بلستيك وأدوات مطبخ من اللومنيوم، ومرايا مذهبة فجة المنظر .غالبية الصناعات اليدوية اليرانية حلت محلها محلت تمتلئ بالبضاعة الصينية ،ومما يزيد المر سوءا ان الصينيين باتوا يقلدون الصناعات اليدوية اليرانية مثل الرسم اليدوي على الطباق ،واللوحات التي تشغل بالصدف وكلها مكتوب عليها« :صنع في الصين». محمدي عباس من البازار قال لـ«الشرق الوسط»« :ماذا افعل؟ الناس تريد أشياء رخيصة .لم اعد أستطيع بيع بضائع ايرانية ،هل أضعها في المتحف؟» .اما مجيد علي فقال ان اليرانيين ل يحبون الصينيين ،ووصف إغراق السواق بالسلع الصينية بأنه قرار حكومي من اجل ضمان استمرار دفاع الصين عن طهران خلل مشاورات مجلس المن حول الملف النووي اليراني .ثم تابع «هل ندفن الصناعة اليرانية من اجل الصين التي تصدر ليران أسوأ منتجاتها؟ كيف نشتري هذه الصناعات الرديئة بمال؟ إنها ل تستحق» .طهران في الجمال مدينة مكتظة بالسيارات أكثر كثيرا من طاقتها وطاقة شوارعها وبها ما يزيد عن مليوني سيارة ،والسبب في ذلك يعود الى عدم ارتفاع اسعار السيارات كثيرا ،فشركة «خوردو» اليرانية تصنع السيارات منذ عقود ،ومتوسط سعر السيارة بين 11مليون تومان الى 12مليون تومان (ما يعادل 11الف دولر) وهو سعر مناسب لقدرات الكثير من أفراد الطبقة الوسطى اليرانية ،و %80من قطع غيارات السيارات تصنع محليا في ايران ،بما ذلك الشكمان او عادم السيارة المسؤول عن تلوث هواء طهران وعن موت 5000سنويا بسبب امراض مرتبطة بتلوث الهواء .وقيادة سيارة في طهران تجربة حياة أو موت لن السيارات والتوبيسات والدراجات النارية تأتي من كل اتجاه ،بدون اشارة ،وبدون تمهل .ونسبة الحوادث المرورية من أعلى النسب في العالم ،وهي خطيرة عموما في طهران ،ال انها أخطر في الشمال بسبب صعود الجبل بالسيارة ،وعليك أل تحاول ان تتدخل وتنصح سائق السيارة ان يتمهل قليل او يقود بطريقة مختلفة لنه سيرد عليك قائل «هذه هي الطريقة اليرانية في القيادة .نحن تعودنا» ،وقد يكون محقا، فخلل فترة ل تتجاوز 12يوما رأيت عدة حوادث سيارات ودراجات نارية ،لم يكن اي منها قاتل ،ورأيت احدى الناشطات اليرانيات تقود سيارتها وهي تدخن سيجارة بيد وتتحدث على جوالها بيد أخرى وتضبط طرحة رأسها كل 30ثانية بإحدى اليدين ،وهي تصعد الجبل شمال طهران .ومن القرارات التي اتخذت من نحو عامين قرار عمدة طهران محمد باقر قليباف وضع خوذة للقيادة على رأس قائدي الدراجات النارية، وهو قرار أدى الى تقليل معدل الوفيات بسبب حوادث المرور في طهران ،كذلك تم تقسيم دخول السيارات وسط طهران خلل يومي العطلة من كل أسبوع ،الخميس والجمعة ،على حسب أرقام السيارة وذلك لتقليل الزدحام .ومنذ الثمانينيات طبق نظام فرض رسوم على السيارات التي تدخل وسط طهران ،وتم أخيرا انشاء 300كيلومتر من الطرق الجديدة في العاصمة ،كما تم إنشاء مترو أنفاق في طهران منذ 3سنوات وهو يستوعب 600الف راكب يوميا ،لكن هذا لم يسهم إل بشكل محدود في التقليل من حدة مشكلة التكدس المروري في العاصمة المكتظة .ومن الظواهر اللفتة أن السيارات الخاصة في إيران يمكن أن تعمل كسيارات أجرة بدون ترخيص أو أوراق خاصة .ففي شوارع طهران يمكن ان تجد سيارة خاصة انيقة جدا تعمل كسيارة اجرة بعد الظهر أو في ساعات الليل ،فعمل السيارات الخاصة كسيارات أجرة ،ليس مخالفة قانونية ،ول يحتاج صاحب أو صاحبة السيارة الخاصة أي شروط ،وليس هناك ضرائب اضافية من أي نوع .وقد تزايدت الظاهرة بسبب الوضاع القتصادية وحاجة الشباب إلى مصادر إضافية للدخل .ولهذا السبب لم تتدخل السلطات في إيران حتى الن لتقنين أو تقييد هذه الظاهرة. والمر مثير لللتباس جدا لزائر طهران الذي ل يعرف هذه الظاهرة .وقال شاب ايراني يدعى بناهي كانت تجلس بجانبه خطيبته لـ«الشرق الوسط» انه يحب اذا كان متوجها للسينما مع خطيبته بعد الظهر ان يأخذ فى الطريق زبونا أو اثنين ،وذلك للمساعدة في مصاريف الزواج ،او على القل دفع ثمن تذكرتي السينما. اما فضل ال ،وهو شاب جامعي كان في طريقة لجامعة طهران ،فقال انه يأخذ زبائن معه في سيارته خلل توجهه الى الجامعة صباحا ،وعند عودته الى المنزل بعد الظهر ،وفي الليل عندما يذهب للقاء اصدقائه ،موضحا انه يحتاج الى مصاريف لشراء ما يريد من الملبس او السطوانات الموسيقية ،وهذا يساعده ويخفف الضغط على والده ،مضيفا «ل ضرر اذا ساعدت نفسي ..فـ 8آلف او 10آلف ريال يوميا تمنحني الحرية». ظاهرة السيارات الخاصة التي تتحول الى سيارات اجرة في اي وقت من النهار او الليل ،تثير قلق السلطات ،والبعض يرجع تزايد معدلت الجريمة في طهران اليها ،وقال رضا نوبختي ،وهو مسؤول بالخارجية اليرانية لـ«الشرق الوسط» إن السلطات تعمل على تقنين هذه الظاهرة، عبر الترخيص للسيارات التي تريد ان تتحول لجرة .أما التوبيسات في طهران فعادة ما تكون مقسمة الى نصفين :النصف الول من الكراسي
في مقدمة التوبيس مخصص للرجال ،والنصف الثاني للنساء ،وهو أحد أشكال الفصل القليلة بين الرجال والنساء الى جانب الملعب الرياضية. فالسينما وأماكن العمل والمقاهي والمطاعم والكثير من الجامعات ،باستثناء كليات الطب ،كلها مختلطة بين الجنسين.
وبسبب التلوث الكبير في
طهران ،نظرا لعوادم السيارات ،طبقت بلدية طهران «خطة عشرية» على التوبيسات ،تقضي بتقليل استهلكها للبنزين ،وهذه ميزة اخرى يضيفها اهالي طهران الى عمدتها قليباف الذي جعل طهران من أنظف المدن اليرانية ،فمساء كل يوم وحوالي الساعة التاسعة يقوم اهالي طهران بإخراج أكياس النفايات لديهم ،ومنذ ذلك الوقت وحتى الفجر ،يقوم عمال بلدية طهران بجمع الكياس والتخلص منها .عندما تسأل اي شخص في طهران عن المدينة ونظامها يتردد إسم قليباف عمدة طهران ،وهو سياسي اصلحي في افكاره ،وكان قد ترشح في النتخابات الرئاسية الماضية ،ال انه خسر في الجولة الولى ،ووجه ككثير من المرشحين الخرين أصابع التهام الى مجموعات في النظام تدخلت لصالح الرئيس محمود احمدي نجاد. قليباف الذي يتردد انه سيترشح في النتخابات الرئاسية المقبلة ،يعتقد الكثير من أهالي طهران ان حظوظه كبيرة في الفوز بسبب طريقته في ادارة طهران .ولم يخف قليباف انتقاداته الى احمدي نجاد ،فبعد تعيينه عمدة لطهران اتهم نجاد بأنه لم يفعل أي شيء لطهران ،وأنها كانت في حالة سيئة .طهران أيضا هي مدينة الشباب ،فبسبب وجود الكثير من الجامعات اليرانية في العاصمة تجد ان نسبة الشباب في العاصمة أعلى من باقي المدن اليرانية .ويمكن القول اجمال ان الشباب اليراني منفتح على العالم ،ويعرف ما يدور حوله بمتابعة القنوات الفضائية ،ومن ضمنها قنوات عربية مثل «الجزيرة» (مسموح بها) وروتانا (غير مسموح بها) .لكن المفارقة ان اللغة العربية ،وهي اللغة الثانية في إيران رسميا بعد الفارسية، ل يتحدث بها إل قلة ،أغلبهم من رجال الدين الذين يتعلمونها لفترة أطول من خلل دراستهم للقرآن والفقه ،ولهذا ل يمكنهم التحدث إل باللغة الفصحى وفي إطار الموضوعات الدينية .اما غالبية اليرانيين فيدرسون العربية حتى المرحلة الثانوية فقط ،وكما قالت طالبة جامعية ايرانية فإن التدريس يركز على قواعد النحو والصرف وطريقة الكتابة ،وليس التحدث .ولقلة عدد السائحين العرب في إيران وقلة الشركات العربية والتواصل الثقافي ل يجد غالبية اليرانيين حاجة فعلية الى مواصلة حفظ عما تعلموه في المدرسة من اللغة العربية ،وبالتالي عمليا تعد النجليزية هي اللغة الثانية ،فالمتحدثون بها أكثر الن ،ومستوى اجادتها أفضل ،خاصة بين طلبة الجامعات اليرانية .ويقتصر فهم الكثير من الشباب اليراني للغة العربية على عدد محدود من الكلمات ،وما يستطيعون متابعته على شاشات التلفزيونات العربية التى تصل الى بيوت اليرانيين عبر القمار الصناعية هو الغاني ،وليس مثل البرامج الحوارية او الخبار .حميد ،وهو شاب في العشرينات ،هتف ضاحكا عندما سمع أنني عربية :هل تعرفين نانسي واليسا ونوال وهيفاء وعمرو دياب وراغب علمة؟ وقال انه يعرفهم من «روتانا» ،موضحا ان اللقطات الهوائية ليس مسموحا بها في إيران ،لكنها موجودة في كل بيت تقريبا .ولم يكن حميد يعرف فقط المطربين والمطربات العرب ،فهو قال بفخر انه يعرف كذلك جبران خليل جبران ونجيب محفوظ .ومع ان الزائر قد ل يلحظ انتشار المساجد في طهران كل عدة أمتار ،إل أنها موجودة وبكثرة .فللدين تأثير قوي على الحياة الجتماعية والسياسية لليرانيين ،على الرغم من أن هذا قد ل يكون ملحوظا من الوهلة الولى .هذه هي طهران مدينة المتناقضات.
«الشرق الوسط» في إيران ( :)2قم ..التشدد والعتدال خرج منها الخميني ..و الب الروحي للمحافظين الجدد ..و«مفتي النساء» الليبرالي ..ورفسنجاني نجمها الصاعد
طهران :منال لطفي في الطريق إلى قم ،التي تبعد عن طهران 97كيلومترا وأفضل طريقة للوصول اليها هي السيارة ،قال بهرام سائق التاكسي ،وهو شاب ايراني درس الفنون والتصوير ولم يجد بعد عمل في طهران ولذا يعمل بين الحين والخر كسائق تاكسي« :ماذا تريدين ان تري في قم؟ ليس بها شيء. فقط رجال دين .انا تعبت من رجال الدين لنني أراهم منذ 30عاما» .ثم وضع اسطوانة مدمجة (سي دي) عليها إحدى أغاني المغني البريطاني التون جون ،طوال الطريق الى المدينة التي قال انه ل يحبها .قم ..هي واحدة من 30محافظة ايرانية ،عاصمتها مدينة قم التي تعد العاصمة الروحية والدينية ليران ،بجانب طهران العاصمة السياسية ،وأصفهان العاصمة الثقافية .قم ايضا هي ثاني مدينة إيرانية من حيث الهمية الدينية بعد مدينة مشهد ،إسمها مقتبس من «شهيد لكثرة الشهداء الذين قتلوا فيها» على حد قول اليرانيين ،وهي تضم قبر المام الرضا ثامن أئمة الشيعة. قم ليست ذات شعبية بين الكثير من اليرانيين الذين يرون انها ،وحوزتها العلمية ،يحكمان ايران فعليا ،لن السياسيين في طهران ،أو على القل المحسوبين منهم على التيار المحافظ ،مثل الرئيس محمود احمدي نجاد ،يستمدون الجزء الكبر من سلطاتهم من قم ،وليس من طهران .ويشعر الكثير من اليرانيين من ذوي التعليم المدني أن هذه المدينة الصغيرة اختطفت ايران ،فالمزايا التي نالها رجال الدين في قم خلل عامين من ولية احمدي نجاد كثيرة ليس اقلها تعيين عدد من المللي عمداء لرقى الجامعات اليرانية ومنها جامعتا طهران وأصفهان ،لكن بالرغم من هذا فإن قم ذات شعبية كبيرة بين طلبة العلوم الدينية من جميع أنحاء العالم تقريبا ،إذ يأتون لدراسة الفقه السلمي الشيعي في حوزتها العلمية .ووصف الحوزة العملية يطلق على المكان الذي به عدة مدارس دينية لتدريس الفقه الشيعي ،ويضم عددا معتبرا من آيات ال .وكما تضم الحوزة طلبا من جميع أنحاء العالم ،تضم أساتذة من جميع أنحاء العالم ،بما في ذلك أميركا .يبلغ عدد سكان قم مليونا ونصف المليون نسمة ،وهي مدينة مقفرة وفقيرة معماريا واقتصاديا إلى حد كبير ،ول يمكن للزائر سوى أن يتطلع إلى بيوت بسيطة جدا ،وشوارع هادئة لقلة العربات مقارنة بطهران، ورجال دين يلبسون العمامة والعباءة السوداء يتنقلون على دراجات بخارية .مناخها صحراوي ،والمطار فيها قليلة ،وهي ل تتمتع بطبيعة جميلة، فليس هناك حدائق أو أشجار ،بل منحدرات صحراوية جرداء ،ولهذا تتميز صناعة السجاد في قم بغزل المناظر الطبيعية والمياه والخضرة لتعويض افتقاد الناس لها في حياتهم اليومية .كما تفتقر قم للثروات الطبيعية ،وغالبية أراضيها ل يمكن زراعتها بسبب المناخ ،خصوصا الراضي التي تقع إلى جانب بحيرات مالحة .أبرز معالم قم ،بالضافة إلى الحوزة العلمية ومدارسها ،هو مسجد السيدة فاطمة ابنة المام موسى الكاظم بن جعفر الصادق ،المام السابع لدى الشيعة (ولد بالمدينة المنورة في 1نوفمبر 745وتوفي في 4سبتمبر 799ببغداد) ،وهي أخت المام علي موسى الرضا المام الثامن لدى الشيعة ( 1يناير 766ـ 26مايو ،)818المعروف باسم المام الرضا .ومقام السيدة المعصومة ،كما تسمى في إيران ،والتي توفيت ودفنت في قم خلل توجهها لزيارة أخيها المام الرضا ،بني على قبرها .وقبل ذلك كانت قم قرية بسيطة ،لكن بدفن السيدة فاطمة في ذلك المكان ،بدأ الناس يسكنون بجانب القبر ،فتوسعت المدينة تدريجيا وكبرت مساحتها .وفي القرن السابع عشر ،بنى شاه عباس الول، أحد حكام إيران الهامين في ذلك الوقت ،الضريح كما هو معروف اليوم ،وبات مصدر الجذب الساسي في المدينة والنقطة التي تتحرك حولها قم، إذ يأتي اليرانيون من باقي المدن ،والشيعة من خارج إيران للزيارة .لكن ل يحق لغير المسلمين دخول مرقد السيدة فاطمة ،وهناك إجراءات أمن مكثفة حول المرقد ،وفي قم عموما .وبجانب قبر السيدة فاطمة بنيت مقابر أخرى لرجال دين بارزين في تاريخ المدينة ،حتى بات ضريح المعصومة يضم عمليا تحت قبته الذهبية الكثير من القبور .وفي كل مكان تتلفت فيه في قم تجد إشارات وأدعية دينية مثل «يا فاطمة» ،و«ابو الفضل العباس» ،و«يا حسين» ،وهي لفتات تجدها على محلت بيع الملبس النسائية ،وعلى وسائل المواصلت العامة والخاصة في المدينة، وعلى محلت الكل ،وطبعا على المساجد ،والمدارس الدينية .وإن كان الضريح لم ينجح في أن يحول قم إلى مدينة تجارية واقتصادية ،إل انه حولها إلى مركز ديني وتعليمي ،إذ أن رجال الدين كانوا يجلسون في حلقات مع طلبهم ويعطونهم دروسا دينية ،ثم تطور المر مع الزمن حتى ظهرت الحوزة الدينية المعروفة اليوم .وقد أدى تدهور مركز حوزة النجف ،التي تم إنشاؤها في القرن الحادي عشر ،خلل المائة عام الخيرة بسبب الحداث السياسية في العراق ،إلى تعزيز مكانة الحوزة العلمية في قم التي بدأت تكتسب سمعة خارج إيران خلل حكم الصفويين عندما تم
تحويل إيران رسميا إلى المذهب الشيعي .ومثل طهران لم تنج قم من الغزو الصيني ،ففي بازارها البسيط وسط المدينة تجد السلع الصينية في كل مكان ،بأسعار رخيصة ،وهذا يتناسب مع المكانيات المادية للغالبية العظمى من طلبة الحوزة العلمية ،فهم يعيشون بمرتبات بسيطة ،يأخذونها من أساتذتهم .على مدخل السوق كان هناك شاب يفترش الرض ويبيع ألعابا صينية الصنع للطفال ،بعد ذلك عدة محلت تبيع مفروشات وأجهزة للمطبخ ،وملبس .وكان الكثير من المحلت مغلقا ،فالعادة في بازار قم أن يغلق التجار محلتهم وقت الغداء ،يذهبون إلى منازلهم للكل ثم يعودون ثانية للعمل حتى الخامسة أو السادسة .وبالرغم من ضعف حركة البيع والشراء وقلة المرتادين ،ل تسمع أحدا في السوق ينادي على بضاعته لمحاولة اجتذاب الزبائن .وسط المدينة وفي جنوب «ميدان الشهداء» هناك منزل بسيط ملفوف بأعلم سوداء مكتوبة عليه شعارات دينية ،ولفتة بالفارسي تقول إن هذا هو منزل المام الخميني في قم قبل أن ينفيه الشاه إلى العراق .والمنزل بسيط جدا وليس حوله أي نوع من الحراسة ،وما زال كما هو كما تركه الخميني. وعلى عكس طهران ،تلبس كل نساء قم التشادور السود الطويل .وعلى كل النساء من غير أهل المدينة اللتزام بهذا ،فالزائرات من طهران أو الخارج ل بد أن يدخلن المدينة بالتشادور أو المعطف السود الطويل ،وإل كن مثار تحديق واستنكار في الشوارع .التشادور غالبا ما يكون أسود اللون ،وليس هناك غطاء للوجه ،فالنقاب نادر جدا في كل إيران ،لدرجة أن مرور امرأة تضع النقاب على وجهها في احد شوارع قم كان مثار تعليق من بعض المارة .لكن قم ،مثلها مثل كل شيء في إيران ،مدينة المتناقضات .فهي المدينة التي خرج منها الخميني والثورة اليرانية والسلم السياسي .وهي الن مدينة آية ال مصباح يزدي المحافظ جدا في أفكاره السياسية والجتماعية ،غير أنها كذلك مدينة آية ال صانعي، مفتي النساء ،وصاحب الفكار المتحررة ونصير الصلحيين .وفي حوزة قم تعددية .فكل واحد من آيات ال لديه حرية التفكير والكلم في فتاويه وفي مدرسته مع طلبه .وللتدليل على أن الحوزة العلمية بقم تستعصي على الحكام المسبقة ،وتتحول بغمضة جفن ،بات نجمها السياسي الصاعد الن هاشمي رفسنجاني رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام وعضو مجلس الخبراء .فإذا كان اسم محمد خاتمي أكثر اسم يتردد في طهران بدون أن تطلب ذلك ،فإن اسم رفسنجاني أكثر اسم يتردد في قم بدون أن تطلب ذلك أيضا .رفسنجاني ،الذي قال آية ال صانعي عنه انه عندما كان يأتي إلى الحوزة قبل سنوات للقاء طلب الحوزة وأهالي قم قبل النتخابات ،كانت تنشب مواجهات اعتراضا على وجوده في الحوزة ،صوت له في انتخابات مجلس الخبراء الخيرة طلب ورجال دين محافظون من الحوزة ليس أقلهم حجة السلم محسن غرفيان أبرز تلميذ آية ال مصباح يزدي الب الروحي لحمدي نجاد .وعندما سألت «الشرق الوسط» غرفيان لماذا صوت لرفسنجاني وليس لستاذه يزدي رد كأرسطو قائل: أفلطون أستاذي ،لكن أحب الحقيقة أكثر .صانعي لم يكن متحمسا فقط لفكرة الشعبية التي بات رفسنجاني يتمتع بها في الحوزة ،بل أضاف لـ«الشرق الوسط» ان إيران تحتاج إلى رجال مثل رفسنجاني ،لديهم خبرة في الدارة السياسية ،وانه في النتخابات الرئاسية المقبلة يمكن أن يصوت اليرانيون لرفسنجاني أو لشخص مثله .وتستغرق سنوات الدراسة في الحوزة العلمية بقم العمر كله تقريبا لمن يريد أن يبلغ أعلى مرتبة وهي آية ال .أما من يريد أن يرى أشياء أخرى في العالم غير قم ،فيمكن أن يكتفي بما بين 3إلى 5أعوام من الدراسة للحصول على شهادة «مبلغ» .ويبدأ طلب الحوزة العلمية دراستهم بدراسة الفقه وعلم الكلم والحديث والتفسير والفلسفة والدب العربي .بعد ذلك يبدأون المرحلة الثانية (المتوسطة) وتسمى «سطح» وهي تشير للقراءة مباشرة من الكتب والتعلم منها ،وبعد ذلك يتعلم كيفية الحكم المنطقي ،وعادة ما يأخذ المر ثماني سنوات للنتهاء من هذه المرحلة الثانية .أما المستوى الثالث والمتقدم فيسمى «خارج» وهو يعني طلب العلم الذين يدرسون خارج إطار الكتب، وهي مرحلة البحث .وأعلى مرتبتين في الحوزة هما «آية ال» و«مرجع» ،وهي رتبة تعطي صاحبها سلطة إصدار فتاوى حول الشؤون اليومية للمسلمين .وبعد القرآن ،يعد «المرجع» هو المصدر الثاني في الفقه الشيعي المخول إصدار الحكام الشرعية .ويجب على كل مرجع أن يكتب ما يطلق عليه «الرسالة» يضمن فيه كل فتاويه الدينية المتعلقة بالشؤون اليومية للمسلمين ،ثم تتم طباعته وتوزيعه بين «مقلديه» فيكون مرجعا .وليس كل آيات ال مراجع ،بينما كل المراجع آيات ال .فآية ال مصباح يزدي مثل ليس مرجعا .ومن الظواهر الساسية في الحوزة تعددية المراجع الدينية ،فعلى خلف الكاثوليك الذين لهم بابا واحد ،ليس لدى الشيعة مرجع واحد ،بل عدة مراجع ،ويرجع للشخص اختيار المرجع الذي يريد تقليده والسير على نهجه في الفتوى .غير أن تعددية المراجع ل تعني فقط أن هناك تنوعا داخل الحوزة العلمية ،بل أن هناك كذلك تنافسا بين المراجع المختلفة .فبعض المراجع تكون لهم آراء أكثر تحررا في الموسيقى أو السينما مثل من مراجع أخرى ،وبعضهم يميل للصلحيين وآخرون يميلون للمحافظين ،والحوزة بهذا المعنى مكان مسيس جدا ،فشؤونها الدينية تختلط مع شؤونها السياسية .وبسبب تعددية المراجع تتعدد وجهات النظر وتتصادم ،وهي قد تتصادم لدرجة سجن أحد المراجع الكبيرة بسبب أفكاره .ومن آيات ال الذين تم وضعهم قيد الحبس المنزلي آية ال صادق روحاني بعدما وجه انتقادات إلى آية ال منتظري عقب ترشيحه من قبل مجلس الخبراء في إيران لخلفة الخميني كمرشد أعلى ليران .وخلل
فترة وضعه قيد القامة الجبرية في منزله كتب خطابا مفتوحا إلى الرئيس اليراني ساعتها هاشمي رفسنجاني ،منتقدا سياساته الجتماعية التي قال إنها تتناقض مع فتاويه ،ومن ضمن هذه الفتاوى تحريم الشطرنج والموسيقى .كذلك وضع آية ال محمد الشيرازي قيد القامة الجبرية في منزله بقم بعد فتوى تحرم على اليرانيين مقاومة الجيش العراقي خلل الحرب مع العراق ،على أساس تحريم إراقة دماء المسلمين .إل أن المرشد العلى ليران ساعتها آية ال الخميني قال إن فتوى الشيرازي تهديد لمن إيران ،وأمر بوضعه قيد الحبس المنزلي .كذلك تم وضع مرجع آخر وهو آية ال حسن الطباطبائي في العتقال المنزلي لمعارضته للحرب العراقية ـ اليرانية .وتشمل قائمة آيات ال الذين وضعوا قيد العتقال المنزلي آية ال كاظم شريعتمداري لدوره المفترض في محاولة النقلب على الحكومة اليرانية عام ،1982وآية ال محمد طاهر شبير خاقاني لدوره المزعوم في مساعدة العراق ،1980وآية ال منتظري لنتقاداته المرشد العلى ليران علي خامنئي عام ،1997وآية ال يعقوب الدين رستجاري بسبب كتابه ضد السنة ،والذي أدى إلى اضطرابات في مناطق السنة بإيران .1994ومنذ 2003ليس هناك مرجع إيراني كبير قيد العتقال المنزلي .وللنساء نصيب في الحوزة ،فلهن مدرسة خاصة بهن ،وهن يدرسن كل علوم الدين التي يدرسها الرجال ،ويدرسن بنفس النظام ويمكن أن يحصلن على مرتبة «مبلغة» ،أو «مجتهدة» ،ومن حقهن الفتوى.
وللغالبية العظمى من آيات ال مواقع انترنتية بثلث لغات على القل هي
الفارسية والعربية والنجليزية .وفي المواقع المختلفة يمكن أن تجد أسئلة وفتاوى تتعلق بكل شيء ،بدءا من المسائل الفقهية التقليدية ،وحتى حكم الـ chatعلى النترنت ،والزواج وعلقات الصداقة عبر النترنت ،ونسخ الـ«دي في دي» والـ«سي دي» من النترنت بدون إذن ،ومسائل حقوق الملكية الفكرية .الحوزة العلمية في قم ليست هي الحوزة الوحيدة ،فهناك الحوزة العلمية في النجف ،والحوزة العلمية في لندن ،وهي على نفس نمط الحوزة في قم ،وحوزة المام الحسين في كندا ،وحوزة القيم (نسبة إلى المام القيم المهدي) وهي في تكساس بأميركا ،ويذكر موقعها على النترنت أنها تتبع نفس خط الدراسة الذي تتبعه كل من الحوزة العلمية في النجف وقم .واللغات السائدة للتدريس في الحوزة هي الفارسية والعربية والتركية ،لكن لغات البحث تشمل النجليزية والفرنسية. وعندما تتكلم مع رجال الدين في الحوزة العلمية أو طلب علم تتردد ببساطة على ألسنتهم أسماء أرسطو وأفلطون وسقراط وديكارت وهابرماس وغيرهم من فلسفة المنطق ،جزء من هذا يعود تاريخيا لفكر المعتزلة القائم على التأويل والستنطاق والستدلل ،والجزء الخر يعود إلى برنامج تعليمي يموله المرشد العلى آية ال علي خامنئي لرسال طلبة الحوزة للدراسة في الخارج ،بما في ذلك أميركا .وعندما سألت احد رجال الدين في قم حول الموضوع نظر مستغربا وقال إن السنة لديهم أفكار تقليدية عن الحوزة ،فالحوزة مكان منفتح على الفكار من كل مكان في العالم، على حد تعبيره .بعد يوم في قم ،عرفت ما الذي كان يقصده .فالحوزة تضم إصلحيين وليبراليين ورجال دين محافظين ،ورجال دين محافظين جدا ،وبراغماتيين يبدون هم القوى الن. * غدا :الحوزة وأسرارها وولية الفقيه ومشاكلها
«الشرق الوسط» في إيران ( :)3الولية تعبير ديني وهي مفهوم خطير جدا في السياسة حجة السلم محسن كديور يتحدث لـ«الشرق الوسط» عن الحوزة العلمية والمراتب فيها وعن الخلفات والختلفات بين آيات ال * بعض آيات ال الكبار في قم ل يؤمنون بولية الفقيه مثل آية ال وحيد خراساني وآية ال الخوئي
طهران :منال لطفي * الحوزة وأسرارها وولية الفقيه ومشاكلها * (قبل مئة عام خلل حكم ناصر الدين شاه أحد حكام إيران خلل الحقبة القاجارية ،وكان ساعتها آية ال حسن ميرزا الشيرازي أهم آية ال في إيران ،أراد ناصر الدين شاه أن يبدأ تجارة التبغ في إيران ويحتكره بعد استيراده من انجلترا .وأعطى ناصر الدين شاه كثيرا من المال إلى النجليز لشراء التبغ ،وقال إن اليرانيين الذين يمتلكون تبغا يجب أن يعطوه هذا التبغ .فجاء آية ال حسن الشيرازي ،وكتب عبارة واحدة هي :من الن التبغ حرام ،واستخدامه مثل بدء حرب على المام الغائب .وذات يوم عندما ذهب ناصر الدين شاه إلى قصره وطلب من إحدى زوجاته أن تحضر له الغليون لتدخين التبغ ،قالت له :التبغ حرام .فقال لها :أنا الملك وأنا زوجك وآمرك أن تحضري الغليون ..فأحضريه .فردت عليه: الشخص الذي قال إنني حلل لك ،قال إن التبغ حرام لك) إنها قصة مشهورة في إيران تظهر سلطة الدين مقابل سلطة الحكم .ل يعرف قم والحوزة العلمية فيها إل الذي درس بها ،فالحوزة مكان من الصعب استكشافه على الغرباء .يجب أن تمكث بها سنوات لتعرف خباياها ،وتنوعها، وحقيقة ما يدور داخلها .لنها بالرغم من شهرتها ،إل أن المعروف عن التيارات الفكرية داخلها ،قليل ،خاصة في ضوء حقيقة أن قم والحوزة العلمية تتغيران بشكل مستمر .حجة السلم محسن كديور ربما يكون أفضل من يتحدث عن الحوزة ،فهو تعلم بها لكثر من 17عاما ،وتنقل بين عدد من آيات ال الكبار الذين تجمعهم رؤيتهم الصلحية ،وتفكيرهم النقدي .يعمل محسن كديور ،الذي يعد من ابرز الوجوه الصلحية في إيران ،في التدريس الجامعي ،غير انه كذلك المدير المسؤول عن لجنة حماية الصحافيين في إيران ،وهى لجنة غير حكومية أسست لحماية حريات الصحافة .ووسط انشغاله الكاديمي والصحافي ،ألف كديور كتاب «نظريات الحكم في الفقه الشيعي« ،تناول فيه أهم النظريات الفقهية لدى الشيعة حول ولية الفقيه .وأشار فيه إلى أن قائد الثورة اليرانية آية ال الخميني لم يكن «خميني واحد« بل « 4خميني« هم «خميني قم« و«خميني النجف« و«خميني باريس« و«خميني طهران« .وينتقد كديور فكرة تطوير ديمقراطية من قلب السلم ،قائل إن الجدى هو التفكير في ديمقراطية وإسلم يسيران جنبا إلى جنب ،داعيا علماء المسلمين إلى عدم إضاعة وقتهم في محاولة التوفيق بينهما لنها محاولت لن تنجح بحسب ما يرى. ذاق كديور طعم السجن في إيفين بسبب أفكاره ،غير انه لم يغير شيئا منها ،ومن ضمنها أن الولي الفقيه المقبل ليران لن يكون من قم ..بل من طهران ،وان الولية السياسية تعنى «الدارة والوكالة« وليست «الحجر« ،وتقتضي معرفة سياسية وليست دينية أو فقهية. «الشرق الوسط« التقت كديور في طهران وتحدثت معه حول قم وخباياها ،والحوزة وأسرارها ومواقفها ومستقبلها .وفي ما يلي نص الحوار: * الحوزة العلمية في قم تبدو من الخارج كمعقل للفقه الشيعي المتشدد ،غير انه عندما تذهب إلى هناك وتتحدث مع كبار آيات ال والطلب تجد تنوعا كبيرا في الفكار والتوجهات ،هل هذا صحيح؟ -لدينا على القل تفسيران للسلم ،ومن الطبيعي بالتالي أن يكون لدينا نوعان من السلم وفقا لطريقة تفسير النصوص السلمية ،في الحوزة العملية في قم أو حوزة النجف بالعراق .وعلى الرغم من انه يوجد متشددون أو محافظون في الحوزة العلمية في قم والنجف ،إل أن هناك فقهاء وعلماء في الحوزة معتدلون ،وينتمون للمدارس الحديثة .أنا درست في الحوزة العلمية في قم لمدة 17عاما .درست على يد أفضل الفقهاء المجددين مثل آية ال العظمى منتظري الذي كان صاحب أكبر تأثير علي ،وكنت في مدرسته لكثر من 10سنوات ،درست علم الشريعة في مدرسته .كذلك كان لدى مدرسون كثيرون في الفلسفة وتفسير القرآن في قم منهم آية ال جوادي أملي وهو تلميذ آية ال الطباطبائي .وسط المدارس المختلفة في قم اخترت عدة مدارس في الفقه ،وليس مدرسة واحدة ،فعلى سبيل المثال ،أردت أن أعرف شيئا عن المدرسة الفقهية لية ال بروجردي ،وهو كان أستاذ آية ال منتظري ،فذهبت إلى فصل آية ال منتظري للتعلم منه ،لن آية ال بروجردي كان قد توفى قبل نحو عشرين عاما من دراستي في الحوزة العلمية .كذلك أردت أن اعرف شيئا عن مدرسة آية ال الخميني ،وفقهه
حول الحكومة السلمية ،ومدرسة آية ال الطباطبائي ،وكان منتظري أفضل تلميذ في مدرسة آية ال الخميني وآية ال الطباطبائي ،فدرست في فصله فقه الحكومة السلمية .كذلك أردت أن أعرف شيئا عن مدرسة السيد محمد باقر الصدر ،فذهبت إلى فصل السيد آية ال كاظم الحائري وهو أستاذ مقتدى الصدر ،والسيد محمود هاشمي .الحوزة العلمية في قم مثل المحيط ،تستطيع أن تجد فيها أي شئ تريده ،فأنا مثل درست الفكر السني في قم ،المر يعتمد عليك .معسكر الفقهاء والعلماء المتشددين أكثر قوة من الصلحيين والمعتدلين ،لكن هؤلء موجودون أيضا في قم أو النجف. * ماذا عن تقاليد الدراسة في الحوزة العلمية؟ -لدينا عدة مدارس تقليدية في قم ،والتصالت بين آيات ال والعلماء وبين طلب العلوم الدينية تقليدية جدا .هناك أدوات حديثة تستخدم مثل الكومبيوتر ،وهو شئ بات طبيعيا في قم خلل العقدين الماضيين ،وأتذكر انه في نهاية فترة دراستي في قم كان لدينا كومبيوتر ،ووسائل حديثة مثل دور نشر الكتب ،لن غالبية الكتب التي كانت تدرس في الحوزة كانت مكتوبة بخط اليد ،تصور وتوزع على الطلبة .وكانت قراءة هذه الكتب مسألة صعبة جدا ،ولهذا تم تحرير كل هذه الكتب وطبعها ونشرها ،وهذا شكل آخر للتحديث داخل الحوزة .أيضا في قم الدراسة والمكتبات والبحث مرتبطة بالكومبيوتر .فإذا لم يكن لديك كومبيوتر ل يمكن أن تدرس بسهولة ،أو تجمع المعلومات المطلوبة منك .هناك كذلك الكثير من المباني الدراسية الجديدة التي أقيمت في قم .عندما بدأت دراستي كان فصلى الدراسي في حجرات حول «البقعة المباركة للسيدة المعصومة« ،السيدة فاطمة أخت المام علي الرضا المام الثامن لدى الشيعة ،لكن هذه الحجرات لقبور المؤمنين والمؤمنات وليس للدراسة (يضحك) ،درسنا عند قبر السيدة المعصومة ،ولم تكن هناك ظروف جيدة للدراسة .لكن بعد 10سنوات ،تم بناء الكثير من الفصول الدراسية ،وبات بإمكاننا أن نجلس في مدرسة آية ال جلبايجاني ،أحد أفضل مراجع التقليد في الحوزة ،وكان المرجع الهم بعد الخميني ،وهو الذي صلى على جثمان الخميني بعد وفاته .كانت هذه أول مدرسة في قم لطلبة العلوم الدينية بها نحو 100فصل دراسي ،قبلها كانت لدينا المدرسة الفيضية وكانت على نمط جامعة الزهر في مصر ،لكن كان بها فصلن فقط ،والجزء الباقي لسكن الطلبة * .ما هي معايير مكانة المراجع الدينية في قم وعلى أي أساس يختار الطلب المراجع الذين يدرسون في مدارسهم؟ الطبيعي في قم أن يختار كل طالب علم المرجع الذي يدرس على يده من البلد الذي ينتمي له .على سبيل المثال الطلبة التراك في الحوزةيفضلون أن يدرسوا في مدرسة المرجع التركي آية ال موسوي أردبيلي وهو من أردبيل ،وهو تركي وبالتالي يستطيعون التحدث باللغة التركية خلل الدرس .هذه من تقاليد الحوزة ،لكن الوضع بدأ يختلف ،فأنا مثل درست في مدارس مراجع تركية وعربية ،ولم يكن من المهم بالنسبة لي البلد الذي ولد فيه أو أتى منه المرجع الذي سأدرس معه .أنا ولدت في شيراز ،وفى الحوزة هناك مدرسة آية ال مكارم شيرازي ،وهو أيضا من شيراز لكنني لم اختر مدرسته ،اخترت آية ال التبريزي وهو تركي من تبريز ،وقد توفى منذ أسابيع .كما درست على يد آية ال منتظري وهو من أصفهان * .كم طالب علم في قم؟ -لدينا نحو 100ألف رجل دين في إيران ،أكثر من 60ألفا منهم في قم ،غالبية هؤلء طلب علوم دينية، وهم يدرسون في الحوزة لسنوات طويلة ،ما بين 10إلى 25عاما في المتوسط .التدريس في قم تقليدي جدا 5 ،أيام في السبوع .وكل يوم من ساعتين إلى 3ساعات درس ،ثم بحث .ويدرس الطالب على القل لمدة 25عاما قبل أن يحصل على مكانة آية ال .لكن غالبية الطلبة يقضون في المتوسط نحو 10سنوات ،فالدراسة في الحوزة العلمية أشبه بصعود جبل ،الكثير من الناس يتوقفون في منتصف الطريق ،والقلية فقط تصل للقمة ،وهذه القلية بين %1إلى .%10كل آية ال لديه مدرسته ،وتتوقف مكانة آية ال على عدد الطلبة الذين يستطيع استيعابهم في مدرسته، وعند مستوى متقدم تسمى بعض هذه الفصول «خارج« ومعناها «خارج الكتب« ،وهى تعنى بحث جديد يقوم به المرجع الديني حول موضوع لم يكتب بعد .والفصل الواحد منها يضم 3آلف طالب .إنها ليست فصول بالمعنى التقليدي بل ندوات للبحث والمناقشة والجدل .ويمكن رؤية فصول «خارج« ،أو المستوى المتقدم ،في قم في مدرسة آية ال مكارم شيرازي ،ومدرسة آية ال وحيد خرساني ،ومدرسة آية ال فاضل لنكراني ،وهي كلها فصول تضم ما بين 2000إلى 3000طالب للفصل الواحد .أما باقي الفصول فتضم ما بين 200إلى 300طالب .وعدد الطلبة يوضح مدى قوى ونفوذ كل آية من آيات ال في قم .هذا هو البعد الول في تحديد مكانة آيات ال .البعد الثاني حجم الموال التي يمكن أن يدفعها آية ال كمرتبات للطلبة الذين يدرسون لديه .فالتقليد في قم هو أن دفع تكلفة دراسة ومعيشة هؤلء الطلبة يأتى من خمس الزكاة التي يدفعها اليرانيون ليات ال ،وليس من الحكومة .فآيات ال يحصلون على خمس الزكاة ويدفعون منها مرتبات لطلبة العلوم الدينية في مدارسهم .وما يدفعه آيات ال من مرتبات لطلبهم ،يعكس حجم الموال التي تصلهم من خمس الزكاة .ويحصل كل آية ال في قم على حجم من خمس الزكاة يوازي مكانته ونفوذه الديني بين الناس .وبرغم أن آيات ال يدفعون لطلبهم ،أعتقد أن مرتبات هؤلء الطلبة في الحوزة العلمية أقل من مرتب موظف بسيط في إيران ،وبالتالي هؤلء الطلبة يقومون في أشهر محرم ورمضان وصفر بإعطاء أوعاظ دينية ،والناس تدفع لهم مقابل ماديا بسيطا .لكن مع هذا
يظل مدخولهم المادي متواضعا جدا .وأعتقد أن حياة طلبة الحوزة العلمية بسيطة جدا وصعبة .وهذا شئ ل يعرفه الكثير من الناس ،هم يرون رجال الدين الحكوميين في سيارات ،وأثرياء ،لكن هؤلء يشكلون نحو %5فقط من رجال الدين ،بينما %95من رجال الدين ليسوا أغنياء بل يكدون ويعملون أعمال بسيطة .وقد تزايدت الموارد المالية الحكومية في الحوزة بعد الثورة اليرانية وهذا مصدر خطر ،لن مصدر قوة الحوزة العلمية هو في استقللها عن التدخلت الحكومية .لكن آية ال الخميني بعد نجاح الثورة اليرانية عام 1979كان له جانبان في شخصيته ،الول انه آية ال ،والثاني انه زعيم سياسي ،قوته بسبب الجانب السياسي جعلته أهم من باقي آيات ال في الحوزة .بعد وفاته ،لم يكن خامنئي «آية ال« بنفس المستوى ،كان حجة السلم ،وقال البعض عنه «آية ال السياسي« ،لنه ليس مثل آية ال فاضل لنكراني أو آية ال منتظري ،فهم آيات ال بدرسهم ،وليس بحكم الدولة .ولكن خامنئي يستطيع أن يدفع لطلبه أكثر من الخرين ،أي في المصادر المادية هو أفضل من الخرين .لكن دروس خامنئي ليست مثل الخرين من آيات ال ،فهو ل يعيش في قم ،ول يدرس بشكل منتظم ،يدرس مرة واحدة كل أسبوع لتأكيد مكانته في الحوزة ،والكثير من الموظفين الحكوميين يحضرون درسه وليس طلب علم. والبعد الثالث لتحديد مكانة آية ال هو أنه يجب أن ينشر في كتاب أفكاره حول القضايا الفقهية ،فإذا أردت أن تكون آية ال يجب أن تكتب أفكارك وفتاواك في كل مسألة فقهية تخص شؤون المسلمين اليومية .يجب أن تكتب :أنا اتفق مع هذا ،وأختلف مع ذاك .أي يجب أن تكتب «كتاب الفتوى« ،وبعد أن تنشر «كتاب الفتوى« الخاص بك يمكن أن تكون آية ال .وكل آيات ال الكبار في قم لديهم «كتاب الفتوى« الخاص بهم ،ويشير الناس إليهم كـ«مجتهد« و«مرجع« في علوم الدين ،ويصبح الناس التابعين للمرجع «مقلدين« ،وكذلك يعطون آيات ال خمس الزكاة ويذهبون إلى فصولهم الدراسية .آيات ال الكبار لديهم إذا 3 pمعايير .أول أن يكون لديهم فصل دراسي من مستوى «الخارج« ،أي خارج عن الكتاب .ثانيا أن يكون بمقدروهم دفع مرتب شهري لكل واحد من طلبهم .والثالث والكثر أهمية أن ينشر كتابه في «فقه الفتاوى« ،ويظهر أسبابه أو «منطقه« في «الفقه الستدللي« (مثل منطق أرسطو ..مقدمات تقود إلى نتائج) .ومتوسط الزمن لنشر «كتاب الفتوى« هو 25عاما من الدرس ،بعد النشر بسنوات قليلة يعتبر الشخص في منتصف الطريق ليكون آية ال .الن آية ال السيستاني من أعظم آيات ال ،من قبله كان هناك آية ال الخوئي بالنجف ،كذلك من آيات ال الكبار اليوم آية ال منتظري وآية ال فاضل لنكراني وآية ال وحيد خرساني ،وهو لديه في فصله أكثر من 3آلف طالب علم وبمعيار عدد الطلبة هو الفضل بين كل آيات ال .هناك كذلك آية ال مكارم شيرازي وآية ال التبريزي في قم ،وآية ال حسين فضل ال في بيروت .آية ال صانعي من آيات ال الهامين في قم الن ،لكنه ليس في الصف الول من آيات ال وفقا للمدارس المعروفة ،هو لديه أفكار جديدة ،لكن الفكار الجديدة ليست شيئا شائعا جدا في قم ،كما أن سن آية ال صانعي ،في الستينات من العمر ،تجعله صغيرا بالنسبة لباقي آيات ال .الصف الول من آيات ال إذا pيضم آية ال منتظري ،وآية ال فاضل لنكراني ،وآية ال السيستاني في النجف .وإذا وضعنا قائمة بأهم 15آية ال في قم سيكون بينهم آية ال صانعي ،لكنه لن يكون ضمن قائمة أهم 7آيات ال في قم. * لك أفكارك الخاصة حول ولية الفقيه ،وتعتقد أن المفهوم يواجه مشكلة ،كيف ذلك؟ -اعتقد إننا نقترب من نهاية مرحلة ولية الفقيه في إيران ،وإذا كان لها أي مستقبل ،فإن الولي الفقيه سيكون من طهران وليس من قم لن إدارة المجتمع تحتاج إلى أكثر من المعرفة الفقهية .الجميع يعرف أنه إذا أردنا أن نقيس على السيد خامنئي بوصفه فقيها ،فأنه ليس فقيها .انه شخص لديه بعض المعرفة عن الفقه ،لكن اعتقد انه أدار المجتمع بطريقة آية ال الخميني ،طريقته كانت جيدة .لكن ذلك يعتمد على خبرته السياسية ،لن خامنئي كان رئيسا ليران لمدة 8سنوات ،وكانت لديه مناصب سياسية أخرى .ونفس الشئ ينطبق على السيد محمد خاتمي والسيد هاشمي رفسنجاني فكلهما لديه خبرة سياسية ،وشغل منصب الرئاسة ومناصب وزارية .المجتمع يحتاج هذه المناصب أكثر من الحوزة .قم قد ل يكون لها دور في ولية الفقيه في المستقبل .وربما يكون مفاجئا لك أن بعض آيات ال الكبار في قم ل يؤمنون بولية الفقيه مثل آية ال وحيد خرساني ،وآية ال الخوئي وكلهما ل يؤمن بولية الفقيه على الطلق .في كتابي «نظريات الحكم في الفقه الشيعي« ،أوضحت أن نظرية المام روح ال الخميني حول ولية الفقيه واحدة من نظريات عديدة حول ولية الفقيه .وهذا يعني انه ليس لدينا تفسير أو نظرية واحدة حول ولية الفقيه .غالبية طلب الفقه ل يؤمنون بولية الفقيه أو يؤمنون بها في ظل سلطات مقيدة .اعتقد أن الكثيرين من آيات ال الحاليين ل يؤمنون بالتفسير الخميني لولية الفقيه .على سبيل المثال أستاذي الكبير آية ال منتظري يؤمن بولية الفقيه ،غير أن لديه نقطتي اختلف مع أستاذه الخميني .آية ال الخميني يؤمن أن الولي الفقيه معين من ال أو من الرسول أو من المام الغائب .منتظري يقول ل ..الولي الفقيه منتخب من قبل الناس (ممثلين عن الشعب أو مجلس الخبراء) ،هو اختيار الناس وليس ال.
الختلف الثاني بين الخميني ومنتظري ،أن الخميني يؤمن أن سلطة الولي الفقيه مطلقة ،ليست مقيدة بأي شئ ،مثل سلطة النبي .آية ال منتظري يقول ل ..سلطة الولي الفقيه مقيدة بالقوانين ،وهذه القوانين شرط بين الشعب والولي ،وكلهما يخضعان للقانون وليس هناك واحد منهما فوق القانون .وقد قلت لستاذي آية ال منتظري :أنت انتقدت أستاذك آية ال الخميني في نقطتين ،وأنا أحب أن أنتقدك في نقطتين ،فرد على منتظري قائل :بعد النتقادات الربعة لن يكون هناك معنى لولية الفقيه على الطلق ،فرددت عليه :نعم .قلت له إن الخميني آمن بالولية «المنزلة المطلقة« للفقيه ،وأنت آمنت بالولية «النتخابية المقيدة« للفقيه ،أما أنا فل أؤمن بالولية ،وأنا أؤمن بشرط الفقه .فل ولية ول فقه ول علقة بينهما .فالعلقة بين الشعب والحاكم ليست «ولية« بل «وكالة« ،أي ممثلين منتخبين عن الشعب مثل البرلمان .فالعلقة بين الشعب والحاكم ل تتضمن أية ولية دينية ،أنها ليست مثل ولية الب على ابنه الصغير ،الولية مفهوم ديني وهى مفهوم خطير جدا في السياسة .آية ال الخميني كتب في كتابه حول ولية الفقيه أن الولية مثل ولية الب على الصغار ،وهذا خطير ،وانتقدت هذا ،وقلت في كتابي نحن لسنا صغارا .وكتبت انه لدينا نوعين من المحجور (الذي يتم الحجر عليه بسبب الجنون ،أو بسبب صغر سنه وبالتالي يقرر عنه الخرون) هما المحجور عليه في المجال العام ،والمحجور عليه في المجال الخاص .المحجور في المجال العام يعني أن الشعب ل يستطيع اتخاذ القرارات بنفسه ،وآخرون ينبغي أن يقرروا نيابة عنه ،آخرون منتخبون من ال أو من الرسول أو من المهدي المنتظر .قلت لمنتظري انه شخصيا ل يؤمن بهذا المفهوم ،وان الولية يمكن أن تفهم بشكلين مختلفين« ،الدارة« أو «الحجر« .وقلت له أنت تعنى بالولية الدارة ،فدعنا نختار تعبيرا آخر وليس «ولية« .كذلك الولية مفهوم قرآني ،ولن لها معان عديدة ،فأنه يتم استخدامها بطريقة مختلفة بحسب التفسير .وأما العتراض الساسي لي على معلمي آية ال منتظري فكان قوله إن أهم خصائص الزعامة أو الولية هي المعرفة الفقهية .قلت له إن القائد يستطيع أن يكون لديه مجلس استشاري من الفقهاء ،لكن القائد نفسه يجب أن تكون لدية خبرة في إدارة المجتمع .وإدارة المجتمع ليست وظيفة الفقيه ،يمكن أن يكون الولي متفقها في الدين ،لكن هذا ل يجب أن يكون شرطا للولية .إذا أردت أن تكون «آية ال العظمى« فأن هذا يعتمد على 50عاما من خبرة تلقي العلوم الدينية وتدريسها ،وأن تقرأ كثيرا وتكتب كتبا حول الفتاوى والفقه ،لكن إدارة المجتمع شئ مختلف ،فهي شئ سياسي موضوعي ،وإذا أردت أن تكون رجل سياسة جيدا يجب أن تكون لديك خبرة سياسية ،لكن آيات ال ل يملكون الخبرة السياسية * .لماذا تقول إن عمر ولية الفقيه في إيران لن يطول .هل سبب هذا أن آيات ال في قم لن يدافعوا عن المبدأ في المستقبل ،أو أن اليرانيين العاديين سيحاولون أن يضغطوا من اجل تحجيم سلطات الولي وتقييده بالنتخاب والقوانين الوضعية؟ -كل منهما سيلعب دورا .ففي قم لدينا على القل مدرستان ،هؤلء الذين يؤمنون بولية الفقيه وهم مدعومون من الحكومة، ماليا وسياسيا ،ولديهم الكثير من المصادر .ومدرسة الذين ل يؤمنون بولية الفقيه .وأعتقد أن مدرسة غير المؤمنين بولية الفقيه غير ضعيفة ،هم أقوياء جدا ولديهم «نفوذ« ،و«النفوذ« أهم من السلطة .فالمدرسة الولى لديها «سلطة وقوة« ،مال ونظام أمني واستخباراتي وأشياء من هذا القبيل، إنهم أقوياء .لكن المدرسة الثانية لديها «نفوذ فكري وديني« أكبر من الولى .وهناك مثل للتدليل على الفرق بين تأثير «السلطة والقوة ،وبين تأثير «النفوذ الديني والفقهي« ،فقبل نحو مئة عام خلل حكم ناصر الدين شاه أحد حكام إيران خلل الحقبة القاجارية ،وكان ساعتها آية ال حسن ميرزا الشيرازي أهم آية ال في إيران .أراد ناصر الدين شاه أن يبدأ صناعة التبغ في إيران ويحتكره بعد استيراده من انجلترا .وأعطى ناصر الدين شاه كثيرا من المال للنجليز لشراء التبغ ،وقال إن اليرانيين الذين يمتلكون تبغا يجب أن يعطوه هذا التبغ .فجاء آية ال حسن الشيرازي ،وكتب عبارة واحدة هي :من الن التبغ حرام .واستخدامه مثل بدء حرب على المام الغائب .بعد ذلك ذهب ناصر الدين شاه إلى قصره وطلب من إحدى زوجاته أن تحضر له الغليون لتدخين التبغ .فقالت له :التبغ حرام .فقال لها :أنا الملك وأنا زوجك وآمرك أن تحضري الغليون .فقالت له :الشخص الذي قال إنني حلل لك ،قال إن التبغ حرام لك .إنها قصة مشهورة في إيران ،وتظهر سلطة الدين مقابل سلطة الحكم .ففي إيران سلطة الدين أقوى من سلطة الحكم .الثورة اليرانية عام 1979كانت ثورة شعبية في ذلك الوقت ،كان من ضمن من قادوها طلب الجامعات اليرانية في الثامنة عشر من أعمارهم ،كانت ثورة حقيقية ،جاءت من أغلبية فئات المجتمع ،لكن النظام السياسي بعد الثورة ،لم يكن نفس النظام الذي قيل انه سيكون عليه قبل الثورة .كتبت في كتابي «نظريات الحكم في الفقه الشيعي« انه لدينا 4نسخ مختلفة من المام الخميني« .إمام قم« ،عندما كان الخميني في قم .و«إمام النجف« عندما اجبر على الرحيل إلى النجف وبقى هناك 15عاما ،و«إمام باريس« التي رحل إليها من النجف وبقى فيها نحو العام .و«إمام طهران« عندما عاد بعد نجاح الثورة ،وأصبح الولي الفقيه لمدة 10سنوات قبل وفاته .عندما كان المام الخميني في الحوزة العلمية في قم ولم يكن مشهورا في ذلك الوقت ،آمن مثل آيات ال آخرين في قم بالملكية الدستورية المقيدة السلطات ،وقد قام اليرانيون عام 1906بثورة شعبية بدعم رجال الدين لتقييد سلطات الملك .الخميني عندما كان في قم قال في كتابه المنشور باللغة الفارسية «كشف السرار« انه ليس هناك أي دور للفقهاء الدينيين في إدارة شؤون الحكم ،هذه هي مهام الملك ،لكن على الملك أن يستند للسلم .وعندما اضطر الخميني للتوجه
إلى النجف مدفوعا بضغوط الشاه ،وكان في ذلك الوقت قد أصبح مشهورا ،وأحد أهم آيات ال في إيران ،كتب نظريته الشهيرة حول «ولية الفقيه« ،أو الولية العامة المطلقة للفقهاء ،أي أن الفقهاء معينون من ال ولهم سلطة مثل سلطة النبي ،ويستطيعون فعل أي شئ يرونه .ثم ذهب إلى باريس وقال هناك إن نظامه في الحكم سيكون «جمهورية إسلمية« ،حديثة وديمقراطية .وقال إنه لن يكون له أي دور في هذه الجمهورية .ووقع في باريس أول مسودة من الدستور الجديد ليران ،وفى هذه المسودة لم يكن هناك أي ذكر على الطلق لولية الفقيه ،تم ذكر منصب الرئاسة فقط ،مثل النظام الفرنسي تماما ،ووقع الخميني وآيات ال الخرون هذه المسودة .لكن شيئا فشيئا تغيرت آراء الخميني .الخميني الذي عرفه اليرانيون قبل الثورة مباشرة كان المام الثالث أو «إمام باريس« لن خطبه ومقابلته الصحافية كانت تنشر وتوزع علنية في كل المدن اليرانية .عندما كتبت وقلت إن الخميني آمن بمبدأ الولية المطلقة للولي الفقيه ،وإن الولي معين من قبل ال وليس الشعب ،كان الناس يردون علي ويقولون« :ل .لم يؤمن بهذا .نحن سمعناه بأنفسنا يتحدث عن ولية مشروطة« .وهم على حق ،لنهم سمعوا فقط المام الثالث ،أو إمام باريس، فالخميني قال :أنا أحكم لن الشعب اختارني .إذا pالناس على حق .لكن الخميني كان له بعدان ،فهو كان حقيقة يصدق انه اختيار الشعب ،لكنه كان يرى أيضا انه معين من قبل ال .قبل الثورة أبرز الخميني البعد الول ،ولم يبرز البعد الثاني ،وبعد الثورة أبرز البعد الثاني .من الناحية السياسية ما فعله صحيح ،وأعتقد أننا قد نعيد تقييم موقفه ووضعه قبل الثورة ،وطريقة إدارته. المام الرابع أو «إمام طهران« هو الخميني عندما بات القائد العلى والولي الفقيه ومطلق السلطات في طهران .أعتقد انه قائد سياسي شعبي لديه كاريزما وزعامة ،مثل غاندي في الهند ،أو ماوتسي تونغ في الصين ،أو جمال عبد الناصر في مصر ،مثل كل الزعامات السياسية ،الجميع أحبه، وأطاعه .لكن في ذلك الوقت بات يؤمن بالولية المطلقة للفقيه .كذلك ركز على أنه معين من ال ،وأنه كرسول يستطيع أن يحكم خارج القواعد الدينية إذا كان يعتقد أن ذلك مفيد للنظام السلمي أو للدولة السلمية .كذلك هو قال شيئا يظهر أنه آمن كذلك بالديمقراطية .وبسبب اللتباس والتناقضات في ممارسات وكلم الخميني باتت لدينا مدرستان في إيران اليوم .مدرسة آية ال العظمى منتظري ،ومدرسة آية ال مصباح يزدي، وكل منهما يؤمن بآية ال الخميني .مصباح يزدي فهم الخميني على انه معين من ال وليس هناك أي دور لتصويت الشعب في اختياره ،وقال يزدي إنه إذا وجدت أي شئ فيما قاله الخميني يتعارض مع هذا الحكم ،فهو ليس حقيقيا ،بل فقط من أجل الجدل .أما منتظري ففسر الخميني على انه آمن بالولية المقيدة للفقيه ،وبدور الشعب .في الواقع الخميني قال الكثير من الشياء التي تدعم تفسير منتظري حول الديمقراطية مثل قوله «الميزان رأي الملة« أي «المعيار هو تصويت الشعب« ،كما قال أشياء تدعم تفسير يزدي مثل «إذا حكم الفقيه ل يستطيع أحد أن يعارضه« .إذا كلهما يشير إلى الخميني ،ويصف ما يدعمه من مواقف الخميني بـ «محكم« (من النص) ،فيما يصف المواقف الخرى التي ل يؤيدها بـ«متشابه« (تفسير خارج النص) ،وبالتالي ل يعتد بها .مدرسة مصباح يزدي تقول إن «المحكم في كلمات الخميني« هو أنه معين من ال ،وأن المتشابه هو المواقف التي تظهر أن الخميني يؤمن بالديمقراطية .إذا pالمتشابه هو الديمقراطية (يضحك) .لكن مدرسة آية ال منتظري تخالف ذلك، وتقول بالعكس أي الولية المقيدة هي «المحكم« ،وغير ذلك «تشابه« .وأظن أنه من ناحية تاريخية فإن تفسير آية ال مصباح يزدي أصح ،لكن من الناحية العملية فإن آية ال منتظري أصح ،فالخميني عمليا كان أكثر ديمقراطية من كل الذين أطاعوا أوامره ،لكن نظريا الخميني لم يكن ديمقراطيا .الخميني كان ماهرا جدا ،وككل زعيم كارزيمي ،أراد أن يرضي كل مؤيديه ،فعمل نوعا من التوازن بين كل من المعسكرين اللذين آمنا به .لكن بعد ذلك تغيرت المور ،فالسيد خامنئي ليس بذات القوة في الحوزة العلمية في قم بين العلماء ،أو في الخلفية الدينية .وقد انتقد من قبل المعسكر الديمقراطي خلل ولية آية ال الخميني ،إذا pعمليا خامنئي ينتمي إلى المعسكر الولى ،هو أقرب إلى مدرسة مصباح يزدي أكثر من مدرسة آية ال منتظري. مدرسة منتظري بدورها مقسمة إلى عدة أطياف أو فروع .بعضها ترى المام الخميني كبطل كاريزماتي ،مثل السيد محمد خاتمي ومسؤولي حزب المشاركة والسيد مهدى كروبي وحزب «اعتماد ملي« ،وآخرين من نفس المدرسة يرون أن الخميني جزء من تاريخنا ،نحبه ،لكن أيضا ننتقده .نحبه لستقلله عن الغرب ،ونضاله ضد إسرائيل وأميركا ،لكننا نريد نوعا آخر من إدارة المجتمع ،لن زمننا ربما يختلف عن زمنه .أنا شخصيا ل أؤمن بولية الفقيه على الطلق ،أؤمن بأننا يمكن أن يكون لدينا نظام ديمقراطي ،يجب أن يحترم القيم السلمية كذلك ،نحن مسلمون والغالبية شيعة .والوضع أن كل حكومة يجب أن تحترم قيم السلم والشيعة .وفي مجلس الشورى (البرلمان) من الطبيعي أن تكون لدينا عدة أحزاب ،وكل حزب يمكن أن يحصل على الغلبية في النتخابات ،ويشكل الحكومة ،ويحمي حقوق القليات .اعتقد انه بهذا يمكن أن نحمي قيمنا
السلمية ،وفي الوقت نفسه ـكون لدينا دولة ديمقراطية * .هل من التبسيط القول إن في إيران الن 3مدارس حول ولية الفقيه ،الولى من يؤمنون به بسلطات غير مقيدة (مدرسة مصباح يزدي) .والثانية من يؤمنون به بسلطات مقيدة (خاتمي وكروبي مثل) .والثالثة من ل يؤمنون به ويرون أنه بالمكان إقامة ديمقراطية إسلمية بدون الولي ،مثلك؟ -أول المصدر الفكري والفقهي للتيارين الثاني والثالث هو آية ال منتظري، والتياران يؤمنان بالولية النتخابية أو الولي المنتخب من قبل المة أو الشعب .والرمز السياسي لهذه المدرسة هو خاتمي وكروبي ،وهما ل يؤمنان بمنتظري ،وهذا غريب ،لنهما يعتمدان على نظريته لكنهما ل يؤمنان به .خاتمي وكروبي يعتقدان انه خلل الصراع بين الخميني ومنتظري ،لم يكن منتظري محقا .وأنا ل أعتقد هذا .لقول الحقيقة أعتقد إن من انتقدوا منتظري كانوا سياسيين ولءهم للخميني ،ولم يريدوا أن يخرجوا من الساحة السياسية لن منتظري انتقد آية ال الخميني بصراحة ،وأعتقد انه كان شجاعا جدا ،وبانتقاداته هذه فقد موقعه كولي فقيه ليران بعد الخميني ،وهذا ليس سهل .بعد ذلك ظل منتظري في قم مسجونا خمس سنوات ،وأصبح مريضا ،ولم يعد يستطيع مواصلة دروسه في الحوزة بسبب المرض ،إنه الن يبلغ نحو 82عاما .أعتقد أن التقسيم صحيح ،لكن ما ذكرته حول رأيي بشأن ديمقراطية إسلمية يحتاج إلى توضيح .أنا ل أعتقد أن الديمقراطية تأتي من السلم .ليس لدينا ديمقراطية في السلم .قلت انه يمكن أن تكون لدينا ديمقراطية وإسلم في الوقت نفسه. تفسيري للسلم يتواءم مع الديمقراطية ،لكن أنا ل أقول إن الديمقراطية تأتي من داخل السلم .وهنا اختلف مع نظرية أبو العلى المودودي لنه قال إن هناك ديمقراطية إسلمية ،وإن الديمقراطية تأتي من آية الشورى (أمرهم شورى بينهم) .في رأيي أن الشورى ل تتعارض مع الديمقراطية، لكن هذا ل يعني أيضا أن كل شخص يؤمن بالشورى يؤمن بالديمقراطية ،لن الشورى ل تعتمد على أصوات الناخبين .قد يأتي شخص ويسأل ما هي نصيحتك لي؟ أنا استشرت الجميع ،لكن في النهاية أنا من يقرر (إذا عزمت فتوكل على ال) ،إذا نحن نستمع إلى من حولنا ،لكن في النهاية القرار يكون قرارنا .الشورى إذا pشئ آخر ،إنها ليست ديمقراطية ،يمكن للشورى أن تتحول إلى نظام ديمقراطي ،لكن كل شورى ليست ديمقراطية بالضرورة .ولهذا كتبت عندما بدأت الكتابة انه يمكننا أن نصمم شكل جديدا من الديمقراطية منبثقا عن السلم ،لكننى كنت صغيرا ،عندما قرأت أكثر وأكثر بدأت أعتقد ،وأؤمن أن مبادئ الديمقراطية ليست جزءا من تراثنا الديني ،لكن تراثنا الديني يمكن أن يفسر بطريقة تتواءم مع العالم الحديث .لذلك أقول إنه يمكن أن يكون لدينا تفسير جديد للسلم يتلءم مع حقوق النسان ،لكن هذا ل يعني انه في تراثنا السلمي لدينا كل مبادئ حقوق النسان .كتبت ورقة بحثية حددت فيها 6نقاط في تراثنا السلمي ليست فيها قيم حقوق النسان .على سبيل المثال ،حقوق النساء في السلم ،ليست تماما مثل الحقوق الموجودة في الميثاق العالمي لحقوق النسان .النقطة الثانية ،حقوق المسلم وغير المسلم .ففي المادة الولى من ميثاق حقوق النسان ،إعلن للمساواة بين الجميع بغض النظر عن الدين أو اللون أو العرق أو الجنسية .لكن في تراثنا السلمي ،سواء السني أو الشيعي ،هناك حقوق للمسلم ،ل تجوز لغير المسلم ،وأقول التراث السلمي ،لن السلم في رأيي هو العظم ،وان تفسيرنا للسلم ،سواء الشيعي أو السني ،ل يعني أننا فهمنا السلم الحقيقي .ففي تفسيرنا للسلم يتداخل دوما السلم مع التقاليد القومية والتاريخية وأشياء أخرى ،إذا ما نقوله هو تفسيرنا للسلم بحسب التقاليد والعادات والتاريخ ،لكن السلم شئ آخر .كنت في حلقة نقاش مع ناشطين من الخوان المسلمين من مصر والردن وكانوا يبحثون عن نموذج ديمقراطي مستقى من السلم فقلت لهم« :ما تحاولون أن تفعلونه الن ،فعلناه في إيران منذ 30عاما، وفشلنا ،ل تذهبوا في هذا الطريق .حاولوا طريقا آخر وهو أن تحاولوا أن توائموا بين التفسير للسلم ،وليس السلم الحقيقي ،وبين الديمقراطية« .لكني كما انتقدت بعض التفسيرات في السلم ،انتقدت كذلك بعض المبادئ الخاصة بحقوق النسان في الغرب ،فأنا ل اعتقد في المثلية الجنسية ،دينيا وعقليا هذا ليس صحيحا ،أو العلقات قبل الزواج أو خارج إطار الزواج .الغرب يقول إن هذه القيم والمبادئ صحيحة ،وأنا أقول ل ،هذا ليس صحيحا .أي انتقدت القيم الحديثة الغربية ،وكذلك القيم التقليدية لدينا في نفس الوقت ،أعتقد أننا يجب أن ننتقد كل منهما .ويجب أن يكون لدينا مزيج من قيمنا السلمية ،والقيم الغربية .لكن بعد النقد ،وليس بعد الطاعة العمياء ،أو النقل العمى لي من هذه القيم * .أنت تدعو لنظام ديمقراطي في إيران ،لكن هل توافق مثل على إعطاء النساء حق تحديد شكل ملبسهن ،وبالتالي حق التخلي عن التشادور أو غطاء الرأس مثلp؟ بمعنى آخر إذا أقيمت جمهورية ديمقراطية في إيران هل ستجبر النساء على لبس التشادر أم ل ،وهل ستعطيهن كل حقوقهن الخرى بموجب مواثيق حقوق النسان؟ أعتقد انه ينبغي تفكيك القواعد السلمية ،وإعادة بنائها من جديد ،أى إحياء الفكر الديني .بمعنى إعادة قراءة وتأويل القواعد الدينية .لدينانوعان من القواعد الدينية .قواعد ثابتة دائمة ،وأخرى مؤقتة .ووظيفة «المجتهد« أن يميز بين هذين النوعين من القواعد .بين حقوق النساء هناك قواعد دائمة وأخرى مؤقتة .على سبيل المثال ،أعتقد أن للنساء حقوقا سياسية ومالية متساوية مع الرجال ،ليس هناك فارق بين النساء والرجال في
هذا الشأن .في القرآن «لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت« ،هذا واضح جدا ،وبالتالي يمكن للنساء أن يكن رئيسات جمهوريات وحكام ووزراء وقاضيات إذا انتخبهن الناس لنه ليس هناك أي فرق .أعتقد كذلك انه يمكن أن يكون للنساء والرجال حقوق متساوية في الزواج والطلق ،أيضا حضانة الم لطفالها متساوية مع الرجل ،ويصبح السؤال من هو الصلح للحضانة؟ كذلك الحقوق الدينية للنساء والرجال متساوية .يمكننا إعادة تفسير القرآن بهذه الطريقة ،فهذه الحكام فيما يتعلق بالنساء ليست من «المحكم في كتاب ال« * .ماذا عن التشادور؟ -التشادور ليس حجابا إسلميا ،التشادور ثوب وطني وليس دينيا .إذا اختارت سيدة أن تلبس التشادور فهذا حقها ،وإذا اختارت أن تخلعه فهذا حقها .لكن لدينا بعض اليات القرآنية حول حدود لبس المرأة في السلم ،وأعتقد أن غالبية أو كل آيات القرآن بخصوص الحجاب قواعد دائمة ،إل إذا جاء مجتهد وأفتى أنها قواعد مؤقتة وأنها كانت تعاليم للنبي في عصره .في رأيي أنا الن إن قواعد الحجاب دائمة ،وعلى كل النساء أن يلتزمن بالحد اللزم للحفاظ على حجابهن .والحد الدنى من الملبس مسألة طبيعية في جميع المجتمعات ،فالحد الدنى من الملبس في أميركا غير ألمانيا .الوليات المتحدة أكثر محافظة من أوروبا .أعتقد أن هذا الحد الدنى ضروري لوجود مجتمع آمن ،وأسرة أمنة ،لكن إذا قالت سيدة ما أنها ل تؤمن بالحجاب ،ل يمكن إجبارها على ارتدائه .هي دينيا تكون ارتكبت ذنبا ،لكن قانونيا ،المر يعتمد على القانون المعمول به .إذا كان القانون المعمول به يقول بالتزام النساء بحد أدنى قانوني ،وهذا الحد الدنى مثل قد يكون أقل من حد اللباس الديني ،فيجب اللتزام بالقانون.
إذا pهناك حدان للملبس ،حد
ديني قرآني مستمد من سورتي «الحزاب« و«النساء« مثل يجب فيه أن يكون هناك غطاء على شعر الرأس ،ويجب أن تكون ملبس الخروج مختلفة عن الملبس التي تلبس داخل المنزل ،وهناك حد قانوني قد يكون أقل من الحد الديني ،مثل أن النساء يجب أن يغطين من أعناقهن إلى الركبة مثل للخروج للشارع .أعتقد أن الحد الدنى القانوني مسألة وضعية ،وهي ليست تطوعية أو اختيارية ،لكن الحد الدنى الديني تطوعي، ولنه «ل إكراه في الدين« ،فيمكن للنساء اللواتي يردن أن يرتدين الحجاب بمعاييره وأوصافه كما جاء في القرآن أن يلتزمن به .أما الخريات اللواتي لم يصلن إلى هذه النقطة فل يمكن إجبارهن على لبس الحجاب .فالصلة مثل فرض في السلم ،وليست شيئا تطوعيا ،لكنك ل تستطيع إجبار أحد على الصلة .هكذا الحجاب هو فرض لكنك ل تستطيع فرضه بالقوة ،ومن ل يلتزم به سيحاسب أمام ال .لكن في الحياة الدنيا ،المر يعتمد على القوانين الوضعية ،وليس على الدين .ل أؤمن بأي صيغة إكراه أو إجبار للبس الحجاب ،لكن كذلك ل يجب على النساء لبس ملبس خارج الطار الذي يحدده القانون إذا كان هناك قانون يحدد الحد الدنى للملبس وفقا للثقافة السائدة في مصر أو لبنان أو سورية أو إيران أو تركيا مثل .وتركيا مثال جيد جدا لنا .فالحجاب السلمي في تزايد في تركيا ،لكن هناك أيضا نساء يلبسن ملبس غربية الطابع ،يعشن في نفس المجتمع ،أعتقد أن هذا أفضل من فرض الحجاب في إيران .ففي إيران يمكن ملحظة تدهور اللتزام بقيم السلم ،وفي تركيا تزايد في القيم السلمية * .ما الذي تقصده تحديدا بتدهور اللتزام بالقيم السلمية في إيران؟ -مثل الحجاب ،عند مقارنة شوارع طهران بشوارع اسطنبول ستجدين أن نسبة المحجبات في اسطنبول أكثر مقارنة بنسبة غير المحجبات ،المحجبة في تركيا محجبة بالكامل .في طهران كل النساء لديهن نوع من غطاء الرأس ،لكن غالبيتهن حجابهن ليس كامل .لدينا في إيران ظاهرة «الحجاب الناقص« ،أو «سوء الحجاب« ،فعندما يتم فرض شئ بالجبار يتم اللتزام به كواجب وليس كمعتقد ديني .إذا لم تكن تؤمن بالحجاب ل ينبغي اللتزام به * .أنت رئيس لجنة حماية حرية الصحافة والصحافيين في إيران ،وكنت قبل فترة سجنت في سجن «ايفين« بسبب آرائك .ما هو حال حرية الصحافة والبحث العلمي والتدريس الجامعي في إيران اليوم؟ -في معمل الديمقراطية في الشرق الوسط ..إيران هى الفضل .لكن هذا ل يعني أن الوضع جيد لدينا ،لن الوضاع في باقى البلدان أسوأ منا .لدينا في إيران انتخابات أكثر من أى بلد آخر في عالمنا ،وأعتقد أن هذا جيد .لكن استقللية وحرية هذه النتخابات يجب أن تكون أفضل .كذلك دستورنا جيد ،لكن ل يتم احترامه .عدد الصحف والمجلت التي تم اغلقها خلل السنوات الخيرة أكثر من ،100ليس لدينا أي صحيفة مستقلة حقيقية ،وأكثر الصحف توزيعا توزع بين 60ألفا إلى 100ألف نسخة في اليوم ،وهذا ليس كثيرا .الصحف التي كانت توزع كثيرا تم ايقافها ،وأي صحيفة ذات شعبية تنتظر قرار إغلقها .خلل فترة خاتمي كانت «صبح أمروز« التي كان يصدرها سعيد حجريان توزع مليون نسخة في اليوم ،وأوقفتها السلطات .كذلك أوقفوا «شرق« قبل فترة وكان توزيعها يبلغ نحو 150ألف نسخة في اليوم .أفضل الصحف اليرانية غير الحكومية هي «اعتماد ملي« التي يرأس تحريرها السيد مهدى كروبي ،واعتماد توزع نحو 50ألف نسخة في اليوم ،كذلك من الصحف غير الحكومية «جمهوري إسلمي« وهي توزع 10آلف نسخة في اليوم وتميل للمحافظين .أما الحكومية فمنها «كيهان« وهي توزع نحو 50ألف نسخة يوميا وتوزيعها الساسي في المؤسسات الحكومية والوزارات ،هناك كذلك «اطلعات« وتوزع نحو 150ألف نسخة في اليوم ،و«جامة جم« (صحيفة الذاعة والتلفزيون اليرانى وهي تتبع للمرشد العلى خامنئي) وهي صحيفة رخيصة الثمن جدا ،خمس الثمن العادي لي صحيفة، وأي سائق تاكسي أو محل يستطيع أن يشتريها ،وتوزيعها يبلغ نحو 200ألف نسخة في اليوم ،كذلك هناك «همشهري« و«إيران« وهي كلها
صحف رسمية .لكن معدلت توزيع الصحف ضعيف مقارنة بعدد سكان إيران ،خاصة أن %80من اليرانيين يستطيعون القراءة ،وهذا بسبب الرقابة .فالصحف ذات الشعبية والقراء التي كانت موجودة تم إغلقها ،وأي سياسي ذو شعبية جماهيرية أو صحيفة لها قراء ،مصيرهما الصمت أو التوقف * .لديك انتقاداتك لفترة خاتمي .هل تعتقد أن خاتمي لم يتعامل مع الظرف بطريقة ملئمة خلل حكمه؟ -خاتمي صديقي وهو رجل مهذب ولطيف ،لكنه لم يتمتع بالثقافة السياسية اللزمة .كان في رأيي يستطيع أن يؤدي دوره بشكل أفضل ،لكنني لم أكن في مكانه كي افهم الظروف التي أحاطت به .واجهت خاتمي عقبات كثيرة ،وقد بذل كل جهده ،لكن كان من الممكن أن يفعل أكثر. * هل أنت متفائل أم متشائم بخصوص مستقبل إيران؟ -في إيران نحن نقول «اليوم أفضل من الغد« .هذا منتهى التفاؤل لننا ل نريد أن نقول إن اليوم كان أسوأ من أمس. * لكن هذا تشاؤم؟ -نعم اعتقد انه في المستقبل القريب ليس لدينا الكثير من الخيارات ،يجب أن نحاول في المستقبل البعد ،لكن المستقبل القريب به الكثير من الصعوبات ،من بينها انه ليس لدينا أحزاب سياسية ،ومنظمات فاعلة .يجب أن نكون أكثر شجاعة مما كنا. * كديور ..صعوبة التخلى عن العمامة * ل يريد محسن كديور خلع العمامة والعباءة ،وعلى الرغم من أنه غادر قم منذ سنوات ،ويعمل الن مدرسا في جامعة التربية بطهران ،وبالتالي لم يعد ملزما بلباس رجال الدين ،ال انه مصر على مواصلة ارتداء العمامة والعباءة ،وقد شعر بالكثير من الخجل عند التقاط صورة له من دون العمامة والعباءة ،غير انه عاد وقال :حسنا ..ل بأس .وفلسفة كديور في التمسك بلباسه الديني هي :ليس هناك تناقض في ان يكون النسان مسلما ملتزما ..وديمقراطيا في الوقت ذاته .كديور مصدر جذب للطلب والمثقفين والفنانين والكتاب ،فعلى محاضراته العامة اقبال كبير ،وهي شعبية تعود بالساس الى الفكار التي يقدمها ،فهو ل يخاف تكسير المحرمات ،وينتقد الفكار السائدة ،وعلى مدار سنوات كان مفهوم قضية «ولية الفقيه» محل دراسته واهتمامه ،ووقته وسبب دخوله السجن .ومع انه يكتب كما تعلم في قم بلغة تجمع بين الفقه والسياسة والتاريخ وعلم الجتماع والفلسفة ،ال أن كتبه «جماهيرية وشعبية» وكأنها روايات وليست بحثا نقديا في تاريخ السلم .الهتمام الساسي لكديور بجانب التدريس الجامعي هو الكتابة والبحث .وبالتالي ل عجب أن تجد في كل ركن من أركان منزله ،الكتب تتكدس بأناقة على رفوف تصل للسقف .رفوف تنتشر على مساحة البيت كلها ،حتى المدخل والمطبخ. ألف كديور 12كتابا حتى الن أشهرهم كتاب «نظريات الحكم في الفقه الشيعي» ،كما انه يكتب للكثير من الصحف اليرانية بشكل منتظم ولديه نحو 100مقالة باسمه .وبسبب انتقاداته لبعض اوجه النظام في ايران ،كان كديور أول مثقف ايراني يعتقل خلل حملة العتقالت التي طالت المثقفين والطلبة والصحافيين 1999على خلفية المظاهرات التي عمت ايران بسبب التضييق على الصلحيين ،وحكم ساعتها على كديور47 ، عاما ،بالسجن 18شهرا في سجن ايفين ،ثم افرج عنه فى 17يوليو (تموز) .2000ولد كديور في شيراز في 7يونيو (حزيران) ،1959ودخل الجامعة لدراسة الهندسة الكهربائية في جامعة شيراز 1977وخلل دراسته اصبح ناشطا سياسيا ،واعتقل في مايو (ايار) 1978بسبب افكاره السياسية ،التي غيرت حياته فترك دراسة الهندسة الى دراسة الفقه في مدرسة شيراز ،1980ثم انتقل الى الحوزة بقم 1981لستكمال دراسته في الفقه والفلسفة .وبعدما تخرج كديور من الحوزة 1997بمرتبة مجتهد ،حصل على الدكتوراه في الفلسفة السلمية من جماعة «مدرسة التربية» في طهران .1999وبعد ذلك بدء عمله كمدرس للفلسفة والفقه في عدد من الجامعات اليرانية من بينها قم ،و«جامعة المام صادق» ،وجامعة «الشهيد بهشتي» ،وهو يعمل حاليا مدرسا في «مدرسة التربية» .وفي كتابه «نظريات الحكم في الفقه الشيعي» حدد كديور أهم النظريات التي وردت في كتب آيات ال الكبار على مر العصور ،حول نظريات الحكم .ووفقا لقراءة كديور فإن هذه النظريات يمكن تلخصيها في 9نظريات، كلها تدور حول سؤال أساسي :هل ولية الفقيه جزء من الدين؟ هل ولية الفقيه مقيدة أو مطلقة؟ من يقيدها المراجع الدينية أم الشعب؟ وملخص النظريات التسع هو 1 :ـ نظام السلطنة المشروطة .وهو يعني وجود مجلس من المراجع الدينية العليا يفتي في شؤون الشريعة ،في اطار نظام سلطاني يتمتع فيه الولي بسلطات واسعة ،ومن آيات ال الذين يؤيدون تلك النظرية آية ال محمد باقر مجلسي ،وآية ال ميرزاي قمي ،والشيخ
فضل ال نوري ،وآية ال عبد الكريم حائري يزدي (مؤسس الحوزة العلمية في النجف في عشرينيات القرن العشرين) 2 .ـ الولي معين من الشعب ،والشعب هو ميزان الحكم .ومن المؤيدين لهذه النظرية المل احمد نراقي ،والسيد محمد حسن نجفي (صاحب كتاب الجواهر أشهر كتاب في الفقه الشيعي) ،وآية ال بروجردي ،وآية ال الخميني (قبل الثورة اليرانية) 3 .ـ نظرية «مجلس فقهي» من 3أو 4من كبار آيات ال تحكم بدل من شخص واحد .وتقوم المراجع الدينية باختيار مجلس الحكم هذا .ومن آيات ال الذين يدعمون هذه النظرية آية ال جواد آملي ،وآية ال بهشتي ،وآية ال طاهر خرام آبادى 4 .ـ نظرية الولية المطلقة للفقيه ،أو الولية غير المقيدة بأية شروط ،على أساس أن الولي ممثل ال في الرض ،وسلطاته تماثل سلطات النبي .ومن المؤيدين لهذه النظرية آية ال الخميني (بعد الثورة اليرانية) 5 .ـ نظرية الدولة الدستورية ،وهي تعني ان الولية للناس لكن تحت اشراف رسمي من المراجع الدينية( .مثل أشراف مؤسسات كمجلس صيانة الدستور في ايران على «اسلمية» القوانين التي يقرها البرلمان اليراني) .ومن المؤيدين لهذه النظرية آية ال نائيني وآية ال منتظري ،وآية ال طاهراني ،وآية ال خورساني وآية ال طباطبائي والشيخ أسماعيل محلتي 6 .ـ نظرية الحكومة المنتخبة مع اشراف المراجع الدينية من دون أن يكون لهم دور رسمي .ومن آيات ال المؤيدين لهذه النظرية آية ال محمد باقر الصدر 7 .ـ نظرية الولية المشروطة للفقيه ،وهي تعني ان يكون الولي الفقيه محاسبا من قبل الشعب ،وسلطاته مقيدة .ومن مؤيديها آية ال منتظري ،وآيه ال مطهراني 8 .ـ نظرية الحكومة المنتخبة ،بدون ان يكون هناك أي دور للفقيه أو للمراجع الدينية .ولكنها تعد دولة اسلمية لن الناس مسلمون .ومن مؤيديها آية ال محمد باقر الصدر 9 .ـ نظرية الولية لكل الناس وللجميع حق في الحكم .وهنا ليس هناك أي دور للولي الفقيه .ومن مؤيديها آية ال محمد حائري يزدي .ما خرج به كديور من وسط كل هذه النظريات هو انها تطورت في سياقات زمنية مختلفة ،وأن الزمن هو معيار الحكم وليس النظريات الثابتة.
«الشرق الوسط»في إيران ( :)4آية ال صانعي ..مفتي النساء قال لـ«الشرق الوسط» إن النساء يمكن أن يكن الولي الفقيه وإنهن متساويات مع الرجال في كل شيء ..إل مسألتين
طهران :منال لطفي مدرسته في الحوزة العلمية بقم بسيطة جدا ..مبنى عليه لفتة مكتوب عليها إسم آية ال صانعي ،عندما فتح الباب الخارجي ،كان هناك دولب خشبي كبير عليه أحذية الطلب والزائرين وحصيرة وممر يوصل إلى غرف الدرس أو الصلة .الدور الول من المبنى المتواضع فيه عدة غرف صغيرة بسيطة ،الغرفة التي دخلناها كان بها عدد من المقاعد وطاولة عليها الشاي اليراني الخفيف ،واثنان من مساعدي آية ال صانعي يجهزان كاميرا فيديو لتسجيل اللقاء ،ويبدو من تمرسهما أن آية ال يوسف صانعي معتاد على تسجيل مقابلته مع الصحافيين بالفيديو .دخل آية ال صانعي مبتسما ،بعباءة سوداء وعمامة بيضاء ،ولحية طويلة خفيفة ،وقال إن الحوزة تتطور مع الزمن ،موضحا انه قبل سنوات كانت مشكلة إذا استقبل صحافية إمرأة في مدرسته ،أما الن فإن المر بات عاديا ،حتى أن كريستيانا أمانبور "الميركية" قابلته في الحوزة مؤخرا .ودافع صانعي ،وهو من أشهر آيات ال في قم ومقرب من الحركة النسائية في إيران ،عن حقوق المرأة في السلم ،وقال إنها متساوية مع حقوق الرجل في كل شيء، إل في مسألتين فقط .ووجه صانعي رسائل إلى علماء الدين السنة في العالم السلمي حول حقوق النساء في السلم ،وحول العلقات بين الشيعة والسنة .وقال إنه إذا هاجمت أميركا المواقع النووية والعسكرية اليرانية ،فإن إيران سترد بالمثل ،لكن إذا هاجمت واشنطن المدنيين اليرانيين، فإن على السلطات اليرانية أن توقف تخصيب اليورانيوم ،مشددا على حرمة إراقة دماء المسلمين .وانتقد صانعي بعض آيات ال المحافظين في قم الذين يدعون إلي تحويل "الجمهورية السلمية" في إيران ،إلى "حكومة إسلمية" ،خصوصا بعد انتخاب أحمدي نجاد رئيسا ليران ،قائل إن الذي يدعو لهذا لم يعرف الثورة اليرانية ،ووجهة نظرة في السلم غير صحيحة .وهنا نص الحوار الذي أجرته "الشرق الوسط" مع صانعي في قم. * لديك شعبية كبيرة بين النساء في إيران بسبب فتاواك حول المرأة ..كيف طورت أفكارك هذه؟ ـ أول أحب أن أوضح إنني لست ذا شعبية بين المسلمات فقط ،أنا ذو شعبية بين كل النساء في العالم اللواتي حرمن من حقوقهن ويدافعن عن حقوق النسان .كرجل دين أنا ذو شعبية كبيرة جدا، فبالقرآن والسنة النبوية والجتهاد ،كتبت وأثبت في الحوزة العلمية أن الرجال والنساء متساوون ،وليس هناك اختلف بينهما .قلت إن النساء يمكن أن يكن الولي الفقيه ،ويمكن أن يؤمن الصلة بالرجال خلفهم .وكتبت هذه الفتاوى في رسالتي العلمية بالحوزة ،وكل أتباعي يعملون وفقا لها. وكتابي حول فقه النساء أحد الكتب الساسية بالحوزة .واليوم هناك زملء لي من العلماء السنة بدأوا يتفقون على أن النساء يمكن أن يؤمن الصلة بالرجال ،ويمكن أن يشغلن منصب الرئيس ،ومن بين هؤلء وزير النفط السعودي السابق أحمد زكي يماني ،ففي كتابه "المرأة في السلم" تبنى معظم أفكاري .وأتمنى في يوم من اليام أن يتم عقد مؤتمر بحضور كل علماء الدين المسلمين من شيعة وسنة وناشطين من حقوق النسان لثبات أن القرآن ساوى في الحقوق بين الرجال والنساء ،والتأويلت بخلف ذلك اجتهادات تصيب وتخطئ. فكيف يمكن أن نتفق على أن النساء متساويات مع الرجال ،كما جاء في القرآن ،ثم نحكم أن دية المرأة تساوى نصف دية الرجل؟ كيف يمكن القول إنه إذا قتل رجل امرأة ،ل يعدم إل إذا دفعت أسرتها لسرته مقابل ماليا يعادل نصف الدية ،لكن إذا قتلت امرأة رجل فإن حكم العدام بها ينفذ مباشرة؟ كيف يمكن أن نقول إن الرجال يمكن أن يكونوا قضاة ،فيما النساء ل؟ المعيار الساسي هو المعرفة بالقانون والجراءات .والنساء مثل الرجال يمكن أن يتحصلن على هذه المعرفة .وهنا انتهز فرصة وجود "الشرق الوسط" وأوجه رسالة لعلماء السنة وهي :لماذا بالرغم من هذه الية القرآنية الشهيرة (إنما خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند ال أتقاكم) يقول بعض الناس إن النساء والرجال ليسوا متساويين .في السلم النساء لديهن حقوق مختلفة عن الرجال في قضيتين فقط ،الولى في الميراث ،فالقرآن ذكر بوضوح أن الولد يرث ضعف البنت ،والحالة الثانية هي حق الطلق ،فالرجال يستطيعون تطليق زوجاتهم ،فيما الزوجات ل تستطعن تطليق أزواجهن .هاتان الحالتان واضحتان ،لكن في كل الحقوق الخرى هما متساويان. أخاطب صحيفة "الشرق الوسط" المحترمة بأن تظهر للعلماء المسلمين أن القرآن ساوى بين النساء والرجال ،وساوى بين الجميع ،فاللون والعرق
والجنسية والنوع والدين ليست معايير للتفريق بين الناس في الحقوق .في حقوق غير المسلمين مثل ،القرآن عندما يتحدث عن الكافر ،ل يقصد هؤلء الذين لهم دين آخر غير السلم .الكافر هو الشخص الذي يعرف حقيقة ويخفيها ،وغير المسلمين حول العالم ليسوا كفارا .المسيحيون والماركسيون واليهود والزرداشتيون ،كلهم غير مسلمين ،لكنهم ليسوا كفارا .للسف غالبية بين علماء الدين المسلمين ل تضع أي فرق بين الكافر وغير المسلم ،وهذا سبب الكثير من المشاكل ،وهذه حالة هامة جدا لبد من مناقشتها في مؤتمر بين الشيعة والسنة .كل الناس متساوون في حقوقهم .أنا شخصيا ومن منطلق وجهة نظري في السلم أحترم جميع البشر ،والقرآن يحترم كل البشر ،ليس فقط المسلمين. * كيف ترى الوضع بين الشيعة والسنة خصوصا في ظل ما يردده البعض بأنه في ظل أحداث العراق والعنف الطائفي الصراع لم يعد بين الغرب والسلم ولكن بين الشيعة والسنة؟ ـ للسف مصدر كل هذه الخلفات بين الشيعة والسنة بعض القوى الكبرى التي ل تريد الوحدة الدينية بين المسلمين .كيف يمكن أن تقول إن الشيعة كفرة وهم يذهبون للصلة ويقولون نفس آيات القرآن ،ونفس الدعية بجانب علماء السنة في المسجد الحرام بمكة. * المر ل يتوقف على الجانب الفقهي ،فهناك مواجهات تأخذ المنحى الطائفي بين الشيعة والسنة في العراق؟ ما الذي يستطيع علماء الدين فعله؟ ـ الفروق في المعتقدات دائما موجودة ،لكن هذه الفروق التي نراها الن عمليا هي سياسة القوى الكبرى .يريدون أن يفصلوا الشيعة عن السنة، ولمواجهة هذا على كل القوى في المنطقة أن تتجمع وتتحدث معا من أجل وقف هذا .صحيح أن هناك فروقا دينية بين الشيعة والسنة ،كما نعلم أن المسلمين والمسيحيين مختلفون في الدين ،لكنهم متفقون في الحقوق .إنها سياسة الدول الكبرى لجعل الوضع على شفا الحرب .اليوم الخطر الكبر الذي يتهدد الناس حول العالم هو الرهاب .التفجيرات والهجمات الرهابية في العراق تتم بواسطة القاعدة ،وكل الجماعات الرهابية الخرى. عندما ينفذون هجوما إرهابيا يقتلون مسلمين ،سواء شيعة أو سنة ،كما يقتلون مسيحيين .اليوم قوى المن والعلم يجب أن تتوحد وتوجه أصابع التهام إلى الرهاب والرهابيين .يجب أن يفعلوا شيئا ضد الرهاب ،وليس ضد بعضهم البعض .اليوم كل علماء الدين المسلمين الذين يعطون أوعاظا دينية في صلة الجمعة يجب أن يلوموا الرهاب على العمليات الجرامية في العراق. أريد أن أتوجه للسعودية بالذات ،لنها تفعل الكثير من الخدمات الجليلة للمسلمين .كنت هذا العام في السعودية أحج ورأيت كل هذه الخدمات الجليلة ،فعلت السعودية الكثير للمسلمين ،وهم جديرون بالشكر الجزيل ،فإدارة مليوني حاج عمل شاق ،أريد من السعودية أن تدعو العلماء ورجال الدين أل يوجهوا أصابع التهام للشيعة في الهجمات بالعراق ،بل يوجهوا التهام إلى الرهاب والعنف .هذا المطلب لكل العلماء في البلد السلمية ،لكننى خصصت السعودية لمكانتها وأهميتها ودورها ،يجب على كل علماء الدين والزعماء في المنطقة أن ينحوا خلفاتهم جانبا لنهاء العنف في العراق. * تكلمت عن التقريب بين الشيعة والسنة ،لكن لماذا مثل ل توجد مساجد للسنة في طهران ،هل هناك قانون يمنعها أم أنها تعليمات شفهية؟ ـ ليس هناك قانون في إيران يمنع بناء مساجد للسنة .ولهذا الخلف تاريخ طويل ،لكن الوضع سيتحسن ،وسنحل هذه القضية. * بعض رجال الدين في قم من المحافظين يريدون تغيير "الجمهورية السلمية" في إيران إلى "حكومة إسلمية" ،بمعنى تطبيق الحدود ،وتقليص أهمية المؤسسات المنتخبة شعبيا .ما هو رأيك؟ ـ إذا كان هناك من يدعى هذا ،فإنه لم يعرف الثورة اليرانية ،أو الشعب اليراني ،ووجهة نظره في السلم غير صحيحة. * هل تعتقد أن هناك تدخلت سياسية في الحوزة العلمية؟ ـ ليس هناك تدخلت بين الشخصيات الهامة في الحوزة ،أصحاب العقول المتحجرة هم فقط الذين يقفون ضد الستقرار في الحوزة العلمية .في كل حقبة كان هناك دوما أصحاب عقول متحجرة ضد أفكار المام الخميني. * إيران تمر بوقت حساس ،أيهما يقلقك أكثر المشاكل الداخلية أم الخارجية؟ ـ في الوقت الراهن لدينا مشاكل ،ل نريد أن نقول إن مصدر هذه
المشاكل أوضاعنا الداخلية أو الحكومات الغربية وغير الغربية .لكن في كل الحالت لدينا مشاكل ،علينا أن نواجه عواقب العقوبات. * ما هي برأيك أسباب المشاكل التي تواجه إيران؟ ـ الموضوع النووي والستخدام السلمي المدني اليراني له ،جزء أساسي من المشكلة .لكن هناك قضايا أخرى منها أوضاع الديمقراطية في إيران أو مسألة حقوق النسان وهي قضايا يقول الغرب إن سجل إيران فيها سيئ .لكن الجزء الساسي هو الموضوع النووي .رسالتي للغرب هي أنه عليه أن يراعى مصالحنا ،وأن ينقل الصورة الحقيقة عن إيران ،فنحن لسنا نظاما ديكتاتوريا. * هل توقف البرنامج النووي إذا كان هناك خطر حرب قد يتهدد إيران؟ ـ أول ،ل يجب استخدام السلح النووي ،هذا حرام في السلم .حتى في حالة الدفاع عن النفس من المحرم استخدام السلح النووي .فمن الناحية الشرعية إذا هاجمتك قوة عظمى ،ل يمكنك استخدام السلحة النووية للرد والدفاع عن النفس لنه سيترتب علي ذلك موت عدد هائل من البرياء .والسلم وأي عقل حر سيرى هذا محرما. * إذا pتطوير قنبلة نووية حرام من وجهة نظر الشرع السلمي؟ ـ من وجهة نظر السلم مجرد تطوير قنبلة نووية ،وليس استخدامها مسالة حرام شرعا ،وهى جريمة ،لنه من الممكن أن يتم تطوير قنبلة نووية اليوم ،وغدا شخص غير مسؤول يستخدمها .السلم مثل يمنع المشروبات الكحولية ،ولهذا يجرم بائعها وحاملها وشاربها ،وهذا ينطبق على البرنامج النووي .السلم يمنع تطوير أسلحة نووية واستخدامها .كيف يمكن السماح بقنبلة نووية تقتل أبرياء وقد تمحي الحياة من الرض. * إذا كنت تتخذ القرارات ،هل توقف البرنامج النووي الن لمنع حرب محتملة؟ ـ نعم سأوقفه .لن أكون مستعدا لبنائه ،لنه يمكن أن يساء استغلله من قبل أعدائنا وسيضع حياة البرياء في الخطر .انه نفس الشيء إذا هددنا الغرب بأنه يجب أن نوقف استخدام النفط ،وإل قتل شعبنا ودمر بلدنا ،سنوقف إنتاج البترول ،لننا بهذا سنظهر للعالم إننا ضحية سياسات أعدائنا. إذا أرادوا أن يدمروا مصانع الطاقة لدينا ،سندمر مصانع الطاقة لديهم ،لكننى لست على استعداد للسماح بقتل البرياء ،إسلميا هذا حرام. * هل تقول إن على إيران أن تخضع لما تصفونه بـ"الستكبار الدولي" ممثل في أميركا وتوقف برنامجها النووي؟ ـ إذا كان هدف الهجوم الميركي منشآت ومصانع نووية وعسكرية ،سنقف وندافع عن بلدنا ،لن هذا يعنى أننا سنرد ومصالحهم ستكون معرضة للخطر تماما مثل مصالحنا .أما إذا كان هدف الهجوم الميركي هو المدنيين اليرانيين ،ول نستطيع أن نقف أمامهم أو نمنعهم ،وأن الطريق الوحيد لمنع قتل البرياء هو وقف البرنامج النووي والتخصيب ،فلبد من وقفه .طبعا الكلمة الخيرة في كل القضايا ،بما في ذلك الموضوع النووي ،للقائد العلى السيد علي خامنئي .الرئيس والبرلمان ل يقرران بشأن البرنامج النووي .خامنئي قال منذ أسابيع إنه إذا هاجمتنا أميركا ،سنفعل نفس الشيء وسنهدد مصالحهم في كل العالم .إذا أرادت قوة ما أن تواجه قواتنا العسكرية ،فإن قواتنا العسكرية سترد ،لكن إذا أرادوا الهجوم على شعبنا ،فإننا سنتصدى لهم ،إذا نجحنا سنواصل المقاومة .إذا فشلنا يجب وقف برنامجنا النووي. * في ضوء الوضاع الداخلية في إيران والنتقادات التي وجهت لحمدي نجاد بسبب سياساته القتصادية ،والضغوط الخارجية بسبب البرنامج النووي اليراني كيف ترى المستقبل القريب؟ ـ الزمة النووية ستتحسن شيئا فشيئا ،فداخليا هناك كلم حول تراجع نسبي في الموقف اليراني المبدئي .والخرون سيتراجعون عن مواقفهم أيضا .فالميركيون ل يستطيعون الهجوم علينا عسكريا ،ل يستطيعون فرض مزيد من العقوبات علينا .من ناحية أخرى ،نحن في إيران ل نستطيع أن نصمد أمام كل هذه العقوبات .داخليا ،سلطات أحمدي نجاد تتقلص ،ولم تف حكومته بالوعود التي قطعها للناخبين .اليرانيون في النتخابات المقبلة قد ينتخبون شخصا مثل السيد هاشمي رفسنجاني الذي باتت له شعبية في قم .وأذكر أنه عندما جاء إلى قم قبل فترة لعطاء خطب في مسجد السيدة المعصومة كان هناك من يشتكي من وجوده في الحوزة وكلمه للناس ،وكادت أن
تنشب مواجهات بين الناس بسبب ذلك ،إل انه عندما جاء مؤخرا رحبت غالبية الناس به بحرارة .اليرانيون يمكن أن ينتخبوا شخصا مثل رفسنجاني أو أي سياسي آخر قادر على قيادة إيران نحو الديمقراطية .أنا متفائل بالمستقبل .في انتخابات مجلس الخبراء في ديسمبر (كانون الول) الماضي والتي جاء فيها رفسنجاني ،وهو شخص متعلم بشكل جيد ومنفتح ،في المركز الول ،وضح أن قوته أكبر من هؤلء الذين يقفون في مواجهته ،فالتصويت له في طهران ل يمكن مقارنته بالتصويت لمنافسيه. * إذا pل تعتقد أن الزمات الداخلية والخارجية التي تواجه إيران ،ستجعل البلد تميل للنغلق ،أو حتى تهدد مستقبل الجمهورية السلمية في إيران؟ ـ ل ..داخليا إيران ستكون أكثر ديمقراطية. * هل ترى أن إيران قريبة من مرحلة تقييد سلطات الولي الفقيه بالقانون؟ ـ في الصل ووفقا للدستور الساسي سلطات الولي الفقيه مقيدة بالمؤسسات المنتخبة ،المهم طريقة تفسير الدستور. * هناك في إيران من يقترح انتخاب الولي الفقيه من قبل الشعب ،بدل من تعيينه من قبل مجلس الخبراء ،ما هو رأيك؟ ـ نعم أنا أؤيد هذا ،لكن المشكلة أن هذا ليس منصوصا عليه في القانون. * من الذي يغير القانون والدستور؟ ـكل الناس عندما يتجمعون ويقررون هذا ،هكذا هو الحال في جميع البلدان .فالدستور ليس قرآنا ل يمكن عدم تغييره. * إذا pهل يمكن أن يكون خامنئي آخر ولي فقيه في إيران؟ ـ هناك الكثير من آيات ال في إيران ،لن تكون هناك مشكلة في إيجاد ولي فقيه بعد خامنئي .هؤلء الذين مثل المام الخميني نادرون ،لكن آيات ال مثل خامنئي كثيرين في إيران .منصب الولي الفقيه منصوص عليه في الدستور، ولبد من احترام الدستور اليراني مسألة دستورية ،ففي العراق الدستور ل ينص على ولية الفقيه ،وهم ليس لديهم ولية فقيه ،وليس في هذا الموقف شيء ضد السلم .لكن في إيران الدستور ينص على ولية الفقيه ،وكلنا يجب أن نحترم ولية الفقيه طالما هي في الدستور * .في الحوزة أنت معروف بآرائك الليبرالية ،هل تعتبر تيارك الفكري المنفتح هو الغالب في الحوزة الن ،أم انه ما زال أقلية؟ ـ أنا الن أقلية في الحوزة ،لكن هذا التيار سوف يتزايد قوة في إيران .في عالم اليوم أفكاري سوف تجد مكانها .بعض المتشددين في الحوزة مثل كانوا ضد لقائي مع الصحافية الميركية كريستيانا أمانبور قبل فترة قصيرة ،لكن هذا ل يهم .فقبل نحو ثماني سنوات ،كان يمكن للصحافيات الجنبيات أن يتعرضن للمضايقات في قم لنهن نساء ،أما الن فإن الحوال مختلفة .كان هناك حائط سميك من الثلج حول الحوزة لكنه يذوب تدريجيا. * صانعي ..نجم الحوزة العلمي * ما أن انتهى حوار «الشرق الوسط» مع آية ال صانعي حتى أخرج مساعدوه كروتا (بطاقات) شخصية له باللغات النجليزية والعربية والفارسية ،ثم وزعوا استمارة استبيان ،تتضمن أسئلة من بينها -1 :كيف عرفت بآية ال صانعي وأفكاره؟ -2ما هو انطباعك عن أفكار آية ال صانعي قبل اللقاء؟ -3هل تغيرت انطباعاتك عن أفكار صانعي بعد اللقاء؟ آية ال صانعي ،نجم الحوزة العلمي ،فعندما تتوجه إلى قم ينصحك الجميع بزيارته .والحقيقة أن آية ال صانعي ليس فقط نجم الحوزة بأفكاره وفتاواه المختلفة عن السائد والتي تجعله مصدر جذب للصحافيين ،بل هو كذلك نجمها العلمي لنه يتحدث للعلم بل قلق ،ول يشتكي من سؤال ،أو يشعر أن الوقت يباغته ويريد إنهاء الحديث ،فهو على انشغاله يترك جزءا من وقته للعلم على أساس أن الفكار داخل الحوزة، خصوصا الفكار الجديدة ،يجب أن تنقل إلى خارج الحوزة .ول عجب أن تكون النساء في إيران نصيرات صانعي ،فأحد القوانين الخيرة في مجلس الشورى اليراني (البرلمان) حول النساء ،مثل قانون يسمح للنساء بالسفر وحدهن بدون محرم للدراسة في الخارج ،صدر بعد فتوى من
صانعي بهذا الصدد .وعندما تتكلم مع النساء اليرانيات حول حملتهن لتغيير القوانين التي تميز ضدهن ،يرددن دائما أنهن بحاجة إلى دعم رجال دين منفتحين من أمثال صانعي ،فالقوانين في إيران يجب أن تمر على مجلس الوصياء المكون من 12من رجال الدين والقانون للتأكد من مواءمة هذه القوانين للشريعة السلمية ،ولبد بالتالي عندما تتوجه النساء إلى البرلمان بطلبات لتعديلت قانونية ،أن يثبتن أن التعديلت التي يسعين إليها متوافقة مع أحكام الشريعة .نشاط صانعي السياسي ،بجانب مكانته الفقهية ،ليس شيئا جديدا ،فهو كان من أوائل رجال الدين الذين توجهوا إلى طهران مع آية ال الخميني ،حيث كان عضوا في أول مجلس أوصياء في إيران ،وعضو مجلس الخبراء في 1982عن طهران ،غير أنه استقال من كل هذه المناصب السياسية عام 1984وتوجه إلى الحوزة العلمية في قم ،وبقي هناك. من الشياء التى يحب صانعي ،وهو من مواليد 1937فى نيك آباد قرب أصفهان ،أن يذكرها هى توقيعه علي بيان «خلع الشاه» ،الذي وقع عليه عدد من رجال الدين بالحوزة العلمية قبل فترة من اطاحة الشاه ،كذلك يحب أن يتذكر علقته بالخميني ،وفي مكتبه علق عبارة للخميني تقول «:لقد ربيت آية ال صانعي كما أربي إبني» ،فهو تعلم على يد الخميني وآية اللsه العظمى البروجردي ،وآية اللsه العظمى المحقق الداماد ،وآية اللsه العظمى الراكي .غير ان مصدر الفخر الساسي لصانعي هو شعبيته وسط النساء .مبدأ صانعي فى الفتاء هو السهولة ،وهو يقول إنه ينظر في فهم اليات والروايات وأصول الستنباط إلى مبدأ السهولة في السلم ،واضعا pباستمرار ،كما يقول ،وصية صاحب (الجواهر) الشيخ النصاري في أن« tيقلsل من احتياطاته لن السلم شريعة سهلة» .ومن ضمن كتبه :رسالة (توضيح المسائل) ،و(مناسك الحج) ،و(مجمع المسائل) ،و(منتخب الحكام) ،و(الستفتاءات الطبية) ،و(مصباح المقلدين) ،و(أحكام النساء) ،و(فقه الثقلين ـ الطلق) ،و(فقه الثقلين ـ القصاص) .وتتعدد الراء الفقهية لصانعي من ولية الفقيه حتى حضانة الطفال ومن أهمها - :في ولية الفقيه يقول« :أي uمجتهد جامع للشرائط يعتبر منصوبا pللولية، ومشروعية القيام بما تقتضيه المصالح العامة ،التي لم يحدد لها السلم حكما pخاصا ،pيرجع أمره إلى الناس وأغلبيتهم فقط .والمشروعية تتوقف على آراء الناس ورضاهم بشكل عام أو عن طريق الكثرية ،والتنفيذ العملي لذلك تقوم به ولية الفقيه بشكل مباشر أو غير مباشر» .و«ل يشترط الذكورة في الولية والحكم والمرجعية وسائر شؤون الفقيه ،والمعيار لديه هو الفقه والتقوى». بالنسبة إلى عمل النساء بالقضاء يقول« :ل خصوصية للذكورة في القضاء ،وليس لدينا حجة شرعية على ذلك ،وإطلق أدلة القضاء حجة علىالعموم والشمول ،فكما أن الرجال مجازون من قبل الئمة المعصومين في التصدي للقضاء ،كذلك النساء مجازات من قبلهم ،ول سيما في شؤون المرأة وحقوقها» -في مسألة الختلف بين دية الرجل والمرأة يقول« :الرجل والمرأة متساويان في دية الخطأ وشبه العمد ،وذلك ما يستفاد من إطلق أدلة الدية مع انعدام الحجة المعتبرة على التقييد والتفصيل». فى الموسيقى يقول« :حرمة الموسيقى والغناء لجل محتواهما ،وأي uصوت وغناء وموسيقى ل تدعو إلى التحلsل والنحراف ول تسيء إلىالسلم ،فهي ليست حراما» - .في القصاص في قتل المسلم وغير المسلم يقول بالمساواة« :أي uإنسان محترم الدم يعيش تحت ظل الحكومة ولvى الxwلwباب»)v ص vح{ياة zيا اy و{ل|كyمv tفي الwقvصا السلمية ،ل فرق بين المسلم والكافر في القاتل والمقتول .القصاص حياة لولي اللباب( :
«الشرق الوسط» في إيران ( )5حجة السلم محسن غرفيان :قم مركز التفكير ..وعلماء بها مستشارون لحمدي نجاد قال لـ «الشرق الوسط» إنه يمكن للولي الفقيه أن يعطل أحكام الشريعة مؤقتا بما في ذلك الحج والرجم
طهران :منال لطفي * محافظو قم وخلفاتهم * من الصعب مقابلة رمز المحافظين في قم وإيران آية ال مصباح يزدي ،فهو لم يقابل صحافيا فى حياته ،وكما قال البعض فإنه يعتبر الصحافيين «جواسيس» .وكان الحل البديل عن آية ال مصباح يزدي ،تلميذه البرز حجة السلم محسن غرفيان .وغرفيان ،ل يتحدث النجليزية بطلقة لكنه يفهمها جيدا ،كما يفهم العربية ،ويتحدث بها قليل .لم يكن غرفيان متشددا في مواقفه كما هو متوقع من تلميذ تعلم الفقه والفتوى على يد مصباح يزدي .اشتكى غرفيان من الصورة التي تبث عنه ،وقال إن هناك مواقع انترنتية تبث ما تقول إنها افكاره ،بدون أن تكون كذلك. * للتدليل على أنه ليس محافظا كما يشاع عنه ،قال غرفيان لـ«الشرق الوسط» التي التقت به في مكتبه بقم إنه صوت في انتخابات مجلس الخبراء في ديسمبر (كانون الول) الماضي لهاشمي رفسنجاني ،وليس لستاذه مصباح يزدي .كما قال إنه ليس ضد التعددية الحزبية والسياسية كما يشاع عنه أيضا ،غير إنه ذكر انه وقف ضد قرار الرئيس اليراني محمود أحمدي نجاد دخول اليرانيات ملعب كرة القدم مع الرجال، موضحا إنه وعددا من علماء قم رفعوا شكواهم إلى المرشد العلى آية ال خامنئي الذي أوصى نجاد بعدم مخالفة رأى علماء قم .وقال غرفيان إن الحوزة معقل للتفكير الحكومي ،موضحا أن الرئيس اليراني محمود أحمدي نجاد لديه مستشارين في قم ،كما أكد على أن الحوزة منفتحة على العلوم الحديثة ،وأن الولي الفقيه له سلطة وقف تطبيق بعض أحكام الشريعة بقاعدة "تزاحم الهم فالمهم" .وهنا نص الحوار > :كيف تصف الحوزة العلمية في قم؟ ـ الحوزة العلمية في قم منفتحة على كل المدارس ،ولدينا طلب من جميع أنحاء العالم ،وهناك برنامج لرسال طلبة الحوزة للدراسة في الخارج ،في أوروبا خصوصا ،حيث يدرسون الفلسفة ،والفكر المعاصر .فإذا أردنا أن نرد على منتقدينا يجب أن نكون ملمين بكل العلوم الحديثة .في الحوزة حيوية ثقافية وتنوع وهي ليست مكانا منغلقا كما قد يتصور البعض .ووفقا للحصاءات الرسمية في إيران ،فإن قم فيها أكبر عدد من أجهزة الكومبيوتر في إيران ،مقارنة بعدد السكان .كل طلب الحوزة العلمية يستخدمون الكومبيوتر في دراساتهم وأبحاثهم .اليوم هناك العديد من المراكز في قم ،مرتبطة بالنترنت ،والطلبة يذهبون إليها للحصول على أحدث البحاث والدوريات العلمية ،ومواقع الجامعات الجنبية .الثورة اليرانية بدأت من قم ،فهي المركز العلمي ،وحاليا هي مركز اليدولوجيا والتفكير للحكومة ،وكل المراجع الدينية ،والعلماء والكتاب ،والفلسفة موجودون في قم .في الواقع لدينا عاصمتان ،طهران عاصمة سياسية ،وقم عاصمة علمية. > ما الذي تقصده بقولك إن قم باتت مركز اليدولوجيا والتفكير للحكومة؟ ـ رئيس الحكومة أحمدي نجاد لديه مستشارون من رجال الدين بقم، وهؤلء المستشارون لهم مكاتب في قم ،وهؤلء هم من يربطون الحوزة بالحكومة .والنقطة الثانية هي أن المراجع الدينية تبحث وتناقش مسائل سياسية وإجتماعية في مدارسها بالحوزة كل يوم .إنهم يطالعون كتبا وصحفا ويتابعون التطورات السياسية ،ويعلمون ما الذي يحدث ،فإذا كان البرلمان يبحث مشروع قانون له جانب ديني ،فإن هؤلء المراجع يعطون وجهات نظرهم ،ووجهات النظر هذه تنقل للصحف وللحكومة > .وجهت انتقادات عديدة لحكومة الرئيس السابق محمد خاتمي ،ما الذي لم يعجبك بالتحديد في حكومته؟ ـ مسؤوليتنا الساسية هي حماية الدين وقيم الخلق .ودائما كنا ننتقد حكومة خاتمي ،وكذلك الحكومة الحالية برئاسة أحمدي نجاد ،في قضايا متعلقة بالقيم السلمية .أنا شخصيا كنت واحدا من هؤلء الذين كتبوا ضد قرار أحمدي نجاد السماح للنساء بدخول الملعب الرياضية مع الرجال .وانتقدت القرار ،وقلت إنه قرار سيء .السبب الذي جعلني أنتقد حكومة الرئيس السابق محمد خاتمي هو أننا شعرنا خلل حكمه أن القيم الدينية تتدهور ،وإيران على وشك أن تكون كدولة غربية .نحن معلمو الدين والخلق ،وفي هذا المجال نعلن دائما أفكارنا بصراحة > .وما الذي لم يعجبك تحديدا في دخول النساء الملعب الرياضية؟ ـ المتعارف عليه في ملعب الكرة هو أنها للرجال ،والنساء لسن لهن حق الدخول .السيد أحمدي نجاد قال بعد انتخابه بقليل إن جزءا من ملعب كرة القدم يمكن أن يخصص لدخول النساء لمشاهدة مباريات كرة القدم .انتقادنا للقرار كان بسبب أن أجواء ملعب كرة القدم ل تناسب
السيدات ،خصوصا بعد انتهاء المباريات لن مشجعي كل فريق قد يتشاجرون معا ،أو تحدث احتكاكات ،وكان رأينا أن المناخ غير ملئم ،وأن مضاره أكثر من فوائده .وبسبب اعتراضنا ألغى أحمدي نجاد القرار ،بعد أن تشاور مع المرشد العلى آية ال علي خامنئي الذي قال له إنه يجب أن يحترم رأى العلماء في قم .وفي كل الحوال فإن للنساء في إيران ملعب رياضية خاصة بهن ،وهن يمارسن العديد من النشطة واللعاب الرياضية .وهن حرات تماما في التوجه إليها متى أردن ،وممارسة أي ألعاب رياضية تردن .نحن لسنا ضد ممارسة النساء للرياضة لكننا نريد أن تحافظ النساء على احترامهن > .البعض في قم يدعو إلى النظر إلى أحكام الشريعة بوصفها شيئا متغيرا بحسب الظرف الجتماعى والسياسي والثقافي ،على أساس أن هذا يحقق مصالح المسلمين ،ما هو رأيك؟ ـ لدينا نوعان من الحكام ،الحكام الشرعية العبادية والحكام الشرعية الخاصة بالمعاملت .الحكام الشرعية العبادية في غالبيتها العظمى "أبدية ل تتغير" ،مثل الصلة والصوم .أما الحكام الشرعية الخاصة بالمعاملت فتخضع في تطبيقها للظروف والزمان والمكان .فطبقا للظروف ،فإن بعض التعديلت قد يتم ادخالها .وهذه التعديلت تتم وفقا للولي الفقيه الذي يمتلك المعرفة اللزمة لوقف بعض أحكام الشريعة .ولهذا ل يمكن القول إن كل أحكام الشريعة ثابتة ،كما ل يمكن القول إن كل أحكام الشريعة متغيرة .على سبيل المثال في العلوم الطبية هناك قواعد ثابتة لم تتغير منذ زمن أبو قراط ،لكن هناك أيضا قواعد تغيرت مع الزمن ،كذلك أحكام الشريعة بعضها متغير وبعضها أبدي > .إذا pالولي الفقيه هو الوحيد الذي له سلطة تغيير أحكام الشريعة الخاصة بالمعاملت إذا ارتأى أن هذا يحقق مصلحة ،هل هذا يشمل حكم الرجم مثل؟ ـ الولي الفقيه ل يغير حكم الشريعة .في الحكام البدية أو المنصوص عليها صراحة في القرآن ،الولي الفقيه ل يستطيع تغيير الحكم ،كمثال على ذلك قال ال في كتابه الحكيم "أحل ال البيع وحرم الربا" ،وقال "أوفوا بالعهود" ،الولي الفقيه ل يستطيع أن يغير هذه الية لنه منصوص عليها في كتاب ال ،لكن يسئل الفقيه هل التجارة النترنتية أو التجارة اللكترونية تكون مصداقا للبيع أم ل؟ قال ال تبارك وتعالى "أحل ال البيع" ،فهل هذا يكون مصداقا للبيع أم ل؟ الولي الفقيه هنا يحكم إذا كانت التجارة النترنتية بيعا أم ل .الولي الفقيه يعلن وجهة نظره في ما إذا كان العقد النترنتي عقدا ومصداقا للوفاء بالعهود أم ل .لكن الفقيه ل يمكن أن يغير "أوفوا بالعهود" إلى "ل توفوا بالعهود" > .هل قلتم من قبل إنه يمكن للولي الفقيه أن يعطل مؤقتا أحكاما شرعية مثل حكم الرجم إذا ارتأى في ذلك مصلحة عليا للمسلمين؟ ـ نعم يمكن للفقيه أن يعطل الحكم مؤقتا لمصالح أهم .فبقاعدة التزاحم بين الهم والمهم يمكن للفقيه هذا ،بل إنه يمكن للفقيه أن يوقف حكم الحج .الحج من الحكام المسلمة في الشريعة ومن العبادات ،لكن إذا رأى الفقيه أن الشروط ل تساعد على فريضة الحج يمكن أن يفتي بتعطيل الحج مؤقتا .وفي إيران تم وقف تطبيق حكم الرجم مؤقتا .ليس لدي معلومات أو أرقام محددة لكن بعض أحكام الرجم ،رئيس المؤسسة القضائية في إيران قال إن الرجم ليس من المصلحة ،وأمر بتعطيله ،وحدد حكما آخر > .ينتقدك البعض بأنك مناويء للتعددية الحزبية في إيران ،وتراها خطرا ،وتريد بالمقابل أن تتم زيادة سلطات الولي الفقيه .هل هذا صحيح؟ ـ ل .البعض صنفوني بأني أنتمي إلى هذه المدرسة ،لكن الحقيقة هي ل .أفكاري الحقيقة مختلفة ،أعتقد أنه في نظام ديمقراطي لبد أن تكون هناك أحزاب وجماعات سياسية بأفكار مختلفة ،وهذا جزء من أفكار المام الخمينى .لهذا يجب أن تكون كل الحزاب والتيارات السياسية موجودة ،لكن المناخ يجب أن يكون عقلنيا .أنا معروف بين وسائل العلم في العالم كتلميذ آية ال مصباح يزدي ،ويعتقدون أنه ليس لدي أي انتقادات فكرية لتياره الفكري .حسنا ،أنا تلميذه ،لكنه دربني على التفكير بشكل نقدي .وأنا انتقدت بعض أفكاره ،وأفكر بشكل مستقل .ليس صحيحا أن كل تلميذ السيد يزدي يفكرون تماما مثله .أنا أحد منتقدي بعض أفكاره .وخلل انتخابات مجلس الخبراء ،الكثيرون من تلميذ آية ال مصباح يزدي قالوا إنهم ضد السيد هاشمي رفسنجاني الذي كان وآية ال مصباح يزدي يتنافسان في النتخابات ،لكن أنا قلت إننى سأدعم رفسنجاني وأؤيده في النتخابات، والسبب أنني أعتقد أن نهج السيد رفسنجاني معتدل وعصري .واختلفت مع المتشددين الذي وقفوا ضده ،واقترحت مرات عديدة نوعا من المناظرة بين آية ال مصباح يزدي والسيد هاشمي رفسنجاني وقلت إن كلهما تلميذ للسيد الخميني وينبغي أن يتحدا .أرسطو كان تلميذ أفلطون، وأفلطون كان صاحب نظريات فلسفية مثالية في السياسة ،وأرسطو كان لديه وجهة نظر مختلفة عن أستاذه ،فجاء الناس إلى أرسطو وقالوا له: كيف تخالف أفكار أستاذك ،هنا قال ارسطو عبارة جميلة جدا :افلطون أستاذي فليسوف وإنسان عظيم وأنا أحبه ،لكن الحقيقة أعظم من أفلطون. أنا احترم جدا أستاذي مصباح يزدي ،لكن حاليا لدى انتقادات له > .ما هي بالتحديد انتقاداتك لية ال مصباح يزدي؟ ـ أحتاج وقتا طويل جدا للجابة على هذا السؤال ،لكن عموما موضع انتقادي هو آيدولوجيته وأفكاره السياسية > .تواجه إيران مصاعب دولية بسبب برنامجها النووي ،ما هو رأيك في النشطة النووية عموما ،وماذا عن انتاج أو استخدام السلحة النووية؟ ـ لدى رأي في النشطة النووية ،مماثل لرأيي في المياه والرياح .المياه والرياح مصادر للطاقة ،والطاقة النووية ،مثلها مثل باقي موارد الطاقة يجب أن تستخدم في خدمة النشاطات النسانية السلمية .نحن
تماما ضد تطوير أسلحة نووية ،وديننا وشرعنا ل يسمح لنا بتطوير أسلحة نووية .ونعتقد أنه ل ينبغي على أي دولة في العالم أن تمتلك أسلحة نووية لنها خطر يتهدد العالم كله > .بخصوص حقوق النساء ،هل ترى أن حقوق النساء تتساوى مع حقوق الرجال ،أم أن لهن حقوقا مختلفة بسبب نوعهن؟ ـ الحقوق أساسها إنسانية النسان ،وهي ل تحدد طبقا لنوع .لكن لن الرجال والنساء مختلفون عن بعضهما البعض لدينا أحكام وقواعد لكل منهما .مثل حول حضانة الطفال لدينا في إيران قاعدة أن المرأة لها حق حضانة ابنتها حتى سن السابعة ،والبن حتى سن عامين، هذا طبقا لحكام الشرع المقبولة .فمن الفضل للبناء أن يكونوا في حضانة الم في هذه السن ،ثم بعد ذلك ينتقلون لحضانة الب .حقوق النساء والرجال متساوية ،لكن هناك اختلفات بحسب النوع.
"الشرق الوسط" في إيران ( - )6إصلحيو إيران ..أين هم اليوم؟ الجميع يبحث عن وجه بجاذبية خاتمي ..والنقسامات مشكلة الصلحيين والمحافظين
طهران :منال لطفي 3دروس تعلمها الصلحيون في إيران من هزيمتهم في النتخابات الرئاسية والبرلمانية الماضية ،وهي :أول ،أل يقاطعوا أي إنتخابات مجددا، وثانيا ،أن يكونوا أكثر حدة في المواجهة ،وأل يقفوا في منطقة وسطى فيما يتعلق بمطالب الشارع ،وثالثا ،أن يتوحدوا ويقللوا من حجم الخلفات الفكرية والتنظيمية بينهم .هذا ما يقوله الصلحيون لنفسهم إستعدادا للعودة إلى الساحة السياسية ،فكل يوم تجري مناقشات بين العشرات من السياسيين الصلحيين في إيران من أجل تشكيل إئتلف كبير يوحد أجنحتهم ،وهو إئتلف لن يضم كل التيارات الصلحية بالضرورة ،فهناك تيارات قالت إنها ل تعلم شيئا عن هذه الجهود ،وليست مهتمة بالمشاركة فيها ،مثل حزب "اعتماد ملي" الصلحي برئاسة رئيس البرلمان اليراني السابق مهدي كروبي الذي قال لـ"الشرق الوسط" إنه لم يسمع بجهود بعض الحزاب الصلحية لتشكيل هذا الئتلف ،بالرغم من أن إبراهيم يزدي زعيم حزب "الحرية في إيران" ،وهو أحد الناشطين في تشكيل هذا الئتلف الجديد قال لـ"الشرق الوسط" إن التيارات الصلحية عرضت على كروبي الفكرة ورفض المشاركة .ومصدر فكرة تشكيل الئتلف الجديد هو القلق المتنامي داخل الحركة الصلحية من فقدان قاعدتها الجماهيرية ،خصوصا أن التواصل بات صعبا بين الصلحيين وقطاع واسع من فئات المجتمع ،فالكثير من صحفهم ومواقعهم النترنتية تم اغلفها .كذلك يشعر الصلحيون بالخطر من حقيقة أنهم لم ينالوا غالبية أصوات اليرانيين في أي إنتخابات جرت مؤخرا في البلد .فمنذ فوز خاتمي في إنتخابات الرئاسة عام ،2000لم يفز الصلحيون بإنتخابات ،ففي النتخابات الرئاسية الماضية عام 2005جاء مرشح المحافظين محمود أحمدي نجاد في المركز الول ،تله رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني مرشح البراغماتيين ثانيا ،فيما جاء مرشحا الصلحيين مهدي كروبي في المركز الثالث ،ومصطفى معين في المركز الخامس في الدورة الولى من النتخابات .وفي إنتخابات ،مجلس الخبراء في ديسمبر (كانون الول) الماضي ،جاء البراغماتيون برئاسة رفسنجاني في المركز الول بفارق كبير عن الصلحيين بزعامة مهدي كروبي الذين حلوا ثانيا ،وعن المحافظين بزعامة مصباح يزدي الذين حلوا ثالثا .ول يلقي الكثير من الصلحيين البارزين باللوم علي المحافظين وتأييد بعض أجنحة السلطة لهم ،في هذه الهزائم ،بل يلقون باللوم على الطريقة التي تصرفوا بها في إنتخابات الرئاسة الماضية .ففي الجولة الولي من النتخابات الرئاسية عام 2005إنقسم الصلحيون أول حول المرشح المثل الذي يمثلهم ،ولم يتفقوا ،فكان هناك أكثر من مرشح للصلحيين ،أبرزهم مهدي كروبي ومصطفى معين ،وهو إصلحي في بداية الخمسينيات من العمر ،عمل وزيرا للعلوم والتكنولوجيا في حكومة خاتمي ،وإستقال من الحكومة عام 2003إحتجاجا علي حملة العتقالت التي طالت الطلب والمثقفين والكتاب والصحافيين .ثم إنقسم الصلحيون مجددا حول المشاركة من عدمها في الجولة الولى من النتخابات بعد رفض مجلس صيانة الدستور الكثير من مرشحيهم البارزين، ثم انقسموا ثانية حول مقاطعة النتخابات في دورتها الثانية ،وتأييد هاشمي رفسنجاني علي أساس أنه أخف الضررين ،مقارنة بأحمدي نجاد الذي ل يحظى بشعبية بين الصلحيين .وكانت الدعوات لمقاطعة النتخابات تأتي من شخصيات بازرة وسط الصلحيين مما جعلها مؤثرة وسط الطلبة بالذات .ففي الجولة الولي قاطعت ناشطات إيرانيات ،من بينهن شيرين عبادي النتخابات ،كما قاطعتها عبادي في الجولة الثانية ،وذلك إحتجاجا على رفض مجلس صيانة الدستور للكثير من المرشحين الصلحيين ،كما دعا لمقاطعة النتخابات محمد رضا خاتمي ،رئيس حزب جبهة المشاركة ،أكبر الحزاب الصلحية في إيران ،وفاطمة حقيقة جو النائبة الصلحية .لكن وحتى قبل إجراء الجولة الثانية من النتخابات الرئاسية والتي فاز فيها أحمدي نجاد ،كان هناك شعور بالخوف لدى بعض الصلحيين من أن المقاطعة يمكن أن تؤدي إلى إنتكاسة للحركة الصلحية، ومن الصلحيين الذين حذروا من هذا ،إبراهيم يزدي رئيس حزب "الحرية في إيران" ،وهو حزب محظور قانونيا ،إل أنه يعمل بشكل طبيعي منذ سنوات طويلة .وقال يزدي إن على اليرانيين أن يصوتوا في النتخابات ،ويعملوا في إطار النظام السياسي ،موضحا أنه لو فاز رفسنجاني فإن هذا سيوحد الصلحيين ،وسيشكلون معارضة قوية أمام الحكومة الجديدة .لكن الصوات التي دعت للمقاطعة ،هي التي فازت .وللمفارقة فإن مقاطعة الصلحيين للنتخابات والتي أدت إلى هزيمة رفسنجاني أمام أحمدي نجاد ،أدت أيضا إلى إضعاف الصلحيين ،فكان المستفيد الول من الزمة التي تمر بها الحركة الصلحية في إيران اليوم هو التيار البراغماتي بزعامة رفسنجاني ،الذي ل يحبه الكثير من الصلحيين لكنهم
يقولون عنه إنه "شخص يمكن العمل معه". أزمة الصلحيين أعادت الكثير من القوة إلى رفسنجاني ،لن التجار والتكنوقراط المعتدلين صوتوا له في النتخابات الخيرة لمجلس الخبراء. فاليوم وفي ظل معالجة حكومة الرئيس اليراني أحمدي نجاد للمسائل القتصادية والملف النووي ،والتهامات التي توجه له من قبل كل الصلحيين والكثير من المحافظين ،الذين يوجهون له أصابع التهام علي العقوبات القتصادية الخيرة التي فرضت علي طهران من قبل مجلس المن ...في ظل هذه الجواء عاد رفسنجاني البراغماتي ،لكنه عاد براغماتيا محافظا ،قريبا من خامنئي والمحافظين أكثر منه قريبا من الصلحيين .فإذا كان مهدي كروبي ،الرئيس السابق للبرلمان اليراني وأبرز الوجوه الصلحية في إيران اليوم ،يعتبر نفسه اصلحيا براغماتيا كما قال لـ"الشرق الوسط" ،فإن الفرق بينه وبين رفسنجاني هو أن رفسنجاني يمكن ان يكون براغماتيا اصلحيا أو براغماتيا محافظا .فالطلبة اليرانيون لم ينسوا رفسنجاني "البراغماتي الصلحي" خلل حملة النتخابات الرئاسية الماضية ،فهو قال في إحدى المناسبات النتخابية التي خصصت للشباب إنه ل يجب أن تكون هناك قيود كبيرة فيما يتعلق بنوع الملبس الذي يريد الشخص ان يلبسه ،كما دافع عن زواج المتعة ،وقال إنه أرتكب في شبابه بعض الشياء التي قد ل يحب ذكرها ،وفي المسرح النتخابي سمح بفرقة شبابية تعزف موسيقى مع أن هذا نادر في إيران. حاول رفسنجاني ان يتحدث للشباب في قضاياهم ،وباللغة التي يفهمونها .وقد صوت بعض الشباب لرفسنجاني وكانت صوره علي الغلب توزعها شابات انيقات جدا في شوارع شمال طهران الراقية ،إل أنه بالمقابل لم يصدق الكثير من الشباب أن رفسنجاني يمكن ان يكون اصلحيا كخاتمي، فلم يصوتوا له .وفيما كان الحديث قبل نحو عامين عن تيارين كبيرين يتنازعان إيران هما المحافظون والصلحيون ،بات الحديث اليوم عن 3 تيارات تتنازع إيران وهم1 :ـ تيار المعتدلين أو البراغماتيين (كوادر البناء) أو (ميانه روها) بقيادة رفسنجاني2 .ـ تيار المحافظين (أصول جرايان) ورمزه السياسي أحمدي نجاد ،ورمزه الفكري مصباح يزدي3 .ـ الصلحيون (اصلح طلبان) ورمزه السياسي الن مهدي كروبي، ومحمد رضا خاتمي زعيم جبهة المشاركة وشخصيات أخرى من التيار الصلحي .لكن هذه التيارات ل تنقسم بشكل حاسم وقاطع ،فمثل داخل الحركة الصلحية هناك تيارات فرعية عديدة من أقصى اليمين ،مثل كروبي الحريص على علقاته مع المؤسسة الرسمية ،إلى أقصي اليسار، مثل إبراهيم يزدي الذي ينتقد الوضاع في إيران بصوت عال بدون مراعاة اي حسابات سياسية ،وفي وسط الحركة الصلحية هناك حزب المشاركة بزعامة محمد رضا خاتمي ،وهو وللمفارقة أقرب الى البراغماتيين بزعامة رفسنجاني منه الى التيارات الفرعية الخرى داخل الحركة الصلحية .كما أنه داخل تيار المحافظين هناك شخصيات مثل محسن رضائي أمين مجلس تشخيص مصلحة النظام أقرب إلي التيار البراغماتي منه الى الجناح اليميني داخل المحافظين بزعامة مصباح يزدي .هؤلء المحافظون المعتدلون ،من بينهم محمد باقر قليباف عمدة طهران ،الكثير منهم له شعبية في الشارع اليراني ،هم مصدر المشاكل لحكومة أحمدي نجاد اليوم .فمحسن رضائي ،إنتقد الرئيس اليراني قبل فترة قصيرة، مشيرا الى أن اليرانيين عانوا ما يكفي من الدارة القتصادية البيروقراطية ،ومن ظواهر قوة هذا التيار أن المرشد العلى ليران خامنئي اتفق هو ورفسنجاني على أن يشرف مجلس تشخيص مصلحة النظام على السياسات القتصادية للرئيس اليراني أحمدي نجاد .وإذا كان البعض يقول إن المرشد العلى ليران آية ال علي خامنئي يميل إلي دعم المحافظين على حساب الصلحيين لسبب وجيه وهو أن بعض التيارات داخل الحركة الصلحية تضع كل شىء موضع تساؤل حتي السلطات المطلقة للمرشد العلى ،ودور رجال الدين في الحكم ،ودور المؤسسات الكثيرة في إيران مثل مجلس الوصياء ومجلس صيانة الدستور ،ومجلس تشخيص مصلحة النظام ،ومجلس الخبراء في إتخاذ القرار .إل أن البعض يرى في هذا تبسيطا ويعتقد أن المرشد العلى عليه أن يوازن بين القوى السياسية المختلفة في البلد ،وهي ليست مهمة سهلة .ويقول خسرو محبي وهو خبير إستثمارات لـ"الشرق الوسط" "هناك الكثير من الخلفات بين الفصائل اليرانية المختلفة ،فصيل احمدي نجاد يتجه اتجاها ،والصلحيون في اتجاه آخر ،والمعتدلون في اتجاه ثالث .ليس هناك وحدة سياسية بينهم ،او تقاربا في وجهات نظرهم حيال القضايا المختلفة .ويجب على القائد العلى أن يأخذ في الحسبان كل هذه الراء والتوجهات .فهم جميعا أقوياء ول يمكن تجاهل أحدهم .المحافظون بقيادة احمدي نجاد أقوياء، والمعتدلون بقيادة رفسنجاني أقوياء جدا ،حتى الصلحيون أقوياء .السيد خامنئي ل يستطيع حسم نتيجة الصراع بين هذه الفصائل ،لن لكل منهم حصة في السلطة والنفوذ" .مشكلة الصلحيين أن نفوذهم تأثر كثيرا بعد خروج خاتمي من السلطة .ويعود جزء من هذا إلى الجاذبية الكبيرة التي يتمتع بها خاتمي .فاسم خاتمي يتردد طوال الوقت ،فعندما تسأل اي شخص عن القتصاد أو الوضع السياسي أو حالة السينما أو سوق الموسيقى، يرد عليك "الوضع الن كذا كذا ،"...ثم يستطرد متحدثا عن خاتمي ،وأيام خاتمي ،والوضع خلل حكم خاتمي .خاتمي هو الحاضر في كل النقاشات ،الناس تلومه وتحمله جزئيا مسؤولية فشل الحركة الصلحية ،وتقدره في الوقت نفسه "كان يجب ان يكون أكثر قدرة على المواجهة.. هذا الرجل وصل الحكم باصوات مليين اليرانيين ،كان ينبغي ان يكون أكثر شجاعة" .هكذا قال محمد توكلي الطالب الجامعي .لكن آخرين يرون
الوضع بطريقة أخري .ناهيد توسلي الناشطة اليرانية تقول "أحب خاتمى .ل زلت احبه .خاتمي مثقف وليس رجل سياسة بالمعنى المتعارف عليه..ل يمكنك ظلم خاتمي بوضعه في خانة السياسيين ،لنه ليس كذلك .إنه رجل مثقف وحساس وأراد بممارسة السياسة ان يدخل مفاهيم الثقافة والتسامح الى مجال السياسة .انت تحكم عليه بما أراد ان يفعل وليس بما فعل" .غير ان ميراث خاتمي السياسي لم يصبح كله شيئا من الماضي. طالبة ايرانية رفضت الكشف عن هويتها قالت لـ"الشرق الوسط" ان أحمدي نجاد ل يستطيع أن يلغي الكثير من القرارات التي أتخذت خلل حكم خاتمي ،موضحة أن هذا بحد ذاته يعني ضمنا ان خاتمي نجح الي حد كبير ،وأن الكلم حول فشله والمرارة التي ترافق ذلك فيها الكثير من المبالغة .وأضافت "حاول أحمدي نجاد أن يجمع الهوائيات اللقطة ،ثم تراجع .حاول أن يعيد الى الباسيج دورهم في مراقبة ملبس النساء، وتراجع .حاول أن يضيق النطاق علي الحريات الجتماعية وتراجع .لماذا؟ لن الصلحات التي تمت خلل وليتي خاتمي ل يمكن النكوص عنها .إذا حاول أحد سيواجه إعتراضات من النساء والطلبة .لهذا أعتقد أن خاتمي لم يفشل في كل شئ" .مشكلة الصلحيين اليوم ليست فقط تحديد أجندة سياسية تعيدهم الى المسرح السياسي ،بل كذلك إيجاد وجه اصلحي يتمتع بالجاذبية الشعبية التي تمتع بها خاتمي ،وفي الوقت ذاته يستطيع تجاوز العقبات التي توضع عادة أمام الصلحيين غير المقربين من المؤسسات النافذة في إيران ،وعلي رأسها المرشد العلى ومجلس صيانة الدستور ومجلس الخبراء .الوجوه الصلحية الموجودة اليوم منها مهدي كروبي الذي إستقال من كل مناصبه السياسية عام 2005إحتجاجا على التدخلت لصالح أحمدي نجاد في النتخابات الرئاسية ،وأسس بعد ذلك حزب "إعتماد ملي" ،وصحيفة "اعتماد ملي" .ويبدو كروبي اليوم كأكثر الصلحيين نفوذا وسط المؤسسات الرسمية ،لكن هل يتمتع بنفس الشعبية بين الشباب والنساء؟ غالبا ل .فهو يعمل على عدم تجاوز الخطوط الحمراء في النظام وهذا قد ل يجعله ذا شعبية بين الشباب كما يرى البعض .هناك كذلك محمد رضا خاتمي الذي ما زال يرأس حركة المشاركة، أكبر الحركات الصلحية في إيران ،وإبراهيم يزدي ،غير انه ربما يكون أكثر راديكالية من قدرة المؤسسات الرسمية على الحتمال .فهو ينتقد بصوت عال ،ومصطفي معين وهو موجود وسط الحلقة الصلحية ،لكن مشاريعه للمستقبل غير معروفة .هناك كذلك آخرون وسط الحركة الصلحية في إيران مثل يوسفي اشكفاري الذي أجبرته السلطات علي خلع لباسه الديني قسرا بعد مشاركته في مؤتمر برلين بالمانيا ،وانخرط أكثر من ساعتها في الحركة الصلحية .ول يتمتع كل الصلحيين بشعبية في الشارع ،بل تتفاوت نسب التأييد والدعم لهم بحسب برامجهم وما يطرحونه ،ويستفيد الصلحيون حاليا من المشاكل القتصادية التي تواجهها حكومة أحمدي نجاد ،فالناس في الشارع يريدون إدارة اقتصادية أفضل" .لست قلقا من ضرب اميركا ليران ،لن هذا لن يحدث .أنا قلق من القتصاد .ومن قدرتي على دفع ايجار منزلي .هذا هو ما يقلقني. عمليا لدينا قدرات اقتصادية ،لكن برنامجنا القتصادي غير ناجح" ،كما يقول مهتدى مولوي ،وهو شاب يعمل موظفا في إحدى المدارس الحكومية. الصلحيون يحاولون أن يتحركوا للمام ،وينشطوا ويشكلوا تحالفات على أساس أن شعبيتهم مضمونة في الشارع ،لكن هل يصوت الشباب لهم في أي إنتخابات مقبلة ،أم أن خيبة المل ما زالت هي الشعور الغالب؟ جميلة ،وهي طالبة ايرانية ،عبرت عن شكوكها في معسكر الصلحيين، موضحة أن غياب وجه إصلحي بارز هو المشكلة الكبر ،وتابعت لـ"الشرق الوسط" إن "كروبي اصلحي نوعا ما ،هو ليس إصلحيا بكامل معنى الكلمة .أما الخرون فلم يبرز منهم أحد حتى الن" .لكن كمران وهو سائق تاكسي ايراني كردي كان أكثر تشاؤما "كلهم متشابهون... رفسنجاني مثل خاتمي مثل أحمدي نجاد .ل شىء يتغير ..الشوارع قديمة ،المنازل قديمة ،والعربات قديمة ..هل تغير شىء؟"
«الشرق الوسط» في إيران ( : )7مهدى كروبي :ل نسعى لتصدير الثورة ..لكن ل نستطيع منع انتقال تأثيرها قال لـ«الشرق الوسط» إن تصريحات خاطئة داخل إيران لم يتم التفكير فيها أدت لزيادة التوتر حول ملفها النووي
طهران :منال لطفي * إيران :إصلحيو الوسط ..ومواقفهم * رسالتان منه إلى المرشد العلى ليران آية ال علي خامنئي ،غيرتا حياة حجة السلم مهدي كروبي ،رئيس مجلس الشورى (البرلمان) اليراني من 1989وحتى ،1992ثم من 2000حتى ،2004فقد استقال يوم 19يونيو (حزيران) ،2005في أعقاب الرسالتين ،من كل مناصبه السياسية الرسمية وهي مستشار المرشد العلى ،وعضو مجلس تشخيص مصلحة النظام ليبدأ حياته بعد ذلك كمعارض إصلحي .الرسالة الولي كانت «شكوى» واتهامات لمن أسماهم بشبكة من المساجد والحرس الثوري والباسيج بالتدخل لصالح مرشح المحافظين آنذاك محمود أحمدي نجاد في الجولة الولي من النتخابات الرئاسية التي حل فيها هاشمي رفسنجاني أول بـ %21من الصوات ،وأحمدي نجاد ثانيا بـ %19.48من الصوات ،وكروبي ثالثا بـ %19.3من الصوات. * سمى كروبي في رسالته الولى ،مجتبى خامنئي ،ابن المرشد العلى آية ال علي خامنئي كأحد المتورطين في شبكة دعم أحمدي نجاد .وطلب كروبي من المرشد العلى أن يأمر بفتح تحقيق في التجاوزات ،إل أن خامنئي رد برسالة إلى كروبي قال له فيها إن هذه التهامات أقل من مكانته ،وحذره من أنها ستسفر عن أزمة سياسية في إيران لن يسمح بها المرشد العلى .وفي اليوم التالي دعا كروبي أنصاره إلى مواجهة ما أسماه بالتزوير في النتخابات و"حماية المة من رمز الديكتاتورية" ،في إشارة إلى أحمدي نجاد ،الذي قال إن فوزه سيعني تحويل إيران إلى "طالبان" جديدة في المنطقة ،ووصف النتخابات بأنها كانت "أكثر صفحة سوادا في تاريخ الصراع اليدولوجي" في إيران بين الجنحة المختلفة .ثم رد كروبي برسالة مفتوحة إلي خامنئي ،أرسلت نسخ منها إلى الصحف اليرانية ،تحمل استقالته ودعوة بالتدخل لمنع زيادة المرارة لدى التيار الصلحي من التدخلت في النتخابات .ومن ضمن ما جاء في الرسالة "أطلب منك التدخل لوقف بعض قوات الحرس الثوري والمسؤولين من التدخل غير القانوني في النتخابات ..ل يجب أن تسمح بأن تضاف مرارات جديدة إلى المرارات القديمة" ،إل أن الصحف التي نشرت الرسالة مثل "افتاب" و"اعتماد" منعت من التوزيع ذلك اليوم .كما قيل إن كروبي وضع في القامة الجبرية بمنزله في اليوم التالي .منذ ذلك اليوم وكروبي، 68عاما ،يعمل في إطار المعارضة الصلحية ،إل أنها معارضة "إصلحية براغماتية" كما يحب أن يصفها ،ومن أبرز قواعد البراغماتية المشاركة والنخراط في اللعبة السياسية ،ولهذا وجه كروبي ،الذي إلتقته "الشرق الوسط" في مكتبه بطهران انتقادات للصلحيين الذين قرروا مقاطعة النتخابات الرئاسية ،كما إنتقد ترشح عدد كبير منهم للرئاسة ،المر الذي أدى إلى تشتت وضياع أصوات الصلحيين. يقف كروبي في منطقة وسطى بين تيارات الصلحيين اليرانيين ،فهو ل يريد أن يلجأ التيار الصلحي إلى المواقف الراديكالية التي يمكن أن تجعله يبدو كعدو للمؤسسات الرسمية في البلد مثل المرشد العلى ومجلس الخبراء أو مجلس صيانة الدستور ،ويفضل كروبي ،مثل الرئيس اليراني السابق محمد خاتمي ،أن يتحرك الصلحيون بوعي ودراية وهدوء بحيث ل يخسروا المواقع التي اكتسبوها .كروبي اليوم يرأس حزب "إعتماد ملي" الصلحي الذي أسسه قبل نحو عام ،كما انه رئيس تحرير صحيفة "إعتماد ملي" التي تعد واحدة من أكثر الصحف اليومية شعبية في إيران بسبب صراحتها وانتقاداتها لداء الحكومة ،خصوصا على الصعيد القتصادي .ويختلف إصلحيو الوسط ممثلين في كروبي مع المحافظين برئاسة أحمدي نجاد في كل القضايا الداخلية تقريبا وعلي رأسها الدارة القتصادية والملف النووي ،إل أنهم يتفقون معهم في موقفهم من غالبية القضايا الخارجية ومنها العراق والعلقات مع دول الجوار .وبالرغم من أن كروبي ما زال يوجه النتقادات اللذعة إلى مجلس الوصياء اليراني بسبب الطريقة التي يفسر بها الدستور فيما يتعلق بدوره في مراقبة النتخابات ،إل انه متفائل بمستقبل الصلحات والصلحيين في إيران، موضحا أن النتخابات المحلية وانتخابات مجلس الخبراء الخيرة التي شهدت تنسيقا بين الصلحيين ومشاركة واسعة ،وحقق فيها الصلحيون نتائج جيدة ،دليل على أن الصلحيين لم يفقدوا جاذبيتهم لدى اليرانيين.
ودافع كروبي عن موقف إيران فيما يتعلق بالملف النووي ،وقال إنه على الرغم من أن طهران ل تحاول تصدير مبادئ الثورة اليرانية ،إل أنها ل تستطيع وقف انتقال تأثيرها .كما قال كروبي إن السياسة الخارجية اليرانية ل تستغل العامل الشيعي ،وإنه إذا كان هناك بعض الشيعة المتشددين في إيران يستغلونه ،فإن هذا ل يعني أنه موقف رسمي إيراني .وهنا نص الحوار: * هل هدوء الحركة الصلحية اليوم في إيران سببه استمرار صدمة الصلحيين من فوز المحافظين بالنتخابات البرلمانية والرئاسية؟ ـ من الطبيعي أن تكون جماعة فشلت أو خرجت من السلطة هادئة ،لكن حزب "اعتماد ملى" مثل ليس كذلك .فمنذ اليوم الول وبعد ظهور نتائج النتخابات وهزيمة الصلحيين بدأنا عملنا ،وأسسنا حزبنا .وبشكل منتظم نتحدث ونناقش ونكتب خطابات ،ونجرى مقابلت .لدينا حزبنا الخاص، ولدينا صحيفتنا .لكن الطبيعي أن التيار الذي يخسر السلطة يتحرك بهدوء .أما حول خسارة الصلحيين النتخابات ،فإن المر لم يكن بهذه الخطورة ،لن جزءا من هزيمة الصلحيين هو إساءة تقدير من جانبهم ،أي لم يكسب المحافظون ،بل خسر الصلحيون .فالصلحيون أنفسهم هم سبب خسارتهم في النتخابات. * كيف يكون الصلحيون مسؤولين عن هزيمتهم؟ ـ السبب هو أن الصلحيين تسببوا في خلفات داخل صفوفهم .في قضية النتخابات البرلمانية ،بعض الصلحيين قاطعوا النتخابات ،وآخرون شاركوا .من الطبيعي انه عندما يقاطع فصيل ضمن تيار عريض كالتيار الصلحي النتخابات ،فإن تأثير المقاطعة سيمس التيار الصلحي كله ،وليس هذا الفصيل وحده ،بل التيار المنافس ،أي المحافظين .الكثير من الصلحيين لم يشاركوا في النتخابات البرلمانية ،وترافق هذا مع فشل حكومة الرئيس السابق محمد خاتمي في بعض النقاط .هذه هي السباب الرئيسية لخفاق التيار الصلحي .أما في النتخابات الرئاسية ،فإن جماعة من الصلحيين لم تستطع الفوز لن اليرانيين لم يظهروا اهتماما بهم .وقد أدى هذا إلى تفكك وحدة التيار الصلحي .فبدل من مرشح إصلحي واحد ،دخل 4مرشحين إصلحيين انتخابات الرئاسة ،فتوزعت الصوات على 4 أشخاص .كذلك لم يظهر الصلحيون ثقة في بعضهم البعض .وكان من الواضح أن هذه السياسات خاطئة .لكن في النتخابات المحلية وانتخابات مجلس الخبراء التي جرت في ديسمبر (كانون الول) الماضي ،شارك الصلحيون في النتخابات وحاولوا أن يتحدوا ،ونجحوا. * هل الحركة الصلحية ما زالت منقسمة حتى اليوم أم أنها توحدت بسبب الشعور بالضغط من التيار المحافظ؟ ـ أول ،أغلبية المجتمع اليراني إصلحية التوجه .حال الصلحيين في إيران اليوم ليس سيئا ،هناك وحدة بينهم .لكن جزءا منهم ارتكب الخطاء التي ذكرتها سابقا ،ول يتعاونون مع الخرين ،لكن الوحدة بين القوى الساسية للصلحيين موجودة ،وفصيل ضئيل هو الذي أدى إلى فشلنا ،لنهم تنحوا جانبا وقرروا عدم المشاركة في المشهد السياسي ،لكن وضع الصلحيين عموما جيد الن .ثانيا ،حول الضغوط من المحافظين ،أقول إنه ليس هناك ضغط .لكن بشكل آلي أو أتوماتيكي ،فإن الوسائل والقوة والتسهيلت أصبحت في أيديهم ،بينما الصلحيون الن بعيدون عن مصادر القوة .على سبيل المثال، عندما أجريت انتخابات البرلمان الفائت ،كانت الحكومة بيد الصلحيين ،وبالتالي كان بامكانها الضغط أو العتراض عند عدم السماح للمرشحين الصلحيين بالترشح .عندما جرت النتخابات الرئاسية الماضية كان لدينا القوة التنفيذية لكن للسف لم نفز ،لن خاتمي كان في أيامه الخيرة. الوضع الن أصعب ،لكن ليس هناك ضغط. * هل صحيح أن هناك 9أحزاب إصلحية إيرانية تجري الن محاولت لتشكيل ائتلف كبير فيما بينها للمشاركة بشكل موحد في النتخابات الرئاسية المقبلة ،وهل صحيح انك رفضت النضمام لهم؟ ـ لم أسمع أي شىء عن هذا الئتلف ،هذه هي المرة الولى التي اسمع به .بالنسبة لنا في "اعتماد ملى" نحن بدأنا عملنا منذ فترة قصيرة ،أقل من عام ونصف العام ،لكن بالرغم من ذلك نحن ناشطون جدا .لدينا مكاتب في مناطق مختلفة في إيران ،لدينا خططنا ،ومراكز التفكير الخاصة بنا ,نعمل ما علينا عمله .لكن ما زال أمامنا طريق طويل ،لكن حتى الن تسير المور على ما يرام .في النتخابات الخيرة ،مجلس الخبراء والبلديات ،شاركنا في طهران ومدن أخرى ،وكانت مشاركتنا جيدة جدا .كنا الحزب الصلحي الوحيد الذي شارك في انتخابات الخبراء والبلديات .في مجلس الخبراء ،كنا الحزب الوحيد الذي قدم لئحة مرشحين عن طهران ،ومدن أخرى .لدينا علقات تعاون ممتازة مع الفصائل التي تفكر مثلنا .لدينا كذلك مشاكل ،لكن مستقبلنا جيد .جريدتنا "اعتماد ملى" عمرها عام واحد،
لكن طبقا لما يقوله كل الناس ،باتت من أحسن ،إذا لم تكن أحسن ،صحيفة في إيران. * ما الفرق بين "اعتماد ملي" وأحزاب إصلحية أخرى مثل حزب المشاركة؟ ـ أعلنا برنامجنا السياسي ،لكننا لن نعلن الختلفات بيننا وبين باقي الحزاب الصلحية في إيران ،هذا حكم الناس .يجب أن ينظروا إلى الحزاب العديدة ،ويقرروا الختلفات بينهم .نحن حزب يضم كل طبقات المجتمع ،طلب ،وعمال ،ومهنيون ،ورجال دين .حزبنا يعمل في الطار العام لدستور جمهورية إيران ،وهذا يعني "جمهورية" و"إسلمية". أن تكون جمهورية يعني أن تكون كل المؤسسات السياسية منتخبة من قبل الناس ،وأن تكون إسلمية يعني اللتزام بأحكام السلم .بشكل واضح، حزبنا يعتمد على نهج المام الخميني (خط المام) .نحاول أن ننافس بقوة في كل النتخابات ،ونفعل هذا الن ،للوصول إلى السلطة لخدمة الناس. وباستثناء إسرائيل ،نعتقد انه ينبغي أن تكون ليران علقات جيدة مع كل دول العالم ،حتى أميركا .سياساتنا هي تخفيف التوترات بين إيران والعالم ،والتفاوض وتحقيق التعاون .من الطبيعي أن نسعى لن تكون لنا علقات طيبة جدا مع العالم السلمي ،ودول المنطقة .لكن لبد من ذكر أن الوليات المتحدة كانت قاسية جدا بحق إيران ،ففي الذاكرة التاريخية اليرانية نتذكر إطاحة أميركا حكومة الدكتور محمد مصدق في الخمسينات ،ونفي المام الخميني إلى العراق لمدة 15عاما .على أميركا أن تبني الثقة ،هذه هي أفكاري ،يمكن أن نتفاوض ونتحاور مع أميركا، لكن نعتقد أن هذه المحادثات يجب أن تكون على أسس متساوية وعادلة .ل يجب أن يكون هناك أي تعال أميركي أو شعور بالفضلية حيالنا. * إذا pهل مشكلة علقة إيران وأميركا خاصة بهذه الدارة بالذات؟ ـ السيد بوش متشدد ،بينما الحزب الديمقراطي أكثر عقلنية .أنا شخصيا زرت الوليات المتحدة خلل ولية كلينتون لحضور مؤتمر بين قيادات البرلمان (اليراني) والكونغرس ،وتحدثت إلى عدد من أعضاء الكونغرس الميركى .لكن هذه الدارة غير عقلنية على الطلق .جون كيري مثل قال إن إدارة بوش عزلت واشنطن عن العالم. * هل تفضلون النتظار لحين انتهاء ولية بوش ،ثم محاولة إصلح العلقات مع الدارة الجديدة؟ ـ هذا أمر يعود للدبلوماسية اليرانية .لكن الفكرة الساسية هي انه ل يمكننا التعامل مع هذه الدارة .نحن أيضا لدينا انتخابات العام المقبل ،في فبراير (شباط) أو مارس (آذار) المقبل. * هل تتخوفون من أن إيران قد تكون مهددة بعمل عسكري أميركي ضدها خلل هذا العام قبل انتهاء ولية بوش؟ ـ نحن ضد الحتلل ،نعتقد انه لبد بأسرع ما يمكن نقل السيادة كاملة إلى الحكومة العراقية .نحن تماما ضد الوجود الجنبي في العراق .لكن هذا الوجود ل يهددنا .يمكن أن يحاولوا أن يخلقوا مشاكل داخل إيران ،ويؤلبوا الناس ضدنا ،لكننا ل نخشى وجودهم .التهديد الحقيقي هو للعالم السلمي ،وهم يحاولون أن يضروا بوحدة العالم السلمي ،خصوصا على أسس طائفية بين الشيعة والسنة .تهديدهم لنا اقل خطرا من تهديدهم لوحدة الشيعة والسنة في المنطقة ،لنهم يمكنهم أن يفعلوا هذا في العراق ولبنان ومناطق أخرى ،لكن هنا ،في إيران ،ل يستطيعون أن يفعلوا أي شىء .نحن لسنا قلقين، لكن وجودهم عموما يمكن أن يقود إلى نتائج سلبية فيما يتعلق بمصالح إيران. * هل هناك توتر في علقات إيران والعراق ،خصوصا بعد تزايد الهجوم على مصالح إيرانية في العراق؟ ـ الرئيس العراقي ،وهو سني ،ورئيس الوزراء العراقي ،وهو شيعي ،أعلنا مرات عديدة أن العلقات بين إيران والعراق جيدة جدا .بل إنهما ذكرا أن إيران تساعد العراق منذ زمن صدام حسين ،عندما قبلت إيران أن تكون بلد الملجأ للمعارضين العراقيين .الكلم حول توتر العلقات بين اليرانيين والعراقيين كلم أميركى ،لكن العراقيين لم يقبلوا هذا الكلم .هذه حيلة لم تنفع .لدينا علقات وثيقة جدا على المستويين الرسمي والشعبي ،بسبب الحج للعتبات المقدسة للمام الحسين والمام على الرضا وغيرهم. * لكن هناك اتهامات لكم بأنكم تحاولون تصدير مفهوم الثورة اليرانية؟ ـ ل نصدر الثورة ،الثورة أفكار ووجهة نظر ويمكن أن يكون لها تأثير على الناس .خلل زمن الشاه كانت الفكار اليسارية تجتاح العالم ،وانتقلت هذه الفكار عبر العالم وإلى إيران بالرغم من القيود والمنع وعدم انتشار وسائل العلم كما هي منتشرة اليوم .كانت العلقات بين الشاه وجمال عبد الناصر سيئة جدا ،لكننا كنا نسعى للمعرفة ،ولم يستطع الشاه منع انتقال أفكار التيار القومي إلى إيران .ل يمكنك منع انتقال الفكار بالقوة العسكرية .الفكار ل يمكن منعها ،ل نسعى لتصدير الثورة ،لكننا ل
نستطيع منع انتقال تأثيرها في العالم السلمي. * لكن البعض يتهم إيران بأنها تستغل "العامل الشيعي" في سياستها الخارجية ،ولبنان والعراق مثال على ذلك؟ ـ إذا كانت إيران تستغل العامل الشيعي في سياساتها الخارجية ،فهذا خطأ .لكنني ل أعتقد هذا .كنت في لبنان قبل نحو 5أو 6سنوات عندما كنت رئيسا للبرلمان خلل ولية محمد خاتمي ،وحاولنا جهدنا للحفاظ على الوحدة بين الشيعة والسنة .وعبر العالم السلمي كانت هناك مؤتمرات ومناقشات وموائد حوار بين علماء الدين الشيعة والسنة في كل دول المنطقة ،كانوا يأتون إلى إيران ،وكنا نذهب إلى البلدان السلمية .كانت لدينا علقات جيدة .اللبنانيون أنفسهم حريصون جدا على الوحدة بين الشيعة والسنة .عندما كنا ندعو مسؤولي حزب ال إلى إيران ،كانوا يرسلون ضمن وفودهم مسيحيين. أحيانا بعض الشياء البسيطة يتم تضخيمها من جانب بعض الطراف لتحقيق أهداف معينة .على سبيل المثال يمكن أخذ كيف يتصرف آية ال السيستاني في العراق كمثال على ذلك ،انه الحكم بين الشيعة ،لكن علقته بالسنة في العراق ممتازة ،انه حريص جدا على هذا. * هل لديكم علقات متوازنة بين الشيعة والسنة في العراق؟ ـ السياسة اليرانية في العراق هي النفتاح على كل الطوائف ،وإقامة علقات تعاون مع الحكومة .لكن ربما بعض المتعصبين الشيعة ل يفعلون هذا ،حتى بين رجال الدين هناك من يتصرف بطريقة خاطئة ،لكن هذا ل يعكس السياسة اليرانية ،ول توجه القوى الساسية في النظام .الوجه الخر للمشكلة قد يحدث أيضا ،فمثل عندما كنت مبعوث المام الخميني لشؤون الحج في مكة ،وجدت بعض رجال الدين السنة يقولون أشياء خاطئة ،لكن هؤلء استثناء ،ل يمكن القول إنهم يعبرون عن النظام ،أو يعكسون الموقف الرسمي .الوضع كذلك في إيران ،هذا يمكن أن يحدث في بعض المواقع وبعض القضايا. * بعض اليرانيين يشتكون من أن المساعدات المالية لحزب ال أو حماس وغيرهم يضر بالوضع القتصادي .ويتساءلون :ما الذي نكسبه من هذا؟ ـ هذا أمر طبيعي ،كل دولة في العالم عليها مجموعة من اللتزامات المالية والنفقات ،وفقا للمصلحة الوطنية ،لكنه أيضا من الطبيعي أن يكون للناس وجهات نظر مختلفة حيال الموضوع .بعض اليرانيين مع هذه المخصصات ،وآخرون ضدها .بشكل عام ،غالبية اليرانيين فيما يتعلق بالمساعدات لحزب ال وفلسطين يؤيدون مساعدة الحكومة لهما ،لكن البعض ل يوافق .نحن ساعدنا أفغانستان والعراق أيضا ،والبعض يتفق مع هذا ،والبعض الخر ل يتفق. * أيهما يقلقك أكثر ،الصعوبات القتصادية في إيران ،أم المخاوف من قصف أميركي ليران والصعوبات المتزايدة في علقات إيران الخارجية، خصوصا مع الحلفاء التقليديين مثل الصين وروسيا؟ ـ في الواقع علقتنا بالصين وروسيا جيدة جدا سياسيا واقتصاديا .داخليا ،اليرانيون متحدون في دعم النظام والثورة .المظاهرات في ذكرى الثورة في 11فبراير (شباط) دليل على ذلك .خلل النتخابات في ديسمبر الماضي ،المشاركة كانت كثيفة بالرغم من أنها النتخابات البلدية ومجلس الخبراء ،وهي انتخابات تأتى في المرتبة الثالثة من حيث الهمية بعد انتخابات الرئاسة ،ثم انتخابات البرلمان .لدينا ضغوط خارجية وداخلية ،الضغوط الداخلية أمر طبيعي ،فمن الحقيقي أن لليرانيين شكاوى وانتقادات حول بعض المشاكل داخل إيران ،لكن علينا أن نبذل كل جهدنا للحديث حولها وحلها ،خاصة البطالة ،والحريات العامة .حول الملف النووي تواجه إيران بعض الضغوط الخارجية ،خصوصا من قبل الوليات المتحدة والنظام الصهيوني ،بالضافة إلى أن بعض التصريحات الخاطئة التي أطلقت هنا في إيران لم يتم التفكير فيها ،وأدت إلى زيادة الضغوط .لكننى واثق من أننا سنتجاوز هذه الزمة. *حاولتم لفترة طويلة تغيير قانون النتخابات في إيران وفشلتم .ما هي القوى التي تعوقكم؟ ـ كانت هناك مشاكل في قانون النتخابات وصححت. لكن لدينا بعض المشاكل مع مجلس الوصياء .هناك سوء فهم بيننا وبين مجلس الوصياء حول تفسير الدستور ،وإشراف مجلس الوصياء على النتخابات .نحن نرى أن مجلس الوصياء يجب أن "يراقب" النتخابات ليطمئن إلى أنها تجرى بطريقة شفافة ،لكن مجلس الوصياء يقول انه "يمتلك السلطة" لمنع ترشيح بعض المرشحين ،وهذه نقطة الخلف بيننا وبين المجلس .نحن نعتقد أن عليهم الشراف على النتخابات ،وهم يقولون إنه من حقهم مراقبة النتخابات ،وسلطة منع البعض من الترشح .ثانيا ،بعض الشخاص في الحركة الصلحية صبوا البنزين على النار فيما يتعلق بمشكلتنا مع مجلس الخبراء ،وقد تأذينا كثيرا من جراء هذا .كان من الممكن أن ننجح في خلفنا مع مجلس الوصياء ونقنعه بقبول سلطة
المراقبة ،والتخلي عن سلطة إقصاء المرشحين ،لكن للسف هذه التدخلت لم تمكنا من هذا. * ماذا عن موقف المرشد العلى آية ال على خامنئي؟ ـ موقف المرشد العلى كان ايجابيا ،في بعض الحالت تدخل بنفسه وحل المشكلة .لكن عندما تصاعدت المشكلة لم يتدخل ونأى بنفسه .كذلك لدينا مشكلة أخرى من نوع آخر ،وهي أن الجهة المخول لها تفسير الدستور هي مجلس الوصياء أيضا ،فهو جهة الفصل في مشكلة هو طرف فيها .لكن في كل الحالت في عالم السياسة يجب أن تتعاون مع الخرين ،إذا لم تتعاون تبرز المشاكل * .صحيفة "اعتماد ملي" تتحدث بصراحة حول الحكومة ،وتوجه لها انتقادات حول الدارة القتصادية مثل .كيف ترى الوضاع القتصادية في إيران؟ ـ نحن ننتقد الحكومة ،وهذا عملنا ،وهذا ما يجب أن نفعله ،نوضح وجهات نظرنا حول سياسات الحكومة ،ونخبر الناس بالتطورات .حول تقييمي للداء القتصادي للحكومة ،ل أريد الدخول في تفاصيل الموضوع ،ل بسبب كوني كنت مرشحا للرئاسة ،لكن الحقيقة هي أن المشاكل القتصادية خطيرة ومنها البطالة والتضخم ،والسكن .هذه اليام ميزانية الحكومة للعام المالي الجديد تناقش في البرلمان ،ولهذا فإن المور ستتضح أكثر حول الميزانية وحول مواجهة المشاكل القتصادية .لكن هناك مشاكل تتعلق بإدارة الحكومة ،على سبيل المثال عندما أعلنت الحكومة أن سعر برميل البترول سيكون 33.7دولر للبرميل .قال رئيس اللجنة القتصادية في البرلمان الدكتور أحمد توكلي ،وهو اقتصادي محافظ ،إن الرقم الحقيقي هو 50دولرا للبرميل ،أي أن ما أعلنته الحكومة ونشرته في الصحف ،لم يكن الرقم الحقيقي .على أية حال نأمل أن تتمكن الحكومة والبرلمان من وضع ميزانية جيدة لهذا العام .ولحسن الحظ أن المشاورات في البرلمان تذاع مباشرة كل يوم على الراديو .هذه إحدى مزايا الثورة ،فبعد الثورة اقر الدستور بند إذاعة كل المناقشات البرلمانية على الهواء مباشرة للناس وفقا لتعليمات المام الخميني .من "ب" أي بسم ال ،إلى "ت" ،تمت ،أي شىء يجب أن يذاع مباشرة. * أخيرا ،لماذا ل يوجد قانون موحد للمطبوعات في إيران؟ ـ لدينا في قانون المطبوعات في إيران مشاكل نريد تصحيحها ،ولبد من تصحيحها، لكن المحافظين في البرلمان أعاقوا جهود الصلحيين .كان من المفترض أن يتم إصلحه لكن البعض تدخل بطريقة لم تساعدنا .مجلس الوصياء ..عدو الصلحيين * يسمى «عدو الصلحيين الول» ..ففي النتخابات البرلمانية الخيرة التي حصد فيها المحافظون غالبية المقاعد ،رفض مجلس الوصياء طلبات ترشيح نحو 3آلف شخص ،غالبيتهم العظمى من الصلحيين بينهم نحو 80عضوا في البرلمان المنتهية وليته ،بدعوى عدم الكفاءة .وبسبب هذا وصف محمد رضا خاتمي رئيس جبهة المشاركة الصلحية مجلس الوصياء بأنه «قاتل الحركة الصلحية» في إيران ،وقال عشية تلك النتخابات التي قاطعها حزبه «مجلس الوصياء قتل كل الفرص ،ليس هناك أمل في الحل» .مجلس الوصياء ،Guardian Councilاو«شوراى نجهبان قانون اساس» ،أحد مؤسسات الحكم الساسية في إيران ،وقد نص الدستور اليراني في الفصل السادس من الدستور ،من المادة 91الى المادة 97على اختصاصاته وطريقة عمله .ويتكون مجلس الوصياء من 12شخصا ،نصفهم من رجال الدين ويعينهم المرشد العلى علي خامنئي ،ومن حقه ايضا اقصاؤهم من مناصبهم ،والنصف الخر من القضاة باختصاصات قانونية متنوعة ينتخبهم البرلمان اليراني من ضمن عدد من القضاة يرشحهم رئيس المؤسسة القضائية ،التي يرأسها محمود شهرودي ،والذي يعينه ايضا المرشد العلى .وليس من اختصاصات مجلس الوصياء الذي يرأسه حاليا أحمد جنتي ،اصدار القوانين او التشريعات ،غير أن كل القوانين التي يصوت عليها البرلمان يجب ان يصادق عليها مجلس الوصياء ،للتأكد من شيئين ،أول من ملءمتها للشريعة السلمية ،وثانيا ملءمتها مع الدستور اليراني .وليس للبرلمان اي دور تقريبا بدون مصادقة مجلس الوصياء على القوانين التي يمررها .وفيما يجب أن يصوت العضاء الـ 12على كل القوانين ذات الصلة بالدستور، يصوت رجال الدين وحدهم على القوانين ذات الصلة بالشريعة .وعندما يرى مجلس الوصياء مشكلة في قانون ما يرفعه الى البرلمان للتعديل، لكن اذا استمر الخلف بين البرلمان ومجلس الوصياء ،يتم تحكيم مجلس تشخيص مصلحة النظام Expediency Councilالذي يرأسه هاشمي رفسنجاني .ايضا من الختصاصات الساسية لمجلس الوصياء النظر في قوائم المرشحين لكل النتخابات في إيران ،ويقرر المجلس السماح او عدم السماح للمرشحين بالترشح رسميا .وهذا هو مصدر الخلف الرئيسي بين مجلس الوصياء والكثير من الصلحيين اليرانيين .ففيما يفسر المجلس دوره بأن من حقه قبول او رفض الترشيحات (استصوابي) ،يرى الصلحيون أن هذا ليس دوره ،بل فقط «الطلع» (استطلعي) على قوائم المرشحين ،وتسجيلها وتمريرها.
«الشرق الوسط» في إيران ( )8ـ يزدي :ثورة أخري مستحيل لكن تغييرا تدريجيا ممكن قال لـ«الشرق الوسط» أنه تجاوز كل الخطوط الحمراء
طهران :منال لطفي «بلغ العل بكماله ..كشف الدجى بجماله ..حسنت جميع خصاله» ،بيت من الشعر العربي معلق على حائط صالون الستقبال في منزل إبراهيم يزدي ،زعيم «حركة الحرية في إيران» ،المحظورة منذ أكثر من 20عاما ،لكنها في الوقت ذاته نشطة وتعمل في العلن من دون تضييقات، إبراهيم يزدي رجل مطلع علي الكثير من التاريخ والثار الثقافية والفكرية العربية ،وعندما تجلس معه يستحضر دوما أحداثا من التاريخ العربي أو الشخصيات العربية للمقارنة ،أو للتدليل علي وجهة نظره ،الحياة لدى يزدي 67 ،عاما ،الذي يمارس الرياضة بانتظام بما في ذلك تسلق الجبال حتى اليوم ،عبارة عن «مغامرة من أجل الحقيقة» ،وهو ل يخاف التعبير عن أفكاره ،ول يفكر في العواقب ،وهو غير نادم علي هذا النهج الذي جعله يبتعد عن قلب حركة الصلحات في إيران خلل السنوات الماضية ،والكتفاء بأن يكون في الظل. منذ البداية كان يزدي «صوت الختلف» ،وبالرغم من انه كان أحد الشباب المتحمسين جدا للثورة اليرانية عام .1979قال يزدي لـ«الشرق الوسط» التي إلتقته في منزله بأحد أحياء شمال طهران الثرية إنه يستبعد قيام ثورات جديدة في إيران ،وقال إن الرجح هو تغيير تدريجي ،مشيرا إلى أنه شخصيا ل يؤمن بولية الفقيه ،وإن هناك أحاديث انه في حالة غياب خامنئي ،فإن مجلسا من 3أو 5من آيات ال يمكن أن يكونوا الولي. يزدي ،رجل مشغول على الدوام ،ولهذا لجأت زوجته إلى طريقة غير معتادة لتجنب الشعور بالوحدة ،فاشترت عشرات العصافير ،وزرعت أشجارا في ركن واسع أحاطته بالزجاج ،وسط صالون الستقبال بالمنزل .ما أن تدخل منزلهما حتى تشعر أنك دخلت حديقة عامة ،فأصوات العصافير والخضرة في كل مكان .وهما يغلبان الشعور بالوحدة أيضا برؤية أولدهم وأحفادهم وكلهم يعيشون ويعملون في أميركا ،ومكان الرؤية يكون غالبا دبي لن الوليات المتحدة ترفض أن تعطي يزدي تأشيرة دخول .وهنا نص الحوار: * بعد 28عاما من الثورة اليرانية ..ما زال البعض في إيران غير راض عما تحقق حتى اليوم؟ ـ دائما ما كان هدف نضال اليرانيين تحقيق شيئين أول الحقوق الساسية وحريات الناس ،ثانيا الستقلل .الكثير من علماء الجتماع يطلقون على القرن العشرين «قرن الناس» بسبب الثورات الكثيرة التي حدثت خلل القرن ،الثورتان الولي والخيرة في القرن العشرين حدثتا في إيران .الثورة الولي حدثت 1905وهي الثورة الدستورية في إيران .والثورة الخيرة في القرن هي الثورة اليرانية عام .1979إذا pاليرانيون يكافحون منذ زمن طويل ،لكننا لم نصل بعد إلى ما نعتبره مقبول ومرضيا نسبيا .لذلك نواصل كفاحنا .الثورة عام 1979كانت من أجل هدفي الحرية والستقلل .كان شعار اليرانيين "حرية الناس والستقلل" .نحن حققنا الهدف الثاني ،فل شك أن بلدنا الن مستقلة ،فليس هناك بلد أجنبي يمكن أن يملي علي السلطات اليرانية ما تفعله .وهذا مختلف تماما عن زمن الشاه ،فخلل زمن الشاه كان السفيران البريطاني والميركي يمليان على الشاه الذي يجب أن يفعله ،الن الوضع مختلف، فالدول الغربية تمارس ضغوط ،لكنها ل تملي علينا ما الذي يجب أن نفعله ،وهذان أمران مختلفان .لكن فيما يتعلق بالحرية أقول إننا لم نحقق هذا الهدف .فنسبيا نحن ل نتمتع بالحرية .لدينا حرية بمعني إنك يمكن أن تأتي وتتحدثي معي ،وأنا ل أخاف بأن أخبرك بماذا اعتقد ،لكن هذا ليس ما نكافح من أجله .في إيران ما زال لدينا تضييق علي حريات التعبير ،وهذا ينطبق على الصحافيين والناشطين السياسيين والنساء والطلبة والمحامين ،كلهم يخضعون للضغوط فيما يتعلق بحريات التعبير .خصوصا مع الدارة الجديدة للرئيس محمود أحمدي نجاد حيث شهدت إيران تعزيز الضغوط والرقابة .علي سبيل المثال لدي عدة كتب ما زالت تنتظر التصريح من وزارة الرشاد والثقافة ،أحد هذه الكتب بعنوان «النخبويين السلميين والتحديات الجديدة» ،فلدينا في إيران نوعين من النخبة ،النخبة العلمانية ،والنخبة السلمية ،وأنا أنتمي إلى النخبة السلمية ،وهي تفهم معاني القرآن والسنة النبوية وميراث الئمة بطريقة مختلفة تماما عن الطريقة التي يفهم بها رجال الدين والعلماء التقليديون القرآن والشعائر الدينية .لكن المشكلة انه وبعد أكثر من 20عاما من الحكم باسم السلم الكثير من الشباب اليراني لم يعد مهتما بالسلم .وهذا يضع أمامنا تحديا كبيرا كأشخاص ننتمي إلى حركة النخبوبين السلميين.
وهذا ما حاولت أن أعالجه في كتابي .فنحن في أعماقنا مسلمين ،لكننا لسنا مسلمين بالطريقة التي كان بها آباؤنا مسلمين .فالسئلة التي كانت محل اهتمام والدك وجدك مختلفة عما لديك الن ،والجابات مختلفة ،ل يمكن الجابة على تساؤلت شباب اليوم بالطريقة التي تعلمناها من آبائنا ،الحياة تغيرت ،الثورة اللكترونية غيرت وجه العالم ،بالطريقة نفسها التي غيرت بها الثورة الصناعية العالم .نحن الن نعيش في قرية عالمية ،ل أحد يستطيع تجاهل ما يجرى في السودان ،أو الصومال أو شوارع لوس أنجليس أو لندن ،هذه الثورة اللكترونية غيرت العالم ،ولهذا فإن السئلة المطروحة علينا اليوم مختلفة ،يجب أن نعد أنفسنا للجابة علي هذه التساؤلت والتحديات .في إيران هناك سؤال حول مواءمة السلم والديمقراطية .وهذا تحد كبير .هناك أشخاص مثل هؤلء الذين في جبهة النقاذ في الجزائر يقولون إن الديمقراطية غير هامة ورأي الشعب غير هام ،هناك رجال دين في إيران يستخدمون نفس اللغة .ويعتقدون أن الناس ليس لهم أي حقوق ،بل عليهم فقط واجبات .ما أريد قوله هو إن الوضاع الحالية تفرض علينا جميعا تحديات علينا مواجهتها .فالديمقراطية ليست شيئا يمكن شراؤه وتركيبه ،إنها عملية تعليمية ،وبالتأكيد الديمقراطية لن تتحقق في إيران على يد الجنود الميركيين ولهذا في إيران يناضل الناس بأنفسهم من أجل الديمقراطية. * أنت تتحدث بحماسة عن المساعي للديمقراطية ،فيما صوت الصلحيين خافت جدا هذه اليام؟ ـ دائما ما رددت أن الديمقراطية عملية تعليمية. يجب أن يتعلم الليبراليون ،ويتعلم الصلحيون ،ويتعلم المحافظون .الجميع يجب أن يتعلموا خللها .لكي تعم الديمقراطية إيران ،لن يتحقق هذا بالليبراليين والصلحيين فقط ،بل بالمحافظين أيضا .يجب أن يدركوا أنهم يمكن أن يعملوا ويتحركوا بشكل أفضل في ظل نظام ديمقراطي .على سبيل المثال ،أنظري إلى فرنسا منذ عشر سنوات كان الشتراكيون في الحكم ،الن الديجوليون في الحكم ،هذا ل يعني أن غالبية الشعب الفرنسي أدار ظهره للشتراكيين ،بل يعنى أنهم كانوا يعتقدون أن الشتراكيين يمكن أن يحققوا ما يطمحون إليه ،والن يعتقدون أن المحافظين يمكن أن يحققوا ما يطمحون إليه .نفس الشىء حدث في إيران .لكن منذ سنوات عندما جاء محمد خاتمي للسلطة ،وكان للصلحيين اليد الطولي ،قسموا فورا القوى المؤيدة للديمقراطية في إيران إلى فئات وطوائف ،قريبين من النظام ومؤسساته ،وبعيدين عن النظام ومؤسساته .واعتبروا أنفسهم قريبين ،واعتبروا حركة الحرية في إيران بعيدة ،واستبعدونا .وفي حين يقول الصلحيون إن إيران لكل اليرانيين ،يقومون في الوقت نفسه بمثل هذا التقسيم .لكن في النتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية الخيرة تعلم الصلحيون أن هذا التقسيم مزيف ،فمن أجل أن تنتصر الديمقراطية يجب أول قبول التعددية والتنوع الراء ووجهات النظر وسط الناس ،فالقرآن يقول إن الناس مختلفون ،ويقول إنه سيحكم بين المختلفين .يجب أن نتسامح تجاه اختلفاتنا لن ال هو الذي سيحكم فيها .إذا pأول عنصر في الديمقراطية هو قبول التعددية الطبيعية وسط المجتمع لنها تصميم الهي. ثانيا ،عندما تقبل هذه التعددية الجتماعية يجب أن تتسامح ،فليس هناك ديمقراطية بدون تسامح .ثالثا ،يجب بعد قبول تسويات وسطية ،التمتع بالقدرة على تقديم تنازلت من اجل البقاء .يجب أن أقبلك وأحترمك وأجرى تسويات معك ،هذه هي عناصر الديمقراطية .الصلحيون لم يقبلونا خلل خاتمي .الن الصلحيون في الموقف نفسه .المحافظون الن في السلطة ،والكثير من عناصر إدارة الرئيس أحمدي نجاد جاءت من المؤسسات المنية والجيش والحرس الثوري ،وهم ل يتسامحون مع أحد .بمعني هم ل يتسامحون فقط مع الصلحيين ،بل كذلك ل يتسامحون مع أطراف من قلب تيار المحافظين ،على سبيل المثال مثل حزب المؤتلفة أو حزب الئتلف السلمي وسكرتيره العام نبيه حبيبي .الن الصلحيون يدركون بحكم التجربة خطورة الستبعاد ،ويحاولون التجمع .ما أريد قوله هو إن الديمقراطية تجربة تعليم لكل التيارات السياسية .هناك عنصر آخر فيما يتعلق بكون الديمقراطية عملية تعليمية ،عندما كان خاتمي في السلطة ،رفع المحافظون ،بهدف إضعاف خاتمي ،مستوى توقعات الناس القتصادية لدرجة انه خلل حملة أحمدي نجاد أعطى اهتماما كبيرا للقضايا القتصادية .الناس العاديون في الشارع اليراني تعبوا من رجال الدين ،وبالتالي في المنافسة النهائية بين هاشمي رفسنجاني وهو رجل دين ،وأحمدي نجاد وهو ليس رجل دين ،بل شخص من قوات الحرس الثوري يتحدث عن القتصاد ،كانت حظوظ احمدي نجاد أفضل .فرفسنجاني ليس مجرد رجل دين بل رمز لحكم رجال الدين لكثر من 25عاما، والكثير من الناس اعتبروه مسؤول عما يجرى في البلد ،ولنه ليس في إيران حريات صحافية بالمستوى المطلوب ،أصبحت الناس سطحية في حكمها ،ولهذا صوت اليرانيون لحمدي نجاد من دون أن يعرفوه حقيقة .بعد نحو عام ونصف العام الجميع مصاب بخيبة أمل ،لن الوهم انتهي. * برأيك ما هي الفروق الحقيقة بين تيار المحافظين البراغماتيين بزعامة هاشمي رفسنجاني ،وتيار المحافظين الصوليين بزعامة مصباح يزدي؟ ـ هاشمي رفسنجاني في السلطة منذ أكثر من عشرين عاما ،رفسنجاني الن ليس هو نفس الشخص الذي كان عليه قبل سنوات .هو براغماتي يفعل أي شىء في السياسة ،وهو أدرك أن متطلبات هذا الزمن مختلفة ،ول يتصرف بالطريقة نفسها التي كان يتصرف بها الناس منذ مئة سنة
مثل .مصباح يزدي ل يمتلك هذه الخبرة .ربما فيما يتعلق بالنواحي الفقهية لدي الرجلين نفس الفكار .لكن مصباح يزدي ليس لديه أي خبرة في إدارة المجتمع ،وهذا شىء هام .الفرق بين رفسنجاني وأحمدي نجاد هو نفس الشىء .أحمدي نجاد ليس لديه أي خبرة ،هو لديه تصور مبسط جدا حيال السياسة .مثل لنضع كل أموال النفط على موائد اليرانيين ،هذا شعار لطيف .لكن السؤال كيف يمكن ذلك؟ عقائديا كلهما محافظ ،لكن هاشمي رفسنجاني لديه عشرين سنة خبرة سياسية وهو يعرف ماذا يقول ،وكيف يقوله وماذا يفعل ،ومصباح يزدي ل يعرف هذا .إذا جاء يزدي للسياسة ،سيدرك انه ليس الخبر كالختبار. * هل ولية الفقيه هي الشىء الذي يجمع التيارات المحافظة معا ،ويفرق التيارات الصلحية .على أساس أن المحافظين كلهم يؤيدون مبدأ ولية الفقيه ،فيما يختلف الصلحيون حوله؟ ـ ل أؤمن بولية الفقيه من الناحية الدينية والنظرية .فليس هناك أي شىء في القرآن بخصوص ولية الفقيه .في زمن المام الخميني عندما كتب حول الولية المطلقة للولي الفقيه ،كتبنا في حزب الحرية في إيران كتابا صغيري حول ولية الفقيه. استشهدنا فيه بالقرآن والحديث الشريف ،وكانت النتيجة أن مفهوم ولية الفقيه ليس جزءا من أصول السلم .حتى الخميني نفسه قال حول ولية الفقيه «إن هناك روايات يمكن أن تشير إليه» .وعندما كنت وزيرا في الحكومة النتقالية بعد الثورة ،لم يكن هناك في المسودة الولى من الدستور التي وقعها الخميني أي ذكر لولية الفقيه .كان دستور إيران دستور دولة ديمقراطية بكل معنى الكلمة .هذا يعني أن دستورا من دون ولية الفقيه، شىء صحيح .ولهذا ،لبد من تغييرات دستورية ،لن داخل الدستور اليراني هناك تباينات بين المؤسسات المنتخبة والمؤسسات غير المنتخبة، الدستور مثل قبل مفهوم سيادة الشعب ،ومع ذلك فإن الكثيرين من رجال الدين في إيران يقولون إن المرشد العلى معين من ال .هذا تناقض واضح .الدستور يقول إن مجلس الخبراء يراقب المرشد العلى ،لكن إذا كان المرشد معينا من ال ،كيف يمكن لهيئة سياسية أن تراقب أداءه وهو معين من ال؟ عموما طالما ولية الفقيه جزء من الدستور ،يجب أن نتحرك في إطار القانون ،وأي تغييرات يجب أن تحدث بشكل متدرج ،ولهذا. أنا ل أومن بمبدأ ولية الفقيه ،وهناك تباينات في الدستور بسبب هذا .لكن لبد من تغييرات تدريجية خطوة بخطوة ،وليس تغييرات مفاجئة .الن خامنئي هو الولي الفقيه ،في حالة مرضه أو استقالته مثل ،هناك أحاديث حول تشكيل مجلس شورى من عدة آيات ال وليس آية ال واحدا ،أي مجلس من 3أو 5أشخاص ،ليتولى هو الولية .لكن هذا ليس هو الموضوع ،أعتقد أنه تدريجيا سيدرك الجميع أنه بغض النظر عن من هو المرشد العلى ،فإن مفهوم ولية الفقيه يتناقض مع تقدم إيران .لدينا رئيس ننتخبه كل 4سنوات ،ووزير خارجية ،وبرلمان منتخب ،ووفقا للدستور لدينا مجلس للمن القومي ،مثل كل بلدان العالم ،المرشد العلى هو رئيس المجلس ولديه ممثلون في المجلس ،والعلقات الخارجية وقواعدها يجب أن توضع من قبل المجلس والمرشد العلى يصادق عليها ،وفي المجلس كل الطراف السياسية موجودة .بالنسبة لي هذا شىء ل بأس به ،وسواء كان لدينا ولية فقيه أم ل ..نحتاج مثل هذا المجلس .لكن عندما يتم تحديد السياسة ،وزير الخارجية هو الجهة التي يجب أن تنظر في تنفيذ هذه السياسة ،لكن هذا مختلف في إيران ،لدينا وزارة خارجية ،ومجلس أمن قومي برئاسة علي لريجانى ،ومع هذا أرسل المرشد العلى مستشاره علي أكبر وليتي لزيارة موسكو ،كل شخص يفعل كل شىء .هذا يظهر أن هذا النظام ل يستطيع العمل .إذا كان الرئيس انتخب من قبل الناس، والمرشد يدعمه ،والبرلمان انتخب بعد تصفيات مجلس الوصياء للمرشحين ،ولهذا جميع أعضاء البرلمان موثوق فيهم من ناحية مبدئية ،ووزير الخارجية حصل على ثقة البرلمان ،يجب إذا pأن تكون معالجة القضايا الخارجية في يد وزارة الخارجية .لكن هذا ل يحدث ،ول أحد يستطيع سؤال المرشد العلى لماذا تفعل هذا؟ ولهذا أقول إن الديمقراطية عملية تعليمية .أعتقد أن الكثير من الناس لديهم نظرة مثالية حول ولية الفقيه ،فهو ممثل ال على الرض .حسنا ..ل بأس .لكن عندما يأتي المر إلى النواحي العملية ،الولي الفقيه بشر ليس معصوما ،يخضع لكل نواحي القصور البشري ،كيف يمكن أن تكون لديه سلطات بل قيود وبل أي إشراف أو مؤسسة تحاسبه .قبل عشرين عاما كانت الكثير من الحزاب تقول إن مفهوم ولية الفقيه ليس هو المشكلة ،دعونا نبتعد عنه .الن وصلوا إلى نتيجة أن هذه هي المشكلة .الن هم يتحدثون خلف البواب المغلقة ،لكن قريبا سيتحدثون علنية .أنا ل أدري ماذا سيحدث في المستقبل ،لكن عمليا نحن نتحرك نحو نقطة فاصلة ،أو منحنى طرق ،حيث سيدرك المحافظون والليبراليون والصلحيون أن هذا النظام ل يعمل ويجب تعديله ،كيف؟ أنا ل أعلم. * وأين الصلحيون من هذا النقاش؟ ـ الصلحيون في حالة هدوء لنهم مصدومون ،كان بيدهم البرلمان والرئاسة ،وفقدوهما ،والسؤال كيف حدث هذا؟ إنهم مصدومون ،لكنهم في حالة تأمل علجي لفهم ما الذي حدث ،هذا هام .إنهم يطرحون أسئلة عميقة وقاسية حول أداء خاتمي ،وهو شخص لطيف جدا ،لكنه غير شجاع .فهو لم يستطع تطبيق سياساته .الصلحيون الن يتأملون الوضع لمحاولة الفهم.
ثانيا ،الصلحيون في السلطة قسموا الحركة الصلحية إلى «إصلحيين داخل النظام» و«إصلحيين خارج النظام» .نحن أحد تيارات الصلحيين خارج النظام .الصلحيون في السلطة اعتمدوا بشكل هائل على حقيقة كونهم جزءا من النظام وفعلوا كل شىء للبقاء ضمن حلقة النظام ،وابتعدوا عنا وقالوا إن المرشد العلى لن يتسامح حيال هذا .الن وبعد خروجهم من السلطة يتعاونون معنا .عقدنا بعد النتخابات الرئاسية عام 2005عدة اجتماعات معهم ،ونحاول أن نتفق على أجندة عمل وتشكيل ائتلف للديمقراطية وحقوق النسان مكون من الحزاب الصلحية في إيران 9 .أحزاب إصلحية من بينها حركة الحرية في إيران وجبهة المشاركة والتنظيمات الدينية القومية ،وقعت التفاق بالضافة إلى 35 ناشطا سياسيا من بينهم محسن كديور وأعضاء بالبرلمان .أما حزب "اعتماد ملي" فلم يقبل النضمام إلينا ،لن مهدي كروبي ما زال يريد أن يعمل مع هاشمي رفسنجاني وخامنئي ضمن النظام .تقرب منا في وقت ما ،لكنني أعتقد انه وضع تحت ضغط من خامنئي للبتعاد عنا. * حركة الحرية في إيران ،لماذا يراها البعض وسط الصلحيين راديكالية أكثر من اللزم ؟ ـ هم ل يرون إننا راديكاليون أكثر من اللزم ،بل صريحون في الحديث بل خوف .فعندما قام البعض من عناصر الثورة اليرانية عام 1979باحتجاز الدبلوماسيين الميركيين في السفارة الأميركية لمدة 444يوما ،كنا الجهة الوحيدة التي انتقدت هذا بصراحة .واتهمونا ساعتها بأننا مؤيدون لميركا .فقلنا ل ..نحن ندافع عن المصالح القومية ليران .واحتجاز رهائن ضد مصالح إيران .كذلك خلل الحرب العراقية -اليرانية ،عندما نجحت إيران في التقدم عسكريا ،وعرض صدام نوعا من السلم في البداية ،أيدنا ذلك وكتبنا خطابا مفتوحا إلى المرشد العلى آية ال الخميني ومجلس المن القومي ،وقلنا إن هذه الحرب ليست في صالح إيران ويجب أن يتم وقفها .وانتقدنا مبدأ المعاملة بالمثل ،وقلنا إنه ليس مفهوما قرآنيا ،بمعنى أنه إذا أرسل العراقيون عناصر إلى داخل إيران وقتلوا أبرياء ،فل يمكن لليرانيين أن يفعلوا الشىء نفسه باسم السلم ويرسلوا أشخاصا إلى داخل بغداد لقتل أبرياء .قلنا إذا أردتم الرد ،أرسلوا أشخاصا إلى منزل صدام حسين ،لكن ل ترسلوا أشخاصا لقتل الطفال والنساء الحوامل ،هذا ليس مفهوم المعاملة بالمثل بالمعني السلمي .وقلنا إننا ل نخدم مصالح صدام حسين ،بل مصالح إيران .أخيرا وبعد سنوات الحرب ،قبلت القيادة اليرانية بوقف إطلق النار وفقا للقرار ،598وكان وضعنا سيئا وضعيفا .ما الذي حصلنا عليه من القرار؟ ل شىء .كذلك في زمن الخميني ،كتبنا خطابا مفتوحا له قلنا فيه إننا نعارض فكرته حول تصدير الثورة .كان الخميني يقول «الحرب ..الحرب حتى يتم إنهاء الفتنة في العالم» .قلنا له إن اصل الفتنة طبقا للقرآن الكريم هو الشيطان ،أو إبليس ،وهو موجود من الزل للبد ،فهل تريد حربه حتى تنهي الفتنة من العالم كله؟.هذا مستحيل .كيف تفكر هكذا .في انتخابات مجلس الخبراء الخيرة ،قلنا صراحة :لماذا يجب على الناس أن تصوت .فإذا كان المرشد العلى معينا من ال ،لماذا يشارك الناس في انتخابات مجلس الخبراء المفترض نظريا أن يقيم أعمال المرشد العلى؟ وقلنا هؤلء الشخاص في مجلس الخبراء هل يمكن أن يخبرونا ما الذي يفعلوه ،هل يعلمون مثل ميزانية ونفقات المرشد العلى .نشرنا هذه الفكار في الجرائد ،والمواقع النترنتية .نحن لسنا راديكاليين ،نحن فقط نعبر عن آرائنا بحرية وصراحة بدون خوف .والن يقولون علينا وسط الصلحيين إننا نتجاوز الخطوط الحمراء لننا نطرح أسئلة وانتقادات للمرشد العلى ،ل احد يجرؤ على طرحها. * جميع التيارات في إيران تسعي لنيل دعم الشباب والنساء ..هل هاتان الفئتان ما زالتا تهتمان بالسياسة .ـ نحن امة شباب %70 ،من سكان إيران تحت سن الـ 30عاما .ما الذي يعنيه هذا؟ يعني أن %70من اليرانيين اليوم ولدوا بعد الثورة اليرانية .ل يعرفون أي شىء عن الشاه، كما ل يعرفون أي شىء عن الثورة .هؤلء الشباب يريدون أن يستمتعوا بالحياة ،الشريحة الكبيرة بين الشباب اليرانيين هن من النساء .من المهم التأكيد على أن الثورة اليرانية غيرت النساء .ففي مجتمع إسلمي تقليدي كإيران ،مكان المرأة هو المنزل ،وهي ل تشارك في الشؤون العامة السياسية أو الجتماعية .ما الذي حدث خلل الثورة؟ جاءت النساء وتظاهرن بجانب الرجال في شوارع إيران ،وهتفن بشعارات الثورة .ما الذي يعنيه هذا؟ يعني أن النساء أصبحن مسيسات ،ولن يرضين بعد اليوم بالبقاء في المنزل ،ليكن أمهات وزوجات .لكن بعد نجاح الثورة ،كان الهم الساسي للمحافظين من قيادات الثورة من أصحاب «المر بالمعروف والنهي عن المنكر» ،شعر النساء ،وفرض الحجاب .ما إذا كان هناك فساد أم ل ..ل أحد يهتم .ما إذا كانت هناك مشاكل سياسية أم ل ،ل أحد يهتم ،لكن إذا كان شعر النساء ظاهر فهذا في رأيهم مسألة "يهتز لها عرش ال".
هذا يعني أن المحافظين وجهوا أنظارهم نحو النساء ،وبدأوا المواجهة مع النساء .في الشوارع ،هناك أشخاص من قوات الباسيج يوقفون مثل إحدى البنات ويوجهون لها اللوم لن شعر رأسها ظاهر ،فتذهب باكية إلى منزلها .من يهدئ من روعها؟ أمها .المهات ل يقبلن هذا .الطريقة التي يضغط بها المحافظون علي مسألة حقوق النساء ومظهرهن وشعرهن ،وطريقة لبس الشباب ،سممت الكثير من اليرانيين .فالمهات متعلمات، ومهما كن متدينات ،يعرفن كم أنه من الصعب قبول هذا النوع من المعاملة للشباب والشابات صغار السن. هؤلء المهات اللواتي شاركن في الثورة منذ 28عاما ،هن الن أمهات جيل الشباب الحالي .وبالرغم من أنهن شاركن في الثورة ،إل أن توجههن ضد المحافظين ،والفهم السطحي للدين واضح .هؤلء المهات ربين هذا الجيل الجديد ،وهو جيل متدين ،لكنه متدين بطريقة ل يريدها المحافظون. ولهذا فإن قوة التغيير في إيران اليوم هما النساء والشباب .حتى رجال الدين التقليديون ل يستطيعون أن يجعلوا أبناءهم مثلهم ،أو يفكروا ويتصرفوا بطريقة آبائهم .ل يستطيعون أن يمنعوا أبناءهم من الذهاب إلى النترنت ومشاهدة بعض الشياء التي ل ينبغي لهم أن يروها .بسبب الضغوط السياسية والقمع ،الكثير من هؤلء الشباب يخفون اهتماماتهم السياسية ،ول يريدون المشاركة في النشطة السياسية .وهذا هو سبب عدم وضوح حركتهم السياسية .ثورة أخرى في إيران مسألة مستحيلة ..لكن تغييرا تدريجيا ..نعم .ولهذا اختارت النساء اليرانيات التحرك القانوني التدريجي المفتوح والنضال من أجل تحسين أوضاعهن .لن هذا هو الطريق .الصوت العالي * حركة الحرية في إيران نموذج فريد في المعارضة السياسية الداخلية ،فهي بالرغم من انتقاداتها اللذعة للنظام ،إل أنها في الصل واحدة من الجنحة السياسية التي دعمت وساهمت في الثورة ،بل إن قادتها شغلوا مناصب مهمة في أول حكومة انتقالية بعد الثورة .ولهذا وعلى الرغم من أن الدكتور إبراهيم يزدي ،أمينها العام ،يعد اليوم صاحب «أعلى صوت» وسط المعارضة الداخلية في إيران ،إل أنها معارضة «ذات ولء وعاطفة وطنية» ،وهي ليست ضد المؤسسة الدينية بأكملها أو كل رجال الدين .تأسست حركة الحرية في إيران في 14مايو (أيار) 1961وبسبب نشاطها تعرضت حركة الحرية في إيران إلى استهداف جهاز السافاك أو استخبارات الشاه ،فتم في عام 1963اعتقال مؤسسيها ،إل أن وجود ناشطين من حركة الحرية في الخارج مثل يزدي ،والدكتور علي شريعتي ( 1933ـ ،)1977وهو مفكر قومي إسلمي إيراني يعد من كبار المنظرين للثورة اليرانية ،ساعد على أن تواصل الحركة نشاطها بالرغم من ضغوط الشاه .وخلل فترة قصيرة استطاعت الحركة أن تحقق شعبية بين تجار البازار والطلبة ورجال الدين المنفتحين .بعد الثورة مباشرة ،وتأسيس الحكومة النتقالية التي رأسها مهدي بازركان ،أحد مؤسسي الحركة ,بدأت تظهر المشاكل والخلفات بين الجنحة المختلفة التي أيدت الثورة مما دفع حركة الحرية للظل.
«الشرق الوسط» في إيران ( :)9اليرانيون ..والعرب اليرانيون العرب الكثر إطلعا علي الثقافة العربية ..فليس من النادر أن تسمع «قارئة الفنجان» في منزل إيراني عربي
طهران :منال لطفي إذا كان بعض اليرانيين يشتكون من أن دعم حزب ال وحماس بات مكلفا سياسيا واقتصاديا ليران ،فإن البعض الخر يقول إن ليران مصالح حيوية في المنطقة ،وإنه لن يمكن تحقيق هذه المصالح بعصا سحرية ،ولبد من سياسات واضحة المعالم تحقق ليران مصالحها في المنطقة ،حتى لو كان ثمن هذا عشرات المليين من الدولرات. لكن الوضع القتصادي والسياسي في إيران الن ربما يكون مبعث قلق وإعادة تفكير .ويقول شاب إيراني طلب عدم كشف هويته" :القضية لها جانبان ،مساندة حزب ال ليست فقط مسألة دفع أموال ،إنما مساندة اشقائك .لكن ثانيا بسبب الوضع القتصادي السىء ،فإن اليرانيين بدأوا يفكرون مرتين ،ويتساءلون :ما هي المنافع التي ستعود على إيران من هذا الدعم؟ كذلك في إيران غموض وشك بدأ يتسلل إلى النفوس حول ما إذا كانت أفعال السيد حسن نصر ال في مصلحة لبنان كأمة؟ إذا حدث أي شىء ،مثل اندلع حرب أهلية في لبنان ،فإن هذا سيكون أمرا فظيعا للعالم العربي ،وسيقف العرب ضد إيران لنهم سيقولون إن السبب هو علقات طهران بحزب ال .كمسلم إيراني أقول إنه ل يجب النحياز لطرف شيعي على حساب الخر السني في أي صراع بالمنطقة .اليرانيون قد يعرضون مصالح أميركا في المنطقة للخطر ،لكنهم سيعرضون للخطر كذلك الوحدة السلمية .ليس من الجيد الرمي بنفسك في البئر لترى رذاذ الماء يطال الميركيين .يجب أن نجد في إيران اجابة على هذا السؤال الحيوي :كيف يمكن حماية مصالح إيران من الستهداف الميركي والحفاظ على علقتنا بدول المنطقة .فحتى في وضعنا الحالي يمكن بطريقة ما أن نتعامل مع أميركا بطريقة تساعد العرب أكثر .هذا ممكن ،ويمكن وضعه ضمن أجندة شروطنا إذا جلسنا مع أميركا يوما ما ،فنحن قوة إقليمية ونريد حصتنا في القتصاد والسياسة العالمية .حصتنا هذه ليست في أميركا اللتينية ،إنها يجب أن تكون في الشرق الوسط .حصتنا هي علقات اقتصادية وسياسية جيدة مع البلد العربية والسلمية .حصة أميركا وأوروبا قد تقل نسبيا ،لكن هذا هو الحل إذا كان سيكون هناك سلم في المنطقة .إنها مشكلة يجب على السياسيين حلها .هذه هي وظيفة السياسيين". ويعترف السياسيون في إيران بأن تطورات الشهر الماضية شددت الضغوط الداخلية على الدعم المالي لبعض الطراف والجماعات في العالم العربي ،وفي هذا الصدد قال الرئيس السابق للبرلمان اليراني مهدى كروبي لـ"الشرق الوسط" إن هناك اختلفات بين اليرانيين حول الدعم المالي لحزب ال وحماس ،غير أنه أشار إلى أن هذا الدعم جزء من اللتزامات القليمية ليران .وتابع "كل دولة في العالم عليها مجموعة من اللتزامات المالية والنفقات ،وفقا للمصلحة الوطنية ،لكنه ايضا من الطبيعي أن تكون للناس وجهات نظر مختلفة حيال الموضوع .بعض اليرانيين مع هذه المخصصات ،وآخرون ضدها .بشكل عام ،غالبية اليرانيين فيما يتعلق بالمساعدات لحزب ال وفلسطين يؤيدون مساعدة الحكومة لهما، لكن البعض ل يوافق .نحن ساعدنا افغانستان والعراق ايضا ،والبعض يتفق مع هذا ،والبعض الخر ل يتفق". وربما يكون الشباب اليرانيون هم الكثر تضررا ،بحسب ما يرى بعضهم ،من الدعم المالي اليراني لحزب ال وحماس ،فالكثير من هؤلء الشباب مهتم أكثر بأوضاعه الداخلية .كما أن آخرين منهم ممن كانوا أطفال خلل الحرب العراقية-اليرانية لديه ذكريات سيئة عن العرب" .لماذا نحن حريصون على قضايا العرب .أنا ما زلت أتذكر عندما كنت صغيرا ،وكانت أمي ترسلني أنا وشقيقتي تحت قبو المنزل كي ل نسمع صوت صواريخ صدام حسين فوق رؤوسنا خلل الحرب ..ل يمكنني أن أنسى صوت الصواريخ .وحتى اليوم عندما أسمع صوت أزيز طائرة في فيلم بالتلفزيون أشعر أن جسدي يرتعش ،أشعر بالمرض والخوف .من الذي كان يمول العراقيين لشراء السلح؟ أليس هم العرب والغرب؟ لماذا ينبغي علي الن ،وأنا ما زلت أبحث عن عمل ،أن أتفهم دفع عشرات المليين من الدولرات إلى حماس وحزب ال؟ هذا ل يسعدني ،فأنا لست مهتما بهما .أنا مهتم بإيران" ،قال ميسام مهتدي ،وهو شاب إيراني ما يزال يبحث عن عمل ويشتكي كالكثيرين في عمره من التضخم والبطالة وضعف مستوى الجور .إيرانيون آخرون ل يشعرون أن هذا الدعم يعني الكثير ليران ،من بينهم سميرة الطالبة الجامعية التي قالت "ما الذي سيفعله
العرب لليرانيين إذا ل قدر ال هاجمتنا أميركا ..على الرجح سيدين رجال الدين السنة الهجوم .هذا كل شىء". لكن من الصعب لي أحد الحديث باسم كل اليرانيين ،فخلل احتفالت الثورة اليرانية في ميدان "ازادي" يوم 11فبراير (شباط) الماضي كان آلف اليرانيين ممن رفعوا لفتات تؤيد حق إيران من تطوير برنامج نووي سلمي ،يرون أن الوحدة السلمية ستحمي إيران من أي هجوم ممكن ،وهؤلء ل يتحدثون عن حزبي ال وحماس بوصفهما تنظيمات سياسية عربية ،بل بوصفهما تنظيمات إسلمية ،سواء شيعية أو سنية، ويرون أن على إيران أل تقطع أواصر علقتها مع التنظيمات السلمية في المنطقة. ويعتقد الكثير من اليرانيين أن المسألة النووية التي تتكئ عليها أميركا من أجل الضغط على إيران ،مجرد عذر ،موضحين أن هدف أميركا الحقيقي هو اخضاع طهران وتحييدها كقوى إقليمية في المنطقة ،مشيرين إلى أن إشراف وكالة الطاقة على المنشآت النووية اليرانية ضمانة كافية لواشنطن .ولهذا يشدد هؤلء على أن المجال القليمي ليران هو الحصن الحقيقي لها وليس أي وعود غربية .ويقول خسرو محبي ،وهو مترجم وكاتب صحافي ،في هذا الصدد إنه ل غنى ليران عن محيطها القليمي ،لن أمن المنطقة مترابط ،وطالما كانت علقات طهران مع دول المنطقة وثيقة ،لن تغامر أي قوى خارجية بمغامرة غير محسوبة العواقب .وتابع "الغرب يدعي أن مشكلته الوحيدة مع إيران هي البرنامج النووي وتخصيب اليورانيوم .يريدون أن تثبت إيران حسن نيتها بوقف التخصيب ،حسنا سنحاول بطريقة ما تجميد التخصيب .ثم ما الذى سنحصل عليه؟ ثقة الغرب .نريد ضمانات أمنية وسياسية واقتصادية ،لبد من المفاوضات .فلنبدأ المفاوضات .إذا أوقفنا التخصيب بدون مفاوضات أو ضمانات، هل سيوقف الغرب هجومه على إيران ،ألن يحاولوا تهديد أمننا أو استغلل مسألة حقوق النسان؟ ل يمكن تجميد التخصيب الن بدون شروط أو قبل المفاوضات .الشخص الوحيد الذي يمكن أن يقرر هذا هو المرشد العلى وليس أحمدي نجاد ،وسيكون هذا وفقا لجدول زمني ،مثل سيقول: سنوقف التخصيب لمدة 6أشهر ،لكن قبل هذا يجب على الغرب أن يثبت حسن نيته أيضا" ،ولهذا يشعر اليرانيون أن علقاتهم مع دول الجوار لبد أن تتحسن". ويشتكى اليرانيون عموما من قلة ما يعرفونه عن العرب .فما يعرفه العرب واليرانيون عن بعضهم البعض قليل جدا ،والحقيقي أن العربي أو اليراني يعرف عن الثقافة الغربية أكثر مما يعرف عن ثقافة الطرف الخر .ففي إيران ،كما قال حميد ،وهو طالب إيراني يدرس العربية في الجامعة ،يعرف اليرانيون بأخبار العرب عبر التلفزيون الرسمي وهو ل ينقل غالبا إل الجوانب السياسية ،وقد يعرفون بعض الغاني عبر محطات روتانا وغيرها ،لكن هذا ل يعكس الثقافة العربية. أما بالنسبة للعرب ،فإن ما يعرفونه عن إيران والثقافة الفارسية الحديثة فبدوره قليل جدا ،وأغلبه يتم عبر القنوات الرسمية ،ويركز على الجوانب السياسية .وربما يكون اليرانيون العرب هم الكثر بين اليرانيين اطلعا علي الثقافة العربية ،فليس من النادر ان تسمع "قارئة الفنجان" في منزل إيراني عربي ،أو تسمع إيرانيا عربيا يتحدث بعربية قريبة من اللهجة الخليجية.
«الشرق الوسط» في إيران ( : )10صورة اليرانيات ..المتغيرة شابة إيرانية :لن أوافق على الزواج من أي شخص إل إذا أعطاني موافقة كتابية في عقد الزواج بعدم منعي من العمل * ارتفع سن الزواج إلى ما بين 25و 30عاما ..كما ارتفعت معدلت الطلق بـ %30 * %1.3في سوق العمل نساء ..و %65من طلبة الجامعات بنات * حتى اليوم ممنوع على البنات دراسة الهندسة الميكانيكية في بعض
طهران :منال لطفي جلست سبيدة موظفة الستقبال في أحد فنادق طهران خلف مكتبها تحكي كم تحب أن تسافر إلى الخارج لرؤية البلد التي يحكي عنها السائحون الجانب الذين يزورون إيران ،سبيدة في الخامسة والعشرين من العمر ،وعندما كانت أمها في هذا السن ،كانت تزوجت ولديها طفلن ،أما سبيدة فهي ما زالت غير متزوجة ،ول تريد الن .وقالت لـ"الشرق الوسط" إنها لن توافق على الزواج من أي شخص ،إل إذا أعطى لها موافقة كتابية في عقد الزواج بعدم منعها من العمل .سبيدة ليست استثناء ،فمتوسط سن زواج اليرانيات اليوم ارتفع في المتوسط إلى 25عاما و 30عاما .لم تعد البنات متلهفات على الزواج في سن صغيرة ،وغالبيتهن تفضلن الدراسة الجامعية أول ،ثم الحصول على عمل .وهذه هي المشكلة ،فالقانون اليراني يعطي الرجل حق منع زوجته من العمل بعد الزواج ،وبالتالي باتت الكثير من الشابات اليرانيات تفضلن تأخير سن الزواج ،أو حتى الزواج من أجانب .سبيدة ،وهي شابة طموحة علمت نفسها النجليزية ،قالت إن أسرتها ل تمانع في أن تعمل الن موظفة استقبال في فندق لن الراتب جيد ،لكن الكثيرين من الشباب اليراني قد ل يفضل الزواج من موظفة استقبال في فندق لن هذا يتطلب الختلط كل يوم بأناس جدد ،كما قد يتطلب السهر حتى الحادية عشرة مساء في بعض أيام السبوع. قالت سبيدة "ل أريد الزواج الن ،لقد تعلمت ولدي وظيفة ولن أكون سعيدة اذا اضطررت للبقاء في المنزل بعد كل هذا .أريد السفر إلى الخارج، أعرف أصدقاء في هولندا .طلبت من والدي أن اسافر إليهم في الصيف ،لكنه رفض" .اليرانيات يسعين منذ التسعينيات من القرن الماضي إلى تغيير الكثير من القوانين التي تميز ضدهن ،لكن تغيير القوانين وحده ل يكفي ،فالتقاليد الثقافية الشرقية راسخة في المجتمع اليراني .وتدليل على هذا قالت زهرة نجاد بهرام ،وهي ناشطة في مجال الدفاع عن حقوق النساء ،إنه برغم أن من ضمن التعديلت الخيرة التي أدخلت على القوانين في إيران تعديل يعطي المرأة حق طلب الطلق ضمن شروط عقد زواجها ،إل أن الكثير من النساء ل يستخدمن هذا الحق خجل .وقالت بهرام لـ"الشرق الوسط"" :الرجل اليراني له حق تطليق زوجته عندما يريد ،ليس هناك أي قيود على هذا الحق .وقد سعت الكثير من اليرانيات للحصول على حق طلب الطلق ،وغيرت السلطات القوانين ،بحيث بات يسمح للنساء بالشتراط في عقد الزواج منحهن الحق في طلب الطلق. لكن الغالبية العظمى من النساء تخجل من استخدام هذا الحق ،ويقلن إنه مقدمة شؤم على الزواج أن يكون في عقد القران بند حول الطلق .هذه أفكار اجتماعية سائدة ول يستطيع قانون أن يغيرها" .لكن الوضاع القتصادية تغير الكثير من الثقافة السائدة وإن كان ذلك بالتدريج ،فعلى الرغم من أن تعددية الزوجات أمر شرعي وقانوني في إيران ،إل أن الظاهرة ليست منتشرة ،وذلك بسبب الظروف القتصادية .كذلك هناك عدد متزايد من اليرانيات يعملن خارج المنزل لن الرجال يحتاجون إلى مساعدة إقتصادية من زوجاتهن .هذا بخلف الجيل الجديد وأفكاره .فالنساء ل يردن أن يتعلمن ويعملن خارج المنزل فقط ،بل يردن أن يتم احترامهن ومعاملتهن على قدم المساواة في المنزل .وتقول إلهام 30 ،عاما ،وهي طالبة إيرانية" :عندما أتزوج ،أريد من زوجي أن يساعدني في أعمال المنزل .لن أحب أن أعود من العمل لنظف وأطبخ وهو ل يفعل شيئا" .وربما بسبب هذا تزايدت معدلت الطلق في إيران بنسبة %1.3خلل العام الماضي وحده ،كما تقول زهرة نجاد بهرام .وبالرغم من أن الثورة اليرانية أدت إلى تسييس النساء ،ودفعهن للنخراط في الشأن العام والسياسة ،إل أن الكثير من الجراءات والقوانين التي أقرت بعد الثورة ومنها منع النساء من دراسة بعض التخصصات ما زالت موجودة .ففي جامعة "ازاد" الخاصة التي تنتشر أفرعها في كل المدن اليرانية تقريبا ،ويبلغ عدد طلبها 1.6مليون ،ممنوع على البنات دراسة الهندسة الميكانيكية في بعض أفرعها ،إل أن الخريجين من قسم الفيزياء التطبيقية في الجامعة %70منها نساء ،وهي نسبة تشير إلى أن الفتيات ل تتوجهن فقط لدراسة الدب واللغات والفنون ،بل كذلك العلوم الطبيعية .وبالرغم من استمرار منع دراسة الفتيات لبعض العلوم ،إل أن اليرانيات تقدمن بسرعة ،واليوم %30من سوق العمل في إيران نساء ،وهي نسبة مرشحة لرتفاع كبير
خلل العوام القليلة الماضية ،فنسبة تتراوح بين %62الى %65من طلب الجامعات هن من النساء ،وهن يخرجن إلى سوق العمل بسرعة فور التخرج .وتقول جيلدا وهي طالبة في السنة الخيرة من كلية اللغات بجامعة طهران إن الفتيات هن الغلبية في الجامعة .وأضافت لـ"الشرق الوسط"" :في كلية اللغات ،أستطيع أن أقول إن %95من الطلبة بنات ،و %5أولد .إنهم يجلسون معا ولن الولد أقلية بالكاد تلحظهم" .لكن سوق العمل ليس مفتوحا على مصراعيه أمام اليرانيات ،فما زالت هناك تخصصات من الصعب الدخول إليها .فمع أن الشابات اليرانيات يمكن أن يدرسن في الجامعة مجالت الطاقة والبترول الغاز ،إل أنه من الصعب جدا على إمرأة أن تجد عمل في شركة للبترول أو للغاز .وفي ظل الزمة القتصادية التي تعاني منها إيران اليوم ،وارتفاع معدلت البطالة والتضخم ،أرجع بعض المحافظين في البرلمان اليراني الحالي المشكلة إلى تعليم البنات الجامعي ،وحصولهن على وظائف في سوق العمل "كان من الممكن أن تذهب للرجال" .وقد تقدم عدد من النواب ،بينهم نساء بمسودة قانون إلى البرلمان اليراني تنص على أن ل تتجاوز حصة النساء في الجامعات %50وهو ما يعني انخفاض عدد اليرانيات اللواتي بامكانهن الدراسة في الجامعة بنسبة .%15وتقول الهام لـ"الشرق الوسط"" :إنهم يعاقبون الشابات علي تفوقهن ،بدل من تشجيعنا ،يتم وضع العقبات أمامنا" ،غير أنها استطردت "لن يستطيعوا تمرير القانون ..ل يملكون القوة الكافية لذلك ،الكثيرون في المجتمع يرفضونه ،حتى بين المحافظين هناك من يرفضونه" .وترى الكثير من اليرانيات أن هناك قوانين لبد أن تتغير لنها تنتهك حقوق النساء ،حتى إن لم تكن تطبق ومن هذه القوانين القانون الذي يحدد سن زواج البنات في إيران بـ 9سنوات ،وهو بالرغم من أنه ل يطبق ،إل ربما في المناطق الريفية النائية ،لكن اليرانيات تعتقدن أنه قانون عتيق ينبغي أن يغير .وهو قد يتغير ،فاليرانيات اللواتي ملن الجامعات ،واستفدن خصوصا من فرصة ذهاب الرجال إلى جبهات الحرب مع العراق ،واقتحمن الجامعات وسوق العمل بقوة ،يستطعن ان يقودن التحولت الجتماعية في إيران .وهذا ما بدأ بالفعل، حسب تأكيد الكثير من اليرانيات أنفسهن.
«الشرق الوسط» في إيران ( : )11شهل لهجي :كل شيء يسمى كتابا في إيران يخضع للرقابة سألتني الشرطة :لماذا لم تضعي أسوارا من الحديد حول «روشنغران» فقلت :هذه دار نشر وليست بنكا * بدأت بدار نشر في قبو كريه الرائحة.. وذات يوم هددني كاتب شاب بالقتل لنني رفضت نشر روايته ثم تراجع قائل :سأتركك تموتين من رائحة المكان * دائما كناشرة يكون بداخلي هذا الصراع :أيهما أفضل ..نشر كتاب خضع للرقاب
طهران :منال لطفي قصة أول ناشرة إيرانية
* قصة حياة شهل لهجي ،أول ناشرة إيرانية ،مثل رواية من الروايات التي تنشرها في دار نشر «روشنغران» ،التي أسستها ،وتعني بالفارسية صناعة الضوء وسط الظلمة .فهي ولدت وعاشت طفولتها في زمن الشاه ،وعندما أصبحت شابة كانت إيران في مزاجها الثوري ،والشباب والشابات يتناقلون فيما بينهم كتب الدكتور علي شريعتي حول السلم الثوري والديمقراطية وهي الفكار التي حولت السلم من دين يمارس في المسجد الى حركة تحرر وطني وسياسي .كان الشباب والشابات من كل التيارات السياسية ،القومية والدينية والليبرالية واليسارية ،يتناقلون الغاني الثورية ،ويغنون في الشوارع استعدادا لعودة آية ال الخميني .قامت الثورة وتغير الكثير ،وعانت النساء أكثر من غيرهن ،فردت شهل لهجي كما تقول بتأسيس دار لنشر الكتب ،وانخرطت وما تزال في الحركة النسائية اليرانية ،ودخلت السجن ،وخرجت .عندما تنظر لهجي إلى الماضي والحاضر تقول بتفاؤل «تستطيع أن تمنع النهر من التقدم للمام ..لكنك ل تستطيع أن تدفعه للوراء» .وهنا ملمح من حياتها روتها لـ«الشرق الوسط» التي التقتها في مكتبها بدار نشر «روشنغران» وسط طهران.
تربيت في مناخ منفتح ،والدتي كانت ضمن خامس دفعة من البنات اليرانيات اللتي تخرجن من مدرسة على الطراز الحديث .وكانت من أوائل النساء اللواتي حصلن على وظائف عمومية ،كانت تعمل موظفة في مكتب للبريد قبل نحو 75عاما .والدي تعلم في أوروبا ،وكان حظي أنني تربيت في هذا المناخ .لم يكن هناك فقط عدم تمييز بين الولد والبنات في عائلتي ،لكن البنات كن يحصلن على مزايا أكثر كثيرا من الولد. الولد كانوا في خدمة البنات ،وكبرت في منزلنا وأنا أعتقد أن العالم كله هكذا .البنت مدللة والدها ،لكن عندما خرجت للمجتمع عرفت أن الوضع مختلف .أحببت الكتابة منذ صغري ،وامتهنتها .وعندما بلغت 16عاما كنت أصغر عضو في اتحاد الكاتبات اليرانيات .عام 1979جئت من شيراز إلى طهران مع أسرتي ،زوجي وأولدي ،ومع أحداث الثورة اليرانية ،بدأت أكون جزءا من الحياة الثقافية في العاصمة .الثورة بدأت بالغاني ،كان الجميع متفائل ،الجميع في الشارع يغني ويتناقش .كنا نمتلئ بالمل ،كان الطلبة والنساء ناشطين جدا سياسيا ،وكانت الثورة اليرانية تدور في خضم الحركات الثورية في أميركا اللتينية وفلسطين .المناخ كان ثوريا .بعد عام من الثورة اتخذت السلطات بعض القرارات ،والشباب وطلب الجامعة كانوا ناشطين ،وكانوا يعبرون عن معارضتهم لهذه القرارات وينتقدون الحكومة .لكن السلطات منعت الحزاب والنشاطات السياسية .بعد نحو عام من الثورة ،تعرض المعارضون للعتقال والمنع من العمل والملحقة ،كانت طهران تعيش أجواء مخيفة ،وبدأ الناس يتساءلون :ما الذي يجري؟ النساء للسف كن أول ضحايا الثورة ولم يقف المثقفون الليبراليون وغيرهم ضد الجراءات والقوانين التي اتخذت بحق النساء ،فكانوا لحقا ضحية اجراءات مشابهة بالتضييق على الحريات والحقوق .كان بعض رجال الدين المحافظين ينظرون للنساء على أنهن إثم وخطيئة يجب تغطيتها وإخفاؤها من الحياة العامة .أول القوانين كانت ضد النساء ومن بينها منع النساء من دراسة بعض المواد مثل الهندسة الكيميائية والفروع التكنولوجية وعلم الثار ،وعدم تمكينهن من المشاركة في الوظائف الحكومية المهمة أو العمل في التلفزيون .وقد تم فصل
الكثير من النساء من وظائفهن ،وإغلق حضانات الطفال لجبار النساء على ترك العمل ،كما صدر قانون حضانة الطفال الذي يعطي للرجل حق الحضانة للطفال في سن مبكرة جدا ،وتم تخفيض سن الزواج للنساء إلى 9سنوات .باختصار مورست ضغوط ضد النساء في المجتمع .كنا نعلم نحن النساء أن ما تلقيه المرأة من ضغوط سيعم على الجميع لحقا .لكن تنظيمات المثقفين والطلبة ارتكبت خطأ فادحا بعدم الهتمام بالظلم الذي تعرضت له النساء في بداية الثورة .وأتساءل :لماذا لم يفكر هؤلء المثقفون في أن دورهم سيأتي بعد النساء؟ في هذه الجواء فكرت في تأسيس دار للنشر ،وبدأت في تأليف الكتب .كنت أول امرأة تمتلك وتؤسس دار نشر في إيران .بدأت برأسمال بسيط من مساعدات أصدقائي وقرض من البنك ،لم أكن أحب أن أكون عبئا على زوجي أو أن اعتمد عليه ماديا .أصدقائي منحوني قروضا لنشئ دار النشر .بدأت بـ 50ألف تومان (حوالي 900دولر) ،وهو مبلغ كان يكفي لنشر كتاب واحد .كانت أحجام الكتب صغيرة لتقليل النفقات .وكان المقر الول غرفة في بناية وسط طهران ،لكن اشتكى أحد الشخاص ضدنا فجاءت الشرطة ورمتنا في الشارع .أما المقر الثاني فكان قبوا pتحت الرض يقابله حمام رائحته كريهة جدا .حاولت أن أجعل المكان أفضل قليل ،فوضعت لوحات وزهورا وسجادا .وأتذكر أن أحد الشبان أراد أن ينشر كتابا لدي ،ورفضت لنه كان دون المستوى ونصحته بأن يقرأ أكثر ،فجاء إلى المكتب وهددني بالقتل ما لم أنشر الكتاب ،ثم تراجع وقال :سأتركك تموتين من رائحة المكان .كانت بداية صعبة ،لكني كنت دائما أقول لنفسي :إنها فترة مؤقتة وستتحسن الحوال .خلل الحرب مع العراق انصرفت النظار عن القضايا الداخلية إلى العدو الذي يهاجمنا ،وكان هناك شح في الورق في تلك الفترة ،فكان النشر صعبا جدا .لم يكن من الممكن أن اشتري الورق من السوق الحرة لن ثمنه مرتفع جدا .وهذا الوضع ما زال مستمرا حتى الن ،فوزارة الرشاد هي المصدر الرئيسي لتوزيع الورق على دور النشر ،وأي كتاب يجب أن يمر أول على وزارة الرشاد لقراءته وتمريره ،فل يمكن طباعة أو توزيع أي كتاب من دون إذن من وزارة الرشاد. وأتذكر أن أحد الكتب التي صدرت من «روشنغران» وهو بعنوان «المرأة في البحث عن الحرية» اضطررت لتغيير مقدمته 6مرات حتى أحصل على الورق من وزارة الرشاد التي كانت لها تحفظات عليه ،فرهنت إعطائي الورق بتغيير النقاط التي لم ترض عنها الوزارة .خلل سنة كاملة نشرنا كتابا واحدا فقط .كانت بداية صعبة .ما كان يدفعني للمواصلة هو اعتقادي أن أحد المهام الساسية للناشر هي اكتشاف أصوات شابة تعبر عن الجديد في المجتمع .وأتذكر أنه يوما ما جاء أحد زملئي وأعطاني مسودة كتاب عبارة عن قصص قصيرة ،وقال لي :أرجوك إقرأي أقرإقرأي ي الكتاب فمؤلفته تنتظر ردك .قرأت القصة الولى من الكتاب ،ودعوت مؤلفته للقائي في «روشنغران» لن العمل أعجبني .المثير أن القصة الولى التي أعجبتني منعتها وزارة الرشاد ،إل أن الكاتبة اليوم هي واحدة من أفضل الكاتبات في إيران وهي محبوبة ميرقادري .قلت يوما لمحبوبة :ل بد أن تكتبي رواية .فقالت لي :ل أستطيع .أجبتها :حاولي .فكتبت رواية وأعطتها لي .قرأتها وكانت لدي ملحظات وانتقادات، أرسلتها لها مجددا .فعدلت بعض الجزاء وأرسلتها لي مجددا .نشرت روايتها الولى وهي بعنوان «و..الخرون» ،وفازت بأحسن كتاب في إيران ،وهذه أول رواية تكتبها .ما أريد أن أقوله هو انني ل أتبع مسار السوق ،أو الذوق السائد .أعتقد أن أحد مهام الناشر هو تحسين ذوق الناس ،وليس السير وراء السوق ،والتضحية بالمواهب لمصلحة السوق .لدينا هذه المشكلة فيما يتعلق بقضايا النساء لننا نعرف أن قراءة هذا النوع من الدب أو الكتب ليست شعبية ،لكن هذا واجبنا الجتماعي والثقافي ،يجب أن نعثر على الموهوبين الذين ليست لديهم فرصة لنشر كتبهم، ونعطيهم الفرصة ،فليس كل شخص على استعداد لدفع أموال على شيء ليس من المؤكد بيعه والكسب منه .لكننا حريصون على المواهب، وتجربتنا تقول إنه دائما يأتي اليوم الذي يتحقق فيه النجاح للكتب التي ننشرها ،وهذا العام حصلنا على مكافأتنا وحصل كتاب محبوبة ميرقادري على جائزة أحسن كتاب .في نشاطنا للترجمة نسير على نفس النهج «الفكرة وليس السوق» .على سبيل المثال عندما فكرت في المرة الولى في ترجمة الكاتب التشيكي ميلن كونديرا إلى الفارسية كنت أعرف تماما ما أنا مقدمة عليه والرضية التي أقف عليها ،فعندما نقوم بترجمة عمل ما نقوم بتغييره نوعا ما ،نغير في الجمل والعبارات .ونقوم بحذف الجزاء التي نعرف أن الرقابة لن توافق عليها .في كتاب كونديرا مثل كنت أعرف أن الجزاء التي سيتم حذفها ستكون كثيرة جدا ،وكان سؤالي :هل أنشر الكتاب بالرغم من كل الحذف ،وأقول للقارئ إن الكتاب خضع للرقابة وإن هناك أجزاء مقتطعة ،وأضع نقاطا بين العبارات ليعرف أن هناك فقرة أو جملة ملغية من الترجمة وموجودة في النص الصلي لني أعتقد أن هذا حق القارئ ،أم أقرر عدم النشر .دائما كناشرة يكون بداخلي هذا الصراع :أيهما أفضل ..نشر كتاب خضع للرقابة وحذفت منه أجزاء ،أم عدم محاولة نشر كتاب أعرف سلفا أنه سيخضع للرقابة؟ وأحيانا يكون جوابي :القليل خير من ل شيء .الرقابة مشكلة في صناعة النشر في إيران ،فلنشر أي كتاب يجب أن تعطينا وزارة الرشاد تصريحا ،نأخذ التصريح ونعطيه للمطبعة للطبع ،بدون التصريح ل يمكننا الطبع، إذا طبع أي كتاب بدون تصريح من الوزارة ،تعاقب المطبعة ودار النشر وتتم مصادرة الكتاب .وهذه الممارسات مخالفة للدستور اليراني ولمبادئ قوانين حرية النشر .على سبيل المثال الكتاب الجديد الذي نريد نشره أرسلت لنا وزارة الرشاد قائمة بالجمل والفقرات التي ينبغي أن تلغى منه
لعطائه تصريحا بالنشر .الصفحة ،10السطر ،16الغاء .الصفحة ،11السطران 15و ،16الغاء ،الصفحة ،12السطران الول والثاني إلغاء، الصفحة 20وهكذا .أحيانا يكون اللغاء فقرات من الكتاب ،أو صفحات كاملة .وهذه هي قصة كتاب واحد .وزارة الرشاد ترسل قائمة بالفقرات والجمل التي تريد إلغاءها ،من دون أي علمة على القائمة أو إمضاء من وزارة الرشاد لنهم يعرفون أن هذا غير قانوني ،ول يعطوننا أي دليل مادي للذهاب للمحكمة بتهمة انتهاك القانون ،لكنني بدأت أجمع ادلة وأخذت القضية للمحكمة ،ليس فيما يتعلق بكتاب واحد ،بل عدة كتب .أخذت أمثلة من الفقرات والصفحات المطلوب حذفها ،وحجتي أن كل هذه المراسلت غير قانونية .فطبقا للدستور اليراني المؤسسة القضائية وحدها لها الحق في منع نشر الكتب ،وهي يجب أن تعطي أسبابا لرفض نشر أي كتاب ،وزارة الرشاد ترفض النشر بدون إعطاء أسباب ،وهذا ليس اختصاص وزارة الرشاد ،لنها هيئة تنفيذية وليست مؤسسة قضائية محايدة .كل شيء يسمى كتابا يخضع للرقابة في إيران 40 ،صفحة أو 400 صفحة أو 4000صفحة ..ل يهم .إذا سمي «كتابا» فيجب أن يذهب لوزارة الرشاد .التناقض أن وزارة الرشاد تمارس الرقابة ليس وفقا للقانون لنه ليس هناك قانون يسمح لها بالرقابة ،ولكن وفقا للشخاص .فإذا كان لدينا وزير إصلحي مثلما كان المر خلل ولية الرئيس السابق محمد خاتمي ،تكون الوضاع أفضل كثيرا ،أما إذا كانت لدينا حكومة محافظة فان الوزارة تتشدد في الرقابة .فمثل ل يمكننا في إيران نشر كتاب يدافع عن الشيوعية ،لكن يمكننا نشر كتاب يوضح ما هي الشيوعية ،وما هي أهم افكارها .إذا كان هناك وزير اصلحي سيسمح بنشر الكتاب ،فيما سيرفض وزير محافظ الكتاب ذاته .كذلك فيما يتعلق بنشر النصوص حول العلقات الجنسية .المنصوص عليه دستوريا هو أنه يمكن السماح بنشر هذه الكتب إذا كانت تساعد على فهم معنى الكتاب ،بمعنى أن ل تكون مثيرة للغرائز ،وهامة لفهم المعنى العام للكتاب ،لكن مجددا يمنعون هذه الجزاء ،فمثل إذا كانت هناك قبلة بين شخصين فيجب أن تلغى من أي كتاب هذه اليام .هناك ناشرون آخرون يقومون بترجمة بعض العمال العربية مثل نجيب محفوظ ،لكنها بدورها تخضع للرقابة في إيران .وبالتالي ترجمتنا ونشرنا للكتب الجنبية يعانيان من مشكلة ،ومن الواضح أن القصص والروايات هي الكثر تضررا ،ول حل أمامنا سوى اختيار نصوص الروايات التي بها أقل درجة ممكنة من المشاكل .على سبيل المثال الكاتبة التشيلية ايزابيل الليندي ،وكذلك ميلن كونديرا ،لديهما الكثير من التفسيرات حول العلقات العاطفية ،ونشرهما صعب في إيران ،لكنهما أحسن حال من الكتاب اليرانيين الذين ل يستطيعون ذكر العلقات بين الرجال والنساء في رواياتهم بسبب الرقابة .عندما اختارتني مؤسسة غوتنبرج السويدية لجائزة «ناشرة عام »2006سألوني :كيف توضحين العلقة بين النساء والرجال في كتبك ؟ قلت :نحن ملئكة ،ليس لدينا علقات .ماذا يعني هذا؟ يعني أننا في إيران لدينا رقابة ذاتية متعددة المستويات على كل أشكال الكتابة الدبية ،أول من الكتاب والكاتبات أنفسهم، ثانيا من الناشرين لنهم ل يريدون أن تمنع كتبهم .ثم ثالثا على حسب الذوق الشخصي لموظفي وزارة الرشاد .حتى الن قمنا بترجمة 3كتب فقط في «روشنغران» لن إيران ليست عضوا في اتفاقية حماية حقوق الملكية الفكرية ،وبالتالي أنا كدار نشر ليست لدي حقوق الملكية الفكرية، ول يستطيع أحد أن يشتري مني حقوقي الفكرية .فحتى إذا اشترينا نحن كدار نشر حقوق نشر كتاب معين لترجمته ونشره ،ثم قامت دار نشر إيرانية أخرى بترجمته ونشره من دون أن تشتريه ،ل نستطيع نحن في «روشنغران» وقف الكتاب ،لنه ليست هناك قوانين في إيران ضد هذا ،إذا المر عبثي ،يجب أن نكون عضوا في اتفاقية حماية حقوق الملكية الفكرية إذا أردنا أن نكون جزءا من صناعة النشر العالمية .قابلت هذا العام الكاتب اليطالي امبرتو ايكو ،وقال لي إن أحد كتبه نشر في إيران من دون إذن منه ول من دار النشر التي يتعامل معها ،وقال ضاحكا إنه حتى لم يتم إرسال نسخة واحدة له من كتابه بالفارسي .وأنا أسمي هذا «سطوا ثقافيا» .هذه واحدة من مشاكل صناعة النشر في إيران ،فإيران ليست مستعدة بعد للنضمام لمعاهدة حماية الحقوق الفكرية ،لننا لو وقعنا التفاقية فلن تستطيع وزارة الرشاد مواصلة الرقابة بالشكل الذي تفعله الن ،لنه عندما توقع حكومة ما اتفاقية حماية حقوق الملكية الفكرية ،ل تستطيع أن تمارس الرقابة أو تقتطع جزءا من عمل كاتب أو مؤلف أجنبي ،لن هذا جزء من حقوق الملكية الفكرية .الحكومة تتعلل حاليا بأنها غير مستعدة لدفع حقوق الملكية الفكرية للكاتب ودار النشر لن الكثير من العمال الجنبية ل تتناسب مع المجتمع اليراني ،لكننا نعرف أن هذا ليس هو السبب وإنما مجرد عذر، وذلك لمواصلة الرقابة على العمال التي تنشر .فسوق الكتب الجنبية في إيران جيدة ،وهناك نهم للقراءة .وتتم إعادة طبع العديد من الكتب ،ربما ما بين ثمان إلى عشر مرات وأحيانا أكثر .صناعة النشر تأخذ غالبية وقتي ،لكنها ل تأخذ وقتي كله ،فأنا ناشطة في الحملة من أجل تغيير القوانين التي تميز ضد النساء في إيران ،والمتحدثة الرسمية باسمها .نريد من خلل الحملة أن نستكشف إمكانيات التغيير في المجتمع اليراني، هذا هو الهدف الساسي ،فإذا قلنا إن مليون شخص وضعوا أسماءهم وعناوينهم وتواقيعهم في إطار الحملة ،فإن هذا يعني فعليا أن لدينا نحو 5 مليين آخرين ل يريدون وضع أسمائهم ربما خوفا أو تحسبا .نحن النساء ل نواجه فقط المحافظين الرجال ،بل المحافظات النساء ،فأعضاء نساء بالبرلمان اليراني هن اللواتي قدمن مسودة قانون تحديد حصة (كوتا) للنساء في الجامعات ل تتجاوز .%50إحداهن قالت منذ فترة إن الحكومة
يجب أن تدفع مقابل ماديا للنساء اللواتي يحملن ويلدن أطفال .هذا ليس جديدا ،فهتلر طبقه في المانيا عندما كان في السلطة .كلما كان لديك أطفال أكثر تعتبرين مواطنة أفضل في المجتمع ،لكن ل تقتربي من السياسة أو العمل أو النخراط في أحزاب سياسية ،فقط أبقي في المنزل ،وأنجبي أطفال. المشكلة أن الضغط الذي تولده الكلمات ل يستطيع وحده أن يحل المشاكل ،ل بد من قدرات مادية .عندما كنت أصغر سنا كنت أقول إنه ل بد من تغيير قوانين الزواج في إيران وحضانة الطفال وحق الطلق ،لكن الن بعد 40عاما من الخبرة ،عمري الن 64عاما ،أقول إن الحرية القتصادية هي الكثر أهمية ،ويرتبط بهذا حق العمل للنساء ،لنه من دون هذا ،فان كل الحقوق الخرى ،إذا توافرت ،تصبح عديمة الجدوى. على سبيل المثال ل تتمتع كل النساء باستقلل اقتصادي ،ما هي إذا pفائدة حصولهن على حق الطلق ،إذا لم يكن بإمكانهن العمل مثل الرجال وإعالة أنفسهن .حق الطلق سيكون ميزة للغنياء فقط ،وليس للجميع ،ولن يكون بمقدورهن الحتفاظ بحضانة الطفال .لدينا في إيران منظمات أهلية غير حكومية ،لكن لدينا أيضا منظمات تدعي أنها أهلية ،وأنا أسميها «منظمات حكومية بالدبل» أحيانا أداعب أعضاءها من النسوة وأقول لهن :انتن أعضاء «جي جي أوز» لن الحكومة شكلتهن كمنظمات أهلية ،بعضهن حر ،لكن الكثير منهن لم تتح لهن الفرصة للعمل بشكل حر ومستقل .فالحكومة تؤسسها وتخصص لها ميزانيات من عندها .وعندما تسأل الحكومة عن عدد المنظمات الهلية في إيران ،تقول :لدينا 1000 منظمة غير حكومية ،لكن الحقيقي أن الكثير منها شكلته الحكومة .خلل مؤتمر بكين للمنظمات غير الهلية عام 1995ذهبت بعض هذه المنظمات اليرانية التي تسمى أهلية ،وهي ليست كذلك ،وسأل أحد المسؤولين الصينيين :هل لديكم مشاكل في إيران؟ فردوا :ل ..ليست لدينا مشاكل .فرد :لماذا أنتم هنا اذاp؟ فعندما يأتي أحد المحسوبين على السلطات أو شخص يستطيعون الثقة به لنشاء منظمة تسمى مثل «حرية المرأة المسلمة» ،أو أخرى باسم جمعية «قارئة القرآن النسائية» ،هذه المنظمات يتم السماح لها .فإذا أردت أن تنشئي منظمة غير حكومية لمرضى السرطان أو حماية الطفال أو لمرضى الكبد ،أو منظمة تعاونية في قرية لحياكة السجاد ،سيعطونك تصريحا .أيضا القليات الدينية في إيران مسموح لها بتشكيل منظمات غير حكومية ،لكن بشرط عدم ممارسة أي نشاطات سياسية ،لدينا منظمات يهودية وأرمنية وزرادشتية ومسيحية .أما المنظمات المستقلة المصرح بها فهي تلك التي تعمل في مجال البيئة مثل ،أو أحزاب الخضر .لدينا منظمة واحدة نسائية مستقلة وهي «النشاط الثقافي للمرأة» ،وهي سببت مشاكل كثيرة للسلطات حتى الن ،فهي مثل وراء حملة تغيير القوانين اليرانية .العمل في النشر له متعته والعمل في السياسة له عواقبه ،فقد سجنت لمدة شهرين في سجن إيفين ،شهر منهما في زنزانة منفردة ،بسبب مشاركتي في مؤتمر برلين عام .2005لكن في اليوم التالي تعودت على السجن .وقلت هذا هو روبي (معطفي) وهذه هي ملعقتي .كنا في مايو (أيار) وكانت هناك زهرة مرجريتا صغيرة تنمو على جانب من النافذة ،وكنت اتتبع الضوء الذي يأتي من النافذة إلى الزنزانة ،وأتحرك بحسب حركته ،وأجلس تحته .كانت هذه حياتي في السجن .بعد الشهر الول نقلت إلى زنزانة مع ناشطة ومثقفة إيرانية كانت أيضا في مؤتمر برلين. أعمل يوميا نحو 20ساعة بين المكتب والمنزل ،فزوجي توفي منذ سنوات ،وأولدي يعيشون في أميركا .استيقظ بين الخامسة والنصف والسادسة صباحا ،وأعمل حتى الواحدة أو الثانية صباح اليوم التالي .أنام نحو 3ساعات في اليوم ،وهذا يكفيني ،فأنا ل أحب النوم إطلقا ،ول أحب الكل، وللحقيقة أحب الشاي أكثر من أي شيء .أذهب إلى «روشنغران» الساعة الثامنة صباحا ،وعادة أتوجه إلى وزارة الرشاد والثقافة صباح كل يوم لسؤالهم عن كتبي وما إذا كانوا وافقوا عليها أم أن هناك اعتراضات ،أو لتقديم نص جديد أريد نشره ،أو لتحدي قرار اتخذوه .يجب أن أذهب كل يوم لن لدي الكثير من الكتب هناك .أتشاجر معهم ،أمازحهم .ويقول موظفو وزارة الرشاد إنه عندما آتي ،فإن المسؤولين يشعرون بالنزعاج، وعندما أخرج يتنفسون ارتياحا .يخافون مني في وزارة الرشاد لن لدي تجربة طويلة في النشر ،ولنني طويلة القامة ولساني حاد. أسافر كثيرا ،لكن عندما أسافر ،ل أسافر أكثر من أسبوع لن لدي الكثير من العمل في دار النشر ،وما أقوم به ل أستطيع تركه للعاملين معي للقيام به ،لبد أن أقوم أنا به ،خصوصا المشاجرات مع وزارة الرشاد .في وقت فراغي أحب قراءة الدب ،أنا أيضا أكتب الشعر .لكن الدب يروقني ،والروايات عالية المستوى تروقني .وحتى إذا توجهت إلى سريري الساعة الواحدة أو الثانية صباحا ل أستطيع النوم بدون القراءة .أنه تعود ،إنه شيء في الذهن .أنفقت كل مالي على الكتب .أحب السينما ،لكني ل أذهب إلى دور العرض العامة ،أشاهد الفلم في منزلي لنه ليس لدي وقت ،أحب الفلم الذكية ،وأحب كل أنواع الموسيقى ،ويوم إجازتي (الجمعة) ،أبدأ بسماع الموسيقى ول أتوقف عن سماعها إل للذهاب للنوم.
لدى ولدان يعيشان في أميركا ،دائما يقولن لي :ماما لماذا ل تأتين لتعيشي معنا ؟ فأجيب :هل تقرآن في وجهي أنني يمكن أن أجهز الطعام وأقف بجانب النافذة بانتظار عودتكم من عملكم؟ أنا لدي حياتي ،وأنتم لديكم حياتكم .طالما أستطيع القيام بعملي ،لن اغادر بلدي .أنا سعيدة ومتفائلة ،فأنا معروفة هنا ،ليس لنني فزت بجوائز دولية ،أعتقد أن أهم ميزة أتمتع بها هي أن الناس يثقون بي وبدار نشر «روشنغران» ،وهذه ليست ميزة بإمكان كل دور النشر تحقيقها .الناس تأتي لتسألني :كم كتابا نشرت هذا الشهر؟ أرسليهم لنا .لكن هناك من ل يريد لهذه الفكار النمو ،فقد أحرقت «روشنغران» بأكملها بقنبلة مولوتوف قبل سنوات .جاء مجموعة من الشباب وألقوا القنبلة ،والحمد ال كان الوقت متأخرا ولم يكن هناك موظفون، ولم يصب أحد .سألت الجيران ما إذا كانوا شاهدوا أحدا أو أي شيء مشبوه .قالوا ل .جاءت الشرطة وقالت لي :هل تشكين في أحد بعينه قلت ل. فرد علي أحد رجال الشرطة :لماذا لم تضعي أسوارا من الحديد حول «روشنغران» فقلت :هذه دار نشر وليست بنكا .لم يقبض على أحد ،أو يحاسب أحد .لكننا أعدنا بناء كل شيء من البداية ،وواصلنا العمل .لدينا اليوم 14موظفا ،ولدينا فرع أمام جامعة طهران وهي أحد السواق الرئيسية للكتب .نستطيع المواصلة ،ربما ل نحقق أرباحا كبيرة ،لكن الوضع جيد .فعندما بدأت صناعة النشر في إيران كنت السيدة الوحيدة ،الن هناك نحو 400دار نشر تملكها وتديرها نساء ،وهذا رقم كبير .عندما أصبح هناك 10دور نشر تمتلكها نساء ،جمعتهن معا وقلت :حسنا لدينا في إيران اليوم عدد من الناشرات وآن الوان ليكون لدينا اتحاد خاص بالناشرات ،فأسسنا «اتحاد الناشرات اليرانيات» ،اليوم التحاد يضم 60 ناشرة ،وهو أحد أقوى المؤسسات المدنية في إيران .بعد كل هذه السنوات في المهنة ،دائما أقول :أنا ناشرة وهذه مهنة جيدة للنساء ،إنها مهنة مستقلة ،وشرف أن يكون المرء ناشرا .أنا متفائلة بالمستقبل ،لن ضغط التطور من الصعب وقفه .تستطيع أن تمنع النهر من التقدم للمام ،لكنك ل تستطيع أن تدفعه للوراء.
«الشرق الوسط» في إيران ( :)12رئيسة تحرير «زنان» لـ«الشرق الوسط» :الصحافة في إيران تشبه المشي على حبل مشدود شهل شركت باعت خط هاتفها الجوال وسيارتها ومنزلها
طهران :منال لطفي * كسر المحرمات ..بترو• * مع أن شهل شركت رئيسة تحرير «زنان» ،أهم مجلة نسائية إيرانية ،سيدة نحيفة وتبدو هادئة جدا ،إل أن الوصف الذي ينطبق عليها أكثر من غيره هو «النمر المتربص» ،فهي تتحرك بروية في «زنان« ،التي تملك حق نشرها وترأس تحريرها ،ول تحاول كسر الخطوط الحمراء والمحرمات التقليدية في بلد شرقي إسلمي كإيران من دون مناسبة ،إل أنه عندما تأتي المناسبة تتحرك شركت و«زنان» كنمور متربصة .وهي هكذا فعل .قالت شركت لـ«الشرق الوسط» إن لديها في مكتبها ملفات صحافية جاهزة بالقضايا الحساسة التي تريد أن تطرحها للنقاش في «زنان« ،والتي ل تستطيع أن تطرحها إل إذا كانت هناك مناسبة ،أو تطور يبرر فتح هذه أو تلك من القضايا الحساسة ،والتي إذا فتحت من دون مناسبة يمكن أن تؤدي لغلق «زنان». وذكرت شركت بعض موضوعات أغلفة «زنان« ،أي «المرأة» ،التي أثارت ردود أفعال بسبب جرأتها ومعالجتها لقضايا حساسة ،ومنها غلف عليه صورة شابتين حملتا لفتة كتب عليها «استاد طهران يسع 100ألف (رجل)» ،وذلك بعد قرار الرئيس اليراني محمود أحمدي نجاد التراجع عن السماح للنساء بدخول الملعب بعد ضغط رجال دين محافظين من طهران والحوزة العلمية في قم .وغلف آخر حول عمليات تغيير الجنس في إيران ،وغلف ثالث عليه صورة مرأة تحمل فنجان قهوة كتب عليه :ممنوع على النساء العمل في «الكوفي شاي« .وغلف رابع عليه صورة إمرأة تحت حذاء رجل ،وهو حول ظاهرة عمل بعض الفتيات بائعات هوى بسبب الوضاع القتصادية أو الجتماعية .قالت شركت ،التي كانت ترتدي ملبس سوداء ،بل اكسسورات أو مكياج وعيونها دامعة ،إذ علمت في صباح ذلك اليوم بوفاة احدى صديقاتها بسرطان الثدي ،إنها في «زنان» تقرأ كل كلمة بنفسها ،حتى العلنات ،موضحة أنها تمارس نوعا من الرقابة الذاتية قائلة «تغيير بعض الكلمات أو الفقرات أمر سئ.. لكن إغلق المجلة أسوأ بكثير« .وذكرت انها اضطرت لبيع منزلها وسيارتها وخط هاتفها الجوال للنفاق على «زنان« .وأضافت «سأفعل أي شئ لمواصلة إصدارها« .كما قالت شركت ،بينما مساعدوها من الصحافيين والصحافيات يدخلون للستفسار منها عن أشياء ،إنها تتعمد تشغيل صحافيات ،ل صحافيين ،وإن منافسيها في السوق مجلت صفراء تعالج قضايا النساء بشكل سطحي مثير ،على حد تعبيرها ،ومجلت أخرى محافظة ،إحداها تصدر عن الحوزة العلمية بقم ،وملحق متخصصة للنساء تصدر عن الصحف اليومية الصلحية .وهنا نص الحوار الذي أجرته «الشرق الوسط» مع شركت في مكتبها بـ«زنان» وسط طهران: * من أشهر أغلفة زنان قصة الكلب القبيح الذي طرد من البرلمان السابع > لدينا حرية قبل النشر ..لكن ليس لدينا حرية بعد النشر > هل هناك «تابوهات» او محرمات لم تتطرقي لها في «زنان»؟ ـ في إيران ،مثل الكثير من بلدان العالم الثالث ،هناك الكثير من التابوهات والمحرمات. أعتقد أن فن الصحافة في العالم الثالث هو أن تعرف كيف ومتى وأين يمكن أن تخرج جني المحرمات من القمقم .عادة نحاول أن نقول ما نريد في المكان والزمان المناسبين ،فالصحافة في إيران تشبه المشي على حبل مشدود ،إذا فقدت توازنك قليل يمكن أن تسقط .على سبيل المثال ،ظاهرة مثل بائعات الهوي ،عندما نطرحها للنقاش العام من دون مناسبة ،يمكن اتهامنا في «زنان» بتشويش الذهان وإثارة الرأى العام .لكن عندما نلحظ في «زنان» ازدياد الظاهرة ،نعد ملفا صحافيا حول الموضوع بكل أبعاده ،وعندما يكون الظرف والمناخ متاحين ننشره ،وهذا ما حدث عندما تم اعتقال شخص في مدينة مشهد اعترف بقتل العديد من بائعات الهوي في المدينة .مثال آخر ،من القضايا التي تسبب شكوى كبيرة للنساء اليرانيات هي حضانة الطفال .الطفل ،ولد أو بنت ،يجب أن يعيش مع والده في حالة الطلق ،حتى إذا لم يكن الوالد مؤهل للحضانة .إذا أردنا أن نناقش هذه القضية في «زنان» من دون مناسبة وبدون وعي كاف ،فإن فهم الحكومة لخطوتنا هذه سيكون أننا في «زنان» نتحدث ضد قواعد وقوانين
السلم .لكن عندما يقع حدث ،على سبيل المثال تعطى الحضانة لوالد غير مؤهل للحضانة ،فيقصر في واجباته أو يتضرر الطفل أو الطفلة من الوضع ،ننشر تقريرا موسعا نكون قد أعددناه من قبل حول هذه القضية ،وننشر تحليل قانونيا ،بحيث تصبح لدينا قضية يمكن أن ندافع عنها في المستقبل ،وهي أن طفل أو طفلة تضرر من حضانة الب ،وأنه لبد من الحديث بصوت عال ،والقول إن هذه القوانين التي لدينا بها مشكلة> . موضوعات الغلف في «زنان» تشي بأنك عالجت الكثير من القضايا الحساسة بالفعل؟ ـ لدينا موضوعات غلف عالجت فعل الكثير من المسائل الحساسة .فهناك غلف عليه صورة بنت تحمل فنجان قهوة في «كوفي شاي» ،نشرناه عندما قالت السلطات إنه ممنوع على النساء العمل في المقاهي .لكن لحقا بسبب العتراضات سمحوا للنساء مجددا بالعمل في المقاهي .أحد أغلفتنا كذلك حول رجل من مشهد قتل الكثير من بائعات الهوى ،كان يحضرهن إلى منزله ويقوم بخنقهن بحجاب رأسهن .وهذه واحدة من القضايا التي أطبق عليها فكرة انه لبد أن يكون المناخ والرضية جاهزين لمناقشة الموضوع ،وعنوان موضوع الغلف كان :نساء مذنبات ..رجل برئ ،وفكرة الموضوع أنه يجب معرفة الجذور والسباب التي دفعت هؤلء الشابات للقيام بذلك ،وعدم ترك شخص يقتص بنفسه منهم .والحمد ال هذا الشخص تم اعدامه .وهناك غلف آخر لصحافية شابة تعمل في صحيفة «اعتماد ملي» التي يرأس تحريرها السيد مهدي كروبي .وقصة هذه الصحافية هو أنها كانت تغطي أخبار البرلمان اليراني لـ«إعتماد ملي» ،لكن تم طردها من البرلمان الحالي ،ومنعت من دخوله نهائيا لنها نشرت المرتب الشهري والمكافآت والهدايا لحد نواب البرلمان ،وعنوان الغلف «كلب قبيح ..طرد من البرلمان السابع» ،وهو مستوحى من حكاية إيرانية شعبية حول ظلم كلب قبيح. وغلف آخر حول ممثلة إيرانية تم توزيع شريط فيديو لها مع صديقها على النترنت ،ومحتوى موضوعنا هو أن كل الذين شاهدوا الفيلم أو وزعوه مذنبون بالغتصاب .كذلك من أغلفتنا غلف حول منع النساء من دخول ملعب كرة القدم مع الرجال وهو بعنوان «الحرية ..أين سنصرخ» ،وعليه صورة شابتين تحملن لفتة مكتوب عليها «استاد طهران يتسع لـ 100ألف (شخص)» ،وهذه العبارة مشطوب عليها ،فيما كتبت عبارة أخرى هي «استاد طهران يتسع لـ 100ألف (رجل)» .وطبعا غلف عليه صورة شيرين عبادي عندما عادت إلى إيران ،بعد حصولها على جائزة نوبل( .هذا الحدث لم تغطه الصحف والمجلت المحافظة في إيران) > .قضايا المرأة اليرانية كثيرة ،هناك الوضع القتصادي وحق العمل ،وهناك القضايا الجتماعية مثل الفقر والجريمة .وهناك تغيير الثقافة السائدة ،فما هي أولويات «زنان»؟ وهل قامت وزارة الرشاد من قبل بمنع نشر أحد المقالت أو الموضوعات في زنان؟ ـ عادة نحن نعالج كل القضايا الخاصة بالنساء ،خاصة القضايا الراهنة في المجتمع اليراني .بعض قضايا المرأة اليرانية متعلقة بالجوانب الثقافية للمجتمع وبعضها الخر متعلق بالجوانب القانونية ،نحن نغطي الحداث والتطورات التي تحدث والتي لها علقة بقضايا المرأة .وعادة ل نعرض المقالت أو الموضوعات التي سننشرها في «زنان» على وزارة الرشاد أو أي جهة أخرى ليقولوا لنا ما هي المواد التي يمكن نشرها والمواد التي ل يمكن نشرها .في الحقيقة نحن لدينا حرية النشر ،لكن ليس لدينا حرية بعد النشر .فبعد نشر المقالت والموضوعات ،صاحب المقالت أو الموضوعات غير المرضي عنها ل يتوجه إلى وزارة الرشاد ،بل إلى محكمة الصحافة لنظر قضية ضده ،ويتم سؤال الناشر أو المسؤول لماذا نشرت هذا المقال؟ وقد واجهنا الكثير من القضايا في المحكمة > .اذا pوزارة الرشاد ل تقوم بمراقبة الموضوعات في «زنان» قبل نشرها؟ ـ ل ،هذا ل يحدث > .هذا مثير ،لن وزارة الرشاد تقوم بقراءة الكتب من دور النشر المختلفة قبل طبعها ونشرها ،إل أنها ل تفعل الشيء نفسه مع المجلت .ما هي مصادر تمويلكم في «زنان»؟ وهل تأخذون أي تبرعات مالية من أي جهة؟ ـ ل نأخذ أي دعم مالي من أي مكان .نمول أنفسنا عبر البيع والعلنات والشتراكات > .ماذا عن توزيعكم الشهري؟ ـ توزيعنا في المتوسط 40ألف نسخة للعدد ،لكن ليس من السهل تماما تحديد توزيعنا .فطبقا للظروف الجتماعية والسياسية ،وعنوان موضوع الغلف ومدى جاذبيته ،أرقام التوزيع يمكن أن ترتفع أو تهبط > .ما هو رأيك في قانون المطبوعات ،هل سبب لك مشاكل في «زنان»؟ ـ قانون المطبوعات في إيران فيه الكثير من المشاكل في رأيي ،الول والهم أنه إذا أراد شخص أن ينشر صحيفة أو مجلة يجب أن يحصل على تصريح من السلطات قبل منحه الترخيص .هناك كذلك مشكلة اللجوء إلى مادة جنائية في الدستور ،تستخدم للمجرمين والسارقين ،ل علقة لها بالصحافة والنشر وإستخدامها لمعاقبة المسؤول عن نشر الصحيفة .المشكلة الخرى هي أن الكثير من الصحف والمجلت تغلق في إيران لمجرد نشر مقال أو كاريكاتور تراه السلطات مخالفا ،أي ل يتم مثل معاقبة الشخص المسؤول عن إصدار الصحيفة ،بل يعاقب الجميع ،هناك فئات عديدة تكسب أرزاقها من العمل في الصحافة ،ولديها عائلت ،هؤلء أيضا يعاقبون لنهم يفقدون عملهم بمجرد إغلق الصحف التي يعملون بها > .هل ظاهرة
إغلق الصحف المحسوبة على الصلحيين تقلقك ،وتجبرك على عمل نوع من الرقابة الذاتية على عملك؟ ـ نعم ،هذا ما يحدث .في كل الحالت نحن مجبرون على مراقبة أنفسنا ،وبالتالي نقرر عدم نشر بعض المقالت ،أو نغير محتوى البعض الخر من أجل أن ل نتعرض لغلق صحفنا أو مجلتنا ،وهذا هو اسوأ شئ .فتغيير بعض الكلمات أو الفقرات أمر سئ ،لكن إغلق المجلة أمر أسوأ بكثير ،وهو ما نعمل على تفاديه .أنا ل أقرأ المقالت والموضوعات الصحافية ،بل أيضا اقرأ العلنات في «زنان» ،للتأكد من أنها ل تتجاوز أي خطوط حمراء للقوانين والقواعد المعمول بها > .لـ«زنان» سمعة بأنها أقوى مجلة نسائية في إيران ،وأنت أقوى رئيسة تحرير في إيران .ما هي العقبات التي تواجهك؟ ـ من أكثر الصعوبات ،صعوبة تتعلق بمحتوى المجلة .في الحقيقة وجهات النظر التقليدية حول النساء ومشاكلهن تبرز من طريقة معينة في فهم الدين. على سبيل المثال البعض يرى أنه ل يجب طرح كل قضايا النساء في الصحف والمجلت .عندما نطرح كل قضايا النساء ،يشتكون .فإذا كانت القضية التي نطرحها تتعلق مثل بالقوانين المتعلقة بالنساء ،يقولون لماذا قلتم شيئا ضد أحكام الشريعة؟ أو لماذا تحدثتم عن العلقات الجنسية .في الحقيقة هناك ضغوط علينا في هذه القضايا ،ول نستطيع الكلم بحرية حول هذه القضايا .فيما يتعلق بالصعوبات المالية ،نحن في «زنان» تحت ضغط هائل .ل أحد يدعمنا ماليا .وزارة الرشاد تقبل مرة أو مرتين في العام فقط إعطاءنا الورق الذي نحتاجه لنشر المجلة ،مع أنهم يأخذون ثمن الورق منا ،وهو أرخص قليل من السوق الحر. ل توفر الكثير من التسهيلت للصحافيين اليرانيين ،وهي تسهيلت تتوافر للصحافيين في بلدان أخرى ،ومنها تقليص نفقات التصالت التليفونية، والكهرباء ،وإيجار المكتب .كذلك لدينا مشكلة أخرى وهي أن الممثلين والممثلت ومخرجي السينما مثل يستطيعون بسهولة السفر إلى بلدان أجنبية ،يستطيعون الحصول على جوائز من الخارج ،لكن الصحافيين يخضعون لقيود كبيرة في هذا المجال ،لكي ل يتلقوا جوائز من أي مكان خارج البلد .هذا يجعل وضعنا أسوأ .يوما بعد يوم الجور تتزايد ،أسعار الورق تزايدت بمعدل الضعف أو أكثر .إيجار المكتب يتزايد ،وكل هذا يضعنا في موقف مالي صعب جدا .أنا نفسي اضطررت لبيع خط هاتفي الجوال وسيارتي لتغطية النفقات .كما اضطررت لبيع منزلي > .كيف وضعك المالي الن؟ ـ أحيانا نكون في وضع جيد ،وأحيانا ل .لكني ل أستطيع تحمل إغلق «زنان» ،طالما أن السلطات لن تغلقها ،أنا لن أغلقها. إذا أغلقتها سأشعر أنني دفنت إبني حيا > .رأيت عددا من الرجال في المجلة ،هل توظفين صحافيين رجال كثيرين في «زنان»؟ ـ لدينا 3 صحافيين رجال فقط في المجلة ،الغلبية نساء ،لعدة أسسباب .أول من الطبيعي أن النساء يفهمن مشاكل النساء أفضل ،ويستطعن عمل موضوعات وتحليلت أفضل من الرجال .السبب الثاني إنني شخصيا أفضل هذا ،ففرص توظيف النساء في إيران أقل من فرض توظيف الرجال ،وأفضل أن أعطي النساء في «زنان» فرص عمل أكثر بسبب هذا > .ما هو عدد المجلت النسائية في إيران ،وما هو الفرق بين «زنان» وغيرها من المجلت التي تتوجه للنساء؟ ـ المجلت النسائية في إيران عددها ل يتجاوز عدد أصابع اليدين ،أقل من 10مجلت .ولدينا أنواع مختلفة من المجلت النسائية ،النوع الول ،هو المجلت الموجهة للنساء اللواتي يستطعن فقط القراءة والكتابة ومحدودات التعليم ،وهي مجلت تهتم بالشؤون اليومية مثل الطهي والخياطة ،أو تعالج بعض المشاكل النفسية للنساء .النوع الثاني هو المجلت التي تتحدث عن مشاكل السرة (العنف والغتصاب والفقر) ،غير أنها تعالج هذه القضايا بشكل سطحي وفضائحي ،ونحن نسميها الصحافة الصفراء ،وعادة ينشرون صورة طفل أو طفلة جميلة تبلغ عامين أو 3أعوام ويضعون المكياج على وجهها ،أو صور أغلفة أخرى بها عناصر الجذب الروتينية ،والناس العاديون ينجذبون إلى هذه المجلت ويشترونها .نحن نحاول في «زنان» أن نهتم بالمشاكل والقضايا بطريقة مختلفة ،وعناوين أغلفتنا وموضوعاتنا تستلزم شخصا حاصل على القل على الدبلوما .أغلب قرائنا حاصلين على تعليم عال ،ومنخرطين في سوق العمل ،أو ذوى أعمال خاصة .و %25من قراء «زنان» من الرجال .أستطيع أن أقول إن «زنان» ربما هي أكثر المجلت النسائية جدية > .من هم منافسوكم في السوق؟ ـ بعض المجلت النسائية تنتمي إلى الجناح المحافظ ،وهي لها قضاياها وقراؤها ومواقفها ،لكني ل أستطيع أن أقول إنهم منافسونا ،لكنهم يعملون بجدية ،وإحداها هي مجلة «بيه مازان» وتعني «رسالة النساء» وهي تنتمي إلى منظمة الدعاية بالحوزة العلمية في قم .كانت هناك مجلة أخرى جادة وهي «حقوق زنان» ،أي «حقوق المرأة» ،وهي لم تعد تصدر .بعض الصحف الصلحية لديها صفحات وملحق حول المرأة داخل الصحيفة ،وهم كذلك ينشرون مقالت جادة جدا حول قضايا المرأة .هؤلء هم أهم منافسينا > .أنت من المؤيدات لحملة «المليون توقيع» ،كيف بدأت ،وهل زنان «نسوية علمانية» أم «نسوية إسلمية»؟ ـ بدأت حملة «المليون توقيع» عندما تجمعت ناشطات في ميدان «هفت تير» بوسط طهران للمطالبة بتغيير القوانين التي تميز ضد النساء .وجاءت الشرطة واعتقلت بعضهن وكان المر عنيفا .بعد هذا قررنا أن نبدأ تلك الحملة لتغيير القوانين. بخصوص انتماء «زنان» ،نحن في المجتمع اليراني معتادون على تفتيش النوايا ،نحن نحاول في «زنان» أن نحارب هذا .ل أؤمن بتقسيم النساء.
على سبيل المثال القول إن هذا اصلحي وهذا علماني وهذا ديني أو محافظ ل يفيد .لدينا مشاكل متداخلة وصعبة ،والحسن لنا أل يتم تقسيمنا .كلنا يحاول أن يركز على الهداف المتعلقة بتعزيز حقوق النساء .في المستقبل عندما نحل هذه المشاكل سيكون لدينا وقت كاف لتقسيم أنفسنا إلى جماعات متعددة .وأعتقد أن السبب في أننا أقوياء جدا ،ولدينا حركة أسرع وأكثر تأثيرا هو أن لدينا الكثير من الختلفات في وجهات النظر بيينا، لكن بدون تقسيمات > .هل تتعارض ظروف المنزل ووضعك مع عملك؟ ـ أنا مطلقة > .هل من الصعب أن تكوني مطلقة في إيران؟ ـ كان المر صعبا من قبل ،لكن الن الكثير من النساء مطلقات أو يردن الطلق ،فبات المر طبيعيا > .هل هي أسباب إقتصادية أم اجتماعية وراء تزايد معدلت الطلق في إيران؟ ـ هناك الكثير من السباب .رسالتي للماجستير التي ناقشتها منذ أسابيع كانت حول موضوع الطلق .في إيران قانون الطلق له جانب واحد ،وهو الزوج ،الذي يمكن أن يطلق زوجته متى أراد .فيما النساء يستطعن الحصول على الطلق في حالة واحدة وهي إذا ذكر هذا في عقد الزواج ،أي شرط منصوص عليه في العقد .الموضوع معقد وواسع ،لكن باختصار أقول لدينا مشاكل ،منها العلقات بين الولد والبنات قبل الزواج ،فليس من السهل فى إيران التعارف والتلقي بين الطرفين قبل الزواج ليعرفوا بعضهم البعض بشكل أفضل. حكومتنا وعائلتنا ل تقبل هذا المر ،وبالتالي يتزوج الناس وهم ل يعرفون بعضهم البعض .المشكلة الخرى أن النساء في إيران تعتبرن مواطنات من الدرجة الثانية .بعد الزواج يريد الرجل أن يمتلك المرأة ،والكثير من النساء اللواتي لديهن القدرة على العمل والمكانيات التعليمية، يشعرن أن مناخ السرة بشكلها التقليدي يضيق عليهن كثيرا .تقسيم العمل في البيت يتم على أساس تقليدي ،أي كل أو غالبية العمل المنزلي ،تقوم به النساء حتى اذا كن يعملن خارج المنزل .هناك مشاكل أخرى منها إعتبار النساء مخلوقات لنجاب الطفال والعناية بالزوج والبيت فقط .الجيل الجديد من الشابات اليرانيات ل تستطعن تحمل هذه الفكار أو الممارسات ،وتطلبن الطلق .بعض النساء ل تطلبن الطلق لسباب اقتصادية ،أي لنهن ل يستطعن إعالة أنفسهن > .ما هو تقييمك لحكومة أحمدي نجاد؟ وهل أنت متفائلة أم متشائمة بشأن مستقبل الصلحات في إيران؟ ـ هذه الحكومة تتجه لغلق مجال الحريات الجتماعية والشخصية للنساء .فحريات النساء الن يتم التضييق عليها .بخصوص المستقبل ،أنا دائما متفائلة بشأن المستقبل .إذا لم أكن متفائلة بشأن الحكومة ،فأنا متفائلة بشأن الناس في إيران ،بالذات النساء .لنني أعتقد أن النساء تتحركن تحت الجلد أو تحت الرض ،خطوة بخطوة بشكل منتظم ،ولهذا فإنهن غير ظاهرات جدا للعيان ،لكن هذه الحركة فعالة .دائما أقول :حركة النساء قادمة لكن بدون جلبة .حركة النساء ليست ثورية ،إنها تتحرك بدون جلبة أو ضوضاء .ولهذا أنا متفائلة ،فل قوة تستطيع وقف هذه الحركة .ربما في بعض المناطق يمكن أن يحدث تباطؤ ،لكن ل أحد يستطيع ل وقفها ،ول إرجاعها للخلف.
«الشرق الوسط» في إيران ( )13ـ حسين شريعتمداري لـ«الشرق الوسط» :الهجوم علينا مكلف جدا ..وحزب ال مجرد عينة مستشار خامنئي ورئيس تحرير «كيهان» قال إن على طهران النسحاب من معاهدة منع النتشار النووي ..وإن بوش خدمها 3مرات * بوش وجه لطمة إلى الديمقراطيات وأصاب فرانسيس فوكاياما بالخجل * مفاوضاتنا مع الميركيين حول العراق أو الملف النووي لن تؤدى إلى نتيجة * هؤلء الذين كانوا منفيين لعقود في إيران ..هم الن
طهران :منال لطفي النافذون في إيران * حسين شريعتمداري مستشار للمرشد العلى في إيران آية ال علي خامنئي وصحافي وسياسي نافذ ،ومع أن الصلحيين ل يتفقون مع ما يكتب في صحيفة «كيهان» اليومية التي يرأس تحريرها ،إل أنهم يقرأون ما يكتب فيها مثلهم مثل المحافظين ،الجميع يقرأ بالذات افتتاحية شريعتمداري ناهيد توسلي ،رئيسة تحرير مجلة «نافيه» الثقافية والناشطة الصلحية ،وصفت افتتاحيات شريعتمداري بـ«الوعاء» الذي يقدم الفكار التي تدور في أروقة الحكم في إيران ،والقضايا التي تشغل صانعي القرار ،والقرارات التي قد يتخذونها في هذه القضية أو تلك شريعتمداري لم ينف ،وقال إن ما تتنبأ «كيهان» بحدوثه يحدث ،غير أنه أوضح لـ«الشرق الوسط» أن السبب في ذلك ل يعود إلى علقته مع المرشد العلى ليران ،بل إلى القراءة الموضوعية للتطورات في إيران ،ووجود «أصدقاء مهمين» لـ«كيهان» في عدة أماكن ومؤسسات هامة وحيوية ،على حد قوله. * «الشرق الوسط» التقت شريعتمداري في مكتبه بصحيفة كيهان وسط طهران .وهنا نص الحوار: * الكثير من الصحف الصلحية في العامين الماضيين تعطل وواجه صعوبات كبيرة في العمل مثل «شرق» التي توقفت عن الصدور ،فيما الصحف المحافظة ما تزال تعمل بشكل عادي .لماذا؟ ـ أول تقسيم الصحف اليرانية بين محافظ وإصلحي ومعتدل ليس شيئا صحيحا ،هناك صحف تعتبر محافظة في نظر البعض تقوم بانتقاد سياسات الحكومة أو بعض المسؤولين تماما كما تقوم بذلك الصحف المصنفة إصلحية .وضع الصحف اليرانية الن مقارنة بعدة سنوات مضت لم يتغير كما قد يتصور البعض .كل التيارات السياسية في إيران حاليا لديها صحفها الخاصة .بالطبع بعض التيارات السياسية تزايد عدد صحفها. بشكل عام عدد الصحف المنتمية للتيار الصلحي تقلص ،فبعض صحف الصلحيين تم منعها وتوقفت عن العمل .لكن الظروف والشروط المتعلقة بالصحف لم تتغير وهي كما كانت عليه في السابق. * هل صحيح أن الصحف القريبة من الحكومة تنال مزايا أكبر من تلك الصلحية ول تتعرض للمضايقات ،وتحصل على الورق بأسعار أفضل؟ ـ من السهل جدا إطلق مثل هذه الدعاءات .لكن أي شخص يدعى شيئا ،عليه أن يجد سندا منطقيا لدعائه .مثل صحيفة «شرق» الصلحية توقفت لنها تجاهلت القواعد التي تحكم عمل الصحف في إيران ،وتم إيقافها بعد تحذيرها مرتين أو 3مرات .وفي الوقت نفسه صحيفة « سياست روز» التي تنتمي إلى المحافظين تم إغلقها ،لكن على عكس «شرق» التي تلقت عدة تحذيرات ،فإن «سياست روز» لم تتلق تحذيرا واحدا قبل إغلقها ،وكلهما تم إغلقه طبقا للقانون اليراني .الحديث حول أن بعض الصحف المحافظة تحصل على الورق بشكل أسهل أو أرخص ،نوع من الدعاء ل أقول فقط إنه بل أساس بل وسخيف .كل صحيفة في إيران يجب أن تشتري ورقها بنفسها ،وهناك مصدران للصحف في إيران
للحصول على الورق ،أحدهما «الشركة اليرانية للورق» ،ونوعية أوراقها ليست ممتازة ،والصحف اليرانية ل تحبذ الحصول على ورقها من شركة الورق .الطريقة الخرى هي الحصول على الورق من السوق الحرة أو الورق المستورد .يمكن الشارة إلى صحيفة «كيهان» ،وهي من أهم الصحف في إيران ،فلن الوضع المالي لـ «كيهان» ليس جيدا جدا ،فإن الورق الداخلي بين الصفحتين الولي والخيرة ليس ذا جودة عالية. الصحف التي تنتمي إلى الصلحيين وتشتكي من التمييز ضدها ،نوعية ورقها ممتازة جدا .المر بسيط جدا ،تطلعوا إلى نوعية ورق «كيهان» ونوعية ورق بعض الصحف الصلحية ستجدون الحقيقة بالعين المجردة. * هل تحصل «كيهان» على أي نوع من الدعم المالي من السلطات اليرانية؟ ـ أقول بشكل حاسم إننا الصحيفة الوحيدة التي تمول نفسها بمصادرها الخاصة .لم نأخذ أبدا أي دعم مالي من أي جهة .هناك صحف حكومية تنتمي للحكومة مثل صحيفة «إيران» ،وبالتالي فإن ميزانيتها يتم دعمها من السلطات ،أو «همشهري» التي تنتمي إلى المجلس المحلي للعاصمة طهران ،وبالتالي يتم تمويلها من جانب بلدية طهران ،أو «جامه جم» التي تنتمي إلى «راديو وتلفزيون إيران» وميزانيتها جزء من ميزانية الراديو والتلفزيون الوطني .هناك صحف أخرى تنتمي إلى الحزاب السياسية في إيران ،وبالتالي فإن الحزاب تتولى ميزانيتها« .كيهان» ليست هذا أو ذاك ،إنها مستقلة عن كل الجهات ،وإلقاء نظرة على المقالت التي ننشرها تثبت هذا. * تحدثت عن أن «شرق» و«سياست روز» تم إغلقهما بموجب قانون المطبوعات ،لكن قانون المطبوعات في إيران كما يقول البعض مشكلة، فهو فضفاض وهناك الكثير من بنوده غير واضحة وكل من الصلحيين والمحافظين عندما يكون في السلطة يفسره ويستخدمه بطريقة مختلفة عن الخر .الن المحافظون يستخدمون القانون لغلق الصحف الصلحية ،فيما خلل فترة الرئيس اليراني السابق محمد خاتمي استخدم القانون نفسه للسماح بأكبر قدر من الصحف الصلحية .ما رأيك؟ ـ الجهة التي تطبق قانون المطبوعات هي المؤسسة القضائية في إيران ،وهي منفصلة عن الحكومة ،الحكومة تتغير ،إل أن المؤسسة القضائية ثابتة ول تتغير .ولهذا فإن القضاة يجب أن يقدموا ما يكفي من الحجج فيما يتعلق بالقرارات المتعلقة بالصحف .وهم يفعلون هذا ،فعادة ما يعلنون أسباب قراراتهم. * هناك ضغوط داخلية في إيران بسبب الوضع القتصادي ،وهناك ضغوط خارجية بسبب الوجود الميركي في العراق وأفغانستان والتصعيد بين واشنطن وطهران على خلفية الملف النووي ،أيهما في رأيك أكثر تهديدا لمن إيران ،العوامل الداخلية أم الخارجية؟ ـ لدينا مشاكل في القتصاد اليراني ،لكن ليس هناك خلفات داخلية حول الموضوع ،نحاول أن نحل المشاكل القتصادية ،وأحد الخطوات الهامة التي اتخذناها لحل هذه المشاكل القتصادية التوجه لتحويل جزء من الشركات والصناعات اليرانية الهامة التي تتحكم فيها الدولة إلى القطاع الخاص .ولحسن الحظ فإن ارتفاع سعر البترول ساعدنا كثيرا .لدينا الكثير من مشروعات البنية التحتية قيد التنفيذ الن .ولهذا فإنه ليس هناك قلق متعلق بالجانب القتصادي .حول المخاطر الخارجية ،ال ساعدنا كثيرا لن عدونا بوش أحمق .حماقة بوش ساعدتنا ولعبت دورا لصالحنا. فبالهجوم على العراق ،أنهى بوش حكم صدام حسين وهذه نقطة لصالحنا ،والقدرات غير العادية للشعب العراقي والتي كانت خفية تحت الحكم الصارم لصدام حسين انطلقت ،وهذه نقطة ثانية في صالحنا ،لن الشعب العراقي ،وأي شعب آخر مسلم يتحرر من قمع ديكتاتوري صديق لنا. الن هؤلء الذين كانوا منفيين لعقود في إيران ،هؤلء الناس الن هم في السلطة في العراق .وهذه ميزة هامة وهي النقطة الثالثة في صالحنا. بوش بهجومه على العراق وجه لطمة إلى كل الديمقراطيات الليبرالية حول العالم .اعتقد انه أصاب فرانسيس فوكاياما بالخجل .وهؤلء الذين يؤيدون أميركا ،والجماعات التي دربتها أميركا ل يجرؤون على إعلن تأييدهم لميركا الن .هناك مزايا كثيرة حصلنا عليها بسبب بوش ،ولهذا فإننا لسنا خائفين من العوامل الخارجية .الميركيون يهددون بأنهم سيستهدفون إيران عسكريا .نعلم أن هذا مجرد تهديد نفسي ،فالميركيون في العراق في مستنقع ومأزق كبير ،حتى في أفغانستان ،نحو 6مقاطعات في الجنوب باتت في يد طالبان وجماعات أفغانية أخري .الهجوم على إيران
سيكون ثمنه مكلف جدا لميركا .هذه ليست المرة الولى التي نهدد فيها .عندما كنا نحاول بعد الثورة اليرانية عام 1979أن نبدأ بناء الجمهورية، فرضوا علينا 8سنوات من الحرب مع العراق ،وقد اعترفت أميركا وأوروبا ودول أخرى في عام 1991وبعد احتلل صدام للكويت ،أنها كانت تدعم صدام حسين خلل حربه ضد إيران .إذا pهي ليست المرة الولى التي تتوحد فيها هذه القوى ضد إيران .لكن مقارنة سنوات الحرب مع العراق بحالنا الن ،أقول إننا أدخلنا الكثير من التعديلت .نحن جاهزون عسكريا ،وعلى أهبة الستعداد وأعتقد أنه إذا حدث أي شىء ،فإن الميركيين والسرائيليين سيندمون .وحزب ال مجرد عينة لما يمكن أن يحدث ،يمكن مقارنة ذلك بما نستطيع أن نفعله. * البعض يقول إنه بغض النظر عن إساءة بوش للحسابات في العراق ،فإن الرئيس اليراني محمود أحمدي نجاد ل يساعد إيران كثيرا بتصريحاته العلنية الكثيرة حول إزالة إسرائيل من على الخريطة ،والتصعيد في الملف النووي ،محذرين من أنه حتى أصدقاء إيران مثل روسيا والصين وفرنسا وألمانيا انقلبوا عليها بسبب تصريحات أحمدي نجاد .هل ترى أن أسلوب أحمدي نجاد يعزل إيران عن العالم؟ ـ الكلم حول محو إسرائيل من على الخريطة كلمات مؤسس الجمهورية اليرانية آية ال روح ال الخميني .ومنذ بداية الجمهورية ،فإن السياسة الخارجية ليران بنيت على هذه الستراتيجية .نعتقد أن جغرافية المنطقة ليس بها دولة إسمها إسرائيل .أما بخصوص الهولوكست ،فإن مؤرخين كبارا مثل الفرنسي روجيه غارودي وآخرين قالوا إن المحرقة النازية أسطورة ،وقصة ليس لها أي أساس .ما أريد أن أقوله هو إنه إذا كان الهولوكست ليس حقيقة ،فلماذا قام هذا الكيان باحتلل فلسطين؟ وإذا كان الهولوكست حقيقيا ،ونحن ل نعتقد هذا ،فإن هذه المحارق تمت في أوروبا ،فلماذا يجب على الفلسطينيين أن يدفعوا ثمن ما اقترفه الوروبيون؟ الغرب يكره إيران لنه يسمع هذه الصرخة منا .لكن الغربيين يكرهون إيران منذ البداية .والمام الخميني قال منذ البداية إن الوليات والمتحدة وأوروبا فعلوا كل شىء ممكن من أجل إضعاف هذا البلد ،وإذا كان هناك شىء لم يفعلوه فإن سبب ذلك أنه لم يكن بمقدروهم أن يفعلوه .ولهذا فإنه وفي ضوء هذا الجزء من الصورة ،فإننا لم نخسر شيئا لنهم لم يتغيروا. تصريحات أحمدي نجاد لم تفقدنا أصدقاء لنهم لم يكونوا أصدقاء لنا .لكن للصورة جانبا آخر وهو أن العالم السلمي وأمة السلم ستكون متحدة. الجمعية العامة للمم المتحدة صوتت على قرار يجرم إنكار المحرقة النازية ،هذه علمة نجاح لنا ،كما أنها المسمار الخير في نعش المم المتحدة .فمن جانب يقولون إن كل شخص لديه حرية الحديث والعتقاد والنقد ،لكن في الجانب الخر يقولون إنه ل أحد لديه حتى حق التحقيق فيما إذا كانت المحرقة حدثت. * لكن البعض يقول إن مثل هذه التصريحات ل تخدم مصالح إيران الحيوية ،وإنها مثل سببا في عدم إجراء أي حوار بين الميركيين واليرانيين حول المسألة النووية ،فكبار المسؤولين اليرانيين مثل مسوؤل الملف النووي اليراني علي لريجاني ووزير الخارجية منوشهر متقي قال إن طهران ل تمانع في إجراء حوار مع واشنطن ،لكن تصريحات أحمدي نجاد ل تساعد على هذا ،كيف ترى المسألة؟ ـ ما أقوله وجهة نظر صحافي وليست وجهة نظر رسمية حكومية أو دبلوماسية ،أنه رأيي كصحافي .مبدئيا ل يمكن أن تكون لدينا أي مفاوضات مع الميركيين .المفاوضات التي يتحدث عنها متقي ولريجاني وأحيانا أحمدي نجاد هي مفاوضات متعلقة بالسياسة النووية ليران ،والعودة إلى طاولة مفاوضات 5زائد .1في هذه المفاوضات ،الميركيون يقولون لنا إننا يجب أن نوقف تخصيب اليورانيوم ،ثم نبدأ التفاوض .ما هو هدف المفاوضات؟ أي مفاوضات بين دولة وأخرى تعنى أن هاتين الدولتين تقفان على أرضية مشتركة ،وتتفاوضان لبناء أشياء مشتركة .الميركيون يريدون أن نوقف التخصيب .حسنا إذا أوقفنا التخصيب قبل المفاوضات ،فما الذي سنتفاوض حوله .وقف التخصيب يجب أن يكون نتيجة للمفاوضات وليس شرطا مسبقا لها .ولهذا فإن هذه المفاوضات لن تصل إلى أي نتيجة .هناك فريق آخر من الميركيين يتحدث عن مفاوضات أخرى بشأن العراق ،في رأيي هذه المفاوضات أيضا لن تؤدي إلى نتيجة لنها تجري على أرضية الصراع .نقول إن انعدام المن في العراق سببه وجود الحتلل .المحتلون يقولون تعالوا هنا ودعونا نتفاوض حول انعدام المن ،ورأينا هو :غادروا العراق لحلل المن به .المام الخميني قال يوما عن الميركيين مثل يتماشى مع حالهم اليوم وهو أن :شخصا قبيحا جدا كان يحرك مهد طفل ،وهذا الطفل كان يبكي ،وهذا الشخص القبيح يحاول أن يربت على الطفل لتهدئة بكائه .فجاء شخص وقال للرجل القبيح :الطفل خائف منك أنت ،ولهذا يبكي .أترك الطفل جانبا ليعود هادئا .في رأيي الشخصي أن الميركيين ل يريدون من الحوار معنا أن يتم حل أي قضية ،يريدون المفاوضات فقط من أجل المفاوضات.
* لماذا مفاوضات من أجل المفاوضات؟ ـ لمدة 28عام وقفنا ضد الميركيين .تجاوزنا كل العقوبات القتصادية والحصار والهجمات ،وطورنا قدراتنا بالرغم من 8سنوات من الحرب المفروضة علينا ،وقصف المدن .صمودنا شكل «نموذجا» في العالم .نموذج ينطبق عليه قول المام الخميني إن الميركيين مثل أسد عجوز بل أسنان ،فقط يحدث جلبة عالية .صمودنا أدى لخلق النتفاضة الفلسطينية ،خلق الحركة السلمية في الجزائر وتركيا والكثير من البلدان السلمية. الميركيون يريدون إجراء حوار معنا ليقولوا للعالم السلمي والحركات في فلسطين ولبنان وكل المة السلمية :انظروا إيران التي كانت تشكل نموذجكم ورمزكم للمقاومة تجلس على طاولة المفاوضات معنا .هذا ما فعلوه مع كوريا الشمالية قبل أسابيع ،وقبل نحو عام فعلوا نفس الشيء مع ليبيا فيما يتعلق ببرنامجها النووي .يقول لنا الميركيون :أنتم مثل ليبيا دعونا نتخلص من منشآتكم النووية .لكن الفرق بيننا وبين الليبيين أن الليبيين كانوا يمتلكون مفاعلت اشتروها من عدة بلدان ،هذا نموذج مختلف عنا .نحن في إيران صنعنا كل شيء هنا .مع أخذ كل هذا في العتبار ،أقول إن الميركيين يريدون أن نجلس معهم على طاولة المفاوضات فقط من أجل المفاوضات. * أنت مستشار المرشد العلى علي خامنئي ،ورئيس تحرير «كيهان» في الوقت ذاته« .كيهان» ينظر إليها على أنها صحيفة محافظة ،وعلى أنها أكثر الصحف اليرانية نفوذا ،وينظر إلى افتتاحيتك على أنها مؤشر لما يفكر فيه صانعو القرار .فهل ما ينشر في صحيفتكم يؤثر فعل على موقف الحكومة اليرانية من القضايا المختلفة؟ ـ القضية لها أبعاد أخرى ،وليست هكذا تماما .العام الماضي قدمت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية قائمة بأكثر افتتاحيات الصحف تأثيرا في كل بلد حول العالم .وقدموني من إيران ،وقيل في حيثيات الختيار إن السبب هو حسن التنبؤ الذي تتمتع به افتتاحية «كيهان» .نحن في «كيهان» نحاول أن نضع كل الحقائق كما هي ،جنبا إلى جنب ونتوصل إلى استنتاجات من الحقائق التي أمامنا .أغلب تنبؤات «كيهان» ثبتت صحتها لحقا .على سبيل المثال ،بالرغم من وجهة النظر الحكومية وغيرها من المؤسسات الرسمية ،نعتقد في «كيهان» أن على إيران النسحاب من معاهدة منع النتشار النووي .قبل عامين وخلل مباحثات الترويكا (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) في إيران ،قلنا في الصحيفة إنه برغم المحادثات، فإن الملف النووي اليراني سيحال إلى مجلس المن الدولي .خلل اجتماع باريس ،تنبأنا بأنه في اجتماع لندن الذي كان سيقام بعد 3أشهر من اجتماع باريس ،سيطلبون من إيران أن توقف كل أنشطتها النووية ،وكل هذه التنبؤات تحققت .هذا لم يكن قراءة طالع ،إنما توقعات .عندما بدأت الحرب اللبنانيةـ السرائيلية ،تنبأنا أن الحرب ستأخذ نحو شهرين ،وأن السرائيليين سيتكبدون خسائر كبيرة .جزء من الحديث حول نفوذنا يعود إلى هذه المثلة .غير أن هناك جانبا آخر ،وهو أن لدى «كيهان» الكثير من الصدقاء المهمين في عدة أماكن ومؤسسات هامة وحيوية ،وأحدث المعلومات تصلنا .ربما كل هذه العناصر تصنع هذه الصورة. * شريعتمداري ..وصورة نصر ال * المكان الوحيد الذي رأيت فيه صورة حسن نصر ال المين العام لحزب ال في طهران كان مكتب شريعتمداري في صحيفة «كيهان» .كانت الصورة معلقة على الحائط بجوارها صورة لرئيس تحرير «كيهان» السابق الذي قتل في سقوط طائرته في نهاية الحرب العراقية ـ اليرانية. «كيهان» تعني بالفارسية «العالم» أو «الكون» ،وهي تأسست في زمن الشاه وكانت قبل الثورة اليرانية واحدة من أبرز الصحف في إيران وتربطها علقات وثيقة بالنظام .بعد الثورة اليرانية أصبحت مقربة من الحكومة ،وبسبب علقاتها الن مع المرشد العلى آية ال علي خامنئي، ومواقفها ،تعتبر «كيهان» في نظر الكثيرين أكثر الصحف محافظة في إيران .توزيعها يبلغ في المتوسط 50ألف نسخة في اليوم ،جزء منها يوزع على المؤسسات الرسمية والوزارات .خلل النتخابات الرئاسية عام ،2005دعت «كيهان» مرشحي التيار المحافظ إلى التوحد خلف مرشح معين ،بدل من تفتيت أصوات الناخبين اليرانيين من مؤيدي التيار المحافظ .وقال صحافي مقرب من الصلحيين لـ«الشرق الوسط» إن شريعتمداري دعم أحمدي نجاد ،وإنه كان مرشحه المفضل بين المحافظين ،وذلك لن كلهما عمل في قوات الحرس الثوري .وأضاف الصحافي،
الذي طلب عدم الفصاح عن هويته« ،إنه بينما من المعروف أن أحمدي نجاد خدم في الحرس الثوري ،فإن شريعتمداري ل يذكر انه خدم في قوات الحرس الثوري» .ومع أن شريعتمداري يشدد على استقلل كيهان ،إل أن رئيس تحريرها يعين من قبل المرشد العلى ،كما أن أعضاء مجلس إدارتها يكونون عادة من المنتمين للتيار المحافظ ،وربما كان هذا سبب خروج بعض الصحافيين الصلحيين منها ومن بينهم شهل شركت التي كانت تعمل في صحيفة « كيهان زان اي روز» أو «المرأة اليوم» الصادرة عن «مؤسسة كيهان» .فقد تم فصل شركت من عملها بسبب بعض آرائها ،مما دفعها إلى تأسيس «زنان» التي تعد اليوم أهم مجلة نسائية في إيران. ول يحب الصلحيون شريعتمداري كثيرا ،فهو في إحدى مقالته انتقد بعض الصحف الصلحية قائل« :pهناك أقلم لم تتوان عن رسم صورة قاتمة عن الوضع اليراني وتضخيم المشاكل الداخلية وعلى رأسها المشاكل القتصادية وتسويق المشاكل الخارجية بأنها تهديدات عظيمة باتت قريبة من إسقاط النظام ،لكن المراقب المنصف وبالرجوع إلى تجربة الثورة اليرانية في الـ 27سنة الماضية يرى أن هذا النظام قد مرuت عليه أيام وأشهر وسنين أصعب من الظروف التي يعيشها اليوم» .وفي مناسبة أخرى اتهمت «كيهان» المحامية شيرين عبادي بالشتراك في مؤامرة لقتل الصحافي أكبر غانجي ،وبالتعاون مع استخبارات أجنبية .وقالت «كيهان» إن عبادي تشجع غانجي على مواصلة إضرابه عن الطعام حتى الموت لخدمة مصالح دول أجنبية بهدف إحراج الحكومة اليرانية .وأشارت إلى أن شيرين عبادي أعطت غانجي ضمانات بأن صحته لن تتأثر، لكنها في نفس الوقت اتفقت مع أطراف أجنبية على أن تحصل على مكافأة سخية عند وفاته .لكن بالرغم من هذا ،فإن لكيهان نفوذا كبيرا وعلقات وثيقة مع عدد كبير من المسؤولين اليرانيين النافذين. يوجد في كيهان ،التي تقع في شارع الفردوسي بوسط طهران 130 ،صحافيا ،لكن إجمالي العاملين يبلغ نحو 1000شخص بحسب شريعتمداري، الذي قال إن لدى «كيهان» مقرات خارجية في ألمانيا واليابان وسورية وسلطنة عمان .كما أن لدى «كيهان» دارا خاصة للطباعة .وتنشر «كيهان» عدة مطبوعات من بينها «كيهان» اليومية بالفارسية ،وهذه توزع في إيران ،و«كيهان انترناشونال» وهي يومية بالنجليزية ،وتوزع في الخارج، و«كيهان العربي» وهي أيضا يومية وتوزع في الخارج ،و«كيهان الرياضية» بالفارسية وهي يومية .كذلك تصدر «كيهان» مجلة للمرأة هي «كيهان زان إي روز» .وفي عام 2003أصدرت كيهان مطبوعة أخرى تسمى «كاريكاتير كيهان» ،غير أن إدارة «كيهان» أغلقتها بعد ذلك. الصحافيون والمحررون الذين يعملون في «كيهان» الفارسي مختلفون عن الذين يعملون في «كيهان انترناشونال» و«كيهان العربي» ،ففي كيهان العربي ،بحسب شريعتمداري ،هناك محرران أو ثلثة عرب وواحد من طاجكستان ،أما الباقون فإيرانيون.
«الشرق الوسط» في إيران ( : )14العولمة في شارع «جمهوري إسلمي» رئيس التشريعات في بورصة طهران لـ«الشرق الوسط» :سنخصص شركات بـ 100مليار دولر تتضمن البتروكيماويات والبنوك والتصالت * يدخل السوق اليراني تايم ونيوزويك وفورشن ومطبوعات من كل النواع إل المكتوب عليها :الخليج العربي * الستثمار في البورصة لم يكن عادة إيرانية عمل بمقولة شعبية «أخف رغيفك في كمك» *
طهران :منال لطفي من الصعب على المرء ،ما لم ير بنفسه ،أن يتخيل حجم البضائع الجنبية في إيران ول تنوع ماركات البضائع ،فهي من سوني إلى باناسونيك وهيتاشي ونوكيا وفيليبس وال جي واكوا ،شارع «جمهوري إسلمي» هو شارع السلع اللكترونية الساسي في إيران ،وهو شارع للتسوق ،فليس فيه بيوت للسكن أو مطاعم تذكر ،وهو عريض وعلى جانبيه تنتشر المحلت ،وفي وسطه واحد من أكبر المراكز التجارية متعددة الدوار التي تحوي بين ضفتيها كل شىء ،من الكل إلى الملبس وأدوات التجميل ومفروشات البيت ،ديكور المحلت حديث يغري على الشراء ،وتنوع البضائع يجذب العين ،رواد الشارع في الغالب من الشباب الذين يأتون لرؤية الجديد ،خصوصا التليفونات الجوالة من دون أن يعتزموا الشراء بالضرورة ،شباب يسيرون على مهل يرتدون قمصانا زاهية اللوان ،مفتوحة الصدر ،تتدلى من أعناقهم سلسل من الفضة ،مع خاتم في اليد أو خاتمين .الكثير من التجار اليرانيين في الشارع يشعرون اليوم بالخوف من قلة البيع والشراء في الونة الخيرة وما ترتب على هذا من كساد ،إل أن آخرين يقولون إن الطبيعي في حركة السواق هو التحرك بين الصعود والهبوط ،وإن الكساد ظاهرة حدثت في أسواق العالم كله ،تأخذ وقتها وتنتهي« .السوق سىء ،كل يوم السعار تتراجع .والناس ل تشترى بسبب البطالة والتضخم .القدرة الشرائية للناس تقلصت خلل السنوات الماضية لنهم ليس لديهم مال كاف للشراء ،بالرغم من انخفاض السعار» ،قال شاكيا حسين كيانين الذي يعمل في محل لبيع التلفزيونات وأجهزة الفيديو من سوني إلى سامسونغ ،وهو شاب في مطلع العشرينات يخشى من أن تتأثر أوضاعه القتصادية بسبب الوضع الحالي .وأضاف حسين كيانين قائل لـ «الشرق الوسط»« :لدينا في إيران مصنعان فقط ينتجان أجهزة وقطع غيار التليفزيونات والفيديو والراديو ،وليس هناك تنوع فيهما ،وبالتالي ل يستطيعان أن يصمدا أمام المنافسة الجنبية ..بسبب هذا السلع فإن الجنبية في كل مكان ،والسوق اليراني فيه كل شىء، والجهزة يتم استيرادها من دبي وماليزيا وسنغافورة» .وإذا كان السوق اليراني يستسلم أمام غزو البضائع الكهربائية المستوردة ،فإن صناعة القطن والمنسوجات اليرانية تحاول أن تبقي في السوق« .لدينا بعض البضاعة الصينية ،لكن غالبية البضاعة إيرانية ،فالكثير من المنتوجات الصينية رديئة الصنع ..البطاطين وأغطية السرة اليرانية تبيع أفضل ،فيما الحذية والقباقب الصينية أفضل» ،قال قمبيز اسحاقيان وهو بائع آخر في شارع «جمهوري إسلمي» ومتخصص في الملبس المنزلية والمنسوجات القطنية .وتابع اسحاقيان لـ«الشرق الوسط»« :حال السوق سىء منذ 5سنوات .لكن عاما بعد عام يزداد سوءا ،والتضخم وضعف القدرة الشرائية لموظفي الحكومة أثرا علينا .كذلك التهديدات بفرض عقوبات جديدة تؤثر على السوق ،فل يشتري الناس .آتى صباحا إلى المحل ،وأظل انتظر ،ثم أعود بالليل إلى المنزل .هكذا كل يوم .حتى إذا أردت أن أبيع محلي وأبدأ عمل جديدا ،لن أستطيع لنه ليس هناك مشترون للمحل .ل أحب عملي كثيرا ،لكننى ل أستطيع تغييره» .ربما المحلت الوحيدة التي تحقق قدرا من الرباح في «جمهوري إسلمي» هي محلت التلفونات الجوالة ،فسمادي ،وهو صاحب محل موبايل وكاميرات تصوير يقوم باستيرادها من الخليج وكوريا الجنوبية والصين وفنلندا ،قال لـ«الشرق الوسط»« :السوق عموما جيدة ،ومبيعاتنا جيدة ،لكن المشكلة الوحيدة أن بعض القوانين الجديدة أدت إلى تدهور الوضاع إلى حد ما ،ومنها زيادة تكلفة الستيراد للسلع الجنبية .وأغلب المبيعات من التليفونات الجوالة وكاميرات التصوير» .في الشوارع الجانبية بوسط طهران هناك الكثير من الباعة الجائلون أغلبيتهم من الشباب ،يحملون غالبا بضائع صينية مزيفة مثل بناطيل الجينز والقمصان .وهؤلء ل يعانون مثل المحلت ،لنهم ل يدفعون إيجارا أو كهرباء أو مرتبات عاملين .فقط يشترون بضائع مهربة بالجملة ،ثم يخرجون بها إلى الشوارع ويفترشون بها الرض ويبيعونها ،وهم يجدون مشترين بسهولة ،فل يستطيع كل اليرانيين شراء البضائع الجنبية المستوردة وذلك بسبب أسعارها المرتفعة .واليرانيون يعرفون أين يجدون البضائع المزيفة ،وأين يجدون البضائع الصلية .فمثل شارعا «والي قصر» و«جمهوري إسلمي» وكلهما في وسط طهران ليس فيهما محلت تبيع ملبس أصلية ،بل ملبس مزيفة غالبا من تأتي من الصين والهند وماليزيا ودبي .إذا أردت شراء ملبس أصلية يجب أن تذهب إلى واحدة من تلك المتاجر اليرانية الحديثة التي بنيت على غرار متجر
"جون لويس" في بريطانيا أو "ميسيز" في الوليات المتحدة ،وأغلبها يقع في الشمال .ويلوم البعض قرارات الرئيس اليراني محمود أحمدي نجاد القتصادية على حالة السوق .وذكر صحافي إيراني رفض الكشف عن هويته مثال على الطريقة التي يتخذ بها أحمدي نجاد القرارات ،موضحا لـ«الشرق الوسط» انه عندما أنتخب أحمدي نجاد كان من أوائل القرارات التي اتخذها جعل ساعات العمل في البنوك تبدأ من التاسعة صباحا، بدل من الثامنة صباحا كما هي العادة .وأدي القرار إلى الكثير من المشاكل للبنوك حتى قرر أحمدى نجاد التراجع عنه ،والعودة للنظام القديم .وما أثار قلق الكثير من التجار ورجال العمال أن أحمدي نجاد اتخذ القرار ،ثم تراجع عنه من دون استشارات أو نقاشات معهم .ويوجه الكثير من المحافظين في البرلمان اليراني على رأسهم أحمد توكلي ،مسؤول الدائرة القتصادية في البرلمان ،انتقادات حادة إلى طريقة إدارة أحمدي نجاد للقتصاد .كما انتقد رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني اعتماد ميزانية حكومة نجاد للعام المالي 2008-2007على القطاع النفطي .وكتب 150نائبا في البرلمان (عدد أعضاء البرلمان ،)290بعد أخذ الضوء الخضر من المرشد العلى للجمهورية آية ال علي خامنئي، خطابا مفتوحا ينتقدون فيه السياسات القتصادية لحمدي نجاد ،وتأخيره في النتهاء من الميزانية وجولته في أميركا اللتينية ،كما أن 54من أساتذة الجامعات النافذين كتبوا خطابا مفتوحا ينتقدون فيه السياسات الزراعية ،وتدهور الزراعة في إيران ،والعتماد المتزايد على استيراد المواد الغذائية من الخارج خصوصا الرز .ومع تشديد عقوبات مجلس المن على إيران ،يتخوف البعض من أن الستيراد سيصبح عملية أكثر كلفة، خصوصا وأنه ليس من المضمون أن الناس سيكونون راغبين في مواصلة الستهلك بالمعدلت الموجودة اليوم ،مما قد يشل قدرة التجار ورجال العمال على العمل .ويشعر المتسوردون اليرانيون أكثر من غيرهم بالضغوط ،فعليهم أن يدفعوا مقدما قيمة البضائع التي يشترونها ،وهذا لم يعد سهل مع توجه عدد متزايد من البنوك الدولية لقطع علقاتها تدريجيا مع الشركات اليرانية في إطار الحملة الميركية للتضييق على إيران اقتصاديا وعزلها عن النظام المالي الدولي ،خارج إطار عقوبات المم المتحدة .واليوم الكثير من البنوك في أوروبا وأسيا استجابت للدعوات الميركية ،فبنوك «يو بى أس» و«أتش اس بى سى» و«ستاندر شارترد» و«كوميرز بنك» قالوا أنهم خففوا من حجم علقاتهم المالية مع البنوك والشركات اليرانية .وقد سعت وزارة الخزانة الميركية خلل الشهر الماضية الى تحذير المؤسسات المالية العالمية من الستثمار في إيران، خصوصا في قطاع النفط والغاز اليراني .وفي ديسمبر (كانون الول) الماضي قال وزير النفط اليراني كاظم هامانه أن طهران تواجه صعوبات لتطوير حقول نفطها .وذكر بحسب وكالة «شنا» للنباء التابعة لوزارة النفط اليرانية «حاليا البنوك الدولية والمستثمرين قللوا تعاونهم معنا» .إل أن مسؤول إيرانيا قال إن هناك تضخيما في تأثير العقوبات على القتصاد اليراني .وتابع لـ«الشرق الوسط» من مكتبه بينما إرتدى قميص أنيق من بيير كاردان ،فيما كان عرض تلفزيون البلزما يأخذ مساحة كبيرة في غرفة مكتبه النيق «العقوبات ستؤدي فقط إلى ارتفاع السعار لن الحدود مع العراق وأفغانستان طويلة جدا .تهريب أي شىء وكل شىء ممكن ..ليس من الصحيح أن البضائع التي تصلنا مزيفة ،هناك بضائع أصلية تهرب من أوروبا» .وأضاف «يدخل السوق اليراني كل شىء .كل أنواع البضائع .وكل أنواع المطبوعات حتى تايم ونيوزويك وفورشن ومطبوعات من كل النواع ،إل المكتوب عليها :الخليج العربي» .وإذا كان بعض التجار استشعروا تأثير الزمة القتصادية الحالية ،إل أن المكان الذي دفع ثمنا أكبر من غيره ،كان البورصة اليرانية التي خسرت خلل الشهر الماضية نحو ثلث قيمتها .والتعامل في البورصة ما يزال تجربة جديدة على غالبية اليرانيين ،فهناك مثل شعبي إيراني قديم يقول «اخف رغيفك في كمك» ،أي ل تعمد إظهار الموال التي لديك .لكن هذا يتغير الن .ففي بورصة طهران من السهل رؤية التغييرات الجتماعية والثقافية ،فمن معه أموال ل يخفي هذا .هناك ما ل يقل عن 3مليين متعامل في البورصة بحسب أحمد مير -مطاهري رئيس البورصة ،كما أن هناك نحو 419شركة مسجلة .والمشكلة أنه بسبب العقوبات لم تستطع بورصة طهران حتى اليوم اجتذاب مستثمرين أجانب .كما أن الغالبية العظمى من شركات البورصة حكومية ،وهناك مجال صغير للشركات الخاصة ،مما يترك البورصة عرضة للتقلبات السياسية الداخلية والخارجية .البورصة التي تقع في مبني كبير وقديم كان ينتشر فيها عشرات المتعاملين في الدورين الول والثاني لمتابعة ما يحدث على شاشة التعاملت التي تبدأ من الثامنة صباحا وحتى الثانية عشر والنصف ظهرا ،وكان هناك الكثير من الشباب والشابات الذين يتابعون باهتمام ما يحدث .علي ،وهو شاب إيراني يبلغ من العمر 26عاما وخريج محاسبة ،قال إنه بدأ الستثمار في البورصة مع أصدقائه وحقق أرباحا ،إل أن هذا بدأ يتغير الن .وأضاف علي لـ «الشرق الوسط» خلل مشاركته في جلسة التداول «بدأت التعامل في البورصة منذ 6سنوات مع 3من أصدقائي .سبب النجذاب للستثمار في البورصة هو استقرارها واستقرار القتصاد عموما خلل ولية محمد خاتمي .وعندما بدأنا ولمدة 4سنوات حققنا أرباحا جيدة ،لكن خلل العامين الخيرين هبطت السعار ،وخسرنا» .بحسب علي ،هناك سببان للنخفاض في البورصة ،السبب الول أن السعار الولية للكثير من السهم كان مبالغا فيها .أما السبب الثاني فهو سياسات حكومة أحمدي نجاد« ،فليس هناك سياسات مالية واضحة ،والحكومة ل تساند سوق السهم ،أغلب السيولة المالية تذهب إلى قطاع العقارات .يجب على الحكومة
أن تتبنى السياسات التي توفر الستقرار للسوق ،وتحفز الستثمارات الجنبية» .محمدي جليان ،وهو متعامل آخر ،خسر بدوره في البورصة، وألقى اللوم على المبالغة في أسعار السهم .وقال جليان لـ«الشرق الوسط»« :كنت مديرا لحد المصانع قبل التقاعد ،ومن قبل الثورة اليرانية 1979كان لدي بعض السهم في البورصة .منذ عام 2003عندما تقاعدت ،بدأت نشاطي في البورصة لرى إذا كان بامكاني الستثمار فيها. للسف عندما بدأت نشاطي في البورصة كانت السعار في أعلى نقطة لها .بعد ذلك بدأت السعار تنخفض ،وأنا أحد هؤلء الذين خسروا خلل التعاملت .وسبب النخفاض هو أن السوق كله غير مستقر ،هذا هو السبب الساسي .كذلك بالغت الشركات في تقدير أسعار أسهمها ،فمثل شركات طرحت سعر سهمها بـ 85ألف تومان ،فجأة هبط السعر إلى 30ألف تومان ،لماذا سمحت الحكومة بحدوث هذا؟ الناس مثلي يدفعون الثمن ويخسرون بسبب عدم استقرار السعار فى السوق» .ولم يحدد علي أو محمدي جليان عدد الشركات الكثر تأثرا من النخفاض الحالي ،إل أن متعامل رفض كشف هويته قال لـ«الشرق الوسط»« :لدينا في البورصة نحو 430شركة ،هناك نحو 10فقط حاليا تواصل تعاملتها المالية، الخرون جمدوا تعاملتهم المالية ،ول يمكننا البيع أو الشراء .اعتقد أن الكثير من رؤوس الموال تركت سوق السهم وتوجهت إما للخارج أو لسوق العقارات داخل إيران» .اليوم وبسبب حاجة السوق اليراني إلى العملة الصعبة ،قررت الحكومة اليرانية أن تقطع أكبر خطوة حتى الن من أجل تحرير القتصاد اليراني في مسعى لضخ الدماء في القتصاد اليراني .وقال صالح أبادي ،رئيس التشريعات بالبورصة اليرانية، لـ«الشرق الوسط» إن عملية الخصخصة ستتم وفقا للمادة 44من الدستور اليراني. وتابع «حجم المشروعات التي نريد خصخصتها يبلغ 100مليار دولر ..وهي أكبر خطة خصخصة في إيران .والقطاعات التي سيتم خصخصتها بعضها جديد ولم يتم طرحه للخصخصة من قبل مثل شركات التصالت والبنـوك والبتروكيمــاويات وشركات التأمين والتعدين والحديد والصلب» .وليس من الواضح بعد كيف يمكن لقرار عقوبات المم المتحدة ضد إيران أن يؤثر على مشروعات إيران للخصخصة ،أو على هروب مزيد من رؤوس الموال إلى الخارج .غير أن أبادي لم يكن قلقا .وأوضح «الكلم حول أن غالبية الشركات التي تتعامل في البورصة جمدت أعمالها غير صحيح على الطلق .فغالبية الشركات ما زالت ناشطة ،وهناك تضخيم في حجم خسارة البورصة اليرانية ،فالبورصات في المنطقة كلها خسرت في الونة الخيرة .إيران ليست استثناء .كما أن هناك مبالغة في حجم الموال التي هربت من إيران إلى دبي أو الخليج». ومع أن حكومة الرئيس اليراني السبق هاشمي رفسنجاني بدأت برنامجا طموحا للخصخصة بعد انتهاء الحرب اليرانية – العراقية ،إل أن الكثير من مشروعات الخصخصة تعطل بسبب اعتراض مجلس الشورى (البرلمان) على تخصيص بعض المشروعات ،واليوم ما زال %70من القتصاد اليراني في يد الحكومة بما في ذلك كل الصناعات الثقيلة ومنها التعدين ،والصلب والنحــاس والبتروكيماويات وصناعة السيارات. وقد حاولت السلطات اليرانية عام 2005أن تبيع ما يوازى 2.5مليار دولر من الشركات المملوكة للدولة ،إل أنها نجحت في بيع %30فقط من هذه القيمة .وتنص المادة 44من الدستور اليراني على أن هناك 3قطاعات اقتصادية ،القطاع العام والقطاع التعاوني والقطاع الخاص، وبالرغم من أن الدستور يعطي للدولة حق تمتلك المشروعات القتصادية الحساسة ،إل أنه علميا بدأ القطاع الخاص يلعب دورا متزايدا في القتصاد اليراني .وهناك خطط لخصخصة %80من الشركات الحكومية .ومؤخرا قال المرشد العلى ليران علي خامنئي إنه اعتمادا على المادة 44من الدستور ،سيتم تخصيص المزيد من الشركات اليرانية بما في ذلك البنوك والبتروكيمياويات .الظاهرة اللفتة في القتصاد اليراني هي نمو قطاع الخدمات بشكل كبير ،إذ بات يحتل اليوم المكانة الولى في القطاعات القتصادية .ففيما تحتل الزراعة ،%11.2من الناتج المحلي الجمالي ،وتحتل الصناعة ،%41.7وتحتل الخدمات %47.1من الناتج المحلي .وينعكس النمو في قطاع الخدمات على تقسيمه اليد العاملة، فاليوم %45من اليد العاملة في إيران (عددها الجمالي نحو 26مليون شخص) تعمل في قطاع الخدمات ،مقابل %30في القطاع الزراعي ،و %25في القطاع الصناعي .وبسبب هذه التحولت تناقص النتاج الزراعي في إيران ،وباتت طهران من أكبر مستوردي المواد الغذائية ،تستورد إيران سنويا بنحو 63.18مليار دولر ،وتصدر بنحو 45.48مليار دولر .وينتقد القتصاديون اليرانيون بشكل متزايد العتماد على استيراد الرز من الخارج .ومع نمو قطاع الخدمات تظل ميزانية الدولة تعتمد أساسا على القطاع النفطي ،فـ %45من الميزانية تأتى من مبيعات البترول والغاز الطبيعي ،و %31من الضرائب والرسوم الجمركية .والباقي من الصناعة ،بالذات البتروكيماويات ،والسيارات ،وصناعات النسيج والسجاد، والصناعات الدوائية ،والصناعات الغذائية ،ومنها تكرير السكر وصناعة الزيوت ،والزراعة .أما معدل النمو السنوي فيبلغ ،%5ولبد أن تظل معدلت النمو السنوي عند مستوى الـ %5حتى يمكن توفير 900ألف فرصة عمل سنويا .فهناك أزمة بطالة ،والرقام الرسمية تقدر نسبة البطالة بـ %11غير أن الخبراء يقولون إن النسبة أكبر .وبسبب البطالة تزايدت الفجوة بين الفقراء والغنياء ،كما تزايدت نسبة الفقراء .وقد قدر الدكتور سعيد مدني ،عالم الجتماع في جامعة «شهيد بهشتي» ،في دراسة له حول الفقر في إيران ،أن هناك 3طبقات للفقر ،هؤلء الذين يعيشون
بأقل من دولر في اليوم ،ويبلغ عددهم بين 3.5مليون إيراني إلى 4.45مليون إيراني .أما المستوى الثاني فهم هؤلء الذين يعيشون بما بين دولر إلى دولرين ،ويبلغ عددهم نحو 8مليين شخص .والمستوى الثالث الذين يعيشون ما بين دولرين إلى 3دولرات في اليوم ،وهؤلء يبلغ عددهم 11مليون شخص .ويشعر الكثير من الشباب بالحباط بسبب ذلك .وعبر عن ذلك شاب إيراني قائل «ليس من الصعب أن يكون المرء غنيا طالما ليس هناك نظام ،وهذا هو الوضع في إيران .نحن أكثر بلد حر في العالم لنه ليس لدينا نظام ،أستطيع أن أكون ثريا جدا وبطريقة شرعية مستفيدا من حرية الحركة المتاحة لي بسبب قلة النظام ،هذا ما فعله كبار الثرياء ..مثل لعدم وجود قوانين واضحة للضرائب في إيران، يمكن بسهولة للشخاص التهرب من دفعها ،الشخص الذي لديه سيارة مرسيدس يمكن أن يذهب لدفع الضرائب بسيارة خودرو».
«الشرق الوسط» في إيران ( : )15ماذا تبقى من ربيع طلب طهران؟ منذ انتخاب أحمدي نجاد تم تعيين أساتذة وعمداء جامعات من رجال الدين في الحوزة العلمية * انتقد الصلحيون تعيين آية ال عباس علي عميد زنجاني عميدا لجامعة طهران ..وهو أول رجل دين يتم تعيينه عميدا للجامعة طوال تاريخها * طالب إيراني« :أنا لست شخصا مسيسا لن السياسة تؤدي إلى عواقب سيئة ل يريدها أحد» *
طهران :منال لطفي في الصباح تمتلئ الشوارع في طهران بالطلب الذاهبين إلى جامعاتهم ،فأعداد الطلب كبيرة ،فهناك نحو مليون ونصف المليون طالب يخوضون المتحانات كل عام لدخول الجامعة ،والجامعات أيضا كثيرة في طهران ،فهناك نحو اربعين جامعة في العاصمة أهمها «جامعة طهران» و«جامعة أمير كبير» و«جامعة شريف للتكنولوجيا» ،و«جامعة شهيد بهشتي» و«جامعة شهيد رجائي» و«جامعة مدرسة التربية» ،و«جامعة الزهراء» و«ازاد» و«المام الرضا» و«جامعة طباطبائي» ،في «جامعة طهران» الكبيرة جدا ،حيث تنتشر الشجار في كل مكان وتفصل بين الكليات المختلفة ،كانت ساحة الجامعة ممتلئة بشباب وشابات يتحدثون وهم في طريقهم إلى قاعات الدرس ،لم يكن هناك شيء يشي بنشاط سياسي من أي نوع ،فالكثير من النشاطات السياسة للطلبة هدأت منذ نحو 3سنوات ،ول يعود السبب ،كما قال بعض الطلبة اليرانيين ،فقط إلى التخوف من ممارسة السياسة بعد المواجهات الكثيرة التي حدثت بين الطلبة الصلحيين والطلبة المحافظين والتي ترتب عليها فصل عدد من الطلب ،أو سجنهم ،بل يعود السبب في رأي الكثير من الطلبة إلى الشعور بأن الحركة الصلحية ممثلة في الرئيس اليراني السابق محمد خاتمي «خذلتهم»، وأنه بالرغم من التضحيات التي قدمها الطلبة الصلحيون لم تتم حمايتهم .وعبر عن ذلك مهتدي ،وهو طالب في جامعة طهران ،بقوله «لماذا ينبغي أن أواصل دعمي للصلحيين ،عندما خرجنا في مظاهرات 1999كنا ندافع عن الصلحات .ما الذي حدث؟ اعتقلنا وطرد بعضنا وضرب بعضنا الخر .ماذا كان رد فعل حكومة خاتمي؟ ل شيء .لم يتحرك ..لم يستقل الرئيس .لم يساندنا أحد .نحن تركنا وحدنا نواجه الطلبة المحافظين المدعومين من قوات الباسيج». * الكثير من الطلبة اليرانيين يقول إن صوت تنظيمات الطلبة اليرانيين لم يخفت خلل العامين الماضيين فقط ،أي بعد ولية الرئيس اليراني محمود أحمدي نجاد ،بل بدأ يخفت منذ نهاية التسعينيات ومطلع عام 2000وواصل الخفوت تدريجيا ،حتى كأنه لم يعد يتنفس في العام الخير من ولية خاتمي فقد «كان الطلبة فقدوا المل في أي تغيير حقيقي» ،بحسب مهتدي .لكن في بلد يعد الطلب قوته السياسية والجتماعية الساسية ل تتنازل الحزاب والتنظيمات السياسية المختلفة بسهولة عن محاولة استقطابهم .واليوم كما يحاول الصلحيون استعادة الطلبة ،يحاول المحافظون أيضا استقطابهم .فالحراك السياسي في إيران دائما ما ارتبط بالطلبة ،الحركة الدستورية 1906شارك فيها الطلب ،والثورة اليرانية شارك فيها الطلب .وكل حركة الصلحات في التسعينيات ورد فعل المحافظين عليها ،كان الطلب ،من الجانبين الصلحي والمحافظ ،هم قوتها الجتماعية الساسية ،أكثر من النساء والمثقفين والصحافيين وأساتذة الجامعة .وفي مسعاه لستقطاب الطلبة اليرانيين عزز الرئيس اليراني أحمدي نجاد ،كما يقول الصلحيون ،المخصصات المالية لقوات الباسيج التطوعية ،وهي القوات التي تضم عشرات اللف من طلب الجامعة .هؤلء الطلبة المحافظون ،الناشطون في الباسيج ،هم الن مصدر الكثير من النشاطات السياسية في الجامعات اليرانية .فقد قاموا بتظاهرات احتجاجا على العقوبات التي فرضتها المم المتحدة على إيران ،وتظاهروا ضد رموز إصلحية ،وتصدوا لتنظيمات الطلبة الصلحيين .والبعض يلقي على عاتقهم المسؤولية عن تدهور انشطة الطلبة الصلحيين غير أن الطلبة المؤيدين للتيار المحافظ يقولون أن التهام بل أساس «خلل ولية خاتمي كانت تنظيمات الطلبة الصلحيين تسيطر على غالبية الجامعات .لماذا اليوم عندما ينشط الطلبة المحافظون يشعر الصلحيون أن في المر خطأ ما؟ الجامعة ليست حكرا على نشاط الطلبة الصلحيين» قال طالب إيراني ينتمي الى قوات الباسيج رفض الكشف عن هويته .واليوم من بين الجامعات اليرانية تعد جامعة «أمير كبير للتكنولوجيا» الكثر نشاطا من الناحية السياسية ،فيما «جامعة طهران» و«جامعة شريف للتكنولوجيا» خافتتا الصوت إلى حد كبير .ويرى الصلحيون أن هدوء طلب الجامعة ل يمكن ارجاعه الى مجرد انتخاب رئيس محافظ محل رئيس اصلحي، بل الى جملة من الجراءات والتغييرات اجراها احمدي نجاد .وبحسب ناشطين إصلحيين فإن الطريقة التي اعتمدها أحمدي نجاد لتعزيز مكانة الطلب المحافظين تهدد استقلل الجامعات .ويستشهدون بتعيين آية ال عباس علي عميد زنجاني عميدا لجامعة طهران ،بالرغم من أن تعليمه
وخبرته دينية بالساس ،وهو أول رجل دين يتم تعيينه عميدا لجامعة طهران طوال تاريخها ،وكان قبل تعيينه في جامعة طهران يعمل في جامعة «المام الخميني الدولية» .وأشار هؤلء إلى أن تعيين وزير العلوم والبحث والتكنولوجيا محمد مهدي زاهدي لية ال عباس زنجاني في 27 ديسمبر (كانون الول) ،2005انتهاك لقاعدة ثابتة في جامعة طهران ،وهي أن العميد ينتخب من قبل الساتذة ،ول يعين من قبل وزير في حكومة .لكن تعيين آية ال زنجاني لم يكن مصدر القلق الوحيد ،فمنذ تولي أحمدي نجاد عين زاهدي الكثير من رجال الدين كعمداء وأساتذة في العديد من الجامعات اليرانية ،مما دعا الكثير من الصحافيين اليرانيين إلى تسمية هذه الظاهرة بـ«الثورة الثقافية الثانية» ،أي إحلل رجال الدين محل الساتذة المدنيين ،مقابل الثورة الثقافية الولى التي فعلت العكس .جامعة طهران (دانكشاه طهران) ،تأسست عام ،1934وتضم 32ألف طالب ،بينهم 29ألفا يدرسون للحصول على البكالوريوس أو الليسانس ،والخرون للحصول على الماجستير أو الدكتوراه ،وفيها 3500أستاذ، وهي أكبر الجامعات الحكومية اليرانية من حيث عدد الطلب والساتذة وعدد الكليات .وقد فوجئ حتى الكثير من الصلحيين بالهدوء الكبير لطلبها منذ تولى أحمدي نجاد ،لنها كانت معقل الحركة الطلبية خلل العشر سنوات الماضية .أمير ،وهو طالب في كلية الفنون بجامعة طهران، قال لـ«الشرق الوسط» موضحا السبب« :النشاطات السياسية للطلبة في جامعة طهران ،وكلية الفنون التي أدرس بها تدهورت بطريقة ما ،وذلك بعد انتخاب أحمدي نجاد رئيسا .أنشطة الطلبة عانت في السنوات الثلث الماضية ،أي منذ العام الخير من ولية محمد خاتمي والعامين الولين من ولية أحمدي نجاد ،إل أنها الن تدهورت خاصة في جامعة طهران» .وأوضح أمير أن التضييقات التي تمارسها سلطات المن في الجامعة، بالضافة إلى المناخ العام تحبط الطلبة عن النخراط في السياسة .وتابع «أنا لست شخص مسيسا لن السياسة تؤدي إلى عواقب سيئة ل يريدها أحد ،فل أحد يريد توريط نفسه في مشاكل السياسة ،لكن عموما المناخ السائد في جامعة طهران تغير ،والتحولت التي حدثت خلل رئاسة خاتمي، لم تعد موجودة الن .ول أعتقد أن هناك شيئا يمكن أن يغير المزاج والمناخ الحاليين على المدى البعيد .لكن ل أعرف أي شىء قد يحدث ويغير الوضع .النشاط السياسي الحقيقي الموجود للطلبة هو في جامعة أمير كبير للعلوم التكنولوجية ،فهم الن ناشطون أكثير من جامعة طهران وباقي الجامعات الخري في إيران» .ول يشتكي الطلب من التضييق على النشاطات السياسية بل كذلك من التضييق على الحريات الشخصية "في جامعتنا اعتادت البنات على أن تأتين فقط بغطاء فوق الرأس ،لكن الن لم يعد يسمح لهن بدخول الجامعة إذا كن يضعن غطاء رأس يظهر جزءا من الشعر ،لبد من حجاب يغطي الشعر كله .بالنسبة للشباب ،كان مسموحا لهم الذهاب للجامعة بشعر طويل ،أما الن فلبد من قص الشعر، والشباب طوال الشعر غير مسموح لهم بدخول كلية الفنون ،وهذا تغيير كبير لن طلب الفنون كانوا عادة يلبسون ملبس شبابية وبها الحد الدنى من اللتزام بالزي السلمي» ،حسب ما قال أمير موضحا .ويقول الصلحيون إنه منذ تولي آية ال زنجاني 68 ،عاما ،منصبه طرد 40أستاذا إصلحيا من جامعة طهران بحجة أنهم تجاوزوا سن الـ 65عاما ،كما دفع آخرين للستقالة .وفي هذا الصدد قال أستاذ في كلية العمارة والفنون بجامعة طهران رفض الكشف عن هويته «منذ انتخاب أحمدي نجاد ،الساتذة في جامعتنا وعمداء الجامعات الذين يتم انتخابهم هم هؤلء الذين درسوا في الحوزة العلمية في قم ورجال دين .لكن الشىء الذي يبرز الن هو أن جامعة طهران أو أيا من الجامعات اليرانية الخرى ل تعمل بنفس الطريقة التي يعمل بها رجال الدين في الحوزة العلمية في قم .كان من الخطأ البالغ التفكير في انه قد يحدث نوع من التنسيق أو التعاون بين الجامعات اليرانية والحوزة .حكومة أحمدي نجاد أقالت العميد السابق لجامعة طهران ،وهو الن يدرس في كاليفورنيا ،وعينت بدل منه أحد المللي من الحوزة العلمية وهو آية ال عميد زنجاني .إيران تم التضحية بها لصالح مدينة بها مليون ونصف المليون نسمة وهذه المدينة تسمى قم. ليس لدينا أي حرية سياسية في الجامعة الن» .وأضاف هذا الستاذ الذي رفض الكشف عن هويته «جامعة أمير كبير هي النشط على المستوى الطلبي لنها جامعة تكنولوجية تدرس العلوم الطبيعية ،وأساتذتها غالبا درسوا بالخارج مثل أميركا ،خصوصا في كاليفورنيا ونيوجرسي ونيويورك .الطلبة يجب أن يكونوا مميزين جدا للذهاب إلى هذه الجامعة ،ولبد أن يحصلوا على درجات عالية لن الدراسة صعبة وتحتاج قدرات عقلية» .وأوضح لـ«الشرق الوسط»« :الساتذة ل يسمحون لطلب من قوات الباسيج بدخول الجامعة على عكس جامعة طهران وجامعات أخرى (دراستها نظرية ،خصوصا الدب والفنون) .فعندما يدخل الطلب الباسيج الجامعات يبدأون في تشكيل تنظيمات سياسية محافظة تعطل وتمنع النشاط الطلبي للطلبة الصلحيين ،بل وتبلغ عنهم للسلطات» .جامعة «أمير كبير» هي جامعة حكومية ،تأسست عام ،1958وبها 6400طالب فقط ،هم عادة من نخبة الطلب الذين يحصلون على أعلى الدرجات ،وعدد أساتذتها .480وهي متخصصة في التكنولوجيا وعلوم الهندسة ،ولها علقات تعاون مع عدد من الجامعات العالمية .وكانت تسمى جامعة «طهران للتقنية» ،ثم تغير اسمها بعد الثورة اليرانية عام 1979إلى «جامعة أمير كبير» وهو رئيس الوزراء خلل عهد الملك ناصر الدين شاه من العهد الغاجاري ،وكان شخصية إصلحية فتح أبواب إيران للستفادة من الغرب .وجامعة «أمير كبير» هي الجامعة الوحيد التي خرجت منها مظاهرات ضد أحمدي نجاد ،فقد خرج منها طلبة يهتفون ضد أحمدي نجاد
«الموت للديكتاتور» بعدما قاطعوا خطبة كان يلقيها في ديسمبر (كانون الول) ،2006ثم طالبوا باستقالة عميد الجامعة على رضا راهي ،وهو من المنتمين إلى التيار المحافظ ،بالستقالة إذ انه منذ تولى عمادة الجامعة قام بإغلق مقر اتحاد الطلبة السلميين الصلحي ،ودفع 100أستاذ للتقاعد المبكر ،وأحال نحو 70طالبا للتحقيق ،ثم أوقفهم بسبب نشاطاتهم السياسية .وهي تعتبر «نموذجا» بالنسبة للكثير من الجامعات الخرى بسبب رفضها تسجيل الطلبة المنتمين إلى الباسيج .ويشتكي بعض اليرانيين ،من المعاملة الخاصة التي ينالها الطلب الذين ينتمون إلى قوات الباسيج ،لن لهم حصة محددة أو كوتا في الجامعات ،يحصلون عليها بغض النظر عن درجاتهم العلمية في الثانوية العامة .والكثير من الشباب اليرانيين الذين يريدون ضمان دخول الجامعة أو الحصول على وظائف بشكل أسرع ينضمون إلى قوات الباسيج ،وهي قوات تطوعية ل يشترط لمن يريد التطوع فيها أي شروط من أي نوع «هناك 3فئات لهم معاملة خاصة في الجامعات اليرانية ،عناصر الباسيج ،وأبناء الشهداء في الحرب اليرانية ـ العراقية ،وأسرى الحرب اليرانية ـ العراقية .بالتأكيد نحو %40من طلبة الجامعات اليرانية يجب أن يكونوا من هذه الفئات .والن في زمن أحمدي نجاد لبد أن النسبة زادت لنه سمح بأعداد اكبر من الباسيج بدخول الجامعات لضعاف الطلبة الصلحيين»، حسب قول خسرو محبي الصحافي اليراني .وتابع خسرو لـ«الشرق الوسط»« :الكثير من الساتذة اليرانيين تعبوا من هذا ،ويتعجبون من الذي يحدث .في زمن خاتمي ،حاول أن يلغي الكوتا المخصصة للطلبة الباسيج في الجامعات ،وكاد أن ينجح .كما حاول أن يلغي كوتا الطلبة أبناء اليرانيين الذين قتلوا في الحرب اليرانية ـ العراقية ( ،)%20في إيران يطلق عليهم (شاهد ـ من شهيد) فهؤلء أيضا لهم كوتا في الجامعات. كان خاتمي يدافع عن أن طلبة الجامعات يجب أن يختاروا بناء على كفاءتهم العلمية ،وليس بناء على علقاتهم بهذه المنظمة أو ذاك ،أو وجود شهداء في عائلتهم .كانت هذه فكرة خاتمي ،وكل الطلبة اليرانيين العاديين ،الذين يعتقدون انه ليس من العدل للشخاص من الباسيج أو غيرهم دخول الجامعات من دون أي مبرر علمي على أساس غير أساس التنافس الكاديمي .هناك مليون وخمس مئة الف طالب يتقدمون كل عام لمتحان كنكور وهو امتحان لدخول الجامعة ،ل بد ان يحصل ابنائي على اعلى الدرجات كي يدخلوا جامعة حكومية ،فيما طلب الباسيج يدخلون في كل الحالت» .وقد تأسست قوات الباسيج في نوفمبر (تشرين الثاني) 1979وهي قوات تطوعية أمر آية ال الخميني بتشكيلها لتكون بمثابة موجات بشرية للدفاع عن إيران خلل الحرب .بعد الحرب أصبحت أحد أفرع قوات الحرس الثوري (باسداران) وهي تطوعية مهامها الحفاظ على قيم الجمهورية السلمية ،وضمان تطبيق اللتزام بالزي السلمي في الشوارع والماكن العامة ،وهم يقيمون نقاط تفتيش في الشوارع ،خصوصا يومي الخميس والجمعة منعا للكحوليات والمخدرات ،وتقريبا لكل مسجد ومؤسسة حكومية قوات الباسيج الخاصة بها .ومن المزايا التي يحصل عليها المنضمون للباسيج وعددهم 11مليون شخص ،تخفيض الخدمة العسكرية والنضمام للجامعات بحصة محددة سلفا .وخلل السنوات الخيرة من حكم خاتمي كانت كذلك هناك الكثير من المواجهات بين الطلبة الصلحيين وبين الطلب الذين ينتمون إلى الباسيج .وكانت واحدة من المواجهات مواجهة أصيب فيها عشرات الطلب بجروح خلل مؤتمر للطلبة للصلحيين دعوا إليه عبد الكريم سروش ومحسن كديور ومحسن رضائي ،وهم من أهم رموز التيار الصلحي .والواقع أن آية ال الخميني عندما أسس الباسيج والحرس الثوري ،لم يعط لهما دورا سياسيا من أي نوع ،بل دورا أمنيا للحفاظ على المن داخل المدن اليرانية وحماية القيم السلمية .الشخص الذي أعطى الباسيج والحرس الثوري هذه السلطات هو رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني« .في زمن هاشمي رفسنجاني سمح بوصفه رئيسا ليران لوزارة الستخبارات (وزارة اطلعات) ،ولقوات الحرس الثوري أو باسدران بأن يمارسوا التجارة مثلهم مثل أي شخص، من أجل أن تكون لديهم مصادر مالية لتمويل عملياتهم في مجال الستخبارات والمن .ما الذي يعنيه هذا؟ «الكثير من الفساد طبعا للطرفين، لوزارة الستخبارات ولقوات باسدران .وهذا ليس في إيران فقط ،ففي أي بلد تتورط فيه مثل هاتين المؤسستين في أنشطة تجارية أو مالية يحدث فساد .لنهم يسيئون استغلل السلطة ،ويصبحون فاسدين» ،حسب قول الدكتور إبراهيم يزدي زعيم حركة الحرية في إيران .وأضاف يزدي قائل لـ«الشرق الوسط»« :هذا ما حدث ثانية على يد المرشد العلى آية ال خامنئي الذي سمح لهم بالنخراط في السياسة ،خامنئي بوصفه قائد القوات المسلحة وطلب منهم في النتخابات الخيرة أن يصوتوا .وهذا ضد القانون ،ففي الواقع يمنع القانون المؤسسة العسكرية بكل أضلعها من النخراط في السياسة ،يجب أن يكونوا محايدين ،في النتخابات الرئاسية والبرلمانية الماضية تدخلوا في السياسة ،بمعنى انه كان لهم مرشحون، وصوتوا ليس كأفراد ولكن كأشخاص في مؤسسة عسكرية ،امروا الباسيج وباسداران بالذهاب والتصويت لمرشحين معينين .كمواطنين هم لهم حق التصويت ،لكن كمنظمة القانون يمنعهم من دعم أي مرشح ،والعمل ضد المرشحين الخرين ،يجب أن يكونوا محايدين ،لكنهم ساندوا بشكل علني وصوتوا لحمدي نجاد .كما قيل لهم وعلى الرغم من القانون ،ولهذا الن الكثير منهم مسؤولون في حكومة احمدي نجاد ،أحمدي نجاد نفسه كان عضوا في قوات الحرس الثوري ،باسدران ،وجاء بالكثير من زملئه في حكومته .إنها حكومة شبه عسكرية .هذا يمكن أن يجلب كارثة .ففي
الشرق الوسط ،عندما يأتي العسكر للسلطة ل يغادرون .كذلك المشكلة انه في ظل ثقافة العسكر ،يجب إطاعة المر من دون سؤال .تعطي المر وتنفذه» .ما بين جامعتي طهران ،التي يترأسها واحد من آيات ال ،وجامعة «أمير كبير» التي يترأسها محافظ ،تقف جامعة شريف للتكنولوجيا (دانشكاه صنعتي شريف) متمتعة بنوع من الستقلل ،فعميدها مهندس أكاديمي خريج جامعة في كاليفورنيا .جامعة «شريف للتكنولوجيا» جامعة حكومية أيضا على غرار طهران وأمير كبير ،وقد سميت بهذا السم بعد الثورة اليرانية ،تخليدا لذكرى ماجد شريف وهو طالب إيراني قتل على يد زملئه في جماعة «مجاهدي خلق» التي تأسست لمعارضة نظام الشاه ،وذلك بسبب رفض شريف التحول من آيدلولوجية السلم الثوري إلى الماركسية ،وهو التوجه الذي تبناه بعض الطلبة في التنظيم .1975وكانت الجامعة التي تأسست عام 1965تسمى قبل ذلك جامعة «آريامهر للتكنولوجيا» ،وهي تدرس الهندسة وعلوم التكنولوجيا والبتروكيماويات والهندسة الكهربائية ،والفيزياء والقتصاد وعلوم الكومبيوتر .وكان الهدف من تأسيسها أن تكون مثل معهد «ماساشوستس للتكنولوجيا» في أميركا .واليوم هي مثل جامعة «أمير كبير» جامعة للنخبة ،وفيما نحو 9آلف طالب فقط ،بينهم 700طلبة دكتوراه ،بالضافة إلى 500مدرس وأستاذ جامعي .ومن بين خريجيها البارزين علي لريجاني المين العام لمجلس المن القومي اليراني ،ومحمد علي نجفي وزير التعليم العالي السابق في إيران ،وعلي دائي لعب كرة القدم المعتزل ،وأساتذة يعملون في جامعات أميركية خاصة في كاليفورنيا .بين أعوام 1997و 2003كانت جامعة شريف ساحة للمواجهات والتجاذبات بين الطلبة المنتمين للياسيج، وبين اتحاد الطلبة السلميين الميال إلى التيار الصلحي في إيران .وفي عام ،2006وبينما غالبية الجامعات اليرانية هادئة ،نشبت مواجهات بين الطلبة المنتمين إلى اتحاد الطلبة السلميين والطلب الباسيج ،وذلك بسبب خطط للطلبة الباسيج دفن رفات عدد من قتلى الحرب العراقية – اليرانية في حرم الجامعة وهو ما رفضه الطلبة الصلحيون على أساس أن الجامعات ليست المكان المناسب لدفن رفات ضحايا الحرب ،وإن الدفن خطوة سياسية ،ويمكن أن تفتح الباب أمام تدخلت سياسية أخرى في الجامعة .وكانت هذه المصادمات هي الثانية بعد أحداث مشابهة حدثت في جامعة "شهيد رجائي" في طهران ،أعترض فيها الطلبة أيضا على دفن رفات القتلى ،غير أن عملية الدفن تمت .والجامعة يرأسها الدكتور سعيد سهراب بور وهو أكاديمي متخصص في الهندسة الميكانيكية وقد حصل على الدكتوراه من جامعة «بيركلي» بكاليفورنيا عام ،1971وهو عضو في الجمعية الميركية للهندسة الميكانيكية .لكن ل تقتصر مشاكل الجامعات الن على تصاعد دور الطلبة الباسيج ،أمام الطلبة الصلحيين، فالساتذة بدورهم يواجهون مشاكل ،بعضها سياسي بسبب آرائهم ،وبعضها الخر إقتصادي .فبسبب الصعوبات القتصادية يعمل غالبية المدرسين في إيران عملين ،التدريس في الصباح وعمل آخر بعد الظهر .علي أكبر بقاني رئيس اتحاد الساتذة في إيران قال إن مرتبات الساتذة هي القل من بين مرتبات الموظفين الحكوميين في إيران ،موضحا أن الساتذة اليرانيين يمكن أن ينظموا إضرابا عاما من اجل زيادة مرتباتهم .وأضاف «يدفع للساتذة 2780000ريال في الشهر ،يعادل 320دولرا أميركيا ،وهو أقل مرتب بين كل الموظفين الذين يعملون في مؤسسات حكومية. نحن كذلك نحصل على أقل مكافآت ،مكافآت ل تكفي حتى لشراء عدة كيلوغرامات من الفستق .إذا أردنا أن نوازن المرتبات بمعدل التضخم هذا العام ،يجب أن يدفع لنا 17مليون ريال في الشهر ،أي 1950دولرا أميركيا».
«الشرق الوسط» في إيران ( )16ـ موسيقى تحت الرض ..وفيديو كليب سري في إيران قائمة ممنوعات تبدأ من أنواع معينة من الموسيقى والفلم والكتب وحتى اللبس ومواقع النترنت ..لكن هناك أيضا «ثورة مضادة» * ربطات العنق ممنوعة ..لكن تلبس سرا في الحفلت الخاصة ..كما يرتديها * المسؤولون والصحافيون والناشرون يحصلون على الطباق اللقطة بسهولة ..والباقون عليهم ذكر مبررات مقنعة «ا
طهران :منال لطفي «منذ نحو 15عاما كان من يشتري جهاز فيديو ،يقوم بلفه وتخبئته في السيارة بحرص شديد حتى ل يكتشف أحد أنه اشترى فيديو ،ونفس الشيء مع اللقطات الهوائية ،فمن قبل كان من يمتلكها يخفيها ،الن المر بات عاديا جدا» ،قال ارميني وهو شاب إيراني من الشريحة العليا في الطبقة الوسطى ،موضحا التغييرات التي دخلت تدريجيا خلل السنوات العشر الماضية على المجتمع اليراني ،فهناك في إيران ظاهرة «الممنوع لكن الموجود» ،وهي تشمل إلى جانب اللقطات الهوائية ،أنواعا من الموسيقى والفلم والكتب والمواقع النترنتية ،إلى جانب اللبس وأنواع من الحفلت الخاصة ،فمقابل كل شيء ممنوع رسميا ،هناك شيء غير قانوني موجود عوضا عنه ،مثل هناك اللف من مواقع النترنت التي تقوم السلطات اليرانية بتشفيرها ،لكن في المقابل هناك برامج كومبيوتر يعرفها غالبية الشباب اليرانيين لفك تشفير المواقع ،هناك أفلم كثيرة تخضع للرقابة أو للمنع ،لكن في الوقت ذاته هذه الفلم موجودة في السوق اليراني ويمكن شراؤها بدون قص أو رقابة ،موسيقى الراب والجاز والهيب هوب غير مسموح بها رسميا ،لكنها الموسيقى الساسية التي يضعها الشباب في سياراتهم خلل جولتهم الليلية في قلب المدينة ،هناك عالمان في إيران ،متضادان لكنهما يعيشان جنبا إلى جنب. * أرميني لديه في منزل عائلته سيارة ،وهو يسافر في الصيف إلى إحدى الدول الوروبية لقضاء الجازة ،ومثله نحو %90أو أكثر من اليرانيين لديهم في منازلهم اللقط الهوائي ،لكن هذه النسبة العالية ل تعني أن القيود الرسمية على شراء اللقط الهوائي تغيرت في إيران خلل السنوات الماضية« .الصحافيون والطباء والناشرون والمسؤولون وأساتذة الجامعة يستطيعون بسهولة أخذ ترخيص بالطباق اللقطة من وزارة الرشاد والثقافة .أما باقي اليرانيين فعليهم ذكر أسباب مقنعة لرغبتهم في الحصول على الهوائيات اللقطة ،وبعد تقديم المبررات والدواعي تقرر وزارة الرشاد في الطلب .الغلبية تفضل اختصار الطريق .شراء لقط هوائي ،ووضعه بدون أذن» ،حسب ما أوضح أرش فرهادي لـ«الشرق الوسط» ،وهو صحافي إيراني متخصص في أخبار البورصة .الغالبية العظمى من اليرانيين ،بغض النظر عن المستوى القتصادي أو التعليمي أو درجة التدين ،تمتلك اللقطات الهوائية لنها البديل الوحيد للعلم الرسمي في إيران .فالذاعة والتلفزيون يخضعان مباشرة لشراف المرشد العلى آية ال علي خامنئي ،وإلى جانب المحطات الرسمية الثماني في إيران ومنها قناة للقرآن الكريم ،وقناة أخبار ،وقناة رياضية ،هناك قنوات أجنبية مسموح بها قانونيا منها الجزيرة وقناة البي بي سي البريطانية وقناة اليورو نيوز باللغة الفرنسية .غير أنه ليس هناك أي قنوات تلفزيونية خاصة في إيران .وبسبب تبعية التلفزيون اليراني للمرشد العلى ،تخضع البرامج والفلم والمسلسلت التي يقدمها إلى معايير صارمة ،فغالبيتها دينية أو اجتماعية .والكثير من الشباب يرونها تقليدية محافظة ،ل تعكس التحولت التي تحدث في إيران حاليا .فمثل ربطات العنق التي باتت محرمة أو «تابو» منذ الثورة اليرانية عام ،1979على أساس أنها رمز غربي وإشارة إلى طبقة التكنوقراط «المستغربة» ،ل تلبس أبدا اليوم في الشوارع اليرانية أو في الماكن العامة ،ول تظهر ربطات العنق في المسلسلت التلفزيونية أو الفلم ،إل للشارة إلى شخصية شريرة ،تنتمي غالبا إلى عهد الشاه .لكن في الحياة العادية اليوم يرتدي بعض اليرانيين من الذين ينتمون للشريحة العليا من الطبقة الوسطى ربطات العنق في حفلت الزواج ،أو الحفلت الخاصة عموما ،كما أن الشباب اليراني الذي يسافر للخارج يرتدي ربطات العنق .وكان مثيرا للنتباه أنه عند دخول طائرة الخطوط الجوية البريطانية الجواء اليرانية ،قامت الكثير من الشابات بوضع غطاء للشعر فوق رؤوسهن ،وقام الشباب ممن يرتدون ربطة عنق بإخفائها تحت المعطف الشتوي أو خلعها ووضعها في حقيبة اليد .وحاول الرئيس اليراني السابق محمد خاتمي أن يوسع حيز الحريات الجتماعية قليل ،وسمح خلل وليته بإذاعة بعض الحفلت الموسيقية ،وإظهار اللت الموسيقية التقليدية مثل السيتار والدف في التليفزيون، وكانت هذه ثورة ثقافية كبيرة وهادئة ،أخذا في العتبار إنها كانت المرة الولى التي يسمح فيها بإذاعة حفلت موسيقية على الهواء ،وعرض اللت الموسيقية في التلفزيون منذ الثورة اليرانية .إل إن الخطوات التي اتخذت خلل ولية خاتمي بدأت في التراجع ،فوزير الرشاد والثقافة
اليراني الحالي صفار هرندي له رأى سلبي في الموسيقى ،وهو عندما تولى مهامه كان من أوائل القضايا التي قال إنه سيعطيها اهتمامه محاربة الموسيقى التي ذكر أنها ضد قيم الجمهورية اليرانية ،ومنها الجاز والروك والراب .و دعا الموسيقيين اليرانيين بالمقابل إلى إنتاج موسيقى هادفة ،ذات معنى ،فقام بعضهم بإنتاج «سيمفونية نووية» تأييدا لحق إيران في تطوير برنامج نووي للستخدام السلمي .ومع أن هناك دار أوبرا في إيران ،إل أنها ليست نشطة ،وهي تقتصر على استضافة فرق أجنبية لعزف موسيقى كلسيكية أو فرق أسبانية بسبب شعبية الموسيقى السبانية في إيران ،لكن هذا يتم على فترات زمنية متباعدة .الكثير من الشباب ،مثل أرميني حل المشكلة بطريقته ،لجأ إلى الموسيقى والغاني المصورة كفيديو كليب والتي يمكن سماعها ورؤيتها على الكومبيوتر الشخصي في غرفته ،وهكذا يقضي ارميني وقته ،ما لم يكن سيخرج مع خطيبته أو أصدقائه .وهذا هو سوق الموسيقى السري ،وهو سوق أرباحه كثيرة يضم موسيقى من الجاز إلى الراب ،مرورا بالهيب هوب والبوب .وهو نما وانتعش تحت الرض خلل ولية خاتمي ،الذي لم يستطع أن يمنح الموسيقى الصفة القانونية الكاملة ،لكنه في الوقت نفسه تركها تنمو وتعزف بحرية في الحفلت الخاصة وبعض الحفلت العامة ،وفي السيارات .قال ارميني بهذا الصدد لـ«الشرق الوسط»« :شرائط الموسيقى الموجودة في المحلت العلنية لبيع الموسيقى ل تشكل القطاع الكبر من حجم تجارة الموسيقى في إيران .التجارة الحقيقية هي تجارة الموسيقى السرية التي تصنع تحت الرض ،فحجم المتداول من هذا النوع من الموسيقى أكثر من حجم المتداول من الشرطة القانونية» .فبسبب عدم تقديم التلفزيون حفلت موسيقية أو أغان ومنع الفيديو كليب وضعف الوبرا ،باتت الموسيقى التي تنتج تحت الرض (أو زير زميني بالفارسي) وبشكل سري، هي وسيلة الستمتاع التي ل تخضع كغيرها للمراقبة .وأضاف ارميني إن «من يؤلفون ويكتبون هذه الموسيقى فنانون موهوبون جدا .يريدون أن يقولوا أشياء ويعبروا عن قضاياهم وأفكارهم بموسيقى غير مسموح بها .ما الذي يفعلونه؟ يجلسون معا ويؤلفون ،ثم يقومون بطبع الشريط الموسيقي من دون وضع أسماء عليه ،أو يضعون أسماء مزيفة .ثم يتم تداوله في السوق بطريقة غير شرعية .عندما يسمع أحدنا أن هناك شريطا موسيقيا جديدا وجيدا ،يخبر أصدقاءه ،خلل أسبوع تكون طهران كلها قد عرفت بالخبر ،وعرفت أين يمكن الحصول عليه .إنها موسيقى جميلة. هناك إيرانيون يعيشون في لوس انجليس يحاولون أن يؤلفوا موسيقى ويبيعونها هنا ،لكن موسيقاهم ليست جميلة ،أو مؤثرة مثل الموسيقى التي تصنع في إيران» .اليوم في إيران هناك الكثير من الفرق الموسيقية الشبابية ،من بينها فرق أخذت أشعار الشاعر اليراني حافظ الشيرازي وحولتها لغان شبابية مع موسيقى الروك والهارد روك .فباتت الموسيقى اليرانية الحديثة مزيجا من الطابع الغربي ،مع نكهة محلية بسبب استخدام اللت اليرانية مثل الدف والسيتار .أما الموضوعات فتنوعت من الحب إلى الفقر أو الحباط أو الشعور بالعزلة .ومن بين المغنين اليرانيين الذين باتوا نجوما بسبب هذا النوع من الموسيقى ،رضا يزداني هيس ،وعلى لهراسبي ،وفرقة «زير خات فجر» ،وهي أحد فرق موسيقى الراب ،وشريطها الخير إسمه «خط فقر» .ومن بين الفرق اليرانية الرائدة في صناعة الموسيقى الجديدة فرقة «أو ـ هوم» لموسيقى الروك ،والتي سمح لها بعمل حفلت جماهيرية مختلطة ،للقلية المسيحية في إيران خلل احتفالت الكريسماس .وتسمى الفرقة طريقتها في التأليف الموسيقي بـ«الروك الفارسي» لنها تخلط أشعارا إيرانية كلسيكية مع موسيقى الروك وأدوات موسيقية إيرانية منها الدف والسيتار. نشأت فرقة «أو ـ هوم» عام 1999من شباب صغار السن ،كان هدفهم تسجيل شريط موسيقي ،وهم شهرام وبباك وشهرروك .كانت خطتهم تسجيل شريط موسيقي في منزل شهرام ،لكن الغنية الولى التي تم تسجيلها انتشرت بين عدد من أصدقائهم ،ووصلت إلى إحدى شركات الموسيقى في طهران التي طلبت منهم توقيع عقد لصدار أول ألبوم غنائي لهم .وبعد تسجيل اللبوم ،أرسل إلى وزارة الرشاد والثقافة اليرانية من أجل أخذ موافقة عليه ،إل أن الوزارة رفضت ،وقالت إن اللبوم «موسيقى غربية رخيصة» ل تتفق مع المبادئ والقيم السلمية ،وبسبب هذا قامت الشركة بفسخ العقد .هنا قررت الفرقة أن تبدأ موقعها النترنتي الخاص ،وجعلت كل أغاني اللبوم على النترنت للتحميل المجاني ،وبعد أشهر قليلة من بدء الموقع اللكتروني ،كان اللف من الغاني قد تم تحميلها ،مما جعل الفرقة من أشهر فرق «الموسيقى تحت الرض» في إيران ،وفتحت الطريق لفرق موسيقية أخرى لنتاج أغان وبيعها عبر قناة النترنت التي ل تخضع لشراف الحكومة .وأدى النترنت إلى أن تكون هذه الفرقة وغيرها معروفة في إيران ،ولدى اليرانيين في الخارج ،والجانب المهتمين بالموسيقى الفارسية ،كما ساعدت الفرقة على مواصلة إصداراتها الموسيقية ،فبعد ذلك أصدرت الفرقة أغنية «حافظ الشيرازي عاشقا» وأطلقتها للتحميل المجاني على النترنت ،وفي السبوع الول حمل منها 15ألف نسخة. وإلى جانب أشرطة الموسيقى التي يتم توزيعها مجانا عبر النترنت ،أو أشرطة الموسيقى التي يتم طبعها بشكل غير قانوني وبيعها ،هناك إنتاج «تحت الرض» للفيديو كليب ،وهو بدوره بات يوزع بشكل متزايد .ول يحتاج المر إلى تكلفة كبيرة من أجل إنتاج فيديو كليب سرى ،فالكثير
منها ينتج في منزل أحد المغنين ،ربما في القبو أو غرفة صغيرة ،حيث يتم وضع ديكور بسيط ،وتقف الفرقة أو المغني يرقص ويتمايل مع نغمات الموسيقى ،وهو شيء ل يمكن فعله في الحفلت الموسيقية الرسمية التي تسمح بها السلطات ،لنه غير مسموح للمغنين وللحضور بالرقص أو بالتمايل مع الموسيقى .وقد أدت النترنت إلى ثورة في صناعة الموسيقى اليرانية ،فاليوم ،وبرغم وجود العشرات من المواقع النترنتية التي تشفرها السلطات اليرانية ،خصوصا المواقع الباحية الطابع ،أو التي تنتمي إلى بعض المعارضين في الخارج ،إل أن إيران بها نحو 10مليين مستخدم للنترنت ،وهو عدد قد يرتفع إلى 25مليون شخص بحلول عام ،2009بعدما كان هناك نحو مليون مستخدم فقط عام .1993الكثير من هؤلء المستخدمين يعرفون كيف يفكون شفرات المواقع الممنوعة ،لكن المثير للنتباه أن ما يهمهم ليس المواقع السياسية بالساس ،بل مواقع الموسيقى والفلم والكتب .وكما تخضع الموسيقى اليرانية الرسمية لتضييقات وزارة الرشاد ،كذلك تخضع الفلم لتضييقات .فالفلم اليرانية كلها ،وهى ما زالت فكرة أو سيناريو ،يجب أن تمر أول على وزارة الرشاد لخذ تصريح .وقال المخرج السينمائي اليراني سيف ال داد الذي كان مستشارا مسؤول عن قطاع السينما خلل ولية خاتمي بهذا الصدد لـ«الشرق الوسط»« :سمعت انه خلل السنوات الماضية ،منذ الحكومة الجديدة بات المر أصعب قليل فيما يتعلق بعمل الفلم .خلل ولية خاتمي ،كنا نعطي تصريحات للمخرجين بعمل الفلم من دون أن نقرأ السيناريو ،هذا تغير الن وعادت الجراءات التضييقية من وزارة الرشاد .إذا أردت أن تصنع فيلما عليك أن تذهب إلى وزارة الرشاد مع ملخص بسيناريو الفيلم من نحو 10صفحات ،إذا وافقوا عليه ،تأخذ السيناريو النهائي كامل ،وإذا وافقوا عليه ،تستطيع أن تأخذ تصريحا لعمل الفيلم .وهذه الخطوات الولية ل تعني بالضرورة أن وزارة الرشاد ستحذف أجزاء أو تمنع أجزاء من الفيلم ،لكنها تعني إن الوزارة تعرف حتما قصص كل الفلم التي تنتج حاليا في السوق» .واليوم لسباب إنتاجية ورقابية قلت أعمال الكثير من المخرجين اليرانيين ،من أمثال عباس كارستامي .لكن البعض ل يرى مشكلة كبيرة في هذا ،ويعتقد أن الرقابة موجودة بدرجات متفاوتة في كل المجتمعات وان لها فوائدها ،مشيرين إلى أن بعض المخرجين اليرانيين الذين يمولون من الخارج ،يمكن أن يتمادوا في صناعة أفلم ل تعكس الحقائق كما هي في إيران ،بل تعكس وجهات النظر التي تريد دول التمويل الغربية التركيز عليها .وقال أستاذ جامعي إيراني رفض الكشف عن هويته «ل تعتقدي أن مخرجين من أمثال محسن مخملباف وابنته سميرة مخملباف لهما أي شعبية في إيران ،لنهما ليس لهما شعبية كما قد يتصور البعض .هما ل يعيشان في إيران منذ فترة .ويخرجان أفلما تسىء إلى البلد في وقت حساس .ومن يمولهما؟ الفرنسيون وجهات غربية أخرى .أنا ل أعتقد أن هذا هو الدور التثقيفي والتنويري للسينما .هناك مخرجون إيرانيون آخرون يعيشون في إيران ويخرجون أفلما في الظروف الحالية .وبرغم كل شيء ،هؤلء هم الفضل» .أما الفلم الجنبية التي تعرض في إيران ،سواء في السينما أو التلفزيون ،فهي عادة أفلم اجتماعية أو أفلم حركة «اكشن» مستوردة من الصين واليابان وماليزيا ،وكلها تتم دبلجتها باللغة الفارسية .وكلها يجب أن تعرض أول على وزارة الرشاد ،للتأكد من توافقها مع المعايير السلمية في إيران (النساء فيها يظهرن من دون غطاء شعر وهذا ليس محظورا في إيران طالما أن النساء أجنبيات) .ويعرض التلفزيون اليراني أحيانا أفلما أميركية اجتماعية ،لكن ل يقال إنها أميركية بحسب إحدى الناشطات اليرانيات التي أضافت لـ«الشرق الوسط»« :أحيانا يتم تغيير القصة ،فإذا كانت قصة الفيلم حول شخصين يعيشان معا من غير زواج ،يتم تزويجهما في الترجمة الفارسية» .ومع أن في إيران الكثير من دور السينما منها «بهمن» ،و«فرهنج» ،أي الثقافة ،و«عصر جديد» وهما بالقرب من جامعة طهران ،إل أن العروض السينمائية غير متنوعة بما يكفي في نظر الكثير من الشباب ،وبخلف أفلم الحركة (الكاراتيه والكونغ فو) والفلم الكوميدية ،وهى الفلم الكثر شعبية في إيران ،تعد سوق أفلم الفيديو والـ «دي في دي» المهربة إلى إيران هي البديل ،وهي تشمل كل الفلم الصادرة حديثا من مختلف أنحاء العالم ،خصوصا السينما الميركية ،غير أنها ل تخضع للرقابة ،مثل الفلم التي ينبغي أن تمر على وزارة الرشاد ،وهذه ميزة كبيرة جدا ،لن يمكن تقديرها إل بعد مشاهدة فيلم خضع لمقص الرقابة ،لن الحذف يطال كل شيء بحيث ل يمكن فهم القصة .وتنتشر محلت بيع شرائط الفيديو والـ«دي في دي» في كل طهران ،ولن تفشل في الحصول على أي فيلم ،بدءا من «قائمة شندلر» الذي يحكي مآسي اليهود خلل الهولوكست ،وحتى «قصة المهد» حول حياة المسيح عليه السلم ،مرورا بمجموعة أفلم ريتا هوارث ومارلون براندو وجون ترافولتا وبروس ويلس وجاك نيكلسون وجيمي فوكس وميل غيبسون وبراد بيت وانجلينا جولي ،وروبرت دي نيرو .والسعار تتراوح بين دولر واحد إلى دولرين .وقال محمد بيران ،وهو شاب إيراني يعمل في أحد محلت الـ«سي دي» والـ«دي في دي» بشمال طهران ،إن غالبية الفلم الممنوعة تأتي في الصل من ماليزيا ،ثم تهرب إلى باكستان وتعبر الحدود إلى إيران عبر زهدان ،موضحا لـ«الشرق الوسط» أن التجار لديهم أجهزة نسخ للفلم ،وأنه بعد النسخ توزع في السوق .وإلى جانب الموسيقى والفلم تعد الكتب واحدة من السلع الثقافية الرائجة في إيران ،وهناك 40ألف عنوان كتاب يطبع في إيران كل عام ،أغلبها كتب أدبية وشعر ،والكثير منها ترجمات لكبار الكتاب والشعراء الغربيين .وعندما تتجول في «ميدان انقلب» ،ميدان المكتبات في
طهران ،ستجد أرفف المكتبات تضم أسماء كتاب مثل كارل ماركس ،وفلديمير لينين وتروتسكي وتشي غيفارا ،ووليام شكسبير وصمويل بيكيت وفيرجينيا وولف وكافكا ودستوفسكى وماريو فارغاس وارغون وغوته وسيجموند فرويد وهنريك ابسن .وكما قالت الهام ،وهي شابة إيرانية عاشت في كندا فترة ،ثم عادت إلى طهران مؤخرا «إيران مجتمع مفتوح ومتعدد لكن هذا ل يظهر في العلم ،المجتمع اليراني مثل بطيخة .سطحه جاف ،لكن داخله ثراء وتنوع» .الرجل الذي صور نفسه ..ألف مرة * ليس هناك وجه يظهر في إيران إلى جانب صور قائد الثورة اليرانية آية ال الخمينى والمرشد العلى آية ال علي خامنئي سوى وجه ناصر الدين شاه أحد أهم حكام العهد القاغاري (قبائل رحل من التراك اليرانيين وحدت وحكمت إيران بين 1779وحتى 1925عندما قام رئيس الوزراء ساعتها رضا خان بهلوي بخلع آخر حكام السرة القاغارية أحمد ميرزا وسمى نفسه شاه إيران) .وإذا كانت صور الخميني وخامنئي في كل المؤسسات والمكاتب الحكومية ،وكل الشوارع ،فإن صور ناصر الدين شاه ( 16يوليو 1831ـ 1مايو )1896على كل أكواب الشاي وفناجين القهوة التقليدية تقريبا ،وعلى الكثير من الصناعات التقليدية والفازات. ناصر الدين شاه ليس حاضرا فقط بصوره (كان أول أيراني يصور ،فقد أعجب جدا بكاميرات التصوير ،فقام باستيراد العديد منها وأخذ لنفسه اللف من الصور) ،بل ما زال حاضرا أيضا بأسماء زوجاته ،فمنطقة شمال طهران والتي تسمى شمران ،وتعني المنطقة الباردة ،وتضم غالبية السفارات الجنبية ،ومنزل الخميني ،وقصري الشاه "سعد أباد ونيارفان" ،تضم مناطق زعفرانيه واليهه وفرمانيه وأقدسيه واختياريه واجودانيه وصاحبقرانيه وهي كلها أسماء لزوجات ناصر الدين شاه ،لم تتغير حتى بعد الثورة اليرانية .وكان ناصر شاه ،المعروف بتسلطه لكن أيضا بانفتاحه على الفكار الحديثة والغرب ،أول شاه إيراني يزور أوروبا وذلك عام ،1871كما كان أول شاه إيراني يكتب يومياته .وقد أدخل الكثير من المخترعات الوروبية ومنها نظام حديث للبريد وخطوط القطارات ،ونظام البنوك الحديثة ،وصدرت في عهده أول صحيفة في إيران .وهناك الكثير من المسلسلت والفلم اليرانية أنتجت بعد الثورة وتسجل حياة ناصر الدين شاه ورئيس وزرائه أمير كبير ،الذي سميت «جامعة أمير كبير» باسمه بعد الثورة اليرانية .ويقول اليرانيون إن الثورة أرادت أن تنتصر للسرة التركية -اليرانية التي لها فضل في إدخال إيران إلى العصر الحديث ،والتي أطاحت بها أسرة بهلوي.
دكتورة مينو أكبر متخصص إيراني في فيروس نقص المناعة تروي لـ«الشرق الوسط» لماذا تخصصت في المرض المخيف * التقديرات الرسمية تشير لوجود 14ألف مصاب باليدز ..لكن العدد قد يكون 70ألفا
* عندما تهبط في «مطار مهر أباد» في طهران ستجد مبنى بسيطا وعمليا ،فيه صور لقائد الثورة اليرانية آية ال الخميني والمرشد العلى ليران آية ال علي خامنئي ،وإعلنات عن نوكيا وسامسونغ ،وبجانب هذا إعلن عن اليدز باللغة الفارسية يحذر الشباب منه ،وهو إعلن وضع غالبا للشباب اليراني الذي يسافر للخارج للسياحة أو للدراسة ،هناك اهتمام بقضية اليدز في إيران ،فعدد المصابين به بحسب الحصاءات الرسمية يصل إلى نحو 14ألف إيراني ،إل أن تقديرات غير حكومية تقول إن العدد قد يصل إلى 70ألفا ،فإيران مثل غالبية المجتمعات السلمية ل تبرز الموضوع ،غير أن الدكتورة مينو مهراز ترى الموضوع بطريقة أخرى ،فهي تعتقد أنه لبد ان يظهر للسطح لتوعية الناس وحمايتهم ،وهذا ما تفعله ،فهي تعمل منذ 20عاما على موضوع اليدز وهي أشهر متخصص إيراني في هذا المجال ،ورئيسة مركز أبحاث اليدز في «مستشفى المام الخميني» ،وهو أكبر مركز من نوعه في إيران ،ومستشارة في العديد من الجمعيات الطبية ،والوجه الذي يريده العلم اليراني أكثر من غيره عندما يتعلق المر بموضوع اليدز ،واسمها على الموسوعة العالمية (ويكيبيديا) ضمن أشهر النساء اليرانيات. تريد دكتورة مينو أن يصل موضوع اليدز لكل أسرة إيرانية عبر التلفزيون والصحف والمجلت .وقالت لـ«الشرق الوسط» التي التقت بها في مكتبها بـ«مستشفى المام الخميني»« :أنا ادرس في مستشفى المام الخميني منذ 30عاما .كنت أول طبيب في إيران يهتم بموضوع اليدز ،في ذلك الوقت ،منذ 20عاما ،كان الكثيرون خائفين من اسم اليدز .بدأت اهتم بالمرضى .كنت عضوا في اللجنة الوطنية لليدز منذ اليوم الول لتأسيسها .اليدز أخذ نصف أو أكثر من نصف حياتي العملية .بسبب اليدز انشط كثيرا ،ل أستطيع التوقف .فهناك تمييز ضد المصابين باليدز، كما أن غالبية اليرانيين ل يملكون المعرفة الكافية بالمرض ،والوقاية منه وطرق العدوى .يجب أن أتحدث إلى وسائل العلم اليرانية لوضح ما الذي ينبغي عمله .يجب أن أهتم بالمرضى ،وادعمهم ماليا واجتماعيا كلما استطعت .فالمرضى الذين يحتاجون التحدث الى احد ،يأتون للحديث معي .علي أن أقدم المساعدة الطبية ،وهي شيء طبيعي ،لكن علي أن أقدم كذلك دعما اجتماعيا ونفسيا وماليا .اي شيء متعلق باليذر يخصني». طرق العلج التي تعتمدها الدكتورة مينو تقوم بالضافة الى الدوية على اليوغا والموسيقى ،قائلة إن تأثيرهما كبير في مساعدة المرضى .وهي تعتقد أن هناك تشابهات بين إيران ودول المنطقة فيما يتعلق بنقص المعرفة الصحيحة عن المرض .وأوضحت لـ«الشرق الوسط»« :قلة المعرفة تخلق خوفا من المرض والمرضى المصابين به ،وبالتالي تخلق تمييزا ضد المصابين بالمرض .ولهذا فإن الكثير من المرضى ل يخبرون احدا انهم مصابون ،حتى اقرباءهم من الدرجة الولى ،بعضهم في إيران ل يخبر والده ووالدته انه مصاب بالمرض ،آخرون يخبرون الم والب والشقاء فقط .لكن حتى بعض الباء والمهات الذين يعرفون مرض اولدهم ل يذهبون إلى زيارتهم في مراكز العلج ،وهذا في رأيي بسبب نقص التعليم والثقافة حول المرض .اذا نقلت وسائل العلم معلومات حول المرض ،وأنه ل ينتقل مثل بالختلط العادي ،بل ينقل عبر العلقات الجنسية ،أو نقل الدم ،يمكن حينئذ للناس أن يتكلموا وان يعملوا وان يعيشوا مع المصابين بالمرض .أغلبية المصابين بالمرض يمكن ان يعيشوا لسنوات طويلة طالما يأخذون الدواء ،وما يحتاجونه ليس الشفقة وإنما التفهم .فهم يستطيعون أن يكونوا فعالين وناشطين في المجتمع كما كانوا قبل المرض ،لكن نقص المعرفة بالمرض مشكلة» .في مكتب الدكتورة مينو صورة معلقة على الحائط بها عشرات الشخاص تقف هي وسطهم .هؤلء هم مرضاها المصابون بالمرض ،والذين وافقوا على اعلن مرضهم بدون خوف او قلق ولم يمانعوا في التقاط صورة معها ،وضعتها في مكتبها بفخر .في الصورة طفل ربما في التاسعة من عمره ،وقفت بجانبه ووضعت يدها على كتفه ،قالت إنه اصيب بالمرض عن طريق والدته ،التي أصيبت بالمرض بدورها من والده بسبب اقامته علقة خارج اطار الزواج .مات الوالد ،وترك الزوجة وابنها الصغير مصابين بالمرض .قالت الدكتورة مينو إنه عندما علمت المدرسة أن هذا الطفل مصاب باليدز طردته ،فرفعت قضية ضد المدرسة لعادته ،وكسبت القضية ،لكن غالبية التلميذ ل يتحدثون مع الطفل المصاب ،استطردت «ما الفائدة؟» ،في إشارة إلى ان التغيير الثقافي ضروري .ساعدت الدكتورة مينو على وضع نظام اختبار في إيران للمصابين بالمرض ،فكل 3شهور تعلن وزارة الصحة نتائج الختبارات على المرض ،وتعلن عدد الذين أظهرت التحليلت أنهم مصابون بالفيروس أو بالمرض .وهناك نحو 14ألف مصاب بالمرض بحسب الحصاءات الرسمية ،لكن الدكتورة مينو تشير الى ان تقديرات غير رسمية توضح ان عدد المصابين قد يصل إلى 70ألف شخص .ومشكلة الفرق في التقديرات يعود كما ترى الى نظام جمع المعلومات عن المصابين المحتملين ،كما يعود إلى الثقافة السائدة التي تجعل البعض يخاف من العلن عن اصابته بالمرض خوفا من التمييز
ضده او ضدها «اذا عرف الناس أنهم مصابون باليدز ل يأتون إلى مراكز العلج لجراء تحليلت وهذا سبب آخر للفارق في الحصاءات الرسمية وتقديراتنا حول المصابين بالمرض .الطريقة الساسية التي نعرف بها المصابين باليدز هو عند اجراء اختبارات طبية للمسجونين او عندما يجري الناس اختبارات طبية عادية في المراكز الطبية الحكومية ،فيكتشفون انهم مصابون بالمرض ،ويتم تسجيلهم في السجلت الرسمية. لكن الخرين الذين من المحتمل اصابتهم ،ليس من اليسير معرفة اصابتهم بالمرض من عدمه» .ومع انه ليس هناك اي قانون رسمي يميز ضد المصابين باليدز ،ال ان التمييز يتم على المستوى الجتماعي .وهذه هي المشكلة« ،يجب ان يكون هناك قانون حول التمييز ضد المصابين باليدز ،فإذا كان لدينا قانون ،ل يمكن لحد ان يفصل شخصا مصابا بفيروس (اتش آي في) من العمل .منذ 3أعوام قرر نائب الرئيس اليراني السابق محمد خاتمي عدم فصل اي شخص بسبب اليدز .لكن هذا ليس قانونا ،ولنه ليس لدينا قانون ،فإن الفصل يحدث ،وعندما يتم فصل شخص مصاب من مكان عمله ،فانه ل يتمكن من العثور على عمل في مكان اخر لن الكل يعرف ،والكل يخاف من تشغيل مصابين ،وهذا شيء فظيع. في الغرب ،عندما عرف المرض على نطاق واسع تم اقرار تشريعات لمنع التمييز ضد المرضى باليدز ،لكنهم في الغرب ل يستخدمون هذه القوانين الن ،ول يحتاجون الى استخدامها .فمعرفة الناس باليدز تطورت ،ولم يعد هناك تمييز في اماكن العمل .لكن في البداية يجب ان يكون هناك قانون ،ونعمل في ايران على اقرار قانون بهذا الخصوص حتى يتمكن مرضى اليدز من العمل ،لمواصلة حياتهم» .في ايران بحسب ما قالت الدكتورة مينو معظم الذين يتم تشخيص اصاباتهم ،يتم ذلك في المراحل الولى من المرض وقبل ان يتحول الفيروس الى مرض اليدز .ولهذا فإن نوعية حياتهم تكون احسن كثيرا .وتابعت «في عيادتنا لدينا مركز يجري الستشارات والختبارات مجانا ،والشباب صغير السن الذي لديه شكوك يأتي الينا طواعية ،حيث تجرى الستشارات والختبارات .لكن مع ذلك هناك آخرون ل يأتون لن موضوع اجراء اختبارات ليس شائعا جدا ،او لنهم يخافون .يأتي الوالدان مثل ويطرحان علي اسئلة مثل :هل سترسلونهم للسجن؟ هل سيتم عزلهم بعيدا عن المجتمع؟ فأقول لهم :ل.. ليس هناك عزل .إنهم احرار في ان يغادروا المستشفى لنهم ليسوا مصابين بمرض معد .لذلك حتى هؤلء الذين يعرفون انهم مصابون بالفيروس يأتون الى العيادة للتسجيل والحصول على الرعاية الصحية .واعتقد انه مع مواصلة التعليم سيتحسن المر اكثر .حاليا نشجع الشباب الذي يعرف ان تصرفاته الشخصية ربما تسبب له المرض ،لكي يأتوا الى المركز لجراء تحليلت .والتحليلت والعلج في حالة الصابة كلها مجانية في كل ايران» .ولترغيب اليرانيين في اجراء تحليلت ،ل تضع المراكز المتخصصة كلمة «ايدز» ،بل يطلق عليها (مركز الستشارات للمراض الخطيرة الناجمة عن السلوك) ،وهناك نحو 60عيادة من هذا النوع في ايران ،حتى في السجون هناك عيادات للتحليلت .ومع ان النظام يعمل بشكل جيد ،ال ان دكتورة مينو ترى أن الطريق ما زال طويل «بسبب ثقافتنا والتقاليد السلمية ،هناك حالة انكار للمرض ،ففي البلد السلمية ل يحبون ان يكشفوا ان هناك سلوكيات جنسية غير ملئمة ،ول يحبون الكلم حولها .المسؤولون كانوا يفضلون عند الحديث عن العدوى بفيروس نقص المناعة المكتسبة قصر السباب على نقل الدم مثل .وكنت دائما اقول لهم :لماذا تتحدثون حول الوسائل الثانوية لنقل المرض؟ السبب الساسي لنقل المرض هو التصال الجنسي ،فلماذا ل نتحدث للشباب حول هذا؟ .الن الوضع يتحسن تدريجيا .نذهب للصحف ونتكلم ونكتب فيها، لكن المشكلة ان اغلبية اليرانيين يستمعون الى الراديو ويشاهدون التلفزيون ،ول يقرأون الصحف .ففي احد الحصاءات التي اجريت في ايران، كان %80من عينة احدى المدن سمع بفيروس «اتش آي في» لول مرة من التلفزيون ،هذا يوضح مدى تأثير التلفزيون» .الدكتورة مينو تعمل ساعات طويلة كما تقول ،وهي مشغولة بزوجها وأولدها ،ومشغولة بمقابلة المرضى بعد الظهر في عيادتها ،وحاليا تسعى الى اقرار قانون يمنع التمييز ضد المصابين بالمرض ،غير أنها تستطيع المواصلة رغم كل شيء« ..تأتيني الطاقة من الناس» كما قالت.