جيل لايعرف الزنبيل

‫جيـل ل يعـرف الزنبيـل‬ ‫يرحم ال تلك اليام الخوالي بكل ما فيها من خير وأمان وبساطة في العيش وصفـاء في النفوس‬ ‫و نظافـة للبيئة‪,.‬كان التعليـم فيهـا على مسـتوا عالي نحسـد أنفسـنا عليـه اليوم‪.‬و كان للمعلم هيبـة‬ ‫كبيرة واحترام في نفوس التلميذ وأولياء أمورهم ف هو الذي (كاد أن يكون ر سول)‪.‬كنا في حين ها‬ ‫في الصف الول البتدائي شعبة ( أ ) عندما بدأ المعلم يقرأ الدرس الجديد من القراءة الخـلدونية‬ ‫( في زنب يل نب يل فول ) وك نا نردد وراءه ب سعادة و باعلى نبرة صوت نمتلك ها ( في زنب يل نب يل‬ ‫فول ) محاوليــن ايصــال صــوتنا الى غرفــة المديــر و الصــفوف المجاورة لظهار مدى‬ ‫شطارت نا‪.‬وطب عا ك نا في ذلك الو قت يعرف جميع نا‪ ،‬من يجلس في صف العربات و ال سيارات و‬ ‫الطيارات(أي مجموعة الكسالى والوسط والشطار)‪،‬معنى الزنبيل فقد كان أحد الحاجيات المهمة في‬ ‫البيت وطالما ساعدنا آبائنا و أمهاتنا و نساء المحلة في حمله‪.‬والزنبيل هو وسيلة حمل المشتريات‬ ‫من لحوم و فواك هة وخضراوات و خل فه من ال سوق الى الب يت‪ ،‬ن سجته يد الما هر العرا قي من‬ ‫ورق النخ يل المتو فر في بيئ ته في ع مل مزج ف يه التقان مع الجمال‪ .‬فال صانع يدرك جيدا اهم ية‬ ‫منتوجه‪.‬فان كان رديئا فانه سوف يربك حامله و يتعبه الى أن يصل الى البيت و قد يفضحه بين‬ ‫جمهور ال سوق وأع ين المتطفل ين أذا ما تمز قت ن سجته‪ ،‬و هي حالة نادرا ما تح صل وأظن ها لم‬ ‫تحصل لحد الن‪.‬كما يدرك الصانع أيضا أن الزنبيل سوف تحمله اليادي الناعمة و الخشنة فضل‬ ‫عـن الرؤوس ذات الوجوه الجميلة و غيرهـا‪ ،‬والى كـل واحـد مـن هؤلء يجـب أن يضيـف لمسـة‬ ‫جمالية هو بحاجة لها؟‪.‬‬ ‫أن تار يخ صناعة الزنب يل لعلم لي به‪.‬و ما أعتقده أ نه مو غل في القدم‪،‬قدم شجرة النخ يل وقدم‬ ‫البداع العراقـي الذي رسـم الحروف الولى وبنـى الحضارات‪.‬وان تصـميمه بهذا الشكـل والحجـم‬ ‫فضل عن اسم مصممه أيضا أجهله ول أعرفه‪.‬وما أدركه فقط‪،‬و بشكل مؤكد‪ ،‬ان الحاجة هي التي‬ ‫كانت وراء هذا الختراع الملئم لمتطلبات العائلة العراقية بخامات أوليـة متوفرة جـدا في البيئة‬ ‫( أخـو البلش )‪.‬و لن دوام الحال مـن المحال وأن كـل حال يزول فان الزنبيـل أيضـا بدأ يخفـت‬ ‫نج مه وينقرض تدريجيا متأثرا بالثورة ال صناعية والتقدم التكنلوجي مثل ب عض أ صناف الطيور و‬ ‫الفراشات والزواحف ألى أن أختفى تماما من حياتنا‪.‬وهنالك جيل تجاوزعمره الخامسة والعشرين‬ ‫عاما لم يسبق له أن حمل أو شاهد هذا الشئ العجيب‪.‬حتى أن القراءة الخلدونية نفسها قد تنكرت‬ ‫له و حذفته من محتوياتها بعد أن شملها التطور هي الخرى‪.‬‬

‫وكبديل عن الزنبيل حلت علقة النايلون‪ ،‬سيئة الصيت‪،‬التي تصيب من يحملها بالقلق الى أن يصل‬ ‫مكا نه‪،‬فالث قة بين نا و بين ها تكاد تكون معدو مة‪.‬هذه العل قة صنعت في ال صل ل كي ت ستخدم لمرة‬ ‫واحدة ثم ير مى ب ها في سلة النفايات‪.‬وب ما ان ها م صنوعة من مادة غ ير قابلة للتحلل فان ها بدأت‬ ‫تترا كم في البيئة بش كل كبير جدا ومل فت للن ظر بح يث ل تكاد ت جد بق عة من الرض خال ية تما ما‬ ‫منها حتى أن من يذهب ألى النزهة في فصل الربيع خارج مراكز المدن يرى من بعيد شيئا ملونا‬ ‫فيظ نه‪،‬طب عا‪ ،‬زهرة بر ية جميلة فير كض ألي ها له ثا ثم سرعان ما ي صاب بخي بة أ مل كبيرة لن‬ ‫ال شئ هو عل قة نايلون؟‪.‬هذه التراجيد يا‪ ،‬مع ال سف‪،‬لي ست من ن سج الخيال و أن ما هي ق صة من‬ ‫واقـع الحياة حصـلت مـع أناس عديدون‪.‬أذن أصـبحت علقـة النايلون بمرور الزمـن مشكلة بيئيـة‬ ‫م ستفحلة ي جب التفك ير ب ها من الن ف صاعدا وو ضع الحلول الناج حة ل ها‪,‬ف كم عل قة‪ ،‬في مدي نة‬ ‫الموصل تصل الى المستهلك في اليوم الواحد؟و كم هو عددها في الشهر أو السنة؟‪.‬أظن بأن العدد‬ ‫كبير جدا وأن المشكلة يجب أن تواجه قبل أن تصبح حياتنا (علقة × علقة)‪.‬و من ناحيتي‪،‬كفرد‬ ‫مهتـم بشؤون البيئة‪ ،‬أقترح حل بسـيطا للمشكلة هـو العودة لسـتخدام الزنبيـل كبديـل عـن علقـة‬ ‫النايلون‪ .‬وكخطوة أولى لتنفيـذ ذلك فانـي أهيـب بالشباب الواعـي وأصـحاب الذهان المتفتحـة‬ ‫والفكار الخلقة أن يساهموا بوضع تصاميم عملية لزنابيل طويلة العمر و رخيصة الثمن تساير‬ ‫أحدث خطوط المودة‪.‬ول يشترط في المادة الخام أن تكون نف سها بل يم كن الب حث عن بدا ئل قد‬ ‫تكون أكثـر كفاءة‪.‬ويـا حبذا لو أن جهـة رسـمية أو حتـى غيـر رسـمية تأخـذ على عاتقهـا تنظيـم‬ ‫مسابقةلتصميم أفضل زنبيل لكي‬ ‫تيسعد هذا الجيل‪.‬‬ ‫د‪ .‬بشيــر علـي النعمــه‬ ‫قسم علوم الحياة‪،‬كلية العـلوم‬ ‫جامعـــة المـوصـــل‬