The Preference Of Seeking Ilm Shaykh Saalih Aali Shaykh

  • November 2019
  • PDF

This document was uploaded by user and they confirmed that they have the permission to share it. If you are author or own the copyright of this book, please report to us by using this DMCA report form. Report DMCA


Overview

Download & View The Preference Of Seeking Ilm Shaykh Saalih Aali Shaykh as PDF for free.

More details

  • Words: 6,391
  • Pages: 21
‫فضل العلم‬ ‫وصفات أهله وفضلهم‬ ‫للشيخ‬ ‫صالح بن عبد العزيز آل‬ ‫الشيخ‬ ‫حفظه ال تعال‪-‬‬‫[شريط مفرغ]‪‬‬

‫‪2‬‬

‫للشيخ صالح آل الشيخ‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬ ‫المد ل الذي أنزل القرآن وجعله أصل العلوم‪ ،‬علم النسان ما ل يعلم‪ ،‬نمده‬ ‫سبحانه على أن هيأ لنا أبواب اليات‪ ،‬ونسأله أن يثبتنا على ذلك إل أن نلقاه‪ ،‬وهو‬ ‫راض عنا غي مبدّلي ول مغيين ول مفتوني‪ ،‬اللهم آمي‪.‬‬ ‫وأشهد أن ل إله وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن ممدا عبد ال ورسوله‪ ،‬وصفيه‬ ‫وخليله صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيا‪.‬‬ ‫أما بعد‪:‬‬ ‫فإنّ العلم وطلبه من أفضل القربات إل ال جل وعل؛ بل ع ّد جع كثي من أهل‬ ‫العلم طلب العلم أفضل النوافل؛ يعن أنم جعلوا طلب العلم أفضل النوافل الت يطلبها‬ ‫الع بد‪ ،‬ولذا فإن ال سّعي ف ن شر العلم النا فع القتبَس من كتاب ال جل وعل و من‬ ‫سنة رسوله صَلّى الُ عَلَيْ ِه وَ َسلّمَ‪ ،‬وما بينه أئمة السلم الؤتنون على الدين ف فهم‬ ‫الكتاب والسنة‪ ،‬إ ّن السعي ف ذلك من الهاد ف سبيل ال جل وعل‪ ،‬وما يراغم به‬ ‫الشيطان وأعداء ال ّد ين‪ ،‬وهذا لشك حاصل؛ لن أهل العلم ف كل زمان وف كل‬ ‫مكان همم الذيمن يرثون النمبياء‪ ،‬وإذا كانوا همم ورثمة النمبياء فإن ذلك يعنم أنمم‬ ‫القائمون بأعباء الديمن‪ ،‬فكلمما ازداد العلم ازداد اليم‪ ،‬وإذا قمل العلم كثرت الهالة‬ ‫وكثر الشر‪.‬‬ ‫و من ج هة أخرى فإن نا اليوم با جة كثية وحا جة كبية إل أعداد كبية من‬ ‫طلب العلم ليفقهوا ال سلمي ف شرق الرض و ف غرب ا‪ ،‬فالناس متاجون اليوم إل‬ ‫من يبي ل م ال ق و يبيّن ل م التوح يد ال صحيح والعقيدة الالصة ومع ن اتباع ال سنة‬ ‫النب صَلّى الُ عََليْهِ وَ َسلّمَ‪ ،‬ويبي لم أحكام الشرع ويبينوا لم ما به قوتم ف دينهم‬ ‫لمُ‪.‬‬ ‫لةُ والسّ َ‬ ‫وما به اتباع منهج ممد عََلْيهِ الصّ َ‬

‫فضل العلم وصفات أهله وفضلهم‬ ‫‪3‬‬

‫وهذا نتاج ف يه إل أعداد كبية من طلّب العلم سواء ف دا خل البلد أم ف‬ ‫خارجها؛ لن الناس يتاجون كثيا إل طالب العلم ليعلمهم‪.‬‬ ‫ومن القواعد القررة ف الفقه أ ّن الوسائل لا أحكام القاصد‪ ،‬فإذا كان القصد‬ ‫بذه الثابة من فضله وحكمه وأثره فإ نّ الوسيلة لتحصيله وإقامته وبثه لا حكمه من‬ ‫جهة الوجوب الكفائي ومن جهة أيضا البذل فيه والسعي ف نشره‪.‬‬ ‫ولذا الرء يؤجر على الوسيلة إذا كانت صحيحة شرعا‪ ،‬كما يؤجر على الغاية‬ ‫التف قة مع الشرع‪ ،‬و قد قال ال صوليون‪ :‬ما ل ي تم الوا جب إل به ف هو وا جب‪.‬‬ ‫والوسيلة تبع للمقصد‪ ،‬فإذا كان القصد واجبا فوسيلته واجبة من حيث الكم ومن‬ ‫ح يث ال جر‪ ،‬وإذا الق صد م ستحبا فو سيلته كذلك‪ ،‬وهكذا إذا كان الق صد مر ما‬ ‫فوسيلته كذلك‪ ،‬إل ف ما استثن‪.‬‬ ‫والعلم لن قرأ القرآن وقرأ السنة وعلم هدي النبياء يد أنه أهم الهمات‪ ،‬وأن‬ ‫به النجاة‪ ،‬قال ال جل وعل‪ :‬ب سم ال الرح ن الرح يم ﴿وَاْلعَ صْرِ (‪ )1‬إِنّ اْلإِن سَانَ‬

‫سرٍ (‪ )2‬إِلّا اّلذِي نَ آمَنُوا وَعَ ِملُوا ال صّالِحَاتِ﴾[الع صر]‪ .‬الذ ين آمنوا هم أ هل‬ ‫لَفِي خُ ْ‬ ‫العلم على ح سب ما تعلموه من اليان‪ ،‬فج مع ب ي العلم والع مل وقدّم العلم على‬ ‫العمل‪.‬‬ ‫وأهل العلم قرنم ال جل وعل بلئكته فقال سبحانه ﴿ َشهِدَ اللّ ُه أَنّ ُه لَا إِلَ َه إِلّا هُوَ‬ ‫ط لَا إِلَهَمإِلّا ُهوَ الْ َعزِيزُ اْل َحكِيمُم﴾[آل عمرا‪ ،]1 8 :‬فج عل‬ ‫وَاْل َملَاِئكَةُ وَُأوْلُوا اْل ِعلْمِم قَائِمًا بِاْلقِس ْم ِ‬ ‫الشهادة له بالوحدانية منه سبحانه ‪-‬وكفى بال شهيدا‪ ،-‬ث بلئكته‪ ،‬وث بأهل العلم‬ ‫واقتران أ هل العلم ب صفوة خلق ال ‪-‬و هم اللئ كة‪ -‬يدل على ارتفاع شأن م وعلى‬ ‫عظم ما سعوا فيه وما اتصفوا به‪.‬‬ ‫النبياء هم سادة العلماء‪ ،‬فكل نب هو أعلم أهل زمانه با أنزل ال جل وعل‬ ‫إليه‪ ،‬والنب صَلّى الُ عَلَيْ هِ َو َسلّمَ ممد بن عبد ال أرشده ربه جل جلله وتقدست‬

‫‪4‬‬

‫للشيخ صالح آل الشيخ‬

‫أ ساؤه إل أن يطلب الزدياد من العلم فقال سبحانه ل نبيه ﴿ َولَا َتعْجَلْ بِاْل ُقرْآ ِن مِن‬ ‫قَبْلِ أَن ُي ْقضَى إِلَيْ كَ وَحْيُ هُ َوقُل ّربّ ِزدْنِي ِعلْمًا﴾[طه‪ ،]114:‬قال الفسرون معن ﴿‬ ‫ِزدْنِي ِعلْمًا﴾ أي قل يا رب زدن منك علما‪ ،‬وقال آخرون‪ :‬معناه يا رب زدن منك‬ ‫فهما‪.‬‬ ‫قال سفيان ا بن عيي نة المام العروف رح ه ال تعال‪ :‬ل يزل ال سبحانه جل‬ ‫وعل يز يد نبيه من العلم بالنزال الو حي ح ت توفاه ال جل جلله‪ .‬وهذا لن ال ية‬ ‫صلّى الُ َعلَيْ ِه وَ سَلّ َم ل يزل ال جل وعل‬ ‫ك ما هو معلوم مك ية سورة طه‪ ،‬وال نب َ‬ ‫يوحي إليه بالعلم ويفهمه حت كان با أرشد المة إليه من العلم مستجاب الدعوة ف‬ ‫هذه السورة ﴿ َوقُل ّربّ ِزدْنِي ِعلْمًا﴾‪.‬‬ ‫قال طائ فة من أ هل العلم‪ :‬ل يأ مر ال جل وعل نبيه صَلّى الُ عَلَيْ هِ َو َسلّمَ أن‬ ‫يطلب الزدياد من ش يء إل من العلم فحسب؛ وذلك لن العلم الزدياد م نه ازدياد‬ ‫ف اليان‪ ،‬ازدياد ف تقيق الشريعة‪ ،‬ازدياد ف العبودية‪ ،‬ازدياد ف العمل‪ ،‬ازدياد ف‬ ‫الهاد‪ ،‬ازدياد ف أ ثر ذلك على خا صة الن سان وعلى عا مة الناس‪ ،‬وأ ما عا مة أ هل‬ ‫اليان فإن م درجات؛ يع ن من ب عد ال نبياء فإن م درجات أعل هم در جة وأرفع هم‬ ‫قدرا هم أهل العلم ك ما قال سبحانه ﴿َيرْفَ عِ اللّ هُ اّلذِي نَ آمَنُوا مِنكُ مْ وَاّلذِي نَ أُوتُوا‬

‫فخصم أهمل العلم بالرفعمة‬ ‫ّ‬ ‫َاتم﴾[الجادلة‪]11:‬؛ فجعمل الميمع مرفوعيم‬ ‫ْمم َدرَج ٍ‬ ‫اْل ِعل َ‬ ‫درجات كما قاله طائفة من الفسرين‪.‬‬ ‫وهذا يدلك على أنّ الع بد الصال إذا أراد القرب من ال جل وعل والطاعة له‬ ‫فإنم أعظمم الطرق إل ذلك العلم النافمع؛ لن بالعلم‬ ‫والجتهاد والهاد فم سمبيله‪ّ ،‬‬ ‫ازدياد الي ف نفس العبد وف غيه‪ ،‬فالعلم فضله ف هذه الشيعة عظيم‪ ،‬فضله يتعدى‬ ‫أن يكون مقت صرا على عبادة من العبادات؛ بل ف ضل العال على العا بد ‪-‬يع ن على‬

‫فضل العلم وصفات أهله وفضلهم‬ ‫‪5‬‬

‫عابد الؤمني‪ -‬فضل عال لهل اليان على عابد الؤمني كفضل النب صَلّى الُ عََليْهِ‬ ‫وَسَلّ َم على سائر المة‪ ،‬كما جاء ف الثر‪.‬‬ ‫العلم يتاج منما إل أن نَ ْعرِفَه وأن نتعرف فضله وأن نتعرّف منلتمه حتم نقبمل‬ ‫عل يه لن نا إذا علم نا شأن العلم وعلم نا فضله وعلم نا أثره فإن النفوس تر غب أك ثر‬ ‫وأكثر ف ذلك‪ ،‬فتحصيل العلم أعظم النوافل كما قلنا‪ ،‬والعلم منه واجب فرض على‬ ‫الميع ومنه تطوّع؛ لكن بعد أداء الفرائض ليس ث أفضل من العلم‪ ،‬كما قال ذلك‬ ‫جا عة من العلماء ورُجّ ح على الهاد ف سبيل ال تعال ‪-‬جهاد التطوع‪ -‬ل ا له من‬ ‫هوم الثر ف الاضر وف الستقبل؛ بل هو ف القيقة عُدة الهاد وقوة النفس؛ لن‬ ‫طالب العلم قوي الرادة قوي النفس قوي ال ثر ل ا يعلم من ف ضل العلم و من رِضًى‬ ‫ال جل وعل عن عباده‪.‬‬ ‫لذا جاء ف الديث الصحيح «وإن اللئكة لتضع أجنحتها لطالب العلن رضا‬

‫با يصنع»‪ .‬العال أو طالب العلم أو السائر ف ذلك السبيل إذا سلك طريقا يلتمس‬ ‫فيه علما سهل ال له به طريقا إل النة كما جاء ف الديث الصحيح‪ ،‬وهذا يعن أن‬ ‫فضل العلم على صاحبه أن أي طريق تلتمس فيه العلم النافع الذي مردّه ومأخذه من‬ ‫النص ‪-‬من الكتاب والسنة ومن فهم أهل العلم‪ -‬فإ نّ ذلك سبيل إل أن يسهل لك‬ ‫به طريق إل النة‪.‬‬ ‫العلم سمبب لغفرة الذنوب وازدياد السمنات؛ لن طالب العلم وهمو يتعلم‬ ‫ح سناته تزداد‪ ،‬وإ نّ السنات يُذهب ال سيئات‪ ،‬ك ما ذكر نا لك أ نّ طالب العلم من‬ ‫أعظم العبادات فضل ف نفسه وأجرا وثوابا‪ ،‬فيكون ‪-‬إذن‪ -‬من أعظم السنات الت‬

‫تُكفّر با السيئات قال ال جل وعل ﴿إِنّ اْلحَ سَنَاتِ ُي ْذهِبْ َن ال سّيّئَاتِ ذَلِ كَ ذِ ْكرَى‬

‫صلّى الُ َعلَيْ ِه وَ سَلّمَ‪« :‬اِتّ ِق ال حَيُْثمَا ُكنْ تَ‪ ،‬وَأَتِْب عِ‬ ‫لِلذّا ِكرِي نَ﴾[هود‪ ،]1 1 4 :‬وقال النب َ‬

‫س ِب ُخلُ ٍق حَسَنٍ»‪ ،‬وهذا يدل على أنّ طالب العلم يزداد‬ ‫السّيّئَةَ اْلحَسََنةَ َت ْمحُهَا‪َ ،‬وخَالِقِ النّا َ‬

‫‪6‬‬

‫للشيخ صالح آل الشيخ‬

‫من ال سنات وتك فر لذلك سيئاته‪ ،‬إذا قرأ أو إذا ك تب أو إذا ح ضر ملس العلم أو‬ ‫إذا كرر وحفمظ بالنيمة الصمالة فإنمه مأجور وحسمناته مكفّرة لسميئاته مما اجتُنبمت‬ ‫الكبائر؛ بل إن العلم لهله ولطلبة العلم سبي ٌل لقوة ف د ين ال جل وعل‪ ،‬فالعال أو‬ ‫طالب العلم يكون قو يا ف دينه ل يدر كه الشيطان إل ما شاء ال جل وعل‪ ،‬طالب‬ ‫العلم قوي ف إيا نه؛ ل نه علم اليان بج ته‪ ،‬قوي ف عمله؛ ل نه يتع بد و هو يعلم‬ ‫ك يف تع بد ال نب م مد صَلّى الُ عََليْ ِه وَ َسلّمَ‪ ،‬ف هو ح ي يتع بد يتذكّر ما حُج ته ف‬ ‫عباد ته فيت بط قال با وقابل ب سنة ال نب صَلّى الُ َعلَيْ ِه وَ سَلّ َم ف صلته تذكّرا و ف‬ ‫عباداته وف صلته وف دعوته وف جهاده وف أمره بالعروف ونيه بالنكر وف علقاته‬ ‫كل ذلك عن علم و عن ب صي‪ ،‬بلف من يع مل تلك الشياء عن غ ي علم فإ نه ل‬ ‫يرتبط بدي النب صَلّى الُ عََليْ هِ وَ َسلّمَ ول يتذكّر النب صَلّى الُ عَلَيْ ِه وَ َسلّ َم وهدي‬ ‫الصحابة ف ذلك‪.‬‬ ‫فطالب العلم موصول بأئمة الدين‪ ،‬موصول بأئمة السلم أيضا بعد نبينا صَلّى‬ ‫الُ َعلَيْ ِه وَ سَلّ َم وبعد الصحابة‪ ،‬فيعمل وهو يعلم أن هذه قال لا المام أحد‪ ،‬قال با‬ ‫الشافعي‪ ،‬قال ب ا سعيد بن جبي‪ ،‬قال ب ا المام مالك‪ ،‬قال با ابن تيمية‪ ،‬وقال ب ا‬ ‫ابن حزم‪ ،‬قال با فلن وفلن‪ ،‬فهو موصول بتذكّر هؤلء العلماء الذين م ّن ال جل‬ ‫وعل عليهم بثناء المة عليهم‪ ،‬وهذا يعن الصّلة الستمرة بأهل العلم‪ ،‬والنب صَلّى الُ‬ ‫عََلْيهِ وَ َسلّمَ يقول «أنت مع من أحببت»‪.‬‬

‫العلم فضله عظ يم ف أن طالب العلم ف تعل مه يؤ جر ل نه صاحب ن ية صالة‪،‬‬ ‫وال نب صَلّى الُ َعلَيْ هِ وَ سَلّمَ يقول «إنّ ما العمال بالنيات وإّن ما لمرئ ما نوى»‬ ‫فكل عبد له ما نوى‪ ،‬وإذا صحت نيّة طالب العلم ف العلم فإنه فيما يأت من العلم‬ ‫بنية صحيحة يؤ جر على ما يعمل من تفاصيله‪ ،‬فكل عمل يعمله بنية صالة عبادة‬ ‫مستقلة عظيمة يؤجر عليها‪ ،‬كيف إذا كان هذا العلم أعظم ما يُطلب وهو كتاب ال‬

‫فضل العلم وصفات أهله وفضلهم‬ ‫‪7‬‬

‫جل وعل‪ ،‬فلهذا إذا حفظ القرآن بنية صحيحة أو طلب علم التفسي أو طلب الفقه‬ ‫ف الدين فإن أجره حينئذ يضاعف ويضاعف وال جل وعل ل يضيع أجر من أحسن‬ ‫عمله‪.‬‬ ‫صاحب العلم عمله ال صال يضاعَف له ب سب ما ف قل به من اليق ي‪ ،‬ال جل‬ ‫وعل يزي عن السنة بعشر أمثالا إل سبعمائة ضعف إل أضعاف كثية كما جاء‬ ‫ف الد يث الصحيح‪ ،‬وهذا يع ن أن الناس متلفون ف تضع يف أعمال م‪ ،‬ف من العباد‬ ‫من يؤ جر بالسنة عشر حسنات‪ ،‬وهذا مِنّة من ال جل وعل وكرم ف جيع أ هل‬ ‫اليان‪ « ،‬من جاء بالسنة فله عشر أمثالا»‪ ،‬كل مؤمن يأت بسنة يعلها ال جل‬

‫ل ُم «إل سمبعمائة ضعمف إل‬ ‫والسم َ‬ ‫لةُ ّ‬ ‫الصم َ‬ ‫ْهم ّ‬ ‫وعل عشرة حسمنات؛ لكمن قال عََلي ِ‬ ‫أضعاف كثية» قال أهل العلم‪ :‬هذا التضعيف لجل ما وقر ف قلب العامل من العلم‬ ‫النافع الذي يتفاوت به الناس‪ ،‬والقصود بالعلم النافع هنا هو سلمة التوحيد‪ ،‬سلمة‬ ‫القلب‪ ،‬سلمة العقيدة‪ ،‬سلمة الخلص‪ ،‬ونو ذلك من اليقي والصلح‪.‬‬ ‫لذا قال أ بو الدرداء ر ضي ال ع نه وأرضاه قال‪ :‬ولثقال ذرة من بر مع تقوى‬ ‫ويقي أعظم وأكب من أمثال البال عبادة من الغترين‪.‬‬ ‫(ولثقال ذرة من بر مع تقوى) يعن إخلص ل جل وعل وخوف منه ورغبة ف‬ ‫لقائه‪( ،‬ويق ي) تيقّن و هو العلم الذي ل يدرك الن سان م عه شك ول ر يب أع ظم‬ ‫وأكمب من أمثال البال عبادة من الغتريمن؛ لن ال جل وعل يضا عف الع مل إل‬ ‫سممبعمائة ضعممف إل أضعاف كثية‪ ،‬لذا يتلف ثواب عبادة طالب العلم وعبادة‬ ‫غيه؛ لن هذا يتعبد وهو يعلم كيف يتعبد وهو يعلم حجته‪ ،‬وهو يعلم مرجعه فيما‬ ‫تع بد و هو صحيح القلب و هو صحيح الن ية ف ذلك صحيح الع مل‪ ،‬ولذا قال جل‬ ‫سرٍ (‪ )2‬إِلّا اّلذِينَ آمَنُوا وَعَ ِملُوا الصّالِحَاتِ‬ ‫وعل ﴿وَاْلعَصْرِ (‪ )1‬إِنّ اْلإِنسَانَ َلفِي خُ ْ‬ ‫صوْا بِالصّ ْبرِ (‪[﴾)3‬العصر]‪ ،‬فبدأ بالعلم قبل القول والعمل‪.‬‬ ‫صوْا بِالْحَ ّق وََتوَا َ‬ ‫وََتوَا َ‬

‫‪8‬‬

‫للشيخ صالح آل الشيخ‬

‫من فضل العلم أنّ العلم يفتح للعبد أبواب اليات‪ ،‬وذلك أنّه يتعلّم َسعَة أنواع‬ ‫العبادات‪ ،‬فيتعلم الفرائض من الشعائر والنوا فل‪ ،‬ويتعلم ك يف يبيع وك يف يشتري‪،‬‬ ‫ويعلم ك يف ي صل رح ه‪ ،‬ويتعلم ك يف يو صي‪ ،‬ويتعلم ك يف يو قف‪ ،‬ويتعلم ك يف‬ ‫يعا شر أهله‪ ،‬ويتعلم ك يف ير ب ولده‪ ،‬ويتعلم ك يف ي صحح قل به وك يف يز هد ف‬ ‫الدنيا وك يف يق بل على الخرة وك يف يعظّم ر به ويتعلم ويتعلم ويتعلم‪ ،‬وهذا العلم‬ ‫بأنواعه يفتح له ولبد أبواب الي بسب ما قُدّر له‪ ،‬ويتعلم فضل الدعوة إل ال جل‬ ‫وعل‪ ،‬ويتعلم فضل تيسي الي وإعانة السلمي وم ّد يد العون لم ف أمر دينهم ف‬ ‫أمر دنياهم‪ ،‬ويتعلم سلمة الصدر من السد والقد والغل فيكون ذلك مؤثرا فيه‪،‬‬ ‫يتعلم المر بالعروف فضله والنهي عن النكر وفله ويسارع ف ذلك وبسب أصوله‬ ‫الشرع ية وأحكا مه الرع ية‪ ،‬ويتعلم ويتعلم فيكون أبواب ال ي عنده دائ ما ف باله ل‬ ‫يغفل عنها؛ لنه يرددها ويذكرها ويراجعها فل يغفل عن ذلك‪ ،‬فهو ف يومه وف‬ ‫ليل ته ف القي قة مو صول بأنواع العبادات ال ت تتف تح له بن ية صالة إذا منّ ال جل‬ ‫وعل عليه ف ذلك‪.‬‬ ‫من فضل العلم أيضا أن العال ومعلّم الناس الي وُصف بأنه مبارك بارك ال جل‬ ‫وعل فيه وعليه‪ ،‬قال ال جل وعل مبا عن قول عيسى عليه السلم ﴿وَ َج َعلَنِي‬

‫صلَا ِة وَالزّكَا ِة مَا ُد ْمتُ َحيّا﴾[مري‪ ،]31:‬قال أهل‬ ‫ت وََأ ْوصَانِي بِال ّ‬ ‫مُبَارَكًا َأيْ َن مَا كُن ُ‬ ‫العلم ف التفسي‪﴿ :‬وَ َج َعلَنِي مُبَارَكًا أَيْ َن مَا كُنتُ﴾ يعن جعلن معلّما للناس الي‬ ‫صلَا ِة وَالزّكَاةِ مَا ُدمْتُ‬ ‫آمرا بالعروف ناهيا عن النكر أينما كنت‪َ ﴿ ،‬وَأوْصَانِي بِال ّ‬ ‫حَيّا﴾ يعن مع تلك الصفة الت هي بركة العلم فإنه متعبد ل جل وعل غي غافل عن‬ ‫عبادته لربه جل جلله‪.‬‬ ‫وهذا هو البكة العظيمة الت هي بقاء الي وثباته وناؤه وزكاؤه؛ لن البكة معناها‬ ‫الثبات والبقاء‪ ،‬جعله مباركا؛ يعن معلما للناس الي آمرا بالعروف ناهيا عن النكر‬

‫فضل العلم وصفات أهله وفضلهم‬ ‫‪9‬‬

‫مبلغا رسالة ربه‪ ،‬وهذا كله يُثمر البكة من ال جل وعل على عبده‪ ،‬وهذه هي الت‬ ‫يريدها العبد ويطلبها أن يرضى ال جل وعل عنه فيجعله ثابتا باقيا على ما يبّ ال‬ ‫جل وعل ويرضى‪.‬‬ ‫من قرأ سِيَر العلماء وجد أ نّ أهل العلم ف كل زمان ومكان هم النافحون عن‬ ‫دين ال جل وعل‪ ،‬وأنم الثابتون حي تتنازع الناس الهواء‪ ،‬وأنم الستقيمون على‬ ‫السنة حي تدلم البدع وتعقد الفت ألويتها‪ ،‬ولذا جاء ف كلم المام أحد ف خُطبة‬ ‫كتابه الرد على الزنادقة والهمية‪ :‬المد ل الذي جعل ف كل زمان فَترة من الرسل‬ ‫بقايما ممن أهمل العلم‪ ،‬يهدون ممن ضلّ إل الدى‪ ،‬ويبصمرونم ممن العممى‪ ،‬وييون‬ ‫بكتاب ال الوتى‪ ،‬فكم من قتيل للبليس قد أحيوه‪ ،‬وكم من ضال تائه قد هدوه‪ ،‬ث‬ ‫ذ مّ الخالفي الذين كان العلم عندهم‪ ،‬علم بدعة وضلل‪ ،‬ووصفهم بأنّهم يعن بأن‬ ‫أهل العلم الصالي بأنم مالفون لهل البدع الذين عقدوا ألوية البدعة وهم متلفون‬ ‫ف الكتاب مالفون ف الكتاب‪ .‬أو كما قال‪.‬‬ ‫أهمل العلم ممن قرأ التاريمخ وجمد أنمم الصملب ممن أهمل العبادة أو ممن أهمل‬ ‫الحت ساب أو ما شا به ذلك؛ لن م عن ب صر نا فذ وقفوا‪ ،‬وبب صر نا فذ أي ضا قاموا‬ ‫وعملوا‪ ،‬ك ما وُ صف ال صحابة رضوان ال علي هم بأن م على علم وفقوا وأن م بب صر‬ ‫نا فذ كفّوا‪ ،‬فأ هل العلم في ما يأ ت من مدلمات أو م ا يأ ت من ش به و ف كل زمان‬ ‫يكونون على علم يقفون وببصر نافذ وبصية يتفرّسون‪ ،‬ولذا ضمّهم النب صَلّى الُ‬ ‫عََليْ هِ وَ َسلّمَ إل نف يه ح ي أمره ال جل وعل ف آ خر سورة يو سف أن يقول ﴿قُلْ‬

‫هَمذِ ِه سَبِيلِي َأدْعُو إِلَى اللّ هِ َعلَى بَ صِيَ ٍة أََن ْا َومَ نِ اتَّبعَنِي وَ سُبْحَانَ اللّ هِ َومَا أََن ْا مِ نَ‬ ‫شرِكِيَ﴾[يوسمف‪ ،]108:‬ول يؤت الناس وتَض عف هذه ال مة إل ل ا نزع أُناس إل‬ ‫الْمُ ْ‬ ‫الد ين ب هل‪ ،‬ك ما ف عل الوارج‪ ،‬وك ما ف عل طائ فة من أ هل البدع الذ ين خالفوا‬ ‫ال سنة‪ ،‬نزعوا إل ال ي ونز عة إل الصلح؛ لكن هم نز عة إل ذلك على خلف ال سنة‬

‫‪10‬‬

‫للشيخ صالح آل الشيخ‬

‫وعلى خلف طري قة ال صحابة رضوان ال علي هم‪ ،‬ف صاروا مع ما هم عل يه‪ ،‬صاروا‬ ‫مذمومي على كل لسان‪.‬‬ ‫فإذن أهل العلم ف التاريخ هم الفضل‪ ،‬وهم النبه‪ ،‬وهم العلم‪ ،‬وهم الكثر‬ ‫أثرا ف هذه المة‪ ،‬لا جاءت فتنة خلق القرآن وقال المام أحد فيها ما قال‪ ،‬وقصة‬ ‫ذلك تعرفونا‪ ،‬سُئل بعض الئمة من أعلم الناس قال‪ :‬أحد‪ .‬وهذا منه ‪-‬ل أدري هل‬ ‫هو إ سحاق أو نوه‪ -‬هذا م نه ليش ي إل أن ثبا ته ف ذلك الو قف كان نتي جة لعل مه‬ ‫ل عََلْيهِ وَ َسلّمَ‪.‬‬ ‫الغزير بتوحيد ال جل وعل وبسنة النب صَلّى ا ُ‬ ‫أهل العلم ف كل زمن هم القدوة الت يَقتدي الناس بم‪ ،‬فمت جاء الطعن فيهم‬ ‫صار الطعن راجعا بشكل أو بآخر إل الدين الذي يملونه؛ لن الناس لبد لم من‬ ‫قدوة يقتدون ب ا ومر جع يرجعون إل يه‪ .‬فإذا ط عن ف حلة العلم و ف أ هل العلم و ف‬ ‫من ينشر العلم قام ذلك قدحا ف من قدح ف دين ال جل وعل وف العلم‪.‬‬ ‫سلَم من الزّلة أو ي سلم من الغلط أو سواء ف العلم أو‬ ‫ولذا ل يقال إن العال يَ ْ‬ ‫ف العمل أو ف السلوك‪ ،‬ليس كذلك؛ بل لبد له من ذنوب تُرجى مغفرتا من ال‬ ‫جل وعل؛ لكن الشأن أن ل يبلّغ ف دين ال جل وعل ما هو مالف لدين ال جل‬ ‫وعل أما أن يقع منه الذنب فيقع‪.‬‬ ‫ولذا قال العلماء ف قواعدهم العال ل يُتبع بزلته ول يتّبع ف زلته‪ ،‬ل يتبع ف‬ ‫زلته تأت تعنف تعنف على ما زلّ فيه‪ ،‬وصار منه من غلط سواء ف العلم أو ف العمل‬ ‫أو ف السلوك‪ ،‬وأيضا ل يتّبع ف زلته كصنيع الهلة يقولون‪ :‬فعلها فلن‪ ،‬لاذا أنت‬ ‫حالق حي تك قال فلن من الشا يخ حالق لي ته هذا عال‪ ،‬العال يت بع بزل ته ول يتّ بع‬ ‫أيضا ف زلته؛ لن العال لبد أن يقع من غلط‪ ،‬لبد أن يقع منه زلة‪ /‬ولبد أن تقع‬ ‫منته هفوة ولبد يقع منه مالفة‪ ،‬لاذا؟ ليبقى الكمال ف هذه المة ف ممد بن عبد‬ ‫لمُ‪ ،‬منه يؤخذ هذا الدين وهذا سنته هي الت تتبع‪ ،‬أما لو وجد‬ ‫لةُ والسّ َ‬ ‫ال َعلَيْهِ الصّ َ‬

‫فضل العلم وصفات أهله وفضلهم‬ ‫‪11‬‬

‫عال ل غلط ف يه الب تة لشت به ‪-‬ك ما قال ب عض أ هل العلم‪ -‬لشت به العلماء بال نبياء‪،‬‬ ‫وهذا غي واقع‪.‬‬ ‫فيب قى الناس حينئذ‪ ،‬وهذه حك مة من ال جل وعل‪ ،‬يب قى الناس حينئذ معلّقي‬ ‫بالعلماء ومتعلقي بالعلماء لكن الصل أنم معلقون بسنة النب صَلّى الُ َعلَيْ هِ وَ سَلّمَ‬ ‫بدي السلف الصال‪.‬‬ ‫العلماء ل ينالوا العلم عن شهوة‪ ،‬ول ينالوا العلم بتمن النفس؛ ولكن نالوا العلم‬ ‫بد وفي وببذل عريض‪ ،‬جعوا ليلهم ونارهم ف العلم‪ ،‬حت استوى لم سوق‪ ،‬قال‬ ‫ب عض ال صالي ف ال سلوك و هو ينط بق على العلم قال‪ :‬من كا نت بدايا ته مُحر قة‬

‫كانت ناياته مشرقة‪ .‬يعن أن بداية طالب العلم ‪-‬هو أراده ف السلوك‪ -‬ولكن نعله‬ ‫ف العلم وهو صحيح‪ ،‬من كان بدايته ف العلم قوية متينة مرقة يعن من قوتا‪ ،‬ف‬ ‫ناياته تكون حاله مشرقة؛ يعن ترق شسه فيضيء لنفسه ويضيء للخرين‪.‬‬ ‫ف صفة أ هل العلم ل ن قرأ الترا جم وقرأ سِيهم أن م جَدّوا ف العلم من ال صغر‬ ‫وطلبوا ذلك ورحلوا فيمه‪ ،‬وممن ل يكمن له رحلة فلن يكون رُحَلة بعنم أنمه ممن ل‬ ‫يتعب ف العلم ويطلب ذلك فلن يطلب الناس منه العلم‪.‬‬ ‫ولذا أو صي بقراءة سي أ هل العلم فإ نه ل مشجّ ع على العلم م ثل مطال عة سِي‬ ‫العلماء‪ ،‬وكيمف تعلموا وكيمف صمبوا على العلم‪ ،‬وكيمف صمبوا على التحصميل‪،‬‬ ‫وكيف صبوا على الفظ وكيف وكيف‪.‬‬ ‫وقد سئل البخاري رحه ال تعال صاحب الصحيح ممد بن إساعيل‪ :‬ما دواء‬ ‫الفمظ فم العلم؟ كان البخاري مئات اللف ممن الحاديمث‪ ،‬فقيمل له‪ :‬مما دواء‬ ‫الفظ؟ كان شائعا أن هناك أدوية للحفظ ظنوا أن البخاري يتعاطى ذلك‪ ،‬كما كان‬ ‫بعضهم يتعاطى بعض الأكولت أو بعض اللبان أو بعض إل آخه ليقوى الفظ‪.‬‬ ‫فقال من تربته‪ :‬ل أجد للحفظ أنفع من َنهْمَة الرجل وكثر النظر‪ .‬أمران‪:‬‬

‫‪12‬‬

‫للشيخ صالح آل الشيخ‬

‫ن مة الر جل‪ :‬يع ن ن مة طالب العلم‪ ،‬وهكذا كان طالب العلم النه مة والرغ بة‬ ‫والرص الشديد‪ ،‬بيث يتمع ف العلم ليلك ونارك وتفكيك‪.‬‬ ‫وإدمان النظر‪ :‬أيضا كثرة الطالعة‪ ،‬ل تغفل على العلم؛ لن العلم ضيف شريف‬ ‫عليك‪ ،‬إن أكرمته بقي عندك وإن تركته تركك ورحل‪ ،‬وهذا مرب‪ ،‬فبقدر ما تقبل‬ ‫على العلم يقبل عليك‪ ،‬وبقدر ما تغفل عنه يغفل عنك ويذهب‪.‬‬ ‫الفظ أساس ف العلم كان العلماء عليه‪ ،‬ول تلتفت لن يزهدك ف الفظ‪ ،‬لن‬ ‫ال فظ يب قى‪ ،‬وأ ما الف هم ف هو يأ ت ويذ هب ول كن إذا ر كز ال فظ جاء الف هم بعده‬ ‫فبقي الفظ والفهم ما شاء ال‪.‬‬ ‫من صفات أهل العلم أن أهل العلم لا حفظوا وتعلموا كانوا على طريق واضح‬ ‫وهو طريق من سلف ف العلم والتعلم‪ ،‬العلم هناك مدارس كثية فيه؛ لكن ل ينجح‬ ‫فيها بالتجربة وبالنظر وباليدان إل من سلك فيها طريق الولي؛ لن ال جل وعل‬ ‫َهم (‪ )18‬ثُمّ إِنّ َعلَيْنَا‬ ‫ِعم ُقرْآن ُ‬ ‫َاهم فَاتّب ْ‬ ‫لمُ ﴿ َفِإذَا َقرَأْن ُ‬ ‫والسم َ‬ ‫ّ‬ ‫لةُ‬ ‫الصم َ‬ ‫ْهم ّ‬ ‫قال لنمبيه عََلي ِ‬

‫بَيَانَ هُ﴾[القيا مة‪َ ﴿ .]19-18:‬فإِذَا َقرَأْنَا ُه فَاتّبِ عْ ُقرْآنَ هُ﴾ يع ن أن يقرأ ك ما قرئ عل يك‪،‬‬ ‫ات بع قرآ نه على ن و ما قرئ عل يك هذا معناه ال فظ‪ ،‬قال ﴿ثُمّ إِنّ َعلَيْنَا بَيَانَ هُ﴾‬ ‫ليكون الفهم والبيان بعد الفظ والتّباع ف ذلك‪.‬‬ ‫ْكم‬ ‫ْآنم مِن قَبْلِ أَن ُيقْضَى إَِلي َ‬ ‫وقال أيضما جمل وعل لنمبيه ﴿وَلَا َتعْجَ ْل بِاْل ُقر ِ‬ ‫وَحْيُ هُ﴾[طه‪]114:‬؛ يعن اسع‪ ،‬فإذا علمت كيف قرئ وكيف تُلي بعد ذلك اتّبع هذا‬ ‫ول تعجل‪ ،‬وهذا واضح ف سي أهل العلم لنم لا سلكوا طريق الولي نحوا ف‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫لذا ل بد أن ت سلك ف العلم الطرق الوض حة ل كم ف م ثل هذه الدورات ال ت‬ ‫ت ستفيد من ها كثيا ف شرح التون و ف بيان معا ن كلم أ هل العلم؛ ل كن ل يُكت فى‬ ‫بذلك‪ ،‬لبد أن تكون مع العلم ليل ونارا‪.‬‬

‫فضل العلم وصفات أهله وفضلهم‬ ‫‪13‬‬

‫ت ف ثبت خزانة الدرسة النّظامية ‪-‬الدرسة‬ ‫ابن الوزي رحه ال تعال قال نظر ُ‬ ‫النظامية مدرسة يعن شبه جامعة‪ ،‬ف القرن الامس والسادس الجري واستمرت ف‬ ‫العراق‪ ،‬وكان لا مكتبة بناها النظام اللك حد الولة ف ذلك الزمن‪ -‬قال‪ :‬نظرت ف‬ ‫ثبتها فإذا فيه يعن ما يقارب ستة ألف كتاب‪ ،‬فإذا فيه ستة ألف كتاب‪ .‬قال ولو‬ ‫قلت ل‪ :‬كم قرأت ف الصغر؟ لقلت على ما يزيد عن عشرين ألف ملد‪.‬‬ ‫ابن الوزي رحه ال تعال كان يكتب ف اليوم الواحد كراسة‪ ،‬ويبلغ ما يكتب‬ ‫ف السنة إما نسخا أو تأليفا أكثر من مائة ملد‪ ،‬ف السنة الواحدة‪.‬‬ ‫وحدّث عن نف سه فقال ك نت من ن مي ف العلم أ ن إذا دخلت ب يت اللء‬ ‫جعلت ولدي يقرأ ل خارجما ليسممع فل يفوتمه‪ ،‬وإذا زارنم بعمض الثقلء اشتغلت‬ ‫أثناء وجوده عندي بتجهيز الورق وبري القلم للكتابة‪ ،‬هة عالية‪.‬‬ ‫الافظ ابن رجب رحه ال تعال كان يبحث مرة ف مسألة من السائل‪ ،‬فأتته‬ ‫زوجته‪ ،‬يصح أن تقول زوجته والصل فأتته زوجه ‪-‬زوجه كما ف القرآن وزوجته‬ ‫ف السنة «زوجة أبيكم ف الدنيا»‪ -‬القصود أتته زوجته وقد تعطرت وتطيبت فوقف‬

‫ت على رأسه قال فرفعت رأسي إليها ث رجعت إل كتاب‪ .‬إل آخر القصة‪ .‬القصود‬ ‫منه أنه ل يكن ف قلبه ف هذا الوقت إل ه ّم العلم‪ ،‬همّ العلم وهمّ طلب العلم‪.‬‬ ‫الافظ ابن جرير الطبي رحه ال تعال توف سنة عشر وثلثائة صاحب تفسي‬ ‫وصاحب التاريخ ونو ذلك‪ ،‬قال لطلبه يوما‪ :‬هل تنشطون لتاريخ العال؛ يعن من‬ ‫خلق ال الدن يا إل وقت نا الا ضر‪ ،‬قالوا‪ :‬قدر كم؟ عرفوا أن ال سالة كبي‪ ،‬قال قدر‬ ‫أربعي ألف صفحة يعن مو سوعة الن أو أكب‪ ،‬قال‪ :‬ل‪ ،‬هذا ما تفن فيه العمار‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ال ال ستعان ذه بت ال مم‪ ،‬فاخت صر ل م التار يخ الوجود الن ف أ حد ع شر‬ ‫ملدا‪ .‬ث لا فرغ منه‪ .‬قال‪ :‬لم هل تنشطون لتفسي كتاب ال‪ .‬قال‪ :‬قدر كم؟ قال‪:‬‬ ‫قدر أربع ي ألف ور قة ن فس الكل مة‪ ،‬وكان قر يب الت سعي من الع مر‪ ،‬أو ف أول‬

‫‪14‬‬

‫للشيخ صالح آل الشيخ‬

‫الثماني‪ .‬قالوا‪ :‬هذا ما تفن فيه العمار‪ .‬قال‪ :‬ال الستعان ذهبت المم فاختصره لم‬ ‫ف التفسي الوجود الذي هو الكب التفاسي الن‪ .‬ولذلك يسمى إمام الفسرين‪.‬‬ ‫ا بن جر ير ال طبي ل يتزوج‪ ،‬وكان كل يوم يك تب من تألي فه أربع ي صفحة؛‬ ‫أربعي ورقة‪ ،‬كل يوم يكتب من تأليفه أربعي ورقة‪ ،‬منشغل؟ ليس بالنشغل إل ف‬ ‫العلم ولذا نفع ال جل وعل المة ف وقته وفيما بعده به‪.‬‬ ‫فنحن إل الن عيال على ابن جرير فيما كتب وألّف‪.‬‬ ‫و من أخبار ا بن جر ير رح ه الله تعال ف ه ته ف طلب العلم ما يقوي طالب‬ ‫العلم ف ذلك‪ :‬أتاه رجل وسأله عن مسألة ف الفرائض‪ ،‬وهو ف أول الطلب كان ف‬ ‫الشام‪ ،‬فا ستنكف أن يقول ل أعلم‪ ،‬والفرائض م ا يتعل مه طلب العلم عادة ف أوائل‬ ‫ما يتعلمون‪ ،‬فقال إن عل يّ اليوم َألِيّة ‪-‬يعن حلفا أن ل أتكلم ف الفرائض‪ -‬فإذا إتن‬ ‫ف ال غد أجي بك عن م سألة‪ .‬قال‪ :‬فدر ست الفرائض ف ذلك اليوم‪ .‬والفرائض علم‬ ‫يقال عنه أنه علم أسبوع يعن من أراده ف أسبوع أخذ جلة منه حسنة‪ .‬قال‪ :‬لا أتى‬ ‫الغد أتان‪..‬‬ ‫لكن هذه المة هة قوية‪ ،‬رحل من رحل‪ ،‬وأتى من أتى ومن صفاتم العظيمة ف‬ ‫طلب هم للعلم أ ّن العلم مع هم كان ميدان خش ية ل ميدان تفا خر‪ ،‬ولذا نذ كر ب عض‬ ‫صفات طلب العلم الت ينبغي لنا أن نتحلّى با قدر الستطاع‪ ،‬فإذا قصرنا استغفرنا‬ ‫ورجعنا إل الصواب‪.‬‬ ‫من أهم صفات أهل العلم وطلب العلم أن يلصوا النية ل جل وعل‪ ،‬وأن ل‬

‫يطلبوا العلم ل جل أن يقال عال أو أن يقال طالب علم‪ ،‬والن ية ف العلم أن يطل به ل‬ ‫جل وعل ل كي ي صحح عباد ته وعمله مع ال جل وعل‪ ،‬وله أن يز يد على ذلك إن‬ ‫آ نس من نف سه رشدا أن نوي أن ين فع إخوا نه الؤمن ي وين شر د ين ال جل وعل‪،‬‬

‫فضل العلم وصفات أهله وفضلهم‬ ‫‪15‬‬

‫فهذه نية صالة يؤجر عليها‪ ،‬فإذا نوى رفه الهل عن نفسه وعن غيه‪ ،‬كانت نيته‬ ‫صالة لن الهل ف هذا القام مذموم‪.‬‬ ‫من صفاتم أنم يرصون على تعلّم ما به يُخلصون ل جل وعل‪ ،‬وهو توحيد‬

‫ال سبحانه والعقيدة الصحيحة؛ لن أعظم ما يُطلب اليان‪ ،‬لذا قال جل وعل ﴿ِإلّا‬ ‫ِينم آمَنُوا وَعَ ِملُوا الصمّالِحَاتِ﴾[العصمر‪﴿ ]3 :‬آمَنُوا﴾ هنما قال أهمل العلم‪ :‬بدأ‬ ‫اّلذ َ‬ ‫بالعلم؛ لن اليان هو العلم‪ ،‬وإذا كان اليان هو العلم فمع ن ذلك أن أف ضل العلم‬ ‫اليان‪ ،‬واليان هو الذي فسره العلم بالتوحيد وبالعقيدة الصحيحة‪.‬‬ ‫وهكذا كان العلم من أهل النية وأن أتباع السلف الصال يّرون هذا القام؛ لنه‬ ‫ل يسن أن ل تفهمه وأن تيده وأن تيد مسائل أخرى هي دونه ف القدر‪ ،‬فإذا جاء‬ ‫مش كل ف التوح يد أو العقيدة ل ت سن الكلم علي ها أو تعرف وج هه و هو حق ال‬ ‫جل وعل ث تعرف ما دون ذلك هذا فيه قصور‪.‬‬ ‫ث بعد ذلك يتعلمون ما يصح به دينه وهو تعلم العبادة واللل والرام‪ ،‬بعن‬ ‫ذلك أن يكون عندهم تدرج بسب فضل ذلك وما يريده ال جل وعل من العبد‪.‬‬ ‫أما أن يكون متوسعا ف السية وهو ل يعلم توحيد ال جل وعل ول السنة ول‬ ‫يعلم ما يتع بد ي به ف صلته وزكا ته و صيامه وح جه والمور اله مة ف ذلك وهذا‬ ‫قصور منه‪.‬‬ ‫من صفات أهل العلم أنم متراحون فيما بينهم‪ ،‬يسعى بعضهم ف شأن بعض؛‬ ‫لن م على من هج وا حد وعقيدة صحيحة في ما اتبعوا ف يه ال سلف ال صال وكانوا ف‬ ‫ذلك وبعضهم يب بعضا‪ ،‬ولذا ذم من ذم من الصحابة والتابعي ومن بعدهم ذموا‬ ‫العلماء الذ ين يسد بعضهم بعضا؛ لن هذا خلف مقتضى العلم‪ ،‬مقت ضى العلم أن‬ ‫ي سلم ال صدر من ال قد وال غل وال سد‪ ،‬وأن تفرح أن يقوم بد ين ال جل وعل من‬ ‫شاء ال من عباده‪ ،‬وأن تفرح أن تكون خل يا من ال مر أو خل يا من الوا جب‪ ،‬وأن‬

‫‪16‬‬

‫للشيخ صالح آل الشيخ‬

‫يقوم غيك بمه‪ ،‬لذا الصمحابة تدافعوا الفتيما وتدافعوا المارة وتدافعوا السمؤوليات؛‬ ‫لن م أرادوا ال سلمة‪ ،‬فإذا تعي نت عليهم سعوا فيها واجتهدوا و سألوا ال جل وعل‬ ‫العانة والتوفيق‪.‬‬ ‫فإذن طل بة العلم متراحون في ما بين هم‪ ،‬متحابون في ما بين هم‪ ،‬ل ي سد بعض هم‬ ‫بعضا‪ ،‬ربنا ل تعل ف قلوبنا غل للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم‪ ،‬فإذا غلط أو‬ ‫زل أو أخطأ فإنه يسعى ف نصيحته بالطريقة الشرعية الت تبب له الي ول تعل‬ ‫النفوس في ها نفرة‪ ،‬وهذا م ا ي ساعد على بث ال ي وتقل يل ال شر‪ ،‬وي ساعد على أن‬ ‫مه بذلك يقوى اليم‬ ‫مة العلم أن يكونوا شيئا واحدا؛ لنم‬ ‫مل العلم وطلبم‬ ‫يكون أهم‬ ‫ويضمحل ويضعف الشر‪.‬‬ ‫من صفات طل بة العلم وأ هل العلم أن م سليمون من كل ا سم سوى ا سم‬

‫السلم والسنة‪ ،‬ولذا ذ مّ جع من العلماء العال الذي ينتصر لشيخه مهما كان‪ ،‬أو‬ ‫ينتصر لذهبه مهما كان‪ ،‬أو أن يكون منتصرا لزب أو جاعة أو فئة؛ لن هذا ليس‬ ‫من مقتضى العلم‪ ،‬مقتضى العلم أن تُعي اللق وتعي أهل الدين على السلم الذي‬ ‫هو سنة ال نب صَلّى الُ عََليْ هِ وَ َسلّمَ أن تعين هم عل يه وأن تب به ل م وأن تغلق عن هم‬ ‫ضده‪ ،‬هذا مقتضى العلم النافع‪.‬‬ ‫وأما إذا كان العلم فيه نصرة لذهب أو طائفة أو حزب أو جاعة أو نو ذلك‪،‬‬ ‫فهذا خلف القصود من العلم وخلف النية الصالة‪ ،‬فهذا مذموم فيه‪.‬‬ ‫ولذا قال ب عض أ هل العلم ف هذا القام ‪-‬و هو الش يخ ب كر أ بو ز يد عافاه ال‬ ‫وم ّن عليه‪ -‬قال ف كتابه حلية طالب العلم أو نوه قال‪ :‬من صفات طلب العلم أن‬ ‫تكون يما طالب العال ولّجما فم الماعات والحزاب‪ .‬وذلك أنام لبمد أن ترص‬ ‫من هج طالب العلم عن حقي قة العلم إل غيه‪ ،‬وأ ما إذا سلم من ذلك فإ نه ير جى له‬ ‫ال سلمة ف الن هج الذي يقتف يه‪ ،‬ولذا قال أ هل جل وعل ل نبيه ﴿قُلْ هَمذِ ِه سَبِيلِي‬

‫فضل العلم وصفات أهله وفضلهم‬ ‫‪17‬‬

‫يةٍ َأَناْ َومَنِ اتَّبعَنِي﴾[يوسف‪ ،]108:‬قال شيخ السلم ممد بن‬ ‫َأدْعُو ِإلَى اللّهِ َعلَى بَصِ َ‬ ‫ع بد الوهاب ف م سائل كتاب التوح يد ف قوله ﴿إِلَى اللّ هِ﴾ الت نبيه على الخلص‪.‬‬ ‫بلف من يدعو إل شيخه أو إل طريقته‪.‬‬

‫من صفات أهل العلم أنم يرصون على نفع الناس ف دينهم وأيضا ف دنياهم‬

‫ما أمكنهم ذلك‪ ،‬وأنم دعاة إل الي آمرون العروف ناهون عن النكر‪ ،‬لن مقتضى‬ ‫لمُ‪،‬‬ ‫ل ُة وال سّ َ‬ ‫العلم النافع الصحيح هو حل هذه الرسالة ووراثة النب ممد عَلَيْ هِ ال صّ َ‬ ‫ل ُم «ل يورثوا دينارا ول ده ا فإن ا ورثوا العلم‬ ‫لةُ وال سّ َ‬ ‫ال نبياء ك ما قال َعلَيْ هِ ال صّ َ‬ ‫فمن أخذه أخذ بض وافر» والنب صَلّى الُ عَلَيْ ِه وَ َسلّ َم ف مهماته الختلفة ورثها‬ ‫ع نه أ هل العلم ف مه مة الفت يا والما مة و ف ن فع الناس والع طف والرح ة وال صلة‬ ‫والهاد والمر بالعروف والنهي عن النكر وجيع أبواب الي‪ ،‬أهل العلم هم أول‬ ‫با من غيهم‪ ،‬والناس ف ذلك تبع لهل العلم ف ذلك؛ لنم يعلمون حدود ما أنزل‬ ‫ال على رسوله ف هذه السائل العظيمة‪.‬‬ ‫إذن فالعلم يق ضي ب قه على طالب العلم أن يكون داع ية إل ال ي‪ ،‬ل يس مع ن‬ ‫داع ية إل ال ي أن يكون أما مه مكرفونات ويا ضر أو خط يب ج عة‪ ،‬ل‪ ،‬داع ية إل‬ ‫الي بسب ما عنده من العلم ف نفسه ف أهل بيته وفيمن يكون من الهال لديه أو‬ ‫ي سافر إلي هم أو نو ذلك‪ ،‬يكون ف نف سه أن يعلّم ل كن على طالب علم وعنده علم‬ ‫ول يرص على ن فع الناس‪ ،‬هذا ف يه ن ظر ول يس هذا من ال صفات الحمودة؛ بل من‬ ‫الصفات الحمودة أن يكون ساعيا ف الي ف أمر السلمي ف دينهم وف دنياهم وف‬ ‫المر بالعروف وف النهي عن النكر ومن جيع ما فيه رفعة ف دين ال جل وعل‪.‬‬ ‫من صفات أهل العلم وطلبة العلم أنم سليموا اللسان والقلب من كل ما ل‬ ‫يرضي ال جل وعل‪.‬‬

‫‪18‬‬

‫للشيخ صالح آل الشيخ‬

‫أ ما الل سان فل سانم ط يب‪ ،‬و صفة أل سنتهم أن ا طي بة‪ ،‬طالب علم يغتاب! نام!‬ ‫يقع ف هذا وف هذا! طالب علم تد لسانه ل يراعي فيه ال جل وعل! إذا خاصم‬ ‫ف جر! خا طب بطاب سيئ! هذا من ل يس من صفة أ هل العلم الحمودة وليس من‬

‫مقت ضى العلم النا فع‪ ،‬ولذا قال ال جل وعل ل نبيه ﴿ َوقُلْ ِلعِبَادِي َيقُولُوا الّتِي هِ يَ‬ ‫غ بَيَْنهُ مْ﴾[السراء‪ ،]53:‬هنا يأت الصب‪ ،‬هل يتوقع طالب العلم‬ ‫أَحْ سَنُ إِنّ الشّيْطَا نَ َينَ ُ‬ ‫أو العال أن ل يأت أن ل يسمع شيئا يكرهه؟ لبد أن يسمع هذه الياة‪ ،‬النب صَلّى‬ ‫الُ َعلَيْ ِه وَ سَلّ َم سع ما يكره وأوذي‪ ،‬هل ير يد أن يقال له دائ ما أ نت كذا وكذا؟‬ ‫ليس صحيحا لبد أن ينقسم الناس‪ ،‬ولبد أن يواجه ولبد أن يقول جاهل عليه أنت‬ ‫دي نك هذا ف يه كذا ل بد أن ي صب‪ ،‬وأن يكون ل سانه عفي فا‪ ،‬ط يب الل سان‪ ،‬ط يب‬ ‫الكلم‪ ،‬طيب القول‪ ،‬ول يستوي البيث والطيب ولو أعجبك كثرة البيث‪.‬‬ ‫إذن فطالب العلم من صفته أن يكون ل سانه أح سن ما يكون‪ ،‬ف ألفا ظه‪ ،‬و ف‬ ‫تعاملته وف صبه‪ ،‬وقد كان جع فإذا أوذوا عُرف ذلك ف وجوههم؛ لكن ل يؤثر‬ ‫ذلك أن يكونوا ي ستطيلون على الناس ف أعراض هم بأل سنتهم‪ ،‬الناس ل بد أن يكون‬ ‫مصيب‪ ،‬ومنهم مطئ‪ ،‬ومنهم على صواب‪ ،‬ومنهم من ليس على الصواب‪ ،‬ولكن‬ ‫يصب عليهم ويعلمون ويرشدون‪ ،‬ويكون اللسان طيبا عفيفا‪.‬‬ ‫كذلك القلب‪ ،‬طالب العلم ياهد نفسه أن يكون قلبه سليما‪ ،‬سليما من الغل‬ ‫وال قد وال سد على الاض ي وعلى الاضر ين‪ ،‬إل ما كان من ذلك في ما أُذن به‬ ‫شرعا ف بعض السائل؛ لكن أن يكون ف قلبه المور النكرة وكبائر القلوب‪ ،‬نعوذ‬ ‫بال من غش وغل الؤمني‪.‬‬ ‫من صفات طلب العلم أيضا أن طالب العلم صاحب ع مل صال‪ ،‬وصاحب‬

‫خوف من ال جل وعل وخشية؛ لن القيقة هو العلم هو الشية إذا ل يثمر العلم‬ ‫خشية ل جل وعل فهو علم فيه قصور أو غي نافع أو ل يكتمل نفعه‪ ،‬لذا قال جل‬

‫فضل العلم وصفات أهله وفضلهم‬ ‫‪19‬‬

‫وعل ﴿ِإنّمَا يَخْشَى اللّ هَ مِ نْ عِبَادِ هِ اْل ُعلَمَاءُ﴾[فاطر‪]28:‬؛ يعن أن أهل العلم هم أحق‬ ‫الناس بش ية ال جل وعل ل ا يعلمون من صفة ال جل وعل ف ربوبي ته وأ سائه‬ ‫وصفاته‪ ،‬ولا يعلمون ما أعدّه ال جل وعل للمؤمن وللعاصي وللمنافق وهكذا‪ ،‬أهل‬ ‫العلم ينظرون دائما ف أعمالم بنظرين‪:‬‬ ‫نظر رحة‪ .‬والنظر الثان نظر خوف ووجل‪.‬‬ ‫أ ما ن ظر الرح ة ف هو نظر هم إل اللق وإل أ هل ال سلم با صة‪ ،‬ين ظر إلي هم‬ ‫ويرح هم‪ ،‬ير حم العا صي ح ي ع صى؛ ل نه ما ع صى إل بت سلّط العدو عل يه و هو‬ ‫إبليس‪ ،‬ويرحم العبد الذي ل يفقه دين ال جل وعل‪ ،‬ويرحم الحتاج من ل يعمل‬ ‫لد ين ال‪ ،‬وير حم من خالف ال صواب وير حم من خالف الن هج‪ ،‬وير حم وير حم‬ ‫ل عََلْيهِ َوسَلّمَ‪.‬‬ ‫لجل أن يهديه إل منهج السلف الصال وسنة النب صَلّى ا ُ‬ ‫ومن جهة أخرى ف قلبه الشية والوف من ال جل وعل‪.‬‬ ‫فيكون معه نظران‪:‬‬ ‫النظر الول‪ :‬نظر خوف من ال ومن الساب‪ ،‬وما يقابل به ربه جل وعل‪.‬‬ ‫والنظر الخر‪ :‬الرحة‪.‬‬ ‫فيحمله الوف على العمل وعلى الد‪ ،‬وتمله الرحة على أل يكون غليظا مع‬ ‫الؤمني‪.‬‬ ‫ومن صفات أهل العلم وطلبة العلم أنم أهل صب ف طلب العلم والتحصيل‬ ‫ف يه وأ هل ا ستمرار على ذلك‪ ،‬فالعلم ل يُطلب ف يوم وليلة‪ ،‬ول يس مدة طلب العلم‬ ‫سنة ودورة أو دورت ي أو عشرة أو عشر ين‪ ،‬العلم م عك م نذ أن تبدأ إل أن توت‪،‬‬ ‫ولذا قال المام أحد رحه ال‪ :‬أطلبوا العلم من الهد إل اللحد‪ .‬لنه ل يشبع منه‪.‬‬ ‫وقال أيضا‪ :‬مع الحبة إل القبة‪ .‬يعن الواحد لبد أن يكون دائما معه كتاب‬ ‫ومعه ورق‪.‬‬

‫‪20‬‬

‫للشيخ صالح آل الشيخ‬

‫معه هة وصب على لذلك ل يفارقه العلم والكتاب والفظ والدارسة ها كان؛‬ ‫لنه إن فارق ذلك فإنه يضعف علمه أو يفقده بسب ذلك‪.‬‬ ‫من صفات طلبة العلم أنم ساعون ف الي بعيدون عن الشر حريصون على ما‬

‫فيه خي أنفسهم وخي الناس بعيدون عما فيه شر أنفسهم وشر الناس‪ ،‬لذا وصف‬ ‫أ هل العلم بأن م الما عة‪ ،‬الما عة ال ت جاءت ف الد يث أ ّن ال نب صَلّى الُ عَلَيْ هِ‬ ‫وَ سَلّ َم لا ذكر الفرق «كلها ف النار إل واحدة» قالوا‪ :‬من هي يا رسول ال؟ قال‬ ‫«الماعة»‪.‬‬ ‫قيل للمام أحد‪ :‬من الماعة؟ قال‪ :‬هم أهل الديث‪ .‬وف رواية قال‪ :‬هم أهل‬ ‫العلم‪ .‬قال الترمذي ف جامعه‪ :‬هم أهل العلم‪.‬‬ ‫فأهمل العلم ممن أهمم صمفاهم أنمم سماعون فم اجتماع الناس؛ الجتماع على‬ ‫الديمن القم‪ ،‬والجتماع على ولة أمرهمم وعدم إحداث الفتم كبيهما وصمغيها‪،‬‬ ‫وهذا صفة أئمة أهل السنة وأتباع السلف الصال منذ الزمن الول إل الزمن الاضر‬ ‫إل يرث الرض ومن عليها‪.‬‬ ‫ولذا وصف أهل العلم بأنم الماعة بأهم هم الريصون على الماعة بنوعيها‬ ‫جاعة الدين وجاعة البدان‪.‬‬ ‫و من صفاتم أي ضا أن م متعاونون على الب والتقوى؛ لن تق يق ال ي وتق يق‬ ‫الدين ل يكون بعمل فرد ول بعمل جهة‪ ،‬وإنا يكون بالتعاون كل ف ماله وكل ف‬ ‫جهته وأهل العلم هم أحرى الناس وطلبة العلم بأن يرعوا ذلك وان يتعاونوا على الب‬ ‫والتقوى وأن يذروا على التعاون على الث والعدوان‪.‬‬ ‫و صفات طل بة العلم كثية متنو عة لعل كم تتابعون ذلك بقراءت ا في ما كُ تب ف‬ ‫صفات أهل العلم‪.‬‬

‫فضل العلم وصفات أهله وفضلهم‬ ‫‪21‬‬

‫نسأل ال جل وعل أن يعلنا وإياكم من م نّ عليه بمل العلم وجعله ثابتا على‬ ‫ذلك‪ ،‬ومنّ عليه بالصفات السنة لهل العلم‪.‬‬ ‫ون سأله جل وعل أن يغ فر ل نا ذنوب نا وإ سرافنا ف أمر نا‪ ،‬وأن ي عل عاقبت نا إل‬ ‫خي‪.‬‬ ‫كما أسأله جل جلله أن يوفق ولة أمرنا إل ما فيه رضاه وأن يعلنا وإياهم من‬ ‫التعاون ي على الب والتقوى‪ ،‬وأن و فق أ هل العلم م نا إل ما ف يه عز ال سلم وقوة‬ ‫السلمي ونشر العلم النافع وازدياد الي واضمحلل الشر‪.‬‬ ‫وصلى ال وسلم وبارك على نبينا ممد‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫أعدّ هذه الادة‪ :‬سال الزائري‬

Related Documents