Tarikh

  • October 2019
  • PDF

This document was uploaded by user and they confirmed that they have the permission to share it. If you are author or own the copyright of this book, please report to us by using this DMCA report form. Report DMCA


Overview

Download & View Tarikh as PDF for free.

More details

  • Words: 10,412
  • Pages: 29
‫السلمون وضرورة الوعي‬ ‫التاريي‬ ‫عبد القادر عبار‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬ ‫تقدي‬ ‫هذه الواطر الت تأخذ شكل القالت الت كنت نشرتا ف بعض الصحف والجلت ‪ .‬وقد عزمت على لَ شتاتا‬ ‫وتميعها ف هذا الكتيب قصد تعميم الفائدة من قراءتا وتدبرها رغم تواضعها‪.‬‬ ‫وإذا كانت مواضيعها متلفة وعناوينها متنوعة‪ ..‬إل أنا تلتقي حول مور واحد ׃ وهو مور الوعي التاريي‪.‬‬ ‫وهو مور يتاج ف القيقة إل تصصات عالية وكفاءات متازة لعالته معالة دقيقة وشاملة وإيفائه حقه ف‬ ‫التحليل والطرح‪ ...‬إل أن ذلك ل يعن عدم الشاركة ف الكتابة فيه وإثارته من طرف الخرين من هم اقل كفاءة‬ ‫وتربة وتصصا‪ ..‬ما دامت تشغلهم هوم السلمي التاريية والضارية وغيها‪ ...‬وتمهم قضايا الترشيد الثقاف‬ ‫وتنمية الوعي الضاري لدى شباب السلمي حت يستعيدوا دورهم اللف والقيادي ف تعمي الرض وإقامة البديل‬ ‫السلمي الشرق׃ حيث العدل والمن والرية‪.‬‬

‫عبد القادر عبار‬

‫بي الزم والتميّع‬ ‫‪ )1‬السلم مجوب بالسلمي‬ ‫ما اقبح أن توضع صورة متقنة بديعة براقة ف إطار بس عتيق ل يلئمها البتة فهو بقدر ما يزهد العي ف النظر‬ ‫إليها وتأملها يصد النفس عن تذوقها وتلمس ملمح السن فيها ويجبها عن أي تقييم صحيح ‪ .‬ومن هذا‬

‫النطلق ندرك مدى عمق تلك القالة الامعة الت أعلنها الشيخ الداعية ممد عبده ف قولته الكيمة "السلم‬ ‫مجوب بالسلمي" بعد تربته الطويلة ف أغوار النفس والجتمع السلمي‪.‬‬ ‫السلم بتعاليمه السمحاء وتشريعاته القوية يثل الصورة الكاملة البديعة والثالية للديان السماوية غي أن الطار‬ ‫الذي وجد فيه خلل السني والقرون الخية هو إطار فاسد متآكل ل يلئم حسنه وإشراقه ׃ إذ السلمون الذين‬ ‫انتسبوا إليه ومثلوه ف تلك السني العجاف ببدعهم الظلمة وتاوزاتم الجحفة وأعمالم الخالفة وجهلهم وكسلهم‬ ‫وتيعهم‪ ..‬قد حجبوا السلم وغطوا حقيقته با اقترفوا من بدع العبادات وفساد العادات الشيء الذي مهد‬ ‫وللسف‪ -‬للعداء على اختلفهم فرص التجريح والنقد والدم والتامات القاسية لذا الدين النيف الذي رأوا‬‫فيه‪ -‬من خلل ما شاهدوا ل من خلل ما علموا وتققوا‪ -‬سبب التخلف والهل والرض والوسخ‪.‬‬ ‫وف هذا الصدد يقول الرحوم ممد فريد وجدي ف بيان هذا الوقف الذي يقفه الغرب منا ومن ديننا ׃ " يب أن‬ ‫نغفر للوروبيي تصديقهم لكل الفتراءات ضد السلم والسلمي‪ ..‬فهم‪ -‬أي الوربيون‪ -‬على حق إذا اظهروا‬ ‫العداء تاه ديننا طالا كانوا ل يدون أمامهم إل البدع الت حذقها أناس تافهوا العقول وقبلها المهور وزاد فيها‬ ‫أشكال أخرى من الطأ ومالفة الطبيعة البشرية وقواني الضارة‪ ..‬وكيف نأمل أن يفهم الوروبيون لب ديننا‬ ‫الدين الوحيد الذي يمل السعادة القة‪ -‬طالا كانوا ل يعلمون إل ملمح خارجية معينة للسلم يشاهدونا كل‬‫يوم مثل الجتماعات الصاخبة ف الشوارع سائرة خلف العلم والطبول ( يشي بذا إل مواكب الصوفية‬ ‫الضرة‪ -‬الت تزحف ف الشوارع بأعلمها وطبولا تل الفاق صياحا با يسمونه ذكر ال)‪ ...‬والفلت‬‫المجوجة الخالفة لكل وعي والت تقام ف عدد من الدن السلمية يوم مولد الرسول صلى ال عليه وسلم‪...‬‬ ‫والجتماعات ف حلقات واسعة أمام اللف من الناس والتراتيل الصوفية الت تؤدى بصوت قوي مصحوبة بالتمايل‬ ‫يينا وشال ونو ذلك‪)1( "...‬‬

‫أ) قرآن يتحرك‬ ‫وخلفا لذلك كان السلف الطيبون الصالون الترجان الصادق الناصع للسلم والطار اللئم البديع للدعوة فقد‬ ‫كانت تعاليم الدين السمحاء وتشريعاته النقية ترى ف كل صغي وكبي فيهم׃ كانوا بق وال إسلما يشي ف‬ ‫الطريق وقرآنا يتحرك ف السواق ل يضيفوا إليه ما يدش حسنه أو يفف إشعاعه أو يجب ف كثي أو قليل عن‬ ‫العالي كماله وباءه‪.‬‬ ‫والقيقة الرة أن الشاهد لال السلمي الن وف فترة التخلف والدارس لقيقة السلم وأحوال السلمي الوائل‬ ‫يقع ف حية ويأسف للتناقض الاصل ׃ " فالتاريخ يقول لم عن السلم شيئا ويرسم ف آبائهم الولي صورة‬

‫مشرقة لثار السلم فيهم وواقع الال يقول لم عن السلم شيئا آخر متلفا اشد الختلف عما يقوله التاريخ‬ ‫ويريهم ف أنفسهم صورة تتلف تاما عن الصورة الت يقال أن آباءهم الولي كانوا عليها‪)2( "...‬‬ ‫فالطلوب من السلمي الن إذا كان بم عزم صادق حقيقي ف إظهار حقيقة السلم ناصعة للعيان ومؤثرة حقا‬ ‫وحت يتجنبوا الزالق والتامات والتجريح الذي يكيله أعداء السلم لذا الدين‪ ..‬الطلوب منهم أن يكونوا ترجانا‬ ‫عمليا ناصعا لتعاليم السلم القيم ف سلوكياتم وأعمالم ف سرهم وجهرهم وف الباطن والظاهر‪.‬‬

‫ب) شهادة لذا الدين‬ ‫يقول الفسر سيد قطب ف تفسي آية آل عمران (( ربنا آمنا با أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين)) يقول‬ ‫׃ إن السلم الؤمن بدين ال مطلوب منه أن يؤدي شهادة لذا الدين شهادة تؤيد حق هذا الدين ف البقاء وتؤيد‬ ‫الي الذي يمله هذا الدين للبشر وهو ل يؤدي هذه الشهادة حت يعل من نفسه ومن خلقه ومن سلوكه ومن‬ ‫حياته صورة حية لذا الدين صورة يراها الناس فيون فيها مثل رائعا رفيعا يشهد لذا الدين بالحقية ف الوجود‬ ‫وباليية والفضلية على سائر ما ف الرض من أنظمة وأوضاع وتشكيلت وهو ل يؤدي هذه الشهادة كذلك‬ ‫حت يعل من هذا الدين قاعدة حياته ونظام متمعه وشريعة نفسه وقومه فيقوم متمع من حوله تدبر أموره وفق هذا‬ ‫النهج اللي القوي‪.)3( "...‬‬ ‫وهذا‪ -‬بق‪ -‬ما فهمه اتباع النبياء والصديقون والخلصون وهذا ما حققه الذين اسلموا وجههم ل ‪-‬حقيقة‪-‬‬ ‫وشهد لم به التاريخ (( أولئك هم الؤمنون حقا لم درجات عند ربم ومغفرة ورزق كري))‬

‫‪ )2‬لاذا شاخ السلمون ؟‬ ‫* مت افترش العنكبوت الغرب ديار السلمي حت التقم خياتم وكن ذهبهم وفضتهم واستحم بعرق عمالم؟‬ ‫* مت فقد السلمون مقعد "الشهادة" على العال وزج بم ف ذيل القافلة الضارية ف نومة عميقة ل يستفيقوا‬

‫منها حت كادت خفاف الغرب‪ -‬رأسالية وشيوعية وصهيونية‪ -‬أن تطأهم وطأ ل حراك بعده لول أن ال تعال‬ ‫يقيض لذه المة على راس كل مائة عام من يدد لا دينها ويبعث الوعي ف اتباعها‪...‬؟‬ ‫هذان السؤالن يطرحهما واقع الوضع التردي الذي ركن إليه السلمون ف فترات النطاط الذي احتواهم ‪..‬‬ ‫وواضح أن الواب على هذين السؤالي يتبلور جليا ف إرجاع ذلك إل تلك الفترة الالكة الت اعترت السلمي من‬ ‫غياب الد وفتور روح الزم والسم ف تنفيذ تعاليم الدين على مستوى الفرد والماعة‪ ...‬ونبذهم لقومات‬ ‫الذاتية السلمية وتركهم لخلقية الستخلف الت كرم ال تعال با بن آدم من أمر بالعروف وني عن النكر‪..‬‬ ‫مع تكاسلهم عن تقيق فريضة الهاد وخورهم عن الجابة الركية للظلم بختلف أنواعه‪...‬‬ ‫هذا بالضافة إل عوامل أخرى متشابكة ساهت بقسطها الخزي ف سقوط السلمي وإضعافهم ف شت الجالت‪.‬‬

‫أ) شيخوخة السلمي‬ ‫ضعف العال السلمي ف القرن التاسع عشر ف الدعوة والعقيدة والعقلية والعلم والهاد‪ ...‬وبدا عليه العياء‬ ‫والشيخوخة‪ .‬والسلم ل يعرف الشيخوخة والرم‪...‬انه جديد كالشمس ولكن السلمي هم الذين شاخوا وهرموا‬

‫وضعفوا فل سعة ف العلم ول ابتكار ف التفكي ول إبداع ف النتاج ول حاسة ف الدعوة ول عرضا جيل ومؤثرا‬ ‫للسلم ومزاياه ورسالته‪ ..‬ول صلة بالشباب الثقف والتأثي على عقليته وهوامه الغد وجيله الرتى‪ ..‬وف هذه‬ ‫الال هجمت أوروبا بفلسفتها" التمييعية" الت تعب ف تدوينها كبار الفلسفة‪ ..‬وهكذا انتشر اللاد والرتداد ف‬ ‫الوساط السلمية ث تطور المر وعظم الطب وشلت الجتمعات السلمية على طولا ضبابية حالكة‪ -‬عقليا‬ ‫وفكريا وعقائديا‪ -‬حت فترت ف السلمي جدية اللتزام بقائق هذا الدين وكسفت شس الحاسبة الواعية أفقيا‬ ‫وعموديا‪.‬‬

‫ب) عادات‪ ....‬ل عبادات‬ ‫فالشعائر التعبدية ل تس لا تأثيا ول حياة ف الوجدان والسلوك لنا أصبحت تؤدى وكأنا عادات ل عبادات‪..‬‬ ‫حت لكإنا أصبحت الصلوات ترفيها رياضيا لتنشيط العضلت الرخوة‪ ...‬أو مسلكا صحيا ( رييم) لتخفيف ثقل‬ ‫الوزن طلبا للرشاقة‪ ..‬فتؤدى بالسد ل بالروح‪ ..‬ل خشوع فيها ول لذيذ مناجاة وهزل اليقي ف النفوس وغاب‬ ‫الخلص والصدق وتذبذبت العقيدة قي القلوب‪ ..‬وهذا له خطره‪ ..‬وف هذا الضمار يقول أحد الفسرين " إن‬ ‫الطاغوت ل يقوم إل ف غيبة الدين القيم والعقيدة الالصة عن قلوب الناس‪ ..‬فما يكن أن يقوم وقد استقر اعتقاد‬ ‫الناس فعل أن الكم ل وحده لن العبادة ل تكون إل ل وحده‪ .‬والضوع للحكم عبادة بل هي أصل مدلول‬ ‫العبادة ‪".‬‬ ‫وأما ف مال الخوة والروابط الجتماعية‪ ...‬فقد أصبحت الخوة تية عابرة باللسان و إشارة فاترة باليد‪ ..‬قد‬ ‫بعدت عن مدلولا الصحيح الادف كتلك الت مثلها الصحابة رضوان ال تعال عليهم ׃ قسمة وإيثارا ف الهل‬ ‫والال والدماء‪.‬‬ ‫وأما الساجد عندنا فقد أمست هياكل معمارية باهرة نتباهى زخرفتها ونغفل عن الدور الساسي الذي من اجله‬ ‫جعلت‪.‬‬ ‫ويتعرض أحد العلماء مبينا ومفسرا سنة من سنن التغيي الت تصيب المم وهي ف أوج حضارتا ورقيها والفضية‬ ‫إل انللا وتيعها فيقول " ف هذه الرحلة الاسة‪ -‬أي مرحلة القناعة بالحصول والوقوف عند ذلك الد الحرز‬ ‫عليه من العرفة‪ -‬تتخلى هذه الماعة عن مكانا ف القيادة ‪..‬إن ل يكن بالرضا والختيار فبالقوة والب لتحل‬ ‫مكانا جاعة أخرى أحرزت قدرا كبيا من العرفة وحظا أوفر من العلم ويلزمها عزم وتصميم على بناء الياة‪...‬‬ ‫أما هؤلء الذين كانوا قادة فيصبحون اتباعا وبعد أن تقدموا القافلة ‪ ..‬يتلون مكانم الرمزي من ذيلها‪."..‬‬

‫ج) التطرف الصوف‬ ‫وتثله ف أنكى وجه "الطرقية" الغالية׃‬ ‫فقد اقبل العامة‪ -‬بقيادة التصوفي‪ -‬على الطقوس والوراد‪ ...‬واقبل الكام ومن كان ف ركابم وحواشيهم على‬ ‫الشهوات واللذات ‪ ...‬وهذا اللط الصوف الحق يعتب أول صدع أصاب التفكي السلمي ف صميمه بل أول‬ ‫صدع أصاب كيان المة السلمية فيما بعد بالنيار‪ ...‬فالفكار الصوفية إذن ل مبادئ السلم هي الت حَملت‬ ‫الماهي أوزار الستعمار الداخلي والارجي ووطدت للمظال الطية وخذلت الناس‪ ...‬حت تركوا الهاد‬

‫وركنوا إل الكسل واليوعة ل يعرفون معروفا ول ينكرون منكرا‪ ..‬المر الذي اطمع ف استغللم العداء وزين‬ ‫للظالي استعبادهم‪.‬‬

‫‪ )3‬حي يتخلى السلمون عن الد‪....‬‬ ‫إن إرسال أمة من الرسل الخيار ‪ ..‬من سيدنا نوح إل خات النبياء والرسلي وتمل التعاب الت تنوء دون‬ ‫حلها شم البال وتلك البتلءات ث ذلك الهاد وأخطاره والجرة وأعباؤها كل ذلك إنا هو برهان ساطع‬

‫على جدية هذا الدين وجزم هذه العقيدة حيث يلخص ذلك ف انسق عبارة الفسر الشهيد سيد قطب رحة ال‬ ‫تعال عليه قائل " إن هذا الدين جد ل يقبل الزل وجزم ل يقبل التميع وحق ف كل نص فيه وف كل كلمة‪.‬‬

‫فمن ل يد ف نفسه هذا الد وهذا الزم وهذه الثقة فما أغن هذا الدين عنه وال غن عن العالي"‬

‫لقد كانت يقظة السلمي الصادقي الوائل ف حي جدهم ووعيهم بأمانات الدعوة والرسالة تثل قمعا صارما‬ ‫وتديا جازما لتحركات الغرضي والتربصي وسدا منيعا أمام مطامع ودسائس الناوئي والكائدين‪.‬‬ ‫فحركة الردة السامة لول جدية الليفة والصدّيق الراشد وحسمه الواعي ف وقفها وقطعها من جذورها لكانت‬ ‫بثابة جرثومة الوت للدعوة السلمية ف شبابا كما أن جدية الليفة الامس عمر بن عبد العزيز ف رد أمور‬ ‫اللفة وشؤون الدولة إل إطارها الصحيح قد قطعت خبث روح اللك العضوض الذي مد عنقه ف ذلك الي‪.‬‬

‫أ) ف غيبة الد‬ ‫بيد انه ما إن تفتر روح الد لدى السلمي ويغيب عنهم العزم الصادق ف إقامة أمور الدين ‪ ...‬حت تنقض عليهم‬ ‫جيوش التربصي وتتداعى عليهم المم كما تتداعى الكلة على قصعتها وهذا ما مهد للحركات الدامة أن تبز‬ ‫وتنشط وتتد هنا وهناك ف ديار السلمي‪.‬‬ ‫فمع بداية القرن ظهرت حركات عدائية ماكرة تستهدف تشويه الساحة العقائدية لمة السلم من ماسونية‬ ‫وقاديانية وبائية وكلها ترضع من الصهيونية القذرة وتقف مع بعضها البعض ف تشويه وإلغاء‪ -‬مثل‪ -‬فكرة الهاد‬ ‫من تصور السلمي مع خلق بلبلت ونعرات مفتعلة لتشتيت وحدة السلمي خدمة وتوطينا للستعمار الغرب‬ ‫ومساعدته على تدمي وتريب ديار السلمي‪.‬‬ ‫" هذا الستعمار الذي استهدف ف العصر الخي أن يضرب السلم ضربة تقض مامعه وتقض مضاجعه وتبعثر‬ ‫أمته بعثرة نفسية وفكرية ل ناية لا واخترع من فنون الغزو الثقاف ما يل به الفراغ الروحي والعقلي الذي اصطنعه‬ ‫ف كل ميدان ومهد له ف كل مكان‪"...‬‬

‫ب) حقائق عن بعض هذه الركات‬ ‫فمن حقائق البهائية يقول الشيخ العال ممد الغزال " عبد البها يجد الصهيونية والصليبية ويزعم انه مسلم‪ ...‬وقد‬ ‫التحمت البهائية أخيا بالجوم اليهودي ووجدت من الال المريكي ما يعينها على التمدد والبعث بل إن اغلب‬ ‫خصوم السلم والعرب يعينونا على اختطاف الشباب التائه ومسخ عقله وخلقه وماذا عليهم ؟ إن ذلك ف نظرهم‬ ‫جبهة تفتح ضد السلم ويكن أن تنال منه‪".‬‬

‫وأما ف القاديانية الفاسدة فانظر ماذا يقول القديان صاحبها׃ " لقد خطوت اكب مرحلة من حيات ف نصرة الدولة‬ ‫البيطانية والدفاع عنها والفت كتبا كثية احرم فيها الهاد ضدها‪ .‬لو جع كل ما كتبته ف هذا الصدد لبلغ خسي‬ ‫كتابا ووزعت هذه الكتب كلها ف جيع أقطار العال‪ ...‬ووجب على كل مسلم ومسلمة تقدي الشكر إل هذه‬ ‫الكومة وحرام على كل مؤمن مقاتلتها بنية الهاد"‪.‬‬ ‫وأما عن الآسي الت لقت السلمي ف فترات المول وغياب الد والعزم من سوم الاسونية العالية فهذا بند من‬ ‫بنودها الدنيئة الت نفذتا وترى ف متمعاتنا بعض آثارها الؤسفة فانظر ما توصي به جنودها ׃" على الاسونيي أن‬ ‫ينفذوا ف صفوف الماعات الدينية وغيها ‪...‬ل بل عليهم إن احتاج المر أن يقوموا بتأسيسها على أن ل تشم‬ ‫منها أي رائحة حقيقية للدين‪ ..‬وعليكم أن تولوا أمورها السذج من الرجال ولتطمعوا‪ -‬خفية‪ -‬ذوي القلوب‬ ‫الكبية من الرجال بقطرات من سومكم بغية التفرقة بي الفرد وأسرته‪ ...‬عليكم أن تنعوا الخلق من أسسها لن‬ ‫النفوس تيل إل قطع روابط السرة والقتراب من المور الحرمة لنا تؤثر الثرثرة ف القاهي على القيام بتبعات‬ ‫السرة‪ ...‬ولتنفذوا بم إل ملذ الياة البهيمية"‪.‬‬ ‫إن هذا العتراف الخزي من الاسونيي لكاف للتدليل على مدى ما بلغت إليه روح الكر والدم والقد عندهم‬ ‫إزاء الماعات الدينية بل إزاء النسانية قاطبة‪.‬‬

‫ج) وبعد‪...‬‬ ‫إننا ل نورد هذه القائق إل لنبهن على أن جيع الآسي الت نرت ف كيان المة السلمية الشاهدة ‪ ...‬إنا‬ ‫حدثت كلها ف فترات غاب فيها جد السلمي وضعف فيها عزمهم وتركوا فيها جهادهم‪.‬‬ ‫فتسلح "الذين آمنوا" بعنوان الدعوة الحمدية ‪-‬الذي هو الد والزم والق‪ -‬وتقيقه تقيقا كامل ف سلوكياتم‬ ‫وأعمالم يثل الغيظ النغص لهل الباطل وأصحاب القلوب الريضة‪ ...‬تاما كما تقق ذلك ف سلفهم الصال‬ ‫واعترف لم به عدوهم‪ .‬جاء ذلك على لسان أحد اللوك ف قوله ׃ " كيف ل بقوم لو اقسموا على أن يزيلوا جبل‬ ‫من مكانه لزالوه " ( أو كما جاء ف رواية أخرى " ل طاقة ل بقوم إذا أرادوا خلع البال للعوها")‪.‬‬

‫‪ )4‬السجد‪ ....‬ليس مكانا لطقطقة السابيح‬ ‫السجد ف السلم ليس مرد مكان للكوع ولسجود وطقطقة السابيح‪ .‬فذلك ما خطط له الستعمار وأقنعنا به نن ف هذا‬ ‫العصر‪.‬‬ ‫إنا السجد هو أيضا مركب جامعي ومكان لناقشة مشاغل الناس ومشاكلهم الياتية والخروية‪.‬‬ ‫ونظرة منصفة إل التاريخ تؤكد ذلك‪.‬‬

‫إن أول عمل بادر بإنازه الرسول صلى ال عليه وسلم بطيبة‪ -‬الدينة النورة‪ -‬هو وضعه لجر الساس لول‬ ‫مسجد جامع با والشاركة ف بنائه وتهيزه‪.‬‬ ‫ول يفى على الدارس الصيف أن الرسول إنا أراد بعمله هذا أن يربط العباد بالقهم من هذا الكان بعد أن غرس‬ ‫فيهم بذور التوحيد وزين لم اليان وحببه إليهم وشوقهم إل الطاعات والعبادات‪ .‬فكان هذا السجد النبوي البكر‬ ‫بثابة الكان "اللقيا" الذي يتجمع فيه السلمون‪.‬‬ ‫وكانت تبم داخله عناوين الفتوحات وتسوى فيه أمور الدولة وتفصل فيه قضايا ومشاغل المة‪.‬‬

‫ول يأخذ قط تلك الصبغة الدارية الافة الت تردى فيها ف عصرنا الاضر والتمثلة ف فتحه وغلقه ف أوقات معينة‬ ‫ومدودة بعد أن كان‪ -‬ف أيام عزه‪ -‬مفتوحا على مصراعيه آناء الليل وأطراف النهار ل ينع من دخوله مسلم أيا‬ ‫كان وكيف يغلق وهو منل عابر السبيل وكلية التعليم ومنتدى التثقيف وملس القضاء وخلوة الذكر والتسبيح ؟؟‬

‫أ) السجد ׃ مركب جامعي‬ ‫كان جامع "النصور ببغداد" وهو اقدم جامع با اشهر مركز للتعليم ف الملكة السلمية وقد أحصى القدسي ف‬ ‫تاريه ( ص ‪ )205‬ف السجد الامع بالقاهرة وقت العشاء مائة وعشرة من مالس العلم أي بصطلحاتنا العاصرة‬ ‫نقول ‪ 110‬كلية هذا بدون أن ننسى "الزهر" و"الزيتونة" و"عقبة"‪...‬‬ ‫غي أن هذا ل يدم طويل للسف " فقد كان تغي طريقة التعليم سببا ف إياد نوع جديد من الؤسسات العلمية‬ ‫ذلك انه لا انتشرت طريقة التدريس نشأت الدارس ولعل من اكب السباب ف ذلك أن الساجد ل يكن يسن‬ ‫تصيصها للتدريس با يتبعه من مناظرة وجدل قد يرج بأصحابا أحيانا عن الداب الت تب مراعاتا للمسجد‪.‬‬ ‫فالقرن الرابع هجري كما يقول " آدم متز" ف كتابه عن الضارة السلمية ( ص ‪ )336‬هو الذي اظهر هذه‬ ‫العاهد الديدة الت بقيت إل يومنا هذا‪.‬‬

‫ب) السجد ׃ دار قضاء‬ ‫يذكر صاحب الغان ( ج ‪ 10‬ص ‪ ) 123‬أن القاضي كان ف أول المر يلس ف مكان ل ينع أحد من السلمي‬ ‫من الدخول إليه وهو السجد الامع حيث كان يلس إل اسطوانة من أساطي السجد‪.‬‬ ‫غي أن العتضد ( سنة ‪ 279‬هجري) أمر أن ل يقعد القضاة ف السجد بجة أن جلوس القاضي ف السجد يتناف‬ ‫مع ما يب لبيوت ال من الرمة‪.‬‬ ‫أما ف عصرنا الاضر فلم يبق للمسجد من الصوصيات واليزات الت كان يتمتع با قديا والت ذكرنا بعضها آنفا‬ ‫‪ ...‬ف حاضر أيامه إل انه "مصلى" يفتح خس مرات ف اليوم يلتقي عندها أعداد مدودة لداء الصلة‪.‬‬ ‫ولعجب ف ذلك إذا علمنا أن الستعمار لا خطط لسقاط المة السلمية كان هه الساسي يستهدف تشويه‬ ‫رسالة السلم ف هذه الياة وإضعاف دوره فيها واثباط فاعليته ف التمدن والتحضر وعرف انه لن ينجح ف ذلك إل‬ ‫بتحقيق شرطي اثني ׃‬ ‫‪ -1‬تييع علقة السلم بكتابه‪ -‬القرآن‪ -‬وصرفه عن الخذ بآدابه والتحلي بأخلقياته والعمل بأحكامه والتناصح‬ ‫بأوامره‪ .‬وهذا الشرط الاكر ل يؤت أكله إل بتحقيق الثان ׃‬ ‫‪ -2‬تقزي دور السجد ف الياة الجتماعية وتميشه وحصر دوره ف مال الركوع والسجود وطقطقة السابيح‪...‬‬ ‫ومن ث تول‪ -‬الستعمار‪ -‬إياد وبناء مؤسسات بديلة للتثقيف واللهو وخنق الفراغ حت يستول على اهتمام‬ ‫الواطن السلم ويزهده ف ارتياد السجد‪.‬‬ ‫والقيقة الرة أن هذه البدائل الائعة قد ضيعت على الواطن السلم كثيا من فرص الستفادة القة والتلقي النافع‬ ‫والتربية القوية وهو ما ابطل فيه روح البداع الواسع‪.‬‬

‫ونظرة منصفة إل الواقع تبي بوضوح مدى جدوى وسلبية وسائل ومضامي هذه البدائل الت استحوذت‬ ‫باهتمامات الشباب وتبي أيضا مدى النطاط اللقي والفساد التربوي الذي حصل عندما تلى السجد عن دوره‬ ‫كمدرسة وكموجه‪.‬‬ ‫ولنم يدركون‪ -‬بالتجربة‪ -‬مدى خطر دور السجد ف تصي الفرد السلم نرى العداء (أعداء المة السلمية)‬ ‫على اختلفهم يططون بكل طرقهم ووسائلهم لتقليص دور السجد ولو اقتضى المر هدمه أو تشويهه‪ .‬واليك‬ ‫بعض الشواهد׃‬ ‫‪ -1‬ف روسيا الشيوعية ل يبق من جلة ‪ 30‬ألف مسجد إل ‪ 30‬منها‪.‬‬ ‫‪ -2‬ممع الحبار السرائيلي شكل لنة من ثلثة أعضاء متخصصي ف التلمود لصدار فتوى حول جواز مارسة‬ ‫الطقوس الدينية اليهودية من فوق جبل العبد الذي يطلقه اليهود على منطقة السجد القصى‪ ...‬وتمع التقارير على‬ ‫أن الدف الواضح من وراء ذلك هو هدم السجد القصى ومسجد إبراهيم برخصة تلمودية ( ملة المة‪ -‬عدد‬ ‫‪ -26‬ص ‪ )88‬لنم أيقنوا أن الفدائي الذي ينطلق من ثكنة السجد ل ينهزم ول تقف أمامه قوة ما‪.‬‬ ‫الوامش׃‬ ‫(‪ )1‬فقرة لحمد فريد وجدي‪ -‬نقل عن كتاب "مسلمون وكفى"‪ -‬لعبد الكري الطيب‪ -‬ص ‪15/16‬‬ ‫(‪" )2‬مسلمون وكفى" ‪-‬ص ‪38‬‬ ‫(‪" )3‬الظلل "‪ -‬سيد قطب‪ -‬الجلد الول‪ -‬ص ‪.402/ 401‬‬ ‫(‪ " )4‬السلم الفترى عليه"‪ -‬ممد الغزال‬ ‫(‪ )5‬ردة‪ -‬للندوي‬ ‫(‪ )6‬منهج جديد ف التربية والتعليم‪ -‬الودودي‬

‫السلمون وضرورة الوعي التاريي‬ ‫تعتب الصحوة السلمية الباركة مرشحة حضاريا قبل غيها للقيام بدورين جد بالغي׃‬

‫الول دور" النقذ من الضلل" للبشرية الصفوعة بادية الغرب اللحد وجشع الصهيونية العالية الدمرة‪.‬‬ ‫والثان ׃ دور "النقذ من التخلف والتبعية" للمسلمي الذين تعصف بم أطماع الشرق والغرب وتتربص بم‬

‫القوى الغاضبة والاقدة وتطط لتقليص دورهم ف حركة التاريخ بإذابة فاعليتهم ونشر المية الثلثة ف وعيهم‬ ‫بدءا بالمية التاريية فالدينية فالعقلية‪.‬‬

‫‪ )1‬تعميق البناء الداخلي وبعث الوعي التاريي‬ ‫إل أن هذين الدورين الليلي والثقيلي‪ -‬لكي يؤتيا نتائجهما النشودة ويرتقيا إل مستوى التأثي والفاعلية‬ ‫مشروطان أساسا بتحقيق عاملي هامي ׃ أن يكون السلمون أبناء هذه الصحوة الباركة على مستوى الرسالة الت‬‫يملونا وياهدون من اجلها وف الوقت نفسه أن يكونوا على مستوى العصر الذي فيه يعيشون عصر الوعي والعلم‬ ‫والتقنية‪.‬‬ ‫ولتحقيق العامل الول نرى وجوب تعميق البناء الداخلي والشامل للفرد السلم وبعث الشخصية السلمية الفذة ف‬ ‫بعدها العقائدي السليم وتكوينها الشرعي والعلمي الوسوعي وفاعليتها البدعة وواقعيتها اليابية‪.‬‬ ‫وأما عن العامل الثان فنرى ضرورة بعث الوعي التاريي والضاري عموما مع حذق أسباب النهوض وأساليب‬ ‫التحدي الضاري فكرا وثقافة وتقنية وفقه كل ما من شانه أن يعي على توثيق ارتباط السلم بالسنن الكونية‬ ‫والجتماعية حت يستعيد فاعليته وقدرته على التغيي والبناء وتنتفي العشوائية من حركته والنزامية من مواقفه ׃ "‬ ‫ذلك أن النسان السلم عب مسيته التاريية ول سيما ف القرون الخية قد فقد كثيا من مقومات شخصيته بفعل‬ ‫عوامل الحتكاك الضارية الت واجهته وهو ف حالة ل تؤهله للستجابة اللئمة للتحدي الضاري‪ ...‬ث إن السلم‬ ‫ف مراحل انزلقه قد انفك ارتباطه بالسنن الكونية والجتماعية وسرعان ما وجد أشباه فلسفة ومتصوفي يقدمون‬ ‫له التبيرات الطلوبة لفك ارتباطه بالركة الكونية وللسي عشوائيا على ارض التاريخ فهو يتحرك دون وعي مسبق‬ ‫يتحرك غريزيا‪ ( "...‬ملة منار السلم‪ -‬العدد ‪ -11‬السنة ‪- 5‬ص ‪ )56‬ما يوجب ضرورة بعث الوعي التاريي‬ ‫كما أشرت قبل قليل مع تفهم طبيعة الواقع الذات والوضوعي من خلل التركيز الاد على القراءة التفهمة‬ ‫للحداث وتدبر السنن الؤثرة والسية لركة التاريخ‪ ..‬لدى شبابنا السلمي ف إطار الترشيد الثقاف وتعميق التربية‬ ‫وتأصيل التعليم ‪...‬‬ ‫فماذا نعن بالوعي التاريي ؟ ث ما هي البرات الذاتية والوضوعية الت تلح على اكتسابه والتعامل والتحرك من‬ ‫خلله ؟‬

‫‪ )2‬معن الوعي التاريي‪...‬‬

‫الوعي التاريي نعن به ׃ ذلك التبصر الدائم والادف بالتاريخ القريب والبعيد الذات والوضوعي الاصل‪ -‬أي‬ ‫التبصر‪ -‬من غلل التوغل الركز ف قراءة صفحات التجارب البشرية الكثية والتنوعة وفحصها وتدبر أبعادها‬ ‫وخلفياتا واكتشاف الؤثرات والسنن الت ساهت ف بعثها وإيادها قصد التزود والعتبار وماولة تفهم السس‬ ‫السيكولوجية للكثي من الحداث والصراعات والنفعالت والتأثيات والروب‪ ...‬الاصلة والتولدة عب اليام ف‬ ‫تاريخ البشرية الافل والطويل‪.‬‬

‫‪ )3‬قيمة الوعي التاريي‪....‬‬ ‫وقيمة الوعي التاريي بذا الفهوم ترجع أساسا إل كون علم التاريخ ومعرفته تربة وعبة أو كما يعب عنه علمتنا‬ ‫ابن خلدون ׃ " فن التاريخ فن عزيز الذهب جم الفوائد شريف الغاية إذ هو يوقفنا على أحوال الاضي من المم ف‬ ‫أخلقهم والنبياء ف سيهم واللوك ف دولم وسياستهم حت تتم فائدة القتداء ف ذلك لن يرومه ف أحوال الدين‬ ‫والدنيا‪ ( "...‬القدمة‪ )13 -‬ذلك أن التاريخ ف حقيقته " خب عن الجتماع النسان الذي هو عمران العال وما‬ ‫يعرض لطبيعة ذلك العمران من الحوال" ( القدمة‪)57 -‬‬ ‫ث ف كونه أيضا " تربة عطاء ف شت مالت العرفة والركة النسانية ‪ ...‬وانه حصيلة سنن تكم الطبيعة‬ ‫والنسان والعال" ( ف النقد السلمي العاصر ‪ 123‬للدكتور عماد الدين خليل)ومن هنا نرى القرآن الكري يول‬ ‫السألة التاريية أهية كبى‪.‬‬

‫‪ )4‬القرآن الكري والدعوة إل التبصر والتاريخ‬ ‫كثيا ما يؤكد القرآن العظيم وهو الكتاب الق والالد على ضرورة الوعي التاريي ويدعو السلمي إل التبصر‬ ‫الاد والستمر بأحوال الولي والتمعن ف سيهم للعتبار والتعاظ با جرى لم حت ل تتكرر الخطاء وحت‬ ‫يتجنبوا مزالق التيه والضلل الت وقع فيها من سبقهم من المم ومن ث لينقذوا أنفسهم والبشرية من حولم با انم‬ ‫شهداء عليها من سوء العذاب وخسران الصي‪.‬‬ ‫كما أوضح لم اكثر من مرة أن السنن السية لركة التاريخ ل تقتصر على شعب دون شعب ول على إقليم دون‬ ‫آخر حت يأخذوا حذرهم‪.‬‬ ‫فالسائل التاريية‪ -‬إذن‪ -‬التعلقة بالشعوب السابقة وبصي المم وأحوالا وعلقاتا الضارية ث أسباب سقوطها‪...‬‬ ‫وانيار الضارات السالفة متوافرة ومطروحة ف القرآن الكري بشكل بارز ׃ "‪ ...‬إن آياته البينات ترحل بالؤمني‬ ‫عب كل تلوة ف مرى الزمن وتكي لم عن وقائع التاريخ الزدحة وأحداثه التلحقة ومعطياته التمخضة عن القيم‬ ‫والعب والدللت‪ ...‬ومعظم سور القرآن تضرب على الوتر نفسه فل تكاد تلو من واقعة تاريية أو حدث ماض أو‬ ‫دعوة لستلهام الغزى من هذه التجربة أو تلك ‪ ..‬إن المتداد الذهن والوجدان إل الاضي يشكل مساحة واسعة‬ ‫ف كتاب ال‪ ( "..‬المة‪ -‬العدد‪ 18 -‬ص ‪)8‬‬ ‫وهذا ل يعن أن القرآن كتاب تاريخ أو مدونة تاريية ذلك أن كلمة التاريخ ل تذكر ل ف القرآن ول ف السنة‬ ‫كما يؤكد العلمة علل الفاسي‪ -‬و إن قص علينا القرآن قصصا للولي ل لنعتبها تاريا بأوقاتا وظروفها ولكن‬‫لنتعظ با فيها من عبة لول اللباب‪.‬‬

‫قال تعال ׃ (( أل يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم ف الرض ما ل نكن لكم وأرسلنا السماء عليهم‬ ‫مدرارا وجعلنا النار تري من تتهم فأهلكناهم بذنوبم و أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين)) ( النعام ‪.)6‬‬ ‫وقال أيضا ׃ (( وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم اشد منهم بطشا فنقًبوا ف البلد هل من ميص‪ .‬إن ف ذلك‬ ‫لذكرى لن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد)) ( ق ‪)36/37‬‬ ‫وقد عرض القرآن الكري الرتكزات الساسية لذه السنن وطلب النظر والتبصر والسي ف الرض وتقيق العبة‬ ‫والعتبار بأحوال المم السابقة وسبب انقراضها وتداعيها لتكون المة الت تمل الرسالة الاتة على بينة من أمرها‬ ‫وبصية بوضع أقدامها ومعرفة بأعدائها‪ (...‬المة‪ -‬العدد‪- 25 -‬ص ‪.)5‬‬ ‫وهكذا فإن الدارس للسور القرآنية مكيها ومدنيها يلحظ ف جلء عددا هائل من اليات التمحورة حول القصص‬ ‫والافلة بالعروض التاريية التنوعة والادفة أساسا إل ׃ "إثارة الفكر البشري ودفعه إل التساؤل الدائم والدائب عن‬ ‫الق وتقدي خلصات التجارب البشرية عبا يسي على هديها أولوا اللباب‪ .‬وإزاحة ستار الغفلة والنسيان ف نفس‬ ‫النسان وصقل ذاكرته وقدرته على القاومة لكي تظل ف مقدمة قواه الفعالة الت هو بأمس الاجة إل تفجي طاقاتا‬ ‫دوما" ( التفسي السلمي للتاريخ‪ -‬ص ‪ -106‬للدكتور عماد الدين خليل) وقد دعانا القرآن اكثر من مرة عند‬ ‫سرده وعرضه للواقعة التاريية إل ׃" تأملها واعتماد مدلولتا ف أفعالنا الراهنة ونزوعنا الستقبلي"‪ ( .‬التفسي‬ ‫السلمي للتاريخ‪ -‬ص ‪)97‬‬

‫‪ )5‬الرسول صلى ال عليه وسلم والتاريخ‪...‬‬ ‫وقد نا الرسول صلى ال عليه وسلم النحى القرآن ف الدعوة إل العتبار بالولي واخذ الوعظة من تاربم وذلك‬ ‫عند توظيفه للحدث الاضي ضمن قصص حية مرغبة ومرهبة آمرة وناهية حت لقد اشتملت الحاديث النبوية‬ ‫الشريفة على أربع وأربعي قصة تاريية تضم قصصا عن الرسل والنبياء وغيهم مثل قصة "أصحاب الخدود"‬ ‫و"الثلثة البتلون" و"أصحاب الغار" وهذا ل يعن أن الرسول صلى ال عليه وسلم كان مؤرخا أو مدونا للتاريخ‬ ‫بإيراده هذا العدد الائل من القصص التاريي وإنا أراد أن يضع للمسلمي الطار الذي عليهم أن يلؤوه با‬ ‫يكتشفونه من أحداث وما يصنعونه من عمليات‪.‬‬

‫‪ )6‬التاريخ ف نظر السلم‪....‬‬ ‫التاريخ ف نظر السلم حسب تعبي " ولفرد كانتول سيث" سجل الحاولت البشرية الدائمة لتحقيق ملكوت ال ف‬ ‫الرض ومن ث فكل عمل وكل شعور فرديا كان أو اجتماعيا ذو أهية بالغة لن الاضر هو نتيجة الاضي‬ ‫والستقبل متوقف على الاضر‪...‬‬ ‫والنسان ف التصور السلمي يشكل مور فلسفة التاريخ ׃ "بيث يصبح التاريخ النسان من صنع النسان‬ ‫وبالتال إبراز قدرة النسان على صنع مصيه دون أن يتعارض ذلك مع قدرة ال على اللق وما دام النسان يصنع‬ ‫تاريه بنفسه فالول به أن يعي هذا التاريخ وياول تدبر علل ظواهره " ( سوسيولوجيا الفكر السلمي‪ -‬ص‬ ‫‪ -238‬للدكتور ممود إساعيل) ذلك أن البية غي موجودة ف السلم‪ -‬كما يقول العلمة علل الفاسي‪ -‬لن‬ ‫النسان ليس خارج التاريخ بل هو من عوامله الداخلية والفاعلة والفتعلة وليست عمليات التاريخ دون غاية‪.‬‬

‫وهذا ما يعل النسان السلم اشد اهتماما بالتاريخ من غيه فهو على خلف الاركسي الذي يؤمن بتمية التاريخ‬ ‫وبالتال يتبع عجلة التاريخ دون أن يوجهها أو يؤثر فيها ث هو أيضا على خلف النصران الذي يرى ف التاريخ‬ ‫نقطة الضعف البشري وسجل النرافات البشرية ‪.‬‬ ‫ومن هنا احتل الفكر التاريي مكانة مرموقة ف الثقافة السلمية سواء ف التكوين الثقاف للرجل السلم أو ف الياة‬ ‫الجتماعية والدب أو ف النشاطات السياسية‪ ...‬وهو يتخذ أشكال متنوعة من سي حياة وبالدرجة الول حياة‬ ‫النب صلى ال عليه وسلم ومعاجم سي وسجلت مدن أو سللت ووقائع وقصص‪...‬‬ ‫وباختصار نريد أن نقول والعبارة للباحث ولفرد كانتول سيث ׃" أن السلم يس إحساسا جادا بالتاريخ انه يؤمن‬ ‫بأن ال قد وضع نظاما عمليا واقعيا يسي البشر ف الرض على مقتضاه وياول دائما أن يصوغ واقع الرض ف‬ ‫إطاره ومن ث فهو دائما يعيش كل عمل فردي أو اجتماعي وكل شعور فردي أو اجتماعي بقدار قربه أو بعده من‬ ‫ذلك النظام الذي وضعه ال والذي ينبغي تقيقه ف واقع الرض لنه قابل للتحقيق‪ ( "...‬السلم والعال العاصر‪-‬‬ ‫‪ -163‬للستاذ أنور الندي)‬ ‫فأين نن من هذا الحساس ؟؟‬

‫‪ )7‬هل وعينا التاريخ ؟‬ ‫لنصارح أنفسنا فنبادر بالجابة ׃ ل‪ ..‬ل نع بعد تارينا لننا ف القيقة ل نشغل أنفسنا بعد بالبحث الازم ف هذه‬ ‫القضية رغم حساسيتها وأهيتها وذلك ناتج‪ -‬ربا‪ -‬من تاهلنا وعدم وعينا بطورة تغييبها عن حسنا وتفكينا فيما‬ ‫نطط وندرس وننظّر وكذلك عدم إدراكنا لدى مساهتها وانعكاساتا‪ -‬سلبا وإيابا‪ -‬على حركتنا ومارستنا‬ ‫ومن هنا فيجب علينا أن ل نجل من القول بأننا نعان جفافا ف التعامل مع التاريخ وإل فبماذا تفسر ملمح تلفنا‬ ‫ف شت الجالت وسلسلة الزائم والنكسات الت تكبدناها إبان الواجهات العسكرية والولت السياسية تاه‬ ‫أعدائنا من يهود وصليبيي وغيهم ؟؟ فقد اكتفينا‪ -‬أو بالصح اكتفى الذين يسطرون سياستنا التعليمية والساهرون‬ ‫( ؟) على مواردنا التثقيفية والتربوية والتعليمية‪ -‬بالسرد السطحي الاف والسلي للحداث التاريية والتلميح الزيل‬ ‫والعتم إل الساس السيكولوجي لصراعنا وتعاملنا مع الغرب شرقيّه وغربيّه بينما نرى الغرب قد نح‪ -‬بذكائه‬ ‫الاكر‪ -‬ف توظيف الدث التاريي لدمة أغراضه رغم خبثها ودناءتا׃ "‪ ..‬فخيال الروب الصليبية‪ -‬الت نتج عنها‬ ‫تسمم العقل الغرب ضد العال السلمي ‪-‬ل يزال يرفرف فوق الغرب حت يومنا هذا ‪ .‬كما أن جيع اتاهاتا‬ ‫وإرجاعها نو السلم والعال السلمي ل تزال تمل آثارا واضحة جلية من ذلك الشبح العنيد الالد "‬

‫‪ )8‬اليهود ومدى الرص على التاريخ‪...‬‬ ‫وأما اليهود فقد أدركوا الدور الطي الذي يلعبه التاريخ ف حاضر الشعوب ومستقبلها ومدى السهام والعطاء‬ ‫الذي ينحه وعي الدث التاريي وفقه أبعاده لن يهتم به ‪..‬ذلك أن التاريخ هو بثابة ذاكرة المة‪ ..‬وبقدر ما تسلم‬ ‫للمة ذاكرتا وتسن التعامل معها بقدر ما يتد تأثيها وتبز قدراتا وتقوى شخصيتها‪.‬‬ ‫ولذا فإن اليهود وهم أساتذة الكر الدروس قد ركزوا كثيا على التاريخ احتواء وتشويها خاصة ف إطار الناهج‬ ‫التعليمية والتربوية الت حرصوا منذ وقت مبكر على احتوائها وتوجيهها تنفيذا لغراضهم العدوانية وهذه الشواهد‬

‫الصارخة من بروتوكولتم السامة خي دليل على ذلك ‪ ..‬فقد جاء ف البوتوكول السادس عشر ׃ "‪ ....‬سنتقدم‬ ‫بدراسة مشكلت الستقبل بدل من الكلسيكيات وبدراسة التاريخ القدي الذي يشتمل على مثل سيئة اكثر من‬ ‫اشتماله على مثل حسنة وسنطمس ف ذاكرة النسان العصور الاضية الت تكون شؤما علينا ول نترك إل القائق‬ ‫الت ستظهر أخطاء الكومات ف ألوان قاتة‪."...‬‬ ‫وجاء ف البوتوكول الرابع عشر ׃ "‪...‬وسنوجه عناية خاصة إل الخطاء التاريية للحكومات المية الت عذبت‬ ‫النسانية خلل قرون كثية جدا‪ "...‬أي أن اليهود سيدرسون للشباب صفحات التاريخ السوداء ليعرفوهم أن‬ ‫الشعوب عندما كانت مكومة بالنظم القدية كانت حياتا سيئة ول يدرسون لم الفترات الت كانت فيها الشعوب‬ ‫سعيدة لكي يقنعوهم بذه الدراسة الزائفة الكاذبة أن النظام الديد افضل من القدي‪.‬‬ ‫وكانت عناية اليهود مركزة بصفة أدق واشل على التاريخ السلمي قصد تشويه حقائقه أو تقزيها وتضخيم نقاطه‬ ‫السوداء إن وجدت وإل فاختلقها وإلصاقها به سهل يسي على أرباب الكر والدهاء ولذا فقد خصت الصهيونية‬ ‫العالية مؤتر " بلتيمور" ف الوليات التحدة من اجل تزييف تاريخ السلم وإثارة الدل حول قضايا الشعوبية‬ ‫والباطنية وتوظيف بعض الواقف الدامة ف التاريخ لضفاء مصطلحات عصرية "مغلفة" عليها كما فعلت ف وصفها‬ ‫لركة "القرامطة" بأنا تثل حركة العدل الجتماعي وحركة الزنج الت استغلها دعاة التفسي الادي وهم يهود‬ ‫طبعا لن جدهم ماركس يهودي وأبرزوها ف ثوب "حركة ثورية تقدمية بروليتارية" ‪ ...‬وغيها كثي ( منار‬ ‫السلم العدد ‪ 5‬السنة ‪ 7‬ص ‪)103‬‬ ‫وقد وجد هؤلء اليهود وغيهم من أعداء السلم ‪ ...‬من القيادات الفكرية التغريرية والرموز الثقافية والعلمية ف‬ ‫العال العرب والسلمي مساعدات مانية مشجعة على مستوى التأليف والدعاية والنشر‪....‬‬ ‫هذه باختصار بعض ملمح الرص اليهودي على تشويه ذاكرة المم بسخ تاريها وتزييفه وتعتيمه وأما على‬ ‫الستوى الخر‪ ..‬الذات الداخلي لليهود فالمر جد متلف فالبامج التعليمية الاصة باليهود تركز ف جانب كبي‬ ‫منها على بعث الس التاريي والعقيدي وتذيرها ف النشء اليهودي‪...‬فأول كلمة يتعلمها الطفل اليهودي ضمن‬ ‫مفوظاته اليومية ف دور الضانة لا حس تاريي " أورشليم حبيبت" ث حي يشب الطفال عندهم يدرسون بدقة‬ ‫وتفصيل وإحكام تاريخ الشعب السرائيلي ׃ شعب ال الختار على الرض‪..‬؟؟‪ ...‬وحي يذهب شبابم إل‬ ‫الامعات يستمرون ف تعميق تعاليم دينهم وأماد تاريهم ف دروس يومية ل هوادة فيها‪.‬‬ ‫فأين نن من هذا ؟؟‬

‫وبعد‪...‬‬ ‫فخلصة القول من كل ما أوردناه تتلخص كآلت ׃‬ ‫أول ׃ يب علينا أن نضع حدا للجفاف الذي يصبغ تعاملنا مع التاريخ وان ندد رؤيتنا وفهمنا ودراستنا لتارينا‬ ‫السلمي وان نعمل على إياد صيغ سليمة ومتينة تكننا من التفاعل الادف مع التاريخ ومن التزود الواعي والستمر‬ ‫من معينه الصب‪ ...‬وهذا لن يصل إل من خلل دراسة عميقة واعية ومتكاملة للتاريخ السلمي ׃ "‪....‬إن‬ ‫دراسة تاريخ السلم ف هذه الرحلة من حياتنا ضرورة ل سبيل إل تاوزها لفهم الحداث وتطور الجتمع ولعرفة‬ ‫مكان العال السلمي والمة العربية من الضارة العصرية‪ .‬فإن نظرتنا إل الحداث ل تصدق إل إذا قامت ف ظل‬

‫مفهوم شامل وف إطار تاريخ السلم نفسه كما أن اتصالنا بالغرب اليوم يب أن يقوم على مفهوم مرحلة هي ׃‬ ‫رد فعل لرحلة قد سبقتها بسبان أن هذه الضارة العصرية الغربية ليست منفصلة عن عال السلم وإنا قامت‬ ‫قواعدها على النهج التجريب السلمي وعلى بناء صاغه العلماء السلمون فنحن حي نتصل با اليوم ل نكوم غرباء‬ ‫عن جذورها فهي ملك للبشرية كلها الت صاغتها وشاركت ف تكوين جوانبها الختلفة‪ ( "...‬السلم وحركة‬ ‫التاريخ‪ -485 -‬للستاذ أنور الندي)‪.‬‬ ‫وثانيا ׃ يب أن يتأكد لدينا أن قضية الوعي التاريي أصبحت ضرورية بل مصيية يتحتم علينا أن نوليها اهتماما‬ ‫بالغا وعناية فائقة ل على مستوى الترف الفكري بتكديس الدراسات وتبي القالت ولكن‪ -‬وهذا هو الهم‪ -‬على‬ ‫مستوى الوعي والتربية والركة وعلى مستوى التعامل والمارسات اليومية وهذا لن يتيسر إل ببعث سياسة تعليمية‬ ‫وتربوية متأصلة تركز على بعث الوعي التاريي الادف وتعميق البعد العقيدي ف برامها على طول الراحل‬ ‫التعليمية بدءا برياض الطفال وانتهاء بالتعليم العال ويرادفها‪ -‬أي هذه السياسة التعليمية‪ -‬جهاز ثقاف وإعلمي ف‬ ‫مستوى العصر تهيزا وتقنية يؤثر ول يتأثر ويتوخى الصدق والعلمية والوضوعية ف كل أعماله‪.‬‬ ‫وبذلك حسب‪ -‬رأيي‪ -‬نتمكن من تاوز كثي من العوائق الادية والعنوية الت تول دون تقيق أهدافنا وغاياتنا׃‬ ‫من نشر الدعوة السلمية با فيها من خي وأمن وعدل للنسانية ‪ ...‬إل إقامة الجتمع السلمي النشود الذي هو‬ ‫أمل البشرية وربيعها النتظر‪...‬‬

‫تعاملنا مع الضارة الغربية‬ ‫هل الضارة تكديس للشياء وتميع للمنتجات وإحصائيات للمبتكرات والستحدثات ؟؟ أم هي بناء وهندسة‬

‫وتصميم وتوجيه للطاقات والبداعات ورقي مستمر للخلق والقيم السامية ؟‬

‫إن الجتمع الذي يكتفي بأن يستورد حضارة من الارج ث يهد نفسه ف تركيبها وتميعها دون التكاء الواعي‬

‫على أصالته والتمسك بذوره ودونا استعدادات ذكية وعمل جزمي على تغيي الفكر والتفكي وتثبيت السس‬ ‫الصالة والقواعد السليمة والنابعة من ترابه الثقاف والتاريي‪ ...‬مثل هذا الجتمع ل يستطيع يوما أن يصبح ذا‬

‫حضارة‪.‬‬ ‫إذ أن الضارة والثقافة بضاعة ل تصدر ول تستورد ‪ ..‬ليست الضارة والثقافة ف الراديو والتلفزة والثلجة تنقل‬ ‫من هناك إل هنا ث توصل بالكهرباء فتعمل ‪.‬الضارة والثقافة يوجدان بإعداد الرض والعمل فيها بصب ودراسة‬ ‫ووعي ومعرفة بتغيي النسان وتغيي الفكر مع معرفة أرضية الكان الذي يعيش فيه وجوًه وباختبار البذور‪ ...‬إن‬ ‫الضارة الت تصدر وتستورد عبارة عن تكرار مستمر لدعة تستلفت النظار لكنها خادعة كاذبة ول تصل إل‬ ‫نتيجة أبدا " (‪.)1‬‬ ‫وهذا ما وقعت فيه الجتمعات العربية والسلمية على السواء حي انتهجت سبيل هذا الظن الاطئ ف استياد‬ ‫الضارة لقد ضيعت بذلك فرصة بناء أو بالحرى فرصة استئناف وإعادة بناء حضارة إسلمية ذاتية ‪ ...‬ذلك انه‬ ‫حينما وقع التفاعل بي العال الغرب التحضر والعال العرب السلمي‪ ...‬وجد العرب السلم نفسه أمام واجهة‬ ‫حضارية فتانة أبرته وملكت عليه لبه وسلبته عقله واستولت على تفكيه ووجدانه فلم يتمالك نفسه أن ارتى ف‬ ‫أحضانا ارتاء اليتيم الضائع ف أول حضن مفتوح قابله حت صاح احد باي‪ -‬باي تونس‪ -‬ف غمرة نشوته عند‬ ‫رحلته الول إل فرنسا "باريس وما أدراك ما باريس‪ ..‬ليت هذا عندنا بتونس ليت هذا عندنا بتونس"‪ .‬وصرخ‬ ‫رفاعة الطهطاوي من كل أعماقه " لقد سبقونا إل الضارة حت صارت من طباعهم‪ ...‬سوف القي عمامت واحب‬ ‫فرنسا"‬ ‫وف هذا الطار الواهي زمن خلل ذلك الفهوم الضيق الهزوم بدأت رحلة التعامل الغب بي الجتمعات السلمية‬ ‫والغرب التبجح بضارته‪ ...‬وامتد هذا التعامل حت شل مالت الفكر والثقافة والادة‪....‬‬

‫‪ )1‬على الصعيد الفكري‬ ‫لقد ظلت الجتمعات العربية السلمية رازحة تت ثقل الستعمار الغرب الاقد ردحا من الزمن فكانت بذلك تثل‬ ‫دور الستضعف الغلوب والغلوب كما قال العلمة عبد الرحان بن خلدون "‪....‬مولع بالقتداء بالغالب ف شعاره‬ ‫وزيه ونلته وسائر أحواله وعوائده" وهذه الظاهرة معروفة ف الصطلح الديث "بقانون التكيف"‪.‬‬ ‫ولكي تتبلور لنا مأساة تعاملنا الفكري‪ -‬الاطئ‪ -‬مع الفكر الغرب فمن اللزم تبيان بعض خصائص ومواصفات‬ ‫هذا الفكر‪ ..‬إن له أربع ميزات مركزية فهو فكر علمان‪ -‬مادي ‪-‬قومي‪ -‬علماوي وهي مواصفات جاءت كرد‬ ‫فعل منطقي وطبيعي لا كانت عليه الالة الجتماعية ف أوروبا فيما قبل ما يسمى بعصر النهضة‪.‬‬

‫" فمادية الفكر الغرب ل تكن مادية فيلسوف يضع الدنيا والرض والسماء والبادئ الفكرية قيد بثه ث ييل إل‬ ‫الادية بل على العكس من ذلك ندها رد فعل طبيعي للوضاع الجتماعية الت كانت سائدة ف القرون ‪-14‬‬ ‫‪. 16 -15‬أي مادية طبقة أهل الفكر ف أوروبا تعد رد فعل طبيعي جدا ومنطقي للفراط ف الروحانيات واليل‬ ‫النحرف‪ -‬إل الخرة ‪ ...‬الذي كان سائدا ف متمعاتا " (‪ )2‬يقول العلمة "جودي" أستاذ الفلسفة النليزية ف‬‫كتابه " سخافات الدنية الديثة" ׃ " إن الدنية الديثة ليس فيها توازن بي القوة والخلق ومنذ النهضة ظل العلم‬ ‫ف ارتقاء والخلق ف انطاط وقد غلب على الفكر الغرب طابع التحرر الطلق ف مال الجتمع والرأة والفن‪ ".‬ول‬ ‫شك أن هذه الركات كانت ردة فعل أكيد لفاهيم السيحية الغربية ف الخلق هذه الفاهيم الت قامت على‬ ‫أساس الرمان والرهبنة وتعذيب الجساد لا يعوق الفطرة ما خلف انفجارا طاغيا ف الدعوة إل التحرر فالتحلل‪.‬‬ ‫وهذا ما يؤكد ويبهن على أن الضارة الغربية كلما امتدت وانتشرت إل وانتشرت معها الرذيلة وامتد معها‬ ‫النلل واليوعة والبغض‪.‬‬ ‫فالفكر العرب عندما يتعامل مع الفكر "الغالب" ف جانبه الادي يبدو شاذا وغبيا ف نفس الوقت ‪ ..‬ذلك أن الناخ‬ ‫الجتماعي والدين الذي يتقلب ف أعطافه السلم ل يقر الرهبانية الت اصطدم با الفكر الغرب ول يعزل النسان‬ ‫عن طيبات الرزق بل هو مناخ له منهاجه اليات والتوجيهي الاص والذي يضع النسان ف مكانه الق من حيث‬ ‫هو بشر له مطالبه وحاجاته الروحية والترابية دونا غمط جانب على حساب جانب آخر‪.‬‬ ‫ث إن القرآن على ‪-‬خلف النصرانية‪ -‬قد قرر أن الياة البشرية ذات معن و أن النسان هو مور فلسفة التاريخ‬ ‫والقرآن ل يعتب الزاد إل الخرة ف الرمان والتعذيب والرضوخ‪ .‬والسلم‪ -‬كما قال ممد أسد‪" -‬ينظر إل الياة‬ ‫بدوء واحترام ولكنه ل يعبدها والنجاح الادي مرغوب فيه ولكنه ليس غاية ف ذاته بل يقود النسان نو التبعية‬ ‫الدبية ف كل ما يعمل والغاية من جيع نشاطنا العملي يب أن تكون خلقية" ‪.‬‬ ‫وأما علمانية هذا الفكر "التحضر" ونبذه للدين نبذا ساخرا حاقدا وركله لكل مقوماته وتعاليمه فهي أيضا جاءت‬ ‫كرد فعل لتسلط الكنيسة وتجرها واستبداد رجالتا وانغلقهم وجهالتم المقاء وماربتهم‪ -‬باسم الدين‪ -‬لكل‬ ‫البداعات العلمية والفكرية وتصديهم الغب والجرامي للخلق العلمي والتجارب والستكشافات الارقة لفاهيمهم‬ ‫والقوضة لتصوراتم ومعتقداتم ولعل إعدام "قاليلي" اشهرها وهو ليس بوحيدها‪.‬‬ ‫ومن هنا نفهم عقدة الرفض ف موقف أوروبا من العطاء الضاري السلمي " فلقد أراد السلم( كما يقول أنور‬ ‫الندي) أن يهدي إل أوروبا هدية اليان وهدية العلم ولكن أوروبا قبلت هدية العلم ورفضت هدية اليان وكان‬ ‫هذا مصدر شقائها ومتاعبها" (‪)3‬‬ ‫غي انه يبدو للدارس التعمق للحضارة الغربية والتمعن ف أي شيء من أشيائها أن البعد الدين مازال مستترا وحافزا‬ ‫للكثي من إبداعاتا‪ .‬يقول الفكر " هرمان دي كيسرلنج" ف كتابه "البحث التحليلي لوروبا" ׃ "كان اعظم ارتكز‬ ‫حضارة أوروبا على روحها الدينية وتفسر هذه الروح بذلك العامل الجتماعي‪..‬ذلك الشعور ف النسان والذي‬ ‫تصدر عنه مترعاته وتصوراته وتبليغه لرسالته‪".‬‬ ‫وبصرف النظر عن كل ذلك فإن الوة تبدو واسعة‪ -‬لو تعنا‪ -‬بي نبذنا ونبذهم للدين‪ .‬يقول ممد عبده ׃"أولئك‬ ‫نبذوا الدين فنالوا الرية والسيادة والسيطرة على العال ونن نبذناه فمنينا بالذلة والنقسام والتفرقة والنطاط‬ ‫والستعداد لقبول كل ما يلى علينا ونب عليه ويلقى أمامنا‪ ..‬ذلك أن فصل الدين عن الدولة نغمة ولدت ف‬ ‫الغرب للخلص من القيود الكنيسية على حرية العقل والضمي ث نقلت إل الشرق كي تهد العقبات أمام الزحف‬

‫الستعماري وتدد قلع القاومة الائلة الت ثارت ف وجهه أي أنا فشت هناك للحد من طغيان رجال الدين‬ ‫وتعالت هنا لدم دين كامل والتيان على بنيانه من القواعد" (‪.)4‬‬ ‫" وأول ما فعله الفكر ف الجتمع السلمي والشرقي هو مقاومة الدين ׃ كان ف ثار مقاومة الدين ف أوروبا حرية‬ ‫الفكر والنضج الفكري والدنية الزدهرة وأنواع التقدم العلمي السريع والدهش ف كل مالت الياة ‪ .‬لكن نفس‬ ‫هذا المر عندنا‪ -‬أي مقاومة الدين ف الجتمعات السلمية‪ -‬كانت أول ثارها وأسرعها وافدحها هي تطيم السد‬ ‫الذي كان يقف حائل ف وجه النفوذ المبيال والنطاط الفكري"‪)5( .‬‬ ‫ث إن هناك مفارقة أخرى يب أن ل تمل وهي أن النصران ل يستسهل ترك دينه إل إذا صار عالا وذلك للتناقض‬ ‫الاصل الذي يلحظه بي استنتاجات العلم وتعاليم دينه الحرف بلف السلم فانه ل يهمل دينه ول يتقاعس عن‬ ‫أداء فرائضه والتزاماته الدينية إل إذا صار جاهل‪ .‬إذ الدين السلمي ل يكن أن يبقى على قيد الياة إل بانتشار‬ ‫العلوم وتقدمها فإن بي السلم والعلوم رابطة كلية متينة‪.‬‬ ‫ث إن الفكر الغرب عندما واجه سطحية الفكر الكنسي وبدائية تصوراته ومعلوماته الاوية وتفسياته اللعلمية‬ ‫والقائمة على غي برهان للظواهر والحداث‪ ...‬كان رد فعله‪ -‬النطقي‪ -‬هو رفعه لشعار "العلماوية" أي انه قرر‬ ‫جازما أن ل يقبل أي تفسي لادث ما إل تت الفحص العلمي وتت مهر التجربة‪ .‬ولذا قال "كلود برنار"׃ "إذا‬ ‫ل أر الروح تت مبضع الراح فلن أؤمن بوجودها"‪.‬‬ ‫والفكر السلم عندما يرفع هذا الشعار رفعا غبيا صبيانيا كما حصل فانه يكون غي واقعي ول منطقي ذلك أن‬ ‫دستوره القرآن ل يكن يصده عن إعمال العقل والطالبة بالبهان وانتهاج اليدان التجريب (( قل هاتوا برهانكم إن‬ ‫كنتم صادقي)) (( فاعلم انه ل اله إل ال))‪.‬‬ ‫ث إن القرآن قد قاوم النظرة العفوية والنظرة الغبية الستسلمية لتفسي الحداث ذلك أن النسان العتيادي الذي‬ ‫وجده القرآن ف الزيرة العربية كان يفسر الحداث التاريية بوصفها كومة متراكمة من الحداث يفسرها على‬ ‫أساس الصدفة تارة وعلى أساس القضاء والقدر تارة أخرى‪ ...‬والستسلم لمر ال تعال‪ ..‬القرآن قاوم هذه النظرة‬ ‫العفوية والستسلمية ونبه العقل البشري إل أن هذه الساحة لا سنن ولا قواني وانه لكي تستطيع أن تكون إنسانا‬ ‫فاعل مؤثرا ل بد لك أن تكتشف هذه السنن‪)6( .‬‬ ‫ث إن القرآن الكري ل يطرح نفسه بديل عن قدرة النسان اللقة وعن مواهبه وقابلياته ف مقام الكدح والتجربة‬ ‫‪ ..‬القرآن ل يطرح نفسه بديل عن هذه اليادين وإنا طرح نفسه طاقة روحية موجهة للنسان مفجرة لطاقاته مركة‬ ‫له ف السار الصحيح‪)7( .‬‬ ‫فهل بعد هذا يد الفكر ف الجتمع السلمي ثغرة ف منهاجه حت يتبن ذلك الشعار الذي رفعه الفكر الغرب؟‬

‫‪ )2‬على الصعيد الثقاف‬ ‫هناك حادثة وقعت ف الربعينيات ملخصها أن شابا زيتونيا بعد أن اكمل دراسته الزيتونية طلب من إدارته السماح‬ ‫له بالسفر إل فرنسا لستكمال دراسته هناك‪ .‬فكان رد الدارة ف قولا ׃ ليست لنا حاجة ف تعلم اللغة‬ ‫الفرنسية‪(..‬؟؟)‬ ‫هذه اللحظة تبي بلء‪ -‬كما يقول مالك بن نب‪ -‬كيف يتصور الجتمع السلمي ف عصور النطاط دور‬ ‫الطالب الذي يسافر إل الارج‪ .‬فالدف الوحيد أن يدرس لغة أو يتعلم حرفة ل أن يكتشف ثقافة‪ .‬فكل ما يهمه‬

‫النفعة العاجلة‪ .‬لكنا ‪-‬والكلم لالك‪ -‬ل ينبغي أن نعزوا هذا التاه إل عدم اكتراث السلم بالضارة الغربية‬ ‫فحسب بل إن الدرسة الغربية الستعمارية قد ساهت ف خلق هذا الوضع إذ ل تكن تتم بنشر عناصر الثقافة‬ ‫الوروبية بقدر ما ترص على توزيع نفاياتا الت تيل السلم عبدا للقتصاد الوروب فهي ل تسعى إل اكتشاف‬ ‫ذكاء تلميذها أو دفع مواهبهم وإنا تسعى إل خلق آلت ذات كفاءات مدودة(‪ ...)8‬ذلك أن الوروب ل يتحمل‬ ‫عناء السفر إل الشرق ليقوم بدور المدن وإنا ليتول خطة الستعمر‪.‬‬ ‫ث إن نظرتنا إل حضارة الرجل البيض‪ -‬ف إطار التفاعل والتعامل‪ -‬وخاصة على الصعيد الثقاف كانت مرتكزة‬ ‫بصفة كلية على الظاهر الطافية والادعة وكان انبهارنا مصورا فيما نرى ونشاهد بالعي الجردة ليس إل‪ ..‬فنحن‬ ‫نرى وننبهر بتلك الرأة القابعة ف القهى والترنة ف الرقص والضائعة ف الشارع والت تصبغ أظافرها وشعرها‬ ‫وتدخن ول نرى الرأة الوروبية الت تمع الشيش لرانبها أو تنشر الب لدجاجها أو تنكب على حلب‬ ‫بقراتا‪ ...‬أو تلك الت ل تترك فرصة تر دون مطالعة جادة ف كتاب أو تأمل منظر تر إزاءه أو تفكر ف اثر يشد‬ ‫انتباهها‪.‬‬ ‫وبدل أن نعجب بذلك العامل الريص على إتقان صنعته والتفان حد اليام ف عمله أو بذلك الفنان البدع والتعمق‬ ‫ف أثره‪ ...‬النظم لدقائقه الريص على البداع والبتكار‪ ...‬ترانا نيم بذلك الفوضوي التهور ف شوارع أوروبا‬ ‫نقتبس منه شطحاته وفضوله وناكي تيعه ومونه ونقلد طريقة أكله ولباسه وحت موضة نفثه لدخان غليونه‪.‬‬ ‫ومن هنا تولدت عندنا أشكال غريبة جدا ف سلوكياتنا وطفرت فجأة عندنا أخلقيات وقيم مشينة ل تعرف ف‬ ‫عاداتنا ول تراثنا ولعل أقربا أظهرها موضات التسريات واللباس والختلط الاجن‪ .‬وما نسمع ونشاهد ونقرأ‬ ‫ونتعلم ف مدارسنا وملهينا ووسائل إعلمنا‪.‬‬ ‫لقد اختل‪ -‬حقا‪ -‬مزاجنا وفقدنا توازننا ف كل شيء ‪ .‬يقول مالك بن نب ׃ " إن متمعاتنا قد فقدت توازنا‬ ‫الصيل وهي ل تزال تتذبذب ول تعرف لا قرارا حت اليوم وإننا لنشاهد عدم الستقرار هذا حت ف أنفسنا وف‬ ‫تصوراتنا للشياء حي تتلف باختلف الناظرين إليها‪ ..‬فهناك منا من يشك ف كل شيء ويرى الدنية معركة‬ ‫اقتصادية و إن تليص الشعب لن يتأتى إل بيلة اقتصادية ‪ ...‬أو بكارثة مالية ف السوق السوداء ومنا من يرى‬ ‫الدنية ف العراس النتخابية والظاهرات العمومية وهو يظن أن خطبة يهتف لا تقلب النظام العالي‪.‬‬ ‫وهناك النظرة الخدرة يرى صاحبها أن الثل العلى للمدنية يبق ف قعر كأسه ويلمع ف جو المارة ومنا من يرى‬ ‫ترير الشعوب ف ترير النساء ويظن انه ملك الدنية إذا ما فاز بامرأة عصرية" (‪)9‬‬ ‫" إننا بق ل نعد نلك اليوم أي ذاتية تستبي من خللا منطلقات فكرية أو ثقافية متميزة تدد معال وجودنا‬ ‫الضاري الستقل ‪ ...‬أصولنا الثقافية الت كانت دعامة حضارتنا السلمية العظمى ملقاة على رفوف الهال بل‬ ‫مرمية ف زوايا النسيان وإنا نعكف اليوم على أصول ثقافية أخرى اقتطعناها كما هي من الغرب ففنون التربية‬ ‫وعلوم النفس والجتماع والخلق الت تدرس ف مدارسنا وجامعاتنا ليست إل مموعة نظريات ومواصفات‬ ‫وضعت تعبيا عن النظرة الغربية إل الوجود ودعما لصول الفلسفة الجتماعية الت ارتضاها الغرب لنفسه" (‪)10‬‬ ‫غي أننا‪ -‬ف غمرة نشوة النبهار والتفاعل‪ -‬ل نفقه الصيغة السليمة للخذ والرد ول يدر بلدنا أننا إذا احتجنا إل‬ ‫الستفادة من خبة الغرب وتفوقه ف الصناعات اللية الت كانت سببا ف مده وسيادته فمن الؤكد أننا ف غي‬ ‫حاجة إل استياد قواعد السلوك والتربية والخلق الت تدل المارات والبوادر على أنا ستؤدي حتما إل تدمي‬ ‫حضارته والقضاء عليها قضاءا تاما ف القريب العاجل (‪.)11‬‬

‫‪ )3‬على الصعيد الادي أو الشيئي‬ ‫إن تعاملنا على هذا الصعيد تعامل تاري ‪-‬غب‪ -‬فنحن نتعامل مع الضارة كزبائن ل كتلميذ ׃ نريد من الغرب‬ ‫التحضر أن يفتح لنا‪ -‬بشره‪ -‬متاجره ومغازاته ويبعثر أمامنا سلعه ومنتجاته بدل أن يفتح لنا مدارسه ويكشف لنا‬ ‫تاربه ويدنا بأصول نضته وتقدمه ويعلمنا تقنياته والياته وبذه الصيغة‪ -‬الباهتة‪ -‬نكون قد حرصنا على جع أكوام‬ ‫من النتجات الضارية اكثر من أن ندف إل تشييد حضارة‪.‬‬ ‫" إن علقتنا بالضارة الغربية ل تستطيع أن تأتينا بالضارة طالا يوجد ف متمعنا من يستورد فرو السيدات الباهظ‬ ‫الثمن وهو ف صحراء العرب حت إذا أراد استعماله جعل داخل القصور مكيفا للهواء ف درجة الصفر لتستطيع‬ ‫السيدات استعماله فإن هذا عبث وصبيانية وإتلف لمكانيات الجتمع" (‪.)12‬‬ ‫وأسوق مثال لحصائية عادية من ملة تارية عالية ليتضح لنا اكثر سوء تعاملنا الشيئي الاف نع الغرب وهو مثال‬ ‫يغن عن كثي من الكلم ׃‬ ‫فقد نشرت ملة للتجارة الدولية (بوم) ف عددها الصادر ف نوفمب ‪ 1949‬إحصائية جاء فيها ׃‬ ‫دولة إسرائيل عرض ׃ إسنت‪ -‬رخام‪ -‬امنيات‪ -‬حقائب‬ ‫طلب ׃ حديد للصناعات والبناءات‪ -‬منتجات كيماوية وعلجية‪ -‬فلي‬ ‫الدول العربية׃ ( العراق‪ -‬الردن‪ -‬الكويت‪)...‬‬ ‫عرض׃ ل شيء‬ ‫طلب ׃ موهرات‪ -‬ملبس‪ -‬مساحيق‪ -‬عطور‪ -‬لعب‪ -‬حلوى‪ -‬فواكه مفوظة ‪-‬‬ ‫حرير‪ -‬أقطان‪.‬‬ ‫فهل بثل هذا التعامل وهذه العلقة نستطيع أن نرسي حضارة ؟؟‬

‫‪ )4‬من أين العلة ؟‬ ‫بعد ما بينا أطوار هذا التعامل ‪ ..‬ول يبق أدن شك‪ -‬لدى العاقل‪ -‬ف انه تعامل سلب ومريض إذ برغم طول السافة‬ ‫الزمنية الت قطعها ل يأت بنتيجة ول يب حضارة ول يزد على أن قدم تمة شيئية اثقل با كاهل الجتمعات ‪...‬‬ ‫بقي أن نتساءل بد ׃ ما علة ذلك ؟ ما أسباب فساد تلك الصيغة ف التفاعل والتعامل مع حضارة الغرب ؟‬ ‫أرى أن هناك أسبابا خارجية وأخرى داخلية ׃‬ ‫أما السبب الارجي فهو الستعمار الذي ابتليت به الجتمعات السلمية ׃ هذا الستعمار الذي استخدم كل‬ ‫وسائله واستعمل كل ذكائه ومكره ودهائه ووظف كل طاقاته ف إذابة فاعلية الشعوب الت أخضعها لقوته وتييع‬ ‫تصوراتا وإهدار إبداعاتا وخنق طموحاتا ما ولد فيها عقدة الشعور بالنقص والقرار الضمن بالنزامية حت لكأن‬ ‫لسان حالا يقول‪..‬ل التعب ومشقة اللق والبحث والغرب قد كفانا كل ذلك‪ ...‬فما علينا إل أن ند يدنا فنأخذ‬ ‫ونشتري ما نشاء‪ .‬وهذا ما الزمها على التبعية الضلة والذيلية الغبية للغرب ولكل ما هو غرب فهو ل يبسط نفوذه‬ ‫على الشرق ليمدنه ويعلمه أسباب التقدم والقوة وإنا جاءه ليسلبه خياته ويسرق جهود رجالته ويصرفه بأي حال‬ ‫عن التطلع إل الشروق الدن والبناء الضاري‪ ...‬با نشر فيه من فلسفات هدامة وشبهات وأفكار متهمة ׃ فهو‬

‫مثل ل يفتح جامعاته أمام الوفود الطلبية‪ -‬السلمة‪ -‬إل لتعليم العلوم النسانية كالتاريخ والفلسفة والفنون وعلوم‬ ‫النفس ‪ ..‬الواد الت يسهل فيها التزييف والتضليل‪ ...‬أما كليات العلوم التجريبية الت ليس فيها منافذ للتضليل فهي‬ ‫موصدة أمامهم‪.‬‬ ‫وأما عن السبب الثان ׃ فناتج من أننا ابتعدنا عن مثلنا العلى وبت تطلعنا إليه وانزنا إل مثل أعلى أجنب مستورد‬ ‫وناتج من أن أمة ما بعد أن تفتقد مثلها العليا النابعة منها تفقد فاعليتها وأصالتها ׃ إذ بقدر ما تتبن المة مثل أعلى‬ ‫قابل للتحريك فال سبحانه ينحها ويعطيها من خياته ونعمه‪..‬فعندما تشبث السلمون الوائل بثلهم العلى الذي‬ ‫هو ال سبحانه وتعال بنوا حضارة وحازوا قيادة العال وتربعوا على عرش الستاذية يعلمون الجيال مكارم‬ ‫الخلق ويدون الياة البشرية بأسباب السعادة والي والمن‪.‬‬ ‫ذلك أن عقيدتم التوحيدية علمتهم كيفية التعامل الفعال والصال مع صفات ال وأخلق ال بوصفها حقائق عينية‬ ‫وبوصفها رائدا عمليا وهدفا لسيتم ومؤشرات على الطريق نو ال سبحانه‪.‬‬ ‫والسلمون من قرون فقدوا ذلك العطاء ونلوا عن التكامل‪ ...‬عندما تيعت علقتهم مع الثل العلى ‪ ..‬عندما‬ ‫ضيعوا الصيغة الرشيدة للتعامل السليم مع الكتاب‪ ...‬مع دستورهم الالد فقدوا بذلك الفاعلية ول يسيوا ف اتاه‬ ‫التاريخ‪.‬‬ ‫فالتاريخ‪ -‬كما يقول مالك بن نب‪ -‬بيد النسان التكامل الذي يطابق دائما بي جهده وبي مثله العلى وحاجاته‬ ‫الساسية والذي يؤدي ف الجتمع رسالته الزدوجة كممثل وكشاهد وينتهي التاريخ بالنسان التحلل وبالفرد الذي‬ ‫يعيش ف متمع منحل ل يعد يقدم لوجوده أساسا روحيا أو أساسا ماديا‪.‬‬ ‫ث هناك علة أخرى كامنة فينا وهي سوء فهمنا للحقيقة الجتماعية والقيقة العلمية ׃ فنحن ف تعاملنا مع الغرب ل‬ ‫نفرق بي الصيغتي وكان ذلك مصدرا آخر لتخلفنا وترسيخا لتبعيتنا‪ ..‬فقد ظننا بعد أن تبينا الغرب كمثل أعلى‬ ‫نرنو أتليه ف عليائه ونتمن اللحاق به على عجل ودون كدح وجهد‪ ..‬ظننا أن كل ما يتقيؤه الغرب من نظريات‬ ‫وأفكار وفلسفات ومطارحات هي بثابة القائق والقضايا العلمية الت مادامت صحتها ظهرت ف الغرب فمن‬ ‫الؤكد أن تصح وتؤت ثارها عندنا أيضا وغفلنا عن ترتيبها ضمن القائق والقضايا الجتماعية الت تضع لعيار‬ ‫آخر غي الصحة والبطلن‪..‬فهي خاضعة للزمان والبيئة والدافع فمثل قضية نبذ الدين وفصله عن الساسة‬ ‫والنشاطات الجتماعية هي قضية اجتماعية وليست علمية‪ ..‬نحت ف الغرب وآتت أكلها هناك ‪ ....‬وفشلت‬ ‫عندنا لن الدافع والبيئة والزمان مغايرين لا عند الغرب وقس على ذلك قضايا الرأة والسرة والخلق‪.‬‬

‫‪ )5‬خاتة‬ ‫فماهو السبيل إذن إل تدارك خطئنا وماهو السلك السليم لبناء حضارتنا؟‬ ‫إن الياة كما قال الفيلسوف السلم ممد إقبال ׃ جهاد لتحصيل الختيار ومقصد الذات أن تبلغ الختيار بهادها‪.‬‬ ‫وبناء حضارة راقية صالة تسعد ف أعطافها البشرية ويعم فيها العدل والي والمن وإخراج متمع متطور إنسان‬ ‫يتاج إل أناس طيبي أحرارا يعتزون باستقللم ف كل الجالت وبكرامتهم ويثقون ف أنفسهم‪ ...‬أما التميع‬ ‫والتبعية والمعية الغبية والشعور بالنقص فلن يلق سوى نفوس مشوهة رخوة ل تستطيع بأي حال إرساء أسس‬ ‫حضارية قابلة أن ترج الجتمع النسان من الور والظلم إل العدل والرية والنور‪.‬‬

‫فالقضية إذن ليست قضية أدوات ول إمكانات ( هذا ل يعن النفي التام لذه السباب ) إن القضية كانت ف أنفسنا‬ ‫إن علينا أن ندرس الهاز الجتماعي الول وهو النسان فإذا ترك النسان ترك الجتمع والتاريخ وإذا سكن‬ ‫سكن الجتمع والتاريخ ذلك ما تشي إليه النظرة ف تاريخ النسانية منذ بدأ التاريخ فترى الجتمع حينا يزخر بوجوه‬ ‫النشاط وتزدهر فيه الضارة وأحيانا تراه ساكنا ل يتحرك يسوده الكساد وتغمره الظلمات‪.‬‬ ‫ومن جوامع الكم القدية ׃ غي نفسك تغي التاريخ‪..‬‬ ‫هوامش ׃‬ ‫(‪ )1‬الدكتور علي شريعت‪ -‬الفكر ومسئوليته ف الجتمع‬ ‫(‪ )2‬نفس الصدر‬ ‫(‪ )3‬أنور الندي‪ -‬السلم والعال العاصر‬ ‫(‪ )4‬ممد الغزال‪ -‬من هنا نعلم‬ ‫(‪ )5‬الدكتور علي شريعت‪ -‬الفكر ومسئوليته ف الجتمع‬ ‫(‪ )6‬ممد باقر الصدر‪ -‬مقدمات ف التفسي الوضوعي للقرآن‬ ‫(‪ )7‬ممد باقر الصدر‪ -‬مقدمات ف التفسي الوضوعي للقرآن‬ ‫(‪ )8‬مالك بن نب‪ -‬وجهة العال السلمي‬ ‫(‪ )9‬مالك بن نب‪ -‬وجهة العال السلمي‬ ‫(‪ )10‬ملة "المة" ‪-‬عدد ‪ 31‬سنة ‪ -3‬صفحات ‪ 12‬و ‪22‬‬ ‫(‪ )11‬ملة "المة"‪ -‬عدد ‪- 31‬سنة ‪- 3‬صفحات ‪12‬و ‪22‬‬ ‫(‪ )12‬مالك بن نب‪ -‬أحاديث ف البناء الديد‪.‬‬

‫البشرية وتارب العقائد‬ ‫لقد صارعت البشرية على امتداد تاريها الافل والطويل حضارات عديدة وعايشت تارب "أيدلوجيات"‬

‫واديانا ومذاهب متلفة ومتفاوتة‪.‬‬

‫وبا أنا كانت بثابة" فأر الخب" لكل طارئ وجديد فقد لقي النسان‪ -‬الضحية‪ -‬من ذلك اللو والر والطيب‬

‫والبيث وعاين القسوة والرحة وتمل الظلم والنصاف ففي تربة يؤله ويقدس وف أخرى تراه مهانا‬

‫ومستعبدا وف ثالثة يذبح ويدمر‪...‬‬ ‫مع هذه اليدلوجية يذهب به إل ذات اليمي ومع أخرى يطوح به إل ذات اليسار هذه تبعده عن فطرته بالفراط‬ ‫والخرى بالتفريط ‪.‬‬ ‫هذه ترص على دوس كرامته وذبح أخلقياته وتلك تستهدف خنق مقوماته وأخرى ترى فيه صنو البهيمة مأكل‬ ‫ومشربا ومنكحا‪....‬‬ ‫ول يد السكي طعما حقيقيا لعن ذاته كإنسان ول ينعم بكرامته وإنسانيته إل ف ظل تربة التوحيد ف واحة "‬ ‫الفتح السلمي الشامل"‪ ....‬الذي وقف من البشرية موقف الكرامة والعزة والسماحة أعادها إل دائرة الفطرة النقية‬ ‫والق الواضح والمن الكامل ‪ ...‬والذي أعطى لكل فرد حق الياة وحق العيش والستمتاع بياته بعيدا عن كل‬ ‫خطر يتهدده وعرّفه كما تقول الدكتورة بنت الشاطئ ׃‬ ‫انه ل ينبغي لي كان أن يلك إناء حياة شخص ما‪ -‬إعداما أو وأدا أو ‪.-...‬فال هو واهب الياة للنسان ومن‬ ‫ث فإناء الياة يب أن ل يكون إل ل سبحانه‪.‬‬

‫‪ )1‬النظرة التباينة للنسان‪....‬‬ ‫إن السؤال الدرامي القدي الذي ظل النسان يطرحه على نفسه ف حية وقلق ׃ من أنا ؟ من أين أتيت ؟ إل أين أنا‬ ‫ذاهب ؟ ما هدف ف الوجود ؟‪ ....‬قد ولد عدة رؤى ومطارحات وإجابات متشائمة حينا ومتفائلة أحيانا متلفة‬ ‫ومتباينة لدى مفكري ومنظري الذاهب واتباع العقائد على اختلفها‪.‬‬

‫‪ )2‬النظرة الوجودية للنسان‪....‬‬ ‫فالوجودية ترى أن النسان اله نفسه وسيد موقفه وموجه ذاته ومالك إرادته وبالتال فهو حر ف كل تصرفاته ول‬ ‫أحد يد من طموحاته أو يعكر صفو أمانيه وكل السبل يب أن تؤدي إل تقيق شهواته ورغباته فل قيود ول‬ ‫رباطات ول رقيب ول حسيب و" الحيم هم الخرون" كما أعلنها سارتر‪.‬‬ ‫" بينما نرى أرسطو يدد للفرد فرديته وحريته ل يعلها من حق الناس جيعا بل يقصرها على السادة وعنده أن‬ ‫للعلى‪ -‬السيد‪ -‬أن يبسط نفوذه على الدن‪ -‬العبد‪ -‬كما أن على الدن أن يضع للعلى ويطيعه‪ .‬وعنده أن الر‬ ‫حر رغم استعباده و أن العبد عبد رغم ما يقق من نصر‪.‬‬ ‫أما أفلطون فانه يرد الفرد من قيمته الفردية ليجعله أداة مسخرة لدمة الدولة " (‪)1‬‬

‫‪ )3‬النظرة اليهودية‪...‬‬ ‫والنظرة اليهودية اقذر ما تكون إذ هي مزيج من عنصرية بغيضة وحقد فائر فالنسان الخر‪ -‬غي اليهودي ‪-‬ل حق‬ ‫له ف الياة وخي دليل على ذلك ما جاء ف سفر يشوع ׃‬ ‫" اهلكوا جيع من ف الدينة من رجل وامرأة وطفل وشيخ حت الغنم والمي‪ ...‬بد السيف واحرقوا الدينة وجيع‬ ‫ما فيها بالنار"‪ .‬وما الجازر الرهيبة والوحشية الت يقترفها اليهود إزاء السلمي ف الرض الحتلة وبيوت ومذبة‬ ‫صبا وشاتيل ‪ ...‬عنا ببعيدة ول غائبة‪.‬‬

‫‪ )4‬النسان عند الرومان‪...‬‬ ‫أما الرومان فقد عرف عنهم القسوة الت ل تعرف الدود والظلم الذي يصل إل ابعد الدرجات فكانوا يعمدون إل‬ ‫رمي العبيد إل الوحوش الضارية والستمتاع بشاهدتا وهي تنقض على الدميي وكان العدام باللقاء إل‬ ‫الوحوش على عهد المباطور أغسطس قيصر عقوبة قانونية‪.‬‬

‫‪ )5‬التفسيات النصرانية‪...‬‬ ‫بينما تذهب التفسيات النصرانية أن النسان‪ -‬الطفل‪ -‬يولد شريرا بطبعه وانه يولد ممل بكثي من الشرور والثام‬ ‫فيجب أن يقمع ذلك بالشدة والعنف و أن يسلك به سبل التعذيب واليلم (‪.)2‬‬

‫‪ )6‬النظرية الاركسية‪....‬‬ ‫وترى الاركسية أن الفرد وسيلة ل غاية ول يتعدى أن يكون اكثر من ذرة تذوب ف جسم الدولة ل حق له ف‬ ‫ملكية ول ف ثار الكسب ‪ ...‬فالنسان ف الكهف الاركسي الظلم يعيش مأساة حراء مزدوجة معنوية ومادية ‪.‬‬ ‫ورحم ال العلمة ممد باقر الصدر حيث يقول ׃ " إن إنسانا يعتصر الخرون طاقاته ول يطمئن إل حياة طيبة‬ ‫واجر عادل وتامي ف أوقات الاجة لو إنسان قد حرم من التمتع بالياة وحيل بينه وبي الياة الادئة الستقرة‬ ‫كما أن إنسانا يعيش مهددا ف كل لظة ماسبا على كل حركة معرضا للعتقال بدون ماكمة وللسجن والنفي‬ ‫لدن ريبة لو إنسان مروع يسلبه الوف حلوة العيش وينغص الرعب ملذ الياة" (‪)3‬‬

‫‪ )7‬النسان ف السلم‪..‬‬ ‫بينما يرى السلم‪ -‬ذلك الدين القيم الق‪ -‬أن النسان حر الرادة و أن إرادته تلزمه التبعية والسؤولية أمام ربه‬ ‫واللتزام الخلقي أمام الناس و أن ذلك كله مرتبط بالبعث والزاء الخروي‪)4( .‬‬ ‫والسلم قد أعلى من شأن النسان واعتبه خليفة ال ف أرضه وأكد كرامته واعتبها كرامة ذاتية أصيلة ل تنبع من‬ ‫جنسه ول من لونه ول من بلده ول من قومه ول من عشيته ول من ماله ول من عرض من أعراض الدنيا الزائلة‬ ‫وإنا تنبع من كونه إنسانا من هذا النس الذي أفاض عليه ربه التكري وسخر له ما ف السماوات والرض ورزقه‬

‫من الطيبات وفضله على غيه من الخلوقات (‪ )5‬قال تعال (( ولقد كرمنا بن آدم وحلناهم ف الب والبحر‬ ‫ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثي من خلقنا تفضيل)) (السراء ‪.)70‬‬ ‫والسلم‪ -‬من جهة أخرى‪ -‬يفرض كفالة مشتركة بي أهله ويعل العجزة والضعفاء والحرومي موضع تقدير‬ ‫كبي ول يطالب بإسقاطهم أو قتلهم بل على العكس يطلب لم حايات وضمانات كاملة ويعتبهم موضع الرزق‬ ‫(( إنا ترزقون بضعفائكم)) (‪)6‬‬ ‫وإذا كان القانون الفرنسي "منتسكيو" يرى انه من الستحيل أن يرثي النسان للفريقيي ذوي البشرة السوداء وانه‬ ‫ل يكن للمرء أن يتصور أن ال سبحانه وتعال‪ -‬وهو ذو الكمة السامية‪ -‬قد وضع روحا طيبة داخل جسم حالك‬ ‫السواد‪ ...‬فإن الؤرخ السلم‪ -‬ابن خلكان‪ -‬قد أعلنها صرية ׃ إن البشرة السوداء ل تقلل من شرف النفس‬ ‫الطاهرة ول تنقص من علم العال ول من سو الفكر‪.‬‬

‫‪ )8‬النظرة الجحفة للحياة‪...‬‬ ‫لقد قرر القرآن الكري أن الياة البشرية ذات معن و أن النسان هو مور فلسفة التاريخ والقرآن ل يعتب الرض‬ ‫مكانا للعذاب أو سجنا يسجن فيه البشر الثون ف أصول تكوينهم لسبب خطيئة أصلية ذلك انه ل توجد أصل‬ ‫خطيئة للبشر و أن خطيئة آدم قد غفرها ال له‪.)7( .‬‬ ‫وكما يقول صاحب كتاب " السلم على مفترق الطرق" ( السلم ينظر إل الياة بدوء واحترام ولكنه ل‬ ‫يعبدها‪ .‬إن النجاح الادي مرغوب فيه ولكنه ليس غاية ف ذاته بل يقود النسان نو الشعور بالتبعية الدبية ف كل‬ ‫ما يعمل والغاية من جيع نشاطنا العملي يب أن يكون خاتيا (‪)8‬‬ ‫ومن هنا نرى أن السلم ل يقر الرهبنة الت تعزل النسان عن طيبات الرزق ول يقر ف الوقت نفسه الباحية‬ ‫والتحلل الذي يطم كيان النسان وهو حي يفعل ذلك يضع النسان ف مكانه الق من حيث هو بشر له أمانته‬ ‫ومسؤوليته وإرادته الرة وحسابه وجزاؤه على أعماله ‪)9(.‬‬ ‫بينما تقرر الاركسية بتبجح ل يرتكز على برهان ف مقولتها الواهية " ل اله والياة مادة "‪.‬‬ ‫أما عند الرومان واليونان فالياة مسرح للذة والشهوة والبطولت التهورة وفرصة عفوية للتمتع بالسد العاري‬ ‫والتسلي بشاهدة الصراعات الدرامية بي اللة والنسان وبي السادة والعبيد وأما عند اليهود فهي تنافس بغيض‬ ‫وفوضوي على مزيد من العنصرية والربا والادية الطاغية والتخريب والتدمي للخرين ث جاءت النصرانية لتنحرف‬ ‫با إل الروحانيات الافة والزهد النزامي والرهبانية الذليلة والنفور القيت من الياة والهاد والتكسب‪.‬‬

‫وبعد‪...‬‬ ‫يقول الفكر السلم (أنور الندي) " إن أحق الديان بطول البقاء والخذ بتجربتها وقيادتا للبشرية ما وجدت‬ ‫أحواله متوسطة بي الشدة واللي ليجد كل امرئ من ذوي الطبائع الختلفة ما يصلح به حاله ف معاده ومعاشه‬ ‫ويستجمع له فيه خي دنياه وآخرته وكل دين أو مذهب ل يوجد على هذه الصفة بل أسس على مثال يعود بلك‬ ‫الرث والنسل فمن الحال أن يسمى دينا فاضل‪.)10( " .‬‬

‫ولقد طوفت البشرية بي كثي من الديان والذاهب وجربت كل اليدلوجيات الطروحة قديا وحديثا فهل حققت‬ ‫سعادتا النشودة واكتمل رشدها وهل حافظت على مقوماتا وأخلقياتا وكرامتها ؟ فلقد أذاقتها اليهودية سوم‬ ‫العنصرية المراء ولطختها بوحل الادية الطاغية ث جاءت النصرانية فعطلت طاقاتا وطمست مواهبها وإبداعاتا‬ ‫وحالت بينها وبي زينة الياة الدنيا بانتهاجها سبيل الرهبانية البتدعة ول يفى على عاقل ما لقته وتلقيه من مون‬ ‫الوجودية وانللا وشهوانيتها ومن بغي الشيوعية وطغيانا الحر الاقد ومن جشع الرأسالية وميوعتها ومن‬ ‫علمانية الغرب وإلاده‪.‬‬ ‫فهل آن لا أن تستريح ف ظلل التوحيد وتنعم بسماحة السلم وتكريه وتوقيه وتسترد بالتال نقاوة فطرتا‬ ‫وسالف عزها وأمادها وما دنس وشوه من مقوماتا حت تعود إل استئناف دورها اللف ف الرض من الصلح‬ ‫والتعمي إل نشر الي والعدل والمن‪..‬‬ ‫هوامش ׃‬ ‫(‪ )1‬السلم والعال العاصر‪ -‬أنور الندي ‪-‬ص ‪54‬‬ ‫(‪ )2‬الصدر السابق نفسه‪ -‬ص ‪236‬‬ ‫(‪ )3‬فلسفتنا‪ -‬ممد باقر الصدر‪ -‬ص ‪34‬‬ ‫(‪ )4‬السلم والعال العاصر‪ -‬ص ‪238‬‬ ‫(‪ )5‬ملة المة‪ -‬مقال النظرة النسانية ف فلسفة التربية السلمية‪ -‬عيسى حسن الراجرة‪ -‬ص ‪ 33‬العدد ‪36‬‬ ‫(‪ )6‬السلم والعال العاصر‪ -‬ص ‪214‬‬ ‫(‪ )7‬الصدر السابق نفسه‪ -‬ص ‪164‬‬ ‫(‪ )8‬السلم على مفترق الطرق‪ -‬ممد أسد‬ ‫(‪ )9‬السلم والعال العاصر‪ -‬ص ‪250‬‬ ‫(‪ )10‬الصدر السابق نفسه‪ -‬ص ‪.295‬‬

‫العطش الروحي‪ ...‬من يرويه ؟‬ ‫ف الوقت الذي يظن فيه الشدوهون والبهورون بالضارة الغربية‪ ...‬إن الغرب التحضر قد اكتمل رشده النسان‬ ‫وبلغ سعادته الثلى وحاز الهلية الطلقة ف السيادة والريادة والسيطرة الدبية والادية على العال‪ ...‬ف الوقت ذاته‬ ‫تتعال صيحات عميقة منذرة من قلب هذا الغرب من عقلئه ومفكريه وفلسفته تذر من إهال الوجه الروحان‬ ‫للحضارة ومن فراغ هذه الخية من الثل والقيم واللتزامات الخلقية‪ ....‬ما يعتبه هؤلء الفكرون الغربيون‬ ‫مؤشر هدم خطي وهو اعتبار واقعي وموضوعي‪.‬‬ ‫أي إن ما ننعته نن الن ومن سني ف الشرق السلمي بأسباب تلفنا ومن مواصفات رجعيتنا وجودنا وبالعوق‬ ‫لتحضرنا وتقدمنا ‪ ...‬اصبح هو الؤمل الرتى عند عقلء الغرب وأرباب هذه الضارة‪.‬‬ ‫ذلك أن الديان الت نبذها ف أول العهد منظرو هذه الضارة أزاحوا ظلها عن تفكيهم وحرصوا على مو أي اثر‬ ‫لتعاليمها فيما يقولون ويعملون ول يتخذوا منها ولو لبنة واحدة كبت أم صغرت ف بنائهم لضارتم إذ اعتبوا‬ ‫الدين والتدين مسألة شخصية‪ ...‬ث هو مدر وأفيون يصرف الشعوب عن التمدن والبناء والتغيي و أن على النسان‬ ‫وحده أن يبحث عما يلئمه حت بلغ المر بم أن علقوا إبان الثورة الفرنسية ف قرية ( هوتفيلر) منشورا يقول "‬ ‫ابتداء من الغد على مواطن ومواطنات هذه القرية أن ل يعترفوا بأية عبادة باستثناء عبادة العقل والرية والساواة‬ ‫وأما مبن الكنيسة الذي اغلق الن فسوف يصبح معبدا للعقل ويصص من الن للحتفال بالعياد الوطنية"‪.‬‬ ‫بعد كل ذلك العداء الظاهر والباطن والتهكم الصارخ اصبحوا الن ينظرون إل الدين والتدين والقيم والثل واللتزام‬ ‫اللقي والروحانيات على أنا الواقي الصلب الذي يول بي الضارة والندثار بعد ما رأوا بطلن اطروحاتم‬ ‫وفساد نظرياتم وشلل رؤيتهم‪.‬‬ ‫ولن اذهب بكم بعيدا فهذا " توينيب" يقول ف إحدى ماضراته " إن الديان الكبى جيعا مهملة وآخذة ف‬ ‫النسار وربا توقف مستقبل النس البشري على عودتا ثانية إل سيطرتا السابقة على البشرية" "ث إن النسان‬ ‫الغرب وهو تائه ف غمار حضارته قد فشل ف دوره كإله ارضي و أقر بأنه يفتقر إل شيء ما ليكون سعيدا "‬ ‫( ماهو الغرب ؟ راشد الغنوشي)‬

‫سفينة بل قيادة ‪..‬‬ ‫وهذا الطبيب الفيلسوف اللان "البت شفيتزر" يصرخ من كل أعماقه "‪ ....‬الاصية الروعة ف حضارتنا هي أن‬ ‫تقدمها الادي اكب بكثي من تقدمها الروحي ‪..‬لقد اختل توازنا‪ ....‬والضارة الت ل تنمو فيها إل النواحي الادية‬ ‫دون أن يواكب ذلك النمو نو متكافئ ف ميدان الروح هي أشبه ما يكون بسفينة اختلت قيادتا ومضت بسرعة‬ ‫متزايدة نو الكارثة الت ستقضي عليها‪ ...‬إن توكيد العال والياة قد تزعزع عندنا فلم يعد الرجل العصري‬ ‫التحضر يشعر بدافع إل التفكي ف الثل العليا ذلك انه ل يعد يؤمن بالتقدم الروحي والخلقي للناس والنسانية مع‬ ‫أن هذا التقدم الروحي والخلقي هو العنصر الوهري ف الضارة‪."...‬‬

‫" ومن هنا نشأ النسان الغرب التحضر يتيما تافها ل يعدو أن يكون مرد جسد ومرد حاجيات مادية‪ ..‬نشأ يتيما‬ ‫لنه ل ينتظر أية مساعدة من ال‪ -‬كما قال " شبنهاور"‪ ... -‬ونشأ تافها لنه اعتب العال فوضى من العقولت‬ ‫والقبائح" ( ما هو الغرب ؟ للغنوشي) ‪.‬‬ ‫ونن ل ننكر أن الضارة الغربية بإقلعها الادي الباهر قد أشبعت الانب البطن التراب من النسان وملت‬ ‫حياته‪ -‬حد التخمة‪ -‬بأسباب الرفاه والترف الشيء الذي حبب إليه الجون واللمبالة والتميع وأوقعه بالقلق‬ ‫والقسوة‪...‬‬ ‫وإزاء هذه الال النذرة بزيد من الشر وهو شر لن يتوقف خطره على الغرب فحسب إنا هو قادم ف سباق نونا‬ ‫إن عاجل أو آجل‪ .‬وذلك بكم التبعية العمياء الت نسلكها إزاء الغرب والنهج الذيلي الذي نطبقه ف شت‬ ‫الجالت‪ ....‬إزاء كل هذا فواجب على السلمي الصادقي أن ينقذوا النسانية من هذه الظلمات التراكمة و أن‬ ‫يعجلوا بتقدي الرعة الشافية للبشرية الريضة ذلك أن ال سبحانه قد حلهم الشهادة على العال‪.‬‬

‫لقاح ضد جراثيم الفساد‪....‬‬ ‫وهم لن يستطيعوا ذلك إل عندما يقدمون الدين للعالي كموعظة للعقل׃ دعوة إل البداع واللق والبتكار‪..‬‬ ‫وكشفاء للنفس يميها ويلقحها من جراثيم الفساد والنلل والتميع ‪ ..‬وكهدى ورحة للفرد والماعة يبصر به‬ ‫سواء السبيل ويفظ به عرض النسانية ويذود عن شرفها وكرامتها من أن يتطفل عليها عابث ماجن‪.‬‬ ‫وهذا شرط يؤهلنا‪ -‬كمسلمي‪ -‬للدخول ف الجتمع العالي ويكن لنا‪ -‬كمسلمي شهداء على الناس‪ -‬من قيادة‬ ‫النسانية قيادة هي ف اشد الاجة إليها ‪ ..‬قيادة نو النور نو العدل نو الرية قيادة نو دائرة الضوء الربان‪....‬‬ ‫وف هذا الصدد يقول الفكر الزائري السلم مالك بن نب ׃ " إن شرط دخولنا ف الجتمع العالي ف أن يكون ف‬ ‫نشاطنا الروحي ما تعترف به النسانية كحاجة مثل السلم والرية والديقراطية‪ ....‬حاجة لبد من إشباعها "‪.‬‬

‫الفهرس׃‬ ‫تقدي‬ ‫بي الزم والتميع‬ ‫* السلم مجوب بالسلمي‬ ‫* لاذا شاخ السلمون‬ ‫* حي يتخلى السلمون عن الد‬ ‫* السجد‪..‬ليس مكانا لطقطقة السابيح‬ ‫السلمون وضرورة الوعي التاريي‬ ‫تعاملنا مع الضارة الغربية‬ ‫البشرية وتارب العقائد‬ ‫العطش الروحي من يرويه‬

‫‪3‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪57‬‬ ‫‪67‬‬

Related Documents

Tarikh
December 2019 30
Tarikh
May 2020 22
Tarikh
May 2020 25
Tarikh
December 2019 33
Tarikh
May 2020 25
Tarikh
October 2019 27