من سلسلة أعمال القلوب للشيخ محمد بن صالح المنجّد
بس م ال ال رحم ن ال رح يم { وا صب ر ن فسك م ع ال ذين ي دع ون رب هم بالغد اة و العشي ي ري دون وجهه : والصبر حبس النفس عن الجزع واللسان عن التشكي والجوارح عن لطم الخدود وشق الثياب ونحوهما ،ويقال صبر يصبر صبراً ،وصبَر نفسه.
الصبر في الصطلح الشرعي: حبس النفس على فعل شيء أراده الله أو عن فعل شيء نهى الله عنه فهو صبر على شيء أمر به ال وصبر عن شيء نهى ال عنه ،جعل ال فيه الجر العظيم لمن أراد به وجهه ،وكافأ أهل الجنة لنهم صبروا ابتغاء وجه ربهم ،والصبر فيه معنى المنع والشدة والضنّ ،و تصبّر رجل يعني تكلّف الصبر وجاهد نفسه عليه وحمل نفسه على هذا الخلق ،وصبّرها إذا حملها على الصبر وهو ثبات على الدين إذا جاء باعث الشهوات ،وهو ثبات على الكتاب والسنة ،لن من أخذ بهما فقد صبر على المصائب وصبر على العبادات وصبر على اجتناب المحرمات
. . . { يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا واتقوا ال لعلكم تفلحون}، {فاصبر كما صبر أولو العزم من الرُسل ول تستعجل لهم } {إنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب}
جعل ال للصابرين أموراً ثلثة لم يجعلها لغيرهم:
وهي الصلة منه والرحمة والهداية {وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا ل وإنا إليه راجعون* أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}. وجعل الصبر سبحانه وتعالى عوناً وعدة وأمر بالستعانة به ،فقال {:واستعينوا بالصبر والصلة } ،فمن ل صبر له؛ ل عون له ،وعلّق النصر على الصبر والتقوى فقال تعالى: {بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلف من الملئكة مسومين} ،وقال صلى ال عليه وسلم (( :واعلم أن النصر مع الصبر))،
الصبر منه ما هو صبر واجب ،يأثم النسان إذا لم يصبر ومنه ما هو صبر مستحب فهو واجب في الواجبات و واجب عن المحرمات و مستحب عن المكروهات و إذا صبر عن المستحب ولم يفعله فصبره مكروه ،ومما يدل علىأن الصبر قد يكون لزماً قول ال تعالى{ :ولئن صبرتم لهو خير للصابرين}،فهذا يدل على أن الصبر قد ل يكون لزماً كقوله { :وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين} ،فما حكم الصبر هنا ؟ ،أنت مخيّر بين أن تعاقب من عاقبك؟ ،ما الحكم الشرعي؟،يجوز لك القصاص فتنتقم منه بمثل ما ظلمك ،ما حكم الصبر وعدم النتقام؟ ،مستحب ،فإذا ً لو قلت ما حكم الصبر على صلة الفجر؟ ،واجب ،ما حكم الصبر عند المصيبة بمنع النفس عن النياحة؟ واجب ،ما حكم الصبر عن النتقام ممن أساء إليك بمثل ما أساء؟ مستحب.. فالصبر إذاً منه ما يكون واجباً ومنه ما يكون مستحباً
الصبر نوعان : .1بدني . .2نفسي. وكل منهما قسمان :اختياري واضطراري ،فصارت القسمة أربعة.. بدني اختياري :تعاطي العمال الشاقة. بدني اضطراري :الصبر على ألم الضرب ،لنه يضرب وماله حيلة إل الصبر. نفسي اختياري :صبر النفس عن فعل مال يحسن شرعاً ،مكروه مثلً. نفسي اضطراري :صبر النفس عن فقد المحبوب الذي حيل بينها وبينه بحيث لو لم تصبر هذا الصبر لوقعت في الجزع المحرم أو النياحة أو لطم الخدود أو شق الجيوب أو قص وحلق الشعور ونحو ذلك.
.1أهل الصبر والتقوى ،وهم الذين أنعم ال عليهم من أهل السعادة في الدنيا والخرة ،صبروا على طاعته وصبروا على ترك محارمه. .2ناس عندهم تقوى بل صبر ،فقد يكون هناك رجل عابد زاهد قوام صوام متصدق منفق ذاكر قانت لكن إذا نزلت به المصيبة ينهار ،فعنده تقوى لكن إذا نزلت به مصيبة انهار. .3ناس لديهم صبر بل تقوى .مثل الفجار لكنهم جلدين يصبرون على ما يصيبهم ككثير من اللصوص وقطاع الطرق يصبرون على اللم والمشاق لنيل الحرام، .4وهو شر القسام ،ل يتقون إذا قدروا ول يصبرون إذا ابتلوا {إن النسان خلق هلوعاً إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا}.
والصبر مراتب فالصبر على طاعة ال أعلى منزلة من الصبر عن المعاصي والصبر عن المعاصي أعلى منزلة من الصبر على القدار. فالصبر على الواجبات أعلى أنواع الصبر لن جنس فعل الواجبات أعلى درجة عند ال من جنس ترك المحرمات ،وأجر ترك المحرمات أكبر من أجر الصبر على المصائب ،لن الصبر على الواجب والصبر على ترك الحرام عملية اختيارية ،لكن لما نزلت به المصيبة ،شيء بدون اختياره ،ليس له إل كف النفس والصبر .فقال شيخ السلم ابن تيمية رحمه ال عن يوسف عليه السلم " :كان صبر يوسف عن مطاوعة امرأة العزيز على شأنها الذي دعته إليه من الحرام أكمل من صبره على إلقاء أخوته له في الجبّ"
• الصبر على بلء الدنيا • الصبر على مشتهيات النفس • الصبر عن التطلع إلى ما بيد الخرين ،وعن الغترار بما ينعمون به من مال وبنين • الصبر على طاعة ال ،وهذا أعظم أنواع الصبر وأشده على النفوس{ فاعبده واصطبر لعبادته}، • الصبر على مشاق الدعوة إلى ال سبحانه وتعالى • إن هناك صبراً حين البأس وفي الحرب وعند لقاء العدو والتحام الصفين فيكون الصبر شرط للنصر والفرار كبيرة
• المعرفة بطبيعة الحياة الدنيا وما جُبِلت عليه من المشقة والعناء • اليمان بأن الدنيا كلها ملك ل تعالى ،يعطي من يشاء ويمنع من يشاء، • معرفة الجزاء والثواب على هذا الصبر • الثقة بحصول الفرج ،وال جعل مع كل عسر يسرين رحمة منه عز وجل {فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً}، • الستعانة بال تعالى واللجوء إلى حماه وطلبة معونته سبحانه،قالها موسى لقومه{ :إن الرض ل يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين} • اليمان بالقضاء والقدر من أعظم ما يعين على الصبر
قضية الستعجال {خلق النسان من عجل} ،النسان يجب أن يصبر ويتأنى والثمرة تأتي ولو بعد حين،.. الغضب ينافي الصبر ،ولذلك لما خرج يونس مغاضباً قومه ابتله ال بالحوت ،فتعلم الصبر في بطنالحوت{ فاصبر لحكم ربك ول تكن كصاحب الحوت}،.. اليأس أعظم عوائق الصبر ،ولذلك حذر يعقوب أولده منه {يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ول تيأسوا منروح ال}.