اعتقال البشير جئًا لكثرنا؛ لننا صرنا نعيش في زمن وضوح الرؤية مفا ِ لم يكن قرار اعتقال الرئيس السوداني عمر البشير ُ ُ جح الصريح !حيث يلعب الجميع على المكشوف ،فل مواربة ول مداهنة ،إنما العداء الصارخ ،والتب ّ إنهم يريدون أن يقنعوا العالم أن قلوب أعضاء المحكمة الجنائية ومجلس المن ،وكذلك قلوب الساسة المريكان والوربيين تتفطّر من أجل المدنيين في إقليم دارفور! ة ضا أن عمر البشير أكثر عدواني ً ويريدون أن يقنعوا العالم أي ً ة من ليفني وأولمرت وباراك وشيمون بيريز. وأشد شراس ً كما يريدون أن يقنعوا العالم أنه من أجل العدالة والحق سيجمعون جيوش الرض في السودان؛ لمنع ظلم ٍ يقع - !!حسب ما يقولون -على بعض القرى الفريقية يحسبون أن العالم ل يُطال ِع أخبار فلسطين ،ويحسبونه ل يطالع أخبار العراق وأفغانستان ،ويحسبون أننا ل نعلم تاريخهم المقيت القريب في إفريقيا ذاتها ،وكيف ق َّ سموها على أنفسهم ،وقطَّعوها إربًا ،واستعبدوا أهلها ،واستنزفوا ثرواتهم ،وأهانوا كرامتهم ،ثم الن يعلنون أن نخوتهم تتحرك لنقاذ الفارقة من عمر !!البشير !إن الوراق صارت ح ًّ قا كلها مكشوفة إنها خطوات حثيثة لفعل الجريمة الكبرى بتقسيم البلد السلمي الكبير السودان ،ولتكن إحدى الخطوات ..هي قرار اعتقال عمر البشير بتهمة جرائم حرب ضد بعض أفراد شعبه في دارفور ولقد بدأت هذه الخطوات منذ زمن كما يعلم الجميع، والغرب الن يمارس سياسة النَّفَس الطويل في حربه مع العالم السلمي؛ فهم يؤهِّلون أنفسهم وشعوبهم ،وكذلك الشعوب السلمية لخبر اجتياح السودان أو على القل تهديده عدَّة سنوات، بالجتياح ،ول مانع أن يأخذوا في ذلك ِ ..فالمطلوب أمر كبير يحتاج إلى طول إعداد لقد قرأنا في الصحف الغربية لعدة سنوات أخبار السودان، وأن الغرب مهتم جدًّا بما يحدث في جنوب السودان ،وفي !دارفور ،وأن هذه أزمة تؤّرِق نوم الطيبين في أوربا وأمريكا وشاهدنا رام إيمانويل ،وهو يهودي بل إسرائيلي الجنسية ،ويعمل كمدير موظفي البيت البيض ،وهو يتعاون مع اللوبي الصهيوني المريكي في حملة هجوم على عمر البشير تحت دعوى إنقاذ أهل دارفور! بل رأيناه يقود حملة لجمع التبرعات من الشعب المريكي ومن أطفال المدارس لطفال دارفور؛ وذلك حتى يكسب الرأي العام المريكي للضغط على الساسة من أجل الهتمام بقضية السودان!! ويريد رام إيمانويل الصهيوني أن يُقنِعَنا أن أطفال السودان في حكم البشير يعانون أكثر من أطفال غزة تحت قصف باراك !وليفني !وما الهدف من وراء كل هذا الهتمام ،وكل هذا العداد؟
ة في وسائل إعلمهم وعلى ألسنتهم ..ولقد تكفّل وزير المن الداخلي إن الهدف واضح ،ومعلن صراح ً السرائيلي آفي ديختر بإعلن هذا الهدف في الصحف الصهيونية يوم 10من أكتوبر 2008في مقال تحت عنوان "الهدف هو تفتيت السودان وشغله بالحروب الهلية" ،وقال في هذا الموضوع بالحرف الواحد: ة إقليمية قوية ،وقوةً مضافة إلى "السودان بموارده ومساحته الشاسعة وعدد سكانه يمكن أن يصبح دول ً ".العالم العربي ..هذا هو الهدف بوضوح :تفتيت السودان لقد تنامى خطر السودان في عيون الغرب والصهاينة في ة أنه بلد كبير جدًّا تزيد مساحة على السنوات الخيرة ،وخاص ً 2.5مليون كم ،2ويبلغ عدد سكانه 40.2مليون نسمة (عام ،)2008وهو يتحكم في منابع النيل التي تمث ِّل شريان الحياة لمصر ومن بعدها -كما يريدون -إسرائيل .غير أن الذي دفع الغرب إلى تسريع عملية الضغط على السودان في السنوات ة في جنوب الخيرة هو اكتشاف البترول بغزارة ،وخاص ً السودان وجنوب دارفور ،وكذلك اكتشاف اليورانيوم في شمال دارفور ،وفوق ذلك وأعظم ظهوُر التجاه السلمي بقوة في الحكومة والشعب؛ مما يمثل خطًرا استراتيجيًّا كبيًرا على مصالح الصهاينة والغربيين ،فهم ل يتصورون أن يتحوَّل هذا البلد الضخم إلى قوة كبيرة تمتلك البترول واليورانيوم ومليين الفدنة الصالحة ة أن السودان هو خر كل هذه المكانيات لمصلحة السلم والمسلمين ،وخاص ً للزراعة إلى دولة إسلمية تس ِّ .بوابة السلم إلى إفريقيا بكل ثرواتها البشرية والقتصادية والستراتيجية من إن مسألة قيام دولة إسلمية في السودان أمٌر في غاية الخطورة في الحسابات الغربية والصهيونية ،و ِ ث َ َّ م كَّرس الغرب كل جهوده من أجل تفتيت هذا البلد ،وسحقه قبل أن يقوم على أقدامه ،ولقد اكتشفت أمريكا أن السلوب العسكري مكلف للغاية ،سواءٌ كان بشريًّا أو ماديًّا ،وأن حادث ضرب مصنع الشفاء في ة أن السودان بلد ضخم جدًّا له السودان سنة 1998ل يمكن أن يكون وسيلة فعّالة لتحقيق المراد ،وخاص ً مي عَلقته مع حدود مع تسع دول مما يجعل مسألة حصاره صعبة للغاية ،وخاص ً ضا أن السودان يُن َ ِّ ة أي ً الصين وروسيا بشكل مطَّرد ..لذا آثرت أمريكا والغرب أن يقط ِّعوا السودان إربًا بأيدي أبنائه ،وأن يتناوب الساسة الوربيون والمريكان الحديث عن أزمة السودان حتى يصبح المر عالميًّا وليس أمريكيًّا ،وأن يستخدموا الساليب القانونية والدبلوماسية والقتصادية ،بل والغاثية النسانية لتحقيق الهدف المنشود، ة وأن العالم عدَّة وليات صغيرة يدين معظمها بالولء للصهاينة وللغرب! خاص ً وهو تفتيت السودان إلى ِ َ العربي والسلمي يغ ُّ ّ ت عميق ،ويرى كل هذه الحداث دون أن يفهمها ،أو لعله يفهم ول يريد أن َُ ط في سبا ٍ !يتحرك كانت البداية أن وقف الصهاينة والغرب بقوَّة مع جنوب السودان يؤيِّدون انفصاله من السودان الم، وتعاونوا بشكل صريح مع جون جارانج زعيم ما يس َّ مى بجبهة تحرير السودان الذي خاض حروبًا أهلية دامية ة أن جنوب السودان به أكثر من %80من بترول مع الحكومة السودانية ،وكان الغرب مؤيِّدًا له بقوة ،خاص ً مي باتفاق السلم الشامل (اتفاق س بما 2005 سنة السودان ،وانتهى المر -للسف الشديد -في ُ ِّ ماشاكوس) ،والذي يعطي السكان في جنوب السودان الحق في التصويت لتقرير المصير سنة ،2011 من ث َ َّ م فستُعرض مسألة فصل جنوب السودان عن دولة السودان لرأي سكان المنطقة ،والذين و ِ ة وخاص والنصارى، للوثنيين الجنوب مناطق في الغلبية أن ة خاص الفصل، قرار إلى جدال بل تون سيصو ً ً ِّ ضا أن الغرب واليهود يؤيدون ويباركون ،وليس مستغربًا أن يتحوَّل جنوب السودان إلى دولة قوية جدًّا أي ً من ث َم تُصبِح في المنطقة ..بها بترول ،وتتحكم في منابع النيل ،وتحظى بتأييد أمريكا والغرب واليهود ،و ِ دولة في منتهى الخطورة على السلم تحاصره من الجنوب ،وتمنع انتشاره في القارة السمراء ،وتمث ِّل سا أمينًا للمطامع الصهيونية والغربية والمريكية .حار ً
خزٍ ،وتخلَّى م ْ حدث كل هذا في ظل صمت عربي وإسلمي ُ العرب والمسلمون عن السودان في هذه التفاقات والمفاوضات؛ فجلس وحيدًا أمام وحوش العالم حتى وصلوا خا ل للسودان وحده، إلى هذه النتيجة التي تمث ِّل تهديدًا صار ً ولكن للعالم السلمي بكامله ،وفي مقدمته مصر التي سيتم ما بعد المساك بشريان النيل !تركيعها تما ً ثم فتح الغرب ملفًا جديدًا خطيًرا ،وهو ملف دارفور في غرب ة وأنه يمتلك السودان ،فما المانع في فصله هو الخر ،خاص ً مخزونًا كبيًرا من البترول واليورانيوم ،فوصل الغرب -للسف الشديد -إلى بعض المسلمين الذين يرغبون في زعامة م التعاون معهم للقيام بحركات تمرد ومنصب في دارفور ،وت َ َّ في دارفور مدعومين بالمريكان والصهاينة ،وهؤلء يُنادون بفصل دارفور عن السودان ليصبح دولة علمانية -كما ينادي ما عن الدولة ..المتمردون -تفصل الدين تما ً ودخل الغرب بثقله مع هذا المشروع النفصالي ،وقادوا حملت إعلمية واسعة النطاق للترويج لهذا الفصل ،وأرسلوا عددًا كبيًرا من الهيئات الغاثية بهدف توجيه شعب دارفور إلى الولء للغرب ،وهذا في ..ظل غياب إسلمي كبير عن الساحة السودانية ونادى الغرب في حملت متكررة بعزل الرئيس عمر البشير صاحب التو ُّ جه السلمي وحافظ القرآن َّ بقوة عند كثيرٍ من علماء المة في الكريم ،والمتمتع بتأييد قطاع كبير من الشعب السوداني ،والمقبول السودان وخارجها ،طالبوا بعزله عن قيادة السودان ،وإنشاء سودان جديد علماني ..وأثاروا بالتالي قضايا ..جرائم الحرب -كما يقولون -وأن هناك تطهيًرا عرقيًّا في دارفور وقام مجلس المن الذي تهيمن عليه أمريكا بشكل مباشر في سنة 2006بإنشاء ما يُس َّ مى بالمحكمة الجنائية الدولية، وجعل من مهمتها إصدار الحكام على رؤساء الدول؛ وذلك من يشاءون من الحكام في العالم ،وجعل مجلس لترويض َ المن من صلحياته العجيبة أن يُوقِف قرار المحكمة الجنائية !!!إذا شاء لمدة سنة قابلة للتجديد وبدون حدٍّ أقصى ما فمن حق أمريكا إذا يعني إذا أصدرت المحكمة الجنائية حك ً شاءت أن تُوقِف هذا الحكم أو تنفِّذه حسب الرغبة !!وبالقانون من ث َم صارت المحكمة سيفًا بيد أمريكا تُسل ِّطه على رقاب و ِ ..من تشاء من الحكام الخارجين عن السيطرة !الحكم الن صدر باعتقال البشير ،ويمكن لمريكا أن تعفو وتصفح ،ولكن ما هو الثمن؟ ..الثمن هو أن ينفصل جنوب السودان ببتروله ومزارعه وموارد مياهه وسكانه ..والثمن هو أن تنفصل دارفور بكل ثرواتها وسكانها ..والثمن هو أن تتحوَّل السودان من دولة إسلمية التو ُّ ما عن الدولة جه إلى دولة علمانية تفصل الدين تما ً والثمن هو أن تنفصل شرق السودان في دولة جديدة ،وكذلك أن ينفصل أقصى شمال السودان في دولة مث ِّل ً لدولة السودان القديمة م َ !أخرى ،ول يبقى إل وسط السودان فقط ُ
َ ه بالعتراض على ما تريده أمريكا ،وإل ّ يتم والثمن أي ً م ُ ضا هو أل ّ يفتح أي زعيم عربي أو إسلمي أو عالمي فَ َ ..تنفيذ أحكام المحكمة الجنائية ،وبقوة مجلس المن ..إنها أثمان باهظة جدًّا تريد أمريكا أن يدفعها السودان لكي يُو ِقفوا قرار اعتقال البشير َ ح ُّ ل مشكلة السودان؟ !وهل لو سل ّم البشير نفسه أو تنازل عن السلطة ست ُ َ ..أبدًا ..أبدًا إن الهدف كما قال وزير المن الداخلي الصهيوني هو تفتيت السودان ،ولن يهدأ الغرب ول أمريكا ول ..اليهود حتى يتحقق هذا الهدف الخطير !والسؤال :أين المسلمون؟ عدَّة سنوات أن المحطة القادمة هي السودان ،فماذا فعلنا؟ وماذا سنفعل عندما يُفعَّل إننا نصرخ من ِ حصار السودان بشكل أكبر؟ وماذا سنفعل عندما يُق َّ سم السودان إلى خمسة أقسام؟! وماذا سنفعل عندما !تنتهي قصة السودان وتبدأ قصة مصر أو سوريا أو اليمن أو ليبيا أو غيرها؟ !إلى متى هذا الركوع والنبطاح؟ ص ًّفا إننا نو ِّ جه نداءً حاًّرا إلى أهل السودان جميعًا في وسطها وغربها وشرقها وشمالها وجنوبها أن يقفوا َ َ م إلى عملء باعوا الدين والوطن ليرتموا في أحضان واحدًا في هذه الهجمة الستعمارية ،وأل ّ يعطوا قِيادَهُ ْ ّ ..الصهاينة ،وأل يقبلوا بتمزيق جسد السودان وهم أحياء ن عُودوا إلى ق منذ عشرات السنين ،أ ْ جه نداءً حاًّرا إلى الزعماء الذين صمتوا طويل ً ولم يتكلموا بح ٍ ّ ونو ِّ ربكم ،وعودوا إلى شعوبكم ،وعودوا إلى ما تُمل ِيه عليكم قواعد الشرع والعُرف؛ فالمناصب التي تسيطرون ما سيكون في عليها سوف تُسألون عنها ،وإنه -والله -لحسا ٌ ب عسير ،إذا لم يكن في الدنيا فإنه حت ً ..الخرة َ ن انْتبِهُوا من غفلتكم ،واتركوا متابعة أمور اللهو ونو ِّ جه نداءً حاًّرا كذلك إلى الشعوب السلمية بكاملها أ ِ والترف ،وعيشوا قضايا أمتكم ،وافهموا جذور مشاكلكم ،واقرءوا عن دارفور والسودان ،وعن فلسطين ..والعراق ،وعن أفغانستان والشيشان ة شعبية واسعة النطاق في كل بلد العالم السلمي ترفض الظلم بكل صوره ،وتنادي ليس إننا نريد حرك ً ..فقط بوَحدة السودان ،ولكن بوحدة كل أقطار المسلمين إن المسلمين قوةٌ ل نهاية لعظمتها ،وأمة ل تموت ،وبحور ل ساحل لها ،ولكن كل ذلك مشروط بأمرين: صفَّهم ..أن يعودوا إلى دينهم ،وأن يو ِّ حدوا َ !!ويومها لن يتجرأ على شعوب المسلمين وزعمائهم صعلو ٌ ك من الصهاينة أو الغربيين ونسأل الله عَّز وج َّ ل أن يُعَِّز السلم والمسلمين