"إنيل يهوذا" زوبعة ف فنجان الب ميلد الاويش الخلّصيّ ف 5نيسان ،2006قبل عيد الفصح الغربّ بأسبوع ،بثّت الحطّة المييكيّة ، onal Geographic Societyبرنامًا وثائقيّا عن "إنيل" جديد اكتشف حديثًا ،ادّعت أ نّ اكتشافه التخصصّة Nati
سيبدّل مفاهيم كثية أصبحت ثابتة ف السيحيّة ،واسم الولود الديد "إنيل يهوذا" .وراحت الحطّة
تبثّه عدّة مرّات ف ال سبوع ،مرف قة ذلك بضجّة إعلميّة كبية .ل ش كّ أ ّن موضوع يهوذا مث ي للجدل ،وهذا ساعد كثيًا ف إعطاء الدث هالة إعلميّة كبية .لك ّن ما إن يذوب الثلج حتّى يتبيّن أ نّ الق صّة كلّ ها لي ست إلّ زوب عة ف فنجان ،خ صوصًا ع ند الشخاص اللمّ ي بتار يخ ال سيحيّة ،أو الختصّي بعلم الكتاب القدّس أو بلهوت آباء الكنيسة الول. سنعرض فيما يلي تعريفًا بذا "النيل" ،ابتداءً من الخطوط الكتَشَف ،مرورًا بويّته وانتمائه إل الفكر الغنوصيّ ،وصولً إل موقف الكنيسة منه. -1الخطوط القبطيّ ي ف مصر العليا ،بالقرب من مدينة أكتُشف هذا الخطوط سنة ،1978ف كهف صحراو ّ النيعا .هعو جزء معن ملّد كعبي ،يدععى
de Tchacos
عّدة فريدا نوسسبغر ،Codexنسعبة إل الس ي
تشاكوس الت اشترته ف وقت من الوقات ،ثّ باعته ،ف شباط ،2001للسيّد ماريو جان روبرت، الذي اشتراه لساب مؤسّسة ميسيناس للفنّ القدي (.)Maecenas Foundation for Ancient Art يوي هذا الجلّد (بي 62و 66صفحة برديّة) ،بالضافة إل إنيل يهوذا ،رسالة بطرس إل فيلبّس ورؤ يا يعقوب الول (الخطوطان الخيان سبق اكتشافه ما ب ي مطوطات ن ع حّادي الغنوصيّة ،سنة .)1945يت ّل إنيل يهوذا 13ورقة برديّة ( 25صفحة وجهًا وقفا) ،وهو ف حالة عّما فع الزء العلى منعه .هناك على القلّ حوال اللف فتاتعة يري عّئة جدّا ،كثيع الهتراء ،لس ي سي الع مل على جع ها .أشرف على ترمي مه وترج ته إل النكليزيّة ممو عة من الباحث ي ،على رأ سهم الباحث رودولف كاسّر ،أستاذ اللغة القبطيّة التقاعد من جامعة جنيف ف سويسرا .سينشر الخطوط
لحقًا ف اللغتي اللانيّة والفرنسيّة. لغة الخطوط هي القبطيّة الصعيديّة ،وهي لغة أهل مصر القدية .أخضع لفحص الكاربون ،14فتبيّن أ ّن عمره يتراوح بي ناية القرن الثالث وبداية القرن الرابع. 1
ن -2الصل اليونا ّ النصّ القبط ّي الكتشف إنّما هو ترجة لنصّ يونانّ مفقود دوّن ف القرن الثان ،بي 130و
،180سبق للقدّيس إيريناوس أسقف ليون أن عرفه وكتب عنه ،سنة ،180ف كتابه الشهي ضدّ الرطقات ،ورفضه لكونه إنيلً غنوصيّا هرطوقيّا تتبنّاه شيعة تسمّى بع القايينيّي ( ،)Caïnitesنسبة إل قايي العهد القدي ،وهي من الشيع الغنوصيّة الكثية الت ازدهرت أيّما ازدهار خلل القرن الثان
لسيّما ف الديار الصريّة:
"إنّهم يعلنون أ نّ يهوذا الائن كان على اطّلع على هذه المور ،وأنّه وحده ،إذ كان يعرف القيقة كما ل أحد ،قد أتّ سرّ اليانة ،لنّه كان يعرف القيقة الت كان غيه يهلها .لقد استنبطوا قصّة خياليّة من هذا النوع،
دعوها إنيل يهوذا" (.)Adversus Haeresis, I, 31.1
و من آباء الكني سة الذ ين عرفوا أيضًا إن يل يهوذا ،القدّ يس إبيفا نس أ سقف سلمي ف قعبص ،الذي أكّد ،فع كتابعه ،Panarionأنّع إنيسل يهوذا هعو جزء معن كتعب شيععة القايينيّيع الغنوصيّة ،وأنّ هؤلء كانوا يعتبون يهوذا أكثر تلميذ السيح استنارة ،وأبناء قايي نابة (.)I, 31 متوى "النيل" ل يقدّم إن يل يهوذا أيّة معلو مة تارييّة عن ش خص يهوذا ال سخريوطيّ .هو ف قط ماولة متأخّرة تف سّر ما جرى مع هذا التلم يذ الث ي الدل ،و تبّر خيان ته للمعلّم ،على ضوء تعال يم الشي عة الغنو صيّة .إنّ ها ماولة تتعارض بش كل رئي س ّي مع ما ورد ف الناج يل القانونيّة حول هذه ال سألة. نسبت هذه الحاولة إل يهوذا ،وليس ف هذه النسبة طبعًا أيّة أصالة تارييّة. كيف يرسم هذا "النيل" صورة يهوذا؟ * يهوذا هو التلميذ القرب إل شخص يسوع ،والحبّ إل قلبه ،بينما التلميذ الخرون ل يتأخّر يسوع عن الستهزاء بم وعن رذلم ،لنّهم بعيدون كلّ البعد عن فهم هويّته ورسالته؛ لذا يسمّي يسوعُ يهوذا بع"التلميذ الثالث عشر" ؛ ت من ملكة * هو الوحيد بي الرسل الذي استطاع فهم هويّة يسوع ورسالته القيقيّة" :أن َ بَربيلو البديّة" ،يقول يهوذا ليسوع؛ هو تلميذ نيب أُعطي نعمة ل تنح لغيه من التلميذ ،وهي أن يف هم أ سرار الكون و سرّ ال سيح" :تباعدْ عن الخَر ين ،يقول له ي سوع ،ف سأكشفُ لك أ سرار اللكوت .يكنك أن تَبلغَه ،ولكن بآلم كثية"؛ وأيضًا "سأخبك عن أسرار ل يرها أحد قطّ"؛
2
* ليهوذا ر سالة صعبة وأ ساسيّة عل يه أن يتمّ ها :ت سليم ي سوع؛ بدون هذا الت سليم ل يت مّ ت ستتفوّق علي هم جيعًا ،يقول له ي سوع ،لنّك ستضحّي بالن سان الذي هو خلص الب شر" :أن َ بثابة لباس ل"؛ * بسبب هذه النعم الاصّة العطاة له دون غيه ،سيكون يهوذا متقرًا ليس فقط من التلميذ بل من ج يع الجيال اللّح قة؛ يرى يهوذا رؤ يا ،وفي ها أ نّ الث ن ع شر يرجو نه ويضطهدو نه أيّ ما اضطهاد. الفكر الغنوصيّ كما قلنا ،اللّهوت الغنوصيّ واضح ف إنيل يهوذا .يتّضح ذلك من السطر الول ،حيث نقرأ" :الرواية السرّيّة للرؤيا الت كشفها يسوع ف حواره مع يهوذا السخريوطيّ خلل أسبوع، ثلثة أيّام قبل الحتفال بالفصح" .إنّ عبارة "سرّيّة" تتوافق تامًا مع الفكر الغنوصيّ ،الذي هو أصلً فلسفة باطنيّة ،أسراريّة ،غي معلنة للجميع بل لجموعة من النخبة ،الت تبلغ اللص عب التنشئة على ال سرار الفيّة .ل ش كّ أ ّن الغنو صيّة ف كر معقّد ومتعدّد التيّارات ،لك نّ التوق إل العر فة ،معر فة ال سرار الكتو مة ،هو القا سم الشترك ب ي كلّ التيّارات ،و من هذه العر فة ا ستمدّ هذا الف كر ا سه ("غنوصيّة" من "غنوسيس" الت تعن ف اليونانيّة العرفة). ويشتهر الغنوصيّون أيضًا بثنائيّتهم الادّة .فهم يكرهون إله العهد القدي ،الالق ،الذي حبس الروح ضمن الادّة السيّئة جدّا .لذا فالليقة ناقصة ،شرّيرة ،خاطئة ومظلمة ،لنّها من صنع إله شرّير حسعود .تاه هذا الله القديع هناك إله العهعد الديعد ،الصعال ،الذي يسععى إل خلص البشعر وتليصهم من هذه الادّة السمجة الت تدعى السد ،والرتقاء بم إل عال الروح الساميّ .يسوع هو العلّم الروحانّ الذي أتى ليقود الناس نو معرفة ال القيقيّ والتخفّي .يسوع ليس ابن ال ،ال الذي يب عنه العهد القدي ،بل ابن شيت ،البن الثالث لدم ،وشيت ينتمي إل نوع آخر من اللة ،الت يرأسها الله بربيلو. بالطبع ،رذلت الكنيسة تعاليم الغنوصيّي ،ورفضت كتبهم و"أناجيلهم" ،وراحت ،تاه م ّد الغنوصيّة ،تدّد قانون كتبها القدّسة ،ابتداء من ناية القرن الثان ،لسيّما الناجيل الربعة الرسيّة، إل أن وصل المر إل الجمع النيقاو يّ الوّل ،سنة ،325حي ثبّتت نائيّا الكتب القدّسة العمول با منذ القدي ف التقليد السيحيّ ،واستبعدت الناجيل الخرى الت ل تتوافق مع التقليد الرسولّ، وأستها "الناجيل النحولة". القايينيّون ،من هم؟ 3
من بي الشيع الغنوصيّة ،هناك شيعة القايينيّي ( ،)Caïnitesالت ظهرت حوال سنة 159م. بالضافة إل إنيل يهوذا ،كان لديهم كتاب آخر وهو صعود الرسول بولس .يكرمون قايي وكلّ شخ صيّة يكره ها العهد القد ي (مثلً :أ هل سدوم ،قورح ،عي سو) ،ل يس إلّ لنّها جاب ت إله العهد القدي .كما يكرمون يهوذا ،لنّه وحده عرف أسرار اللق ،لجل ذلك قام بتسليم يسوع إل أعدائه كي ييتوه ،فيتخلّص هكذا من سجن ج سده .وبذه الذبي حة ي صال ي سوع الب شر مع ال ال قّ، ي لّا ويكون يهوذا قد أ سدى للبشريّة خد مة عظي مة .ويش طح تفك ي هذه البد عة بش كل مأ ساو ّ اعتبت أ ّن الكمال يقوم على ارتكاب أكثر ما يكن من العمال الفظيعة .يبنا ترتليانوس عن امرأة من هذه البد عة ،ا سها كوينت يل أ تت إل أفريق يا ،واجت مع حول ا جا عة من الناس عر فت با سم
"الكوينتيليانيّي" ،هذه أضافت إل ناسات القايينيّي ،مارسات مشينة أخرى. موقف تاه "إنيل يهوذا"؟ لّا عر ضت مطّة
Geographic
Nationalالبنا مج الوثائق يّ عن إن يل يهوذا ،أكثرت ف
وصفها هذا النيل من استعمال كلمة "أصيل" ( .)authenticترى أين تكمن أصالته؟ بالتأكيد ليس ف نسبته إل يهوذا ،وليس ف مصداقيّته ف نقل حقيقة الوقائع كما جرت بي يسوع وتلميذه السيّئ الظّ ،ولكن بالتأكيد ف أنّه ينقل بأمانة تفكي بدعة غنوصيّة ظهرت أثناء القرن اليلديّ الثان. موقف النيل واضح من خيانة يهوذا :السبب الذي دفعه إل خيانة العلّم هو عشقه للمال، ومن وراء قناع الال ،هناك طبعًا الوجه السافر لبليس الذي دخل يهوذا واستوطن فيه .العهد الديد، أنع يهوذا خان بختلف تقاليده السعتقلّة (مرقعس ،Q ،يوحنّا ،أعمال الرسعل ،بولس) ،يُجمعع على ّ العلّم وسلّمه لعدائه ،وعلى أنّه ،على إثر ذلك ،ل يعد يسب من جاعة الثن عشر. ف قداس خ يس ال سرار ،ف 13ني سان ،2006غ مز البا با بندكتوس ال سادس ع شر من باب إنيل يهوذا الكتَشف حديثًا ،عندما قال معيدًا تديد هويّة يهوذا ودوره ف حياة الر بّ يسوع السيح" :يبيّن دور يهوذا أنّه يوجد ف العال س ّر قات لرفض النسان لحبّة ال". من بعد أن بان الرج ،تبيّن لنا أنّ الضجّة العلميّة الت رافقت ظهور إنيل يهوذا ليست إلّ زوبعة ف فنجان .إنّها خطّة إعلميّة ذكيّة يكن أن تُدرّس ف كّليّة العلم ف مادّة التسويق!!
4