Al Fiqh Al Manhaji 1

  • May 2020
  • PDF

This document was uploaded by user and they confirmed that they have the permission to share it. If you are author or own the copyright of this book, please report to us by using this DMCA report form. Report DMCA


Overview

Download & View Al Fiqh Al Manhaji 1 as PDF for free.

More details

  • Words: 50,442
  • Pages: 185
‫الجزء الول‬ ‫في الطهارة والصلة‬

‫الدكتور مصطفى البغا‬

‫الدكتور مصطفى الن‬ ‫علي الشربي‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬ ‫القدمة‬

‫الحمد ل رب العالمين القائل في محكم كتابه المبين‪ :‬فلول نفر من كل فرقة منهم‬ ‫الدين‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫طائفة ليتفقهوا في‬

‫والصيلة والسيلم على سييدنا محميد الرسيول الميين قائد الغير المياميين القائل‪:‬‬ ‫"من يرد ال به خيرا يفقه في الدين" وعلى آله الطاهرين وأصحابه الذين عملوا على نشر‬ ‫هذا الدين بالحجة والدليل الواضح المبين‪.‬‬ ‫وب عد‪ :‬ف غن خ ير ما يشت غل به الن سان معر فة الحلل والحرام من الحكام‪ ،‬وعلم‬ ‫الصحيح من الفاسد من العمال؛ وعلم الفقه هو الذي أخذ على عاتقه بيان ذلك‪ .‬ولقد ألف‬ ‫كثير من علمائنا القدمين كتبا في هذا الفن يكاد ل يحصيها العدّ‪ ،‬ول شك أن كل واحد من‬

‫هؤلء المؤلفين الفاضل قد لحظ أن هناك ثغرة يوجب عليه دينه أن يقوم بسدها وحاجة‬ ‫ي جب عل يه أن يبذل كل ما في و سعه لقضائ ها؛ ف من مطول ي جد أن هناك حا جة ما سة‬

‫للتطو يل‪ ،‬و من مخت صر ي جد أن هناك طلبا ملحا للخت صار‪ ،‬و من نا ظم و من نا ثر‪ ،‬و من‬ ‫باحيث فيي أمهات المسيائل وميا ينبثيق منهيا مين فروع‪ ،‬ومين مقتصير على بيان أمهات‬

‫الم سائل من غ ير تعرض لكث ير من الفروع‪ ،‬وكل هم يق صد ب ما أل فه ملء فراغ ي جب أن‬ ‫يمل‪ ،‬وفرجة في المكتبة السلمية يجب أن تسد‪ ،‬لعل ال سبحانه أن يكون راضيا عنه بما‬ ‫عمل‪ ،‬ومسجلً عمله في عداد الصدقات الجارية والعلم النافع التي ل ينقطع ثوابها إلى يوم‬ ‫القيامة‪.‬‬

‫ول قد لحظ نا أن هناك حا جة إلى سلسلة فقه ية تذ كر في ها أمهات الم سائل مقرو نة‬

‫بأدلتها من الكتاب الكريم والسنة المطهرة‪ ،‬مشفوعة ببيان ما نستطيع أن نصل إليه بعقولنا‬ ‫من حكمة التشريع‪ .‬مع سهولة في التعبير‪ ،‬وإكثار من العناوين المنبهة إلى ما تحتها من‬

‫م سائل‪ .‬و مع اعتقاد نا بأن نا لم نبلغ ب عد در جة أ سلفنا الفقهاء العظام فإن نا شعر نا أن من‬

‫الواجب علينا أن نقوم بالمر‪ ،‬فاستعنّا بال وقمنا بذلك على قدر استطاعتنا تاركين لرباب‬ ‫الكفاءة الصحيحة تتميم ما نقص‪ ،‬وإصلح ما اعوجّ‪ ،‬وتصويب ما وقع فيه من الخطأ‪ ،‬إذ‬ ‫ل ندعي – ولن ندعي‪ -‬أننا قد بلغنا الغاية مع إفراغ جميع ما لدينا من وسع‪.‬‬

‫وهيا نحين أولء نقدم الحلقية الولى مين السيلسة فيي موضوع الطهارة والصيلة‬

‫الوا جب على كل م سلم العلم به؛ وأ سمينا هذه ال سلسة (الف قه المنه جي) على مذ هب المام‬ ‫الشافعي‪ ،‬وما على إخواننا الذين يريدون الوصول إلى الفضل–ل تسقّط والتقاط العيوب‪-‬‬

‫إل أن يرشدونا إلى ما فاتنا مما هدفنا إليه‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫اللهم أخلص نياتنا وأعمالنا‪ ،‬ووفقنا لما تحبه وترضاه‪ ،‬وانفع المسلمين بما عملنا‪،‬‬ ‫واهدنا سواء السبيل‪.‬‬ ‫المؤلفون‬

‫مدخـل‬ ‫في التعريف بعلم الفقه ‪ ،‬ومصادره‪ ،‬وبعض مصطلحاته‬

‫معنى الفقه‪:‬‬ ‫إن للفقه معنيين‪ :‬أحدهما لغوي‪ ،‬والثاني اصطلحي‪.‬‬ ‫أما المعنى اللغوي‪ :‬فالفقه معناه‪ :‬الفهم‪ .‬يقال‪ :‬فقه يفقه‪ :‬أي فهم يفهم‪.‬‬

‫قال تعالى‪ :‬فمييا لهؤلء القوم ل يكادون يفقهون حديثييا [النسيياء‪ .]78:‬أي ل‬

‫يفهمون‪ .‬وقال تعالى‪ :‬ولكيين ل تفقهون تسييبيحهم [السييراء‪ .]44 :‬أي ل تفهمون‬ ‫تسبيحهم‪.‬‬

‫ط َبتِ ِه َمئِ ّنةٌ مِ نْ فٍ ْقهِ هِ"‬ ‫صرَ خُ ْ‬ ‫جلِ وقِ َ‬ ‫وقال ر سيييول ال ‪ " :‬إن طولَ صّلةِ الرّ ُ‬ ‫(رواه مسلم‪ .)869:‬أي علمة فهمه‪.‬‬

‫وأما المعنى الصطلحي؛ فالفقه يطلق على أمرين‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫الول‪ :‬معرفة الحكام ا لشرعية المتعلقة بأعمال المكلفين وأقوالهم‪ ،‬والمكتسبة من‬ ‫أدلتها التفصيلية‪ :‬وهي نصوص من القرآن والسنة وما يتفرع عنهما من إجماع واجتهاد‪.‬‬ ‫وذلك م ثل معرفت نا أن النيية فيي الوضوء واجبية أخذا مين قوله ‪ " :‬إنّمـا العْمالُ‬ ‫بِالنيّات " (رواه البخاري‪ ،1:‬ومسلم ‪.)1907 :‬‬ ‫صيَامَ‬ ‫وإن النية من الليل شرط في صحة الصوم أخذا من قوله ‪ " :‬مَ نْ لَم يبيّتِ ال ّ‬ ‫جرِ فل صيام له" (رواه البيهقي‪،202 / 4:‬الدارقطني‪،2/172:‬وقال‪ :‬رواته ثقات)‪.‬‬ ‫َق ْبلَ الفَ ْ‬ ‫ومعرفتنا أنّ صلة الوتر مندوبة‪ ،‬أخذا من حديث العرابي الذي سأل النبي‬

‫عن‬

‫ّعـ" ‪(.‬رواه البخاري‪:‬‬ ‫طو َ‬ ‫َنـ تَ َ‬ ‫غ ْيرُهيا؟ قال‪" :‬ل إلّ أ ْ‬ ‫علَيّ َ‬ ‫الفرائض‪ ،‬ثيم قال بعيد ذلك‪ :‬هَلْ َ‬ ‫‪/1792‬مسلم‪.)11:‬‬ ‫وأن الصلة بعد العصر مكروهة أخذا من نهيه عليه الصلة والسلم عن الصلة‬

‫بعد العصر حتى تغرب الشمس‪ [ .‬رواه البخاري‪ ،561:‬ومسلم‪.]827:‬‬

‫ُوسيكُمْ‬ ‫ْسيحُواْ ِب ُرؤ ِ‬ ‫وأن مسيح بعيض الرأس واجيب أخذا مين قوله تعالى‪ :‬وَام َ‬

‫[المائدة‪ . ]6:‬فمعرفتنا بهذه الحكام الشرعية تسمى فقها اصطلحا‪.‬‬

‫والثاني‪ :‬الحكام الشرعية نفسها‪ ،‬وعلى هذا نقول ‪ :‬درست الفقه‪ ،‬وتعلمته‪ :‬أي إنك‬ ‫در ست الحكام الفقه ية الشرع ية الموجودة في ك تب الف قه‪ ،‬والم ستمدة من كتاب ال تعالى‬ ‫وسنة نبيه عليه الصلة والسلم‪ ،‬وإجماع علماء المسلمين‪ ،‬واجتهاداتهم‪.‬‬

‫وذلك م ثل أحكام الوضوء‪ ،‬وأحكام ال صلة‪ ،‬وأحكام الب يع والشراء‪ ،‬وأحكام الزواج‬

‫والرضاع‪ ،‬والحرب والجهاد‪ ،‬وغيرها‪.‬‬

‫فهذه الحكام الشرعية نفسها تسمى فقها اصطلحا‪.‬‬

‫والفرق بين المعنيين‪ :‬أن الول يطلق على معرفة الحكام‪ ،‬والثاني يطلق على نفس‬ ‫الحكام الشرعية ‪.‬‬

‫ارتباط الفقه بالعقيدة السلمية‪:‬‬

‫من خصائص الفقه السلمي – وهو كما قلنا‪ :‬أحكامُ شرعية ناظمةُ لفعال المكلفين‬

‫وأقوال هم – أ نه مرت بط ارتباطا وثيقا باليمان بال تعالى‪ ،‬ومشدود تماما إلى أركان العقيدة‬ ‫السلمية‪ ،‬ول سيما عقيدة اليمان باليوم الخر‪.‬‬

‫‪4‬‬

‫وذلك لن عقديية اليمان بال تعالى هيي ال تي تجعيل الم سلم متمسيكا بأحكام الد ين‬ ‫منساقا لتطبيقها طوعا واختيارا‪.‬‬

‫ولن مين لم يؤمين بال تعالى ل يتقييد بصيلةٍ ول صييامٍ‪ ،‬ول يراعيي فيي أفعاله‬

‫فرعي عين اليمان بمين أنزلهيا وشرعهيا‬ ‫ُ‬ ‫حللً ول حراما‪ ،‬فالتزام أحكام الشرع إنميا هيو‬

‫لعباده‪.‬‬

‫والمثلة فيي القرآن الكرييم التيي تيبيّن ارتباط الفقيه باليمان كثيرة جدا‪ .‬وسينكتفي‬

‫بذكر بعضها لنرى مدى هذا الرتباط بين الحكام واليمان وبين الشريعة والعقيدة‪:‬‬ ‫فقال‪:‬‬

‫‪ -1‬لقد أمر ال عز وجل بالطهارة وجعل ذلك من لوازم اليمان به سبحانه وتعالى‬ ‫يا َأيّ ها الّذي نَ آمنوا إذا ُق ْمتُ مْ إلى ال صّلةِ فاغْ سِلوا وُجُو َهكُ مْ وَأيْ ِد َيكُ مْ إلى ال َمرَافِ قِ‬

‫[المائدة‪.]6:‬‬

‫‪ -2‬ذ كر ال ال صلة والزكاة وقرن بينه ما وب ين اليمان باليوم ال خر‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬

‫خ َرةِ هُمْ يُو ِقنُونَ [ النمل‪.]3:‬‬ ‫ن ال ّزكَاةَ وَهُم بِالْآ ِ‬ ‫صلَاةَ َو ُي ْؤتُو َ‬ ‫الّذِينَ يُقِيمُونَ ال ّ‬

‫‪ -3‬فرض ال الصيوم المفضيي إلى التقوى‪ ،‬وربطيه باليمان‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ييا َأيّهيا‬

‫الّذينَ آمنوا ُك ِتٍبَ عَل ْيكُ ُم الصّيامُ كَما ُك ِتبَ على الّذينَ مِنْ َق ْبٍلكُمْ َل َعّلكُمْ َتتّقُونَ [ البقرة‪.]183:‬‬

‫‪ -4‬ذ كر ال تعالى ال صفات الحميدة ال تي يتحلى ب ها الم سلم ور بط ذلك باليمان به‬

‫صلَا ِتهِمْ‬ ‫تعالى وال تي ي ستحق ب ها دخول الج نة‪ ،‬فقال‪ :‬قَدْ أَ ْفلَ حَ ا ْل ُم ْؤ ِمنُو نَ * الّذِي نَ هُ مْ فِي َ‬ ‫علُو نَ * وَالّذِي نَ هُ مْ‬ ‫ن الّل ْغوِ ُم ْع ِرضُو نَ * وَالّذِي نَ هُ مْ لِل ّزكَاةِ فَا ِ‬ ‫شعُو نَ * وَالّذِي نَ هُ مْ عَ ِ‬ ‫خَا ِ‬

‫غ ْيرُ َملُومِينَي * َفمَنِي‬ ‫جهِم ْي أوْ مَا َمَلكَت ْي َأ ْيمَا ُنهُم ْي فَِإ ّنهُم ْي َ‬ ‫علَى َأ ْزوَا ِ‬ ‫جهِم ْي حَافِظُونَي * ِإلّا َ‬ ‫لِ ُفرُو ِ‬

‫عهْدِهِ مْ رَاعُو نَ * وَالّذِي نَ هُ مْ‬ ‫ا ْب َتغَى َورَاء َذلِ كَ فَُأ ْوَلئِ كَ هُ مُ ا ْلعَادُو نَ * وَالّذِي نَ هُ مْ لَِأمَانَا ِتهِ مْ وَ َ‬ ‫صَلوَا ِتهِمْ يُحَافِظُو نَ * ُأ ْوَلئِ كَ هُ مُ ا ْلوَا ِرثُو نَ * الّذِي نَ َي ِرثُو نَ الْ ِفرْدَوْ سَ هُ مْ فِيهَا خَالِدُو نَ‬ ‫علَى َ‬ ‫َ‬ ‫[ المؤمنون‪.]11-1:‬‬

‫اللغو‪ :‬الباطل وما ل فائدة فيه من قول أو فعل‪ .‬لفروجهم حافظون‪ :‬جميع فرج وهو‬

‫اسم لعضو التناسل من الذكر والنثى‪.‬‬

‫وحفظ ها‪ :‬صيانتها عن الحرام و من الوقوع في الز نى خا صة‪ .‬ما مل كت أيمان هم‪:‬‬

‫النساء المملوكات وهن الماء‪ .‬غير ملومين‪ :‬بوطئهن‪.‬‬ ‫العادون‪ :‬الظالمون والمجاوزون‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ -5‬أمر ال تعالى بحسن معاملة النساء ومهّد لذلك بنداء المخاطبين فقال تعالى‪:‬‬ ‫ضلُوهُنّ ِلتَذْ َهبُواْ ِب َبعْ ضِ مَا‬ ‫يَا َأيّهَا الّذِي نَ آ َمنُواْ لَ يَحِلّ َلكُ مْ أَن َت ِرثُواْ النّ سَاء َكرْها وَلَ َت ْع ُ‬ ‫ُوفي فَإِن َكرِ ْه ُتمُوهُنّ َفعَسيَى أَن‬ ‫شرُوهُنّ بِا ْل َم ْعر ِ‬ ‫ِيني بِفَاحِشَةٍ ّم َب ّينَةٍ وَعَا ِ‬ ‫آ َت ْي ُتمُوهُنّ إِلّ أَن يَ ْأت َ‬ ‫خيْرا َكثِيرا [النساء‪]19:‬‬ ‫ل اللّهُ فِيهِ َ‬ ‫جعَ َ‬ ‫شيْئا َويَ ْ‬ ‫َت ْكرَهُواْ َ‬

‫تعضلوهين‪ :‬تمنعوهين مين الزواج‪ .‬بفاحشية‪ :‬سيوء خلق أو نشوز أو زنيى‪.‬‬

‫مبينة‪ :‬واضحة وظاهرة‪.‬‬

‫‪ -6‬أمر المطلقة أن تعتدّ ثلثة قروء وأل تكتم ما في رحمها إن كانت حاملً وعلق‬

‫لثَةَ‬ ‫يهِنّ ثَ َ‬ ‫ينَ ِبأَنفُس ِ‬ ‫ي َي َت َربّص ْ‬ ‫ذلك على اليمان بال واليوم الخير‪ ،‬قال تعالى‪ :‬وَا ْلمُطَلّقَات ُ‬ ‫خرِ‬ ‫ق اللّ هُ فِي َأرْحَا ِمهِنّ إِن كُنّ ُي ْؤمِنّ بِاللّ هِ وَا ْل َيوْ مِ ال ِ‬ ‫خلَ َ‬ ‫ُق ُروَءٍ وَلَ يَحِلّ َلهُنّ أَن َي ْك ُتمْ نَ مَا َ‬

‫[البقرة‪.]228:‬‬

‫‪-7‬أمير ال سيبحانه وتعالى باجتناب الخمير والميسير والنصياب والزلم بعيد أن‬

‫نادى المؤمنين بوصف اليمان‪ ،‬مشعراَ بذلك اجتنابها مرتبط بخلوص إيمانهم‪ ،‬فقال تعالى‪:‬‬ ‫شيْطَا نِ‬ ‫عمَلِ ال ّ‬ ‫لزْلَ مُ رِجْ سٌ مّ نْ َ‬ ‫سرُ وَالَن صَابُ وَا َ‬ ‫خ ْمرُ وَا ْل َميْ ِ‬ ‫يَا َأيّهَا الّذِي نَ آ َمنُواْ ِإنّمَا الْ َ‬

‫ج َت ِنبُوهُ َل َعّلكُمْ تُ ْفلِحُونَ‬ ‫فَا ْ‬

‫[المائدة ‪.]90:‬‬

‫‪ -8‬حرّم ال سبحانه وتعالى الر با ور بط ب ين تر كه وتحق يق التقوى واليمان‪ ،‬فقال‬

‫ضعَافا ّمضَاعَفَةً وَاتّقُواْ اللّهَي َل َعّلكُم ْي تُ ْفلِحُونَي‬ ‫تعالى‪ :‬يَا َأيّهَا الّذِينَي آ َمنُواْ لَ َت ْأ ُكلُواْ الرّبَا َأ ْ‬ ‫[آل عمران‪]130:‬‬

‫ن الرّبَا إِن كُنتُم ّم ْؤ ِمنِي نَ‬ ‫وقال‪ :‬يَا َأيّهَا الّذِي نَ آ َمنُواْ اتّقُواْ اللّ هَ وَ َذرُواْ مَا بَقِ يَ مِ َ‬

‫[البقرة‪.]278:‬‬

‫‪ -9‬حض ّ على العميل وأحاطيه بسيياج مين الشعور بالمراقبية اللهيية والشعور‬

‫س ُترَدّونَ‬ ‫ع َمَلكُ مْ َورَ سُولُهُ وَالْ ُم ْؤ ِمنُو نَ وَ َ‬ ‫س َيرَى اللّ هُ َ‬ ‫ع َملُواْ َف َ‬ ‫بالم سؤولية‪ ،‬قال تعالى‪ :‬وَقُلِ ا ْ‬ ‫شهَا َدةِ َف ُي َن ّب ُئكُم ِبمَا كُنتُمْ َت ْع َملُونَ [التوبة‪.]105:‬‬ ‫ِإلَى عَالِمِ ا ْل َغيْبِ وَال ّ‬

‫وهكذا فقلّميا تجيد حكما مين أحكام الديين فيي القرآن إل وهيو مقرون باليمان بال‬

‫تعالى ومرتبط بأركان العقيدة السلمية‪ ،‬وبهذا اكتسب الفقه السلمي قداسة دينية‪ ،‬وكان‬ ‫له سلطان روحي‪ ،‬لنها أحكام شرعية صادرة عن ال تعالى موجبة لطاعته ورضاه‪ ،‬وفي‬ ‫مخالفتها خطر غضبه وسخطه‪ ،‬وليست أحكاما قانونية مجردة ل يشعر النسان لها برابط‬ ‫‪6‬‬

‫ُمي‬ ‫ع َمَلك ْ‬ ‫ّهي َ‬ ‫َسيَيرَى الل ُ‬ ‫ع َملُواْ ف َ‬ ‫يربطهيا فيي ضميره‪ ،‬أو يصيلها بخالقيه‪ .‬قال تعالى‪ :‬وَقُلِ ا ْ‬ ‫شهَا َدةِ َف ُي َن ّب ُئكُم ِبمَا كُنتُمْ َت ْع َملُونَ [النساء‪:‬‬ ‫س ُترَدّونَ ِإلَى عَالِمِ ا ْل َغيْبِ وَال ّ‬ ‫َورَسُولُهُ وَا ْل ُم ْؤ ِمنُونَ وَ َ‬ ‫‪.]65‬‬

‫شمول الفقه السلمي لكل ما يحتاج إليه الناس‪:‬‬

‫ل شك أن حياة الن سان متعددة الجوا نب‪ ،‬وأن سعادة الن سان تقت ضي رعا ية هذه‬ ‫الجوا نب كل ها بالتنظ يم والتشر يع‪ ،‬ولمّ ا كان الف قه ال سلمي هو عبارة عن الحكام ال تي‬

‫شرع ها ال لعباده رعا ية لم صالحهم ودرءا للمفا سد عن هم‪ ،‬جاء هذا الف قه ال سلمي ملما‬ ‫بكل هذه الجوانب‪ ،‬ومنظما بأحكامه جميع ما يحتاجه الناي‪ ،‬وإليك بيان ذلك‪:‬‬

‫لو نظرنا إلى كتب الفقه التي تضمن الحكام الشرعية المستمدة من كتاب ال وسنة‬

‫رسيوله وإجماع علماء المسيلمين واجتهاداتهيم‪ ،‬لوجدناهيا تنقسيم إلى سيبع زمير وتشكيل‬ ‫بمجموعها القانون العام لحياة الناس أفرادا ومجتمعات ‪:‬‬

‫الزمرة الولى‪ :‬الحكام المتعل قة بعبادة ال من وضوء و صلة و صيام وزكاة و حج‬

‫وغير ذلك‪ ،‬وتسمى هذه الحكام‪ :‬العبادات‪.‬‬

‫الزمرة الثان ية‪ :‬الحكام المتعل قة بالسرة من زواج وطلق‪ ،‬ون سب ورضاع‪ ،‬ونف قة‬

‫وإرث‪ ،‬وغيرها‪ ،‬وتسمى هذه الحكام‪ :‬الحوال الشخصية‪.‬‬

‫الزمرة الثالثـة‪ :‬الحكام المتعلقية بأفعال الناس‪،‬ومعاملة بعضهيم بعضاَ مين شراء‬

‫ورهن وإجارة‪ ،‬ودعاوي وبينات‪ ،‬وقضاء وغير ذلك‪ ،‬وتسمى هذه الحكام‪ :‬معاملت‪.‬‬

‫الزمرة الرابعة‪ :‬الحكام المتعلقة بواجبات الحاكم من إقامة العدل ودفع الظلم وتنفيذ‬

‫الحكام‪ ،‬وواجبات المحكوم من طا عة في غ ير معصية وغير ذلك‪ ،‬وت سمى هذه الحكام‪:‬‬ ‫الحكام السلطانية‪ ،‬أو السياسية الشرعية‪.‬‬

‫الزمرة الخامسـة‪ :‬الحكام المتعلقية بعقاب المجرميين وحفيظ المين والنظام مثيل‪:‬‬

‫عقوبة القاتل والسارق وشارب الخمر وغير ذلك‪ ،‬وتسمى هذه الحكام‪ :‬العقوبات‪.‬‬

‫الزمرة ال سابعة‪ :‬الحكام المتعل قة بالخلق والحش مة‪ ،‬والمحا سن والم ساوئ وغ ير‬

‫ذلك‪ ،‬وتسمى هذه الحكام‪ :‬الداب والخلق‪.‬‬

‫وهكذا ن جد أن الف قه ال سلمي شا مل بأحكا مه ل كل ما يحتاج إل يه الن سان‪ ،‬وملمّ‬

‫بجميع مرافق حياة الفراد والمجتمعات‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫مراعاة الفقه السلمي اليسر ورفع الحرج‪:‬‬ ‫معنى اليسر‪:‬‬

‫إن السلم راعي بتشريع الحكام حاجة الناس‪ ،‬وتأمين سعادتهم‪ ،‬ولذلك كانت هذه‬ ‫الحكام كلها في مقدور النسان‪ ،‬وضمن حدود طاقته‪ ،‬وليس فيها حكم يعجز النسان عن‬

‫أدائه والقيام به‪ ،‬وإذا ما نال المكلف حرج خارج عن حدود قدرته أو متسبب بعنت ومشقة‬ ‫زائدة لحالة خاصة‪ ،‬فإن الدين يفتح أمامه باب الترخص والتخفيف‪.‬‬ ‫الدليل على أن السلم دين اليسر‪:‬‬

‫عَل ْيكُ مْ في الدّي نِ‬ ‫جعَلَ َ‬ ‫وليس أدل على أن السلم د ين يسر من قوله تعالى‪ :‬ومَا َ‬

‫حرَج ٍي [الحيج‪ ]78:‬ومين قوله تعالى‪ُ :‬يرِيدُ الُ ِبكُمُي اليُس ْيرَ وَل ُيرِيدُ ِبكُمُي العُسيْرَ‬ ‫مِن ْي َ‬

‫سعَها [البقرة‪ .]286:‬ومن قوله‬ ‫[البقرة‪ .]185:‬ومن قوله تعالى‪ :‬ل ُي َكلّ فُ الُ نَفْسا إل وُ ْ‬ ‫عليه الصلة والسلم‪ " :‬إنّ الدّينَ يُسـرُ" (رواه البخاري‪.)39:‬‬ ‫أمثلة على يسر السلم ‪:‬‬

‫ومن المثلة على يسر السلم ما يلي‪:‬‬ ‫‪ -1‬ال صلة قاعدا ل من ي شق عل يه القيام‪ ،‬قال ر سول ال ‪ " :‬صل قائما‪ ،‬فإن لم ت ستطع‬ ‫فقاعدا‪ ،‬فإن لم تستطع فعلى جنبٍ" (رواه البخاري‪.)1066:‬‬

‫ض َر ْبتُ مْ‬ ‫‪ -2‬قصر الصلة الرباعية والجمع بين الصلتين للمسيييافر‪ ،‬قال تعالى‪ َ:‬إِذَا َ‬ ‫لةِ [النساء‪]101:‬‬ ‫ن الصّ َ‬ ‫صرُواْ مِ َ‬ ‫جنَاحٌ أَن تَ ْق ُ‬ ‫عَل ْيكُمْ ُ‬ ‫لرْضِ َفَل ْيسَ َ‬ ‫فِي ا َ‬

‫وروى البخاري(‪ )1056‬عن ا بن عباس ر ضي ال عنه ما قال‪" :‬كا نَ ر سولُ ال‬

‫ن المَغ ِربِ وَالعِشَاءِ " ‪.‬‬ ‫جمَعُ َبيْ َ‬ ‫س ْيرٍ‪َ ،‬ويَ ْ‬ ‫ظ ْهرِ َ‬ ‫صرِ إذا كانَ عَلىَ َ‬ ‫ظ ْهرِ وَالعَ ْ‬ ‫َبيْنَ صَلةِ ال ّ‬

‫جمَ عُ‬ ‫يَ ْ‬

‫[ على ظهر سير‪ :‬سائر في السفر]‪.‬‬ ‫مصادر الفقه السلمي‪:‬‬

‫قلنيا إن الفقيه السيلمي هيو مجموعية الحكام الشرعيية التيي أمير ال عباده بهيا‪ ،‬وهذه‬ ‫الحكام ترجع بمجموعها إلى المصادر الربعة التالية‪:‬‬

‫القرآن الكريم – السنة الشريفة – الجماع – القياس‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫القرآن الكريم‪:‬‬

‫القرآن‪ :‬هيو كلم ال تعالى‪ :‬أنزله على سييدنا محميد‬

‫ليخرج الناس مين الظلمات إلى‬

‫النور‪ ،‬وهو المكتوب في الصحف‪ ،‬والقرآن هو المصدر والمرجع لحكام الفقه السلمي‪،‬‬

‫فإذا عر ضت م سألة رجع نا ق بل كل شئ إلى كتاب ال عز و جل لنب حث عن حكم ها ف يه‪،‬‬ ‫فإن وجدنا فيه الحكم أخذنا به‪ ،‬ولم نرجع إلى غيره‪.‬‬

‫فإذا سئلنا عن ح كم الخ مر‪ ،‬والقمار‪ ،‬وتعظ يم الحجار‪ ،‬وال ستقسام بالزلم‪ ،‬رجع نا إلى‬

‫ْسيرُ‬ ‫خ ْمرُ وَالْ َمي ِ‬ ‫ِيني آ َمنُواْ ِإنّم َا الْ َ‬ ‫كتاب ال عيز وجيل لنجيد قول ال تعالى‪ :‬ييا َأيّه َا الّذ َ‬ ‫ج َت ِنبُوهُ َل َعّلكُمْ تُ ْفلِحُونَ [المائدة‪.]90:‬‬ ‫شيْطَانِ فَا ْ‬ ‫عمَلِ ال ّ‬ ‫جسٌ مّنْ َ‬ ‫لزْلَمُ رِ ْ‬ ‫وَالَنصَابُ وَا َ‬

‫وإذا سئلنا عن البيع‪ ،‬والربا‪ ،‬وجدنا حكم ذلك في كتاب ال عز وجل‪ ،‬حيث قال عز من‬

‫حرّ َم ال ّربَا [البقرة‪.]275:‬‬ ‫ل اللّهُ ا ْل َبيْعَ وَ َ‬ ‫قائل‪َ :‬وأَحَ ّ‬

‫ظ َهرَ ِم ْنهَا‬ ‫وإذا سئلنا عن الحجاب وجدنا حكمه في قوله تعالى‪ :‬وَلَا ُيبْدِينَ زِي َن َتهُنّ ِإلّا مَا َ‬

‫جيُو ِبهِنّ [النور‪]31:‬‬ ‫علَى ُ‬ ‫خ ُمرِهِنّ َ‬ ‫ض ِربْنَ بِ ُ‬ ‫َو ْليَ ْ‬

‫بخمر هن‪ :‬ج مع خمار و هو غطاء الرأس‪ .‬وجيوب هن‪ :‬ج مع ج يب و هو شق الثوب من‬

‫ناحية الرأس‪ ،‬والمراد بضرب الخمار على الجيب‪ :‬أن تستر أعالي جسمها مع الرأس‪.‬‬

‫عَل ْيهِنّ مِن‬ ‫وكذلك في قوله تعالى‪َ :‬أ ّيهَا ال ّن ِبيّ قُل لَّأ ْزوَاجِ كَ َو َبنَاتِ كَ َونِ سَاء ا ْل ُم ْؤ ِمنِي نَ يُ ْدنِي نَ َ‬

‫جلَابِي ِبهِنّ َذِلكَ أَ ْدنَى أَن ُي ْعرَفْنَ َفلَا ُيؤْ َذيْنَ َوكَانَ اللّهُ غَفُورا رّحِيما [الحزاب‪.]59:‬‬ ‫َ‬

‫يدن ين‪ :‬يرخ ين ويغط ين وجوه هن وأعطاف هن‪ .‬جلبيب هن‪ :‬ج مع جلباب و هو الرداء الذي‬

‫ي ستر كا مل البدن أعال يه وأ سافله‪ .‬أد نى‪ :‬أقرب لن تُميّ ز الشريفا تُ العفيفات من غيرهن‪.‬‬ ‫فل يؤذين‪ :‬بالتعرض لهن‪.‬‬

‫وهكذا يكون القرآن الكريم هو المصدر الول لحكام الفقه السلمي‪ .‬لكن القرآن الكريم‬

‫لم يق صد بآيا ته كل جزئيات الم سائل و تبيين أحكام ها وال نص علي ها‪ ،‬ولو ف عل ذلك لكان‬ ‫يجب أن يكون أضعاف ما هو عليه الن‪.‬‬

‫وإنميا نيص القرآن الكرييم على العقائد تفصييلً‪ ،‬والعبادات والمعاملت إجمالً‪ ،‬ورسيم‬

‫الخطوط العامية لحياة المسيلمين وجعيل تفصييل ذلك للسينة النبويية‪ .‬فمثلً‪ :‬أمير القرآن‬

‫بالصلة‪ ،‬ولم يبين كيفياتها‪ ،‬ول عدد ركعاتها‪.‬‬

‫‪9‬‬

‫وأمير بالزكاة‪ ،‬ولم ييبين مقدارهيا‪ ،‬ول نصيابها‪ ،‬ول الموال التيي تجيب تزكيتهيا‪ .‬وأمير‬ ‫بالوفاء بالعقود‪ ،‬ولم يبين العقود ال صحيحة ال تي ي جب الوفاء ب ها‪ .‬وغ ير ذلك من الم سائل‬

‫كثير‪.‬‬

‫لذلك كان القرآن مرتبطاَ بال سنة النبو ية ل تبيين تلك الخطوط العا مة وتفا صيل ما ف يه من‬

‫المسائل المجملة‪.‬‬ ‫السنة الشريفة‪:‬‬

‫والسنّة هي كل ما نقل عن النبي‬

‫من قول‪ ،‬أو فعل‪ ،‬أو تقرير‪.‬‬

‫سلِمِ فُسُوقٌ‪،‬‬ ‫سبَابُ الْم ْ‬ ‫فمثال القول‪ :‬ما أخرجه البخاري(‪ )48‬ومسلم(‪ )64‬عن النبي قال‪ِ " :‬‬ ‫وقِتالُهُ كُ ْفرٌ"‪.‬‬

‫صنَعُ‬ ‫ومثال الف عل‪ :‬ما رواه البخاري عائ شة ر ضي ال عن ها ل ما سييئلت‪" :‬مَا كَا نَ يَ ْ‬

‫رسُولُ ال‬

‫ت الصّلةُ قَامَ إَليْها" ‪.‬‬ ‫ض َر ِ‬ ‫ح َ‬ ‫في بيته ؟ قَاَلتْ ‪ :‬كَانَ يَكونُ في َم ْهنَةِ أَ ْهلَهِ‪ ،‬فَإذا َ‬

‫مهنة التقرير‪ :‬ما رواه أبو داود( ‪ )1267‬أنّ النبي‬

‫رأى رجلً يصلي بعد صلة الصبح‬

‫ركعت ين‪ ،‬فقال‪ ":‬صلة ال صبح ركعتان"‪ ،‬فقال الر جل‪ :‬إ ني لم أ كن صليت الركعت ين ال تي‬

‫قبله ما ف صليتهما الن‪ ،‬ف سكت ر سول ال ‪ ،‬فاع تبر سكوته إقرارا على مشروع ية صلة‬

‫السنة القبلية بعد الفرض لمن لم يصلّها قبله‪.‬‬ ‫منزلة السنّة‪:‬‬

‫وال سنة تعدّ في المنزلة الثان ية ب عد القرآن الكر يم من ح يث الرجوع إلي ها‪ :‬أي إن ما نر جع‬

‫أولً إلى القرآن‪ ،‬فإن لم نجد الحكم فيه رجعنا إلى السنة‪ ،‬فإذا وجدناه فيها عملنا به كما لو‬ ‫كان في القرآن الكريم‪ ،‬شريطة أن تكون ثابتة عن الرسول‬

‫وظيفة السنة النبوية‪:‬‬

‫بسند صحيح‪.‬‬

‫وظيفة السنة النبوية إنما هي توضح وبيان لما جاء في القرآن الكريم‪ ،‬فالقرآن – كما قلنا‬

‫– نص على الصلة بشكل مجمل‪ ،‬فجاءت السنة ففصلت كيفيات الصلة القولية والعملية‪.‬‬ ‫وصح عن الرسول‬

‫صلّي"( رواه البخاري‪.)605:‬‬ ‫صلّوا َكمَا َرَأ ْي ُتمُوني ُأ َ‬ ‫أنه قال‪َ ":‬‬

‫س َككُمْ" (رواه البخاري)‪.‬‬ ‫عنّي مَنا ِ‬ ‫وكذلك بينت السنة أعمال الحج ومناسكه‪ ،‬وقال ‪ ":‬خُذوا َ‬

‫وبينت العقود الجائزة‪ ،‬والعقود المحرّمة في المعاملت‪ ،‬وغيرها‪.‬‬ ‫‪10‬‬

‫كذلك شرعت السنة بعض ما سكت عنه القرآن ولم يبين حكمه؛مثل‪ :‬تحريم التختّم بالذهب‬ ‫ولبس الحرير على الرجال‪.‬‬

‫وخلصة القول‪ :‬إن السنة هي المصدر الثاني بعد القرآن الكريم‪ ،‬وإن العمل بها واجب ‪،‬‬

‫وهي ضرورية لفهم القرآن والعمل به‪.‬‬ ‫الجماع‪:‬‬

‫والجماع معناه‪ :‬اتفاق جم يع العلماء المجتهد ين من أ مة سيدنا مح مد‬

‫في ع صر من‬

‫العصور على حكم شرعيّ‪ ،‬فإذا اتفق هؤلء العلماء – سواء كانوا في عصر الصحابة أو‬ ‫بعد هم – على ح كم من الحكام الشرع ية كان اتفاق هم هذا إجماعا وكان الع مل ب ما أجمعوا‬

‫عل يه واجبا‪ .‬دل يل ذلك أن ال نبي‬ ‫اتفقوا عليه كان حقا‪.‬‬

‫أ خبر أن علماء الم سلمين ل يجتمعون على ضللة‪ ،‬ف ما‬

‫روى أحمد في مسنده ( ‪ )6/396‬عن أبي بصرة الغفاري رضي ال عنه‪ :‬أن رسول ال‬ ‫جمَعَ ُأمّتي عَلى ضَللَةٍ فَأَعْطَانيها"‪.‬‬ ‫عزّ وَجَلّ أَنْ لَ َي ْ‬ ‫ت اللّهَ َ‬ ‫قال‪ " :‬سََأ ْل ُ‬

‫ومثال ذلك‪ :‬إجماع ال صحابة ر ضي ال عن هم على أن ال جد يأ خذ سدس التر كة مع الولد‬

‫الذكر‪ ،‬عند عدم وجود الب‪.‬‬ ‫منزلة الجماع‪:‬‬

‫والجماع يأتي في المرتبة الثالثة من حيث الرجوع إليه‪،‬فإذا لم نجد الحكم في القرآن‪ ،‬ول‬

‫في السنة‪ ،‬نظرنا هل أجمع علماء المسلمين عليه‪ ،‬فإن وجدنا ذلك أخذنا وعملنا به‪.‬‬ ‫القياس‪:‬‬

‫و هو إلحاق أ مر ل يس ف يه ح كم شر عي بآ خر من صوص على حك مه لتحاد العلة بينه ما‪,‬‬

‫وهذا القياس نر جع إل يه إذا لم ن جد ن صا على ح كم م سألة من الم سائل في القرآن ول في‬ ‫السنة ول في الجماع‪.‬‬ ‫منزلة القياس‪:‬‬

‫وأركان القياس أربعة‪ :‬أصلُ مقي سٌ عليه‪ ،‬وفر عٌ مقيس‪ ،‬وحكم الصل المنصوص عليه‪،‬‬ ‫وعلة تجمع بين الصل والفرع‪.‬‬ ‫مثال القياس‪:‬‬

‫‪11‬‬

‫إن ال حرّم الخمر بنص القرآن الكريم‪ ،‬والعلة في تحريمه‪ :‬هي أنه مسكر يذهب العقل‪،‬‬ ‫فإذا وجد نا شرابا آ خر له ا سم غ ير الخ مر‪ ،‬ووجد نا هذا الشراب م سكرا حكم نا بتحري مه‬

‫قيا سا على الخ مر‪ ،‬لن علة التحر يم‪ -‬و هي ال سكار – موجودة في هذا الشراب‪ ،‬فيكون‬ ‫حراما مثل الخمر‪.‬‬

‫هذه هي المصادر التشريعية التي ترجع إليها أحكام الفقه الٍسلمي ذكرناها تتميما للفائدة‪،‬‬

‫ومكان تفصيلها كتب أصول الفقه السلمي‪.‬‬

‫ضرورة التزام الفقه السلمي‪ ،‬والتمسك بأحكامه‪ ،‬وأدلة ذلك من القرآن والسنّة‪.‬‬

‫ل قد أو جب ال على الم سلمين التم سك بأحكام الف قه ال سلمي‪ ،‬وفرض علي هم التزا مه في‬ ‫كل أوجه نشاط حياتهم وعلقاتهم‪.‬‬

‫وإحكام الف قه ال سلمي كل ها ت ستند إلى ن صوص القرآن وال سنة‪ ،‬والجماع والقياس‪ -‬في‬

‫الحقيقة – يرجعان إلى القرآن والسنة‪.‬‬

‫فإذا اسيتباح المسيلمون ترك أحكام الفقيه السيلمي‪ ،‬فقيد اسيتباحوا ترك القرآن والسينة‪،‬‬

‫وعطلوا بذلك مجموع الديين السيلمي‪ ،‬ولم يعيد ينفعهيم أن يتسيموّا بالمسيلمين أو يدّعوا‬ ‫اليمان‪ ،‬لن اليمان في حقيق ته هو ت صديق بال تعالى‪ ،‬وب ما أنزل في كتا به‪ ،‬و في سنة‬

‫نبيه ‪.‬‬

‫والسلم الحقيقي يعني الطاعة والمتثال لكل ما جاء به الرسول‬

‫عن ربه عز وجل مع‬

‫الذعان والرضا‪.‬‬

‫وأحكام الفقه السلمي ثابتة ل تتغير ول تتبدل مهما تبدل الزمن وتغير‪ ،‬ول يباح تركها‬

‫بحال من الحوال‪.‬‬

‫أدلة ذلك من القرآن والسنة‪:‬‬

‫والدلة على وجوب التزام الفقه والتمسك بأحكامه كثيرة جدا في الكتاب والسنة‪:‬‬ ‫‪12‬‬

‫أما في الكتاب‪:‬‬

‫فقيد قال ال تعالى‪ :‬ا ّت ِبعُواْ مَا أُنزِلَ ِإَليْكُم مّني ّر ّبكُم ْي وَلَ َت ّت ِبعُواْ مِن دُونِهِي َأ ْوِليَاء‬

‫جرَ َب ْي َنهُمْ ثُمّ لَ َيجِدُواْ فِي‬ ‫ح ّكمُوكَ فِيمَا شَ َ‬ ‫ح ّتىَ ُي َ‬ ‫[العراف‪ .]3:‬وقال‪َ :‬لَ َو َربّكَ لَ ُي ْؤ ِمنُونَ َ‬ ‫ُمي‬ ‫َسيلِيما [ النسياء‪ .]65 :‬وقال تعالى‪ :‬وَمَا آتَاك ُ‬ ‫ُسيّلمُواْ ت ْ‬ ‫ْتي َوي َ‬ ‫ضي َ‬ ‫حرَجا ّممّاي َق َ‬ ‫ُسيهِمْ َ‬ ‫أَنف ِ‬

‫عنْ هُ فَان َتهُوا [الحشر‪ .]7:‬وقال تعالى‪ :‬إنّا أَن َزلْنَا ِإَليْ كَ ا ْل ِكتَا بَ‬ ‫الرّ سُولُ فَخُذُو هُ َومَا َنهَاكُ مْ َ‬ ‫خصِيما [النساء‪]105:‬‬ ‫حكُمَ َبيْنَ النّاسِ ِبمَا َأرَاكَ اللّهُ وَلَ َتكُن ّللْخَآ ِئنِينَ َ‬ ‫بِالْحَقّ ِلتَ ْ‬

‫وبناءً على هذه النصوص المرة باتباع ما أنزل ال تعالى وتحكيم الرسول وسنته‬

‫في كل ما ينشأ من معاملة بين الناس‪ ،‬والناهية عن كل مخالفة ل ورسوله‪.‬‬

‫بناءً على ذلك يعيد مين يختار مين الحكام غيير ميا اختاره ال ورسيوله‪ ،‬قيد ضلّ‬

‫ضللً بعيدا‬

‫قال تعالى‪ :‬وَمَا كَا نَ ِل ُم ْؤمِ نٍ َولَا ُم ْؤ ِمنَةٍ إِذَا قَضَى اللّ هُ َورَ سُولُهُ َأمْرا أَن َيكُو نَ َلهُ مُ‬

‫ضلَالً ّمبِينا [ الحزاب‪. ]36:‬‬ ‫ل َ‬ ‫ص اللّهَ َورَسُولَهُ فَقَ ْد ضَ ّ‬ ‫خ َي َرةُ مِنْ َأ ْمرِهِمْ َومَن َيعْ ِ‬ ‫الْ ِ‬ ‫وأما في السنة‪:‬‬

‫فالحاد يث كثيرة أيضا‪ ،‬من ها‪ :‬ما روى البخاري(‪ )2797‬وم سلم (‪ )1835‬عن أ بي‬

‫هريرة رضي ال عنه قال‪ :‬قالَ رسولُ ال ‪ " :‬مَ نْ أَطَاعَني فَقَدْ أَطَا عَ الَ‪َ ،‬ومَ نْ عَصاني‬

‫حتّى َيكُونَ َهوَاهُ تَبعا لَما‬ ‫فَقَدْ عَصَى اللّهَ"‪ .‬ومنها قوله ‪" :‬وَالّذي نَفْسي بيَدِهِ لَ ُي ْؤمِنُ أَحَ ُدكُمْ َ‬ ‫ج ْئتُ بِهِ"‬ ‫ِ‬

‫(ذكره المام النووي في متن الربعين النووية‪ ،41:‬وقال‪ :‬حديث صحيح)‪ .‬وقوله ‪:‬‬

‫عَل ْيكُمْ بِسُنتّي" (رواه أبو داود‪ ،4607 :‬والترمذي‪ .)2678:‬وقوله‪َ ":‬ت َر ْكتُ فِيكُمْ مَا إِنْ أَخَ ْذتُمْ‬ ‫"َ‬

‫سنّتي" (ان ظر‪:‬م سلم‪،1218:‬وأ بو داود‪ ،1905:‬والمو طأ‪:‬‬ ‫ب اللّ هِ وَ ُ‬ ‫ضلّو َبعْدِي‪ِ :‬كتَا َ‬ ‫بِ هِ لَ نْ َت ِ‬

‫‪.)2/899‬‬

‫هذه الدلة من القرآن والسنة واضحة في وجوب إتباع الحكام التي شرعها ال عز‬

‫وجل للعباد في كتابه‪ ،‬وعلى لسان نبيه ‪ ،‬قال تعالى‪َ :‬ف ْليَحْ َذرِ الّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ َأ ْمرِهِ أَن‬ ‫ُتصِيبَهُمْ ِف ْتنَةٌ َأوْ ُيصِي َبهُمْ عَذَابٌ َألِيمٌ [النور‪.]63:‬‬ ‫التعريف ببعض المصطلحات الفقهية‪:‬‬

‫‪13‬‬

‫ل بد قبل البدء بأبواب الفقه ومسائله من التعريف ببعض المصطلحات الفقهية التي‬ ‫تدور عليها أحكام الفقه في جميع البواب وهذه المصطلحات هي ‪:‬‬ ‫‪ -1‬الفرض‪:‬‬

‫الفرض هو ما طلب الشرع فعله طلبا جازما‪ ،‬بح يث يتر تب على فعله الثواب‪ ،‬ك ما‬

‫يترتب على تركه العقاب‪.‬‬

‫ومثاله الصوم‪ ،‬فإن الشرع السلمي طالبنا بفعله مطالبة جازمة‪ ،‬قال تعالى‪ُ :‬كتِ بَ‬

‫صيَامُ [البقرة‪ .]183:‬أي فرض‪ .‬فإذا صمنا تر تب على هذا ال صيام الثواب في‬ ‫عَل ْيكُ مُ ال ّ‬ ‫َ‬ ‫الجنة‪ ،‬وإذا لم َنصُمْ ترتب على ذلك العقاب في النار‪.‬‬ ‫‪ -2‬الواجب‪:‬‬

‫والوا جب م ثل الفرض تماما في مذ هب الشاف عي رح مه ال تعالى‪ ،‬ل فرق بينه ما‬

‫أبدا إل في باب الحج‪.‬‬

‫فالواجب في باب الحج‪:‬هو ما ل يتوقف عليه صحة الحج‪ ،‬وبعبارة أخرى‪ :‬ل يلزم‬

‫من فوته فوت الحج وبطلنه‪ ،‬وذلك مثل رمي الجمار‪ ،‬والحرام من الميقات‪ ،‬وغير ذلك‬ ‫من واجبات الحج‪ ،‬فإذا لم يأت الحاج بهذه الواجبات صح حجه‪ ،‬ولكن كان مسيئا‪ ،‬ووجب‬

‫جبر ترك هذه الواجبات بفدية هي إراقة دم‪.‬‬

‫وأما الفرض في الحج فهو ما يتوقف عليه صحة الحج‪ ،‬وبعبارة أخرى‪ :‬يلزم من‬

‫فوته فوت الحج وبطلنه‪.‬‬

‫ومثال ذلك الوقوف بعر فة‪ ،‬وطواف الفا ضة‪ ،‬وغ ير ذلك من الفروض فإ نه إذا لم‬

‫يأت بها بطل حجه‪.‬‬

‫‪ -3‬الفرض العيني‪:‬‬

‫هو ما يطلب من كل فرد من أفراد المكلف ين طلبا جازما‪ ،‬م ثل ال صلة وال صيام‪،‬‬ ‫والحيج على المسيتطيع‪ ،‬فإن هذه العبادات تجيب على كيل مكلف بعينيه‪ ،‬ول يكتفيي بقيام‬ ‫بعض المكلفين بها دون الباقين‪.‬‬ ‫‪ -4‬الفرض الكفائي‪:‬‬

‫هو ما كان مطالبا بفعله مجموع المسلمين‪ ،‬ل كل واحد منهم‪ ،‬بمعنى‪ :‬أنه إذا قام به‬ ‫بعضهم كفى‪ ،‬وسقط الثم عن الخرين‪ ،‬وإذا لم يقم به أحد أثموا وعصَوا جميعا‪.‬‬ ‫‪14‬‬

‫وم ثل ذلك‪ :‬تجه يز الم يت وال صلة عل يه‪ ،‬فإن وا جب الم سلمين إذا مات في هم م يت‬ ‫أن يغ سلوه ويكفنوه‪ ،‬وي صلوا عل يه‪ ،‬ثم يدفنوه‪ ،‬فإذا قام بهذا الع مل ب عض الم سلمين ح صل‬

‫المقصود‪ ،‬وإذا لم يقم به أحد عصَوا جميعا‪ ،‬وأثموا لتركهم هذا الفرض الكفائي‪.‬‬ ‫‪ -5‬الركن‪:‬‬

‫وهو ما وجب علينا فعله وكان جزءا من حقيقة الفعل‪،‬وذلك مثل قراءة الفاتحة في‬ ‫الصلة‪ ،‬والركوع‪ ،‬والسجود فيها‪ ،‬فهذه المور تسمى أركانا‪.‬‬ ‫‪ -6‬الشرط‪:‬‬

‫وهي ما وجب فعله‪ ،‬ولكنه ليس جزءا من حقيقة الفعل‪ ،‬بل هو من مقدماته‪ ،‬وذلك‬

‫مثل الوضوء‪ ،‬ودخول وقت الصلة‪ ،‬واستقبال القبلة‪ ،‬فهذه المور كلها خارجة عن حقيقة‬ ‫الصلة‪ ،‬ومقدمة عليها‪ ،‬ول بد منها لصحة الصلة‪ ،‬وتسمى شروطا‪.‬‬ ‫‪ -7‬المندوب‪:‬‬

‫والمندوب هو ما طلب الشرع فعله لكن طلبا عير جازم‪ ،‬حيث يترتب الثواب على‬

‫فعله‪ ،‬ول يترتب العقاب على تركه‪.‬‬

‫ومثال ذلك‪ :‬صلة الض حى‪ ،‬وقيام الل يل‪ ،‬و صيام ستة أيام من شوال وغ ير ذلك‪،‬‬

‫فهذه العبادات إن فعلناها أثبنا عليها‪ ،‬وإن لم نفعلها لم نعاقب على تركها‪.‬‬ ‫ويسمى المندوب سنة‪ ،‬ومستحبا‪ ،‬وتطوعا‪ ،‬ونفلً‪.‬‬ ‫‪ -8‬المباح‪:‬‬

‫وهو ما كان فعله وتركه سواءً‪ ،‬لن الشرع لم يأمرنا بتركه‪ ،‬ولم يأمرنا بفعله‪ ،‬بل‬

‫جعل لنا حرية الترك والعمل‪ ،‬ولذلك لم يترتب على فعل المباح أو تركه ثواب أو عقاب‪،‬‬ ‫شرُوا فِي الَْأرْ ضِ وَا ْب َتغُوا مِن َفضْلِ اللّ هِ‬ ‫صلَاةُ فَانتَ ِ‬ ‫ضيَ تِ ال ّ‬ ‫ومثال ذلك قوله تعالى‪ :‬فَإِذَا ُق ِ‬

‫[الجمعة‪.]10:‬‬

‫أفادت هذه الية أن العمل بعد صلة الجمعة مباح‪ ،‬فمن شاء عمل‪ ،‬ومن شاء ترك‪.‬‬

‫‪ -9‬الحرام‪:‬‬

‫وهو ما طالبنا الشرع بتركه طلبا جازما‪ ،‬بحيث يترتب على تركه امتثالً لمر ال‬

‫ثوا بٌ ويترتب على فعله عقاب‪ ،‬ومثال ذلك‪ :‬القتل‪ ،‬قال ال تعالى‪ :‬وَلَ تَ ْق ُتلُواْ النّفْ سَ اّلتِي‬

‫‪15‬‬

‫حرّ َم اللّ هُ إِلّ بِالحَقّ [ال سراء‪ .]33:‬وأ كل أموال الناس بالبا طل‪ ،‬قال تعالى‪ :‬وَلَ تَ ْأ ُكلُواْ‬ ‫َ‬ ‫َأ ْموَالَك ُم َب ْينَك ُم بِا ْلبَاطِلِ [البقرة‪ .]188:‬فإذا فعيل النسيان شيئا مين هذه المحرّمات أثيم‬ ‫واستحق العذاب‪ ،‬وإذا تركها تقربا إلى ال استحق على تركها الثواب‪.‬‬ ‫ويسمى الحرام محظورا‪ ،‬ومعصية‪ ،‬وذنبا‪.‬‬

‫‪ -10‬المكروه‪:‬‬

‫والمكروه قسمان‪ :‬مكروها تحريميا‪ ،‬ومكروها تنزيهيا‪.‬‬

‫المكروه تحريميا‪ :‬هيو ميا طالبنيا الشرع بتركيه طلبا جازما لكين دون طلب ترك‬

‫الحرام‪ ،‬بحيث يترتب على تركه امتثالً لمر ال تعالى الثواب‪ ،‬ويترتب على فعله العقاب‪،‬‬

‫لكين دون عقاب الحرام‪ .‬ومثال ذلك صيلة النفيل المطلق عنيد طلوع الشميس‪ ،‬أو عنيد‬ ‫غروبها‪ .‬فهذه الصلة مكروهة تحريميا‪.‬‬

‫المكروه تنزيهيا‪ :‬هو ما طلب الشرع تركه طلبا غير جازم‪ ،‬بحيث إذا عرفة للحاج‪،‬‬

‫فإن ترك الصوم امتثالً لمر الدين أثيب ‪ ،‬وإن صام لم يعاقب‪.‬‬ ‫‪ -11‬الداء‪:‬‬

‫و هو ف عل العبادة في وقت ها المحدد ل ها من ق بل الشرع‪ ،‬وذلك ك صيام رمضان في‬

‫شهر رمضان‪ ،‬وكصلة الظهر في وقتها المحدد شرعا‪.‬‬ ‫‪ -12‬القضاء‪:‬‬

‫و هو ف عل العبادة ال تي وج بت خارج وقت ها المحدد ل ها من ق بل الشرع‪ ،‬وذلك ك من‬ ‫صام رمضان في غير رمضان بعد فواته‪ ،‬أو صلى الظ هر في غير وقتها المحدد شرعا‬

‫بعد فواته‪.‬‬

‫والقضاء واجب‪ ،‬سواء فاتت العبادة بعذر‪ ،‬أو بغير عذر‪ ،‬والفرق بينهما‪ :‬أن فوتها‬

‫بغير عذر موجب للثم‪ ،‬وفوتها بعذر غير موجب للثم‪.‬‬

‫علَى سَ َفرٍ َفعِ ّدةٌ‬ ‫ش ْهرَ َف ْليَ صُمْهُ وَمَن كَا نَ َمرِيضا َأوْ َ‬ ‫شهِدَ مِنكُ مُ ال ّ‬ ‫قال تعالى‪ ِ :‬فَمَن َ‬

‫خرَ [البقرة‪ . ]185:‬أي من أفطر لعذر مرض أو سفر‪ ،‬فعليه قضاء ما فاته بعد‬ ‫مّ نْ َأيّا مٍ أُ َ‬ ‫رمضان‪.‬‬

‫‪ -13‬العادة‪:‬‬

‫‪16‬‬

‫والعادة هيي فعيل العبادة فيي وقتهيا مرة ثانيية لزيادة فضيلة‪ ،‬وذلك كمين صيلى‬ ‫ل لثواب الجماعة‪.‬‬ ‫الظهر منفردا‪ ،‬ثم حضرت جماعة‪ ،‬فإنه يُسَنّ له إعادتها تحصي َ‬

‫***‬

‫‪17‬‬

‫أحكَام الطهَارَة‬ ‫معنى الطهارة‪:‬‬

‫الطهارة لغية‪ :‬النظافية والتخلص مين الدناس حسييّة كانيت كالنجيس‪ ،‬أو‬ ‫معنو ية كالعيوب‪ .‬يقال تطهّر بالماء‪ :‬أي تن ظف من الدن ييس‪ ،‬وتط هر من الح سد‪ :‬أي‬ ‫تخلص منه‪.‬‬

‫والطهارة شرعا‪ :‬ف عل ما ت ستباح به ال صلة – أو ما في حكم ها‪ -‬كالوضوء ل من‬

‫كان غ ير متو ضئ‪ ،‬والغ سل ل من و جب عل يه الغ سل‪ ،‬وإزالة النجا سة عن الثوب والبدن‬ ‫والمكان‪.‬‬

‫عناية السلم بالنظافة والطهارة‪:‬‬

‫لقد اعتنى السلم بالطهارة والنظافة عناية تامة‪ ،‬ويظهر ذلك مما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬المير بالوضوء لجيل الصيلة كيل يوم عدت مرات‪ .‬قال ال تعالى‪ :‬يَا َأيّهَا‬ ‫سكُمْ‬ ‫سلُواْ وُجُو َهكُمْ َوَأيْ ِد َيكُمْ ِإلَى ا ْل َمرَافِقِ وَامْسَحُواْ ِب ُرؤُو ِ‬ ‫الّذِينَ آ َمنُواْ إِذَا ُق ْمتُمْ ِإلَى الصّلةِ فاغْ ِ‬ ‫جَلكُمْ ِإلَى ا ْل َك ْعبَينِ م [ المائدة‪]6:‬‬ ‫َوَأرْ ُ‬

‫جنُبا‬ ‫ُمي ُ‬ ‫‪ -2‬الحض ّ على الغسيل فيي كثيير مين المناسيبات‪ ،‬قال تعالى‪َ :‬وإِن كُنت ْ‬

‫ط ّهرُواْ‬ ‫فَا ّ‬

‫[ المائدة‪ ، ]6:‬وقال رسول ال‬

‫س ْبعَةِ‬ ‫سلِمٍ أَ نْ َي ْغتَ سِلَ ف يِ كُلّ َ‬ ‫علَى كلّ مُ ْ‬ ‫‪ ":‬لِل هِ َ‬

‫َأيّامِ َيوْما َيغْسِلُ فِيهِ َرأْسِهُ وَجَسَ َدهُ"[رواه البخاري‪ ،856:‬ومسلم‪.]849:‬‬

‫‪ -3‬المير بقيص الظفار‪ ،‬ونظافية السينان‪ ،‬وطهارة الثياب‪ ،‬قال رسيول ال‬

‫‪:‬‬

‫ستِحْدَاد‪َ َ ،‬ونْت فُ الِ بط‪َ ،‬وتَقْلي مُ الََْظافِر‪ ،‬وَقَ صّ الشّار بِ"‬ ‫ط َرةِ ‪ :‬الْخِتان‪ ،‬وال ْ‬ ‫خمْ سٌ مِ نَ الفِ ْ‬ ‫" َ‬

‫[رواه البخاري‪ ،5550:‬ومسيلم‪ . ]257:‬وقال‬

‫ي‬ ‫ل َم ْر ُتهُم ْ‬ ‫ي أَشُقّي عَلى ُأمّتيي َ‬ ‫‪ّ " :‬لوْلَ أَن ْ‬

‫لةٍ" [ رواه البخاري‪ ،847:‬ومسلم‪ .]252:‬وفي رواية عند أحمد‬ ‫عنْدَ كلّ صَ َ‬ ‫بِالسّواكِ ِ‬

‫‪:]6/325‬‬

‫"مع كل وضوء"‪.‬‬

‫[ الستحداد‪ :‬هو استعمال الموسى في حلق العانة]‪.‬‬

‫ط ّهرْ [المدثر‪.]4:‬‬ ‫وقال تعالى‪َ :‬و ِثيَا َبكَ فَ َ‬ ‫وقال النبي‬

‫لصحابه‪:‬‬ ‫‪18‬‬

‫[‬

‫صلِحُوا لبا سَكم‪ ،‬ح تى تكونوا‬ ‫صلِحوا رِحَاَلكُ مْ‪َ ،‬واَ ْ‬ ‫خوَا ِنكُ مْ‪ ،‬فَأَ ْ‬ ‫" ِإ ّنكُ مْ قَا ِدمُو نَ عَلى إِ ْ‬ ‫كأن كم شامةٌ في الناس‪ ،‬فإن الَ ل يح بّ الفُحْ شَ وَل َالتّفَحّ شَ" (‪ [)1‬رواه أ بو داود‪.4089:‬‬ ‫وقال تعالى‪:‬‬

‫حبّ ا ْل ُمتَطَ ّهرِينَ [ البقرة‪ ، ]222:‬ولقد جعل الدين‬ ‫حبّ ال ّتوّابِينَ َويُ ِ‬ ‫إِنّ اللّهَ يُ ِ‬

‫الطهارة نصف اليمان‪ ،‬فقال‬

‫حكمة تشريع الطهارة‪:‬‬

‫طرُ اليمان" [أخرجه مسلم‪.]223:‬‬ ‫‪ " :‬الطّهور شَ ْ‬

‫لقد شرع السلم الطهارة لحكمٍ كثيرة نذكر منها ما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬أن الطهارة من دوا عي الفطرة‪ ،‬فالن سان يم يل إلى النظا فة بفطر ته وين فر‬ ‫بطبعه من الوساخة والقذارة‪ ،‬ولما كان السلم دين الفطرة كان طبيعيا أن يأمر بالطهارة‬ ‫والمحافظة على النظافة‪.‬‬

‫‪ -2‬المحاف ظة على كرا مة الم سلم‪ ،‬وعز ته‪ ،‬فالناس يميلون بطبع هم إلى النظ يف‪،‬‬

‫ويرغبون بالجتماع إلييه‪ ،‬والجلوس معيه‪ ،‬ويكرهون الوسيِخ‪ ،‬ويحتقرونيه‪ ،‬وينفرونيه‪،‬‬ ‫وينفرون م نه‪ ،‬ول يرغبون بالجلوس إل يه‪ .‬ول ما كان ال سلم حري صاَ على كرا مة المؤ من‬

‫وعزته أمره بالنظافة‪ ،‬ليكون بين إخوانه عزيزا كريما‪.‬‬

‫‪ -3‬المحاف ظة على ال صحة ‪،‬فالنظا فة من أ هم ال سباب ال تي تح فظ الن سان من‬

‫المراض‪ ،‬لن المراض أكثر ما تنتشر بين الناس بسبب الوساخ والقذار‪.‬‬

‫فتنظيف الجسم‪ ،‬وغسل الوجه‪ ،‬واليدين‪ ،‬والنف‪ ،‬والرجلين – وهذه العضاء التي‬

‫تتعرض للوسخ كثيرا – عدة مرات كل يوم يجعل الجسم حصينا من المراض‪.‬‬

‫‪ -4‬الوقوف ب ين يدي ال طاهرا نظيفاَ‪ ،‬لن الن سان في صلته يخا طب ر به‬

‫ويناج يه‪ ،‬ف هو حرَ أن يكون طا هر الظا هر والبا طن نظ يف القلب والج سم‪ ،‬لن ال تعالى‬ ‫يحب التوابين ويحب المتطهرين‪.‬‬ ‫المياه التي يُطهر بها‪:‬‬

‫‪1‬‬

‫‪ -‬رحالكم ‪ :‬جمع رحل وهو ما يوضع على ظهر البعير ونحوه للركوب عليه‪ ،‬وكل شئ يعدَ للرحيل من وعاء للمتاع‬

‫وغيره‪.‬‬ ‫شاملة ‪ :‬هي علمة في البدن يخالف لونها لون باقيه‪ .‬والمراد ‪ :‬حتى تكونوا ظاهرين ومتميزين عن غيركم‪.‬‬ ‫الفحش‪ :‬القبيح من القول أو الفعل‪ ،‬والتفحش‪ :‬تكلف الفحش والمبالغة فيه‪.‬‬ ‫‪19‬‬

‫المياه‪ :‬جميع ماء‪ ،‬وهيي ماء السيماء‪ ،‬وماء البحير‪ ،‬وماء البئر‪ ،‬وماء النهير‪ ،‬وماء‬ ‫العين‪ ،‬وماء الثلج‪.‬‬

‫وتندرج هذه المياه جميع ها ت حت قول نا‪ :‬ما من ال سماء ‪ ،‬أو ن بع من الرض‪ ،‬قال‬

‫عَل ْيكُم مّن‬ ‫طهُورا [ الفرقان ‪ ،]48:‬وقال تعالى‪َ :‬و ُي َنزّلُ َ‬ ‫سمَاءِ مَاءً َ‬ ‫تعالى‪َ :‬وأَن َز ْلنَا مِ نَ ال ّ‬

‫ط ّهرَكُم بِه ِي [ النفال ‪ .]11:‬وروى أبيو هريرة رضيي ال عنيه قال‪ :‬سيأل‬ ‫الس ّيمَاء مَاء ّليُ َ‬ ‫رجل رسول ال‬

‫حرَ‪َ ،‬ونَحمِلُ َمعَنا القَليلَ مِنَ المَاءِ‪ ،‬فَإنْ‬ ‫فقال‪ :‬يَا رَسولَ الِ‪ ،‬إنّا َن ْركَبُ البَ ْ‬

‫ُؤهي الحِلّ‬ ‫طهُورُ ما ُ‬ ‫حرِ؟ فقال رسيول ال ‪ُ " :‬هوَ ال ّ‬ ‫بهي عَطِشْن َا‪ ،‬أَ َف َت َوضّأُ بِماءِ البَ ْ‬ ‫َت َوضّأْنيا ِ‬ ‫مَي َتتُهُ" [ رواه الخمسة‪ ،‬وقال الترمذي‪ :‬هذا حديث حسن صحيح]‬

‫[ الحل ميتته‪ :‬أي يؤكل ما مات فيه من سمك ونحوه بدون ذبح شرعي]‪.‬‬

‫الخمسة هم‪ :‬أبو داود والترمذي والنّسائي وابن ماجه وأحمد بن حنبل‪.‬‬

‫****‬

‫‪20‬‬

‫أقسـام الميــاه‬ ‫وتنقسم المياه إلى أربعة أقسام‪ :‬طاهر مطهر‪ ،‬وطاهر مطهر مكروه‪ ،‬وطاهر غير مطهر‪،‬‬

‫ومتنجس‪.‬‬

‫الطاهر المطهر‪:‬‬

‫و هو الماء المطلق البا قي على و صف خلقته ال تي خلقه ال علي ها‪ ،‬ول يخرجه عن كونه‬ ‫ماء مطلقا تغيره بطول مكث‪ ،‬أو بسبب تراب‪ ،‬أو طحلب ي وهو شيء أخضر يعلو الماء‬

‫من طول م كث ي أو تغيره ب سبب مقرّه أو ممرّه كوجوده في أرض كبريت ية‪ ،‬أو مروره‬

‫عليهيا‪ ،‬وذلك لتعذر صيون الماء عين ذلك والصيل فيي طهوريية الماء المطلق‪ :‬ميا رواه‬ ‫البخاري (‪ )217‬وغيره‪ :‬عن أ بي هريرة‬

‫قال‪ :‬قام أعرا بي فبال في الم سجد‪ ،‬فقام إل يه‬

‫الناس ليقعوا به‪ ،‬فقال النبي ‪ " :‬دَعُو هُ‪ ،‬وَهَريقُوا عَلى بَولِ هِ سَجْلً مِ نْ ماءٍ ي َأوْ َذنُوبا مِ نْ‬ ‫سرِينَ " ‪.‬‬ ‫س ّيرِينَ َولَمْ ُت ْب َعثُوا ُمعَ ّ‬ ‫ماءٍ ي فَإنّما ُب ُع ُثتْم مُ َ‬

‫[ليقعوا به‪ :‬ليزجروه بالقول أو الفعل‪ .‬سجلً‪ :‬دلوا ملى بالماء‪ ،‬ومثله الذنوب]‪.‬‬ ‫فأمر رسول ال‬

‫بإراقة الماء على مكان البول دليل أنه فيه خاصية التطهير‪.‬‬

‫الطاهر المطهر المكروه‪:‬‬

‫وهو الماء المشمس الذي سخنته الشمس‪ ،‬ويشترط لكراهيته ثلثة شروط وهي‪:‬‬ ‫‪1‬ي أن يكون ببلد حارة‪.‬‬

‫‪2‬ي أن يكون موضوعا بأوان منطبعة غير الذهب والفضة‪ ،‬كالحديد والنحاس‪ ،‬وكل معدن‬ ‫قابل للطرق‪.‬‬

‫‪3‬ي أن يكون استعماله في البدن لدمي ولو ميتا أو حيوان يلحقه البرص كالخيل‪.‬‬

‫ن قل الشافعي ي رحمه ال تعالى ي عن عمر ‪ :‬أنه كان يكره الغتسال به‪ ،‬وقال‪ :‬ول‬

‫أكره الماء المشمس إل من جهة الطب‪ ،‬ثم روى‪ :‬أنه يورث البرص‪.‬‬

‫وذلك لن الشمس بحدتها تفصل منه زهومة تعلو الماء‪ ،‬فأن لقت البدن بسخونتها أمكن‬

‫أن تضر به‪ ،‬فتورثه البرص‪ ،‬وهو مرض يصيب الجلد‪.‬‬ ‫الطاهر غير المطهر‪:‬‬ ‫‪21‬‬

‫وهو قسمان‪:‬‬ ‫الول‪ :‬هيو الماء القلييل المسيتعمل فيي فرض الطهارة كالغسييل والوضوء‪ .‬ودلييل كونيه‬

‫طاهرا ما رواه البخاري (‪ )191‬وم سلم (‪ )1616‬عن جابر بن عبدال ر ضي ال عنه ما‬ ‫قال‪ :‬جاء رسول ال‬

‫صبّ مِنْ وَضوئِهِ عَلي‪.‬‬ ‫يعودني وأنا مريض ل أَعْقِلُ َف َت َوضّأَ َو َ‬

‫[ل أع قل‪ :‬أي في حالة غيبو بة من شدة المرض‪ .‬من وضوئه‪ :‬الماء الذي تو ضأ به] ولو‬

‫كان غير طاهر لم يصبه عليه‪.‬‬

‫ودليل كونه غير مطهر ما رواه مسلم (‪ )283‬وغيره‪ :‬عن أبي هريرة‬

‫أن النبي قال‪" :‬‬

‫جنُب " فقالوا‪ :‬يا أبا هريرة‪ ،‬كيف‬ ‫لَ َي ْغتَ سِلْ أَح ُدكُ مْ في المَاءِ الدّاثِ مِ ي أي الراكد ي وَ ُهوَ ُ‬

‫نفعل؟ قال‪ :‬يتناوله تناولً وحكم الوضوء في هذا حكم الغسل لن المعنى فيهما واحد‪ ،‬وهو‬ ‫رفع الحدث‪.‬‬

‫ف قد أفاد الحد يث‪ :‬أن الغت سال في الماء يخر جه عن طهوري ته‪ ،‬وإل لم ي نه ع نه‪ ،‬و هو‬

‫محمول على الماء القليل لدلة أخرى‪.‬‬

‫الثا ني‪ :‬هو الماء المطلق الذي خال طه ش يء من الطاهرات ال تي ي ستغني عن ها الماء عادة‬

‫والتيي ل يمكين فصيلها عنيه بعيد المخالطية‪ ،‬فتغيير بحييث لم يعيد يطلق علييه أسيم الماء‬ ‫المطلق‪ :‬كالشاي والعرق سوس‪ ،‬أ ما إذا كان المخلط الطا هر مواف قا للماء في صفاته من‬ ‫ط عم ولون ور يح كماء الورد الذي ف قد صفاته فإ نه يع مد ع ند ذلك إلى التقد ير بالمخالف‬

‫الوسط‪ ،‬وهو في الطعم عصير الرمان‪ ،‬وفي اللون عصير العنب‪ ،‬وفي الرائحة اللذن‪،)(1‬‬ ‫فإن قدر تغيره بمخالطة ذلك صار الماء طاهرا غير مطهر‪ ،‬وكونه غير مطهر لنه أصبح‬

‫ل يسمى ماء في هذه الحالة والشارع اشترط التطهر بالماء‪.‬‬ ‫الماء المتنجس‪:‬‬

‫هو الماء الذي وقعت فيه نجاسة وهو قسمان‪:‬‬ ‫الول قليل‪ :‬وهو ما كان دون القلتين‪ .‬وهذا الماء ينجس بمجرد وقوع النجاسة‪ ،‬ولو كانت‬

‫قليلة ولم يتغ ير ف يه ش يء من أو صافه كاللون والر يح والط عم‪ .‬والقلتان‪ :‬خم سمائة ر طل‬

‫بغدادي وتسياوي مائة وأثنيين وتسيعين كيلو غراما وثمان مائة وسيبعة وخمسيين غراما (‬ ‫‪ 192 ،857‬كلغ)‪ ،‬ويساوي بالمكعب ذراعا وربعا طولً وعرضا وعمقا‪.‬‬

‫(‪ )1‬رطوبة تتعلق بشعر المعزى ولحاها إذا رعت نباتا يعرف بقلسوس يستعمل للنزلت والسعال ووجع الذن‪.‬‬ ‫‪22‬‬

‫روى الخمسة عن عبد ال بن عمر رضي ال عنهما قال‪ :‬سمعت رسول ال‬

‫وهو يسأل‬

‫عن الماء يكون بالفلة من الرض‪ ،‬وما ينوبه من السباع والدواب‪ ،‬فقال‪ " :‬إذَا كَا نَ الماءُ‬

‫جسُ "‪.‬‬ ‫خبَث "‪ ،‬وفي لفظ أبي أبي داود (‪ " :)65‬فَإّنهُ ل َينْ ُ‬ ‫حمِلِ ال َ‬ ‫قّل َتيْنِ لَمْ يَ ْ‬

‫[بالفلة‪ :‬ال صحراء ونحو ها‪ .‬ينو به‪ :‬يرد عل يه‪ .‬ال سباع‪ :‬كل ما له ناب يفترس به من‬

‫الحيوانات]‪.‬‬

‫ومفهوم الحدييث‪ :‬أنيه إذا كان الماء أقيل مين قلتيين بنجيس ولو لم يتغيير‪ ،‬ودل على هذا‬

‫المفهوم ما رواه م سلم (‪ )278‬عن أ بي هري‬

‫س َتيْقَظَ أَحَ ُدكُ مْ مِ نْ‬ ‫أن ال نبي قال‪ " :‬إذَا ا ْ‬

‫حتّ ى َيغْ سلها ثَلَثا فَإنّ هُ لَ ي ْدرِي َأيْ نَ بَاَ تت يدُ هُ "‪ .‬ف قد ن هى‬ ‫نَومِ هِ فَلَ َي ْغمِ سْ يَدَ هُ في النَاءِ َ‬

‫المستيقظ من نومه عن الغمس خشية تلوث يده بالنجاسة غير المرئية‪ ،‬ومعلوم أن النجاسة‬ ‫غير المرئية ل تغير الماء فلول أنها تنجسه بمجرد الملقاة لم ينهه عن ذلك‪.‬‬

‫والثاني كثير‪ :‬وهو ما كان قلتين أو كثر‪ ،‬وهذا الماء ل ينجس بمجرد وقوع النجاسة فيه‪،‬‬

‫وإن ما ين جس إذا غيرت النجا سة أ حد أو صافه‪ .‬الثل ثة‪ :‬اللون‪ ،‬أو الط عم‪ ،‬أو الر يح‪ .‬ودليله‬ ‫الجماع‪ .‬قال النووي في المجميوع (‪ :)1/160‬قال ابن المنذر‪ :‬أجمعوا أن الماء القليل أو‬

‫الكثير إذا وقعت فيه نجاسة‪ ،‬فغيرت طعما أو لونا أو ريحا‪ ،‬فهو نجس‪.‬‬ ‫ما يصلح منها للتطهير‪:‬‬

‫وهذه المياه الربعة ليست كلها صالحة للطهارة ي أي لرفع الحديث وإزالة الخبث ي كما‬

‫عل مت‪ ،‬بل إن ما الذي ي صلح من ها هو النوع الول والثا ني‪ ،‬مع كرا هة النوع الثا ني في‬ ‫البدن‪.‬‬ ‫أما النوع الثالث‪ :‬فل يصلح التطهر به‪ ،‬وإن كان طاهرا في ذاته بحيث يصح استعماله في‬ ‫غير الطهارة كالشرب‪ ،‬والطبخ وغير ذلك أما النوع الرابع‪ :‬فهو متنجس ل يصلح لشيء‪.‬‬ ‫* * *‬

‫‪23‬‬

‫الوانـي‬ ‫الواني‪:‬جمع آنية وهي الوعية التي توضع فيها المائعات وغيرها وفيها أمور‪:‬‬

‫أولً ـ حكم استعمال أواني الذهب والفضة‪:‬‬

‫يحرم استعمال أواني الذهب والفضة في جميع وجوه الستعمال‪ :‬كالوضوء والشرب‪ ،‬إل‬

‫لضرورة كأن لم يجد غيرها‪.‬‬

‫روى البخاري (‪ )5110‬وم سلم (‪ )2067‬عن حذي فة بن اليمان‬

‫قال‪ :‬سمعت ر سول ال‬

‫يقول‪ " :‬ل تلب سوا الحر ير ول الديباج‪ ،‬ول تشربوا في آن ية الذ هب والف ضة‪ ،‬ول تأكلوا‬

‫في صحافها‪ ،‬فإنها لهم في الدنيا ولنا في الخرة "‪.‬‬

‫[الديباج‪ :‬نوع نف يس من ثياب الحر ير‪ .‬آن ية‪ :‬ج مع إناه‪ .‬صحافها‪ :‬ج مع صحفها و هي‬ ‫القصعة‪ .‬لهم‪ :‬أي الكفار]‪.‬‬

‫ويقاس على الكيل والشرب غيرهميا مين وجوه السيتعمال‪ ،‬ويشميل التحرييم الرجال‬

‫والنساء‪.‬‬

‫وكالسيتعمال التخاذ‪ ،‬فإن ميا ل يجوز اسيتعماله ل يجوز اتخاذه‪ ،‬أي اقتناؤه للتزييين‬

‫ونحوه‪.‬‬

‫ثانيا ـ حكم استعمال الواني المضببة بالذهب أو الفضة‪:‬‬

‫يحرم اسيتعمال ميا ضبيب بالذهيب مطلقا سيواء كانيت الضبية صيغيرة أم كيبيرة‪ ،‬وأميا‬

‫التضبيب بالفضة‪ ،‬فإن كانت ضبة صغيرة لغير زينه جاز‪ ،‬وإن كانت كبيرة لزينة فحرام‪،‬‬ ‫وإن كانت كبيرة لحاجة أو صغيرة لزينة كره‪ ،‬ودليل جواز ضبة الفضة الكبيرة لحاجة‪ :‬ما‬

‫رواه البخاري (‪ )5305‬عن عا صم الحول قال‪ :‬رأ يت قدح ال نبي‬ ‫وكان قد انصدع فسلسله بفضة‪ ،‬وقال أنس‪ :‬لقد سقيت رسول ال‬

‫كذا وكذا‪.‬‬

‫ع ند أ نس بن مالك‬

‫في هذا القدح أكثر من‬

‫ثالثا ـ حكم استعمال الواني المتخذة من المعادن النفيسة‪:‬‬

‫يجوز اسيتعمال الوانيي المتخذة مين المعادن النفيسية مين نحيو الماس واللؤلؤ والمرجان‬ ‫وغيرها‪ ،‬لعدم ورود نص بالنهي عنها‪ ،‬والصل الباحة ما لم يرد دليل التحريم‪.‬‬ ‫رابعا ـ حكم استعمال أواني الكفار‪:‬‬ ‫‪24‬‬

‫يجوز استعمال هذه الواني‪ ،‬لما رواه البخاري (‪ )5161‬عن أبي ثعلبه‬

‫أن النبي‬

‫قال‪:‬‬

‫"فاغ سلوها وكلوا في ها"‪ .‬وال مر بغ سلها لل ستحباب لحتمال تلوث ها ب سبب ا ستعمال الكفار‬ ‫لها بخمر أو خنزير وغيرهما‪ .‬ومثل الواني استعمال ثيابهم ونحوها‪.‬‬

‫*****‬

‫‪25‬‬

‫أنواع الطهارة‬ ‫الطهارة نوعان‪:‬‬

‫أولً ي طهارة من النجس‪.‬‬ ‫ثانيا ي طهارة من الحدث‪.‬‬

‫الطهارة من النجس‪:‬‬

‫مع نى النجيس‪ :‬الن جس ل غة‪ :‬كل م ستقذر‪ .‬وشرعا‪ :‬م ستقذر يم نع صحة ال صلة‪ ،‬كالدم‬

‫والبول‪.‬‬

‫العيان النجسة‪:‬‬

‫والعيان النجسة كثيرة نذكر أهمها في سبعة أشياء‪:‬‬ ‫‪1‬يي الخمير وكيل مانيع مسيكر‪ .‬قال تعالى‪( :‬إنميا الخمير والميسير والنصياب والزلم‬

‫ر جس) أي ن جس [المائدة‪ .]90:‬وقال ر سول ال ‪ " :‬كل م سكر خ مر‪ ،‬و كل خ مر حرام"‬ ‫[رواه مسلم‪ ،2003 :‬عن أبن عمر رضي ال عنهما]‪.‬‬

‫‪ 2‬ي الكلب والخنزير‪ :‬قال رسول ال ‪ " :‬طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله‬

‫سيبع مرات أولهين بالتراب" [رواه مسيلم‪ .]279:‬وفيي روايية للدارقطنيي (‪:)1/65‬‬ ‫"إحداهن بالبطحاء"‪.‬‬

‫[ولغ‪ :‬شرب‪ ،‬البطحاء‪ :‬صغار الحصى ويقصد به التراب]‪.‬‬

‫‪ 3‬ي الميتة‪ :‬وهي كل حيوان مات بغير زكاة شرعية ‪ ،‬قال تعالى‪( :‬حرمت عليكم الميتة)‬

‫[المائدة‪ .)3 :‬وتحريمها إنما كان من أجل نجاستها‪.‬‬

‫ويد خل في ح كم المي تة ما ذ بح على الن صاب‪ ،‬و ما ذ كر عل يه غ ير ا سم ال‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬

‫(وما أهل لغير ال به) [المائدة‪.]3 :‬‬

‫ما سيتثنى من نجاسة الميتة‪:‬‬

‫ويستثنى من نجاسة الميتة ثلثة أشياء‪:‬‬

‫الول‪ -‬مي تة الن سان‪ :‬قال تعالى‪(:‬ولقد كرمنا ب ني آدم) [ال سراء‪ .]70 :‬ومقتضى تكريمه‬

‫أن يكون النسيييان طاهرا حيا وميتا‪ .‬وقال رسيول ال‬

‫‪26‬‬

‫‪" :‬سيبحان ال إن المسيلم ل‬

‫ين جس" [رواه البخاري‪ .]279 :‬وقال ا بن عباس ر ضي ال عنه ما " الم سلم ل ين جس حيا‬ ‫وميتا" [رواه البخاري تعليقا في الجنائز‪ ،‬باب غسل الميت ووضوئه]‪.‬‬

‫والثانـي والثالث ي السـمك والجراد‪ :‬قال رسيول ال ‪" :‬أحلت لكيم ميتتان ودمّان‪ ،‬فأميا‬

‫الميتتان فالحوت والجراد‪ ،‬وأما الدمان فالكبد والطحال " [رواه ابن ماجه]‪.‬‬

‫‪4‬يي الدم السيائل ومنيه القييح‪ :‬قال تعالى‪( :‬أو دما مسيفوحا أو لحيم خنزيير فإنيه رجيس)‬

‫[سورة النعام‪ :‬الية ‪.]145‬‬

‫ويستثنى من نجاسة الدم‪ :‬الكبد والطحال للحديث السابق‪.‬‬ ‫‪5‬ي بول النسان وغائطه‪ ،‬وبول الحيوان وفرثه‪:‬‬

‫روى البخاري (‪ )217‬ومسيلم (‪ )284‬أن أعرابيا بال فيي المسيجد‪ ،‬فقال رسيول ال ‪:‬‬ ‫صُبّوا عليه ذنوبا من ماء" أي دلوا‪ ،‬والمر يصب الماء عليه دليل نجاسته‪.‬‬ ‫ً‬

‫‪ 6‬ي كل جزء انفصل من الحيوان حال حياته فإنه نجس‪ .‬قال رسول ال ‪" :‬ما قطع من‬

‫بهيمة فهو ميتة" [رواه الحاكم وصححه]‪.‬‬

‫وي ستثنى من ذلك ش عر ور يش الحيوانات المأكول الل حم فإ نه طا هر‪ .‬قال تعالى‪( :‬و من‬

‫أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين) [سورة النحل‪.]80:‬‬

‫‪7‬ي لبن الحيوان غير مأكول اللحم‪ :‬كالحمار ونحوه‪ ،‬لن لبنه كلحمه‪ ،‬ولحمه نجس‪.‬‬ ‫النجاسة العينية والنجاسة الحكمية‪:‬‬

‫النجا سة العين ية‪ :‬هي كل نجا سة ل ها جرم مشا هد‪ ،‬أول ها صفة ظاهرة من لون أو ر يح‪،‬‬ ‫كالغائط أو البول أو الدم‪.‬‬

‫والنجا سة الحكم ية‪ :‬كل نجا سة ج فت وذ هب أثر ها‪ ،‬ولم ي بق ل ها أ ثر من لون أو‬

‫ريح‪ ،‬وذلك مثل بول أصاب ثوبا ثم جف‪ ،‬ولم يظهر له أثر‪.‬‬ ‫النجاسة المغلظة والمخففة والمتوسطة‪:‬‬

‫النجاسة المغلظة‪ :‬وهي نجاسة الكلب والخنزير‪ ،‬ودليل تغليظها أنه ل يكفي غسلها بالماء‬

‫مرة كباقي النجاسات‪ ،‬بل ل بد من غسلها سبع مرات إحداهن بالتراب‪ ،‬كما مر في حديث‬ ‫"ولوغ الكلب" وقيس عليه الخنزير لنه أسوأ حالً منه‪.‬‬

‫‪27‬‬

‫النجا سة المخف فة‪ :‬و هي بول ال صبي الذي لم يأ كل إل الل بن ولم يبلغ سنه حول ين‪ ،‬ودل يل‬ ‫كون ها مخف فة أن ها يك في رش ها بالماء‪ ،‬بح يث ي عم الرش جم يع مو ضع النجا سة من غ ير‬ ‫سيلن‪.‬‬

‫روى البخاري (‪ ،)2021‬وم سلم (‪ )287‬وغيره ما‪ :‬عن أم ق يس ب نت مِحْ صن ر ضي ال‬

‫عن ها‪ :‬أن ها أ تت با بن ل ها صغير لم يأ كل الطعام‪ ،‬إلى ر سول ال‬

‫فبال على ثو به‪ ،‬فد عا‬

‫بماء فنضحه ولم يغسله‪.‬‬

‫[فنضحه‪ :‬رشه بحيث عم المحل بالماء وغمره بدون سيلن]‪..‬‬

‫النجاسة المتوسطة‪ :‬وهي غير الكلب والخنزير‪ ،‬وغير بول الصبي الذي لم يطعم إل لبن‪،‬‬

‫وذلك م ثل بول الن سان‪ ،‬وروث الحيوان‪ ،‬والدم‪ .‬و سميت متو سطة لن ها ل تظهر بالرش‪،‬‬ ‫ول يجب فيها تكرار الغسل إذا زالت عينها بغسلة واحدة‪.‬‬ ‫روى البخاري (‪ )214‬عن أ نس‬

‫قال‪ :‬كان ال نبي‬

‫إذا تبرز لحاج ته أتي ته بماء فيغ سل‬

‫به‪.‬‬

‫[تبرز لحاجته‪ :‬خرج إلى البزار وهو الفضاء‪ ،‬ليقضي حاجته من بول أو غائط]‪.‬‬

‫وروى البخاري (‪ ،)176‬ومسلم (‪ :)303‬عن على‬

‫قال‪ :‬كنت رجلً مذاءً‪ ،‬فاستحييت أن‬

‫أسيال رسيول ال ‪ ،‬فأمرت المقداد بين السيود فسيأله‪ ،‬فقال‪" :‬وفييه الوضوء"‪ .‬ولمسيلم‬ ‫"يغسل ذكره ويتوضأ"‪.‬‬

‫[مذاء كثير خروج المذي‪ ،‬وهو ماء أصفر رقيق يخرج غالبا عند ثوران الشهوة]‪.‬‬

‫وروى البخاري (‪ :)155‬عن عبدال بن م سعود‬

‫قال‪ :‬أ تى ال نبي‬

‫الغائط‪ ،‬فأمر ني أن‬

‫آتيية بثلثية أحجار‪ ،‬فوجدت حجريين والتمسيت الثالث فلم أجده‪ ،‬فأخلت روثيه فاتيتيه بهيا‪،‬‬ ‫فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال‪" :‬هذا ركس"‪ .‬والركس‪ :‬النجس‪ ،‬والروثة براز الحيوان‪.‬‬ ‫فدلت هذه الحاديث على نجاسة الشياء المذكورة‪ ،‬وقبس ما لم يذكر منها على ما ذكر‪.‬‬

‫كيفية التطير من النجاسات‪:‬‬

‫التطهر من النجاسة المغلطة‪ :‬وهي نجاسة الكلب والخنزير‪ ،‬وهذه ل تطهر إل إذا غسلت‬ ‫سبع مرات إحدا هن بالتراب‪ ،‬سواء كا نت النجا سة عين ية أم حكم ية‪ ،‬و سواء كا نت على‬

‫الجسم‪ ،‬أو الثوب‪ ،‬أو المكان‪.‬‬

‫‪28‬‬

‫التط هر من النجا سة المتو سطة‪ :‬و هي نجا سة ما عدا الكلب والخنز ير‪ ،‬وال صبي الذي لم‬ ‫يطعم‪ ،‬وهذه النجاسة إنما تطهر إذا جرى الماء عليها وذهب بأثرها‪ ،‬فزالت عينها وذهبت‬ ‫صفاته من لون أو طعم أو ريح‪ ،‬سواء كانت عينية أم حكمية‪ ،‬وسواء كانت على ثوب أم‬

‫جسم أم مكان‪ ،‬ولكن ل يضر بقاء لون عسر زواله‪ ،‬كالدم مثلً‪.‬‬

‫تطهير جلود الميتة غير الكلب والخنزير‪:‬‬

‫ويطهر جلد الحيوان غير الكلب والخنزير بالدباغ‪ ،‬والدباغ‪ :‬نزع رطوبة الجلد التي يفسده‬

‫حرّيفة‪ ،‬بحيث لو تقع في الماء بعد إليه النتن والفساد‪.‬‬ ‫إيقاؤها‪ ،‬بمادة لذعة ِ‬

‫قال رسول ال ‪" :‬إذا دبغ الهاب فقد طهر" [رواه مسلم‪ ،]366:‬ويجب غسل الجلد بالماء‬

‫بعد الدبغ لملقاته للدوية النجسة التي دبغ بها‪ ،‬أو الدوية التي تنجست بملقاته قبل طهر‬ ‫عينه‪.‬‬

‫بعض ما يعفى عنه من النجاسات‪:‬‬

‫السيلم ديين النظافية‪ ،‬لذلك أوجيب إزالة النجاسية أينميا كانيت‪ ،‬والتحرز منهيا‪ ،‬وجعيل‬

‫الطهارة من النجاسة شرطا لصحة الصلة سواء في الثوب أم البدن أم المكان‪.‬‬

‫إل أن الديين راعيي اليسير‪ ،‬وعدم الحرج‪ ،‬فعفيا عين بعيض النجاسيات لتعذر إزالتهيا‪ ،‬أو‬

‫مشقية الحتراز عنهيا‪ ،‬تسيهيلً على الناس‪ ،‬ورفعا للحرج عنهيم‪ ،‬وإلييك بعيض هذه‬ ‫المعفوات‪:‬‬

‫‪1‬يي رشاش البول البسييط الذي ل يدركيه الطرف المعتدل إذا أصياب الثوب أو البدن‪،‬‬

‫سواء كانت النجاسة مغلظة أم مخففة أم متوسطة‪.‬‬

‫‪ 2‬ي اليسير من الدم‪ ،‬والقيح‪ ،‬ودم البراغيث وونيم الذباب أي نجاسته ما لم يكن ذلك بفعل‬

‫النسان وتعمده‪.‬‬

‫‪ 3‬ي دم وق يح الجروح ولو كان كثيرا‪ ،‬شري طة أن يكون من الن سان نف سه‪ ،‬وأن ل‬

‫يكون بفعله وتعمده‪ ،‬وأن ل يجاوز محله المعتاد وصوله إليه‪.‬‬

‫‪ 4‬ي روث الدواب الذي يصيب الحبوب أثناء درا ستها‪ ،‬وروث النعام الذي يصيب‬

‫اللبن أثناء الحلب ما لم يكثر فيغير اللبن‪.‬‬

‫‪29‬‬

‫‪5‬يي روث السيمك فيي الماء ميا لم يتغيير‪ ،‬وذرق الطيور فيي الماكين التيي تتردد‬ ‫عليهيا كالحرم الملكيي والحرم المدنيي والجاميع الموي‪ ،‬وذلك لعموم البلوى‪ ،‬وعسير‬ ‫الحتراز عنه‪.‬‬

‫‪6‬ي ما يصيب ثوب الجزار من الدم ما لم يكثر‪.‬‬ ‫‪7‬ي الدم الذي على اللحم‪.‬‬

‫‪8‬ي فم الطفل المتنجس بالقي‪ ،‬إذا أخذ ثدي أمه‪.‬‬ ‫‪9‬ي ما يصيب النسان من طين الشارع‪.‬‬

‫‪ 10‬ي الميتة التي ل نفس لها سائلة أي ل دم لها من نفسها إذا وقعت في مائع‪ :‬كالذباب‪،‬‬

‫والنحل‪ ،‬والنمل‪ ،‬شريطة أن تقع بنفسها‪ ،‬ولم تغير المائع الذي وقعت فيه‪.‬‬ ‫روى البخاري (‪ )5445‬وغيره‪ :‬عين أبيي هريرة‬

‫‪ :‬أن رسيول ال‬

‫قال‪" :‬إذا وقيع‬

‫الذباب في إناء أحد كم‪ ،‬فليغم سه كله ثم يطر حه‪ ،‬فإن في أ حد جناح يه شفاء و في ال خر‬

‫داء"‪ .‬ووجه الستدلل‪ :‬أنه لو كان ينجسه لم يأمر بغمسه‪ .‬وقيس بالذباب كل ما في معناه‬

‫من كل ميتة ل يسيل دمها‪.‬‬

‫*****‬

‫‪30‬‬

‫السْتنجاء وآدابُه‬ ‫معناه‪ :‬هو إزالة النجاسة أو تخفيفها عن مخرج البول أو الغائط‪ .‬مأخوذ من النّجاء‬

‫حزْء‪،‬‬ ‫و هو الخلص من الذى‪ ،‬أو النجوة‪ :‬و هي المرت فع عن الرض‪ ،‬أو الن جو‪ :‬و هو ال ُ‬ ‫أي ميا يخرج مين الدبر‪ .‬سيمي بذلك شرعا‪ ،‬لن المسيتنجي يطلب الخلص مين الذى‬

‫ويعمل على إزالته عنه‪ ،‬وغالبا ما يستتر وراء مرتفع من الرض‪ ،‬أو نحوها‪ ،‬ليقوم بذلك‪.‬‬ ‫حكمه‪ :‬وهو واجب‪ ،‬وقد دل على ذلك قول الرسول‬

‫ما يستنجي به‪:‬‬

‫كما سيأتي خلل البحث‪.‬‬

‫يجوز ال ستنجاء بالماء المطلق‪ ،‬و هو ال صل في التطه ير من النجا سة ك ما يجوز ب كل‬

‫جامد خشن يمكن أن يزيل النجاسة‪ ،‬كالحجر والورق ونحو ذلك‪.‬‬

‫والفضيل أن يسيتنجي أولً بالحجير ونحوه‪ ،‬ثيم يسيتعمل الماء‪ ،‬لن الحجير يزييل عيين‬

‫النجاسة والماء بعده يزيل أثرها دون أن يخلطها‪ .‬وأن أقتصر على أحدهما فالماء أفضل‪،‬‬ ‫لنه يزيل العين والثر‪ ،‬بخلف غيره‪ ،‬وأن أقتصر على الحجر ونحوه‪ ،‬فيشترط أن يكون‬

‫المستعمل جافا‪ ،‬وأن يستعمل قبل أن يجف الخارج من القبل أو الدبر‪ ،‬وأل يجاوز الخارج‬ ‫صفحة اللية أو حش فة الذ كر و ما يقابل ها من مخرج البول ع ند النثى‪ ،‬وأن ل ينت قل عن‬

‫المحل الذي أصابه أثناء خروجه‪ .‬كما يشترط أن ل نقل المسحات عن ثلثة أحجار أو ما‬ ‫ينوب منابها‪ ،‬فإن لم ينظف المحل زيد عليها‪ ،‬ويسن أن يجعل وترا‪ ،‬أي منفردة‪ :‬كخمسة‬ ‫أو سبعة‪ ،‬ونحوها‪.‬‬

‫روى البخاري (‪ ،)149‬وم سلم(‪ :)271‬عن أ نس بن مالك‬

‫قال‪ :‬كان ر سول ال يد خل‬

‫الخلء‪ ،‬فأحمل أنا وغلم نحوي إدواة من ماء وعنزة‪ ،‬فيستجني بالماء‪.‬‬

‫[الخلء‪ :‬مكان قضاء الحاجة‪ .‬إداوة‪ :‬إناء صغير من جلد عنزة‪ :‬الحربة القصيرة‪ ،‬تركز‬

‫ليصلى إليها كسترة‪ .‬يستنجي‪ :‬يتخلص من أثر النجاسة]‪.‬‬ ‫وروى البخاري (‪ )155‬وغيره‪ ،‬عن ا بن م سعود‬

‫آتيه بثلثة أحجار‪.‬‬

‫قال‪ :‬أ تي ال نبي‬

‫الغائط فأمر ني أن‬

‫[الغائط‪ :‬المكان المنخ فض من الرض تق ضى ف يه الحا جة‪ ،‬ويطلق على ما يخرج من‬

‫الدبر]‪.‬‬

‫‪31‬‬

‫وروى أ بو داود (‪ )40‬وغيره‪ ،‬عن عائ شة ر ضي ال عن ها‪ :‬أن ر سول ال‬

‫قال‪ " :‬إذا‬

‫ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلثة أحجار يستطيب بهن‪ ،‬فإنها تجزئ عنه "‪.‬‬

‫[يستطيب‪ :‬يستنجي‪ ،‬سمي بذلك لن المستنجي يطيب نفسه بإزالة الخبث عن المخرج]‪.‬‬

‫وروى أ بو داود (‪ ،)44‬والترمذي (‪ ،)3099‬وا بن ما جه (‪ ،)357‬عن أ بي هريرة‬

‫ال نبي‬

‫عن‬

‫قال‪ " :‬نزلت هذه ال ية في أ هل قباء‪( :‬ف يه رجال يحبون أن يتطهروا وال ي حب‬

‫المطهرين) [التوبة‪.]108 :‬‬

‫قال‪ :‬كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الية "‪.‬‬ ‫روى مسلم (‪ )2622‬عن سلمان‬

‫أحجار"‪.‬‬

‫عن رسول ال‬

‫قال‪ " :‬ل يستنجي أحدكم بدون ثلثة‬

‫وروى البخاري (‪ ،)160‬وم سلم(‪ )237‬عن أ بي هريرة‬

‫استجمر فليوتر "‪.‬‬

‫‪ :‬أن ر سول ال‬

‫قال‪ " :‬و من‬

‫[استجمر‪ :‬مسح بالحجار وهي الحجار الصغيرة]‪.‬‬

‫ما ل يستنجي به‪:‬‬

‫ل ي صح ال ستنجاء ب ما كان ن جس الع ين أو متنج سا ل نه رب ما زاد في أ ثر النجا سة بدل‬

‫تخفيفه‪.‬‬

‫روى البخاري (‪ )155‬عن عبدال بن مسعود‬

‫قال‪ :‬أتى النبي‬

‫الغائط فأمرني أن آتيه‬

‫بثل ثة أحجار‪ ،‬فوجدت حجر ين والتم سييت الثالث فلم أجده ين فأخذت رو ثة فاتي ته ب ها‬ ‫فأخذ الحجرين وألقى الروثية وقال‪":‬هذا ركس "‪.‬‬

‫[ الركس‪ :‬النجس‪ .‬روثة‪ :‬براز الحيوان مأكول اللحم وغيره]‪.‬‬ ‫ي ويحرم الستنجاء بما كان مطعوما لدمي كالخبز وغيره‪ ،‬أو جني كالعظم‪.‬‬

‫روى م سلم (‪ )450‬عن م سعود ‪ ،‬عن ر سول ال‬

‫قال‪ " :‬أتا ني دا عي ال جن‪ ،‬فذه بت‬

‫معه‪ ،‬فقرات عليهم القرآن "‪ .‬قال‪ :‬وسألوه الزاد‪ ،‬فقال‪ " :‬لكم كل عظم ذكر اسم ال عليه‪،‬‬ ‫يقيع فيي أيديكيم أوفير ميا يكون لحما‪ ،‬وكيل بعرة علف لدوابكيم "‪ .‬فقال رسيول ‪ " :‬فل‬ ‫تسيتنجوا بهميا‪ ،‬فإنهميا طعام إخوانكيم" وعنيد الترمذي (‪ :)18‬ول تسيتنجوا بالروث ول‬ ‫بالعظام‪ ،‬فإنه زاد إخوانكم من الجن"‪.‬‬

‫فيقاس طعام الدمي على غيره من باب أولي‪.‬‬ ‫‪32‬‬

‫ي يحرم الستنجاء بكل محترم‪ ،‬كجزء حيوان متصل به‪ ،‬كبده ورجله‪ ،‬ومن الدمي من‬ ‫باب أولى‪ ،‬لنيه يتنافيى ميع تكريميه‪ ،‬فإن كان جزء الحيوان منفصيل عنيه‪ ،‬وكان طاهرا‬ ‫كشعر مأكول اللحم وجلد الميتة المدبوغ‪ ،‬جاز ذلك‪.‬‬ ‫آداب الستنجاء وقضاء الحاجة‪:‬‬

‫هناك آداب يطلب من المسلم أن يراعيها عند القيام بقضاء حاجته واستنجائه وهي‪:‬‬ ‫‪1‬ي ما يتعلق بالمكان الذي يقضي فيه حاجته‪ :‬فإنه يجتنب التبول والتغوط في‪:‬‬ ‫ي طريق الناس أو المكان الذي يجلسون فيه‪ ،‬لما فيه من الذى لهم‪.‬‬

‫روى مسيلم (‪ )269‬وغيره‪ ،‬عين أبيي هريرة‬

‫‪ :‬أن النيبي‬

‫قال‪ " :‬اتقوا اللعانيين" ‪.‬‬

‫قالوا‪ :‬وما اللعانان؟ قال‪ " :‬الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم"‪.‬‬ ‫[اللعين‪ :‬المرين الجالبين اللعن]‪.‬‬

‫ي ث قب في الرض أو جدار أو نحوه‪ ،‬ل ما قد ين تج ع نه من أذى‪ ،‬ف قد يكون ف يه حيوان‬

‫ضار كعقرب أو حيه‪ ،‬فيخرج عليه ويؤذيه‪ ،‬وقد يكون فيه حيوان ضعيف فيتأذى‪.‬‬ ‫روى أبيو داود (‪ )29‬عين عبدال بين سيرجس قال‪ " :‬نهيى رسيول ال‬

‫أن يبال فيي‬

‫الجحر"‪ .‬وهو الثقب في الرض‪.‬‬

‫ي ت حت الشجرة المثمرة‪ ،‬صيانة للث مر عن التلو يث ع ند وقو عه سواء كان مأكولً أو‬

‫منتفعا به لئل تعافه النفس‪.‬‬

‫يي الماء الراكيد‪ :‬لميا ينتيج مين تقزز النفيس منيه إن كان كثيرا ل تغيره النجاسية‪ ،‬ومين‬

‫إضاعته إن كانت النجاسة تغيره‪ ،‬أو كان دون القلتين‪.‬‬ ‫روى مسيلم (‪ )281‬وغيره‪ ،‬عين جابر‬

‫‪ ،‬عين النيبي‬

‫‪ :‬أنيه نهيى أن يبال فيي الماء‬

‫الراكد‪ .‬والتغوط أقبح وأولى بالنهي ‪ ،‬والنهي للكراهة‪ ،‬ونقل المام النووي أنه للتحرم‪.‬‬ ‫[انظر شرح مسلم‪.]187 /3 :‬‬

‫‪2‬ي ما يتعلق بالدخول إلى قضاء الحاجة والخروج منه‪ ،‬فيستحب لقاضي الحاجة‪ :‬أن يقدم‬

‫رجله اليسرى عند الدخول ويمناه عند الخروج لنه الليق بأماكن القذر والنجس‪.‬‬ ‫ول يحمل ال تعالى ومثله كل اسم معظم‪.‬‬

‫ك ما ي سيتحب له أ نن يقول الذكار والدعي ية ال تي ثب تت ع ين ر سيول ال‬ ‫دخول الخلء وبعد الخروج منه‪:‬‬ ‫‪33‬‬

‫‪ ،‬ق بل‬

‫فيقول ق بل الدخول‪" :‬با سم ال‪ ،‬الل هم إ ني أعوذ بك من الخ بث والخبائث" [رواه البخاري‬ ‫‪ ،142‬ومسلم‪.]375 :‬‬

‫[الخبث‪ :‬جمع خبيث‪ .‬والخبائث‪ :‬جمع خبيثة‪ ،‬والمراد ذكور الشياطين وإنائهم]‪.‬‬

‫وب عد الخروج يقول‪" :‬غفرا نك‪ ،‬الح مد ل الذي أذ هب ع ني الذى وعاف ني‪ ،‬الحم ييد ل‬

‫الذي أذاق ني لذ ته‪ ،‬وأب قى من قو ته‪ ،‬ود فع ع نى أذاه" [رواه أ بو داود‪ ،30:‬والترمذي‪17:‬‬ ‫وابن ماجه‪ ،301:‬والطبراني]‪.‬‬

‫‪ 3‬ي ما يتعلق بالج هة‪ :‬يحرم على قا ضي الحا جة أن ي ستقبل القبلة أو ي ستدبرها‪ ،‬إن كان‬

‫في الفضاء ول ساتر مرتفع يستر عورته حال قضاء حاجته‪ ،‬وكذلك إن كان في بناء غير‬

‫معد لقضاء الحاجة‪ ،‬ولم تتحقق شروط الساتر المذكورة‪ ،‬ويشترط أل يبعد عنه الساتر أكثر‬

‫من ثل ثة أذرع بذارع الد مي‪ ،‬أي ما ي ساوى ‪ 150‬سم تقريبا‪ .‬فإن كان البناء معدا لقضاء‬

‫الحاجة جاز الستقبال والستدبار‪.‬‬

‫روى البخاري (‪ )381‬ومسلم (‪ ،)264‬عن أبي أيوب النصاري‬

‫عن النبي‬

‫قال‪" :‬إذا‬

‫أتيتم الغائط فل تستقبلوا القبلة ول تستدبروها ببول أو غائط‪ ،‬ولكن شرقوا أو غربوا" ‪.‬‬

‫وخص ذلك بالصحراء وما في معناها من المكنة التي ل ساتر فيها‪ ،‬ودليل التخصيص‪:‬‬

‫ما روى البخاري(‪ ،)148‬وم سلم (‪ )266‬وغيره ما‪ ،‬عن ا بن ع مر ر ضي ال عنه ما قال‪:‬‬ ‫ارتق يت فوق ظ هر ب يت حف صة لب عض حاج تي‪ ،‬فرأ يت ال نبي ‪ ،‬م سدبر القبلة‪ ،‬م ستقبل‬ ‫الشام‪ .‬فحمل الول على المكان غير المعد لقضاء الحاجة‪ ،‬وما في معناه من الماكن التي‬

‫ل ساتر في ها‪ ،‬وح مل الثا ني على المكان الم عد و ما في معناه‪ ،‬جمعا ب ين الدلة‪ ،‬ول يخلو‬

‫المر معه عن كراهة في غير المعد مع وجود الساتر‪.‬‬

‫‪ 4‬ي ما يتعلق بحال قا ضي الحا جة‪ :‬أن يعت مد على ي ساره وين صب يمناه‪ .‬ول ين ظر إلى‬

‫ال سماء ول إلى فر جه ول إلى ما يخرج م نه ل نه ل يل يق بحاله‪ .‬ويكره القا ضي الحا جة‬ ‫الكلم وغيره أثناء قضائها‪.‬‬

‫روى مسلم (‪ )370‬وغيره‪ ،‬عن ابن عمر رضي ال عنه ما‪ :‬أن رجل مرّ ورسول ال‬

‫يبول‪ ،‬فسلم عليه فلم يرد عليه‪.‬‬

‫‪34‬‬

‫وروى أبيو داود(‪ )15‬وغيره‪ ،‬عين أبيي سيعيد‬

‫قال‪ :‬سيمعت النيبي‬

‫يقول‪" :‬ل يخرج‬

‫الرجلن يضربان الغائط‪ ،‬كشفيين عين عورتهميا يتحدثان‪ ،‬فإن ال عيز وجيل يمقيت على‬ ‫ذلك"‪.‬‬

‫[يضربان‪ :‬يأتيان‪ .‬يمقت‪ :‬يغضب]‬

‫ويقاس على الكلم غيره كالكل والشرب والعبث‪ ،‬ونحو ذلك‬

‫‪ 5‬ي الستنجاء باليسار‪ :‬يستعمل قاضي الحاجة شماله لتنظيف المحل بالماء اليمنى لهذا‪،‬‬

‫ك ما يكره له أن ي مس ب ها ذكره‪ .‬وإن احتاج أن يم سك الذ كر لينظ فه بالح جر ونحوه من‬ ‫الجامدات‪ ،‬أم سك الجا مد بيده اليم نى دون أن يحرك ها‪ ،‬وأم سك الذ كر بالي سرى وحرك ها‬

‫لينظف المحل‪.‬‬

‫روى البخاري (‪ ،)153‬ومسلم (‪ ،)267‬عن أبي قتادة ‪ ،‬عن النبي‬

‫فل يأخذن ذكره بيمينه ول يستنج بيمينه"‪.‬‬

‫قال‪" :‬إذا بال أحدكم‬

‫الطهارة من الحدث‪:‬‬

‫معنى الحدث‪ :‬الحدث لغة‪ :‬الشيء الحادث‪ .‬وشرعا‪ :‬هو أم اعتباري يقوم بالعضاء يمنع‬ ‫من صحة ال صلة و ما في حكم ها‪ ،‬ح يث ل مر خص‪ .‬ويطلق الحدث أيضا على نوا قض‬

‫الوضوء التي سنتحدث عنا فيما بعد‪ ،‬وعلى موجبات الغسل‪.‬‬ ‫أقسام الحدث‪:‬‬

‫والحدث يقسم إلى قسمين‪ :‬حدث أصغر‪ ،‬وحدث أكبر‪.‬‬ ‫الحدث الصغر‪ :‬هو أمر اعتباري يقوم بأعضاء النسان الربعة‪ ،‬وهي‪ :‬الوجه‪ ،‬واليدان‪،‬‬

‫والرأس‪ ،‬والرجلن‪ ،‬فيمنيع مين صيحة الصيلة ونحوهيا‪ ،‬ويرتفيع هذا الحدث بالوضوء‪،‬‬ ‫فيصبح النسان مستعدا للصلة ونحوها‪.‬‬

‫والحدث ال كبر‪ :‬و هو أ مر اعتباري يقوم بالج سم كله فيم نع من صحة ال صلة و ما في‬

‫حكمها‪ ،‬ويرتفع هذا الحدث بالغسل فيصبح النسان أهلً لما كان ممنوعا عنه‪.‬‬ ‫*****‬

‫‪35‬‬

‫الوضُوء‬ ‫معناه‪:‬‬

‫الوضوء ل غة‪ :‬مأخوذة من الوضاءة و هي الح سن والبه جة‪ ،‬وشرعا‪ :‬ا سم للف عل الذي هو‬ ‫ا ستعمال الماء أعضاء معي نة ما الن ية‪ .‬والوضوء ا سم للماء الذي يتو ضأ به‪ ،‬و سمي بذلك‬ ‫لما يضفي على العضاء من وضاءة يغسلها وتنظيفها‪.‬‬ ‫فروض الوضوء‪:‬‬

‫وفروض الوضوء ستة و هي‪ :‬النية‪ ،‬وغ سل الو جه‪ ،‬وغ سل اليد ين‪ ،‬مع المرفق ين‪ ،‬وم سح‬ ‫ب عض الرأس‪ ،‬وغ سل الرجل ين مع الك عبين‪ ،‬والترت يب‪ .‬وال صل في مشروع ية الوضوء‬

‫وأركانه قوله تعالى‪( :‬يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى‬

‫المرافق وأمسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين) [المائدة‪.]6:‬‬

‫‪1‬يي النيية‪ :‬لن الوضوء عبادة‪ ،‬وبالنيية تتمييز العبادة‪ ،‬قال رسيول ال ‪" :‬إنميا العمال‬

‫بالنيات وإن ما ل كل امرئ ما نوى" [رواه البخاري‪ ،1:‬وم سلم‪ .]1907:‬أي ل ت صح العبادة‬ ‫ول يعتد بها شرعا إل إذا نويت‪ ،‬ول يحصل للمكلف أجرها إل إذا أخلص فيها‪.‬‬ ‫تعريف النية‪ :‬والنية معناها لغة‪ :‬القصد‪ ،‬وشرعا‪ :‬قصد الشيء مقرونا بفعله‪.‬‬ ‫محل النية‪ :‬ومحل النية القلب‪ ،‬ويسن التلفظ بها باللسان‪.‬‬

‫كيف ية الن ية‪ :‬وكيفيت ها أن يقول بقل به‪ :‬نو يت فرض الوضوء‪ ،‬أو ر فع الحدث‪ ،‬أو ا ستباحة‬

‫الصلة‪.‬‬

‫وقت النية‪ :‬ووقتها عند غسل أول جزء من الوجه‪ ،‬لنه أول الوضوء‪.‬‬

‫‪ 2‬ي غسل جميع الوجه‪ :‬لقوله تعالى‪( :‬فاغسلوا وجوهكم)‪.‬وحدود الوجه من منبت الشعر‬ ‫إلى أسفل الذقن طولً‪ ،‬ومن الذن إلى الذن عرضا‪.‬‬

‫وي جب غ سل كل ما على الو جه‪ :‬من حا جب‪ ،‬وشارب‪ ،‬ولح ية‪ ،‬ظاهرة وباطنا لن ها من‬

‫أجزاء الوجه‪ ،‬إل اللحية الكثيفة ي وهي التي ل يرى ما تحتها ي فإنه يكفى غسل ظاهرها‬

‫دون باطنها‪.‬‬

‫‪ 3‬ي غ سل اليد ين مع المرفق ين‪ :‬لقوله تعالى‪( :‬وأيدي كم إلى المرا فق)‪ .‬ج مع مر فق و هو‬

‫مجتمع الساعد مع العضد و"إلى" بمعنى مع‪ ،‬أي‪ :‬مع المرافق‪ ،‬دل على ذلك ما رواه مسلم‬ ‫‪36‬‬

‫(‪ ،)246‬عن أبي هريرة ‪" :‬أنه توضأ فغسل وجهه فاسبغ الوضوء‪ ،‬ثم غسل يده اليمنى‬ ‫حتى أشرع في العضد‪ ،‬ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد‪ ،‬ثم مسح رأسه‪ ،‬ثم غسل‬

‫رجله اليمنى حتى أشرع في الساق‪ ،‬ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق‪ ،‬ثم قال‪:‬‬ ‫هكذا رأيت الرسول‬

‫يتوضأ"‪.‬‬

‫[أشرع في العضد وأشرع في الساق‪ ،‬معناه‪ :‬أدخل الغسل فيهما]‪.‬‬

‫ويجب تعميم جميع الشعر والبشرة بالغسل‪ ،‬فلو كان تحت أظافره وسخ يمنع وصول الماء‬

‫أو خاتيم لم يصيح الوضوء‪ ،‬لميا رواه البخاري (‪ ،)161‬ومسيلم (‪ )241‬واللفيظ له‪ ،‬عين‬ ‫عبدال بن عمرو رضي ال عنهما قال‪ :‬رجعنا مع رسول ال‬

‫من مكة إلى المدينة‪ ،‬حتى‬

‫إذا كنا بماء بالطريق تعجل قوم عند العصر‪ ،‬فتوضأوا وهم عجال‪ ،‬فانتهينا إليهم وأعقابهم‬ ‫تلوح لم يمسيها ماء‪ ،‬فقال رسيول ال ‪" :‬وييل للعقاب مين النار‪ ،‬أسيبغوا الوضوء" ‪ .‬أي‬

‫أتموه وأكملوه باستيعاب العضو بالغسل‪.‬‬ ‫[عجال‪ :‬مستعجلون]‪.‬‬

‫وروى مسلم (‪ : )243‬أن رجل توضأ فترك موضع ظفر على قدمه‪ ،‬فأبصره النبي‬

‫‪،‬‬

‫فقال‪" :‬أرجع فأحسن وضوءك"‪ .‬فرجع ثم صلى‪.‬‬ ‫[فرجع‪ :‬أي فأتم وضوءه وأحسنه]‪.‬‬

‫فدل الحديثان‪ :‬على أ نه ل يجزئ الوضوء إذا ب قي أد نى جزء من الع ضو المغ سول دون‬

‫غسل‪.‬‬

‫‪ 4‬ي م سح ب عض الرأس‪ ،‬ولو شعرة ما دا مت في حدود الرأس‪ ،‬لقوله تعالى‪( :‬وام سحوا‬

‫برؤوسكم)‪ .‬وروى المغيرة بن شعبة‬

‫‪ :‬أن رسول ال‬

‫توضأ‪ ،‬ومسح بناصيته‪ ،‬وعلى‬

‫عمامته‪[ .‬رواه مسلم‪.]279:‬‬

‫ولو غسيل رأسيه أو بعضيه يدل المسيح جاز‪ .‬والناصيية‪ :‬مقدم الرأس‪ ،‬وهيي جزء منيه‪،‬‬

‫والكتفاء‪ ،‬بالمسح عليها دليل على ان مسح الجزء هو المفروض ويحصل بأي جزء كان‪.‬‬

‫‪5‬يي غسيل الرجليين ميع الكعيبين‪ :‬لقوله تعالى‪( :‬وأرجلكيم إلى الكعيبين)‪ .‬الكعبان مثنيى‬

‫الكعب‪ :‬وهو العظم الناتئ من كل جانب عند مفصل الساق مع القدم‪ ،‬و "إلى"‪ :‬بمعنى مع‪،‬‬ ‫أي مع الك عبين‪ ،‬دل على ذلك‪ :‬ما جاء في حد يث أ بي هريرة‬ ‫الساق"‪.‬‬ ‫‪37‬‬

‫ال سابق وح تى أشرع في‬

‫ويجب تعميم الرجل ين بالغسل بحيث ل يبقى منهما ولو موضع ظفر‪ ،‬أو تحت شعر لما‬ ‫مر في غسل اليدين‪.‬‬

‫‪6‬ي الترتيب على الشكل الذي ذكرناه‪:‬‬

‫وهذا مستفاد من الية التي ذكرت فروض الوضوء مرتبة‪ ،‬ومن فعله‬

‫فإنه لم يتوضأ إل‬

‫مرتبا ي ك ما جاء في ال ية ي ث بت ذلك بالحاد يث ال صحيحة من ها حد يث أ بي هريرة‬

‫السيابق‪ ،‬وفييه العطيف بثيم‪ ،‬وهيي الترتييب باتفاق‪ .‬قال النووي فيي المجموع (‪:)484 /1‬‬ ‫واح تج ال صحاب من ال سنة بالحاد يث ال صحيحة الم ستفيضة عن جماعات من ال صحابة‬

‫في صفة وضوء ال نبي ‪ ،‬وكل هم و صفوه مرتبا‪ ،‬مع كثرت هم وكثرة الموا طن ال تي رأوه‬

‫فيها‪ ،‬وكثرة اختلفهم في صفاته في مرة ومرتين وثلث وغير ذلك‪ ،‬ولم يثبت فيه ي مع‬ ‫اختلف أنوا عه ي صفة غ ير مرت بة‪ ،‬وفعله‬

‫بيان للوضوء المأمور به‪ ،‬ولو جاز ترك‬

‫الترتيب لتركه في بعض الحوال لبيان الجواز‪ ،‬كما ترك التكرار في أوقات‪.‬‬ ‫سنن الوضوء‪:‬‬

‫للوضوء سنن كثيرة نذكر أهمها وهي‪:‬‬ ‫‪ 1‬ي التسمية في ابتدائه‪ :‬روى النسائي (‪ )1/61‬بإسناد جيد‪ ،‬عن أنس‬

‫أ صحاب ال نبي‬

‫قال‪ :‬طلب بعض‬

‫وضوءا فلم يجدوا ماء‪ ،‬فقال عل يه ال صلة وال سلم‪ " :‬هل مع أ حد من كم‬

‫ماء"‪ ،‬فأتي بماء فوضع يده في الناء الذي فيه الماء‪ ،‬ثم قال‪" :‬توضأوا بسم ال" أي قائلين‬

‫ذلك عند البتداء به‪ .‬قال أنس ‪ :‬فرأيت الماء يفور من بين أصابعه‪ ،‬حتى توضأوا من عن‬ ‫آخرهم ي أي جميعهم ي وكانوا نحوا من سبعين‪.‬‬

‫‪ 2‬ي غسل الكفين ثلثا قبل إدخالهما الناء‪ :‬روى البخاري (‪ ،)2183‬ومسلم (‪ ،)235‬من‬

‫حديث عبدال بن زيد‬

‫وضوء النبي‬

‫وقد سئل عن وضوء النبي‬

‫‪ ،‬فدعا بنور من ماء‪ ،‬فتوضأ لهم‬

‫فأكفأ على يده من التور‪ ،‬فغسل يديه ثلثا‪ ،‬ثم أدخل يده في الناء‪."...‬‬

‫[التور‪ :‬إناء من نحاس‪ .‬فأكفأ‪ :‬صب]‪.‬‬

‫‪3‬يي اسيتعمال السيواك‪ :‬لميا رواه البخاري (‪ ،)847‬ومسيلم (‪ ،)252‬وغيرهميا‪ ،‬عين أبيي‬

‫هريرة‬

‫عن النبي‬

‫قال‪" :‬لول أن أشق على أمتي لمرتهم بالسواك مع كل وضوء"‪ .‬أي‬

‫لمرتهم أمر إيجاب‪ ،‬وهذا دليل الستحباب المؤكد‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫‪ 4‬و ‪ 5‬ي المضم ضة وال ستنشاق بال يد اليم نى وال ستنثار بال يد الي سرى‪ ،‬جاء في حد يث‬ ‫عبد ال بن زيد‬

‫السابق من غرفة واحدة‪ ،‬وكرر ذلك ثلثا‪.‬‬

‫[استنثر‪ :‬أخرج الماء الذي أدخله في أنفه]‪.‬‬

‫‪ 6‬ي تخل يل اللح ية الك ثة‪ :‬روى أ بو داود (‪ )145‬عن أ نس‬

‫كان إذا تو ضأ أ خذ كفا من‬

‫ماء‪ ،‬فأخله تحت حنكه‪ ،‬فخلل به لحيته‪ ،‬وقال‪" :‬هكذا أمرني ربي عز وجل"‬

‫‪7‬ي مسح جميع الرأس‪ :‬جاء في حديث عبد ال بن زيد ‪ :‬فمسح رأسه بيديه‪ ،‬فاقبل بهما‬

‫وأدبر‪ :‬بدأ بمقدم رأسه‪ ،‬ثم ذهب بهما على قفاه ثم رده ما ح تى رجع إلى المكان الذي بدأ‬ ‫منه‪.‬‬

‫‪ 8‬ي تخل يل ما ب ين أ صابع اليد ين والرجل ين بالماء‪ :‬أ ما اليد ين فبالتشب يك بينه ما‪ ،‬وأ ما‬

‫الرجلن فبخن صر ال يد الي سرى‪ :‬عن لق يط بن صبرة‬

‫قلت‪ :‬يا ر سول ال أ خبرني عن‬

‫الوضوء؟ قال‪" :‬أسيبغ الوضوء‪ ،‬وخلل بيين الصيابع‪ ،‬وبالغ فيي السيتنشاق‪ ،‬إل أن تكون‬ ‫صائما" [رواه أبو داود‪ ،142:‬وصححه الترمذي‪ ،788:‬وغيرهما]‬ ‫[أسبغ‪ :‬أكمله وأتمه بأركانه وسننه]‪.‬‬

‫وعن المستورد قال‪" :‬رأيت النبي‬ ‫‪.]446‬‬

‫توضأ فخلل أصابع رجليه بخنصره‪[ ،‬رواه أبن ماجه‪:‬‬

‫‪ 9‬ي مسح الذنين ظاهرهما وباطنهما بماء جديد غير ماء الرأس عن ابن عباس‬

‫ال نبي‬

‫‪" :‬أن‬

‫م سح برأ سه وأذن يه ظاهره ما وباطنه ما" [رواه الترمذي‪ ،36:‬و صححه]‪ .‬وع ند‬

‫الن سائي (‪" :)74 /1‬م سح برأ سه وأذن يه‪ ،‬باطنه ما بالم سحتين‪ ،‬وظاهره ما بإبهام يه"‪ .‬وقال‬ ‫عبدال بن ز يد‪" :‬رأ يت ال نبي‬

‫يتو ضأ‪ ،‬فأ خذ ماء لذن يه خلف الماء الذي أخذه لرأ سه"‬

‫[رواه الحاكم‪ ،]1/151:‬وقال عنه الحافظ الذهبي‪ :‬صحيح‪.‬‬

‫‪ 10‬ي التثل يث في جم يع فرائض الوضوء و سننه‪ .‬روى م سلم (‪ )230‬أن عثمان‬

‫قال‪ :‬أل أريكم وضوء رسول ال‬

‫؟ ثم توضأ ثلثا ثلثا‪.‬‬

‫‪11‬ي تقديم اليمنى على اليسرى‪ ،‬في اليدين والرجلين‪ :‬عن أبي هريرة‬

‫أن رسول‬

‫ال قال‪" :‬إذا توضأتيم فابدءوا بميامنكيم" [رواه ابين ماجيه‪ .]402:‬ودلّ على ذلك حديثيه‬ ‫السابق في فرائض الوضوء‪.‬‬

‫‪39‬‬

‫‪12‬ي الدلك ي وهو إمرار اليد على العضو عند غسله ي‪ :‬روى أحمد في مسنده (‬ ‫‪ )4/39‬عن عبدال بن زيد‬

‫توضأ‪ ،‬فجعل يقول هكذا‪ ،‬يدلك‪.‬‬

‫أن رسول ال‬

‫[فيي المصيباح‪ :‬دلكيت الشييء يي مين باب قتيل يي مرسيته بيدك‪ ،‬ودلكيت النعيل‬

‫بالرض مسحتها بها ‪ .‬يقول‪ :‬عبر عبدال بالقول عن الفعل]‪.‬‬

‫‪ 13‬ي الموالة‪ :‬أي غ سل العضاء بالتتا بع من غ ير انقطاع‪ ،‬بح يث يغ سل الع ضو‬

‫الثاني قبل أن يجف الول‪ ،‬أتباعا للنبي ‪ ،‬لما مر معك من أحاديث على ذلك‪.‬‬

‫‪ 14‬ي إطالة الغرة والتحجيل‪ :‬والغرة غسل جزء من مقدم الرأس والتحجيل غسل ما فوق‬ ‫المرفق ين في اليد ين‪ ،‬و ما فوق الك عبين في الرجل ين‪ ،‬قال ر سول ال ‪" :‬إن أم تي يدعون‬

‫يوم القيا مة غرا محجل ين من آثار الوضوء‪ ،‬ف من ا ستطاع من كم أن يط يل غر ته فليف عل"‬ ‫[رواه البخاري‪ ،136:‬ومسلم‪ .]246:‬وفي رواية عند مسلم‪ " :‬فليطل غرته وتحجيله"‪.‬‬

‫[غ ّراً‪ :‬جمع أغر‪ ،‬أي ذو غرة‪ ،‬وهي بياض في الجبهة‪ .‬محجلين‪ :‬من التحجيل وهو بياض‬ ‫في اليدين والرجلين‪ ،‬وهذا تشبيه لن الصل في الغرة والتحجيل أن يكون في جهة الفرس‬

‫وقوائمها‪ ،‬والمراد به هنا‪ :‬النور الذي يسطع من المؤمنين يوم القيامة]‪.‬‬

‫‪ 15‬ي العتدال بالماء دون سرف أو تقت ير‪ :‬ف قد روى البخاري (‪ )198‬عن أ نس ‪:‬‬

‫كان النبي‬

‫يتوضأ بالمد‪.‬‬

‫[والمد‪ :‬إناء يساوي مكعبا طول حرفه ‪ 10‬سم تقريبا]‪.‬‬

‫‪16‬ي استقبال القبلة عند الوضوء‪ ،‬لنها أشرف الجهات‪.‬‬ ‫‪17‬ي أن ل يتكلم أثناء الوضوء‪ ،‬اتباعا للرسول ‪.‬‬

‫‪18‬يي التشهيد عنيد النتهاء مين الوضوء والدعاء‪ ،‬يقول‪" :‬أشهيد أن ل إله إل ال‬ ‫وحده ل شر يك له‪ ،‬وأش هد أن محمدا عبده ور سوله" [رواه م سلم‪".]234:‬الل هم اجعل ني من‬

‫التوابين واجعلني من المتطهرين" [رواه الترمذي‪" .]55:‬سبحانك اللهم وبحمدك‪ ،‬أشهد أن‬

‫ل إله إل أنيت أسيتغفرك وأتوب إلييك"‪[ .‬رواه النسيائي فيي أعمال اليوم والليلة‪ ،‬كميا قال‬

‫المام النووي في الذكار]‪.‬‬

‫مكروهات الوضوء‪:‬‬ ‫‪40‬‬

‫ويكره في الوضوء المور التالية‪:‬‬ ‫‪ 1‬ي ال سراف في الماء‪ ،‬والتقت ير ف يه‪ :‬لن ذلك خلف ال سنة‪ ،‬ولعموم قوله تعالى‪( :‬ول‬

‫تسيرفوا إنيه ل يحيب المسيرفين) [سيورة العراف‪ .]31:‬والسيراف هيو التجاوز عين‬ ‫العتدال المعروف والمألوف‪ .‬روى أبو داود (‪ )96‬أنه‬

‫قال‪" :‬إنه سيكون في هذه المة‬

‫قوم يعتدون في الطهور والدعاء"‪ .‬أي يفرطون فيهما‪ ،‬والفراط في الدعاء‪ :‬أن يسأل أشياء‬

‫مخصوصة وبصفة معينة‪.‬‬

‫‪ 2‬ي تقد يم ال يد الي سرى على اليم نى‪ ،‬وتقد يم الر جل الي سرى على اليم نى‪ :‬لن هذا على‬

‫خلف ما مر من فعله ‪.‬‬

‫‪ 3‬ي التنش يف بمند يل إل لعذر‪ ،‬كبرد شد يد أو حر يؤذي م عه بقاء الماء على الع ضو‪ ،‬أو‬

‫خوف نجاسة أو غبارها‪ ،‬روى البخاري (‪ ،)256‬ومسييلم (‪ :)317‬أنه‬

‫يمسه‪.‬‬

‫أتي بمنديل فلم‬

‫‪4‬ي ضرب الوجه بالماء‪ ،‬لن ذلك ينافي تكريمه‪.‬‬

‫‪5‬يي الزيادة على ثلث يقينا بالغسيل أو فيي المسيح‪ ،‬أو النقيص عنهيا‪ ،‬قال رسيول ال‬ ‫بعدما توضأ ثلثا ثلثا‪":‬هكذا الوضوء‪ ،‬فمن زاد على هذا‪ ،‬أو نقص فقد أساء وظلم" [رواه‬

‫أبو داود‪ ،]135:‬وقال النووي في المجموع ‪:‬إنه صحيح‪ .‬معناه أن من اعتقد أن السنة أكثر‬ ‫من ثلث أو أقل منها‪ ،‬فقد أساء وظلم‪ ،‬لنه قد خالف السنة التي سنها النبي ‪.‬‬

‫‪ 6‬ي ال ستعانة ب من يغ سل له أعضاء من غ ير عذر‪ ،‬لن ف يه نوعا من الت كبر المنا في‬

‫للعبودية‪.‬‬

‫‪ 7‬ي المبال غة في المضم ضة وال ستنشاق لل صائم خش ية أن ي سبقه الماء إلى حل قه فيف سد‬

‫صيومه‪ ،‬قال رسيول ال ‪" :‬وبالغ فيي السيتنشاق إل أن تكون صيائما" [رواه أبيو داود‪:‬‬ ‫‪ .]142‬وتقاس المضمضة على الستنشاق من باب أولى‪.‬‬ ‫نواقص الوضوء‪:‬‬

‫وينتقص الوضوء بخمسة أشياء‪:‬‬ ‫‪ 1‬ي كل ما خرج من أ حد السبيلين من بول أو غائط أو دم أو ريح‪ :‬قال تعالى‪( :‬لو جاء‬

‫أ حد من كم الغائط) [الن ساء‪ .]42:‬أي مكان قضاء الحا جة‪ ،‬و قد ق ضى حاج ته من تبرز أو‬

‫‪41‬‬

‫تبول‪ .‬والغائط هو المكان المنخفض‪ ،‬وفي مثله تقضى الحاجة من تبرز أو تبول‪ .‬والغائط‬ ‫هو المكان المنخفض‪ ،‬وفي مثله نقضى الحاجة غالبا وعادة‪.‬‬

‫وروى البخاري (‪ )135‬ومسيلم (‪ )225‬عين أبيي هريرة‬

‫قال‪ :‬قال رسيول ال‬

‫‪" :‬ول‬

‫يق بل ال صلة أحد كم إذا أحدث ح تى يتو ضأ"‪ .‬فقال ر جل من أ هل ح ضر موت ك ما‬ ‫الحدث يا أبا هريرة؟ قال فساء أو ضراط‪.‬‬

‫وقيس على ما ذكر كل خارج من القبل أو الدبر‪ ،‬ولو كان طاهرا‪.‬‬

‫‪2‬يي النوم غيير المتمكين‪ :‬والتمكين أن يكون جالسيا ومقعدتيه ملتصيقة بالرض‪ ،‬وغيير‬ ‫التم كن أن يكون هناك نجاف ب ين مقعد ته والرض‪ ،‬قال ر سول ال ‪ " :‬من نام فليتو ضأ"‬ ‫[رواه أبيو داود‪ 203:‬وغيره]‪ .‬وأميا مين نام على هيئة المتمكين فل ينقيض وضوؤه‪ ،‬لنيه‬ ‫يشعر بما يخرج منه‪ ،‬ودل على هذا ما رواه مسلم(‪ )376‬عن أنس‬

‫والنبي‬

‫قال‪ :‬أقيمت الصلة‬

‫يناجى رجلً‪ ،‬فلم يزل يناجيه حتى نام أصحابه‪ ،‬ثم جاء فصلى بهم‪.‬‬

‫[يناجي‪ :‬يتحدث معه على انفراد بحيث ل يسمعهما أحدا]‪.‬‬

‫وعنيه أيضا قال‪ :‬كان أصيحاب رسيول ال‬

‫ينامون‪ ،‬ثيم يصيلون ول يتوضأون [أنظير‬

‫البخاري‪.]545 ،544 ،541:‬‬

‫وواضح أنهم ناموا جالسين على هيئة التمكن‪ ،‬لنهم كانوا في المسجد ينتظرون الصلة‪،‬‬

‫وعلى أمل أن يقطع حديثه‬

‫فجأة ويصلي بهم‪.‬‬

‫‪ 3‬ي زوال الع قل ب سكر أو إعماء أو مرض‪ ،‬أو جنون‪ :‬لن الن سان إذا انتا به ش يء من‬

‫ذلك كان هذا مظ نة أن يخرج م نه ش يء من غ ير ان يش عر‪ ،‬وقيا سا على النوم‪ ،‬ل نه أبلغ‬ ‫منه في معناه‪.‬‬

‫‪4‬يي لميس الرجيل زوجتيه أو المرأة الجنبيية مين غيير حائل‪ ،‬فإنيه ينتقيض وضوؤه‬

‫ووضوؤهيا‪ .‬والجنبيية هيي كيل امرأة يحيل له الزواج بهيا‪ .‬قال تعالى فيي بيان موجبات‬ ‫الوضوء‪( :‬أو لمستم النساء) [النساء‪ .]42:‬أي لمستم كما في قراءة متواترة‪.‬‬

‫‪5‬ي مس الفرج نفسه أو من غيره‪ ،‬قبلً أو دبرا‪ ،‬بباطن الكف والصابع من غير حائل‪.‬‬

‫المور التي يشترط لها الوضوء‪:‬‬ ‫‪42‬‬

‫المور التي يجب الوضوء من أجلها هي‪:‬‬ ‫‪1‬يي الصيلة‪ :‬قال تعالى‪( :‬ييا أيهيا الذيين آمنوا إذا قمتيم إلى الصيلة فاغسيلوا وجوهكيم‬

‫وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين) [سورة المائدة‪.]6:‬‬ ‫وقال رسيول ال‬

‫‪" :‬ل يقبيل ال صيلة أحدكيم إذا أحدث حتيى يتوضيأ" [رواه البخاري‪:‬‬

‫‪ ،135‬ومسلم‪ .]225:‬وعند مسلم (‪" :)224‬ول تقبل صلة بغير طهور"‪.‬‬

‫‪ 2‬ي الطواف حول الكع بة‪ :‬لن الطواف كال صلة ت جب ف يه الطهارة‪ ،‬قال ر سول ال ‪:‬‬

‫"الطواف حول البييت مثيل الصيلة‪ ،‬إل أنكيم تتكلمون فييه‪ ،‬فمين تكلم فييه تل يتكلمين إل‬ ‫بخير"‪[ .‬رواه الترمذي‪ ،960:‬والحاكم‪ ،459 /1:‬وصححه]‪.‬‬

‫‪3‬ي من المصحف وحمله‪ :‬قال تعالى‪( :‬ل يمسه إل المطهرين) [سورة الواقعة‪ .]79:‬وقال‬

‫رسول ال ‪" :‬ل يمس القرآن إل طاهر" [رواه الدارقطني‪.]1/459:‬‬ ‫صور كاملة لوضوء النبي‬

‫بفرائضه‪ ،‬وسننه‬

‫المؤكدة‪ ،‬وبيان فضله‪ ،‬وفضل الصلة بعده‪:‬‬

‫روى البخاري في صحيحه(‪ )162‬عن عثمان بن عفان ‪:‬أ نه د عا بوضوء فأفرغ على‬ ‫يديه من إنائه فغسلهما ثلث مرات‪ ،‬ثم تمضمض واستنشق واستنثر‪ ،‬ثم غسل وجهه ثلثا‬

‫ويديه إلى المرفقين ثلثا‪[ ،‬وفي رواية‪ :‬ثم غسل يده اليمنى ثلثا‪ ،‬ثم غسل رجله اليسرى‬ ‫ثلثا]‪ .‬ثم قال‪ :‬رأ يت ال نبي‬

‫يتو ضأ ن حو وضوئي هذا‪ ،‬وقال‪ " :‬من تو ضأ ن حو وضوئي‬

‫هذا ثم صلى ركعتين ل يحدث فيهما نفسه‪ ،‬غفر ال له ما تقدم من ذنبه"‪.‬‬

‫[بوضوء‪ :‬هو الماء الذي يتوضأ به‪ .‬ل يحدث‪ :‬أي بشيء من أمور الدنيا]‪.‬‬

‫*****‬

‫خفّين‬ ‫علَى ال ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫سُ‬ ‫الم َ‬ ‫تعريفهما‪:‬‬ ‫‪43‬‬

‫الخُفّان‪ :‬تثنية خف‪ ،‬وهما الحذاءان السائران للكعبين المصنوعان من جلد‪.‬‬ ‫والكعبان كما مر‪ :‬هما العظمان الناتئان عند مفصل الساق‪.‬‬

‫حكم المسح عليهما‪:‬‬

‫ودلييل جوازه فعيل النيبي‬

‫‪ ،‬قال جريير بين عبدال البجلي ‪" :‬رأييت النيبي‬

‫توضأ ومسح على خفيه"‪[ .‬رواه البخاري‪ ،1478:‬ومسلم‪.]272:‬‬

‫بال‪ ،‬ثيم‬

‫شروط المسح عليهما‪:‬‬

‫ويشترط لجواز المسح عليهما خمسة شروط‪:‬‬ ‫‪1‬يي أن يُلب سا ب عد وضوء كا مل‪ :‬عين المغيرة بين شع بة‬

‫قال‪ :‬كنيت مع النيبي‬

‫في‬

‫سيفر‪ ،‬فأهويت لنزع خفيه‪ ،‬فقال " دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين"‪ ،‬فمسح عليهما‪[.‬رواه‬ ‫البخاري‪ ،203:‬ومسلم‪.]274:‬‬

‫‪ 2‬ي أن يكونا سائرين لجمع محل غسل الفرض من القدمين‪ ،‬لنهما ل يسميان خفين إل‬

‫إذا كانا كذلك‪.‬‬

‫‪3‬ي أن يمنعا نفوذ الماء إلى القدمين من غير محل الخرز ي أي الخياطة‪.‬‬ ‫‪4‬يي أن يكونيا قوييين يمكين تتابيع المشيي عليهميا يوما وليلة للمقييم‪ ،‬وثلثية أيام‬

‫بلياليهما للمسافر‪.‬‬

‫‪ 5‬ي أن يكو نا طاهرين‪ ،‬ولو كا نا من جلد ميتة قد د بغ‪ ،‬ل ما مر من أن جلد الميتة‬

‫يطهر بالدباغ‪.‬‬

‫مدة المسح عليهما‪:‬‬

‫مدة المسح علي الخفين‪ :‬يوم وليلة للمقيم‪ ،‬وثلثة أيام بلياليهن للمسافر‪،‬روى مسلم (‪)276‬‬ ‫وغيره‪ ،‬عن شر يح بن ها نئ قال‪ :‬أت يت عائ شة ر ضى ال عن ها أ سألها عن الم سح على‬ ‫الخف ين‪ ،‬فقالت‪ :‬ائت عليا فإ نه أعلم بهذا منّي‪ ،‬كان ي سافر مع رسول ال‬ ‫جعل رسول ال‬

‫ثلثة أيام ولياليهن للمسافر‪ ،‬ويوما وليلة للمقيم‪.‬‬

‫‪ ،‬فسألته فقال‪:‬‬

‫هذا ومن بدأ المسح في الحضر ثم سافر مسح يوما وليلة‪ ،‬ومن بدأ المسح بالسفر ثم أقام‬

‫أتم مسح مقيم‪ ،‬لن الصل القامة‪ ،‬والمسح رخصة‪ ،‬فيؤخذ فيه بالحوط‪.‬‬ ‫متى تبدأ المدة‪:‬‬

‫‪44‬‬

‫وتبدأ مدة المسح من الحدث بعد لبس الخفين‪ ،‬فإذا توضأ الصبح‪ ،‬ولبس خفيه‪ ،‬ثم أحدث‬ ‫عند طلوع الشمس‪ ،‬فإن المدة تحسب من طلوع الشمس‪.‬‬ ‫كيفية المسح عليهما‪:‬‬

‫الفرض‪ :‬م سح ش يء ولو قل من أعلى الخف‪ ،)(1‬فل يك في الم سح على أ سفلهما‪ .‬وي سن‬

‫مسح أعله وأسفله خطوطا‪ ،‬بأن يضع أصابع يده اليمني مفرقة على مقدمة رجله لعلى‪،‬‬ ‫وأصابع يده اليسرى على مؤخرة قدمه من السفل‪ ،‬ثم يذهب باليمنى إلى الخلف وباليسرى‬

‫إلى المام‪.‬‬

‫مبطلت المسح‪:‬‬

‫ويبطل المسح ثلثة أمور‪:‬‬ ‫‪1‬ي خلع الخفين أو خلع أحدهما‪ ،‬أو انخلعهما أو أحدهما‪.‬‬

‫‪2‬يي انقضاء مدة المسيح‪ :‬فإذا انقضيت المدة وكان متوضئا نزعهميا وغسيل رجلييه هيم‬ ‫أعادهما‪ ،‬وإن كان غير متوضئ توضأ‪ ،‬ثم لبسهما إن شاء‪.‬‬

‫‪ 3‬ي حدوث ما يوجب الغسل‪ :‬فإذا لزمه غسل خلعهما وغسل رجليه‪ ،‬لن المسح عليهما‬

‫بدل غسل الرجلين في الوضوء‪ ،‬ل في الغسل‪.‬‬

‫روى الترمذي (‪ ،)96‬والن سائي (‪ )1/83‬ي والل فظ له ي عن صفوان بن ع سال‬

‫"كان رسول ال‬

‫قال‪:‬‬

‫يأمرنا إذا كنا مسافرين‪ :‬أن نمسح على خفافنا‪ ،‬ول ننزعها ثلثة أيام‪،‬‬

‫من غائط وبول ونوم‪ ،‬إل من جنابة"‪ .‬وهي موجبات الغسل كما سيأتي‪.‬‬ ‫*****‬

‫الجبائر والعصائب‬ ‫الجبائر‪ :‬جمع جبيرة‪ ،‬وهي رباط يوضع على العضو المكسور ليجبر‪.‬‬

‫والع صائب‪ :‬ج مع ع صابة‪ ،‬و هي رباط يو ضع على الجرح ليحف ظه من الو ساخ‬

‫حتى يبرا‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫روى أبو داود (‪ )162‬بإسناد صحصح عن علي بن أبي طالب‬

‫لكان أسفل الخف أولي بالمسح من أعله وقد رأيت رسول ال‬ ‫‪45‬‬

‫وكرم ال وجهه أنه قال‪ :‬لو كان الدين بالرأي‬

‫يمسح على ظاهر خفيه‪.‬‬

‫ولما كان السلم دين اليسر‪ ،‬راعى هذه النواحي‪ ،‬وشرع لها الحكام التي تضمن التوفيق‬ ‫بين أداء العبادة والمحافظة على سلمة النسان‪.‬‬ ‫أحكام الجبائر والعصائب‪:‬‬

‫المرييض المصياب بجرح أو كسير‪ ،‬قيد يحتاج إلى وضيع رباط ودواء على الجرح أو‬

‫الكسر‪،‬وقد ل يحتاج‪.‬‬

‫فان احتاج إلى وضع رباط لزمه في هذه الحالة ثلثة أمور‪:‬‬

‫‪1‬ي أن يغسل الجزء السليم من العضو المصاب‪.‬‬

‫‪2‬ي أن يمسح على نفس الرباط أي الجبيرة‪ ،‬أو العصابة‪ ،‬كلها‪.‬‬

‫‪3‬ي أن يتيمم بدل غسل الجزء المريض عند وصوله إليه بالوضوء‪.‬‬ ‫وإن لم يح تج إلى و ضع رباط على الع ضو المك سور أو المجروح‪ ،‬و جب عل يه أن يغ سل‬

‫ال صحيح ويتي مم عن الجر يح إذا كان ل ي ستطيع غ سل مو ضع العلة‪ .‬وي جب إعادة التي مم‬ ‫لصلة كل فرض وإن لم يحدث‪ ،‬لن يجب عليه غسل باقي العضاء‪ ،‬إل إذا أحدث‪.‬‬ ‫دليل مشروعية المسح على الجبائر‪:‬‬

‫دلّ على مشروعيية المسيح على الجبائر‪ ،‬ميا رواه أبيو داود (‪ )336‬عين جابر‬

‫قال‪:‬‬

‫خرجنا في سفر‪ ،‬فأصاب رجلً منا حجر فشجه في رأسه‪ ،‬ثم احتلم‪ ،‬فسأل أصحابه‪ :‬هل‬

‫تجدون في رخصة في التيمم؟ فقالوا‪ :‬ما نجد لك رخصة‪ ،‬وأنت تقدر على الماء‪ ،‬فاغتسل‬ ‫عمات‪ ،‬فلما قدمنا على النبي‬

‫أخبر بذلك‪ ،‬فقال‪" :‬قتلوه قتلهم ال‪ ،‬أل سألوا إذ لم يعلموا؟‬

‫فإن ما شفاء ال عي ال سؤال‪ ،‬إن ما كان يكف يه أن يتي مم ويع صر ي أو يع صب ي على جر حه‬ ‫خرقة‪ ،‬قم يمسح عليها‪ ،‬ويغسل سائر جسده"‪.‬‬

‫[العي‪ :‬التحير في الكلم‪ ،‬وقيل‪ :‬هو ضد البيان]‪.‬‬ ‫مدة المسح على الجيرة والعصبة‪:‬‬

‫لييس للمسيح على الجيبيرة أو العصيابة مدة معينية‪ ،‬بيل يظيل يمسيح عليهيا ميا دام العذر‬

‫موجودا‪ ،‬فإذا زال العذريي بأن اندميل الجرح‪ ،‬وانجيبر الكسير يي بطيل المسيح ووجيب‬ ‫الغسل‪ ،‬فإذا كان متوضئا‪ ،‬وبطل مسحه‪ ،‬وجب عليه إصابة العضو الممسوح وما بعده من‬ ‫أعضاء الوضوء‪ ،‬مسحا أو عل حسب الواجب‪.‬‬ ‫‪46‬‬

‫وح كم الجبائر وا حد‪ ،‬سواء كا نت الطهارة من حدث أ صغر أو حدث أ كبر‪ ،‬إل أ نه في‬ ‫الحدث ال كبر‪ ،‬إذا ب طل الم سح‪ ،‬و جب غ سل مو ضع الع صابة أو ال جبيرة ف قط‪ ،‬ول ي جب‬ ‫غسل سواها من البدن‪.‬‬

‫ويجب على واضع الجبيرة القضاء في المواضع التالية‪:‬‬

‫‪1‬ي إذا وضعها على غير طهر وتعذر نزعها‪.‬‬

‫‪2‬ي أو كانت في أعضاء التيمم‪ :‬الوجه أو اليدين‪.‬‬

‫‪3‬ي إذا أخذت من الصحيح أكثر من قدر الستمساك‪.‬‬

‫*****‬

‫الغُسل وَأحْكامُه وَأنوَاعُه‬ ‫معناه‪:‬‬ ‫هو في اللغة‪ :‬سيلن الماء على الشيء‪ ،‬أيا كان‪.‬‬ ‫وشرعا‪ :‬جريان الماء على البدن بنية مخصوصة‪.‬‬

‫مشروعيته‪:‬‬

‫الغسل مشروع‪ ،‬سواء كان للنظافة‪ ،‬أم لرفع الحدث‪ ،‬سواء كان شرطا لعبادة أم ل‪.‬‬ ‫ودل على مشروعيته‪ :‬الكتاب والسنة والجماع‪.‬‬ ‫أما الكتاب‪:‬‬

‫‪47‬‬

‫فآيات‪ ،‬من ها قوله تعالى‪( :‬إن ال ي حب التواب ين وي حب المتطهر ين) [ سورة البقرة‪ :‬ال ية‬ ‫‪ .]222‬أي المتنزهين عن الحدث والقدار المادية والمعنوية‪.‬‬ ‫وأمّا السنة‪:‬‬

‫فأحاديث‪ ،‬منها‪ :‬ما رواه البخاري( ‪ ،)85‬ومسلم (‪)849‬عن أبي هريرة‬

‫قال‪ :‬قال رسول‬

‫ال ‪ " :‬حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوما‪ ،‬يغسل فيه رأسه وجسده "‬

‫‪.‬وعنيد مسيلم‪ " :‬حيق ال "‪ .‬والمراد بالحيق هنيا‪ :‬أنيه مميا ل يلييق بالمسيلم تركيه‪ ،‬وحمله‬

‫العلماء على غسل يوم الجمعة‪ .‬وسيأتي مزيد من الدلة في مواضعها من البحث إن شاء‬ ‫ال‪.‬‬

‫وأما الجماع‪:‬‬

‫فلقيد أجميع الئمية المجتهدون على أن الغسيل للنظافية مسيتحب‪ ،‬والغسيل لصيحة العبادة‬

‫واجب‪ ،‬ول يغرف ف هذا مخالف‪.‬‬ ‫حكمة مشروعيته‪:‬‬

‫للغسل حكم كثيرة وفوائد متعددة‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫‪1‬ـ حصول الثواب‪:‬‬

‫لن الغ سل بالمع نى الشر عي عبادة‪ ،‬إذ ف يه امتثال ل مر الشرع وع مل بحك مه‪ ،‬و في هذا‬ ‫أجر عظيم‪ ،‬ولذا قال عليه الصلة والسلم‪ " :‬الطهور شطر اليمان " [رواه مسلم‪.]222 :‬‬ ‫أي نصفه أو جزء منه‪ ،‬وهو يشمل الوضوء والغسل‪.‬‬ ‫‪2‬ـ حصول النظافة‪:‬‬

‫فإذا اغتسل المسلم تنظف جسمه مما أصابه من قذر‪ ،‬أو علق به من وسخ‪ ،‬أو أفرزه من‬ ‫عرق‪ .‬وفي هذه النظافة وقاية من الجراثيم التي تسبب المراض‪ ،‬وتطييب الرائحة الجسم‪،‬‬ ‫مما يدعو لحصول اللفة والمحبة بين الناس‪.‬‬

‫روى البخاري (‪ ،)861‬ومسلم (‪ ،)847‬واللفظ له‪ ،‬عن عائشة رضي ال عنها قالت‪ :‬كان‬

‫الناس أهيل عميل‪ ،‬ولم يكين لهيم كفاة‪ ،‬فكان يكون لهيم تفيل‪ ،‬فقييل لهيم‪ " :‬لو اغتسيلتم يوم‬ ‫الجمعة "‪ .‬وفي رواية لهما‪ :‬فقال رسول ال ‪ " :‬لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا "‪.‬‬ ‫[كفاة‪ :‬أي من يكفونهم العمل من خدم وأجراء‪ .‬تقل‪ :‬رائحة كريهة]‪.‬‬

‫‪3‬ـ حصول النشاط‪:‬‬ ‫‪48‬‬

‫فإذا الج سم يكت سب بالغت سال حيو ية نشاطا‪ ،‬ويذ هب ع نه الفتور والخمول والك سل‪ ،‬ول‬ ‫سيما إذا كان بعد أسبابه الموجبة‪ ،‬كالجماع‪ ،‬على ما سيأتي‪.‬‬

‫أقسام الغسل‪:‬‬

‫والغسل قسمان‪ :‬غسل مفروض‪ ،‬وغسل مندوب‪.‬‬ ‫أولً ـ الغسل المفروض‪:‬‬

‫وهو الذي ل تصح العبادة المفتقرة إلى طهر بدونه‪ ،‬إذا وحدت أسبابه‪.‬‬ ‫أسبابه‪ :‬الجنابة والحيض والولدة والموت‪.‬‬

‫(‪ )1‬الجنـــابة‬ ‫معناها‪:‬‬

‫الجنا بة‪ :‬في الصل معناها البعد‪ ،‬قال تعالى‪( :‬فبصرب به عن ج نب) [سورة القصص‪:‬‬ ‫الية ‪ .]11‬أي‪ :‬عن بعد‪ .‬وتطلق الجنابة على المني المتدفق كما تطلق على الجماع‪.‬‬

‫وعليه فالجنب هو‪ :‬غير الطاهر‪ ،‬من إنزال أو جماع‪ .‬وسمي بذلك لنه بالجنابة بعد عن‬

‫أداء الصلة ما دام على هذه الحالة‪ .‬والجنب لفظ يستوي فيه المذكر جنب‪ ،‬ويقال للمؤنث‬ ‫جنب‪ ،‬ويقال للجمع جنب‪.‬‬

‫أسبابها‪:‬‬

‫وللجنابة سببان‪:‬‬ ‫الول‪ :‬نزول المني من الرجل أو المرأة بأي سبب من السباب‪ :‬سواء كان نزوله بسبب‬

‫احتلم‪ ،‬أو ملعبة‪ ،‬أو فكر‪.‬‬

‫عن أم سلمة ر ضي ال عنه ما قالت‪ :‬جاءت أم سليم إلى ر سول ال‬

‫فقالت‪ :‬يا ر سول‬

‫ال‪ ،‬إن ال ل يستحيي من الحق‪ ،‬فهل على المرأة غسل إذا احتلمت؟ فقال رسول ال‬

‫‪:‬‬

‫" نعم إذا رأت الماء " [رواه البخاري‪ ،278 :‬ومسلم ‪.]313‬‬ ‫[احتلمت‪ :‬رأت في نومها أنها تجامع]‪.‬‬

‫وروى أ بو داود (‪ )236‬وغيره عن عائ شة ر ضي ال عن ها قالت سئل ر سول ال‬

‫عن‬

‫الر جل ي جد البلل ول يذ كر احتلما؟ فقال " يغت سل "‪ .‬و عن الر جل يرى أن قد احتلم ول‬ ‫‪49‬‬

‫ي جد البلل؟ فقال‪ " :‬ل غ سل عل يه "‪ .‬فقالت أم سليم‪ :‬المرأة ترى ذلك‪ ،‬أعلي ها غ سل؟ قال "‬ ‫نعم " النساء شقائق الرجال "‪ .‬أي نظائرهم في الخلق والطبع‪ ،‬فكأنهم شققن من الرجال‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬الجماع ولو من غير نزول المني‪.‬‬

‫روى البخاري (‪ ،)278‬وم سلم (‪ ،)348‬عن أ بي هريرة ‪ ،‬عن ال نبي‬

‫قال‪ " :‬إذا جلس‬

‫بين شعبها الربع‪ ،‬ثم جهدها‪ ،‬فقد وجب عليه الغسل "‪ .‬وفي رواية مسلم ‪ " :‬وإن لم ينزل‬ ‫"‪.‬‬

‫[شعبها‪ :‬جمع شعبة‪ ،‬وهي القطعة من الشيء‪ ،‬والمراد هنا فخذا المرأة وساقاها‪ .‬جهدها‪:‬‬

‫كدها بحركته]‪.‬‬

‫و في روا ية ع ند م سلم (‪ ،)349‬عن عائ شة ر ضي ال عن ها‪ " :‬و مس الختان الختان ف قد‬

‫وجب الغسل " أي على الرجل والمرأة ل شتراكهما في السبب‪.‬‬

‫والختان‪ :‬موضيع الختين‪ ،‬وهيو عنيد الصيبي‪ :‬الجلدة التيي تغطيي رأس الذكير‪ .‬والمراد‬

‫بمماسة الختانين‪ :‬تحاذيهما‪ ،‬وهو كناية عن الجماع‪.‬‬

‫ما يحرم بها‪:‬‬

‫ويحرم بالجنابة المور التالية‪:‬‬

‫‪ 1‬ي الصلة فرضا‪ ،‬أو نفلً‪ ،‬لقوله تعالى‪( :‬ل تقربوا الصلة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما‬ ‫تقولون ول جنبا إل عابري سيبيل حتيى تغتسيلوا) [سيورة النسياء‪ :‬اليية ‪ .]43‬فالمراد‬ ‫بالصلة هنا مواضعها‪ ،‬لن العبور ل يكون في الصلة‪ ،‬وهو نهي للجنب عن الصلة من‬

‫باب أولى‪.‬‬

‫وروى مسلم (‪ )224‬وغيره‪ ،‬عن ابن عمر رضي ال عنهما قال‪ :‬إني سمعت رسول ال‬ ‫يقول‪ " :‬ل تق بل صلة بغ ير طهور "‪ .‬و هو يش مل طهارة المحدث والج نب‪ ،‬ويدل على‬

‫حرمة الصلة منهما‪.‬‬

‫‪2‬ي المكث في المسجد والجلوس فيه‪ ،‬أما المرور فقط من غير مكث ول تردد فل يحرم‪:‬‬

‫قال تعالى‪ ( :‬ول جنبا إل عابري سبيل) ‪ .‬أي ل تقربوا ال صلة مو ضع ال صلة ي و هو‬ ‫المسيجد يي إذا كنتيم جنبا إل قرب مرور وعبور سيبيل‪ .‬وقال رسيول ال ‪ " :‬ل أجيل‬ ‫المسجد لحائض‪ ،‬ول لجنب "‪.‬‬

‫‪50‬‬

‫[ رواه أبو داود‪ ،]232 :‬وهو محمول على المكث كما علمت من الية‪ ،‬ولما سيأتي في‬ ‫الحيض‪.‬‬

‫‪3‬ييي الطواف حول الكعبيية فرضا‪ ،‬أو نفلً‪ ،‬لن الطواف بمنزلة الصييلة‪ ،‬فيشترط له‬

‫الطهارة كال صلة‪ ،‬قال ر سول ال‬

‫الكلم‪ ،‬فمن تكلم فل يتكلم إل بخير "‬

‫ك " الطواف بالب يت صلة‪ ،‬إل أن ال أ حل ل كم ف يه‬

‫[رواه الحاكم‪ ،459 /1 :‬وقال‪ :‬صحيح السناد]‪.‬‬ ‫‪ 4‬ي قراءة القرآن‪ :‬قال ر سول ال‬

‫‪ " :‬ل تقرا الحائض‪ ،‬ول الج نب شيئا من القرآن "‪.‬‬

‫[رواه الترمذي‪ ،131:‬وغيره]‪.‬‬

‫ملحظة‪ :‬يجوز للجنب إمرار القرآن على قلبه من غير بلفظ به‪ ،‬كما يجوز له النظر في‬

‫المصحف‪ .‬ويجوز له قراءة أذكار القرآن بقصد الذكر‪ ،‬ل يقصد القراءة‪ ،‬وذلك كأن يقول‪:‬‬ ‫(ربنا أتنا في الدنيا حسنه وفي الخرة حسنة وقنا عذاب النار)[ سورة البقرة‪ :‬الية ‪.]201‬‬ ‫بق صد الدعاء‪ .‬وكأن يقول إذا ركب دابة‪( :‬سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين)‬

‫[الزخرف‪ ،]13 :‬بقصد الذكر ل بقصد القراءة‪.‬‬

‫‪ 5‬ي مس الم صحف وحمله أو مس ور قه‪ ،‬أو جلده‪ ،‬أو حمله في ك يس أو صندوق‪ :‬قال‬

‫تعالى‪(:‬ل يمسه إل المطهرون ) [الواقعة‪.]79 :‬‬

‫وقال ‪ " :‬ل يميس القرآن إل طاهير "[ رواه الدارقطنيي‪ ،121 /1 :‬ومالك فيي الموطيأ‬

‫مرسلً‪.]199 /1 :‬‬

‫ملحظية‪ :‬يجوز للجنيب حميل المصيحف إذا كان فيي أمتعية أو ثوب‪ ،‬ولم يقصيد حمله‬

‫بالذاب‪ ،‬بل كان حمله تبعا لحمل المتعة من القرآن‪ ،‬لن فاعل ذلك ل يسمى عرفا حاملً‬ ‫للقرآن‪.‬‬

‫‪51‬‬

‫(‪ )2‬الحيـــض‬

‫معناه‪:‬‬

‫حيض في اللغة‪ :‬السيلن‪ .‬يقال حاض الوادي إذا سال‪.‬‬

‫و في الشرع‪ :‬دم جبلة ي أي خل قة وطبي عة ي تقتض يه الطباع ال سليمة يخرج من أق صى‬

‫رحم المرأة بعد بلوغها على سبيل الصحة‪ ،‬في أوقات معلومة‪.‬‬ ‫دليله‪:‬‬

‫ودليل أن الحيض يوجب الغسل‪ :‬القرآن والسنة‪.‬‬ ‫أميا القرآن‪ :‬فقوله تعالى‪( :‬ويسيألونك عين المحييض قيل هيو أذى فأعتزلوا النسياء فيي‬

‫المح يض ول تقربو هن ح تى يطهرن فإذا تطهرن فأتو هن من ح يث أمر كم ال )[ سورة‬ ‫البقرة‪ :‬الية ‪.]222‬‬

‫وأ ما ال سنة ‪ :‬فقوله‬

‫لفاط مة ب نت أ بي حبيش ر ضي ال عنه ما‪ " :‬فإذا أقبلت الحي ضة‬

‫فدعيي الصيلة‪ ،‬وإذا أدبرت فاغسيلي عنيك الدم وصيلي " [رواه البخاري‪ ،226 :‬ومسيلم‬

‫‪.]333‬‬

‫سن البلوغ‪:‬‬

‫ل لتوجه الخطاب‬ ‫يقصد بالبلوغ السن التي إذا بلغها النسان ي ذكرا أو أنثى ي أصبح أه ً‬ ‫إليه بالتكليف الشرعية‪ :‬من صلة‪ ،‬وصوم‪ ،‬وحج‪ ،‬وغيرها‪.‬‬ ‫ويعرف البلوغ بأمور‪:‬‬

‫الول‪ :‬الحتلم بخروج المني‪ ،‬بالنسبة للذكر والنثى‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬رؤية دم الحيض بالنسبة للنثى‪ .‬والوقت الذي يمكن أن يحصل فيه الحتلم‪ ،‬أو‬

‫الحيض‪ ،‬فيكون قد تحقق البلوغ‪ ،‬هو استكمال تسع سنين قمرية من العمر‪ .‬ثم التأخر عن‬ ‫هذا الوقت أو عدم التأخر إنما يتبع طبيعة البلد‪ ،‬وظروف الحياة‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬با ستكمال الخام سة عشرة من الع مر‪ ،‬بال سنين القمر ية‪ ،‬إذا لم يح صل الحتلم أو‬

‫الحيض‪.‬‬

‫مدة الحيض‪:‬‬

‫وللحيض مدة دنيا‪ ،‬ومدى قصوى‪ ،‬ومدة غالبة‪:‬‬ ‫فالمدة الدنيا ي وهي أقل مدة الحيض ي يوم وليلة‪.‬‬ ‫‪52‬‬

‫والمدة القصوى ي وهي أكثر مدة الحيض ي خمسة عشر يوما بلياليها‪.‬‬ ‫والمدة الغالبة ي ستة أيام أو سبعة‪.‬‬

‫وأقل طهر بين الحيضتين خمسة عشر يوما‪ ،‬ول حد لكثر الطهر‪ ،‬فقد ل تحيض المرأة‬

‫سنة أو سنتين أو سنين‪ .‬وهذه التقاد ير مبنا ها ال ستقراء‪ ،‬أي تت بع الحوادث ي والوجود‪،‬‬

‫وقد وجدت وقائع أثبتتها‪.‬‬

‫فإذا رأت المرأة دما أقل من مدة الحيض ي أي أقل من يوم وليلة ي أو رأت الدم بعد مدة‬

‫أكثر الحيض ي أي أكثر من خمسة عشر يوما بلياليها ي ‪ ،‬اعتبر هذا الدم دم استحاضة‪،‬‬ ‫ل دم حيض‪ .‬وقد تميز دم الحيض عن دم الستحاضة بلونه وشدته‪.‬‬ ‫والستحاضة‪:‬‬

‫دم علة ومرض يخرج مين عرق مين أدنيى الرحيم يقال له العاذل‪ ،‬وهذا الدم ينقيض‬

‫الوضوء‪ ،‬ول يوجيب الغسيل‪ ،‬ول يوجيب ترك الصيلة ول الصيوم‪ ،‬فالمسيتحاضة تغسيل‬ ‫الدم‪ ،‬وتربط على موضعه‪ ،‬وتتوضأ لكل فرض‪ ،‬وتصلي‪.‬‬

‫روى أبو داود (‪ )268‬وغيره عن فاطمة بنت أبي حبيش‪ :‬أنها كانت تستحاض‪ ،‬فقال لها‬

‫النبي‬

‫‪ " :‬إذا كان دم الحيضة فإنه دم أ سود يعرف‪ ،‬فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلة‪،‬‬

‫فإذا كان الخر فتوضئي وصلي‪ ،‬فإنما هو غرق"‪.‬‬

‫[يعرف‪ :‬يغرفه النساء عادة‪ .‬عرق‪ :‬أي ينزف‪ .‬الخر‪ :‬الذي ليست صفته كذلك]‪.‬‬

‫روى البخاري (‪ )236‬ومسيلم (‪ )333‬عين عائشية رضيي ال عنهيا قالت‪ :‬جاءت فاطمية‬

‫بنت أبي حبيش إلى النبي‬

‫الصيلة؟ فقال رسيول ال‬

‫وقالت‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬إني امرأة استحاض فل أطهر‪ ،‬أفأدع‬

‫"ل‪ ،‬إنميا ذلك عرق ولييس بالحيضية‪ ،‬فإذا أقبلت الحيضية‬

‫فاتركي الصلة ‪ ،‬فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي"‪.‬‬

‫ما يحرم بالحيض‪:‬‬

‫‪1‬ي الصلة‪ :‬لحاديث فاطمة بنت أبي حبيش رضي ال عنها السابقة في الستحاضة‪.‬‬

‫‪2‬ي قراءة القرآن ومس المصحف وحمله لما مر ايضأ فيما يحرم بالجنابة رقم (‪.)5 ،4‬‬ ‫‪ -3‬المكث في المسجد ل العبور فيه‪ :‬لما مرّ معك فيما يحرم بالجنابة رقم(‪ .)2‬ومما يدل‬

‫على أن مجرد العبور ل يحرم‪ ،‬بالضافية لميا سيبق‪ :‬ميا رواه مسيلم(‪ )298‬وغيره عين‬

‫‪53‬‬

‫عائشة رضي ال عنها قالت‪:‬قال لي رسول ال‬

‫ن المَسْجدِ" ‪ .‬فَ ُقلْتُ‪:‬‬ ‫خ ْمرَة مِ َ‬ ‫‪ " :‬نَاولِيني الْ ُ‬

‫ستْ في يَ ِدكِ" ‪.‬‬ ‫ضتَكِ َليْ َ‬ ‫ح ْي َ‬ ‫إنّي حَائِضٌ‪ ،‬فقال‪ ":‬إنّ َ‬

‫خ ْم َرةِ إلى المَسْجدِ‬ ‫وعن النسائي(‪ )1/147‬عن ميمونة رضي ال عنها قالت‪ :‬تَقُومُ إحْدانا بِال ُ‬

‫َف َتبْسُطُها و ِهيَ حَائِضٌ‪.‬‬

‫[ الخمرة‪ :‬هي السجدة أو الحصير الذي يضعه المصلي ليصلي عليه أو يسجد]‪.‬‬ ‫‪ -4‬الطواف‪ :‬ودل على ذلك ما مّر في الجنابة‪ ،‬رقم (‪.)3‬‬

‫و ما رواه البخاري(‪ ،)290‬وم سلم(‪ ،)1211‬عن عائ شة ر ضي ال عن ها قالت‪ :‬خرج نا ل‬ ‫حضْ تُ‪ ،‬فدخل علىّ رسول ال‬ ‫س َرفٍ ِ‬ ‫نُرى إلّ الحجّ‪ ،‬فلمّا كنّا ب َ‬

‫وأنا أبكي‪ ،‬قال‪ " :‬مَا لَ كِ‬

‫ستِ؟" ُقلْ تُ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال‪ ":‬إنّ هَذا َأ ْمرُ َك َتبَ هُ الُ عَلى بَنا تِ آد مَ‪ ،‬فاقضِي مَا يَ ْقضِي الحاجّ‪،‬‬ ‫َأنَفِ ْ‬ ‫طهُري"‪.‬‬ ‫غير أن ل تطوفي بال َب ْيتِ"‪ .‬وفي رواية " حتى تَ ْ‬

‫[ل نرى ‪ :‬ل نظن أنفسنا إل محرمين بالحج‪ .‬بسرف‪ :‬مكان قرب مكة‪ .‬أنفستِ‪ :‬أحض تِ‪.‬‬

‫فاقضي‪ :‬افعلي ما يفعله الحاجّ من المناسك] ‪.‬‬

‫ويحرم على الحائض زيادة على ذلك أمور أخرى وهي‪:‬‬ ‫‪ -1‬عبور الم سجد والمرور ف يه إذا خا فت تلويثه‪ ،‬لن الدم ن جس ويحرم تلو يث الم سجد‬ ‫بالنجاسة وغيرها من القذار‪ ،‬فإذا أمنت التلويث حلّ لها المرور كما علمت‪.‬‬

‫‪ -2‬الصيوم‪ :‬فل يجوز للحائض أن تصيوم فرضا ول نفلً‪ ،‬ودلييل ذلك ما رواه البخاري(‬ ‫‪ ،)298‬وم سلم(‪ ،)80‬عن أ بي سعيد ر ضي ال ع نه‪ :‬أن ر سول ال‬

‫قال في المرأة و قد‬

‫ضتْ لَمْ ُتصَلّ َولَمْ َتصُمْ؟"‪.‬‬ ‫سئل عن معنى نقصان دينها‪َ " :‬أَل ْيسَ إذَا حَا َ‬ ‫وعلى ذلك الجماع‪.‬‬

‫وتقضيي الحائض ميا فاتهيا مين صيوم الفرض بعيد طهرهيا‪ ،‬ول تقضيي الصيلة‪ ،‬وإذا‬

‫طهرت‪ -‬أي انتهى حيضها – وجب عليها الصوم‪ ،‬ولو لم تغتسل‪.‬‬

‫روى البخاري(‪ ،)315‬ومسلم(‪ )335‬واللفظ له‪ ،‬عن معاذة قالت‪ :‬سألت عائشة رضي ال‬

‫عنها فقلت‪ :‬ما بال الحائض تقضي الصوم ول تقضي الصلة؟ قالت‪" :‬كان يصيبنا ذلك مع‬ ‫رسول ال‬

‫‪ ،‬فنؤمر بقضاء الصوم‪ ،‬ول نؤمر بقضاء الصلة"‪ .‬ولعل الحكمة في ذلك أن‬

‫الصلة تكثر فيشق قضاؤها بخلف الصوم‪.‬‬

‫‪54‬‬

‫‪ -3‬الو طء‪ -‬أي الجماع – وال ستمتاع والمباشرة ب ما ب ين ال سرة إلى الرك بة‪ :‬لقوله تعالى‪:‬‬ ‫ح ّتىَ‬ ‫ع َت ِزلُواْ النّ سَاء فِي ا ْلمَحِي ضِ وَلَ تَ ْق َربُوهُنّ َ‬ ‫سَألُونَكَ عَ نِ ا ْلمَحِي ضِ قُلْ ُهوَ أَذًى فَا ْ‬ ‫َويَ ْ‬

‫حبّ ا ْل ُمتَطَ ّهرِي نَ‬ ‫حبّ ال ّتوّابِي نَ َويُ ِ‬ ‫حيْ ثُ َأ َم َركُ مُ اللّ هُ إِنّ اللّ هَ يُ ِ‬ ‫ط ّهرْ نَ فَ ْأتُوهُنّ مِ نْ َ‬ ‫ط ُهرْ نَ فَإِذَا تَ َ‬ ‫يَ ْ‬ ‫[ البقرة ‪ .] 222:‬والمراد باعتزالهنّ ترك الوطء‪.‬‬ ‫وروى أبو داود(‪)212‬عن عبدال بن سعد ‪ :‬أنه سأل النبي‬

‫‪ :‬ما يحلّ لي من امرأتي‬

‫لزَارِ"‪ .‬والزار الثوب الذي ي ستر و سط الج سم و ما‬ ‫و هي حائ ضُ ؟ قال‪" :‬لَ كَ مَا فّو قَ ا ِ‬ ‫دون‪ ،‬وهو ما بين السرة إلى الركبة غالبا‪.‬‬

‫‪55‬‬

‫(‪ )3‬الـولدة‬ ‫الولدة‪ ،‬وهي وضع الحمل‪:‬‬

‫قد تكون الولدة ول يع قب خروج الولد دم‪ ،‬فحكم ها حينئذ ح كم الجنا بة‪ ،‬لن الولد‬

‫منع قد من ماء المرأة وماء الر جل‪ .‬ول يختلف الح كم مه ما اختلف الح مل الموضوع‪ ،‬أو‬

‫طري قة وض عه‪ .‬وإذا أع قب خروج الولد دم – و هو الغالب – سمى نفا سا‪ ،‬به أحكام إل يك‬ ‫بيانها‪.‬‬

‫النّفـاس‬ ‫معناه‪:‬‬

‫النفاس لغة‪ :‬الولدة ‪ .‬وشرعا‪ :‬الدم الخارج عقب الولدة‪ .‬وسمي نفاسا‪ ،‬لنه يخرج عقب‬ ‫خروج النفس‪ ،‬ويقال للمرأة نُفَساء‪.‬‬

‫والدم الذي يخرج أثناء الطلق‪ ،‬أو مع خروج الولد‪ ،‬ل يعتبر دم نفاس‪ ،‬لتقدمه على خروج‬

‫الولد‪ ،‬بيل يعتيبر دم فسياد‪ ،‬وعلى ذلك تجيب الصيلة أثناء الطلق ولو رأت الدم‪ ،‬وإذا لم‬ ‫تتمكن من الصلة ‪ ،‬وجب قضاؤها‪.‬‬

‫مدته‪:‬‬

‫وأقل مدة النفاس لحظة‪ ،‬وقد يمتد أياما‪ ،‬وغالبه أربعون يوما وأكثره ستون‪ ،‬فما زاد عليا‬ ‫فهو استحاضة والصل في هذا الستقراء‪ ،‬كما علمت في مدة الحيض‪.‬‬

‫ما يحرم بالنفاس‪:‬‬

‫أجمع العلماء على أن النفاس كالحيض في جميع أحكامه‪.‬‬ ‫رؤية الدم حال الحمل‪:‬‬

‫إذا رأت الحامل دما‪ ،‬وبلغت مدته أقل مدة الحيض – وهي يوم وليلة – ولم يتجاوز أكثر‬

‫مدة الحيض – وهي خمسة عشر يوما بلياليها‪ -‬اعتبر هذا الدم حيضا على الظهر‪ ،‬فتدع‬ ‫الصيلة والصيوم وكيل ميا يحرم على الحائض‪ .‬أميا إذا كان الدم الذي رأتيه أقيل مين مدة‬ ‫الحيض‪ ،‬أو أكثر من مدة أكثره‪ ،‬اعتبر القل والزائد دم استحاضة‪ ،‬وأخذ حكمه من حيث‬

‫الصلة وغيرها‪.‬‬

‫‪56‬‬

‫وقييل‪ :‬الدم الذي تراه المرأة الحاميل يعتيبر دم اسيتحاضة مطلقا كييف كان‪ ،‬ولييس دم‬ ‫ح يض‪ ،‬لن الح مل ي سد مخرج الح يض‪ ،‬وهذا الغالب الك ثر‪ ،‬وح يض المرأة أثناء الح مل‬

‫إن لم يكن ممتنعا فهو نادر جدا‪.‬‬ ‫مدة الحمل‪:‬‬

‫أقلّها‪ :‬وأقل مدة الحمل ستة أشهر أخذا من اليتين الكريمتين‪ :‬قوله تعالى‪ :‬وَفِصَالُهُ‬ ‫في عَا َميْنِ [لقمان‪ . ]14:‬أي فطامه عن الرضاع‪.‬‬

‫فإذا كانت مدة مجموع الحمل والرضاع ثلثين شهرا‪ ،‬وكانت مدة الرضاع وحده عامين‪،‬‬

‫كانت مدة الحمل ستة أشهر‪ ،‬وهي أقل مدته‪ ،‬فإذا جاءت المرأة بولد بعد الزواج بأقل من‬ ‫ستة أشهر وهو حي‪ ،‬ل يثبت نسبه لبيه‪.‬‬

‫غالبها‪ :‬وغالب مدة الحمل تسعة أشهر‪ ،‬أخذا من واقع الحال فإن عامة النساء يلدن بعد بدء‬ ‫الحمل بتسعة أشهر‪ ،‬أو يزيد على ذلك أياما قليلة‪ ،‬أو ينقص‪.‬‬

‫أكثرها‪ :‬وأكثر مدة الحمل عند الشافعي رحمه ال أربع سنين‪ ،‬وهي مدة أن لم تكن ممتنعة‬

‫فيهي نادرة للغاية‪ ،‬ولكنها تقع‪ ،‬وقد وقعت بالفعل‪ ،‬وعلى وقوعها بني الشافعي رحمه ال‬ ‫تعالى قوله‪.‬‬ ‫( ‪ ) 4‬المـوت‬ ‫إذا مات الم سلم و جب على الم سلمين تغ سيله‪ ،‬و هو وا جب كفائي‪ ،‬إذا قام به الب عض من‬ ‫أقربائه أو غير هم سقط الطلب عن الخر ين‪ ،‬وإذا لم ي قم به أ حد أثِ مَ الجم يع‪ .‬وت جب ن ية‬

‫الغسل على الغاسل ‪ .‬هذا في غير الشهيد‪ ،‬أما الشهيد فإنه ل يغسّل‪ ،‬وسيأتي تفصيل أحكام‬ ‫الميت في بحر الجنائز‪.‬‬

‫ودليل وجوب غسل الميت ما رواه ابن عابس رضي ال عنهما‪ :‬أنّ رَسُولَ الِ‬

‫سلُوهُ ِبمَاءٍ وَسِ ْدرٍ "‬ ‫صتْهُ نَا َقتُهُ‪ " :‬اغْ ِ‬ ‫حرِمِ الّذي وَ َق َ‬ ‫المُ ْ‬

‫[رواه البخاري‪ ،1208:‬ومسلم‪.]1206:‬‬ ‫[وقصته‪ :‬رمته وداست عنقه]‪.‬‬ ‫ثانيا – الغسل المندوب‪:‬‬

‫‪57‬‬

‫قال في‬

‫وبعبارة أخرى‪ :‬الغ سال الم سنونة‪ ،‬و هي ال تي ت صح ال صلة بدون ها‪ ،‬ول كن الشرع ندب‬ ‫إليها لعتبارات كثيرة ‪ ،‬وإليك بيانها‪:‬‬ ‫‪ -1‬غسل الجمعة‪:‬‬ ‫مشروعيته‪:‬‬

‫يُ سنّ الغ سل يوم الجم عة ل من ير يد حضور ال صلة‪ ،‬وإن لم ت جب عل يه الجم عة‪:‬‬ ‫كم سافرٍ أو امرأةٍ‪ ،‬أو صغير‪ ،‬وق يل‪ :‬ي سن الغ سل ل كل أ حد‪ ،‬ح ضر الجم عة أم ل – ان ظر‬

‫ج ُمعَةَ َف ْل َي ْغتَ سِلْ"‬ ‫مشروعية الغسل ص ‪ -72‬ودليل ذلك‪ ،‬قوله ‪" :‬إذَا َأرَادَ أَحَ ُدكُ مْ أَ نْ يَأْتي ال ُ‬

‫(رواه البخاري‪ ،837:‬وم سلم‪ ،844:‬والل فظ له)‪ .‬وال مر ه نا للندب‪ ،‬بدل يل قوله‬

‫‪" :‬مَ نْ‬

‫غتَسَلَ فَا ْلغُسْلُ أَ ْفضَلُ"‪( .‬رواه الترمذي‪. )497:‬‬ ‫ج ُمعَةَ َفبِها و ِن ْع َمتْ‪َ ،‬ومَنِ ا ْ‬ ‫َت َوضّأَ َيوْمَ ال ُ‬ ‫وقته‪:‬‬

‫ووقيت الغسيل يوم الجمعية يدخيل بأذان الفجير الصيادق‪ ،‬وتقريبيه مين ذهابيه إلى الجمعية‬ ‫أفضل‪ ،‬لنه أبلغ في حصول المقصود من الغسل وهو تطيب رائحة جسمه‪ ،‬وإزالة العرق‬

‫والرائحة الكريهة‪ ،‬لن السلم إنما سنّ غسل الجمعة من أجل اجتماع الناس‪ ،‬لئل يتأذى‬ ‫بعضهيم لرائ حة كري هة‪ ،‬لذلك ن هى ال نبي‬ ‫الصلوات في المساجد‪.‬‬

‫عن أ كل الثوم والب صل‪ ،‬ل من ير يد حضور‬

‫‪ -2‬غسل العيدين‪:‬‬ ‫مشروعيته‪:‬‬

‫وي سن الغ سل يوم ع يد الف طر‪ ،‬و يم ع يد الض حى‪ ،‬ل من أراد أن يح ضر ال صلة ول من لم‬

‫يحضر‪ ،‬لن يوم العيد يوم زينة ‪ ،‬فسنّ الغسل له‪.‬‬

‫ودليله‪ :‬ما رواه مالك في الموطأ(‪ )1/177‬أن عبدال بن عمر رضي ال عنهما كانَ َي ْغتَسِلُ‬

‫صلّى‪.‬‬ ‫طرِ‪َ ،‬قبْلَ أَنْ َيغْدُو إلى ال ُم َ‬ ‫َيوْمَ الفِ ْ‬ ‫وقيس بيوم الفطر يوم الضحى‪.‬‬

‫و َيعْضُد ع مل ال صحابي هذا‪ :‬قياس غ سل العيد ين على غ سل الجم عة‪ ،‬لن المع نى فيه ما‬

‫واحد‪ ،‬وهو التنظف لجتماع الناس‪.‬‬

‫وروى ابن ماجه (‪ )1315‬بسند فيه ضعف‪ ،‬عن ابن عباس‬

‫عنهما قال‪ :‬كان رسول ال‬

‫يغتسل يوم الفطر‪ ،‬ويوم الضحى ويقوي الحديث ما سبق من عمل الصحابي والقياس‪.‬‬ ‫‪58‬‬

‫وقته‪:‬‬

‫ووقت غسل العيدين يبدأ ينصف الليل من ليلة العيد‪.‬‬ ‫‪3‬ـ غسل الكسوفين‪ :‬كسوف الشمس‪ ،‬وخسوف القمر‪:‬‬ ‫مشروعيته‪:‬‬

‫ويسن الغسل لصلة كسوف الشمس‪ ،‬وخسوف القمر‪.‬‬ ‫ودلييل ذلك القياس على الجمعية لنهيا فيي معناهيا مين حييث مشروعيية الجماعية فيهيا‪،‬‬

‫واجتمع الناس لها‪.‬‬ ‫وقته‪:‬‬

‫ويدخل وقت الغسل للكسوفين ببدء الكسوفين‪ ،‬وينتهي بانجلئهما‪.‬‬ ‫‪4‬ـ غسل الستسقاء‪:‬‬ ‫أي لصيلة السيتسقاء يسين الغسيل قبيل الخروج لصيلة السيتسقاء‪ ،‬قياسيا على غسيل‬

‫الكسوفين‪.‬‬

‫‪5‬ـ الغسل من غسل الميت‪:‬‬

‫ويسن لمن غسل ميتا أن يغتسل‪.‬‬ ‫ودلييل ذلك قوله ‪" :‬مين غسيل ميتا فليغتسيل"‪[ .‬رواه أحميد وأصيحاب السينن وحسينه‬

‫الترمذي (‪ .])993‬وصرفه عن الوجوب قوله‬

‫‪ " :‬وليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا‬

‫غسلتموه" [رواه الحاكم‪.]1/386:‬‬ ‫‪6‬ـ الغسال المتعلقة بالحج‪:‬‬

‫(أ) الغسل للحرام بالحج أو العمرة‪:‬‬

‫ودليله ما رواه الترمذي (‪ )830‬عن زيد بن ثابت النصاري‬

‫‪ :‬أنه رأى النبي‬

‫"تجرد‬

‫لهلله واغتسل"‪.‬‬

‫[تجرد لهلله‪ :‬أي نزع ثياب للحرام‪ ،‬والهلل‪ :‬ر فع ال صوت بالتلب ية ع ند الحرام‪،‬‬

‫ويطلق على الحرام نفسه]‪.‬‬

‫(ب) الغسل لدخول مكة‪ :‬ودليله‪ :‬أن ابن عمر‬

‫كان ل يقدم مكة إل بات بذي طوى حتى‬

‫ي صبح ويغت سل‪ ،‬ثم يد خل م كة نهارا‪ ،‬وكان يذ كر عن ال نبي‬ ‫‪ ،1478‬ومسلم‪ ،1259 :‬واللفظ له)‪.‬‬ ‫‪59‬‬

‫أ نه فعله‪( .‬رواه البخاري‪:‬‬

‫(ج) الغسل للوقوف بعرفة بعد الزوال‪:‬‬

‫والفضل أن يكون بنمرة قرب عرفات‪.‬‬

‫ودليله‪ :‬أن عليا‬

‫كان يغتسل يوم العيدين ويوم الجمعة‪ ،‬ويوم عرفة‪ ،‬وإذا أراد أن يحرم‬

‫(‬

‫‪)1‬‬

‫وروى مالك في المو طأ (‪ )1/322‬عن نا فع‪ :‬أن عبدال بن ع مر‬

‫كان يغت سل لحرا مه‬

‫قبل أن يحرم‪ ،‬ولدخوله مكة‪ ،‬ولوقوفه عشية عرفة‪.‬‬

‫(د) الغسل لرمي الجمار في كل يوم من أيام التشريق الثلثة بعد الزوال‪:‬‬

‫لثار وردت في ذلك كله‪ ،‬ولنها مواضع اجتماع الناس فأشبه الغسل لها غسل الجمعة‪.‬‬

‫والجمار‪ :‬هي الواضع الني يرمى فيها الحصى بمنى‪ ،‬وتطلق أيضا على الحصيات التي‬ ‫يرمى بهن‪.‬‬

‫(هـ) الغسل لدخول المدينة المنورة‪:‬‬

‫إن تيسير له ذلك‪ ،‬قياسيا على اسيتحبابه لدخول مكية‪ ،‬لن كلً منهميا ببلد محرم‪ ،‬فإن لم‬

‫يستطع اغتسل قبل دخول مكة‪ ،‬لن كلً منهما بلد محرم‪ ،‬فإن لم يستطع اغتسل قبل دخوله‬ ‫مسجد النبي‬

‫‪.‬‬

‫الكيفية الواجبة‪:‬‬

‫هي عبارة عن أمرين‪ ،‬يعبر عنهما في الفقه بفرائض الغسل‪:‬‬

‫الول‪ :‬النية عند البدء يغسل الجسم‪ ،‬لحديث‪" :‬إنما العمال بالنيات"‪.‬‬

‫وكيفيتها‪ :‬أن يقول بقلبه ي وإذا تلفظ بلسانه كان أفضل ي ‪ :‬نويت فرض الغسل أو نويت‬

‫رفع الجنابة‪ ،‬أو استباحة الصلة‪ ،‬أو استباحة مفتقر إلى غسل ‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬غسل جميع ظاهر الجسم بالماء‪ ،‬بشرة وشعرا‪ ،‬مع إيصال الماء إلى باطن الشعر‬

‫وأصوله‪.‬‬

‫روى البخاري (‪ ،)253‬عن جابر ‪ ،‬وقد سئل عن الغسل‪ ،‬فقال‪ :‬كان النبي‬

‫أكف ويفضها على رأسه‪ ،‬ثم يفيض على سائر جسده ‪.‬‬

‫يأخذ ثلثة‬

‫[أكيف‪ :‬أي عرفات بكفييه‪ ،‬كميا ورد فيي روايية عنيد مسيلم (‪" :)329‬ثلث حفنات"‪.‬‬

‫[والحفنة‪ :‬ملء الكفين‪ .‬يفيضها‪ :‬يصبها‪ .‬سائر‪ :‬باقي]‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫رواه الشافعي في مسنده (الم‪.)107 /6 :‬‬ ‫‪60‬‬

‫وعند مسلم (‪ )330‬وغيره‪ ،‬عن على‬

‫قال‪ :‬سمعت رسول ال‬

‫يقول‪" :‬من ترك موضع‬

‫شعره من جنابة لم يصيبها الماء فعل ال به كذا وكذا من النار"‪ .‬قال علي‪ :‬فمن ثم عاديت‬ ‫شعري ‪.‬وكان يجز شعره‬

‫أي يحلقه‪.‬‬

‫الكيفية المسنونة‪:‬‬

‫ويعبر عنها في الفقه بسنن الغسل‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫‪1‬يي يغسيل يده خارج إناء الماء ثيم يغسيل بيسياره فرجيه على بدنيه مين قذر‪ ،‬ثيم يدلكهيا‬

‫بمنظف‪.‬‬

‫روى البخاري (‪ ، )254‬وم سلم (‪ ،)317‬عن ا بن عباس‬

‫لل نبي‬

‫قال‪ :‬قالت ميمو نة ‪ :‬وض عت‬

‫ماء للغ سل فغ سل يد يه مرت ين أو ثلثا ثم أفرغ على شماله‪ ،‬فغ سل مذاكيره‪ ،‬ثم‬

‫مسح يديه بالرض‪.‬‬

‫‪2‬ي يتوضأ وضوءا كاملً‪ ،‬وأن أخر رجليه حتى نهاية الغسل فل بأس‪.‬‬ ‫‪3‬ي يخلل شعر رأسه بماء‪ ،‬ثم يغسل رأسه ثلثا‪.‬‬ ‫‪4‬ي يغسل شقه اليمن ثم اليسر‪.‬‬

‫دل على هذه السينن ميا رواه البخاري (‪ ،)245‬ومسيلم (‪ ،)316‬عين عائشية رضيي ال‬

‫عن ها‪ :‬أن ال نبي‬

‫كان إذا أغت سل من الجنا بة بدأ فغ سل يد يه‪ .‬و في روا ية ع ند م سلم‪ :‬ثم‬

‫يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه‪ .‬وعند البخاري (‪ )246‬عن ميمونة رضي ال عنها‪:‬‬

‫وغسل فرجه وما أصابه من الذى‪ ،‬ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلة‪ ،‬ثم يدخل أصابعه في‬

‫الماء فيخلل بها أصول شعره‪ ،‬ثم يصب على رأسه ثلث غرف بيده ثم يفيض الماء على‬

‫جلده كله‪.‬‬

‫ودل على اسيتحباب البدء بالشيق اليمين ميا رواه البخاري (‪ ،)166‬ومسيلم (‪ ،)268‬عين‬

‫عائ شة ر ضي ال عن ها قالت‪ :‬كان ال نبي‬

‫يعج به التي من في تنعله وترجله وطهوره و في‬

‫شأنه كله‪ [.‬ترجله‪ :‬تسريح شعر رأسه‪ .‬طهوره‪ :‬وضوئه وغسله]‪.‬‬

‫‪5‬يي يدلك جسيمه ويولي يي أي بتتابيع يي بيين غسيل العضاء‪ ،‬خروجا مين خلف مين‬

‫أوجب ذلك وهم الملكية‪.‬‬

‫‪61‬‬

‫‪ 6‬ي يتعهد معاطفه بالغسل‪ ،‬وذلك بان يأخذ الماء فيغسل كل موضع من جسمه فيه‬ ‫انعطاف أو التواء‪ ،‬كالذنين وطيات البطن وداخل السرة والبط ‪ ،‬وإن غلب على ظنه أن‬ ‫الماء ل يصل غليهما إل بذلك كان واجبا‪.‬‬

‫‪7‬ي تثليث أعمال الغسل قياسا على الوضوء‪.‬‬

‫مكروهات الغسل‪:‬‬

‫‪1‬ي السراف في الماء لما مر معك في مكروها الوضوء‪ ،‬ولنه خلف فعله ‪.‬‬

‫روى البخاري (‪ ،)198‬ومسيلم (‪ ،)325‬عين أنيس‬ ‫بالصاع إلى خمسة أمداد ‪ ،‬ويتوضأ بالمد‪.‬‬

‫وروى البخاري (‪ ،)349‬وم سلم (‪ ،)327‬عن جابر‬

‫قال‪ :‬كان النيبي‬

‫يغتسيل‬

‫و قد سئل عن الغ سل فقال‪:‬‬

‫يكفيك صاعا‪ ،‬فقال رجل‪:‬ما يكفيني؟ فقال جابر كان نكفي من هو أوفي منك شعرا وخير‬

‫منك‪.‬‬

‫[ أو في‪ :‬أك ثر‪ ،‬ويع ني ال نبي ‪ .‬وال صاع‪ :‬أرب عة أمداد‪ ،‬وال مد‪ :‬ي ساوي مكعبا طول‬

‫حرفه ‪9 ،2‬سم]‪.‬‬

‫‪ 2‬ي الغت سال في الماء الرا كد‪ :‬ل ما رواه م سلم (‪ ،)283‬وغيره‪ ،‬عن أ بي‬ ‫هريرة‬

‫أن ال نبي‬

‫قال‪" :‬ل يغت سل أحد كم في الماء الدائم و هو ج نب"‪ .‬فقالوا‪:‬‬

‫يا أ با هريرة‪ .‬ك يف يف عل؟ قال‪ :‬يتناوله تناولً‪ .‬أي يأخذه بيده‪ ،‬أو بإناء صغير‪.‬‬

‫وينوي الغتراف إن كان الماء قليلً‪ ،‬حتيى ل يصيير مسيتعملً بمباشرتيه بجزء‬ ‫ل من الماء من الوعاء قبل أن ينوي رفع الجنابة‪ ،‬ثم ينوي‬ ‫من بدنه‪ .‬أو يأخذ قلي ً‬

‫ويغسل به يده‪ ،‬ثم يتناول بها الماء‪.‬‬ ‫والحك مة من هذا الن هي‪ :‬أن الن فس تتقزز من النتفاع بالماء المغت سل ف يه بأي و جه‪ ،‬إلى‬

‫جانب إضاعة الماء‪ ،‬بخروجه عن صلحيته للتطهير‪ ،‬إن كان أقل من قلتين‪ ،‬لنه يصبح‬

‫مسيتعملً بمجرد الغتسيال فييه‪ ،‬والناس فيي الغالب يحتاجون إلى النتفاع بالماء الراكيد‪،‬‬

‫فلذلك نهي عن الغتسال فيه‪.‬‬

‫التـيَمّم‬

‫‪62‬‬

‫يسر السلم‪:‬‬

‫علم نا أن الوضوء شرط ل صحة الصيلة‪ ،‬والطواف‪ ،‬و مس الم صحف وحمله‪ ،‬والوضوء‬

‫إنميا يكون بالماء‪ ،‬إل أن النسيان قيد يتعذر علييه اسيتعمال الماء‪ :‬إميا لفقده‪ ،‬أو بعده‪ ،‬أو‬ ‫لمرض يم نع من ا ستعماله‪ ،‬ف من ي سر ال سلم و سماحته أ نه شرع التي مم بالتراب الطا هر‬

‫عوضا عن الوضوء أو الغسل‪ ،‬حتى ل يحرم المسلم من بركة العبادة‪.‬‬ ‫معنى التيمم‪:‬‬

‫والتيمم في اللغة‪ :‬القصد‪ ،‬يقال‪ :‬تيممت فلنا أي قصدته‪.‬‬ ‫والتيمم في الشرع‪ :‬إيصال تراب طهور للوجه واليدين بنية‪ ،‬وعلى وجه مخصوص‪.‬‬

‫دليل مشروعيته الكتاب والسنة‪:‬‬

‫أ ما الكتاب فقوله تعالى‪( :‬وإن كن تم مر ضى أو على سفر أو جاء أ حد من كم من الغائط أو‬

‫لمسيتم النسياء فلم تجدوا ماء فتيمموا صيعيدا طيبا‪ ،‬فامسيحوا بوجوهكيم وأيديكيم منيه)‪.‬‬ ‫(سورة المائدة‪.)6:‬‬ ‫وأما السنة فقوله‬

‫‪ " :‬وجعلت لنا الرض كلها مسجدا‪ ،‬وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم‬

‫نجد الماء "[رواه مسلم‪.]522 :‬‬ ‫أسباب التيمم‬

‫‪ 1‬ي ف قد الماء ح سا‪ :‬كأن كان في سفر ولم ي جد ماء‪ ،‬أو فقده شرعا‪ :‬وذلك كأن كان م عه‬

‫ماء ولكنيه يحتاج إلييه لشربيه‪ ،‬قال تعالى‪( :‬فلم تجدوا ماء فتيمموا)‪ .‬والمحتاج إلييه لشربيه‬ ‫ونحوه في حكم المفقود بالنسبة للطهارة‪.‬‬

‫‪ -2‬بعد الماء عنه‪ :‬فإذا كان بمكان ل ماء فيه‪ ،‬وبينه وبين الماء مسافة فوق نصف فرسخ‬

‫– أي ما يساوي أكثر من كيلوين متر ونصف الكيليو متر(‪2.5‬كم) – فإنه يتيمم ول يجب‬

‫عليه أن يسعى إلى الماء للمشقة‪.‬‬

‫‪ -3‬تعذر استعمال الماء‪ :‬إما حسا‪ ،‬وذلك كأن الماء قريبا منه لكنه كان بقربه عدو يخاف‬

‫منه‪.‬‬

‫وإميا شرعا‪ :‬وذلك كأن يُخاف مين اسيتعمال الماء حدوث مرض‪ ،‬أو زيادتيه‪ ،‬أو تأخير‬

‫الشفاء‪ .‬ففي هذه الحالت يتيمم ول يجب عليه استعمال الماء لقوله‬

‫‪63‬‬

‫في الذي شجّ رأسه‬

‫عَليْ ها‬ ‫جرْ حه خر قة ثُمّ َيمْ سَحَ َ‬ ‫صبَ على ُ‬ ‫ثم اغت سل فمات‪":‬إنّ ما كا نَ َيكْفِي هِ أّن َي َت َيمّ مَ َو َيعْ ِ‬ ‫َو َيغْسِلَ سَا ِئرَ جَسَ ِدهِ" ‪.‬‬

‫[انظر دليل مشروعية المسح على الجبيرة] ‪.‬‬ ‫‪ -4‬البرد الشد يد‪ :‬الذي يخاف م عه ا ستعمال الماء‪ ،‬ولم يقدر على ت سخينه‪ ،‬لن عمرو بن‬

‫العاص رضي ال عنه تيمم عن جنابة لخوف الهلك من البرد‪ ،‬وأقره النبي‬

‫‪[ .‬رواه أبو‬

‫داود‪ ،‬وصححه الحاكم وابن حبان]‪ .‬لكنه يقضي الصلة في هذه الحالة عند وجود الماء‪.‬‬ ‫شرائط التيمم‪:‬‬

‫‪ -1‬العلم بدخول الوقت‪.‬‬

‫‪ -2‬طلب الماء بعد دخول الوقت‪.‬‬ ‫جصّ فيه‪.‬‬ ‫‪ -3‬التراب الطهور الذي ل غبار ول دقيق ول ِ‬ ‫‪ -4‬أن يزيل النجاسة أولً‪.‬‬ ‫‪ -5‬وأن يجتهد في القبلة قبله‪.‬‬

‫أركانه‪:‬‬

‫وأركان التيمم أربعة وهي‪:‬‬

‫‪ -1‬النية‪ :‬ومحل ها القلب ك ما علمت‪ ،‬فيق صد في قلبه فعل التي مم‪ ،‬وي سن أن يتل فظ بل سانه‬ ‫فيقول‪ :‬نويت استباحة الصلة‪ ،‬أو فرض الصلة‪ ،‬أو نفلها‪ ،‬ونحو ذلك مما يقصد فعله‪ ،‬فإذا‬

‫نوى استباحة الفرض جاز له فعل النوافل معه‪.‬‬

‫‪ -2‬مسيح وجهيه ويدييه إلى المرافقيين بضربتيين وذلك بأن يضرب بكفييه على التراب‬

‫الطاهر الذي له غبار ويمسح بهما جميع وجهه‪.‬‬

‫ويضرب بيديه ثانية على التراب‪ ،‬ويمسح بهما يديه إلى المرفقين ويمسح بيده اليسرى يده‬

‫اليمنى‪ ،‬وبيده اليمنى يده اليسرى‪.‬‬

‫روى الدارقطنيي(‪ )1/256‬عين ابين عمير رضيي ال عنهميا عين النيبي‬

‫ض ْربَتانِ‪ :‬ضرب ٌة للوجه وضربةٌ لليدين إلى المرفقين"‪.‬‬ ‫َ‬

‫قال‪" :‬التيمّمي‬

‫وي ستوعب العضو بالم سح‪ ،‬فإذا كان في يده خا تم و جب نز عه في الضربة الثانية‪ ،‬حتى‬

‫يصل التراب إلى موضعه‪.‬‬

‫‪64‬‬

‫‪ -3‬الترتيب على هذا الشيكل الذي ذكرنا‪ :‬لن التيمم بدل عن الوضوء ‪ ،‬والترتيب ركن‬ ‫في الوضوء كما علمت‪ ،‬فهو ركن في بدله من بابٍ أولى‪.‬‬ ‫سنن التيمم‪:‬‬

‫‪ -1‬يسن فيه ما يسن في الوضوء‪ ،‬من التسمية أوله‪ ،‬وأن يبدأ بأعلى الوجه‪ ،‬ويقدم اليد‬

‫اليمنى بالمسح على اليسرى‪ ،‬كما علمت‪ ،‬وأن يمسح جزءا من الرأس وجزءا من العضد‪،‬‬ ‫وأن يوالي بين مسح الوجه واليدين‪ ،‬وأن يتشهد بعده ويدعو بالدعاء المأثور بعد الوضوء‪.‬‬

‫روى أبو داود (‪ )318‬عن عمار بن ياسر رضي ال عنهما‪ :‬أنهم تمسحوا وهم مع رسول‬

‫ال‬

‫بال صعيد ل صلة الف جر‪ ،‬فضربوا بأكف هم ال صعيد مرة أخرى‪ ،‬فم سحوا بأيدي هم كل ها‬

‫إلى المناكب والباط من بطون أكفهم‪.‬‬

‫[ المناكب‪ :‬جمع منكب‪ ،‬وهو مجتمع العضد مع الكتف‪،‬‬

‫والباط‪ :‬جمع إبط‪ ،‬وهو ما تحت المنكب]‪.‬‬

‫‪ -2‬تفرييق الصيابع عنيد الضرب على التراب‪ ،‬إثارة للغبار‪ ،‬واسيتيعاب الوجيه بضربية‬

‫واحدة‪ ،‬وكذلك اليدين‪.‬‬

‫‪ -3‬تخفيف التراب‪ ،‬بنفض الكفين أو النفع فيهما‪ ،‬لما رواه البخاري من حديث عمار بن‬

‫ياسر رضي ال عنه‪ :‬أن رسول ال‬

‫صنَعَ َهكَذَا" فضرب بكفيه‬ ‫قال له ‪ ":‬إنّما َيكْفي كَ أَ نْ ت ْ‬

‫ضربة على الرض ثم نفضهما – وفي رواية أخرى ‪ :‬ونفخ فيهما – ثم مسح بهما‪.‬‬ ‫التيمم بعد دخول الوقت‪:‬‬

‫من توفرت فيه أسباب التيمم ليس له أن يتيمم لصلة الفريضة إل بعد دخول وقتها‪ ،‬لقوله‬ ‫ْهي الصيّلةُ َف ْليُصيلّ" [رواه البخاري‪ ]328:‬وعنيد أحميد (‬ ‫ِني أُمتيي أَ ْد َر َكت ُ‬ ‫‪َ ":‬فَأيّميا رَجُلٍ م ْ‬

‫‪":)2/222‬أينما أدركتني الصلة تمسحت وصليت" أي تيممت وصليت‪ .‬فقد دلت الروايتان‬ ‫على أن التيمم يكون عند إدراك الصلة‪ ،‬ول يكون إدراك الصلة إل بعد دخول وقتها‪.‬‬ ‫التيمم لكل فريضة‪:‬‬

‫ول يصلي بالتيمم إل فرضا واحدا‪ ،‬ويصلي ما شاء من السنن وكذلك صلة الجنازة‪ ،‬فإذا‬ ‫أراد أن ي صلي فرضا آ خر تي مم‪ ،‬وإن لم يحدث بعدد تيم مه الول‪ ،‬و سواء كا نت ال صلة‬ ‫أداءً أم قضاءً ‪.‬‬

‫‪65‬‬

‫روى البيهقي (‪ )1/221‬بإسناد صحيح‪ ،‬عن ابن عمر رضي ال عنهما قال‪ " :‬يتيمم لكل‬ ‫صلة وإن لم يحدث " ‪.‬‬

‫التيمم بدل الغسل فريضة‪:‬‬

‫يكون التي مم – ع ند تو فر أ سبابه – بدل الغ سل ل من كان في حا جة إل يه‪ ،‬ك ما يكون بدل‬

‫الوضوء‪.‬‬

‫قال تعالى‪ :‬وإن كنتم جنبا فاطهروا وأن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من‬

‫الغائط أو لمستم النساء فلم تجدوا ماءً فتيمموا‬

‫[المائدة‪]6:‬‬

‫[ الغائط ‪ :‬مكان قضاء الحاجة‪ .‬لمستم‪ :‬لمستم]‪.‬‬

‫وروى البخاري(‪ ،)341‬ومسلم (‪ ،)682‬عن عمران بن حصين رضي ال عنهما قال‪:‬كنّا‬

‫ميع رسيول ال‬

‫فيي سيفر‪ ،‬فصيلى بالناس‪ ،‬فإذا هيو برجيل معتزل‪ ،‬فقال‪":‬ميا منعيك أن‬

‫ت صلي" ؟ قال‪ :‬أ صابتني جنا بة ول ماء‪ ،‬قال ‪" :‬عل يك بال صعيد فإ نه يكف يك" وال صعيد‪ :‬ما‬ ‫صعد على وجه الرض من التراب‪.‬‬ ‫مبطلته‪:‬‬

‫يبطل التيمم وينقضه أمور‪:‬‬

‫‪ -1‬كل ما يبطل الوضوء من النواقض التي ذكرت في الوضوء‪.‬‬ ‫‪ -2‬وجود الماء بعد فقده‪ :‬لن التيمم بدل الماء‪ ،‬فإذا وجد الصل بطل البدل‪.‬‬

‫روى أبو داود (‪ )332‬وغيره‪ ،‬عن أبي ذر رضي ال عنه‪ :‬أن رسول‬

‫قال‪ ":‬إن الصعيد‬

‫الط يب طهور الم سلم‪ ،‬وإن لم ي جد الماء ع شر سنين‪ ،‬فإذا و جد الماء فليم سه بشر ته‪ ،‬فإن‬ ‫ذلك خير"‪.‬‬

‫[ فليمسه بشرته‪ :‬فليتطهر به‪ ،‬وهذا يدل على بطلن تيممه بوجود الماء]‪.‬‬

‫ولوجود الماء بعد انقضاء الصلة فقد صحُت صلته ‪ ،‬وليس عليه قضاؤها‪.‬‬

‫وكذلك لو وجده ب عد شرو عه في ال صلة فإ نه يتم ها و هي صحيحة‪ ،‬ولو قطع ها ليتو ضأ‬

‫ويصلي بالوضوء كان أفضل‪.‬‬

‫‪ -3‬القدرة على استعمال الماء‪ :‬كمن كان مريضا فبريء‪.‬‬

‫‪ -4‬الردة عين السيلم والعياذ بال تعالى‪ :‬لن التيميم للسيتباحة وهيي منتفيية ميع‬ ‫الردة‪ ،‬بخلف الوضوء والغسل فإنهما رفع للحدث‪.‬‬ ‫‪66‬‬

‫****‬

‫الصّـــلَة‬ ‫معنى الصلة‪:‬‬

‫تطلق كل مة ال صلة في الل غة العربي ية على الدعاء بخ ير‪ .‬قال ال تعالى‪ :‬و صل علي هم‬

‫إن صلتك سكن لهم [التوبة‪ ]103:‬أي ادع ال لهم بالمغفرة‪.‬‬

‫أميا فيي اصيطلح الفقهاء‪ :‬فتطلق كلمية الصيلة على أقوال وأفعال مخصيوصة‪ ،‬تفتتيح‬

‫بالتكبير وتختتم بالتسليم‪ .‬سميت صلة لنها تشتمل على الدعاء ولنه الجزء الغالب فيها‪،‬‬ ‫إطلقا لسم الجزء على الكل‪.‬‬

‫حكمتها‪:‬‬

‫للصلة حِكمٌ وأسرار كثيرة تلخصها فيما يلي‪:‬‬

‫‪67‬‬

‫أولً‪ :‬أن ينتبه النسان إلى هويته الحقيقة‪ ،‬وعي أنه عبدٌ مملوك ل عز وجل‪ ،‬ثم أن يظل‬ ‫متذكرا لها‪ ،‬بحيث كلما أنسته مشاغل الدنيا وعلقاته بالخرين هذه الحقيقة جاءت الصلة‬ ‫فذكرته من جديد بأنه عبد مملوك ل عز وجل‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أن ي ستقر في ن فس الن سان أ نه ل يو جد مع ين ومن عم حقي قي إل ال عز و جل وإن‬

‫كان يرى في الدنيا وسائط وأسبابا كثيرة يبدو – في الظاهر‪ -‬أنها هي التي تعين وتنعم‪،‬‬ ‫ول كن الحقي قة أن ال سخرها جميعا للن سان‪ .‬فكل ما غ فل الن سان وا سترسل مع الو سائط‬

‫الدنيوية الظاهرة‪ ،‬جاءت الصلة تذكرة بأن المسبب هو ال وحده المعين والمنعم‪ ،‬والضار‬ ‫والنافع‪ ،‬والمحيي والمميت‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬أن يتخذ النسان منها ساعة توبة يتوب فيها عما يكون قد اقترفه من الثام‪،‬‬

‫إذ النسان معرّض‪ ،‬في ساعات يومه وليله‪ ،‬لكثير من المعاصي التي قد يشعر بها وقد ل‬

‫يشعر‪ ،‬فتكون صلته المتكررة بين الحين والخر تطهيرا له من تلك المعاصي والوزار‪.‬‬ ‫و قد أو ضح ر سول ال‬

‫ذلك في الحد يث الذي رواه م سلم (‪ ،)668‬عن جابر بن عبدال‬

‫رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال‬

‫غمْر على‬ ‫‪" :‬مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار َ‬

‫باب أحدكم‪ ،‬يغتسل منه كل يوم خمس مرات" قال‪ :‬قال الحسن‪ :‬وما يبقى ذلك من الدرن؟‪.‬‬

‫[غ مر‪ :‬كث ير المياه‪ .‬الدرن‪ :‬الو سخ‪ ،‬والمراد ه نا الدرن المعنوي و هو الذنوب‪ ،‬ويدل على‬

‫ذلك روا ية أ بي هريرة‬

‫بهن الخطايا" ]‬

‫ع ند م سلم أيضا(‪" :)667‬فذلك م ثل ال صلوات الخ مس يم حو ال‬

‫رابعا‪ :‬أن تكون غذاءً مستمرا لعقيدة اليمان بال تعالى في قلبه‪.‬‬

‫فإن ملهيات الدن يا وو ساوس الشيطان من شأن ها أن تن سى الن سان هذه العقيدة وإن كا نت‬ ‫مغرو سة في قل به‪ ،‬فإذا ا ستمر في ن سيانه ب سبب ان صرافه إلى ضج يج الهواء والشهوات‬ ‫والصدقاء تحوّل النسيان إلى جحود وإنكار‪ ،‬كالشجرة التي قطع عنها الماء تذبل حينا من‬

‫الز من ثم يتحول الذبول إلى موت وتتحول الشجرة إلى ح طب يا بس‪ .‬ول كن الم سلم إذا ما‬ ‫ثابر على الصلة‪ ،‬كانت غذاءً ليمانه‪ ،‬ولم تعد الدنيا وملهياتها قادرة على إضعاف اليمان‬ ‫في قلبه أو أمانته‪.‬‬

‫تاريخ مشروعيتها‪:‬‬

‫‪68‬‬

‫ال صلة من العبادات القدي مة في مشروعيت ها‪ ،‬ف قد قال تعالى عن سيدنا إ سماعيل عل يه‬ ‫السيييلم‪ :‬وكان يأمر أهله بالصلة والزكاة وكان عند ربه مرضيا [مريم‪ ،]55:‬فقد‬ ‫عرفتها الحنيفية التي بعث بها إبراهيم‪ ،‬وعرفها أتباع موسى عليه السلم‪ ،‬وقال تعالى على‬ ‫لسان عيسى عليه السلم‪ :‬وأوصاني بالصلة والزكاة ما دمت حيا [مريم‪]31:‬‬ ‫وعند ما ب عث نبي نا مح مد‬

‫كان ي صلي ركعت ين كل صباح وي صلي ركعت ين كل م ساء‪،‬‬

‫قيل‪ :‬وهما المقصودتان بقول ال تعالى خطابا لنبيه ‪ :‬وسبح بحمد ربك بالعشي والبكار‬ ‫[المؤمن‪]55:‬‬

‫الصلوات المكتوبة‪:‬‬

‫وهيي الصيلوات المفروضية على كيل مسيلم مكلف وهيي ‪ :‬الصيبح والظهير والعصير‬ ‫والمغرب والعشاء‪ .‬شر عت هذه ال صلوات ليلة أ سريَ بر سول ال‬ ‫عرج به إلى ال سماوات‪ ،‬ف قد فرض ال على نبيه‬

‫إلى ب يت المقدس ثم‬

‫و سائر الم سلمين خم سين صلة في‬

‫اليوم والليلة‪ ،‬ثم خفف ها ال عز و جل إلى خ مس صلوات‪ ،‬ف هي خم سٌ في الداء والف عل‬ ‫وخمسون في الجر‪.‬‬

‫جاء في حديث السراء والمعراج الذي رواه البخاري(‪،)342‬ومسيلم (‪ ،)163‬أن رسول‬

‫ال‬

‫قال‪" :‬فرج عن سقف بي تي وأ نا بم كة‪ ،‬فنزل جبر يل ‪ ..‬ثم أ خذ بيدي فعرج بي إلى‬

‫السيماء‪ ...‬ففرض ال على أمتيي خمسيين صيلة ‪ ...‬فراجعتيه فقال‪ :‬هيي خميس وهيي‬ ‫خمسون ل يبدل القول لدي" ‪.‬‬

‫وال صحيح أن حاد ثة ال سراء كا نت ق بل هجرة ال نبي عل يه ال صلة وال سلم إلى المدي نة‬

‫بثمانية عشر شهرا‪ ،‬وإذا فإن الصلوات الخمس المكتوبة نسخت الركعتين اللتين كانتا في‬ ‫الصباح والمساء ‪.‬‬ ‫دليل مشروعيتها‪:‬‬

‫ثب تت مشروع ية ال صلة بآيات كثيرة من كتاب ال‪ ،‬وبأحاد يث كثيرة من سنة ر سول ال‬ ‫‪.‬‬

‫فمين القرآن‪ :‬قوله تعالى‪ :‬فسيبحان ال حيين تمسيون وحيين تصيبحون*وله الحميد فيي‬

‫السيموات والرض وعشيا وحيين تظهرون [الروم‪17:‬و ‪ .]18‬قال ابين عباس رضيي ال‬

‫‪69‬‬

‫عنهما‪ :‬أراد بقوله‪ :‬حين تمسون ‪ :‬صلة المغرب والعشاء‪ ،‬وحين تصبحون ‪ :‬صلة‬ ‫الصبح‪ ،‬وعشيا ‪ :‬صلة العصر‪ ،‬وحين تظهرون صلة الظهر‪.‬‬

‫وقوله تعالى‪ :‬إن ال صلة كا نت على المؤمن ين كتابا موقوتا [الن ساء‪ .]103:‬أي محت مة‬

‫وموقتة بأوقات مخصوصة ‪.‬‬

‫و من ال سنة‪ :‬حد يث ال سراء ال سابق‪ :‬و ما رواه البخاري(‪ ،)1331‬وم سلم (‪ ،)19‬عن ا بن‬ ‫ب عث معاذا‬

‫عباس ر ضي ال عنه ما‪ :‬أن ال نبي‬

‫إلى الي من فقال‪" :‬ادع هم إلى شهادة أن‬

‫ل إله إل ال وأنيي محمدا رسيول ال‪ ،‬فإن هيم أطاعوا لذلك فأعلمهيم أن ل قيد افترض‬

‫عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة‪"..‬‬ ‫وقوله‬

‫للعرابيي الذي سيأله عميا يجيب علييه مين الصيلة‪" :‬خميس صيلوات فيي اليوم‬

‫يل علي غيرهييا؟ قال "ل إل أن تطوع"" (رواه البخاري‪،46:‬‬ ‫والليلة" قال العرابييي‪ :‬هي‬ ‫ومسلم‪.)11:‬‬

‫مكانتها في الدين‪:‬‬

‫ال صلة أف ضل العبادات البدن ية على الطلق‪ ،‬ف قد جاء ر جل ي سأل ال نبي‬

‫عن أف ضل‬

‫العمال فقال له‪" :‬الصلة" قال‪ :‬ثم مه؟ قال‪" :‬ثم الصلة" قال‪ :‬ثم مه؟ قال‪" :‬الصلة" قال‪:‬‬

‫ثلث مرات ‪(.‬رواه ابن حبان‪. )258:‬‬

‫وقد ثبت في الصحيحين أن الصلتين يؤديهما المسلم أداء سليما تكونان كفارة لما بينهما‬

‫من الذنوب‪ ،‬فعند البخاري (‪ ،)505‬عن أبي هريرة‬ ‫الخمس يمحو ال بها الخطايا"‪.‬‬

‫وع ند م سلم (‪ ،)231‬عن عثمان‬

‫قال‪ :‬قال رسول ال‬

‫قال‪ :‬قال ر سول ال‬

‫‪" :‬الصلوات‬

‫" من أ تم الوضوء ك ما أمره ال‬

‫تعالى فالصلوات المكتوبات كفارات لما بينهن"‪.‬‬

‫كما أن التهاون في الصلة تأخيرا أو تركا‪ ،‬من شأنه أن يؤدي بصاحبه ي إن هو استمر‬

‫على ذلك ي إلى الكفر‪ .‬إذا الصلة هي الغذاء الول لليمان كما قد علمت‪.‬‬ ‫دوى المام أحمد (‪ ،)6/421‬عن أم أيمن رضي ال عنها أن رسول ال‬

‫قال‪" :‬ل تتركي‬

‫الصلة متعمدا‪ ،‬فإنه من ترك الصلة متعمدا فقد برئت منه ذمه ال ورسوله"‪ .‬وروي مثله‬ ‫عن معاذ ‪) (5/238‬‬ ‫حكم تارك الصلة‪:‬‬ ‫‪70‬‬

‫تارك الصلة إما أن يكون قد تركها كسلً وتهاونا‪ ،‬أو تركها جحودا لها‪ ،‬أو استخفا بها‪:‬‬ ‫فأ ما من ترك ها جاحدا لوجوب ها‪ ،‬أو م ستهزئا ب ها‪ ،‬فإ نه يك فر بذلك وير تد عن ال سلم‪،‬‬

‫فيجب على الحاكم أن يأمره بالتوبة‪ ،‬فإن تاب وأقام الصلة فذاك‪ ،‬وإل قبل على أنه مرتد‪،‬‬

‫ول يجوز غسله ول تكفينه ول الصلة عليه‪ ،‬كما ل يجوز دفنه في مقابر المسلمين‪ ،‬لنه‬

‫ليس منهم‪.‬‬

‫وأما إن تركها كسلً‪ ،‬وهو يعتقد وجوبها‪ ،‬فإنه يكلف من قبل الحاكم بقضائها والتوبة عن‬

‫مع صية الترك‪ .‬فإن لم ين هض إلى قضائ ها و جب قتله حدا‪ ،‬أي يع تبر قتله حدا من الحدود‬ ‫المشروعة لعصاة المسلمين‪ ،‬وعقوبة على تركه فريضة يقاتل عليها‪ .‬ولكنه يعتبر مسلما‬ ‫بعد قبله ويعامل في تجهيزه ودفنه وميراثه معاملة المسلمين لنه منهم‪.‬‬

‫روى البخاري (‪ ،)25‬وم سلم (‪ ،)22‬عن ا بن ع مر ر ضي ال عنه ما‪ :‬أن ر سول ال‬

‫قال‪" :‬أمرت أن أقاتيل الناس حتيى يشهدوا أن ل إله إل ال وأن محمدا رسيول ال ويقيموا‬ ‫الصيلة ويؤتوا الزكاة‪ ،‬فإذا فعلوا ذلك عصيموا منيي دماءهيم وأموالهيم إل بحيق السيلم‪،‬‬ ‫وحسابهم على ال"‪.‬‬

‫دليل الحديث على أن من أقر بالشهادتين بقاتل إن لم يقم الصلة‪ ،‬ولكنه ل يكفر‪ ،‬بدليل ما‬

‫رواه أبيو داود(‪ )1420‬وغيره‪ ،‬عين عبادة بين الصيامت‬

‫قال‪ :‬سيمعت‬

‫يقول‪":‬خميس‬

‫صلوات كتبهن ال على العباد‪ ،‬فمن جاء بهن‪ ،‬لم يضع منهن‪ ،‬شئ استخفافا بحقهن‪ ،‬كان‬

‫له عند ال عهد أن يدخله الجنة‪ ،‬ومن لم يأتي بهن فليس له عند ال عهد‪ ،‬إن شاء عذبه‪،‬‬ ‫وإن شاء أدخله الجنة"‪.‬‬

‫فقيد دل على أن تارك الصيلة ل يكفير‪ ،‬لنيه لو كفير لم يدخيل فيي قوله‪":‬وإن شاء أدخله‬

‫الجنة"‪ ،‬إذ الكافر ل يدخل الجنة قطعا‪ ،‬فحمل على من تركها كسلً‪ ،‬جمعا بين الدلة‪.‬‬ ‫روى م سلم (‪ )82‬وغيره‪ ،‬عن جابر‬

‫قال‪ :‬سمعت ال نبي‬

‫يقول‪" :‬إن ب ين الر جل وب ين‬

‫الشرك والكفير ترك الصيلة"‪ .‬وهيو محمول على الترك جحودا وإنكارا لفريضتهيا‪ ،‬أو‬

‫استهزاء بها واستخفافا بشأنها‪.‬‬ ‫أوقات الصلوات المفروضة‪:‬‬

‫الصلوات الخمس‪ ،‬كل منها لها وقت معين‪ ،‬ذو بداية ل تصح إذا قدمت عليها‪ ،‬وذو‬ ‫نهاية ل يجوز تخيرها عنها‪.‬‬ ‫‪71‬‬

‫قال ل تعالى‪ :‬إن الصلة كانت على المؤمنين كتابا ًموقوتا [النساء‪.]103:‬‬ ‫أي كانت فريضة محددة بأوقات مخصوصة ‪ .‬وقد ثبت في الحاديث الصحيحة أن جبريل‬

‫عليه السلم جاء إلى النبي‬

‫بعد أن فرضت الصلوات الخمس‪ ،‬يعرفه أوقاتها‪ ،‬ويضبط له‬

‫وقت كل منها ابتداءً وانتهاءً‪.‬‬

‫[أن ظر سنن أ بي داود كتاب ال صلة ‪ ،‬باب ما جاء في المواق يت ر قم (‪ ،)393‬والترمذي‬

‫أول كتاب الصلة رقم (‪.] )149‬‬ ‫كما بين رسول ال‬

‫ذلك للمسلمين بالقول والفعل‪.‬‬

‫والحديث الذي يجمع مواقيت الصلوات الخمس ما رواه (مسلم‪ )614:‬وغيره‪ ،‬عن‬

‫أ بي موسى الِشعري‬

‫‪ ،‬عن ال ني‬

‫‪ :‬إ نه أتاه سائل يسأله عن مواقيت الصلة فلم يرد‬

‫علييه شيئا‪ .‬وفيي روايية أخرى قال‪" :‬اشهيد معنيى الصيلة‪ .‬قال‪ :‬فأقام الفجير حيين أنشيق‬ ‫الفجير‪ ،‬والناس ل يكاد يعرف بعضهيم بعضا‪ ،‬ثيم أمره فأقام بالظهير حيين زالت الشميس‪،‬‬

‫والقائل يقول‪ :‬قد انتصف النهار وهو كان أعلم منه‪،‬ثم أمره فأقام بالعصر والشمس مرتفعة‬ ‫ثم أمره فأقام بالمغرب حين وقعت الشمس‪ ،‬ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق‪.‬‬

‫ثم أخّر الف جر من ال غد‪ ،‬ح تى ان صرف من ها والقائل يقول‪ :‬قد طل عت الش مس أو‬

‫كادت‪ ،‬ثم أ خر الظ هر ح تى كان قريبا من و قت الع صر بال مس‪ ،‬ثم أ خر الع صر ح تى‬ ‫أن صرف من ها والقائل يقول‪ :‬قد أحمرت الش مس‪ ،‬ثم أخّر المغرب ح تى كان ع ند سقوط‬ ‫الشفق‪ ،‬ثم أخر العشاء حتى كان ثلث الليل الول ثم أصبح‪ ،‬فدعا السائل فقال‪" :‬الوقت بين‬ ‫هاذين"‪.‬‬

‫[ ان شق الف جر‪ :‬طلع ضوءه‪ .‬زالت‪ :‬مالت عن و سط ال سماء‪ .‬الش فق‪ :‬الحمرة ال تي تظ هر‬ ‫بعض غروب الشمس‪ .‬سقوط الشفق‪ :‬غيابه"‪.‬‬

‫وهناك أحاديث بينت بعض ما أجمل فيه‪ ،‬أو زادت عليه‪ ،‬كما سترى في تفصيل وقت كل‬

‫صلة‪ ،‬واليك بيانها‪:‬‬ ‫" الفجر"‪:‬‬

‫يد خل وق ته ظهور الف جر ال صادق ويم تد إلى طلوع الش مس‪ ،‬قال ر سول ال‬

‫صلة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس" (رواه مسلم‪.)612:‬‬ ‫" الظهر"‪:‬‬ ‫‪72‬‬

‫‪ ":‬و قت‬

‫يبدأ وقته بانحراف الشمس عن منتصف السماء نحو الغروب ي ويسمونه الزوال ي حيث‬ ‫يظهر للشاخص عندئذ ظل يسير يبدأ بالمتداد نحو جهة الشرق‪ -‬ويسمونه ظل الزوال–‪.‬‬

‫ويمتد وقته إلى أن يصير طوال ظل الشئ مثله‪ ،‬علوة على ظل الزوال الذي كان علمة‬ ‫على أول وقت الظهر‪.‬‬

‫روى مسلم (‪ )612‬أن رسول ال‬

‫قال‪" :‬وقت الظهر إذ زالت الشمس‪ ،‬وكان ظل الرجل‬

‫كطوله‪ ،‬ما لم يحضر العصر"‪.‬‬ ‫" العصر"‪:‬‬

‫يبدئ وقته بنهاية وقت الظهر ويستمر حتى تغرب الشمس‪ ،‬دل على ذلك قوله‬

‫‪" :‬ومن‬

‫أدرك رك عة من الع صر ق بل أن تغرب الش مس ف قد أدرك الع صر" (رواه البخاري‪،554:‬‬ ‫ومسلم ‪.)618‬‬

‫ولكن الختيار أن ل يؤخرها المصلي عن مصير ظل الشئ مثليه علوة على ظل الزوال‪،‬‬ ‫ل ما مر م عك في حديث المواقيت‪ ،‬ولقول ‪" :‬وو قت العصر ما لم تصفر الش مس" (رواه‬ ‫مسلم‪ .)612:‬وهو محمول على الوقت المختار‪.‬‬ ‫"المغرب"‪:‬‬

‫يبتدئ وق ته بغروب الش مس‪ ،‬ويم تد ح تى يغ يب الش فق الح مر ول يب قى له أ ثر في ج هة‬ ‫الغرب‪.‬‬

‫والش فق الح مر‪ :‬و هو بقا يا من آثار ضوء الش مس‪ ،‬يظ هر في ال فق الشر قي ع ند‬

‫وقت الغروب‪ ،‬ثم أن الظلم يطارده نحو الغروب شيئاَ فشيئا‪.‬‬

‫فإذا أط بق الظلم وام تد إلى ال فق الغر بي‪ ،‬وزوال أ ثر الش فق الح مر‪ ،‬فذلك يع ني انتهاء‬

‫وقت المغرب ودخول وقت العشاء‪.‬‬

‫دل على ذلك حد يث المواق يت‪ ،‬مع قول ر سول ال‬

‫‪" :‬و قت المغرب ما لم ي غب الش فق"‬

‫(رواه مسلم ‪. )612‬‬ ‫"العشاء"‪:‬‬

‫يدخل وقته بانتهاء وقت المغرب ويستمر إلى ظهور الفجر الصادق‪ .‬والختيار أل تؤخر‬

‫عن الثلث الول من الليل‪.‬‬

‫‪73‬‬

‫والمقصيود بالفجير الصيادق ضياء ينتشير ممتدا ميع الفيق الشرقيي‪ ،‬وهيو انعكاس لضوء‬ ‫الشميس تقبيل مين بعييد‪ .‬ثيم إن هذا الضياء يعلو نحيو السيماء شيئا فشيئا إلى أن يتكاميل‬

‫بطلوع الشميس‪ .‬ودل على وقيت العشاء ابتداءً وانتهاءً واختيارا‪ :‬ميا جاء فيي حدييث‬ ‫المواقيت مع ما رواه مسلم (‪ )681‬وغيره‪ ،‬عن أبي قتادة‬

‫إنه‬

‫قال‪" :‬أما أنه ليس في‬

‫النوم تفريط‪ ،‬وإنما التفريط على من يصل الصلة حتى يجيء وقت الصلة الخرى"‪.‬‬

‫فدل على أن وقت الصلة ل يخرج إل بدخول غيرها وخروج الصبح من هذا العموم‪.‬‬

‫هذه هيي أوقات الصيلة الخميس‪ ،‬ولكين ينبغيي أن ل يتعميد المسيلم تأخيرهيا إلى أواخير‬ ‫أوقاتها‪ ،‬محتجا باتساعها‪ ،‬إذ ربما تسبب عن ذلك إخراجها عن وقتها‪ ،‬بل ربما تسبب عن‬

‫هذا التهاون تركها‪ ،‬وإنما يسن تعجيل الصلوات لول الوقت‪ ،‬وقد سأل النبي‬

‫عن أفضل‬

‫العمال ؟ فقال‪" :‬ال صلة على وقت ها"‪ ،‬أي ع ند أول وقت ها‪( ".‬رواه البخاري‪ ،504:‬وم سلم‪:‬‬

‫‪)85‬‬

‫وأعلم أن من و قع ب عض صلته في الو قت‪ ،‬وبعض ها خار جه‪ :‬فإ نه إن و قع رك عة في‬

‫الوقت كانت الصيلة أداء‪ ،‬وإل كانت قضاءً‪ ،‬ودليل ذلك ما روه (البخاري‪ ،554:‬ومسلم‪:‬‬ ‫‪ ،)608‬عين أبيي هريرة‬

‫‪" :‬مين أدرك أن الصيبح ركعية قبيل أن تطلع‬

‫أن رسيول ال‬

‫الشمس فقد أدرك الصبح‪ ،‬ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك‬ ‫العصر"‪ .‬وقوله‬ ‫ومسلم‪.)607:‬‬

‫‪" :‬من أدرك ركعة من الصلة فقد أدرك الصلة" (رواه البخاري‪،555:‬‬

‫الوقات التي تكره فيها الصلة ‪:‬‬

‫تكره الصلة كراهة التحريم‪:‬‬ ‫‪ -1‬ع ند ال ستواء إلّ يوم الجم عة‪ ،‬وب عد صلة ال صبح ح تى ترت فع الش مس كر مح في‬

‫النظر‪.‬‬

‫‪ -2‬وبعد صلة العصر حتى تغرب الشمس‪.‬‬

‫ودل يل ذلك ما رواه م سلم (‪ )831‬عن عق بة بن عا مر‬ ‫ال‬

‫قال ‪ :‬ثلث ساعات كان ر سول‬

‫ينها نا أن ن صلي في هن‪ ،‬وأن ن قبر موتا نا‪ :‬ح ين تطلع الش مس باز غة ح تى ترت فع‪،‬‬

‫وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس‪ ،‬وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب‪.‬‬

‫‪74‬‬

‫[ بازغية‪ :‬المراد أول ظهور قرصيها‪ .‬وقائم الظهيرة‪ :‬أصيله أن البعيير يكون باركا فيقوم‬ ‫من شدة حر الرض‪ ،‬فصار يكني به عند شدة الحر‪ .‬تميل‪ :‬عن وسط السماء‪ .‬تضيف ‪:‬‬

‫تميل مصفرة وتقرب من الغروب]‪.‬‬

‫وهذه الكراهة إل لم يكن للصلة سبب متقدم‪ ،‬أو تعمد الدفن فيها ‪.‬‬

‫وأما إذا لم يتعمد فيها الدفن وجاء اتفاقا‪ ،‬أو كان للصلة سبب متقدم كسنة الوضوء وتحية‬ ‫المسجد وقضاء الفائتة‪ ،‬فأنه ل كراهة في ذلك ‪.‬‬

‫ويدل على عدم الكراهة‪ :‬ما رواه (البخاري‪،572:‬ومسلم‪ ،)684:‬عن أنس‬

‫عن النبي ‪:‬‬

‫من نسى صلة فليصلّ إذا ذكرها ل كفارة لها إل إذا‪ :‬وأقم الصلة لذكري [طه‪. ]14:‬‬

‫فقوله‪" :‬إذا ذكرهيا"‪ :‬يدل على أن وقتهيا المشروع‪ ،‬والمطالب بصيلتها فييه‪ ،‬هيو وقيت‬

‫الذكر‪ ،‬وقت يذكرها في أحد الوقات المنهي عنها‪ ،‬فدل على استثناء ذلك من النهي‪.‬‬ ‫وما رواه (البخاري‪،1176:‬ومسلم‪ ،)834:‬وعن أم سلمة رضي ال عنها‪ :‬إنه‬

‫‪ :‬صلى‬

‫ركعت ين ب عد الع صر‪ ،‬ف سألته عن ذلك فقال‪ " :‬يا ب نت أ بي أم ية‪ ،‬سألت عن الركعت ين ب عد‬

‫العصر‪ ،‬وإنه آتاني ناس من عبد القيس‪ ،‬فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر‪ ،‬فهما‬ ‫هاتان" ‪.‬‬

‫وقيس على القضاء غيره مما له سبب متقدم من الصلوات‪.‬‬

‫ويسيتثنى مين هذا النهيي مطلقا حرم مكية‪ ،‬لقوله‬

‫‪ " :‬ييا بنيي عبيد مناف ل تمنعوا أحدا‬

‫طاف بهذا البيت وصلى أيّة ساعة شاء من ليل أو نهار" (رواه الترمذي‪ ،868:‬وأبو داود‪:‬‬ ‫‪.)1894‬‬

‫إعادة الصلة المكتوبة وقضاءها ‪:‬‬ ‫أما العادة‪:‬‬

‫ف هي أن يؤدي صلة من ال صلوات المكتو بة‪ ،‬ثم يرى في ها نق صا أو خللً في الداب أو‬ ‫المكملت‪ ،‬فيعيدها على وجه ل يكون فيها ذلك النقص أو الخلل‪.‬‬

‫وحكمها‪ :‬الستحباب‪ .‬ومثال ذلك أن يكون قد صلى الظهر منفردا‪ ،‬ثم يدرك من يؤدي هذه‬

‫الصلة جماعة‪ ،‬فيسن أن يعيدها معه‪ .‬والفرض بالنسبة له هو الصلة الولى‪ ،‬وتقع الثانية‬ ‫نافلة‪.‬‬

‫‪75‬‬

‫روى الترمذي (‪، )219‬إنه‬

‫صلى الصبح فرأى رجلين لم يصليا معه فقال‪ ":‬ما منعكم أن‬

‫ت صليا مع نا؟ ) فقال‪ " :‬يا ر سول ال‪ ،‬إ نا ك نا قد صلينا في رحال نا‪ .‬قال‪ " :‬فل تفعل‪ ،‬إذا‬

‫صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة‪ ،‬فصليا معهم‪ ،‬فإنها لكما نافلة"‪.‬‬ ‫[ رحالنا‪ :‬منازلنا ومساكننا]‪.‬‬

‫أما إذا لم يكن في الولى خلل أو نقص‪ ،‬ولم تكن الصلة أتم من الولى‪ ،‬فل تسن العادة‪.‬‬ ‫وأما القضاء‪:‬‬

‫فهو تدارك الصلة ب عد خروج وقت ها‪ ،‬أو ب عد أن ل يب قى من وقت ها ما ي سع ركعة‬ ‫فأكثر وإل فهي أداء كما قدمنا سابقا‪.‬‬

‫وقد اتفق جمهور العلماء من مختلف المذاهب على أن تارك الصلة يكلف بقضائها‪ ،‬سواء‬

‫تركها نسيانا أم عمدا‪ ،‬مع الفارق التالي‪ :‬وهو أن التارك لها بعذر كنسيان أو نوم ل يأثم‪،‬‬ ‫ول ي جب عل يه المبادرة إلى قضائ ها فورا‪ ،‬أ ما التارك ل ها بغ ير عذر‪ -‬أي عمدا – في جب‬

‫عليه – مع حصول الثم – المبادرة إلى قضائها في أول فرصة تسنح له‪.‬‬

‫ودليل وجوب القضاء للصلة المتروكة قوله ‪" :‬من نام عن صلة أو نسيها فليصلها إذا‬

‫ذكرها‪ ،‬ل كفارة لها إل ذلك" (رواه البخاري‪ ،572:‬ومسلم‪ ،684:‬وغيرهما)‪.‬‬

‫فقوله‪ " :‬ل كفارة ل ها إل ذلك" ‪ :‬يدل على أ نه ل بد من قضاء الفرائض الفائ تة‪ ،‬مهما كثر‬ ‫عددها أو بعد زمانها‪.‬‬

‫من تجب عليه الصلة ؟‬

‫تجب الصلة على كل مسلم ذكرا أو أنثى‪ ،‬بالغ عاقل طاهر‪.‬‬

‫فل ت جب على كا فر‪ ،‬وجوب مطال بة ب ها في الدن يا‪ ،‬لعدم صحتها م نه‪ ،‬ل كن ت جب عل يه‬ ‫وجوب عقاب علي ها في الخرة‪ ،‬لتمك نه من فعل ها بال سلم‪ ،‬ودل يل ذلك قوله تعالى‪ :‬ما‬ ‫سلككم في سقر* قالوا لم نك من الم صلين* ولم نك نط عم الم سكين* وك نا نخوض مع‬

‫الخائضين* وكنا نكذب بيوم الدين* حتى أتانا اليقين (المدثر‪.)47-42:‬‬

‫[ سلككم‪ :‬أدخل كم وحب سكم‪ .‬سقر‪ :‬جه نم‪ ،‬يقال‪ :‬سقرته الش مس لو حت جلده وغيرت لو نه‪.‬‬ ‫نخوض‪ :‬نتكلم الباطل ونفعله‪ .‬اليقين‪ :‬الموت‪ ،‬أو الطلع على الحقيقة بيوم القيامة] ‪.‬‬

‫ول ت جب على صبي صغير لعدم تكليفه‪ ،‬ول على مجنون لعدم إدراكه‪ ،‬ول على حائض‬

‫أو نفساء لعدم صحتها منهما‪ ،‬لقيام المانع منها وهو الحدث فيهما‪.‬‬ ‫‪76‬‬

‫وإذا أسيلم الكافير فإنيه ل يكلف قضاء ميا فاتيه ترغيبا له فيي الديين‪ ،‬ولقوله تعالى‪ :‬قيل‬ ‫للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف (النفال‪.)38:‬‬

‫إل المرتد فيلزمه قضاء ما فاته أيام ردته بعد إسلمه تغليظا عليه‪.‬‬ ‫ول يجب قضاء ما فات الحائض والنفساء من الصلة أيام الحيض والنفاس‪ ،‬أن في‬

‫وجوب القضاء مشقة عليهما‪.‬‬

‫وكذلك ل يجب القضاء على المجنون والمغمى عليه إذا أفاقا من الجنون والغماء‪،‬‬

‫ودلييل ذلك قوله‬

‫‪" :‬رفيع القلم عين ثلثية‪ :‬عين الصيبي حتيى يحتلم وعين النائم حتيى‬

‫يستيقظ‪ ،‬وعن المجنون حتى يعقل" (رواه أبو داود‪ ،4403 :‬وغيره)‪ [ .‬يحتلم‪ :‬يبلغ]‪.‬‬

‫فالحد يث ورد في المجنون‪ ،‬وق يس عل يه كل من زال عقله ب سبب عذر ف يه‪ ،‬وإن ما و جب‬

‫القضاء على النائم بالحد يث الذي مر سابقا‪ " :‬من نام عن صلة أو ن سيها فلي صلها"‪ .‬هذا‬

‫وي جب أن يؤمر الصبي بالصلة ب عد ا ستكماله سن ال سابعة‪ ،‬ويضرب على ترك ها إذا بلغ‬ ‫عشر سنين تعويدا له على الصلة‪.‬‬ ‫قال رسيول ال‬

‫‪":‬مروا الصيبي بالصيلة إذا بلغ سيبع سينين وإذا بلغ عشرا‬

‫فاضربوه علي ها"(رواه أبيو داود ‪ ،494:‬والترمذي‪ ،407:‬ولفظيه ‪" :‬علموا ال صبي"‪ .‬وقال‪:‬‬ ‫حديث حسن صحيح) ‪.‬‬

‫*****‬

‫‪77‬‬

‫الذَانُ وَالِقـامَة‬ ‫الذان‪:‬‬

‫أميا الذان فذِكرٌ مخصيوص‪ ،‬شرعيه السيلم للعلم بدخول وقيت الصيلة المفروضية‪،‬‬ ‫ولدعوة المسلمين إلى الجتماع إليها‪.‬‬

‫حكم الذان‪:‬‬

‫والذان سنة لل صلة الحاضرة والفائ تة‪ ،‬سنة مؤكدة على الكفا ية في حق الجما عة‪ ،‬أ ما‬

‫بالنسبة للمنفرد فهو سنة عينية‪ .‬وللذان أهمية كبرى في إظهار شعيرة من شعائر السلم‪.‬‬ ‫دليل تشريعه‪:‬‬

‫ودليل تشريع الذان القرآن والسنّة‪:‬‬ ‫فأ ما القرآن‪ :‬فقوله تعالى‪ :‬إذا نودي لل صلة من يوم الجم عة فا سعوا إلى ذ كر ال‬

‫وذروا البيع ( الجمعة‪.)99:‬‬ ‫وأميا السينة‪ :‬فقوله‬

‫‪":‬إذا حضرت الصيلة فليؤذن لكيم أحدكيم وليؤمكيم أكيبركم"‪.‬‬

‫(رواه البخاري‪ ،602:‬ومسلم‪.)674:‬‬ ‫بدء تشريعه‪:‬‬

‫كان تشريع الذان في السنة الولى للهجرة‪ ،‬روى البخاري (‪ ،)579‬ومسلم (‪،)377‬‬ ‫عن ابن عمر رضي ال عنهما قال‪ :‬كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون‬

‫ال صلة‪ ،‬ل يس ينادي ل ها‪ ،‬فتكلموا يوما في ذلك‪ ،‬فقال بعض هم‪ :‬اتخذوا ناقو سا م ثل ناقوس‬

‫النصارى‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬بل بوقا مثل قرن اليهود‪،‬فقال عمر ‪ :‬أولً تبعثون رجلً ينادي‬

‫بالصلة؟ فقال رسول ال‬

‫‪" :‬يا بلل قم فناد بالصلة"‪.‬‬

‫[ فيتحينون‪ :‬من الحين وهو الوقت والزمن‪ ،‬أي يقدرون حينها ليأتوا إليها‪ .‬قرن‪ :‬هو البوق‬ ‫الذي له عنق يشبه القرن]‪.‬‬

‫وصيغة الذان‪ :‬ال أكبر ال أكبر‪ ،‬ال أكبر ال أكبر‪ ،‬أشهد أن ل إله إل ال‪ ،‬أشيهد أن ل‬

‫إله إل ال‪ ،‬أشهد أن محمدا رسول ال‪ ،‬أشهد أن محمداَ رسول ال‪ ،‬حي على الصلة‪ ،‬حي‬ ‫على الصلة‪ ،‬حي على الفلح‪ ،‬حي على الفلح‪ ،‬ال أكبر ال أكبر‪ ،‬ل إله إل ال‪.‬‬

‫ونض يف في أذان الف جر‪ :‬ال صلة خ ير من النوم‪ ،‬ال صلة خ ير من النوم‪ ،‬ب عد قوله‪ :‬على‬

‫الفلح الثانية‪.‬‬ ‫‪78‬‬

‫وقد ثبتت هذه الصيغة بالحاديث الصحيحة‪ ،‬عند البخاري ومسلم وغيرهما‪.‬‬ ‫شروط صحة الذان‪:‬‬

‫ويشترط لصحة الذان المور التالية‪:‬‬ ‫‪ -1‬السلم‪ :‬فل يصح الذان من كافر لعدم أهليته للعبادة‪.‬‬

‫‪ -2‬التمييز‪ :‬فل يصح من صبي غير مميز لعدم أهليته للعبادة أيضا‪ ،‬وعدم ضبطه‬

‫للوقت‪.‬‬

‫‪ -3‬الذكورة‪ :‬فل يصح أذان المرأة للرجال‪ ،‬كما ل تصح إمامتها لهم‪.‬‬ ‫‪ -4‬وترت يب كلمات الذان للتباع في ذلك‪ ،‬ولن ترك الترت يب يو هم الل عب وي خل‬

‫بالعلم‪.‬‬

‫‪ -5‬والولء بين كلماته‪ ،‬بحيث ل يقوم فاصل كبير بين الكلمة والخرى‪.‬‬

‫‪ -6‬ور فع ال صوت إذا كان يؤذن لجما عة‪ ،‬أ ما إذا كان يؤذن لمنفرد في سن ر فع‬ ‫الصوت في غير مسجد وقعت فيه جماعة‪ ،‬أما إذا أذن لمنفرد في مسجد وقعت فيه جماعة‬ ‫فيسن خفض الصوت لئل يتوهم السامعون دخول الصلة الخرى ‪.‬‬ ‫روى البخاري(‪ )584‬أن النيبي‬

‫قال لبيي سيعيد الخدري ‪" :‬إنيي أراك تحيب الغنيم‬

‫والباد ية‪ ،‬فإذا ك نت في غن مك أو بادي تك فأذ نت لل صلة ‪ ،‬فار فع صوتك بالنداء‪ ،‬فإ نه ل‬ ‫يسمع مدى صوت المؤذن جن ول إنس ول شئ إل شهد له يوم القيامة"‪.‬‬

‫أما جماعة النساء‪:‬‬

‫فل يندب لهين الذان‪ :‬لن فيي رفيع صيوتهن يخشيى الفتنية‪ ،‬ويندب لهين القامية‪ ،‬لنهيا‬

‫لستنهاض الحاضرين وليس فيها رفع صوت كالذان‪.‬‬ ‫‪ -7‬دخول الوقيت ‪ ،‬لقوله‬

‫‪ " :‬إذا حضرت الصيلة فيؤذن لكيم أحدكيم " ( رواه‬

‫البخاري‪ ،603:‬وم سلم‪ .)674:‬ول تح ضر ال صلة إل بدخول وقت ها‪ .‬ولن الذان للعلم‬

‫بدخول الوقت‪ ،‬فل يصيح قبله بالجماع‪ ،‬إل في ال صّبح‪ ،‬فإنه يجوز من نصف الليل لما‬ ‫سيأتي في سنن الذان‪.‬‬

‫سنن الذان‪:‬‬ ‫‪79‬‬

‫ويسنّ للذان المور التالية‪:‬‬ ‫‪ -1‬أن يتوجه المؤذن إلى القبلة‪ ،‬لنها أشرف الجهات وهو المنقول سلفا وخلفا‪.‬‬

‫‪ -2‬وأن يكون طاهرا من الحدث الصغر والكبر‪ ،‬فيكره الذان للمحدث‪ ،‬وأذان‬ ‫الجنب أشد كراهة‪.‬‬ ‫قال ر سول ال‬

‫‪" :‬كر هت أن أذ كر ال عز و جل إل على ط هر" أو قال‪" :‬على طهارة"‬

‫(رواه أبو داود‪ ،17:‬وغيره)‪.‬‬

‫‪ -3‬وأن يؤذن قائما‪ ،‬لقوله‬

‫‪ " :‬يا بلل قم فناد للصلة"‪.‬‬

‫‪ -4‬أن يلتفت بعنقه – ل بصدره – يمينا في "حيّ على ال صّلة" ‪ ،‬ويسارا في "حيّ‬

‫على الفَلح"‪.‬‬

‫روى البخاري (‪ )608‬أن أ با جحي فة‬

‫قال‪ :‬رأ يت بللً يؤذن‪ ،‬فجعلت أتت بع فاه ه نا وه نا‬

‫بالذان يمينا وشمالً‪ :‬حتى على الصلة حتى على الفلح‪.‬‬

‫إعلمي للغائبيين‪ ،‬فكان‬ ‫ٌ‬ ‫‪ -5‬أن يرتّلي كلمات الذان‪ ،‬وهيو التأنيي فييه‪ ،‬لن الذان‬

‫الترتيل فيه أبلغ في العلم‪.‬‬

‫‪ -6‬الترجيع بالذان‪ ،‬وهو أن يأتي المؤذن بالشهادتين سرا قبل أن يأتي بهما جهرا‪،‬‬

‫لثبوت ذلك في حديث أبي محذورة‬

‫الذي رواه مسلم (‪ )379‬وفيه‪" :‬ثم يعود فيقول‪ :‬أشهد‬

‫أن ل إله إل ال"‪.‬‬

‫‪ -7‬التثويب في أذان الصبح‪ ،‬وهو أن يقول بعد حيّ على الفلح‪ :‬الصلة خيرٌ من‬

‫النوم مرتين‪ ،‬لورود ذلك في حديث أبي داود (‪.)500‬‬

‫‪ -8‬أن يكون المؤذن صيَتا ح ين ال صوت‪ ،‬لير قّ قلب ال سامع‪ ،‬ويم يل إلى الجا بة‪،‬‬

‫لقوله‬

‫لعبيد ال بين زييد ‪ ،‬الذي رأى الذان فيي النوم‪ " :‬فقيم ميع بلل‪ ،‬فألق علييه ميا‬

‫رأيت فليؤذن به‪ ،‬فإنه أندى صوتا منك" (رواه أبو داود‪ ،499:‬وغيره)‪.‬‬

‫[ قال في المصباح‪ :‬أندى صوتا منه كناية عن قوته وحسنه]‪.‬‬

‫‪ -9‬أن يكون المؤذن معروفا ب ين الناس بالخلق والعدالة‪ ،‬لن ذلك أد عى لقبول‬

‫خبره عن الوقات‪ ،‬ولن خبر الفاسق ل يقبل‪.‬‬

‫‪ -10‬عدم التمطيط بالذان‪ ،‬أي تمديده والتغني به‪ ،‬بل يكره ذلك‪.‬‬

‫‪80‬‬

‫‪ -11‬ويسن مؤذنان في المسجد لذان الفجر‪ ،‬يؤذن واحد قبل الفجر‪ ،‬والخر بعده‬ ‫ودل يل ذلك حد يث البخاري (‪ )592‬وم سلم (‪ " :)1092‬إن بللً يؤذن بل يل‪ ،‬فكلوا واشربوا‬ ‫حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم"‪.‬‬

‫‪ -12‬وي سن ل سامع الذان الن صات‪ ،‬وأن يقول ك ما يقول المؤذن‪ ،‬ودل يل ذلك في‬

‫قوله ‪" :‬إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن" (رواه البخاري‪ ،586:‬ومسلم‪)383:‬‬ ‫‪.‬‬

‫لكين يقول فيي الحيعلتيين‪ :‬ل حول ول قوة إل بال‪ .‬ودلييل ذلك حدييث البخاري (‬

‫‪ )588‬ومسيلم (‪ )385‬واللفيظ له‪" :‬وإذا قال حيي على الصيلة‪ ،‬قال‪ :‬ل حول ول قوة إل‬

‫بال‪ ،‬وإذا قال حي على الفلح‪ ،‬قال‪ :‬ل حول ول قوة إل بال" وجاء في آخر الحديث أن‪:‬‬

‫"مين قال ذلك مين قلبيه دخيل الجنية" ‪ .‬ويسين أن يقول فيي التثوييب‪ :‬صيدقت وبررت أي‬

‫صدقت بالدعوة إلى الطاعة ‪ ،‬وأنها خير من النوم‪ ،‬وصرت بارا‪.‬‬ ‫‪ -13‬الدعاء والصلة على ا لنبي‬

‫بعد الذان‪:‬‬

‫ويسن للمؤذن وللسامع‪ ،‬إذا انتهى المؤذن من أذانه أن يصليا على النبي ‪ ،‬ويدعوا له لما‬ ‫ورد عنه‬

‫وحضنا عليه‪:‬‬

‫روى مسلم (‪ )384‬وغيره‪ ،‬عن عبدال بن عمرو ‪ :‬أنه سمع النبي‬

‫يقول‪" :‬إذا سمعتم‬

‫المؤذن فقولوا مثل ما يقول‪ ،‬ثم صلوا عل يّ‪ ،‬فإنه من صلى عل يّ صلة صلى ال بها عليه‬ ‫عشرا‪ .‬ثيم سلوا ال لي الوسييلة‪ ،‬فإن ها منزلة فيي الجنية‪ ،‬ل تنبغيي إل لعبدٍ مين عباد ال‪،‬‬ ‫وأرجو أن أكون هو‪ ،‬فمن سأل ال لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة"‪.‬‬

‫أي استحقها ووجبت له‪.‬‬

‫وروى البخاري (‪ )579‬وغيره عن جابر رضي ال عنه‪ :‬أنّ رسول ال‬

‫قال‪" :‬من قال‬

‫حين يسمع النداء‪ :‬اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلة القائمة‪ ،‬آ تِ سيّدنا محمدا الوسيلة‬ ‫والفضيلة‪ ،‬وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة"‪.‬‬ ‫[ الدعوة التامة " دعوة التوحيد التي ل ينالها تغيير ول تبديل]‪.‬‬

‫الفضيلة‪ :‬المرتبة الزائدة على سائر الخلئق‪ .‬مقاما محمودا‪ :‬يحمد القائم فيه‪ .‬الذي وعدته‪:‬‬ ‫يقول سبحانه‪ :‬عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا (السراء‪)22:‬‬

‫‪81‬‬

‫ويقول المؤذن ال صلة على ال نبي‬

‫والدعاء ب صوت أخ فض من الذان ومنف صل ع نه‪،‬‬

‫حتى ل يتوهم أنها من ألفاظ الذان‪.‬‬

‫القامة‪:‬‬

‫وأما القامة ‪ :‬فهي نفس الذان مع ملحظة الفوارق التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬الذان مثنيى‪ ،‬والقامية فرادى‪ .‬ودلييل ذلك حدييث أنيس عنيد البخاري (‬

‫‪،)580‬ومسلم (‪ :)378‬أمر بلل أن يشفع الذان‪ ،‬ويوتر القامة‪ ،‬إل القامة – أي لفظ قد‬ ‫قامت الصلة – فإنها تكرر مرتين‪.‬‬

‫و صيغة القا مة كاملة‪ :‬ال أكبر ال أكبر‪ ،‬أش هد أن ل إله إل ال‪ ،‬أش هد أن محمدا ر سول‬

‫ال‪ ،‬حيّ على الصلة‪ ،‬ح يّ على الفلح‪ ،‬قد قامت الصلة‪ ،‬قد قامت الصلة‪ ،‬ال أكبر ال‬ ‫أكبر‪ ،‬ل إله إل ال‪.‬‬

‫وقد ثبت ذلك في الحاديث الصحيحة عند البخاري ومسلم وغيرهما‪.‬‬ ‫‪ -2‬الترسل والتمهّل في الذان‪ ،‬والسراع في القامة‪ ،‬لن الذان للغائبين‪ ،‬فكان‬

‫الترتيل فيه أبلغ‪ ،‬والقامة للحاضرين‪ ،‬فكان السراع فيها أنسب‪.‬‬

‫‪ -3‬مين كان علييه فوائت وأراد أن يقضيهيا أذّن للولى فقيط‪ ،‬وأقام لكيل صيلة‪،‬‬

‫ودل يل ذلك أن ال ني‬

‫‪":‬ج مع ب ين المغرب والعشاء بمزدل فة بأذان وا حد وإقامت ين" (رواه‬

‫مسلم‪.)1218:‬‬ ‫شروطها‪:‬‬

‫هي نفس شروط الذان‪.‬‬

‫سنن القامة‪:‬‬

‫وسنن القامة هي أيضا سنن الذان‪ ،‬ويزاد استحباب أن يكون المؤذّن هو المقيم‪.‬‬ ‫ويسنّ للسامع أن يقول‪ :‬أقامها ال وأدامها (رواه أبو داود‪.)528:‬‬ ‫النداء للصلوات غير المفروضة‪:‬‬

‫الذان والقامية سينة مؤكدة للصيلوات المفروضية‪ ،‬أميا غيرهيا مميا تسينّ فييه الجماعية‬ ‫كالعيد ين والك سوفين والجنازة‪ ،‬فل ي سن في ها الذان والقا مة‪ ،‬وإن ما يقول في ها‪ :‬ال صلة‬ ‫جامعة‪.‬‬

‫‪82‬‬

‫روى البخاري (‪ ،)1003‬ومسيلم (‪ ،)910‬عين عبدال بين عمرو بين العاص رضيي ال‬ ‫عنهما قال‪ :‬لما انكسفت الشمس على عهد رسول ال‬

‫نودي‪" :‬الصلة جامعة"‪.‬‬

‫وقييس على صيلة الكسيوف ميا فيي معناهيا مين الصيلوات المسينونة التيي تشرع فيهيا‬

‫الجماعة‪.‬‬

‫*****‬

‫‪83‬‬

‫صحّةِ الصّـــلَة‬ ‫شرُوط ِ‬ ‫معنى الشرط‪:‬‬

‫شرط الشيء كل ما يتوقف عليه وجود ذلك الشيء‪ ،‬وهو ليس جزءا منه‪.‬‬ ‫مثاله‪ :‬النبات‪ :‬ل بيد لوجوده على وجيه الرض مين المطير‪ ،‬ميع العلم بأن المطير لييس‬

‫جزءا من النبات‪ ،‬فالمطر إذا شرط لوجود النبات‪.‬‬

‫والن‪ ،‬ما هي شروط صحة ال صلة ؟ تتل خص شروط ها ع ند المام الشاف عي رح مه ال‬

‫تعالى في المور الربعة التالية‪:‬‬ ‫‪ -1‬الطهارة‪:‬‬

‫و قد عر فت مع نى الطهارة في باب الطهارة و هي تنق سم إلى أنواع‪ ،‬لبدّ من تو فر كل‬ ‫واحد منها لصحة الصلة‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫(أ) طهارة الجسم من الحدث‪ :‬فالمُحدث ل تصح صلته‪ ،‬سواءً كان الحدث أصغر – وهو‬

‫فقد الوضوء‪ -‬أو أكبر كالجنابة‪ ،‬لقول رسول ال‬

‫بغير طهور" (رواه مسلم‪.)224:‬‬

‫في الحديث الصحيح‪" :‬ل تقبل صلة‬

‫(ب) طهارة البدن مين النجاسية‪ :‬وقيد عرفيت معنيى النجاسية وأنواعهيا فيي باب الطهارة‬

‫أيضا‪ .‬ودليل ذلك قوله‬

‫في اللذين يعذبان في قبرهما‪" :‬أما أحدهما فكان ل يستبرئ من‬

‫البول" (رواه البخاري‪ ،215:‬ومسيلم‪ .)292:‬وفيي روايية ل يسيتتر‪ ،‬وأخرى‪ :‬ل يسيتنزه‪،‬‬ ‫وكلها صحيحة ومعناها‪ :‬ل يتجنبه ويتحرز منه‪.‬‬

‫وم ثل البول كل النجا سات المختل فة الخرى‪ ،‬قال‬

‫لفاط مة ب نت أ بي حبيش ر ضي ال‬

‫عن ها‪" :‬فإذا أقبلت الحي ضة فاتر كي ال صلة‪ ،‬فإذا ذ هب قدر ها فاغ سلي ع نك الدم و صلي"‬ ‫(رواه البخاري‪ ،266:‬ومسلم‪.)333:‬‬

‫(ج) طهارة الثياب من النجاسة ‪ :‬فل يكفي أن يكون الجسم نقيا عن النجاسة‪ ،‬بل ل بد أن‬

‫تكون الثياب التي يرتديها المصلي نقية أيضا عن جميع النجاسات‪ ،‬دليل ذلك قول ال جل‬ ‫جلله‪ :‬وثيابك فطهر [المدثر‪]4:‬‬

‫وروى أ بو داود(‪ ،)365‬عن أ بي هريرة‬

‫‪ :‬أن خولة ب نت ي سار أ تت ال نبي‬

‫فقالت‪ :‬يا‬

‫ر سول ال‪ ،‬إ نه ليس لي إل ثوب وا حد‪ ،‬وأ نا أح يض ف يه‪ ،‬فك يف أ صنع؟ قال‪" :‬إذا طهرت‬

‫‪84‬‬

‫فاغ سليه ثم صلى عل يه" فقالت فإن لم يخرج الدم؟ قال‪ " :‬يكف يك غ سل الدم‪ ،‬ول يضرك‬ ‫أثره"‪.‬‬

‫(د) طهارة المكان عن النجاسة‪ :‬ويقصد بالمكان الحيّز الذي يشغله المصلي بصلته فيدخل‬

‫في المكان ما بين موطئ قدمه إلى مكان سجوده‪ ،‬مما يلمس شيئا من بدنه أثناء الصلة‪،‬‬

‫فما ل يلمس البدن ل يضر أن يكون نجسا‪ ،‬مثل المكان الذي يحاذي صدره عند الركوع‬ ‫وال سجود‪ ،‬ودل يل هذا الشرط أمره‬

‫ب صب الماء على المكان الذي بال ف يه العرا بي في‬

‫المسجد (رواه البخاري‪ ،)217:‬وقياسا للمكان على الثوب‪ ،‬لن المكان كالثوب في ملمسة‬ ‫البدن‪.‬‬

‫‪ -2‬العلم بدخول الوقت‪:‬‬

‫وقد عرفت أن لك من الصلوات المكتوبة وقتا معينا‪ ،‬يجب أن تقع فيه غيير أنيه ل يكفيي‬

‫أن تقع الصلة في الوقت‪ ،‬بل ل بد أن يعلم المصلي ذلك قبل المباشرة بالصلة‪ ،‬فل تصح‬ ‫صلة من لم يعلم دخول وقتها‪ ،‬وإن تبيّن له بعد ذلك أنها صادفت وقتها المشروع‪.‬‬ ‫* كيفية معرفة دخول الوقت‪:‬‬

‫ويعرف دخول وقت الصلة بوسيلة من الوسائل الثلثة التية‪:‬‬

‫العلم اليقيني‪ :‬بأن يعتمد على دليل محسوس‪ ،‬كرؤية الشمس وهي تغرب في البحر‪.‬‬ ‫الجتهاد‪ :‬بأن يعتميد على أدلة ظنيية ذات دللة غيير مباشرة‪ ،‬كالظيل‪ ،‬والقياس بالعمال‬

‫وطولها‪.‬‬

‫التقل يد‪ :‬إذا لم يم كن العلم اليقي ني أو ا لجتهاد‪ ،‬كجا هل بأوقات ال صلة ودلئل ها‪ ،‬فيقلد إ ما‬

‫العالم المعتمد على دليل محسوس‪ ،‬أو المجتهد المعتمد على الدلة الظنية ‪.‬‬ ‫* حكم صلة من صلى خارج الوقت‪:‬‬

‫إذا تبين للمصلي أن صلته قد وقعت قبل دخول الوقت تعتبر باطلة وتجب إعادتها‪ ،‬سواء‬ ‫كان معتمدا على علم أو اجتهاد أو تقليد‪.‬‬ ‫‪ -3‬ستر العورة‪:‬‬

‫هذا هيو الشرط الثالث مين شروط صيحة الصيلة‪ ،‬ول بيد لمعرفية هذا الشرط مين بيان‬

‫المور التالية‪:‬‬

‫‪85‬‬

‫( أ ) معنى العورة‪:‬‬

‫يقصد بكلمة العورة شرعا‪ :‬كل ما يجب ستره أو يحرم النظر إليه‪.‬‬ ‫( ب ) حدود العورة في الصلة‪:‬‬

‫حدودها بالنسبة للرجل‪ :‬ما بين السرة والركبة‪ ،‬فيجب أن ل يبدوا شئ منه في الصلة‪.‬‬

‫وحدودها بالنسبة للمرأة‪ :‬كل البدن ما عدا الوجه والكفّين‪ ،‬فيجب أن ل يبدو شئ مما عدا‬ ‫ذلك في الصلة‪.‬‬

‫قال ال تعالى‪ :‬خذوا زينتكم عند كل مسجد [العراف‪.]31:‬‬

‫قال ابن عباس رضي ال عنهما‪ :‬المراد به الثياب في الصلة (مغني المحتاج‪.]184/ 1:‬‬

‫وروى الترمذي (‪ )277‬وح سّنه‪ ،‬عن عائ شة ر ضي ال عن ها قالت‪ :‬قال ر سول ال ‪":‬ل‬ ‫تقبل صلة الحائض إل بخمارٍ"‪.‬‬

‫(والحائض‪ :‬البالغ‪ ،‬لن ها بل غت سن الح يض‪ .‬والخمار‪ :‬ما تغ طي به المرأة رأ سها‪ ،‬وإذا‬

‫وجب ستر الرأس فستر سائر البدن أولى]‪.‬‬ ‫( ج ) حدود العورة خارج الصلة‪.‬‬

‫*حدود عورة الر جل ما ب ين ال سرّة والرك بة بالن سبة للرجال أيّا كانوا‪ ،‬وبالن سبة لمحار مه‬ ‫من النساء‪.‬‬

‫أما عند النساء الجنبيات فما عدا الوجه والكفين على المعتمد ‪.)(1‬‬

‫أي ل يجوز للنساء الجنبيات أن ينظرن إلى ماعدا وجه الرجل الجنبي وكفيه ‪ ،‬فإن كان‬ ‫النظر بشهوة حرم بالنسبة للوجه أيضا‪.‬‬

‫قال ال تعالى‪ :‬وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن [النور‪.]31:‬‬

‫*وحدود عورة المرأة‪ :‬ع ند الن ساء الم سلمات ما ب ين سرتها وركبت ها‪ .‬أ ما ع ند الن ساء‬

‫الكافرات‪ ،‬فما عدا الذي يظهر منها لضرورة القيام إلى عمل ما كخدمة البيت ونحوه‪.‬‬

‫وأميا عنيد الرجال المحارم لهيا‪ :‬فميا بيين السيرة والركبية‪ ،‬أي فيجوز لهيا أن تبدي سيائر‬

‫أطراف جسمها أمامهم بشرط أمن الفتنة وإل فل يجوز ذلك أيضا‪.‬‬ ‫(‪ )1‬ودليله ما روته أم سلمة قالت‪:‬‬ ‫كنت عند رسول ال‬

‫وعنده ميمونة فأقبل ابن أم مكتوم وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب ‪ ،‬فقال النبي‬

‫فقلنا ‪ :‬يا رسول ال أليس أعمى ل يبصرنا ول يعرفنا ؟ فقال النبي‬ ‫داود‪ ،4112 :‬والترمذي‪ ،2778:‬وقال حسن صحيح)‪.‬‬ ‫‪86‬‬

‫‪ " :‬احتجبا منه " ‪،‬‬

‫‪ ":‬أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه؟ " (رواه أبو‬

‫قال تعالى‪ :‬ول يبديين زينتهين إل لبعولتهين أو آبائهين أو بنيي أخواتهين أو نسيائهن‬ ‫[النور‪.]31:‬‬

‫وفسرت الزينة بمواضعها فوق السرة أو تحت الركبة‪.‬‬

‫( بعولتهن‪ :‬أزواجهن‪ .‬نسائهن‪ :‬النساء المسلمات)‪.‬‬

‫وأما عند الرجال الجانب فجميعها عورة‪ ،‬فل يجوز لها أن تكشف شيئا من بدنها أمامهم‬ ‫إل لعذر‪ ،‬كما ل يجوز لهم أن ينظروا إليها أن كشفت شيئا من ذلك‪.‬‬ ‫قال تعالى‪:‬‬

‫قل للمؤمنات يغضوا من أب صارهم ويحفظوا فروج هم ذلك أز كى ل هم‬

‫[النور‪]30:‬‬

‫وروى البخاري (‪ ،)365‬عن عائ شة ر ضي ال عن ها قالت‪ :‬ل قد كان ر سول ال‬

‫ي صلي‬

‫الفجر‪ ،‬فيشهد معه نساء من المؤمنات‪ ،‬ملتفعات في مروطهن‪ ،‬ثم يرجعن إلى بيتهن‪ ،‬ما‬ ‫يعرفهن أحد"‪.‬‬

‫(ملتفعات في مروطهن‪ :‬متلففات بأكسيتهن‪ ،‬واللفاع‪ :‬ثوب يجلل به الجسد كله )‪.‬‬

‫أما حالت جواز كشف العورة والنظر إليها لعذر‪:‬‬

‫النكاح‪.‬‬

‫‪ -1‬عند الخطبة لجل النكاح‪ ،‬فيجوز النظر إلى الوجه والكفين‪ ،‬وسيأتي في باب‬ ‫‪ -2‬النظير للشهادة أو المعاملة‪ ،‬فيجوز النظير إلى الوجيه خاصية‪ ،‬إذا كانيت هناك‬

‫حاجة لمعرفة تلك المرأة‪ ،‬ولم تعرف دون النظر إليها‪.‬‬

‫‪3‬ي من أجل التطيب والمداواة‪ ،‬فيجوز كشف العورة والنظر إليها بقدر الحاجة‪.‬‬

‫روى مسيلم (‪ ،)2206‬عين جابر بين عبيد ال‬ ‫استأذنت رسول ال‬

‫في الحجامة‪ ،‬فأمر النبي‬

‫‪" :‬أن أم سيلمة رضيي ال عنهيا‬

‫أبا طيبة أن يحجمها"‪.‬‬

‫ويشترط أن يكون ذلك بوجود محرم أو زوج‪ ،‬وأن ل توجيد امرأة تعالجهيا‪ ،‬وإذا‬

‫وجد المسلم أو المسلمة ل يعدل إلى غيرهما‪.‬‬ ‫‪4‬ي استقبال القبلة‪:‬‬ ‫وهذا هو الشرط الرابع من شروط صحة الصلة‪.‬‬ ‫دليل وجوب استقبالها‪:‬‬ ‫‪87‬‬

‫دليل هذا الشرط صريح قول ال تعالى‪ :‬فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما‬ ‫كنتم فولوا وجوهكم شطره [البقرة‪.]150 :‬‬

‫وروى البخاري (‪ ،)5897‬وم سلم (‪ )397‬أ نه‬

‫قال للذي عل مه ك يف ي صلي‪" :‬إذا‬

‫قمت إلى الصلة فأسبغ الوضوء‪ ،‬ثم استقبل القبلة فكبر"‪.‬‬

‫والمراد بالمسجد الحرام بالية‪ ،‬وبالقبلة في الحديث‪ :‬الكعبة‪.‬‬

‫تاريخ مشروعية استقبال القبلة‪:‬‬

‫روى البخاري (‪ ،)390‬ومسيلم (‪ )525‬عين البراء بين عازب‬

‫قال‪ :‬كان رسيول ال‬

‫صلى ن حو ب يت المقدس ستة ع شر أو سبعة ع شر شهرا‪ ،‬وكان ر سول ال‬

‫ي حب أن‬

‫يوجه نحو الكعبة‪ ،‬فأنزل ال‪ :‬قد نرى تقلب وجهك في السماء ‪ .‬فتوجه نحو الكعبة‪.‬‬ ‫وإذا فإن تاريخ مشروعية استقبال الكعبة يبدأ في أوائل هجرة النبي‬

‫كيفية الستدلل على القبلة‪:‬‬

‫إلى المدينة‪.‬‬

‫إما أن يكون المصلي قريبا من الكعبة بحيث يمكنه رؤيتها إذا شيياء‪ ،‬أو أن يكون بعيدا‬

‫عنها بحيث ل يمكن رؤيتها‪:‬‬

‫أما القريب منها‪ :‬فيجب أن يستقبل عين الكعبة يقينا‪.‬‬

‫وأ ما البع يد عن ها‪ :‬في جب عل يه أن ي ستقبل ع ين الكع بة معتمدا على الدلة الظن ية‪ ،‬إن لم‬ ‫يمكنه الدليل القطعي‪.‬‬ ‫كيفية الصلة‬ ‫عدد ركعاتها‪:‬‬

‫عند ما فرض ال على المسلمين الصلوات المكتوبة‪ ،‬جاء جبريل إلى النبي‬

‫م عك ي يض بط لل نبي‬

‫ي ك ما مر‬

‫و قت كل منها ابتداء وانتهاء‪ ،‬ويوضح له عدد ركعات كل منها‪،‬‬

‫وهي كما يلي‪:‬‬ ‫صلة الفجر‪:‬‬

‫ركعتان‪ ،‬بقيامين وتشهد أخير‪.‬‬ ‫صلة الظهر‪:‬‬

‫أربع ركعات بتشهدين‪ ،‬أولهما على رأس ركعتين والثاني في آخر الصلة‪.‬‬ ‫‪88‬‬

‫صلة العصر‪:‬‬

‫أربع ركعات كصلة الظهر‪.‬‬ ‫صلة المغرب‪:‬‬

‫ثلث ركعات بتشهدين‪ ،‬أولهما على رأس ركعتين والثاني في آخر الصلة‪.‬‬ ‫صلة العشاء‪:‬‬

‫أربع ركعات مثل الظهر والعصر‪.‬‬

‫*****‬

‫أركَان الصّـــلَة‬ ‫معني الركن‪:‬‬

‫ر كن الش يء ما كان جزءا أ ساسيا م نه‪ ،‬كالجدار من الغر فة‪ ،‬فأجزاء ال صلة إذا أركان ها‬

‫كالركوع والسجود ونحوهما‪ .‬ول يتكامل وجود الصلة ول تتوفر صحتها إل بأن يتكامل‬ ‫فيها جميع أجزائها بالشكل والترتيب الواردين عن رسول ال‬

‫‪ ،‬عن جبريل عليه السلم‪.‬‬

‫ويتلخص عدد أركان الصلة في ثلثة عشر ركنا‪ .‬نشرح كل واحد منها على حدة‪:‬‬ ‫‪1‬ـ النية‪:‬‬

‫‪89‬‬

‫وهيي ق صد الشييء مقترنا بأول أجزاء فعله‪ ،‬ومحل ها القلب‪ .‬ودليلهيا قول ال نبي ‪" :‬إنميا‬ ‫العمال بالنيات" (رواه البخاري‪ ،1:‬ومسلم‪.)1907:‬‬

‫ول بد ل صحتها أن تقترن بت كبيرة الحرام‪ ،‬بح يث يكون قل به متنبها أثناء التل فظ بالت كبير‬

‫إلى قصد الصلة‪ ،‬متذكرا نوعها وفرضيتها‪ ،‬ول يشترط تحريك اللسان بها‪.‬‬ ‫‪2‬ـ القيام مع القدرة في الصلة المفروضة‪:‬‬

‫دلييل هذا الركين ميا رواه البخاري(‪ )1066‬عين عمران بين حصيين‬

‫بوا سير‪ ،‬ف سألت ر سول ال‬

‫قال‪ :‬كانيت بيي‬

‫عن ال صلة؟ فقال‪ " :‬صل قائما‪ ،‬فإن لم ت ستطيع فقاعدا‪ ،‬فإن‬

‫لم تستطع فعلى جنب"‪.‬‬

‫[بواسير‪ :‬مرض في مخرج الدبر]‪.‬‬

‫وإن ما يع تبر الر جل قائما إذا كان منت صب القا مة‪ ،‬فإذا انح نى دون عذر بح يث أم كن أن‬

‫تلمس راحة يده ركبته‪ ،‬بطلت صلته‪ ،‬لن ركن القيام فقد في جزء من صلته‪ .‬وإذا قدر‬ ‫المصلي على الوقوف في بعض صلته وعجز في بعضها الخر‪ ،‬وقف حيث يمكنه ذلك‪،‬‬ ‫وجلس في سائرها‪.‬‬

‫وخرج بقييد الصيلة المفروضية‪ ،‬الصيلوات النافلة‪ ،‬فإن القيام بهيا مندوب مطلقا‪ ،‬فله أن‬

‫يجلس فيهيا سيواء كان قادرا أم ل‪ .‬روى البخاري (‪ )1065‬أن النيبي‬

‫قال‪ " :‬مين صيلى‬

‫قائما فهو أفضل‪ ،‬ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم‪ ،‬ومن صلى نائما فله نصف أجر‬

‫القاعد "والمارد بالنائم‪ :‬المضطجع‪.‬‬ ‫‪3‬ـ تكبيرة الحرام‪:‬‬

‫دلييل ذلك ميا رواه الترمذي(‪ )3‬وأبيو داود(‪ )61‬وغيرهيييم أنيه‬

‫قال‪" :‬مفتاح الصيلة‬

‫الطهور‪ ،‬وتحريمها التكبير‪ ،‬وتحليلها التسليم"‪.‬‬ ‫كيفيتها‪:‬‬

‫ل بد من لفظة "ال أكبر"‪ ،‬ول ت ضر زيادة ل تم نع السم‪ :‬ك ي ال ال كبر‪ ،‬أو ال الجليل‬

‫أ كبر‪ .‬فلو زاد كل مة لي ست من صفات ال تعالى‪ :‬كقوله‪ :‬ال هو ال كبر أو غ ير ال صيغة‬ ‫كأن قال‪ :‬أ كبر ال لم ي صح الت كبير‪ .‬دل يل ذلك ضرورة التباع لف عل ال نبي ‪ ،‬و قد كان‬

‫ملزما في تكبيرة الحرام لهذه الصيغة‪.‬‬ ‫شروطها‪:‬‬

‫‪90‬‬

‫يشترط الصحة تكبيرة الحرام مراعاة المور التالية‪:‬‬ ‫(أ) أن يتلفظ بها وهو قائم‪ ،‬فلو نطق بها أثناء القيام إلى الصلة لم تصح‪.‬‬ ‫(ب) أن ينطق بها حال استقبال القبلة‪.‬‬

‫(ج) أن تكون بالل غة العرب ية‪ ،‬ل كن من ع جز عن ها بالعرب ية‪ ،‬ولم يمك نه التعلم في‬

‫الوقت ترجم وأتى بمدلول التكبير بأي لغة شاء‪ ،‬ووجب عليه التعلم إن قدر على ذلك‪.‬‬ ‫(د) أن يسمع نفسه جمع حروفها إن كان صحيح السمع‪.‬‬

‫(ه) مصاحبتها للنية كما مر ذكره‪.‬‬ ‫‪4‬ـ قراءة الفاتحة‪:‬‬

‫وهي ركن في كل ركعة من الصلة‪ ،‬أيا كان نوعها‪.‬‬ ‫دليل ذلك‪:‬‬

‫ميا رواه البخاري(‪ ،)723‬ومسيلم(‪ :)394‬أن النيبي‬

‫قال‪" :‬ل صيلة لمين لم يقرأ بفاتحية‬

‫الكتاب"‪.‬‬

‫والبسملة آية منها‪ ،‬فل تصح الفاتحة التي لم يبدأها المصلي ببسم ال الرحمن الرحيم ‪ ،‬لما‬

‫روى ا بن خزي مة بإ سناد صحيح‪ ،‬عن أم سلمة ر ضي ال عن ها‪ :‬أن ال نبي‬ ‫الرحمن الرحيم آية‪.‬‬

‫عد ب سم ال‬

‫شروط صحتها‪:‬‬

‫ول بد في قراءة الفاتحة من مراعاة الشروط التالية‪:‬‬ ‫(أ) أن يسمع القارئ نفسه‪ ،‬إذا كان معتدل السمع‪.‬‬

‫(ب) أن يرتيب القراءة حسيب ترتيبهيا الوارد‪ ،‬مراعيا مخارج الحروف‪ ،‬وإبراز الشدّات‬

‫فيها‪.‬‬

‫(ج) أن ل يل حن في ها لحنا يغ ير المع نى‪ ،‬فإن ل حن لح نا ل يؤ ثر على سلمة المع نى لم‬

‫تبطل‪.‬‬

‫(د) أن يقرأها بالعربية‪ ،‬فل تصح ترجمتها‪ ،‬لن ترجمتها ليست قرآنا‪.‬‬

‫(ه) أن يقرأها المصلي وهو قائم‪ ،‬فلو ركع وهو ل يزال يتممها‪ ،‬بطلت القراءة ووجبت‬

‫العادة‪ .‬هذا وإن ع جز الم صلي لعج مة ونحو ها عن قراءة الفات حة‪ ،‬قرأ بدل ها سبع آيات‬ ‫مما يحفظ من القرآن‪ ،‬فإن لم يحفظ منه شيئا ذكر ال تعالى بمقدار طول الفاتحة ثم ركع‪.‬‬ ‫‪91‬‬

‫‪5‬ـ الركوع‪:‬‬

‫و هو شرعا‪ :‬أن ينح ني الم صلي قدر ما يمك نه من بلوغ راحت يه لركبت يه‪ ،‬هذا أقله‪ ،‬وأ ما‬

‫أكمله‪ :‬فهو أن ينحني بحيث يستوي ظهره أفقيا‪.‬‬ ‫دليله‪:‬‬

‫قال ال تعالى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا [الحج‪.]77:‬‬ ‫وقول رسيول ال‬

‫لمين علميه الصيلة‪" :‬ثيم اركيع حتيى تطمئن راكعا" (رواه البخاري‪:‬‬

‫‪ ،724‬ومسلم‪.]397 :‬‬ ‫وفعله‬

‫شروطه‪:‬‬

‫الثابت بأحاديث صحيحة أكثر من أن تحصى‪.‬‬

‫ل بد لصحة الركوع من التزام المصلي لما يلي‪:‬‬

‫(أ) النحناء بالقدر المذكور‪ ،‬وهو بلوغ كفه إلى ركبته‪.‬‬

‫روى البخاري(‪ )794‬عن أ بي حم يد ال ساعدي ‪ ،‬في صفة صلة ر سول ال‬

‫ركع يديه من ركبته"‪.‬‬

‫‪" :‬وإذا‬

‫(ب) أن ل يق صد بانحنائه شيئا آ خر غ ير الركوع‪ ،‬فلو انح نى خوفا من ش يء‪ ،‬ثم ا ستمر‬

‫منحنيا قاصدا أن يجعله ركوعا لم يصح ركوعه‪ ،‬بل يجب أن يعود قائما ثم ينحني بقصد‬ ‫الركوع‪.‬‬

‫(ج) الطمأنينة‪ ،‬أي أن يستقر في انحنائه قدر تسبيحة‪ ،‬وهذا أقلها‪ ،‬ودليل ذلك قوله‬

‫فيما‬

‫سبق‪" :‬حتى تطمئن راكعا"‪ .‬روى أحمد والطبراني وغيرهما بسند صحيح أن النبي‬

‫قال‪:‬‬

‫"أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلته" قالوا يا رسول ال‪ ،‬وكيف يسرق من صلته؟‬ ‫قال‪" :‬ل يتم ركوعها ول سجودها"‪.‬‬

‫وروى البخاري(‪ )758‬عين حذيفية ‪ :‬رأى رجلً ل يتيم الركوع والسيجود فقال‪ :‬ميا‬

‫صيليت‪ ،‬ولو ميت ميت على غيير الفطرة التيي فطير ال محمدا‬

‫عليهيا‪ .‬أي ميا صيليت‬

‫ال صلة المطلو بة‪ ،‬ولو أدر كك الموت على هذه الحالة ك نت على غ ير الطري قة ال تي جاء‬ ‫بها يسوي ظهره مع عنقه بشكل أفقي مستقيم غير مقوس‪ ،‬وأن ينصب ساقيه‪ ،‬وأن يمسك‬

‫ركبته بيديه مفرقا بين أصابعهما‪ ،‬ويستقر قائلً‪" :‬سبحان ربي العظيم" ثلث مرات‪.‬‬

‫‪92‬‬

‫وروى م سلم(‪ )772‬وغيره‪ ،‬عن حذي فة‬

‫قال‪ :‬صليت مع ال نبي‬

‫ذات ليلة‪ ...‬وف يه‪ :‬ثم‬

‫ركع‪ ،‬فجعل يقول‪" :‬سبحان ربي العظيم"‪ ،‬ثم سجد فقال‪" :‬سبحان ربي العلى"‪.‬‬

‫وروى الترمذي (‪ ،)261‬وأ بو داود(‪ )886‬وغيره ما‪ ،‬عن عبدال بن م سعود‬

‫قال‪ :‬قال‬

‫ر سول ال ‪" :‬إذا ر كع أحد كم فقال في ركو عه‪ :‬سبحان ر بي العظ يم‪ ،‬ثلث مرات‪ ،‬تم‬

‫ركوعه وذلك أدناه"‪ .‬أي أقل الكمال والتمام‪.‬‬

‫جاء في حديث أبي حميد السابق‪ " :‬ثم هصر ظهره "‪ .‬أي أماله وثناه إلى الرض‪.‬‬

‫‪6‬ـ العتدال بعد الركوع‪:‬‬

‫وهو وقوف يفصل الركوع عن السجود‪:‬‬

‫دليله‪:‬‬

‫ما رواه مسلم(‪ )498‬عن عائشة رضي ال عنها‪ ،‬أنها وصفت صلة النبي‬

‫إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائما‪.‬‬ ‫وقال‬

‫فقالت‪ :‬فكان‬

‫لرجيل أسياء صيلته‪ ،‬فكان يعلميه كيفيتهيا‪" :‬ثيم ارفيع حتيى تعتدل قائما (رواه‬

‫البخاري‪ ،724 :‬ومسلم‪.)397 :‬‬ ‫شروطه‪:‬‬

‫(أ) أن يقصد بالعتدال من الركوع شيئا آخر عير العبادة‪.‬‬ ‫(ب) أن يطمئن في اعتداله قدر تسبيحة‪.‬‬

‫(ج) أن ل يطيل الوقوف فيه تطويلً فاحشا‪ ،‬بأن يزيد على مدة قراءة الفاتحة‪ ،‬لنه ركن‬

‫قصير‪ ،‬ل يجوز تطويله‪.‬‬

‫‪7‬ـ السجود مرتين كل ركعة‪:‬‬

‫وتعريفه شرعا‪ :‬مباشرة جبهة المصلي موضع سجوده‪.‬‬ ‫دليله‪:‬‬

‫قول ال عز و جل‪ :‬اركعوا وا سجدوا [ال حج‪.]77:‬وقوله‬

‫للر جل الذي أ ساء صلته‬

‫فأخذ بعلمه كيفيتها‪...." : :‬ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا‪ ،‬ثم ارفع حتى تطمئن جالسا‪ ،‬ثم‬ ‫اسجد حتى تطمئن ساجدا‪."...‬‬

‫(انظر دليل الركوع والعتدال)‪.‬‬

‫‪93‬‬

‫شروطه‪:‬‬

‫يشترط لصحة السجود مراعاة المور التالية‪:‬‬ ‫(أ) كشف الجبهة عند ملمستها الرض‪.‬‬

‫(ب) أن يكون السيجود على سيبعة أعضاء‪ ،‬وهيي التيي عدهيا النيبي‬

‫بقوله‪" :‬أمرت أن‬

‫أسيجد على سيبعة أعظيم‪ :‬على الجبهية يي وأشار بيده على أنفيه يي واليديين والركبتيين‬ ‫وأطراف القدمين"‬

‫(رواه البخاري‪ ،779:‬ومسيلم‪ .)490:‬ولكين ل يجيب أن يكشيف مين هذه العضاء إل‬

‫الجبهة‪.‬‬

‫(ج) أن ترتفع أسافله على أعاليه‪ ،‬ما أمكن ذلك‪ ،‬اتباعا لفعله ‪.‬‬ ‫(د) أن ل يسجد على ثوب متصل به بحيث يتحرك بحركته‪.‬‬

‫(ه) أن ل يقصد بالسجود شيئا آخر غيره كخوف ونحوه‪.‬‬

‫(ز) أن يطمئن في السجود على هذه الحال بمقدار تسبيحة على القل‪.‬‬

‫وأكمل السجود أن يكبر لهويّه‪ ،‬ويضع ركبتيه‪ ،‬ثم يديه‪ ،‬ثم جبهته وأنفه‪ ،‬ويضع يديه حذو‬ ‫من كبيه وين شر أ صابعه مضمو مة للقبلة‪ ،‬ويفرق بط نه عن فخذ يه‪ ،‬ومرفق يه عن الرض‬

‫وعن جنبيه‪ ،‬ويقول "سبحان ربي العلى"‪ ،‬ثلثا‪.‬‬

‫روى البخاري(‪ ،)770‬ومسلم(‪ ،)292‬من حديث أبي هريرة‬

‫يقول‪ :‬ال أكبر‪ ،‬حين يهوي ساجدا"‪.‬‬ ‫وع ند م سلم(‪ )494‬عن البراء‬

‫مرفقيك"‪.‬‬

‫في صفحة صلته‬

‫قال‪ :‬قال ر سول ال ‪" :‬إذا سجدت ف ضع كف يك وار فع‬

‫روى البخاري(‪ ،)383‬ومسلم(‪ ،)495‬عن عبد ال بن مالك بن ُبحَينة ‪ ،‬أن النبي‬

‫إذا صلى‬

‫‪" :‬ثم‬

‫كان‬

‫فرج ب ين يد يه‪ ،‬ح تى يبدو بياض إبط يه‪ .‬وع ند أ بي داود(‪ ،)734‬والترمذي(‬

‫‪ ،)270‬عن أبي حميد ‪ ،‬ونحّى يديه عن جنبيه‪ ،‬ووضع كفيه حذو منكبيه‪.‬‬ ‫روى أبو داود(‪ ،)735‬عن أبي حميد ‪ ،‬في صفة صلة رسول ال‬

‫قال‪ :‬إذا سجد فرج‬

‫ب ين فخذ يه‪ ،‬غ ير حا مل بط نه على ش يء من فخذ يه‪ .‬وع ند أ بي داود(‪،)886‬والترمذي (‬ ‫‪ ،)261‬وغيره ما‪" :‬وإذا سجد فقال في سجوده‪ :‬سبحان ربي العلى‪ ،‬ثلث مرات‪ ،‬فقد تم‬ ‫سجوده‪ ،‬وذلك أدناه" أي أقل الكمال في السجود‪.‬‬ ‫‪94‬‬

‫وتخالف المرأة الرجل في بعض ما سبق‪ ،‬فتضم بعضها إلى بعض أثناء السجود‪.‬‬ ‫وروى البيهقي(‪ :)223 /2‬أنه‬

‫مرّ على امرأتين تصليان فقال‪" :‬إذا سجدتما فضما بعض‬

‫اللحم إلى الرض‪ ،‬فإن المرأة ليست في ذلك كالرجل"‪.‬‬ ‫‪ 8‬ـ الجلوس بين السجدتين‪:‬‬

‫ويحب أن يكون ذلك في كل ركعة‪.‬‬ ‫دليل ذلك‪:‬‬

‫قوله‬

‫في الحديث السابق ذكره‪....." :‬ثم ارفع حتى تطمئن جالسا"‬

‫(انظر دليل السجود)‪.‬‬ ‫شروطه‪:‬‬

‫يشترط لصحته مراعاة المور التالية‪:‬‬

‫(أ) أن يقصد بجلوسه العبادة‪ ،‬ول يحمله عليه شيء آخر كخوف ونحوه‪.‬‬ ‫(ب) أن ل يطوله تطوله يطوله تطويلً فاحشا بحيث يزيد عن مدة أقل التشهد‪.‬‬ ‫(ج) الطمأنينة بمقدار تسبيحة على القل‪.‬‬

‫‪9‬ـ الجلوس الخير‪:‬‬

‫ويقصد به الجلوس الذي يكون في آخر ركعة من ركعات الصلة بحيث يعقبه السلم‪.‬‬ ‫‪10‬ـ التشهد في الجلوس الخير‪:‬‬

‫لما رواه البخاري(‪ ،)5806‬ومسلم(‪ )402‬وغيرهما‪ ،‬عن ابن مسعود‬ ‫مع النبي‬

‫قال‪ :‬كنا إذا صلينا‬

‫قلنا ي وعند البيهقي(‪ ،)2/138‬والدارقطني (‪ )1/350‬كنا نقول قبل أن يفرض‬

‫علي نا التش هد ي‪ :‬ال سلم على ال ق بل عباده‪ ،‬ال سلم على جبر يل‪ ،‬ال سلم على ميكائ يل‪،‬‬ ‫السلم على فلن‪ ،‬فلما انصرف النبي‬

‫جلس أحدكم في الصلة فليقل‪ :‬التحيات‪"..‬‬

‫أقبل علينا بوج هه فقال‪" :‬إن ال هو السلم‪ ،‬فإذا‬

‫( هو ال سلم‪ :‬أي هو ا سم من أ سماء ال تعالى‪ ،‬ق يل‪ :‬معناه سلمته م ما يل حق الخلق من‬

‫العيب والفناء‪" .‬النهاية")‪.‬‬

‫وأقله‪ " :‬التحيات ل‪ ،‬السلم عليك أيها النبي ورحمة ال وبركاته‪ ،‬سلم علينا وعلى عباد‬

‫ال الصالحين‪ ،‬أشهد أن ل إله إل ال وأشهد أن محمدا رسول ال"‪.‬‬ ‫‪95‬‬

‫وورد فيي صييغته روايات عدة كلهيا صيحيحة‪ ،‬وصييغته الكاملة المفضلة لدى الشافعيي‬ ‫رح مه ال تعالى ما رواه م سلم(‪ )403‬وغيره عن ا بن عباس‬

‫أ نه قال‪ :‬كان ر سول ال‬

‫يعلم نا التش هد ك ما يعلم نا ال سورة من القرآن‪ ،‬فكان يقول‪ :‬التحيات المباركات‪ ،‬ال صلوات‬ ‫الطيبات ل‪ ،‬السيلم علييك أيهيا النيبي ورحميه ال وبركاتيه‪ ،‬السيلم علينيا وعلى عباد ال‬

‫الصالحين‪ ،‬أشهد أن ل إله إل ال‪ ،‬وأشهد أن محمدا رسول ال"‪.‬‬ ‫ينبغي في قراءة التشهد مراعاة ما يلي‪:‬‬

‫(أ) أن يسمع نفسه إذا كان سمعه معتدلً‪.‬‬ ‫(ب) موالة القراءة‪ ،‬فلو ف صلها بفا صل سكوت طو يل أو ذ كر آ خر‪ ،‬بطلت وو جب أن‬

‫يعيد‪.‬‬

‫(ج) أن يقرأ التشهد وهو قاعد‪ ،‬إل أن يكون معذورا فيجوز قراءته على الكيفية الممكنة‪.‬‬

‫(د) أن يكون باللغة العربية‪ ،‬فإن عجز بالعربية ترجم وأتى به بأي لغة شاء ووجب عليه‬ ‫التعلم‪.‬‬

‫(ه ي) مراعاة المخارج والشدّات‪ ،‬فلو غيّر مخرج حرف‪ ،‬أو ت ساهل في تشديدة‪ ،‬أو ل حن‬

‫في كلمة واستلزم ذلك تغير المعنى‪ ،‬بطل التشهد ووجبت العادة‪.‬‬ ‫(و) ترتيب كلماته حسب النص الوارد‪.‬‬

‫‪11‬ـ الصلة على النبي‬

‫بعد التشهد الخير‪:‬‬

‫أي بعد إتمام صيغة التشهد السابق ذكرها‪ ،‬وقبل السلم‪.‬‬ ‫دليلها‪:‬‬

‫قوله تعالى‪ :‬إن ال وملئكته يصلون على النبي‪ ،‬يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا‬

‫تسليما [الحزاب‪.]56 :‬‬

‫وقد أجمع العلماء على أنها ل تجب في غير الصلة‪ ،‬فتعين وجوبها فيها‪ ،‬وقد أخرج ابن‬

‫حبان(‪ ،)515‬والحاكيم(‪ )1/268‬وصيححه‪ ،‬عين ابين مسيعود ‪ ،‬فيي السيؤال عين كيفيية‬ ‫الصلة عليه ‪ :‬كيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلتنا؟ فقال‪ :‬قولوا‪...‬‬ ‫وهذا يعين أن محل الصلة عليه‬

‫الصلة‪.‬‬

‫والمناسب لها آخر الصلة فوجبت في الجلوس الخير بعد التشهد‪.‬‬

‫‪96‬‬

‫و ما رواه الترمذي(‪ ،)3475‬وأ بو داود(‪ ،)1481‬وغيره ما ب سند صحيح ‪،‬أ نه‬

‫قال‪" :‬إذا‬

‫صلى أحد كم فليبدأ بتحم يد ر به والثناء عل يه‪ ،‬ثم ي صلي على ال نبي ‪ ،‬ثم يد عو ب عد ب ما‬

‫شاء"‪.‬‬

‫وأقل صيغ الصلة على النبي‬

‫‪ :‬اللهم صل على محمد‪.‬‬

‫وال صيغة الكاملة في ها‪ :‬الل هم صل على مح مد وعلى آل مح مد‪ ،‬ك ما صليت على إبراه يم‬ ‫وعلى آل إبراهيم‪ ،‬وبارك على محمد وعلى آل محمد‪ ،‬كما باركت على إبراهيم وعلى أل‬

‫إبراهيم ‪ ،‬في العالمين إنك حميد مجيد‪.‬‬

‫وقد ثبت هذا بأحاديث صحيحة رواها البخاري ومسلم وغيرهم‪ ،‬وفي بعض طرقها زيادة‬

‫على ذلك أو نقص‪.‬‬

‫[انظر البخاري(‪ ،)1390‬ومسلم(‪.])406‬‬ ‫شروطها‪:‬‬

‫يشترط فيها مراعاة المور التالية‪:‬‬

‫(أ) أن يسمع بها نفسه إذا كان معتدل السمع‪.‬‬ ‫(ب) أن تكون بلفظ "محمد" أو بلفظ‪ :‬رسول أو النبي‪ .‬فلو قال على أحمد مثلً لم تجزيء‪.‬‬

‫(ج) أن تكون بالعربية‪ .‬فإن عجز عنها بالعربية ترجم وأتى بمعناها بأي لغة شاء‪ ،‬ووجب‬

‫عليه أن يبادر إلى التعلم إن أمكنه ذلك‪.‬‬

‫(د) الترتيب في صيغة الصلة‪ ،‬والترتيب بينها وبين التشهد‪ ،‬فل يصح تقديم الصلة على‬

‫التشهد‪.‬‬

‫‪12‬ـ التسليمة الولى‪:‬‬

‫وهي أن يقول المصلي ملتفتا إلى يمينه‪ :‬السلم عليكم ورحمة ال‪.‬‬ ‫دليلها‪:‬‬

‫قوله‬

‫في الحديث السابق ذكره في تكبيرة الحرام‪" :‬تحريمها التكبير‪ ،‬وتحليلها التسليم"‪.‬‬

‫وأقل صيغه‪ :‬السلم عليكم‪ .‬مرة واحدة‪ .‬وأكمله‪ :‬السلم عليكم ورحمة ال مرتين‪ ،‬الولى‬

‫عن يمينه عن يمينه والخرى عن شماله‪.‬‬ ‫روى مسلم(‪ ،)582‬عن سعد‬

‫قال‪ :‬كنت أرى رسول ال‬

‫شماله‪.‬‬ ‫‪97‬‬

‫يسلم عن يمينه والخرى عن‬

‫روى مسلم(‪ ،)582‬عن سعد‬

‫قال‪ :‬كنت أرى رسول ال‬

‫حتى أرى بياض خده‪.‬‬

‫وروى أبو داود(‪ )996‬وغيره‪ ،‬عن ابن مسعود‬

‫‪ :‬أن النبي‬

‫يسلم عن يمينه وعن يساره‪،‬‬ ‫كان يسلم عن يمينه وعن‬

‫شماله‪ ،‬ح تى يرى بياض خده‪" :‬ال سلم علي كم ورح مة ال‪ ،‬ال سلم علي كم ورح مة ال" قال‬

‫الترمذي(‪ :)295‬حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح‪.‬‬ ‫‪13‬ـ ترتيب هذه الركان حسب ورودها‪:‬‬

‫وذلك بأن يبدأ بالن ية وت كبيرة الحرام‪ ،‬ثم بالفات حة‪ ،‬ثم الركوع‪ ،‬فالعتدال‪ ،‬فال سجود‪....‬‬ ‫وهكذا‪.‬‬

‫فإن قدم بعض هذه الركان على محله المشروع فيه‪ ،‬بطلت صلته إن تعتمد ذلك‪ .‬أما إن‬

‫ف عل ذلك غ ير متع مد‪ :‬بطلت صلته بدءا من أول الر كن الذي فعله في غ ير موض عه‪،‬‬ ‫فيجب عليه أن يعيد ذلك كله‪.‬‬

‫وعلى هذا‪ ،‬فإن استمر في صلته بعد أن غير الترتيب المطلوب‪ ،‬إلى أن وصل إلى مثل‬

‫ذلك الموضع من الركعة السابقة‪ ،‬نزل الصحيح من الركعة التالية منزلة الفاسد من الركعة‬

‫ال تي قبل ها‪ ،‬فو جب عل يه حينئذ أن يز يد على صلته رك عة‪ ،‬بدلً من الرك عة ال تي ف سدت‬ ‫بفساد الترتيب بين أركانها‪.‬‬

‫*****‬

‫‪98‬‬

‫سـنَن الصّــلَة‬ ‫السّـنة‪:‬‬

‫هي ما يطلب من الن سان فعله على غ ير سبيل الح تم‪ ،‬بح يث يثاب الم سلم على فعله ول‬ ‫يعاقب على تركه‪.‬‬

‫وللصلة أركان وشروط ل بد من فعلها على سبيل اللزام أو الحتم‪ ،‬كي تصح الصلة‪،‬‬

‫وقد ذكرناها فيما سبق‪.‬‬

‫ولل صلة أيضا سنن يطلب من الم صلي فعل ها‪ ،‬ول كن ل على سبيل الح تم‪ ،‬بح يث يزداد‬

‫ثواب ال صلة بفعل ها ول عقاب على ترك ها‪ .‬وهذه ال سنن تؤدى في أثنائ ها‪ ،‬و سنن تؤدى‬ ‫عقبها‪.‬‬

‫(أ) السنن التي تؤدي قبل الصلة‪:‬‬

‫وهي ل تزيد على المور الثلثة التالية‪:‬‬ ‫الول ـ الذان‪ :‬قد مر تعريفه وبيان دليله وشروطه وما يتعلق بذلك‪.‬‬

‫الثاني ـ القامة‪ :‬وقد مر أيضا تعريفها وبيان شروطها والفرق بينها وبين الذان‪.‬‬

‫الثالث ي اتخاذ سترة أما مه‪ :‬تحول بي نه وب ين المار ين‪ ،‬كجدار‪ ،‬وعموم‪ ،‬وع صا‪ ،‬أو كان‬

‫يبسط أمامه مصلى كسجادة ونحوها‪ .‬فإذ لم يجد خط خطا‪.‬‬ ‫روى البخاري (‪ ،)472‬ومسلم (‪ ،)501‬عن ابن عمر‬

‫‪ :‬أن رسول ال‬

‫كان إذا خرج‬

‫يوم العيد أمر بالحربة‪ ،‬فتوضع بين يديه‪ ،‬فيصلي إليها والناس وراءه‪ ،‬كان يفعل ذلك في‬ ‫السفر‪.‬‬

‫[الحربة‪ :‬رمح قصير عريض النصل‪ .‬بين يديه‪ :‬قدامه]‪.‬‬ ‫والفضل أن تكون السترة قريبة من موضع سجوده‪ ،‬فقد روى البخاري (‪ ،)474‬ومسلم (‬

‫‪ ،)508‬عن سهل بن سعد‬

‫كان بين مصلى رسول ال‬

‫وبين الجذار ممر الشاة ‪.‬‬

‫[مصلى‪ :‬موضع السجود‪ .‬ممر الشاة‪ :‬سعة ما تمر منه الشاة ]‪.‬‬

‫(ب) السنن التي تؤدى أثناء الصلة‪:‬‬ ‫‪99‬‬

‫وهي أيضا تنقسم إلى قسمين‪ :‬أبعاض‪ ،‬وهيئات‪.‬‬ ‫(فالبعاض) كل ما يجبر تركه بسجود السهو في آخر الصلة ‪(.‬والهيئات) كل ما يجبر‬

‫تر كه ب سجود ال سهو‪ .‬و سنشرح سجود ال سهو و ما يتعلق به من أبحاث آ خر الكلم عن‬ ‫أعمال الصلة‪.‬‬

‫ونبدأ بتعداد أبعاض الصلة أولً‪ ،‬ثم هيئاتها ثانياُ‪.‬‬

‫* البعاض‪:‬‬ ‫‪1‬ـ التشهد الول‪:‬‬ ‫ويق صد به التش هد في الجلوس الذي ل يعق به سلم‪ ،‬و هو الجلوس الذي يكون على رأس‬

‫ركعتين في صلة الظهر والعصر والمغرب والعشاء فيسن التشهد فيه‪.‬‬

‫جاء في حديث المسيء صلته عند أبي داود (‪ )1173‬ومسلم (‪ )570‬أن رسول ال‬

‫قام‬

‫في صلة الظهر وعليه جلوس فلما أتم صلته سجد سجدتين‪ ( .‬أي تعويضا عن التشهد‬

‫الول الذي تركه بترك الجلوس له‪ ،‬فلو كان ركنا لضطر إلى التيان به‪ ،‬ولم ينجبر تركه‬ ‫بسجود السهو)‪.‬‬

‫‪2‬ـ الصلة على النبي عقب التشهد الول‪.‬‬ ‫هي أيضا سنة يجبر تركها بالسجود‪.‬‬ ‫‪3‬ـ الجلوس للتشهد الول‪:‬‬

‫أي فهي إذا ثلث سنن مستقلة‪ :‬سنة الجلوس‪ ،‬وسنة التشهد فيه‪ ،‬ثم سنة الصلة على النبي‬ ‫‪.‬‬

‫‪4‬ـ الصلة على آل النبي‬

‫بعد التشهد الخير الذي هو ركن‪:‬‬

‫أي يسن عند أداء ركن التشهد في الجلسة الخيرة‪ ،‬وركن الصلة على النبي‬ ‫على آل النبي‬

‫‪ ،‬لما مر معك من الصيغة الكاملة للصلة على النبي‬

‫‪ ،‬الصلة‬

‫‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ القنوت عند العتدال من الركعة الثانية في صلة الفجر‪ ،‬وفي آخر ركعة من الوتر‬

‫في النصف الثاني من رمضان‪ ،‬وفي اعتدال الركعة الخيرة من أي صلة بالنسبة لقنوت‬ ‫النازلة‪ :‬روى أحمد وغيره‪ ،‬عن أنس‬

‫قال‪" :‬ما زال رسول ال‬

‫فارق الدنيا"‪.‬‬

‫‪100‬‬

‫يقنت في الصبح حتى‬

‫وروى البخاري (‪ ،)956‬ومسلم (‪ ،)677‬عن أنس ‪ ،‬قد سئل‪ :‬أقنت النبي‬

‫الصبح؟ قال‪:‬‬

‫نعم‪ ،‬فقيل له‪ :‬أوقنت قبل الركوع؟ قال‪ :‬بعد الركوع يسيرا‪.‬‬ ‫[ينظر البيهقي في الصبح وفي قنوات الوتر]‪.‬‬

‫وتؤدي سينة القنوت بأن يثنيي المصيلي على ال تعالى ويدعوه بأي لفيظ شاء كأن يقول‪:‬‬

‫"اللهم أغفر لي يا غفور" ولكن الكمال في أدائها يكون بالتزام الدعاء الوارد عن رسول ال‬ ‫في ذلك‪.‬‬

‫روى أ بو داود (‪ )1425‬عن الح سن بن على‬

‫قال‪ :‬علم ني ر سول ال‬

‫كلمات أقول هن‬

‫في الوتر‪" :‬اللهم اهدني فيمن هديت‪ ،‬وعافني فيمن عافيت‪ ،‬وتولني فيمن توليت‪ ،‬وبارك‬

‫في في ما أعط يت‪ ،‬وق ني شر ما قض يت‪ ،‬إ نك تق ضي ول يق ضي عل يك‪ ،‬وإ نه ل يذل من‬

‫وال يت‪ ،‬ول ي عز من عاد يت‪ ،‬تبار كت رب نا وتعال يت" وي سن للمام أن يأ تي به ب صيغة‬ ‫الجمع‪.‬‬

‫قال الترمذي (‪ :)464‬هذا حدييث حسين وقال‪ :‬ول نعرف عين النيبي‬

‫الوتر شيئا أحسن منه‪.‬‬

‫وعند أبي داود (‪ )1428‬أن أبي بن كعب‬

‫أمهم ي يعني في رمضان ي وكان يقنت في‬

‫الصنف الخر من رمضان‪.‬‬

‫وروى الحا كم عن أ بي هريرة‬

‫قيي القنوات فيي‬

‫أن ال نبي‬

‫كان إذا ر فع رأ سه من الركوع من صلة‬

‫الصبح في الركعة الثانية‪ ،‬رفع يديه يدعو بهذا الدعاء‪ " :‬اللهم أهدني فيمن هديت ‪."...‬‬

‫وا ستحب العلماء أن يزاد ف يه‪ :‬فلك الح مد على ما قض يت‪ ،‬ن ستغفرك الل هم رب نا ونتوب‬

‫إلييك‪ ،‬وصيلى ال على سييدنا محميد النيبي الميي وعلى آله وصيحبه وسيلم‪ .‬للخبار‬ ‫الصحيحة في الصلة على النبي‬

‫[مغني المحتاج (‪. ])167-1/166‬‬

‫بعد الدعاء والذكر‪.‬‬

‫ويسنّ أن يرفع يديه أثناء هذا القنوت‪ ،‬ويجعل بطنها لجهة السماء‪.‬‬

‫* الهيئات‪:‬‬

‫و قد ذكر نا أن الهيئات هي‪ :‬سنن الصلة ال تي إن ترك ها الم صلي لم يُ سنّ جبر ها ب سجود‬ ‫السهو‪ ،‬بخلف البعاض‪ .‬والهيئات تتلخص فيما يلي‪:‬‬

‫‪101‬‬

‫‪ -1‬رفع اليدين عند تكبيرة الحرام وعند الركوع والرفع منه‪ :‬وكيفية أداء هذه السنّة ‪ :‬أن‬ ‫يرفع كفيه مستقبلً بهما القبلة‪ ،‬منشورتي الصابع‪ ،‬محاذيا بإبهاميه لشحمتي الذنين‪ ،‬على‬

‫أن تكون كفّاه مكشوفتين‪.‬‬

‫روي البخاري (‪ ،)705‬ومسلم (‪ ،)390‬عن ابن عمر رضي ال عنهما قال‪ :‬رأيت النبي‬

‫افت تح الت كبير في ال صلة‪ ،‬فر فع يد يه ح ين ي كبر‪ ،‬ح تى يجعله ما حذو من كبيه‪ ،‬وإذا كبر‬

‫للركوع فعيل مثله‪ ،‬وإذا قال‪ :‬سيمع ال لمين حمده‪ ،‬فعيل مثله وقال‪ :‬ربنيا ولك الحميد‪ ،‬ول‬ ‫يفعل ذلك حين يسجد‪ ،‬ول حين يرفع رأسه من السجود‪.‬‬

‫‪ -2‬وضع يده اليمنى على ظهر يده اليسرى‪ ،‬وذلك في الوقوف‪:‬‬ ‫وكيف ية ذلك‪ :‬أن ي ضع يده اليم نى على ظ هر كف ور سغ الي سرى‪ ،‬ويق بض على الي سرى‬ ‫بأصبع يده اليمنى‪ ،‬ويكون محل ذلك تحت صدره وفوق سرّته‪.‬‬

‫لخبر مسلم (‪ ،)401‬عن وائل بن حُجْر رضي ا ل عنه‪ :‬أنه رأى النبي‬

‫رفع يديه حين‬

‫دخل في الصلة ‪ ...‬ثم وضع يده اليمنى على اليسرى‪.‬‬

‫وعند النسائي(‪ :)2/126‬ثم وضع يده اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد‪.‬‬ ‫‪ -3‬النظر إلى موضع السجود‪:‬‬ ‫فيكره أن يتوزع نظره فيميا حوله‪ ،‬أو أن ينظير إلى العلى أو إلى شيئ أماميه حتيى ولو‬

‫كان الكع بة‪ ،‬بل يُ سنّ أن يج عل نظره الدائم إلى مو ضع سجوده‪ ،‬إل ع ند التش هد‪ ،‬فليج عل‬ ‫نظره إلى سبابته التي يشير بها عند التشهد‪.‬‬ ‫دليل ذلك‪ :‬اتباع فعل النبي ‪.‬‬

‫‪ -4‬افتتاح الصلة بعد التكبير بقراءة التوجه‪:‬‬ ‫ولفظه‪ ،‬ما رواه مسلم (‪ ،)771‬عن علي عن رسول ال ‪ :‬أنه كان أذا قام إلى الصلة‬

‫قال‪" :‬وجهيت وجهيي للذي فطير السيموات والرض حنيفا وميا أنيا مين المشركيين‪ ،‬إن‬ ‫صيلتي ونسيكي ومحياي ومماتيي ل رب العالميين‪ ،‬ل شرييك له وبذلك أمرت وأنيا مين‬ ‫المسلمين"‪.‬‬

‫[وجهت وجهي‪ :‬قصدت بعبادتي‪ .‬فطر‪ :‬ابتدأ خلقها‪ .‬حنيفا‪ :‬مائلً إلى الدين الحق‪ .‬نسكي‪:‬‬ ‫عبادتي وما أتقرب به إلى ال تعالى]‪.‬‬

‫‪102‬‬

‫مكان استحباب التوجه‪:‬‬

‫ت ستحب قراءة التو جه في افتتاح المفرو ضة والنافلة‪ ،‬للمنفرد وللمام والمأموم‪ ،‬بشرط أن‬

‫ل يبدأ بقراءة الفاتحية بعيد‪ ،‬فإن بدأ بهيا‪ -‬وقيد علميت أن البسيملة جزء منهيا‪ -‬أو بالتعوذ‪،‬‬ ‫فاتت سنية قراءة التوجه‪ ،‬فل ينبغي أن يعود إليه ولو كان ناسيا‪.‬‬

‫ول تسيتحب قراءة التوجيه فيي صيلة الجنازة‪ ،‬ول فيي صيلة الفريضية إذا ضاق وقتهيا‪،‬‬ ‫بحيث خشي إن اشتغل بقراءة التوجه أن يخرج الوقت‪.‬‬

‫‪ -5‬الستعاذة بعد التوجه‪:‬‬

‫وهيي أن يقول‪ :‬أعوذ بال مين الشيطان الرجييم‪ .‬يبدأ بهيا قراءة الفتاحية‪ ،‬فإذا شرع فيي‬ ‫قراءة الفاتحة قبل أن يستعيذ‪ ،‬فاتت الستعاذة وكره أن يعود إليها‪.‬‬

‫لقوله سبحانه‪ :‬فإذا قرأت القرآن فاستعذ بال من الشيييطان الرجيم [النحل‪.]98:‬‬

‫‪ -6‬الجهر بالقراءة في موضعه والسراء في موضعه‪:‬‬ ‫والموا ضع ال تي ي سنّ في ها الج هر بالقراءة هي‪ :‬ركع تا صلة الف جر‪ ،‬والركعتان الوليتان‬

‫مين المغرب والعشاء‪ ،‬وصيلة الجمعية‪ ،‬والعيديين‪ ،‬وخسيوف القمير‪ ،‬وصيلة السيتسقاء‪،‬‬ ‫والتراويح‪ ،‬ووتر رمضان‪ ،‬كل ذلك بالنسبة للمام والمنفرد فقط‪ .‬ويسنّ السرار فيما عدا‬ ‫ذلك‪.‬‬

‫دلّ على ذلك أحاديث منها‪:‬‬ ‫‪ -‬ما روى البخاري(‪ ،)735‬ومسلم (‪ ،)463‬عن جبير بن مطعم‬

‫قرأ المغرب بالطور‪.‬‬

‫‪ -‬ميا رواه البخاري(‪ ، )733‬ومسيلم(‪ ،)464‬عين البراء‬

‫‪ :‬سمعت رسول ال‬

‫قال‪ :‬سيمعت النيبي‬

‫"والتين والزيتون" في العشاء‪ ،‬وما سمعت أحدا أحسن صوتا منه‪ ،‬أو قراءة‪.‬‬ ‫‪ -‬ميا رواه البخاري(‪ ،)739‬ومسيلم (‪ ،)449‬مين حدييث ابين عباس‬

‫وا ستماعهم القرآن من ال نبي‬

‫يقرأ‪:‬‬

‫فيي حضور الجين‬

‫وف يه‪ :‬و هو ي صلي بأ صحابه صلة الف جر‪ ،‬فل ما سمعوا‬

‫القرآن استمعوا له‪.‬‬

‫روى البخاري(‪)745‬؛ وم سلم (‪ ،)451‬عن أ بي قتادة‬

‫‪:‬أن ال نبي‬

‫كان يقرأ بأمّ الكتاب‬

‫ل ْوَل َييْ نِ من صلة الظهر وصلة العصر‪ .‬وفي رواية‪ :‬وهكذا‬ ‫وسورة معها في الركعتين ا ّ‬ ‫يفعل في الصبح ‪ .‬مع ما سبق من أحاديث الجهر بالقراءة‪.‬‬ ‫‪103‬‬

‫وروى أ بو داود(‪823‬و ‪)824‬؛ والن سائي (‪ )2/141‬وغيره ما‪ ،‬عين عبادة بن الصيامت‬ ‫قال‪ :‬كنا خلف رسول ال‬

‫في صلة الفجر فثقلت عليه القراءة‪ ،‬فلما انصرف قال‪" :‬لعلكم‬

‫بأمي القرآن‪،‬‬ ‫تقرؤون خلف إمامكيم" قال‪ :‬قلنيا ييا رسيول ال‪ ،‬أي وال ‪ ،‬قال‪" :‬ل تفعلوا إل ّ‬ ‫فإ نه ل صلة لمن لم يقرأ ب ها"‪ .‬و في روا ية‪" :‬فل تقرؤوا بش يء من القرآن إذا جهرت به‬ ‫إل بأم القرآن"‪ .‬وفي حال عدم سماعه المام تعتبر الصلة كأنها سرية في حقه‪.‬‬ ‫فهذه الحاديث تدل على أنه‬

‫كان يجهر بقراءته بحيث يسمعها من حضر‪.‬‬

‫ودل على السر في غير ما ذُكر‪ ،‬ما رواه البخاري(‪ ،)713‬عن خبّاب ‪ ،‬وقد سأله سائلٌ‪:‬‬ ‫أكا نَ ر سولُ ال‬

‫حيَتهِ‪.‬‬ ‫باضْطِرابِ لِ ْ‬

‫يقرأ في الظ هر والع صر؟ قال‪ :‬ن عم‪ ،‬قل نا‪ :‬ب مَ كن تم تعرفون ذلك؟ قال‪:‬‬

‫روى البخاري (‪)738‬؛ ومسيلم (‪ ،)396‬عين أبيي هريرة قال‪ :‬فيي كيل صيلة يقرأ‪ ،‬فميا‬ ‫أسمعنا رسول ال‬

‫أسمعناكم وما أخفى عنا أخفينا عنكم‪.‬‬

‫ولم ينقل الصحابي رضي ال عنهم الجهر في غير تلك المواضع‪.‬‬

‫وستأتي أدلة الصلوات الخاصة في مواضعها‪.‬‬

‫ويتو سط في الن فل المطلق في الل يل ب ين ال سر والج هر‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ول تج هر ب صلتك‬

‫ول تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلً [السراء‪ .]10:‬والمراد صلة الليل‪.‬‬ ‫‪ -7‬التأمين عند انتهاء الفاتحة‪:‬‬ ‫وهو أن يتبع قوله تعالى‪ :‬ول الضالين بكلمة "أمين"‪.‬‬

‫والتأم ين سنّة ل كل م صلّ في كل صلة‪ ،‬يج هر ب ها في الجهر ية‪ ،‬وي سرّ ب ها في ال سرية‪،‬‬ ‫ويجهر بها المأموم تبعا للمام‪ .‬ومعنى آمين‪ :‬استجب يارب‪.‬‬ ‫وروى البخاري (‪ ،)748‬وم سلم(‪ ،)410‬عن أ بي هريرة‬

‫أن ر سول ال‬

‫قال‪":‬إذا قال‬

‫أحد كم – و في رواية ع ند م سلم‪ :‬في ال صلة – آمين‪ ،‬وقالت الملئ كة في ال سماء‪ :‬آم ين‪،‬‬ ‫فوافقت إحداهما الخرى غفر له ما تقدم من ذنبه"‪.‬‬

‫وروى البخاري(‪،)747‬وم سلم(‪ ،)410‬عن أ بي هريرة‬

‫من وافق تأمينه تأمين الملئكة غفر له ما تقدم من ذنبه"‪.‬‬ ‫يي هريرة‬ ‫ين أبي‬ ‫يو داود(‪ ،)934‬عي‬ ‫روى أبي‬

‫قال‪" :‬إذا أ من المام فأمنوا‪ ،‬فإن‬

‫يول ال‬ ‫قال‪ :‬كان رسي‬

‫ير‬ ‫إذا تل‪ :‬غيي‬

‫المغضوب عليهم ول الضالين قال‪ :‬آمين‪ ،‬حتى يسمع من يليه من الصف الول‪.‬‬ ‫‪104‬‬

‫وزاد ابن ماجه (‪ :)853‬فيرتج بها المسجد‪.‬‬ ‫‪ -8‬قراءة شئ من القرآن بعد الفاتحة‪:‬‬ ‫وتتحقق السنة بقراءة سورة من القرآن مهما قصرت‪ ،‬أو بقراءة ثلثة آيات متواليات‪.‬‬

‫ومكان اسيتحبابها الركعتان الوليتان فقط من كل صلة‪ ،‬بالنسبة للمام‪ ،‬والمنفرد مطلقا‪.‬‬ ‫وبالنسبة للمقتدي أيضا في الصلة السرّية‪ ،‬أو حيث يكون بعيدا ل يسمع قراءة المام‪.‬‬

‫ويسين أن يقرأ فيي الصيبح والظهير مين طوال المفصيل‪ ،‬كالحجرات‪ ،‬والرحمين‪ ،‬وفيي‬

‫الع صر والعشاء‪ ،‬من أوا سطه‪ ،‬كالش مس وضحا ها‪ ،‬والل يل إذا يغ شى‪ ،‬و في المغرب من‬

‫قصاره‪ ،‬كقل هو ال أحد‪ .‬لحديث النسائي(‪ ،)2/167‬عن سليمان بن يسار‪ ،‬عن أبي هريرة‬ ‫قال‪ :‬ميا صيليت وراء أحيد أشبيه صيلة برسيول ال‬

‫مين فلن‪ ،‬فصيلينا وراء ذلك‬

‫النسان‪ ،‬وكان يطيل الولين من الظهر ويخفف في الخريين‪ ،‬ويخفف في العصر‪ ،‬ويقرأ‬ ‫في المغرب بق صار المف صل‪ ،‬ويقرأ في العشاء بالش مس وضحا ها وأشباه ها‪ ،‬ويقرأ في‬

‫الصبح بسورتين طويلتين‪.‬‬

‫وي سنّ أيضا أن يقرأ في صبح الجم عة‪ :‬الم تنز يل ال سجدة في الرك عة الولى‪ ،‬و هل‬

‫أتى في الركعة الثانية‪.‬‬

‫ل ما روى البخاري (‪ ،)851‬وم سلم(‪ ،)880‬عن أ بي هريرة‬

‫قال‪ :‬كان ال نبي‬

‫الجمعة‪ ،‬في صلة الفجر‪ :‬الم تنزيل ‪ -‬السجدة – و هل أتى على النسان ‪.‬‬

‫يقرأ في‬

‫وي سن تطو يل الرك عة الولى على الثان ية في جم يع ال صلوات‪ ،‬ل ما رواه البخاري(‪،)725‬‬ ‫ومسلم(‪ :)451‬كان النبي‬

‫‪ ...‬يطول في الولى ويقصر في الثانية‪.‬‬

‫‪ -9‬التكبير عند النتقالت‪:‬‬ ‫عرفنا أن تكبيرة الحرام بالصلة ركن ل تصح بدونه‪.‬‬

‫فإذا دَخل تَ في الصلة وكبرتَ تكبيرة الحرام‪ ،‬يسنّ لك أن تكبّر مثلها عند كل انتقال من‬

‫النتقالت‪ ،‬ما عدا الرفع من الركوع فيسن بدلً من التكبير قول‪ :‬سمع ال لمن حمده‪ ،‬ربنا‬

‫لك الحمد‪ ،‬لما رواه البخاري(‪ ،)756‬ومسلم(‪ ،)392‬عن أبي هريرة‬

‫قال‪ :‬كان رسول ال‬

‫إذا قام إلى الصلة‪ ،‬يكبر حين يقوم ويكبر حين يركع‪ ،‬ثم يقول ‪" :‬سمع ال لمن حمده"‬

‫ح ين يق يم صلبه من الركوع ثم يقول و هو قائم‪" :‬رب نا ولك الح مد" ثم ي كبر ح ين يهوي‬

‫‪105‬‬

‫للسجود‪ ،‬ثم يكبر حين يرفع رأسه‪ ،‬ثم يكبر حين يسجد‪ ،‬ثم يكبر حين يرفع رأسه‪ ،‬ثم يفعل‬ ‫ذلك في الصلة كلها حتى يقضيها‪ ،‬ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس‪.‬‬ ‫‪ -10‬التسبيح عند الركوع والسجود‪:‬‬

‫وكيفيية ذلك أن يقول إذا أسيتقر راكعا‪ :‬سيبحان ربيي العظييم وبحمده(ثلث مرات)‪ .‬وأن‬ ‫يقول إذا اسيتقر سياجدا‪ :‬سيبحان ربيي العلى وبحمده (ثلث مرات)‪ .‬وهذا أدنيى درجات‬ ‫الكمال‪ ،‬فإن زاد على الثلث كان أفضل‪.‬‬ ‫[أنظر الركوع في الركان]‪.‬‬

‫‪ -11‬وضع اليدين على أول الفخذين في جلستي التشهد‪:‬‬ ‫وكيف ية أن يب سط الي سرى‪ ،‬مع ضم ال صابع إلى بعض ها‪ ،‬بح يث تكون رؤوس ال صابع‬ ‫مسامتة لول الركبة‪ ،‬ويقبض يده اليمنى إل الصبع المسبّحة‪ ،‬وهي التي تسمى السبّابة‪،‬‬ ‫فإنيه يمدهيا منخفضية عنيد أول التشهّدي حتيى إذا وصيل إلى قوله‪ :‬إل ال‪ ،‬أشار بهيا‪ ،‬إلى‬

‫التوحيد ورفعها‪ .‬ويسن أن تبقى مرفوعة دون أن يحركها إلى آخر الصلة‪.‬‬ ‫روى مسلم (‪ )580‬عن ابن عمر رضي ال عنهما‪ -‬في صفة جلوسه‬

‫‪ -‬قال ‪ :‬كان إذا‬

‫جلس فيي الصيلة‪ ،‬وضيع كفيه اليمنيى على فخذه اليمنيى‪ ،‬وقبيض أصيابعه كلهيا‪ ،‬وأشار‬

‫بإصبعه التي تلي البهام‪ ،‬ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى‪.‬‬ ‫‪ -12‬التورّك في الجلسة الخيرة والفتراش في غيرها‪:‬‬

‫التورّك‪ :‬هيو أن يجلس المصيلي على وركيه اليسير‪ ،‬وأن ينصيب رجله اليمنيى‪ ،‬ويخرج‬

‫الرجل اليسرى من تحتها‪ .‬والورك‪ :‬هو الفخذ‪.‬‬

‫والفتراش هيو أن يجلس المصيلي على كعيب رجله اليسيرى وينصيب رجله اليمنيى على‬

‫رؤوس أصابعها‪.‬‬

‫حمَييد السياعدي‬ ‫روى البخاري(‪ )794‬مين حدييث أبيي ُ‬

‫قال‪ :‬أنيا كنيت أحفَظَكيم لصيلة‬

‫جلَ سَ في الرّ ْك َع َتيْ نِ جلس على رجله اليسرى‪ ،‬ونصب اليمنى‪،‬‬ ‫رسول ال ‪ ...‬وفيه ‪ :‬فإذا َ‬ ‫وإذا جلس في الركعة الخرةِ قدّم رجله اليسرى‪ ،‬ونصب الخرى‪ ،‬وقعد على م ْقعَ َدتِهِ‪.‬‬ ‫[قدم رجله اليسرى‪ :‬أي من تحت رجله اليمنى منصوبة]‪.‬‬

‫وعند مسلم(‪ ،)579‬عن عبدال بن الزبير رضي ال عنهما‪ :‬كان رسول ال‬ ‫الصلة جعل قدمه اليسرى بين فخذيه وساقه‪ ،‬وفرض قدمه اليمنى‪.‬‬ ‫‪106‬‬

‫إذا قعد في‬

‫‪ -13‬الصلوات البراهيمية ثم الدعاء بعد التشهد الخير‪:‬‬ ‫عرفت فيما مضى أن الصلة على النبي‬

‫ركن في جلسة التشهد الخيرة‪ ،‬ويتأدى الركن‬

‫بأي صيغة من الصلة على النبي ‪.‬‬

‫أ ما اختيار ال صلوات البراهيم ية – و قد م ضى ذ كر ن صّها‪ -‬ف سنّة‪ .‬فإذا أتم ها ي سن أن‬

‫يستعيذ من عذاب القبر‪ ،‬ومن عذاب النار‪ ،‬أو من عذاب النار‪ ،‬أو أن يدعو لنفسه بما شاء؛‬

‫على أن ل يطيل ذلك قدر قراءة التشهد والصلة على النبي ‪.‬‬ ‫وروى مسلم (‪ )558‬عن أبي هريرة‬

‫قال‪ :‬قال رسول ال ‪" :‬إذا فرغ أحدكم من التشهد‬

‫الخيير فليتعوذ بال مين أربيع‪ :‬مين عذاب جهنيم‪ ،‬ومين عذاب القيبر‪ ،‬ومين فتنية المحييا‬ ‫والممات‪ ،‬ومن شر المسيح الدجال"‪.‬‬ ‫‪ -14‬التسليمة الثانية‪:‬‬

‫ذكرنا أن التسليمة الولى ركن‪ ،‬وهي التي تكون مع اللتفات إلى جهة اليمين‪.‬‬ ‫ن أن يضيف إليها تسليمة أخرى‪،‬‬ ‫فإذا فعلها فقد انتهت أركان الصلة وواجباتها‪ ،‬إل أنه يس ّ‬

‫ملتفتا إلى جهة اليسار‪.‬‬

‫روى مسلم (‪ )582‬عن سعد‬

‫حتى أري بياض خده‪.‬‬

‫قال‪ :‬كنت أرى رسول ال‬

‫يسلّم عن يمينه وعن يساره‬

‫وروى أبو داود(‪ )996‬وغيره‪ ،‬عن ابن م سعود ‪ :‬أن النبي كان ي سلّم عن يمي نه وعن‬

‫شماله ح تى يُرى بياض خده‪" :‬ال سلم علي كم ورح مة ال‪ ،‬ال سلم علي كم ورح مة ال"‪ .‬قال‬ ‫الترمذي‪ :‬حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح‪.‬‬ ‫‪ -15‬التزام الخشوع في سائر الصلة‪:‬‬

‫ين القراءات والذكار‬ ‫يان مي‬ ‫يا يردّده اللسي‬ ‫ية القلب إلى مي‬ ‫يى الخشوع‪ :‬الخشوع يقظي‬ ‫معني‬ ‫والدعية‪ ،‬بأن يتدبر كل ذلك ويتفاعل مع معانيه‪ ،‬ويشعر أنه يناجي ربه سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫والصحيح أن الخشوع‪ -‬بهذا المعنى‪ -‬في جزء من أجزاء الصلة أمرٌ ل بد منه؛ بحيث‬

‫إذا كانت الغفلة مطبقة على صلته كلها من أولها إلى آخرها‪ ،‬كانت صلة باطلة‪.‬‬ ‫أما استمرار الخشوع في سائر أجزاء الصلة فهو سنّة مكمّلة‪.‬‬

‫‪107‬‬

‫روى م سلم(‪ ،)228‬عن عثمان‬

‫قال‪ :‬سمعت ر سول ال‬

‫يقول‪ " :‬ما من امرئ م سلم‬

‫تحضره صلة مكتو بة‪ ،‬فيح سن وضوء ها وخشوع ها وركوع ها‪ ،‬إل كا نت كفارة ل ما قبل ها‬ ‫من الذنوب ما لم يؤت كبيرة‪ ،‬وذلك الدهر كله"‪.‬‬

‫[يؤت‪ :‬يع مل‪ .‬كبيرة‪ :‬ذنبا كبيرا كالتعا مل بالر با وشرب الخ مر ون حو ذلك‪ .‬وذلك الد هر‬

‫كله‪ :‬أي تكفيير الذنوب الصيغيرة بسيبب الصيلة مسيتمر طوال العمير لتكرر الصيلة كيل‬ ‫يوم]‪.‬‬

‫فهذه السنن كلها تسمى هيئات‪ ،‬فلو ترك المصلي شيئا منها لم يسنّ جبره بالسجود للسهو‪،‬‬

‫بخلف القسيم الول وهيو ميا يسيمى أبعاضاَ‪ ،‬فإن المصيلي إذا ترك شيئا منيه يسين له أن‬

‫يعوّضه بالسجود للسهو‪.‬‬

‫(ج) السنن التي تؤدي عقب كل صلة‪:‬‬ ‫ويسنّ عقب الصلة المور التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬الستغفار والذكر والدعاء‪:‬‬

‫وروى م سلم (‪ ،)591‬أن ال نبي‬

‫كان إذا ان صرف من صلته ا ستغفر ال ثلثا‪ ،‬وقال‪:‬‬

‫"اللهم أنت السلم ومنك السلم‪ ،‬تباركت ياذا الجلل والكرام"‪.‬‬

‫ول مانيع مين رفيع الصيوت بذلك للمام إذا أراد التعلييم‪ ،‬فإذا تعلموا خفيض‪ ،‬فقيد روى‬

‫البخاري(‪)805‬؛ وم سلم(‪ ،)583‬عن ا بن عباس ر ضي ال عنه ما أ خبر‪ :‬أن ر فع ال صوت‬

‫بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي‬ ‫وروى مسلم (‪ ،)596‬عن كعب بن عجرة‬

‫أن النبي‬

‫‪.‬‬

‫قال‪":‬معقبات ل يخيب قائلهن دبر‬

‫كيل صيلة مكتوبية‪ :‬ثلث وثلثون تسيبيحة‪ ،‬وثلث وثلثون تحميدة‪ ،‬وثلث وثلثون‬ ‫ت كبيرة"‪ .‬و من حد يث أ بي هريرة ‪" ) (597‬و كبر ال ثلثا وثلث ين‪ ،‬فتلك ت سعة وت سعون‪،‬‬ ‫وقال تمام المائة‪ :‬ل إله إل ال وحده ل شر يك له‪،‬له الملك وله الح مد‪ ،‬و هو على كل شئ‬

‫قدير‪ .‬غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر"‪.‬‬

‫[خطاياه‪ :‬الذنوب ال صغيرة‪ .‬ز بد الب حر‪ :‬ما يعلو على و جه مائه ع ند هيجا نه وتمو جه‬

‫والمراد‪ :‬مهما كانت كثيرة]‪.‬‬

‫وروى الترمذي(‪ )3470‬أن ال نبي‬

‫قال‪ ":‬من قال دبر صلة الف جر و هو ثان رجله ق بل‬

‫أن يتكلم‪ :‬ل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل‬ ‫‪108‬‬

‫شئ قدير‪ ،‬عشر مرات‪ ،‬كتب له عشر حسنات‪ ،‬ومحي عنه عشر سيئات‪ ،‬ورفع له عشر‬ ‫درجات‪ ،‬وكان في يومه ذلك كله في حرز من كل مكروه وحرس من الشيطان"‪.‬‬ ‫وروى أبو داود(‪ ،)1522‬عن معاذ بن جبل ‪:‬أنّ رسول ال‬

‫أخذ بيده وقال‪" :‬يا معاذ‪،‬‬

‫وال إني أحبك‪ ،‬فقال‪ :‬أوصيك يا معاذ ل تدعن في دبر كل صلة تقول‪ :‬اللهم أعني على‬

‫ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"‪.‬‬

‫وهناك أدعية وأذكار كثيرة وردت عقب الصلوات عامة‪ ،‬وعقب كل صلة خاصة‪ ،‬تعرف‬

‫من كتب السنة وكتب الذكار‪.‬‬

‫‪ -2‬أن ينتقل للنفل من موضع فرضه‪ ،‬لكثر مواضع السجود‪ ،‬فإنها تشهد له‪:‬‬ ‫والف ضل إن صلى في الم سجد أن ينت قل إلى بي ته‪ ،‬ودل يل ذلك ما رواه البخاري(‪)698‬؛‬

‫ومسلم (‪ ،)781‬عن النبي‬

‫المرء في بيته إل المكتوبة"‪.‬‬

‫قال‪" :‬فصلوا أيها الناس في بيوتكم‪ ،‬فإن أفضل الصلة صلة‬

‫وروى مسلم (‪ )778‬أن النبي‬

‫قال‪ " :‬إذا قضى أحدكم صلته في مسجده‪ ،‬فليجعل لبيته‬

‫نصيبا من صلته‪ ،‬فإن ال جاعل من صلته خيرا"‪.‬‬

‫‪ -3‬وإذا صلوا في المسجد‪ ،‬وكان وراءهم نساء‪ ،‬فإنه يسن لهم أن يمكثوا في أماكنهم‬

‫حتى ينصرفن لن الختلط بهن مظنة الفساد‪:‬‬ ‫روى البخاري(‪ ،)828‬عن أم سلمة رضي ال عنها‪ :‬أن النساء في عهد رسول ال‬ ‫إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول ال‬ ‫رسيول ال‬

‫كن‬

‫ومن صلى من الرجال ما شاء ال‪ ،‬فإذا قام‬

‫قام الرجال‪ .‬وفيي روايية عنهيا(‪ )832‬قالت‪ :‬كان رسيول ال‬

‫إذا سيلم قام‬

‫النسياء حيين يقضيي تسيليمه‪ ،‬ويمكيث هيو فيي مقاميه يسييرا قبيل أن يقوم قال ابين شهاب‬

‫الزهري أ حد الرواة ‪ :‬نرى – وال أعلم – أن ذلك كان لين صرف الن ساء ق بل أن يدرك هن‬ ‫أحد من الرجال‪.‬‬

‫* * *‬

‫‪109‬‬

‫مَكروهَات الصّــلَة‬ ‫قاعدة‪:‬‬

‫كل مخالفة لسنة من السنن التي مضى بيانها‪ ،‬يدخل في نطاق المكروه‪.‬‬ ‫والمكروه هو‪ :‬كل ما يثاب المصلّي على تركه امتثالً‪ ،‬ول يعاقب على فعله‪.‬‬

‫فترك تكيبيرات النتقال مثلً مكروه‪ ،‬لن الِتيان بهيا سينة‪ ،‬وترك الفتتاح بالتوجيه أيضا‬

‫مكروه‪ ،‬لن الفتتاح به سنة‪.‬‬

‫إل أن ث مة ت صرفات خا صة أخرى ي سن اجتناب ها‪ ،‬ويكره للم صلي أن يتل بس ب ها‪ ،‬نذ كر‬

‫منها المور التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬اللتفات في الصلة بالعنق إل لحاجة‪:‬‬ ‫روى أبو داود(‪ )909‬وغيره‪ ،‬أن النبي‬

‫قال‪" :‬ل يزال ال عز وجل مقبلً على العبد في‬

‫صلته ما لم يلتفت‪ ،‬فإذا التفت انصرف عنه"‪.‬‬ ‫وقد بين النبي‬

‫أن اللتفات إنما‪ ":‬هو اختلس يختلسه الشيطان من صلة العيد"‪ .‬روى‬

‫ذلك البخاري(‪ .)718‬ولن هذا اللتفات ينافي الخشوع المطلوب في الصلة‪.‬‬

‫أميا إذا كان هناك داع إلى اللتفات‪ ،‬كمراقبية عدو مثلً فإنيه ل يكره ودلييل ذلك ميا رواه‬

‫أبو داود(‪ )916‬بإسناد صحيح‪ :‬عن سهل بن الحنظلية قال‪ :‬ثوب بالصلة – يعني صلة‬

‫ال صبح‪ -‬فج عل ر سول ال‬

‫ي صلي و هو يلت فت إلى الش عب‪ ،‬قال أ بو داود‪ :‬وكان أر سل‬

‫فارسا إلى الشعب من الليل يحرس‪.‬‬

‫[ثوب‪ :‬من التثويب والمراد به هنا إقامة الصلة]‪.‬‬ ‫وهذا إذا كان اللتفات بالع نق‪ ،‬أ ما إذا الت فت ب صدره فحوّله عن القبلة؛ فإ نه يب طل صلته‬

‫لتركه ركن الستقبال‪ .‬وأما اللمح بالعين دون اللتفات‪ ،‬فإنه ل بأس به‪ ،‬فقد ذكر ابن حبان‬ ‫في صحيحه(‪ )500‬من حديث علي بن شيبان‬

‫قال‪ :‬قدمنا على رسول ال‬

‫فصلينا معه‪،‬‬

‫فل مح بمؤ خر عي نه رجلً ل يق يم صلبه في الركوع وال سجود‪،‬فقال‪":‬ل صلة ل من ل يق يم‬ ‫صلبه"‪ .‬أي ل يطمئن في ركوعه‪.‬‬ ‫‪ -2‬رفع بصره إلى السماء‪:‬‬ ‫‪110‬‬

‫وروى البخاري(‪ ،)717‬عن أ نس ‪ :‬أن ال نبي قال‪ " :‬ما بال أقوام يرفعون أب صارهم إلى‬ ‫ال سماء في صلتهم؟ ثم قال‪ :‬لينت هن عن ذلك أو لتخط فن أب صارهم" وروى م سلم مثله (‬ ‫‪ ،)429( ،)428‬عن جابر بن سمرة وأبي هريرة رضي ال عنهما‪.‬‬ ‫‪ -3‬كف الشعر وتشمير أطراف الثواب أثناء الصلة‪:‬‬ ‫روى البخاري(‪)777‬؛ ومسيلم – واللفيظ له – عين النيبي‬

‫سبعة أعظم ول أكف ثوبا ول شعرا"‪.‬‬

‫قوله‪" :‬أمرت أن أسيجد على‬

‫والسنة إرسال ثيابه على سجيتها‪.‬‬

‫‪ -4‬الصـلة عنـد حضرة طعام تتوق نفسـه إليـه؛ لنشغال نفسـه بـه ممـا يفوت عليـه‬ ‫الخضوع في الصلة‪:‬‬ ‫روى البخاري(‪)642‬؛ وم سلم(‪ ، )559‬عن ا بن ع مر ر ضي ال عنه ما قال‪ :‬قال ر سول‬ ‫ال ‪" :‬إذا وضيع عشاء أحدكيم وأقيميت الصيلة ‪ ،‬فابدؤوا بالعشاء ول يعجيل حتيى يفرغ‬ ‫منه"‪.‬‬

‫‪ -5‬الصلة عند حصر البول أو الغائط‪:‬‬ ‫ل نه – والحالة هذه – ل يمك نه إعطاء ال صلة حق ها من الخشوع والحضور‪ .‬قال ر سول‬

‫ال‬

‫يه الخبثان"‪ .‬أي البول والغائط‪( .‬رواه‬ ‫يو يدافعي‬ ‫يلة بحضرة طعام‪ ،‬ول هي‬ ‫‪" :‬ل صي‬

‫مسلم‪ ،)560:‬عن عائشة رضي ال عنها قالت‪ :‬قال رسول ال ‪":‬إذا نعس أحدكم – وهو‬

‫يصيلي – فليرقيد حتيى يذ هب عنيه النوم‪ ،‬فإن أحد كم إذا صيلى وهيو نا عس‪ ،‬لعله يذ هب‬ ‫يستغفر فيسب نفسه"‪.‬‬

‫‪ -7‬الصلة في الماكن التالية‪:‬‬ ‫ظنّة‬ ‫الحمّام‪ ،‬الطريق‪ ،‬السوق‪ ،‬المقبرة‪ ،‬الكنيسة‪ ،‬المزبلة‪ ،‬وأعطان البل‪ ،‬وهي مباركها‪ ،‬لم ِ‬ ‫وجود النجاسة في بعضها‪ ،‬وانشغال القلب في بعضها الخر‪.‬‬

‫وللنهي عن الصلة في هذه المواضع روى الترمذي(‪ ،)346‬أن النبي‬

‫نهى عن الصلة‬

‫في المزبلة والمجزرة والمقبرة‪ ،‬وقارعة الطريق‪ ،‬وفي الحمّام‪ ،‬وفي معاطن الِبل‪ ،‬وفوق‬

‫ظهر البيت‪ .‬وقال الترمذي‪ :‬إسناد هذا الحديث ليس بذاك القوي‪.‬‬

‫[المجزرة‪ :‬مكان الجزر أي الذ بح‪ .‬قار عة الطر يق‪ :‬أعله وو سطه ح يث ي مر الناس‪.‬‬

‫البيت‪ :‬الكعبة] ‪.‬‬

‫‪111‬‬

‫وقد صح عند ابن حبان(‪ )338‬حديث‪" :‬الرض مسجد إل المقبرة والحمام"‪.‬‬ ‫كما صح عنده أيضا(‪ )336‬حديث‪" :‬ل تصلوا في أعْطان البل" ‪.‬أي مباركها حول الماء‪.‬‬

‫(رواه الترمذي‪ ،348:‬وغيره)‪.‬‬

‫* * *‬

‫‪112‬‬

‫أمو ٌر تخالِفُ فيهَا المَرأة الرجّل‬ ‫ن للمرأة أن تخالف الرجل في خمسة أشياء‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫يُس ّ‬

‫أولً‪:‬‬

‫تضم بعضها إلى بعض في السجود‪ ،‬بأن تضم مرفقيها إلى جنبيها أثناء السجود‪ ،‬وتلصق‬

‫بطن ها بفخذي ها‪ ،‬بخلف الر جل فإ نه يُ سنّ أن يبا عد مرفق يه عن ج نبيه وير فع بط نه عن‬ ‫فخذيه‪.‬‬

‫روى البيهقي(‪ :)2/232‬أنه‬

‫م ّر على امرأتين تصلّيان‪ ،‬فقال‪" :‬إذا سجدتما فضما بعض‬

‫اللحم إلى الرض‪ ،‬فإن المرأة ليست في ذلك كالرجل"‪.‬‬ ‫ثانيا‪:‬‬

‫تخ فض المرأة صوتها في حضرة الرجال الجا نب‪ ،‬فل تج هر بال صلة الجهر ية خش ية‬

‫الفتنة‪ ،‬قال تعالى ‪ :‬فل تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض [الحزاب‪.]32:‬‬ ‫[تخضعن بالقول‪ُ :‬تَليّنّ كلمكنّ‪ .‬مرض‪ :‬فسوق وقلة ورع]‪.‬‬

‫وهذا يدل على أن صيوت المرأة قيد يثيير الفتنية‪ ،‬فيطلب منهيا خفيض الصيوت بحضرة‬ ‫الجانب‪.‬‬

‫بخلف الرجل فإنه يسن أن يجهر في مواضع الجهر‪.‬‬

‫ثالثا‪:‬‬

‫إذا ناب المرأة شئ أثناء الصلة‪ ،‬وأرادت أن تنبه أحدا من حولها لمر ما‪ ،‬فإنها تصفق‬ ‫بأن تضرب يدها اليمنى على ظهر كف اليسرى‪.‬‬

‫أما الرجل‪ ،‬فيسن إذا نابه شئ في الصلة أن يسبّح بصوت مرتفع سهل بن سعد‬ ‫ر سول ال‬

‫‪ ،‬أن‬

‫قال ‪ " :‬من را به ش يء في صلته فلي سبح‪ ،‬فإ نه إذ سبح الت فت إل يه‪ ،‬وإن ما‬

‫التصفيق للنساء"‪.‬‬

‫[التصفيق هنا‪ :‬ضرب ظاهر الكف اليسرى بباطن الكف اليمنى‪.‬‬

‫را به‪ :‬شك في أ مر يحتاج إلى ت نبيه‪ .‬ول فظ م سلم (نا به)‪ :‬أي أ صابه شئ يحتاج ف يه إلى‬ ‫العلم]‪.‬‬ ‫رابعا‪:‬‬ ‫‪113‬‬

‫جم يع بدن المرأة عورة ما عدا وجه ها وكفي ها‪ ،‬ك ما مر بيا نه‪ .‬لقوله تعالى ‪ :‬ول يبد ين‬ ‫زينتهن إل ما ظهر منها [النور‪]31:‬‬

‫والمشهور ع ند الجمهور‪ :‬أن المراد بالزي نة مواضع ها‪ ،‬و ما ظ هر من ها هو الو جه والكفّان‬ ‫(رواه ابن كثير‪.)3/283:‬‬

‫روى أبو داود(‪ )640‬وغيره‪ ،‬عن أم سلمة رضي ال عنها‪ ،‬إنها سألت النبي ‪ :‬أتصلي‬

‫المرأة فيي درع وخمار ولييس عليهيا إزار؟ قال‪" :‬إذا كان الدرع سيابغا‪ ،‬يغطيي ظهور‬ ‫قدميها"‪.‬‬

‫[الدرع‪ :‬قمييص المرأة الذي يغطيي بدنهيا ورجليهيا‪ .‬خمار‪ :‬ميا تغطيي المرأة بيه رأسيها‪.‬‬

‫سابغ‪ :‬طويل]‪.‬‬

‫وواضـح‪ :‬أ نه إذا غطيى ظهور قدمي ها حال القيام والركوع‪ ،‬انسيدل أثناء السيجود‪ ،‬غ طى‬

‫باطن القدمين‪ ،‬لنضمام بعضها إلى بعض‪.‬‬ ‫[وانظر بحث شروط الصلة]‪.‬‬

‫أما الرجل فعورته ما بين سرته وركبته‪ ،‬فلو صلى والمستور من جسمه ما بين السرة‬

‫والركبة فقط صحت صلته‪.‬‬

‫روى الدارقطني (‪)1/231‬؛ والبيهقي (‪ ،)2/229‬مرفوعا‪" :‬ما فوق الركبتين من العورة‪،‬‬

‫وما أسفل من السرة من العورة"‪.‬‬

‫وروى البخاري(‪ ،)346‬عين جابر ‪ :‬أنيه صيلى فيي ثوب واحيد‪ ،‬وقال‪ :‬رأييت النيبي‬

‫يصلي في ثوب واحد‪ .‬وفي رواية (‪ :)345‬صلى جابر في إزارٍ قد عقده من قبل قفاه‪.‬‬ ‫[والزار في الغالب ثوب يستر وسط الجسم‪ ،‬أي ما بين السرة والركبة وما قاربهما]‪.‬‬

‫خامسا‪:‬‬

‫ل ي سنّ الذان للمرأة وي سن ل ها القامة‪ ،‬فلو أذنت ب صوت منخ فض لم يكره‪ ،‬واعتبر ل ها‬ ‫ذلك من الذكر الذي يثاب عليه‪ ،‬أما إن رفعت صوتها به كره‪ ،‬فإن خيفت الفتنة حرم‪.‬‬ ‫بخلف الرجل فقد علمت أن الذان سنّة له عند القيام إلى كل مكتوبة‪.‬‬

‫*****‬

‫‪114‬‬

‫مُبطلَت الصّــلَة‬ ‫تبطل الصلة إذا تلبّس المصلي بواحد من المور التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬الكلم العمد‪:‬‬

‫ويقصد به ما عدا القرآن والذكر والدعاء‪.‬‬

‫روى البخاري(‪ ،)4260‬ومسلم(‪ ،)539‬عن زيد بن أرقم‬

‫قال‪ :‬كنا نتكلم في الصلة يكلم‬

‫أحدنا أخاه في حاجته‪ ،‬حتى نزلت هذه الية‪ :‬حافظوا على الصلوات الوسطى وقوموا ل‬ ‫قانتين [البقرة‪ ،]238:‬فأمرنا بالسكوت‪.‬‬ ‫[ قانتين‪ :‬خاشعين]‪.‬‬

‫سلَمي‬ ‫وروى م سلم (‪ ،)537‬عن معاو ية بن ح كم ال ّ‬

‫أن ال نبي‬

‫قال له – و قد سمت‬

‫عاطسا في صلته‪" : -‬إن هذه الصلة ل يصلح فيها شئ من كلم الناس‪ ،‬إنما هو التسبيح‬

‫والتكبير وقراءة القرآن"‪.‬‬

‫وعُدّ الكلم الذي تب طل ف يه ال صلة‪ ،‬ما كان مؤلفا من حرف ين ف صاعدا‪ ،‬وإن لم يف هم م نه‬

‫مع نى‪ ،‬أو كان يعبّر ع نه بحرف وا حد إذا كان له مع نى‪ ،‬م ثل كل مة " قِ" أمرا من الوقا ية‪،‬‬ ‫و"عِ" من الوعي‪ ،‬و"فِ" من الوفاء‪.‬‬

‫أ ما إن تكلم نا سيا أ نه في ال صلة أو كان جاهلً لتحري مه لقرب عهده بال سلم‪ ،‬فيع فا عن‬ ‫سير الكلم‪ ،‬وهو ما لم يزد على ست كلمات‪.‬‬ ‫‪ -2‬الفعل الكثير‪:‬‬

‫والمق صود به الف عل المخالف لفعال ال صلة‪ ،‬بشرط أن يك ثر ويتوالى‪ ،‬ل نه يتنا فى مع‬

‫نظام الصيلة‪ ،‬وضابيط الكثرة ثلث حركات فصياعدا‪ ،‬وضابيط الموالة أن تعدّ العمال‬ ‫متتابعة بالعرف‪ ،‬فإن الصلة تبطل‪.‬‬ ‫‪ -3‬ملقاة نجاسة لثوب أو بدن‪:‬‬

‫والمقصود بالملقاة‪ :‬أن تصيب النجاسة شيئا منهما ثم ل يبادر المصلي إلى إلقائها فورا‪،‬‬

‫فعندئذ تبطل الصلة‪ ،‬لنه حدث ما يتنافى مع شرط من شروط الصلة‪ ،‬وهو طهارة البدن‬ ‫والثوب من النجاسة‪.‬‬

‫‪115‬‬

‫فإن أصابته النجاسة بإلقاء ريح أو نحوه وتمكن من إلقائها عنه فورا‪ ،‬بأن كانت يابسة؛ لم‬ ‫تبطل صلته‪.‬‬

‫‪ -4‬انكشاف شيء من العورة‪:‬‬

‫وقد عرفت حد العورة بالنسبة لكل من المرأة والرجل في الصلة أما إن انكشفت بدون‬

‫قصده‪ :‬فإن أسرع فسترها فورا‪ ،‬لم تبطل‪ ،‬وإل بطلت‪ ،‬لفقدان شرط من شروطها في جزء‬ ‫من أجزائها‪.‬‬

‫‪ -5‬الكل أو الشرب‪:‬‬

‫لنهما يتنافيان مع هيئة الصلة ونظامها‪.‬‬

‫وحد المبطل من ذلك للمعتمد؛ أيّ قَ ْدرٍ من الطعام أو الشرب مهما كان قليلً‪ .‬أما بالنسبة‬ ‫لغيير المعتميد‪ ،‬فيشترط أن يكون كثيرا فيي العرف‪ .‬وقيد قدر الفقهاء الكثيير بميا يبلغ‬ ‫مجمو عه قدر حُم صه‪ ،‬فلو كان ب ين أ سنانه بقا يا من طعان ل يبلغ هذا القرار فبلع ها مع‬

‫الريق دون قصد لم تبطل‪.‬‬

‫ويدخل ف يحد الطعام المبطل للصلة‪ :‬ما لو كان في فمه سكرة فذاب شئ منها في فمه‪،‬‬

‫فبلع ذلك الذوب‪.‬‬

‫‪ -6‬الحدث قبل التسليمة الولى‪:‬‬

‫ل فرق بيين أن يكون ذلك عمدا أو سيهوا‪ ،‬لفقدان شرط مين شروط الصيلة – وهيو‬

‫الطهارة من الحدث – قبل تمام أركانها‪.‬‬

‫أ ما إن أحدث ب عد الت سليمة الولى وق بل الثان ية‪ ،‬ف قد ت مت صلته صحيحة‪ .‬وهذا م حل‬

‫إجماع عند جميع المسلمين‪.‬‬

‫‪ -7‬التنحنح‪ ،‬والضحك‪ ،‬والبكاء‪ ،‬والنين إن ظهر بكلّ من ذلك حرفان‪:‬‬

‫فضابط إبطال هذه المور الربعة للصلة‪ :‬أن يظهر فيه حرفان‪ ،‬وأن لم يكونا مفهومين‪.‬‬

‫أما إن كان قليلً‪ ،‬بحيث لم يسمع فيه إل حرفٌ واحد‪ ،‬أو لم يظهر فيه أي حرف لم تبطل‪.‬‬

‫هذا إذا لم يكن مغلوبا على أمره‪ ،‬بأن تعمّد ذلك ‪ ،‬أما إذا غلب عليه‪ ،‬بأن فاجأه السعال أو‬

‫غلب عليه الضحك‪ ،‬لم تبطل صلته‪.‬‬ ‫أما التبسم فل تبطل به الصلة ‪.‬‬

‫‪116‬‬

‫وكذلك الذكر والدعاء إذا قصد به مخاطبة الناس‪ ،‬فإنها تبطل‪ ،‬كما إذا قال لنسان‪ :‬يرحمك‬ ‫ال ‪ .‬لنه يعتبر عندئذ من كلم الناس‪ ،‬والصلة ل تصلح له‪ ،‬كما علمت‪.‬‬ ‫‪ -8‬تغير النيّة‪:‬‬

‫ضابط ذلك‪ :‬أن يعزم على الخروج من الصلة‪ ،‬أو يعلّق خروجه منها على أمر‪ ،‬كمجيء‬

‫شخص ونحوه‪ .‬فإن صلته تبطل بمجرد طروء هذا القصد عليه‪.‬‬

‫وعلة بطلن الصيلة بذلك‪ :‬أن الصيلة ل تصيلح إل بنيية جازمية‪ ،‬وهذا القصيد أو العزم‬

‫يتنافى مع النية الجازمة‪.‬‬ ‫‪ -9‬استدبار القبلة‪:‬‬

‫لن استقبالها شرط أساسي من شروط الصلة‪ ،‬سواء تعمّد ذلك أو أداره شخص غصبا‪،‬‬ ‫إل أ نه في حالة الع مد تب طل ال صلة فورا‪ ،‬و في حالة الِكراه ل تب طل إل إذا ا ستقر مدة‬

‫وهيو مسيتدبر لهيا‪ .‬فإن اسيتدار إلى القبلة بسيرعة لم تبطيل صيلته‪ ،‬والسيتقرار وعدميه‬ ‫يحددهما العرف‪.‬‬

‫*****‬

‫‪117‬‬

‫سُجوُد السّـهُو‬ ‫السهو لغة‪ :‬نسيان الشيء والغفلة عنه‪.‬‬ ‫والمقصود بالسهو هنا‪:‬‬

‫خلل يوق عه الم صلي في صلته‪ ،‬سواء كان عمدا أو ن سيانا‪ ،‬ويكون ال سجود‪ -‬ومحله في‬ ‫آخر الصلة‪ -‬جبرا لذلك الخلل‪.‬‬ ‫حكم سجود السهو‪:‬‬

‫هو سنّة عند حدوث سبب من أسبابه التي سنتحدث عنها‪ ،‬فإن لم يسجد لم تبطل صلته‪.‬‬

‫ولم يكن واجبا‪ ،‬لنه لم يشرع لترك واجب كما سنرى‪.‬‬

‫ودل يل مشروعي ته ما روه البخاري (‪ ،)1169‬عن أ بي هريرة‬

‫قال ‪ :‬صلّى ب نا ال نبي‬

‫الظهر أو العصر‪ ،‬فسلّم‪ ،‬فقال له ذو اليدين‪ :‬الصلة يا رسول ال‪ ،‬أنقصت؟ فقال النبي ‪":‬‬ ‫خ َر َي َتيْنِ‪ ،‬ثمّ سَجَدَ سَجْ َد َتيْن‪.‬‬ ‫أَحَقّ ما يَقُولُ؟"‪ .‬قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬فَصلّى ركعتين أُ ْ‬ ‫وأدلة أخرى تأتي فيما يلي‪:‬‬

‫أسباب سجود السهو‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يترك المصلي بعضا من أبعاض الصلة التي مرّ ذكرها كالتشهد الول والقنوت‪:‬‬

‫ح ْينَة‬ ‫روى البخاري (‪)1166‬؛ ومسلم(‪ ،)570‬عن عبدال بن بُ َ‬

‫أنه قال‪ :‬صلى لنا رسول‬

‫ال َر ْك َعتَيْن من ب عض ال صلوات‪ -‬و في روا ية ‪ :‬قام من اثنت ين من الظ هر – ثم قام فلم‬

‫يجلس‪ ،‬فقان الناس معيه‪ ،‬فلميا قضيى صيلته ونظرنيا تسيليمه‪ ،‬كبّر قبيل التسيليم‪ ،‬فسيجد‬ ‫سجدتين وهو جالس‪ ،‬ثم سلم‪.‬‬

‫[ نظرنا‪ :‬انتظرنا]‪.‬‬

‫وروى ابن ماجه(‪)1208‬؛ وأبو داود(‪ )1036‬وغيرهما‪ ،‬عن المغيرة بن شعبة ‪ ،‬قال‪ :‬قال‬

‫س َتتَمّ قائما فل‬ ‫س َتتِمّ قائما فليجلس‪ ،‬وإذا ا ْ‬ ‫ر سول ال ‪ " :‬إذا قام أحد كم من الركعت ين‪ ،‬فلم يَ ْ‬

‫سهْو"‪.‬‬ ‫يجلس‪ ،‬ويسجد سَجْ َدتَي ال َ‬

‫‪ -2‬الشك في عدد ما أتى به من الركعات‪:‬‬

‫فيفرض العدد القل‪ ،‬ويتمم الباقي ثم يسجد للسهو‪ ،‬جبرا لحتمال أنه قد زاد في صلته‪.‬‬ ‫فلو شك هل هو صلى الظ هر ثلثا أو أربعا‪ ،‬فليطرح ال شك‪ ،‬ولي بن على ما ا ستيقن‪ ،‬ثم‬

‫‪118‬‬

‫يسجد سجدتين قبل أن يسلم‪ ،‬فإن كان صلى خمسا شفعن له صلته‪ ،‬وإن كان صلى إتماما‬ ‫لربع كانتا َترْغِيما للشيطان"‪.‬‬

‫[ شفعن‪ :‬جعلنها زوجا كما ينبغي أن تكون‪ .‬ترغيما‪ :‬إغاظة وإذللً]‪.‬‬

‫أما لو شك بعد الخروج من الصلة‪ ،‬فإن هذه الشك ل يؤثر على صحة صلته وتمامها‬

‫إل في النية وتكبيرة الحرام‪ ،‬فتلزمه العادة‪.‬‬

‫وسهو المأموم حال قدوته بالمام – وذلك كان سها عن التشهد الول – يحمله المام‪ ،‬ول‬

‫يلزمه سجود السهو بعد سلم المام‪ ،‬ودليل ذلك قوله ‪" :‬الِمام ضامن" (رواه ابن حبان‬ ‫وصححه‪.)362:‬‬

‫‪ -3‬ارتكاب فعل منهي عنه سهوا‪ ،‬إذا كان يبطل عمده الصلة‪:‬‬

‫كما إذا تكلم بكلمات قليلة أو أتى بركعة زائدة سهوا‪ ،‬ثم تنبه إلى وذلك وهو في الصلة‪،‬‬

‫فيسجد للسهو‪.‬‬

‫‪ -4‬نقـل شـئ مـن أفعال الصـلة ركنا كان أو بعضاَ‪ ،‬أو سـورة نقلهـا إلى غيـر محلهـا‪ ،‬وهـو‬

‫القيام‪:‬‬

‫مثاله‪ :‬قرأ الفاتحة في جلوس التشهد‪ ،‬أو قرأ القنوت في الركوع‪ ،‬أو قرأ السورة التي يسنّ‬

‫قراءتها بعد الفاتحة في العتدال‪ ،‬فيسن أن يسجد لذلك سجود سهو في آخر الصلة‪.‬‬ ‫* كيفية السجود ومحله‪:‬‬

‫سجود ال سهو سجدتان ك سجدات ال صلة‪ ،‬ينوي به ما الم صلي سجود ال سهو‪ ،‬ومحله آ خر‬ ‫صيلته قبيل السيلم؛ فلو سيلّم المصيلي قبيل السيجود عامدا أو ناسييا وطال الفصيل؛ فات‬ ‫ال سجود‪ ،‬وإل بأن ق صر الف صل فله أن يتدارك ال سجود بأن ي سجد مرت ين بن ية ال سهو ثم‬ ‫يسلّم مرة أخرى‪.‬‬

‫*****‬

‫‪119‬‬

‫لوَة‬ ‫سَجـدَاتُ التّـ َ‬ ‫يسنّ سجدات التلوة للقارئ داخل الصلة وخارجها‪ ،‬وللمستمع خارج الصلة ‪.‬‬ ‫ودليل ذلك ما رواه البخاري(‪ ،)1025‬عن ابن عمر قال‪ :‬كان النبي‬

‫يقرأ علينا‬

‫السورة فيها السجدة‪ ،‬فيسجد ونسجد‪ ،‬حتى ما يجد أحدنا موضع جبهته‪.‬‬ ‫وروى م سلم(‪ )81‬عن أ بي هريرة‬

‫عن ال نبي قال‪ " :‬إذا قرأ ا بن آدم ال سجدة ف سجد‪،‬‬

‫اعتزل الشيطان يبكيي‪ ،‬يقول‪ :‬ييا و ْيلَهيُ‪ُ ،‬أ ِمرَ ابين آدم بالسيجود فسيجد فله الجنية‪ ،‬وأمرت‬ ‫بالسجود فعصيت فلي النار"‪.‬‬

‫وروى البخاري(‪ )1027‬عن عمر‬

‫أصاب‪ ،‬ومن لم يسجد فل إثم عليه "‪.‬‬

‫قال‪ " :‬يا أيها الناس إنا َن ُمرّ بالسجود‪ ،‬فمن سجد فقد‬

‫وفي رواية عن ابن عمر رضي ال عنهما‪ :‬أن ال لم يفرض علينا السجود إل أن نَشَاء‪.‬‬

‫عدد سجدات التلوة‪:‬‬

‫وسيجدات التلوة فيي القرآن أربيع عشير سيجدة‪ ،‬وهيي فيي السيور التاليية‪ :‬سيجدة فيي‬ ‫العراف‪ ،‬والرعد‪ ،‬والنحل‪ ،‬والسراء‪ ،‬ومريم‪ ،‬وسجدتان في الحج‪ ،‬وسجدة في الفرقان‪،‬‬

‫والنمل‪ ،‬وألم تنزيل ‪ ،‬وحم السجدة‪ ،‬والنجم‪ ،‬والنشقاق‪ ،‬والعلق‪.‬‬

‫و من أراد سجود التلوة كبّر للحرام رافعا يد يه‪ ،‬ثم كبّر للهوي بل ر فع‪ ،‬و سجد سجدة‬

‫واحدة ك سجدات ال صلة‪ ،‬ثم سلّم‪ .‬وت كبيرة الحرام وال سلم شرطان في ها‪ ،‬ويشترط في ها‬ ‫أيضا ما يشترط في الصلة من الطهارة‪ ،‬واستقبال القبلة‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬

‫*****‬

‫‪120‬‬

‫صلَة الجَمَاعَة‬ ‫َ‬ ‫تاريخ إقامتها‪:‬‬

‫أقام ال نبي‬

‫الجما عة ب عد الهجرة الشري فة‪ ،‬فل قد م كث‬

‫مدة مقا مه في م كة ثلث عشرة‬

‫سنة ي صلي بغ ير جما عة‪ ،‬لن ال صحابة كانوا مقهور ين‪ ،‬ي صلّون في بيوت هم‪ ،‬فل ما ها جر‬

‫النبي إلى المدينة أقام الجماعة وواظب عليها‪.‬‬ ‫حكمها‪:‬‬

‫الصحيح أنها – فيما عدا صلة الجمعة – فرض كفاية‪ ،‬ل تسقط فرضيتها عن أهل البلدة‬ ‫إل ح يث يظ هر شعار ها؛ فإن لم تُؤدّ في ها مطلقا أو أد يت في خفاء أ ثم أ هل البلدة كل هم‪،‬‬

‫ووجب على الِمام قتالهم‪.‬‬

‫والصل في مشروعيتها قوله تعالى‪ :‬وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلة فلتقم طائفة منهم‬

‫معك [النساء‪ .]102:‬وهذا في صلة الخوف‪ ،‬وإذا ورد المر بإقامة الجماعة في الخوف‬ ‫كانت في المن أولى‪.‬‬

‫وكذلك قوله ‪" :‬صلة الجماعة تفضل صلة الفَذّ بسبع وعشرين درجة" (رواه البخاري‪:‬‬

‫‪618‬؛ ومسلم‪.)650:‬‬

‫وكذلك ما رواه أبو داود(‪ ،)547‬وصحّحه ابن حبان(‪)425‬‬

‫وغيره ما‪ :‬أ نه‬

‫قال‪ " :‬ما من ثل ثة في قر ية أو بدو ل تقام في هم الجما عة إل ا ستحوذ‬

‫عليهم الشيطان فعليك بالجماعة‪ ،‬فإنما يأكل الذئب القاصية"‪.‬‬

‫[استحوذ عليهم‪ :‬غلبهم واستولى عليهم وحوّلهم إليه‪ .‬القاصية‪ :‬الشاة البعيدة عن القطع]‪.‬‬

‫حكمة مشروعيتها‪:‬‬

‫إنما ينهض عمود السلم على تعارف المسلمين وتآخيهم وتعاونهم لحقاق الحق وإزهاق‬

‫الباطل؛ ول يتم هذا التعارف والتآخي في مجال أفضل من مجال المسجد عندما يتلقى فيه‬ ‫المسلمون لداء صلة الجماعة كل يوم خمس مرات‪.‬‬

‫ومهما فرقت مصالح الدنيا بينهم وأورثت الحقاد في نفوسهم‪ ،‬فإن في ثباتهم على التلقي‬

‫فيي صيلوات الجماعية ميا يمزق بينهيم مين حجيب الفرقية ويذييب مين قلوبهيم الحقاد‬

‫‪121‬‬

‫والضغان؛ إن كانوا حقا مؤمنيين بال ولم يكونوا منافقيين فيميا يتظاهرون بيه مين صيلة‬ ‫وعبادة وسعي إلى المساجد‪.‬‬

‫العذار المقبولة في التخلف عن صلة الجماعة‪:‬‬

‫العذار قسمان‪ :‬أعذار عامة‪ ،‬أعذار خاصة‪.‬‬

‫أما العذار العامة‪:‬‬

‫فكمطر‪ ،‬وريح عاصف بليل‪ ،‬ووحل شديد في الطريق‪.‬‬

‫روي أن أبن عمر رضي ال عنهما‪ :‬أذّن للصلة في ليلة ذات بردٍ وريح‪(،‬رواه البخاري‪:‬‬ ‫‪635‬؛ وم سلم‪ ،)697:‬ثم قال‪ :‬أَلَ صَلوا في الرّحَالِ‪ ،‬ثم قال‪ :‬إن ر سول ال‬

‫كا نَ يَأ مر‬

‫َتي َل ْيلَةٌ ذات برد ومطير أن يقول‪ " :‬أل صيلوا فيي رحالكيم"‪ .‬أي منازلكيم‬ ‫ّني إذَا كان ْ‬ ‫ال ُمؤَذ َ‬ ‫ومساكنكم‪.‬‬

‫وأنت تعلن أن هذه العذار قلما تتحقق اليوم إل في القرى‪ ،‬بل في بعض القرى‪.‬‬

‫* وأما العذار الخاصة‪:‬‬

‫فكمرض وجوع وعطش شديدين‪ ،‬وكخوف من ظالم على نفس أو مال‪ ،‬ومدافعة حدث من‬ ‫بول أو غائط‪ .‬ل ما رواه البخاري(‪)643‬؛ وم سلم(‪ " :)559‬إذا ُوضِ عَ عَشَاء أحد كم وأقي مت‬

‫الصيلة فابدؤوا بالعِشاء‪ ،‬ول يعجلن حتيى يفرغ منيه"‪ ،‬ولخيبر مسيلم(‪" :)560‬ل صيلة‬

‫بحضرة طعام‪ ،‬ول هو يداف عه الخبثان"‪ .‬وكملز مة غر يم له إذا خرج إلى الجما عة و هو‬

‫مع سر‪ ،‬وأ كل ذي ر يح كر يه‪ ،‬أو يكون مرتديا ثيابا قذرة تؤذي بقذارت ها أو ريح ها‪ .‬ف كل‬ ‫واحدة من هذه الحالت تعتبر عذرا شرعياَ يسوغ لصاحبه التخلف عن حضور الجماعة‪.‬‬ ‫روى البخاري(‪)817‬؛ ومسيلم(‪ ،)564‬عين جابر‬

‫أن النيبي‬

‫قال‪ ":‬مين أكيل ثوما –‬

‫وقيس غيره من العذار عليه‪ -‬فليعتزلن‪ ،‬أو قال‪ :‬فليعتزل مسجدنا‪ ،‬وليقعد في بيته"‪.‬‬ ‫شروط من يقتدى به‪:‬‬

‫ل بد في من يكون إماما أن تتو فر ف يه شروط معينة‪ -‬أكثر ها ن سبية‪ ،‬ح سب حال المأموم‪-‬‬

‫ونلخصها في المور التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬أن ل يعلم المقتدي بطلن صلة إمامه أو يعتقد ذلك‪:‬‬

‫‪122‬‬

‫مثاله‪ :‬أن يجتهد اثنان في جهة القبلة فاعتقد كل منهما أن القبلة في جهة غير التي اعتقدها‬ ‫الخير‪ ،‬فل يجوز أن يقتدي أحدهميا بالخير لن كلّ منهميا يعتقيد أن الخير مخطيئ فيي‬ ‫اتجاهه وأن صلته إلى تلك الجهة غير صحيحة‪.‬‬ ‫‪ -2‬أن ل يكون أميّا‪ ،‬والمقتدي قارئ‪:‬‬

‫والمقصود بالمي هنا من ل يتقن قراءة الفاتحة بحيث يخل بقراءتها إخللً يفوّت حرفا أو‬ ‫شدة أو نحو ذلك‪ .‬فإن كان المقتدي مثله جاز اقتداء كل منهما بالخر‪.‬‬ ‫‪ -3‬أن ل يكون امرأة‪ ،‬والمقتدي رجل‪:‬‬

‫فإن كان المقتدي أيضا امرأة جاز اقتداء كلّ منهما بالخر لقوله ‪ ":‬ل َت ُؤمّنّ امرأة رجلً"‬

‫(رواه ابن ماجه)‪.‬‬

‫من الصفات التي يستحب أن يتحلى بها المام‪:‬‬

‫س َنّهُم‪.‬‬ ‫يجدر أن يكون إمام القوم أَفقهم‪ ،‬وأَقرأهم‪ ،‬وأصلحهم‪ ،‬وأَ َ‬

‫ومهما تحققت هذه الصفات في الِمام كانت الصلة خلفه أفضل وكان الثواب بذلك أرجى‪.‬‬ ‫روى مسلم(‪)613‬عن ابن مسعود‬

‫قال رسول ال ‪ " :‬يؤم القوم أقرأهم لكتاب ال‪ ،‬فإن‬

‫كانوا في القراءة سواءً فأعلمهم بالسنة‪ ،‬فإن كانوا في السنة سواءً فأقدمهم هجرة‪ ،‬فإن كانوا‬ ‫في الهجرة سواءً فأقدمهم سنا"‪.‬‬

‫واعلم أنيه ل يجوز اقتداء المتوضيئ بالمتيميم وبماسيح الخيف‪ ،‬والقائم بالقاعيد‪ ،‬والبالغ‬

‫بالصيبي‪ ،‬والحير بالعبيد‪ ،‬والصيحيح بالمسيلس‪ ،‬والمؤدي بالقاضيي‪ ،‬والمفترض بالمتنفيل‬ ‫وبالعكس‪.‬‬

‫كيفية القتداء‪:‬‬

‫ل يتحقيق القتداء المشروع إل بشروط وكيفيات ينبغيي مراعاتهيا‪ ،‬وهيي كثيرة نلخصيها‬

‫فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬أن ل يتقدم المأموم على المام في المكان‪:‬‬

‫فإن تقدّم عليه بطل اقتداؤه‪ ،‬لقوله عليه الصلة والسلم‪:‬‬ ‫" إنما جعل المام ليؤتم به" (رواه البخاري‪657:‬؛ ومسلم‪.)411:‬‬

‫والئتمام التباع‪ ،‬وهو ل يكون إل حيث يكون التابع متأخرا‪ ،‬لكن ل تضر مساواته له في‬ ‫الموقيف وإن كان ذلك ميع الكراهية‪ ،‬وإنميا يندب تخلفيه عنيه قليلً‪ ،‬فإذا تقدم علييه بطلت‬ ‫‪123‬‬

‫صلته‪ ،‬والعتبار في التقدم والتأ خر بالع قب‪ ،‬و هو مؤ خر القدم‪ .‬فإن كان المقتدي اثن ين‬ ‫ثاني وقيف عين‬ ‫فأكثير‪ ،‬اصيطفوا خلف المام وإن كان واحدا وقيف عين يمينيه‪ ،‬فإذا جاء ٍ‬ ‫يساره‪ ،‬ثم رجعا أو تقدم المام‪.‬‬ ‫روى مسلم عن جابر‬

‫قال‪ :‬صليت خلف رسول ال ‪ ،‬فقمت عن يمينه‪ ،‬ثم جاء جابر‬

‫بن صخر فقام عن يساره‪ ،‬فأخذ بأيدينا جميعا حتى أقامنا خلفه‪.‬‬

‫ويسن أن ل يزيد ما بين المام والمأموم على ثلثة ‪ ،)(1‬وهكذا بين كل صفّين‪ .‬وإذا صلى‬

‫خلف الِمام رجال ونسياء صيفّ الرجال أولً ثيم النسياء بعدهيم‪ ،‬وإذا صيلى رجيل وامرأة‬ ‫صف الرجل عن يمين الِمام‪ ،‬والمرأة خلف الرجل‪.‬‬

‫أ ما جما عة الن ساء‪ ،‬فت قف إمامت هن و سطهم لثبوت ذلك عن عائ شة وأم سلمة ر ضي ال‬

‫عنهما‪( .‬رواه البيهقي بإسناد صحيح)‪.‬‬

‫ويكره وقوف المأموم منفردا في صف وحده‪ ،‬بل يدخل الصف إن وجد سعة‪ ،‬وإن لم يجد‬

‫سعة‪ ،‬فإنه يندب أن يجر شخصا واحدا من الصف إليه بعد الحرام‪ ،)(2‬ويندب للمجرور أن‬

‫يساعده ويرجع إليه لينال فضيلة المعاونة على البر‪.‬‬

‫‪2‬ـ أن يتابعه في انتقالته وسائر أركان الصلة الفعلية‪:‬‬

‫وذلك بأن يتأخر ابتداء فعل المأموم عن فعل المام‪ ،‬ويتقدم على فراعه‪ .‬فإن تأخر المأموم‬ ‫عن المام قدر ر كن كره ذلك‪ ،‬وإن تأ خر ع نه قدر ركن ين طويل ين‪ :‬كأن ر كع واعتدل ثم‬

‫سجد ورفع ول يزال المأموم واقفا من دون عذر‪ ،‬بطلت صلته‪.‬‬

‫وأميا إذا كان لتأخره عذر بأن كان بطيئا فيي القراءة‪ ،‬فله أن يتخلف عين المام بثلثية‬

‫أركان‪ ،‬فإن لم تكلف لمتابع ته في ما ب عد و جب عل يه أن يق طع ما هو ف يه ويتا بع المام‪ ،‬ثم‬ ‫يتدارك الباقي بعد سلم إمامه‪.‬‬ ‫‪3‬ـ العلم بانتقالت المام‪:‬‬

‫وذلك بأن يراه‪ ،‬أو يرى بعض صف‪ ،‬أو يسمع مبلغا‪.‬‬ ‫‪4‬ـ أن ل يكون بين المام والمأموم فاصل مكاني كبير‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‬

‫بذراع الرجل المعتاد ‪ ،‬ويساوي ‪ 50‬سم تقريبا ‪.‬‬

‫(‪)2‬هذا إن رأي أنه يوافقه‪ ،‬وإل فل يجره بل يمتنع لخوف الفتنة‪.‬‬ ‫‪124‬‬

‫إذا لم يكونا في المسجد‪ ،‬أما إذا جمعهما مسجد‪ ،‬فإن القتداء صحيح مهما بعدت المسافة‬ ‫بينهما‪ ،‬أو حالت أبنية نافذة‪.‬‬

‫أما إذا كانا في خارج المسجد أو كان المام في المسجد والمقتدي خارجه‪ ،‬فيشترط عندئذ‬

‫أن ل تبتعد المسافة بين المام والمقتدي‪.‬‬ ‫وضبط ذلك ما يلي‪:‬‬

‫أولً‪ :‬إذا كان المام والمقتدي فيي فضاء‪ ،‬كيبيداء ونحوهيا‪ ،‬اشترط أن ل تزييد المسيافة‬

‫بينهما على ثلثمائة ذراع هاشمي أي (‪ )150‬متر تقريبا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أن يكون كيل منهميا فيي بناء‪ ،‬مثيل بيتيين أو صيحن وبييت‪ ،‬وجيب يي علوة على‬

‫الشرط المذكوري اتصال صف من أحد البناءين بالخر‪ ،‬إن كان بناء المام منحرفا يمينا‬ ‫أو يسارا عن موقف المأموم أو المقتدي‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬أن يكون المام في الم سجد وب عض المقتد ين في خارج الم سجد‪ ،‬فالشرط هو أن ل‬

‫تزييد مسيافة البعيد ميا بيين طرف المسيجد وأول مقتيد يقيف خارجيه على ثلثمائة ذراع‬ ‫هاشمي‪.‬‬

‫‪5‬ـ أن ينوي المقتدي الجماعة أو القتداء‪:‬‬

‫ويشترط أن تكون النيية ميع تكيبيرة الحرام‪ .‬فلو ترك نيية القتداء وتابعيه ميع ذلك فيي‬ ‫النتقالت والفعال‪ ،‬بطلت صلته إن اقت ضت متابع ته أن ينتظره انتظارا كثيرا عرفا‪ ،‬أ ما‬

‫إن وق عت المتاب عة اتفاقا بدون ق صد أو كان انتظار للمام انتظارا ي سيرا فل تب طل صلته‬ ‫بذلك‪ .‬أ ما المام فل يجب عليه أن ينوي المامة‪ ،‬بل يستحب له ذلك ‪ ،‬لتحصل له فضيلة‬ ‫الجماعة‪ ،‬فإن لم ينو لم تحصل له‪ ،‬إذ ليس للمرء من عمله إل ما نوى‪ .‬قال رسول ال ‪:‬‬ ‫" إنما العمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"‪[ .‬رواه البخاري‪ ،1:‬ومسلم‪.]1907:‬‬

‫ويحصل المأموم على فضيلة الجماعة ما لم يسلم المام‪ ،‬إدراك تكبيرة الحرام مع المام‬

‫فضيلة وتحصل بالشتغال بالتحريم عقب تحريم المام‪.‬‬

‫ويدرك المأموم مع المام الرك عة إذا أدر كه في ركوع ها‪ ،‬وإذا أدر كه ب عد الركوع فات ته‬

‫الرك عة‪ ،‬وكان عل يه أن يتدارك ها أو يتدارك ما فا ته‪ ،‬إن كان أك ثر من رك عة ب عد سلم‬ ‫المام‪.‬‬

‫صـلة المـسافر‬ ‫‪125‬‬

‫القصر والجمع‪:‬‬ ‫مقدمة‪:‬‬

‫يقول ال تعالى‪ :‬وميا جعيل عليكيم فيي الديين مين حرج [الحيج‪ .]78:‬أي إنيه سيبحانه‬ ‫وتعالى لم يشرع من أحكام الذ ين ما يوقع كم في الج هد والع نت‪ ،‬ويجعل كم في حيرة من‬

‫أمر كم‪ .‬فحيثما يقع الم سلم في ض يق يو سع ال له في أ مر دينه‪ ،‬كي تظل أحكامه مقبولة‬ ‫متحملة‪.‬‬

‫وال سفر قطعة من العذاب‪ ،‬يف قد فيه النسان استقراره وأ سباب اجله‪ ،‬من أ جل ذلك خفف‬

‫ال تعالى عن المسافر كثيرا من أحكام دينه‪ ،‬وكيفية الستفادة منه‪.‬‬

‫كيفية تكون صلة المسافر‪:‬‬

‫رَخّص ال للمسافر في صلته رخصتين‪:‬‬

‫أولهما‪ :‬اختصار في كمية الركعات‪ ،‬ويسمى " قصرا "‪.‬‬ ‫الثان ية‪ :‬ضم صلتين إلى بعضه ما في الداء‪ ،‬ليكت سب الم سافر أو سع و قت مم كن من‬

‫الفراغ‪ ،‬ويسمى "الجمع بين الصلتين"‪.‬‬ ‫أولًـ القصر‪:‬‬

‫هو أن تؤدى ال صلة الرباع ية‪ ،‬كالظ هر والع صر والعشاء‪ ،‬ركعت ين بدلً من أر بع‪ ،‬ك ما‬ ‫سنرى فيما يأتي من أدلة‪.‬‬

‫والصل في مشروعية القصر قوله تعالى‪ :‬وإذا ضربتم في الرض فليس عليكم جناح‬

‫أن تقصروا من الصلة [النساء‪[ .]101:‬ضربتم‪ :‬سافرتم]‪.‬‬

‫روى مسيلم (‪ )686‬وغيره‪ ،‬عين يعلى بين أميية قال‪ :‬قلت لعمير بين الخطاب‬

‫‪ :‬لييس‬

‫علي كم جناح أن تق صروا من ال صلة إن خف تم أن يقتن كم الذ ين كفروا ف قد َأمِ نَ الناس؟‬ ‫فقال‪ :‬عجبت مما عجبت منه‪ ،‬فسألت رسول ال‬

‫عن ذلك‪ ،‬فقال‪" :‬صدقة تصدق ال بها‬

‫عليكم‪ ،‬فاقبلوا صدقته"‪.‬‬

‫وهذا يدل على أن قصر الصلة ليس خاصا بحالة الخوف‪.‬‬ ‫ول بد لصحة القصر من مراعاة الشروط التالية‪:‬‬

‫‪1‬ـ أن تتعلق بذمته في السفر‪ ،‬ويؤديها أيضا في السفر‪:‬‬

‫‪126‬‬

‫فخرج بهذا الشرط الصلة التي دخل وقتها قبل أن ي سافر‪ ،‬ثم سافر قبل أن يصليها‪ ،‬فل‬ ‫يجوز أن يصليها قصرا‪ ،‬لنه لم يكن مسافرا حين وجبت عليه وتعلقت بذمته‪.‬‬

‫وخرج أيضا الصلة التي دخل وقتها وهو مسافر‪ ،‬ولكنه لم يصلها حتى رجع إلى بلده‪،‬‬

‫فل يجوز أن يصليها أيضا قصرا‪ ،‬لنه حين أدائها ليس بمسافر‪ ،‬والقصر للمسافر‪.‬‬ ‫‪2‬ـ أن يتجاوز سور البلد التي يسافر منها‪ ،‬أو يتجاوز عمرانها إن لم يكن لها سور‪:‬‬

‫لن من كان دا خل سور البلد أو عمران ها ل يس بم سافر‪ .‬أي فال سفر إن ما يبدأ من لح ظة‬

‫هذا التجاوز‪ ،‬ك ما أ نه ينت هي بالو صول رجوعا إلى تلك المنط قة‪ .‬وإذا ف هو ل يق صر من‬ ‫الصلة إل ما تعلق بذمته وفعله وضمن هذه الفترة‪.‬‬

‫روى البخاري(‪ ،)1039‬ومسيلم(‪ ،)690‬عين أنيس‬

‫قال‪ :‬صيليت الظهير ميع النيبي‬

‫بالمدينة أربعا‪ ،‬والعصر بذي الحليف ركعتين‪ .‬وذو الحليفة خارج عمران المدينة‪.‬‬

‫‪3‬ــ أن ل ينوي المسـافر إقامـة أربعـة أيام غيـر يومـي الدخول والرجوع‪ ،‬فـي المكان الذي‬

‫يسافر إليه‪:‬‬

‫فإذا نوى ذلك‪ ،‬أ صبحت البلدة ال تي ي سافر إلي ها في ح كم موط نه وم حل إقام ته‪ ،‬فلم ي عد‬ ‫يجوز له القصر فيها‪ ،‬ويبقى له حق القصر في الطريق فقط‪.‬‬

‫أما إذا كان ناويا أن يقيم أقل من أربعة أيام‪ ،‬أو كان ل يعلم مدة بقائه فيها‪ ،‬لعمل يعالجه‬

‫ول يدري م تى يت مه‪ :‬وق صر في الحالة الثان ية إلى ثمان ية ع شر يوما غ ير يو مي دخول‬ ‫وخروجه‪.‬‬

‫روى أبيو داود (‪ ،)1229‬عين عمران بين حصيين‬

‫قال‪" :‬غزوت ميع رسيول ال ‪،‬‬

‫وشهدت م عه الفتح‪ ،‬فأقام بمكة ثما ني عشر ليلة‪ ،‬ل يصلي إلّ ركعت ين"‪ .‬لن النبي‬

‫أقام‬

‫هذه المدة بمكة عام الفتح لحرب هوازن يقتصر الصلة‪ ،‬ولم يكن يعلم المدة التي سيضطر‬ ‫لبقائها‪.‬‬

‫‪4‬ـ أن ل يقتدي بمقيم‪:‬‬

‫فإن اقتدى به وجب عليه أن يتابعه في التمام‪ ،‬ولم يجز له القصر‪.‬‬ ‫أما العكس فل مانع من القصر فيه‪ ،‬وهو أن يؤم المسافر مقيمين‪ ،‬فله أن يقصر‪ .‬ويسن له‬

‫إذا سلم على رأس ركعتين أن يبادر المقتدين فيقول لهم‪ :‬أتموا صلتكم فإني مسافر‪.‬‬

‫‪127‬‬

‫دليل ذلك ما رواه أحمد بسند صحيح عن ابن عباس‬

‫أنه سئل‪ :‬ما بال المسافر يصلي‬

‫ركعتين إذا انفرد‪ ،‬وأربعا إذا ائتم بمقيم؟ فقال‪ :‬تلك هي السنة‪.‬‬ ‫وجاء في حديث عمران‬

‫السابق‪ ،‬ويقول‪" :‬يا أهل البلد صلوا أربعا‪ ،‬فإنّانَا قومٌ سَفَر"‪.‬‬

‫ثانيا ـ الجمع‪:‬‬

‫وقد عرفت معناه قبل قليل‪.‬‬ ‫روى البخاري (‪ ،)1056‬عن ابن عباس رضي ال عنهما قال‪ :‬كان رسول‬

‫صلة الظهر والعصر إذا كان على ظهر سير‪ ،‬ويجمع بين المغرب والعشاء‪.‬‬ ‫[على ظهر سير‪ :‬أي مسافرا]‪.‬‬

‫وروى م سلم (‪ )705‬ع نه‪ :‬أن ال نبي‬

‫يجمع بين‬

‫ج مع ب ين ال صلة في سفرة سافرناها في غزوة‬

‫تبوك‪ ،‬فجميع بيين الظهير والعصير‪ ،‬والمغرب والعشاء‪ ،‬قال سيعيد بين جيبير رحميه ال‬ ‫حرِج ُأ ّمتَه‪.‬‬ ‫تعالى‪ :‬قلت لبن عباس ‪ :‬ما حمله على ذلك؟ قال أراد أن ل ُي ْ‬ ‫وينقسم جمع الصلة إلى قسمين‪:‬‬

‫ج مع تقد يم‪ ،‬بأن يقدم المتأ خر إلى و قت الولى‪ ،‬وج مع تأخ ير‪ ،‬بأن يؤ خر المتقد مة إلى‬ ‫وقت الثانية‪.‬‬

‫روى أ بو داود (‪)1208‬؛ والترمذي (‪ )553‬وغيره ما‪ ،‬عن معاذ ‪ :‬أن ال نبي‬

‫كان في‬

‫غزوة تبوك‪ ،‬إذا ارتحيل قبيل أن ترتفيع الشميس أخير الظهير حتيى يجمعهيا إلى العصير‬

‫يصليهما جميعا‪ .‬وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعا ثم سار‪ .‬وكان‬ ‫إذا ارت حل ق بل المغرب أ خر المغرب ح تى ي صليها مع العشاء‪ ،‬وإذا ارت حل ب عد المغرب‬ ‫عجل العشاء‪ ،‬فصلها مع المغرب‪.‬‬

‫الصلوات التي يجمع بينها‪:‬‬

‫علم مما سبق أن الصلوات التي يصلح أن يجمع بينها‪ :‬هي الظهر مع العصر‪ ،‬والمغرب‬ ‫ميع العشاء‪ .‬فل يصيح أن يجميع الصيبح ميع ميا قبله أو بعده‪ ،‬كميا ل يجميع بيين العصير‬

‫والمغرب‪.‬‬

‫هذا وإن لكل من جمع التقديم والتأخير شروطا ينبغي مراعاتها‪.‬‬

‫فلنذكر شروط كل منهما‪.‬‬

‫‪128‬‬

‫شروط جمع التقديم‪:‬‬

‫أولً‪ :‬الترتيب منهما‪:‬‬

‫بأن يبدأ الصلة الولى صاحبة الوقت‪ ،‬ثم يتبعها بالخرى‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬أن ينوي جمع الثانية مع الولى قبل فراغه من الصلة الولى‪ ،‬ولكن يسن أن تكون‬

‫النية مع تكبيرة الحرام بها‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬الموالة بينهما‪ ،‬بأن يبادر إلى الثانية فور فراغه من الولى وتسليمه منها‪ ،‬ل يفرق‬

‫بينه ما بش يء من ذ كر أو سنة أو غ ير ذلك؛ فإن فرق بينه ما بش يء طو يل عرفا‪ ،‬أو أ خر‬ ‫الثانية بدون أن يشغل نفسه بشيء بطل الجمع‪ ،‬ووجب تأخيرها إلى وقتها‪ .‬اتباعا للنبي‬ ‫في كل ذلك‪.‬‬

‫روى البخاري (‪ ،)1040‬عن ا بن ع مر ر ضي ال عنه ما قال‪ :‬رأ يت ال نبي‬

‫إذا أعجله‬

‫ال سير يؤ خر المغرب في صليهما ثلثا‪ ،‬ثم يسلم‪ ،‬ثم قلما يلبث حتى يقيم العشاء‪ ،‬فيصليهما‬ ‫ركعتين‪ ،‬ثم يسلم ‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬أن يدوم سيفره إلى تلبسيه إلى تلبسيه بالثانيية‪ ،‬أي فل يضير أن يصيل إلى بلده‬

‫أثناءها‪.‬‬

‫شروط جمع التأخير‪:‬‬

‫أولً‪ :‬أن ينوي ج مع الولى تأخيرا خلل وقت ها ال صلي‪ ،‬فلو خرج و قت الظ هر و هو لم‬

‫ينو جمعها مع العصر تأخيرا‪ ،‬أصبحت متعلقة بذمته على وجه القضاء‪ ،‬وأثم في التأخير‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬أن يدوم سفره إلى أن يفرغ من ال صلتين معا‪ ،‬فلو أقام ق بل الفراغ النهائي منه ما‬

‫أصبحت المؤخرة قضاء‪.‬‬

‫ول يرد هنا شرط الترتيب بينهما‪ ،‬بل يبدأ بما شاء منهما‪ ،‬كما أن الموالة بينهما ي هنا‬

‫ي سنة وليست شرطا لصحة الجمع‪.‬‬

‫شروط السفر الذي يباح فيه القصر والجمع‪:‬‬

‫الشرط الول‪ :‬أن يكون ال سفر طويلً تبلغ م سافته ‪ 81‬كم ف صاعدا‪ ،‬فل يع تد بال سفر الذي‬ ‫يكون دون ذلك‪.‬‬

‫‪129‬‬

‫روى البخاري تعليقا في (تقصير الصلة‪ ،‬باب‪ :‬في كم تقصر الصلة)‪ :‬وكان ا بن عمر‬ ‫وابن عباس رضي ال عنهما يقصران ويفطران في أربعة برد‪ ،‬وهي ستة عشر فرسخا‪،‬‬ ‫وتساوي ‪ 81‬كم تقريبا‪ .‬ومثلهما يفعلن توفيقا‪ ،‬أي بعلم عن النبي ‪.‬‬

‫الشرط الثاني‪ :‬أن يكون السفر إلى جهة معينة مقصورة بذاتها‪ ،‬فل يعتد بسفر رجل هائم‬

‫على وجهه ليست له وجهة معينة‪ ،‬ول بسفر من يتبع قائده مثلً وهو ل يدري أين يذهب‬ ‫به‪ .‬وهذا قبل بلوغه مسافة السفر الطويل‪ ،‬فإن قطعها قصر‪ ،‬لتيقن طول السفر‪.‬‬

‫الشرط الثالث‪ :‬أن ل يكون الغرض من السفر الوصول إلى أي معصية‪ ،‬فإن كان كذلك لم‬

‫يعتد بذلك السفر أيضا‪ ،‬كمن يسافر ليتاجر بخمر أو ل ُيرَابي أو ليق طع طريقا‪ ،‬لن القصر‬ ‫رخ صة‪ ،‬والرخ صة إن ما شر عت للما نة‪ ،‬ولذلك ل تناط بالمعا صي‪ ،‬أي ل تتعلق ب ما ف يه‬

‫معصية‪.‬‬

‫* الجمع بين الصلتين في المطر‪:‬‬

‫يجوز الجمع بين صلتين تقديما في المطر‪.‬‬

‫روى البخاري (‪ ،)518‬ومسلم (‪ ،)705‬عن ابن عباس ‪ :‬أن النبي‬

‫صلى بالمدينة سبعا‬

‫وثمانيا‪ :‬الظ هر والع صر‪ ،‬والمغرب والعشاء‪ .‬زاد م سلم‪ :‬من غ ير خوف ول سفر‪ .‬وع ند‬ ‫البخاري‪ :‬فقال أيوب يي أحيد رواة الحدييث يي‪ :‬لعله فيي ليلة مطيرة؟ قال‪ :‬عَسيَى‪ .‬وعنيد‬

‫حرِج أحدا من أمته‪.‬‬ ‫مسلم‪ :‬قال ابن عباس رضي ال عنهما‪ :‬أراد أن ل يُ ْ‬

‫ول يجوز جمعه ما في و قت الثان ية‪ ،‬ل نه رب ما انق طع الم طر‪ ،‬فيكون أخرج ال صلة عن‬

‫وقتها بغير عذر‪.‬‬

‫ويشترط لهذا الجمع الشروط التالية‪:‬‬ ‫‪1‬ي أن تكون الصلة جماعة بمسجد بعيد عرفا‪ ،‬يتأذى المسلم بالمطر في طريقه إليه‬ ‫‪2‬ي استدامة المطر أول الصلتين‪ ،‬وعند السلم من الولى‪.‬‬ ‫*****‬

‫‪130‬‬

‫صَـلَة الخَـوف‬ ‫معناها والصل في مشروعيتها‪:‬‬

‫الخوف ضد المن‪ ،‬والمقصود بصلة الخوف‪ :‬الصلة التي تؤدي في ظروف القتال مع‬ ‫العدو‪ ،‬إذ تخ تص بر خص وت سهيلت ي ل سيما بالن سبة للجما عة ي ل تو جد ال صلوات‬ ‫الخرى‪.‬‬

‫والصل في مشروعيتها‪ :‬آيات وأحاديث تأتي في بيان حالتها وكيفيتها‪.‬‬

‫حالتها‪:‬‬

‫لصلة الخوف حالتان حسب حالة القتال‪:‬‬ ‫الحالة الولى‪:‬‬

‫حالة المراب طة والحرا سة وعدم التحام القتال‪ :‬و في هذه الحالة تأ خذ ال صلة شكلً معينا‪،‬‬

‫ويختلف بعض الشيء عن الصلة في صورتها العامة‪ ،‬بسبب حرص المسلمين على أدائها‬ ‫جماعة‪ ،‬خلف إمامهم العظم أو قائدهم العلى‪ ،‬أو من ينوب منابه في إدارة القتال‪.‬‬

‫وقد دلّ على مشروعيتها في هذه الحالة قوله تعالى‪ :‬وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلة‬

‫فلت قم طائ فة من هم م عك وليأخذوا أ سلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائ كم ولتأت طائ فة‬

‫أخرى لم يصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم‬

‫وأمتعت كم فيميلون علي كم ميلة واحدة ول جناح علي كم إن كان ب كم أذى من م طر أو كن تم‬

‫مرضيى أن تضعوا أسيلحتكم وخذوا حذركيم إن ال أعيد للكافريين عذابيا مهينا [النسياء‪:‬‬ ‫‪.]102‬‬

‫(فإذا سجدوا‪ :‬أي أتم الذين معك صلتهم‪ ،‬فليذهبوا وليحرسوكم‪ .‬فيميلون‪ :‬فيحملون‪ .‬جناح‬

‫حرج وإثم)‪.‬‬

‫ولهذه ال صورة ال تي ذكرت ها ال ية ل صلة الخوف كيفيتان ي بين ها ر سول ال‬

‫بفعله ي‬

‫تختلفان بحسيب اختلف موقيع العدو مين المسيلمين‪ ،‬وكونيه فيي جهية القبلة أم فيي غيير‬

‫جهتها‪.‬‬

‫‪131‬‬

‫الكيفية الولى‪:‬‬

‫وهيي عندميا يكون العدو رابضا فيي جهية القبلة والقتال غيير ملتحيم‪ :‬فإذا أراد الجنود أن‬

‫يصلوا جماعة‪ ،‬ولم يرغبوا أن يجزئوا صلتهم إلى عدة جماعات‪ ،‬تحقيقا لفضيلة الجماعة‬ ‫الواحدة الكبرى‪ ،‬فليرتبهم إمامهم صفين أو أربعا أو أكثر‪ ،‬ويصلي بهم‪ ،‬فإذا سجد فليسجد‬

‫معيه الصيف الذي يلييه فقيط إن كان المصيلون صيفين‪ ،‬أو الصيفان اللذان يليانيه إن كانوا‬ ‫أربعية صيفوف‪ ،‬وهكذا‪ ،‬وليقيف الباقون يحرسيون إخوانهيم مين إمامهيم فيي قيام الركعية‬

‫الثان ية‪ ،‬فإذا سجد المام لرك عة الثان ية تب عه من تخلف في الولى‪ ،‬وتخلف المتبعون له إذ‬

‫ذاك‪ ،‬ثم يتلحق الجميع في جلوس التشهد ويسلمون جميعا‪.‬‬ ‫وهذه الكيفية هي التي صلى بها رسول ال‬

‫في غزوة من غزواته‪ ،‬وهي عزوة‬

‫عسفان‪ ،‬فكانت سنة في كل حالة تشبهها‪.‬‬

‫روى البخاري (‪ )902‬عين ابين عباس رضيي ال عنهميا قال‪ :‬قام النيبي‬

‫وقام‬

‫الناس معه‪ ،‬فكبر وكبّروا معه‪ ،‬وركع نا سٌ منهم‪ ،‬ثم سجد وسجدوا منه‪ ،‬ثم قام للثانية فقام‬

‫الذ ين سجدوا وحر سوا لخوان هم‪ ،‬وأ تت الطائ فة الخرى‪ ،‬فركعوا و سجدوا م عه والناس‬ ‫كلهم في صلة‪ ،‬ولكن يحرس بعضهم بعضا‪.‬‬ ‫الكيفية الثانية‪:‬‬

‫و هي عند ما يكون العدو منتشرا في غ ير ج هة القبلة والقتال غ ير ملت حم‪ ،‬والكيف ية‬

‫المندوبة للصلة في هذه الحالة هي‪:‬‬

‫‪1‬يي ينقسيم المصيلون إلى فرقتيين‪ ،‬تقيف واحدة فيي وجيه العدو ترقبيه وتحرس‬

‫المسلمين‪ ،‬وتذهب الخرى لتؤدي الصلة جماعة مع المام‪.‬‬

‫‪ 2‬ي ي صلي المام بهذه الفر قة الثان ية رك عة‪ ،‬فإذا قام للثان ية فارق ته وأت مت الرك عة‬

‫الثانية بانفراد‪ ،‬وذهبوا إلى حيث ترابط الفرقة الولى‪.‬‬

‫‪ 3‬ي تأتي الفرقة الولى فتقتدي بالمام ي وينبغي أن يطيل قيامه في الركعة الثانية‬

‫ريثما تلحق به هذه الفرقة ي فيصلي بها المام الركعة الثانية التي هي الولى في حقهم‪،‬‬

‫فإذا جلس للتشهد قاموا فأتموا الركعة الثانية‪ ،‬ثم لحقوا به وهو ل يزال في التشهد‪ ،‬فيسلم‬

‫بهم‪.‬‬

‫وهذه الكيفية في صفة صلة رسول ال‬ ‫‪132‬‬

‫في غزوة ذات الرقاع‪.‬‬

‫روى البخاري (‪ ،)3900‬مسلم (‪ ،)842‬وغيرهما‪ ،‬عن صالح بن خوّات عمن شهد‬ ‫ر سول ال‬

‫صلى يوم ذات الرقاع صلة الخوف‪ :‬أن طائ فة صفت م عه‪ ،‬وطائ فة وُجاه‬

‫العدو‪ ،‬فصلى بالتي معه ركعة‪ ،‬ثم ثبت قائما‪ ،‬وأتموا لنفسهم ثم انصرفوا‪ ،‬فصفوا وجاء‬

‫العدو‪ ،‬وجاءت الطائفة الخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلته‪ ،‬ثم ثبت جالسا‪،‬‬ ‫وأتموا لنفسهم ثم سلم بهم‪.‬‬

‫وأ نت ترى أن في أداء ال صلة على هات ين الكيفيت ين ي والم سلمون في مواج هة‬

‫العدو يي صيورة مين صيور المحافظية على الصيلة بجماعية‪ ،‬والمحافظية على حراسية‬ ‫المسلمين‪ ،‬والتنبه للعدو والصحو إلى مكايدهم‪.‬‬

‫ومزيت ها ال كبرى التأ سي بر سول ال ‪ ،‬واكت ساب أ جر أداء الجم يع صلتهم في‬

‫جماعة واحدة‪ ،‬مع الخليفة أو المام الكبر‪ ،‬أو القائد في ميادين القتال‪.‬‬

‫الحالة الثانية‪:‬‬

‫وهي عندما يلتحم القتال مع العدو وتتداخل الصفوف ويشتد الخوف‪.‬‬

‫ول توجيد كيفيية محددة للصيلة فيي هذه الحالة‪ ،‬بيل يصيلي كيل منهيم على النحيو الذي‬

‫ي ستطيع‪ ،‬راجلً أو راكبا‪ ،‬ماشيا أو واقفا‪ ،‬م ستقبلً القبلة أو منحرفا عن ها‪ ،‬وير كع وي سجد‬ ‫بإيماء‪ ،‬أي بتحرييك رأسيه مشيرا إلى الركوع والسيجود‪ ،‬ويجعيل إيماء السيجود أبلغ مين‬

‫إيماءة الركوع‪ .‬وإن أمكن اقتداء بعضهم ببعض وصلتهم جماعة فهو أفضل‪ ،‬وإن اختلفت‬ ‫جهاتهم‪ ،‬أو تقدم المأموم على المام‪.‬‬

‫قال تعالى‪ :‬حافظوا على ال صلوات وال صلة الو سطى وقوموا ل قانت ين فإن خف تم‬

‫فرجالً أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا ال كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون [البقرة‪.]238:‬‬ ‫[الوسطى‪ :‬صلة العصر‪ .‬قانتين‪ :‬خاشعين‪ .‬كما علمكم‪ :‬أي أعمال الصلة]‪.‬‬

‫روى البخاري(‪ ،)4261‬عن ا بن عمر رضي ال عنهما‪ ،‬في وصفه صلة الخوف وبعد‬ ‫ذكره الكيفيتين السابقتين‪ ،‬قال‪ :‬وبعد فإن كان وصفه خوف هو أشد من ذلك‪ ،‬صلوا رجالً‬

‫قياما على أقدام هم‪ ،‬أو ركبانا‪ ،‬م ستقبلي القبلة‪ ،‬أو غ ير م ستقبليها‪ .‬قال مالك‪ :‬قال نا فع‪ :‬ل‬

‫أرى عبدال بن عمر ذكر ذلك إل عن رسول ال ‪. e‬‬

‫وعند مسلم (‪ :)839‬فصلً راكبا أو قائما‪ ،‬تومئ إيماء‪.‬‬

‫‪133‬‬

‫وبعذر في هذه الحالة في كل ما يقع منه من حركات تستدعيها ظروف القتال‪ ،‬إل أنه ل‬ ‫يعذر في الكلم وال صياح‪ ،‬إذ ل ضرورة ت ستدعي ذلك‪ ،‬وإذا أ صابته نجا سة ل يع فا عن ها‬ ‫كدم ونحوه‪ ،‬صحت صلته ووجب عليه القضاء فيما بعد‪:‬‬

‫واعلم أن هذه الصلة يرخص فيها بهذا الشكر عند كل قتال مشروع‪ ،‬وفي كل حالة يكون‬

‫فيها المكلف في خوف شديد‪ ،‬كما إذا كان فارا من عدو‪ ،‬أو حيوان مفترس‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬

‫والمنظور إل يه في مشروع ية هذه الكيف ية هو الحفاظ على أداء ال صلة في وقت ها المحدد‬

‫لهيا‪ ،‬امتثالً لمير الشارع حييث يقول‪ ) :‬إن الصيلة كانيت على المؤمنيين كتابا موقوتا(‬ ‫[النساء ‪.]103‬‬

‫حكمة مشروعية صلة الخوف‪:‬‬

‫والحكمة من مشروعية هذه الكيفيات في الصلة التيسر على المكلف‪ ،‬كي يتمكن من أداء‬

‫هذه الفريضة‪ ،‬وهو أحوج ما يكون إلى الصلة بال عز وجل‪ ،‬يستمد منه العون والنصرة‪،‬‬ ‫وهو يقارع الكفرة في ميادين القتال‪ ،‬فيطمئن قلبه بذكر ربه جل وعل‪ ،‬وتزداد ثقته بنصره‬ ‫وتأييده‪ ،‬وث بت قد مه في أرض المعر كة‪ ،‬ح تى يند حر البا طل ويك تب ل هل ال حق الفوز‬

‫والفلح‪ ،‬و صدق ال العظ يم إذ يقول‪ ) :‬يا أي ها الذ ين آمنوا إذا لقي تم فئة فأثبتوا واذكروا ال‬

‫كثيرا لعلكم تفلحون( [النفال‪.]45 :‬‬

‫و من الجد ير بالذ كر أن صلة الخوف‪ ،‬بكيفيات ها ال سابقة تم كن الجندي الم سلم من أقا مة‬

‫الصيلة دون حرج‪ ،‬مهميا اختلفيت أسياليب القتال وتنوعيت وسيائل الحرب‪ ،‬على اختلف‬ ‫الزمان والمكان‪ ،‬ول سيما المتقاتلة‪ ،‬كما هو الحال في كثير من المواقف القتالية الحديثة‪.‬‬ ‫الصلة ل تسقط بأي حال‪:‬‬

‫ي تبين م ما سبق أن ال صلة ل ت سقط بحال من الحوال مه ما اش تد العذر‪ ،‬ما دام التكل يف‬

‫قائما‪ ،‬والحياة مستمرة‪ .‬ولكن ال عز وجل رخص في تأخيرها كالجمع بين الصلتين أو‬ ‫ق صرها ك صلة الم سافر‪ ،‬أو الت سهيل في كيف ية أدائ ها ك صلة الخوف و صلة المر يض‪،‬‬

‫وذلك حسب السباب والظروف‪.‬‬

‫*****‬

‫‪134‬‬

‫صلَة الجمُعَة‬ ‫َ‬ ‫•مشروعيتها‪:‬‬

‫صلة الجم عة مشرو عة‪ ،‬و هي من الفضائل ال تي اخ تص ال تعالى ب ها هذه ال مة ال تي‬ ‫هديت للفوز بمكرمات هذه اليوم‪.‬‬

‫روى البخاري (‪ ،)836‬ومسيلم(‪ ،)855‬عين أبيي هريرة ‪ t‬أنيه سيمع رسيول ال ‪ e‬يقول‪:‬‬

‫"ن حن الخرون ال سابقون يوم القيا مة‪ ،‬ب يد أن هم أوتوا الكتاب من قبل نا‪ ،‬ثم هذا يوم هم الذي‬ ‫فرض عليهم فاختلقوا فيه‪ ،‬فهدانا ال‪ ،‬فالناس لنا فيه تبع‪ :‬اليهود غدا والنصارى بعد غد"‪.‬‬

‫[الخرون‪ :‬وجودا في الدن يا‪ .‬ال سابقون‪ :‬في الف صل وال جر ودخول الج نة‪ .‬ب يد‪ :‬غ ير‪.‬‬

‫الكتاب‪ :‬الشريعة السماوية‪ .‬هذا يوم الجمعة‪ .‬فرض عليهم‪ :‬أن يتقربوا إلى ال تعالى فيه]‪.‬‬

‫وقد فرضت بمكة قبيل الهجرة‪ ،‬إل أنها لم تقم في مكة لضعف أسعد بن زرارة ‪ .t‬روى‬

‫ذلك أبو داود (‪ )1069‬وغيره‪ ،‬من كعب بن مالك ‪.t‬‬ ‫•دليل مشروعيها‬

‫دلّ على مشروعيتهيا الجمعية ووجوبهيا قوله تعالى‪) :‬ييا أيهيا الذيين آمنوا إذا نودي إلى‬ ‫لل صلة من يوم الجم عة فا سعوا إلى ذ كر ال ودروا الب يع ذل كم خ ير ل كم إن كن تم تعلمون(‬ ‫[الجمعة‪.]9:‬‬

‫وأحاديث كثيرة من ها‪ :‬ما رواه أبو داود (‪ ،)1067‬عن طارق بن شهاب ‪ ،t‬عن ال نبي ‪e‬‬

‫قال‪" :‬الجمعة حق واجب على كل مسلم‪"...‬‬

‫وما رواه مسلم (‪ )865‬وغيره‪ ،‬عن أبي هريرة وابن عمر رضي ال عنهما‪ ،‬أنهما سمعا‬

‫النبي ‪ e‬يقول على أعواد منبره‪" :‬لينتهين أقوام عن ودع هم الجمعات‪ ،‬أو ليختمن ال على‬ ‫قلوبهم‪ ،‬ثم ليكونن من الغافلين"‪.‬‬ ‫[ودعهم‪ :‬تركهم]‪.‬‬

‫•الحكمة من مشروعيتها‪:‬‬

‫لمشروع ية صلة الجم عة ح كم وفوائد كثيرة‪ ،‬ل مجال ل ستقصائها في هذا المكان‪ ،‬و من‬ ‫أهمها تلقي المسلمين على مستوى جميع أهل البلدة‪ ،‬في مكان واحد ي هو المسجد الجامع‬

‫يي مرة كيل أسيبوع‪ ،‬يلتقون على نصييحة تجميع شمالهيم وتزيدهيم وحدة وتضامنا‪ ،‬كميا‬

‫‪135‬‬

‫تزيد هم أل فة وتعارفا وتعاونا‪ ،‬وتجعل هم واع ين متنبه ين للحداث ال تي ت جد من حول هم كل‬ ‫أسبوع‪ ،‬وتشدهم إلى إمامهم العظم الذي ينبغي أن يكون هو الخطيب فيهم‪ ،‬والواعظ لهم‪.‬‬ ‫ف هي إذا مؤتمر أسبوعي يتل قى فيه المسلمون صفا واحدا‪ ،‬وراء قائدهم الذي هو إمامهم‬

‫وخطيبهم فيه‪.‬ولذلك أكثر الشارع من الحث على حضورها‪ ،‬والتحذير من تركها والتهاون‬ ‫في شانها‪ ،‬وقد مر بك شيء من هذا‪ ،‬وسيأتي بعض منها فيما يلي من كلم‪ ،‬وحسبنا في‬

‫هذا قوله ‪" : e‬من ترك ثلث جمع تهاونا طبع ال على قلبه"‪.‬‬

‫•شروط وجوبها‪:‬‬

‫تجب صلة الجمعة على من وجدت فيه الشروط السبعة التالية‪:‬‬ ‫الول ـ السلم‪:‬‬

‫فل تجيب وجوب مطالبية فيي الدنييا على الكافير‪ ،‬إذ هيو مطالب فيهيا بأسياس العبادات‬

‫والطاعات كلها أل وهو السلم‪ ،‬أما في الخرة فهو مطالب بها بمعنى أنه يعاقب عليها‪.‬‬ ‫الثاني ـ البلوغ‪:‬‬

‫فل تجب على الصبي لنه غير مكلف‪.‬‬ ‫الثالث ـ العقل‪:‬‬

‫إذ المجنون غير مكلف أيضا‪.‬‬ ‫الرابع ـ الحرية الكاملة‪:‬‬

‫فل تجب صلة الجمعة على الرقيق‪ ،‬لنه مشغول بحق سيده‪ ،‬فكان مانعا عن وجوبها‬ ‫في حقه‪.‬‬

‫الخامس ـ الذكورة‪:‬‬

‫فل تجيب على النسياء‪ ،‬لنشغالهين فيي الولد وشؤون البييت‪ ،‬وحصيول المشقية لهين‬

‫بوجوب الحضور في وقت مخصوص ومكان معين‪.‬‬ ‫السادس ـ الصحة الجسمية‪:‬‬

‫فل تجيب على المرييض الذي يتألم بحضور المسيجد أو بانحباسيه فييه إلى انقضاء‬ ‫الصيلة‪ ،‬أو الذي يزداد مرضيه شدة بحضوره‪ ،‬أو يزداد طولً بأن يتأخير برؤه‪ ،‬ويلحيق‬ ‫بالمرييض الشخيص الذي مرضيه ويخدميه‪ ،‬ول يوجيد مين يقوم مقاميه خلل ذهابيه إلى‬

‫‪136‬‬

‫ال صلة‪ ،‬مع حا جة المرض إل يه‪ ،‬سواء كان الممرض قريبا أم ل‪ ،‬فل ت جب عل يه صلة‬ ‫الجمعة‪.‬‬

‫السابع ـ القامة بمحل الجمعة‪:‬‬

‫فل تجيب على مسيافر سيفرا مباحا ولو قصييرا‪ ،‬إذا كان قيد بدأ سيفره قبيل فجير يوم‬

‫الجمعة‪ ،‬وكان ل يسمع في المكان الذي هو فيه صوب الذان من بلدته التي سافر منها‪.‬‬

‫وكذلك الم ستوطن في م حل ل ت صح ف يه الجم عة‪ ،‬كقر ية ل يس في ها أربعون م ستوطنون‬

‫خالون من العذار‪ ،‬إذا لم يسمع صوت الذان من الطرف الذي يلي القرية من بلد الجمعة‬

‫إلى الطرف الذي يقابله من القرية‪.‬‬

‫ودلّ على هذه الشروط قوله ‪" :e‬الجمعية حيق واجيب على كيل مسيلم فيي جماعية إل‬

‫أربعة‪ :‬عبد مملوك‪ ،‬أو امرأة‪ ،‬أو صبي‪ ،‬أو مريض" [رواه أبو داود‪.]1067:‬‬

‫وخبر الدارقطني (‪ )2/3‬وغيره‪ ،‬عن النبي ‪" :e‬من كان يؤمن بال واليوم الخر فعليه‬

‫الجمعة إل امرأة ومسافر وعبدا ومريضا"‪.‬‬

‫ولحديث أبي داود (‪ " :)1056‬الجمعة على كل من سمع النداء"‪ .‬أي الذان‪.‬‬

‫•شرائط صحتها‪:‬‬

‫فإذا توفرت هذه الشروط السيبعة‪ ،‬وجبيت صيلة الجمعية‪ ،‬إل أنهيا ل تصيح إل بشروط‬ ‫أربعة‪:‬‬

‫الشرط الول‪:‬‬

‫أن تقام في خطة أبنية‪ ،‬سواء كانت هذه الخطة ضمن أبنية بلدة‪ ،‬أو قرية يستوطنها ما ل‬

‫يقل عن أربعين رجلً ممن نجب عليهم صلة الجمعة‪.‬‬

‫والمقصود بالبلدة‪ :‬ما اجتمع فيه قاضٍ وحاكم‪ ،‬وكان فيه أسواق للبيع والشراء‪ .‬والمقصود‬

‫بالقرية‪ :‬ما لم يوجد فيه ذلك‪.‬‬

‫فل ت صح صلة الجم عة في ال صحراء وب ين الخيام‪ ،‬ول في قر ية ل يو جد في ها أربعون‬

‫رجلً ت جب في حق هم صلة الجم عة‪ .‬فإن سمعوا الذان من البلدة المجاورة ل هم‪ ،‬و جب‬ ‫علي هم الخروج إلي ها ل صلة الجم عة‪ ،‬وإل سقطت عن هم‪ ،‬ك ما ذكر نا ذلك ع ند الحدوث في‬ ‫شروط وجوب صلة الجمعة‪.‬‬

‫ودليل هذا الشرط ‪ :‬أنها لم تقم في عصر النبي ‪. r‬‬ ‫‪137‬‬

‫الشرط الثاني‪:‬‬

‫أن ل يقل العدد الذي تقام به صلة الجمعة عن أربعين رجلً من أهل الجمعة‪ ،‬أي ممن‬

‫تنعقد بهم‪ ،‬وهم الذكور البالغون المستوطنون‪.‬‬

‫ل ما رواه البيه قي(‪ ،)1/177‬عن جابر عم عبدال ‪ t‬قال‪ :‬م ضت ال سنة أن في كل أربع ين‬ ‫فما فوق ذلك جمعة‪ .‬وجاء في حديث كعب بن مالك ‪ ،t‬وكانوا يومئذ أربعين‪.‬‬

‫الشرط الثالث‪:‬‬

‫أن تقام في و قت الظ هر‪ ،‬فلو ضاق و قت الظ هر عن ها‪ ،‬بأن لم ي بق الجم عة‪ ،‬فخرج و قت‬ ‫الظهر وهم فيها‪ ،‬قلوبها ظهرا وأتموها أربع ركعات‪.‬‬ ‫دل على هذا فعله ‪ r‬لها في هذا الوقت ‪.‬‬

‫روى البخاري(‪ ،)862‬عن أ نس ‪ : t‬أن ال نبي ‪ r‬كان ي صلي الجم عة ح ين تم يل الش مس‪.‬‬

‫أي إلى الغرب وهو الزوال‪.‬‬

‫وروى البخاري (‪)3935‬؛ وم سلم (‪ ،)860‬علن سلمة بن الكوع ‪ t‬قال‪ :‬ك نا ن صلي مع‬

‫النبي ‪ r‬الجمعة‪ ،‬ثم ننصرف وليس للحيطان ظل نستظل فيه‪.‬‬

‫وعين سيهل بين سيعد ‪ t‬قال‪ :‬ميا كنيا نقبيل ول نتغذى إل بعيد الجمعية‪( .‬رواه البخاري‪:‬‬

‫‪897‬؛ومسلم‪. )859 :‬‬

‫[ نقبل‪ :‬من القيلولة وهي النوم عند الظهيرة للستراحة‪ .‬نتغدى‪ :‬نتناول طعام الغداء]‪.‬‬ ‫فالحاديث تدل على أنه ‪ r‬ما كان يصليها إل في وقت الظهر‪ ،‬بل وفي أول الوقت ‪.‬‬ ‫الشرط الرابع‪:‬‬ ‫أن ل تعدد الجمعية فيي بلد واحيد طالميا كان ذلك ممكنا‪ ،‬بيل يجيب أن يجتميع أهيل البلدة‬

‫الواحدة في مكان وا حد‪ ،‬فإن ك ثر الناس‪ ،‬وضاق المكان الوا حد عن ا ستيعابهم جاز التعدد‬ ‫بقدر الحاجة فقط‪.‬‬

‫فلو تعددت الجمعات فيي البلدة الواحدة بدون حاجية‪ ،‬لم يصيح منهيا إل أسيبقها‪ ،‬والعيبرة‬

‫بال سبق البداءة ل النتهاء‪ ،‬فالجم عة ال تي بدأ إمام ها بال صلة قبلً‪ ،‬هي الجم عة ال صحيحة‪،‬‬

‫ويعتيبر أصيحاب الجمعات الخرى مقصيرين إذا انفردوا بجمعات متعددة‪،‬ولم يلتقوا جميعا‬ ‫في أول جمعة بدأت في البلدة‪ ،‬فتكون جمعاتهم لذلك باطلة ويصلون في مكانها ظهرا‪.‬‬

‫‪138‬‬

‫فإن لم تعلم الجمعة السابقة فالكل باطل‪ ،‬ويستأنفون جمعة جديدة في مكان واحد إن أمكن‬ ‫ذلك واتسع الوقت‪ ،‬وإل صلى الجميع ظهرا‪ ،‬جبرا للخلل‪ ،‬بل تداركا للبطلن‪.‬‬ ‫ودليل هذا الشرط‪:‬‬

‫إن الجمعة لم تقم في عصر النبي ‪ r‬والخلفاء الراشدين وعصر التابعين‪ ،‬إل في موضع‬

‫واحد من البلدة‪ ،‬فقد كان في البلدة مسجد كبير يسمى المسجد الجامع‪ ،‬أي الذي تصلى فيه‬ ‫الجمعة‪ ،‬أما المساجد الخرى فقد كانت مصليات للوقات الخمسة الخرى‪.‬‬

‫روى البخاري(‪)860‬؛ ومسيلم(‪ ،)847‬عين عائشية رضيي ال عنهيا قالت‪ :‬كان الناس‬

‫ينتابون يوم الجمعة من منازلهم والعوالي‪...‬‬

‫[ ينتابون‪ :‬يأتون مرة بعد مرة ‪ .‬العوالي‪ :‬مواضع شرق المدينة‪.‬‬

‫أقربها على بعد أربعة أميال أو ثلثة من المدينة]‪.‬‬

‫وروى البخاري (‪ ،)852‬عن ابن عباس رضي ال عنهما أنه قال‪ :‬إن أول جمعة جمعت‬

‫بعد جمعة في مسجد رسول ال ‪ r‬في مسجد عبدالقيس‪ ،‬بجواثي من البحرين‪.‬‬

‫والحكمة من هذا الشرط‪ :‬أن النتصار على مكان واحد أفضى إلى المقصود‪ ،‬وهو إظهار‬ ‫شعار الجتماع وتوحيد الكلمة‪ ،‬بل التناثر في أماكن متفرقة بدون حاجة ربما هيأ أسباب‬

‫الفرقة والشقاق‪.‬‬ ‫•فرائض الجمعة‪:‬‬

‫‪o‬تتكون شعيرة الجمعة من فرضين‪ ،‬هما أساس هذه الركن السلمي العظيم‪.‬‬ ‫الفريضة الولى – خطبتان‪ ،‬أولهما شروط هي‪:‬‬ ‫‪ -1‬أن يقوم الخطيب فيهما إن استطاع ‪ ،‬ويفصل بينهما بجلوس‪:‬‬

‫وذلك لما رواه مسلم في صحيحه عن جابر بن سمرة ‪ t‬أنه ‪ r‬كان يخطب خطبتين يجلس‬ ‫بينهما‪ ،‬وكان يخطب قائما‪.‬‬

‫وروى البخاري(‪)878‬ومسيلم(‪ )861‬عين ابين عمير رضيي ال عنهميا قال‪ :‬كان النيبي ‪r‬‬

‫يخطب قائما ثم يقعد‪ ،‬ثم يقوم كما تفعلون الن‪.‬‬

‫‪ -2‬أن ل تؤخر عن الصلة‪:‬‬

‫وذلك للتباع المعلوم من مجموع الحاد يث الواردة في الجم عة‪ ،‬ولجماع الم سلمين على‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫‪139‬‬

‫‪ -3‬أن يكون الخطيب طاهرا من الحدث ين ال صغر وال كبر‪ ،‬ومن نجاسة غ ير مع فو عن ها في‬ ‫ثوبه وبدنه ومكانه‪ ،‬وأن يكون ساتر العورة‪:‬‬

‫إذ الخطبية كالصيلة‪ ،‬ولذلك كانيت الخطبتان عوضا عين ركعتيين مين فريضية الظهير‪،‬‬

‫فاشترط لها ما يشترط للصلة من الطهارة ونحوها‪.‬‬ ‫‪ -4‬أن تتلى أركان الخطبة باللغة العربية‪:‬‬

‫على الخطيب أن يخطب باللغة العربية وإن لم يفهمها الحاضرون فإن لم يكن ثمة من يعلم‬

‫العربية‪ ،‬ومضى زمن أمكن خلله تعلمها أثموا جميعا‪ ،‬ول جمعة لهم‪ ،‬بل يصلونها ظهرا‪.‬‬

‫أ ما إذا لم ت مض مدة يم كن تعلم العرب ية خلل ها‪ ،‬تر جم أركان الخط بة بالل غة ال تي يشاء‪،‬‬ ‫وصحت بذلك الجمعة‪.‬‬

‫‪ -5‬الموالة بين أركان الخطبة‪ ،‬وبين الخطبتين الولى والثانية‪ ،‬وبين الثانية والصلة‪:‬‬

‫فلو و قع فا صل طو يل في العرف ب ين الخط بة الولى والثان ية‪ ،‬أو ب ين مجموع الخطبت ين‬

‫والصلة‪ ،‬لم تصح الخطبة‪ ،‬فإن أمكن تداركها وجب ذلك‪ ،‬وإل انقلبت الجمعة ظهرا‪.‬‬ ‫‪ -6‬أن يسمع أركان الخطبتين أربعون من تنعقد بهم الجمعة‪.‬‬ ‫* ثم إن للخطبتين أركانا هي‪:‬‬ ‫‪ -1‬حمد ال تعالى‪ ،‬بأي صيغة كان‪.‬‬ ‫‪ -2‬الصلة على النبي‬

‫‪r‬‬

‫بأي صيغة من الصلوات‪.‬‬

‫بشرط أن يذ كر اسمه الصريح‪ :‬كالنبي أو الر سول أو مح مد‪ ،‬فل يك في ذكر الضمير بدلً‬

‫من السم الصريح‪.‬‬

‫‪ -3‬الوصية بالتقوى‪ ،‬بأي اللفاظ والساليب كانت‪:‬‬

‫فهذه الركان الثلثة أركان لكل الخطبتين‪،‬ل يصح كل منهما إل بها‪.‬‬ ‫‪ -4‬قراءة آية من القرآن في إحدى الخطبتين‪:‬‬

‫ويشترط أن تكون الية مفهمة وواضحة المعنى‪ ،‬فل يكفي قراءة آية من الحروف المنقطة‬ ‫أوائل السور‪.‬‬

‫‪ -5‬الدعاء للمؤمنين في الخطبة الثانية‪ ،‬بما يقع عليه اسم الدعاء عرفا‪.‬‬

‫الفريضة الثانية – صلة ركعتين في جماعة‪:‬‬ ‫‪140‬‬

‫روى النسائي (‪ ،)3/111‬عن عمر ‪ t‬قال‪ :‬صلة الجمعة ركعتان‪..‬على لسان محمد ‪. r‬‬ ‫وجاء حد يث أ بي داود ال سابق‪" :‬الجم عة حق وا جب على كل م سلم في جما عة‪ "..‬وعلى‬

‫ذلك انعقد الجماع‪.‬‬

‫وإن ما يشترط إدراك الجما عة بركعة واحدة من ها‪ ،‬فإن أدرك ها صحت وإل و جب تحويل ها‬

‫ظهرا‪ .‬ويجب أن ل يقل المقتدون عن أربعين ممن تنعقد بهم صلة الجمعة‪.‬‬

‫وعلى ذلك‪ ،‬لو جاء مسبوق فاقتدى بالمام في الركعة الثانية‪ ،‬أدركه بعد القيام من ركوع‬

‫الركعة الثانية‪ ،‬لم تقع صلة جمعة‪ ،‬وإنما يتم بعد سلم إمامه ظهرا‪.‬‬

‫وعلى ذلك أيضا‪ ،‬لو اقتدى المصلون المام في الجمعة‪ ،‬وأتموا معه ركعة‪ ،‬ثم طرأ سبب‬

‫اقتضيى مفارقية المصيلين أو بعضهيم للمام‪ ،‬وإتمام كيل منهيم صيلته لنفسيه مفردا‪ ،‬فإن‬ ‫جمعتهم صحيحة‪ .‬أما لو طرأ هذا السبب قبل انتهاء الركعة الولى‪ ،‬فإن صلتهم ل تصح‬ ‫جمعة‪ ،‬وتنقلب في حقهم ظهرا‪.‬‬

‫ودليل ما سبق ما رواه النسائي وابن ماجه والدارقطني عن ابن عمر رضي ال عنهما‬

‫قال‪ :‬قال رسول ال ‪" :r‬من أدرك ركعة من صلة الجمعة وغيرها‪ ،‬فليضف إليها أخرى‪،‬‬ ‫وقد تمت صلته"‪.‬‬ ‫•آداب الجمعة وهيئاتها‪:‬‬

‫ليوم الجمعة وصلتها آداب مسنونة‪ ،‬ينبغي الهتمام بها والدأب عليها‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫‪ -1‬الغسل‪:‬‬

‫لخبر‪" :‬إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل"‪(.‬رواه البخاري‪387:‬؛ومسلم‪.)844:‬‬

‫وإن ما صرف ال مر ه نا عن الوجوب إلى ال ستحباب للحد يث الذي رواه الترمذي‪ " :‬من‬ ‫توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت‪ ،‬ومن أغتسل فالغسل أفضل" ‪.‬‬ ‫[فبها ونعمت‪ :‬أي فبالسنة عمل‪ ،‬ونعمت السنة]‪.‬‬

‫‪ -2‬تنظيف الجسد من الوساخ والروائح الكريهة والدهان والتطيب‪:‬‬

‫ولذلك لئل يتأذى به أحد من الناس‪ ،‬بل ليألفوه ويسروا باللقاء به‪.‬‬

‫و قد عل مت أن من ر خص ترك صلة الجم عة أن يكون قد أ كل ذا ر يح كر يه يتأذى به‬

‫الناس‪.‬‬

‫‪141‬‬

‫روى البخاري(‪ ،)843‬عين سيلمان الفارسيي ‪ t‬قال‪ :‬قال النيبي ‪" : r‬ل يغتسيل رجيل يوم‬ ‫الجمعة‪ ،‬ويتطهر ما استطاع من طهر‪ ،‬ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته‪ ،‬ثم يخرج‬ ‫فل يفرق ب ين اثنين‪ ،‬ثم ي صلي ما ك تب له‪ ،‬ثم ين صت إذا تكلم المام‪ ،‬إل غ فر له ما بينه‬

‫وبين الجمعة الخرى"‪.‬‬ ‫‪ -3‬لبس أحسن الثياب‪:‬‬

‫روى أح مد(‪ ،)3/81‬وغيره‪ ،‬ع نه ‪ r‬قال‪ " :‬من اغت سل يوم الجم عة‪ ،‬ثم ل بس أح سن ثيا به‪،‬‬ ‫ومس طيبا إن كان عنده‪ ،‬ثم مشى إلى الجمعة وعليه السكينة‪ ،‬ولم يتخط أحدا ولم يؤذه‪ ،‬ثم‬

‫ركع ما قضي له‪ ،‬ثم انتظر حتى ينصرف المام‪ ،‬غفر له ما بين الجمعتين" ؟‬

‫والفضيل أن تكون الثياب بيضا‪ ،‬ل ما رواه الترمذي(‪ )994‬وغيره‪،‬أ نه ‪ r‬قال‪":‬البسيوا مين‬

‫ثيابكم البياض‪ ،‬فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم" ‪.‬‬ ‫‪ -4‬أخذ الظفر وتهذيب الشعر‪:‬‬

‫لخبر البزار في مسنده‪ :‬أنه ‪ r‬كان يقلم أظافره ويقص شاربه يوم الجمعة‪.‬‬ ‫‪ -5‬التبكير إلى المسجد‪:‬‬

‫روى البخاري (‪ )841‬ومسلم(‪ ،)850‬عن أبي هريرة ‪ t‬أن رسول ال ‪ r‬قال‪":‬من اغتسل‬ ‫يوم الجم عة غ سل الجنا بة‪ ،‬ثم راح فكأن ما قرب بد نة‪ ،‬و من راح في ال ساعة الثان ية فكأن ما‬ ‫قرب بقرة‪ ،‬و من راح في ال ساعة الثال ثة فكأن ما قرب كبشا أقرن‪ ،‬و من راح في ال ساعة‬

‫الرابعة فكأنما قرب دجاجة‪ ،‬ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة‪ ،‬فإذا خرج‬ ‫المام حضرت الملئكة يستمعون الذكر"‪.‬‬

‫[غسل الجنابة‪ :‬أي كغسل الجنابة من حيث الهيئة‪ .‬راح‪ :‬ذهب]‪.‬‬

‫قرب‪ :‬ت صدق ب ها تقربا إلى ال تعالى‪ .‬بد نة‪ :‬هي واحدة ال بل تهدي إلى ب يت ال الحرام‪.‬‬ ‫أقرن‪ :‬له قرنان‪ ،‬و هو أك مل وأح سن صورة‪ ،‬و قد ينت فع بقر نه‪ .‬خرج المام‪ :‬صعد الم نبر‬ ‫للخطبة‪ .‬الذكر‪ :‬الموعظة وفيها من ذكر ال عز وجل]‪.‬‬

‫‪ -6‬صلة ركعتين عند دخول المسجد‪:‬‬

‫روى مسيلم(‪ ،)875‬عين جابر ‪ t‬قال‪ :‬قال رسيول ال ‪" : r‬إذا جاء أحدكيم يوم الجمعية‪،‬‬

‫والمام يخطيب‪ ،‬فليركيع ركعتيين‪ ،‬وليتجوز فيهميا"‪ .‬أي يخففهميا ميع التيان بهميا كاملة‬ ‫الركان والسنن والداب‪.‬‬ ‫‪142‬‬

‫هذا إذا لم يبلغ الخط يب أوا خر الخط بة‪ ،‬وإل فلين ظر قيام ال صلة المكتو بة‪ .‬وتفوت هاتان‬ ‫الركعتان بجلوسه‪ ،‬فإن جلس لم يصح منه بعد صلة نافلة‪ ،‬بل يجب أن يظل جالسا ينصت‬ ‫إلى الخطبة حتى تقام الصلة‪.‬‬ ‫‪ -7‬النصات للخطبتين‪:‬‬ ‫روى البخاري في صحيحه(‪ )892‬ومسلم(‪ )851‬وغيرهما‪ ،‬عن أبي هريرة ‪ ،t‬أن النبي ‪r‬‬

‫قال‪":‬إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة‪ :‬أنصت‪ ،‬والمام يخطب‪ ،‬فقد لغوت"‪ .‬وعند أبي داود (‬ ‫‪ )1051‬من روا ية علي ‪" :t‬و من ل غا فل يس له في جمع ته تلك شئ" ‪ .‬أي لم يح صل له‬

‫الفضل المطلوب‪ ،‬والثواب المرجو‪.‬‬ ‫واللغو‪ :‬هو ما ل يحسن من الكلم‪.‬‬ ‫آداب عامة ليوم الجمعة‪:‬‬

‫يوم الجمعة أفضل أيام السبوع‪ ،‬ولن سنن وآداب‪ ،‬ينبغي أن يكون المسلم على بينة منها‪،‬‬

‫ليبق منها ما يمكنه تطبيقه‪ ،‬وإليك بعضا منها‪:‬‬

‫أولً‪ :‬تسن قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة وليلتها‪:‬‬

‫روى النسائي عن أبي سعيد الخدري ‪ ، t‬أن النبي ‪ r‬قال‪":‬من قرأ سورة الك هف في يوم‬ ‫الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين"‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬يسن الكثار من ا لدعاء يومها وليلتها‪:‬‬

‫لما روى البخاري(‪ )893‬ومسلم(‪ )852‬أن النبي ‪ r‬ذكر يوم الجمعة فقال‪ " :‬فيها ساعة ل‬

‫يوافقهيا عبيد مسيلم‪ ،‬وهيو قائم يصيلي‪ ،‬يسيأل ال تعالى شيئا إل أعطاه إياه" ‪ .‬وأشار بيده‬ ‫يقللها‪ ،‬أي يبين أنها فترة قصيرة من الزمن‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬يسن الكثار من الصلة على النبي‬

‫‪r‬‬

‫في يومها وليلتها‪ :‬لحديث‪" :‬إن من أفضل أيامكم‬

‫يوم الجم عة‪ ،‬فأكثروا علي من ال صلة ف يه‪ ،‬فإن صلتكم معرو ضة علي"‪(.‬رواه أ بو داود‪:‬‬ ‫‪1047‬؛ وغيره بأسانيد صحيحه)‪.‬‬

‫*****‬

‫‪143‬‬

‫صلة النّفْـل‬ ‫النّفْل لغة الزيادة‪ ،‬واصطلحا‪ :‬ما عدا الفرائض‪.‬‬

‫وسمّي بذلك‪ ،‬لنه زائد على ما فرضه ال تعالى‪.‬‬

‫والنفل يُرادف السنة‪ ،‬والمندوب‪ ،‬والمستحب‪.‬‬

‫صلة النّفْل قسمان‪ :‬قسم ل يسن فيه لجماعة‪ ،‬وقسم يسن فيه الجماعة‪.‬‬ ‫القسم الول ـ وهو الذي ل يسن فيه الجماعة‪ ،‬قسمان أيضا‪:‬‬ ‫قسم يعتبر تابعا للصلوات المكتوبة‪ ،‬التي مضى بيانها‪.‬‬

‫وقسم يعتبر نافلة غير تابعة للفرائض‪ .‬وسنشرح كل منهما على حدة‪.‬‬ ‫( أ ) النفل التابع للفرائض‪:‬‬ ‫هذا النفل قسمان مؤكد‪ ،‬وغير مؤكد‪.‬‬

‫أ ما المؤ كد‪ :‬ف هو عبارة عن ركعت ين ق بل ال صبح‪ ،‬وركعت ين ق بل الظ هر‪ ،‬وركعت ين بعده‪،‬‬

‫وركعتين بعد المغرب‪ ،‬وركعتين بعد العشاء‪.‬‬

‫روى البخاري (‪ )1126‬ومسلم (‪ ،)729‬عن ابن عمر رضي ال عنهما قال‪ :‬حفظت من‬

‫النبي ‪ e‬عشر ركعات‪ :‬ركعتين قبل الظهر‪ ،‬وركعتين بعدهما‪ ،‬وركعتين بعد المغرب في‬ ‫بي ته‪ ،‬وركعت ين ب عد العشاء في بي ته‪ ،‬وركعت ين ق بل صلة ال صبح‪ ،‬كا نت ساعة ل يد خل‬

‫على النبي ‪ e‬فيها‪.‬‬

‫وآكد هذه الركعات ركعتا الفجر‪ ،‬لما روى البخاري (‪ )1116‬ومسلم (‪ ،)724‬عن عائشة‬

‫رضي ال عنها قالت‪ :‬لم يكن النبي ‪ e‬على شيء من النوافل أشد تعاهدا منه على ركعتي‬ ‫الفجر‪.‬‬

‫[النوافل‪ :‬جمع نافلة‪ ،‬وهي ما زاد على الفرض‪ .‬أشد تعاهدا‪ :‬أكثر محافظة]‪.‬‬ ‫وأما غير المؤكد‪:‬‬

‫ي فركعتان أخريان قبل الظهر‪ ،‬روى البخاري (‪ ،)1127‬عن عائشة رضي ال عنها‪ :‬أن‬

‫ال نبي ‪ e‬كان ل يدع أربعا ق بل الظ هر‪ ،‬وركعت ين ق بل الغداة‪ ،‬أي صلة الف جر‪ .‬ولم سلم (‬ ‫‪ :)730‬كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعا‪ ،‬ثم يخرج فيصلي بالناس‪ ،‬ثم يدخل فيصلي‬

‫ركعتين‪.‬‬

‫‪144‬‬

‫ويزييد ركعتيين أيضا بعدهيا‪ ،‬لميا رواه الخمسية وصيححه الترمذي (‪ )427،428‬عين أم‬ ‫حبيبة رضي ال عنها قالت‪ :‬سمعت النبي ‪ e‬يقول‪ " :‬من صلى أربع ركعات قبل الظهر‪،‬‬ ‫وأربعا بعدها‪ ،‬حرمه ال على النار "‪.‬‬

‫والجم عة كالظ هر في ما مر‪ ،‬لن ها بدل عن ها‪ ،‬في سن قبل ها أر بع ركعات‪ ،‬ركعتان مؤكدتان‬

‫وركعتان غير مؤكدتان‪ ،‬كذلك بعدها‪.‬‬

‫روى م سلم(‪ ،)881‬عن أ بي هريرة ‪ t‬قال‪ :‬قال ر سول ال ‪ " :e‬إذا صلى أح كم الجم عة‬

‫فليصل بعدها أربعا "‪.‬‬

‫وروى الترمذي (‪ )523‬أن ابين مسيعود ‪ t‬كان يصيلي قبيل الجمعية أربعا وبعدهيا أربعا‪.‬‬

‫والظاهر أنه توقيف‪ ،‬أي علمه من فعل النبي ‪.e‬‬

‫ي أر بع ركعات ق بل فري ضة الع صر‪ ،‬ل ما رواه الترمذي (‪ )430‬وغيره‪ ،‬عن على ‪: t‬‬

‫كان النبي ‪ e‬يصلي قبل العصر أربع ركعات يفصل بينهن بالتسليم‪.‬‬

‫ي وركعتان خفيفتان ق بل صلة المغرب‪ ،‬ل ما رواه البخاري(‪ )599‬وم سلم (‪ )837‬والل فظ‬

‫له‪ ،‬عين أنيس ‪ t‬قال‪ :‬كنيا بالمدينية‪ ،‬فإذا أذن المؤذن لصيلة المغرب ابتدروا السيواري‬ ‫فيركعون ركعت ين ركعت ين‪ ،‬ح تى أن الغر يب ليد خل فيح سب أن ال صلة قد صليت‪ ،‬من‬

‫كثرة من يصليهما‪.‬‬

‫[ابتدروا ال سواري‪ :‬ج مع سارة و هي الدعا مة ال تي ير فع علي ها وغير ها ال سقف‪ ،‬وت سمى‬

‫أسيطوانة‪ .‬وابتدروهيا‪ :‬أي تسيارعوا إليهيا ووفيق كيل واحيد خلف واحدا منهيا‪ .‬ركعتيين‬ ‫ركعتين‪ :‬أي كل واحد يصلي ركعتين ل يزيد عليهما]‪.‬‬

‫ومع نى كون ها خفيفت ين‪ :‬أ نه ل يأ تي زيادة على أد نى ما تتح قق به أركان ال صلة و سننها‬

‫وآدابها‪.‬‬

‫ي ويستحب ي أيضا ي أن يصلي ركعتين خفيفتين قبل صلة العشاء‪ ،‬لما رواه البخاري(‬

‫‪ )601‬ومسلم (‪ ،)838‬عن عبد ال بن مغفل ‪ t‬قال‪ :‬قال النبي ‪ " : e‬بين كل أذانين صلة‪،‬‬

‫ثلثا ل من شاء " و في روا ية‪ " :‬ب ين كل أذان ين صلة‪ ،‬ب ين كل أذان ين صلة‪ ،‬ثم قال في‬

‫الثالثة‪ :‬لمن شاء "‪.‬‬

‫[الذانين‪ :‬الذان والقامة]‪.‬‬

‫‪145‬‬

‫(ب) النفل الذي ل يتبع الفرائض‪:‬‬ ‫وهذا الن فل ينق سم أيضا إلى ق سمين‪ :‬نوا فل م سماة ذات أوقات معي نة‪ ،‬ونوا فل مطل قة عن‬ ‫التسمية والوقت‪.‬‬

‫•النوافل المسماة ذات الوقات المعينة هي‪:‬‬ ‫‪1‬ـ تحية المسجد‪:‬‬ ‫وهي ركعتان قبل الجلوس لكل دخول إلى المسجد‪ ،‬ودليلها حديث البخاري (‪ )433‬ومسلم‬ ‫(‪ " :)714‬فإذا دخل أحدكم المسجد‪ ،‬فل يجلس حتى يصلي ركعتين "‪.‬‬

‫وتح صل التح ية بالفرض‪ ،‬أو بأي ن فل آ خر‪ ،‬لن المق صود أن ل يبادر الن سان الجلوس‬

‫في المسجد بغير صلة‪.‬‬ ‫‪2‬ـ الوتر‪:‬‬

‫و هي سنة مؤكدة‪ ،‬وإن ما سميت بذلك‪ ،‬لن ها تخ تم برك عة واحدة‪ ،‬على خلف ال صلوات‬ ‫الخرى‪.‬‬

‫روى الترمذي( ‪ )453‬وغيره‪ ،‬عن علي ‪ t‬قال‪ :‬إن الو تر ل يس بح تم ك صلتكم المكتو بة‪،‬‬

‫ولكن سنّ رسول ال ‪.e‬‬

‫وعنده وع ند أ بي داود (‪ )1416‬قال ر سول ال ‪ " :e‬يا أ هل القرآن أوتروا‪ ،‬فإن ال و تر‬

‫يحب الوتر "‪.‬‬

‫و قت الو تر‪ :‬ما ب ين صلة العشاء وطلوع الف جر‪ ،‬والف ضل أن يؤخر ها إلى آ خر صلة‬

‫الليل‪ .‬روى أبو داود (‪ )1418‬أن النبي ‪ e‬قال‪ " :‬إن ال عز وجل أمدكم بصلة وهي خير‬ ‫ل كم من ح مر الن عم‪ ،‬و هي الو تر‪ ،‬فجعل ها ل كم في ما ب ين العشاء إلى طلوع الف جر"‪ .‬وروى‬

‫البخاري( ‪ )953‬وم سلم (‪ ،)749‬عن ال نبي ‪ e‬قال‪ " :‬إجعلوا آ خر صلتكم من الل يل وترا‬

‫"‪.‬‬

‫هذا إن رجا النسان أن يقوم من آخر الليل‪ ،‬أما من خاف أن ل يقوم‪ ،‬فليوتر بعد فريضة‬

‫العشاء وسنتها‪.‬‬

‫روى مسلم (‪ )755‬عن جابر ‪ t‬قال‪ :‬قال رسول ال ‪ " : e‬من خاف أن ل يقوم آخر الليل‬

‫فليو تر أوله‪ ،‬و من ط مع أن يقوم آخره فليو تر آ خر الل يل‪ ،‬فإن صلة آ خر الل يل مشهودة‪،‬‬ ‫وذلك أفضل "‪ .‬مشهودة‪ :‬أي تحضرها الملئكة‪.‬‬ ‫‪146‬‬

‫وروى البخاري (‪ )1880‬ومسيلم (‪ )721‬عين أبيي هريرة ‪ t‬قال‪ :‬أوصياني خليلي بثلث‪:‬‬ ‫صيام ثلثة أيام من كل شهر‪ ،‬وركعتي الضحى‪ ،‬وأن أوتر قبل أن أرقد‪ .‬أي أصلي الوتر‬

‫قبل أن أنام ‪.‬‬

‫وأقيل الوتير ركعية‪ ،‬لكين يكره القتصيار عليهيا‪ ،‬وأقيل الكمال ثلث ركعات‪ :‬ركعتان‬

‫مت صلتان‪ ،‬ثم رك عة منفردة‪ .‬ومنت هى الكمال في ها إحدى ع شر رك عة‪ ،‬ي سلم على رأس كل‬ ‫ركعتين‪ ،‬ثم يختم بواحدة‪:‬‬

‫روى مسلم (‪ ،)752‬عن ابن عمر رضي ال عنهما قال‪ :‬قال رسول ال ‪ " :e‬الوتر ركعة‬

‫من آخر الليل "‪.‬‬

‫وروى البخاري (‪ )1071‬ومسلم (‪ )736‬وغيرهما ي واللفظ له ي عن عائشة رضي ال‬

‫عن ها قالت‪ :‬كان رسول ال ‪ e‬يصلي ما بين أن يفرغ من صلة العشاء إلى الفجر إحدى‬ ‫عشرة ركعة‪ ،‬يسلم بين كل ركعتين‪ ،‬ويوتر بواحدة‪ .‬فإذا سكت المؤذن من صلة الفجر‪،‬‬

‫وتبين له الفجر‪ ،‬وجاءه المؤذن‪ ،‬قام فركع ركعتين خفيفتين‪ ،‬ثم اضطجع على شقه اليمان‬ ‫حتى يأتيه المؤذن للقامة‪.‬‬

‫[ركعتين خفيفتين‪ :‬هما سنة الفجر]‪.‬‬

‫وروى أبو داود (‪ ،)1422‬عن أبي أيوب ‪ t‬قال‪ :‬قال رسول ال ‪ " :e‬الوتر حق على كل‬ ‫مسلم‪ ،‬فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل‪ ،‬ومن أحب أن يوتر بثلث فليفعل‪ ،‬ومن أحب أن‬

‫يوتر بواحدة فليفعل "‪.‬‬

‫[حق‪ :‬مشروع ومطلوب]‪.‬‬

‫‪3‬ـ قيام الليل‪:‬‬

‫وهو ما يسمى بالتهجد إن فعل بعد النوم‪ ،‬والتهجد‪ :‬ترك الهجود‪،‬والهجود‪ :‬النوم‪ ،‬أي ترك‬ ‫النوم‪.‬‬

‫وقيام الليل سنة غير محددة بعدد من الركعات‪ ،‬تؤدى بعد الستيقاظ من النوم‪ ،‬وقبل أذان‬

‫الفجر‪.‬‬

‫ودل يل مشروع ية قيام الل يل قوله تعالى‪ ) :‬و من الل يل فته جد به نافلة لك ع سى أن يبع ثك‬

‫ر بك مقاما محمودا‬ ‫واقرأ القرآن‪.‬‬

‫( سورة ال سراء‪ )79:‬أي اترك الهجود ي و هو النوم ي و قم فَ صلّ‬

‫‪147‬‬

‫[ نافلة لك‪ :‬زيادة على الفرائض المفروضة عليك خاصة]‪.‬‬ ‫وروى مسيلم(‪ )1163‬وغيره‪ ،‬عين أبيي هريرة ‪ t‬قال‪ :‬سيئل رسيول ال ‪ : e‬أيّ الصيلة‬ ‫أفضل بعد المكتوبة؟ قال‪ ":‬الصلة في جوف الليل"‪.‬‬

‫[ المكتوبة‪ :‬المفروضة‪ .‬جوف الليل‪ :‬باطنه وساعات التفرغ فيه للعبادة]‪.‬‬ ‫‪ -4‬صلة الضحى‪:‬‬

‫وأقلها ركعتان‪ ،‬وأكملها ثماني ركعات‪.‬‬ ‫روى البخاري(‪)1880‬؛ ومسيلم(‪ ،)721‬عين أبيي هريرة ‪ t‬قال‪ :‬أوصياني خليلي بثلثيٍ‪:‬‬ ‫صيام ثلثة أيام من كلّ شهر‪ ،‬وركعتي الضحى‪ ،‬وأن توتر قبل أن أرقد‪.‬‬

‫وروى البخاري(‪)350‬؛ ومسلم(‪ )336‬والل فظ له‪ ،‬في حديث أم ها ني رضي ال عن ها‪:‬أنه‬

‫لميا كان عام الفتيح‪ ،‬أتيت رسيول ال ‪ e‬وهيو بأعلى مكية‪ ،‬فقام رسيول ال ‪ e‬إلى غسيله‪،‬‬ ‫سبْحَة الضحى‪ .‬أي‬ ‫فسترت عليه فاطمة‪ ،‬ثم أخذ ثوبه والتحق به‪ ،‬ثم صلى ثماني ركعات ُ‬

‫صلة الضحى‪.‬‬

‫والف ضل أن يفصل بين ركعتين‪ ،‬ل ما جاء في روا ية أ بي داود(‪ )1290‬عنها‪ :‬أن رسول‬

‫ال ‪ e‬صلى يوم الفتح سبحة الضحى ثماني ركعات‪ ،‬ويسلم من كل ركعتين‪.‬‬

‫ووقتها من ارتفاع الشمس حتى الزوال‪ ،‬والفضل فعلها عند مُضي ربع النهار‪.‬‬

‫روى م سلم(‪ )784‬وغيره‪ ،‬عن ز يد بن أر قم ‪ t‬قال‪ :‬خرج ال نبي ‪ e‬على أ هل قباء و هم‬ ‫يصلون الضحى‪ ،‬فقال‪ ":‬صلة الوابين إذا رمضت الفصال"‪.‬‬

‫[ الوابين‪ :‬جمع أواب ‪ ،‬وهو الراجع إلى ال تعالى‪ .‬رمضت الفصال‪ :‬احترقت من حر‬

‫الرمضاء‪ ،‬أي وجدت حير الشميس‪ ،‬والرمضاء فيي الصيل الحجارة الحاميية مين حير‬ ‫الشمس‪ ،‬والمراد ارتفاع النهار‪.‬‬

‫والفصال‪ :‬جمع فصيل‪ ،‬وهو ولد الناقة ]‪.‬‬ ‫‪ -5‬صلة الستخارة‪:‬‬

‫وهيي صيلة ركعتيين فيي غيير الوقات المكروهية‪ .‬وتسينّ لمين أراد أمرا مين المور‬ ‫المبا حة‪ ،‬ولم يعلم و جه الخ ير في ذلك‪ ،‬وي سنّ ب عد الفراغ من ال صلة أن يد عو بالدعاء‬

‫المأثور‪ ،‬فإن شرح ال صدره بعد ذلك للمر فعل وإل فل‪.‬‬

‫‪148‬‬

‫روى البخاري (‪ )1109‬وغيره‪ ،‬عن جابر بن عبدال الن صاري ر ضي ال عنه ما قال‪:‬‬ ‫كان رسول ال ‪ e‬يعلمنا الستخارة في المور كلها‪ ،‬كما يعلمنا السورة من القرآن يقول‪" :‬‬

‫إذا هم أحد كم بالمر فلير كع ركعت ين من غ ير الفري ضة"‪ ،‬ثم لي قل‪ " :‬الل هم إ ني أ ستخيرك‬

‫بعلميك‪ ،‬وأسيتقدرك بقدرتيك‪ ،‬وأسيألك مين فضلك العظييم‪ ،‬فإنيك تقدر ول أقدر‪ ،‬وتعلم ول‬

‫أعلم‪ ،‬وأ نت علّم الغيوب‪ ،‬الل هم إن ك نت تعلم أن هذا ال مر خ ير لي في دي ني ومعا شي‬ ‫وعاق بة أمري‪ ،‬فأقدره لي‪ ،‬وي سره لي‪ ،‬ثم بارك لي ف يه‪ ،‬الل هم إن ك نت تعلم أن هذا ال مر‬ ‫شر لي في دي ني ومعا شي وعاق بة أمري فا صرفه ع ني وا صرفني ع نه‪ ،‬واقدر لي الخ ير‬

‫حيث كان‪ ،‬ثم رضني به‪ ،‬قال‪ :‬ويسمي حاجته "‪.‬‬

‫•النوافل المطلقة عن التسمية والوقت‪:‬‬

‫و هي أن ي صلي من النوا فل ما شاء في أي و قت شاء‪ ،‬إل في أوقات معي نة يكره في ها‬ ‫الصلة‪ ،‬وقد بيّناها فيما مضى‪.‬‬

‫وروى ابن ماجه أن النبي ‪ e‬قال لبي ذر ‪ " :t‬الصلة خير موضوع‪ ،‬استكثر أو أقل "‪.‬‬ ‫هذا واعلم أنه يستحب في النفل المطلق أن يسّم من كل ركعتين ليلً كان أو نهارا‪.‬‬

‫ودليل ذلك حديث البخاري(‪)946‬؛ ومسلم (‪ " :)749‬صَلة الليل مثنى مثنى" ( أخرجه أبو‬ ‫داود‪ ،1295 :‬وغيره)‪ .‬والمراد بالمثنى أن يسلم من كل ركعتين‪.‬‬ ‫القسم الثاني – وهو الذي يسن فيه الجماعة‪:‬‬

‫كان ما ذكر نا كله في ما يتعلق بالنوا فل ال تي ل ت ستحب في ها الجما عة‪ ،‬أ ما النوا فل ال تي‬ ‫تستحب فيها الجماعة‪ ،‬فهي‪:‬‬

‫صلة العيدين‪ ،‬صلة التراويح‪ ،‬صلة الكسوف والخسوف‪ ،‬صلة الستسقاء‪ .‬وسنذكر كل‬

‫واحدةٍ على حدة‪.‬‬

‫*****‬

‫‪149‬‬

‫صلَة العيــدَيْن‬ ‫َ‬ ‫معنى العيد‪:‬‬ ‫العيد مشتقّ من العَوْد‪ ،‬وذلك إما لتكرره كل لعام‪ ،‬أو لعود السرور بعوده‪ ،‬أو لكثرة عوائد‬

‫ال فيه على العباد‪.‬‬

‫زمن مشروعيتها والدليل عليها‪:‬‬ ‫شرعت صلة عيد الفطر وعيد الضحى في السنة الثانية للهجرة‪ ،‬وأول عيدٍ صلّة النبي‬

‫‪ e‬عيد الفطر من السنة الثانية للهجرة‪.‬‬ ‫أما الصل في مشروعيتها‪:‬‬

‫فقوله عز و جل خطابا ل نبيه عل يه ال صلة وال سلم‪ ) :‬ف صل لر بك وان حر( [الكو ثر‪.]2:‬‬

‫قالوا‪ :‬المقصود بالصلة صلة عيد الضحى‪.‬‬

‫وروى البخاري(‪)913‬؛ ومسيلم(‪ ،)889‬عين أبيي سيعيد الخدري ‪ t‬قال‪ :‬كان رسيول ال‬

‫يخرج يوم الفطر والضحى إلى المصلى‪ ،‬فأول شئ يبدأ به الصلة‪ ،‬ثم ينصرف‪ ،‬فيكون‬

‫مقا بل الناس‪ ،‬والناس جلوس على صفوفهم‪ ،‬فيع ظم ويأمر هم‪ ،‬فإن كان ير يد أن يق طع بعثا‬ ‫قطعه‪ ،‬أو يأمر بشيءٍ أمر به‪ ،‬ثم ينصرف‪.‬‬

‫[ يقطع بعثا‪ :‬يفرد جماعة من الناس ليبعثهم إلى الجهاد]‪.‬‬

‫حكم صلة العيد‪:‬‬

‫هي سنّة مؤكدة‪ ،‬لنه ‪ e‬لم يتركها منذ شرعت حتى توفّاه ال عز وجل‪ ،‬وواظب عليها‬ ‫أصحابه رضوان ال تعالى عليهم من بعده‪.‬‬

‫وتشرع جماعة‪ ،‬يدل على ذلك حديث أبي سعيد الخدري ‪ t‬السابق‪ ،‬وتصح فرادى‪.‬‬ ‫ويخاطب بها كل مكلف رجلً كان أو امرأة‪ ،‬مقيما كان أو مسافرا‪ ،‬حرا كان أو رقيقا‪ ،‬إل‬

‫للمرأة المتزينة‪ ،‬أو التي قد تثير الفتنة‪ ،‬فتصلي في بيتها‪.‬‬

‫ودلّ على عدم الوجوب قوله ‪ e‬للسائل عن الصلة المفروضة " خمس صلوات في اليوم‬

‫والليلة"‪ ،‬قال‪ :‬هل على غيرها؟ قال‪ " :‬إل أن تطوع " (رواه البخاري‪46:‬؛ ومسلم‪.)11:‬‬

‫وعند أبي داود (‪ " :)1420‬خمس صلوات كتبهن ال على العباد‪ ،‬فمن جاء بهن‪ ،‬لم يضيع‬

‫منهن شيئا استخفافا بحقهن‪ ،‬كان له عند ال عهد أن يدخله الجنة‪ ،‬ومن لم يأت بهن فليس‬ ‫له عند ال عهد؛ إن شاء عذبه‪ ،‬وإن شاء أدخله الجنة"‪.‬‬ ‫‪150‬‬

‫وروى البخاري(‪)928‬؛ ومسلم(‪ ،)890‬عن أم عطية النصارية رضي ال عنها‪:‬كنّا نؤْمرُ‬ ‫أن نخرُج يوم العِيد‪ ،‬حتى نُخرج ال ِب ْكرَ من خُدرها‪ ،‬حتى نخرج الحيض فَيكنّ خَل فَ النّاس‬ ‫ط ْهرَتَه‪ .‬و في روا ية قالت‬ ‫في كبرن بت كبيرهم ويدعون بدعائ هم‪ ،‬يرجون بر كة ذلك اليوم و ُ‬

‫امرأة‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬إحدانا ليس لها جلباب؟ قال‪ " :‬لتلبسها صاحبتها من جلبابها "‪.‬‬

‫[البكر‪ :‬التي لم يسبق لها الزواج‪ .‬خدرها‪ :‬ناحية في البيت يترك عليها ستر‪،‬كانت تجلس‬

‫حيّضي‪ :‬جميع حائض‪ .‬خلف الناس‪ :‬أي غيير مكان الصيلة‪ ،‬وفيي‬ ‫فيي البكير اسيتحياءً‪ .‬ال ُ‬

‫حيّض عن مصلّهُنّ ‪ .‬طهرته‪ :‬ما فيه من تكفير الذنوب‪ .‬جلباب‪ :‬ملحفة‬ ‫رواية‪ :‬ويعتزل ال ُ‬ ‫تستر البدن أعله أو أسفله‪ .‬لتلبسها‪ :‬بأن تعيرها جلبابا من جلبيبها]‪.‬‬

‫ول ي سنّ ل ها أذا نٌ ول إقا مة بل ينادي ل ها‪ " :‬ال صلة جام عة "‪ .‬روى البخاري (‪)916‬؛‬

‫وم سلم (‪ ،)886‬عن ا بن عباس ر ضي ال عنه ما‪ :‬أ نه أر سل إلى ا بن الزب ير في أول ما‬

‫بويع له‪ :‬إنه لم يكن يؤذن بالصلة يوم الفطر‪ ،‬وإنما الخطبة بعد الصلة‪.‬‬

‫وعند البخاري (‪)917‬؛ ومسلم (‪ ،)886‬عن ابن عباس وجابر بن عبدال رضي ال عنهم‬

‫قال‪ :‬لم يكن يؤذن يوم الفطر ول يوم الضحى‪.‬‬ ‫وقت صلة العيد‪:‬‬

‫يبدأ وقت ها بطلوع الش مس‪ ،‬وي ستمر إلى زوال ها‪ ،‬يدل على هذا ما رواه البخاري (‪،)908‬‬

‫عن البراء ‪ t‬قالت‪ :‬سمعت رسول ال ‪ e‬يخطب فقال‪ " :‬إن أول ما نبدأ من يومنا هذا أن‬ ‫ن صلي‪ ."..‬واليوم يبدأ بطلوع الف جر‪ ،‬والو قت مشغولً ب صلة الف جر‪ ،‬ق بل طلوع الش مس‪،‬‬

‫وبصلة الظهر بعد زوالها‪.‬‬

‫ووقت ها المف ضل ع ند ارتفاع الش مس قدر ر مح‪ ،‬لمواظ بة ال نبي ‪ e‬على صلتها في ذلك‬

‫الوقت‪.‬‬

‫كيفيتها‪:‬‬ ‫صلة العيد ركعتان‪ ،‬يبدأهم بتكبيرة الحرام‪ ،‬ثم يقرأ دعاء الفتتاح‪ ،‬ثم يكبر سبع تكبيرات‬

‫يرفع عند كل منها يده إلى محاذاة كتفيه كتكبيرة الحرام‪ ،‬يفصل بين كل اثنتين بقدر آية‬

‫معتدلة‪ ،‬وي سن أن يقول بينه ما‪ :‬سبحان ال والح مد ل ول إله إل ال وال أ كبر‪ .‬ثم يتعوذ‬ ‫ويقرأ الفات حة ثم ي ضم إلي ها سورة أو ب عض آيات‪ .‬فإذا قام إلى الرك عة الثان ية كبر خ مس‬

‫‪151‬‬

‫تكيبيرات‪ ،‬عدا تكيبيرة النتقال قبيل أن يبدأ القراءة‪ ،‬وفصيل بيين كيل تكيبيرة وأخرى بميا‬ ‫ذكرنا‪.‬‬

‫وهذه التكيبيرات الزائدة على المعتاد سينة‪ ،‬فلو نسييها وشرع فيي القراءة فاتيت وصيحت‬

‫صلته‪.‬‬

‫وال صل في ما سبق‪ :‬ما رواه الن سائي (‪ )3/111‬وغيره‪ ،‬من حد يث ع مر ‪ t‬قال‪ :‬صلة‬

‫الفطر ركعتان وصلة الضحى ركعتان‪..‬ثم قال‪ :‬على لسان محمد ‪ e‬وعلى هذا الجماع‪.‬‬

‫وروى عمرو بن عوف المز ني ‪ :t‬أن ال نبي ‪ e‬كبّر في العيد ين‪ ،‬في الولى سبعا ق بل‬

‫القراءة‪ ،‬وفي الخرة خمسا قبل القراءة‪( .‬رواه الترمذي‪ .)536:‬وقال‪ :‬هو أحسن شيء في‬ ‫هذا الباب عن النبي ‪.e‬‬ ‫الخطبة في العيد‪:‬‬ ‫ويسن بعد الفراغ من صلة العيد خطبتان‪ ،‬نوجز لك كيفيتهما فيما يلي‪:‬‬

‫‪ 1‬ي ينبغي أن تليا صلة العيد‪ ،‬أي بعكس خطبة الجمعة‪ ،‬وذلك تأسيا بالنبي عليه الصلة‬ ‫والسلم‪.‬‬

‫روى البخاري (‪)920‬؛ ومسلم (‪ ،)888‬عن ابن عمر رضي ال عنهما قال‪ :‬كان النبي ‪e‬‬

‫وأبو بكر وعمر رضي ال عنهما يصلون العيدين قبل الخطبة‪.‬‬

‫وروى البخاري(‪ ،)932‬عن ا بن عباس ر ضي ال عنه ما قال‪ :‬خر جت مع ال نبي ‪ r‬يوم‬

‫فطر وأضحى‪ ،‬فصلى ثم خطب‪.‬‬

‫فلو قدم الخطبة على الصلة لم تعتد بها‪.‬‬

‫‪ - 2‬كل ما ذكرناه من أركان خطبتي الجمعة وسنتهما‪ ،‬ينطبق على خطبة العيد أيضا‪.‬‬

‫روى الشاف عي رح مه ا ل تعالى‪ ،‬عن عب يد ال بن عبدال بن عت بة بن م سعود ‪ t‬قال‪:‬‬

‫السنة أن يخطب المام في العيدين خطبتين‪ ، ،‬يفصل بينهما بجلوس‪.‬‬

‫‪ -3‬يسن أن يبدأ الخطبة الولى بتسع تكبيرات‪ ،‬والخطبة الثانية سبع تكبيرات‪.‬‬ ‫روى البيهقي عن عبدال المذكور سابقا قال‪ :‬السنة أن تفتتح الخطبة بتسع تكبيرات تترى‪،‬‬

‫والثانية بسبع تكبيرات تترى‪ .‬أي متتالية‪.‬‬

‫‪152‬‬

‫أين تقام صلة العيد؟‬ ‫تقام صلة العيد بالم سجد أو ال صحراء‪ ،‬وأفضل ها أكثره ما ا ستيعابا للمصلين‪ ،‬فإن ت ساويا‬ ‫كان المسجد أفضل لشرفه على غيره‪ ،‬إذ ينال المسلم بالصلة فيه أجر العبادة وأجر المكث‬

‫في المسجد‪.‬‬

‫وإن ما صلها ال نبي ‪ r‬بال صحراء لض يق م سجده إذ ذاك عن ال ستيعاب‪ ،‬و قد عل مت أن ها‬

‫تشرع جماعة للرجال والنساء وعام المكلفين‪.‬‬

‫فإذا كان الم سجد مت سعا بح يث ي ستوعب جم يع الم صلين‪ ،‬بر فق ورا حة‪ ،‬لم ي بق لفضل ية‬

‫الصحراء معنى‪.‬‬

‫التكبير في العيد‪:‬‬ ‫ي سن الت كبير‪ -‬لغ ير الحاج‪ -‬بغروب الش مس ليل تي ع يد الف طر والض حى‪ ،‬في المنازل‬

‫والطرق والمسياجد والسيواق‪ .‬بصيوت مرتفيع‪ ،‬إلى أن يحرم المام لصيلة العييد‪ .‬وذلك‬

‫لقوله تعالى‪ }:‬ولتكملوا العدة ولت كبروا ال على ما هدا كم ولعل كم تشكرون{ [البقرة‪.]185:‬‬ ‫قالوا‪ :‬هذا في تكبير عيد الفطر‪ ،‬وقيس به الضحى‪.‬‬

‫ثم يسن في عيد الَضحى لكل من الحاج وغيره أن يكبر عقب الصلوات بأنواعها المختلفة‬

‫بدءا من صبح يوم عرفة إلى ما بعد عصر آخر يوم من أيام التشريق‪ ،‬وهي اليام الثلثة‬ ‫التي تلي يوم عيد الضحى ‪.‬‬

‫أ ما في عيد الض حى فل يسن الت كبير ع قب الصلوات‪ ،‬بل ينقطع ا ستحبابه عند ما يحرم‬

‫المام لصلة العيد كما قلنا‪.‬‬

‫ودليل ذلك كله لتباع لفعل الر سول ‪ ،r‬و ما وا ظب عل يه أ صحابه ر ضي ال عن هم‪ .‬فعن‬

‫علي وعمار ر ضي ال عنهميا‪ :‬أم ال نبي ‪ r‬كان ي كبر يوم عر فة‪ ،‬صلة الغداة‪ ،‬ويقطعهيا‬ ‫صلة العصر آخر أيام التشريق (رواه الحاكم‪ ،)1/229:‬وقال‪ :‬هذا حديث صحيح السناد‪،‬‬

‫ول أعلم في رواته منسوبا إلى الجرح‪.‬‬ ‫[صلة الغداة‪ :‬صلة الفجر]‪.‬‬

‫وكان ابن عمر رضي ال عنهما يكبر في قبته بمنى‪ ،‬فسمعه أهل المسجد يكبرون‪ ،‬ويكبر‬

‫أ هل ال سواق ح تى تر تج م ني ت كبيرا‪ .‬وكان ا بن ع مر ر ضي ال عنه ما ي كبر بم نى تلك‬

‫‪153‬‬

‫اليام‪ ،‬وخلف الصيلوات‪ ،‬وعلى فراشيه في ف سطاطه ومجل سه وممشاه‪ ،‬تلك اليام جميعا‪.‬‬ ‫(البخاري‪ :‬كتاب العيدين‪ ،‬باب التكبير أيام منى)‪.‬‬

‫[فسطاطه‪ :‬الفسطاط البيت المتخذ من شعر ونحوه]‪.‬‬

‫صيغة التكبير المفضلة‪:‬‬ ‫" ال أكبر‪ ،‬ال أكبر‪ ،‬ال أكبر‪ ،‬ل إله إل ال‪ ،‬ال أكبر‪ ،‬ال أكبر‪ ،‬ول الحمد "‪.‬‬ ‫من آداب العيد‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يغتسل ويتطيب ويلبس الجديد من ثيابه‪ ،‬لما مرّ في الجُمعة‪.‬‬ ‫‪ -2‬يسنّ أن ُي َبكّر الناس بالحضور إلى المسجد صباح العيد‪.‬‬

‫‪ -3‬يسن في عيد الفطر أن يأكل شيئا قبل خروجه إلى الصلة‪.‬‬ ‫أمّا في عيد الضحى فيُسنّ له أن يمسك عن الطعام حتى يعود من الصلة‪.‬‬

‫‪ -4‬يسين للمصيلّي أن يذهيب ماشيا إلى المصيلّى أو المسيجد فيي طرييق‪ ،‬وأن يعود فيي‬

‫طرييق أخرى‪ .‬روى البخاري (‪ ،)943‬عين جابر ‪ t‬قال‪ :‬كان النيبي ‪ r‬إذا كان يوم عييد‬ ‫خالف الطريق‪.‬‬

‫‪ -5‬يكره للمام أن ينتقل قبل صلة العيد‪ ،‬ول يكره لغيره ذلك بعد طلوع الشمس‪.‬‬

‫روى البخاري (‪ ،)945‬عين ابين عباس رضيي ال عنهميا‪ :‬أن النيبي ‪ r‬خرج يوم الفطير‬

‫فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ول بعدهما‪.‬‬

‫*****‬

‫‪154‬‬

‫زَكاةُ الفّـطْر‬ ‫تعريفها‪:‬‬ ‫هي قدر مع ين من المال‪ ،‬ي جب إخرا جه ع ند غروب الش مس آ خر يوم من أيام رمضان‪،‬‬

‫بشروط معينة‪ ،‬عن كل مكلف ومن تلزمه نفقته‪.‬‬ ‫مشروعيتها‪:‬‬

‫المشهور في ال سنة أن ها فر ضت في ال سنة الثان ية من الهجرة‪ ،‬في العام الذي فرض ف يه‬

‫صوم رمضان‪.‬‬

‫والصل في وجوبها‪ :‬ما رواه البخاري (‪)1433‬؛ ومسلم (‪ )984‬واللفظ له‪ ،‬عن ابن عمر‬

‫رضي ال عنهما‪ :‬أن رسول ال ‪ r‬فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من‬ ‫تمر أو صاعا من شعير‪ ،‬على كل حر أو عبد‪ ،‬ذكر أو أنثى من المسلمين‪.‬‬

‫شروط وجوبها‪:‬‬

‫تجب زكاة الفطر بثلثة شروط‪:‬‬ ‫الول – السلم‪:‬‬ ‫فل ت جب على الكا فر ال صلي وجوب مطال بة في الدن يا‪ ،‬للحد يث ال سابق ذكره عن ا بن‬

‫عمر رضي ال عنهما‪.‬‬

‫الثاني‪ -‬غروب شمس آخر يوم من رمضان‪:‬‬ ‫ف من مات ب عد غروب ذلك اليوم‪ ،‬وج بت زكاة الف طر ع نه‪ ،‬سواء مات ب عد أن تم كن من‬

‫إخراجها‪ ،‬أم مات قبله‪ ،‬بخلف من ولد بعده‪.‬‬

‫ومن مات قبل غروب شمسه لم تجب في حقه‪ ،‬بخلف من ولد قبله‪.‬‬

‫الثالث‪ -‬أن يوجد لديه فضل من المال‪ ،‬يزيد عن قوته وقوت عياله ف يوم العيد وليلته‪،‬‬

‫وعن مسكن‪ ،‬وخادم إن كان بحاجة إليه‪:‬‬ ‫فلو كان ماله ل يكفي لنفقات يوم العيد وليلته‪ ،‬بالنسبة له ولمن تجب عليه نفقتهم‪ ،‬لم تلزمه‬ ‫زكاة الف كر‪ ،‬ولو كان لد يه مال يك في يوم الع يد وليل ته‪ ،‬ولك نه ل يك في ل ما ب عد ذلك‪ ،‬ت جب‬

‫عليه الزكاة ول عبرة بما بعد يوم العيد وليلته‪.‬‬

‫‪155‬‬

‫الذين يجب على المكلف إخراج زكاة الفطر عنهم‪:‬‬ ‫يجب على من توفرت لديه هذه الشرائط الثلثة‪ ،‬أن يخرج زكاة الفطر عن نفسه‪ ،‬وعمن‬ ‫تلزمه نفقتهم‪ ،‬كأصوله وفروعه‪ ،‬وزوجته‪.‬‬

‫فل يجب أن يخرجها عن ولده البالغ القادر على الكت ساب‪ ،‬ول عن قريبه الذي ل يكلف‬

‫بالنفاق عليه‪ ،‬بل ل يصح أن يخرجها عنه إل بأذنه وتوكيله‪.‬‬

‫فإذا أيسر بشئ ل يكفي عن جميع أقاربه الذي يكلف بنفقتهم‪ ،‬قدم نفسه‪ ،‬ثم زوجته‪ ،‬فولده‬ ‫الصغير‪،‬فأباه‪ ،‬فأمه‪ ،‬فولده الكبير العاجز عن الكسب‪.‬‬ ‫زكاة الفطر جنسا وقدرا‪:‬‬

‫زكاة الفطر هي صاعً من غالب قوت البلد الذي يقيم فيه المكلف‪ ،‬بدليل حديث ابن عمر‬ ‫رضيي ال عنهميا السيابق‪ .‬وعنيد البخاري (‪ )1439‬عين أبيي سيعيد الخدري ‪ t‬قال‪ :‬كنّاي‬ ‫نخرج في ع هد ر سول ال ‪ r‬يوم الف طر صاعا من طعام‪ ،‬وكان طعام نا الشع ير والزب يب‬

‫والَقِطُ والتمر‪.‬‬

‫والصياع الذي كان يسيتعمله رسيول ال ‪ r‬إنميا هيو عبارة عين أربعية أمداد‪ ،‬أي حفنات‪،‬‬

‫وهذه الحفنات الربع مقدرة بثلثة ألتار كيلً‪ ،‬وتساوي بالوزن (‪ )2400‬غراما تقريبا‪.‬‬

‫فإذا كان غالب قوت بلدنيا اليوم هيو ال ُبرّ‪ .‬فإن زكاة الفطير عين الشخيص الواحيد تسياوي‬

‫ثلثة ألتار من الحنطة‪ .‬ومذهب المام الشافعي أنه ل تجزئ القيمة‪ ،‬بل ل بدّ من إخراجها‬ ‫قوتا من غالب أقوات ذلك البلد‪ .‬إل أ نه ل بأس باتباع مذ هب المام أ بي حني فة رح مه ال‬

‫تعالى في هذه المسألة في هذا العصر‪ ،‬وهو جواز دفع القيمة‪ ،‬ذلك لن القيمة أنفع للفقير‬

‫اليوم من الفقير نفسه‪ ،‬واقرب إلى تحقيق الغاية المرجوة‪.‬‬ ‫وقت إخراج زكاة الفطر‪:‬‬

‫أما وقت الوجوب‪ ،‬فقد قلنا إنه يبدأ بغروب شمس آخر أيام رمضان‪.‬‬

‫وأما الوقت الذي يجوز فيه إخراجها‪ ،‬فهو جميع شهر رمضان واليوم الول من العيد‪.‬‬ ‫ي سنّ أداؤ ها صباح يوم الع يد ق بل الخروج إلى ال صلة‪ .‬ف قد جاء في حد يث ا بن ع مر‬

‫ر ضي ال عنه ما‪ ،‬و في روا ية ع ند البخاري (‪َ " :)1432‬وأَ مر ب ها أن تؤدّي ق بل خروج‬ ‫الناس إلى الصلة "‪.‬‬

‫ويكره تأخيرها عن صلة العيد إلى نهاية يوم العيد‪ ،‬فإن أخراها عنه أثِم ولزمه القضاء‪.‬‬ ‫‪156‬‬

‫الضـحية‬ ‫معناها والصل في مشروعيتها‪:‬‬ ‫الضح ية‪ :‬هي ما يذ بح من ال بل أو الب قر أو الغ نم أو الم عز‪ ،‬تقربا إلى ال تعالى يوم‬

‫الع يد‪ .‬وال صل في مشروعيت ها قوله عز و جل‪ }:‬ف صل لر بك وان حر { [الكو ثر‪ ،]2:‬فإن‬ ‫المقصود بالنحر على أصح القوال نحر الضحايا‪.‬‬

‫وما رواه البخاري (‪ )5245‬ومسلم (‪ :)1966‬أن النبي ‪ r‬ضحى بكبشين أملحين أقرنين‪،‬‬

‫ذبحهما بيده‪ ،‬وسمى وكبر‪ ،‬ووضع رجله على صفاحهما‪.‬‬

‫[الملح‪ :‬من الضأن ما كان أب يض اللون أو كان البياض ف يه هو الغالب‪ ،‬والقرن‪ :‬ذو‬

‫القرنين العظيمين‪ .‬صفاحهما‪ :‬جمع صفحة‪ ،‬وهي جانب العنق]‪.‬‬ ‫الحكمة من مشروعيتها‪:‬‬

‫ينبغي أن تعلم أن الضحية عبادة‪ ،‬وأن كل ما قد يكون لها من حكمة وفائدة يأتي بعد فائدة‬ ‫الخضوع للمعنى التعبدي الذي فيها‪ ،‬شأن كل عبادة من العبادات‪.‬‬

‫ثم إن من أبرز المعا ني المتعل قة بالَضح ية إحياء مع نى الضح ية العظ مى ال تي قام ب ها‬

‫إبراهيم عليه الصلة والسلم‪ ،‬إذ ابتلء ال تعالى بالمر بذبح ابنه‪ ،‬ثم فداه ال بذبح عظيم‬

‫كان كبشاَ أنزله ال إليه وأمره بذبحه‪ ،‬بعد أن مضى كل من إبراهيم وابنه عليهما السلم‪،‬‬ ‫ساعيا بصدق لتحقيق أمره عز وجل‪.‬‬

‫أ ضف إلى ذلك‪ :‬ما في ها من الموا ساة للفقراء والمعوز ين وإدخال الشرور علي هم وعلى‬

‫ال هل والعيال يوم الع يد‪ ،‬و ما ين تج عن ذلك من تمت ين روا بط الخوة ب ين أفراد المجت مع‬

‫المسلم‪ ،‬وغرس روح الجماعة والود في قلوبهم‪.‬‬ ‫حكم الضحية‪:‬‬ ‫هي سنة مؤكدة‪ ،‬ولكنها قد تجب لسببين اثنين‪:‬‬

‫الول‪ :‬أن يش ير إلى ما هو دا خل في مل كه من الدواب ال صالحة للضح ية‪ ،‬فيقول‪ :‬هذه‬ ‫أضحيتي‪ ،‬أو سأضحي بهذه الشاة‪ ،‬مثلً‪ ،‬فيجب حينئذ أن يضحي بها‪.‬‬ ‫الثا ني‪ :‬أن يلتزم التقرب إلى ال بأضحي ته‪ ،‬كأن يقول‪ :‬ل تعالى علي أن أض حي‪ ،‬في صبح‬ ‫ذلك واجبا عليه‪ ،‬كما لو التزم بأي عبادة من العبادات‪ ،‬إذ تصبح بذلك نذرا‪.‬‬

‫‪157‬‬

‫من هو المخاطب بالضحية‪:‬‬ ‫إنما تسن الضحية في حق من وجدت فيه الشروط التالية‪:‬‬ ‫‪ -1‬السلم‪ ،‬فل يخاطب بها غير المسلم‪.‬‬

‫‪ -2‬البلوغ والعقل‪ ،‬إذ من لم يكن بالغاَ عاقلً سقط عنه التكليف‪.‬‬ ‫‪ -3‬ال ستطاعة‪ ،‬وتتح قق‪ :‬بأن يملك قيمت ها زائدة عن نفق ته ونف قة من هو م سؤول عن هم‪،‬‬ ‫طعاما وكسوة ومسكنا‪ ،‬خلل يوم العيد وأيام التشريق‪.‬‬

‫ما يشرع التضحية به‪:‬‬

‫ل ت صح الَضح ية إل أن تكون من إ بل‪ ،‬أو ب قر‪ ،‬أو غ نم وم نه الما عز‪ .‬لقوله تعالى‪:‬‬ ‫ول كل أ مة جعل نا من سكا ليذكروا ا سم ال على ما رزق هم من بهي مة النعام { [ال حج‪،]34:‬‬ ‫والنعام ل ترج عن هذه ال صناف الثل ثة‪ ،‬ول نه لم ين قل عن ال نبي ‪ r‬ول عن أ حد من‬

‫الصحابة التضحية بغيرها‪.‬‬

‫وأفضلها البل‪ ،‬ثم البقر‪ ،‬ثم الغنم‪.‬‬ ‫ويجوز أن يض حي بالبع ير والبقرة الواحدة عن سبعة‪ .‬روى م سلم (‪ )1318‬عن جابر ‪t‬‬

‫قال‪ :‬نحرنا مع رسول ال ‪ r‬عام الحديبية البدنة عن سبعة‪ ،‬والبقرة عن سبعة‪.‬‬ ‫[ البدنة‪ :‬واحدة البل ذكرا أم أنثى] ‪.‬‬

‫شروطها‪:‬‬

‫السن‪ :‬وشرط البل أن يكون قد طعن في السادسة من العمر‪.‬‬ ‫وشرط البقر والمعز أن يكون قد طعن في الثالثة‪.‬‬

‫أميا شرط الضأن فهيو أن يكون قيد طعين فيي الثانيية‪ ،‬أو أجدع – أي سيقطت أسينانه‬ ‫الماميية‪ -‬ولو لم يبلغ سينة‪ ،‬لميا رواه أحميد (‪ ،)2/245‬عين أبيي هريرة ‪ t‬قال‪ :‬سيمعت‬

‫رسول ال ‪ r‬يقول‪ " :‬نعمت الضحية الجذع من الضأن "‪.‬‬

‫ال سلمة‪ :‬ثم يشترط بالن سبة لهذه ال صناف الثل ثة كل ها‪ :‬أن تكون سالمة من العيوب التي‬ ‫من شأنها أن تسبب نقصانا في اللحم‪ :‬فل تجزئ شاة عجفاء – وهي التي ذهب مخها من‬

‫شدة هزالها‪ -‬ول ذات عرج بيّن ‪ ،‬أو ذات عورٍ أو مرض‪ ،‬ول مقطوعة بعد الذن‪ .‬لميا‬

‫رواه الترمذي و صححه(‪ )1497‬وأ بو داود(‪ )2802‬عن البراء بن عازب ‪ t‬عن ال نبي ‪r‬‬

‫‪158‬‬

‫قال‪ " :‬أر بع ل تجزئ في الَضا حي‪ :‬العوراء الب ين عور ها‪ ،‬والمري ضة الب ين مرض ها‪،‬‬ ‫والعرجاء البين عرجها‪ ،‬والعجفاء التي ل تنقي "‪.‬‬

‫[ل تنقي‪ :‬أي ل مخ لها ‪ ،‬مأخوذة من النقي‪ ،‬بكسر النون وإسكان القاف‪ ،‬وهو المخ]‪.‬‬

‫ويقاس على هذه العيوب الربعة‪ ،‬كل ما يشبهها في التسبب في الهزال وإنقاص اللحم‪.‬‬ ‫وقت الَضحية‪:‬‬

‫يبتدئ وقت ها ب عد طلوع ش مس يوم ع يد الض حى بمقدار ما يت سع لركعت ين وخطبت ين‪ ،‬ثم‬ ‫يسيتمر وقت ها إلى غروب آخير أيام التشر يق‪ ،‬وهيي الحادي ع شر والثانيي ع شر والثالث‬ ‫عشر من ذي الحجة‪.‬‬

‫والو قت المفضّ ل لذبح ها‪ ،‬ب عد الفراغ من صلة الع يد‪ ،‬ل خبر البخاري (‪ )5225‬وم سلم (‬

‫‪ " :)1961‬أول ما نبدأ به يوم نا هذا ت صلي ثم نر جع فنن حر‪ ،‬ف من ف عل ذلك ف قد أ صاب‬

‫سنتنا‪ ،‬ومن ذبح قبل ذلك فإنما هو لحم قدمه لهله ليس من النسك في شيء " ‪ .‬ومعنى‬

‫قوله‪ :‬ومن ذبح قبل ذلك‪ ،‬أي قبل دخول صلة العيد‪ ،‬ومضي الزمن الذي يمكن صلتها‬

‫فيه‪ .‬وروى ابن حبان (‪ ،)1008‬عن جبير بن مطعم ‪ t‬قال‪ :‬قال رسول ال ‪ " :r‬وكل أيام‬

‫التشريق ذبح " أي وقت للذبح‪.‬‬

‫ماذا يصنع بالضحية بعد ذبحها‪:‬‬ ‫إن كانت الَضحية واجبة‪ :‬بأن كانت منذورة أو معينة على ما أوضحنا لم يجز للمضحي‬

‫ول لحد من أهله الذين تجب عليه نفقتهم‪ ،‬الكل منها‪ ،‬فإن أكل أحدهم منها شيئا غرم بدله‬ ‫أو قيمته‪.‬‬

‫وإن كانت الَضحية مسنونة‪ :‬جاز له أن يأكل قليلً منها للبركة‪ ،‬ويتصدق بالباقي‪ ،‬وله أن‬

‫يأكل ثلثها‪ ،‬ويتصدق بثلثها‪ ،‬ويتصدق بثلثها على الفقراء‪ ،‬ويهدي ثلثها لصحابه وجيرانه‬

‫وإن كانوا أغنياء‪ .‬إل أنّ ما يعطي للغني منها ما يكون على سبيل الهدية للكل‪ ،‬فليس لهم‬ ‫أن يبيعوها‪ ،‬وما يعطي للفقير يكون على وجه التمليك‪ ،‬يأكلها أو يتصرف بها كما يشاء‪.‬‬

‫والصل فيما سبق قوله تعالى‪ } :‬والبدن جعلناها لكم من شعائر ال لكم فيها خير فاذكروا‬

‫اسم ال عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها واطعموا البائس الفقير{ [الحج‪]36:‬‬

‫‪159‬‬

‫[البدن‪ :‬جمع بدنة‪ ،‬وهي ما يهدي المحرم من البل‪ ،‬وقيس عليها الضاحي‪ .‬شعائر ال‪:‬‬ ‫علئم دينيه‪ .‬صيواف‪ :‬قائمية على ثلث قوائم‪ .‬وجبيت جنبوهيا‪ :‬سيقطت على الرض‪.‬‬

‫البائس‪ :‬شديد الحاجة]‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬وللمضحي أن يتصدق بجلد أضحيته‪ ،‬أو ينتفع هو به‪ .‬ولكن ليس له أن يبيعه أو أن‬

‫يعطييه للجزار أجرة ذبحيه‪ ،‬لن ذلك نقصٌي مين الضحيية يفسيدها‪ .‬ولميا رواه البيهقيي (‬ ‫‪ )9/294‬عن النبي ‪ r‬قال‪ " :‬من باع جلد أضحيته فل أضحية له "‪.‬‬ ‫سنن وآداب تتعلق بالضحية‪:‬‬

‫أولً‪ :‬إذا د خل ع شر ذي الح جة‪ ،‬وعزم خلله على أن يض حي‪ ،‬ندب له أن ل يز يل شيئا‬ ‫من شعره وأظافره إلى أن يضحين فليمسك عن شعره وأظافره‪ .‬لما رواه مسلم (‪،)1977‬‬ ‫عن النبي ‪ r‬قال‪ " :‬إذا رأيتم هلل ذي الحجة‪ ،‬وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره‬

‫وأظافره "‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬يسن له أن يتولى ذبحها بنفسه‪ ،‬فإن لم يفعل لعذر أو غيره‪ ،‬فليشهد ذبحها‪ ،‬لما رواه‬ ‫الحكام (‪ )4/222‬بإسناد صحيح‪ :‬إنه ‪ r‬قال لفاطمة رضي ال عنها‪ " :‬قومي إلى أضحيتك‬

‫فاشهديها فإنه بأول قطرة من دمها يغفر لك ما سلف من ذنوبك" قالت‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬هذا‬ ‫لنا أهل البيت خاصة‪ ،‬أو لنا المسلمين عامة؟ قال‪ :‬بل لنا وللمسلمين عامة "‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬يسنّ لحاكم المسلمين أو إمامهم أن يضحي من بيت المال عن المسلمين‪ ،‬فقد روى‬

‫مسلم(‪ )1967‬أنه ‪ r‬ضحى بكبش‪ ،‬وقال عند ذبحه‪ " :‬باسم ال‪ ،‬اللهم تقبل من محمد وآل‬ ‫محمد وأمة محمد "‪.‬‬

‫ويذبحيه بالمصيلى‪ ،‬حييث يجتميع الناس لصيلة العييد‪ ،‬وأن ينحير أو يذبيح بنفسيه‪ ،‬روى‬ ‫البخاري في صحيحه (‪ )5232‬عن ا بن ع مر ر ضي ال عنه ما قال‪ :‬كان ر سول ال‬

‫يذبح وينحر بالمصلي‪.‬‬

‫*****‬

‫‪160‬‬

‫صَلََة التـراويُح‬ ‫وصلة التراويح إنما تشرع في رمضان خاصة‪ ،‬وتسن فيها الجماعة وتصح فرادى‪.‬‬

‫وسميت بهذا السم لنهم كانوا يتروحون عقب كل أربع ركعات‪ ،‬أي يستريحون‪ .‬وتسمى‬

‫قيام رمضان‪.‬‬

‫وهي عشرون ركعة في كل ليلة من ليالي رمضان‪ ،‬يصلي كل ركعتين بتسليمة‪ ،‬ووقتها‬

‫بين صلة العشاء وصلة الفجر‪ ،‬وتصلى قبل الوتر‪.‬‬

‫ولو صلى أربعا بتسليمة واحدة لم تصح‪ ،‬لنه خلف المشروع‪.‬‬

‫هذا ول بد من النية من تعيين‪ :‬ركعتين من التراويح‪ ،‬أو من قيام رمضان‪ ،‬ول تصح بنية‬

‫النفل المطلق‪.‬‬

‫والصل في مشروعيتها على ما سبق‪:‬‬ ‫ما رواه البخاري(‪ )37‬ومسلم(‪ )759‬وغيرهما‪،‬عن أبي هريرة ‪ t‬قال‪ :‬قال رسول ال ‪" :r‬‬

‫من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه "‪.‬‬ ‫[ إيمانا‪ :‬تصديقا بأنه حق‪ .‬احتسابا‪ :‬إخلصا ل تعالى ]‪.‬‬

‫وروى البخاري (‪ )882‬وم سلم (‪ )761‬والل فظ له عن عائ شة ر ضي ال عن ها‪:‬أن ال نبي ‪r‬‬

‫في المسجد ذات ليلة‪ ،‬فصلى بصلته ‪.‬‬

‫ناسٌي ثيم صيلّى مين القابلة فكثير الناس‪ ،‬ثيم اجتمعوا مين الليلة الثالثية‪ -‬أو الرابعية – فلم‬

‫يخرج إليهم رسول ال ‪ ، r‬فلما أصبح قال‪ " :‬رأيت الذي صنعتم‪ ،‬فلم يمنعني من الخروج‬

‫إليكم‪ ،‬إل أني خشيت أن تفرض عليكم"‪ .‬وذلك في رمضان‪.‬‬ ‫[ الذي صنعتم ‪ :‬أي اجتماعكم للصلة وانتظاري ]‪.‬‬

‫وروى البخاري(‪ ،)906‬عين عبدالرحمين بين عبيد القاري قال‪ :‬خرجيت ميع عمير ابين‬ ‫أوزاعي متفرقون‪ ،‬يصيلي الرجيل لنفسيه‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫الخطاب فيي رمضان إلى المسيجد‪ ،‬فإذا الناس‬

‫ويصلي الرجل فيصلي بصلته الرهط‪.‬‬

‫فقال عمر‪ :‬إني أرى لو جمعت هؤلء على قارئ واحد لكان أمثل‪ ،‬ثم عزم فجمعهم على‬

‫أُب يّ كعب ‪ ،‬ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلة قارئهم‪،‬فقال عمر‪ :‬نعمت‬

‫البد عة هذه‪ ،‬وال تي ينامون عن ها أف ضل من ال تي يقومون‪ .‬يع ني آ خر الل يل‪ ،‬وكان الناس‬

‫يقومون أوله‪.‬‬

‫‪161‬‬

‫[ أوزاع‪ :‬جماعات‪ .‬الرهيط‪ :‬ميا دون العشرة مين الرجال‪ .‬نعميت البدعية هذه‪ :‬حسين هذا‬ ‫الفعل‪ .‬والبدعة‪ :‬ما استحدث على غير مثالٍ مستحسن فيه‪ ،‬وذميمة مرفوضة إن خالفته‪ ،‬أو‬

‫اندرجت تحت مستقبح فيه‪ ،‬وإن لم تخالف الشرع ولم تندرج تحت أصل فيه كانت مباحة]‬ ‫‪.‬‬

‫وروى البيه قي وغيره بإ سناد صحيح(‪ :)2/496‬أن هم كانوا يقومون على ع هد ع مر ا بن‬

‫الخطاب ‪ t‬ش هر رمضان بعشر ين رك عة‪ .‬وروى مالك في المو طأ(‪ :)1/115‬كان الناس‬ ‫في زمن عمر يقومون في رمضان بثل ثٍ وعشرين ركعة‪ .‬وجمع البيهقي بين الروايتين‬

‫بأن الثلث كانت وترا‪.‬‬ ‫*****‬

‫‪162‬‬

‫صَلَة الكسُوف وَالخسُوف‬ ‫التعريف بهما وزمن مشروعيتهما‪:‬‬ ‫تطلق كلمة الكسوف لغة على احتجاب ضوء الشمس احتجابا جزئيا أو كليا‪ ،‬وتطلق كلمة‬

‫الخسوف على احتجاب نور القمر جزئيا أو كليا‪ ،‬ويجوز إطلق كل من الكلمتين على كل‬ ‫من المعنيين‪.‬‬

‫و صلة الك سوف والخ سوف من ال صلوات المشرو عة ل سبب‪ ،‬يلت جئ في ها الم سلم إلى ال‬

‫عز وجل أن يكشف البلء ويعيد الضياء‪.‬‬

‫وقد شرعت صلة الكسوف في السنة الثانية للهجرة‪ ،‬أما صلة خسوف القمر فقد شرعت‬

‫في السنة الخامسة منها‪.‬‬ ‫حكمها‪:‬‬

‫هي سنة مؤكدة‪ ،‬لقوله ‪ ،r‬في ما رواه م سلم (‪ " :)904‬إن الش مس والق مر من آيات ال ل‬ ‫ينكسيفان لموت أحيد ول لحياتيه‪ ،‬فإذا رأيتيم ذلك فصيلوا وادعوا حتيى ينكشيف ميا بكيم "‬

‫ولفعله ‪ r‬لها‪ ،‬كما سيأتي‪ .‬وإنما لم يفسر المر في هذا الحديث على وجه الوجوب‪ ،‬لخبر‪:‬‬ ‫إن أعرابيا سأل النبي ‪ r‬عن الصلوات الخمس فقال‪ :‬هل عليّ غيرها؟‬

‫فقال علييه الصيلة والسيلم‪ " :‬ل‪ ،‬إلّ أن تطوع"‪( .‬البخاري‪46:‬؛ وتسين فيهيا الجماعية‪،‬‬ ‫وينادى لها‪ " :‬الصلة جامعة "‪.‬‬

‫كيفيتها‪:‬‬

‫صلة الكسوف والخسوف ركعتان‪ ،‬ينوي بهما المصلي صلة الكسوف أو الخسوف‪ ،‬ولها‬ ‫كيفيتان‪ :‬أدنى ما تصح به‪ ،‬وأكمل الوجوه في أدائها‪.‬‬

‫•فأ ما الكيف ية ال تي تتح قق ب ها أد نى درجات ال صحة‪ :‬ف هي أن يكون في كل رك عة‬ ‫قيامان‪ ،‬وقراءتان‪ ،‬وركوعان‪ ،‬كالعادة بدون تطوييل‪ .‬ويصيح أن يصيلها ركعتيين‬

‫بقيامين وركوعين‪ ،‬كصلة الجمعة‪ ،‬ويكون تاركا للفضيلة‪ ،‬لمخالفته لفعل النبي ‪.r‬‬

‫•وأ ما الكيف ية الكاملة‪ :‬ف هي أن يكون في كل رك عة منه ما قيامان يط يل القراءة في‬ ‫كل منهما‪ ،‬بأن يقرأ في القيام الول من الركعة الولى بعد الفاتحة سورة البقرة أو‬

‫مقدار ها من ال سور الخرى‪ ،‬و في القيام الثا ني ما ي ساوي مائ تي آ ية‪ ،‬و في القيام‬

‫‪163‬‬

‫الول مين الركعية الثانيية مقدار مائة وخمسيين منهيا‪ ،‬وفيي القيام الثانيي منهيا ميا‬ ‫يساوي مائة آية من سورة البقرة‪.‬‬

‫ثم إذا ركع أطال الركوع بما يساوي مائة آية تقريبا‪ ،‬فإذا ركع الركوع الثاني أطاله بمقدار‬

‫ثمانين آية‪ ،‬والثالث بمقدار سبعين آية‪ ،‬والرابع بمقدار خمسين‪.‬‬

‫فإذا أتموا الصلة خطب المام بعد خطبتين – كخطبتي الجمعة في الركان والشروط –‬

‫يحث الناس فيهما على التوبة وفعل الخير‪ ،‬ويحذرهم من الغفلة والغترار‪.‬‬

‫روى الترمذي(‪ )562‬وقال ح سن صحيح‪ ،‬عن سمرة بن جندب ‪ t‬قال‪ :‬صلى بنا النبي ‪r‬‬

‫في كسوف ل نسمع له صوتا‪.‬‬

‫وروى البخاري(‪ )1016‬؛(‪ ،)901‬عن عائ شة ر ضي ال عن ها‪ :‬ج هر ال نبي ‪ r‬في صلة‬ ‫الخ سوف بقراءا ته‪ .‬فح مل الول على صلة ك سوف الش مس لن ها نهار ية‪ ،‬والثا ني على‬ ‫خسوف القمر لنها ليلية‪.‬‬

‫دلييل ذلك ميا رواه البخاري(‪)947‬؛ ومسيلم(‪ ،)901‬عين عائشية رضيي ال عنهيا قالت‪:‬‬

‫خسفت الشمس في حياة النبي ‪ ،r‬فخرج رسول ال ‪ r‬إلى المسجد‪ ،‬فقام فكبر وصف الناس‬ ‫وراءه‪ ،‬فاقترأ قراءة طويلة‪ ،‬ثم كبر فركع ركوعا طويلً‪ ،‬ثمر رفع رأسه فقال‪:‬‬

‫" سمع‬

‫ال ل من حمده رب نا لك الح مد"‪ ،‬ثم قام فاقترأ قراءة طويلة هي أد نى من القراءة الولى ثم‬

‫كيبر فركيع ركوعا هيو أدنيى مين الركوع الول‪ ،‬ثيم قال‪ " :‬سيمع ال لمين حمده ربنيا لك‬ ‫الحمد" ‪ .‬ثم سجد – وفي رواية أخرى فأطال السجود – ثم فعل بالركعة الخرى مثل ذلك‬

‫حتى استكمل أربع ركعات‪ ...‬أي أربع ركوعات وأربع سجدات‪ ،‬وانجلت الشمس قبل أن‬

‫ينصرف‪ .‬ثم قام فخطب الناس‪ ،‬فأثنى على ال بما هو أهله‪ ،‬ثم قال‪ " :‬إنما الشمس والقمر‬ ‫آيتان من آيات ال عز و جل‪ ،‬ل ينخ سفان لموت أ حد ول لحيا ته‪ ،‬فإذا رأيتموه ما فافزعوا‬

‫إلى الصلة "‪ .‬وفي رواية‪ " :‬فإذا رأيتم ذلك فادعوا ال وكبيروا وصلوا وتصدقوا "‪.‬‬

‫[ في حياة ‪ ...‬وا فق هذا يوم موت ولده إبراه يم عل يه ال سلم‪ ،‬و قد كانوا في الجاهل ية إذا‬

‫خ سف الق مر أو ك سفت الش مس‪ ،‬ظنوا أن عظيما من العظماء قد مات‪ ،‬فزعموا ذلك ل ما‬

‫وافق كسوف الشمس موت إبراهيم عليه السلم‪ ،‬فأبطل لهم رسول ال ‪ r‬هذا الزعم بقوله‪:‬‬ ‫" ل ينخسفان لموت أحد ول لحياته "‪ .‬انجلت‪ :‬صفت وعاد نورها‪.‬‬ ‫ينصرف‪ :‬يفزع من الصلة‪ .‬أربع ركعات‪ :‬أي أربع ركوعات ‪.‬‬ ‫‪164‬‬

‫ثم إن كانت الصلة لكسوف الشمس أسر القراءة‪ ،‬ويحذرهم من الغفلة والغترار‪.‬‬ ‫صلة الكسوف والخسوف ل تقضيان‪:‬‬ ‫إذا فات وقيت صيلة الكسيوف والخسيوف‪ ،‬بأن انجلت الشميس أو انجلى القمير‪ ،‬قبيل أن‬

‫يصلي‪ ،‬لم يشرع قضاؤها‪ ،‬لنها من الصلوات المقرونة بأسبابه‪ ،‬فإذا ذهب السبب فقد فات‬ ‫موجبها‪.‬‬

‫الغسل لصلة الكسوف‪:‬‬

‫وي سن الغت سال ل صلة الك سوف والخ سوف‪ ،‬فيغت سل قبله ما ك ما يغت سل ل صلة الجم عة‪،‬‬ ‫لنها في معناها من حيث الجتماع وندب الجماعة‪.‬‬

‫*****‬

‫‪165‬‬

‫ستِسقَاء‬ ‫صَلَة ال ْ‬ ‫التعريف بها‪:‬‬ ‫هيي صيلة تشرع عنيد احتباس مطير أو جفاف نبيع‪ ،‬وهيي مسينونة عنيد ظهور سيببها‪،‬‬

‫وتفوت بزوال السبب‪ ،‬كأن تنزل المطار‪ ،‬أو يجري النبع‪.‬‬ ‫كيفيتها‪:‬‬ ‫للستسقاء المندوب ثلث كيفيات‪:‬‬

‫أدناها‪ :‬مطلق الدعاء في أي الوقات أحب‪.‬‬

‫أوسطها‪ :‬الدعاء بعد ركوع الركعة الخيرة من الصلوات المكتوبة‪ ،‬وخلف الصلوات ‪.‬‬ ‫وأكملها‪ - :‬وهو ما عقد باب صلة الستسقاء لبيانه‪ -‬أن تتم على الكيفية التالية‪:‬‬ ‫أولً‪:‬‬ ‫يبدأ المام أو نائبه فيأمر الناس بما يلي‪:‬‬ ‫( أ ) التوبة الصادقة‪.‬‬

‫( ب ) الصدقة على الفقراء‪ ،‬والخروج عن المظالم‪ ،‬وإصلح ذات البين‪.‬‬ ‫( ج ) صيام أربعة أيام متتابعة‪.‬‬

‫واسيتحبت هذه المور لميا لهيا مين أثير فيي اسيتجابة الدعاء‪ ،‬كميا ثبيت فيي الحادييث‬

‫الصحيحة‪.‬‬ ‫ثانيا‪:‬‬

‫يخرج المام بهم في اليوم الرابع من أيام صيامهم‪ ،‬وهم صائمون في ثياب بذلة وخشوع‬

‫واستكانة‪ ،‬على الفلة‪ ،‬فيصلي بهم المام أو نائبه ركعتين كركعتي صلة العيد تماما‪.‬‬

‫روى ابن ماجه (‪ )1266‬وغيره‪ ،‬عن ابن عباس رضي ال عنهما قال‪ :‬خرج رسول ال ‪r‬‬

‫متواضعا متبذلً متخشعا مترسلً متضرعا فصلى ركعتين كما يصلي في العيد‪.‬‬ ‫[ متضرعا‪ :‬مظهرا للضراعة‪ ،‬وهي التذلل عند طلب الحاجة ]‪.‬‬

‫ثالثا‪:‬‬

‫إذا أتموا ال صلة خ طب المام في هم خطبت ين‪ ،‬كخطب تي الع يد‪ ،‬غ ير أن ينب غي أن يفتحه ما‬ ‫بالستغفار تسعا في الولى‪ ،‬وسبعا في الثانية‪ ،‬بدلً عن التكبير‪.‬‬

‫‪166‬‬

‫لقوله تعالى‪:‬‬ ‫{‬

‫يم مدرارا‬ ‫يماء عليكي‬ ‫يل السي‬ ‫يه كان غفارا * يرسي‬ ‫يم إني‬ ‫يتغفروا ربكي‬ ‫اسي‬

‫[ نوح‪ ]10,11:‬أي كثيرة الدر‪ ،‬والمراد المطر الكثير‪.‬‬

‫فإذا بدأ الخطبية الثانيية‪ ،‬ومضيى نحيو ثلثهيا‪ ،‬اسيتقبل الخطييب القبلة واسيتدبر المصيلين‪،‬‬

‫وحول رداءه بأن يجعيل أعله أسيفله وأسيفله أعله‪ ،‬واليمين على اليسير‪ ،‬واليسير على‬

‫اليمن‪ ،‬إظهارا للمزيد من التذلل ل عز وجل‪.‬‬

‫روى ابين ماجيه (‪ ،)1268‬عين أبيي هريرة ‪ t‬قال‪ :‬خرج رسيول ال ‪ r‬يوما يسيتسقي‪،‬‬

‫فصلى بنا ركعتين بل أذان ول إقامة‪ ،‬ثم خطبنا ودعا ال‪ ،‬وحول وجهه نحو القبلة رافعا‬ ‫يديه‪ ،‬ثم قلب رداءه‪ :‬فجعل اليمن على ا ليسر واليسر على اليمن‪.‬‬ ‫ويسن أن يفعل الناس مثله‪.‬‬

‫ويسين للخطييب أن يكثير مين السيتغفار والدعاء والتوبية والتضرع‪ ،‬وأن يتوسيلوا بأهيل‬

‫الصلح والتقوى‪.‬‬

‫وروى البخاري (‪ )964‬عين أنيس ‪ .t‬أن عمير بين الخطاب ‪ t‬كان إذا قحطوا اسيتسقى‬

‫بالعباس بن عبد المطلب فقال‪ :‬اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا‪ ،‬وإنا نتوسل إليك‬ ‫بعم نبينا فاسقنا‪ .‬قال‪ :‬فيسقون‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬يسن أن يخرجوا معهم إلى المصلى الولد الصغار والشيوخ والبهائم لن المصيبة‬

‫التي يخرجون من أجلها تعمهم جميعا‪ ،‬ول ينبغي أن يمنع أهل الذمة من حضورها‪.‬‬ ‫بعض الدعية الواردة في الستسقاء‪:‬‬ ‫اللهم اجعلها سقيا رحمة‪ ،‬ول تجعلها سقيا عذاب‪ ،‬ول محق ول بلء‪ ،‬ول هدم ول غرق‪.‬‬

‫اللهم على الظراب والكام‪ ،‬ومنابت الشجر وبطون الودية‪ ،‬اللهم حوالينا ول علينا‪ .‬اللهم‬ ‫اسقنا غيثا مغيثا‪ ،‬هنيئا مريئا مريعا‪ ،‬سحا عاما غدقا طبقا مجللً‪ ،‬دائما إلى يوم الدين‪.‬‬

‫اللهيم اسيقنا الغييث ول تجعلنيا مين القانط ين‪ ،‬الل هم إن بالعباد والبلد من الجهيد والجوع‬

‫والض نك‪ ،‬ما ل نش كو إل إل يك‪ .‬الل هم أن بت ل نا الزرع وأدرّ ل نا الضرع‪ ،‬وأنزل علي نا من‬

‫بركات السماء‪ ،‬وأنبت لنا من بركات الرض‪ ،‬واكشف عنا من البلء ما ل يكشفه غيرك‪،‬‬

‫اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا‪ ،‬فأرسل السماء علينا مدرارا‪.‬‬

‫[ الظراب‪ :‬جمع ظرب وهو الجبل الصغير أو الرابية الصغيرة‪ .‬الكام‪ :‬جمع أكمة وهي‬

‫التراب المجت مع‪ ،‬أو الهضبة الضخ مة‪ .‬غيثا‪ :‬مطرا‪ .‬مغيثا‪ :‬منقذا من الشدة‪ .‬هنيئا‪ :‬طيبا ل‬ ‫‪167‬‬

‫ينغ صه شئ‪ .‬مريئا‪ :‬محمود العاق بة منميا‪ .‬مريعا‪ :‬مخ صبا ف يه الر يع و هو الزيادة‪ .‬سحا‬ ‫شديد الوقع على الرض‪ .‬غدقا‪ :‬كثيرا‪ .‬طبقا‪ :‬مستوعبا لنواحي الرض‪.‬‬

‫مجللً‪ :‬يجلل الرض ويعمهيا‪ .‬دائما‪ :‬مسيتمرا نفعيه إلى انتهاء الحاجية إلييه‪ .‬القانطيين‪:‬‬ ‫الي سين بتأخ ير الم طر‪ .‬الج هد‪ :‬المش قة‪ .‬الض نك‪ :‬الض يق والشدة‪ ،‬أدر‪ :‬من الدرار و هو‬ ‫الكثار‪ .‬الضرع‪ :‬أضرعت الشاه أي نزل لبنها قبل النتاج‪ ،‬أي قبل وضعها حملها]‪.‬‬

‫( رواه البخاري‪967 :‬؛ ومسيلم ‪897 :‬؛ وأبيو داود ‪1169‬؛ والشافعيي‪ ":‬الم ‪، "1/222‬‬

‫وغيرهم)‪.‬‬

‫*****‬

‫‪168‬‬

‫أحْكَام الجَنَازَة‬ ‫تذكر الموت‪:‬‬ ‫اعلم أنه يسن لكل إنسان أن يكثر من ذكر الموت‪ ،‬لحديث " أكثروا من ذكر هاذم اللذات "‬ ‫أي الذي يقطعها بسرعة وهو الموت ‪.‬‬

‫(رواه ابن حبان‪ ،2559 :‬وغيره)‪ ،‬وأن يستعد له بالتوبة والستقامة مع ال تعالى‪ ،‬سواء‬

‫كان شابا أو كهلً أو شيخا م سنا‪ ،‬و سواء كان صحيحا أو مريضا‪ ،‬فإن ال جل محجوز في‬ ‫غ يب ال تعالى‪ ،‬ول يس الموت أقرب إلى الش يخ ال كبير من الشاب ال صغير‪ ،‬ك ما أ نه ل يس‬ ‫أقرب إلى المريض من الصحيح‪ ،‬فرب شاب اختطفه الموت بين يوم وآخر‪.‬‬

‫فإذا نزل المرض بالنسان‪ ،‬كان تذكر الموت له آكد‪ ،‬وأخذ الستعداد له ألزم وأهم‪.‬‬

‫ما يطلب فعله بالمسلم حين احتضاره‪:‬‬

‫الحتضار‪ :‬هيو ظهور دلئل الموت على المرييض‪ ،‬وبدء السيكرات أي نزع الروح مين‬ ‫جسده‪.‬‬

‫‪ -1‬فإذا وصل المريض إلى درجة الحتضار‪،‬ندب لله أن يضجعونه على جنبه اليمن‬

‫متجها بوجهيه إلى القبلة‪ ،‬فإن صيعب ذلك أضجعوه على قفاه وجعلوا وجهيه مرفوعا قليلً‬

‫بحيث يوجه إلى القبلة‪ ،‬وكذا أخمصاه‪ ،‬وهما أسفل الرجل‪ ،‬يسن توجيهها إلى القبلة‪.‬‬

‫‪ -2‬ي سن أن يل قن الشهادة و هي كل مة " ل إله إل ال " بش كل رف يق وبدون إلحاح‪ ،‬وذلك‬

‫بأن يردد على سمعه كلمة ل إله إل ال‪ ،‬دون أن يأمره بقولها‪ ،‬لخير مسلم (‪" )917 ،916‬‬ ‫لقنوا موتاكم‪ :‬ل إله إل ال "‪.‬‬

‫‪ -3‬ي سن أن يقرأ عنده سورة يس لحد يث‪ " :‬اقرءوا على موتا كم يس" (رواه أ بو داود‪:‬‬

‫‪3121‬؛ وابن حبان‪ ،720 :‬وصححه)‪ ،‬والمقصود بموتاكم من قد حصره الموت‪.‬‬

‫‪ -4‬يسن للمريض الذي شعر بنذير الموت وسكراته ن يحسن ظنه بال تعالى‪ ،‬وأن يلقي‬

‫صور آثا مه ومعا صيه وراء ظهره‪ ،‬مت صورا أ نه يق بل على رب كر يم يغ فر له الذنوب‬

‫كلها‪ ،‬ما دام محافظا على إيمانه وتوحيده‪ ،‬له‪ ،‬للحديث الصحيح‪ ":‬أنا عند ظن عبدي بي"‬ ‫(رواه البخاري‪6870:‬؛ ومسلم‪.)2675 :‬‬

‫‪169‬‬

‫ما يطلبه فعله بالمسلم عقب موته‪:‬‬ ‫إذا مات وفاضت روحه ‪ ،‬ندب تنفيذ المور التالية‪:‬‬ ‫‪ -1‬تغميض عينيه‪ ،‬وشد لحييه بعصابة‪ ،‬ولئل يبقى فمه مفتوحا‪.‬‬

‫ولن النبي ‪ r‬دخل على أبي سلمة ‪ t‬عنه وقد شق بصره – أي شخص فأغمضه‪( .‬رواه‬ ‫مسلم‪.)920:‬‬

‫‪ -2‬تليين مفاصله‪ ،‬ورد كل منها إلى مكانه‪،‬بأن يلين ساعده ثم يمده إلى عضده وكذلك‬

‫رجليه وبقية أعضائه‪.‬‬

‫‪ -3‬وضع شئ ثقيل على بطنه‪ ،‬كي ل ينتفخ ‪ ،‬فيقبح منظره‪ ،‬كما يندب ستر جميع بدنه‬

‫بثوب خفيف‪.‬‬

‫‪ -4‬يسن نزع جميع ثيابه منه‪ ،‬ووضعه على سريره ونحوه مما هو مرتفع عن الرض‪،‬‬

‫وتوجيهه للقبلة كساعة الحتضار‪ ،‬وليتول فعل ذلك أرفق محارمه به‪.‬‬ ‫ما يجب فعله إذا فارق النسان الحياة وتحقق موته‪:‬‬

‫يندب المبادرة فورا إلى تجهيزه‪ ،‬أي إلى غسيله وتكفينيه والصيلة علييه ودفنيه‪ .‬وهذه‬ ‫الربعة أجمع المسلمون على أنها فروض كفاية‪ ،‬تتعلق بجميع المسلمين من أهل البلدة‪ ،‬إذا‬ ‫لم يقم أحد منهم بها أثم الجميع‪.‬‬ ‫‪ -1‬غسل الميت‪:‬‬ ‫وأول أعمال التجهيز هو الغسل وله كيفيتان‪:‬‬

‫الكيفية الولى‪:‬‬

‫و هي أ قل ما يتح قق به مع نى الغ سل ويرت فع به ال ثم‪ ،‬هي‪ :‬أن يزال ما قد يكون على‬ ‫جسمه من النجاسة‪ ،‬ثم يعمم سائر بدنه بالماء‪.‬‬

‫الكيفية الثانية‪:‬‬

‫وهي أكمل ما تتحقق به السنة‪ ،‬أن يتبع غاسله ما يلي‪:‬‬ ‫أولً‪ :‬يوضع الميت في مكان خال على مرتفع كلوح ونحوه‪ ،‬وتستر عورته بقميص‬ ‫أو نحوه‪.‬‬

‫‪170‬‬

‫ل إلى الوراء‪ ،‬ويسند رأسه بيده اليمنى‪ ،‬ويمر بيده‬ ‫ثانيا‪ :‬يجلسه الغاسل على المغتسل مائ ً‬ ‫اليسرى على بطنه بتحامل وشده ليخرج ما قد يكون فيه ‪ ،‬ثم يلف يده اليسرى بخرقة أو‬ ‫قفاز ويغسل سوأتيه‪ ،‬ثم يتعهد فمه ومنخريه فينظفها‪،‬ثم يوضئه كما يتوضأ الحي‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬يغسل رأسه ووجهه بصابون ونحوه من المنظفات‪ ،‬ويسرح شعره إن كان له شعر‪،‬‬

‫فإن نتف منه شئ أعاده إليه ليدفنه معه‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬يغسل كامل شقه اليمن مما يلي وجهه‪ ،‬ثم شقه اليسر مما يلي وجهه أيضا‪ ،‬ثم‬ ‫يغسل شقه اليمن مما يلي القفا ثم شقه اليسر مما يلي القفا أيضا‪ ،‬وبذلك يعمم جسمه كله‬

‫بالماء‪ .‬فهذه غسلة أولى‪ ،‬ويسن أن يكرر مثل هذه الغسلة مرتين أخريين‪ ،‬وبذلك يتم غسله‬

‫ثلث مرات‪ ،‬وليمزج بالماء شيئا مين الكافور فيي الغسيلة الخيرة‪ ،‬إذا كان المييت غيير‬ ‫محرم‪.‬‬

‫والدل يل على ما سبق‪ :‬ما رواه البخاري(‪)156‬؛ وم سلم(‪ ،)939‬عن أم عط ية الن صارية‬

‫ر ضي ال عن ها قالت‪ :‬دخل علينا رسول ال ‪ r‬ونحن نغسل ابنته فقال‪ ":‬اغسلنها ثلثا أو‬ ‫خمسيا أو أكثير مين ذلك إن رأيتين‪ ،‬بماء وسيدر‪ ،‬واجعلن فيي الخرة كافورا‪ ،‬و شيئا مين‬

‫كافور‪ ،‬وابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها"‪.‬‬

‫[ صدر‪ :‬ورق مدقوق لنوع من الشجر يستعمل في التنظيف‪.‬‬

‫كافور‪ :‬كمام النخل وهو زهره] ‪.‬‬

‫فإن كان محرما‪ ،‬غسل كغيره‪ ،‬دون أن يمس كافورا أو غيره مما له رائحة طيبة‪.‬‬

‫روى البخاري(‪ ،)1208‬عن ابن عباس رضي ال عنه ما‪ :‬أن رجلً وقصه بعيره‪ ،‬ونحن‬ ‫مع النبي ‪ r‬وهو محرم‪ ،‬فقال النبي ‪ :r‬واغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين‪ ،‬ولتمسوه‬

‫طيبا ول تخمروا رأسه فإن ال يبعثه يوم القيامة ملبدا وفي رواية ملبيا "‪.‬‬

‫[ وق صه ‪ :‬رواه على الرض وداس عن قه‪ .‬تخمروا‪ :‬تغطوا‪ .‬ملبدا‪ :‬من التلب يد‪ ،‬والتلب يد‪:‬‬

‫هو أن يج عل في شعره شيئا من صمغ ونحوه ع ند الحرام‪ ،‬ليلت صق ب عض بب عض‪ ،‬فل‬ ‫يتساقط منه شئ‪ ،‬ول ينشأ فيه شئ من الحشرات كالقمل ونحوه‪ .‬ملبيا‪ :‬أي وهو يلبي كما‬ ‫كان عند موته]‪.‬‬

‫ويجب أن يغسل الرجل والمرأة‪ ،‬كما يؤخذ من الحاديث السابقة‪ ،‬إل أن الرجل أن يغسل‬

‫زوجته‪ ،‬وللزوجة أن تغسل الرجل إل امرأة أجنبيه سقط الغسل‪ ،‬واستعيض عنه بالتيمم‪.‬‬ ‫‪171‬‬

‫واعلم أن غسل الميت إنما شرع تكريما له وتنظيفا‪ ،‬فهو واجب بالنسبة لكل ميت مسلم‪،‬‬ ‫إل شهيد المعركة كما ستعلم‪.‬‬ ‫‪ -2‬التكفين‪:‬‬

‫أقل التكفين المطلوب أن يل فّ الميت بثوب يستر جميع بدنه‪ ،‬ورأسه إن كان غير محرم‪،‬‬ ‫والواجب ثوب يستر العورة على الصح‪.‬‬

‫وأكمله أن ُينْظير‪ :‬فإن كان ذكرا‪ ،‬كفين فيي ثلثية أثواب بييض‪ ،‬وتكون كلهيا لفائف طويلة‬ ‫على قدر طوله‪ :‬عراضا بحيث تلتف كل واحدة منها على جميع بدنه‪ .‬فيكره أن يكفّن بغير‬ ‫الب يض ك ما يكره أن يك فن ب ما يش به القم يص‪ ،‬أو أن ي ستر رأْ سه ب ما يش به العما مة‪ .‬ل ما‬

‫رواه البخاري(‪)1214‬؛ وم سلم(‪ ،)941‬عن عائ شة ر ضي ال عن ها قالت‪ :‬كُفّ نَ ر سول ال‬ ‫في ثلثة أثوابٍ بيضٍ سحولية‪ ،‬ليس فيها قميص ول عمامة‪.‬‬

‫[ سحولية‪ :‬ثياب بيض نقية ل تكون إل من القطن‪ ،‬وقيل‪ :‬منسوبة إلى بلد في اليمن]‪.‬‬

‫ولميا رواه الترمذي(‪ )994‬وغيره‪ :‬أنيه‬

‫قال‪ " :‬البسيوا مين ثيابكيم البياض‪ ،‬فإنهيا خيير‬

‫ثيابكم‪ ،‬وكفنوا فيها موتاكم "‪.‬‬

‫وإن كا نت أن ثى‪ :‬ندب أن تك فن في خم سة أثواب ب يض هي‪ :‬إزار ي ستر من سرتها إلى‬

‫أدنيى جسيمها‪ ،‬وخمار يسيتر رأسيها‪ ،‬وقمييص يسيتر أعلى جسيمها إلى ميا دون الزار‪،‬‬ ‫ولفافتان تحتوي كل منهما على جميع جسدها‪.‬‬

‫لميا رواه أ بو داود (‪ )3157‬وغيره‪ :‬أن ال نبي‬

‫عنها في ذلك‪.‬‬

‫أ مر أن تكفين ابن ته أم كلثوم رضيي ال‬

‫وهذا في غير المحرم كما علمت‪ ،‬فإن كان الميت محرما وجب كشف رأْسه‪ ،‬لما مرّ من‬

‫حديث الذي وقصته ناقته وهو محرم‪ ،‬ووجه المرأة المحرمة في هذا كرأْس الرجل‪.‬‬

‫وي جب أن يكون قماش الك فن من ج نس ما يجوز للم يت لب سه لو كان حيا‪ ،‬فل يجوز أن‬

‫يك فن الذ كر بالحر ير البلدي‪ .‬وينب غي أن يج عل على منا فذ ج سمه وأعضاء سجوده ق طن‬ ‫عليه حنوط أو كافور‪ ،‬وتشد خرق على اللفائف‪ ،‬ثم تحلّ في القبر‪.‬‬

‫‪ -3‬الصلة على الميت‪:‬‬ ‫‪172‬‬

‫ودل على مشروعيتها‪ :‬ما رواه البخاري (‪)1188‬؛ ومسلم (‪ ،)951‬عن أبي هريرة ‪ :‬أن‬ ‫رسيول ال‬

‫وكبر أربعا‪.‬‬

‫نعيى النجاشيي فيي اليوم الذي مات فييه‪ ،‬فخرج إلى المصيلى‪ ،‬فصيف بهيم‪،‬‬

‫ول تصح إل بعد غسله‪ ،‬وكيفيتها كما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬يكيبر تكيبيرة الحرام ناويا الصيلة على المييت‪ ،‬وكيفيية النيية أن يخطير فيي باله‪ :‬أن‬ ‫يصلي أربع تكبيرات على هذا الميت فرض كفاية‪.‬‬

‫‪-2‬فإذا كبر‪ ،‬وضع يديه على صدره مثل الصلة العادية‪ ،‬وقرأ الفاتحة‪.‬‬ ‫‪-3‬وإذا أت مّ الفات حة كبر ت كبيرة ثان ية‪ ،‬رافعا يد يه إلى شح مة أذن يه‪ ،‬ثم و ضع يد يه مرة‬

‫أخرى على صدره‪ ،‬وقرأ أي صيغة من صيغ ال صلة على ال نبي ‪ ،‬وأفضل ها ال صلة‬

‫البراهيمية التي مرت معك في أحكام الصلة‪.‬‬

‫‪ -4‬ثم يكبر التكبيرة الثالثة‪ ،‬ويدعو للميت بعدها‪ ،‬وهو المقصود العظم من الصلة على‬ ‫الميت‪ .‬روى البخاري(‪ ،)1270‬عن طلحة بن عبدال بن عوف قال‪ :‬صليت خلف ابن‬ ‫عباس رضي ال عنهما على جنازةٍ‪ ،‬فقرأ بفاتحة الكتاب‪ ،‬فقال‪ :‬ليعلموا أنها سنة‪.‬‬ ‫وروى الن سائي (‪ ))4/57‬بإ سناد صحيح عن أ بي أما مة بن سهل‬

‫أ نه أ خبره ر جل من‬

‫اصحاب النبي ‪ :‬أن السنة في الصلة على الجنازة أن يكبر المام‪ ،‬ثم يقرأ بفاتحة الكتاب‬ ‫ب عد الت كبيرة الولى سرا في نف سه‪ ،‬ثم ي صلي على ال نبي‬

‫التكبيرات‪ ،‬ول يقرأ في شئ منهن‪ ،‬ثم يسلم سرا في نفسه‪.‬‬

‫ويخلص الدعاء للجنازة في‬

‫وأقل الدعاء أن يقول‪ :‬اللهم ارحمه أو اغفر له‪.‬‬

‫وأكمله أن يد عو له بالدعاء المأثور عين ال نبي ‪ :‬فيدعيو أولً بهذا الدعاء‪ " :‬الل هم اغ فر‬ ‫لحي نا وميت نا‪ ،‬وشاهد نا وغائب نا‪ ،‬و صغيرنا وكبير نا‪ ،‬وذكر نا وأنثا نا‪ ،‬الل هم من أحيي ته م نا‬

‫فأحيه على السلم ومن توفيته منا فتوفه على اليمان"( رواه الترمذي‪1024:‬؛ وأبو داود‪:‬‬

‫‪.)3201‬‬

‫ثيم يقول ‪ ":‬اللهيم هذا عبدك وابين عبدييك‪ ..‬وإن كانيت أنثيى قال‪ :‬اللهيم هذه أمتيك وابنية‬

‫أمتك‪ ،‬خرج من روح الدنيا وسعتها‪ ،‬ومحبوبه وأحبائه فيها‪ ،‬إلى ظلمة القبر وما هو لقيه‪،‬‬ ‫كان يشهيد أن ل إله إل ال أنيت وحدك وأن محمدا عبدك ورسيولك‪ ،‬وأنيت أعلم بيه منّاي‪.‬‬

‫اللهم إنه نزل بك وأنت خير منزول به‪ ،‬وأصبح فقيرا إلى رحمتك‪ ،‬وأنت غني عن عذابه‪،‬‬ ‫‪173‬‬

‫و قد جئناك را غبين إل يك‪ ،‬شفعاء له‪ .‬الل هم إن كان مح سنا فزد في إح سانه وإن كان م سيئا‬ ‫فتجاوز ع نه‪ ،‬ول قه برحم تك رضاك‪ ،‬و قه فت نة ال قبر وعذا به وأف سح له في قبره‪ ،‬وجاف‬

‫الرض عين جنيبيه‪ ،‬ولقيه برحمتيك المين مين عذابيك‪ ،‬حتيى تبعثيه إلى جنتيك ييا أرحيم‬ ‫الراحمين"‪.‬‬

‫فإن كان المييت طفلً قال بدلً مين هذا الدعاء الثانيي‪ ":‬اللهيم اجعله فرطا لبوييه وسيلفا‬

‫وذخرا وعظة واعتبارا وشفيعا‪ .‬وثقل به موازينهما وأفرغ الصبر على قلوبهما ول تفتنهما‬

‫بعده ول تحرمهما أجره"‪.‬‬

‫وهذه الدعيية التقطهيا الشافعيي رحميه ال تعالى مين مجموع الخبار‪ ،‬وربميا ذكرهيا‬

‫بالمعنى‪ ،‬واستحسنها أصحابه‪ ,‬وأصح حديث في الباب ما رواه مسلم(‪ )963‬عن عوف بن‬ ‫مالك‬

‫قال ‪ :‬صيلى رسيول ال‬

‫على جنازة‪ ،‬فسيمعته يقول‪ " :‬اللهيم اغفير له وارحميه‬

‫وعافيه واعيف عنيه‪ ،‬وأكرم نزله ووسيع مدخله‪ ،‬واغسيله بالماء والثلج والبرد‪ ،‬ونقيه مين‬ ‫الخطايا كما ينقي الثوب البيض من الدنس‪ ،‬وأبدل له دارا خيرا من داره‪ ،‬وأهلً خيرا من‬

‫أهله‪ ،‬وزوجا خيرا مين زوجيه‪ ،‬وأدخله الجنية وقيه فتنية القيبر وعذاب النار"‪ .‬قال عوف‪:‬‬ ‫فتمنين أن لو كنت أنا الميت‪ ،‬لدعاء الرسول‬ ‫[ عافه ‪ :‬خلصه مما يكره]‪.‬‬

‫على هذا الميت‪.‬‬

‫‪ -5‬ثم يكبر التكبيرة الرابعة ويقول بعدها‪ " :‬اللهم ل تحرمنا أجره ول تفتنا بعده واغفر لنا‬ ‫وله" ‪ ( .‬رواه أبو داود‪3201 :‬؛ عن النبي )‪.‬‬

‫‪-6‬ثم يسلم تسليمتين عن يمينه ويساره كل تسليمة كتسليمة الصلوات الخرى‪.‬‬ ‫روى البيه قي(‪ )4/43‬بإ سناد ج يد‪ ،‬عبدال بن م سعود‬

‫قال ‪ :‬كان ال نبي‬

‫يف عل الت سليم‬

‫على الجنازة مثل التسليم في الصلة‪.‬‬

‫وأنت تلحظ مما ذكرنا أن الصلة على الميت كلها من قيام‪ ،‬فل ركوع فيها ول سجود‬

‫ول جلوس‪.‬‬

‫‪ -4‬دفن الميت‪:‬‬ ‫أ قل ما ي جب في د فن الم يت أن يد فن في حفرة تم نع انتشار رائح ته وتم نع ت سلط ال سباع‬ ‫عليه‪ ،‬مستقبلً فيها القبلة‪.‬‬

‫وأكمل ذلك أن يتبع فيه ما يلي‪:‬‬ ‫‪174‬‬

‫‪-1‬أن يدفعن في قبر بعمق قدر قامة الرجل المعتدل وبسطة يديه إلى العلى‪،‬‬ ‫وأن يوسع قدر زراع وشبر‪.‬‬

‫روى أبيو داود (‪ )3215‬والترمذي(‪)1713‬وقال‪ :‬حسين صيحيح‪ ،‬عين هشام بين عامير ‪،‬‬ ‫عن رسول ال‬

‫قال في قتلى أحد‪ " :‬احفروا وأوسعوا وأحسنوا " ‪.‬‬

‫‪-2‬ي جب أن يض جع على يمي نه وأن يو جه إلى القبلة‪ ،‬بح يث لو لم يو جه إلى‬ ‫القبلة وردم عليه التراب‪ ،‬وجب نبش القبر وتوجيهه إلى القبلة‪ ،‬إن لم يقدر‬ ‫أنه قد تغير‪ .‬ويندب أن يلصق خده بالرض‪.‬‬

‫‪-3‬ي سن أن يكون ال قبر لحدا إن كانت الرض صلبة لخبر م سلم (‪ )966‬عن‬ ‫سعد بن أبي وقاص‬

‫أنه قال‪ :‬في مرض موته‪ :‬ألحدوا لي لحدا وانصبوا‬

‫علي اللبن نصبا‪ ،‬كما صنع برسول ال ‪.‬‬

‫واللحد تجويف يفتح في الجدار القبلي للقبر‪ ،‬بمقدار ما يسع الميت‪ ،‬فيوضع الميت فيه‪ ،‬ثم‬ ‫يسدّ فم هذا التجويف بحجارة رقاق كي ل ينهال عليه التراب‪.‬‬

‫فإن كانيت الرض رخوة ندب أن يكون القيبر شقًاَ‪ .‬والمقصيود بيه شقّ فيي أسيفل أرض‬

‫ال قبر بمقدار ما ي سع الم يت‪ ،‬ويب ني طرفاه بلب نٍ أو نحوه‪ ،‬فيو ضع الم يت ف يه‪ ،‬ثم ي سقف‬ ‫الشق من فوقه بحجارة رقاق‪ ،‬ثم يهال فوقه التراب‪.‬‬

‫‪-4‬يسنّ أن يسلّ الميت من قبل رأسه‪ ،‬بعد أ‪ ،‬يوضع عند أسفل القبر‪ ،‬ويمدد برفق‬ ‫في القبر‪.‬‬

‫‪-5‬روى أبو داود(‪ )3211‬بإسناد صحيح أن عبدال بن يزيد الخطم يّ الصحابيّ‬ ‫ادخل الحارث القبر من قبل رجلي القبر وقال‪ :‬هذا من السنة‪.‬‬

‫‪،‬‬

‫ويسن أن يدخل القبر لتسويته أقرب الناس إليه من الذكور‪ ،‬وأن يقول الذي يلحده‪ " :‬بسم‬

‫ال وعلى سينّة رسيول ال " للتباع‪ .‬روى أبيو داود(‪ )3213‬والترمذي(‪ )1046‬وحسيّنه‪:‬‬ ‫عن ا بن ع مر ر ضي عنه ما‪ :‬أن ال نبي‬

‫وعلى سنة رسول ال"‪.‬‬

‫كان إذا و ضع الم يت في ال قبر قال‪ ":‬ب سم ال‪،‬‬

‫‪175‬‬

‫تشييع الجنازة ( آدابها وبدعها )‬ ‫حكم تشييع الجنازة للرجال والنساء‪:‬‬ ‫اتباع الجنازة وتشييع ها إلى ال قبر م ستحب للرجال‪ ،‬ل ما رواه البراء بن عازب قال‪ :‬أمر نا‬ ‫رسيول ال‬

‫باتباع الجنازة‪ ،‬وعيادة المرييض‪ ،‬وتشمييت العاطيس‪ ،‬وإجابية الداعيييي‪،‬‬

‫ونصرة المظلوم‪ (.‬رواه البخاري‪ .)1182 :‬ويستحب أن ل ينصرف عائدا إل بعد أن يدفن‬ ‫الم يت‪ ،‬روى البخاري(‪ )1261‬وم سلم (‪ )945‬عن أ بي هريرة‬

‫قال‪ :‬قال ر سول ال ‪":‬‬

‫من ش هد الجنازة ح تى ي صلي علي ها فله قيراط‪ ،‬و من ش هد ح تى تد فن كان له قيراطان"‪.‬‬

‫قبل‪ :‬وما القيراطان؟‬

‫قال‪ " :‬مثل الجبلين العظيمين"‪ .‬أي من الجر‪.‬‬ ‫أما النساء فل يستحب لهن ذلك‪ ،‬بل هو خلف السنة‪ ،‬وخلف وصية رسول ال‬

‫‪.‬‬

‫لما رواه البخاري (‪ )1219‬ومسلم (‪ )938‬عن أم عطية رضي ال عنها قالت‪ :‬نهينا عن‬ ‫اتباع الجنائز ولم يعزم علينيا‪ .‬أي لم يشدد علينيا فيي النهيي ولم يحرم علينيا التباع‪ .‬ولميا‬

‫رواه ابين ماجيه عين علي رضيي ال عنيه قال‪ :‬خرج رسيول ال‬

‫‪ ،‬فإذا نسيوة جلوس‪،‬‬

‫فقال‪ " :‬ما يجلسكن"؟‬

‫قلن‪ :‬ننتظير الجنازة‪ .‬قال‪ " :‬هيل تغسيلن " ؟ قلن‪ :‬ل‪ .‬قال‪ " :‬هيل تحملن"؟ قلن‪ :‬ل‪ .‬قال‪:‬‬ ‫" هل تدلين فيمن يدلي ؟" – أي هل تنزلن الم يت في ال قبر؟ ‪ -‬فلن ‪ :‬ل ‪ .‬قال‪ " :‬فارجعن‬

‫مأزورات غير مأجورات" أي عليكن إثم‪ ،‬وليس لكن أجر‪ ،‬في اتباعك نّ الجنازة وحضور‬ ‫الدفن‪.‬‬

‫ومن آداب تشييع الجنازة المور التالية‪:‬‬

‫‪-1‬أن يشيعها ماشيا‪ ،‬فإن أحبَ أن يركب في العودة فل بأس‪.‬‬ ‫روى البخاري(‪ )3177‬عن ثوبان ‪ :‬أن ر سول ال‬

‫أ تى بدا بة‪ ،‬و هو مع الجنازة‪ ،‬فأ بى‬

‫أن يركبها‪ .‬فلما انصرف أتى بدابة فركب‪ ،‬فقيل له‪ ،‬فقال‪ ":‬إن الملئكة كانت تمشي ‪ ،‬فلما‬ ‫أكن لركب وهم يمشون‪ ،‬فلما ذهبوا ركبت"‪.‬‬ ‫وحمل هذا على الندب‪ ،‬لما ثبت عنه‬

‫روى مسلم (‪ )965‬عن جابر بن سمرة‬

‫أنه ركب في بعض أحيانه‪.‬‬ ‫قال‪ ":‬صلى رسول ال‬

‫على ابن الدحداح‪ ،‬ثم‬

‫أتى بفرس عري‪ ،‬فعقله رجل فركبه‪ ،‬فجعل يتوقص به ونحن نتبعه‪ ،‬نسعى خلفه‪.‬‬ ‫‪176‬‬

‫[ عري‪ :‬ل سرج له‪ .‬فعقله‪ :‬أمسكه له‪ .‬يتوقص‪ :‬يتوثب‪ .‬نسعى‪ :‬نمشي بسرعة]‪.‬‬ ‫‪-2‬يحرم حمل الجنازة على هيئة مزرية أو يخاف منها السقوط‪ ،‬ويسن ان تحمل في‬ ‫تابوت‪ ،‬ل سيما إذا كانت امرأة‪ ،‬رعاية لتكريم ال تعالى للنسان‪.‬‬

‫‪-3‬يكره اللغط اثناء تشييع الجنازة‪ ،‬بل يسنّ أن ل يرفع صوته بقراءة ول بذكر ول‬ ‫غيرهما‪ ،‬وليستعض عن ذلك بالتفكر في الموت والتأمل في عاقبة أمره‪ .‬لحديث‬ ‫أبي داود(‪ )3171‬عن أبي هريرة‬ ‫ول نار"‪.‬‬

‫‪ ،‬عن النبي‬

‫قال‪ " :‬ل تتبع الجنازة بصوت‬

‫‪-4‬الفضل أن يمشي المشيعون أمام الجنازة على مقربة منها‪ ،‬لنهم شفعاء لها عند‬

‫ال عز وجل‪ ،‬فناسب أن يكونوا في مقدمتها‪ .‬روى أبو داود(‪ )3179‬وغيره‪ ،‬عن‬

‫ابين عمير رضيي ال عنهميا قال‪ :‬رأييت النيبي‬

‫وأبيا بكير وعمير يمشون أمام‬

‫يبي ‪ :‬الراكيب يسيير خلف الجنازة‪،‬‬ ‫الجنازة‪ .‬وروى أيضا (‪ )3180‬عين الني‬

‫والماشي خلفها وأمامها‪ ،‬وعن يمينها وعن يسارها‪ ،‬قريبا منها‪.‬‬

‫‪-5‬ل مانع من أن يشيع المسلم جنازة قريبه الكافر‪ ،‬ول كراهة في ذلك‪.‬‬ ‫‪-6‬تسن تعزية أهل الميت خلل ثلث أيام من الموت‪ ،‬لما رواه ابن ماجه (‪)1601‬‬ ‫عن النبي‬

‫قال‪ ":‬ما من مسلم يعزي أخاه بمصيبة إل مساه ال من حلل الكرامة‬

‫يوم القيامة"‪.‬‬

‫[ يعزي أخاه‪ :‬يحثه على الصبر ويواسيه بمثل قوله‪ :‬أعظم ال أجرك]‪.‬‬

‫وتكره بعد ثلثة أيام إل لمسافر‪ ،‬لن الحزن ينتهي بها غالبا فل يستحسن تجديده‪.‬‬

‫كما يكره تكرارها‪ ،‬والولى أن تكون بعد الدفن لشتغال أهل الميت بتجهيزه‪ ،‬إل إن اشتد‬

‫حزنهم فتقديمها أولى‪ ،‬مواساة لهم‪.‬‬

‫وصيغتها المندوبة‪ " :‬أعظم ال أجرك‪ ،‬وأحسن عزاءك‪ ،‬وغفر لميتك‪ ،‬وعوضك ال عن‬

‫مصيبتك خيرا "‪.‬‬ ‫بدع الجنائز‪:‬‬

‫‪ -1‬كل ما يخالف آداب التشي يع ال تي ذكرنا ها ف هي بد عّ ينب غي التحرز من ها‪،‬‬ ‫كتشييع الجنازة راكبا‪ ،‬وكرفع الصوات معها‪.‬‬

‫‪177‬‬

‫‪-2‬حميل الكالييل ونحوهيا ميع الجنازة‪ ،‬فهيي بدعةٌ محرمةٌ‪ ،‬تسيللت إلى‬ ‫الم سلمين تقليدا لعادات الكافر ين في مرا سيم جنائز هم‪ ،‬وفي ها ما في ها من‬ ‫إضاعة المال دون فائدة‪ ،‬والمفاخرة والمباهاة‪.‬‬

‫‪-3‬القبور التي تحفر وتبني بطريقة مخالفة لما ذكرناه من ضابط عمق القبر‬ ‫واتساعه‪ ،‬وأفضلية اللحد ثم الشقّ ‪.‬‬

‫‪-4‬يكره تشي يد القبور‪ ،‬داخل ها أو ظاهر ها‪ ،‬ب كل ما د خل ف يه النار كال سمنت‬ ‫والجص ونحوهما‪.‬‬

‫روى مسيلم (‪ ،)970‬عين جابر‬

‫قال‪ :‬نهيى رسيول ال‬

‫أن يجصيص القيبر‪ .‬وهيو أن‬

‫يوضيع علييه الجيص‪ ،‬وهيو ميا يسيمى بالجبصيين‪ ،‬فإن بنيي الرخام ونحوه كان حراما‪،‬‬ ‫لمخالف ته الشديدة لن هي ر سول ال ‪ ،‬ول ما في ذلك من إضا عة المال المن هي ع نه شرعا‪،‬‬ ‫وما فيه من المباهاة والمفاخرة المقيتة في دين ال عز وجل ‪.‬‬

‫‪ -5‬يكره كراهية تحريم تسنيم القبور والبناء عليها‪ ،‬على النحو الذي يفعله كثير من الناس‬

‫اليوم‪ ،‬والسنّة أن ل يرفع القبر عن الرض أكثر من شبر واحد‪ ،‬للنهي عن كل ذلك‪.‬‬ ‫روى م سلم (‪ )969‬وغيره‪ ،‬أن على بن أ بي طالي‬

‫قال ل بي الهياج ال سدي‪ :‬أل أبع ثك‬

‫على ميا بعثنيي علييه رسيول ال ‪ " :‬أن ل تدع تمثالً إل طمسيته‪ ،‬ول قيبرا مشرفا إل‬ ‫سويته‪.‬‬

‫[ تمثالً‪ :‬صورة‪ ،‬والمراد ه نا ما كان لذي روح‪ .‬طم سته‪ :‬محو ته أو در سته‪ .‬مشرفا‪:‬‬

‫مرتفعا‪ .‬سويته‪ :‬مع الرض بارتفاع قليل]‪.‬‬

‫‪ -6‬الندب على الميت بتعديل شمائله‪ -‬كأن يقول‪ :‬واكهفاه واعظيماه – والنياحة‪ ،‬وهي كل‬ ‫فعيل أو قول يتضمين إظهار الجزع‪ ،‬كضرب الصيدر وشيق الجييب ونحيو ذلك‪ .‬فذلك كله‬ ‫حرام‪ ،‬نهيى رسيول ال‬

‫عنيه بأحادييث صيحيحة وعبارات حاسيمة‪ ،‬لميا فييه مين منافاة‬

‫للنقياد والستسلم لقضاء ال تعالى وقدره‪.‬‬

‫روى م سلم (‪ )935‬عن أ بي مالك الشعري‬

‫أن ال نبي‬

‫قال‪ ":‬النائ حة إذا لم ت تب ق بل‬

‫موتهيا تقام يوم القيامية‪ ،‬وعليهيا سيربال مين قطران‪ ،‬ودرع مين جرب "‪ .‬أي يسيلط على‬

‫أعضائهيا الجرب والحكية بحييث يغطيي بدنهيا تغطيية الدرع وهيو القمييص‪ .‬وفيي معناه‬ ‫السربال‪ .‬والقطران نوع من صمغ الشجار‪ ،‬تطلي به البل إذا جربت‪.‬‬ ‫‪178‬‬

‫وروى البخاري(‪ )1232‬عن عبدال بن م سعود‬

‫قال‪ :‬قال ال نبي ‪ " :‬ل يس م نا من ل طم‬

‫الخدود‪ ،‬وشق الجيوب ودعا بدعوى ا لجاهلية "‪.‬‬

‫[ لطم‪ :‬ضرب‪ .‬الجيوب‪ :‬جمع جيب‪ ،‬وهو فتحة الثوب من جهة العنق‪ ،‬أي شق ثيابه من‬

‫ناح ية الج يب‪ .‬بدعوى الجاهل ية‪ :‬قال ما كان يقوله أ هل الجاهل ية‪ ،‬م ثل‪ :‬واعضداه‪ ،‬يا سند‬

‫البيت‪ ،‬ونحوها]‪.‬‬

‫ول بأس في البكاء الطبيعي الناشئ عن العاطفة ورقة القلب‪.‬‬

‫روى البخاري(‪ )1241‬وم سلم (‪ :)2315،2316‬أ نه‬

‫بكى على ولده إبراهيم قبل موته‪،‬‬

‫لما رآه يجود بنفسه‪ ،‬وقال‪ " :‬إن العين تدمع والقلب يحزن‪ ،‬ول نقول إل ما يرضي ربنا‪،‬‬ ‫وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون"‪.‬‬

‫وروى مسيلم (‪ )976‬عين أبيي هريرة‬

‫حوله‪.‬‬

‫قال‪ :‬زار النيبي‬

‫قيبر أميه‪ ،‬فبكيى وأبكيى مين‬

‫‪ -7‬انشغال أهل الميت بصنع الطعام وجمع الناس عليه‪ ،‬كما هو المعتاد في هذا العصر‪،‬‬

‫بدعة تناقض السنة وتخالفها مخالفة شديدة‪.‬‬

‫وإن ما ال سنة ع كس ذلك‪ ،‬أي أن يقوم ب عض المشيع ين بتحض ير الطعام وإر ساله إلى أ هل‬

‫الميت‪ ،‬أو جمعهم عليه في بيت الداعي‪ ،‬ويستحب أن يكون كثيرا بحيث يكفي أهل الميت‬ ‫يومهم وليلتهم‪ .‬وذلك لقوله‬

‫لما جاء خبر قتل جعفر بن أبي طالب‪ " :‬اصنعوا لل جعفر‬

‫طعاما فإ نه قد جاء هم ما يشغل هم "‪ ( .‬رواه الترمذي‪998:‬؛وأ بو داود‪ 3132 :‬وغيره ما)‪.‬‬

‫ويحرم تهيئة الطعام للنائحات وأمثالهين‪ ،‬سيواء كان ذلك مين أهيل المييت أم غيرهيم‪ ،‬ذلك‬ ‫لنه إعانة على معصية‪ ،‬وتحميس على الستمرار فيها‪.‬‬

‫و من البدع ما يفعله أ هل الم يت من ج مع الناس على الطعام بمنا سبة ما ي سمونه بمرور‬

‫الربعين ونحوه‪ .‬وإذا كانت نفقة هذه الطعمة من مال الورثة وفيهم قاصرون – أي غير‬ ‫بالغ ين – كان هذا الف عل من أ شد المحرمات؛ ل نه أ كل لمال اليت يم وإضا عة له في غ ير‬

‫مصلحته‪.‬‬

‫ويشترك في ارتكاب الحرمة كل من الداعي والكل‪.‬‬

‫‪179‬‬

‫‪ -8‬قراءة القرآن في محافل رسمية للتعزية‪ ،‬على النحو الذي يتم اليوم‪ ،‬فهي أيضا بدعة‪.‬‬ ‫وإنما تسن تعزية أهل الميت خلل ثلثة أيام من موته اتفاقا‪ ،‬أي دون أن يعد أقارب الميت‬ ‫العدة لها‪.‬‬

‫حكم السقط والشهيد‪:‬‬ ‫والسقط‪ :‬هو الولد النازل قبل تمامه‪.‬‬

‫والشهيد‪ :‬هو الذي يقتل في معركة تدار دفاعا عن السلم‪ ،‬ولرفع لوائه‪.‬‬ ‫* فأما السقط فله حالتان‪:‬‬ ‫الحالة الولى‪ :‬أن ل ي صيح ع ند الولدة‪ ،‬فإن لم ي كن قد بلغ حمله أرب عة أش هر ب عد‪ ،‬لم‬ ‫يجب غسله ول تكفيه ول الصلة عليه‪ ،‬ولكن يستحب تكفينه بخرقة والدفن دون الصلة‪.‬‬

‫الحالة الثانيـة‪ :‬أن ي صيح ع ند الولدة‪ ،‬أو يتي قن حيا ته باختلج ونحوه‪ ،‬في جب في ح قه‬

‫الصلة مع جميع ما ذكر‪ ،‬ل فرق بينه وبين الكبير‪.‬‬ ‫روى الترمذي(‪ )1032‬وغيره‪ ،‬عن جابر عن ال نبي ‪ " :‬إذا ا ستهل ال سقط صلى عل يه‬

‫وورث "‪.‬‬

‫[ استهل‪ :‬من الستهلل وهو الصياح أو العطاس أو حركة يعلم بها حياته]‪.‬‬

‫* وأما الشهيد‪:‬‬

‫فل يغسل‪ ،‬ول يصلى عليه‪ ،‬ويسن تكفينه في ثيابه التي قتل بها‪.‬‬ ‫لما روه البخاري(‪،)1278‬عن جابر ‪ :‬أن النبي‬

‫ولم يغسلوا ولم يصل عليهم‪.‬‬

‫أمر في قتلى أحد بدفنهم في دمائهم‪،‬‬

‫فإن جرح في المعر كة‪ ،‬وبق يت ف يه حياة م ستقرة ب عد انتهاء القتال‪ ،‬ثم ما لم يع تبر شهيدا‬

‫مين حييث المعاملة الدنيويية‪ ،‬وغسيل وصيلى علييه كالعادة‪ ،‬ولو كان موتيه بالسيراية مين‬ ‫الجرح‪.‬‬

‫والحكمة من أن التشهد ل يغسل ول يصلى عليه‪ :‬إبقاء أثر الشهادة عليهم‪ ،‬والتعظيم لهم‬

‫با ستغنائهم عن دعاء الناس ل هم‪ .‬قال ر سول ال ‪ " :‬والذي ن فس مح مد بيده‪ ،‬ما من كلم‬

‫يكلم فيي سيبيل ال إل جاء كهيئتيه حيين كلم‪ :‬اللون لون الدم والرييح رييح مسيك" (رواه‬ ‫البخاري‪235 :‬؛ ومسلم‪ )1876::‬واللفظ له‪.‬‬ ‫‪180‬‬

‫[ كلم‪ :‬جرح‪ .‬كهيئته‪ :‬كحالته]‪.‬‬ ‫زيارة القبور‪:‬‬ ‫زيارة القبور التيي دفين فيهيا مسيلمون‪ ،‬مندوبية للرجال بالجماع‪ ،‬لقوله‬

‫فيي الحدييث‬

‫الصحيح‪ " :‬كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها"‪ ( .‬رواه مسلم‪ ،)977:‬وعند الترمذي‬ ‫(‪ " :)1054‬فإن ها تذ كر الخرة"‪ .‬و قد مر م عك حد يث زيار ته‬ ‫وقت محدد‪.‬‬

‫قبر أ مه‪ .‬ول يندب ل ها‬

‫أ ما الن ساء فيكره له نّ زيارت ها‪ ،‬لن ها مظنّةٌ لل تبرج والنواح ور فع ال صوات‪ ،‬روى أ بو‬

‫داود(‪ )3236‬وغيره‪ ،‬عين ابين عباس رضيي ال عنهميا قال‪ ( :‬لعين ال زائرات القبور)‪.‬‬ ‫ولكين يسين لهيم زيارة قيبر رسيول ال ‪ ،‬وينبغيي أن يلحيق بذلك قبور بقيية النيبياء‬

‫والصيالحين‪ ،‬شريطية أن ل يكون تيبرج واختلط وازدحام والتصياق بالرجال‪ ،‬ورفيع‬ ‫أصوات‪ ،‬مما هو مظنة الفتنة‪ ،‬وما أكثره في زيارتهن!! ‪.‬‬ ‫من آداب زيارة القبور‪:‬‬

‫إذا دخيل الزائر المقيبرة‪ ،‬ندب له أن يسيلم على الموتيى قائلً‪ " :‬السيلم عليكيم دار قوم‬ ‫مؤمن ين‪ ،‬وإ نا إن شاء ال ب كم لحقون"‪ (.‬رواه م سلم‪ .)249:‬وليقرأ عند هم ما تي سر من‬

‫القرآن‪ ،‬فإن الرح مة تنزل ح يث يُقرأ القرآن‪ ،‬ثم ليدع ل هم ع قب القراءة‪ ،‬وليهدِ م ثل ثواب‬

‫تلوته لرواحهم‪ ،‬فإن الدعاء مرجو الِجابة‪ ،‬وإذا استجيب الدعاء استفاد الميت من ثواب‬

‫القراءة‪ .‬وال اعلم‪.‬‬

‫تم بحمد ال‬

‫**********‬

‫‪181‬‬

‫الفهرس‬ ‫الموضوع‬

‫الصفحة‬

‫الموضوع‬

‫الصفحة‬

‫القدمة‬

‫‪2‬‬

‫الوانيي‬

‫‪24‬‬

‫مدخيل‬

‫‪4‬‬

‫حكم استعمال أواني الذهب‬ ‫والفضة‬

‫‪24‬‬

‫معنى الفقه‬

‫‪4‬‬

‫أنواع الطهارة‬

‫‪26‬‬

‫ارتباط الفقه بالعقيدة السلمية‬

‫‪5‬‬

‫الطهارة من النجس‬

‫‪26‬‬

‫‪7‬‬

‫ما سيتثنى من نجاسة الميتة‬

‫‪26‬‬

‫‪8‬‬

‫النجاسة العينية والنجاسة الحكمية‬

‫‪27‬‬

‫شمول الفقه السلمي لكل ما يحتاج‬ ‫إليه الناس‬ ‫مراعاة الفقه السلمي اليسر ورفع‬ ‫الحرج‬

‫مصادر الفقه السلمي‬

‫‪9‬‬

‫النجاسة المغلظة والمخففة‬ ‫والمتوسطة‬

‫‪27‬‬

‫القرآن الكريم‬

‫‪9‬‬

‫كيفية التطير من النجاسات‬

‫‪28‬‬

‫السنة الشريفة‬

‫‪10‬‬

‫تطهير جلود الميتة‬

‫‪29‬‬

‫الجماع‬

‫‪11‬‬

‫بعض ما يعفى عنه من النجاسات‬

‫‪29‬‬

‫القياس‬

‫‪12‬‬

‫السْتنجاء وآدابُه‬

‫‪31‬‬

‫ضرورة التزام الفقه السلمي‪،‬‬ ‫والتمسك بأحكامه‬

‫التعريف ببعض المصطلحات‬ ‫الفقهية‬ ‫أحكَام الطهَارَة‬ ‫معنى الطهارة‬ ‫حكمة تشريع الطهارة‬ ‫أقسيام المييياه‬

‫ما يستنجي به‬

‫‪13‬‬

‫‪31‬‬

‫‪14‬‬

‫ما ل يستنجي به‬

‫‪32‬‬

‫‪18‬‬ ‫‪18‬‬

‫آداب الستنجاء وقضاء الحاجة‬

‫‪33‬‬ ‫‪35‬‬

‫‪19‬‬

‫أقسام الحدث‬

‫‪35‬‬

‫‪21‬‬

‫الوضوء‬

‫‪36‬‬

‫الطهارة من الحدث‬

‫‪182‬‬

‫معناه‬

‫‪36‬‬

‫الستحاضة‬

‫‪54‬‬

‫فروض الوضوء‬

‫‪36‬‬

‫ما يحرم بالحيض‬

‫‪54‬‬

‫سنن الوضوء‬

‫‪38‬‬

‫اليولدة‬

‫‪57‬‬

‫مكروهات الوضوء‬

‫‪41‬‬

‫النّفياس‬

‫‪57‬‬

‫نواقص الوضوء‬

‫‪41‬‬

‫رؤية الدم حال الحمل‬

‫‪57‬‬

‫المور التي يشترط لها الوضوء‬

‫‪42‬‬

‫مدة الحمل‬

‫‪58‬‬

‫علَى الخٌفّين‬ ‫المسَحُ َ‬

‫‪44‬‬

‫الميوت‬

‫‪58‬‬

‫حكم المسح عليهما‬

‫‪44‬‬

‫الغسل المندوب‬

‫‪59‬‬

‫شروط المسح عليهما‬

‫‪44‬‬

‫غسل الجمعة‬

‫‪59‬‬

‫مدة المسح عليهما‬

‫‪44‬‬

‫غسل العيدين‬

‫‪59‬‬

‫كيفية المسح عليهما‬

‫‪45‬‬

‫غسل الكسوفين‬

‫‪60‬‬

‫مبطلت المسح‬

‫‪45‬‬

‫غسل الستسقاء‬

‫‪60‬‬

‫الجبائر والعصائب‬

‫‪46‬‬

‫الغسل من غسل الميت‬

‫‪60‬‬

‫دليل مشروعية المسح على الجبائر‬

‫‪46‬‬

‫الغسال المتعلقة بالحج‬

‫‪60‬‬

‫مدة المسح على الجيرة والعصبة‬

‫‪47‬‬

‫مكروهات الغسل‬

‫‪63‬‬

‫الغُسل وَأحْكامُه وَأنوَاعُه‬

‫‪48‬‬

‫التي َيمّم‬

‫‪64‬‬

‫مشروعيته‬

‫‪48‬‬

‫أسباب التيمم‬

‫‪64‬‬

‫حكمة مشروعيته‬

‫‪48‬‬

‫شرائط التيمم‬

‫‪65‬‬

‫أقسام الغسل‬

‫‪49‬‬

‫أركانه‬

‫‪65‬‬

‫الجنيييابة‬

‫‪49‬‬

‫سنن التيمم‬

‫‪66‬‬

‫أسبابها‬

‫‪50‬‬

‫التيمم بعد دخول الوقت‬

‫‪66‬‬

‫ما يحرم بالجنابة المور‬

‫‪50‬‬

‫التيمم لكل فريضة‬

‫‪67‬‬

‫الحييييض‬

‫‪53‬‬

‫مبطلته‬

‫‪67‬‬

‫سن البلوغ‬

‫‪53‬‬

‫الصّيييلَة‬

‫‪69‬‬

‫مدة الحيض‬

‫‪53‬‬

‫الصلوات المكتوبة‬

‫‪70‬‬

‫دليل مشروعيتها‬

‫‪71‬‬

‫الهيئات‬

‫‪104‬‬

‫‪183‬‬

‫حكم تارك الصلة‬

‫‪72‬‬

‫السنن التي تؤدي عقب كل صلة‬

‫‪111‬‬

‫أوقات الصلوات المفروضة‬

‫‪73‬‬

‫مَكروهَات الصّييلَة‬

‫‪113‬‬

‫الوقات التي تكره فيها الصلة‬

‫‪76‬‬

‫مُبطلَت الصّييلَة‬

‫‪118‬‬

‫إعادة الصلة المكتوبة وقضاءها‬

‫‪77‬‬

‫سُجوُد السّيهُو‬

‫‪121‬‬

‫من تجب عليه الصلة‬

‫‪78‬‬

‫أسباب سجود السهو‬

‫‪121‬‬

‫الذَانُ وَالِقيامَة‬

‫‪80‬‬

‫كيفية السجود ومحله‬

‫‪122‬‬

‫حكم الذان‬

‫‪80‬‬

‫سَجيدَاتُ التّيلَوَة‬

‫‪123‬‬

‫شروط صحة الذان‬

‫‪81‬‬

‫عدد سجدات التلوة‬

‫‪123‬‬

‫القامة‬

‫‪84‬‬

‫صَلَة الجَمَاعَة‬

‫‪124‬‬

‫سنن القامة‬

‫‪84‬‬

‫حكمة مشروعيتها‬

‫‪124‬‬

‫النداء للصلوات غير المفروضة‬

‫‪84‬‬

‫شروط من يقتدى به‬

‫‪125‬‬

‫شرُوط صِحّ ِة الصّيييلَة‬

‫‪86‬‬ ‫‪87‬‬

‫كيفية القتداء‬

‫‪126‬‬

‫صيلة الميسافر‬

‫‪129‬‬

‫ستر العورة‬

‫‪87‬‬

‫القصر والجمع‬

‫‪129‬‬

‫حالت جواز كشف العورة‬

‫‪89‬‬

‫كيفية تكون صلة المسافر‬

‫‪129‬‬

‫استقبال القبلة‬

‫‪90‬‬

‫القصر‬

‫‪129‬‬

‫كيفية الستدلل على القبلة‬

‫‪90‬‬

‫الجمع‬

‫‪131‬‬

‫كيفية الصلة‬

‫‪90‬‬

‫صَيلَة الخَيوف‬

‫‪134‬‬

‫عدد ركعاتها‬

‫‪90‬‬

‫حالتها‬

‫‪134‬‬

‫أركَان الصّيييلَة‬

‫‪92‬‬

‫حكمة مشروعية صلة الخوف‬

‫‪137‬‬

‫سـنَن الصّييلَة‬

‫‪102‬‬

‫صَلَة الج ُمعَة‬

‫‪138‬‬

‫السنن التي تؤدي قبل الصلة‬

‫‪102‬‬

‫شروط وجوبها‬

‫‪139‬‬

‫السنن التي تؤدى أثناء الصلة‬

‫‪103‬‬

‫شرائط صحتها‬

‫‪140‬‬

‫البعاض‬

‫‪103‬‬

‫فرائض الجمعة‬

‫‪142‬‬

‫آداب الجمعة وهيئاتها‬

‫‪145‬‬

‫صَلََة التـراويُح‬

‫‪164‬‬

‫كيفية معرفة دخول الوقت‬

‫‪184‬‬

‫صلة النّفْيل‬

‫‪147‬‬

‫الصل في مشروعيتها‬

‫‪164‬‬

‫الذي ل يسن فيه الجماعة‬

‫‪147‬‬

‫صَلَة الكسُوف وَالخسُوف‬

‫‪166‬‬

‫النوافل المسماة ذات الوقات المعينة‬

‫‪149‬‬ ‫‪152‬‬

‫كيفيتها‬

‫‪166‬‬

‫الذي يسن فيه الجماعة‬

‫‪152‬‬

‫النوافل المطلقة عن التسمية والوقت‬

‫ستِسقَاء‬ ‫صَلَة ال ْ‬ ‫بعض الدعية الواردة في‬ ‫الستسقاء‬

‫‪169‬‬ ‫‪170‬‬

‫صَلَة العييي َديْن‬

‫‪153‬‬

‫جنَازَة‬ ‫حكَام ال َ‬ ‫أْ‬

‫‪172‬‬

‫زمن مشروعيتها والدليل عليها‬

‫‪153‬‬

‫غسل الميت‬

‫حكم صلة العيد‬

‫‪153‬‬

‫التكفين‬

‫‪173‬‬ ‫‪175‬‬

‫وقت صلة العيد‬

‫‪154‬‬

‫الصلة على الميت‬

‫‪176‬‬

‫كيفيتها‬

‫‪154‬‬

‫دفن الميت‬

‫‪177‬‬

‫الخطبة في العيد‬

‫‪155‬‬

‫تشييع الجنازة‬

‫‪179‬‬

‫أين تقام صلة العيد‬

‫‪156‬‬

‫آداب تشييع الجنازة‬

‫‪179‬‬

‫التكبير في العيد‬

‫‪156‬‬

‫بدع الجنائز‬

‫‪180‬‬

‫من آداب العيد‬

‫‪157‬‬

‫حكم السقط والشهيد‬

‫‪183‬‬

‫زَكاةُ الفّيطْر‬

‫‪158‬‬

‫زيارة القبور‬

‫‪183‬‬

‫شروط وجوبها‬

‫‪158‬‬

‫آداب زيارة القبور‬

‫‪184‬‬

‫زكاة الفطر جنسا وقدرا‬

‫‪159‬‬

‫وقت إخراج زكاة الفطر‬

‫‪159‬‬

‫الضيحية‬

‫‪160‬‬

‫حكم الضحية‬

‫‪160‬‬

‫شروطها‬

‫‪161‬‬

‫وقت الَضحية‬

‫‪162‬‬

‫ماذا يصنع بالضحية بعد ذبحها‬

‫‪162‬‬

‫سنن وآداب تتعلق بالضحية‬

‫‪163‬‬

‫‪185‬‬

Related Documents

Al Fiqh Al Akbar
December 2019 11
Fiqh Al-sirah 1
October 2019 21