Atnbeeh Elhasan Muhamed Elimaam

  • November 2019
  • PDF

This document was uploaded by user and they confirmed that they have the permission to share it. If you are author or own the copyright of this book, please report to us by using this DMCA report form. Report DMCA


Overview

Download & View Atnbeeh Elhasan Muhamed Elimaam as PDF for free.

More details

  • Words: 12,072
  • Pages: 76
‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬ ‫المقدمة‬ ‫إن المد ل نمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بال من شرور أنفسنا ومن‬ ‫سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده ال فل مضل له ومن يضلل فل هادي له ‪ ،‬وأشهد أن‬ ‫ل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن ممدا عبده ورسوله‪.‬‬ ‫{يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال حق تقاته ول توتن إل وأنتم مسلمون}‬ ‫[آل عمران]‪.‬‬ ‫{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها‬ ‫وبث منهما رجالً كثيا ونساء واتقوا ال الذي يتساءلون به والرحام إن ال‬ ‫كان عليكم رقيبا} [النساء]‪.‬‬ ‫{يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال وقولوا قولً سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم‬ ‫ذنوبكم ومن يطع ال ورسوله فقد فاز فوزا عظيما} [الحزاب]‪.‬‬ ‫أما بعد‪:‬‬ ‫فإن خي الديث كتاب ال‪ ،‬وخي الدي هدي ممد ‪ ، e‬وشر المور مدثاتا‪،‬‬ ‫وكل مدثة بدعة‪ ،‬وكل بدعة ضللة‪ ،‬وكل ضللة ف النار‪.‬‬ ‫ث أما بعـد‪:‬‬ ‫فقد تكفل ال بفظ دينه فقال جل ف عله ‪{:‬إنا نن نزلنا الذكر وإناله‬ ‫لافظون} وإن من حفظ ال لذا الدين أن أوجد علماء راسخي يذبون عن هذا‬ ‫الدين ما علق به من شوائب أيا كان نوعها ‪ ،‬وصدق رسول ال حيث قال ‪:‬‬ ‫((ل تزال طائفة من أمت ظاهرين على الق ل يضرهم من خالفهم ول من‬ ‫خذلم حت يأت أمر ال وهم على ذلك)) ففي هذا العصر انتشرت دعوة أهل‬

‫‪1‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫السنة والماعة ف العال عموما وف اليمن خصوصا ‪ ،‬والفضل ف هذا ل عز‬ ‫وجل ‪ ،‬ث لهود علماء أهل السنة والماعة ‪ ،‬نسأل ال أن يزل لم الثوبة‬ ‫ويعظم لم الجر إنه على كل شيء قدير وبالجابة جدير‪.‬‬ ‫فقد قيض ال لهل اليمن ف هذا العصر والدنا وشيخنا المام الحدث العلمة‪/‬أبا‬ ‫عبدالرحن مقبل بن هادي الوادعي ـ يرحه ال ـ الذي بذل نفسه وماله ووقته‬ ‫وعرضه ف خدمة السلم والسلمي ‪ ،‬فأحيا به ال معال الدين وقمع به الباطل‬ ‫والبطلي‪ ،‬فاشتغل بالتأليف والتحقيق والتعليم والدعوة إل ال على بصية ‪،‬‬ ‫فاستفاد الناس منه ف مشارق الرض ومغاربا ‪ ،‬ورُحل إليه من الداخل والارج‬ ‫بل ل أعلم عالا رُحـل إليه مثل ما رُحـل إل هذا المام ف هذا العصر ‪ ،‬وقد‬ ‫انتشرت مؤلفاته ف شت بقاع الرض ‪ ،‬وكذا طلبته‪ ،‬وكان هو وأمثاله بابا مغلقا‬ ‫دون الفت فرحه ال رحة واسعة ‪ ،‬وأسكنه فسيح جناته ‪ ،‬فلما توف ـ رحه ال‬ ‫ـ حصلت بعض الفت بي بعض طلبة العلم ‪ ،‬فقمت بكتابة رسالة متصرة‬ ‫مشاركة من ف بيان بعض المور الت ل ينبغي جهلها أو تاهلها ول أعتب ما‬ ‫كتبته خاصا بذه الفتنة بل هو علج لميع الفت ف كل زمان ومكان ‪.‬فال‬ ‫أسأل أن ينفع با كتبته السلم والسلمي ‪.‬‬ ‫والمد ل رب العالي‪.‬‬ ‫وكتب‪ /‬ممد بن عبد ال المام ‪.‬‬ ‫القبال على عبادة الله كفيل بالنجاة من‬ ‫الفتن‬

‫‪2‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫روى المام مسلم ( ‪ )18 392‬عن معقل بن يسار ـ رضي ال عنه ـ قال‪ :‬قال‬ ‫رسول ال ‪ (( :‬العبادة ف الرج كهجرة إلّ)) والرج ‪ :‬القتل والقتال ‪ ،‬وماله‬ ‫من مقدمات من عصبية وحزبية ‪ ،‬وغي ذلك ‪ ،‬ولفظ العبادة هنا يشمل جيع‬ ‫أنواع العبادة من صدق وإخلص ‪ ،‬ومراقبة ل وتقوى ‪ ،‬وورع وصب وثبات‬ ‫على الق ‪ ،‬ومافظة على تعلم العلم النافع ‪ ،‬وتعليمه ‪ ،‬والعمل الصال من صلة‬ ‫وصيام ‪ ،‬وحسن معاملة ‪ ،‬وحسن خلق ‪ ،‬كل هذه وأمثالا من العبادات ‪ .‬فلو‬ ‫أقبل السلم على العبادة كما أراد ال ل يبق معه وقت لضياعه مع الفت والراء‬ ‫والدال ‪ ،‬وصدق النب إذ يقول ‪(( :‬نعمتان مغبون فيهما كثي من الناس‬ ‫الصحة والفراغ)) من حديث ابن عباس عند البخاري‪.‬‬ ‫وقال ‪(( :‬بادروا بالعمال فتنا كقطع الليل الظلم يصبح الرجل مؤمنا ويسي‬ ‫كافرا ويسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا )) عن أب هريرة‬ ‫عند مسلم (‪.)2/300‬‬

‫‪3‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫الفضل لله وحده في النجاة من جميع‬ ‫الفتن‬ ‫الفت كثية ومتنوعة ومستجدة ما بي الي والخر ‪ ،‬وكل واحد من السلمي‬ ‫التمسكي بدين ال معرض ف كل وقت للفت ‪ ،‬فمن نا من الفت فذلك بشيئي‬ ‫عظيمي‪ :‬فضل ال عليه ‪ ،‬واستمرارية توفيق ال له‪ .‬قال تعال ماطبا أصحاب‬ ‫رسول ال بعد حادثة الفك ‪{:‬ولول فضل ال عليكم ورحته ما زكى منكم‬ ‫من أحد أبدا ولكن ال يزكي من يشاء} [النور]‪ ،‬ولا حصلت الشائعة بي‬ ‫الصحابة أن رسول ال طلق نساءه جرى للصحابة ما جرى فذهب عمر ـ‬ ‫رضي ال عنه ـ إل النب وقال ‪(( :‬أطلقت نساءك ؟ قال ‪ :‬ل ‪ ،‬قال عمر ‪:‬‬ ‫فقمت على باب السجد فناديت بأعلى صوت ل يطلق رسول ال نساءه‬ ‫ونزلت هذه الية {وإذا جاءهم أمر من المن أو الوف أذاعوا به ولو ردوه إل‬ ‫الرسول وإل أول المر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} قال عمر ‪ :‬فكنت‬ ‫أنا استنبطت ذلك المر ‪ ،‬وأنزل ال عز وجل آية التخيي)) رواه مسلم رقم (‪)1479‬‬ ‫بذا اللفظ ‪.‬‬ ‫فهنيئا لن وفقه ال لتجنب الفت ما ظهر منها وما بطن‪.‬‬

‫‪4‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫الفرار من الفتن ولزوم كل امرئ عمله‬ ‫روى المام البخاري عن أب سعيد الدري ـ رضي ال عنه ـ قال‪ :‬قال‬ ‫رسول ال ‪(( :‬يوشك أن يكون خي مال السلم غنم يتبع با شعف البال‬ ‫ومواقع القطر يفر بدينه من الفت))‪.‬‬ ‫وروى مسلم برقم (‪ )2887‬عن أب بكرة ـ رضي ال عنه ـ قال‪ :‬قال رسول‬ ‫ال ‪(( :‬إنا ستكون فت أل ث تكون فتنة القاعد فيها خي من الاشي فيها‬ ‫والاشي فيها خي من الساعي إليها أل فإذا نزلت أو وقعت فمن كان له إبل‬ ‫فليلحق بإبله ‪ ،‬ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه ‪ ،‬ومن كانت له أرض فليلحق‬ ‫بأرضه‪ ،‬قال‪ :‬فقال رجل يا رسول ال ‪ :‬أرأيت من ل يكن له إبل ول غنم ول‬ ‫أرض ؟ قال ‪ :‬يعمد إل سيفه فيدق على حده بجر ث لينج إن استطاع النجاء ‪،‬‬ ‫اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟ فقال رجل يا رسول ال ‪:‬‬ ‫أرأيت إن أكرهت حت ينطلق ب إل أحد الصفي أو إحدى الفئتي ‪ ،‬فضربن‬ ‫رجل بسيفه ‪ ،‬أو ييء سهم فيقتلن؟ قال‪ :‬يبوء بإثه وإثك ويكون من أصحاب‬ ‫النار)) ‪.‬‬ ‫فهذا من العلج العظيم وتعريف الناس ما ينفعهم فلو انصرف الناس إل أعمالم‬ ‫ما قامت فتنة كالظاهرات والنقلبات ‪ ،‬فكل هذه من الفت ‪ ،‬فما أعظم العلج‬ ‫ف الشرع ‪ ،‬وما أقل النتفعي به‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫موقف الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ من‬ ‫الفتن‬ ‫لقد كانت مواقف الصحابة عند الفت مسدّدة ‪ ،‬ومن أبرز ذلك عدم القبول‬ ‫للفت والشاركة فيها‪.‬‬ ‫ولو جئنا إل تفاصيل مواقف الصحابة ف العتزال للفتنة لطال الكلم‬ ‫وخرجنا عن القصود‪.‬‬ ‫وانظر إل موقف الصحابة ف قتال الوارج فقد اتفقوا على قتال الوارج‬ ‫وقاموا بذلك حق قيام ‪ ،‬لن الحاديث واضحة جدا ف الث والمر بقتالم‬ ‫فل شبهة ف قتالم‪.‬‬ ‫وانظر إل تنازلم عن أمور عظيمة من أجل سلمتهم من الفت وسلمة‬ ‫متمعاتم ‪ ،‬فهذا السن بن علي ـ رضي ال عنهما ـ يتنازل عن اللفة‬ ‫وهو أهل لا ‪ ،‬وهذا مصداق قوله ‪(( :‬إن ابن هذا سيد ولعل ال أن يصلح‬ ‫به بي فئتي عظيمتي من السلمي)) رواه البخاري (‪ )5/307‬عن أب بكرة‬ ‫رضي ال عنه‪.‬‬ ‫وانظر إل هذا التفان ف الطاعة ل ولرسوله ‪ ،‬وانظر إل هذا التواضع الم‬ ‫فقد تنازل السن وليس عن قلة ول عن ذلة ولكن فرارا من الفت‪.‬‬ ‫تنبيه‪:‬‬ ‫عقيدة أهل السنة الكف عما نشب بي الصحابة لنم ما بي متهد مصيب‬ ‫فله أجران ‪ ،‬وما بي متهد مطىء فله أجر ‪ ،‬فل يوز الطعن ف أحد منهم‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫تنبيه آخر‬ ‫الذي عليه أهل السنة أن الصحابة الذين وقعوا ف الفتنة هم أفضل من جاء‬ ‫بعدهم وخطؤهم مغمور ف فضائلهم‪.‬‬ ‫فائدة‪:‬‬ ‫لقد ندم الصحابة الذين دخلوا ف الفت با فيهم علي بن أب طالب ـ رضي‬ ‫ال عنه ـ وعائشة رضي ال عنها ‪.‬‬

‫أهل السنة أعظم الناس بعدا عن الخلف‬

‫‪7‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫إن أهل السنة قد وجدوا برد اليقي ف قلوبم بسبب جلء الق عندهم‬ ‫واستقراره ف قلوبم ‪ ،‬وقبوله للعمل به ‪ ،‬وهذا لزم منهج أهل السنة والماعة ‪،‬‬ ‫فإن لفظ (السنة) يعن العمل بكل ما جاء به الرسول وهو القرآن والسنة ‪،‬‬ ‫ولفظ (الماعة) معناه الجتماع على الق والعمل به والسي على ما سار عليه‬ ‫السلف ‪ ،‬فلن يدخل اللف على أهل السنة من جهة منهجهم وإنا قد يصل‬ ‫من جهة أنفسهم بصول البغي والظلم والعدوان أو التعجل فيما يتاج إل تأن‬ ‫أو الهل بقيقة الشيء وما يؤول إليه ‪ ،‬بلف غيهم من أهل البدع‬ ‫والضللت فإنم بسبب اللل ف منهجهم مهما أرادوا الوصول إل الق فلن‬ ‫يصلوا إليه عن طريق مناهجهم النحرفة ‪ ،‬فقد يتمعون ويتفقون ولكن على غي‬ ‫الق ‪ ،‬ول يصلون إل الق إل إذا رجعوا إل الكتاب والسنة على فهم سلف‬ ‫المة‪.‬‬

‫الفتن تنسف المتطلعين لها‬

‫‪8‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫قال تعال ‪{:‬واتقوا فتنة ل تصيب الذين ظلموا منكم خاصة} [النفال]‪،‬‬ ‫فتأمل كيف أمر ال باتقاء كل فتنة فمن ل يضع لمره سبحانه فالزاء كما‬ ‫قال ال ‪{:‬فليحذر الذين يالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب‬ ‫أليم} [النور]‪.‬‬ ‫وال ث وال إننا ل نطيق فتنة ول العذاب الليم ‪ ،‬فواعجبا لعاقل يقدم نفسه‬ ‫لا ل تمد عقباه ‪ ،‬وقد جاء من حديث أب هريرة ـ رضي ال عنه ـ قال ‪:‬‬ ‫قال رسول ال ‪(( :‬ستكون فت القاعد فيها خي من القائم‪ ))...‬متفق عليه‪.‬‬ ‫وكم رأينا من يستعجلون الفت قد تغيوا عن الق فبعد أن كانوا أهل صدق‬ ‫أُثر عنهم الكذب ‪ ،‬وبعد أن كانوا من أجل السلم فقد صاروا من أجل‬ ‫الغراض النفسية ‪ ،‬وبعد أن كانوا يتحاشون مؤاذاة الناس والسب والشتم‬ ‫فقد صاروا يوضون ف أعراضهم‪.‬‬ ‫فال ال ف دينك يا مسلم إذا جاءت الفت فصن لسانك وحافظ على سلمة‬ ‫قلبك ‪ ،‬ونزه سعك فل تتصدى للجدال فيما ل تسن ول تتكلم ف ما ل‬ ‫تعلم ‪ ،‬ول تشغف بسماع كل ما يدور ويقال فتصي ف اضطراب وحية‬ ‫وشكوك ‪ ،‬وال الستعان‪.‬‬

‫تحريم تتبع عورات الناس عامة والعلماء‬ ‫خاصة‬

‫‪9‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫جاء عند أحد (‪ )421-4/420‬عن أب برزة السلمي ‪ ،‬وعن عبد ال بن‬ ‫عمر ـ رضي ال عنهما ـ عند الترمذي (‪ )1/365‬أن رسول ال قال ‪:‬‬ ‫((يا معشر من آمن بلسانه ول يدخل اليان إل قلبه ل تغتابوا السلمي ول‬ ‫تتبعوا عوراتم فإنه من تتبع عورة أخيه السلم تتبع ال عورته ومن تتبع ال‬ ‫عورته يفضحه ولو ف جوف بيته))‬ ‫وجاء من حديث معاوية ـ رضي ال عنه ـ قال‪ :‬قال رسول ال ‪:‬‬ ‫((أعرضوا عن الناس أل تر أنك إن ابتغيت الريبة ف الناس أفسدتم أو كدت‬ ‫أن تفسدهم)) رواه أبو داود رقم (‪ )4888‬وابن حبان رقم (‪ )1495‬ومن‬ ‫حديث جبي بن نفي وأب أمامة وكثي بن مرة عند أحد (‪ )6/4‬وأب داود‬ ‫رقم (‪ )4889‬قالوا‪ :‬قال رسول ال ‪(( :‬إن المي إذا ابتغى الريبة ف الناس‬ ‫أفسدهم))‪.‬‬ ‫قال الناوي ف قول الرسول ‪(( :‬إن المي‪ ))...‬أي‪ :‬طلب الريبة أي‪:‬‬ ‫التهمة ف الناس بنية فضائحهم فسدهم وما أمهلهم وجاهرهم بسوء الظن‬ ‫فيهم فيؤديهم ذلك إل ارتكاب ما ظن بم ـ إل أن قال ‪ :‬ـ ومقصود‬ ‫الديث حث المام على التغافل وعدم تتبع العورات فإن بذلك يقوم النظام‬ ‫ويصل النتظام ‪...‬بل يستر عيوبم ويتغافل ويصفح ول يتتبع عوراتم ول‬ ‫يتجسس اهـ من "فيض القدير" (‪ )2/323‬فإذا كان المي مطالبا بالكف‬ ‫عن تتبع عورات رعيته فما بالك بن يذهب ويتتبع عورات العلماء لغرض‬ ‫الطعن فيهم والتشويه بم؟!‪.‬‬ ‫الذنوب داء الخوة في الدين‬

‫‪10‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫روى البخاري ف "الدب الفرد" من حديث أنس ـ رضي ال عنه ـ قال‪:‬‬ ‫قال رسول ال ‪(( :‬ما تواد اثنان ف ال فيفرق بينهما إل بذنب يدثه‬ ‫أحدها)) وهو حديث ثابت عن النب ‪.‬‬ ‫فانظر حفظك ال كيف يلب الذنب الواحد الفرقة بي التحابي ‪ ،‬فيكف إذا‬ ‫كثرت الذنوب ؟!‪ ،‬وسواء كان الذنب ف حق أخيه أو كان ف حق أخ آخر ‪،‬‬ ‫أو كان بي العبد وربه‪.‬‬ ‫فيا ل ما أخطر الذنوب علينا ‪ ،‬فيا علم الغيوب جنبنا الذنوب وسهل لنا أن‬ ‫نتوب ‪ ،‬وقنا شر أنفسنا والقلوب‪.‬‬ ‫فاحذر أخي أن تتعامل مع أخيك السلم بالظلم أو الغيبة والنميمة ‪ ،‬أو سوء‬ ‫الظن أو الكذب عليه أو الغش له‪.‬‬ ‫وما يلب العداوة بي الخ وأخيه التداخل ف أمور الدنيا ‪ ،‬فكم من إخوة‬ ‫كانوا أحبابا فلما دخلوا ف الشركة صاروا أعداء‪ .‬قال تعال ‪{:‬وإن كثيا من‬ ‫اللطاء ليبغي بعضهم على بعض إل الذين آمنوا وعملوا الصالات وقليل‬ ‫ماهم} [ص]‬

‫عدم الخلص من أسباب السقوط في‬ ‫الطريق‬

‫‪11‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫قال ابن الوزي ـ رحه ال ـ ‪( :‬إنا يتعثر ف الطريق من ل يلص عمله ل )‬ ‫فلله در ابن الوزي كيف كان خبيا بالداء والدواء ‪ .‬والتعثر هذا قد يتم به‬ ‫للنسان ‪ ،‬قال الرسول ‪(( :‬إن العبد ليعمل عمل أهل النار وهو من أهل النة‬ ‫ويعمل عمل أهل النة وإنه من أهل النار وإنا العمال بالواتيم)) رواه البخاري‬ ‫عن سهل بن سعد رقم (‪ )6607‬وهو عند مسلم بنحوه رقم (‪)112‬‬ ‫قال ابن رجب النبلي ـ رحه ال ـ ‪( :‬خاتة السوء تكون بسبب دسيسة‬ ‫باطنة للعبد ل يطلع عليها الناس إما من جهة عمل سيئ ونو ذلك ‪ ،‬فتلك‬ ‫الصلة الفية توجب سوء الاتة عند الوت ـ إل أن قال‪ :‬ـ فالؤمن ياف‬ ‫على نفسه النفاق الصغر وياف أن يغلب ذلك عليه عند الاتة فيخرجه إل‬ ‫النفاق الكب) اهـ من كتاب "قال ابن رجب" (‪. )152-151‬‬ ‫قلت ‪ :‬ال ال ف إخلص العمل ل ف قلبك وقالَبك‪.‬‬

‫التفقه في الدين‬

‫‪12‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫إن من فوائد التفقه ف دين ال سلوك طريقة النجاة من الفت ‪ ،‬وهي منحة‬ ‫إلهية يتفضل ال با على من يشاء من العباد ‪ ،‬قال الرسول ‪(( :‬من يرد‬ ‫ال به خيا يفقهه ف الدين)) متفق عليه من حديث معاوية‪.‬‬ ‫فإياك إياك واحتقار الفقه ف الدين ‪ ،‬فقد قال بعض العلماء ‪( :‬إن ال يرفع‬ ‫عن هذه المة العذاب برحلة أصحاب الديث) نعم إن عظمة دين السلم‬ ‫تكمن ف كل آية من كتاب ال وف كل حديث صحيح عن رسول ال ‪،‬‬ ‫فالمة السلمية قد تتجرع أنواعا من الصائب ‪ ،‬والل موجود ف أكثر من‬ ‫آية أو حديث ‪ ،‬والية الواحدة والديث الواحد فيه حل برأسه ‪ ،‬ولقد جاء‬ ‫السلم لكل فتنة بدواء ولكن قلّ الداوون ‪ ،‬ولنضرب لذلك مثل لا مات‬ ‫الرسول اختلف الصحابة ف تريده من الثياب فسمعوا قائل يقول‪ :‬ل‬ ‫تردوا رسول ال ‪ .‬فتركوا تريده ‪ ،‬واختلفوا فيمن يكون الليفة بعده‬ ‫فقال أبو بكر ـ رضي ال عنه ـ سعت رسول ال يقول ‪(( :‬قريش ولة‬ ‫هذا المر )) رواه أحد (‪ ، )1/5‬فسلم الصحابة المامة لب بكر لنه قرشي‬ ‫‪ ،‬فانظر كيف ُحسِم الختلف بسبب التفقه ف الدين والتسليم للدليل ‪،‬‬ ‫وكم جرت من خلفات ف الصحابة وكانت تزول وتنتهي إذا جاء الدليل‬ ‫والبهان الشرعي ‪ ،‬فالتفقه ف الدين أساس كل خي ولكن على يد من صح‬ ‫معتقده وسلم منهجه وحسن مقصده ‪ ،‬فاختيار الكتاب القيم والعال الفطن‬ ‫للتفقه ف الدين مطلب كل باحث عن الق‪.‬‬

‫العتصام بحبل الله‬

‫‪13‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫وحبل ال هو اتباع القرآن الكري والسنة الطهرة على فهم السلف الصال ‪،‬‬ ‫والعتصام بما أمان من الزيغ والضلل ‪ ،‬قال تعال ‪{:‬فمن اتبع هداي فل‬ ‫يضل ول يشقى}‪.‬‬ ‫والعتصام بكتاب ال كما أراد ال يكون بثلثة أمور‪:‬‬

‫‪-1‬‬

‫قبول آيات القرآن الكري وأحاديث الرسول الصحيحة قبول‬

‫صادقا ظاهرا وباطنا فل تردد ف قبول شيء من ذلك ‪ ،‬وهذا القبول ل بد أن‬ ‫يكون قائما على العتقاد الازم أن القرآن الكري والسنة الطهرة مفوظان بفظ‬ ‫علم الغيوب ‪ ،‬قال تعال ‪{:‬إنا نن نزلنا الذكر وإنا له لافظون} [الجر]‪.‬‬ ‫‪-2‬فهم القرآن والسنة على فهم الصحابة ومن تبعهم بإحسان إذ ل عصمة‬ ‫من النراف ف فهم القرآن والسنة إل بذا ‪ ،‬وأكثر الفرق الت ضلت عن سبيل‬ ‫ال كان من أسباب ذلك عدم اعتمادها على فهم السلف الصال ‪ ،‬وأهل السنة‬ ‫أسعد الناس بفهم الصحابة ومن تبعهم بإحسان‪.‬‬ ‫‪-3‬العمل بالقرآن الكري والسنة الطهرة ظاهرا وباطنا على ما كان عليه عمل‬ ‫الصحابة ومن تبعهم بإحسان‪.‬‬ ‫والقيام بذا أصعب من القيام بالذي قبله ‪ ،‬والفرطون ف هذا أكثر من‬ ‫الفرطي بالذي قبله ‪ ،‬ول ينج من هذا التفريط إل أفراد من عباد ال الصالي‬ ‫‪ ،‬والرجوع إل ما كان عليه السلف من العمل عند الفت أمر مهم ‪،‬‬ ‫وباللتزام بذه المور ف جيع شؤون الياة يتحقيق العتصام الق بكتاب ال‬ ‫عز وجل ‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫جمع كلمة أهل السنة أصل من أصول‬ ‫السلم‬ ‫قال شيخ السلم ابن تيمية ـ رحه ال ـ ‪( :‬إن العتصام بالماعة‬ ‫والئتلف من أصول الدين ‪ ،‬والفرع التنازع فيه من الفروع الفية فكيف‬ ‫يقدح ف الصل بفظ الفرع) "مموع الفتاوى" (‪.)22/254‬‬ ‫وقال أيضا ‪( :‬فظهر أن سبب الجتماع واللفة جع الدين والعمل به كله ‪،‬‬ ‫وهو عبادة ال وحده ل شريك له كما أمر به باطنا وظاهرا ونتيجة الماعة‬ ‫رحة ال ورضوانه وصلواته وسعادة الدنيا والخرة وبياض الوجوه ‪ ،‬ونتيجة‬ ‫الفرقة عذاب ال ولعنته وسواد الوجوه وبراءة الرسول منه) "مموع‬ ‫الفتاوى" (‪.)1/17‬‬ ‫وقال أيضا ‪( :‬والجتماع والئتلف من أعظم المور الت أوجبها ال‬ ‫ورسوله ‪ ،‬قال تعال ‪{:‬واعتصموا ببل ال جيعا ول تفرقوا ـ إل قوله‬ ‫تعال ـ ول تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات‬ ‫وأولئك لم عذاب عظيم} [آل عمران] ‪ ،‬وهذا الصل العظيم وهو العتصام‬ ‫ببل ال جيعا وأن ل نتفرق هو من أعظم أصول السلم)‪.‬‬ ‫وقال أيضا‪( :‬البدعة مقرونة بالفرقة كما أن السنة مقرونة بالماعة ‪ ،‬فيقال‪:‬‬ ‫أهل السنة والماعة كما يقال‪ :‬أهل البدعة والفرقة) كتاب "الستقامة" (‬ ‫‪.)1/42‬‬

‫‪15‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫وقال السعدي ف "تفسيه" (‪( : )352‬إن كل حالة يصل با جع الؤمني‬ ‫وأتلفهم ينبغي اتباعها والمر با والث عليها)‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬وشرط ذلك أن ل ترج عما كان عليه السلف ‪ ،‬وبالقابل كل حالة‬ ‫يصل با التفريق للمؤمني ‪ ،‬فل يوز سلوكها‪.‬‬ ‫ال ‪ ،‬ال يا أهل السنة ف جع كلمتكم على الق‪.‬‬

‫‪16‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫مكانة علماء الحديث‬ ‫إن ما ينبغي أن يدرك أن مكانة علماء أهل الديث ف مرتبة عظيمة من‬ ‫الحترام والتقدير والتلقي عنهم ‪ ،‬فمن شهد له علماء الديث بأنه من أهل‬ ‫السنة فقد حاز مرتبة عظيمة ‪ ،‬ول يعن كلمنا هذا أن أفراد علماء السنة ل‬ ‫يتفاضلون بصائص تص كل واحد منهم بل هذا هو الاصل ولكن ل يوز‬ ‫أن نعل الصائص غرضا للطعن ف بعضهم ‪ ،‬فمن العلوم أن الصحابة كلهم‬ ‫ف مرتبة واحدة وهي أن ال قد زكاهم بل رضي عنهم مع العلم أن مناقبهم‬ ‫وخصائصهم تتفاوت ‪ ،‬فاللفاء الربعة أفضل من كل من عداهم من‬ ‫الصحابة ولكن ل يوز أن يستغل هذا للطعن ف الصحابة الذين ل ينالوا‬ ‫الناقب الت نالا اللفاء الربعة ‪ ،‬ولذا فالصحابة عند أهل السنة هم ف مرتبة‬ ‫واحدة وهي الحترام والتقدير ول يعرف الطعن ف بعضهم أو كلهم إل من‬ ‫قبل دعاة البدع والضللت‪.‬‬

‫‪17‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫أهمية الرجوع إلى علماء المة عند الفتن‬ ‫إن علماء السنة والماعة هم أعظم من يقف ضد الفت قديا وحديثا ‪ ،‬وكم‬ ‫من فت ظهرت ف عصرنا فتصدى لا العلماء وكشفوا عوارها وأوضحوا‬ ‫أضرارها‪.‬‬ ‫فهم الذين وقفوا ضد الدعوات البدعية والفكار النحرفة بالرصاد ينافحون‬ ‫ف الليل والنهار عن الق الذي جاء ف القرآن والسنة الطهرة وسار عليه‬ ‫السلف الصال ‪ ،‬فالذي ل يرجع إليهم إما أن يقول الكل على خي وحق ‪.‬‬ ‫وهو يعن بالكل أهل السنة ودعاة البدع والتحزب وهو ف القيقة يسوي بي‬ ‫الق والباطل ‪ ،‬وإما أن ينحاز إل فئة من فئات البدع والزبيات ويارب‬ ‫دعوة الق ودعوة ال ورسوله وهو سائر ف ذلك كما تريد الفرقة الت‬ ‫ارتى بي أحضانا ‪ ،‬أما من رجع إل علماء الديث فإنه ينجو بمد ال رب‬ ‫العالي ‪ ،‬قال تعال ‪{:‬وإذا جاءهم أمر من المن أو الوف أذاعوا به ولو‬ ‫ردوه إل الرسول وإل أول المر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم}‬ ‫[النساء]‪.‬‬ ‫قال السن البصري ـ رحه ال ـ ‪ :‬العال يرى الفتنة وهي مقبلة والناس ل‬ ‫يرونا إل وهي مدبرة ‪.‬قال تعال مبا عن موقف عامة الناس ف قارون‬ ‫‪{:‬فخرج على قومه ف زينته قال الذين يريدون الياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما‬ ‫أوت قارون إنه لذو حظ عظيم} [القصص]‪.‬‬ ‫وقال ف موقف أهل العلم من قارون ‪( :‬وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب‬ ‫ال خي لن آمن وعمل صالا ول يلقاها إل الصابرون} [القصص]‪.‬‬ ‫ث تغي موقف عامة الناس ولكن بعد أن أهلك ال قارون ‪ ،‬قال تعال‬ ‫‪{:‬وأصبح الذين تنوا مكانه بالمس يقولون ويكأن ال يبسط الرزق لن يشاء‬

‫‪18‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫من عباده ويقدر لول أن منّ ال علينا لسف بنا ويكأنه ل يفلح الكافرون}‬ ‫[القصص]‪.‬‬ ‫ومواقف العلماء العاصرين ف إدراك الفت والتحذير من الوقوع فيها كثية‬ ‫واعتب بفتنة جهيمان وفتنة جبهة النقاذ ف الزائر ‪ ،‬وفتنة النتخابات‬ ‫والتحزبات ‪ ،‬وغي ذلك كثي ما حذّر منه العلماء فلم يقبل نصحهم فكان ما‬ ‫كان من الصائب العظام ‪ ،‬والغالب على الحبي للخي أنم يستعجلون كما‬ ‫قال الرسول لبعض أصحابه ‪(( :‬وال ليتمن ال هذا المر حت يسي‬ ‫الراكب من صنعاء إل حضرموت ل ياف إل ال والذئب على غنمه‬ ‫ولكنكم تستعجلون)) رواه البخاري (‪ )7/209‬من حديث خباب‪.‬‬

‫‪19‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫طلبة العلم واسطة بين العلماء والمجتمع‬ ‫من العلوم أن طلب العلم يتلقون عن العلماء العلم والتوجيهات وينطلقون‬ ‫إل قومهم دعاة ومدرسي فمن شهد له أهل العلم أنه على خي وأنه يُتلقى‬ ‫عنه ‪ ،‬فالطلوب الناصرة له وحسن الظن به‪.‬‬ ‫والطأ اللحظ أن بعض السلمي يقف منفرا ومذرا من هؤلء بجة أنم‬ ‫ليسوا علماء وأنم يرفعون أنفسهم إل مقام العلماء وأنم يتصدرون للفتاوى‬ ‫ول يسنون ذلك ‪ ،‬فهذا الكلم يتاج إل تحيص فقد يكون منه الق وقد‬ ‫يكون منه الباطل ‪ ،‬فينصحون بقدر ما يتأكد من حصوله منهم ويذكرون‬ ‫بي بقدر ما يدفع عنهم من التهم والنتقاص فلهذا على طلبة العلم أن يكون‬ ‫ارتباطهم بأهل العلم قويا قدر الستطاع خصوصا عند الفت الستجدة فثباتم‬ ‫على الق من ثبات أهل العلم ‪ ،‬وسدادهم من سداد أهل العلم ‪ ،‬وسلمتهم‬ ‫من الفت من سلمة أهل العلم ‪ ،‬فليس من صال العلماء أن يفرطوا ف هؤلء‬ ‫وليس من صال طلبة العلم أن يشذوا عن أهل العلم‪.‬‬

‫‪20‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫التمحيص للخبار الشائعة خصوصا عند‬ ‫الفتن‬ ‫يب على السلم أن يتثبت من الخبار الشائعة وأن ل يدث بكل ما سع‬ ‫وأن يردها إل أهل العلم ‪ ،‬قال تعال ‪{:‬ولو ردوه إل الرسول وإل أول المر‬ ‫منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} ولذا قال الرسول ‪(( :‬كيف بكم‬ ‫بزمان يغربل الناس فيه غربلة وتبقى حثالة قد مرجت عهودهم وأماناتم‬ ‫فاختلفوا وكانوا هكذا وشبك بي أصابعه قالوا كيف بنا يا رسول ال ؟ قال‬ ‫تأخذون ما تعرفون وتدعون ما تنكرون)) رواه ابن ماجه (‪ )2/3956‬من‬ ‫حديث عبد ال بن عمرو ‪.‬‬ ‫فالخبار الت تنقل عب كثي من الصحف والجلت ليعتمد عليها لن هذه‬ ‫الصادر ليست مل ثقة‪ ،‬وأيضا الكّّتاب عندهم أفكار دخيلة واتاهات ف‬ ‫الغالب ‪.‬‬ ‫فالخطاء الت يتحدث با الثقات عن فلن العروف بعدم الوقوع فيما‬ ‫ينسبونه إليه يطالبون بالصادر والنظر فيها ‪ ،‬وإذا ل يكن عندهم مصدر إل‬ ‫الشخص يسأل عما نسب إليه فهذه الضوابط تقصم ظهور الروجي للفت‬ ‫والساعي ف الفرقة‪ ،‬فتسد عليهم الطرق وتغلق دونم البواب وتفوت عليهم‬ ‫الفرص الت ينتظرونا ‪ ،‬واللتزام بذه الضوابط شاق جدا ل يوفق لذلك إل‬ ‫من وفقه ال ‪ ،‬ول يستمر على ذلك إل من ثبته ال رب العالي جعلنا ال‬ ‫منهم‪.‬‬

‫‪21‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫التحلي بالصبر‬ ‫روى أبو داود (‪ )4/99‬من حديث القداد ـ رضي ال عنه ـ أن رسول‬ ‫ال قال ‪(( :‬إن السعيد لن جنب الفت ‪ ،‬إن السعيد لن جنب الفت ‪ ،‬إن‬ ‫السعيد لن جنب الفت ولن ابتلي فصب فواها)) أي‪ :‬عجبا لمره كيف يبتلى‬ ‫فيصب‪ .‬فما أكثر الذين يتل صبهم ويعظم جزعهم وتنهار قواهم عند نزول‬ ‫الفت‪.‬‬ ‫أخي السلم ‪ ،‬يقول ال تعال ‪{:‬وما يلقاها إل الذين صبوا وما يلقاها إل ذو‬ ‫حظ عظيم} [فصلت]‪.‬‬ ‫وقال ابن القيم ـ رحه ال ـ ف "الفوائد" (ص ‪ )144‬ترتيب الخ‬ ‫الفاضل‪ /‬علي بن حسن اللب ‪( :‬ث أمر نبيه بالتأسي به سبحانه ف الصب‬ ‫على ما يقوله أعداؤه فيه كما أنه سبحانه صب على قول اليهود إنه استراح )‬ ‫اهـ ‪.‬‬ ‫فقد جاء ف مسلم (‪ )17/284‬عن أب موسى الشعري ـ رضي ال عنه‬ ‫ـ قال‪ :‬قال رسول ال ‪(( :‬ل أحد أصب على أذى سعه من ال إنه يشرك‬ ‫به ويعل له الولد ث هو يعافيهم ويرزقهم))‪.‬‬ ‫والصب من أعظم السباب الت يدفع با حسد الاسدين كما ذكر ذلك ابن‬ ‫القيم ف كتابه "بدائع الفوائد" ‪ ،‬ول در من قال ‪:‬‬ ‫فإن صـبك قاتله‬ ‫اصب على كيد السود‬ ‫إن ل تد ما تأكله‬ ‫فالنار تأكــل بعضها‬ ‫فما استعان العبد السلم على دفع حسد الاسدين عنه بشيء ما ‪ ،‬كاستعانته‬ ‫بلزمة الصب والتقوى‪.‬‬

‫‪22‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫فمن الدعاة من إذا أوذي أقام الدنيا ول يقعدها ‪ ،‬وربا سخّر كل ما عنده‬ ‫من طاقة وكل ما ف وسعه ف الدفاع عن نفسه‪ ،‬والمر ل يتاج إل هذا كله‬ ‫فالدفاع عن النفس مطلوب بدوده وضوابطه الشرعية مع الراعاة للمصال‬ ‫الشرعية والنظر للحال والآل‪.‬‬

‫‪23‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫الحلم‬ ‫إن اللم ممود ف الوقات كلها وهو أكثر ممدة عند الفت إذا كان حلما‬ ‫مقرونا بالعلم الشرعي ‪ ،‬قال الرسول مادحا الشج ‪(( :‬إن فيك خصلتي‬ ‫يبهما ال ورسوله اللم والناة)) رواه مسلم (‪ )158-1/156‬عن ابن‬ ‫عباس رضي ال عنهما ‪.‬‬ ‫واللم من صفات خواص خلق ال ‪ ،‬قال تعال ‪{:‬إن إبراهيم لواه حليم}‬ ‫[التوبة]‪.‬‬ ‫وقد وصف باللم هنا لنه ـ عليه السلم ـ كان مع الق ‪ ،‬قال تعال‬ ‫‪{:‬إن إبراهيم لليم أواه منيب} [هود]‪.‬‬ ‫وقد وصف هنا باللم لنه ل يستعجل نزول العقوبة على قوم لوط ‪.‬‬ ‫وقال سبحانه ف إساعيل عليه السلم ‪{:‬فبشرناه بغلم حليم} وقد وصف‬ ‫باللم هنا لا قام به من التسليم لكم ال مع الصب وسعة الصدر وحسن‬ ‫اللق ‪ ،‬قال تعال ‪{:‬فلما بلغ معه السعي قال يا بن إن أرى ف النام أن‬ ‫أذبك فانظر ما ذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدن إن شاء ال من‬ ‫الصابرين} [الصافات]‪.‬‬ ‫وقال ابن القيم ـ رحه ال ـ ف "الفوائد" (ص ‪( : )405‬واللم لقاح‬ ‫العلم فإذا اجتمعا حصلت سيادة الدنيا والخرة وحصل النتفاع بعلم العال‬ ‫وإن انفرد أحدها عن صاحبه فات النفع والنتفاع)‪.‬‬ ‫يا معشر الدعاة إل ال ما الفرق بينكم وبي عامة الناس إن ل تتصفوا باللم‬ ‫والتأن وسعة التحمل ؟ أل يقل ال لنبيه ‪{ :‬خذ العفو و أمر بالعرف‬ ‫وأعرض عن الاهلي} [العراف]‪.‬‬

‫‪24‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫أل يقل ال ‪{:‬ادفع بالت هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ول‬ ‫حيم} فاللم والناة من أوصاف العلماء‪.‬‬

‫التأني في إصدار الحكام عند نزول الفتن‬

‫‪25‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫التعجل غريزة جبل عليها النسان ‪ ،‬قال تعال ‪{:‬خلق النسان من عجل}‬ ‫[النبياء]‪ ،‬وقال تعال ‪{:‬وكان النسان عجول} وكم خسرنا من خسارات‬ ‫بسبب عدم التأن ف المور ‪ ،‬وقد قال لشج عبد القيس ‪(( :‬إن فيك‬ ‫خصلتي يبهما ال ورسوله اللم والناة)) رواه مسلم (‪ )1/156‬عن ابن‬ ‫عباس رضي ال عنهما‪.‬‬ ‫أفل يرضى الدعاة إل ال أن يكونوا مبوبي عند ال وعند خلقه؟‪.‬‬ ‫تنبيه ‪ :‬هناك فرق بي البادرة والعجلة‪:‬‬ ‫فالبادرة‪ :‬انتهاز الفرصة ف وقتها ول يتركها حت إذا فاتت طلبها فهو ل‬ ‫يطلب المور ف إدبارها ول قبل وقتها بل إذا حضر وقتها بادر بانتهازها‪.‬‬ ‫والعجلة‪ :‬طلب الشيء قبل وقته ‪ ،‬فهي خفة وطيش وهي من وضع الشيء ف‬ ‫غي موضعه وتعقبها الندامة‪.‬‬

‫العدل في التعامل والحكام‬

‫‪26‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫العدل هو ‪ :‬وضع الشيء ف موضعه ‪ .‬كما جاءت به الشريعة الحمدية‪.‬‬ ‫اعلم أيها السلم أن العدل نزر ف أوساط السلمي فإن وجدت عادل فهذا‬ ‫أعز من الكبيت الحر ‪ ،‬قال تعال ‪{:‬يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامي‬ ‫بالقسط شهداء ل ولو على أنفسكم أو الوالدين والقربي إن يكن غنيا أو‬ ‫فقيا فال أول بما فل تتبعوا الوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن ال‬ ‫كان با تعملون خبيا} [النساء]‪.‬‬ ‫وقال تعال ‪{:‬وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قرب} [النعام] ‪ ،‬وقد أمر ال‬ ‫بالعدل مع العداء ‪.‬‬ ‫وقال تعال ‪{:‬ول يرمنكم شنآن قوم على أن ل تعدلوا إعدلوا هو أقرب‬ ‫للتقوى} [الائدة]‪.‬‬ ‫فهذه القاعدة فرض على كل مسلم ومسلمة وإل وقع ف الور والظلم وهو‬ ‫يتناف مع شريعتنا‪.‬‬

‫‪27‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫التعرف على من يذكي الفتن‬ ‫من العلوم أنه ما من فتنة تقوم بي مسلم وأخيه إل ودخل فيها من ليس من‬ ‫أهلها بسن قصد أو بسوء قصد ‪ ،‬والطلوب هو البحث عن التسببي ف تييجها‬ ‫‪ ،‬وجعل الواجز الت تول بي الصلحي وبي التخاصمي‪.‬‬ ‫إن الساعي من وراء الفتنة هم‪:‬‬ ‫‪-1‬من شياطي الن‪.‬‬ ‫‪-2‬من شياطي النس‪.‬‬ ‫والكلم على شياطي الن سيأت ‪ .‬أما شياطي النس فمنهم السحرة‬ ‫والنجمون والنافقون ودعاة الضلل والواسيس وغيهم‪.‬‬ ‫‪-3‬السماعون لشياطي النس الذين سبق ذكرهم ‪ ،‬وهذا الذي صرح به‬ ‫القرآن ‪ ،‬قال تعال ‪{:‬لو خرجوا فيكم ما زادوكم إل خبال} أي‪ :‬فسادا‪.‬‬ ‫{ولوضعوا خللكم يبغونكم الفتنة وفيكم ساعون لم} [التوبة]‪.‬‬ ‫وساعون اسم فاعل من صيغ البالغة ‪ ،‬وإذا كان الصحابة يعانون من هوسّاع‬ ‫لصنف النافقي فما بالك بال السلمي اليوم؟! ولذا نشاهد عند حدوث الفتنة‬ ‫وظهورها أناسا يتحمسون لنشرها ويظهرون غية على الدين منقطعة النظي مع‬ ‫أنم ل يعرفون بسوابق حيدة بل يكونون بالتخبط والقبال على الدنيا ‪ ،‬وما‬ ‫ندري إل وهم يتكلمون مع الدعاة والعلماء ‪ ،‬ويواصلونم بالخبار وياولون أن‬ ‫يكونوا مقبولي عندهم ‪ ،‬وهزه وصل بي العال والجتمع ‪ ،‬وبعد هذا يتفرغون‬ ‫للجدال ف الساحة والقناع لن وقع ف أيديهم‪.‬‬ ‫فهذا الصنف ل تقدر على معرفته وتييزه إل عند الفت ‪ ،‬فإذا تأملنا ذلك عرفنا‬ ‫من وراء الفت ‪ ،‬وكون العلماء ل يعرفون كل العداء ليس مذمة لم ‪ .‬قال تعال‬ ‫‪{:‬وال أعلم بأعدائكم وكفى بال وكيل}[النساء]‪ ،‬وقال تعال ‪{:‬وأعدوا لم‬ ‫ما استطعتم من قوة ومن رباط اليل ترهبون به عدو ال وعدوكم وآخرين من‬

‫‪28‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫دونم ل تعلمونم ال يعلمهم}‪ .‬وسورة التوبة قد ساها بعض السلف الفاضحة‬ ‫لنا فضحت النافقي ‪ ،‬ول نذهب بعيدا أبدا فالفت الت قامت بي الصحابة‬ ‫الكرام كان وراءها حزب عبد ال بن سبأ ‪ ،‬ومن أحسن الظن بم ‪ .‬فمن أجل‬ ‫هذا كله طُلب من العقلء التأن والتبصر والتدقيق ف معرفة كيف نشبت الفتنة‬ ‫ومن وراءها؟‪.‬‬ ‫أيها الدعاة‪ :‬ال ‪ ،‬ال ف الدعوة ‪ ،‬واجعلوا هذه الضوابط نصب أعينكم ‪ ،‬فزنوا‬ ‫الرجال بواقفهم السابقة واللحقة ‪ ،‬ف السراء والضراء ‪ ،‬ف التفاق‬ ‫والختلف ‪ ،‬وال الادي إل سواء السبيل‪.‬‬

‫‪29‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫شياطين الجن وما لهم من سعي في‬ ‫إفساد أهل اليمان‬ ‫إن الذي نشاهده من أخطاء ف السلمي فإن لشياطي الن الظ الكب ف‬ ‫ذلك ‪ ،‬وقد أشبعت هذا الوضوع ف كتاب "موسوعة عال شياطي الن ف‬ ‫مؤاذاة الؤمني" يسر ال إتامه ‪ ،‬ونذكر هنا ما تصل به الفائدة‪.‬‬ ‫فقد بي النب ما يفعله الشيطان بأهل اليان ‪ ،‬روى مسلم من حديث‬ ‫جابر ـ رضي ال عنه ـ قال‪ :‬قال رسول ال ‪(( :‬إن الشيطان قد أيس‬ ‫أن يعبده الصلون ف جزيرة العرب ولكن بالتحريش بينهم)) رواه مسلم (‬ ‫‪ )292-17/291‬فالتحريش باب واسع له أساليب وطرق متشعبة ‪،‬‬ ‫وأساسها الوسوسة الشيطانية ‪ ،‬ومنها قوله تعال ‪{:‬الوسواس الناس الذي‬ ‫يوسوس ف صدور الناس} [الناس] ‪ ،‬ومنها النـزغ ‪ ،‬قال تعال ‪{:‬وقل‬ ‫لعبادي يقولوا الت هي أحسن إن الشيطان ينـزغ بينهم} [السراء]‪ ،‬ومنها‬ ‫القذف ‪ ،‬قال الرسول للنصاريي ‪(( :‬إن خشيت أن يقذف الشيطان ف‬ ‫قلوبكما شرا)) متفق عليه من حديث صفية‪.‬‬ ‫ومنها التغرير بالسلم ‪ ،‬قال تعال ‪{:‬فدلها بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت‬ ‫لما سوآتما} [العراف]‪.‬‬ ‫ومنها التخذيل والتثبيط والتنفي والغواء والوعود الكاذبة ‪ ،‬فلو تصور أهل‬ ‫اليان هذه الفاعيل بم من قبل عدو ال لكانوا على حذر واحتراز من هذا‬ ‫العدو ‪ ،‬ولكن غفلة كثي من الناس سببت التسلط من قبل هذا العدو على‬ ‫بعضهم‪.‬‬ ‫فال السئول أن يقينا شر أنفسنا وشر الشيطان وشركه‪.‬‬ ‫فلنلزم أذكار الصباح والساء والنوم واليقضة وغيها ‪ ،‬ولنحافظ على طاعة‬ ‫ال وطاعة رسوله كما أراد ال‪.‬‬

‫‪30‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫ولنتعرف على مداخل الشيطان الرجيم ‪ ،‬ونسعى ف سد الثغور ما استطعنا‬ ‫إل ذلك سبيل‪.‬‬

‫‪31‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫النتقام للنفس‬ ‫من المراض الطية النتشرة عند الفت النتقام للنفس تت مبرات واهية ‪،‬‬ ‫وقد ذكر غي واحد من الؤرخي (أن رجل من الوارج قيل له كم طعنت‬ ‫عثمان بن عفان ـ رضي ال عنه؟ ـ قال ‪ :‬تسع ‪،‬ثلث ل وست لا ف‬ ‫نفسي)‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬ولو حوقق هذا الفاعل لوجد أن الكل لا ف نفسه‪.‬‬ ‫وقد جاء ف "ترتيب الدارك" (‪ )1/295‬ف ترجة القاضي سعيد بن سليمان‬ ‫الالكي قال ابن الاجشون شهد سعيد بن سليمان عند ابن عمران الطلحي‬ ‫وهو قاض فرد شهادته فلما ول سعيد شهد عنده ابن عمران فنظر ف‬ ‫شهادته ففكر قليل ث قال لكاتبه أجز شهادته يا ابن دينار فإن الؤمن ل‬ ‫يشفي غيظه) اهـ أي‪ :‬من أخيه الؤمن‪.‬‬ ‫نعم الؤمن ل يشفي غيظه من أخيه الؤمن ‪ .‬فالنتقام للنفس قب الخوة ‪،‬‬ ‫وإذا انتقم الشخص لنفسه جرّد أخاه من الي والصلح والعلم النافع ‪،‬‬ ‫فتجده يعادي أخاه على أتفه السباب ‪.‬‬ ‫ول يفى عليك أيها السلم الكري الفرق بي النتصار والنتقام ‪ ،‬فالنتصار‬ ‫يكون عند البغي على الشخص ‪ ،‬قال تعال ‪{:‬ولن انتصر بعد ظلمه فأولئك‬ ‫ما عليهم من سبيل} [الشورى]‪ ،‬وقال تعال ‪{:‬والذين إذا أصابم البغي هم‬ ‫ينتصرون} [الشورى]‪ ،‬ويكون بالعدل ومعه الدعوة إل العفو والصب على‬ ‫العتدي ‪ ،‬بل الفضل للمسلم أن يصب إذا كان النتصار سيؤدي إل فتنة أو‬ ‫زيادة الفت ‪ ،‬أما النتقام للنفس فهو ظلم وبغي أجارنا ال من ذلك‪.‬‬

‫‪32‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫حب الظهور قاصم للظهور‬ ‫من الناس من يريد أن يظهر فيستغل وجود فتنة فيثيها ويوض فيها من أجل‬ ‫أن يصل إل مراده ‪ ،‬وهذا فيه من الفاسد مال يعلم ذلك إل ال ‪ ،‬من بغي‬ ‫وحسد وظلم وانتقام للنفس ‪ ،‬قال تعال ‪{:‬تلك الدار الخرة نعلها للذين ل‬ ‫يريدون علوا ف الرض ول فسادا والعاقبة للمتقي} [القصص]‪.‬‬ ‫وقد قال شيخ السلم ابن تيمية ـ رحه ال ـ ‪( :‬احذروا الشهوة الفية‬ ‫فقيل له وما الشهوة الفية؟ قال ‪ :‬حب الرياسة)‬ ‫فالشخص يكون على خي عظيم وربا قد تقق على يديه خي كثي فتبقى‬ ‫هذه الغريزة ف نفسه تنازعه ذلك ‪ ،‬ولذا قال بعض العلماء ‪( :‬طغيان العلم‬ ‫أشد من طغيان الال) فتتفجر هذه الغريزة عليه ‪ ،‬فإذا به يصول ويول ف‬ ‫التطلع إل الرياسة ‪ ،‬والذي ندعو أنفسنا إليه هو كيف نكون أئمة ف هذا‬ ‫الدين ‪ ،‬قال ال ‪{:‬وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لا صبوا وكانوا بآياتنا‬ ‫يوقنون}‪.‬‬ ‫قال شيخ السلم ابن تيمية ـ رحه ال ـ ‪( :‬بالصب واليقي تنال المامة ف‬ ‫الدين) فبالصب تدفع الشهوات وباليقي تدفع الشبهات‪.‬‬ ‫وقال سبحانه واصفا عباده الؤمني بعد أن وصفهم بأوصاف كثية عظيمة‬ ‫‪{:‬والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذريتنا قرة أعي واجعلنا للمتقي‬ ‫إماما} [الفرقان]‪.‬‬ ‫فما أجل هذا السؤال ‪،‬كيف ل وهم يسألون ال أن يهديهم ويوفقهم وين‬ ‫عليهم بالعلوم النافعة والعمال الصالة ظاهرا وباطنا الت ل تتم المامة ف‬ ‫الدين إل با‪.‬‬

‫‪33‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫إصلح ذات البين‬ ‫لقد أمر ال ف كتابه ورسوله ف سنته على من له قدرة أن يقوم‬ ‫بالصلح ‪ ،‬قال تعال ‪{:‬فاتقوا ال وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا ال ورسوله‬ ‫إن كنتم مؤمني} [النفال]‪.‬‬ ‫وقال تعال ‪{:‬إنا الؤمنون إخوة فأصلحوا بي أخويكم واتقوا ال لعلكم‬ ‫ترحون} [الجرات]‪.‬‬ ‫وإذا كان يطلب أن يصلح بي رجل وآخر إذا اختصما على أمر من أمور‬ ‫الدنيا ‪ ،‬وبي الرجل وزوجته فكيف ل يكون أول وأحرى أن يصلح بي‬ ‫الدعاة إل ال وطلب العلم ‪ .‬إي ورب إن الصلح ف هذا المر لهم جدا‬ ‫فندعو العلماء والعقلء والكماء والمناء حلة حب الصلح ‪ ،‬والتجردين‬ ‫عن التعصب والتحزب والنتصارات للنفس أن يهتموا اهتماما بالغا‬ ‫بالصلح فيما ينشب بي إخوانم ‪ ،‬ولول هؤلء وما يقومون به من إصلح‬ ‫لاجت الفت وعمت وطمت وانتشر الشر والفساد ‪ .‬قال رسول ال ‪:‬‬ ‫((أل أخبكم بأفضل من الصلة والصيام ؟ قالوا بلى قال ‪ :‬إصلح ذات البي‬ ‫فإن فساد ذات البي هي الالقة)) رواه أبوداود (‪ )5/138‬والترمذي (‬ ‫‪ )4/572‬وأحد (‪ )18/571‬عن أب الدرداء رضي ال عنه ‪.‬‬

‫‪34‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫سلمة الصدر وصدق اللسان من أفضل العمال‬ ‫روى ابن ماجه رقم (‪ )4216‬عن عبد ال بن عمرو ـ رضي ال عنهما ـ‬ ‫قال‪ :‬سئل رسول ال أي الناس أفضل ؟ قال ‪(( :‬كل مموم القلب صدوق‬ ‫اللسان ‪ ،‬قالوا‪ :‬صدوق اللسان نعرفه فما ممول القلب؟ قال‪ :‬هو التقي النقي‬ ‫ل إث فيه ول بغي ول غل ول حسد)) قال ف "الزوائد" ‪( :‬هذا إسناد صحيح‬ ‫رجاله ثقات) وهو ف "الصحيحة" برقم (‪.)948‬‬ ‫قال بعض السلف ‪( :‬أفضل العمال سلمة الصدر وسخاوة النفوس‬ ‫والنصيحة ل)‪.‬‬ ‫قال ابن رجب ‪( :‬وبذه الصال الربع بلغ من بلغ ل بكثرة الجتهاد ف‬ ‫الصوم والصلة) اهـ‪.‬‬ ‫وقال تعال ‪{:‬والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولخواننا الذين‬ ‫سبقونا باليان ول تعل ف قلوبنا غل للذين آمنوا} [الشر]‪.‬‬ ‫فالي كله ف إصلح القلوب بتصفيتها من شوائب البغي والغل والقد‬ ‫والسد ‪.‬‬

‫‪35‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫النظر إلى عواقب المور‬ ‫قال تعال ‪{:‬وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خي لكم وعسى أن تبوا شيئا‬ ‫وهو شر لكم وال يعلم وأنتم ل تعلمون} [البقرة]‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ـ رحه ال ـ ف "الفوائد" (ص ‪( : )170‬فعامة مصال‬ ‫النفوس ف مكروهاتا كما أن عامة مضارها وأسباب هلكتها ف مبوباتا)‪.‬‬ ‫وقال أيضا ‪( :‬فمن صحت له معرفة ربه والفقه ف أسائه وصفاته علم يقينيا‬ ‫أن الكروهات الت تصيبه والحن الت تنـزل به فيها ضروب من الصال‬ ‫والنافع الت ل يصيها علمه ول فكرته بل مصلحة العبد فيما يكره أعظم‬ ‫منها فيما يب)‪.‬‬ ‫وقال أيضا (ص ‪( : )174‬ل أنفع للعبد من امتثال المر وإن شق عليه ف‬ ‫البتداء لن عواقبه كلها خيات ومسرات ولذات وأفراح ‪ ،‬وإن كرهته نفسه‬ ‫فهو خي لا وأنفع ‪ ،‬وكذلك ل شيء أضر عليه من ارتكاب النهي وإن هويته‬ ‫نفسه ومالت إليه ‪ ،‬فإن عواقبه كلها آلم وأحزان وشرور ومصائب وخاصية‬ ‫العقل تمل الل اليسي لا يعقبه من اللذة العظيمة والي الكثي ‪ ...‬إل أن‬ ‫قال‪ :‬فنظر الاهل ل ياوز البادئ إل غاياتا والعاقل الكيس دائما ينظر إل‬ ‫الغايات من وراء ستور مباديها فيى ما وراء تلك الستور من الغايات‬ ‫الحمودة والذمومة ‪...‬إل أن قال‪ :‬ولكن هذا يتاج إل فضل علم تدرك به‬ ‫الغايات من مباديها وقوة صب يوطن به نفسه على تمل مشقة الطريق لا‬ ‫يؤمل عند الغاية ‪ ،‬فإذا فقد اليقي والصب تعذر عليه ذلك ‪ ،‬وإذا قوي يقينه‬ ‫وصبه هان عليه كل مشقة يتحملها ف طلب الي الدائم واللذة الدائمة)اهـ‬ ‫أيها السلم عليك بالنظر إل عواقب المور عند أن تتكلم ف كل أمر ‪ ،‬فقد‬ ‫قال رسول ال ‪(( :‬إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبي فيها يزل با ف النار‬ ‫أبعد ما بي الشرق والغرب)) متفق عليه من حديث أب هريرة‪.‬‬

‫‪36‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫الرفق في المور كلها‬

‫‪37‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫روى البخاري (‪ )10/551‬عن عائشة ـ رضي ال عنها ـ قالت ‪ :‬قال‬ ‫رسول ال ‪(( :‬مهل يا عائشة إن ال يب الرفق ف المر كله))‬ ‫وف البخاري (‪ )10/555‬عنها أيضا قالت‪ :‬قال رسول ال ‪(( :‬مهل يا‬ ‫عائشة عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش))‬ ‫وعند مسلم (‪ )16/112‬أن النب قال ‪(( :‬إن الرفق ل يكون ف شيء إل‬ ‫زانه ول ينـزع من شيء إل شانه))‪.‬‬ ‫وأحاديث الث على الرفق كثية ‪ ،‬وفيما ذكرنا الكفاية ‪ ،‬ومن هذه‬ ‫الحاديث تعلم أن أصل ديننا مبن على الرفق ‪ ،‬فالرفق يُحسّن الشيء‬ ‫ويمله ‪،‬والعنف يقبح الشيء ويشوهه ‪ ،‬فالرفق يقوم على الشفقة والرحة‬ ‫والتلطف بالرفق به ‪ ،‬ول يفى على اللبيب أن استعمال الشدة ف مواضعها‬ ‫بضوابطها الشرعية أمر مطلوب بل قد تكون من الرفق‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫الشجاعة في العتراف بالخطأ والرجوع‬ ‫إلى الحق‬ ‫الرجوع إل الق فضيلة ‪ ،‬والستمرار على الطأ رذيلة‪ ،‬فكثيا ما يقوم‬ ‫الختلف بي أخ وآخر ‪ ،‬من أجل حصول خطأ ‪ ،‬وقد يكون هذا الطأ‬ ‫حصل من الهتي أو من جهة واحدة ‪ ،‬فالطلوب هو قبول الق والرجوع‬ ‫إليه ‪ ،‬فتجد كثيا من الناس يصعب عليهم الرجوع إل الق والسر ف ذلك‬ ‫ما قاله ابن القيم ‪( :‬والنفس جبل عظيم شاق ف طريق السي إل ال عز وجل‬ ‫وكل سائر ل طريق له إل على ذلك البل فل بد أن ينتهي إليه ‪ ،‬ولكن منهم‬ ‫من هو شاق عليه ‪ ،‬ومنهم من هو سهل عليه وإنه ليسي على من يسره ال‬ ‫عليه ‪ ،‬وف ذلك البل أودية وشعوب وعقبات ووهود وشوك وعوسج‬ ‫وعليق وشبق ولصوص يقطعون الطريق على السائرين ‪ ،‬ول سيما أهل الليل‬ ‫الدلي ‪ ،‬فإذا ل يكن معهم عُـدد اليان ومصابيح اليقي تَتّـقد بزيت‬ ‫الخبات ‪ ،‬وإل تعلقت بم تلك الوانع وتشبثت بم تلك القواطع وحالت‬ ‫بينهم وبي السي فإن أكثر السائرين فيه رجعوا على أعقابم لا عجزوا عن‬ ‫قطعه واقتحام عقباته ‪ ،‬والشيطان على قُلّة ذلك البل يذر الناس من صعوده‬ ‫وارتفاعه ويوفهم منه فيتفق مشقة الصعود وقعود ذلك الخوف على قُلّته‬ ‫وضعف عزية السائر ونيته ‪ ،‬فيتولد من ذلك النقطاع والرجوع ‪ ،‬والعصوم‬ ‫من عصمه ال ‪ ،‬وكلما رقى السائر ف ذلك البل اشتد به صياح القاطع‬ ‫وتذيره وتويفه فإذا قطعه وبلغ قلته انقلبت تلك الخاوف كلهن أمانا‬ ‫وحينئذ يسهل السي وتزول عنه عوارض الطريق ومشقة عقباتا ويرى طريقا‬ ‫واسعا آمنا يفضي به إل النازل والناهل فبي العبد وبي السعادة والفلح قوة‬ ‫عزية وصب ساعة وشجاعة نفس وثبات قلب) اهـ بواسطة كتاب "إحسان‬ ‫سلوك العبد الملوك إل ملك اللوك" (ص ‪.)227-226‬‬

‫‪39‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫وبسبب عدم انقياد النفوس انقيادا كامل ل ولرسوله صعب عليهم‬ ‫الرجوع إل الق ‪ ،‬قال سبحانه ‪{:‬فل وربك ل يؤمنون حت يكموك فيما‬ ‫شجر بينهم ث ل يدوا ف أنفسهم حرجا ما قضيت ويسلموا تسليما}‬ ‫[النساء]‪ ،‬وقال تعال ‪{:‬وما كان لؤمن ول مؤمنة إذا قضى ال ورسوله أمرا‬ ‫أن يكون لم الية من أمرهم} [الحزاب]‪.‬‬

‫‪40‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫الوقوف عند الحدود والضوابط الشرعية‬ ‫وبيانه كالت‪:‬‬ ‫حب المسلم‬ ‫حب السلم فرض فرضه ال فليس تفضل من أحد على أحد ‪ ،‬قال الرسول‬ ‫‪(( :‬والذي نفسي بيده ل تدخلوا النة حت تؤمنوا ول تؤمنوا حت تابوا‬ ‫أول أدلكم على شيء إذا فعلتموه تاببتم أفشوا السلم بينكم)) رواه مسلم (‬ ‫‪ )2/227‬من حديث أب هريرة‪.‬‬ ‫وقال ‪(( :‬ل يؤمن أحدكم حت يب لخيه ما يب لنفسه)) متفق عليه‬ ‫من حديث أنس ‪.‬‬ ‫والحبة للمسلم ل بد أن تكون من أجل ال ‪ ،‬فإن أحبه لغي وجه ال فتلك‬ ‫مبة خاسرة ‪ ،‬ول بد أن تكون بقدر الي الذي فيه ‪ ،‬فمن الظلم أن يب‬ ‫البتدع مثل السن ‪ ،‬فل تب السلم مت أردت وكيفما أردت بل أحببه كما‬ ‫أراد ال ‪ ،‬قال رسول ال ‪(( :‬أوثق عرى اليان الب ف ال والبغض ف‬ ‫ال )) رواه ابن أب شيبة (‪ )7/229‬من حديث ابن مسعود‪.‬‬ ‫فكلما كثر خي الرجل كانت مبتك له أكثر ‪ ،‬وهكذا ل تزال مبتك للمسلم‬ ‫تزيد وتنقص بسب تسك العبد بدينه‪.‬‬

‫رحمة المسلم‬

‫‪41‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫قال تعال ‪{:‬ممد رسول ال والذين معه أشداء على الكفار رحاء بينهم}‬ ‫[الفتح]‪.‬‬ ‫وقد دعا رسول ال إل ربه الناس كافة فقال ‪(( :‬والذي نفسي بيده ل‬ ‫يضع ال رحته إل على رحيم قالوا كلنا يرحم يا رسول ال قال ‪ :‬ليس برحة‬ ‫أحدكم صاحبه يرحم الناس كافة)) رواه أبو يعلى (‪ )7/250‬من حديث‬ ‫أنس‪.‬‬ ‫انظر إل هذه الدعوة العظيمة إل رحة الناس كافة ول يقصر الشخص الرحة‬ ‫بأشخاص بل ول بشعب من الشعوب ‪ ،‬والرحة السلمية أعظم حقوق‬ ‫الخوة‪.‬‬ ‫والرحة بالسلمي ل بد أن تكون مضبوطة بضوابط شرعية فل تكون على‬ ‫حساب ترك حقوق أوجبها السلم‪.‬‬ ‫ومن الطأ أن بعض الناس قد يرحم شخصا ويظلم متمعا أو شعبا ‪ ،‬قال ال‬ ‫ف شأن الزناة ‪{:‬فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ول تأخذكم بما رأفة‬ ‫ف دين ال إن كنتم تؤمنون بال واليوم الخر} [النور]‪.‬‬ ‫فل يضح بأعراض مموعة من أجل سلمة عرض الان فلنحذر من البتعاد‬ ‫عن الرحة‪.‬‬ ‫فالعاصي أعظم رحة يرحم با أن ينقذ ما هو عليه من العصيان ‪ ،‬ومن كمال‬ ‫الرحة الرفق به ف نصحه وتوجيهه بسب الاجة‪.‬‬

‫بغض المسلم‬

‫‪42‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫الصل ف السلم أن يب أخاه السلم حبا ل بغض فيه لوجود السلم فيه‬ ‫ولكن مت َغشِيَت السلم الخالفات لشرع ال وعرف منه ذلك فهنا يتحول‬ ‫جزء من الب إل بغض بسب الاجة الشرعية الت تقتضي ذلك ‪ ،‬وأن‬ ‫يكون هذا كله من أجل ال وبسب الضوابط الشرعية ‪ ،‬والرسول يقول ‪:‬‬ ‫((أوثق عرى اليان الب ف ال والبغض ف ال )) رواه ابن أب شيبة (‬ ‫‪ )7/229‬من حديث ابن مسعود‪.‬‬ ‫ول ينتهي الب للمسلم إل بانتهاء السلم منه ‪ ،‬فاحذر أن تبغض السلم من‬ ‫عندك فلست مفوضا ف ذلك بل يكون بقدر ما أذن ال لك‪ .‬وما أكثر الذي‬ ‫تتلئ قلوبم بغضا على بعضهم بعضا ‪ ،‬وهذا من التعدي والظلم ‪ ،‬وأكثر ما‬ ‫يصل هذا بسبب حصول أمر قد يكون من أمور الدنيا ‪ ،‬وقد يكون من أمور‬ ‫الدين ولكن التجاوز ف البغض ف قلبه غل على فلن فجاءت له فرصة‬ ‫ليشفي غيظه ‪.‬‬

‫‪43‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫الغضب على المسلم‬ ‫الصل الرضى عن السلم من قبل أخيه السلم ولكن قد يصل الغضب عليه‬ ‫من أجل ال وبالضوابط الشرعية ‪ .‬قالت عائشة ـ رضي ال عنها ـ ‪:‬‬ ‫((كان رسول ال ل ينتقم لنفسه فإذا انتهكت حرمات ال انتقم)) متفق‬ ‫عليه‪.‬‬ ‫وف مسلم (‪ )14/56‬من حديث ابن عباس أن رسول ال نزع خات رجل‬ ‫فطرحه فقال ‪(( :‬يعمد أحدكم إل جرة من نار فيجعلها ف يده فقيل للرجل‬ ‫بعد ما ذهب رسول ال خذ خاتك انتفع به قال ‪ :‬ل وال ل آخذه أبدا‬ ‫وقد طرحه رسول ال )) فل غضب إل من أجل ال ‪.‬‬ ‫ول يفى عليك أنك إذا انتهكت حرماتك الت أعطاك ال فغضبت وصلت‬ ‫وجلت مطالبا بقك الشرعي فأنت غضبت من أجل ال ‪ ،‬وبدود شرعية فل‬ ‫تتجاوز‪.‬‬

‫‪44‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫النصرة للمسلم والدفاع عنه‬ ‫لقد بي الرسول كيف ينصر السلم أخاه ‪ ،‬فقد جاء ف البخاري (‬ ‫‪ )5/387‬من حديث أنس أن رسول ال قال ‪(( :‬انصر أخاك ظالا أو‬ ‫مظلوما قال يا رسول ال أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالا؟ قال‪ :‬تجزه عن‬ ‫ظلمه))‬ ‫وما أكثر الذين يوجهون نصرهم للمظلوم ف نظرهم ويتركون نصرهم للظال‬ ‫‪ ،‬مع العلم أن نصره ل يقل عن نصرة الظلوم بل بعضهم يادل عن الظال ‪،‬‬ ‫ويظن أن هذا نصر له وهو ف القيقة مشارك له ف ظلمه ‪ ،‬قال ال ‪{:‬ول‬ ‫تكن للخائني خصيما} [النساء]‪ ،‬وقال تعال ‪{:‬ول تادل عن الذين يتانون‬ ‫أنفسهم إن ال ل يب من كان خوانا أثيما} [النساء]‪.‬‬ ‫وقال شيخ السلم ابن تيمية ـ رحه ال ـ كما ف نسخة "الماعة‬ ‫والفرقة" (ص ‪( : )74‬فالظلوم الحق الذي ل يقصّر ف علمه يُؤمر بالصب‬ ‫فإذا ل يصب فقد ترك الأمور)‬ ‫وقال ف (ص ‪( : )76‬وذلك أن الظلوم وإن كان مأذونا له ف دفع الظلم عنه‬ ‫بقوله تعال ‪{:‬ولن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل} [الشورى]‬ ‫فذلك مشروط بشرطي‪:‬‬ ‫أحدها ‪ :‬القدرة على ذلك‪.‬‬ ‫والثان ‪ :‬أل يعتدي ) اهـ ‪.‬‬

‫الثناء على المسلم‬

‫‪45‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫الدح والثناء على السلم ملئ القرآن بما وكذا السنة ‪ ،‬فيمدح السلم بسبب‬ ‫صدقه مع ال وخشيته ل ‪ ،‬وزهده ف الدنيا ‪ ،‬وثباته على الق ‪ ،‬إل غي‬ ‫ذلك ‪ ،‬إل أن هذا الثناء ل بد له من ضوابط شرعية‪:‬‬ ‫‪-1‬أن يكون الثن قائل ذلك تدينا ل تزلفا‪.‬‬ ‫‪-2‬أن يكون الثناء للرجل با فيه مع التأكد من ذلك فإنْ َمدَحه با ليس‬ ‫فيه فهو كذب‪.‬‬ ‫‪-3‬أن يكون عند الاجة ل بالستمرار‪.‬‬

‫‪-4‬‬

‫أن يكون مراعيا لصلحة الُثْنَى عليه ‪ ،‬فلو كان يتوقع من الُثْنَى عليه‬

‫الوقوع ف العجب والغرور فل يدحه بضوره ‪ ،‬ولذا قال الرسول لرجل مدح‬ ‫رجل ‪(( :‬ويك قطعت عنق صاحبك)) متفق عليه من حديث أب بكرة‪.‬‬ ‫فعلى الداحي أن يتقوا ال ول يكونوا باب فتنة يغلون ف مدحهم للشخص‬ ‫إن وافق مرادهم ويفونه إن خالف ذلك ‪ ،‬ولو كان مقا فهذا ميزان الوى ل‬ ‫ميزان الدى‪.‬‬

‫‪46‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫التعصب ضد المسلم‬ ‫إن التعصب ضد السلم من كبائر الذنوب ‪ ،‬ومن ملفات الاهلية ‪ ،‬قال‬ ‫رسول ال للمهاجرين والنصار ‪(( :‬أبدعوى الاهلية وأنا بي أظهركم‬ ‫دعوها فإنا منتنة)) رواه البخاري (‪ )9/648‬ومسلم (‪ )16/106‬عن جابر‬ ‫ابن عبد ال رضي ال عنهما‪.‬‬ ‫فالنداء بالعصبية للشخاص ولو كان بالكلمات الطيبة أمر مرفوض ف شرع‬ ‫ال ‪ .‬وقد يقع ف الدعوة إل العصبية من لم معرفة بكمها ويظهر عليهم‬ ‫الي ‪ ،‬وقد ينادون با من على النابر ‪ ،‬فالعصبية الاهلية هي حية من أجل‬ ‫حظوظ النفس ‪ ،‬ول يغيب عنك الفرق بي المية ل والمية للنفس‪.‬‬ ‫فالمية للنفس تقدم الكلم عليها ‪ ،‬والمية ل ف السلم تعظيم المر وهو‬ ‫الشرع والمر وهو ال ورسوله ‪.‬‬

‫سوء الظن بالمسلم‬

‫‪47‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫سوء الظن منهي عنه شرعا ‪ .‬قال رسول ال ‪ (( :‬إياكم والظن فإن الظن‬ ‫أكذب الديث )) رواه البخاري (‪ )10/593‬ومسلم (‪ )16/92‬بل قال‬ ‫ال ‪(( :‬يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيا من الظن إن بعض الظن إث}‬ ‫[الجرات]‪.‬‬ ‫وسوء الظن بالسلم هو امتلء القلب بالظنون السيئة بالناس حت يطفح على‬ ‫لسانه وجوارحه بالغمز واللمز والطعن والتنقص والبغض ضد أخيه السلم ‪،‬‬ ‫مع أن الشروع هو إحسان الظن بالسلم مادام الظاهر منه الي والصلح ‪،‬‬ ‫ومرد الكلم فيه ل يقبل إل بعد التروي‪.‬‬ ‫وهناك فرق بي سوء الظن والحتراز ‪ ،‬فسوء الظن قد عرف ‪ ،‬والحتراز هو‬ ‫الذر من وقوع مكروه من قبل فلن أو فلن مع أن الصل عدم وجود‬ ‫ذلك‪.‬‬

‫تخوف المام العلمة الوادعي ـ رحمه الله ـ‬ ‫على الدعوة‬

‫‪48‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫لقد سعت شيخنا الشيخ الحدث العلمة أبا عبد الرحن الوادعي ـ رحه ال‬ ‫ـ أكثر من مرة يقول ‪ :‬وال ل ناف على دعوتنا إل من أنفسنا‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬وال لقد تفرس الشيخ ـ رحه ال ـ تفرسا دقيقا ‪ ،‬ولقد كان رسول ال‬ ‫يكثر عند افتتاح خطبته من قوله ‪(( :‬ونعوذ بال من شرور أنفسنا وسيئات‬ ‫أعمالنا)) فنفوسنا مهما كان فيها من خي إل أنا معرضة للشر‪.‬‬ ‫فهذا وال هو الوقت الذي آن أن نفتش فيه عن عيوبنا وذنوبنا إن كنا من يسعى‬ ‫لماية هذا الدين العظيم ‪ ،‬والشيخ ـ رحه ال ـ يعلم كم للدعوة من خصوم‬ ‫ف الداخل والارج ‪،‬ولكن لن يكون ضررهم كضرر انراف القائمي عليها‪.‬‬ ‫فليتهم كل منا نفسه ‪ ،‬وليزن أقواله وأفعاله ‪ ،‬وظاهره وباطنه بيزان الشرع ‪ ،‬وال‬ ‫الستعان‪.‬‬

‫خطر الجواسيس على الدعوة قطع الله دابرهم‬

‫‪49‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫لقد حرم ال التجسس على السلمي بقوله تعال ‪{:‬ول تسسوا} [الجرات]‬ ‫وقال ‪(( :‬ول تسسوا ول تسسوا)) متفق عليه ‪ ،‬عن أب هريرة‪.‬‬ ‫ولقد كان الشيخ مقبل ـ رحه ال ـ يبنا ما بي الي والخر قائل ‪ :‬أخاف‬ ‫على دعوتنا من الواسيس ‪ .‬وهذا التخوف من الشيخ ـ أكرمه ال بالفردوس‬ ‫ـ يدل على الذكاء الذي كان يتمتع به ‪ ،‬ويدل على فراسته ‪ ،‬فالاسوس عدو‬ ‫لديننا ‪ ،‬ودعوتنا ‪ ،‬ل يتفقان ول يلتقيان ‪ ،‬وليس معن كلمي أننا نتهم الناس‬ ‫بتهمة الاسوسية بدون قرائن واضحة ولكن دعوة إل اليقضة والنتباه‪.‬‬

‫من ضوابط الجرح والتعديل‬

‫‪50‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫الذي ينظر إل واقع السلمي يرى أن كثيا منهم يرحون ويعدلون ‪ ،‬مع‬ ‫تفاوت فيما يرحون ويعدلون ‪ ،‬ويصل بسبب ذلك الطعن ف أعراض الناس‬ ‫والولوغ فيها ‪ ،‬وهذا من الظلم العظيم ‪ ،‬قال الرسول ‪(( :‬أرب الربا‬ ‫الستطالة ف عرض السلم )) رواه أبوداود (‪ )5/123‬وقد قيض ال علماء‬ ‫الديث الذين أرسوا قواعد هذا الفن ‪ ،‬فأهل الديث هم الذين أرسوا قواعد‬ ‫الرح والتعديل بضوابطه ‪ ،‬فهم أهل هذا اليدان وفرسانه ‪ ،‬فل تكاد تد‬ ‫جرحا وتعديل سديدا من قبل غيهم ‪ ،‬ول يزال ف كل عصر علماء حديث‬ ‫عندهم أهلية للجرح والتعديل كأمثال والدنا وشيخنا مقبل بن هادي الوادعي‬ ‫والعلمة‪ /‬اللبان ‪ ،‬وابن باز رحة ال عليهم جيعا‪.‬‬ ‫ومن القواعد والضوابط الت وضعها علماء الديث ‪:‬‬ ‫‪-1‬التحري والتصور لميع حال ذلك النسان ‪ .‬قال ابن حجر ـ رحه ال‬ ‫ـ ‪( :‬إن الذي يتصدى لضبط الوقائع من القوال والفعال والرجال يلزمه‬ ‫التحري ف النقل فل يزم إل با يتحققه ول يكتفي بالقول الشائع ول سيما إن‬ ‫ترتب على ذلك مفسدة من الطعن ف حق أحد من أهل العلم والصلح ‪...‬‬ ‫ولذلك يتاج السلم أن يكون عارفا بقادير الناس وبأحوالم ومنازلم فل يرفع‬ ‫الوضيع ول يضع الرفيع) اهـ بواسطة "نفائس اللة ف التآخي واللة" (ص‬ ‫‪.)94-93‬‬ ‫‪-2‬ل بد أن يكون الجرح والعدل سليما من التعصب لهل الحزاب وأهل‬ ‫البدع لن التعصب يدفعه إل تريح العدل وتعديل الجروح ‪ ،‬فنعوذ بال من‬ ‫التعصب والوى‪.‬‬

‫‪51‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫قال الافظ ابن حجر ـ رحه ال ـ ‪( :‬جهور العلماء على أن الرح ل‬ ‫يثبت إل مفسرا مبي السبب لئل يرح با يتوهه جارحا وليس جارحا)‬ ‫الصدر السابق (ص ‪.)94‬‬ ‫‪-3‬كلم القران بعضهم ف بعض مقبول ما ل يظهر أنه ناشئ عن حقد أو‬ ‫حسد أو تعجل ‪ .‬والكم على كلم العال الفلن بأنه ناشئ عما ذكرنا إنا هو‬ ‫لهل العلم الثقات العدول وإل أمكن الكثي أن يدعي أن كلم العال الفلن من‬ ‫باب الق بل لو علم أن العال الفلن بينه وبي فلن عداوة وقد جاء بق ف‬ ‫انتقاده لصمه قبل الق منه‪.‬‬

‫‪52‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫التفريق بين العلماء والمتشبهين بهم‬ ‫وهذا التفريق مهم من أجل إنزال الناس منازلم ‪ ،‬ومن أجل الرجوع إل‬ ‫العلماء عند الفت ‪ ،‬ومن يتشبه بالعلماء قد يسعى لقطع الطريق الوصل إل‬ ‫العلماء ‪ ،‬ول تد عصرا من العصور إل وهم يشتكون من الصنف التعال ‪،‬‬ ‫وإليك بعض النقولت عن بعض أهل العلم‪:‬‬ ‫قال الشوكان ـ رحه ال ـ ف "البدر الطالع" (‪ )1/472‬ف ترجة علي بن‬ ‫قاسم حنش ‪( :‬ومن ماسن كلمه الذي سعته منه ‪ :‬الناس على طبقات‬ ‫ثلث‪:‬‬ ‫فالطبقة العليا ‪ ،‬العلماء الكابر وهم يعرفون الق والباطل وإن اختلفوا ل‬ ‫ينشأ عن اختلفهم الفت ‪ ،‬لعلمهم با عند بعضهم بعضا‪.‬‬ ‫والطبقة السافلة ‪ :‬عاملة على الفطرة ل ينفرون عن الق وهم أتباع من‬ ‫يقتدون به إن كان مقا كانوا مثله ‪ ،‬وإن كان مبطل كانوا كذلك‪.‬‬ ‫والطبقة التوسطة‪ :‬هي منشأ الشر وأصل الفت الناشئة ف الدين ‪ ،‬وهم الذين‬ ‫ل يعنوا ف العلم حت يرتقوا إل رتبة الطبقة الول ‪ ،‬ول تركوه حت يكونوا‬ ‫من أهل الطبقة السافلة ‪ ،‬فإنم إذا رأوا أحدا من أهل الطبقة العليا يقول ما ل‬ ‫يعرفونه ما يالف عقائدهم الت أوقعهم فيها القصور فَـ ّوقُـوا إليه سهام‬ ‫التقريع ونسبوه إل كل قول شنيع وغيوا فطر أهل الطبقة السفلى عن قبول‬ ‫الق بتمويهات باطلة ‪ ،‬فعند ذلك تقوم الفت الدينية على ساق ‪ ،‬هذا معن‬ ‫كلمه الذي سعناه منه‪ .‬وقد صدق فإن من تأمل ذلك وجده كذلك) اهـ‬ ‫وقال ابن حزم ـ رحه ال ـ ف كتابه "السي والخلق" (ص ‪ )91‬تقيق‬ ‫إيفاء رياض ‪( :‬ل آفة أضر على العلوم وأهلها من الدخلء فيها وهم من غي‬

‫‪53‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫أهلها فإنم يهلون ويظنون أنم يعلمون ‪ ،‬ويفسدون وي َقدّرون أنم‬ ‫يصلحون)‪.‬‬ ‫وقال بعض العلماء ‪( :‬العلم ثلثة أشبار‪ ،‬من دخل ف الشب الول تكب ‪،‬‬ ‫ومن دخل ف الشب الثان تواضع ‪ ،‬ومن دخل ف الشب الثالث علم أنه ما‬ ‫يعلم ) اهـ من"حلية طالب العلم" (ص ‪ )198‬ضمن "الجموعة العلمية" ‪.‬‬ ‫وقال بعض العلماء ‪( :‬لو سكت من ل يعلم حت يتكلم من يعلم لنتهى‬ ‫اللف) وراجع الرسالة الاتعة "التعال" للشيخ الفاضل ‪ /‬بكر بن عبد ال‬ ‫أبو زيد ‪.‬‬

‫‪54‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫فمن المتشبهين بالعلماء‬ ‫‪-1‬الفكرون والثقفون ‪ ،‬ابتليت المة السلمية ف هذا العصر بالفكرين‬ ‫والثقفي ‪ ،‬ونن ل نوافق على التسمية فضل عن الوافقة على مضمونا ‪،‬‬ ‫والفكرون الغالب عليهم أنم عاطلون من علوم الشريعة السلمية ‪ ،‬فليجعوا‬ ‫إل علماء السلم ‪ ،‬والثقفون يملون غالبا معلومات عن السلم مملة ‪ ،‬وقد‬ ‫غشيتها أفكار ونظريات دخيلة على السلم ‪ ،‬فالذر من الغترار بم ‪ ،‬فإن‬ ‫أحسن أحدهم ف شيء فيكون قد أساء ف أشياء‪.‬‬

‫‪-2‬‬

‫الطباء والوعاظ ‪ ،‬والطباء والوعاظ قد يؤَثّرون على الناس تأثيا‬

‫بالغا ويشكرون على ذلك ‪ ،‬فهم على ثغرة من ثغور السلم لو اقتصروا على ما‬ ‫يسنون لكن الكثي منهم ينصب نفسه منصب العلماء ‪ ،‬أفما آن الوان أن‬ ‫يعرفوا قدر أنفسهم‪.‬‬

‫‪-3‬‬

‫الكُتّاب ‪ :‬لقد ابتليت أمة السلم بكُتّاب كثي ف عصرنا يكتبون ف‬

‫الرائد والجلت ‪ ،‬ويكتبون مؤلفات ‪ ،‬ويناطحون البال ف نظرهم ‪ ،‬وكلما‬ ‫جاءت قضية ولو كانت من القضايا العويصة تدهم قد سبقوا إل التحرير‬ ‫والتنظي ف نظرهم ‪ ،‬وقد صدق الرسول إذ يقول ‪(( :‬ستأت سنوات خداعة‬ ‫يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق‪ ))...‬من حديث أنس رضي ال عنه ‪.‬‬ ‫فهذه الصناف الت ذكرتا يوجد فيهم من يسابق العلماء بل يتقرهم ويرى‬ ‫أنم ل شيء بانبه مع أننا نب لم أن يأتوا البيوت من أبوابا‪ ،‬وال‬ ‫الستعان‪.‬‬

‫‪55‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫الفرق بين ما يقال لخواص الناس‬ ‫وبين ما يقال لعامتهم‬ ‫إن من جلة ما يتاج أن يدركه القائمون على الدعوة إل ال هو التفريق بي‬ ‫ما يقال لواص الناس وبي ما يقال لعامتهم ‪ ،‬فإن الطلوب أن يدث الناس‬ ‫با يسهل عليهم فهمه ‪ ،‬ولذا قال علي بن أب طالب ـ رضي ال عنه ـ ‪:‬‬ ‫(حدثوا الناس با يعرفون أتبون أن يكذب ال ورسوله) رواه البخاري (‬ ‫‪ )1/272‬معلقا ‪.‬‬ ‫ولا قيل لعمر‪( :‬يا أمي الؤمني هل لك ف فلن يقول ‪ :‬لو قد مات عمر لقد‬ ‫بايعت فلنا‪ ،‬فو ال ما كانت بيعة أب بكر إل فلته فتمت ‪ .‬فغضب عمر ث‬ ‫قال‪ :‬إن إن شاء ال لقائم العشية ف الناس فمحذرهم هؤلء الذين يريدون أن‬ ‫يغصبوهم أمورهم ‪ .‬فقال له عبدالرحن بن عوف ‪ :‬يا أمي الؤمني ل تفعل‬ ‫فإن الوسم يمع رعاع الناس وغوغاءهم فإنم هم الذين يغلبون على قربك‬ ‫حي تقوم ف الناس ‪ ،‬وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطيها عنك كل مطي‬ ‫‪ ،‬وأن ل يعوها ‪ ،‬وأن ل يضعوها على مواضعها فأمهل حت تقدم الدينة فإنا‬ ‫دار الجرة والسنة فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس ‪ ،‬فتقول ما قلت‬ ‫متمكنا فيعي أهل العلم مقالتك ويضعونا على مواضعها ‪،‬فقال عمر ‪ :‬أما‬ ‫وال إن شاء ال لقومن بذلك أول مقام أقومه بالدينة) والقصة ف "صحيح‬ ‫البخاري" برقم (‪.)6830‬‬ ‫فالماهي من الناس ليس من الكمة إطلعهم على السائل والقضايا الت‬ ‫تص طلب العلم والدعاة إل ال ‪.‬‬ ‫فما أحوجنا إل التعقل فيما يطرح ويقال للناس ‪ ،‬وال الستعان‪.‬‬

‫‪56‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫الفرق بين الهجر المشروع والهجر‬ ‫الممنوع‬ ‫هذه مسألة عظيمة النفع مت طبقت على وجهها ‪ ،‬وخطية العواقب إذا‬ ‫طبقت على غي الضوابط الشرعية ‪ ،‬والجر ف حد ذاته مشروع لدللة‬ ‫القرآن الكري على ذلك ‪ ،‬قال تعال ‪{:‬فل تقعدوا معهم حت يوضوا ف‬ ‫حديث غيه إنكم إذا مثلهم} [النساء]‪ ،‬وقال تعال ‪{:‬فل تقعد بعد الذكرى‬ ‫مع القوم الظالي} [النعام]‪.‬‬ ‫ومن السنة قول النب ‪(( :‬الهاجر من هجر ما نى ال عنه)) رواه البخاري‬ ‫عن عبد ال بن عمرو بن العاص ‪.‬‬ ‫والجر على قسمي ‪:‬‬ ‫‪-1‬هجر لق ال تعال ‪.‬‬ ‫‪-2‬هجر لق العبد‪.‬‬ ‫أما الجر لق ال فهو هجر السيئات وهجر فاعلها سواء كان مبتدعا أو‬ ‫عاصيا‪.‬‬ ‫وأما الجر لق العبد فقد أذن ال به كقول النب ‪(( :‬ل يل لسلم أن‬ ‫يهجر أخاه فوق ثلث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا))‪.‬‬ ‫ويوز للرجل أن يهجر زوجته وولده أكثر من ثلث ‪.‬‬ ‫وكلمنا عن الول الذي هو الجر لق ال ‪ ،‬وهو عبادة وقربة ل عز وجل ‪.‬‬ ‫ومن أعظم مقومات الولء والباء ‪ ،‬ومن المر بالعروف والنهي عن النكر‪.‬‬

‫‪57‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫‪-1‬الخلص ‪ ،‬وهو ميزان العمال ف باطنها وبدونه يصي الجر لوى‬ ‫النفس ‪.‬‬ ‫‪-2‬التابعة للبهان الشرعي وهو ميزان العمال ف ظاهرها وبدونه يصي‬ ‫الجر خلف شرع ال ‪ ،‬والصل ف هجر السلم أنه منوع شرعا لا يترتب على‬ ‫ذلك من تعطيل حقوق السلم كالنصح له والتعاون معه والدعاء له ‪ ،‬والدفاع‬ ‫عنه ‪ ،‬ولا يترتب على ذلك من مفاسد كالتقاطع والتدابر والفرح با يصاب به‬ ‫الهجور ول يعوده إذا مرض ول يتبع جنازته إذا مات وغي ذلك‪.‬‬ ‫وقد رخص السلم ف هجر السلم ولكن بصورة ضيقة ‪ ،‬ولذا ل يهجر النب‬ ‫ف حياته إل القليل كهجره للثلثة الذين تلفوا عن تبوك ‪ ،‬ولذا ل يوز‬ ‫للمسلم أن يهجر أخاه تدينا إل بعد الرجوع إل أهل العلم ‪ ،‬وقد عُلّق جواز‬ ‫الجر بالصلحة‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ـ رحه ال ـ ف "الزاد" (‪( : )3/578‬ويكون هجرانه دواء‬ ‫له بيث ل يضعف عن حصول الشفاء له ول يزيد ف الكمية والكيفية عليه‬ ‫فيهلكه إن أراد تأديبه ل إتلفه)‪.‬‬ ‫وقال غيه ‪( :‬فالجر يستخدمه السلم على أنه دواء فينبغي مراعاة وقته ونوعه‬ ‫وكيفيته ومقداره وإل كان حظا لوى النفس وانتصارها له)‪.‬‬

‫‪58‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫الفرق بين الجدال المشروع والجدال‬ ‫الممنوع‬ ‫لقد خاطب ال سبحانه وتعال نبيه بقوله ‪{:‬وجادلم بالت هي أحسن}‬ ‫[النحل]‪.‬‬ ‫وخاطب ال الؤمني بقوله ‪{:‬ول تادلوا أهل الكتاب إل بالت هي أحسن‬ ‫إل الذين ظلموا منهم} [العنكبوت]‪.‬‬ ‫فقيد ربنا الجادلة بالت هي أحسن ول يطلقها كما أطلق الكمة ف آية‬ ‫النحل ‪.‬‬ ‫قال ابن القيم وهو يتكلم عن مراتب الدعوة ‪( :‬والعاند الاحد يادل بالت‬ ‫هي أحسن هذا هو الصحيح ف معن الية‪ )...‬اهـ من كتابه "مفتاح دار‬ ‫السعادة" (ص ‪.)167‬‬ ‫فضوابط الدال بالت هي أحسن كالت‪:‬‬ ‫‪-1‬أن يكون مراد الجادِل ـ بكسر الدال ـ نصرة الق ‪ ،‬وهداية الجادَل‬ ‫ـ بفتح الدال ـ‪.‬‬ ‫‪-2‬أن يكون الجادل على علم بالق وفهم له‪.‬‬ ‫‪-3‬أن يلتزم الجادل بالداب الشرعية من حسن خلق وصب وتلطف وغي‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫ولننظر ف مادلة نوح ـ عليه السلم ـ لقومه الكفار ‪ ،‬وإبراهيم ـ عليه‬ ‫السلم ـ وبقية النبياء والرسلي فجدالم هو الذي يثل الدال بالت هي‬ ‫أحسن ‪.‬‬

‫‪59‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫والدال المنوع هو بعكس ما سبق ذكره فهو بالبغي والعدوان وبالهل‬ ‫والبهتان وبالسب واللعان ‪ ،‬وللمغالبة وقطع الحسان ‪ ،‬وقد قال الرسول ‪:‬‬ ‫((ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إل أوتوا الدل)) فالدال بالطرق‬ ‫الخالفة للشرع غريزة ف البشرية ‪ .‬قال تعال ‪{:‬وكان النسان أكثر شيء‬ ‫جدل} ول ينج من هذا إل من ناه ال‪.‬‬

‫‪60‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫الفرق بين الخلف الجائز والخلف‬ ‫الممنوع‬ ‫والتفريق هذا مهم جدا أن يدرك ويلتزم به ‪ ،‬فالفِرَقُ الت حكم عليها أهل‬ ‫السنة قديا وحديثا بالبتداع والتحزب خلف مذموم لناقضته لصل من‬ ‫أصول أهل السنة والماعة فأكثر ‪ ،‬فهذه الفرق ل تعود إل السنة إل بترك ما‬ ‫أخرجها منهم‪.‬‬ ‫وأنواع اللف الشهور ثلثة‪:‬‬ ‫‪-1‬اختلف تضاد وهو ‪ :‬مصادمة النصوص ومنه الوجود عند الفرق الت‬ ‫خرجت عن أهل السنة‪.‬‬ ‫‪-2‬اختلف تنوع ‪ ،‬وهذا من الشرع‪.‬‬ ‫‪-3‬اختلف أفهام وهذا جائز بضوابطه الشرعية ‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫أ ـ أن يكون الخالف سائرا على طريقة أهل السنة والماعة علما وتعليما‬ ‫وعمل‪.‬‬ ‫ب ـ ل تكثر الخالفة منه لا عليه أهل السنة ‪.‬‬ ‫ج ـ الرجوع إل الق عند ظهور أخطائه‪.‬‬ ‫د ـ أن يكون من أهل الجتهاد‪.‬‬ ‫وتكون هذه الضوابط تت نظر علماء أهل السنة والماعة‪.‬‬

‫‪61‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫المنهج النبوي يدعو إلى القضاء‬ ‫على الخلف عند بدء ظهوره‬ ‫لقد علمنا نبينا كيف نسد أبواب اللف ونقضي عليه ‪ ،‬ومن ذلك ما‬ ‫جاء ف البخاري (‪ )1/281‬ومسلم (‪ )11/256‬من حديث ابن عباس ـ‬ ‫رضي ال عنهما قال‪ :‬قال رسول ال وهو ف اشتداد وجعه الذي توف فيه‬ ‫‪(( :‬ائتون بكتاب أكتب لكم كتابا ل تضلوا بعده)) فتنازع الصحابة فقال ‪:‬‬ ‫((قوموا عن ل ينبغي عند نب تنازع))‪.‬‬ ‫وروى البخاري عن جندب أن رسول ال قال ‪(( :‬اقرءوا القرآن ما ائتلفت‬ ‫عليه قلوبكم فإذا اختلفتم فقوموا عنه))‪.‬‬ ‫ومت تُرِك اللف بدون معالة استفحل شره وعظم ضرره ودخل ف‬ ‫اللف من ل يسن ‪ ،‬ومن ل يصلح بل يفسد‪.‬‬

‫‪62‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫طريقة المناظرة الصحيحة‬ ‫ذكر المام العلمة‪ /‬ممد بن إبراهيم الوزير اليمان ـ رحه ال ـ ف كتابه‬ ‫"العواصم" (‪ )1/236‬وهو ييب شيخه (وقد أخل السيد ـ أيده ال ـ‬ ‫بقاعدة كبية ‪ ،‬هي أساس الناظرة وأصل الراسلة ‪ ،‬وهي إيراد كلم الصم‬ ‫بلفظه أولً‪ ،‬ث التعرض لنقضه ثانيا ‪ ،‬وهذا شيء ل يغفل عنه أحد من أهل‬ ‫الدراية بالعلوم والوض ف القائق والمارسة للدقائق ‪ ،‬وإنا تتلف مذاهب‬ ‫النقاد ف ذلك ولم مذهبان‪:‬‬ ‫الذهب الول‪ :‬أن يورد كلم الصم بنصه ويتخلص من التهمة بتغييه‬ ‫ونقصه ‪ ،‬وهذا هو الذهب الرتضى عند أمراء الفنون النظرية وأئمة الساليب‬ ‫الدلية ‪...‬واعلم أن ترك كلم الصم ظلم له ظاهر وحيف عليه واضح لنه‬ ‫إنا تكلم ليكون كلمه موازنا لكلم خصمه ف كفة اليزان الذهن ‪ ،‬وموازيا‬ ‫له ف جولة اليدان الدل لن النفرد يرجح ف اليزان وإن كان خفيفا ويسبق‬ ‫ف اليدان وإن كان ضعيفا ‪ ،‬وهذا كله إذا كان للخصم كلم يفظ واختيار‬ ‫يصح أن ينقض ‪ ،‬فمن العدل بيان قوله وحكاية لفظه ‪ ،‬وأما إذا ل يكن له‬ ‫مذهب البته وإنا وهم عليه ف مذهبه ورمي با ل يقل به فهذا ظلم على‬ ‫ظلم ‪ ،‬وظلمات بعضها فوق بعض‪.‬‬ ‫الذهب الثان ‪ :‬من مذاهب النقاد ف نقض كلم الصوم أن يكوا مذاهبهم‬ ‫بالعن ‪ ،‬وف هذا الذهب شوب من الظلم ‪ ،‬لن الصم قد اختارله لفظا‬ ‫وحرر لدليله عبارة ارتضاها لبيان مقصده ‪ ،‬وانتقاها لكيفية استدلله ‪،‬‬ ‫وتراكيب الكلم متفاوتة ومراتب الصيغ متباينة ‪ ،‬واللفاظ معان العان ‪،‬‬ ‫والتراكيب مراكيب التناظرين ‪ ،‬وما يرضى البارز للطراد بغي جواده ‪ ،‬ول‬

‫‪63‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫يرضى الرافع للبناء بغي أساسه مع أن قطع العذار من أعظم مقاصد النظار)‬ ‫اهـ ‪.‬‬ ‫والنقل لكلم الصم يكون من مصدر معتمد عند أهل العلم‪.‬‬

‫‪64‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫الفرق بين النصيحة والتأنيب‬ ‫قال ابن القيم ـ رحه ال ـ ف كتابه "الروح" (ص ‪( : )257‬النصيحة‬ ‫إحسان إل من تنصحه بصورة الرحة له والشفقة عليه والغية له وعليه ‪ ،‬فهو‬ ‫إحسان مض ‪...‬ومراد الناصح با وجه ال ورضاه ‪ ،‬والحسان إل خلقه‬ ‫فيتلطف ف بذلا غاية التلطف ‪ ،‬ويتمل أذى النصوح ولمته ‪...‬‬ ‫وأما الؤنب ‪ :‬فهو رجل َقصْدُه التعيي والهانة وذم من أنبه وشتمه ف صورة‬ ‫النصح فهو يقول له‪ :‬يا فاعل كذا وكذا ‪ ...‬إل أن قال‪ :‬ومن الفروق بي‬ ‫الناصح والؤنب أن الناصح ل يعاديك إذا ل تقبل نصيحته ‪...‬ويدعو لك‬ ‫بظهر الغيب ول يذكر عيوبك ول يبينها للناس ‪ ،‬والؤنب بعكس ذلك)‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬ل يفى على السلم أن أساس إصلح الخاطبي هو النصح لم بدليل‬ ‫قوله ‪(( :‬الدين النصيحة قلنا لن يا رسول ال؟ قال ل ولكتابه ولرسوله‬ ‫ولئمة السلمي وعامتهم))‬

‫‪65‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫الفرق بين المنافسة والحسد‬ ‫قال ابن القيم ـ رحه ال ـ ف كتابه "الروح" (ص ‪( : )251‬النافسة‬ ‫البادرة إل الكمال الذي تشاهد من غيك فتنافسه فيه حت تلحقه أو تاوزه‬ ‫فهي من شرف النفس وعلو المة وكب القدر ‪ ،‬قال تعال ‪{:‬وف ذلك‬ ‫فليتنافس التنافسون} وأصلها من الشيء النفيس الذي تتعلق به النفوس طلبا‬ ‫ورغبة‪...‬إل أن قال ‪ :‬والسد خلق نفس ذميمة وضيعة ساقطة ليس فيها‬ ‫حرص على الي فلعجزها ومهانتها تسد من يكسب الي والحامد ويفوز‬ ‫با دونا) اهـ ‪.‬‬ ‫فالاسدون لك استعن على رد حسدهم بتقوى ال ‪ ،‬قال تعال ‪{:‬وإن‬ ‫تصبوا وتتقوا ل يضركم كيدهم شيئا إن ال با يعملون ميط} [آل‬ ‫عمران]‪.‬‬ ‫وقال الرسول ‪(( :‬إحفظ ال يفظك‪))...‬‬

‫‪66‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫الفرق بين شرف النفس وتيهها‬ ‫قال ابن القيم ـ رحه ال ـ ف "الروح" (ص ‪( : )233‬وأما شرف النفس‬ ‫فهو صيانتها عن الدنايا والرذائل والطامع الت تقطع أعناق الرجال ‪ ،‬فيبأ‬ ‫بنفسه عن أن يلقيها ف ذلك ‪ ،‬بلف التيه فإنه خلق متولد بي أمرين إعجابه‬ ‫بنفسه وازدرائه بغيه ‪ ،‬فيتولد من بي هذين التيه ‪ ،‬والول يتولد من بي‬ ‫خلقي كريي إعزاز النفس وإكرامها وتعظيم مالكها وسيدها‪.‬‬ ‫أن يكون عبده دنيا وضيعا خسيسا ‪ ،‬وأصل هذا كله استعداد النفس وتيؤها‬ ‫وإمداد وليها ومولها لا فإذا فقد الستعداد والمداد فقد الي كله)‪.‬‬

‫لقاحات الخير‬

‫‪67‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫قال ابن القيم ـ رحه ال ـ ف كتابه "الفوائد" (‪( : )405‬الطلب لقاح‬ ‫اليان فإذا اجتمع اليان والطلب أثرا العمل الصال ‪ ،‬وحسن الظن بال‬ ‫لقاح الفتقار والضطرار إليه فإذا اجتمعا أثرا إجابة الدعاء ‪ ،‬والشية لقاح‬ ‫الحبة فإذا اجتمعا أورثا المامة ف الدين ‪ ،‬قال تعال ‪{:‬وجعلنا منهم أئمة‬ ‫يهدون بأمرنا لا صبوا وكانوا بآياتنا يوقنون} [السجدة]‪.‬‬ ‫وصحة القتداء بالرسول لقاح الخلص فإذا اجتمعا أثرا قبول العمل‬ ‫والعتداد به ‪ ،‬والعمل لقاح العلم فإذا اجتمعا كان الفلح والسعادة ‪ ،‬وإن‬ ‫انفرد أحدها عن الخر ل يفد شيئا ‪ ،‬واللم لقاح العلم فإذا اجتمعا حصل‬ ‫سيادة الدنيا والخرة ‪ ،‬وحصل النتفاع بعلم العال ‪ ،‬وإن انفرد أحدها عن‬ ‫صاحبه فات النفع والنتفاع ‪ ،‬والعزية لقاح البصية فإذا اجتمعا نال‬ ‫صاحبهما خي الدنيا والخرة وبلغت به هته من العليا كل مكان ‪ ،‬فتخلف‬ ‫الكمالت إما من عدم البصية وإما من عدم العزية ‪ ،‬وحسن القصد لقاح‬ ‫لصحة الذهن فإذا فقد ‪ ،‬فقد الي كله ‪ ،‬وإذا اجتمعا كان النصر والظفر ‪،‬‬ ‫وإن فقدا فالذلن واليبة ‪ ،‬وإن وجد الرأي بل شجاعة فالب والعجز ‪،‬‬ ‫وإن حصلت الشجاعة بل رأي فالتهور والعطب ‪ ،‬والصب لقاح البصية ‪،‬‬ ‫فإذا اجتمعا فالي ف اجتماعهما ) اهـ ‪.‬‬ ‫قال السن البصري ‪( :‬إذا شئت أن ترى بصيا ل صبله رأيته ‪ ،‬وإذا شئت‬ ‫أن ترى صابرا ل بصية له رأيته ‪ ،‬فإذا رأيت صابرا بصيا فذاك)‪.‬‬ ‫والنصيحة لقاح العقل فكلما قويت النصيحة قوي العقل والستنار ‪ ،‬والتذكر‬ ‫والتفكر كل منهما لقاح الخر إذا اجتمعا انتجا الزهد ف الدنيا والرغبة ف‬ ‫الخرة ‪ ،‬والتقوى لقاح التوكل ‪ ،‬فإذا اجتمعا استقام القلب ‪ ،‬ولقاح أخذ‬ ‫أهبة الستعداد للقاء قصر المل ‪ ،‬فإذا اجتمعا فالي كله ف اجتماعهما ‪،‬‬

‫‪68‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫والشر ف فرقتهما ‪ ،‬ولقاح المة العالية النية الصحيحة ‪ ،‬فإذا اجتمعا بلغ العبد‬ ‫غاية الراد)‪.‬‬

‫‪69‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫كلمة شيخنا العلمة المحدث‬ ‫أبي عبد الرحمن الوادعي‬ ‫حول علج الختلف‬ ‫قال رحه ال ‪:‬‬ ‫علج الختلف الناشىء بين أهل السنة‬ ‫المعاصرين‬ ‫إن الختلف الناشىء بي أهل السنة يزول بإذن ال بأمور‪:‬‬ ‫منها ‪ :‬تكيم الكتاب والسنة ‪ ،‬قال ال سبحانه وتعال ‪{:‬فإن تنازعتم ف‬ ‫شيء فردوه إل ال والرسول إن كنتم تؤمنون بال واليوم الخر ذلك خي‬ ‫وأحسن تأويل}‪.‬‬ ‫وقال تعال ‪{:‬وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إل ال}‪.‬‬ ‫وقال سبحانه وتعال ‪{:‬وإذا جاءهم أمر من المن أو الوف أذاعوا به ولو‬ ‫ردوه إل الرسول وإل أول المر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولول‬ ‫فضل ال عليكم ورحته لتبعتم الشيطان إل قليل}‪.‬‬ ‫ومنها ‪ :‬سؤال أهل العلم من أهل السنة ‪ ،‬قال ال سبحانه وتعال ‪{:‬فاسألوا‬ ‫أهل الذكر عن كنتم ل تعلمون}‪.‬‬ ‫ولكن بعض طلبة العلم رَضِي با عنده من العلم ‪ ،‬وأصبح يادل به كل من‬ ‫يالفه ‪ ،‬وهذا سبب من أسباب الفرقة والختلف ‪ ، 1‬روى المام الترمذي‬ ‫ف "جامعه" عن أب أمامة ـ رضي ال عنه ـ قال‪ :‬قال رسول ال ‪(( :‬ما‬ ‫ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إل أوتوا الدل)) ث قرأ {ماضربوه لك إل‬ ‫جدل بل هم قوم خصمون}‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫‪ -‬قارن كلم شيخنا هذا بواقع أحوال الدعاة اليوم فرحه ال رحة واسعة ‪.‬‬

‫‪70‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫قلت ‪ :‬فتأمل أيها القارئ الكري إل قول الشيخ ـ رحه ال ـ ‪( :‬ولكن‬ ‫بعض طلبة العلم رَضِيَ‪ ...‬إل آخر ما قاله ـ رحه ال ـ وطبقها على واقع‬ ‫أهل السنة‪.‬‬ ‫ومنها ‪ :‬القبال على طلب العلم ‪ ،‬فإذا نظرت إل قصورك ‪ ،‬بل إل أنك‬ ‫لست بشيء إل جانب العلماء التقدمي كالافظ ابن كثي ومن تقدمه من‬ ‫الفاظ البزين ف فنون شت ‪ ،‬إذا نظرت إل هؤلء الفاظ شغلت بنفسك‬ ‫عن النتقاد على الخرين‪.‬‬ ‫ومنها ‪ :‬النظر ف اختلف الصحابة ـ رضي ال عنهم ـ فمن بعدهم من‬ ‫العلماء البزين ‪ ،‬إذا نظرت إل اختلفهم حلت مالفك على السلمة ‪ ،‬ول‬ ‫تطالبه بالضوع لرأيك ‪ ،‬وعلمت أنك بطالبته للخضوع لرأيك تدعوه إل‬ ‫تعطيل فهمه وعقله ‪ ،‬وتدعوه إل تقليدك ‪ ،‬والتقليد ف الدين حرام ‪ ،‬قال ال‬ ‫سبحانه وتعال ‪{:‬ول تقف ما ليس لك به علم} إل غي ذلك من الدلة‬ ‫البسوطة ف كتاب الشوكان "القول الفيد ف أدلة الجتهاد والتقليد"‪.‬‬ ‫ومنها ‪ :‬النظر إل أحوال الجتمع السلمي وما تيط به من الخطار ‪،‬‬ ‫وجهل كثي من أهله به ‪ ،‬فإنك إذا نظرت إل الجتمع السلمي شغلت عن‬ ‫أخيك الذي يالفك ف فهمك وقدمت الهم فالهم ‪ ،‬فإن النب عندما‬ ‫أرسل معاذا إل اليمن قال له ‪(( :‬أول ما تدعوهم إل شهادة أن ل إله إل ال‬ ‫وأن ممدا رسول ال )) متفق عليه من حديث ابن عباس ‪ .‬اهـ من كتابه‬ ‫"الترجة) (ص ‪.)202-201‬‬

‫‪71‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫الخاتمة‬ ‫المد ل والصلة والسلم على رسول ال وعلى آله وأصحابه أجعي‬ ‫أما بعد‪:‬‬ ‫فقد يسر ال إتام هذه النسخة الصغية ف مبناها ‪ ،‬الكبية ف معناها ‪ ،‬ومن‬ ‫خلل قراءتك لا تدرك مدى أهية الفاظ على دعوة أهل السنة والماعة ‪،‬‬ ‫وتنب الفت ‪ ،‬وذلك بسد أبوابا ‪ ،‬وقطع الطرق الوصلة إليها ‪ ،‬وكيف ل‬ ‫وقد تضمنت الرسالة بعض القواعد والضوابط الت من عرفها وعمل با كان‬ ‫ف منأى عن الفت ‪.‬‬ ‫فال أسأل أن ينفع با السلم والسلمي إنه على كل شيء قدير‪.‬‬ ‫وكتب‪ /‬ممد بن عبد ال المام‬

‫ف (‪ )18/3/1423‬هـ‬ ‫اليمن ـ معب ‪.‬‬

‫الفهرس‬ ‫‪72‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫الصفحة‬

‫الوضوع‬

‫القدمة ‪1 ...........................................................................‬‬ ‫الفت‪3 ...............................‬‬

‫القبال على عبادة ال كفيل بالنجاة من‬ ‫الفضل ل وحده ف النجاة من جيع الفت‪...................................‬‬ ‫الفرار من الفت ولزوم كل امرئ عمله‪.......................................‬‬ ‫موقف الصحابة ـ رضي ال عنهم ـ من الفت ‪...........................‬‬ ‫أهل السنة أعظم الناس بعدا عن اللف ‪....................................‬‬ ‫الفت تنسف التطلعي لا‪.......................................................‬‬ ‫تري تتبع عورات الناس عامة والعلماء خاصة‪...............................‬‬ ‫الذنوب داء الخوة ف الدين‪..................................................‬‬

‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪11‬‬

‫عدم الخلص من أسباب السقوط ف الطريق‬

‫‪............................‬‬

‫‪12‬‬

‫التفقه ف الدين‬ ‫العتصام ببل ال ‪.............................................................‬‬

‫‪13 ...............................................................‬‬

‫‪14‬‬

‫جع كلمة أهل السنة أصل من أصول‬ ‫مكانة علماء الديث ‪.........................................................‬‬ ‫أهية الرجوع إل علماء المة عند الفت‪....................................‬‬

‫‪18‬‬

‫طلبة العلم واسطة بي العلماء‬

‫السلم‪15 ..............................‬‬ ‫‪17‬‬

‫والجتمع‪........................................‬‬

‫‪20‬‬

‫الفت‪21 ..............................‬‬

‫التمحيص للخبار الشائعة خصوصا عند‬ ‫التحلي بالصب‪..................................................................‬‬ ‫اللم ‪............................................................................‬‬

‫‪73‬‬

‫‪22‬‬ ‫‪24‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫الصفحة‬

‫الوضوع ‪:‬‬

‫الفت‪26 ...................................‬‬

‫التأن ف إصدار الحكام عند نزول‬ ‫العدل ف التعامل والحكام‪...................................................‬‬ ‫التعرف على من يذكي الفت‪.................................................‬‬ ‫شياطي الن وما لم من سعي ف إفساد أهل اليان‪.......................‬‬ ‫النتقام للنفس‪..................................................................‬‬ ‫حب الظهور قاصم للظهور‪...................................................‬‬

‫‪27‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪32‬‬

‫‪33‬‬

‫إصلح ذات‬

‫البي ‪........................................................ .....‬‬

‫‪34‬‬ ‫العمال ‪35 ..........................‬‬

‫سلمة الصدر وصدق اللسان من أفضل‬ ‫النظر إل عواقب المور‪........................................................‬‬ ‫‪36‬‬

‫الرفق ف المور‬

‫كلها‪...........................................................‬‬

‫‪38‬‬

‫الشجاعة ف العتراف بالطأ والرجوع إل‬

‫الق‪............................‬‬

‫‪39‬‬ ‫الشرعية ‪41 .....................................‬‬

‫الوقوف عند الدود والضوابط‬ ‫حب السلم ‪.....................................................................‬‬ ‫‪41‬‬

‫رحة السلم‬ ‫بغض السلم‪43 .....................................................................‬‬ ‫الغضب على السلم ‪44 ............................................................‬‬

‫‪42 .....................................................................‬‬

‫‪74‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫عنه ‪45 ..................................................‬‬

‫النصرة للمسلم والدفاع‬ ‫الثناء على السلم‪................................................................‬‬ ‫التعصب ضد السلم ‪...........................................................‬‬ ‫سوء الظن بالسلم ‪.............................................................‬‬ ‫الوضوع ‪:‬‬

‫‪46‬‬ ‫‪47‬‬ ‫‪48‬‬

‫الصفحة‬

‫توف المام العلمة الوادعي ـ رحه ال ـ على‬

‫الدعوة‪................‬‬

‫‪49‬‬

‫خطر الواسيس على الدعوة‬ ‫من ضوابط الرح والتعديل ‪51 ...................................................‬‬ ‫التفريق بي العلماء والتشبهي بم ‪53 ............................................‬‬ ‫الفرق بي ما يقال لواص الناس وبي ما يقال لعامتهم ‪56 ....................‬‬ ‫الفرق بي الجر الشروع والجر المنوع ‪57 ...................................‬‬ ‫الفرق بي الدال الشروع والدال المنوع ‪59 .................................‬‬ ‫التفريق بي اللف الائز واللف المنوع ‪61 ................................‬‬ ‫النهج النبوي يدعو إل القضاء على اللف عند بدء ظهوره ‪62 .............‬‬ ‫طريقة الناظرة الصحيحة ‪63 ......................................................‬‬ ‫الفرق بي النصيحة والتأنيب‪65 ..................................................‬‬ ‫الفرق بي النافسة والسد ‪66 ...................................................‬‬ ‫الفرق بي شرف النفس وتيهها ‪67 .............................................‬‬ ‫لقاحات الي‪68 ...................................................................‬‬ ‫كلمة شيخنا العلمة‪ /‬مقبل الوادعي حول علج الختلف‪70 ................‬‬ ‫‪50 ..................................................‬‬

‫‪75‬‬

‫التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن‬

‫الاتة ‪72 ...........................................................................‬‬ ‫الفهرس ‪73 .........................................................................‬‬

‫‪76‬‬

Related Documents