Matn Al Aqeedah Al Wasitiyyah

  • Uploaded by: Jason Galvan (Abu Noah Ibrahim Ibn Mikaal)
  • 0
  • 0
  • December 2019
  • PDF

This document was uploaded by user and they confirmed that they have the permission to share it. If you are author or own the copyright of this book, please report to us by using this DMCA report form. Report DMCA


Overview

Download & View Matn Al Aqeedah Al Wasitiyyah as PDF for free.

More details

  • Words: 8,279
  • Pages: 30
‫الحمد ل الذي خلق الخلق لعبادته ووفق من أراد سعادته لطاعته وصلى ال وسلم على‬ ‫نبينا محمد وعلى آله وصحابته‪.‬‬ ‫أما بعد‪ :‬فإن العقيدة الواسطية تأليف‪ :‬شيخ السلم ابن تيمية التي ألفها إجابة لطلب‬ ‫القاضي رضي الدين الواسطي من أحسن ما ألفه الئمة في بيان معتقد أهل السنة فليس‬ ‫في يد الطلبة اليوم أحسن منها ول مثلها فإنه رحمه ال بين فيها القول الحق في مسألة‬ ‫القرآن وأنه كلم منزل غير مخلوق وأن ألفاظه وحروفه ومعانيه عين كلم ال وأن ال‬ ‫يتكلم بمشيئته وإرادته‪ .‬كما أنه رحمه ال بين القول الصحيح في وجوب إثبات الصفات‬ ‫اللهية كاستواء ال على عرشه وعلوه على خلقه ونزوله إلى السماء الدنيا كل ليلة‬ ‫ومجيئه يوم القيامة ونظر المؤمنين إليه سبحانه في عرصات القيامة وبعد دخولهم‬ ‫الجنة‪ ،‬ووضح معنى قرب ال من عباده ومعنى كونه معهم أينما كانوا وبين أن ذلك كله‬ ‫حق ثابت‬ ‫على ما يليق بعظمة ال تعالى وذكر قول أهل الحق في اليمان بالقدر ورد قول المعتزلة‬ ‫والجبرية وبين أُصول أهل السنة التي بنوا عليها عقائدهم وأعمالهم إلى غير ذلك من‬ ‫قواعد العقائد المؤيدة بنصوص الكتاب والسنة وإجماع سلف المة فهي جديرة بالعتناء‬ ‫بها حفظاً ودرساً ومطالعة‪ .‬فلهذا علقت عليها حواش تفصل مجملها وتوضح مشكلها‬ ‫وتسهل فهمها لقرائها وقد امتازت هذه الطبعة الخيرة بزيادات لم توجد في الطبعات‬ ‫التي قبلها لسيما ما ذكرناه من نظم عبد العزيز بن عدوان النجدي أحد علماء الوشم‬ ‫رحمه ال تعالى فإنه نظم هذه العقيدة من الطويل جزاه ال خيراً وأثابه الجنة بمنه تعالى‬ ‫وكرمه‪.‬‬ ‫وسمت همة الفاضل النجيب الشيخ عمر عبد الجبار لطبعها فجزاه ال خيراً ووفقه لنشر‬ ‫أمثالها من مؤلفات أهل السنة والجماعة الذين هم الفرقة الناجية الذين ل يضرهم من‬ ‫خذلهم ول من خالفهم إلى يوم القيامة كما أخبر به النبي الصادق المصدوق صلى ال‬ ‫عليه وسلم تسليماً كثيراً‪ ،‬قاله بلسانه وكتبه ببيانه‪.‬‬ ‫محمد بن عبد العزيز بن مانع‬

‫‪1‬‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم‪ ((1‬الحمد ل الذي‪ ((2‬أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره‬ ‫على الدين كله وكفى بال شهيداً‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له إقراراً به‬ ‫وتوحيداً‪ ،‬وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى ال عليه‪ ((3‬وعلى آله وسلم تسليماً‬ ‫مزيدا‪.‬‬ ‫أما بعد‪ :‬فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة‪ ،‬أهل السنة والجماعة‪،‬‬ ‫وهو اليمان بال وملئكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت واليمان بالقدر خيره‬ ‫وشره‪.‬‬

‫(‪ (1‬قوله بسم ال‪ ،‬الجار والمجرور متعلقان بمحذوف والمختار كونه فعلً خاصاً متأخراً والتقدير‬ ‫أؤلف حال كوني مستعيناً بذكر ال متبركاً به ولفظ الجللة دال على الصفة القائمة به تعالى وهي‬ ‫اللهية قال ابن عباس‪ :‬ال ذو اللهية والعبودية على خلقه أجمعين‪ ،‬قوله الرحمن الرحيم صفتان ل‬ ‫فالرحمن دال على الصفة القائمة به سبحانه‪ ،‬والرحيم دال على تعلقها بالمرحوم يظهر ذلك بتأمل‬ ‫قوله تعالى (وكان بالمؤمنين رحيما(‪.‬‬ ‫(‪ (2‬قوله الحمد ل نقيض الذم وهو الثناء بالقول على المحمود بصفاته اللزمة والمتعدية‪ ،‬والشكر‬ ‫ل يكون إل على المتعدية ويكون باللسان والجنان والركان كما قال الشاعر‪:‬‬ ‫يدي ولساني والضمير المحجّبا‬ ‫أفادتكم النعماء مني ثلثة‬ ‫(‪ (3‬قوله‪ :‬صلى ال عليه وسلم أصح ما قيل في صلة ال على عبده هو ما ذكره البخاري في‬ ‫صحيحه عن أبي العالية قال‪ :‬صلة ال على رسوله ثناؤه عليه عند الملئكة‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫ومن اليمان بال اليمان بما وصف به نفسه في كتابه وبما وصفه به رسوله محمد‬ ‫صلى ال عليه وسلم من غير تحريف ول تعطيل‪ ،‬ومن غير تكييف ول تمثيل‪ ((1‬بل‬ ‫يؤمنون بأن ال سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير‪.‬‬ ‫فل ينفون عنه ما وصف به نفسه ول يحرفون الكلم عن مواضعه‪ ،‬ول يلحدون في‬ ‫أسماء ال وآياته‪ ((2‬ول يكيفون ول يمثلون صفاته بصفات خلقه‪((3‬‬

‫( (‪ (1‬قوله‪ :‬من غير تحريف ول تعطيل‪ ،‬قال الراغب تحريف الشيء إمالته كتحريف القلم‪.‬‬ ‫وتحريف الكلم‪ :‬أن نجعله على حرف من الحتمال يمكن حمله على الوجهين‪ .‬قال ال عز وجل‬ ‫(يحرفون الكلم عن مواضعه( وصفات ال داله على معان قائمة بذات الرب جل جلله ل تحتمل‬ ‫غير ذلك فيجب اليمان والتصديق بها وإثباتها ل إثباتاً بل تمثيل لنه ليس كمثله شيء وتنزيهاً له‬ ‫تعالى عن مشابهة خلقه بل تعطيل‪ ،‬والتعطيل جحد الصفات اللهية وإنكار قيامها بذاته تعالى كما‬ ‫هو قول المعتزلة والجهمية‪ ،‬وكذلك ل تكيف صفاته كما ل تكيف ذاته ول تمثل ول تشبه بصفات‬ ‫المخلوقين لنه ليس له كفء ول مثيل‪ ،‬ول نظير‪ ،‬ويرحم ال ابن القيم حيث قال‪:‬‬ ‫إن المشبّه عابدُ الوثان‬ ‫لسنا نشبه وصفَه بصفاتنا‬ ‫إن المعطّل عابدُ البهتان‬ ‫كلّ ول نُخليه من أوصافه‬ ‫فهو الشبيه لمشْركٍ نصراني‬ ‫من شبّه ال العظيم بخلقه‬ ‫فهو الكفور وليس ذا اليمان‬ ‫أو عطّل الرحمن من أوصافه‬ ‫( (‪ (2‬اللحاد إما يكون بجحدها وإنكارها‪ ،‬وإما بجحد معانيها وتعطيلها‪ ،‬وإما بتحريفها عن‬ ‫الصواب وإخراجها عن الحق بالتأويلت‪ ،‬وإما بجعلها اسمًا لهذه المخلوقات كإلحاد أهل اللحاد‪.‬‬ ‫(‪ (3‬لن الصفة تابعة للموصوف فكما أن الموصوف سبحانه ل تعلم كيفية ذاته فكذلك ل تعلم كيفية‬ ‫صفاته مع أنها ثابتة في نفس المر‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫لنه سبحانه ل سميّ ‪ ((1‬له‪ ،‬ول ُكفُوَ له‪ ،‬ول نِدّ له ‪ ((2‬ول يقاس بخلقه سبحانه وتعالى‬ ‫فإنه أعلم بنفسه وبغيره‪ ،‬وأصدق قيل وأحسن حديثا من خلقه‪ .‬ثم رسله صادقون‬ ‫مصدوقون ‪ ،‬بخلف الذين يقولون عليه ما ل يعلمون‪ ،‬ولهذا قال (سبحان ربك رب‬ ‫العزة عما يصفون‪ ،‬وسلم على المرسلين‪ ،‬والحمد ل رب العالمين( فسبح نفسه عما‬ ‫وصفه به المخالفون للرسل‪ ،‬وسلم على المرسلين لسلمة ما قالوه من النقص والعيب‪.‬‬ ‫وهو سبحانه قد جمع فيما وصف وسمىّ به نفسه بين النفي والثبات‪ ،‬فل عدول لهل‬ ‫السنة والجماعة عما جاء به المرسلون‪ .‬فإنه الصراط المستقيم‪ ،‬صراط الذين أنعم ال‬ ‫عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين‪.‬‬ ‫وقد دخل في هذه الجملة ما وصف به نفسه في سورة الخلص التي تعدل ثلث القرآن‬ ‫حيث يقول‪( :‬قل هو ال أحد ال الصمد‪ ،‬لم يلد‪ ،‬ولم يولد‪ ،‬ولم يكن له كفواً أحد( وما‬ ‫وصف به نفسه في أعظم آية في كتابه حيث يقول‪( :‬ال ل إله إل هو الحي القيوم‪ ،‬ل‬ ‫تأخذه سنة ول نوم‪ ،‬له ما في السماوات وما في الرض‪ ،‬من ذا الذي يشفع عنده إل‬ ‫بإذنه‪ ،‬يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ول يحيطون بشيء من علمه إل بما شاء وسع‬ ‫كرسِيه السماوات والرض ول يؤوده حفظهما ‪ -‬أي ل يَكْرِثه ول يُ ْث ِقلُه ‪ - ((3‬وهو العلي‬ ‫العظيم( ولهذا كان من قرأ هذه الية في ليلة لم يزل عليه من ال حافظ ول يقربه شيطان‬ ‫حتى يصبح‪.‬‬ ‫وقوله سبحانه‪( :‬هو الول والخِر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم(‬ ‫وقوله سبحانه‪( :‬وتوكل على الحي الذي ل يموت(‬ ‫وقوله (وهو العليم الحكيم( ‪( ،‬وهو الحكيم الخبير( ‪( ،‬يعلم ما يلج في الرض وما يخرج‬ ‫منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها( ‪( -‬وعنده مفاتح الغيب ل يعلمها إل هو ويعلم‬ ‫ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إل يعلمها ول حبة في ظلمات الرض ول رطب‬ ‫ول يابس إل في كتاب مبين(‬ ‫وقوله‪( :‬وما تحمل من أنثى ول تضع إل بعلمه( وقوله‪( :‬لتعلموا أنّ ال على كل شيء‬ ‫قدير وأنّ ال قد أحاط بكل شيء علماً(‬ ‫ل ونظيراً يستحق اسمه وموصوفاً يستحق صفته على التحقيق‪ ،‬وليس المعنى ما نجد من‬ ‫(‪ (1‬أي مثي ً‬ ‫يتسمى باسمه إذ أن كثيراً من أسمائه قد يطلق على غيره لكن ليس معناه إذا استعمل فيه كان معناه‬ ‫كما إذا استعمل في غيره‪.‬‬ ‫(‪ (2‬النداد‪ :‬المثال والنظراء‪ ،‬فكل من صرف شيئاً من أنواع العبادة لغير ال رغبة فيه أو رهبة‬ ‫منه فقد اتخذه نداً ل لنه أشرك مع ال فيما ل يستحقه غيره وذلك كحال عباد الموات الذين‬ ‫يستعينون بهم وينذرون لهم ويحلفون بأسمائهم‪.‬‬ ‫(‪(3‬قال في القاموس وشرحه‪ :‬كرثة المر والغم يكرثه بالكسر ويكرثه بالضم اشتد عليه‬

‫وبلغ منه المشقة‪ ،‬قال وكل ما أثقلك فقد كرثك‪ ،‬قال الصمعي ل يقال كرثة وإنما يقال‬ ‫أكرثه‪.‬‬

‫‪4‬‬

‫وقوله‪( :‬إن ال هو الرزاق ذو القوة المتين(‬ ‫وقوله‪( :‬ليس كمثله شيء وهو السميع البصير( ‪،‬‬ ‫وقوله‪( :‬إن ال نِ ِعمّا يعظكم به إن ال كان سميعًا بصيراً(‬ ‫وقوله‪( :‬ولول إذ دخلت جنتك قلت ما شاء ال ل قوة إل بال( ‪( -‬ولو شاء ال ما اقتتلوا‬ ‫ولكن ال يفعل ما يريد(‬ ‫وقوله‪( :‬أحلت لكم بهيمة النعام إل ما يُتلى عليكم غير محلىّ الصيدِ وأنتم حُرُم‪ .‬إن ال‬ ‫يحكم ما يريد(‬ ‫وقوله‪( :‬فمن يرد ال أن يهديه يشرح صدره للسلم ومن يرد أن يضله يجعل صدره‬ ‫ضيقًا حرجاً كأنما يصعد في السماء(‬ ‫وقوله‪( :‬وأحسنوا إن ال يحب المحسنين( ‪( -‬وأقسطوا إن ال يحب المقسطين( ‪( -‬فما‬ ‫استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن ال يحب المتقين( ‪( -‬إن ال يحب التوابين ويحب‬ ‫المتطهرين(‬ ‫وقوله‪( :‬قل إن كنتم تحبون ال فاتبعوني يحببكم ال(‬ ‫وقوله‪( :‬فسوف يأتي ال بقوم يحبهم ويحبونه(‬ ‫وقوله‪( :‬إن ال يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص(‬ ‫وقوله‪( :‬وهو الغفور الودود(‬ ‫وقوله‪( :‬بسم ال الرحمن الرحيم(‬ ‫–(ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما(‬ ‫– (وكان بالمؤمنين رحيما(‬ ‫–(ورحمتي وسعت كل شيء(‬ ‫–(كتب ربكم على نفسه الرحمة(‬ ‫– (وهو الغفور الرحيم(‬ ‫– (فال خير حافظاً وهو أرحم الراحمين(‬ ‫وقوله‪( :‬رضي ال عنهم ورضوا عنه(‬ ‫وقوله‪( :‬ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب ال عليه ولعنه(‬ ‫وقوله‪( :‬ذلك بأنهم اتّبعوا ما أسخط ال وكرهوا رضوانه( ‪،‬‬ ‫وقوله‪( :‬فلما آسفونا انتقمنا منهم(‬ ‫وقوله‪( :‬ولكن كرهَ ال انبعاثهم فثبطهم(‬ ‫وقوله‪( :‬كبر مقتاً عند ال أن تقولوا ما ل تفعلون(‬ ‫وقوله‪( :‬هل ينظرون إل أن يأتيهم ال في ظلل من الغمام والملئكة وقضي المر(‬ ‫وقوله‪( :‬هل ينظرون إل أن تأتيهم الملئكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك(‬ ‫(كل إذا دُكّت الرض دكاً دكا وجاء ربك والملك صفاً صفا(‬‫ق السماء بالغمام ونزل الملئكة تنزيل(‬ ‫شقّ ُ‬ ‫ (ويوم تَ َ‬‫وقوله‪( :‬ويبقى وجه ربك ذو الجلل والكرام(‬ ‫‪5‬‬

‫(كل شيء هالك إل وجهه(‬‫وقوله‪( :‬ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي(‬ ‫ (وقالت اليهود يد ال مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا‪ ،‬بل يداه مبسوطتان ينفق‬‫كيف يشاء(‬ ‫وقوله‪( :‬واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا(‬ ‫(وحملناه على ذات ألواح ودسر‪ ،‬تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر(‬‫ (وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني(‬‫وقوله‪( :‬قد سمع ال قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى ال‪ ،‬وال يسمع تحاوركما‬ ‫إن ال سميع بصير(‬ ‫وقوله‪( :‬لقد سمع ال قول الذين قالوا إن ال فقير ونحن أغنياء(‬ ‫‪( -‬أم يحسبون أنا ل نسمع سرهم ونجواهم‪ ،‬بلى ورسلنا لديهم يكتبون(‬

‫‪6‬‬

‫وقوله‪( :‬إنني معكما أسمع ‪ ((1‬وأرى( وقوله‪( :‬ألم يعلم بأن ال يرى(‬ ‫(الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين إنه هو السميع العليم(‬‫(وقل اعملوا فسيرى ال عملكم ورسوله والمؤمنون(‬‫(‬ ‫وقوله‪( :‬وهو شديد المحال( ‪ ((2‬وقوله‪( :‬ومكروا ومكر ال ‪ ( 3‬وال خير الماكرين(‬ ‫وقوله‪( :‬ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهم ل يشعرون(‬ ‫وقوله‪( :‬إنهم يكيدون كيداً وأكيد كيداً(‬ ‫وقوله‪( :‬إن تبدوا خيراً أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن ال كان عفواً قديرا(‬ ‫ (وليعفوا وليصفحوا أل تحبون أن يغفر ال لكم وال غفور رحيم(‬‫وقوله‪( :‬ول العزة ولرسوله وللمؤمنين(‬ ‫وقوله عن إبليس‪( :‬فبعزتك لغوينهم أجمعين(‬ ‫وقوله‪( :‬تبارك اسم ربك ذي الجلل والكرام(‬ ‫وقوله‪( :‬فاعبده واصطبر لعبادته‪ ،‬هل تعلم له سميا (‬ ‫(ولم يكن له كفواً أحد(‬‫(فل تجعلوا ل أنداداً وأنتم تعلمون(‬‫(ومن الناس من يتخذ من دون ال أنداداً يحبونهم كحب ال(‬‫(وقل الحمد ل الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من‬‫الذل وكبره تكبيرا(‬ ‫(يسبح ل ما في السماوات وما في الرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء‬‫قدير(‬ ‫(تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً الذي له ملك السماوات‬‫والرض ولم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديراً( –‬ ‫(ما اتخذ ال من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعل بعضهم‬‫على بعض سبحان ال عما يصفون‪ ،‬عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون(‬ ‫(فل تضربوا ل المثال إن ال يعلم وأنتم ل تعلمون(‬‫(‪ (1‬قوله إنني معكما أسمع وأرى‪ ،‬قال شيخ السلم بعد كلم سبق‪ ،‬وهذا شأن جميع ما وصف ال‬ ‫به نفسه لو قال في قوله إنني معكما أسمع وأرى كيف يسمع وكيف يرى‪ ،‬لقلنا السمع والرؤية‬ ‫معلوم والكيف مجهول‪ ،‬ولو قال كيف كلم موسى تكليمًا لقلنا التكليم معلوم والكيف غير معلوم اه‬ ‫(‪ (2‬وهو شديد المحال أي الخذ بالعقوبة‪.‬‬ ‫وقال ابن عباس شديد الحول‪ ،‬وقال مجاهد شديد القوة‪.‬‬ ‫(‪ (3‬قوله‪ ،‬وال خير الماكرين‪ :‬قال بعض السلف في تفسير المكر يستدرجهم بالنعم إذا عصوه‬ ‫ويملي لهم‪ ،‬ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر‪ .‬قال الحسن من وسّع ال عليه فلم َيرَ أنه يمكر به فل رأي‬ ‫له‪ ،‬وقد جاء في الحديث إذا رأيت ال يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب‪ ،‬فإنما هو‬ ‫استدراج وال جل وعل وصف نفسه بالمكر والكيد‪ ،‬كما وصف عبده بهما لكن ليس المكر كالمكر‬ ‫ول الكيد كالكيد‪ ،‬ول المثل العلى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير‪.‬‬

‫‪7‬‬

‫(قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والثم والبغي بغير الحق وأن‬‫تشركوا بال ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على ال ما ل تعلمون(‬

‫‪8‬‬

‫وقوله‪( :‬الرحمن ‪ ((1‬على العرش استوى(‬ ‫في سبعة مواضع ‪: ((2‬‬

‫في سورة العراف قوله‪( :‬إن ربكم ال الذي خلق السماوات والرض في ستة‬ ‫أيام ثم استوى على العرش(‬ ‫وقال في سورة يونس عليه السلم‪( :‬إن ربكم ال الذي خلق السماوات والرض في ستة‬ ‫أيام ثم استوى على العرش(‬ ‫وقال في سورة الرعد (ال الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على‬ ‫العرش( وقال في سورة طه‪( :‬الرحمن على العرش استوى(‬ ‫وقال في سورة الفرقان‪( :‬ثم استوى على العرش الرحمن(‬ ‫وقال في سورة ألم السجدة‪( :‬ال الذي خلق السماوات والرض وما بينهما في ستة أيام‬ ‫ثم استوى على العرش(‬ ‫وقال في سورة الحديد‪( :‬هو الذي خلق السماوات والرض في ستة أيام ثم استوى على‬ ‫العرش( وقوله‪( :‬يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي(‬ ‫–(بل رفعه ال إليه( –‬ ‫–(إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه( –‬ ‫(‪ (1‬قوله الرحمن على العرش استوى‪ :‬الستواء هو العلو والرتفاع‬ ‫فهو سبحانه كما أخبر عن نفسه فوق مخلوقاته مستو على عرشه وقد عبر أهل السنة عن ذلك‬ ‫بأربع عبارات ومعناها واحد وقد ذكرها ابن القيم في النونية حيث قال‪:‬‬ ‫قد حصلت للفارس الطعان‬ ‫فلهم عبارات عليها أربع‬ ‫تفع الذي ما فيه من نكران‬ ‫وهي استقر وقد عل وكذلك ار‬ ‫وأبو عبيدة صاحب الشيباني‬ ‫وكذاك قد صعد الذي هو رابع‬ ‫أدرى من الجهمي بالقرآن‬ ‫يختار هذا القول في تفسيره‬ ‫بحقيقة استولى من البهتان‬ ‫والشعري يقول تفسير استوى‬ ‫(تنبيه( وقع في بعض الكتب التي زعم مؤلفوها أنها على مذهب السلف عبارة باطلة وهي كما في‬ ‫رسالة نجاة الخلف في اعتقاد السلف قال‪ :‬فال تعالى كان ول مكان ثم خلق المكان وهو على ما‬ ‫عليه كان قبل خلق المكان اه‬ ‫وهذا إنما يقوله من لم يؤمن باستواء الرب على عرشه من المعطلة‪ ،‬والحق أن يقال‪ :‬إن ال تعالى‬ ‫كان وليس معه غيره ثم خلق السماوات والرض في ستة أيام‪ ،‬وكان عرشه على الماء ثم استوى‬ ‫على العرش‪ ،‬وثم هنا للترتيب ل لمجرد العطف‪ .‬قال ابن القيم في النونية‪:‬‬ ‫ويرى البرية وهي ذو حدثان‬ ‫وال كان وليس شيء غيره‬ ‫وقال غيره‪:‬‬ ‫ومن علمه لم يخل في الرض موضع‬ ‫قضى خلقه ثم استوى فوق عرشه‬ ‫(‪ (2‬قوله‪ :‬في سبعة مواضع‪ :‬وقد بينها ابن عدوان في نظمه لهذه العقيدة فقال‪:‬‬ ‫على العرش في سبع مواضع فاعدد‬ ‫وذكر استواء ال في كلماته‬ ‫وفي الرعد مع ط ه فللعد أكد‬ ‫ففي سورة العراف ثمت يونس‬ ‫كذا في الحديد افهمه فهم مؤيد‬ ‫وفي سورة الفرقان ثمت سجدة‬

‫‪9‬‬

‫–(يا هامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ السباب‪ ،‬أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى‬ ‫وإني لظنه كاذباً( –‬ ‫–(أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الرض فإذا هي تمور‪ ،‬أم أمنتم من في السماء‬ ‫أن يرسل عليكم حاصباً فستعلمون كيف نذير(‬ ‫وقوله‪( :‬هو الذي خلق السماوات والرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما‬ ‫يلج في الرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم إينما‬ ‫كنتم وال بما تعملون بصير(‬ ‫(ما يكون من نجوى ثلثة إل هو رابعهم ول خمسة إل هو سادسهم ول أدنى من ذلك‬‫ول أكثر إل هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن ال بكل شيء‬ ‫عليم(‬ ‫وقوله‪( :‬ل تحزن إن ال معنا(‬ ‫(إنني معكما أسمع وأرى( –‬‫(إن ال مع الذين اتقوا والذين هم محسنون( –‬‫(واصبروا إن ال مع الصابرين( –‬‫(كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن ال وال مع الصابرين(‬‫وقوله‪( :‬وَمَنْ أصدق من ال حديثاً(‬ ‫(ومن أصدق من ال قيل( –‬‫(وإذ قال ال يا عيسى ابن مريم( –‬‫(وتمت كلمت ربك صدقاً وعدل( –‬‫(وكلم ال موسى تكليما( –‬‫(منهم من كلم ال( –‬‫(ولما جاء موسى لميقاتنا وكلّمه ربه( –‬‫(وناديناه من جانب الطور اليمن وقربناه نجيا( –‬‫(وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين( –‬‫(وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة( –‬‫(ويوم يناديهم فيقول‪ :‬ماذا أجبتم المرسلين( –‬‫(وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلم ال( –‬‫(وقد كان فريق منهم يسمعون كلم ال ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون( –‬‫(يريدون أن يبدلوا كلم ال قل لن تتبعونا كذلكم قال ال من قبل( –‬‫(واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك ل مبدل لكلماته( –‬‫(إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون( –‬‫(وهذا كتاب أنزلناه مبارك( –‬‫‪(-‬لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية ال( –‬

‫‪10‬‬

‫(وإذا بدلنا آية مكان آية وال أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم ل‬‫يعلمون( –‬ ‫(قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين‪،‬‬‫ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر‪ ،‬لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان‬ ‫عربي مبين(‬ ‫وقوله‪( :‬وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة( ‪( -‬على الرائك ينظرون( ‪( -‬للذين‬ ‫أحسنوا الحسنى وزيادة( ‪( - ((1‬لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد( وهذا الباب في كتاب ال‬ ‫كثير‪ ،‬من تدبر القرآن طالباً للهدى منه تبين له طريق الحق‪.‬‬

‫(‪ (1‬قال ابن رجب في شرح حديث جبريل وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي‬ ‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬تفسير الزيادة بالنظر إلى وجه ال تعالى في الجنة قال‪:‬‬ ‫وهذا مناسب لجعله جزاء لهل الحسان هو أن يعبد المؤمن ربه في الدنيا على‬ ‫وجه الحضور والمراقبة كأنه يراه بقلبه‪ ،‬وينظر إليه في حال عبادته فكان‬ ‫جزاؤه ذلك النظر إلى وجه ال عياناً في الخرة اه ‪.‬‬ ‫‪11‬‬

‫ثم في سنة رسول ال صلى ال عليه وسلم‬ ‫فالسنة تفسر القرآن وتبينه وتدل عليه وتعبر عنه ‪ ((1‬وما وصف الرسول به ربه عز‬ ‫وجل من الحاديث الصحاح التي تلقاها أهل المعرفة بالقبول وجب اليمان بها ‪.((2‬‬ ‫فمن ذلك مثل قوله صلى ال عليه وسلم‪( :‬ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى‬ ‫ثلث الليل الخر فيقول‪ :‬من يدعوني فأستجب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني‬ ‫فأغفر له؟( متفق عليه‪ .‬وقوله صلى ال عليه وسلم‪( :‬ل أشد فرحاً بتوبة عبده من أحدكم‬ ‫براحلته( الحديث متفق عليه‪ .‬وقوله صلى ال عليه وسلم‪( :‬يضحك ال إلى رجلين يقتل‬ ‫أحدهما الخر كلهما يدخلن الجنة( متفق عليه‪ .‬وقوله ‪( : ((3‬عجب ربنا من قنوط عباده‬ ‫وقرب غيره ‪ ، ((4‬ينظر إليكم أزلين ‪ ((5‬قنطين فيظل يضحك يعلم أن فرَجكم قريب(‬ ‫حديث حسن‪.‬‬

‫(‪ (1‬قال ابن عدوان‪:‬‬ ‫تفسر آيات الكتاب الممجد‬ ‫وسنة خير المرسلين محمد‬ ‫تدل عليه بالدليل المؤكد‬ ‫تبينه للطالبي سبل الهدى‬ ‫(‪ (2‬وما أحسن قول ابن عدوان ناظم هذه العقيدة‪:‬‬ ‫بحلتها التعطيل يا صاح ترشد‬ ‫ودع عنك تزويقات قوم فإنها‬ ‫(‪ (3‬قال ابن عدوان‪:‬‬

‫فألق لما بينت سمعك واهتد‬ ‫ويعجب ربي من قنوط عباده‬ ‫أل ارق به رضاك يا ذا التسدد‬ ‫وفي رقية المرضى مقال نبينا‬ ‫أل احفظ هداك ال سنة أحمد‬ ‫رواه أبو داود يا ذا وغيره‬ ‫(‪ (4‬اسم من قولك غيرت الشيء فتغير قال أبو السعادات وفي حديث الستسقاء‬ ‫من يكفر بال يلق الغير‪ :‬أي تغير الحال وانتقالها من الصلح إلى الفساد‪.‬‬ ‫(‪ (5‬الزل الشدة والضيق‪ :‬وقد أزل الرجل يأزل أزل‪ ،‬أي صار في ضيق‬ ‫وحدب كأنه أراد من يأسكم وقنوطكم‪.‬‬ ‫‪12‬‬

‫وقوله صلى ال عليه وسلم‪( :‬ل تزال جهنم يلقى فيها وهي تقول‪ :‬هل من مزيد؟ حتى‬ ‫يضع رب العزة فيها رجله ‪ -‬وفي رواية عليها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض فتقول‬ ‫قط قط( متفق عليه‪ .‬وقوله‪( :‬يقول تعالى‪ :‬يا آدم‪ .‬فيقول‪ :‬لبيك وسعديك‪ .‬فينادي بصوت‪:‬‬ ‫إن ال يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار( متفق عليه‪ .‬وقوله‪( :‬ما منكم من أحد‬ ‫إل سيكلمه ربه وليس بينه وبينه ترجمان(‪ .‬وقوله في رقية المريض‪( :‬ربنا ال الذي في‬ ‫السماء تقدس اسمك‪ ،‬أمرك في السماء والرض كما رحمتك في السماء اجعل رحمتك‬ ‫في الرض اغفر لنا حوبنا وخطايانا أنت رب الطيبين‪ ،‬أنزل رحمة من رحمتك وشفاء‬ ‫من شفائك على هذا الوجع فيبرأ( حديث حسن رواه أبو داود وغيره‪ .‬وقوله‪( :‬أل‬ ‫تأمنوني وأنا أمين من في السماء( حديث صحيح‪ .‬وقوله‪( :‬والعرش فوق الماء وال فوق‬ ‫العرش‪ ،‬وهو يعلم ما أنتم عليه( حديث حسن رواة أبو داود وغيره‪ .‬وقوله للجارية‪( :‬أين‬ ‫ال ‪ ((1‬؟( قالت‪( :‬في السماء( قال‪( :‬من أنا؟( قالت‪( :‬أنت رسول ال( قال‪( :‬أعتقها فإنها‬ ‫مؤمنة( رواة مسلم‪( .‬أفضل اليمان أن تعلم أن ال معك حيث ما كنت( حديث حسن‪.‬‬ ‫وقوله‪( :‬إذا قام أحدكم إلى الصلة فل يبصقن قبل وجهه ول عن يمينه فإن ال قبل‬ ‫وجهه‪ .‬ولكن عن يساره أو تحت قدمه( ‪ ((2‬متفق عليه‪ .‬وقوله صلى ال عليه وسلم‪( :‬اللهم‬ ‫رب السماوات السبع والرض ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء خالق الحب‬ ‫والنوى منزل التوراة والنجيل والقرآن أعوذ بك من شر نفسي ومن شر كل دابة أنت‬ ‫آخذ بناصيتها أنت الول فليس قبلك شيء وأنت الخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر‬ ‫فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عني الدين وأغنني من الفقر(‬ ‫رواة مسلم‪ .‬وقوله لما رفع الصحابة أصواتهم بالذكر‪( :‬أيها الناس أربعوا على أنفسكم‬ ‫فإنكم ل تدعون أصم ول غائبا إنما تدعون سميعاً بصيراً قريباً إن الذي تدعونه أقرب‬ ‫إلى أحدكم من عنق راحلته( متفق عليه‪ .‬وقوله‪( :‬إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة‬ ‫البدر ل تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن ل تغلبوا على صلة قبل طلوع الشمس‬ ‫(‪ (1‬قوله‪ :‬أين ال‪ .‬هذا فيه رد على أهل البدع المنكرين لعلو ال على خلقه فن زهوه بجهلهم عما‬ ‫رضي به رسوله فقالوا من زه عن الين؟ وذلك جهل وضلل والحق ما جاءت به السنة‪.‬‬

‫قال ابن عدوان‪:‬‬ ‫رسول إله العالمين محمد‬ ‫وقد جاء لفظ الين من قول صادق‬ ‫كذلك أبو داود والنسائي قد‬ ‫كما قد رواه مسلم في صحيحه‬ ‫(‪ (2‬قال شيخ السلم في العقيدة الحموية‪ ،‬وكذلك قوله صلى ال عليه وسلم‪ :‬إذا قام‬

‫أحدكم إلى الصلة‪ ،‬فإن ال قبل وجهه فل يبصقن قبل وجهه‪ .‬الحديث حق على‬ ‫ظاهره وهو سبحانه فوق العرش وهو قبل وجه المصلي‪ ،‬بل هذا الوصف يثبت‬ ‫للمخلوق‪ ،‬فإن النسان لو أنه يناجي السماء أو يناجي الشمس والقمر‪ ،‬لكانت‬ ‫السماء والشمس والقمر فوقه‪ ،‬وكانت أيضاً قبل وجهه اه ‪.‬‬ ‫‪13‬‬

‫وصلة قبل غروبها فافعلوا( متفق عليه‪ .‬إلى أمثال هذه الحاديث التي يخبر فيها رسول‬ ‫ال صلى ال عليه وسلم عن ربه بما يخبر به فإن الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة‬ ‫يؤمنون بذلك ‪ ((1‬كما يؤمنون بما أخبر ال به في كتابه‪ ،‬من غير تحريف ول تعطيل‪،‬‬ ‫ومن غير تكييف ول تمثيل‪،‬‬

‫(‪ (1‬قال ابن عدوان النجدي المتوفى سنة ‪:1179‬‬

‫ولكن عن التمثيل وفقت أبعد‬ ‫بحلتها التعطيل يا صاح ترشد‬

‫وسلم لخبار الصحيحين يا فتى‬ ‫ودع عنك تزويقات قوم فإنها‬ ‫‪14‬‬

‫بل هم الوسط في فرقة المة كما أن المة هي الوسط في المم فهم وسط في باب‬ ‫‪((1‬‬ ‫صفات ال سبحانه وتعالى‪ :‬بين أهل التعطيل الجهمية وأهل التمثيل المشبهة‬

‫(‪ (1‬قوله‪ :‬بين أهل التعطيل الجهمية‪ ،‬وأهل التمثيل المشبهة‪ :‬التعطيل هو نفي الصفات‬ ‫اللهية‪ ،‬عن القيام بالذات العلية وتأويلها بل دليل صحيح‪ ،‬ول عقل صريح كقولهم‬ ‫رحمة ال إرادته الحسان والنعام‪ ،‬ويده قدرته‪ ،‬واستواؤه على العرش‪ ،‬استيلؤه عليه‬ ‫كل هذا وأمثاله من التعطيل‪ ،‬وما حملهم على ذلك إل الظن الفاسد‪ ،‬والرأي الكاسد‪ ،‬ولقد‬ ‫أحسن القائل حيث يقول‪:‬‬ ‫ل أن ظنوا ظنونا‬ ‫وقصارى أمر من أو‬ ‫حمن ما ل يعلمونا‬ ‫فيقولون على الر‬ ‫والجهمية المعطلة‪ ،‬هم أتباع الجهم بن صفوان الترمذي‪ .‬رأس الفتنة والضلل‪ ،‬وهم في‬ ‫هذا الباب طائفتان‪ ،‬نفاه ومثبتة‪ ،‬فالنفاه قالوا‪ :‬ل ندري أين ال‪ ،‬فل هو داخل العالم ول‬ ‫خارجه‪ ،‬ول متصل ول منفصل‪ ،‬فلم يؤمنوا بقول ال‪ ،‬وهو القاهر فوق عباده وقول‬ ‫النبي للجارية‪ :‬أين ال‪ ،‬وغير ذلك من أدلة الكتاب والسنة‪ ،‬وأما المثبتة من فرقتي‬ ‫الضلل‪ ،‬فهم الذين يقولون‪ :‬إن ال في كل مكان تعالى ال عن قولهم علواً كبيراً‪ ،‬فإنه‬ ‫سبحانه فوق مخلوقاته‪ ،‬مستو على عرشه بائن من خلقه‪ ،‬وأما أهل التمثيل المشبهة‪ ،‬فهم‬ ‫الذين شبهوا ال بخلقه ومثلوه بعباده‪ ،‬وقد رد ال على الطائفتين بقوله (ليس كمثله شيء(‬ ‫فهذا يرد على المشبهة وقوله‪( :‬وهو السميع البصير( يرد على المعطلة‪ ،‬وأما أهل‬ ‫الحق‪ ،‬فهم الذين يثبتون الصفات ل تعالى‪ ،‬إثباتاً بل تمثيل‪ ،‬وينزهونه عن مشابهة‬ ‫المخلوقات تنزيهاً بل تعطيل‪.‬‬ ‫‪15‬‬

‫وهم وسط ‪ ((1‬في باب أفعال ال بين الجبرية والقدرية وغيرهم‪،‬‬

‫(‪ (1‬قوله‪ :‬وهم وسط في باب أفعال ال بين الجبرية والقدرية‪ ،‬اعلم أن الناس اختلفوا في‬

‫أفعال العباد‪ ،‬هل هي مقدوره للرب أم ل‪ ،‬فقال جهم وأتباعه وهم الجبرية‪ :‬إن‬ ‫ذلك الفعل مقدور للرب ل للعبد‪ ،‬وكذلك قال الشعري وأتباعه‪ :‬إن المؤثر في‬ ‫المقدور قدرة الرب ل قدرة العبد‪ ،‬وقال جمهور المعتزلة‪ :‬وهم القدرية أي نفاه‬ ‫المقدر‪ :‬إن الرب ل يقدر على عين مقدور العبد‪ ،‬واختلفوا هل يقدر على مثل‬ ‫مقدوره فأثبته البصريون كأبي علي وأبي هاشم‪ ،‬ونفاه الكعبي وأتباعه‬ ‫البغداديون‪ ،‬وقال أهل الحق‪ :‬أفعال العباد بها صاروا مطيعين وعصاه‪ ،‬وهي‬ ‫مخلوقة ل تعالى والحق سبحانه منفرد بخلق المخلوقات‪ ،‬ل خالق لها سواه‪،‬‬ ‫فالجبرية غلوا في إثبات القدر‪ ،‬فنفوا فعل العبد أصلً‪ ،‬والمعتزلة نفاه القدر‪،‬‬ ‫جعلوا العباد خالقين مع ال‪ ،‬ولهذا كانوا مجوس هذه المة‪ .‬وهدى ال المؤمنين‬ ‫أهل السنة‪ ،‬لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه‪ .‬وال يهدي من يشاء إلى صراط‬ ‫مستقيم‪ ،‬فقالوا‪ :‬العباد فاعلون‪ ،‬وال خالقهم وخالق أفعالهم‪ ،‬كما قال تعالى (وال‬ ‫خلقكم وما تعملون( وهذه المسألة من أكبر المسائل التي تضاربت فيها آراء‬ ‫النظار‪ ،‬وقد ألفت فيها كتب خاصة كشفاء العليل في القضاء والقدر‪ ،‬والحكمة‬ ‫والتعليل لشمس الدين ابن القيم‪ ،‬ولم يهتد إلى الصواب فيها إل من اعتصم‬ ‫بالكتاب والسنة‪:‬‬ ‫ودون مداه بيد ل تبيد‬ ‫مرام شط مرمى العقل فيه‬ ‫‪16‬‬

‫وفي باب ‪ ((1‬وعيد ال بين المرجئة والوعيدية من القدرية وغيرهم‬

‫(‪ (1‬وقوله‪ :‬وفي باب وعيد ال بين المرجئة والوعيدية من القدرية وغيرهم قال‬ ‫في التعريفات المرجئة‪ :‬قوم يقولون ل يضر مع اليمان معصية كما ل ينفع مع‬ ‫الكفر طاعة‪ ،‬وقال القسطلني في شرح البخاري‪ :‬المرجئة نسبة إلى الرجاء‬ ‫أي التأخير لنهم أخروا العمال عن اليمان حيث زعموا أن مرتكب الكبيرة‬ ‫غير فاسق‪ ،‬هم فرقتان كما ذكر ذلك شيخ السلم في الفرقان الولى الذين قالوا‬ ‫إن العمال ليست من اليمان ومع كونهم مبتدعة في المقول الباطل‪ ،‬فقد وافقوا‬ ‫أهل السنة‪ ،‬على أن ال يعذب من يعذبه من أهل الكبائر بالنار‪ ،‬ثم يخرجهم‬ ‫بالشفاعة كما جاءت به الحاديث الصحيحة وعلى أنه لبد في اليمان أن يتكلم‬ ‫به بلسانه‪ ،‬وعلى أن العمال المفروضة واجبة‪ ،‬وتاركها مستحق للذم والعقاب‪،‬‬ ‫وقد أُضيف هذا القول إلى بعض الئمة من أهل الكوفة‪ ،‬وأما الفرقة الثانية فهم‬ ‫الذين قالوا إن اليمان مجرد التصديق بالقلب‪ ،‬وإن لم يتكلم به‪ ،‬فل شك أنهم من‬ ‫أكفر عباد ال‪ ،‬فإن اليمان هو قول باللسان واعتقاد بالجنان‪ ،‬وعمل بالركان‪،‬‬ ‫فإذا اختل واحد من هذه الركان لم يكن الرجل مؤمناً‪.‬‬ ‫وأما الوعيدية فهم القائلون بالوعيد‪ ،‬وهو أصل من أُصول المعتزلة‪ ،‬وهو أن‬ ‫ال ل يغفر لمرتكب الكبائر إل بالتوبة‪ ،‬ومذهبهم باطل يرده الكتاب والسنة‪ ،‬قال‬ ‫تعالى‪( :‬إن ال ل يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء( ‪ ،‬وقال عليه‬ ‫الصلة والسلم‪( :‬من مات من أُمتي ل يشرك ال شيئاً دخل الجنة( قال أبو ذر‪:‬‬ ‫وإن زنى وإن سرق؟ قال‪( :‬وإن زنى وإن سرق(‪ .‬فمذهب أهل السنة حق بين‬ ‫باطلين‪ ،‬وهدى بين ضللتين كما سمعت وال أعلم‪.‬‬ ‫‪17‬‬

‫وفي باب ‪ ((1‬أسماء اليمان والدين بين الحرورية والمعتزلة وبين المرجئة والجهمية‬

‫(‪ (1‬قوله‪ :‬وفي باب أسماء اليمان والدين بين الحرورية والمعتزلة وبين‬ ‫المرجئة والجهمية‪ .‬الحرورية هم الخوارج واعلم أن الناس تنازعوا قديماً في‬ ‫السماء والحكام‪ ،‬أي أسماء الدين مثل‪ :‬مؤمن ومسلم وكافر وفاسق‪ ،‬وفي‬ ‫أحكام هؤلء في الدنيا والخرة فالمعتزلة وافقوا الخوارج على حكمهم في‬ ‫الخرة دون الدنيا‪ ،‬فلم يستحلوا من دماء الفساق الموحدين وأموالهم ما استحلته‬ ‫الخوارج من الفاسق المِلليّ مرتكب الكبائر لن الخوارج يرون ذلك كفراً‪،‬‬ ‫وإنما وافقوهم على حكمهم في الخرة وهو الخلود في النار‪ ،‬وأما في الدنيا‬ ‫فخالفوهم في السم‪ ،‬فقالوا‪ :‬مرتكب الكبيرة خرج من اليمان ولم يدخل الكفر‪،‬‬ ‫فهو بمنزلة بين المنزلتين وهذا أصل من أُصول المعتزلة‪ .‬وهو خاصة مذهبهم‬ ‫الباطل‪ .‬وأما مذهب المرجئة فقد تقدم أنهم قالوا‪ :‬ل يضر مع اليمان معصية‬ ‫ومذهب أهل الحق خلف هذين المذهبين‪ ،‬فل يقولون بقول الخوارج والمعتزلة‬ ‫ويخلدون عصاه الموحدين بالنار‪ ،‬ول يقولون بقول المرجئة‪ :‬إن المعصية ل‬ ‫تضرهم‪ ،‬بل العبد الموحد مأمور بالطاعات منهي عن المعاصي والمخالفات‪،‬‬ ‫فيثاب على طاعته ويعاقب على معصيته إن لم يعف ال عنه‪ ،‬والبحث طويل ل‬ ‫تتسع له مثل هذه الحواشي‪ ،‬وإنما قصدنا بذلك تنبيه الطالب إلى مآخذ هذه‬ ‫المسائل‪ .‬أما عطف الجهمية على المرجئة كما في نسختنا فليس للمغايرة‪ ،‬فإن‬ ‫المرجئة جهمية أيضاً‪ ،‬فالجهم هو الذي ابتدع التعطيل والتجهم والرجاء‬ ‫والجبر‪ ،‬قال في النونية‪:‬‬ ‫مقرونة مع أحرف بوزان‬ ‫جيم وجيم ثم جيم معهما‬ ‫جيمات بالتثليث شر قران‬ ‫فإذا رأيت النور فيه يقارن ال‬ ‫سم الذي قد فاز بالخذلن‬ ‫دلت على أن النحوس جميعها‬ ‫فتأمل المجموع في الميزان‬ ‫جبر وإرجاء وجيم تجهم‬ ‫بخلصة من ربقة اليمان‬ ‫فاحكم بطالعها لمن حصلت له‬ ‫مقسومة في الناس بالميزان‬ ‫والجهم أصلها جميعاً فاغتدت‬ ‫‪18‬‬

‫وفي أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم بين الرافضة والخوارج ‪.((1‬‬

‫أتباع الرسول وتابعوا القرآن‬ ‫لكن نجا أهل الحديث المحض‬ ‫قال الرسول فهم أُولو العرفان‬ ‫عرفوا الذي قد قال مع علم بما‬ ‫(‪ (1‬فالرافضة كفروهم والخوارج كفروا بعضهم‪ ،‬وأهل الحق عرفوا فضلهم‬ ‫كلهم‪ ،‬وأنهم أفضل هذه المة إسلماً وإيماناً وعلماً وحكمة رضي ال عنهم‬ ‫أجمعين‪.‬‬ ‫‪19‬‬

‫وقد دخل فيما ذكرناه من اليمان بال اليمان بما أخبر به في كتابه وتواتر عن رسوله‬ ‫وأجمع عليه سلف المة من أنه سبحانه فوق سماواته على عرشه على خلقه وهو‬ ‫سبحانه معهم أينما كانوا يعلم ما هم عاملون‪ ،‬كما جمع بين ذلك في قوله‪( :‬هو الذي خلق‬ ‫السماوات والرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الرض وما‬ ‫يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم وال بما تعملون‬ ‫بصير(‪ .‬وليس معنى قوله وهو معكم أنه مختلط بالخلق‪ ،‬فإن هذا ل توجبه اللغة‪ ،‬وهو‬ ‫خلف ما أجمع عليه سلف المة‪ ،‬وخلف ما فطر ال عليه الخلق بل القمر آية من آيات‬ ‫ال من أصغر مخلوقاته وهو موضوع في السماء‪ ،‬وهو مع المسافر وغير المسافر أينما‬ ‫كان‪ ،‬وهو سبحانه فوق عرشه رقيب على خلقه مهيمن عليهم مطلع عليهم‪ ،‬إلى غير‬ ‫ذلك من معاني ربوبيته‪ .‬وكل هذا الكلم الذي ذكره ال ‪ -‬من أنه فوق العرش وأنه معنا‬ ‫ حق على حقيقته ل يحتاج إلى تحريف‪.‬‬‫ولكن يصان عن الظنون الكاذبة مثل أن يظن أن ظاهر قوله (في السماء( أن السماء تقله‬ ‫أو تظله وهذا باطل بإجماع أهل العلم واليمان فإن ال قد وسع كرسيه السماوات‬ ‫والرض وهو الذي يمسك السماوات والرض أن تزول‪ ،‬ويمسك السماء أن تقع على‬ ‫الرض إل بإذنه‪ .‬ومن آياته أن تقوم السماء والرض بأمره‪.‬‬ ‫وقد دخل في ذلك اليمان بأنه قريب مجيب كما جمع بين ذلك في قوله‪( :‬وإذا سألك‬ ‫عبادي عني فإني قريب( الية‪ .‬وقوله صلى ال عليه وسلم‪( :‬إن الذي تدعونه أقرب إلى‬ ‫أحدكم من عنق راحلته( وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته ل ينافي ما ذكر‬ ‫من علوه وفوقيته فإنه سبحانه ليس كمثله شيء في جميع نعوته وهو عليّ في دنوه قريبٌ‬ ‫في علوه‪.‬‬

‫‪20‬‬

‫ومن اليمان بال وكتبه‪ :‬اليمان بأن القرآن كلم ال منزل غير مخلوق‪ ،‬منه بدأ وإليه‬ ‫يعود‪ ،‬وأن ال تكلم به حقيقة‪ ،‬وأن هذا القرآن الذي أنزله على محمد صلى ال عليه‬ ‫وسلم هو كلم ال حقيقة ل كلم غيره‪ ،‬ول يجوز إطلق القول بأنه حكاية ‪ ((1‬عن كلم‬ ‫ال أو عبارة ‪ ((2‬بل إذا قرأه الناس أو كتبوه في المصاحف لم يخرج بذلك عن أن يكون‬ ‫كلم ال تعالى حقيقة ‪ ((3‬فإن الكلم إنما يضاف حقيقة إلى من قاله مبتدئاً ل إلى من قاله‬ ‫مبلغاً مؤدياً‪ ،‬وهو كلم ال حروفه ومعانيه ليس كلم ال الحروف دون المعاني ‪ ((4‬ول‬ ‫المعاني دون الحروف ‪.((5‬‬

‫(‪ (1‬كما هو قول الكلبية‬ ‫(‪ (2‬كما هو قول الشعرية‬ ‫(‪ (3‬كما هو قول أهل السنة‬ ‫(‪ (4‬هذا قول المعتزلة‬ ‫(‪ (5‬هذا قول الشاعرة‬ ‫‪21‬‬

‫وقد دخل أيضاً فيما ذكرناه من اليمان به وبكتبه وبملئكته وبرسله اليمان بأن‬ ‫المؤمنين يرونه يوم القيامة عياناً بأبصارهم كما يرون الشمس صحواً ليس بها سحاب‬ ‫(‬ ‫وكما يرون القمر ليلة البدر ل يضامون ‪ ((1‬في رؤيته يرونه سبحانه وهم في عرصات‬ ‫‪ (2‬القيامة ثم يرونه بعد دخول الجنة كما يشاء ال تعالى‪.‬‬

‫ومن اليمان باليوم الخر اليمان بكل ما أخبر به النبي صلى ال عليه وسلم‬ ‫مما يكون بعد الموت‪ .‬فيؤمن بفتنة القبر‪ ،‬وبعذاب القبر ونعيمه‪ .‬فأما الفتنة فإن‬ ‫الناس يمتحنون في قبورهم فيقال للرجل‪ :‬ما ربك وما دينك ومن نبيك؟ فيثبت‬ ‫ال الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الخرة‪ ،‬فيقول المؤمن‪ :‬ربي‬ ‫ال والسلم ديني ومحمد صلى ال عليه وسلم نبيي‪ .‬وأما المرتاب فيقول‪ :‬هاه‬ ‫هاه ل أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته‪ :‬فيضرب بمرزبة ‪ ((3‬من حديد‬ ‫فيصيح صيحة سمعها كل شيء إل النسان ولو سمعها النسان لصعق ‪ -‬ثم بعد‬ ‫هذه الفتنة ‪ -‬إما نعيم وإما عذاب إلى أن تقوم القيامة الكبرى فتعاد الرواح إلى‬ ‫الجساد‪ ،‬وتقوم القيامة التي أخبر ال بها في كتابه وعلى لسان رسوله وأجمع‬ ‫‪((4‬‬ ‫عليها المسلمون‪ ،‬فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين حفاة عراة غرل‬ ‫وتدنو منهم الشمس ويلجمهم العرق‪ ،‬فتنصب الموازين فتوزن بها أعمال العباد‬ ‫(فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون‪ ،‬ومن خفت موازينه فأولئك الذين‬ ‫خسروا أنفسهم في جهنم خالدون( وتنشر الدواوين ‪ -‬وهي صحائف العمال ‪-‬‬ ‫فآخذ كتابه بيمينه وآخذ كتابه بشماله أو من وراء ظهره كما قال سبحانه‬ ‫وتعالى‪( :‬وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ‪ ((1‬ونخرج له يوم القيامة كتاباً‬ ‫(‪ (1‬قوله‪ :‬ل يضامون في رؤيته‪ ،‬وفي الحديث ل تضامون في رؤيته‪ ،‬قال في‬ ‫النهاية يروى بالتشديد والتخفيف‪ :‬فالتشديد معناه ل ينضم بعضكم إلى بعض‪،‬‬ ‫وتزدحمون وقت النظر إليه‪ ،‬ويجوز ضم التاء وفتحها‪ ،‬ومعنى التخفيف ل‬ ‫ينالكم ضيم في رؤيته‪ ،‬فيراه بعضكم دون بعض‪ ،‬والضيم الظلم‪ ،‬وقد اتفق أهل‬ ‫الحق على أن المؤمنين يرونه يوم القيامة من فوقهم كما قال في الكافية الشافية‪:‬‬ ‫نظر العيان كما يرى القمران‬ ‫ويرونه سبحانه من فوقهم‬ ‫ينكره إل فاسد اليمان‬ ‫هذا تواتر عن رسول ال لم‬ ‫(‪ (2‬العرصات‪ :‬جمع عَرصَه‪ ،‬وهي كل موضوع واسع ل بناء فيه‪.‬‬ ‫(‪ (3‬المرزبة بالتخفيف‪ :‬المطرقة الكبيرة‪ ،‬ويقال لها إرزبة بالهمزة والتشديد‪.‬‬ ‫(‪ (4‬الغرل جمع أغرل‪ ،‬وهو القلف‪ ،‬والغرلة‪ :‬القلفة‪.‬‬ ‫(‪ (1‬قال الراغب‪ :‬أي عمله الذي طار عنه من خير وشر‪.‬‬ ‫‪22‬‬

‫يلقاه منشوراً‪ ،‬اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا( ويحاسب ال الخلئق‬ ‫ويخلو بعبده المؤمن فيقرره بذنوبه كما وصف ذلك في الكتاب والسنة‪ ،‬وأما‬ ‫الكفار فل يحاسبون محاسبة من توزن حسناته وسيئاته فإنه ل حسنات لهم‬ ‫ولكن تعد أعمالهم فتحصى فيوقفون عليها وُيقَرّون بها‪ .‬وفي عرصات القيامة‬ ‫الحوض المورود للنبي صلى ال عليه وسلم ماؤه أشد بياضاً من اللبن وأحلى‬ ‫من العسل‪ ،‬آنيته عدد نجوم السماء‪ ،‬وطوله شهر وعرضه شهر من يشرب منه‬ ‫شربة ل يضمأ بعدها أبدا‪.‬‬ ‫والصراط منصوب على متن جهنم وهو الجسر الذي بين الجنة والنار يمر‬ ‫الناس على قدر أعمالهم‪ ،‬فمنهم من يمر كلمح البصر ومنهم من يمر كالبرق‬ ‫ومنهم من يمر كالريح ومنهم من يمر كالفرس الجواد ومنهم من يمر كركاب‬ ‫البل ومنهم من يَعْدو عدْواً ومنهم من يمشي مشياً ومنهم من يزحف زحفاً‬ ‫ومنهم من يخطف خطفاً ويلقى في جهنم‪ .‬فإن الجسر عليه كلليب تخطف‬ ‫الناس بأعمالهم‪ ،‬فمن مر على الصراط دخل الجنة‪ ،‬فإذا عبروا عليه وقفوا على‬ ‫قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض‪ ،‬فإذا ُهذّبوا ونقوا أذن لهم‬ ‫في دخول الجنة‪.‬‬ ‫وأول من يستفتح باب الجنة محمد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وأول من يدخل الجنة من المم‬ ‫أمته وله صلى ال عليه وسلم في القيامة ثلث شفاعات‪ :‬أما الشفاعة الولى فيشفع في‬ ‫أهل الموقف حتى يقضى بينهم بعد أن يتراجع النبياء‪ :‬آدم ونوح وإبراهيم وموسى‬ ‫وعيسى بن مريم من الشفاعة حتى تنتهي إليه‪ .‬وأما الشفاعة الثانية فيشفع في أهل الجنة‬ ‫أن يدخلوا الجنة‪ ،‬وهاتان الشفاعتان خاصتان له‪ ،‬وأما الشفاعة الثالثة فيشفع فيمن استحق‬ ‫النار‪ ،‬وهذه الشفاعة له ولسائر النبيين والصديقين وغيرهم فيشفع فيمن استحق النار أن‬ ‫ل يدخلها ويشفع فيمن دخلها أن يخرج منها‪ ،‬ويخرج ال من النار أقواماً بغير شفاعة بل‬ ‫بفضله ورحمته ويبقى في الجنة فضل عمن دخلها من أهل الدنيا فينشيء ال لها أقواماً‬ ‫فيدخلهم الجنة‪ .‬وأصناف ما تضمنته الدار الخرة من الحساب والثواب والعقاب والجنة‬ ‫والنار وتفاصيل ذلك مذكورة في الكتب المنزلة من السماء والثار من العلم المأثور عن‬ ‫النبياء‪ .‬وفي العلم الموروث عن محمد صلى ال عليه وسلم من ذاك ما يشفي ويكفي‬ ‫فمن ابتغاه وجده‪.‬‬ ‫وتؤمن الفرقة الناجية ‪ -‬أهل السنة والجماعة ‪ -‬بالقدر خيره وشره واليمان بالقدر على‬ ‫درجتين كل درجة تتضمن شيئين‪:‬‬ ‫(فالدرجة الولى( اليمان بأنّ ال تعالى عليم بما الخلق عاملون بعلمه القديم الذي هو‬ ‫موصوف به أزل وأبدا‪ ،‬وعلم جميع أحوالهم من الطاعات والمعاصي والرزاق‬

‫‪23‬‬

‫والجال ثم كتب ال في اللوح المحفوظ مقادير الخلق فأول ما خلق ال القلم ‪ ((1‬قال له‪:‬‬ ‫اكتب‪ .‬قال‪ :‬ما أكتب؟ قال‪ :‬اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة‪ .‬فما أصاب النسان لم يكن‬ ‫ليخطئه‪ ،‬وما أخطأه لم يكن ليصيبه جفت القلم وطويت الصحف كما قال تعالى‪( :‬ألم‬ ‫تعلم أن ال يعلم ما في السماء والرض إن ذلك في كتاب‪ ،‬إن ذلك على ال يسير( ‪،‬‬ ‫وقال‪( :‬ما أصاب من مصيبة في الرض ول في أنفسكم إل في كتاب من قبل أن نبرأها‪،‬‬ ‫إن ذلك على ال يسير( وهذا التقدير ‪ -‬التابع لعلمه سبحانه ‪ -‬يكون في مواضع جملة‬ ‫وتفصيل فقد كتب في اللوح المحفوظ ما شاء‪ ،‬وإذا خلق جسد الجنين قبل خلق الروح‬ ‫فيه بعث إليه ملكاً فيؤمر بأربع كلمات فيقال له‪ :‬اكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد‬ ‫ونحو ذلك‪ .‬فهذا التقدير قد كان ينكره غلة القدرية قديماً ومنكروه اليوم قليل‪.‬‬ ‫(وأما الدرجة الثانية( فهي مشيئة ال النافذة وقدرته الشاملة وهو اليمان بأن ما شاء ال‬ ‫كان وما لم يشأ لم يكن‪ ،‬وأنه ما في السماوات وما في الرض من حركة ول سكون إل‬ ‫بمشيئة ال سبحانه‪ .‬ل يكون في ملكه ما ل يريد ‪ ((1‬وأنه سبحانه على كل شيء قدير من‬ ‫الموجودات والمعدومات‪ ،‬فما من مخلوق في الرض ول في السماء إل ال خالقه‬ ‫سبحانه ل خالق غيره ول رب سواه‪.‬‬

‫(‪ (1‬اعلم أن العلماء رحمهم ال اختلفوا في العرش والقلم أيهم خلق أولً‪ ،‬وحكى‬ ‫ابن القيم في ذلك قولين‪ :‬اختار أن العرش مخلوق قبل القلم‪ ،‬ولهذا قال في‬ ‫النونية‪:‬‬ ‫كتب القضاء به من الديان‬ ‫والناس مختلفون في القلم الذي‬ ‫قولن عند أبي العل الهمذاني‬ ‫هل كان قبل العرش أو هو بعده‬ ‫وقت الكتابة كان ذا أركان‬ ‫والحق أن العرش قبل لنه‬ ‫إيجاده من غير فصل زمان‬ ‫وكتابة القلم الشريف تعقبت‬ ‫(‪ (1‬الرادة نوعان‪ :‬إحداهما الرادة الكونية المستلزمة لوقوع المراد التي يقال‬ ‫فيها ما شاء ال كان وما لم يشأ لم يكن والثانية الرادة الدينية الشرعية وهذه ل‬ ‫تستلزم وقوع المراد إل أن يتعلق بها النوع الول من الرادة‪ ،‬وفي أوائل فتح‬ ‫المجيد بحث مفيد في الفرق بين الرادتين فليراجعه طالب التحقيق‪.‬‬ ‫‪24‬‬

‫ومع ذلك فقد أمر العباد بطاعته وطاعة رسله ونهاهم عن معصيته‪ ،‬وهو سبحانه يحب‬ ‫المتقين والمحسنين والمقسطين ويرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات‪ ،‬ل يحب‬ ‫الكافرين‪ ،‬ول يرضى عن القوم الفاسقين‪ ،‬ول يأمر بالفحشاء ول يرضى لعباده الكفر‪،‬‬ ‫ول يحب الفساد ‪.((1‬‬

‫والعباد فاعلون حقيقة وال خالق أفعالهم‪ ،‬والعبد هو المؤمن والكافر‪ ،‬والبر‬ ‫والفاجر‪ ،‬والمصلي والصائم‪ .‬وللعباد القدرة على أعمالهم ولهم إرادة ‪ ((2‬وال‬ ‫خالقهم وخالق قدرتهم وإرادتهم كما قال ال تعالى‪( :‬لمن شاء منكم أن يستقيم‪،‬‬ ‫وما تشاءون إل أن يشاء ال رب العالمين(‪.‬‬ ‫وهذه الدرجة من القدر يكذب بها عامة القدرية الذين سماهم النبي صلى ال عليه وسلم‬ ‫مجوس هذه المة ويغلو فيها قوم من أهل الثبات ‪((3‬حتى سلبوا العبد قدرته واختياره‬ ‫ويخرجون عن أفعال ال وأحكامه حكمها ومصالحها‪.‬‬ ‫ومن أصول أهل السنة والجماعة أن الدين واليمان قول وعمل‪ :‬قول القلب واللسان‬ ‫وعمل القلب واللسان والجوارح‪.‬‬

‫(‪ (1‬اعلم أن الذي عليه الئمة المحققون ودل عليه الكتاب والسنة‪ ،‬أن المشيئة‬ ‫والمحبة ليستا واحداً ول هما متلزمان‪ ،‬بل قد يشاء ما ل يحبه ويحب ما ل‬ ‫يشاء كونه فالول‪ :‬كمشيئته وجود إبليس وجنوده‪ ،‬ومشيئته العامة لجميع ما في‬ ‫الكون مع بغضه لبعضه‪ ،‬والثاني‪ :‬كمحبته إيمان الكفار وطاعات الفجار وعدل‬ ‫الظالمين وتوبة الفاسقين‪ .‬ولو شاء ذلك لوجد كله‪ ،‬فإنه ما شاء كان وما لم يشأ‬ ‫لم يكن اه ‪.‬‬ ‫(‪ (2‬أي فليس بمجبر على أعماله لنه يعملها بإرادته واختياره فيثاب على‬ ‫الطاعة ويستحق العقاب على المعصية وما أحسن قول ابن عدوان ناظم هذه‬ ‫العقيدة حيث قال‪:‬‬ ‫على العمل افهم فهم غير مبلد‬ ‫وللعبد يا ذا قدرة وإرادة‬ ‫وليس بمجبور ول بمضهد‬ ‫فيفعل يا ذا باختيار وقدرة‬ ‫‪ (3‬أي لنهم أثبتوا خالقا لما اعتقدوه شراً غير ال‪ .‬قال في التدمرية إن من‬ ‫الناس من جعل بعض الموجودات خلقا لغير ال كالقدرية وغيرهم‪ ،‬لكن هؤلء‬ ‫يقرون بأن ال خالق العباد وخالق قدرتهم‪ ،‬وإن قالوا إنهم خلقوا أفعالهم‪ ،‬وقال‬ ‫في النونية‪:‬‬ ‫هو وحده الخلق ليس اثنان‬ ‫فالناس كلهم أقروا أنه‬ ‫الشر خالقه إله ثان‬ ‫إل المجوس فإنهم قالوا بأن‬ ‫(‬

‫‪25‬‬

‫وأن اليمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية‪ ،‬وهم مع ذلك ل يكفرون أهل القبلة بمطلق‬ ‫المعاصي والكبائر كما يفعله الخوارج بل الخوة اليمانية ثابتة مع المعاصي كما قال‬ ‫سبحانه في آية القصاص‪( :‬فمن عفى له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف( وقال‪( :‬وإن‬ ‫طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الخرى فقاتلوا التي‬ ‫تبغي حتى تفيء إلى أمر ال‪ ،‬فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن ال يحب‬ ‫المقسطين‪ ،‬إنما المؤمنون اخوة فأصلحوا بين أخويكم(‪.‬‬

‫ول يسلبون الفاسق الملي ‪((1‬السلم بالكلية‪ ،‬ول يخلدونه في النار كما تقوله‬ ‫المعتزلة بل الفاسق يدخل في اسم اليمان المطلق كما في قوله‪( :‬فتحرير رقبة‬ ‫مؤمنه( وقد ل يدخل في اسم اليمان المطلق كما في قوله تعالى‪( :‬إنما‬ ‫المؤمنون الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا(‪.‬‬ ‫وقوله صلى ال عليه وسلم‪( :‬ل يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن‪ ،‬ول يسرق‬ ‫السارق حين يسرق وهو مؤمن‪ ،‬ول يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن‪،‬‬ ‫ول ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو‬ ‫مؤمن( ونقول‪ :‬هو مؤمن ناقص اليمان أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته فل‬ ‫يعطى السم المطلق ول يسلب مطلق السم‪.‬‬ ‫ومن أصول أهل السنة والجماعة سلمة قلوبهم وألسنتهم لصحاب رسول ال صلى ال‬ ‫عليه وسلم كما وصفهم ال به في قوله تعالى‪( :‬والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا‬ ‫اغفر لنا ولخواننا الذين سبقونا باليمان ول تجعل في قلوبنا غل للذين آمنوا ربنا إنك‬ ‫رؤوف رحيم( وطاعة النبي صلى ال عليه وسلم في قوله‪( :‬ل تسبوا أصحابي فوالذي‬ ‫نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل ُأحُدٍ ذهباً ما بلغ مُدّ أحدهم ول نصيفه(‪ .‬ويقولون ما‬ ‫جاء به الكتاب والسنة والجماع من فضائلهم ومراتبهم‪ ،‬ويفضلون من أنفق من قبل‬ ‫الفتح وهو صلح الحديبية وقاتل على من أنفق من بعد وقاتل‪ ،‬ويقدمون المهاجرين على‬ ‫النصار‪ ،‬ويؤمنون بأن ال قال لهل بدر وكانوا ثلثمائة وبضعة عشر‪( :‬اعملوا ما‬ ‫شئتم فقد غفرت لكم( وبأنه ل يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة كما أخبر به النبي صلى‬ ‫ال عليه وسلم بل لقد رضي ال عنهم ورضوا عنه وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة‪،‬‬ ‫ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول ال صلى ال عليه وسلم كالعشرة وثابت بن قيس‬ ‫بن شماس وغيرهم من الصحابة ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين على بن‬ ‫أبي طالب رضي ال عنه وغيره من أن خير هذه المة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر‪،‬‬ ‫ويثلثون بعثمان ويربعون بعلي رضي ال عنهم كما دلت عليه الثار وكما أجمع‬ ‫(‪ (1‬أي الذي على ملة السلم‪ ،‬ولم يرتكب من الذنوب ما يوجب كفره كعبادة غير ال‪،‬‬ ‫وإنكار ما علم مجيئه من الدين بالضرورة وغير ذلك‪ ،‬مما هو معلوم في نواقض‬ ‫السلم‪ ،‬وموجبات الردة اعاذنا ال منها‪.‬‬ ‫‪26‬‬

‫الصحابة على تقديم عثمان في البيعة مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان‬ ‫وعلي رضي ال عنهما ‪ -‬بعد اتفاقهم على تقديم أبي بكر وعمر ‪ -‬أيهما أفضل فقدم قوم‬ ‫عثمان وسكتوا وربّعوا بعلي‪ ،‬وقدم قوم علياً‪ ،‬وقوم توقفوا لكن استقر أمر أهل السنة‬ ‫على تقديم عثمان ثم علي وإن كانت هذه المسألة ‪ -‬مسألة عثمان وعلي ‪ -‬ليست من‬ ‫الصول التي يضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة‪ ،‬لكن التي يضلل فيها مسألة‬ ‫الخلفة وذلك أنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول ال صلى ال عليه وسلم أبو بكر وعمر‬ ‫ثم عثمان ثم علي‪ ،‬ومن طعن في خلفة أحد من هؤلء فهو أضل من حمار أهله‪.‬‬ ‫ويحبون أهل بيت رسول ال ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول ال صلى ال عليه‬ ‫وسلم حيث قال يوم ‪((1‬غدير خم‪( :‬أذكركم ال في أهل بيتي‪ ،‬وقال أيضاً للعباس عمه وقد‬ ‫اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم فقال‪( :‬والذي نفسي بيده ل يؤمنون حتى‬ ‫يحبوكم ل ولقرابتي( وقال‪( :‬إن ال اصطفى بني إسماعيل واصطفى من بني إسماعيل‬ ‫كنانة واصطفى من كنانة قريشاً واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني‬ ‫هاشم( ويتولون أزواج رسول ال صلى ال عليه وسلم أمهات المؤمنين ويؤمنون بأنهن‬ ‫أزواجه في الخرة خصوصاً خديجة رضي ال عنها أم أكثر أولده أول من آمن به‬ ‫وعاضده على أمره وكان لها منه المنزلة العالية والصّدّيقة بنت الصّدّيق رضي ال عنها‬ ‫التي قال النبي صلى ال عليه وسلم‪( :‬فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر‬ ‫الطعام( ‪ ،‬ويتبرءون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم وطريقة‬ ‫النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل‪ ((1‬ويمسكون عما شجر من الصحابة‬ ‫ويقولون‪ :‬إن هذه الثار المروية في مساويهم منها ما هو كاذب ومنها ما قد زيد فيه‬ ‫ونقص‪ ،‬وغُيّر عن وجهه‪ .‬والصحيح منه هم فيه معذورون إما مجتهدون مصيبون‪ ،‬وإما‬ ‫مجتهدون مخطئون‪ .‬وهم مع ذلك ل يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن‬ ‫كبائر الثم وصغائره بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة ولهم من السوابق والفضائل ما‬ ‫يوجب مغفرة ما يصدر عنهم إن صدر‪ ،‬حتى إنهم يغفر لهم من السيئات ما ل يغفر لمن‬ ‫(‪ (1‬قال الزمخشري‪ :‬خم بضم الخاء اسم رجل صباغ أُضيف إليه الغدير الذي بين مكة‬ ‫والمدينة بالجحفة وقيل هو على ثلثة أميال من الجحفة وذكر صاحب المشارق أن خما‬ ‫اسم غيضة هناك وبها غدير نسب إليها اه ‪.‬‬

‫والغيضة‪ :‬الشجر الملتف‪.‬‬ ‫(‪ (1‬هذا هو الحق الذي يجب المصير إليه ولقد ضل كثير من المؤرخين المتنطعين‬ ‫فجعلوا أنفسهم كأنهم حكام بين أصحاب رسول ال فصوبوا وخطأوا بل دليل بل باتباع‬ ‫الهوى وضعف الدين‪ ،‬ولقد أحسن ابن عدوان النجدي بقوله حيث قال‪:‬‬ ‫وما صح معذورون فيه فقل قد‬ ‫ونمسك عماّ كان بين صحابه‬ ‫فل تبغ قولً غير ذلك تهتد‬ ‫فإما لهم أجران أو أجر يا فتى‬ ‫ولكن لهم ما يوجب العفو فاهتد‬ ‫وليسوا بمعصومين فاسمع مقالنا‬ ‫لخير القرون افهم بغير تردد‬ ‫فقد صح عن خير الخلئق أنهم‬ ‫‪27‬‬

‫بعدهم‪ ،‬لن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات مما ليس لمن بعدهم‪ .‬وقد ثبت بقول‬ ‫رسول ال صلى ال عليه وسلم إنهم خير القرون وأن المُدّ مِن أحدهم إذا تصدق به كان‬ ‫أفضل من جبل أحد ذهبا ممن بعدهم‪ ،‬ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب‬ ‫منه‪ ،‬أو أتى بحسنات تمحوه أو غفر له بفضل سابقته‪ ،‬أو بشفاعة محمد صلى ال عليه‬ ‫وسلم الذي هم أحق الناس بشفاعته‪ ،‬أو ابتلى ببلء في الدنيا ُكفّرَ به عنه‪ .‬فإذا كان هذا‬ ‫في الذنوب المحققة فكيف المور التي كانوا فيها مجتهدين إن أصابوا فلهم أجران‪ ،‬وإن‬ ‫أخطأوا فلهم أجر واحد والخطأ مغفور‪.‬‬ ‫ثم القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نزر مغفور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم‬ ‫من اليمان بال ورسوله والجهاد في سبيله والهجرة والنصرة والعلم النافع والعمل‬ ‫الصالح‪.‬‬ ‫ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة وما من ال عليهم به من الفضائل علم يقيناً أنهم‬ ‫خير الخلق بعد النبياء ل كان ول يكون مثلهم وأنهم الصفوة من قرون هذه المة التي‬ ‫هي خير المم وأكرمها على ال‪.‬‬ ‫ومن أصول أهل السنة‪ :‬التصديق بكرامات الولياء‪ ((1‬وما يجري ال على أيديهم من‬ ‫خوارق العادات في أنواع العلوم والمكاشفات وأنواع القدرة والتأثيرات والمأثور عن‬ ‫سالف المم في سورة الكهف وغيرها وعن صدر هذه المة من الصحابة والتابعين‬ ‫وسائر فرق المة وهي موجودة فيها إلى يوم القيامة‪.‬‬ ‫ثم من طريقة أهل السنة والجماعة اتباع آثار رسول ال صلى ال عليه وسلم باطناً‬ ‫وظاهراً واتباع سبيل السابقين الولين من المهاجرين والنصار واتباع وصية رسول‬ ‫ال صلى ال عليه وسلم حيث قال‪( :‬عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من‬ ‫بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات المور فإن كل بدعة ضللة(‬ ‫(‪ (1‬كرامات أولياء ال المتقين من عباده الصالحين من الولين والخرين ثابتة بالكتاب‬ ‫والسنة‪ ،‬وقد أخبر ال بها في كتابه‪ ،‬وعرف عباده بما أكرم به أصحاب الكهف ومريم‬ ‫بنت عمران وآصف بن برخيا‪ ،‬وكذلك ثبت في كتب أهل السنة ما أكرم به عمر بن‬ ‫الخطاب وأُسيد بن حضير والعلء بن الحضرمي وغيرهم مما هو مفصل في لوائح‬ ‫النوار وغيره‪ .‬ومن أراد تفصيل ما أشرنا إليه فليراجع اللوائح والفرقان لشيخ السلم‬ ‫ابن تيمية وشرح الخمسين لبن رجب وغيرها‪ ،‬حيث إن هذه الحاشية ل تتسع لبسط‬ ‫ذلك‪ ،‬وقد عد أهل السنة من أنكر كرامات الولياء وخوارق العادات من أهل البدع‬ ‫لمخالفته الدليل‪.‬‬

‫(تنبيه( ل تظن أيها القاريء أن أصحاب الطرق المبتدعة الذين يسالمون‬ ‫الحيات ويمسكونها ويدخلون النار تخييلً ويضربون أنفسهم بالسلح كذباً‬ ‫وتدجيل من أولياء ال‪ ،‬بل هم من أولياء الشيطان‪ ،‬نعوذ بال من أفعالهم ونبرأ‬ ‫إلى ال منهم ومن أحوالهم‪.‬‬ ‫‪28‬‬

‫ويعلمون أن أصدق الكلم كلم ال وخير الهدي هدي محمد صلى ال عليه وسلم‬ ‫ويؤثرون كلم ال على غيره من كلم أصناف الناس‪ ،‬ويقدمون هدي محمد صلى ال‬ ‫عليه وسلم على هدى كل أحد ولهذا سموا أهل الكتاب والسنة وسموا أهل الجماعة لن‬ ‫الجماعة هي الجتماع وضدها الفرقة وإن كان (لفظ( الجماعة قد صار اسماً لنفس القوم‬ ‫المجتمعين والجماع هو الصل الثالث‪ ((1‬الذي يعتمد عليه في العلم والدين وهم يزنون‬ ‫بهذه الصول الثلثة جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة مما له‬ ‫تعلق بالدين‪.‬‬ ‫والجماع الذي ينضبط هو ما كان عليه السلف الصالح‪ .‬إذ بعدهم كثر الختلف‬ ‫وانتشرت المة‪.‬‬ ‫ثم هم مع هذه الصول يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على ما توجبه‬ ‫الشريعة ويرون إقامة الحج والجهاد والجمع والعياد مع المراء أبراراً كانوا أو فجاراً‪،‬‬ ‫ويحافظون على الجماعات ويدينون بالنصيحة للمة ويعتقدون معنى قوله صلى ال‬ ‫عليه وسلم‪( :‬المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا( وشبك بين أصابعه‪ ،‬وقوله‬ ‫صلى ال عليه وسلم‪( :‬مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا‬ ‫اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر( ويأمرون بالصبر عند البلء‪،‬‬ ‫والشكر عند الرخاء‪ ،‬والرضا بِمُرّ القضاء‪ ،‬ويدعون إلى مكارم الخلق ومحاسن‬ ‫العمال ويعتقدون معنى قوله صلى ال عليه وسلم‪( :‬أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقا(‬ ‫ويندبون إلى أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك ويأمرون ببر‬ ‫الوالدين‪ ،‬وصله الرحام‪ ،‬وحسن الجوار‪ ،‬والحسان إلى اليتامى والمساكين وابن السبيل‬ ‫والرفق بالمملوك وينهون عن الفخر والخيلء والبغي والستطالة على الخلق بحق أو‬ ‫بغير حق ويأمرون بمعالي الخلق‪ ،‬وينهون عن سفسافها‪ ((1‬وكل ما يقولونه ويفعلونه‬ ‫من هذا وغيره فإنما هم فيه متبعون للكتاب والسنة وطريقتهم هي دين السلم الذي بعث‬ ‫ال به محمداً صلى ال عليه وسلم‪ .‬لكن لما أخبر النبي صلى ال عليه وسلم أن أمته‬ ‫ستفترق على ثلث وسبعين فرقة كلها في النار إل واحدة وهي الجماعة‪ ،‬وفي حديث‬ ‫عنه أنه قال‪( :‬هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي( صار المتمسكون‬ ‫بالسلم المحض الخالص عن الشوب هم أهل السنة والجماعة وفيهم الصديقون‬ ‫والشهداء والصالحون ومنهم أعلم الهدى ومصابيح الدجى أولوا المناقب المأثورة‪،‬‬ ‫والفضائل المذكورة‪ ،‬وفيهم البدال‪ ((2‬وفيهم أئمة الدين الذين أجمع المسلمون على‬ ‫(‪ (1‬وأما الصل الول فهو القرآن‪ ،‬وأما الثاني فهو سنة النبي عليه السلم‪.‬‬ ‫(‪ ( 1‬قوله سفسافها‪ ،‬السفساف‪ ،‬المر الحقير والرديء من كل شيء وهو ضد المعالي‬ ‫والمكارم‪.‬‬ ‫(‪ (2‬قوله‪ :‬البدال‪ :‬قال ابن الثير في حديث عن البدال بالشام‪ :‬هم الولياء والعباد‬ ‫الواحد بدل كحمل وأحمال وبدل كجمل سموا بذلك لنهم كلما مات واحد منهم أبد بآخر‬ ‫‪29‬‬

‫هدايتهم وهم الطائفة المنصورة الذين قال فيهم النبي صلى ال عليه وسلم‪( :‬ل تزال‬ ‫طائفة من أمتي على الحق منصورة ل يضرهم من خالفهم ول من خذلهم حتى تقوم‬ ‫الساعة( فنسأل ال أن يجعلنا منهم وأل يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا وأن يهب لنا من لدنه‬ ‫رحمة إنه الوهاب وال أعلم‪.‬‬ ‫وصلى ال على محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً‪.‬‬

‫اه ‪.‬‬ ‫ولو قيل‪ :‬إن البدال هم الذين يجددون الدين كما في الحديث لما كان بعيداً وليس مراده‬ ‫بالبدال ما اشتهر على لسان عباد القبور حيث يقولون‪ :‬القطاب والوتاد والنجباء‬ ‫والبدال والغوث‪ ،‬فيضلون بهذه السماء الجهال زاعمين أن لها حقيقة‪ ،‬وما هي وال إل‬ ‫خرافات ل حقيقة لها سوى العقائد الفاسدة الزائغة الشركية‪.‬‬

‫نسأل ال الشفاعة والعافية من كل بدعة وضللة‪ ،‬وأن يثبتنا على الصراط‬ ‫المستقيم بمنه وكرمه‪.‬‬ ‫‪30‬‬

Related Documents


More Documents from ""