ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
1
2
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﳎﻠﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﺗﺼﺪﺭ ﺑﺈﺷﺮﺍﻑ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺸﻬﺎﺏ ﻟﻺﻋﻼﻡ
ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻳﺎﺕ
ﻫــﻴــﺌــﺔ ﺍﻟــﺘــﺤــﺮﻳــﺮ ﻣﺪﻳﺮ ﺍﻠﺔ
ﻣﺪﻳﺮ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻋﻤﺮ ﻣﻨﺎﺻﺮﻳﺔ
ﺗﺼﻤﻴﻢ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﻋﺼﺎﻡ ﲪﻮﺩ
Chihab Center For Media, P.O.Box: 12843 Kuala Lumpur 50792 Malaysia
ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺸﻬﺎﺏ ﻟﻺﻋﻼﻡ
www.chihab.net
23
ﺷﻌﺮ :ﺭﺿﺎ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ :ﻣﻦ ﺩﻳﻮﺍﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎﺭﻑ ﺍﻟﻘﺼﻮﻯ :ﻧﺎﺭ ﰲ ﺍﻟﺮﺳﻎ
22
ﻗﺼﺺ :ﻗﺼﺘﺎﻥ ..ﻋﻤﺮ ﻣﻨﺎﺻﺮﻳﺔ
26
ﻓﺼﻞ ﻣﻦ ﺭﻭﺍﻳﺔ :ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﻷﺧﺮﺱ ..ﻟﻸﺩﻳﺐ ﺃﲪﺪ ﺑﻮﺩﺷﻴﺸﺔ
31
ﺇﺑﺪﺍﻋﺎﺕ ﻋﺎﳌﻴﺔ :ﻧﺺ ﻧﺎﺩﺭ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻻ ﻣﺎﺭﺗﲔ ..ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻭﻟﺪ ﺃﺑﺎﻩ
49
ﺣﻮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﻀﻔﺎﻑ :ﻣﻊ ﻣﺮﺯﺍﻕ ﺑﻘﻄﺎﺵ ..ﺣﺎﻭﺭﻩ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺎﱄ ﺭﺯﺍﻗﻲ
28
ﻣﻠﻒ ﺍﻟﻀﻔﺎﻑ :ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ :ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ.
ﻟﻠﻤﺮﺍﺳﻼﺕ
www.difaf.net
19
ﺇﺑﺪﺍﻋﺎﺕ
ﺣﺴﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ
ﺃﻭ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﻮﻗﻊ ﺍﻠﺔ
ﻧﺼﻮﺹ ﻧﻘﺪﻳﺔ :ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﺃﻡ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ..ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺼﺎﱀ ﺧﺮﰲ
16
ﺳﺎﺣﺔ ﻧﻘﺎﺵ :ﺍﻷﺩﺏ ﻭﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ..ﺩ.ﺳﻌﻴﺪ ﻳﻘﻄﲔ
ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ
[email protected]
ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺃﺩﺑﻴﺔ :ﻣﻦ ﻋﺎﺋﺪﺍﺕ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ..ﺩ/ﻋﺰﻳﺰ ﻟﻌﻜﺎﻳﺸﻲ
06
ﺍﻟﺘﻨﺎﺹ ﻭﺍﻟﺴﺮﻗﺎﺕ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ..ﺃ.ﻣﺪﳛﺔ ﻋﺘﻴﻖ
ﺩ .ﺍﻟﺒﺸﲑ ﺻﻮﺍﳊﻲ
ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﱪﻳﺪ ﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﱐ
ﺍﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ: ﻓﻜﺮ ﻭﺁﺩﺍﺏ
ﻻ ﻷﺩﺏ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻭﺍﳊﻴﺎﺓ ﺃﻭﺳﻊ ﳑﺎ ﻧﺘﺨﻴﻞ ..ﺣﺴﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ
04
ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﳊﺪﻳﺚ :ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺎﺕ ﻭﻋﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ
37
ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﰲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻐﺰﻭ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ..ﺩ /ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺎﺭﺓ
39
ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ :ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺃﻡ ﲝﺚ ﻋﻦ ﺻﻴﻎ ﺑﺪﻳﻠﺔ؟ ..ﳏﻤﻮﺩ ﻗﺮﱐ
43
ﻓﻨﻮﻥ
ﻣﺴﺮﺡ :ﺍﻷﻋﻤﻰ ﰲ ﻣﻬﻤﺔ :ﺟﺪﻟﻴﺔ ﺍﳋﲑ ﻭﺍﻟﺸﺮ ..ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺑﻮﺷﺮﻳﻒ
51
ﻓﻨﻮﻥ ﺍﻷﺩﺍﺀ :ﻣﻴﺲ ﺳﻠﺶ :ﳒﻤﺔ ﺍﻷﺭﺩﻥ ..ﻃﺎﺭﻕ ﺩﻳﻠﻮﺍﱐ /ﻋﻤﺎﻥ
52
ﺳﻴﻨﻤﺎ :ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ..ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻣﻀﻲﺀ ﻭﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﻈﻠﻢ ..ﺃﳝﻦ ﻣﻜﺮﻡ /ﻋﻤﺎﻥ
53
ﻟﻮﺣﺎﺕ ﻭﺯﺧﺎﺭﻑ :ﲨﺎﻟﻴﺔ ﺍﳋﺰﻑ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ..ﻣﻲ ﺍﳊﺴﲏ
55
ﻣﺴﺎﺣﺎﺕ
ﺍﺧﺘﺮﻧﺎ ﻟﻜﻢ :ﻗﺼﺔ ﲢﻮﻝ ﻓﻨﺎﻥ ﺇﱃ ﺩﺍﻋﻴﺔ .ﻛﺘﺒﻬﺎ ﺍﳌﻌﲏ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ..ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪ ﺯﻳﺎﱐ
58
ﻣﻬﺎﺭﺍﺕ ﺇﺑﺪﺍﻋﻴﺔ :ﻏﲑ ﻧﻔﺴﻚ ..ﻋﺎﺩﺍﺗﻚ ﺗﺮﺳﻢ ﺷﺨﺼﻴﺘﻚ
61
ﻣﻨﺎﺷﻂ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ :ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ..ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺳﻌﻴﺪ
63
ﺳﲑ ﺃﻫﻞ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ :ﻋﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ :ﺍﻟﺜﺎﺋﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻭﺃﻫﻠﻪ ..ﺭﻏﺪﺍﺀ ﺯﻳﺪﺍﻥ /ﺳﻮﺭﻳﺎ
65
ﻛﺘﺎﺏ ﰲ ﻣﻘﺎﻝ :ﳓﻮ ﻓﻬﻢ ﺃﻋﻤﻖ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮﺭ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺑﻜﺎﺭ ..ﻓﺎﺋﺰﺓ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ
70
ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻟﻴﺴﺖ ﻋﺎﺑﺮﺓ :ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ..ﺣﺴﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ
75
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
3
ﺍﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ
ﻻ ،ﻷﺩﺏ ﺍﻟﻴﺄﺱ.. ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺃﻭﺳﻊ ﻣﻤﺎ ﻧﺘﺨﻴﻞ ﺑﻘﻠﻢ :ﺣﺴﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﻓﺬﻟﻚ ﳑﺎ ﻧﻌﺘﻘﺪ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻓﻴﻪ.
...ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ – ﺍﻟﻌﺮﰊ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺮﺍﻫﻦ ﺑﺮﻣﺘﻪ " -ﺯﺍﺧﺮﺍ"، ﺑﻜﻞ
ﻣﻌﺎﱐ
"ﺍﻟﺸﺆﻡ"ﻭ"ﺍﻟﺒﺆﺱ"
ﻭ"ﺍﳌﻌﺎﺻﻲ" ..ﻭﺍﻟﺬﻝ ﻭﺍﻟﻘﻬﺮ ..ﻭﻏﲑ
ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﻔﺮﺩﺍﺕ ﺍﻟﺸﻘﺎﺀ ﻭﺍﻟﻀﻨﻚ.. ﻓﺬﺍﻙ ﺃﻣﺮ ﻟﻦ ﳔﺘﻠﻒ ﻓﻴﻪ ﺃﺑﺪﺍ ،ﻷﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺿﻮﺡ ﻭﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﻣﺎ ﻻ ﳝﻜﻦ ﻷﺣﺪ
ﺟﺤﻮﺩﻩ ﻭﻧﻜﺮﺍﻧﻪ.
ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻣﺪﻋﺎﺓ ﻟﻠﻴﺄﺱ ﻭﺍﻟﻘﻨﻮﻁ ﻭﺍﳋﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻵﰐ ﻓﺬﻟﻚ
ﻣﻘﺒﻮﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﻲﺀ ،ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﲔ ،ﻭﺍﳌﻬﻤﻮﻣﲔ ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﳌﺸﻜﻼﺕ ﺍﳌﺘﺮﺍﻛﻤﺔ ﺍﳌﻌﻘﺪﺓ..
ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﳌﺮﻳﺮ..
ﳑﺎ ﻳﺪﻓﻊ "ﺍﳌﺒﺪﻋﲔ ﻭﺍﳌﺒﺪﻋﺎﺕ" ﺇﱃ ﺍﻻﺭﲤﺎﺀ ﰲ ﺃﺣﻀﺎﻥ ﺍﻟﻴﺄﺱ ،ﻭﺍﻗﺼﺎﺭ
ﻧﺴﻴﺞ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻋﻠﻰ ﻣﻔﺮﺩﺍﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﺗﺮﺟﻴﻊ ﺁﻻﻣﻪ ..
ﺳﻘﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺘﻤﻬﻴﺪ ﳌﺎ ﻟﻪ ﺻﻠﺔ ﺑﺎﻹﺑﺪﺍﻉ ﺍﻷﺩﰊ ﻭﺍﻟﻄﺮﻭﺣﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﺮﺍﻫﻨﺔ ..ﻭﺍﻟﱵ ﻻ ﳜﻄﺊ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ،ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﺍﺭﺱ ﰲ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﻣﻼﺣﻈﺎﺕ ﰲ ﺷﺄﻥ ﻣﻀﺎﻣﻴﻨﻬﺎ ﺍﻟﱵ ﺗﻄﻐﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺣﺎﺩ ﻣﻔﺮﺩﺍﺕ ﺍﳊﺰﻥ ﻭﺍﻟﻜﺂﺑﺔ ﻭﺍﻷﺳﻰ ...
ﻧﻌﻢ ﺇﻥ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺍﳌﺘﺎﺑﻊ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﻨﺸﺮ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﻭﺍﻼﺕ ﻭﻓﻀﺎﺀﺍﺕ ﺃﺧﺮﻯ ..ﳑﺎ ﻟﻪ ﺻﻠﺔ ﺑﻌﻮﺍﱂ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻭﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ،ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﰲ ﻳﺴﺮ ﺃﻥ ﻳﻠﺤﻆ
ﻃﻐﻴﺎﻥ ﺍﳊﺰﻥ ﻭﺍﻷﺳﻰ ﻋﻠﻰ ﳎﻤﻞ ﻣﺎ ﻳﻜﺘﺐ ،ﻋﻨﺪ ﺍﳌﺒﺪﻋﲔ ﻭﺍﳌﺒﺪﻋﺎﺕ ﻋﻠﻰ
ﺣﺪ ﺳﻮﺍﺀ .ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺍﳌﺸﻜﻠﺔ ﰲ ﻫﺬﺍ "ﺍﳊﺰﻥ" ﺫﺍﺗﻪ ..ﻭﻟﻜﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺴﻠﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﳊﺰﻥ ﻣﻦ ﺗﺸﺎﺅﻡ ﻭﺷﺆﻡ ..ﳑﺎ ﻳﻘﻮﺩ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﺇﱃ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻭﺍﻟﻘﻨﻮﻁ..
ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺤﻨﺔ ﺍﻟﻜﺒﲑﺓ ﻣﻦ ﺍﳊﺰﻥ ﻻ ﲡﺪ ﳌﺎ ﻣﱪﺭﺍ ﺣﱴ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ
ﺍﻻﺩﻋﺎﺀ "ﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﺍﺭﺓ ﻭﺍﻟﻜﺂﺑﺔ ﻣﺎ ﻳﺪﻓﻊ ﺇﱃ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻨﻮﻁ". ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﺻﺪﻕ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻋﺎﺩﻱ ..ﻓﻼ ﳝﻜﻦ ﻗﺒﻮﻟﻪ ﻣﻦ ﺃﺩﻳﺐ ﺃﻭ
ﻣﺜﻘﻒ ﺃﺑﺪﺍ؛ﻷﻥ ﺍﻷﺩﻳﺐ ﻭﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻭﺍﳌﺜﻘﻒ ـ ﻋﻤﻮﻣﺎ ـ ﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮﻧﺎ ﻫﻮ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻭ"ﻗﺎﺋﺪ" ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﰲ ﻣﺴﲑﺓ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﻛﻠﻬﺎ .ﻭﻟﻴﺲ ﰲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﻘﻂ ،ﻣﻬﻤﺎ ﺑﺪﺕ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻛﺌﻴﺒﺔ ﻭﻣﺆﺫﻳﺔ.
ﺑﻞ ﺇﻥ "ﻋﻈﻤﺔ" ﺃﻱ ﻛﺎﺗﺐ ﺃﻭ ﺃﺩﻳﺐ ﺃﻭ ﻣﺜﻘﻒ ﻻ ﺗﺒﺪﻭ ﺇﻻ ﲟﻘﺪﺍﺭ ﻣﺎ
ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﳛﻮﻝ "ﻣﺴﺎﺭ" ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﻳﺒﺪﻝ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻪ ﻭﻳﻐﲑ ﻣﻨﺎﺧﺎﺗﻪ ﻭﺃﺟﻮﺍﺀﻩ. ﻣﻦ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻭﺍﻟﻘﻨﻮﻁ ﻭﺍﻟﺸﺪﺓ ﻭﺍﻟﻌﺴﺮ ،ﺇﱃ ﺍﳊﻴﻮﻳﺔ ﻭﺍﻷﻣﻞ ﻭﺍﻟﺒﻬﺠﺔ ﻭﺍﻟﻴﺴﺮ ..ﻭﻣﻦ ﺍﻷﻟﻮﺍﻥ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ ﻭﺍﻟﺮﻣﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻘﺎﲤﺔ ﺇﱃ ﺍﻷﻟﻮﺍﻥ ﺍﻟﺰﺍﻫﻴﺔ ﺍﳋﻀﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ﺍﻟﺒﻬﻴﺠﺔ ..ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺍﻷﺩﻳﺐ ﺍﳊﻘﻴﻖ ﺬﺍ ﺍﻟﻠﻘﺐ ﻭﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻭﺍﳌﺜﻘﻒ ﺍﳋﻠﻴﻖ ﺬﺍ ﺍﻻﺳﻢ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﶈﻮﺭﻱ ﰲ ﺍﳊﻴﺎﺓ..
4
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﻭﺗﻠﻜﻢ ﻫﻲ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻭﺍﻷﺩﻳﺐ ﻭﺍﳌﺜﻘﻒ؛ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ
ﺭﻭﺍﺩﺍ ﻟﻠﺘﻐﻴﲑ ﻭﻗﺎﺩﺓ ﳌﺴﺎﺭ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﳓﻮ ﺍﻷﻓﻀﻞ ﻭﺍﻷﲨﻞ
ﺇﻥ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺃﻭﺳﻊ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺩﺍﺋﺮﺎ ﺑﺎﻟﻀﻴﻖ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﺮﲰﻪ ﻣﻦ ﺇﻛﺘﻮﺕ ﻗﻠﻮﻢ ﺑﻘﺼﺺ ﺣﺐ ﻓﺎﺷﻠﺔ.ﺃﻭ ﺣﱴ ﺑﻘﺼﺺ ﺗﺮﻭﻳﻊ ﻭﺗﺮﻫﻴﺐ ﻣﻔﺠﻌﺔ ..ﺇﻥ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ ،
ﻭﺍﻷﺣﺴﻦ. ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺰﺍﻭﻳﺔ ﺩﻭﻥ ﻏﲑﻫﺎ ﻛﺎﻥ ﻷﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺮﻭﺍﺩ
ﺃﻣﻮﺭﺍ ﺃﺧﺮﻯ..ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﺍﻟﻄﻐﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻘﻬﺮ ﻭﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ
ﻭﺍﻟﺘﻔﻮﻕ ..ﺻﻨﻌﻮﺍ ﺑﺈﺭﺍﺩﻢ ﻭﲟﺎ ﺃﻭﺗﻮﺍ ﻣﻦ "ﺍﳊﻜﻤﺔ"
ﻭﺍﳌﻬﻤﻠﲔ ﻭﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺎﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﺃﻭﰱ ﳊﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ،ﲟﺎ
ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﺰﺍﻫﺮ ﻭﺍﻟﺰﺍﻫﻲ ﻟﺸﻌﻮﻢ ﻭﳎﺘﻤﻌﺎﻢ ،ﻭﺑﺪﻟﻮﺍ
ﳚﻌﻞ ﺍﻷﺩﻳﺐ ﻭﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻭﺍﳌﺜﻘﻒ "ﻣﻜﺎﻓﺤﺎ" ﺃﺻﻴﻼ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﻌﻤﻞ
"ﻋﺎﺷﻘﻮ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ" ـ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭـ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺗﺒﺔ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻤﻴﺰ
ﻭﺍﻟﺸﻘﺎﺀ ﻭﺍﻟﻨﻜﺪ ..ﻭﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﺘﺎﻣﻰ ﻭﺍﻷﺭﺍﻣﻞ ﻭﺍﳌﻈﻠﻮﻣﲔ
ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﳋﺮﺍﺋﻂ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ ﺇﱃ ﺟﻨﺎﻥ ﻭﺑﺴﺎﺗﲔ ﻣﺰﻫﺮﺓ.
ﻟﺮﻓﻊ ﺍﻟﻌﻨﺎﺀ ﻋﻦ ﻛﻮﺍﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ..ﻭﻟﻴﺲ ﳎﺮﺩ "ﺩﺭﻭﻳﺶ"
ﺇﻥ ﻣﻦ ﺣﻖ ﺍﻷﺩﻳﺐ ـ ﺑﺪﺭﺟﺔ ﺃﻭﱃ ـ ﻭﺍﳌﺜﻘﻒ ﻭﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺑﻌﺪ
ﻳﺘﻐﲎ ﺑﺂﻻﻣﻪ ،ﺑﻄﻠﺐ ﺍﻟﺸﻔﻘﺔ ﳑﻦ ﻻ ﺷﻔﻘﺔ ﻓﻴﻬﻢ..
ﺫﻟﻚ ..ﻣﻦ ﺣﻘﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﺮﺟﻌﻮﺍ ﻭﻳﻌﱪﻭﺍ ﻋﻦ ﺁﻻﻣﻬﻢ ﻭﻳﻐﻨﻮﺍ
ﻓﺘﺄﻫﺒﻮﺍ ﺃﻳﻬﺎ "ﺍﻟﻌﺎﺷﻘﻮﻥ" ﻟﻠﺤﺮﻑ ﻭﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﳌﻐﺎﺩﺭﺓ ﻫﺬﺍ
ﺫﻭﺍﻢ ﻭﻳﺘﺤﺪﺛﻮﺍ ـ ﻛﻤﺎ ﺷﺎﺀﻭﺍ ـ ﻋﻦ ﺷﺆﻭﻥ ﻗﻠﻮﻢ
ﺍﻟﺰﻭﺭﻕ ﺍﳌﻜﺴﻮﺭ.
ﻭﺗﻘﻠﺒﺎﺎ ﺍﻟﻌﺠﻴﺒﺔ .ﻭﻳﺒﻜﻮﺍ ﺣﺎﺿﺮﻫﻢ ﺍﻟﺘﻌﺲ ﻭﻣﺎﺿﻴﻬﻢ ﺍﻟﻨﻜﺪ ..ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﺫﻟﻚ ﻭﺣﺪﻩ ﻫﻮ ﻣﻬﻤﺘﻬﻢ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻴﺎﺓ.
ﺇﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻬﻤﺔ ﺃﺧﻄﺮ ﻭﺃﻣﻀﻰ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ،ﻭﻫﻲ ﺃﻥ ﻳﺸﻘﻮﺍ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻷﻣﻞ ﻭﻳﻌﺒﺪﻭﺍ ﺳﺒﻞ ﺍﻟﺮﺷﺎﺩ ﻟﺸﻌﻮﻢ ،ﻭﻳﺼﻨﻌﻮﺍ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﺰﺍﻫﺮ ﻷﻭﻃﺎﻢ ،ﻭﳛﺪﻭﺍ ﻗﻮﺍﻓﻞ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﰲ
ﻣﺴﺎﺭﻫﺎ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ،ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﻋﺮﺓ...ﳛﺪﻭﻫﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﻐﺪ ﺍﻷﻓﻀﻞ ..ﺇﱃ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺘﻮﻕ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ.
ﺇﻧﲏ ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﻴﺪ ﲡﺎﻭﺯ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﻀﻴﻘﺔ
ﻟﻠﻜﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﻜﺌﻴﺒﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﳌﺒﺪﻋﲔ ،ﻭﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺸﺆﻭﻥ ﻓﻘﻪ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ..ﻭﺩﻭﺭ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳋﺼﻮﺹ ﺩﻭﺭ ﺧﻄﲑ ﻭﻫﺎﻡ ..ﻓﻴﻜﻔﻲ ﻣﺎ ﺫﺭﻑ ﻣﻦ "ﺍﻟﺪﻣﻮﻉ" ﳊﺪ ﺍﻵﻥ ،ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ
ﺫﻟﻚ ﱂ ﻳﻐﲑ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺮ ﺷﻴﺌﺎ ،ﻭﻳﻜﻔﻲ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﳌﺘﻬﺎﻓﺖ ﻋﻦ "ﺍﻟﻘﻠﺐ" ﻭﻟﻮﻋﺎﺗﻪ ﻭﺣﺮﻗﺎﺗﻪ ..ﻭﻋﻦ ﺍﻷﺳﻰ ﻭﺍﳊﻨﲔ.. ﻭﻟﻴﻐﲑ ﺃﺩﺑﺎﺅﻧﺎ ﻭﻛﺘﺎﺑﻨﺎ ﻭﻛﺎﺗﺒﺎﺗﻨﺎ ﻛﺒﺎﺭﺍ ،ﻭﺷﺒﺎﺑﺎ، ﻭﻧﺎﺷﺌﲔ ...ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﻄﻮﺍﻧﺔ ﺍﻟﻌﺘﻴﻘﺔ .ﻓﺎﳊﻴﺎﺓ ﺃﺭﺣﺐ ﳑﺎ ﻳﺘﺼﻮﺭﻭﻥ ..ﻭﻫﻢ ﺃﻗﺪﺭ ـ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﳚﺐ ﺇﺩﺭﺍﻛﻪ ـ ﻋﻠﻰ ﺗﻐﻴﲑ
ﻭﺍﻗﻌﻬﻢ ﻭﺣﻴﺎﻢ ،ﻭﺻﻨﺎﻋﺔ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻭﻃﻨﻬﻢ ﻛﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ. ﺇﻥ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻳﺸﺒﻪ "ﺍﻟﻜﻔﺮ" ﻣﻦ ﻋﺪﺓ ﺃﻭﺟﻪ ..ﻭﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ
ﺃﺧﻄﺮ ﻭﺃﺷﺪ ﺗﺪﻣﲑﺍ ﻣﻨﻪ .ﻓﻠﻨﺘﺮﻙ "ﻏﻨﺎﺀ ﺍﻟﻴﺄﺱ" ﻭﺃﻧﺎﺷﻴﺪ ﺍﳊﺰﻥ ..ﺇﱃ ﻋﻮﺍﱂ ﺍﳌﻜﺎﺑﺪﺓ ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﻟﻠﺘﻐﻴﲑ.ﻭﺍﻷﻣﻞ ﰲ ﺃﻥ ﺍﻵﰐ ﺃﻓﻀﻞ .
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
5
ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺃﺩﺑﻴﺔ
ﻣﻦ ﻋﺎﺋﺪﺍﺕ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﺑﻘﻠﻢ :ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ /ﺩ.ﻋﺰﻳﺰ ﻟﻌﻜﺎﻳﺸﻲ ﻳﻌﻮﺩ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﻘﻘﻪ
ﺇﱃ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻹﻧﺴﺎﱐ ﺍﻟﺸﺎﻣﻞ ،ﻭﻋﱪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ ،ﻳﺘﻄﻮﺭ
ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ،ﺇﱃ ﺣﺮﺻﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻮﺟﺪﺍﱐ ﺍﳉﻤﺎﻋﻲ ،ﻭﺍﻟﺬﺍﰐ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻻﻧﻔﺘﺎﺡ ﺍﳌﺴﺘﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﺑﺘﺮﻗﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﻮﺍﺳﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻴﺪ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻭﻳﻐﺬﻱ ﺍﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﺍﳊﻮﺍﺭﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺇﺛﺮﺍﺀ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻭﺗﻄﻮﻳﺮ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ،ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﺍﻟﺸﺒﻜﻲ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ ﺷﺒﻜﻴﺔ
ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﻭﺍﻟﻔﲏ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﲑﻱ ،ﻭﺬﺍ ﻭﺗﻌﺪﺩﻳﺔ ﺍﳌﺴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺰﻣﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻮﺟﺪﺍﻧﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ. ﻳﺼﺒﺢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﺗﻌﺒﲑﺍ
ﻭﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﺍﻟﺒﻴﺎﰐ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻌﺘﱪﻩ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ،ﳕﻮﺫﺟﺎ
ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺎ ﻭﺗﺸﻜﻴﻼ ﺻﻮﺭﻳﺎ ﺍﻧﺒﺜﻖ ﻫﻮ ﺩﺭﺍﻣﻴﺎ ﳑﻴﺰﺍ ،ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺃﻥ ﻳﻄﻮﻱ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﺴﻴﺔ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻣﻠﺤﻮﻇﺔ ،ﻭﺍﻧﻔﺘﺢ
ﺍﻵﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﺗﺴﺎﻉ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﻭﳕﻮ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻄﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻜﺜﻒ ﻭﺍﻣﺘﺰﺝ ﻟﺪﻳﻪ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﻣﻊ ﻭﺛﺮﺍﺀ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﻔﲏ ،ﻣﻦ ﺳﺮﺩ ،ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﳉﻤﺎﻋﺔ ،ﻭﺍﺭﺗﺒﻂ ﺷﻌﺮﻩ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﺑﺎﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺃﻭﺛﻖ ﺍﺭﺗﺒﺎﻁ،
ﻭﻣﻮﺳﻴﻘﻰ ،ﻭﻭﺻﻒ ،ﻭﺣﻮﺍﺭ ﻭﻣﻮﻧﺘﺎﺝ ،ﻭﺗﺮﺍﺟﻌﺖ ﺍﳌﻼﻣﺢ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﺷﻌﺮﻩ ﺑﺸﻜﻞ ﺑﺎﺭﺯ ﻭﺑﺪﺃﺕ ﲣﻒ ﺣﺪﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ
ﻳﺴﻤﺢ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ،ﻭﺑﻪ ﺍﻫﺘﺰ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﳊﻀﺎﺭﻱ ﺍﳉﺪﻳﺪ ،ﲢﺖ ﺿﺮﺑﺎﺕ ﺍﳊﺪﺍﺛﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ﻭﺍﺳﺘﻔﺎﻕ ﳜﺮﺝ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﻖ ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺮﻱ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺒﻴﺎﰐ ﻣﻦ ﻧﺰﻋﺘﻪ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﻐﻨﺎﺋﻴﺔ ،ﰲ ﻭﻗﺖ ﻣﺒﻜﺮ ﻓﻮﺟﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﺬﺍﰐ ﺇﱃ ﻓﻀﺎﺀ ﺗﻌﺒﲑﻱ ﻳﻮﻓﺮ ﻭﺟﻬﺎ ﻟﻮﺟﻪ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﳌﺮ ،ﺷﻌﺐ ﻣﻘﻴﺪ ،ﻭﺣﻀﺎﺭﺍﺕ ﺗﺒﺪﺩﺕ ﻭﺃﺧﺮﻯ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﻟﻠﻘﺼﻴﺪﺓ ﻗﺪﺭﺍ ﻛﺒﲑﺍ ﻣﻦ ﺍﳊﻴﺎﺩ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ،ﻓﺎﺳﺘﻮﱃ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﺴﺄﻡ ﻓﻨﻔﺮ ﻣﻦ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻭﺛﺎﺭ ﺿﺪ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﻭﺍﳌﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ،ﻭﺷﻜﻼ ﻣﻦ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻭﺍﻟﺮﺟﻌﻴﺔ ،ﻭﺍﲣﺬ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻧﻮﻋﺎ ﺟﺪﻳﺪﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻟﻴﻌﱪ ﺑﻪ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ(1). ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻲ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ.
ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﺳﺘﻔﺎﻗﺔ ﻭﻣﻮﻗﻔﻪ ﺍﻟﺜﺎﺋﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﺑﺼﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﱂ
ﺇﻥ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﺻﺎﺭ ﺃﺩﺍﺓ ﻳﺄﺕ ﺻﺪﻓﺔ ،ﻭﺇﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﱪ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﻣﺘﺴﻠﺴﻠﺔ ﺗﺒﻌﺎ ﻟﺘﻄﻮﺭﻩ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ
ﻟﺘﻮﻟﻴﺪ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ،ﻭﺍﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ ،ﻓﻬﻮ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﳎﻤﻮﻋﺔ "ﻣﻼﺋﻜﺔ ﻭﺷﻴﺎﻃﲔ" ﺭﺍﻓﺾ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﻭﰲ ﺗﺘﻐﺬﻯ ﻣﻦ ﲨﻴﻊ ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻭﻛﻞ "ﺃﺑﺎﺭﻳﻖ ﻣﻬﺸﻤﺔ" ،ﺛﺎﺋﺮ ،ﺭﻭﻣﺎﻧﺴﻲ ﻣﺘﻤﺮﺩ ،ﻭﰲ "ﺳﻔﺮ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺓ" ﺻﺎﺭ ﺷﺎﻋﺮﺍ
ﺃﻟﻮﺍﻥ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﳌﺘﺎﺣﺔ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ،ﻭﺍﳋﺮﻭﺝ ﺛﻮﺭﻳﺎ ﻭﺍﻗﻌﻴﺎ ،ﻭﰲ "ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺄﰐ ﻭﻻ ﻳﺄﰐ" ﻭ "ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﲔ" ﳒﺪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﻦ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﻀﻴﻖ ﻭﺍﶈﺪﻭﺩ،
6
ﻳﺮﻳﺪ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﺎﱂ ﺟﺪﻳﺪ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺑﻨﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﳉﺪﻳﺪ(2).
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﻭﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻳﺘﺸﻜﻞ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ
ﻭﺍﻟﺬﻱ ﲢﺪﺙ ﻓﻴﻪ ﻋﻦ ﲡﺮﺑﺘﻪ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ،ﻭﺇﺫ ﻗﺪﻡ ﻟﻨﺎ
ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻹﻧﺴﺎﱐ ﺃﻣﺎﻡ ﻋﻴﲏ ﻣﻊ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﳋﻤﺴﻴﻨﻴﺎﺕ ﻛﺎﻧﺖ
ﻭﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪﺍﺕ ﺍﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ ﻓﻬﻮ ﻳﻘﻮﻝ )) :ﺍﻟﻘﻨﺎﻉ ﻫﻮ
ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﺍﺭﺗﺴﻤﺖ ﺃﻣﺎﻣﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﻭﺍﻗﻊ ﳏﻄﻢ ﳜﻴﻢ
ﺍﻻﺳﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺘﺠﺮﺩﺍ ﻣﻦ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻣﺎﺭ ﺍﻟﺸﺎﻣﻞ ﻭﺍﻟﻌﻘﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺴﻮﺩ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ،ﻭ ﱂ
ﺫﺍﺗﻪ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﺒﺘﻌﺪ ﻋﻦ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﻐﻨﺎﺋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﱵ
ﺃﻛﻦ ﺃﺣﺎﻭﻝ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﻜﺎﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻘﻢ،
ﺗﺮﺩﻯ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻓﺎﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ﺍﻷﻭﱃ ﱂ
ﺍﻟﺒﻴﺎﰐ ،ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻣﻌﱪﺍ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ)) :ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻏﻤﺮ ﺍﻟﻨﻮﺭ
ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻴﺄﺱ ،ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﺷﻌﺎﺭﻱ ﺍﻷﻭﱃ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﻟﺘﺼﻮﻳﺮ
ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻓﻬﻤﻪ ﳌﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﻘﻨﺎﻉ)*( ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﳌﻌﻄﻴﺎﺕ
ﺫﺍﺗﻴﺘﻪ ،ﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻳﻌﻤﺪ ﺇﱃ ﺧﻠﻖ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻋﻦ
ﻭﻟﻜﻨﲏ ﺍﻛﺘﻔﻴﺖ ﺑﺘﺼﻮﻳﺮﻩ ،ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﲡﺎﻭﺯﺕ ﻣﺮﺣﻠﺔ
ﺗﻌﺪ ﺷﻜﻞ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻭﻣﻀﻤﻮﺎ ،ﺑﻞ ﻫﻲ ﺍﻟﻮﺳﻴﻠﺔ ﺇﱃ ﺍﳋﻠﻖ
ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺮﺗﺒﻄﺎ ﺑﺎﻟﻌﺜﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﻣﱪﺭ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ
ﺍﻟﻔﲏ ﺍﳌﺴﺘﻘﻞ ،ﺇﻥ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﻋﺎﱂ
ﻟﻠﺘﻤﺮﺩ ،ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳌﻴﺘﺎﻓﻴﺰﻳﻘﻴﺔ ،ﺣﱴ ﻟﻘﺪ
ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ـ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﺧﺎﻟﻘﻬﺎ ـ ﻻ ﲢﻤﻞ ﺁﺛﺎﺭ
ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﻴﺘﺎﻓﻴﺰﻳﻘﻲ ﻟﺮﻓﺾ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﺍﻟﺘﻤﺮﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺩﻭﻥ
ﺍﻟﺘﺸﻮﻳﻬﺎﺕ ﻭﺍﻟﺼﺮﺧﺎﺕ ﻭﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﳛﻔﻞ
ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ـ ﻫﻮ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ...ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺃﺩﻯ
ﺎ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺬﺍﰐ ﺍﻟﻐﻨﺎﺋﻲ(((4).
ﺇﱃ ﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﳌﺰﺭﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻌﻴﺸﻪ ﺍﳉﻤﺎﻫﲑ ﻭﺇﱃ
ﻭﻛﻤﺎ ﻳﺒﺪﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪﻣﻪ ﺍﻟﺒﻴﺎﰐ ،ﺃﻧﻪ
ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﳌﺘﻤﺮﺩﺓ ﺍﺳﺘﺄﺛﺮﺕ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﻛﺒﲑﺓ ﻣﻦ
ﺍﻟﺬﺍﺕ ،ﻭﻫﺬﺍ ﳚﻌﻠﻨﺎ ﻧﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺩﺍﺓ ﲟﻌﺰﻝ ﻋﻦ
ﻗﺼﺎﺋﺪ "ﺃﺑﺎﺭﻳﻖ ﻣﻬﺸﻤﺔ" ﰒ ﺍﺗﺴﻌﺖ ﰲ "ﺍﺪ ﻟﻸﻃﻔﺎﻝ
ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺬﺍﰐ ،ﻭﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﻗﺪ ﻳﺘﻌﺎﺭﺽ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﺼﺒﺢ ﺍﻟﺬﺍﺕ
ﲤﻮﺕ".
ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻟﻴﺲ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﻣﺴﺘﻘﻼ ﻋﻦ ﺍﻟﺬﺍﺕ ،ﺇﺫ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ
ﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﺑﺆﺳﻬﺎ ﺍﳌﻔﺰﻉ(().(3
ﻭﺍﻟﺰﻳﺘﻮﻥ" ﻭﰲ ﳎﻤﻮﻋﺘﻪ "ﺃﺷﻌﺎﺭ ﰲ ﺍﳌﻨﻔﻰ" ﻭ"ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻻ
ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻨﺎﻉ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺃﺩﺍﺓ ﺗﻌﺒﲑﻳﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻦ
ﻫﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ
ﻭﺍﺭﺗﺒﻄﺖ ﺑﺎﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﺑﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺃﺻﺒﺢ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ
ﻧﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﻭﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﻭﺍﻟﺮﻣﻮﺯ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ
ﺍﳌﻨﺎﺿﻠﻮﻥ ﺍﳌﺨﻠﺼﻮﻥ ،ﻭﻳﺘﺤﻮﻟﻮﻥ ﺇﱃ ﺭﻣﻮﺯ ﻟﻠﺒﻄﻮﻟﺔ
ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻭﺭﺅﻳﺘﻪ .ﻭﻫﻨﺎ ﳚﺐ ﺍﻟﺘﻔﺮﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺬﺍﰐ
ﻭﺍﻟﻔﺪﺍﺀ ،ﻭﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻄﻮﻟﻴﺔ ﺗﺼﺒﺢ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﳍﺎ
ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﺴﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ
ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺟﻴﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﳒﺪﻫﺎ ﰲ "ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ" ،ﻭﰲ
ﻭﺟﺪﺍﻧﻴﺎ ﺫﺍﺗﻴﺎ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺗﻌﺒﲑﺍ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺎ ﺩﺭﺍﻣﻴﺎ.
ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ ﻗﻴﻤﺔ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﳝﻮﺕ
ﻣﻌﲎ ،ﰒ ﺗﺼﲑ ﺭﻣﺰﺍ ﺃﻭ ﺃﺳﻄﻮﺭﺓ ﻟﻠﻔﺪﺍﺀ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ "ﺳﻔﺮ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺓ".
ﺍﳌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑﻳﺔ ﻭﺍﻟﺴﺮﺩﻳﺔ ﻟﻠﻘﺼﻴﺪﺓ ،ﲟﻌﺰﻝ ﻋﻦ ﻭﻋﻲ
ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻓﺎﻷﻭﻝ ﺍﻋﺘﱪﻧﺎﻩ ﺗﻌﺒﲑﺍ ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻥ ﻓﻬﻤﻨﺎ ﻟﻠﻘﻨﺎﻉ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ﻻ ﻳﺄﺧﺬ ﻭﺟﻬﺎ ﻭﺍﺣﺪﺍ
ﻭﻻ ﻳﻌﲏ ﻫﺬﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﲣﻠﺺ ﺎﺋﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻮﺕ
ﻓﻘﻂ ،ﻛﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﰲ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺒﻴﺎﰐ ،ﻭﺇﳕﺎ ﺳﻴﺸﺘﻤﻞ
ﺍﻟﻐﻨﺎﺋﻲ ،ﻭﺇﳕﺎ ﺻﺎﺭ ﳝﻴﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﻭﺧﻠﻖ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻬﲔ ﻣﻌﺎ ،ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺬﺍﰐ ﺍﻟﻔﺮﺩﻱ ﻭﺍﻟﻮﺟﻪ
ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺼﻮﺭﻱ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﻲ ﺑﻮﻋﻲ ﻓﲏ ﻣﺘﺪﺭﺝ
ﺍﻟﻮﺟﺪﺍﱐ ﺍﳉﻤﺎﻋﻲ ،ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻋﺮﺽ
ﻭﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﻴﺔ ﺍﳌﻘﺘﺮﺣﺔ ،ﻳﺘﻀﺢ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ
ﳐﺘﻠﻒ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ﻭﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ﺍﻷﺧﺮﻯ ،ﻭﺬﺍ ﻻ ﺗﺴﻘﻂ
ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺒﻴﺎﰐ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻭﻋﻲ ﻛﺒﲑ ﰲ ﳎﺎﻝ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ
ﺍﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ ﺃﺳﲑﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺔ ﻭﺫﻟﻚ
ﰲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺻﺪﺭﻩ ﻋﺎﻡ ،1968
ﰲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ.
ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺳﺮﻳﻊ.
ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﰲ ﻭﻗﺖ ﻣﺒﻜﺮ ،ﻭﻳﱪﺯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﻔﲏ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ
ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﻌﻴﺪ ﺃﺩﻭﺍﺎ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑﻳﺔ ﻣﻦ
ﻷﻥ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﻻ ﳝﺘﻠﻚ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ ﺑﻨﺎﺋﻴﺔ ﺟﺎﻣﺪﺓ
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
7
ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﳌﺮﺩﻭﺩ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺃﻛﺜﺮ
ﻭﺬﺍ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﻳﺘﺄﻛﺪ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﺍﻟﺸﻤﻮﱄ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﻟﻠﺘﻌﺒﲑ
ﻟﻠﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ،ﻭﻻ ﻳﻌﻮﺩ ﰲ ﻧﻈﺮﻧﺎ ﺇﱃ ﻗﻴﺎﺱ ﻣﺪﻯ
ﻋﺎﳌﲔ ،ﻋﺎﱂ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ،ﻭﻋﺎﱂ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ،
ﺗﻮﺍﻓﻖ ﺍﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ﺃﻭ ﲣﺎﻟﻔﻪ ﻣﻊ ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻲ ﺃﻭ
ﻭﺍﳌﻘﺎﺭﻧﺔ ﺑﲔ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ ﺗﺄﰐ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﻣﺮﻫﻒ ،ﺣﺪ
ﺧﺎﺭﺟﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺺ ،ﻭﻣﻔﺎﺭﻗﺔ ﻟﻄﺒﻴﻌﺘﻪ ﺍﻟﺒﻨﺎﺋﻴﺔ ،ﻭﻻ ﺗﺴﻬﻢ
ﻭﳍﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﳉﻮﺀ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ
ﻣﺴﺎﳘﺔ ﻓﻌﺎﻟﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﺍﳉﻤﺎﱄ ،ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﲢﻮﻝ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ
ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻭﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ،ﻟﻴﺲ ﻷﺎ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗﻜﺘﻔﻲ
ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ،ﺑﺎﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺑﻼﻏﺔ ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ،ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻨﻴﺎﺕ
ﻓﺤﺴﺐ ،ﻭﺇﳕﺎ ﺻﺎﺭﺕ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﲢﺮﻳﺮ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ
ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺗﻮﻇﻴﻒ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ
ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺍﳌﺨﺘﺒﺌﺔ ﰲ ﻋﺎﱂ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﻨﻘﺎﺩ
ﺍﻟﻜﺎﻣﲑﺍ)*( ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻋﻴﻨﺎ ﺭﺍﺻﺪﺓ ،ﻭﻣﺎ ﺗﻘﺪﻣﻪ ﻫﺬﻩ
ﳍﺎ ،ﻭﺇﳕﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﲢﺮﺭ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺍﳌﺨﺘﺒﺌﺔ ﰲ
ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺎﺕ ﻣﻦ ﺃﺑﻌﺎﺩ ﺩﻻﻟﻴﺔ ﻟﻠﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ.
ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻭﺍﻟﱵ ﺗﺒﻘﻰ ﺃﺳﲑﺓ ﰲ ﻳﺪ ﺍﻟﻨﺜﺮ").(7
ﲟﺪﻯ ﳒﺎﺡ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺃﻭ ﻓﺸﻠﻪ ﰲ ﺗﻌﻤﻴﻖ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ
ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﻱ ﻭﺣﱴ ﺍﻟﻘﺼﺼﻲ ،ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺟﻌﻴﺎﺕ ﺗﻌﺪ ﻋﻨﺎﺻﺮ
ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﺇﱃ ﻭﺣﺪﺓ ﺣﻴﺔ ﺗﺜﺮﻱ ﺍﳌﺴﺎﺣﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﰲ
ﺍﻟﺴﻨﻴﻤﺎﺋﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺒﺎﻧﻮﺭﺍﻣﺎ ﻭﺍﳌﻮﻧﺘﺎﺝ ،ﻭﺗﻘﻨﻴﺔ ﺣﺮﻛﺔ
ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ،ﻓﻘﺪ ﺻﺎﺭﺕ "ﻣﻘﺎﺭﺑﺔ ﺑﲔ
ﻓﻀﺎﺋﻲ ﳎﺪﻭﻝ ﻭﻣﺘﻔﺠﺮ ﺑﺎﻹﳛﺎﺀ"(6).
ﺑﺎﻟﻌﺮﺽ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﻲ ﻓﻘﻂ ﻟﻠﺘﺠﺮﺑﺔ ،ﺃﻭ ﺗﻘﺪﳝﻬﺎ ﻟﻠﻤﺘﻠﻘﻲ
ﺍﶈﺪﺛﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ "ﻟﻴﺴﺖ ﺯﻳﻨﺔ ﻻ ﻣﻌﲎ
ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﳊﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺼﻴﻎ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ
ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﻟﺘﻮﻛﻴﺪ ﻭﺗﻮﻟﻴﺪ
ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﲑﻳﺔ ﺃﻣﺮﺍ ﺿﺮﻭﺭﻳﺎ ﺣﱴ ﺗﺘﻼﺀﻡ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻴﻎ ﻣﻊ
ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻭﺍﻟﺪﻻﻻﺕ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ،ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻗﺪ ﺧﻄﺎ
ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ،ﺫﺍﺗﻴﺔ ﺃﻡ ﲨﺎﻋﻴﺔ ،ﻟﺘﻜﻮﻥ
ﺑﺎﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺧﻄﻮﺓ ﳓﻮ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﻲ ،ﺇﺫﺍ
ﲝﻴﺚ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﲣﻠﻖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻴﻎ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ ﻭﺍﻗﻌﺎ ﻭﺟﺪﺍﻧﻴﺎ
ﺍﻟﺘﻌﺒﲑﻳﺔ ﻭﺍﻟﺒﻨﺎﺋﻴﺔ ،ﺣﱴ ﻻ ﺗﺼﺒﺢ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﳎﺮﺩ
ﺟﺪﻳﺪﺍ ﺃﻛﺜﺮ ﻋﻤﻘﺎ ﻭﺗﻌﻘﻴﺪﺍ ،ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺗﻔﺎﻋﻠﻴﺔ
ﺃﺷﻜﺎﻝ "ﻷﻧﻪ ﻣﺎ ﱂ ﺗﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻣﺴﺘﻮﻋﺒﺔ ﻋﺎﻃﻔﻴﺎ
ﺍﻹﺷﺎﺭﻳﺔ ،ﺇﱃ ﺍﳌﺴﺘﻮﻯ ﺍﻹﳛﺎﺋﻲ ،ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻳﺼﲑ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ
ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻥ ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻟﻴﺴﺖ
ﺍﻟﺼﻮﺭﻱ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻋﺒﻮﺭﺍ ﺇﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ
ﻣﻘﺼﻮﺩﺓ ﻟﺬﺍﺎ ﻭﺇﳕﺎ ﻫﻲ ﰲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ﺁﻟﻴﺎﺕ
ﻳﺮﺳﻠﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺇﱃ ﺍﳌﺘﻠﻘﻲ ،ﲡﺴﺪﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ
ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ،ﻭﺃﻧﻪ ﻛﻠﻤﺎ ﺍﺗﺴﻌﺖ ﳎﺎﻻﺎ ﻭﺍﻣﺘﺪﺕ ﻋﱪ ﻓﺼﻮﻝ
ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻟﻠﻘﺼﻴﺪﺓ ،ﻭﺃﻥ ﺁﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﱵ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ
ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ،ﺗﻌﻤﻘﺖ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑﻳﺔ ﻭﺍﺑﺘﻌﺪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻦ
ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺼﻮﺭﻱ
ﺍﻟﻌﺎﻃﻔﻲ ﻋﻠﻰ ﳓﻮ ﻋﻤﻴﻖ ﻭﻣﺮﻛﺐ ،ﻭﺬﺍ ﺗﺘﻌﻤﻖ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ
ﺍﻟﺒﻼﻏﻲ ،ﻗﺪ ﻳﻮﻗﻒ ﺗﺪﻓﻖ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﺻﺤﻴﺢ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ
ﺑﲔ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺒﻼﻏﻲ ﻭﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ
ﻭﺍﳌﻨﻄﻘﻴﺔ ﺍﻟﻮﺍﻫﻴﺔ ﺑﲔ ﺃﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺼﻮﺭﻱ "ﻭﻟﻜﻦ
ﻭﳝﻜﻨﻨﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﻄﻠﻖ ﺃﻥ ﻧﻌﺘﱪ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺒﻼﻏﻴﺔ
ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺎﺭﺑﺔ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺷﻴﺌﺎ ﺁﺧﺮ ﰲ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ
ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻣﻦ ﺗﺸﺒﻴﻪ ،ﻭﺍﺳﺘﻌﺎﺭﺓ ﻭﻏﲑﻫﺎ ،ﺗﻘﻨﻴﺎﺕ ﺗﻌﺒﲑﻳﺔ
ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ﰲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﳉﺪﻳﺪ،
ﺩﺭﺍﻣﻴﺔ ﺗﻨﻘﻞ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﻐﻨﺎﺋﻴﺔ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮﺓ
ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﺍﳌﻮﺣﻴﺔ ،ﻭﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﳛﺎﺀ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭﻱ ﺍﻟﺬﻱ
ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﲢﺪﺩ ﺑﺴﺎﻃﺔ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺃﻭ ﻋﻤﻘﻬﺎ ﻭﺗﻌﻘﻴﺪﻫﺎ.
ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺔ
ﺍﳊﺪﺍﺛﻴﺔ").(5
ﲢﻘﻖ ﺷﺮﻁ ﺍﻻﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﻭﺍﻟﺘﻤﺜﻞ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻷﺩﻭﺍﺕ
ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ،ﻓﺈﺎ ﲤﻴﻞ ﺇﱃ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﺯﺧﺮﻑ ﻛﻼﻣﻲ").(8
ﺗﻌﺒﲑﻳﺔ ﻭﺑﻨﺎﺋﻴﺔ ،ﺗﺴﻌﻰ ﺇﱃ ﺇﺛﺮﺍﺀ ﺍﻷﺩﺍﺀ ﺍﻟﻔﲏ ﻭﺗﺮﻗﻴﺘﻪ
ﺍﳌﺒﺎﺷﺮﺓ ﻭﺍﻟﺴﻄﺤﻴﺔ ،ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻗﺪﺭﺎ ﰲ ﺍﻻﺳﺘﻴﻌﺎﺏ
ﺍﻷﺧﺮﻯ.
ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑﻱ ﺍﻟﺼﻮﺭﻱ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ، ﻭﺑﺬﻟﻚ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺸﺮﺍﻛﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﺍﻟﻔﲏ ﺑﲔ
8
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ،ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺮﺍﺳﻞ ﺑﲔ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ
ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻟﻠﺒﻴﺎﰐ ،ﻭﺗﺒﺪﺃ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺟﻊ ،ﺇﱃ ﺃﻥ ﳜﺘﻔﻲ
ﻭﻏﲑﻫﺎ ،ﳑﺎ ﻳﺪﻋﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﲡﺎﻩ ﺍﻟﺒﻨﺎﺋﻲ ﺍﻟﺸﺎﻣﻞ ﻛﻤﻘﺘﺮﺡ
ﻭﺑﺘﻘﻠﺺ ﺍﳌﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﻐﻨﺎﺋﻴﺔ ﻭﺗﺮﺍﺟﻌﻬﺎ ﺍﻟﺴﺮﻳﻊ ﰲ ﺇﻧﺘﺎﺝ
ﺑﺪﻳﻞ ﻟﻼﲡﺎﻩ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﺰﺉ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑﻳﺔ
ﺍﻟﺒﻴﺎﰐ ﻭﺻﻌﻮﺩ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﻭﺍﺗﺴﺎﻉ ﻣﺴﺎﺣﺘﻪ ﺑﺴﺮﻋﺔ
ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻻﺣﻈﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻨﻤﺎﺫﺝ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺃﻥ
ﺗﻌﺒﲑﻳﺎ ﺑﺎﲡﺎﻩ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﻭﺑﺴﺮﻋﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ،
ﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﰲ ﺍﻻﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺎﺕ ﺍﳌﺘﻌﺪﺩﺓ ،ﱂ ﺗﻌﺪ
ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻋﻨﺪﻩ ﻓﻀﺎﺀ ﺻﻮﺭﻳﺎ ﺗﺘﺒﻠﻮﺭ ﻓﻴﻪ
ﺣﺪﺍﺛﻴﺎ ،ﻭﺿﺮﻭﺭﺓ ﻓﻨﻴﺔ ﻭﺣﻀﺎﺭﻳﺔ ،ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺻﺎﺭﺕ ﺍﻟﻠﻐﺔ
ﻭﻣﻦ ﺧﻼﳍﺎ ﻳﻨﻤﻮ ﺍﳊﺪﺙ ﻭﻳﺘﻄﻮﺭ ﻭﻳﻐﺪﻭ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺴﺮﺩﻱ
ﻫﻲ ﺍﳌﺮﻛﺰ ،ﻭﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻫﻲ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ،ﻭﰲ
ﻟﻠﺤﺪﺙ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺑﻨﺎﺀ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺎ ﻭ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺩﺭﺍﻣﻴﺔ،
،(9ﻭﻏﺪﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻭﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ،ﺳﻴﺎﻗﺎ ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺎ،
ﺑﻨﻴﺔ ﺳﺮﺩﻳﺔ ﻭﺻﻔﻴﺔ ،ﺧﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﳉﺪﻟﻴﺔ ،ﺗﻨﻘﻞ
ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﺘﻘﺎﺑﻞ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﻭﺗﺘﺠﺎﻭﺭ) (10ﻭﻳﺼﲑ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ
ﺃﻓﻜﺎﺭﺍ ﺃﻭ ﺗﻌﱪ ﻋﻦ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ
ﻟﻸﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑﻳﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺮﺑﻂ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ
ﺍﳉﺪﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻼﻣﺲ ﺍﳊﺎﺿﺮ ﻭﻳﺼﺒﺢ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺴﺮﺩﻱ
ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﺑﺎﺳﻢ "ﺍﳌﻮﻧﺘﺎﺝ" ﻭﺑﺬﻟﻚ ﺗﺘﺤﺮﺭ ﺗﻘﻨﻴﺔ "ﺍﻻﻟﺘﻔﺎﺕ"
ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻨﺼﺮﺍ ﺷﻌﺮﻳﺎ ﺃﺳﺎﺳﻴﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ،ﺇﱃ
ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ،ﻷﻥ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﺍﳌﻔﺎﺟﺊ ﺑﲔ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ
ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﰲ ﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻟﻪ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻭﻣﻨﻔﺼﻞ،
ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ،ﺍﳌﺨﺎﻃﺐ ،ﺍﻟﻐﺎﺋﺐ ،ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻻﺕ
ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺗﺼﺒﺢ ﻭﺻﻔﺎ ﺳﺮﺩﻳﺎ ﺧﺎﻟﻴﺎ ﻣﻦ
ﻟﻠﻘﺼﻴﺪﺓ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺗﺼﺒﺢ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺣﻴﺎﺩﺍ ﻭﺻﻔﻴﺎ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺎ
ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻳﺬﻭﺏ ﰲ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻭﻳﺼﺒﺢ
).(11
ﺣﻀﻮﺭﻩ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺣﻀﻮﺭﺍ ﺇﳛﺎﺋﻴﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻷﺻﻮﺍﺕ
ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ،ﻭﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺴﺮﺩﻱ ﻭ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﻭﺍﻟﺴﻨﻴﻤﺎﺋﻲ
ﺍﻟﺒﻨﺎﺋﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﺺ.
ﳎﺮﺩ ﺣﺎﻟﺔ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻃﺎﺭﺋﺔ ﻓﻘﻂ ،ﻭﺇﳕﺎ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻫﺎﺟﺴﺎ
ﻇﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ،ﺻﺎﺭﺕ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻟﻐﺔ ﺃﻭ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ ﺍﳋﻄﺎﺏ)
ﺍﻟﺼﻮﺭﻱ ﺗﻌﺒﲑﺍ ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺎ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻳﻀﻴﻒ ﺛﺮﺍﺀ ﺟﺪﻳﺪﺍ
ﺍﻟﺒﻼﻏﻴﺔ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ ﻣﻦ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺃﻱ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺍﳌﺘﺤﻜﻤﺔ
ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﻟﱵ ﲢﺪﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺼﻮﺭﻱ ﻭﺍﻟﺒﻨﺎﺋﻲ ﺍﻟﻜﻠﻲ
ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺬﺍﰐ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﺴﻲ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﺍﻭﻳﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺍﻷﺧﲑﺓ.
ﻛﺬﻟﻚ ،ﻳﺆﻛﺪ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﺫﻛﺮﻩ ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻴﺎﰐ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﻄﻮﺭ
ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﳌﺘﺼﺎﺭﻋﺔ ﻭﺍﳌﺘﻀﺎﺩﺓ ،ﻭﺗﺘﺸﺎﺑﻚ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ ﻭﺗﺘﻌﺪﺩ،
ﻭﻫﻨﺎ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﲔ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ
ﻭﺍﳉﺪﻝ ﻭﳎﺎﳍﺎ ﺍﻟﺰﻣﲏ ﻫﻮ ﺍﳌﺎﺿﻲ ،ﻭﺑﲔ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺴﺮﺩﻳﺔ
ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ،ﻭﻳﻘﻮﺩﻧﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺇﱃ
ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﳉﺪﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﺼﺎﻋﺪﻳﺔ ﺍﳌﻌﻘﺪﺓ ،ﺃﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﺼﻴﻐﺔ
ﻭﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﰲ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺼﻮﺭﻱ ،ﻳﻌﱪ
ﺍﻷﺧﺮﻯ ﰲ ﻋﻼﻗﺔ ﺗﻔﺎﻋﻞ ،ﳛﻜﻤﻪ ﻣﻨﻄﻖ ﻧﻔﺴﻲ ﻳﻨﻤﻮ
ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻦ ﺭﺅﻳﺘﻪ ﺗﻌﺒﲑﺍ ﺩﺭﺍﻣﻴﺎ ،ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﺗﻐﻠﻐﻞ ﺻﻮﺕ
ﻭﻳﺘﻄﻮﺭ ﺑﺎﻟﺴﺮﺩ ﺍﻟﻘﺼﺼﻲ ﺣﻴﻨﺎ ﻭﺑﺎﻟﻮﺻﻒ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ،ﰒ
ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﰲ ﺍﻟﻨﺺ ﺑﺸﻜﻞ ﻭﺍﺿﺢ ﺗﺴﺒﺐ ﰲ ﲢﻮﻳﻞ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ
ﻳﻮﻗﻒ ﺍﻟﺴﺮﺩ ﻭﻳﻘﻄﻊ ﺍﳊﻮﺍﺭ ،ﻭﻳﻌﻤﺪ ﺇﱃ ﺍﳋﻠﻖ ﺍﻟﺬﺍﰐ
ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ﺻﻮﺭﺓ ﺧﻄﺎﺑﻴﺔ ﺗﻘﺮﻳﺮﻳﺔ ،ﻭﻗﺪ ﻣﺮ ﺑﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻴﺎﰐ
ﺍﻟﻮﻋﻲ ﻣﺜﻼ ﻓﺘﺮﺓ ،ﺗﻘﺼﺮ ﺃﻭ ﺗﻄﻮﻝ ،ﰒ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﺠﻪ
ﻛﺎﻥ ﺭﻭﻣﺎﻧﺴﻴﺎ ﰲ ﳎﻤﻮﻋﺘﻪ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺍﻷﻭﱃ "ﻣﻼﺋﻜﺔ
ﺍﻷﻭﻝ ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺗﺴﲑ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﰲ ﺣﺮﻛﺔ ﺩﺭﺍﻣﻴﺔ ﻣﺘﻐﲑﺓ.
ﺍﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ،ﰒ ﻳﺘﺮﺍﺟﻊ ﺣﻀﻮﺭﻩ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﰲ
ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭﺓ "ﻋﺬﺍﺏ ﺍﳊﻼﺝ" ﻭﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ
ﺍﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ "ﺃﺑﺎﺭﻳﻖ ﻣﻬﺸﻤﺔ" ﺣﱴ ﻭﺇﻥ ﺑﻠﻎ
ﺟﻨﺤﺖ
ﺇﱃ ﺍﻟﻐﻨﺎﺋﻴﺔ ﻭ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮﺓ ﰲ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ،ﻭﻳﺄﺧﺬ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ
ﻭﺷﻴﺎﻃﲔ" ﺣﻴﺚ ﻳﻬﻴﻤﻦ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺬﺍﰐ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻈﻢ
ﺍﻟﺘﻮﺗﺮ ﻭﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﻣﺪﺍﻩ ﻭﻳﻌﻠﻦ ﺳﺨﻄﻪ ﻭﲤﺮﺩﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ،
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻠﻤﻨﺎ ﺇﱃ ﺗﻮﻇﻴﻒ ﺗﻘﻨﻴﺎﺕ ﺩﺭﺍﻣﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻛﺘﻴﺎﺭ
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻨﻤﺎﺫﺝ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺍﻟﻨﺎﺿﺠﺔ ﰲ ﺷﻌﺮ ﺍﻟﺒﻴﺎﰐ
ﻓﺘﻘﻞ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﻐﻨﺎﺋﻲ ﰲ ﺍﳋﺮﻳﻄﺔ
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
9
ﺇﱃ ﻟﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺼﺺ ﰲ ﺗﺼﻮﻳﺮ ﻣﺄﺳﺎﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ
ﺷﺮﻑ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻭﻣﺼﲑ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ ،ﺇﻻ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺮﺽ
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻠﻮﺣﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻘﺪ ﺟﺎﺀﺕ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ" :ﺭﺣﻠﺔ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ" :
ﺍﻟﺴﺮﺩﻱ ﺃﺛﺮﻯ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺒﻴﺎﰐ، ﻭﻣﻨﺤﻬﺎ ﺃﺑﻌﺎﺩﺍ ﺣﻀﺎﺭﻳﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ،ﻭﺟﻌﻞ ﺣﺮﻛﺘﻬﺎ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭﻳﺔ
ﻣﺎ ﺃﻭﺣﺶ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺍﻧﻄﻔﺄ ﺍﳌﺼﺒﺎﺡ
ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﻱ.
ﻭﺻﺎﺋﺪﻭ ﺍﻟﺬﺑﺎﺏ
ﻭﺑﺎﻟﺘﻌﻤﻖ ﰲ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ "ﻋﺬﺍﺏ ﺍﳊﻼﺝ" ﺍﻟﱵ ﺗﺮﻣﺰ
ﻭﺧﺮﺑﺖ ﺣﺪﻳﻘﺔ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ
ﻣﻨﻜﺴﺮﺓ ﻭﻣﺘﻐﲑﺓ ﳛﻜﻤﻬﺎ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻟﺮﻣﺰ ﻭﺍﻹﳛﺎﺀ ،ﻭﺍﻟﺒﻌﺪ
ﻭﺃﻛﻠﺖ ﺧﺒﺰ ﺍﳉﻴﺎﻉ ﺍﻟﻜﺎﺩﺣﲔ ﺯﻣﺮ ﺍﻟﺬﺋﺎﺏ
ﻟﻌﺬﺍﺏ ﻭﳏﻨﺔ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻧﺮﻯ ﺃﺎ ﳏﻨﺔ ﳍﺎ
ﺍﻟﺴﺤﺐ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ ﻭﺍﻷﻣﻄﺎﺭ ﻭﺍﻟﺮﻳﺎﺡ
ﻣﺎ ﻳﺴﻨﺪﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ،ﻭﻇﻠﺖ ﺗﻜﱪ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ،
ﻭﺃﻭﺣﺶ ﺍﳋﺮﻳﻒ ﻓﻮﻕ ﻫﺬﻩ ﺍﳍﻀﺎﺏ
ﺣﱴ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻻ ﺗﻄﺎﻕ ،ﻭﻷﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺭﺍﻓﻘﺘﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﶈﻨﺔ
ﻭﻫﻮ ﻳﺪﺏ ﰲ ﻋﺮﻭﻕ ﺷﺠﺮ ﺍﻟﺰﻗﻮﻡ،
ﺍﳌﺮﻛﺒﺔ ﻭﺍﳌﺘﻮﺗﺮﺓ ،ﻭﺫﻟﻚ ﰲ ﺷﻜﻞ ﺳﺖ ﻟﻮﺣﺎﺕ ﺗﺼﻮﺭ
ﻭﺍﻟﺼﻤﺖ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﳉﺬﻭﺭ ﻭﺍﻵﺑﺎﺭ
ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ،ﻭﻣﻦ ﺧﻼﳍﺎ ﻳﻌﱪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻦ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ
ﻭﻣﺰﻕ ﺍﻷﺳﺪﺍﻑ
ﻣﻨﺬ ﺯﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ،ﻓﻘﺪ ﺟﺴﺪﻫﺎ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ
ﰲ ﲬﺎﺋﻞ ﺍﻟﻀﺒﺎﺏ
ﻭﺟﺰﺋﻴﺎﺎ ﰲ ﺣﺮﻛﺔ ﺩﺭﺍﻣﻴﺔ ﻣﺘﻮﺗﺮﺓ ﻭﻋﻤﻴﻘﺔ ،ﻭﻗﺪ ﺃﻋﻄﻰ
ﻭﻟﻴﻘﺒﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﻑ
ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻟﻜﻞ ﻟﻮﺣﺔ ﻋﻨﻮﺍﻧﺎ ﻓﺮﻋﻴﺎ ﳝﻴﺰﻫﺎ ،ﻓﺠﺎﺀﺕ ﻫﻜﺬﺍ :
ﻓﻨﺎﻗﱵ ﳓﺮﺎ ﻭﺃﻛﻞ ﺍﻷﺿﻴﺎﻑ
ﺍﳌﺮﻳﺪ -ﺭﺣﻠﺔ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ،ﻓﺴﻴﻔﺴﺎﺀ ـ ﺍﶈﺎﻛﻤﺔ ،ﺍﻟﺼﻠﺐ،
ﻭﺍﺭﲢﻠﻮﺍ
ﺭﻣﺎﺩ ﰲ ﺍﻟﺮﻳﺢ.
ﻭﻫﺎ ﺃﻧﺎ ﺃﻗﻠﺐ ﺍﻷﺻﺪﺍﻑ ﻟﻌﻠﻬﺎ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﻭﺭﺩ ﻃﲑﺎ ﺍﻟﺮﻳﺢ ﻓﻮﻕ
ﻭﻧﻈﺮﺍ ﳋﺼﻮﺻﻴﺎﺎ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑﻳﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺘﺎﺑﻌﻬﺎ
ﻣﻴﺖ ،ﻟﻌﻠﻬﺎ ﺃﻃﻴﺎﻑ)(13
ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻠﻮﺣﺔ ﺍﻷﻭﱃ :
ﻭﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ ﻳﻨﻘﻠﻨﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺇﱃ ﺟﻮ ﺍﳊﺪﺙ
ﺑﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﻨﻘﺪﻱ ﻋﱪ ﻟﻮﺣﺎﺎ ﺍﻟﺴﺖ.
ﻭﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﶈﻨﺔ ﻭﺭﺣﻠﺔ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ،
ﺳﻘﻄﺖ ﰲ ﺍﻟﻌﺘﻤﺔ ﻭﺍﻟﻔﺮﺍﻍ
ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻡ ﺑﺎﺳﺘﺪﻋﺎﺀ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﺘﺮﺍﺛﻴﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺣﺮﻛﺔ
ﺗﻠﻄﺨﺖ ﺭﻭﺣﻚ ﺑﺎﻷﺻﺒﺎﻍ
ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻭﺭﻏﻢ ﺃﺎ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ ﻓﺮﻋﻲ ،ﺇﻻ ﺃﺎ
ﺷﺮﺑﺖ ﻣﻦ ﺁﺑﺎﺭﻫﻢ
ﻣﻨﺪﳎﺔ ﰲ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻘﺼﻴﺪﺓ ،ﲢﺖ
ﺗﻠﻮﺛﺖ ﻳﺪﺍﻙ ﺑﺎﳊﱪ ﻭﺍﻟﻐﺒﺎﺭ
ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﺍﻹﳛﺎﺋﻴﺔ ﰲ ﺷﻜﻞ ﻟﻘﻄﺔ ﻳﻨﻘﻠﻬﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ
ﻭﻫﺎ ﺃﻧﺎ ﺃﺭﺍﻙ ﻋﺎﻛﻔﺎ ﻋﻠﻰ ﺭﻣﺎﺩ ﻫﺬﻯ ﺍﻟﻨﺎﺭ
ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ،ﻣﻦ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ،ﺩﻭﻥ
ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﲢﻄﻢ ﺍﻟﻘﻴﺜﺎﺭ
ﺣﺮﺹ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻤﻴﻖ ﺇﺣﺴﺎﺱ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺬﺍ ﺍﳊﻴﺎﺩ
ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﱄ ؟ ﻭﺃﻧﺖ ﰲ ﺍﳊﻀﺮﺓ ﺗﺴﺘﺠﻠﻰ
ﺍﻟﻮﺻﻔﻲ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﲑﻱ ،ﻭﺇﺳﻨﺎﺩ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﱃ ﺷﺨﺺ ﺁﺧﺮ
ﻣﻮﻋﺪﻧﺎ ﺍﳊﺸﺮ)(12
ﻭﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ،ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﳓﺪﺩ ﺃﺎ
ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻟﻠﻨﺺ "ﻋﺬﺍﺏ ﺍﳊﻼﺝ" ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀﺕ ﺗﻠﻚ
ﺃﺻﺎﺑﻚ ﺍﻟﺪﻭﺍﺭ
ﻃﺮﻗﺖ ﺑﺎﰊ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻧﺎﻡ ﺍﳌﻐﲏ
ﻭﺃﻳﻦ ﺍﻧﺘﻬﻰ ،ﻭﺃﻧﺖ ﰲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻧﺘﻬﺎﺀ
ﺃﻥ ﻧﺸﻌﺮ ﲝﻀﻮﺭﻩ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ،ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻃﺮﻓﺎ ﺑﺎﺭﺯﺍ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭﻗﺪ
ﻭﺍﻛﺘﻔﺎﺋﻪ ﺑﺪﻭﺭ ﺍﻟﻌﲔ ﺍﻟﺮﺍﺻﺪﺓ ـ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻜﺎﻣﲑﺍ.
ﻟﻘﻄﺔ ﺳﻨﻴﻤﺎﺋﻴﺔ ﺟﺎﺀﺕ ﰲ ﺷﻜﻞ ﺣﺮﻛﺔ ﺃﻓﻘﻴﺔ ـ ﺣﺮﻛﺔ
ﻭﻳﺒﺪﻭ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻘﻄﻊ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﺇﱃ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺍﳌﺮﻳﺪ
ﺗﺎﺭﳜﻴﺔ ﺗﺘﺎﺑﻌﻴﺔ ـ ﺃﻭ ﰲ ﺷﻜﻞ ﺣﺮﻛﺔ ﻋﻤﻮﺩﻳﺔ ،ﲡﺴﺪﻫﺎ
ﰲ ﺷﻜﻞ ﻣﺸﻬﺪ ﻣﺴﺮﺣﻲ ،ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻲ ﺗﻌﺪﺩﻳﺔ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ،
ﺻﻴﻐﺔ ﺍﻟﻨﺪﺍﺀ "ﻳﺎ ﻧﺎﺻﺮﺍ ...ﻳﺎ ﻣﺴﻜﺮﻱ .ﻳﺎ ﻣﻐﻠﻖ ".ﳑﺎ
ﻭﺍﻧﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ..
ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﳌﺨﺎﻃﺐ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻟﻴﺲ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻦ ﳏﻮﺭ
10
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﺍﻟﻌﲔ ﺍﻟﺮﺍﺻﺪﺓ ﻋﲔ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ،ﻭﺬﻩ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﺍﻟﺴﻨﻴﻤﺎﺋﻴﺔ،
ﺣﻜﻤﺖ ﺑﺎﳌﻮﺕ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﻞ ﺃﻟﻒ ﻋﺎﻡ
ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻭﺍﻵﺧﺮ ،ﻭﻗﺪ ﺣﺮﺹ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻠﻰ ﺇﺑﺮﺍﺯ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﺏ
ﻣﻨﺘﻈﺮﺍ ﻓﺠﺮ ﺧﻼﺻﻲ ،ﺳﺎﻋﺔ ﺍﻹﻋﺪﺍﻡ
ﻧﺸﺄﺕ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺑﲔ ﺍﳌﺘﻜﺎﻓﺊ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﳌﺮﻳﺪﺓ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ،ﻭﺑﺬﻟﻚ
ﻭﻫﺎ ﺃﻧﺎ ﺃﻧﺎﻡ
ﺍﺑﺘﻌﺪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺪﻓﻖ ﺍﻟﻐﻨﺎﺋﻲ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ،ﺣﻴﻨﻤﺎ ﳒﺢ ﰲ
ﻭﺗﺮﺳﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻮﺣﺔ ﻗﺮﺍﺭ ﺍﳊﺴﻢ ،ﻭﻳﺘﻘﺮﺭ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ،
ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺍﳊﻼﺝ ﺍﻟﱵ ﺳﺎﻋﺪﺕ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻴﺪ ﻋﻠﻰ
ﻭﻳﺴﺘﺪﻋﻰ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ،ﺻﻮﺭﺓ ﺍﶈﺎﻛﻤﺔ ﻭﺍﻹﺩﺍﻧﺔ ﻟﺸﺨﺼﻴﺔ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺎﺑﻞ ﻭﺍﻻﺋﺘﻼﻑ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻭﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻭﺍﻟﺸﻌﻮﺭﻱ ﺑﲔ
ﻭﺍﻗﻌﻴﺔ ﺗﺎﺭﳜﻴﺔ ﺭﻓﻀﺖ ﺍﻟﺮﺿﻮﺥ ﻭﺍﳉﻠﻮﺱ ﺇﱃ ﻭﻟﻴﻤﺔ
ﺍﳊﻼﺝ ﺍﻟﺜﺎﺋﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ
ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ،ﻭﻳﺼﺪﺭ ﺍﳊﻜﻢ ﺑﺎﻹﺩﺍﻧﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻠﻮﺣﺔ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ :
ﺍﳌﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻹﳛﺎﺀ ﻭﺍﻟﺮﻣﺰ ،ﺍﻟﺬﻱ ﳚﺴﺪ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﺑﺄﺑﻌﺎﺩﻩ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ،ﻛﻤﺎ ﺃﺎ
ﻭﺍﻧﺪﻓﻊ ﺍﻟﻘﻀﺎﺓ ﻭﺍﻟﺸﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﻑ
ﻭﺍﻟﻘﻠﻖ ﺑﻌﺪ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻭﺍﻟﺘﻮﺗﺮ ﻋﺎﺷﻬﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﻊ
ﻭﺒﻮﺍ ﺑﺴﺘﺎﱐ
ﺑﻄﻠﻪ ،ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﻧﻘﻄﺔ ﺍﳊﺴﻢ ﻭﺍﻟﻘﺮﺍﺭ
ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﱄ ﺃﻥ ﺃﻋﱪ ﺍﻟﻀﻔﺎﻑ
ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ،ﻫﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻻﺭﺗﺒﺎﻁ ﺑﺎﻵﺧﺮ ،ﺑﺎﺘﻤﻊ ،ﺑﺎﻟﻔﻘﺮﺍﺀ،
ﻭ ﺍﻟﻌﻘﻢ ﻭ ﺍﻟﻴﺒﺎﺏ.
ﺗﻌﱪ ﻋﻦ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﳋﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﳊﲑﺓ ﻭﺍﻟﺘﺸﺎﺅﻡ
ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ،ﻭﺃﻥ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺴﻢ
ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺸﻔﺮﺓ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻀﻌﻨﺎ ﰲ ﺟﻮ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ ﺍﳌﻌﻘﺪﺓ :
ﻓﺄﺣﺮﻗﻮﺍ ﻟﺴﺎﱐ
ﻭﺍﻟﻨﺎﺭ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺭﻣﺎﺩﺍ ﻫﺎﻣﺪﺍ
"ﻭﻳﺼﻠﺐ ﻭﻳﺘﺤﻮﻝ ﺇﱃ ﺑﻄﻞ ﺃﺳﻄﻮﺭﻱ") (14ﰒ ﻳﺼﲑ ﺭﻣﺎﺩﺍ،
ﻓﻤﺪ ﱄ ﻳﺪﻳﻚ ﻋﱪ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺍﳌﻮﺕ ﻭﺍﳊﺼﺎﺭ
ﺗﻨﺜﺮﻩ ﺍﻟﺮﻳﺎﺡ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺍﻟﺮﻣﺎﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻺﺷﺘﻌﺎﻝ
ﻭﺍﻟﺼﻤﺖ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﳉﺬﻭﺭ ﻭ ﺍﻵﺑﺎﺭ....
ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ،ﻭﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ
ﻭﺬﻩ ﺍﻟﺼﺮﺧﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ ﺍﳌﻮﺣﻴﺔ ،ﻳﻨﻤﻮ ﺍﳊﺪﺙ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ
ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﻳﺔ ﺑﺄﺑﻌﺎﺩﻫﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺳﺘﻜﱪ
ﰲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ،ﻋﱪ ﺗﻘﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺎﺑﻞ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻭﺍﻟﻔﲏ ،ﺑﲔ
ﺍﻷﺷﺠﺎﺭ ،ﻭﻳﻌﻮﺩ ﺍﻷﻣﻞ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،ﻭﺍﻟﻌﻤﺎﺭ ﺇﱃ ﺧﺮﺍﺏ
ﺻﻮﺭﺓ ﺍﳊﻼﺝ ﺍﻟﺜﺎﺋﺮ ﺍﳌﺘﻤﺮﺩ ،ﻭﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﳊﺎﺋﺮ
ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ :
ﻓﲏ ﺁﺧﺮ ،ﻭﻳﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﺇﱃ ﺍﳌﻨﺎﺟﺎﺓ
ﺃﻭﺻﺎﻝ ﺟﺴﻤﻲ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺭﻣﺎﺩ
ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻋﱪ ﺗﻘﻨﻴﺔ ﺍﳌﻮﻧﻮﻟﻮﺝ ،ﺍﻟﱵ ﺳﺘﺤﻤﻠﻨﺎ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﺇﱃ
ﰲ ﻏﺎﺑﺔ ﺍﻟﺮﻣﺎﺩ
ﺍﻟﺮﺍﻓﺾ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻭﻗﺪ ﺻﺎﺣﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺎﺑﻞ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ،ﺗﻘﺎﺑﻞ
ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺍﳊﻼﺝ ﻭﺃﻥ ﺍﻻﺭﺗﺒﺎﻁ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ،ﱂ ﻳﻜﻦ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃﺎ
ﺳﺘﻜﱪ ﺍﻷﺷﺠﺎﺭ
ﻭﺟﺪﺍﻧﻴﺎ ﻋﺎﻃﻔﻴﺎ ،ﻭﺇﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃﺎ ﺛﻘﺎﻓﻴﺎ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ
ﺳﺘﻜﱪ ﺍﻟﻐﺎﺑﺔ ،ﻳﺎ ﻣﻌﺎﻧﻘﻲ
ﻭﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺎ ،ﻭﺬﺍ ﺍﻟﺘﺸﺎﺑﻚ ﻭﺍﻟﺘﺼﺎﻋﺪ ،ﻧﺼﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﻠﻮﺣﺔ
ﻭﻋﺎﺷﻘﻲ
ﺍﳌﻮﺍﻟﻴﺔ :
ﺳﺘﻜﱪ ﺍﻷﺷﺠﺎﺭ ﺳﻨﻠﺘﻘﻲ ﺑﻌﺪ ﻏﺪ ﰲ ﻫﻴﻜﻞ ﺍﻷﻧﻮﺍﺭ
ﲝﺖ ﺑﻜﻠﻤﺘﲔ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎﻥ ﻗﻠﺖ ﻟﻪ ﺟﺒﺎﻥ...
ﻓﺎﻟﺰﻳﺖ ﰲ ﺍﳌﺼﺒﺎﺡ ﻟﻦ ﳚﻒ ،ﻭﺍﳌﻮﻋﺪ ﻟﻦ ﻳﻔﻮﺕ
ﻭﺍﳉﺮﺡ ﻟﻦ ﻳﱪﺃ ،ﻭﺍﻟﺒﺬﺭﺓ ﻟﻦ ﲤﻮﺕ.
ﺳﺘﻘﺘﻠﲏ ﻫﺠﺮﺗﲏ ﻧﺴﻴﺘﲏ
ﻭﺬﻩ ﺍﻟﻠﻤﺴﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻭﺍﻷﺳﻄﻮﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ،ﻳـﻜـﺘـﻤـﻞ
ﺍﳌﺸﻬﺪ ﺍﻟﻜﻠﻲ ،ﺍﻟﺬﻱ ﲢﻮﻝ ﻓﻴﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟـﻮﺟـﺪﺍﱐ ﺇﱃ
ﻟﻮﺣﺎﺕ ﻭﺍﻗﻌﻴﺔ ﻣﺮﺋﻴﺔ ،ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻷﺳﻄﻮﺭﺓ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
11
ﺑﺎﻷﺳﻄﻮﺭﺓ ﻭﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺘﺎﺭﻳﺦ "ﺍﳊﻼﺝ" ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ
ﺑﺎﻟﺘﺎﺭﻳﺦ،
ﻭﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭ ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﳋﺎﻟـﺺ ،ﺇﳕـﺎ
ﺑﻞ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﻘﻨﻴﺔ ﺍﳊﻮﺍﺭ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ
ﻓﺈﻥ ﺍﳌﺮﺟﻌﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﺗﺼﺒﺢ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔـﻴـﺔ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ﰲ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ﻣﺮﺟﻌﻴﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﺩﺭﺍﻣﻴﺔ،
ﻫﻮ ﻣﺰﻳﺞ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﻛﻠﻬﺎ ،ﻭﻋﱪ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺴﺮﺡ ﺍﻟـﻔـﲏ
ﺃﻱ ﺃﺳﻠﻮﺑﺎ ﰲ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﳊﺪﺍﺛﻲ ،ﻭﺃﺩﺍﺓ ﺩﺭﺍﻣﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ
ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﻭﺍﻷﺻﻮﺍﺕ ،ﺗﺎﺭﺓ ﻋﱪ ﺗﻘﻨـﻴـﺔ ﺍﻟﺴـﺮﺩ ﻭﺍﻟـﻮﺻـﻒ
ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ )ﻻ ﳛﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻗﻊ ﺧﺎﺭﺝ
ﺍﳌــﺒــﺎﺷــﺮ ،ﻭﺗــﺎﺭﺓ ﺃﺧــﺮﻯ ﻋــﱪ ﺍﻟــﺘــﺼــﻮﻳــﺮ ﺍﻟﺸــﻌــﺮﻱ
ﻋﻨﻪ ،ﻳﺜﺒﺖ ﺻﺪﻗﻪ ﺃﻭ ﻛﺬﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺿﻮﺋﻪ( ﻭﺇﳕﺎ ﻟﻪ ﻭﺍﻗﻌﻪ
ﺍﳊﺪﺙ ،ﻭﰲ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻘﻠﻘـﺔ،
ﻓﺎﻟﻠﻐﺔ ﺗﻮﻟﺪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻟﻠﻐﺔ ﲢﻴﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﻠﻐﺔ) (16ﻭﺬﺍ
ﻭﰲ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻳﻨﺸﺄ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﺍﻟﺼﻮﺭﻱ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﺍﳌﻌﻘـﺪ
ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺗﺘﻌﺰﺯ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﺘﻜﺎﻓﺆ ﺑﲔ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﰲ
ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﺍﳌﻌﻘﺪ ،ﻳﺘﺨﻠﻖ ﺍﳊﺪﺙ ﺍﳌﺘﻄﻮﺭ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻭﺗﺘﺒﻠﻮﺭ
ﺍﳌﻜﺜﻒ ﺍﳌﻠﺘﺤﻢ ﺑﺎﳊﺪﺙ ،ﻭﺬﺍ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﻭﺍﻟـﺘـﻌـﻘـﻴـﺪ ﰲ
ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ﺍﳊﺪﺍﺛﻲ،
ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ،ﻓﺼﺪﻗﻪ ﻣﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦ ﺫﺍﺗﻪ ،ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺟﻪ،
ﰲ ﺷﻌﺮ ﺍﻟﺒﻴﺎﰐ ،ﻭﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻳﺼﻮﺭ ﲡﺮﺑﺔ ﺫﺍﺗﻴﺔ ،ﺇﻻ
ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ،ﻭﺍﻷﺻﻮﺍﺕ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ،ﻭﻳﺘﺠﺴﺪ ﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ
ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ،ﺑﻞ ﻳﺼﻮﺭ ﻣﻮﻗﻔﺎ ﻧﻔﺴﻴﺎ
ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻔﲏ ﻟﻠﻨﺺ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻜﺎﻓﺆ ﻟﻴﺲ ﺻﻴﻐﺔ ﺟﺎﻣﺪﺓ ﺃﻭ ﻗﺎﻧﻮﻧﺎ ﺎﺋﻴﺎ ،ﻭﺇﳕﺎ ﳜﻀﻊ
ﻭﻓﻜﺮﻳﺎ ،ﺗﺘﻮﺗﺮ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ
ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﻭﺧﺼﻮﺻﻴﺔ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻄﻐﻰ ﺍﳉﺎﻧﺐ
ﻭﺍﻟﺼﻮﺕ ﺍﻟﻔﲏ ،ﻭﺻﻮﺕ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺘﻀﺢ
ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ،ﻭﺗﺄﰐ ﺻﻮﺭ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻭﺭﻣﻮﺯﻫﺎ ﺣﺪﺍﺛﻴﺔ ،ﺣﻴﻨﻤﺎ
ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﻨﺠﻠﻲ ﺍﳌﺸﻜﻠﺔ ﻭﺗﺰﻭﻝ ﺍﳊﲑﺓ ،ﻭﺗﺘﺨﺬ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ
ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺃﻥ ﻳﻌﱪ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻌﺎﺻﺮﺓ ،ﻭﺑﺬﻟﻚ ﺗﺘﻘﻠﺺ
ﺑﺎﻹﺩﺍﻧﺔ ،ﻭﺗﺰﺩﺍﺩ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﻋﻤﻘﺎ ﻭﺗﺮﻛﻴﺒﺎ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﺘﺤﻮﻝ
ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ ،ﻭﺗﺘﻮﻟﺪ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ
ﺍﻹﺩﺍﻧﺔ ﺇﱃ ﻣﻮﺕ ﻭﺇﺣﺮﺍﻕ ،ﰒ ﺇﱃ ﺣﻴﺎﺓ ﻭﺑﻌﺚ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ.
ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ ﻻ ﺗﺼﲑ ﺻﻮﺭﺓ
ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ،ﻛﺄﺳﻠﻮﺏ ﰲ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻭﻳﺼﺪﺭ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ
ﻣﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﻘﺪﱘ ،ﻭﺗﺘﺴﻊ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﺍﳉﺪﻳﺪ ،ﻭﺗﺘﺮﺍﺟﻊ
ﻭﻗﺪ ﻭﻓﻖ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻓﻨﻴﺎ ﰲ ﲡﺴﻴﺪ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﳌﻮﻗﻒ،
ﻭﺻﻔﻴﺔ ﺳﺮﺩﻳﺔ ﻗﺪﳝﺔ ﻭﺇﳕﺎ ﺗﺘﺸﻜﻞ ﻣﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺟﺪﻟﻴﺔ
ﻓﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﺘﺤﺮﻙ ﻭﺗﺘﻔﺎﻋﻞ ،ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ
ﻭﺭﺅﻳﺔ ﺣﺪﺍﺛﻴﺔ ﻟﻠﺘﺎﺭﻳﺦ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﺍﻟﺼﻮﺭﻱ
ﻭ ﻭﺍﻗﻌﻴﺔ ،ﻭﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ ﰲ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﳊﺪﺙ
ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﻟﻴﺲ ﻭﺻﻔﺎ ﳊﺪﺙ ﻣﻀﻰ ﻭﺍﻧﺘﻬﻰ ،ﻭﺇﳕﺎ ﻫﻮ ﺇﺩﺭﺍﻙ
ﻭﺗﺰﺩﺍﺩ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭﻳﺔ ﺍﻧﺴﺤﺎﻗﺎ ﻭﺍﺣﺘﺮﺍﻗﺎ ﻭﻧﺒﻀﺎ،
ﺻﻮﺭﺓ ﺟﺎﻣﺪﺓ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻷﻳﺔ ﻓﻜﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﳌﺎﺿﻲ") (17ﻭﺬﺍ
ﻓﻴﺄﰐ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﺍﻟﺼﻮﺭﻱ ﻣﺮﻛﺒﺎ ﻳﻐﺬﻳﻪ ﺍﻟﺘﻘﺎﺑﻞ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ
ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ،ﺍﳌﺎﺿﻲ ،ﺷﻔﺮﺓ ،ﺩﻻﻟﺔ ﺻﻮﺭﺓ ﻣﻀﻴﺌﺔ
ﺣﺮﻛﺔ ﺩﺭﺍﻣﻴﺔ ﺗﺴﲑ ﰲ ﺍﲡﺎﻫﲔ ﻣﺘﻘﺎﺑﻠﲔ ﻣﺘﻌﺎﺭﺿﲔ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﺍﻟﺼﻮﺭﻱ ﺍﳌﻀﻲﺀ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ،ﻭﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ
ﻛﺬﻟﻚ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﻤﺎ ﻳﻨﺘﻬﻴﺎﻥ ﺇﱃ ﻣﻮﻗﻒ ﺗﻔﺎﻋﻠﻲ ﻭﺍﺣﺪ ،ﺗﻌﺒﲑﺍ
ﺷﺒﻜﺔ ﻣﻜﺜﻔﺔ ﻭﻭﺍﺳﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﺸﺎﻛﻼﺕ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ
ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺼﻴﺪﺓ "ﻋـﺬﺍﺏ ﺍﳊـﻼﺝ" ﲤـﺜـﻞ ﳕـﻮﺫﺟـﺎ
ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،ﺻﻮﺕ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺸﺎﺑﻚ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺸﺎﻛﻞ
ﻟﻠﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻐﺮﻗﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣـﻦ ﺻـﻮﺕ ﻭﺍﺣـﺪ،
ﻳﺘﺴﻖ ﻣﻊ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻟﻠﻘﺼﻴﺪﺓ ،ﻷﻥ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ
ﺍﻟﺮﻣﺰﻱ ﻭﺍﻷﺳﻄﻮﺭﻱ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻲ ،ﻭﻋﱪ ﺍﻟﻌﺮﺽ ﺍﻟـﺪﺭﺍﻣـﻲ،
ﺗﻜﻮﻧﺖ ﻣﻦ ﳐﻴﻠﺔ ﲨﻌﻴﺔ ﻏﲑ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ ،ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ
ﻓﺈﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ،ﺭﺑﻄﺖ ﺑﲔ ﺍﳊـﺎﻟـﺔ
ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﳌﺨﺰﻭﻧﺔ ،ﺗﻮﺟﺪ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻐﺎﺋﺒﺔ ﺍﳊﺎﺿﺮﺓ ﰲ
ﻳﻌﲏ ﺍﻟﺮﺑﻂ ﻫﻨﺎ ﺍﻟﺘﻄﺎﺑﻖ ﺍﳌـﻄـﻠـﻖ ﺑـﲔ ﻇـﻞ ﺍﳊـﺪﺍﺛـﺔ
ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ "ﲦﺔ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻏﺎﺋﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺺ ﻭﻫﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ
ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ ﻭﻇﻞ ﺍﳊﺪﺍﺛﺔ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ )،(15
ﻛﺒﲑ ﻣﻦ ﺍﳊﻀﻮﺭ ﰲ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﻟﻘﺮﺍﺀ ﻋﺼﺮ ﻣﻌﲔ
ﻭﺻﻴﺎﻏﺘﻪ ،ﺗﺘﻌﻤﻖ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ،ﻭﺗﺘﻌﻘﺪ ﺍﳌﺸﺎﻋﺮ،
ﺑﲔ ﺍﳌﺎﺿﻲ ﻭﺍﳊﺎﺿﺮ ،ﺑﲔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﺍﳌﺜﺎﻝ ،ﻭﻳﻮﺟﻬﻪ ﰲ
ﻭﺑﻨﺎﺀ.
ﻭﻋﺎﳉﺖ ﲡﺮﺑﺔ ﺫﺍﺗﻴﺔ ،ﻭﲢﻘﻖ ﺑﻨﺎﺅﻫﺎ ﻋـﱪ ﺍﻟـﺘـﻮﻇـﻴـﻒ
ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ ﻭﺍﳊﺎﻟﺔ ﺍﳌﺴﺘﻌﺎﺭﺓ ﺃﻭ ﺍﳌﺪﻋﻮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟـﺘـﺎﺭﻳـﺦ ،ﻭﻻ
12
ﻭﺗﺼﻮﺭ ﻭﻣﻮﻗﻒ ﻣﻌﺎﺻﺮ ﻟﻪ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ "ﻓﻠﻴﺴﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﺇﺫﻥ
ﺷﺎﺳﻌﺔ ،ﻭﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻭﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ،ﻳﻮﻟﺪ
ﻭﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺑﲔ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ :ﺻﻮﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ،ﺻﻮﺕ
"ﺍﻷﻧﺎ" ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻘﺪﻡ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﳍﺎ ﻭﺟﻮﺩ ﰲ ﺍﻵﺧﺮ،
ﺍﻟﻨﺺ ،ﻭﻫﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﻛﺒﲑ ﻣﻦ ﺍﳊﻀﻮﺭ ﰲ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﺇﱃ ﺩﺭﺟﺔ ﺃﻧﻨﺎ ﳒﺪ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﻋﻤﻠﻴﺎ ﺑﺈﺯﺍﺀ ﻋﻼﻗﺎﺕ
ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺸﻤﻮﻟﻴﺔ ،ﻭﻣﺎ ﻋﻮﺩﺓ ﺍﳊﻼﺝ،
ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻭ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﺍﻟﺮﺻﻴﺪ ﺍﻹﺑﺪﺍﻋﻲ ﻋﻤﻘﺎ ﻭﺛﺮﺍﺀ ﰲ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﲡﻤﻊ ﺑﲔ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻗﺪﱘ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺎﺻﺮ،
ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ.
ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﳒﺪﻫﺎ ﺑﺼﻴﻎ ﺃﻛﺜﺮ ﻋﻤﻘﺎ ﻭﺛﺮﺍﺀ ﰲ ﺑﻘﻴﺔ
ﺣﻀﻮﺭﻳﺔ") ،(18ﻭﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﺮ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ﻭ ﺍﻟﻔﲏ ﻳﺘﺠﺪﺩ
ﻭﺍﳌﻌﺮﻱ ﻭﺍﳌﺘﻨﱯ ﻭﺍﳋﻴﺎﻡ ﻭﻋﺎﺋﺸﺔ ﺇﻻ ﲡﺴﻴﺪ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ
ﻭﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﺍﳌﺮﺳﻮﻣﺔ ﰲ ﻗﺼﻴﺪﺓ "ﻋﺬﺍﺏ
ﺍﻤﻮﻋﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ،ﻓﺒﻌﺪ "ﺳﻔﺮ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺓ" ﻓﺈﻥ
ﺍﳊﻼﺝ" ﺍﻟﱵ ﺗﻠﺨﺺ ﻟﻨﺎ ﻣﺴﲑﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺼﻮﰲ ﺍﻟﺬﻱ
ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﻳﺄﺧﺬ ﺻﻴﻐﺎ ﺩﺭﺍﻣﻴﺔ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﺍﻷﺑﻌﺎﺩ
ﺍﺻﻄﺪﻡ ﺑﺎﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﺍﻟﻌﺼﺮ ﻭﻣﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﻧﻈﺎﻡ ﺍﳊﻜﻢ ،ﻭﻣﻦ
ﻭﺍﻷﺻﻮﺍﺕ ﻭﺍﻷﻗﻨﻌﺔ ﰲ "ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺄﰐ ﻭﻻ ﻳﺄﰐ ،ﻭ"ﺍﳌﻮﺕ ﰲ
ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﳉﺴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﻤﻞ ﺭﻣﺎﺩ ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻕ
ﻭﺑﺘﻌﺪﺩ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ ،ﻭﺗﻨﻮﻉ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺴﺮﺩ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﲑ
ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺸﺎﻫﺪ ﻭﺍﻟﻠﻮﺣﺎﺕ ،ﺗﺘﺸﻜﻞ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﳌﻠﺘﺤﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ،
ﺍﳊﻴﺎﺓ" ﻭ"ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﲔ".
ﻓﻴﻬﺎ ،ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻷﺩﺍﺀ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﻣﻨﻬﺠﺎ ﺷﻌﺮﻳﺎ ﻭﺗﻌﺒﲑﻳﺎ ﻣﻔﻀﻼ
ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺒﻴﺎﰐ ،ﻭﺻﺎﺭ ﻳﺴﻊ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ،
ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺎﱏ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻭ ﺍﳌﺒﺪﻋﻮﻥ،
ﻭﻳﻨﻔﺘﺢ ﺃﻛﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻻﻻﺕ ﺍﳉﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻭﺗﺸﺘﺮﻙ ﻫﺬﻩ
ﻭﻋﻨﺪﻫﺎ ﻳﻠﺘﻘﻲ ﻣﻊ ﺍﳌﺘﻨﱯ ﰲ ﲡﺮﺑﺘﻪ ﻣﻊ ﺍﻟﻜﻮﻓﺔ ،ﻭﻣﻊ
ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﻏﻨﺎﺀ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﺍﻹﻧﺴﺎﱐ ﻭﺗﺮﻗﻴﺔ
ﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﺍﳌﻠﺤﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻭﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﳌﻮﻋﻮﺩ ،ﻭﻃﻦ
ﻳﺘﺠﺪﺩ ﺍﻷﻣﻞ ،ﻭﺗﺘﺮﺍﺟﻊ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﻨﻔﻲ ﻭﺍﳌﻮﺕ ﻭﺍﳊﺼﺎﺭ،
ﺗﻨﺠﻠﻲ ﻓﻴﻪ ﺃﲰﻰ ﻣﻌﺎﱐ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﺮﻳﺔ ﻭﻋﺰﺓ
ﻭﺗﻜﱪ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺘﻔﺎﺅﻝ ﻭﺍﳊﻴﺎﺓ.
ﻭﺍﳋﻴﺎﻡ ﻭﻋﺎﺋﺸﺔ ،ﻫﻲ ﺍﻟﺸﺒﻜﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑﻳﺔ ﺍﳌﻌﻘﺪﺓ ﺍﻟﱵ
ﻭﰲ ﲡﺎﺭﺑﻪ ﺑﺎﻟﺘﻌﺒﲑ ﻋﻦ ﻗﻀﺎﻳﺎﻩ ﻭﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻪ ،ﻭﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺃﻥ
ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻐﺬﻱ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺼﻮﺭﻱ ﻭﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﰲ ﺷﻌﺮ
ﻳﺮﺳﺦ ﰲ ﺍﳌﺨﻴﻠﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ ﺃﻃﺮﻭﺣﺔ
ﺍﳊﻼﺝ ﰲ ﳏﻨﺘﻪ ،ﻭﻣﻊ ﲤﻮﺯ ﻭﻋﺸﺘﺎﺭ ،ﻭﺑﺎﺑﻞ ،ﻭﺬﻩ
ﻭﻛﺮﺍﻣﺔ ،ﻭﺻﺎﺭﺕ ﺷﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﳌﻌﺮﻱ ﻭﺍﳌﺘﻨﱯ ﻭﺍﳊﻼﺝ
ﺍﻟﺒﻴﺎﰐ :
ﻣﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺫﺍﺗﻴﺎ ﻭﲨﺎﻋﻴﺎ ،ﻭﺑﺬﻟﻚ
ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻀﺖ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴﺔ ﰲ ﺃﺷﻌﺎﺭﻩ
ﺍﻟﺘﻼﺣﻢ ﺑﲔ ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑﻳﺔ ﻭﺍﻹﺣﻴﺎﺋﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺍﳊﺪﺍﺛﻴﺔ ،ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﻐﻨﺎﺋﻴﺔ ﺍﳌﺒﻜﺮﺓ ﻇﻠﺖ
ﰲ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺍﳌﻮﺕ ﻭﺍﻟﻐﺮﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﺮﺣﺎﻝ
ﲤﺎﺭﺱ ﺗﺄﺛﲑﺍ ﳏﺪﻭﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﻔﲏ ﰲ
ﻭﻛﱪﺕ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻚ ﺍﻟﻐﺎﺑﺔ ﻭﺍﻷﺷﺠﺎﺭ
ﺗﺄﺛﲑﺍ ﻭﺍﺿﺤﺎ ﰲ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻭﺃﺩﻭﺍﺗﻪ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑﻳﺔ ﺑﺪﺀﺍ
ﻛﱪﺕ ﻳﺎ ﺧﻴﺎﻡ
ﻣﻦ ﺩﻳﻮﺍﻧﻪ "ﺃﺑﺎﺭﻳﻖ ﻣﻬﺸﻤﺔ" ﻭ"ﺍﺪ ﻟﻸﻃﻔﺎﻝ ﻭﺍﻟﺰﻳﺘﻮﻥ"
ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻷﻭﱃ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ ﺑﺪﺃﺕ ﲤﺎﺭﺱ
ﻛﱪﺕ ﻳﺎ ﺧﻴﺎﻡ
ﻭﻛﱪﺕ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻚ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ
ﺣﻴﺚ ﻧﻼﺣﻆ ﺍﳓﺼﺎﺭﺍ ﺑﺎﺭﺯﺍ ﻟﻸﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑﻳﺔ ﺍﻟﻐﻨﺎﺋﻴﺔ،
ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻣﺎﺗﺖ ،ﻭﻫﺎ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﺍﳌﻮﺕ ﺑﻼ ﺷﺮﺍﻉ
ﻭﺣﻀﻮﺭﺍ ﻗﻮﻳﺎ ﻭﺳﺮﻳﻌﺎ ﻟﻠﺼﻴﻎ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑﻳﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ
ﲢﻄﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﺻﺨﻮﺭ ﺷﺎﻃﺊ ﺍﻟﻀﻴﺎﻉ
ﺗﺒﻴﻨﻪ ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﻴﺔ.
ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻘﻠﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ ﺍﻟﻨﻮﻋﻴﺔ ﰲ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ
ﻗﺎﻟﺖ ﻭﻣﺪﺕ ﻳﺪﻫﺎ ﺍﻟﻮﺩﺍﻉ)(19
ﺍﻟﺒﻴﺎﰐ ،ﻭﻣﻮﻗﻔﻪ ﻣﻦ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻭﺍﻷﺣﺪﺍﺙ
ﺗﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﺍﻭﻳﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺍﻷﺧﲑﺓ "ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻻ ﲤﻮﺕ"،
ﺧﻼﳍﺎ ﻳﻀﻌﻨﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﳊﺪﺙ ﺍﻟﻮﺟﺪﺍﱐ ﻣﺴﺘﻨﺒﻄﺎ ﻣﻦ
"ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﲔ" ،ﺣﻴﺚ ﻧﻼﺣﻆ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻟﻠﺘﻌﺒﲑ
ﲡﺮﺑﺔ ﺍﳋﻴﺎﻡ ،ﻭﻣﻦ ﻣﻮﺕ ﻋﺎﺋﺸﺔ ،ﻭﻛﻴﻒ ﻛﱪ ،ﻭﻛﻴﻒ ﻣﺎﺗﺖ
ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﺑﺒﻌﺪﻳﻪ ﺍﻟﺬﺍﰐ ﻭﺍﳉﻤﺎﻋﻲ.
ﻭﺬﻩ ﺍﻟﺼﻴﺎﻏﺔ ﺳﺎﳘﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑﻳﺔ ﰲ ﺇﻏﻨﺎﺀ
ﺍﻟﺒﻴﺎﰐ ﳝﺎﺭﺱ ﻭﻋﻴﺎ ﻣﺘﻘﺪﻣﺎ ﻟﻸﺑﻌﺎﺩ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑﻳﺔ
ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻭﺍﳋﺮﻭﺝ ﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ﺍﻟﻀﻴﻘﺔ ﺇﱃ
ﻷﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ،ﻭﻇﻒ ﲡﺮﺑﺘﻪ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ﰲ
ﻭﻫﻜﺬﺍ
ﺗﺘﺤﻮﻝ
ﺍﻷﲰﺎﺀ
ﻭﺍﻷﻣﺎﻛﻦ،
ﻭﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺇﱃ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻌﺒﲑﻳﺔ ،ﻭﻣﻦ
ﻋﺎﺋﺸﺔ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﰲ ﻧﻈﺮﻩ ﺳﺘﻈﻞ ﺣﻴﺔ ﻛﻔﺮﺍﺷﺔ ﻃﻠﻴﻘﺔ،
"ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ" "،ﺳﻔﺮ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺓ"" ،ﺍﳌﻮﺕ ﰲ ﺍﳊﻴﺎﺓ"،
ﻭﺧﻼﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ ،ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
13
ﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﳍﻤﻮﻡ ﺍﳉﻤﺎﻋﻴﺔ،
ﺷﻌﺮﻩ ،ﻭﺿﺌﻴﻼ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻜﻢ ﻭﺍﻟﻜﻴﻒ ﰲ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ،ﻓﺈﻧﻪ
ﻭﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﳊﺪﺍﺛﺔ ﻭﺍﻟﺒﻌﺚ ﺑﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻋﻲ
ﻛﺎﻥ ﺣﺎﺿﺮﺍ ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻛﺜﺎﻓﺔ ﻭﺍﻧﻔﺘﺎﺣﺎ ﻭﺗﺴﺮﻳﻌﺎ ﻷﺩﻭﺍﺕ
ﺍﳌﺘﻄﻮﺭ ،ﻭﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺃﻥ ﳜﺮﺝ ﻣﻦ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺑﺎﳌﻮﻗﻒ
ﺍﻟﺘﻌﺒﲑﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﰲ ﺍﳌﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺍﻟﻼﺣﻘﺔ،ﳑﺎ ﺃﻋﻄﻰ
ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﺇﱃ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺑﺎﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ
ﺩﻓﻌﺎ ﻗﻮﻳﺎ ﻟﻺﺣﺴﺎﺱ ﺑﺎﳊﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺗﻌﻤﻴﻖ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺚ
ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻭﺭﲟﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﺮﻭﺍﺩ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻗﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﻣﻮﻗﻒ ﺇﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ ﳏﺪﺩ).(20
ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺑﺄﺑﻌﺎﺩﻩ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻨﻴﺔ.
ﻭﺑﺬﻟﻚ ﲢﺮﺭﺕ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﺍﺕ ،ﻭﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﺼﻮﺕ
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﳝﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺒﻴﺎﰐ ﺣﻘﻖ ﺩﺭﺟﺔ
ﺍﻟﻐﻨﺎﺋﻲ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺗﺪﺭﻙ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﻟﺼﻮﺕ ﺍﻵﺧﺮ ﻭ
ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻭﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ،ﻭﻗﺪ ﻭﺟﺪ ﰲ
ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ﺍﳌﻐﻠﻘﺔ ﻣﻔﺘﻮﺣﺎ ،ﻭﺃﻥ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﻣﻦ ﳊﻈﺔ
ﺍﻟﻨﻤﺎﺫﺝ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﻲ ﻟﻠﺸﺮﻭﻉ ﰲ ﺍﻟﺒﺤﺚ
ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﺍﻟﺒﺴﻴﻂ ﺇﱃ ﺍﳌﻌﻘﺪ ﺻﺎﺭﺕ ﳑﻜﻨﺔ ،ﻭﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻠﻜﺘﻪ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺑﻌﺪ ﺎﻳﺔ ﺍﳋﻤﺴﻴﻨﻴﺎﺕ ،ﻭﺑﺪﺍﻳﺔ
ﺑﲔ ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ ﲢﻴﻠﻨﺎ ﺇﱃ ﺃﻓﻖ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﺗﺴﺎﻋﺎ
ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎﺕ ،ﻭﻫﻮ ﻣﺴﺎﺭ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﺎﻻﻧﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﻮﺍﺳﻊ ﻋﻠﻰ
ﻭﺍﻧﻔﺘﺎﺣﺎ ،ﻭ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﺍﻟﻐﻨﺎﺋﻲ ﺍﻟﺬﺍﰐ ،ﺇﱃ
ﻫﺎﻣﺔ ﰲ ﺍﳌﺨﻴﻠﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ ،ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻭﺟﺪ ﻧﻔﺴﻪ
ﰲ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻭﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ،ﻭﻳﻜﺴﺮ ﺭﺗﺎﺑﺔ ﺍﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ﻭﺍﳌﻤﺎﺛﻠﺔ
ﳏﻜﻮﻣﺎ ﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻐﺬﻱ ﺭﺅﻳﺘﻪ ﻭﲡﺮﺑﺘﻪ
ﻭﺍﻻﺳﺘﻨﺴﺎﺥ ،ﻭﻳﻔﻘﺪ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺧﺎﺻﻴﺔ ﺍﻟﺘﺘﺎﺑﻊ
ﻣﻌﺘﱪﺓ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﺴﺠﺎﻡ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﻭﺍﻻﺗﺴﺎﻕ ﺑﲔ ﺍﳊﺎﺟﺎﺕ
ﺍﳉﺪﻳﺪ ﻋﻦ ﺃﳕﺎﻁ ﺗﻌﺒﲑﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ،ﺗﻼﺋﻢ ﺍﳌﺴﺎﺭ ﺍﳌﻌﻘﺪ
ﺍﳊﺪﺍﺛﺔ ﻭﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ،ﻓﺘﺤﻘﻘﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﻧﻘﻠﺔ
ﺑﺎﻟﻌﺎﱂ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ،ﳑﺎ ﺟﻌﻞ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳋﻼﺹ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ
ﻳﻌﲏ ﺣﺮﻛﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺼﻮﺭﻱ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺒﻴﺎﰐ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ
ﺟﻮﺍﺭ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﻲ ،ﻳﻮﻟﺪ ﺣﺮﻛﺔ ﻭﺣﻴﻮﻳﺔ
ﻭﻳﻌﻴﺪ ﺗﻜﻮﻳﻨﻬﺎ ،ﻭﺻﺎﺭﺕ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﰲ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ
ﺍﻷﻓﻘﻲ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ،ﺑﺘﻨﻮﻉ ﺍﻟﺼﻴﻎ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻭﺗﻌﺪﺩ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ
ﺍﻷﺧﲑﺓ ﺃﺩﺍﺓ ﺗﻌﺒﲑﻳﺔ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﻣﺆﻫﻠﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺘﻮﻛﻴﺪﻫﺎ ﻋﻠﻰ
ﻭﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ،ﻭﻋﻨﺪﻫﺎ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﺃﺩﺍﺓ ﺗﻔﺎﻋﻞ
ﻗﻴﻢ ﺍﳊﺪﺍﺛﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ ﻭﺭﻓﻀﻬﺎ ﻟﻜﻞ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺮﺩﺍﺀﺓ
ﻭﺣﻴﺎﺓ ،ﻭﲡﺴﻴﺪﺍ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺎ ﳊﻴﻮﻳﺔ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻭﺗﻐﲑﻩ ﺗﺘﻮﻟﺪ
ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﻒ.
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﳝﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺒﻴﺎﰐ ﺣﻘﻖ ﺩﺭﺟﺔ
ﻋﻨﻪ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺇﱃ ﺍﻷﻣﺎﻡ ﺍﻧﺴﺠﺎﻣﺎ ﻣﻊ) (21ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺍﳌﺘﻐﲑ ﻭﺑﻪ ﻳﺘﺨﻠﻖ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﰲ ﺍﳌﺨﻴﻠﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ.
ﻣﻌﺘﱪﺓ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﺴﺠﺎﻡ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﻭﺍﻻﺗﺴﺎﻕ ﺑﲔ ﺍﳊﺎﺟﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ،
ﻭﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ،ﻭﻗﺪ ﻭﺟﺪ ﰲ ﺍﻟﻨﻤﺎﺫﺝ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﻲ ﻟﻠﺸﺮﻭﻉ ﰲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﳉﺪﻳﺪ
ﻋﻦ ﺃﳕﺎﻁ ﺗﻌﺒﲑﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ،ﺗﻼﺋﻢ ﺍﳌﺴﺎﺭ ﺍﳌﻌﻘﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻠﻜﺘﻪ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺑﻌﺪ ﺎﻳﺔ ﺍﳋﻤﺴﻴﻨﻴﺎﺕ ،ﻭﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎﺕ ،ﻭﻫﻮ ﻣﺴﺎﺭ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﺎﻻﻧﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﻮﺍﺳﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺪﺍﺛﺔ ﻭﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ،ﻓﺘﺤﻘﻘﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﻧﻘﻠﺔ
ﻫﺎﻣﺔ ﰲ ﺍﳌﺨﻴﻠﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ ،ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻭﺟﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﳏﻜﻮﻣﺎ ﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻐﺬﻱ ﺭﺅﻳﺘﻪ ﻭﲡﺮﺑﺘﻪ ﻭﻳﻌﻴﺪ ﺗﻜﻮﻳﻨﻬﺎ ،ﻭﺻﺎﺭﺕ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﰲ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﺃﺩﺍﺓ ﺗﻌﺒﲑﻳﺔ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﻣﺆﻫﻠﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺘﻮﻛﻴﺪﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﻢ ﺍﳊﺪﺍﺛﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ ﻭﺭﻓﻀﻬﺎ ﻟﻜﻞ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺮﺩﺍﺀﺓ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﻒ.
ﻭﺑﺬﻟﻚ ﺗﻜﻮﻧﺖ ﺍﳌﺨﻴﻠﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺒﻴﺎﰐ ،ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﲤﺘﻠﻚ ﻭﻋﻴﺎ ﺗﺎﺭﳜﻴﺎ ﻭﺟﺪﻟﻴﺎ ﲟﻀﻤﻮﻥ ﺍﻟﺘﻐﲑﺍﺕ ﺍﳊﺎﺻﻠﺔ
14
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﺍﳍﻮﺍﻣﺶ ) (1ﺃﲪﺪ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺴﻌﺪ ،ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﰲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭﳐﺘﺎﺭﺍﺕ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ، ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ،1957 ،ﺹ .275
) (2ﺻﺒﺤﻲ ﳏﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﰲ ﺷﻌﺮ ﺍﻟﺒﻴﺎﰐ ،ﻁ ،1ﺑﻐﺪﺍﺩ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،1987 ،ﺹ .107
) (3ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﺍﻟﺒﻴـﺎﰐ ،ﺩﻳﻮﺍﻥ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫـﺎﺏ ﺍﻟﺒﻴﺎﺗـﻲ ،ﺝ ،2ﲡﺮﺑﱵ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳـﺔ ،ﺹ .20 ،19
)*( ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﻘﻨﺎﻉ ﺷﺎﺋﻚ ﻭﻏﲑ ﳏﺪﺩ ﺍﳌﻼﻣﺢ le masqueﻳﺘﺪﺍﺧﻞ ﻣﻊ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴـﺔ le personnageﻭﺑﻴـﻦ ﺍﻟﺸﺨـﺺ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌـﻲ ﻭﺍﻟﺒﻴﻮﻟـﻮﺟـﻲ ، la personneﻭﺑﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﻥ "ﺍﻟﻘﻨﺎﻉ
ﻭﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ" ﻣﺘﺪﺍﺧﻠﲔ ﻣﻊ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺁﺧﺮ monologueﺍﳌﻮﻧﻮﻟﻮﺝ. ﻳﻨﻈﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﺎﺿﻞ ﺛﺎﻣﺮ ،ﻣﺪﺍﺭﺍﺕ ﻧﻘﺪﻳﺔ ،ﺹ .251
) (4ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﺍﻟﺒﻴـﺎﰐ ،ﲡﺮﺑﱵ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳـﺔ ،ﺑﲑﻭﺕ ،ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﻧﺰﺍﺭ ﻗﺒﺎﱐ، ،1968ﺹ .25
ﻳﻨﻈﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﺟﺎﺑﺮ ﻋﺼﻔﻮﺭ ،ﺃﻗﻨﻌﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ،ﳎﻠﺔ ،ﻓﺼﻮﻝ ،ﻉ ،4ﻣﺞ ،1
ﻳﻮﻧﻴﻮ ،1981ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﺹ .122
)*( ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺳﻨﻴﻤﺎﺋﻲ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﲑﺍ ﰲ ﺍﻟﻠﻘﻄﺔ ﺍﻟﺴﻨﻴﻤﺎﺋﻴﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺗﻘﺎﺑﻞ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺮﻛﺎﺕ ﺍﳌﻴﻜﺎﻧﻴﻜﻴﺔ ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ .ﻳﻨﻈﺮ ﻛﺬﻟﻚ
ﺃﲪﺪ ﳎﺎﻫﺪ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺘﻨﺎﺹ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ،ﺩﺭﺍﺳﺔ ﰲ ﺗﻮﻇﻴﻒ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﺍﺛﻴﺔ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ،ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ ،ﺹ .193
) (5ﺃﲪﺪ ﳎﺎﻫﺪ ،ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺘﻨﺎﺹ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ،ﺹ .202
) (6ﳝﲏ ﺍﻟﻌﻴﺪ،ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻨﺺ ،ﻁ ،3ﺑﲑﻭﺕ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻵﻓﺎﻕ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ،1985 ، ﺹ .106
) (7ﺟﻮﻥ ﻛﻮﻫﻦ ،ﺑﻨﺎﺀ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮ ،ﺗﺮﲨﺔ ﺃﲪﺪ ﺩﺭﻭﻳﺶ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻷﺯﻫﺮ1985 ،ﺹ .61
) (8ﺳﻴﺴﻞ ﺩﻱ ﻟﻮﻳﺲ ،ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ،ﺗﺮﲨﺔ ،ﺃﲪﺪ ﻧﺼﻴﻒ ﺍﳉﻨﺎﰊ، ﻣﺎﻟﻚ ﻣﲑﻱ ،ﻣﺮﺍﺟﻌﺔ ﻋﻨﺎﺩ ﻏﺰﻭﺍﺕ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ،ﺑﻐﺪﺍﺩ ،ﺩﺍﺭ ﺍﺍﻟﺮﺷﻴﺪ ﻟﻠﻨﺸﺮ ،ﺹ .93
) (9ﺃﲪﺪ ﳎﺎﻫﺪ ،ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺘﻨﺎﺹ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ،ﺹ .206 ) (10ﻣﺎﺭﺳﻴﻞ ﻣﺎﺭﺵ ،ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﺴﻨﻴﻤﺎﺋﻴﺔ ،ﺗﺮﲨﺔ ،ﺳﻌﻴﺪ ﻣﻜﺎﻭﻱ ،ﻁ ،1ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺘﺄﻟﻴﻒ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ ،1964 ،ﺹ .91
) (11ﺃﲪﺪ ﳎﺎﻫﺪ ،ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﺹ .208
) (12ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﺍﻟﺒﻴﺎﰐ ،ﺩﻳﻮﺍﻥ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﺍﻟﺒﻴﺎﰐ ،ﺝ ،2ﻣﺢ ،2ﺳﻔﺮ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ،ﺹ .145
) (13ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﺹ .148
) (14ﳏﺴﻦ ﺃﻃﻴﻤﺶ ،ﺩﻳﺮ ﺍﳌﻼﻙ ،ﺹ .111
) (15ﺃﲪﺪ ﳎﺎﻫﺪ ،ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺘﻨﺎﺹ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ،ﺹ .354
) (16ﳏﻤﺪ ﻣﻔﺘﺎﺡ ،ﺇﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻨﺎﺹ ،ﻁ ،1ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ،1985 ، ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﺹ .14
) (17ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻧﺎﺻﻒ ،ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ،ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ، ﺹ.205
) (18ﺗﺰﻓﻴﺘﺎﻥ ،ﺛﻮﺩﺭﻭﻑ ،Todorovﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ،ﻁ ،1ﺗﺮﲨﺔ ،ﺷﻜﺮﻱ ﺍﳌﺒﺨﻮﺕ، ﻭﺭﺟﺎﺀ ﺑﻦ ﺳﻼﻣﺔ ،ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ،ﺩﺍﺭ ﺗﻮﺑﻘﺎﻝ ﻟﻠﻨﺸﺮ ،1987ﺹ .30
) (19ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﺍﻟﺒﻴﺎﰐ ،ﺩﻳﻮﺍﻥ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﺍﻟﺒﻴﺎﰐ ،ﺝ ، 2ﻣﺞ ،2ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺄﰐ ﻭﻻ ﻳﺄﰐ ،ﻗﺼﻴﺪﺓ ﺍﳌﻮﺗﻰ ﻻ ﻳﻨﺎﻣﻮﻥ ،ﺹ .228
) (20ﺍﻟﺴﻌﻴﺪ ﺍﻟﻮﺭﻗﻲ ،ﻟﻐﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﳊﺪﻳﺚ ،ﺹ .284
) (21ﺷﻜﺮﻱ ﻋﺰﻳﺰ ﻣﺎﺿﻲ ،ﻣﻦ ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﳉﺪﻳﺪ ،ﺍﻟﺒﻨﻴﻮﻳﺔ،
ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﻱ ،ﻣﻮﺭﻓﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻟﺴﺮﺩ ،ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺒﻨﻴﻮﻳﺔ ،ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻷﻣﺎﻥ، ﺹ .225
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
15
ﻧﺼﻮﺹ ﻧﻘﺪﻳﺔ
ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﺃﻡ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ
ﺑﻘﻠﻢ :ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﺧﺮﻓﻲ
ﰲ ﺿﻮﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﻠﻔﻴﺔ ،ﻳﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺻﺎﱀ ﺧﺮﰲ ﻗﻀﻴﺔ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ،
ﻭﻗﺪ ﺁﺛﺮ ﺃﻥ ﻳﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ ﳕﺎﺫﺝ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﻣﺸﻬﻮﺭﺓ .ﻭﳝﻜﻦ ﻟﻠﻘﺎﺭﺉ ،ﺑﻌﺪ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ ﺃﻥ ﳛﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻭﺣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﺪﻋﻴﻬﺎ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻷﺩﺑﺎﺀ، ﻭﻳﺼﺪﺭ ﺣﻜﻤﻪ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻮﻻﺕ ﻭﲣﺮﺻﺎﺕ ﺩﻋﺎﺓ ﺍﻹﺑﺎﺣﻴﺔ ﻭﺍﻟﻜﻔﺮ ،ﲢﺖ
ﺗﻐﻄﻴﺎﺕ ﻭﺗﺴﻤﻴﺎﺕ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻭﺍﻹﺑﺪﺍﻉ .ﻭﻧﺸﲑ ﺇﱃ ﺃﻧﻨﺎ ﺳﻨﺮﺩﻑ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺑﺪﺭﺍﺳﺔ ﺣﻮﻝ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﺩﻋﺎﺓ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﳊﺮ ،ﻭﺣﺮﻳﺔ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﻋﻨﺪﻧﺎ،
ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻘﺮﺃ...
)ﻣﻨﺬ ﻭﻗﺖ ﻃﻮﻳﻞ ﻧﺴﺒﻴﺎ ،ﻭﺍﳌﻮﺿﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻛﻠﻪ ،ﻣﻮﺿﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺇﲰﻬﺎ "ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ" ،ﻭﳍﺎ ﺃﻟﻒ ﺷﻜﻞ ﻭﺷﻜﻞ ،ﻭﺃﻣﺎ ﺃﻧﺼﺎﺭﻫﺎ ﻓﻤﻦ ﺑﻘﺎﻳﺎ ﺭﻣﺎﺩ
ﺍﳌﺜﻘﻔﲔ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻳﲔ ﻭﺍﻹﺑﺎﺣﻴﲔ ،ﻭﺑﻘﺎﻳﺎ ﺑﻘﺎﻳﺎ ﺷﻴﻮﺥ ﺍﻟﻌﺒﺚ" ،ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﻛﻠﻪ ﻻ ﻳﺪﻭﺭ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﻭﺣﺮﻳﺔ
ﺍﻟﻔﻜﺮ ،ﻭﻭﻗﻮﻑ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻹﺳﻼﻣﻴﲔ ﰲ ﻭﺟﻪ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﻭﺣﺮﻳﺔ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ،ﰲ ﺍﻟﻔﻦ ﻭﺍﻟﺸﻌﺮ ،ﻭﺍﳌﺴﺮﺡ ﻭﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،ﻭﺳﻮﻯ ﺫﻟﻚ
ﻣﻦ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ .ﻭﺗﺄﺧﺬ "ﺍﳌﻌﺮﻛﺔ" ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﺃﺑﻌﺎﺩﺍ ﺩﻭﻟﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﻟﺒﻌﺾ "ﻣﺜﻘﻔﻲ ﺍﻟﺼﺎﻟﻮﻧﺎﺕ" ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺛﺮﻭﺍ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﳎﺮﺩ ﺩﻳﻜﻮﺭ ﰲ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﻐﺮﰊ
ﺐ ﺗﺘﺬﻛﺮﻫﻢ ﺣﺼﺺ ﺍﻟﺸﺘﻢ ﻭﺍﻟﺴ ﺍﳌﻮﺟﻬﺔ ﻟﻼﺳﺘﻬﻼﻙ ﺍﻟﺪﻋﺎﺋﻲ..
16
ﺃﻣﺜﺎﻝ "ﺭﺷﻴﺪ ﻣﻴﻤﻮﱐ"ﻭ"ﺭﺷﻴﺪ ﺑﻮﺟﺪﺭﺓ ،ﻭﺍﻷﻋﺮﺝ ﻭﺍﺳﻴﲏ ،ﻭﻏﲑﻫﻢ "... ***
ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺴﺎﻃﺔ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺇﻋﺘﺒﺎﻃﻴﺔ؟ ﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﳎﺎﻝ ﺍﻷﺩﺏ ﺇﺫ "ﻛﻞ ﻋﻤﻞ ﻳﻨﻄﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻒ ﻭﺧﻠﻔﻴﺎﺕ" ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺟﻌﻴﺔ ﻓﻜﺮﻳﺔ
ﻭﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺩﻳﻨﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﳛﻠﻮ ﻟﻠﺒﻌﺾ ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ "ﺇﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ" .ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺭﺅﻳﺘﻨﺎ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻜﻮﻥ ،ﻭﻇﻬﻮﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﰲ ﺷﻜﻞ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺃﺩﺑﻴﺔ .ﻭﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﺼﻴﺤﺎﺕ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺍﳌﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻯ ﳐﺎﻟﻔﺔ ﻟﻘﻨﺎﻋﺎﺗﻨﺎ ﻭﺃﺻﺎﻟﺘﻨﺎ :ﺍﳊﺪﺍﺛﺔ
، Modernityﻭ"ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﳊﺪﺍﺛﺔ" ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻴﺤﺔ
"ﻟﻴﺴﺖ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻭﺇﳕﺎ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﰲ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﻭﻣﻨﻬﺞ ﳌﻌﺎﻳﻨﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ" .ﻭﻗﺪ ﺍﻓﺘﱳ ﺬﺍ ﺍﳌﻨﻬﺞ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺷﻌﺮﺍﺋﻨﺎ "ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﻭﺍﻟﻜﺒﺎﺭ" ﻭﺳﻨﻘﺼﺮ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﰲ ﻫﺬﺍ
ﺍﳌﻘﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻘﻤﻢ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻓﻘﻂ )ﻧﺰﺍﺭ ،ﺃﺩﻭﻧﻴﺲ ،ﺍﻟﺴﻴﺎﺏ( ﻛﺒﻴﺎﻥ ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ. ﻫﺬﻩ ﺍﻷﲰﺎﺀ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﳍﺎ ﺍﳌﻜﺎﻧﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ،
ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺃﻋﻼﻣﺎ ﺭﺍﺋﺪﺓ ،ﲰﺤﺖ ﳍﺎ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﻭﻭﺳﺎﺋﻞ ﺇﻋﻼﻣﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺑﺎﻟﺮﻭﺍﺝ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﲑﻫﺎ ـ ﻣﻊ ﺃﻧﻨﺎ ﻟﺴﻨﺎ ﻧﻨﻜﺮ ﻣﺎ ﳍﺎ ﻣﻦ ﻭﺯﻥ ﺃﺩﰊ ـ ﻟﻜﻦ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﻝ "ﻟﻜﻞ ﺟﻮﺍﺩ ﻛﺒﻮﺓ" ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻋﻤﺎﳍﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻓﺈﻥ ﺭﺅﻳﺘﻬﻢ ﻟﻠﻜﻮﻥ ﻭﺍﳊﻴﺎﺓ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﳊﻖ ،ﻭﺗﺼﻮﺭ ﺃﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﻨﺘﺴﺒﲔ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭﻣﻊ
ﺫﻟﻚ ﺍﻓﺘﱳ ﻢ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻣﻦ ﳏﱯ ﺍﻷﺩﺏ ﻭﺍﺻﺤﺎﺏ ﺍﳊﺮﻑ ،ﻭﺃﺻﺒﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺩﺭ
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﺃﻥ ﳜﻠﻮ ﳎﻠﺲ ﻣﻦ ﺫﻛﺮ ﺃﺣﺪﻫﻢ ،ﻭﳓﻦ ﻫﻨﺎ ﳓﺎﻭﻝ
ﻋﻨﺪ ﻫﺆﻻﺀ ﳑﻦ ﺧﺮﺟﻮﺍ ﻋﻦ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﻳﺬﻫﺐ ﻢ
ﻭﻣﺴﺘﺮﺷﺪ ﺑﻘﻴﻢ ﺩﻳﻨﻨﺎ ،ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﺄﺻﻴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﺢ
ﺍﻹﳊﺎﺩﻱ ..ﺇﱃ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ،ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻏﺮﻳﺒﺎ ﻫﺬﺍ ﻋﻤﻦ
ﻟﻨﺎ ﺑﺎﻻﺳﺘﺌﻨﺎﺱ ﺑﺈﻧﻴﺘﺘﺎ ،ﻭﻳﺘﻴﺢ ﻟﻨﺎ ﻭﻟﺸﺒﺎﺑﻨﺎ ﺃﻥ ﻳﻮﺍﺟﻪ
ﺑﺪﻝ ﺍﲰﻪ ﻭﺩﻳﻨﻪ ﻭﺃﺣﺮﻕ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻳﺮﻣﺰ ﺇﱃ ﺍﳌﺎﺿﻲ ،ﻓﻬﺬﻩ
ﺍﳊﻘﻴﻘﻴﺔ" ﻛﻤﺎ ﺃﺷﺎﺭ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺒﺎﺳﻂ ﺑﺪﺭ ـ
ﺍﻟﺘﻮﺭﻳﺔ ﻭﺍﻹﻏﺮﺍﺏ ﻭﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ،ﻭﺍﻟﺘﻤﺮﺩ ﻭﺍﻟﻜﻔﺮ ،ﰲ ﻛﻞ
ﳏﺎﻭﻟﲔ ﺍﻟﺘﺼﺪﻱ ﻟﻸﺩﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﺪﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ
ﺷﻲﺀ ﺳﻴﻘﻮﻝ ﺃﺩﻭﻧﻴﺲ ﰲ ﻗﺼﻴﺪﻩ ﻟﻐﺔ ﺍﳋﻄﻴﺌﺔ "..ﺃﺣﺮﻕ
ﺛﺎﺑﺘﺔ ،ﻭﺇﳕﺎ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻏﺮﺑﻠﺘﻬﺎ ﻭﲤﺮﻳﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﶈﻚ،
ﺍﷲ ﻭﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ/ﺩﺭﰊ ﺃﻧﺎ ﺃﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﺩﺭﻭﺏ ﺍﷲ ﻭﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ/
ﻭﺃﺧﺬ ﺍﳉﻴﺪ ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻟﺮﺩﺉ.
ﺃﻋﱪ ﰲ ﻛﺘﺎﰊ/ﰲ ﻣﻮﻋﺪ ﺍﻟﺼﺎﻋﻘﺔ ﺍﳌﻀﻴﺌﺔ/ﰲ ﻣﻮﻛﺐ
ﺍﳌﺴﺎﳘﺔ ﰲ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻧﻘﺪ ﻣﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦ ﺗﺼﻮﺭﻧﺎ ﺍﻹﳝﺎﱐ،
ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻮﺍﻓﺪﺓ ،ﻭﻳﻌﻴﻨﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﲤﺜﻞ ﺍﻷﺩﺏ ﲜﺬﻭﺭﻩ
ﻭﺍﻷﺻﺎﻟﺔ ،ﲝﻴﺚ ﻻ ﻧﻘﺒﻞ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﻛﻤﺴﻠﻤﺎﺕ
ﺷﻴﻄﺎﻥ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻋﱪ ﺭﺅﻳﺘﻬﻢ ﺍﳌﺮﻳﻀﺔ ﻭﺗﺼﻮﺭﻫﻢ ﺍﻟﻌﺒﺜﻲ
ﲰﺔ ﺍﳊﺪﺍﺛﺔ ﺍﳌﺴﺘﻮﺭﺩﺓ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺭﺍﺓ ،ﻭﻋﻠﻰ
ﻣﲑﺍﺛﻲ ﻭﺃﻗﻮﻝ ﺃﺭﺽ/ﺑﻜﺮ ﻭﻻ ﻗﺒﻮﺭ ﰲ ﺷﺒﺎﰊ/ﺃﻋﱪ ﻓﻮﻕ
ﺍﻟﺼﺎﻋﻘﺔ ﺍﳋﻀﺮﺍﺀ/ﺃﻫﺘﻒ /ﻻ ﺟﻨﺔ ﻻ ﺳﻘﻮﻁ ﺑﻌﺪﻱ.
ﺃﺩﻭﻧﻴﺲ" :ﺍﳊﺪﺍﺛﺔ ﺇﱃ ﺃﻳﻦ؟"
ﻣﻬﻴﺎﺭ ،ﺃﺩﻭﻧﻴﺲ ،ﺃﲪﺪ ﺳﻌﻴﺪ ،ﺃﲰﺎﺀ ﳌﺴﻤﻰ ﻭﺍﺣﺪ، ﺗﻠﻘﻒ ﺻﻴﺤﺔ "ﻧﺘﺸﻪ" ﺍﳌﺮﻋﺒﺔ "ﺇﻥ ﺍﷲ ﻗﺪ ﻣﺎﺕ" ﺳﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﻫﺪﻳﻪ ﻳﻘﻮﻝ ﰲ ﻗﺼﻴﺪﺓ "ﻣﺎﺕ ﺍﻹﻟﻪ" .ﻣﺎﺕ ﺇﻟﻪ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ
ﻫﻨﺎﻙ )ﻳﻬﺒﻂ ﻣﻦ ﲨﺠﻤﺔ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ( ﻟﺮﲟﺎ ﰲ ﺍﻟﺬﻋﺮ ﻭﺍﳍﻼﻙ/ﰲ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﰲ ﺍﳌﺘﺎﻩ ﻳﺼﻌﺪ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺎﻕ ﺍﻹﻟﻪ /ﻟﺮﲟﺎ
ﻫﻞ ﻳﺴﺘﻮﻳﺎﻥ؟ ﻣﺴﺘﻜﺘﻔﻲ ﺬﻩ ﺍﳌﻘﺎﻃﻊ ﻓﻘﻂ ﻭﻣﺜﻴﻼﺎ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﻮﺍﻥ ﻭﻏﲑﻩ ﻛﺜﲑﺓ.ﻭﻟﻴﺲ ﺍﳊﺪﺍﺛﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﻣﻲ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﰲ ﻣﻬﺎﻭﻱ ﺍﻟﺮﺩﺓ ،ﻭﲡﻌﻞ ﺗﺼﻮﺭﻩ ﻟﻠﻜﻮﻥ ﺬﺍ
ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﳌﻨﺤﺮﻑ ﺍﳌﺮﻳﺾ.
ﻧﺰﺍﻝ ﻗﺒﺎﱐ" :ﺍﷲ ﻭﺍﳊﺐ"
ﻓﺎﻷﺭﺽ ﱄ ﺳﺮﻳﺮ ﻭﺯﻭﺟﺔ /ﻭﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﳊﻨﺎﺀ .ﺇﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ
ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻧﺰﺍﺭ ﻗﺒﺎﱐ ﻣﻦ ﺷﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﻔﻦ "ﺑﺮﻧﺎﺳﻲ ﺟﺪﻳﺪ"
ﻣﺜﻞ ﺫﺍﻙ ﰲ ﻋﻬﺪ ﻓﺮﻋﻮﻥ ﻣﺪﻋﻲ ﺍﻷﻟﻮﻫﻴﺔ .ﻟﻜﻦ ﻣﺎﺯﺍﻝ ﻓﻴﻨﺎ
ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﰲ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﳊﺪﻳﺚ" ﻣﻊ ﺻﺎﱀ ﺟﻮﺩﺕ ﻭﻋﺰﻳﺰ
ﻣﻦ ﻳﺴﲑ ﻋﻠﻰ ﻫﺪﻳﻪ.
ﺃﺑﺎﻇﺔ ،ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﻌﻔﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻓﺨﺮﺟﺎﺗﻪ
ﻟﻴﻌﺠﺐ ﲤﺎﻡ ﺍﻟﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺩﻋﺎﺀ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ،ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ
ﻛﻤﺎ ﻭﺻﻔﻪ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺷﻮﻗﻲ ﲬﻴﺲ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ "ﻃﺒﻘﺎﺕ
ﻭﻻ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﻣﻬﻴﺎﺭ ﺬﺍ ﺑﻞ ﳚﺎﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ،ﻭﳜﺎﻟﻒ
ﺍﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ ،ﻭﺇﻥ ﺗﻌﺪﺩﺕ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ،ﻓﺈﺎ ﺗﺘﺮﻙ ﻓﻴﻨﺎ ﺟﺮﺣﺎ
ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﳊﻖ "ﺇﻢ ﰲ ﻃﻐﻴﺎﻢ ﻳﻌﻤﻬﻮﻥ" ،ﻭﻳﺼﻞ ﺑﻪ
ﻋﻤﻴﻘﺎ ﻭﳓﻦ ﻧﺴﻤﻌﻪ ﻳﻘﻮﻝ" :ﻳﺎ ﺇﳍﻲ"/ﺇﻥ ﺗﻜﻦ ﺭﺑﺎ
ﺟﻨﻮﻧﻪ "ﺍﳊﺪﺍﺛﻲ" ﺇﱃ ﻣﺎ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺳﻮﻯ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻣﺮﻭﻗﺎ ﻣﻦ
ﺣﻘﻴﻘﻴﺎ ..ﻓﺪﻋﻨﺎ ﻋﺎﺷﻘﻴﻨﺎ ،ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻼﺕ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ،
ﻓﺎﻟﺸﻚ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺴﺎﺋﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻴﻘﲔ ﺑﻮﺟﻮﺩﻫﺎ ﳛﺪﺙ ﰲ
ﻧﻔﺲ ﻭﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺧﻠﺨﻠﺔ ﻭﻳﺴﺘﻤﺮ ﰲ ﺻﺪﻡ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻋﻠﻰ ﻃﻮﻝ ﺍﳋﻂ ،ﺣﲔ ﻭﺯﻉ ﺍﷲ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ/ﻭﺃﻋﻄﺎﱐ
ﺇﻳﺎﻙ/ﺷﻌﺮﺕ ﺃﻧﻪ ﺍﳓﺎﺯ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻣﻜﺸﻮﻓﺔ ﺇﱄ/ﻭﺧﺎﻟﻒ ﻛﻞ
ﺃﺩﻭﻧﻴﺲ
ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﻟﻔﻬﺎ/ﻓﺄﻋﻄﺎﱐ ﺍﻟﻨﺒﻴﺬ ﻭﺃﻋﻄﺎﻫﻢ ﺍﳌﻠﺔ ﻭﻛﻔﺮﺍ ﺻﺮﳛﺎ .ﺇﻧﻪ ﻳﺴﺎﻭﻱ ﺍﷲ
ﺑﺎﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﺎﺟﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻣﻦ ﲣﺘﺎﺭ ﻳﺎ ﻣﻬﻴﺎﺭ؟ /ﺃﱐ ﺃﲡﻬﺖ ﺍﷲ ﺃﻭ ﻫﺎﻭﻳﺔ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ/ﻫﺎﻭﻳﺔ ﺗﺬﻫﺐ ﺃﻭ ﻫﺎﻭﻳﺔ
ﱄ ﺍﻟﻮﺭﺩﺓ/ﻭﺃﻫﺪﺍﻫﻢ ﺍﻟﻐﺼﻦ.. ﺍﳊﻨﻄﺔ/ﺃﻫﺪﻱ ﺇ ﹼ
ﻭﻳﻮﺍﺻﻞ ﻓﻴﻘﻮﻝ :ﺣﲔ ﻋﺮﻓﲏ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻚ/ﻭﺫﻫﺐ ﺇﱃ
ﺑﻴﺘﻪ/ﻓﻜﺮﺕ ﺃﻥ ﺃﻛﺘﺐ ﻟﻪ ﺭﺳﺎﻟﺔ/ﻛﻨﺖ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﺷﻜﺮﻩ/ﻷﻧﻪ
ﲡﺊ/ﻭﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﺧﺘﺎﺭ /ﻻ ﺍﷲ ﺍﺧﺘﺎﺭ ﻭﻻ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ/ﻛﻼﳘﺎ
ﺟﺪﺍﺭ/ﻛﻼﳘﺎ ﻳﻐﻠﻖ ﱄ ﻋﻴﲏ/ﺇﺑﺪﺍﻝ ﺍﳉﺪﺍﺭ ﺑﺎﳉﺪﺍﺭ/ ﻭﺣﲑﰐ ﺣﲑﺓ ﻣﻦ ﻳﻈﻴﺊ/ﺣﲑﺓ ﻣﻦ ﻳﻌﺮﻑ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ./ ﺗﻌﺎﱃ ﺍﷲ ﻋﻠﻮﺍ ﻛﺒﲑ ﻋﻢ ﻳﺼﻒ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺪﻋﻲ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻪ ـ
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻐﻴﺐ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺃﻭ ﺗﻐﻴﺐ ـ ﻳﺼﲑ ﻏﲑ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﳑﻜﻨﺎ
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﻧﺰﺍﺭ ﻗﺒﺎﱐ 17
ﺍﺧﺘﺎﺭﻙ ﱄ/ﻓﺎﷲ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻟﻮﺍ/ﻻ ﻳﺴﺘﻠﻢ ﺇﻻ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺍﳊﺐ/ﻭﻻ
ﺃﺳﺘﻤﻊ ﺍﻟﻨﺪﺍ..ﻳﺎ ﺑﻮﺭﻛﺖ ﺗﺴﻤﻊ/ﻭﻫﻞ ﲡﻴﺐ ﺇﻥ ﲰﻌﺖ/
ﺍﳌﻘﺪﺱ ﻟﻌﺒﺔ ﺑﲔ ﻳﺪﻳﻪ ،ﻳﻠﻬﻮ ﺑﻪ ﻛﻤﺎ ﺷﺎﺀ ﻭﻳﺼﺒﺢ ﻫﻮ
ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﺑﺎﻟﺮﺟﻮﻡ ﻭﺍﻟﺰﻻﺯﻝ/ﻳﺎ ﻣﻮﺣﺶ ﺍﳌﻨﺎﺯﻝ/ﻣﺘﻄﺮﺣﺎ ﺃﻣﺎﻡ
ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﻜﻮﻥ ،ﻭﺳﺒﺐ ﺗﻐﲑ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ"ﻷﱐ ﺃﺣﺒﻚ/ﳛﺪﺙ ﺷﻲﺀ
ﺑﺎﺑﻚ ﺍﻟﻜﺒﲑ".
ﳑﺎﺭﺳﺔ ﺍﳊﺐ /ﻭﻳﺘﺰﻭﺝ ﺍﷲ ﺣﺒﻴﺒﺘﻪ".
ﺳﻄﻮﺭ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﻓﺾ ﺍﻟﺼﺎﻣﺖ ﻟﺒﻌﺾ ﻗﻴﻤﻨﺎ ﰲ
ﳚﺎﻭﺏ ﺇﻻ ﻋﻠﻴﻬﺎ" .ﺗﺘﻘﻠﺐ ﺍﳌﻮﺍﺯﻳﻦ ﻋﻨﺪ ﻧﺰﺍﺭ ﻭﻳﺼﺒﺢ
ﻏﲑ ﻋﺎﺩﻱ/ﰲ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ/ﻳﺼﺒﺢ ﺍﳌﻼﺋﻜﺔ ﺃﺣﺮﺍﺭﺍ ﰲ ﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ـ ﺍﳌﺒﺪﻉ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ـ
ﻛﻞ ﺍﳊﺪﻭﺩ ،ﻳﺘﻌﺪﻯ ﻭﳛﺮﻕ ﻛﻞ ﺍﳋﻄﻮﻁ ،ﺍﻟﱵ ﳚﺐ
ﺻﺎﺋﺪ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ/ﻭﺳﺎﺣﻖ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺃﻧﺖ ﻳﺎ ﻣﻔﺠﻊ/ﻳﺎ ﻣﻬﻠﻚ
ﺃﻻ ﺗﺮﻯ ﺇﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻼﻣﺢ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻳﺔ ﺍﻟﻄﺎﻏﻴﺔ ﰲ ﺛﻨﺎﻳﺎ
ﺍﻟﻘﺪﺭ.
ﺗﻌﺪﺩﺕ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﻭﺍﳌﻮﺕ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻭﻣﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ
ﺍﺣﺘﺮﺍﻣﻬﺎ ،ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻻﻗﺘﺮﺍﺏ ﻣﻨﻬﺎ ..ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ
ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺍﶈﺰﻧﺔ ﺇﻻ ﺟﺰﺍﺀ ﲟﺎ ﻛﺴﺒﺖ ﺃﻳﺪﻳﻨﺎ" ﻭﻻ ﺟﺪﺍﻝ
ﻭﺣﺮﻳﺔ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ،ﻓﺄﻱ ﺇﺑﺪﺍﻉ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻜﺮ ـ ﺑﻞ ﺍﻟﻜﻔﺮ
ﺃﻥ ﺭﻳﺢ ﺍﳌﻮﺕ ﺛﻘﻴﻞ ﺑﻐﻴﺾ" ﺗﻌﺎﻓﻪ ﻛﻞ ﻧﻔﺲ ﻭﻳﻨﻘﺒﺾ ﻟﻪ
ﺇﳕﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻛﻼﻣﺎ ﻳﺘﻌﻔﻒ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺴﻜﺎﺭﻯ ﻭﺍﳌﺨﻤﻮﺭﻭﻥ ،ﻭﻣﻊ
ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﳏﺎﻟﺔ ﻭﺍﻗﻊ "ﻭﻣﺎ ﺭﺑﻚ ﺑﻈﻼﻡ ﻟﻠﻌﺒﻴﺪ" ،ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ
ﻳﻘﻴﻨﻪ ﺃﻧﻪ ﺿﺪ ﺍﷲ ﻭﺿﺪ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻮﺍﺻﻞ ﺇﺻﺮﺍﺭﻩ
ﻳﺼﻞ ﻗﻠﻖ ﺍﻟﺴﻴﺎﺏ ﺇﱃ ﻣﻨﺘﻬﺎﻩ ﻭﻳﻌﻠﻦ ﻓﻨﺤﻦ ﲨﻴﻌﺎ ﺃﻣﻮﺍﺕ/
ﺭﻓﻀﺘﻪ ..ﺃﻡ ﺑﺎﺭﻛﺘﻪ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ" ،ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﻭﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ
ﻳﻜﺘﺐ ﺇﺳﻢ ﳏﻤﺪ ﻭﺍﷲ.
ـ ﺍﳌﻠﻮﻥ ﺍﻟﺴﻘﻴﻢ ،ﻭﻋﻦ ﺃﻳﺔ ﺣﺮﻳﺔ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﺍﳌﻌﺘﻮﻫﻮﻥ ،ﻭﻫﻢ
ﻭﲢﺪﻳﻪ ﳌﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ" ،ﻟﺒﻼﺩﻱ ﺷﻌﺮﻱ ..ﻭﻟﺴﺖ ﺃﺑﺎﱄ/
ﻛﻞ ﺻﺪﺭ .ﻭﻟﻠﻨﺎﺱ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻣﺬﺍﻫﺐ ﻣﺎ ﺑﲔ ﻣﺘﺸﺎﺋﻢ ﻭﻣﺘﻔﺎﺋﻞ،
ﺃﻧﺎ ﻭﳏﻤﺪ ﻭﺍﷲ/ﻭﻫﺬﺍ ﻗﱪﻧﺎ ،ﺃﻧﻘﺎﺽ ﻣﺌﺬﻧﺔ ﻣﻌﻔﺮﺓ ﻋﻠﻴﻬﺎ
ﻭﺍﻟﺘﻼﻋﺐ ﺑﺎﻟﺮﻣﻮﺯ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻮﺍﻥ ،ﻭﰲ ﻛﻞ
ﻟﻜﻦ ﺍﷲ ﺣﻲ ﻻ ﳝﻮﺕ ،ﻭﰲ ﻏﻤﺮﺓ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ
ﺍﳌﺮﺍﻫﻘﲔ ﻭﺍﳌﺮﺍﻫﻘﺎﺕ ﰲ ﺷﻌﺮﻩ ﻟﻠﻤﺮﺃﺓ ﻭﻋﻦ ﺍﳌﺮﺃﺓ ،ﺃﻭ ﺣﱴ
ﺍﳌﻔﻀﻲ ﺇﱃ ﻏﲑ ﺍﻟﻴﻘﲔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ،ﻭﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻝ ﺍﶈﺘﺎﺭ ،ﻭﺍﻟﻘﻠﻖ
ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺸﻌﺮﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺐ ﻓﻴﻪ ﺗﻴﻮﺱ
ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻱ ﺍﻟﻌﺎﰐ ﲰﺔ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﻛﺼﻼﺡ
ﺩﻭﺍﻭﻳﻦ ﻧﺰﺍﺭ ﺳﻮﺍﺀ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﺨﺼﻮﺻﺔ ﻟﻠﺘﻼﻋﺐ ﺑﻌﻮﺍﻃﻒ
ﺍﻟﺒﺘﺮﻭﻝ ﻭﺍﻟﺒﺘﺮﻭﺩﻭﻻﺭ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻨﺴﻰ ﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻣﻌﻬﻢ.
ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺏ ﻻ ﳚﺪ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻝ ،ﻭﻳﺒﻘﻰ ﺍﻟﺸﻚ
ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺼﺒﻮﺭ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ" :ﺍﷲ ﺧﻠﻖ ﺍﻷﻧﺎﻡ ﻭﻧﺎﻡ" ﻭﳏﻤﻮﺩ ﺩﺭﻭﻳﺶ ﻭﻏﲑﻫﻢ.
ﺍﻟﺴﻴﺎﺏ" :ﺍﻟﻘﻠﻖ ﺍﳌﻮﺕ"
ﻭﳔﻠﺺ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺠﺎﻟﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻮﻝ :ﺇﻧﻨﺎ ﰲ ﺣﺎﺟﺔ
ﻣﻦ ﻋﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﳌﻨﺤﺮﻑ ،ﺳﺎﺋﺪﺍ ﺣﱴ
ﻣﺎﺳﺔ ﺇﱃ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻭﺛﺎﻟﺜﺔ ﻟﻨﺼﻮﺻﻨﺎ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ
ﻋﻨﺪ ﺷﺎﻋﺮ ﻛﺒﲑ ﰲ ﻣﻘﺎﻣﻪ ،ﻭﺷﺎﻋﺮﻳﺘﻪ ﻛﺎﻟﺴﻴﺎﺏ ،ﺇﻥ
ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ ،ﻭﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﺑﻌﻴﻮﻥ ﺑﺼﲑﺓ ﻭﻧﺎﻗﺪﺓ ﻻ ﺗﻐﲑﻫﺎ
ﺷﺎﻋﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺏ ﻭﺭﻳﺎﺩﻳﺘﻪ ﻭﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺘﻪ ﺟﻌﻠﺘﻪ ﻳﻘﻒ ﻛﺜﲑﺍ
ﺍﳌﻈﺎﻫﺮ ﻭﺍﻷﲰﺎﺀ ﺗﱰﻝ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭﻩ ﺣﱴ ﻻ ﳔﺪﻉ
ﰲ ﺃﲰﺎﺀ ﻭﻣﺴﻤﻴﺎﺕ ﻭﻫﺬﻩ ﻟﻴﺴﺖ ﺩﻋﻮﺓ ﻟﺘﻜﺮﻳﺲ ﺍﻟﻄﺎﺑﻮ "ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﳉﻨﺲ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ" ﻭﺇﳕﺎ ﺩﻋﻮﺓ ﻟﺘﻮﻇﻴﻔﻬﺎ ﺑﺮﺅﻯ ﺇﳝﺎﻧﻴﺔ ﻧﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﻨﺎ ﻭﺃﺻﺎﻟﺘﻨﺎ ﻭﻋﻘﻴﺪﺗﻨﺎ ،ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ
ﻟﺸﻌﻮﺭ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻋﻦ ﺍﻻﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺍﺎﱐ ،ﺑﺪﻋﺎﻭﻱ
ﺑﺪﺭ ﺷﺎﻛﺮ ﺍﻟﺴﻴﺎﺏ
ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ،ﻛﺎﳊﺪﺍﺛﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ،ﻭﺍﻟﺮﻣﺰ ﻭﺣﺮﻳﺔ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ، ﺃﻣﺎﻡ ﺃﻟﻐﺎﺯ ﳏﲑﺓ ﻛﺎﳌﻮﺕ ،ﻟﻜﻦ ﻋﺪﻡ ﻭﺿﻮﺡ
ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺟﻌﻠﺘﻪ ﻳﻘﻒ ﻗﻠﻘﺎ ﺣﺎﺋﺮﺍ ﺃﻣﺎﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﻐﺰ ﻭﳚﻌﻠﻪ
ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﳊﺮ ..ﻭﻫﻠﻢ ﺟﺮﺍ.
ﻇﻠﻤﺎ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﺑﻐﲑ ﺣﻖ ﻛﺄﻧﻪ ﺧﻠﻖ ﻟﻴﺨﻠﺪ ،ﻭﻳﺘﺠﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ ﺑﻮﺿﻮﺡ ﰲ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ "ﺃﻣﺎﻡ ﺑﺎﺏ ﺍﷲ":
"ﻣﺘﻄﺮﺣﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺑﺎﺑﻚ ﺍﻟﻜﺒﲑ/ﺃﺻﺮﺥ ﰲ ﺍﻟﻈﻼﻡ ﺃﺳﺘﺠﲑ
)ﻳﺎ ﺭﺍﻋﻲ ﺍﻟﻨﻤﺎﻝ ﰲ ﺍﻟﺮﻣﺎﻝ/ﻭﻳﺎ ﺳﺎﻣﻊ ﺍﳊﺼﺎﺓ ﰲ ﻗﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﻐﺪﻳﺮ/ﺃﺻﻴﺢ ﻛﺎﻟﺮﻋﻮﺩ ﰲ ﻣﻐﺎﻭﺭ ﺍﳉﺒﺎﻝ/ﻛﺂﻫﺔ ﺍﳍﺠﲑ/
18
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﻧﺼﻮﺹ ﻧﻘﺪﻳﺔ
ﺍﻟﺘﻨﺎﺹ ﻭﺍﻟﺴﺮﻗﺎﺕ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺑﻘﻠﻢ :ﺍﻷﺳﺘﺎﺫﺓ :ﻣﺪﻳﺤﺔ ﻋﺘﻴﻖ*
ﻭﺗﻮﺟﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﲟﺼﻄﻠﺢ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﻜﻮﻥ ﺟﺎﻣﻌﺎ ﻣﺎﻧﻌﺎ ﻭﻫﻮ ﺍﻟـﺘـﻨـﺎﺹ)
(INTERTEXTUALITEﺍﻟﺬﻱ ﺃﻃﻠﻘﺘﻪ ﺍﻟﻨﺎﻗﺪﺓ ﺍﻟـﺒـﻠـﻐـﺎﺭﻳـﺔ ﺟـﻮﻟـﻴـﺎ
ﻣﻘﺎﺭﺑﺔ ﺳﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ ﻟﺒﻨﻴﺔ ﺧﻄﺎﺑﻴﺔ ﻣﺘﺤﻮﻟﺔ " ﻋﺎﻡ 1970ﻭﺗﻘﺼـﺪ ﺑـﻪ " ﺫﻟـﻚ ﺍﻟﺘﺪﺍﺧﻞ ﺍﻟﻨﺼﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺘﺞ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠـﺬﺍﺕ ﺍﻟـﻌـﺎﺭﻓـﺔ، ﻓﺎﻟﺘﻨﺎﺹ ﻫﻮ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺍﳌﺆﺷﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﺮﺃ ﺎ
ﺃﺯﻓﺖ
ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ
ﳍﺪﻡ
ﻓﻜﺮﺓ
ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻷﺩﰊ ،ﻭﲢﻄﻴﻢ ﺍﻟﺰﻋﻢ ﺑﺄﻧﻪ ﻛﺒﺴﻮﻟﺔ ﻣﻐﻠﻘﺔ ﺗﺘﻤﻮﻗﻊ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﺍﻟﺰﻣﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﳌﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻭﺟﺪﺕ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭﺁﻥ ﺍﻷﻭﺍﻥ ﻟﺘﺠﺎﻭﺯ ﻭﻫﻢ
ﻭﺟﻮﺩ ﻧﺺ ﳕﻮﺫﺝ ﻳﻘﻮﻡ ﰲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﺍﳌﻄﻠﻖ ،ﻳﺪﻋﻲ ﺍﻟﺮﻳﺎﺩﺓ ،ﻭﻳﺘﱪﺃ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺄﺛﺮ ﻭﺍﻻﻗﺘﺒﺎﺱ ،ﻟﺬﺍ ﺳﻌﺖ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﻟﻨﻔﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻮﺍﳘﺔ ﻭﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﰲ ﺍﳌﻘﺎﺑﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺺ ﻗﺎﺋﻢ
ﺧﺎﺭﺝ ﺫﺍﺗﻪ ،ﺍﻟﻨﺺ ﻧﺼﻮﺹ ﺃﻭ ﻫﻮ ﺑﺆﺭﺓ ﺗﻨﺼﻬﺮ ﰲ ﺭﺣﺎﺎ ﻧﺼﻮﺹ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻗﺎﺩﻣﺔ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﻗﺎﺕ ﺷﱴ.
ﺧﺎﺿﺖ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﰲ
ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻧﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﲢﺖ ﺃﲰﺎﺀ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻣﺜﻞ:
ﻃﻘﻮﺱ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ،ﻭﺍﻟﻘﺮﻭﺋﻴﺔ ،ﻭﺍﳍﺠﺮﺓ ،ﻭﺍﻻﻧﺘﺸﺎﺭ ،ﻭﺍﳊﻮﺍﺭﻳﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﺪﺍﺧﻞ
ﺍﻟﻨﺼﻲ ... ،ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻔﺎ ﰲ ﻛﺘﺎﺎ " ﻧﺺ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ:
ﻧﺺ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﻳﺘﺪﺍﺧﻞ ﻣﻌﻪ ") ،(1ﻭﻣﺎ ﻧﺴﺘﺸﻔﻪ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺃﻥ ﺍﻟـﺘـﻨـﺎﺹ ﺧﺎﺻﻴﺔ ﻧﺼﺎﻧﻴﺔ ﺗﺸﲑ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻌﺪﺩ ﺍﻟﻨﺼﻲ ﰲ ﺍﳌﻠﻔﻮﻅ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺗـﺆﻛـﺪﻩ
ﺟﻮﻟﻴﺎ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻔﺎ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻘﻮﻝ " ﺇﻥ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﲢﻴﻞ ﺇﱃ ﻣﻌﺎﱐ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻭﻣﻦ ﺣﺴﻦ ﺍﳊﻆ ﺃﻧﻨﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﻘﺮﺃ ﺃﻗﻮﺍﻻ ﳐﺘﻠﻔﺔ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﳋﻄﺎﺏ ،ﻳﺘﺨﻠﻖ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻓﻀﺎﺀ ﻧﺼﻲ ﻣـﺘـﻌـﺪﺩ ﺍﻷﺑـﻌـﺎﺩ،
ﳝﻜﻦ ﻟﻌﻨﺎﺻﺮﻩ ﺃﻥ ﺗﺘﻄﺎﺑﻖ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﳌﺘﻌﲔ ،ﻭﻟﻨﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔـﻀـﺎﺀ ﺍﺳـﻢ ﺍﻟﺘﻨﺎﺹ " )(2 ﻟﻘﺪ ﻗﺎﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﻜﺮﻳﺴﺘﻴﻔﻲ ﻛﺮﺩ ﻓﻌﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺒﻨﻴﻮﻳﺔ ﺍﻟﱵ
ﺗﺮﻯ ﺍﻟﻨﺺ ﻛﻴﺎﻧﺎ ﻟﻐﻮﻳﺎ ﻣﺴﺘﻘﻼ ﺑﻨﻔﺴﻪ ،ﻣﻘﻄﻮﻉ ﺍﻟﻨﺴﺐ ﻋﻦ ﻏﲑﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨـﺼﻮﺹ ﻭﻋﻦ ﳏﻴﻄﻪ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ،ﻭﺃﻛﺪ ﺍﻟﺘﻨﺎﺹ ﰲ ﺍﳌﻘﺎﺑﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺺ ﻫـﻮ
ﺃﻓﻖ ﻣﻔﺘﻮﺡ ﺗﺘﻘﺎﻃﻊ ﻋﱪﻩ ﲨﻠـﺔ ﻣـﻦ ﺍﻟﻨـﺼﻮﺹ ﺍﻟﻐﺎﺋﺒـﺔ ﻣـﺸﻜﻠﺔ ﻓـﻀﺎﺀ ﻣـﻦ ﺍﳌﺪﻟﻮﻻﺕ ﻭﺍﻟﺮﻣﻮﺯ ﲤﻨﺤﻪ ﺇﻣﻜﺎﻧﺎﺕ ﻗﺮﺍﺋﻴﺔ ﻻﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ.
ﺗﻠﻘﻰ ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﻮﻥ ﻣـﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﺘﻨـﺎﺹ ﺑـﺼﺪﺭ ﺭﺣـﺐ ،ﺍﻧﺘـﺸﺮ ﺑﻴﻨـﻬﻢ ﺑـﺴﺮﻋﺔ ﻣﺬﻫﻠﺔ ،ﳌﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺃﺛﺮ ﰲ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﺩﻓﻊ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﺣﱴ ﺃﻥ ﺑﻌﺾ
ﺍﻟﺒﻮﻳﻄﻴﻘﻴﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺣﺼﺮﻭﺍ ﺟ ﹼﻞ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﻬﻢ ﺑﺎﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻟﻠﻨﺺ ﻗـﺪ ﺃﻭﻟـﻮﺍ ﺍﻟﺘﻨﺎﺹ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻣﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﺗﺰﻗﺘـﺎﻥ ﺗـﺪﻭﺭﻭﻑ ﺍﻟـﺬﻱ ﺁﻣـﻦ ﺑـﺄﻥ ﺍﻟﻨـﺺ ﻳﺼﻨﻊ ﻣﻦ ﻧﺼﻮﺹ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﻌﺎﻗﺒﺖ ﻋﻠﻰ ﺫﻫﻦ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﻌﺠﻤﻪ ﺍﻟﻠﻐـﻮﻱ
ﺍﳌﺴﻜﻮﻥ ﺑﺈﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎﺕ ﺍﻵﺧﺮ " ﻓﺎﻟﻔﻨﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﺛﺮ ﻣﻮﺍﺟﻪ ﺑﻌﺎﱂ ﻣﻜﻨـﻮﺯ ﺑﻜﻠﻤـﺎﺕ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ...ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﳝﺘﻠﻚ ﺍﻟﻔﺮﺩ)ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ( ﻛﻠﻤﺔ ﻣﻦ ﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ،ﻓﺈﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻻ ﺗﺴﺘﻘ ﺮ ﻋﻨﺪﻩ ﺧﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﻧﻔﺎﺱ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ...
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
19
ﺇﻧﻪ ﻳﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﻦ ﺻﻮﺕ ﺍﻵﺧـﺮ ﻭﺍﻟﻜﻠﻤـﺔ ﺗﺪﺧـﻞ
ﺇﱃ ﺳﻴﺎﻗﻪ ﻗﺎﺩﻣﺔ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻟﻐــﲑ ").(3
ﻟﻘﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﺻﺪﻯ ﻃﻴﺒﺎ ﰲ ﺃﻭﺳﺎﻁ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺭﻏــﻢ ﺻــﻌﻮﺑﺔ ﺗﺮﻭﻳــﻀﻪ ،ﻭﺗﻘﻠﻴــﻢ ﺃﻇــﺎﻓﺮﻩ ،ﺇﺫ ﺗﻌــﺪﺩﺕ
ﺗﺮﲨﺎﺗﻪ ﻣﻦ ﻧﺎﻗﺪ ﺇﱃ ﺁﺧﺮ ،ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺍﻟﺘﻨـﺎﺹ ،ﺍﻟﺘﻨﺎﺻـﻴﺔ، ﺍﻟﺘــﺪﺍﺧﻞ ﺍﻟﻨــﺼﻲ ... ،ﻭﱂ ﺗﻘﺘــﺼﺮ ﺍﳌــﺸﻜﻠﺔ ﰲ ﺣــﺪﻭﺩ ﺍﻟﺘﺮﲨــﺔ ﻓﺤــﺴﺐ ﺑــﻞ ﲡﺎﻭﺯﺗــﻪ ﺇﱃ ﳏﺎﻭﻟــﺔ ﺇﺿــﻔﺎﺀ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﳌﻨﺤﻪ ﻣﺼﺪﺍﻗﻴﺔ ﻭﻗﺒﻮﻻ ﺣﻘﻴﻘﻴﺎ ﰲ
ﺭﺃﻳﻬﻢ ﺳﺎﺭﻗﺎ ،ﻭﺃﻣﺎ ﻏﲑ ﺍﻴﺪ ،ﻓﻴﻌ ﺪ ﺧﺎﺭﺟﺎ ﻋـﻦ ﺃﺻـﻮﻝ ﺍﻟﻔـ ﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ " ) (5ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﲪﻠـﺔ ﺍﶈـﺎﻓﻈﲔ – ﻭﻋﻠـﻰ ﺭﺃﺳـﻬﻢ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ – ﻗﺎﺳـﻴﺔ ﻋﻠـﻰ ﻛـﻞ ﻧـﺴﻤﺔ ﻣـﻦ ﺭﻳـﺎﺡ
ﺍﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ﻣﺘﺮﺻﺪﻳﻦ ﺃﻱ ﺑﻴﺖ ﻳﺸﺘﻢ ﻣﻨﻪ ﺷﺒﻬﺔ ﺍﻷﺧﺬ ﻣﻦ ﳕـﻮﺫﺝ ﺍﻟﻘــﺪﺍﻣﻰ ،ﻭﻟﻌــﻞ ﻣــﺴﺎﺟﻼﺕ ﺍﳌﺘﻨــﱯ ﻭﺧــﺼﻮﻣﻪ ،ﻭﺃﺑــﻮ ﲤــﺎﻡ ﻭﻣﻌﺎﺭﺿﻴﻪ ﻻ ﲣﻔﻰ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪ ،ﺃﻇـﻦ ﺃﻥ ﺍﻷﻣـﺮ ﻳﺘﺠـﺎﻭﺯ ﳎـﺮﺩ ﺍﻻﻧﺘﺼﺎﺭ ﻟﻠﻘﺪﱘ ﻟﺬﺍﺗﻪ ،ﻓﻠﻌﻞ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻜﺮﺓ ﻓﻠـﺴﻔﻴﺔ ﺗﺘﻐﻠﻐـﻞ ﰲ ﻻﻭﻋﻲ ﺍﻟﻨﻘﺎﺩ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﲔ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺧﺎﺹ ﻟﺼﻠﺘﻬﻢ ﺍﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﺑﺄﻫـﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﰲ ﺃﻥ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﺑﺈﻟـﻪ ﻭﺍﺣـﺪ ،ﻭﺭﺳـﻮﻝ
ﺃﻭﺳــﺎﻁ ﺍﻟﻨﻘــﺎﺩ ﻭﺍﻟﻘــﺮﺍﺀ ﻋﻠــﻰ ﺣــﺪ ﺳــﻮﺍﺀ ،ﻭﻛﺎﻧــﺖ ﺃﻭﱃ
ﻭﺍﺣﺪ ،ﻭﻛﺘﺎﺏ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻭﺩﻳﻦ ﻭﺍﺣﺪ ﻛﺮﺱ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳـﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﻔﻜـﲑ
ﻟﻠﻤﺼﻄﻠﺢ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻨﻘﺪﻱ ،ﺟﺬﻭﺭ ﺗﺆﻛﺪ ﻭﺷﺎﺋﺞ ﺍﻟﻘـﺮﰉ
ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻷﺩﺏ ﰲ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﳉﺎﻫﻠﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﱪﻩ ﺍﶈﺎﻓﻈﻮﻥ –
ﺧﻄــﻮﺍﺕ ﺍﻛﺘــﺴﺎﺏ ﺍﳌــﺼﺪﺍﻗﻴﺔ ﻫــﻮ ﺍﻟﺒﺤــﺚ ﻋــﻦ ﺟــﺬﻭﺭ ،ﻭﺗﻀﻤﻦ ﺃﺑﺴﻂ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﺍﻻﺋﺘﻼﻑ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻼﻣـﺢ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ،ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻇﻬﺮ ﻛ ﻢ ﻣﻦ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﺍﺛﻴﺔ ﺍﻟﱵ
ﺗﺘﺸﺎﺑﻪ ﺇﺟﺮﺍﺋﻴﺎ ﺃﻭ ﻣﻔﻬﻮﻣﻴﺎ ﻣﻊ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﺘﻨـﺎﺹ ،ﻓﻜﺎﻧـﺖ ﺍﻟﺴﺮﻗﺎﺕ ،ﺍﻟﺘﻀﻤﲔ ،ﻭﺍﻻﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ،ﻭﺍﻻﻗﺘﺒﺎﺱ ،ﻭﺍﳌﻌﺎﺭﺿـﺔ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺗﻄﻔﻮ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻄﺢ ﻛﺎﻣﺎ ﻓﺘﺢ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺘﻨﺎﺹ ،ﻗـﺪ ﺣﺎﻭﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﻘﺎﺩ ﺍﻟﻌـﺮﺏ ﺃﻣﺜـﺎﻝ ﻋﺒـﺪ ﺍﳌﻠـﻚ ﻣﺮﺗـﺎﺽ ، ﻭﺻﱪﻱ ﺣـﺎﻓﻆ ،ﻭﻋﺒـﺪ ﺍﷲ ﺍﻟﻐـﺬﺍﻣﻲ ،ﻭﳏﻤـﺪ ﻣﻔﺘـﺎﺡ ﻣﺼﺎﻫﺮﺓ ﺃﻧﺴﺎﺏ ﻫـﺬﻩ ﺍﳌـﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﺍﳌﺘﺮﺍﻣﻴـﺔ ﺑـﲔ ﺍﳌﺎﺿـﻲ ﻭﺍﳊﺎﺿﺮ ،ﺳﺘﺤﺎﻭﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺭﻗـﺔ ﺃﻥ ﺗـﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣـﻦ ﺟﻬـﻮﺩ ﻫﺆﻻﺀ ﻣﻨﻄﻠﻘﺔ ﻣﻦ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺃﻫﻨـﺎ ﳏﺎﻭﻟـﺔ ﺗﺜـﲑ ﺍﻷﺳـﺌﻠﺔ ، ﻭﲢﺮﻙ ﺍﻹﺷـﻜﺎﻟﻴﺎﺕ ،ﻭﲤﺘﻨـﻊ ﻋـﻦ ﺍﻟﻮﻗـﻮﻑ ﻋﻠـﻰ ﺣﺎﻓـﺔ
ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﺍﳋﺘﺎﻣﻴﺔ ،ﻟﺬﺍ ﺳﺄﺭﻛﺰ ﻋﻠـﻰ ﻣـﺼﻄﻠﺢ " ﺍﻟـﺴﺮﻗﺎﺕ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ " ﻷﻧﻪ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺷﻴﻮﻋﺎ ﺑﲔ ﺍﻟﻨﻘـﺎﺩ ﻗـﺪﳝﺎ ﻭﺣﺪﻳﺜـﺎ
ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ،ﻭﻟﺘﻘﺎﺭﺑﻪ ﻣﻊ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﺍﳊﺪﺍﺛﻲ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻣـﺎ ﻳـﺮﺍﻩ ﺍﻟﻐﺬﺍﻣﻲ ،ﺇﺫ ﺍﻋﺘﱪ " ﺍﻟﺘﻨﺎﺹ ﻧﻈﺮﺓ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺗﺼﺤﺢ ﺎ ﻣﺎ
ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻗﺪﻣﻮﻥ ﻳـﺴﻤﻮﻧﻪ ﺑﺎﻟـﺴﺮﻗﺎﺕ ﺃﻭ ﻭﻗـﻊ ﺍﳊـﺎﻓﺮ ﻋﻠـﻰ ﺍﳊﺎﻓﺮ ﺑﻠﻐﺔ ﺑﻌﻀﻬﻢ ) ، (4ﺳﺄﻟﻘﻲ ﻧﻈﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻨﺎﺥ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ
ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﺘﺞ " ﺍﻟﺴﺮﻗﺎﺕ ﺍﻷﺩﺑﻴـﺔ " ﳌﻮﺍﺯﻧﺘـﻬﺎ ﺑﻈـﺮﻭﻑ ‘ﻧﺘـﺎﺝ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﺍﳊﺪﺍﺛﻲ . ﻃﺮﺣﺖ ﺍﻟﺴﺮﻗﺎﺕ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺿﻤﻦ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻭﺍﳌﻌـﲎ
،ﻭﺍﻷﺻــﺎﻟﺔ ﻭﺍﳌﻌــﺼﺮﺓ ،ﻭﺍﻧﻘــﺴﺎﻡ ﺍﻟﻨﻘــﺎﺩ ﺇﱃ ﺟﺒﻬﺘــﲔ ﺃﺳﺎﺳﻴﺘﲔ :ﺍﶈﺎﻓﻈﲔ ﻭﺍﺪﺩﻳﻦ ،ﺗﻨﺘـﺼﺮ ﺍﻵﻭﱃ ﻟﻠـﺸﻌﺮ
ﺍﻟﻘﺪﱘ ،ﻭﺗﺮﻯ ﻓﻴـﻪ ﺍﻟﻨﻤـﻮﺫﺝ ﺍﻷﻣﺜـﻞ ﻭﺍﻟﻔـﻦ ﺍﳌﻄﻠـﻖ ،ﻻ
ﻳﺄﺗﻴﻪ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻣﻦ ﻓﻮﻕ ﻭ ﻻ ﻣﻦ ﲢﺖ ،ﻻ ﳝﻜﻦ ﲡﺎﻭﺯﻩ ﻭﻻ ﺣﱴ ﺑﻠﻮﻏﻪ ،
ﻟﺬﺍ ﻧﻈﺮﻭﺍ ﺇﱃ ﺍﺪﺩﻳﻦ ﻋﻠﻰ" ﺃـﻢ ﺇﻣـﺎ ﻣﻘﻠـﺪﻭﻥ ﳎﻴـﺪﻭﻥ
ﻟﻔﻦ ﺍﻟﻘﺪﺍﻣﻰ ،ﻭﺇﻣﺎ ﻣﻘﻠﺪﻭﻥ ﻏﲑ ﳎﻴﺪﻳﻦ ،ﻓﺎﳌﻘﻠﺪ ﺍﻴﺪ ﻳﻌ ﺪ ﰲ
20
ﻟﺪﻯ ﻫﺆﻻﺀ ،ﻓﺨﻠﻘﻮﺍ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﻄﻠـﻖ ﻭﺍﻟﻨﻤـﻮﺫﺝ ﺍﻷﻭﺣـﺪ ﲡـﺴﺪ ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﺃﻥ ﺃﺷﺮﻧﺎ – ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﳌﻄﻠﻖ ﻭﺍﳌﺜﺎﻝ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ،ﻣـﺎ ﻳﺪﻋـﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻫﻮ ﻧﻈﺮﺓ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﻢ ﺍﻟﻨﻘﺎﺩ ﺍﶈـﺎﻓﻈﻮﻥ ﺇﱃ" ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻛﺎﻣﻠﺔ ،ﺑﻞ ﻣﻜﺘﻤﻠﺔ ﻗﺒﻞ ﺣﺪﻭﺙ ﺍﳋﻠﻖ ،ﻭﻣﻦ ﲦﺔ ﺗﺼﺒﺢ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﺃﻭ ﺃﺩﺍﺓ ﺟﺎﻫﺰﺓ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ،ﻧﻘﻴـﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﻟﺘﺒﺎﺱ ﻟﻔﻜﺮ ﻣﺘﺸﻜﻞ ﺟﺎﻫﺰ ") ، (6ﺃﻟﻘﻰ ﺍﻟﻨﻘﺎﺩ ﺍﶈـﺎﻓﻈﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻷﺩﰊ ،ﻭﺑﺎﻟـﻀﺒﻂ ﺍﻟـﺸﻌﺮ ﺍﳉـﺎﻫﻠﻲ ،
ﻭﺭﺃﻭﺍ ﺃﻥ ﺃﻱ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﺇﻋﺎﺩﺗـﻪ ﺃﻭ ﺍﺳـﺘﺜﻤﺎﺭ ﻣﻘﻮﻟﺘـﻪ ﻫـﻲ ﺳـﺮﻗﺔ ﻣﺘﻌﻤﺪﺓ ،ﻭﺃﺧﺬ ﻣﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﺩﻋﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﺠﺪﻳﺪ .
ﺇ ﹼﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟـﱵ ﺃﻧﺘﺠـﺖ ﺍﻟـﺴﺮﻗﺎﺕ ﲣﺘﻠـﻒ ﺍﺧﺘﻼﻓـﺎ ﺟــﺬﺭﻳﺎ ﻋــﻦ ﺍﳌﻼﺑــﺴﺎﺕ ﺍﻟــﱵ ﺃﻓــﺮﺯﺕ ﺍﻟﺘﻨــﺎﺹ ،ﺣﻴــﺚ ﺳــﺎﺩﺕ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﲡﺎﻭﺯﺕ ﺍﳌﻄﻠﻖ ﻭﺍﳌﺜـﺎﻝ ،ﻟﺘﺘﺒﻨـﻰ ﻧـﺴﺒﻴﺔ ﺍﳉﻤــﺎﻝ ﻭﺍﳋــﲑ ﻭﺍﳊــﻖ ﻭﺍﻟﻘــﻮﺓ ،ﻭﻣــﻦ ﲦﹼــﺔ ﺯﺍﻟــﺖ ﺍﳊــﺪﻭﺩ ﺍﻻﺳﺘﻌﻼﺋﻴﺔ ﺑﲔ ﺍﻷﻣﻢ ﻃﺎﳌﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻔﻮﻕ ﻟﻴﺲ ﺣﻜﺮﺍ ﻋﻦ ﺃﻣﺔ ﺩﻭﻥ
ﺃﺧﺮﻯ ﻭﺍﻧﺘﻘﻠﺖ ﻋـﺪﻭﻯ ﺍﳌﺮﻭﻧـﺔ ﺇﱃ ﺍﻷﻓـﺮﺍﺩ ،ﺇﺫ ﺻـﺎﺭ ﺍﻷﺩﻳـﺐ ﻳﺴﺘﻘﻲ ﻣﻦ ﻣﻘﻮﻻﺕ ﺍﻵﺧﺮ ﺩﻭﻥ ﺇﺣﺴﺎﺱ ﺑـﺎﳊﺮﺝ ﺃﻭ ﲣـﻮﻑ ﻣـﻦ ﺗـــﺸﻜﻴﻚ ﰲ ﺃﺻـــﺎﻟﺘﻪ ﺃﻭ ﻗﺪﺭﺍﺗـــﻪ ﺍﻟﻔﻨﻴـــﺔ ،ﻭﻛـــﺎﻥ ﻟﻠﻌﻠـــﻮﻡ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺩﻭﺭ ﻏﲑ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﰲ ﺗﻘﻮﻳﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻴـﺎﺭ ،ﺇﺫ ﺭﺳـﺨﺖ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ﻭﺍﻻﻧﺘﻘـﺎﻝ ﻣـﻦ ﺍﻟﻨﻈـﺮﺓ ﺍﻟﻜﻠﻴـﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﻈـﺮﺓ ﺍﳉﺰﺋﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻠﺒـﺴﺖ ﻟﻐـﺔ ﺍﻟـﺬﺭﺓ ﰒ ﺍﻟﻨـﻮﺍﺓ ،ﻭﻟﻌـﻞ ﻫﻨﺪﺳـﺔ ﺍﻟﻮﺭﺍﺛﺔ ﻛﻌﻠﻢ ﻣﺴﺘﺤﺪﺙ ﻳﺘﺮﺻﺪ ﺃﺩﻕ ﺩﻗﺎﺋﻖ ﺍﻟـﺸﻴﻔﺮﺓ ﺍﻟﻮﺭﺍﺛﻴـﺔ
ﻗﺪ ﺃﺩﺕ ﺩﻭﺭﺍ ﻣﻌﺘﱪﺍ ﰲ ﺩﻓﻊ ﺍﻷﲝﺎﺙ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻨﻘﻴﺐ ﻋـﻦ ﺍﻟﻨﺴﻖ ﺍﻟﺜﺎﺑﺖ ﻭﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﻷﺟﻨـﱯ ،ﺃﻟﻘـﺖ ﻫـﺬﻩ ﺍﻟـﺮﻭﺡ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴـﺔ ﻕ ﺗﻔﺎﺻـﻴﻠﻪ ﻛـﺎﻟﻔﻮﻧﻴﻢ ، ﺑﻈﻼﳍﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻷﺩﰊ ﻣﺘﻠﻤـﺴﺔ ﺃﺩ ﻣﺮﻭﺭﺍ ﺑﻌﻼﻗﺎﺗﻪ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭﺑﻨﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﻨﺼﻴﺔ ﺍﻟﺪﺧﻴﻠﺔ ﻭﺍﻷﺻـﻴﻠﺔ ﻭﳏﺎﻭﻟﺔ ﻣﻌﺮﻓـﺔ ﻣﺮﺟﻌﻴـﺎﺕ ﺗﻠـﻚ ﺍﻟﺒـﲎ ﺍﻟﺪﺧﻴﻠـﺔ ﻟﻜـﻦ ﻫـﺬﻩ ﺍﻟﱰﻋﺔ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ﲡﺎﻭﺯﺕ ﺣﺪﻫﺎ ﺍﳌﻌﻘﻮﻝ ،
ﻭﳓﺖ ﻣﻨﺤﻰ ﺍﻟﺸﻄﻂ ﻭﺍﳌﺒﺎﻟﻐﺔ ﺇﺫ ﱂ ﺗﻘـﻒ ﻋﻨـﺪ ﺣـﺪ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻦ ﻣﻮﺕ ﺍﳌﺆﻟﻒ ﺑﻞ ﲡﺎﻭﺯﺗﻪ ﺇﱃ ﻣﻮﺕ ﺍﻟﻨﺺ ،ﻓـ" ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﺿﻊ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺔ ﻳﺘﻼﺷﻰ ﻟﺪﻯ ﺇﺧﻀﺎﻋﻪ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﺍﻟﺘﻨﺎﺹ ،ﺇﻧﻪ ﻧﺺ ﻭﳘﻲ ،ﻷﻧﻪ ﰲ ﺃﺟﺰﺍﺋﻪ ﻟـﻴـﺲ ﺳـﻮﻯ
ﳎﻤﻮﻉ ﻣﻦ ﺁﻻﻑ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،ﺍﳌﺆﻟﻒ ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ ﳍـﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﻫﻮ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﻌ ﺪ ،ﻭﺍﻟﱵ ﻣـﻨـﻬـﺎ ﻭﻟﺪ ﺍﻟﻨﺺ ،ﻭﻭﻻﺩﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻮﳘﻲ ﺇﳕـﺎ ﻫـﻲ ﻭﻻﺩﺓ ﻭﻫﻢ ﻣﻦ ﻭﻫﻢ ،ﻓﺎﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻣﺆﻟﻔﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﺃﺳﻬﻤﺖ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﱵ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﰲ ﻭﻻﺩﺎ "). (7 ﺗﻘﻮﺩﻧﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺍﻻﺧﺘﻼﻓﻴﺔ ﺑﲔ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﺘﺮﺍﺛـﻲ
ﻭﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﺍﳊﺪﺍﺛﻲ ﺇﱃ ﻋﻨـﺼﺮ ﺍﺧﺘـﻼﰲ ﺁﺧـﺮ ﻫـﻮ ﺑـﺆﺭﺓ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﰲ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻠﻴﺔ ،ﻓﺈﻥ ﺳـﻠﻂ ﺍﻟﻨﻘـﺪ ﺍﻟﺘﺮﺍﺛﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺹ ،ﻓﻘﺪ ﺭﻛﺰ ﺍﳊﺪﺍﺛﻴﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨـﺺ ﺇﺫ
ﻋﺪﻭﻩ " ﺗﺮﺣﺎﻻ ﻟﻠﻨﺼﻮﺹ ﻭ ﺗـﺪﺍﺧﻼ ﻧـﺼﻴﺎ ،ﻓﻔـﻲ ﻓـﻀﺎﺀ ﻧﺺ ﻣﻌﲔ ،ﺗﺘﻘﺎﻃﻊ ﻭﺗﺘﻼﻗﻰ ﻣﻠﻔﻮﻇـﺎﺕ ﻋﺪﻳـﺪﺓ ﻣﻘﺘﻄﻌـﺔ ﻣﻦ ﻧﺼﻮﺹ ﺃﺧﺮﻯ") (8ﻓﻜﺄﻥ ﺍﻟﻨﺺ ﻫـﻮ ﺗﻨـﺎﺹ ﺃﻭ ﺑﻌﺒـﺎﺭﺓ
ﺃﺧﺮﻯ ﺍﻟﺘﻨﺎﺹ ﻗﺪﺭ ﻛﻞ ﻧﺺ ،ﻭﻫـﺬﺍ ﻣـﺎ ﻳﻌـﱪ ﻋﻨـﻪ ﺭﻭﻻﻥ ﺑﺎﺭﺕ ﺑﻘﻮﻟﻪ " ﻛﻞ ﻧﺺ ﻫـﻮ ﺗﻨـﺎﺹ ،ﻭﺍﻟﻨـﺼﻮﺹ ﺍﻷﺧـﺮﻯ ﺗﺘﺮﺍﺀﻯ ﻓﻴﻪ ﲟﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﻣﺘﻔﺎﻭﺗﺔ ) (...ﻓﻜﻞ ﻧـﺺ ﻟﻴـﺲ ﺇﻻ
ﻧﺴﻴﺠﺎ ﺟﺪﻳﺪﺍ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺸﻬﺎﺩﺍﺕ ﺳﺎﺑﻘﺔ ،ﺗﻌﺮﺽ ﻣﻮﺯﻋـﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﺺ ،ﺻﻴﻎ ،ﳕﺎﺫﺝ ﺇﻳﻘﺎﻋﻴﺔ ،ﻧﺒﺬ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻷﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻨﺺ ﻭﺑﻌﺪﻩ ") (9ﻳﺆﻛـﺪ ﺍﳉـﺬﺭ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻟﻠﺘﻨﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻻﺧﺘﻼﻁ ﻭﺍﻟﺘﻤـﺎﺯﺝ ،ﻭﻻ ﺃﺩﻝ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ ﺍﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ textﺗﻌﲏ ﺍﻟﻨﺴﻴﺞ ﳑـﺎ " ﻳﻨـﺒﺊ ﻋـﻦ ﺗﻔﺎﻋـﻞ ﺣـﻲ ﻟﻌﻠـﻪ ﻻ ﻳﺘـﺼﻞ ﺑﺎﻟﻜﺎﺗـﺐ ﻗــﺪﺭ ﺍﺗــﺼﺎﻟﻪ ﺑــﺎﻟﻨﺺ " ) (10ﻭﰲ ﻣﻘﺎﺑــﻞ ﻫــﺬﺍ ﻛﺎﻧــﺖ ﺍﻟﺮﺅﻳــﺔ
ﺍﻟﺘﺮﺍﺛﻴﺔ ﻣﻨﺼﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺆﻟﻒ ﻻ ﺃﺩ ﹼﻝ ﻣﻦ ﺃ ﹼﻥ ﺩﻻﻟﺔ ﻣـﺼﻄﻠﺢ " ﺍﻟﺴﺮﻗﺔ " ﺣﻴﺚ ﳛﻤﻞ ﻇﻼﻻ ﺃﺧﻼﻗﻴﺔ ﺇﺫ ﺗﻮﺟـﻪ ﺃﺻـﺎﺑﻊ ﺍﻹﺩﺍﻧﺔ ﻭﺍﻻﺎﻡ ﺇﱃ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ .
ﺗﺆﻛﺪ ﻣﻼﺑﺴﺎﺕ ﺍﳌﻨﺎﻇﺮﺍﺕ ﻭﺃﺟﻮﺍﺀ ﺍﻟﺴﺠﺎﻻﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﳉ ﻮ ﺍﳌﺘﻮﺗﺮ ،ﻭﺗﺸﺘﺪ ﻧﱪﺓ ﺍﻹﺩﺍﻧﺔ ﺣﺪﺓ ﻛﻠﻤﺎ ﻓـﺸﻞ ﺍﻟـﺸﺎﻋﺮ ﰲ
ﺇﺧﻔﺎﺀ ﺳـﺮﻗﺎﺗﻪ ،ﻟـﺬﺍ ﻛﺜـﲑﺍ ﻣـﺎ ﻳـﺴﺘﻔﺰ ﺍﳌﺘﻨـﱯ ﺍﻟﻨﻘـﺎﺩ ﺳﺎﺧﺮﺍ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﻥ ﻛﺸﻒ ﺳـﺮﻗﺎﺗﻪ ﻭﲤﻴﻨـﻪ ﻛـﻼﻡ ﻏﲑﻩ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﻌﲏ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻟﻘﺪﱘ ﻻ ﻳﻬﺘﻢ ﺑـﺎﻟﻨﺺ ﺇﻻ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪ ﺇﺩﺍﻧﺔ ﺍﻟﻨـﺎﺹ ،ﻭﻳـﻀﻊ ﺃﻣـﺎﻡ ﺍﻟﻨﺎﻗـﺪ ﺃﺩﻟـﺔ
ﻗﻀﻴﺘﻪ ،ﻭﺑﺮﺍﻫﲔ ﺳﺎﻃﻌﺔ ﻋﻦ ﺻﺤﺔ ﻣﺰﺍﻋﻤـﻪ ﺍﻟـﱵ ﺗـﺰ ﺝ ﺑﺎﻟــﺸﺎﻋﺮ ﰲ ﻗﻔــﺺ ﺍﻻــﺎﻡ .ﻓﺎﻷﺳــﺌﻠﺔ ﺍﻟﻨﻘﺪﻳــﺔ ﻛﺎﻧــﺖ
ﻣﺮﻨﺔ ﺑﺎﻟﻨﺎﺹ " ،ﻓﺎﻟﺴﺮﻗﺎﺕ ﻭﻭﻗﻊ ﺍﳊﺎﻓﺮ ﻋﻠـﻰ ﺍﳊﺎﻓـﺮ ،ﻭ ﺗﻮﺍﺭﺩ ﺍﳋﻮﺍﻃﺮ ﻭﺍﳊﻔﻆ ﺍﳉﻴﺪ ﺗﻌﺎﺑﲑ ﺃﻭﻟﻴﺔ ﺍﻧﺒﺜﻘﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻭﺍﺕ ﻭﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺬﺍ.
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
21
ﺷﻌﺮ
ﺭﻳﺎﺽ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ
ﻣﺨﺘﺎﺭﺍﺕ ﻣﻦ ﺩﻳﻮﺍﻧﻪ
ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎﺭﻑ ﺍﻟﻘﺼﻮﻯ ﺇﻧــﻲ ﺭﻛـﺒـﺖ ﺍﻟـﻨـﺎﺭ ..ﻭ ﺍﻟـﺠــﻤﺮﺍ ﺖ ﺃﻧـﺨــﺎﺏ ﺍﻟــﺮﺩﻯ ﺣـﻤﺮﺍ ﻭﺷـﺮﺑ
ﺇﱐ ﺳﻜـﺒﺖ ﺍﻟــﻘـﺎﺭ ..ﰲ ﻛـــﺒـﺪﻱ ﺖ ﻣـﻨﻪ ﺍﻟـﺪﺭﺏ ..ﻭﺍﻟﻌﻤﺮﺍ ﻭﻃــﻠـﻴـ
ﺇﻧــﻲ ﺧـﺮﺟـﺖ ﻣـﻦ ﺍﻟـﺮﺅﻯ ﺣـﻤﻤﺎ ﻷﺭﻳـﻜﹸـ ﻢ ..ﺁﻳـــﺎﺗــﻬـــﺎ..ﺍﻟـﻜﹸــﺒــﺮﻯ
ﺇﱐ ﻛــﺘــﺒـــﺖ ﻋــﻠﻰ ﻣــﻨــﺎﺑــﻌﻜﻢ: ﺳــﺘــﺮﻭﻧـﲏ ..ﰲ ﺍﻟﻀﻔﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ
ﻛــﻲ ﺗــﺸـﺮﺑـﻮﺍ ..ﻭﺟﻌﻲ..ﻭﻗﺎﻓـﻴﱵ ﺣــﺴـــﻜـًـﺎ..ﻓـﻼ ﺭﻳــﺎ..ﻭﻻ ﺷـﻜـﺮﺍ
ﺇﻧــﻲ ..ﻭﺇﻧﻜــ ﻢ ..ﺳــــﻮﺍﺳـــــﻴـــــﺔ ﻟـﻜـﻦ ﻫـﺪﺑـﻲ ..ﻳـﺠﺮﺡ ﺍﻟﺼــﺨــﺮﺍ
ﺳـــﻴـ ﻌﻀـﻜـﻢ..ﻣـﻦ ﻣــﻄـﻠﻌﻲ..ﺃﺣﺪ ﻳﺎ ﺃﻣـﺔً ..ﺗـﺘـﻜـﻠﻒ . .ﺍﻟـﻄــﻬــــﺮﺍ
ﻓﺎﺳﺘــﻨـــﺸﻘﻮﺍ ..ﺣــﺮﻗﻲ..ﺯﺑـﺎﻧـﻴــﺔ ﺗـﻬـﻮﻱ ﺑـــﻜــــﻢ ﻭﺗـﺆﺟـﺞ..ﺍﳊـﱪﺍ ﻭﺍﺳـــﺘـــﻄــﻌـﻤـﻮﺍ ﺃﺭﻗﻲ..ﻋﺼﺎﻣﻴﺔ ﺗـــﻠـــﺘـــﺎﺙ ﰊ ﻭﺗــﺆﺭﻕ ﺍﻟﻌـﺼﺮ
ﺖ ﻣِـﺮﻧـﺎﻧﺎ ..ﺑـﻼ ﻭﺗـﺮ ﻣـــﺎ ﻛــــﻨــــ ﺃﻭ ﻛـــﻨـــﺖ ﺑﻮﻣﺎ ..ﻳﺮﻫﺐ ﺍﻟﻔــﺠﺮﺍ
ﺖ ﻓ َـﺪﻣـًﺎ ..ﺣﺎﺭﺛﺎ ..ﻟـــُـﺠـــﺠــ ﺃﻭ ﻛﻨ ﺃﻭ ﻛﻨﺖ ﺻـــــﻤــــﺘﺎ..ﻳﻠﺒﺲ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍ
ﺃﻧﺎ ﻟﻌﻨﺔ ﺍﻟــــﻨـــﺎﺳـﻮﺕ ..ﻓﺎﺭﺗﻘﺒﻮﺍ ﺨ ﻦ ﺻﻤﺘﻜ ﻢ ﻫﺠﺮﺍ ﺇﱐ ﺳﺄٌﺛ ْـ ِ
22
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﺳﺎﺣﺔ ﻧﻘﺎﺵ
ﺍﻷﺩﺏ ﻭﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺑﻘﻠﻢ :ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ /ﺳﻌﻴﺪ ﻳﻘﻄﻴﻦ ﻗﺎﺩﺗﻨﺎ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﺮﺻﺪ ﻫﺬﻩ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻤﻴـﻴﺰ ﺑـﲔ ﺍﻟﻌـﺎﱂ ﻭﺍﻟﻨﺎﻗـﺪ ﻭﺍﻟـﺪﺍﺭﺱ ﰲ
ﻋﻼﻗﺘﻬﻢ ﺑـﺎﻟﻨﺺ ﺍﻷﺩﰊ ،ﻭﺍﳌﻠﺘﻘـﻲ .ﻭﺍﻋﺘﱪﻧـﺎ ﻫـﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗـﺎﺕ ﻏـﲑ ﳏـﺪﺩﺓ
ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ ﺍﳌﻨﺎﺳﺐ .ﻭﻻ ﳑﺎﺭﺳﺔ ﺑﺎﳍﻴﺌﺔ ﺍﻟﱵ ﲤﻜـﻦ ﻛـﻞ ﻃـﺮﻑ ﻣـﻦ ﺍﻻﺿـﻄﻼﻉ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻷﻧﺴﺐ.
ﻧﻮﺩ ﻫﻨﺎ ﲢﺪﻳﺪ ﻃﺮﻑ ﺟﺪﻳﺪ ،ﻗﻠﻤﺎ ﻳﺘﻢ ﺍﻻﻟﺘﻔﺎﺕ ﺇﻟﻴﻪ ﰲ ﺭﺻـﺪ ﺍـﺎﻝ ﺍﻷﺩﰊ ﺃﺳﻠﻤﺘﻨﺎ ﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﰲ ﳏﺎﻭﻟـﺔ ﺭﺻـﺪ
ﳐﺘﻠــﻒ ﺍﻷﻃــﺮﺍﻑ ﺍﻟــﱵ ﺗــﺪﺧﻞ ﰲ ﻋﻼﻗﺔ ﻣـﺎ ﻣـﻊ ﺍﻟﻨـﺺ ﺍﻷﺩﰊ ،ـﺪﻑ
ﻭﻗﻀﺎﻳﺎﻩ ،ﺭﻏﻢ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺘﻠﻪ ﰲ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ﺍﳊﺪﻳﺚ .ﺇﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﻞ ﺷـﺄﻧﺎ ﻋﻦ "ﺍﳌﺪﺭﺱ" ﺍﻟﺬﻱ ﻳـﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﳌﺆﺳـﺴﺔ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴـﺔ ،ﻭﺫﻟـﻚ ﻻﺭﺗﺒﺎﻃـﻪ ﺑـﺪﻭﺭﻩ ﲟﺆﺳﺴﺔ ﻻ ﺗﻘﻞ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﻋﻦ ﺍﳌﺪﺭﺳﺔ .ﺇﻧﻪ "ﺍﻟﺼﺤﻔﻲ" ﺍﳌﺸﺘﻐﻞ ﺑﺎﻹﻋﻼﻡ ﺳـﻮﺍﺀ
ﻛﺎﻥ ﺭﲰﻴﺎ ﺃﻭ ﺷﻌﺒﻴﺎ ،ﻣﻜﺘﻮﺑﺎ ﺃﻭ ﻣﺮﺋﻴﺎ ﺃﻭ ﻣﺴﻤﻮﻋﺎ.
ﻣﻼﻣﺴﺔ ﺟﻮﻫﺮ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﻮﺍﻗـﻊ ﺍﻷﺩﰊ
ﻟﻘﺪ ﺻﺎﺭ ﻟﻠﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺩﻭﺭ ﻛﺒﲑ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺩﺏ ﻭﺍﳌﺸﺘﻐﻠﲔ ﺑﻪ .ﻭﻣﻨﺬ ﻇﻬﻮﺭﻫﺎ
ﳏﺪﺩﺓ ﻣﻔﺎﺩﻫﺎ ﺃﻥ ﻛـﻞ ﻃـﺮﻑ ﺗﺮﺑﻄـﻪ
ﻗﺮﺍﺋﻪ ،ﻭﻳﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﻧﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﻣﺆﻟﻔﺎﺕ ﻃـﻪ ﺣـﺴﲔ ﻭﺍﻟﻌﻘـﺎﺩ ﻭﺳـﻮﺍﳘﺎ ﻟـﻨﺮﻯ ﺃﻥ
ﺍﻟﻌــﺮﰊ ،ﺇﱃ ﺍﻟﻮﻗــﻮﻑ ﻋﻠــﻰ ﻓﻜــﺮﺓ
ﰲ ﳎﺘﻤﻌﻨﺎ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺃﺳﻬﻤﺖ ﻣﺴﺎﳘﺎﺕ ﺟﻠﻴﺔ ﰲ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺍﻷﺩﺏ ﻭﺗﻮﺳﻴﻊ ﺩﺍﺋـﺮﺓ
ﺑﺎﻟﻨﺺ ﺻﻠﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳـﺴﺘﻤﺮﺍ ﰲ
ﺃﻏﻠﺐ ﺍﳌﺆﻟﻔﺎﺕ ﺍﻧﺒﺜﻘﺖ ﻣﻦ ﺑﲔ ﺛﻨﺎﻳﺎ ﺻﻔﺤﺎﺎ .ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻨـﺎ ﻧﻌـﺎﻳﻦ ﺍﻟـﺪﻭﺭ ﺍﻟـﺬﻱ
ﺍﳌــﺸﺘﻐﻠﲔ ﺑــﺎﻷﺩﺏ ﺍﻵﻥ ﻋﻠــﻰ ﻭﲰــﻪ
ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻘﺪﻳـﺔ ﺍﺗـﺼﻠﺖ ـﺎ .ﺳـﻮﺍﺀ ﰲ ﺇﻗﺎﻣـﺔ
ﺍﻟﻮﺟــﻮﺩ ﺍﻟــﺬﻱ ﻳﻜــﺎﺩ ﻳﺘﻔــﻖ ﲨﻴــﻊ
ﻟﻌﺒﺘﻪ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﰲ ﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻨﻴﺎﺕ ﻭﺍﳋﻤـﺴﻴﻨﻴﺎﺕ ﻭﺍﺿـﺤﺎ ﻣـﻦ
ﺑـ"ﺍﻷﺯﻣﺔ" ﺃﻭ ﺑﺎﻟﻮﺿـﻊ ﺍﻟـﺬﻱ ﱂ ﻳﺒـﻖ
ﺗﺼﻮﺭﺍﺕ ﻟﻸﺩﺏ ﺃﻭ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﳌﻌﺎﺭﻙ ﻭﺍﻟﺴﺠﺎﻻﺕ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﻳـﺔ
ﻻ ﳝﻜــﻦ ﺇﻻ ﺃﻥ ﲣﺘﻠــﻒ ﺍﻟﺘﺸﺨﻴــﺼﺎﺕ
ﺗﻌﺰﺯﺕ ﺑﺎﻹﻋﻼﻡ ﺍﳌﺮﺋﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻨﻮﻋﺖ ﻗﻨﻮﺍﺗﻪ ﻭﻏﺰﺕ ﺃﻏﻠﺐ ﺍﻟﺒﻴﻮﺕ.
ﳑﻜﻨﺎ ﺍﻻﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻓﻴﻪ ،ﻭﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻄﺎﻕ ﻭﺍﻻﻗﺘﺮﺍﺣﺎﺕ.
ﻟﻘﺪ ﺣﺎﻭﻟﻨﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻄﺎﻕ ﺗﺮﺗﻴﺐ
ﻣﺎ ﻳﺘﺼﻞ ﺬﺍ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻣﻦ ﺧـﻼﻝ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻋـﻲ ﺍﻟـﺬﻱ ﻣـﺎ ﻳـﺰﺍﻝ
ﳛﺪﺩ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭﺇﻥ ﺗﺒـﺪﻟﺖ ﺻـﻮﺭﻩ ﻭﺗﻌﺪﺩﺕ ﲡﻠﻴﺎﺗﻪ.
ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ .ﻭﻣﻊ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺻﺎﺭﺕ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺫﺍﺕ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﺃﻛـﱪ ،ﻭﻻ ﺳـﻴﻤﺎ ﺑﻌـﺪ ﺃﻥ
ﻓﻬﻞ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻌﻼ ﺻﺤﺎﻓﺔ ﺃﺩﺑﻴﺔ؟ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﺩﻭﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺘـﺎﺏ؟ ﻭﻫـﻞ
ﳜﺪﻡ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻷﺩﺏ ﺃﻡ ﺃﻧﻪ ﳛﺎﺭﺑﻪ؟ ﻭﻣﻦ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻔﻲ ﺍﳌﺸﺘﻐﻞ ﺑﺎﻷﺩﺏ؟ ﻫﻞ ﻟـﻪ ﻭﺿﻊ ﺧﺎﺹ .ﻛﻤﺎ ﻧﺘﺤﺪﺙ ﻣﺜﻼ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﰲ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿـﻲ؟ ﺃﻭ ﺍﳌﻌﻠـﻖ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳـﻲ؟ ﺃﺳﺌﻠﺔ ﻛﺜﲑﺓ ﳝﻜﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﺘﻨﺎﺳﻞ ،ﻭﻣﺎ ﻳﻬﻤﻨﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﺳﺎﺳﺎ ﻳﺘـﺼﻞ ﺑـﺼﻮﺭﺓ ﺧﺎﺻـﺔ ﺑـ"ﺍﻟﺼﺤﻔﻲ" ﺍﳌﺴﺆﻭﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻷﺩﰊ ﺃﻭ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ،ﻭﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﳌﺘﺤﻜـﻢ
ﰲ ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﺑﺮﻣﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ.
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
23
ﺃﻭﻝ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﳝﻜـﻦ ﺗـﺴﺠﻴﻠﻬﺎ ﻋـﻦ ﺍﻟﻮﻋـﻲ ﺍﳌﺆﺳـﺴﺎﰐ
ﻭﻻ ﺍﳔﺮﺍﻁ ﰲ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﳊﻘﻴﻘﻴﺔ .ﻭﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﻻ
ﻫﺬﺍ ﲜﻼﺀ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻬﻤﻴﺶ ﺍﻟـﱵ ﻳﺘﻌـﺮﺽ ﳍـﺎ ﺍﻟﻌﻤـﻞ
ﻳﱪﺯ ﻫﺬﺍ ﲜﻼﺀ ﰲ ﻏﻴـﺎﺏ ﺍﻟـﺼﺤﻔﻲ ﺍﳌﺘﺨـﺼﺺ .ﺇﻧـﻪ
ﺍﻷﺩﰊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﱪ ﺛﺎﻧﻮﻳﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﻤـﻞ ﺍﻟـﺼﺤﺎﰲ .ﺇﻥ ﺣﺠـﻢ
ﻃﺎﺭﺉ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻴﺪﺍﻥ .ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﻳﻜﺘﺐ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻣـﻦ ﺧـﻼﻝ
ﻗﺎﺭﻧﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺛﻘﺎﰲ ﲟﺎ ﻫﻮ ﺭﻳﺎﺿـﻲ ﰲ ﺻـﺤﺎﻓﺘﻨﺎ ﻭﺇﻋﻼﻣﻨـﺎ
ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﻗﺒﻞ ﺍﶈﺎﻭﺭﺓ ﺃﻥ ﻳﻜﺘـﺐ ﻟـﻪ ﺍﻷﺳـﺌﻠﺔ ،ﺃﻭ ﻳﻨـﺸﺮ
ﺍﳌﺮﺋﻲ ﻭﺍﳌﺴﻤﻮﻉ ﻟﻼﺣﻈﻨﺎ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺟﻠﻴﺎ.
ﻻﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﳍﺎ ﺑﺎﻟﻘﻴﻢ ﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ﻭﺍﻷﺩﺑﻴﺔ.
ﺍﻹﻋﻼﻣﻲ ﻟﻸﺩﺏ ﺑﻮﺟـﻪ ﻋـﺎﻡ ،ﺗﻜﻤـﻦ ﰲ "ﺍﻻﺯﺩﺭﺍﺀ" .ﻳـﱪﺯ
ﺍﻟﱪﺍﻣﺞ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺗـﺄﰐ ﺩﺍﺋﻤـﺎ ﰲ ﺍﳌﺮﺗﺒـﺔ ﺍﻷﺧـﲑﺓ .ﻭﻟـﻮ
ﻳﻬﻤﻬﺎ ﺃﻥ ﻳﺘﻢ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺤﺚ.
ﻓﻬﺮﺳــﺘﻪ ،ﻭﳛــﺎﻭﺭ ﺍﻟﻜﺎﺗــﺐ ﰲ ﻋﻤﻮﻣﻴــﺎﺕ ﻏــﲑ ﻣﻘﻴــﺪﺓ ،ﺃﻭ
ﻭﻟــﻮ ﺭﺻــﺪﻧﺎ ﻋــﺪﺩ ﺍﳉﺮﺍﺋــﺪ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿــﻴﺔ ﻭﻗﺎﺭﻧﺎﻫــﺎ
ﻓﺎﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺎﺕ ،ﻭﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ﺍﳊﺰﺑﻴﺔ ﺗﺘﺄﺳﺲ ﻋﻠـﻰ ﺗـﺼﻮﺭ
ﺑﺎﻟﺼﻔﺤﺎﺕ ﻭﺍﳌﻼﺣﻖ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻼﺕ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﻟﺘﺒﲔ ﻟﻨـﺎ
ﻟﻠﻌﻤــﻞ ﻛﻤــﺎ ﻳﺘﺤﻘــﻖ ﻣــﻦ ﺧــﻼﻝ ﺍﳌﺆﺳــﺴﺔ ﰲ ﻋﻼﻗﺎــﺎ
ﺍﻟﺒﻮﻥ ﺍﻟﺸﺎﺳﻊ .ﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻏﺮﺍﺑﺔ ﺃﻥ ﳒﺪ ﺃﺑﻨﺎﺀﻧـﺎ ﻳﺘﻌﺮﻓـﻮﻥ
ﺑــﺎﳉﻤﻬﻮﺭ :ﻛــﺴﺐ ﺍﻟﻨــﺼﲑ ،ﻭﺍﻋﺘﻤــﺎﺩ ﳐﺘﻠــﻒ ﺍﻷﺳــﺎﻟﻴﺐ
ﻋﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،ﻟﻜﻦ ﻻ ﺩﺭﺍﻳﺔ ﳍﻢ ﺑﺄﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣـﻦ ﺍﻟﻜﺘـﺎﺏ
ﻭﻳﺘﺄﻛﺪ ﻟﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﲜﻼﺀ ﺃﻛـﺜﺮ ﻋﻨـﺪﻣﺎ ﻧﻌﻠـﻢ ﺃﻥ ﺍﻹﻋـﻼﻡ
ﻋﻠﻰ ﺃﺗﻔﻪ ﻻﻋﺐ ﰲ ﺃﻱ ﻗﻄﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﱂ ،ﻭﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺩﺍﺧﻞ ﺃﻭﻃﺎﻢ.
ﻟﺘﺮﲨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺪ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻲ.
ﺍﳌﻜﺘﻮﺏ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ ﺑﺎﳊﺰﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ،ﻛﻤـﺎ ﺃﻥ
ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻻﺯﺩﺭﺍﺀ ﻫﺬﻩ ﳍﺎ ﺁﺛﺎﺭﻫﺎ ﺍﻟـﺴﻠﺒﻴﺔ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻜﺘـﺎﺏ
ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﳌﺮﺋﻲ ﻭﺍﳌﺴﻤﻮﻉ ﻳـﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺪﻭﻟـﺔ .ﻭﻣـﺎﺩﺍﻡ ﺃﻏﻠـﺐ
ﻭﻋﻠﻰ ﺍﳌﺘﻠﻘﻲ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ .ﻭﺍﻻﺳﺘﻄﺮﺍﺩ ﰲ ﺭﺻﺪ ﺃﺛﺮ ﻫـﺬﺍ
ﻫــﺬﺍ ﺍﻹﻋــﻼﻡ ﺣــﺰﰊ ﺃﻭ ﻳــﺮﺗﺒﻂ ﺑﺴﻴﺎﺳــﺔ ﻣﻌﻴﻨــﺔ ،ﻓــﺈﻥ
ﺍﻹﻋﻼﻡ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺬﻫﺐ ﺑﻨﺎ ﺑﻌﻴﺪﺍ .ﻭﻳﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﻧﻘـﺎﺭﻥ ﻣﺜـﻼ
ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﻟﺼﺤﻔﻲ ﻭﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺗﻈﻞ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳـﺎﺱ.
ﻣﺜﻼ( ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺑﺮﻧـﺎﻣﺞ ﺑﺮﻧـﺎﺭ ﺑﻴﻔـﻮ ،ﻭ"ﻋـﺎﱂ ﺍﻟﻜﺘـﺐ" ﰲ
ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﺪﻋﺎﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻹﺳﺘﻜﺘﺎﺏ ﳋﺪﻣﺔ ﺍﻟﺘـﺼﻮﺭ ﺍﳋـﺎﺹ
ﺟﺮﻳــﺪﺓ ﻟﻮﻣﻮﻧــﺪ ،ﻟﻨﻼﺣــﻆ ﺍﻟﻔــﺮﻕ ﺍﻟﻜﺒــﲑ ﺑــﲔ ﻋﻘﻠﻴــﺔ
ﻫﻮ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﲢﻜﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻋﻼﻡ.
ﺍﻟﱪﺍﻣﺞ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﰲ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﻐـﺮﰊ )ﺍﻟﻔﺮﻧـﺴﻲ
ﺍﻻﻫﺘﻤــﺎﻡ ﺍﳉــﺎﺩ ﺑــﺎﻷﺩﺏ ﰲ ﺍﻹﻋــﻼﻡ ﺍﻟﻐــﺮﰊ ،ﻭﺫﻫﻨﻴــﺔ
ﺍﻻﺯﺩﺭﺍﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻄﺒﻊ ﺇﻋﻼﻣﻨﺎ.
ﺇﺫ ﺗﻌﻄﻰ ﺍﻷﺳﺒﻘﻴﺔ )ﺍﳌﻨﺎﺿﻞ( ،ﻭﻳﻈﻞ ﺍﻟﺘﺤﻴﺰ ﻋﻠـﻰ ﺻـﻌﻴﺪ
ﻭﻃﺒﻴﻌــﻲ ﺃﻥ ﻳﻨﻌﻜــﺲ ﻛــﻞ ﺫﻟــﻚ ﺳــﻠﺒﺎ ﻋﻠــﻰ ﻣﺮﺩﻭﺩﻳــﺔ
ﻭﻭﻇﻴﻔﺔ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺴﻤﻴﻪ ﺑﺎﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻷﺩﺑﻴـﺔ ،ﲡـﺎﻭﺯﺍ،
ﺇﻥ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﻭﺍﻷﺩﰊ ﻣﺎ ﻳﺰﺍﻝ ﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺍﳌـﺴﺆﻭﻟﲔ
ﻋﻠﻰ ﻗﺮﺍﺋﻬﺎ .ﻻ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﻛﻼﻣﻲ ﻫﺬﺍ ﺃﻥ ﺍﻟـﺼﺤﺎﻓﺔ
ﺍﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﻌﺎﱂ .ﻭﻫﻮ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻻ ﻳﺮﻗﻰ ﻷﻥ ﳛﺘﻞ ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻣـﺎ
ﺗﺄﺧﺬﻫﺎ ﻻ ﲣﺮﺝ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻋـﻦ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﺘـﺸﺨﻴﺺ .ﻭﰲ ﻫـﺬﺍ
ﰲ ﺃﻋﲔ ﺃﻭ ﻣﺴﺎﻣﻊ ﺍﳉﻤﻬـﻮﺭ .ﻭﻫـﺬﺍ ﺍﻟﺘـﺼﻮﺭ ﻛـﺎﻑ ﻹﺑـﺮﺍﺯ
ﺍﻹﻃﺎﺭ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺬﻛﺮ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﻤﺎﺫﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ
ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻷﺩﺏ.
ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻷﺩﺏ "ﻣﺼﺮ" ﻭﺍﻟﻔﻴﻨﻴـﻖ "ﺍﻷﺭﺩﻥ" ﺍﻷﺳـﺒﻮﻉ ﺍﻟﺜﻘـﺎﰲ
ﻋﻦ ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﰲ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻣﻦ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﻓﺌﺔ ﻣﻌﺰﻭﻟﺔ ﻋﻦ
ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﺍﳌﺘﺤﻜﻤـﺔ ،ﻭﺍﻟـﱵ ﻻ ﺗـﺆﻣﻦ ﺑﺪﻣﻘﺮﻃـﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓـﺔ ﺇﺫﺍ ﲡﺎﻭﺯﻧﺎ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﳌﺘﺤﻜﻢ ﰲ ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ،ﻭﻫﻮ
ﻭﻋﻲ ﻻ ﺩﳝﻘﺮﺍﻃـﻲ ﲡـﺎﻩ ﺍﻷﺩﺏ ،ﺇﱃ ﺍﻟـﺼﺤﻔﻲ ﺍﳌـﺸﺘﻐﻞ ﺑﺎﻷﺩﺏ ،ﳒﺪ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺍﻟﱵ ﻛﻮﻧﺎﻫـﺎ ﻋـﻦ
ﺍﻷﺩﺑﻴــﺔ ﻏــﲑ ﻣﻮﺟــﻮﺩﺓ ﺃﻭ ﻣﻨﻌﺪﻣــﺔ ،ﻟﻜــﻦ ﺍﻟــﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟــﱵ
ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺑﺪﺃﺕ ﺗﺘﺒﻠﻮﺭ ،ﻭﺗﺰﺩﻫﺮ ﰲ ﺍﻵﻭﻧـﺔ ﺍﻷﺧـﲑﺓ: "ﺳﻮﺭﻳﺎ" ،ﻭﻛﻨﺎ ﻗﺪ ﺃﺻﺪﺭﻧﺎ ﰲ ﻧﻄﺎﻕ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺟﺮﻳﺪﺓ "ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ" ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻮﻗﻔﺖ ﺑﻌـﺪ 03ﺃﻋـﺪﺍﺩ ﻻﻧﻌﺪﺍﻡ ﺍﻹﻣﻜﺎﻧﺎﺕ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ.
ﺍﳌﺪﺭﺱ .ﻓﻮﺍﻗﻊ ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺻﻮﺭﻫﺎ ﺍﳌﺘﻌﺪﺩﺓ ﻳﻘﻠـﺺ
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺃﻥ ﺗﺘﻜﺎﺛﺮ ﻣﺜـﻞ ﻫـﺬﻩ ﺍﻟﺘﺠـﺎﺭﺏ ﰲ ﻛـﻞ
ﺍﻟﺬﻱ ﳝﻜـﻦ ﺃﻥ ﻳﻌﻄـﻲ ﻟﻠﻌﻤـﻞ ﺍﻷﺩﰊ ﻭﻟﻠﻮﺍﻗـﻊ ﺍﻷﺩﰊ ﻣـﺎ
ﺇﻥ ﻟﻠﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺩﻭﺭﺍ ﻣﻬﻤﺎ ﰲ ﻧﺸﺮ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻷﺩﺑﻴـﺔ
ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻣﻦ ﺍﻹﻫﺘﻤﺎﻡ ،ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻨـﺎﻙ ﺭﺅﻳـﺔ
ﺍﳉﺪﻳـــﺪﺓ ﻭﺍﳉـــﺎﺩﺓ ﺇﺫﺍ ﺗﺄﺳـــﺴﺖ ﻋﻠـــﻰ ﻭﻋـــﻲ ﻳﺆﻣـــﻦ
ﻣﻦ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ .ﻓﻬﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻏﻴﺎﺏ ﻟﻠﺘـﺼﻮﺭ
ﻗﻄﺮ ﻋﺮﰊ ،ﻟﺘﺴﻬﻢ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﰲ ﺇﺷﺎﻋﺔ ﻣﻨﺎﺥ ﺃﺩﰊ ﺟﺪﻳﺪ.
ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﻭﻻ ﻣﻨﺴﺠﻤﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺜﻘـﺎﰲ ﻭﺍﻷﺩﰊ ،ﺃﻱ ﺃﻥ
ﺑﺎﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻭﺍﻻﺧﺘـﻼﻑ ،ﻭﺗـﺮﻦ ﰲ ﺫﻟـﻚ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻴـﻢ
ﺍﻟﺼﺤﻔﻲ ﺍﳌﺸﺘﻐﻞ ﺑﺎﻷﺩﺏ ﻳﻌﻤﻞ ﻭﻓﻖ ﺫﻫﻨﻴﺔ ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟـﱵ
ﺍﻹﺑﺪﺍﻋﻴــﺔ ﺍﻷﺻــﻴﻠﺔ ،ﻷــﺎ ﺭﻫــﺎﻥ ﺗﻐﻴــﲑ ﺍﻟــﺬﻫﻨﻴﺎﺕ
ﻳﺸﺘﻐﻞ ﺎ ،ﻓﻠﻴﺴﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺒﺎﺩﺭﺍﺕ ﻭﻻ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﻣﻴﺪﺍﻧﻴﺔ،
ﻭﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﺇﱃ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﻭﺍﻷﺷﻴﺎﺀ.
24
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﻟﻜﻦ ﻳﺒﺪﻭ ﱄ ﺃﻥ ﺍﻹﳝـﺎﻥ ﺑﺎﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴـﺔ ﻭﺍﻻﺧﺘـﻼﻑ
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺮﺍﺟﻊ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﺒﻘﻰ ﺍﳊﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫـﻮ ﻋﻠﻴـﻪ،
ﺍﻟﻜﺜــﲑ ﻣــﻦ ﺍﳉﻬــﺪ ﻭﺍﻟﺰﻣــﺎﻥ ﻻ ﺳــﻴﻤﺎ ﻭﺃﻥ ﺍﻹﳓﻴــﺎﺯﺍﺕ
ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺩﻓﻌﺘﻨﺎ ﺃﻻ ﻧﺘﺤﺪﺙ ﻋـﻦ "ﺃﺯﻣـﺎﺕ" ﻛﻤـﺎ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﳊﺰﺑﻴﺔ ﺗﻈﻞ ﻫﻲ ﺍﶈﺪﺩ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﻷﻱ ﺗﻘﺎﻃﺐ
ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻟﺘﺸﺨﻴﺺ ﺑﻌـﺾ ﻫـﺬﻩ ﺍﳌـﺸﻜﻼﺕ ،ﻭﻟﻜﻨﻬـﺎ
ﻻ ﳝﻜﻦ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﻘﻴـﻢ ﺃﻥ ﺗﺘﺒﻠـﻮﺭ ﻭﺗـﺼﺒﺢ ﻭﺍﻗﻌـﺎ ﺇﻻ ﰲ
ﻭﺍﻟﻌﻠــﻢ ﻭﺍﻟﻨﻘــﺪ ﻭﺍﻟــﺪﺭﺱ ﻭﺍﻹﻋــﻼﻡ .ﻭﺑــﺪﻭﻥ ﺭﺻــﺪ ﻫــﺬﻩ
ﻧﻄﺎﻕ ﺗﻐﻴﲑ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﺋﻤﲔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺇﱃ
ﺍﳌــﺸﺎﻛﻞ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌــﺔ ﺍﻟﺒﻨﻴﻮﻳــﺔ ،ﻭﺍﻟﻮﻋــﻲ ــﺎ ﺑــﺼﻮﺭﺓ
ﻭﰲ ﺇﻃــﺎﺭ ﺗﻐﻴــﲑ ﳑﺎﺭﺳــﺎﺕ ﻭﺩﻭﺭ ﺍﻟــﺼﺤﻔﻲ ﺍﳌــﺸﺘﻐﻞ
ﲡﺎﻭﺯﻫﺎ ،ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺆﺳﺲ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻷﺩﰊ ﺍﳉﺪﻳـﺪ ﺍﻟـﺬﻱ
ﺑﺎﻷﺩﺏ ﻻ ﻳﻜﻔـﻲ ﺃﻥ ﻳﻜـﻮﻥ ﻣﺘﺎﺑﻌـﺎ ﺃﻭ ﻣﻬﺘﻤـﺎ ،ﺇﺫ ﻋﻠﻴـﻪ ﺃﻥ
ﳝﻜﻨﻨﺎ ﻓﻌﻼ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﰲ ﳑﺎﺭﺳﺎﺕ ﺟﺪﻳﺪﺓ .ﻭﻫـﺬﺍ ﺃﺣـﺪ
ﻭﻗﻀﺎﻳﺎﻩ .ﺇﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﳐﺘـﺼﺎ ﻓﻴﻤـﺎ
ﻭﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ.
ﻭﺗﺮﲨﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺪ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ ﰲ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻭﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺩﻭﻧﻪ
ﺃﻭ ﺗﻌﺎﻟﻖ.
ﺍﻷﺩﺏ ﻭﺇﱃ ﺍﳌﺘﻠﻘﻲ.
ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻨﺨﺮﻃﺎ ﰲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻷﺩﰊ ﻭﻣﻠﻤـﺎ ﲟﺨﺘﻠـﻒ ﻣـﺸﺎﻛﻠﻪ
ﻭﻻ ﻳﻌﲏ ﺫﻟﻚ ﻏﲑ ﺍﻟﺘﻘﻬﻘﺮ ﻭﺍﳉﻤﻮﺩ.
ﺟﻌﻠﺘﻨﺎ ﻧﻌﺘﱪﻫـﺎ ﳏـﺪﻭﺩﺍﺕ ﺑﻨﻴﻮﻳـﺔ ﺗﻌﻴـﻖ ﺗﻄـﻮﺭ ﺍﻟﻨـﺺ
ﳐﺘﻠﻔﺔ ﻋـﻦ ﺍﻷﺷـﻜﺎﻝ ﺍﻟـﱵ ﻧﻄﺮﺣﻬـﺎ ـﺎ ،ﻭﻧﻌﻤـﻞ ﻋﻠـﻰ
ﺭﻫﺎﻧــﺎﺕ ﺃﻱ ﻋﻤــﻞ ﺟــﺎﺩ ﻭﻣﺘﻄﻠــﻊ ﺇﱃ ﺍﻹﺑــﺪﺍﻉ ﺍﳊﻘﻴﻘــﻲ
ﳝﻜــﻦ ﺃﻥ ﻧــﺴﻤﻴﻪ ﺑـ ـ"ﺍﻹﻋــﻼﻡ ﺍﻷﺩﰊ" .ﻭﻏﻴــﺎﺏ ﺍﻹﻋــﻼﻡ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎﻡ ﰲ ﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻨﺎ ﺍﻹﻋﻼﻣﻴـﺔ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔـﺔ ﻟـﻪ ﺩﻭﺭ ﻛﺒﲑ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ﺍﻷﺩﰊ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﻭﻗﻀﺎﻳﺎ. ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﺟـﺴﻮﺭ ﺑـﲔ ﻛﻠﻴـﺎﺕ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﻭﺍﳌﺆﺳـﺴﺔ
ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ،ﻣﺎﺩﺍﻣﺖ ﺃﻃﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺗﺘﺨﺮﺝ ﻣـﻦ ﻛﻠﻴـﺎﺕ ﺍﻵﺩﺍﺏ ،ﻓﻠﻴﺴﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺑﲔ ﻛﻠﻴـﺎﺕ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﻭﻣﻌﺎﻫـﺪ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻭﺍﻹﻋﻼﻡ .ﻓﺎﻟﺼﺤﻔﻲ ﺍﳌـﺸﺘﻐﻞ ﺑـﺎﻷﺩﺏ ﻫـﻮ ﺇﻣـﺎ
ﻣﻬﺘﻢ ﺑﺎﻷﺩﺏ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻴـﺲ ﻟـﻪ ﺗﻜـﻮﻳﻦ ﺻـﺤﻔﻲ .ﻭﺇﻣـﺎ ﺃﻧـﻪ ﺻﺤﻔﻲ ﳝﻸ ﳎﻼﺕ ﻣﺘﻌـﺪﺩﺓ ﻣـﻦ ﺑـﲔ ﺍﻷﺩﺏ ،ﻟﻐﻴـﺎﺏ ﻣـﻦ ﻳﻀﻄﻠﻊ ﺑﺬﻟﻚ .ﻭﻣﻌﲎ ﻫﺬﺍ ﺑﻌﺒـﺎﺭﺓ ﺃﺧـﺮﻯ ﺃﻧـﻪ ﻻ ﳝﻜﻨﻨـﺎ
ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﺃﻥ ﻧﺘﺤـﺪﺙ ﻋـﻦ ﺍﻟـﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻷﺩﺑﻴـﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ .ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﻧﺎﻗﺼﺎ ،ﻭﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑـﻪ ﻏـﲑ ﻣﺘﻮﻓﺮ ،ﻓﻜﻴﻒ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺘـﺂﺯﺭ ﳐﺘﻠـﻒ ﺍﻷﻃـﺮﺍﻑ ﺍﳌﺘـﺼﻠﺔ ﺑﺎﻷﺩﺏ ،ﻭﺃﻥ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺍﻷﻣﺜﻞ؟ﺍ
ﺇﻥ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻷﺩﰊ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴـﺔ ﺍﳌﻨﺎﺳـﺒﺔ ﺍﺣﺘﻴـﺎﺝ ﺍﻟﻨﺎﻗـﺪ ﺇﱃ ﻋﻤـﻞ ﺍﻟﻌـﺎﱂ .ﻭﺑــﺪﻭﺎ ﻻ ﳝﻜـﻦ ﺃﻥ
ﻳﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻷﺩﰊ ﰲ ﺍﳌﺆﺳـﺴﺔ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴـﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳـﺔ ﺃﻭ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ .ﺇﺎ ﺃﻃـﺮﺍﻑ ﻣﺘﻈـﺎﻓﺮﺓ ﻭﻣﺘﻜﺎﻣﻠـﺔ .ﻭﻳـﺄﰐ ﺩﻭﺭ ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻳﺆﺍﺯﺭ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻭﺍﻟﻨﺎﻗﺪ ﻭﺍﻟـﺪﺍﺭﺱ ﻟﻴﺘﺤﻘﻖ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻـﻞ ﻣـﻊ ﺍﳉﻤﻬـﻮﺭ ﺍﻟﻮﺍﺳـﻊ ﻣـﻦ ﺍﳌﺘﻠﻘـﲔ .ﺇﻥ
ﺍﻹﻋﻼﻡ ﲟﺨﺘﻠﻒ ﺃﻧﻮﺍﻋﻪ "ﺍﻟﺴﻤﻌﻲ ــ ﺍﻟﺒـﺼﺮﻱ ــ ﺍﳌﻜﺘـﻮﺏ" ﻳــﺴﺎﻫﻢ ﰲ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳــﻒ ﲟﺨﺘﻠــﻒ ﺍﻹﳒــﺎﺯﺍﺕ ﺍﻷﺩﺑﻴــﺔ ﻣــﻦ
ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺇﱃ ﳎﻤﻮﻉ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺕ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﱵ ﺗﺸﻐﻞ ﺑـﺎﻝ ﺍﳌــﺸﺘﻐﻠﲔ ﻭﺍﻟﻘــﺮﺍﺀ .ﻭﻣــﺎ ﱂ ﻳﻨــﻬﺾ ﺃﻱ ﻃــﺮﻑ ﻣــﻦ ﻫــﺬﻩ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ،ﻭﱂ ﻳﺘﻜﺎﻣﻞ ﻛﻞ ﻃﺮﻑ ﻣﻊ ﻏﲑﻩ،
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
25
ﻗﺼﺘﺎﻥ
ﻋﻮﺩﺓ ﺍﻟﺠﺮﺍﺩ
ﺑﻘﻠﻢ :ﻋﻤﺮ ﻣﻨﺎﺻﺮﻳﺔ
ﳛﻜﻰ ﺃﻥ ﺳﺮﺏ ﺟﺮﺍﺩ ﺣﻞ ﺑﻐﺎﺑﺔ ﻛﺜﻴﻔﺔ ﻭﺑﺪﺃ ﻳﻔﺴﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻳﺄﰐ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺃﺧﻀﺮ ،ﻭﻛﺎﻧـﺖ ﰲ ﺗﻠـﻚ ﺍﻷﺭﺽ ﺣﻴﻮﺍﻧـﺎﺕ ﻛﺜـﲑﺓ ﻭﻛـﺎﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻗﺮﺩ ﺩﺍﻫﻴﺔ ﻳﺄﻣﺮ ﻭﻳﻨﻬﻰ ،ﻓﺎﺟﺘﻤﻌﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳊﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻳﻮﻣﺎ ﻭﻗﺎﻟﺖ ﻟﻪ :ﻻ ﺑﺪ ﻟﻚ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﲣـﺬﻧﺎﻙ ﻣﻠﻜـﺎ ﺃﻥ ﲡـﺪ ﳍـﺬﻩ ﺍﳌﻌﻀﻠﺔ ﺣﻼ ﻭﺇﻻ ﺍﺟﺘﻤﻌﻨﺎ ﻋﻠﻴﻚ ﻭﺳﻠﺒﻨﺎﻙ ﻣﻠﻜﻚ .ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻘﺮﺩ :ﻭﻣﺎ ﺍﳊﻞ ﳍﺬﻩ ﺍﳌﻌﻀﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﺭﺃﻳﺘﻤﻮﻫﺎ ﺑﺄﻋﻴﻨﻜﻢ ،ﺣـﱴ ﺑﻨـﻮ ﺍﻟﺒـﺸﺮ ﻳﻌﺠﺰﻭﻥ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﺄﱏ ﱄ ﺃﻧﺎ ﺍﻟﻘﺮﺩ .
ﻓﻘﺎﻟﺖ ﺍﳊﻴﻮﺍﻧﺎﺕ :ﺃﺭﺳﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﺣﺬﺭﻫﺎ ! ﻓﺘﻌﺠﺐ ﺍﻟﻘﺮﺩ ﻣﻦ ﻛﻼﻣﻬﺎ ﻭﻫﺰﺃ ﻣﻦ ﻗﻠﺔ ﻋﻘﻠﻬﺎ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺭﻏﻢ ﺫﻟﻚ ﺃﺭﺳﻞ ﺇﱃ ﺍﳉﺮﺍﺩ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻠﻜﻬﺎ ﻟﻴﺘﺤﺪﺙ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻓﺄﺟﺎﺑﺖ ﺍﳉﺮﺍﺩ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﳌﻠﻚ ﺃﻥ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻟﻨﺎ ﻣﻠﻚ ﳌﺎ ﺭﺃﻳﺘﻨﺎ ﻧﻔﺴﺪ ﻭﻠﻚ ﺍﳊﺮﺙ ﻫﻜﺬﺍ ،ﰒ ﺭﺍﺣﺖ ﺗﻀﺤﻚ .ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﺍﳊﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﻳﺄﺱ ،ﺧﻄﺮﺕ ﺑﺒﺎﻝ ﺍﻟﻘﺮﺩ ﻓﻜﺮﺓ ﺭﻫﻴﺒﺔ ،ﻓﺬﻫﺐ ﺇﱃ ﺍﳉﺮﺍﺩ ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﰲ ﺃﻭﺳﻂ ﺍﻟﻐﺎﺑﺔ ﻭﻗﺎﻝ :ﺃﻻ ﺗﺮﺩﻥ ﺃﻥ ﲣﺘﺮﻥ ﻟﻜﻦ ﻣﻠﻜﺎ ﳓﺎﺩﺛﻪ ﻭﳛﺎﺩﺛﻨﺎ ؟ ﻓﺈﳕﺎ ﺍﻟﺴﺮﺏ ﲟﻠﻜﻪ ،ﻭﻣﻦ ﻻ ﻣﻠﻚ ﻟﻪ ﻛﺎﻥ ﻣﺜﻞ ﻣﻦ ﺭﺃﺱ ﻟﻪ .ﰒ ﺗﺮﻛﻬﻦ ﻭﺗﻮﱃ ﻋﻨﻬﻦ .ﻓﺘﻌﺠﱭ ﻣﻦ ﻛﻼﻣﻪ ،ﻭﺟﻌﻠﺖ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺗﺘﻤﲎ ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ ﺍﳌﻠﻚ ﻭﺃﺿﻤﺮﺕ ﺫﻟﻚ ،ﺣﱴ ﺻﺎﺭ ﺫﻟﻚ ﻭﺳﻮﺳﺔ ﰲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻻ ﺗﻄﻴﻘﻪ ،ﻭﱂ ﺗﻌﺪ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻛﻞ ﻓﻜﻔﺖ ﻋﻨﻪ ﺇﱃ ﺃﻓﻜﺎﺭﻫﺎ .ﰒ ﺇﺎ ﺃﺭﺳﻠﺖ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﺮﺩ ﻓﺤﻀﺮ ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻪ :ﻧﻌﻢ ﻧﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﳔﺘﺎﺭ ﻷﻧﻔﺴﻨﺎ ﻣﻠﻜﺎ ﻓﻤﺎ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ ﺇﱃ
ﺫﻟﻚ ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻘﺮﺩ :ﺇﻥ ﺍﳌﻠﻚ ﰲ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻐﺎﺑﺔ ﻫﻮ ﺍﻷﻗﻮﻯ ﻣﻦ ﺑﲏ ﺟﻨﺴﻪ ،ﻭﺃﺭﻯ ﺃﻥ ﲣﺘﺮﻥ ﻷﻧﻔﺴﻜﻦ ﻣﻠﻜﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﻮﻳﺎ ﻟﻴﺪﺍﻓﻊ ﻋﻨﻜﻦ ﰲ ﺃﻭﻗﺎﺕ ﺍﻟﺸﺪﺓ ﻭﺍﻟﺒﺄﺱ ،ﻭﻻ ﲣﺘﺮﻧﻪ ﺿﻌﻴﻔﺎ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻭﺑﺎﻟﻜﻦ ﻋﻈﻴﻤﺎ ﻷﻧﻜﻦ ﺇﻥ ﻓﻌﻠﱳ ،ﺻﺎﺭ ﺫﻟﻚ ﻋﻴﺒﺎ ﺗﻨﻌﱳ ﺑﻪ ﲨﻴﻌﺎ .ﻭﻋﺎﺩ ﺍﻟﻘﺮﺩ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻓﺠﻌﻞ ﺍﳉﺮﺍﺩ ﻳﺴﺘﻌﺮﺽ ﻗﻮﺍﻩ ﻭﳝﲎ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﳌﻠﻚ ،ﺣﱴ ﺍﺳﺘﺤﻜﻢ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻓﺠﻌﻠﺖ ﺗﻨﺼﺐ ﻟﺒﻌﻀﻬﺎ ﺍﻟﻌﺪﺍﺀ ﻭﺗﻈﻬﺮﻩ ،ﻭﺻﺎﺭﺕ ﺗﺘﻘﺎﺗﻞ ﻭﻳﺄﻛﻞ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻌﻀﺎ ،ﻓﻠﻤﺎ ﻧﻘﺺ ﻋﺪﺩﻫﺎ ﻭﺧﺎﻓﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺻﺎﺭﺕ ﺗﺘﻮﺍﺭﻯ ﺑﲔ ﺍﻷﺷﺠﺎﺭ ،ﻓﺄﺭﺳﻞ ﺍﻟﻘﺮﺩ ﺍﻟﻄﻴﻮﺭ ﺧﻠﻔﻬﺎ ﺗﺘﻠﻘﻔﻬﺎ ﻭﺗﺄﻛﻠﻬﺎ ﺣﱴ ﱂ ﻳﺒﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻻ ﺃﻋﺪﺍﺩﺍ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻻ ﺣﻮﻝ ﳍﺎ ﻭﻻ ﻗﻮﺓ ،ﻓﺮﺍﺣﺖ ﺗﺘﻮﺍﻟﺪ ﺧﻔﻴﺔ ﻭﺗﻠﻮﺫ ﺑﺎﻟﻔﺮﺍﺭ ﻛﻠﻤﺎ ﺃﻏﺎﺭﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻄﻴﻮﺭ . ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻗﻀﻰ ﺍﻟﻘﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺮﺍﺩ ،ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺃﺕ ﺍﳊﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻣﺎ ﺣﻞ ﺑﺎﳉﺮﺍﺩ ﺧﺸﻴﺖ ﺃﻥ ﳛﺪﺙ ﳍﺎ ﺫﻟﻚ ﺃﻳﻀﺎ ﺇﻥ ﻫﻲ ﻧﺎﺯﻋﺖ ﺍﻟﻘﺮﺩ ﻣﻠﻜﻪ ،ﻓﺄﺣﺠﻤﺖ ﻋﻨﻪ ﻭﺻﺎﺭﺕ ﺗﻄﻴﻌﻪ ﻭﺍﲣﺬﺗﻪ ﻣﻠﻜﺎ ﻭﺣﻴﺪﺍ ﳍﺎ ،ﻓﺤﻜﻢ ﻣﺎ ﺣﻜﻢ ﰒ ﺗﻄﺮﻕ ﺍﻟﻀﻌﻒ ﻭﺍﳍﺰﺍﻝ ﺇﻟﻴﻪ ،ﺣﱴ ﻣﺎﺕ ﻭﱂ ﳜﻠﻔﻪ ﺃﺣﺪ ،ﻭﺑﻘﻴﺖ ﺍﳊﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﺑﻼ ﻣﻠﻚ ﻳﺴﻮﺳﻬﺎ ﻷﻥ ﺍﳋﻮﻑ ﺍﺳﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﱂ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﻣﻨﻪ ﺧﻼﺻﺎ ،ﻭﻛﺎﻥ ﰲ ﺍﻟﻐﺎﺑﺔ ﺟﺮﺍﺩﺗﺎﻥ ﻟﺒﺜﺘﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﳍﻤﺎ ﻭﻛﺎﻧﺘﺎ ﻧﺴﻴﺘﺎ ﻣﺎ ﺣﻞ ﺑﻘﻮﻣﻬﻤﺎ ﳌﻮﺕ ﺍﻷﺑﺎﺀ ﻭﺍﻷﺟﺪﺍﺩ ،ﻓﻘﺎﻟﺖ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﳉﺮﺍﺩﺗﲔ :ﺃﻧﺎ ﺃﺭﻯ ﺃﻥ ﻧﺬﻫﺐ ﻭﻧﺴﻮﺱ ﺍﳊﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻧﺎ
ﺇﻥ ﺑﻘﻴﻨﺎ ﺑﻼ ﻣﻠﻚ ﻫﺠﻤﺖ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻄﻮﺍﺭﺉ ﻓﺄﺫﻫﺒﺘﻨﺎ ﲨﻴﻌﺎ .ﻓﺬﻫﺒﺖ ﺍﳉﺮﺍﺩﺓ ﻭﺍﺩﻋﺖ ﺍﳌﻠﻚ ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻭﻧﺼﺒﺖ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺘﺮﺽ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﺣﺪ ،ﻓﺠﻌﻞ ﺍﳉﺮﺍﺩ ﳌﺎ ﺣﻜﻢ ﻭﺍﺳﺘﺘﺐ ﻟﻪ ﺍﳌﻠﻚ ﻳﺘﻜﺎﺛﺮ ﻭﻳﺰﺩﺍﺩ ﺣﱴ ﻃﻐﻰ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﳊﻴﻮﺍﻥ ،ﻓﻬﺠﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺰﺭﻉ ﻭﺃﻓﺴﺪﻩ ،ﻭﻃﻐﻰ ﻭﲡﱪ ،ﺣﱴ ﺃﺗﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﺎﺑﺔ ،ﻓﻠﻤﺎ ﻗﻀﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺣﻦ ﺇﱃ ﺍﳍﺠﺮﺓ ،ﻓﻐﺎﺩﺭ ﺍﻟﻐﺎﺑﺔ ﺍﻟﱵ ﱂ ﺗﺒﻖ ﺳﻮﻯ ﺻﻌﻴﺪﺍ
26
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ ﻭﻋﺎﺩﺗﻪ
ﺑﻘﻠﻢ :ﻋﻤﺮ ﻣﻨﺎﺻﺮﻳﺔ
ﳛﻜﻰ ﺃﻥ ﲪﺎﺭﺍ ﻛﺎﻥ ﻳﺪﻳﺮ ﺭﺣﻰ ﻃﺎﺣﻮﻧﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ ،ﻓﻴﻈﻞ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﰲ ﻏﺮﻓﺔ ﺿﻴﻘﺔ ﻣﻨﺘﻨﺔ ﻭﻫﻮ ﻳﺪﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ .ﻭﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﺗﺄﻣﻞ ﺣﺎﻟﻪ ﻭﻣﺎ ﺻﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﺬﻟﺔ ﻭﺍﳌﻬﺎﻧﺔ ﻓﺸﻌﺮ ﺑﺎﳊﺰﻥ ﻭﺍﻟﻐﻴﻆ ،ﻭﺧﺎﻃﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﻗﺎﺋﻼ :ﺇﱃ ﻣﱴ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺩﻭﺭ ﺣﻮﻝ ﻧﻔﺴﻲ ﻫﻜﺬﺍ ﻭﺃﻗﺘﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﻌﺐ ﻭﺍﻹﺭﻫﺎﻕ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺍﳊﻴﻮﺍﻥ ﻣﻦ ﺣﻮﱄ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﺮﺍﺣﺔ ﻭﺍﳊﺮﻳﺔ ،ﻭﻓﻜﺮ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻳﻨﺠﻮ ﺎ ﻣﻦ ﻋﺬﺍﺑﻪ .ﻭﻛﺎﻥ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻳﺆﺫﻳﻪ
ﻭﻳﻘﺪﻡ ﻟﻪ ﻋﻠﻔﺎ ﺭﺩﻳﺌﺎ ﰲ ﻛﻴﺲ ﻳﻌﻠﻘﻬﺎ ﺣﻮﻝ ﺭﺃﺳﻪ ،ﻓﻴﺘﻨﺎﻭﻝ ﻃﻌﺎﻣﻪ ﻭﻫﻮ ﻳﺪﻭﺭ .ﻭﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﺸﺮﺏ ﺃﺭﺍﺣﻪ ﳊﻈﺎﺕ ﰒ ﺃﻋﺎﺩﻩ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻤﻞ .
ﻭﺳﺌﻢ ﺍﳊﻤﺎﺭ ﻣﻦ ﻭﺿﻌﻪ ،ﻓﻤﺮﺕ ﺑﻪ ﳕﻠﺔ ﻳﻮﻣﺎ ﻭﻗﺎﻟﺖ ﻟﻪ :ﺷﻜﺮﺍ ﻟﻚ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﳊﻤﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻣﻪ ﱄ ﻭﻟﻠﻨﻤﻼﺕ ﺃﻣﺜﺎﱄ ﻣﻦ ﺧﲑ ﻋﻤﻴﻢ ﻭﺭﺯﻕ ﻭﻓﲑ ،ﻓﻨﺤﻦ ﻻ ﻧﻜﻒ ﻋﻦ ﺷﻜﺮﻙ ﻭﻣﺪﺣﻚ ﻭﻧﺘﻤﲎ ﺃﻥ ﻧﻌﻴﺪ ﻟﻚ ﻳﻮﻣﺎ ﺻﻨﻴﻌﻚ .ﻓﺘﻌﺠﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻗﺎﻝ :ﺃﻧﺎ ؟ ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻳﻈﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﺣﻘﺮ ﺍﳋﻠﻖ .ﻓﻘﺎﻟﺖ ﺍﻟﻨﻤﻠﺔ :ﻧﻌﻢ .ﻓﺄﻧﺖ ﺗﺪﻳﺮ ﺭﺣﻰ ﻛﺒﲑﺓ ﻻ ﻳﻘﻮﻯ ﺃﺣﺪ ﻋﻠﻰ ﲢﺮﻳﻜﻬﺎ ﺳﻮﺍﻙ ،ﻭﺍﻟﺮﺣﻰ ﺗﺪﻕ ﺍﻟﻘﻤﺢ ﻭﺍﻟﺸﻌﲑ ﻭﺗﻄﺤﻨﻪ ،ﻓﻨﺄﻛﻞ ﳓﻦ ،ﻭﻳﺄﻛﻞ ﺍﻟﻄﲑ ﻭﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻄﺎﺣﻮﻧﺔ ،ﻭﺳﻜﺎﻥ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻛﻠﻬﻢ .ﻓﺘﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﻛﻼﻣﻬﺎ .ﻭﺍﺯﺩﺍﺩ ﻳﺄﺳﻪ ﻓﻘﺎﻝ :ﺃﺩﻳﺮ ﻫﺬﺍ ﻛﻠﻪ ﻭﺃﻧﺎ ﻋﺎﺟﺰ ﺣﱴ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﺑﻨﻔﺴﻲ ؟ ﻭﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﻨﻤﻠﺔ ﺑﲔ ﺻﻒ ﺍﻟﻨﻤﻞ ﺗﻨﻘﻞ ﺍﳊﺐ ﻓﻨﺎﺩﺍﻫﺎ ،ﻭﻗﺪ ﺗﺬﻛﺮ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﺘﻪ ﻟﻪ ﻋﻦ ﺭﺩ ﺍﳉﻤﻴﻞ ﻟﻪ .ﻓﻠﻤﺎ ﺍﻗﺘﺮﺑﺖ ﺃﺧﱪﻫﺎ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﻪ ﻭﻗﺎﻝ :ﺇﺫﺍ ﺟﺌﺖ ﻭﺻﺎﺣﺒﺎﺗﻚ ﻭﻓﻜﻜﱳ ﺃﺳﺮﻱ ﺃﻻ ﺗﻜﻦ ﻗﺪ ﺭﺩﺩﺗﻦ ﱄ ﲨﻴﻠﻲ؟ ﻓﺘﻔﻜﺮﺕ ﺍﻟﻨﻤﻠﺔ ﻭﻗﺎﻟﺖ :ﻭﻟﻜﻨﺎ ﺇﻥ ﻓﻜﻜﻨﺎ ﻗﻴﺪﻙ ﺫﻫﺐ ﺭﺯﻗﻨﺎ ﻭﱂ ﳒﺪ ﻣﺎ ﻧﺄﻛﻠﻪ .ﰒ ﺗﺮﻛﺘﻪ ﻭﻋﺎﺩﺕ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻤﻞ .ﻓﻌﺎﺩ ﺇﱃ ﺍﳊﻤﺎﺭ ﻳﺄﺳﻪ .
ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮ ﻳﺪﻭﺭ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﺇﺫ ﺣﻄﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﺎﻓﺬﺓ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ ﻋﺼﺎﻓﲑ ﺻﻐﲑﺓ ،ﻓﻨﺎﺩﺍﻫﺎ ﻭﻗﺎﻝ ﳍﺎ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﻟﻠﻨﻤﻠﺔ ،ﻓﺄﺑﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺫﻟﻚ ، ﻭﺧﺎﻓﺖ ﻋﻠﻰ ﺭﺯﻗﻬﺎ ﻭﻃﺎﺭﺕ ﻣﺒﺘﻌﺪﺓ .ﻓﻴﺌﺲ ﺍﳊﻤﺎﺭ ﺃﻳﺎﻣﺎ ﺃﺧﺮﻯ ﰒ ﻗﺎﻝ :ﺇﺫﺍ ﺟﺎﺀ ﺻﺎﺣﱯ ﻘﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻴﻘﺎ ﻛﺒﲑﺍ ،ﻓﻴﻀﻄﺮ ﺑﻌﺪ ﻣﺪﺓ ﺇﱃ ﺃﻥ ﳛﺮﺭﱐ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺃﻧﺎ ﻭﺍﺻﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ،ﻓﻜﻢ ﻣﻦ ﻣﺴﺠﻮﻥ ﻭﻣﻌﺬﺏ ﺣﺮﺭ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ ،ﻭﱂ ﻳﺮﺽ ﻷﺣﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻀﻞ ﻳﺬﻛﺮﻩ ﺑﻪ .ﻓﺄﺧﺬ ﻛﻠﻤﺎ ﺩﺧﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻴﻘﺎ ﺣﺎﺩﺍ ،ﻓﻴﻀﻄﺮ ﺇﱃ ﺿﺮﺑﻪ ﺿﺮﺑﺎ ﻣﱪﺣﺎ ﻭﳜﺮﺝ .ﻭﻟﻜﻦ ﺍﳊﻤﺎﺭ ﻭﺍﺻﻞ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ .ﺣﱴ ﻓﻚ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻗﻴﺪﻩ ﺫﺍﺕ ﻣﺴﺎﺀ ﻭﺃﺧﺮﺟﻪ .ﻭﱂ ﻳﻜﻦ ﻗﺪ ﺭﺃﻯ ﻣﻨﺎﻇﺮ ﻣﻨﺬ ﻣﺪﺓ ﻃﻮﻳﻠﺔ ،ﻓﺄﺧﺬ ﻳﺘﺄﻣﻞ ﺍﳋﻀﺮﺓ ﻭﺍﻟﺰﺭﻗﺔ ﻭﻳﺘﺤﺴﺮ ،ﻭﺭﺃﻯ ﻋﺼﺎﻓﲑ ﻭﺃﻃﻴﺎﺭﺍ ﻭﺣﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﺗﻨﻌﻢ ﺑﺎﻟﺮﺍﺣﺔ ﻭﺍﳍﻨﺎﺀ ﻓﺎﺯﺩﺍﺩ ﺭﻏﺒﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ،ﰒ ﺇﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺃﻋﺎﺩﻩ ﺇﱄ ﺍﻟﻄﺎﺣﻮﻧﺔ ﻭﺃﺧﺬ ﻳﻀﺮﺑﻪ ﻟﻴﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﻫﻮ ﻳﺄﰉ ﺫﻟﻚ ﻭﻳﻨﻬﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻴﻘﺎ ﺣﺎﺩﺍ ﺣﱴ ﺃﺯﻋﺠﻪ ،ﻓﻀﺮﺑﻪ ﺿﺮﺑﺎ ﺃﻟﻴﻤﺎ ﰒ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻭﺭﻣﺎﻩ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﰲ ﻏﺎﺑﺔ ،ﻓﺄﺧﺬ ﺍﳊﻤﺎﺭ ﻳﻨﻬﻖ ﻣﻦ ﺷﺪﺓ ﺍﻟﻔﺮﺡ ،ﻭﺭﺃﻯ ﺃﺗﺎﻧﺎ ﻓﺘﺰﻭﺟﻬﺎ .ﻭﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻪ :ﻣﺎﻟﻚ ﺗﻘﻀﻲ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺗﺪﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻚ .ﻓﺘﻌﺠﺐ
ﻣﻦ ﻗﻮﳍﺎ ﻭﺭﺍﻗﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﲑﻯ ﺫﻟﻚ ،ﻓﻜﺎﻥ ﻛﻠﻤﺎ ﺍﺳﺘﻴﻘﻆ ﻣﻦ ﻧﻮﻣﻪ ﺃﻟﻔﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﺪﻭﺭ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺮﺣﻰ .ﻭﱂ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ،ﻓﺎﺷﺘﻜﻰ ﻳﻮﻣﺎ ﻟﻸﺗﺎﻥ ﻓﻨﺼﺤﺘﻪ ﻗﺎﺋﻠﺔ :ﻋﻠﻴﻚ ﺑﺎﻟﺴﲑ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺴﺘﻘﻴﻢ ﺃﻳﺎﻣﺎ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻭﺗﻜﺮﺭ ﺫﻟﻚ ﺣﱴ ﺗﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺩﺗﻚ ﻭﺗﻨﺴﻰ ﺩﻭﺭﺍﻧﻚ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﳑﺎ ﻳﺴﻬﻞ ﺗﻐﻴﲑﻫﺎ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺘﻜﺮﺍﺭ ،ﻭﺇﻥ ﺃﻧﺖ ﺭﻛﻨﺖ ﺇﱃ ﻣﻜﺎﻧﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﺖ ﻓﻴﻪ ،ﺑﻘﻴﺖ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻚ ﻃﻮﻝ ﺍﻟﺪﻫﺮ ﻭﱂ ﻳﻜﻦ ﻟﺘﺮﻛﻚ ﻋﻤﻠﻚ ﻋﻨﺪ ﺻﺎﺣﺒﻚ ﺃﻱ ﻓﺎﺋﺪﺓ .ﻓﻠﻢ ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻨﺼﻴﺤﺘﻬﺎ ﻭﱂ ﻳﺮﺽ ﺑﺎﻟﺴﲑ ﻣﺴﺎﻓﺎﺕ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺭﺿﻮﺧﺎ ﻭﺍﺳﺘﻜﺎﻧﺔ .ﻭﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﻗﺎﻝ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ :ﳌﺎﺫﺍ ﺗﺮﻛﺖ ﻋﻤﻠﻲ ﺇﺫﻥ ،ﻓﺄﻧﺎ ﻋﺎﺋﺪ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻐﺪ ﻣﺎ ﺩﻣﺖ ﺩﺍﺋﺮﺍ ﰲ ﻛﻞ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻀﻌﻒ ﻗﺪ ﺩﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﻟﺘﻨﺎﻭﻟﻪ ﺍﳊﺸﺎﺋﺶ ﻭﺍﻷﻋﺸﺎﺏ ﻓﻘﻂ ،ﻓﺄﺛﺮ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺘﻪ .ﻭﱂ ﻳﺼﱪ ،ﻓﻌﺎﺩ ﺇﱃ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻄﺎﺣﻮﻧﺔ ﻭﻭﻗﻒ ﺃﻣﺎﻡ ﺑﺎﺑﻪ
ﻳﻨﻬﻖ .ﻓﺮﺁﻩ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻓﻀﺤﻚ ﰒ ﺍﺩﺧﻠﻪ ،ﻭﺃﻋﻄﺎﻩ ﻋﻤﻼ ﺟﺪﻳﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﻏﲑ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺄﻣﻠﻪ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﳛﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺛﻘﺎﻻ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﺇﱃ
ﻗﺮﻯ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻭﻳﻀﺮﺑﻪ ﺿﺮﺑﺎ ﺃﻟﻴﻤﺎ .ﻓﻨﺪﻡ ﺍﳊﻤﺎﺭ ﺃﺷﺪ ﺍﻟﻨﺪﻡ ﱂ ﱂ ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻨﺼﻴﺤﺔ ﺍﻷﺗﺎﻥ .ﻭﻫﻠﻚ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﻭﻫﻮ ﻳﻨﻘﻞ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻄﺤﻨﻪ ﲪﺎﺭ ﺁﺧﺮ ﺇﱃ ﻗﺮﻳﺔ ﺑﻌﻴﺪﺓ ،ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺃﻛﻠﺘﻪ ﺍﻟﻮﺣﻮﺵ .
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
27
ﺣﻮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﻀﻔﺎﻑ
ﻣﺮﺯﺍﻕ ﺑﻘﻄﺎﺵ
ﺃﻛﻮﻥ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻣﺘﻐﻴﺮﺓ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﻨﺎﻭﻟﺖ ﺍﻟﻘﻠﻢ ﻭﺃﻗﺪﻣﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺣﺎﻭﺭﻩ :ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﺯﺭﺍﻗﻲ
ﺑﻄﺎﻗﺔ ﻓﻨﻴﺔ :ﻣﻦ ﻫﻮ ﻣﺮﺯﺍﻕ ﺑﻘﻄﺎﺵ؟
ﻣﻦ ﻣﻮﺍﻟﻴﺪ 13ﺟﻮﺍﻥ 1945ﺑﺎﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ،ﻟﻴﺴﺎﻧﺲ ﺁﺩﺍﺏ ﻭﻋﻠﻮﻡ ﺇﻧـﺴﺎﻧﻴﺔ .ﻗـﺴﻢ
ﺍﻟﺘﺮﲨﺔ ﻋﺎﻡ 1969ﺻـﺤﻔﻲ ﻣﻨـﺬ 06ﺩﻳـﺴﻤﱪ 1962ﲜﺮﻳـﺪﺓ ﺍﻟـﺸﻌﺐ ﰒ ﻭﻛﺎﻟـﺔ ﺍﻷﻧﺒﺎﺀ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻀﻮ ﺳﺎﺑﻖ ﰲ ﺍﻠﺲ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻟﻺﻋﻼﻡ.
ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﺍﻟﺮﻭﺍﺋﻴﺔ:
-(1ﻃﻴﻮﺭ ﰲ ﺍﻟﻈﻬﲑﺓ .1976 -(2ﺍﻟﺒﺰﺍﺓ .1983 -(3ﻋﺰﻭﺯ ﺍﻟﻜﺎﺑﺮﺍﻥ .1989
-(4ﻛﻼﻣﻮﺱ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ .1989 -(5ﺧﻮﻳﺎ ﺩﲪﺎﻥ .2000 -(6ﺩﻡ ﺍﻟﻐﺰﺍﻝ .2002 -(7ﳛﺪﺙ ﻣﺎ ﻻ ﳛﺪﺙ .2004
ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴﺔ:
-(1ﺟﺮﺍﺩ ﺍﻟﺒﺤﺮ .1978 -(2ﻛﻮﺯﺓ .1984 -(3ﺍﳌﻮﺳﻰ ﻭﺍﻟﺒﺤﺮ .1983 -(4ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺰﻟﻴﺞ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ .2003
ﻛﺘﺎﺑﺎﺕ ﻧﻘﺪﻳﺔ:
-(1ﺧﻴﻮﻝ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻭﺍﻟﻠﻴﻞ .1990
-(2ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﺰﻳﺖ )ﻧﺜﺮﻳﺎﺕ (1990
ﺗﺮﲨﺎﺕ:
-(1ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﳉﻮﺭﺝ ﻟﻮﻛﺎﺗﺶ. -(2ﺃﻟﻒ ﻋﺎﻡ ﻭﻋﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﳊﻨﲔ ﺭﺷﻴﺪ ﺑﻮﺟﺪﺭﺓ. -(3ﺿﺮﺑﺔ ﺟﺰﺍﺀ ﺭﺷﻴﺪ ﺑﻮﺟﺪﺭﺓ. -(4ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻗﻔﺰﺓ ﰲ ﺍﻟﻈﻼﻡ )ﻣﻘﺎﻻﺕ ﻧﻘﺪﻳﺔ ﻷﺩﺑﺎﺀ ﻋﺎﳌﻴﲔ(.
28
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
-(5ﺍﻟﺘﻔﺎﺣﺔ ﺍﳊﻤﺮﺍﺀ )ﻗﺼﺺ ﻋﺎﳌﻴﺔ(.
ﻣﺎ ﻭﻃﺮﺣﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺭﻕ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﱄ ﺗﺼﻮﺭﺍ ﳏﺪﻭﺩﺍ
ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﳌﺴﻠﺴﻼﺕ ﺍﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ ﻭﺍﳌﻘﺎﻻﺕ ﺍﻷﺩﺑﻴـﺔ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴـﺔ
*ﻭﻛﻴﻒ ﺗﺮﻯ ﺍﻟﺰﻣﻦ؟
-(6ﻭﺭﺩﺓ ﺍﻟﺒﺤﺮ )ﺭﻭﺍﻳﺔ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ(. ﻭﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﳒﻠﻴﺰﻳﺔ.
ﺑﻘﻄﺎﺵ ﻣﺮﺯﺍﻕ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﳌﺒﺪﻋﲔ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﳌﻨﺸﻐﻠﲔ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺑﺜﻼﺙ ﻟﻐﺎﺕ ﻫـﻲ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴـﺔ ﻭﺍﻟﻔﺮﻧـﺴﻴﺔ ﻭﺍﻹﳒﻠﻴﺰﻳـﺔ، ﻭﺧﻼﻝ 30ﺳـﻨﺔ ﺃﳒـﺰ 19ﻋﻤـﻼ ،ﻣﻨـﻬﺎ ﺳـﺒﻊ ﺭﻭﺍﻳـﺎﺕ ،ﻭﺃﺭﺑـﻊ ﳎﻤﻮﻋﺎﺕ ﻗﺼﺼﻴﺔ ،ﻭﻛﺘﺎﺑﲔ ﻧﻘﺪﻳﲔ ،ﻭﺳـﺘﺔ ﺃﻋﻤـﺎﻝ ﻣﺘﺮﲨـﺔ، ﻋﻤﻞ ﺻﺤﻔﻴﺎ ﻣﻨﺬ ﺍﺳﺘﺮﺟﺎﻉ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ 1962ﰲ ﺟﺮﻳﺪﺓ "ﺍﻟﺸﻌﺐ" ﰒ "ﻭﻛﺎﻟﺔ ﺍﻷﻧﺒﺎﺀ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ" ،ﻭﺗﻌـﺮﺽ ﶈﺎﻭﻟـﺔ ﺍﻏﺘﻴـﺎﻝ ﻭﱂ ﻳﺘﻐــﲑ ﻣﻮﻗﻔــﻪ ﰲ ﺍﻟــﺪﻓﺎﻉ ﻋــﻦ ﺍﻟﻌﺮﻭﺑــﺔ ﻭﺍﻹﺳــﻼﻡ ،ﻭﺳــﻨﺤﺎﻭﻝ
ﻟﻠﺰﻣﻦ.
**ﻻ ﺃﺑﺎﻟﻎ ﺇﻥ ﻗﻠﺖ ﻟﻚ ﺃﻧﲏ ﺃﺭﻯ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﰲ ﺧﻂ ﻫﻨﺪﺳـﻲ
ﻣﻨﻜﺴﺮ ،ﲟﻌﲎ ﺃﻧﻪ ﰲ ﻣﻘﺪﻭﺭﻱ ﺃﻥ ﺃﺭﺳﻢ ﺧﻄﺎ ﺑﻴﺎﻧﻴﺎ ﻋﻨﻪ ﻣﺎ ﺑﲔ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮ ﻗﺒﻞ ﺍﳌﻴﻼﺩ ﺇﱃ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬﺍ ،ﻭﺍﺭﲢﻞ ﻋﻠﻰ
ﻣﱳ ﻫﺬﺍ ﺍﳋﻂ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺸﺎﺀ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺳﻢ ﺍﻟﺒﻴﺎﱐ ،ﺃﻭ ﺍﳋـﻂ
ﺍﻟﺒﻴﺎﱐ ﻻ ﻳﺘﻐﲑ ﰲ ﻧﻈﺮﻱ ،ﻭﺃﺣﺴﺐ ﺃﻧـﻪ ﻻ ﻳﺘﻐـﲑ ﰲ ﻳـﻮﻡ
ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺎﻡ ،ﻣﻨﺬ ﺃﻥ ﻭﻋﻴﺖ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑـﺔ ﺍﻹﺑﺪﺍﻋﻴـﺔ ﻭﺍﳊﻴـﺎﺓ ﰲ ﺻﻮﺭﺎ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ.
ﺍﻟﺘﻌﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺍﻹﺑﺪﺍﻋﻴـﺔ ﻋﻨـﺪﻩ ﻋـﱪ ﺃﺳـﺌﻠﺔ ﳏﺪﺩﺓ ﻭﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﳉﻮﺍﻧﺐ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻓﻘﻂ
*ﻭﺇﱃ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻌﻮﺩ ﺫﻟﻚ؟ **ﻫﺬﺍ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﻋﻘﻴﺪﰐ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴـﺔ ﻷﻥ ﺍﻟـﺰﻣﻦ ﺣـﺴﺐ
* ﺱ:ﻣـﻦ ﺃﻳـﻦ ﻳﺄﺧـﺬ ﻣـﺮﺯﺍﻕ ﺑﻘﻄـﺎﺵ ﻓﻜـﺮﺓ ﻋﻤﻠــﻪ
ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ؟ ﻣﺎﺽ ،ﺣﺎﺿﺮ ﻭﻣﺴﺘﻘﺒﻞ.
** ﺝ :ﺍﳌﻨﺒﻊ ﻳﺘﻐﲑ ﻭﻓﻖ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺍﳌﺒﺪﻉ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﺮ،
* ﻣﺎ ﻣﻮﻗﻊ ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺍﻹﺑﺪﺍﻋﻲ ﻟﺪﻳﻚ؟
ﺍﻹﺑﺪﺍﻋﻲ؟
ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﺳﺘﻘﻲ ﻣﻮﺍﺿﻴﻌﻲ ﻣﻦ ﺫﺍﰐ ،ﻭﻗﺪ ﺃﺳﺘﻘﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﳎـﺮﺩ
ﻛﻠﻤــﺔ ﺃﻭ ﻟــﻮﻥ ﺃﻭ ﻣﻘﻄــﻊ ﻣﻮﺳــﻴﻘﻲ ،ﻭﺃﺗــﺮﻙ ﻫــﺬﻩ ﺍﻷﻣــﻮﺭ
**ﻫﻨﺎﻙ ﲣﻄﻴﻂ ،ﻭﻟﻜﻨﲏ ﻗﻠﻤﺎ ﺃﻟـﺘﺰﻡ ﺑـﻪ ،ﻓﺒﻤﺠـﺮﺩ ﺃﻥ
ﺃﺗﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﻘﻠﻢ ﺃﻭ ﺃﺟﻠﺲ ﻗﺒﺎﻟـﺔ ﺍﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗـﺮ ﳛـﺪﺙ ﺗﻔﺎﻋـﻞ
ﺗﺘﻔﺎﻋﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻭﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻗـﺪ ﺗﻜـﻮﻥ ﺭﻭﺍﻳـﺔ ﺃﻭ ﻗـﺼﺔ
ﻋﺠﻴﺐ ﰲ ﺃﻋﻤﺎﻗﻲ ،ﻭﺃﺭﺍﱐ ﺃﺳﲑ ﰲ ﺧﻂ ﺁﺥ ﻭﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻌـﲏ
ﻣﻦ ﺍﳌﻌﺎﻳﲑ .ﺑﻞ ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻮﺍﺿﻴﻊ ﻗﺪ ﺗﺘﺤﻮﻝ ﺑﻔﻌﻞ ﺗﻔﺎﻋـﻞ
ﺑﺎﻟﻌﺠﻴﻨــﺔ ﺍﻟــﱵ ﺗﺘﻔﻠﻄــﺢ ﲢــﺖ ﻳــﺪﻱ ﺍﻟﻄﺒﺎﺧــﺔ ﺍﳌــﺎﻫﺮﺓ
ﻗﺼﲑﺓ ،ﻭﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﺃﺩﺑﻴﺔ ﻻ ﺗﻨﺪﺭﺝ ﺿﻤﻦ ﺃﻱ ﻣﻌﻴـﺎﺭ
ﻛﻴﻤﻴﺎﻭﻱ ﻓﻜﺮﻱ ،ﺇﱃ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺗﺮﲨﺔ ﺃﺩﺑﻴﺔ. *ﻫﻞ ﻫﻨﺎﻙ ﺯﻣﻦ ﳏﺪﺩ ﻣﺎ ﺑﲔ ﻣﻴﻼﺩ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻭﻇﻬﻮﺭﻫﺎ ﻛﻌﻤﻞ ﺇﺑﺪﺍﻋﻲ؟ ** ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺯﻣﻨﺔ ،ﻷﻥ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺣﺎﻟـﺔ ﻧﻔـﺴﻴﺔ،
ﻭﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﻳﻨﺪﺭﺝ ﺿﻤﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ.
ﺍﻻﺑﺘﻌﺎﺩ ﻋـﻦ ﺍﻟﻔﻜـﺮﺓ ﺍﻷﻭﱃ ﻭﺇﳕـﺎ ﻫـﻮ ﺃﺷـﺒﻪ ﻣـﺎ ﻳﻜـﻮﻥ
ﻭﺗﺘﺨﺬ ﺃﺑﻌﺎﺩﺍ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﺸﻌﻞ "ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ" ﻛﻠﻬﺎ. *ﻭﻛﻴﻒ ﲤﺖ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻠﻢ ﻭﺍﻟﻮﺭﻗﺔ ﺇﱃ ﻋﺎﱂ ﺍﳊﺮﻭﻑ ﻭﺍﻷﻟﻮﺍﻥ ﻭﺍﻷﺷﻜﺎﻝ ﻭﺍﻹﻳﻘﺎﻋﺎﺕ؟
**ﻟﻌﻠﻤﻚ ﺃﻧﺎ ﺃﻋﺸﻖ ﺍﳋـﻂ ﺍﻟﻌـﺮﰊ ،ﻭﻭﺭﺍﺀ ﻫـﺬﺍ ﺍﳋـﻂ
ﺃﺷﻜﺎﻝ ،ﻭﻛﺘﻞ ﻭﺃﺣﺠـﺎﻡ ﻭﺗﻨـﺎﻏﻢ ﻫﻨﺪﺳـﻲ ،ﻭﻟـﺬﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣـﺎ ﺃﻛﺘﺐ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﺳﺘﺨﺪﻡ ﺍﻟﻘﻠﻢ ،ﻭﺃﻣﺎﻣﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﻭﻟﺔ
* ﻣﺜﻼ؟
** ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﻘﺼﲑﺓ ﻋﻨﺪﻱ ﻗﺪ ﺃﻛﺘﺒﻬﺎ ﰲ ﺟﻠـﺴﺔ ﺃﻭ
ﺍﻟﻌﺸﺮﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻷﻗﻼﻡ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺷﱴ ﺍﻷﺣﺠﺎﻡ.
ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺃﲢﻮﻝ ﺇﱃ ﺍﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ ﻟﻄﺒﺎﻋـﺔ
ﺟﻠﺴﺘﲔ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﱪ ﺗﻘـﺪﻳﺮ ،ﻭﺍﳌﻘﺎﻟـﺔ ﺍﻷﺩﺑﻴـﺔ ﻻ ﺗـﺴﺘﻐﺮﻕ
ﻣﺎ ﻛﺘﺒﺖ .ﺃﻣﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﻛﺘﺐ ﺑﺎﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻓﺈﻧﲏ ﺃﳉﺄ ﺭﺃﺳﺎ ﺇﱃ
ﻣﻮﻗﻒ ﻓﻠﺴﻔﻲ ﺣﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﰲ ﺍﳌﻘﺎﻡ ﺍﻷﻭﻝ.
ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﳊﻤﻴﻤﻴﺔ ﺑﻴﲏ ﻭﺑﲔ ﺍﻟـﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻌـﺮﰊ ﺍﻹﺳـﻼﻣﻲ
ﻣﲏ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ 45ﺩﻗﻴﻘﺔ .ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻓﻬﻲ ﺷﺄﻥ ﺁﺧﺮ ﻷـﺎ
*ﻭﻫﻞ ﳝﻜﻦ ﲢﺪﻳﺪ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻣﺎ ﺑﲔ ﻣﻴﻼﺩ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ
ﻭﻃﺮﺣﻬﺎ؟
** ﻻ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺃﺣﺪﺩ ﺯﻣﻨﺎ ﻣﻌﻴﻨﺎ ﺑﲔ ﻣﻴﻼﺩ ﻓﻜﺮﺓ
ﺍﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟـﺸﺄﻥ ﺑﺎﻹﳒﻠﻴﺰﻳـﺔ .ﻭﺃﻧـﺖ ﺗـﺮﻯ ﻫﻨـﺎ ﺍﻟﻌﺮﻳﻖ .ﻭﺑﺘﻌﺒـﲑ ﺁﺧـﺮ ،ﺍﻟﻌﺮﺑﻴـﺔ ﺟـﺰﺀ ﻣـﲏ ﻭﺃﻧـﺎ ﺟـﺰﺀ
ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻣـﺎ ﺍﳉﻮﺍﻧـﺐ ﺍﳌﻌﻨﻮﻳـﺔ ﺍﻟﺪﺧﻴﻠـﺔ ﻓﺈـﺎ ﺗﻈـﻞ ﻋﻠـﻰ ﺣﺎﳍﺎ ،ﻭﺃﻗﺼﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ.
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
29
*ﻭﻣﺎ ﻫﻲ ﺃﻟﻮﺍﻥ ﻭﺃﺷﻜﺎﻝ ﻭﺃﺣﺠﺎﻡ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﱵ ﲡـﺪ ﻓﻴﻬـﺎ
ﳊــﻢ .ﻭﺍﻷﺣــﻮﺍﻝ ﺍﻟﻨﻔــﺴﻴﺔ ﻫــﻲ ﺍﻟــﱵ ﳍــﺎ ﺍﳊﻜــﻢ ﺍﻷﻭﻝ
** ﺍﻟﻮﺭﻕ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﺍﻟﺼﻘﻴﻞ ،ﻭﺍﻟﺪﻓﺎﺗﺮ ﺍﻟـﻀﺨﻤﺔ ﺍﻟﻔﺨﻤـﺔ
ﻭﺑﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﳊﺎﻝ ﻳﺼﻌﺐ ﻋﻠﻲ ﺗﻮﺿـﻴﺢ ﻫـﺬﺍ ﺍﳉﺎﻧـﺐ ﺃﻛـﺜﺮ،
ﺍﳌﺴﺘﻮﺭﺩﺓ ،ﻭﻟﺪﻱ ﳐﺰﻭﻥ ﻛﺒﲑ ﻣﻨﻬﺎ ،ﺃﻋﺘﺰ ﺑـﻪ .ﻭﻻ ﺃﻋﻄـﻲ
ﻷﻧﲏ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻣﺘﻐﲑﺓ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﻨﺎﻭﻟﺖ ﺍﻟﻘﻠﻢ ﻭﺃﻗﺪﻣـﺖ
ﻣﺘﻌﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻛﺜﺮ؟
ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻨـﻪ ﻷﻭﻻﺩﻱ .ﻭﺃﺣـﺐ ﺃﻳـﻀﺎ ﻭﺭﻕ ﺍﻟﺮﺳـﻢ ﺍﻷﺣـﺮﺵ
ﻭﺍﻷﺧﲑ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ.
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ.
ﺍﳋﺎﺹ ﺑﺎﻷﻟﻮﺍﻥ ﺍﳌﺎﺋﻴﺔ .ﻷﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻟـﻮﺍﻥ ﺗـﺪﺧﻞ ﻧﻄـﺎﻕ ﲡﺮﺑﱵ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﺎ ﺗﻈﻞ ﺃﻟﻮﺍﻧـﺎ ﻓﻘـﻂ،
*ﻛﻴﻒ ﲣﺘﺎﺭ ﺷﺨﻮﺹ ﺃﻋﻤﺎﻟﻚ ﺍﻹﺑﺪﺍﻋﻴﺔ ،ﻭﻫﻞ ﳍﺎ ﻋﻼﻗﺔ
ﻋﻠﻰ ﺃﺩﺍﺀ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﺒﻠﻴﻐﺔ.
**ﺇﱃ ﺣﺪ ﺍﻵﻥ ﱂ ﺃﺳﺘﻐﻞ ﺷﺨﻮﺻـﺎ ﻣـﻦ ﺃﻓـﺮﺍﺩ ﺃﺳـﺮﰐ،
ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻧﲏ ﺃﻧﺎﻗﺾ ﻣﻦ ﻳﺰﻋﻢ ﺃﻥ ﺍﻷﻟـﻮﺍﻥ ﻗـﺎﺩﺭﺓ
*ﻭ ..ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ ﺍﳌﻔﻀﻠﺔ ﻟﺪﻳﻚ ﻟﻠﻜﺘﺎﺑﺔ؟
ﺑﺎﻷﺳﺮﺓ ﺃﻭ ﺍﶈﻴﻂ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻲ؟
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻻ ﰲ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﺟﺪﺍﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟـﺸﺨﻮﺹ ﲣـﺮﺝ ﻣـﻦ ﻗﻠـﺐ ﻓﻜﺮﺓ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﰒ ﺗﺘﻘﻮﻟﺐ ﰲ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺮﻭﺍﺋﻴﺔ.
** ﺃﻧـــﺎ ﻣﺘﻘﺎﻋـــﺪ ،ﻭﺍﳊﻤـــﺪ ﷲ ،ﻭﲨﻴـــﻊ ﺍﻷﻭﻗـــﺎﺕ ﻣﻔﺘﻮﺣــﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺑــﺔ ﻋﻨــﺪﻣﺎ ﺃﺩﻭﺭ ﰲ ﺍﻟﺒﻴــﺖ ﻣﺜــﻞ ﺍﻟﻨﺤﻠــﺔ
*ﱂ ﺃﻓﻬﻢ؟
ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺇﺯﻋﺎﺟﻲ .ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﲡﻤﻴﻌـﺎ ﻟﻄﺎﻗـﺎﺕ ﺍﻟـﺬﺍﺕ
ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺃﻭ ﺫﺍﻙ.
ﺍﻟﻌﻤﻴﺎﺀ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﺃﻧﲏ ﰲ ﻣﺮﺣﻠـﺔ ﳐـﺎﺽ ،ﻭﺃﻧـﻪ ﻻ ﻛﻠﻬﺎ ﺃﻣﺎ ﺍﶈﻴﻂ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻓﻼ ﻳﺆﺛﺮ ﰲ ﻧﻔﺴﻲ ﺗﺄﺛﲑﺍ ﻛﺒﲑﺍ ﻣﺘﺮ ﻣﺮﺑﻊ ﻭﺍﺣﺪ ﻳﻜﻔﻴﲏ.
**ﺍﻟﺸﺮ ﻣﺜﻼ ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ ﻧﻔﺴﻪ ،ﰒ ﻳﺘﺠﺴﺪ ﻭﻳﺘﻘﻮﻟﺐ
*ﻭﺍﻵﻥ ﻛﻴﻒ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻟﺪﻳﻚ؟ **ﺃﺣﺎﻭﻝ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺪﻭﺀ ﻭﺑﺘﻤﻌﻦ ﻛﺒﲑﻳﻦ ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﻳـﺔ ﺍﻟـﱵ
*ﻟﻜﻨﻚ ﻣﻨﺸﻐﻞ ﺑﺎﻟﺒﺤﺮ ،ﰲ ﺃﻋﻤﺎﻟﻚ ،ﻭﻫﻮ ﻓﻀﺎﺀ ﻣﻔﺘﻮﺡ،
ﺃﻛﺘﺒﻬﺎ ﺣﺎﻟﻴﺎ ﺗﻌـﺎﰿ ﻓـﺘﺮﺓ ﺗﻨﻄﻠـﻖ ﻣـﻦ 1952ﺇﱃ 1962
** ﻻ ﺃﺭﻯ ﺗﻨﺎﻗﻀﺎ ﺑﲔ ﻫﺎﺗﲔ ﺍﳌـﺴﺎﺣﺘﲔ ،ﰲ ﻣﻘـﺪﻭﺭﻱ ﺃﻥ
ﻭﺍﻗﻌﻴﺎ ،ﺃﻱ ﺃﻥ ﺃﻛﺘﺐ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﻭﺍﻗﻌﻴـﺔ ﻋﻠـﻰ ﻏـﺮﺍﺭ ﻣـﺎ ﻓﻌﻠـﻪ
ﺃﺭﲢﻞ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﻮﺍﻱ ،ﲤﺎﻣﺎ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﺮﲢﻞ ﺍﻟـﺼﻮﰲ ﳓـﻮ
ﳒﻴﺐ ﳏﻔﻮﻅ ﰲ ﺛﻼﺛﻴﺘﻪ ،ﻭﳏﻤﺪ ﺫﻳﺐ ﰲ ﺛﻼﺛﻴﺘﻪ ﺃﻳﻀﺎ
ﺍﻟﻨﻔﺮﻱ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﻣﱳ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﶈﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﻋﺮﰊ ،ﺃﻭ ﺍﺑـﻦ
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻧﻔﺘﻘﺪ ﺇﻟﻴﻪ ،ﰲ ﻫـﺬﻩ ﺍﳌﺮﺣﻠـﺔ ﻣـﻦ
ﺍﻟﻔﺎﺭﺽ.
ﺍﻟﺘــﺎﺭﻳﺦ ﺍﳉﺰﺍﺋــﺮﻱ ،ﺃﻣــﺎ ﺍﻟــﺸﺨﻮﺹ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳــﺔ؟ ﺇﻥ ﺻــﺢ
ﻓﻜﻴﻒ ﺍﳉﻤﻊ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺍﳌﺘﺮ ﺍﳌﺮﺑﻊ ﺍﳌﻐﻠﻖ؟
ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﱳ ﻣﻘﻄﻊ ﻧﺜﺮﻱ ﲨﻴـﻞ ﻋﻠـﻰ ﻏـﺮﺍﺭ
ﺃﺷﺨﺎﺻﻬﺎ ﻣﻌﺮﻭﻓﻮﻥ ﻟﺪﻱ .ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺣﺐ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺃﻥ ﺃﻛﻮﻥ
ﻭ"ﺟﻮﻥ ﺷﺘﺎﻳﻦ ﺑﻚ" ﰲ ﻋﻨﺎﻗﻴﺪ ﺍﻟﻐﻀﺐ.
ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﻧﺴﺒﻴﺔ ،ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺮﲢﻞ ﰲ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳـﺎﺋﻲ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ
ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ـ ﻓﺈﻧﲏ ﻻ ﺃﻗﻮﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺑﺴﺒﺐ ﻣﻦ ﺃـﺎ
ﻧﻐﲑ ﻣﻮﺍﻗﻔﻨﺎ ،ﻓﻨﺤـﻦ ﺃﺷـﺒﻪ ﺑﺎﻟﻮﺻـﻒ ﺍﻟﻘـﺮﺁﱐ ﺍﳉﻤﻴـﻞ:
ﺗﺘﻄﻠﺐ ﺃﺷﻜﺎﻻ ﺭﻭﺍﺋﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻏﲑ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ.
"ﻭﺗﺮﻯ ﺍﳉﺒﺎﻝ ﲢﺴﺒﻬﺎ ﺟﺎﻣـﺪﺓ ﻭﻫـﻲ ﲤـﺮ ﻣـﺮ ﺍﻟـﺴﺤﺎﺏ" ﻗــﺪﺭﺍﺕ ﺍﻹﻧــﺴﺎﻥ ﺧﺎﺭﻗــﺔ ،ﻭﳓــﻦ ﻧﻠﻤــﺴﻬﺎ ﻟــﺪﻯ ﺍﻟــﺸﻌﺮﺍﺀ
*ﻣﺎ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺑﻘﻄﺎﺵ ﻣﺮﺯﺍﻕ ﻣﺎ ﻗﺒـﻞ 1993ﻭﻣـﺎ ﺑﻌـﺪ
ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﳌﺪﻗﻘﲔ ﻋﻠﻰ ﺣـﺪ ﺳـﻮﺍﺀ ،ﻭﺍﻹﺑـﺪﺍﻉ ﰲ ﺟﻮﻫـﺮﻩ،
ﺫﻟﻚ؟
ﺍﺭﲢﺎﻟﺔ ﺩﺍﺋﻤﺔ ،ﻷﻥ ﺍﳌﺒﺪﻉ ﻳﺮﻳـﺪ ﺃﻥ ﻳﻘـﻮﻝ ﺷـﻴﺌﺎ ﺟﺪﻳـﺪﺍ
**ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﻋﺎﻣﻞ ﺍﻟﺴﻦ ﰲ ﺍﳌﻘﺎﻡ ﺍﻷﻭﻝ.
ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﳌﻜـﺎﻥ ﺳـﻮﺍﺀ ﺃﻛـﺎﻥ ﻣـﺘﺮﺍ ﻣﺮﺑﻌـﺎ ﺃﻡ ﺃﻣـﺪﺍﺀ
ﺻﺮﺕ ﺃﻛﺘﺐ ﺑﺘﻤﻌﻦ ﺃﻛﱪ ،ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﻳﻌﻮﺩ ﺃﻳﻀﺎ ﺇﱃ ﻣﺎ
ﺭﺣﺒﺔ ﰲ ﺯﺭﻗﺔ ﺍﻟﺒﺤﺮ ،ﺇﳕﺎ ﻫﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﳌﺒﺪﻉ ﻧﻔﺴﻪ،
ﻋﺎﻧﻴﺘﻪ ،ﻭﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ ﺭﺍﺟﻊ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﺪﻳﲏ ،ﲟﻌﲎ ﺃﻧﲏ
ﺳﻴﺒﲑﻳﺎ ﻗﺪ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﱃ 1ﻛﻠﻎ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺤﻢ ﻳﻮﻣﻴﺎ ،ﻭﺍﻹﻧـﺴﺎﻥ
ﻣﺎ ﺍﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻛﻠﻤﺔ ﺑﺬﻳﺌﺔ ﺇﱃ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﰲ ﲨﻴﻊ ﻣﺎ
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻴﺶ ﻣﺜﻠﻲ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻗﺪ ﻻ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﺷﺤﻢ ﺃﻭ
ﻛﺘﺒﺘﻪ.
ﻟﻜﻲ ﳛﻘﻖ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺘﻪ ﻭﺟﻮﻫﺮﻩ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ.
ﺑﺘﺼﻮﺭﻩ ،ﻭﲟﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻹﻓﻀﺎﺀ ﺑﻪ ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻴـﺶ ﰲ
30
ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﳌﺜﺎﻝ ،ﻣﺎﺯﻟﺖ ﺃﻗﺮﺃ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻠﻬﻔﺔ ﻭﺍﻟﻨﻬﻢ ،ﻟﻜﻨﲏ
ﻣﺴﺆﻭﻝ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﷲ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻛﻠﻤﺔ ﺃﻛﺘﺒﻪ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺃﻧﺖ ﺗﺮﻯ ﺃﻧﲏ
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﻓﺼﻞ ﻣﻦ ﺭﻭﺍﻳﺔ
ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﻷﺧﺮﺱ ﻟﻸﺩﻳﺐ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮﻱ :ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻮﺩﺷﻴﺸﺔ ﻣﺎﻟﺖ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﳓﻮ ﳐﺪﻋﻬﺎ ،ﻭ ﺑﺪﺃﺕ ﺗﺘﻮﺍﺭﻯ ﺭﻭﻳﺪﺍ
ﺭﻭﻳﺪﺍ ﺧﻠﻒ ﺍﳉﺒﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﳐﺔ ،ﳐﻠﻔﺔ ﰲ ﺃﻋﻘﺎﺎ -ﰲ ﻱ ﺍﻷﻓﻖ -ﻭﺷﺎﺣﺎ ﺃﲪﺮ ،ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﺤﺎﻝ ﺇﱃ ﻟﻮﻥ ﺭﻣﺎﺩ ﺩﺍﻛﻦ .
ﻟﻘﺪ ﺳﺤﺮﺗﻪ ﺣﻘﺎ ،ﻭ ﻓﺘﻨﺘﻪ ،ﻓﻐﺪﺕ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌ ﹸﺔ ﺗﻐﺮﻱ
ﺍﳌﺘﺄﻣﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ ،ﺑﺎﻟﺒﻘﺎﺀ ﳌﺪﺓ ﺃﻃﻮﻝ ،ﻭ ﺍﳌﻜﻮﺙ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﺴﻨﻰ ﻟﻪ ﻣﻨﺎﺟﺎﺎ ﻟﺰﻣﻦ ﺃﻃﻮﻝ . ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺪﺍ ﺑـ ] ﺳﻌﺪ
ﺽ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻭ ﻳﻔﺮﻍ ] ﺳﻌﺪ ﻖ ﻟﻪ ﺳﻮﻯ ﺃﺣﻮﺍ ٍ ﱂ ﻳﺒ
ﺍﻟﺰﻣﻮﱄ [ ﺃﻥ ﻳﻄﻴﻞ ﺍﳌﻜﻮﺙ ﻋﻨﺪﻫﺎ ،ﻭ ﻳﺪﱘ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ،
ﻱ ﻣﺰﺭﻭﻋﺎﺗﻪ ﺍﻟﹼﱵ ﻳﺴﺮﻑ ﺇﱃ ﺣﺪ- ﺍﻟﺰﻣﻮﱄ [ ﻣﻦ ﺭ
ﺭﲟﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﺄﻣﻞ ﺃﻳﻀﺎ ،ﻣﺎ ﺻﻨﻌﺘﻪ ﺎ ﻳﺪﺍﻩ ﺍﻟﻘﻮﻳﺘﲔ
ﺍﳌﺒﺎﻟﻐﺔ -ﰲ ﺍﻻﻋﺘﻨﺎﺀ ﺎ ،ﻭ ﺭﻋﺎﻳﺘﻬﺎ .
ﺑﺪﺕ ﻟﻪ ﺍﳊﻘﻮﻝ ﺧﻀﺮﺍﺀ ﳑﺘ ﺪﺓ ﺃﻣﺎﻣﻪ ،ﻋﻠﻰ ﳎﺎﻝ
ﺍﻟﻔﻮﻻﺫﻳﺘﲔ ﻫﺎﺗﲔ .
ﻭ ﺑﺴﻂ ﻛﻔﻴﻪ ﺃﻣﺎﻡ ﻧﺎﻇﺮﻩ ،ﻭ ﺭﺍﺡ ﻳﺘﺄﻣﻠﻬﻤﺎ ﺟﻴﺪﺍ .
ﺍﻟﺒﺼﺮ ﻣﻌﺘﻤﺔ ﻣﻊ ﻫﺒﻮﻁ ﺍﻟﻈﻼﻡ ،ﺣﻴﺚ ﻣﺎ ﻓﺘﺊ ﻳﻄﻮﻗﻬﺎ ﻣﻦ
ﻭ ﺍﻧﱪﻯ ﻳﺘﺴﺎﺀﻝ ﺑﻴﻨﻪ ﻭ ﺑﲔ ﻧﻔﺴﻪ :
ﻖ ﻛﻞ ﺍﻟﻨﻮﺍﺣﻲ ،ﻣﻀﻴﻘﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﳋﻨﺎﻕ ،ﻛﺄﺎ ﺫِﺭﺍﻋﺎ ﻋﺎﺷ ٍ
» ..ﻫﻞ ﳝﻜﻦ ﳍﺎﺗﲔ ﺍﻟﻴﺪﻳﻦ ﺃﻥ ﺗﻔﻌﻼ ﻫﺬﺍ ؟ ! « ..
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺷﺎﺡ ﺍﻷﺳﻮﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺪﺃ ﻳﺴﺘﺸﺮﻱ ﻗﺘﺎﻣﺔﹰ ،ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺎ
ﻭ ﺗﺬﻭﺩﺍﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺮﻑ ،ﺇﺫ ﺭﺍﺣﺘﺎ ﲣﻮﺿﺎﻥ ﺣﺮﺑﺎ ﺿﺮﻭﺳﺎ،
ﻚ ﻳﻐﻠﱢﻒ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔﹶ ،ﻭ ﻳﻄﻤﺲ ﻣﻌﺎﳌﻬﺎ ،ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﺬ ﺍﻧﻔ
ﻻ ﻭ ﻫﻮ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﺮ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ، ﺿﺪ ﺃﺷﺮﺱ ﻣﺴﺘﻌﻤﺮ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ،ﺃ ﹶ
ﻭﳍﺎﻥ ،ﻳﻄﻮِﻕ ﻤﺎ ﳏﺒﻮﺑﺘﻪ ﺍﳌﺘﻴﻢ ﺎ .ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ
ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺘﺎ ﺍﻟﺒﺎﺭﺣﺔ ﻓﻘﻂ ،ﲢﻤﻼﻥ ﺍﻟﺒﻨﺪﻗﻴﺔ ﺍﻟﺮﺷﺎﺵ،
ﺣﲔ ،ﺑﺎﺩﻳﺔ ﻟﻠﻌﻴﺎﻥ ،ﺣﺘﻰ ﳋﻴﻞ ﻟﻠﻤﺮﺀ – ﻭ ﻫﻲ ﰲ ﻭﺿﻌﻬﺎ
ﻭ ﻫﺎ ﻫﻮ ﺫﺍ ﺟﺒﻞ " ﻗﺮﻳﻮﻥ*" ،ﻳﺸﻤﺦ ﺑﺮﺃﺳﻪ ﻋﺎﻟﻴﺎ -ﺃﻣﺎﻣﻪ
ﻫﺬﺍ ،-ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﺒﺪﻱ ﺣﺪﺍﺩﻫﺎ ﻏﲑ ﺍﳌﻌﻠﻦ ،ﻏﲑ ﺃﻧﻪ ﻳﺮﺍﻫﺎ ﻫﻮ
-ﻣﺘﺤﺪﻳﺎ ،ﻳﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﺮﻫﻴﺒﺔ ﺍﻟﱵ ﺍﺗﺴﻤﺖ
ﱂ ﺗﻔﻘﺪ ﺷﻴﺌﺎ ﺍﻟﺒﺘﺔ ﻣﻦ – ﺍﻵﻥ -ﺃﻣﺎﻡ ﻧﺎﻇﺮﻩ ،ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﹾ
ﺑﺎﻟﻮﺣﺸﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻌﻨﻒ ،ﺗﻠﻚ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﺒﻘﻲ ،ﻭ ﻻ ﺗﺬﺭ .
ﻟﻘﺪ ﺃﺳﺒﻎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺣﻠﻮﻝ ﺍﻟﻌﺘﻤﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺪﺍ ﳝﻴﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻮﺍﺩ
ﻭ ﺍﻟﻘﺎﺩﻭﻡ ..
ﺭﻭﻧﻘﻬﺎ ،ﻭ ﺎﺋﻬﺎ ﺍﳋﻼﺑﲔ ،ﺍﻟﹼﻠﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺤﻠﻰ ﻤﺎ ،ﺑﻞ
ﻧﻀﺎﺭﺓ ،ﻭ ﺯﻫﻮﺍ ﺑﺎﻟﻐﲔ.
ﻓﻜﻠﹼﻤﺎ ﺟ ﻦ ﺍﻟﻠﻴﻞ ،ﺍﺯﺩﺍﺩﺕ ﲨﺎﻻ .ﻭ ﺍﺗﺨﺬﺕ ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ
ﻭ ﻫﺎ ﳘﺎ ﺗﺎﻥ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﲢﻤﻼﻥ ﺑﺪﻻ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﺍﻟﻔﺄﺱ ﻭ ﺍﺮﻓﺔ
ﺧﺪﺭ ﻫﻮ ﺍﻵﺧﺮ .ﻟﻘﺪ ﺳﺤﺮﻩ ﺎ ُﺀ ﺍﳊﻘﻮﻝ ﻟﻘﺪ
ﺍﳌﺘﺮﺍﻣﻴﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﻋﻴﻨﻴﻪ ،ﺣﺘﻰ ﺻﺎﺭ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺴﻜﺮﺍ ﹶﻥ ﺍﳌﺴﻄﻮﻝ
ﺷﻜﻼ ﻣﻐﺎﻳﺮﺍ ﻟﻠﹼﺬﻱ ﺳﺒﻖ ،ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﺘﻔﻨﻦ ﰲ ﺇﺑﺪﺍﺀ ﳏﺎﺳﻨﻬﺎ
ﲟﺤﺎﺳﻨﻬﺎ ﺍﻟﻔﺎﺗﻨﺔ ،ﺇ ﹾﺫ ﺭﺍﺡ ﻳﺘﻤﺘﻢ ﺑﲔ ﺷﻔﺘﻴﻪ ﺑﺄﺷﻴﺎﺀ ﻻ
ﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﺤﺼﻰ ﻭ ﻻ ﺗﻌ ﺪ ﻟﻠﺤﺒﻴﺒﻬﺎ ﺣﱴ ﻻ ﻳﻬﺠﺮﻫﺎ ﺇﱃ
ﺴﺮ ﺑﻪ ﻳﻔﻘﻪ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ – ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﺗﻨﺼﺖ ﻋﻠﻴﻪ -ﺷﻴﺌﺎ ﳑﺎ ﻳ ِ
ﻏﲑﻫﺎ .
ﺇﻟﻴﻬﺎ ،ﺃﻭ ﲟﺎ ﺗﺴﺮﻩ ﻫﻲ ﺑﻪ ﺇﻟﻴﻪ .ﺇﺎ ﻣﻨﺎﺟﺎﺓ ﺑﲔ ﺣﺒﻴﺒﲔ
ﻭ ﺍﺳﺘﻌﺎﺿﺖ ﻋﻦ ﲨﺎﳍﺎ ﺍﻷﻭﻝ ﲜﻤﺎ ٍﻝ ﺃﺭﻭﻉ ﻭ ﺃﻓﱳ . * ﺟﺒﻞ ﻛﺎﺋﻦ ﺑﻀﺎﺣﻴﺔ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻋﲔ ﻣﻠﻴﻠﺔ
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
31
ﻣﺘﻴﻤﲔ ﻣﻐﺮﻣﲔ ﻫﺪﳘﺎ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﻭ ﺍﳊﻨﲔ ﻭ ﺍﻟﺒﻌﺎﺩ ،ﻫﺎ ﳘﺎ
ﻳﺘﺮﺍﻣﻰ ﺇﻟﻴﻪ ﺻﻮﺗﻪ ﻭ ﻫﻮ ﻳﻜﻠﹼﻤﻬﺎ ﺣﱴ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺴﻤﻮﻋﺎ
ﻧﻜﻬﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰﺓ .ﺇﻤﺎ ﻳﺬﻭﺑﺎﻥ ﰲ ﺍﻟﻐﺮﺍﻡ ،ﻭ ﺍﻟﻌﺸﻖ
ﻳﺘﻨﺼﺖ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻴﻪ ﻭ ﻫﻮ ﻳﻜﻠﱢﻢ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻟﻜ ﻦ ﻧﱪﺓ ﺻﻮﺗﻪ ﻛﺎﻧﺖ
ﺫﻭﺑﺎﻧﺎ .
ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﺗﺼﻠﻪ ﺣﻴﺚ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍ ﰲ ﺍﳊﻘﻞ ،ﻓﺘﺨﺘﺮﻕ
ﺫﺍﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻼﻥ ﻟﻐﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻤﺎ ،ﻻ ﻳﻔﻘﻬﻬﺎ ﺳﻮﺍﳘﺎ .ﳍﺎ
ﻟﺪﻳﻪ .ﺑﺬﻝ ] ﲪﻮﺩﻱ [ ﺟﻬﺪﺍ ﻛﺒﲑﺍ ﺣﱴ ﻻ ﻳﺘﺴﻤﻊ ﺃﻭ
ﺣﲔ ﺗﻨﺒﺴﻂ ﺃﺳﺎﺭﻳﺮﻩ ،ﺗﺮﻯ ﺷﻔﺘﺎﻩ ﻣﻨﻔﺮﺟﺘﲔ ﻋﻠﻰ
ﻃﺒﻠﺔ ﺃﺫﻧﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻨﻪ .ﺇﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﻌﻤﺪ ﺍﻹﻧﺼﺎﺕ ﺇﻟﻴﻪ،
ﺃﻭﺳﻌﻬﻤﺎ ﻣﺘﺒﺴﻤﺘﲔ ﳍﺎ ،ﳑﺎ ﻳﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﻨﺎﻏﻴﻪ ،ﻛﻄﻔﻞ
ﻻ ﻓﻤﻬﻤﺎ ﳛﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﺘﺠﺎﻫﻞ ﺫﻟﻚ ،ﻏﲑ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺗﺄﺑﻰ ﺇ ﹼ
ﺻﻐﲑ ﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﰲ ﺍﳌﻬﺪ ،ﺣﻴﺚ ﺗﺒﺎﺩﻟﻪ ﺍﳌﺸﺎﻋﺮ ،ﻭ ﺍﻷﺣﺎﺳﻴﺲ
ﺃﻥ ﲣﺘﺮﻕ ﻣﺴﺎﻣﻌﻪ ﻣﺴﺘﻘﺮﺓ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻨﻮﺓ .
ﲤﺎﻣﺎ ،ﻭ ﺗﺘﻮﺍﺭﻯ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺒﺴﻤﺔ ﺍﻟﻌﺮﻳﻀﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻧﻄﺒﺎﻕ
ﻲ ﻱ ﺁﺩﻣ ﳛﺪﺙ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﺎﺩﻳﺎ ،ﻣﺜﻠﻪ ﻣﺜﻞ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻛﺄ
ﺷﻔﺘﻴﻪ ،ﻓﻴﺪ ﹼﻝ ﺍﻧﻜﻤﺎﺷﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﻏﻀﱮ ﻣﻨﻪ ،ﺃﻭ
ﺁﺧﺮ .ﱂ ﻳﻜﹸﻦ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺎﻏﻲ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﻭ ﻳﻨﺎﺟﻴﻬﺎ
ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺒﺬﻝ -ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ – ﻗﺼﺎﺭﻯ ﺟﻬﺪﻩ ﻟﻠﺤﻔﺎﻅ
ﺍﲣﺎﺫﻫﺎ .
ﺍﻟﺮﻗﻴﻘﺔ ﺍﳉﻤﻴﻠﺔ ،ﻭ ﺣﲔ ﺗﻨﻜﻤﺶ ﺃﺳﺎﺭﻳﺮﻩ ،ﻭ ﺗﻨﻘﺒﺾ
ﻣﺴﺘﺎﺀﺓ .ﻟﻘﺪ ﺭﺃﺕ ﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻛﺪﺭ ﻣﺰﺍﺟﻬﺎ ،ﻭ ﺃﺯﻋﺞ ﺭﻭﺣﻬﺎ،
ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻋﻮﺍﻃﻔﻪ ﲡﺎﻫﻬﺎ .ﻓﻴﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﺰﻳﻞ ﻏﻀﺒﻪ، ﺑﺸﺘﻰ ﺍﻟﻄﺮﻕ ،ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻧﻪ ﻳﻘﺮﺭ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺜﻮﺭ ﻣﺴﺘﺎ ًﺀ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻬﻤﺎ
ﻳﻜﻦ ﺍﻷﻣﺮ ..ﻓﻬﻮ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺻﺒﻮﺭ ﻣﺜﻞ ﲨﻞ .
ﻛﺎﻥ ] ﲪﻮﺩﻱ [ ﻳﻌﺘﻘﺪ -ﰲ ﺑﺎﺩﺉ ﺍﻷﻣﺮ -ﺃﻥ ﻭﺍﻟﺪﻩ
ﺇﱃ ﺣﺪ ﻣﻄﺎﻟﺒﺘﻬﺎ ﲟﺸﺎﺭﻛﺘﻪ ﰲ ﺍﺗﺨﺎﺫ ﻗﺮﺍﺭﺍﺗﻪ ﺍﳌﺰﻣﻊ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﺍ ﺟﺎﺯﻣﺎ ﺑﺄ ﹼﻥ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻻ ﺗﻌﻲ ،ﻭ ﻻ
ﺗﺴﻤﻊ ،ﻭ ﻻ ﺗﻔﻬﻢ .ﻓﻬﻲ ﺑﻜﻤﺎﺀ ،ﻋﺠﻤﺎﺀ ،ﺻﻤﺎﺀ ..ﺇﻧﻬﺎ ﺗﺘﺼﻒ ﺑﻜﻞ ﻋﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﺄﺳﺮﻫﺎ ،ﺍﻟﹼﱵ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻄﻠﹶﻖ
ﻻ ﻭ ﻟﻜﻦ ..ﻗﻠﹼﻤﺎ ﳛﺪﺙ ﻫﺬﺍ ،ﻭ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻭﻗﻊ ﻓﻠﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺇ ﹼ
ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻤﺎﺩ .ﻭ ﻣﻬﻤﺎ ﳛﺎﻭﻝ ﺃﺑﻮﻩ -ﺇﻥ ﺑﺪﺍ ﻟﻪ -ﺃﻥ ﻳﻘﻨﻌﻪ
ﻋﺼﱯ ﺍﳌﺰﺍﺝ ،ﻻ ﻳﺘﻜﻠﹼﻢ ،ﻭ ﻻ ﳛﺪﺙ ﺃﺣﺪﺍ ﺣﱴ ﺃﻓﺮﺍﺩ
ﱂ ﻳﻜﻦ ﻳﻌﻠﻢ ﺣﺘﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﳊﲔ ،ﺃ ﹼﻥ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻳﻜﻠﱢﻢ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌ ﹶﺔ
ﻻ ﻟﻘﻴﻤﺎﺕ ﻳﺴ ﺪ ﺎ ﺍﻟﺮﻣﻖ ﻓﻘﻂ .. ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ ..ﻭ ﻻ ﻳﺄﻛﻞ ﺇ ﹼ
ﻭ ﻳﻨﺎﺟﻴﻬﺎ ،ﻭ ﻳﻨﺎﻏﻴﻬﺎ ،ﻷﺎ ﰲ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻩ ﺗﺘﻜﻠﹼﻢ ..ﻧﻌﻢ
ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻦ ﺍﻷﻛﻞ ﲤﺎﻣﺎ ،ﻭ ﻳﻔﻘﺪ ﺍﻟﺸﻬﻴﺔ ..ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻠﻚ
ﻱ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎ ﺁﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﻱ ﺁﺩﻣﻲ ،ﻛﻤﺎ ﳜﺎﻃﺐ ﺃ ﳌﺨﺎﻃﺒﺔ ﺃ
ﺍﳊﺒﻴﺒﺔ ﺍﻟﺸﻘﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﳛﻠﻮ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﺴﻤﻴﻬﺎ ﰲ ﻗﻠﺒﻪ .ﺇﻧﻪ ﻻ
ﻻ ﺍﻵﺩﻣﻴﲔ ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ، ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﺴﻴﻄﺔ .ﻏﲑ ﺃﻧﻬﺎ ﻻ ﲣﺎﻃﺐ ﺇ ﹼ
ﺃﺷﻴﻊ ﻋﻨﻪ ،ﺇﺫ ﳚﺐ – ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻟﺔ -ﺍﳊﺠﺮ ﻋﻠﻴﻪ .
ﻻ ﺃﻣﺜﺎﻟﹸﻪ ..ﺗﺸﺒﻪ ﺍﻵﺩﻣﻴﲔ ،ﺇ ﹼﻥ ﳍﺎ ﻟﻐ ﹰﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻻ ﻳﻔ ﹶﻘﻬﻬﺎ ﺇ ﹼ
ﻧﺎﺩﺭﺍ .ﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ ﺗﺮﺍﻩ ﻣﻨﻘﺒﻀﺎ ﻃﹶﻮﺍﻝ ﺍﻟﻴﻮﻡ ،ﻣﻬﻤﻮﻣﺎ ،ﻣﺘﻜﺪﺭﺍ،
ﻳﺼﻮﻡ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺒﺴﻢ ،ﰒ ﻻ ﻳﻌﺪﻭ ﺃﻥ ﺗﻌﺰﻑ
ﻋﺪ ﳎﻨﻮﻧﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻻ ﳚﺮﺅ ﺃﻥ ﻳﺼﺮﺡ ﺑﺬﻟﻚ ﺟﻬﺎﺭﺍ ﺎﺭﺍ ،ﻭ ﺇ ﹼ ﻛﺎﻥ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﻨﺪﻣﺞ ﰲ ﻣﻨﺎﺟﺎﺎ ﻻ ﻳﺘﺤﲔ ﻟﻨﻔﺴﻪ
ﻳﻮﻣﺎ ﺑﻮﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮﻩ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪﺓ ﻓﻠﻦ ﻳﻘﺘﻨﻊ ﺎ ﺃﺑﺪﺍ .
ﺗﺘﻜﻠﹼﻢ ..ﳍﺎ ﻟﺴﺎﻥ ﻛﻤﺎ ﻟﻠﺒﺸﺮ ..ﲣﺎﻃﺒﻬﻢ ﺑﻪ ،ﻓﺘﺴﺘﻌﻤﻠﻪ
ﻭ ﻟﻴﺲ ﺍﳊﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﺍﻟﻌﺠﻤﺎﺀ ،ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻬﻲ ﻻ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻟﻐﺔ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺍﻟﺼ ﻢ ﺍﻟﺒﻜﻢ ،ﻭ ﻏﲑﳘﺎ ..ﺇﺫﻥ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ ﻻ
ﺍﻟﻔﺮﺹ ﺍﻟﺴﺎﳓﺔ ،ﺑﻞ ﻗﻠﹼﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺄﺧﺬ ﺍﳊﻴﻄﺔ ﻭ ﺍﳊﺬﺭ
ﳝﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﻔﻬﻤﻪ ﺣﺘﻰ ﻭ ﻟﻮ ﺑﺬﻝ ﺟﻬﺪﺍ ﻣﻀﻨﻴﺎ ﻹﻓﻬﺎﻣﻪ ﻓﺈﻧﻪ
ﻟﻨﻔﺴﻪ ،ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ ﻳﺮﺍﻩ ﺃﺣﺪ ،ﺇﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﻗﺐ ﳑﺎ ﺣﻮﺍﻟﻴﻪ
ﻟﻦ ﻳﻔﻬﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺷﻴﺌﺎ ﺃﺑﺪﺍ ..ﻻﻋﺘﻘﺎﺩﻩ ﺍﻟﺮﺍﺳﺦ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ
ﺃﺑﺪﺍ .ﻟﻌ ﹼﻞ ﺃﺣﺪﺍ ﻳﺘﻨﺼﺖ ﺇﻟﻴﻬﻤﺎ ﺃﻭ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ،ﺃﻭ ﻳﺴﺘﺮﻕ
ﻻ ﲣﺎﻃﺐ ﺃﺣﺪﺍ ..ﺃﻳﺎ ﻛﺎﻥ .ﻓﻠﻐﺘﻬﺎ ﻣﺴﺘﻌﺼﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻬﻢ،
ﻋﺪﻡ ﺍﻻﺣﺘﻴﺎﻁ ﻫﺬﺍ ﺟﻌﻠﻪ ﻳﻀﺒﻂ – ﰲ ﺃﺣﺎﻳﲔ ﻛﺜﲑﺓ ،-
ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻀﺒﻂ ﻓﻴﻪ ﻣِﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﺑﻨﻪ ] ﲪﻮﺩﻱ [
ﺙ ﻧﻔﺴﻪ ﻭ ﻳﺴ ﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺑﻜﻼﻡ ،ﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﻬﻤﻪ ﺃﻥ ﻭ ﻫﻮ ﳛﺪ ﹸ
ﺕ ﺟﻬﻮﺭﻱ ﻣﺮﺗﻔﻊ ﻭ ﻋﺎﻝٍ ،ﻓﺈﻧﻪ -ﰲ ﻭ ﻫﻮ ﳛﺎﺩﺛﹸﻬﺎ ﺑﺼﻮ ٍ
ﻱ ﺷﺨﺺ .ﻭ ﻛﻠﻤﺎﻤﺎ ﻣﻦ ﺑﲔ ﺷﻔﺘﻴﻬﻤﺎ ،ﺇﻧﻪ ﻻ ﻳﺄﺑﻪ ﺑﺄ
ﻳﻘﺎﻝ ﻋﻨﻪ ﺇﻧﻪ ﳎﻨﻮﻥ ،ﺃﻭ ﻣﺴﻄﻮﻝ ،ﺃﻭ ﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ ﺫﻟﻚ .
ﻟﺬﺍ ﻓﻬﻲ ﺗﻨﺘﺨﺐ ﳏﺪﺛﻬﺎ ﻭ ﲣﺘﺎﺭﻩ .
ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ – ﻳﻈﻬﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻻﺭﺗﺒﺎﻙ ﻭ ﺍﳉﺰﻉ ،ﻭ ﲣﺘﻠﺞ ﺷﻔﺘﺎﻩ ،ﻭ ﻳﺘﻠﻌﺜﻢ ﻟﺴﺎﻧﻪ ،ﻭ ﺗﺮﺗﻌﺶ ﻳﺪﺍﻩ ،ﻓﻴﺨﺘﻠﻂ ﻋﻠﻴﻪ
ﺇﻧﻪ ﻻ ﻳﻬﻤﻪ ﺃﻣ ﺮ ﺃﻳﺎ ﻛﺎﻥ . ******
ﺍﻷﻣﺮ ،ﺇﺫ ﱂ ﻳﻌﺪ ﻳﻔﺮﻕ ﺃﻫﻮ ﻭﺟﻞ ﻣﻦ ﺍﺑﻨﻪ ﺃﻡ ﺑﺴﺒﺐ
ﻣﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻷﺣﺎﻳﲔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻳﻀﺒﻂ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﺑﻨﻪ
ﺍﳋﺠﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﺒﺪ ﺑﻪ .ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﻌﺪﻭ ﺃﻥ ﻳﺘﻤﺎﺳﻚ ،ﻭ
] ﲪﻮﺩﻱ [ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻣﻦ ﺑﲔ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺑﻨﺎﺕ ﺍﻟﹼﻠﻮﺍﰐ
ﻳﺘﺼﺎﻟﺐ ،ﻭ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﻃﺒﻌﻪ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺍﻻﻋﺘﺪﺍﺩ ﰲ
ﺕ ﻋﺎ ٍﻝ ﻣﺴﻤﻮﻉ .ﺣﻴﺚ ﻳﻜﱪﻧﻪ ﺳﻨﺎ ..ﻭ ﻫﻮ ﳛﺎﺩﺛﻬﺎ ﺑﺼﻮ ٍ
ﺍﻟﻨﻔﺲ .ﺇﻧﻪ ﻟﻄﺎﳌﺎ ﺗﻌﻮﺩ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺎﻏﺘﺎﺕ ﺍﻟﻌﺪ ﻭ ﻟﻪ ﺍﻟﻜﺜﲑﺓ
32
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﺇﺑﺎﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﳐﺘﺒﺌﺎ ﰲ ﺇﺣﺪﻯ
ﻳﻨﺤﺮﻑ ﺑﻪ ﻣﺴﺎﺭﻩ ﺣﱴ ﻟﻴﻔﻘﺪ ﺍﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻪ ،ﻭ ﻳﺼﺒﺢ
ﺣﱴ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﺃﺣﺪ " ﺍﻟﺪﻭﺍﻭﻳﺮ " ﻟﻼﺟﺘﻤﺎﻉ
ﳛﺪﺛﻪ ﻫﻮ ﺷﺨﺼﻴﺎ ،ﺑﻞ ﺇﻧﻪ -ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ -ﻻ ﻳﺸﻌﺮ
ﺑﺎﳌﺴﺆﻭﻟﲔ ،ﻟﺘﻮﺯﻳﻊ ﺍﳌﻬﺎﻡ ،ﻭ ﺇﺳﻨﺎﺩﻫﺎ ﺇﱃ ﺃﺻﺤﺎﺎ ،ﻭ ﺗﺴﻠﻢ
ﺣﱴ ﺑﻮﺟﻮﺩﻩ ﻗﺪﺍﻣﻪ ،ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺰﺍﻝ ﳝﺴﻜﻪ ﻣﻦ ﻋﻀﺪﻩ
ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،ﻟﻜﻨﻪ ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﺼﻨﻊ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺑﺮﻓﻘﺔ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ
ﻧﱪﺍﺕ ﺻﻮﺕ ﺃﺑﻴﻪ ﻋﻠﻮﺍ ﻭ ﺍﳔﻔﺎﺿﺎ ،ﺗﺸﻨﺠﺎ ﻭ ﺗﻘﻠﺼﺎ،
ﺍﻧﺘﺼﺎﺭﺍ ﻣﻀﻔﺮﺍ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﺎﺋﺴﺎ ﻭ ﻣﻌﺘﻘﺪﺍ ﺃﻧﻪ ﻣﻬﺰﻭﻡ ﻻ
ﻓﻴﺤﺎﻛﻴﻬﺎ ﻣﻐﻠﻮﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺮﻩ .
ﻣﻐﺎﺭﺍﺕ ﺍﳉﺒﺎﻝ ،ﺃﻭ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﲑ ﰲ ﺍﻟﻔﻴﺎﰲ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻔﺎﺭ ،ﺃﻭ
ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﻳﺮ ﻭ ﺗﺴﻠﻴﻤﻬﺎ ،ﻓﻴﻮﺍﺟﻬﻪ ﺍﻟﻌﺪ ﻭ ﺣﱴ ﻟﻴﻈﻨ ﻦ ﺃﻧﻬﺎ
ﳏﺎﻟﺔ .
ﺷﺮﻉ ﻳﻘﻠﱢﺐ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺳﺤﻨﺔ ﺍﺑﻨﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻔﺾ ﻋﻴﻨﻴﻪ
ﻫﻮ ﻟﻴﺲ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺑﻜﻼﻣﻪ ﻭ ﻣﺎ ﺗﺘﻀﻤﻨﻪ ﻣﻌﺎﻧﻴﻪ ،ﻭ ﳝﺴﻲ ﻻ
ﻳﺄﰉ ﺃﻥ ﳛﺮﺭﻩ ﻣﻦ ﻗﺒﻀﺘﻪ ﺍﻟﻔﻮﻻﺫﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺭﺍﺣﺖ ﺘ ﺰ ﻣﻊ
ﺭﺍﺡ ] ﺳﻌﺪ ﺍﻟﺰﻣﻮﱄ [ ﻳﺪﻣﺪﻡ ﻭ ﻫﻮ ﻳﺘﻄﻠﹼﻊ ﺇﱃ ﺍﺑﻨﻪ ﰲ
ﻏﺒﺸﺔ ﺍﻟﻈﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺪﺃ ﻳﺴﻮﺩ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ ﻣﻨﺴﺪﻻ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ
ﺃﺭﺿﺎ ،ﻭ ﱂ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﻧﻈﺮﺍﺕ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﺍﳌﺮﻛﺰﺓ ﻋﻠﻴﻪ،
ﺣﻠﻜﺘﻪ ﰲ ﺍﳊﻘﻞ ،ﻭ ﻫﻮ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ :
ﰒ ﻴﺄ ﻟﻪ ﺃﻥ ﳜﺎﻃﺒﻪ ﻣﺘﻤﺘﻤﺎ ﺍﻟﻔﻮﺯ ﻭ ﺍﻻﻧﺘﺼﺎﺭ ﻋﻠﻴﻪ ،ﹼ
ﰲ ..ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﺎﻓﻴﻬﺎ ..ﻭ ﻳﺼﺪﻗﻬﺎ « .. ﻟﻠﻤﺨﻠﺺ ..ﺍﻟﻮ ﹼ
ﺣﱴ ﺍﻧﺘﻘﻠﺖ ﻋﺪﻭﻯ ﺍﻻﺭﺗﺒﺎﻙ ﻣﻨﻪ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭ ﻫﺬﻩ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻟﻪ :
» ..ﺃﻧﻈﺮ ﻳﺎ ﺑﲏ ﺇﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻌﻄﺎﺀ ،ﻻ ﺗﺒﺨﻞ ﺃﺑﺪﺍ،
ﺖ ﻣﺜﻞ ﺍﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﺍﻟﺒﺨﻴﻞ ..ﺍﻟﻨﺎﻛﺮ ﻟﻠﺠﻤﻴﻞ « .. ﻟﻴﺴ ﻣﺴﺢ ﺷﻔﺘﻴﻪ ﺑﻜﻔﻴﻪ ،ﺇﺫ ﺑﺪﺍ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻟﻌﺎﺑﻪ ﻗﺪ ﺑﻠﻞ ﺯﺍﻭﻳﱵ
ﻻ » ..ﺍﲰﻊ ﻳﺎ ﻭﻟِﻴﺪﻱ ..ﺇ ﹼﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﻻ ﺗﻌﻄﻲ ﺇ ﹼ
ﻛﺎﻥ ] ﲪﻮﺩﻱ [ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﺴﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﺮﻓﺎﺕ ﺍﻟﱵ
ﺗﺼﺪﺭ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ .ﺭﺟﺎ -ﰲ ﻗﻠﺒﻪ ﻃﺒﻌﺎ -ﺃﻥ ﻳﻘﻠﻊ ﻋﻨﻬﺎ ﺎﺋﻴﺎ .ﻟﻜ ﻦ ..ﺃﻧﻰ ﻟﻪ ﺫﻟﻚ ؟ ..
ﺇﻧﻪ ﻻ ﳚﺮﺅ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻠﹼﻤﻪ ﺭﺃﺳﺎ ﻟﺮﺃﺱ ،ﺭﺟﻼ ﻟﺮﺟﻞ ..
ﻒ ﺑﺬﻟﻚ ﺷﻔﺘﻴﻪ ،ﰒ ﺧﻠﺪ ﺇﱃ ﺍﻟﺼﻤﺖ ﻫﻨﻴﻬﺔ ،ﻟﻜﻨﻪ ﱂ ﻳﻜﺘ ِ
ﻻ ﺳﺮﺍ ،ﺑﻴﻨﻪ ﻭ ﺑﲔ ﻧﻔﺴﻪ .ﺇﻧﻪ ﻳﻔﺘﻘﺪ ﻓﻼ ﻳﺘ ﻢ ﺫﻟﻚ ﺇﺫﻥ ﺇ ﹼ
ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻖ ،ﺑﻞ ﻋﻜﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﺃﺧﺬ ﻃﻮﺑﺔ ﻭ ﺍﻧﱪﻯ ﻳﻔﺘﺘﻬﺎ
ﺇﱃ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﺍﻟﻜﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﹼﱵ ﺗﺆﻫﻠﻪ ﻷﻥ ﻳﻘﻒ ﻗﺒﺎﻟﺘﻪ ،ﻭﺟﻬﺎ
ﺣﺒﻴﺒﺎﺕ ﺣﺒﻴﺒﺎﺕ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﺣﺘﻰ ﺻﺎﺭﺕ ﺫﺭﺍﺕ ﺗﺮﺍﺏ ﺻﻐﲑﺓ،
ﻟﻮﺟﻪ ،ﻭ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ ﻗﻮﻟﺔ ﺍﻟﻔﺼﻞ .. » :ﻻ ﺗﻜﻠﹼﻢ ﻧﻔﺴﻚ ﻳﺎ
ﺃﻣﺴﻜﻪ ﻣﻦ ﻋﻀﺪﻩ ﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ،ﺑﻴﻨﺎ ] ﲪﻮﺩﻱ [ ﻇﻞ
ﺍﳌﺮﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﺴﺘﻌ ﺪ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭ ﻳﻬﻴﺊ ﻧﻔﺴﻪ ﻭ ﻳﺪﺭﺎ ﳌﻮﺍﺟﻬﺘﻪ،
ﻣﻄﺄﻃﺊ ﺍﻟﺮﺃﺱ ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﲪﻞ ﺑﺼﺮﻩ ﰲ ﺣﻀﺮﺓ ﺃﺑﻴﻪ،
ﻹﻟﻘﺎﺀ ﻛﻠﻤﺎﺗﻪ ﻫﺬﻩ ،ﻏﲑ ﺃﻧﻪ ﻳﺮﺗ ﺪ ﺧﺎﺋﺮﺍ ﻣﺴﺘﻜﻴﻨﺎ ،ﲟﺠﺮﺩ
ﰒ ﻧﺜﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ .
ﻭ ﺍﺳﺘﻄﺮﺩ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ ﻣﺴﺘﺪﺭﻛﺎ :
» ..ﺃﲰﻊ ﻳﺎ ﺑﲏ ..ﻭ ﺗﻌﻠﹼﻢ ﻣﻨﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺭﻭﺱ ﺍﻟﱵ
ﺃﰊ ..ﻟﻘﺪ ﺍﴰﺄﺯﺯﺕ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ « ..ﻓﻤﺎ ﺃﻛﺜﺮ
ﺭﺅﻳﺘﻪ ﺇﻳﺎﻩ ﻗﺎﺩﻣﺎ ﳓﻮﻩ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﺃﻣﺎﻣﻪ ،ﻓﻴﺒﺘﻌﺪ
ﻫﺎﺭﺑﺎ ﳚ ﺮ ﺃﺫﻳﺎﻝ ﺧﻴﺒﺔ ﺃﻣﻠﻪ.
ﺃﻣﻨﺤﻚ ﺇﻳﺎﻫﺎ ﻋﺴﺎﻫﺎ ﺗﻔﻴﺪﻙ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻚ ،ﻭ ﺍﻟﹼﱵ ﻟﻦ
ﻛﺎﻥ ] ﲪﻮﺩﻱ [ ﻳﺒﺪﻱ ﺍﴰﺌﺰﺍﺯﻩ ﺍﳌﻔﺮﻁ ﻣﻦ ﺃﺑﻴﻪ ،ﻭ
ﺃﻋﻄﻴﺘﻬﺎ ﺃﻋﻄﺘﻚ ..ﻭ ﺇﺫﺍ ﱂ ﺗﻌﻄِﻬﺎ ﻻ ﺗﻌﻄﻴﻚ ﺷﻴﺌﺎ ..
ﻻ ﺃﻧﻪ ﻳﺘﻌﻤﺪ ﲣﻴﻴﺐ ﺃﻣﻠﻪ ﺑﻌﺪﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﲑ ﺫﻟﻚ ،ﺇ ﹼ
ﺖ ﺣﻴﺎ ..ﻭ ﻻ ﺗﻨﺴﻪ ﺃﺑﺪﺍ .. ﺗﺬﻛﹼﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺟﻴﺪﺍ ﻣﺎ ﺩﻣ
ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻋﻤﺎ ﻳﺸﻐﻞ ﺑﺎﻟﻪ ،ﻓﻼ ﻳﻬﺘ ﻢ ﺑﻪ ،ﻭ ﻳﺘﺠﺎﻫﻠﻪ .ﻋﻨﺪﺋ ٍﺬ
ﰲ ﺍﻟﺒﺪﺀ ﻛﺎﻥ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻣﻮﺟﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﺑﻨﻪ ،ﻟﻜ ﻦ ] ﺳﻌﺪ
ﻭ ﻳﺘﺮﻛﻪ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺪﺃ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭ ﻳﺼﻔﻮ ﺫﻫﻨﻪ ،ﻭ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﱃ
ﺍﻟﺰﻣﻮﱄ [ ،ﻭ ﻫﺬﺍ ﺩﻳﺪﺍﻧﻪ ﺩﻭﻣﺎ ،ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﺭﺍﺡ ﻳﺴﺘﻄﺮﺩ ﻭ
ﺣﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ .ﻟﻜﻦ ،ﺣﱴ ] ﺳﻌﺪ ﺍﻟﺰﻣﻮﱄ [ ﻻ ﻳﻘﻞ
ﻋﻠﻴﻪ ﺣﱴ ﻳﺒﻘﻰ ﺭﺍﺳﺨﺎ ﰲ ﺫﻫﻦ ﺍﺑﻨﻪ .ﻭ ﻟﻜﻦ ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺔ
ﺍﻟﻘﻠﻖ ﻳﺴﺘﻔﺤﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﻓﺄﻛﺜﺮ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺧﻠﻴﺔ
ﺍﻷﻣﺮ ﺗﻌﺮﺟﺖ ﺑﻪ ﺩﺭﻭﺑﻪ ،ﻓﺴﻠﻚ ﻣﻨﻌﺮﺟﺎﺕ ،ﻭ ﺩﻟﻒ ﻛﻬﻮﻓﺎ ﻭ
ﺳﺮﻃﺎﻧﻴﺔ ﺗﺘﻐﺬﹼﻯ ﺑﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻟﺘﺠﺎﻫﻠﻪ ﺃﻧﺸﻐﺎﻻﺕ ﺍﺑﻨﻪ،
ﱂ ﻳﻔﻘﻪ ﻣﻨﻬﺎ ] ﲪﻮﺩﻱ [ ﺷﻴﺌﺎ .
ﱂ ﻫﻮ ﻻﺋ ﹲﺬ ﺑﺎﻟﺼﻤﺖ ﻫﻜﺬﺍ ،ﻓﻼ ﻳﺴﺄﻟﻪ ،ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺍﻩ ﹶ
ﻳﺰﻭﺩﻙ ﺎ ﻏﲑﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ .ﺇﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻌﻄﺎﺀ ﺇﺫﺍ
ﺃﺣﻔﻈﻪ ﻳﺎ ﺑﲏ ،ﻗﺪ ﻳﻔﻴﺪﻙ ﰲ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻋﻤﺮﻙ « ..
ﻳﺴﺘﻄﺮﺩ ﺣﱴ ﺧﺮﺝ ﻋﻦ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﺮﻛﺰ
ﻣﻐﺎﺭﺍﺕ ﻣﺴﺮﺑﻠﺔ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻐﺎﻣﻀﺔ ﺍﳌﺮﻣﺰﺓ ﺍﳌﺸﻔﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﺇﻥ ] ﲪﻮﺩﻱ [ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﻳﻘﻴﻨﺎ ﺃ ﹼﻥ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻻ ﻳﻌﺪﻭ ﺃﻥ
ﻳﺒﺎﻟﻎ ﻓﻴﻪ ﺧﺎﺻﺔ ﻗﺒﺎﻟﺘﻪ ﺣﱴ ﻳﻠﻔﺖ ﺍﻧﺘﺒﺎﻫﻪ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻓﻴﻠﺤﻆ
ﻳﺆﺟﻞ ﺳﺆﺍﻟﻪ ﺇﱃ ﺣﲔ ﺗﺴﻨﺢ ﻟﻪ ﻓﺮﺻﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺟﺪﻳﺪﺓ ،ﺑﻞ
ﺗﻀﻤﺮﺍ ﻣﻦ ﺃﺑﻨﻪ ،ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺮﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﻓﻴﺄﺧﺬ
ﻭ ﲡﺎﻫﻠﻬﺎ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻔﻈﺔ .ﺇﻧﻪ ﻻ ﻳﺪﺭﻱ ﳌﺎﺫﺍ؟ ..
ﻣﻨﻄﻘﻴﺎ ﻭ ﺷﺎﻓﻴﺎ ،ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﺴﺄﻟﻪ ﺇﻳﺎﻩ ﻣﻨﺬ ﺃﻣﺪ
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
33
ﺖ ﻣﺘﻀﺎﻳﻖ ﻳﺎ ﺑﲏ ؟ « . ﱂ ﺃﻧ ﻃﻮﻳﻞ » :ﹶ
ﺇﻧﻪ ﲟﺜﺎﺑﺔ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪ ﺃﻭ ﺃﻛﺜﺮ ،ﺇﻧﻪ ﱂ ﻳﺪﺭﻙ ﻛﻨ ﻪ ﻣﺎ ﺗﻔﻮﻩ
ﻫﻴﺌﺔ ] ﲪﻮﺩﻱ [ ﺗﻜﻮﻥ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﹼﺤﻈﺎﺕ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ
ﺑﻪ ﺁﻧﺌ ٍﺬ ،« ..ﺑﻞ ﻟﻘﺪ ﺃﻛﱪﻩ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﺳﺎﻋﺘﺌﺬٍ ،ﺣﺘﻰ ﻭﻗﻒ
ﻱ ﺍﴰﺌﺰﺍﺯ ﺍﺳﺘﻨﻔﺎﺭ ﻗﺼﻮﻯ ،ﻣﻌﻠﻨ ﹰﺔ ﻋﻦ ﺍﴰﺌﺰﺍﺯﻫﺎ ،ﻭ ﺃ
ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﺟﻠﻴﺔ ﺍﻷﻣﺮ ،ﻭ ﺗﺄﻛﺪ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻳﻜﻠﱢﻢ
ﻫﻮ؟ ..ﻟﻜﻦ ﺻﻤﻮﺩ ﻭﺍﻟﺪﻩ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﺍﻟﺬﻱ
ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻌﻼ ﰲ ﺍﳊﻘﻞ ،ﺣﱴ ﻭ ﻫﻮ ﻣﻊ ﺍﻟﺒﻬﺎﺋﻢ.
ﺣﲔ ﻳﺼ ﻖ ﻣﻨﻪ ﺐ ﻋﻠﻰ ﳍﺐ ﻣﺴﺘﻌﺮ ﰲ ﻗﻠﺒﻪ ﻓﻴﻄﻔﺌﻪ ،ﻓﻼ ﻳﺒ
ﺍﺿﻄﺮﺍﺏ :
ﻳﻌﺘﺮﻳﻪ ،ﻭ ﲢﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﺼﱪ ﲡﺎﻩ ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻪ ،ﻛﺎﻥ ﻣﺜﻞ ﻣﺎﺀ
ﻻ ﺍﻟﺮﻣﺎﺩ . ﺇﹼ
ﺍﻷﻣﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺍﻭﺩﻩ ﺩﻭﻣﺎ ،ﻳﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺃ ﹼﻥ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﺳﻮﻑ
ﻳﺴﺄﻟﻪ ﻗﺮﻳﺒﺎ ﻋﻤﺎ ﺑﻪ ،ﻭ ﻣِﻦ ﲦﹼﺔ ﻳﺘﻮﺟﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﺴﺘﻔﺴﺮﺍ ﻋﻦ
ﻭ ﺗﺴﺎﺀﻝ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ -ﺑﻴﻨﻪ ﻭ ﺑﲔ ﻧﻔﺴﻪ -ﰲ ﺣﲑﺓ ﻭ
» ..ﻫﻞ ﺃﰊ ﳎﻨﻮﻥ ؟! « ..
ﰒ ﻳﺮ ﺩ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﳐﺎﻃﺒﺎ :
» ..ﺭﲟﺎ ﻛ ﹼﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﳛﺪﺛﻮﻥ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺇﱃ ﺣ ﺪ ﻣﺎ،
ﺗﻠﻚ ﺍﳌﻨﺎﺟﺎﺓ ،ﺍﻟﱵ ﺗﺼﺪﺭ ﻋﻨﻪ ،ﻭ ﻋﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻭﺍﻋﻴﺎ ﺎ ﺃﻡ
ﻟﻴﺲ ﰲ ﻭﺳﻌﻲ ﺗﺼﻮﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺪ ﺍﻵﻥ . « ..
ﺖ ﳑﻜﻦ ..ﺣﱴ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﺘﺨﻠﹼﺺ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﺃﻗﺮﺏ ﻭﻗ ٍ
ﻫﻮ ﺃﻳﻀﺎ ﻳﻜﻠﹼﻢ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻐﻀﺐ ،ﺃﻭ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺜﻮﺭ
ﻻ ﻳ ﺘﻬﻢ ﺑﺎﳉﻨﻮﻥ .
ﻣﺰﳎﺮﺍ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﻭ ﺍﻟﺘﺼﺮﻓﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﺮﻭﻗﻪ ﰲ
ﻻ؟ ،ﻭ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺟﻮﺍﺑﻪ ﺑـ " ﻧﻌﻢ " ﻓﺄﻧﻪ – ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ –
ﺇﻥ ﺃﻗﺼﻰ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻨﺘﺠﻪ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ،ﻫﻮ ﺃﻧﻪ
ﻓﻬﻮ ﺍﺑﻨﻪ ،ﻭ ﻓﻠﺬﺓ ﻛﺒﺪﻩ ،ﻭ ﺍﻻﺑﻦ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻠﺘﻤﺲ ﻷﺑﻴﻪ
ﺍﻟﺒﻴﺖ ،ﻓﻴﻐﺘﺼﺐ ﺭﺃﻳﻪ ﻭ ﻻ ﻳﺴﻤﻊ ﻛﻼﻣﻪ ﺑﺪﻋﻮﻯ ﺃﻧﻪ ﻣﺎ ﺯﺍﻝ
ﺍﻟﻌﺬﺭ .ﺇﻧﻪ ﻣﻮﻗﻦ ﻣﻦ ﺃ ﹼﻥ ﺃﺑﺎﻩ ﺳﻠﻴﻢ ﺍﻟﻌﻘﻞ ،ﻟﻴﺲ ﺑﻪ ﻣﺲ ﻣﻦ
ﻃﻔﻼ ﺻﻐﲑﺍ ﱂ ﻳﻜﱪ ﺑﻌﺪ .ﻭ ﺃ ﹼﻥ ﻋﻘﻠﻪ ﱂ ﻳﻨﻀﺞ ﺑﻌﺪ ..ﺃﻭ
ﺍﳉ ﻦ ﻣﻄﻠﻘﺎ ،ﻛﻤﺎ ﺃﺷﻴﻊ ﻋﻨﻪ ﻭ ﻗﻴﻞ » :ﺇﻧﻪ ﳎﻨﻮﻥ « .
ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺘﻠﻘﻰ ﺗﻌﻨﻴﻔﺎﺕ ﻗﺎﺳﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﺑﻴﻪ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﺮﺍﻫﺎ ﻫﻮ
ﺳﻮﻑ ﳛﻜﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻮﺭﺍ ﺑﺎﳉﻨﻮﻥ .
ﻳﻌﻘﺒﻪ ﺭﺿﺎﻫﺎ ﻋﻠﻴﻪ ،ﺃﻭ ﺣﲔ ﲢﻨﻘﻪ ﺇﺣﺪﻯ ﺷﻘﻴﻘﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ
ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﺷﺎﻫﺪﻩ ﺃﺣ ﺪ ﻣﺎ ﻏﲑﻩ ..ﻣﻦ ﺃﻫﺎﱄ " ﺍﻟ ﺪﻭﺍﺭ" ﻓﺈﻧﻪ ﺭﲟﺎ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻭ ﺃﺯﻳﺪ ﺍﻟﹼﱵ ﻗﻀﺎﻫﺎ ﰲ ﺍﳉﺒﻞ ﺫﺍﺋﺪﺍ
ﻋﻦ ﺣﻴﺎﺽ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻃﻦ ،ﻣﺘﻨﻘﻼ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺇﱃ ﺃﺧﺮﻯ ﻋﱪ ﺭﺑﻮﻉ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﺸﺎﺳﻌﺔ،
ﻇﺎﳌﺔ ،ﺃﻭ ﻣﻦ ﺃﻣﻪ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﺒﺪﻱ ﺍﺳﺘﻴﺎﺀﻫﺎ ﻣﻨﻪ ﺣﱴ
ﻭ ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ] ﻣﻮﱐ [ ﺍﻟﺼﻐﺮﻯ ﻣﻨﻬﻦ ،ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﻋﻠﻴﻬﻦ ﺑﺎﻟﻔﻈﺎﻇﺔ ﻭ ﺍﳌﺸﺎﻛﺴﺔ.
ﻓﻌﻨﺪﺋﺬٍ ،ﻭ ﺣﲔ ﱂ ﳚﺪ ﻓﺮﺻﺔ ﻹﻓﺮﺍﻍ ﺷﺤﻨﺔ ﻏﻀﺒﻪ
ﻱ ﺍﳌﺪﺍﻓﻊ ﻭ ﻻ ﺃﺯﻳﺰ ﺍﻟﺮﺻﺎﺹ ،ﻭ ﺩﻭ ﻻ ﻳﺴﻤﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺇ ﹼ
ﺍﻟﱵ ﺗﺼﺒﺢ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻐﺼﺔ ﰲ ﺣﻠﻘﻪ ،ﻓﻴﻠﺠﺄ ﺇﱃ ﺭﻛﻦ ﻗﺼﻲ
ﻣﻮﻫﻮﺳﺎ ،ﺃﻭ ﻣﺮﻳﻀﺎ ﺑﺎﳍﻠﻮﺳﺔ ﻓﻴﺄﰐ ﺑﺘﺼﺮﻓﺎﺕ ﻏﺮﻳﺒﺔ ،ﻻ
ﺍﳉﺮﻱ ﺃﻭ ﺍﳍﺮﻭﻟﺔ ،ﺃﻭ ﺍﳌﺸﻲ ﻭ ﻫﻮ ﻳﺮﻃﻦ ﺳﺎﺑﺎ ،ﻭ ﺷﺎﲤﺎ
ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺼﺪﺭ ﻋﻦ ﺭﺟﻞ ﺳﻠﻴﻢ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺃﺑﺪﺍ .
ﺷﻴﺌﺎ ﻣﺎ ،ﻟﻴﺲ ﻭﺍﺿﺤﺎ ﺃﻭ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎ ﻟﺪﻳﻪ ،ﻭ ﻳﺄﺧﺬ ﻳﻬﻠﻮﺱ
ﺍﻧﻔﺠﺎﺭ ﺍﻟﻘﺎﺑﻞ ،ﻗﺪ ﺃﺛﹼﺮﺕ ﻓﻴﻪ ﺗﺄﺛﲑﺍ ﻛﺒﲑﺍ ،ﻭ ﺻﻴﺮﺗﻪ ﺭﺟﻼ
ﻭ ﲰﻊ ﻣﺮﺓ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﻪ ] ﺍﻟﻨﺬﻳﺮ [ ﻭ ﻫﻮ ﻳﺪﻳﺮ ﺇﺻﺒﻊ
ﺳﺒﺎﺑﺘﻪ ﰲ ﺻﺪﻏﻪ ﻭ ﻳﻘﻮﻝ :
ﻟﻴﺨﺎﻃﺐ ﻧﻔﺴﻪ .ﻭ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻌﻮﺯﻩ ﺫﻟﻚ ،ﻛﺎﻥ ﻳﺸﺮﻉ ﰲ
ﺑﻜﻠﻤﺎﺕ ﻏﲑ ﻣﻔﻬﻮﻣﺔ ،ﺣﱴ ﻳﺆﻭﻝ ﺑﻪ ﺍﳌﺂﻝ -ﰲ ﺍﻷﺧﲑ -
ﻻ ﺇﱃ ﺃﻥ ﻳﻠﻌﻦ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺍﻟﺮﺟﻴﻢ ،ﻭ ﻟﻜﻦ ..ﻻ ﻳﺘ ﻢ ﺫﻟﻚ ﺇ ﹼ
ﺟﻦ ،ﺃﻭ ﻗﺎﺭﺏ ﻣﻦ ﺍﳉﻨﻮﻥ ..ﻭ ﺳﻮﻑ ﺗﺘﺄﻛﺪﻭﻥ ﻲ » ﻋﻤ
ﺳﺮﺍ ﺑﻴﻨﻪ ﻭ ﺑﲔ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭ ﻳﺄﺧﺬ ﻟﺬﻟﻚ ﻛﻞ ﺍﳊﻴﻄﺔ ﻭ ﺍﳊﺬﺭ
ﻟﻘﺪ ﺍﻧﺪﻫﺶ ﺁﻧﺌﺬٍ ،ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳋﻄﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻔﻮﻩ
ﻧﻔﺴﻪ ﺣﱴ ﰲ ﺣﻀﺮﺓ ﺩﺍﺑﺘﻪ ﺍﻟﺒﻜﻤﺎﺀ .ﺇﻧﻪ ﺇﺫ ﻳﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ
ﺑﻪ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﻪ ﻭ ﺍﺳﺘﻨﻜﺮﻩ .ﻛﻴﻒ ﻳﻘﻮﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺭﺟﻞ
ﺱ ﺷﺪﻳﺪ ،ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ ﻳﺮﺍﻩ ﺍﻟﻐﲑ ﺃﻳﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﺈﳕﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﲝﺮ ٍ
ﻣﻦ ﻛﻼﻣﻲ ﻫﺬﺍ ﺇﻥ ﺁﺟﻼ ﺃﻭ ﻋﺎﺟﻼ « ..
ﺍﻟﻼﺯﻣﲔ ﻟﻜﻴﻼ ﻳﺮﺍﻩ ﺃﺣ ﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ .ﺇﻧﻪ ﳜﺠﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻠﹼﻢ
ﻫﻮ ﲟﺜﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺪﻩ ،ﻭ ﻫﻮ ﲟﺜﺎﺑﺔ ﺍﻻﺑﻦ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﻟﻪ .ﻟﻘﺪ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻐﲑ ..ﺇﺫ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻴﻨﺎﻩ ﻋﻨﺪﺋ ٍﺬ ﺗﺪﻭﺭﺍﻥ ﰲ ﳏﺠﺮﻳﻬﻤﺎ
ﺃﻛﱪﻩ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭﻋﺪﻩ ﺃﻣﺮﺍ ﻧﻜﺮﺍ ،ﻭ ﺍﻣﺘﻸ ﻗﻠﺒﻪ ﻏﻴﻈﺎ ،ﻭ
ﻣﺜﻞ ﻟﻮﻟﺒﲔ ﻣﻦ ﺣﻮﺍﻟﻴﻪ .
ﺣﻨﻘﺎ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻴﻪ .ﻛﻴﻒ ﻳﺘﻘﻮﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ
ﺇﺫﻥ ،ﻓﺎﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻨﻪ ﻭ ﺑﲔ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﺷﺎﺳﻊ .ﺇ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﲑ
ﻳﺘﺴﺎﺀﻝ ﰲ ﺳﺮﻩ .. » :ﻛﻴﻒ ﻳﻘﻮﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻪ
ﳚﻠﺲ ﻣﺘﺮﺑﻌﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﺮﻯ ،ﻛﺄﻧﻪ ﻳﻔﺘﺮﺵ ﺑﺴﺎﻃﺎ ﻗﺸﻴﺒﺎ
ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺑﺎﻩ ﻣﻨﺬ ﻧﻌﻮﻣﺔ ﺃﻇﺎﻓﺮﻩ ،ﺣﱴ ﺟﻌﻞ ﻣﻨﻪ ﺭﺟﻼ ﻗﻮﻳﺎ،
ﻣﺰﺭﻛﺸﺎ ،ﻭ ﻳﻨﺨﺮﻁ ﰲ ﳏﺎﻭﺭﺓ ﻃﻮﻳﻠﺔ ..ﺗﻜﺎﺩ ﻣﻦ ﻃﻮﳍﺎ
ﻻ ﺃ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ ﱂ ﳝﻨﻌﻪ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﳋﻄﲑ ؟! ..ﺇ ﹼ
34
ﻻ ﻳﻌﺒﺄ ﺑﺄﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﺇﻧﻪ ﻻ ﻳﺸﻐﻞ ﺑﺎﻟﻪ ﻢ .ﺑﻞ
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﻻ ﺗﻨﺘﻬﻲ .ﺇﻧﻪ ﻳﺒﺪﻭ ﻟﻠﺮﺍﺋﻲ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﳚﺎﻟﺲ ﺷﺨﺼﺎ
ﻣﺎ .ﻟﻘﺪ ﲝﺚ ] ﲪﻮﺩﻱ [ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ
ﻛﺘﻔﻴﻪ ﻭ ﺗﻘﻠﻴﺐ ﻛﻔﻴﻪ ،ﻓﻜﺎﻥ ﳝﻂﱡ ﺷﻔﺘﻴﻪ ﻭ ﻳﻘﻮﻝ ﰲ
ﻚ: ﺷ ٍ
ﻳﺘﺤﺪﺙ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﰲ ﻛ ﹼﻞ ﺟﻨﺎﻳﺎﺕ ﺍﳌﻜﺎﻥ ﺃﻳﻦ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ
» ﺃﻧﺎ ﱂ ﺃ ﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﺬﻱ !! « ....
ﻳﻜﻮﻥ ﳐﺒﺆﻩ .ﻟﻘﺪ ﻣ ﺪ ﺑﺼﺮﻩ ﺣﺘﻰ ﺇﱃ ﻋﻨﺎﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ،ﻭ
ﻭ ﻟﻜﻦ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ :
ﻧﻘﺐ ﺣﺘﻰ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ ،ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺜﺮ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺛﺮ .
» ..ﺃﻳﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻳﺎ ﺗﺮﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺨﺺ ؟!! « .. ﻓﺘﺶ ﻋﻨﻪ ﰲ ﺿﻮﺀ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ،ﻭ ﰲ ﺟﻨﺢ ﺍﻟﻈﻼﻡ ﻋﻦ
ﳐﺒﺌﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻛﻦ ﻓﻴﻪ ،ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺜﺮ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺛﺮﺍ .ﱂ ﻳﺘﺮﻙ
» ..ﺇﻧﻪ ﺍﻣﺮﺃﺓ ..ﺃﻭ ﺭﲟﺎ ﻛﺎﻥ ﺟﻨﻴﺔ !!« ... ﻓﻬﻲ ﻻ ﺗﺘﺮﺍﺀﻯ ﻟﻪ ﻋﻴﺎﻧﺎ ..ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻧﻬﺎ ﺟﻨﻴﺔ ..ﺗﺘﺨﺒﺄ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻊ ﺃﺑﻴﻪ ..ﻭ ﺗﺘﺒﺪﻯ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﻐﻴﺐ ﻋﻨﻪ .ﺇﻥ ﻣﻦ ﻳﻜﻠﹼﻤﻬﺎ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﺍﻣﺮﺃﺓ ..ﻫﺬﺍ ﺃﻣﺮ ﺃﻛﻴﺪ .ﻭ ﻣﻮﻗﻦ ﻣﻨﻪ .
ﺍﻷﻣﺮ ﻳﺸﻮﻱ ﻗﻠﺒﻪ ،ﻭ ﳛﺮﻕ ﺻﺪﺭﻩ ،ﺑﻞ ﺃﺧﱪ ﺑﻪ ﺃﻣﻪ ،ﻭ
ﰒ ﻳﺘﺎﺑﻊ ﻓﻴﻘﻮﻝ ﰲ ﺳﺮﻩ ﻣﻀﻄﺮﺑﺎ :
ﺍﺳﺘﻌﺎﻥ ﺎ ﻟﺘﺸﺎﺭﻛﻪ ﺇﻳﺎﻩ ،ﻭ ﺃﺑﻠﻐﻬﺎ ﺃ ﹼﻥ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻳﻜﻠﱢﻢ ﺷﺨﺼﺎ ﻣﺎ
» ﻣﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﻳﺎ ﺗﺮﻯ ؟!« ..
ﰲ ﺍﳊﻘﻞ .ﻓﻜﺎﻥ ﳛﺪﻭﻩ ﺍﻷﻣﻞ ﰲ ﺃﻥ ﻳﻠﻘﻰ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺓ .
ﻳﺪﱘ ﺍﻟﺘﻄﻠﹼﻊ ﺇﱃ ﳏﻴﺎ ﺃﻣﻪ ﺍﻟﺼﺒﻮﺡ ،ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺒﺪﻯ ﻟﻪ
ﻓﺴﺄﳍﺎ ﰲ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻣﺘﻠﻬﻔﺎ :
ﻣﺜﻞ ﺻﻔﺤﺔ ﺍﳌﺎﺀ ﺍﻟﺮﻗﺮﺍﻗﺔ ﺻﺎﻓﻴﺔ ﻻ ﻳﻜﺪﺭﻫﺎ ﺷﻲﺀ ،ﺑﺎﺣﺜﺎ
» ﻳﺎ ﺃﻣﻲ ..ﻣﻦ ﻋﺴﺎﻩ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﺬﻱ
ﻑ .ﻭ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻗﺴﻤﺎﺕ ﻭﺟﻬﻬﺎ ،ﻭ ﺏ ﺷﺎ ٍ ﻭ ﻣﻨﻘﺒﺎ ﻋﻦ ﺟﻮﺍ ٍ
ﻭ ﻳﻜﻤﻞ ﳐﺎﻃﺒﺎ ﻧﻔﺴﻪ :
ﺗﺬﻛﺮ .ﻭ ﺍﺳﺘﻨﺘﺞ ﺃﺧﲑﺍ ﺃﻥ ﻭﻗﻮﻓﻪ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ ،ﻭ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻣﻌﻬﺎ ﱂ
» ..ﺇﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﺮﺍﺀﻯ ﱄ ؟ ! ..ﻫﻞ ﳜﺘﻔﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﻇﻬﺮ
ﻳﻐﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﻼﳏﻬﺎ ﺃﻭ ﺗﻌﺎﺑﲑﻩ ﻭﺟﻬﻬﺎ ﺷﻴﺌﺎ ﻳﺬﻛﺮ .
ﳛﺪﺛﻪ ﺃﰊ؟ «
ﺃﻧﺎ ؟ ...ﻭ ﺃﻳﻦ ﳜﺘﻔﻲ ؟ ! ..ﺇﻧﻪ ﻻ ﻣﻜﺎﻥ ﻟﻪ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﺍﺭﻯ ﻓﻴﻪ « ..
ﺗﻌﺎﺑﲑﻩ ،ﺑﺎﻥ ﻋﺠﺰﻩ ،ﻭ ﻓﺸﻠﻪ ﰲ ﺍﺳﺘﺨﻼﺹ ﺍﺳﺘﺠﺎﺑﺔ
ﻟﻘﺪ ﺍﺳﺘﻘﺒﻠﺘﻪ ﺑﻮﺟﻪ ﻃﻠﻖ ،ﺭﺍﺣﺖ ﺗﺮﺗﺴﻢ ﻋﻠﻴﻪ
ﺍﺑﺘﺴﺎﻣﺎﺎ ﺍﳌﻌﻬﻮﺩﺓ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﻨﻔﻚ ﺗﻨﺜﺮﻫﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺜﻞ ﺑﺎﻗﺔ
ﻳﺸﺄ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﳍﺎ ﺻﺮﺍﺣﺔ ﻣﺎ ﻳﻌﺘﻤﻞ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺄﻥ ﻭﺍﻟﺪﻩ
ﻭﺭﺩ ﻣﱴ ﺭﺃﺗﻪ ﻣﻘﺒﻼ ﳓﻮﻫﺎ ﺃﻭ ﻣﺪﺑﺮﺍ ..ﺣﱴ ﺭﺳﺦ ﰲ
ﺍﳊﻘﻞ ..ﻟﻜﻲ ﻻ ﳚﺮﺡ ﻛﱪﻳﺎﺀﻫﺎ ،ﻭ ﺣﱴ ﻳﺒﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ
ﺃﺑﻴﻪ ،ﻷ ﹼﻥ ﻭﻗﻮﻓﻬﺎ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﱂ ﳛﺮﻛﻬﺎ ،ﱂ ﳛﻔﺰﻫﺎ ﻟﻠﺒﺤﺚ
ﺐ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻜﻨﻪ ﻟﻪ ﻓﻼ ﻳﻘﻮﺿﻪ ،ﻓﺮﺍﺡ ﻛﻌﺎﺩﺗﻪ ﺍﳊ
ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ ﻭ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺃﺳﺌﻠﺘﻪ ﺍﻟﱵ
ﳜﺎﻃﺐ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻣﺎ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﻳﻮﺍﻋﺪﻫﺎ ﻭ ﺗﻮﺍﻋﺪﻩ ﰲ
ﻳﻜﻤﻞ ﺍﳉﻤﻞ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ .ﻭ ﺷﺮﻉ ﻳﺼﻴﺢ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ ﻧﻔﺴﻪ ﻭ ﻳﻘﻮﻝ ﻛﺄﳕﺎ ﺍﻛﺘﺸﻒ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻬﻤﺎ :
ﺫﻫﻨﻪ ﺃﻥ ﻭﺍﻟﺪﺗﻪ ﻣﺘﺠﻤﺪﺓ ﺍﳌﺸﺎﻋﺮ ،ﻻ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻐﲑﺓ ﻋﻠﻰ
ﻃﺮﺣﻬﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ .
ﻱ ﻗﻠﻖ ،ﺃﻭ ﺍﻧﺰﻋﺎﺝ ،ﺃﻭ ﺣﲑﺓ ،ﳑﺎ ﻳﻔﻀﻲ ﱂ ﺗﺒ ِﺪ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﺃ
» ..ﺇﻧﻬﺎ ﺍﻣﺮﺃﺓ ..ﻧﻌﻢ ﻟﻘﺪ ﻋﺮﻓﺘﻬﺎ ..ﺇﻧﻬﺎ ﺍﻣﺮﺃﺓ ..
ﺑﻪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﻤﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﰲ ﻫﺪﻭﺀ ،ﻭ ﺭﺻﺎﻧﺔ ،ﺩﻭﻥ ﺇﺛﺎﺭﺓ
ﻷﻥ ﳐﺎﻃﺒﺔ ﺃﺑﻴﻪ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺎﻭﺭﻩ ﻛﺎﻧﺖ
ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺴﺒﻘﺎ ﲟﺎ ﳛﻤﻠﻪ ﺇﻟﻴﻬﺎ .ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻳﻀﺎ
ﱂ ﻓﻌﻞ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﺫﻟﻚ ؟ ..ﺭﲟﺎ ﺑﺼﻴﻐﺔ ﺍﻷﻧﺜﻰ ،ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﺪﺭﻱ ﹶ
ﻣﺘﻴﻘﻨﺔ ﻣﻦ ﺃ ﹼﻥ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﳍﺎ ﳎﺮﺩ ﻫﺮﺍﺀ .ﻧﻌﻢ ﻫﻮ ﳎﺮﺩ
ﻓﻤﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﱵ ﳛﺎﺩﺛﻬﺎ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻳﺎ ﺗﺮﻯ؟ ..ﻭ ﻳﺒﺜﻬﺎ
ﺃﻥ ﺗﺴﺘﻤﻊ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻛﻴﻼ ﲣﻴﺐ ﺃﻣﻠﻪ ﻓﻴﻬﺎ .ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺫﻟﻚ
ﻟﻮﺍﻋﺠﻪ ،ﻭ ﻏﺮﺍﻣﻪ ؟ .
ﺭﺍﺣﺖ ﺗﺴﺎﻳﺮﻩ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﺃﺣﺴﻦ ﻣﺴﺘﻤﻊ ﳌﺎ ﻳﻬﺮﻑ ﺑﻪ ،ﻭ
ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺎﺩﺛﹸﻪ ﻭﺍﻟﺪﻱ ﻫﻮ ﺍﻣﺮﺃﺓ « ..
ﺃﻗﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﲢﺎﺷﻴﺎ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺜﲑ ﺍﻟﻐﲑﺓ ﰲ ﻗﻠﺐ ﺃﻣﻪ،
ﺛﺎﺏ ﺇﱃ ﺭﺷﺪﻩ ﺃﺧﲑﺍ ﻓﻮﺟﺪ ﺃﻣﻪ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﻣﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﻜﻤﻞ
ﺃﻋﺼﺎﺏ ﺃﻭ ﺗﻜﺪﺭ ﻣﺰﺍﺝ ،ﻛﺄﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺍﻳﺔ ﲟﺎ ﳛﺼﻞ،
ﻫﺮﺍﺀ .ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻲ ﻻ ﺗﻜﺘﺮﺙ ﺑﻪ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﲡﺪ ﺣﺮﺟﺎ ﰲ
ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﻣﻘﺎﻃﻌﺘﻪ ﰲ ﺻﱪ ﻭ ﺃﻧﺎﺓ .
ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻔﻀﻲ ﺑﻪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ،ﻭ ﺭﲟﺎ ﳉﺄ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ﺣﻴﺎ ًﺀ
ﺐ ﺃ ﹼﻥ ﺗﻌﻜﺮ ﻣﺰﺍﺟﻪ ،ﺇﻧﻪ ﺍﺑﻨﻬﺎ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ،ﺇﺫﻥ ﺇﻧﻬﺎ ﻻ ﲢ
ﺐ ﻟﻜﻠﻴﻬﻤﺎ ﺇﺣﺮﺍﺟﺎ ،ﺃﻭ ﺃﻧﻪ ﻋﻤﺪ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﻬﺎ ،ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺴﺒ
ﻱ ﺷﻲﺀ ﳝﻜﻦ ﻳﺪﺭﻙ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻓﻬﻲ ﻻ ﺗﺸﺄ ﺃﻥ ﺗﻈﻬﺮ ﻟﻪ ﺃ
ﻟﻘﺪ ﻭﺟﺪ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﺣﺘﻰ ﰲ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﲨﻠﺔ ﻗﺼﲑﺓ
ﺗﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻳﺴﺘﻌﺠﻞ ﺳﻨﻪ ﻭ ﳛﺜﹼﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻀﻮﺭ ﻭﺍﺩﺍ ﻟﻮ
ﻳﺒﺘﺪﺉ ﺎ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺃﻣﻪ .ﻛﺎﻥ ﰲ ﺣﻀﺮﺎ ﻳﻜﺜﺮ ﻣﻦ ﻫﺰﺍﺕ
ﻳﺼﺒﺢ ﻛﺒﲑﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻐﺪ .
ﺃﻳﻀﺎ ﺣﻔﺎﻇﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﱪﻳﺎﺋﻬﺎ ﺣﱴ ﻻ ﺗﺨﺪﺵ.
ﺃﻧﻪ ﳎﺮﺩ ﻃﻔﻞ ﺻﻐﲑ ،ﱂ ﻳﺒﻠﻎ ﺑﻌ ﺪ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ،ﻓﻬﻲ
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
35
ﺃﻣﺎﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻳﻠﺠﺄ ﺇﱃ ﻫ ﺰ ﻛﺘﻔﻴﻪ ﺍﻻﺛﻨﺘﲔ ﻣﺮﺍﺕ
ﻳﺘﺴﺎﺀﻝ ﺑﻴﻨﻪ ﻭ ﺑﲔ ﻧﻔﺴﻪ ﻗﺒﺎﻟﺔ ﺃﻣﻪ ﺍﻟﱵ ﺭﺍﺣﺖ ﺗﺮﺑﺖ
ﺃﺧﺮﻯ ،ﻭ ﺑﻘﻮﺓ – ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺎﺭﺓ -ﻣﺒﻴﻨﺎ ﳍﺎ ﺗﺬﻣﺮﻩ ﻭ ﺍﺳﺘﻴﺎﺀﻩ
ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻔﻪ ﺣﱴ ﺗﺰﻳﻞ ﻋﻨﻪ ﺳﺮﺣﺎﻥ ﺑﺎﻟﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺧﺬ ﻳﻜﺪﺭ
ﻱ ﺭﺩﻭﺩ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺟﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻻ ﲢﻤﻞ ﰲ ﻃﻴﺎﺎ ﺃ
ﺻﻔﺤﺔ ﻭﺟﻪ :
ﺇﳚﺎﺑﻴﺔ ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ .ﰒ ﻳﺘﺒﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﲞﻀﺨﻀﺔ
» ..ﻫﻞ ﺗﻌﺮﻓﻴﻨﻬﺎ ﻳﺎ ﺃﻣﻲ ؟ ! « ..
ﻧﻘﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ،
ﻫﻲ ﺪﻳﻪ ﺍﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﺗﻠﻮ ﺍﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ،ﺍﻟﱵ ﻣﺎ ﻓﺘﺌﺖ
ﻳﻈﻬﺮ ﳍﺎ ﺗﺼﻤﻴﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﰲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭ ﺍﻟﺘﻨﻘﻴﺐ
ﺗﻨﺜﺮﻫﺎ ﰲ ﻭﺟﻬﻪ ﻛﺄﻧﻬﺎ ﻭﺭﻭﺩ ﻭ ﺭﻳﺎﺣﲔ ،ﰒ ﺍﻧﱪﺕ ﲤﺴﻚ
ﻛﻴﺎﻧﻪ ﻛﻠﱢﻪ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ ﻣﺒﺪﻳﺎ ﳍﺎ ﺃﺳﻔﻪ ،ﻋﻦ ﻭ ﻋﺪﻡ ﺭﺿﺎﻩ ،ﻭ ﰲ
ﺗﺴﺘﻤﺮ ﺃﻣﻪ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺖ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻔﻪ ﺑﺘﺆﺩﺓ ﻭ ﺣﻨﺎﻥ ﺑﺎﻟﻐﲔ ،ﻭ
ﻋﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺳ ﺮ ﺃﺑﻴﻪ ﺍﳌﻜﻨﻮﻥ ،ﻭ ﺑﺄﻳﺔ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻛﺎﻧﺖ ..ﺣﱴ
ﺭﺃﺳﻪ ﺍﳌﺼﺪﻭﻉ ،ﻭ ﺭﺍﺣﺖ ﺗﻘﺒﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺟﺒﻴﻨﻪ ﰲ ﺷﻮﻕ ﻭ ﺣﻨﺎﻥ
ﻭ ﻟﻮ ﺍﻗﺘﻀﻰ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟـ » ... « ....ﻳﺘﻮﻗﻒ
ﺑﺎﻟﻐﲔ ﺣﱴ ﺃﺯﺍﻟﺖ ﻋﻨﻪ ﺍﺭﺗﺒﺎﻛﻪ ،ﻭ ﺃﺭﺟﻌﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﻫﺪﻭﺀﻩ ﻭ
ﻓﺠﺄﺓ ﻭ ﻳﺮﻗﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﻭ ﻫﻮ ﻳﺰﻓﺮ ﻣﻐﺘﺎﻇﺎ ،ﺇﻧﻪ ﱂ ﳚﺪ
ﺍﻃﻤﺌﻨﺎﻧﻪ .
ﻳﺴﺄﳍﺎ ،ﻭ ﻫﻮ ﻳﻠ ﺢ ﰲ ﺍﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﳉﻮﺍﺏ .ﻳﻈﻬﺮ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ
» ..ﻻ ﺗﺸﻐﻞ ﺑﺎﻟﻚ ﻳﺎ ﺍﺑﲏ ﺬﻩ ﺍﻷﻣﻮﺭ ...ﺳﺘﻌﺮﻓﻬﺎ
ﻛﺎﺳﻒ ﺍﻟﺒﺎﻝ ،ﺧﺎﺋﺐ ﺍﻟﺮﺟﺎﺀ ،ﻳﻌﺼﺮ ﻗﺒﻀﺘﻴﻪ ،ﻳﺪﻭﺭ ﺩﻭﺭﺗﲔ
ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﻜﱪ « ..
ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻴﻤﻸ ﺎ ﻓﺮﺍﻍ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﻘﻮﺳﲔ .
ﺃﻭ ﺛﻼﺙ ﺣﻮﻝ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭ ﻫﻮ ﻻ ﻳﻜﻒ ﻋﻦ ﻃﻘﻄﻘﺔ ﻟﺴﺎﻧﻪ ﻭ
ﻭ ﻫﻲ ﺗﻘﻮﻝ ﻟﻪ :
ﻳﺘﻠﻤﻆ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺘﻜﻠﹼﻢ ﻣﻄﺎﻟﺒﺎ ﺇﻳﺎﻫﺎ ﺃﻥ ﺗﺼﺪِﻗﻪ ﺍﻟﻘﻮﻝ ،ﻭ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺣﻘﹼﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ ﻛ ﹼﻞ ﺷﻲﺀ .ﻓﻴﻮﺣﻲ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻨﻈﺮﻩ ﺃﻧﻬﺎ ﳎﱪﺓ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﻬﺮﺏ ﻣﻦ ﺃﺳﺌﻠﺘﻪ ﺍﻟﱵ ﱂ
ﻖ ﺟﻮﺍﺑﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻌ ﺪ . ﺗﻠ ﻚ ﰲ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﺎﻃﺒﻪ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﰲ ﻟﻘﺪ ﺳﺎﻭﺭﻩ ﺷ ﺍﳊﻘﻞ ،ﻭ ﻻ ﻳﻔﺘﺄ ﻳﻨﺎﺟﻴﻪ ،ﻭ ﻳﻨﺎﻏﻴﻪ ،ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﻮﻥ ﺻﻮﺭﺓ
ﻋﻨﻪ ﺃﻛﻴﺪﺓ ﺑﺄﻧﻪ ﺇﻣﺮﺃﺓ ﺩﻭﻥ ﺷﻚٍ ،ﻭ ﺃ ﹼﻥ ﺃﻣﻪ ﺗﻌﺮﻓﻬﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺟﻴﺪﺓ ،ﻭ ﳍﺎ ﺩﺭﺍﻳﺔ ﺎ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﻮ ﺩ ﺃﻥ ﺗﻔﺸﻲ ﺳﺮﻫﺎ ﻷﺣﺪ ،ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ ﺑﻄﺶ ﺃﺑﻴﻪ .ﺭﲟﺎ ﻫﺎﺗﻪ ﺍﳊﺪﻭﺗﺔ ﺍﻟﱵ
ﻧﺴﺠﻬﺎ ﺧﻴﺎﻟﻪ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﱃ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﳋﻴﺎﻝ . ﺇ ﹼﻥ ﺃﻣﻪ ﺧﺎﺋﻔﺔ ،ﻭ ﻟﻴﺴﺖ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺧﺮﻕ ﺗﻌﻠﻴﻤﺎﺗﻪ ﺍﻟﺼﺎﺭﻣﺔ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻲ ﲢﺮﺹ ﺣﺮﺻﺎ ﺷﺪﻳﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﺇﺧﻔﺎﺀ
ﻋﻨﻪ ﻛ ﹼﻞ ﻣﺎ ﳜﺺ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻟﺴﺒﺐ ﻣﺎ ،ﻭ ﻋﺰﺍ ﻋﺪﻡ ﺍﻹﻓﺸﺎﺀ ﺑﻪ ﺇﻟﻴﻪ ،ﰲ -ﻧﻈﺮﻫﺎ ﻃﺒﻌﺎ -ﺃﻧﻪ ﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﺻﻐﲑﺍ ،ﱂ ﻳﻨﻀﺞ ﺑﻌﺪ ،ﻭ ﱂ ﳛﻦ ﺍﻷﻭﺍﻥ ﻟﻺﻓﺼﺎﺡ ﻟﻪ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺴﺮ ،ﻭ ﱂ
ﻳﺌﻦ ﺍﻷﻭﺍﻥ ﺑﻌﺪ ﻹﻃﻼﻋﻪ ﻋﻠﻴﻪ ،ﺭﲟﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺈﺣﺪﻯ ﺍﺎﻫﺪﺍﺕ ﺍﻟﻠﻮﺍﰐ ﻛ ﻦ ﻣﻊ ﺃﺑﻴﻪ ،ﺣﻴﺚ ﺍﺭﺗﺒﻂ ﺎ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ..ﻭ ﺍﳒﺐ ﻣﻌﻬﺎ ﺫﺭﻳﺔ .ﻭ ﻣﺎ ﻳﺪﺭﻳﻪ ﻫﻮ
؟ ..ﺇﻧﻪ ﳏﺘﺎﺭ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ . ﻻ ﰲ ﺳﺮﻩ ،ﺃﻣﺎ ﻓﻴﻌﺎﻭﺩ ﺍﳍﻤﺲ ﳍﺎ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﺬﻟﻚ ﺇ ﹼ
ﻋﻴﻨﺎﻩ ﻓﻜﺎﻧﺘﺎ ﻣﺸﺪﻭﺩﺗﲔ ﺇﻟﻴﻬﺎ ،ﺇﻧﻪ ﻻ ﳚﺮﺅ ﺣﺘﻰ ﰲ ﺳﺮﻩ ﺃﻥ ﳜﺎﻃﺒﻬﺎ ﻣﻌﻠﻨﺎ ﺻﺮﺍﺣﺔ ،ﻭ ﺑﻜﻞ ﺻﺪﻕ ﺃﻥ ﺍﳌﺨﺎﻃﺐ ﻫﻲ ﺍﻣﺮﺃﺓ :
36
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﻣﻠﻒ ﺍﻟﻀﻔﺎﻑ
ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ -ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ
ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺎﺕ ﻭﻋﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ
ﺑﻘﻠﻢ :ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﺧﺮﻓﻲ
ﻭﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﰲ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﳚﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﱰﻋﺔ ﺍﻟﺘﻐﺮﻳﺒﻴﺔ ﱂ ﺗﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠـﻰ
ﻋﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺎﺳﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﲔ ﺑﻞ ﲡﺎﻭﺯﻢ ﺇﱃ ﺍﻟﻨـﺺ ﺍﻷﺩﰊ ﺍﻟـﺬﻱ ﻳﻌﺘـﱪ
ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﺗﻮﺟﻴﻬﻴﺔ ﻟﻄﺎﻗﺎﺕ ﺍﻷﻣﺔ ﳓﻮ ﲢﻘﻴﻖ ﺃﻫـﺪﺍﻓﻬﺎ ﻭﺧـﲑ ﻻ ﺯﺍﻝ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻳﺜﲑ ﺟﺪﻻ
ﺣﺎﺩﺍ ﰲ ﺃﻭﺳﺎﻁ ﺍﻷﺩﺑﺎﺀ ﻭﺍﻟﻨﻘﺎﺩ ﺑﲔ
ﻣﻨﱪ ﻟﻸﻓﻜﺎﺭ .ﻓﻔﻲ ﻇﻞ ﺍﻟﺘﻔﻮﻕ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﰲ ﺷﱴ ﺍﳌﻴﺎﺩﻳﻦ ﻭﺍﻟـﺬﻱ ﺃﺻـﺒﺢ ﳏـﻂ
ﺃﻧﻈﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﱂ ،ﻓﻤﺎ ﻣﻦ ﺁﻟﺔ ﺃﻭ ﻓﻜﺮﺓ ﺗﻨﺘﺞ ﻫﻨﺎﻙ ﺇﻻ ﻭﺗﺴﺎﺭﻉ ﺍﻷﻳﺪﻱ ﻻﺣﺘـﻀﺎﺎ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﻟﻈﻬﻮﺭ ﺍﳌﺬﺍﻫﺐ ﻭﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻐـﺮﺏ ــ ﻭﺍﻟـﱵ ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬـﺎ
ﺭﺍﻓﺾ ﳍﺬﺍ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﻭﻣﺆﻳﺪ ﻟﻪ ،ﻣﻬﻤﺎ
ﺗﻌﺒﲑ ﺻﺎﺭﺥ ﻋﻦ ﺗﺄﺯﻡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻐـﺮﰊ ــ ﺍﻷﺛـﺮ ﺍﻟﺒـﺎﻟﻎ ﻭﺍﳌﺒﺎﺷـﺮ ﰲ ﺻـﻴﺎﻏﺔ
ﺍﺎﻝ ﺃﻥ ﻳﺘﺴﻢ ﺭﺃﻳﻪ ﺑﺎﳌﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻭﺃﻥ
ﻋﻦ ﺍﻟﻘـﻀﺎﻳﺎ ﺍﳌـﺼﲑﻳﺔ ﻟﻸﻣـﺔ..." .ﻓﺠﻨـﺢ ﻭﻻ ﺳـﻴﻤﺎ ﰲ ﺍﳌـﺪﺓ ﺍﻷﺧـﲑﺓ ﺇﱃ
ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﺃﻣﺮ ﻓﺈﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﰲ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ،ﻓﺎﺗﺴﻢ ﺃﻏﻠﺒﻪ ﺑﺎﻟﺘﻌﻘﻴﺪ ﻭﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ،ﳑـﺎ ﻭﻟـﺪ ﺍﻻﺑﺘﻌـﺎﺩ
ﻳﻌﺎﰿ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﻱ ﺧﻠﻔﻴﺔ ﺃﻭ ﺣﻜﻢ
ﺣﺎﻻﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﻘﻴﺪ ﻭﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﺍﻟﺮﻭﺣﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘـﺎﰲ ﻭﺍﻧﻌـﺪﺍﻡ
ﺃﻣﺮ ﻭﺍﻗﻊ ،ﺇﺫ ﻛﻴﻒ ﻧﻔﺴﺮ ﻣﺎ ﻧﺸﺮ ﻭﻻ
ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺰﺧﻢ ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﻛﻤﺎﺕ ﻭﻟﺪ ـ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ـ ﻣﻊ ﺍﺧﺘﻼﻓﺎﺕ ﺑـﺴﻴﻄﺔ
ﻣﺴﺒﻖ ،ﻓﺎﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ـ ﺣﺴﺒﻨﺎ ـ
ﺍﳌﻮﻫﺒﺔ."...
ﺯﺍﻝ ﻳﻨﺸﺮ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﻭﺍﻼﺕ ﻣﻦ
ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ "ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﻔﲏ ﺍﳍﺎﺩﻑ ﻋـﻦ ﺍﳊﻴـﺎﺓ ﻭﺍﻟﻜـﻮﻥ ﻭﻋﻠـﻰ ﻭﺟـﺪﺍﻥ ﺍﻷﺩﻳـﺐ
ﺍﻷﺩﺏ
ﺃﺷﺮﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﺇﱃ ﻋﺎﻣﻞ ﺍﻟﱰﻋﺔ ﺍﻟﺘﻐﺮﻳﺒﻴﺔ ﺍﻟـﱵ ﺳـﺎﺩﺕ ﺍﻟﻨـﺺ ﺍﻷﺩﰊ ﰲ
ﻓﻨﻮﻥ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﻭﺗﺘﺼﻒ
ﲞﺼﺎﺋـﺺ
ﻭﻣﻮﺍﺻﻔﺎﺕ
ﺗﻌﺒﲑﺍ ﻳﻨﺒﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ."...
ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ .ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻘﺎﻝ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﻟﺘﺴﻠﻴﻂ
ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻭﺍﻟـﱵ ﺳـﺎﳘﺖ ﰲ ﲣـﺪﻳﺮ ﺍﻟﻌﻘـﻞ ﺍﻹﺳـﻼﻣﻲ ﻭﰲ
ﺍﻷﻭﱃ ﻟﻪ ،ﻭﺃﻳﻀﺎ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﺍﻟﺪﺍﻋﲔ ﻟﻪ.
ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻫﻨﺎﻙ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﺃﺧﺮﻯ ﺳﺎﻋﺪﺕ ﰲ ﻇﻬﻮﺭﻩ ﺃﳘﻬﺎ:
ﺍﻟﻀﻮﺀ ﻋﻠﻰ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﻇﻬﻮﺭﻩ ﻭﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺎﺕ
ﺇﺑﻌﺎﺩﻩ ﻋﻦ ﺃﺻﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﳏﻚ ﻓﺎﻋﻠﻴﺘﻪ ﺍﳊـﻀﺎﺭﻳﺔ ﻓﺒﺎﻹﺿـﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﻫـﺬﺍ
ﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﻴﻼﺩ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﻟﻴﺪ
-(1ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،1924ﻭﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﺿﻌﻔﻬﺎ ﲤﺜﻞ ﻭﺣﺪﺓ
ﻋﻮﺍﻣﻞ ﺳﺎﻋﺪﺕ ﰲ ﻇﻬﻮﺭﻩ ،ﻓﺎﳌﺘﻄﻠﻊ
ﺩﻭﻳﻼﺕ ﻭﳑﺎﻟﻴﻚ ﻭﻋﺎﱏ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﺍﻷﻣـﺮﻳﻦ ﻣـﻦ ﺍﳍﺰﳝـﺔ ﻭﺍﻟـﻀﻴﺎﻉ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠـﻒ
ﻓﺮﺍﻍ ،ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺣﺘﻤﻴﺔ ﻟﻌﺪﺓ
ﻟﻠﺴﺎﺣﺔ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﻌﺮﰊ
ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻉ ﻛﻠﻤﺘﻬﻢ ،ﻓﻘﺪ ﲤﺰﻗﺖ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﻘـﺐ ﺇﻟﻐﺎﺋﻬـﺎ ﺇﱃ ﻭﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ.
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
37
-(2ﻇﻬﻮﺭ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻗﺪﻣﺖ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻋﻠﻰ
ﻀﺔ ﻻ ﺑـﺪ ﺃﻥ ﺗﻨﻄﻠـﻖ ﻣـﻦ ﺍﳌﻘﻮﻣـﺎﺕ ﺍﳊـﻀﺎﺭﻳﺔ ﳍـﺬﻩ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﺪﻋﺖ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﱃ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺘﺤﻜﻴﻤـﻪ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻟﱵ ﻛـﺎﻥ ﳍـﺎ ﺻـﺪﻯ ﻭﺍﺳـﻊ ﰲ ﺍﻟـﺴﺎﺣﺔ
ﰲ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﻛﺎﻓﺔ ]ﳑﺎ ﺃﺫﻛـﻰ ﺭﻭﺡ ﺟﻴـﻞ ﻣـﻦ ﺍﻟـﺸﺒﺎﺏ
ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﻣﻊ ﺟﻴﻞ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺒـﲎ ﻫـﺬﻩ ﺍﻟﺮﺅﻳـﺔ
ﻭﺍﺑﺘﻌﺎﺩ ﻋﻦ ﺷﺮﻳﻌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻣﺎ ﻳﻘﺎﺳـﻮﻧﻪ ﰲ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﺰﻣـﻦ
ﻳﻌﺎﻳﺸﻪ ﻣﻦ ﺍﻏﺘﺮﺍﺏ ﰲ ﻭﻃﻨـﻪ ﻭﳘـﻮﻡ ﻋﻘﻴﺪﺗـﻪ ﻭﺍﻟـﺪﻋﻮﺓ
ﻣﻦ ﺗﻌﺬﻳﺐ ﻭﺗﻨﻜﻴﻞ[.
ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻭﻣﺎ ﳝـﺎﺭﺱ ﺿـﺪﻩ ﻣـﻦ ﻋﻤﻠﻴـﺎﺕ
ﺃﻧﻪ ﺍﳊﻞ ﻟﻠﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟـﱵ ﺗﺘﺨﺒـﻂ ﻓﻴﻬـﺎ ﺍﻷﻣـﺔ
ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﰲ ﺗﺼﻮﻳﺮ ﻣﺎﺕ ﺗﻌﺎﻧﻴﻪ ﺍﻷﻣـﺔ ﻣـﻦ ﺷـﺘﺎﺕ ﻭﲤـﺰﻕ
-(3ﺍﺣﺘﻼﻝ ﻓﻠﺴﻄﲔ ﻭﺿﻴﺎﻉ ﺍﳌﺴﺠﺪ ﺍﻷﻗـﺼﻰ ﻭﺇﺧﻔـﺎﻕ
ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﰲ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﳌﻐﺘﺼﺒﺔ.
ﺍﻷﻣﺔ".
ﻭﺍﲡﻪ ﺇﱃ ﺗﺼﻮﻳﺮ ﻣﺎ ﳛﺎﻙ ﺿﺪ ﺃﻣﺘﻪ ﻣﻦ ﳐﻄﻄـﺎﺕ ﻭﻣـﺎ
ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺐ ﻭﺍﻹﻗﺼﺎﺀ ﰲ ﻇﻞ ﺍﻟﺘﻤﻜﲔ ﻟﻐﲑﻩ ﳑﻦ ﻻ ﺗﺮﺑﻄﻬـﻢ ﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﺇﻻ ﺍﻹﺳﻢ ،ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺧﻠﺖ ﳍﻢ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﻓﻌـﺎﺛﻮﺍ ﰲ
-(4ﺍﳌﺬﺍﻫﺐ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﳌﺘﻌﺪﺩﺓ ﻭﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ
ﺍﻷﺭﺽ ﻓـﺴﺎﺩﺍ .ﻓﺨﺮﺑــﻮﺍ ﻋﻘــﻮﻝ ﺷــﺒﺎﺏ ﺍﳌــﺴﻠﻤﲔ ﻭﺩﻣــﺮﻭﺍ
ﺭﺩﻳﻔﺎ ﻣـﻦ ﺍﻟـﺸﻌﺮﺍﺀ ﻭﺍﻷﺩﺑـﺎﺀ ﻳـﺬﺏ ﻋـﻦ ﲪﺎﻫـﺎ ﻭﻳﺒـﺸﺮ
ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺩﻧـﺎ ﺃﻥ ﻧﺘﻌـﺮﻑ ﻋﻠـﻰ ﺑـﺪﺍﻳﺎﺕ ﻫـﺬﺍ ﺍﳊﻘـﻞ ـ
ﺍﺧﺘﻠﻔﺖ ﻣﺸﺎﺭﻳﻌﻬﺎ ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﳊﺎﻛﻤـﺔ ﺍﻟـﱵ ﺍﲣـﺬﺕ ﳍـﺎ ﲟﺒﺎﺩﺋﻬﺎ
ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﲡﺮﺩﻭﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ.
ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ـ ﻭﳑﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺘﻨﻈﲑ ﻟﻪ ﻓﺈﻥ ﺃﻭﻝ ﻣﺎ ﻳﺘﺒﺎﺩﻝ
ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺬﺍﻫﺐ ﺍﻟﱵ ﰲ ﺃﻏﻠﺒﻬﺎ ﺗﺘﺼﺎﺩﻡ ﻣﻊ ﻋﻘﻴـﺪﺓ ﻭﻗﻴـﻢ
ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺎﺕ ﺍﻷﻭﱃ ﻟﻠﺸﻬﻴﺪ "ﺳﻴﺪ ﻗﻄﺐ" ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ
ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﳑﺎ ﺩﻓﻊ ﺑﺎﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻠﺬﻭﺩ ﻋﻦ ﻗﺪﺳـﻴﺔ
ﻣﻘﺎﻻﺗﻪ ﺍﻟﱵ ﻧﺸﺮﻫﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ..ﰲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻓﻜﺮﺓ
ﻋﻘﻴﺪﺗﻪ ﻭﺑﻴﺎﻥ ﻓﺴﺎﺩ ﻫﺬﻩ
ﻭﻣﻨــﺎﻫﺞ ..ﻭﻛﺘــﺎﰊ ﺍﻟﻨﻘــﺪ ﺍﻷﺩﰊ ﺃﺻــﻮﻟﻪ ﻭﻣﻨﺎﻫﺠــﻪ،
ﺍﳌﺬﺍﻫﺐ ﻭﺗﻨﺎﻗﻀﻬﺎ ﻣﻊ ﺩﻳﻨﻪ ﺍﻟـﺬﻱ ﻫـﻮ ﺍﳊـﺼﻦ ﺍﻟـﺬﻱ
ﳛﺘﻤﻲ ﺑﻪ ﻭﰲ ﻇﻠﻪ ﻳﺮﺳﻢ ﺭﺅﻳﺎﻩ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ.
ﻭﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﺍﻟﻔﲏ ﰲ ﺍﻟﻘـﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜـﺮﱘ .ﻭﳒـﺪ ﻣـﻦ ﺍﳉﺎﻧـﺐ
ﺍﻵﺧــﺮ ﺷــﺎﻋﺮ "ﺍﻟﺒﻨﺠــﺎﺏ" ﺭﺍﺋــﺪ ﺍﻟﻘــﺼﻴﺪﺓ ﺍﻹﺳــﻼﻣﻴﺔ
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻮﺍﻣـﻞ ﻻ ﻧﺘﻨﺎﺳـﻰ ﺍﻟـﺪﻭﺭ ﺍﻟـﺬﻱ
ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ "ﳏﻤـﺪ ﺇﻗﺒـﺎﻝ" ﺭﲪـﻪ ﺍﷲ ﻭﺍﻟﻌـﺎﱂ ﺍﻹﺳـﻼﻣﻲ
ﺍﻷﺩﺏ ﻭﻧﻔﺾ ﺍﻟﻐﺒﺎﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﳑﺎ ﺃﺻـﺎﺑﻪ ﻣـﻦ ﻣـﺴﺦ ﻭﺗـﺸﻮﻳﻪ
ﰲ ﻫــﺬﺍ ﺍﳊﻘــﻞ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳــﻼﻣﻲ ﻛﺘــﺎﺏ "ﺭﻭﺍﺋــﻊ ﺇﻗﺒــﺎﻝ"
ﺷﻜﻼ ﻭﻣﻀﻤﻮﻧﺎ ،ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺟـﺮﺍﺀ ﺍﻟـﺪﻋﻮﺍﺕ ﺍﻟـﱵ ﺭﺍﺟـﺖ ﰲ
ﻭﻛﺘﺎﺑﻪ "ﻧﻈﺮﺍﺕ ﰲ ﺍﻷﺩﺏ" ﺍﻟـﺬﻱ ﻗـﺪﻡ ﳎﻬـﻮﺩﺍﺕ ﺟﺒـﺎﺭﺓ
ﻟﻌﺒﻪ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺩﻋـﻮﺍﻢ ﺗﺘـﻮﺍﱃ ﺇﱃ ﺗﺄﺻـﻴﻞ
ﺍﳉﻠﻴﻞ ﺃﺑﻮ ﺍﳊﺴﻦ ﺍﻟﻨﺪﻭﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺮﻓﻨﺎﻩ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻛﺘﺎﺑﻴـﻪ
ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﻣﻦ ﺃﺑﻮﺍﻕ ﺍﻟﻐﺮﺏ ــ ﻣـﻦ ﺃﺑﻨـﺎﺀ ﺟﻠﺪﺗﻨﺎــ ﻓﻬـﺬﺍ
ﻛﻠﻠﺖ ﺑﻌﻘﺪ ﺍﻟﻨﺪﻭﺓ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻟﻸﺩﺏ ﺍﻹﺳـﻼﻣﻲ ﺍﻟـﱵ ﻋﻘـﺪﺕ
ﻳﺪﻋﻮ ﺇﱃ ﺃﻥ ﲢـﺬﻭ ﺣـﺬﻭ ﺍﻟﺘﻔﻜـﲑ ﺍﻟﻐـﺮﰊ ﻭﺗـﺴﲑ ﻋﻠـﻰ
"ﺑﻜﺎﻮ" ﺑﺎﳍﻨﺪ ﻭﺍﻟـﱵ ﲤﺨـﺾ ﻋﻨـﻬﺎ ﺗﺄﺳـﻴﺲ ﺍﻟﺮﺍﺑﻄـﺔ
ﻣﻨﻮﺍﻟﻪ ،ﺧﻄﻮﺓ ﺧﻄﻮﺓ ﻟﻨﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﻛﺒـﺔ ﺍﻟﻌـﺼﺮ ،ﻭﻣـﺮﺓ
ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻟﻸﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ.
ﺃــﺎ ﺑﺪﻋــﺔ ﻏﺮﻳﺒــﺔ ﺟﺪﻳــﺪﺓ ﻟﻠﻨﻴــﻞ ﻣــﻦ ﻫــﺬﻩ ﺍﻷﻣــﺔ
ﺍﻟﱵ ﻧﺸﺮﺕ ﰲ ﺍﻼﺕ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﲔ ﺃﻣﺜـﺎﻝ ﺍﻟـﺪﻛﺘﻮﺭ
ﻭﺗﺎﺭﳜﻬﺎ.
"ﳒﻴﺐ ﺍﻟﻜﻴﻼﱐ" ﻭﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ "ﻋـﺪﻻﻥ ﻋﻠـﻲ ﺭﺿـﺎ ﺍﻟﻨﺤـﻮﻱ"
ﺑﺪﻋﻮﻯ ﺍﳊﺪﺍﺛﺔ ﺍﻟﱵ ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﺍﻧﺴﻼﺥ ﻋﻦ ﺍﻟـﺬﺍﺕ ﻛﻤـﺎ
ﻭﻟﻘﺪ ﺗﻮﺍﻟﺖ ﺑﻌﺪ ﺫﻟـﻚ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳـﺎﺕ ﻭﺍﻟﺒﺤـﻮﺙ ﻭﺍﳌﻘـﺎﻻﺕ
ﻭﺃﻋﻮﺩ ﻟﻠﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﳌﺼﻠﺤﲔ ﻛـﺎﻧﻮﺍ ﺫﻭﻱ
ﻭﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ "ﳏﻤﺪ ﻋﺎﺩﻝ ﻫﺎﴰﻲ" ،ﻭﻏﲑﻫﻢ ﻛﺜﲑ ،ﳑﻦ ﺃﺛﺮﻭﺍ
ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣﻮﺳﻮﻋﻴﺔ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﲤﻜﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻭﲢﻠﻴﻞ
ﻫﺬﺍ ﺍﳊﻘﻞ ﺩﺭﺍﺳﺎﻢ ﻭﲝﻮﺛﻬﻢ ﺍﳍﺎﺩﻓﺔ ﻭﺍﻟـﱵ ﺗﺮﻣـﻲ ﺇﱃ
ﺗﺮﺍﺛﻨــﺎ ﻛــﺎﻥ ﳍــﻢ ﺇﻃــﻼﻉ ﻭﺍﺳــﻊ ﻋﻠــﻰ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓــﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴــﺔ
ﺗﺮﺳﻴﺦ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﳍﺎﺩﻓﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻨﺴﺎﺏ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻠـﻮﺏ
ﺷﱴ ﺍﳌﻴﺎﺩﻳﻦ ﻟﺘﻤﻜﲔ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﲣﻄﻲ ﺍﳌﺄﺯﻕ ﻭﺍﻟﻨﻜﺴﺔ ﺍﻟﱵ
ﻛﻠﻤﺔ ﻃﻴﺒﺔ ﻛﺸﺠﺮﺓ ﻃﻴﺒﺔ ﺃﺻﻠﻬﺎ ﺛﺎﺑﺖ ﻭﻓﺮﻋﻬﺎ ﰲ ﺍﻟـﺴﻤﺎﺀ
ﻭﻗﻌﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺪﺀﺍ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﻜﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ "ﳏﻤﺪ ﺇﻗﺒﺎﻝ" ﻣﺮﻭﺭﺍ
ﺗﺆﰐ ﺃﻛﻠﻬﺎ ﻛﻞ ﺣﲔ ﺑﺈﺫﻥ ﺭﺎ" .ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ.24/25
ﻻﻣﺘﻠﻜﻮﺍ ﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠـﺔ ﻟﺘﻘـﺪﱘ ﺍﻟﺒـﺪﺍﺋﻞ ﻭﺍﻟﺘﻨﻈـﲑ ﰲ
ﺑﺎﻟﺸﻬﻴﺪ ﺳﻴﺪ ﻗﻄﺐ ﻭﺻﻮﻻ ﺇﱃ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ "ﻣﺎﻟـﻚ ﺑـﻦ ﻧـﱯ"
ﺍﻧﺴﻴﺎﺑﺎ ،ﻗﺎﻝ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ" :ﺃﱂ ﺗﺮﻯ ﻛﻴـﻒ ﺿـﺮﺏ ﺍﷲ ﻣﺜـﻼ
ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘـﻼﻑ ﺍﺧﺘﺼﺎﺻـﺎﻢ ﻭﺍﳌـﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﱵ ﺍﺳﺘﻘﻮﺍ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻮﻣﻬﻢ ﳚﻤﻌﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺃﻱ ﻋﻤﻞ ﺃﻭ
38
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ -ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﻠﻒ ﺍﻟﻀﻔﺎﻑ
ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ..ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻐﺰﻭ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻟﻸﺩﻳﺐ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ :ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺎﺭﺓ
*
ﻏﺎﻳﺔ ﻭﻫﺪﻓﺎ ﻭﻣﻄﻠﺒـﺎ.ﻭﺑﻔـﻀﻞ ﻳﻘﻈـﺔ ﺍﻟﻔﺌـﺔ ﺍﳌﺘﻤـﺴﻜﺔ ﺑـﺎﻟﻌﺮﻭﺓ ﺍﻟﻮﺛﻘـﻰ،
ﻭﺍﳌﺨﻠﺼﺔ ﻟﺪﻳﻦ ﺍﷲ ،ﻭﺍﳌﻌﺘﺼﻤﺔ ﺑﺄﻣﺮ ﺍﷲ ،ﺑﻔﻀﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺌﺔ ﺍﻟﱵ ﺭﺍﻗﺒﺖ ﻫـﺬﺍ "ﺍﻵﺧﺮ" ﰲ ﻣﺎ ﻳﻨﺠﺰﻩ ﲢﺖ ﻏﻄﺎﺀ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ،ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺇﱃ ﺃﻥ ﻣﺸﺮﻭﻉ "ﺍﻵﺧﺮ" ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﺣﺪﻭﺩ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺃﻫﺪﺍﻓﻪ ،ﻭﳛﻤﻞ ﰲ ﺧﻠﻔﻴﺘـﻪ ﻏﺎﻳـﺎﺕ ﺃﺧـﺮﻯ ﻻ
ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺪﻳﻬﻲ ﺃﻥ ﻧﻌﺘﺮﻑ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﻌـﺼﺮ ﻋﻼﻗﺔ ﳍﺎ ﺍﻟﺒﺘﺔ ﲟﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ،ﻭﺍﻧﻜﺸﻒ ﻏﻄﺎﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘـﻀﻴﺔ ،ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧـﺖ ﺑﺸﺮﺍﺳﺔ ﺍﻟﻐﺰﻭ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺍﻟـﺬﻱ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﻲ ـ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟـﺼﻔﺤﺎﺕ ــ ..ﻻ ﺗﻘﺘـﻀﻲ ﺍﻟﺘﻮﻗـﻒ ﺍﻟﻄﻮﻳـﻞ ﻋﻨـﺪ
ﻣﺜﻞ ﻗﻨﺎﺓ ﺿﻤﻦ ﻗﻨﻮﺍﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﺣﺎﻭﻝ ﻣﻦ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ ﺃﻫﺪﺍﻑ ﺍﻟﻐﺰﺍﺓ ،ﻓﺈﻥ ﻣﺎ ﻛﺸﻒ ﻋﻨﻪ ﻋﻠﻤﺎﺅﻧﺎ ﺍﻷﻓﺎﺿﻞ ..ﻫـﻮ ﺃﻥ ﻧـﺸﺎﻁ ﺧﻼﳍﺎ " ﺍﻵﺧـﺮ" ﺍﻟـﺼﻠﻴﱯ ﺍﻟـﺼﻬﻴﻮﱐ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻳﺴﺘﻬﺪﻑ ﻣـﻦ ﺧـﻼﻝ ﺍﻟﺒﺤـﺚ ﰲ ﺑﻴﺌﺘﻨـﺎ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴـﺔ
ﺍﻹﺳــﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ،ﻫــﺪﻡ ﻣﻜﻮﻧــﺎﺕ ﻫﻮﻳﺘﻨــﺎ ،ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ،ﻭﰲ ﳏﻴﻄﻨﺎ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﲨﻊ ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻨﺎ ﻟﻴـﺴﻬﻞ ﺍﻟﺘـﺴﻠﻞ ﻭﺇﺟﺘﺜﺎﺙ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺭﺑﻄﺘﻨﺎ ﺇﻟﻴﻨــﺎ ،ﻭﺇﳊــﺎﻕ ﺿــﺮﺑﺔ ﺗــﺪﻣﺮ ﺇﳒــﺎﺯ ﺃﺳــﻼﻓﻨﺎ ﺍﻟــﺬﻳﻦ ﺑــﺎﻳﻌﻮﺍ ﺍﷲ ﻭﺭﺳــﻮﻟﻪ،
ﺑﺘﺮﺑﺘﻨﺎ .ﺳﻌﻰ ﻫﺬﺍ "ﺍﻵﺧﺮ" ﻣـﻦ ﺃﺟـﻞ ﻭﺍﺳﺘﻨﺼﺮﻭﻩ ﻓﻨﺼﺮﻫﻢ ،ﻭﻟﻔﺮﺽ ﻗﻄﻴﻌﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﲔ ﺟﺬﻭﺭﻧﺎ ﻭﻟﻴﺲ ﰲ ﻧﻴﱵ ﲢﻘﻴــﻖ ﳐﻄﻄﺎﺗــﻪ ﺍﻟــﱵ ﺍﺗــﺴﻤﺖ ﺃﻥ ﺃﺗﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ،ﻓﻠﻘﺪ ﺑﺎﺗﺖ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﳉﻤﻴﻊ. ﺑﺎﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﳌﺘﺰﺍﻳﺪ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻟـﻪ ﻋﻼﻗـﺔ
ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﲝﺜﻲ ﺗﺘﺠﻪ ﳓﻮ ﲤﻬﻴﺪ ﺩﻭﺭ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﰲ ﻣﻮﺍﺟﻬـﺔ
ﻓﻨﻮﻧﻨــﺎ ،ﻭﻃﺒﻴﻌــﺔ ﻧــﺸﺎﻃﻨﺎ ﺍﻟــﺬﻫﲏ،
ﺃﻭﻻ :ﺗﺘﺒﻌﻲ ﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻛﻘﺎﺭﺉ ﻭﻣﻬﺘﻢ ،ﻭﻗﺪ ﻣﻜﻨﲏ ﻫـﺬﺍ
ﺑﻨﺎ ،ﻣﻦ ﺗﻔﻜﲑ ﻭﻓﻨـﻮﻥ ،ﻭﺇﻧﺘـﺎﺝ ﺫﻫـﲏ .ﺍﻟﻐﺰﻭ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ،ﻓﻠﻘﺪ ﺍﺧﺘﺮﺕ ﺣﺼﺮ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﰲ ﺟﻨﺲ ﺍﻟﺸﻌﺮ ،ﲝﻜﻢ ﺍﻟﺼﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﻓﺎﻧﻜﺐ ﻳﺪﺭﺱ ﻣﻨﺎﻫﺞ ﺗﻔﻜﲑﻧﺎ ،ﻭﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺗﺮﺑﻄﲏ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺘﻮﻳﲔ. ﻭﺩﺭﺱ ﺃﻳـــﻀﺎ ﺗﺎﺭﳜﻨـــﺎ ،ﻭﺃﺣـــﺪﺍﺛﻨﺎ .ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﻟﺘﻌﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﻗﻀﺎﻳﺎﻩ ﺍﻟﱵ ﺑﺪﺕ ﱄ ﺃﺣﻴﺎﻧـﺎ ﻣﻔﺘﻌﻠـﺔ ﻷـﺎ ﻻ ﲡـﺴﺪ ﻭﺗﻮﻗــﻒ ﻣﺘــﺄﻣﻼ ﻃﺮﻳﻘــﺔ ﺗﻌﺎﻣﻠﻨــﺎ ﻣــﻊ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺷﻌﺮ ﻳﻨﺘﺴﺐ ﺇﱃ ﺃﻣﺔ ﺗﺪﻳﻦ ﺑﺪﻳﻦ ﺍﷲ. ﺛﺎﻧﻴﺎ :ﻭﻛﻤﺒﺪﻉ ﻭﳑﺎﺭﺱ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟـﺸﻌﺮﻳﺔ ،ﺟﻌﻠـﺖ ﻣـﻦ ﻣـﺸﺎﻏﻠﻲ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴـﺔ ﺍﻷﺣــﺪﺍﺙ ،ﻭﺍﻧﻔﻌﺎﻟﻨــﺎ ﻣــﻊ ﺍﳌﻮﺍﻗــﻒ ﰲ
ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﳊﺮﺏ ،ﻭﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺴﻠﻢ ،ﻭﺍﺩﻋـﻰ ﻭﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ،ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺇﺳـﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻘـﺼﻴﺪﺓ ﺍﻟـﱵ ﺗـﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﲢﻘـﻖ ﻟﻜﻴﻨﻮﻧﺘﻬـﺎ ﰲ ﺑﺪﺍﻳــﺔ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣــﻪ ﺑﻨــﺎ ﺃﻥ ﺑﺎﺣﺜﻴــﻪ ﻣﻌﺎﺩﻻﺕ ﻓﻨﻴﺔ ﻣﻌﺎﺻﺮﺓ ﺣﱴ ﻻ ﺗﺒﻘﻰ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﺘﺤﻔﻴـﺔ ﺍﻷﺷـﻜﺎﻝ، ﻳﻄﻠﺒﻮﻥ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ﻭﳚﻌﻠﻮﺎ
ﻭﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺗﺴﺘﺮﻓﺪ ﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻬﺎ ﻭﻣﻀﺎﻣﻴﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﺷﺮﻋﺖ
* ﻛﺎﺗﺐ ﻭﺃﺩﻳﺐ ﻣﻦ ﺍﳌﻐﺮﺏ
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
39
ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﰲ ﳐﺘﻠﻒ ﻇﺮﻭﻓـﻪ )ﺳـﻠﻤﺎ ﻭﺣﺮﺑـﺎ( ﻭﰲ ﳐﺘﻠـﻒ
ﺃﺣﻮﺍﻟﻪ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ.
ﺇﻥ ﺍﳌﺆﺍﻣﺮﺓ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺃﻥ ﺗﻮﺻﻞ ﺑﻌـﺾ ﺍﻟﻘـﺼﺎﺋﺪ ﺫﺍﺕ
ﺍﻟﱰﻋﺔ ﺍﻹﳊﺎﺩﻳﺔ ﺇﱃ ﺑـﺮﺍﻣﺞ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴـﻢ ،ﰲ ﺑﻌـﺾ ﺍﻟـﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻛﻘﺼﻴﺪﺓ )ﺍﻟﻄﻼﺳﻢ( ﻟﻠـﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻠﺒﻨـﺎﱐ ﺇﻳﻠﻴـﺎ ﺃﺑـﻮ ﻣﺎﺿﻲ ﺣﻴﺚ ﺗﻘﺮﺭﺕ ،ﻭﺩﺭﺳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺷـﺌﺔ ﲢـﺖ ﺷـﻌﺎﺭ ﺑـﺮﺍﻕ،
ﺃﻫﺪﺍﻑ ﻣﺮﺣﻠﻴﺔ:
ﻭﻗﺒــﻞ ﺃﻥ ﺃﻧــﺼﺮﻑ ﰲ ﻣﻌــﺮﺽ ﺣــﺪﻳﺜﻲ ﺇﱃ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴــﻢ ﺍﻟﻮﺍﻓﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ ﺍﳌﻀﺎﺩﺓ ..ﻭﺃﻗﺼﺪ ﻣﻦ ﻣﺮﺟﻌﻴﺔ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﺍﳌﺘﺮﺑﺼﺔ ،ﻋﻠـﻰ ﺃﻥ ﺃﻗـﺮ ﺑﺒﻌـﺾ
ﺍﳊﻘﺎﺋﻖ:
ﺍﳊﺎﺋﺮﺓ ﺍﳌﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻚ ،ﻭﺍﳌﻨﻄﻠﻘﺔ ﻣﻦ ﻓﻜﺮﺓ ﺃﻥ ﻭﺟـﻮﺩ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﺒﺚ ﻭﺃﻥ ﺍﳌﺼﲑ ﳎﻬﻮﻝ: ﻭﻟﻜﲏ ﺃﺗﻴﺖ
ﺃﻥ ﺍﻟﻐﺰﻭ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺣﻘﻖ ﺃﻫﺪﺍﻓﻪ ،ﺣﻴﺚ ﻭﺻﻠﺖ ﻣﻔﺎﻫﻴﻤـﻪ
ﺍﻟﻌﺒﺜﻴــﺔ ﻭﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻳــﺔ ﻭﺍﻟﻨﻴﺘــﺸﻮﻳﺔ ﺇﱃ ﺍﻟــﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌــﺮﰊ ﺍﳊﺪﻳﺚ ،ﻭﻭﺟﻬﺘﻪ ﺗﻮﺟﻴﻬﺎ ﺑﻠﻎ ﺩﺭﺟﺔ ﺧﻄﲑﺓ، ﻓﺘﻤﻜﻦ ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﺍﻟﻐـﺮﰊ ﻣـﻦ ﺃﻥ ﻳـﺴﺘﺜﻤﺮ ﺍﻟﻘـﺼﻴﺪﺓ
ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻟـﺘﺮﻭﻳﺞ ﺍﻟﺪﻫﺮﻳـﺔ ﻭﺍﻹﳊـﺎﺩ ﻋﻠـﻰ ﻣـﺴﺘﻮﻯ )ﺍﻟﻌﻘﻴـﺪﺓ( ،ﻭﺍﻹﺑﺎﺣﻴـﺔ ﺍﳌﺨﺎﻃﺒـﺔ ﺍﻟﻐﺮﺍﺋــﺰ ﻭﺍﶈﺮﻛــﺔ ﻟﻠﻤﻄﺎﻟــﺐ ﺍﻟــﺴﻔﻠﻴﺔ ﻋﻠــﻰ ﻣــﺴﺘﻮﻯ )ﺍﻷﺧــﻼﻕ(،
ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﻮﺛﻨﻴﺔ ﺑﺪﻋﻮﻯ ﺗﻮﻇﻴﻒ ﺍﻟﺮﻣﺰ ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﻱ.
ﻭﻟﻘﺪ ﺃﺑﺼﺮﺕ ﻗﺪﺍﻣﻲ ﻃﺮﻳﻘﺎ ﻓﻤﺸﻴﺖ ﻭﺳﺄﺑﻘﻰ ﻫﻜﺬﺍ ﺇﻥ ﺷﺌﺖ ﻫﺬﺍ ﺃﻡ ﺃﺑﻴﺖ ﻛﻴﻒ ﺟﺌﺖ ،ﻛﻴﻒ ﺃﺑﺼﺮﺕ ﻃﺮﻳﻘﻲ ،ﻟﺴﺖ ﺃﺩﺭﻱ؟
ﻭﻣﻌﲎ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺫﻛﺮﻫـﺎ ،ﺃﻥ ﺃﻋـﺪﺍﺀ ﺍﻟﻌﻘﻴـﺪﺓ
ﲤﻜﻨﻮﺍ ﻣﻦ ﺗﻮﻇﻴﻒ ﺟﻨﺲ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﰲ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﻏﺮﺿـﻬﻢ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﻫﻮ ﻓﺼﻞ ﺍﳌـﺴﻠﻢ ﻋـﻦ ﻋﻘﻴﺪﺗـﻪ ،ﻭﳏﺎﻭﻟـﺔ ﺗﻮﺟﻴـﻪ ﻓﻜﺮﻩ ﻭﻭﺟﺪﺍﻧﻪ ﺇﱃ ﺍﲡﺎﻩ ﻏﲑ ﺳﻠﻴﻢ ،ﻭﻻ ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﻃﺒﻴﻌـﺔ
ﻓﻜﺮﻧﺎ ﺍﳌﻮﺣﺪ ﷲ ،ﻭﻭﺟﺪﺍﻧﻨﺎ ﺍﳌﻬﺬﺏ ﺑـﺬﻛﺮ ﺍﷲ .ﻭﺣـﱴ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﺪﻳﺜﻲ ﻣﻔﺘﻘﺪﺍ ﻟﻠﱪﻫﺎﻥ ﻭﻣﻔﺘﻘﺮﺍ ﺍﳊﺠﺔ ﺳﺄﺳﺘﻌﺮﺽ
ﻣﻀﺎﻣﲔ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ﺍﻟﱵ ﻭﺇﻥ ﻛﺘﺒـﻬﺎ ﺃﺻـﺤﺎﺎ ﺑﺎﻟﻠﻐـﺔ
ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ:
ﻭﻗﺪ ﺗﺒﺪﻭ ﻓﻨﻴﺔ ﺷﻜﻠﻴﺔ ﺇﻻ ﺃﺎ ﰲ ﺍﳉﻮﻫـﺮ ﺗﻠﺘﻘـﻲ ﻣـﻊ ﻏﺎﻳﺔ ﻫﺪﻡ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ،ﻭﻫﺪﻡ ﺍﻟﺬﻭﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻴﺰ ﻃﺒﻴﻌـﺔ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻘﺪﻡ ،ﻓﺎﺭﺗﻔﻌﺖ ﺩﻋﻮﺍﺕ ﺣﺎﺩﺓ ﺗـﺪﻋﻮ ﺇﱃ ﻣـﺎ
ﲰﻲ ﺑﺘﻔﺠﲑ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺃﻱ ﺍﳋﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋـﺪ ،ﻭﺍﺳـﺘﺤﺪﺍﺙ ﺃﳕﺎﻁ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﰲ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻠﻐـﻮﻱ ﻻ ﻋﻼﻗـﺔ ﳍـﺎ ﺑﺎﳌـﺄﻟﻮﻑ ﺍﳌﻨﻀﺒﻂ ﺑﺎﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ،ﺑـﻞ ﲡـﺎﻭﺯ ﻫـﺬﺍ ﺍﻷﻣـﺮ ﺣـﺪﻩ ،ﺣﻴـﺚ
ﻇﻬﺮﺕ ﺩﻋـﻮﺓ ﻫﺪﺍﻣـﺔ ﻟﻘﻴـﺖ ﻣـﻦ ﻳﻨﺎﺻـﺮﻫﺎ ،ﻭﻫـﻲ ﺩﻋـﻮﺓ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﱐ ﺳﻌﻴﺪ
ﻋﻘﻞ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺎﻟﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﺘﺐ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﲟـﺎ ﺍﲰـﺎﻩ ﺑﺎﻟﻠﻐـﺔ
ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ،ﻭﻭﺟـﺪﺕ ﻧﻈـﺎﺋﺮ ﳍـﺬﻩ ﺍﻟـﺪﻋﻮﺓ ﰲ ﺑـﻼﺩ ﺍﳌﻐـﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺣﻴﺚ ﺩﻋﺎ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺇﱃ ﺃﻥ ﻳﻜﺘﺐ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺑﺎﻷﻣﺎﺯﻳﻐﻴﺔ
ﰲ )ﺍﳌﻐﺮﺏ( ﻭﺑﺎﻟﻘﺒﺎﺋﻠﻴﺔ ﰲ )ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ( ﻭﻳﺘﻀﺢ ﺃﻥ ﺍﳌﻘـﺼﻮﺩ ﻫﻮ ﺇﻗﺼﺎﺀ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻭﺇﺑﻌﺎﺩﻫـﺎ ﻋـﻦ ﺍﻷﻣـﺔ ﺍﻟﻨﺎﻃﻘـﺔ ﺎ ،ﻷﺎ ﰲ ﺃﺫﻫﺎﻥ ﻫﺆﻻﺀ ،ﻟﻐﺔ ﺩﻳﻨﻴﺔ ﰲ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ.
40
ﻣﺘﺘﺎﻟﻴــﺔ ﻣــﻦ ﺍﳌﺘﻌﻠﻤــﲔ ،ﻭﺭﺩﺩﻭﺍ ﲨﻴﻌــﺎ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻘــﺼﻴﺪﺓ
ﺟﺌﺖ ﻻ ﺃﻋﻠﻢ ﻣﻦ ﺃﻳﻦ
ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﻷﻭﱃ:
ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ:
ﻓﺼﻨﻔﺖ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺘﺄﻣﻠﻲ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ..ﻭﺗﻠﻘﺘـﻬﺎ ﺃﺟﻴـﺎﻝ
ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﺈﺎ ﲪﻠﺖ ﳏﻤﻮﻻ ﻏﺮﻳﺒـﺎ ﻭﺷـﺎﺫﺍ ﻻ ﺗﺴﺘـﺴﻴﻔﻪ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﳌﺆﻣﻨﺔ ،ﻭﺗﻨﻔﺮ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻔﻄﺮﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ.
ﻭﻟﻨﺄﺧﺬ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺑﻨﻴـﺖ
ﰲ ﻣــﻀﻤﻮﺎ ﻋﻠــﻰ ﺍﻟــﺘﺮﻭﻳﺞ ﻟﻠﻤﻔــﺎﻫﻴﻢ ﺍﻟﺪﻫﺮﻳــﺔ .ﻓﻬــﺬﻩ ﻗﺼﻴﺪﺓ )ﺇﱃ ﺃﻳﻦ( ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﺍﳌـﺼﺮﻱ ﻛﺎﻣـﻞ ﺍﻟـﺸﻨﺎﻭﻱ ﺗﻔـﻮﺡ
ﻣﻨــﻬﺎ ﺭﺍﺋﺤــﺔ ﺍﻟــﺸﻚ ﺑــﺎﻵﺧﺮﺓ ﻭﺗﻌﻄﻴﻬــﺎ ﻧﺰﻋــﺔ ﺩﻫﺮﻳــﺔ ﻭﺍﺿﺤﺔ. ﻳﻘﻮﻝ:
ﺇﱃ ﺃﻳﻦ ﳕﻀﻲ ﺃﻳﻦ ﺍﻟﺪﻫﺮ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻧﺼﲑ ﻫﺒﺎﺀ ﻻ ﺿﺠﻴﺞ ،ﻭﻻ ﺻﻤﺖ؟ﺍ
ﻭﻳﻨﺴﻞ ﻣﻨﺎ ﺍﳊﺐ ﻭﺍﳋﲑ ﻭﺍﳍﺪﻯ ﻭﻳﻨﺴﻞ ﻣﻨﺎ ﺍﻟﺸﺮ ﻭﺍﻟﻐﲎ ﻭﺍﳌﻘﺖ
ﺇﱃ ﺃﻳﻦ ﳝﻀﻲ ﺷﻴﺒﻨﺎ ﻭﺷﺒﺎﺑﻨﺎ
ﺇﱃ ﺃﻳﻦ ﳝﻀﻲ ﺍﻟﻮﻣﺾ ﻭﺍﻟﻨﺒﺾ ﻭﺍﻟﺼﻮﺕ. ﻭﰲ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻨﻮﺍﺎ" :ﰒ ﻣﺎﺫﺍ"
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﻧﻠﻤﺲ ﻫـﺬﻩ ﺍﻟﺪﻫﺮﻳـﺔ ﺍﳉﺪﻳـﺪﺓ ﳑﺰﻭﺟـﺔ ﺑﺘـﺼﻮﺭﺍﺕ
ﻭﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻓﻦ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﰲ ﺟﻮﻫﺮﻩ ﺑﺘـﺠـﻠـﻴـﺎﺕ
ﻭﺟﻮﺩﻳﺔ ﻋﺒﺜﻴﺔ ﻣﺴﺘﺮﻓﺪﺓ ﻣﻦ ﺃﻓﻜﺎﺭ "ﺳﺎﺭﺗﺮ" ﻭ"ﺳﻴﻤﻮﻥ ﺩﻱ
ﺍﻟﺮﻭﺡ ،ﻭﺻﻔﺎﺀ ﺍﻹﺣﺴـﺎﺱ ،ﻭﺳـﻼﻣـﺔ ﺍﻟـﺮﺅﻳـﺔ ،ﻭﺻـﺪﻕ
ﺑﻮﻓﻮﺍﺭ" ﻣﻊ ﻣﺎ ﻧﻠﺤﻈﻪ ﻣﻦ ﺳﻘﻢ ﰲ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ،ﻭﺇﻋـﺎﺩﺓ ﻣـﻦ ﺃﻥ
ﺍﳌﺸﺎﻋﺮ .ﻭﻋﻴﻮﻥ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﰲ ﳐـﺘـﻠـﻒ ﺍﻵﺩﺍﺏ
ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻇﻠﻢ ،ﻭﺣﺎﺷﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻇﺎﳌﺎ.
ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺃﻥ ﲢﻘﻖ ﺩﳝﻮﻣﺘﻬﺎ ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺷﻔﺎﻓﻴﺔ
ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ:
ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻭﻧﺒﻀﻬﺎ ﺍﳌﺘﻨﺎﻏﻢ ﻣﻊ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﺍﳋﺎﺿﻊ ﻹﻟـﻪ ﺍﻟـﻜـﻮﻥ. ﻭﺇﻧﻪ ﳌﻦ ﺍﻟﺴﻘﻮﻁ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻭﺍﻟﻔﲏ ﻣﻌﺎ ﺃﻥ
"ﰒ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﺎ ﺩﻫﺮ؟ ﻫﻞ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ
ﳒﺪ ﺷﺎﻋﺮﺍ ﻟﻪ ﻣﻜﺎﻧﺘﻪ ﰲ ﺧـﺎﺭﻃـﺔ ﺍﻟﺸـﻌـﺮ ﺍﻟـﻌـﺮﰊ
ﺃﺟﺌﺘﲏ ﻣﻨﻪ ﻟﻮﻋﱵ ﻭﻋﻨﺎﺋﻲ
ﻳﺘﻨﺎﻭﻝ ﰲ ﺑﻌﺾ ﻗﺼﺎﺋﺪﻩ ﻣﻀﺎﻣﲔ ﻣﻌﺎﺩﻳﺔ ﻟﻌﻘﻴـﺪﺓ ﺍﻷﻣـﺔ
..ﻫﺎﺕ ﻣﺎ ﻗﺪﺭ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻴﻨﺎ
ﻭﺑﺸﻜﻞ ﺻﺮﻳﺢ ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ ﻋﺮﻱ ﺻﻮﺭﻩ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻭﳐﺎﻃﺒﺘﻪ
ﻭﻟﺘﻔﺾ ﻛﺄﺱ ﻋﻴﺸﻨﺎ ﺑﺎﻟﺸﻘﺎﺀ
ﻟﻠﻐﺮﺍﺋﺰ ،ﻭﺍﲣﺎﺫﻩ ﻣﻦ ﺟﺴﺪ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﺍﻷﻧﺜﻰ ﺑﻀﺎﻋﺔ ﻳـﺘـﻘـﺮﺏ
ﻟﺴﺖ ﺃﺧﺸﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ
ﺎ ﺇﱃ ﻛﻞ ﺫﻭﻕ ﻣﻨﺤﺮﻑ،
ﻭﻟﻨﺄﺧﺬ ﻫﻨﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﳌﻌـﲏ "ﻧـﺰﺍﺭ ﻗـﺒـﺎﱐ" ﻗﺼـﻴـﺪﺓ
ﺇﻥ ﻗﺼﺪ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﻟﻜﻦ ..ﺃﺧﺎﻑ ﻇﻠﻢ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ..
ﻣﻮﺳﻮﻣﺔ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ " ﺍﳋﺮﺍﻓﺔ" ﳜﻮﺽ ﻓﻴﻬﺎ ﺑـﻐـﲑ ﻋـﻠـﻢ ﰲ
ﺳﺨﺮﻳﺎﺕ ﻫﺬﻱ ﺍﳊﻴﺎﺓ ..ﻭﺳﺮ
ﻣﺴﺎﺋﻞ ﻣﺼﲑﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ .ﻗﻄﻊ ﰲ ﺍﳊـﻜـﻢ
ﱂ ﻳﺰﻝ ﻏﺎﻣﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺫﻛﻴﺎﺀ..
ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﺍﻹﳍـﻲ .ﻭﻫـﺎ ﻫـﻮ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﺸـﺎﻋـﺮ ﻳﺼـﻮﺭ
ﻭﻛﺄﰊ ﻣﺎﺿﻲ ﰲ "ﻃﻼﲰﻪ" ﳒﺪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺍﻟﺬﻛﺮ "ﻛﺎﻣﻞ ﺍﻟﺸﻨﺎﻭﻱ" ﻳﻌﻴﺶ ﺍﺿﻄﺮﺍﺑﺎ ﻧﻔﺴﻴﺎ ،ﻭﻫﺎﺟـﺴﺎ ﻋﺒﺜﻴـﺎ، ﻭﺷﻜﺎ ﺗﻌﱪ ﻋﻨﻪ ﻣﻮﻗﻒ "ﻻ ﺇﺭﺍﺩﻳﺔ" ﺑﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﻣـﻦ ﻛـﻞ ﺫﻟـﻚ
ﻧﻜﺘﺸﻔﻪ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺳﻘﻮﻁ ﺳﻔﻠﻲ ،ﻭﻫﻮ ﻳﺮﺩﺩ ﺩﻭﳕـﺎ ﺃﺩﺏ ﻣـﻦ
ﺍﻟﻜﺘﺎﺗﻴﺐ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﲣﺮﺝ ﻣﻨﻬﺎ ﺧﲑﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻤﺎ ﻭﺗﻘﻮﻯ ،ﻳﻌﺘﱪﻫﺎ ﳎﺮﺩ ﻣﺮﺗﻊ ﻟـﻠـﺨـﺮﺍﻓـﺔ ﻭﺗـﻄـﺎﻝ ﻋـﻠـﻰ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻱ. "ﺣﲔ ﻛﻨﺎ ﰲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺗﻴﺐ ﺻﻐﺎﺭﺍ
ﺍﳋﺎﻟﻖ ﻗﻮﻟﻪ ﰲ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ "ﺃﻧﺎ": "ﻳﺎﺭﺏ ﻓﻴﻢ ﺧﻠﻘﺘﻨﺎ
ﺣﻘﻨﻮﻧﺎ
ﻭﺗﺮﻛﺘﻨﺎ ﺐ ﺍﻟﻀﺒﺎﺏ
ﺑﺴﺨﻴﻒ ﺍﻟﻘﻮﻝ ..ﻟﻴﻼ ﻭﺎﺭﺍ
ﻓﻼ ﻇﻼﻡ ﻭﻻ ﺳﻨﺎ
ﺩﺭﺳﻮﻧﺎ
ﻭﻧﺪﺏ ﻓﻮﻕ ﺍﻷﺭﺽ
"ﺭﻛﺒﺔ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﻋﻮﺭﺓ"..
ﻭﻧﺪﺏ ﻓﻮﻕ ﺍﻷﺭﺽ
ﺻﻮﺎ "ﻣﻦ ﺧﻠﻒ ﺛﻘﺐ ﺍﻟﺒﺎﺏ" ﻋﻮﺭﺓ
ﻻ ﺗﺪﺭﻱ ﺑﻨﺎ؟
ﺻﻮﺭﻭﺍ ﺍﳉﻨﺲ ﻟﻨﺎ..
ﺃﻧﺎ ﻣﻦ ﺃﻛﻮﻥ
ﺧﻮﻓﻮﻧﺎ ﻣﻦ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﷲ ﺇﻥ ﳓﻦ ﻋﺸﻘﻨﺎ...
"ﺿﺤﻜﺔ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﻋﻮﺭﺓ"
ﻻ ﻧﺪﺭﻱ ﺎ
ﻏﻮﻻ ﺑﺄﻧﻴﺎﺏ ﻛﺒﲑﺓ
ﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﻧﺎ
ﻭﺳﻴﻠﺔ ﺃﻡ ﻏﺎﻳﺔ
ﺃﻧﺎ ﻟﺴﺖ ﺃﻋﺮﻑ ﻣﻦ ﺃﻧﺎ.
ﻭﻟﱰﺍﺭ ﻗﺒﺎﱐ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﻣﻌﺎﺩﻳﺔ ﻟﺮﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳـﻦ ــ ﻋـﻠـﻰ ﺗﻌﺒﲑﻩ ـ ﺟﻌﻠﺘﻪ ﳚﺎﻫﺮ ﺑﺎﻟﻌﺪﺍﺀ ﳍﻢ ،ﻭﻳـﻮﻇـﻒ ﻃـﺎﻗـﺘـﻪ
ﻣﺘﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﺸﻜﻮﻙ:
ﺍﻹﺑﺪﺍﻋﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺷﺄﻥ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻌﻤﺎﺋﻢ ،ﻭﱂ ﻳـﻜـﻦ
ﻭﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﺗﻜﺮﺭ ﻋﻨـﺪ ﺷـﻌﺮﺍﺀ ﺁﺧـﺮﻳﻦ ،ﺃﺳـﻘﻄﻮﺍ
ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﻻ ﺗﻮﻃﺌﺔ ﻟﻴﺘﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﻻﻧﻐﻼﻕ ،ﻷﻧﻪ ﻻ
ﺍﻟﻔﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ،ﰲ ﻣﺘﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟـﺸﻜﻮﻙ ،ﻭﺍﻋﺘﻘـﺪﻭﺍ ﺃﻥ ﻣـﺴﺄﻟﺔ
ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﻭﻷﻣﺜﺎﻟﻪ ﻭﺍﻟﻠﻬﻮ ﻭﺍﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ "ﻃﻔﻮﻟﺔ ﺪ" .ﻭﻫﺎ
ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻳﺔ ﺍﻟﻌﺪﻣﻴﺔ ﳝﻜﻨﻬﺎ ﲢﻘﻴﻖ ﺗﺪﻓﻖ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﺗﻮﺟﻬﻪ،
ﻫﻮ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ "ﻗﺼﱵ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻌﺮ" ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﻧﺰﺍﺭ ﻗﺒﺎﱐ
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
41
)ﻃﺒﻌﺔ (1973ﻭﰲ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ 39ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﻣـﻌـﺮﻛـﺔ
ﺩﺍﺭﺕ ﺑﲔ ﺃﺣﺪ ﺃﻋﻤﺎﻣﻪ ﺍﳌﻨﻔﺘﺤﲔ ﻭﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﻓـﻮﺻـﻔـﻪ ﺑﻄﻼ ﻭﻭﺻﻔﻬﻢ ﺃﻗﺰﺍﻣﺎ ﻗﺎﺋـﻼ..." :ﻭﻃـﺎﺭ ﺻـﻮﺍﺏ ﺩﻣﺸـﻖ، ﻭﺃﺻﻴﺐ ﻣﺸﺎﳜﻬﺎ ﻭﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻓﻴـﻬـﺎ ﺑـﺎـﻴـﺎﺭ ﻋﺼـﱯ،
ﻓﻘﺎﻭﻣﻮﻩ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﳝﻠﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻭﺳﺎﺋﻞ ،ﻭﺳﻠﻄﻮﺍ ﺍﻟﺮﻋﺎﻉ ﻋﻠﻴﻪ..
ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻇﻞ ﺻﺎﻣﺪﺍ ،ﻭﻇﻠﺖ ﻣﺴﺮﺣﻴﺎﺗﻪ ﺗﻌﺮﺽ ﰲ ﺧـﺎﻧـﺎﺕ ﺩﻣﺸﻖ ،ﻭﻳﻘﺒﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻦ ﺍﻟﻨﻈﻴـﻒ" . ﻭﻳﺴﺘﺮﺳﻞ ﻗﺎﺋﻼ " :ﺍﻟﻌﻤﺎﺋﻢ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺍﻟﱵ ﻃﺎﻟﺒﺖ ﺑﺸﻨـﻖ ﺃﰊ
ﺧﻠﻴﻞ ﻃﺎﻟﺒﺖ ﺑﺸﻨﻘﻲ ..ﻭﺍﻟﺬﻗﻦ ﺍﶈﺸﻮﺓ ﺑﻐﺒﺎﺭ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﱵ ﻃﻠﺒﺖ ﺭﺃﺳﻪ ﻃﻠﺒﺖ ﺭﺃﺳﻲ".
ﻭﺣﺴﺒﻨﺎ ﳑﺎ ﺳﻘﻨﺎﻩ ﺃﻥ ﻧﺘﺒﲔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﻄـﻠـﻖ
ﻣﻨﻬﺎ ﻫﺆﻻﺀ ﻣﻦ ﺷﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻭﻫﺒﻬﻢ ﺍﷲ ﺍﳌﻮﻫـﺒـﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻓﻠﻢ ﳛﺴﻨﻮﺍ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻬﺎ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻷﻭﱃ ـﻢ ﺃﻥ
ﻳﻮﻇﻔﻮﻫﺎ ﰲ ﻣﺮﺿﺎﺓ ﺍﷲ ،ﻭﰲ ﺍﶈﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺫﺍﺋﻘﺔ ﺍﻷﻣﺔ، ﻭﺗﺮﺳﻴﺦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﱵ ﻀﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﺍﻹﺳﻼﻡ. ﻭﺻﺪﻕ ﺍﷲ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺰﺓ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﺼـﻞ ﺑـﲔ ﻓـﺌـﺘـﲔ ﻣـﻦ
ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺑﲔ ﺍﳌﻌﺘﺪﻳﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺒﻌﻬﻢ ﺍﻟﻐﺎﻭﻭﻥ ،ﻭﺍﳌـﻬـﺘـﺪﻳـﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﻔﻮﻥ ﰲ ﺧﻨﺪﻕ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻟﻠﺬﻭﺩ ﻋـﻦ ﺭﺍﻳـﺔ ﺍﻹﺳـﻼﻡ ﻭﺩﻳﺎﺭﻩ.
42
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ -ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﻠﻒ ﺍﻟﻀﻔﺎﻑ
ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ
ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺃﻡ ﺑﺤﺚ ﻋﻦ ﺻﻴﻐﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ؟ ﺑﻘﻠﻢ :ﻣﺤﻤﻮﺩ ﻗﺮﻧﻲ
ﺃﻧﺼﺎﺭﻩ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺑﻘﻴﺎﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﻢ ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺭﺍﻓﻀﻮﻩ ﻳﻌﺘﺒﺮﻭﻧﻪ ﺭﺩﺓ ﺣﻀﺎﺭﻳﺔ
ﺭﲟﺎ ﻛﻨﺎ ﺃﺣﻮﺝ ﻣﺎ ﻧﻜﻮﻥ ﺇﱃ ﻃﺮﺡ
ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻫﻨﺘﻨﻐﺘﻮﻥ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻔﺘﺢ ﺟﺮﺣﺎ ﻳﻜﺘﻆ ﺑﺎﳉــــــﺮﺍﺛﻴﻢ ،ﻓﺜﻤﺔ
ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺣﻮﻝ ﻣﺎ ﻧﺴﻤﻴﻪ ﰲ ﺃﺩﺑﻴﺎﺗﻨﺎ ﺍﺗﺴﺎﻉ ﻟﺮﻗﻌﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻏﲑ ﻣﺴﺒﻮﻕ ﺳﻮﺍﺀ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑـ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ .ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺑﻮﺵ ﺃﻡ ﱂ ﻳﺮﺽ ،ﻭﺳﻮﺍﺀ ﻗﺒﻠﺖ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺃﻡ ﺭﻓﻀﺖ ،ﻭﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻓﻘﻂ ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻀﻐﻂ ﺍﳌﺮﻳــﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺘﺎﺑﻊ ﻣﻨﺼﻒ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺒﻌﺪ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﻣﻦ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﳌﺸﻬﺪ ﺍﳌﻠﺘﺒﺲ ،ﻻ
ﺗﻠﻘﺎﻩ
ﻣﺮﺟﻌﻴﺎﺕ
ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻲ
ﺍﻹﺳﻼﻡ
ﻭﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻤﻲ
ﻣﻌﺎﹰ،
ﺑﺎﳌﻌﲏ ﺳﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺑﺮﻣﺘﻪ ﻳﻌﻜﺲ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﻼﻣﺘﻜﺎﻓﺊ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﻋﻘﺐ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻷﻭﱄ ﺍﻟﱵ ﲢﻮﻟﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﻌﻮﺏ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﱄ ﻣﺴﺎﺭﺡ
ﺃﺣـــﺪﺍﺙ ﺍﳊﺎﺩﻱ ﻋﺸـــــﺮ ﻣﻦ ﺃﻳﻠﻮﻝ ﻻﺳﺘﻌﺮﺍﺽ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺣﻀﺎﺭﻳ ﹰﺎ ﻭﺛﻘﺎﻓﻴﺎ ﻭﻋﺴﻜﺮﻳ ﹰﺎ.
)ﺳﺒﺘﻤﱪ( ﻭﻟﻜﻦ ﲦﺔ ﻣﻮﻗﻒ ﻳﺒﺪﻭ
ﺇﺫﻥ ﻫﻞ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﱪﺭﺍ ﻟﻠﺘﺠﻤﻌﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺳﻮﺍﺀ ﰲ ﺃﺷﻜﺎﳍﺎ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﶈﻠﻴﺔ
ﻣﺆﺳﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺍﻧﺘﻬﻲ ﺇﻟﻴﻪ ﺻﻤﻮﻳﻞ ﺃﻥ ﺗﺴﻌﻲ ﺇﱃ ﺗﻜﺮﻳﺲ ﻋﺰﻟﺘﻬﺎ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ ﻣﻊ ﺍﻵﺧﺮ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻫﻨﺘﻨــﻐﺘﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﳋﻄﺮ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ ﻳﺄﰐ ﻏﺎﺯﻳﺎ ﻭﻣﺴﺘﻌﻤﺮﺍ ،ﻭﻫﻞ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﱪﺭﺍ ﺃﻳﻀﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻜﻮﺹ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻄﻊ ﻇﻬﺮ
ﻣﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﻜﻮﻧﻔﻮﺷﻴﺔ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺑﻔﺄﺱ ﺍﻟﺘﻌﺼﺐ ،ﻭﻫﻞ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﳝﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﳔﻠﻊ ﺃﺩﺏ ﻣﻦ ﻧﻄﺎﻗﻪ ﺍﻻﻧﺴﺎﱐ ﺳﺎﺑﻘ ﹰﺎ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻋﻢ ﻟﻨﺼﻨﻔﻪ ﺗﺼﻨﻴﻔﺎ ﺃﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ،ﻭﻫﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻜﺘﻞ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ﺻﺎﺋﺒﺔ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻔﺴﻄﺎﻃﲔ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﲔ ،ﺃﻗﺼﺪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎﻟﺖ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺩﺑﺎ ﺍﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺎ، ﺑﺮﺟﻲ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﻭﺭﻣﺰ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ
ﻭﻫﻞ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﳝﻜﻦ ﻗﺒﻮﻟﻪ ﺣﻴﺎﻝ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ؟!
ﺍﻟﻔﺎﺣﺸﺔ.
ﺷﻐﻠﺘﻨﺎ ﰲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻐﺎﻣﻀﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺒﺚ ﻣﻜﺎﺗﺐ
ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﳌﺘﻨﻮﻋﺔ ﻻ ﺗﻘﺼﺪ ﺇﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺑﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻭﺍﻟﱵ ﺑﺪﺃﺕ ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ ﰲ
ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻄﻠﻊ ﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎﺕ .ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﻫﻲ ﺭﺍﺑﻄﺔ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻛﻤﺎ ﻻ ﻧﻘﺼﺪ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ
ﺍﳌﻔﻴﺪ ﺃﻥ ﻧﻄﺎﻟﻊ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻭﱂ ﻳﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺘﺎﺣﺎ ﺇﻻ ﻋﱪ ﻣﻮﻗﻊ
ﺍﳌﻘﺎﻝ ﻧﺸﺮ ﰲ ﺍﻟﻘﺪﺱ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ 15/2/2005
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
43
ﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺒﻜﺔ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ .ﻃﺎﻟﻌﻨﺎ ﺍﳌﻮﻗﻊ ﻭﻭﺟﺪﻧﺎ
ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ،
ﺍﻵﰐ:ﺃﻧﺸﺌﺖ ﺭﺍﺑﻄﺔ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ ﺍﻟﱵ ﺩﻋﺎ
ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺭﻳﺎﺩﺓ ﻟﻸﻣﺔ ،ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ
ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﺑﻮ ﺍﳊﺴﻦ ﺍﻟﻨﺪﻭﻱ ﰲ ﻧﻴﺴﺎﻥ )ﺍﺑﺮﻳﻞ( ﻋﺎﻡ
ﺃﻣﺎﻡ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ،ﻭﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺃﺩﺑﺎ ﻣﻠﺘﺰﻣﺎ،
1981ﺑـ ﻟﻜﻨﻮ ﺑﺎﳍﻨﺪ ﰒ ﺍﻧﻌﻘﺪﺕ ﺃﻭﻝ ﻧﺪﻭﺓ ﻣﻮﺳﻌﺔ ﻟﻸﺩﺏ
ﻭﺍﻟﺘﺰﺍﻡ ﺍﻷﺩﻳﺐ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺘﺰﺍﻡ ﻋﻀﻮﻱ ﻧﺎﺑﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﻪ
ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﻮﺩ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻏﲑ ﺃﻥ ﺍﻹﻋﻼﻥ
ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ .ﻭﺍﻋﺘﱪﺕ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻥ ﺍﻷﺩﺏ ﻫﻮ
ﺍﻟﺮﲰﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﻭﺍﻼﺕ ﱂ ﻳﺘﻢ ﺳﻮﻱ ﰲ
ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺼﺎﱀ ،ﻭﻣﺴﺆﻭﻝ ﻋﻦ ﺇﻧﻘﺎﺫ ﺍﻷﻣﺔ
ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻠﺮﺍﺑﻄﺔ ،ﺑﻌﺪ ﺍﻧﺘﺴﺎﺏ ﻋﺪﺩ ﻛﺒﲑ ﻣﻦ
ﻓﺠﺮ ﺍﻹﺳﻼﻡ ،ﻭﻫﻮ ﻳﺴﺘﻤﺪ ﻋﻄﺎﺀﻩ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﺎﺓ ﺍﻟﻮﺣﻲ
ﺍﻷﺩﺑﺎﺀ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﰲ ﳐﺘﻠﻒ ﺃﳓﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻭﻋﻘﺪ
ﻭﻫﺪﻱ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ،ﻭﳝﺘﺪ ﻋﱪ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺇﱃ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﺍﳊﺎﺿﺮ
ﰲ ﻛﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺜﺎﱐ )ﻳﻨﺎﻳﺮ( ﻋﺎﻡ 1986ﺣﻴﺚ ﰎ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ
ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﳌﻨﺤﺮﻓﲔ ﻋﻨﻪ .ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻋﺘﱪﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺒﺎﺩﺉ ﺃﻥ
ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﺮﺍﺑﻄﺔ ﻭﺍﻧﺘﺨﺎﺏ ﳎﻠﺲ ﺍﻷﻣﻨﺎﺀ ﻭﰎ ﺍﻧﺘﺨﺎﺏ
ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻫﻮ ﺃﺩﺏ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﻼﻑ
ﺍﳊﻴﺎﺓ ،ﰒ ﺍﻧﺘﻘﻞ ﻣﻘﺮ ﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﺇﱃ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺮﻳﺎﺽ
ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﲔ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ ،ﻭﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﻣﺎ
ﺑﺎﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻋﺎﻡ 2000ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺓ ﺍﻟﺸﻴﺦ
ﺟﺎﺀ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺒﺎﺩﺉ ﻋﻠﻰ ﳓﻮ ﻋﺎﻡ ﺩﻭﻥ ﺗﺪﻗﻴﻖ ﺃﻥ
ﻭﰎ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺪﻭﺱ ﺃﰊ ﺻﺎﱀ ﺃﺣﺪ ﻣﺆﺳﺴﻲ
ﻭﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﳌﺰﻭﺭ ﻭﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻷﺩﰊ ﺍﳌﺒﲏ ﻋﻠﻰ ﺍﺎﻣﻠﺔ
ﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﺭﺋﻴﺴﺎ ﳍﺎ.
ﺍﳌﺸﺒﻮﻫﺔ ﺃﻭ ﺍﳊﻘﺪ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺮﻓﺾ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻟﱵ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺎﳌﺪﻳﻨﺔ ﺍﳌﻨﻮﺭﺓ ﰲ ﺃﻳﺎﺭ )ﻣﺎﻳﻮ( 1982ﻭﺍﺳﺘﻘﺒﻠﺘﻬﺎ
ﺃﻳﻠﻮﻝ )ﺳﺒﺘﻤﱪ( .1984ﻭﻗﺪ ﺩﻋﺖ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻴﺔ ﺇﱃ
ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﰲ ﺭﺣﺎﺏ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻧﺪﻭﺓ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺑـ ﻟﻜﻨﻮ ﺑﺎﳍﻨﺪ
ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﺍﺣﻞ ﺃﰊ ﺍﳊﺴﻦ ﺍﻟﻨﺪﻭﻱ ﺭﺋﻴﺴﺎ ﻟﻠﺮﺍﺑﻄﺔ ﻣﺪﻱ
ﺃﰊ ﺍﳊﺴﻦ ﺍﻟﻨﺪﻭﻱ ﻭﰎ ﺍﻧﺘﺨﺎﺏ ﳎﻠﺲ ﺍﻷﻣﻨﺎﺀ ﺑﺎﻷﻃﻤﺎﻉ
ﺑﺎﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻭﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻭﺃﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﻨﺬ ﺍﻧﺒﻠﺞ
ﻟﻴﺴﻬﻢ ﰲ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﳏﺎﺭﺑﺔ ﺃﻋﺪﺍﺀ
ﺃﺟﻨﺎﺳﻬﺎ ﻭﻟﻐﺎﺎ ،ﻭﺧﺼﺎﺋﺼﻪ ﻫﻲ ﺍﳋﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ
ﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﺗﺮﻓﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﻭﺍﳌﺬﺍﻫﺐ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺍﳌﻨﺤﺮﻓﺔ،
ﻭﺗﺘﺤﺪﺩ ﺃﻫﺪﺍﻑ ﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﺣﺴﺒﻤﺎ ﺗﻀﻤﻨﻪ ﺍﻟﺒﻨﺪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ
ﻳﺸﻮﺎ ﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ﻭﺗﻔﺸﻮ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﺍﻟﺪﺧﻴﻠﺔ
ﻣﻦ ﻻﺋﺤﺘﻬﺎ ﰲ ﺃﺎ ﺪﻑ ﺇﱃ ﺗﺄﺻﻴﻞ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ
ﻭﺍﻟﺮﻣﻮﺯ ﺍﳌﺸﺒﻮﻫﺔ ،ﻭﺗﺪﻋﻮ ﺍﱄ ﻧﻘﺪ ﻭﺍﺿﺢ ﺑﻨﺎﺀ ،ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ
ﻭﺇﺑﺮﺍﺯ ﲰﺎﺗﻪ ﰲ ﺍﻟﻘﺪﱘ ﻭﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭﺇﺭﺳﺎﺀ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻨﻘﺪ
ﺗﺮﺷﻴﺪ ﻣﺴﲑﺓ ﺍﻷﺩﺏ ،ﻭﺗﺮﺳﻴﺦ ﺃﺻﻮﻟﻪ .ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻋﺘﱪﺕ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻭﺿﻊ ﻣﻨﺎﻫﺞ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﻔﻨﻮﻥ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ،
ﻟﻸﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻓﺾ ﺍﻟﻌﺎﻣﻴﺔ ﻭﳛﺎﺭﺏ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ
ﺇﻋﺎﺩﺓ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﰲ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ
ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻫﺬﺍ ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﻧﺸﺄﺕ ﺑﺎﳍﻨﺪ ﻭﻳﺸﻜﻞ ﻗﻮﺍﻣﻬﺎ
ﺍﻷﺩﰊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﺻﻴﺎﻏﺔ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﻸﺩﺏ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ .ﻭﺗﻀﻤﻨﺖ ﺍﻷﻫﺪﺍﻑ ﺃﻳﻀ ﹰﺎ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻲ ﺑﻨﻘﺪ
ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺒﺎﺩﺉ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻔﺼﺤﻰ ﻫﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻷﻭﱄ
ﻛﺘﺎﺏ ﻣﻦ ﳐﺘﻠﻒ ﺍﻷﺟﻨﺎﺱ ﻭﺍﻟﺪﻭﻝ.
ﺍﳌﺬﺍﻫﺐ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺍﳌﻨﺤﺮﻓﺔ ،ﺗﻌﺰﻳﺰ ﻋﺎﳌﻴﺔ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ،
ﺃﻣﺎ ﻋﻀﻮﻳﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﻓﻠﻦ ﺗﺘﺎﺡ ﺇﻻ ﳌﻦ ﻳﻠﺘﺰﻡ ـ ﺑﻄﺒﻴﻌـﺔ
ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻮﺛﻴﻖ ﺍﻟﺼﻼﺕ ﺑﲔ ﺍﻷﺩﺑﺎﺀ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﲔ ﻭﺇﻗﺎﻣﺔ
ﺍﳊﺎﻝ ـ ﲟﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﻭﻧﻈﺎﻣﻬﺎ ﻭﻳﻌﻤﻞ ﻋـﻠـﻰ ﲢـﻘـﻴـﻖ
ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﺜﻞ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﻧﺸﺮ ،ﻭﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﳊﻘﻮﻕ
ﻭﻣﻦ ﺭﺋﻴﺲ ﻭﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ ﻭﲤﺘﻠﻚ ﻣﻜﺘـﺒـﲔ ﺭﺋـﻴـﺴـﻴـﲔ
ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﻟﻠﺮﺍﺑﻄﺔ ﻭﺃﻋﻀﺎﺋﻬﺎ ﻭﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺄﺩﺏ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ
ﺃﺣﺪﳘﺎ ﻣﻜﺘﺐ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﳍﻨﺪﻳﺔ ﻭﻣﺎ ﺟﺎﻭﺭﻫﺎ ،ﻭﺛﺎﻧﻴﻬﻤـﺎ
ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺑﻴﻨﻬﻢ ،ﻫﺬﺍ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﻫﺪﺍﻑ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻃﺒﻌﺎ.
ﺃﻫﺪﺍﻓﻬﺎ .ﻭﺗﺘﻜﻮﻥ ﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﻣﻦ ﻫﻴﺌﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻭﳎﻠﺲ ﺃﻣـﻨـﺎﺀ
ﻣﻜﺘﺐ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﻣﺎ ﺟﺎﻭﺭﻫﺎ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺃﻓﺮﻳﻘـﻴـﺎ ﻭﺃﻭﺭﻭﺑـــــــــــﺎ
ﻣﺒﺎﺩﺉ ﺭﺍﺑﻄﺔ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ
ﺃﻣﺎ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﻛﻤﺎ ﺃﻭﺭﺩﻫﺎ ﻣﻮﻗﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺒﻜﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻓﺘﺘﻠﺨﺺ ﰲ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ
ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﻔﲏ ﺍﳍﺎﺩﻑ ﻋﻦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺍﳊﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﻓﻖ
44
ﻭﺃﻣـــــــــــﺮﻳـــــــــــﻜـــــــــــﺎ.
ﻭﺗﺼﺪﺭ ﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﻋﺪﺓ ﳎﻼﺕ ﻣﺜﻞ ﳎﻠﺔ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣـﻲ
ﺍﻟﱵ ﺗﺼﺪﺭ ﺑﺎﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ،ﻭﳎﻠﺔ ﻣﻨﺎﺭ ﺍﻟﺸـﺮﻕ ﺍﻟـﱵ ﺗﺼـﺪﺭ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﰲ ﺑﻨﻐﻼﺩﻳﺶ ،ﻭﳎﻠﺔ ﺍﳊـﻖ ﺍﻟـﱵ ﺗﺼـﺪﺭ ﰲ ﺑﻨﻐﻼﺩﻳﺶ ﺃﻳﻀﺎ ﺑﺎﻟﺒﻨﻐﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﳎﻠﺔ ﻗﺎﻓﻠﺔ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﱵ
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﺗﺼﺪﺭ ﰲ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﺑـﺎﻟـﻠـﻐـﺎﺕ ﺍﻷﻭﺭﺩﻳـﺔ ﻭﺍﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ
ﻭﺍﻻﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ ﻭﻧﻔﺲ ﺍﻠﺔ ﺗﺼﺪﺭ ﺃﻳﻀﺎ ﰲ ﺍﳍﻨﺪ ﺑﺎﻷﻭﺭﺩﻳﺔ، ﻭﳎﻠﺔ ﺍﳌﺸﻜﺎﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﺼـﺪﺭ ﰲ ﺍﳌـﻐـﺮﺏ ﻭﳎـﻠـﺔ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﱵ ﻳﺼﺪﺭﻫﺎ ﻣﻜﺘﺐ ﺍﻟـﺒـﻼﺩ ﺍﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ .ﻭﻗـﺪ
ﺃﺻﺪﺭﺕ ﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﺣﻮﺍﱄ ﺛﻼﺛﲔ ﻛﺘﺎﺑ ﹰﺎ ﺣﱴ ﺍﻵﻥ ﻣﻌﻈﻤـﻬـﺎ
ﻭﻫﻨﺎ ﻧﺘﺮﻙ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻠﻤﺘﺤﺪﺛﲔ:
ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ
ﰲ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻭﺍﻷﻛﺎﺩﳝﻲ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻳﺎﺳﺮ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺣﻮﻝ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﺑﺸﻜﻞ
ﰲ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺇﺑﺪﺍﻋﻴﺔ ﻛﺄﺩﺏ ﺍﻟﻄﻔـﻞ ﻭﻣـﺎ ﻳﺴـﻤـﻲ ﺑـﺎﻟﺸـﻌـﺮ
ﻼ" :ﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻭﺍﺳﻊ ﻗﺎﺋ ﹰ
ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺪﻭﺍﺕ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﻜﺎﺗﺐ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ.
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺣﻴﺎﻢ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺕ،
ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﺴـﺎﺑـﻘـﺎﺕ ﻭﻋـﻘـﺪ
ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻧﻌﺮﻑ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻧﻪ ﻭﺣﻲ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻪ
ﺃﻣﺎ ﻣﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟـﻌـﺮﰊ ﻓـﻴـﻀـﻢ ﺑـﻌـﺾ ﺍﳌـﻜـﺎﺗـﺐ
ﻣﺴﺘﻮﻱ ﺷﺨﺼﻲ ﻣﻊ ﺭﺑﻪ ﻭﻫﻮ ﻣﺴﺘﻮﻱ ﺇﳝﺎﱐ ﻭﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻣﻊ
ﻣﻘﺮﻫﺎ ﰲ ﻣﺼﺮ ﻓﻴﻘﻊ ﰲ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﲟﻨﻄـﻘـﺔ
ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ ﲟﻨﻄﻘﺔ
ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﺑﺎﻷﺭﺩﻥ ﻭﺍﳌﻐﺮﺏ ﻭﺍﻟﻴﻤﻦ ﻭﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻭﺗﺮﻛﻴـﺎ ﺃﻣـﺎ
ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﻫﻮ ﻣﺴﺘﻮﻱ ﺗﺸﺮﻳﻌﻲ ﻭﺍﳌﺴﺘﻮﻱ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﺴﺘﻮﻱ
ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻠﻮﻕ ﻏﲑ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻘﺮ ﻣﻐﻠﻖ ﺑﺼﻔﺔ ﺩﺍﺋﻤﺔ ﻭﺗﻠﻴﻔـﻮﻧـﻪ
ﺍﻟﻮﺟﺪﺍﻥ".
ﺻﺎﻓﺮﺓ ﻣﺰﻋﺠﺔ ﺻﺎﺩﺭﺓ ﻋﻦ ﺟﻬﺎﺯ ﺍﻟﻔﺎﻛﺲ ﺍﳌﺘﺼﻞ ﺑﻪ.
ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﻭﺍﻗﻌﻪ ﺑﺎﺳﺘﺸﺮﺍﻑ ﻭﺍﻗﻊ ﺃﻓﻀﻞ.
ﻻ ﻳﺮﺩ ﺃﺑﺪﺍ ،ﻭﻟﻦ ﺗﺴﺘﻤﻊ ﻓﻴﻪ ﺻﺒﺎﺣـﺎ ﻭﻣﺴـﺎﺀ ﺳـﻮﻱ ﺇﱃ ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﺎ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺗﻮﺟﻬﻨﺎ ﺑﺴﺆﺍﻟﻨﺎ ﺇﱃ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﺎﺩ ﺍﳌﺘﺨﺼﺼﲔ ﺍﻟﻘﺮﻳﺒﲔ ﻭﺍﻟﺒﻌﻴﺪﻳﻦ ﻋﻦ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﻷﺩﺏ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﺸﲑﻳﻦ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺇﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﻧﺸﺎﺋﻴﺔ ﻏﲑ
ﺍﻷﺩﺏ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﰐ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻮﺟﺪﺍﻥ ﻭﻳﺼﺒﺢ ﺃﺩﺑ ﹰﺎ ﺣﲔ
ﺇﺫﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻳﻠﺘﻘﻲ ﻣﻊ ﺍﻷﺩﺏ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻮﺟﺪﺍﻥ ،ﻭﻫﻲ
ﻣﻨﻄﻘﺔ ﳝﺎﺭﺳﻬﺎ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺣﻲ ﻟﻪ ﻭﺟﻮﺩ ﺣﻘﻴﻘﻲ ،ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ
ﺍﳌﻔﻬﻮﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻀﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻲ ﻟﻠﺮﺍﺑﻄﺔ ﻣﺜﻞ
ﲢﻜﻤﻪ ﻇﺮﻭﻑ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺠﺪﻝ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺃﺩﺧﻞ
ﻭﻣﻬﺎﲨﺔ ﺍﻟﻐﺎﻣﺾ ﻭﺍﳌﺰﻭﺭ ،ﻭﻫﻲ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﺗﺸﻲ
ﺍﻟﻨﺴﱯ ﻭﻃﺎﳌﺎ ﺃﻧﻪ ﻧﺴﱯ ﻓﺎﻧﻪ ﳜﻀﻊ ﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﺣﻴﺎﺗﻴﺔ
ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﳓﻮ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺼﺎﱀ ،ﻭﺍﱄ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ،
ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻲ ﺍﳌﻄﻠﻖ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﻬﻲ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﻣﻨﻄﻘﺔ
ﲟﻌﺎﻥ ﺃﺑﻌﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻘﻨﺎﻃﲑ ﻣﻘﻨﻄﺮﺓ ﺇﺫ ﱂ ﳛﺪﺩ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ
ﻋﺼﺮﻳﺔ ﻟﻴﺲ ﲟﻌﲏ ﺍﻟﺘﺤﻀﺮ ﻭﻟﻜﻦ ﲟﻌﲏ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ
ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺔ ﻓﻴﻪ ،ﻭﻫﻞ ﻣﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺔ ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻘﻂ
ﺬﺍ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﰲ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺘﻤﺎﺱ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻳﻦ
ـ ﺍﻷﺧﻼﻗﻲ ـ ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻨﻴﻪ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺼﺎﱀ ،ﻭﻣﺎ ﻫﻲ
ﻧﻔﺴﻬﺎ.
ﰲ ﺍﳌﺮﺟﻌﻴﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ،ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﳌﻜﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﳝﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻀﻊ
ﻭﺍﻷﺩﺏ ﻻ ﳝﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻄﻠﻖ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﲰﻪ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ
ﻭﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ .ﺃﻳﻀﺎ ﻟﻴﺲ ﲦﺔ ﻭﺿﻮﺡ ﻳﻌﻀﺪ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ
ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻮﻋﺐ ﺣﻴﺜﻴﺎﺕ ﺍﳉﺰﺋﻲ ﻭﺇﻻ ﺳﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ
ﻓﻴﻪ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﰎ ﺇﻧﺘﺎﺟﻪ ﰲ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
ﻷﻥ ﺍﻷﺩﺏ ﺟﺰﺋﻲ ﻭﻻ ﳝﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﳜﻀﻊ ﺍﻟﻜﻞ ،ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻞ
ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﻛﻴﻒ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﺬﻱ
ﻫﺬﺍ ﺍﳉﺰﺋﻲ ﻭﺣﻮﻟﻪ ﺇﱃ ﺻﻴﻐﺔ ﻣﺪﺭﺳﻴﺔ.
ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻨﻴﻪ ﲟﻬﺎﲨﺔ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﳌﺰﻭﺭ ،ﻭﻫﻞ ﻫﻮ
ﻭﻫﻮ ﻋﻤﻞ ﺩﺭﺍﻣﻲ ﺭﺍﺋﻊ ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﺩﻳﲏ ﺳﻮﻑ
ﺍﺳﺘﻔﺎﺩ ﻣﻦ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ،ﻛﻤﺎ ﱂ ﻳﻮﺿﺢ
ﻓﻘﻂ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﺸﻮ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ﺣﺴﺒﻤﺎ ﻋﱪ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻧﻔﺴﻪ. ﻫﺬﻩ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻟﻴﺴﺖ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﻷﻥ ﻣﺼﻄﻠﺢ
ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺃﻭﺳﻊ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﺍﻟﱵ ﺍﻧﺘﻬﻲ ﺎ ﺍﳌﻄﺎﻑ ﺇﱃ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ. ﻭﺣﺴﺒﻤﺎ ﻳﻮﺿﺢ ﻫﻨﺎ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﺘﺤﺪﺛﲔ ،ﲦﺔ ﺿﺮﻭﺭﺓ
ﻭﺣﺘﻤﻴﺔ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺛﻘﺎﻓﺘﻨﺎ ﺍﻟﱵ ﻳﺮﺍﻫﺎ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﱂ ﺗﻨﻘﻄﻊ ﻳﻮﻣﺎ ﻋﻦ ﻣﺼﺎﺩﺭﻫﺎ ﺍﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ،ﻭﻳﺮﺍﻫﺎ ﺁﺧﺮﻭﻥ ﲣﺐ ﰲ ﻧﻮﻡ ﻋﻤﻴﻖ.
ﻭﰲ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻘﺪﱘ ﳒﺪ ﺷﻴﻠﻮﻙ ﺗﺎﺟﺮ ﺍﻟﺒﻨﺪﻗﻴﺔ ﻣﺜﻼ
ﻳﻔﻘﺪﻩ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﻋﺒﻘﺮﻳﺘﻪ.
ﺏ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﻟﻠﻌﻘﻮﺑﺔ ،ﻭﳓﻦ ﻓﺎﻟﺒﻄﻞ ﺭﺟﻞ ﻣﺮﺍ ٍ
ﻫﻨﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺃﻣﺮﻳﻦ ،ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻧﻌﺘﱪ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺷﻴﻠﻮﻙ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﺪﺭﺳﻴﺔ ﻧﻄﺒﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻗﻮﺍﻧﲔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﲟﺎ ﺃﻥ ﻗﻮﺍﻧﲔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻼ ﺣﺎﺟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻃﻼﻕ ﻻﺧﺘﺮﺍﻉ
ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺷﻴﻠﻮﻙ ،ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﺍﻋﺘﱪﻧﺎ ﻭﺟﻮﺩ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺷﻴﻠﻮﻙ ﻋﻤﻼ ﺇﺑﺪﺍﻋﻴﺎ ﻭﻟﻪ ﺩﻭﺭ ﺩﺭﺍﻣﻲ ﻭﲨﺎﱄ ﻓﺴﻨﺪﺧﻞ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺃﺧﺮﻱ ﻫﻲ ﲨﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻨﺺ ﺃﻭ ﻗﺒﺤﻪ ،ﻭﻳﺸﺘﺮﻙ ﰲ ﺗﻠﻘﻲ
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
45
ﺍﳉﻤﺎﻝ ﻫﻨﺎ ﻛﻞ ﺍﻟﺒﺸﺮ ،ﺑﺎﺧﺘﻼﻑ ﺍﻷﺟﻨﺎﺱ ﻭﺍﻷﺩﻳﺎﻥ،
ﻟﺬﻟﻚ ﺗﺼﺒﺢ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺷﻴﻠﻮﻙ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺧﺼﻮﺹ ﺍﻟﺪﻳﻦ. ﻭﰲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﳌﺎﺿﻲ ﻇﻬﺮﺕ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﻛﺒﲑﺓ
ﻣﺜﻞ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﳌﺎﺭﻛﺴﻲ ،ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﱪﺟﻮﺍﺯﻱ ،ﺗﺼﻨﻴﻔﺎﺕ ﲣﺮﺟﻬﺎ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﺗﺘﻄﻮﺭ ،ﻓﻨﺤﻦ ﺃﺗﻴﻨﺎ ﺍﻷﺭﺽ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺭﺩﺓ
ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺃﻣﺎ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﻮﻗﻊ ﺍﻟﻴﻮﻣﻲ ﻓـ ﺃﻧﺘﻢ ﺃﻋﻠﻢ ﺑﺸـﺆﻭﻥ
ﺩﻧﻴﺎﻛﻢ ﺣﱴ ﻧﺘﺮﻙ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻠﻤـﺘـﺨـﺼـﺼـﲔ ﺃﻥ ﻳـﺪﻟـﻮﺍ ﺑﺪﻟﻮﻫﻢ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻟﺪﻱ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟـﻔـﺼـﻞ ﺑـﲔ ﺍﻟــــﺪﻋــــﺎﻳــــﺔ
ﺃﻭ
ﺍﻟــــﺘــــﺠــــﺮﻳــــﺲ
ﻭﺍﻷﺩﺏ.
ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻣﺼﻄﻔﻲ ﻧﺎﺻﻒ ﺍﻟﻨﺎﻗﺪ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﺃﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﻨﻈـﺮﻳـﺔ ﺑﻜﻠﻴﺔ ﺍﻷﺩﺏ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﲔ ﴰﺲ ﻳﺮﻱ ﺃﻥ ﺣﻴﻮﻳـﺔ ﺍﻹﺳـﻼﻡ
ﻟﻨﺴﺘﺨﺪﻡ ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﺃﺩﺏ ﺇﺳﻼﻣﻲ ،ﻭﻟﻜﻲ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ
ﱂ ﺗﻐﺐ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ،ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﺍﳋﻮﻑ ﺍﳌﺒﺎﻟﻎ ﻓﻴﻪ ﻣـﻦ ﻫـﺬﻩ
ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﰲ ﺍﳌﺒﺘﺪﺃ ﺗﻀﻢ ﻛﻞ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ،ﻭﺣﲔ ﺗﻄﻮﺭ
ﻫﺆﻻﺀ ،ﺇﺎ ﺃﻛﱪ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻮﻋﺒﻬﺎ ﺷﻜﻞ ﻭﺍﺣﺪ .ﻭﻳﻀـﻴـﻒ:
ﺃﻛﺜﺮ ﻭﺿﻮﺣﺎ ﺩﻋﻨﺎ ﻧﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﲤﺤﻮﺭﺕ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺑﻮﺍﺏ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺎﺕ
ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ،ﻭﻓﻜﺮﺓ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻻ ﺷﻚ ﺃﻭﺳﻊ ﻣﻦ ﻧﻈـﺮﺍﺕ
ﻭﺃﺩﻭﺍﺕ
ﻟﺬﻟﻚ ﺃﻧﺎ ﺃﺭﻱ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻮﺍﺻﻔﺎﺕ ﳌﺎ ﻳﺴﻤﻲ ﺑـﺎﻷﺩﺏ
ﻭﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﻭﻏﲑﻫﺎ .ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﳓﻮ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ
ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﻘﺪ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻗﺘﻠﺖ ،ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺃﻥ ﻣـﺒـﺪﺃ
ﺗﻌﺎﻣﻞ ﺧﺎﺻﺔ ﺎ ﻓﻈﻬﺮ ﻋﻠﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﻭﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻭﺍﻷﺩﺏ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺎ ﺃﻭﻻ ،ﻭﳚﺐ ﺃﻻ ﻧﻨﺴﻲ ﺃﻧﻨـﺎ
ﻇﻬﺮ ﰲ ﻧﺸﺎﻁ ﺇﻧﺴﺎﱐ ﻣﺘﺒﺎﻳﻦ ﻣﺜﻞ ﺍﻷﺩﺏ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺃﺻﺒﺢ
ﺍﳊﻮﺍﺭ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﲔ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﱂ ﻳﻨﻘﻄﻊ ﻭﻟﻜﻦ
ﺍﻷﺩﰊ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻄﺮﺣﻪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻛﻤﻔﻬﻮﻡ
ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺪﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﻛﻌﻠـﻢ ﺃﻛـﱪ ﻣـﻦ ﺃﻥ
ﻟﻸﺩﺏ ﻣﻌﺎﻳﲑﻩ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻠﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ
ﺷﻜﻞ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺍﺧﺘﻼﻓﺎ ﺟﺬﺭﻳﺎ ،ﻓﻔﻲ ﻭﻗﺖ ﻣﺘﻘﺪﻡ ﻣـﻦ
ﻋﺎﻡ ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺑﲔ ﺍﻷﺩﺏ ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ ﻓﺼﻼ
ﻳﻜﻮﻥ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﱵ ﺗﻀﻤﻦ ﺳﻼﻣﺔ ﺍﻟﻠﺴـﺎﻥ ،ﻭﰲ
ﰲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺘﺤﻀﺮ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﻣﺎﺯﺍﻟﺖ ﻏﻀﺔ ﻭﲢﺘﺎﺝ
ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﱐ ﺭﺃﻱ ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﻮﻥ ﺃﻥ ﲦﺔ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﻭﻗﻮﺍﻋـﺪ
ﺣﻀﺎﺭﻳﺎ ﻭﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺍﻋﺘﱪﻧﺎ ﺃﻧﻨﺎ
ﻭﺳﻂ ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﺑﲔ ﺍﻟـﻨـﺤـﻮ ﺍﻟـﻌـﺮﰊ ﻭﺍﳌـﻨـﻄـﻖ
ﺇﱃ ﻣﺎ ﻧﺴﻤﻴﻪ ﺃﺟﻬﺰﺓ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﻓﻴﺼﺒﺢ ﻣﻦ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﻧﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﺑﺪﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﻟﻐﺔ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻋﻠﻰ ﻣـﻘـﺮﺑـﺔ ﻣـﻦ
ﺑﺄﻧﻪ ﰲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻋﺼﻮﺭ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺭﻓﺾ ﺍﻟﻨﱯ ﺃﻥ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ
ﻳﻌﺎﺩﻝ ﺍﳋﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻤﺎﺕ ﻭﻣﺎ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻗﻮﻟﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ
ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺴﻤﻴﻪ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻷﺩﰊ ﻋﻠﻤﺎ
ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﺍﳋﻠﻖ ،ﺑﻞ ﺧﻴﻞ ﺇﱃ ﻏـﲑ ﻭﺍﺣـﺪ ﺃﻥ ﺍﻹﻋـﺮﺍﺏ
ﻧﻔﺴﻪ ﺷﺎﻋﺮ ﹰﺍ ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺷﺎﻋﺮﺍ ﻭﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻪ ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﲏ
ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﱂ ﺗﻜﻦ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻓـﺤـﺴـﺐ ،ﺑـﻞ ﻫـﻲ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻷﺩﰊ،
ﻭﻛﻠﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﻀﻢ ﰲ ﺣﻠﻘﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﻣﺘﻘﺎﺭﺑﺔ ﻭﺫﺍﺕ ﻭﺷﺎﺋﺞ،
ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﺃﻥ ﻟﻠﺪﻳﻦ ﻣﻨﻄﻘﻪ ﻭﻟﻸﺩﺏ ﻣﻨﻄﻘﻪ .ﻗﺪ ﲣﺘﻠﻂ
ﻧﻈﺮﻳﺔ ﴰﻠﺖ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴـﺎﺕ
ﻭﻫﺬﻩ ﻗﻀﻴﺔ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﲤﺎﻣ ﹰﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻧﺪﺧﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻮﻣ ﹰﺎ
ﻭﻣﺎ ﺃﺭﻳﺪ ﻗﻮﻟﻪ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻨﺎ ﻓﻴﻤـﺎ ﺑـﻌـﺪ ﺍﻧﺸـﻐـﺎﻟـﻨـﺎ
ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﻄﻮﺭ ﺍﻻﻧﺴﺎﱐ ،ﺃﻱ ﲣﻀﻊ ﺍﻟﻔﺮﻭﺽ ﻭﺗﻀﻊ
ﺍﻵﺧﺮ ،ﺣﱴ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺛﻨﺎ ﳐﻴﻔﺎ ﺧـﺪﻣـﻨـﺎﻩ
ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ ﺃﺧﺮﻱ ﻣﺜﻞ ﻋﻠﻢ ﺍﳉﻤﺎﻝ ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﻫﻲ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﺣﺘﻤﺎﻻﺕ ﺗﺜﺒﻴﺖ ﺃﻭ ﺭﻓﺾ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺮﻭﺽ.
ﻭﻟﻮ ﺃﺭﺩﻧﺎ ﺃﻥ ﻧﻜﺘﺐ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻼ ﺑﺪ ﺃﻥ ﺗﻨﻄﺒﻖ
ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻌﺎﻳﲑ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻟﻜﻦ ﻟﻮ ﻧﻈﺮﻧﺎ ﺇﱃ ﻗﺼﺔ
ﺑﺎﳌﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺭﺩﻧﺎ ـ ﺑﻌﺪ ﻫﻨﺎﺕ ﻭﺿـﻌـﻒ ــ ﻣـﻦ ﻟﺴـﺎﻥ
ﻻ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻧﺴﺘﺨﺪﻣﻪ، ﺑﺪ ﹰ ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺿﻴﻌﻨﺎ ﻫﻴﺒﺘﻪ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺟﺎﻫﻞ ﻭﺳﻂ
ﻭﺍﺇﺳﻼﻣﺎﻩ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﳒﺪ ﺃﺎ ﺍﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ
ﺍﻟﱰﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺍﺳﺘﻮﺭﺩﻧﺎﻫﺎ ،ﻓﺄﳊﻘﻨﺎ ﺛﻘﺎﻓﺘﻨﺎ
ﳚﻮﺯ ﻟﻠﻜﺎﺗﺐ ﺃﻥ ﻳﻀﻊ ﺷﺨﺼﻴﺎﺕ ﻭﻳﻨﺸﺊ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻋﻼﻗﺎﺕ
ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﳌﺘﻄﻮﺭﺓ ﰲ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﻣﺎ ﻳﻘﻠﻘﻨﺎ ،ﻓﻨﺤﻦ ﻧﻠﺘﻤﺲ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ
ﺑﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ،ﺭﻏﻢ ﺃﻧﲏ ﻟﺴﺖ ﺿﺪ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ
ﺑﺎﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻷﺩﰊ ،ﻭﻫﻨﺎ ﻳﺘﻢ ﺍﳊﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﺇﺳﻼﻣﺎﻩ ﻛﻘﺼﺔ
ﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﺘﻴﺴﺮ ﻭﻟﻜﻨﻨﺎ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻧﺘﻠﻤﺲ ﺍﻷﻫﺪﺍﻑ ﻣﻦ
ﻛﻘﺼﺔ ﺃﺧﺮﻱ ﺗﺴﺘﺨﺪﻡ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺎ ﺁﺧﺮ ﻭﻫﻜﺬﺍ.
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺣﻠﻤﻲ ﺍﻟﻘﺎﻋﻮﺩ ،ﻭﻫﻮ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ
ﺃﺩﺑﻴﺔ ﺻﺎﳊﺔ ﺃﻭ ﻏﲑ ﺻﺎﳊﺔ ﺗﺴﺘﺨﺪﻡ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﺇﺳﻼﻣﻴﺎ ﺇﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻟﻪ ﴰــﻮﻝ ﻣﻌـــﺮﰲ ﻭﻭﺟﺪﺍﱐ ﰲ ﺣـــــﺪﻭﺩ
46
ﺩﺍﺧﻞ ﻧﻔﻮﺳﻨﺎ.
ﺻﺪﺭﺕ ﳍﻢ ﻣﺆﻟﻔﺎﺕ ﻋﻦ ﺭﺍﺑﻄﺔ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ" :ﺍﻥ
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ
ﳏﺴﻮﻣﺔ
ﻟﺼﺎﱀ
ﺍﻷﺩﺏ
ﺣﻠﻤﻲ ﺍﻟﻘﺎﻋﻮﺩ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ ﺍﶈﻤﺪﻳﺔ ﻭﺣﱴ
ﻳﺘﻌﺪﻱ ﺫﻟﻚ ﺇﱃ ﺍﳌﻮﻋﻈﺔ ﻷﺎ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﳌﻨﱪ
ﻭﺍﳋﻄﺎﺑﺔ.
ﺍﻵﻥ ،ﻭﻗﺪ ﺃﻧﺘﺞ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻋﱪ ﺗﺎﺭﳜﻬﻢ ﺃﺩﺑﺎ ﻣﺘﻔﺎﻋﻼ ﻣﻊ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺃﲪﺪ ﻫﻴﻜﻞ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻷﺳﺒﻖ ﻭﺃﺳﺘﺎﺫ
ﰲ ﺍﻟﻘﺪﱘ ،ﺃﻭ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﳊﺪﻳﺚ ،ﻭﻟﻜﻦ
ﻳﻜﻔﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﺇﺫﺍ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﺘﺼﺎﺩﻣﺎ ﻭﻋﺪﺍﺋﻴﺎ ﺿﺪ
ﺍﳌﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺜﲑ ﺍﻻﻟﺘﺒﺎﺱ ﻟﺪﻱ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻫﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ
ﺍﻹﺳﻼﻡ ،ﻭﻫﻮ ﻳﺘﺨﻠﻖ ﻋﱪ ﺻﻮﺭ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﻻ ﺗﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ
ﳛﺘﺬﻱ ﺑﻪ ،ﲟﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﺼﻮﺭﺍﺕ ﻭﺃﺷﻜﺎﻝ ﻓﻨﻴﺔ ﻗﺪ ﻻ
ﺇﻃﺎﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﻛﺘﺎﺏ ﺣﻴﺎﺓ ﳏﻤﺪ ﶈﻤﺪ ﺣﺴﲔ
ﺗﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻭﻇﻬﺮ ﻫﺬﺍ ﰲ
ﻫﻴﻜﻞ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺘﺒﻪ ﺍﻟﻌﻘﺎﺩ .ﻭﻳﻀﻴﻒ:
ﻧﻘﻠﻨﺎﻫﺎ ﺑﺸﻜﻠﻬﺎ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ،ﻭﻣﻊ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﺍﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺘﺮﺍﺟﻢ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﻭﺑﻌﺾ
ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺇﱃ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﺗﻐﻴﲑ ﺍﻟﻨﻤﻂ
ﺇﺑﺪﺍﻋﺎﺕ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﳌﺘﺼﻮﻓﺔ ﺗﺆﺳﺲ ﳌﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ .
ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺎﺭﺳﻴﺔ ﺃﻭ ﻳﻮﻧﺎﻧﻴﺔ
ﺍﻟﻐﺮﰊ ﰲ ﺍﻷﺩﺏ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﺻﺎﺭ ﻫﻮ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺬﻱ
ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ﻭﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻭﺍﳌﺴﺮﺣﻴﺔ ،ﻷﻧﻨﺎ
ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺑﻜﻠﻴﺔ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻓﲑﻱ ﺃﻥ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ
ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﺃﻭ ﻏﲑﻩ ﺑﻞ ﳝﻜﻨﻨﺎ ﺇﺩﺭﺍﺝ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﳌﺆﻟﻔﺎﺕ ﺿﻤﻦ
ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﱂ ﺗﺘﺒﻠﻮﺭ ﺑﻌﺪ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﲟﺎ ﻳﺴﻤﻲ ﺑﺎﻷﺩﺏ
ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﲣﺮﺟﺖ ﳔﺒﺔ ﻣﻔﺘﻮﻧﺔ ﺑﺎﻟﻐﺮﺏ ﲤﺎﻣﺎ،
ﺃﻣﺎ ﻋﻦ ﻣﺬﻫﺒﻴﺔ ﺍﻷﺩﺏ ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺩﺏ ﻭﺟﻮﺩﻱ
ﻣﻨﻘﻄﻌﺔ ﺍﻟﺼﻠﺔ ﺑﺎﳍﻮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻭﻫﻨﺎ ﺣﺪﺙ ﺍﻻﻟﺘﺒﺎﺱ،
ﻭﺃﺩﺏ ﺍﺷﺘﺮﺍﻛﻲ ﻭﻫﺬﻩ ﺗﻴﺎﺭﺍﺕ ﺃﺩﺑﻴﺔ ﺍﺟﺘﺎﺣﺖ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ
ﻭﻟﻜﻦ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺄﺧﺬ ﺷﻜﻼ ﻣﺒﺴﻄﺎ ﺇﺫﺍ ﺍﻗﺘﺮﺑﻨﺎ ﻣﻦ
ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﰲ ﻓﺘﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺘﺮﺍﺕ ،ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ
ﺍﳌﻨﺒﺜﻘﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﻭﻻ ﻣﺎﻧﻊ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻣﻦ
ﻭﻭﻋﻈﻴﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﺑﻞ ﺇﻥ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺗﺘﻠﺨﺺ ﰲ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ
ﺍﻻﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﳝﻜﻦ ﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺎ
ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ ﺑﺎﳉﻮﻫﺮ ﺍﳌﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﳍﻮﻳﺔ ،ﻭﺃﺩﺏ ﺍﻟﻐﺮﺏ
ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻭﺑﺬﺍ ﻳﻌﻮﺩ ﺍﻷﺩﺏ
ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻻﻧﺴﺎﱐ ﻛﻼﻡ ﻣﻐﻠﻮﻁ ،ﻭﻳﻘﺼﺪ ﺑﻪ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ
ﻋﺮﺑﻴﺎ ﻭﺇﺳﻼﻣﻴﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻞ ﻗﺪﻭﻡ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭﺗﺮﺑﻴﺔ
ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ﺍﻷﺿﻌﻒ ،ﻣﻊ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ
ﻭﻳﻀﻴﻒ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺍﻟﻘﺎﻋﻮﺩ :ﺇﻧﲏ ﻻ ﺃﻗﺼﺪ ﺑﺎﻷﺩﺏ
ﳎﺮﺩ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻣﺎ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﺎ ﲢﺖ ﺷﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﻟﺘﻤﻨﺤﻬﺎ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺍﻋﻆ ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺃﺻﺒﺢ
ﺷﺮﻋﻴﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻷﻥ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﺗﺄﰐ ﻣﻦ ﻭﻓﺎﺋﻪ
ﻷﻥ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﺗﻐﲑ ﺑﻌﺪ ﺩﺧﻮﻝ
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮ ﺍﲪﺪ ﻣﻜﻲ ﺃﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻭﺍﻟﻨﺎﻗﺪ
ﻓﺮﻕ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺩﺧﻠﻮﺍ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﻌﺎﺋﺮ
ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﻓﲑﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺃﳒﺰ ﺃﺩﺑﺎ ﺭﺍﺋﻌﺎ ﻭﻏﻨﻴﺎ
ﺍﻟﻀﺎﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﺳﺴﻬﺎ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ،ﰒ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﰲ
ﻫﻮ ﰲ ﺇﺳﻼﻣﻴﺎﺕ ﺃﲪﺪ ﺷﻮﻗﻲ ﻭﺣﺎﻓﻆ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ،ﻛﻤﺎ ﳝﻜﻦ
ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﺕ ﻣﺜﻞ ﺍﳊﻠﻮﻝ ﻭﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ ﺫﻟﻚ ،ﻭﺃﻋﺘﻘﺪ ﺃﻥ
ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﺎﺭﻛﺴﻴﺎ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻟﺪﻱ ﻣﻌﻈﻢ ﺃﻋﻤﺎﻝ
ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﳍﻮﻳﺔ ﻭﺍﺳﺘﻄﻌﻨﺎ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻋﻦ ﻗﻀﺎﻳﺎﻧﺎ ﻭﺁﻣﺎﻟﻨﺎ
ﻭﺍﺳﺘﺌﻨﺎﺳﻬﺎ ﻭﺗﻌﺮﻳﺒﻬﺎ ،ﻭﻫﻨﺎ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ
ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ ﺍﳌﻨﻔﺼﻠﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ.
ﻗﺪﳝﺎ ﻭﺑﺎﻟﻴﺎ،
ﺍﻮﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻔﺮﻗﺔ
ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺩﺏ ﺇﺳﻼﻣﻲ ،ﻭﻫﻨﺎ ﻻ ﺍﻋﲏ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻷﺩﺏ ﺧﻄﺎﺑﻴﺎ
ﻧﻔﺴﻪ ﱂ ﻳﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﺳﻴﺦ ﳍﻮﻳﺘﻪ ﻭﺛﻘﺎﻓﺘﻪ ،ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ
ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﻓﺤﺴﺐ ﺷﺮﻳﻄﺔ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﺑﺪﺍﻋﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴﺎ ،ﻭﻟﻴﺲ
ﻟﺸﺮﺍﺋﻂ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﰲ ﺍﳌﺮﺗﺒﺔ ﺍﻷﻭﱄ.
ﻫﻮ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺼﻮﰲ ﻋﻨﺪ ﺑﻦ ﻋﺮﰊ ﻭﺍﻟﺸﺸﺘﺮﻱ ﻭﻏﲑﳘﺎ ،ﻛﻤﺎ
ﺍﳌﺮﺟﻌﻴﺔ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻫﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ .ﻭﺍﻟﺬﻱ
ﳏﻤﺪ ﻣﻬﺪﻱ ﺍﳉﻮﺍﻫﺮﻱ ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺎ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎﻥ
ﳛﻜﻢ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻵﻥ ﳔﺒﺔ ﻣﺘﻐﺮﺑﺔ ﻭﺗﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ﳔﺒﺔ ﺟﺎﻫﻠﺔ
ﺑﺼﺮﻑ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻣﻌﺘﻘﺪﻩ ﻭﻋﻦ ﻣﺬﻫﺒﻪ ﻭﻋﻦ ﺟﻨﺴﻪ ﻛﻤﺎ
ﻭﻛﻼﳘﺎ ﻻ ﻳﻔﻬﻢ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ.
ﻫﻮ ﺍﳊﺎﻝ ﻋﻨﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺍﻟﱪﺩﻭﱐ ،ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻃﻖ ﺣﻨﻚ
ﻭﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺗﻠﺨﻴﺺ ﺭﺅﻳﱵ ﻟﻸﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﰲ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ
ﻻ ﺗﻔﻬﻢ ﻣﻨﻪ ﺷﻴﺌﺎ ﻭﻻ ﺗﻌﺮﻑ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ﻣﺬﻫﺒﺎ ،ﻷﻧﻪ ﻻ
ﺑﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﻭﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ
ﻳﺼﺪﺭ ﻋﻦ ﻭﺟﺪﺍﻥ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻭﺃﻋﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﻣﻌﻈﻢ ﺷﻌﺮ ﺍﻟﺘﻔﻌﻴﻠﺔ
ﺍﻟــﺘــﻲ ﺗــﻜﻮﻥ ﻣﻼﺋﻤﺔ ﻟﺘﻘﺪﱘ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﻭﺍﻷﻣـﺮ ﻻ
ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﻻ ﳝﻜﻦ ﺗﺼﻨﻴﻔﻪ.
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
47
ﻭﺣﻮﻝ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺑﲔ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻭﺍﳌﻌﺘﻘﺪ ﻳﺮﻱ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻣﻜﻲ
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺃﲪﺪ ﻓﺆﺍﺩ ﳒﻢ ﻓﻘﺪ ﺃﺷﺎﺭ ﺇﱃ ﺃﻥ ﻣﺼﻄﻠﺢ
ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺍﻟﻨﻘﺪﻱ ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ
ﺍﻵﻥ ،ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻗﺎﻣﺖ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺑﻔﺘﺢ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ
ﺍﳊﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ،ﻭﺃﺭﻱ ﺃﻥ ﺍﻧﺘﻔﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﻣﻦ
ﻣﻦ ﲨﻴﻊ ﺟﻮﺍﻧﺒﻬﺎ ،ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﺃﻭ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻘﻴﺾ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ
ﻭﻳﺘﺴﺎﺀﻝ ﳒﻢ :ﻫﻞ ﻫﻨﺎﻙ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﱂ ﻳﺘﻢ ﺗﻠﻘﻴﺤﻬﺎ ﻣﻦ
ﲪﻮﺩﺓ ﺃﺳﺘﺎﺫ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻻﻧﻜﻠﻴﺰﻱ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺮﻓﺾ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ
ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺃﺧﺮﻱ؟ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻳﻘﻮﻝ ﻋﻜﺲ ﺫﻟﻚ ﲤﺎﻣﺎ ﻓﻜﻞ
ﺍﻟﻨﺤﻮ ﻳﻌﲏ ﺗﺮﺍﺟﻌﺎ ﻛﺒﲑﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻱ ﺍﻻﳒﺎﺯ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ
ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻋﺒﺪﺍ ﻟﻠﻤﻌﺘﻘﺪﺍﺕ ،ﰒ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﳌﻌﺘﻘﺪﺍﺕ؟ ﲨﻴﻌﺎ
ﻭﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻳﻌﻮﺩ ﺑﻨﺎ ﻣﺌﺎﺕ ﺍﻟﺴﻨﲔ ﺇﱃ ﺍﳋﻠﻒ ،ﻷﻥ
ﰲ ﺭﺃﻳﻲ ﻣﻊ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﻣﻊ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﻣﻊ ﺍﳊﻖ ﻭﻛﻞ ﺃﺩﺏ
ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﻛﻢ ـ ﺧﻠﻖ ﻗﻮﺍﻧﻴﻨﻪ ﺍﻟﱵ ﻳﻌﺮﻑ ﺎ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ
ﻗﺼﺎﺋﺪﻱ ﻋﻦ ﺃﺯﻣﺔ ﳎﺘﻤﻌﻲ ﺍﳌﺼﺮﻱ ﻭﺍﻟﻌﺮﰊ ﳎﺪﺕ ﻫﺬﻩ
ﻗﺎﻃﺒﺔ ،ﻭﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺍﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ ،ﻣﺎ ﻫﻮ ﺇﻻ
ﺍﻟﻘﻴﻢ ،ﺭﻏﻢ ﺃﻧﲏ ﻻ ﺃﺅﻣﻦ ﺬﺍ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﻭﱂ ﻳﺘﻢ ﺗﺼﻨﻴﻔﻲ
ﺍﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻓﻴﻪ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺐ ﺃﻭ ﺑﻌﻴﺪ .ﻭﻳﻠﻔﺖ ﲪﻮﺩﺓ
ﺧﺎﻟﺪ ﺍﻻﺳﻼﻣﺒﻮﱄ ﻗﺎﺗﻞ ﺍﻟﺴﺎﺩﺍﺕ ﻛﺎﻥ ﺷﻌﻮﺭﻱ ﺃﻧﲏ ﺃﳎﺪ
ﺇﱃ ﺃﻥ ﺃﺯﻣﺔ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺧﻔﻖ ﰲ ﻧﻘﻞ
ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﻓﺾ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﺍﻻﺿﻄﻬﺎﺩ ﻭﺗﺪﻋﻮ
ﻭﻛﺎﻥ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﻭﻻ ﺯﺍﻝ ﳝﺜﻞ ﺑﺮﻳﻘﺎ ﻳﺼﻞ ﲟﺘﺎﺑﻌﻴﻪ ﺇﱃ ﺣﺪ
ﻣﺜﻞ ﺭﺑﻄﻪ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻷﻥ ﻛﻠﻴﻬﻤﺎ ﻭﺟﻪ ﻭﺍﺣﺪ ﻟﻌﻤﻠﺔ
ﺍﻟﻌﻤﻲ ،ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺧﻔﻲ ﻭﺭﺍﺀﻩ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻛﺜﲑﺓ ﺃﺑﺮﺯﻫﺎ ﺍﳌﺮﺍﻭﻏﺔ
ﻭﺍﺣﺪﺓ ،ﻭﰲ ﻛﻞ ﺍﳊﺎﻻﺕ ﻓﺎﻥ ﺍﻷﺩﺏ ﻫﻮ ﺍﳋﺎﺳﺮ ،ﻭﻣﻌﺮﻛﺔ
ﻟﻠﻨﺨﺒﺔ ﻓﻘﻂ ،ﺣﱴ ﻓﺸﻞ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﰲ ﲨﻠﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ
ﺁﻥ ﻭﺍﺣﺪ.
ﺃﻥ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻫﻮ ﲨﺮﺓ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻭﺣﺪﻩ ﻳﻜﻔﻲ ،ﺃﻣﺎ
ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﻳﻘﺘﻠﻪ ﺃﻳﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﺬﻫﺒﻪ ﺃﻭ ﻋﻘﻴﺪﺗﻪ.
ﺍﳌﺒﺪﺃ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﻳﺮﻱ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ
ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﺍﻻﻧﺴﺎﱐ ـ ﻭﻋﱪ ﻋﺼﻮﺭ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ
ﺧﺮﻭﺝ ﺑﺎﻷﺩﺏ ﻋﻦ ﻣﻀﻤﻮﻧﻪ ﻭﺟﻮﻫﺮﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﲤﺜﻞ
ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺑﺜﻮﺭﺓ ﺍﳊﺪﺍﺛﺔ ﺣﱴ ﻭﻗﺘﻨﺎ ﺍﻟﺮﺍﻫﻦ،
ﺍﳌﻘﺼﻮﺩﺓ ﻭﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ﺍﳌﺘﻌﻤﺪ ،ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﻧﺎﺩﻳﺎ
ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﲔ ﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﰎ ﲡﺎﻭﺯﻩ ﻋﱪ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﻚ ﺍﻟﺬﻱ
ﻃﺮﺃ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺮﻛﺰﻳﺎﺕ ،ﻭﻳﻀﻴﻒ ﲪﻮﺩﺓ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﺇﱃ ﻻ
ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻛﺒﲑ ﺟﺪﺍ ﻭﳓﻦ ﻟﺴﻨﺎ ﰲ ﺣﺠﻤﻪ
ﺍﳌﻮﺕ ﺍﻟﺰﺅﺍﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺘﻮﻱ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﻓﻜﺮﺓ ﻣﺴﺘﺤﻴﻠﺔ،
ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ﺗﺄﺛﺮﺕ ﺑﺒﻌﻀﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﺾ ،ﻭﱂ ﻳﻜﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﰲ ﻳﻮﻡ
ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻟﻴﺲ ﺿﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻴﻢ ،ﻭﺃﻧﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﱪﺕ ﰲ
ﻳﻮﻣﺎ ﰲ ﻣﻌﺴﻜﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﲔ ،ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺘﺒﺖ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻋﻦ
ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ ﻭﺗﺴﺘﺸﻬﺪ ﻣﻦ ﺍﺟﻠﻬﺎ ،ﻭﺣﻜﺎﻳﺔ ﺭﺑﻂ ﺍﻷﺩﺏ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ
ﺍﻟﻮﻟﻴﻤﺔ ﱂ ﻭﻟﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﺁﺧﺮ ﺍﳌﻌﺎﺭﻙ ﺿﺪ ﺍﻟﻘﻬﺮ ﻭﺍﳉﻬﻞ ﰲ ﻭﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺩﻋﻮﺓ ﻟﻠﺘﺨﻔﻒ ﻣﻦ ﻗﺒﺢ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﱄ ﺍﳌﺎﺿﻲ.
ﺎﺋﻴﺔ ﺍﳌﻌﲏ ﺃﺻﺒﺢ ﻳﺪﻣﺮ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ .ﻓﻘﺪ ﺍﺳﺘﺒﺪﻝ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﻜﻴﻮﻥ ﺑﺎﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺫﺍﺗﻴﺔ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭﺍﻟﺘﻤﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﻨﺺ ﺃﻭ ﺇﻏﻼﻗﻪ .ﰒ ﺍﺳﺘﺒﺪﻟﻮﺍ ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺃﺩﺑﻴﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ،ﻭﰲ ﺎﻳﺔ ﺍﳌﻄﺎﻑ ﻭﺻﻠﻮﺍ ﺇﱃ ﻣﺎ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺒﻨﻴﻮﻳﻮﻥ ،ﻭﳓﻦ ﺑﲔ ﻫﺬﺍ ﻭﺫﺍﻙ ﻧﻘﻮﻡ ﺑﺎﻟﻨﻘﻞ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮ
ﺇﱃ ﻣﺸﺮﻭﻋﻨﺎ ﺍﳋﺎﺹ ﻭﻛﻴﻒ ﳝﻜﻦ ﻟﻨﺎ ﺗﻄﻮﻳﺮﻩ ،ﻭﺃﺯﻋﻢ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﺼﻴﺎﻉ ﻭﺍﻻﻧﺒﻬﺎﺭ ﺃﻣﺎﻡ ﳕﻮﺫﺝ ﺍﻵﺧﺮ ﻭﺍﻟﻨﻘﻞ ﺍﳌﺸﻮﻩ ﻋﻨﻪ ﺩﻭﻥ ﻧﻈﺮ ﻭﲤﺤﻴﺺ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺪﻓﻊ ﺍﳉﻤﺎﻋﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻜﺘﻼﺕ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﳋﻮﻑ ﻭﺍﳍﻠﻊ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﶈﺎﻭﻻﺕ ﻣﺎ
ﻫﻲ ﺇﻻ ﻣﺴﺎﳘﺔ ﰲ ﺗﺸﻮﻳﻪ ﺗﺎﺭﳜﻬﻢ ﻭﺗﺮﺍﺛﻬﻢ ،ﻭﱂ ﺗﻜﻦ ﺩﻋﻮﺍﺕ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﻘﺎﺩ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﳋﻠﻖ ﺣﺪﺍﺛﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺇﻻ ﻣﻬﺎﺭﺍﺕ ﺫﻫﺒﺖ ﺃﺩﺭﺍﺝ ﺍﻟﺮﻳﺎﺡ ﻭﱂ ﻳﺼﺢ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻛﻠﻪ ﺷﻲﺀ
ﺣﱴ ﺍﻵﻥ ،ﻭﺑﻘﻲ ﺍﻟﻨﻘﻠﺔ ﻭﺍﶈﺮﻓﻮﻥ ،ﻭﺫﻫﺒﺖ ﺍﳊﺪﺍﺛﺔ.
48
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﺇﺑﺪﺍﻋﺎﺕ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ
ﻧﺺ ﻧﺎﺩﺭ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻻﻣﺎﺭﺗﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﺢ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ *
ﺑﻘﻠﻢ :ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻭﻟﺪ ﺃﺑﺎﻩ ﺑﻌﺪ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﺣﺪﺛﺘﻬﺎ ﺍﻟﺮﺳﻮﻡ
ﺍﻟﻜﺮﺗﻮﻧﻴﺔ ﺍﳌﺴﻴﺌﺔ ﻟﻨﱯ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ،ﻭﺍﳉﺪﻝ ﺍﻹﻋﻼﻣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﺍﺭ ﺣﻮﻝ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ
ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻡ ﻧﱯ ﺍﻹﺳﻼﻡ ،ﺍﺻﺒﺢ ﻣﻦ ﺍﳌﺜﲑ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﱄ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻹﳚﺎﺑﻴﺔ ﺍﻟﱵ
ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻟﻪ ﺩﻳﻮﺍﻧﺎ ﰲ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ .ﻭﺗﺮﺟﻢ ﺃﺧﲑﺍ ﻣﻌﺎﱐ
ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺇﱃ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭﺍﻋﺘﻤﺪﺕ ﺍﻟﺘﺮﲨﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﺎﻣﻊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ.
ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻨﻚ ﻳﺎ ﻣﺤﻤﺪ؟ )ﺍﻟﻔﻮﻧﺲ ﺩﺍ ﻻﻣﺎﺭﺗﻴﻦ(
ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺘﺼﻮﺭ ﻓﻼﺳﻔﺔ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻭﻣﺒﺪﻋﻴﻬﺎ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﱯ ﺍﻟﻜﺮﱘ.
ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﺍﻟﻔﻮﻧﺲ ﺩﺍ ﻻﻣﺎﺭﺗﲔ ،ﺃﺣﺪ ﺃﺷﻬﺮ ﺷﻌﺮﺍﺀ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ
ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ،ﻭﺣﺎﻣﻞ ﻟﻮﺍﺀ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﺴﻲ،
ﻭﺍﻟﺬﻱ
ﻟﻘﺐ
ﺑﺸﺎﻋﺮ
ﺍﻟﺒﺤﲑﺓ ،ﻧﺴﺒﺔ ﺇﱃ ﺃﺷﻬﺮ ﻗﺼﺎﺋﺪﻩ،
ﻳﻜﺘﺐ ﻫﻨﺎ ﻧﺼﺎ ﲨﻴﻼ ﻳﻨﻀﺢ ﲟﺤﺒﺔ ﻭﺗﻘﺪﻳﺮ ﻟﻠﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻜﺮﱘ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﱂ ﻳﺸﺘﻬﺮ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﳉﻤﻴﻞ ﺑﺘﺮﲨﺔ
ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﳌﻮﺭﻳﺘﺎﱐ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﳏﻤﺪ ﺍﳌﺨﺘﺎﺭ ﻭﻟﺪ ﺃﺑﺎﻩ ﺍﳊﺎﺋﺰ ﺍﻟﺘﱪﻳﺰ ﻭﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭﺍﻩ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭﺑﻮﻥ
ﻭﺻﺎﺣﺐ ﺍﳌﺆﻟﻔﺎﺕ ﰲ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻭﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺎﺕ.
ﺍﻟﻔﻮﻧﺲ ﺩﺍ ﻻﻣﺎﺭﺗﲔ
ﻭﻟﻠﻤﺘﺮﺟﻢ ﻛﺘﺎﺏ ﰲ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ
ﻃﺒﻊ ﻣﺮﺍﺕ ﻛﺜﲑﺓ ﰲ ﺍﳌﺸﺮﻕ ﻭﺍﳌﻐﺮﺏ. ﻼ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ * ﻧﻘ ﹰ
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
49
ﻻ ﺃﺣﺪ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﺑﺪﺍ ﺃﻥ ﻳﺘﻄﻠﻊ ،ﻋﻦ ﻗﺼﺪ ﺃﻭ ﻋﻦ ﻏﲑ
ﰒ ﺩﻓﻊ ﲪﺎﺳﺔ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﻣﻠﺘﻪ ﻷﺧﺬ ﺍﻟﺜﺄﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﺑﺜﲔ
ﻳﺘﻌﺪﻯ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ،ﺃﻻ ﻭﻫﻮ :ـ ﺗﻘﻮﻳﺾ ﺍﳋﺮﺍﻓﺎﺕ
ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭﺍ ﻣﻌﺠﺰﺍ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻣﻌﺠﺰﺓ
ﺍﻟﱵ ﲡﻌﻞ ﺣﺠﺎﺑﺎ ﺑﲔ ﺍﳋﺎﻟﻖ ﻭﺍﳌﺨﻠﻮﻕ ،ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺻﻠﺔ
ﻹﻧﺴﺎﻥ ،ﻭﺇﳕﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺠﺰﺓ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﻟﻌﻘﻞ.
ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﳌﻘﺎﻡ ﺍﻷﻟﻮﻫﻴﺔ ﺍﳌﻘﺪﺱ ،ﻭﺳﻂ ﻋﺎﱂ ﻓﻮﺿﻰ ﺍﻵﳍﺔ
ﺳﻼﻻﺕ ﺍﻷﺭﺑﺎﺏ ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﻳﺔ ـ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺷﻌﻠﺘﻬﺎ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﻨﻄﻠﻖ
ﺍﳌﺸﻮﻫﺔ ﺍﻟﱵ ﺍﺧﺘﻠﻘﺘﻬﺎ ﺃﻳﺪﻱ ﻣﻠﺔ ﺍﻹﺷﺮﺍﻙ.
ﻣﻦ ﺷﻔﺘﻴﻪ ﺗﻠﻬﺐ ﻣﻌﺎﺑﺪ ﺍﻷﻭﺛﺎﻥ ﺍﻟﺒﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﺗﻀﻲﺀ ﺍﻷﻧﻮﺍﺭ
ﻗﺼﺪ ،ﺇﱃ ﺑﻠﻮﻍ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﲰﻰ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﳍﺪﻑ ،ﺇﻧﻪ ﻫﺪﻑ
ﺍﻟﻘﺮﺏ ﺍﳌﺘﺒﺎﺩﻝ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻭﺭﺑﻪ ،ﻭﺭﺩ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ
ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻱ ،ﻓﻜﺎﻥ ﻓﺘﺢ ﺛﻠﺚ ﺍﳌﻌﻤﻮﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻴﺪﺓ
ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﱵ ﺻﺪﻉ ﺎ ـ ﺃﻣﺎﻡ ﻣﻌﺘﻘﺪﻱ ﻧﻈﻢ
ﻻ ﳝﻜﻦ ﻹﻧﺴﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﻘﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻳﺘﻌﺪﻯ ﺣﺪﻭﺩ
ﻋﻠﻰ ﺛﻠﺚ ﺍﻟﻌﺎﱂ .ﻭﺇﻥ ﺳﲑﺓ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،ﻭﺗﺄﻣﻼﺗﻪ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ،
ﻗﻮﻯ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺑﺄﺿﻌﻒ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ،ﻭﻫﻮ ﻻ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﰲ ﺗﺼﻮﺭ
ﻭﺟﺮﺃﺗﻪ ﺍﻟﺒﻄﻮﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻔﻴﻪ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺁﳍﺔ ﻗﻮﻣﻪ،
ﻣﺸﺮﻭﻋﻪ ﻭﺇﳒﺎﺯﻩ ،ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺭﺟﺎﻝ ﻻ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ
ﻭﺷﺠﺎﻋﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺷﺮﻭﺭ ﺍﳌﺸﺮﻛﲔ ،ﻭﺻﱪﻩ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ .ﻣﺎ ﺃﳒﺰ ﺃﺣﺪ ﺃﺑﺪﺍ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺛﻮﺭﺓ ﻋﺎﺭﻣﺔ
ﺍﳋﺎﺭﺝ ﻋﻦ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﳌﻸ ،ﻭﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﻩ ﳌﻮﺍﺟﻬﺔ ﻣﺼﲑ ﺍﻟﻀﺤﻴﺔ
ﺩﺍﺋﺒﺔ ،ﰲ ﻣﺪﺓ ﻗﻴﺎﺳﻴﺔ ﻛﻬﺬﻩ ،ﺇﺫ ﱂ ﳝﺾ ﻗﺮﻧﺎﻥ ﺑﻌﺪ
ﺑﲔ ﻋﺸﲑﺗﻪ ،ﻭﻫﺠﺮﺗﻪ ،ﻭﻋﻤﻠﻪ ﺍﻟﺪﺅﻭﺏ ﻋﻠﻰ ﺗﺒﻠﻴﻎ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ،
ﺟﺰﻳﺮﺓ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ،ﻭﻓﺘﺢ ﺑﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺑﻼﺩ ﻓﺎﺭﺱ،
ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ،ﻭﺛﺒﺎﺗﻪ ﺍﳋﺎﺭﻕ ﻟﻠﻌﺎﺩﺓ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﺼﺎﺋﺐ ،ﻭﺣﻠﻤﻪ
ﻭﺧﺮﺍﺳﺎﻥ ،ﻭﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻨﻬﺮ ،ﻭﺍﳍﻨﺪ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﻭﺃﺭﺍﺿﻲ
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﺰﺍﻣﻪ ﺑﺎﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔ،
ﻭﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺟﺰﺭ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﳌﺘﻮﺳﻂ ،ﻭﺷﺒﻪ ﺍﳉﺰﻳﺮﺓ
ﻭﻣﻨﺎﺟﺎﺗﻪ ﻟﺮﺑﻪ ،ﰒ ﻣﻮﺗﻪ ،ﻭﺍﻧﺘﺼﺎﺭﻩ ﻭﻫﻮ ﰲ ﻗﱪﻩ ،ـ ﺇﻥ ﻛﻞ
ﺍﻹﻳﺒﲑﻳﺔ ،ﻭﻃﺮﻓﺎ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ.
ﻫﺬﺍ ـ ﻳﺸﻬﺪ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺷﻴﺌﺎ ﻳﺴﻤﻮ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻓﺘﺮﺍﺀ ،ﺃﻻ ﻭﻫﻮ:
ﻋﺪﺩﻫﻢ ﻋﺪﺩ ﺃﺻﺎﺑﻊ ﺍﻟﻴﺪ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ،ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﰲ ﻣﻨﻜﺐ ﻣﻦ
ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ ﺣﱴ ﺃﺧﻀﻊ ﺍﻹﺳﻼﻡ ،ﺑﻘﻮﺗﻪ ﻭﺩﻋﻮﺗﻪ ،ﺃﻗﺎﻟﻴﻢ
ﺍﳊﺒﺸﺔ ،ﻭﺍﻟﺸﺎﻡ ،ﻭﻣﺼﺮ ،ﻭﴰﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ،
ﺁﺫﺍﻫﻢ ﻃﻮﺍﻝ ﲬﺲ ﻋﺸﺮﺓ ﺳﻨﺔ ﰲ ﻣﻜﺔ ،ﻭﺗﻘﺒﻠﻪ ﻟﺪﻭﺭ
ﻭﺟﻬﺎﺩﻩ ﻣﻊ ﻋﺪﻡ ﺗﻜﺎﻓﺆ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﻣﻊ ﻋﺪﻭﻩ ،ﻭﻳﻘﻴﻨﻪ ﺑﺎﻟﻨﺼﺮ
ﻭﻋﺰﻭﻓﻪ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻋﻦ ﺍﳌﻠﻚ ،ﻭﺍﺑﺘﻬﺎﻻﺗﻪ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﻨﻘﻄﻊ،
ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﲰﻮ ﺍﳌﻘﺼﺪ ،ﻭﺿﻌﻒ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ،ﺿﺨﺎﻣﺔ
ﺍﻹﳝﺎﻥ ،ﺫﻟﻚ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻨﺤﻪ )ﺹ( ﻗﻮﺓ ﺗﺼﺤﻴﺢ
ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ،ﻫﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ،ﻓﻤﻦ ﺫﺍ
ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ،ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﻨﺪ ﺇﱃ ﺃﻣﺮﻳﻦ ﳘﺎ:
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺠﺎﺳﺮ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﺭﻥ ﳏﻤﺪﺍ ﺑﺄﻱ ﻋﻈﻴﻢ ﻣﻦ ﻋﻈﻤﺎﺀ
ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ،ﻭﻧﻔﻲ ﺍﻟﺘﺠﺴﻴﻢ :ﺃﺣﺪﳘﺎ ﻳﺜﺒﺖ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺒﺎﺭﺉ،
ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻫﺆﻻﺀ ﱂ ﻳﻨﺠﺢ ﺇﻻ ﰲ ﲢﺮﻳﻚ ﺍﻟﻌﺴﺎﻛﺮ،
ﺍﳌﺨﺘﻠﻘﺔ ﺑﻘﻮﺓ ﺍﻟﺴﻼﺡ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﻳﺒﲎ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔ ﺑﻘﻮﺓ
ﺃﻭ ﺗﺒﺪﻳﻞ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ،ﺃﻭ ﺗﻐﻴﲑ ﺍﳌﻤﺎﻟﻚ؛ ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻗﺪ ﺃﺳﺴﻮﺍ
ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ .ﺇﻧﻪ ﺍﳊﻜﻴﻢ ،ﺧﻄﻴﺐ ﺟﻮﺍﻣﻊ ﺍﻟﻜﻠﻢ ،ﺍﻟﺪﺍﻋﻲ ﺇﱃ
ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ؟
ﺷﻴﺌﺎ ،ﻓﻼ ﺗﺬﻛﺮ ﳍﻢ ﺳﻮﻯ ﺻﻨﺎﺋﻊ ﺫﺍﺕ ﻗﻮﺓ ﻣﺎﺩﻳﺔ ،ﺗﺘﻬﺎﻭﻯ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﳝﻮﺗﻮﺍ.
ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﻳﺜﺒﺖ ﺃﻥ ﻟﻴﺲ ﻛﻤﺜﻠﻪ ﺷﻲﺀ .ﻭﺃﻭﳍﻤﺎ ﳛﻄﻢ ﺍﻵﳍﺔ
ﺍﷲ ﺑﺈﺫﻧﻪ ،ﺳﺮﺍﺝ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ.
ﺇﻧﻪ ﺍﺎﻫﺪ ،ﻓﺎﺗﺢ ﻣﻐﻠﻖ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﻔﻜﺮ ،ﺑﺎﱐ ﺻﺮﺡ
ﺃﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﻘﺪ ﺍﺳﺘﻨﻔﺮ ﺍﳉﻴﻮﺵ ،ﻭﺟﺪﺩ ﺍﻟﺸﺮﺍﺋﻊ ،ﻭﺯﻋﺰﻉ
ﻋﻘﻴﺪﺓ ﻗﻮﺍﻣﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﻞ ،ﻭﻃﺮﻳﻖ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﳎﺮﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻮﺭ
ﻭﺯﻟﺰﻝ ﺍﻟﺼﻮﺍﻣﻊ ﻭﺍﻟﺒﻴﻊ ﻭﺍﻷﺭﺑﺎﺏ ﻭﺍﳌﻠﻞ ﻭﺍﻟﻨﺤﻞ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ
ﻭﺩﻋﺎﺋﻢ ﺩﻭﻟﺔ ﺭﻭﺣﻴﺔ ﻓﺮﻋﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ،ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﳏﻤﺪ،
ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ،ﻭﻫﺰ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ.
ﻓﺒﻜﻞ ﺍﳌﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﻟﱵ ﻧﺰﻥ ﺎ ﻋﻈﻤﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ،ﻓﻤﻦ ﺫﺍ ﺍﻟﺬﻱ
ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻭﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ،ﻭﺣﺮﻙ ﻣﻼﻳﲔ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻓﻮﻕ ﺛﻠﺚ ﺍﳌﻌﻤﻮﺭﺓ،
ﻭﺍﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺎﺏ ﺻﺎﺭ ﻛﻞ ﺣﺮﻑ ﻣﻨﻪ ﺩﺳﺘﻮﺭﺍ ،ﻭﺃﺳﺲ
ﻭﺍﻷﺷﻜﺎﻝ ،ﻣﺆﺳﺲ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺩﻭﻟﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ،
ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻨﻪ؟
ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔ ﻓﺸﻤﻠﺖ ﺷﻌﻮﺑﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺍﻷﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻷﻟﻮﺍﻥ ،ﻭﻛﺘﺐ ﰲ ﻗﻠﻮﺏ ﺃﻫﻠﻬﺎ ـ ﲝﺮﻭﻑ ﻻ ﺗﻘﺒﻞ ﺍﻻﻧﺪﺛﺎﺭ
ـ ﻛﺮﺍﻫﻴﺔ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ ﺍﳌﺼﻄﻨﻌﺔ ،ﻭﳏﺒﺔ ﺍﻹﻧﺎﺑﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺍﻷﺣﺪ ﺍﳌﱰﻩ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺠﺴﻴﻢ.
50
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﺍﻷﻋﻤﻰ ﻓﻲ ﻣﻬﻤﺔ ... ﻣﺴﺮﺡ
ﺟﺪﻟﻴﺔ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻟﺸﺮ ﺗﺮﻣﻲ ﺑﻀﻼﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﻌﻴﺶ *
ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ :ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺑﻮ ﺷﺮﻳﻒ
''ﺍﻷﻋﻤﻰ ﰲ ﻣﻬﻤﺔ'' ﻫﻮ ﻋﺮﺽ ﻣﺴﺮﺣﻲ ﺫﻭ ﻃﺎﺑﻊ ﻛﻮﻣﻴﺪﻱ ﻗﺎﻣﺖ ﻓﺮﻗﺔ ﺃﻓﺮﺍﺡ ﻟﻠﻤﺴﺮﺡ ﺑﻌﺮﺿﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺸﺎﻕ ﺃﰊ ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ﻓﻮﻕ ﺭﻛﺢ ﻗﺎﻋﺔ ﺍﻟﻌﺮﻭﺽ ﺑﺪﺍﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺗﻠﻤﺴﺎﻥ· ﺍﳌﺴﺮﺣﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺍﺳﺘﻘﻄﺒﺖ ﺣﻀﻮﺭﺍ ﻣﻜﺜﻔﺎ ﻏﺼﺖ ﺑﻪ ﺍﻟﻘﺎﻋﺔ ﻋﻜﺴﺖ ﻧﻘﻄﺔ ﻫﺎﻣﺔ ﺗﻜﻤﻦ ﰲ ﻛﻮﻥ ﺃﻓﺮﺍﺡ ﺍﳌﺴﺮﺡ ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺔ ﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﺍﳌﻌﺠﺒﲔ ﺑﺄﺩﺍﺀ ﺃﻋﻀﺎﺋﻬﺎ ﺃﻭﻓﻴﺎﺀ ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﺗﻨﺘﺠﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺮﻗﺔ ﺍﻟﱵ ﻏﺎﺑﺖ ﻃﻮﻳﻼ ﻋﻠﻰ ﺧﺸﺒﺔ ﺍﳌﺴﺮﺡ ﻭﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﲢﺘﻔﻆ ﺑﻔﺘﻮﺎ ﺭﻏﻢ ﻣﺮﻭﺭ ﺯﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺳﻴﺴﻬﺎ. ﺍﻧﻄﻔﺄﺕ ﺍﻷﺿﻮﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﺮﺑﻊ ﻣﺴﺎﺀ ﻣﻦ ﻳﻮﻡ ﺍﻷﺭﺑﻌﺎﺀ ﺍﳌﺎﺿﻲ ﺑﻘﺎﻋﺔ ﺍﻟﻌﺮﻭﺽ ﻟﲑﺗﻔﻊ ﺍﻟﺴﺘﺎﺭ ﺑﺈﻧﺎﺭﺓ ﺩﺍﺋﺮﻳﺔ ﺭﺍﺣﺖ ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺩﻳﻜﻮﺭ ﳛﺘﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺍﺋﻚ ﻭﻃﺎﻭﻟﺘﲔ
ﺗﻌﻄﻲ ﺍﻧﻄﺒﺎﻋﺎ ﺃﻭﻟﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺸﻘﺘﲔ ،ﻭﻗﺪ ﻓﺼﻞ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺣﺎﺟﺰ ﺟﺎﺀ ﺑﻠﻮﻥ ﺃﲪﺮ·· ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻳﻮﺣﻲ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻌﺮﺽ ﺍﳌﺴﺮﺣﻲ ﺳﺘﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﻘﺘﲔ ﻓﻀﺎﺀ ﻷﺣﺪﺍﺛﻪ ﻭﻓﺼﻮﻟﻪ· ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﱵ ﺟﺎﺀﺕ ﻟﺘﺮﻣﻲ ﺑﻈﻼﳍﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺪﻟﻴﺔ ﺍﻷﺯﻟﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺑﲔ ﺍﳋﲑ ﻭﺍﻟﺸﺮ ﻭﻣﺎ ﻳﺘﻤﺨﺾ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺻﺮﺍﻉ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﳌﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﻘﻴﻴﻤﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﲔ ﻣﺎ ﻳﺘﻔﺘﻖ ﻋﻦ ﺍﳋﲑ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺀ ﻭﻃﻬﺎﺭﺓ ﻭﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺒﻞ ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﻨﺴﻠﺦ ﻋﻦ
ﺍﻟﺸﺮ ﻣﻦ ﻛﺮﺍﻫﻴﺔ ﻭﺣﻘﺪ ﻭﺗﺮﻓﻊ ﻓﻀﻔﺎﺽ ،ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻨﺠﺮ ﻣﻦ ﻋﻮﺍﱂ ﺍﻟﺸﺮ ﻣﻦ ﺿﻴﺎﻉ ﰲ ﺍﳋﻄﻴﺌﺔ ،ﻭﺇﳕﺎ ﺟﺎﺀ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺃﻳﻀﺎ ﻟﻴﺤﺪﺩ ﺍﳌﺴﺆﻭﻟﻴﺎﺕ ﻭﻳﻮﺿﺢ ﺍﳌﻌﺎﱂ ﺑﲔ ﺿﻔﺔ ﻭﺃﺧﺮﻯ·· ﺿﻔﺔ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﳋﲑ ﻭﺗﺘﺒﲎ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺘﻜﺎﺛﻒ ﻭﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ
ﻭﺑﻐﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﳌﻤﺜﻠﲔ ﻋﺮﻓﻮﺍ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺁﺩﺍﺀ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺃﻥ ﻳﺘﺄﻟﻖ ﻓﻴﻪ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻣﻘﺮﺍﱐ ﺳﻠﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻌﺐ ﺩﻭﺭ ﺍﳊﺎﺝ ﺑﻮﲨﻌﺔ ﻭﻋﺮﻑ ﻛﻴﻒ ﻳﺘﺤﻜﻢ ﻃﻮﺍﻝ ﺍﻟﻌﺮﺽ ﰲ ﺷﺨﺼﻴﺔ
ﺍﻷﻋﻤﻰ ﺍﻟﱵ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﻣﻦ ﺧﻼﳍﺎ ﺇﺑﺮﺍﺯ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﳌﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﻤﺜﻴﻞ
ﺍﳉﺴﻤﺎﱐ ﻣﻦ ﻋﺮﺽ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﻛﺸﺨﺼﻴﺔ ﳍﺎ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﻭﺃﻳﻀﺎ ﺍﺣﺘﺮﺍﻣﻬﺎ ﻭﻗﺪﺭﺎ ﻋﻠﻰ ﺭﻋﺎﻳﺔ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺗﺘﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ ﺳﻌﺪﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﺩﺕ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﳏﺘﺮﻡ ﺍﳌﻤﺜﻠﺔ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻭﺍﻟﱵ ﺗﻌﺪ ﺑﺎﻟﻜﺜﲑ ﺻﻬﺪ ﻓﺘﻴﺤﺔ ﻭﺍﻟﻄﻔﻞ ﻓﺎﺭﻭﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺣﺴﻦ ﰲ ﺃﺩﺍﺀ ﺩﻭﺭﻩ ﺍﻟﺘﻠﻤﻴﺬ ﺑﺪﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﺑﻦ ﺍﳌﻤﺜﻞ ﺍﳌﺴﺮﺣﻲ ﻧﻘﺎﺩﻱ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻄﻴﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻌﺐ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺮﺽ ﺍﳌﺴﺮﺣﻲ ﺩﻭﺭ ﺍﳊﻜﻮﺍﰐ.
ﻭﺑﺎﳌﻘﺎﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﳌﻤﺜﻞ ﺩﻳﺒﻮﻥ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻌﺐ
ﺩﻭﺭ ﺑﻮﺳﻜﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻇﻬﺮ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺑﻮﺳﻜﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﻻﺰﺍﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﺮﺿﻮﺥ ﻟﱰﻭﺍﺕ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺗﻨﻜﺮﺕ ﻷﺻﻮﳍﺎ ،ﻓﺒﻌﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻤﻰ ﺯﻟﻴﺨﺔ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﰲ ﻋﺼﺮ ﺍﳍﺎﺗﻒ ﺍﻟﻨﻘﺎﻝ ﻭﺍﻟﺒﻴﺘﺰﺍ ﺗﺪﻋﻰ ''ﻣﻴﻤﻲ''·· ﻣﻴﻤﻲ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻭﺿﻌﺖ ﺣﺪﺍ ﻟﻠﻤﺎﺿﻲ ﻣﻨﺘﻬﺠﺔ ﻣﺴﺎﺭ ﺍﻟﻘﻄﻴﻌﺔ ﻣﻊ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺎﺿﻲ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺭﻫﺎ ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻱ· ﻋﺮﻓﺖ ﺍﻟﺸﺎﺑﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻨﺘﻈﺮﻫﺎ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﺤﻜﻢ ﰲ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺃﻻ ﻭﻫﻲ ﻋﻠﻴﻼﺕ ﻧﺒﻬﺎﺕ ﻛﻴﻒ ﲤﺮﺭ
ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﺍﳌﺘﻌﺠﺮﻓﺔ ﻭﺍﳌﺘﺠﺎﺳﺮﺓ ﺃﻳﻀﺎ ﻭﺍﻟﱵ ﻻ ﻳﻬﻤﻬﺎ ﺳﻮﻯ ﺫﺍﺗﻴﺔ ﺗﺪﻋﻮ ﻟﻸﻧﺎﻧﻴﺔ ﻭﺭﻓﺾ ﺍﻵﺧﺮ· ﻭﺗﺒﻘﻰ ﺣﻨﲔ ﺍﻟﻄﻔﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﻟﻌﺒﺖ ﺩﻭﺭ ﻳﺎﲰﲔ ﺗﺴﺘﺤﻖ ﻛﻞ ﻗﺒﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺒﲔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺍﻟﻌﻔﻮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻟﻌﺒﺖ ﺎ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﻭﻛﺸﻔﺖ ﻋﻦ ﺑﺮﺍﺀﺓ ﳍﺎ ﻣﺪﻟﻮﳍﺎ ﻭﺑﻌﺪﻫﺎ ﺃﻳﻀﺎ· ﺍﳌﺴﺮﺣﻴﺔ -ﻛﻤﺎ ﺃﺷﺮﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ -ﻭﺍﻟﱵ ﲤﺤﻮﺭﺕ ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺘﻬﺎ ﺣﻮﻝ ﺍﳉﺪﻟﻴﺔ ﺍﻷﺯﻟﻴﺔ ﺑﲔ ﺍﳋﲑ ﻭﺍﻟﺸﺮ ،ﺗﻄﺮﻗﺖ ﰲ ﻣﻮﺿﻮﻋﻬﺎ
ﻟﻘﺼﺔ ﺟﺎﺭﻳﻦ ﺍﳊﺎﺝ ﺑﻮﲨﻌﺔ ﻭﺍﳊﺎﺝ ﺑﻮﺳﻜﺔ ﺍﻟﻠﺬﺍﻥ ﻳﺴﻜﻨﺎﻥ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ· ﺍﳊﺎﺝ ﺑﻮﲨﻌﺔ ﺭﺟﻞ ﺃﻋﻤﻰ ﺫﻭﻣﺎﻝ ﻛﺜﲑ ﻭﺟﺎﺭﻩ ﺑﻮﺳﻜﺔ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻳﻌﻴﺶ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻳﻘﺘﺮﺽ ﻣﺎﻻ ﻣﻦ ﺑﻮﲨﻌﺔ ﻭﻳﺼﻌﺐ ﺭﺩﻩ ،ﻟﻴﻨﻮﻱ ﻗﺘﻠﻪ ﰲ ﺍﻷﺧﲑ ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺃﻧﻪ ﻛﻔﻴﻒ ﻳﺴﻬﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺟﺮﳝﺘﻪ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﳊﺎﺝ ﺑﻮﲨﻌﺔ ﳜﺮﺝ ﰲ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﳊﺞ ﻟﻴﻨﻮﻱ ﺍﻟﺴﻤﺎﺡ ﳉﺎﺭﻩ ﰲ ﻣﺎ ﳜﺺ ﻣﺒﻠﻎ ﺍﳌﺎﻝ
ﻋﻘﻴﺪﺓ ﳌﺴﺎﺭﻫﺎ ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻱ ،ﻭﺿﻔﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﺮﻯ ﰲ ﺍﳊﻴﻠﺔ
ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋﻄﺎﺀ ﺇﻳﺎﻩ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﻣﻊ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻨﻮﺍﻳﺎ·· ﺟﺎﺀ ﻫﺬﺍ
ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﺻﻴﻞ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺣﺎﻭﻝ ﻛﺎﺗﺐ ﺍﻟﻨﺺ ﻃﺮﺣﻪ ﻋﻠﻰ
ﻏﺼﺖ ﺑﻪ ﻗﺎﻋﺔ ﺍﻟﻌﺮﻭﺽ ﺑﺪﺍﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺳﻜﻨﻬﺎ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ
ﻭﺍﳋﺪﻳﻌﺔ ﻣﺴﺎﺭﺍ ﻟﻠﺒﻘﺎﺀ ﰲ ﻋﺎﱂ ﺍﻟﻌﺼﺮﻧﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﳎﺎﻝ ﻓﻴﻪ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ· ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻈﺮﺓ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺗﺒﻘﻰ ﻧﺴﺒﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﲨﻠﺔ ﺍﳍﻮﺍﻣﺶ ﺍﻟﱵ ﺑﻘﻴﺖ ﻣﻐﻴﺒﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺮﺽ ﻷﻧﻪ ﻻ ﳝﻜﻦ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺮﻣﻲ ﺑﺎﻟﻼﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺎﺻﺮ ﰲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﲟﺎ ﻳﻔﺮﺯﻩ ﺍﻟﺮﺍﻫﻦ ﻣﻦ ﻇﻮﺍﻫﺮ ﻻ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﻌﻄﻲ
ﺍﻟﻌﺮﺽ ﰲ ﻗﺎﻟﺐ ﻛﻮﻣﻴﺪﻱ ﺗﻔﺎﻋﻞ ﻣﻌﻪ ﻛﺜﲑﺍ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﺰﻣـﻦ ﻟﻴﺲ ﺑﻘﺼــﲑ· ﻭﲡــﺪﺭ ﺍﻹﺷــﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺍﳌﺴﺮﺣﻴﺔ ﺗﻨﺪﺭﺝ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﻧﺸﺎﻃﺎﺕ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺑﺎﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻣﻊ ﻣﺪﻳﺮﻳﺔ ﺍﻟﺜﻘـــــــﺎﻓﺔ ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺔ.
ﺍﳊﻖ ﻛﻠﻪ ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﺻﻴﻞ ،ﻓﻬﻨﺎﻙ ﻣﺎ ﻳﺆﺧﺬ ﻋﻦ ﺍﻷﺻﺎﻟﺔ ﻭﻧﻔﺲ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻋﻦ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ·
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
51
ﻓﻨﻮﻥ ﺍﻷﺩﺍﺀ
ﻣﻴﺲ ﺷﻠﺶ..
ﻧﺠﻤﺔ ﺍﻷﺭﺩﻥ
ﺍﻟﻨﺸﻴﺪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﻛﺎﻥ ﻣﻐﺮﻗﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ﻓﺠﺎﺀ ﺻﻮﺕ ﻣﻴﺲ ﻟﻴﺤﺮﻙ ﻣﺎﺀ ﺍﻟﻨﺸﻴﺪ ﺍﻟﺮﺍﻛﺪ ﻓﺄﻧﺘﺠﺖ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﳌﻨﺸﺪﻳﻦ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﲔ ﺣﻀﻮﺭﺍ ،ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ﻋﻮﻳﻨﺎﺕ ،ﺃﲨﻞ ﺍﻷﻟﺒﻮﻣﺎﺕ ﻭﺃﺭﻭﻋﻬﺎ.
ﻭﺗﻘﻮﻝ ﻣﻴﺲ :ﺃﻧﺎ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻭﻟﺒﻄﻮﻟﺔ ﺃﻫﻠﻲ
ﺑﻘﻠﻢ :ﻃﺎﺭﻕ ﺩﻳﻠﻮﺍﱐ – ﻋﻤﺎﻥ
ﰲ ﻓﻠﺴﻄﲔ ﺍﶈﺘﻠﺔ ،ﻓﺎﳌﺸﺎﻫﺪ ﺍﻟﱵ ﻃﺎﳌﺎ ﺭﺃﻳﺘﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﻠﻔﺎﺯ ﻓﺠﺮﺕ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﺩﺍﺧﻠﻲ ،ﻭﺑﺪﺃﺕ ﺃﲝﺚ ﻋﻦ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﺃﺷﺎﺭﻙ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻫﻠﻲ ﺍﳌﻨﺘﻘﻀﲔ ﻏﻀﺒﻬﻢ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺍﻷﻏﻨﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺎﻣﻠﺖ ﻣﻌﻬﺎ ﻛﺴﻼﺡ ﻭﻭﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺘﺤﺮﻳﺾ.
ﺍﲰﻌﻬﺎ ﻟﻠﻤﺮﺓ ﺍﻷﻭﱃ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﳜﱪﻙ ﺃﺣﺪ ﺃﺎ ﻣﻨﺸﺪﺓ، ﺳﺘﻘﻔﺰ ﻣﻦ ﻣﻘﻌﺪﻙ ﻭﺗﺬﻭﺏ ﺇﻋﺠﺎﺑﺎ ﻭﻃﺮﺑﺎ ،ﻭﻟﻌﻠﻚ ﺗﻘﺴﻢ ﺃﺎ ﻓﲑﻭﺯ ﰲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻬﺎ ،ﻭﻟﻌﻠﻚ ﺗﺒﻜﻲ ﻣﻊ ﺇﺣﺪﻯ ﲨﻠﻬﺎ ﺍﳌﺆﺛﺮﺓ ،ﻟﻔﻈﺎ
ﻭﳊﻨﺎ ﻭﺻﻮﺗﺎ ﻃﺒﻌﺎ ..ﺃﺣﺪﺛﻚ ﻋﻦ ﻣﻴﺲ ﺷﻠﺶ ..ﳒﻤﺔ ﺍﻟﻨﺸﻴﺪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻷﺭﺩﱐ! ﻫﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻃﻔﻠﺔ ،ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺃﻟﺒﻮﻣﺎﺎ ﲢﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﻼﻑ ﺍﻟﻠﻘﺐ ﺫﺍﺗﻪ ،ﻓﺄﺻﺤﺎﺏ ﺍﳋﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﻋﺎﻣﺎ ﻻ ﻳﻨﺪﺭﺟﻮﻥ ﲢﺖ ﺧﺎﻧﺔ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ،ﻟﻜﻦ ﻛﺎﻟﻌﺎﺩﺓ ﺗﺘﺴﺘﺮ ﻣﻴﺲ ﺬﺍ ﺍﻟﻠﻘﺐ ﺣﱴ ﺗﺮﺿﻲ ﻣﺴﺘﻤﻌﲔ ﺍﻟﻔﻦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻣﺎﺯﺍﻝ ﻳﻮﺍﺟﻬﻮﻥ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﰲ ﺍﻻﺳﺘﻤﺎﻉ ﻻﻣﺮﺃﺓ ﻣﻨﺸﺪﺓ.
ﻭﺭﻏﻢ ﺫﻟﻚ ،ﻓﺈﻥ ﻣﻴﺲ ﺗﺜﲑ ﺟﺪﻻ ﻻ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﰲ ﺳﺎﺣﺔ
ﺍﻹﻧﺸﺎﺩ ﺍﻟﺪﻳﲏ ﻭﺍﻟﻮﻃﲏ ﻭﺍﻟﻐﻨﺎﺀ ﺍﳌﻠﺘﺰﻡ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺑﺴﺒﺐ ﺻﻮﺎ ﺍﻟﺮﻗﻴﻖ ﻭﺍﳊﺰﻳﻦ ﻭﻟﻜﻮﺎ ﺃﻭﻝ ﻓﺘﺎﺓ ﲣﻮﺽ ﻏﻤﺎﺭ ﺍﻹﻧﺸﺎﺩ ﻭﺍﻟﻐﻨﺎﺀ ﺍﳌﻠﺘﺰﻡ ،ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﱵ ﻇﻠﺖ ﺣﻜﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻭﺍﻤﻮﻋﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻛﻮﺭ ﻟﺴﻨﻮﺍﺕ. ﻭﺗﻔﻮﻗﺖ ﻣﻴﺲ ﺷﻠﺶ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﱪﺍﻋﺔ ﻭﺩﺧﻠﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻀﻤﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﺪ ﻗﺒﻮﻻ ﻭﺭﻭﺍﺟﺎ ﰲ ﺍﻷﺭﺩﻥ ﻭﰲ ﻏﲑﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﺎﻳﺔ ﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﺎﺕ ﺣﻴﺚ ﺗﺮﺍﺟﻊ ﺣﻀﻮﺭ
ﺍﻷﻏﻨﻴﺔ ﺍﳌﻠﺘﺰﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮﺩﻫﺎ ﻓﺮﻕ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻭﻃﻨﻴﺔ ﻣﺜﻞ "ﺍﳉﺬﻭﺭ" ﻭ"ﺍﻟﻌﺎﺷﻘﲔ" ﻭﻏﲑﻫﻢ ﻟﺼﺎﱀ ﺻﻌﻮﺩ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻨﺸﻴﺪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﲤﺎﻣﺎ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﳊﺎﻝ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻷﻓﻮﻝ ﺍﳌﺪ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﻭﺻﻌﻮﺩ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎ. "ﺍﻟﻄﻔﻠﺔ" ﺷﻠﺶ ﺻﺎﺭﺕ ﺑﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﻜﺜﲑﻳﻦ ﻭﺟﻬﺎ ﻣﺄﻟﻮﻓﺎ ﻭﺩﺍﺋﻢ ﺍﳊﻀﻮﺭ ﰲ ﺍﳌﻬﺮﺟﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳌﺆﻳﺪﺓ ﻟﻠﻌﺮﺍﻕ ﻭﻓﻠﺴﻄﲔ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﺎﻡ ﰲ ﺍﻷﺭﺩﻥ ﺣﱴ ﺃﺿﺤﺖ" ﻛﺎﺳﻴﺘﺎﺕ" ﺍﻟﻄﻔﻠﺔ ﻣﻴﺲ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻣﺒﻴﻌﺎ.
ﺑﺪﺍﻳﺎﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺒﺪﻋﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺃﻟﺒﻮﻣﻬـﺎ ﺍﻷﻭﻝ ﺍﻟـﺬﻱ ﲪـﻞ ﻋﻨﻮﺍﻥ "ﺻﻮﺕ ﺍﳊﺮﻳﺔ" ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺃﺑﺪﻋﺖ ﻓﻴﻪ ﻣﻴﺲ ﳌﺪﻳﻨﺔ ﺟـﻨـﲔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻭﳐﻴﻤﻬﺎ ﻭﻋﺬﺍﺑﺎﺎ ﺃﺑﺎﻥ ﺍﺰﺭﺓ ﺍﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ. ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺇﻃﻼﻟﺔ ﺻﻮﺕ ﺃﻧﺜﻮﻱ ﲨﻴـﻠـﺔ ﻋـﻠـﻰ ﺳـﺎﺣـﺔ
ﻭﺗﻀﻴﻒ ﻣﻴﺲ" :ﺍﻟﻔﻀﻞ ﰲ ﺭﻋﺎﻳﺔ ﻣﻮﻫﺒﱵ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﻋﺎﺋﻠﱵ
ﺍﻟﱵ ﺭﻋﺘﲏ ﻭﺷﺠﻌﺘﲏ ﻭﻭﻓﺮﺕ ﱄ ﻛﻞ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ،ﻓﻮﺟﺪﺕ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻭﺍﻟﻠﺤﻦ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﲔ،
ﻭﻭﺟﺪﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻭﺍﻻﺣﺘﻀﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﺍﻟﻮﰲ ،ﻟﻘﺪ ﻧﺬﺭﺕ ﺻﻮﰐ ﻭﻣﻮﻫﺒﱵ ﻟﻮﻃﲏ ،ﻭﻟﻦ ﺍﺗﺮﺩﺩ ﰲ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺣﻘﻮﻕ ﺷﻌﱯ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ". ﺗﻠﻘﺖ ﻣﻴﺲ ﺍﻟﱵ ﺗﻨﺤﺪﺭ ﻣﻦ ﺃﺻﻮﻝ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﺟﺎﺋﺰﺓ ﻣﻦ ﻣﻬﺮﺟﺎﻥ ﺃﻏﻨﻴﺔ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﰲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻓﻜﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﲟﺜﺎﺑﺔ ﺍﻻﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻷﻭﻝ ﳍﺎ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻷﺭﺩﻥ ،ﻭﲡﻴﺪ ﻣﻴﺲ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎﺹ ﺃﺩﺍﺀ ﺍﻷﻏﺎﱐ ﺍﻟﺘﺮﺍﺛﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻗﺪﻣﺘﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﳐﺘﻠﻒ ﻭﺑﺘﻮﺯﻳﻊ ﻣﻮﺳﻴﻘﻲ ﺟﺪﻳﺪ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺗﺮﻛﺖ ﻣﻴﺲ ﺟﺎﻧﺒﺎ ﻛﻞ ﺃﺷﻜﻞ ﺍﻟﻐﻨﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﻔﺘﺖ ﺇﱃ ﺍﻷﻏﻨﻴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻭﺟﺪﺕ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻴﻬﺎ. ﻭﱂ ﺗﻜﻦ ﻣﻴﺲ ﺷﻠﺶ ﳒﻤﺔ ﻟﻺﻧﺸﺎﺩ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﳒﻤﺔ ﻟﻠﺠﺪﻝ ﺑﲔ ﻣﻦ ﻳﺪﻋﻮﻫﺎ ﻟﻠﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﻐﻨﺎﺀ ﻭﺑﲔ ﻣﻦ ﻳﺪﻋﻮﻫﺎ ﺇﱃ ﺍﻻﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻭﺃﺧﲑﺍ ﺩﻋﻮﺓ ﺛﺎﻟﺜﺔ ﻷﻥ ﺗﺘﺮﻙ ﺍﻹﻧﺸﺎﺩ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﺘﺼﺒﺢ ﻣﻄﺮﺑﺔ
ﻭﻛﺎﻥ ﺃﺩﺍﺋﻬﺎ ﺍﻟﺮﺍﺋﻊ ﻣﻊ ﺍﳌﻨﺸﺪ ﺧﻠﻴﻞ ﻋﺎﺑﺪ ﰲ »ﻋﺮﺱ ﺍﻟﻮﻃﻦ« ﻭﻣﻊ ﺍﳌﻨﺸﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ﻋﻮﻳﻨﺎﺕ ﰲ »ﺃﺳﻄﻮﺭﺓ ﺟﻨﲔ« ﻭ»ﺧﻨﺴﺎﺀ ﻓﻠﺴﻄﲔ« ﻭﻣﻊ ﺍﳌﻨﺸﺪ ﻣﻮﺳﻰ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﰲ »ﻭﺗﺮﺟﻞ ﺍﻟﺒﻄﻞ« ﻭﺃﺧﲑﺍﺍﻷﻟﺒﻮﻡ ﺍﳌﻤﻴﺰ ﺍﻟﺬﻱ ﲨﻊ ﺑﲔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﻴﻤﻦ ﻭﺍﻷﺭﺩﻥ ﻭﺳﻮﺭﻳﺎ »ﺃﻧﺎ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ«. ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﱂ ﲡﻌﻠﻬﺎ ﳎﺮﺩ ﻣﺆﺩﻳﺔ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ، ﺑﻞ ﺑﺪﺃﺕ ﺗﺘﻠﻘﻰ ﻋﺮﻭﺿﺎ ﺃﻗﻞ ﻣﺎ ﺗﻮﺻﻒ ﺑﻪ ﺃﺎ ﺳﺨﻴﺔ
ﻟﻼﺷﺘﺮﺍﻙ ﰲ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺃﺧﺮﻯ ﺧﺎﺭﺝ ﺣﻈﲑﺓ ﺍﻟﻨﺸﻴﺪ ﺍﳌﻠﺘﺰﻡ.
ﻭﺭﻏﻢ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ،ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﳉﺪﻝ ﻳﺜﺎﺭ ﺣﻮﳍﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ،ﻭﻫﻮ ﺍﳌﻨﻈﻮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻯ ﻣﻨﻪ ﺍﳌﻠﺘﺰﻣﻮﻥ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ،ﻓﺜﻤﺔ ﻣﻦ ﻳﺮﻯ ﰲ ﻣﻴﺲ ﺍﺑﻨﺔ ﺍﻟـ" "15ﺭﺑﻴﻌﺎ ﳎﺮﺩ ﻃﻔﻠﺔ ﺗﻐﲏ ﻟﻠﻮﻃﻦ ،ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﳜﻀﻊ ﺍﻷﻣﺮ ﻟﻼﺟﺘﻬﺎﺩ، ﻓﲑﻯ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺗﻌﺘﻠﻲ ﺍﳌﺴﺎﺭﺡ ﻭﺍﳌﺪﺭﺟﺎﺕ ﻟﺘﻐﲏ ﺑﺼﻮﺎ ﺍﻟﺮﻗﻴﻖ ،ﻭﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﻻ ﳚﻮﺯ ﺷﺮﻋﺎ.
ﺍﻟﻨﺸﻴﺪ ﰲ ﺍﻻﺭﺩﻥ ﻭﻟﺮﲟﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻛﻠﻪ ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺍﻥ
52
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﺳﻴﻨﻤﺎ
ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮﻳﺔ
ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻣﻀﻲﺀ ﻭﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﻈﻠﻢ ﺑﻘﻠﻢ :ﺃﻳﻤﻦ ﻣﻜﺮﻡ ﺃﻣﻴﻨﺔ ﺷﻮﻳﺦ ﻣﻮﻧﺘﲑﺓ ﻭ ﳐﺮﺟﺔ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺗﺮﻯ ﺃﻥ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﱵ
ﻛﺎﻧﺖ ﺘﻢ ﺑﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﰲ ﺍﳌﺎﺿﻲ ﻗﺪ ﺍﳓﻠﺖ ﲤﺎﻣﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﺪﻭﺭ ﻛﺒﲑ ﰲ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻭ ﻣﻊ ﻣﺮﻭﺭ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺃﺻﺒﺢ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺇﻃﺎﺭ ﺇﻧﺘﺎﺟﻲ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﳌﺴﺎﻟﺔ ﺑﺮﻣﺘﻬﺎ
ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ
ﺣﺪﻳﺚ ﺫﻭ ﺷﺠﻮﻥ ﻷﺎ ﺗﻌﺪ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ
ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ
ﺍﻟﱵ
ﺑﻌﺪ ﲤﺘﺪ
ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﲜﺬﻭﺭﻫﺎ
ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﺇﱃ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻭ ﻣﺎ ﳝﻴﺰﻫﺎ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﲟﺨﺘﻠﻒ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﳕﻮﻫﺎ ﻫﻲ ﺃﺎ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﻋﱪ ﻓﻴﻠﻢ "ﻭﻗﺎﺋﻊ
ﺳﻨﻮﺍﺕ
ﺍﳉﻤﺮ"
ﻟﻠﻤﺨﺮﺝ
ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ "ﺍﻷﺧﻀﺮ ﺣﺎﻣﻴﻨﺎ"
ﺍﳊﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻌﻔﺔ ﺍﻟﺬﻫﺒﻴﺔ ﰲ ﻣﻬﺮﺟﺎﻥ ﻛﺎﻥ ﺃﻛﱪ ﻣﻬﺮﺟﺎﻥ ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻭ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺗﻈﻞ
ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻬﻮﺩﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ ﺳﻮﺍﺀ ﰲ ﺟﻠﺐ ﲤﻮﻳﻞ ﺍﻟﻔﻴﻠﻢ ﺃﻭ ﰲ ﺗﻨﻔﻴﺬﻩ. ﻭ ﺃﺿﺎﻓﺖ ﺃﻣﻴﻨﻪ ﺷﻮﻳﺦ ﺍﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺳﻮﻕ ﻋﺮﰊ ﻟﻠﻔﻴﻠﻢ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻓﻬﻨﺎﻙ
ﻋﺰﻭﻑ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻔﻴﻠﻢ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺣﱴ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮﻧﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻔﺘﻮﺡ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻷﻓﻼﻡ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﻭ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺗﻌﺎﱏ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﻐﻼﻕ ﺍﻵﻥ ﺑﺴﺒﺐ
ﻏﻴﺎﺏ ﺍﳌﻮﺯﻉ ﺍﶈﺘﺮﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﺴﻮﻳﻖ ﺍﻷﻓﻼﻡ ﻣﻦ ﺍﳋﺎﺭﺝ.
ﺍﳌﺨﺮﺝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﲨﺎﻝ ﻓﺰﺍﺯ ﻳﺮﻯ ﺍﻧﻪ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﺳﻴﻨﻤﺎ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺎﳌﻌﲎ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﺭﻏﻢ ﻣﺎ ﺣﻘﻘﺘﻪ ﺍﻷﻓﻼﻡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﻓﺄﻝ ﺃﺩﻕ ﰲ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻓﻼﻣﺎ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻴﻨﻤﺎ ﻷﻧﻪ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻧﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺳﻴﻨﻤﺎ ﻓﻄﺮﻳﺔ ﻫﺬﺍ ﻳﻌﲎ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﺳﺘﻮﺩﻳﻮﻫﺎﺕ ﻭ ﻣﻌﺎﻣﻞ ﻭ ﻣﻨﺬ ﻋﺎﻡ 1962ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺃﺳﺘﻮﺩﻳﻮ ﻭ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﳌﻌﺪﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﲤﻠﻜﻬﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺗﻘﺒﻊ ﰲ ﺍﳌﺨﺎﺯﻥ ﻟﺪﺭﺟﺔ ﺃﻥ ﺃﺣﺪ ﺍﳌﺨﺮﺟﲔ ﺍﺳﺘﺄﺟﺮ ﻛﺎﻣﲑﺍ ﻣﻦ ﺗﻮﻧﺲ ﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻓﻴﻠﻤﻪ ﻭﳐﺮﺟﻮﻥ
ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺷﺄﺎ ﺷﺄﻥ ﺳﻴﻨﻤﺎ
ﴰﺎﻝ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻻ ﲣﺮﺝ ﺧﺎﺭﺝ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺇﻻ ﰲ ﺍﲡﺎﻩ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻭ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻭ ﻟﻜﻦ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻣﺄﺳﺎﻭﻳﺔ
ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻵﻥ ﻫﻮ ﺍﳊﺼﺎﺭ ﺍﳌﻔﺮﻭﺽ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﺃﻳﻀﺎ.
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
53
ﻛﺜﲑﻭﻥ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ ﰲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﻫـﻮ ﻣـﺎ ﻳﺼـﻴـﺐ ﺍﻟﺴـﻴـﻨـﻤـﺎ
ﺃﻣﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻴﺆﻛﺪ ﻋﻤﺎﺭ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺃﻥ
ﻭ ﻳﺮﻯ ﺍﳌﺨﺮﺝ ﺍﳉـﺰﺍﺋـﺮﻱ "ﻋـﺒـﺪ ﺍﻟـﺮﺍﺯﻕ ﻫـﻼﻝ" ﺃﻥ
ﻷﺳﺒﺎﺏ ﻭﳘﻴﺔ ﺃﳘﻬﺎ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﻠﻬﺠﺔ ﻭ ﺗﻈﻞ ﺗﻘﻮﻝ ﺃﻥ
ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﰲ ﻋﺪﻡ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤـﺎ ﺍﳉـﺰﺍﺋـﺮﻳـﺔ
ﺍﻟﻠﻬﺠﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺭﻏﻢ ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﺎ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻮﺍﺟﺪ ﻭ
ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺍﻹﳘﺎﻝ ﺍﳌﺴﺘﻤﺮ ﻟﻠﺴﻴﻨﻤـﺎ ﺍﳉـﺰﺍﺋـﺮﻳـﺔ ﻓـﻤـﻦ
ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﺎ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺃﻥ ﺗﺘﻮﺍﺟﺪ ﰲ ﻣﻌﻈﻢ
ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺃﻥ ﻣﻊ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﳌـﻮﺯﻉ ﺍﻟـﺬﻱ
ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﺘﻜﺮﺍﺭ ﻋﱪ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ.
ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻫﻮﻳﺘﻬﺎ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ.
ﻳﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﻧﻘﺺ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﺑﺴـﺒـﺐ ﺍﻷﺯﻣـﺔ ﺍﻟـﱵ ﲤـﺮ ـﺎ
ﻳﺴﻌﻰ ﻟﻔﺘﺢ ﺃﺳﻮﺍﻕ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﳋـﺎﺭﺝ ﻣـﺜـﻞ ﻣـﺎ ﳛـﺪﺙ
ﺍﻟﺴﻮﻕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﻐﻠﻖ ﺃﺑﻮﺍﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻔﻴﻠﻢ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ
ﺍﻻﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺳﻴﺠﻌﻞ ﺍﻟﻠﻬﺠﺔ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﻣﻊ
ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﻣﺜﻼ ﺣﻴﺚ ﺍﻹﻧﺘـﺎﺝ ﻣﺴـﺘـﻤـﺮ ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﻓﻘﻂ ﻏـﲑ ﳑـﻜـﻦ
ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺷﻬﺪﺕ ﰲ ﺍﻟﺴﻨـﻮﺍﺕ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﺃﺯﻣﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﻭ ﻫﺬﺍ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺍﻟﺴـﻴـﻨـﻤـﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻓﺸﻠﺖ ﲤﺎﻣﺎ ﻣﺜﻞ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺧـﺎﺻـﺔ
ﺑﻌﺪ ﺣﻞ ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺴﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻛـﺎﻧـﺖ ﺗـﺪﻋـﻢ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻗﺒﻞ ﻴﺌﺔ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺒﺪﻳﻠﺔ ﻋﻦ ﺍﳌـﺆﺳـﺴـﺔ ﻣـﻦ
ﺑﻮﺳﺘﺮ ﻋﻤﺮ ﻗﺘﻠﺘﻮ
ﺍﻟﻘﻄﺎﻉ ﺍﳋﺎﺹ ﺍﻟﺬﻱ ﱂ ﻳﻀﻒ ﺃﻱ ﺗﻄﻮﺭ ﺣﱴ ﺍﻵﻥ
ﻭﺗﻈﻞ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﳏﻠﻚ ﺳﺮ ﺑـﺎﺳـﺘـﺜـﻨـﺎﺀ ﺑـﻌـﺾ ﺍﳌﺒﺎﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ ﻭﻓﺮﺹ ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﺪﻡ.
ﻓﻴﻠﻢ ﺑﻮﻋﻤﺎﻣﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻲ ﺑﻄﻮﻟﺔ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﻋﺮﻳﻮﺍﺕ
ﻋﻠﻰ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺳـﺎﳘـﺖ ﺍﻷﺯﻣـﺔ
ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴـﺔ ﺑـﺎﻹﺿـﺎﻓـﺔ ﻟـﻠـﺤـﺎﻟـﺔ ﺍﻷﻣﻨﻴﺔ ﺍﳌﺘﻮﺗﺮﺓ ﳍﺠﺮﺓ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﲔ ﺇﱃ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﻣﻦ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﲡﻪ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮﻥ ﲝﺜﺎ ﻋـﻦ
ﻋﻤﻞ.
ﻭ ﻳﺆﻛﺪ ﺍﳌﺨﺮﺝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ "ﻋﻤﺎﺭ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ" ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﳍﺎ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻣﺸﺮﻑ ﻭ ﻫﻨﺎﻙ ﻣـﻘـﻮﻣـﺎﺕ ﺳـﻴـﻨـﻤـﺎ
ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﻟﻜﻦ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ﻫﻲ ﻋـﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﳌﻨﺘﺞ ﻭ ﺍﳌﻮﺯﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﺜﻤﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺎﻗﺎﺕ ﻭ ﻳﻮﺟﻬﻬﺎ ﰲ ﺍﻻﲡﺎﻩ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻓﺎﳉﻤﻴﻊ ﺍﺳﺘﺴﻠﻢ ﻟﻸﺯﻣﺔ ﺍﻟﺮﺍﻫـﻨـﺔ ﻭ
ﲣﻠﺖ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻋﻦ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﰲ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺭﻏﻢ ﻣﺎ ﺗﺸـﻜﻠـﻪ ﻣﻦ ﺃﳘﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﻇﻞ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﺮﺍﻫﻨﺔ.
54
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﻟﻮﺣﺎﺕ ﻭﺯﺧﺎﺭﻑ
ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺨﺰﻑ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﻘﻠﻢ :ﻣﻲ ﺍﻟﺤﺴﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﺗﺮﺟﻊ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻹﻏﺮﻳﻘﻲ ﻭﺍﻟﺮﻭﻣﺎﱐ ﻭﺍﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻴﺔ
ﺍﳌﺴﻴﺤﻴﺔ
ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ
)ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻴﺔ
ﻭﺍﻟﻴﻌﻘﻮﺑﻴﺔ(،
ﻭﺑﺘﻮﺳﻊ
ﺍﻟﻔﺘﻮﺣﺎﺕ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﻭﻟﺪﺕ ﻣﺪﺍﺭﺱ ﻓﻨﻴﺔ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﺪﺓ ﰲ ﺑﻘﺎﻉ ﳐﺘﻠﻔﺔ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺭﻏﻢ ﺗﻌﺪﺩﻫﺎ .ﻛﺎﻥ ﳍﺎ ﻗﺎﺳﻢ ﻣﺸﺘﺮﻙ ﳚﻤﻊ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﳌﻀﻤﻮﻥ ﻭﺍﳍﺪﻑ ﻭﻫﻮ ﺣﻴﻮﻳﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺩﻓﻌﺖ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺇﱃ
ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟـﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻴﻬـﺎ ﻟﺘﻌﻤﻴﻖ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻭﺇﱃ ﺇﳒـﺎﺯ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺧﻠﻖ ﲨﺎﱄ ﺭﻓﻴﻊ ﺃﺛﺮﺍﻩ ﺍﻟﺘﻨﻮﻉ
ﺍﻟﻮﺍﺳﻊ ﻟﻠﻤﻜﻮﻧﺎﺕ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻘﻮﻣﻴـﺔ
ﻟﻠﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ .ﻓﻘﺪ ﻛـﺎﻥ ﺍﳍﺎﺟـﺲ ﺍﻟﻮﺣﻴـــﺪ ﻭﺍﻟـــﺪﺍﺋﻢ ﻫـــﻮ ﺍﻟﺘﺠﺪﻳـــﺪ ﻭﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﺍﳌﺴﺘﻤﺮ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﻔﻨﻮﻥ.
ﻭﻇﻬﺮﺕ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﺍﳋﺰﻓﻴـﺔ ﻛﺄﺻـﺪﻕ ﻭﺃﻗــﺪﻡ ﺗﻌﺒــﲑ ﻓــﲏ ﻣﻨــﺬ ﺑﺪﺍﻳــﺔ ﺍﳊﻀﺎﺭﺍﺕ ﺍﻷﻭﱃ ﻟـﻮﺍﺩﻱ ﺍﻟﺮﺍﻓﺪﻳـﻦ ﻭﻣﺼﺮ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ ،ﻭﺑﻌﺪ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻹﺳـﻼﻡ ﺗﻮﺍﺻــــﻞ ﻫــــﺬﺍ ﺍﻟﻔــــﻦ ﺍﻟﺮﺍﻗــــﻲ
ﻟﻴﺰﺩﺍﺩ ﺛﺮﺍﺀ ﻭﲨﺎﻻ ﻭﺭﻭﻋﺔ .ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ﺍﻟﱵ ﻇﻬﺮﺕ ﻗﺒـﻞ ﺍﻹﺳـﻼﻡ ﰲ ﺍﳉﺰﻳﺮﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﳏﺼﻮﺭﺓ ﰲ ﺍﳉﺰﺀ
ﺍﻹﺳﻼﻡ .
ﻭﺑﺎﻧﺘﻘﺎﻝ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺇﱃ ﺩﻣﺸﻖ ﰲ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻷﻣﻮﻱ ﺍﺯﺩﺍﺩ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﻟﻔﻦ ﻭﺍﺻـﺒﺢ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﻌـﺼﺮ ﻧﻘﻄـﺔ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳـﺔ ﰲ ﺗﺜﺒﻴـﺖ ﺧـﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﻔﻨـﻮﻥ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﻟﻘﺪ ﺍﺳﺘﻤﺮ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﺩﺓ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺑﻔﻨﻮﻥ ﺍﻟﺒـﻼﺩ ﺍﻟـﱵ
ﺗﺸﻜﻠﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻣﱪﺍﻃﻮﺭﻳﺘﻬﻢ ،ﻭﺍﻣﺘﺰﺟﺖ ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ﺍﶈﻠﻴـﺔ ﻣـﻊ ﻣـﺎ ﺟﻠﺒـﻪ ﺍﻟﻔﻨـﺎﻥ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﻟﺘﺘﻼﺀﻡ ﻣﻊ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻨﺎﺷـﺌﺔ ﺑـﺪﺧﻮﻝ ﺍﻟـﺪﻳﻦ ﺍﳉﺪﻳـﺪ،
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﳒﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻦ ﺍﺭﺗﺒﻂ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﺑﺘﻌﺎﻗﺐ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ .
ﺗﻔﺎﻋﻞ ﺍﳋﺰﻑ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ
ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﺍﻟﻔﻦ ﺍﳌﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻡ ﺍﳉﺪﺍﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﻔﺴﻴﻔـﺴﺎﺀ ﰲ ﺍﳒـﺎﺯﺍﺕ
ﺭﺍﺋﻌﺔ ﱂ ﲣﻠﻮ ﻣﻦ ﺍﳋﺰﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻨﺤﻬﺎ ﺭﻭﻧﻘﺎ ﲨﻴﻼ .ﻭﻳﻌﻮﺩ ﺗﻌﺒﲑ ﻓﺴﻴﻔـﺴﺎﺀ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻹﻏﺮﻳﻘﻲ - FASS-ﻭﻫﻲ ﺗﺮﻛﻴﺐ ﻓﲏ ﻣﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺭﺧﺎﻣﻴـﺔ
ﻋﺪﺓ ﻭﺃﺣﺠﺎﺭ ﻧﺎﺩﺭﺓ ﺃﻭ ﺯﺟﺎﺝ ﻣﻠﻮﻥ ﻭﻣﺬﹼﻫﺐ ﻳﻀﺎﻑ ﻟﻪ ﺍﳋﺰﻑ.
ﻳﺮﺟﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻦ ﺇﱃ ﺍﳊﻀﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﳑﺎ ﺩﻓﻊ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻟﻼﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤـﺎﻝ ﺍﻹﻏﺮﻳــﻖ ﰲ ﺳــﻮﺭﻳﺎ ﺍﻟــﺬﻳﻦ ﺗــﺄﻗﻠﻤﻮﺍ ﻣــﻊ ﻗﻮﺍﻋــﺪ ﺍﻟﻘﻴــﻢ ﺍﳉﻤﺎﻟﻴــﺔ ﺑﺎﻟﺪﻳــﻦ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﺨﻠﻘﻮﺍ ﳕﺎﺫﺝ ﺗﺘﻮﺍﻓﻖ ﻣﻊ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ.
ﺍﳉﻨﻮﰊ ﻣﻨـﻬﺎ ﺃﻱ ﺍﻟﻴﻤـﻦ ،ﻭﻣﺮﺗﺒﻄـﺔ
ﺍﺭﺗﺒﺎﻃﺎ ﻭﺛﻴﻘﺎ ﺑﺎﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ﺍﻟﻮﺛﻨﻴﺔ ﻛﻤـﺎ ﺃﻥ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻇﻬﺮﺕ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﺪﻥ ﺫﺍﺕ ﺍﻷﺻﻞ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
55
ﻭﺃﻭﻝ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻦ ﰲ ﺍﳉﺎﻣﻊ ﺍﻷﻣﻮﻱ ﺑﺪﻣﺸﻖ ﻭﻗﺪ
ﺍﳌﻘﺘﺒﺴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻦ ﺍﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻲ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ ﺭﻣﻮﺯﻫﺎ
ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺑﺸﻜﻠﻬﺎ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻲ ﻭﳕﺎﺫﺝ ﻣﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺑﻴﺰﻧﻄﻴﺔ ﻛـﻤـﺎ
ﺣﻮﺍﻑ ﺍﳉﺪﺭﺍﻥ ﺍﳌﻐﻄﺎﺓ ﺑﺎﻟﻔﺴﻴﻔﺴﺎﺀ ﻣﺘﻜﻮﻧﺔ ﻣﻦ ﳎﻤﻮﻋﺔ
ﺍﺳﺘﻌﲔ ﺑﺎﻷﺷﻜﺎﻝ ﺍﳊﻴﻮﺍﻧﻴﺔ ﻛﺸﻜﻞ ﺗﺰﻭﻳﻘﻲ ﲝﺖ ﻭﻟـﻴـﺲ
ﳒﻮﻡ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﳌﺜﻤﻦ ﺍﻟﺰﻭﺍﻳﺎ ،ﺍﻟﺬﻫﺒﻴﺔ ﺍﻟﻠﻮﻥ ﺇﺣﺪﻯ
ﻛﺴﻴﺖ ﺟﺪﺭﺍﻧﻪ ﺑﺎﻟﻔﺴﻴﻔﺴﺎﺀ ﻣﺘـﺨـﺬﺓ ﻣـﻮﺍﺿـﻴـﻌـﻬـﺎ ﻣـﻦ
ﻛﺮﻣﺰ ﻛﻤﺎ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ﺍﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﻭﺍﺑﺘﻌﺪﻭﺍ ﻋﻦ ﺍﻟـﺘـﺼـﻮﻳـﺮ
ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ .ﻭﻣﺎ ﻳﺜﲑ ﺍﻧﺘﺒﺎﻩ ﺍﳌﺘﻔﺮﺝ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﺔ ﺍﻟﺼﺨﺮﺓ ﺍﻥ
ﺭﻣﻮﺯ
ﻣﺬﻫﺐ
ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ
ﻋﻨﺪ
ﺍﳌﺴﻴﺤﻴﲔ
ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺍﺣﺘﺮﺍﻣﺎ ﻟﻠﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻭﻟﻸﺳﻒ ﻓﺈﻥ
ESOTERISMEﻭﺍﻋﺘﱪ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﳌﺜﻤﻦ ﺍﻟﺰﻭﺍﻳﺎ ﺃﻭﻝ
ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻭﺍﳌﻔﻜﺮﻳﻦ ﺗﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﺸﺪﺩ ﻭﻏـﲑ
ﻇﺎﻫﺮﺓ ﻓﻨﻴﺔ ﻟﻠﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﺘﺼﺒﺢ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ
ﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﻔﻦ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ .ﻭﻳﺮﻭﻱ ﻟﻨﺎ ﺑـﻌـﺾ ﺍﳌـﺆﺭﺧـﲔ ﻋـﻦ
ﺍﻟﺰﺧﺮﻓﺔ ﰲ ﻗﺒﺔ ﺍﻟﺼﺨﺮﺓ ﺑﻞ ﴰﻞ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﺫﺍﺕ
ﺣﺎﻛﻢ ﺍﻟﻔﺴﻄﺎﻁ ﺇﺫ ﺩﻓﻌﻪ ﺗﺸﺪﺩﻩ ﺇﱃ ﺗـﺪﻣـﲑ ﲤـﺎﺛـﻴـﻞ
ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﻱ ﺑﺰﻭﺍﻳﺎ ﻣﺜﻤﻨﻪ ،ﻭﺍﺧﺘﲑﺕ ﺍﳌﻮﺍﺿﻴﻊ
ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻣﺸﻜﻮﻙ ﺎ ﻷﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺩﻳﻦ ﺍﻟﺮﲪﺔ ﻭﺍﻟﺘﺴﺎﻣﺢ
ﻭﻫﻲ ﺭﻣﺰ ﺍﻹﺧﻼﺹ ،ﻭﻭﺭﺛﻬﺎ ﺍﳌﺴﻴﺤﻴﻮﻥ ﻟﺘﺮﻣﺰ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻔﺔ،
ﻭﺍﻟﺪﻟﻴـﻞ ﺃﻥ ﻓـﻨـﻮﻥ ﺍﳊﻀـﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟـﻘـﺪﳝـﺔ ﻣـﺎ ﺗـﺰﺍﻝ
ﻭﺍﺳﺘﻮﺣﺎﻫﺎ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﻟﻠﺘﺰﻭﻳﻖ ﺍﻟﺒﺤﺖ ﻭﻣﻸ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ
ﻋﻠﻤﻲ ﻭﻻ ﻳﺘﻮﺍﻓﻖ ﻣﻊ ﻣﺎ ﺣﺮﻡ ﳑﺎ ﺃﺩﻱ ﺇﱃ ﺗﺸﻮﻳﻪ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ
ﺍﻷﻗﺒﺎﻁ ﻭﺍﻟﺮﺳﻮﻡ ﺍﳉﺪﺍﺭﻳﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻜﻨﺎﺋﺲ ﻭﻟﻜـﻦ ﻫـﺬﻩ
ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻭﱂ ﲤﺲ ﺑﺴﻮﺀ.
ﻭﻳﺆﻛﺪ ﻟﻨﺎ ﺍﳌﺆﺭﺧﻮﻥ ﻣﺜـﻞ ﻻﻣـﺎﻧـﺲ LAMMENS ﻭﻣﻨﻮﺭﻩ ﺩﻩ ﻓﻴﻼﺭﺩ MONNERET DE VILLARD
ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻔﻦ ﺍﻟﺘﺠﺮﻳﺪﻱ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﱂ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻣﻦ ﻓﻮﺍﻛﻪ ﻭﺯﻫﻮﺭ ﻣﺜﻞ ﺯﻫﺮﺓ ﺍﻟﻠﻮﺗﺲ ﺍﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻴﺔ
ﺍﻟﺰﺧﺮﰲ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪ ﺍﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﻭﺍﻻﻧﻔﺘﺎﺡ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻀﺎﺭﺍﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ.
ﻭﺍﻫﺘﻢ ﻓﻦ ﺍﻷﺭﺍﺑﻴﺴﻚ ﲟﻔﻬﻮﻡ ﻭﺍﺣﺪ ﻫﻮ ﻣﻞﺀ ﺍﻟﺴﻄﺢ
ﺃﻥ ﺗﺼﻮﻳﺮ ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ ﺍﳊﻴﺔ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍ ﺑﺸﻜﻞ ﻭﺍﺿﺢ ﻋﻠﻰ
ﻭﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﺑﺸﻜﻞ ﳏﻜﻢ ﻭﺍﺑﺘﻌﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ،ﻭﺍﺳﺘﻌﻴﺾ ﻋﻦ
ﺍﻟﺴﺠﺎﺩ ﻭﺍﻟﻮﺳﺎﺋﺪ ﻭﺣﱴ ﺍﳋﻮﺍﰎ ﻭﻋﻠﻰ ﻗﺼـﻮﺭ ﺍﳊـﻜـﺎﻡ
ﺍﻟﺘﺠﺴﻴﺪ ﰲ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺑﺎﳋﻂ ﻭﺍﻟﻈﻞ ﻭﺑﺎﳊﺮﻛﺔ
ﻣﺜﻞ ﺩﺍﺭ ﺣﺎﻛﻢ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺍﳌﻨﻮﺭﺓ ﻣﺮﻭﺍﻥ ﺍﺑﻦ ﺍﳊـﻜـﻢ ﺍﻟـﻌـﺎﻡ
ﺍﳊﻠﺰﻭﻧﻴﺔ ﺍﳌﺴﺘﻮﺣﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻦ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻲ ﻭﺍﳋﻄﻮﻁ
ﻋﻤﺮ .ﻭﻣﺎ ﳚﺰﻡ ﺑﻪ ﺃﺎ ﱂ ﺗﺼﻮﺭ ﰲ ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ ﺍﳌﻘﺪﺳﺔ ﺃﻭ
ﻭﻗﺪ ﺍﲣﺬ ﻓﻦ ﺍﻷﺭﺍﺑﻴﺴﻚ ﺍﻟﺼﺪﺍﺭﺓ ﰲ ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ ﺍﳌﻘﺪﺳﺔ
ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻘﺼﻮﺭ ﻭﱂ ﺗﻨـﺤـﺖ ﺃﻭ ﺗـﺮﺳـﻢ ﻋـﻠـﻰ ﺍﳉـﺪﺭﺍﻥ
ﻣﺜﻞ ﺟﺎﻣﻊ ﺍﺑﻦ ﻃﻮﻟﻮﻥ ﻭﺟﺎﻣﻊ ﺍﻷﺯﻫﺮ ﻭﻗﺒﺔ ﺟﺎﻣﻊ
672ﻣﻴﻼﺩﻱ ﻭﻳﺎﺳﺮ ﺍﺑﻦ ﻧﻤﲑ ﻣﺴﺆﻭﻝ ﺧﺰﻳﻨﺔ ﺍﳋـﻠـﻴـﻔـﺔ
ﺍﳌﻮﺍﺟﻬﺔ ﻟﻠﻘﺒﻠﺔ.
ﺍﳌﺘﺸﺎﺑﻜﺔ ﺍﻟﻼﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ ﻟﺘﻮﻫﻢ ﺍﳌﺸﺎﻫﺪ ﺑﻌﻤﻖ ﺍﳋﻄﻮﻁ.
ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺣﺴﻦ ﻛﻤﺎ ﳒﺪﻫﺎ ﰲ ﺍﳌﻮﺻﻞ ﰲ ﺟﺎﻣﻊ ﺍﻟﻨﱯ
ﻭﺃﻛﺪ ﻟﻨﺎ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ
ﻳﻮﻧﺲ ﻭﰲ ﺳﺎﻣﺮﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻳﺢ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺪﺭ ،ﻭﺟﺎﻣﻊ
ﻟﻠﻔﻦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺷﺠﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﻟﻔﻦ ﺍﻟـﺘـﺠـﺮﻳـﺪﻱ
ﺍﻟﻘﺮﻭﻳﲔ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﻭﺟﺎﻣﻊ ﺳﻴﺪﻱ ﺑﻮﻣﺪﻳﻦ ﰲ ﺗﻠﻤﺴﺎﻥ
ﻭﺍﻻﺭﺍﺑﻴﺴﻚ ﻭﺍﳋﻂ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪﻩ ﺷﺎﺭﺩﺍﻥ ﺍﺣـﺪ
ﻏﺮﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ.
ﺍﻟﺮﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1664ﻣﻴﻼﺩﻱ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺃﻥ
ﻭﻟﻘﺪ ﺗﻄﻮﺭﺕ ﻣﺴﲑﺓ ﻓﻦ ﺍﳋﺰﻑ ﻣﺘﺮﺍﺩﻓﺔ ﻣﻊ ﺗﻮﺳﻊ
ﺃﺣﺪ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﱵ ﺃﺿﻌﻔﺖ ﺍﻟﺮﺳﻢ ﺍﻟﺘﺸﺨﻴﺼﻲ ﺍﺴـﻢ ﺃﻭ
ﺍﻟﻔﺘﻮﺣﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﺍﺯﺩﻫﺎﺭ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻥ ﻓﺒﺤﺚ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ
ﺍﻟﻔﻦ ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ ﺇﳕﺎ ﻟﺮﺅﻳﺘﻪ ﺍﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ ﻭﺍﻟـﻔـﻠـﺴـﻔـﻴـﺔ
ﻋﻠﻤﻴﺎ ﺍﳌﻮﺍﺩ ﺍﻟﱵ ﺃﺿﺎﻓﻬﺎ ﺇﱃ ﻋــﺠﻴﻨــﺔ ﺍﻟــﻄــﻴـﻦ ﻟﺘﻌﻄﻲ
ﺍﻟﺒﻌﺪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻻ ﺗﻌﻮﺩ ﻟﻌﺪﻡ ﺇﺗﻘﺎﻥ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺍﳌﺴﻠـﻢ ﺗـﻘـﻨـﻴـﺔ
ﺍﳋﺰﰲ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻋﻦ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﻭﺩﻗﺔ ﺍﻟﺰﺧﺮﻓﺔ ﻭﻃﻮﺭ
ﺍﳌﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﱵ ﻋﱪ ﻋﻨﻬﺎ ﲞﻠﻖ ﻫﺎﺭﻣـﻮﱐ
ﺑﲔ ﺍﳋﻂ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﻭﺍﻟﻠﻮﻥ ﺍﻟﺼﺎﰲ ﺍﻟﺜﺎﺑﺖ ﻟـﺘـﻌـﻮﺽ ﻋـﻦ ﺍﻟﺘﺠﺴﻴﺪ ،ﻭﻃﺮﻳﻘﺔ ﳏﺎﻛﺎﺗﻪ ﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ ﱂ ﲣﺘﻔﻲ ﺑﻞ ﺭﻛﺰﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ.
ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﳒﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺟﺪﺭﺍﻥ ﻗﺒﺔ ﺍﻟﺼﺨﺮﺓ ﺍﻟـﱵ ﺗـﻌـﺪ
ﺍﻭﻝ ﻭﺍﻗﺪﻡ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﻇﻬﺮﺕ ﰲ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻭﻗﺪ ﻗـﺎﻡ ﺍﳋﺰﻓﻴﻮﻥ ﺑﺘﺮﻛﻴﺐ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ ﻣــﺴﺘــﻌﻤﻠﲔ ﺍﻟﻌــﻨﺎﺻــﺮ
56
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﺇﺑﺪﺍﻋﺎﺕ ﻓﻨﻴﺔ ﺗﺒﻘﻰ ﺧﺎﻟﺪﺓ ﻋﱪ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ .ﻭﻳﺘـﻀﺢ ﻫـﺬﺍ
ﺟﻠ ﻴ ﹰﺎ ﻣﻦ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻔﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻲ
ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﰲ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻬﺎﺕ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ:
ﺍﻥ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﳌﻮﺍﺿﻴﻊ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﳜﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﺑﻠﺪ ﺍﱃ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ
ﻭﻗﺪ ﺍﻧﻔﺮﺩ ﺍﳋﺰﺍﻓـﻮﻥ ﺍﳌـﺴﻠﻤﻮﻥ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴـﻮﻥ ﺑﺈﻛـﺴﺎﺏ
ﺣﻴﺚ ﺍﳌﻀﻤﻮﻥ ﻭﺍﻟﺸﻜﻞ ،ﻓﻨﺠﺪ ﻣﺎ ﺻﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺨﺎﺭ ﺑﻜﻞ
ﺍﻟﻨﺤﺎﺳﻲ ﺇﱃ ﺍﻷﺻﻔﺮ ﺍﻟﺬﻫﱯ ﻭﺬﺍ ﺃﻋﻄﻮﺍ ﻟﻠﺨﺰﻑ ﺷﻜﻼ
ﻭﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺸﺄ ﻓﻴﻬﻤﺎ ،ﻓﺎﻟﺰﺧﺮﻓﺔ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻴﺔ ﻟﻸﺷﻜﺎﻝ
ﺍﻹﻧﺎﺀ ﺍﳋﺰﰲ ﺑﺮﻳﻘﺎ ﻣﻌـﺪﻧﻴﺎ ﳜﺘﻠـﻒ ﻟﻮﻧـﻪ ﻣـﻦ ﺍﻷﲪـﺮ ﻣﻌﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﺳﺘﻐﻨﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﻷﻭﺍﱐ ﺍﻟﺬﻫﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻀﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﻘﻬــﺎﺀ ﺍﳌــﺴﻠﻤﻮﻥ ﻳــﺴﺘﻨﻜﺮﻭﻥ ﻋﻠــﻰ ﺍﳊﻜــﺎﻡ ﺍﺳــﺘﻌﻤﺎﳍﺎ
ﻟﺪﻻﻟﺘﻬﺎ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟـﺘﺮﻑ ﻭﺍﻹﺳـﺮﺍﻑ .ﻭﱂ ﻳﻜـﻦ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﻨـﻮﻉ
ﺃﺷﻜﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﺃﻭﺍﱐ ﺃﻭ ﺗﺼﻤﻴﻤﺎﺕ ﺟﺪﺍﺭﻳﺔ ﻳﺘﺒﻊ ﺍﶈﻴﻂ ﺍﳊﻴﺔ ﱂ ﺗﻜﻦ ﻣﺴﺘﻤﺪﺓ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻫﺪ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻴﻮﻣﻲ ﻓﻔﻲ
ﺗﺼﻮﻳﺮ ﺷﲑﻳﻦ ﻭﺧﺮﺳﻮ ﺍﳌﺆﺭﺥ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1499ﻣﻴﻼﺩﻱ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺃﳒﺰﻩ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺷﻴﺨﻲ ،ﻟﻌﺐ ﺍﳋﻴﺎﻝ ﺩﻭﺭﺍ ﺃﺳﺎﺳﻴ ﹰﺎ
ﻣﻌﺮﻭﻓــﺎ ﰲ ﺍﻟﺒــﻼﺩ ﺍﻹﺳــﻼﻣﻴﺔ ﺍﻷﺧــﺮﻯ ﻭﺍﻗﺘــﺼﺮ ﻋﻠــﻰ
ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﻣﺎ ﻧﺮﺍﻩ ﰲ ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﺍﻟﺰﺧﺮﰲ ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ
ﺍﳋــﺰﻑ ﲡﻔﻴــﻒ ﺍﻹﻧــﺎﺀ ﰒ ﺣﺮﻗــﻪ ﻭﻃﻼﺋــﻪ ﺑﺎﻟــﺪﻫﺎﻥ،
ﻃﺮﺏ ﺃﻭ ﻣﻌﺎﺭﻙ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﳌﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﲔ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻲ
ﺍﻷﺛﺮﻳــﺎﺀ ﻭﺍﻷﻣــﺮﺍﺀ ،ﻭﺗﺘﻄﻠــﺐ ﺻــﻨﺎﻋﺔ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻨــﻮﻉ ﻣــﻦ
ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﱐ ﻓﺎﳌﻮﺿﻮﻉ ﻣﺄﺧﻮﺫ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻛﻤﺸﺎﻫﺪ ﺻﻴﺪ ﺃﻭ
ﻭﺗﺮﺳﻢ ﺍﻟﺰﺧﺎﺭﻑ ﺑﺄﻛﺎﺳﻴﺪ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﻌـﺎﺩﻥ ﻓﻴﻈﻬـﺮ ﺑﻌﺪﻫـﺎ
ﻭﺍﻟﺘﺮﻛﻲ ﻫﻮ ﺍﻻﺑﺘﻌﺎﺩ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺠﺴﻴﺪ ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ ﺍﺣﺘﺮﺍﻣ ﹰﺎ
ﺃﻥ ﻣﺮﺍﻛﺰ ﺻﻨﺎﻋﺘﻪ ﺍﻗﺘﺼﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﻭﺳﺎﻣﺮﺍﺀ ،ﻭﻳﻈﻬﺮ
ﺇﱃ ﺍﻟﻔﻦ ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ ﺍﻷﻭﺭﻭﰊ ﻻﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﲢﻘﻴﻖ ﻭﺗﻄﺒﻴﻖ
ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻣﻌﺪﻥ ﺫﻫﱯ ﺍﻟﻠﻮﻥ ﺃﻭ ﻓﻀﻲ .ﻭﻳﻌﺘﻘﺪ ﻋﻠﻤـﺎﺀ ﺍﻵﺛـﺎﺭ
ﻫﺬﺍ ﻋﻠﻰ ﺟﺪﺭﺍﻥ ﻗﺼﺮ ﺳﺎﻣﺮﺍﺀ. ﻭﻳﻌﺘﱪ ﺍﳋﺰﻑ ﺫﻱ ﺍﻟﱪﻳﻖ ﺍﳌﻌﺪﱐ ﺃﻗﺪﻡ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﳋﺰﻑ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟـﺬﻱ ﺑـﺮﺯﺕ ﻓﻴـﻪ ﺃﺷـﻜﺎﻝ ﺣﻴﻮﺍﻧﻴـﺔ ﻭﺑـﺸﺮﻳﺔ ﻣﺘــﺄﺛﺮﺓ ﺑــﺎﻟﻔﻦ ﺍﻟﺴﺎﺳــﺎﱐ ﻭﻫــﺬﺍ ﻣــﺎ ﳒــﺪﻩ ﰲ ﻣﺪﻳﻨــﺔ ﺍﳌﻮﺻﻞ.
ﻭﺗﺴﺘﻤﺮ ﺍﶈﺎﻭﻻﺕ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻬﻴﺔ ﻟﻴﻘﻮﻡ ﺍﳋﺰﺍﻑ ﺑﻨﻘﻞ
ﳏﺘﻮﻯ ﺭﺳﻮﻡ ﺍﳌﺨﻄﻮﻃﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺪﺭﺍﻥ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻭﺍﱐ ﻭﺍﺷﺘﻬﺮﺕ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﺬﺍ ﺍﳌﻴﺪﺍﻥ ،ﺗﻠﻚ ﺍﶈﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﱵ
ﺳﺎﳘﺖ ﰲ ﺍﳊﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﺑﻌﺪ ﻫﺠﻮﻡ ﺍﳌﻐﻮﻝ ﻭﺗﺪﻣﲑ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ
ﺍﺷﺘﻬﺮﺕ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻗﺎﺷﺎﻥ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳋﺰﻑ ﻭﺍﻟﺒﻼﻁ _
ﻛﺎﺷﻲ -ﺫﻭ ﺍﻟﱪﻳﻖ ﺍﳌﻌﺪﱐ ﺍﳌﺘﻌﺪﺩ ﺍﻷﻟﻮﺍﻥ ﺍﻟﺸﻔﺎﻓﺔ ﻭﻫﺬﺍ ﺳﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻨﻮﻉ ﰲ ﺍﳌﻮﺍﺿﻴﻊ ﻓﺘﻈﻬﺮ ﻟﻨﺎ ﺭﺳﻮﻡ ﻷﺳﺎﻃﲑ ﻓﺎﺭﺳﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﻗﺼﺔ ﺮﺍﻡ ﺟﻮﺭ ﻭﻫﻮ ﳝﺎﺭﺱ ﺍﻟﺼﻴﺪ .ﻭﺃﻳﻀﺎ ﺍﻧﺘﺸﺮ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﳊﺮﻭﻑ ﺍﻟﻨﺴﺨﻴﺔ ﻭﻭﻗﻌﺖ ﺑﺄﲰﺎﺀ
ﺻﻨﺎﻋﻬﺎ ﻣﺜﻞ ﳏﺮﺍﺏ ﺟﺎﻣﻊ ﺍﳌﻴﺪﺍﻥ ﺑﻘﺎﺷﺎﻥ ﺍﳌﺼﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﳊﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﺮﺑﺸﺎﻩ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1226ﻣﻴﻼﺩﻱ ،ﻭﻧﻘﺶ ﺍﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ﻣﻴﺰﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺍﻧﻔﺮﺩ ﺎ ﺍﳋﺰﺍﻑ ﺍﻟﻘﺎﺷﺎﱐ.
ﻭﰲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻋﺸﺮ ﳒﺢ ﺍﳌﻐﻮﻝ ﰲ ﺍﻟﺘﻮﺻﻞ ﺇﱃ ﻋﻤﻞ ﺯﺧﺎﺭﻑ ﳏﻔﻮﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻼﻁ ﻭﳒﺪ ﻫﺬﺍ ﰲ ﻗﺼﻮﺭ ﻭﺟﻮﺍﻣﻊ ﲞﺎﺭﻯ ،ﻭﻇﻬﺮﺕ ﻣﺪﺭﺳﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺗﻌﺮﻑ ﺑﺴﻠﻄﺎﻥ ﺁﺑﺎﺩ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺃﺳﻠﻮﺎ ﺑﻘﻠﺔ ﺍﻷﻟﻮﺍﻥ ﻭﻣﻮﺍﺿﻴﻌﻬﺎ ﻣﺴﺘﻤﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻦ ﺍﻟﺼﻴﲏ.
ﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻔﻦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺑﻘﻲ ﺍﻟﻔﻦ ﺍﳍﻨﺪﻱ ﺍﻗﺮﺏ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻔﻦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺴﺒﺐ ﻋﺪﻡ ﲡﺎﻧﺲ
ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺎﺕ ﺍﻭ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﺎﻫﺘﻢ ﺍﻹﻣﱪﺍﻃﻮﺭ ﺃﻛﱪ
AKBARﺑﺘﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻹﳍﻴﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻠﻮﻥ ﻭﺍﳋﻂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻬﺎﺕ ﺍﳊﻴﺔ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺃﺩﻯ ﺇﱄ ﺩﻳﻨﺎﻣﻴﻜﻴﺔ
ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﻔﻦ.
ﺍﳋﻂ ﺍﻟﻌﺮﰊ
ﻭﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺣﺪﺗﻪ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﻃﺒﻘﺖ ﻋﱪﻩ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻔﻦ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻈﺎﻫﺮﻩ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻫﻮ ﺍﳋﻂ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺘﺐ ﺑﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﱘ.
ﻭﻃﻮﺭﻩ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺑﺄﺷﻜﺎﻝ ﻭﺃﳕﺎﻁ ﳐﺘﻠﻔﺔ ﻭﻳﻌﺘﱪ ﺍﳋﻂ
ﺍﻟﻔﻦ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﻔﺮﺩ ﺑﻪ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ. ﻭﻳﺬﻛﺮ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻨﺪﱘ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﻔﻬﺮﺳﺖ ﺃﻥ ﺃﻭﻝ ﺧﻂ ﻋﺮﰊ
ﻧﻘﺶ ﻧﺴﺨﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺼﻴﺎﺝ ﻭﻗﺪ ﻏﻄﻰ ﺍﳉﺪﺍﺭ
ﺍﳉﻨﻮﰊ ﳉﺎﻣﻊ ﺍﻟﻨﱯ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﳏﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ.
ﻭﺗﻜﻤﻦ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﳋﻂ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭﺍﻧﺘﺸﺎﺭﻩ ﺍﻟﺴﺮﻳﻊ ﻋﻠﻰ ﲨﻴﻊ ﻓﺮﻭﻉ ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ﻟﻴﺲ ﺑﺴﺒﺐ ﲢﺮﱘ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺗﺼﻮﻳﺮ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﳊﻴﺔ ﻟﻴﺴﺘﻌﻴﻀﻮﺍ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﳋﻂ ،ﺇﳕﺎ ﻟﻘﻴﻤﺘﻪ
ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﻟﺒﺤﺘﺔ ﰲ ﺷﻜﻠﻪ ﺍﻷﻓﻘﻲ ﻭﺍﻟﻌﻤﻮﺩﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻄﻴﻪ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺮﺽ ﻭﺍﻟﻄﻮﻝ ﻭﺍﻻﺳﺘﺪﺍﺭﺍﺕ ﰲ ﺗﻨﺎﻏﻢ ﻭﺗﻨﺎﺳﻖ ﺣﺮﻭﻓﻪ ،ﻭﻟﻴﻮﻧﺔ ﺗﺮﻛﻴﺒﻬﺎ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺘﺸﻜﻴﻞ ﳕﺎﺫﺝ ﺣﻴﺔ ﻣﻊ ﺍﻹﺑﻘﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺠﺮﻳﺪﻳﺔ ،ﻭﻫﻨﺎ ﻳﻜﻤﻦ ﺳﺮ
ﺣﻴﻮﻳﺔ ﻭﺩﻳﻨﺎﻣﻴﻜﻴﺔ ﺍﻟﻔﻦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ.
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
57
ﻣﻠﻒ ﺍﻟﻀﻔﺎﻑ
ﻗﺼﺔ ﺗﺤﻮﻝ ﻣﻦ ﻓﻨﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺩﺍﻋﻴﺔ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﻨﻲ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ
ﺑﻘﻠﻢ :ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﺰﻳﺎﻧﻲ ﺃﻃﻔﺎﻝ ﺻﻐﺎﺭ ﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﺳﻨﺎ ﰲ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﺍﻷﻏﺎﱐ ﺑﺎﻹﺫﺍﻋﺔ ﻭﺍﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻥ
ﻭﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺎﺭﺡ ،ﻭﲝﻜﻢ ﺗﺄﺛﲑ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ،ﺑﺪﺃﺕ ﺃﻫﺘﻢ ﺬﺍ ﺍﳌﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺟﺪﺕ ﻛﻜﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻛﻨﺖ ﺃﲝﺚ ﻋﻦ ﺍﳊﻴـﺎﺓ ﻧﻔﺴﻲ ﻓﻴﻪ ،ﺇﱃ ﺃﻥ ﺷﺎﺭﻛﺖ ﰲ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ ﺗﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ ﻟﻸﺻﻮﺍﺕ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔ )ﻛﻤﺎ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ،ﻭﻛﻨﺖ ﺃﻇﻨﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳـﻌـﺘـﻘـﺪﻩ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ( ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻛﺎﻥ ﻳﺬﺍﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﳍﻮﺍﺀ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺍﲰﻪ
ﺍﻟﻜﺜﲑ ،ﺃﺎ ﰲ ﺍﳊﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﺷـﻴـﺎﺀ ) ﲬﻴﺲ ﺍﳊﻆ ( ﻓﺒﺪﺃﺕ ﺍﳉﺮﺍﺋﺪ ﺗﻜﺘﺐ ﻋﲏ ﻣﺸﺠﻌﺔ ﻛﻲ ﺃﺳﺘﻤﺮ ﰲ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﻛﺎﳌﺎﻝ ﻭﺍﻟﺸﻬﺮﺓ ﻭﻏﲑﳘﺎ ﳑـﺎ ﺍﻟﻐﻨﺎﺀ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮﻱ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﱂ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﳋﺎﻣﺴﺔ ﻋﺸﺮ ،ﰒ ﻛﺎﻧﺖ ﱄ ﻣﺸﺎﺭﻛﺎﺕ
ﻳﻄﻤﺢ ﺇﻟﻴﻪ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮ ،ﻓﺴـﻌـﻴـﺖ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺑﺮﺍﻣﺞ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﻭﺃﻧﺎ ﻃﺎﻟﺐ ﺃﺗﺎﺑﻊ ﺩﺭﺍﺳﱵ ،ﺇﱃ ﺃﻥ ﻟﻠﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ،ﻓﻮﺟﺪﺕ ﻧـﻔـﺴـﻲ ﺍﻟﺘﺤﻘﺖ ﻛﻤﺤﺘﺮﻑ ﺑﺎﻟﻔﺮﻗﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ ،ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﺃﺷﺎﺭﻙ ﺃﺷﻬﺮ ﺍﳌﻐﻨﻴﲔ
ﻭﺃﻧﺎ ﺻﻐﲑ ﺍﻟﺴﻦ ﰲ ﺑﻴﺌﺔ ﺍﳌﺸﺎﻫﲑ ﻣـﻦ ﻣﺜﻞ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﺍﻟﺪﻛﺎﱄ ﻭﻋﺒﺪ ﺍﳊﻠﻴﻢ ﺣﺎﻓﻆ ﺍﻟﱠ ﹶﺬ ﻳ ِﻦ ﺃﺻﺒﺤﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﺃﻛﱪ ﺧﻼﻝ ﺍﻹﺫﺍﻋﺔ ﻭﺍﻟﺘﻠﻔـﺰﻳـﻮﻥ ،ﺣـﻴـﺚ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻲ ،ﻭﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﻨﺖ ﺃﺷﺎﺭﻙ ﻓﺮﻗﺔ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺑﺎﻹﺫﺍﻋﺔ ﻋﺪ ﺑﺪﺃﺕ ﺃﺷﺎﺭﻙ ﰲ ﺑﺮﺍﻣﺞ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺣﱴ ﺑﺮﺯﺕ ﰲ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﺃﺗﻘﻤﺺ ﺃﺩﻭﺍﺭﺍ ﺭﺋﻴﺴﻴﺔ ،ﰒ ﺑﺪﺃﺕ ﹸﺃ ِ ﺑﻴﺘﻨﺎ ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ﺑﺎﳌﻐﺮﺏ ﻗﺮﻳﺒﺎ ﻭﺃﻗﺪﻡ ﺑﺮﺍﻣﺞ ﺇﺫﺍﻋﻴﺔ ﻭﺗﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ ،ﺍﻟﱵ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻣﻦ ﺃﺷﻬﺮ ﺍﻟﱪﺍﻣﺞ ﻭﺃﳒﺤﻬﺎ
ﺟﺪﺍ ﻣﻦ ﻣﺒﲎ ﺍﻹﺫﺍﻋﺔ ﻭﺍﻟﺘﻠﻔـﺰﻳـﻮﻥ ،ﻋﻨﺪ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺃﱐ ﻛﻨﺖ ﺃﻗﺪﻡ ﺍﻟﻨﺸﺮﺍﺕ ﺍﻹﺧﺒﺎﺭﻳﺔ ﰲ ﺍﻹﺫﺍﻋﺔ ﻓﱪﺯﺕ ﰲ ﺑﺮﺍﻣﺞ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻣـﻦ ﺧـﻼﻝ ﻭﺍﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻥ ﻣﻊ ﺃﻧﺸﻄﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﰲ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﻛﺎﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﻠﺤﲔ ﻭﺍﻹﺧﺮﺍﺝ
ﻣﺸﺎﺭﻛﺎﰐ ﰲ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴـﻠـﻴـﺎﺕ ﻭﺃﻧـﺎﺷـﻴـﺪ ﺍﻹﺫﺍﻋﻲ ﻭﻏﲑﻫﺎ .ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﲝﺜﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﱵ ﱂ ﺃﺟﺪﻫﺎ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺴـﻢ ﺑـﺎﻟـﱪﺍﺀﺓ ﺍﳌﻴﺪﺍﻥ ﺍﳌﻠﻲﺀ ﺑﺎﳍﻤﻮﻡ ﻭﺍﳌﺸﺎﻛﻞ ﻭﺍﻷﺣﻘﺎﺩ ،ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﻋﻼﻗﺎﰐ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻴﺪﺓ ﻣﻊ ﺣ ﹶﻜ ٍﻢ ﻭﻣﻮﺍﻋﻆ ،ﺍﳉﻤﻴﻊ ،ﺑﻞ ﻛﻨﺖ ﺃﺣﺐ ﲨﻴﻊ ﺯﻣﻼﺋﻲ ﻭﳛﺒﻮﻧﲏ ،ﺇﻻ ﻣﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﳛﺴﺪﻭﻧﲏ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻟﻔﻄﺮﺓ ﻭﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ِ
ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎﺕ ،ﰒ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﺃﻻﻗﻲ ﻣﻦ ﳒﺎﺡ ) ﰲ ﻧﻈﺮﻫﻢ ( !! ﻭﳑﺎ ﻛﺎﻥ ﳝﻴﺰﱐ ﰲ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺪﺃﺕ ﺗﺪﺭﳚﻴﺎ ﺍﻻﺑﺘﻌﺎﺩ ﻋﻦ ﺍﻟﱪﺍﺀﺓ ﻛﻨﺖ ﺃﻋﻴﺶ ﻓﻴﻪ ،ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﱄ ﺻﺪﺍﻗﺎﺕ ﻭﻋﻼﻗﺎﺕ ﻭﻃﻴﺪﺓ ﻣﻊ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﳌﺴﺆﻭﻟﲔ ﰲ ﻭﺍﻟﻔﻄﺮﺓ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﺳﺘﺨﺪﻣﻮﻧﺎ ﻭﳓﻦ
58
ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﲨﻠﺔ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻲ ﺭﺋﻴﺲ ﻭﺯﺭﺍﺀ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺁﻧﺬﺍﻙ
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
) ﺍﳌﻌﻄﻲ ﺑﻮﻋﺒﻴﺪ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ( ﺍﻟﺬﻱ ﻛـﻨـﺎ ﻧـﺘـﺒـﺎﺩﻝ ﺍﻟـﺰﻳـﺎﺭﺍﺕ
ﻣﻜﺎﻥ ،ﻭﺩﺧﻠﺖ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﺒﻴﻮﺕ ﺩﻭﻥ ﺍﺳﺘﺌﺬﺍﻥ ) ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻹﺫﺍﻋﺔ
ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ﻳﻮﻣﻴﺎ ،ﻭﻳﺴﻤﻮﻧﻪ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ ) ﻭﺯﻳﺮ ﺃﻭﻝ ( ،ﳑﺎ ﺟـﻌـﻠـﲏ
ﻭﺍﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻥ ( ﻓﻠﻢ ﺃﺟﺪ ﻣﻦ ﻳﺪﻟﲏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ !! ﺇﺫﻥ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ
ﺃﺗﻌﺮﻑ ﻋﻦ ﻗﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺓ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﳌﺴﺆﻭﻟﲔ ﻭﺃﺷﻬﺮ ﺍﻟـﻔـﻨـﺎﻧـﲔ ،
ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ !! ) ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﺃﻋﺘﻘﺪ ﰲ ﺫﻟﻚ
ﻓﺒﺪﺃﺕ ﺃﺗﺴﺎﺀﻝ ،ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ؟ ﻭﻣﻦ ﻫﻢ ﺍﻟﺴﻌﺪﺍﺀ ؟ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ
ﻭﺳﺄﲢﺪﺙ ﻋﻨﻬﻢ ﻻﺣﻘﺎ ( .ﻓﻘﺮﺭﺕ ﺃﻥ ﺃﲝﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺧﺎﺭﺝ
ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﻌـﻴـﺶ ﰲ ﺳـﻌـﺎﺩﺓ
ﺍﳌﻐﺮﺏ ،ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﺃﻗﺮﺏ ) ﺳﺮﺍﺏ ( ﺇﱃ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺳﺎﻓﺮﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ
ﻧﺤﺴﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﳉﺮﺍﺋﺪ ﻭﺍـﻼﺕ ﺗـﻜـﺘـﺐ ﻋـﲏ ﻭﻋـﻦ
ﰲ ﺳﻨﺔ 1977ﻡ ﺑﺎﺣﺜﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ،ﻓﺎﺯﺩﺍﺩ ﺷﻘﺎﺋﻲ ﻫﻨﺎﻙ ،
) ﺃﻧﺸﻄﱵ( ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ،ﻭﺗﺠﺮِﻱ ﻣﻌﻲ ﻣﻘﺎﺑـﻼﺕ ﺻـﺤـﻔـﻴـﺔ ﺑـﲔ
ﻷﻧﲏ ﱂ ﺃﻏﲑ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ،ﺃﻱ ﻣﻦ ﺑﻴﺌﺔ ﺷﺮ ﺇﱃ ﺑﻴﺌﺔ ﺧﲑ ،ﺑﻞ
ﺍﻟﻔﻴﻨﺔ ﻭﺍﻷﺧﺮﻯ ،ﺇﱃ ﺃﻥ ﻃﹸﺮﺡ ﻋﻠﻲ ﺳﺆﺍﻝ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﰲ ﺇﺣـﺪﻯ
ﻏﲑﺕ ﻓﻘﻂ ﺍﳌﻮﻗﻊ ﺍﳉﻐﺮﺍﰲ .ﺭﺟﻌﺖ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺇﱃ ﺍﳌﻐﺮﺏ
ﺍﳌﻘﺎﺑﻼﺕ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺻﺤﺎﰲ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﺘﺒﻊ ﺃﺧﺒﺎﺭﻱ ﺑﺎﻫﺘـﻤـﺎﻡ ﺑـﺎﻟـﻎ
ﻭﺇﱃ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻹﺫﺍﻋﺔ ﻭﺍﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻥ ﻭﺍﻟﻔﻦ ،ﻭﺃﻧﺎ ﻏﲑ ﺭﺍﺽ ﻋﻦ
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻥ ﺃﻏﻠﺒﻬﻢ ﻗﺪ ﺣِ ﺮ ﻡ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﱵ ﻛﻨﺖ ﺃﲝﺚ ﻋـﻨـﻬـﺎ ،
ﺍﻟﻮﻗﺖ ،ﻭﺇﻻ ﻓﺎﳌﻐﺮﺏ ﻣﻠﻲﺀ ﺑﺎﻟﺴﻌﺪﺍﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻋﺮﻓﺘﻬﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ،
ﻭﺍﲰﻪ )ﺑﻮﺷﻌﻴﺐ ﺍﻟﻀﺒﺎﺭ( ،ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻫﻮ :ﻫﻞ ﻳﻄﺎﺑﻖ ﺍﻻﺳﻢ
ﻧﻔﺴﻲ ،ﻭﻟﻜﲏ ﻛﻨﺖ ﻣﻀﻄﺮﺍ ﻷﻧﻪ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻟﺪﻱ ﺑﺪﻳﻞ ،ﻭﱂ ﺃﺟﺪ
ﺍﳌﺴﻤﻰ ؟ ﺃﻱ ،ﻫﻞ ﺃﻧﺖ ﺳﻌﻴﺪ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻚ ﺍﻟﻔﻨـﻴـﺔ ﻭﺍﳋـﺎﺻـﺔ ؟
ﺁﻧﺬﺍﻙ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ .ﻭﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺗﻮﰲ ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻠﻴﻢ
ﻭﻛﺎﻥ ﺟﻮﺍﰊ :ﺃﻧﺎ ﺱ ﻉ ﻱ ) ﺳﻌﻴـ ( ﻭﻻﺯﺍﻝ ﻳﻨﻘﺼﲏ – ﺩ – ﻭﺃﻧـﺎ
ﺣﺎﻓﻆ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﱄ ﺻﺪﻳﻘﺎ ﲪﻴﻤﺎ ،ﻓﺘﺄﺛﺮﺕ ﺑﻮﻓﺎﺗﻪ ﻭﺧﺼﻮﺻﺎ
ﰲ ﲝﺚ ﻋﻨﻪ ،ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﺟﺪﻩ ﺳﺄﺧﱪﻙ .ﻛﺎﻥ ﺫﻟـﻚ ﰲ ﺳـﻨـﺔ
ﻭﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﳛﻜﻲ ﱄ ﰲ ﺟﻠﺴﺎﺕ ﺧﺎﺻﺔ ﳘﻮﻣﻪ ﻭﻣﺸﺎﻛﻠﻪ ﻭﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻪ
1974ﻡ .ﲟﺎ ﺃﱐ ﱂ ﺃﺟﺪ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﰲ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟـﻔـﻦ ﻭﺍﻹﻋـﻼﻡ
،ﻓﻜﻨﺖ ﺃﺧﺎﻃﺐ ﻧﻔﺴﻲ ﻗﺎﺋﻼ :ﻳﺎ ﺳﻌﻴﺪ :ﻟﻮ ﺗﺴﺘﻤﺮ ﰲ ﻣﻴﺪﺍﻥ
ﺍﻟﺬﻱ ﻛﻨﺖ ﺃﻋﻴﺶ ﻓﻴﻪ ،ﻗﻠﺖ ﰲ ﻧﻔﺴﻲ :ﲟﺎ ﺃﻥ ﻟﻔـﻆ ﺍﻟﺴـﻌـﺎﺩﺓ
ﺍﻟﻐﻨﺎﺀ ،ﺃﻗﺼﻰ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺼﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺜﻞ ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻠﻴﻢ
ﻣﻮﺟﻮﺩ ،ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﺎ ﻣـﻮﺟـﻮﺩﺍ ،ﻓـﻘـﺮﺭﺕ ﺃﻥ
،ﺃﺗﺘﻤﲎ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺜﻠﻪ ﰲ ﺍﻟﺘﻌﺎﺳﺔ ﻭﺍﻟﺸﻘﺎﺀ ؟ ﻭﻛﻨﺖ ﺃﺗﺴﺎﺀﻝ ﻣﻊ
ﺃﺳﺘﻐﻞ ﺑﺮﺍﳎﻲ ﺍﻹﺫﺍﻋﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺎﺟﺤﺔ ،ﻟـﻠـﺒـﺤـﺚ ﻋـﻦ
ﻧﻔﺴﻲ ،ﻟﻮ ﲨﻌﺖ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻜﺜﲑﺓ ﻭﺗﺮﻗﻴﺖ ﰲ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﳌﻨﺎﺻﺐ ،
ﻭﺁﺭﺍﺀ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﻜﺮﻳﻦ ﻭﺍﻷﺩﺑﺎﺀ ﻭﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺴـﻌـﺎﺩﺓ ،
ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻲ ﻭﻛﻨﺖ ﺃﻋﺮﻑ ﺣﻴﺎﻢ ﺍﳋﺎﺻﺔ ،ﻭﺃﻋﺮﻑ ﳘﻮﻣﻬﻢ
ﻛﻤﺎ ﺃﱐ ﺃﺩﺭﺟﺖ ﰲ ﺍﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﺁﺭﺍﺀ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣـﻦ ﺍﳌﺴـﺘـﻤـﻌـﲔ ﻣـﻦ
ﻭﻣﺸﺎﻛﻠﻬﻢ ﻭﻣﻌﺎﻧﺎﻢ ،ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﺷﻘﻴﺎ ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﺃﺷﻘﻴﺎﺀ ،ﻭﻟﻜﲏ
ﳐﺘﻠﻒ ﺷﺮﺍﺋﺢ ﺍﺘﻤﻊ ﺣﻮﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ،ﻭﻗـﻠـﺖ ﰲ ـﺎﻳـﺔ
ﻛﻨﺖ ﺃﻗﻞ ﺷﻘﺎﺀ ﻣﻨﻬﻢ ،ﻷﻥ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺄﻛﻞ
ﺍﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﻣﻌﻠﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﺭﺍﺀ :ﻟﻘﺪ ﻃﻠﺒﺖ ﺁﺭﺍﺀ ﰲ ﺍﻟﺴﻌـﺎﺩﺓ ،
ﻭﻛﻨﺖ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺁﻛﻞ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺘﺰﻭﺝ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﺃﻧﺎ
ﻓﺤﺪﺛﻮﱐ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺇﻻ ﻋـﻦ ﺍﻟﺴـﻌـﺎﺩﺓ ،ﺣـﺪﺛـﻮﱐ ﻋـﻦ
ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺫﻟﻚ .ﺇﺫﻥ ﻣﻌﲎ ﻫﺬﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺮﻗﻲ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﺎﻻﺕ ،ﻫﻮ
ﺃﺣﺎﺳﻴﺲ ﺗﻨﺘﺎﺏ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻟﻔﺘﺮﺓ ﻣﻌﻴﻨـﺔ ﰒ ﺗـﺰﻭﻝ ،ﻭﻳـﺒـﻘـﻰ
ﻕ ﰲ ﺍﻟﺸﻘﺎﺀ !! ﺗ ﺮ ٍ
ﻫﺬﺍ ﻗﻠﺖ ﰲ ﻧﻔﺴﻲ :ﺭﲟﺎ ﱂ ﻳﻘﻊ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻱ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺷـﻘـﻴـﺎﺀ
ﺍﳌﻨﺸﻮﺩﺓ ،ﻭﺃﻥ ﺃﺑﻘﻰ ﰲ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﻔﻦ ﻭﺍﻹﺫﺍﻋﺔ ﻭﺍﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻥ ﺇﱃ
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﻃﱠﻠﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﺁﺭﺍﺋﻬﻢ ﻭﻧﻈﺮﻳﺎﻢ ،ﻓﻘﺮﺭﺕ ﺃﻥ ﺃﻓﺴـﺢ ﺍـﺎﻝ
ﺃﻥ ﺃﺟﺪ ﺍﻟﺒﺪﻳﻞ .ﻭﺍﺻﻠﺖ ﻧﺸﺎﻃﻲ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻴﺪﺍﻥ ﺃﹸﻋﺪ ﻭﺃﻗﺪﻡ
ﻟﻜﻞ ﺍﳌﺴﺘﻤﻌﲔ ﰲ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺇﺫﺍﻋﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﳍﻮﺍﺀ ﻣـﺒـﺎﺷـﺮﺓ ،ﻟـﻜـﻲ
ﺍﻟﱪﺍﻣﺞ ،ﺃﹸﳊﻦ ﻭﺃﻏﲏ ﻭﺃﻛﺘﺐ ﻭﺃﹸﻗﺪﻡ ﺍﻟﺴﻬﺮﺍﺕ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ
ﻳﻌﱪﻭﺍ ﻋﻦ ﺁﺭﺍﺋﻬﻢ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ .ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻻﺳـﺘـﻤـﺎﻉ ﺇﱃ
ﺑﺎﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻥ،ﺇﱃ ﺳﻨﺔ 1981ﻡ ﺣﻴﺚ ﺯﺍﺩ ﺍﻟﺸﻘﺎﺀ ﻭﺃﺣﺴﺴﺖ ﺑﻀﻴﻖ
ﺍﻹﺫﺍﻋﺔ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻫـﺪﺓ ﺍﻟـﺘـﻠـﻔـﺰﻳـﻮﻥ ،
ﺟﻌﻠﲏ ﺃﹸﻏﺎﺩﺭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﰲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ،ﻭﻟﻜﻦ
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺃﻧﻪ ﱂ ﺗﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﻗﻨﻮﺍﺕ ﻓﻀـﺎﺋـﻴـﺔ ،ﻭﻛـﺎﻧـﺖ
ﺇﱃ ﺃﻳﻦ ؟ ﳓﻮ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺴﺮﺍﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻮﺟﻬﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﺎﺑﻘﺎ :
ﺍﳌﺴﺘﻤﻌﲔ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ،ﻓﻮﺟﺪﺎ ﺁﺭﺍﺀ ﻣﺘﺸﺎـﺔ ،ﺑـﺄﻟـﻔـﺎﻅ
ﻭﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻓﻘﻂ ،ﺍﻟﺘﺤﻘﺖ ﺑﺈﺫﺍﻋﺔ ﺩﻭﻟﻴﺔ ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ
ﳐﺘﻠﻔﺔ ،ﻭﻗﻠﺖ ﰲ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﺃﻥ ﻗـﻠـﺘـﻪ ﰲ
ﻃﻨﺠﺔ ﴰﺎﻝ ﺍﳌﻐﺮﺏ ،ﺍﲰﻬﺎ :ﺇﺫﺍﻋﺔ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﺍﳌﺘﻮﺳﻂ
ﺍﳊﻠﻘﺎﺕ ﺍﳌﺎﺿﻴﺔ :ﻟﻘﺪ ﻃﻠﺒﺖ ﺁﺭﺍﺀ ﰲ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ،ﻓﺤﺪﺛﻮﱐ ﻋـﻦ
ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ )ﻣﻴﺪﻱ (1ﺍﻟﱵ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻣﻦ ) ﳒﻮﻣﻬﺎ ( ﻭﻛﻨﺖ ﰲ
ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺇﻻ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ،ﺣﺪﺛﻮﱐ ﻋـﻦ ﺃﺣـﺎﺳـﻴـﺲ ﺗـﻨـﺘـﺎﺏ
ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻏﲏ ﻭﺃﺷﺎﺭﻙ ﰲ ﺍﳊﻔﻼﺕ ﻭﺍﻟﺴﻬﺮﺍﺕ ،ﻓﺰﺍﺩﺕ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻟﻔﺘﺮﺓ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﰒ ﺗﺰﻭﻝ ،ﻭﻳﺒﻘﻰ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻣﻄﺮﻭﺣﺎ ،ﻣـﺎ
ﺍﻟﺸﻬﺮﺓ ﻭﺯﺍﺩ ﺍﳌﺎﻝ ﻭﺯﺍﺩ ﺍﻟﺸﻘﺎﺀ !! ﻓﺒﺪﺃﺕ ﺃﺗﺴﺎﺀﻝ ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻲ ،
ﻫﻲ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ؟ ﻭﺃﻳﻦ ﻫﻢ ﺍﻟﺴﻌﺪﺍﺀ ؟
ﳌﺎﺫﺍ ﺃﻋﻴﺶ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ؟ ﻫﻞ ﻵﻛﻞ ﻭﺃﺷﺮﺏ ﻭﺃﻧﺎﻡ ﻭﺃﺷﺘﻐﻞ
ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﳌﻔﻘﻮﺩﺓ .ﻓﺨﺼﺼﺖ ﻟﺬﻟﻚ ﺣﻠﻘﺎﺕ ﲨﻌﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﻈﺮﻳﺎﺕ
ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻣﻄﺮﻭﺣﺎ ،ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ؟ ﻭﺃﻳﻦ ﻫﻢ ﺍﻟﺴﻌﺪﺍﺀ ؟ ﺑـﻌـﺪ
ﺍﶈﻄﺎﺕ ﺍﶈﻠﻴﺔ ﺗﺒﺚ ﺑﺮﺍﳎﻬﺎ ﰲ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﻣﻌﻴﻨﺔ .ﻓﺘﻠﻘﻴـﺖ ﺁﺭﺍﺀ
ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻗﻠﺖ ﰲ ﻧﻔﺴﻲ :ﻟﻘﺪ ﲝﺜﺖ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﰲ ﻛﻞ
ﺃﻗﺼﻰ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺃﺻﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻥ ﺃﻛﻮﻥ ﻣﺜﻞ ﻓﻼﻥ ﺃﻭ ﻓﻼﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ
ﻭﻟﻜﻦ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻲ ﺃﻥ ﺃﺳﺘﻤﺮ ﰲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺃﺟﺪ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ
ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ .ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺯﺍﺩ ﺍﻟﺸﻘﺎﺀ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻓﺮﺟﻌﺖ ﺇﱃ ﺍﳌﻐﺮﺏ ،
ﺣﱴ ﺃﻣﻮﺕ ؟ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻴﺎﺓ ﻛﻬﺬﻩ ﻭﺎﻳﺘﻬﺎ ﻣﻮﺕ ،ﻓﻼ ﻣﻌﲎ ﳍﺎ
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
59
ﻭﻻ ﻣﱪﺭ !! ﻭﺇﺫﺍ ﻛﻨﺖ ﰲ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭ ﺍﳌﻮﺕ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﻀﻊ ﺣـﺪﺍ ﳍـﺬﺍ
.ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﺎﻓﺮﺕ ﺁﺧﺮ ﻣﺮﺓ ﺇﱃ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ،ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺭﺍﻓﻘﲏ ﺃﺥ ﱄ
ﺍﻟﺸﻘﺎﺀ ،ﳌﺎﺫﺍ ﺃﺑﻘﻰ ﰲ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭﻩ ؟ ﳌﺎﺫﺍ ﻻ ﺃﻋﺠﻞ ﺑﻪ ﻭﺃﻣﻮﺕ ﺍﻵﻥ ؟
ﻳﻜﱪﱐ ﺑﺴﻨﺔ ﻭﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﺷﻬﺮ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺑﻘﻲ ﰲ ﻫﻮﻟﻨﺪﺍ ﺑﻌﺪ ﺭﺟﻮﻋﻲ
) ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﻭﺳﺎﻭﺱ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻟﻠﺪﻋﻮﺓ ﺇﱃ ﺍﻻﻧﺘﺤﺎﺭ ،ﻭﻫـﺬﺍ
ﺇﱃ ﺍﳌﻐﺮﺏ ،ﻓﺎﻟﺘﻘﻰ ﻫﻨﺎﻙ ﺑﺪﻋﺎﺓ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﳚﻮﺑﻮﻥ
ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺎﻝ ،ﻟﻴﺲ ﺎﻳﺔ ﻟﻠﺸﻘﺎﺀ ،ﺑﻞ ﻫـﻮ ﺑـﺪﺍﻳـﺔ
ﺍﻟﻐﺎﻓﻠﲔ ،ﻟﻴﺬﻛﺮﻭﻫﻢ ﺑﺪﻳﻨﻬﻢ ﻭﻳﺪﻋﻮﻢ ﺇﱃ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ،ﻓﺘﺄﺛﺮ
ﺍﻟﺸﻘﺎﺀ ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ ،ﻭﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﺍﻷﻟﻴﻢ ﰲ ﻧﺎﺭ ﺟﻬﻨﻢ ﻭﺍﻟﻌﻴﺎﺫ ﺑـﺎﷲ .
ﺑﻜﻼﻣﻬﻢ ،ﻭﺻﺎﺣﺒﻬﻢ ﺇﱃ ﺍﳌﺴﺠﺪ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﺎﻡ ﺍﻟﺪﺭﻭﺱ
ﻭﺃﻧﺎ ﰲ ﺻﺮﺍﻉ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ،ﻛﺎﻧـﺖ ﻭﺍﻟـﺪﰐ -ﺭﲪـﻬـﺎ
ﻭﺣﻠﻘﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻢ ،ﻭﺑﻘﻲ ﺑﺼﺤﺒﺘﻬﻢ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺗﻐﲑﺕ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،ﻭﺑﻠﻐﲏ
ﺍﷲ -ﺣﺮﻳﺼﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺪﺍﻳﱵ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﱂ ﲡﺪ ﺍﻷﺫﻥ ﺍﻟﺼـﺎﻏـﻴـﺔ
ﺟﻦ ﻭﺃﻃﻠﻖ ﳊﻴﺘﻪ ﻭﺃﺻﺒﺢ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﺇﱃ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺧﻄﲑﺓ ، ﺃﻥ ﺃﺧﻲ
ﻭﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﻟﺴﻠﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻘﺒﻞ ﺩﻋﻮﺓ ﺍﳊﻖ ،ﻭﺑﺎﻷﺣﺮﻯ ﻣـﺎ ﻛـﻨـﺖ
ﻧﻔﺲ ﺍﻹﺷﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻄﻠﹶﻖ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺰﻡ ﺑﺪﻳﻦ ﺍﷲ ،ﺑﻞ
ﺃﺭﺍﻩ ﻣﻦ ﺗﺼﺮﻓﺎﺕ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ،ﻛﺎﻥ ﻳﺒﻌﺪﱐ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﻷﻥ
ﻫﻲ ﺳﻨﺔ ﺍﷲ ﰲ ﺍﻟﻜﻮﻥ ،ﺃﻥ ﻳﺆﺫﻯ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﰲ ﺯﻣﺮﺓ
ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﺘﺴﺒﲔ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﻳﺎ ﻟﻸﺳـﻒ .
ﻳﻔﺘﻨﻮﻥ( .
ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺼﻞ ﻟﻠﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺎﻫﲑ ( ﻭﱂ ﺃﻛﻦ ﺃﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﻣﻮﺕ ﺍﻟـﺬﻳـﻦ
ﻟﺴﺎﻥ ﺣﺎﳍﻢ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻄﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﻣﺸﻮﻫﺔ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ،ﻛـﻤـﺎ ﻫـﻮ
ﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ ﻭﺍﳌﻘﺎﻫﻲ ﻭﺍﶈﻼﺕ ﺍﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ ،ﻳﺒﺤﺜﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ
ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ ) ،ﺍﻡ ﺃﺣﺴﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﻳﺘﺮﻛﻮﺍ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻟﻮﺍ ﺁﻣﻨﺎ ﻭﻫﻢ ﻻ
ﻓﻜﻨﺖ ﺃﺭﻯ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺑﲔ ﺗﻔﺮﻳﻂ ﻭﺇﻓﺮﺍﻁ ،ﺑـﺎﻹﺿـﺎﻓـﺔ ﺇﱃ ﺃﻥ
ﻋﺎﺩ ﺃﺧﻲ ﺑﻌﺪ ﻣﺪﺓ ﺑﻐﲑ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻫﺐ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﻐﺮﺏ ،
ﺑﻌﺾ ﺍﳌﻨﺘﺴﺒﲔ ﻟﻠﻌﻠﻢ ،ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻘﺼﺮﻭﻥ ﰲ ﺩﻋـﻮﺗـﻨـﺎ ﺇﱃ ﺍﷲ ،
ﺣﺴ ﻦ ﺩﻳﻨﻪ ﻭﺧﻠﻘﻪ ،ﻭﺑﻌﺪ ﺟﻬﺪ ﺟﻬﻴﺪ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺃﺧﻲ ﻭﻗﺪ
ﻓﻜﻨﺖ ﺃﻟﺘﻘﻲ ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﰲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎﺕ ﻋﺪﻳﺪﺓ ،ﻓﻜﺎﻧﻮﺍ ﻳﻨﻮﻫﻮﻥ ﰊ
ﻭﺍﻟﺪﻋﺎﺓ ﺇﱃ ﺍﷲ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺪﺍﻳﺔ ﺃﺧﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ،ﻭﺟﻬﺪ
ﻭﺑﺄﻋﻤﺎﱄ ﺍﻹﺫﺍﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ ،ﻭﻻ ﻳﺴﺄﻟﻮﻥ ﻋﻦ ﺣﺎﱄ ،ﻫـﻞ
ﻭﺩﻋﺎﺀ ﻭﺍﻟﺪﰐ –ﺭﲪﻬﺎ ﺍﷲ -ﺷﺮﺡ ﺍﷲ ﺻﺪﺭﻱ ﻭﻋﺰﻣﺖ ﻋﻠﻰ
ﺃﺻﻠﻲ ﺃﻡ ﻻ ؟ ﺑﻞ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺸﺠﻌﻮﻧﲏ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻋﻠﻴﻪ .ﻓﺎﻧﺘﺎﺑﲏ
ﺍﻹﻗﻼﻉ ﻋﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﻧﺪﻣﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﺮﻃﺖ ﰲ ﺟﻨﺐ ﺍﷲ ،
ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻭﺍﻟﻘﻨﻮﻁ ،ﻭﺑﺪﺃﺕ ﺃﻓﻜﺮ ﰲ ﺍﻟﻮﺳﻴﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﺗـﺮﳛـﲏ ﻣـﻦ
ﻭﻋﺰﻣﺖ ﺃﻥ ﻻ ﺃﻋﻮﺩ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ .ﻓﻮﺟﺪﺕ ﻧﻔﺴﻲ ﺃﻋﺮﻑ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ
ﻭﻗﻊ ﺑﲔ ﻳﺪﻱ ﻛﺘﺎﺏ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻨﻮﺍﻧﻪ ﺍﻻﻧـﺘـﺤـﺎﺭle ) :
ﻭﺍﻟﺬﻱ ﳛﻘﻖ ﱄ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ ،ﻭﻫﻮ ﺩﻳﻦ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ،
)suicideﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓـﺮﻧﺴـﻲ ،ﻓـﻘـﺮﺃﺗـﻪ ،ﻓـﺈﺫﺍ ﺑـﻪ ﺟـﺪﺍﻭﻝ
ﻓﻘﺮﺭﺕ ﺃﻥ ﺃﺗﺮﻙ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻟﻜﻲ ﺃﺗﻌﻠﻢ ﺩﻳﲏ .ﻓﺘﻔﺮﻏﺖ ﻟﻄﻠﺐ
ﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎﺕ ﻟﻠﻤﻨﺘﺤﺮﻳﻦ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ،ﻣﺒـﻴـﻨـﺔ ﺗـﺰﺍﻳـﺪ
ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﱃ ﺍﷲ ،ﻓﻮﺟﺪﺕ ﺳﻌﺎﺩﰐ ﺍﳌﻨﺸﻮﺩﺓ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﷲ
ﻫﺬﻩ ﺍﻻﻧﺘﺤﺎﺭﺍﺕ ﺳﻨﺔ ﻋﻦ ﺳﻨﺔ ،ﻭﺫﹶﻛﺮ ﺃﻥ ﺃﻛـﺜـﺮ ﺑـﻠـﺪ ﻳﺸـﻬـﺪ
ﻭ ﻣ ﻨ ِﻪ ،ﻭﺃﻧﺎ ﺍﻵﻥ ﺳﻌﻴﺪ ﻭﺍﳊﻤﺪ ﷲ ،ﻣﻨﺬ ﺃﻥ ﺳﻠﻜﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ
ﺍﻻﻧﺘﺤﺎﺭﺍﺕ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﻮﻳﺪ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﻓﺮ ﳌﻮﺍﻃﻨﻴﻪ ﻛﻞ ﻣﺎ ﳛﺘﺎﺟﻮﻧـﻪ
،ﻭﺃﺳﺄﻝ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺃﻥ ﻳﺜﺒﺘﲏ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﱴ ﺃﻟﻘﺎﻩ .ﻏﺒﺖ ﻋﻦ
،ﻭﺭﻏﻢ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﻋﺪﺩ ﺍﻻﻧﺘﺤﺎﺭﺍﺕ ﰲ ﺗﺰﺍﻳﺪ ﻋـﻨـﺪﻫـﻢ ،ﺣـﱴ
ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺳﻨﺔ ﻭﺛﻼﺛﺔ ﺃﺷﻬﺮ ﻟﺘﻌﻠﻢ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﱃ ﺍﷲ ﰲ
ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻠﻘﻮﻥ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﳉﺴﺮ !! ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺮﺃﺕ ﻋﻦ ﺣﻴـﺎﺓ
ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﺮﺟﺖ ﺑﻪ ،ﻭﺑﻌﺪ ﺭﺟﻮﻋﻲ ﺗﺼﻔﺤﺖ ﻗﺼﺎﺻﺎﺕ
ﻫﺆﻻﺀ ﺍﳌﻨﺘﺤﺮﻳﻦ ﻭﺟﺪﺕ ﺃﻥ ﺣﻴﺎﰐ ﺷﺒﻴﻬﺔ ﲝﻴﺎﻢ ،ﻣﻊ ﺍﻟﻔﺎﺭﻕ
ﺍﳉﺮﺍﺋﺪ ﻭﺍﻼﺕ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻜﺘﺐ ﻋﲏ ،ﻓﻮﺟﺪﺕ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﺬﻱ
ﺑﻴﻨﻨﺎ ،ﺃﱐ ﻛﻨﺖ ﺃﺅﻣﻦ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺭﺑﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ،ﻫﻮ ﺍﳋﺎﻟـﻖ
ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻃﹸﺮﺡ ﻋﻠﻲ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻣﺮﺕ ﻋﻠﻴﻪ 12ﺳﻨﺔ ﻭﻫﻮ :ﻫﻞ
ﻭﺍﳌﺴﺘﺤﻖ ﻟﻠﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ،ﻭﻟﻜﲏ ﱂ ﺃﻛﻦ ﺃﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳـﺔ ﷲ
ﻳﻄﺎﺑﻖ ﺍﻻﺳﻢ ﺍﳌﺴﻤﻰ ؟ ﺃﻱ ،ﻫﻞ ﺃﻧﺖ ﺳﻌﻴﺪ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻚ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ
ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﲢﻘﻖ ﺳﻌﺎﺩﰐ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ،ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻋـﻦ
ﻭﺍﳋﺎﺻﺔ ؟ ﻭﻛﺎﻥ ﺟﻮﺍﰊ :ﺃﻧﺎ ﺱ ﻉ ﻱ ) ﺳﻌﻴـ ( ﻭﻻﺯﺍﻝ ﻳﻨﻘﺼﲏ
ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻭﻣﺎ ﻳﻨﺘﻈﺮﻧﺎ ﻓﻴﻬﺎ .ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻗﺮﺃﺕ ﻋـﻦ ﺑـﻌـﺾ
– ﺩ – ﻭﺃﻧﺎ ﰲ ﲝﺚ ﻋﻨﻪ ،ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﺟﺪﻩ ﺳﺄﺧﱪﻙ .ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ
ﻋﻘﺐ ،ﻭﺗﺮﻛﻮﺍ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺒـﻞ ﺇﺳـﻼﻣـﻬـﻢ ﺣـﻴـﺚ ﻭﺟـﺪﻭﺍ
ﻃﺮﺡ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺃﻗﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ :ﺳﺄﻟﺘﲏ ﰲ ﺣﻮﺍﺭ ﲜﺮﻳﺪﺓ
ﺳﻌﺎﺩﻢ ﺍﳌـﻨـﺸـﻮﺩﺓ ﰲ ﺗـﻮﺣـﻴـﺪ ﺍﷲ ﻋـﺰ ﻭﺟـﻞ ﻭﺇﻓـﺮﺍﺩﻩ
ﺍﻟﻜﻮﺍﻟﻴﺲ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﻛﺬﺍ ..ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﺘﺎﱄ :ﻭﺫﻛﱠﺮﺗﻪ ﺑﺎﻟﺴﺆﺍﻝ ،
ﺑﺎﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ .ﻭﻣﻦ ﲨﻠﺔ ﻫﺆﻻﺀ ،ﺍﳌﻐﲏ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﱐ ﺍﻟﺸﻬﲑ ،ﻛـﺎﺕ
ﻭﻛﺎﻥ ﺟﻮﺍﰊ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺎﱄ :ﻭﺫﻛﱠﺮﺗﻪ ﺑﺎﳉﻮﺍﺏ ،ﰒ ﻗﻠﺖ ﻟﻪ :ﻭﲟﺎ
ﺳﺘﻴﻔﻨﺲ ،ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﲰﻪ ،ﻳﻮﺳﻒ ﺇﺳﻼﻡ .ﺍﻧﺪﻫﺸﺖ ﻋﻨـﺪﻣـﺎ
ﺃﱐ ﻭﻋﺪﺗﻚ ﺑﺄﻥ ﺃﺧﱪﻙ ﲟﺠﺮﺩ ﻣﺎ ﺃﺟﺪ – ﺩ – ﻓﻘﺪ ﻭﺟﺪﺗﻪ
ﺭﺃﻳﺖ ﺻﻮﺭﺗﻪ ﰲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻼﺕ ﻭﻗﺪ ﺗﻐﲑ ﺷﻜﻠﻪ ﲤﺎﻣﺎ ،ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻠﻢ
ﻭﺃﻧﺎ ﺍﻵﻥ ﺳﻌﻴﺪ ،ﻭﺟﺪﺗﻪ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﺓ.
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻨﺎﺀ ،ﻭﺗﻀﻊ ﺣﺪﺍ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﺸﻘﺎﺀ .ﻭﺃﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻫـﺬﺍ ﺍﳊـﺎﻝ ،
ﺃﺻﺒﺢ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺟﺴﺮ ﲰﻲ )ﺟﺴﺮ ﺍﻻﻧﺘﺤـﺎﺭﺍﺕ( ﻟـﻜـﺜـﺮﺓ ﺍﻟـﺬﻳـﻦ
ﺍﳌﺸﺎﻫﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺳﻠﻤﻮﺍ ﻭﺗﻐﲑﺕ ﺣﻴﺎـﻢ ﺭﺃﺳـﺎ ﻋـﻠـﻰ
ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ،ﺇﻻ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻘﺖ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻪ ،
ﳎﺎﻟﺲ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﲔ ،ﻓﺨﺮﺟﺖ ﺑﻮﺟﻪ ،ﻭﺭﺟﻌﺖ ﺑﻐﲑ
ﰲ ﺳﻨﺔ 1974ﻡ .ﻓﺒﻌﺜﺖ ﺑﺮﺳﺎﻟﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺼﺤﺎﰲ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ
ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻨﻈﺮﻭﻥ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻱ ،ﻭﻻ ﻳﺴﺘﻄـﻴـﻌـﻮﻥ ﺃﻥ ﻳﻌﺮﻓﻮﺍ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﻟﺒﺎﻃﲏ ﻭﺍﳌﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﱵ ﳛﺴﻬﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺷـﺮﺡ ﺍﷲ ﺻﺪﺭﻩ ﻟﻺﺳﻼﻡ .
60
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﻣﻬﺎﺭﺍﺕ ﺇﺑﺪﺍﻋﻴﺔ
ﻏﻴﺮ ﻧﻔﺴﻚ ﻋﺎﺩﺍﺗﻚ ﺗﺮﺳﻢ ﻃﺮﻳﻘﻚ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻩ ﻭﺳﺎﺭ ﺍﻟﻀﻔﺪﻉ ﰲ ﺍﻟﻨﻬﺮ ﻳﺘﺒﺎﺩﻝ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﳍﺎﺩﺉ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻘﺮﺏ ﺍﻟﺴﺎﻛﻦ ﻋﻠﻰ ﻇﻬـﺮﻩ ،ﻭﰲ ﻭﺳـﻂ ﺍﻟﻨـﻬﺮ ﲢﺮﻛـﺖ ﺃﻃـﺮﺍﻑ ﺍﻟﻌﻘـﺮﺏ ﰲ ﻗﻠـﻖ ،ﻭﺗﻮﺟـﺲ ﺍﻟﻀﻔﺪﻉ ﺷﺮﺍ ،ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻠﻌﻘﺮﺏ ﰲ ﺭﻳﺒﺔ :ﻣﺎﺫﺍ ﺑﻚ ﻳﺎ ﺻـﺪﻳﻘﻲ؟ ﻗـﺎﻝ ﺍﻟﻌﻘـﺮﺏ ﰲ ﺗﺮﺩﺩ ﻭﻗﻠﻖ :ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻳﺎ ﺻﺪﻳﻘﻲ ،ﺷﻲﺀ ﻳﺘﺤﺮﻙ ﰲ ﺻـﺪﺭﻱ .ﺯﺍﺩ ﺍﻟـﻀﻔﺪﻉ ﻣـﻦ
ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺿﻔﺪﻉ ﻳﻘﻔﺰ ﺑﲔ ﺃﻭﺭﺍﻕ
ﺍﻷﺷﺠﺎﺭ ﺍﻟﻄﺎﻓﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﻏﺮﻕ ﻣﺎﺀ
ﺍﻟﻨﻬﺮ ﺑﻔﻴﻀﺎﻧﻪ ﺍﻷﺭﺽ ﺣﻮﻟﻪ ،ﻓﻠﻤﺢ ﺍﻟﻀﻔﺪﻉ ﻋﻘﺮﺑﺎ ﻳﻘﻒ ﺣﺎﺋﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺼﺨﻮﺭ ،ﻭﺍﳌﺎﺀ ﳛﻴﻂ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻛﻞ
ﺟﺎﻧﺐ ،ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻌﻘﺮﺏ ﻟﻠﻀﻔﺪﻉ :ﻳﺎ ﺻﺎﺣﱯ ﺃﻻ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻌﺮﻭﻓﹰﺎ ﻭﲢﻤﻠﲏ
ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻙ ﻟﺘﻌﱪ ﰊ ﺇﱃ ﺍﻟﻴﺎﺑﺲ ﻓﺈﱐ ﻻ ﺃﺟﻴﺪ ﺍﻟﻌﻮﻡ ،ﺍﺑﺘﺴﻢ ﺍﻟﻀﻔﺪﻉ ﺳﺎﺧﺮﺍ ﻭﻗﺎﻝ :ﻛﻴﻒ ﺃﲪﻠﻚ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻱ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﺮﺏ ﻭﺃﻧﺖ ﻣﻦ ﻃﺒﻌﻚ ﺍﻟﻠﺴﻊ؟ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻌﻘﺮﺏ ﰲ ﺟﺪﻳﺔ :ﺃﻧﺎ ﺃﻟﺴﻌﻚ؟! ﻛﻴﻒ ﻭﺃﻧﺖ ﲢﻤﻠﲏ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻙ ،ﻓﺈﺫﺍ ﻗﺮﺻﺘﻚ ﻣﺖ ﰲ ﺣﻴﻨﻚ ﻭﻏﺮﻗﺖ
ﻭﻏﺮﻗﺖ ﻣﻌﻚ؟ ﻼ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻠﻌﻘﺮﺏ: ﺗﺮﺩﺩ ﺍﻟﻀﻔﺪﻉ ﻗﻠﻴ ﹰ
ﻛﻼﻣﻚ ﻣﻌﻘﻮﻝ ﻭﻟﻜﲏ ﺃﺧﺎﻑ ﺃﻥ ﺗﻨﺴﻰ. ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻌﻘﺮﺏ :ﻛﻴﻒ ﺃﻧﺴﻰ ﻳﺎ ﺻﺪﻳﻘﻲ، ﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﺳﺄﻧﺴﻰ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ،ﻓﻬﻞ ﺃﻧﺴﻰ ﺃﱐ
ﻣﻌﺮﺽ ﻟﻠﻤﻮﺕ؟ ﻫﻞ ﺃﻋﺮﺽ ﻧﻔﺴﻲ ﻟﻠﻤﻮﺕ ﺑﺴﺒﺐ ﻟﺴﻌﺔ؟! ﺑﺪﺕ ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀﻔﺪﻉ ﺑﺴﺒﺐ ﳍﺠﺔ ﺍﻟﻌﻘﺮﺏ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ ،ﻓﺎﻗﺘﺮﺏ ﻣﻨﻪ ،ﻓﻘﻔﺰ ﺍﻟﻌﻘﺮﺏ
ﺳﺮﻋﺘﻪ ﻋﻮﻣﺎ ﻭﻗﻔﺰﺍ ﰲ ﺍﳌﺎﺀ ،ﻭﺇﺫﺍ ﺑﻪ ﻳﺴﺘﺸﻌﺮ ﻟﺴﻌﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﰲ ﻇﻬـﺮﻩ ،ﻓﺘﺨـﻮﺭ ﻗﻮﺍﻩ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺳﺮﻯ ﺳﻢ ﺍﻟﻌﻘﺮﺏ ﰲ ﺟﺴﺪﻩ ،ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺒﺘﻠﻊ ﺍﳌـﺎﺀ ﺟـﺴﺪﻳﻬﻤﺎ ﻧﻈـﺮ
ﺍﻟﻀﻔﺪﻉ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻘﺮﺏ ﰲ ﺃﺳﻰ ﻭﻫﻮ ﻳﺒﺘﻠﻊ ﺍﳌﺎﺀ ﻟﻴﻐﺮﻕ ،ﻓﻘـﺎﻝ ﺍﻟﻌﻘـﺮﺏ ﰲ ﺣـﺰﻥ
ﺷﺪﻳﺪ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺒﺘﻠﻌﻪ ﺍﳌﺎﺀ :ﺍﻋﺬﺭﱐ ...ﺍﻟﻄﺒﻊ ﻏﻼﺏ ﻳﺎ ﺻﺎﺣﱯ'
ﻼ ﺃﻥ ﻳﻠﺴﻊ ﺗﺮﻯ ﳌﺎﺫﺍ ﺗﺼﺮﻑ ﺍﻟﻌﻘﺮﺏ ﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ؟ ﻫﻞ ﻷﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﳛﺐ ﻓﻌ ﹰ ﺍﻟﻀﻔﺪﻉ ﺃﻭ ﻳﻬﻠﻚ ﻧﻔﺴﻪ؟! ﻛﻼ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻌﻘﺮﺏ ﺗﻌﻮﺩ ﻣﻨﺬ ﻣﻮﻟﺪﻩ ﺃﻥ ﻳﺘﺼﺮﻑ
ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺣﻴﺎﻝ ﺃﻱ ﻛﺎﺋﻦ ﺣﻲ ﳛﺘﻚ ﺑﻪ ،ﻫﻲ ﺃﻥ ﻳﻠﺴﻌﻪ ﻷﻧﻪ ﺧﻄﺮ ﻋﻠﻴﻪ،
ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻧﺴﻤﻴﻪ ﺑﺎﻟﻌﺎﺩﺓ ،ﻓﺎﻟﻌﺎﺩﺓ ﻫﻲ ﺳﻠﻮﻙ ﻣﺘﻜﺮﺭ ﻳﺼﺪﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻻ ﺇﺭﺍﺩﻳﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺗﺮﺳﺨﺖ ﰲ ﻋﻘﻠﻪ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﻋﱪ ﺍﻟﺴﻨﲔ.
ﺧﻄﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ:
ﻭﺗﻨﺒﻊ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﻣﻦ ﺃﺎ ﺗﺘﺤﻜﻢ ﲤﺎﻣﺎ ﰲ ﺳﻠﻮﻛﻴﺎﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ
ﺗﺘﺪﺧﻞ ﰲ ﻛﻞ ﳊﻈﺔ ﻣﻦ ﳊﻈﺎﺕ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،ﻓﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺇﻻ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮﻝ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ' :ﺍﻏﺮﺱ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﺣﺼﺪ ﻓﻌﻼﹰ،
ﻼ ﺍﺣﺼﺪ ﻋﺎﺩﺓ،ﺍﻏﺮﺱ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﺣﺼﺪ ﺷﺨﺼﻴﺔ ،ﺍﻏﺮﺱ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺍﻏﺮﺱ ﻓﻌ ﹰ
ﺍﺣﺼﺪ ﻣﺼﲑﺍ' ﻓﺎﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﰲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﲢﺪﺩ ﻣﺼﲑ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ـ ﺑﺈﺭﺍﺩﺓ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ـ ﰲ
ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﺃﻡ ﺍﻟﻔﺸﻞ.
ﻣﺜﺎﻝ :ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻟﺪﻳﻪ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﺴﻮﻳﻒ ﻭﺍﻟﻜﺴﻞ. ـ ﻛﻴﻒ ﺗﻜﻮﻧﺖ ﻟﺪﻳﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ؟
1ـ ﺷﺐ ﻣﻨﺬ ﺻﻐﺮﻩ ﻓﺮﺃﻯ ﺃﺑﺎﻩ ﺃﻭ ﺃﻣﻪ ﻳﻜﺴﻠﻮﻥ ﻋﻦ ﻭﺍﺟﺒﺎﻢ ،ﻭﻳﺴﻮﻓﻮﻥ ﺃﻋﻤﺎﳍﻢ -ﻓﻜﺮﺓ. 2ـ ﺑﺪﺃ ﳝﺎﺭﺱ ﻧﻔﺲ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺭﺁﻫﺎ ﻣﻦ ﻭﺍﻟﺪﻳﻪ -ﻓﻌﻞ.
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
61
3ـ ﺑﺘﻜﺮﺍﺭ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻭﻣﻊ ﻣﺮﻭﺭ ﺍﻟﺴﻨﲔ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﺪﻳﻪ ﺳﻠﻮﻙ
ﺗﻠﻚ ﺍﳉﺎﺫﺑﻴﺔ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ ،ﲟﻌﲎ ﺃﻧﻨﺎ ﻟﻦ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﺘﺨﻠﻲ
ـ ﻣﺎ ﺭﺃﻳﻚ ﰲ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻋﻨﺪﻩ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘـﺴـﻮﻳـﻒ ﻭﺍﻟـﻜـﺴـﻞ
ﻓﺎﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﺇﺫﻥ ﳍﺎ ﻗﻮﺓ ﺟﺬﺏ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻭﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻚ ﺃﻥ ﺗﺴﺨﺮ
ﻭﺇﻳﺜﺎﺭ ﺍﻟﺪﻋﺔ ﻭﺍﻟﺮﺍﺣﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﳉﺎﺩ ﺍﻟﺪﺀﻭﺏ ،ﻓﻜـﻴـﻒ
ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻟﺘﻌﻤﻞ ﻟﺼﺎﳊﻚ ،ﺃﻭ ﺗﺴﺨﺮﻙ ﻫﻲ ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ ﻟﺘﻌﻤﻞ
ﻻ ﺷﻚ ﺃﻧﻪ ﺳﻴﺤﺼﺪ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻛﺴﻮﻟﺔ ﺗﻘﻮﺩﻩ ﺇﱃ ﻣﺼﲑ
ﺣﺘﻰ ﻳ ﻐﻴﺮﻭﺍ ﻣﺎ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃِ } :ﺇﻥﱠ ﺍﻟﻠﱠ ﻪ ﻻ ﻳ ﻐﻴ ﺮ ﻣﺎ ِﺑ ﹶﻘ ﻮ ٍﻡ
ﺍﻟﻜﺴﻞ -ﻋﺎﺩﺓ.
ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﺆﺛﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺗﻪ؟ ﺍﻟﻔﺸﻞ ﺍﻟﺬﺭﻳﻊ.
ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﳑﺎ ﳛﺘﻢ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻨﺠﺢ ﻭﻟﻮ ﺭﻏﻤﺎ ﻋﻨﺎ،
ﺿﺪ ﻧﻔﺴﻚ ،ﻓﺎﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﳝﻜﻦ ﺗﻐﻴﲑﻫﺎ ﺟﺰﻣﺎ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻘﺘﻀﻰ ﺴ ِﻬ ﻢ{ ]ﺍﻟﺮﻋﺪ.[11 : ِﺑ ﹶﺄ ﻧﻔﹸ ِ
ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻟـﺪﻳـﻪ ﻋـﺎﺩﺓ ﺍﳉـﺪﻳـﺔ
ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ' :ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻻ
ﻭﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ،ﻭﺑﺪﺃ ﳝﺎﺭﺱ ﻧﻔﺲ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﻭﻣﻊ ﺍﳌﻤﺎﺭﺳﺔ ﻷﻓﻌﺎﻝ
ﺗﻘﺒﻞ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻟﺒﻄﻠﺖ ﺍﻟﻮﺻﺎﻳﺎ ﻭﺍﳌﻮﺍﻋﻆ ﻭﺍﻟﺘﺄﺩﻳﺒﺎﺕ ،ﻭﳌﺎ
ﺍﳉﺪﻳﺔ ﻭﺣﺐ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺗﺮﺳﺨﺖ ﰲ ﻧـﻔـﺴـﻪ ﺗـﻠـﻚ
ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ]] :ﺣﺴﻨﻮﺍ ﺃﺧﻼﻗﻜﻢ[[
ﺗﻘﻮﺩﻩ ﰲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺇﱃ ﻣﺼﲑ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﺑﻌﻮﻥ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ.
ﳑﻜﻦ ،ﺇﺫ ﻳﻨﻘﻞ ﺍﻟﺼﻘﺮ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻴﺤﺎﺵ ﺇﱃ ﺍﻷﻧﺲ ،ﻭﺍﻟﻜﻠﺐ
ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ،ﻓﺤﺼﺪ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺟﺎﺩﺓ ﻧﺸﻴﻄﺔ ﻣﻨﻀﺒﻄﺔ ﻻﺑـﺪ ﺃﻥ ﺇﺫﻥ ﻓﻨﺠﺎﺡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺧﺮﻭﺟﻪ ﻣﻦ ﻧﻔﻖ ﺍﻟﻔﺸﻞ ﻣﺮﺗـﺒـﻂ
ﺑﻌﺎﺩﺍﺗﻪ ،ﻓﻠﻠﻨﺠﺎﺡ ﻋﺎﺩﺍﺕ ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻟﻠﻔﺸﻞ ﻋﺎﺩﺍﺕ.
ﻭﻛﻴﻒ ﻳﻨﻜﺮ ﻫﺬﺍ ﰲ ﺣﻖ ﺍﻵﺩﻣﻲ ﻭﺗﻐﻴﲑ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺒﻬﻴﻤﺔ
ﻣﻦ ﺷﺮﻩ ﺍﻷﻛﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺄﺩﺏ ﻭﺍﻹﻣﺴﺎﻙ ،ﻭﺍﻟﻔﺮﺱ ﻣﻦ ﺍﳉﻤﺎﺡ ﺇﱃ ﺳﻼﺳﺔ ﺍﻻﻧﻘﻴﺎﺩ ،ﻭﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺗﻐﻴﲑ ﻟﻸﺧﻼﻕ'
ﻫﻞ ﻣﻦ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﺗﻐﻴﲑ ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ؟
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﻧﻄﻠﻘﺖ ﺍﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ]ﺃﺑﻮﻟﻠﻮ [2ﰲ ﺭﺣـﻠـﺘـﻬـﺎ ﺇﱃ
ﺍﻟﻘﻤﺮ ،ﲡﻤﺪ ﺍﳌﺸﺎﻫﺪﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﺷﺎﺕ ﺍﻟﺘﻠﻔﺎﺯ ﻭﰲ ﳏـﻄـﺔ
ﺍﻹﻃﻼﻕ ﰲ ﺃﻣﺎﻛﻨﻬﻢ ،ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺭﺃﻭﺍ ﺃﻭﻝ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﳝﺸـﻲ ﻋـﻠـﻰ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﰒ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﺍﻷﺭﺽ ،ﻭﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﻫﻨـﺎﻙ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺭﻭﺍﺩ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﺃﻥ ﻳﺘﺨﻠـﺼـﻮﺍ ﻣـﻦ ﺃﻛﱪ ﻋﺎﺋﻖ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺃﻻ ﻭﻫـﻮ ﻗـﻮﺓ ﺍﳉـﺎﺫﺑـﻴـﺔ
ﺍﻷﺭﺿﻴﺔ ،ﻭﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺫﻟﻚ ﰎ ﲢﻤﻴﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻔﻴـﻨـﺔ ﻋـﻠـﻰ ﺻﺎﺭﻭﺥ ﻓﻀﺎﺋﻲ ﺫﻱ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﳐـﺘـﻠـﻔـﺔ ،ﺍﺳـﺘـﺨـﺪﻡ ﻫـﺬﺍ ﻼ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﺍﻟﺼﺎﺭﻭﺥ ﰲ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻟﻺﻃﻼﻕ ﻛﻤﺎ ﻫﺎﺋ ﹰ
ﰲ ﺍﻟﺪﻗﺎﺋﻖ ﺍﻷﻭﱃ ﻣﻦ ﺍﻹﻃﻼﻕ ﺧـﻼﻝ ﺍﻷﻣـﻴـﺎﻝ ﺍﻷﻭﱃ ﺍﻟﻘﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺣﻠﺔ ،ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻤﺎ ﺍﺳﺘﺨﺪﻡ ﰲ ﻏﻀﻮﻥ ﺍﻷﻳـﺎﻡ
ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻟﻘﻄﻊ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺣﻮﺍﱄ ﻧﺼﻒ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻣـﻴـﻞ ،ﻭﺫﻟـﻚ ﻟﻠﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺃﺳﺮ ﺍﳉﺎﺫﺑﻴﺔ ﺍﻷﺭﺿﻴﺔ. ﻭﻋﺎﺩﺍﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺃﻳﻀﺎ ﳍﺎ ﻗﻮﺓ ﺟﺬﺏ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻷﺎ
ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻧﺘﺠﺖ ﻋﻨﻬﺎ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﻘﺮﺕ ﰲ ﺃﻋﻤﺎﻕ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﻋﱪ ﺍﻟﺴﻨﲔ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﳝﻜﻦ ﺗﻐﻴﲑﻫﺎ ﺑﺎﳉﻬﺪ
ﻭﺍﳌﺘﺎﺑﻌﺔ ،ﻭﻣﻊ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﺴﺘﻐﺮﻕ ﺟﻬﺪﺍ ﺟﺒﺎﺭﺍ ﰲ ﺃﻭﻝ ﺍﻷﻣﺮ،
ﻟﻜﻨﻨﺎ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﳜﻒ ﺍﻷﻣﺮ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺃﺳﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﻭﻣﺎ ﳍﺎ ﻣﻦ ﺁﺛﺎﺭ ﺳﻠﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ، ﻭﺍﻟﺮﺍﺋﻊ ﰲ ﺍﻷﻣﺮ ﺃﻧﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺴﺘﺒﺪﻝ ﻋﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻔﺸﻞ
ﺑﻌﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ،ﻓﺈﻥ ﻋﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﺃﻳﻀﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﳍﺎ ﻧـﻔــﺲ
62
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﻣﻨﺎﺷﻂ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ
ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ..ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
ﺑﻘﻠﻢ :ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪ
ﻓﻘﺪ ﺍﻧﻄﻠﻘﺖ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﳌﻠﺘﻘﻰ ﺑﻜﻠﻤﺔ ﺍﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺩ .ﺳﻠﻴﻢ ﻗﻼﻟﺔ
ﻟﻴﻠﻴﻪ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻤﺔ ﺭﺋﻴﺲ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻔﻨﻚ ﺍﻟﺬﻫﱯ ﻭ ﺍﳌﺪﻳﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻥ ) ﲪﺮﺍﻭﻱ ﺣﺒﻴﺐ ﺷﻮﻗﻲ( ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺷﺎﺩ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﱐ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﻭ ﺗﻄﻮﺭﻩ ﰲ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻷﺧﲑﺓ ،ﻭﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻓﻘﺪ ﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺩﻋﻢ ﻣﺎﱄ
ﺍﺣﺘﻀﻦ ﻓﻨﺪﻕ ﺍﻟﺮﻳﺎﺽ ﺑﺎﳉـﺰﺍﺋـﺮ
ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ 18ﻓـﻴـﻔـﺮﻱ 2006 ﻳﻮﻣﺎ ﺩﺭﺍﺳﻴﺎ ﺣﻮﻝ ) ﻟـﻐـﺔ ﺍﳊـﻮﺍﺭ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﺎ ﺍﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ( ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻛـﺎﻥ ﻣـﻦ
ﺗﻨﻈﻴﻢ )ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻔﻨﻚ ﺍﻟـﺬﻫـﱯ(* ﻭ ﻗﺪ ﺍﻧﻄﻠﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﻲ ﲝﻀـﻮﺭ ﻣﺘﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﻣﺜﻘﻔﲔ ﻭﺃﻛﺎﺩﳝﻴﲔ ﻭﻓﻨـﺎﻧـﲔ
ﻣــﻦ ﺃﻫــﻞ ﺍﻻﺧــﺘــﺼــﺎﺹ )ﳑــﺜــﻠــﲔ ﻭﳐﺮﺟﲔ (...ﻭﻣﺎ ﺯﺍﺩﻩ ﺗـﻨـﻮﻋـﺎ ﻫـﻮ ﺍﳊﻀــﻮﺭ ﺍﻟــﻌــﺮﰊ ﻣــﻦ ﻣﺼــﺮ ﻭ
ﺳﻮﺭﻳﺎ .ﻭﻳﻌﺘﱪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟـﻴـﻮﻡ ﺍﻟـﺪﺭﺍﺳـﻲ ﺍﻟــﺬﻱ ﻛــﺎﻥ ﲢــﺖ ﺭﻋــﺎﻳــﺔ ﺭﺋــﻴــﺲ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ،ﲟﺜﺎﺑﺔ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺴـﻨـﻮﻱ
ﳍﺬﻩ ﺍﳌﺆﺳـﺴـﺔ ،ﲝـﻴـﺚ ﺳـﺒـﻘـﺖ ﰲ ﺍﻟﺴﻨﺘﲔ ﺍﳌﺎﺿﻴﺘﲔ ﺗﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﻓﻨﻴﺔ )ﻣﻦ ﻧﻮﻉ ﺧﺎﺹ(**.
ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟـﺘـﻨـﺸـﻴـﻂ ﻭﺍﻹﺷـﺮﺍﻑ
ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻟﻸﺳﺘﺎﺫ ﺍﳉﺎﻣﻌﻲ ﺍﳌـﻌـﺮﻭﻑ ﺩ. ﳏﻤﺪ ﺳﻠﻴﻢ ﻗﻼﻟﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻭﻛـﻠـﺖ ﻟـﻪ ﻣﻬﻤﺔ ﺍﳌﺘﺎﺑﻌﺔ ﻷﺷﻐﺎﻝ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟـﺪﺭﺍﺳـﻲ ﻭﺑﺮﳎﺔ ﺍﳌﺪﺍﺧﻼﺕ ﻭﺗﻨﺸﻴﻂ ﺍﻷﺟـﻮﺍﺀ ﻭ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﺻﺒﻐﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﳍـﺬﺍ ﺍﻟـﻴـﻮﻡ ﺍﻟﻔﲏ،
ﺃﻛﺜﺮ ﻟﻘﻄﺎﻉ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﻔﲏ ،ﺃﻣﺎ ﻭﺯﻳﺮﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ )ﺧﻠﻴﺪﺓ ﺗﻮﻣﻲ( ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻬﺎ ﻓﻘﺪ ﺗﻄﺮﻗﺖ ﺇﱃ ﺃﳘﻴﺔ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻭ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﻭﳑﺎ ﺃﻛﺪﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮﺓ ﰲ ﻛﻠﻤﺘﻬﺎ ﺃﻥ ﺍﻹﺷﻜﺎﻝ ﺍﳌﻄﺮﻭﺡ ﻟﻴﺲ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﰲ ﺣﺪ ﺫﺍﺎ
ﺑﻞ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺮﻗﻲ ﺬﻩ ﺍﻟﻠﻐﺔ )ﻓﺼﺤﻰ ﺃﻭ ﻋﺎﻣﻴﺔ( ﻭﺗﺮﻗﻴﺘﻬﺎ ﺇﱃ ﻟﻐﺔ ﲨﺎﻟﻴﺔ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺇﻳﺼﺎﻝ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﺑﺄﻓﻀﻞ ﺧﻄﺎﺏ. ﰒ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺗﻮﺍﻟﺖ ﺍﳌﺪﺍﺧﻼﺕ ﻟﻠﻤﺸﺎﺭﻛﲔ ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻷﺷﻐﺎﻝ ﻣﻊ ﺍﳌﺨﺮﺝ
ﳏﻤﺪ ﺳﻴﺪ ﻋﻴﺪ )ﻣﺼﺮ( ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺎﺿﺮ ﺣﻮﻝ ﲡﺮﺑﺘﻪ ﺍﻹﺧﺮﺍﺟﻴـﺔ ﰲ ﺍـﺎﻝ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻲ ﻭ ﻛﻴﻒ ﺗﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﲡﺮﺑﺔ "ﺍﻟﻌﺎﻣﻴﺔ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ" ﰲ ﺇﻧﺘﺎﺟﻪ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ،ﻭ ﻣﺘﺴﺎﺋﻼ ﻛﻴﻒ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﺗﺐ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﺃﻭ ﺍﳌﻤﺜﻞ ﺃﻥ ﻳﻨﻘﻞ ﻟـﻐـﺔ "ﺍﻟـﻘـﺮﻥ ﺍﳋـﺎﻣـﺲ ﻟﻠﻬﺠﺮﺓ" ﺇﱃ ﲨﻬﻮﺭ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﳊﺎﱄ؟ ﻭﻫﻞ ﳚﺐ ﺃﻥ ﲣﺘﻠﻒ ﻫﺬﻩ ﺍﻟـﻠـﻐـﺔ؟ ﻭﻫـﻞ
ﺗﻮﺟﺪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻓﺼﺤﻰ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺎﻣﻴﺔ؟.ﺃﻡ ﺍﳌﺘﺪﺧﻞ ﺍﻟﺜـﺎﱐ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻋﺰﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻴﻬﻮﰊ ﺭﺋﻴﺲ ﺇﲢﺎﺩ ﺍﻟـﻜـﺘـﺎﺏ ﺍﻟـﻌـﺮﺏ ﻭﺍﻟـﺬﻱ ﲤـﺤـﻮﺭﺕ ﻣﺪﺍﺧﻠﺘﻪ ﺣﻮﻝ ﺃﻥ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﺎ ﺗﻌﺮﻑ ﺍﺗﺴﺎﻋﺎ ﻷﻥ ﺍﻟﺼـﻮﺭﺓ ﰲ ﺣـﺎﻟـﺔ ﺗـﻄـﻮﺭ
ﻣﺴﺘﻤﺮ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﳌﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﰲ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﲢﻤﻞ ﺃﻛـﺜـﺮ ﻣـﻦ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﰲ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑ ،ﺇﺫ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻷﺻﻞ ﻏﲑ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑ ﺑﻠﻐﺔ "ﺍﻟﺪﺑﻠـﺠـﺔ"،
ﻭﺗﺄﻛﻴﺪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻔﺼﻴﺤﺔ ﻏﲑ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﳌﺘﺪﺍﻭﻟﺔ ﰲ ﺍﺘﻤﻊ )ﺍﻟﺪﺍﺭﺟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ( ،ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻟﻐﺔ ﺍﻹﳝﺎﺀ ﻭﺍﻟﺼﻤﺖ ﻭﻣﻨﺢ ﻓﻀﺎﺀ ﺃﻭﺳﻊ ﻟﻠﺼﻮﺭﺓ ﳚﻌﻞ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﺃﺣﻴـﺎﻧـﺎ ﻏـﲑ ﻋﺎﺩﻱ.
ﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟﺴﻮﺭ ﻓﻘﺪ ﺣﻀﺮ ﺍﳌﺨﺮﺝ ﲰﲑ ﺯﻛﺮﻯ )ﺳﻮﺭﻳﺎ( ﻭﺍﻟـﺬﻱ ﺭﺃﻯ ﺇﱃ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﰲ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻴﺔ ﺃﺎ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻋﺎﳌﻴﺔ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎﺯ ﻭﻳﻌﻮﺩ ﺫﻟـﻚ ﺇﱃ ﻣﺎ ﲤﻴﺰﺕ ﺑﻪ ﺍﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭ ﺍﳍﺠﺮﺍﺕ ﻭﻭﺳـﺎﺋـﻞ
ﺍﻻﺗﺼﺎﻻﺕ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﻣﻦ ﺍﺧﺘﻼﻓﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻣـﺘـﺪﺍﺩ ﰲ ﻣﺴـﺎﺣـﺔ ﺍﻟـﺘـﺎﺭﻳـﺦ ﻭ ﺍﳉﻐﺮﺍﻓﻴﺎ ﻭ ﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ ﲤﻮﺿﻌﺎﺕ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﻭ ﳎﺘﻤﻌﻴﺔ ﰲ ﻛـﻞ ﺃﳓـﺎﺀ ﺍﻟـﻜـﺮﺓ
ﺍﻷﺭﺿﻴﺔ ﻭﻗﺮﻳﺒﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ ﺍﻷﺧﺮﻯ...ﻭ ﺃﻭﺭﺩ ﻏﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
63
ﻣﻦ ﺍﻻﺧﺘﻼﻓﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺳﺎﳘﺖ ﰲ ﺗﻐﲑ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻣﻦ ﻋـﻤـﻞ ﺇﱃ
ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻠﻲ ﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎﻡ ﻭﻟﻠﻐﺘﲔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴـﺔ
ﻋﺮﰊ،ﻣﺼﺮﻱ ،ﺳﻮﺭﻱ ،ﺟﺰﺍﺋﺮﻱ .(...
ﻭﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ﻋﻘﻮﺩ ﻗﺎﺩﻣﺔ .ﻣﻘﺪﻣﺎ ﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎﺕ ﻋﻦ ﺍﻟـﻠـﻐـﺎﺕ
ﺁﺧﺮ ﲝﺴﺐ ﺍﺘﻤﻊ ) ﺭﻳـﻒ ،ﻣـﺪﻳـﻨـﺔ ﳍـﺠـﺎﺕ ،ﺃﻭﺭﻭﰊ،
ﻭﺍﻷﻣﺎﺯﻳﻐﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎﺹ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﳊﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳـﻦ
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ ﺣﺠﺎﺝ ﻓﻘﺪ ﺗﻄﺮﻕ ﺇﱃ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﻭ
ﺍﻟﱵ ﺳﺘﺴﻮﺩ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﻭﺍﳌﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﱵ ﺳﺘﻨﺘـﺸـﺮ
ﳌﺸﻜﻠﺔ ﺍﳊﻮﺍﺭﺍﺕ ﰲ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ :ﻣﺎ ﻫﻲ
ﻫﻨﺎﻙ ﻟﻐﺔ ﲤﻮﺕ ﻛﻞ 15ﻳﻮﻣﺎ ﻣـﻦ ﺑـﲔ ﺍﻟــ 3000ﺇﱃ
ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻭﺩﻭﺭ ﺍﳊﻮﺍﺭﺍﺕ ﰲ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ؟ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻗﻮﺍﻋﺪ
4000ﻟﻐﺔ ﺍﻟﱵ ﺳﺘﺰﻭﻝ ﻣﻊ ﺎﻳﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺃﻱ ﻣـﺎ ﺑـﲔ
ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﶈﺾ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﺨﺪﻡ ﻭﰲ ﺃﻱ ﻣﺴﺘﻮﻯ
ﺍﻹﺷﻜﺎﻝ ﺃﻳﺔ ﻟﻐﺔ ﻟﻠﺪﺭﺍﻣﺎ ﺳﺘﻜﻮﻥ ﻋـﻨـﺪﻧـﺎ ﰲ ﻇـﻞ ﻫـﺬﺍ
؟ ﻭﻣﻮﺿﺤﺎ ﻟﻨﻘﻄﺔ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﺃﻥ ﺍﳊﻮﺍﺭﺍﺕ ﺍﳌﻮﺟﻬﺔ ﺇﱃ
ﺍﻟﻮﺿﻊ؟.
ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺇﺳﻬﺎﻡ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﰲ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ
ﺑﲔ ﺍﳊﻀﻮﺭ ﻭ ﺍﶈﺎﺿﺮﻳﻦ ﲤﻴﺰﺕ ﺑﺄﺟﻮﺍﺀ ﻃﻴﺒﺔ ﺇﱃ ﺣﺪ
ﻳﺴﺎﻫﻢ ﰲ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ ﻛﺒﲑ ﻟﻠﻜﻠﻤﺎﺕ ﻭﰲ ﺗﺒﺴﻴﻂ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ.
ﻣﺎ ،ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﻧﺸﺎﻁ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻔﻨﻚ ﺍﻟﺬﻫﱯ ﺳﻴﺘﻮﺍﺻﻞ ﻳﻮﻡ
ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺑﺎﻷﺳﺎﺱ ﻃﺮﺡ
ﺑﻨﺎﺀ ﺍﳊﻮﺍﺭﺍﺕ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻐﺔ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ؟ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺪ
ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺴﻤﻌﻲ ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ ﻻ ﺗﺒﲎ ﻭﺗﻌﺪ ﻛﻤﺎ ﰲ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ
ﺃﻣﺎ ﰲ ﺍﳉﻠﺴﺔ ﺍﳌﺴﺎﺋﻴﺔ ﻓﻘﺪ ﲨﻌﺖ ﺑﲔ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟﻔﲏ
ﻭ ﺍﻷﺩﰊ ﻭ ﺍﻷﻛﺎﺩﳝﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﳏﺎﺿﺮﺓ ﺍﻟﺴﻴﻨﺎﺭﻳﺴﺖ
ﺎ ﺣﻴﺚ ﺑﻴﻨﺖ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﲤﺖ ﲢﺖ ﺭﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﻴﻮﻧـﻴـﺴـﻜـﻮ ﺃﻥ
%50ﺇﱃ ،%90ﻭﳏﺎﻭﻻ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﺍﻹﺟـﺎﺑـﺔ ﻋـﻦ
ﻭﰲ ﺧﺘﺎﻡ ﺃﺷﻐﺎﻝ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻨﺎﻗﺸﺎﺕ
19ﻓﻴﻔﺮﻱ 2006ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﺣﻔﻞ ﺗﻜﺮﳝﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺣﻔﻞ ﻓﲏ .
)ﺍﻟﻄﺎﻫﺮ ﺑﻮﻛﻠﺔ( ﻭﳏﻠﻼ ﻟﻨﻘﻄﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﰲ ﺇﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﺴﻴﻨﺎﺭﻳﻮ ﻭﻫﻲ :ﻣﺎ ﻫﻲ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﱵ ﳚﺐ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﳍﺎ ﰲ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ ﻭ ﺍﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﱐ ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺩﻧﺎ ﺃﻥ ﻧﻀﻤﻦ ﻟﻺﻧﺘﺎﺝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﳌﻨﺎﻓﺴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭ
ﻇﺮﻭﻑ ﺍﻟﻌﻮﳌﺔ ؟ ﻭ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﱵ ﲡﻌﻞ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﺍﺗﺼﺎﻟﻴﺔ ﻭ ﻣﺎﺩﺓ ﺗﺜﻘﻴﻔﻴﺔ ﺗﺴﺎﻫﻢ ﰲ ﻧﺸﺮ ﻟﻐﺔ ﺳﻠﻴﻤﺔ ﻭ ﻣﻨﺴﺠﻤﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ؟ ﻭﻗﺪ ﺃﻋﺎﺩ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﺇﱃ
ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﻴﺪﺍﻥ 03ﻭﻫﻲ :ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻹﺑﺪﺍﻋﻲ ،ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ،ﺍﶈﻴﻂ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ. ﺃﻣﺎ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟﻔﲏ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺪﺍﺧﻠﺔ ﺍﳌﻤﺜﻞ
)ﳏﻤﺪ ﻋﺠﺎﳝﻲ ( ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﻛﺰ ﰲ ﻣﺪﺍﺧﻠﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﲡﺮﺑﺔ
ﺍﻟﻬﻮﺍﻣﺶ: * ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻔﻨﻚ ﺍﻟﺬﻫﱯ ﻫﻲ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺃﻧﺸﺄﻫﺎ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﳌﺪﻳﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ)ﲪﺮﻭﺍﻭﻱ ﺣﺒﻴﺐ ﺷﻮﻗﻲ( ﻫﺪﻓﻬﺎ ﲡﻤﻴﻊ ﺍﳉﻬﻮﺩ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻓﻊ ﺎ ﻭﺃﻋﺎﻧﺘﻬﺎ ،ﻭﻗﺪ ﺟﻌﻠﺖ ﻳﻮﻡ 19ﻓﻴﻔﲑﻱ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺳﻨﺔ ﺗﻘﻠﻴﺪﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ
ﺗﻘﻴﻴﻢ ﻟﻠﻨﺸﺎﻁ ﺍﻹﺑﺪﺍﻋﻲ ﻟﺴﻨﺔ ﺍﳌﺎﺿﻴﺔ. ** ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﳋﺎﺹ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻪ ﺣﻔﻼﺕ ﺻﺎﺧﺒﺔ ﻭ ﺗﻜﺮﳝﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻳﻘﺎﻉ ﺍﻷﻭﺭﻭﰊ ﻭ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻗﺎﺩﻡ ﻣﻦ ﺧﻠﻒ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ.
ﺍﳌﻤﺜﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻴﺪﺍﻧﻴﺎ ،ﻭﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﱵ ﺩﺃﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﳍﺎ ﻭﻛﺎﻥ ﳍﺎ ﺍﻟﺼﺪﻯ ﺍﻹﳚﺎﰊ ؟ ﻭﺃﻳﺔ ﺩﺭﻭﺱ
ﻣﺴﺘﺨﻠﺼﺔ ﻣﻦ ﲡﺮﺑﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﰲ ﳎﺎﻝ ﻟﻐﺔ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﱘ ﺃﻧﺴﺐ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻷﻧﺴﺐ ﻣﺸﻬﺪ ﺑﻠﻐﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﰲ ﻣﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﳌﺸﺎﻫﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ.
ﺃﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻷﻛﺎﺩﳝﻲ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﳏﺎﺿﺮﺓ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺩ. ﺳﻠﻴﻢ ﻗﻼﻟﺔ ﺫﺍﺕ ﺃﺛﺮ ﻃﻴﺐ ﻟﺪﻯ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﻣﻦ ﺧـﻼﻝ ﻏـﻮﺹ ﺍﶈﺎﺿﺮ ﰲ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﻭﲪﻠﻪ ﺍﳊﻀﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻫﺎﺏ ﻣﻌﻪ ﰲ ﺭﺣﻠﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺍﺳﺘﺸﺮﺍﻓﻴﺔ ﻭﺫﻟـﻚ ﻣـﻦ ﺧـﻼﻝ ﳏـﺎﺿـﺮﺓ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ :ﻟﻐﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﺎ ﻧﻈﺮﺓ ﺍﺳﺘﺸﺮﺍﻓﻴﺔ ،ﻃﺮﺡ ﻣﻦ ﺧﻼﳍﺎ
64
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﺳﻴﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ
ﺍﻟﺜﺎﺋﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻭﺃﻫﻠﻪ
ﻋــﻤــﺮ ﺭﺍﺳــــﻢ
ﺑﻘﻠﻢ :ﺭﻏﺪﺍﺀ ﺯﻳﺪﺍﻥ /ﺳﻮﺭﻳﺎ
ﻣﻨﺬ ﺃﻥ ﻗﺮﺃﺕ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ ،ﺷﻌﺮﺕ ﺑﻐﺼﺔ ﻛﺒﲑﺓ ،ﻣﻨﻌﺘﲏ ﻟﻮﻗﺖ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ،ﻭﻣـﺎﺯﻟـﺖ
ﺇﱃ ﺍﻵﻥ ﻻ ﺃﻣﻠﻚ ﻣﻦ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻣﺎ ﻳﻌﻴﻨﲏ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﲨﺔ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ،ﻓﻨﺤﻦ ﰲ ﺃﺣﻴﺎﻥ ﻛﺜﲑﺓ ﻧﻠﺠﺄ ﺇﱃ ﺍﻟﺼﻤﺖ ﻛﺄﺑﻠﻎ ﺗﻌﺒﲑ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻧﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺗﺮﲨﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ،ﻭﺻﺪﻕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺣﲔ ﻗﺎﻝ: ﺖ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻴﺎﻧﺎ ﺇِﻥ ﻳﻜﹸﻦ ﺻﺎﻣِﺘ ﹰﺎ ﻭﻏﲑ ﺑﲔ ...ﻓﻤﻦ ﺍﻟﺼﻤ ِ ﻭﻟﻜﻨﲏ ﻗﺮﺭﺕ ﺃﻥ ﺃﻧﻘﻞ ﻟﻜﻢ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﻗﺮﺃﺗﻪ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ،ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻛﻴﺪﺓ ﺑﺄﻧﻜﻢ ﺳﺘﻌﺮﻓﻮﻥ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﻏﺼﱵ.
ﺍﻟﺒﺎﺋﺲ ﺍﻟﻴﺎﺋﺲ ﺍﻟﺜﺎﺋﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻭﺃﻫﻠﻪ ﻋﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ:
ﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﳌﻮﺟﻌﺔ ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ ﳝﻀﻲ ﺭﺳﺎﺋﻠﻪ ،ﻛﻤﺎ ﺃﺧﱪﻧﺎ ﺑﺬﻟﻚ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﺎﻫﺪ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ) .(1ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺗﻌﺒﺮ ﺃﺻﺪﻕ ﺗﻌﺒﲑ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﺍﻟﹼﱵ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﳌﺼﻠﺢ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ .ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺍﻟﹼﺬﻱ ﺃﻭﺻﻠﻪ ﺇﱃ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺍﳌﺆﱂ ؟ ،ﻟﻨﻌﺮﻑ ﺫﻟﻚ ﻻﺑ ﺪ ﻣﻦ ﻋﺮﺽ ﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﻧﻀﺎﻟﻪ:
ﰒ ﻭﻟﺪ ﻋﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺒﺠﺎﺋﻲ ﻋﺎﻡ ،1883 /1300ﰲ ﻣﺪﻳﻨـﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋـﺮ ،ﻭﺗﻌﻠﹼـﻢ ﺑﻜﺘﺎﺗﻴﺒـﻬﺎ ،ﹼ
ﰊ ﺍﳉﻤﻴﻞ ،ﻭﻣﻘﺪﺭﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻢ ﺍﳌﻨﻤﻨﻤﺎﺕ) ،(3ﻓﻜـﺎﻥ ﻣـﻦ ﺍﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﺘﻌﻠﹼﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ) .(2ﺍﹸﺷﺘﻬﺮ ﲞﻄﹼﻪ ﺍﻟﻌﺮ
ﺃﻭﺍﺋﻞ ﺍﻟ ﺮﺳﺎﻣﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﰲ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﳊﺪﻳﺚ ،ﻭﻗﺎﻡ ﺑﺘﺄﺳﻴﺲ ﻣﺪﺭﺳﺔ ﻟﻠﻔﻦ ﺃﲰﺎﻫﺎ "ﻣﺪﺭﺳﺔ ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ﺍﻟﺰﺧﺮﻓﻴﺔ ﻭﺍﳌﻨﻤﻨﻤﺎﺕ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ" ﻭﻛﺎﻧﺖ ﲢﻤﻞ ﻣﺸﻌﻞ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻭﺍﻟﺘﺼﺪﻱ ﻟﻸﻫﺪﺍﻑ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﺒﻐﻴﻀﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﰲ
ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻻﺳﺘﺸﺮﺍﻕ ﻭﺍﻟﻔﺮﻧﺴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ).(4
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
65
ﻋﺮﻑ ﻋﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ ﻣﻨﺬ ﺻﺒﺎﻩ ﺑﺄﻓﻜﺎﺭﻩ ﺍﻹﺻﻼﺣﻴﺔ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻣـﻦ
ﺍﳌﻘﺼﺮﻳﻦ ،ﺍﻟﹼﺬﻳﻦ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﳚﻌﻠﻮﺍ ﳐﻠﻮﻗﺎﺕ ﺍﷲ
ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﻟﺪﺍﻋﲔ ﺇﱃ ﺍﻷﺧﺬ ﺑﺄﻓﻜﺎﺭﻩ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺳـﻠﻚ
ﺍﻫﺘ ﻢ ﻋﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ ﺑﺎﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ،ﻭﺻﺎﺭ ﻳﺪﻋﻮ ﺇﱃ
ﻣﺴﻠﻚ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﻟـﻪ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ،ﻓﺄﺻـﺪﺭ ﺟﺮﻳـﺪﺓ
ﺍﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﳝﻴﺰ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻭﺑﲔ ﺍﻹﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴـﺔ،
ﰒ ﺃﻏﻠﻘﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ. ﻋﺪﺩﺍﻥ ﻓﻘﻂ) ،(6ﹼ
ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ،ﻭﻳﺒﺤﺜﻪ ﲝﺜ ﹰﺎ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴ ﹰﺎ ﻫﺎﺩﻓـﺎﹰ ،ﻭﻳـﺪﻋﻮ ﺇﱃ
ﺃﺻــﺪﺭ ﺟﺮﻳــﺪﺓ ﺫﻭ ﺍﻟﻔﻘــﺎﺭ ﰲ 5ﺍﻛﺘﻮﺑــﺮ 1913ﻡ ،ﻭﻛﺎﻧــﺖ
ﺗﻄﺒﻴــﻖ ﺇﺷــﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ﺇﺳــﻼﻣﻴﺔ ،ﻓﻬــﻲ ﺑﻨﻈــﺮﻩ ﺣ ـ ﹼﻞ ﳌــﺸﻜﻠﺔ
ﺍﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ،ﺍﻧﺘﻘﺎﺩﻳﺔ ،ﺗﺼﺪﺭ ﻛ ﹼﻞ ﻳﻮﻡ ﺃﺣﺪ".
ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ﰲ ﺃﳌﺎﻧﻴـﺎ ﻭﰲ ﻓﺮﻧـﺴﺎ ﻭﻳﻘـﺎﺭﻥ ﺑﻴﻨـﻬﻤﺎ ،ﻭﻛـﺎﻥ
ﻭﺟﺎﺀ ﰲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻬﺎ ﻗﻮﻟﻪ":ﳌﺎ ﲰﻌﻨﺎ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻳﺌ ﻦ ﻣﻦ ﻃﻌﻨﺎﺕ
ﻋﻨﺪﻩ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺷﺪﻳﺪ ﺑﺎﻻﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﻔﻜـﺮﻱ ﺍﻻﺷـﺘﺮﺍﻛﻲ ﺍﻟﻌـﺎﳌﻲ،
ﺃﻧﺸﺄﻧﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﺮﻳﺪﺓ ﶈﺎﺭﺑﺔ ﺃﻋﺪﺍﺀ ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﻭﻛـﺸﻒ ﺃﺳـﺮﺍﺭ
ﻫﺎﺟﻢ ﻋﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ ﺃﻳﻀ ﹰﺎ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻭﺍﻻﺳـﺘﻌﻤﺎﺭ ،ﺑـﻞ
ﺍﳌﻨﺎﻓﻘﲔ ،ﻭﺇﻇﻬﺎﺭ ﻣﻜﺎﺋﺪ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﺍﳌﺸﺮﻛﲔ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺃﲨﻌـﲔ،
ﻭﺍﻧﻀﻢ ﺇﱃ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﳌﻨﺎﻫـﻀﺔ ﻟﻠـﺼﻬﻮﻧﻴﺔ ،ﻭﻛـﺎﻥ ﻳﺮﺟـﻊ
ﺍﳌﺘــﺄﺛﹼﺮﻳﻦ ﺑﺄﻓﻜــﺎﺭ ﺍﻟ ـﺸﻴﺦ ﳏ ﻤــﺪ ﻋﺒــﺪﻩ) ،(5ﻭﻣــﻦ ﺃﻭﺍﺋــﻞ
ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﰲ 17ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ﻋﺎﻡ 1908ﻡ ،ﻭﱂ ﻳـﺼﺪﺭ ﻣﻨـﻬﺎ ﺇﻟﹼـﺎ
ﲢﻤــﻞ ﺗﻌﺮﻳﻔـ ﹰﺎ ﻣﻮﺟــﺰ ﹰﺍ ﻋﻨــﻬﺎ ﻳﻘــﻮﻝ" :ﺟﺮﻳــﺪﺓ ﻋﻤﻮﻣ ﻴــﺔ
ﺃﻋﺪﺍﺋﻪ ،ﻭﺍﻟﻮﻃﻦ ﻳﻨـﺎﺩﻱ ﺑﺎﻟﻮﻳـﻞ ﻭﺍﳊـﺴﺮﺓ ﻋﻠـﻰ ﺃﺑﻨﺎﺋـﻪ،
ﻭﺍﻧﺘﻘﺎﺩ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﳌﻔﺴﺪﻳﻦ"
)(7
ﻭﻧﻈﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺁﻻﺕ ﻳﺴﺘﺤﻠﺒﻮﻥ ﺎ ﻣﻨﺎﻓﻊ ﳍﻢ"
)(8
ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻋﺪﻩ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺃﻭﻝ ﻣﻔﻜﺮ ﺟﺰﺍﺋﺮﻱ ﻳﻬﺘﻢ ﲟﻮﺿـﻮﻉ
ﺍﻟﻔﻮﺍﺭﻕ ﺍﻟﻄﺒﻘﻴﺔ ،ﻭﻛـﺎﻥ ﻳـﺪﺭﺱ ﲡـﺎﺭﺏ ﺍﻷﻣـﻢ ،ﻓﻴـﺪﺭﺱ
)(9
ﻳﻨﺎﻗﺸﻪ ﻭﻳﻌﻠﹼﻖ ﻋﻠﻴﻪ .
ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻴﺎﺭ ﺍﳋﻼﻓـﺔ ﺍﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ﺇﱃ ﺗـﺴﺮﺏ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻـﺮ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﺇﱃ ﺃﺟﻬـﺰﺓ ﺍﳊﻜـﻢ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻟـﺔ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴـﺔ
) (10
ﻭﻛــﺎﻥ ﺃﺳــﻠﻮﺑﻪ ﻫﺠﻮﻣﻴ ـ ﹰﺎ ﺣــﺎﺩ ﹰﺍ ﻋﻨﻴﻔ ـﺎﹰ ،ﻟــﺬﻟﻚ ﱂ ﺗــﺼﱪ
ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﺮﻳﺪﺗﻪ ﻃـﻮﻳﻼﹰ ،ﻓﺄﺳـﻜﺘﺘﻬﺎ ﺑﻌـﺪ
ﺻﺪﻭﺭ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻘﻂ.(11).
ﻭﺍﳌﻠﻔﺖ ﺃﹼﻧﻪ ﲰﻰ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﳏﻤﺪ ﻋﺒـﺪﻩ ﺍﳌـﺸﺮﻑ ﺍﻟﺪﻳـﲏ
ﻋﻠــﻰ ﺟﺮﻳﺪﺗــﻪ ،ﻭﻗــﺎﻝ":ﺫﻭ ﺍﻟﻔﻘــﺎﺭ ﺟﺮﻳــﺪﺓ ﻋﺒﺪﻭﻳــﻪ ﺇﺻﻼﺣﻴﺔ ،ﻭﺇﺎ ﻻ ﲣﺮﺝ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘـﺔ ﺍﻟﹼـﱵ ﺧﻄﹼﻬـﺎ ﳍـﺎ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﺍﳌﺨﻠﺼﻮﻥ ،ﻭﳑﺎ ﺍﲣﺬﺗﻪ ﻣﺒـﺪﺃ ﳍـﺎ ﺑﻌﺪﻫـﺎ
ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ،ﻷﻧﻬﺎ ﻣﻬﻤﺎ ﺩﺧﻠﺖ ﰲ ﺷﻲﺀ ﺃﻓﺴﺪﺗﻪ").(12
ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﻟﹼﺬﻳﻦ ﻗﺪﻣﻮﺍ ﻛ ﹼﻞ ﻣﺎ ﺑﻮﺳﻌﻬﻢ ﻻﻳﺼﺎﻝ ﺻﻮﺕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ،ﻭﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﻘﻀﻴﺘﻬﺎ
ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘـﺪ ﺭﺍﺳـﻞ ﺍﻟـﺼﺤﻒ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴـﺔ، ﻭﺧﺼﻮﺻ ﹰﺎ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻨﺸﺮ ﰲ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﺍﻟﺘﻘـﺪﻡ
)
ﻻ ،(13ﻃﻮﺍﻝ ﺳﻨﱵ 1907ـ 1908ﻡ ،ﻭﻗـﺪ ﻧـﺸﺮ ﻓﻴﻬـﺎ ﻣﻘـﺎ ﹰ
ﻣﺸﻬﻮﺭ ﹰﺍ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ "ﺭﺃﻱ ﺣ ﺮ " ،ﻫﺎﺟﻢ ﻓﻴﻪ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻻﺳـﺘﻌﻤﺎﺭ،
ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺃﺛﺮ ﻛﺒﲑ ﰲ ﺍﻷﻭﺳﺎﻁ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ).(14 ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻤـﺮ ﺭﺍﺳـﻢ ﻳﻘـﻮﻡ ﺑﺄﻋﺒـﺎﺀ ﲢﺮﻳﺮﻫـﺎ ﻭﻛﺘﺎﺑﺘﻬـﺎ
ﻭﻗﺪ ﻧﺸﺮ ﻣﻘﺎﻻﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﰲ ﺟﺮﻳـﺪﺓ ﻣﺮﺷـﺪ ﺍﻷﻣـﺔ)،(15
ﺑﺈﺳﻢ ﻣﺴﺘﻌﺎﺭ ﻫـﻮ ﺍﺑـﻦ ﻣﻨـﺼﻮﺭ ﺍﻟـﺼﻨﻬﺎﺟﻲ ،ﻭﻛﺎﻧـﺖ ﻫـﺬﻩ
ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ،ﻭﺑﻴﻦ ﺃﺳـﺎﻟﻴﺒﻪ ﺍﻟﻘـﺬﺭﺓ ،ﺍﻟﹼـﱵ ﻛـﺎﻥ ﻳـﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ
ﺍﳉﺮﻳﺪﺓ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺩﻳﻨﻴﺔ ،ﺗﺪﻋﻮ ﺇﱃ ﺍﺷـﺘﺮﺍﻛﻴﺔ
ﻟﻔﺮﻧﺴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ،ﻭﳏﻮ ﻫﻮﻳﺔ ﺍﻷﻣﺔ ،ﻭﻟﻌﻞ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﻨـﺸﺎﻁ
ﻳﺸﻌﺮﻭﻥ ﺑﺎﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻔﻘﲑ ،ﻭﻳﺴﺘﻐﻠﻮﻧﻪ ﺑﺸﺘﻰ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ،ﻭﺟﺎﺀ
ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺇﱃ ﺳﺠﻨﻪ ﻭﺍﻟﺘﻨﻜﻴﻞ ﺑﻪ ،ﺑﺘﻬﻤﺔ ﻟﻔﹼﻘﺘﻬﺎ ﻟﻪ ،ﻭﻫـﻲ
ﰲ ﺍﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ ﻋﺪﺩﻫﺎ ﺍﻷﻭﻝ "ﺫﻭ ﺍﻟﻔﻘــﺎﺭ ﻳــﺒــﺎﺭﺯ ﺍﻷﻏﻨﻴـﺎﺀ
ﻤﺔ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺑﺎﻟﻌﺪﻭ ،ﻓــﻘــﺪ ﺿــﺒــﻄﺖ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟــﺒـﺮﻳـﺪ
ﻭﺭﺳﻢ ﺻﻮﺭﻫﺎ ﻭﺇﺧﺮﺍﺟﻬﺎ ﻭﻃﺒﻌﻬﺎ ﲟﻔﺮﺩﻩ .ﻭﻳﻮﻗﻊ ﻣﻘﺎﻻﺗـﻪ
ﺇﺳــﻼﻣﻴﺔ ،ﻭــﺎﺟﻢ ﺍﻷﻏﻨﻴــﺎﺀ ﺍﻻﺣﺘﻜــﺎﺭﻳﲔ ،ﺍﻟﹼــﺬﻳﻦ ﻻ
66
ﻭﰲ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﺸﲑ
)(16
ﺃﻳـﻀﺎﹰ ،ﻭﻛـﺎﻥ ﺻـﻮﺗ ﹰﺎ ﺟﺮﻳﺌـ ﹰﺎ ﺣـﺎﺭﺏ
ﺍﻟﻜﺒﲑ ،ﻭﺍﳉﺮﺃﺓ ﰲ ﺇﺑـﺪﺍﺀ ﺍﻟـﺮﺃﻱ ﻫـﻮ ﻣـﺎ ﺩﻓـﻊ ﺍﻟـﺴﻠﻄﺎﺕ
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻱ ﺭﺳﺎﻟﺔ ،ﻣﻮﺟﻬﺔ ﻣﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺇﱃ ﻣﺼـﺮ ،ﻭﳑـﺎ
ﻼ ﻭﻳﻘﻈﺔ ﻣﻦ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﲔ ﻟﺘﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ،ﻳﻨﺘﻈﺮ ﺗﻔﺎﻋ ﹰ
ﻳﻌﻴﻨﻮﺍ ﺃﻋﺪﺍﺀﻫﻢ" ،ﻓﻮﺟﻬﺖ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴـﺔ ﺍﻟـﺘـﻬـﻤـﺔ
ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﺳﻴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻄﺮﻗﻴﺔ ﺍﳌﻨﺤﺮﻓﺔ ،ﺍﳌﺘﻨﻜﹼﺮﺓ ﰲ
ﻂ ﺍﻟﹼـﺬﻱ ﻛﹸـﺘـﺒـﺖ ﺑـﻪ ﻓﻮﺭ ﹰﺍ ﺇﱃ ﻋﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ ،ﲝﺠﺔ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳋ ﹼ
ﺛﻮﺏ ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﻭﺍﻟﹼﱵ ﺃﺣﺎﻟﺖ ﺍﳌﻮﺍﻃﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺇﱃ " ﻛﻮﻣﺔ
ﺍﻟﺸﺎﻗﹼﺔ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﰲ 13ﺃﻏﺴﻄﺲ 1915ﻡ ،ﻭﺣﻜﻢ ﻋﻠﻴـﻪ
ﻼ ﰲ ﺍﺘﻤﻊ، ﺧﺪﻣﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﺍﻟﺰﺍﻭﻳﺔ ،ﻭﻳﺼﺒﺢ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻋﺎﻃ ﹰ
ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ " :ﳚﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﺪﻭﺍ ﲞﻠﻴﻔﺘﻬﻢ ،ﻭﺃﻟﹼـﺎ
ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻫﻮ ﺧﻄﹼﻪ ،ﻭﺃﺻﺪﺭﺕ ﲝﻘﹼـﻪ ﺣـﻜـﻤـ ﹰﺎ ﺑـﺎﻷﺷـﻐـﺎﻝ ﺑﺎﻟﻨﻔﻲ ﺍﳌﺆﺑﺪ ،ﰲ 6ﻧﻮﻓﻤﱪ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻧﻔﺴﻬـﺎ ،ﻭﻗـﺪ ﺃﺧـﺮ
ﰒ ﺛﺒﺘﺖ ﺑﺮﺍﺀﺗﻪ ﻭﻋـﻔـﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﻨﻔﻲ ﺣﺘﻰ ﺳﻨﺔ 1921ﻡ ،ﹼ
ﻋﻨﻪ).(17
ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ،ﺍﻟﹼﺬﻱ ﻃﺎﻝ ﻧﻮﻣﻪ ﻭﻏﻔﻠﺘﻪ ،ﺑﺴﺒﺐ ﺗﺴﻠﻂ
ﻫﻴﻜﻴﻠﻴﺔ ﰲ ﺧﻠﻮﺓ ﺍﻷﺫﻛﺎﺭ ،ﺳﺎﻣﻌﺎﹰ ،ﻣﻄﻴﻌﺎﹰ ،ﻣﻠﺒﻴﺎﹰ ،ﻫﺮﻋ ﹰﺎ ﰲ ﻳﺴﻌﻰ ﻓﻘﻂ ﻟﻠﻘﻤﺔ ﻭﺍﻷﺫﻛﺎﺭ") .(22ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻭﺻﻞ ﺍﻷﻣﺮ
ﺑﻌﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﰲ ﻣﻌﺮﺽ ﺣﺪﻳﺚ ﻧﻘﻠﻪ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﻣﺬﻛﹼﺮﺍﺗﻪ ":ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺷﻌﺐ ﺍﻃﻼﻗﺎﹰ ،ﻭﺇ ﹼﻥ ﻣﺎ
ﻭﻗﺪ ﻟﻘﻲ ﰲ ﺳﺠﻨﻪ ﻫﺬﺍ ﻋﺬﺍﺑ ﹰﺎ ﺷﺪﻳﺪﺍﹰ ،ﻭﻗﺪ ﻭﺻﻒ ﺫﻟﻚ
ﺗﺮﺍﻩ ﺣﻮﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﺇﻟﹼﺎ ﺳﺎﺋﻤﺔ ﺗﺮﻋﻰ ﰲ ﺃﺭﺽ ،ﺃﻭ ﻛﻤﺎ
ﺍﻵﻥ ﺃﻋﻴﺶ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﰲ ﺣﻴﺎﰐ ،ﺇ ﹼﻥ ﺍﻟﻠﺤﻈـﺔ
ﻭﻛــﺎﻥ ﻋﻤــﺮ ﺭﺍﺳــﻢ ﻗــﺪ ﲝــﺚ ﰲ ﺃﺳــﺒﺎﺏ ﺍﳓــﺮﺍﻑ
ﺍﻟﹼﱵ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﻨﻔﹼـﺲ ﱂ ﲢـﻦ ﺑﻌـﺪ ،ﻓﻬـﻞ ﺃﺳـﺘﻄﻴﻊ
ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﺿﻌﻔﻪ ،ﻭﺃﺭﺟـﻊ ﺫﻟـﻚ ﺇﱃ ﺗـﺸﺒﻬﻪ ﺑﺎﻷﺟﺎﻧـﺐ،
ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﶈﻨﺔ ﺍﻟﻘﺎﺳﻴﺔ؟ ،ﳌﻦ ﺃﺗﻮﺟـﻪ؟ ،ﳌـﻦ ﺃﺷـﻜﻮ؟ ،ﺣﺘـﻰ
ﺻــﺪﻭﺭ ﺑﻌــﻀﻬﻢ ﻟــﻀﻤﺎﻥ ﻣــﻮﺍﻻﻢ ،ﻭﺍﺳــﺘﻌﺒﺎﺩﻫﻢ ﻧﻔــﺴ ﻴ ﹰﺎ
ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﺍﻟﹼﺬﻱ ﺳﻴﺨﻔﹼﻒ ﻋﻨﻲ ﻻ ﺃﺳﺘﻄﻴﻌﻪ ،ﻷ ﹼﻥ ﺫﻟﻚ ﳚﺐ ﺃﻥ
ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋ ﻴﺎﹰ ،ﻭﺿﻌﻒ ﺇﳝﺎﻧﻪ ،ﻭﺍﻧﻜﻤﺎﺷﻪ ﻭﻴﺒﻪ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺟﻬـﺔ
ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ،ﻓﻘـﺪ ﻋﻜـﻒ ﰲ ﳏﻨﺘـﻪ
ﺹ ﺍﻟـﺼﻔﻮﻑ، ﻋﻠــﻰ ﺗﻮﻋﻴــﺔ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟـﺸﻌﺐ ،ﻭﺣ ﹼﺜــﻪ ﻋﻠــﻰ ﺭ
ﻼ " :ﺇﻧـﻲ ﰲ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻟﻪ ،ﺃﺭﺳﻠﻬﺎ ﻷﺧﻴـﻪ ﺳـﻨﺔ 1919ﻡ ،ﻗـﺎﺋ ﹰ
ﲢﻤﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﺍﻟﹼﱵ ﻻ ﺗﻄﺎﻕ؟ ،ﻫﻞ ﺃﺳـﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻌﻴـﺶ
ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻌﺪ ﺇﺫﻥ").(18
ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺑﻘﺮ ﺍﷲ ﰲ ﺯﺭﻉ ﺍﷲ!"
)(23
.
ﻭﺣﺐ ﺍﻟﻔﺨﺎﻣـﺔ ،ﻭﺍﻻﻋـﺘﺰﺍﺯ ﺑﺎﻟﻨﻴﺎﺷـﲔ ﺍﻟﹼـﱵ ﺯﻭﻗـﻮﺍ ـﺎ
ﺍﳋﻄﻮﺏ ﻭﺍﻟﺼﻌﺎﺏ
)(24
.ﻭﻗﺪ ﻋﻤﻞ ﻋﻤﺮ ﺭﺍﺳـﻢ ﺑﻜـ ﹼﻞ ﻗﻮﺗـﻪ
ﺗﻠﻚ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺴﲑ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﱘ) ،(19ﻟﻴﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻋﻮﻧ ﹰﺎ ﻣﻌﻨﻮﻳـ ﹰﺎ
ﻭﺍﻟﺘﻤــﺴﻚ ﺑﺎﻟﻮﺣــﺪﺓ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴــﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻨﺒــﻪ ﺇﱃ ﺃﻻﻋﻴــﺐ
ﻭﺗﻨﻜﻴﻞ.
ﺇﻟﹼـﺎ ﺯﻳــﺎﺩﺓ ﰲ ﺍﳋﻤــﻮﻝ ،ﻭﻃﻐﻴﺎﻧـ ﹰﺎ ﻟﻠﻤــﺴﺘﻌﻤﺮ ،ﳑــﺎ ﺃﺷــﻌﺮﻩ
ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺑﻮﺍﺳﻄﺘﻪ ﺍﻟﺼﻤﻮﺩ ﻭﲢﻤﻞ ﻣﺎ ﻳﻼﻗﻴﻪ ﻣـﻦ ﺗﻌﺬﻳـﺐ ﻳﺮﺟﻊ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺒـﺎﺣﺜﲔ ﺃﺳـﺒﺎﺏ ﻳـﺄﺱ ﻋﻤـﺮ ﺭﺍﺳـﻢ ﺇﱃ
ﲡﺮﺑﺔ ﺳﺠﻨﻪ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ ،ﻭﻣﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﺃﲪـﺪ ﺗﻮﻓﻴـﻖ ﺍﳌـﺪﱐ
ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭﺃﺳﺎﻟﻴﺒﻪ ،ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻻﳔﺪﺍﻉ ﺎ ،ﻭﻟﻜﻨـﻪ ﱂ ﳚـﺪ ﺑﺎﻹﺣﺒﺎﻁ ﻭﺍﻟﻴﺄﺱ.
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺫﻟـﻚ ﻓـﺈ ﹼﻥ ﻋﻤـﺮ ﺭﺍﺳـﻢ ﻓﻘـﺪ ﺛﻘﺘـﻪ
ﺍﻟﹼﺬﻱ ﻗﺎﻝ ":ﻓﻬﻤﺖ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺑـﺎﺩﺉ ﺃﻣـﺮﻩ ﻣـﺼﻠﺤ ﹰﺎ
ﺑﻘﻴـﺎﺩﺍﺕ ﺍﳌــﺴﻠﻤﲔ ،ﻭﻛـﺎﻥ ﻳــﺮﺍﻫﻢ ﺧﻮﻧـﺔ ﻭﺗــﺎﺑﻌﲔ ،ﻭﻛــﺎﻥ
ﻣﺆﻣﻨ ﹰﺎ ﻋﺼﺎﻣ ﻴ ﹰﺎ ﻃﻤﻮﺣـﺎﹰ ،ﻓﻠﻤـﺎ ﺃﺻـﺎﺑﺘﻪ ﺍﻟﻨﺎﺋﺒـﺔ ﺑﺎﻟـﺴﺠﻦ
ﻖ ﻳﻘﻮﻝ ":ﻻ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻛﻮﻥ ﻣﻊ ﺃﻧﺎﺱ ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺃﻢ ﺃﻋﺪﺍﺀ ﺍﳊ ) (25
ﺿــﺎﻗﺖ ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟــﺪﻧﻴﺎ ﲟــﺎ ﺭﺣﺒــﺖ ،ﻭﺩﺍﺭﺕ ﻋﻠﻴــﻪ ﺩﺍﺋﺮــﺎ
ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻮﻃﻦ"
ﺑﺎﻟﺴﻮﺀ ،ﻭﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﺳﺠﻨﻪ ﻏﺮﻳﺒ ﹰﺎ ﻭﺣﻴﺪﺍﹰ ،ﻻ ﻳـﺄﻧﺲ ﻷﺣـﺪ،
ﻓﻴﻬﻢ ،ﻭﻗﺪ ﻧﻘﻞ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ﺃﻥ ﻋﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ ﻛﺎﻥ ﺃﻳﺎﻡ
ﻭﻻ ﻳﺄﻧﺲ ﻟﻪ ﺃﺣﺪ ،ﻓﺄﺻﺒﺢ ﻛﺎﻓﺮ ﹰﺍ ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ ،ﻣﺒﺘﺌﺴ ﹰﺎ ﺑﺎﳊﻴـﺎﺓ،
ﻓﺎﺭﻭﻕ
ﻣﻠﻚ ﻣﺼﺮ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ " :ﻻ ﺛﻘﺔ ﱄ ﺑـﻪ ،ﻻ ﺗـﺴﻌﺪ
ﺃﺳﻮﺩ ﻓﺎﺣﻢ ﺍﻟﻠﻮﻥ").(20
(27
ﻻ ﻳﺮﻯ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ،ﻭﻻ ﻳـﺮﻯ ﺍﳊـﻮﺍﺩﺙ ﺇﻟﹼـﺎ ﻣـﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﻣﻨﻈـﺎﺭ
)(26
.ﻓﻬـﻮ ﱂ ﻳﻜـﻦ ﻳـﺮﻯ ﺑﺎﺭﻗـﺔ ﺃﻣـﻞ
ﰒ ﺟﺎﺀ ﺩﻭﺭ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﳏﻤﺪ ﳒﻴـﺐ ﻣﺼﺮ ﺇﻟﹼﺎ ﺑﻌﺪ ﺫﻫﺎﺑﻪ" ،ﹼ ﻓﻘﺎﻝ" :ﻭﺍﷲ ﻫﺬﺍ ﺃﺳﻮﺃ ﻣﻦ ﻓﺎﺭﻭﻕ ،ﻻ ﺛﻘﺔ ﱄ ﺑـﻪ"
)(28
)
.
ﺃﻣﺎ ﻏﲑﻩ ﻓﻘﺪ ﻭﺟﺪ ﺃ ﹼﻥ ﻣﺎ ﺃﺻﺎﺏ ﻋﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ ﻫﻮ "ﻧﻮﻉ ﻣﻦ
ﺑﻞ ﺇﻥ ﻋﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ ﺍﻋﺘﱪ ﺍﻷﻣﲑ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺍﳉﺰﺍﺋـﺮﻱ)،(29
ﻋﺎﺷﻬﺎ ﻣﻔﻌﻤﺔ ﺑﺎﻷﺳﻰ ﻭﺍﻟﺼﺪﻣﺎﺕ ﻭﻟﻴﻞ ﺍﻹﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻄﻮﻳـﻞ،
ﻳﺜﻖ ﻢ ،ﻷﻧـﻪ ﻭﺟـﺪ ﺃﻧﻬـﻢ ﱂ ﻳﻘـﺪﻣﻮﺍ ﻣـﺎ ﳝﻜـﻦ ﳍـﻢ ﺃﻥ
ﺍﻹﺭﻫﺎﻕ ﻭﺍﻟﻮﻫﻦ ﺍﳉﺴﻤﻲ ،ﻭﺍﻟﻴﺄﺱ ﻣﻦ ﻃﻮﻝ ﺍﳊﻴـﺎﺓ ،ﺍﻟﹼـﱵ ﺍﻟﹼﺬﻱ ﱂ ﻳﺴﻔﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻴﻪ ﺇﻟﹼﺎ ﻋـﻦ ﺍﳌـﺮﺍﺭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺣـﺰﺍﻥ ﻭﺍﻟﻨﻜﺒﺎﺕ").(21
ﻭﺍﻷﻣﲑ ﳏﻤﺪ ﺍﳌﻘﺮﱐ) ،(30ﻣﻦ ﺍﻟﹼـﺬﻳﻦ ﲣـﺎﺫﻟﻮﺍ ،ﻭﱂ ﻳﻜـﻦ
ﻳﻘﺪﻣﻮﻩ ﻟﻮﻃﻨﻬﻢ ﻭﺃﻣﺘﻬﻢ
)(31
.
ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺸﻌﺮ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﲝﺎﺟـﺔ ﺇﱃ ﻣـﻦ
ﻭﻟﻜﻨﻨﺎ ﺇﺫﺍ ﺭﺟﻌﻨﺎ ﻟﺴﲑﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟـﻞ ﻭﺃﻓﻜـﺎﺭﻩ ،ﺳـﻨﺠﺪ
ﻳﻬﺪﻳﻬﻢ ﺳﻮﺍﺀ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ ،ﻭﻭﺟـﺪ ﺃﺛﻨـﺎﺀ ﺯﻳـﺎﺭﺓ ﻗـﺎﻡ ـﺎ ﺇﱃ
ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻌﻤﻠﻪ ﻫﻮ ﻭﻣﻦ ﻣــﻌﻪ ﻣــﻦ ﺍﳌﺼﻠﺤـﲔ
ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ،ﺃ ﹼﻥ ﻓﻴﻬﺎ" :ﺷﺒﻴﺒﺔ ﻣﺒﺎﺭﻛﺔ ،ﺗــﺠــ ﺪ ﰲ ﺍﻹﺻــــﻼﺡ
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
67
ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻛﺜﲑ ﹰﺍ ﻣﺎ ﺗﻐﻠﻮ ﻭﺗﺘﻨﻄﻊ ﻭﺗـﺴﺮﻑ......ﻭﻻ
ﻳﻨﻘﺼﻬﺎ ﺇﻻ ﺇﻣﺎﻡ ﻣﺼﻠﺢ ﺭﺍﺷﺪ ،ﻳﺮ ﺩ ﲨﺎﺣﻬـﺎ ،ﻭﻳﻬـﺪﻳﻬﺎ ﺇﱃ
ﺳﻮﺍﺀ ﺍﻟﺼﺮﺍﻁ").(32
ﻓﻌﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ ﻓﻘﺪ ﺛﻘﺘﻪ ﺑﺎﻟﺸﻌﺐ ،ﻭﻓﻘـﺪ ﺛﻘﺘـﻪ ﺑﺎﻟﻘـﺎﺩﺓ،
ﻭﻛﺎﻥ ﻳـﺮﻯ ﺍﻷﻣـﻮﺭ ﺗـﺰﺩﺍﺩ ﺳـﻮﺀﺍﹰ ،ﻭﺍﻟـﻮﻃﻦ ﻳـﺰﺩﺍﺩ ﲣﻠﹼﻔـ ﹰﺎ ﻭﺿﻌﻔﺎﹰ ،ﻭﺍﻟﻌﺪﻭ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﺷﺮﺍﺳﺔ ،ﻓﺄﺻﺎﺑﻪ ﻣﺎ ﺃﺻﺎﺑﻪ ﻣﻦ ﻳﺄﺱ ﻻ ﻭﺳﻮﺩﺍﻭﻳﺔ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻧﺮﺍﻩ ﺍﻟﺘﻔﺖ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻤـﻞ ﺍﻟﻔﻨـﻲ ،ﳏـﺎﻭ ﹰ
ﰊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﺃﻣـﺎﻡ ﻣﻮﺟـﺎﺕ ﺍﳊﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻌﺮ
1983ﻡ؛ ﺍﻧﻈﺮ ،ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﺆﻟﻔﲔ ،ﺍﳌﻮﺳﻮﻋﺔ ﺍﻟﺼﺤﻔـﻴـﺔ ﺍﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ،
ﺗﻮﻧﺲ ،ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ.85 ،4 ،1995 ،
ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺣﻴﺎﺓ ﻛﻔﺎﺡ ﺃ ﹼﻥ ﻋﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ ﻛﺎﻥ ﻳـﺮﺍﺳـﻠـﻪ ﻭﳝﻀـﻲ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ :ﺍﻟﺒﺎﺋﺲ ﺍﻟﻴﺎﺋﺲ ﺍﻟﺜﺎﺋﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻭﺃﻫﻠﻪ ﻋﻤﲑ
ﺭﺍﺳﻢ؛ ﺍﻧﻈﺮ ،ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ،ﺣﻴﺎﺓ ﻛﻔـﺎﺡ ،ﺍﳉـﺰﺍﺋـﺮ ،ﺍﻟﺸـﺮﻛـﺔ
ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻨﺸﺮ ﻭﺍﻟﺘﻮﺯﻳﻊ1925 ،ـ .56 ، 2 ،1954
) (2ـ ﻋﺎﺩﻝ ﻧﻮﻳﻬﺾ ،ﻣﻌﺠﻢ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ،ﺑﲑﻭﺕ ،ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻧـﻮﻳـﻬـﺾ ﺍﻟﺜﹼﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﻁ.243 ،1980 /1400 ،2
) (3ـ ﺍﳌﻨﻤﻨﻤﺎﺕ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻤﻰ ﻗﺪﳝ ﹰﺎ ﺍﻟﺘﺰﺍﻭﻳﻖ ،ﻭﺗﻘـﻮﻡ ﻋـﻠـﻰ ﺗـﺰﻳـﲔ
ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻭﺍﳌﺨﻄﻮﻃﺎﺕ ﺑﺎﻟﺮﺳﻮﻡ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ،ﻭﻗﺪ ﻃﻮﺭ ﺍﻟﻔﻨﺎ ﹸﻥ ﺍﳌﺴـﻠـ ﻢ ﻫـﺬﺍ
ﻂ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻐﺮﻳﺐ ،ﻓﺎﻫﺘ ﻢ ﺑﺘﻌﻠﻴﻢ ﻓـﻦ ﺍﳌﻨﻤﻨﻤـﺎﺕ ﻭﺍﳋـ ﹼ
ﺍﻟﻔ ﻦ ﺍﻟﺬﻯ ﻭﺭﺙ ﺃﺻﻮﻟﻪ ﻋﻦ ﺍﳊﻀﺎﺭﺍﺕ ﺍﳍﻨﺪﻳﺔ ﻭﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻴﺔ ﻭ ﺃﻭﻝ ﻛﺘﺎﺏ
ﺗﺎﺭﳜﻬﺎ ،ﻭﺃﺻـﻮﳍﺎ ،ﻭﺗﻄﻮﺭﻫـﺎ ،ﻭﻗـﺪ ﻛﺘـﺐ ﻋﻨـﻬﺎ ﻣﻘـﺎﻻﺕ
ﻫﻨﺪﻯ ،ﻭﺗﻄﻮﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻦ ،ﻭﺑﺮﻉ ﻓﻴﻪ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻨﺎﻧﲔ ﺍﳌﺴـﻠـﻤـﲔ؛ ﻋـﻦ
ﻭﺍﻟﺰﺧﺮﻓﺔ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑـﺎﻟﻎ ﺑﺎﳌﻮﺳـﻴﻘﻰ ﺍﻷﻧﺪﻟـﺴﻴﺔ،
ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ،ﻣﺪﺍﻓﻌ ﹰﺎ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻭﻋﻦ ﺃﺻـﺎﻟﺘﻬﺎ .ﻓﻬـﻮ ﻭﺑﻌـﺪ ﺃﻥ ﻓﻘـﺪ ﺛﻘﺘﻪ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﺟﺪ ﺃ ﹼﻥ ﻣﻦ ﻭﺍﺟﺒﻪ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﻔﻆ ﺗـﺮﺍﺙ
ﺏ ﻇﻬﺮﺕ ﻓﻴﻪ ﺍﳌﻨﻤﻨﻤﺎﺕ ﻛﺎﻥ ﻛﺘﺎﺏ ﻛﻠﻴﻠﺔ ﻭﺩﻣﻨﺔ ﻭﻫﻮ ﰱ ﺃﺻـﻠـﻪ ﻛـﺘـﺎ ﻣـــﻮﻗـــﻊ ﻳـــﻮﺳـــﻒ ﺯﻳـــﺪﺍﻥ http://www.ziedan.com/ monamnamat.asp ) (4ـ ﻋﺪﻧﺎﻥ ﻋﻀﻴﻤﺔ ،ﺍﻟﻔﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﻟـﻺﺑـﺪﺍﻉ ،ﰲ
ﺍﻷﻣﺔ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ " :ﻻ ﺧﻼﺹ ﻟﻠﺸﺮﻕ ﻣﻦ ﺳﻴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻐـﺮﺏ
ﳎﻠﺔ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ،ﺍﻷﺭﺑﻌﺎﺀ 1 ،ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻷﻭﻝ ،2003 ،ﻣﺄﺧﻮﺫ ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻊ http://univers-art.arabfunart.com/algeria_art.htm ) (5ـ ﳏﻤﺪ ﻋﺒﺪﻩ ،1905 /1323 -1849 /1266 ،ﻣﻦ ﺃﺑـﺮﺯ ﺭﺟـﺎﻝ
ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﲟﻮﺍﻛﺒﺔ ﻣﺘﻄﻮﺭﺓ ،ﺃﺳﺎﺳﻬﺎ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ،ﺍﻟﹼـﺬﻱ
ﺍﻷﺯﻫﺮ ،ﺍﺗﺼﻞ ﺑﺎﻟﺸﻴﺦ ﺍﻷﻓﻐﺎﱐ .ﻻﺯﻡ ﺛﻮﺭﺓ ﻋﺮﺍﰊ ،ﻭﺣـﻜـﻢ ﻋـﻠـﻴـﻪ
ﺍﻟﻨﺎﻫﻀﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﻭﺍﳉﻤﻮﺩ"). (33
ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ؛ ﺍﻧﻈﺮ ،ﺧﲑ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺰﺭﻛﻠﻲ ،ﺍﻷﻋﻼﻡ ،ﺑﲑﻭﺕ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟـﻌـﻠـﻢ
ﺇﻟﹼﺎ ﺑﺈﳝﺎﻥ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺑﺸﺨﺼﻴﺘﻪ ،ﻭﺍﻋﺘﺪﺍﺩﻩ ﺑﻨﻔﺴﻪ ،ﻭﺍﻋﺘﻤـﺎﺩﻩ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﺗﻪ ،ﻳﺴﺘﻤﺪ ﻛ ﹼﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺗﺎﺭﳜـﻪ ﺍﻟـﺬﹼﻫﱯ ،ﻭﻳﺒﻌﺜـﻪ
ﺍﻹﺻﻼﺡ ﰲ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﳊﺪﻳﺚ ،ﻭﻟﺪ ﰲ ﻗﺮﻳﺔ ﳏﻠﹼﺔ ﻧﺼﺮ ،ﺗﻠﻘﹼﻰ ﻋـﻠـﻮﻣـﻪ
ﻻ ﻳﻨﺒﻬﺮ ﺑﱪﻳﻖ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﺍﳋﺎﺩﻉ ،ﻓﺈﻧـﻪ ﻟﻴـﺲ ﺃﺿـ ﺮ ﺑﺎﻷﻣـﻢ
ﺑﺎﻟﻨﻔﻲ ﺛﻼﺙ ﺳﻨﻮﺍﺕ ،ﻭﻫﻮ ﻳﻌ ﺪ ﻣﻦ ﺃﻛﱪ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﺍﻹﺻـﻼﺡ ﰲ ﺍﻟـﻘـﺮﻥ
ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ ﺑﺎﺭﻋ ﹰﺎ ﰲ ﻓﻨﻪ ،ﺗﻌﻠﹼﻤﻪ ﺑﻔﻄﺮﺗـﻪ ،ﻋﻠـﻰ
ﻟﻠﻤﻼﻳﲔ ،ﻁ1992 ،10ﻡ .252 ،6
ﻭﻗﺪ ﺟﻌﻞ ﻋﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﳏﻤﺪ ﻋﺒﺪﻩ ﺍﳌﺪﻳﺮ ﺍﻟﺪﻳﲏ ﳉﺮﻳﺪﺗﻪ ﺫﻭ
ﻳﺪ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻭﻋﻤﻪ ،ﺣﺘﻰ ﻏﺪﺍ ﺃﺳﺘﺎﺫ ﹰﺍ ﰲ ﺍﻟﺮﺳﻢ ﻭﺍﳋﻂﹼ ،ﻭﻗـﺪ
ﺍﻟﻔﻘﺎﺭ ،ﻭﺟﻌﻞ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻫﻨﺮﻱ ﺍﻟﺮﻭﺷﻔﻮﺭ ﻣﺪﻳﺮ ﹰﺍ ﻓﻨ ﻴ ﹰﺎ ﻟﻨﻔﺲ ﺍﳉﺮﻳـﺪﺓ،
ﻛﺎﻥ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ):(34
ﻭﺍﻻﺳﺘﻐﻼﻝ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ؛ ﺍﻧﻈﺮ ،ﳏﻤﺪ ﻧﺎﺻﺮ ،ﻋﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ ﺍﳌﺼﻠﺢ ﺍﻟﺜﺎﺋﺮ،
ﲣﺮﺝ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻳﻪ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻣﻦ ﻓﻨﺎﱐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ،ﻓﻘـﺪ
ﻟﻴﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﺧﻂ ﻫﺬﻩ ﺍﳉـﺮﻳـﺪﺓ ﺍﻻﺻـﻼﺣـﻲ ،ﺍﻟـﺮﺍﻓـﺾ ﻟـﻠـﻈـﻠـﻢ
ﻂ ﻓﻴﻬﺎ...ﻋﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ ﺑﺪﻭﻥ ﻧﻜﲑ ﺑﺎﺭﻉ ﺍﻟﺮﺳﻢ ﺑﺎﺭﻉ ﺍﳋ ﹼ
ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ،ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﻭﺯﺭﺍﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺣﺔ ،ﻣـﺪﻳـﺮﻳـﺔ ﺍﻟـﺪﺭﺍﺳـﺎﺕ
ﻂ ﺭﻳﺸﺔ ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﺃﺯﻫﺮ ﺍﻟﻔﻦ ﰲ ﻳﺪﻳﻚ ﻭﻭﺍﺗﻰ ...ﻗﻠﻢ ﺍﳋ ﹼ ﻫﻴﺊ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﻧﺸ ﹰﺄ...ﻣﺎﻫﺮ ﺍﻟﺼﻨﻊ ﺳﺎﻣﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﳛﺬﻕ ﺍﳋﻂ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﺍﻟﺮ...ﺭﺳﻢ ﻭﻳﻌﲎ ﺑﻜ ﹼﻞ ﺷﺄﻥ ﺧﻄﲑ
ﻭﻗﺪ ﺑﻘﻲ ﻋﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺼﻤﺖ ،ﺣﺘﻰ ﺗﻮﻓﹼـﻲ ﺭﲪـﻪ
ﺍﷲ ﺳﻨﺔ 1959ﻡ ،ﰲ ﻣـﺪﻳـﻨـﺘـﻪ ﺍﳉـﺰﺍﺋـﺮ) .(35ﻛـﻢ ﻣـﻦ ﺍﳌﺼﻠﺤﲔ ﰲ ﺃﻣﺘﻨﺎ ﺫﻫﺒﺖ ﺃﺻﻮﺍﻢ ﺃﺩﺭﺍﺝ ﺍﻟﺮﻳﺎﺡ!
) (6ـ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﺆﻟﻔﲔ ،ﺍﳌﻮﺳﻮﻋﺔ ﺍﻟﺼﺤﻔﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.77 ،4 ،
ﻼ ) (7ـ ﻋﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ ،ﰲ ﺫﻭ ﺍﻟﻔﻘﺎﺭ ،ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ ) ،(1913 / 10/ 15ﻧﻘ ﹰ ﻋﻦ ﳏﻤﺪ ﻧﺎﺻﺮ ،ﺍﻟﺼﺤﻒ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ 1847ــ ،1939 ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ،ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻨﺸﺮ ﻭﺍﻟﺘﻮﺯﻳﻊ.40 ،1980 ،
) (8ـ ﻭﻗﺪ ﺟﻌـﻞ ﻋﻤـﺮ ﺭﺍﺳـﻢ ﺍﻟـﺸﻴﺦ ﳏﻤـﺪ ﻋﺒـﺪﻩ ﺍﳌـﺪﻳﺮ ﺍﻟﺪﻳـﲏ
ﳉﺮﻳﺪﺗﻪ ﺫﻭ ﺍﻟﻔﻘﺎﺭ ،ﻭﺟﻌﻞ ﺍﻟﻔﺮﻧـﺴﻲ ﻫـﻨﺮﻱ ﺍﻟﺮﻭﺷـﻔﻮﺭ ﻣـﺪﻳﺮ ﹰﺍ ﻓﻨﻴـ ﹰﺎ
ﻟﻨﻔﺲ ﺍﳉﺮﻳﺪﺓ ،ﻟﻴﺆﻛﹼﺪ ﻋﻠﻰ ﺧﻂ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﺮﻳﺪﺓ ﺍﻻﺻﻼﺣﻲ ،ﺍﻟﺮﺍﻓـﺾ ﻟﻠﻈﻠﻢ ﻭﺍﻻﺳﺘﻐﻼﻝ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ؛ ﺍﻧﻈﺮ ،ﳏﻤﺪ ﻧﺎﺻﺮ ،ﻋﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ ﺍﳌـﺼﻠﺢ
ﺍﻟﺜــﺎﺋﺮ ،ﺍﳉﺰﺍﺋــﺮ ،ﻣﻨــﺸﻮﺭﺍﺕ ﻭﺯﺭﺍﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓــﺔ ﻭﺍﻟــﺴﻴﺎﺣﺔ ،ﻣﺪﻳﺮﻳــﺔ
ﺍﻟﻬﻮﺍﻣﺶ:
ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﻭﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ 18 ،1984 ،ـ .24
) (1ـ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ،ﻭﻟﺪ ﺑﺘﻮﻧﺲ ،1899ﻭﲣـﺮﺝ ﻣـﻦ ﺟـﺎﻣـﻊ
ﺍﻟﺰﻳﺘﻮﻧﺔ .ﺫﻭ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ،ﻭﻣﻦ ﺃﺑـﺮﺯ ﺃﻋﻀـﺎﺀ
ﲨﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ،ﺷﻐﻞ ﻋﺪﺓ ﻣﻨﺎﺻﺐ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻗﺒﻞ ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ .ﻣﻦ
ﺃﺷﻬﺮ ﻛﺘﺒﻪ :ﻛﺘﺎﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ،ﻭﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﰲ ﺟﺰﻳﺮﺓ ﺻـﻘـﻠـﻴـﺔ ،ﻭﺣـﻴـﺎﺓ
ﻛﻔﺎﺡ ،ﻭﻟﻪ ﻣﻘﺎﻻﺕ ﻛﺜﲑﺓ ﻣﻮﺯﻋﺔ ﰲ ﺍﳉﺮﺍﺋﺪ ﺍﻹﺻﻼﺣﻴﺔ ،ﺗﻮﰲ ﺳﻨﺔ
68
ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﻭﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ.24 ،1984 ،
) (9ـ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ. )(10
ـ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ.33 ،
) (11ـ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﺆﻟﻔﲔ ،ﺍﳌﻮﺳﻮﻋﺔ ﺍﻟﺼﺤﻔﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.78 ،4 ،
ﻼ ) (12ـ ﺟﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﰲ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺫﻭ ﺍﻟﻔﻘﺎﺭ 5ﺃﻛﺘﻮﺑـﺮ ،1913ﻧﻘـ ﹰ
ﻋﻦ ﺻﺎﱀ ﺍﳋﺮﰲ ،ﺷﻌﺮﺍﺀ ﻣﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ،ﺩ.ﻥ.46 ،1969 ،
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
) (13ـ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ،ﺻﺪﺭﺕ ﻋﺎﻡ ،1907ﻭﺗﻮﻗﹼﻔﺖ ﻋﺎﻡ 1911ﻡ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﺍﻟﺒﺸﲑ ﺍﻟﻔﻮﺭﰐ .ﻭﻗﺪ ﻧﺸﺮ ﻋﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ ﻣﻘﺎﻟﻪ ﰲ 26ﺩﻳﺴﻤﱪ ﻋﺎﻡ 1907؛
ﺍﻧﻈﺮ ،ﳏﻤﺪ ﺻﺎﱀ ﺍﳉﺎﺑﺮﻱ ،ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻟﻠﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺑﺘﻮﻧﺲ 1900ـ ،1962ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ،ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴـﺔ ﻟﻠﻜﺘـﺎﺏ،1983 ،
.389
) (14ـ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ 154 ،ـ .157
) (15ـ ﻣﺮﺷﺪ ﺍﻷﻣﺔ ،ﺻﺪﺭﺕ ﻋﺎﻡ ،1906ﻟﺼﺎﺣﺒﻬﺎ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺍﳉﺎﺩﻭﻱ ،ﻭﺗﻮﻗﻔﺖ ﻋﺎﻡ .1950ﻭﻧﺸﺮ ﻋﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋـﺔ ﻣـﻦ ﺍﳌﻘـﺎﻻﺕ
ﻣﻨﻬﺎ :ﻣﻘﺎﻝ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻓﻠﺴﻄﲔ ،ﻭ ﻣﻘﺎﻝ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻟﻠﺴﻠﺐ ،ﻭ ﻣﻘﺎﻝ ﺍﻟﱰﺍﻉ ﺍﻻﻧﻜﻠﻴﺰﻱ ﺍﻷﳌﺎﱐ ،ﻭ ﻣﻘﺎﻝ ﺍﳉﺰﺍﺀ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ،ﻭﻏﲑﻫﺎ؛ ﺍﳌـﺼﺪﺭ
ﻧﻔﺴﻪ.389 ،
) (16ـ ﺍﳌﺸﲑ ،ﺻﺪﺭﺕ ﻋﺎﻡ 1911ﻡ ،ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﺍﻟﺼﺤﻔﻲ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ ،ﻭﺗﻮﻗﹼﻔﺖ ﻋﺎﻡ 1911ﻡ؛ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.183 ، ) (17ـ ﳏﻤﺪ ﻧﺎﺻﺮ ،ﻋﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ ﺍﳌﺼﻠﺢ ﺍﻟﺜﺎﺋﺮ26 ،ـ .27 ) (18ـ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ.11 ،
) (19ـ ﻋﺎﺩﻝ ﻧﻮﻳﻬﺾ ،ﻣﻌﺠﻢ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ.243 ، ) (20ـ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ،ﺣﻴﺎﺓ ﻛﻔﺎﺡ.54 ،2 ،
) (21ـ ﳏﻤﺪ ﺻﺎﱀ ﺍﳉﺎﺑﺮﻱ ،ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻟﻠﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺑﺘﻮﻧﺲ 1900ـ .169 ،1962
) (22ـ ﺃﲪﺪ ﺍﳋﻄﻴﺐ ،ﲨﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭﺃﺛﺮﻫﺎ ﺍﻹﺻﻼﺣﻲ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ،ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ،ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ.196 ،1985 ، ) (23ـ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ،ﺣﻴﺎﺓ ﻛﻔﺎﺡ.53 ،2 ،
ﺚ ﻓﻴـﻪ ﺍﻟـﺸﻌﺐ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﺘﺤﻠﹼـﻲ ﺑـﺎﻟﺮﻭﺡ ﻻ ﻭﻗﹼﻌﻪ ﺑﺎﺳﻢ ﺃﰊ ﻣﻨﺼﻮﺭ ﺍﻟﺼﻨﻬﺎﺟﻲ ،ﰲ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ 30ﺇﺑﺮﻳﻞ 1908ﻡ ،ﺣـ ﹼ ) (24ـ ﻧﺸﺮ ﻋﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ ﻣﻘﺎ ﹰ
ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،ﻭﻫﻮ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻻﺗﻪ ﺍﻟﻜﺜﲑﺓ ﺍﻟﹼﱵ ﺣﺎﻭﻝ ﻣﻦ ﺧﻼﳍﺎ ﺗﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ؛ ﳏﻤﺪ ﺻـﺎﱀ ﺍﳉـﺎﺑﺮﻱ ،ﺍﻟﻨـﺸﺎﻁ ﺍﻟﻌﻠﻤـﻲ ﻭﺍﻟﻔﻜـﺮﻱ ﻟﻠﻤﻬﺎﺟﺮﻳـﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺑﺘﻮﻧﺲ 1900ـ .261 ،1962
) (25ـ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ،ﺣﻴﺎﺓ ﻛﻔﺎﺡ.56 ،2 ،
) (26ـ ﻓﺎﺭﻭﻕ ﺑﻦ ﻓﺆﺍﺩ ،ﻭﻟﺪ ﻋﺎﻡ 1920ﻡ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻠﻜ ﹰﺎ ﳌﺼﺮ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ 1936ﺇﱃ ﻋﺎﻡ 1952ﻡ ،ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻣﺖ ﺛﻮﺭﺓ ﻳﻮﻟﻴﻮ ،ﻭﻋﺰﻝ ﻣﻦ ﻣﻨـﺼﺒﻪ ،ﺗﻮﻓﹼـﻲ ﰲ ﺭﻭﻣﺎ ﺳﻨﺔ 1965ﻡ؛ ﺍﻧﻈﺮ ،ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﺆﻟﻔﲔ ،ﺍﳌﻨﺠﺪ ﰲ ﺍﻷﻋﻼﻡ ،ﺑﲑﻭﺕ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳌﺸﺮﻕ،ﻁ.402 ،1996 ،23
) (27ـ ﳏﻤﺪ ﳒﻴﺐ ،ﻭﻟﺪ ﺳﻨﺔ 1901ﻡ ،ﰲ ﺍﳋﺮﻃﻮﻡ ،ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺒﺎﻁ ﺍﻷﺣﺮﺍﺭ ،ﻭﺷﺎﺭﻙ ﰲ ﺛﻮﺭﺓ ﻳﻮﻟﻴﻮ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﺭﺋﻴﺲ ﲨﻬﻮﺭﻳﺔ ﰲ ﻣـﺼﺮ ﺑﻌـﺪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ،ﻋﺰﻟﻪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﺳﻨﺔ 1954ﻡ ،ﺗﻮﰲ ﻓﻘﲑ ﹰﺍ ﻣﻌﺪﻣ ﹰﺎ ﺳﻨﺔ 1984ﻡ؛ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.572 ،
) (28ـ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ،ﺣﻴﺎﺓ ﻛﻔﺎﺡ.55 ،2 ،
) (29ـ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ (1883 -1807 / 1300 -1222) ،ﺃﻣﲑ ﳎﺎﻫﺪ ،ﻋﺎﱂ ،ﺃﺩﻳﺐ ﻧﺎﻇﻢ ﻧـﺎﺛﺮ ،ﺻـﻮﰲ .ﻭﻟـﺪ ﰲ ﺍﻟﻘﻴﻄﻨـﺔ ﻣـﻦ ﺿـﻮﺍﺣﻲ
ﻣﺴﻘﺮﺓ ﺑﺈﻳﺎﻟﺔ ﻭﻫﺮﺍﻥ ﺑﺎﳉﺰﺍﺋﺮ ﰲ 23ﺭﺟﺐ ،ﻭﺗﻌﻠﻢ ﰲ ﻭﻫﺮﺍﻥ ،ﻭﺣﺞ ﻣﻊ ﺃﺑﻴﻪ ﻓﺰﺍﺭ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻭﺩﻣﺸﻖ ﻭﺑﻐﺪﺍﺩ ،ﻭﳌـﺎ ﺩﺧـﻞ ﺍﻟﻔﺮﻧـﺴﻴﻮﻥ ﺑـﻼﺩ ﺍﳉﺰﺍﺋـﺮ
ﺑﺎﻳﻌﻪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﻮﻥ ﻭﻭﻟﺪﻩ ،ﻓﻘﺎﺗﻞ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﻭﺻﺎﺭﻋﻬﻢ ﲬﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﻋﺎﻣﺎﹰ ،ﰒ ﻧﻔﻮﻩ ﺇﱃ ﻃﻮﻟﻮﻥ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﻧﺒﻮﺍﺯ ،ﰒ ﺃﻃﻠﻖ ﺳـﺮﺍﺣﻪ ﻓـﺰﺍﺭ ﺑﺎﺭﻳـﺲ
ﻭﺍﻟﻘﺴﻄﻨﻄﻴﻨﻴﺔ ،ﻭﺍﺳﺘﻘﺮ ﰲ ﺩﻣﺸﻖ ،ﻭﺗﻮﰲ ﺑﻘﺮﻳﺔ ﺩﻣﺮ ﰲ 19ﺭﺟﺐ ،ﻭﺩﻓﻦ ﰲ ﺟﺎﻣﻊ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﳏﻴﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﺮﰊ ﺑـﺼﺎﳊﻴﺔ ﺩﻣـﺸﻖ .ﻣـﻦ ﺁﺛـﺎﺭﻩ: ﺫﻛﺮﻯ ﺍﻟﻌﺎﻗﻞ ﻭﺗﻨﺒﻴﺔ ﺍﻟﻐﺎﻓﻞ ،ﺍﳌﻘﺮﺍﺽ ﺍﳊﺎﺩ ﻟﻘﻄﻊ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻄﺎﻋﻦ ﰲ ﺩﻳﻦ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻭﺍﻹﳊﺎﺩ ،ﺍﳌﻮﺍﻗـﻒ ﰲ ﺍﻟﺘـﺼﻮﻑ ،ﺩﻳـﻮﺍﻥ ﺷـﻌﺮ،
ﻭﺍﻟﺼﺎﻓﻨﺎﺕ ﺍﳉﻴﺎﺩ ﰲ ﳏﺎﺳﻦ ﺍﳋﻴﻞ ﻭﺻﻔﺎﺎ؛ ﺍﻧﻈﺮ ،ﻋﻤﺮ ﺭﺿﺎ ﻛﺤﺎﻟﺔ ،ﻣﻌﺠﻢ ﺍﳌﺆﻟﻔﲔ ،ﺑﲑﻭﺕ ،ﺩﺍﺭ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻌﺮﰊ.304 ،5 ،
) (30ـ ﳏﻤﺪ ﺍﳌﻘﺮﺍﱐ ،ﻣﻦ ﻗﻠﻌﺔ ﺑﲏ ﻋﺒﺎﺱ ،ﻋﲔ ﺃﺑﻮﻩ ﺍﳊﺎﺝ ﺃﲪﺪ ﺍﳌﻘﺮﺍﱐ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺑﺎﻳﻌﻮﻩ ﺑﻌﺪ ﺻﺪﻭﺭ ﺃﻣﺮ ﻣﻠﻜـﻲ ،ﻟﻜﻨـﻪ ﺗـﻮﰲ ﻋﻨﺪ ﻋﻮﺩﺗﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻘﺎﻉ ﺍﳌﻘﺪﺳﺔ ،ﻓﺨﻠﻔﻪ ﺍﺑﻨﻪ ﳏﻤﺪ ،ﻏﲑ ﺃﻥ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﺳﺘﻐﻨﺖ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨـﺼﺐ ﻭ ﻋﻮﺿـﺘﻪ ﲟﻨـﺼﺐ ﺃﻗـﻞ ﻣﻨـﻪ ﻭ ﻫـﻮ ﻣﻨﺼﺐ ﺑﺎﺷﺎ ﺁﻏﺎ .ﺍﻋﺘﱪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﳏﻤﺪ ﺍﳌﻘﺮﺍﱐ ﺗﺼﺮﻑ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺇﻫﺎﻧﺔ ﻟﻪ ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪﻡ ﺍﺳـﺘﻘﺎﻟﺘﻪ ﻭﺍﻟﺘﺤـﻖ ﺑﺄﻣﻼﻛـﻪ ﰲ ﺑـﻦ ﻋﻜﻨـﻮﻥ ﻗـﺮﺏ
ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ،ﻭﺭﺃﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺍﻹﺳﺮﺍﻉ ﺇﱃ ﺇﻋﻼﻥ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﻣﻌﺘﻤﺪ ﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﺗﻪ ﺍﶈﻠﻴﺔ ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﰲ ﻓﱪﺍﻳﺮ ﻋﺎﻡ 1871ﻭﺍﺳﺘﻤﺮ ﰲ ﺟﻬـﺎﺩﻩ ﺇﱃ
ﺃﻥ ﺍﺳﺘـــﺸﻬﺪ ﰲ ﻣﻌﺮﻛـــﺔ ﻭﺍﺩ ﺳـــﻮﻓﻼﺕ 5ﻣـــﺎﻱ 1871؛ ﻋـــﻦ ﻣﻮﻗـــﻊ http://www.m-moudjahidine.dz/Histoire/Biographie/ Biographie.htm ) (31ـ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ،ﺣﻴﺎﺓ ﻛﻔﺎﺡ.56 ،2 ،
) (32ـ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪ ﺍﻟﺰﺍﻫﺮﻱ ،ﺣﺪﻳﺚ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺍﺳﻢ ،ﻧﺸﺮ ﰲ ﳎﻠﺔ ﺍﻟﻔﺘﺢ ،ﺍﻟﻌﺪﺩ ،1929 ،159ﻣﺄﺧﻮﺫ ﻋـﻦ ﻛﺘـﺎﺏ ،ﳏﻤـﺪ ﺍﻟـﺴﻌﻴﺪ ﺍﻟﺰﺍﻫـﺮﻱ، ﻟﺼﺎﱀ ﺍﳋﺮﰲ ،ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ،ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ.113 ،1986 ،
) (33ـ ﳏﻤﺪ ﻧﺎﺻﺮ ،ﻋﻤﺮ ﺭﺍﺳﻢ ﺍﳌﺼﻠﺢ ﺍﻟﺜﺎﺋﺮ 31 ،ـ .32
) (34ـ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻌﻴﺪ ﺁﻝ ﺧﻠﻴﻔﺔ ،ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻣﺆﺭﺧﺔ ، 1939 / 3 / 1ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ.53 ،
) (35ـ ﻋﺎﺩﻝ ﻧﻮﻳﻬﺾ ،ﻣﻌﺠﻢ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ.243 ،
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
69
ﻛﺘﺎﺏ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻝ
ﻧﺤﻮ ﻓﻬﻢ ﺃﻋﻤﻖ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮﺭ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﻜﺎﺭ
ﺑﻘﻠﻢ :ﻓﺌﺰﺓ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ
ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺭﺍﺋﺪﺓ ﲪﻠﺖ ﻋﻨﻮﺍﻧﺎ ﻻﻓﺘﺎ " ﻋﻦ ﺇﻣﺘﻼﻙ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﻷﻓﻀﻞ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻮﺟـﻮﺩ ﺑﺄﻛﻤﻠـﻪ ،ﻭﺗﺪﻋﻮﻫـﺎ
ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﺑﲔ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﻭ ﺍﳌﻮﺍﺟﻬﺔ " ﺇﱃ ﻛـــﺴﺐ " ﻣﻌﺮﻛـــﺔ " ﺍﻷﻓﻜـــﺎﺭ ﺍﻹﺻـــﻼﺣﻴﺔ ﺍﻟـــﱵ ﺗﻌـــﲏ ﺑﺒـــﺴﺎﻃﺔ – ﻟﻠﺪﻛﺘﻮﺭ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺑﻜﺎﺭ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﻔﻌﺎﻟﺔ ﰲ ﺣﺮﻛﺔ ﺗﻐﻴﲑ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻭ ﺗﻐﻴﲑ ﺍﻟﻜﻮﻥ . ﺑﻜﺘﺎﺑﺎﺗﻪ ﺍﳌﺘﻤﻴﺰﺓ ﻭﺍﳌﺘﺨﺼﺼﺔ .ﺗﻀﻢ
ﺇﻥ ﻣﺎ ﻳﻘﺪﻣﻪ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺑﻜﺎﺭ ﺗﻔﻜﲑ ﺟﺪﻳﺪ ،ﻭﺭﺅﻳﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰﺓ ،ﺑﺄﺳﻠﻮﺏ ﺃﺩﰊ ﺭﺍﺋﻖ،
ﺍﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﳉﺪﻳﺮﺓ ﳝﺘﻠﻚ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﺍﻟﻜﺘﺎﰊ ،ﻭﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﺄﻫﻢ ﺷﺮﻭﻁ ﻓﺼﺎﺣﺔ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺑﺎﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ،ﰲ ﺣﻠﻞ ﺃﻧﻴﻘﺔ ﻭ ﺃﻟﻮﺍﻥ ﺯﺍﻫﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﳌﻜﺘﻮﺏ ﻭﺍﳌﻘﺮﻭﺀ . ﲨﻴﻠﺔ ،ﻭﺇﺧﺮﺍﺝ ﺟﺪﺍﺏ ...ﺗﺘﻨﺎﻭﻝ
ﻛﻠﻤﺎﺗﻪ ﻗﻮﻳﺔ ﻣﻮﺣﻴﺔ ﺗﻨﺴﺠﻢ ﻣﻊ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﲣﺪﻣﻪ ،ﻭﻫﻲ ﻃﻴﻌﺔ ﻟﻘﻠﻢ ﺑﻜﺎﺭ
ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ ﻭﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﻭ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻟﺒﻴﻠﻴﻎ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ "ﺃﻟﻔﺎﻇﻪ ﻗﻮﺍﻟﺐ ﳌﻌﺎﻧﻴﻪ"
)(1
ﻭ ﻣﻌﺎﻧﻴﻪ ﰲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻻﻧﺴﺠﺎﻡ ﻣﻊ
ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ ﺣﻀﺎﺭﻳﺔ ﳐﺼﻮﺻﺔ ،ﻭﺗﻌﺎﰿ ﻓﻜﺮﻩ ،ﻭ ﺗﺼﻮﺭﻩ ﻭ ﻓﻠﺴﻔﺘﻪ .ﻭﻫﻮ ﻋﺎﺩﺓ ،ﻳﺪﻋﻢ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﺿﻪ ﺑﺎﻵﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﺑﺮﺅﻳﺔ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﻧﺎﺿﺠﺔ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻭﳘﻮﻡ ﺍﻟﻜﺮﳝﺔ ،ﻭﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ،ﻭﺍﻟﺒﻴﺖ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ﺍﻟﻘﻮﱘ ،ﻭ ﺍﻟﺮﺃﻱ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﰲ ﻇﻞ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻹﺗﺼﺎﻻﺕ ﺍﳌﺘﺨﺼﺺ ﻟﻌﺎﱂ ﺃﻭ ﻣﻔﻜﺮ ﺃﻭ ﻓﻴﻠﺴﻮﻑ ،ﻋﺮﺑﻴﺎ ﻣﺴﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺃﻭ ﻏﺮﺑﻴﺎ .ﻭ ﺗﻼﺣﻆ ﻭ ﻭﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻭ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﺃﻧﺖ " ﺗﻠﺘﻬﻢ ﻛﻠﻤﺎﺗﻪ ﺃﻧﻚ ﺗﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ ﳏﻄﺔ ﺇﱃ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻭ ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻊ ﺇﱃ ﺁﺧﺮ ،ﰲ ﺍﻟﺴﺮﻳﻊ ،ﻭ ﺍﻟﻌﻮﳌﺔ ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﻫﺪﻭﺀ ﻭﺩﻭﻥ ﻋﻨﺎﺀ ،ﻭ ﺃﻧﻚ ﺗﺮﺑﺢ ﺭﲝﺎ ﺧﺎﻟﺼﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﺍﺭ ﺭﺣﻠﺘﻚ ﺍﳌﻤﺘﻌﺔ ﺍﳌﻔﻴﺪﺓ
ﺍﳉﺪﻳﺪ...
ﻭﺗﻀﻊ
ﺑﺬﻛﺎﺀ ﻣﻌﻪ ﰲ ﻛﻞ ﻛﺘﺎﺏ ﻣﻦ ﻛﺘﺒﻪ ﺍﳋﻤﺴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺸﻜﻞ ،ﻛﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ،ﺳﻠﺴﻠﺔ" ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ
ﻭﻣﻬﺎﺭﺓ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺮﻭﻑ ﳌﻌﻈﻢ ﻣﺎ ﺑﲔ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﻭﺍﳌﻮﺍﺟﻬﺔ" .ﺳﺘﻜﻮﻥ ﺍﶈﻄﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ /ﺍﳌﺮﺍﺟﻌﺔ.. ﺗﻌﺎﻧﻴﻪ ﺍﻷﻣﺔ ﻭ ﺗﻜﺎﺑﺪﻩ؛ ﻭﺗﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﻭﻗﻔﺔ ﻫﺎﺩﺋﺔ ﰲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ..ﻭ ﻫﻮ ﻛﺘﺎﺏ "ﳓﻮ ﻓﻬﻢ ﺃﻋﻤﻖ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﻛﻞ
ﺫﻟﻚ
ﺑﺒﻼﻏﺔ
ﻟﻐﺔ
ﺍﻷﺭﻗﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ" ،ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺍﳊﺠﻢ ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ.ﻳﺘﻮﺯﻉ ﻋﻠﻰ 151ﺻﻔﺤﺔ ﺑﻐﻼﻑ " ﻭﺭﺩﻱ"
،ﻭﺍﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎﺕ ،ﻭﺗﻌﻠﻦ ﰲ ﻫﺪﻭﺀ ﻭﺛﻘﺔ
70
ﲨﻴﻞ ،ﻧﺸﺮﺗﻪ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻘﻠﻢ ﺑﺪﻣﺸﻖ .
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﺍﺳﺘﻬﻞ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺑﻜﺎﺭ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺑﺈﻫﺪﺍﺀ ﻗـﺎﻝ ﻓـﻴـﻪ " :ﺇﱃ
ﻭﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻠﻜﺎﺕ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﻭ ﻗﻮﺍﻩ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ
ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻋﻘﺪﻭﺍ ﺍﻟﻌﺰﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﺪﻭﺍ ﺃﻣﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺇﱃ
ﺍﻻﺑﺘﻼﺀ ،ﻭﻗﺪ ﳓﺖ ﻟـﻪ ﻣـﺼﻄﻠﺤﺎ ﺩﻗﻴﻘـﺎ ﻣﻌـﱪﺍ ،ﻓـﺴﻤﺎﻩ
ﺍﳌﻜﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﻴﻖ ﺎ ﺑﲔ ﺍﻷﻣﻢ ،ﺃﻗﺪﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ".
"ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﺍﳌﻨﺘﺞ".
ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺘﻔﻄﺮ ﻗﻠﻮﻢ ﺃﺳﻰ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ،ﺇﱃ
ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻘﻈﺔ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﻛﻠﻤﺎ ﺍﺳـﺘﺠﺎﺏ ﻟﻠﺘﺤـﺪﻱ ﻭ ﲡـﺎﻭﺏ ﻣـﻊ
ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ 42ﻣﺮﺟﻌﺎ ﰲ ﺣﻘﻮﻝ ﻣﺘﻨﻮﻋـﺔ ،ﻣـﻨـﻬـﺎ
ﻭ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻸﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻛـﻤـﺎ ﻳـﺮﺍﻩ ﺍﻷﺳـﺘـﺎﺫ
ﺍﳌﺘﺮﺟﻢ ،ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﺘﺨﺼﺺ ،ﺍﻟﻘﺪﱘ ﻭﺍﳊﺪﻳـﺚ ،ﻣـﻔـﻬـﺮﺳـﺎ
ﺍﳌﺆﻟﻒ ،ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﲰﺎﻩ "ﺑﺎﻟﺸﻘﺎﻕ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ" ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺘﺞ ﻋﻦ
ﺑﻌﻨﺎﻭﻳﻦ ﻛﺒﲑﺓ ﳌﻮﺿﻮﻋﺎﺕ ﻫﻲ ﻣﻔﺮﺩﺍﺕ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﺍﻷﻋﻤـﻖ
ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﰲ ﻧﻘﺎﻁ:
ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻭﺭﺩﺕ ﺑﺎﻟﺘـﺮﺗـﻴـﺐ ﺍﻟـﺘـﺎﱄ :ﺍﻟـﺘـﺤـﺪﻱ
-
ﺍﳊﻀﺎﺭﻱ ،ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻬﺞ ﺍﻟـﺮﺑـﺎﱐ ،ﺑـﻌـﺾ ﺍﳉـﺬﻭﺭ
ﺩﻓﻖ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻓﺮﺯ "ﳏـﻨـﺔ
ﻛﱪﻯ ،ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﺜﻘﻔﲔ".
ﻭﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﳌﺎ ﳓﻦ ﻓﻴﻪ ،ﺃﺧﻼﻕ ﺍـﺘـﻤـﻌـﺎﺕ ﺍﻟـﻨـﺎﻣـﻴـﺔ ﻭ
-
ﺍﻟﺮﻛﻮﺩ ﺍﳊﻀﺎﺭﻱ.
ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ،ﻭﻳﺘﺨﻠﻞ ﺍﻟﻌﻨﺎﻭﻳﻦ ﺍﻟﻜﺒﲑﺓ ﻋﻨﺎﻭﻳﻦ ﻓﺮﻋﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ.
-
ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ.
ﺫﻫﻨﻴﺎﺎ ﻭ ﻧﻔﺴﻴﺘﻬﺎ ،ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺘﺨﻠـﻒ ﺍﳌـﺎﺩﻱ ﰲ ﺍﻟـﻌـﺎﱂ
ﺍﳉﺪﻝ ﺑﲔ ﺍﻟﻘﺪﱘ ﻭ ﺍﳉﺪﻳﺪ.
-
ﲢﺪﺙ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺑﻜﺎﺭ ﰲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻋﻦ ﻣﻬﻤﺔ ﺍﻷﻣـﺔ
ﻭ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻫﻮ " ﺍﻟﺘﺨﻠـﻒ ﻋـﻦ ﺍﳌـﻨـﻬـﺞ ﺍﻟـﺮﺑـﺎﱐ"
ﺇﺻﻼﺡ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻭ ﺇﺭﺷﺎﺩﻩ ﺇﱃ ﺑﺮ ﺍﻷﻣﺎﻥ ﰲ ﺃﻣـﻮﺭ
ﺃﳘﻴﺔ ﻋﻦ ﺻﻔﺎﺎ ،ﻓﻜﻼﳘﺎ ﺷﺮﻁ ﺃﺳﺎﺳﻲ ﻹﳒﺎﺯ ﺣﻀﺎﺭﻱ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻭ ﻫﻲ:
ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ" ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ،ﻭﺃﻭﺿﺢ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﻭ ﺩﻭﺍﻓﻊ ﺇﺧﺘﻴـﺎﺭﻩ
"ﻓﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ -ﰲ ﺍﳊﺴﺎﺑـﺎﺕ ﺍﳊﻀـﺎﺭﻳـﺔ -ﻻ ﺗـﻘـﻞ ﻣﺘﻤﻴﺰ ﻭ ﻣﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﺍﳉﻬﺪ ﻭﺍﻟﻌﺼﺮ" )ﺹ.(32
ﳌﻌﺎﳉﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﳊﻀﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺿـﻤـﻦ ﺳـﻠـﺴـﻠـﺔ
ﻭ ﻣﻬﻤﺔ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻷﻭﱃ – ﰲ ﻧﻈﺮﻩ -ﻫﻲ ﺍﻟﺘﺤﻘﻖ ﻭ ﺍﻟﺘﻠـﺒـﺲ
"ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﺑﲔ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﻭﺍﳌﻮﺍﺟﻬﺔ" ،ﰲ ﻧﻘﺎﻁ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﲡﺪﻫـﺎ
ﺑﺎﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﷲ ﺗـﺒـﺎﺭﻙ ﻭﺗـﻌـﺎﱃ ﻷـﺎ " ﺃﻣـﺔ
ﰲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﲪﻞ ﺭﻗﻢ ) (1ﺍﻟﺬﻱ ﻧـﻌـﺮﺽ ﻟـﻪ
ﺭﺳﺎﻟﺔ" ..ﻭ ﻳﻌﺪ "ﺍﻻﳓﺮﺍﻑ" ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﻣﻦ ﺃﺳـﺒـﺎﺏ
ﲢﻠﻴﻠﻲ ﻣﻘﺎﺭﻥ ،ﲨﻠﺔ ﺍﻟﺘﺤـﺪﻳـﺎﺕ ﺍﻟـﱵ ﺗـﻮﺍﺟـﻪ ﺍﻷﻣـﺔ
ﺑﻪ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺇﱃ ﺍﺳﺘﻘﺼﺎﺀ ﺟـﺬﻭﺭ ﻭ ﺃﺳـﺒـﺎﺏ "ﻭﻻﺩﺓ ﻫـﺬﺍ
ﺍﳌﺴﻠﻤﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ،ﻭﲢﺎﻭﻝ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﺑﻨﺼﻴﺐ ﰲ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟـﻌـﻮﺩﺓ
ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﻌﺐ ﲢﺪﻳﺪ ﺑﺪﺍﻳﺘﻪ ﻭ ﺍﻣﺘﺪﺍﺩﺍﺗﻪ
ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻭﺿﻊ ﻳﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﺟﻊ ﻭ ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺍﻷﱂ
ﻋﻨﻮﺍﻥ ﻛﺒﲑ "ﺃﺧﻼﻕ ﺍﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻭ ﺫﻫﻨﻴﺘﻬﺎ" ﺗﺸـﻌـﺐ
ﰲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ،ﻭ ﺭﺳﻢ ﺑﱪﺍﻋﺔ ﺻﻮﺭﺗﻪ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋـﻦ
ﺑﻪ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭﺍﻣﺘﺪ ﺇﱃ ﺭﺻﺪ ﺃﻫﻢ ﺍﳌﺸـﻜـﻼﺕ ﺍﻷﺧـﻼﻗـﻴـﺔ
ﺬﻩ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ.ﻭ ﺍﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ﰲ ﳎﻤﻮﻋﻬـﺎ ﺗـﻌـﺮﺽ ﲟـﻨـﻬـﺞ
ﺍﻭ "ﺍﻷﻭﺑﺔ" ﻛﻤﺎ ﲰﺎﻫﺎ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺑﻜﺎﺭ.
ﺍﺣﺘﻘﺎﺭ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﺃﻭ ﲤﺠﻴﺪﻫﺎ ،ﻭ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻭ ﺍﳌﺒﺎﻟﻐـﺔ،
ﺍﳓﺪﺍﺭ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻤﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﺎﻉ .ﰒ ﻳﻨـﺘـﻬـﻲ
ﰲ ﺍﳌﺎﺿﻲ ﺍﻟﺴﺤﻴﻖ ،ﻭﺭﺳﻢ ﻣﻨﺤﻨﻴـﺎﺗـﻪ ﺍﻟـﻜـﱪﻯ .ﻭ ﲢـﺖ
ﻟﻸﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭ ﻗﺪ ﺣﺼﺮﻫﺎ ﰲ :
ﰲ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﻣﻨﻪ – ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ – ﻹﳚﺎﺩ ﺻﻴﻐﺔ ﻣﻨﺎﺳـﺒـﺔ ﻟـﻪ
•
ﺿﻌﻒ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﻴﺔ.
ﻟﻠﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﺍﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﺪﻭﺭ ﻓﻴﻬﺎ .ﻭﻧﺒﻪ ﻣﻨﺬ ﺍﻟـﺒـﺪﺍﻳـﺔ
•
ﻗﻠﺔ ﺍﻻﻛﺘﺮﺍﺙ ﺑﺎﻟﻮﻗﺖ.
ﺇﱃ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﻓﻬﻢ ﺳﻲﺀ ﻟﺒﻌﺾ ﻣﺎ ﻳﻜﺘـﺐ ﻓـﺘـﺤـﺪﺙ ﲢـﺖ
•
ﺿﻌﻒ ﺍﳌﺒﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ.
ﻋﻨﻮﺍﻥ " ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻤﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﺎﻉ" ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ..ﺣﺮﺻﺎ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ
•
ﺍﻟﻨﻤﻄﻴﺔ.
ﺑﻠﻮﻍ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻟﻠﻘﺎﺭﺉ ﺑﻮﺿﻮﺡ ﻭ ﺟﻼﺀ.
•
ﺍﻻﻧﻔﺮﺍﺩﻳﺔ.
ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﰲ ﺭﺃﻱ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺑﻜﺎﺭ ﻧـﻮﻉ ﻣـﻦ ﺍﻻﻣـﺘـﺰﺍﺝ ﻭ
•
ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ.
ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﻭ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺧـﻼﻕ ﻭ ﺍﻟـﻨـﻈـﻢ
ﺩﻋﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﻧﻘﺮﺃ ﻣﻌﺎ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﻋﻦ "ﻗﻠﺔ ﺍﻻﻛﺘﺮﺍﺙ ﺑـﺎﻟـﻮﻗـﺖ"
ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻭﻣﺎ ﺗﻮﻓﺮ ﻣﻦ ﻣﻌﻄﻴﺎﺕ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﻣﻊ ﺍﳋـﱪﺍﺕ
ﻳﻘﻮﻝ " :ﺍﻟﻮﻗـﺖ ﻫـﻮ ﺍﻟـﻐـﻼﻑ ﺍﻟﺸـﺎﻣـﻞ ﻟـﻜـﻞ ﺃﻧﺸـﻄـﺔ
ﲟﺒﺪﺃ " ﺍﻟﺰﻭﺟﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ" ﺍﻟﱵ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻴﻬـﺎ ﺍﳊـﻴـﺎﺓ:
ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﺰﻣﻦ ،ﻭ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﱵ ﲢﺚ ﻋﻠﻰ ﺍﻏـﺘـﻨـﺎﻡ
)ﺍﻟﺸﺮ ﻭ ﺍﳋﲑ ،ﺍﻟﺸﺪﺓ ﻭ ﺍﻟﺮﺧﺎﺀ ،ﺍﻟﻔــﺸــﻞ ﻭﺍﻟـﻨـﺠﺎﺡ(...
ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﺕ ،ﻭ ﻛﺜﺮﺓ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﺴــﻠــﻒ ﻭ ﻋــﻈﻤــﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻟـﻢ ﰲ
ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ..ﻭ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﺍﳊﻀﺎﺭﻱ ﻳـﺮﺗـﺒـﻂ ﻋـﻨـﺪﻩ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ...ﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺃﻗﺴﻢ ﺍﷲ
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
71
ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﳊﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ؛ ﻓﺈﻥ ﺍـﺘـﻤـﻌـﺎﺕ
ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪﺓ ﰲ ﺍﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ :
ﺍﳌﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻳﻘﻀﻲ % 36ﻣـﻦ ﻭﻗـﺘـﻪ ﰲ ﻣﺸـﺎﻫـﺪﺓ
ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺎﺋﻴﺔ ﻤﻮﻋﺔ ﺿﺨﻤﺔ ﻣﻦ ﺍﻟـﺘـﺠـﺎﺭﺏ
" )ﺹ .(48
ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻲ ﻭ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﳌﻌﻴﺶ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﺘﺮﻙ ﺇﻧﻌﻜـﺎﺳـﺎﺕ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺗﻌﺪ ﳕﺎﺫﺝ ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ ﻹﺗﻼﻑ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻭ ﻗـﺘﻠـﻪ...ﺇﻥ "ﺍﻟﺘﻠﻔﺎﺯ" ،ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﳌﻮﺍﺻﻼﺕ ﺗﺴﺘﻬﻠﻚ % 16ﻣـﻦ ﻭﻗـﺘـﻪ
ﺃﻣﺎ ﻋﻦ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺍﻟﺮﺍﻫﻨﺔ ﺍﻟﱵ ﲢﻴﺎﻫﺎ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ،ﻓﻬـﻲ
ﺍﻟﻔﺎﺷﻠﺔ ،ﻭﻻﺑﺪ ﳍﺬﻩ ﺍﻹﺧﻔﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟـﱵ ﰎ ﺇﳒـﺎﺯﻫـﺎ ﰲ
ﻭ ﻳﺘﺴﺎﺀﻝ ﰲ ﺣﺰﻥ " :ﻛﻴﻒ ﳝﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻧـﻠـﺤـﻖ ﺑـﺮﻛـﺐ
ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻋﺪﻳﺪﺓ ،ﺗﺆﺩﻱ ﺇﱃ ﺗﺄﺻـﻴـﻞ ﻋـﺪﺩ ﻣـﻦ ﺍﻟﺼـﻔـﺎﺕ
ﺍﻵﺧﺮﻭﻥ ! ﻭ ﻛﻴﻒ ﻻ ﺗﺘﺴﻊ ﺍﳍﻮﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﺼﻞ ﺑـﻴـﻨـﻨـﺎ ﻭ
ﺑﺎﻟﺼﺤﺔ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣـﺔ ﺻـﻨـﺎﻋـﻴـﺎ ،ﺑـﻞ
ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺇﺫﺍ ﻛﻨﺎ ﻧﺴﲑ ﺑﺮﺑﻊ ﺍﻟـﻄـﺎﻗـﺔ ﺍﻟـﱵ ﻳﺴـﲑ ـﺎ
ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺍ ﹶﳌﺮﺿﻴﺔ .ﻭﻫﻮ ﰲ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻫﺬﺍ ﻻ ﳝﻨـﺢ "ﺑـﺮﺍﺀﺓ"
ﺑﻴﻨﻬﻢ . . .ﺇﻥ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﺔ ﺑﺎﺗﺖ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻛـﻞ ﺍﻟﺴـﺒـﻞ
ﻳﺆﻛﺪ ﺃﺎ ﺗﻌﺎﱐ ﻣﻦ ﺃﺯﻣﺎﺕ ﻭ ﺍﻧﺘﻜﺎﺳﺎﺕ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻭﺧﻠﻘﻴﺔ ﻭ
ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺿﻤﺖ ﻭﺯﻳﺮﺍ ﻟﻠﻮﻗﺖ ﺍﻟﻀﺎﺋﻊ !" )ﺹ.(48
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﺪ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ﻛﺎﻓﺔ .ﻟﻜﻨﻬﺎ ﲣﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﺟﻮﺍﻧﺐ ﻋﺪﻳﺪﺓ
ﺍﻟﱵ ﲣﺘﺼﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺣﱴ ﺃﻥ ﺣﻜﻮﻣـﺔ "ﻣـﻴـﺘـﺮﺍﻥ" ﰲ
ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪﺓ ﰲ ﺍﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ :
" ﰲ ﺣﺎﻻﺕ ﺍﻟﺮﻛﻮﺩ ﺍﳊﻀﺎﺭﻱ ﻳﺼﺒﺢ ﺃﺩﺍﺀ ﺍﻟﻌـﻘـﺎﺋـﺪ ﻭ
ﺍﳌﺒﺎﺩﺉ ﺿﻌﻴﻔﺎ ،ﻭ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻫﻲ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻴﻪ ﻭ ﺍﻟﺘﺨﺒﻂ ﻭ
ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺭﻫﻴﺒﺔ ﺟﺪﺍ ،ﻭ ﻣﻨﺬﺭﺓ ﺑﺘﺪﻣﲑ ﻛﻞ ﻣﺎ ﰎ ﺇﳒـﺎﺯﻩ
ﻋﻦ ﻋﺎﳌﻨﺎ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ؛ ﻭﻫﻲ "ﲰﺎﺕ" ﻟﻨﻔـﺴـﻴـﺔ ﺳـﺎﺋـﺪﺓ ﰲ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﻭ ﻗﺪ ﺳﺎﳘﺖ ﰲ ﺗﻮﻛﻴـﺪ ﻇـﺎﻫـﺮﺓ ﺍﻟـﺮﻛـﻮﺩ ﺍﳊﻀﺎﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﳓﻮ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻌﺾ ﺍﺭﺗﻜﺎﺳﺎﺗﻪ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ : •
ﺍﻟﻘﻬﺮ.
ﺍﻟﻐﺸﺎﻭﺓ ! " ﻭ ﺗﻠﻚ ﻫﻲ "ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ "1ﺍﻟﺴﺎﺋﺪﺓ ﰲ ﺍﺘﻤﻌـﺎﺕ
•
ﻓﻘﺪ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ.
ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﻣﻦ ﻣﻔﺮﺩﺍﺎ ﻛﻤﺎ ﻭﺭﺩﺕ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ :
•
ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻻﺯﺩﻭﺍﺟﻴﺔ.
•
ﺍﻵﻧﻴﺔ /ﺍﳊﺎﺿﺮ ﺍﻟﻌﺎﺟﻞ .
•
ﺿﻌﻒ ﻣﺜﺎﻗﻔﺔ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻝ
•
ﺍﺿﻄﺮﺍﺏ ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ.
•
ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺑﺎﻟﺪﻭﻧﻴﺔ.
•
ﻗﺼﻮﺭ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﺍﳉﺪﱄ.
•
ﻃﻐﻴﺎﻥ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ
•
ﺿﻌﻒ ﺍﳊﺎﺳﺔ ﺍﻟﻨﻘﺪﻳﺔ.
•
ﺍﻹﺳﻘﺎﻁ.
ﻭﻧﻌﺮﺽ ﻫﻨﺎ" ﻣﻘﻄﻌﺎ" ﻗﺼﲑﺍ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ " ﺿـﻌـﻒ ﺍﳊﺎﺳﺔ ﺍﻟﻨﻘﺪﻳﺔ"،ﻳﻘﻮﻝ:
ﻛﺘﺐ ﺑﺸﺄﻥ ﺍﻟﻌﻴﺐ ﺍﻟﻀﺨﻢ ،ﻭﻧﻌﲏ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﳌﺰﺩﻭﺟـﺔ ﻳﻘﻮﻝ:
"ﻭﳑﺎ ﺃﺿﻌﻒ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺍﺩﻋـﺎﺅﻧـﺎ ﻟـﻠـﻜـﻤـﺎﻝ
" ﺇﻥ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺴﻴﺌﺔ ﺍﻟﱵ ﳛﻴﺎﻫﺎ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺘـﻮﻯ
ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺧﺪﻭﺵ ﰲ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺼـﻘـﻴـﻠـﺔ ﺍﻟـﱵ ﳓـﺎﻭﻝ
ﺍﶈﻨﺔ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ ،ﻓﺎﳌﻨﻈﻮﻣﺎﺕ ﺍﳌﻜﻮﻧﺔ ﻟﻜﻴﻨﻮﻧﺘﻪ ﻟـﻴـﺴـﺖ ﰲ
ﺇﻋﻄﺎﺀﻫﺎ ! ﻭ ﻫﺬﺍ ﻳﺸﺒﻪ ﻋﻤﻞ ﻣﻦ ﳛﺎﻭﻝ ﺣﺠـﺐ ﺍﻟﺸـﻤـﺲ
ﺣﺎﻟﺔ ﻭﺋﺎﻡ ﻣﺮﺽ ،ﻭ ﺍﻻﻣﺘﺜﺎﻝ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻳﻔﺮﺽ ﻋـﻠـﻴـﻪ
ﺇﻥ ﺍﳌﺸﻜﻼﺕ ﺍﻟﱵ ﲢﻴﻂ ﺑﻨﺎ ﻻ ﺗﺘﺒـﺨـﺮ ﺑـﺎﻟـﺘـﺠـﺎﻫـﻞ
ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﲡﻌﻞ ﺗﻄﻠﻌﺎﺗـﻪ ﻭﺣـﺎﺟـﺎﺗـﻪ ﺃﻛـﱪ ﻣـﻦ
ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺘﺮﺍﻛﻢ ﻭ ﺗﺘﻔﺎﻋﻞ ﻟﺘﻈﻬـﺮ ﰲ ﺻـﻮﺭﺓ ﺍﻧـﻔـﺠـﺎﺭﺍﺕ
ﺍﻹﻣﻜﺎﻧﺎﺕ ﺍﳌﺘﺎﺣﺔ ﻟﺘﻠﺒﻴﺘﻬﺎ ،ﻭ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻜﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺴـﻮﻍ
ﺇﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﻣﻊ ﺛﻨﺎﺋﻪ ﺍﻟﻌﻄﺮ ﻋـﻠـﻰ ﺍﻟﺼـﺤـﺎﺑـﺔ
ﺳﻠﻮﻛﺎﻥ :ﺧﲑﳘﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻓﻴـﻈـﻬـﺮ ﺍـﺘـﻤـﻊ
ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ – ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻬﻢ -ﻛﺎﻥ ﻳﺘﺎﺑـﻊ ﺣـﺮﻛـﺔ ﺑـﻨـﺎﺀ
ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻳﺮﺗﺪﻱ ﺣﻠﻞ ﺍﻟﻌﺎﻓـﻴـﺔ ﻋـﻠـﻰ ﺣـﲔ ﺃﻥ ﺍﻷﻣـﺮﺍﺽ
ﻭﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﲢﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﺗﻘﻮﱘ ،ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﻛﺎﻟﻈـﻞ
...ﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺃﺳـﻬـﻢ ﺑﺼـﻮﺭﺓ ﻛـﺒـﲑﺓ ﰲ ﻋـﺠـﺰ
ﻟﻠﺒﻨﺎﺀ ﻭ ﻟﻴﺘﻌﻠﻢ ﺍﳌﺴـﻠـﻤـﻮﻥ ﺿـﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟـﺘـﺰﺍﻡ ﺍﳌـﺮﺍﺟـﻌـﺔ
ﺍﺘﻤﻌﺎﺕ)ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ( ﻋﻦ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﲟﺸﻜـﻼـﺎ ﺑﺼـﻮﺭﺓ
ﻭﲤﺠﻴﺪ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻭ ﺍﳋﻠﻮ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﻜﻼﺕ ،ﳑﺎ ﳚﻌﻞ ﺃﻱ ﻧـﻘـﺪ
ﺑﻜﻔﻪ !
ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ.
ﺍﺘﻤﻊ ﺍﻹﺳـﻼﻣـﻲ ﻭﻳـﻘـﻮﻡ)ﺑـﺘـﺸـﺪﻳـﺪ ﺍﻟـﻮﺍﻭ( ﺍﳌـﻮﺍﻗـﻒ
ﻭﺍﻟﺘﺼﺤﻴﺢ ﺍﳌﺴﺘﻤﺮ" .ﺹ .60
72
ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﻭ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﲡـﻌﻠـﻪ ﰲ ﻧـﻮﻉ ﻣـﻦ
ﺗﺼﺮﻓﺎﺕ ﻭﻣﻮﺍﻗﻒ ﻟﻴﺲ ﳍﺎ ﺭﺻﻴﺪ ﰲ ﻗﻨﺎﻋﺘـﻪ ،ﻭ ﻇـﺮﻭﻑ
ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﳌﺰﺩﻭﺝ !....ﻭ ﺃﺻﺒﺢ ﻟﻜﺜـﲑ ﻣـﻦ ﺍﻟـﻨـﺎﺱ
ﻭﺍﻵﻭﺑﺌﺔ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﻔﺘﻚ ﺑﻪ !
ﺻﺤﻴﺤﺔ؛ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺘﻠﻮﺙ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ ﰲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ،ﻛﻤﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﻟـــﻰ
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﺍﺯﺩﺭﺍﺀ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺣﻴﺚ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﳉﱭ ﻭﺍﻟﻀﻌﻒ ﻋـﻨـﺪ
ﺍﳌﻮﺍﺟﻬﺎﺕ ﺍﳉﺎﺩﺓ").ﺹ.(62
ﻫﺠــــﺮﺓ ﺍﻷﺩﻣﻐــــﺔ:
ﻳﺮﻯ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺑﻜﺎﺭ ﺃﻥ ﺭﺣﻴﻞ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟـﻨـﺎـﲔ ﻭﺫﻭﻱ
ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ :
ﺍﳋﱪﺓ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻋﻘﺒﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺪﻓـﻊ ﲜـﻮﺍﻧـﺐ
ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ..ﻭﻫﻲ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻼﺿﻄﺮﺍﺏ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪ ﻭﺿﻌﻒ
ﻗﺴﻤﻬﺎ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺑﻜﺎﺭ ﺇﱃ ﳏﺎﻭﺭ ﻛﺒﲑﺓ ﻫـﻲ :ﺿـﻌـﻒ
ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺕ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﺼﺎﺣﺒﻪ ﻣـﻦ
ﲡﻬﻴﺰﺍﺕ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ،ﲣﻠﻒ ﻗﻄﺎﻉ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺔ ،ﺍﻟﻔﻘـﺮ،
ﺍﳉﺎﺫﺑﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺪﻭﻝ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﺔ ،ﲟﺎ ﺗﺆﻣﻨﻪ ﻣﻦ ﺭﻓـﺎﻫـﻴـﺔ
ﺍﳌﺮﺽ ،ﺍﻟﺪﻳﻮﻥ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ،ﺿﻌﻒ ﺍﻟﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟـﻌـﺎﻡ ،ﺿـﻌـﻒ
ﻭﳐﺘﱪﺍﺕ ﻭﳏﻔﺰﺍﺕ ﻟﻠﺒﺎﺣﺜﲔ...ﻭﻫﻲ ﺣـﺎﻟـﺔ ﺍﺳـﺘـﱰﺍﻑ
ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ،ﺿﻌـﻒ ﺃﺩﺍﺀ ﺍﻟـﻨـﻈـﻢ ﺍﻻﺩﺍﺭﻳـﺔ ،ﺍﻟـﺘـﺤـﺪﻳـﺎﺕ
ﻗﺼﻮﻯ ﻟﻠﻘﻮﻯ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﺧﺴﺎﺭﺓ ﻛﱪﻯ ﻟﻠـﺨـﱪﺓ ﺍﻟـﻔـﻨـﻴـﺔ
ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﺠﺰﺋﺔ ﻭ ﺍﻟﻔﹸﺮﻗﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻻﺳـﻼﻣـﻲ.ﻭﻣـﻦ
) ﺍﻟﺘﻜﻨﻴﻜﻴﺔ ﺑﺘﻌﺒﲑﻩ؛ ﺃﻱ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ( ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ
ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﳌﺘﻤﺜﻠﺔ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﻨـﺎﻭﻳـﻦ ﺍﳉـﺰﺋـﻴـﺔ ﺍﳌـﺮﻗـﻤـﺔ،
ﺧﺴﺎﺋﺮ ﺿﺨﻤﺔ ﻟﻠﺪﻭﻝ ﺍﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻗﹸﺪﺭﺕ ﻗﺒﻞ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻗﻠـﻴـﻠـﺔ
ﻟﻔﻘـﺮﺍﺕ ﻗﺼـﲑﺓ ،ﻭ ﻃـﻮﻳـﻠـﺔ ،ﻣـﺪﻋـﻤـﺔ ﺑـﺎﻷﺭﻗـﺎﻡ ﻭ
ﻓﻘﻂ ﺑﻨﺤﻮ 42ﻣﻠﻴﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻻﺭﺍﺕ ،ﻭﺟﻌﻞ ﺍﳌﺴﻠﻤـﲔ ﺃﻗـﻞ
ﺧﻼﻝ ﲢﻠﻴﻠﻪ ﺍﻟﺮﺻﲔ ﺗﺒﺪﻭ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﻟﻠﻘﺎﺭﺉ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﳌﻌﺎﳉﺔ
ﺍﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎﺕ ﻭ ﺍﳉﺪﺍﻭﻝ.
ﺇﻥ ﺍﳌﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﻜﱪﻯ ﰲ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﺍﳌﺎﺩﻱ "ﺃﻧﻪ ﳛﺮﻣﻨﺎ ﻣـﻦ
ﺗﺼﻨﻊ ﺍﻻﺑﺘﻜﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺚ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﻛﻞ ﺫﻟـﻚ ﺗﺴـﺒـﺐ
ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺭﺻﻴﺪﺍ ﰲ ﺍﻻﺧﺘﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﺍﻻﺑـﺘـﻜـﺎﺭﺍﺕ ﻭﺃﻗـﻠـﻬـﻢ
ﺧﱪﺓ.
ﺍﻷﺟﻮﺍﺀ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ ﺍﳌﻨﻬﺞ ﺍﻟـﺮﺑـﺎﱐ ،ﻭ ﲢﺴـﲔ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺇﱃ ﺍﳊﺪ ﺍﻷﺩﱏ ﺍﳌﻘﺒﻮﻝ ﺿﺮﻭﺭﻱ ﺟﺪﺍ ﺇﺫﺍ ﻣـﺎ
ﺿﻌﻒ ﺍﻹﺑــــــﺪﺍﻉ :
ﻣﻊ ﺃﻭﺍﻣﺮﻩ ﻭ ﻧﻮﺍﻫﻴﻪ"...ﺹ.69
ﺗﻮﻟﻴﺪ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ،ﻭﺇﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﰲ ﺃﻧﺴﺎﻕ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤـﺔ
ﺃﺭﺩﻧﺎ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﻳﺮﺗﻘﻮﺍ ﺇﱃ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﻭ ﺃﻥ ﻳﺘﻔﺎﻋﻠـﻮﺍ
ﺗﺴﺎﺀﻝ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺑﻜﺎﺭ ﰲ ﺣﲑﺓ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﻛﻮﺩ ﺍﳋﻄـﲑ ﰲ
ﻭﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ ﺍﳉﻬﻞ ،ﻣﺜﻼ ،ﺍﺭﺗﻜﺰ ﻋﻠﻰ ﲢﻠﻴﻞ ﻭﺃﺭﻗـﺎﻡ ﻭ
ﻭﺗﻀﺎﺅﻝ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻣﻪ ﺃﻣﺔ ")ﺇﻗﺮﺃ( -ﻛﻤﺎ ﻳﻘـﻮﻝ -ﻟـﻠـﻤـﻌـﺮﻓـﺔ
ﺍﺣﺼﺎﺋﻴﺎﺕ ﺗﻨﻄﻖ ﲝﺠﻢ ﺍﳌﺄﺳﺎﺓ ﺍﻟﱵ ﻳﻌﺎﱐ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟـﻌـﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ ،ﻭ ﻣﻦ ﻣﻔﺮﺩﺍﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﺬﻛﺮ: •
ﺍﻷﻣﻴﺔ.
•
ﺍﻹﻧﻔﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ.
•
ﻗﻠﺔ ﺇﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ.
•
ﻫﺠﺮﺓ ﺍﻷﺩﻣﻐﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ
•
ﺿﻌﻒ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ.
ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﳊﺪﻳﺚ ،ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻧﺒﻎ ﰲ ﺃﺣﻀﺎﺎ ﻣـﻦ
ﻗﺒﻞ ﺃﻟﻮﻑ ﰲ ﳐﺘﻠﻒ ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ﻭﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ،ﻣﻨﻬـ ﻢ :ﺃﺑـﻮ ﺣﻨﻔﻴﺔ ،ﻭﺍﳋﻠﻴﻞ ،ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ،ﻭﺍﳋﻮﺍﺭﺯﻣـﻲ ﻭﺇﺑـﻦ ﻣـﺎﺟـﺪ، ﻭﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ،ﻭﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ،ﻭﺇﺑﻦ ﺳـﻴـﻨـﺎ ،ﻭﺍﻹﺩﺭﻳﺴـﻲ ﻭﻏـﲑﻫـﻢ
ﻭﻏﲑﻫﻢ ﺍﻟﻜﺜﲑ .ﻭﺃﺳﺒﺎﺏ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻀﻌﻒ ﺃﺭﺟﻌﻪ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺑﻜـﺎﺭ ﺇﱃ : •
ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﺃﻧﻈﻤﺔ ﺟﻴـﺪﺓ ﻹﻛـﺘـﺸـﺎﻑ ﺍﻟـﻨـﺎـﲔ ﻭﺭﻋﺎﻳﻬﻢ ،ﻭﻳﻀﺮﺏ ﻣﺜﺎﻻ ﺑﺎﻟﻴـﺎﺑـﺎﻥ ﻓـﻴـﻘـﻮﻝ " :ﰲ
ﻳﻘﻮﻝ "ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻧﻈﺮﻧﺎ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻷﻣﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ
ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ ﺗﻜﺘﺸﻒ ﺍﳌﻮﺍﻫﺐ ﰲ ﻭﻗﺖ ﻣـﺒـﻜـﺮ ،ﻭﻳـﺒـﺪﺃ
ﺍﻻﺳﻼﻣﻲ ﻭﺟﺪﻧﺎ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺩﻭﻻ ﺗﺼﻞ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻷﻣﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ
ﺍﻟﻄﻼﺏ ﰲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﳌـﺘـﻮﺳـﻄـﺔ
ﺩﻭﻝ ﺗﺘﺮﻭﺍﺡ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻷﻣﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﲔ % 60ﻭ %90ﻣﺜﻞ
) ﻃﻮﻛﻴﻮ( ﺍﻟﱵ ﺁﻟﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺃﻥ ﲣﺮﺝ ﺍﳌﺒـﺪﻋـﲔ
ﺇﱃ % 90ﻣﺜﻞ :ﺍﻟﻴﻤﻦ ،ﻭ ﻣﺎﱄ ،ﻭ ﺑﻮﺭﻛﻴﻨﺎﻓﺎﺳﻮ .ﻭ ﻫﻨﺎﻙ
ﺑﺎﻹﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻟﺪﺧﻮﻝ ﺇﻣﺘﺤﺎﻥ ﺍﻟﻘﺒـﻮﻝ ﰲ ﺟـﺎﻣـﻌـﺔ
ﻣﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﺎ ،ﺍﳌﻐﺮﺏ ،ﺑﻨﻐﻼﺩﺵ ،ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ .ﻭ ﻫﻨﺎﻙ ﺩﻭﻝ
ﺣﱴ ﺗﺒﲔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻹﺣﺼﺎﺀﺍﺕ ﺃﻥ % 40
ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ،ﺃﻧﺪ ﻭﻧﺴﻴﺎ ،ﺗﺮﻛﻴﺎ ،ﻣﺼﺮ ،ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ).ﺹ .(71
ﺍﳉﺎﻣﻌﺔ " )ﺹ .(117
ﺗﺘﺮﺍﻭﺡ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻷﻣﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ % 30ﻭ %60ﻣﺜﻞ ﻣﺎﻟﻴﺰﻳﺎ،
ﻣﻦ ﻣﺪﺭﺍﺀ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻜﱪﻯ ﻫﻢ ﻣﻦ ﺧﺮﳚﻲ ﺗـﻠـﻚ
ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﲏ ﺑﻮﺿﻮﺡ ﺃﻥ ﺃﻋﻠﻰ ﻧﺴﺒﺔ ﻟﻸﻣﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻫﻲ ﰲ
•
ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻻﺳﻼﻣﻲ .ﻳﺎ ﻟﻠﻜﺎﺭﺛﺔ .ﺃﻳﻦ ﻭﺻﻠﺖ ﺃﻣﺔ"ﺇﻗﺮﺃ".
•
ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻷﺳﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺌﺔ.
ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘـﻠـﻘـﲔ ﻭﺍﳊـﻔـﻆ ﻭﺍﻟﺘﻜﺮﺍﺭ ﻭﺍﻟﱵ – ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ – ﺗﻘﻮﻱ ﻣﻠﻜﺔ ﺍﳊﻔﻆ
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
73
ﻭﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ،ﺑﻴﻨﻤـﺎ ﺗـﺆﺩﻱ ﺑـﻪ ﺇﱃ
ﻟﻔﻈﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻫﻲ )ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ( ﻭ ﻧﺸﺮﺕ ﳎﻠﺔ )ﺍﻟﺘﺎﱘ(ﻋﻠﻰ
ﳕﻂ ﻣﻨﺘﺸﺮ ﰲ ﻋﺎﻣﻠﻨﺎ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ".
ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﻤﻄﻴﺔ ،ﺍﳌﻨﻄﺒﻌﺔ ﰲ ﺫﻫﻦ ﺍﳌـﻮﺍﻃـﻦ
ﺇﻥ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻭﺍﻟـﻮﺍﺟـﺒـﺎﺕ ﺍﻟـﱵ
ﺍﻟﻐﺮﰊ ﻋﻦ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﻭ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ،ﻭ ﻋﻦ ﺍﻟـﻨـﻈـﺎﻡ ﺍﻟـﻌـﺎﳌـﻲ
ﻳﺒﻘﻰ ﻟﻪ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺃﻱ ﻭﻗﺖ ﻟﻠﺘﻔـﻜـﲑ ﺃﻭ ﺇﺟـﺮﺍﺀ
ﻭ ﺷﺆﻭﻥ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻌﺎﺻﺮﺓ" ﺗﺼﻨﻊ ﺍﻟﺘـﺤـﺪﻳـﺎﺕ ﺍﳋـﺎﺭﺟـﻴـﺔ
ﲡﺮﺑﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ ،ﻭﺻﺤﻴﺢ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺼـﻨـﺎﻋـﻴـﺔ
ﻟﻸﻣﺔ ﺍﻻﺳﻼﻣﻴﺔ...
ﺑﺈﳚﺎﺩ ﻧﻈﺎﻡ ﻟﻠﻤﺘﻔﻮﻗﲔ ،ﻭﺇﻣـﺘـﺤـﺎﻧـﺎﺕ ﺍﻟـﺬﻛـﺎﺀ
ﺗﻘﺮﻳﺮﻳﺔ ،ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻳﻌﻠﻦ ﰲ ﺛﻘﺔ ﺃﻥ ﺗﻌﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ
ﻭﻧﻮﺍﺩﻱ ﺍﳍﻮﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﳑﺎ ﻳﻮﻓـﺮ ﻟـﻠـﻄـﺎﻟـﺐ
ﻧﻌﻤﺎﺋﻪ ﻭ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﻴﻪ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ )ﺣﺎﻟﺔ( ﻏﲑ ﺎﺋﻴﺔ ،ﻭ ﻫـﻲ
ﺍﳋﻤﻮﻝ ﰲ ﻗﺪﺭﺍﺗﻪ ﺍﳋﻴﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻹﺑﺪﺍﻋﻴـﺔ ﻭﻫـﻮ
ﺗﻌﻄﻰ ﻟﻠﻄﺎﻟﺐ ﻳﺴﺘﻐﺮﻗﺎﻥ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﻦ ﻭﻗـﺘـﻪ ،ﻭﻻ
ﺗﻠﺘﺰﻡ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﺮﲰﻲ ،ﻟـﻜـﻨـﻬـﺎ ﻗـﺎﻣـﺖ
•
ﻏﻼﻓﻬﺎ ﺻﻮﺭﺓ ﲡﻤﻊ ﺍﳌﺌﺬﻧﺔ ﻭ ﺍﻟﺒﻨﺪﻗﻴﺔ ."...ﰒ ﻳﺘـﺤـﺪﺙ
ﺍﳉﺪﻳﺪ ،ﻭ ﻋﻦ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻭ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻻﻭﺭﻭﰊ
ﻭ ﻧﺼﻞ ﻣﻊ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺑﻜﺎﺭ ﺇﱃ ﺎﻳﺔ ﺍﻟﻜـﺘـﺎﺏ ﻭ ﺑـﻠـﻐـﺔ
ﺍﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﻜﺎﻓﻴﺔ ﻹﻛﺘﺸﺎﻑ ﻣﻮﻫﺒﺘﻪ ﻭﲤﻴﺘـﻬـﺎ"ﺹ
ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﻮﺿﻊ ﻧﻘﺪ ﻣﻦ ﺣﻜﻤﺎﺋﻪ ﻭ ﻋﻘﻼﺋﻪ ،ﻭﺭﲟﺎ ﺻﺎﺭﺕ ﻳﻮﻣﺎ
.120
ﻣﺎ ﳕﻮﺫﺟﺎ ﻟﻠﺘﺨﻠﻒ ﺍﻻﻧﺴﺎﱐ.ﻭﻻ ﻳﻔﻮﺗـﻪ ﺃﻥ ﻳـﺪﻋـﻮ ﺇﱃ
ﺍﻟﻘﺪﻭﺓ ﻭﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ :ﻭﺟﺪ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺑﻜﺎﺭ ﻣـﻦ ﺧـﻼﻝ
ﺗﻜﺜﻴﻒ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭ ﺍﻻﺣﺼﺎﺀﺍﺕ ﻭ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻴﻞ ﻭ ﺍﻟـﻨـﻘـﺪ ﻭ
ﻋﻠﻰ ﺟﺎﺋﺰﺓ )ﻧﻮﺑﻞ( ﰲ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻗﺪ ﺗﻌﻠﻤﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ
ﻛﻤﻔﺮﺩﺍﺕ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺗﺸﻜﻞ ﻣﻨﻬـﺞ ﻣـﻌـﺎﳉـﺔ ﺍﳌﺸـﻜـﻼﺕ ﻭ
ﻣﻦ ﺳﺒﻖ ﳍﻢ ﺍﳊﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﺎﺋﺰﺓ ،ﻭﻳـﺪﻋـﻮ
ﻣﻮﺍﺟﻬﺘﻬﺎ .ﻭﻟﻴﻄﻤﺌﻦ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭ ﻳﻘـﻮﻝ ﻟـﻪ
ﻭﺗﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻮﻗـﺖ ﻭﺣﺴـﻦ ﺇﺳـﺘـﻐـﻼﻟـﻪ
ﻫﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﺣﺴﺪ ﻭﻏﺒﻄﺔ ﻣﻦ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﻭ ﻣﻊ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻧﻌﺎﻧﻴـﻪ
ﻭﺗﻜﺜﻴﻒ ﺍﳌﻄﺎﻟﻌﺔ ﰲ ﺳﲑ ﺍﻟﻌﻈﻤﺎﺀ "....ﺹ .121
ﻣﻦ ﻣﺂﺳﻲ ﻓﻨﺤﻦ – ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎﻡ -ﱂ ﻧﻔﻘﺪ ﺍﻻﲡـﺎﻩ ،ﻭ ﻻ
ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﺼﻒ ﺍﳊﺎﺋـﺰﻳـﻦ
ﺇﱃ ﺇﳚﺎﺩ ﺍﻷﻃﺮ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺇﻛﺘﺸـﺎﻑ ﺍﻹﺑـﺪﺍﻉ
ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺎﺕ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴــﺔ :
ﺗﻮﺳﻴﻊ ﳎﺎﻻﺕ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺍﻷﺳـﺒـﺎﺏ ﻭ ﺍﳉـﺬﻭﺭ
ﰲ ﻫﺪﻭﺀ ":ﺇﻥ ﺍﻹﻣﻜﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﳝﻠﻜﻬﺎ ﺿﺨﻤﺔ ﻟﻠـﻐـﺎﻳـﺔ ،ﻭ
ﺍﻷﻣﻞ ﰲ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﳋﲑ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻧﻔـﺴـﻪ" )ﺹ
.(141
ﻭﻫﻮ ﺁﺧﺮ ﺣﺪﻳﺚ ﰲ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻷﺳـﺒـﺎﺏ ﺍﻟﻀـﻌـﻒ
ﺍﳌﺎﺩﻱ ،ﻗﺼﺪ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺑﻜﺎﺭ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺁﺧﺮ ﺍﳌﻄﺎﻑ ﻹﳝﺎﻧﻪ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ " ﺑﺄﻥ ﺍﻻﻧﻜﺴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﺃﺻﺎﺑـﺖ ﺍﻷﻣـﺔ ﻛـﺎﻧـﺖ ﰲ ﺟﺬﻭﺭﻫﺎ ﻭﺃﺳﺒﺎﺎ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﺍﳌﺴﻠـﻤـﲔ ﺃﻧـﻔـﺴـﻬـﻢ)".....ﺹ
. (130ﻭﳒﺪﻩ ﻳﻘﺪﻡ ﻟﻨـﺎ ﻋـﺮﺿـﺎ ﺟـﻴـﺪﺍ ﻋـﻦ ﺍﻟـﻐـﺮﺏ
ﻭﻳﻮﺭﺩ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ )ﻣﻮﺭﻭ ﺑﲑﺟﺮ( ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟـﻌـﺮﰊ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ " " :ﺇﻥ ﺍﳋﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺇﻫﺘـﻤـﺎﻣـﻨـﺎ ﺑـﺎﻷﻣـﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻴﺲ ﻧﺎﲡﺎ ﻋﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺒﺘﺮﻭﻝ ﺑﻐﺰﺍﺭﺓ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﺮﺏ
ﺑﻞ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻹﺳﻼﻡ ...ﳚﺐ ﳏﺎﺭﺑﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻟﻠﺤﻴﻮﻟﺔ ﺩﻭﻥ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﱵ ﺗﺆﺩﻱ ﺇﱃ ﻗﻮـﻢ ،ﻷﻥ ﻗـﻮﺓ ﺍﻟـﻌـﺮﺏ
ﺗﺘﺼﺎﺣﺐ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻣﻊ ﻗﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻋﺰﺗﻪ ﻭﺇﻧـﺘـﺸـﺎﺭﻩ ")ﺹ .(133
ﻳﻘﻮﻝ ﰲ ﺹ " 133ﰲ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﻻ ﻟـﺒـﺲ ﻓـﻴـﻪ ﻗـﺎﻝ
ﻭﺃﺧﲑﺍ ﻓﻬﺬﺍ ﻛﺘﺎﺏ ﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﻘـﺮﺍﺀﺓ ﻷﻧـﻪ :ﺟـﺪﻳـﺪ
ﻭﺟﻴﺪ ﰲ ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ .ﻳﻌﺎﰿ ﻗﻀﺎﻳﺎﻩ ﺳـﺎﺧـﻨـﺔ ،ﺣﺴـﺎﺳـﺔ، ﻣﻬﻤﺔ .ﻳﺘﻮﻓﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﻋﻤﻴـﻘـﺔ ،ﺟـﺎﺩﺓ .ﻭﻫـﻮ ﺃﻳﻀـﺎ ﺫﻭﺃﺳﻠﻮﺏ ﲨﻴﻞ.ﻭ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﱃ ﺭﺅﻳﺘﻪ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﺷـﺎﻣـﻠـﺔ... ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺃﻥ ﲢﻠﻴﻠﻪ ﻣﻨﻄﻘﻲ ،ﻣﻮﺿﻮﻋﻲ ،ﺩﻗﻴﻖ.
ﻭﺳﻨﺘﺎﺑﻊ ﰲ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ﻋﺮﺽ ﺍﻟﻜـﺘـﺎﺏ ﺍﻟـﺜـﺎﱐ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﻤﻞ ﻋﻨﻮﺍﻥ " ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻧﻄﻼﻗﺔ ﺣﻀﺎﺭﻳﺔ ﺷﺎﻣـﻠـﺔ:
ﺃﺳﺲ ﻭﺃﻓﻜﺎﺭ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ". ————
ﺍﻟﻬﻮﺍﻣﺶ
-1ﺍﺑﻦ ﺭﺷﻴﻖ ﺍﻟﻘﲑﻭﺍﱐ -2ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ :ﳎﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻨـﻔـﺴـﻴـﺔ ﻭﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﳛﻤﻠﻬﺎ ﻓﺮﺩ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ .
)ﺩﺍﺯﻛﻮﻳﺮ( ﻧﺎﺋﺐ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺑﻮﺵ :ﺇﻥ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ،ﺍﳌﺘﺒﻘﻲ ﰲ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻫﻮ ﺍﻻﺳﻼﻡ ،ﻭﺻﻨﻒ )ﻛﻮﻳـﺮ( ﺍﻹﺳـﻼﻡ ﻣـﻊ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻨﺎﺯﻳﺔ ،ﻭ ﺍﺑﺘﻜﺮﺕ ﺃﺟﻬﺰﺓ ﺍﻹﻋــﻼﻡ ﺍﻟــﻐـﺮﰊ
74
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻟﻴﺴﺖ ﻋﺎﺑﺮﺓ
ﺑﻘﻠﻢ :ﺣﺴﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ
ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﻜﻮﻥ ﻏﻴﺎﺑﺎ ﻛﺎﻣﻼ ﻏﲑ ﻣﻨﻘﻮﺹ. ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻌﲏ ﺫﻟﻚ؟
ﻳﻌﲏ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﺇﻫﺪﺍﺭﺍ ﻟﻄﺎﻗﺔ ﻛﺒﲑﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﺍﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ،ﻭﺍﻟﺒـﺼـﺮ ﻛـﻤـﺎ ﰲ ﺍﻷﺩﺑﻴﺎﺕ ﺍﻹﻋﻼﻣـﻴـﺔ ﺗـﺘـﺪﺍﻭﻝ
ﻣﻘﻮﻟﺔ ﻫﻲ ﺃﺷﺒﻪ ﺑﻘﺎﻋﺪﺓ ﰲ ﳎـﺎﳍـﺎ، ﻭﻫﻮ ﺑﺎﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﺻﻴﻨﻴﺔ ،ﻣﻔﺎﺩﻫﺎ: " ﺻﻮﺭﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺃﻓﻀـﻞ ﻣـﻦ ﺃﻟـﻒ
ﻧﺺ".
ﻭﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻋﻤﻮﻣﻴﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘـﻮﻟـﺔ ﰲ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ،ﻓﺈﺎ ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﻭﺩﻗﻴﻘﺔ؛ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺼـﻮﻳـﺮ ﺑـﺎﳌـﻌـﲎ ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ ﻭﺍﻹﳚﺎﰊ ﻟﻪ ﻫـﻮ " ﻃـﺎﻗـﺔ ﺿﺨﻤﺔ" ،ﲟﻌﲎ ﺃﻧﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣـﻦ ﳎـﺮﺩ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﺃﻭ ﺃﺩﺍﺓ ،ﻭ ﻟﻮ ﺃﻣﻜﻦ ﺍﺳﺘﺜـﻤـﺎﺭﻫـﺎ ﺍﺳﺘﺜﻤﺎﺭﺍ ﺻﺤﻴﺤﺎ ﻭﻛﺎﻓﻴﺎ ﳊﻘﻖ ﺍﻟﻜﺜـﲑ ﻣﻦ ﺍﻟـﻐـﺎﻳـﺎﺕ ﺍﻟـﻨـﺒـﻴـﻠـﺔ ﻭﺍﻷﻫـﺪﺍﻑ ﺍﻟﺸــﺮﻳــﻔــﺔ ﻭﺍﳌــﻘــﺎﺻــﺪ ﺍﻟﺸــﺮﻋــﻴــﺔ
ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻹﳝﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻜﺮﳝﺔ. ﺃﺳﻮﻕ ﻫﺬﻩ ﺍﳌـﻘـﺪﻣـﺔ ﻭﺃﻧـﺎ ﻛﺴـﲑ
ﻣﺘﺤﺴﺮ ﻋﻠﻰ ﻭﺿﻊ ﺑـﺎﻟـﻎ ﺍﻟـﻜـﺂﺑـﺔ ﰲ ﳎــﺎﻝ ﺍﻹﻋــﻼﻡ ﺍﻟــﻌــﺮﰊ ﻋــﺎﻣــﺔ، ﻭﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺮﺳﺎﱄ ﺍﳍﺎﺩﻑ ﺧـﺎﺻـﺔ، ،ﻭﺍﻹﻋـــﻼﻡ ﺍﳉـــﺰﺍﺋـــﺮﻱ ﺑﺼـــﻔـــﺔ ﺃﺧﺺ . .ﻓﻐﻴﺎﺏ" ﺛﻘـﺎﻓـﺔ ﺍﻟﺼـﻮﺭﺓ" ﰲ ﺍﳌﺸﻬﺪ ﺍﻹﺑﺪﺍﻋﻲ ﻭﺍﳉﻤﺎﱄ ﻭﺍﻹﻋﻼﻣﻲ
ﻧﻌﻠﻢ ﲨﻴﻌﺎ ،ﺃﺩﺍﺓ ﻣﻦ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ـ ﰲ ﻧﻈﺎﻣﻨﺎ ﺍﻟﻘﻴﻤﻲ ـ ﺑﺪﻟﻴـﻞ ﻗـﻮـﻟـﻪ ﻋـﺰ ﻭﺟﻞ "..ﺇﻥ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﻭﺍﻟﺒﺼﺮ ﻭﺍﻟﻔﺆﺍﺩ ﻛﻞ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﻛﺎﻥ ﻋﻨﻪ ﻣﺴﺆﻭﻻ".
ﻭﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺇﻫﺪﺍﺭﺍ ﻭﺇﻗﺼﺎﺀ ﻟﻌﺸﺮﺍﺕ ﺍﻟﻄﺮﺍﺋﻖ ﻭﺍﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﱵ ﳝﻜﻦ ﲢﺴﲔ ﺍﻟﺘﻮﺻﻴﻞ ﻭﺍﻟﺘﺒﻠﻴﻎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ؛ ﻷﺎ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺒﺼﺮ .ﻭﻳـﻌـﲏ ﻓـﻮﻕ
ﺫﻟﻚ ﲡﺎﻫﻼ ﳌﺌﺎﺕ ﻣﻦ ﻓﺮﺹ ﲢﺴﲔ ﻭﺗﺴﺮﻳﻊ ﻭﲡﻮﻳﺪ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ "ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ" :ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،ﰲ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ،ﰲ ﺍﻹﻋﻼﻡ ،ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺷﻴﺪ ،ﰲ ﳑﺎﺭﺳﺔ ﺍﳌـﻨـﺎﺷـﻂ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﻜﻞ ﺃﻧﻮﺍﻋﻬﺎ ﺩﻳﻨﻴﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺭﻳﺎﺿﻴﺔ ﺍﱁ.. ﻗﺪ ﻳﻌﺴﺮ ﺍﻹﺣﺎﻃﺔ ﺑﺎﳌﻮﺿﻮﻉ ﻭﻟﻜﻦ ﺑﺎﻷﻣﺜﻠﺔ ﺗﺘﻀﺢ ﺍﳊﺎﻝ:
ﻓﻠﻨﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﰲ ﳎﺎﻝ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﺍﻟـﺘـﻌـﺮﻳـﻒ ﺑـﺎﻹﺳـﻼﻡ ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ ﻣﻨﺴﻮﺏ ﺍﻹﳝﺎﻥ .
ﺃﺫﻛﺮ ﺃﻧﻪ ﻗﺒﻞ ﺳﻨﺘﲔ ﺍﺳﺘﺪﻋﻰ ﻣﺴﺠﺪ ﰲ ﺣﻴﻨﺎ ﺃﺳﺘﺎﺫﺍ ﻹﻟـﻘـﺎﺀ ﳏـﺎﺿـﺮﺓ
ﲟﻨﺎﺳﺒﺔ ﺩﻳﻨﻴﺔ،ﻭﻗﺒﻞ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ..ﻭﺟﺎﺀ ﰲ ﺍﳌﻮﻋﺪ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺑﺪﻝ ﺃﻥ ﻳﻘﺪﻡ ﳏﺎﺿﺮﺓ ﻛﻜﻞ ﺍﶈﺎﺿﺮﺍﺕ ،ﻧﺼﺐ ﺟﻬﺎﺯ"ﺍﻟﺪﺍﺗﺎﺷﻮ" ﻭﻣﻌﻪ ﻭﺣﺪﺓ ﻛـﻤـﺒـﻴـﻮﺗـﺮ..ﻭﺃﻟﺼـﻖ ﰲ ﺍﳊﺎﺋﻂ ﻟﻮﺣﺔ ﻛﺒﲑﺓ ﺑﻴﻀﺎﺀ ..ﻭﺣﺪﺙ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ "ﺍﻟﻌﺠﺐ"..ﺗﺪﻓﻖ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻏﺺ
ﻢ ﺍﳌﻜﺎﻥ ﺣﱴ ﺿﺎﻕ..ﻭﺍﻧﺸﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﺳﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴﻜﻮﻥ ،ﻭﺧﻴﻢ ﺍﻟﺼﻤـﺖ ، ﻭﺍﺷﺮﺃﺑﺖ ﺃﻋﻨﺎﻗﻬﻢ ﻭﺷﺨﺼﺖ ﺃﺑﺼﺎﺭﻫﻢ ﻣﻠﺘﺼﻘﺔ ﺑﺎﻟﺼﻮﺭ ﺍﻟﺒﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟـﱵ ﻛـﺎﻧـﺖ
ﺗﺘﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺎﺷﺔ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ .
ﻛﺎﻧﺖ ﺍﶈﺎﺿﺮﺓ ﻧﻮﻋﺎ ﻏﲑ ﻣﺸﻬﻮﺩ ﰲ ﺍﳊﻲ ،ﺻﻮﺭ ﺗﺘﺎﺑﻊ ﰲ ﺍﻧﺘـﻈـﺎﻡ ،ﻛـﺒـﲑﺓ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﻧﻘﻴﺔ ،ﻧﺎﻃﻘﺔ ،ﻣﻌﱪﺓ ﺃﺑﻠﻎ ﺗﻌﺒﲑ ﻭﺃﻗﻮﺍﻩ ...ﺻـﻮﺭ ﻷﻗـﻤـﺎﺭ ﻭﻛـﻮﺍﻛـﺐ
ﻛﺰﺣﻞ ،ﻭﺍﳌﺸﺘﺮﻱ ،ﻭﺍﻟﺰﻫـﺮﺓ ،ﻭﺍﳌـﺮﻳـﺦ ،ﻭﺍﻟﺸـﻤـﺲ ﻭﺍﻟـﻘـﻤـﺮ ،ﻭﺍﻟـﻜـﺴـﻮﻑ، ﻭﺍﳋﺴﻮﻑ .ﻭﺻﻮﺭ ﻟﻔﻀﺎﺀ ﻻ ﺣﺪﻭﺩ ﻟﻪ ﲟﻼﻳﲔ ﺍﻟﻨـﺠـﻮﻡ ،ﻭﺻـﻮﺭ ﻟـﻠـﺴـﻤـﺎﺀ ﻭﻟﻸﺭﺽ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ .ﻭﻣﻊ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻛﻼﻡ ﺑﺴﻴﻂ ﻳﺸﺮﺡ ﻭﻳﻔﺴﺮ ،
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006
75
ﻭﻳﺪﻋﻮ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳋﻠﻖ ﺍﻟﻌﺠﻴﺐ ،ﻣﻊ ﺍﺳـﺘـﺸـﻬـﺎﺩ
ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻀﺞ ﻭﺍﻟﺘﺸﻜﻞ ﻭﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ؟. ﲦﺔ ﻃﺎﻗﺔ ﺭﻫﻴﺒﺔ ﻻ ﻧﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﻛـﻤـﺎ ﳚـﺐ ،ﻭﻫـﻲ
ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﺍﳊﻴﺎﺓ ..
ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻭﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻭﺍﻟﻌﻘﻮﻝ..ﻣﻦ ﺷﺪ ﺍﻷﻧﻈﺎﺭ ﺃﻃﻠﻘﺖ ﺣﺮﻛـﺔ
ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﺍﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ﻭﳓﻦ ﻣﺴﺆﻭﻟﻮﻥ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ . ﲦﺔ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﻭﻃﺮﻕ ﺇﻳﻀﺎﺡ ﻭﺗﻌﻠﻴﻢ ﻭﺗﺮﺷﻴﺪ ﻻ ﺗﻌـﺪ ﻭﻻ ﺗﺤﺼﻰ ﻤﻠﻬﺎ ﻭﻧﻘﺼﻴﻬﺎ ﻭﻻ ﻧﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ،ﻭﳓﻦ ﻣﺴﺆﻭﻟﻮﻥ – ﺃﻳﻀﺎ – ﻋﻦ ﺫﻟﻚ. ﲦﺔ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺃﻗﻮﻯ ﺗﺄﺛﲑﺍ ﻭﺃﻫﺪﻯ ﺳﺒﻴﻼ ،ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻧـﻔـﻌـﺎ،
ﺍﻟــﻌــﻘــﻮﻝ .ﳏــﺎﺿــﺮﺓ ﲨــﻌــﺖ ﺑــﲔ ﺍﻟــﻘــﺮﺁﻥ ﻭﺍﻟــﻌــﻠــﻢ
ﻭﺃﺟﻮﺩ ﻭﺃﺑﻠﻎ ﻭﺃﻓﻀﻞ ﰲ ﳑـﺎﺭﺳـﺔ ﺍﻟـﺘـﻮﺟـﻴـﻪ ﻭﺍﻟـﺘـﺄﺛـﲑ
ﺍﳊﻀﻮﺭ ﻭﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﻌﻠﻤﲔ "..ﻛﻢ ﳓﻦ ﻣﻘﺼﺮﻭﻥ ﰲ ﺣـﻖ
ﰲ ﻗﻠﺐ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ،ﻭﻫﻲ ﺍﶈﻮﺭ ﻭﺍﳌﺮﻛﺰ
ﺑﺂﻳﺎﺕ ﻛﺮﳝﺎﺕ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻋﻦ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺭ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﶈﺎﺿﺮﺓ ﻣﻨﺸﻄﺎ ﺭﻓﻴﻌﺎ ﻭﻧﻮﻋﻴﺎ ،ﻧﺘﺎﺋﺠﻪ
ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮﺿﻴﺔ،ﻭﻭﺻﻠﺖ "ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ " ﻭﺍﺿﺤﺔ ﻧـﻘـﻴـﺔ ﺇﱃ
ﻭﺍﻹﳝﺎﻥ ...ﻭﺃﺭﻭﻉ ﻣﺎ ﺗﺮﻛﺘﻪ ﻛﻤﺎ ﺷﻬﺪ ﺑـﺬﻟـﻚ ﻛـﺜـﲑ ﻣـﻦ
ﻭﺍﻟﺘﻮﻋﻴﺔ ..ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻻ ﺘﻢ ،ﺃﻭ ﱂ ﺘﻢ ﺑﻌ ﺪ ﺎ ..ﻭﺍﻟﺼﻮﺭﺓ،
ﺩﻳﻨﻨﺎ ﻭﺃﻧﻔﺴﻨﺎ" ،ﻭﻣﻌﲎ ﺫﻟﻚ ﺍﺳﺘﻴﻘﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺄﳘـﻴـﺔ ﻣـﺎ
ﻭﻟﻴﺲ ﺃﻣﺎﻣﻨﺎ ﺳﻮﻯ ﺍﻻﳔﺮﺍﻁ ﺑﺸﻜﻞ ﻧﺎﺿﺞ ﻭﻗـﻮﱘ ﰲ
ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻣﻦ ﺣﻜﻢ ﻭﺑﺼﺎﺋﺮ ﻭﻗﺪﺭﺓ ﻭﺇﺑﺪﺍﻉ ﺭﺑﺎﱐ ﻻ ﺣـﺪﻭﺩ
ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﰲ ﻋـﻤـﻠـﻴـﺎﺕ ﺍﻹﻋـﻼﻡ ﻭﺍﻻﺗﺼـﺎﻝ،ﻭﺗـﻄـﺒـﻴـﻖ
ﻭﻻ ﺎﻳﺔ ﻟﻪ ..ﻭﻣﺎ ﻳﻨﻄﻮﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﻋﺠﺰ ﻭﺿﻌﻒ
ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﺎﺎ ﺍﻟﻜﺜﲑﺓ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ.
ﻳﻨﻄﻮﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺧﲑ ،ﻭﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺧـﻠـﻖ ﺍﻟﺴـﻤـﺎﻭﺍﺕ
ﺃﻣﺎﻡ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﳉﺒﺎﺭﺓ ﺍﳌﻬﻴﻤﻨﺔ ..
ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻗـﻊ ﻭﺍﻟﺼـﺪﻯ ﻣـﺎ ﺣـﺮﻙ
ﺍﻹﳌﺎﻡ ﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ،ﻭﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﺃﳘﻴـﺔ ﺍﻟﺼـﻮﺭﺓ ﻭﺩﻭﺭﻫـﺎ
ﺇﺫﻥ ...ﻓﻼ ﻣﻨﺎﺹ ﻣﻦ "ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ" ﳋﺪﻣﺔ ﺍﻟﺪﻳـﻦ
،ﻭﺧﺪﻣﺔ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ،ﻭﺧﺪﻣﺔ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ،ﻭﺧﺪﻣﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ .
ﻋﺸﺮﺍﺕ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻭﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ،ﻭﺑﻌﺚ ﻓـﻴـﻬـﺎ ﻓـﻌـﻼ
"ﻣﺜﺎﻗﻔﺔ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ" ..ﻭﺩﻓﻌﻬﺎ ﺇﱃ ﻃﻠﺐ ﺍﺳﺘﻜـﺸـﺎﻑ ﻭﺳـﺎﺋـﻞ ﻭﻃﺮﻕ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻠﺪﻋﻮﺓ ﻭﺗﻘﺮﻳﺐ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ. ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﺍﶈﺎﺿﺮﺓ ﻣﻨﻌﻄﻔﺎ ،ﻓﺴﺮﻋﺎﻥ ﻣـﺎ ﺗـﻜـﺎﺛـﺮ
ﺍﻟﻄﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻹﻟﻘﺎﺀ ﳏﺎﺿﺮﺗﻪ ﺗﻠﻚ..ﰲ ﻋـﺪﺩ ﻣـﻦ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﳌﺴﺠﺪﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺸﺒﺎﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻄﻼﺑﻴﺔ*. ﻭﻳﻌﻨﻴﲏ ﰲ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺑﺼﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺃﻣـﺮ "ﺍﻟﺼـﻮﺭﺓ" ﲟـﺎ
ﻫﻲ ﺭﻛﻦ ﻣﻦ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻹﻳﺼﺎﻝ ﻭﺍﻟﺘﺒﻠﻴﻎ ﻭﺍﻹﺑـﻼﻍ ،ﺑـﻞ ﲟﺎ ﻫﻲ "ﻟﻐﺔ" ﰲ ﺣﺪ ﺫﺍﺎ..ﻟﻐﺔ ﻗﺪ ﺗﺘﻔﻮﻕ ـ ﰲ ﺑـﻌـﺾ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ـ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻠﻔﻈﻴﺔ ﰲ ﺗﻮﺻﻴﻞ ﺍﳌـﻌـﺎﱐ ،ﻭﻧـﻘـﻞ ﺍﳊﻘﺎﺋﻖ ﻭﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ،ﺑﻞ ﻭﺍﳌﺸﺎﻋﺮ ﻭﺍﻷﺣﺎﺳـﻴـﺲ .ﻓـﺎﻟﺼـﻮﺭﺓ
ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﳋﱪﺍﺀ ﻋﺎﺑﺮﺓ ﻟﻠﻐﺎﺕ ﻣﺘﺠﺎﻭﺯﺓ ﳍﺎ ،ﻳـﻔـﻬـﻤـﻬـﺎ ﺍﻷﻣﻲ ﻭﻏﲑ ﺍﻷﻣﻲ ،ﻭﻳﻔﻬﻤﺎ ﺍﳍﻨﺪﻱ ﻭﺍﻟﺼﻮﻣﺎﱄ ،ﻭﺍﻷﻣﺮﻳﻜـﻲ
ﻭﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻭﺍﻟﺮﻓﻴﻊ ﻭﺍﻟﻮﺿﻴﻊ .ﻭﻻ ﻏﺮﺍﺑﺔ ﻓـﻨـﺤـﻦ ﺍﻟـﻴـﻮﻡ ﻧﻌﻴﺶ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎﺯ ﻋﺼﺮ »ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ" ،..ﻟﻜﻦ ﳌﺎﺫﺍ ﻏﻴﺎﺏ ﺛـﻘـﺎﻓـﺔ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺬﺍ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﳌﺮﻭﻉ ﻋﻨﺪﻧﺎ .ﻻ ﺃﻋﲏ ﻓﻘﻂ ﺃﻥ ﻓـﻴـﻨـﺎ
ﻣﻦ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﲜﻤﻴﻊ ﺃﻧﻮﺍﻋﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺎ ﻣـﻦ ﻋـﻤـﻞ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺣﱴ ﻣﻦ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃـﺎ ﳝـﻜـﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺫﺍﺕ ﳏﻤﻮﻻﺕ ﺇﳚﺎﺑﻴﺔ ،ﻭﺃﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻭﺳﻴﻠـﺔ ﻣﻔﻴﺪﺓ ﻭﻧﺎﻓﻌﺔ ..ﻓﺈﻥ ﺍﺳﺘﺜﻤﺎﺭﻫﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺎﻑ ﻏﲑ ﻣﻮﺟﻮﺩ .
ﻫﻞ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﱪﺭ ﻓﻘﺮ ﺍﻹﻋﻼﻡ ـ ﻭﺍﻹﻋﻼﻡ ﺻﻮﺭﺓ ــ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﺎﻝ ﺳﻮﻯ ﺃﻥ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻣﺎ ﺗﺰﺍﻝ ﺑﻌﻴﺪﺓ
76
ﳎﻠﺔ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ -ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ -ﻣــﺎﻳــﻮ 2006