ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ اﺑﻦ ﺣﺰم
ﺑﺴﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ ،وﺑﮫ ﻧﺴﺘﻌﯿﻦ ﻗﺎل أﺑﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻔﺎ اﷲ ﻋﻨﮫ :أﻓﻀﻞ ﻣﺎ أﺑﺘﺪئ ﺑﮫ ﺣﻤﺪ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﺑﻤﺎ ھﻮ أھﻠﮫ، ﺛﻢ اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه ورﺳﻮﻟﮫ ﺧﺎﺻﺔ ،وﻋﻠﻰ ﺟﻤﯿﻊ أﻧﺒﯿﺎﺋﮫ ﻋﺎﻣﺔ ،وﺑﻌﺪ. ﻋﺼﻤﻨﺎ اﷲ واﯾﺎك ﻣﻦ اﻟﺤﯿﺮة ،وﻻ ﺣﻤﻠﻨﺎ ﻣﺎﻻ ﻃﺎﻗﺔ ﻟﻨﺎ ﺑﮫ ،وﻗﯿﺾ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﺟﻤﯿﻞ ﻋﻮﻧﮫ دﻟﯿﻼ ھﺎدﯾﺎً إﻟﻰ ﻃﺎﻋﺘﮫ ،ووھﺒﻨﺎ ﻣﻦ ﺗﻮﻓﯿﻘﮫ أدﺑﺎً ﺻﺎرﻓﺎً ﻋﻦ ﻣﻌﺎﺻﯿﮫ وﻻ وﻛﻠﻨﺎ إﻟﻰ ﺿﻌﻒ ﻋﺰاﺋﻤﻨﺎ وﺧﻮر ﻗﻮاﻧﺎ و وھﺎء ﺑﻨﯿﺘﻨﺎ وﺗﻠﺪد آراﺑﻨﺎ وﺳﻮء اﺧﺘﯿﺎرﻧﺎ وﻗﻠﺔ ﺗﻤﯿﯿﺰﻧﺎ وﻓﺴﺎد أھﻮاﺋﻨﺎ ،ﻓﺈن ﻛﺘﺎﺑﻚ وردﻧﻲ ﻣﻦ ﻣﺪﯾﻨﺔ اﻟﻤﺮﯾﺔ إﻟﻰ ﻣﺴﻜﻨﻲ ﺑﺤﻀﺮة ﺷﺎﻃﺒﺔ ﺗﺬﻛﺮ ﻣﻦ ﺣﺴﻦ ﺣﺎﻟﻚ ﻣﺎ ﯾﺴﺮﻧﻲ وﺣﻤﺪت اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻋﻠﯿﮫ واﺳﺘﺪﻣﮫ ﻟﻚ واﺳﺘﺰدﺗﮫ ﻓﯿﻚ .ﺛﻢ ﻟﻢ أﻟﺒﺚ أن اﻃﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺼﻚ وﻗﺼﺪﺗﻨﻲ ﺑﻨﻔﺴﻚ، ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ اﻟﺸﻘﺔ وﺗﻨﺎﺋﻲ اﻟﺪﯾﺎر وﺷﺤﻂ اﻟﻤﺰار وﻃﻮل اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ وﻏﻮل اﻟﻄﺮﯾﻖ وﻓﻲ دون ھﺬا ﻣﺎ ﺳﻠﻰ اﻟﻤﺸﺘﺎق وﻧﺴﻲ اﻟﺬاﻛﺮ ،إﻻ ﻣﻦ ﺗﻤﺴﻚ ﺑﺤﺒﻞ اﻟﻮﻓﺎء ﻣﺜﻠﻚ ورﻋﻰ ﺳﺎﻟﻒ اﻷذﻣﺔ و وﻛﯿﺪ اﻟﻤﻮدات وﺣﻖ اﻟﻨﺸﺄة وﻣﺤﺒﺔ اﻟﺼﺒﻲ وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮدﺗﮫ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وﻟﻘﺪ أﺛﺒﺖ اﷲ ﺑﯿﻨﻨﺎ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻋﻠﯿﮫ ﺣﺎﻣﺪون وﺷﺎﻛﺮون .وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺎﻧﯿﻚ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻚ زاﺋﺪة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋﮭﺪﺗﮫ ﻣﻦ ﺳﺎﺋﺮ ﻛﺘﺒﻚ ،ﺛﻢ ﻛﺸﻔﺖ إﻟﻲ ﺑﺈﻗﺒﺎﻟﻚ ﻏﺮﺿﻚ وأﻃﻠﻌﺘﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺬھﺒﻚ ،ﺳﺠﯿﺔ ﺗﻠﻢ ﺗﺰل ﻋﻠﯿﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﺸﺎرﻛﺘﻚ ﻟﻲ ﻓﻲ ﺣﻠﻮك وﻣﺮك وﺳﺮك وﺟﮭﺮك ،ﯾﺤﺪوك اﻟﻮد اﻟﺼﺤﯿﺢ اﻟﺬي أﻧﺎ ﻟﻚ ﻋﻠﻰ أﺿﻌﺎﻓﮫ ،أﺑﺘﻐﻲ ﺟﺰاء ﻏﯿﺮ ﻣﻘﺎﺑﻠﺘﮫ ﺑﻤﺜﻠﮫ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻣﺨﺎﻃﺒﺎً ﻟﻌﺒﯿﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ اﻟﻤﻐﯿﺮة ﺑﻦ أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ اﻟﻨﺎﺻﺮ رﺣﻤﮫ اﷲ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺔ ﻟﻲ ﻃﻮﯾﻠﺔ وﻛﺎن ﻟﻲ ﺻﺪﯾﻘﺎ: ﺃﻭﺩﻙ ﻭﺩﺍﹰ ﻟـﻴﺱ ﻓـﻴﻪ ﻏـﻀــﺎﻀﺔ
ﻭﺒﻌﺽ ﻤـﻭﺩﺍﺕ ﺍﻟـﺭﺠـﺎل ﺴـﺭﺍﺏ
ﻭﺃﻤﺤﻀﺘﻙ ﺍﻟﻨﺼﺢ ﺍﻟﺼﺭﻴﺢ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﺸﻰ ﻟﻭﺩﻙ ﻨـﻘـﺵ ﻅـﺎﻫـﺭ ﻭﻜـﺘــﺎﺏ ﻓﻠﻭ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺭﻭﺤﻲ ﻫﻭﺍﻙ ﺍﻗﺘﻠـﻌـﺘـﻪ
ﻭﻤﺯﻕ ﺒﺎﻟـﻜـﻔـﻴﻥ ﻋـﻨـﻪ ﺇﻫـﺎﺏ
ﻭﻤـﺎ ﻟـﻲ ﻏـﻴﺭ ﺍﻟـﻭﺩ ﻤـﻨـﻙ ﺇﺭﺍﺩﺓ
ﻭﻻ ﻓﻲ ﺴﻭﺍﻩ ﻟـﻲ ﺇﻟـﻴﻙ ﺨـﻁـﺎﺏ
ﺇﺫﺍ ﺤﺯﺘﻪ ﻓﺎﻷﺭﺽ ﺠﻤﻌـﺎﺀ ﻭﺍﻟـﻭﺭﻯ
ﻫﺒـﺎﺀ ﻭﺴـﻜـﺎﻥ ﺍﻟـﺒـﻼﺩ ﺫﺒــﺎﺏ
وﻛﻠﻔﺘﻨﻲ أﻋﺰك اﷲ أن أﺻﻨﻒ ﻟﻚ رﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺻﻔﺔ اﻟﺤﺐ وﻣﻌﺎﻧﯿﮫ وأﺳﺒﺎﺑﮫ وأﻋﺮاﺿﮫ ،وﻣﺎ ﯾﻘﻊ ﻓﯿﮫ وﻟﮫ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻻ ﻣﺘﺰﯾﺪاً وﻻ ﻣﻔﺘﻨﺎ ،ﻟﻜﻦ ﻣﻮرداً ﻟﻤﺎ ﯾﺤﻀﺮﻧﻲ ﻋﻠﻰ وﺟﮭﮫ وﺑﺤﺴﺐ وﻗﻮﻋﮫ ،ﺣﯿﺚ اﻧﺘﮭﻰ ﺣﻔﻈﻲ وﺳﻌﺔ ﺑﺎﻋﻲ ﻓﯿﻤﺎ أذﻛﺮه ،ﻓﺒﺪرت إﻟﻰ ﻣﺮﻏﻮﺑﻚ وﻟﻮﻻ اﻹﯾﺠﺎب ﻟﻚ ﻟﻤﺎ ﺗﻜﻠﻔﺘﮫ ،ﻓﮭﺬا ﻣﻦ اﻟﻔﻘﺮ، واﻷوﻟﻰ ﺑﻨﺎ ﻣﻊ ﻗﺼﺮ أﻋﻤﺎرﻧﺎ أﻻ ﻧﺼﺮﻓﮭﺎ إﻻ ﻓﯿﻤﺎ ﻧﺮﺟﻮ ﺑﮫ رﺣﺐ اﻟﻤﻨﻘﻠﺐ وﺣﺴﻦ اﻟﻤﺂب ﻏﺪاً .وإن ﻛﺎن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺣﻤﺎم ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺣﺪﺛﻨﻲ ﻋﻦ ﯾﺤﯿﻰ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺬ ﺑﺈﺳﻨﺎد ﯾﺮﻓﻌﮫ إﻟﻰ أﺑﻲ اﻟﺪرداء أﻧﮫ ﻗﺎل :أﺟﻤﻌﻮا اﻟﻨﻔﻮس ﺑﺸﻲء ﻣﻦ اﻟﺒﺎﻃﻞ ﻟﯿﻜﻮن ﻋﻮﻧﺎ ﻟﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻖ .وﻣﻦ أﻗﻮال اﻟﺼﺎﻟﺤﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻒ اﻟﻤﺮﺿﻲ.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻣﻦ ﻟﻢ ﯾﺤﺴﻦ ﯾﺘﻔﺘﻰ ﻟﻢ ﯾﺤﺴﻦ ﯾﺘﻘﻮى .وﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺛﺮ :أرﯾﺤﻮ اﻟﻨﻔﻮس ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﺼﺪأ ﻛﻤﺎ ﯾﺼﺪأ اﻟﺤﺪﯾﺪ.
واﻟﺬي ﻛﻠﻔﺘﻨﻲ ﻻ ﺑﺪ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ ذﻛﺮ ﻣﺎ ﺷﺎھﺪﺗﮫ ﺣﻀﺮﺗﻲ وأدرﻛﺘﮫ ﻋﻨﺎﯾﺘﻲ وﺣﺪﺛﻨﻲ ﺑﮫ اﻟﺜﻘﺎت ﻣﻦ أھﻞ زﻣﺎﻧﮫ ،ﻓﺎﻏﺘﻔﺮ ﻟﻲ اﻟﻜﻨﺎﯾﺔ ﻋﻦ اﻷﺳﻤﺎء ﻓﮭﻲ إﻣﺎ ﻋﻮرة ﻻ ﻧﺴﺘﺠﯿﺰ ﻛﺸﻔﮭﺎ وإﻣﺎ ﻧﺤﺎﻓﻆ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺻﺪﯾﻘﺎً ودوداً ورﺟﻼً ﺟﻠﯿﻼً ،وﺑﺤﺴﺒﻲ أن أﺳﻤﻰ ﻣﻦ ﻻ ﺿﺮر ﻓﻲ ﺗﺴﻤﯿﺘﮫ وﻻ ﯾﻠﺤﻘﻨﺎ واﻟﻤﺴﻤﻰ ﻋﯿﺐ ﻓﻲ ذﻛﺮه ،وإﻣﺎ ﻻﺷﺘﮭﺎر ﻻ ﯾﻐﻨﻲ ﻋﻨﮫ اﻟﻄﻲ وﺗﺮك اﻟﺘﺒﯿﯿﻦ؛ وإﻣﺎ ﻟﺮﺿﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺨﺒﺮ ﻋﻨﮫ ﺑﻈﮭﻮر ﺧﺒﺮه وﻗﻠﺔ إﻧﻜﺎر ﻣﻨﮫ ﻟﻨﻘﻠﮫ.
وﺳﺄورد ﻓﻲ ﻧﻔﻲ رﺳﺎﻟﺘﻲ ھﺬه أﺷﻌﺎراً ﻗﻠﺘﮭﺎ ﻓﯿﻤﺎ ﺷﺎھﺪﺗﮫ ،ﻓﻼ ﺗﻨﻜﺮ أﻧﺖ وﻣﻦ رآھﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻲ ﺳﺎﻟﻚ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﺴﻠﻚ ﺣﺎﻛﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﮫ ،ﻓﮭﺬا ﻣﺬھﺐ اﻟﻤﺘﺤﻠﯿﻦ ﺑﻘﻮل اﻟﺸﻌﺮ ،وأﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻓﺈن إﺧﻮاﻧﻲ ﯾﺠﻤﺸﻮﻧﻲ اﻟﻘﻮل ﻓﯿﻤﺎ ﯾﻌﺮض ﻟﮭﻢ ﻋﻠﻰ ﻃﺮاﺋﻘﮭﻢ وﻣﺬاھﺒﮭﻢ .وﻛﻔﺎﻧﻲ أﻧﻲ ذاﻛﺮ ﻟﻚ ﻣﺎ ﻋﺮض ﻟﻲ ﻣﻤﺎ ﯾﺸﺎﻛﻞ ﻣﺎ ﻧﺤﻮت ﻧﺤﻮه وﻧﺎﺳﺒﮫ إﻟﻲ.
واﻟﺘﺰﻣﺖ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻲ ھﺬا اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻨﺪ ﺣﺪك ،واﻻﻗﺘﺼﺎر ﻋﻠﻰ ﻣﺎ رأﯾﺖ أوﺿﺢ ﻋﻨﺪي ﺑﻨﻘﻞ اﻟﺜﻘﺎت ،ودﻋﻨﻲ ﻣﻦ أﺧﺒﺎر اﻷﻋﺮاب واﻟﻤﺘﻘﺪﻣﯿﻦ ،ﻓﺴﺒﯿﻠﮭﻢ ﻏﯿﺮ ﺳﺒﯿﻠﻨﺎ، وﻗﺪ ﻛﺜﺮت اﻷﺧﺒﺎر ﻋﻨﮭﻢ ،وﻣﺎ ﻣﺬھﺒﻲ أن أﻧﻀﻲ ﻣﻄﯿﺔ ﺳﻮاي ،وﻻ أﺗﺤﻠﻰ ﺑﺤﻠﻰ ﻣﺴﺘﻌﺎر ،واﷲ اﻟﻤﺴﺘﻐﻔﺮ واﻟﻤﺴﺘﻌﺎن ﻻ رب ﻏﯿﺮه.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﺒﺎب اﻻول ﺗﻘﺴﯿﻢ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ وﻗﺴﻤﺖ رﺳﺎﻟﺘﻲ ھﺬه ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﯿﻦ ﺑﺎﺑﺎً ،ﻣﻨﮭﺎ ﻓﻲ أﺻﻮل اﻟﺤﺐ ﻋﺸﺮة ﻓﺄوﻟﮭﺎ ھﺬا اﻟﺒﺎب ،ﺛﻢ ﺑﺎب ﻓﻲ ﻋﻼﻣﺎت اﻟﺤﺐ ،ﺛﻢ ﺑﺎب ﻓﯿﮫ ذﻛﺮ ﻣﻦ أﺣﺐ ﻓﻲ اﻟﻨﻮم ،ﺛﻢ ﺑﺎب ﻓﯿﮫ ذﻛﺮ ﻣﻦ أﺣﺐ ﺑﺎﻟﻮﺻﻒ ،ﺛﻢ ﺑﺎب ذﻛﺮ ﻣﻦ أﺣﺐ ﻣﻦ ﻧﻈﺮة واﺣﺪة ﺛﻢ ﺑﺎب ﻓﯿﮫ ذﻛﺮ ﻣﻦ ﻻ ﺗﺼﺢ ﻣﺤﺒﺘﮫ إﻻ ﻣﻊ اﻟﻤﻄﺎوﻟﺔ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﺘﻌﺮﯾﺾ ﺑﺎﻟﻘﻮل ﺛﻢ ﺑﺎب اﻹﺷﺎرة
ﺑﺎﻟﻌﻲ،
ﺛﻢ
ﺑﺎب
اﻟﻤﺮاﺳﻠﺔ،
ﺛﻢ
ﺑﺎب
اﻟﺴﻔﯿﺮ.
وﻣﻨﮭﺎ ﻓﻲ أﻋﺮاض اﻟﺤﺐ وﺻﻔﺎﺗﮫ اﻟﻤﺤﻤﻮد واﻟﻤﺬﻣﻮﻣﺔ أﺛﻨﺎء ﻋﺸﺮ ﺑﺎﺑﺎ ،وإن ﻛﺎن اﻟﺤﺐ ﻋﺮﺿﺎً واﻟﻌﺮض ﻻ ﯾﺤﺘﻤﻞ اﻷﻋﺮاض ،وﺻﻔﺔ واﻟﺼﻔﺔ ﻻ ﺗﻮﺻﻒ ﻓﮭﺬا ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺎز اﻟﻠﻐﺔ ﻓﻲ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺼﻔﺔ ﻣﻘﺎم اﻟﻤﻮﺻﻮف .وﻋﻠﻰ ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﻨﺎ :وﺟﻮدﻧﺎ ﻋﺮﺿﺎً أﻗﻞ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻣﻦ ﻋﺮض ﻏﯿﺮه ،وأﻛﺜﺮ وأﺣﺴﻦ وأﻗﻤﺢ ﻓﻲ إدار ﻛﻨﺎﻟﮭﺎ ﻋﻠﻤﻨﺎ أﻧﮭﺎ ﻣﺘﺒﺎﯾﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﺰﯾﺎدة واﻟﻨﻘﺼﺎن ﻣﻦ ذاﺗﮭﺎ اﻟﻤﺮﺋﯿﺔ واﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺔ؛ إذ ﻻ ﺗﻘﻊ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻜﻤﯿﺔ وﻻ اﻟﺘﺠﺰي ،ﻷﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﺸﻐﻞ ﻣﻜﺎﻧﺎً وھﻲ :ﺑﺎب اﻟﺼﺪﯾﻖ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻮﺻﻞ ﺛﻢ ﺑﺎب ﻃﻲ اﻟﺴﺮ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻜﺸﻒ واﻹذاﻋﺔ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻄﺎﻋﺔ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻤﺨﺎﻓﺔ ،ﺛﻢ ﺑﺎب ﻣﻦ أﺣﺐ ﺻﻔﺔ ﻟﻢ ﯾﺤﺐ ﺑﻌﺪھﺎ ﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻤﺎ ﯾﺨﺎﻟﻔﮭﺎ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻘﻨﻮع ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻮﻓﺎء،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻐﺪر ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻀﻨﻰ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻤﻮت. وﻣﻨﮭﺎ ﻓﻲ اﻵﻓﺎت اﻟﺪاﺧﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺐ ﺳﺘﺔ أﺑﻮاب ،وھﻲ ﺑﺎب اﻟﻌﺎذل ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﺮﻗﯿﺐ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻮﺷﻲ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﮭﺠﺮ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﺒﯿﻦ؛ ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﺴﻠﻮ .ﻣﻦ ھﺬه
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻷﺑﻮاب اﻟﺴﺘﺔ ﺑﺎﺑﺎن ﻟﻜﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﺿﺪ ﻣﻦ اﻷﺑﻮاب اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ اﻟﺬﻛﺮ ،وھﻤﺎ ﺑﺎب اﻟﻌﺎذل :وﺿﺪه ﺑﺎب اﻟﺼﺪﯾﻖ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪ؛ ﺑﺎب اﻟﮭﺠﺮ وﺿﺪه ﺑﺎب اﻟﻮﺻﻞ وﻣﻨﮭﺎ أرﺑﻌﺔ أﺑﻮاب ﻻ ﺿﺪ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺤﺐ ،وھﻲ ﺑﺎب اﻟﺮﻗﯿﺐ ،وﺑﺎب اﻟﻮاﺷﻲ ،وﻻ ﺿﺪ ﻟﮭﻤﺎ إﻻ ارﺗﻔﺎﻋﮭﻤﺎ .وﺣﻘﯿﻘﺔ اﻟﻀﺪ ﻣﺎ إذا وﻗﻊ ارﺗﻔﻊ اﻷول ،وإن ﻛﺎن اﻟﻤﺘﻜﻠﻤﻮن ﻗﺪ اﺧﺘﻠﻔﻮا ﻓﻲ ذﻟﻚ .وﻟﻮﻻ ﺧﻮﻓﻨﺎ إﻃﺎﻟﺔ اﻟﻜﻼم ﻓﯿﻤﺎ ﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ اﻟﻜﺘﺎب ﻟﺘﻘﺼﯿﻨﺎه.
وﺑﺎب اﻟﺒﯿﻦ وﺿﺪه ﺗﺼﺎﻗﺐ اﻟﺪﯾﺎر ،وﻟﯿﺲ اﻟﺘﺼﺎﻗﺐ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺤﺐ اﻟﺘﻲ ﻧﺘﻜﻠﻢ ﻓﯿﮭﺎ .وﺑﺎب اﻟﺴﻠﻮ وﺿﺪه اﻟﺤﺐ ﺑﻌﯿﻨﮫ ،إذ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺴﻠﻮ ارﺗﻔﺎع اﻟﺤﺐ وﻋﺪﻣﮫ وﻣﻨﮭﺎ ﺑﺎﺑﺎن ﺧﺘﻤﻨﺎ ﺑﮭﻤﺎ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،وھﻤﺎ :ﺑﺎب اﻟﻜﻼم ﻓﻲ ﻗﺒﺢ اﻟﻤﻌﺼﯿﺔ ،وﺑﺎب ﻓﻲ ﻓﻀﻞ اﻟﺘﻌﻔﻒ .ﻟﯿﻜﻮن ﺧﺎﺗﻤﺔ إﯾﺮادﻧﺎ وآﺧﺮ ﻛﻼﻣﻨﺎ اﻟﺤﺾ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﻋﺔ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ، واﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮوف واﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ ،ﻓﺬﻟﻚ ﻣﻔﺘﺮض ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺆﻣﻦ. ﻟﻜﻨﺎ ﺧﺎﻟﻔﻨﺎ ﻓﻲ ﻧﺴﻖ ﺑﻌﺾ ھﺬه اﻷﺑﻮاب ھﺬه اﻟﺮﺗﺒﺔ اﻟﻤﻘﺴﻤﺔ ﻓﻲ درج ھﺬا اﻟﺒﺎب اﻟﺬي ھﻮ أول أﺑﻮاب اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،ﻓﺠﻌﻠﻨﺎھﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺎدﯾﮭﺎ إﻟﻰ ﻣﻨﺘﮭﺎھﺎ واﺳﺘﺤﻘﺎﻗﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻘﺪم واﻟﺪرﺟﺎت واﻟﻮﺟﻮد ،وﻣﻦ أول ﻣﺮاﺗﺒﮭﺎ إﻟﻰ آﺧﺮھﺎ ،وﺟﻌﻠﻨﺎ اﻟﻀﺪ إﻟﻰ ﺟﻨﺐ
ﺿﺪه
ﻓﺎﺧﺘﻠﻒ
اﻟﻤﺴﺎق
ﻓﻲ
أﺑﻮاب
ﯾﺴﯿﺮة
واﷲ
اﻟﻤﺴﺘﻌﺎن.
وھﯿﺌﺘﮭﺎ ﻓﻲ اﻹﯾﺮاد أوﻟﮭﺎ ھﺬا اﻟﺒﺎب اﻟﺬي ﻧﺤﻦ ﻓﯿﮫ ﺻﺪر اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ وﺗﻘﺴﯿﻢ اﻷﺑﻮاب واﻟﻜﻼم ﻓﻲ ﺑﺎب ﻣﺎھﯿﺔ اﻟﺤﺐ ،ﺛﻢ ﺑﺎب ﻋﻼﻣﺎت اﻟﺤﺐ ،ﺛﻢ ﺑﺎب ﻣﻦ أﺣﺐ ﺑﺎﻟﻮﺻﻒ ،ﺛﻢ ﺑﺎب ﻣﻦ أﺣﺐ ﻣﻦ ﻧﻈﺮة واﺣﺪة ،ﺛﻢ ﺑﺎب ﻣﻦ ﻻ ﯾﺤﺐ إﻻ ﻣﻊ اﻟﻤﻄﺎوﻟﺔ ،ﺛﻢ ﺑﺎب ﻣﻦ أﺣﺐ ﺻﻔﺔ ﻟﻢ ﯾﺤﺐ ﺑﻌﺪھﺎ ﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻤﺎ ﯾﺨﺎﻟﻔﮭﺎ ،ﺛﻢ ﺑﺎب
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﺘﻌﺮﯾﺾ ﺑﺎﻟﻘﻮل ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻹﺷﺎرة ﺑﺎﻟﻌﯿﻦ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻤﺮاﺳﻠﺔ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﺴﻔﯿﺮ ،ﺛﻢ ﺑﺎب ﻃﻲ اﻟﺴﺮ ،ﺛﻢ ﺑﺎب إذاﻋﺘﮫ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻄﺎﻋﺔ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻌﺎذل، ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻤﺴﺎﻋﺪ ﻣﻦ اﻹﺧﻮان؛ ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﺮﻗﯿﺐ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻮﺷﻲ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻮﺻﻞ، ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﮭﺠﺮ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻮﻓﺎء ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻐﺪر ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﺒﯿﻦ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻘﻨﻮع ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻀﻨﻰ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﺴﻠﻮ ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻤﻮت؛ ﺛﻢ ﺑﺎب ﻗﺒﺢ اﻟﻤﻌﺼﯿﺔ؛ ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﺘﻌﻔﻒ.
اﻟﻜﻼم ﻓﻲ ﻣﺎھﯿﺔ اﻟﺤﺐ اﻟﺤﺐ -أﻋﺰك اﷲ -أوﻟﮫ ھﺰل وآﺧﺮه ﺟﺪ .دﻗﺖ ﻣﻌﺎﻧﯿﮫ ﻟﺠﻼﻟﺘﮭﺎ ﻋﻦ أن ﺗﻮﺻﻒ ،ﻓﻼ ﺗﺪرك ﺣﻘﯿﻘﺘﮭﺎ إﻻ ﺑﺎﻟﻤﻌﺎﻧﺎة .وﻟﯿﺲ ﺑﻤﻨﻜﺮ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﺎﻧﺔ وﻻ ﺑﻤﺤﻈﻮر ﻓﻲ اﻟﺸﺮﯾﻌﺔ ،إذ اﻟﻘﻠﻮب ﺑﯿﺪ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ وﻗﺪ أﺣﺐ ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻔﺎء اﻟﻤﮭﺪﺑﯿﻦ واﻷﺋﻤﺔ اﻟﺮاﺷﺪﯾﻦ ﻛﺜﯿﺮ ،ﻣﻨﮭﻢ ﺑﺄﻧﺪﻟﺴﻨﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﻌﺎوﯾﺔ اﻟﺪﻋﺠﺎء ،واﻟﺤﻜﻢ ﺑﻦ ھﺸﺎم ،وﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ اﻟﺤﻜﻢ وﺷﻐﻔﮫ ﺑﻄﺮوب أم ﻋﺒﺪ اﷲ اﺑﻨﺔ أﺷﮭﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺲ ،وﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ وأﻣﺮه ﻣﻊ ﻏَﺰﻻن أم ﺑﻨﯿﮫ ﻋﺜﻤﺎن واﻟﻘﺎﺳﻢ واﻟﻤُﻄﺮف ﻣﻌﻠﻮم ،واﻟﺤﺎﻛﻢ اﻟﻤﺴﺘﻨﺼﺮ واﻓﺘﺘﺎﻧﮫ ﺑﺼﺒﺢ أم ھﺎﺷﻢ اﻟﻤﺆﯾﺪ ﺑﺎﷲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ وﻋﻦ ﺟﻤﯿﻌﮭﻢ واﻣﺘﻨﺎﻋﮫ ﻋﻦ اﻟﺘﻌﺮض ﻟﻠﻮﻟﺪ ﻣﻦ ﻏﯿﺮھﺎ .وﻣﺜﻞ ھﺬا ﻛﺜﯿﺮ، وﻟﻮﻻ أن ﺣﻘﻮﻗﮭﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ واﺟﺒﺔ -وإﻧﻤﺎ ﯾﺠﺐ أن ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻦ أﺧﺒﺎرھﻢ ﻣﺎ ﻓﯿﮫ اﻟﺤﺰم وإﺣﯿﺎء اﻟﺪﯾﻦ وإﻧﻤﺎ ھﻮ ﺷﻲء ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻨﻔﺮدون ﺑﮫ ﻓﻲ ﻗﺼﻮرھﻢ ﻣﻊ ﻋﯿﺎﻟﮭﻢ ﻓﻼ ﯾﻨﺒﻐﻲ اﻹﺧﺒﺎر ﺑﮫ ﻋﻨﮭﻢ -ﻷوردت ﻣﻦ أﺧﺒﺎرھﻢ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺸﺄن ﻏﯿﺮ ﻗﻠﯿﻞ. وأﻣﺎ ﻛﺒﺎر رﺟﺎﻟﮭﻢ ودﻋﺎﺋﻢ دوﻟﺘﮭﻢ ﻓﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ أن ﯾﺤﺼﻮا ،وأﺣﺪث ذﻟﻚ ﻣﺎ ﺷﺎھﺪﻧﺎه
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺑﺎﻷﻣﺲ ﻣﻦ ﻛﻠﻒ اﻟﻤﻈﻔﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻮاﺣﺪ ،ﺑﻨﺖ رﺟﻞ ﻣﻦ اﻟﺠﺒﺎﺋﯿﻦ ﺣﺘﻰ ﺣﻤﻠﮫ ﺣﺒﮭﺎ أن ﯾﺘﺰوﺟﮭﺎ ،وھﻲ اﻟﺘﻲ ﺧﻠﻒ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺑﻌﺪ ﻓﻨﺎه اﻟﻌﺎﻣﺮ ﺑﻦ اﻟﻮزﯾﺮ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻠﻤﺔ ،ﺛﻢ ﺗﺰوﺟﮭﺎ ﺑﻌﺪ ﻗﺘﻠﮫ رﺟﻞ ﻣﻦ رؤﺳﺎء اﻟﺒﺮﺑﺮ. وﻣﻤﺎ ﯾﺸﺒﮫ ھﺬا أن أﺑﺎ اﻟﻌﯿﺶ ﺑﻦ ﻣﯿﻤﻮن اﻟﻘﺮﺷﻲ اﻟﺤﺴﯿﻨﻲ أﺧﺒﺮﻧﻲ أن ﻧﺰار ﺑﻦ ﻣﻌﺪ ﺻﺎﺣﺐ ﻣﺼﺮ ﻟﻢ ﯾﺮ اﺑﻨﮫ ﻣﻨﺼﻮر ﺑﻦ ﻧﺰار ،اﻟﺬي وﻟﻰ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻌﺪه وادﻋﻰ اﻹﻟﮭﯿﺔ إﻻ ﺑﻌﺪ ﻣﺪة ﻣﻦ ﻣﻮﻟﺪه ،ﻣﺴﺎﻋﺪة ﻟﺠﺎرﯾﺔ ﻛﺎن ﯾﺤﺒﮭﺎ ﺣﺒﺎً ﺷﺪﯾﺪاً ،ھﺬا وﻟﻢ ﯾﻜﻦ
ﻟﮫ
ذﻛﺮ
وﻻ
ﻣﻦ
ﯾﺮث
ﻣﻠﻜﮫ
وﯾﺤﯿﻲ
ذﻛﺮه
ﺳﻮاه.
وﻣﻦ اﻟﺼﺎﻟﺤﯿﻦ واﻟﻔﻘﮭﺎء ﻓﻲ اﻟﺪھﻮر اﻟﻤﺎﺿﯿﺔ واﻷزﻣﺎن اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ ﻣﻦ ﻗﺪ اﺳﺘﻐﻨﻰ ﺑﺄﺷﻌﺎرھﻢ ﻋﻦ ذﻛﺮھﻢ :وﻗﺪ ورد ﻣﻦ ﺧﺒﺮ ﻋﺒﯿﺪ اﷲ ﻋﺘﺒﺔ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد وﺷﻌﺮه ﻣﺎ ﻓﯿﮫ اﻟﻜﻔﺎﯾﺔ .وھﻮ أﺣﺪ ﻓﻘﮭﺎء اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﺴﺒﻌﺔ وﻗﺪ ﺟﺎء ﻣﻦ ﻓﺘﯿﺎ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻣﺎﻻ ﯾﺤﺘﺎج ﻣﻌﮫ إﻟﻰ ﻏﯿﺮه ﺣﯿﻦ ﯾﻘﻮل :ھﺬا ﻗﺘﯿﻞ اﻟﮭﻮى ﻻ ﻋﻘﻞ وﻻ ﻗﻮد. وﻗﺪ اﺧﺘﻠﻒ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﻣﺎھﯿﺘﮫ وﻗﺎﻟﻮا وأﻃﺎﻟﻮا ،واﻟﺬي أذھﺐ إﻟﯿﮫ أﻧﮫ اﺗﺼﺎل ﺑﯿﻦ أﺟﺰاء اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻤﻘﺴﻮﻣﺔ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺨﻠﯿﻘﺔ ﻓﻲ أﺻﻞ ﻋﻨﺼﺮھﺎ اﻟﺮﻓﯿﻊ ،ﻻ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺣﻜﺎه ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ داود رﺣﻤﮫ اﷲ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ أھﻞ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ .اﻷرواح أﻛﺮ ﻣﻘﺴﻮﻣﺔ ﻟﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻗﻮاھﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﺮ ﻋﺎﻟﻤﮭﺎ اﻟﻌﻠﻮي وﻣﺠﺎورﺗﮭﺎ ﻓﻲ ھﯿﺌﺔ ﺗﺮﻛﯿﺒﮭﺎ وﻗﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ أن ﺳﺮ اﻟﺘﻤﺎزج واﻟﺘﺒﺎﯾﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎت إﻧﻤﺎ ھﻮ اﻻﺗﺼﺎل واﻻﻧﻔﺼﺎل واﻟﺸﻜﻞ دأﺑﺎً ﯾﺴﺘﺪﻋﻰ ﺷﻜﻠﮫ ،واﻟﻤﺜﻞ إﻟﻰ ﻣﺜﻠﮫ ﺳﺎﻛﻦ ،وﻟﻠﻤﺠﺎﻧﺴﺔ ﻋﻤﻞ ﻣﺤﺴﻮس وﺗﺄﺛﯿﺮ ﻣﺸﺎھﺪ ،واﻟﺘﻨﺎﻓﺮ ﻓﻲ اﻷﺿﺪاد واﻟﻤﻮاﻓﻘﺔ ﻓﻲ اﻷﻧﺪاد ،واﻟﻨﺰاع ﻓﯿﻤﺎ ﺗﺸﺎﺑﮫ ﻣﻮﺟﻮد ﻓﯿﻤﺎ ﺑﯿﻨﻨﺎ ﻓﻜﯿﻒ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ وﻋﺎﻟﻤﮭﺎ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺼﺎﻓﻲ اﻟﺨﻔﯿﻒ وﺟﻮھﺮھﺎ اﻟﺠﻮھﺮ اﻟﺼﻌﺎد اﻟﻤﻌﺘﺪل ،وﺳﻨﺨﮭﺎ اﻟﻤﮭﯿﺄ ﻟﻘﺒﻮل اﻻﺗﻔﺎق واﻟﻤﯿﻞ واﻟﺘﻮق
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
واﻻﻧﺤﺮاف واﻟﺸﮭﻮة اﻟﻨﻔﺎر .ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻣﻌﻠﻮم ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة ﻓﻲ أﺣﻮال ﺗﺼﺮف اﻹﻧﺴﺎن ﻓﯿﺴﻜﻦ إﻟﯿﮭﺎ ،واﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﯾﻘﻮل) :ھﻮ اﻟﺬي ﺧﻠﻘﻜﻢ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ واﺣﺪة وﺧﻠﻖ ﻣﻨﮭﺎ زوﺟﮭﺎ ﻟﯿﺴﻜﻦ إﻟﯿﮭﺎ( ،ﻓﺠﻌﻞ ﻋﻠﺔ اﻟﺴﻜﻮن أﻧﮭﺎ ﻣﻨﮫ .وﻟﻮ ﻛﺎن ﻋﻠﺔ اﻟﺤﺐ ﺣﺴﻦ اﻟﺼﻮرة اﻟﺠﺴﺪﯾﺔ ﻟﻮﺟﺐ أﻻ ﯾﺴﺘﺤﺴﻦ اﻷﻧﻘﺺ ﻣﻦ اﻟﺼﻮرة .وﻧﺤﻦ ﻧﺠﺪ ﻛﺜﯿﺮا ﻣﻤﻦ ﯾﺆﺛﺮ اﻷدﻧﻰ وﯾﻌﻠﻢ ﻓﻀﻞ ﻏﯿﺮه وﻻ ﯾﺠﺪ ﻣﺤﯿﺪاً ﻟﻘﻠﺒﮫ ﻋﻨﮫ .وﻟﻮ ﻛﺎن ﻟﻠﻤﻮاﻓﻘﺔ ﻓﻲ اﻷﺧﻼق ﻟﻤﺎ أﺣﺐ اﻟﻤﺮء ﻣﻦ ﻻ ﯾﺴﺎﻋﺪه وﻻ ﯾﻮاﻓﻘﮫ .ﻓﻌﻠﻤﻨﺎ أﻧﮫ ﺷﻲء ﻓﻲ ذات اﻟﻨﻔﺲ ورﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻟﺴﺒﺐ ﻣﻦ اﻷﺳﺒﺎب ،وﺗﻠﻚ ﺗﻔﻨﻰ ﺑﻔﻨﺎء ﺳﺒﺒﮭﺎ .ﻓﻤﻦ ودك ﻷﻣﺮ وﻟﻰ ﻣﻊ اﻧﻘﻀﺎﺋﮫ.
وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻭﺩﺍﺩﻱ ﻟﻙ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﻋﻠﻰ ﺤﺴﺏ ﻜﻭﻨﻪ
ﺘﻨﺎﻫﻰ ﻓﻠﻡ ﻴﻨﻘﺹ ﺒﺸﻲﺀ ﻭﻟﻡ ﻴﺯﺩ
ﻭﻟﻴﺴﺕ ﻟـﻪ ﻏـﻴﺭ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻋـﻠﺔ
ﻭﻻ ﺴﺒﺏ ﺤﺎﺸﺎﻩ ﻴﻌﻠـﻤـﻪ ﺃﺤـﺩ
ﺇﺫﺍ ﻤﺎ ﻭﺠﺩﻨﺎ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻋﻠﺔ ﻨﻔـﺴـﻪ
ﻓﺫﺍﻙ ﻭﺠﻭﺩ ﻟﻴﺱ ﻴﻔﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺒﺩ
ﻭﺇﻤﺎ ﻭﺠﺩﻨﺎﻩ ﻟـﺸـﻲﺀ ﺨـﻼﻓـﻪ
ﻓﺈﻋﺩﺍﻤﻪ ﻓﻲ ﻋﺩﻤﻨﺎ ﻤﺎ ﻟـﻪ ﻭﺠـﺩ
وﻣﻤﺎ ﯾﺆﻛﺪ ھﺬا اﻟﻘﻮل أﻧﻨﺎ ﻋﻠﻤﻨﺎ أن اﻟﻤﺤﺒﺔ ﺿﺮوب .ﻓﺄﻓﻀﻠﮭﺎ ﻣﺤﺒﺔ اﻟﻤﺘﺤﺎﺑﯿﻦ ﻓﻲ اﷲ ﻋﺰوﺟﻞ؛ إﻣﺎ ﻻﺟﺘﮭﺎد ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ ،وإﻣﺎ ﻻﺗﻔﺎق ﻓﻲ أﺻﻞ اﻟﻨﺤﻠﺔ واﻟﻤﺬھﺐ، وإﻣﺎ ﻟﻔﻀﻞ ﻋﻠﻢ ﯾﻤﻨﺤﮫ اﻹﻧﺴﺎن وﻣﺤﺒﺔ اﻟﻘﺮاﺑﺔ ،وﻣﺤﺒﺔ اﻷﻟﻔﺔ واﻻﺷﺘﺮاك ﻓﻲ اﻟﻤﻄﺎﻟﺐ ،وﻣﺤﺒﺔ اﻟﺘﺼﺎﺣﺐ واﻟﻤﻌﺮﻓﺔ وﻣﺤﺒﺔ اﻟﺒﺮ ﯾﻀﻌﮫ اﻟﻤﺮء ﻋﻨﺪ أﺧﯿﮫ، وﻣﺤﺒﺔ اﻟﻄﻤﻊ ﻓﻲ ﺟﺎه اﻟﻤﺤﺒﻮب ،وﻣﺤﺒﺔ اﻟﻤﺘﺤﺎﺑﯿﻦ ﻟﺴﺮ ﯾﺠﺘﻤﻌﺎن ﻋﻠﯿﮫ ﯾﻠﺰﻣﮭﻤﺎ ﺳﺘﺮه ،وﻣﺤﺒﺔ ﺑﻠﻮغ ﻟﻠﺬة وﻗﻀﺎء اﻟﻮﻃﺮ ،وﻣﺤﺒﺔ اﻟﻌﺸﻖ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻋﻠﺔ ﻟﮭﺎ إﻻ ﻣﺎ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ذﻛﺮﻧﺎ ﻣﻦ اﺗﺼﺎل اﻟﻨﻔﻮس ،ﻓﻜﻞ ھﺬه اﻷﺟﻨﺎس ﻣﻨﻘﻀﯿﺔ ﻣﻊ اﻧﻘﻀﺎء ﻋﻠﻠﮭﺎ وزاﺋﺪة ﺑﺰﯾﺎدﺗﮭﺎ وﻧﺎﻗﺼﺔ ﺑﻨﻘﺼﺎﻧﮭﺎ ،ﻣﺘﺄﻛﺪة ﺑﺪﻧﻮھﺎ ﻓﺎﺗﺮة ﺑﺒﻌﺪھﺎ .ﺣﺎﺷﻰ ﻣﺤﺒﺔ اﻟﻌﺸﻖ اﻟﺼﺤﯿﺢ اﻟﻤﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺲ ﻓﮭﻲ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻓﻨﺎء ﻟﮭﺎ إﻻ ﺑﺎﻟﻤﻮت. وإﻧﻚ ﻟﺘﺠﺪ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺴﺎﻟﻲ ﺑﺮﻏﻤﮫ .وذا اﻟﺴﻦ اﻟﻤﺘﻨﺎھﯿﺔ ،إذا ذﻛﺮﺗﮫ ﺗﺬﻛﺮ وارﺗﺎح وﺻﺒﺎ واﻋﺘﺎده اﻟﻄﺮب واھﺘﺎج ﻟﮫ اﻟﺤﻨﯿﻦ.
وﻻ ﯾﻌﺮض ﻓﻲ ﺷﻲء ﻣﻦ ھﺬه اﻷﺟﻨﺎس اﻟﻤﺬﻛﻮرة ،ﻣﻦ ﺷﻐﻞ اﻟﺒﺎل واﻟﺨﺒﻞ واﻟﻮﺳﻮاس وﺗﺒﺪل اﻟﻐﺮاﺋﺰ اﻟﻤﺮﻛﺒﺔ واﺳﺘﺤﺎﻟﺔ اﻟﺴﺠﺎﯾﺎ اﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺔ واﻟﻨﺤﻮل واﻟﺰﻓﯿﺮ وﺳﺎﺋﺮ دﻻﺋﻞ اﻟﺸﺠﺎ ﻣﺎ ﯾﻌﺮض ﻓﻲ اﻟﻌﺸﻖ ،ﻓﺼﺢ ﺑﺬاك أﻧﮫ اﺳﺘﺤﺴﺎن روﺣﺎﻧﻲ واﻣﺘﺰاج ﻧﻔﺴﺎﻧﻲ .ﻓﺈن ﻗﺎل ﻗﺎﺋﻞ :ﻟﻮ ﻛﺎن ھﺬا ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻜﺎﻧﺖ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﻣﺴﺘﻮﯾﺔ ،إذ اﻟﺠﺰآن ﻣﺸﺘﺮﻛﺎن ﻓﻲ اﻻﺗﺼﺎل وﺣﻈﮭﻤﺎ واﺣﺪ ﻓﺎﻟﺠﻮاب ﻋﻦ ذﻟﻚ أن ﻧﻘﻮل :ھﺬه ﻟﻌﻤﺮي ﻣﻌﺎرﺿﺔ ﺻﺤﯿﺤﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻧﻔﺲ اﻟﺬي ﻻ ﯾﺤﺐ ﻣﻦ ﯾﺤﺒﮫ ﻣﻜﺘﻨﻔﺔ اﻟﺠﮭﺎت ﺑﺒﻌﺾ اﻷﻋﺮاض اﻟﺴﺎﺗﺮة واﻟﺤﺠﺐ اﻟﻤﺤﯿﻄﺔ ﺑﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﺎﺋﻊ اﻷرﺿﯿﺔ ﻓﻠﻢ ﺗﺤﺲ ﺑﺎﻟﺠﺰء اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﺘﺼﻼً ﺑﮭﺎ ﻗﺒﻞ ﺣﻠﻮﻟﮭﺎ ﺣﯿﺚ ھﻲ ،وﻟﻮ ﺗﺨﻠﺼﺖ ﻻﺳﺘﻮﯾﺎ ﻓﻲ اﻻﺗﺼﺎل واﻟﻤﺤﺒﺔ .وﻧﻔﺲ اﻟﻤﺤﺐ ﻣﺘﺨﻠﺼﺔ ﻋﺎﻟﻤﺔ ﺑﻤﻜﺎن ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺸﺮﻛﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎورة ،ﻃﺎﻟﺒﺔ ﻟﮫ ﻗﺎﺻﺪة إﻟﯿﮫ ﺑﺎﺣﺜﺔ ﻋﻨﮫ ﻣﺸﺘﮭﯿﺔ ﻟﻤﻼﻗﺎﺗﮫ ،ﺟﺎذﺑﺔ ﻟﮫ ﻟﻮ أﻣﻜﻨﮭﺎ ﻛﺎﻟﻤﻐﻨﻄﯿﺲ واﻟﺤﺪﯾﺪ ،ﻓﻘﻮة ﺟﻮھﺮ اﻟﻤﻐﻨﻄﯿﺲ اﻟﻤﺘﺼﻠﺔ ﺑﻘﻮة ﺟﻮھﺮ اﻟﺤﺪﯾﺪ ﻟﻢ ﺗﺒﻠﻎ ﻣﻦ ﺗﺤﻜﻤﮭﺎ وﻻ ﻣﻦ ﺗﺼﻔﯿﺘﮭﺎ أن ﺗﻘﺼﺪ إﻟﻰ اﻟﺤﺪﯾﺪ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻣﻦ ﺷﻜﻠﮭﺎ وﻋﻨﺼﺮھﺎ ،ﻛﻤﺎ أن ﻗﻮة اﻟﺤﺪﯾﺪ ﻟﺸﺪﺗﮭﺎ ﻗﺼﺪت إﻟﻰ ﺷﻜﻠﮭﺎ واﻧﺠﺬﺑﺖ ﻧﺤﻮه، إذ اﻟﺤﺮﻛﺔ أﺑﺪاً إﻧﻤﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﻦ اﻷﻗﻮى ،وﻗﻮة اﻟﺤﺪﯾﺪ ﻣﺘﺮوﻛﺔ اﻟﺬات ﻏﯿﺮ ﻣﻤﻨﻮﻋﺔ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺑﺤﺎﺑﺲ ،ﺗﻄﻠﺐ ﻣﺎ ﯾﺸﺒﮭﮭﺎ وﺗﻨﻘﻄﻊ إﻟﯿﮫ وﺗﻨﮭﺾ ﻧﺤﻮه ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ واﻟﻀﺮورة وﺑﺎﻻﺧﺘﯿﺎر واﻟﺘﻌﻤﺪ .وأﻧﺖ ﻣﺘﻰ أﻣﺴﻜﺖ اﻟﺤﺪﯾﺪ ﺑﯿﺪك ﻟﻢ ﯾﻨﺠﺬب إذ ﻟﻢ ﯾﺒﻠﻎ ﻣﻦ ﻗﻮﺗﮫ أﯾﻀﺎً ﻣﻐﺎﻟﺒﺔ اﻟﻤﻤﺴﻚ ﻟﮫ ﻣﻤﺎ ھﻮ أﻗﻮى ﻣﻨﮫ .وﻣﺘﻰ ﻛﺜﺮت أﺟﺰاء اﻟﺤﺪﯾﺪ اﺷﺘﻐﻞ ﺑﻌﻀﮭﺎ ﺑﺒﻌﺾ واﻛﺘﻔﺖ ﺑﺄﺷﻜﺎﻟﮭﺎ ﻋﻦ ﻃﻠﺐ اﻟﯿﺴﯿﺮ ﻣﻦ ﻗﻮاھﺎ اﻟﻨﺎزﺣﺔ ﻋﻨﮭﺎ ،ﻓﻤﺘﻰ ﻋﻈﻢ ﺟﺮم اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺲ ووازت ﻗﻮاه ﺟﻤﯿﻊ ﻗﻮى ﺟﺮم اﻟﺤﺪﯾﺪ ﻋﺎدت إﻟﻰ ﻃﺒﻌﮭﺎ اﻟﻤﻌﮭﻮد .وﻛﺎﻟﻨﺎر ﻓﻲ اﻟﺤﺠﺮ ﻻ ﺗﺒﺮز ﻋﻠﻰ ﻗﻮة اﻟﺤﺠﺮ ﻓﻲ اﻻﺗﺼﺎل واﻻﺳﺘﺪﻋﺎء ﻷﺟﺰاﺋﮭﺎ ﺣﯿﺚ ﻛﺎﻧﺖ إﻻ ﺑﻌﺪ اﻟﻘﺪح وﻣﺠﺎورة اﻟﺠﺮﻣﯿﻦ ﺑﻀﻐﻄﮭﻤﺎ واﺻﻄﻜﺎﻛﮭﻤﺎ، وإﻻ ﻓﮭﻲ ﻛﺎﻣﻨﺔ ﻓﻲ ﺣﺠﺮھﺎ ﻻ ﺗﺒﺪو وﻻ ﺗﻈﮭﺮ.
وﻣﻦ اﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ھﺬا أﯾﻀﺎً أﻧﻚ ﻻ ﺗﺠﺪ اﺛﻨﯿﻦ ﯾﺘﺤﺎﺑﺎن إﻻ وﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﻣﺸﺎﻛﻠﺔ واﺗﻔﺎق اﻟﺼﻔﺎت اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ھﺬا وإن ﻗﻞ ،وﻛﻠﻤﺎ ﻛﺜﺮت اﻷﺷﺒﺎه زادت اﻟﻤﺠﺎﻧﺴﺔ وﺗﺄﻛﺪت اﻟﻤﻮدة ﻓﺎﻧﻈﺮ ھﺬا ﺗﺮاه ﻋﯿﺎﻧﺎً ،وﻗﻮل رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﯾﺆﻛﺪه) :اﻷرواح ﺟﻨﻮد ﻣﺠﻨﺪة ﻣﺎ ﺗﻌﺎرف ﻣﻨﮭﺎ اﺋﺘﻠﻒ وﻣﺎ ﺗﻨﺎﻛﺮ ﻣﻨﮭﺎ اﺧﺘﻠﻒ(، وﻗﻮل ﻣﺮوى ﻋﻦ أﺣﺪ اﻟﺼﺎﻟﺤﯿﻦ :أرواح اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﺗﺘﻌﺎرف .وﻟﮭﺬا ﻣﺎ اﻏﺘﻢ أﺑﻘﺮاط ﺣﯿﻦ وﺻﻒ ﻟﮫ رﺟﻞ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﻨﻘﺼﺎن ﯾﺤﺒﮫ ،ﻓﻘﯿﻞ ﻟﮫ ﻓﻲ ذﻟﻚ ،ﻓﻘﺎل :ﻣﺎ أﺣﺒﻨﻲ إﻻ وﻗﺪ واﻓﻘﺘﮫ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ أﺧﻼﻗﮫ.
وذﻛﺮ أﻓﻼﻃﻮن أن ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻠﻮك ﺳﺠﻨﮫ ﻇﻠﻤﺎً ،ﻓﻠﻢ ﯾﺰل ﯾﺤﺘﺞ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﮫ ﺣﺘﻰ اﻇﮭﺮ ﺑﺮاءﺗﮫ ،وﻋﻠﻢ اﻟﻤﻠﻚ أﻧﮫ ﻟﮫ ﻇﺎﻟﻢ ،ﻓﻘﺎل ﻟﮫ وزﯾﺮه اﻟﺬي ﻛﺎن ﯾﺘﻮﻟﻰ إﯾﺼﺎل ﻛﻼﻣﮫ إﻟﯿﮫ :أﯾﮭﺎ اﻟﻤﻠﻚ ،ﻗﺪ اﺳﺘﺒﺎن ﻟﻚ أﻧﮫ ﺑﺮيء ﻓﻤﺎﻟﻚ وﻟﮫ؟ ﻓﻘﺎل اﻟﻤﻠﻚ :ﻟﻌﻤﺮي
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻣﺎﻟﻲ إﻟﯿﮫ ﺳﺒﯿﻞ ،ﻏﯿﺮ أﻧﻲ أﺟﺪ ﻟﻨﻔﺴﻲ اﺳﺘﺜﻘﺎﻻً ﻻ أدري ﻣﺎ ھﻮ .ﻓﺄدى ذﻟﻚ إﻟﻰ أﻓﻼﻃﻮن .ﻗﺎل :ﻓﺎﺣﺘﺠﺖ أن أﻓﺘﺶ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ وأﺧﻼﻗﻲ أﺟﺪ ﺷﯿﺌﺎً أﻗﺎﺑﻞ ﺑﮫ ﻧﻔﺴﮫ وأﺧﻼﻗﮭﻤﺎ ﻣﻤﺎ ﯾﺸﺒﮭﮭﺎ ،ﻓﻨﻈﺮت ﻓﻲ أﺧﻼﻗﮫ ﻓﺈذا ھﻮ ﻣﺤﺐ ﻟﻠﻌﺪل ﻛﺎره ﻟﻠﻈﻠﻢ، ﻓﻤﯿﺰت ھﺬا اﻟﻄﺒﻊ ﻓﻲ ،ﻓﻤﺎ ھﻮ إﻻ أن ﺣﺮﻛﺘﮫ ھﺬه اﻟﻤﻮاﻓﻘﺔ وﻗﺎﺑﻠﺖ ﻧﻔﺴﮫ ﺑﮭﺬا اﻟﻄﺒﻊ اﻟﺬي ﺑﻨﻔﺴﻲ ﻓﺄﻣﺮ ﺑﺈﻃﻼﻗﻲ وﻗﺎل ﻟﻮزﯾﺮه :ﻗﺪ اﻧﺤﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ أﺟﺪ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ ﻟﮫ. وأﻣﺎ اﻟﻌﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻗﻊ اﻟﺤﺐ أﺑﺪاً ﻓﻲ أﻛﺜﺮ اﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻮرة اﻟﺤﺴﻨﺔ ،ﻓﺎﻟﻈﺎھﺮ أن اﻟﻨﻔﺲ ﺣﺴﻨﺔ وﺗﻮﻟﻊ ﺑﻜﻞ ﺷﻲء ﺣﺴﻦ وﺗﻤﯿﻞ إﻟﻰ اﻟﺘﺼﺎوﯾﺮ اﻟﻤﻨﻘﻨﺔ ،ﻓﮭﻲ إذا رأت ﺑﻌﻀﮭﺎ ﺗﺜﺒﺘﺖ ﻓﯿﮫ ،ﻓﺈن ﻣﯿﺰت وراءھﺎ ﺷﯿﺌﺎً ﻣﻦ أﺷﻜﺎﻟﮭﺎ اﺗﺼﻠﺖ وﺻﺤﺖ اﻟﻤﺤﺒﺔ اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ ،وإن ﻟﻢ ﺗﻤﯿﺰ وراءھﺎ ﺷﯿﺌﺎً ﻣﻦ أﺷﻜﺎﻟﮭﺎ ﻟﻢ ﯾﺘﺠﺎوز ﺣﺒﮭﺎ اﻟﺼﻮرة، وذﻟﻚ ھﻮ اﻟﺸﮭﻮة.
وإن ﻟﻠﺼﻮر ﻟﺘﻮﺻﯿﻼ ﻋﺠﯿﺒﺎً ﺑﯿﻦ أﺟﺰاء اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻨﺎﺋﯿﺔ .وﻗﺮأت ﻓﻲ اﻟﺴﻔﺮ اﻷول ﻣﻦ اﻟﺘﻮراة أن اﻟﻨﺒﻲ ﯾﻌﻘﻮب ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم أﯾﺎم رﻋﯿﮫ ﻏﻨﻤﺎً ﻻﺑﻦ ﺧﺎﻟﮫ ﻣﮭﺮاً ﻻ ﺑﻨﺘﮫ ﺷﺎرﻃﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ إﻧﺴﺎﻟﮭﺎ ،ﻓﻜﻞ ﺑﮭﯿﻢ ﻟﯿﻌﻘﻮب وﻛﻞ أﻏﺮ ﻟﻸﺑﺎن ،ﻓﻜﺎن ﯾﻌﻘﻮب ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ﯾﻌﻤﺪ إﻟﻰ ﻗﻀﺒﺎن اﻟﺸﺠﺮ ﯾﺴﻠﺦ ﻧﺼﻔﺎً وﯾﺘﺮك ﻧﺼﻔﺎً ﺑﺤﺎﻟﮫ ،ﺛﻢ ﯾﻠﻘﻰ اﻟﺠﻤﯿﻊ ﻓﻲ اﻟﻤﺎء اﻟﺬي ﺗﺮده اﻟﻐﻨﻢ ،وﯾﺘﻌﻤﺪ إرﺳﺎل اﻟﻄﺮوﻗﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻓﻼ ﺗﻠﺪ إﻻ ﻧﺼﻔﯿﻦ ،ﻧﺼﻔﺎً ﺑﮭﻤﺎً وﻧﺼﻔﺎً ﻏﺮاً.
وذﻛﺮ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﺎﻓﺔ أﻧﮫ أﺗﻰ ﺑﺎﺑﻦ أﺳﻮد ﻷﺑﯿﻀﯿﻦ ،ﻓﻨﻈﺮ إﻟﻰ أﻋﻼﻣﮫ ﻓﺮآه ﻟﮭﻤﺎ ﻏﯿﺮ ﺷﻚ .ﻓﺮﻏﺐ أن ﯾﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮﺿﻊ اﻟﺬي اﺟﺘﻤﻌﺎ ﻋﻠﯿﮫ .ﻓﺄدﺧﻞ اﻟﺒﯿﺖ اﻟﺬي
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻛﺎن ﻓﯿﮫ ﻣﻀﺠﻌﮭﻤﺎ ،ﻓﺮأى ﻓﯿﻤﺎ ﯾﻮازي ﻧﻈﺮ اﻟﻤﺮأة ﺻﻮرة أﺳﻮد ﻓﻲ اﻟﺤﺎﺋﻂ، ﻓﻘﺎل ﻷﺑﯿﮫ :ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ھﺬه اﻟﺼﻮرة أﺗﯿﺖ ﻓﻲ إﺑﻨﻚ.
وﻛﺜﯿﺮاً ﻣﺎ ﯾﺼﺮف ﺷﻌﺮاء أھﻞ اﻟﻜﻼم ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻓﻲ أﺷﻌﺎرھﻢ ،ﻓﯿﺨﺎﻃﺒﻮن اﻟﻤﺮﺋﻲ ﻓﻲ اﻟﻈﺎھﺮ ﺧﻄﺎب اﻟﻤﻌﻘﻮل اﻟﺒﺎﻃﻦ ،وھﻮ اﻟﻤﺴﺘﻔﯿﺾ ﻓﻲ ﺷﻌﺮ اﻟﻨﻈﺎم إﺑﺮاھﯿﻢ ﺑﻦ ﺳﯿﺎر وﻏﯿﺮه ﻣﻦ اﻟﻤﺘﻜﻠﻤﯿﻦ ،وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌﺮاً ،ﻣﻨﮫ: ﻤﺎ ﻋﻠﺔ ﺍﻟﻨﺼﺭ ﻓﻲ ﺍﻷﻋﺩﺍﺀ ﺘﻌﺭﻓﻬﺎ
ﻭﻋﻠﺔ ﺍﻟﻔﺭ ﻤﻨﻬـﻡ ﺃﻥ ﻴﻔـﺭﻭﻨـﺎ
ﺇﻻ ﻨﺯﺍﻉ ﻨﻔﻭﺱ ﺍﻟﻨـﺎﺱ ﻗـﺎﻁـﺒﺔ
ﺇﻟﻴﻙ ﻴﺎ ﻟﺅﻟﺅﺍﹰ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻤﻜﻨﻭﻨـﺎ
ﻤﻥ ﻜﻨﺕ ﻗﺩﺍﻤﻪ ﻻ ﻴﻨـﺘـﺌﻰ ﺃﺒـﺩ ﺍﹰ
ﻓﻬﻡ ﺇﻟﻰ ﻨﻭﺭﻙ ﺍﻟﺼﻌﺎﺩ ﻴﻌﺸﻭﻨـﺎ
ﻭﻤﻥ ﺘﻜﻥ ﺨﻠﻔﻪ ﻓﺎﻟﻨﻔﺱ ﺘﺼﺭﻓـﻪ
ﺇﻟﻴﻙ ﻁﻭﻋ ﺎﹰ ﻓﻬﻡ ﺩﺃﺒـﺎﹰ ﻴﻜـﺭﻭﻨـﺎ
وﻣﻦ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﺃﻤﻥ ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻷﻤﻼﻙ ﺃﻨﺕ ﺃﻡ ﺃﻨـﺴـﻰ
ﺃﺒﻥ ﻟﻲ ﻓﻘﺩ ﺃﺯﺭﻯ ﺒﺘﻤﻴﺯﻱ ﺍﻟﻌـﻲ
ﺃﺭﻯ ﻫـﻴﺌﺔ ﺇﻨـﺴـﻴﺔ ﻏـﻴﺭ ﺃﻨـﻪ
ﺇﺫﺍ ﺃﻋﻤل ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﻓﺎﻟﺠﺭﻡ ﻋﻠـﻭﻱ
ﺘﺒﺎﺭﻙ ﻤﻨﺴﻭﻯ ﻤﺫﺍﻫﺏ ﺨـﻠـﻘـﻪ
ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻙ ﺍﻟﻨﻭﺭ ﺍﻷﻨﻴﻕ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌـﻲ
ﻭﻻ ﺸﻙ ﻋﻨﺩﻱ ﺃﻨﻙ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﺴﺎﻗـﻪ
ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻤﺜﺎل ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﻭﺱ ﺍﺘﺼـﺎﻟـﻲ
ﻋﺩ ﻤﻨﺎ ﺩﻟﻴﻼﹰ ﻓﻲ ﺤﺩﻭﺜﻙ ﺸـﺎﻫـﺩﺍﹰ
ﻨﻘﻴﺱ ﻋﻠﻴﻪ ﻏـﻴﺭ ﺃﻨـﻙ ﻤـﺭﺌﻲ
ﻭﻟﻭﻻ ﻭﻗﻭﻉ ﺍﻟﻌﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻭﻥ ﻟﻡ ﻨﻘل
ﺴﻭﻯ ﺃﻨﻙ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﺭﻓﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘـﻲ
وﻛﺎن ﺑﻌﺾ أﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ﯾﺴﻤﻰ ﻗﺼﯿﺪة ﻟﻲ اﻹدراك اﻟﻤﺘﻮھﻢ ،ﻣﻨﮭﺎ: ﺘﺭﻯ ﻜل ﻀﺩ ﺒـﻪ ﻗـﺎﺌﻤـﺎﹰ
ﻓﻜﻴﻑ ﺘﺤﺩ ﺍﺨﺘﻼﻑ ﺍﻟﻤﻌﺎﻨﻲ
ﻓﻴﺄﻴﻬﺎ ﺍﻟﺠﺴﻡ ﻻ ﺫﺍ ﺠـﻬـﺎﺕ
ﻭﻴﺎ ﻋﺭﻀﺎﹰ ﺜﺎﺒﺘﺎﹰ ﻏﻴﺭ ﻓـﺎﻥ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻓﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﺫ ﻟﺤﺕ ﺒﺎﻟﻤﺴﺘﺒﺎﻥ
ﻨﻘﻀﺕ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻭﺠﻭﻩ ﺍﻟﻜـﻼﻡ
وھﺬا ﺑﻌﯿﻨﮫ ﻣﻮﺟﻮد ﻓﻲ اﻟﺒﻐﻀﺔ ،ﺗﺮى اﻟﺸﺨﺼﯿﻦ ﯾﺘﺒﺎﻏﻀﺎن ﻻ ﻟﻤﻌﻨﻰ ،وﻻ ﻋﻠﺔ، وﯾﺴﺘﺜﻘﻞ ﺑﻌﻀﮭﺎ ﺑﻌﻀﺎً ﺑﻼ ﺳﺒﺐ .واﻟﺤﺐ أﻋﺰك اﷲ داء ﻋﯿﺎء وﻓﯿﮫ اﻟﺪواء ﻣﻨﮫ ﻋﻠﻰ ﻗﺪر اﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ ،وﻣﻘﺎم ﻣﺴﺘﻠﺬ ،وﻋﻠﺔ ﻣﺸﮭﺎة ﻻ ﯾﻮد ﺳﻠﯿﻤﮭﺎ اﻟﺒﺮء ،وﻻ ﯾﺘﻤﻨﻰ ﻋﻠﯿﻠﮭﺎ اﻹﻓﺎﻗﺔ .ﯾﺰﯾﻦ اﻟﻤﺮء ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺄﻧﻒ ﻣﻨﮫ ،وﯾﺴﮭﻞ ﻋﻠﯿﮫ ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺼﻌﺐ ﻋﻨﺪه ﺣﺘﻰ ﯾﺤﯿﻞ اﻟﻄﺒﺎﺋﻊ اﻟﻤﺮﻛﺒﺔ واﻟﺠﺒﻠﺔ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺔ .وﺳﯿﺄﺗﻲ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻣﻠﺨﺼﺎً ﻓﻲ ﺑﺎﺑﮫ إن ﺷﺎء اﷲ.
ﺧﺒﺮ :وﻟﻘﺪ ﻋﻠﻤﺖ ﻓﺘﻰ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﻣﻌﺎر ﻓﻲ ﻗﺪ وﺣﻞ ﻣﻦ اﻟﺤﺐ وﺗﻮرط ﻓﻲ ﺣﺒﺎﺋﻠﮫ، وأﺿﺮﺑﮫ اﻟﻮﺟﺪ ،وأﻧﻀﺤﮫ اﻟﺪﻧﻒ ،وﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻔﺴﮫ ﺗﻄﯿﺐ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎء إﻟﻰ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻓﻲ ﻛﺸﻒ ﻣﺎ ﺑﮫ وﻻ ﯾﻨﻄﻖ ﺑﮫ ﻟﺴﺎﻧﮫ ،وﻣﺎ ﻛﺎن دﻋﺎؤه إﻻ ﺑﺎﻟﻮﺻﻞ واﻟﺘﻤﻜﻦ ﻣﻤﻦ ﯾﺤﺐ ،ﻋﻠﻰ ﻋﻈﯿﻢ ﺑﻼﺋﮫ وﻃﻮﯾﻞ ھﻤﮫ ،ﻓﻤﺎ اﻟﻈﻦ ﺑﺴﻘﯿﻢ ﻻ ﯾﺮﯾﺪ ﻓﻘﺪ ﺳﻘﻤﮫ وﻟﻘﺪ ﺟﺎﻟﺴﺘﮫ ﯾﻮﻣﺎً ﻓﺮأﯾﺖ ﻣﻦ إﻛﺒﺎﺑﮫ وﺳﻮء ﺣﺎﻟﮫ وإﻃﺮاﻗﮫ ﻣﺎ ﺳﺎءﻧﻲ ﻓﻘﻠﺖ ﻟﮫ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻗﻮﻟﻲ :ﻓﺮج اﷲ ﻋﻨﻚ ﻓﻠﻘﺪ رأﯾﺖ أﺛﺮ اﻟﻜﺮاھﯿﺔ ﻓﻲ وﺟﮭﮫ .وﻓﻲ ﻣﺜﻠﮫ أﻗﻮل ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ ﻃﻮﯾﻠﺔ: ﻭﺃﺴﺘﻠﺫ ﺒﻼﺌﻲ ﻓـﻴﻙ ﻴﺎ ﺃﻤـﻠـﻲ
ﻭﻟﺴﺕ ﻋﻨﻙ ﻤﺩﻯ ﺍﻷﻴﺎﻡ ﺃﻨﺼﺭﻑ
ﺇﻥ ﻗﻴل ﻟﻲ ﺘﺘﺴﻠﻰ ﻋﻥ ﻤـﻭﺩﺘـﻪ
ﻓﻤﺎ ﺠﻭﺍﺒﻲ ﺇﻻ ﺍﻟـﻼﻡ ﻭﺍﻷﻟـﻑ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺧﺒﺮ :وھﺬه اﻟﺼﻔﺎت ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻤﺎ أﺧﺒﺮﻧﻲ ﺑﮫ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﮫ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻗﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻘﺮﺷﻲ .اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﻟﺸﻠﺸﻲ ،ﻣﻦ وﻟﺪ اﻹﻣﺎم ھﺸﺎم ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﻌﺎوﯾﺔ أﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﺤﺐ أﺣﺪاً ﻗﻂ ،وﻻ أﺳﻒ ﻋﻠﻰ إﻟﻒ ﺑﺎن ﻣﻨﮫ ،وﻻ ﺗﺠﺎوز ﺣﺪ اﻟﺼﺤﺒﺔ واﻷﻟﻔﺔ إﻟﻰ ﺣﺪ اﻟﺤﺐ واﻟﻌﺸﻖ ﻣﻨﺬ ﺧﻠﻖ.
اﻟﺒﺎب اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﻼﻣﺎت اﻟﺤﺐ وﻟﻠﺤﺐ ﻋﻼﻣﺎت ﯾﻘﻔﻮھﺎ اﻟﻔﻄﻦ ،وﯾﮭﺘﺪي إﻟﯿﮭﺎ اﻟﺬﻛﻲ .ﻓﺄوﻟﮭﺎ إدﻣﺎن اﻟﻨﻈﺮ، واﻟﻌﯿﻦ ﺑﺎب اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺸﺎرع ،وھﻲ اﻟﻤﻨﻘﺒﺔ ﻋﻦ ﺳﺮاﺋﺮھﺎ ،واﻟﻤﻌﺒﺮة ﻟﻀﻤﺎﺋﺮھﺎ واﻟﻤﻌﺮﺑﺔ ﻋﻦ ﺑﻮاﻃﻨﮭﺎ .ﻓﺘﺮى اﻟﻨﺎﻇﺮ ﻻ ﯾﻄﺮف ،ﯾﺘﻨﻘﻞ ﺑﺘﻨﻘﻞ اﻟﻤﺤﺒﻮب وﯾﻨﺰوي ﺑﺎﻧﺰواﺋﮫ ،وﯾﻤﯿﻞ ﺣﯿﺚ ﻣﺎل ﻛﺎﻟﺤﺮﺑﺎء ﻣﻊ اﻟﺸﻤﺲ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌﺮاً ،ﻣﻨﮫ: ﻓﻠﻴﺱ ﻟﻌﻴﻨﻲ ﻋﻨﺩ ﻏﻴﺭﻙ ﻤـﻭﻗـﻑ
ﻜﺄﻨﻙ ﻤﺎ ﻴﺤﻜﻭﻥ ﻤﻥ ﺤﺠﺭ ﺍﻟﺒﻬـﺕ
ﺃﺼﺭﻓﻬﺎ ﺤﻴﺙ ﺍﻨﺼﺭﻓﺕ ﻭﻜﻴﻔـﻤـﺎ
ﺘﻘﻠﺒﺕ ﻜﺎﻟﻤﻨﻌﻭﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺤﻭ ﻭﺍﻟﻨﻌﺕ
وﻣﻨﮭﺎ اﻹﻗﺒﺎل ﺑﺎﻟﺤﺪﯾﺚ .ﻓﻤﺎ ﯾﻜﺎد ﯾﻘﺒﻞ ﻋﻠﻰ ﺳﻮى ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ وﻟﻮ ﺗﻌﻤﺪ ذﻟﻚ ،وإن اﻟﺘﻜﻠﻒ ﻟﯿﺴﺘﺒﯿﻦ ﻟﻤﻦ ﯾﺮﻣﻘﮫ ﻓﯿﮫ ،واﻹﻧﺼﺎت ﻟﺤﺪﯾﺜﮫ إذا ﺣﺪّث ،واﺳﺘﻐﺮاب ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ ﺑﮫ وﻟﻮ أﻧﮫ ﻋﯿﻦ اﻟﻤﺤﺎل وﺧﺮق اﻟﻌﺎدات ،وﺗﺼﺪﯾﻘﮫ وإن ﻛﺬب ،وﻣﻮاﻓﻘﺘﮫ وإن ﻇﻠﻢ ،واﻟﺸﮭﺎدة ﻟﮫ وإن ﺟﺎر ،واﺗﺒﺎﻋﮫ ﻛﯿﻒ ﺳﻠﻚ وأي وﺟﮫ ﻣﻦ وﺟﻮه اﻟﻘﻮل ﺗﻨﺎول.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وﻣﻨﮭﺎ اﻻﺳﺮاع ﺑﺎﻟﺴﯿﺮ ﻧﺤﻮ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﺬي ﯾﻜﻮن ﻓﯿﮫ ،واﻟﺘﻌﻤﺪ ﻟﻠﻘﻌﻮد ﺑﻘﺮﺑﮫ واﻟﺪﻧﻮ ﻣﻨﮫ ،واﻃﺮاح اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻤﻮﺟﺒﺔ ﻟﻠﺰوال ﻋﻨﮫ ،واﻻﺳﺘﮭﺎﻧﺔ ﺑﻜﻞ ﺧﻄﺐ ﺟﻠﯿﻞ داع إﻟﻰ ﻣﻔﺎرﻗﺘﮫ ،واﻟﺘﺒﺎﻃﺆ ﻓﻲ اﻟﺸﻲء ﻋﻨﺪ اﻟﻘﯿﺎم ﻋﻨﮫ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌﺮاً ﻭﺇﺫﺍ ﻗﻤﺕ ﻋﻨﻙ ﻟﻡ ﺃﻤـﺵ ﺇﻻ
ﻤﺸﻲ ﻋﺎﻥ ﻴﻘﺎﺩ ﻓﻲ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ
ﻓﻲ ﻤﺠﻴﺌﻲ ﺇﻟﻴﻙ ﺃﺤﺘﹼﺙ ﻜﺎﻟﺒﺩ
ﺭ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻗﺎﻁﻌﺎﹰ ﻟﻠﺴﻤـﺎﺀ
ﻭﻗﻴﺎﻤﻲ ﺇﻥ ﻗﻤﺕ ﻜﺎﻷﻨﺠﻡ ﺍﻟﻌﺎ
ﻟﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﺒﺘﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻹﺒـﻁـﺎﺀ
وﻣﻨﮭﺎ ﺑﮭﺖ ﯾﻘﻊ وروﻋﺔ ﺗﺒﺪو ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺐ ﻋﻨﺪ رؤﯾﺔ ﻣﻦ ﯾﺤﺐ ﻓﺠﺄة وﻃﻠﻮﻋﮫ ﺑﻐﺘﮫ. وﻣﻨﮭﺎ اﺿﻄﺮاب ﯾﺒﺪو ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺐ ﻋﻨﺪ رؤﯾﺔ ﻣﻦ ﯾﺸﺒﮫ ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ أو ﻋﻨﺪ ﺳﻤﺎع إﺳﻤﮫ ﻓﺠﺄة وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﮭﺎ. ﺇﺫﺍ ﻤﺎ ﺭﺃﺕ ﻋﻴﻨﺎﻱ ﻻ ﺒﺱ ﺤﻤﺭﺓ
ﺘﻘﻁﻊ ﻗﻠﺒﻲ ﺤﺴﺭﺓ ﻭﺘﻔـﻁـﺭﺍ
ﻏﺩﺍ ﻟﺩﻤﺎﺀ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺒﺎﻟﻠﺤﻅ ﺴﺎﻓﻜـﺎﹰ
ﻭﻀﺭﺝ ﻤﻨﻬﺎ ﺜﻭﺒﻪ ﻓﺘﻌﺼﻔـﺭﺍ
وﻣﻨﮭﺎ أن ﯾﺠﻮد اﻟﻤﺮء ﺑﺒﺬل ﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﻘﺪر ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻤﺘﻨﻌﺎً ﺑﮫ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ، ﻛﺄﻧﮫ ھﻮ اﻟﻤﻮھﻮب ﻟﮫ واﻟﻤﺴﻌﻲ ﻓﻲ ﺣﻈﮫ ،ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻟﯿﺒﺪي ﻣﺤﺎﺳﻨﮫ وﯾﺮﻏﺐ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﮫ .ﻓﻜﻢ ﺑﺨﯿﻞ ﺟﺎد ،وﻗﻄﻮب ﺗﻄﻠﻖ ،وﺟﺒﺎن ﺗﺸﺠﻊ ،وﻏﻠﯿﻆ اﻟﻄﺒﻊ ﺗﻄﺮب، وﺟﺎھﻞ ﺗﺄدب ،وﺗﻔﻞ ﺗﺰﯾﻦ ،وﻓﻘﯿﺮ ﺗﺠﻤﻞ .وذي ﺳﻦ ﺗﻔﺘﻰ ،وﻧﺎﺳﻚ ﺗﻔﺘﻚ ،وﻣﺼﻮن ﺗﺒﺬل. وھﺬه اﻟﻌﻼﻣﺎت ﺗﻜﻮن ﻗﺒﻞ اﺳﺘﻌﺎر ﻧﺎر اﻟﺤﺐ وﺗﺄﺟﺞ ﺣﺮﯾﻘﮫ وﺗﻮﻗﺪ ﺷﻌﻠﮫ واﺳﺘﻄﺎرة ﻟﮭﺒﮫ .ﻓﺄﻣﺎ إذا ﺗﻤﻜﻦ وأﺧﺬ ﻣﺄﺧﺬه ﻓﺤﯿﻨﺌﺬ ﺗﺮى اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺳﺮاراً،
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
واﻹﻋﺮاض ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺣﻀﺮ إﻻ ﻋﻦ اﻟﻤﺤﺒﻮب ﺟﮭﺎراً .وﻟﻲ أﺑﯿﺎت ﺟﻤﻌﺖ ﻓﯿﮭﺎ ﻛﺜﯿﺮاً ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻌﻼﻣﺎت ،ﻣﻨﮭﺎ: ﺃﻫﻭﻯ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﺇﺫﺍ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺫﻜﺭ ﻟﻲ
ﻓﻴﻪ ﻭﻴﻌﺒﻕ ﻟﻲ ﻋﻥ ﻋﻨـﺒـﺭ ﺃﺭﺝ
ﺇﻥ ﻗﺎل ﻟﻡ ﺃﺴﺘﻤﻊ ﻤﻤﻥ ﻴﺠﺎﻟﺴـﻨـﻲ
ﺇﻟﻰ ﺴﻭﻯ ﻟﻔﻅﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻁﺭﻑ ﺍﻟﻐﻨﺞ
ﻭﻟﻭ ﻴﻜﻭﻥ ﺃﻤﻴﺭ ﺍﻟﻤﺅﻤﻨـﻴﻥ ﻤـﻌـﻲ
ﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﻤﻥ ﺃﺠﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺒﻤﻨـﻌـﺭﺝ
ﻓﺈﻥ ﺃﻗﻡ ﻋﻨﻪ ﻤﻀﻁـﺭﺍﹰ ﻓـﺈﻨـﻲ ﻻ
ﺃﺯﺍل ﻤﻠﺘﻔﺘﺎﹰ ﻭﺍﻟﻤﺸﻲ ﻤﺸﻲ ﻭﺠـﻲ
ﻋﻴﻨﺎﻱ ﻓﻴﻪ ﻭﺠﺴﻤﻲ ﻋﻨﻪ ﻤﺭﺘـﺤـل
ﻤﺜل ﺍﺭﺘﻘﺎﺏ ﺍﻟﻐﺭﻴﻕ ﺍﻟﺒﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﺠﺞ
ﺇﻏﺹ ﺒﺎﻟﻤﺎﺀ ﺇﻥ ﺃﺫﻜﺭ ﺘـﺒـﺎﻋـﺩﻩ
ﻜﻤﻥ ﺘﺜﺎﺀﺏ ﻭﺴﻁ ﺍﻟﻨﻘﻊ ﻭﺍﻟﻭﻫـﺞ
ﻭﺇﻥ ﺘﻘل ﻤﻤﻜﻥ ﻗﺼﺩ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺃﻗـل
ﻨﻌﻡ ﻭﺇﻨﻲ ﻷﺩﺭﻱ ﻤﻭﻀﻊ ﺍﻟـﺩﺭﺝ
وﻣﻦ ﻋﻼﻣﺎﺗﮫ وﺷﻮاھﺪه اﻟﻈﺎھﺮة ﻟﻜﻞ ذي ﺑﺼﺮ اﻹﻧﺒﺴﺎط اﻟﻜﺜﯿﺮ اﻟﺰاﺋﺪ، واﻟﺘﻀﺎﯾﻖ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﻮاﺳﻊ ،واﻟﻤﺠﺎذﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻲء ﯾﺄﺧﺬه أﺣﺪھﻤﺎ ،وﻛﺜﺮة اﻟﻐﻤﺰ اﻟﺨﻔﻲ ،واﻟﻤﯿﻞ ﺑﺎﻹﺗﻜﺎء ،واﻟﺘﻌﻤﺪ ﻟﻤﺲ اﻟﯿﺪ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺤﺎدﺛﺔ ،وﻟﻤﺲ ﻣﺎ أﻣﻜﻦ ﻣﻦ اﻷﻋﻀﺎء اﻟﻈﺎھﺮة .وﺷﺮب ﻓﻀﻠﺔ ﻣﺎ أﺑﻘﻰ اﻟﻤﺤﺒﻮب ﻓﻲ اﻹﻧﺎء ،وﺗﺤﺮي اﻟﻤﻜﺎن
اﻟﺬي
ﯾﻘﺎﺑﻠﮫ
ﻓﯿﮫ.
وﻣﻨﮭﺎ ﻋﻼﻣﺎت ﻣﺘﻀﺎدة ،وھﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﺪر اﻟﺪواﻋﻲ واﻟﻌﻮارض اﻟﺒﺎﻋﺜﺔ واﻷﺳﺒﺎب اﻟﻤﺤﺮﻛﺔ واﻟﺨﻮاﻃﺮ اﻟﻤﮭﯿﺠﺔ ،واﻷﺿﺪاد أﻧﺪاد ،واﻷﺷﯿﺎء إذا أﻓﺮﻃﺖ ﻓﻲ ﻏﺎﯾﺎت ﺗﻀﺎدھﺎ .ووﻗﻔﺖ ﻓﻲ اﻧﺘﮭﺎء ﺣﺪود اﺧﺘﻼﻓﮭﺎ ﺗﺸﺎﺑﮭﺖ ،ﻗﺪرة ﻣﻦ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﺗﻀﻞ ﻓﯿﮭﺎ اﻷوھﺎم ،ﻓﮭﺬا اﻟﺜﻠﺞ إذا أدﻣﻦ ﺣﺒﺴﮫ ﻓﻲ اﻟﯿﺪ ﻓَﻌﻞ ﻓِﻌﻞ اﻟﻨﺎر ،وﻧﺠﺪ اﻟﻔﺮح إذا أﻓﺮط ﻗﺘﻞ ،واﻟﻐﻢ إذا أﻓﺮط ﻗﺘﻞ ،واﻟﻀﺤﻚ إذا ﻛﺜﺮ واﺷﺘﺪ أﺳﺎل اﻟﺪﻣﻊ ﻣﻦ اﻟﻌﯿﻨﯿﻦ. وھﺬا ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﺜﯿﺮ ،ﻓﻨﺠﺪ اﻟﻤﺤﺒﯿﻦ إذا ﺗﻜﺎﻓﯿﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺒﺔ وﺗﺄﻛﺪت ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﺗﺄﻛﺪاً
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺷﺪﯾﺪاً أﻛﺜﺮ ﺑﮭﻤﺎ ﺟﺪھﻤﺎ ﺑﻐﯿﺮ ﻣﻌﻨﻰ ،وﺗﻀﺎدھﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﻮل ﺗﻌﻤﺪاً ،وﺧﺮوج ﺑﻌﻀﮭﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﻓﻲ ﻛﻞ ﯾﺴﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر ،وﺗﺘﺒﻊ ﻛﻞ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﻟﻔﻈﺔ ﺗﻘﻊ ﻣﻦ ﺻﺎﺣﺒﮫ وﺗﺄوﻟﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ ﻣﻌﻨﺎھﺎ ،ﻛﻞ ھﺬه ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻟﯿﺒﺪو ﻣﺎ ﯾﻌﺘﻘﺪه ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﻓﻲ ﺻﺎﺣﺒﮫ .واﻟﻔﺮق ﺑﯿﻦ ھﺬا وﺑﯿﻦ ﺣﻘﯿﻘﺔ اﻟﮭﺠﺮة واﻟﻤﻀﺎدة اﻟﻤﺘﻮﻟﺪة ﻋﻦ اﻟﺸﺤﻨﺎء وﻣﺨﺎرﺟﺔ اﻟﺘﺸﺎﺟﺮ ﺳﺮﻋﺔ اﻟﺮﺿﻰ ،ﻓﺈﻧﻚ ﺑﯿﻨﻤﺎ ﺗﺮى اﻟﻤﺤﺒﯿﻦ ﻗﺪ ﺑﻠﻐﺎ اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣﻦ اﻻﺧﺘﻼف اﻟﺬي ﻻ ﯾﻘﺪر ﯾﺼﻠﺢ ﻋﻨﺪ اﻟﺴﺎﻛﻦ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺴﺎﻟﻢ ﻣﻦ اﻷﺣﻘﺎد ﻓﻲ اﻟﺰﻣﻦ اﻟﻄﻮﯾﻞ وﻻ ﯾﻨﺠﺒﺮ ﻋﻨﺪ اﻟﺤﻘﻮد أﺑﺪاً ،ﻓﻼ ﺗﻠﺒﺚ أن ﺗﺮاھﻤﺎ ﻗﺪ ﻋﺎدا إﻟﻰ أﺟﻤﻞ اﻟﺼﺤﺒﺔ ،وأھﺪرت اﻟﻤﻌﺎﺗﺒﺔ ،وﺳﻘﻂ اﻟﺨﻼف واﻧﺼﺮﻓﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺤﯿﻦ ﺑﻌﯿﻨﮫ إﻟﻰ اﻟﻤﻀﺎﺣﻜﺔ واﻟﻤﺪاﻋﺒﺔ ،ھﻜﺬا ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﻮاﺣﺪ ﻣﺮاراً .وإذا رأﯾﺖ ھﺬا ﻣﻦ اﺛﻨﯿﻦ ﻓﻼ ﯾﺨﺎﻟﺠﻚ ﺷﻚ وﻻ ﯾﺪﺧﻠﻨﻚ رﯾﺐ اﻟﺒﺘﺔ وﻻ ﺗﺘﻤﺎرى ﻓﻲ أن ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﺳﺮاً ﻣﻦ اﻟﺤﺐ دﻓﯿﻨﺎ ،واﻗﻄﻊ ﻓﯿﮫ ﻗﻄﻊ ﻣﻦ ﻻ ﯾﺼﺮﻓﮫ ﻋﻨﮫ ﺻﺎرف .ودوﻧﻜﮭﺎ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺻﺤﯿﺤﺔ وﺧﺒﺮة ﺻﺎدﻗﺔ .ھﺬا ﻻ ﯾﻜﻮن إﻻ ﻋﻦ ﺗﻜﻠﻒ ﻓﻲ اﻟﻤﻮدة واﺋﺘﻼف ﺻﺤﯿﺢ ،وﻗﺪ رأﯾﺘﮫ ﻛﺜﯿﺮاً. وﻣﻦ ﻋﻼﻣﺎﺗﮫ أﻧﻚ ﺗﺠﺪ اﻟﻤﺤﺐ ﯾﺴﺘﺪﻋﻲ ﺳﻤﺎع اﺳﻢ ﻣﻦ ﯾﺤﺐ ،وﯾﺴﺘﻠﺬ اﻟﻜﻼم ﻓﻲ أﺧﺒﺎره وﯾﺠﻌﻠﮭﺎ ھﺠﯿﺮاه ،وﻻ ﯾﺮﺗﺎح ﻟﺸﻲء ارﺗﯿﺎﺣﮫ ﻟﮭﺎ وﻻ ﯾﻨﮭﮫ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﺗﺨﻮف أن ﯾﻔﻄﻦ اﻟﺴﺎﻣﻊ وﯾﻔﮭﻢ اﻟﺤﺎﺿﺮ ،وﺣﺒﻚ اﻟﺸﻲء ﯾﻌﻤﻲ وﯾﺼﻢ .ﻓﻠﻮ أﻣﻜﻦ اﻟﻤﺤﺐ أﻻ ﯾﻜﻮن ﺣﺪﯾﺚ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﯾﻜﻮن ﻓﯿﮫ إﻻ ذﻛﺮ ﻣﻦ ﯾﺤﺒﮫ ﻟﻤﺎ ﺗﻌﺪاه .وﯾﻌﺮض ﻟﻠﺼﺎدق اﻟﻤﻮدة أن ﯾﺒﺘﺪئ ﻓﻲ اﻟﻄﻌﺎم وھﻮ ﻟﮫ ﻣﺸﺘﮫ ﻓﻤﺎ ھﻮ إﻻ وﻗﺖ ،ﻣﺎ ﺗﮭﺘﺎج ﻟﮫ ﻣﻦ ذﻛﺮ ﻣﻦ ﯾﺤﺐ ﺻﺎر اﻟﻄﻌﺎم ﻏﺼﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﻠﻖ وﺷﺠﻰ ﻓﻲ اﻟﻤﺮء .وھﻜﺬا ﻓﻲ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﻤﺎء وﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻔﺎﺗﺤﻜﮫ ﻣﺘﺒﮭﺠﺎً ﻓﺘﻌﺮض ﻟﮫ ﺧﻄﺮة ﻣﻦ ﺧﻄﺮات اﻟﻔﻜﺮ ﻓﯿﻤﻦ ﯾﺤﺐ ﻓﺘﺴﺘﺒﯿﻦ اﻟﺤﻮاﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﮫ واﻟﺘﻘﺼﯿﺮ ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺜﮫ ،وآﯾﺔ ذﻟﻚ اﻟﻮﺟﻮم واﻹﻃﺮاق وﺷﺪة اﻻﻧﻔﻼق ،ﻓﺒﯿﻨﻤﺎ ھﻮ ﻃﻠﻖ اﻟﻮﺟﮫ ﺧﻔﯿﻒ اﻟﺤﺮﻛﺎت ﺻﺎر ﻣﻨﻄﺒﻘﺎً ﻣﺘﺜﺎﻗﻼً ﺣﺎﺋﺮ اﻟﻨﻔﺲ ﺟﺎﻣﺪ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﯾﺒﺮم ﻣﻦ اﻟﻜﻠﻤﺔ وﯾﻀﺠﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﺆال وﻣﻦ ﻋﻼﻣﺎﺗﮫ ﺣﺐ اﻟﻮﺣﺪة واﻹﻧﺲ ﺑﺎﻻﻧﻔﺮاد ،وﻧﺤﻮل اﻟﺠﺴﻢ دون ﺣﺪ ﯾﻜﻮن ﻓﯿﮫ وﻻ وﺟﻊ ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﻠﺐ واﻟﺤﺮﻛﺔ واﻟﻤﺸﻲ .دﻟﯿﻞ ﻻ ﯾﻜﺬب وﻣﺨﺒﺮ ﻻ ﯾﺨﻮن ﻋﻦ ﻛﻠﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺲ ﻛﺎﻣﻨﺔ.
واﻟﺴﮭﺮ ﻣﻦ أﻋﺮاض اﻟﻤﺤﺒﯿﻦ ،وﻗﺪ أﻛﺜﺮ اﻟﺸﻌﺮاء ﻓﻲ وﺻﻔﮫ وﺣﻜﻮا أﻧﮭﻢ رﻋﺎة اﻟﻜﻮاﻛﺐ وواﺻﻔﻮ ﻃﻮل اﻟﻠﯿﻞ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل وأذﻛﺮ ﻛﺘﻤﺎن اﻟﺴﺮ وأﻧﮫ ﯾﺘﻮﺳﻢ ﺑﺎﻟﻌﻼﻣﺎت: ﺘﻌﻠﻤﺕ ﺍﻟﺴﺤﺎﺌﺏ ﻤﻥ ﺸﺅﻭﻨﻲ
ﻓﻌﻤﺕ ﺒﺎﻟﺤﻴﺎ ﺍﻟﺴﻜﺏ ﺍﻟﻬﺘﻭﻥ
ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﻠﻴل ﻓﻴﻙ ﻏﺩﺍ ﺭﻓﻴﻘﻲ
ﺒﺫﻟﻙ ﺃﻡ ﻋﻠﻰ ﺴﻬﺭﻱ ﻤﻌﻴﻨﻲ
ﻓﺈﻥ ﻟﻡ ﻴﻨﻘﺽ ﺍﻹﻅﻼﻡ ﻓﺠﺭﺍﹰ
ﺃﻻ ﻤﺎ ﺃﻁﺒﻘﺕ ﻨﻭﻤﺎﹰ ﺠﻭﻓﻭﻨﻲ
ﻓﻠﻴﺱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻟﻨﺎ ﺴﺒـﻴل
ﻭﺴﻬﺩ ﺯﺍﺌﺩ ﻓﻲ ﻜل ﺤـﻴﻥ
ﻜﺄﻥ ﻨﺠﻭﻤﻪ ﻭﺍﻟﻐﻴﻡ ﻴﺨـﻔـﻲ
ﺴﻨﺎﻫﺎ ﻋﻥ ﻤﻼﺤﻅﺔ ﺍﻟﻌﻴﻭﻥ
ﻀﻤﻴﺭﻱ ﻓﻲ ﻭﺩﺍﺩﻙ ﻴﺎ ﻤﻨﺎﻴﺎ
ﻓﻠﻴﺱ ﻴﺒﻴﻥ ﺇﻻ ﺒﺎﻟﻅـﻨـﻭﻥ
وﻓﻲ ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻨﮭﺎ: ﺃﺭﻋﻰ ﺍﻟﻨﺠﻭﻡ ﻜﺄﻨﻨـﻲ ﻜـﻠـﻔـﺕ ﺃﻥ
ﺃﺭﻋﻰ ﺠﻤﻴﻊ ﺜﺒﻭﺘﻬﺎ ﻭﺍﻟﺨـﻨـﺴـﻲ
ﻓﻜﺄﻨﻬﺎ ﻭﺍﻟـﻠـﻴل ﻨـﻴﺭﺍﻥ ﺍﻟـﺠـﻭﻯ
ﻗﺩ ﺃﻀﺭﻤﺕ ﻓﻲ ﻓﻜﺭﺘﻲ ﻤﻥ ﺤﻨﺩﺱ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻭﻜﺄﻨﻲ ﺃﻤـﺴـﻴﺕ ﺤـﺎﺭﺱ ﺭﻭﻀﺔ
ﺨﻀﺭﺍﺀ ﻭﺸﺢ ﻨﺒﺘﻬﺎ ﺒﺎﻟـﻨـﺭﺠـﺱ
ﻟﻭ ﻋﺎﺵ ﺒﻁﻠﻴﻤـﻭﺱ ﺃﻴﻘـﻥ ﺃﻨـﻨـﻲ ﺃﻗﻭﻯ ﺍﻟﻭﺭﻯ ﻓﻲ ﺭﺼﺩ ﺠﺭﻯ ﺍﻟﻜﻨﺱ
واﻟﺸﻲء ﻗﺪ ﯾﺬﻛﺮ ﻟﻤﺎ ﯾﻮﺟﺒﮫ :وﻗﻊ ﻟﻲ ﻓﻲ ھﺬه اﻷﺑﯿﺎت ﺗﺸﺒﯿﮫ ﺷﯿﺌﯿﻦ ﺑﺸﯿﺌﯿﻦ ﻓﻲ ﺑﯿﺖ واﺣﺪ .وھﻮ اﻟﺒﯿﺖ اﻟﺬي أوﻟﮫ ﻓﻜﺄﻧﮭﺎ واﻟﻠﯿﻞ وھﺬا ﻣﺴﺘﻐﺮب ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ .وﻟﻲ ﻣﺎ ھﻮ أﻛﻤﻞ ﻣﻨﮫ ،وھﻮ ﺗﺸﺒﯿﮫ أﺷﯿﺎء ﻓﻲ ﺑﯿﺖ واﺣﺪ ،وﺗﺸﺒﯿﮫ أرﺑﻌﺔ أﺷﯿﺎء ﻓﻲ ﺑﯿﺖ واﺣﺪ .وﻛﻼھﻤﺎ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻘﻄﻌﺔ أوردھﺎ ،وھﻲ: ﻤﺸﻭﻕ ﻤﻌﻨﻰ ﻤـﺎ ﻴﻨـﺎﻡ ﻤـﺴـﻬـﺩ
ﺒﺨﻤﺭ ﺍﻟﺘﺠﻨﻲ ﻤـﺎ ﻴﺯﺍل ﻴﻌـﺭﺒـﺩ
ﻓﻔﻲ ﺴﺎﻋﺔ ﻴﺒﺩﻱ ﺇﻟـﻴﻙ ﻋـﺠـﺎﺌﺒـ ﺎﹰ
ﻴﻤﺭ ﻭﻴﺴﺘﺤﻠـﻲ ﻭﻴﺩﻨـﻲ ﻭﻴﺒـﻌـﺩ
ﻜﺄﻥ ﺍﻟﻨﻭﻯ ﻭﺍﻟﻌﺘﺏ ﻭﺍﻟﻬﺠﺭ ﻭﺍﻟﺭﻀﻰ
ﻗﺭﺍﻥ ﻭﺃﻨﺩﺍﺩ ﻭﻨـﺤـﺱ ﻭﺃﺴـﻌـﺩ
ﺭﺌﻰ ﻟﻐﺭﺍﻤﻲ ﺒﻌﺩ ﻁـﻭل ﺘـﻤـﻨـﻊ
ﻭﺃﺼﺒﺤﺕ ﻤﺤﺴﻭﺩﺍﹰ ﻭﻗﺩ ﻜﻨﺕ ﺃﺤﺴﺩ
ﻨﻌﻤﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻨﻭﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﻭﺽ ﺯﺍﻫـﺭ
ﺴﻘﺘﻪ ﺍﻟﻐﻭﺍﺩﻱ ﻓﻬﻭ ﻴﺜﻨﻲ ﻭﻴﺤـﻤـﺩ
ﻜﺄﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎ ﻭﺍﻟﻤﺯﻥ ﻭﺍﻟﺭﻭﺽ ﻋﺎﻁﺭﺍﹰ
ﺩﻤـﻭﻉ ﻭﺃﺠـﻔـﺎﻥ ﻭﺨـﺩ ﻤـﻭﺭﺩ
وﻻ ﯾﻨﻜﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻜﺮ ﻗﻮﻟﻲ ﻗﺮان ﻓﺄھﻞ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻜﻮاﻛﺐ ﯾﺴﻤﻮن اﻟﺘﻘﺎء ﻛﻮﻛﺒﯿﻦ ﻓﻲ درﺟﺔ ﻗﺮاﻧﺎً. ﻟﻲ أﯾﻀﺎً ﻣﺎ ھﻮ أﺗﻢ ﻣﻦ ھﺬا ،وھﻮ ﺗﺸﺒﯿﮫ ﺧﻤﺴﺔ أﺷﯿﺎء ﻓﻲ ﺑﯿﺖ واﺣﺪ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻘﻄﻌﺔ ،ھﻲ: ﺨﻠﻭﺕ ﺒﻬـﺎ ﻭﺍﻟـﺭﺍﺡ ﺜـﺎﻟـﺜﺔ ﻟـﻬـﺎ ﻭﺠﻨﺢ ﻅﻼﻡ ﺍﻟﻠﻴل ﻗﺩ ﻤﺩ ﻤﺎ ﺍﻨـﺒـﻠـﺞ ﻓﺘﺎﺓ ﻋﺩﻤﺕ ﺍﻟﻌـﻴﺵ ﺇﻻ ﺒـﻘـﺭﺒـﻬـﺎ ﻓﻬل ﻓﻲ ﺍﺒﺘﻐﺎﺀ ﺍﻟﻌﻴﺵ ﻭﻴﺤﻙ ﻤﻥ ﺤﺭﺝ ﻜﺄﻨﻲ ﻭﻫﻲ ﻭﺍﻟﻜﺄﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺭ ﻭﺍﻟﺩﺠـﻰ ﺜﺭﻯ ﻭﺤﻴﺎ ﻭﺍﻟﺩﺭ ﻭﺍﻟﺘﺒـﺭ ﻭﺍﻟـﺴـﻨـﺞ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻓﮭﺬا أﻣﺮ ﻻ ﻣﺰﯾﺪ ﻓﯿﮫ وﻻ ﯾﻘﺪر أﺣﺪ ﻋﻠﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻨﮫ ،إذ ﻻ ﯾﺤﺘﻤﻞ اﻟﻌﺮوض وﻻ ﺑﻨﯿﺔ اﻷﺳﻤﺎء أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ. وﯾﻌﺮض ﻟﻠﻤﺤﺒﯿﻦ اﻟﻘﻠﻖ ﻋﻨﺪ أﺣﺪ أﻣﺮﯾﻦ :أﺣﺪھﻤﺎ ﻋﻨﺪ رﺟﺎﺋﮫ ﻣﻠﻘﺎة ﻣﻦ ﯾﺤﺐ ﻓﯿﻌﺮض ﻋﻨﺪ ذﻟﻚ ﺣﺎﺋﻞ. ﺧﺒﺮ :وإﻧﻲ ﻷﻋﻠﻢ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻛﺎن ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ ﯾﻌﺪه اﻟﺰﯾﺎرة ،ﻓﻤﺎ ﻛﻨﺖ أراه إﻻ ﺟﺎﺛﯿﺎً وذاھﺒﺎً ﻻ ﯾﻘﺮﺑﮫ اﻟﻘﺮار وﻻ ﯾﺜﺒﺖ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن واﺣﺪ ،ﻣﻘﺒﻼً ﻣﺪﺑﺮاً ﻗﺪ اﺳﺘﺨﻔﮫ اﻟﺴﺮور ﺑﻌﺪ رﻛﺎﻧﺔ ،وأﺷﺎﻃﮫ ﺑﻌﺪ رزاﻧﺔ .وﻟﻲ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ اﻧﺘﻈﺎر اﻟﺰﯾﺎرة: ﺃﻗﻤﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺠﺎﺀﻨﻲ ﺍﻟﻠﻴل ﺭﺍﺠﻴﺎ
ﻟﻘﺎﺀﻙ ﻴﺎ ﺴﺅﻟﻲ ﻭﻴﺎ ﻏﺎﻴﺔ ﺍﻷﻤل
ﻓﺄﻴﺄﺴﻨﻲ ﺍﻹﻅﻼﻡ ﻋﻨﻙ ﻭﻟﻡ ﺃﻜـﻥ
ﻷﻴﺄﺱ ﻴﻭﻤﺎﹰ ﺇﻥ ﺒﺩﺍ ﺍﻟﻠﻴل ﻴﺘﺼل
ﻭﻋﻨﺩﻱ ﺩﻟﻴل ﻟﻴﺱ ﻴﻜﺫﺏ ﺨﺒـﺭﻩ
ﺒﺄﻤﺜﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﻤﺸﻜل ﺍﻷﻤﺭ ﻴﺴﺘﺩل
ﻷﻨﻙ ﻟﻭ ﺭﻤﺕ ﺍﻟﺯﻴﺎﺭﺓ ﻟﻡ ﻴﻜـﻥ
ﻅﻼﻡ ﻭﺩﺍﻡ ﺍﻟﻨﻭﺭ ﻓﻴﻨﺎ ﻭﻟﻡ ﻴﺯل
واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﻨﺪ ﺣﺎدث ﯾﺤﺪث ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﻣﻦ ﻋﺘﺎب ﻻ ﺗﺪري ﺣﻘﯿﻘﺘﮫ إﻻ ﺑﺎﻟﻮﺻﻒ. ﻓﻌﻨﺪ ذﻟﻚ ﯾﺸﺘﺪ اﻟﻘﻠﻖ ﺣﺘﻰ ﺗﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻠﯿﻠﺔ ،ﻓﺈﻣﺎ أن ﯾﺬھﺐ ﺗﺤﻤﻠﮫ إن رﺟﺎ اﻟﻌﻔﻮ،
وإﻣﺎ
أن
ﯾﺼﯿﺮ
اﻟﻘﻠﻖ
ﺣﺰﻧﺎً
وأﺳﻔﺎً
إن
ﺗﺨﻮف
اﻟﮭﺠﺮ.
وﯾﻌﺮض ﻟﻠﻤﺤﺐ اﻻﺳﺘﻜﺎﻧﺔ ﻟﺠﻔﺎء اﻟﻤﺤﺒﻮب ﻋﻠﯿﮫ .وﺳﯿﺄﺗﻲ ﻣﻔﺴﺮاً ﻓﻲ ﺑﺎﺑﮫ إﻧﺸﺎء اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ.
وﻣﻦ أﻋﺮاﺿﮫ اﻟﺠﺰع اﻟﺸﺪﯾﺪ واﻟﺤﻤﺮة اﻟﻤﻘﻄﻌﺔ ﺗﻐﻠﺐ ﻋﻨﺪ ﻣﺎ ﯾﺮى ﻣﻦ إﻋﺮاض ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ ﻋﻨﮫ وﻧﻔﺎره ﻣﻨﮫ ،وآﯾﺔ ذﻟﻚ اﻟﺰﻓﯿﺮ وﻗﻠﺔ اﻟﺤﺮﻛﺔ واﻟﺘﺄوه وﺗﻨﻔﺲ اﻟﺼﻌﺪاء. وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌﺮاً ،ﻣﻨﮫ:
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻭﺩﻤﻊ ﺍﻟﻌﻴﻥ ﻤﺴﻔﻭﺡ
ﺠﻤﻴل ﺍﻟﺼﺒﺭ ﻤﺴﺠﻭﻥ
وﻣﻦ ﻋﻼﻣﺎﺗﮫ أﻧﻚ ﺗﺮى اﻟﻤﺤﺐ ﯾﺤﺐ آھﻞ ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ وﻗﺮاﺑﺘﮫ وﺧﺎﺻﺘﮫ ﺣﺘﻰ ﯾﻜﻮﻧﻮا
أﺣﻈﻰ
ﻟﺪﯾﮫ
ﻣﻦ
أھﻠﮫ
وﻧﻔﺴﮫ
وﻣﻦ
ﺟﻤﯿﻊ
ﺧﺎﺻﺘﮫ.
واﻟﺒﻜﺎء ﻣﻦ ﻋﻼﻣﺎت اﻟﻤﺤﺐ وﻟﻜﻦ ﯾﺘﻔﺎﺿﻠﻮن ﻓﯿﮫ ،ﻓﻤﻨﮭﻢ ﻏﺰﯾﺮ اﻟﺪﻣﻊ ھﺎﻣﻞ اﻟﺸﺆون ﺗﺠﯿﺒﮫ ﻋﯿﻨﮫ وﺗﺤﻀﺮه ﻋﺒﺮﺗﮫ إذا ﺷﺎء ،وﻣﻨﮭﻢ ﺟﻤﻮد اﻟﻌﯿﻦ ﻋﺪﯾﻢ اﻟﺪﻣﻊ، وأﻧﺎ ﻣﻨﮭﻢ .وﻛﺎن اﻷﺻﻞ ﻓﻲ ذﻟﻚ إدﻣﺎﻧﻲ أﻛﻞ اﻟﻜﻨﺪر ﻟﺨﻔﻘﺎن اﻟﻘﻠﺐ ،وﻛﺎن ﻋﺮض ﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﺼﺒﺎ ،ﻓﺈﻧﻲ ﻷﺻﺎب ﺑﺎﻟﻤﺼﯿﺒﺔ اﻟﻔﺎدﺣﺔ ﻓﺄﺟﺪ ﻗﻠﺒﻲ ﯾﺘﻔﻄﺮ وﯾﺘﻘﻄﻊ وأﺣﺲ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻲ ﻏﻀﺔ أﻣﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻘﻢ ﺗﺤﻮل ﺑﯿﻨﻲ وﺑﯿﻦ ﺗﻮﻓﯿﺔ اﻟﻜﻼم ﺣﻖ ﻣﺨﺎرﺟﮫ ،وﺗﻜﺎد ﺗﺸﻮﻗﻨﻲ اﻟﻨﻔﺲ أﺣﯿﺎﻧﺎً وﻻ ﺗﺠﯿﺐ ﻋﯿﻨﻲ اﻟﺒﺘﺔ إﻻ ﻓﻲ اﻟﻨﺪرة ﺑﺎﻟﺸﻲء اﻟﯿﺴﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺪﻣﻊ. ﺧﺒﺮ :وﻟﻘﺪ أذﻛﺮﻧﻲ ھﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﯾﻮﻣﺎ :ودﻋﺖ أﻧﺎ وأﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﺤﺎق ﺻﺎﺣﺒﻲ أﺑﺎ ﻋﺎﻣﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﺻﺪﯾﻘﻨﺎ رﺣﻤﮫ اﷲ ﻓﻲ ﺳﻔﺮﺗﮫ إﻟﻰ اﻟﻤﺸﺮق اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻧﺮه ﺑﻌﺪھﺎ ،ﻓﺠﻌﻞ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﯾﺒﻜﻲ ﻋﻨﺪ وداﻋﮫ وﯾﻨﺸﺪ ﻣﺘﻤﺜﻼً ﺑﮭﺬا اﻟﺒﯿﺖ: ﺃﻻ ﺇﻥ ﻋﻴﻨﺎﹰ ﻟﻡ ﺘﺠﺩ ﻴﻭﻡ ﻭﺍﺴﻁ
ﻋﻠﻴﻙ ﺒﺒﺎﻗﻲ ﺩﻤﻌﻬﺎ ﻟﺠﻤـﻭﺩ
وھﻮ ﻓﻲ رﺛﺎء ﯾﺰﯾﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ھﺒﯿﺮة رﺣﻤﮫ اﷲ .وﻧﺤﻦ وﻗﻮف ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺣﻞ اﻟﺒﺤﺮ ﺑﻤﺎﻟﻘﺔ ،وﺟﻌﻠﺖ أﻧﺎ أﻛﺜﺮ اﻟﺘﻔﺠﻊ واﻷﺳﻒ وﻻ ﺗﺴﺎﻋﺪﻧﻲ ﻋﯿﻨﻲ ،ﻓﻘﻠﺖ ﻣﺠﯿﺒﺎً ﻷﺑﻲ ﺑﻜﺮ: ﻭﺇﻥ ﺃﻤﺭﺃ ﻟﻡ ﻴﻔﻥ ﺤﺴﻥ ﺍﺼﻁﺒﺎﺭﻩ
ﻋﻠﻴﻙ ﻭﻗﺩ ﻓﺎﺭﻗﺘـﻪ ﻟـﺠـﻠـﻴﺩ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺇﺫﺍ ﻜﺘﻡ ﺍﻟﻤﺸﻐﻭﻑ ﺴﺭ ﻀﻠﻭﻋـﻪ
ﻓﺈﻥ ﺩﻤﻭﻉ ﺍﻟﻌﻴﻥ ﺘﺒﺩﻱ ﻭﺘﻔﻀـﺢ
ﺇﺫﺍ ﻤﺎ ﺠﻔﻭﻥ ﺍﻟﻌﻴﻥ ﺴﺎﻟﺕ ﺸﺌﻭﻨﻬﺎ
ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻘﻠﺏ ﺩﺍﺀ ﻟﻠﻐﺭﺍﻡ ﻤﺒـﺭﺡ
وﯾﻌﺮض ﻓﻲ اﻟﺤﺐ ﺳﻮء اﻟﻈﻦ واﺗﮭﺎم ﻛﻞ ﻛﻠﻤﺔ ﻣﻦ أﺣﺪھﻤﺎ وﺗﻮﺟﯿﮭﮭﺎ إﻟﻰ ﻏﯿﺮ وﺟﮭﮭﺎ ،وھﺬا أﺻﻞ اﻟﻌﺘﺎب ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺤﺒﯿﻦ .وإﻧﻲ ﻷﻋﻠﻢ ﻣﻦ ﻛﺎن أﺣﺴﻦ اﻟﻨﺎس ﻇﻨﺎً وأوﺳﻌﮭﻢ ﻧﻔﺴﺎً وأﻛﺜﺮھﻢ ﺻﺒﺮاً وأﺷﺪھﻢ اﺣﺘﻤﺎﻻ وأرﺣﺒﮭﻢ ﺻﺪراً ،ﺛﻢ ﻻ ﯾﺤﺘﻤﻞ ﻣﻤﻦ ﯾﺤﺐ ﺷﯿﺌﺎً وﻻ ﯾﻘﻊ ﻟﮫ ﻣﻌﮫ أﯾﺴﺮ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺣﺘﻰ ﯾﺒﺪي ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺪﯾﺪ ﻓﻨﻮﻧﺎً وﻣﻦ ﺳﻮء اﻟﻈﻦ وﺟﻮھﺎ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌﺮاً ،ﻣﻨﮫ: ﺃﺴﻲﺀ ﻅﻨﻲ ﺒﻜل ﻤـﺤـﺘـﻘـﺭ
ﺘﺄﺘﻲ ﺒﻪ ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﺭ ﻤﻥ ﺤـﻘـﺭ
ﻜﻲ ﻻ ﻴﺭﻯ ﺃﺼل ﻫﺠﺭﺓ ﻭﻗﻠﻰ
ﻓﺎﻟﻨﺎﺭ ﻓﻲ ﺒﺩﺀ ﺃﻤﺭﻫـﺎ ﺸـﺭﺭ
ﻭﺃﺼل ﻋﻅﻡ ﺍﻷﻤﻭﺭ ﺃﻫﻭﻨـﻬـﺎ
ﻭﻤﻥ ﺼﻐﻴﺭ ﺍﻟﻨﻭﻯ ﺘﺭﻯ ﺍﻟﺸﺠﺭ
وﺗﺮى اﻟﻤﺤﺐ ،إذا ﻟﻢ ﯾﺜﻖ ﺑﻨﻘﺎء ﻃﻮﯾﺔ ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ ﻟﮫ ،ﻛﺜﯿﺮ اﻟﺘﺤﻔﻆ ﻣﻤﺎ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﯾﺘﺤﻔﻆ ﻣﻨﮫ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ،ﻣﺜﻘﻔﺎً ﻟﻜﻼﻣﮫ ،ﻣﺰﯾﻨﺎً ﻟﺤﺮﻛﺎﺗﮫ وﻣﺮاﻣﻲ ﻃﺮﻓﮫ ،وﻻ ﺳﯿﻤﺎ إن دھﻰ ﺑﻤﺘﺠﻦ وﺑﻠﻰ ﺑﻤﻌﺮﺑﺪ.
وﻣﻦ آﯾﺎﺗﮫ ﻣﺮاﻋﺎة اﻟﻤﺤﺐ ﻟﻤﺤﺒﻮﺑﮫ ،وﺣﻔﻈﮫ ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﯾﻘﻊ ﻣﻨﮫ ،وﺑﺤﺜﮫ ﻋﻦ أﺧﺒﺎره ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﺴﻘﻂ ﻋﻨﮫ دﻗﯿﻘﺔ وﻻ ﺟﻠﯿﻠﺔ ،وﺗﺘﺒﻌﮫ ﻟﺤﺮﻛﺎﺗﮫ .وﻟﻌﻤﺮي ﻟﻘﺪ ﺗﺮى اﻟﺒﻠﯿﺪ ﯾﺼﯿﺮ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ذﻛﯿﺎً ،واﻟﻐﺎﻓﻞ ﻓﻄﻨﺎً.
ﺧﺒﺮ :وﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﯾﻮﻣﺎً ﺑﺎﻟﻤﺮﯾﺔ ﻗﺎﻋﺪاً ﻓﻲ دﻛﺎن إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﺑﻦ ﯾﻮﻧﺲ اﻟﻄﺒﯿﺐ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﻲ ،وﻛﺎن ﺑﺼﯿﺮاً ﺑﺎﻟﻔﺮاﺳﺔ ﻣﺤﺴﻨﺎً ﻟﮭﺎ ،وﻛﻨﺎ ﻓﻲ ﻟﻤﺔ ،ﻓﻘﺎل ﻟﮫ ﻣﺠﺎھﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺼﯿﻦ اﻟﻘﯿﺴﻲ :ﻣﺎ ﺗﻘﻮل ﻓﻲ ھﺬا؟ وأﺷﺎر إﻟﻰ رﺟﻞ ﻣﻨﺘﺒﺬ ﻋﻨﺎ ﻧﺎﺣﯿﺔ اﺳﻤﮫ ﺣﺎﺗﻢ وﯾﻜﻨﻰ أﺑﺎ اﻟﺒﻘﺎء ،ﻓﻨﻈﺮ إﻟﯿﮫ ﺳﺎﻋﺔ ﯾﺴﯿﺮة ﺛﻢ ﻗﺎل :ھﻮ رﺟﻞ ﻋﺎﺷﻖ ﻓﻘﺎل ﻟﮫ: ﺻﺪﻗﺖ ،ﻓﻤﻦ أﯾﻦ ﻗﻠﺖ ھﺬا؟ ﻗﺎل :ﻟﺒﮭﺖ ﻣﻔﺮط ﻇﺎھﺮ ﻋﻠﻰ وﺟﮭﮫ ﻓﻘﻂ دون ﺳﺎﺋﺮ ﺣﺮﻛﺎﺗﮫ ،ﻓﻌﻠﻤﺖ أﻧﮫ ﻋﺎﺷﻖ وﻟﯿﺲ ﺑﻤﺮﯾﺐ.
اﻟﺒﺎب اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ أﺣﺐ ﻓﻲ اﻟﻨﻮم وﻻ ﺑﺪ ﻟﻜﻞ ﺣﺐ ﻣﻦ ﺳﺒﺐ ﯾﻜﻮن ﻟﮫ أﺻﻼً ،وأﻧﺎ ﻣﺒﺘﺪئ ﺑﺄﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻜﻮن ﻣﻦ أﺳﺒﺎﺑﮫ ﻟﯿﺠﺮي اﻟﻜﻼم ﻋﻠﻰ ﻧﺴﻖ ،أو أن ﯾﺒﺘﺪأ أﺑﺪاً ﺑﺎﻟﺴﮭﻞ واﻷھﻮن .ﻓﻤﻦ أﺳﺒﺎﺑﮫ
ﺷﻲء
ﻟﻮﻻ
أﻧﻲ
ﺷﺎھﺪﺗﮫ
ﻟﻢ
أذﻛﺮه
ﻟﻐﺮاﺑﺘﮫ.
ﺧﺒﺮ :وذﻟﻚ أﻧﻲ دﺧﻠﺖ ﯾﻮﻣﺎً ﻋﻠﻰ أﺑﻲ اﻟﺴﺮي ﻋﻤﺎر ﺑﻦ زﯾﺎد ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ ﻣﻮﻟﻰ اﻟﻤﺆﯾﺪ ﻓﻮﺟﺪﺗﮫ ﻣﻔﻜﺮاً ﻣﮭﺘﻤﺎً ﻓﺴﺄﻟﺘﮫ ﻋﻤﺎ ﺑﮫ ،ﻓﺘﻤﻨﻊ ﺳﺎﻋﺔ ﺛﻢ ﻗﺎل :ﻟﻲ أﻋﺠﻮﺑﺔ ﻣﺎ ﺳُﻤﻌﺖ ﻗﻂ ،ﻗﻠﺖ :وﻣﺎ ذاك؟ ﻗﺎل :رأﯾﺖ ﻓﻲ ﻧﻮﻣﻲ اﻟﻠﯿﻠﺔ ﺟﺎرﯾﺔ ﻓﺎﺳﺘﯿﻘﻈﺖ وﻗﺪ ذھﺐ ﻗﻠﺒﻲ ﻓﯿﮭﺎ وھﻤﺖ ﺑﮭﺎ وإﻧﻲ ﻟﻔﻲ أﺻﻌﺐ ﺣﺎل ﻣﻦ ﺣﺒﮭﺎ ،وﻟﻘﺪ ﺑﻘﻲ أﯾﺎﻣﺎً ﻛﺜﯿﺮة ﺗﺰﯾﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﮭﺮ ﻣﻐﻤﻮﻣﺎً ﻣﮭﻤﻮﻣﺎً ﻻ ﯾﮭﻨﺌﮫ ﺷﻲء وﺟﺪاً ،إﻟﻰ أن ﻟﻤﺘﮫ وﻗﻠﺖ ﻟﮫ :ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺄ اﻟﻌﻈﯿﻢ أن ﺗﺸﻐﻞ ﻧﻔﺴﻚ ﺑﻐﯿﺮ ﺣﻘﯿﻘﺔ ،وﺗﻌﻠﻖ وھﻤﻚ ﺑﻤﻌﺪوم ﻻ ﯾﻮﺟﺪ ،ھﻞ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺗﻌﻠﻢ ﻣﻦ ھﻲ؟ ﻗﺎل :ﻻ واﷲ ،ﻗﻠﺖ :إﻧﻚ ﻟﻘﻠﯿﻞ اﻟﺮأي ﻣﺼﺎب اﻟﺒﺼﯿﺮة إذ ﺗﺤﺐ ﻣﻦ ﻟﻢ ﺗﺮه ﻗﻂ وﻻ ﺧﻠﻖ وﻻ ھﻮ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ ،وﻟﻮ ﻋﺸﻘﺖ ﺻﻮرة ﻣﻦ ﺻﻮر اﻟﺤﻤﺎم ﻟﻜﻨﺖ ﻋﻨﺪي
أﻋﺬر.
ﻓﻤﺎ
زﻟﺖ
ﺣﺘﻰ
ﺑﮫ
ﺳﻼ
ﻛﺎد.
وﻣﺎ
وھﺬا ﻋﻨﺪي ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﻨﻔﺲ وأﺿﻐﺎﺛﮭﺎ ،وداﺧﻞ ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﺘﻤﻨﻲ وﺗﺨﯿﻞ اﻟﻔﻜﺮ. وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌﺮاً ،ﻣﻨﮫ: ﻴﺎ ﻟﻴﺕ ﺸﻌﺭﻱ ﻤﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﻭﻜﻴﻑ ﺴﺭﺕ
ﺃﻁﻠﻌﺔ ﺍﻟﺸﻤﺱ ﻜﺎﻨﺕ ﺃﻡ ﻫﻲ ﺍﻟﻘﻤـﺭ
ﺃﻅﻨﺔ ﺍﻟـﻌـﻘـل ﺃﺒـﺩﺍﻩ ﺘـﺘـﺩﺒـﺭﻩ
ﺃﻭ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﺃﺒﺩﺘﻬﺎ ﻟﻲ ﺍﻟﻔﻜـﺭ
ﺃﻭ ﺼﻭﺭﺓ ﻤﺜﻠﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﻤﻥ ﺃﻤﻠﻲ
ﻓﻘﺩ ﺘﺨﻴل ﻓﻲ ﺇﺩﺭﺍﻜﻬـﺎ ﺍﻟـﺒـﺼـﺭ
ﺃﻭ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻜل ﻫـﺫﺍ ﻓـﻬـﻲ ﺤـﺎﺩﺜﺔ
ﺃﺘﻰ ﺒﻬﺎ ﺴﺒﺒ ﺎﹰ ﻓﻲ ﺤﺘـﻔـﻲ ﺍﻟـﻘـﺩﺭ
اﻟﺒﺎب اﻟﺮاﺑﻊ ﻣﻦ أﺣﺐ ﺑﺎﻟﻮﺻﻒ وﻣﻦ ﻏﺮﯾﺐ أﺻﻮل اﻟﻌﺸﻖ أن ﺗﻘﻊ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﺑﺎﻟﻮﺻﻒ دون اﻟﻤﻌﺎﯾﻨﺔ ،وھﺬا أﻣﺮ ﯾﺘﺮﻗﻰ ﻣﻨﮫ إﻟﻰ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺤﺐ ،ﻓﺘﻜﻮن اﻟﻤﺮاﺳﻠﺔ واﻟﻤﻜﺎﺗﺒﺔ واﻟﮭﻢ واﻟﻮﺟﺪ واﻟﺴﮭﺮ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ اﻹﺑﺼﺎر ،ﻓﺈن ﻟﻠﺤﻜﺎﯾﺎت وﻧﻌﺖ اﻟﻤﺤﺎﺳﻦ ووﺻﻒ اﻷﺧﺒﺎر ﺗﺄﺛﯿﺮاً ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺲ
ﻇﺎھﺮاً.
وأن ﺗﺴﻤﻊ ﻧﻐﻤﺘﮭﺎ ﻣﻦ وراء ﺟﺪار ،ﻓﯿﻜﻮن ﺳﺒﺒﺎً ﻟﻠﺤﺐ واﺷﺘﻐﺎل اﻟﺒﺎل .وھﺬا ﻛﻠﮫ ﻗﺪ وﻗﻊ ﻟﻐﯿﺮ ﻣﺎ واﺣﺪ ،وﻟﻜﻨﮫ ﻋﻨﺪي ﺑﻨﯿﺎن ھﺎر ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ أس ،وذﻟﻚ أن اﻟﺬي أﻓﺮغ ذھﻨﮫ ﻓﻲ ھﻮى ﻣﻦ ﻟﻢ ﯾﺮ ﻻ ﺑﺪ ﻟﮫ إذ ﯾﺨﻠﻮ ﺑﻔﻜﺮه أن ﯾﻤﺜﻞ ﻟﻨﻔﺴﮫ ﺻﻮرة ﯾﺘﻮھﻤﮭﺎ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وﻋﯿﻨﺎً ﯾﻘﯿﻤﮭﺎ ﻧﺼﺐ ﺿﻤﯿﺮه ،ﻻ ﯾﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ھﺎﺟﺴﮫ ﻏﯿﺮھﺎ ،ﻗﺪ ﻣﺎل ﺑﻮھﻤﮫ ﻧﺤﻮھﺎ، ﻓﺈن وﻗﻌﺖ اﻟﻤﻌﺎﯾﻨﺔ ﯾﻮﻣﺎً ﻣﺎ ﻓﺤﯿﻨﺌﺬ ﯾﺘﺄﻛﺪ اﻷﻣﺮ أو ﯾﺒﻄﻞ ﺑﺎﻟﻜﻠﯿﺔ ،وﻛﻼ اﻟﻮﺟﮭﯿﻦ ﻗﺪ ﻋﺮض وﻋﺮف ،وأﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﯾﻘﻊ ھﺬا ﻓﻲ رﺑﺎت اﻟﻘﺼﻮر اﻟﻤﺤﺠﻮﺑﺎت ﻣﻦ أھﻞ اﻟﺒﯿﻮﺗﺎت ﻣﻊ أﻗﺎرﺑﮭﻦ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل ،وﺣﺐ اﻟﻨﺴﺎء ﻓﻲ ھﺬا أﺛﺒﺖ ﻣﻦ ﺣﺐ اﻟﺮﺟﺎل ﻟﻀﻌﻔﮭﻦ وﺳﺮﻋﺔ إﺟﺎﺑﺔ ﻃﺒﺎﺋﻌﮭﻦ إﻟﻰ ھﺬا اﻟﺸﺄن ،وﺗﻤﻜﻨﮫ ﻣﻨﮭﻦ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌﺮاً ،ﻣﻨﮫ: ﻭﻴﺎ ﻤﻥ ﻻﻤﻨﻲ ﻓﻲ ﺤﺏ ﻤﻥ ﻟﻡ ﻴﺭﻩ ﻁﺭﻓﻲ ﻟﻘﺩ ﺃﻓﺭﻁﺕ ﻓﻲ ﻭﺼﻔﻙ ﻟﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺏ ﺒﺎﻟﻀﻌﻑ ﻓﻘل ﻫل ﺘﻌﺭﻑ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻴﻭﻤﺎﹰ ﺒﺴﻭﻯ ﺍﻟﻭﺼﻑ
وأﻗﻮل ﺷﻌﺮاً ﻓﻲ اﺳﺘﺤﺴﺎن اﻟﻨﻐﻤﺔ دون وﻗﻮع اﻟﻌﯿﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﯿﺎن ﻣﻨﮫ: ﻭﻫﻭ ﻋﻠﻰ ﻤﻘﻠﺘـﻲ ﻴﺒـﺩﻭ
ﻗﺩ ﺤل ﺠﻴﺵ ﺍﻟﻐﺭﺍﻡ ﺴﻤﻌﻲ
وأﻗﻮل أﯾﻀﺎً ﻓﻲ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻟﻈﻦ اﻟﻤﺤﺒﻮب ﻋﻨﺪ وﻗﻮع اﻟﺮؤﯾﺔ: ﻭﺼﻔﻭﻙ ﻟﻲ ﺤﺘﻰ ﺇﺫﺍ ﺃﺒﺼﺭﺕ ﻤﺎ
ﻭﺼﻔﻭﺍ ﻋﻠﻤﺕ ﺒـﺄﻨـﻪ ﻫـﺫﻴﺎﻥ
ﻓﺎﻟﻁﺒل ﺠﻠﺩ ﻓـﺎﺭﻍ ﻭﻁـﻨـﻴﻨـﻪ
ﻴﺭﺘﺎﻉ ﻤﻨﻪ ﻭﻴﻔـﺭﻕ ﺍﻹﻨـﺴـﺎﻥ
وﻓﻲ ﺿﺪ ھﺬا أﻗﻮل: ﻟﻘﺩ ﻭﺼﻔﻭﻙ ﻟﻲ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﺘﻘﻴﻨـﺎ
ﻓﺼﺎﺭ ﺍﻟﻅﻥ ﺤﻘﺎﹰ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻴﺎﻥ
ﻓﺄﻭﺼﺎﻑ ﺍﻟﺠﻨﺎﻥ ﻤﻘﺼـﺭﺍﺕ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﻋﻥ ﻗﺩﺭ ﺍﻟﺠﻨﺎﻥ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وإن ھﺬه اﻷﺣﻮال ﻟﺘﺤﺪث ﺑﯿﻦ اﻷﺻﺪﻗﺎء واﻹﺧﻮان ،وﻋﻨﻲ أﺣﺪث. ﺧﺒﺮ :إﻧﮫ ﻛﺎن ﺑﯿﻨﻲ وﺑﯿﻦ رﺟﻞ ﻣﻦ اﻷﺷﺮاف ود وﻛﯿﺪ وﺧﻄﺎب ﻛﺜﯿﺮ ،وﻣﺎ ﺗﺮاءﯾﻨﺎ ﻗﻂ .ﺛﻢ ﻣﻨﺢ اﷲ ﻟﻲ ﻟﻘﺎءه ،ﻓﻤﺎ ﻣﺮت إﻻ أﯾﺎم ﻗﻼﺋﻞ ﺣﺘﻰ وﻗﻌﺖ ﻟﻨﺎ ﻣﻨﺎﻓﺮة ﻋﻈﯿﻤﺔ ووﺣﺸﺔ ﺷﺪﯾﺪة ﻣﺘﺼﻠﺔ إﻟﻰ اﻵن ،ﻓﻘﻠﺖ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﮭﺎ: ﺃﺒﺩﻟﺕ ﺃﺸﺨﺎﺼﻨﺎ ﻜﺭﻫ ﺎﹰ ﻭﻓﺭﻁ ﻗﻠﻰ
ﻜﻤﺎ ﺍﻟﺼﺤﺎﺌﻑ ﻗﺩ ﻴﺒﺩﻟﻥ ﺒﺎﻟﻨﺴـﺦ
ووﻗﻊ ﻟﻲ ﺿﺪ ھﺬا ﻣﻊ أﺑﻲ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻋﺎﻣﺮ رﺣﻤﺔ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ ،ﻓﺈﻧﻲ ﻛﻨﺖ ﻟﮫ ﻋﻠﻰ ﻛﺮاھﺔ ﺻﺤﯿﺤﺔ وھﻮ ﻟﻲ ﻛﺬﻟﻚ ،وﻟﻢ ﯾﺮﻧﻲ وﻻ رأﯾﺘﮫ ،وﻛﺎن أﺻﻞ ذﻟﻚ ﺗﻨﻘﯿﻼً ﯾﺤﻤﻞ إﻟﯿﮫ ﻋﻨﻲ وإﻟﻲ ﻋﻨﮫ ،وﯾﺆﻛﺪه اﻧﺤﺮاف ﺑﯿﻦ أﺑﻮﯾﻨﺎ ﻟﺘﻨﺎﻓﺴﮭﻤﺎ ﻓﯿﻤﺎ ﻛﺎﻧﺎ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ ﺻﺤﺒﺔ اﻟﺴﻠﻄﺎن ووﺟﺎھﺔ اﻟﺪﻧﯿﺎ ،ﺛﻢ وﻓﻖ اﷲ اﻻﺟﺘﻤﺎع ﺑﮫ ﻓﺼﺎر ﻟﻲ أود اﻟﻨﺎس وﺻﺮت ﻟﮫ ﻛﺬﻟﻚ ،إﻟﻰ أن ﺣﺎل اﻟﻤﻮت ﺑﯿﻨﻨﺎ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ؛ ﻣﻨﮭﺎ: ﺃﺥ ﻟﻲ ﻜﺴﺒﻨـﻴﻪ ﺍﻟـﻠـﻘـﺎﺀ
ﻭﺃﻭﺠﺩﻨﻲ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻘﺎﹰ ﺸﺭﻴﻔـﺎﹰ
ﻭﻗﺩ ﻜﻨﺕ ﺃﻜﺭﻩ ﻤﻨﻪ ﺍﻟﺠـﻭﺍﺭ
ﻭﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﺃﺭﻏﺒﻪ ﻟﻲ ﺃﻟﻴﻔـ ﺎﹰ
ﻭﻜﺎﻥ ﺍﻟﺒﻐﻴﺽ ﻓﺼﺎﺭ ﺍﻟﺤﺒﻴﺏ
ﻭﻜﺎﻥ ﺍﻟﺜﻘﻴل ﻓﺼﺎﺭ ﺍﻟﺨﻔﻴﻔﺎ
ﻭﻗﺩ ﻜﻨﺕ ﺃﺩﻤﻥ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻭﺠﻴﻑ
ﻓﺼﺭﺕ ﺃﺩﻴﻡ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻭﺠﻴﻔـﺎ
وأﻣﺎ أﺑﻮ ﺷﺎﻛﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻘﺒﺮي ﻓﻜﺎن ﻟﻲ ﺻﺪﯾﻘﺎً ﻣﺪة ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ رؤﯾﺔ ،ﺛﻢ اﻟﺘﻘﯿﻨﺎ ﻓﺘﺄﻛﺪت اﻟﻤﻮدة واﺗﺼﻠﺖ وﺗﻤﺎدت إﻟﻰ اﻵن.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﺒﺎب اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻣﻦ أﺣﺐ ﻣﻦ ﻧﻈﺮة واﺣﺪة وﻛﺜﯿﺮاً ﻣﺎ ﯾﻜﻮن ﻟﺼﻮق اﻟﺤﺐ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ﻣﻦ ﻧﻈﺮة واﺣﺪة .وھﻮ ﯾﻨﻘﺴﻢ ﻗﺴﻤﯿﻦ، ﻓﺎﻟﻘﺴﻢ اﻟﻮاﺣﺪ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻠﺬي ﻗﺒﻞ ھﺬا ،وھﻮ أن ﯾﻌﺸﻖ اﻟﻤﺮء ﺻﻮرة ﻻ ﯾﻌﻠﻢ ﻣﻦ ھﻲ وﻻ ﯾﺪري ﻟﮭﺎ اﺳﻤﺎ وﻻ ﻣﺴﺘﻘﺮاً ،وﻗﺪ ﻋﺮض ھﺬا ﻟﻐﯿﺮ واﺣﺪ. ﺧﺒﺮ :ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ أﺑﺎ ﺑﻜﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﺤﺎق ﻋﻦ ﺛﻘﺔ أﺧﺒﺮه ﺳﻘﻂ ﻋﻨﻲ اﺳﻤﮫ ،وأﻇﻨﮫ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﺑﻦ اﻟﺤﺬاء ،أن ﯾﻮﺳﻒ ﺑﻦ ھﺎرون اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﻟﺮﻣﺎدي ﻛﺎن ﻣﺠﺘﺎزاً ﻋﻨﺪ ﺑﺎب اﻟﻌﻄﺎرﯾﻦ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ ،وھﺬا اﻟﻤﻮﺿﻊ ﻛﺎن ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﻨﺴﺎء ،ﻓﺮأى ﺟﺎرﯾﺔ أﺧﺬت ﺑﻤﺠﺎﻣﻊ ﻗﻠﺒﮫ وﺗﺨﻠﻞ ﺣﺒﮭﺎ ﺟﻤﯿﻊ أﻋﻀﺎﺋﮫ ،ﻓﺎﻧﺼﺮف ﻋﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﺠﺎﻣﻊ وﺟﻌﻞ ﯾﺘﺒﻌﮭﺎ وھﻲ ﻧﺎھﻀﺔ ﻧﺤﻮ اﻟﻘﻨﻄﺮة ،ﻓﺠﺎزﺗﮭﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﻮﺿﻊ اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﻟﺮﺑﺾ .ﻓﻠﻤﺎ ﺻﺎرت ﺑﯿﻦ رﯾﺎض ﺑﻨﻲ ﻣﺮوان رﺣﻤﮭﻢ اﷲ اﻟﻤﺒﻨﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﻮرھﻢ ﻓﻲ ﻣﻘﺒﺮة اﻟﺮﺑﺾ ﺧﻠﻒ اﻟﻨﮭﺮ ﻧﻈﺮت ﻣﻨﮫ ﻣﻨﻔﺮداً ﻋﻦ اﻟﻨﺎس ﻻ ھﻤﺔ ﻟﮫ ﻏﯿﺮھﺎ ﻓﺎﻧﺼﺮﻓﺖ إﻟﯿﮫ ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﮫ :ﻣﺎﻟﻚ ﺗﻤﺸﻲ وراﺋﻲ؟ ﻓﺄﺧﺒﺮھﺎ ﺑﻌﻈﯿﻢ ﺑﻠﯿﺘﮫ ﺑﮭﺎ .ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﮫ :دع ﻋﻨﻚ ھﺬا وﻻ ﺗﻄﻠﺐ ﻓﻀﯿﺤﺘﻲ ﻓﻼ ﻣﻄﻤﻊ ﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻨﯿﺔ وﻻ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺗﺮﻏﺒﮫ ﺳﺒﯿﻞ ﻓﻘﺎل :إﻧﻲ أﻗﻨﻊ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ .ﻓﻘﺎﻟﺖ :ذﻟﻚ ﻣﺒﺎح ﻟﻚ .ﻓﻘﺎل ﻟﮭﺎ :ﯾﺎ ﺳﯿﺪﺗﻲ :أﺣﺮة أم ﻣﻤﻠﻮﻛﺔ؟ ﻗﺎﻟﺖ :ﻣﻤﻠﻮﻛﺔ .ﻓﻘﺎل ﻟﮭﺎ :ﻣﺎ اﺳﻤﻚ؟ ﻗﺎﻟﺖ :ﺧﻠﻮة .ﻗﺎل: وﻟﻤﻦ أﻧﺖ؟ ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﮫ :ﻋﻠﻤﻚ واﷲ ﺑﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ أﻗﺮب إﻟﯿﻚ ﻣﻤﺎ ﺳﺄﻟﺖ ﻋﻨﮫ ،ﻓﺪع اﻟﻤﺤﺎل .ﻓﻘﺎل ﻟﮭﺎ :ﯾﺎ ﺳﯿﺪﺗﻲ ،وأﯾﻦ أراك ﺑﻌﺪ ھﺬا؟ ﻗﺎﻟﺖ :ﺣﯿﺚ رأﯾﺘﻨﻲ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﯿﻮم ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﻤﻌﺔ .ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﮫ :إﻣﺎ أن ﺗﻨﮭﺾ أﻧﺖ وإﻣﺎ أن أﻧﮭﺾ أﻧﺎ ﻓﻘﺎل ﻟﮭﺎ :اﻧﮭﻀﻲ ﻓﻲ ﺣﻔﻆ اﷲ .ﻓﻨﮭﻀﺖ ﻧﺤﻮ اﻟﻘﻨﻄﺮة وﻟﻢ ﯾﻤﻜﻨﮫ أﺗﺒﺎﻋﮭﺎ ﻷﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﺘﻔﺖ ﻧﺤﻮه ﻟﺘﺮى أﯾﺴﺎﯾﺮھﺎ أم ﻻ .ﻓﻠﻤﺎ ﺗﺠﺎوزت ﺑﺎب اﻟﻘﻨﻄﺮة أﺗﻰ ﯾﻘﻔﻮھﺎ ﻓﻠﻢ ﯾﻘﻊ ﻟﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺄﻟﺔ.
ﻗﺎل أﺑﻮ ﻋﻤﺮو ،وھﻮ ﯾﻮﺳﻒ ﺑﻦ ھﺎرون :ﻓﻮاﷲ ﻟﻘﺪ ﻻزﻣﺖ ﺑﺎب اﻟﻌﻄﺎرﯾﻦ واﻟﺮﺑﺾ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ إﻟﻰ اﻵن ﻓﻤﺎ وﻗﻌﺖ ﻟﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﺒﺮ وﻻ أدري أﺳﻤﺎء ﻟﺤﺴﺘﮭﺎ أم أرض ﺑﻠﻌﺘﮭﺎ ،وإن ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻲ ﻣﻨﮭﺎ ﻷﺣﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﺮ .وھﻲ ﺧﻠﻮة اﻟﺘﻲ ﯾﺘﻐﺰل ﺑﮭﺎ ﻓﻲ أﺷﻌﺎره.
ﺛﻢ وﻗﻊ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺧﺒﺮھﺎ ﺑﻌﺪ رﺣﯿﻠﮫ ﻓﻲ ﺳﺒﺒﮭﺎ إﻟﻰ ﺳﺮ ﻗﺴﻄﺔ ﻓﻲ ﻗﺼﺔ ﻃﻮﯾﻠﺔ .وﻣﺜﻞ ذﻟﻚ ﻛﺜﯿﺮ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﮭﺎ: ﻋﻴﻨﻲ ﺠﻨﺕ ﻓﻲ ﻓﺅﺍﺩﻱ ﻟﻭﻋﺔ ﺍﻟﻔﻜﺭ
ﻓﺄﺭﺴل ﺍﻟﺩﻤﻊ ﻤﻘﺘﺼﺎﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﺼﺭ
ﻓﻜﻴﻑ ﺘﺒﺼﺭ ﻓﻌل ﺍﻟﺩﻤﻊ ﻤﻨﺘﺼﻔـﺎﹰ
ﻤﻨﻬﺎ ﺒﺈﻏﺭﺍﻗﻬﺎ ﻓﻲ ﺩﻤﻌﻬﺎ ﺍﻟـﺩﺭﺭ
ﻟﻡ ﺃﻟﻘﻬﺎ ﻗﺒل ﺇﺒﺼﺎﺭﻱ ﻓﺄﻋﺭﻓـﻬـﺎ
ﻭﺁﺨﺭ ﺍﻟﻌﻬﺩ ﻤﻨﻬﺎ ﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﻨﻅـﺭ
واﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻠﺒﺎب اﻟﺬي ﯾﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪ ھﺬا اﻟﺒﺎب إن ﺷﺎء اﷲ ،وھﻮ أن ﯾﻌﻠﻖ اﻟﻤﺮء ﻣﻦ ﻧﻈﺮة واﺣﺪة ﺟﺎرﯾﺔ ﻣﻌﺮوﻓﺔ اﻹﺳﻢ واﻟﻤﻜﺎن واﻟﻤﻨﺸﺄ ،وﻟﻜﻦ اﻟﺘﻔﺎﺿﻞ ﯾﻘﻊ ﻓﻲ ھﺬا ﻓﻲ ﺳﺮﻋﺔ اﻟﻔﻨﺎء وإﺑﻄﺎﺋﮫ ،ﻓﻤﻦ أﺣﺐ ﻣﻦ ﻧﻈﺮة واﺣﺪة وأﺳﺮع اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻦ ﻟﻤﺤﺔ ﺧﺎﻃﺮة ﻓﮭﻮ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺔ اﻟﺒﺼﺮ ،وﻣﺨﺒﺮ ﺑﺴﺮﻋﺔ اﻟﺴﻠﻮ ،وﺷﺎھﺪ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﻈﺮاﻓﺔ واﻟﻤﻠﻞ .وھﻜﺬا ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ اﻷﺷﯿﺎء أﺳﺮﻋﮭﺎ ﻧﻤﻮاً أﺳﺮﻋﮭﺎ ﻓﻨﺎء .وأﺑﻄﺆھﺎ ﺣﺪوﺛﺎً أﺑﻄﺆھﺎ ﻧﻔﺎذاً.
ﺧﺒﺮ :إﻧﻲ ﻷﻋﻠﻢ ﻓﺘﻰ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﻜﺘﺎب ورأﺗﮫ اﻣﺮأة ﺳﺮﯾﺔ اﻟﻨﺸﺄة ،ﻋﺎﻟﯿﺔ اﻟﻤﻨﺼﺐ، ﻏﻠﯿﻈﺔ اﻟﺤﺠﺎب ،وھﻮ ﻣﺠﺘﺎز ،ورأﺗﮫ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﺗﻄﻠﻊ ﻣﻨﮫ ﻛﺎن ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﮭﺎ، ﻓﻌﻠﻘﺘﮫ وﻋﻠﻘﮭﺎ وﺗﮭﺎدﯾﺎ اﻟﻤﺮاﺳﻠﺔ زﻣﺎﻧﺎً ﻋﻠﻰ أرق ﻣﻦ ﺣﺪ اﻟﺴﯿﻒ ،وﻟﻮﻻ أﻧﻲ ﻟﻢ أﻗﺼﺪ ﻓﻲ رﺳﺎﻟﺘﻲ ھﺬه ﻛﺸﻒ اﻟﺤﯿﻞ وذﻛﺮ اﻟﻤﻜﺎﺋﺪ ﻷوردت ﻣﻤﺎ ﺻﺢ ﻋﻨﺪي أﺷﯿﺎء ﺗﺤﯿﺮ اﻟﻠﺒﯿﺐ وﺗﺪھﺶ اﻟﻌﺎﻗﻞ،أﺳﺒﻞ اﷲ ﻋﻠﯿﻨﺎ ﺳﺘﺮه وﻋﻠﻰ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﺑﻤﻨﮫ، وﻛﻔﺎﻧﺎ.
اﻟﺒﺎب اﻟﺴﺎدس ﻣﻦ ﻻ ﯾﺤﺐ إﻻ ﻣﻊ اﻟﻤﻄﺎوﻟﺔ وﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﻻ ﺗﺼﺢ ﻣﺤﺒﺘﮫ إﻻ ﺑﻌﺪ ﻃﻮل اﻟﻤﺨﺎﻓﺘﺔ وﻛﺜﯿﺮ اﻟﻤﺸﺎھﺪة وﺗﻤﺎدي اﻷﻧﺲ ،وھﺬا اﻟﺬي ﯾﻮﺷﻚ أن ﯾﺪوم وﯾﺜﺒﺖ وﻻ ﯾﺤﯿﻚ ﻓﯿﮫ ﻣُﺮ اﻟﻠﯿﺎﻟﻲ ﻓﻤﺎ دﺧﻞ ﻋﺴﯿﺮاً ﻟﻢ ﯾﺨﺮج ﯾﺴﯿﺮاً ،وھﺬا ﻣﺬھﺒﻲ .وﻗﺪ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻷﺛﺮ أن اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻗﺎل ﻟﻠﺮوح ﺣﯿﻦ أﻣﺮه أن ﯾﺪﺧﻞ ﺟﺴﺪ آدم ،وھﻮ ﻓﺨﺎر ،ﻓﮭﺎب وﺟﺰع :ادﺧﻞ ﻛﺮھﺎً واﺧﺮج ﻛﺮھﺎً .ﺣُﺪِﺛﻨﺎه ﻋﻦ ﺷﯿﻮﺧﻨﺎ.
وﻟﻘﺪ رأﯾﺖ ﻣﻦ أھﻞ ھﺬه اﻟﺼﻔﺔ ﻣﻦ إن أﺣﺲ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﮫ ﺑﺎﺑﺘﺪاء ھﻮى أو ﺗﻮﺟﺲ ﻣﻦ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﺳﺘﺤﺴﺎﻧﮫ ﻣﯿﻼً إﻟﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﺼﻮر اﺳﺘﻌﻤﻞ اﻟﮭﺠﺮ وﺗﺮك اﻹﻟﻤﺎم ،ﻟﺌﻼ ﯾﺰﯾﺪ ﻣﺎ ﯾﺠﺪ ﻓﯿﺨﺮج اﻷﻣﺮ ﻋﻦ ﯾﺪه ،وﯾﺤﺎل ﺑﯿﻦ اﻟﻌﯿﺮ واﻟﻨﺰوان .وھﺬا ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﻟﺼﻮق اﻟﺤﺐ ﺑﺄﻛﺒﺎد أھﻞ ھﺬه اﻟﺼﻔﺔ ،وأﻧﮫ إذا ﺗﻤﻜﻦ ﻣﻨﮭﻢ ﻟﻦ ﯾﺮﺣﻞ أﺑﺪاً .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ، ﻣﻨﮭﺎ: ﺴﺄﺒﻌﺩ ﻋﻥ ﺩﻭﺍﻋﻲ ﺍﻟﺤﺏ ﺇﻨـﻲ
ﺭﺃﻴﺕ ﺍﻟﺤﺯﻡ ﻤﻥ ﺼﻔﺔ ﺍﻟﺭﺸﻴﺩ
ﺭﺃﻴﺕ ﺍﻟﺤﺏ ﺃﻭﻟﻪ ﺍﻟﺘـﺼـﺩﻱ
ﺒﻌﻴﻨﻙ ﻓﻲ ﺃﺯﺍﻫﻴﺭ ﺍﻟـﺨـﺩﻭﺩ
ﻓﺒﻴﻨﺎ ﺃﻨﺕ ﻤﻐﺘﺒـﻁ ﻤـﺨـﻠـﻰ
ﺇﺫﺍﹰ ﻗﺩ ﺼﺭﺕ ﻓﻲ ﺤﻠﻕ ﺍﻟﻘﻴﻭﺩ
ﻜﻤﻐﺘﺭ ﺒﻀﺤـﻀـﺎﺡ ﻗـﺭﻴﺏ
ﻓﺯل ﻓﻐﺎﺏ ﻓﻲ ﻏﻤﺭ ﺍﻟﻤـﺩﻭﺩ
وإﻧﻲ ﻷﻃﯿﻞ اﻟﻌﺠﺐ ﻣﻨﻜﻞ ﻣﻦ ﯾﺪﻋﻲ أﻧﮫ ﯾﺤﺐ ﻣﻦ ﻧﻈﺮة واﺣﺪة وﻻ أﻛﺎد أﺻﺪﻗﮫ وﻻ أﺟﻌﻞ ﺣﺒﮫ إﻻ ﺿﺮﺑﺎً ﻣﻦ اﻟﺸﮭﻮة ،وأﻣﺎ أن ﯾﻜﻮن ﻓﻲ ﻇﻨﻲ ﻣﺘﻤﻜﻨﺎً ﻣﻦ ﺻﻤﯿﻢ اﻟﻔﺆاد ﻧﺎﻓﺬاً ﻓﻲ ﺣﺠﺎب اﻟﻘﻠﺐ ﻓﻤﺎ أﻗﺪر ذﻟﻚ ،وﻣﺎ ﻟﺼﻖ ﺑﺄﺣﺸﺎﺋﻲ ﺣﺐ ﻗﻂ إﻻ ﻣﻊ اﻟﺰﻣﻦ اﻟﻄﻮﯾﻞ وﺑﻌﺪ ﻣﻼزﻣﺔ اﻟﺸﺨﺺ ﻟﻲ دھﺮاً وأﺧﺬي ﻣﻌﮫ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺟﺪ وھﺰل، وﻛﺬﻟﻚ أﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻠﻮ واﻟﺘﻮﻗﻲ ،ﻓﻤﺎ ﻧﺴﯿﺖ وداً ﻟﻲ ﻗﻂ ،وإن ﺣﻨﯿﻨﻲ إﻟﻰ ﻛﻞ ﻋﮭﺪ ﺗﻘﺪم ﻟﻲ ﻟﯿﻐﺼﻨﻲ ﺑﺎﻟﻄﻌﺎم وﯾﺸﺮﻗﻨﻲ ﺑﺎﻟﻤﺎء ،وﻗﺪ اﺳﺘﺮاح ﻣﻦ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ھﺬه ﺻﻔﺘﮫ. وﻣﺎ ﻣﻠﻠﺖ ﺷﯿﺌﺎً ﻗﻂ ﺑﻌﺪ ﻣﻌﺮﻓﺘﻲ ﺑﮫ ،وﻻ أﺳﺮﻋﺖ إﻟﻰ اﻷﻧﺲ ﺑﺸﻲء ﻗﻂ أول ﻟﻘﺎﺋﻲ ﻟﮫ ،وﻣﺎ رﻏﺒﺖ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺒﺪال اﻟﻰ ﺳﺒﺐ ﻣﻦ أﺳﺒﺎﺑﻲ ﻣﺬ ﻛﻨﺖ ،ﻻ أﻗﻮل ﻓﻲ اﻵﻻف واﻹﺧﻮان وﺣﺪھﻢ ،ﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺴﺘﻌﻤﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﻣﻠﺒﻮس وﻣﺮﻛﻮب وﻣﻄﻌﻮم وﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ،وﻣﺎ اﻧﺘﻔﻌﺖ ﺑﻌﯿﺶ وﻻ ﻓﺎرﻗﻨﻲ اﻹﻃﺮاق واﻻﻧﻔﻼق ﻣﺬ ذﻗﺖ ﻃﻌﻢ ﻓﺮاق اﻷﺣﺒﺔ ،وإﻧﮫ ﻟﺸﺠﻲ ﯾﻌﺘﺎدﻧﻲ ووﻟﻮع ھﻢ ﻣﺎ ﯾﻨﻔﻚ ﯾﻄﺮﻗﻨﻲ ،وﻟﻘﺪ ﻧﻐﺺ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺗﺬﻛﺮي ﻣﺎ ﻣﻀﻰ ﻛﻞ ﻋﯿﺶ أﺳﺘﺄﻧﻔﮫ ،وإﻧﻲ ﻟﻘﺘﯿﻞ اﻟﮭﻤﻮم ﻓﻲ ﻋﺪاد اﻷﺣﯿﺎء ،ودﻓﯿﻦ اﻷﺳﻰ ﺑﯿﻦ أھﻞ اﻟﺪﻧﯿﺎ .واﷲ اﻟﻤﺤﻤﻮد ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ﻻ إﻟﮫ إﻻ ھﻮ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌﺮاً ،ﻣﻨﮫ: ﻤﺤﺒﺔ ﺼﺩﻕ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﺒﻨﺕ ﺴﺎﻋﺔ
ﻭﻻ ﻭﺭﻴﺙ ﺤﻴﻥ ﺍﺭﺘﻴﺎﺩ ﺯﻨﺎﺩﻫﺎ
ﻭﻟﻜﻥ ﻋﻠﻰ ﻤﻬل ﺴﺭﺕ ﻭﺘﻭﻟﺩﺕ
ﺒﻁﻭل ﺍﻤﺘﺯﺍﺝ ﻓﺎﺴﺘﻘﺭ ﻋﻤﺎﺩﻫﺎ
ﻓﻠﻡ ﻴﺩﻥ ﻤﻨﻬﺎ ﻋﺯﻤﻬﺎ ﻭﺍﻨﺘﻘﺎﻀﻬﺎ
ﻭﻟﻡ ﻴﻨﺄ ﻋﻨﻬﺎ ﻤﻜﺜﻬﺎ ﻭﺍﺯﺩﻴﺎﺩﻫـﺎ
ﻴﺅﻜﺩ ﺫﺍ ﺃﻨﺎ ﻨﺭﻯ ﻜـل ﻨـﺸـﺄﺓ
ﺘﺘﻡ ﺴﺭﻴﻌﺎﹰ ﻋﻥ ﻗﺭﻴﺏ ﻤﻌﺎﺩﻫـﺎ
ﻭﻟﻜﻨﻨﻲ ﺃﺭﺽ ﻋﺯﺍﺯ ﺼﻠـﻴﺒﺔ
ﻤﻨﻴﻊ ﺇﻟﻰ ﻜل ﺍﻟﻐﺭﻭﺱ ﺍﻨﻘﻴﺎﺩﻫﺎ
ﻓﻤﺎ ﻨﻔﺩﺕ ﻤﻨﻬﺎ ﻟﺩﻴﻬﺎ ﻋﺭﻭﻗﻬـﺎ
ﻓﻠﻴﺴﺕ ﺘﺒﺎﻟﻲ ﺃﻥ ﺘﺠﻭﺩ ﻋﻬﺎﺩﻫﺎ
وﻻ ﯾﻈﻦ ﻇﺎن وﻻ ﯾﺘﻮھﻢ ﻣﺘﻮھﻢ أن ﻛﻞ ھﺬا ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻘﻮﻟﻲ اﻟﻤﺴﻄﺮ ﻓﻲ ﺻﺪر اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،أن اﻟﺤﺐ اﺗﺼﺎل ﺑﯿﻦ اﻟﻨﻔﻮس ﻓﻲ أﺻﻞ ﻋﺎﻟﻤﮭﺎ اﻟﻌﻠﻮي ،ﺑﻞ ھﻮ ﻣﺆﻛﺪ ﻟﮫ. ﻓﻘﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ أن اﻟﻨﻔﺲ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻷدﻧﻰ ﻗﺪ ﻏﻤﺮﺗﮭﺎ اﻟﺤﺠﺐ ،وﻟﺤﻘﺘﮭﺎ اﻷﻏﺮاض، وأﺣﺎﻃﺖ ﺑﮭﺎ اﻟﻄﺒﺎﺋﻊ اﻷرﺿﯿﺔ اﻟﻜﻮﻧﯿﺔ ،ﻓﺴﺘﺮت ﻛﺜﯿﺮاً ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺗﮭﺎ وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻢ ﺗﺤﻠﮫ ،ﻟﻜﻦ ﺣﺎﻟﺖ دوﻧﮫ ﻓﻼ ﯾﺮﺟﻰ اﻻﺗﺼﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ إﻻ ﺑﻌﺪ اﻟﺘﮭﯿﺆ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺲ واﻻﺳﺘﻌﺪاد ﻟﮫ ،وﺑﻌﺪ إﯾﺼﺎل اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ إﻟﯿﮭﺎ ﺑﻤﺎ ﯾﺸﺎﻛﻠﮭﺎ وﯾﻮاﻓﻘﮭﺎ ،وﻣﻘﺎﺑﻠﺔ اﻟﻄﺒﺎﺋﻊ اﻟﺘﻲ ﺧﻔﯿﺖ ﻣﻤﺎ ﯾﺸﺎﺑﮭﮭﺎ ﻣﻦ ﻃﺒﺎﺋﻊ اﻟﻤﺤﺒﻮب ،ﻓﺤﯿﻨﺌﺬ ﯾﺘﺼﻞ اﺗﺼﺎﻻً ﺻﺤﯿﺤﺎً ﺑﻼ ﻣﺎﻧﻊ. وأﻣﺎ ﻣﺎ ﯾﻘﻊ ﻣﻦ أول وھﻠﺔ ﺑﺒﻌﺾ أﻋﺮاض اﻻﺳﺘﺤﺴﺎن اﻟﺠﺴﺪي ،واﺳﺘﻄﺮاف اﻟﺒﺼﺮ اﻟﺬي ﻻ ﯾﺠﺎوز اﻷﻟﻮان ،ﻓﮭﺬا ﺳﺮﱠ اﻟﺸﮭﻮة وﻣﻌﻨﺎھﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻓﺈذا ﻏﻠﺒﺖ اﻟﺸﮭﻮة وﺗﺠﺎوزت ھﺬا اﻟﺤﺪ وواﻓﻖ اﻟﻔﺼﻞ اﺗﺼﺎل ﻧﻔﺴﺎﻧﻲ ﺗﺸﺘﺮك ﻓﯿﮫ اﻟﻄﺒﺎﺋﻊ ﻣﻊ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﻨﻔﺲ ﯾﺴﻤﻰ ﻋﺸﻘﺎً .وﻣﻦ ھﻨﺎ دﺧﻞ اﻟﺨﻠﻂ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﯾﺰﻋﻢ أن ﯾﺤﺐ اﺛﻨﯿﻦ وﯾﻌﺸﻖ ﺷﺨﺼﯿﻦ ﻣﺘﻐﺎﯾﺮﯾﻦ ،ﻓﺈﻧﻤﺎ ھﺬا ﻣﻦ ﺟﮭﺔ اﻟﺸﮭﻮة اﻟﺘﻲ ذﻛﺮﻧﺎ آﻧﻔﺎً ،وھﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺎز ﺗﺴﻤﻰ ﻣﺤﺒﺔ ﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﻘﯿﻖ ،وأﻣﺎ ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺤﺐ ﻓﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﯿﻞ ﺑﮫ ﻓﻀﻞ ﺑﺼﺮﻓﮫ ﻣﻦ أﺳﺒﺎب دﯾﻨﮫ ودﻧﯿﺎه ﻓﻜﯿﻒ ﺑﺎﻻﺷﺘﻐﺎل ﺑﺤﺐ ﺛﺎن .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻜﺫﺏ ﺍﻟـﻤـﺩﻋـﻲ ﻫـﻭﻯ ﺍﺜـﻨـﻴﻥ ﺤـﺘــﻤـــﺎ
ﻤﺜـل ﻤـﺎ ﻓـﻲ ﺍﻷﺼـﻭل ﺃﻜـﺫﺏ ﻤــﺎﻨـــﻲ
ﻟﻴﺱ ﻓـﻲ ﺍﻟـﻘـﻠـﺏ ﻤـﻭﻀـﻊ ﻟـﺤـﺒـﻴﺒـــﻲ
ﻥ ﻭﻻ ﺃﺤـﺩﺙ ﺍﻷﻤـــﻭﺭ ﺒـــﺜـــﺎﻨـــﻲ
ﻓﻜـﻤـﺎ ﺍﻟـﻌـﻘـــل ﻭﺍﺤـــﺩ ﻟـــﻴﺱ ﻴﺩﺭﻱ ﺨﺎﻟـﻘــﺎﹰ ﻏـــﻴﺭ ﻭﺍﺤـــﺩ ﺭﺤـــﻤـــﺎﻥ ﻓﻜـﺫﺍ ﺍﻟـﻘـﻠـﺏ ﻭﺍﺤـــﺩ ﻟـــﻴﺱ ﻴﻬـــﻭﻯ
ﻏﻴﺭ ﻓــﺭﺩ ﻤـــﺒـــﺎﻋـــﺩ ﺃﻭ ﻤـــﺩﺍﻥ
ﻫﻭ ﻓﻲ ﺸﺭﻋﺔ ﺍﻟﻤﻭﺩﺓ ﺫﻭ ﺸﻙ ﺒﻌﻴﺩ ﻤﻥ ﺼﺤﻪ ﺍﻹﻴﻤﺎﻥ ﻭﻜﺫﺍ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻭﺍﺤﺩ ﻤﺴﺘﻘﻴﻡ
ﻭﻜـﻔــﻭﺭ ﻤـــﻥ ﻋـــﻨـــﺩﻩ ﺩﻴﻨـــﺎﻥ
وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف ﻓﺘﻰ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﺠﺪ واﻟﺤﺴﺐ واﻷدب ﻛﺎن ﯾﺒﺘﺎع اﻟﺠﺎرﯾﺔ وھﻲ ﺳﺎﻟﻤﺔ اﻟﺼﺪر ﻣﻦ ﺣﺒﮫ ،وأﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻛﺎرھﺔ ﻟﮫ ﻟﻘﻠﺔ ﺣﻼوة ﺷﻤﺎﺋﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﯿﮫ، وﻗﻄﻮب داﺋﻢ ﻛﺎن ﻻ ﯾﻔﺎرﻗﮫ وﻻ ﺳﯿﻤﺎ ﻣﻊ اﻟﻨﺴﺎء ،ﻓﻜﺎن ﻻ ﯾﻠﺒﺚ إﻻ ﯾﺴﯿﺮاً رﯾﺜﻤﺎ ﯾﺼﻞ إﻟﯿﮭﺎ ﺑﺎﻟﺠﻤﺎع وﯾﻌﻮد ذﻟﻚ اﻟﻜﺮه ﺣﺒﺎ ﻣﻔﺮﻃﺎً وﻛﻠﻔﺎً زاﺋﺪاً واﺳﺘﮭﺘﺎراً ﻣﻜﺸﻮﻓﺎً، وﯾﺘﺤﻮل اﻟﻀﺠﺮ ﻟﺼﺤﺒﺘﮫ ﺿﺠﺮاً ﻟﻔﺮاﻗﮫ .ﺻﺤﺒﮫ ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻓﻲ ﻋﺪة ﻣﻨﮭﻦ .ﻓﻘﺎل ﺑﻌﺾ إﺧﻮاﻧﻲ :ﻓﺴﺄﻟﺘﮫ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻓﺘﺒﺴﻢ ﻧﺤﻮي وﻗﺎل :إذاً واﷲ أﺧﺒﺮك أﻧﺎ أﺑﻄﺄ اﻟﻨﺎس إﻧﺰاﻻً ،ﺗﻘﻀﻲ اﻟﻤﺮأة ﺷﮭﻮﺗﮭﺎ ورﺑﻤﺎ ﺛﻨﺖ وإﻧﺰاﻟﻲ وﺷﮭﻮﺗﻲ ﻟﻢ ﯾﻨﻘﻀﯿﺎ ﺑﻌﺪ، وﻣﺎ ﻓﺘﺮت ﺑﻌﺪھﺎ ﻗﻂ ،وإﻧﻲ ﻷﺑﻘﻰ ﺑﻤﻨﺘﻲ ﺑﻌﺪ اﻧﻘﻀﺎﺋﮭﺎ اﻟﺤﯿﻦ اﻟﺼﺎﻟﺢ .وﻣﺎ ﻻﻗﻰ ﺻﺪري ﺻﺪر اﻣﺮأة ﻗﻂ ﻋﻨﺪ اﻟﺨﻠﻮة إﻻ ﻋﻨﺪ ﺗﻌﻤﺪي اﻟﻤﻌﺎﻧﻘﺔ ،وﺑﺤﺴﺐ ارﺗﻔﺎع ﺻﺪري ﻧﺰول ﻣﺆﺧﺮي.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻓﻤﺜﻞ ھﺬا وﺷﺒﮭﮫ إذا واﻓﻖ أﺧﻼق اﻟﻨﻔﺲ وﻟﺪ اﻟﻤﺤﺒﺔ ،إذا اﻷﻋﻀﺎء اﻟﺤﺴﺎﺳﺔ ﻣﺴﺎﻟﻚ اﻟﻨﻔﻮس وﻣﺆدﯾﺎت ﻧﺤﻮھﺎ.
اﻟﺒﺎب اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻣﻦ أﺣﺐ ﺻﻔﺔ ﻟﻢ ﯾﺴﺘﺤﺴﻦ ﺑﻌﺪھﺎ ﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻤﺎ ﯾﺨﺎﻟﻔﮭﺎ واﻋﻠﻢ أﻋﺰك اﷲ أن ﻟﻠﺤﺐ ﺣﻜﻤﺎً ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻔﻮس ﻣﺎﺿﯿﺎً ،وﺳﻠﻄﺎﻧﺎً ﻗﺎﺿﯿﺎً ،وأﻣﺮاً ﻻ ﯾﺨﺎﻟﻒ ،وﺣﺪاً ﻻ ﯾﻌﺼﻰ ،وﻣﻠﻜﺎً ﻻ ﯾﺘﻌﺪى ،وﻃﺎﻋﺔ ﻻ ﺗﺼﺮف ،وﻧﻔﺎذاً ﻻ ﯾﺮد؛ وأﻧﮫ ﯾﻨﻘﺾ اﻟﻤﺮر ،وﯾﺤﻞ اﻟﻤﺒﺮم ،وﯾﺤﻠﻞ اﻟﺠﺎﻣﺪ ،وﯾﺨﻞ اﻟﺜﺎﺑﺖ ،وﯾﺤﻞ اﻟﺸﻐﺎف، وﯾﺤﻞ اﻟﻤﻤﻨﻮع ،وﻟﻘﺪ ﺷﺎھﺪت ﻛﺜﯿﺮاً ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻻ ﯾﺘﮭﻤﻮن ﻓﻲ ﺗﻤﯿﯿﺰھﻢ ،وﻻ ﯾﺨﺎف ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺳﻘﻮط ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺘﮭﻢ ،وﻻ اﺧﺘﻼل ﺑﺤﺴﻦ اﺧﺘﯿﺎرھﻢ ،وﻻ ﺗﻘﺼﯿﺮ ﻓﻲ ﺣﺪﺳﮭﻢ، ﻗﺪ وﺻﻔﻮا أﺣﺒﺎﺑﺎً ﻟﮭﻢ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺻﻔﺎﺗﮭﻢ ﺑﻤﺎ ﻟﯿﺲ ﺑﻤﺴﺘﺤﺴﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺎس وﻻ ﯾﺮﺿﻰ ﻓﻲ اﻟﺠﻤﺎل ،ﻓﺼﺎرت ھﺠﯿﺮاھﻢ،وﻋﺮﺿﺔ ﻷھﻮاﺋﮭﻢ ،وﻣﻨﺘﮭﻰ اﺳﺘﺤﺴﺎﻧﮭﻢ ﺛﻢ ﻣﻀﻰ أوﻟﺌﻚ إﻣﺎ ﺑﺴﻠﻮ أو ﺑﯿﻦ أو ھﺠﺮ أو ﺑﻌﺾ ﻋﻮارض اﻟﺤﺐ ،وﻣﺎ ﻓﺎرﻗﮭﻢ اﺳﺘﺤﺴﺎن ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻔﺎت وﻻ ﺑﺎن ﻋﻨﮭﻢ ﺗﻔﻀﯿﻠﮭﺎ ،ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ھﻮ أﻓﻀﻞ ﻣﻨﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﯿﻘﺔ ،وﻻ ﻣﺎﻟﻮا إﻟﻰ ﺳﻮاھﺎ؛ ﺑﻞ ﺻﺎرت ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻔﺎت اﻟﻤﺴﺘﺤﺒﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺎس ﻣﮭﺠﻮرة ﻋﻨﺪھﻢ وﺳﺎﻗﻄﺔ ﻟﺪﯾﮭﻢ إﻟﻰ أن ﻓﺎرﻗﻮا اﻟﺪﻧﯿﺎ واﻧﻘﻀﺖ أﻋﻤﺎرھﻢ ،ﺣﻨﯿﻨﺎ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻣﻨﮭﻢ إﻟﻰ ﻣﻦ ﻓﻘﺪوه ،وأﻟﻔﺔ ﻟﻤﻦ ﺻﺤﺒﻮه .وﻣﺎ أﻗﻮل إن ذﻟﻚ ﻛﺎن ﺗﺼﻨﻌﺎً ﻟﻜﻦ ﻃﺒﻌﺎً ﺣﻘﯿﻘﯿﺎً واﺧﺘﯿﺎراً ﻻ دﺧﻞ ﻓﯿﮫ ،وﻻ ﯾﺮون ﺳﻮاه ،وﻻ ﯾﻘﻮﻟﻮن ﻓﻲ ﻃﻲ ﻋﻘﺪھﻢ ﺑﻐﯿﺮه. وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف ﻣﻦ ﻛﺎن ﻓﻲ ﺟﯿﺪ ﺣﺒﯿﺒﮫ ﺑﻌﺾ اﻟﻮﻗﺺ ﻓﻤﺎ اﺳﺘﺤﺴﻦ أﻏﯿﺪ وﻻ ﻏﯿﺪاء ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ .وأﻋﺮف ﻣﻦ ﻛﺎن أول ﻋﻼﻗﺘﮫ ﺑﺠﺎرة ﻣﺎﺋﻠﺔ إﻟﻰ اﻟﻘﺼﺮ ﻓﻤﺎ أﺣﺐ ﻃﻮﯾﻠﺔ ﺑﻌﺪ ھﺬا .وأﻋﺮف أﯾﻀﺎً ﻣﻦ ھﻮى ﺟﺎرﯾﺔ ﻓﻲ ﻓﻤﮭﺎ ﻓﻮه ﻟﻄﯿﻒ ﻓﻠﻘﺪ ﻛﺎن ﯾﺘﻘﺬر ﻛﻞ ﻓﻢ ﺻﻐﯿﺮ وﯾﺬﻣﮫ وﯾﻜﺮھﮫ اﻟﻜﺮاھﯿﺔ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ .وﻣﺎ أﺻﻒ ﻋﻦ ﻣﻨﻘﻮﺻﻲ اﻟﺤﻈﻮظ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻢ واﻷدب ﻟﻜﻦ ﻋﻦ أوﻓﺮ اﻟﻨﺎس ﻗﺴﻄﺎً ﻓﻲ اﻹدراك ،وأﺣﻘﮭﻢ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻔﮭﻢ واﻟﺪراﯾﺔ. وﻋﻨﻲ أﺧﺒﺮك أﻧﻲ أﺣﺒﺒﺖ ﻓﻲ ﺻﺒﺎي ﺟﺎرﯾﺔ ﻟﻲ ﺷﻘﺮاء اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻤﺎ اﺳﺘﺤﺴﻨﺖ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﺳﻮداء اﻟﺸﻌﺮ ،وﻟﻮ أﻧﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻤﺲ أو ﻋﻠﻰ ﺻﻮرة اﻟﺤﺴﻦ ﻧﻔﺴﮫ وإﻧﻲ ﻷﺟﺪ ھﺬا ﻓﻲ أﺻﻞ ﺗﺮﻛﯿﺒﻲ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،ﻻ ﺗﺆاﺗﯿﻨﻲ ﻧﻔﺴﻲ ﻋﻠﻰ ﺳﻮاه وﻻ ﺗﺤﺐ ﻏﯿﺮه اﻟﺒﺘﺔ ،وھﺬا اﻟﻌﺎرض ﺑﻌﯿﻨﮫ ﻋﺮض ﻷﺑﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ وﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺟﺮى إﻟﻰ أن واﻓﺎه أﺟﻠﮫ.
وأﻣﺎ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺧﻠﻔﺎء ﺑﻨﻲ ﻣﺮوان -رﺣﻤﮭﻢ اﷲ -وﻻ ﺳﯿﻢ وﻟﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻣﻨﮭﻢ ،ﻓﻜﻠﮭﻢ ﻣﺠﺒﻮﻟﻮن ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻀﯿﻞ اﻟﺸﻘﺮة ،ﻻ ﯾﺨﺘﻠﻒ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻣﻨﮭﻢ ﻣﺨﺘﻠﻒ .وﻗﺪ رأﯾﻨﺎھﻢ ورأﯾﻨﺎ ﻣﻦ رآھﻢ ﻣﻦ ﻟﺪن دوﻟﺔ اﻟﻨﺎﺻﺮ إﻟﻰ اﻵن ﻓﻤﺎ ﻣﻨﮭﻢ إﻻ أﺷﻘﺮ ﻧﺰاﻋﺎً إﻟﻰ أﻣﮭﺎﺗﮭﻢ ،ﺣﺘﻰ ﻗﺪ ﺻﺎر ذﻟﻚ ﻓﯿﮭﻢ ﺧﻠﻘﺔ ،ﺣﺎﺷﻰ ﺳﻠﯿﻤﺎن اﻟﻈﺎﻓﺮ رﺣﻤﮫ اﷲ ،ﻓﺈﻧﻲ رأﯾﺘﮫ أﺳﻮد اﻟﻠﻤﺔ واﻟﻠﺤﯿﺔ.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وأﻣﺎ اﻟﻨﺎﺻﺮ واﻟﺤﻜﻢ واﻟﻤﺴﺘﻨﺼﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ ﻓﺤﺪﺛﻨﻲ اﻟﻮزﯾﺮ أﺑﻲ رﺣﻤﮫ اﷲ وﻏﯿﺮه أﻧﮭﻤﺎ ﻛﺎﻧﺎ أﺷﻘﺮﯾﻦ أﺷﮭﻠﯿﻦ ،وﻛﺬﻟﻚ ھﺸﺎم اﻟﻤﺆﯾﺪ وﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﮭﺪي وﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﻤﺮﺗﻀﻰ رﺣﻤﮭﻢ اﷲ ،ﻓﺈﻧﻲ ﻗﺪ رأﯾﺘﮭﻢ ﻣﺮاراً ودﺧﻠﺖ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻓﺮأﯾﺘﮭﻢ ﺷﻘﺮاً ﺷﮭﻼً ،وھﻜﺬا أوﻻدھﻢ وأﺧﻮﺗﮭﻢ وﺟﻤﯿﻊ أﻗﺎرﺑﮭﻢ ،ﻓﻼ أدري أذﻟﻚ اﺳﺘﺤﺴﺎن ﻣﺮﻛﺐ ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻌﮭﻢ أم ﻟﺮواﯾﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﺪ أﺳﻼﻓﮭﻢ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻓﺠﺮوا ﻋﻠﯿﮭﺎ .وھﺬا ﻇﺎھﺮ ﻓﻲ ﺷﻌﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﻣﺮوان ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﺮوان ﺑﻦ أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ اﻟﻨﺎﺻﺮ وھﻮ اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﻟﻄﻠﯿﻖ ،وﻛﺎن أﺷﻌﺮ أھﻞ اﻷﻧﺪﻟﺲ ﻓﻲ زﻣﺎﻧﮭﻢ وأﻛﺜﺮ ﺗﻐﺰﻟﮫ ﻓﺒﺎﻟﺸﻘﺮ ،وﻗﺪ راﯾﺘﮫ وﺟﺎﻟﺴﺘﮫ. وﻟﯿﺲ اﻟﻌﺠﺐ ﻓﯿﻤﻦ أﺣﺐ ﻗﺒﯿﺤﺎً ﺛﻢ ﻟﻢ ﯾﺼﺤﺒﮫ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺳﻮاه ﻓﻘﺪ وﻗﻊ ﻣﻦ ذﻟﻚ، وﻻ ﻓﯿﻤﻦ ﻃﻠﻊ ﻣﺬ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻀﯿﻞ اﻷدﻧﻰ ،وﻟﻜﻦ ﻓﯿﻤﻦ ﻛﺎن ﯾﻨﻈﺮ ﺑﻌﯿﻦ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﺛﻢ ﻏﻠﺐ ﻋﻠﯿﮫ ھﻮى ﻋﺎرض ﺑﻌﺪ ﻃﻮل ﺑﻘﺎﺋﮫ ﻓﻲ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻓﺄﺣﺎﻟﮫ ﻋﻤﺎ ﻋﮭﺪﺗﮫ ﻧﻔﺴﮫ ﺣﻮاﻟﺔ ﺻﺎرت ﻟﮫ ﻃﺒﻌﺎً :وذھﺐ ﻃﺒﻌﮫ اﻷول وھﻮ ﯾﻌﺮف ﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﯿﮫ أوﻻً. ﻓﺈذا رﺟﻊ إﻟﻰ ﻧﻔﺴﮫ وﺟﺪھﺎ ﺗﺄﺑﻰ إﻟﻰ اﻷدﻧﻰ ﻓﺄﻋﺠﺐ ﻟﮭﺬا اﻟﺘﻐﻠﺐ اﻟﺸﺪﯾﺪ واﻟﺘﺴﻠﻂ اﻟﻌﻈﯿﻢ ،وھﻮ أﺻﺪق اﻟﻤﺤﺒﺔ ﺣﻘﺎً ،ﻻ ﻣﻦ ﯾﺘﺤﻠﻰ ﺑﺸﯿﻢ ﻗﻮم ﻟﯿﺲ ﻣﻨﮫ ،وﯾﺪﻋﻲ ﻏﺮﯾﺰة ﻻ ﺗﻘﺒﻠﮫ ﻓﯿﺰﻋﻢ أﻧﮫ ﯾﺘﺨﯿﺮ ﻣﻦ ﯾﺤﺐ ،أﻣﺎ ﻟﻮ ﺷﻐﻞ اﻟﺤﺐ ﺑﺼﯿﺮﺗﮫ ،وأﻃﺎح ﻓﻜﺮﺗﮫ ،وأﺟﺤﻒ ﺑﺘﻤﯿﯿﺰه ،ﻟﺤﺎل ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ اﻟﺘﺨﯿﻞ واﻹرﺗﯿﺎد .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌﺮاً ،ﻣﻨﮫ: ﻤﻨﻬﻡ ﻓﺘﻰ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﻤﺤﺒﻭﺒﻪ ﻭﻗﺹ
ﻜﺄﻨﻤﺎ ﺍﻟﻐﻴﺩ ﻓﻲ ﻋﻴﻨـﻴﻪ ﺠـﻨـﺎﻥ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻭﻜﺎﻥ ﻤﻨﺒﺴﻁﺎﹰ ﻓﻲ ﻓﻀل ﺨﺒﺭﺘـﻪ
ﺒﺤﺠﺔ ﺤﻘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻭل ﺘـﺒـﻴﺎﻥ
ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻬﺎ ﻭﺒﻬﺎ ﺍﻷﻤﺜـﺎل ﺴـﺎﺌﺭﺓ
ﻻ ﻴﻨﻜﺭ ﺍﻟﺤﺴﻥ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺩﻫﺭ ﺇﻨﺴﺎﻥ
ﻭﻗﺹ ﻓﻠﻴﺱ ﺒﻬﺎ ﻋﻨﻘـﺎﺀ ﻭﺍﺤـﺩﺓ
ﻭﻫل ﺘﺯﺍﻥ ﺒﻁﻭل ﺍﻟﺠﻴﺩ ﺒﻌـﺭﺍﻥ
ﻭﺁﺨﺭ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﻤﺤﺒـﻭﺒـﻪ ﻗـﻭﺓ
ﻴﻘﻭل ﺤﺴﻲ ﻓﻲ ﺍﻷﻓﻭﺍﻩ ﻏﺯﻻﻥ
ﻭﺜﺎﻟﺙ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﻤﺤﺒﻭﺒﻪ ﻗـﺼـﺭ
ﻴﻘﻭل ﺇﻥ ﺫﻭﺍﺕ ﺍﻟﻁﻭل ﻏـﻴﻼﻥ
وأﻗﻮل أﯾﻀﺎً: ﻴﻌﻴﺒﻭﻨﻬﺎ ﻋﻨﺩﻱ ﺒﺸﻘـﺭﺓ ﺸـﻌـﺭﻫـﺎ
ﻓﻘﻠﺕ ﻟﻬﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺫﻱ ﺯﺍﻨﻬﺎ ﻋـﻨـﺩﻱ
ﻴﻌﻴﺒﻭﻥ ﻟﻭﻥ ﺍﻟﻨﻭﺭ ﻭﺍﻟـﺘـﺒـﺭ ﻀـﻠﺔ
ﻟﺭﺃﻯ ﺠﻬﻭل ﻓﻲ ﺍﻟﻐﻭﺍﻴﺔ ﻤـﻤـﺘـﺩ
ﻭﻫل ﻋﺎﺏ ﻟﻭﻥ ﺍﻟﻨﺭﺠﺱ ﺍﻟﻐﺽ ﻋﺎﺌﺏ
ﻭﻟﻭﻥ ﺍﻟﻨﺠﻭﻡ ﺍﻟﺯﺍﻫﺭﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻌـﺩ
ﻭﺃﺒﻌﺩ ﺨﻠﻕ ﺍﷲ ﻤـﻥ ﻜـل ﺤـﻜـﻤﺔ
ﻤﻔﻀل ﺠﺭﻡ ﻓﺎﺤﻡ ﺍﻟﻠـﻭﻥ ﻤـﺴـﻭﺩ
ﺒﻪ ﻭﺼﻔﺕ ﺃﻟـﻭﺍﻥ ﺃﻫـل ﺠـﻬـﻨـﻡ ﻭﻟﺒﺴﺔ ﺒﺎﻙ ﻤﺜﻜل ﺍﻷﻫـل ﻤـﺤـﺘـﺩ ﻭﻤﺫ ﻻﺤﺕ ﺍﻟﺭﺍﻴﺎﺕ ﺴﻭﺍﺩ ﺘـﻴﻘـﻨـﺕ ﻨﻔﻭﺱ ﺍﻟﻭﺭﻯ ﺃﻥ ﻻﺴﺒﻴل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺭﺸـﺩ
اﻟﺒﺎب اﻟﺜﺎﻣﻦ اﻟﺘﻌﺮﯾﺾ ﺑﺎﻟﻘﻮل )(36 وﻻ ﺑﺪ ﻟﻜﻞ ﻣﻄﻠﻮب ﻣﻦ ﻣﺪﺧﻞ إﻟﯿﮫ ،وﺳﺒﺐ ﯾﺘﻮﺻﻞ ﺑﮫ ﻧﺤﻮه ﻓﻠﻢ ﯾﻨﻔﺮد ﺑﺎﻻﺧﺘﺮاع دون واﺳﻄﺔ إﻻ اﻟﻌﻠﯿﻢ اﻷول ﺟﻞ ﺛﻨﺎؤه .ﻓﺄول ﻣﺎ ﯾﺴﺘﻌﻤﻞ ﻃﻼب أوﺻﻞ وأھﻞ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﻲ ﻛﺸﻒ ﻣﺎ ﯾﺠﺪوﻧﮫ إﻟﻰ أﺣﺒﺘﮭﻢ اﻟﺘﻌﺮﯾﺾ ﺑﺎﻟﻘﻮل ،إﻣﺎ ﺑﺈﻧﺸﺎد ﺷﻌﺮ ،أوﺑﺈرﺳﺄ وﻣﺜﻞ ،أو ﺗﻌﻤﯿﺔ ﺑﯿﺖ ،أو ﻃﺮح ﻟﻐﺰ ،أو ﺗﺴﻠﯿﻂ ﻛﻼم وﻟﻠﻨﺎس ﯾﺨﺘﻠﻔﻮن ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻗﺪر إدراﻛﮭﻢ ،وﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﻣﺎﯾﺮوﻧﮫ ﻣﻦ أﺣﺒﺘﮭﻢ ﻣﻦ ﻧﻔﺎر أو أﻧﺲ أو ﻓﻄﻨﺔ أو ﺑﻼدة .وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف ﻣﻦ اﺑﺘﺪأ ﻛﺸﻒ ﻣﺤﺒﺘﮫ إﻟﻰ ﻣﻦ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻛﺎن ﯾﺤﺐ ﺑﺄﺑﯿﺎت ﻗﻠﺘﮭﺎ .ﻓﮭﺬا وﺷﺒﮭﮫ ﯾﺒﺘﺪئ ﺑﮫ اﻟﻄﺎﻟﺐ ﻟﻠﻤﻮدة ،ﻓﺈن رأى أﻧﺴﺎ وﺗﺴﮭﯿﻼً زاد ،وإن ﯾﻌﺎﯾﻦ ﺷﯿﺌﺎً ﻣﻦ ھﺬه اﻷﻣﻮر ﻓﻲ ﺣﯿﻦ إﻧﺸﺎده ﻟﺸﻲء ﻣﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ، أو إﯾﺮاده ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ اﻟﺘﻲ ﺣﺪدﻧﺎ ،ﻓﺎﻧﺘﻈﺎره اﻟﺠﻮاب ،إﻣﺎ ﺑﻠﻔﻆ أو ﺑﮭﯿﺌﺔ اﻟﻮﺟﮫ واﻟﺤﺮﻛﺎت ،ﻟﻤﻮﻗﻒ ﺑﯿﻦ أرﺟﺎء واﻟﯿﺄس ھﺎﺋﻞ ،وإن ﻛﺎن ﺣﯿﻨﺎً ﻗﺼﯿﺮاً ،وﻟﻜﻨﮫ إﺷﺮاف ﻋﻠﻰ ﺑﻠﻮغ اﻷﻣﻞ أو اﻧﻘﻄﺎﻋﮫ.
وﻣﻦ اﻟﺘﻌﺮﯾﺾ ﺑﺎﻟﻘﻮل :ﺟﻨﺲ ﺛﺎن ،وﻻ ﯾﻜﻮن إﻻ ﺑﻌﺪ اﻻﺗﻔﺎق وﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺒﻮب ،ﻓﺤﯿﻨﺌﺬ ﯾﻘﻊ اﻟﺘﺸﻜﻲ وﻋﻘﺪ اﻟﻤﻮاﻋﯿﺪ واﻟﺘﻐﺮﯾﺮ وأﺣﻜﻢ اﻟﻤﻮدات ﺑﺎﻟﺘﻌﺮﯾﺾ ،وﺑﻜﻼم ﯾﻈﮭﺮ ﻟﺴﺎﻣﻌﮫ ﻣﻨﮫ ﻣﻌﻨﻰ ﻏﯿﺮ ﻣﺎ ﯾﺬھﺒﺎن إﻟﯿﮫ ،ﻓﯿﺠﯿﺐ اﻟﺴﺎﻣﻊ ﻋﻨﮫ ﺑﺠﻮاب ﻏﯿﺮ ﻣﺎ ﯾﺘﺄدى إﻟﻰ اﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﺎﻟﻜﻼم ،ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﯾﺘﺄدى إﻟﻰ ﺳﻤﻌﮫ وﯾﺴﺒﻖ إﻟﻰ وھﻤﮫ ،وﻗﺪ ﻓﮭﻢ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﻋﻦ ﺻﺎﺣﺒﮫ وأﺟﺎﺑﮫ ﺑﻤﺎ ﻻ ﯾﻔﮭﻤﮫ ﻏﯿﺮھﻤﺎ إﻻ ﻣﻦ أﯾﺪ ﺑﺤﺲ ﻧﺎﻓﺬ ،وأﻋﯿﻦ ﺑﺬﻛﺎء ،وأﻣﺪ ﺑﺘﺠﺮﺑﺔ ،وﻻ ﺳﯿﻤﺎ إن أﺣﺲ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﯿﮭﻤﺎ ﺑﺸﻲء وﻗﻠﻤﺎ ﯾﻐﯿﺐ ﻋﻦ اﻟﻤﺘﻮﺳﻢ اﻟﻤﺠﯿﺪ ،ﻓﮭﻨﺎﻟﻚ ﻻ ﺧﻔﺎء ﻋﻠﯿﮫ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺮﯾﺪان. وأﻧﺎ أﻋﺮف ﻓﺘﻰ وﺟﺎرﯾﺔ ﻛﺎﻧﺎ ﯾﺘﺤﺎﺑﺎن ،ﻓﺄرادھﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ وﺻﻠﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﻣﺎﻻ ﯾﺠﻤﻞ .ﻓﻘﺎﻟﺖ :واﷲ ﻷﺷﻜﻮﻧﻚ ﻓﻲ اﻟﻤﻺ ﻋﻼﻧﯿﺔ وﻷﻓﻀﺤﻨﻚ ﻓﻀﯿﺤﺔ ﻣﺴﺘﻮرة .ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﺑﻌﺪ أﯾﺎم ﺣﻀﺮت اﻟﺠﺎرﯾﺔ ﻣﺠﻠﺲ ﺑﻌﺾ أﻛﺎﺑﺮ اﻟﻤﻠﻮك وأرﻛﺎن اﻟﺪوﻟﺔ وأﺟﻞ رﺟﺎل اﻟﺨﻼﻓﺔ ،وﻓﯿﮫ ﻣﻤﻦ ﯾﺘﻮﻗﻰ أﻣﺮه ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء واﻟﺨﺪم ﻋﺪد ﻛﺜﯿﺮ ،وﻓﻲ ﺟﻤﻠﺔ اﻟﺤﺎﺿﺮﯾﻦ ذﻟﻚ اﻟﻔﺘﻰ ،ﻷﻧﮫ ﻛﺎن ﺑﺴﺒﺐ ﻣﻦ اﻟﺮﺋﯿﺲ ،وﻓﻲ اﻟﻤﺠﻠﺲ ﻣﻐﻨﯿﺎت ﻏﯿﺮھﺎ ﻓﻠﻤﺎ اﻧﺘﮭﻰ اﻟﻐﻨﺎء إﻟﯿﮭﺎ ﺳﻮت ﻋﻮدھﺎ واﻧﺪﻓﻌﺖ ﺗﻐﻨﻲ ﺑﺄﺑﯿﺎت ﻗﺪﯾﻤﺔ ،وھﻲ:
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻏﺯﺍل ﻗﺩ ﺤﻜﻰ ﺒﺩﺭ ﺍﻟﺘـﻤـﺎﻡ
ﻜﺸﻤﺱ ﻗﺩ ﺘﺠﻠﺕ ﻤﻥ ﻏﻤـﺎﻡ
ﺴﺒﻰ ﻗﻠﺒﻲ ﺒﺄﻟﺤـﺎﻅ ﻤـﺭﺍﺽ
ﻭﻗﺩ ﺍﻟﻐﺼﻥ ﻓﻲ ﺤﺴﻥ ﺍﻟﻘـﻭﺍﻡ
ﺨﻀﻌﺕ ﺨﻀﻭﻉ ﺼﺏ ﻤﺴﺘﻜﻴﻥ
ﻟﻪ ﻭﺫﻟﻠﺕ ﺫﻟﺔ ﻤـﺴـﺘـﻬـﺎﻡ
ﻓﺼﻠﻨﻲ ﻴﺎ ﻓﺩﻴﺘﻙ ﻓـﻲ ﺤـﻼل
ﻓﻤﺎ ﺃﻫﻭﻯ ﻭﺼﺎ ﻻﹰ ﻓﻲ ﺤـﺭﺍﻡ
وﻋﻠﻤﺖ أﻧﺎ ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻓﻘﻠﺖ: ﻋﺘﺎﺏ ﻭﺍﻗﻊ ﻭﺸﻜـﺎﺓ ﻅـﻠـﻡ
ﺃﺘﺕ ﻤﻥ ﻅﺎﻟﻡ ﺤﻜﻡ ﻭﺨﺼـﻡ
ﺘﺸﻜﺕ ﻤﺎ ﺒﻬﺎ ﻟﻡ ﻴﺩﺭ ﺨـﻠـﻕ
ﺴﻭﻯ ﺍﻟﻤﺸﻜﻭ ﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺴﻤﻰ
اﻟﺒﺎب اﻟﺘﺎﺳﻊ اﻹﺷﺎرة ﺑﺎﻟﻌﯿﻦ ﺛﻢ ﯾﺘﻠﻮ اﻟﺘﻌﺮﯾﺾ ﺑﺎﻟﻘﺒﻮل ،إذا وﻗﻊ اﻟﻘﺒﻮل واﻟﻤﻮاﻓﻘﺔ ،اﻹﺷﺎرة ﺑﻠﺤﻆ اﻟﻌﯿﻦ وإﻧﮫ ﻟﯿﻘﻮم ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﻘﺎم اﻟﻤﺤﻤﻮد ،وﯾﺒﻠﻎ اﻟﻤﺒﻠﻎ اﻟﻌﺠﯿﺐ ،وﯾﻘﻄﻊ ﺑﮫ وﯾﺘﻮاﺻﻞ، وﯾﻮﻋﺪ وﯾﮭﺪد ،وﯾﻨﺘﮭﺮ وﯾﺒﺴﻂ وﯾﺆﻣﺮ وﯾﻨﮭﻲ ،وﺗﻀﺮب ﺑﮫ اﻟﻮﻋﻮد ،وﯾﻨﺒﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻗﯿﺐ،
وﯾﻀﺤﻚ
وﯾﺤﺰن،
وﯾﺴﺄل
وﯾﺠﺎب،
وﯾﻤﻨﻊ
وﯾﻌﻄﻲ.
وﻟﻜﻞ واﺣﺪ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺿﺮب ﻣﻦ ھﯿﺌﺔ اﻟﻠﺤﻆ ﻻ ﯾﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺪﯾﺪه إﻻ ﺑﺎﻟﺮؤﯾﺔ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﺗﺼﻮﯾﺮه وﻻ وﺻﻔﮫ إﻻ ﺑﺎﻷﻗﻞ ﻣﻨﮫ .وأﻧﺎ واﺻﻒ ﻣﺎ ﺗﯿﺴﺮ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ :ﻓﺎﻹﺷﺎرة ﺑﻤﺆﺧﺮ اﻟﻌﯿﻦ اﻟﻮاﺣﺪة ﻧﮭﻰ ﻋﻦ اﻷﻣﺮ ،وﺗﻔﺘﯿﺮھﺎ إﻋﻼم ﺑﺎﻟﻘﺒﻮل وإداﻣﺔ ﻧﻈﺮھﺎ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮﺟﻊ واﻷﺳﻒ ،وﻛﺴﺮ ﻧﻈﺮھﺎ آﯾﺔ اﻟﻔﺮح. واﻹﺷﺎرة إﻟﻰ إﻃﺒﺎﻗﮭﺎ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﮭﺪﯾﺪ ،وﻗﻠﺐ اﻟﺤﺪﻗﺔ إﻟﻰ ﺟﮭﺔ ﻣﺎ ﺛﻢ ﺻﺮﻓﮭﺎ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﺗﻨﺒﯿﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎر إﻟﯿﮫ.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
واﻹﺷﺎرة اﻟﺨﻔﯿﺔ ﺑﻤﺆﺧﺮ اﻟﻌﯿﻨﯿﻦ ﻛﻠﺘﺎھﻤﺎ ﺳﺆال ،وﻗﻠﺐ اﻟﺤﺪﻗﺔ ﻣﻦ وﺳﻂ اﻟﻌﯿﻦ إﻟﻰ اﻟﻤﻮق ﺑﺴﺮﻋﺔ ﺷﺎھﺪ اﻟﻤﻨﻊ ،وﺗﺮﻋﯿﺪ اﻟﺤﺪﻗﺘﯿﻦ ﻣﻦ وﺳﻂ اﻟﻌﯿﻨﯿﻦ ﻧﮭﻲ ﻋﺎم .وﺳﺎﺋﺮ ذﻟﻚ ﻻ ﯾﺪرك إﻻ ﺑﺎﻟﻤﺸﺎھﺪة.
وأﻋﻠﻢ أن اﻟﻌﯿﻦ ﺗﻨﻮب ﻋﻦ اﻟﺮﺳﻞ ،وﯾﺪرك ﺑﮭﺎ اﻟﻤﺮاد واﻟﺤﻮاس اﻷرﺑﻊ أﺑﻮاب إﻟﻰ اﻟﻘﻠﺐ وﻣﻨﺎﻓﺬ ﻧﺤﻮ اﻟﻨﻔﺲ ،واﻟﻌﯿﻦ أﺑﻠﻐﮭﺎ وأﺻﺤﮭﺎ دﻻﻟﺔ وأوﻋﺎھﺎ ﻋﻤﻼً وھﻲ راﺋﺪ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺼﺎدق ودﻟﯿﻠﮭﺎ اﻟﮭﺎدي وﻣﺮآﺗﮭﺎ اﻟﻤﺠﻠﻮة اﻟﺘﻲ ﺑﮭﺎ ﺗﻘﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ وﺗﻤﯿﺰ اﻟﺼﻔﺎت وﺗﻔﮭﻢ اﻟﻤﺤﺴﻮﺳﺎت .وﻗﺪ ﻗﯿﻞ ﻟﯿﺲ اﻟﻤﺨﺒﺮ ﻛﺎﻟﻤﻌﺎﯾﻦ وﻗﺪ ذﻛﺮ ذﻟﻚ اﻓﻠﯿﻤﻮن ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻔﺮاﺳﺔ وﺟﻌﻠﮭﺎ ﻣﻌﺘﻤﺪة ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻢ وﺑﺤﺴﺒﻚ ﻣﻦ ﻗﻮة إدراك اﻟﻌﯿﻦ أﻧﮭﺎ إذا ﻻﻗﻰ ﺷﻌﺎﻋﮭﺎ ﺷﻌﺎﻋﺎً ﻣﺠﻠﻮاً ﺻﺎﻓﯿﺎً ،إﻣﺎ ﺣﺪﯾﺪاً ﻣﻔﺼﻮﻻً أو زﺟﺎﺟﺎً أو ﻣﺎء أو ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺠﺎرة اﻟﺼﺎﻓﯿﺔ أو ﺳﺎﺋﺮ اﻷﺷﯿﺎء اﻟﻤﺠﻠﻮة اﻟﺒﺮاﻗﺔ ذوات اﻟﺮﻓﯿﻒ واﻟﺒﺼﯿﺺ واﻟﻠﻤﻌﺎن ،ﯾﺘﺼﻞ أﻗﺼﻰ ﺣﺪوده ﺑﺠﺴﻢ ﻛﺜﯿﻒ ﺳﺎﺗﺮ ﻣﻨﺎع ﻛﺪر ،اﻧﻌﻜﺲ ﺷﻌﺎﻋﮭﺎ ﻓﺄدرك اﻟﻨﺎﻇﺮ ﻧﻔﺴﮫ وﻣﺎ زاھﺎ ﻋﯿﺎﻧﺎً .وھﻮ اﻟﺬي ﺗﺮى ﻓﻲ اﻟﻤﺮآة ،ﻓﺄﻧﺖ ﺣﯿﻨﺌﺬ ﻛﺎﻟﻨﺎﻇﺮ إﻟﯿﻚ ﺑﻌﯿﻦ ﻏﯿﺮك .ودﻟﯿﻞ ﻋﯿﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ ھﺬا أﻧﻚ ﺗﺄﺧﺬ ﻣﺮآﺗﯿﻦ ﻛﺒﯿﺮﺗﯿﻦ ﻓﺘﻤﺴﻚ إﺣﺪاھﻤﺎ ﺑﯿﻤﯿﻨﻚ ﺧﻠﻒ رأﺳﻚ واﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﺑﯿﺴﺎرك ﻗﺒﺎﻟﺔ وﺟﮭﻚ ﺛﻢ ﺗﺰوﯾﮭﺎ ﻗﻠﯿﻼً ﺣﺘﻰ ﯾﻠﺘﻘﯿﺎن ﺑﺎﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ،ﻓﺈﻧﻚ ﺗﺮى ﻗﻔﺎك وﻛﻞ ﻣﺎ وراءك .وذﻟﻚ ﻻﻧﻌﻜﺎس ﺿﻮء اﻟﻌﯿﻦ إﻟﻰ ﺿﻮء اﻟﻤﺮآة اﻟﺘﻲ ﺧﻠﻔﻚ ،إذ ﻟﻢ ﺗﺠﺪ ﻣﻨﻔﺬاً ﻓﻲ اﻟﺘﻲ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﻚ ،وﻟﻤﺎ ﻟﻢ ﯾﺠﺪ وراء ھﺬه اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻣﻨﻔﺬاً اﻧﺼﺮف إﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﺎﺑﻠﮫ ﻣﻦ اﻟﺠﺴﻢ .وإن ﺻﺎﻟﺢ ﻏﻼم أﺑﻲ إﺳﺤﺎق اﻟﻨﻈﺎم ﺧﺎﻟﻒ ﻓﻲ اﻹدراك ﻓﮭﻮ ﻗﻮل ﺳﺎﻗﻂ ﻟﻢ ﯾﻮاﻓﻘﮫ ﻋﻠﯿﮫ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
أﺣﺪ وﻟﻮ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣﻦ ﻓﻀﻞ اﻟﻌﯿﻦ إﻻ أن ﺟﻮھﺮھﺎ أرﻓﻊ اﻟﺠﻮاھﺮ وأﻋﻼھﺎ ﻣﻜﺎﻧﺎً، ﻷﻧﮭﺎ ﻧﻮرﯾﺔ ﻻﺗﺪرك اﻷﻟﻮان ﺑﺴﻮاھﺎ ،وﻻ ﺷﻲء أﺑﻌﺪ ﻣﺮﻣﻰ وﻻ أﻧﺄى ﻏﺎﯾﺔ ﻣﻨﮭﺎ، ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺪرك ﺑﮭﺎ أﺟﺮام اﻟﻜﻮاﻛﺐ اﻟﺘﻲ ﻓﻲ اﻷﻓﻼك اﻟﺒﻌﯿﺪة ،وﺗﺮى ﺑﮭﺎ اﻟﺴﻤﺎء ﻋﻠﻰ ﺷﺪة ارﺗﻔﺎﻋﮭﺎ وﺑﻌﺪھﺎ ،وﻟﯿﺲ ذﻟﻚ إﻻ ﻻﺗﺼﺎﻟﮭﺎ ﻓﻲ ﻃﺒﻊ ﺧﻠﻘﺘﮭﺎ ﺑﮭﺬه اﻟﻤﺮآة ،ﻓﮭﻲ ﺗﺪرﻛﮭﺎ وﺗﺼﻞ إﻟﯿﮭﺎ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ،ﻻ ﻋﻠﻰ ﻗﻄﻊ اﻷﻣﺎﻛﻦ واﻟﺤﻠﻮل ﻓﻲ اﻟﻤﻮاﺿﻊ وﺗﻨﻘﻞ اﻟﺤﺮﻛﺎت ،وﻟﯿﺲ ھﺬا ﻟﺸﻲء ﻣﻦ اﻟﺤﻮاس ﻣﺜﻞ اﻟﺬوق واﻟﻠﻤﺲ ﻻ ﯾﺪرﻛﺎن إﻻ ﺑﺎﻟﻤﺠﺎورة ،واﻟﺴﻤﻊ واﻟﺸﻢ ﻻ ﯾﺪرﻛﺎن إﻻ ﻣﻦ ﻗﺮﯾﺐ .ودﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذﻛﺮﻧﺎه ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮ أﻧﻚ ﺗﺮى اﻟﻤﺼﻮت ﻗﺒﻞ ﺳﻤﺎع اﻟﺼﻮت ،وإن ﺗﻌﻤﺪت إدراﻛﮭﻤﺎ ﻣﻌﺎً .وإن ﻛﺎن إدراﻛﮭﻤﺎ واﺣﺪاً ﻟﻤﺎ ﺗﻘﺪﻣﺖ اﻟﻌﯿﻦ اﻟﺴﻤﻊ.
اﻟﺒﺎب اﻟﻌﺎﺷﺮ اﻟﻤﺮاﺳﻠﺔ ﺛﻢ ﯾﺘﻠﻮ ذﻟﻚ إذا اﻣﺘﺰﺟﺎ اﻟﻤﺮاﺳﻠﺔ ﺑﺎﻟﻜﺘﺐ .وﻟﻠﻜﺘﺐ آﯾﺎت .وﻟﻘﺪ رأﯾﺖ أھﻞ ھﺬا اﻟﺸﺄن ﯾﺒﺎدرون ﻟﻘﻄﻊ اﻟﻜﺘﺐ وﺑﺤﻠﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺎء وﺑﻤﺤﻮ أﺛﺮھﺎ ،ﻓﺮب ﻓﻀﯿﺤﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺴﺒﺐ ﻛﺘﺎب .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻋﺯﻴﺯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻗﻁﻊ ﻜﺘﺎﺒﻜﻡ
ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﻠﻑ ﻟﻠﻭﺩ ﻗﺎﻁـﻊ
ﻓﺂﺜﺭﺕ ﺃﻥ ﻴﺒﻘﻰ ﻭﺩﺍﺩ ﻭﻴﻨﻤﺤﻲ
ﻤﺩﺍﺩ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻔﺭﻉ ﻟﻸﺼل ﺘﺎﺒﻊ
ﻓﻜﻡ ﻤﻥ ﻜﺘﺎﺏ ﻓﻴﻪ ﻤﻴﺘﺔ ﺭﺒﻪ
ﻭﻟﻡ ﻴﺩﺭﻩ ﺇﺫ ﻨﻤﻘﺘﻪ ﺍﻷﺼﺎﺒﻊ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وﯾﻨﺒﻐﻲ أن ﯾﻜﻮن ﺷﻜﻞ اﻟﻜﺘﺎب أﻟﻄﻒ اﻷﺷﻜﺎل ،وﺟﻨﺴﮫ أﻣﻠﺢ اﻷﺟﻨﺎس .وﻟﻌﻤﺮي إن اﻟﻜﺘﺎب ﻟﻠﺴﺎن ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﺎﯾﯿﻦ ،إﻣﺎ ﻟﺤﺼﺮٍ ﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎن وإﻣﺎ ﻟﺤﯿﺎء وإﻣﺎ ﻟﮭﯿﺒﺔ .ﻧﻌﻢ ،ﺣﺘﻰ إن ﻟﻮﺻﻮل اﻟﻜﺘﺎب إﻟﻰ اﻟﻤﺤﺒﻮب وﻋﻠﻢ اﻟﻤﺤﺐ أﻧﮫ ﻗﺪ وﻗﻊ ﺑﯿﺪه ورآه ﻟﻠﺬة ﯾﺠﺪھﺎ اﻟﻤﺤﺐ ﻋﺠﯿﺒﺔ ﺗﻘﻮم ﻣﻘﺎم اﻟﺮؤﯾﺔ ،وإن ﻟﺮد اﻟﺠﻮاب واﻟﻨﻈﺮ إﻟﯿﮫ ﺳﺮوراً ﯾﻌﺪل اﻟﻠﻘﺎء ،وﻟﮭﺬا ﻣﺎ ﺗﺮى اﻟﻌﺎﺷﻖ ﯾﻀﻊ اﻟﻜﺘﺎب ﻋﻠﻰ ﻋﯿﻨﯿﮫ وﻗﻠﺒﮫ وﯾﻌﺎﻧﻘﮫ .وﻟﻌﮭﺪي ﺑﺒﻌﺾ أھﻞ اﻟﻤﺤﺒﺔ ،ﻣﻤﻦ ﻛﺎن ﯾﺪري ﻣﺎ ﯾﻘﻮل وﯾﺤﺴﻦ اﻟﻮﺻﻒ وﯾﻌﺒﺮ ﻋﻤﺎ ﻓﻲ ﺿﻤﯿﺮه ﺑﻠﺴﺎﻧﮫ ﻋﺒﺎرة ﺟﯿﺪة وﯾﺠﯿﺪ اﻟﻨﻈﺮ وﯾﺪﻗﻖ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ،ﻻ ﯾﺪع اﻟﻤﺮاﺳﻠﺔ وھﻮ ﻣﻤﻜﻦ اﻟﻮﺻﻞ ﻗﺮﯾﺐ اﻟﺪار آﺗﻰ اﻟﻤﺰار ،وﯾﺤﻜﻲ أﻧﮭﺎ ﻣﻦ وﺟﻮه اﻟﻠﺬة .وﻟﻘﺪ أﺧﺒﺮت ﻋﻦ ﺑﻐﺾ اﻟﺴﻘﺎط اﻟﻮﺿﻌﺎء أﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﻀﻊ ﻛﺘﺎب ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ ﻋﻠﻰ إﺣﻠﯿﻠﮫ .وإن ھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻹﻏﺘﻼم ﻗﺒﯿﺢ وﺿﺮب ﻣﻦ اﻟﺸﺒﻖ ﻓﺎﺣﺶ. وأﻣﺎ ﺳﻘﻲ اﻟﺤﺒﺮ ﺑﺎﻟﺪﻣﻊ ﻓﺄﻋﺮف ﻣﻦ ﻛﺎن ﯾﻔﻌﻞ ذﻟﻚ وﯾﻘﺎرﺿﮫ ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ ،ﯾﺴﻘﻲ اﻟﺤﺒﺮ ﺑﺎﻟﺮﯾﻖ ،وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﺠﻭﺍﺏ ﺃﺘﺎﻨﻲ ﻋﻥ ﻜﺘﺎﺏ ﺒﻌﺜـﺘـﻪ
ﻓﺴﻜﻥ ﻤﻬﺘﺎﺠﺎﹰ ﻭﻫﻴﺞ ﺴـﺎﻜـﻨـ ﺎﹰ
ﺴﻘﻴﺕ ﺒﺩﻤﻊ ﺍﻟﻌﻴﻥ ﻟﻤﺎ ﻜﺘـﺒـﺘـﻪ
ﻓﻌﺎل ﻤﺤﺏ ﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺩ ﺨﺎﺌﻨـ ﺎﹰ
ﻓﻤﺎ ﺯﺍل ﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﻴﻥ ﻴﻤﺤﻭ ﺴﻁﻭﺭﻩ
ﻓﻴﺎ ﻤﺎﺀ ﻋﻴﻨﻲ ﻗﺩ ﻤﺤﻭﺕ ﺍﻟﻤﺤﺎﺴﻨﺎ
ﻏﺩﺍ ﺒﺩﻤﻭﻋﻲ ﺃﻭل ﺍﻟﺤﻅ ﺒـﻴﻨـﻨـﺎ
ﻭﺃﻀﺤﻰ ﺒﺩﻤﻌﻲ ﺁﺨﺭ ﺍﻟﺤﻅ ﺒﺎﺌﻨﺎ
ﺧﺒﺮ :وﻟﻘﺪ رأﯾﺖ ﻛﺘﺎب اﻟﻤﺤﺐ إﻟﻰ ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ ،وﻗﺪ ﻗﻄﻊ ﻓﻲ ﯾﺪه ﺑﺴﻜﯿﻦ ﻟﮫ ﻓﺴﺎل اﻟﺪم واﺳﺘﻤﺪ ﻣﻨﮫ وﻛﺘﺐ ﺑﮫ اﻟﻜﺘﺎب أﺟﻤﻊ .وﻟﻘﺪ رأﯾﺖ اﻟﻜﺘﺎب ﺑﻌﺪ ﺟﻔﻮﻓﮫ ﻓﻤﺎ ﺷﻜﻜﺖ أﻧﮫ ﻟﺼﺒﻎ اﻟﻠﻚ.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﺒﺎب اﻟﺤﺎدي ﻋﺸﺮ
اﻟﺴﻔﯿﺮ وﯾﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﺤﺐ ﺑﻌﺪ ھﺬا ،ﺑﻌﺪ ﺣﻠﻮل اﻟﺜﻘﺔ وﺗﻤﺎم اﻻﺳﺘﺌﻨﺎس ،إدﺧﺎل اﻟﺴﻔﯿﺮ. وﯾﺠﺐ ﺗﺨﯿﺮه وارﺗﯿﺎده واﺳﺘﺠﺎدﺗﮫ واﺳﺘﻔﺮاھﮫ ،ﻓﮭﻮ دﻟﯿﻞ ﻋﻘﻞ اﻟﻤﺮء ،وﺑﯿﺪه ﺣﯿﺎﺗﮫ وﻣﻮﺗﮫ ،وﺳﺘﺮه وﻓﻀﯿﺤﺘﮫ ﺑﻌﺪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ .ﻓﯿﻨﺒﻐﻲ أن ﯾﻜﻮن اﻟﺮﺳﻮل ذا ھﯿﺌﺔ ،ﺣﺎذﻗﺎً ﯾﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﻹﺷﺎرة ،وﺑﻘﺮﻃﺲ ﻋﻦ اﻟﻐﺎﺋﺐ ،وﯾﺤﺴﻦ ﻣﻦ ذات ﻧﻔﺴﮫ وﯾﻀﻊ ﻣﻦ ﻋﻘﻠﮫ ﻣﺎ أﻏﻔﻠﮫ ﺑﺎﻋﺜﮫ ،وﯾﺆدي إﻟﻰ اﻟﺬي أرﺳﻠﮫ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺸﺎھﺪ ﻋﻠﻰ وﺟﮭﮫ ﻛﺄﻧﻤﺎ ﻛﺎن ﻟﻸﺳﺮار ﺣﺎﻓﻈﺎً ،وﻟﻠﻌﮭﺪ وﻓﯿﺎً ،ﻗﻨﻮﻋﺎً ﻧﺎﺻﺤﺎً .وﻣﻦ ﺗﻌﺪى ھﺬه اﻟﺼﻔﺎت ﻛﺎن ﺿﺮره ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻋﺜﮫ ﺑﻤﻘﺪار ﻣﺎ ﻧﻘﺼﮫ ﻣﻨﮭﺎ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌﺮاً ،ﻣﻨﮫ: ﺭﺴﻭﻟﻙ ﺴﻴﻑ ﻓﻲ ﻴﻤﻴﻨﻙ ﻓﺎﺴﺘﺠـﺩ
ﺤﺴﺎﻤﺎﹰ ﻭﻻ ﺘﻀﺭﺏ ﺒﻪ ﻗﺒل ﺼﻘﻠﻪ
ﻓﻤﻥ ﻴﻙ ﺫﺍ ﺴﻴﻑ ﻜﻬﺎﻡ ﻓـﻀـﺭﻩ
ﻴﻌﻭﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻤﻨﻪ ﺒﺠﻬـﻠـﻪ
وأﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﯾﺴﺘﻌﻤﻞ اﻟﻤﺤﺒﻮن ﻓﻲ إرﺳﺎﻟﮭﻢ إﻟﻰ ﻣﻦ ﯾﺤﺒﻮﻧﮫ ،إﻣﺎ ﺧﺎﻣﻼً ﻻ ﯾﺆﺑﮫ ﻟﮫ وﻻ ﯾﮭﺘﺪي ﻟﻠﺘﺤﻔﻆ ﻣﻨﮫ ،ﻟﺼﺒﺎه أو ﻟﮭﯿﺌﺔ رﺛﺔ أو ﺑﺪادة ﻓﻲ ﻃﻠﻌﺘﮫ. وإﻣﺎ ﺟﻠﯿﻼً ﻻ ﺗﻠﺤﻘﮫ اﻟﻈﻨﻦ ﻟﻨﺴﻚ ﯾﻈﮭﺮه أو ﻟﺴﻦ ﻋﺎﻟﯿﺔ ﻗﺪ ﺑﻠﻐﮭﺎ. وﻣﺎ أﻛﺜﺮ ھﺬا ﻓﻲ اﻟﻨﺴﺎء وﻻ ﺳﯿﻤﺎ ذوات اﻟﻌﻜﺎﻛﯿﺰ واﻟﺘﺴﺎﺑﯿﺢ واﻟﺜﻮﺑﯿﻦ اﻷﺣﻤﺮﯾﻦ وإﻧﻲ ﻷذﻛﺮ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ اﻟﺘﺤﺬﯾﺮ ﻟﻠﻨﺴﺎء اﻟﻤﺤﺪﺛﺎت ﻣﻦ ھﺬه اﻟﺼﻔﺎت ﺣﯿﺜﻤﺎ رأﯾﺘﮭﺎ. أو ذرات ﺻﻨﺎﻋﺔ ﯾﻘﺮب ﺑﮭﺎ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص .ﻓﻤﻦ اﻟﻨﺴﺎء ﻛﺎﻟﻄﺒﯿﺒﺔ واﻟﺤﺠﺎﻣﺔ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
واﻟﺴﺮاﻗﺔ واﻟﺪﻻﻟﺔ واﻟﻤﺎﺷﻄﺔ واﻟﻨﺎﺋﺤﺔ واﻟﻤﻐﻨﯿﺔ واﻟﻜﺎھﻨﺔ واﻟﻤﻌﻠﻤﺔ واﻟﻤﺴﺘﺨﻔﺔ واﻟﺼﻨﺎع
ﻓﻲ
اﻟﻤﻐﺰل
وﻣﺎ
واﻟﻨﺴﯿﺞ،
ذﻟﻚ.
أﺷﺒﮫ
أو ذا ﻗﺮاﺑﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺮﺳﻞ إﻟﯿﮫ ﻻ ﯾﺸﺢ ﺑﮭﺎ ﻋﻠﯿﮫ .ﻓﻜﻢ ﻣﻨﯿﻊ ﺳﮭﻞ ﺑﮭﺬه اﻷوﺻﺎف، وﻋﺴﯿﺮ ﯾﺴﺮ ،وﺑﻌﯿﺪ ﻗﺮب .وﺟﻤﻮح أﻧﺲ ،وﻛﻢ داھﯿﺔ دھﺖ اﻟﺤﺠﺐ اﻟﻤﺼﻮﻧﺔ، واﻷﺳﺘﺎر اﻟﻜﺜﯿﻒ ،واﻟﻤﻘﺎﺻﯿﺮ اﻟﻤﺤﺮوﺳﺔ ،واﻟﺴﺪد اﻟﻤﻀﺒﻮﻃﺔ ،ﻷرﺑﺎب ھﺬه اﻟﻨﻌﻮت .وﻟﻮﻻ أن أﻧﺒﮫ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻟﺬﻛﺮﺗﮭﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻘﻄﻊ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﯿﮭﺎ وﻗﻠﺔ اﻟﺜﻘﺔ ﺑﻜﻞ واﺣﺪ .واﻟﺴﻌﯿﺪ ﻣﻦ وﻋﻆ ﺑﻐﯿﺮه .وﺑﺎﻟﻀﺪ ﺗﺘﻤﯿﺰ اﻷﺷﯿﺎء .أﺳﺒﻞ اﷲ ﻋﻠﯿﻨﺎ وﻋﻠﻰ ﺟﻤﯿﻊ
اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ
وﻻ
ﺳﺘﺮه،
أزال
ﻋﻦ
اﻟﺠﻤﯿﻊ
ﻇﻞ
اﻟﻌﺎﻓﯿﺔ.
ﺧﺒﺮ :وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف ﻣﻦ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮﺳﻮل ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﺣﻤﺎﻣﺔ ﻣﺆدﺑﺔ ،وﯾﻌﻘﺪ اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻲ ﺟﻨﺎﺣﮭﺎ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﮭﺎ: ﺘﺨﻴﺭﻫﺎ ﻨﻭﺡ ﻓﻤﺎ ﺨﺎﺏ ﻅﻨـﻪ
ﻟﺩﻴﻬﺎ ﻭﺠﺎﺀﺕ ﻨﺤﻭﻩ ﺒﺎﻟﺒﺸﺎﺌﺭ
ﺴﺄﻭﺩﻋﻬﺎ ﻜﺘﺒﻲ ﺇﻟﻴﻙ ﻓﻬﺎﻜﻬـﺎ
ﺭﺴﺎﺌل ﺘﻬﺩﻱ ﻓﻲ ﻗﻭﺍﺩﻡ ﻁﺎﺌﺭ
اﻟﺒﺎب اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ ﻃﻲ اﻟﺴﺮ وﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﺻﻔﺎت اﻟﺤﺐ اﻟﻜﺘﻤﺎن ﺑﺎﻟﻠﺴﺎن ،وﺟﺤﻮد اﻟﻤﺤﺐ إن ﺳﺌﻞ ،واﻟﺘﺼﻨﻊ ﺑﺈﻇﮭﺎر اﻟﺼﺒﺮ ،وأن ﯾﺮى أﻧﮫ ﻋﺰ ھﺎة ﺧﻠﻰ .وﯾﺄﺑﻰ اﻟﺴﺮ اﻟﺪﻗﯿﻖ ،وﻧﺎر اﻟﻜﻠﻒ اﻟﻤﺘﺄﺟﺠﺔ ﻓﻲ اﻟﻀﻠﻮع ،إﻻ ﻇﮭﻮراً ﻓﻲ اﻟﺤﺮﻛﺎت واﻟﻌﯿﻦ ،ودﺑﯿﺒﺎً ﻛﺪﺑﯿﺐ اﻟﻨﺎر ﻓﻲ اﻟﻔﺤﻢ واﻟﻤﺎء ﻓﻲ ﯾﺒﯿﺲ اﻟﻤﺪر .وﻗﺪ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺘﻤﻮﯾﮫ ﻓﻲ أول اﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ ذي اﻟﺤﺲ اﻟﻠﻄﯿﻒ ،وأﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﺳﺘﺤﻜﺎﻣﮫ ﻓﻤﺤﺎل ،ورﺑﻤﺎ ﯾﻜﻮن اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﻤﺎن
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺗﺼﺎون اﻟﻤﺤﺐ ﻋﻦ أن ﯾﺴﻢ ﻧﻔﺴﮫ ﺑﮭﺬه اﻟﺴﻤﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺎس ،ﻷﻧﮭﺎ ﺑﺰﻋﻤﮫ ﻣﻦ ﺻﻔﺎت أھﻞ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،ﻓﯿﻔﺮ ﻣﻨﮭﺎ وﯾﺘﻔﺎدى ،وﻣﺎ ھﺬا وﺟﮫ اﻟﺘﺼﺤﯿﺢ ،ﻓﺒﺤﺴﺐ اﻟﻤﺮء اﻟﻤﺴﻠﻢ أن ﯾﻌﻒ ﻋﻦ ﻣﺤﺎرم اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ اﻟﺘﻲ ﯾﺄﺗﯿﮭﺎ ﺑﺎﺧﺘﯿﺎره وﯾﺤﺎﺳﺐ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ .وأﻣﺎ اﺳﺘﺤﺴﺎن اﻟﺤﺴﻦ وﺗﻤﻜﻦ اﻟﺤﺐ ﻓﻄﺒﻊ ﻻ ﯾﺆﻣﺮ ﺑﮫ وﻻ ﯾﻨﮭﻰ ﻋﻨﮫ ،إذ اﻟﻘﻠﻮب ﺑﯿﺪ ﻣﻘﻠﺒﮭﺎ ،وﻻ ﯾﻠﺰﻣﮫ ﻏﯿﺮ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ واﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻓﺮق ﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﺨﻄﺄ واﻟﺼﻮاب وأن ﯾﻌﺘﻘﺪ اﻟﺼﺤﯿﺢ ﺑﺎﻟﯿﻘﯿﻦ .وأﻣﺎ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﺨﻠﻘﺔ ،وإﻧﻤﺎ ﯾﻤﻠﻚ اﻹﻧﺴﺎن ﺣﺮﻛﺎت ﺟﻮارﺣﮫ اﻟﻤﻜﺘﺴﺒﺔ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻴﻠﻭﻡ ﺭﺠﺎل ﻓﻴﻙ ﻟﻡ ﻴﻌﺭﻓﻭﺍ ﺍﻟﻬﻭﻯ
ﻭﺴﻴﺎﻥ ﻋﻨﺩﻱ ﻓﻴﻙ ﻻ ﺡ ﻭﺴﺎﻜﺕ
ﻴﻘﻭﻟﻭﻥ ﺠﺎﻨﺒﺕ ﺍﻟﺘﺼﺎﻭﻥ ﺠـﻤـﻠﺔ
ﻭﺃﻨﺕ ﻋﻠﻴﻬﻡ ﺒﺎﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﻗـﺎﻨـﺕ
ﻓﻘﻠﺕ ﻟﻬﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﻴﺎﺀ ﺒـﻌـﻴﻨـﻪ
ﺼﺭﺍﺤﺎﹰ ﻭﺯﻱ ﻟﻠﻤﺭﺍﺌﻴﻥ ﻤﺎﻗـﺕ
ﻤﺘﻰ ﺠﺎﺀ ﺘﺤﺭﻴﻡ ﺍﻟﻬﻭﻯ ﻋﻥ ﻤﺤﻤﺩ
ﻭﻫل ﻤﻨﻌﻪ ﻓﻲ ﻤﺤﻜﻡ ﺍﻟﺫﻜﺭ ﺜﺎﺒﺕ
ﺇﺫﺍ ﻟﻡ ﺃﻭﺍﻗﻊ ﻤﺤﺭﻤﺎﹰ ﺃﺘـﻘـﻰ ﺒـﻪ
ﻤﺤﺒﻲ ﻴﻭﻡ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻭﺍﻟﻭﺠﻪ ﺒﺎﻫﺕ
ﻓﻠﺴﺕ ﺃﺒﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻭﻯ ﻗﻭل ﻷﺌﻡ
ﺴﻭﺍﺀ ﻟﻌﻤﺭﻱ ﺠﺎﻫﺭ ﺃﻭ ﻤﺨﺎﻓﺕ
ﻭﻫل ﻴﻠﺯﻡ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺇﻻ ﺍﺨـﺘـﻴﺎﺭﻩ
ﻭﻫل ﺒﺨﺒﺎﻴﺎ ﺍﻟﻠﻔﻅ ﻴﺅﺨﺫ ﺼﺎﻤـﺕ
ﺧﺒﺮ :وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف ﺑﻌﺾ ﻣﻦ اﻣﺘﺤﻦ ﺑﺸﻲء ﻣﻦ ھﺬا ﻓﺴﻜﻦ اﻟﻮﺟﺪ ﺑﯿﻦ ﺟﻮاﻧﺤﮫ، ﻓﺮام ﺟﺤﺪه إﻟﻰ أن ﻏﻠﻆ اﻷﻣﺮ ،وﻋﺮف ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺷﻤﺎﺋﻠﮫ ﻣﻦ ﺗﻌﺮض ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ وﻣﻦ ﻟﻢ ﯾﺘﻌﺮض .وﻛﺎن ﻣﻦ ﻋﺮض ﻟﮫ ﺑﺸﻲء ﻧﺠﮭﮫ وﻗﺒﺤﮫ .إﻟﻰ أن ﻛﺎن ﻣﻦ أراد اﻟﺤﻈﻮة ﻟﺪﯾﮫ ﻣﻦ إﺧﻮاﻧﮫ ﯾﻮھﻤﮫ ﺗﺼﺪﯾﻘﮫ ﻓﻲ إﻧﻜﺎره وﺗﻜﺬﯾﺐ ﻣﻦ ﻇﻦ ﺑﮫ ﻏﯿﺮ ذﻟﻚ، ﻓﺴﺮ ﺑﮭﺬا .وﻟﻌﮭﺪي ﺑﮫ ﯾﻮﻣﺎً ﻗﺎﻋﺪاً وﻣﻌﮫ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻛﺎن ﯾﻌﺮض ﻟﮫ ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺿﻤﯿﺮه ،وھﻮ ﯾﻨﺘﻔﻲ ﻏﺎﯾﺔ اﻻﻧﺘﻔﺎء ،إذ اﺟﺘﺎز ﺑﮭﻤﺎ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻛﺎن ﯾﺘﮭﻢ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺑﻌﻼﻗﺘﮫ ،ﻓﻤﺎ ھﻮ إﻻ أن وﻗﻌﺖ ﻋﯿﻨﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ ﺣﺘﻰ اﺿﻄﺮب وﻓﺎرق ھﯿﺌﺘﮫ اﻷوﻟﻰ واﺻﻔﺮ ﻟﻮﻧﮫ وﺗﻔﺎوﺗﺖ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻛﻼﻣﮫ ﺑﻌﺪ ﺣﺴﻦ ﺗﺜﻘﯿﻒ ،ﻓﻘﻄﻊ ﻛﻼﻣﮫ اﻟﻤﺘﻜﻠﻢ ﻣﻌﮫ .ﻓﻠﻘﺪ اﺳﺘﺪﻋﻰ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﯿﮫ ﻣﻦ ذﻛﺮه .ﻓﻘﯿﻞ ﻟﮫ :ﻣﺎ ﻋﺪا ﻋﻤﺎ ﺑﺪا .ﻓﻘﺎل: ھﻮ ﻣﺎ ﺗﻈﻨﻮن ،ﻋﺬر ﻣﻦ ﻋﺬر ،وﻋﺬل ﻣﻦ ﻋﺬل .ﻓﻔﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌﺮاً ،ﻣﻨﮫ: ﻤﺎ ﻋﺎﺵ ﺇﻻ ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻴﺭﺤﻤﻪ
ﻤﻤﺎ ﻴﺭﻯ ﻤﻥ ﺘﺒﺎﺭﻴﺢ ﺍﻟﻀﻨﻰ ﻓﻴﻪ
وأﻧﺎ أﻗﻮل: ﺩﻤﻭﻉ ﺍﻟﺼﺏ ﺘﻨﺴﻔﻙ
ﻭﺴﺎﺌﺭ ﺍﻟﺼﺏ ﻴﻨﺘﻬﻙ
ﻜﺄﻥ ﺍﻟﻘﻠﺏ ﺇﺫ ﻴﺒـﺩﻭ
ﻗﻁﺎﺓ ﻀﻤﻬﺎ ﺸﺭﻙ
ﻓﻴﺎ ﺃﺼﺤﺎﺒﻨﺎ ﻗﻭﻟـﻭﺍ
ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻤﺸﺘﺭﻙ
ﺇﻟﻰ ﻜﻡ ﺫﺍ ﺃﻜﺎﺘـﻤـﻪ
ﻭﻤﺎ ﻟﻲ ﻋﻨﻪ ﻤﺘﺭﻙ
وھﺬا إﻧﻤﺎ ﯾﻌﺮض ﻋﻨﺪ ﻣﻘﺎوﻣﺔ ﻃﺒﻊ اﻟﻜﺘﻤﺎن ،واﻟﺘﺼﺎون ﻟﻄﺒﻊ اﻟﻤﺤﺐ وﻏﻠﺒﺘﮫ، ﻓﯿﻜﻮن ﺻﺎﺣﺒﮫ ﻣﺘﺤﯿﺮاً ﺑﯿﻦ ﻧﺎرﯾﻦ ﻣﺤﺮﻗﺘﯿﻦ .ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﺳﺒﺐ اﻟﻜﺘﻤﺎن إﺑﻘﺎء اﻟﻤﺤﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ ،وإن ھﺬا ﻟﻤﻦ دﻻﺋﻞ اﻟﻮﻓﺎء وﻛﺮم اﻟﻄﺒﻊ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﺩﺭﻯ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻨﻲ ﻓﺘﻰ ﻋﺎﺸـﻕ
ﻜﺌﻴﺏ ﻤﻌﻨﻰ ﻭﻟﻜـﻥ ﺒـﻤـﻥ
ﺇﺫﺍ ﻋﺎﻴﻨﻭﺍ ﺤﺎﻟﺘـﻲ ﺃﻴﻘـﻨـﻭﺍ
ﻭﺇﻥ ﻓﺘﺸﻭﺍ ﺭﺠﻌﻭﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻅﻨﻥ
ﻜﺨﻁ ﻴﺭﻯ ﺭﺴﻤﻪ ﻅـﺎﻫـﺭﺍﹰ
ﻭﺇﻥ ﻁﻠﺒﻭﺍ ﺸﺭﺤﻪ ﻟـﻡ ﻴﺒـﻥ
ﻜﺼﻭﺕ ﺤﻤﺎﻡ ﻋـﻠـﻰ ﺃﻴﻜﺔ
ﻴﺭﺠﻊ ﺒﺎﻟﺼﻭﺕ ﻓﻲ ﻜل ﻓﻥ
ﺘﻠﺫ ﺒﻔﺤـ ﻭﺍﻩ ﺃﺴـﻤـﺎﻋـﻨـﺎ
ﻭﻤﻌﻨﺎﻩ ﻤﺴﺘﻌﺠـﻡ ﻟـﻡ ﻴﺒـﻥ
ﻴﻘﻭﻟﻭﻥ ﺒﻠـﻠـﻪ ﺴـﻡ ﺍﻟـﺫﻱ
ﻨﻔﻰ ﺤﺒﻪ ﻋﻨﻙ ﻁﻴﺏ ﺍﻟﻭﺴﻥ
ﻭﻫﻴﻬﺎﺕ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺤﺎﻭﻟـﻭﺍ
ﺫﻫﺎﺏ ﺍﻟﻌﻘﻭل ﻭﺨﻭﺽ ﺍﻟﻔﺘﻥ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺒﻅﻥ ﻜﻘﻁﻊ ﻭﻗﻁﻊ ﻜـﻅـﻥ
ﻓﻬﻡ ﺃﺒﺩﺍﹰ ﻓﻲ ﺍﺨﺘﻼﺝ ﺍﻟﺸﻜﻭﻙ
وﻓﻲ ﻛﺘﻤﺎن اﻟﺴﺮ أﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﮭﺎ: ﻟﻠﺴﺭ ﻋﻨﺩﻱ ﻤﻜـﺎﻥ ﻟـﻭ ﻴﺤـل ﺒـﻪ
ﺤﻰ ﺇﺫﺍﹰ ﻻ ﺍﻫﺘﺩﻯ ﺭﻴﺏ ﺍﻟﻤﻨﻭﻥ ﻟـﻪ
ﺃﻤﻴﺘﻪ ﻭﺤـﻴﺎﺓ ﺍﻟـﺴـﺭ ﻤـﻴﺘـﺘـﻪ
ﻜﻤﺎ ﺴﺭﻭﺭ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻭﻯ ﺍﻟﻭﻟﻪ
ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﺳﺒﺐ اﻟﻜﺘﻤﺎن ﺗﻮﻗﻲ اﻟﻤﺤﺐ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﮫ ﻣﻦ إﻇﮭﺎر ﺳﺮه ،ﻟﺠﻼﻟﺔ ﻗﺪر اﻟﻤﺤﺒﻮب. ﺧﺒﺮ :وﻟﻘﺪ ﻗﺎل ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻌﺮاء ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ ﺷﻌﺮاً ﺗﻐﺰل ﻓﯿﮫ ﺑﺼﺒﺢ أم اﻟﻤﺆﯾﺪ رﺣﻤﮫ اﷲ .ﻓﻐﻨﺖ ﺑﮫ ﺟﺎرﯾﺔ أدﺧﻠﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺼﻮر ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻋﺎﻣﺮ ﻟﯿﺒﺘﺎﻋﮭﺎ ،ﻓﺄﻣﺮ ﺑﻘﺘﻠﮭﺎ. ﺧﺒﺮ: وﻋﻠﻰ ﻣﺜﻞ ھﺬا ﻗﺘﻞ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻐﯿﺚ .واﺳﺘﺌﺼﺎل آل ﻣﻐﯿﺚ واﻟﺘﺴﺠﯿﻞ ﻋﻠﯿﮭﻢ أﻻ ﯾﺴﺘﺨﺪم ﺑﻮاﺣﺪ ﻣﻨﮭﻢ أﺑﺪاً ﺣﺘﻰ ﻛﺎن ﺳﺒﺒﺎً ﻟﮭﻼﻛﮭﻢ واﻧﻘﺮاض ﺑﯿﺘﮭﻢ ﻓﻠﻢ ﯾﺒﻖ ﻣﻨﮭﻢ إﻻ اﻟﺸﺮﯾﺪ اﻟﻀﺎل .وﻛﺎن ﺳﺒﺐ ذﻟﻚ ﺗﻐﺰﻟﮫ ﺑﺈﺣﺪى ﺑﻨﺎت اﻟﺨﻠﻔﺎء وﻣﺜﻞ ھﺬا ﻛﺜﯿﺮ. وﯾﺤﻜﻰ ﻋﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ھﺎﻧﺊ أﻧﮫ ﻛﺎن ﻣﻐﺮﻣﺎً ﺑﺤﺐ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﺎرون اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﺑﻦ زﺑﯿﺪة .وأﺣﺲ ﻣﻨﮫ ﺑﺒﻌﺾ ذﻟﻚ ﻓﺎﻧﺘﮭﺮه ،ﻋﻠﻰ إداﻣﺔ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﯿﮫ .ﻓﺬﻛﺮ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل إﻧﮫ ﻛﺎن ﻻ ﯾﻘﺪر أن ﯾﺪﯾﻢ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﯿﮫ إﻻ ﻣﻊ ﻏﻠﺒﺔ اﻟﺴﻜﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ .ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﺳﺒﺐ اﻟﻜﺘﻤﺎن أﻻ ﯾﻨﻔﺮ اﻟﻤﺤﺒﻮب أو ﯾﻨﻔﺮ ﺑﮫ .ﻓﺈﻧﻲ أدري ﻣﻦ ﻛﺎن ﻣﺤﺒﻮﺑﺔ ﻟﮫ ﺳﻜﻨﺎً وﺟﻠﯿﺴﺎً ،ﻟﻮﺑﺎح ﺑﺄﻗﻞ ﺳﺒﺐ ﻣﻦ أﻧﮫ ﯾﮭﻮاه ﻟﻜﺎن ﻣﻨﮫ ﻣﻨﺎط اﻟﺜﺮﯾﺎ ﻗﺪ ﺗﻌﻠﺖ ﻧﺠﻮﻣﮭﺎ .وھﺬا ﺿﺮب ﻣﻦ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ ،وﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﯾﺒﻠﻎ ﻣﻦ اﻧﺒﺴﺎط ھﺬا اﻟﻤﺬﻛﻮر ﻣﻊ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ إﻟﻰ ﻓﻮق اﻟﻐﺎﺑﺔ وأﺑﻌﺪ اﻟﻨﮭﺎﯾﺔ ،ﻓﻤﺎ ھﻮ إﻻ أن ﺑﺎح إﻟﯿﮫ ﺑﻤﺎ ﯾﺠﺪ ﻓﺼﺎر ﻻ ﯾﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﺘﺎﻓﮫ اﻟﯿﺴﯿﺮ ﻣﻊ اﻟﺘﯿﮫ وداﻟﺔ اﻟﺤﺐ وﺗﻤﻨﻊ اﻟﺜﻘﺔ ﺑﻤﻠﻚ اﻟﻔﺆاد ،وذھﺐ ذﻟﻚ اﻹﻧﺒﺴﺎط ووﻗﻊ اﻟﺘﺼﻨﻊ واﻟﺘﺠﻨﻲ ،ﻓﻜﺎن أﺧﺎً ﻓﺼﺎر ﻋﺒﺪاً ،وﻧﻈﯿﺮاً ﻓﻌﺎد أﺳﯿﺮاً ،وﻟﻮ زاد ﻓﻲ ﺑﻮﺣﮫ ﺷﯿﺌﺎً إﻟﻰ أن ﯾﻌﻠﻢ ﺧﺎﺻﺔ اﻟﻤﺤﺒﻮب ذﻟﻚ ﻟﻤﺎ رآه إﻻ ﻓﻲ اﻟﻄﯿﻒ ،وﻻ ﻧﻘﻄﻊ اﻟﻘﻠﯿﻞ واﻟﻜﺜﯿﺮ ،وﻟﻌﺎد ﻋﻠﯿﮫ ﺑﺎﻟﻀﺮر.
ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ أﺳﺒﺎب اﻟﻜﺘﻤﺎن اﻟﺤﯿﺎء اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن ،ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ أﺳﺒﺎب اﻟﻜﺘﻤﺎن أن ﯾﺮى اﻟﻤﺤﺐ ﻣﻦ ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ اﻧﺤﺮاﻓﺎً وﺻﺪاً وﯾﻜﻮن ذا ﻧﻔﺲ أﺑﯿﺔ، ﻓﯿﺴﺘﺘﺮ ﺑﻤﺎ ﯾﺠﺪ ﻟﺌﻼ ﯾﺸﻤﺖ ﺑﮫ ﻋﺪو ،أو ﯾﺮﯾﮭﻢ وﻣﻦ ﯾﺤﺐ ھﻮان ذﻟﻚ ﻋﻠﯿﮫ.
اﻟﺒﺎب اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ اﻹذاﻋﺔ وﻗﺪ ﺗﻌﺮض ﻓﻲ اﻟﺤﺐ اﻹذاﻋﺔ ،وھﻮ ﻣﻨﻜﺮ ﻣﺎ ﯾﺤﺪث ﻣﻦ أﻋﺮاﺿﮫ ،وﻟﮭﺎ أﺳﺒﺎب، ﻣﻨﮭﺎ :أن ﯾﺮﯾﺪ ﺻﺎﺣﺐ ھﺬا اﻟﻔﻌﻞ أن ﯾﺘﺰﯾﺎ ﺑﺰي اﻟﻤﺤﺒﯿﻦ وﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻋﺪادھﻢ، وھﺬه ﺧﻼﻓﺔ ﻻ ﺗﺮﺿﻰ ،وﺗﺨﻠﯿﺞ ﺑﻐﯿﺾ ،ودﻋﻮى ﻓﻲ اﻟﺤﺐ زاﺋﻔﺔ. ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ أﺳﺒﺎب اﻟﻜﺸﻒ ﻏﻠﺒﺔ اﻟﺤﺐ وﺗﺴﻮر اﻟﺠﮭﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﯿﺎء .ﻓﻼ ﯾﻤﻠﻚ اﻹﻧﺴﺎن ﺣﯿﻨﺌﺬ ﻟﻨﻔﺴﮫ ﺻﺮﻓﺎً وﻻ ﻋﺪﻻً .وھﺬا ﻣﻦ أﺑﻌﺪ ﻏﺎﯾﺎت اﻟﻌﺸﻖ وأﻗﻮى ﺗﺤﻜﻤﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘﻞ ،ﺣﺘﻰ ﯾﻤﺜﻞ اﻟﺤﺴﻦ ﻓﻲ ﺗﻤﺜﺎل اﻟﻘﺒﯿﺢ ،واﻟﻘﺒﯿﺢ ﻓﻲ ھﯿﺌﺔ اﻟﺤﺴﻦ .وھﻨﺎﻟﻚ ﯾﺮى اﻟﺨﯿﺮ ﺷﺮاً ،واﻟﺸﺮ ﺧﯿﺮاً .وﻛﻢ ﻣﺼﻮن اﻟﺴﺘﺮ ﻣﺴﺒﻞ اﻟﻘﻨﺎع ﻣﺴﺪول اﻟﻐﻄﺎء
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻗﺪ ﻛﺸﻒ اﻟﺤﺐ ﺳﺘﺮه ،وأﺑﺎح ﺣﺮﯾﻤﮫ ،وأھﻤﻞ ﺣﻤﺎه ﻓﺼﺎر ﺑﻌﺪ اﻟﺼﯿﺎﻧﺔ ﻋﻠﻤﺎً، وﺑﻌﺪ اﻟﺴﻜﻮن ﻣﺜﻼً .وأﺣﺐ ﺷﻲء إﻟﯿﮫ اﻟﻔﻀﯿﺤﺔ ﻓﯿﻤﺎ ﻟﻮ ﻣﺜﻞ ﻟﮫ ﻗﺒﻞ اﻟﯿﻮم ﻻﻋﺘﺮاه اﻟﻨﺎﻓﺾ ﻋﻦ ذﻛﺮه ،وﻟﻄﺎﻟﺖ اﺳﺘﻌﺎذﺗﮫ ﻣﻨﮫ .ﻓﺴﮭﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن وﻋﺮاً ،وھﺎن ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﺰﯾﺰاً ،وﻻن ﻣﺎ ﻛﺎن ﺷﺪﯾﺪاً.
وﻟﻌﮭﺪي ﺑﻔﺘﻰ ﻣﻦ ﺳﺮوات اﻟﺮﺟﺎل وﻋﻠﯿﺔ إﺧﻮاﻧﻲ ﻗﺪ دھﻰ ﺑﻤﺤﺒﺔ ﺟﺎرﯾﺔ ﻣﻘﺼﻮرة ھﺎم ﺑﮭﺎ وﻗﻄﻌﮫ ﺣﺒﮭﺎ ﻋﻦ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ ﻣﺼﺎﻟﺤﮫ ،وﻇﮭﺮت آﯾﺎت ھﻮاء ﻟﻜﻞ ذي ﺑﺼﺮ، إﻟﻰ أن ﻛﺎﻧﺖ ھﻲ ﺗﻌﺬﻟﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻇﮭﺮ ﻣﻨﮫ ﻣﻤﺎ ﯾﻘﻮده إﻟﯿﮫ ھﻮاه. ﺧﺒﺮ :وﺣﺪﺛﻨﻲ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﻋﺎﺻﻢ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو ﻗﺎل :ﻛﻨﺖ ﺑﯿﻦ ﯾﺪي أﺑﻲ اﻟﻔﺘﺢ واﻟﺪي رﺣﻤﮫ اﷲ وﻗﺪ أﻣﺮﻧﻲ ﺑﻜﺘﺎب أﻛﺘﺒﮫ إذ ﻟﻤﺤﺖ ﻋﯿﻨﻲ ﺟﺎرﯾﺔ ﻛﻨﺖ أﻛﻠﻒ ﺑﮭﺎ ،ﻓﻠﻢ أﻣﻠﻚ ﻧﻔﺴﻲ ورﻣﯿﺖ اﻟﻜﺘﺎب ﻋﻦ ﯾﺪي وﺑﺎدرت ﻧﺤﻮھﺎ .وﺑﮭﺖ أﺑﻲ وﻇﻦ أﻧﮫ ﻋﺮض ﻟﻲ ﻋﺎرض .ﺛﻢ راﺟﻌﻨﻲ ﻋﻘﻠﻲ ﻓﻤﺴﺤﺖ وﺟﮭﻲ ﺛﻢ ﻋﺪت واﻋﺘﺬرت ﺑﺄﻧﮫ ﻏﻠﺒﻨﻲ اﻟﺮﻋﺎف.
وأﻋﻠﻢ أن ھﺬا داﻋﯿﺔ ﻧﻔﺎر اﻟﻤﺤﺒﻮب ،وﻓﺴﺎد ﻓﻲ اﻟﺘﺪﺑﯿﺮ ،وﺿﻌﻒ ﻓﻲ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ وﻣﺎ ﺷﻲء ﻣﻦ اﻷﺷﯿﺎء إﻻ وﻟﻠﻤﺄﺧﺬ ﻓﯿﮫ ﺳﻨﺔ وﻃﺮﯾﻘﺔ ،ﻣﺘﻰ ﺗﻌﺪاھﺎ اﻟﻄﺎﻟﺐ ،أو ﺧﺮق ﻓﻲ ﺳﻠﻮﻛﮭﺎ اﻧﻌﻜﺲ ﻋﻤﻠﮫ ﻋﻠﯿﮫ ،وﻛﺎن ﻛﺪه ﻋﻨﺎء .وﺗﻌﺒﮫ ھﺒﺎء ،وﺑﺤﺜﮫ وﺑﺎء .وﻛﻠﻤﺎ زاد ﻋﻦ وﺟﮫ اﻟﺴﯿﺮة اﻧﺤﺮاﻓﺎً وﻓﻲ ﺗﺠﻨﺒﮭﺎ إﻏﺮاﻗﺎً وﻓﻲ ﻏﯿﺮ اﻟﻄﺮﯾﻖ إﯾﻐﺎﻻ ازداد ﻋﻦ ﺑﻠﻮغ ﻣﺮاده ﺑﻌﺪاً .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﮭﺎ:
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻭﻻ ﺘﺴﻊ ﻓﻲ ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺠﺴﻴﻡ ﺘﻬﺎﺯﺀﺍﹰ
ﻭﻻ ﺘﺴﻊ ﺠﻬﺭﺍﹰ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﺴﻴﺭ ﺘﺭﻴﺩﻩ
ﻭﻗﺎﺒل ﺃﻓﺎﻨﻴﻥ ﺍﻟﺯﻤﺎﻥ ﻤـﺘـﻰ ﻴﺭﺩ
ﻋﻠﻴﻙ ﻓﺈﻥ ﺍﻟـﺩﻫـﺭ ﺠـﻡ ﻭﺭﻭﺩﻩ
ﻓﺄﺸﻜﺎﻟﻬﺎ ﻤﻥ ﺤﺴﻥ ﺴﻌﻴﻙ ﻴﻜﻔﻙ ﺍل
ﻴﺴﻴﺭ ﺒﻐﻴﺭ ﻭﺍﻟـﺸـﺭﻴﺩ ﺸـﺭﻴﺩﻩ
ﺃﻟﻡ ﺘﺒﺼﺭ ﺍﻟﻤﺼﺒـﺎﺡ ﺃﻭل ﻭﻗـﺩﻩ
ﻭﺇﺸﻌﺎﻟﻪ ﺒﺎﻟﻨﻔﺦ ﻴﻠﻁـﻔـﺎ ﻭﻗـﻭﺩﻩ
ﻭﺇﻥ ﻴﺘﺼﺭﻡ ﻟﻔـﺤـﻪ ﻭﻟـﻬـﻴﺒـﻪ
ﻓﻨﻔﺨﻙ ﻴﺫﻜـﻴﻪ ﻭﺘـﺒـﺩﻭ ﻤـﺩﻭﺩﻩ
ﺧﺒﺮ: وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف ﻣﻦ أھﻞ ﻗﺮﻃﺒﺔ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﻜﺘﺎب وﺟﻠﺔ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻣﻦ اﺳﻤﮫ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻓﺘﺢ ،ﻛﻨﺖ أﻋﮭﺪه ﻛﺜﯿﺮ اﻟﺘﺼﺎون ،ﻣﻦ ﺑﻐﺎة اﻟﻌﻠﻢ وﻃﻼب اﻷدب ﯾﺒﺰ أﺻﺤﺎﺑﮫ ﻓﻲ اﻻﻧﻘﺒﺎض ،وﯾﻔﻮﺗﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﺪﻋﺔ ،ﻻ ﯾﻨﻈﺮ إﻻ ﻓﻲ ﺣﻠﻘﺔ ﻓﻀﻞ ،وﻻ ﯾﺮى إﻻ ﻓﻲ ﻣﺤﻔﻞ ﻣﺮﺿﻰ ،ﻣﺤﻤﻮد اﻟﻤﺬاھﺐ ،ﺟﻤﯿﻞ اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ ،ﺑﺎﺋﻨﺎً ﺑﻨﻔﺴﮫ ،زاھﯿﺎً ﺑﮭﺎ ﺛﻢ أﺑﻌﺪت اﻷﻗﺪار داري ﻣﻦ داره ،ﻓﺄول ﺧﺒﺮ ﻃﺮأ ﻋﻠﻲ ﺑﻌﺪ ﻧﺰوﻟﻲ ﺷﺎﻃﺒﺔ أﻧﮫ ﺧﻠﻊ ﻋﺬاره ﻓﻲ ﺣﺐ ﻓﺘﻰ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﻔﺘﺎﻧﯿﻦ ﯾﺴﻤﻰ إﺑﺮاھﯿﻢ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ أﻋﺮﻓﮫ ،ﻻ ﺗﺴﺘﺄھﻞ ﺻﻔﺎﺗﮫ ﻣﺤﺒﺔ ﻣﻦ ﺑﯿﺘﮫ ﺧﯿﺮ وﺗﻘﺪم؛ وأﻣﻮال ﻋﺮﯾﻀﺔ ووﻓﺮ ﺗﺎﻟﺪ ،وﺻﺢ ﻋﻨﺪي أﻧﮫ ﻛﺸﻒ رأﺳﮫ وأﺑﺪى وﺟﮭﮫ ورﻣﻰ رﺳﻨﮫ وﺣﺴﺮ ﻣﺤﯿﺎه وﺷﻤﺮ ﻋﻦ ذراﻋﯿﮫ وﺻﻤﺪ ﺻﻤﺪ اﻟﺸﮭﻮة ،ﻓﺼﺎر ﺣﺪﯾﺜﺎً ﻟﻠﺴﻤﺎر وﻣﺪاﻓﻌﺎً ﺑﯿﻦ ﻧﻘﻠﺔ اﻷﺧﺒﺎر ،وﺗﮭﻮدى ذﻛﺮه ﻓﻲ اﻷﻗﻄﺎر ،وﺟﺮت ﻧﻘﻠﺘﮫ ﻓﻲ اﻷرض راﺣﻠﺔ ﺑﺎﻟﺘﻌﺠﺐ ،وﻟﻢ ﯾﺤﺼﻞ ﻣﻦ ذﻟﻚ إﻻ ﻋﻠﻰ ﻛﺸﻒ اﻟﻐﻄﺎء ،وإذاﻋﺔ اﻟﺴﺮ ،وﺷﻨﻌﺔ اﻟﺤﺪﯾﺚ .وﻓﺘﺢ اﻷﺣﺪوﺛﺔ وﺷﺮود ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ ﻋﻨﮫ ﺟﻤﻠﺔ .واﻟﺘﺤﻈﯿﺮ ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ رؤﯾﺘﮫ أﻟﺒﺘﺔ ،وﻛﺎن ﻏﻨﯿﺎً ﻋﻦ ذﻟﻚ وﺑﻤﻨﺪوﺣﮫ وﻣﻌﺰل رﺣﺐ ﻋﻨﮫ .وﻟﻮ ﻃﻮى ﻣﻜﻨﻮن ﺳﺮه ،وأﺧﻔﻰ ﺑﻠﯿﺎت ﺿﻤﯿﺮه ﻻﺳﺘﺪام ﻟﺒﺎس اﻟﻌﺎﻓﯿﺔ :وﻟﻢ ﯾﻨﮭﺞ ﺑﺮد اﻟﺼﯿﺎﻧﺔ؛ وﻟﻜﺎن ﻟﮫ ﻓﻲ ﻟﻘﺎء ﻣﻦ ﺑﻠﻰ ﺑﮫ وﻣﺤﺎدﺛﺘﮫ وﻣﺠﺎﻟﺴﺘﮫ أﻣﻞ ﻣﻦ اﻵﻣﺎل؛ وﺗﻌﻠﻞ ﻛﺎف؛ وإن ﺣﺒﻞ اﻟﻌﺬر ﻟﯿﻘﻄﻊ ﺑﮫ ،واﻟﺤﺠﺔ ﻋﻠﯿﮫ ﻗﺎﺋﻤﺔ؛ إﻻ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
أن ﯾﻜﻮن ﻣﺨﺘﻠﻄﺎً ﻓﻲ ﺗﻤﯿﯿﺰه؛ أو ﻣﺼﺎﺑﺎً ﻓﻲ ﻋﻘﻠﮫ ﺑﺤﻠﯿﻞ ﻣﺎ ﻓﺪﺣﮫ .ﻓﺮﺑﻤﺎ آل ذﻟﻚ ﻟﻌﺬر ﺻﺤﯿﺢ ،وأﻣﺎ إن ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻘﯿﺔ ﻣﻦ ﻋﻘﻞ أو ﺛﺒﺘﺖ ﻣﺴﻜﮫ ﻓﮭﻮ ﻇﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﺗﻌﺮﺿﮫ ﻣﺎ ﯾﻌﻠﻢ أن ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ ﯾﻜﺮھﮫ وﯾﺘﺄذى ﺑﮫ .ھﺬا ﻏﯿﺮ ﺻﻔﺔ أھﻞ اﻟﺤﺐ؛ وﺳﯿﺄﺗﻲ ھﺬا ﻣﻔﺴﺮاً
ﻓﻲ
ﺑﺎب
اﻟﻄﺎﻋﺔ
إن
ﺷﺎء
اﷲ
ﺗﻌﺎﻟﻰ.
وﻣﻦ أﺳﺒﺎب اﻟﻜﺸﻒ وﺟﮫ ﺛﺎﻟﺚ وھﻮ ﻋﻨﺪ أھﻞ اﻟﻌﻘﻮل وﺟﮫ ﻣﺮذول وﻓﻌﻞ ﺳﺎﻗﻂ؛ وذﻟﻚ أن ﯾﺮى اﻟﻤﺤﺐ ﻣﻦ ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ ﻏﺪراً أو ﻣﻠﻼً أو ﻛﺮاھﺔ؛ ﻓﻼ ﯾﺠﺪ ﻃﺮﯾﻖ اﻻﻧﺘﺼﺎف ﻣﻨﮫ إﻻ ﺑﻤﺎ ﺿﺮره ﻋﻠﯿﮫ أﻋﻮد ﻣﻨﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻘﺼﻮد ﻣﻦ اﻟﻜﺸﻒ واﻻﺷﺘﮭﺎر .وھﺬا أﺷﺪ اﻟﻌﺎر وأﻗﺒﺢ اﻟﺸﻨﺎر وأﻗﻮى ﺑﺸﻮاھﺪ ﻋﺪم اﻟﻌﻘﻞ ووﺟﻮد اﻟﺴﺨﻒ .ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻜﺸﻒ ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ ﯾﻨﺘﺸﺮ وأﻗﺎوﯾﻞ ﺗﻔﺸﻮ ،ﺗﻮاﻓﻖ ﻗﻠﺔ ﻣﺒﺎﻻة ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺐ ﺑﺬﻟﻚ ،ورﺿﻰ ﺑﻈﮭﻮر ﺳﺮه ،إﻣﺎ ﻹﻋﺠﺎب وإﻣﺎ ﻻﺳﺘﻈﮭﺎر ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﯾﺆﻣﻠﮫ .وﻗﺪ رأﯾﺖ ھﺬا اﻟﻔﻌﻞ ﻟﺒﻌﺾ إﺧﻮاﻧﻲ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﻘﻮاد ،وﻗﺮأت ﻓﻲ ﺑﻌﺾ أﺧﺒﺎر اﻷﻋﺮاب أن ﻧﺴﺎءھﻢ ﻻ ﯾﻘﻨﻌﻦ وﻻ ﯾﺼﺪﻗﻦ ﻋﺸﻖ ﻋﺎﺷﻖ ﻟﮭﻦ ﺣﺘﻰ ﯾﺸﺘﮭﺮ وﯾﻜﺸﻒ ﺣﺒﮫ وﯾﺠﺎھﺮ وﯾﻌﻠﻦ وﯾﻨﻮه ﺑﺬﻛﺮھﻦ ،وﻻ أدري ﻣﺎ ﻣﻌﻨﻰ ھﺬا ،ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﯾﺬﻛﺮ ﻋﻨﮭﻦ اﻟﻌﻔﺎف ،وأي ﻋﻔﺎف ﻣﻊ اﻣﺮأة أﻗﺼﻰ ﻣﻨﺎھﺎ وﺳﺮورھﺎ اﻟﺸﮭﺮة ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﺒﺎب اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﺸﺮ اﻟﻄﺎﻋﺔ وﻣﻦ ﻋﺠﯿﺐ ﻣﺎ ﯾﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﺤﺐ ﻃﺎﻋﺔ اﻟﻤﺤﺐ ﻟﻤﺤﺒﻮﺑﮫ ،وﺻﺮﻓﮫ ﻃﺒﺎﻋﮫ ﻗﺴﺮاً إﻟﻰ ﻃﺒﺎع ن ﯾﺤﺒﮫ ورﺑﻤﺎ ﯾﻜﻮن اﻟﻤﺮء ﺷﺮس اﻟﺨﻠﻖ ،ﺻﻌﺐ اﻟﺸﻜﯿﻤﺔ ،ﺟﻤﻮح اﻟﻘﯿﺎدة، ﻣﺎﺿﻲ اﻟﻌﺰﯾﻤﺔ ،ﺣﻤﻰ اﻷﻧﻒ ،أﺑﻰ اﻟﺨﺴﻒ ،ﻓﻤﺎ ھﻮ إﻻ أن ﯾﺘﻨﺴﻢ ﻧﺴﯿﻢ اﻟﺤﺐ، وﺑﺘﻮرط ﻋﻤﺮه ،وﯾﻌﻮم ﻓﻲ ﺑﺤﺮه ،ﻓﺘﻌﻮد اﻟﺸﺮاﺳﺔ ﻟﯿﺎﻧﺎً ،واﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ﺳﮭﻠﺔ واﻟﻤﻀﺎء ﻛﻼﻟﺔ؛ واﻟﺤﻤﯿﺔ اﺳﺘﺴﻼﻣﺎً .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﮭﺎ: ﻓﻬل ﻟﻠﻭﺼﺎل ﺇﻟـﻴﻨـﺎ ﻤـﻌـﺎﺩ
ﻭﻫل ﻟﺘﺼﺎﺭﻴﻑ ﺫﺍ ﺍﻟﺩﻫﺭ ﺤﺩ
ﻓﻘﺩ ﺃﺼﺒﺢ ﺍﻟﺴﻴﻑ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺏ
ﻭﺃﻀﺤﻰ ﺍﻟﻐﺯﺍل ﺍﻷﺴﻴﺭ ﺃﺴﺩ
وأﻗﻮل ﺷﻌﺮاً؛ ﻣﻨﮫ: ﻭﺇﻨﻲ ﻭﺇﻥ ﺘﻌﺘﺏ ﻷﻫﻭﻥ ﻫﺎﻟﻙ
ﻜﺫﺍﺌﺏ ﻨﻘﺭ ﺯل ﻤﻥ ﻴﺩ ﺠﻬﺒﺫ
ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻗﺘﻠﻰ ﻓﻲ ﻫﻭﺍﻙ ﻟﺫﺍﺫﺓ
ﻓﻴﺎ ﻋﺠﺒﺎﹰ ﻤﻥ ﻫﺎﻟﻙ ﻤﺘـﻠـﺫﺫ
وﻣﻨﮭﺎ: ﻭﻟﻭ ﺃﺒﺼﺭﺕ ﺃﻨﻭﺍﺭ ﻭﺠﻬﻙ ﻓﺎﺭﺱ
ﻷﻋﻨﺎﻫﻡ ﻋﻥ ﻫﺭﻤﺯﺍﻥ ﻭﻤﻭﺒـﺫ
ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻤﺤﺒﻮب ﻛﺎرھﺎً ﻹﻇﮭﺎر اﻟﺸﻜﻮى ﻣﺘﺒﺮﻣﺎً ﺑﺴﻤﺎع اﻟﻮﺟﺪ؛ ﻓﺘﺮى اﻟﻤﺤﺐ ﺣﯿﻨﺌﺬ ﯾﻜﺘﻢ ﺣﺰﻧﮫ وﯾﻜﻈﻢ أﺳﻔﮫ وﯾﻨﻄﻮي ﻋﻠﻰ ﻋﻠﺘﮫ .وإن اﻟﺤﺒﯿﺐ ﻣﺘﺠﻦ، ﻓﻌﻨﺪھﺎ ﯾﻘﻊ اﻻﻋﺘﺬار ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ذﻧﺐ واﻹﻗﺮار ﺑﺎﻟﺠﺮﯾﻤﺔ ،واﻟﻤﺮء ﻣﻨﮭﺎ ﺑﺮئ ،ﺗﺴﻠﯿﻤﺎ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻟﻘﻮﻟﮫ وﺗﺮﻛﺎً ﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺘﮫ .وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف ﻣﻦ دھﻰ ﺑﻤﺜﻞ ھﺬا ﻓﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﻨﻔﻚ ﻣﻦ ﺗﻮﺟﮫ اﻟﺬﻧﻮب ﻧﺤﻮه وﻻ ذﻧﺐ ﻟﮫ ،وإﯾﻘﺎع اﻟﻌﺘﺎب ﻋﻠﯿﮫ واﻟﺴﺨﻂ وھﻮﻧﻘﻲ اﻟﺠﻠﺪ. وأﻗﻮل ﺷﻌﺮاً إﻟﻰ ﺑﻌﺾ إﺧﻮاﻧﻲ ،وﯾﻘﺮب ﻣﻤﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﯿﮫ وإن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣﻨﮫ: ﻭﻗﺩ ﻜﻨﺕ ﺘﻠﻘﺎﻨﻲ ﺒﻭﺠـﻪ ﻟـﻘـﺭﺒـﻪ
ﺘﺩﺍﻥ ﻭﻟﻠﻬﺠﺭﺍﻥ ﻋﻥ ﻗﺭﺒﻪ ﺴـﺨـﻁ
ﻭﻤﺎ ﺘﻜﺭﻩ ﺍﻟﻌﺘﺏ ﺍﻟﻴﺴﻴﺭ ﺴـﺠـﻴﺘـﻲ
ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻪ ﻗﺩ ﻋﻴﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻭﺨﻁ
ﻓﻘﺩ ﻴﺘﻌﺏ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﻨﻔـﺴـﻪ ﻭﻗﺩ ﻴﺤﺴﻥ ﺍﻟﺨﻴﻼﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺠﻪ ﻭﺍﻟﻨﻘﻁ ﺘﺯﻴﻥ ﺇﺫﺍ ﻗﻠﺕ ﻭﻴﻔـﺤـﺵ ﺃﻤـﺭﻫـﺎ
ﺇﺫﺍ ﺃﻓﺭﻁﺕ ﻴﻭﻤﺎﹰ ﻭﻫل ﻴﺤﻤﺩ ﺍﻟﻔـﺭﻁ
وﻣﻨﮫ: ﺃﻋﻨﻪ ﻓﻘﺩ ﺃﻀﺤﻰ ﻟﻔﺭﻁ ﻫﻤﻭﻤـﻪ
ﻴﺒﻜﻲ ﺇﺫ ﺍﻟﻘﺭﻁﺎﺱ ﻭﺍﻟﺤﺒﺭ ﻭﺍﻟﺨﻁ
وﻻ ﯾﻘﻮﻟﻦ ﻗﺎﺋﻞ إن ﺻﺒﺮ اﻟﻤﺤﺐ ﻋﻠﻰ دﻟﺔ اﻟﻤﺤﺒﻮب دﻧﺎءة ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺲ ﻓﻘﺪ أﺧﻄﺄ، وﻗﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ أن اﻟﻤﺤﺒﻮب ﻟﯿﺲ ﻟﮫ ﻛﻔﻮاً وﻻ ﻧﻈﯿﺮاً ﻓﯿﻘﺎرض ﺑﺄذاه ،وﻟﯿﺲ ﺳﺒﮫ وﺟﻔﺎه ﻣﻤﺎ ﯾﻌﯿﺮ ﺑﮫ اﻹﻧﺴﺎن وﯾﺒﻘﻰ ذﻛﺮه ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻘﺎب ،وﻻ ﯾﻘﻊ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﺲ اﻟﺨﻠﻔﺎء ،وﻻ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻋﺪ اﻟﺮؤﺳﺎء ،ﻓﯿﻜﻮن اﻟﺼﺒﺮ ﺟﺎراً ﻟﻠﻤﺬﻟﺔ ،وﺿﺮاﻋﺔ ﻗﺎﺋﺪة ﻟﻼﺳﺘﮭﺎﻧﺔ ،ﻓﻘﺪ ﺗﺮى اﻹﻧﺴﺎن ﻻ ﯾﻜﻠﻒ ﺑﺄﻣﺘﮫ اﻟﺘﻲ ﯾﻤﻠﻚ رﻗﮭﺎ ،وﻻ ﯾﺤﻮل ﺣﺎﺋﻞ ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ اﻟﺘﻌﺪي ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻓﻜﯿﻒ اﻻﻧﺘﺼﺎر ﻣﻨﮭﺎ .وﺳﺒﻞ اﻻﻣﺘﻌﺎض ﻣﻦ اﻟﺴﺒﺐ ﻏﯿﺮ ھﺬه، إﻧﻤﺎ ذﻟﻚ ﺑﯿﻦ ﻋﻠﯿﺔ اﻟﺮﺟﺎل اﻟﺬﯾﻦ ﺗﺤﺼﻞ أﻧﻔﺎﺳﮭﻢ وﺗﺘﺒﻊ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻛﻼﻣﮭﻢ ﻓﺘﻮﺟﮫ ﻟﮭﺎ اﻟﻮﺟﻮه اﻟﺒﻌﯿﺪة ،ﻷﻧﮭﻢ ﻻ ﯾﻮﻗﻌﻮﻧﮭﺎ ﺳﺪى وﻻ ﯾﻠﻘﻮﻧﮭﺎ ھﻤﻼً ،وأﻣﺎ اﻟﻤﺤﺒﻮب ﻓﺼﻌﺪة ﺛﺎﺑﺘﺔ ،وﻗﻀﯿﺐ ﻣﻨﺂد ،ﯾﺠﻔﻮ وﯾﺮﺿﻰ ﻣﺘﻰ ﺷﺎء ﻻ ﻟﻤﻌﻨﻰ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻟﻴﺱ ﺍﻟﺘﺫﻟل ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻭﻯ ﻴﺴﺘﻨﻜـﺭ
ﻓﺎﻟﺤﺏ ﻓﻴﻪ ﻴﺨﻀﻊ ﺍﻟﻤﺴﺘﻜﺒـﺭ
ﻻ ﺘﻌﺠﺒﻭﺍ ﻤﻥ ﺫﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﺤـﺎﻟﺔ
ﻗﺩ ﺫل ﻓﻴﻬﺎ ﻗﻠﺒﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺼـﺭ
ﻟﻴﺱ ﺍﻟﺤﺒﻴﺏ ﻤﻤﺎﺜﻼﹰ ﻭﻤﻜـﺎﻓـﻴﺎﹰ
ﻓﻴﻜﻭﻥ ﺼﺒﺭﻙ ﺫﻟﺔ ﺇﺫ ﺘﺼﺒـﺭ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺘﻔﺎﺤﺔ ﻭﻗﻌﺕ ﻓﺂﻟﻡ ﻭﻗـﻌـﻬـﺎ
ﻫل ﻗﻁﻌﻬﺎ ﻤﻨﻙ ﺍﻨﺘﺼﺎﺭﺍﹰ ﻴﺫﻜﺭ
ﺧﺒﺮ :وﺣﺪﺛﻨﻲ أﺑﻮ دﻟﻒ اﻟﻮراق ﻋﻦ ﻣﻠﺴﻤﺔ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻔﯿﻠﺴﻮف اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﻟﻤﺮﺟﯿﻄﻰ أﻧﮫ ﻗﺎل ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺬي ﺑﺸﺮﻗﻲ ﻣﻘﺒﺮة ﻗﺮﯾﺶ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ اﻟﻤﻮازي ﻟﺪار اﻟﻮزﯾﺮ اﺑﻦ ﻋﻤﺮو أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺟﺪﯾﺮ رﺣﻤﮫ اﷲ :ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻛﺎن ﻣﻘﺪم ﺑﻦ اﻷﺻﻔﺮ ﻣﺮﯾﻀﺎً أﯾﺎم ﺣﺪاﺛﺘﮫ ﻟﻌﺸﻖ ﺑﻌﺠﯿﺐ ﻓﺘﻰ اﻟﻮزﯾﺮ أﺑﻲ ﻋﻤﺮو اﻟﻤﺬﻛﻮر. وﻛﺎن ﯾﺘﺮك اﻟﺼﻼة ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪ ﻣﺴﺮور وﺑﮭﺎ ﻛﺎن ﺳﻜﻨﺎه ،وﯾﻘﺼﺪ ﻓﻲ اﻟﻠﯿﻞ واﻟﻨﮭﺎر إﻟﻰ ھﺬا اﻟﻤﺴﺠﺪ ﺑﺴﺒﺐ ﻋﺠﯿﺐ ،ﺣﺘﻰ أﺧﺬه اﻟﺤﺮس ﻏﯿﺮ ﻣﺎ ﻣﺮة ﻓﻲ اﻟﻠﯿﻞ ﻓﻲ ﺣﯿﻦ اﻧﺼﺮاﻓﮫ ﻋﻦ ﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء اﻵﺧﺮة ،وﻛﺎن ﯾﻘﻌﺪ وﯾﻨﻈﺮ ﻣﻨﮫ إﻟﻰ أن ﻛﺎن اﻟﻔﺘﻰ ﯾﻐﻀﺐ وﯾﻀﺠﺮ وﯾﻘﻮم إﻟﯿﮫ ﻓﯿﻮﺟﻌﮫ ﺿﺮﺑﺎً وﯾﻠﻄﻢ ﺧﺪﯾﮫ وﻋﯿﻨﯿﮫ ،ﻓﯿﺴﺮ ﺑﺬﻟﻚ وﯾﻘﻮل :ھﺬا واﷲ أﻗﺼﻰ أﻣﻨﯿﺘﻲ واﻵن ﻗﺮت ﻋﯿﻨﻲ ،وﻛﺎن ﻋﻠﻰ ھﺬا زﻣﺎﻧﺎً ﯾﻤﺎﺷﯿﮫ. ﻗﺎل أﺑﻮ دﻟﻒ :وﻟﻘﺪ ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻏﯿﺮ ﻣﺮة ﺑﺤﻀﺮة ﻋﺠﯿﺐ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺮى ﻣﻦ وﺟﺎھﺔ ﻣﻘﺪم ﺑﻦ اﻷﺻﻔﺮ وﻋﺮض ﺟﺎھﮫ وﻋﺎﻓﯿﺘﮫ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺣﺎل ﻣﻘﺪم ﺑﻦ اﻷﺻﻔﺮھﺬا ﻗﺪ ﺟﻠﺖ ﺟﺪاً واﺧﺘﺺ ﺑﺎﻟﻤﻈﻔﺮ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻋﺎﻣﺮ اﺧﺘﺼﺎﺻﺎً ﺷﺪﯾﺪاً واﺗﺼﻞ ﺑﻮاﻟﺪﺗﮫ وأھﻠﮫ وﺟﺮى ﻋﻠﻰ ﯾﺪﯾﮫ ﻣﻦ ﺑﻨﯿﺎن اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ واﻟﺴﻘﺎﯾﺎت وﺗﺴﮭﯿﻞ وﺟﻮه اﻟﺨﯿﺮ ﻏﯿﺮ ﻗﻠﯿﻞ ،ﻣﻊ ﺗﺼﺮﻓﮫ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺘﺼﺮف ﻓﯿﮫ أﺻﺤﺎب اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻣﻦ اﻟﻌﻨﺎﯾﺔ ﺑﺎﻟﻨﺎس وﻏﯿﺮ ذﻟﻚ.
ﺧﺒﺮ :وأﺷﻨﻊ ﻣﻦ ھﺬا أﻧﮫ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺴﻌﯿﺪ ﺑﻦ ﻣﻨﺬر ﺑﻦ ﺳﻌﯿﺪ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻊ ﻗﺮﻃﺒﺔ أﯾﺎم اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻤﺴﺘﻨﺼﺮ ﺑﺎﷲ رﺣﻤﮫ اﷲ ﺟﺎرﯾﺔ ﯾﺤﺒﮭﺎ ﺣﺒﺎً ﺷﺪﯾﺪاً ،ﻓﻌﺮض
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻋﻠﯿﮭﺎ ِأن ﯾﻌﺘﻘﮭﺎ وﯾﺘﺰوﺟﮭﺎ .ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﮫ ﺳﺎﺧﺮة ﺑﮫ ،وﻛﺎن ﻋﻈﯿﻢ اﻟﻠﺤﯿﺔ :إن ﻟﺤﯿﺘﻚ أﺳﺘﺒﺸﻊ ﻋﻈﻤﮭﺎ ﻓﺈن ﺣﺬﻓﺖ ﻣﻨﮭﺎ ﻛﺎن ﻣﺎ ﺗﺮﻏﺒﮫ .ﻓﺄﻋﻤﻞ اﻟﺠﻤﻠﯿﻦ ﻓﯿﮭﺎ ﺣﺘﻰ ﻟﻄﻔﺖ، ﺛﻢ دﻋﺎ ﺑﺠﻤﺎﻋﺔ ﺷﮭﻮد وأﺷﮭﺪھﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﺘﻘﮭﺎ ،ﺛﻢ ﺧﻄﺒﮭﺎ إﻟﻰ ﻧﻔﺴﮫ ﻓﻠﻢ ﺗﺮض ﺑﮫ. وﻛﺎن ﻓﻲ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﺣﻀﺮ أﺧﻮه ﺣﻜﻢ ﺑﻦ ﻣﻨﺬر ﻓﻘﺎل ﻟﻤﻦ ﺣﻀﺮ :اﻋﺮض ﻋﻠﯿﮭﺎ أﻧﻲ أﺧﻄﺒﮭﺎ أﻧﺎ ،ﻓﻔﻌﻞ ﻓﺄﺟﺎﺑﺖ إﻟﯿﮫ .ﻓﺘﺰوﺟﮭﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻤﺠﻠﺲ ﺑﻌﯿﻨﮫ ورﺿﻲ ﺑﮭﺬا اﻟﻌﺎر اﻟﻔﺎدح ﻋﻠﻰ رورﻋﮫ وﻧﺴﻜﮫ واﺟﺘﮭﺎده.
ﻓﺄﻧﺎ أدﻛﺖ ﺳﻌﯿﺪاً ھﺬا وﻗﺪ ﻗﺘﻠﮫ اﻟﺒﺮﺑﺮ ﯾﻮم دﺧﻮﻟﮭﻢ ﻗﺮﻃﺒﺔ ﻋﻨﻮة واﻧﺘﮭﺎﺑﮭﻢ إﯾﺎھﺎ وﺣﻜﻢ اﻟﻤﺬﻛﻮر أﺧﻮه ھﻮ رأس اﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ ﺑﺎﻷﻧﺪﻟﺲ وﻛﺒﯿﺮھﻢ وأﺳﺘﺎذھﻢ وﻣﺘﻜﻠﻤﮭﻢ وﻧﺎﺳﻜﮭﻢ ،وھﻮ ﻣﻊ ذﻟﻚ ﺷﺎﻋﺮ ﻃﯿﺐ وﻓﻘﯿﮫ .وﻛﺎن أﺧﻮه ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ اﺑﻦ ﻣﻨﺬر ﻣﺘﮭﻤﺎً ﺑﮭﺬا اﻟﻤﺬھﺐ أﯾﻀﺎً .وﻟﻲ ﺧﻄﺒﺔ اﻟﺮد أﯾﺎم اﻟﺤﻜﻢ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ وھﻮ اﻟﺬي ﺻﻠﺒﮫ اﻟﻤﻨﺼﻮر ﺑﻦ أﺑﻲ ﻋﺎﻣﺮ إذ اﺗﮭﻤﮫ ھﻮ وﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻘﮭﺎء واﻟﻘﻀﺎة ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ أﻧﮭﻢ ﯾﺒﺎﯾﻌﻮن ﺳﺮاً ﻟﻌﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﺒﯿﺪ اﷲ اﺑﻦ أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ اﻟﻨﺎﺻﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻢ ،ﻓﻘﺘﻞ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ وﺻﻠﺐ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﻣﻨﺬر وﺑﺪد ﺷﻤﻞ ﺟﻤﯿﻊ ﻣﻦ اﺗﮭﻢ .وﻛﺎن أﺑﻮھﻢ ﻗﺎﺿﻲ اﻟﻘﻀﺎة ﻣﻨﺬر ﺑﻦ ﺳﻌﯿﺪ ﻣﺘﮭﻤﺎً ﺑﻤﺬھﺐ اﻻﻋﺘﺰال أﯾﻀﺎً. وﻛﺎن أﺧﻄﺐ اﻟﻨﺎس وأﻋﻠﻤﮭﻢ ﺑﻜﻞ ﻓﻦ وأورﻋﮭﻢ وأﻛﺜﺮھﻢ ھﺰﻻً ودﻋﺎﺑﺔ .وﺣﻜﻢ اﻟﻤﺬﻛﻮر ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة ﻓﻲ ﺣﯿﻦ ﻛﺘﺎﺑﺘﻲ إﻟﯿﻚ ﺑﮭﺬه اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻗﺪ ﻛﻒ ﺑﺼﺮه وأﺳﻦ ﺟﺪاً. ﺧﺒﺮ: وﻣﻦ ﻋﺠﯿﺐ ﻃﺎﻋﺔ اﻟﻤﺤﺐ ﻟﻤﺤﺒﻮﺑﮫ أﻧﻲ أﻋﺮف ﻣﻦ ﻛﺎن ﺳﮭﺮ اﻟﻠﯿﺎﻟﻲ اﻟﻜﺜﯿﺮة وﻟﻘﻰ اﻟﺠﮭﺪ اﻟﺠﺎھﺪ ﻓﻘﻄﻌﺖ ﻗﻠﺒﮫ ﺿﺮوب اﻟﻮﺟﺪ ﺛﻢ ﻇﻔﺮ ﺑﻤﻦ ﯾﺤﺐ وﻟﯿﺲ ﺑﮫ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻣﺘﻨﺎع وﻻ ﻋﻨﺪه دﻓﻊ ،ﻓﺤﯿﻦ رأى ﻣﻨﮫ ﺑﻌﺾ اﻟﻜﺮاھﺔ ﻟﻤﺎ ﻧﻮاه ﺗﺮﻛﮫ واﻧﺼﺮف ﻋﻨﮫ ،ﻻ ﺗﻌﻔﻔﺎً وﻻ ﺗﺨﻮﻓﺎً ﻟﻜﻦ ﺗﻮﻗﻔﺎً ﻋﻨﺪ ﻣﻮاﻓﻘﺔ رﺿﺎه ،وﻟﻢ ﯾﺠﺪ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﮫ ﻣﻌﯿﻨﺎً ﻋﻠﻰ إﺗﯿﺎن ﻣﺎ ﻟﻢ ﯾﺮ ﻟﮫ إﻟﯿﮫ ﻧﺸﺎﻃﺎً وھﻮ ﯾﺠﺪ ﻣﺎ ﯾﺠﺪ .وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف ﻣﻨﻔﻘﻞ ھﺬا اﻟﻔﻌﻞ ﺛﻢ ﺗﻨﺪم ﻟﻌﺬر ﻇﮭﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺒﻮب .ﻓﻘﻠﺖ ﻓﻲ ذﻟﻚ: ﻏﺎﻓﺹ ﺍﻟﻔﺭﺼﺔ ﻭﺍﻋﻠﻡ ﺃﻨـﻬـﺎ
ﻜﻤﻀﻲ ﺍﻟﺒﺭﻕ ﺘﻤﻀﻲ ﺍﻟﻔﺭﺹ
ﻜﻡ ﺃﻤﻭﺭ ﺃﻤﻜﻨﺕ ﺃﻤـﻬـﻠـﻬـﺎ
ﻫﻲ ﻋﻨﺩﻱ ﺇﺫ ﺘﻭﻟﺕ ﻏﺼـﺹ
ﺒﺎﺩﺭ ﺍﻟﻜﻨـﺯ ﺍﻟـﺫﻱ ﺃﻟـﻔـﻴﺘـﻪ
ﻭﺍﻨﺘﻬﺯ ﺼﺒﺭﺍﹰ ﻜﺒﺎﺭﺯ ﻴﻘﻨـﺹ
وﻟﻘﺪ ﻋﺮض ﻣﺜﻞ ھﺬا ﺑﻌﯿﻨﮫ ﻷﺑﻲ اﻟﻤﻈﻔﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﻮد ﺻﺪﯾﻘﻨﺎ وأﻧﺸﺪﺗﮫ أﺑﯿﺎﺗﺎً ﻟﻲ ﻓﻄﺎر ﺑﮭﺎ ﻛﻞ ﻣﻄﺎر ،وأﺧﺬھﺎ ﻣﻨﻲ ﻓﻜﺎﻧﺖ ھﺠﯿﺮاه. ﺧﺒﺮ :وﻟﻘﺪ ﺳﺄﻟﻨﻲ ﯾﻮﻣﺎً أﺑﻮ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻛﻠﯿﺐ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﻘﯿﺮوان أﯾﺎم ﻛﻮﻧﻲ ﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ،وﻛﺎن ﻃﻮﯾﻞ اﻟﻠﺴﺎن ﺟﺪاً ﻣﺜﻘﻔﺎً ﻟﻠﺴﺆال ﻓﻲ ﻛﻞ ﻓﻦ ،ﻓﻘﺎل ﻟﻲ وﻗﺪ ﺟﺮى ﺑﻌﺾ ذﻛﺮ اﻟﺤﺐ وﻣﻌﺎﻧﯿﮫ :إذا ﻛﺮه ﻣﻦ أﺣﺐ ﻟﻘﺎﺋﻲ وﺗﺠﻨﺐ ﻗﺮﺑﻲ ﻓﻤﺎ أﺻﻨﻊ؟ ﻗﻠﺖ :أرى أن ﺗﺴﻌﻰ ﻓﻲ إدﺧﺎل اﻟﺮوح ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻚ ﺑﻠﻘﺎﺋﮫ وإن ﻛﺮه .ﻓﻘﺎل :ﻟﻜﻨﻲ ﻻ أرى ذﻟﻚ ﺑﻞ أوﺛﺮ ھﻮاه ﻋﻠﻰ ھﻮاي وﻣﺮاده ﻋﻠﻰ ﻣﺮادي ،واﺻﺒﺮ وﻟﻮ ﻛﺎن ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺤﺘﻒ .ﻓﻘﻠﺖ ﻟﮫ :إﻧﻲ إﻧﻤﺎ أﺣﺒﺒﺘﮫ ﻟﻨﻔﺴﻲ وﻻ ﻟﺘﺬاذھﺎ ﺑﺼﻮرﺗﮫ ﻓﺄﻧﺎ أﺗﺒﻊ ﻗﯿﺎﺳﻲ وأﻗﻮد أﺻﻠﻲ وأﻗﻔﻮ ﻃﺮﯾﻘﺘﻲ ﻓﻲ اﻟﺮﻏﯿﺒﺔ ﻓﻲ ﺳﺮورھﺎ .ﻓﻘﺎل ﻟﻲ :ھﺬا ﻇﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﻘﯿﺎس ،أﺷﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻮت ﻣﺎ ﺗﻤﻨﻰ ﻟﮫ اﻟﻤﻮت .وأﻋﺰ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺲ ﻣﺎ ﺑﺬﻟﺖ ﻟﮫ اﻟﻨﻔﺲ. ﻓﻘﻠﺖ ﻟﮫ :إن ﺑﺬﻟﺖ ﻧﻔﺴﻚ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﺧﺘﯿﺎراً ﺑﻞ ﻛﺎن اﺿﻄﺮاراً ،وﻟﻮ أﻣﻜﻨﻚ أﻻ ﺗﺒﺬﻟﮭﺎ ﻟﻤﺎ ﺑﺬﻟﺘﮭﺎ ،وﺗﺮﻛﻚ ﻟﻘﺎءه اﺧﺘﯿﺎراً ﻣﻨﻚ أﻧﺖ ﻓﯿﮫ ﻣﻠﻮم ﻹﺿﺮارك ﺑﻨﻔﺴﻚ وإدﺧﺎﻟﻚ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﺤﺘﻒ ﻋﻠﯿﮭﺎ .ﻓﻘﺎل ﻟﻲ :أﻧﺖ رﺟﻞ ﺟﺪﻟﻲ وﻻ ﺟﺪل ﻓﻲ اﻟﺤﺐ ﯾﻠﺘﻔﺖ إﻟﯿﮫ .ﻓﻘﻠﺖ ﻟﮫ: إذاً ﻛﺎن ﺻﺎﺣﺒﮫ ﻣﺆوﻓﺎً ﻓﻘﺎل :وأي آﻓﺔ أﻋﻈﻢ ﻣﻦ اﻟﺤﺐ.
اﻟﺒﺎب اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ورﺑﻤﺎ اﺗﺒﻊ اﻟﻤﺤﺐ ﺷﮭﻮﺗﮫ ورﻛﺐ رأﺳﮫ ﻓﺒﻠﻎ ﺷﻔﺎءه ﻣﻦ ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ ،وﺗﻌﻤﺪ ﻣﺴﺮﺗﮫ ﻣﻨﮫ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻟﻮﺟﻮه ﺳﺨﻄﺎً ورﺿﻰ .وﻣﻦ ﺳﺎﻋﺪه ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻗﺖ ھﺬا وﺛﺒﺖ ﺟﻨﺎﻧﮫ وأﺗﯿﺤﺖ ﻟﮫ اﻷﻗﺪار اﺳﺘﻮﻓﻰ ﻟﺬﺗﮫ ﺟﻤﯿﻌﮭﺎ وذھﺐ ﻏﻤﮫ واﻧﻘﻄﻊ ھﻤﮫ ورأى أﻣﻠﮫ وﺑﻠﻎ ﻣﺮﻏﻮﺑﮫ .وﻗﺪ رأﯾﺖ ﻣﻦ ھﺬه ﺻﻔﺘﮫ ،وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل أﺑﯿﺎﺗﺎً ،ﻣﻨﮭﺎ: ﺇﺫﺍ ﺒﻠﻐﺕ ﻨﻔﺴـﻲ ﺍﻟـﻤـﻨـﻰ
ﻤﻥ ﺭﺸﺄ ﻤﺎﺯﺍل ﻟﻲ ﻤﻤﺭﻀ ﺎﹰ
ﻓﻤﺎ ﺃﺒﺎﻟﻲ ﺍﻟﻜﺭﻩ ﻤﻥ ﻁـﺎﻋﺔ
ﻭﻻ ﺃﺒﺎﻟﻲ ﺴﺨﻁﺎﹰ ﻤﻥ ﺭﻀـﺎ
ﺇﺫﺍ ﻭﺠﺩﺕ ﺍﻟﻤـﺎﺀ ﻻ ﺒـﺩ ﺃﻥ
ﺃﻁﻔﻲ ﺒﻪ ﻤﺸﻌل ﺠﻤﺭ ﺍﻟﻐﻀﺎ
اﻟﺒﺎب اﻟﺴﺎدس ﻋﺸﺮ اﻟﻌﺎذل وﻟﻠﺤﺐ آﻓﺎت ،ﻓﺄوﻟﮭﺎ اﻟﻌﺎذل ،واﻟﻌﺬال أﻗﺴﺎم ،ﻓﺄﺻﻠﮭﻢ ﺻﺪﯾﻖ ﻗﺪ أﺳﻘﻄﺖ ﻣﺆوﻧﺔ اﻟﺘﺤﻔﻆ ﺑﯿﻨﻚ وﺑﯿﻨﮫ ﻓﻌﺬﻟﮫ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻛﺜﯿﺮ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪات؟ وھﻲ ﻣﻦ اﻟﺤﻆ واﻟﻨﮭﻲ، وﻓﻲ ذﻟﻚ زاﺟﺮ ﻟﻠﻨﻔﺲ ﻋﺠﯿﺐ ،وﺗﻘﻮﯾﺔ ﻟﻄﯿﻔﺔ ﻟﮭﺎ ﻋﺮض ،وﻋﻤﻞ ودواء ﺗﺸﺘﺪ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺸﮭﻮة ،وﻻ ﺳﯿﻤﺎ إن ﻛﺎن رﻓﯿﻘﺎً ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ ﺣﺴﻦ اﻟﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﻮرد ﻣﻦ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺑﻠﻔﻈﮫ ،ﻋﺎﻟﻤﺎً ﺑﺎﻷوﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﯾﺆﻛﺪ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻨﮭﻲ ،وﺑﺎﻷﺣﯿﺎن اﻟﺘﻲ ﯾﺰﯾﺪ ﻓﯿﮭﺎ اﻷﻣﺮ .واﻟﺴﺎﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﯾﻜﻮن ﻓﯿﮭﺎ واﻗﻔﺎً ﺑﯿﻦ ھﺬﯾﻦ ،ﻋﻠﻰ ﻗﺪر ﻣﺎ ﯾﺮى ﻣﻦ ﺗﺴﮭﯿﻞ اﻟﻌﺎﺷﻖ وﺗﻮﻋﺮه ،وﻗﺒﻮﻟﮫ وﻋﺼﯿﺎﻧﮫ.
ﺛﻢ ﻋﺎذل زاﺟﺮ ﻻ ﯾﻔﯿﻖ أﺑﺪاً ﻣﻦ اﻟﻤﻼﻣﺔ ،وذﻟﻚ ﺧﻄﺐ ﺷﺪﯾﺪ وﻋﺐء ﺛﻘﯿﻞ .ووﻗﻊ ﻟﻲ ﻣﺜﻞ ھﺬا ،وإن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ اﻟﻜﺘﺎب وﻟﻜﻨﮫ ﯾﺸﺒﮭﮫ ،وذﻟﻚ أن أﺑﺎ اﻟﺴﺮى ﻋﻤﺎر ﺑﻦ زﯾﺎد ﺻﺪﯾﻘﻨﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺬﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻧﺤﻮﺗﮫ وأﻋﺎن ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻻﻣﻨﻲ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﺟﮫ أﯾﻀﺎً ،وﻛﻨﺖ أﻇﻦ أﻧﮫ ﺳﯿﻜﻮن ﻣﻌﻲ ﻣﺨﻄﺌﺎً ﻛﻨﺖ أو ﻣﺼﯿﺒﺎً. ﻟﻮ ﻛﯿﺪ ﺻﺪاﻗﺘﻲ وﺻﺤﯿﺢ أﺧﻮﺗﻲ ﺑﮫ.
وﻟﻘﺪ رأﯾﺖ ﻣﻦ اﺷﺘﺪ وﺟﻮده وﻋﻈﻢ ﻛﻠﻔﮫ ﺣﺘﻰ ﻛﺎن اﻟﻌﺬل أﺣﺐ ﺷﻲء إﻟﯿﮫ ،اﺑﺮى اﻟﻌﺎذل ﻋﺼﯿﺎﻧﮫ وﯾﺴﺘﻠﺬ ﻣﺨﺎﻟﻔﺘﮫ ،وﯾﺤﺼﻞ ﻣﻘﺎوﻣﺘﮫ ﻟﻸﺋﻤﺔ وﻏﻠﺒﺘﮫ إﯾﺎه .ﻛﺎﻟﻤﻠﻚ اﻟﮭﺎزم ﻟﻌﺪوه واﻟﻤﺠﺎدل اﻟﻤﺎھﺮ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻟﺨﺼﻤﮫ ،وﯾﺴﺮ ﺑﻤﺎ ﯾﻘﻊ ﻣﻨﮫ ﻓﻲ ذﻟﻚ ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن ھﺬا اﻟﻤﺴﺘﺠﻠﺐ ﻟﻌﺬل اﻟﻌﺎذل ﺑﺄﺷﯿﺎء ﯾﻮردھﺎ ﺗﻮﺟﺐ اﺑﺘﺪاء اﻟﻌﺬل وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل أﺑﯿﺎﺗﺎً ،ﻣﻨﮭﺎ: ﺃﺤﺏ ﺸﻲﺀ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﻠـﻭﻡ ﻭﺍﻟـﻌـﺫل
ﻜﻲ ﺃﺴﻤﻊ ﺍﺴﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﺫﻜﺭﺍﻩ ﻟﻲ ﺃﻤل
ﻜﺄﻨﻨﻲ ﺸﺎﺭﺏ ﺒﺎﻟـﻌـﺫل ﺼـﺎﻓـﻴﺔ
ﻭﺒﺎﺴﻡ ﻤﻭﻻﻱ ﺒﻌﺩﻱ ﺍﻟﺸﺭﺏ ﺃﻨﺘﻘـل
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﺒﺎب اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﺸﺮ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪ ﻣﻦ اﻹﺧﻮان وﻣﻦ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﻤﺘﻤﻨﺎة ﻓﻲ اﻟﺤﺐ أن ﯾﮭﺐ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﺻﺪﯾﻘﺎً ﻣﺨﻠﺼﺎً، ﻟﻄﯿﻒ اﻟﻘﻮل ،ﺑﺴﯿﻂ اﻟﻄﻮل .ﺣﺴﻦ اﻟﻤﺂﺧﺬ دﻗﯿﻖ اﻟﻤﻨﻔﺬ .ﻣﺘﻤﻜﻦ اﻟﺒﯿﺎن ،ﻣﺮھﻒ اﻟﻠﺴﺎن ،ﺟﻠﯿﻞ اﻟﺤﻠﻢ ،واﺳﻊ اﻟﻌﻠﻢ ،ﻗﻠﯿﻞ اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ،ﻋﻈﯿﻢ اﻟﻤﺴﺎﻋﻔﺔ ﺷﺪﯾﺪ اﻻﺣﺘﻤﺎل ﺻﺎﺑﺮاً ﻋﻠﻰ اﻹدﻻل ،ﺟﻢ اﻟﻤﻮاﻓﻘﺔ ،ﺟﻤﯿﻞ اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ،ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻤﻄﺎﺑﻘﺔ ،ﻣﺤﻤﻮد اﻟﺨﻼﺋﻖ ،ﻣﻜﻔﻮف اﻟﺒﻮاﺋﻖ ،ﻣﺤﺘﻮم اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة ،ﻛﺎرھﺎً ﻟﻠﻤﺒﺎﻋﺪة ،ﻧﺒﯿﻞ اﻟﻤﺪﺧﻞ، ﻣﺼﺮوف اﻟﻐﻮاﺋﻞ ،ﻏﺎﻣﺾ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻋﺎرﻓﺎً ﻻ ﻷﻣﺎﻧﻲ ،ﻃﯿﺐ اﻷﺧﻼق ،ﺳﺮي اﻷﻋﺮاق ،ﻣﻜﺘﻮم اﻟﺴﺮ ،ﻛﺜﯿﺮ اﻟﺒﺮ ،ﺻﺤﯿﺢ اﻷﻣﺎﻧﺔ ،ﻣﺄﻣﻮن اﻟﺨﯿﺎﻧﺔ ،ﻛﺮﯾﻢ اﻟﻨﻔﺲ، ﻧﺎﻓﺬ اﻟﺤﺲ ،ﺻﺤﯿﺢ اﻟﺤﺪس ،ﻣﻀﻤﻮن اﻟﻌﻮن ،ﻛﺎﻣﻞ اﻟﺼﻮن ،ﻣﺸﮭﻮراﻟﻮﻓﺎء، ﻇﺎھﺮ اﻟﻐﻨﺎء ،ﺛﺎﺑﺖ اﻟﻘﺮﯾﺤﺔ ،ﻣﺒﺬول اﻟﻨﺼﯿﺤﺔ ،ﻣﺴﺘﯿﻘﻦ اﻟﻮداد ،ﺳﮭﻞ اﻻﻧﻘﯿﺎد، ﺣﺴﻦ اﻻﻋﺘﻘﺎد ،ﺻﺎدق اﻟﻠﮭﺠﺔ ،ﺧﻔﯿﻒ اﻟﻤﮭﺠﺔ ،ﻋﻔﯿﻒ اﻟﻄﺒﺎع ،رﺣﺐ اﻟﺬراع، واﺳﻊ اﻟﺼﺪر ،ﻣﺘﺨﻠﻘﺎً ﺑﺎﻟﺼﺒﺮ ،ﯾﺄﻟﻒ اﻹﻣﺤﺎض ،وﻻ ﯾﻌﺮف اﻹﻋﺮاض ،ﯾﺴﺘﺮﯾﺢ إﻟﯿﮫ ﺑﻼﺑﻠﮫ ،وﯾﺸﺎرﻛﮫ ﻓﻲ ﺧﻠﻮة ﻓﻘﺮه ،وﯾﻔﺎوﺿﮫ ﻓﻲ ﻣﻜﺘﻮﻣﺎﺗﮫ ،وإن ﻓﯿﮫ ﻟﻠﺤﺐ ﻷﻋﻈﻢ اﻟﺮاﺣﺎت ،وأﯾﻦ ھﺬا ،ﻓﺈن ﻇﻔﺮت ﺑﮫ ﯾﺪاك ﻓﺸﺪھﻤﺎ ﻋﻠﯿﮫ ﺷﺪ اﻟﻀﻨﯿﻦ، وأﻣﺴﻚ ﺑﮭﻤﺎ إﻣﺴﺎك اﻟﺒﺨﯿﻞ ،وﺻﻨﮫ ﺑﻄﺎرﻓﻚ وﺗﺎﻟﺪك ،ﻓﻤﻌﮫ ﯾﻜﻤﻞ اﻷﻧﺲ ،وﺗﻨﺠﻠﻲ اﻷﺣﺰان ،وﯾﻘﺼﺮ اﻟﺰﻣﺎن ،وﺗﻄﯿﺐ اﻷﺣﻮال وﻟﻦ ﯾﻔﻘﺪ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﺻﺎﺣﺐ ھﺬه اﻟﺼﻔﺔ ﻋﻮﻧﺎً ﺟﻤﯿﻼً ،ورأﯾﺎً ﺣﺴﻨﺎً ،وﻟﺬﻟﻚ اﺗﺨﺬ اﻟﻤﻠﻮك اﻟﻮزراء واﻟﺪﺧﻼء ﻛﻲ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﯾﺨﻔﻔﻮا ﻋﻨﮭﻢ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﺣﻤﻠﻮه ﻣﻦ ﺷﺪﯾﺪ اﻷﻣﻮر وﻃﻮﻗﻮه ﻣﻦ ﺑﺎھﺾ اﻷﺣﻤﺎل. وﻟﻜﻲ ﯾﺴﺘﻐﻨﻮا ﺑﺂراﺋﮭﻢ وﯾﺴﺘﻤﺪوا ﺑﻜﻔﺎﯾﺘﮭﻢ .وإﻻ ﻓﻠﯿﺲ ﻓﻲ ﻗﻮة اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ أن ﺗﻘﺎوم ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺮد ﻋﻠﯿﮭﺎ دون اﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﻤﺎ ﯾﺸﺎﻛﻠﮭﺎ وھﻮ ﻣﻦ ﺟﻨﺴﮭﺎ. وﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺤﺒﯿﻦ ،ﻟﻌﺪﻣﮫ ھﺬه اﻟﺼﻔﺔ ﻣﻦ اﻹﺧﻮان وﻗﻠﺔ ﺛﻘﺘﮫ ﻣﻨﮭﻢ ﻟﻤﺎ ﺟﺮﺑﮫ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس وأﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﻌﺪم ﻣﻦ ﺑﺎح إﻟﯿﮫ ﺑﺸﻲء ﻣﻦ ﺳﺮه أﺣﺪ وﺟﮭﯿﻦ إﻣﺎ إزراء ﻋﻠﻰ رأﯾﮫ وإﻣﺎ إذاﻋﺔ ﻟﺴﺮه ،أﻗﺎم اﻟﻮﺣﺪة ﻣﻘﺎم اﻷﻧﺲ .وﻛﺎن ﯾﻨﻔﺮد ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﻨﺎزح ﻋﻦ اﻷﻧﯿﺲ ،وﯾﻨﺎﺟﻲ اﻟﮭﻮى ،وﯾﻜﻠﻢ اﻷرض ،وﯾﺠﺪ ﻓﻲ ذﻟﻚ راﺣﺔ ﻛﻤﺎ ﯾﺠﺪ اﻟﻤﺮﯾﺾ ﻓﻲ اﻟﺘﺄوه واﻟﻤﺤﺰون ﻓﻲ اﻟﺰﻓﯿﺮ؛ ﻓﺈن اﻟﮭﻤﻮم إذا ﺗﺮادﻓﺖ ﻓﻲ اﻟﻘﻠﺐ ﺿﺎق ﺑﮭﺎ ،ﻓﺈن ﻟﻢ ﯾﻨﺾ ﻣﻨﮭﺎ ﺷﻲء ﺑﺎﻟﻠﺴﺎن ،وﻟﻢ ﯾﺴﺘﺮح إﻟﻰ اﻟﺸﻜﻮى ﻟﻢ ﯾﻠﺒﺚ أن ﯾﮭﻠﻚ ﻏﻤﺎ وﯾﻤﻮت أﺳﻔﺎً .وﻣﺎ رأﯾﺖ اﻹﺳﻌﺎد أﻛﺜﺮ ﻣﻨﮫ ﻓﻲ اﻟﻨﺴﺎء .ﻓﻌﻨﺪھﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺸﺄن واﻟﺘﻮاﺻﻲ ﺑﻜﺘﻤﺎﻧﮫ واﻟﺘﻮاﻃﺆ ﻋﻠﻰ ﻃﯿﮫ إذا اﻃﻠﻌﻦ ﻋﻠﯿﮫ ﻣﺎ ﻟﯿﺲ ﻋﻨﺪ اﻟﺮﺟﺎل ،وﻣﺎ رأﯾﺖ اﻣﺮأة ﻛﺸﻔﺖ ﺳﺮ ﻣﺘﺤﺎﺑﯿﻦ إﻻ وھﻲ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺴﺎء ﻣﻤﻘﻮﺗﺔ ﻣﺴﺘﺜﻘﻠﺔ ﻣﺮﻣﯿﺔ ﻋﻦ ﻗﻮس واﺣﺪة .وإﻧﮫ ﻟﯿﻮﺟﺪ ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺠﺎﺋﺰ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺸﺄن ﻣﺎﻻ ﯾﻮﺟﺪ ﻋﻨﺪ اﻟﻔﺘﯿﺎت ،ﻷن اﻟﻔﺘﯿﺎت ﻣﻨﮭﻦ رﺑﻤﺎ ﻛﺸﻔﻦ ﻣﺎ ﻋﻠﻤﻦ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﺘﻐﺎﯾﺮ ،وھﺬا ﻻ ﯾﻜﻮن إﻻ ﻓﻲ اﻟﻨﺪرة .وأﻣﺎ اﻟﻌﺠﺎﺋﺰ ﻓﻘﺪ ﯾﺌﺴﻦ ﻣﻦ أﻧﻔﺴﮭﻦ ﻓﺎﻧﺼﺮف اﻹﺷﻔﺎق ﻣﺤﻀﺎً إﻟﻰ ﻏﯿﺮھﻦ.
ﺧﺒﺮ :وإﻧﻲ ﻷﻋﻤﻞ اﻣﺮأة ﻣﻮﺳﺮة ذات ﺟﻮار وﺧﺪم ﻓﺸﺎع ﻋﻠﻰ إﺣﺪى ﺟﻮارﯾﮭﺎ أﻧﮭﺎ ﺗﻌﺸﻖ ﻓﺘﻰ ﻣﻦ أھﻠﮭﺎ وﯾﻌﺸﻘﮭﺎ وأن ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻣﻜﺮوھﺔ ،وﻗﯿﻞ ﻟﮭﺎ :إن ﺟﺎرﯾﺘﻚ ﻓﻼﻧﺔ ﺗﻌﺮف ذﻟﻚ وﻋﻨﺪھﺎ ﺟﻠﯿﺔ أﻣﺮھﺎ .ﻓﺄﺧﺬﺗﮭﺎ وﻛﺎﻧﺖ ﻏﻠﯿﻈﺔ اﻟﻤﻘﻮﺑﺔ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻓﺄذاﻗﺘﮭﺎ ﻣﻦ أﻧﻮاع اﻟﻀﺮب واﻹﯾﺬاء ﻣﺎﻻ ﯾﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺜﻠﮫ ﺟﻠﺪاء اﻟﺮﺟﺎل ،رﺟﺎء أن
ﺗﺒﻮح
ﻟﮭﺎ
ﺑﺸﻲء
ﻣﻤﺎ
ذﻛﺮ
ﻟﮭﺎ،
ﻓﻠﻢ
ﺗﻔﻌﻞ
اﻟﺒﺘﺔ.
ﺧﺒﺮ: وإﻧﻲ ﻷﻋﻠﻢ اﻣﺮأة ﺟﻠﯿﻠﺔ ﺣﺎﻓﻈﺔ ﻟﻜﺘﺎب اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻧﺎﺳﻜﺔ ﻣﻘﺒﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﯿﺮ، وﻗﺪ ﻇﻔﺮت ﺑﻜﺘﺎب ﻟﻔﺘﻰ إﻟﻰ ﺟﺎرﯾﺔ ﻛﺎن ﯾﻜﻠﻒ ﺑﮭﺎ ،وﻛﺎن ﻓﻲ ﻏﯿﺮ ﻣﻠﻜﮭﺎ ،ﻓﻌﺮﻓﺘﮫ اﻷﻣﺮ ﻓﺮام اﻹﻧﻜﺎر ﻓﻠﻢ ﯾﺘﮭﯿﺄ ﻟﮫ ذﻟﻚ ،ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﮫ :ﻣﺎﻟﻚ؟ وﻣﻦ ذا ﻋﺼﻢ؟ ﻓﻼ ﺗﺒﺎل ﺑﮭﺬا ﻓﻮاﷲ ﻻ أﻃﻠﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﺳﺮ ﻛﻤﺎ أﺣﺪاً أﺑﺪاً ،وﻟﻮ أﻣﻜﻨﺘﻨﻲ أن أﺑﺘﺎﻋﮭﺎ ﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﺎﻟﻲ وﻟﻮ أﺣﺎط ﺑﮫ ﻛﻠﮫ ﻟﺠﻌﻠﺘﮭﺎ ﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﺗﺼﻞ إﻟﯿﮭﺎ ﻓﯿﮫ وﻻ ﯾﺸﻌﺮ ﺑﺬﻟﻚ أﺣﺪ؛ وإﻧﻚ ﻟﺘﺮى اﻟﻤﺮأة اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ اﻟﻤﺴﻨﺔ اﻟﻤﻨﻘﻄﻌﺔ اﻟﺮﺟﺎء ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل ،وأﺣﺐ أﻋﻤﺎﻟﮭﺎ إﻟﯿﮭﺎ وأرﺟﺎھﺎ ﻟﻠﻘﺒﻮل ﻋﻨﺪھﺎ ﺳﻌﯿﮭﺎ ﻓﻲ ﺗﺰوﯾﺞ ﯾﺘﯿﻤﺔ ،وإﻋﺎرة ﺛﯿﺎﺑﮭﺎ وﺣﻠﯿﮭﺎ ﻟﻌﺮوس ﻣﻘﻠﺔ .وﻣﺎ أﻋﻠﻢ ﻋﻠﺔ ﺗﻤﻜﻦ ھﺬا اﻟﻄﺒﻊ ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء إﻻ أﻧﮭﻦ ﻣﺘﻔﺮﻏﺎت اﻟﺒﺎل ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻲء إﻻ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﺎع ودواﻋﯿﮫ ،واﻟﻐﺰل وأﺳﺒﺎﺑﮫ ،واﻟﺘﺂﻟﻒ ووﺟﻮھﮫ ﻻﺷﻐﻞ ﻟﮭﻦ ﻏﯿﺮه وﻻ ﺧﻠﻘﻦ ﻟﺴﻮاه .واﻟﺮﺟﺎل ﻣﻘﺘﺴﻤﻮن ﻓﻲ ﻛﺴﺐ اﻟﻤﺎل وﺻﺤﺒﺔ اﻟﺴﻠﻄﺎن وﻃﻠﺐ اﻟﻌﻠﻢ وﺣﯿﺎﻃﺔ اﻟﻌﯿﺎل وﻣﻜﺎﺑﺪة اﻷﺳﻔﺎر واﻟﺼﯿﺪ وﺿﺮوب اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت وﻣﺒﺎﺷﺮة اﻟﺤﺮوب وﻣﻼﻗﺎة اﻟﻔﺘﻦ وﺗﺤﻤﻞ اﻟﻤﺨﺎوف وﻋﻤﺎرة اﻷرض، وھﺬا ﻛﻠﮫ ﻣﺘﺤﯿﻒ ﻟﻠﻔﺮاغ ،ﺻﺎرف ﻋﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﺒﻄﻞ وﻗﺮأت ﻓﻲ ﺳﯿﺮ ﻣﻠﻮك اﻟﺴﻮدان أن اﻟﻤﻠﻚ ﻣﻨﮭﻢ ﯾﻮﻛﻞ ﺛﻘﺔ ﻟﮫ ﺑﻨﺴﺎﺋﮫ ﯾﻠﻘﻰ ﻋﻠﯿﮭﻦ ﺿﺮﯾﺒﺔ ﻣﻦ ﻏﺰل اﻟﺼﻮف ﯾﺸﺘﻐﻠﻦ ﺑﮭﺎ أﺑﺪ اﻟﺪھﺮ؛ ﻷﻧﮭﻢ ﯾﻘﻮﻟﻮن :إن اﻟﻤﺮأة إذا ﺑﻘﯿﺖ ﺑﻐﯿﺮ ﺷﻐﻞ إﻧﻤﺎ ﺗﺸﻮق إﻟﻰ اﻟﺮﺟﺎل ،وﺗﺤﻦ إﻟﻰ اﻟﻨﻜﺎح وﻟﻘﺪ ﺷﺎھﺪت اﻟﻨﺴﺎء وﻋﻠﻤﺖ ﻣﻦ أﺳﺮارھﻦ ﻣﺎﻻ ﯾﻜﺎد ﯾﻌﻠﻤﮫ ﻏﯿﺮي؛ ﻷﻧﻲ رﺑﯿﺖ ﻓﻲ ﺣﺠﻮرھﻦ ،وﻧﺸﺄت ﺑﯿﻦ أﯾﺪﯾﮭﻦ ،وﻟﻢ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
أﻋﺮف ﻏﯿﺮھﻦ .وﻻ ﺟﺎﻟﺴﺖ اﻟﺮﺟﺎل إﻻ وأﻧﺎ ﻓﻲ ﺣﺪ اﻟﺸﺒﺎب وﺣﯿﻦ ﺗﻔﯿﻞ وﺟﮭﻲ. وھﻦ ﻋﻠﻤﻨﻨﻲ اﻟﻘﺮآن وروﯾﻨﻨﻲ ﻛﺜﯿﺮاً ﻣﻦ اﻵﺷﻌﺎر وردﺑﻨﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﺨﻂ ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ وﻛﺪي وإﻋﻤﺎل ذھﻨﻲ ﻣﺬ أول ﻓﮭﻤﻲ وأﻧﺎ ﻓﻲ ﺳﻦ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﺟﺪاً إﻻ ﺗﻌﺮف أﺳﺒﺎﺑﮭﻦ، واﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ أﺧﺒﺎرھﻦ ،وﺗﺤﺼﯿﻞ ذﻟﻚ .وأﻧﺎ ﻻ أﻧﺴﻰ ﺷﯿﺌﺎً ﻣﻤﺎ آرى ﻣﻨﮭﻦ ،وأﺻﻞ ذﻟﻚ ﻏﯿﺮة ﺷﺪﯾﺪة ﻃﺒﻌﺖ ﻋﻠﯿﮭﺎ ،وﺳﻮء ﻇﻦ ﻓﻲ ﺟﮭﺘﮭﻦ ﻓﻄﺮت ﺑﮫ ،ﻓﺄﺷﺮﻓﺖ ﻣﻦ أﺳﺒﺎﺑﮭﻦ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ ﻗﻠﯿﻞ .وﺳﯿﺄﺗﻲ ذﻟﻚ ﻣﻔﺴﺮاً ﻓﻲ أﺑﻮاﺑﮫ إن ﺷﺎء اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ.
اﻟﺒﺎب اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺴﺮ اﻟﺮﻗﯿﺐ وﻣﻦ آﻓﺎت اﻟﺤﺐ اﻟﺮﻗﯿﺐ ،وإﻧﮫ ﻟﺤﻤﻰ ﺑﺎﻃﻨﺔ ،وﺑﺮﺳﺎم ﻣﻠﺢ ،وﻓﻜﺮ ﻣﻜﺐ. واﻟﺮﻗﺒﺎء أﻗﺴﺎم ،ﻓﺄوﻟﮭﻢ ﻣﺜﻘﻞ ﺑﺎﻟﺠﻠﻮس ﻏﯿﺮ ﻣﺘﻌﻤﺪ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن اﺟﺘﻤﻊ ﻓﯿﮫ اﻟﻤﺮء ﻣﻊ ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ ،وﻋﺰﻣﺎ ﻋﻠﻰ إﻇﮭﺎر ﺷﻲء ﻣﻦ ﺳﺮھﻤﺎ واﻟﺒﻮح ﺑﻮﺟﺪھﻤﺎ واﻻﻧﻔﺮاد ﺑﺎﻟﺤﺪﯾﺚ .وﻟﻘﺪ ﯾﻌﺮض ﻟﻠﻤﺤﺐ ﻣﻦ اﻟﻘﻠﻖ ﺑﮭﺬه اﻟﺼﻔﺔ ﻣﺎﻻ ﯾﻌﺮض ﻟﮫ ﻣﻤﺎ ھﻮ أﺷﺪ ﻣﻨﮭﺎ ،وھﺬا وإن ﻛﺎن ﯾﺰول ﺳﺮﯾﻌﺎً ﻓﮭﻮ ﻋﺎﺋﻖ ﺣﺎل دون اﻟﻤﺮاد وﻗﻄﻊ ﻣﺘﻮﻓﺮ اﻟﺮﺟﺎء. ﺧﺒﺮ :وﻟﻘﺪ ﺷﺎھﺪت ﯾﻮﻣﺎً ﻣﺤﺒﯿﻦ ﺗﻔﻲ ﻣﻜﺎن ﻗﺪ ﻇﻨﺎ أﻧﮭﻤﺎ اﻧﻔﺮدا ﻓﯿﮫ وﺗﺄھﺒﺎ ﻟﻠﺸﻜﻮى ﻓﺎﺳﺘﺤﻠﯿﺎ ﻣﺎ ھﻤﺎ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻮة ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻟﻤﻮﺿﻊ ﺣﻤﻲ ،ﻓﻠﻢ ﯾﻠﺒﺜﺎ أن ﻃﻠﻊ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ ﻣﻦ ﻛﺎﻧﺎ ﯾﺴﺘﺜﻘﻼﻧﮫ ،ﻓﺮأى ﻓﻌﺪل إﻟﻲ وأﻃﺎل اﻟﺠﻠﻮس ﻣﻌﻲ ،ﻓﻠﻮ رأﯾﺖ اﻟﻔﺘﻰ اﻟﻤﺤﺐ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وﻗﺪ ﺗﻤﺎزج اﻷﺳﻒ اﻟﺒﺎدي ﻋﻠﻰ وﺟﮭﮫ ﻣﻊ اﻟﻐﻀﺐ ﻟﺮأﯾﺖ ﻋﺠﺒﺎً .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﮭﺎ: ﻴﻁﻴل ﺠﻠﻭﺴﺎﹰ ﻭﻫﻭ ﺃﺜﻘل ﺠﺎﻟـﺱ
ﻭﻴﺒﺩﻱ ﺤﺩﻴﺜﺎﹰ ﻟﺴﺕ ﺃﺭﻀﻰ ﻓﻨﻭﻨﻪ
ﺸﻤﺎﻡ ﻭﺭﻀﻭﻯ ﻭﺍﻟﻠﻜﺎﻡ ﻭﻴﺫﺒـل
ﻭﻟﺒﻨﺎﻥ ﻭﺍﻟﺼﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﺤﺭﺏ ﺩﻭﻨﻪ
ﺛﻢ رﻗﯿﺐ ﻗﺪ أﺣﺲ ﻣﻦ أﻣﺮھﻤﺎ ﺑﻄﺮف ،وﺗﻮﺟﺲ ﻣﻦ ﻣﺬھﺒﮭﻤﺎ ﺷﯿﺌﺎً ،ﻓﮭﻮ ﯾﺮﯾﺪ أن ﯾﺴﺘﺒﯿﻦ ﺣﻘﯿﻘﺔ ذﻟﻚ ،ﻓﯿﺪﻣﻦ اﻟﺠﻠﻮس ،وﯾﻄﯿﻞ اﻟﻘﻌﻮد ،وﯾﺘﺨﻔﻰ ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺎت ،وﯾﺮﻣﻖ اﻟﻮﺟﻮه ،وﯾﺤﺼﻞ اﻷﻧﻔﺎس .وھﺬا أﻋﺪى ﻣﻦ اﻟﺤﺮب ،وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف ﻣﻦ ھﻢ أن ﯾﺒﺎﻃﺶ رﻗﯿﺒﺎً ھﺬه ﺻﻔﺘﮫ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﮭﺎ: ﻤﻭﺍﺼل ﻻ ﻴﻐﺏ ﻗﺼـﺩﺍﹰ
ﺃﻋﻅﻡ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻭﺼﺎل ﻏﻤﺎ
ﺼﺎﺭ ﻭﺼﺭﻨﺎ ﻟﻔﺭﻁ ﻤﺎﻻﹰ
ﻴﺯﻭل ﻜﺎﻻﺴﻡ ﻭﺍﻟﻤﺴﻤﻰ
ﺛﻢ رﻗﯿﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺒﻮب ،ﻓﺬﻟﻚ ﻻ ﺣﯿﻠﺔ ﻓﯿﮫ إﻻ ﺑﺘﺮﺿﯿﺔ .وإذا أرﺿﻰ ﻓﺬﻟﻚ ﻏﺎﯾﺔ اﻟﻠﺬة،
وھﺬا
اﻟﺮﻗﯿﺐ
ھﻮ
اﻟﺬي
ذﻛﺮﺗﮫ
اﻟﺸﻌﺮاء
ﻓﻲ
أﺷﻌﺎرھﺎ.
وﻟﻘﺪ ﺷﺎھﺪت ﻣﻦ ﺗﻠﻄﻒ ﻓﻲ اﺳﺘﺮﺿﺎء رﻗﯿﺐ ﺣﺘﻰ ﺻﺎر اﻟﺮﻗﯿﺐ ﻋﻠﯿﮫ رﻗﯿﺒﺎً ﻟﮫ، وﻣﺘﻐﺎﻓﻼً ﻓﻲ وﻗﺖ اﻟﺘﻐﺎﻓﻞ ،وداﻓﻌﺎً ﻋﻨﮫ وﺳﺎﻋﯿﺎً ﻟﮫ .ﻓﻔﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻭﺭﺏ ﺭﻗﻴﺏ ﺍﺭﻗﺒﻭﻩ ﻓﻠـﻡ ﻴﺯل
ﻋﻠﻰ ﺴﻴﺩﻱ ﻋﻤﺩﺍﹰ ﻟﻴﺒﻌﺩﻨﻲ ﻋﻨﻪ
ﻓﻤﺎ ﺯﺍﻟﺕ ﺍﻷﻟﻁﺎﻑ ﺘﺤﻜﻡ ﺃﻤﺭﻩ
ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻏﺩﺍ ﺨﻭﻓﻲ ﻟﻪ ﺁﻤﻨﺎﹰ ﻤﻨﻪ
ﻭﻜﺎﻥ ﺤﺴﺎﻤﺎﹰ ﺴل ﺤﺘﻰ ﻴﻬﺩﻨـﻲ
ﻓﻌﺎﺩ ﻤﺤﺒ ﺎﹰ ﻤﺎﻟﻨﻌﻤﺘـﻪ ﻜـﻨـﻪ
وأﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﮭﺎ:
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻭﻜﺎﻥ ﺴﻤﺎ ﻓﺼﺎﺭ ﺩﺭﻴﺎﻗـﺎﹰ
ﺼﺎﺭ ﺤﻴﺎﺓ ﻭﻜﺎﻥ ﺴﻬﻡ ﺭﺩﻱ
وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف ﻣﻦ رﻗﺐ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻛﺎن ﯾﺸﻔﻖ ﻋﻠﯿﮫ رﻗﯿﺒﺎً وﺛﻖ ﺑﮫ ﻋﻨﺪ ﻧﻔﺴﮫ ،ﻓﻜﺎن أﻋﻈﻢ اﻵﻓﺔ ﻋﻠﯿﮫ وأﺻﻞ اﻟﺒﻼء ﻓﯿﮫ. وأﻣﺎ إذا ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﺮﻗﯿﺐ ﺣﯿﻠﺔ وﻻ وﺟﺪ إﻟﻰ ﺗﺮﺿﯿﮫ ﺳﺒﯿﻞ ﻓﻼ ﻃﻤﻊ إﻻ ﺑﺎﻹﺷﺎرة ﺑﺎﻟﻌﯿﻦ ھﻤﺴﺎً وﺑﺎﻟﺤﺎﺟﺐ أﺣﯿﺎﻧﺎً واﻟﺘﻌﺮﯾﺾ اﻟﻠﻄﯿﻒ ﺑﺎﻟﻘﻮل ،وﻓﻲ ذﻟﻚ ﻣﺘﻌﺔ وﺑﻼغ إﻟﻰ ﺣﯿﻦ ﯾﻘﻨﻊ ﺑﮫ اﻟﻤﺸﺘﺎق .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌﺮاً أوﻟﮫ: ﻋﻠﻰ ﺴﻴﺩﻱ ﻤﻨﻲ ﺭﻗﻴﺏ ﻤﺤﺎﻓﻅ
ﻭﻓﻲ ﻟﻤﻥ ﻭﺍﻻﻩ ﻟﻴﺱ ﺒﻨﺎﻜـﺙ
وﻣﻨﮫ: ﻭﻴﻘﻁﻊ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﻠﺒﺎﻨﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻭﻻﻱ
ﻭﻴﻔﻌل ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻌل ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭﺙ
ﻜﺄﻥ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻗﻠـﺒـﻪ ﺭﻴﺒﺔ ﺘـﺭﻯ
ﻭﻓﻲ ﻜل ﻋﻴﻥ ﻤﺨﺒﺭ ﺒﺎﻷﺤـﺎﺩﺙ
وﻣﻨﮫ: ﻋﻠﻰ ﻜل ﻤﻥ ﺤﻭﻟﻲ ﺭﻗﻴﺎﻥ ﺭﺘـﺒـﺎ
ﻭﻗﺩ ﺨﺼﻨﻲ ﺫﻭ ﺍﻟﻌﺭﺵ ﻤﻨﻬﻡ ﺒﺜﺎﻟﺙ
وأﺷﻨﻊ ﻣﺎ ﯾﻜﻮن اﻟﺮﻗﯿﺐ إذا ﻛﺎن ﻣﻤﻦ اﻣﺘﺤﻦ ﺑﺎﻟﻌﺸﻖ ﻗﺪﯾﻤﺎً ودھﻰ ﺑﮫ وﻃﺎﻟﺖ ﻣﺪﺗﮫ ﻓﯿﮫ ﺛﻢ ﻋﺮى ﻋﻨﮫ ﺑﻌﺪ إﺣﻜﺎﻣﮫ ﻟﻤﻌﺎﻧﯿﮫ ،ﻓﻜﺎن راﻏﺒﺎً ﻓﻲ ﺻﯿﺎﻧﺔ ﻣﻦ رﻗﺐ ﻋﻠﯿﮫ ،ﻓﺘﺒﺎرك اﷲ أي رﻗﺒﺔ ﺗﺄﺑﻲ ﻣﻨﮫ ،وأي ﺑﻼء ﻣﺼﺒﻮب ﯾﺤﻞ ﻋﻠﻰ أھﻞ اﻟﮭﻮى ﻣﻦ ﺟﮭﺘﮫ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﺭﻗﻴﺏ ﻁﺎﻟﻤﺎ ﻋﺭﻑ ﺍﻟﻐـﺭﺍﻤـﺎ
ﻭﻗﺎﺴﻰ ﺍﻟﻭﺠﺩ ﻭﺍﻤﺘﻨﻊ ﺍﻟﻤﻨﺎﻤـﺎ
ﻭﻻﻗﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻭﻯ ﺃﻟﻤﺎ ﺃﻟـﻴﻤـﺎ
ﻭﻜﺎﺩ ﺍﻟﺤﺏ ﻴﻭﺭﺩﻩ ﺍﻟﺤﻤـﺎﻤـﺎ
ﻭﺃﺘﻘﻥ ﺤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺼﺏ ﺍﻟﻤﻌـﻨـﻰ
ﻭﻟﻡ ﻴﻀﻊ ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﻜـﻼﻤـﺎ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻭﺃﻋﻘﺒﻪ ﺍﻟﺘﺴﻠـﻲ ﺒـﻌـﺩ ﻫـﺫﺍ
ﻭﺼﺎﺭ ﻴﺭﻯ ﺍﻟﻬﻭﻯ ﻋﺎﺭﺍﹰ ﻭﺫﺍﻤﺎ
ﻭﺼﻴﺭ ﺩﻭﻥ ﻤﻥ ﺃﻫﻭﻯ ﺭﻗﻴﺒـﺎﹰ
ﻟﻴﺒﻌﺩ ﻋﻨﻪ ﺼﺒﺎﹰ ﻤﺴﺘـﻬـﺎﻤـ ﺎﹰ
ﻓﺈﻱ ﺒﻠﻴﺔ ﺼـﺒـﺕ ﻋـﻠـﻴﻨـﺎ
ﻭﺃﻱ ﻤﺼﻴﺒﺔ ﺤﻠﺕ ﻟـﻤـﺎﻤـﺎ
وﻣﻦ ﻃﺮﯾﻒ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺮﻗﺒﺎء أﻧﻲ أﻋﺮف ﻣﺤﺒﯿﻦ ﻣﺬھﺒﮭﻤﺎ واﺣﺪ ﻓﻲ ﺣﺐ ﻣﺤﺒﻮب واﺣﺪ ﺑﻌﯿﻨﮫ ،ﻓﻠﻌﮭﺪي ﺑﮭﻤﺎ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﮭﻤﺎ رﻗﯿﺐ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺒﮫ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﺼﺒﺎﻥ ﻫﻴﻤﺎﻨﺎﻥ ﻓـﻲ ﻭﺍﺤـﺩ
ﻜﻼﻫﻤﺎ ﻋﻥ ﺨﺩﻨﻪ ﻤﻨﺤﺭﻑ
ﻜﺎﻟﻜﻠﺏ ﻓﻲ ﺍﻵﺭﻯ ﻻ ﻴﻌﺘﻠﻑ
ﻭﻻﻴﺨﻠﻰ ﺍﻟﻐﻴﺭ ﺃﻥ ﻴﻌﺘﻠـﻑ
اﻟﺒﺎب اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ اﻟﻮﺷﻲ وﻣﻦ آﻓﺎت اﻟﺤﺐ اﻟﻮﺷﻲ ،وھﻮ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﺑﯿﻦ أﺣﺪھﻤﺎ واش ﯾﺮﯾﺪ اﻟﻘﻄﻊ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺘﺤﺎﺑﯿﻦ ﻓﻘﻂ ،وإن ھﺬا ﻷﻓﺘﺮھﻤﺎ ﺳﻮءة ،ﻋﻠﻰ أﻧﮫ اﻟﺴﻢ اﻟﺬﻋﺎف واﻟﺼﺎب اﻟﻤﻤﻘﺮ واﻟﺤﺘﻒ اﻟﻘﺎﺻﺪ واﻟﺒﻼء اﻟﻮارد .ورﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﯾﻨﺠﻊ ﺗﺮﻗﯿﺸﮫ .وأﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﯾﻜﻮن اﻟﻮﺷﻲ ﻓﺈﻟﻰ اﻟﻤﺤﺒﻮب ،وأﻣﺎ اﻟﺤﺐ ﻓﮭﯿﮭﺎت ،ﺣﺎل اﻟﺠﺮﯾﺾ دون اﻟﻘﺮﯾﺾ .وﻣﻨﻊ اﻟﺤﺮب ﻣﻦ اﻟﻄﺮب ،ﺷﻐﻠﮫ ﺑﻤﺎ ھﻮ ﻣﺎﻧﻊ ﻟﮫ ﻣﻦ اﺳﺘﻤﺎع اﻟﻮاﺷﻲ .وﻗﺪ ﻋﻠﻢ اﻟﻮﺷﺎة ذﻟﻚ، وإﻧﻤﺎ ﯾﻘﺼﻮن إﻟﻰ اﻟﺨﻠﻲ اﻟﺒﺎل ،اﻟﺼﺎﺋﻞ ﺑﺤﻮزة اﻟﻤﻠﻚ ،اﻟﻤﺘﻌﺘﺐ ﻋﻨﺪ أﻗﻞ ﺳﺒﺐ. وإن ﻟﻠﻮﺷﺎة ﺿﺮوﺑﺎً ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻘﯿﻞ ،ﻓﻤﻨﮭﺎ أن ﯾﺬﻛﺮ ﻟﻠﻤﺤﺒﻮب ﻋﻤﻦ ﯾﺤﺐ أﻧﮫ ﻏﯿﺮ ﻛﺎﺗﻢ ﻟﻠﺴﺮ ،وھﺬا ﻣﻜﺎن ﺻﻌﺐ اﻟﻤﻌﺎﻧﺎة ،ﺑﻄﻲء اﻟﺒﺮء إﻻ أن ﯾﻮاﻓﻖ ﻣﻌﺎرﺿﺎً
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻟﻠﻤﺤﺐ ﻓﻲ ﻣﺤﺒﺘﮫ وھﺬا أﻣﺮ ﺑﻮﺟﺐ اﻟﻨﻔﺎر ،ﻓﻼ ﻓﺮج ﻟﻠﻤﺤﺒﻮب إﻻ ﺑﺄن ﺗﺴﺎﻋﺪه اﻷﻗﺪار ﺑﺎﻹﻃﻼع ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ أﺳﺮار ﻣﻦ ﯾﺤﺐ ،ﯾﻌﺪ أن ﯾﻜﻮن اﻟﻤﺤﺒﻮب ذا ﻋﻘﻞ، وﻟﮫ ﺣﻆ ﻣﻦ ﺗﻤﯿﯿﺰ ،ﺛﻢ ﯾﺪﻋﮫ واﻟﻤﻄﺎوﻟﺔ .ﻓﺈذا ﺗﻜﺪب ﻋﻨﺪه ﻧﻘﻞ اﻟﻮاﺷﻲ ﻣﻊ ﻣﺎ أﻇﮭﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﻔﺎء واﻟﺘﺤﻔﻆ وﻟﻢ ﯾﺴﻤﻊ ﻟﺴﺮه إذاﻋﺔ ﻋﻠﻢ أﻧﮫ إﻧﻤﺎ زور ﻟﮫ اﻟﺒﺎﻃﻞ، واﺿﻤﺤﻞ ﻣﺎ ﻗﺎم ﻓﻲ ﻧﻔﺴﮫ وﻟﻘﺪ ﺷﺎھﺪت ھﺬا ﺑﻌﯿﻨﮫ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻤﺤﺒﯿﻦ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻛﺎن ﯾﺤﺒﻦ ،وﻛﺎن اﻟﻤﺤﺒﻮب ﺷﺪﯾﺪ اﻟﻤﺮاﻗﺒﺔ ﻋﻈﯿﻢ اﻟﻜﺘﻤﺎن ،وﻛﺜﺮ اﻟﻮﺷﺎة ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﺣﺘﻰ ﻇﮭﺮت أﻋﻼم ذﻟﻚ ﻓﻲ وﺟﮭﮫ وﺣﺪث ﻓﻲ ﺣﺐ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ،ورﻛﺒﺘﮫ رﺣﻤﺔ، وأﻇﻠﺘﮫ ﻓﻜﺮة .ودھﻤﺘﮫ ﺣﯿﺮة ،إﻟﻰ إن ﺿﺎق ﺻﺪره وﺑﺎح ﺑﻤﺎ ﻧﻘﻞ إﻟﯿﮫ .ﻓﻠﻮ ﺷﺎھﺪت ﻣﻘﺎم اﻟﻤﺤﺐ ﻓﻲ اﻋﺘﺬاره ﻟﻌﻠﻤﺖ أن اﻟﮭﻮى ﺳﻠﻄﺎن ﻣﻄﺎع ،وﺑﻨﺎء ﻣﺸﺪود اﻷواﺧﻲ، وﺳﻨﺎن ﻧﺎﻓﺬ ،وﻛﺎن اﻋﺘﺬاره ﺑﯿﻦ اﻻﺳﺘﺴﻼم واﻻﻋﺘﺮاف ،واﻹﻧﻜﺎر واﻟﺘﻮﺑﺔ واﻟﺮﻣﻲ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎﻟﯿﺪ ،ﻓﺒﻌﺪ ﻷي ﻣﺎ ﺻﻠﺢ اﻷﻣﺮ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ. ورﺑﻤﺎ ذﻛﺮ اﻟﻮاﺷﻲ أن ﻣﺎ ﯾﻈﮭﺮ اﻟﻤﺤﺐ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻟﯿﺴﺖ ﺑﺼﺤﯿﺤﺔ ،وأن ﻣﺬھﺒﮫ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺷﻔﺎء ﻧﻔﺴﮫ وﺑﻠﻮغ وﻃﺮه .وھﺬا ﻓﺼﻞ وإن ﻛﺎن ﺷﺪﯾﺪاً ﻓﻲ اﻟﻨﻘﻞ ﻓﮭﻮ أﯾﺴﺮ ﻣﻌﺎﻧﺎة ﻣﻤﺎ ﻗﺒﻠﮫ ،ﻓﺤﺎﻟﺔ اﻟﻤﺤﺐ ﻏﯿﺮ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻤﺘﻠﺬذ ،وﺷﻮاھﺪ اﻟﻮﺟﺪ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ. وﻗﺪ وﻗﻊ ﻣﻦ ھﺬا ﻧﺒﺬ ﻛﺎﻓﯿﺔ ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﻄﺎﻋﺔ .ورﺑﻤﺎ ﻧﻘﻞ اﻟﻮاﺷﻲ أن ھﻮى اﻟﻌﺎﺷﻖ ﻣﺸﺘﺮك وھﺬه اﻟﻨﺎر اﻟﻤﺤﺮﻗﺔ واﻟﻮﺟﻊ اﻟﻔﺎﺷﻲ ﻓﻲ اﻷﻋﻀﺎء ،وإذا واﻓﻖ اﻟﻨﺎﻗﻞ ﻟﮭﺬه اﻟﻤﻘﺎﻟﺔ أن ﯾﻜﻮن اﻟﻤﺤﺐ ﻓﺘﻰ ﺣﺴﻦ اﻟﻮﺟﮫ ﺣﻠﻮ اﻟﺤﺮﻛﺎت ﻣﺮﻏﻮﺑﺎً ﻓﯿﮫ ﻣﺎﺋﻼً إﻟﻰ اﻟﻠﺬات دﻧﯿﺎوي اﻟﻄﺒﻊ ،واﻟﻤﺤﺒﻮب اﻣﺮأة ﺟﻠﯿﻠﺔ اﻟﻘﺪر ﺳﺮﯾﺔ اﻟﻤﻨﺼﺐ ،ﻓﺄﻗﺮب اﻷﺷﯿﺎء ﺳﻌﯿﮭﺎ ﻓﻲ إھﻼﻛﮫ وﺗﺼﺪﯾﮭﺎ ﻟﺤﺘﻔﮫ .ﻓﻜﻢ ﺻﺮﯾﻊ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺴﺒﺐ ،وﻛﻢ ﻣﻦ ﺳﻘﻰ اﻟﺴﻢ ﻓﻘﻄﻊ أﻣﻌﺎءه ﻟﮭﺬا اﻟﻮﺟﮫ .وھﺬه ﻛﺎﻧﺖ ﻣﯿﺘﺔ ﻣﺮوان ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺪﯾﺮ،
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
واﻟﺪ أﺣﻤﺪ اﻟﻤﺘﻨﺴﻚ ،وﻣﻮﺳﻰ وﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ،اﻟﻤﻌﺮوﻓﯿﻦ ﺑﺎﺑﻨﻲ ﻟﺒﻨﻰ ،ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻗﻄﺮ اﻟﻨﺪى ﺟﺎرﯾﺘﮫ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻣﺤﺬراً ﻟﺒﻌﺾ أﺧﻮاﺗﻲ ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﮭﺎ: ﻭﻫل ﻴﺄﻤﻥ ﺍﻟﻨﺴﻭﺍﻥ ﻏﻴﺭ ﻤﻐـﻔـل
ﺠﻬﻭل ﻷﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﺭﺩﻱ ﻤﺘـﺄﺭﺽ
ﻭﻜﻡ ﻭﺍﺭﺩ ﺤﻭﻀ ﺎﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺃﺴﻭﺩ
ﺘﺭﺸﻔﻪ ﻤﻥ ﻁﻴﺏ ﺍﻟﻁﻌﻡ ﺃﺒـﻴﺽ
واﻟﺜﺎﻧﻲ واش ﯾﺴﻌﻰ ﻟﻠﻘﻄﻊ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺤﺒﯿﻦ ﻟﯿﻨﻔﺮد ﺑﺎﻟﻤﺤﺒﻮب وﯾﺴﺘﺄﺛﺮ ﺑﮫ وھﺬا أﺷﺪ ﺷﻲء
وأﻗﻄﻌﮫ
ﻻﺟﺘﮭﺎد
وأﺟﺰم
اﻟﻮاﺷﻲ
واﺳﺘﻔﺎدة
ﺟﮭﺪه.
وﻣﻦ اﻟﻮﺷﺎة ﺟﻨﺲ ﺛﺎﻟﺚ ،وھﻮ واش ﯾﺴﻌﻰ ﺑﮭﻤﺎ ﺟﻤﯿﻌﺎً وﯾﻜﺸﻒ ﺳﺮھﻤﺎ ،وھﺬا ﻻ ﯾﻠﺘﻔﺖ إﻟﯿﮫ إذا ﻛﺎن اﻟﻤﺤﺐ ﻣﺴﺎﻋﺪاً .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻋﺠﺒﺕ ﻟﻭﺍﺵ ﻅل ﻴﻜﺸﻑ ﺃﻤﺭﻨﺎ
ﻭﻤﺎﺒﺴﻭﻱ ﺃﺨﺒﺎﺭﻨﺎ ﻴﺘـﻨـﻔـﺱ
ﻭﻤﺎﺫﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻤﻥ ﻋﻨﺎﺌﻲ ﻭﻟﻭﻋﺘﻲ
ﺃﻨﺎ ﺁﻜل ﺍﻟﺭﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻭﻟﺩ ﺘﻀﺭﺱ
وﻻ ﺑﺪ أن أورد ﻣﺎ ﯾﺸﺒﮫ ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﯿﮫ ،وإن ﻛﺎن ﺧﺎرﺟﺎً ﻣﻨﮫ ،وھﻮ ﺷﻲء ﻓﻲ ﺑﯿﺎن اﻟﺘﻨﻘﯿﻞ واﻟﻨﻤﺎﺋﻢ .ﻓﺎﻟﻜﻼم ﯾﺪﻋﻮ ﺑﻌﻀﮫ ﺑﻌﻀﺎً ﻛﻤﺎ ﺷﺮﻃﻨﺎ ﻓﻲ أول اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،وﻣﺎ ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻨﺎس ﺷﺮ ﻣﻦ اﻟﻮﺷﺎة ،وھﻢ اﻟﻨﻤﺎﻣﻮن ،وإن اﻟﻨﻤﯿﻤﺔ ﻟﻄﺒﻊ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﻧﺘﻦ اﻷﺻﻞ ورداءة اﻟﻔﺮع وﻓﺴﺎد اﻟﻄﺒﻊ وﺧﺒﺚ اﻟﻨﺸﺄة ،وﻻ ﺑﺪ ﻟﺼﺎﺣﺒﮫ ﻣﻦ اﻟﻜﺬب واﻟﻨﻤﯿﻤﺔ ﻓﺮع ﻣﻦ ﻓﺮوع اﻟﻜﺬب وﻧﻮع ﻣﻦ أﻧﻮاﻋﮫ ،وﻛﻞ ﻧﻤﺎم ﻛﺬاب ،وﻣﺎ أﺣﺒﺒﺖ ﻛﺬاﺑﺎً ﻗﻂ ،وإﻧﻲ ﻷﺳﺎﻣﺢ ﻓﻲ إﺧﺎء ﻛﻞ ذي ﻋﯿﺐ وإن ﻛﺎن ﻋﻈﯿﻤﺎً ،وأﻛﻞ أﻣﺮه إﻟﻰ ﺧﺎﻟﻘﮫ ﻋﺰ وﺟﻞ ،وآﺧﺬ ﻣﺎ ﻇﮭﺮ ﻣﻦ أﺧﻼﻗﮫ ،ﺣﺎﺷﻰ ﻣﻦ أﻋﻠﻤﮫ ﯾﻜﺬب ﻓﮭﻮ ﻋﻨﺪي ﻣﺎح ﻟﻜﻞ ﻣﺤﺎﺳﻨﮫ ،وﻣﻌﻒ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﯿﻊ ﺧﺼﺎﻟﮫ ،وﻣﺬھﺐ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﯿﮫ ،ﻓﻤﺎ أرﺟﻮ ﻋﻨﺪه ﺧﯿﺮاً أﺻﻼً ،وذﻟﻚ ﻷن ﻛﻞ ذﻧﺐ ﻓﮭﻮ ﯾﺘﻮب ﻋﻨﮫ ﺻﺎﺣﺒﮫ وﻛﻞ ذام ﻓﻘﺪ ﯾﻤﻜﻦ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻻﺳﺘﺘﺎر ﺑﮫ واﻟﺘﻮﺑﺔ ﻣﻨﮫ ،ﺣﺎﺷﻰ اﻟﻜﺬب ﻓﻼ ﺳﺒﯿﻞ إﻟﻰ اﻟﺮﺟﻌﺔ ﻋﻨﮫ وﻻ إﻟﻰ ﻛﺘﻤﺎﻧﮫ ﺣﯿﺚ ﻛﺎن .وﻣﺎ رأﯾﺖ ﻗﻂ وﻻ أﺧﺒﺮﻧﻲ ﻣﺰ رأى ﻛﺬاﺑﺎً ﺗﺮك اﻟﻜﺬب وﻟﻢ ﯾﻌﺪ إﻟﯿﮫ، وﻻ ﺑﺪأت ﻗﻂ ﺑﻘﻄﯿﻌﺔ ذﯾﺐ ﻣﻌﺮﻓﺔ إﻻ أن أﻃﻠﻊ أﻟﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺬب ،ﻓﺤﯿﻨﺌﺬ أﻛﻮن أﻧﺎ اﻟﻘﺎﺻﺪ إﻟﻰ ﻣﺠﺎﻧﺒﺘﮫ واﻟﻤﺘﻌﺮض ﻟﻤﺘﺎرﻛﺘﮫ ،وھﻲ ﺳﻤﺔ ﻣﺎ رأﯾﺘﮭﺎ ﻗﻂ ﻓﻲ أﺣﺪ إﻻ وھﻮ ﻣﺰﻧﻮن ﻓﻲ ﻧﻔﺴﮫ إﻟﯿﮫ ﺑﺸﻖ ،ﻣﻐﻤﻮز ﻋﻠﯿﮫ ﻟﻌﺎھﺔ ﺳﻮء ﻓﻲ ذاﺗﮫ .ﻧﻌﻮذ ﺑﺎﷲ ﻣﻦ اﻟﺨﺬﻻن. و ﻗﺎل ﺑﻌﺾ اﻟﺤﻜﻤﺎء :آخ ﻣﻦ ﺷﺌﺖ واﺟﺘﻨﺐ ﺛﻼﺛﺔ :اﻷﺣﻤﻖ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺮﯾﺪ أن ﯾﻨﻔﻌﻚ ﻓﯿﻀﺮك واﻟﻤﻠﻮل ﻓﺸﺄﻧﮫ أوﺛﻖ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﺑﮫ ﻟﻄﻮل اﻟﺼﺤﺐ وﺗﺄﻛﺪھﺎ ﯾﺨﺬﻟﻚ واﻟﻜﺬاب ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺠﻨﻲ ﻋﻠﯿﻚ آﻣﻦ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ ﻻ ﺗﺸﻌﺮ .وﺣﺪﯾﺚ ﻋﻦ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ :ﺣﺴﻦ اﻟﻌﮭﺪ ﻣﻦ اﻹﯾﻤﺎن .وﻋﻨﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم :ﻻ ﯾﺆﻣﻦ اﻟﺮﺟﻞ ﺑﺎﻹﯾﻤﺎن ﻛﻠﮫ ﺣﺘﻰ ﯾﺪع اﻟﻜﺬب ﻓﻲ اﻟﻤﺰاح ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺑﮭﺬا أﺑﻮ ﻋﻤﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ رﻓﺎﻋﺔ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﻋﻦ أﺑﻲ ﻋﺒﯿﺪ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺳﻼم ﻋﻦ ﺷﯿﻮﺧﮫ ،واﻵﺧﺮ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﻣﺴﻨﺪ إﻟﻰ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب واﺑﻨﮫ ﻋﺒﺪ رﺿﻲ
اﷲ
ﻋﻨﮭﻤﺎ.
اﷲ
واﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﯾﻘﻮل) :ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﺬﯾﻦ آﻣﻨﻮا ﻟﻢ ﺗﻘﻮﻟﻮن ﻣﺎ ﻻ ﺗﻔﻌﻠﻮن .ﻛﺒﺮ ﻣﻘﺘﺎً ﻋﻨﺪ اﷲ أن ﺗﻘﻮﻟﻮا ﻣﺎ ﻻ ﺗﻔﻌﻠﻮن( وﻋﻦ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ أﻧﮫ ﺳﺌﻞ ھﻞ ﯾﻜﻮن اﻟﻤﺆﻣﻦ ﺑﺨﯿﻼً؟ ﻓﻘﺎل :ﻧﻌﻢ .ﻗﯿﻞ :ﻓﮭﻞ ﯾﻜﻮن اﻟﻤﺆﻣﻦ ﺟﺒﺎﻧﺎً؟ ﻓﻘﺎل :ﻧﻌﻢ .ﻗﯿﻞ: ﻓﮭﻞ
ﯾﻜﻮن
اﻟﻤﺆﻣﻦ
ﻛﺬاﺑﺎً؟
ﻗﺎل:
ﻻ.
ﺣﺪﺛﻨﺎ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﻋﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﯿﺪ ﻋﻦ ﻋﺒﯿﺪ اﷲ ﺑﻦ ﯾﺤﯿﻰ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ أﻧﺲ ﻋﻦ ﺻﻔﻮان ﺑﻦ ﺳﻠﯿﻢ.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وﺑﮭﺬا اﻹﺳﻨﺎد ،أن رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻗﺎل :ﻻ ﺧﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﻜﺬب ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ ﺳﺌﻞ ﻓﯿﮫ.
وﺑﮭﺬا اﻹﺳﻨﺎد ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ أﻧﮫ ﺑﻠﻐﮫ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد أﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﻘﻮل .ﻻ ﯾﺰال اﻟﻌﺒﺪ ﯾﻜﺬب وﯾﻨﻜﺖ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﮫ ﻧﻜﺘﺔ ﺳﻮداء ﺣﺘﻰ ﯾﺴﻮد اﻟﻘﻠﺐ ﻓﯿﻜﺘﺐ ﻋﻦ اﷲ ﻣﻦ اﻟﻜﺬاﺑﯿﻦ. وﺑﮭﺬا اﻹﺳﻨﺎد ﻋﻦ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل :ﻋﻠﯿﻜﻢ ﺑﺎﻟﺼﺪق ﻓﺈﻧﮫ ﯾﮭﺪي إﻟﻰ اﻟﺒﺮ وﯾﮭﺬي إﻟﻰ اﻟﺠﻨﺔ .وإﯾﺎﻛﻢ واﻟﻜﺬب ﻓﺈﻧﮫ ﯾﮭﺬي إﻟﻰ اﻟﻔﺠﻮر واﻟﻔﺠﻮر ﯾﮭﺬي إﻟﻰ اﻟﻨﺎر.
وروى أﻧﮫ أﺗﺎه ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ رﺟﻞ ﻓﻘﺎل :ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ،إﻧﻲ أﺳﺘﺘﺮ ﺑﺜﻼث اﻟﺨﻤﺮ واﻟﺰﻧﺎ واﻟﻜﺬب .ﻓﻤﺮﻧﻲ أﯾﮭﻤﺎ أﺗﺮك .ﻗﺎل :اﺗﺮك اﻟﻜﺬب ﻓﺬھﺐ ﻣﻨﮫ .ﺛﻢ أراد اﻟﺰﻧﺎ ﻓﻔﻜﺮ ﻓﻘﺎل :آﺗﻲ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻓﯿﺴﺄﻟﻨﻲ :أزﻧﯿﺖ؟ ﻓﺈن ﻗﻠﺖ. ﻧﻌﻢ ،ﺣﺪﻧﻲ ،وإن ﻗﻠﺖ :ﻻ .ﻧﻘﻀﺖ اﻟﻌﮭﺪ ،ﻓﺘﺮﻛﮫ .ﺛﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺨﻤﺮ .ﻓﻌﺎد إﻟﻰ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻓﻘﺎل :ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ،إﻧﻲ ﺗﺮﻛﺖ اﻟﺠﻤﯿﻊ. ﻓﺎﻟﻜﺬب أﺻﻞ ﻛﻞ ﻓﺎﺣﺸﺔ ،وﺟﺎﻣﻊ ﻛﻞ ﺳﻮء ،وﺟﺎﻟﺐ ﻟﻤﻘﺖ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ .وﻋﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﺼﺪﯾﻖ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل ﻛﻞ اﻟﺨﻼل ﯾﻄﺒﻊ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﻤﺆﻣﻦ إﻻ اﻟﺨﯿﺎﻧﺔ واﻟﻜﺬب .وﻋﻦ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ أﻧﮫ ﻗﺎل :ﺛﻼث ﻣﻦ ﻛﻦ ﻓﯿﮫ ﻛﺎن ﻣﻨﺎﻓﻘﺎً :ﻣﻦ إذا وﻋﺪ أﺧﻠﻒ ،وإذا ﺗﺤﺪث ﻛﺬب ،وإذا أؤﺗﻤﻦ ﺧﺎن. وھﻞ اﻟﻜﻔﺮ إﻻ ﻛﺬب ﻋﻠﻰ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ،واﷲ اﻟﺤﻖ وھﻮ ﯾﺤﺐ اﻟﺤﻖ وﺑﺎﻟﺤﻖ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺴﻤﻮات واﻷرض .وﻣﺎ رأﯾﺖ أﺧﺰى ﻣﻦ ﻛﺬاب ،وﻣﺎ ھﻠﻜﺖ اﻟﺪول وﻻ ھﻠﻜﺖ اﻟﻤﻤﺎﻟﻚ وﻻ ﺳﻔﻜﺖ اﻟﺪﻣﺎء ﻇﻠﻤﺎً وﻻ ھﺘﻜﺖ اﻷﺳﺘﺎر ﺑﻐﯿﺮ اﻟﻨﻤﺎﺋﻢ واﻟﻜﺬب، وﻻ أﻛﺪت اﻟﺒﻐﻀﺎء واﻹﺣﻦ اﻟﻤﺮدﯾﺔ إﻻ ﺑﻨﻤﺎﺋﻢ ﻻ ﯾﺤﻈﻰ ﺻﺎﺣﺒﮭﺎ إﻻ ﺑﺎﻟﻤﻘﺖ واﻟﺨﺰي واﻟﺬل ،وأن ﯾﻨﻈﺮ ﻣﻨﮫ اﻟﺬي ﯾﻨﻘﻞ إﻟﯿﮫ ﻓﻀﻼً ﻋﻦ ﻏﯿﺮه ﺑﺎﻟﻌﯿﻦ اﻟﺘﻲ ﯾﻨﻈﺮ ﺑﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﻜﻠﺐ .واﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﯾﻘﻮل) :وﯾﻞ ﻟﻜﻞ ھﻤﺰة ﻟﻤﺰة( .وﯾﻘﻮل ﺟﻞ ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻞ: )ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﺬﯾﻦ آﻣﻨﻮا إذ ﺟﺎءﻛﻢ ﻓﺎﺳﻖ ﺑﻨﺒﺈ ﻓﺘﺒﯿﻨﻮا( .ﻓﺴﻤﻰ اﻟﻨﻘﻞ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻔﺴﻮق. وﯾﻘﻮل) :وﻻ ﺗﻄﻊ ﻛﻞ ﺣﻼف ﻣﮭﯿﻦ ھﻤﺎز ﻣﺸﺎء ﺑﻨﻤﯿﻢ .ﻣﻨﺎع ﻟﻠﺨﯿﺮ ﻣﻌﺘﺪ أﺛﯿﻢ .ﻋﺘﻞ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ زﻧﯿﻢ( .واﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ﯾﻘﻮل) :ﻻ ﯾﺪﺧﻞ اﻟﺠﻨﺔ ﻗﺘﺎت( .وﯾﻘﻮل: )وإﯾﺎﻛﻢ وﻗﺎﺗﻞ اﻟﺜﻼﺛﺔ( .ﯾﻌﻨﻲ اﻟﻤﻨﻘﻞ واﻟﻤﻨﻘﻮل إﻟﯿﮫ واﻟﻤﻨﻘﻮل ﻋﻨﮫ واﻷﺣﻨﻒ ﯾﻘﻮل: اﻟﺜﻘﺔ ﻻ ﯾﺒﻠﻎ ،وﺣﻖ ﻟﺬي اﻟﻮﺟﮭﯿﻦ أﻻ ﯾﻜﻮن ﻋﻨﺪ اﷲ وﺟﯿﮭﺎً .وھﻮ ﻣﺎ ﯾﺠﻌﻠﮫ ﻣﻦ أﺧﺲ اﻟﻄﺒﺎﺋﻊ وأرذﻟﮭﺎ.
وﻟﻲ إﻟﻰ أﺑﻲ إﺳﺤﺎق إﺑﺮاھﯿﻢ ﺑﻦ ﻋﯿﺴﻰ اﻟﺜﻘﻔﻲ اﻟﺸﺎﻋﺮ رﺣﻤﮫ اﷲ ،وﻗﺪ ﻧﻘﻞ إﻟﯿﮫ رﺟﻞ ﻣﻦ إﺧﻮاﻧﻲ ﻋﻨﻲ ﻛﺬﺑﺎً ﻋﻠﻰ ﺟﮭﺔ اﻟﮭﺰل ،وﻛﺎن ھﺬا اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻛﺜﯿﺮ اﻟﻮھﻢ ﻓﺄﻏﻀﺒﮫ وﺻﺪﻗﮫ ،وﻛﻼھﻤﺎ ﻛﺎن ﻟﻲ ﺻﺪﯾﻘﺎً ،وﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻨﺎﻗﻞ إﻟﯿﮫ ﻣﻦ أھﻞ ھﺬه اﻟﺼﻔﺔ وﻟﻜﻨﮫ ﻛﺎن ﻛﺜﯿﺮ اﻟﻤﺰاح ﺟﻢ اﻟﺪﻋﺎﺑﺔ .ﻓﻜﺘﺒﺖ إﻟﻰ أﺑﻲ إﺳﺤﺎق ،وﻛﺎن ﯾﻘﻮل ﺑﺎﻟﺨﺒﺮ ،ﺷﻌﺮاً ﻣﻨﮫ: ﻭﻻ ﺘﺘﺒﺩل ﻗـﺎﻟﺔ ﻗـﺩ ﺴـﻤـﻌـﺘـﻬـﺎ ﺘﻘﺎل ﻭﻻ ﺘﺩﺭﻱ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺒﻤـﺎ ﺘـﺩﺭﻱ ﻜﻤﻥ ﻗﺩ ﺃﺭﺍﻕ ﺍﻟﻤـﺎﺀ ﻟـﻶل ﺇﻥ ﺒـﺩﺍ
ﻓﻼﻗﻰ ﺍﻟﺭﺩﻯ ﻓﻲ ﺍﻷﻓﻴﺢ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﺍﻟﻘﻔﺭ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وﻛﺘﺒﺖ إﻟﻰ اﻟﺬي ﻧﻘﻞ ﻋﻨﻲ ،ﺷﻌﺮاً ﻣﻨﮫ: ﻭﻻ ﺘﺯﻋﻤﺎﹰ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺩ ﻤﺯﺤﺎﹰ ﻜﻤﻭﻟـﺞ
ﻓﺴﺎﺩ ﻋﻼﺝ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﻁﻲ ﺼﻼﺤﻬـﺎ
ﻭﻤﻥ ﻜﺎﻥ ﻨﻘل ﺍﻟﺯﻭﺭ ﺃﻤﻀﻰ ﺴﻼﺤﻪ
ﻜﻤﺜل ﺍﻟﺤﺒﺎﺭﻯ ﺘﺘﻘﻲ ﺒﺴـﻼﺤـﻬـﺎ
وﻛﺎن ﻟﻲ ﺻﺪﯾﻖ ﻣﺮة؛ وﻛﺜﺮ اﻟﺘﺪﺧﯿﻞ ﺑﯿﻨﻲ وﺑﯿﻨﮫ ﺣﺘﻰ ﻛﺪح ذﻟﻚ ﻓﯿﮫ واﺳﺘﺒﺎن ﻓﻲ وﺟﮭﮫ وﻓﻲ ﻟﺤﻈﮫ ،وﻃﺒﻌﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺄﻧﻲ واﻟﺘﺮﺑﺺ واﻟﻤﺴﺎﻟﻤﺔ ﻣﺎ أﻣﻜﻨﺖ ،ووﺟﺪت ﺑﺎﻻﻧﺨﻔﺎض ﺳﺒﯿﻼً إﻟﻰ ﻣﻌﺎودة ،اﻟﻤﻮدة ،ﻓﻜﺘﺒﺖ إﻟﯿﮫ ﺷﻌﺮاً ﻣﻨﮫ: ﻭﻟﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺒﺩﻯ ﻤﺭﺍﻡ ﻟﻭﺍﻨـﻬـﺎ
ﺒﺩﺕ ﻤﺎ ﺍﺩﻋﻰ ﺤﺴﻥ ﺍﻟﺭﻤﺎﻴﺔ ﻭﻫﺭﺯ
وأﻗﻮل ﻣﺨﺎﻃﺒﺎً ﻟﻌﺒﯿﺪ اﷲ ﺑﻦ ﯾﺤﯿﻰ اﻟﺠﺰﯾﺮي اﻟﺬي ﯾﺤﻔﻆ ﻟﻌﻤﮫ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ واﻟﺒﻠﯿﻐﺔ وﻛﺎن ﻃﺒﻊ اﻟﻜﺬب ﻗﺪ اﺳﺘﻮﻟﻰ ﻋﻠﯿﮫ واﺳﺘﺤﺬ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻠﮫ وأﻟﻔﮫ وأﻟﻔﺔ اﻟﻨﻔﺲ اﻷﻣﻞ وﯾﺆﻛﺪ ﻧﻘﻠﮫ وﻛﺬﺑﮫ ﺑﺎﻹﯾﻤﺎن اﻟﻤﺆﻛﺪة اﻟﻤﻐﻠﻄﺔ ،ﻣﺠﺎھﺮاً ﺑﮭﺎ أﻛﺬب ﻣﻦ اﻟﺴﺮاب ﻣﺴﺘﮭﺘﺮاً ﺑﺎﻟﻜﺬب ﻣﺸﻐﻮﻓﺎً ﺑﮫ ،ﻻ ﯾﺰال ﯾﺤﺪث ﻣﻦ ﻗﺪ ﺻﺢ ﻋﻨﺪه أﻧﮫ ﻻ ﯾﺼﺪﻗﮫ ﻓﻼ ﯾﺰﺟﺮه ذﻟﻚ ﻋﻦ أن ﯾﺤﺪث ﺑﺎﻟﻜﺬب: ﺒﺩﺍ ﻜل ﻤﺎ ﻜﺘﻤﺘﻪ ﺒﻴﻥ ﻤﺨـﺒـﺭ ﻭﻜﻡ ﺤﺎﻟﺔ ﺼﺎﺭﺕ ﺒﻴﺎﻨﻨﺎﹰ ﺒﺤﺎﻟﺔ
ﻭﺤﺎل ﺃﺭﺘﻨﻲ ﻗﺒﺢ ﻋﻘﺩﻙ ﺒﻴﻨـﺎ ﻜﻤﺎ ﺘﺜﺒﺕ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺒﺎﻟﺤﺒل ﺍﻟﺯﻨﺎ
وﻓﯿﮫ أﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻨﮭﺎ: ﺃﻨﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺭﺁﺓ ﻓﻲ ﻜـل ﻤـﺎ ﺩﺭﻯ
ﻭﺃﻗﻁﻊ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻤﻥ ﻗﺼﺏ ﺍﻟﻬﻨﺩ
ﺃﻅﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﻴﺎ ﻭﺍﻟﺯﻤﺎﻥ ﺘـﻌـﻠـﻤـﺎ
ﺘﺤﻠﻴﻠﻪ ﺒﺎﻟﻘﻁـﻊ ﺒـﻴﻥ ﺫﻭﻱ ﺍﻟـﻭﺩ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وﻓﯿﮫ أﯾﻀﺎً أﻗﻮل ﻣﻦ ﻗﺼﯿﺪة ﻃﻮﯾﻠﺔ: ﻭﺃﻜﺫﺏ ﻤﻥ ﺤﺴﻥ ﺍﻟﻅﻨﻭﻥ ﺤﺩﻴﺜـﻪ
ﻭﺃﻗﺒﺢ ﻤﻥ ﺩﻴﻥ ﻭﻓـﻘـﺭ ﻤـﻼﺯﻡ
ﺃﻭﺍﻤﺭ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺭﺵ ﺃﻀﻴﻊ ﻋﻨـﺩﻩ
ﻭﺃﻫﻭﻥ ﻤﻥ ﺸﻜﻭﻯ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺭ ﺭﺍﺤﻡ
ﺘﺠﻤﻊ ﻓﻴﻪ ﻜل ﺨﺯﻱ ﻭﻓـﻀـﺤﺔ
ﻓﻠﻡ ﻴﺒﻕ ﺸﺘﻤﺎﹰ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎل ﺃﺸـﺎﺘـﻡ
ﻭﺃﺜﻘل ﻤﻥ ﻋﺫل ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺭ ﻗﺎﺒل
ﻭﺃﺒﺭﺩ ﺒﺭﺩﺍﹰ ﻤﻥ ﻤﺩﻴﻨﺔ ﺴـﺎﻟـﻡ
ﻭﺃﺒﻐﺽ ﻤﻥ ﺒﻴﻥ ﻭﻫﺠﺭ ﻭﺭﻗﺒﺔ
ﺠﻤﻌﻥ ﻋﻠﻰ ﺤﺭﺍﻥ ﺤﻴﺭﺍﻥ ﻫﺎﺌﻡ
وﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﻧﺒﮫ ﻏﺎﻓﻼً ،أو ﻧﺼﺢ ﺻﺪﯾﻘﺎً ،أو ﺣﻔﻆ ﻣﺴﻠﻤﺎً ،أو ﺣﻜﻰ ﻋﻦ ﻓﺎﺳﻖ وأﺣﺪث ﻋﻦ ﻋﺪو ﻣﺎ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﯾﻜﺬب وﻻ ﯾﻜﺬب ،وﻻ ﺗﻌﻤﺪ اﻟﻀﻐﺎﺋﻦ ،ﻣﺘﻨﻘﻼً. وھﻞ ھﻠﻚ اﻟﻀﻌﻔﺎء وﺳﻘﻂ ﻣﻦ ﻻ ﻋﻘﻞ ﻟﮫ إﻻ ﻓﻲ ﻗﻠﺔ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻨﺎﺻﺢ ﻣﻦ اﻟﻨﻤﺎم، وھﻤﺎ ﺻﻔﺘﺎن ﻣﺘﻘﺎرﺑﺘﺎن ﻓﻲ اﻟﻈﺎھﺮ ﻣﺘﻔﺎوﺗﺘﺎن ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ،أﺣﺪھﻤﺎ داء واﻷﺧﺮى دواء واﻟﺜﺎﻗﺐ اﻟﻘﺮﯾﺤﺔ ﻻ ﯾﺨﻔﻰ ﻋﻠﯿﮫ أﻣﺮھﻤﺎ ،ﻟﻜﻦ اﻟﻨﺎﻗﻞ ﻣﻦ ﻛﺎن ﺗﻨﻘﯿﻠﮫ ﻏﯿﺮ ﻣﺮﺿﻰ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﺎﻧﺔ ،وﻧﻮى ﺑﮫ اﻟﺘﺸﺘﯿﺖ ﺑﯿﻦ اﻷوﻟﯿﺎء ،واﻟﺘﻀﺮﯾﺐ ﺑﯿﻦ اﻹﺧﻮان، واﻟﺘﺤﺮﯾﺶ واﻟﺘﻮﺑﯿﺶ واﻟﺘﺮﻗﯿﺶ .ﻓﻤﻦ ﺧﺎف إن ﺳﻠﻚ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﻨﺼﯿﺤﺔ أن ﯾﻘﻊ ﻓﻲ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﻨﻤﯿﻤﺔ ،وﻟﻢ ﯾﺜﻖ ﻟﻨﻔﺎذ ﺗﻤﯿﯿﺰه وﻣﻀﺎء ﺗﻘﺪﯾﺮه ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺮده ﻣﻦ أﻣﻮره دﻧﯿﺎه وﻣﻌﺎﻣﻠﺔ أھﻞ زﻣﺎﻧﮫ ،ﻓﻠﯿﺠﻌﻞ دﯾﻨﮫ دﻟﯿﻼً ﻟﮫ وﺳﺮاﺟﺎً ﯾﺴﺘﻀﻲء ﺑﮫ ،ﻓﺤﯿﺜﻤﺎ ﺳﻠﻚ ﺑﮫ ﺳﻠﻚ وﺣﯿﺜﻤﺎ أوﻗﻔﮫ وﻗﻒ .ﻓﺸﺎرع اﻟﺸﺮﯾﻌﺔ وﺑﺎﻋﺚ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم وﻣﺮﺗﺐ اﻷواﻣﺮ واﻟﻨﻮاھﻲ أﻋﻠﻢ ﺑﻄﺮﯾﻖ اﻟﺤﻖ وأدري ﺑﻌﻮاﻗﺐ اﻟﺴﻼﻣﺔ وﻣﻐﺒﺎت اﻟﻨﺠﺎة ﻣﻦ ﻛﻞ ﻧﺎﻇﺮ ﻟﻨﻔﺴﮫ ﺑﺰﻋﻤﮫ؛ وﺑﺎﺣﺚ ﺑﻘﯿﺎﺳﮫ ﻓﻲ ﻇﻨﮫ.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﺒﺎب اﻟﻌﺸﺮون اﻟﻮﺻﻞ وﻣﻦ وﺟﻮه اﻟﻌﺸﻖ اﻟﻮﺻﻞ ،وھﻮ ﺣﻆ رﻓﯿﻊ ،وﻣﺮﺗﺒﺔ ﺳﺮﯾﺔ ،ودرﺟﺔ ﻋﺎﻟﯿﺔ، وﺳﻌﺪ ﻃﺎﻟﻊ .ﺑﻞ ھﻮ اﻟﺤﯿﺎة اﻟﻤﺠﺪة ،واﻟﻌﯿﺶ اﻟﺴﻨﻲ ،واﻟﺴﺮور اﻟﺪاﺋﻢ ورﺣﻤﺔ ﻣﻦ اﷲ ﻋﻈﯿﻤﺔ .وﻟﻮﻻ أن اﻟﺪﻧﯿﺎ دار ﻣﻤﺮ وﻣﺤﻨﺔ وﻛﺪر ،واﻟﺠﻨﺔ دار ﺟﺰاء وأﻣﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﻜﺎره ،ﻟﻘﻠﻨﺎ إن وﺻﻞ اﻟﻤﺤﺒﻮب ھﻮ اﻟﺼﻔﺎء اﻟﺬي ﻻ ﻛﺪر ﻓﯿﮫ ،واﻟﻔﺮح اﻟﺬي ﻻ ﺷﺎﺋﺒﺔ وﻻ ﺣﺰن ﻣﻌﮫ ،وﻛﻤﺎل اﻷﻣﺎﻧﻲ؛ وﻣﻨﺘﮭﻰ اﻷراﺟﻲ .وﻟﻘﺪ ﺟﺮﺑﺖ اﻟﻠﺬات ﻋﻠﻰ ﺗﺼﺮﻓﮭﺎ ،وأدرﻛﺖ اﻟﺤﻈﻮظ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼﻓﮭﺎ ،ﻓﻤﺎ ﻟﻠﺪﻧﻮ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻄﺎن وﻻ ﻟﻠﻤﺎل اﻟﻤﺴﺘﻔﺎد ،وﻻ اﻟﻮﺟﻮد ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺪم ،وﻻ اﻷوﺑﺔ ﺑﻌﺪ ﻃﻮل اﻟﻐﯿﺒﺔ وﻻ اﻷﻣﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﺨﻮف ،وﻻ اﻟﺘﺮوح ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎل ،ﻣﻦ اﻟﻤﻮﻗﻊ ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺲ ﻣﺎ ﻟﻠﻮﺻﻞ؛ ﻻ ﺳﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻃﻮل اﻻﻣﺘﻨﺎع ،وﺣﻠﻮل اﻟﮭﺠﺮ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﺄﺟﺞ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺠﻮى ،وﯾﺘﻮﻗﺪ ﻟﮭﯿﺐ اﻟﺸﻮق، وﺗﻨﺼﺮم ﻧﺎر اﻟﺮﺟﺎء .وﻣﺎ أﺻﻨﺎف اﻟﻨﺒﺎت ﺑﻌﺪ ﻏﺐ اﻟﻘﻄﺮ ،وﻻ إﺷﺮاق اﻷزاھﯿﺮ ﺑﻌﺪ إﻗﻼع اﻟﺴﺤﺎب اﻟﺴﺎرﯾﺎت ﻓﻲ اﻟﺰﻣﺎن اﻟﺴﺠﺴﺞ وﻻ ﺧﺮﯾﺮ اﻟﻤﯿﺎه اﻟﻤﺘﺨﻠﻠﺔ ﻷﻓﺎﻧﯿﻦ اﻟﻨﻮار ،وﻻ ﺗﺄﻧﻖ اﻟﻘﺼﻮر اﻟﺒﯿﺾ ﻗﺪ أﺣﺪﻗﺖ ﺑﮭﺎ اﻟﺮﯾﺎض اﻟﺨﻀﺮ ،ﺑﺄﺣﺴﻦ ﻣﻦ وﺻﻞ ﺣﺒﯿﺐ ﻗﺪ رﺿﯿﺖ أﺧﻼﻗﮫ ،وﺣﻤﺪت ﻏﺮاﺋﺰه ،وﺗﻘﺎﺑﻠﺖ ﻓﻲ اﻟﺤﺴﻦ أوﺻﺎﻓﮫ .وأﻧﮫ ﻟﻤﻌﺠﺰ أﻟﺴﻨﺔ اﻟﺒﻠﻐﺎء ،وﻣﻘﺼﺮ ﻓﯿﮫ ﺑﯿﺎن اﻟﻔﺼﺤﺎء ،وﻋﻨﺪه ﺗﻄﯿﺶ اﻷﻟﺒﺎب ،وﺗﻌﺰب اﻷﻓﮭﺎم .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻭﺴﺎﺌل ﻟﻲ ﻋﻤﺎ ﻟﻲ ﻤﻥ ﺍﻟـﻌـﻤـﺭ
ﻭﻗﺩ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﺸﻴﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻭﺩﻴﻥ ﻭﺍﻟﻌﺫﺭ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺃﺠﺒﺘﻪ ﺴﺎﻋﺔ ﻻ ﺸـﻲﺀ ﺃﺤـﺴـﺒـﻪ
ﻋﻤﺭﺍﹰ ﺴﻭﺍﻫﺎ ﺒﺤﻜﻡ ﺍﻟﻌﻘل ﻭﺍﻟﻨﻅـﺭ
ﻓﻘﺎل ﻟﻲ ﻜﻴﻑ ﺫﺍ ﺒﻴﻨﻪ ﻟﻲ ﻓـﻠـﻘـﺩ
ﺃﺨﺒﺭﺘﻨﻲ ﺃﺸﻨﻊ ﺍﻷﻨﺒﺎﺀ ﻭﺍﻟـﺨـﺒـﺭ
ﻓﻘﻠﺕ ﺇﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﻠﺒﻲ ﺒـﻬـﺎ ﻋـﻠـﻕ
ﻗﺒﻠﺘﻬﺎ ﻗﺒـﻠﺔ ﻴﻭﻡ ﻋـﻠـﻰ ﺨـﻁـﺭ
ﻓﻤﺎ ﺃﻋﺩ ﻭﻟﻭ ﻁﺎﻟﺕ ﺴـﻨـﻲ ﺴـﻭﻯ
ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺴﻭﻴﻌﺔ ﺒﺎﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﻤﻥ ﻋﻤـﺭﻱ
وﻣﻦ ﻟﺬﯾﺬ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻮﺻﻞ اﻟﻤﻮاﻋﯿﺪ ،وإن ﻟﻠﻮﻋﺪ اﻟﻤﻨﺘﻈﺮ ﻣﻜﺎﻧﺎً ﻟﻄﯿﻔﺎً ﻣﻦ ﺷﻐﺎف اﻟﻘﻠﺐ ،وھﻮ ﯾﻨﻘﺴﻢ ﻗﺴﻤﯿﻦ ،أﺣﺪھﻤﺎ اﻟﻮﻋﺪ ﺑﺰﯾﺎرة اﻟﻤﺤﺐ ﻟﻤﺤﺒﻮﺑﮫ وﻓﯿﮫ أﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﮭﺎ: ﺃﺴﺎﻤﺭ ﺍﻟﺒﺩﺭ ﻟﻤﺎ ﺃﺒـﻁـﺄﺕ ﻭﺃﺭﻯ
ﻓﻲ ﻨﻭﺭﻩ ﻤﻥ ﺴﻨﺎ ﺇﺸﺭﺍﻗﻬﺎ ﻋﺭﻀ ﺎﹰ
ﻓﺒﺕ ﻤﺸﺘﺭﻁﺎﹰ ﻭﺍﻟﻭﺩ ﻤﺨﺘـﻠـﻁـﺎﹰ
ﻭﺍﻟﻭﺼل ﻤﻨﺒﺴﻁﺎﹰ ﻭﺍﻟﻬﺠﺭ ﻤﻨﻘﺒﻀ ﺎﹰ
واﻟﺜﺎﻧﻲ اﻧﺘﻈﺎر اﻟﻮﻋﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺐ أن ﯾﺰور ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ ،وإن ﻟﻤﺒﺎدئ اﻟﻮﺻﻞ وأواﺋﻞ اﻹﺳﻌﺎف ﻟﺘﻮﻟﺠﺎً ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺆاد ﻟﯿﺲ ﻟﺸﻲء ﻣﻦ اﻷﺷﯿﺎء .وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف ﻣﻦ ﻛﺎن ﻣﻤﺘﺤﻨﺎ ﺑﮭﻮى ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻨﺎزل اﻟﻤﺼﺎﻗﺒﺔ ﻓﻜﺎن ﯾﺼﻞ ﻣﺘﻰ ﺷﺎء ﺑﻼ ﻣﺎﻧﻊ وﻻ ﺳﺒﯿﻞ إﻟﻰ ﻏﯿﺮ اﻟﻨﻈﺮ واﻟﻤﺤﺎدﺛﺔ زﻣﺎﻧﺎً ﻃﻮﯾﻼً ،ﻟﯿﻼ ﻣﺘﻰ أﺣﺐ وﻧﮭﺎراً ،إﻟﻰ أن ﺳﺎﻋﺪﺗﮫ اﻷﻗﺪار ﺑﺈﺟﺎﺑﺔ ،وﻣﻜﻨﺘﮫ ﺑﺈﺳﻌﺎد ﺑﻌﺪ ﯾﺄﺳﮫ ،ﻟﻄﻮل اﻟﻤﺪة وﻟﻌﮭﺪي ﺑﮫ ﻗﺪ ﻛﺎد أن ﯾﺨﺘﻠﻂ ﻋﻘﻠﮫ ﻓﺮﺣﺎً ،وﻣﺎ ﻛﺎد ﯾﺘﻼﺣﻖ ﻛﻼﻣﮫ ﺳﺮوراً ،ﻓﻘﻠﺖ ﻓﻲ ذﻟﻚ: ﺒﺭﻏﺒﺔ ﻟﻭ ﺇﻟﻰ ﺭﺒﻲ ﺩﻋـﻭﺕ ﺒـﻬـﺎ ﻟﻜﺎﻥ ﺫﻨﺒﻲ ﻋﻨﺩ ﺍﻟـﻠـﻪ ﻤـﻐـﻔـﻭﺭﺍﹰ ﻭﻟﻭ ﺩﻋﻭﺕ ﺒﻬﺎ ﺃﺴﺩ ﺍﻟـﻔـﻼ ﻟـﻐـﺩﺍ ﺇﻀﺭﺍﺭﻫﺎ ﻋﻥ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻤﻘﺼﻭﺭﺍﹰ ﻓﺠﺎﺩ ﺒﺎﻟﻠﺜﻡ ﻟﻲ ﻤﻥ ﺒﻌﺩ ﻤـﻨـﻌـﺘـﻪ
ﻓﺎﻫﺘﺎﺝ ﻤﻥ ﻟﻭﻋﺘﻲ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻤﻐﻤـﻭﺭﺍﹰ
ﻜﺸﺎﺭﺏ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻜﻲ ﻴﻁﻔﻲ ﺍﻟﻐﻠﻴل ﺒـﻪ
ﻓﻐﺹ ﻓﺎﻨﺼﺎﻉ ﻓﻲ ﺍﻷﺠﺩﺍﺙ ﻤﻘﺒﻭﺭﺍﹰ
وﻗﻠﺖ:
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺠﺭﻯ ﺍﻟﺤﺏ ﻤﻨﻲ ﻤﺠﺭﻯ ﺍﻟﻨﻔﺱ
ﻭﺃﻋﻁﻴﺕ ﻋﻴﻨﻲ ﻋﻨﺎﻥ ﺍﻟﻔـﺭﺱ
ﻭﻟﻲ ﺴـﻴﺩ ﻟـﻡ ﻴﺯل ﻨـﺎﻓـﺭﺍﹰ
ﻭﺭﺒﻤﺎ ﺠﺎﺩ ﻟﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺨـﻠـﺱ
ﻓﻘﺒـﻠـﺘـﻪ ﻁـﺎﻟـﺒـﺎﹰ ﺭﺍﺤﺔ
ﻓﺯﺍﺩ ﺃﻟﻴﻼ ﺒﻘﻠـﺒـﻲ ﺍﻟـﻴﺒـﺱ
ﻭﻜﺎﻥ ﻓﺅﺍﺩﻱ ﻜﺘﺒـﺕ ﻫـﺸـﻴﻡ
ﻴﺒﻴﺱ ﺭﻤﻰ ﻓﻴﻪ ﺭﺍﻡ ﻗﺒـﺴـﻲ
وﻣﻨﮭﺎ: ﻋﻨﻴﺕ ﺒﻴﺎﻗـﻭﺘﺔ ﺍﻷﻨـﺩﺍﺱ
ﻭﻴﺎ ﺠﻭﻫﺭ ﺍﻟﺼﻴﻥ ﺴﺤﻘﺎﹰ ﻓﻘﺩ
ﺧﺒﺮ :وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف ﺟﺎرﯾﺔ اﺷﺘﺪ وﺟﺪھﺎ ﺑﻔﺘﻰ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﺮؤﺳﺎء ،وھﻮ ﻻ ﻋﻠﻢ ﻋﻨﺪه ،وﻛﺜﺮ ﻏﻤﮭﺎ وﻃﺎل أﺳﻔﮭﺎ إﻟﻰ أن ﺿﻨﯿﺖ ﺑﺤﺒﮫ ،وھﻮ ﺑﻐﺮارة اﻟﺼﺒﻲ ﻻ ﯾﺸﻌﺮ .وﯾﻤﻨﻌﮭﺎ ﻣﻦ إﺑﺪاء أﻣﺮھﺎ إﻟﯿﮫ اﻟﺤﯿﺎء ﻣﻨﮫ ﻷﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻜﺮاً ﺑﺨﺎﺗﻤﮭﺎ ،ﻣﻊ اﻹﺟﻼل ﻟﮫ ﻋﻦ اﻟﮭﺠﻮم ﻋﻠﯿﮫ ﺑﻤﺎ ﻻ ﺗﺪري ﻟﻌﻠﮫ ﻻ ﯾﻮاﻓﻘﮫ .ﻓﻠﻤﺎ ﺗﻤﺎدى اﻷﻣﺮ وﻛﺎﻧﺎ إﻟﻔﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻨﺸﺄة ،ﺷﻜﺖ ذﻟﻚ إﻟﻰ اﻣﺮأة ﺟﺰﻟﺔ اﻟﺮأي ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺜﻖ ﺑﮭﺎ ﻟﺘﻮﻟﯿﮭﺎ ﺗﺮﺑﯿﺘﮭﺎ، ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﮭﺎ :ﻋﺮﺿﻲ ﻟﮫ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ .ﻓﻔﻌﻠﺖ اﻟﻤﺮة ﺑﻌﺪ اﻟﻤﺮة وھﻮ ﻻ ﯾﺄﺑﮫ ﻓﻲ ﻛﻞ ھﺬا، وﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻟﻘﻨﺎً ذﻛﯿﺎً ﻟﻢ ﯾﻈﻦ ذﻟﻚ ﻓﯿﻤﯿﻞ إﻟﻰ ﺗﻨﺘﯿﺶ اﻟﻜﻼم ﺑﻮھﻤﮫ ،إﻟﻰ أن ﻋﯿﻞ ﺻﺒﺮھﺎ وﺿﺎق ﺻﺪرھﺎ وﻟﻢ ﺗﻤﺴﻚ ﻧﻔﺴﮭﺎ ﻓﻲ ﻗﻌﺪة ﻛﺎﻧﺖ ﻟﮭﺎ ﻣﻌﮫ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻠﯿﺎﻟﻲ ﻣﻨﻔﺮدﯾﻦ ،وﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﯾﻌﻠﻢ اﷲ ﻋﻔﯿﻔﺎً ﻣﺘﺼﺎوﻧﺎً ﺑﻌﯿﺪاً ﻋﻦ اﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ،ﻓﻠﻤﺎ ﺣﺎن ﻗﯿﺎﻣﮭﺎ ﻋﻨﮫ ﺑﺪرت إﻟﯿﮫ ﻓﻘﺒﻠﺘﮫ ﻓﻲ ﻓﻤﮫ ﺛﻢ وﻟﺖ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺤﯿﻦ وﻟﻢ ﺗﻜﻠﻤﮫ ﺑﻜﻠﻤﺔ، وھﻲ ﺗﺘﮭﺎدى ﻓﻲ ﻣﺸﯿﮭﺎ ،ﻛﻤﺎ أﻗﻮل ﻓﻲ أﺑﯿﺎت ﻟﻲ: ﻜﺄﻨﻬﺎ ﺤﻴﻥ ﺘﺨﻁﻭ ﻓـﻲ ﺘـﺄﻭﺩﻫـﺎ
ﻗﻀﻴﺏ ﻨﺭﺠﺴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﻭﺽ ﻤﻴﺎﺱ
ﻜﺄﻨﻤﺎ ﺨﻠﺩﻫﺎ ﻓﻲ ﻗﻠﺏ ﻋﺎﺸـﻘـﻬـﺎ
ﻓﻔﻴﻪ ﻤﻥ ﻭﻗﻌﻬﺎ ﺨﻁﺭ ﻭﻭﺴـﻭﺍﺱ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻜﺄﻨﻤﺎ ﻤﺸﻴﻬﺎ ﻤﺸﻲ ﺍﻟـﺤـﻤـﺎﻤﺔ ﻻ
ﻜﺩ ﻴﻌـﺎﺏ ﻭﻻ ﺒـﻁﺀ ﺒـﻪ ﺒـﺎﺱ
ﻓﺒﮭﺖ وﺳﻘﻂ ﻓﻲ ﯾﺪه وﻓﺖ ﻓﻲ ﻋﻀﺪه ووﺟﺪ ﻓﻲ ﻛﺒﺪه وﻋﻠﺘﮫ وﺟﻤﺔ ،ﻓﻤﺎ ھﻮ إﻻ أن ﻏﺎﺑﺖ ﻋﻨﮫ ووﻗﻊ ﻓﻲ ﺷﺮك اﻟﺮدى واﺷﺘﻌﻠﺖ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﮫ اﻟﻨﺎر وﺗﺼﻌﺪت أﻧﻔﺎﺳﮫ وﺗﺮادﻓﺖ أرﺟﺎﻟﮫ وﻛﺜﺮ ﻗﻠﻘﮫ وﻃﺎل أرﻗﮫ ،ﻓﻤﺎ ﻏﻤﺾ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﯿﻠﮫ ﻋﯿﻨﺎً ،وﻛﺎن ھﺬا ﺑﺪء اﻟﺤﺐ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ دھﺮاً ،إﻟﻰ أن ﺟﺬت ﺟﻤﻠﺘﮭﺎ ﯾﺪ اﻟﻨﻮى .وإن ھﺬا ﻟﻤﻦ ﻣﺼﺎﺋﺪ إﺑﻠﯿﺲ ودواﻋﻲ اﻟﮭﻮى اﻟﺘﻲ ﻻ ﯾﻘﻒ ﻟﮭﺎ أﺣﺪ أﻻ ﻣﻦ ﻋﺼﻤﮫ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ. وﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﯾﻘﻮل :إن دوام اﻟﻮﺻﻞ ﯾﻮدي ﺑﺎﻟﺤﺐ ،وھﺬا ھﺠﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻘﻮل ،إﻧﻤﺎ ذﻟﻚ
ﻷھﻞ
اﻟﻤﻠﻞ،
ﺑﻞ
ﻛﻠﻤﺎ
زاد
وﺻﻼً
زاد
اﺗﺼﺎﻻً.
وﻋﻨﻲ أﺧﺒﺮك أﻧﻲ ﻣﺎ روﯾﺖ ﻗﻂ ﻣﻦ ﻣﺎء اﻟﻮﺻﻞ وﻻ زادﻧﻲ إﻻ ﻇﻠﻤﺎً .وھﺬا ﺣﻜﻢ ﻣﻦ ﺗﺪاوى ﺑﺮأﯾﮫ وإن رﺑﮫ ﻋﻨﮫ ﺳﺮﯾﻌﺎً .وﻟﻘﺪ ﺑﻠﻐﺖ ﻣﻦ اﻟﺘﻤﻜﻦ ﺑﻤﻦ أﺣﺐ أﺑﻌﺪ اﻟﻐﺎﯾﺎت اﻟﺘﻲ ﻻ ﯾﺠﺪ اﻹﻧﺴﺎن وراءھﺎ ﻣﺮﻣﻰ ،ﻓﻤﺎ وﺟﺪﺗﻨﻲ إﻻ ﻣﺴﺘﺰﯾﺪاً ،وﻟﻘﺪ ﻃﺎل ﺑﻲ ذﻟﻚ ﻓﻤﺎ أﺣﺴﺴﺖ ﺑﺴﺂﻣﺔ وﻻ رھﻘﺘﻨﻲ ﻓﺘﺮة ،وﻟﻘﺪ ﺿﻤﻨﻲ ﻣﺠﻠﺲ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻛﻨﺖ أﺣﺐ ﻓﻠﻢ أﺟﻞ ﺧﺎﻃﺮي ﻓﻲ ﻓﻦ ﻣﻦ ﻓﻨﻮن اﻟﻮﺻﻞ إﻻ وﺟﺪﺗﮫ ﻣﻘﺼﺮاً ﻋﻦ ﻣﺮادي وﻏﯿﺮ ﺷﺎف وﺟﺪي وﻻ ﻗﺎض أﻗﻞ ﻟﺒﺎﻧﺔ ﻣﻦ ﻟﺒﺎﻧﺎﺗﻲ ،ووﺟﺪﺗﻨﻲ ﻛﻠﻤﺎ ازددت دﻧﻮاً ازددت وﻟﻮﻋﺎً ،وﻗﺪﺣﺖ زﻧﺎد اﻟﺸﻮق ﻧﺎر اﻟﻮﺟﺪ ﺑﯿﻦ ﺿﻠﻮﻋﻲ ،ﻓﻘﻠﺖ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻤﺠﻠﺲ: ﻭﺩﺩﺕ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﻘﻠـﺏ ﺸـﻕ ﺒـﻤـﺩﻴﺔ
ﻭﺍﺩﺨﻠﺕ ﻓﻴﻪ ﺜﻡ ﺃﻁﺒﻕ ﻓﻲ ﺼﺩﺭﻱ
ﻓﺄﺼﺒﺤﺕ ﻓﻴﻪ ﻻ ﺘﺤـﻠـﻴﻥ ﻏـﻴﺭﻩ
ﺇﻟﻰ ﻤﻘﺘﻀﻰ ﻴﻭﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻤﺔ ﻭﺍﻟﺤﺸـﺭ
ﺘﻌﻴﺸﻴﻥ ﻓﻴﻪ ﻤﺎ ﺤﻴﻴﺕ ﻓـﺈﻥ ﺃﻤـﺕ
ﺴﻜﻨﺕ ﺸﻐﺎﻑ ﺍﻟﻘﻠﺏ ﻓﻲ ﻅﻠﻡ ﺍﻟﻘﺒﺭ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻌﺪل ﻣﺤﺒﯿﻦ إذا ﻋﺪﻣﺎ اﻟﺮﻗﺒﺎء ،وأﻣﻨﺎ اﻟﻮﺷﺎة ،وﺳﻠﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﯿﻦ ،ورﻏﺒﺎ ﻋﻦ اﻟﮭﺠﺮ ،وﺑﻌﺪا ﻋﻦ اﻟﻤﻠﻞ ،وﻓﻘﺪا اﻟﻌﺬال ،وﺗﻮاﻓﻘﺎ ﻓﻲ اﻷﺧﻼق، وﺗﻜﺎﻓﯿﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺒﺔ ،وأﺗﺎح اﷲ ﻟﮭﻤﺎ رزﻗﺎً دارا ،وﻋﯿﺸﺎً ﻗﺎراً ،وزﻣﺎﻧﺎً ھﺎدﯾﺎً ،وﻛﺎن اﺟﺘﻤﺎﻋﮭﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺮﺿﻲ اﻟﺮب ﻣﻦ اﻟﺤﺎل ،وﻃﺎﻟﺖ ﺻﺤﺒﺘﮭﻤﺎ واﺗﺼﻠﺖ إﻟﻰ وﻗﺖ ﺣﻠﻮل اﻟﺤﻤﺎم اﻟﺬي ﻻ ﻣﺮد ﻟﮫ وﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﮫ ،ھﺬا ﻋﻄﺎء ﻟﻢ ﯾﺤﺼﻞ ﻋﻠﯿﮫ أﺣﺪ، وﺣﺎﺟﺔ ﻟﻢ ﺗﻘﺾ ﻟﻜﻞ ﻃﺎﻟﺐ ،وﻟﻮ ﻻ أن ﻣﻊ ھﺬه اﻟﺤﺎل اﻹﺷﻔﺎق ﻣﻦ ﺑﻐﺘﺎت اﻟﻤﻘﺎدﯾﺮ اﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ ﻏﯿﺐ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ،ﻣﻦ ﺣﻠﻮل ﻓﺮاق ﻟﻢ ﯾﻜﺘﺴﺐ؛ واﺧﺘﺮام ﻣﻨﯿﺔ ﻓﻲ ﺣﺎل اﻟﺸﺒﺎب أو ﻣﺎ أﺷﺒﮫ ذﻟﻚ ،ﻟﻘﻠﺖ إﻧﮭﺎ ﺣﺎل ﺑﻌﯿﺪة ﻣﻦ ﻛﻞ آﻓﺔ ،وﺳﻠﯿﻤﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ داﺧﻠﺔ .وﻟﻘﺪ رأﯾﺖ ﻣﻦ اﺟﺘﻤﻊ ﻟﮫ ھﺬا ﻛﻠﮫ إﻻ أﻧﮫ ﻛﺎن دھﻰ ﻓﯿﻤﻦ ﻛﺎن ﯾﺤﺒﮫ ﺑﺸﺮاﺳﺔ اﻷﺧﻼق ،وداﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺒﺔ ،ﻓﻜﺎﻧﺎ ﻻ ﯾﺘﮭﻨﯿﺎن اﻟﻌﯿﺶ وﻻ ﺗﻄﻠﻊ اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ ﯾﻮم إﻻ وﻛﺎن ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﺧﻼف ﻓﯿﮫ ،وﻛﻼھﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻄﺒﻮﻋﺎً ﺑﮭﺬا اﻟﺨﻠﻖ .ﻟﺜﻘﺔ ﻟﻚ واﺣﺪ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﺑﻤﺤﺒﺔ ﺻﺎﺣﺒﮫ ،إﻟﻰ أن دﻧﺖ اﻟﻨﻮى ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﻓﺘﻔﺮﻗﺎ ﺑﺎﻟﻤﻮت اﻟﻤﺮﺗﺐ ﻟﮭﺎذ اﻟﻌﺎﻟﻢ، وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻜﻴﻑ ﺃﺫﻡ ﺍﻟـــﻨـــﻭﻯ ﻭﺃﻅـــﻠـــﻤـــﻬـــﺎ ﻭﻜـــل ﺃﺨـــﻼﻕ ﻤـــﻥ ﺃﺤـــﺏ ﻨــــﻭﻯ ﻗﺩ ﻜﺎﻥ ﻴﻜﻔﻲ ﻫﻭﻯ ﺃﻀﻴﻕ ﺒﻪ ﻓﻜﻴﻑ ﺇﺫ ﺤل ﺒﻲ ﻨﻭﻯ ﻭﻫﻭﻯ
وروى ﻋﻦ زﯾﺎد ﺑﻦ أﺑﻲ ﺳﻔﯿﺎن رﺣﻤﮫ اﷲ أﻧﮫ ﻗﺎل ﻟﺠﻠﺴﺎﺗﮫ :ﻣﻦ أﻧﻌﻢ اﻟﻨﺎس ﻋﯿﺸﺔ؟ ﻗﺎﻟﻮا :أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ .ﻓﻘﺎل :وأﯾﻦ ﻣﺎ ﯾﻠﻘﻰ ﻣﻦ ﻗﺮﯾﺶ؟ ﻗﯿﻞ :ﻓﺄﻧﺖ .ﻗﺎل :أﯾﻦ ﻣﺎ أﻟﻘﻰ ﻣﻦ اﻟﺨﻮارج واﻟﺜﻐﻮر؟ ﻗﯿﻞ ﻓﻤﻦ أﯾﮭﺎ اﻷﻣﯿﺮ .ﻗﺎل :رﺟﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﻟﮫ زوﺟﺔ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﻟﮭﻤﺎ ﻛﻔﺎف ﻣﻦ اﻟﻌﯿﺶ ﻗﺪ رﺿﯿﺖ ﺑﮫ ورﺿﻰ ﺑﮭﺎ ﻻ ﯾﻌﺮﻓﻨﺎ وﻻ ﻧﻌﺮﻓﮫ.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وھﻞ ﻓﯿﻤﺎ واﻓﻖ إﻋﺠﺎب اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﯿﻦ ،وﺟﻼ اﻟﻘﻠﻮب ،واﺳﺘﻤﺎل اﻟﺤﻮاس .واﺳﺘﮭﻮى اﻟﻨﻔﻮس ،واﺳﺘﻮﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻷھﻮاء ،واﻗﺘﻄﻊ اﻷﻟﺒﺎب ،واﺧﺘﻠﺲ اﻟﻌﻘﻮل ،ﻣﺴﺘﺤﺴﻦ ﯾﻌﺪل إﺷﻔﺎق ﻣﺤﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺒﻮب وﻟﻘﺪ ﺷﺎھﺪت ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻛﺜﯿﺮاً ،وإﻧﮫ ﻟﻤﻦ اﻟﻤﻨﺎﻇﺮ اﻟﻌﺠﯿﺒﺔ اﻟﺒﺎﻋﺜﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻗﺔ اﻟﺮاﺋﻘﺔ اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻻ ﺳﯿﻤﺎ إن ﻛﺎن ھﻮى ﯾﺘﻜﺘﻢ ﺑﮫ .ﻓﻠﻮ رأﯾﺖ اﻟﻤﺤﺒﻮب ﺣﯿﻦ ﯾﻌﺮض ﺑﺎﻟﺴﺆال ﻋﻦ ﺳﺒﺐ ﺗﻐﻀﺒﮫ ﺑﺤﺒﮫ ،وﺧﺠﻠﺘﮫ ﻓﻲ اﻟﺨﺮوج ﻣﻤﺎ وﻗﻊ ﻓﯿﮫ ﺑﺎﻹﻋﺘﺬار ،وﺗﻮﺟﯿﮭﮫ إﻟﻰ ﻏﯿﺮ وﺟﮭﮫ ،وﺗﺤﻠﯿﻠﮫ ﻓﻲ اﺳﺘﻨﺒﺎط ﻣﻌﻨﻰ ﯾﻘﯿﻤﮫ ﻋﻨﺪ ﺟﻠﺴﺎﺋﮫ ،ﻟﺮأﯾﺖ ﻋﺠﺒﺎً وﻟﺬة ﻣﺨﯿﻔﺔ ﻻ ﺗﻘﺎوﻣﮭﺎ ﻟﺬة ،و رأﯾﺖ أﺟﻠﺐ ﻟﻠﻘﻠﻮب وﻻ أﻏﻮص ﻋﻠﻰ ﺣﯿﺎﺗﮭﺎ وﻻ أﻧﻔﺬ ﻟﻠﻤﻘﺎﺗﻞ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻐﻔﻞ ،وإن ﻟﻠﻤﺤﺒﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻮﺻﻞ ﻣﻦ اﻻﻋﺘﺬار ﻣﺎ أﻋﺠﺰ أھﻞ اﻷذھﺎن اﻟﺬﻛﯿﺔ واﻷﻓﻜﺎر اﻟﻘﻮﯾﺔ. وﻟﻘﺪ رأﯾﺖ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺮات ھﺬا ﻓﻘﻠﺖ: ﺇﺫﺍ ﻤﺯﺠﺕ ﺍﻟﺤﻕ ﺒﺎﻟﺒـﺎﻁـل
ﺠﻭﺯﺕ ﻤﺎ ﺸﺌﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﺎﻓل
ﻭﻓﻴﻬﻤﺎ ﻓﺭﻕ ﺼـﺤـﻴﺢ ﻟـﻪ
ﻋﻼﻤﺔ ﺘﺒﺩﻭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌـﺎﻗـل
ﻜﺎﻟﺘﺒﺭ ﺇﻥ ﺘﻤﺯﺝ ﺒـﻪ ﻓـﻀﺔ
ﺠﺎﺯﺕ ﻋﻠﻰ ﻜل ﻓﺘﻰ ﺠﺎﻫل
ﻭﺃﻥ ﺘﺼﺎﺩﻑ ﺼﺎﺌﻐﺎﹰ ﻤﺎﻫـﺭﺍﹰ
ﻤﻴﺯ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺤﺽ ﻭﺍﻟﺤـﺎﺌل
وإﻧﻲ ﻷﻋﻠﻢ ﻓﺘﻰ وﺟﺎرﯾﺔ ﻛﺎن ﯾﻜﻠﻒ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﺑﺼﺎﺣﺒﮫ ،ﻓﻜﺎﻧﺎ ﯾﻀﻄﺠﻌﺎن إذا ﺣﻀﺮھﻤﺎ أﺣﺪ وﺑﯿﻨﮭﻤﺎ اﻟﻤﺴﻨﺪ اﻟﻌﻈﯿﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﻧﺪ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺔ ﻋﻨﺪ ﻇﮭﻮر اﻟﺮؤﺳﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮش وﯾﻠﺘﻘﻲ رأﺳﺎھﻤﺎ وراء اﻟﻤﺴﻨﺪ وﯾﻘﺒﻞ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﺻﺎﺣﺒﮫ وﻻ ﯾﺮﯾﺎن ،وﻛﺄﻧﮭﻤﺎ إﻧﻤﺎ ﯾﺘﻤﺪادن ﻣﻦ اﻟﻜﻠﻞ .وﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﺗﻜﺎﻓﺌﮭﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻮدة آﻣﺮاً ﻋﻈﯿﻤﺎً ،إﻟﻰ أن ﻛﺎن اﻟﻔﺘﻰ اﻟﻤﺤﺐ رﺑﻤﺎ اﺳﺘﻄﺎل ﻋﻠﯿﮭﺎ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل:
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻭﻤﻥ ﺃﻋﺎﺠﻴﺏ ﺍﻟﺯﻤﺎﻥ ﺍﻟﺘـﻲ
ﻁﻤﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﻤﻊ ﻭﺍﻟﻘﺎﺌل
ﺭﻏﺒﺔ ﻤﺭﻜﻭﺏ ﺇﻟﻰ ﺭﺍﻜـﺏ
ﻭﺫﻟﺔ ﺍﻟﻤﺴـﺅل ﻟـﻠـﺴـﺎﺌل
ﻭﻁﻭل ﻤﺄﺴﻭﺭ ﺇﻟـﻰ ﺁﺴـﺭ
ﻭﺼﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﻘﺘﻭل ﻟﻠﻘـﺎﺘـل
ﻤﺎ ﺇﻥ ﺴﻤﻌﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺭﻯ ﻗﺒﻠﻬﺎ
ﺨﻀﻭﻉ ﻤﻤﻭل ﺇﻟـﻰ ﺁﻤـل
ﻫل ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻭﺠﻪ ﺘﺭﺍﻩ ﺴـﻭﻯ
ﺘﻭﺍﻀﻊ ﺍﻟﻤﻔﻌﻭل ﻟﻠﻔـﺎﻋـل
وﻟﻘﺪ ﺣﺪﺛﺘﻨﻲ اﻣﺮأة أﺛﻖ ﺑﮭﺎ أﻧﮫ ﺷﺎھﺪت ﻓﺘﻰ وﺟﺎرﯾﺔ ﻛﺎن ﯾﺠﺪ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﺑﺼﺎﺣﺒﮫ ﻓﻀﻞ وﺟﺪ ،ﻗﺪ اﺟﺘﻤﻌﺎ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﻋﻠﻰ ﻃﺮب ،وﻓﻲ ﯾﺪ اﻟﻔﺘﻰ ﺳﻜﯿﻦ ﯾﻘﻄﻊ ﺑﮭﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻮاﻛﮫ ،ﻓﺠﺮاھﺎ ﺟﺮاً زاﺋﺪاً ﻓﻘﻄﻊ إﺑﮭﺎﻣﮫ ﻗﻄﻌﺎً ﻟﻄﯿﻔﺎً ﻇﮭﺮ ﻓﯿﮫ دم، وﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎرﯾﺔ ﻏﻼﻟﺔ ﻗﺼﺐ ﺧﺰاﺋﻨﯿﺔ ﻟﮭﺎ ﻗﯿﻤﺔ ،ﻓﺼﺮﻓﺖ ﯾﺪھﺎ وﺧﺮﻗﯿﺘﮭﺎ وأﺧﺮﺟﺖ ﻣﻨﮭﺎ ﻓﻀﻠﺔ ﺷﺪ ﺑﮭﺎ إﺑﮭﺎﻣﮫ .وأﻣﺎ ھﺬا اﻟﻔﻌﻞ ﻟﻠﻤﺤﺐ ﻓﻘﻠﯿﻞ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿﮫ ،وﻓﺮض ﻻزم وﺷﺮﯾﻌﺔ ﻣﺆداة ،وﻛﯿﻒ ﻻ وﻗﺪ ﺑﺬل ﻧﻔﺴﮫ ووھﺐ روﺣﮫ ﻓﻤﺎ ﯾﻤﻨﻊ ﺑﻌﺪھﺎ.
ﺧﺒﺮ :وأﻧﺎ أدرﻛﺖ ﺑﻨﺖ زﻛﺮﯾﺎ ﺑﻦ ﯾﺤﯿﻰ اﻟﺘﻤﯿﻤﻲ اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﺑﻦ ﺑﺮﻃﺎل ،وﻋﻤﮭﺎ ﻛﺎن ﻗﺎﺿﻲ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﯾﺤﯿﻰ ،وأﺧﻮه اﻟﻮزﯾﺮ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻗﺘﻠﮫ ﻏﺎﻟﺐ وﻗﺎﺋﺪﯾﻦ ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﻌﺔ اﻟﻤﺸﮭﻮرة ﺑﺎﻟﺜﻐﻮر ،وھﻤﺎ ﻣﺮوان ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺷﮭﯿﺪ وﯾﻮﺳﻒ اﺑﻦ ﺳﻌﯿﺪ اﻟﻌﻜﻲ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻣﺘﺰوﺟﺔ ﺑﯿﺤﯿﻰ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﺑﻦ اﻟﻮزﯾﺮ ﯾﺤﯿﻰ ﺑﻦ إﺳﺤﺎق ،ﻓﻌﺎﺟﻠﺘﮫ اﻟﻤﻨﯿﺔ وھﻮ ﻓﻲ أﻏﺾ ﻋﯿﺸﮫ وأﻧﻀﺮ ﺳﺮورھﻤﺎ ،ﻓﺒﻠﻎ ﻣﻦ أﺳﻔﮭﺎ ﻋﻠﯿﮫ أن ﺑﺎﺗﺖ ﻣﻌﮫ ﻓﻲ دﺛﺎر واﺣﺪ ﻟﯿﻠﺔ ﻣﺎ ت وﺟﻌﻠﺘﮫ آﺧﺮ اﻟﻌﮭﺪ ﺑﮫ وﺑﻮﺻﻠﮫ ،ﺛﻢ ﻟﻢ ﯾﻔﺎرﻗﮭﺎ اﻷﺳﻒ ﺑﻌﺪه ﺣﯿﻦ ﻣﻮﺗﮭﺎ.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وإن ﻟﻠﻮﺻﻞ اﻟﻤﺨﺘﻠﺲ اﻟﺬي ﯾﺨﺎﺗﻞ ﺑﮫ اﻟﺮﻗﺒﺎء وﯾﺘﺤﻔﻆ ﺑﮫ ﻣﻦ اﻟﺤﻀﺮ ،ﻣﺜﻞ اﻟﻀﺤﻚ اﻟﻤﺴﺘﻮر ،واﻟﻨﺤﻨﺤﺔ ،وﺟﻮﻻن اﻷﯾﺪي ،واﻟﻀﻐﻂ ﺑﺎﻷﺟﻨﺎب ،واﻟﻘﺮص ﺑﺎﻟﯿﺪ واﻟﺮﺟﻞ ،ﻟﻤﻮﻗﻌﺎً ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺲ ﺷﮭﯿﺎً .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻟﻴﺱ ﻟﻠﻭﺼل ﺍﻟﻤﻜﻴﻥ ﺍﻟﺠﻠﻲ
ﺇﻥ ﻟﻠﻭﺼل ﺍﻟﺨﻔﻲ ﻤﺤـﻼﹰ
ﻜﻤﺴﻴﺭ ﻓﻲ ﺨﻼل ﺍﻟﻨﻘـﻲ
ﻟﺫﺓ ﺃﻤﺭﻫـﺎ ﺒـﺎﺭﺘـﻘـﺎﺏ
ﺧﺒﺮ: وﻟﻘﺪ ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺛﻘﺔ ﻣﻦ إﺧﻮاﻧﻲ ﺟﻠﯿﻞ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﺒﯿﻮﺗﺎت أﻧﮫ ﻛﺎن ﻋﻠﻖ ﻓﻲ ﺻﺒﺎه ﺟﺎرﯾﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ دور آﻟﮫ ،وﻛﺎن ﻣﻤﻨﻮﻋﺎً ﻣﻨﮭﺎ ﻓﮭﺎم ﻋﻘﻠﮫ ﺑﮭﺎ .ﻗﺎل ﻟﻲ: ﻓﺘﻨﺰھﻨﺎ ﯾﻮﻣﺎً إﻟﻰ ﺑﻌﺾ ﺿﯿﺎﻋﻨﺎً ﺑﺎﻟﺴﮭﻠﺔ ﻏﺮﺑﻲ ﻗﺮﻃﺒﺔ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ أﻋﻤﺎﻣﻲ، ﻓﺘﻤﺸﯿﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺴﺎﺗﯿﻦ وأﺑﻌﺪﻧﺎ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﺎزل واﻧﺒﺴﻄﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻧﮭﺎر .إﻟﻰ أن ﻏﯿﻤﺖ اﻟﺴﻤﺎء وأﻗﺒﻞ اﻟﻐﯿﺚ ،ﻓﻠﻢ ﯾﻜﻦ ﺑﺎﻟﺤﻀﺮة ﻣﻦ اﻟﻐﻄﺎء ﻣﺎ ﯾﻜﻔﻲ اﻟﺠﻤﯿﻊ .ﻗﺎل :ﻓﺄﻣﺮ ﻋﻤﻲ ﺑﺒﻌﺾ اﻷﻏﻄﯿﺔ ﻓﺄﻟﯿﻘﻰ ﻋﻠﻲ وأﻣﺮھﺎ ﺑﺎﻹﻛﺘﻨﺎن ﻣﻌﻲ ،ﻓﻈﻦ ﺑﻤﺎ ﺷﺌﺖ ﻣﻦ اﻟﺘﻤﻜﻦ ﻋﻠﻰ أﻋﯿﻦ اﻟﻤﻸ وھﻢ ﻻ ﯾﺸﻌﺮون ،وﯾﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﺟﻤﻊ ﻛﺨﻼء ،واﺣﺘﻔﺎل ﻛﺎﻧﻔﺮاد .ﻗﺎل ﻟﻲ :ﻓﻮاﷲ ﻻ ﻧﺴﯿﺖ ذﻟﻚ اﻟﯿﻮم أﺑﺪاً .وﻟﻌﮭﺪي ﺑﮫ وھﻮ ﯾﺤﺪﺛﻨﻲ ﺑﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ وأﻋﻀﺎؤه ﻛﻠﮭﺎ ﺗﻀﺤﻚ وھﻮ ﯾﮭﺘﺰ ﻓﺮﺣﺎً ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ اﻟﻌﮭﺪ واﻣﺘﺪاد اﻟﺰﻣﺎن. ﻓﻔﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌﺮاً ،ﻣﻨﮫ: ﻴﻀﺤﻙ ﺍﻟﺭﻭﺽ ﻭﺍﻟﺴﺤﺎﺌﺏ ﺘﺒﻜﻲ
ﻜﺤﺒﻴﺏ ﺭﺁﻩ ﺼـﺏ ﻤـﻌـﻨـﻰ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺧﺒﺮ :وﻣﻦ ﺑﺪﯾﻊ اﻟﻮﺻﻞ ﻣﺎ ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺑﮫ ﺑﻌﺾ إﺧﻮاﻧﻲ أﻧﮫ ﻛﺎن ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻨﺎزل اﻟﻤﺼﺎﻗﺒﺔ ﻟﮫ ھﻮى ،وﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺰﻟﯿﻦ ﻣﻮﺿﻊ ﻣﻄﻠﻊ ﻣﻦ أﺣﺪھﻤﺎ ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮ، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺗﻘﻒ ﻟﮫ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻤﻮﺿﻊ ،وﻛﺎن ﻓﯿﮫ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﻌﺪ ،ﻓﺘﺴﻠﻢ ﻋﻠﯿﮫ وﯾﺪھﺎ ﻣﻠﻔﻮﻓﺔ ﻓﻲ ﻗﻤﯿﺼﮭﺎ .ﻓﺨﺎﻃﺒﮭﺎ ﻣﺴﺘﺨﺒﺮاً ﻟﮭﺎ ﻋﻦ ذﻟﻚ .ﻓﺄﺟﺎﺑﺘﮫ :إﻧﮫ رﺑﻤﺎ أﺣﺲ ﻣﻦ أﻣﺮﻧﺎ ﺷﻲء ﻓﻮﻗﻒ ﻟﻚ ﻏﯿﺮي ﻓﺴﻠﻢ ﻋﻠﯿﻚ ﻓﺮددت ﻋﻠﯿﮫ ،ﻓﺼﺢ اﻟﻈﻦ ،ﻓﮭﺬه ﻋﻼﻣﺔ ﺑﯿﻨﻲ وﺑﯿﻨﻚ ﻓﺈذا رأﯾﺖ ﯾﺪاً ﻣﻜﺸﻮﻓﺔ ﺗﺸﯿﺮ ﻧﺤﻮك ﺑﺎﻟﺴﻼم ﻓﻠﯿﺴﺖ ﯾﺪي ﻓﻼ ﺗﺠﺎوب. ورﺑﻤﺎ اﺳﺘﺤﻠﻰ اﻟﻮﺻﺎل واﺗﻔﻘﺖ اﻟﻘﻠﻮب ﺣﺘﻰ ﯾﻘﻊ اﻟﺘﺨﻠﺞ ﻓﻲ اﻟﻮﺻﺎل ،ﻓﻼ ﯾﻠﺘﻔﺖ إﻟﻲ ﻻﺋﻢ وﻻ ﯾﺴﺘﺘﻢ ﻣﻦ ﺣﺎﻓﻆ وﻻ ﯾﺒﺎﻟﻲ ﺑﻨﺎﻗﻞ ،ﺑﻞ اﻟﻌﺬل ﺣﯿﻨﺌﺬ ﯾﻐﺮي .وﻓﻲ ﺻﻔﺔ اﻟﻮﺻﻞ أﻗﻮل ﺷﻌﺮاً ،ﻣﻨﮫ: ﻜﻡ ﺩﺭﺕ ﺤﻭل ﺍﻟﺤﺏ ﺤﺘﻰ ﻟﻘﺩ
ﺤﺼﻠﺕ ﻓﻴﻪ ﻜﺤﺼﻭل ﺍﻟﻔﺭﺍﺵ
وﻣﻨﮫ: ﺘﻌﺸﻭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻭﺼل ﺩﻭﺍﻋﻲ ﺍﻟﻬﻭﻯ
ﻜﻤﺎﺴﺭﻯ ﻨﺤﻭ ﺴﻨﺎ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻋـﺎﺵ
وﻣﻨﮫ: ﻋﻠﻠﻨﻲ ﺒﺎﻟﻭﺼل ﻤـﻥ ﺴـﻴﺩﻱ
ﻜﻤﺜل ﺘﻌﻠﻴل ﺍﻟﻅﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﻁﺎﺵ
وﻣﻨﮫ: ﻻ ﺘﻭﻗﻑ ﺍﻟﻌﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﻏﺎﻴﺔ
ﻓﺎﻟﺤﺴﻥ ﻓﻴﻪ ﻤﺴﺘﺯﻴﺩ ﻭﺒﺎﺵ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وأﻗﻮل ﻣﻦ ﻗﺼﯿﺪة ﻟﻲ: ﻫل ﻟﻘﻴل ﺍﻟﺤـﺏ ﻤـﻥ ﻭﺍﺩﻱ
ﺃﻡ ﻫل ﻟﻌﺎﻨﻲ ﺍﻟﺤﺏ ﻤﻥ ﻓﺎﺩﻱ
ﺃﻡ ﻫل ﻟﺩﻫﺭﻱ ﻋﻭﺩﺓ ﻨﺤﻭﻫـﺎ
ﻜﻤﺜل ﻴﻭﻡ ﻤﺭ ﻓـﻲ ﺍﻟـﻭﺍﺩﻱ
ﻅﻠﻠﺕ ﻓﻴﻪ ﺴﺎﺒـﺤـﺎﹰ ﺼـﺎﺩﻴﺎﹰ
ﻴﺎ ﻋﺠﺒﺎﹰ ﻟﻠﺴﺎﺒﺢ ﺍﻟﺼـﻌـﺎﺩﻱ
ﻀﻨﻴﺕ ﻴﺎ ﻤﻭﻻﻱ ﻭﺠﺩﺍﹰ ﻓﻤـﺎ
ﺘﺒﺼﺭﻨﻲ ﺃﻟﺤـﺎﻅ ﻋـﻭﺍﺩﻱ
ﻜﻴﻑ ﺍﻫﺘﺩﻱ ﺍﻟﻭﺠﺩ ﺇﻟﻰ ﻏﺎﺌﺏ
ﻋﻥ ﺃﻋﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻀﺭ ﻭﺍﻟﺒـﺎﺩﻱ
ﻤل ﻤﺩﺍﻭﺍﺘﻲ ﻁﺒﻴﺒـﻲ ﻓـﻘـﺩ
ﻴﺭﺤﻤﻨﻲ ﻟﻠﺴﻘـﻡ ﺤـﺴـﺎﺩﻱ
اﻟﺒﺎب اﻟﺤﺎدي واﻟﻌﺸﺮون اﻟﮭﺠﺮ وﻣﻦ آﻓﺎت اﻟﺤﺐ أﯾﻀﺎً اﻟﮭﺠﺮ ،وھﻮ ﻋﻠﻰ ﺿﺮوب :ﻓﺄوﻟﮭﺎ ھﺠﺮ ﯾﻮﺟﺒﮫ ﺗﺤﻔﻆ ﻣﻦ رﻗﯿﺐ ﺣﺎﺿﺮ؛ وإﻧﮫ ﻷﺣﻠﻰ ﻣﻦ ﻛﻞ وﺻﻞ ،وﻟﻮﻻ أن ﻇﺎھﺮ اﻟﻠﻔﻆ وﺣﻜﻢ اﻟﺘﺴﻤﯿﺔ ﯾﻮﺟﺐ إدﺧﺎﻟﮫ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﺎب ﻟﺮﺟﻌﺖ ﺑﮫ ﻋﻨﮫ وﻷﺟﻠﻠﺘﮫ ﻋﻦ ﺗﺴﻄﯿﺮه ﻓﯿﮫ. ﻓﺤﯿﻨﺌﺬ ﺗﺮى اﻟﺤﺒﯿﺐ ﻣﻨﺤﺮﻓﺎً ﻋﻦ ﻣﺤﺒﮫ ﻣﻘﺒﻼً ﺑﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮه ﻣﻌﺮﺿﺎً ﺑﻤﻌﺮض ﻟﺌﻼ ﺗﻠﺤﻖ ﻇﻨﺘﮫ أو ﺗﺴﺒﻖ اﺳﺘﺮاﺑﺘﮫ .وﺗﺮى اﻟﻤﺤﺐ أﯾﻀﺎً ﻛﺬﻟﻚ .وﻟﻜﻦ ﻃﺒﻌﮫ ﻟﮫ ﺟﺎذب ،وﻧﻔﺴﮫ ﻟﮫ ﺻﺎرﻓﺔ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ،ﻓﺘﺮاه ﺣﯿﻨﺌﺬ ﻣﻨﺤﺮﻓﺎً ﻛﻤﻘﺒﻞ ،وﺳﺎﻛﻨﺎً ﻛﻨﺎﻃﻖ ،وﻧﺎﻇﺮاً إﻟﻰ ﺟﮭﺔ ﻧﻔﺴﮫ ﻓﻲ ﻏﯿﺮھﺎ .واﻟﺤﺎذق اﻟﻔﻄﻦ إذا ﻛﺸﻒ ﺑﻮھﻤﮫ ﻋﻦ ﺑﺎﻃﻦ ﺣﺪﯾﺜﮭﻤﺎ ﻋﻠﻢ أن اﻟﺨﺎﻓﻲ ﻏﯿﺮ اﻟﺒﺎدي ،وﻣﺎ ﺟﮭﺮ ﺑﮫ ﻏﯿﺮ ﻧﻔﺲ اﻟﺨﺒﺮ ،وأﻧﮫ ﻟﻤﻦ اﻟﻤﺸﺎھﺪ اﻟﺠﺎﻟﺒﺔ ﻟﻠﻔﺘﻦ واﻟﻤﻨﺎﻇﺮ اﻟﻤﺤﺮﻛﺔ ﻟﻠﺴﻮاﻛﻦ اﻟﺒﺎﻋﺜﺔ ﻟﻠﺨﻮاﻃﺮ اﻟﻤﮭﯿﺠﺔ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻟﻠﻀﻤﺎﺋﺮ اﻟﺠﺎذﺑﺔ ﻟﻠﻔﺘﻮة .وﻟﻲ أﺑﯿﺎت ﻓﻲ ﺷﻲء ﻣﻦ ھﺬا أوردﺗﮭﺎ .وإن ﻛﺎن ﻓﯿﮭﺎ ﻏﯿﺮ ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺷﺮﻃﻨﺎ ،ﻣﻨﮭﺎ: ﻴﻠﻭﻡ ﺃﺒﻭ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺠﻬﻼﹰ ﺒﻁﺒـﻌـﻪ
ﻜﻤﺎ ﻋﻴﺭ ﺍﻟﺤﻭﺕ ﺍﻟﻨﻌﺎﻤﺔ ﺒﺎﻟﺼﺩﻯ
وﻣﻨﮭﺎ: ﻭﻜﻡ ﺼﺎﺤﺏ ﺃﻜﺭﻤﺘﻪ ﻏﻴﺭ ﻁﺎﺌﻊ
ﻭﻻ ﻤﻜﺭﻩ ﺇﻻ ﻷﻤﺭ ﺘـﻌـﻤـﺩﺍ
ﻭﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﺒﺭ ﺇﻻ ﻟـﻐـﻴﺭﻩ
ﻜﻤﺎ ﻨﺼﺒﻭﺍ ﻟﻠﻁﻴﺭ ﺒﺎﻟﺤﺏ ﻤﺼﻴﺩ ﺍﹰ
وأﻗﻮل ﻣﻦ ﻗﺼﯿﺪة ﻣﺤﺘﻮﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺿﺮوب ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻢ وﻓﻨﻮن اﻵداب اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ: ﻭﺴﺭﺍﺀ ﺃﺤﺸﺎﺌﻲ ﻟﻤـﻥ ﺃﻨـﺎ ﻤـﺅﺜـﺭ
ﻭﺴﺭﺍﺀ ﺃﺒﻨﺎﺌﻲ ﻟـﻤـﻥ ﺃﺘـﺤـﺒـﺏ
ﻓﻘﺩ ﻴﺸﺭﺏ ﺍﻟﺼﺎﺏ ﺍﻟﻜـﺭﻴﻪ ﻟـﻌـﻠﺔ
ﻭﻴﺘﺭﻙ ﺼﻔﻭ ﺍﻟﺸﻬﺩ ﻭﻫﻭ ﻤﺤـﺒـﺏ
ﻭﺃﻋﺩل ﻓﻲ ﺇﺠﻬﺎﺩ ﻨﻔﺴﻲ ﻓـﻲ ﺍﻟـﺫﻱ
ﺃﺭﻴﺩ ﻭﺇﻨﻲ ﻓﻴﻪ ﺃﺸـﻘـﻰ ﻭﺃﺘـﻌـﺏ
ﻴﻬل ﺍﻟﻠﺅﻟﺅ ﺍﻟﻤﻜﻨـﻭﻥ ﻭﺍﻟـﺩﺭ ﻜـﻠـﻪ ﺭﺃﻴﺕ ﺒﻐﻴﺭ ﺍﻟﻐﻭﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺭ ﻴﻁﻠﺏ ﻭﺃﺼﺭﻑ ﻨﻔﺴﻲ ﻋﻥ ﻭﺠﻭﻩ ﻁﺒﺎﻋﻬـﺎ
ﺇﺫﺍ ﻓﻲ ﺴﻭﺍﻫﺎ ﺼﺢ ﻤﺎ ﺃﻨـﺎ ﺃﺭﻏـﺏ
ﻜﻤﺎ ﻨﺴﺦ ﺍﷲ ﺍﻟـﺸـﺭﺍﺌﻊ ﻗـﺒـﻠـﻨـﺎ
ﺒﻤﺎ ﻫﻭ ﺃﺩﻨﻰ ﻟﻠـﺼـﻼﺡ ﻭﺃﻗـﺭﺏ
ﻭﺃﻟﻘﻰ ﺴﺠﺎﻴﺎ ﻜل ﺨﻠﻕ ﺒـﻤـﺜـﻠـﻬـﺎ
ﻭﻨﻌﺕ ﺴﺠﺎﻴﺎﻱ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﻤـﻬـﺫﺏ
ﻜﻤﺎ ﺼﺎﺭ ﻟﻭﻥ ﺍﻟـﻤـﺎﺀ ﻟـﻭﻥ ﺇﻨـﺎﺌﻪ ﻭﻓﻲ ﺍﻷﺼل ﻟﻭﻥ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺃﺒﻴﺽ ﻤﻌﺠﺏ
وﻣﻨﮭﺎ: ﺃﻗﻤﺕ ﺫﻭﻱ ﻭﺩﻱ ﻤﻘﺎﻡ ﻁﺒﺎﺌﻌـﻲ
ﺤﻴﺎﺘﻲ ﺒﻬﺎ ﻭﺍﻟﻤﻭﺕ ﻤﻨﻬﻥ ﻴﺭﻫﺏ
وﻣﻨﮭﺎ:
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻭﻤﺎ ﺃﻨﺎ ﻤﻤـﻥ ﺘـﻁـﺒـﻴﻪ ﺒـﺸـﺎﺸﺔ
ﻭﻻ ﻴﻘﺘﻀﻲ ﻤﺎ ﻓﻲ ﻀﻤﻴﺭﻱ ﺍﻟﺘﺠﻨﺏ
ﺃﺯﻴﺩ ﻨﻔﺎﺭﺍﹰ ﻋـﻨـﺩ ﺫﻟـﻙ ﺒـﺎﻁـﻨـﺎﹰ
ﻭﻓﻲ ﻅﺎﻫﺭﻱ ﺃﻫل ﻭﺴﻬل ﻭﻤﺭﺤﺏ
ﻓﺈﻨﻲ ﺭﺃﻴﺕ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﻴﻌﻠﻭ ﺇﺸﺘﻌﺎﻟـﻬـﺎ
ﻭﻤﺒﺩﺅﻫﺎ ﻓﻲ ﺃﻭل ﺍﻷﻤﺭ ﻤـﻠـﻌـﺏ
ﻭﻟﻠﺤﻴﺔ ﺍﻟﺭﻗﺸﺎﺀ ﻭﺸـﻲ ﻭﻟـﻭﻨـﻬـﺎ
ﻋﺠﻴﺏ ﻭﺘﺤﺕ ﺍﻟﻭﺸﻲ ﺴﻡ ﻤـﺭﻜـﺏ
ﻭﺇﻥ ﻓﺭﻨﺩ ﺍﻟﺴﻴﻑ ﺃﻋﺠﺏ ﻤـﻨـﻅـﺭﺍﹰ
ﻭﻓﻴﻪ ﺇﺫﺍ ﻫﺯ ﺍﻟﺤـﻤـﺎﻡ ﺍﻟـﻤـﺫﺭﺏ
ﻭﺃﺠﻌل ﺫل ﺍﻟﻨﻔﺱ ﻋـﺯﺓ ﺃﻫـﻠـﻬـﺎ
ﺇﺫﺍ ﻫﻲ ﻨﺎﻟﺕ ﻤﺎ ﺒﻬﺎ ﻓﻴﻪ ﻤـﺫﻫـﺏ
ﻓﻘﺩ ﻴﻀﻊ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺭﺏ ﻭﺠﻬـﻪ
ﻟﻴﺄﺘﻲ ﻏﺩﺍﹰ ﻭﻫﻭ ﺍﻟﻤﺼﻭﻥ ﺍﻟﻤﻘـﺭﺏ
ﻓﺫل ﻴﺴﻭﻕ ﺍﻟﻌﺯ ﺃﺠﻭﺩ ﻟـﻠـﻔـﺘـﻰ
ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺯ ﻴﺘﻠﻭﻩ ﻤﻥ ﺍﻟﺫل ﻤـﺭﻜـﺏ
ﻭﻜﻡ ﻤﺄﻜل ﺃﺭﺒـﺕ ﻋـﻭﺍﻗـﺏ ﻏـﻴﻪ
ﻭﺭﺏ ﻁﻭﻯ ﺒﺎﻟﺨﺼﺏ ﺁﺕ ﻭﻤﻌﻘـﺏ
ﻭﻤﺎ ﺫﺍﻕ ﻋﺯ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﻤـﻥ ﻻ ﻴﺫﻟـﻬـﺎ ﻭﻻ ﺍﻟﺘﺫ ﻁﻌﻡ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﻤﻥ ﻟﻴﺱ ﻴﻨﺼﺏ ﻭﺭﻭﺩﻙ ﻨﻬل ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻤﻥ ﺒﻌﺩ ﻅـﻤـﺄﺓ
ﺃﻟﺫ ﻤﻥ ﺍﻟﻌل ﺍﻟـﻤـﻜـﻴﻥ ﻭﺃﻋـﺫﺏ
وﻣﻨﮭﺎ: ﻭﻓﻲ ﻜل ﻤﺨﻠﻭﻕ ﺘـﺭﺍﻩ ﺘـﻔـﺎﻀـل
ﻓﺭﺩ ﻁﻴﺒﺎﹰ ﺇﻥ ﻟـﻡ ﻴﺘـﺢ ﻟـﻙ ﺃﻁـﻴﺏ
ﻭﻻ ﺘﺭﻀﻰ ﻭﺭﺩ ﺍﻟﺭﻴﻕ ﺇﻻ ﻀـﺭﻭﺭﺓ ﺇﺫﺍ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﺤﺎﺸﺎﻩ ﻤﺸﺭﺏ ﻭﻻ ﺘﻘﺭﺒﻥ ﻤﻠـﺢ ﺍﻟـﻤـﻴﺎﻩ ﻓـﺈﻨـﻬـﺎ ﺸﺠﻰ ﻭﺍﻟﺼﺩﻯ ﺒﺎﻟﺤﺭ ﺃﻭﻟﻰ ﻭﺃﻭﺠـﺏ
وﻣﻨﮭﺎ: ﻓﺨﺫ ﻤﻥ ﺠﺭﺍﻫﺎ ﻤﺎ ﺘﻴﺴﺭ ﻭﺍﻗﺘﻨﻊ
ﻭﻻ ﺘﻙ ﻤﺸﻐﻭﻻﹰ ﺒﻤﻥ ﻫﻭ ﻴﻐﻠﺏ
ﻓﻤﺎ ﻟﻙ ﺸﺭﻁ ﻋﻨﺩﻫـﺎ ﻻ ﻭﻻ ﻴﺩ
ﻭﻻ ﻫﻲ ﺇﻥ ﺤﺼﻠﺕ ﺃﻡ ﻭﻻ ﺃﺏ
وﻣﻨﮭﺎ: ﻭﻻ ﺘﻴﺄﺴﻥ ﻤـﻤـﺎ ﻴﻨـﺎل ﺒـﺤـﻴﻠﺔ
ﻭﺇﻥ ﺒﻌﺩﺕ ﻓﺎﻷﻤﺭ ﻴﻨﺄﻯ ﻭﻴﺼﻌـﺏ
ﻭﻻ ﺘﺄﻤﻥ ﺍﻹﻅﻼﻡ ﻓﺎﻟﻔﺠﺭ ﻁـﺎﻟـﻊ
ﻭﻻ ﺘﻠﺘﺒﺱ ﺒﺎﻟﻀﻭﺀ ﻓﺎﻟﺸﻤﺱ ﺘﻐﺭﺏ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وﻣﻨﮭﺎ: ﺃﻟﺢ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻴﻜﺩﺡ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻔﺎ
ﺇﺫﺍ ﻁﺎل ﻤﺎ ﻴﺄﺘﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻴﺫﻫﺏ
ﻭﻜﺜﺭ ﻭﻻ ﺘﻔﺸل ﻭﻗﻠل ﻜﺜﻴﺭ ﻤـﺎ
ﻓﻌﻠﺕ ﻓﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺯﻥ ﺠﻡ ﻭﻴﻨﻀﺏ
ﻓﻠﻭ ﻴﺘﻐﺫﻯ ﺍﻟﻤﺭﺀ ﺒﺎﻟﺴﻡ ﻗـﺎﺘـﻪ
ﻭﻗﺎﻡ ﻟﻪ ﻤﻨﻪ ﻏﺫﺍﺀ ﻤـﺠـﺭﺏ
ﺛﻢ ھﺠﺮ ﯾﻮﺟﺒﮫ اﻟﺘﺬﻟﻞ ،وھﻮ أﻟﺬ ﻣﻦ ﻛﺜﯿﺮ اﻟﻮﺻﺎل ،وﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﯾﻜﻮن إﻻ ﻋﻦ ﺛﻘﺔ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺘﺤﺎﺑﯿﻦ ﺑﺼﺎﺣﺒﮫ ،واﺳﺘﺤﻜﺎم اﻟﺒﺼﯿﺮة ﻓﻲ ﺻﺤﺔ ﻋﻘﺪه ﻓﺤﯿﻨﺌﺬ ﯾﻈﮭﺮ اﻟﻤﺤﺒﻮب ھﺠﺮاﻧﺎً ﻟﯿﺮى ﺻﺒﺮ ﻣﺤﺒﮫ ،وذﻟﻚ ﻟﺌﻼ ﯾﺼﻔﻮ اﻟﺪھﺮ اﻟﺒﺘﺔ، وﻟﯿﺄﺳﻒ اﻟﻤﺤﺐ إن ﻛﺎن ﻣﻔﺮط اﻟﻌﺸﻖ ﻋﻨﺪ ذﻟﻚ ﻻ ﻟﻤﺎ ﺣﻞ ،ﻟﻜﻦ ﻣﺨﺎﻓﺔ أن ﯾﺘﺮﻗﻰ اﻷﻣﺮ إﻟﻰ ﻣﺎ ھﻮ أﺟﻞ ،ﯾﻜﻮن ذﻟﻚ اﻟﮭﺠﺮ ﺳﺒﺒﺎً إﻟﻰ ﻏﯿﺮه ،أو ﺧﻮﻓﺎً ﻣﻦ آﻓﺔ ﺣﺎدث ﻣﻠﻞ .وﻟﻘﺪ ﻋﺮض ﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﺼﺒﺎ ھﺠﺮ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻛﻨﺖ آﻟﻒ ،ﻋﻠﻰ ھﺬه اﻟﺼﻔﺔ وھﻮ ﻻ ﯾﻠﺒﺚ أن ﯾﻀﻤﺤﻞ ﺛﻢ ﯾﻌﻮد .ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺜﺮ ذﻟﻚ ﻗﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺰاح ﺷﻌﺮاً ﺑﺪﯾﮭﯿﺎً ﺧﺘﻤﺖ ﻛﻞ ﺑﯿﺖ ﻣﻨﮫ ﺑﻘﺴﻢ ﻣﻦ أو ﻗﺼﯿﺪة ﻃﺮﻓﺔ ﺑﻦ اﻟﻌﺒﺪ اﻟﻤﻌﻠﻘﺔ ،وھﻲ اﻟﺘﻲ ﻗﺮأﻧﺎھﺎ ﻣﺸﺮوﺣﺔ ﻋﻠﻰ أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ اﻟﻔﺘﻰ اﻟﺠﻌﻔﺮي ﻋﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﻤﻘﺮئ ﻋﻦ أﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﻨﺤﺎس ،رﺣﻤﮭﻢ اﷲ ،ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺠﺎﻣﻊ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ ،وھﻲ: ﺘﺫﻜﺭﺕ ﻭﺩﺍﹰ ﻟﻠـﺤـﺒـﻴﺏ ﻜـﺄﻨـﻪ
ﻟﺨﻭﻟﺔ ﺃﻁﻼل ﺒﺒـﺭﻗﺔ ﺜـﻤـﻬـﺩ
ﻭﻋﻬﺩﻱ ﺒﻌﻬﺩ ﻜﺎﻥ ﻟﻲ ﻤﻨﻪ ﺜـﺎﺒـﺕ
ﻴﻠﻭﺡ ﻜﺒﺎﻗﻲ ﺍﻟﻭﺸﻡ ﻓﻲ ﻅﺎﻫﺭ ﺍﻟﻴﺩ
ﻭﻗﻔﺕ ﺒﻪ ﻻ ﻤﻭﻗﻨـﺎﹰ ﺒـﺭﺠـﻭﻋـﻪ
ﻭﻻ ﺁﻴﺴ ﺎﹰ ﺃﺒﻜﻲ ﻭﺃﺒﻜﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟـﻐـﺩ
ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺃﻁﺎل ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﺫﻟﻲ ﻭﺃﻜﺜﺭﻭﺍ
ﻴﻘﻭﻟﻭﻥ ﻻ ﺘﻬﻠﻙ ﺃﺴﻰ ﻭﺘـﺠـﻠـﺩ
ﻜﺄﻥ ﻓﻨﻭﻥ ﺍﻟﺴﺨﻁ ﻤﻤـﻥ ﺃﺤـﺒـﻪ
ﺨﻼﻴﺎ ﺴﻔﻴﻥ ﺒﺎﻟﻌﻭﺍﺼـﻑ ﻤـﻥ ﺩﺩ
ﻜﺄﻥ ﺍﻨﻘﻼﺏ ﺍﻟﻬﺠﺭ ﻭﺍﻟﻭﺼل ﻤﺭﻜﺏ
ﻴﺠﻭﺭ ﺒﻪ ﺍﻟﻤﻼﺡ ﻁﻭﺭﺍﹰ ﻭﻴﻬﺘـﺩﻱ
ﻓﻭﻗﺕ ﺭﻀﻲ ﻴﺘﻠﻭﻩ ﻭﻗﺕ ﺘﺴـﺨـﻁ
ﻜﻤﺎ ﻗﺴﻡ ﺍﻟﺘﺭﺏ ﺍﻟﻤﻔـﺎﻴل ﺒـﺎﻟـﻴﺩ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻭﻴﺒﺴﻡ ﻨﺤﻭﻱ ﻭﻫﻭ ﻏﻀﺒﺎﻥ ﻤﻌﺭﺽ
ﻤﻅﺎﻫﺭ ﺴﻤﻁﻰ ﻟﺅﻟﺅ ﻭﺯﺒـﺭﺠـﺩ
ﺛﻢ ھﺠﺮ ﯾﻮﺟﺒﮫ اﻟﻌﺘﺎب ﻟﺬﻧﺐ ﯾﻘﻊ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺐ ،وھﺬا ﻓﯿﮫ ﺑﻌﺾ اﻟﺸﺪة ،ﻟﻜﻦ ﻓﺮﺣﺔ اﻟﺮﺟﻌﺔ وﺳﺮور اﻟﺮﺿﻰ ﯾﻌﺪل ﻣﺎ ﻣﻀﻰ ،ﻓﺈن ﻟﺮﺿﻰ اﻟﻤﺤﺒﻮب ﺑﻌﺪ ﺳﺨﻄﮫ ﻟﺬة ﻓﻲ اﻟﻘﻠﺐ ﻻ ﺗﻌﺪﻟﮭﺎ ﻟﺬة .وﻣﻮﻗﻔﺎً ﻣﻦ اﻟﺮوح ﻻ ﯾﻔﻮﻗﮫ ﺷﻲء ﻣﻦ أﺳﺒﺎب اﻟﺪﻧﯿﺎ .وھﻞ ﺷﺎھﺪ ﻣﺸﺎھﺪ أو رأت ﻋﯿﻦ أرﻗﺎم ﻓﻲ ﻓﻜﺮ أﻟﺬ وأﺷﮭﻰ ﻣﻦ ﻣﻘﺎم ﻗﺪ ﻗﺎم ﻋﻨﮫ ﻛﻞ رﻗﯿﺐ ،وﺑﻌﺪ ﻋﻨﮫ ﻛﻞ ﺑﻐﯿﺾ ،وﻏﺎب ﻋﻨﮫ ﻛﻞ واش ،واﺟﺘﻤﻊ ﻓﯿﮫ ﻣﺤﺒﺎن ﻗﺪ ﺗﺼﺎرﻣﺎ ﻟﺬﻧﺐ وﻗﻊ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺐ ﻣﻨﮭﻤﺎ وﻃﺎل ذﻟﻚ ﻗﻠﯿﻼً ،وﺑﺪأ ﺑﻌﺾ اﻟﮭﺠﺮ وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﺛﻢ ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ اﻹﻃﺎﻟﺔ ﻟﻠﺤﺪﯾﺚ ،ﻓﺎﺑﺘﺪأ اﻟﻤﺤﺐ ﻓﻲ اﻻﻋﺘﺬار واﻟﺨﻀﻮع واﻟﺘﺬﻟﻞ واﻷدﻟﺔ ﺑﺤﺠﺘﮫ ﻣﻦ اﻹدﻻل واﻹذﻻل واﻟﺘﺬﻣﻢ ﺑﻤﺎ ﺳﻠﻒ ،ﻓﻄﻮراً ﯾﺪﻟﻲ ﺑﺒﺮاءﺗﮫ، وﻃﻮراً ﯾﺮد ﺑﺎﻟﻌﻔﻮ وﯾﺴﺘﺪﻋﻰ اﻟﻤﻐﻔﺮة وﯾﻘﺮ ﺑﺎﻟﺬﻧﺐ وﻻ ذﻧﺐ ﻟﮫ ،وﻻﺣﺒﻮب ﻓﻲ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻧﺎﻇﺮ إﻟﻰ اﻷرض ﯾﺴﺎرﻗﮫ اﻟﻠﺤﻆ اﻟﺨﻔﻲ ورﺑﻤﺎ أداﻣﮫ ﻓﯿﮫ ﺛﻢ ﯾﺒﺴﻢ ﻣﺨﻔﯿﺎً ﻟﺘﺒﺴﻤﮫ ،وذﻟﻚ ﻋﻼﻣﺔ اﻟﺮﺿﻰ .ﺛﻢ ﯾﻨﺠﻠﻲ ﻣﺠﻠﺴﮭﻤﺎ ﻋﻦ ﻗﺒﻮل اﻟﻌﺬر ،وﯾﻘﺒﻞ اﻟﻘﻮل، واﻣﺘﺤﺖ ذﻧﻮب اﻟﻨﻘﻞ ،وذھﺒﺖ آﺛﺎر اﻟﺴﺨﻂ ،ووﻗﻊ اﻟﺠﻮاب ﺑﻨﻌﻢ وذﻧﺒﻚ ﻣﻐﻔﻮر، وﻟﻮ ﻛﺎن ﻓﻜﯿﻒ وﻻ ذﻧﺐ ،وﺧﺘﻤﺎ أﻣﺮھﻤﺎ ﺑﺎﻟﻮﺻﻞ اﻟﻤﻤﻜﻦ وﺳﻘﻮط اﻟﻌﺘﺎب واﻹﺳﻌﺎد وﺗﻔﺮﻗﺎ ﻋﻠﻰ ھﺬا.
ھﺬا ﻣﻜﺎن ﺗﺘﻘﺎﺻﺮ دوﻧﮫ اﻟﺼﻔﺎت وﺗﺘﻠﻜﻦ ﺑﺘﺤﺪﯾﺪه اﻷﻟﺴﻨﺔ؛ وﻟﻘﺪ وﻃﺌﺖ ﺑﺴﺎط اﻟﺨﻠﻔﺎء وﺷﺎھﺪت ﻣﺤﺎﺿﺮ اﻟﻤﻠﻮك ﻓﻤﺎ رأﯾﺖ ھﯿﺒﺔ ﺗﻌﺪل ھﯿﺒﺔ ﻣﺤﺐ ﻟﻤﺤﺒﻮﺑﮫ، ورأﯾﺖ ﺗﻤﻜﻦ اﻟﻤﺘﻐﻠﺒﯿﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺮؤﺳﺎء وﺗﺤﻜﻢ اﻟﻮزراء .واﻧﺒﺴﺎط ﻣﺪﺑﺮي اﻟﺪول،
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻓﻤﺎ رأﯾﺖ أﺷﺪ ﺗﺒﺠﺤﺎً وﻻ أﻋﻈﻢ ﺳﺮوراً ﺑﻤﺎ ھﻮ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ ﻣﺤﺐ أﯾﻘﻦ أن ﻗﻠﺐ ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ
ﻋﻨﺪه
ﺑﻤﯿﻠﮫ
ووﺛﻖ
إﻟﯿﮫ
وﺻﺤﺔ
ﻣﻮدﺗﮫ
ﻟﮫ.
وﺣﻀﺮت ﻣﻘﺎم اﻟﻤﻌﺘﺬﯾﻦ ﺑﯿﻦ أﯾﺪي اﻟﺴﻼﻃﯿﻦ ،وﻣﻮاﻗﻒ اﻟﻤﺘﮭﻤﯿﻦ ﺑﻌﻈﯿﻢ اﻟﺬﻧﻮب ﻣﻊ اﻟﻤﺘﻤﺮدﯾﻦ اﻟﻄﺎﻏﯿﻦ ،ﻓﻤﺎ رأﯾﺖ أذل ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻒ ﻣﺤﺐ ھﯿﻤﺎن ﺑﯿﻦ ﯾﺪي ﻣﺤﺒﻮب ﻏﻀﺒﺎن ﻗﺪ ﻏﻤﺮه اﻟﺴﺨﻂ وﻏﻠﺐ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺠﻔﺎء .وﻟﻘﺪ اﻣﺘﺤﻨﺖ اﻷﻣﺮﯾﻦ وﻛﻨﺖ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻷوﻟﻰ أﺷﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﺪﯾﺪ وأﻧﻔﺬ ﻣﻦ اﻟﺴﯿﻒ ،ﻻ أﺟﯿﺐ إﻟﻰ اﻟﺪﻧﯿﺔ وﻻ أﺳﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻀﻮع ،وﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ أذل ﻣﻦ اﻟﺮداء ،وأﻟﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﻦ ،أﺑﺎدر إﻟﻰ أﻗﺼﻰ ﻏﺎﯾﺎت اﻟﺘﺬﻟﻞ ،وأﻏﺘﻨﻢ ﻓﺮﺻﺔ اﻟﺨﻀﻮع ﻟﻮ ﻧﺠﻊ ،وأﺗﺤﻠﻞ ﺑﻠﺴﺎﻧﻲ ،وأﻏﻮص ﻋﻠﻰ دﻗﺎﺋﻖ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺑﺒﯿﺎﻧﻲ ،وأﻓﻨﻦ اﻟﻘﻮل ﻓﻨﻮﻧﺎً ،وأﺗﺼﺪى ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﯾﻮﺟﺐ اﻟﺘﺮﺿﻲ. واﻟﺘﺠﻨﻲ ﺑﻌﺾ ﻋﻮارض اﻟﮭﺠﺮان ،وھﻮ ﯾﻘﻊ ﻓﻲ أول اﻟﺤﺐ وآﺧﺮه ،ﻓﮭﻮ ﻓﻲ أوﻟﮫ ﻋﻼﻣﺔ ﻟﺼﺤﺔ اﻟﻤﺤﺒﺔ ،وﻓﻲ آﺧﺮه ﻋﻼﻣﺔ ﻟﻔﺘﻮرھﺎ وﺑﺎب ﻟﻠﺴﻠﻮ. ﺧﺒﺮ :واذﻛﺮ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ھﺬا أﻧﻲ ﻛﻨﺖ ﻣﺠﺘﺎزاً ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﯾﺎم ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺒﺮة ﺑﺎب ﻋﺎﻣﺮ ﻓﻲ أﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﻼب وأﺻﺤﺎب اﻟﺤﺪﯾﺚ ،وﻧﺤﻦ ﻧﺮﯾﺪ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﯿﺦ أﺑﻲ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻢ ﺑﻦ أﺑﻲ ﯾﺰﯾﺪ اﻟﻤﺼﺮي ﺑﺎﻟﺮﺻﺎﻓﺔ أﺳﺘﺎذي رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ، وﻣﻌﻨﺎ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺳﻠﯿﻤﺎن اﻟﺒﻠﻮي ﻣﻦ أھﻞ ﺳﺒﺘﺔ ،وﻛﺎن ﺷﺎﻋﺮاً ﻣﻔﻠﻘﺎً وھﻮ ﯾﻨﺸﺪ ﻟﻨﻔﺴﮫ ﻓﻲ ﺻﻔﺔ ﻣﺘﺠﻦ ﻣﻌﮭﻮد أﺑﯿﺎﺗﺎً ﻟﮫ ،ﻣﻨﮭﺎ: ﺴﺭﻴﻊ ﺇﻟﻰ ﻅﻬﺭ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﻭﺇﻨﻪ ﻴﻁﻭل ﻋﻠﻴﻨـﺎ ﺃﻥ ﻨـﺭﻓـﻊ ﻭﺩﻩ
ﺇﻟﻰ ﻨﻘﺽ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﻭﺩﺓ ﻴﺴﺭﻉ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺘﺭﻗﻴﻌﻪ ﻴﺘﻘـﻁـﻊ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻓﻮاﻓﻖ إﻧﺸﺎد اﻟﺒﯿﺖ اﻷول ﻣﻦ ھﺬﯾﻦ اﻟﺒﯿﺘﯿﻦ ﺧﻄﻮر أﺑﻲ اﻟﺤﺴﯿﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻔﺎس رﺣﻤﮫ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وھﻮ ﯾﺆم أﯾﻀﺎً ﻣﺠﻠﺲ اﺑﻦ أﺑﻲ ﯾﺰﯾﺪ ،ﻓﺴﻤﻌﮫ ﻓﺘﺒﺴﻢ رﺣﻤﮫ اﷲ ﻧﺤﻮﻧﺎ وﻃﻮاﻧﺎ ﻣﺎﺷﯿﺎً وھﻮ ﯾﻘﻮل :ﺑﻞ إﻟﻰ ﻋﻘﺪ اﻟﻤﻮدة إن ﺷﺎء اﷲ ،ھﺬا ﻋﻠﻰ ﺟﺪ أﺑﻲ اﻟﺤﺴﯿﻦ رﺣﻤﮫ اﷲ وﻓﻀﻠﮫ وﺗﻘﺮﺑﮫ وﺑﺮاءﺗﮫ وﻧﺴﻜﮫ وزھﺪه وﻋﻠﻤﮫ ﻓﻘﻠﺖ ﻓﻲ ذﻟﻚ: ﺩﻉ ﻋﻨﻙ ﻨﻘﺽ ﻤﻭﺩﺘﻲ ﻤﺘﻌﻤﺩﺍﹰ
ﻭﺍﻋﻘﺩ ﺤﺒﺎل ﻭﺼﺎﻟﻨﺎ ﻴﺎ ﻅﺎﻟﻡ
ﻭﻟﺘﺭﺠﻌﻥ ﺃﺭﺩﺘﻪ ﺃﻭ ﻟﻡ ﺘـﺭﺩ
ﻜﺭﻫﺎﹰ ﻟﻤﺎ ﻗﺎل ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺍﻟﻌﺎﻟـﻡ
وﯾﻘﻊ ﻓﯿﮫ اﻟﮭﺠﺮ واﻟﻌﺘﺎب .وﻟﻌﻤﺮي إن ﻓﯿﮫ إذا ﻛﺎن ﻗﻠﯿﻼً ﻟﻠﺬة ،وأﻣﺎ إذا ﺗﻔﺎﻗﻢ ﻓﮭﻮ ﻓﺄل ﻏﯿﺮ ﻣﺤﻤﻮد ،وأﻣﺎرة وﺑﯿﺌﺔ اﻟﻤﺼﺪر ،وﻋﻼﻣﺔ ﺳﻮء ،وھﻲ ﺑﺠﻤﻠﺔ اﻷﻣﺮ ﻣﻄﯿﺔ اﻟﮭﺠﺮان ،وراﺋﺪ اﻟﺼﺮﯾﻤﺔ ،وﻧﺘﯿﺠﺔ اﻟﺘﺠﻨﻲ ،وﻋﻨﻮان اﻟﺜﻘﻞ ،ورﺳﻮل اﻻﻧﻔﺼﺎل، وداﻋﯿﺔ اﻟﻘﻠﻰ ،وﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﺼﺪ ،وإﻧﻤﺎ ﯾﺴﺘﺤﺴﻦ إذا ﻟﻄﻒ وﻛﺎن أﺻﻠﮫ اﻹﺷﻔﺎق .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻟﻌﻠﻙ ﺒﻌﺩ ﻋﺘﺒﻙ ﺃﻥ ﺘﺠـﻭﺩﺍ
ﺒﻤﺎ ﻤﻨﻪ ﻋﺘﺒﺕ ﻭﺃﻥ ﺘـﺯﻴﺩﺍ
ﻓﻜﻡ ﻴﻭﻡ ﺭﺃﻴﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﺼﺤـﻭﺍﹰ
ﻭﺃﺴﻤﻌﻨﺎ ﺒﺂﺨﺭﻩ ﺍﻟﺭﻋـﻭﺩﺍ
ﻭﻋﺎﺩ ﺍﻟﺼﺤﻭ ﺒﻌﺩ ﻜﻤﺎ ﻋﻠﻤﻨﺎ
ﻭﺃﻨﺕ ﻜﺫﺍﻙ ﻨﺭﺠﻭ ﺃﻥ ﺘﻌﻭﺩﺍ
وﻛﺎن ﺳﺒﺐ ﻗﻮﻟﻲ ھﺬه اﻵﺑﯿﺎت ﻋﺘﺎب وﻗﻊ ﻓﻲ ﯾﻮم ھﺬه ﺻﻔﺘﮫ ﻣﻦ أﯾﺎم اﻟﺮﺑﯿﻊ ﻓﻘﻠﺘﮭﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،وﻛﺎن ﻟﻲ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺰﻣﻦ ﺻﺪﯾﻘﺎن وﻛﺎﻧﺎ أﺧﻮﯾﻦ ﻓﻐﺎﺑﺎ ﻓﻲ ﺳﻔﺮ ﺛﻢ ﻗﺪﻣﺎ ،وﻗﺪ أﺻﺎﺑﻨﻲ رﻣﺪ ﻓﺘﺄﺧﺮا ﻋﻦ ﻋﯿﺎدﺗﻲ ،ﻓﻜﺘﺒﺖ إﻟﯿﮭﻤﺎ ،واﻟﻤﺨﺎﻃﺒﺔ ﻟﻸﻛﺒﺮ ﻣﻨﮭﻤﺎ ،ﺷﻌﺮاً ﻣﻨﮫ: ﻭﻜﻨﺕ ﺃﻋﺩﺩ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﻋـﻠـﻰ
ﺃﺨﻴﻙ ﺒﻤﺅﻟﻤﺔ ﺍﻟﺴـﺎﻤـﻊ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻭﻟﻜﻥ ﺇﺫﺍ ﺍﻟﺩﺠﻥ ﻋﻁﻰ ﺫﻜﺎ
ﺀ ﻓﻤﺎ ﺍﻟﻅﻥ ﺒﺎﻟﻘﻤﺭ ﺍﻟﻁﺎﻟﻊ
ﺛﻢ ھﺠﺮ ﯾﻮﺟﺒﮫ اﻟﻮﺷﺎة ،وﻗﺪ ﺗﻘﺪم اﻟﻘﻮل ﻓﯿﮭﻢ وﻓﯿﻤﺎ ﯾﺘﻮﻟﺪ ﻣﻦ دﺑﯿﺐ ﻋﻘﺎرﺑﮭﻢ، ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﺳﺒﺒﺎً ﻟﻠﻤﻘﺎﻃﻌﺔ اﻟﺒﺘﺔ.
ﺛﻢ ھﺠﺮ اﻟﻤﻠﻞ ،واﻟﻤﻠﻞ ﻣﻦ اﻷﺧﻼق اﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺔ ﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎن ،وأﺣﺮى ﻟﻤﻦ دھﻰ ﺑﮫ أﻻ ﯾﺼﻔﻮ ﻟﮫ ﺻﺪﯾﻖ ،وﻻ ﯾﺼﺢ ﻟﮫ إﺧﺎء ،وﻻ ﯾﺜﺒﺖ ﻋﻠﻰ ﻋﮭﺪ ،وﻻ ﯾﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ إﻟﻒ ،وﻻ ﺗﻄﻮل ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﮫ ﻟﻤﺤﺐ ،وﻻ ﯾﻌﺘﻘﺪ ﻣﻨﮫ ود وﻻ ﺑﻐﺾ .وأوﻟﻰ اﻷﻣﻮر ﺑﺎﻟﻨﺎس أﻻ ﯾﻐﺮوه ﻣﻨﮭﻢ وأن ﯾﻔﺮوا ﻋﻦ ﺻﺤﺒﺘﮫ وﻟﻘﺎﺋﮫ .ﻓﻠﻦ ﯾﻈﻔﺮوا ﻣﻨﮫ ﺑﻄﺎﺋﻞ، وﻟﺬﻟﻚ أﺑﻌﺪﻧﺎ ھﺬه اﻟﺼﻔﺔ ﻋﻦ اﻟﻤﺤﺒﯿﻦ وﺟﻌﻠﻨﺎھﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺒﻮﺑﯿﻦ ،ﻓﮭﻢ ﺑﺎﻟﺠﻤﻠﺔ أھﻞ اﻟﺘﺠﻨﻲ واﻟﺘﻈﻨﻲ .واﻟﺘﻌﺮض ﻟﻠﻤﻘﺎﻃﻌﺔ .وأﻣﺎ ﻣﻦ ﺗﺰﯾﺎ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺤﺐ وھﻮ ﻣﻠﻮل ﻓﻠﯿﺲ ﻣﻨﮭﻢ ،وﺣﻘﮫ أﻻ ﯾﺘﺠﺮع ﻣﺬاﻗﮫ ،وﯾﻨﻔﻲ ﻋﻦ أھﻞ ھﺬه اﻟﺼﻔﺔ وﻻ ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺟﻤﻠﺘﮭﻢ. وﻣﺎ رأﯾﺖ ﻗﻂ ھﺬه اﻟﺼﻔﺔ أﺷﺪ ﺗﻐﻠﺒﺎً ﻣﻨﮭﺎ ﻋﻠﻰ أﺑﻲ ﻋﺎﻣﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ رﺣﻤﮫ اﷲ ،ﻓﻠﻮ وﺻﻒ ﻟﻲ واﺻﻒ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﻋﻠﻤﺘﮫ ﻣﻨﮫ ﻟﻤﺎ ﺻﺪﻗﺘﮫ وأھﻞ ھﺬا اﻟﻄﺒﻊ أﺳﺮع اﻟﺨﻠﻖ ﻣﺤﺒﺔ ،وأﻗﻠﮭﻢ ﺻﺒﺮاً ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺒﻮب وﻋﻠﻰ اﻟﻤﻜﺮوه واﻟﺼﺪ، واﻧﻘﻼﺑﮭﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻮد ﻋﻠﻰ ﻗﺪر ﺗﺴﺮﻋﮭﻢ إﻟﯿﮫ .ﻓﻼﺗﺜﻖ ﺑﻤﻠﻮل وﻻ ﺗﺸﻐﻞ ﺑﮫ ﻧﻔﺴﻚ، وﻻ ﺗﻌﻨﮭﺎ ﺑﺎﻟﺮﺟﺎء ﻓﻲ وﻓﺎﺋﮫ .ﻓﺈن دﻓﻌﺖ إﻟﻰ ﻣﺤﺒﺘﮫ ﺿﺮورة ﻓﻌﺪه اﺑﻦ ﺳﺎﻋﺘﮫ، واﺳﺘﺄﻧﻔﮫ ﻛﻞ ﺣﯿﻦ ﻣﻦ أﺣﯿﺎﻧﮫ ﺑﺤﺴﺐ ﻣﺎ ﺗﺮاه ﻣﻦ ﺗﻠﻮﻧﮫ ،وﻗﺎﺑﻠﮫ ﺑﻤﺎ ﯾﺸﺎﻛﻠﮫ .وﻟﻘﺪ ﻛﺎن أﺑﻮ ﻋﺎﻣﺮ اﻟﻤﺤﺪث ﻋﻨﮫ ﯾﺮى اﻟﺠﺎرﯾﺔ ﻓﻼ ﯾﺼﺒﺮ ﻋﻨﮭﺎ ،وﯾﺤﯿﻖ ﺑﮫ ﻣﻦ اﻻﻏﺘﻨﺎم واﻟﮭﻢ ﻣﺎ ﯾﻜﺎد أن ﯾﺄﺗﻲ ﻋﻠﯿﮫ ﺣﺘﻰ ﯾﻤﻠﻜﮭﺎ ،وﻟﻮ ﺣﺎل دوﻧﮫ ذﻟﻚ ﺷﻮك
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﻘﺘﺎد ،ﻓﺈذا أﯾﻘﻦ ﺑﺘﺼﯿﺮھﺎ إﻟﯿﮫ ﻋﺎدت اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻧﻔﺎراً ،وذﻟﻚ اﻷﻧﺲ ﺷﺮوداً ،واﻟﻘﻠﻖ إﻟﯿﮭﺎ ﻗﻠﻘﺎً ﻣﻨﮭﺎ ،وﻧﺰاﻋﮫ ﻧﺤﻮھﺎ ﻧﺰاﻋﺎً ﻋﻨﮭﺎ ،ﻓﯿﺒﯿﻌﮭﺎ ﺑﺄوﻛﺲ اﻷﺛﻤﺎن ھﺬا ﻛﺎن دأﺑﮫ ﺣﺘﻰ أﺗﻠﻒ ﻓﯿﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﻋﺸﺮات أﻟﻮف اﻟﺪﻧﺎﻧﯿﺮ ﻋﺪداً ﻋﻈﯿﻤﺎً ،وﻛﺎن رﺣﻤﮫ اﷲ ﻣﻊ ھﺬا ﻣﻦ أھﻞ اﻷدب واﻟﺤﺬق اﻟﺬﻛﺎء واﻟﻨﺒﻞ واﻟﺤﻼوة واﻟﺘﻮﻗﺪ ،ﻣﻊ اﻟﺸﺮف اﻟﻌﻈﯿﻢ واﻟﻤﻨﺼﺐ اﻟﻔﺨﻢ واﻟﺠﺎه اﻟﻌﺮﯾﺾ .وأﻣﺎ ﺣﺴﻦ وﺟﮭﮫ وﻛﻤﺎل ﺻﻮرﺗﮫ ﻓﺸﻲء ﺗﻘﻒ اﻟﺤﺪود ﻋﻨﮫ وﺗﻜﻞ اﻷوھﺎم ﻋﻦ وﺻﻒ أﻗﻠﮫ وﻻ ﯾﺘﻌﺎﻃﻰ أﺣﺪ وﺻﻔﮫ. وﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺸﻮارع ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ اﻟﺴﯿﺎرة وﯾﺘﻌﻤﺪون اﻟﺨﻄﻮر ﻋﻠﻰ ﺑﺎب داره ﻓﻲ اﻟﺸﺎرع اﻵﺧﺬ ﻣﻦ اﻟﻨﮭﺮ اﻟﺼﻐﯿﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﺎب دارﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﺪرب اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﻘﺼﺮ اﻟﺰاھﺮة ،وﻓﻲ ھﺬا اﻟﺪرب ﻛﺎﻧﺖ داره رﺣﻤﮫ اﷲ ﻣﻼﺻﻘﺔ ﻟﻨﺎ ،ﻻ ﻟﺸﻲء إﻻ ﻟﻠﻨﻈﺮ ﻣﻨﮫ .وﻟﻘﺪ ﻣﺎت ﻣﻦ ﻣﺤﺒﺘﮫ ﺟﻮار ﻛﻦ ﻋﻠﻘﻦ أو ھﺎﻣﮭﻦ ﺑﮫ، ورﺛﯿﻦ ﻟﮫ ﻓﺨﺎﻧﮭﻦ ﻣﻤﺎ أﻣﻠﻨﮫ ﻣﻨﮫ ،ﻓﺼﺮن رھﺎﺋﻦ اﻟﺒﻠﻰ وﻗﺘﻠﺘﮭﻦ اﻟﻮﺣﺪة. وأﻧﺎ أﻋﺮف ﺟﺎرﯾﺔ ﻣﻨﮭﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻤﻰ ﻋﻔﺮاء ،ﻋﮭﺪي ﺑﮭﺎ ﻻ ﺗﺘﺴﺘﺮ ﺑﻤﺤﺒﺘﮫ ﺣﯿﺜﻤﺎ ﺟﻠﺴﺖ ،وﻻ ﺗﺠﻒ دﻣﻮﻋﮭﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺗﺼﯿﺮت ﻣﻦ داره إﻟﻰ اﻟﺒﺮﻛﺎت اﻟﺨﯿﺎل ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻔﺘﯿﺎن .وﻟﻘﺪ ﻛﺎن رﺣﻤﮫ اﷲ ﯾﺨﺒﺮﻧﻲ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﮫ أﻧﮫ ﯾﻤﻞ اﺳﻤﮫ ﻓﻀﻼً ﻋﻦ ﻏﯿﺮ ذﻟﻚ.
وأﻣﺎ إھﻮاﻧﮫ ﻓﺈﻧﮫ ﺗﺒﺪل ﺑﮭﻢ ﻓﻲ ﻋﻤﺮه ﻋﻠﻰ ﻗﺼﺮه ﻣﺮاراً ،وﻛﺎن ﻻ ﯾﺜﺒﺖ ﻋﻠﻰ زي واﺣﺪ ﻛﺄﺑﻲ ﺑﺮاﻗﺶ ،ﺣﯿﻨﺎً ﯾﻜﻮن ﻓﻲ ﻣﻼﺑﺲ اﻟﻤﻠﻮك وﺣﯿﻨﺎً ﻓﻲ ﻣﻼﺑﺲ اﻟﻔﺘﺎك. ﻓﯿﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ اﻣﺘﺤﻦ ﺑﻤﺨﺎﻟﻄﺔ ﻣﻦ ھﺬه ﺻﻔﺘﮫ ﻋﻠﻰ أي وﺟﮫ ﻛﺎن أﻻ ﯾﺴﺘﻔﺮغ ﻋﺎﻣﺔ ﺟﮭﺪه ﻓﻲ ﻣﺤﺒﺘﮫ ،وأن ﯾﻘﯿﻢ اﻟﯿﺄس ﻣﻦ دواﻣﮫ ﺧﺼﻤﺎ ﻟﻨﻔﺴﮫ؛ ﻓﺈذا ﻻﺣﺖ ﻟﮫ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻣﺨﺎﯾﻞ اﻟﻤﻠﻞ ﻗﺎﻃﻌﺔ أﯾﺎﻣﺎً ﺣﺘﻰ ﯾﻨﺸﻂ ﺑﺎﻟﮫ ،وﯾﺒﻌﺪ ﺑﮫ ﻋﻨﮫ ،ﺛﻢ ﯾﻌﺎوده ،ﻓﺮﺑﻤﺎ داﻣﺖ اﻟﻤﻮدة ﻣﻊ ھﺬا .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻻ ﺘﺭﺠﻭﻥ ﻤﻠﻭﻻﹰ
ﻟﻴﺱ ﺍﻟﻤﻠﻭل ﺒﻌﺩﻩ
ﻭﺩ ﺍﻟﻤﻠﻭل ﻓﺩﻋﻪ
ﻋﺎﺭﻴﺔ ﻤﺴﺘـﺭﺩﻩ
وﻣﻦ اﻟﮭﺠﺮ ﺿﺮب ﯾﻜﻮن ﻣﺘﻮﻟﯿﮫ اﻟﻤﺤﺐ ،وذﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﺮى ﻣﻦ ﺟﻔﺎء ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ واﻟﻤﯿﻞ ﻋﻨﮫ إﻟﻰ ﻏﯿﺮه ،أو ﻟﺜﻘﯿﻞ ﯾﻼزﻣﮫ ،ﻓﯿﺮى اﻟﻤﻮت وﯾﺘﺠﺮع ﻏﺼﺺ اﻷﺳﻰ، واﻟﻌﺾ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﯿﻒ اﻟﺤﻨﻈﻞ أھﻮن ﻣﻦ رؤﯾﺔ ﻣﺎﯾﻜﺮه ،ﻓﯿﻨﻘﻄﻊ وﻛﺒﺪه ﺗﺘﻘﻄﻊ ،وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻫﺠﺭﺕ ﻤﻥ ﺃﻫﻭﺍﻩ ﻻ ﻋﻥ ﻗﻠﻰ
ﻴﺎ ﻋﺠﺒﺎﹰ ﻟﻠﻌﺎﺸﻕ ﺍﻟـﻬـﺎﺠـﺭ
ﻟﻜﻥ ﻋﻴﻨﻲ ﻟﻡ ﺘﻁـﻕ ﻨـﻅـﺭﺓ
ﺇﻟﻰ ﻤﺤﺒﺎ ﺍﻟـﺭﺸـﺄ ﺍﻟـﻐـﺎﺩﺭ
ﻓﺎﻟﻤﻭﺕ ﺃﺤﻠﻰ ﻤﻁﻤﻌﺎﹰ ﻤﻥ ﻫﻭﻯ
ﻴﺒﺎﺡ ﻟـﻠـﻭﺍﺭﺩ ﻭﺍﻟـﺼـﺎﺩﺭ
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻔﺅﺍﺩ ﺍﻟـﻨـﺎﺭ ﻤـﺫﻜـﻴﺔ
ﻓﺎﻋﺠﺏ ﻟﺼﺏ ﺠﺯﻉ ﺼﺎﺒـﺭ
ﻭﻗﺩ ﺃﺒـﺎﺡ ﺍﻟـﻠـﻪ ﻓـﻲ ﺩﻴﻨـﻪ
ﺘﻘﻴﺔ ﺍﻟـﻤـﺄﺴـﻭﺭ ﻟـﻶﺴـﺭ
ﻭﻗﺩ ﺃﺤل ﺍﻟﻜﻔﺭ ﺨﻭﻑ ﺍﻟـﺭﺩﻯ
ﺤﺘﻰ ﺘﺭﻯ ﺍﻟﻤﺅﻤﻥ ﻜﺎﻟﻜـﺎﻓـﺭ
ﺧﺒﺮ: وﻣﻦ ﻋﺠﯿﺐ ﻣﺎ ﯾﻜﻮن ﻓﯿﮭﺎ وﺷﻨﯿﻌﮫ أﻧﻲ أﻋﺮف ﻣﻦ ھﺎم ﻗﻠﺒﮫ ﺑﻤﺘﻨﺎه ﻋﻨﮫ ﻧﺎﻓﺮ ﻣﻨﮫ، ﻓﻘﺎﺳﻰ اﻟﻮﺟﺪ زﻣﻨﺎً ﻃﻮﯾﻼً ،ﺛﻢ ﺳﻨﺤﺖ ﻟﮫ اﻷﯾﺎم ﺑﺴﺎﻧﺤﺔ ﻋﺠﯿﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻞ أﺷﺮف ﺑﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻠﻮغ أﻣﻠﮫ ،ﻓﺤﯿﻦ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ ﻏﺎﯾﺔ رﺟﺎﺋﮫ إﻻ ﻛﮭﺆﻻء ﻋﺎد اﻟﮭﺠﺮ واﻟﺒﻌﺪ إﻟﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻗﺒﻞ .ﻓﻘﻠﺖ ﻓﻲ ذﻟﻚ: ﻜﺎﻨﺕ ﺇﻟﻰ ﺩﻫﺭﻱ ﻟﻲ ﺤـﺎﺠﺔ
ﻤﻘﺭﻭﻨﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻌﺩ ﺒﺎﻟﻤﺸﺘـﺭﻯ
ﻓﺴﺎﻗﻬﺎ ﺒﺎﻟﻠﻁـﻑ ﺤـﺘـﻰ ﺇﺫﺍ
ﻜﺎﻨﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺭﺏ ﻋﻠﻰ ﻤﺤﺠﺭ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺃﺒﻌﺩﻫﺎ ﻋﻨﻲ ﻓـﻌـﺎﺩﺕ ﻜـﺄﻥ
ﻟﻡ ﺘﺒﺩ ﻟﻠﻌﻴﻥ ﻭﻟﻡ ﺘـﻅـﻬـﺭ
وﻗﻠﺖ: ﺩﻨﺎ ﺃﻤـﻠـﻲ ﺤـﺘـﻰ ﻤـﺩﺩﺕ ﻷﺨـﺫﻩ
ﻴﺩﺍﹰ ﻓﺎﻨﺜﻨﻲ ﻨﺤﻭ ﺍﻟـﻤـﺠـﺭﺓ ﺭﺍﺤـﻼﹰ
ﻓﺄﺼﺒﺤﺕ ﻻ ﺃﺭﺠﻭ ﻭﻗﺩ ﻜﻨﺕ ﻤﻭﻗـﻨـﺎﹰ ﻭﺃﻀﺤﻰ ﻤﻊ ﺍﻟﺸﻌﺭﻱ ﻭﻗﺩ ﻜﺎﻥ ﺤﺎﺼﻼﹰ ﻭﻗﺩ ﻜﻨﺕ ﻤﺤﺴﻭﺩﺍﹰ ﻓﺄﺼﺒﺤﺕ ﺤـﺎﺴـﺩﺍﹰ
ﻭﻗﺩ ﻜﻨﺕ ﻤﺄﻤﻭﻻﹰ ﻓﺄﺼﺒـﺤـﺕ ﺁﻤـﻼﹰ
ﻜﺫﺍ ﺍﻟﺩﻫﺭ ﻓﻲ ﻜﺭﺍﺘـﻪ ﻭﺍﻨـﺘـﻘـﺎﻟـﻪ
ﻓﻼ ﻴﺄﻤﻨﻥ ﺍﻟﺩﻫﺭ ﻤﻥ ﻜـﺎﻥ ﻋـﺎﻗـﻼﹰ
ﺛﻢ ھﺠﺮ اﻟﻘﻠﻰ ،وھﻨﺎ ﺿﻠﺖ اﻷﺳﺎﻃﯿﺮ وﻧﻔﺪت اﻟﺤﯿﻞ وﻋﻈﻢ اﻟﺒﻼء؛ وھﻮ اﻟﺬي ﺧﻠﻰ اﻟﻌﻘﻮل ذواھﻞ ،ﻓﻤﻦ دھﻰ ﺑﮭﺬه اﻟﺪاھﯿﺔ ﻓﻠﯿﺘﺼﺪ ﻟﻤﺤﺒﻮب ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ ،وﻟﯿﺘﻌﻤﺪ ﻣﺎ ﯾﻌﺮف أﻧﮫ ﯾﺴﺘﺤﺴﻨﮫ .وﯾﺠﺐ أن ﯾﺠﺘﻨﺐ ﻣﺎ ﯾﺪري أﻧﮫ ﯾﻜﺮھﮫ ،ﻓﺮﺑﻤﺎ ﻋﻄﻔﮫ ذﻟﻚ ﻋﻠﯿﮫ إن ﻛﺎن اﻟﻤﺤﺒﻮب ﻣﻤﻦ ﯾﺪري ﻗﺪر اﻟﻤﻮاﻓﻘﺔ واﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﯿﮫ ،وأﻣﺎ ﻣﻦ ﻟﻢ ﯾﻌﻠﻢ ﻗﺪر ھﺬا ﻓﻼ ﻃﻤﻊ ﻓﻲ اﺳﺘﺼﺮاﻓﮫ ،ﺑﻞ ﺣﺴﻨﺎﺗﻚ ﻋﻨﺪه ذﻧﻮب .ﻓﺈن ﻟﻢ ﯾﻘﺪر اﻟﻤﺮء ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺼﺮاﻓﮫ ﻓﻠﯿﺘﻌﻤﺪ اﻟﺴﻠﻮان وﻟﯿﺤﺎﺳﺐ ﻧﻔﺴﮫ ﺑﻤﺎ ھﻮ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ اﻟﺒﻼء واﻟﺤﺮﻣﺎن ،وﯾﺴﻌﻰ ﻓﻲ ﻧﯿﻞ رﻏﺒﺘﮫ ﻋﻠﻰ أي وﺟﮫ أﻣﻜﻨﮫ .وﻟﻘﺪ رأﯾﺖ ﻣﻦ ھﺬه ﺻﻔﺘﮫ ،وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ أوﻟﮭﺎ: ﺩﻫﻴﺕ ﺒﻤﻥ ﻟﻭ ﺃﺩﻓﻊ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺩﻭﻨﻪ
ﻟﻘﺎل ﺇﺫﺍﹰ ﻴﺎ ﻟﻴﺘﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﺒـﺭ
وﻣﻨﮭﺎ: ﻭﻻ ﺫﻨﺏ ﻟﻲ ﺇﺫ ﺼﺭﺕ ﺃﺤﺩﻭ ﺭﻜﺎﺌﺒﻲ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻭﺭﺩ ﻭﺍﻟﺩﻨﻴﺎ ﺘﺴﻲﺀ ﻤﺼﺎﺩﺭﻱ
ﻭﻤﺎﺫﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻤﺱ ﺍﻟﻤﻨﻴﺭﺓ ﺒﺎﻟﻀﺤﻰ
ﺇﺫﺍ ﻗﺼﺭﺕ ﻋﻨﻬﺎ ﻀﻌﺎﻑ ﺍﻟﺒﺼﺎﺌﺭ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وأﻗﻮل: ﻤﺎ ﺃﻗﺒﺢ ﺍﻟﻬﺠﺭ ﺒﻌﺩ ﻭﺼل
ﻭﺃﺤﺴﻥ ﺍﻟﻭﺼل ﺒﻌﺩ ﻫﺠﺭ
ﻜﺎﻟﻭ ﻓﺭ ﺘﺤﻭﻴﻪ ﺒﻌﺩ ﻓﻘـﺭ
ﻭﺍﻟﻔﻘﺭ ﻴﺄﺘﻴﻙ ﺒﻌـﺩ ﻭﻓـﺭ
وأﻗﻮل: ﻤﻌﻬﻭﺩ ﺃﺨﻼﻗﻙ ﻗـﺴـﻤـﺎﻥ
ﻭﺍﻟﺩﻫﺭ ﻓﻴﻙ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺼﻨﻔـﺎﻥ
ﻓﺈﻨﻙ ﺍﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﻓﻴﻤﺎ ﻤـﻀـﻰ
ﻭﻜﺎﻥ ﻟﻠﻨﻌـﻤـﺎﻥ ﻴﻭﻤـﺎﻥ
ﻴﻭﻡ ﻨﻌﻴﻡ ﻓﻴﻪ ﺴﻌـﺩ ﺍﻟـﻭﺭﻯ
ﻭﻴﻭﻡ ﺒـﺄﺴـﺎﻩ ﻭﻋــﺩﻭﺍﻥ
ﻓﻴﻭﻡ ﻨﻌﻤﺎﻙ ﻟـﻐـﻴﺭﻱ ﻭﻴﻭ
ﻤﻰ ﻤﻨﻙ ﺫﻭ ﺒﺅﺱ ﻭﻫﺠﺭﺍﻥ
ﺃﻟﻴﺱ ﺤﺒﻲ ﻟﻙ ﻤـﺴـﺎﻫـﻼﹰ
ﻷﻥ ﺘﺠـﺎﺯﻴﻪ ﺒـﺈﺤـﺴـﺎﻥ
وأﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻨﮭﺎ: ﻴﺎ ﻤﻥ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﺴﻥ ﻤﻨﺘﻅﻡ
ﻓﻴﻪ ﻜﻨﻅﻡ ﺍﻟﺩﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘـﺩ
ﻤﺎ ﺒﺎل ﺤﺘﻔﻲ ﻤﻨﻙ ﻴﻁﺭﻗﻨﻲ
ﻗﺼﺩﺍﹰ ﻭﻭﺠﻬﻙ ﻁﺎﻟﻊ ﺍﻟﺴﻌﺩ
وأﻗﻮل ﻗﺼﯿﺪة أوﻟﮭﺎ: ﺃﺴﺎﻋﺔ ﺘﻭﺩﻴﻌﻙ ﺃﻡ ﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟـﺤـﺸـﺭ ﻭﻫﺠﺭﻙ ﺘﻌﺫﻴﺏ ﺍﻟﻤﻭﺤﺩ ﻴﻨﻘـﻀـﻲ
ﻭﻟﻴﻠﺔ ﺒﻴﻨﻲ ﻤﻨﻙ ﺃﻡ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟـﻘـﺸـﺭ ﻭﻴﺭﺠﻭ ﺍﻟﺘﻼﻗﻲ ﺃﻡ ﻋﺫﺍﺏ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﻜﻔﺭ
وﻣﻨﮭﺎ: ﺴﻘﻰ ﺍﷲ ﺃﻴﺎﻤﺎﹰ ﻤـﻀـﺕ ﻭﻟـﻴﺎﻟـﻴﺎﹰ
ﺘﺤﺎﻜﻲ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻨﻴﻠﻭﻓﺭ ﺍﻟﻐﺽ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺸﺭ
ﻓﺄﻭﺭﺍﻗﻪ ﺍﻷﻴﺎﻡ ﺤـﺴـﻨـ ﺎﹰ ﻭﺒـﻬـﺠﺔ
ﻭﺃﻭﺴﻁﻪ ﺍﻟﻠﻴل ﺍﻟﻤﻘﺼﺭ ﻟﻠـﻌـﻤـﺭ
ﻟﻬﻭﻨﺎ ﺒﻬﺎ ﻓـﻲ ﻏـﻤـﺭﺓ ﻭﺘـﺂﻟـﻑ
ﺘﻤﺭ ﻓﻼ ﻨﺩﺭﻱ ﻭﺘﺄﺘﻲ ﻓـﻼ ﻨـﺩﺭﻱ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻓﺄﻋﻘﺒـﻨـﺎ ﻤـﻨـﻪ ﺯﻤـﺎﻥ ﻜـﺄﻨـﻪ
ﻭﻻ ﺸﻙ ﺤﺴﻥ ﺍﻟﻌﻘﺩ ﺃﻋﻘﺏ ﺒﺎﻟﻐـﺩﺭ
وﻣﻨﮭﺎ: ﻓﻼ ﺘﻴﺄﺴﻲ ﻴﺎ ﻨﻔﺱ ﻋل ﺯﻤﺎﻨﻨﺎ
ﻴﻌﻭﺩ ﺒﻭﺠﻪ ﻤﻘﺒل ﻏﻴﺭ ﻤﺩﺒـﺭ
ﻜﻤﺎ ﺼﺭﻑ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﻤﻠﻙ ﺃﻤﻴﺔ
ﺇﻟﻴﻬﻡ ﻭﻟﻭﺫﻱ ﺒﺎﻟﺘﺠﻤل ﻭﺍﻟﺼﺒﺭ
وﻓﻲ ھﺬه اﻟﻘﺼﯿﺪة أﻣﺪح أﺑﺎ ﺑﻜﺮ ھﺸﺎم ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ أﺧﺎ أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﻤﺮﺗﻀﻰ رﺣﻤﮫ اﷲ.
ﻓﺄﻗﻮل: ﺃﻟﻴﺱ ﻴﺤﻴﻁ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﻓﻴﻨـﺎ ﺒـﻜـل ﻤـﺎ ﺩﻨﺎ ﻭﺘﻨﺎﺀﻯ ﻭﻫﻭ ﻓﻲ ﺤﺠﺏ ﺍﻟﺼـﺩﺭ ﻜﺫﺍ ﺍﻟﺩﻫﺭ ﺠﺴﻡ ﻭﻫﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻫﺭ ﺭﻭﺤﻪ
ﻤﺤﻴﻁ ﺒﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻭﺇﻥ ﺸﺌﺕ ﻓﺎﺴﺘـﻘـﺭ
وﻣﻨﮭﺎ: ﺇﺘﺎﻭﺘﻬﺎ ﺘـﻬـﺩﻱ ﺇﻟـﻴﻪ ﻭﻤـﻨـﻪ
ﺘﻘﺒﻠﻬﺎ ﻤﻨﻬﻡ ﻴﻘﺎﻭﻡ ﺒـﺎﻟـﺸـﻜـﺭ
ﻜﺫﺍ ﻜل ﻨﻬﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﺃﻥ ﻁﻤﺕ
ﻏﺯﺍﺭﺘﻪ ﻴﻨﺼﺏ ﻓﻲ ﻟﺠﺞ ﺍﻟﺒﺤﺭ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﺒﺎب اﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟﻌﺸﺮون اﻟﻮﻓﺎء وﻣﻦ ﺣﻤﯿﺪ اﻟﻐﺮاﺋﺰ وﻛﺮﯾﻢ اﻟﺸﯿﻢ وﻓﺎﺿﻞ اﻷﺧﻼق ﻓﻲ اﻟﺤﺐ وﻏﯿﺮه اﻟﻮﻓﺎء ،وإﻧﮫ ﻟﻤﻦ أﻗﻮى اﻟﺪﻻﺋﻞ وأوﺿﺢ اﻟﺒﺮاھﯿﻦ ﻋﻠﻰ ﻃﯿﺐ اﻷﺻﻞ وﺷﺮف اﻟﻌﻨﺼﺮ، ﯾﺘﻔﺎﺿﻞ ﺑﺎﻟﺘﻔﺎﺿﻞ اﻟﻼزم ﻟﻠﻤﺨﻠﻮﻗﺎت .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻨﮭﺎ: ﺃﻓﻌﺎل ﻜل ﺃﻤﺭﺉ ﺘﻨﺒﻰ ﺒﻌﻨـﺼـﺭﻩ
ﻭﺍﻟﻌﻴﻥ ﺘﻐﻨﻴﻙ ﻋﻥ ﺃﻥ ﺘﻁﻠﺏ ﺍﻷﺜﺭﺍ
وﻣﻨﮭﺎ: ﻭﻫل ﺘﺭﻯ ﻗﻁ ﺩﻓﻠﻰ ﺃﻨﺒﺘﺕ ﻋـﻨـﺒـﺎﹰ ﺃﻭ ﺘﺫﺨﺭ ﺍﻟﻨﺤل ﻓﻲ ﺃﻭﻜﺎﺭﻫﺎ ﺍﻟﺼﺒﺭﺍ
وأول ﻣﺮاﺗﺐ اﻟﻮﻓﺎء أن ﯾﻔﻲ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻤﻦ ﯾﻔﻲ ﻟﮫ ،وھﺬا ﻓﺮض ﻻزم وﺣﻖ واﺟﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺐ واﻟﻤﺤﺒﻮب ،ﻻ ﯾﺤﻮل ﻋﻨﮫ إﻻ ﺧﺒﯿﺚ اﻟﻤﺤﺘﺪ ﻻ ﺧﻼق ﻟﮫ وﻻ ﺧﯿﺮ ﻋﻨﺪه .وﻟﻮﻻ أن رﺳﺎﻟﺘﻨﺎ ھﺬه ﻟﻢ ﻧﻘﺼﺪ ﺑﮭﺎ اﻟﻜﻼم ﻓﻲ أﺧﻼق اﻹﻧﺴﺎن وﺻﻔﺎﺗﮫ اﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺔ واﻟﺘﻄﺒﻊ وﻣﺎ ﯾﺰﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﺒﻮع ﺑﺎﻟﺘﻄﺒﻊ وﻣﺎ ﯾﻀﻤﺤﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﻄﺒﻊ ﺑﻌﺪ اﻟﻄﺒﻊ ،ﻟﺰدت ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻜﺎن ﻣﺎ ﯾﺠﺐ أن ﯾﻮﺿﻊ ﻓﻲ ﻣﺜﻠﮫ ،وﻟﻜﻨﺎ إﻧﻤﺎ ﻗﺼﺪﻧﺎ اﻟﺘﻜﻠﻢ ﻓﯿﻤﺎ رﻏﺒﺘﮫ ﻣﻦ أﻣﺮ اﻟﺤﺐ ﻓﻘﻂ .وھﺬا أﻣﺮ ﻛﺎن ﯾﻄﻮل ﺟﺪاً إذ اﻟﻜﻼم ﻓﯿﮫ ﯾﺘﻔﺘﻦ ﻛﺜﯿﺮاً.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺧﺒﺮ :وﻣﻦ أرﻓﻊ ﻣﺎ ﺷﺎھﺪﺗﮫ ﻣﻦ اﻟﻮﻓﺎء ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ وأھﻮﻟﮫ ﺷﺄﻧﺎً ﻗﺼﺔ رأﯾﺘﮭﺎ ﻋﯿﺎﻧﺎً ،وھﻮ أﻧﻲ أﻋﺮف ﻣﻦ رﺿﻲ ﺑﻘﻄﯿﻌﺔ ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ وأﻋﺰ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﯿﮫ؛ وﻣﻦ ﻛﺎن اﻟﻤﻮت ﻋﻨﺪه أﺣﻠﻰ ﻣﻦ ھﺠﺮ ﺳﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﺟﻨﺐ ﻃﯿﮫ ﻟﺴﺮ أودﻋﮫ ،وأﻟﺰوم ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ ﯾﻤﯿﻨﺎً ﻏﻠﯿﻈﺔ أﻻ ﯾﻜﻠﻤﮫ أﺑﺪاً وﻻ ﯾﻜﻮن ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﺧﺒﺮ أو ﯾﻔﻀﺢ إﻟﯿﮫ ذﻟﻚ اﻟﺴﺮ .ﻋﻠﻰ أن ﺻﺎﺣﺐ ذﻟﻚ اﻟﺴﺮ ﻛﺎن ﻏﺎﺋﺒﺎً ﻓﺄﺑﻰ ﻣﻦ ذﻟﻚ وﺗﻤﺎدى وھﻮ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻤﺎﻧﮫ واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ
ھﺠﺮاﻧﮫ
أن
إﻟﻰ
ﻓﺮﻗﺖ
ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ
اﻷﯾﺎم.
ﺛﻢ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ وھﻮ اﻟﻮﻓﺎء ﻟﻤﻦ ﻏﺪر ،وھﻲ ﻟﻠﻤﺤﺐ دون اﻟﻤﺤﺒﻮب ،وﻟﯿﺲ ﻟﻠﻤﺤﺒﻮب ھﺎھﻨﺎ ﻃﺮﯾﻖ وﻻ ﯾﻠﺰﻣﮫ ذﻟﻚ ،وھﻲ ﺧﻄﺔ ﻻ ﯾﻄﯿﻘﮭﺎ إﻻ ﺟﻠﺪ ﻗﻮي واﺳﻊ اﻟﺼﺪر ﺣﺮ اﻟﻨﻔﺲ ﻋﻈﯿﻢ اﻟﺤﻠﻢ ﺟﻠﯿﻞ اﻟﺼﺒﺮ ﺣﺼﯿﻒ اﻟﻌﻘﻞ ﻣﺎﺟﺪ اﻟﺨﻠﻖ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﻨﯿﺔ .وﻣﻦ ﻗﺎﺑﻞ اﻟﻐﺪر ﺑﻤﺜﻠﮫ ﻓﻠﯿﺲ ﺑﻤﺴﺘﺄھﻞ ﻟﻠﻤﻼﻣﺔ ،وﻟﻜﻦ اﻟﺤﺎل اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﻨﺎ ﺗﻔﻮﻓﮭﺎ ﺟﺪا وﺗﻔﻮﺗﮭﺎ ﺑﻌﺪاً .وﻏﺎﯾﺔ اﻟﻮﻓﺎء ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎل ﺗﺮك ﻣﻜﺎﻓﺄة اﻷذى ﺑﻤﺜﻠﮫ، واﻟﻜﻒ ﻋﻦ ﺳﻲء اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ واﻟﻘﻮل ،واﻟﺘﺄﻧﻲ ﻓﻲ ﺟﺮ ﺣﺒﻞ اﻟﺼﺤﺒﺔ ﻣﺎ أﻣﻜﻦ ،ورﺟﯿﺖ اﻷﻟﻔﺔ ،وﻃﻤﻊ ﻓﻲ اﻟﺮﺟﻌﺔ ،وﻻﺣﺖ ﻟﻠﻌﻮدة أدﻧﻰ ﻣﺨﯿﻠﺔ ،وﺷﯿﻤﺖ ﻣﻨﮭﺎ أﻗﻞ ﺑﺎرﻗﺔ ،أو ﺗﻮﺟﺲ ﻣﻨﮭﺎ أﯾﺴﺮ ﻋﻼﻣﺔ .ﻓﺈذا وﻗﻊ اﻟﯿﺄس واﺳﺘﺤﻜﻢ اﻟﻐﯿﻆ ﺣﯿﻨﺌﺬ واﻟﺴﻼﻣﺔ ﻣﻦ ﻏﺮك واﻷﻣﻦ ﻣﻦ ﺿﺮك واﻟﻨﺠﺎة ﻣﻦ أذاك ،وأن ﯾﻜﻮن ذﻛﺮ ﻣﺎ ﺳﻠﻒ ﻣﺎﻧﻌﺎً ﻣﻦ ﺷﻔﺎء اﻟﻐﯿﻆ ﻓﯿﻤﺎ وﻗﻊ ،ﻓﺮﻋﻰ اﻷذﻣﺔ ﺣﻖ وﻛﯿﺪ ﻋﻠﻰ أھﻞ اﻟﻌﻘﻮل ،واﻟﺤﻨﯿﻦ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻣﻀﻰ وأﻻ ﯾﻨﺴﻰ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻓﺮغ ﻣﻨﮫ وﻓﻨﯿﺖ ﻣﺪﺗﮫ أﺛﺒﺖ اﻟﺪﻻﺋﻞ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ اﻟﻮﻓﺎء وھﺬه اﻟﺼﻔﺔ ﺣﺴﻨﺔ ﺟﺪاً وواﺟﺐ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﮭﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ وﺟﮫ ﻣﻦ
وﺟﻮه
ﻣﻌﺎﻣﻼت
اﻟﻨﺎس
ﻓﯿﻤﺎ
ﺑﯿﻨﮭﻢ
ﻋﻠﻰ
أي
ﺣﺎل
ﻛﺎﻧﺖ.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺧﺒﺮ :وﻟﻌﮭﺪي ﺑﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﺻﻔﻮة إﺧﻮاﻧﻲ ﻗﺪ ﺗﻌﻠﻖ ﺑﺠﺎرﯾﺔ ﻓﺘﺄﻛﺪ اﻟﻮد ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ،ﺛﻢ ﻏﺪرت ﺑﻌﮭﺪه وﻧﻘﻀﺖ وده وﺷﺎع ﺧﺒﺮھﻤﺎ ،ﻓﻮﺟﺪ ﻟﺬﻟﻚ وﺟﺪاً ﺷﺪﯾﺪاً. ﺧﺒﺮ :وﻛﺎن ﻟﻲ ﻣﺮة ﺻﺪﯾﻖ ﻓﻔﺴﺪت ﻧﯿﺘﮫ ﺑﻌﺪ وﻛﯿﺪ ﻣﻮدة ﻻ ﯾﻜﻔﺮ ﺑﻤﺜﻠﮭﺎ ،وﻛﺎن ﻋﻠﻢ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﺳﺮ ﺻﺎﺣﺒﮫ ،وﺳﻘﻄﺖ اﻟﻤﺆوﻧﺔ ،ﻓﻠﻤﺎ ﺗﻐﯿﺮ ﻋﻠﻲ أﻓﺸﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ اﻃﻠﻊ ﻟﻲ ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻤﺎ ﻛﻨﺖ اﻃﻠﻌﺖ ﻣﻨﮫ ﻋﻠﻰ أﺿﻌﺎﻓﮫ ،ﺛﻢ اﺗﺼﻞ ﺑﮫ أن ﻗﻮﻟﮫ ﻓﻲ ﻗﺪ ﺑﻠﻐﻨﻲ، ﻓﺠﺰع ﻟﺬﻟﻚ وﺧﺸﻲ أن أﻗﺎرﺿﮫ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﯿﺢ ﻓﻌﻠﺘﮫ .وﺑﻠﻐﻨﻲ ذﻟﻚ ﻓﻜﺘﺒﺖ إﻟﯿﮫ ﺷﻌﺮاً أؤﻧﺴﮫ ﻓﯿﮫ وأﻋﻤﻠﮫ أﻧﻲ ﻻ أﻗﺎرﺿﮫ.
ﺧﺒﺮ :وﻣﻤﺎ ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺪرج ،وإن ﻛﺎن ﻟﯿﺲ ﻣﻨﮫ وﻻ ھﺬا اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻤﺘﻘﺪم ﻣﻦ ﺟﻨﺲ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ واﻟﺒﺎب وﻟﻜﻨﮫ ﺷﺒﯿﮫ ﻟﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺪ ذﻛﺮﻧﺎ وﺷﺮﻃﻨﺎ ،وذﻟﻚ أن ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ وﻟﯿﺪ ﺑﻦ ﻣﻜﺴﯿﺮ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻛﺎن ﻣﺘﺼﻼً ﺑﻲ وﻣﻨﻘﻄﻌﺎً إﻟﻰ أﯾﺎم وزارة أﺑﻲ رﺣﻤﺔ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ ،ﻓﻠﻤﺎ وﻗﻊ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ ﻣﺎ وﻗﻊ وﺗﻐﯿﺮت أﺣﻮال ﺧﺮج إﻟﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻮاﺣﻲ ﻓﺎﺗﺼﻞ ﺑﺼﺎﺣﺒﮭﺎ ﻓﻌﺮض ﺟﺎھﮫ وﺣﺪﺛﺖ ﻟﮫ وﺟﺎھﺔ وﺣﺎل ﺣﺴﻨﺔ .ﻓﺤﻠﻠﺖ أﻧﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺎﺣﯿﺔ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ رﺣﻠﺘﻲ ﻓﻠﻢ ﯾﻮﻓﻨﻲ ﺣﻘﻲ ﺑﻞ ﺛﻘﻞ ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻜﺎﻧﻲ وأﺳﺎء ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻲ وﺻﺤﺒﺘﻲ ،وﻛﻠﻔﺘﮫ ﻓﻲ ﺧﻼل ذﻟﻚ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻢ ﯾﻘﻢ ﻓﯿﮭﺎ وﻻ ﻗﻌﺪ واﺷﺘﻐﻞ ﻋﻨﮭﺎ ﻟﻤﺎ ﻟﯿﺲ ﻓﻲ ﻣﺜﻠﮫ ﺷﻐﻞ .ﻓﻜﺘﺒﺖ إﻟﯿﮫ ﺷﻌﺮاً أﻋﺎﺗﺒﮫ ﻓﯿﮫ ،ﻓﺠﺎوﺑﻨﻲ ﻣﺴﺘﻌﺘﺒﺎً ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ .ﻓﻤﺎ ﻛﻠﻔﺘﮫ ﺣﺎﺟﺔ ﺑﻌﺪھﺎ .وﻣﻤﺎ ﻟﻲ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ وﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ اﻟﺒﺎب وﻟﻜﻨﮫ ﯾﺸﺒﮭﮫ أﺑﯿﺎﺗﺎً ﻗﻠﺘﮭﺎ ،ﻣﻨﮭﺎ: ﻭﻟﻴﺱ ﻴﺤﻤﺩ ﻜﺘﻤﺎﻥ ﻟﻤﻜـﺘـﺘـﻡ
ﻟﻜﻥ ﻜﺘﻤﻙ ﻤﺎ ﺃﻓﺸﺎﻩ ﻤﻐـﺸـﻴﻪ
ﻜﺎﻟﺠﻭﺩ ﺒﺎﻟﻭﻓﺭ ﺃﺴﻨﻰ ﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﺇﺫﺍ
ﻗل ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﻟﻪ ﺃﻭﻀﻥ ﻤﻌﻁـﻴﻪ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺛﻢ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ وھﻲ اﻟﻮﻓﺎء ﻣﻊ اﻟﯿﺄس اﻟﺒﺎت ،وﺑﻌﺪ ﺣﻠﻮل اﻟﻤﻨﺎﯾﺎ وﻓﺠﺎءات اﻟﻤﻨﻮن .وإن اﻟﻮﻓﺎء ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻷﺟﻞ وأﺣﺴﻦ ﻣﻨﮫ ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة وﻣﻊ رﺟﺎء اﻟﻠﻘﺎء. وﺧﺒﺮ: وﻟﻘﺪ ﺣﺪﺛﺘﻨﻲ اﻣﺮأة أﺛﻖ ﺑﮭﺎ أﻧﮭﺎ رأت ﻓﻲ دار ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ وھﺐ اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﺑﻦ اﻟﺮﻛﯿﺰة ﻣﻦ وﻟﺪ ﺑﺪر اﻟﺪاﺧﻞ ﻣﻊ اﻹﻣﺎم ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﻌﺎوﯾﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﺟﺎرﯾﺔ راﺋﻌﺔ ﺟﻤﯿﻠﺔ ﻛﺎن ﻟﮭﺎ ﻣﻮﻟﻰ ﻓﺠﺎءﺗﮫ اﻟﻤﻨﯿﺔ ﻓﺒﯿﻌﺖ ﻓﻲ ﺗﺮﻛﺘﮫ ،ﻓﺄﺑﺖ أن ﺗﺮﺿﻰ ،ﺑﺎﻟﺮﺟﺎل ﺑﻌﺪه وﻣﺎ ﺟﺎﻣﻌﮭﺎ رﺟﻞ إﻟﻰ أن ﻟﻘﯿﺖ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ .وﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺴﻦ اﻟﻐﻨﺎء ﻓﺄﻧﻜﺮت ﻋﻠﻤﮭﺎ ﺑﮫ ورﺿﯿﺖ ﺑﺎﻟﺨﺪﻣﺔ واﻟﺨﺮوج ﻋﻦ ﺟﻤﻠﺔ اﻟﻤﺘﺨﺬات ﻟﻠﻨﺴﻞ واﻟﻠﺬة واﻟﺤﺎل اﻟﺤﺴﻨﺔ ،وﻓﺎء ﻣﻨﮭﺎ ﻟﻤﻦ ﻗﺪ دﺛﺮووارﺗﮫ اﻷرض واﻟﺘﺄﻣﺖ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻔﺎﺋﺢ وﻟﻘﺪ راﻣﮭﺎ ﺳﯿﺪھﺎ اﻟﻤﺬﻛﻮر أن ﯾﻀﻤﮭﺎ إﻟﻰ ﻓﺮاﺷﮫ ﻣﻊ ﺟﻮارﯾﮫ وﯾﺨﺮﺟﮭﺎ ﻣﻤﺎ ھﻲ ﻓﯿﮫ ﻓﺄﺑﺖ ،ﻓﻀﺮﺑﮭﺎ ﻏﯿﺮ ﻣﺮة وأوﻗﻊ ﺑﮭﺎ اﻷدب ،ﻓﺼﺒﺮت ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻛﻠﮫ. ﻓﺄﻗﺎﻣﺖ
ﻋﻠﻰ
اﻣﺘﻨﺎﻋﮭﺎ.
وإن
ھﺬا
ﻣﻦ
اﻟﻮﻓﺎء
ﻏﺮﯾﺐ
ﺟﺪاً.
وأﻋﻠﻢ أن اﻟﻮﻓﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺐ أوﺟﻠﺐ ﻣﻨﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺒﻮب وﺷﺮﻃﮫ ﻟﮫ اﻟﺰم ،ﻷن اﻟﻤﺤﺐ ھﻮ اﻟﺒﺎدي ﺑﺎﻟﻠﺼﻮق واﻟﺘﻌﺮض ﻟﻌﻘﺪ اﻷذﻣﺔ واﻟﻘﺎﺻﺪ ﻟﺘﺄﻛﯿﺪ اﻟﻤﻮدة واﻟﻤﺴﺘﺪﻋﻰ ﺻﺤﺔ اﻟﻌﺸﺮة ،وﻻ أول ﻓﻲ ﻋﺪد ﻃﻼب اﻷﺻﻔﯿﺎء ،واﻟﺴﺎﺑﻖ ﻓﻲ اﺑﺘﻐﺎء اﻟﻠﺬة ﺑﺎﻛﺘﺴﺎب اﻟﺨﻠﺔ ،واﻟﻤﻘﯿﺪ ﻧﻔﺴﮫ ﺑﺰﻣﺎم اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻗﺪ ﻋﻘﻠﮭﺎ ﺑﺄوﺛﻖ ﻋﻘﺎل وﺧﻄﻤﮭﺎ ﺑﺄﺷﺪ ﺧﻄﺎم ،ﻓﻤﻦ ﻗﺴﺮه ﻋﻠﻰ ھﺬا ﻛﻠﮫ إن ﻟﻢ ﯾﺮد إﺗﻤﺎﻣﮫ؟ وﻣﻦ أﺟﺒﺮه ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺠﻼب اﻟﻤﻘﺔ وإن ﻟﻢ ﯾﻨﻮ ﺧﺘﻤﮭﺎ ﺑﺎﻟﻮﻓﺎء ﻟﻤﻦ أراده ﻋﻠﯿﮭﺎ؟ واﻟﻤﺤﺒﻮب إﻧﻤﺎ ھﻮ ﻣﺠﻠﻮب إﻟﯿﮫ وﻣﻘﺼﻮد ﻧﺤﻮه وﻣﺨﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺒﻮل أو اﻟﺘﺮك ﻓﺈن ﻗﺒﻞ ﻓﻐﺎﯾﺔ اﻟﺮﺟﺎء ،وإن أﺑﻰ ﻓﻐﯿﺮ ﻣﺴﺘﺤﻖ ﻟﻠﺬم .وﻟﯿﺲ اﻟﺘﻌﺮض ﻟﻠﻮﺻﻞ واﻹﻟﺤﺎح ﻓﯿﮫ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
واﻟﺘﺄﻧﻲ ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﯾﺴﺘﺠﻠﺐ ﺑﮫ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻓﻘﺔ وﺗﺼﻔﯿﺔ اﻟﺤﻀﺮة واﻟﻤﻐﯿﺐ ﻣﻦ اﻟﻮﻓﺎء ﻓﻲ ﺷﻲء ﻓﺤﻆ ﻧﻔﺴﮫ أراد اﻟﻄﺎﻟﺐ ،وﻓﻲ ﺳﺮوره ﺳﻌﻰ وﻟﮫ اﺣﺘﻄﺐ .واﻟﺤﺐ ﯾﺪﻋﻮه وﯾﺤﺪوه ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺷﺎء أو أﺑﻰ ،وإﻧﻤﺎ ﯾﺤﻤﺪ اﻟﻮﻓﺎء ﻣﻤﻦ ﯾﻘﺪر ﻋﻠﻰ ﺗﺮﻛﮫ .وﻟﻠﻮﻓﺎء ﺷﺮوط ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺒﯿﻦ ﻻزﻣﺔ .ﻓﺄوﻟﮭﺎ أن ﯾﺤﻔﻆ ﻋﮭﺪ ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ وﯾﺮﻋﻰ ﻏﯿﺒﺘﮫ، وﺗﺴﺘﻮي ﻋﻼﻧﯿﺘﮫ وﺳﺮﯾﺮﺗﮫ ،وﯾﻄﻮي ﺷﺮه وﯾﻨﺸﺮ ﺧﯿﺮه ،وﯾﻐﻄﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﯿﻮﺑﮫ وﯾﺤﺴﻦ أﻓﻌﺎﻟﮫ ،وﯾﺘﻐﺎﻓﻞ ﻋﻤﺎ ﯾﻘﻊ ﻣﻨﮫ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﮭﻔﻮة وﯾﺮﺿﻰ ﺑﻤﺎ ﺣﻤﻠﮫ وﻻ ﯾﻜﺜﺮ ﻋﻠﯿﮫ ﺑﻤﺎ ﯾﻨﻔﺮ ﻣﻨﮫ ،وأﻻ ﯾﻜﻮن ﻃﻠﻌﺔ ﺛﺆوﺑﺎً وﻻ ﻣﻠﺔ ﻃﺮوﻗﺎً .وﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺒﻮب إن ﺳﺎواه ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ ،وإن ﻛﺎن دوﻧﮫ ﻓﯿﮭﺎ ﻓﻠﯿﺲ ﻟﻠﻤﺤﺐ أن ﯾﻜﻠﻔﮫ اﻟﺼﻌﻮد إﻟﻰ ﻣﺮﺗﺒﺘﮫ وﻻ ﻟﮫ اﻹﺳﺘﺸﺎﻃﺔ ﻋﻠﯿﮫ ﺑﺄن ﯾﺴﻮﻣﮫ اﻻﺳﺘﻮاء ﻣﻌﮫ ﻓﻲ درﺟﺘﮫ. وﺑﺤﺴﺒﮫ ﻣﻨﮫ ﺣﯿﻨﺌﺬ ﻛﺘﻤﺎن ﺧﺒﺮه وأﻻ ﯾﻘﺎﺑﻠﮫ ﺑﻤﺎ ﯾﻜﺮه وﻻ ﯾﺨﯿﻔﮫ ﺑﮫ ،وإن ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ وھﻲ اﻟﺴﻼﻣﺔ ﻣﻤﺎ ﯾﻠﻘﻰ ﺑﺎﻟﺠﻤﻠﺔ ﻓﻠﯿﻘﻨﻊ ﺑﻤﺎ وﺟﺪ ،وﻟﯿﺄﺧﺬ ﻣﻦ اﻷﻣﺮ ﻣﺎ اﺳﺘﺪف وﻻ ﯾﻄﻠﺐ ﺷﺮﻃﺎً وﻻ ﯾﻘﺘﺮح ﺣﻘﺎً .وإﻧﻤﺎ ﻟﮫ ﻣﺎ ﺳﻨﺢ ﺑﺤﺪه أو ﻣﺎ ﺣﺎن ﺑﻜﺪه، وأﻋﻠﻢ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺴﺘﺒﯿﻦ ﻗﺒﺢ اﻟﻔﻌﻞ ﻷھﻠﮫ ،وﻟﺬﻟﻚ ﯾﺘﻀﺎﻋﻒ ﻗﺒﺤﮫ ﻋﻨﺪ ﻣﻦ ﻟﯿﺲ ﻣﻦ ذوﯾﮫ وﻻ أﻗﻮل ﻗﻮﻟﻲ ھﺬا ﻣﻤﺘﺪﺣﺎً وﻟﻜﻦ آﺧﺬاً ﺑﺄدب اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ) :وأﻣﺎ ﺑﻨﻌﻤﺔ رﺑﻚ ﻓﺤﺪث(.
ﻟﻘﺪ ﻣﻨﺤﻨﻲ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻣﻦ اﻟﻮﻓﺎء ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﯾﻤﺖ إﻟﻰ ﺑﻠﻘﯿﮫ واﺣﺪة ،ووھﺒﻨﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻟﻤﻦ ﯾﺘﺬﻣﻢ ﻣﻨﻲ وﻟﻮ ﺑﻤﺤﺎدﺛﺘﮫ ﺳﺎﻋﺔ ﺣﻈﺎً؟ أﻧﺎ ﻟﮫ ﺷﺎﻛﺮ وﺣﺎﻣﺪ وﻣﻨﮫ ﻣﺴﺘﻤﺪ وﻣﺴﺘﺰﯾﺪ ،وﻣﺎ ﺷﻲء أﺛﻘﻞ ﻋﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﻐﺪر ،وﻟﻌﻤﺮي ﻣﺎ ﺳﻤﻌﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﻗﻂ ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮة ﻓﻲ إﺿﺮار ﻣﻦ ﺑﯿﻨﻲ وﺑﯿﻨﮫ أﻗﻞ ذﻣﺎم ،وإن ﻋﻈﻤﺖ ﺟﺮﯾﺮﺗﮫ وﻛﺜﺮت
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
إﻟﻰ ذﻧﻮﺑﮫ ،وﻟﻘﺪ دھﻤﻨﻲ ﻣﻦ ھﺬا ﻏﯿﺮ ﻗﻠﯿﻞ ﻓﻤﺎ ﺟﺰﯾﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻮءى إﻻ ﺑﺎﻟﺤﺴﻨﻲ، واﻟﺤﻤﺪ ﷲ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻛﺜﯿﺮاً ،وﺑﺎﻟﻮﻓﺎء أﻓﺘﺨﺮ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺔ ﻃﻮﯾﻠﺔ ذﻛﺮت ﻓﯿﮭﺎ ﻣﺎ ﻣﻀﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﻜﺒﺎت ،ودھﻤﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﻞ واﻟﺘﺮﺣﺎل واﻟﺘﺤﻮل ﻓﻲ اﻵﻗﺎق .أوﻟﮭﺎ: ﻭﻟﻲ ﻓﻭﻟﻰ ﺠﻤﻴل ﺍﻟﺼﺒﺭ ﻴﺘﺒﻌـﻪ
ﻭﺼﺭﺡ ﺍﻟﺩﻤﻊ ﻤﺎ ﺘﺨﻔﻴﻪ ﺃﻀﻠﻌﻪ
ﺠﺴﻡ ﻤﻠﻭل ﻭﻗﻠـﺏ ﺁﻟـﻑ ﻓـﺈﺫﺍ
ﺤل ﺍﻟﻔﺭﺍﻕ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻬﻭ ﻤﻭﺠﻌـﻪ
ﻟﻡ ﺘﺴﺘﻘـﺭ ﺒـﻪ ﺩﺍﺭ ﻭﻻ ﻭﻁـﻥ
ﻭﻻ ﺘﺩﻓﺄ ﻤﻨﻪ ﻗﻁ ﻤﻀـﺠـﻌـﻪ
ﻜﺄﻨﻤﺎ ﺼﻴﻎ ﻤﻥ ﺭﻫﻭ ﺍﻟﺴﺤﺎﺏ ﻓﻤﺎ
ﺘﺯﺍل ﺭﻴﺢ ﺇﻟﻰ ﺍﻵﻓﺎﻕ ﺘﺩﻓـﻌـﻪ
ﻜﺄﻨﻤﺎ ﻫﻭ ﺘﻭﺤـﻴﺩ ﺘـﻀـﻴﻕ ﺒـﻪ
ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻜﻔﻭﺭ ﻓﺘﺄﺒﻰ ﺤﻴﻥ ﺘﻭﺩﻋـﻪ
ﺃﻭ ﻜﻭﻜﺏ ﻗﺎﻁﻊ ﻓﻲ ﺍﻷﻓﻕ ﻤﻨﺘﻘل
ﻓﺎﻟﺴﻴﺭ ﻴﻐﺭﺒﻪ ﺤﻴﻨﺎﹰ ﻭﻴﻁـﻠـﻌـﻪ
ﺃﻅﻨﻪ ﻟﻭ ﺠﺯﺘـﻪ ﺃﻭ ﺘـﺴـﺎﻋـﺩﻩ
ﺃﻟﻘﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻨﻬﻤﺎل ﺍﻟﺩﻤﻊ ﻴﺘﺒﻌـﻪ
وﺑﺎﻟﻮﻓﺎء أﯾﻀﺎً أﻓﺘﺨﺮ ﻓﻲ ﻗﺼﯿﺪة ﻟﻲ ﻃﻮﯾﻠﺔ أوردﺗﮭﺎ .وإن ﻛﺎن أﻛﺜﺮھﺎ ﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ اﻟﻜﺘﺎب ،ﻓﻜﺎن ﺳﺒﺐ ﻗﻮﻟﻲ ﻟﮭﺎ أن ﻗﻮﻣﺎً ﻣﻦ ﻣﺨﺎﻟﻔﻲ ﺷﺮﻗﻮا ﺑﻲ ﻓﺄﺳﺎءوا اﻟﻌﺘﺐ ﻓﻲ وﺟﮭﻲ وﻗﺬﻓﻮﻧﻲ ﺑﺄﻧﻲ أﻋﻀﺪ اﻟﺒﺎﻃﻞ ﺑﺤﺠﺘﻲ ،ﻋﺠﺰاً ﻣﻨﮭﻢ ﻋﻦ ﻣﻘﺎوﻣﺔ ﻣﺎ أوردﺗﮫ ﻣﻦ ﻧﺼﺮ اﻟﺤﻖ وأھﻠﮫ .وﺣﺴﺪاً ﻟﻲ .ﻓﻘﻠﺖ ،وﺧﺎﻃﺒﺖ ﺑﻘﺼﯿﺪﺗﻲ ﺑﻌﺾ إﺧﻮاﻧﻲ وﻛﺎن ذا ﻓﮭﻢ ،ﻣﻨﮭﺎ:
ﻭﺨﺫﻨﻲ ﻋﺼﺎ ﻤﻭﺴﻰ ﻭﻫﺎﺕ ﺠﻤﻴﻌﻬﻡ
ﻭﻟﻭ ﺃﻨﻬﻡ ﺤﻴﺎﺕ ﻀﺎل ﻨﻀـﺎﻨـﺽ
وﻣﻨﮭﺎ: ﻴﺭﻴﻐﻭﻥ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻲ ﻋﺠﺎﺌﺏ ﺠﻤﺔ
ﻭﻗﺩ ﺒﺘﻤﻨﻲ ﺍﻟﻠﻴﺙ ﻭﺍﻟﻠﻴﺙ ﺭﺍﺒﺽ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وﻣﻨﮭﺎ: ﻴﺭﺠﻰ ﻤﺤﺎﻻ ﻓﻲ ﺍﻹﻤﺎﻡ ﺍﻟﺭﻭﺍﻓﺽ
ﻭﻴﺭﺠﻭﻥ ﻤﺎﻻ ﻴﺒﻠﻐﻭﻥ ﻜﻤﺜـل ﻤـﺎ
وﻣﻨﮭﺎ: ﻭﻟﻭ ﺠﻠﺩﻱ ﻓﻲ ﻜل ﻗﻠـﺏ ﻭﻤـﻬـﺠﺔ
ﻟﻤﺎ ﺃﺜﺭﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻴﻭﻥ ﺍﻟـﻤـﺭﺍﺌﺽ
ﺃﺒﺕ ﻋﻥ ﺩﻨﻲﺀ ﺍﻟﻭﺼﻑ ﻀﺭﺒﺔ ﻻﺯﺏ
ﻜﻤﺎ ﺃﺒﺕ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﺤﺭﻭﻑ ﺍﻟﺨﻭﺍﻓﺽ
وﻣﻨﮭﺎ: ﻭﺭﺃﻴﻲ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻜل ﻤﺎ ﻏﺎﺏ ﻤﺴﻠـﻙ
ﻜﻤﺎ ﺘﺴﻠﻙ ﺍﻟﺠﺴﻡ ﺍﻟﻌﺭﻭﻕ ﺍﻟﻨﻭﺍﺒﺽ
ﻴﺒﻴﻥ ﻤﺩﺏ ﺍﻟﻨﻤل ﻓﻲ ﻏﻴﺭ ﻤﺸﻜـل
ﻭﻴﺴﺘﺭ ﻋﻨﻬﻡ ﻟﻠﻘﺒﻭل ﺍﻟﻤـﺭﺍﺒـﺽ
اﻟﺒﺎب اﻟﺜﺎﻟﺚ واﻟﻌﺸﺮون اﻟﻐﺪر وﻛﻤﺎ أن اﻟﻮﻓﺎء ﻣﻦ ﺳﺮى اﻟﻨﻌﻮت وﻧﺒﯿﻞ اﻟﺼﻔﺎت ،ﻓﻜﺬﻟﻚ اﻟﻐﺪر ﻣﻦ ذﻣﯿﻤﮭﺎ وﻣﻜﺮوھﺎ ،وإﻧﻤﺎ ﯾﺴﻤﻰ ﻏﺪراً ﻣﻦ اﻟﺒﺎدي .وأﻣﺎ اﻟﻤﻘﺎرض ﺑﺎﻟﻐﺪر ﻋﻠﻰ ﻣﺜﻠﮫ ،وإن اﺳﺘﻮى ﻣﻌﮫ ﻓﻲ ﺣﻘﯿﻘﺔ اﻟﻔﻌﻞ ﻓﻠﯿﺲ ﺑﻐﺪر وﻻ ھﻮ ﻣﻌﯿﺒﺎً ﺑﺬﻟﻚ ،واﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﯾﻘﻮل: )وﺟﺰاء ﺳﯿﺌﺔ ﺳﯿﺌﺔ ﻣﺜﻠﮭﺎ( .وﻗﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ أن اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻟﯿﺴﺖ ﺑﺴﯿﺌﺔ وﻟﻜﻦ ﻟﻤﺎ ﺟﺎﻧﺴﺖ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﺸﺒﮫ أوﻗﻊ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻣﺜﻞ اﺳﻤﮭﺎ ،وﺳﯿﺄﺗﻲ ھﺬا ﻣﻔﺴﺮاً ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﺴﻠﻮ إن
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺷﺎء اﷲ .وﻟﻜﺜﺮة وﺟﻮد اﻟﻐﺪر ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺒﻮب اﺳﺘﻐﺮب اﻟﻮﻓﺎء ﻣﻨﮫ ﻓﺼﺎر ﻗﻠﯿﻠﮫ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﻨﮭﻢ ﯾﻘﺎوم اﻟﻜﺜﯿﺮ اﻟﻤﻮﺟﻮد ﻓﻲ ﺳﻮاھﻢ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻗﻠﻴل ﻭﻓﺎﺀ ﻤﻥ ﻴﻬﻭﻯ ﻴﺠـل
ﻭﻋﻅﻡ ﻭﻓﺎﺀ ﻤﻥ ﻴﻬﻭﻯ ﻴﻘل
ﻓﻨﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﺠﺒﺎﻥ ﺃﺠل ﻤـﻤـﺎ
ﻴﺠﻲﺀ ﺒﻪ ﺍﻟﺸﺠﺎﻉ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘل
وﻣﻦ ﻗﺒﯿﺢ اﻟﻐﺪر أن ﯾﻜﻮن ﻟﻠﻤﺤﺐ ﺳﻔﯿﺮ إﻟﻰ ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ ﯾﺴﺘﺮﯾﺢ إﻟﯿﮫ ﺑﺄﺳﺮاره ﻓﯿﺴﻌﻰ ﺣﺘﻰ ﯾﻘﻠﺒﮫ إﻟﻰ ﻧﻔﺴﮫ وﯾﺴﺘﺄﺛﺮ ﺑﮫ دوﻧﮫ .وﻓﯿﮫ أﻗﻮل: ﺃﻗﻤﺕ ﺴﻔﻴﺭﺍﹰ ﻗﺎﺼﺩﺍﹰ ﻓﻲ ﻤﻁﺎﻟﺒـﻲ
ﻭﺜﻘﺕ ﺒﻪ ﺠﻬﻼ ﻓﻀﺭﺏ ﺒـﻴﻨـﻨـﺎ
ﻭﺤل ﻋـﺭﻯ ﻭﺩﻱ ﻭﺃﺜـﺒـﺕ ﻭﺩﻩ
ﻭﺃﺒﻌﺩ ﻋﻨﻲ ﻜل ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻤﻤﻜـﻨـﺎ
ﻓﺼﺭﺕ ﺸﻬﻴﺩﺍﹰ ﺒﻌﺩ ﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﻤﺸﻬﺩ ﺍﹰ
ﻭﺃﺼﺒﺤﺕ ﻀﻴﻔﺎﹰ ﺒﻌﺩ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻀﻴﻔﻨﺎ
ﺧﺒﺮ :وﻟﻘﺪ ﺣﺪﺛﻨﻲ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻮﻧﺲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻗﺎل :أذﻛﺮ ﻓﻲ اﻟﺼﺒﻰ ﺟﺎرﯾﺔ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺴﺪد ﯾﮭﻮاھﺎ ﻓﺘﻰ ﻣﻦ أھﻞ اﻷدب ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﻤﻠﻮك وﺗﮭﻮاه وﯾﺘﺮاﺳﻼن، وﻛﺎن اﻟﺴﻔﯿﺮ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ واﻟﺮﺳﻮل ﺑﻜﺘﺒﮭﻤﺎ ﻓﺘﻰ ﻣﻦ أﺗﺮاﺑﮫ ﻛﺎن ﯾﺼﻞ إﻟﯿﮭﺎ ،ﻓﻠﻤﺎ ﻋﺮﺿﺖ اﻟﺠﺎرﯾﺔ ﻟﻠﺒﯿﻊ أراد اﻟﺬي ﻛﺎن ﯾﺤﺒﮭﺎ اﺑﺘﯿﺎﻋﮭﺎ ،ﻓﺒﺪر اﻟﺬي ﻛﺎن رﺳﻮﻻً ﻓﺎﺷﺘﺮاھﺎ .ﻓﺪﺧﻞ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﯾﻮﻣﺎً ﻓﻮﺟﺪھﺎ ﻗﺪ ﻓﺘﺤﺖ درﺟﺎً ﻟﮭﺎ ﺗﻄﻠﺐ ﻓﯿﮫ ﺑﻌﺾ ﺣﻮاﺋﺠﮭﺎ ،ﻓﺄﺗﻰ إﻟﯿﮭﺎ وﺟﻌﻞ ﯾﻔﺘﺶ اﻟﺪرج ،ﻓﺨﺮج إﻟﯿﮫ ﻛﺘﺎب ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻔﺘﻰ اﻟﺬي ﻛﺎن ﯾﮭﻮاھﺎ ﻣﻀﻤﺨﺎً ﺑﺎﻟﻐﺎﻟﯿﺔ ﻣﺼﻮﻧﺎً ﻣﻜﺮﻣﺎً ،ﻓﻐﻀﺐ وﻗﺎل :ﻣﻦ أﯾﻦ ھﺬا ﯾﺎ ﻓﻠﺴﻘﺔ؟ ﻗﺎﻟﺖ :أﻧﺖ ﺳﻘﺘﮫ إﻟﻲ .ﻓﻘﺎل :ﻟﻌﻠﮫ ﻣﺤﺪث ﺑﻌﺪ ذاك اﻟﺤﯿﻦ .ﻓﻘﺎﻟﺖ :ﻣﺎ ھﻮ إﻻ ﻣﻦ ﻗﺪﯾﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮف .ﻗﺎل ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ أﻟﻘﻤﺘﮫ ﺣﺠﺮاً ،ﻓﺴﻘﻂ ﻓﻲ ﯾﺪﯾﮫ وﺳﻜﺖ.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﺒﺎب اﻟﺮاﺑﻊ واﻟﻌﺸﺮون اﻟﺒﯿﻦ وﻗﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ أﻧﮫ ﻻ ﺑﺪ ﻟﻜﻞ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ اﻓﺘﺮاق ،وﻟﻜﻞ دان ﻣﻦ ﺗﻨﺎء ،وﺗﻠﻚ ﻋﺎدة اﷲ ﻓﻲ اﻟﻌﺒﺎد واﻟﺒﻼد ﺣﺘﻰ ﯾﺮث اﷲ اﻷرض وﻣﻦ ﻋﻠﯿﮭﺎ وھﻮ ﺧﯿﺮ اﻟﻮارﺛﯿﻦ .وﻣﺎ ﺷﻲء ﻣﻦ دواھﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ ﯾﻌﺪل اﻻﻓﺘﺮاق ،وﻟﻮ ﺳﺄﻟﺖ اﻷرواح ﺑﮫ ﻓﻀﻼً ﻋﻦ اﻟﺪﻣﻮع ﻛﺎن ﻗﻠﯿﻼً .وﺳﻤﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﻤﺎء ﻗﺎﺋﻼً ﯾﻘﻮل :اﻟﻔﺮاق أﺧﻮ اﻟﻤﻮت ،ﻓﻘﺎل :ﺑﻞ اﻟﻤﻮت أﺧﻮ اﻟﻔﺮاق.
واﻟﺒﯿﻦ ﯾﻨﻘﺴﻢ أﻗﺴﺎﻣﺎً :ﻓﺄوﻟﮭﺎ ﻣﺪة ﯾﻮﻗﻦ ﺑﺎﻧﺼﺮاﻣﮭﺎ وﺑﺎﻟﻌﻮدة ﻋﻦ ﻗﺮﯾﺐ ،وإﻧﮫ ﻟﺸﺠﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﻠﺐ ،وﻏﺼﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﻠﻖ ﻻ ﺗﺒﺮأ إﻻ ﺑﺎﻟﺮﺟﻌﺔ ،وأﻧﺎ أﻋﻠﻢ ﻣﻦ ﻛﺎن ﯾﻐﯿﺐ ﻣﻦ ﯾﺤﺐ ﻋﻦ ﺑﺼﺮه ﯾﻮﻣﺎً واﺣﺪاً ﻓﯿﻌﺘﺮﯾﮫ ﻣﻦ اﻟﮭﻠﻊ واﻟﺠﺰع وﺷﻐﻞ اﻟﺒﺎل وﺗﺮادف اﻟﻜﺮب ﻣﺎ ﯾﻜﺎد ﯾﺄﺗﻲ ﻋﻠﯿﮫ.
ﺛﻢ ﺑﯿﻦ ﻣﻨﻊ ﻣﻦ اﻟﻠﻘﺎء ،وﺗﺤﻈﯿﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺒﻮب ﻣﻦ أن ﯾﺮاه ﻣﺤﺒﮫ ،ﻓﮭﺬا وﻟﻮ ﻛﺎن ﻣﻦ ﺗﺤﺒﮫ وﻣﻌﻚ ﻓﻲ دار واﺣﺪة ﻓﮭﻮ ﺑﯿﻦ :ﻷﻧﮫ ﺑﺎﺋﻦ ﻋﻨﻚ .وإن ھﺬا ﻟﯿﻮﻟﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﺰن واﻷﺳﻒ ﻏﯿﺮ ﻗﻠﯿﻞ ،وﻟﻘﺪ ﺟﺮﺑﻨﺎه ﻓﻜﺎن ﻣﺮاً ،وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﺃﺭﻯ ﺩﺍﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﻜل ﺤﻴﻥ ﻭﺴﺎﻋﺔ
ﻭﻟﻜﻥ ﻤﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﺍﺭ ﻋﻨﻲ ﻤﻐﻴﺏ
ﻭﻫل ﻨﺎﻓﻌﻲ ﻗﺭﺏ ﺍﻟﺩﻴﺎﺭ ﻭﺃﻫﻠﻬـﺎ
ﻋﻠﻰ ﻭﺼﻠﻬﻡ ﻤﻨﻲ ﺭﻗﻴﺏ ﻤﺭﺍﻗﺏ
ﻓﻴﺎﻟﻙ ﺠﺎﺭ ﺍﻟﺠﻨﺏ ﺃﺴﻤﻊ ﺤـﺴـﻪ
ﻭﺃﻋﻠﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻴﻥ ﺃﺩﻨﻰ ﻭﺃﻗـﺭﺏ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻜﺼﺎﺩ ﻴﺭﻯ ﻤﺎﺀ ﺍﻟﻁﻭﻯ ﺒﻌـﻴﻨـﻪ
ﻭﻟﻴﺱ ﺇﻟﻴﻪ ﻤﻥ ﺴﺒـﻴل ﻴﺴـﺒـﺏ
ﻜﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺩ ﻋﻨﻙ ﻤﻐـﻴﺏ
ﻭﻤﺎ ﺩﻭﻨﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﺼﻔﻴﺢ ﺍﻟﻤﻨﺼـﺏ
وأﻗﻮل ﻣﻦ ﻗﺼﯿﺪة ﻣﻄﻮﻟﺔ: ﻤﺘﺔ ﺘﺸﺘﻔﻲ ﻨﻔﺱ ﺃﻀﺭ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻭﺠـﺩ ﻭﻋﻬﺩﻱ ﺒﻬﻨﺩ ﻭﻫﻲ ﺠﺎﺭﺓ
ﻭﺘﺼﻘﺏ ﺩﺍﺭ ﻗﺩ ﻁﻭﻯ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﺩ ﻭﺃﻗﺭﺏ ﻤﻥ ﻫﻨﺩ ﻟﻁﺎﻟﺒﻬﺎ ﺍﻟﻬـﻨـﺩ
ﺒﻴﺘـﻨـﺎ ﺒﻠﻰ ﺇﻥ ﻓﻲ ﻗﺭﺏ ﺍﻟﺩﻴﺎﺭ ﻟـﺭﺍﺤﺔ
ﻜﻤﺎ ﻴﻤﺴﻙ ﺍﻟﻅﻤﺂﻥ ﺃﻥ ﻴﺩﻨﻭ ﺍﻟﻭﺭﺩ
ﺛﻢ ﺑﯿﻦ ﯾﺘﻌﻤﺪه اﻟﻤﺤﺐ ﺑﻌﺪاً ﻋﻦ ﻗﻮل اﻟﻮﺷﺎة ،وﺧﻮﻓﺎً أن ﯾﻜﻮن ﺑﻘﺎؤه ﺳﺒﺒﺎً إﻟﻰ ﻣﻨﻊ اﻟﻠﻘﺎء،
وذرﯾﻌﺔ
إﻟﻰ
أن
ﯾﻔﺸﻮ
اﻟﻜﻼم
ﻓﯿﻘﻊ
اﻟﺤﺠﺎب
اﻟﻐﻠﯿﻆ.
ﺛﻢ ﺑﯿﻦ ﯾﻮﻟﺪه اﻟﻤﺤﺐ ﻟﺒﻌﺾ ﻣﺎ ﯾﺪﻋﻮه إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻣﻦ آﻓﺎت اﻟﺰﻣﺎن ،وﻋﺬره ﻣﻘﺒﻮل أو
ﻣﻄﺮح
ﻋﻠﻰ
ﻗﺪر
اﻟﺠﺎﻓﺰ
ﻟﮫ
إﻟﻰ
اﻟﺮﺣﯿﻞ.
ﺧﺒﺮ :وﻟﻌﮭﺪي ﺑﺼﺪﯾﻖ ﻟﻲ داره اﻟﻤﺮﯾﺔ ،ﻓﻌﻨﺖ ﻟﮫ ﺣﻮاﺋﺞ إﻟﻰ ﺷﺎﻃﺒﺔ ﻓﻘﺼﺪھﺎ، وﻛﺎن ﻧﺎزﻻً ﺑﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﻲ ﻣﺪة إﻗﺎﻣﺘﮫ ﺑﮭﺎ ،وﻛﺎن ﻟﮫ ﺑﺎﻟﻤﺮﯾﺔ ﻋﻼﻗﺔ ھﻲ أﻛﺒﺮ ھﻤﮫ وأدھﻰ ﻏﻤﮫ ،ﻛﺎن ﯾﺆﻣﻞ ﺑﺘﮭﺎ وﻓﺮاغ أﺳﺒﺎﺑﮫ وأن ﯾﻮﺷﻚ اﻟﺮﺟﻌﺔ وﯾﺴﺮع اﻷوﺑﺔ، ﻓﻠﻢ ﯾﻜﻦ إﻻ ﺣﯿﻦ ﻟﻄﯿﻒ ﺑﻌﺪ اﺣﺘﻼﻟﮫ ﻋﻨﺪي ﺣﺘﻰ ﺟﯿﺶ اﻟﻤﻮﻓﻖ أﺑﻮ اﻟﺤﺴﻦ ﻣﺠﺎھﺪ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺠﺰاﺋﺮ اﻟﺠﯿﻮش وﻗﺮب اﻟﻌﺴﺎﻛﺮ وﻧﺎﺑﺬ ﺧﯿﺮان ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﺮﯾﺔ وﻋﺰم ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺌﺼﺎﻟﮫ ،ﻓﺎﻧﻘﻄﻌﺖ اﻟﻄﺮق ﺑﺴﺒﺐ ھﺬه اﻟﺤﺮب ،وﺗﺤﻮﻣﯿﺖ اﻟﺴﺒﻞ واﺣﺘﺮس اﻟﺒﺤﺮ ﺑﺎﻷﺳﺎﻃﯿﻞ ،ﻓﺘﻀﺎﻋﻒ ﻛﺮﺑﮫ إذ ﻟﻢ ﯾﺠﺪ إﻟﻰ اﻻﻧﺼﺮاف ﺳﺒﯿﻼً اﻟﺒﺘﺔ ،وﻛﺎد ﯾﻄﻔﺄ أﺳﻔﺎً ،وﺻﺎر ﻻ ﯾﺄﻧﺲ ﺑﻐﯿﺮ اﻟﻮﺣﺪة ،وﻻ ﯾﻠﺠﺄ إﻻ إﻟﻰ اﻟﺰﻓﯿﺮ واﻟﻮﺟﻮم.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وﻟﻌﻤﺮي ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻣﻤﻦ ﻟﻢ أﻗﺪر ﻗﻂ ﻓﯿﮫ أن ﻗﻠﺒﮫ ﯾﺬﻋﻦ ﻟﻠﻮد ،وﻻ ﺷﺮاﺳﺔ ﻃﺒﻌﮫ وﺗﺠﯿﺐ إﻟﻰ اﻟﮭﻮى.
وأذﻛﺮ أﻧﻲ دﺧﻠﺖ ﻗﺮﻃﺒﺔ ﺑﻌﺪ رﺣﯿﻠﻲ ﻋﻨﮭﺎ ﺛﻢ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻨﺼﺮﻓﺎً ﻋﻨﮭﺎ ﻓﻀﻤﻨﻲ اﻟﻄﺮﯾﻖ ﻣﻊ رﺟﻞ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب ﻗﺪ رﺣﻞ ﻷﻣﺮ ﻣﮭﻢ وﺗﺨﻠﻒ ﺳﻜﻦ ﻟﮫ ،ﻓﻜﺎن ﯾﺮﺗﻤﺾ ﻟﺬﻟﻚ .وإﻧﻲ ﻷﻋﻠﻢ ﻣﻦ ﻋﻠﻖ ﺑﮭﻮى ﻟﮫ وﻛﺎن ﻓﻲ ﺣﺎل ﺷﻈﻒ وﻛﺎﻧﺖ ﻟﮫ ﻓﻲ اﻷرض ﻣﺬاھﺐ واﺳﻌﺔ وﻣﻨﺎدﯾﺢ رﺣﺒﺔ ووﺟﻮه ﻣﺘﺼﺮف ﻛﺜﯿﺮة ،ﻓﮭﺎن ﻋﻠﯿﮫ ذﻟﻚ وآﺛﺮ اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻣﻊ ﻣﻦ ﯾﺠﺐ ،وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌﺮاً ،ﻣﻨﮫ: ﻭﺍﻟﺴﻴﻑ ﻏﻔل ﺃﻭ ﻴﺒﻴﻥ ﻗﺭﺍﺒﻪ
ﻟﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻤﻨﺎﺩﺡ ﻤﻌﻠﻭﻤﺔ
ﺛﻢ ﺑﯿﻦ رﺣﯿﻞ وﺗﺒﺎﻋﺪ دﯾﺎر ،وﻻ ﯾﻜﻮن ﻣﻦ اﻷوﺑﺔ ﻓﯿﮫ ﻋﻠﻰ ﯾﻘﯿﻦ ﺧﺒﺮ ،وﻻ ﯾﺤﺪث ﺗﻼق .وھﻮ اﻟﺨﻄﺐ اﻟﻤﻮﺟﻊ ،واﻟﮭﻢ اﻟﻤﻔﻈﻊ ،واﻟﺤﺎدث اﻷﺷﻨﻊ ،واﻟﺪاء اﻟﺪوي. وأﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﯾﻜﻮن اﻟﮭﻠﻊ ﻓﯿﮫ إذا ﻛﺎن اﻟﻨﺎﺋﻲ و اﻟﻤﺤﺒﻮب ،وھﻮ اﻟﺬي ﻗﺎﻟﺖ ﻓﯿﮫ اﻟﺸﻌﺮاء ﻛﺜﯿﺮاً .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻗﺼﯿﺪة ،ﻣﻨﮭﺎ: ﻭﺫﻱ ﻋﻠﺔ ﺃﻋﻴﺎ ﺍﻟﻁﺒﻴﺏ ﻋﻼﺠﻬـﺎ
ﺴﺘﻭﺭﺩﻨﻲ ﻻ ﺸﻙ ﻤﻨﻬل ﻤﺼﺭﻋﻲ
ﺭﻀﻴﺕ ﺒﺄﻥ ﺃﻀﺤﻰ ﻗﺘـﻴل ﻭﺩﺍﺩﻩ
ﻜﺠﺎﺭﻉ ﺴﻡ ﻓﻲ ﺭﺤﻴﻕ ﻤﺸﻌﺸـﻊ
ﻓﻤﺎ ﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﻤـﺎ ﺃﻗـل ﺤـﻴﺎﺀﻫـﺎ
ﻭﺃﻭﻟﻌﻬﺎ ﺒﺎﻟﻨﻔﺱ ﻤﻥ ﻜل ﻤـﻭﻟـﻊ
ﻜﺄﻥ ﺯﻤﺎﻨﻲ ﻋﺒﺸﻤﻲ ﻴﺨـﺎﻟـﻨـﻲ
ﺃﻋﻨﺕ ﻋﻠﻰ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺃﻫل ﺍﻟﺘﺸـﻴﻊ
وأﻗﻮل ﻣﻦ ﻗﺼﯿﺪة: ﺃﻁﻨﻙ ﺘﻤﺜﺎل ﺍﻟﺠﻨﺎﻥ ﺃﺒﺎﺤﻪ
ﻟﻤﺠﺘﻬﺩ ﺍﻟﻨﺴﺎﻙ ﻤﻥ ﺃﻭﻟﻴﺎﺌﻪ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وأﻗﻮل ﻣﻦ ﻗﺼﯿﺪة: ﻷﺒﺭﺩ ﺒﺎﻟﻠﻘﻴﺎ ﻏﻠﻴﻼﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﻬﻭﻯ
ﺘﻭﻗﻊ ﻨﻴﺭﺍﻥ ﺍﻟﻐﻀﻲ ﻫﻴﻤﺎﻨﻪ
وأﻗﻮل ﺷﻌﺮاً ﻣﻨﮫ: ﺨﻔﻴﺕ ﻋﻥ ﺍﻷﺒﺼﺎﺭ ﻭﺍﻟﻭﺠﺩ ﻅﺎﻫﺭ ﻏﺩﺍ ﺍﻟﻔﻠﻙ ﺍﻟﺩﻭﺍﺭ ﺤـﻠـﻘﺔ ﺨـﺎﺘـﻡ
ﻓﺎﻋﺠﺏ ﺒﺄﻋﺭﺍﺽ ﺘﺒﻴﻥ ﻭﻻ ﺸﺨﺹ ﻤﺤﻴﻁ ﺒﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻭﺃﻨـﺕ ﻟـﻪ ﻓـﺽ
وأﻗﻮل ﻣﻦ ﻗﺼﯿﺪة: ﻏﻨﻴﺕ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﺤﺴﻨ ﺎﹰ ﻭﺒـﻬـﺠﺔ
ﻜﻤﺎ ﻏﻨﻴﺕ ﺸﻤﺱ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﻠﻰ
ﻋﺠﺒﺕ ﻟﻨﻔﺴﻲ ﺒﻌﺩﻩ ﻜﻴﻑ ﻟﻡ ﺘﻤـﺕ
ﻭﻫﺠﺭﺍﻨﻪ ﺩﻓﻨﻲ ﻭﻓﻘﺩﺍﻨـﻪ ﻨـﻌـﻴﻲ
ﻭﻟﻠﺠﺴﺩ ﺍﻟﻐﺽ ﺍﻟﻤﻨﻌـﻡ ﻜـﻴﻑ ﻟـﻡ
ﺘﺫﺒـﻪ ﻴﺩ ﺨـﺸـــﻨـــﺎﺀ.....
وإن ﻟﻸوﺑﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﯿﻦ اﻟﺬي ﺗﺸﻔﻖ ﻣﻨﮫ اﻟﻨﻔﺲ ﻟﻄﻮل ﻣﺴﺎﻓﺘﮫ وﺗﻜﺎد ﺗﯿﺄس ﻣﻦ اﻟﻌﻮدة ﻓﯿﮫ ،ﻟﺮوﻋﺔ ﺗﺒﻠﻎ ﻣﺎﻻ ﺣﺪ وراءه ورﺑﻤﺎ ﻗﺘﻠﺖ .ﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻟﻠﺘﻼﻗﻲ ﺒﻌﺩ ﺍﻟـﻔـﺭﺍﻕ ﺴـﺭﻭﺭ
ﻜﺴﺭﻭﺭ ﺍﻟﻤﻔﻴﻕ ﺤﺎﻨﺕ ﻭﻓـﺎﺘـﻪ
ﻓﺭﺤﺔ ﺘﺒﻬﺞ ﺍﻟﻨﻔـﻭﺱ ﻭﺘـﺤـﻲ
ﻤﻥ ﺩﻨﺎ ﻤﻨﻪ ﺒﺎﻟﻔﺭﺍﻕ ﻤـﻤـﺎﺘـﻪ
ﺭﺒﻤﺎ ﻗﺩ ﺘﻜـﻭﻥ ﺩﺍﻫـﻴﺔ ﺍﻟـﻤـﻭ
ﺕ ﻭﺘﻭﺩﻱ ﺒﺄﻫﻠﻪ ﻫـﺠـﻤـﺎﺘـﻪ
ﻜﻡ ﺭﺃﻴﻨﺎ ﻤﻥ ﻋﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻋﻁﺸﺎ
ﻥ ﻓﺯﺍﺭ ﺍﻟﺤﻤﺎﻡ ﻭﻫـﻭ ﺤـﻴﺎﺘـﻪ
وإﻧﻲ ﻷﻋﻠﻢ ﻣﻦ ﻧﺄت دار ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ زﻣﻨﺎً ﺛﻢ ﺗﯿﺴﺮت ﻟﮫ أوﺑﺔ ﻓﻠﻢ ﯾﻜﻦ إﻻ ﺑﻘﺪر اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ واﺳﺘﯿﻔﺎﺋﮫ ،ﺣﺘﻰ دﻋﺘﮫ ﻧﻮى ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻓﻜﺎد أن ﯾﮭﻠﻚ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﺃﻁﻠﺕ ﺯﻤﺎﻥ ﺍﻟﺒﻌﺩ ﺤﺘﻰ ﺇﺫﺍ ﺍﻨﻘﻀـﻰ
ﺯﻤﺎﻥ ﺍﻟﻨﻭﻯ ﺒﺎﻟﻘﺭﺏ ﻋﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻌﺩ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻓﻠﻡ ﻴﻙ ﺇﻻ ﻜﺭﺓ ﺍﻟﻁﺭﻑ ﻗـﺭﺒـﻜـﻡ
ﻭﻋﺎﻭﺩﻜﻡ ﺒﻌﺩﻱ ﻭﻋﺎﻭﺩﻨـﻲ ﻭﺠـﺩﻱ
ﻜﺫﺍ ﺤﺎﺌﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴل ﻀﺎﻗﺕ ﻭﺠﻭﻫـﻪ
ﺭﺃﻯ ﺍﻟﺒﺭﻕ ﻓﻲ ﺩﺍﺝ ﻤﻥ ﺍﻟﻠﻴل ﻤﺴﻭﺩ
ﻓﺄﺨﻠـﻔـﻪ ﻤـﻨـﻪ ﺭﺠـﺎﺀ ﺩﻭﺍﻤـﻪ
ﻭﺒﻌﺽ ﺍﻷﺭﺍﺠﻲ ﻻ ﺘﻔﻴﺩﻭ ﻭﻻ ﺘﺠﺩﻱ
وﻓﻲ اﻷوﺑﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﻔﺮاق أﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﮭﺎ: ﻟﻘﺩ ﻗﺭﺕ ﺍﻟﻌﻴﻨﺎﻥ ﺒﺎﻟﻘﺭﺏ ﻤـﻨـﻜـﻡ
ﻜﻤﺎ ﺴﺨﻨﺕ ﺃﻴﺎﻡ ﻴﻁﻭﻴﻜﻡ ﺍﻟـﺒـﻌـﺩ
ﻓﻠﻠﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻗﺩ ﻤﻀﻰ ﺍﻟﺼﺒﺭ ﻭﺍﻟﺭﻀﻰ
ﻭﷲ ﻓﻴﻤﺎ ﻗﺩ ﻗﻀﻰ ﺍﻟﺸﻜﺭ ﻭﺍﻟﺤﻤـﺩ
ﺧﺒﺮ :وﻟﻘﺪ ﻧﻌﻰ إﻟﻰ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻛﻨﺖ أﺣﺐ ﻣﻦ ﺑﻠﺪة ﻧﺎزﺣﺔ ،ﻓﻘﻤﺖ ﻓﺎراً ﺑﻨﻔﺴﻲ ﻧﺤﻮ اﻟﻤﻘﺎﺑﺮ وﺟﻌﻠﺖ أﻣﺸﻲ ﺑﯿﻨﮭﺎ وأﻗﻮل: ﻭﺩﺩﺕ ﺒﺄﻥ ﻅﻬﺭ ﺍﻷﺭﺽ ﺒﻁﻥ
ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺒﻁﻥ ﻤﻨﻬﺎ ﺼﺎﺭ ﻅﻬﺭﺍﹰ
ﻭﺃﻨﻲ ﻤﺕ ﻗﺒل ﻭﺭﻭﺩ ﺨﻁـﺏ
ﺃﺘﻰ ﻓﺄﺜﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻷﻜﺒﺎﺩ ﺠﻤـﺭﺍﹰ
ﻭﺃﻥ ﺩﻤﻰ ﻟﻤﻥ ﻗﺩ ﺒﺎﻥ ﻏﺴـل
ﻭﺃﻥ ﻀﻠﻭﻉ ﺼﺩﺭﻱ ﻜﻥ ﻗﺒﺭﺍﹰ
ﺛﻢ اﺗﺼﻞ ﺑﻌﺪ ﺣﯿﻦ ﺗﻜﺬﯾﺐ ذﻟﻚ اﻟﺨﺒﺮ ﻓﻘﻠﺖ: ﺒﺸﺭﻯ ﺃﺘﺕ ﻭﺍﻟﻴﺄﺱ ﻤﺴﺘﺤـﻜـﻡ
ﻭﺍﻟﻘﻠﺏ ﻓﻲ ﺴﺒﻊ ﻁﺒﺎﻕ ﺸـﺩﺍﺩ
ﻜﺴﺕ ﻓﺅﺍﺩﻱ ﺨﻀﺭﺓ ﺒﻌـﺩﻤـﺎ
ﻜﺎﻥ ﻓﺅﺍﺩﻱ ﻻﺒﺴﺎﹰ ﻟـﻠـﺤـﺩﺍﺩ
ﺠﻠﻰ ﺴﻭﺍﺩ ﺍﻟﻐﻡ ﻋﻨـﻲ ﻜـﻤـﺎ
ﻴﺠﻠﻲ ﺒﻠﻭﻥ ﺍﻟﺸﻤﺱ ﻟﻭﻥ ﺍﻟﺴﻭﺍﺩ
ﻫﺫﺍ ﻭﻤﺎ ﺁﻤل ﺘﻭﺼـﻼﹰ ﺴـﻭﻯ
ﺼﺩﻕ ﻭﻓﺎﺀ ﺒـﻘـﺩﻴﻡ ﺍﻟـﻭﺩﺍﺩ
ﻓﺎﻟﻤﺭﻥ ﻗﺩ ﺘﻁﻠﺏ ﻻ ﻟـﻠـﺤـﻴﺎ
ﻟﻜﻥ ﻟﻅل ﺒﺎﺭﺩ ﺫﻱ ﺍﻤـﺘـﺩﺍﺩ
وﯾﻘﻊ ﻓﻲ ھﺬﯾﻦ اﻟﺼﻨﻔﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﺒﯿﻦ اﻟﻮداع ،أﻋﻨﻲ رﺣﯿﻞ اﻟﻤﺤﺐ أو رﺣﯿﻞ اﻟﺤﺒﻮب .وإﻧﮫ ﻟﻤﻦ اﻟﻤﻨﺎﻇﺮ اﻟﮭﺎﺋﻠﺔ واﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻟﺼﻌﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺘﻀﺢ ﻓﯿﮭﺎ ﻋﺰﯾﻤﺔ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻛﻞ ﻣﺎﺿﻲ اﻟﻌﺰاﺋﻢ ،وﺗﺬھﺐ ﻗﻮة ﻛﻞ ذي ﺑﺼﯿﺮة ،وﺗﺴﻜﺐ ﻛﻞ ﻋﯿﻦ ﺟﻤﻮد، وﯾﻈﮭﺮ ﻣﻜﻨﻮن اﻟﺠﻮى .وھﻮ ﻓﺼﻞ ﻣﻦ ﻓﺼﻮل اﻟﺒﯿﻦ ﯾﺠﺐ اﻟﺘﻜﻠﻢ ﻓﯿﮫ ،ﻛﺎﻟﻌﺘﺎب ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﮭﺠﺮ .وﻟﻌﻤﺮي ﻟﻮ أن ﻇﺮﯾﻔﺎً ﯾﻤﻮت ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ اﻟﻮداع ﻟﻜﺎن ﻣﻌﺬوراً إذا ﺗﻔﻜﺮ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺤﻞ ﺑﮫ ﺑﻌﺪ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻧﻘﻄﺎع اﻵﻣﺎل ،وﺣﻠﻮل اﻷوﺟﺎل ،وﺗﺒﺪل اﻟﺴﺮور ﺑﺎﻟﺤﺰن .وإﻧﮭﺎ ﺳﺎﻋﺔ ﺗﺮق اﻟﻘﻠﻮب اﻟﻘﺎﺳﯿﺔ ،وﺗﻠﯿﻦ اﻷﻓﺌﺪة اﻟﻐﻼظ .وإن ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺮأس وإدﻣﺎن اﻟﻨﻈﺮ واﻟﺰﻓﺮة ﺑﻌﺪ اﻟﻮداع ﻟﮭﺎﺗﻜﺔ ﺣﺠﺎب اﻟﻘﻠﺐ ،وﻣﻮﺻﻠﺔ إﻟﯿﮫ ﻣﻦ اﻟﺠﺰع
ﺑﻤﻘﺪار
ﻣﺎ
ﺗﻔﻌﻞ
اﻟﻮﺟﮫ
ﺣﺮﻛﺔ
ﻓﻲ
ﺿﺪ
ھﺬا.
واﻹﺷﺎرة ﺑﺎﻟﻌﯿﻦ واﻟﺘﺒﺴﻢ وﻣﻮاﻃﻦ اﻟﻤﻮاﻓﻘﺔ واﻟﻮداع ﯾﻨﻘﺴﻢ ﻗﺴﻤﯿﻦ ،أﺣﺪھﻤﺎ ﻻ ﯾﺘﻤﻜﻦ ﻓﯿﮫ إﻻ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ واﻹﺷﺎرة ،واﻟﺜﺎﻧﻲ ﯾﺘﻤﻜﻦ ﻓﯿﮫ ﺑﺎﻟﻌﻨﺎق واﻟﻤﻼزﻣﺔ ،ورﺑﻤﺎ ﻟﻌﻠﮫ ﻛﺎن ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ اﻟﺒﺘﺔ ﻣﻊ ﺗﺠﺎور اﻟﻤﺤﺎل وإﻣﻜﺎن اﻟﺘﻼﻗﻲ ،وﻟﮭﺬا ﺗﻤﻨﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺒﯿﻦ وﻣﺪﺣﻮا ﯾﻮم اﻟﻨﻮى ،وﻣﺎ ذاك ﺑﺤﺴﻦ وﻻ ﺑﺼﻮاب وﻻ ﺑﺎﻷﺻﯿﻞ ﻣﻦ اﻟﺮأي ،ﻓﻤﺎ ﯾﻔﻲ ﺳﺮور ﺳﺎﻋﺔ ﺑﺤﺰن ﺳﺎﻋﺎت ،ﻓﻜﯿﻒ إذا ﻛﺎن اﻟﺒﯿﻦ أﯾﺎﻣﺎً وﺷﮭﻮراً ورﺑﻤﺎ أﻋﻮاﻣﺎً ،وھﺬا ﺳﻮء ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮ وﻣﻌﻮج ﻣﻦ اﻟﻘﯿﺎس ،وإﻧﻤﺎ أﺛﻨﯿﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻮى ﻓﻲ ﺷﻌﺮي ﺗﻤﻨﯿﺎً ﻟﺮﺟﻮع ﯾﻮﻣﮭﺎ ،ﻓﯿﻜﻮن ﻓﻲ ﻛﻞ ﯾﻮم ﻟﻘﺎء ووداع .ﻋﻠﻰ أن ﺗﺤﻤﻞ ﻣﻀﺾ ھﺬا اﻻﺳﻢ اﻟﻜﺮﯾﮫ ،وذﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﻣﺎ ﯾﻤﻀﻲ ﻣﻦ اﻷﯾﺎم اﻟﺘﻲ ﻻ اﻟﺘﻘﺎء ﻓﯿﮭﺎ ،ﯾﺮﻏﺐ اﻟﻤﺤﺐ ﻋﻦ ﯾﻮم اﻟﻔﺮاق ﻟﻮ أﻣﻜﻨﮫ ﻓﻲ ﻛﻞ ﯾﻮم .وﻓﻲ اﻟﺼﻨﻒ اﻷول ﻣﻦ اﻟﻮداع أﻗﻮل ﺷﻌﺮاً ،ﻣﻨﮫ: ﺘﻨﻭﺏ ﻋﻥ ﺒﻬﺠﺔ ﺍﻷﻨﻭﺍﺭ ﺒﻬﺠﺘﻪ
ﻜﻤﺎ ﺘﻨﻭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﻨﻴﺭﺍﻥ ﺃﻨﻔﺎﺴﻲ
وﻓﻲ اﻟﺼﻨﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻮداع أﻗﻮل ﺷﻌﺮاً ،ﻣﻨﮫ:
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻭﺠﻪ ﺘﺨﺭ ﻟـﻪ ﺍﻷﻨـﻭﺍﺭ ﺴـﺎﺠـﺩﺓ
ﻭﺍﻟﻭﺠﻪ ﺘﻡ ﻓﻠﻡ ﻴﻨﻘـﺹ ﻭﻟـﻡ ﻴﺯﺩ
ﺩﻑﺀ ﻭﺸﻤﺱ ﺍﻟﻀﺤﻰ ﺒﺎﻟﺠﺩﻱ ﻨﺎﺯﻟﺔ
ﻭﺒﺎﺭﺩ ﻨﺎﻋﻡ ﻭﺍﻟﺸﻤﺱ ﻓـﻲ ﺍﻷﺴـﺩ
وﻣﻨﮫ: ﻴﻭﻡ ﺍﻟﻔﺭﺍﻕ ﻟﻌﻤـﺭﻱ ﻟـﺴـﺕ ﺃﻜـﺭﻫـﻪ ﺃﺼﻼﻥ ﻭﺇﻥ ﺸﺕ ﺸﻤل ﺍﻟﺭﻭﺡ ﻋﻥ ﺠﺴﺩﻱ ﻓﻔﻴﻪ ﻋﺎﻨﻘـﺕ ﻤـﻥ ﺃﻫـﻭﻯ ﺒـﻼ ﺠـﺯﻉ ﻭﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﻗﺒـﻠـﻪ ﺇﻥ ﺴـﺒـل ﻟـﻡ ﻴﺠـﺩ ﺃﻟﻴﺱ ﻤﻥ ﻋﺠﺏ ﺩﻤﻌـﻲ ﻭﻋـﺒـﺭﺘـﻬـﺎ ﻴﻭﻡ ﺍﻟﻭﺼﺎل ﻟـﻴﻭﻡ ﺍﻟـﺒـﻴﻥ ﺫﻭ ﺤـﺴـﺩ
وھﻞ ھﺠﺲ ﻓﻲ اﻷﻓﻜﺎر أو ﻗﺎم ﻓﻲ اﻟﻈﻨﻮن أﺷﻨﻊ وأوﺟﻌﻤﻦ ھﺠﺮ ﻋﺘﺎب وﻗﻊ ﺑﯿﻦ ﻣﺤﺒﯿﻦ ،ﺛﻢ ﻓﺠﺄﺗﮭﺎ اﻟﻨﻮى ﻗﺒﻞ ﺣﻠﻮل اﻟﺼﻠﺢ واﻧﺤﻼل ﻋﻘﺪة اﻟﮭﺠﺮان ،ﻓﻘﺎﻣﺎ إﻟﻰ اﻟﻮداع وﻗﺪ ﻧﺴﻲ اﻟﻌﺘﺎب ،وﺟﺎء ﻣﺎ ﻃﻢ ﻋﻦ اﻟﻘﻮى وأﻃﺎر اﻟﻜﺮى وﻓﯿﮫ أﻗﻮل ﺷﻌﺮاً ،ﻣﻨﮫ: ﻭﻗﺩ ﺴﻘﻁ ﺍﻟﻌﺘﺏ ﺍﻟﻤﻘﺩﻡ ﻭﺍﻤـﺤـﻰ
ﻭﺠﺎﺀﺕ ﺠﻴﻭﺵ ﺍﻟﺒﻴﻥ ﺘﺠﺭﻱ ﻭﺘﺴﺭﻉ
ﻭﻗﺩ ﺫﻋﺭ ﺍﻟﺒﻴﻥ ﺍﻟﺼـﺩﻭﺩ ﻓـﺭﺍﻋـﻪ
ﻓﻭﻟﻰ ﻓﻤﺎ ﻴﺩﺭﻱ ﻟﻪ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻤﻭﻀـﻊ
ﻜﺫﺌﺏ ﺨﻼ ﺒﺎﻟﺼﻴﺩ ﺤﺘـﻰ ﺃﻀـﻠـﻪ
ﻫﺯﺒﺭ ﻟﻪ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﻐﻴل ﻤﻁﻠـﻊ
ﻟﺌﻥ ﺴﺭﻨﻲ ﻓﻲ ﻁﺭﺩﻩ ﺍﻟﻬﺠﺭ ﺃﻨﻨـﻲ
ﻹﺒﻌﺎﺩﻩ ﻋﻨﻲ ﺍﻟﺤﺒـﻴﺏ ﻟـﻤـﻭﺠـﻊ
ﻭﻻ ﺒﺩ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻤﻥ ﺒﻌﺽ ﺭﺍﺤﺔ
ﻭﻓﻲ ﻏﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﻭﺤﻰ ﺍﻟﻤﺼﺭﻉ
وأﻋﺮف ﻣﻦ أﺗﻰ ﻟﯿﻮدع ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ ﯾﻮم اﻟﻔﺮاق ﻓﻮﺟﺪه ﻗﺪ ﻓﺎت ،ﻓﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ آﺛﺎره ﺳﺎﻋﺔ وﺗﺮدد ﻓﻲ اﻟﻤﻮﺿﻊ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻓﯿﮫ ﺛﻢ اﻧﺼﺮف ﻛﺜﯿﺒﺎً ﻣﺘﻐﯿﺮ اﻟﻠﻮن ﻛﺎﺳﻒ اﻟﺒﺎل ،ﻓﻤﺎ ﻛﺎن ﺑﻌﺪ أﯾﺎم ﻗﻼﺋﻞ ﺣﺘﻰ اﻋﺘﻞ وﻣﺎت رﺣﻤﮫ اﷲ.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وإن ﻟﻠﺒﯿﻦ ﻓﻲ إﻇﮭﺎر اﻟﺴﺮاﺋﺮ اﻟﻤﻄﻮﯾﺔ ﻋﻤﻼً ﻋﺠﺒﺎً ،وﻟﻘﺪ رأﯾﺖ ﻣﻦ ﻛﺎن ﺣﺒﮫ ﻣﻜﺘﻮﻣﺎ وﺑﻤﺎ ﯾﺠﺪ ﻓﯿﮫ ﻣﺴﺘﺘﺮاً ﺣﺘﻰ وﻗﻊ ﺣﺎدث اﻟﻔﺮاق ﻓﺒﺎح اﻟﻤﻜﻨﻮن وﻇﮭﺮ اﻟﺨﻔﻲ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﮭﺎ: ﺒﺫﻟﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺩ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻗـﺒـل
ﻤﻨﻌﺕ ﻭﺃﻋﻁﻴﺘﻨﻴﻪ ﺠـﺯﺍﻓـﺎﹰ
ﻭﻤﺎ ﻟﻲ ﺒﻪ ﺤﺎﺠﺔ ﻋـﻨـﺩ ﺫﺍﻙ
ﻭﻟﻭ ﻭﺠﺩﺕ ﻗﺒل ﺒﻠﻐﺕ ﺍﻟﺸﻔﺎﻓﺎ
ﻭﻤﺎ ﻴﻨﻔﻊ ﺍﻟﻁﺏ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺤﻤـﺎﻡ
ﻭﻴﻨﻔﻊ ﻗﺒل ﺍﻟﺭﺩﻯ ﻤﻥ ﺘﻼﻓـﺎ
وأﻗﻮل: ﺍﻵﻥ ﺇﺫ ﺤل ﺍﻟﻔﺭﺍﻕ ﺠﺩﺕ ﻟﻲ
ﺒﺨﻔﻰ ﺤﺏ ﻜﻨﺕ ﺘﺒﺩﻱ ﺒﺨﻠﻪ
ﻓﺯﺩﺘﻨﻲ ﻓﻲ ﺤﺴﺭﺘﻲ ﺃﻀﻌﺎﻓﻬﺎ
ﻭﻴﺤﻲ ﻓﻬﻼ ﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﻗﺒﻠـﻪ
وﻟﻘﺪ أذﻛﺮﻧﻲ ھﺬا أﻧﻲ ﺣﻈﯿﺖ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷزﻣﺎن ﺑﻤﻮدة رﺟﻞ ﻣﻦ وزراء اﻟﺴﻠﻄﺎن أﯾﺎم ﺟﺎھﮫ ﻓﺄﻇﮭﺮ ﺑﻌﺾ اﻹﻣﺘﺴﺎك ،ﻓﺘﺮﻛﺘﮫ ﺣﺘﻰ ذھﺒﺖ أﯾﺎﻣﮫ واﻧﻘﻀﺖ دوﻟﺘﮫ ،ﻓﺄﺑﺪى ﻟﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﻮدة واﻷﺧﻮة ﻏﯿﺮ ﻗﻠﯿﻞ ،ﻓﻘﻠﺖ: ﺒﺫﻟﺕ ﻟﻲ ﺍﻹﻋﺭﺍﺽ ﻭﺍﻟﺩﻫﺭ ﻤﻘﺒل ﻭﺘﺒﺴﻁﻨﻲ ﺇﺫ ﻟﻴﺱ ﻴﻨﻔﻊ ﺒﺴﻁـﻜـﻡ
ﻭﺘﺒﺫل ﻟﻲ ﺍﻹﻗﺒﺎل ﻭﺍﻟﺩﻫﺭ ﻤﻌﺭﺽ ﻓﻬﻼ ﺃﺒﺤﺕ ﺍﻟﺒﺴﻁ ﺇﺫ ﻜﻨﺕ ﺘﻘﺒﺽ
ﺛﻢ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﻮت وھﻮ اﻟﻔﻮت ،وھﻮى اﻟﺬي ﻻ ﯾﺮﺟﻰ ﻟﮫ إﯾﺎب ،وھﻮ اﻟﻤﺼﯿﺒﺔ اﻟﺤﺎﻟﺔ وھﻮ ﻗﺎﺻﻤﺔ اﻟﻈﮭﺮ ،وداھﯿﺔ اﻟﺪھﺮ ،وھﻮ اﻟﻮﯾﻞ ،وھﻮ اﻟﻤﻐﻄﻰ ﻋﻠﻰ ﻇﻠﻤﺔ اﻟﻠﯿﻞ، وھﻮ ﻗﺎﻃﻊ ﻛﻞ رﺟﺎء ،وﻣﺎﺣﻲ ﻛﻞ ﻃﻤﻊ واﻟﻤﺆﯾﺲ ﻣﻦ اﻟﻠﻘﺎء .وھﻨﺎ ﺣﺎدث اﻷﻟﺴﻦ؛ واﻧﺠﺬام ﺣﺒﻞ اﻟﻌﻼج ،ﻓﻼ ﺣﯿﻠﺔ إﻻ اﻟﺼﺒﺮ ﻃﻮﻋﺎً أو ﻛﺮھﺎً .وھﻮ أﺟﻞ ﻣﺎ ﯾﺒﺘﻠﻲ ﺑﮫ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﻤﺤﺒﺒﻮن ،ﻓﻤﺎ ﻟﻤﻦ دﻋﻰ ﺑﮫ إﻻ اﻟﻨﻮح واﻟﺒﻜﺎء إﻟﻰ أن ﯾﺘﻠﻒ أو ﯾﻤﻞ ،ﻓﮭﻲ اﻟﻘﺮﺣﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻨﻜﻲ ،واﻟﻮﺟﻊ اﻟﺬي ﻻ ﯾﻔﻨﻰ ،وھﻮ اﻟﻐﻢ اﻟﺬي ﯾﺘﺠﺪد ﻋﻠﻰ ﻗﺪر ﺑﻼء ﻣﻦ اﻋﺘﻤﺪﺗﮫ ،وﻓﯿﮫ أﻗﻮل: ﻜل ﺒـﻴﻥ ﻭﺍﻗــﻊ
ﻓﻤﻭﺠﻲ ﻟﻡ ﻴﻔـﺕ
ﻻ ﺘﻌﺠل ﻗـﻨـﻁـﺎﹰ
ﻟﻡ ﻴﻔﺕ ﻤﻥ ﻟﻡ ﻴﻤﺕ
ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻗﺩ ﻤﺎﺕ ﻓﺎل
ﻴﺄﺱ ﻋﻨﻪ ﻗﺩ ﺜﺒـﺕ
وﻗﺪ رأﯾﻨﺎ ﻣﻦ ﻋﺮض ﻟﮫ ھﺬا ﻛﺜﯿﺮاً .وﻋﻨﻲ أﺧﺒﺮك أﻧﻲ أﺣﺪ ﻣﻦ دھﻰ ﺑﮭﺬه اﻟﻔﺎدﺣﺔ وﺗﻌﺪﻟﺖ ﻟﮫ ھﺬه اﻟﻤﺼﯿﺒﺔ ،وذﻟﻚ أﻧﻲ ﻛﻨﺖ أﺷﺪ اﻟﻨﺎس ﻛﻠﻔﺎً وأﻋﻈﻤﮭﻢ ﺣﺒﺎً ﺑﺠﺎرﯾﺔ ﻟﻲ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻓﯿﻤﺎ ﺧﻼ اﺳﻤﮭﺎ ﻧﻌﻢ .وﻛﺎﻧﺖ أﻣﻨﯿﺔ اﻟﻤﺘﻤﻨﻲ وﻏﺎﯾﺔ اﻟﺤﺴﻦ ﺧﻠﻘﺎً وﺧﻠﻘﺎً وﻣﻮاﻓﻘﺔ ﻟﻲ ،وﻛﻨﺖ أﺑﺎ ﻋﺬرھﺎ ،وﻛﻨﺎ ﻗﺪ ﺗﻜﺎﻓﺄﻧﺎ اﻟﻤﻮدة ،ﻓﻔﺠﻌﺘﻨﻲ ﺑﮭﺎ ﻷﻗﺪار واﺣﺘﺮﻣﺘﮭﺎ اﻟﻠﯿﺎﻟﻲ وﻣﺮ اﻟﻨﮭﺮ وﺻﺎرت ﺛﺎﻟﺜﺔ اﻟﺘﺮاب واﻷﺣﺠﺎر .وﺳﻲء ﺣﯿﻦ وﻓﺎﺗﮭﺎ دون اﻟﻌﺸﺮﯾﻦ ﺳﻨﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ ھﻲ دوﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﻦ ،ﻓﻠﻘﺪ أﻗﻤﺖ ﺑﻌﺪھﺎ ﺳﺒﻌﺔ أﺷﮭﺮ ﻻ أﺗﺠﺮد ﻋﻦ ﺛﯿﺎﺑﻲ وﻻ ﺗﻔﺘﺮ ﻟﻲ دﻣﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻮد ﻋﯿﻨﻲ وﻗﻠﺔ إﺳﻌﺎدھﺎ. وﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻓﻮاﷲ ﻣﺎ ﺳﻠﻮت ﺣﺘﻰ اﻵن .وﻟﻮ ﻗﺒﻞ ﻓﺪاء ﻟﻔﺪﯾﺘﮭﺎ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ أﻣﻠﻚ ﻣﻦ ﺗﺎﻟﺪ وﻃﺎرف وﺑﺒﻌﺾ أﻋﻀﺎء ﺟﺴﻤﻲ اﻟﻌﺰﯾﺰة ﻋﻠﻲ ﻣﺴﺎرﻋﺎً ﻃﺎﺋﻌﺎً وﻣﺎ ﻃﺎب ﻟﻲ ﻋﯿﺶ ﺑﻌﺪھﺎ وﻻ ﻧﺴﯿﺖ ذﻛﺮھﺎ وﻻ أﻧﺴﺖ ﺑﺴﻮاھﺎ .وﻟﻘﺪ ﻋﻔﻰ ﺣﻲ ﻟﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻗﺒﻠﮫ ،وﺣﺮم ﻣﺎ ﻛﺎن ﺑﻌﺪه .وﻣﻤﺎ ﻗﻠﺖ ﻓﯿﮭﺎ. ﻤﻬﺫﺒﺔ ﺒﻴﻀﺎﺀ ﻜﺎﻟﺸﻤﺱ ﺇﻥ ﺒﺩﺕ
ﻭﺴﺎﺌﺭ ﺭﺒﺎﺕ ﺍﻟﺤﺠﺎل ﻨـﺠـﻭﻡ
ﺇﻁﺎﺭ ﻫﻭﺍﻫﺎ ﺍﻟﻘﻠﺏ ﻋﻥ ﻤﺴﺘﻘﺭﻩ
ﻓﺒﻌﺩ ﻭﻗﻭﻉ ﻅل ﻭﻫـﻭ ﻴﺤـﻭﻡ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وﻣﻦ ﻣﺮاﺋﻲ ﻓﯿﮭﺎ ﻗﺼﯿﺪة ﻣﻨﮭﺎ: ﻜﺄﻨﻲ ﻟﻡ ﺁﻨﺴﻰ ﺒﺄﻟﻔﺎﻅﻙ ﺍﻟﺘـﻲ
ﻋﻠﻰ ﻋﻘﺩ ﺍﻷﻟﺒﺎﺏ ﻫﻥ ﻨﻭﺍﻓﺙ
ﻭﻟﻡ ِﺃﺘﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﺍﻷﻤﺎﻨﻲ ﻜﺄﻨﻨـﻲ
ﻹﻓﺭﺍﻁ ﻤﺎ ﺤﻜﻤﺕ ﻓﻴﻬﻥ ﻋﺎﺒﺙ
وﻣﻨﮭﺎ: ﻭﻴﺒﺩﻴﻥ ﺇﻋﺭﺍﻀـﺎﹰ ﻭﻫـﻥ ﺃﻭﺍﻟـﻑ
ﻭﻴﻘﺴﻤﻥ ﻓﻲ ﻫﺠﺭﻱ ﻭﻫﻥ ﺤﻭﺍﻨﺙ
وأﻗﻮل أﯾﻀﺎً ﻓﻲ ﻗﺼﯿﺪة أﺧﺎﻃﺐ ﻓﯿﮭﺎ اﺑﻦ ﻋﻤﻲ أﺑﻮ اﻟﻤﻐﯿﺮة ﻋﺒﺪ اﻟﻮھﺎب أﺣﻤﺪ اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺣﺰم ﺑﻦ ﻏﺎﻟﺐ وأﻗﺮﺿﮫ ،ﻓﺄﻗﻮل: ﻗﻔﺎ ﻓﺎﺴﺄﻻ ﺍﻷﻁﻼل ﺃﻴﻥ ﻗﻁﻴﻨﻬﺎ
ﺃﻤﺭﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺒﺎﻟﺒﻠﻰ ﺍﻟﻤﻠـﻭﺍﻥ
ﻋﻠﻰ ﺩﺍﺭﺴﺎﺕ ﻤﻘﻔﺭﺍﺕ ﻋﻭﺍﻁل
ﻜﺄﻥ ﺍﻟﻤﻐﺎﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻔﺎﺀ ﻤﻌﺎﻨﻲ
واﺧﺘﻠﻒ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ أي اﻷﻣﺮﯾﻦ أﺷﺪ :اﻟﺒﯿﻦ أم اﻟﮭﺠﺮ؟ وﻛﻼھﻤﺎ ﻣﺮﺗﻘﻰ ﺻﻌﺐ وﻣﺮت أﺣﻤﺮ وﺑﻠﯿﺔ ﺳﻮداء وﺳﻨﺔ ﺷﮭﺒﺎء .وﻛﻞ ﯾﺴﺘﺒﺸﻊ ﻣﻦ ھﺬﯾﻦ ﻣﺎ ﺿﺎد ﻃﺒﻌﮫ، ﻓﺄﻣﺎ ذو اﻟﻨﻔﺲ اﻷﺑﯿﺔ ،اﻷﻟﻮف اﻟﺤﻨﺎﻧﺔ ،اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﮭﺪ ،ﻓﻼ ﺷﻲء ﯾﻌﺪل ﻋﻨﺪه ﻣﺼﯿﺒﺔ اﻟﺒﯿﻦ ،ﻷﻧﮫ أﺗﻰ ﻗﺼﺪاً ،وﺗﻌﻤﺪﺗﮫ اﻟﻨﻮاﺋﺐ ﻋﻤﺪاً ،ﻓﻼ ﯾﺠﺪ ﺷﯿﺌﺎً ﯾﺴﻠﻰ ﻧﻔﺴﮫ وﻻ ﯾﺼﺮف ﻓﻜﺮﺗﮫ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ إﻻ وﺟﺪ ﺑﺎﻋﺜﺎً ﻋﻠﻰ ﺻﺒﺎﺑﺘﮫ؛ وﻣﺤﺮﻛﺎً ﻷﺷﺠﺎﻧﮫ ،وﻋﻠﯿﮫ ﻻ ﻟﮫ ،وﺣﺠﺔ ﻟﻮﺟﻮده .وﺧﺎﺿﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻜﺎء ﻋﻠﻰ إﻟﻔﮫ .وأﻣﺎ اﻟﮭﺠﺮ ﻓﮭﻮ داﻋﯿﺔ اﻟﺴﻠﻮ ،وراﺋﺪ اﻹﻗﻼع.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وأﻣﺎ ذو اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺘﻮاﻗﺔ اﻟﻜﺜﯿﺮة اﻟﻨﺰوع واﻟﺘﻄﻠﻊ ،اﻟﻘﻠﻮق اﻟﻌﺰوف ،ﻓﺎﻟﮭﺠﺮ داؤه وﺟﺎﻟﺐ ﺣﺘﻔﮫ .واﻟﺒﯿﻦ ﻟﮫ ﻣﺴﻼة وﻣﻨﺴﺎة.
وأﻣﺎ أﻧﺎ ﻓﺎﻟﻤﻮت ﻋﻨﺪي أﺳﮭﻞ ﻣﻦ اﻟﻔﺮاق ،وﻣﺎ اﻟﮭﺠﺮ إﻻ ﺟﺎﻟﺐ ﻟﻠﻜﻤﺪ ﻓﻘﻂ. وﯾﻮﺷﻚ إن دام أن ﯾﺤﺪث إﺿﺮاراً ،وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل:
ﻭﻗﺎﻟﻭﺍ ﺍﺭﺘﺤل ﻓﻠﻌل ﺍﻟﺴـﻠـﻭ
ﻴﻜﻭﻥ ﻭﺘﺭﻏﺏ ﺃﻥ ﺘﺭﻏـﺒـﻪ
ﻓﻘﻠﺕ ﺍﻟﺭﺩﻱ ﻟﻲ ﻗﺒل ﺍﻟﺴﻠـﻭ
ﻭﻤﻥ ﻴﺸﺭﺏ ﺍﻟﺴﻡ ﻋﻥ ﺘﺠﺭﺒﻪ
وأﻗﻮل: ﺴﺒﻲ ﻤﻬﺠﻲ ﻫﻭﺍﻩ
ﻭﺃﻭﺩﺕ ﺒﻬﺎ ﻨـﻭﺍﻩ
ﻜﺄﻥ ﺍﻟﻐﺭﺍﻡ ﻀﻴﻑ
ﻭﺭﻭﺤﻲ ﻏﺩﺍ ﻗﺭﺍﻩ
وﻟﻘﺪ رأﯾﺖ ﻣﻦ ﯾﺴﺘﻌﻤﻞ ھﺠﺮ ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ وﯾﺘﻌﻤﺪه ﺧﻮﻓﺎً ﻣﻦ ﻣﺮارة ﯾﻮم اﻟﺒﯿﻦ وﻣﺎ ﯾﺤﺪث ﺑﮫ ﻣﻦ ﻟﻮﻋﺔ اﻷﺳﻒ ﻋﻨﺪ اﻟﺘﻔﺮق ،وھﺬا وإن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻋﻨﺪي ﻣﻦ اﻟﻤﺬاھﺐ اﻟﻤﺮﺿﯿﺔ ،ﻓﮭﻮ ﺣﺠﺔ ﻗﺎﻃﻌﺔ .ﻋﻠﻰ أن اﻟﺒﯿﻦ أﺻﻌﺐ ﻣﻦ اﻟﮭﺠﺮ ،وﻛﯿﻒ ﻻ وﻓﻲ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﯾﻠﻮذ ﺑﺎﻟﮭﺠﺮ ﺧﻮﻓﺎً ﻣﻦ اﻟﺒﯿﻦ ،وﻟﻢ أﺟﺪ أﺣﺪاً ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ ﯾﻠﻮذ ﺑﺎﻟﺒﯿﻦ ﺧﻮﻓﺎً ﻣﻦ اﻟﮭﺠﺮ ،إﻧﻤﺎ ﯾﺄﺧﺬ اﻟﻨﺎس أﺑﺪاً اﻷﺳﮭﻞ وﯾﺘﻜﻠﻔﻮن اﻷھﻮن .وإﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ إﻧﮫ ﻟﯿﺲ ﻣﻦ اﻟﻤﺬاھﺐ اﻟﻤﺤﻤﻮدة ﻷن أﺻﺤﺎﺑﮫ ﻗﺪ اﺳﺘﻌﺠﻠﻮا اﻟﺒﻼء ﻗﺒﻞ ﻧﺰوﻟﮫ ،وﺗﺠﺮﻋﻮا ﻏﺼﺔ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﺼﺒﺮ ﻗﺒﻞ وﻗﺘﮭﺎ وﻟﻌﻞ ﻣﺎ ﺗﺨﻮﻓﻮه ﻻ ﯾﻜﻮن وﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﯾﺘﻌﺠﻞ اﻟﻤﻜﺮوه ،وھﻮ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ ﯾﻘﯿﻦ ﻣﻤﺎ ﯾﺘﻌﺠﻞ ،ﺑﺤﻜﯿﻢ ،وﻓﯿﮫ أﻗﻮل ﺷﻌﺮاً ،ﻣﻨﮫ: ﻟﺴﻲ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺏ ﺍﻷﺤﺒﺔ ﻤﻨﺎ
ﻟﻴﺱ ﺍﻟﺼﺏ ﻟﻠﺼﺒﺎﺒﺔ ﺒﻴﻨـ ﺎﹰ
ﺨﻭﻑ ﻨﻘﺭﻭ ﻨﻘﺭﻩ ﻗﺩﺍﹰ ﻤـﺎ
ﻜﻐﻲ ﺍﻟﻌﻴﺵ ﻋﻴﺵ ﻓﻘـﻴﺭ
وأذﻛﺮ ﻻﺑﻦ ﻋﻤﻲ أﺑﻲ اﻟﻤﻐﯿﺮة ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ،ﻣﻦ أن اﻟﺒﯿﻦ أﺻﻌﺐ ﻣﻦ اﻟﺼﺪ، أﺑﯿﺎﺗﺎً ﻣﻦ ﻗﺼﯿﺪة ﺧﺎﻃﺒﻨﻲ ﺑﮭﺎ وھﻮ اﺑﻦ ﺳﺒﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﻋﺎﻣﺎً أو ﻧﺤﻮھﺎ ،وھﻲ: ﺃﺠﺯﻋﺕ ﺃﻥ ﺃﺯﻑ ﺍﻟﺭﺤـﻴل
ﻭﻭﻟﻬﺕ ﺃﻥ ﻨﺹ ﺍﻟـﺫﻤـﻴل
ﻜﻼ ﻤـﺼـﺎﺒـﻙ ﻓــﺎﺩﺡ
ﻭﺃﺠل ﻓﺭﺍﻗـﻬـﻡ ﺠـﻠـﻴل
ﻜﺫﺏ ﺍﻷﻟﻰ ﺯﻋﻤﻭﺍ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺼﺩ
ﻤﺭﺘـﻌـــﻪ ﻭﺒـــﻴل
ﻟﻡ ﻴﻌﺭﻓﻭﺍ ﻜﻨـﻪ ﺍﻟـﻐـﻠـﻲ
ل ﻭﻗﺩ ﺘﺤﻤﻠﺕ ﺍﻟﺤـﻤـﻭل
ﺃﻤـﺎ ﺍﻟـﻔـﺭﺍﻕ ﻓـﺈﻨــﻪ
ﻟﻠﻤـﻭﺕ ﺇﻥ ﺃﻫـﻭﻯ ﺩﻟـﻴل
وﻟﻲ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻗﺼﯿﺪة ﻣﻄﻮﻟﺔ ،أوﻟﮭﺎ: ﻻ ﻤﺜل ﻴﻭﻤﻙ ﻀﺤﻭﺓ ﺍﻟﺘـﻨـﻌـﻴﻡ
ﻓﻲ ﻤﻨﻅﺭ ﺤﺴﻥ ﻭﻓﻲ ﺘـﻨـﻐـﻴﻡ
ﻗﺩ ﻜﺎﻥ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻨﺩﺭﺓ ﻋـﺎﻗـﺭ
ﻭﺼﻭﺍﺏ ﺨﺎﻁﺌﺔ ﻭﻭﻟـﺩ ﻋـﻘـﻴﻡ
ﺃﻴﺎﻡ ﺒﺭﻕ ﺍﻟﻭﺼل ﻟﻴﺱ ﺒـﺨـﻠـﺏ
ﻋﻨﺩﻱ ﻭﻻ ﺭﻭﺽ ﺍﻟﻬﻭﻯ ﺒﻬﺸـﻴﻡ
ﻤﻥ ﻜل ﻏﺎﻨﻴﺔ ﺘـﻘـﻭل ﺜـﺩﻴﻬـﺎ
ﺴﻴﺭﻯ ﺃﻤﺎﻤﻙ ﻭﺍﻹﺯﺍﺭ ﺃﻗـﻴﻤـﻰ
ﻜل ﻴﺠﺎﺫﺒﻬﺎ ﻓﺤـﻤـﺭﺓ ﺨـﺩﻫـﺎ
ﺨﺠل ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺄﺨـﻴﺭ ﻭﺍﻟـﺘـﻘـﺩﻴﻡ
ﻤﺎ ﺒﻲ ﺴﻭﻯ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻌﻴﻭﻥ ﻭﻟﻴﺱ ﻓﻲ
ﺒﺭﺌﻲ ﺴﻭﺍﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺭﻯ ﺒﺯﻋـﻴﻡ
ﻤﺜل ﺍﻷﻓﺎﻋﻲ ﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﺸﻲﺀ ﺴﻭﻯ
ﺃﺠﺴﺎﺩﻫـﺎ ﺇﺒـﺎﺀ ﻟـﺩﻍ ﺴـﻠـﻴﻡ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
واﻟﺒﯿﻦ أﺑﻜﻰ اﻟﺸﻌﺮاء ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﺎھﺪ ﻓﺄدروا ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺳﻮم اﻟﺪﻣﻮع ،وﺳﻘﻮا اﻟﺪﯾﺎر ﻣﺎء اﻟﺸﻮق ،وﺗﺬﻛﺮ ﻣﺎ ﻗﺪ ﺳﻠﻒ ﻟﮭﻢ ﻓﯿﮭﺎ ﻓﺄﻋﻮﻟﻮا واﻧﺘﺨﺒﻮا ،وأﺣﯿﺖ اﻵﺛﺎر دﻓﯿﻦ ﺷﻮﻗﮭﻢ ﻓﻨﺎﺣﻮا وﺑﻜﻮا.
وﻟﻘﺪ أﺧﺒﺮﻧﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻮراد ﻣﻦ ﻗﺮﻃﺒﺔ وﻗﺪ اﺳﺘﺨﺒﺮﺗﮫ ﻋﻨﮭﺎ ،أﻧﮫ رأى دورﻧﺎ ﺑﺒﻼط ﻣﻐﯿﺚ ،ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻣﻨﮭﺎ وﻗﺪ اﻣﺤﺖ رﺳﻮﻣﮭﺎ ،وﻃﻤﺴﺖ أﻋﻼﻣﮭﺎ، وﺧﻔﯿﺖ ﻣﻌﺎھﺪھﺎ ،وﻏﯿﺮھﺎ اﻟﺒﻠﻰ وﺻﺎرت ﺻﺤﺎري ﻣﺠﺪﺑﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﻌﻤﺮان ،وﻗﯿﺎﻓﻲ ﻣﻮﺣﺸﺔ ﺑﻌﺪ اﻷﻧﺲ ،وﺧﺮاﺋﺐ ﻣﻨﻘﻄﻌﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺴﻦ ،وﺷﻌﺎﺑﺎً ﻣﻔﺰﻋﺔ ﺑﻌﺪ اﻷﻣﻦ وﻣﺄوى ﻟﻠﺬﺋﺎب ،وﻣﻌﺎزف ﻟﻠﻐﯿﻼن ،وﻣﻼﻋﺐ ﻟﻠﺠﺎن ،وﻣﻜﺎﻣﻦ ﻟﻠﻮﺣﻮش ،ﺑﻌﺪ رﺟﺎل ﻛﺎﻟﻠﯿﻮث ،وﺧﺮاﺋﺪ ﻛﺎﻟﺪﻣﻰ ﺗﻔﯿﺾ ﻟﺪﯾﮭﻢ اﻟﻨﻌﻢ اﻟﻔﺎﺷﯿﺔ .ﺗﺒﺪد ﺷﻤﻠﮭﻢ ﻓﺼﺎروا ﻓﻲ اﻟﺒﻼد أﯾﺎدي ﺳﺒﺎ ،ﻓﻜﺄن ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺤﺎرب اﻟﻤﻨﻤﻘﺔ .واﻟﻤﻘﺎﺻﯿﺮ اﻟﻤﺰﯾﻨﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺸﺮق إﺷﺮاق اﻟﺸﻤﺲ ،وﯾﺠﻠﻮ اﻟﮭﻤﻮم ﺣﺴﻦ ﻣﻨﻈﺮھﺎ ،ﺣﯿﻦ ﺷﻤﻠﮭﺎ اﻟﺨﺮاب، وﻋﻤﮭﺎ اﻟﮭﺪم ،ﻛﺄﻓﻮاه اﻟﺴﺒﺎع ﻓﺎﻏﺮة ،ﺗﺆذن ﺑﻔﻨﺎء اﻟﺪﻧﯿﺎ ،وﺗﺮﯾﻚ ﻋﻮاﻗﺐ أھﻠﮭﺎ، وﺗﺨﺒﺮك ﻋﻤﺎ ﯾﺼﯿﺮ إﻟﯿﮫ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﺮاه ﻗﺎﺋﻤﺎً ﻓﯿﮭﺎ .وﺗﺰھﺪ ﻓﻲ ﻃﻠﺒﮭﺎ ﺑﻌﺪ أن ﻃﺎﻟﻤﺎ زھﺪت ﻓﻲ ﺗﺮﻛﮭﺎ ،وﺗﺬﻛﺮت أﯾﺎﻣﻲ ﺑﮭﺎ وﻟﺬاﺗﻲ ﻓﯿﮭﺎ وﺷﮭﻮر ﺻﺒﺎي ﻟﺪﯾﮭﺎ ،ﻣﻊ ﻛﻮاﻋﺐ إﻟﻰ ﻣﺜﻠﮭﻦ ﺻﺒﺎ اﻟﺤﻠﯿﻢ ،وﻣﺜﻠﺖ ﻟﻨﻔﺴﻲ ﻛﻮﻧﮭﻦ ﺗﺤﺖ اﻟﺜﺮى وﻓﻲ اﻵﺛﺎر اﻟﻨﺎﺋﯿﺔ واﻟﻨﻮاﺣﻲ اﻟﺒﻌﯿﺪة وﻗﺪ ﻓﺮﻗﺘﮭﻦ ﯾﺪ اﻟﺠﻼء ،وﻣﺰﻗﺘﮭﻦ أﻛﻒ اﻟﻨﻮى ،وﺧﯿﻞ إﻟﻰ ﺑﺼﺮى ﺑﻘﺎء ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺼﺒﺔ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﻋﻠﻤﺘﮫ ﻣﻦ ﺣﺴﻨﮭﺎ وﻏﻀﺎرﺗﮭﺎ واﻟﻤﺮاﺗﺐ اﻟﻤﺤﻜﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺄت ﻓﯿﻤﺎ ﻟﺪﯾﮭﺎ ،وﺧﻼء ﺗﻠﻚ اﻷﻓﻨﯿﺔ ﺑﻌﺪ ﺗﻀﺎﯾﻘﮭﺎ ﺑﺄھﻠﮭﺎ ،وأوھﻤﺖ ﺳﻤﻌﻲ ﺻﻮت اﻟﺼﺪى واﻟﮭﺎم ﻋﻠﯿﮭﺎ ،ﺑﻌﺪ ﺣﺮﻛﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﺘﻲ رﺑﯿﺖ ﺑﯿﻨﮭﻢ ﻓﯿﮭﺎ،
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وﻛﺎن ﻟﯿﻠﮭﺎ ﺗﺒﻌﺎً ﻟﻨﮭﺎرھﺎ ﻓﻲ اﻧﺘﺸﺎر ﺳﺎﻛﻨﮭﺎ واﻟﺘﻘﺎء ﻋﻤﺎرھﺎ ،ﻓﻌﺎد ﻧﮭﺎرھﺎ ﺗﺒﻌﺎً ﻟﻠﯿﻠﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﮭﺪوء واﻻﺳﺘﯿﺤﺎش ،ﻓﺄﺑﻜﻰ ﻋﯿﻨﻲ ،وأوﺟﻊ ﻗﻠﺒﻲ ،وﻗﺮع ﺻﻔﺎة ﻛﺒﺪي، وزاد ﻓﻲ ﺑﻼء ﻟﺒﻲ ،ﻓﻘﻠﺖ ﺷﻌﺮاً ﻣﻨﮫ: ﻭﺇﻥ ﺴﺎﺀﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻘﺩ ﻁﺎﻟﻤﺎ ﺴﺭﺍ
ﻟﺌﻥ ﻜﺎﻥ ﺃﻅﻠﻤﺎﻨﺎ ﻓﻘﺩ ﻁﺎﻟﻤﺎ ﺴﻘﻰ
واﻟﺒﯿﻦ ﯾﻮﻟﺪ اﻟﺤﻨﯿﻦ واﻻھﺘﯿﺎج واﻟﺘﺬﻛﺮ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻟﻴﺕ ﺍﻟﻐﺭﺍﺏ ﻴﻌﻴﺩ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻟﻲ ﻓﻌﺴﻰ
ﻴﺒﻴﻥ ﺒﻴﻨﻬﻡ ﻋﻨﻲ ﻓـﻘـﺩ ﻭﻗـﻔـﺎ
ﺃﻗﻭل ﻭﺍﻟﻠﻴل ﻗﺩ ﺃﺭﺨﻰ ﺃﺠـﻠـﺘـﻪ
ﻭﻗﺩ ﺘﺄﻟﻰ ﺒﺄﻻ ﻴﻨﻘﻀـﻲ ﻓـﻭﻓـﻰ
ﻭﻟﻠﻨﺠﻡ ﻗﺩ ﺤﺎﺭ ﻓﻲ ﺃﻓﻕ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻓﻤﺎ
ﻴﻤﻀﻲ ﻭﻻ ﻫﻭ ﻟﻠﺘﻐﻭﻴﺭ ﻤﻨﺼﺭﻓ ﺎﹰ
ﺘﺨﺎﻟﻪ ﻤﺨﻁﺌ ﺎﹰ ﺃﻭ ﺨـﺎﺌﻔـﺎﹰ ﻭﺠـﻼﹰ
ﺃﻭ ﺭﺍﻗﺒﺎﹰ ﻤﻭﻋﺩﺍﹰ ﺃﻭ ﻋﺎﺸﻘﺎﹰ ﺩﻨـﻔـ ﺎﹰ
اﻟﺒﺎب اﻟﺨﺎﻣﺲ واﻟﻌﺸﺮون اﻟﻘﻨﻮع وﻻ ﺑﺪ ﻟﻠﻤﺤﺐ ،إذا ﺣﺮم اﻟﻮﺻﻞ ،ﻣﻦ اﻟﻘﻨﻮع ﺑﻤﺎ ﯾﺠﺪ! وإن ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻟﻤﺘﻌﻠﻼً ﻟﻠﻨﻔﺲ ،وﺷﻐﻼً ﻟﻠﺮﺟﺎ ،وﺗﺠﺪﯾﺪاً ﻟﻠﻤﻨﻰ ،وﺑﻌﺾ اﻟﺮاﺣﺔ .وھﻮ ﻣﺮاﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻗﺪر اﻹﺻﺎﺑﺔ واﻟﺘﻤﻜﻦ.
ﻓﺄوﻟﮭﺎ اﻟﺰﯾﺎرة ،وإﻧﮭﺎ ﻷﻣﻞ ﻣﻦ اﻵﻣﺎل ،وﻣﻦ ﺳﺮى ﻣﺎ ﯾﺴﻨﺢ ﻓﻲ اﻟﺪھﺮ ﻣﻊ ﻣﺎ ﺗﺒﺪى ﻣﻦ اﻟﺨﻔﺮ واﻟﺤﯿﺎء ،ﻟﻤﺎ ﯾﻌﻠﻤﮫ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﻤﺎ ﻧﻔﺲ ﺻﺎﺣﺒﮫ .وھﻲ ﻋﻠﻰ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وﺟﮭﯿﻦ :أﺣﺪھﻤﺎ أن ﯾﺰور اﻟﻤﺤﺐ ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ ،وھﺬا اﻟﻮﺟﮫ واﺳﻊ .واﻟﻮﺟﮫ اﻟﺜﺎﻧﻲ أن ﯾﺰور اﻟﻤﺤﺒﻮب ﻣﺤﺒﮫ .وﻟﻜﻦ ﻻ ﺳﺒﯿﻞ إﻟﻰ ﻏﯿﺮ اﻟﻨﻈﺮ واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﻈﺎھﺮ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻓﺈﻥ ﺘﻨﺄ ﻋﻨﻲ ﺒـﺎﻟـﻭﺼـﺎل ﻓـﺈﻨـﻨـﻲ ﺴﺄﺭﻀﻰ ﺒﻠﺤﻅ ﺍﻟﻌﻴﻥ ﺇﻥ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻭﺼل ﻓﺤﺴﺒﻲ ﺃﻥ ﺃﻟﻘـﺎﻙ ﻓـﻲ ﺍﻟـﻴﻭﻡ ﻤـﺭﺓ
ﻭﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﺃﺭﻀﻰ ﻀﻌﻑ ﺫﺍﻤﻨﻙ ﻟﻲ ﻗﺒل
ﻜﺫﺍ ﻫﻤﻪ ﺍﻟـﻭﺍﻟـﻲ ﺘـﻜـﻭﻥ ﺭﻓـﻴﻌﺔ
ﻭﻴﺭﻀﻰ ﺨﻼﺹ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﺇﻥ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﻌﺯل
وأﻣﺎ رﺟﻊ اﻟﺴﻼم واﻟﻤﺨﺎﻃﺒﺔ ﻓﺄﻣﻞ ﻣﻦ اﻵﻣﺎل ،وإن ﻛﻨﺖ أﻧﺎ أﻗﻮل ﻓﻲ ﻗﺼﯿﺪة ﻟﻲ: ﻓﻬﺎ ﺃﻨﺎ ﺫﺍ ﺃﺨﻔﻲ ﻭﺃﻗﻨﻊ ﺭﺍﻀـﻴﺎﹰ
ﺒﺭﺠﻊ ﺴﻼﻡ ﺇﻥ ﺘﻴﺴﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﻥ
ﻓﺈﻧﻤﺎ ھﺬا ﻟﻤﻦ ﯾﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ ﻣﺮﺗﺒﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ھﻮ أدﻧﻰ ﻣﻨﮭﺎ .وإﻧﻤﺎ ﯾﺘﻔﺎﺿﻞ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎت ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ اﻷوﺻﺎف ﻋﻠﻰ ﻗﺪر إﺿﺎﻓﺘﮭﺎ إﻟﻰ ﻣﺎ ھﻮ ﻓﻮﻗﮭﺎ أو دوﻧﮭﺎ .وإﻧﻲ ﻷﻋﻠﻢ ﻣﻦ ﻛﺎن ﯾﻘﻮل ﻟﻤﺤﺒﻮﺑﮫ :ﻋﺪﻧﻲ واﻛﺬب ،ﻗﻨﻮﻋﺎً ﺑﺄن ﯾﺴﻠﻰ ﻧﻔﺴﮫ ﻓﻲ وﻋﺪه وإن ﻛﺎن ﻏﯿﺮ ﺻﺎدق .ﻓﻘﻠﺖ ﻓﻲ ذﻟﻚ: ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻭﺼﻠﻙ ﻟﻴﺱ ﻓﻴﻪ ﻤﻁﻤﻊ
ﻭﺍﻟﻘﺭﺕ ﻤﻤﻨﻭﻉ ﻓﻌﺩﻨﻲ ﻭﺍﻜﺫﺏ
ﻓﻌﺴﻰ ﺍﻟﺘﻌﻠل ﺒﺎﻟﺘﻘﺎﺌﻙ ﻤﻤﺴـﻙ
ﻟﺤﻴﺎﺓ ﻗﻠﺏ ﺒﺎﻟﺼﺩﻭﺩ ﻤـﻌـﺫﺏ
ﻓﻠﻘﺩ ﻴﺴﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠـﺩﺒـﻴﻥ ﺇﺫﺍ ﺭﺃﻭﺍ
ﻓﻲ ﺍﻷﻓﻕ ﻴﻠﻊ ﻀﻭﺀ ﺒﺭﻕ ﺨﻠﺏ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وﻣﺎ ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﺎب ﺷﻲء رأﯾﺘﮫ ورآه ﻏﯿﺮي ﻣﻌﻲ ،أن رﺟﻼً ﻣﻦ إﺧﻮاﻧﻲ ﺟﺮﺣﮫ ﻣﻦ ﻛﺎن ﯾﺤﺒﮫ ﺑﻤﺪﯾﺔ ،ﻓﻠﻘﺪ رأﯾﺘﮫ وھﻮ ﯾﻘﺒﻞ ﻣﻜﺎن اﻟﺠﺮح وﯾﻨﺪﺑﮫ ﻣﺮة ﺑﻌﺪ ﻣﺮة .ﻓﻘﻠﺖ ﻓﻲ ذﻟﻚ: ﻴﻘﻭﻟﻭﻥ ﺸﺠﻙ ﻤﻥ ﻫﻤﺕ ﻓﻴﻪ
ﻓﻘﻠﺕ ﻟﻌﻤﺭﻱ ﻤﺎ ﺸـﺠـﻰ
ﻭﻟﻜﻥ ﺃﺤﺱ ﺩﻤﻰ ﻗـﺭﺒـﻪ
ﻓﻁﺎﺭ ﺇﻟـﻴﻪ ﻭﻟـﻡ ﻴﻨـﺜـﻥ
ﻗﺎﻓﻴﺎ ﺘﻠﻰ ﻅﻠﻤﺎﹰ ﻤﺤـﺴـﻨـ ﺎﹰ
ﻓﺩﻴﺘﻙ ﻤﻥ ﻅﺎﻟﻡ ﻤﺤـﺴـﻥ
وﻣﻦ اﻟﻘﻨﻮع أن ﯾﺴﺮ اﻹﻧﺴﺎن وﯾﺮﺿﻰ ﺑﺒﻌﺾ آﻻت ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ ،وإن ﻟﮫ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺲ ﻟﻤﻮﻗﻌﺎً ﺣﺴﻨﺎً وإن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻓﯿﮫ إﻻ ﻣﺎ ﻧﺺ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﯿﻨﺎ ،وﻣﻦ ارﺗﺪاد ﯾﻌﻘﻮب ﺑﺼﯿﺮاً ﺣﯿﻦ ﺷﻢ ﻗﻤﯿﺺ ﯾﻮﺳﻒ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ اﻟﺴﻼم ،وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻟﻤﺎ ﻤﻨﻌﺕ ﺍﻟﻘﺭﺏ ﻤﻥ ﺴﻴﺩﻱ
ﻭﻟﺞ ﻓﻲ ﻫﺠﺭﻱ ﻭﻟﻡ ﻴﻨﺼﻑ
ﺼﺭﺕ ﺒﺈﺒﺼﺎﺭﻱ ﺃﺜـﻭﺍﺒـﻪ
ﺃﻭ ﺒﻌﺽ ﻤﺎ ﻗﺩ ﻤﺴﻪ ﺃﻜﺘﻔﻲ
ﻜﺫﺍﻙ ﻴﻌﻘﻭﺏ ﻨﺒﻲ ﺍﻟـﻬـﺩﻯ
ﺇﺫ ﺸﻔﻪ ﺍﻟﺤﺯﻥ ﻋﻠﻰ ﻴﻭﺴﻑ
ﺸﻡ ﻗﻤﻴﺼﺎﹰ ﺠﺎﺀ ﻤﻥ ﻋـﻨـﺩﻩ
ﻭﻜﺎﻥ ﻤﻜﻔﻭﻓﺎﹰ ﻓﻤﻨﻪ ﺸﻔـﻲ
وﻣﺎ رأﯾﺖ ﻗﻂ ﻣﺘﻌﺎﺷﻘﯿﻦ إﻻ وھﻤﺎ ﯾﺘﮭﺎدﯾﺎن ﺧﺼﻞ اﻟﺸﻌﺮ ﻣﺒﺨﺮة ﺑﺎﻟﻌﻨﺒﺮ ﻣﺮﺷﻮﺷﺔ ﺑﻤﺎء اﻟﻮرد ،وﻗﺪ ﺟﻤﻌﺖ ﻓﻲ أﺻﻠﮭﺎ ﺑﺎﻟﻤﺼﻄﻜﻲ وﺑﺎﻟﺸﻤﻊ اﻷﺑﯿﺾ اﻟﻤﺼﻔﻰ وﻟﻔﺖ ﻓﻲ ﺗﻄﺎرﯾﻒ اﻟﻮﺷﻲ واﻟﺨﺰ وﻣﺎ أﺷﺒﮫ ذﻟﻚ ﻟﺘﻜﻮن ﺗﺬﻛﺮة ﻋﻨﺪ اﻟﺒﯿﻦ. وأﻣﺎ ﺗﮭﺎدي اﻟﻤﺴﺎوﯾﻚ ﺑﻌﺪ ﻣﻀﻐﮭﺎ واﻟﻤﺼﻄﻜﻲ إﺛﺮ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﮭﺎ ﻓﻜﺜﯿﺮ ﺑﯿﻦ ﻛﻞ ﻣﺘﺤﺎﺑﯿﻦ ﻗﺪ ﺣﻈﺮ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ اﻟﻠﻘﺎء .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻨﮭﺎ: ﺃﺭﻯ ﺭﻴﻘﻬﺎ ﻤﺎﺀ ﺍﻟـﺤـﻴﺎﺓ ﺘـﻴﻘـﻨـﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻬﺎ ﻟﻡ ﺘﺒﻕ ﻟﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻭﻯ ﺤﺸﻰ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺧﺒﺮ :وأﺧﺒﺮﻧﻲ ﺑﻌﺾ إﺧﻮاﻧﻲ ﻋﻦ ﺳﻠﯿﻤﺎن ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ أﻧﮫ رأى اﺑﻦ ﺳﮭﻞ اﻟﺤﺎﺟﺐ ﺑﺠﺰﯾﺮة ﺻﻘﻠﺒﺔ ،وذﻛﺮ أﻧﮫ ﻛﺎن ﻏﺎﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﻤﺎل ،ﻓﺸﺎھﺪه ﯾﻮﻣﺎً ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺘﻨﺰھﺎت ﻣﺎﺷﯿﺎ واﻣﺮأة ﺧﻠﻔﮫ ﺗﻤﺸﻲ إﻟﯿﮫ ،ﻓﻠﻤﺎ أﺑﻌﺪ أﺗﺖ إﻟﻰ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﺬي ﻗﺪ أﺛﺮ ﻓﯿﮫ ﻣﺸﯿﮫ ﻓﺠﻌﻠﺖ ﺗﻘﺒﻠﮫ وﺗﻠﺜﻢ اﻷرض اﻟﺘﻲ ﻓﯿﮭﺎ أﺛﺮ رﺟﻠﮫ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ، أوﻟﮭﺎ: ﻴﻠﻭﻤﻭﻨﻨﻲ ﻓﻲ ﻤﻭﻁﻰ ﺨﻔﻪ ﺨـﻁـﺎ
ﻭﻟﻭ ﻋﻠﻤﻭﺍ ﻋﺎﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻻﻡ ﻴﺤـﺴـﺩ
ﻓﻴﺄﻫل ﺃﺭﺽ ﻻﺘﺠﻭﺩ ﺴﺤـﺎﺒـﻬـﺎ
ﺨﺫﻭﺍ ﺒﻭﺼﺎﺘﻲ ﺘﺴﺘﻘﻠﻭﺍ ﻭﺘﺤﻤـﺩﻭﺍ
ﺨﺫﻭﺍ ﻤﻥ ﺘﺭﺍﺏ ﻓﻴﻪ ﻤﻭﻀﻊ ﻭﻁﺌﻪ
ﻭﺃﻀﻤﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺤل ﻋﻨﻜﻡ ﻴﺒـﻌـﺩ
ﻓﻜل ﺘﺭﺍﺏ ﻭﺍﻗـﻊ ﻓـﻴﻪ ﺭﺠـﻠـﻪ
ﻓﺫﺍﻙ ﺼﻌﻴﺩ ﻁﻴﺏ ﻟﻴﺱ ﻴﺠـﺤـﺩ
ﻜﺫﻟﻙ ﻓﻌل ﺍﻟﺴﺎﻤـﺭﻱ ﻭﻗـﺩ ﺒـﺩﺍ
ﻟﻌﻴﻨﻴﻪ ﻤﻥ ﺠﺒﺭﻴل ﺇﺜﺭ ﻤـﻤـﺠـﺩ
ﻓﺼﻴﺭ ﺠﻭﻑ ﺍﻟﻌﺠل ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺜﺭﻯ
ﻓﻘﺎﻡ ﻟﻪ ﻤـﻨـﻪ ﺨـﻭﺍﺭ ﻤـﻤـﺩﺩ
وأﻗﻮل: ﻟﻘﺩ ﺒﻭﺭﻜﺕ ﺃﺭﺽ ﺒﻬﺎ ﺃﻨﺕ ﻗﺎﻁﻥ
ﻭﺒﻭﺭﻙ ﻤﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺤل ﺒﻬﺎ ﺍﻟﺴﻌﺩ
ﻓﺄﺤﺠﺎﺭﻫﺎ ﺩﺭ ﻭﺴﻌﺩﺍﺘـﻬـﺎ ﻭﺭﺩ
ﻭﺃﻤﻭﺍﻟﻬﺎ ﺸﻬﺩ ﻭﺘﺭﺒـﺘـﻬـﺎ ﻨـﺩ
وﻣﻦ اﻟﻘﻨﻮع اﻟﺮﺿﺎ ﻣﺰار اﻟﻄﯿﻒ ،وﺗﺴﻠﯿﻢ اﻟﺨﯿﺎل .وھﺬا إﻧﻤﺎ ﯾﺤﺪث ﻋﻦ ذﻛﺮ ﻻ ﯾﻔﺎرق ،وﻋﮭﺪ ﻻ ﯾﺤﻮل ،وﻓﻜﺮ ﻻ ﯾﻨﻘﻀﻲ .ﻓﺈذا ﻧﺎﻣﺖ اﻟﻌﯿﻮن وھﺪأت اﻟﺤﺮﻛﺎت ﺳﺮى اﻟﻄﯿﻒ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﺯﺍﺭ ﺍﻟﺨﻴﺎل ﻓﺘﻰ ﻁﺎﻟﺕ ﺼﺒﺎﺒـﺘـﻪ
ﻋﻠﻰ ﺍﺤﺘﻔﺎﻅ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺭﺍﺱ ﻭﺍﻟﺤﻔﻅﺔ
ﻓﺒﺕ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺘﻲ ﺠﺫﻻﻥ ﻤﺒﺘـﻬـﺠـﺎ
ﻭﻟﺫﺓ ﺍﻟﻁﻴﻑ ﺘﻨﺴﻰ ﻟـﺫﺓ ﺍﻟـﻴﻘـﻅﺔ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وأﻗﻮل: ﺃﺘﻰ ﻁﻴﻑ ﻨﻌﻡ ﻤﻀﺠﻌﻲ ﺒﻌﺩ ﻫـﺩﺃﺓ
ﻭﻟﻠﻴل ﺴﻠﻁـﺎﻥ ﻭﻅـل ﻤـﻤـﺩﺩ
ﻭﻋﻬﺩﻱ ﺒﻬﺎ ﺘﺤﺕ ﺍﻟﺘﺭﺍﺏ ﻤـﻘـﻴﻤﺔ
ﻭﺠﺎﺀﺕ ﻜﻤﺎ ﻗﺩ ﻜﻨﺕ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺃﻋﻬﺩ
ﻓﻌﺩﻨﺎ ﻜﻤﺎ ﻜﻨـﺎ ﻭﻋـﺎﺩ ﺯﻤـﺎﻨـﻨـﺎ
ﻜﻤﺎ ﻗﺩ ﻋﻬﺩﻨﺎ ﻗﺒل ﻭﺍﻟﻌﻭﺩ ﺃﺤـﻤـﺩ
وﻟﻠﺸﻌﺮاء ﻓﻲ ﻋﻠﺔ ﻣﺰار اﻟﻄﯿﻒ أﻗﺎوﯾﻞ ﺑﺪﯾﻌﺔ ﺑﻌﯿﺪة اﻟﻤﺮﻣﻰ ،ﻣﺨﺘﺮﻋﺔ ،ﺳﺒﻖ إﻟﻰ ﻣﻌﻨﻰ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ،ﻓﺄﺑﻮ إﺳﺤﺎق ﺑﻦ ﺳﯿﺎر اﻟﻨﻈﺎم رأس اﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ ﺟﻌﻞ ﻋﻠﺘﮫ ﻣﺰار اﻟﻄﯿﻒ ﺧﻮف اﻷرواح ﻣﻦ اﻟﺮﻗﯿﺐ اﻟﻤﺮﻗﺐ ،ﻋﻠﻰ ﺑﮭﺎء اﻷﺑﺪان .وأﺑﻮ ﺗﻤﺎم ﺣﺒﯿﺐ ﺑﻦ أوس اﻟﻄﺎﺋﻲ ﺟﻌﻞ ﻋﻠﺘﮫ أن ﻧﻜﺎح اﻟﻄﯿﻒ ﻻ ﯾﻔﺴﺪ اﻟﺤﺐ وﻧﻜﺎح اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﯾﻔﺴﺪه .واﻟﺒﺤﺘﺮي ﺟﻌﻞ ﻋﻠﺔ إﻗﺒﺎﻟﮫ اﺳﺘﻀﺎءﺗﮫ ﺑﻨﺎر وﺟﺪه ،وﻋﻠﺔ زواﻟﮫ ﺧﻮف اﻟﻐﺮق ﻓﻲ دﻣﻮﻋﮫ .وأﻧﺎ أﻗﻮل ﻣﻦ ﻏﯿﺮ أن أﻣﺜﻞ ﺷﻌﺮي ﺑﺄﺷﻌﺎرھﻢ ،ﻓﻠﮭﻢ ﻓﻀﻞ اﻟﺘﻘﺪم واﻟﺴﺎﺑﻘﺔ إﻧﻤﺎ ﻧﺤﻦ ﻻﻗﻄﻮن وھﻢ اﻟﺤﺎﺻﺪون ،وﻟﻜﻦ اﻗﺘﺪاء ﺑﮭﻢ وﺟﺮﯾﺎ ﻓﻲ ﻣﯿﺪاﻧﮭﻢ وﺗﺘﺒﻌﺎً ﻟﻄﺮﯾﻘﺘﮭﻢ اﻟﺘﻲ ﻧﮭﺠﻮا وأوﺿﺤﻮا ،أﺑﯿﺎﺗﺎً ﺑﯿﻨﺖ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﺰار اﻟﻄﯿﻒ ﻣﻘﻄﻌﺔ: ﺃﻏﺎﺭ ﻋﻠﻴﻙ ﻤﻥ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﻁـﺭﻓـﻲ
ﻭﺃﺸﻔﻕ ﺃﻥ ﻴﺫﻴﺒﻙ ﻟﻤﺱ ﻜـﻔـﻲ
ﻓﺄﻤﺘﻨﻊ ﺍﻟـﻠـﻘـﺎﺀ ﺤـﺫﺍﺭ ﻫـﺫﺍ
ﻭﺃﻋﺘﻤﺩ ﺍﻟﺘﻼﻗﻲ ﺤـﻴﻥ ﺃﻏـﻔـﻲ
ﻓﺭﻭﺤﻲ ﺇﻥ ﺃﻨﻡ ﺒﻙ ﺫﻭ ﺍﻨـﻔـﺭﺍﺩ
ﻤﻥ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﻤﺴﺘﺘﺭ ﻭﻤﺨـﻔـﻲ
ﻭﻭﺼل ﺍﻟﺭﻭﺡ ﺃﻟﻁﻑ ﻓﻴﻙ ﻭﻗﻌـﺎﹰ
ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺴﻡ ﺍﻟﻤﻭﺍﺼل ﺃﻟﻑ ﻀﻌﻑ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وﺣﺎل اﻟﻤﺰور ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎم ﯾﻨﻘﺴﻢ أﻗﺴﺎﻣﺎً أرﺑﻌﺔ :أﺣﺪھﻤﺎ ﻣﺤﺐ ﻣﮭﺠﻮر ﻗﺪ ﺗﻄﺎول ﻏﻤﮫ ،ﺛﻢ رأى ﻓﻲ ھﺠﻌﺘﮫ أن ﺣﺒﯿﺒﮫ وﺻﻠﮫ ﻓﺴﺮ ﺑﺬﻟﻚ واﺑﺘﮭﺞ ،ﺛﻢ اﺳﺘﯿﻘﻆ ﻓﺄﺳﻒ وﺗﻠﮭﻒ ﺣﯿﺚ ﻋﻠﻢ أن ﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﯿﮫ أﻣﺎﻧﻲ اﻟﻨﻔﺲ وﺣﺪﯾﺜﮭﺎ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻭﺇﺫﺍ ﺍﻟﻠﻴل ﺠﻥ ﻜﻨﺕ ﻜﺭﻴﻤ ﺎﹰ
ﺃﻨﺕ ﻓﻲ ﻤﺸﺭﻕ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺒﺨﻴل
ﺘﺠﻌل ﺍﻟﺸﻤﺱ ﻤﻨﻙ ﻟﻲ ﻋﻭﻀﺎ ﻫﻲ
ﻫﺎﺕ ﻤﺎﺫﺍ ﺍﻟﻔﻌﺎل ﻤﻨﻙ ﻗـﻭﻴﻤـ ﺎﹰ
ﺯﺍﺭﻨﻲ ﻁﻴﻔﻙ ﺍﻟﺒـﻌـﻴﺩ ﻓـﻴﺄﺘـﻲ
ﻭﺍﺼﻼﹰ ﻟـﻲ ﻭﻋـﺎﺌﺩﺍﹰ ﻭﻨـﺩﻴﻤـ ﺎﹰ
ﻏﻴﺭ ﺃﻨﻲ ﻤﻨﻌﺘﻨﻲ ﻤﻥ ﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﻌـﻲ
ﺵ ﻟﻜﻥ ﺃﺒﺤﺕ ﻟﻲ ﺍﻟﺘﺸـﻤـﻴﻤـﺎ
ﻓﻜﺄﻨﻲ ﻤﻥ ﺃﻫل ﺍﻷﻋﺭﺍﻑ ﻻ ﺍﻟﻔﺭ
ﺩﻭﺱ ﺩﺍﺭﻱ ﻭﻻ ﺃﺨﺎﻑ ﺍﻟﺠﺤﻴﻤـﺎ
واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﺤﺐ ﻣﻮاﺻﻞ ﻣﺸﻔﻖ ﻣﻦ ﺗﻐﯿﺮ ﯾﻘﻊ ،ﻗﺪ رأى ﻓﻲ وﺳﻨﮫ أن ﺣﺒﯿﺒﮫ ﯾﮭﺠﺮه ﻓﺎھﺘﻢ ﻟﺬﻟﻚ ھﻤﺎً ﺷﺪﯾﺪاً ،ﺛﻢ ھﺐ ﻣﻦ ﻧﻮﻣﮫ ﻓﻌﻠﻢ أن ذﻟﻚ ﺑﺎﻃﻞ وﺑﻌﺾ وﺳﺎوس اﻹﺷﻔﺎق :واﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﺤﺐ داﻧﻲ اﻟﺪﯾﺎر ﯾﺮى أن اﻟﻨﺘﺎﺋﻲ ﻗﺪ ﻓﺪﺣﮫ ،ﻓﯿﻜﺘﺮث وﯾﻮﺟﻞ ﺛﻢ ﯾﻨﺘﺒﮫ ﻓﯿﺬھﺐ ﻣﺎﺑﮫ وﯾﻌﻮد ﻓﺮﺣﺎً .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﮭﺎ: ﺭﺃﻴﺘﻙ ﻓﻲ ﻨﻭﻤﻲ ﻜﺄﻨﻙ ﺭﺍﺤـل
ﻭﻗﻤﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻭﺩﻴﻊ ﻭﺍﻟﺩﻤﻊ ﻫﺎﻤل
ﻭﺯﺍل ﻟﻠﻜﺭﻯ ﻋﻨﻲ ﻭﺃﻨﺕ ﻤﻌﺎﻨﻘﻲ
ﻭﻏﻤﻲ ﺇﺫﺍ ﻋﺎﻴﻨـﺕ ﺫﻟـﻙ ﺯﺍﺌل
ﻓﺠﺩﺩﺕ ﺘﻌﻨﻴﻘﺎﹰ ﻭﻀﻤﺎ ﻜﺄﻨـﻨـﻲ
ﻋﻠﻴﻙ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻔﺭﻕ ﻭﺍﺠـل
واﻟﺮاﺑﻊ ﻣﺤﺐ ﻧﺎﺋﻲ اﻟﻤﺰار ،ﯾﺮى أن اﻟﻤﺰار ﻗﺪ دﻧﺎ ،واﻟﻤﻨﺎزل ﻗﺪ ﺗﺼﺎﻗﺒﺖ ﻓﯿﺮﺗﺎح وﯾﺄﻧﺲ إﻟﻰ ﻓﻘﺪ اﻷﺳﻰ ،ﺛﻢ ﯾﻘﻮم ﻣﻦ ﺳﻨﺘﮫ ﻓﯿﺮى أن ذﻟﻚ ﻏﯿﺮ ﺻﺤﯿﺢ، ﻓﯿﻌﻮد إﻟﻰ أﺷﺪ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﯿﮫ ﻣﻦ اﻟﻐﻢ ،وﻗﺪ ﺟﻌﻠﺖ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻗﻮﻟﻲ ﻋﻠﺔ اﻟﻨﻮم واﻟﻄﻤﻊ ﻓﻲ ﻃﯿﻒ اﻟﺨﯿﺎل ،ﻓﻘﻠﺖ:
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻁﺎﻑ ﺍﻟﺨﻴﺎل ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻬﺘﺭ ﻜﻠﻑ
ﻟﻭﻻ ﺍﺭﺘﻘﺎﺏ ﻤﺯﺍﺭ ﺍﻟﻁﻴﻑ ﻟﻡ ﻴﻨﻡ
ﻻ ﺘﻌﺠﺒﻭﺍ ﺇﺫ ﺴﺭﻯ ﻭﺍﻟﻠﻴل ﻤﻌﺘﻜﺭ
ﻓﻨﻭﺭﻩ ﻤﺫﻫﺏ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻟﻠﻅﻠﻡ
وﻣﻦ اﻟﻘﻨﻮع أن ﯾﻘﻨﻊ اﻟﻤﺤﺐ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺠﺪران ورؤﯾﺔ اﻟﺤﯿﻄﺎن اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﯾﺤﺐ ،وﻗﺪ رأﯾﻨﺎ ﻣﻦ ھﺬه ﺻﻔﺘﮫ .وﻟﻘﺪ ﺣﺪﺛﻨﻲ ِأﺑﻮ اﻟﻮﻟﯿﺪ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﺑﻦ إﺳﺤﺎق اﻟﺨﺎزن رﺣﻤﮫ اﷲ ﻋﻦ رﺟﻞ ﺟﻠﯿﻞ ،أﻧﮫ ﺣﺪث ﻋﻦ ﻧﻔﺴﮫ ﺑﻤﺜﻞ ھﺬا وﻣﻦ اﻟﻘﻨﻮع أن ﯾﺮﺗﺎح اﻟﻤﺤﺐ ،إﻟﻰ أن ﯾﺮى ﻣﻦ رأى ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ وﯾﺄﻧﺲ ﺑﮫ وﻣﻦ أﺗﻰ ﻣﻦ ﺑﻼده ،وھﺬا ﻛﺜﯿﺮ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﺘﻭﺤﺵ ﻤﻥ ﺴﻜﺎﻨﻪ ﻓﻜﺄﻨﻬﻡ
ﻤﺴﺎﻜﻥ ﻋﺎﺩ ﺃ ﻋﻘﺒﺘﻪ ﺜﻤﻭﺩ
وﻣﺎ ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﺎب أﺑﯿﺎت ﻟﻲ ،ﻣﻮﺟﺒﮭﺎ أﻧﻲ ﺗﻨﺰھﺖ أﻧﺎ وﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ إﺧﻮاﻧﻲ ﻣﻦ أھﻞ اﻷدب واﻟﺸﺮف إﻟﻰ ﺑﺴﺘﺎن ﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ أﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ،ﻓﺠﻠﻨﺎ ﺳﺎﻋﺔ ﺛﻢ أﻓﻀﻰ ﺑﻨﺎ اﻟﻘﻌﻮد إﻟﻰ ﻣﻜﺎن دوﻧﮫ ﯾﺘﻤﻨﻰ ،ﻓﺘﻤﺪدﻧﺎ ﻓﻲ رﯾﺎض أرﯾﻀﺔ ،وأرض ﻋﺮﯾﻀﺔ ﻟﺒﺼﺮ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻨﻔﺴﺢ ،وﻟﻠﻨﻔﺲ ﻟﺪﯾﮭﺎ ﻣﺴﺮح ،ﺑﯿﻦ ﺟﺪاول ﺗﻄﺮد ﻛﺄﺑﺎرﯾﻖ اﻟﻠﺠﯿﻦ وأﻃﯿﺎر ﺗﻐﺮد ﺑﺄﻟﺤﺎن ﺗﺰري ﺑﻤﺎ أﺑﺪﻋﮫ ﻣﻌﺒﺪ ،واﻟﻐﺮﯾﺾ ،وﺛﻤﺎر ﻣﮭﺪﻟﺔ ﻗﺪ ذﻟﻠﺖ ﻟﻸﯾﺪي ودﻧﺖ ﻟﻠﻤﺘﻨﺎول ،وﻇﻼل ﻣﻈﻠﺔ ﺗﻼﺣﻈﻨﺎ اﻟﺸﻤﺲ ﻣﻦ ﺑﯿﻨﮭﺎ ﻓﻨﺘﺼﻮر ﺑﯿﻦ أﯾﺪﯾﻨﺎ ﻛﺮﻗﺎع اﻟﺸﻄﺮﻧﺞ واﻟﺜﯿﺎب اﻟﻤﺪﺑﺠﺔ ،وﻣﺎء ﻋﺬب ﯾﻮﺟﺪك ﺣﻘﯿﻘﺔ ﻃﻌﻢ اﻟﺤﯿﺎة وأﻧﮭﺎر ﻣﺘﺪﻓﻘﺔ ﺗﻨﺴﺎب ﻛﺒﻄﻮن اﻟﺤﯿﺎت ﻟﮭﺎ ﺧﺮﯾﺮ ﯾﻘﻮم وﯾﮭﺪأ ،وﻧﻮاوﯾﺮ ﻣﻮﻧﻘﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ اﻷﻟﻮان ﺗﺼﻔﻘﮭﺎ اﻟﺮﯾﺎح اﻟﻄﯿﺒﺔ اﻟﻨﺴﯿﻢ ،وھﻮاء ﺳﺠﺴﺞ ،وأﺧﻼق ﺟﻼس ﺗﻔﻮق ﻛﻞ ھﺬا ،ﻓﻲ ﯾﻮم رﺑﯿﻊ ذي ﺷﻤﺲ ﻇﻠﯿﻠﺔ ،ﺗﺎرة ﯾﻐﻄﯿﮭﺎ اﻟﻌﯿﻢ اﻟﺮﻗﯿﻖ واﻟﻤﺰن
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﻠﻄﯿﻒ ،وﺗﺎرة ﺗﺘﺠﻠﻰ ،ﻓﮭﻲ ﻛﺎﻟﻌﺬراء اﻟﺨﻔﺮة واﻟﺨﺮﯾﺪة اﻟﺨﺠﻠﺔ ﺗﺘﺮاءى ﻟﻌﺎﺷﻘﮭﺎ ﻣﻦ ﺑﯿﻦ اﻷﺳﺘﺎر ﺛﻢ ﺗﻐﯿﺐ ﻓﯿﮭﺎ ،ﺣﺬر ﻋﯿﻦ ﻣﺮاﻗﺒﺔ .وﻛﺎن ﺑﻌﻀﻨﺎ ﻣﻄﺮﻗﺎً ﻛﺄﻧﮫ ﯾﺤﺎدث أﺧﺮى ،وذﻟﻚ ﻟﺴﺮ ﻛﺎن ﻟﮫ ﻓﻌﺮض ﻟﻲ ﺑﺬﻟﻚ ،وﺗﺪاﻋﺒﻨﺎ ﺣﯿﻨﺎ ﻓﻜﻠﻔﺖ أن أﻗﻮل إﻟﻰ ﻟﺴﺎﻧﮫ ﺷﯿﺌﺎً ﻓﻲ ذﻟﻚ ،ﻓﻘﻠﺖ ﺑﺪﯾﮭﺔ ،وﻣﺎ ﻛﺘﺒﻮھﺎ إﻻ ﻣﻦ ﺗﺬﻛﺮھﺎ ﺑﻌﺪ اﻧﺼﺮاﻓﻨﺎ ،وھﻲ: ﻭﻟﻤﺎ ﺘﺭﻭﺤﻨﺎ ﺒـﺄﻜـﻨـﺎﻑ ﺭﻭﻀﺔ
ﻤﻬﺩﻟﺔ ﺍﻷﻓﻨﺎﻥ ﻓﻲ ﺘﺭﺒﻬﺎ ﺍﻟﻨـﺩﻱ
ﻭﻗﺩ ﻀﺤﻜﺕ ﺃﻨﻭﺍﺭﻫﺎ ﻭﺘﻀﻭﻋﺕ
ﺃﺴﺎﻭﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﻅل ﻓﻲﺀ ﻤـﻤـﺩﺩ
ﻭﺃﺒﺩﺕ ﻟﻨﺎ ﺍﻷﻁﻴﺎﺭ ﺤﺴﻥ ﺼﺭﻴﻔﻬﺎ
ﻓﻤﻥ ﺒﻴﻥ ﺸﺎﻙ ﺸﺠﻭﻩ ﻭﻤـﻐـﺭﺩ
ﻭﻟﻠﻤﺎﺀ ﻓﻴﻤﺎ ﺒﻴﻨﻨـﺎ ﻤـﺘـﺼـﺭﻑ
ﻭﻟﻠﻌﻴﻥ ﻤﺭﺘﺎﺩ ﻫـﻨـﺎﻙ ﻭﻟـﻠـﻴﺩ
ﻭﻤﺎ ﺸﺌﺕ ﻤﻥ ﺃﺨﻼﻕ ﺃﺭﻭﻉ ﻤﺎﺠﺩ
ﻜﺭﻴﻡ ﺍﻟﺴﺠﺎﻴﺎ ﻟﻠﻔﺨـﺎﺭ ﻤـﺸـﻴﺩ
ﺘﻨﻐﺽ ﻋﻨﺩﻱ ﻜل ﻤﺎ ﻗﺩ ﻭﺼﻔﺘـﻪ
ﻭﻟﻡ ﻴﻬﻨﻨﻲ ﺇﺫ ﻏﺎﺏ ﻋﻨﻲ ﺴـﻴﺩﻱ
ﻓﻴﺎ ﻟﻴﺘﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻥ ﻭﻫﻭ ﻤﻌﺎﻨﻘﻲ
ﻭﺃﻨﺘﻡ ﻤﻌﺎﹰ ﻓﻲ ﻗﺼﺭ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﺠﺩﺩ
ﻓﻤﻥ ﺭﺍﻡ ﻤﻨﺎ ﺃﻥ ﻴﺒـﺩل ﺤـﺎﻟـﻪ
ﺒﺤﺎل ﺃﺨﻴﻪ ﺃﻭ ﺒﻤﻠـﻙ ﻤـﺨـﻠـﺩ
ﻓﻼ ﻋﺎﺵ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺸﻘﺎﺀ ﻭﻨـﻜـﺒﺔ
ﻭﻻ ﺯﺍل ﻓﻲ ﺒﺅﺴﻲ ﻭﺨﺯﻱ ﻤﺭﺩﺩ
ﻓﻘﺎل ھﻮ وﻣﻦ ﺣﻀﺮ :آﻣﯿﻦ آﻣﯿﻦ .وھﺬه اﻟﻮﺟﻮه اﻟﺘﻲ ﻋﺪدت وأوردت ﻓﻲ ﺣﻘﺎﺋﻖ اﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ھﻲ اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻓﻲ أھﻞ اﻟﻤﻮدة ،ﺑﻼ ﺗﺰﯾﺪ وﻻ إﻋﯿﺎء. وﻟﻠﺸﻌﺮاء ﻓﻦ ﻣﻦ اﻟﻘﻨﻮع أرادوا ﻓﯿﮫ إﻇﮭﺎر ﻏﺮﺿﮭﻢ وإﺑﺎﻧﺔ اﻗﺘﺪارھﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺎﻣﻀﺔ واﻟﻤﺮﻣﻰ اﻟﺒﻌﯿﺪة ،وﻛﻞ ﻗﺎل ﻋﻠﻰ ﻗﺪر ﻗﻮة ﻃﺒﻌﮫ ،إﻻ أﻧﮫ ﺗﺤﻜﻢ ﺑﺎﻟﻠﺴﺎن وﺗﺸﺪق ﻓﻲ اﻟﻜﻼم واﺳﺘﻄﺎل ﺑﺎﻟﺒﯿﺎن ،وھﻮ ﻏﯿﺮ ﺻﺤﯿﺢ ﻓﻲ اﻷﺻﻞ :ﻓﻤﻨﮭﻢ ﻣﻦ ﻗﻨﻊ ﺑﺄن اﻟﺴﻤﺎء ﺗﻈﻠﮫ ھﻮ وﻣﺤﺒﻮﺑﮫ واﻷرض ﺗﻘﻠﮭﻤﺎ .وﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ ﻗﻨﻊ ﺑﺎﺳﺘﻮاﺋﮭﻤﺎ ﻓﻲ إﺣﺎﻃﺔ اﻟﻠﯿﻞ واﻟﻨﮭﺎر ﺑﮭﻤﺎ ،وأﺷﺒﺎه ھﺬا :وﻛﻞ ﻣﺒﺎدر إﻟﻰ اﺣﺘﻮاء
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﻘﺼﺎء ،وإﺣﺮاز ﻗﺼﺐ اﻟﺴﺒﻖ ﻓﻲ اﻟﺘﺪﻗﯿﻖ .وﻟﻲ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻗﻮل ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻟﻤﺘﻌﻘﺐ أن ﯾﺠﺪ ﺑﻌﺪه ﻣﺘﻨﺎوﻻً ،وﻻ وراءه ﻣﻜﺎﻧﺎً ،ﻣﻊ ﺗﺒﯿﻨﻲ ﻋﻠﺔ ﻗﺮب اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ اﻟﺒﻌﯿﺪة ،وھﻮ: ﻭﻗﺎﻟﻭﺍ ﺒﻌﻴﺩ ﻗﻠﺕ ﺤﺴﺒﻲ ﺒـﺄﻨـﻪ
ﻤﻌﻲ ﻓﻲ ﺯﻤﺎﻥ ﻻ ﻴﻁﻴﻕ ﻤﺤﻴﺩ ﺍﹰ
ﺘﻤﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻤﺱ ﻤﺜل ﻤﺭﻭﺭﻫﺎ
ﺒﻪ ﻜل ﻴﻭﻡ ﻴﺴﺘـﻨـﻴﺭ ﺠـﺩﻴﺩ ﺍﹰ
ﻓﻤﻥ ﻟﻴﺱ ﺒﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﻴﺭ ﻭﺒﻴﻨﻪ
ﺴﻭﻯ ﻗﻁﻊ ﻴﻭﻡ ﻫل ﻴﻜﻭﻥ ﺒﻌﻴﺩ ﺍﹰ
ﻭﻋﻠﻡ ﺇﻟﻪ ﺍﻟﺨﻠﻕ ﻴﺠﻤﻌﻨﺎ ﻤـﻌـﺎﹰ
ﻜﻔﻰ ﺫﺍ ﺍﻟﺘﺩﺍﻨﻲ ﻤﺎ ﺃﺭﻴﺩ ﻤﺯﻴﺩ ﺍﹰ
ﻓﺒﯿﻨﺖ ﻛﻤﺎ ﺗﺮى أﻧﻲ ﻗﺎﻧﻊ ﺑﺎﻻﺟﺘﻤﺎع ﻣﻊ ﻣﻦ أﺣﺐ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﷲ ،اﻟﺬي اﻟﺴﻤﻮات واﻷﻓﻼك واﻟﻌﻮاﻟﻢ ﻛﻠﮭﺎ وﺟﻤﯿﻊ اﻟﻤﻮﺟﻮدات ﻻ ﺗﻨﻔﺼﻞ ﻣﻨﮫ وﻻ ﺗﺘﺠﺰأ ﻓﯿﮫ وﻻ ﯾﺸﺬ ﻋﻨﮫ ﻣﻨﮭﺎ ﺷﻲء ،ﺛﻢ اﻗﺘﺼﺮت ﻣﻦ ﻋﻠﻢ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻓﻲ زﻣﺎن ،وھﺬا أﻋﻢ ﻣﻤﺎ ﻗﺎﻟﮫ ﻏﯿﺮي ﻓﻲ إﺣﺎﻃﺔ اﻟﻠﯿﻞ واﻟﻨﮭﺎر ،وإن ﻛﺎن اﻟﻈﺎھﺮ واﺣﺪاً ﻓﻲ اﻟﺒﺎدي إﻟﻲ اﻟﺴﺎﻣﻊ؛ ﻷن ﻛﻞ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎت واﻗﻌﺔ ﺗﺤﺖ اﻟﺰﻣﺎن ،وإﻧﻤﺎ اﻟﺰﻣﺎن اﺳﻢ ﻣﻮﺿﻮع ﻟﻤﺮور اﻟﺴﺎﻋﺎت وﻗﻄﻊ اﻟﻔﻠﻚ وﺣﺮﻛﺎﺗﮫ وأﺟﺮاﻣﮫ ،واﻟﻠﯿﻞ واﻟﻨﮭﺎر ﻣﺘﻮﻟﺪان ﻋﻦ ﻃﻠﻮع اﻟﺸﻤﺲ وﻏﺮوﺑﮭﺎ ،وھﻤﺎ ﻣﺘﻨﺎھﯿﺎن ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻷﻋﻠﻰ ،وﻟﯿﺲ ھﺬا اﻟﺰﻣﺎن ،ﻓﺈﻧﮭﻤﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﺰﻣﺎن ،وإن ﻛﺎن ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻗﻮل إن اﻟﻈﻞ ﻣﺘﻤﺎد، ﻓﮭﺬا ﯾﺨﻄﺌﮫ اﻟﻌﯿﺎن ،وﻋﻠﻞ اﻟﺮد ﻋﻠﯿﮫ ﺑﯿﻨﺔ ﻟﯿﺲ ھﺬا ﻣﻮﺿﻌﮭﺎ ،ﺛﻢ ﺑﯿﻨﺖ أﻧﮫ وإن ﻛﺎن ﻓﻲ أﻗﺼﻰ اﻟﻤﻌﻤﻮر ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺮق وأﻧﺎ ﻓﻲ أﻗﺼﻰ اﻟﻤﻌﻤﻮر ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺮب ،وھﺬا ﻃﻮل اﻟﺴﻜﻨﻰ ،ﻓﻠﯿﺲ ﺑﯿﻨﻲ وﺑﯿﻨﮫ إﻻ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﯾﻮم؛ إذ اﻟﺸﻤﺲ ﺗﺒﺪو ﻓﻲ أول اﻟﻨﮭﺎر ﻓﻲ أول اﻟﻤﺸﺎرق وﺗﻐﺮب ﻓﻲ آﺧﺮ اﻟﻨﮭﺎر ﻓﻲ آﺧﺮ اﻟﻤﻐﺎرب. وﻣﻦ اﻟﻘﻨﻮع ﻓﺼﻞ أورده وأﺳﺘﻌﯿﺬ ﺑﺎﷲ ﻣﻨﮫ وﻣﻦ أھﻠﮫ ،واﺣﻤﺪه ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋﺮف
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻧﻔﻮﺳﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻓﺮﺗﮫ ،وھﻮ أن ﯾﻀﻞ اﻟﻌﻘﻞ ﺟﻤﻠﺔ ،وﯾﻔﺴﺪ اﻟﻘﺮﯾﺤﺔ ،وﯾﺘﻠﻒ اﻟﺘﻤﯿﯿﺰ وﯾﮭﻮن اﻟﺼﻌﺐ ،وﯾﺬھﺐ اﻟﻐﯿﺮة ،وﯾﻌﺪم اﻷﻧﻔﺔ ،ﻓﯿﺮﺿﻰ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﯿﻤﻦ ﯾﺤﺐ .وﻗﺪ ﻋﺮض ھﺬا ﻟﻘﻮم أﻋﺎذﻧﺎ اﷲ ﻣﻦ اﻟﺒﻼء .وھﺬا ﻻ ﯾﺼﺢ إﻻ ﻣﻊ ﻛﻠﺒﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻊ ،وﺳﻘﻮط ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺬي ھﻮ ﻋﯿﺎر ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﺤﺘﮫ ،وﺿﻌﻒ ﺣﺲ .وﯾﺆﯾﺪ ھﺬا ﻛﻠﮫ ﺣﺐ ﺷﺪﯾﺪ ﻣﻌﻢ .ﻓﺈذا اﺟﺘﻤﻌﺖ ھﺬه اﻷﺷﯿﺎء وﺗﻼﺣﻘﺖ ﺑﻤﺰاج اﻟﻄﺒﺎﺋﻊ ودﺧﻮل ﺑﻌﻀﮭﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻧﺘﺞ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ھﺬا اﻟﻄﺒﻊ اﻟﺨﺴﯿﺲ ،وﺗﻮﻟﺪت ھﺬه اﻟﺼﻔﺔ اﻟﺮذﻟﺔ، وﻗﺎم ﻣﻨﮭﺎ ھﺬا اﻟﻔﻌﻞ اﻟﻤﻘﺬور اﻟﻘﺒﯿﺢ ،وأﻣﺎ رﺟﻞ ﻣﻌﮫ أﻗﻞ ھﻤﺔ وأﯾﺴﺮ ﻣﺮوءة ﻓﮭﺬا ﻣﻨﮫ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ اﻟﺜﺮﯾﺎ وﻟﻮ ﻣﺎت وﺟﺪاً وﺗﻘﻄﻊ ﺣﺒﺎً وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل زارﯾﺎً ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺴﺎﻣﺤﯿﻦ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻔﺼﻞ: ﺭﺃﻴﺘﻙ ﺭﺤﺏ ﺍﻟﺼﺩﺭ ﺘﺭﻀﻰ ﺒﻤـﺎ ﺃﺘـﻰ ﻭﺃﻓﻀل ﺸﻲﺀ ﺃﻥ ﺘﻠﻴﻥ ﻭﺘـﺴـﻤـﺤـﺎ ﻓﺤﻅﻙ ﻤﻥ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺴﻭﺍﻨﻲ ﻤـﻔـﻀـل ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻴﺤﻭﺯ ﺍﻟﻤﻠﻙ ﻤﻥ ﺃﺼﻠﻬﺎ ﺍﻟﺭﺤﻰ ﻭﻋﻀﻭ ﺒﻌﻴﺭ ﻓﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺯﻥ ﻀﻌﻑ ﻤـﺎ
ﺘﻘﺩﺭﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺩﻱ ﻓﺎﻋﺹ ﺍﻟﺫﻱ ﻟـﺤـﺎ
ﻭﻟﻌﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻬﻭﻯ ﺒﺴﻴﻔﻴﻥ ﻤـﻌـﺠـﺏ
ﻓﻜﻥ ﻨﺎﺤﻴﺎﹰ ﻓﻲ ﻨﺤﻭﻩ ﻜـﻴﻔـﻤـﺎ ﻨـﺤـﺎ
اﻟﺒﺎب اﻟﺴﺎدس واﻟﻌﺸﺮون اﻟﻀﻨﻰ وﻻ ﺑﺪ ﻟﻜﻞ ﻣﺤﺐ ﺻﺎدق اﻟﻤﻮدة ﻣﻤﻨﻮع اﻟﻮﺻﻞ ،إﻣﺎ ﺑﺒﯿﻦ وإﻣﺎ ﺑﮭﺠﺮ وإﻣﺎ ﺑﻜﺘﻤﺎن واﻗﻊ ﻟﻤﻌﻨﻰ ،ﻣﻦ أن ﯾﺆول إﻟﻰ ﺣﺪ اﻟﺴﻘﺎم واﻟﻀﻨﻰ واﻟﻨﺤﻮل ،ورﺑﻤﺎ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
أﺿﺠﻌﮫ ذﻟﻚ .وھﺬا اﻷﻣﺮ ﻛﺜﯿﺮ ﺟﺪاً ﻣﻮﺟﻮد أﺑﺪاً ،واﻷﻋﺮاض اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻏﯿﺮ اﻟﻌﻠﻞ اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻣﻦ ھﺠﻤﺎت اﻟﻌﻠﻞ ،وﯾﻤﯿﺰھﺎ اﻟﻄﺒﯿﺐ اﻟﺤﺎذق واﻟﻤﺘﻔﺮس اﻟﻨﺎﻗﺪ. وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻴﻘﻭل ﻟﻲ ﺍﻟﻁﺒﻴﺏ ﺒﻐﻴﺭ ﻋﻠﻡ
ﺘﺩﺍﻭ ﻓﺄﻨﺕ ﻴﺎ ﻫﺫﺍ ﻋﻠـﻴل
ﻭﺩﺍﺌﻲ ﻟﻴﺱ ﻴﺩﺭﻴﻪ ﺴﻭﺍﺌﻲ
ﻭﺭﺏ ﻗﺎﺩﺭ ﻤﻠﻙ ﺠﻠـﻴل
ﺃﺃﻜﺘﻤﻪ ﻭﻴﻜﺸﻔﻪ ﺸـﻬـﻴﻕ
ﻴﻼﺯﻤﻨﻲ ﻭﺇﻁﺭﺍﻕ ﻁﻭﻴل
ﻭﻭﺠﻪ ﺸﺎﻫﺩﺍﺕ ﺍﻟﺤﺯﻥ ﻓﻴﻪ
ﻭﺠﺴﻡ ﻜﺎﻟﺨﻴﺎل ﻀﻥ ﻨﺤﻴل
ﻭﺃﺜﺒﺕ ﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻷﻤﺭ ﻴﻭﻤﺎﹰ
ﺒﻼ ﺸﻙ ﺇﺫﺍ ﺼﺢ ﺍﻟﺩﻟـﻴل
ﻓﻘﻠﺕ ﻟﻪ ﺃﺒﻥ ﻋﻨﻲ ﻗﻠـﻴﻼﹰ
ﻓﻼ ﻭﺍﷲ ﺘﻌﺭﻑ ﻤﺎ ﺘﻘﻭل
ﻓﻘﺎل ﺃﺭﻯ ﻨﺤﻭﻻﹰ ﺯﺍﺩﺠـﺩﺍﹰ
ﻭﻋﻠﺘﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺸﻜﻭ ﺫﺒـﻭل
ﻓﻘﻠﺕ ﻟﻪ ﺍﻟﺫﺒﻭل ﺘﻌل ﻤـﻨـﻪ ﺍل
ﺠﻭﺍﺭﺡ ﻭﻫﻲ ﺤﻤﻰ ﺘﺴﺘﺤـﻴل
ﻭﻤﺎ ﺃﺸﻜﻭ ﻟﻌﻤﺭ ﺍﻟﻠـﻪ ﺤـﻤـﻰ
ﻭﺇﻥ ﺍﻟﺤﺭ ﻓﻲ ﺠﺴﻤﻲ ﻗـﻠـﻴل
ﻓﻘﺎل ﺃﺭﻯ ﺍﻟﺘﻔﺎﺘﺎﹰ ﻭﺍﺭﺘـﻘـﺎﺒـﺎﹰ
ﻭﺃﻓﻜﺎﺭﺍﹰ ﻭﺼـﻤـﺘـ ﺎﹰ ﻻ ﻴﺯﻭل
ﻭﺃﺤﺴﺏ ﺃﻨﻬﺎ ﺍﻟﺴﻭﺀ ﻓﺎﻨـﻅـﺭ
ﻟﻨﻔﺴﻙ ﺇﻨﻬﺎ ﻋـﺭﺽ ﺜـﻘـﻴل
ﻓﻘﻠﺕ ﻟﻪ ﻜﻼﻤـﻙ ﺫﺍ ﻤـﺤـﺎل
ﻓﻤﺎ ﻟﻠﺩﻤﻊ ﻤﻥ ﻋﻴﻨـﻲ ﻴﺴـﻴل
ﻓﺄﻁﺭﻕ ﺒـﺎﻫـﺘـﺎﹰ ﻤـﻤـﺎ ﺭﺁﻩ
ﺃﻻ ﻓﻲ ﻤﺜل ﺫﺍ ﺒﻬﺕ ﺍﻟﻨـﺒـﻴل
ﻓﻘﻠﺕ ﻟـﻪ ﺩﻭﺍﺌﻲ ﻤـﻨـﻪ ﺩﺍﺌﻲ
ﺃﻻ ﻓﻲ ﻤﺜل ﺫﺍ ﻀﻠﺕ ﻋﻘـﻭل
ﻭﺸﺎﻫﺩ ﻤﺎ ﺃﻗﻭل ﻴﺭﻯ ﻋـﻴﺎﻨـﺎﹰ
ﻓﺭﻭﻉ ﺍﻟﻨﺒﺕ ﺇﻥ ﻋﻜﺴﺕ ﺃﺼﻭل
ﻭﺘﺭﻴﺎﻕ ﺍﻷﻓﺎﻋﻲ ﻟـﻴﺱ ﺸـﻲﺀ
ﺴﻭﺍﻩ ﺒﺒﺭﻩ ﻤﺎ ﻟﺩﻏﺕ ﻜـﻔـﻴل
وﺣﺪﺛﻨﻲ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺑﻘﻲ اﻟﺤﺠﺮي ،وﻛﺎن ﺣﻜﯿﻢ اﻟﻄﺒﻊ ﻋﺎﻗﻼً ﻓﮭﯿﻤﺎً ،ﻋﻦ رﺟﻞ ﻣﻦ ﺷﯿﻮﺧﻨﺎ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ذﻛﺮه ،أﻧﮫ ﻛﺎن ﺑﺒﻐﺪاد ﻓﻲ ﺧﺎن ﻣﻦ ﺧﺎﻧﺎﺗﮭﺎ ﻓﺮأى اﺑﻨﺔ ﻟﻮﻛﯿﻠﺔ اﻟﺨﺎن ﻓﺄﺣﺒﮭﺎ وﺗﺰوﺟﮭﺎ ،ﻓﻠﻤﺎ ﺧﻼ ﺑﮭﺎ ﻧﻈﺮت إﻟﯿﮫ وﻛﺎﻧﺖ ﺑﻜﺮاً ،وھﻮ ﻗﺪ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺗﻜﺸﻒ ﻟﺒﻌﺾ ﺣﺎﺟﺘﮫ ،ﻓﺮاﻋﮭﺎ ﻛﺒﺮ أﯾﺮه ،ﻓﻔﺮت إﻟﻰ أﻣﮭﺎ وﺗﻔﺎدت ﻣﻨﮫ .ﻓﺮام ﺑﮭﺎ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺣﻮاﻟﯿﮭﺎ أن ﺗﺮد إﻟﯿﮫ ،ﻓﺄﺑﺖ وﻛﺎدت أن ﺗﻤﻮت ،ﻓﻔﺎرﻗﮭﺎ ﺛﻢ ﻧﺪم ،ورام أن ﯾﺮاﺟﻌﮭﺎ ﻓﻠﻢ ﯾﻤﻜﻨﮫ ،واﺳﺘﻌﺎن ﺑﺎﻷﺑﮭﺮي وﻏﯿﺮه .ﻓﻠﻢ ﯾﻘﺪر أﺣﺪ ﻣﻨﮭﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﯿﻠﺔ ﻓﻲ أﻣﺮه ،ﻓﺎﺧﺘﻠﻂ ﻋﻘﻠﮫ وأﻗﺎم ﻓﻲ اﻟﻤﺎرﺳﺘﺎن ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣﺪة ﻃﻮﯾﻠﺔ ﺣﺘﻰ ﻧﻘﮫ وﺳﻼ وﻣﺎ وﻟﻘﺪ
ﻛﺎد،
إذا
ﻛﺎن
ذﻛﺮھﺎ
ﯾﺘﻨﻔﺲ
اﻟﺼﻌﺪاء.
ﻗﺪ ﺗﻘﺪم ﻓﻲ أﺷﻌﺎري اﻟﻤﺬﻛﻮرة ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ :ﻣﻦ ﺻﻔﺔ اﻟﻨﺤﻮل ﻣﻔﺮﻗﺎً ﻣﺎ اﺳﺘﻐﻨﯿﺖ ﺑﮫ ﻋﻦ أن أذﻛﺮ ھﻨﺎ ﻣﻦ ﺳﻮاھﺎ ﺷﯿﺌﺎً ﺧﻮف اﻹﻃﺎﻟﺔ .واﷲ اﻟﻤﻌﯿﻦ واﻟﻤﺴﺘﻌﺎن. ورﺑﻤﺎ ﺗﺮﻗﺖ إﻟﻰ أن ﯾﻐﻠﺐ اﻟﻤﺮء ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻠﮫ وﯾﺤﺎل ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ ذھﻨﮫ ﻓﯿﻮﺳﻮس. ﺧﺒﺮ :وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف ﺟﺎرﯾﺔ ﻣﻦ ذوات اﻟﻤﻨﺎﺻﺐ واﻟﺠﻤﺎل واﻟﺸﺮف ﻣﻦ ﺑﻨﺎت اﻟﻘﻮاد ،وﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﺑﮭﺎ ﺣﺐ ﻓﺘﻰ ﻣﻦ إﺧﻮاﻧﻲ ﺟﺪاً ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﻜﺘﺎب ﻣﺒﻠﻎ ھﯿﺠﺎن اﻟﻤﺮار اﻷﺳﻮد ،وﻛﺎدت ﺗﺨﺘﻠﻂ .واﺷﺘﮭﺮ اﻷﻣﺮ وﺷﺎع ﺟﺪاً ﺣﺘﻰ ﻋﻠﻤﮫ اﻷﺑﺎﻋﺪ ،إﻟﻰ أن ﺗﺪورﻛﺖ ﺑﺎﻟﻌﻼج ،وھﺬا إﻧﻤﺎ ﯾﺘﻮﻟﺪ ﻋﻦ إدﻣﺎن اﻟﻔﻜﺮ ،ﻓﺈذا ﻏﻠﺒﺖ اﻟﻔﻜﺮة وﺗﻤﻜﻦ اﻟﺨﻠﻂ وﺗﺮك اﻟﺘﺪاوي ﺧﺮج اﻷﻣﺮ ﻋﻦ ﺣﺪ اﻟﺤﺐ إﻟﻰ ﺣﺪ اﻟﻮﻟﮫ واﻟﺠﻨﻮن ،وإذا أﻏﻔﻞ اﻟﺘﺪاوي ﻓﻲ اﻷول إﻟﻰ اﻟﻤﻌﺎﻧﺎة ﻗﻮى ﺟﺪاً وﻟﻢ ﯾﻮﺟﺪ ﻟﮫ دواء ﺳﻮى اﻟﻮﺻﺎل. وﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﺖ إﻟﯿﮫ ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﮭﺎ: ﻗﺩ ﺴﻠﺒﺕ ﺍﻟﻔﺅﺍﺩ ﻤﻨﻬﺎ ﺍﺨﺘﻼﺴـﺎﹰ
ﺃﻱ ﺨﻠﻕ ﻴﻌـﻴﺵ ﺩﻭﻥ ﻓـﺅﺍﺩ
ﻓﺄﻏﺜﻬﺎ ﺒﺎﻟﻭﺼل ﺘﺤﻲ ﺸﺭﻴﻔـﺎﹰ
ﻭﺘﻔﺯ ﺒﺎﻟﺜﻭﺍﺏ ﻴﻭﻡ ﺍﻟـﻤـﻌـﺎﺩ
ﻭﺃﺭﺍﻫﺎ ﺘﻌﺘـﺎﺽ ﺃﻥ ﺩﺍﻡ ﻫـﺫﺍ
ﻤﻥ ﺨﻼﺨﻴﻠﻬﺎ ﺤﻠـﻲ ﺍﻷﻗـﻴﺎﺩ
ﺃﻨﺕ ﺤﻘﺎﹰ ﻤﺘﻴﻡ ﺍﻟﺸﻤﺱ ﺤـﺘـﻰ
ﻋﺸﻘﻬﺎ ﺒﻴﻥ ﺫﺍ ﺍﻟﻭﺭﻯ ﻟﻙ ﺒﺎﺩﻱ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺧﺒﺮ :وﺣﺪﺛﻨﻲ ﺟﻌﻔﺮ ﻣﻮﻟﻰ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﺪﯾﺮ ،اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﻟﺒﻠﺒﯿﻨﻲ :أن ﺳﺒﺐ اﺧﺘﻼط ﻣﺮوان ﺑﻦ ﯾﺤﯿﻰ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﺪﯾﺮ وذھﺎب ﻋﻘﻠﮫ اﻋﺘﻼﻗﮫ ﺑﺠﺎرﯾﺔ ﻷﺧﯿﮫ ،ﻓﻤﻨﻌﮭﺎ وﺑﺎﻋﮭﺎ ﻟﻐﯿﺮه ،وﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ إﺧﻮﺗﮫ ﻣﺜﻠﮫ وﻻ أﺗﻢ أدﺑﺎً ﻣﻨﮫ. وأﺧﺒﺮﻧﻲ أﺑﻮ اﻟﻌﺎﻓﯿﺔ ﻣﻮﻟﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﺑﻦ أﺑﻲ ﻋﺒﺪة ،أن ﺳﺒﺐ ﺟﻨﻮن ﯾﺤﯿﻰ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﺑﻦ أﺑﻲ ﻋﺒﺪة ﺑﯿﻊ ﺟﺎرﯾﺔ ﻟﮫ ﻛﺎن ﯾﺠﺪ ﺑﮭﺎ وﺟﺪاً ﺷﺪﯾﺪاً ،ﻛﺎﻧﺖ أﻣﮫ
أﺑﺎﻋﺘﮭﺎ
وذھﺒﺖ
إﻟﻰ
إﻧﻜﺎﺣﮫ
ﻣﻦ
ﺑﻌﺾ
اﻟﻌﺎﻣﺮﯾﺎت.
ﻓﮭﺬان رﺟﻼن ﺟﻠﯿﻼن ﻣﺸﮭﻮران ﻓﻘﺪا ﻋﻘﻮﻟﮭﻤﺎ واﺧﺘﻠﻄﺎ وﺻﺎرا ﻓﻲ اﻟﻘﯿﻮد واﻷﻏﻼل ،ﻓﺄﻣﺎ ﻣﺮوان ﻓﺄﺻﺎﺑﺘﮫ ﺿﺮﺑﺔ ﻣﺨﻄﺌﺔ ﯾﻮم دﺧﻮل اﻟﺒﺮﺑﺮ ﻗﺮﻃﺒﺔ واﻧﺘﮭﺎﺋﮭﻢ إﻟﯿﮭﺎ ،ﻓﺘﻮﻓﻰ رﺣﻤﮫ اﷲ .وأﻣﺎ ﯾﺤﯿﻰ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﮭﻮ ﺣﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺘﮫ اﻟﻤﺬﻛﻮرة ﻓﻲ ﺣﯿﻦ ﻛﺘﺎﺑﺘﻲ ﻟﺮﺳﺎﻟﺘﻲ ھﺬه ،وﻗﺪ رأﯾﺘﮫ أﻧﺎ ﻣﺮاراً وﺟﺎﻟﺴﺘﮫ ﻓﻲ اﻟﻘﺼﺮ ﻗﺒﻞ أن ﯾﻤﺘﺤﻦ ﺑﮭﺬه اﻟﻤﺤﻨﺔ .وﻛﺎن أﺳﺘﺎذي وأﺳﺘﺎذه اﻟﻔﻘﯿﮫ أﺑﻮ اﻟﺨﯿﺎر اﻟﻠﻐﻮي. وﻛﺎن
ﯾﺤﯿﻰ
ﻟﻌﻤﺮي
ﺣﻠﻮاً
ﻣﻦ
اﻟﻔﺘﯿﺎن
ﻧﺒﯿﻼً.
وأﻣﺎ ﻣﻦ دون ھﺬه اﻟﻄﺒﻘﺔ ﻓﻘﺪ رأﯾﻨﺎ ﻣﻨﮭﻢ ﻛﺜﯿﺮاً ،وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻧﺴﻤﮭﻢ ﻟﺨﻔﺎﺋﮭﻢ وھﺬه درﺟﺔ إذا ﺑﻠﻎ اﻟﻤﺸﻐﻮف إﻟﯿﮭﺎ ﻓﻘﺪ أﻧﯿﺖ اﻟﺮﺟﺎء واﻧﺼﺮم اﻟﻄﻤﻊ ،ﻓﻼ دواء ﻟﮫ ﺑﺎﻟﻮﺻﻞ وﻻ ﺑﻐﯿﺮه ،إذ ﻗﺪ اﺳﺘﺤﻜﻢ اﻟﻔﺴﺎد ﻓﻲ اﻟﺪﻣﺎغ ،وﺗﻠﻔﺖ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ وﺗﻐﻠﺒﺖ اﻵﻓﺔ .أﻋﺎذﻧﺎ اﷲ ﻣﻦ اﻟﺒﻼء ﺑﻄﻮﻟﮫ ،وﻛﻔﺎﻧﺎ اﻟﻨﻘﻢ ﻣﻨﮫ.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﺒﺎب اﻟﺴﺎﺑﻊ واﻟﻌﺸﺮون اﻟﺴﻠﻮ وﻗﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ أن ﻛﻞ ﻣﺎﻟﮫ أول ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ آﺧﺮ ،ﺣﺎﺷﻰ ﻧﻌﯿﻢ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ،اﻟﺠﻨﺔ ﻷوﻟﯿﺎﺋﮫ وﻋﺬاﺑﮫ ﺑﺎﻟﻨﺎر ﻷﻋﺪاﺋﮫ .وأﻣﺎ أﻋﺮاض اﻟﺪﻧﯿﺎ ﻓﻨﺎﻓﺬة ﻓﺎﻧﯿﺔ وزاﺋﻠﺔ ﻣﻀﻤﺤﻠﺔ، وﻋﺎﻗﺒﺔ ﻛﻞ ﺣﺐ إﻟﻰ أﺣﺪ أﻣﺮﯾﻦ :إﻣﺎ اﺣﺘﺮام ﻣﻨﯿﺔ ،وإﻣﺎ ﺳﻠﻮ ﺣﺎدث .وﻗﺪ ﻧﺠﺪ اﻟﻨﻔﺲ ﺗﻐﻠﺐ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﻮى اﻟﻤﺼﺮﻓﺔ ﻣﻌﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺠﺴﺪ ،ﻓﻜﻤﺎ ﻧﺠﺪ ﻧﻔﺴﺎً ﺗﺮﻓﺾ اﻟﺮاﺣﺎت واﻟﻤﻼذ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻃﺎﻋﺔ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ واﻟﺮﯾﺎء ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ ،ﺣﺘﻰ ﺗﺸﺘﮭﺮ ﺑﺎﻟﺰھﺪ ،ﻓﻜﺬﻟﻚ ﻧﺠﺪ اﻟﻨﻔﺲ ﺗﻐﻠﺐ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﻮى اﻟﻤﺼﺮﻓﺔ ﻣﻌﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺠﺴﺪ، ﻓﻜﻤﺎ ﻧﺠﺪ ﻧﻔﺴﺎً ﺗﺮﻓﺾ اﻟﺮاﺣﺎت واﻟﻤﻼذ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻃﺎﻋﺔ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﻟﻠﺮﯾﺎء ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ ،ﺣﺘﻰ ﺗﺸﺘﮭﺮ ﺑﺎﻟﺰھﺬ ،ﻓﻜﺬﻟﻚ ﻧﺠﺪ ﻧﻔﺴﺎً ﺗﻨﺼﺮف ﻋﻦ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﻟﻘﺎء ﺷﻜﻠﮭﺎ ﻟﻸﻧﻔﺔ اﻟﻤﺴﺘﺤﻜﻤﺔ اﻟﻤﻨﺎﻓﺮة ﻟﻠﻐﺪر ،أو اﺳﺘﻤﺮار ﺳﻮء اﻟﻤﻜﺎﻓﺄة ﻓﻲ اﻟﻀﻤﯿﺮ ،وھﺬا أﺻﺢ اﻟﺴﻠﻮ ،وﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ ﻏﯿﺮ ھﺬﯾﻦ اﻟﺸﯿﺌﯿﻦ ﻓﻠﯿﺲ إﻻ ﻣﺬﻣﻮﻣﺎً .واﻟﺴﻠﻮ اﻟﻤﺘﻮﻟﺪ ﻣﻦ اﻟﮭﺠﺮ وﻃﻮﻟﮫ إﻧﻤﺎ ھﻮ ﻛﺎﻟﯿﺄس ﯾﺪﺧﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻔﺲ ﻣﻦ ﺑﻠﻮﻏﮭﺎ إﻟﻰ أﻣﻠﮭﺎ ،ﻓﯿﻔﺘﺮ ﻧﺰاﻋﮭﺎ وﻻ ﺗﻘﻮى رﻏﺒﺘﮭﺎ .وﻟﻲ ﻓﻲ ذم اﻟﺴﻠﻮ ﻗﺼﯿﺪة ،ﻣﻨﮭﺎ: ﺇﺫﺍ ﻤﺎ ﺭﻨﺕ ﻓﺎﻟﺤﻲ ﻤﻴﺕ ﺒﻠﺤﻅﻬﺎ
ﻭﺇﻥ ﻨﻁﻘﺕ ﻗﻠﺕ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺭﻁﺎﺏ
ﻜﺄﻥ ﺍﻟﻬﻭﻯ ﻀﻴﻑ ﺃﻟﻡ ﺒﻤﻬﺠﺘﻲ
ﻓﻠﺤﻤﻰ ﻁﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﻨﺠﻴﻊ ﺸـﺭﺍﺏ
وﻣﻨﮭﺎ: ﺼﺒﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺯﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻟﻌﺯ ﺨﻠﻔﻪ
ﻭﻟﻭ ﺍﻤﻁﺭﻨﻪ ﺒﺎﻟﺤﺭﻴﻕ ﺴـﺤـﺎﺏ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺠﺯﻭﻋﺎﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﺍﺤﺎﺕ ﺇﻥ ﺃﻨﺘﺠﺕ ﻟﻪ
ﺨﻤﻭﻻ ﻭﻓﻲ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻨﻌﻴﻡ ﻋـﺫﺍﺏ
واﻟﺴﻠﻮ ﻓﻲ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﺠﻤﯿﻠﺔ ﯾﻨﻘﺴﻢ ﻗﺴﻤﯿﻦ :ﺳﻠﻮ ﻃﺒﯿﻌﻲ ،وھﻮ اﻟﻤﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻨﺴﯿﺎن ﯾﺨﻠﻮ ﺑﮫ اﻟﻘﻠﺐ وﯾﻔﺮغ ﺑﮫ اﻟﺒﺎل ،وﯾﻜﻮن اﻹﻧﺴﺎن ﻛﺄﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﺤﺐ ﻗﻂ :وھﺬا اﻟﻘﺴﻢ رﺑﻤﺎ ﻟﺤﻖ ﺻﺎﺣﺒﮫ اﻟﺬم ﻷﻧﮫ ﺣﺎدث ﻋﻦ أﺧﻼق وﻣﺬﻣﻮﻣﺔ ،وﻋﻦ أﺳﺒﺎب ﻏﯿﺮ ﻣﻮﺟﺒﺔ اﺳﺘﺤﻘﺎق اﻟﻨﺴﯿﺎن .وﺳﺘﺄﺗﻲ ﻣﺒﯿﻨﺔ إن ﺷﺎء اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،ورﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﻠﺤﻘﮫ اﻟﻼﺋﻤﺔ ﻟﻌﺬر ﺻﺤﯿﺢ واﻟﺜﺎﻧﻲ ﺳﻠﻮ ﺗﻄﺒﻌﻲ ،ﻗﮭﺮ اﻟﻨﻔﺲ ،وھﻮ اﻟﻤﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺘﺼﺒﺮ، ﻓﺘﺮى اﻟﻤﺮء ﯾﻈﮭﺮ اﻟﺘﺠﻠﺪ وﻓﻲ ﻗﻠﺒﮫ أﺷﺪ ﻟﺪﻏﺎً ﻣﻦ وﺧﺰ اﻹﺷﻔﻲ ،وﻟﻜﻨﮫ ﯾﺮى ﺑﻌﺾ اﻟﺸﺮ أھﻮن ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ،أو ﯾﺤﺎﺳﺐ ﻧﻔﺴﮫ ﺑﺤﺠﺔ ﻻ ﺗﺼﺮف وﻻ ﺗﻜﺴﺮ وھﺬا ﻗﺴﻢ ﻻ ﯾﺬم آﺗﯿﮫ ،وﻻ ﯾﻼم ﻓﺎﻋﻠﮫ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺤﺪث إﻻ ﻋﻦ ﻋﻈﯿﻤﺔ ،وﻻ ﯾﻘﻊ إﻻ ﻋﻦ ﻓﺎدﺣﺔ ،إﻣﺎ ﻟﺴﺒﺐ ﻻ ﯾﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺜﻠﮫ اﻷﺣﺮار ،وإﻣﺎ ﻟﺨﻄﺐ ﻻ ﻣﺮد ﻟﮫ ﺗﺠﺮي ﺑﮫ اﻷﻗﺪار وﻛﻔﺎك ﻣﻦ اﻟﻤﻮﺻﻮف ﺑﮫ أﻧﮫ ﻟﯿﺲ ﺑﻨﺎس ﻟﻜﻨﮫ ذاﻛﺮ ،وذو ﺣﻨﯿﻦ واﻗﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﮭﺪ ،وﻣﺘﺠﺰع ﻣﺮارات اﻟﺼﺒﺮ ،واﻟﻔﺮق اﻟﻌﺎﻣﻲ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺘﺼﺒﺮ واﻟﻨﺎﺳﻲ، أﻧﻚ ﺗﺮى اﻟﻤﺘﺼﺒﺮ وإن أﺑﺪي ﻏﺎﯾﺔ اﻟﺠﻠﺪ وأﻇﮭﺮ ﺳﺐ ﻣﺤﺒﻮﺑﮫ واﻟﺘﺤﻤﻞ ﻋﻠﯿﮫ، ﯾﺤﺘﻤﻞ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻏﯿﺮه .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﮭﺎ: ﺩﻋﻭﻨﻲ ﻭﺴﺒﻲ ﻟﻠﺤﺒﻴﺏ ﻓـﺈﻨـﻨـﻲ
ﻭﺇﻥ ﻜﻨﺕ ﺃﺒﺩﻱ ﺍﻟﻬﺠﺭ ﻟﺴﺕ ﻤﻌﺎﺩﻴ ﺎﹰ
ﻭﻟﻜﻥ ﺴﺒﻰ ﻟﻠﺤﺒﻴﺏ ﻜـﻘـﻭﻟـﻬـﻡ
ﺃﺠﺎﺩ ﻓﻠـﻘـﺎﻩ ﺍﻹﻟـﻪ ﺍﻟـﺩﻭﺍﻫـﻴﺎ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
واﻟﻨﺎس ﺿﺪ ھﺬا ،وﻛﻞ ھﺬا ﻓﻌﻠﻰ ﻗﺪر ﻃﺒﯿﻌﺔ اﻹﻧﺴﺎن وإﺟﺎﺑﺘﮭﺎ واﻣﺘﻨﺎﻋﮭﺎ وﻗﻮة ﺗﻤﻜﻦ اﻟﺤﺐ ﻣﻦ اﻟﻘﻠﺐ أو ﺿﻌﻔﮫ ،وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ،وﺳﻤﯿﺖ اﻟﺴﺎﻟﻲ ﻓﯿﮫ اﻟﻤﺘﺼﺒﺮ، ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻨﮭﺎ: ﻨﺎﺴﻲ ﺍﻷﺤﺒﺔ ﻏﻴﺭ ﻤﻥ ﻴﺴﻠـﻭﻫـﻡ
ﺤﻜﻡ ﺍﻟﻤﻘﺼﺭ ﻏﻴﺭ ﺤﻜﻡ ﺍﻟﻤﻘﺼﺭ
ﻤﺎ ﻗﺎﺼﺭ ﻟﻠﻨﻔﺱ ﻏﻴﺭ ﻤﺠﻴﺒـﻬـﺎ
ﻤﺎ ﺍﻟﺼﺎﺒﺭ ﺍﻟﻤﻁﺒﻭﻉ ﻜﺎﻟﻤﺘﺼﺒـﺭ
واﻷﺳﺒﺎب اﻟﻤﻮﺟﺒﺔ ﻟﻠﺴﻠﻮ اﻟﻤﻨﻘﺴﻢ ھﺬﯾﻦ اﻟﻘﺴﻤﯿﻦ ﻛﺜﯿﺮة ،وﻋﻠﻰ ﺣﺴﺒﮭﺎ وﺑﻤﻘﺪار اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﻨﮭﺎ ﯾﻌﺬر ﻟﻠﺴﺎﻟﻲ وﯾﺬم.
ﻓﻤﻨﮭﺎ اﻟﻤﻠﻞ ،وﻗﺪ ﻗﺪﻣﻨﺎ اﻟﻜﻼم ﻋﻠﯿﮫ ،وإن ﻣﻦ ﻛﺎن ﺳﻠﻮه ﻋﻦ ﻣﻠﻞ ﻓﻠﯿﺲ ﺣﺒﮫ ﺣﻘﯿﻘﺔ، واﻟﻤﺘﺴﻢ ﺑﮫ ﺻﺎﺣﺐ دﻋﻮى زاﺋﻔﺔ ،وإﻧﻤﺎ ھﻮ ﻃﺎﻟﺐ ﻟﺬة وﻣﺒﺎدر ﺷﮭﻮة ،واﻟﺴﺎﻟﻲ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻮﺟﮫ ﻧﺎس ﻣﺬﻣﻮم 0وﻣﻨﮭﺎ اﻻﺳﺘﺒﺪال ،وھﻮ وإن ﻛﺎن ﯾﺸﺒﮫ اﻟﻤﻠﻞ ﻓﻔﯿﮫ ﻣﻌﻨﻰ زاﺋﺪ ،وھﻮ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﻤﻌﻨﻰ أﻗﺒﺢ ﻣﻦ اﻷول وﺻﺎﺣﺒﮫ أﺣﻖ ﺑﺎﻟﺬم. وﻣﻨﮭﺎ ﺣﯿﺎء ﻣﺮﻛﺐ ﯾﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺐ ﯾﺤﻮل ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ اﻟﺘﻌﺮﯾﺾ ﺑﻤﺎ ﯾﺠﺪ، ﻓﯿﺘﻄﺎول اﻷﻣﺮ ،وﺗﺘﺮاﺧﻰ اﻟﻤﺪة ،وﯾﺒﻠﻰ ﺟﺪﯾﺪ اﻟﻤﻮدة ،وﯾﺤﺪث اﻟﺴﻠﻮ .وھﺬا وﺟﮫ إن ﻛﺎن اﻟﺴﺎﻟﻲ ﻋﻨﮫ ﻧﺎﺳﯿﺎً ﻓﻠﯿﺲ ﺑﻤﻨﺼﻒ ،إذ ﻣﻨﮫ ﺟﺎء ﺳﺒﺐ اﻟﺤﺮﻣﺎن ،وإن ﻛﺎن ﻣﺘﺼﺒﺮاً ﻓﻠﯿﺲ ﺑﻤﻠﻮم ،إذ آﺛﺮ اﻟﺤﯿﺎء ﻋﻠﻰ ﻟﺬة ﻧﻔﺴﮫ .وﻗﺪ ورد ﻋﻦ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ أﻧﮫ ﻗﺎل) :اﻟﺤﯿﺎء ﻣﻦ اﻹﯾﻤﺎن واﻟﺒﺬاء ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺎق( .وﺣﺪﺛﻨﺎ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻄﺮف ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﯾﺤﯿﻰ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻋﻦ ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ ﺻﻔﻮان اﻟﺰرﻗﻲ ﻋﻦ زﯾﺪ ﺑﻦ ﻃﻠﺤﺔ ﺑﻦ رﻛﺎﻧﺔ ﯾﺮﻓﻌﮫ إﻟﻰ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻋﻠﯿﮫ
وﺳﻠﻢ
أﻧﮫ
ﻗﺎل:
ﻟﻜﻞ
دﯾﻦ
ﺧﻠﻖ
وﺧﻠﻖ
اﻹﺳﻼم
اﻟﺤﯿﺎء.
ﻓﮭﺬه اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺜﻼﺛﺔ أﺻﻠﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺐ واﺑﺘﺪاؤھﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﮫ ،واﻟﺬم ﻻﺻﻖ ﺑﮫ ﻓﻲ ﻧﺴﯿﺎﻧﮫ ﻟﻤﻦ ﯾﺤﺐ. ﺛﻢ ﻣﻨﮭﺎ أﺳﺒﺎب أرﺑﻌﺔ ھﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﺤﺒﻮب وأﺻﻠﮭﺎ ﻋﻨﺪه ،ﻓﻤﻨﮭﺎ :اﻟﮭﺠﺮ ،وﻗﺪ ﻣﺮ ﺗﻔﺴﯿﺮ وﺟﻮھﮫ .وﻻ ﺑﺪ ﻟﻨﺎ أن ﻧﻮرد ﻣﻨﮫ ﺷﯿﺌﺎً ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﺎب ﯾﻮاﻓﻘﮫ ،واﻟﮭﺠﺮ إذا ﺗﻄﺎول وﻛﺜﺮ اﻟﻌﺘﺎب واﺗﺼﻠﺖ اﻟﻤﻔﺎرﻗﺔ ﯾﻜﻮن ﺑﺎﺑﺎً إﻟﻰ اﻟﺴﻠﻮ وﻟﯿﺲ ﻣﻦ وﺻﻠﻚ ﺛﻢ ﻗﻄﻌﻚ ﻟﻐﯿﺮك ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﮭﺠﺮ ﻓﻲ ﺷﻲء ،ﻷﻧﮫ اﻟﻐﺪر اﻟﺼﺤﯿﺢ ،وﻻ ﻣﻦ ﻣﺎل إﻟﻰ ﻏﯿﺮك دون أن ﯾﺘﻘﺪم ﻟﻚ ﻣﻌﮫ ﺻﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﮭﺠﺮ أﯾﻀﺎً ﻓﻲ ﺷﻲء ،إﻧﻤﺎ ذاك ھﻮ اﻟﻨﻔﺎر .وﺳﯿﻘﻊ اﻟﻜﻼم ﻓﻲ ھﺬﯾﻦ اﻟﻔﺼﻠﯿﻦ ﺑﻌﺪ ھﺬا إن ﺷﺎء اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ .ﻟﻜﻦ اﻟﮭﺠﺮ ﻣﻤﻦ وﺻﻠﻚ ﺛﻢ ﻗﻄﻌﻚ ﻟﺘﻨﻘﯿﻞ واش ،وﻟﺬﻧﺐ واﻗﻊ ،أو ﻟﺸﻲء ﻗﺎم ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺲ ،وﻟﻢ ﯾﻤﻞ إﻟﻰ ﺳﻮاك وﻻ أﻗﺎم أﺣﺪاً ﻏﯿﺮك ﻣﻘﺎﻣﻚ .واﻟﻨﺎس ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺒﯿﻦ ﻣﻠﻮم دون ﺳﺎﺋﺮ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺒﻮب؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﺗﻘﻊ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻘﯿﻢ اﻟﻌﺬر ﻓﻲ ﻧﺴﯿﺎﻧﮫ ،وإﻧﻤﺎ ھﻮ راﻏﺐ ﻋﻦ وﺻﻠﻚ ،وھﻮ ﺷﻲء ﻻ ﯾﻠﺰﻣﮫ .وﻗﺪ ﺗﻘﺪم ﻣﻦ أذﻣﺔ اﻟﻮﺻﺎل وﺣﻖ أﯾﺎﻣﮫ ،ﻣﺎ ﯾﻠﺰم اﻟﺘﺬﻛﺮ وﯾﻮﺟﺐ ﻋﮭﺪ اﻷﻟﻔﺔ ،وﻟﻜﻦ اﻟﺴﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺟﮭﺔ اﻟﺘﺼﺒﺮ واﻟﺘﺠﻠﺪ ھﺎ ھﻨﺎ ﻣﻌﺬور ،إذا رأى اﻟﮭﺠﺮ ﻣﺘﻤﺎدﯾﺎً وﻟﻢ ﯾﺮ ﻟﻠﻮﺻﺎل ﻋﻼﻣﺔ وﻻ ﻟﻠﻤﻮاﺟﮭﺔ دﻻﻟﺔ .وﻗﺪ اﺳﺘﺠﺎز ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس أن ﯾﺴﻤﻮا ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻏﺪراً ،إذ ﻇﺎھﺮھﻤﺎ واﺣﺪ ،وﻟﻜﻦ ﻋﻠﺘﯿﮭﻤﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺘﺎن .ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻓﺮﻗﻨﺎ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ .وأﻗﻮل ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺷﻌﺮاً ،ﻣﻨﮫ: ﻓﻜﻭﻨﻭﺍ ﻜﻤﻥ ﻟﻡ ﺃﺩﺭ ﻗﻁ ﻓﺈﻨﻨﻲ
ﻜﺂﺨﺭ ﻟﻡ ﺘﺩﺭﻭﺍ ﻭﻟﻡ ﺘﺼﻠـﻭﻩ
ﺃﻨﺎ ﻜﺎﻟﺼﺩﻯ ﻤﺎ ﻗﺎل ﻜل ﺃﺠﺒﺒﻪ
ﻓﻤﺎ ﺸﺌﻨﻤﻭﻩ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻓﺎﻋﺘﻤـﺩﻭﻩ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وأﻗﻮل أﯾﻀﺎً ﻗﻄﻌﺔ ،ﺛﻼﺛﺔ أﺑﯿﺎت ﻗﻠﺘﮭﺎ وأﻧﺎ ﻧﺎﺋﻢ ،واﺳﺘﯿﻔﻈﺖ ﻓﺄﺿﻔﺖ إﻟﯿﮭﺎ اﻟﺒﯿﺖ اﻟﺮاﺑﻊ: ﺃﻻ ﻟﻠـﻪ ﺩﻫـﺭ ﻜـﻨـﺕ ﻓـﻴﻪ
ﺃﻋﺯ ﻋﻠﻰ ﻤﻥ ﺭﻭﺤﻲ ﻭﺃﻫﻠﻲ
ﻓﻤﺎ ﺒﺭﺤﺕ ﻴﺩ ﺍﻟﻬﺠﺭﺍﻥ ﺤﺘـﻰ
ﻁﻭﺍﻙ ﺒﻨﺎﻨﻬﺎ ﻜﻲ ﺍﻟـﺴـﺠـل
ﺴﻘﺎﻨﻲ ﺍﻟﺼﺒﺭ ﻫﺠﺭﻜﻡ ﻜﻤﺎ ﻗـﺩ
ﺴﻘﺎﻨﻲ ﺍﻟﺤﺏ ﻭﺼﻠﻜﻡ ﺒﺴﺠـل
ﻭﺠﺩﺕ ﺍﻟﻭﺼل ﺃﺼل ﺍﻟﻭﺠﺩ ﺤﻘﺎﹰ
ﻭﻁﻭل ﺍﻟﻬﺠﺭ ﺃﺼﻼﹰ ﻟﻠﺘﺴﻠـﻲ
وأﻗﻮل أﯾﻀﺎً ﻗﻄﻌﺔ: ﻟﻭ ﻗﻴل ﻟﻲ ﻤﻥ ﻗﺒـل ﺫﺍ
ﺃﻥ ﺴﻭﻑ ﺘﺴﻠﻭ ﻤﻥ ﺘﻭﺩ
ﻓﺨﻠﻔﺕ ﺃﻟﻑ ﻓـﺴـﺎﻤﺔ
ﻻ ﻜﺎﻥ ﺫﺍ ﺃﺒـﺩ ﺍﻷﺒـﺩ
ﻭﺇﺫﺍ ﻁﻭﻴل ﺍﻟﻬﺠﺭ ﻤـﺎ
ﻤﻌﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻠﻭﺍﻥ ﺒـﺩ
ﻟﻠـﻪ ﻫـﺠـﺭﻙ ﺇﻨـﻪ
ﺴﺎﻉ ﻟﺒﺭﺌﻲ ﻤﺠﺘـﻬـﺩ
ﻓﺎﻵﻥ ﺃﻋﺠﺏ ﻟﻠـﺴـل
ﻭ ﻭﻜﻨﺕ ﺃﻋﺠﺏ ﻟﻠﺠﻠﺩ
ﻭﺃﺭﻯ ﻫﻭﺍﻙ ﻜﺠﻤـﺭﺓ
ﻨﺤﺕ ﺍﻟﺭﻤﺎﺩ ﻟﻬﺎ ﻤـﺩﺩ
وأﻗﻮل: ﻓﻠﻘﺩ ﺃﺭﺍﻫﺎ ﻨـﺎﺭ ﺇﺒـﺭﺍﻫـﻴﻤـﺎ
ﻜﺎﻨﺕ ﺠﻬﻨﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺸﻰ ﻤﻥ ﺤﺒﻜﻡ
ﺛﻢ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺒﺎﻗﯿﺔ اﻟﺘﻲ ھﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﺤﺒﻮب ،ﻓﺎﻟﻤﺘﺼﺒﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻓﯿﮭﺎ ﻏﯿﺮ ﻓﻤﻨﮭﺎ
ﻣﺬﻣﻮم .ﻟﻤﺎ ﻧﻔﺎر
ﯾﻜﻮن
ﺳﺘﻮرده ﻓﻲ
إن
ﺷﺎء
اﻟﻤﺤﺒﻮب
اﷲ
ﻓﻲ
واﻧﺰواه
ﻛﻞ ﻗﺎﻃﻊ
ﻓﺼﻞ
ﻣﻨﮭﺎ.
ﻟﻸﻃﻤﺎع.
ﺧﺒﺮ:
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وإﻧﻲ ﻷﺧﺘﺮ ﻋﻨﻲ أﻧﻲ أﻟﻔﺖ ﻓﻲ أﯾﺎم ﺻﺒﺎي أﻟﻔﺔ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﺟﺎرﯾﺔ ﻧﺸﺄت ﻓﻲ دارﻧﺎ وﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﺑﻨﺖ ﺳﺘﺔ ﻋﺸﺮ ﻋﺎﻣﺎً؛ وﻛﺎﻧﺖ ﻏﺎﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﺴﻦ وﺟﮭﮭﺎ وﻋﻘﻠﮭﺎ وﻋﻔﺎﻓﮭﺎ وﻃﮭﺎرﺗﮭﺎ وﺧﻔﺮھﺎ ودﻣﺎﺛﮭﺎ ،ﻋﺪﯾﻤﺔ اﻟﮭﺰل؛ ﻣﻨﯿﻌﺔ اﻟﺒﺬل ﺑﺪﯾﻌﺔ اﻟﺒﺸﺮ ،ﻣﺴﺒﻠﺔ اﻟﺴﺘﺮ؛ ﻓﻘﯿﺪة اﻟﺬام ،ﻗﻠﯿﻠﺔ اﻟﻜﻼم؛ ﻣﻐﻀﻮﺿﺔ اﻟﺒﺼﺮ ،ﺷﺪﯾﺪة اﻟﺤﺬر؛ ﻧﻘﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﯿﻮب ،داﺋﻤﺔ اﻟﻘﻄﻮب؛ ﺣﻠﻮة اﻹﻋﺮاض ،ﻣﻄﺒﻮﻋﺔ اﻻﻧﻘﺒﺎض ﻣﻠﯿﺤﺔ اﻟﺼﺪود ،رزﯾﻨﺔ اﻟﻌﻘﻮد؛ ﻛﺜﯿﺮة اﻟﻮﻗﺎر ،ﻣﺴﺘﻠﺬة اﻟﻨﻔﺎر ،ﻻ ﺗﻮﺟﮫ اﻷراﺟﻲ ﻧﺤﻮھﺎ، وﻻ ﺗﻘﻒ اﻟﻤﻄﺎﻣﻊ ﻋﻠﯿﮭﺎ ،وﻻ ﻣﻌﺮس ﻟﻸﻣﻞ ﻟﺪﯾﮭﺎ ،ﻓﻮﺟﮭﮭﺎ ﺟﺎﻟﺐ ﻛﻞ اﻟﻘﻠﻮب، وﺣﺎﻟﮭﺎ ﻃﺎرد ﻣﻦ أﻣﮭﺎ .ﺗﺰدان ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻊ واﻟﺒﺨﻞ ،ﻣﺎﻻ ﯾﺰدان ﻏﯿﺮھﺎ ﺑﺎﻟﺴﻤﺎﺣﺔ واﻟﺒﺬل ،ﻣﻮﻗﻮﻓﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺪ ﻓﻲ أﻣﺮھﺎ ﻏﯿﺮ راﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﮭﻮ ،ﻋﻠﻰ أﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺴﻦ اﻟﻌﻮد إﺣﺴﺎﻧﺎً ﺟﯿﺪاً ﻓﺠﻨﺤﺖ إﻟﯿﮭﺎ وأﺣﺒﺒﺘﮭﺎ ﺣﺒﺎً ﻣﻔﺮﻃﺎً ﺷﺪﯾﺪاً ،ﻓﺴﻌﯿﺖ ﻋﺎﻣﯿﻦ أو ﻧﺤﻮھﻤﺎ أن ﺗﺠﯿﺒﻨﻲ ﺑﻜﻠﻤﺔ وأﺳﻤﻊ ﻣﻦ ﻓﯿﮭﺎ ﻟﻔﻈﺔ ،ﻏﯿﺮ ﻣﺎ ﯾﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﻈﺎھﺮ إﻟﻰ ﻛﻞ ﺳﺎﻣﻊ ،ﺑﺄﺑﻠﻎ اﻟﺴﻌﻲ ﻓﻤﺎ وﺻﻠﺖ ﻣﻦ ذﻟﻚ إﻟﻰ ﺷﻲء اﻟﺒﺘﺔ، ﻓﻠﻌﮭﺪي ﺑﻤﺼﻄﻨﻊ ﻛﺎن ﻓﻲ دارﻧﺎ ﻟﺒﻌﺾ ﻣﺎ ﺗﺼﻄﻨﻊ ﻟﮫ ﻓﻲ دور اﻟﺮؤﺳﺎء ،ﺗﺠﻤﻌﺖ ﻓﯿﮫ دﺧﻠﺘﻨﺎ ودﺧﻠﺔ أﺧﻲ رﺣﻤﮫ اﷲ ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء وﻧﺴﺎء ﻓﺘﯿﺎﻧﻨﺎ وﻣﻦ ﻻث ﺑﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﺪﻣﻨﺎ ،ﻣﻤﻦ ﯾﺨﻒ ﻣﻮﺿﻌﮫ وﯾﻠﻄﻒ ﻣﺤﻠﮫ ،ﻓﻠﺒﺌﻦ ﺻﺪراً ﻣﻦ اﻟﻨﮭﺎر ﺛﻢ ﺗﻨﻘﻠﻦ إﻟﻰ ﻗﺼﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ دارﻧﺎ ﻣﺸﺮﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﺴﺘﺎن اﻟﺪار وﯾﻄﻠﻊ ﻣﻨﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﯿﻊ ﻗﺮﻃﺒﺔ وﻓﺤﻮﺻﮭﺎ ،ﻣﻔﺘﺤﺔ اﻷﺑﻮاب .ﻓﺼﺮن ﯾﻨﻈﺮن ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺸﺮاﺟﯿﺐ وأﻧﺎ ﺑﯿﻨﮭﻦ ﻓﺈﻧﻲ ﻷذﻛﺮ أﻧﻲ ﻛﻨﺖ أﻗﺼﺪ ﻧﺤﻮ اﻟﺒﺎب اﻟﺬي ھﻲ ﻓﯿﮫ أﻧﺴﺎً ﺑﻘﺮﺑﮭﺎ ﻣﺘﻌﺮﺿﺎً ﻟﻠﺪﻧﻮ ﻣﻨﮭﺎ، ﻓﻤﺎ ھﻮ إﻻ أن ﺗﺮاﻧﻲ ﻓﻲ ﺟﻮارھﺎ ﻓﺘﺘﺮك ذﻟﻚ اﻟﺒﺎب وﺗﻘﺼﺪ ﻏﯿﺮه ﻓﻲ ﻟﻄﻒ اﻟﺤﺮﻛﺔ .ﻓﺄﺗﻌﻤﺪ أﻧﺎ اﻟﻘﺼﺪ إﻟﻰ اﻟﺒﺎب اﻟﺬي ﺻﺎرت إﻟﯿﮫ ،ﻓﺘﻌﻮد إﻟﻰ ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ اﻟﻔﻌﻞ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻣﻦ اﻟﺰوال إﻟﻰ ﻏﯿﺮه .وﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﻋﻠﻤﺖ ﻛﻠﻔﻲ ﺑﮭﺎ وﻟﻢ ﯾﺸﻌﺮ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﻨﺴﻮان ﺑﻤﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﯿﮫ ،ﻷﻧﮭﻦ ﻛﻦ ﻋﺪداً ﻛﺜﯿﺮاً .وإذ ﻛﻠﮭﻦ ﯾﺘﻨﻘﻠﻦ ﻣﻦ ﺑﺎب إﻟﻰ ﺑﺎب ﻟﺴﺒﺐ اﻹﻃﻼع ﻣﻦ ﺑﻌﺾ اﻷﺑﻮاب ﻋﻠﻰ ﺟﮭﺎت ﻻ ﯾﻄﻠﻊ ﻣﻦ ﻏﯿﺮھﺎ ﻋﻠﯿﮭﺎ وأﻋﻠﻢ أن ﻗﯿﺎﻓﺔ اﻟﻨﺴﺎء ﻓﯿﻤﻦ ﯾﻤﯿﻞ إﻟﯿﮭﻦ أﻧﻔﺬ ﻣﻦ ﻗﯿﺎﻓﺔ ﻣﺪﻟﺞ ﻓﻲ اﻵﺛﺎر .ﺛﻢ ﻧﺰﻟﻦ إﻟﻰ اﻟﺒﺴﺘﺎن ﻓﺮﻏﺐ ﻋﺠﺎﺋﺰﻧﺎ وﻛﺮاﺋﻤﻨﺎ إﻟﻰ ﺳﯿﺪﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﺳﻤﺎع ﻏﻨﺎﺋﮭﺎ ،ﻓﺄﻣﺮﺗﮭﺎ ،ﻓﺄﺧﺬت اﻟﻌﻮد وﺳﻮﺗﮫ ﺑﺨﻔﺮ وﺧﺠﻞ ﻻ ﻋﮭﺪ ﻟﻲ ﺑﻤﺜﻠﮫ ،وإن اﻟﺸﻲء ﯾﺘﻀﺎﻋﻒ ﺣﺴﻨﮫ ﻓﻲ ﻋﯿﻦ ﻣﺴﺘﺤﺴﻨﮫ ﺛﻢ اﻧﺪﻓﻌﺖ ﺗﻐﻨﻲ ﺑﺄﺑﯿﺎت اﻟﻌﺒﺎس ﺑﻦ اﻷﺣﻨﻒ ﺣﯿﺚ ﯾﻘﻮل: ﺇﻨﻲ ﻁﺭﺒﺕ ﺇﻟﻰ ﺸﻤﺱ ﺇﺫﺍ ﻏﺭﺒﺕ
ﻜﺎﻨﺕ ﻤﻐﺎﺭﺒﻬﺎ ﺠﻭﻑ ﺍﻟﻤﻘﺎﺼﻴﺭ
ﺸﻤﺱ ﻤﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﺨﻠـﻕ ﺠـﺎﺭﻴﺔ
ﻜﺄﻥ ﺃﻋﻁﺎﻓﻬﺎ ﻁﻲ ﺍﻟﻁـﻭﺍﻤـﻴﺭ
ﻟﺴﺕ ﻤﻥ ﺍﻹﻨﺱ ﺇﻻ ﻓﻲ ﻤﻨﺎﺴـﺒﺔ
ﻭﻻ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻥ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺼـﺎﻭﻴﺭ
ﻓﺎﻟﻭﺠﻪ ﺠﻭﻫﺭﺓ ﻭﺍﻟﺠﺴﻡ ﻋﺒﻬـﺭﺓ
ﻭﺍﻟﺭﻴﺢ ﻋﻨﺒﺭﺓ ﻭﺍﻟﻜل ﻤﻥ ﻨـﻭﺭ
ﻜﺄﻨﻬﺎ ﺤﻴﻥ ﺘﺨﻁﻭ ﻓﻲ ﻤﺠﺎﺴﺩﻫـﺎ
ﺘﺨﻁﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﺽ ﺃﻭﺤﺩ ﻟﻠﻘﻭﺍﺭﻴﺭ
ﻓﻠﻌﻤﺮي ﻟﻜﺄن اﻟﻤﻀﺮاب إﻧﻤﺎ ﯾﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺒﻲ ،وﻣﺎ ﻧﺴﯿﺖ ذﻟﻚ اﻟﯿﻮم وﻻ أﻧﺴﺎه إﻟﻰ ﯾﻮم ﻣﻔﺎرﻗﺘﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ .وھﺬا أﻛﺜﺮ ﻣﺎ وﺻﻠﺖ إﻟﯿﮫ ﻣﻦ اﻟﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ رؤﯾﺘﮭﺎ وﺳﻤﺎع ﻛﻼﻣﮭﺎ ،وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻻ ﺘﻠﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺎﺭ ﻭﻤﻨﻊ ﺍل
ﻭﺼل ﻤﺎ ﻫﺫﺍ ﻟﻬﺎ ﺒﻨـﻜـﻴﺭ
ﻫل ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻬﻼل ﻏﻴﺭ ﺒﻌـﻴﺩ
ﺃﻭ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻐﺯﺍل ﻏﻴﺭ ﻨﻔﻭﺭ
وأﻗﻮل: ﻤﻨﻌﺕ ﺠﻤﺎل ﻭﺠﻬﻙ ﻤﻘﻠﺘـﻴ ﺎ
ﻭﻟﻔﻅﻙ ﻗﺩ ﻀﻨﻨﺕ ﺒﻪ ﻋﻠﻴﺎ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺃﺭﺍﻙ ﻨﺫﺭﺕ ﻟﻠﺭﺤﻤﻥ ﺼﻭﻤﺎﹰ
ﻓﻠﺴﺕ ﺘﻜﻠﻤﻴﻥ ﺍﻟـﻴﻭﻡ ﺤـﻴ ﺎﹰ
ﻭﻗﺩ ﻏﻨﻴﺕ ﻟﻠﻌﺒﺎﺱ ﺸﻌـﺭﺍﹰ
ﻫﻨﻴﺌﺎﹰ ﺫﺍ ﻟﻌﺒـﺎﺱ ﻫـﻨـﻴ ﺎﹰ
ﻓﻠﻭ ﻴﻠﻘﺎﻙ ﻋﺒﺎﺱ ﻷﻀﺤـﻰ
ﻟﻔﻭﺯ ﻗﺎﻨﻴﺎ ﻭﺒﻜـﻡ ﺸـﺠـﻴ ﺎﹰ
ﺛﻢ اﻧﺘﻘﻞ أﺑﻲ رﺣﻤﮫ اﷲ ﻣﻦ دورﻧﺎ اﻟﻤﺤﺪﺛﺔ ﺑﺎﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻣﻦ ﻗﺮﻃﺒﺔ ﻓﻲ رﺑﺾ اﻟﺰاھﺮة إﻟﻰ دورﻧﺎ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﻗﺮﻃﺒﺔ ﺑﺒﻼط ﻣﻐﯿﺚ ﻓﻲ اﻟﯿﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﻗﯿﺎم أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﮭﺪي ﺑﺎﻟﺨﻼﻓﺔ .واﻧﺘﻘﻠﺖ أﻧﺎ ﺑﺎﻧﺘﻘﺎﻟﮫ، وذﻟﻚ ﻓﻲ ﺟﻤﺎدى اﻵﺧﺮة ﺳﻨﺔ ﺗﺴﻊ وﺗﺴﻌﯿﻦ وﺛﻼﺛﻤﺎﺋﺔ ،وﻟﻢ ﺗﻨﺘﻘﻞ ھﻲ ﺑﺎﻧﺘﻘﺎﻟﻨﺎ ﻷﻣﻮر أوﺟﺒﺖ ذﻟﻚ .ﺛﻢ ﺷﻐﻠﻨﺎ ﺑﻌﺪ ﻗﯿﺎم أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ھﺸﺎم اﻟﻤﺆﯾﺪ ﺑﺎﻟﻨﻜﺒﺎت وﺑﺎﻋﺘﺪاء أرﺑﺎب دوﻟﺘﮫ ،واﻣﺘﺤﻨﺎ ﺑﺎﻻﻋﺘﻘﺎل واﻟﺘﺮﻗﯿﺐ واﻹﻏﺮام اﻟﻔﺎدح واﻹﺳﺘﺘﺎر، وأرزﻣﺖ اﻟﻔﺘﻨﺔ وأﻟﻘﺖ ﺑﺎﻋﮭﺎ وﻋﻤﺖ اﻟﻨﺎس ،وﺧﺼﺘﻨﺎ ،إﻟﻰ أن ﺗﻮﻓﻲ أﺑﻲ اﻟﻮزﯾﺮ رﺣﻤﮫ اﷲ وﻧﺤﻦ ﻓﻲ ھﺬه اﻷﺣﻮال ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺼﺮ ﯾﻮم اﻟﺴﺒﺖ ﻟﻠﯿﻠﺘﯿﻦ ﺑﻘﯿﻨﺎ ﻣﻦ ذي اﻟﻘﻌﺪة ﻋﺎم اﺛﻨﺘﯿﻦ وأرﺑﻌﻤﺎﺋﺔ .واﺗﺼﻠﺖ ﺑﻨﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎل ﺑﻌﺪه إﻟﻰ أن ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺟﻨﺎزة ﻟﺒﻌﺾ أھﻠﻨﺎ ﻓﺮأﯾﺘﮭﺎ .وﻗﺪ ارﺗﻔﻌﺖ اﻟﻮاﻋﯿﺔ ،ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺄﺗﻢ وﺳﻂ اﻟﻨﺴﺎء ﻓﻲ ﺟﻤﻠﺔ اﻟﺒﻮاﻛﻲ واﻟﻨﻮادب ﻓﻠﻘﺪ أﺛﺎرت وﺟﺪاً دﻓﯿﻨﺎً وﺣﺮﻛﺖ ﺳﺎﻛﻨﺎً ،وذﻛﺮﺗﻨﻲ ﻋﮭﺪاً ﻗﺪﯾﻤﺎً وﺣﺒﺎً ﺗﻠﯿﺪاً ودھﺮاً ﻣﺎﺿﯿﺎً وزﻣﻨﺎً ﻋﺎﻓﯿﺎً وﺷﮭﻮراً ﺧﻮاﻟﻲ وأﺧﺒﺎراً ﺑﻮاﻟﻲ ودھﻮراً ﻓﻮاﻧﻲ وأﯾﺎﻣﺎً ﻗﺪ ذھﺒﺖ وآﺛﺎراً ﻗﺪ دﺛﺮت ،وﺟﺪدت أﺣﺰاﻧﻲ وھﯿﺠﺖ ﺑﻼﺑﻠﻲ ،ﻋﻠﻰ أﻧﻲ ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﮭﻨﺎر ﻣﺮزاً ﻣﺼﺎﺑﺎً ﻣﻦ وﺟﻮه ،وﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻧﺴﯿﺖ ﻟﻜﻦ زاد اﻟﺸﺠﻰ وﺗﻮﻗﺪت اﻟﻠﻮﻋﺔ وﺗﺄﻛﺪ اﻟﺤﺰن وﺗﻀﺎﻋﻒ اﻷﺷﻒ ،واﺳﺘﺠﻠﺐ اﻟﻮﺟﺪ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻨﮫ ﻛﺎﻣﻨﺎً ﻓﻠﺒﺎه ﻣﺠﯿﺒﺎً .ﻓﻘﻠﺖ ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﮭﺎ:
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻴﺒﻜﻲ ﻟﻤﻴﺕ ﻤﺎﺕ ﻭﻫﻭ ﻤـﻜـﺭﻡ
ﻭﻟﻠﺤﻲ ﺃﻭﻟﻰ ﺒﺎﻟﺩﻤﻭﻉ ﺍﻟﺫﻭﺍﺭﻑ
ﻓﻴﺎ ﻋﺠﺒﺎﹰ ﻤﻥ ﺁﺴﻑ ﻻ ﻤﺭﺉ ﺜﻭﻯ
ﻭﻤﺎ ﻫﻭ ﻟﻠﻤﻘﺘﻭل ﻅﺎﻟﻤﺎﹰ ﺒﺂﻟـﻑ
ﺛﻢ ﺿﺮب اﻟﺪھﺮ ﺿﺮﺑﺎﻧﮫ وأﺟﻠﯿﻨﺎ ﻋﻦ ﻣﻨﺎزﻟﻨﺎ وﺗﻐﻠﺐ ﻋﻠﯿﻨﺎ ﺟﻨﺪ اﻟﺒﺮﺑﺮ ،ﻓﺨﺮﺟﺖ ﻋﻦ ﻗﺮﻃﺒﺔ أول اﻟﻤﺤﺮم ﺳﻨﺔ أرﺑﻊ وأرﺑﻌﻤﺎﺋﺔ وﻏﺎﺑﺖ ﻋﻦ ﺑﺼﺮى ﺑﻌﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﺮؤﯾﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﺳﺘﺔ أﻋﻮام وأﻛﺜﺮ ،ﺛﻢ دﺧﻠﺖ ﻗﺮﻃﺒﺔ ﻓﻲ ﺷﻮال ﺳﻨﺔ ﺗﺴﻊ وأرﺑﻌﻤﺎﺋﺔ ﻓﻨﺰﻟﺖ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﻧﺴﺎﺋﻨﺎ ﻓﺮأﯾﺘﮭﺎ ھﻨﺎﻟﻚ ،وﻣﺎ ﻛﺪت أن أﻣﯿﺰھﺎ ﺣﺘﻰ ﻗﯿﻞ ﻟﻲ ھﺬه ﻓﻼﻧﺔ وﻗﺪ ﺗﻐﯿﺮ أﻛﺜﺮ ﻣﺤﺎﺳﻨﮭﺎ ،وذھﺒﺖ ﻧﻀﺎرﺗﮭﺎ ،وﻓﻨﯿﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﮭﺠﺔ ،وﻏﺎض ذﻟﻚ اﻟﻤﺎء اﻟﺬي ﻛﺎن ﯾﺮى ﻛﺎﻟﺴﯿﻒ اﻟﺼﻘﯿﻞ واﻟﻤﺮآة اﻟﮭﻨﺪﯾﺔ ،وذﺑﻞ ذﻟﻚ اﻟﻨﻮار اﻟﺬي ﻛﺎن اﻟﺒﺼﺮ ﯾﻘﺼﺪ ﻧﺤﻮه ﻣﺘﻨﻮراً ،وﯾﺮﺗﺎد ﻓﯿﮫ ﻣﺘﺨﯿﺮاً ،وﯾﻨﺼﺮف ﻋﻨﮫ ﻣﺘﺤﯿﺮاً .ﻓﻠﻢ ﯾﺒﻖ إﻻ اﻟﺒﻌﺾ اﻟﻤﻨﺒﺊ ﻋﻦ اﻟﻜﻞ ،واﻟﺨﺒﺮ اﻟﻤﺨﺒﺮ ﻋﻦ اﻟﺠﻤﯿﻊ ،وذﻟﻚ ﻟﻘﻠﺔ اھﺘﺒﺎﻟﮭﺎ ﺑﻨﻔﺴﮭﺎ ،وﻋﺪﻣﮭﺎ اﻟﺼﯿﺎﻧﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻏﺬﯾﺖ ﺑﮭﺎ أﯾﺎم دوﻟﺘﻨﺎ واﻣﺘﺪاد ﻇﻠﻨﺎ وﻟﺘﺒﺬﻟﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺨﺮوج ﻓﯿﻤﺎ ﻻ ﺑﺪ ﻟﮭﺎ ﻣﻨﮫ ﻣﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﺎن وﺗﺮﻓﻊ ﻋﻨﮫ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ وإﻧﻤﺎ اﻟﻨﺴﺎء رﯾﺎﺣﯿﻦ ﻣﺘﻰ ﻟﻢ ﺗﺘﻌﺎھﺪ ﻧﻘﺼﺖ ،وﺑﻨﯿﺔ ﻣﺘﻰ ﻟﻢ ﯾﮭﺘﺒﻞ ﺑﮭﺎ اﺳﺘﮭﺪﻣﺖ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎل ﻣﻦ ﻗﺎل :إن ﺣﺴﻦ اﻟﺮﺟﺎل أﺻﺪق ﺻﺪﻗﺎً وأﺛﺒﺖ أﺻﻼً وأﻋﺘﻖ ﺟﻮدة ﻟﺼﺒﺮه ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻟﻮ ﻟﻘﻰ ﺑﻌﻀﮫ وﺟﻮه اﻟﻨﺴﺎء ﻟﺘﻐﯿﺮت أﺷﺪ اﻟﺘﻐﯿﺮ ،ﻣﺜﻞ اﻟﮭﺠﯿﺮ واﻟﺴﻤﻮم واﻟﺮﯾﺎح واﺧﺘﻼف اﻟﮭﻮاء وﻋﺪم اﻟﻜﻦ ،وإﻧﻲ ﻟﻮ ﻧﻠﺖ ﻣﻨﮭﺎ أﻗﻞ وﺻﻞ وأﻧﺴﺖ ﻟﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﻧﺲ ﻟﺨﻮﻟﻄﺖ ﻃﺮﺑﺎً أو ﻟﻤﺖ ﻓﺮﺣﺎً ،وﻟﻜﻦ ھﺬا اﻟﻨﻔﺎر اﻟﺬي ﺻﺒﺮﻧﻲ وأﺳﻼﻧﻲ. وھﺬا اﻟﻮﺟﮫ ﻣﻦ أﺳﺒﺎب اﻟﺴﻠﻮ ﺻﺎﺣﺒﮫ ﻓﻲ ﻛﻼ اﻟﻮﺟﮭﯿﻦ ﻣﻌﺬور وﻏﯿﺮ ﻣﻠﻮم؛ إذ ﻟﻢ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﯾﻘﻊ ﺗﺜﺒﺖ ﯾﻮﺟﺐ اﻟﻮﻓﺎء ،وﻻ ﻋﮭﺪ ﯾﻘﺘﻀﻲ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ،وﻻ ﺳﻠﻒ ذﻣﺎم ،وﻻ ﻓﺮط ﺗﺼﺎدف ﯾﻼم ﻋﻠﻰ ﺗﻀﯿﯿﻌﮫ وﻧﺴﯿﺎﻧﮫ.
وﻣﻨﮭﺎ ﺟﻔﺎء ﯾﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺒﻮب ،ﻓﺈذا أﻓﺮط ﻓﯿﮫ وأﺳﺮف وﺻﺎدف ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺐ ﻧﻔﺴﺎً ﻟﮭﺎ ﺑﻌﺾ اﻷﻧﻔﺔ واﻟﻌﺰة ﺗﺴﻠﻰ ،وإذا ﻛﺎن اﻟﺠﻔﺎء ﯾﺴﯿﺮاً ﻣﻨﻘﻄﻌﺎً أو داﺋﻤﺎً أو ﻛﺒﯿﺮاً ﻣﻨﻘﻄﻌﺎً أﺣﺘﻤﻞ وأﻏﻀﻰ ﻋﻠﯿﮫ ،ﺣﺘﻰ إذا ﻛﺜﺮ ودام ﻓﻼ ﺑﻘﺎء ﻋﻠﯿﮫ .وﻻ ﯾﻼم اﻟﻨﺎس ﻟﻤﻦ ﯾﺤﺐ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ھﺬا.
وﻣﻨﮭﺎ اﻟﻐﺪر ،وھﻮ اﻟﺬي ﻻ ﯾﺤﺘﻤﻠﮫ أﺣﺪ ،وﻻ ﯾﻐﻀﻰ ﻋﻠﯿﮫ ﻛﺮﯾﻢ ،وه اﻟﻤﺴﻼة ﺣﻘﺎً. وﻻ ﯾﻼم اﻟﺴﺎﻟﻲ ﻋﻨﮫ ﻋﻠﻰ أي وﺟﮫ ﻛﺎن ﻧﺎﺳﯿﺎً أو ﻣﺘﺼﺒﺮاً ،ﺑﻞ اﻟﻼﺋﻤﺔ ﻻﺣﻘﺔ ﻟﻤﻦ ﺻﺒﺮ ﻋﻠﯿﮫ .وﻻ أن اﻟﻘﻠﻮب ﺑﯿﺪ ﻣﻘﻠﺒﮭﺎ ﻻ إﻟﮫ إﻻ ھﻮ وﻻ ﯾﻜﻠﻒ اﻟﻤﺮء ﺻﺮف ﻗﻠﺒﮫ وﻻ إﺣﺎﻃﺔ اﺳﺘﺤﺴﺎﻧﮫ ،وﻻ ذاك ﻟﻘﻠﺖ إن اﻟﻤﺘﺼﺒﺮ ﻓﻲ ﺳﻠﻮه ﻣﻊ اﻟﻐﺪر ﯾﻜﺎد أن ﯾﺴﺘﺤﻖ اﻟﻤﻼﻣﺔ واﻟﺘﻌﻨﯿﻒ .وﻻ أدﻋﻰ إﻟﻰ اﻟﺴﻠﻮ ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺮ اﻟﻨﻔﺲ وذوي اﻟﺤﻔﯿﻈﺔ واﻟﺴﺮى اﻟﺴﺠﺎﯾﺎ ﻣﻦ اﻟﻐﺪر ،ﻓﻤﺎ ﯾﺼﺒﺮ ﻋﻠﯿﮫ إﻻ دﻧﻲء اﻟﻤﺮوءة ﺧﺴﯿﺲ اﻟﮭﻤﺔ ﺳﺎﻗﻂ اﻷﻧﻔﺔ ،وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﮭﺎ: ﻫﻭﺍﻙ ﻓﻠﺴﺕ ﺃﻗﺭﺒﻪ ﻏـﺭﻭﺭ
ﻭﺃﻨﺕ ﻟﻜل ﻤﻥ ﻴﺄﺘﻲ ﺴﺭﻴﺭ
ﻭﻤﺎ ﺇﻥ ﺘﺼﺒﺭﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺤﺒﻴﺏ
ﻓﺤﻭﻟﻙ ﻤﻨﻬﻡ ﻋﺩﺩ ﻜـﺜـﻴﺭ
ﻓﻠﻭ ﻜﻨﺕ ﺍﻷﻤﻴﺭ ﻟﻤﺎ ﺘﻌﺎﻁﻰ
ﻟﻘﺎﺀﻙ ﺨﻭﻑ ﺠﻤﻌﻬﻡ ﺍﻷﻤﻴﺭ
ﺭﺃﻴﺘﻙ ﻜﺎﻷﻤﺎﻨﻲ ﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﻥ
ﻴﻠﻡ ﺒﻬﺎ ﻭﻟﻭ ﻜﺜﺭﻭﺍ ﻏـﺭﻭﺭ
ﻭﻻ ﻋﻨﻬﺎ ﻟﻤﻥ ﻴﺄﺘﻲ ﺩﻓﺎﻉ
ﻭﻟﻭ ﺤﺸﺩ ﺍﻷﻨﺎﻡ ﻟﻬﻡ ﻨﻔﻴﺭ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺛﻢ ﺳﺒﺐ ﺛﺎﻣﻦ ،وھﻮ ﻻ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺐ وﻻ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺒﻮب ،وﻟﻜﻨﮫ ﻣﻦ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،وھﻮ اﻟﯿﺄس .وﻓﺮوﻋﮫ ﺛﻼﺛﺔ :إﻣﺎ ﻣﻮت ،وإﻣﺎ ﺑﯿﻦ ﻻ ﯾﺮﺟﻰ ﻣﻌﮫ أوﺑﺔ ،وإﻣﺎ ﻋﺎرض ﯾﺪﺧﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﺤﺎﺑﯿﻦ ﺑﻌﻠﺔ اﻟﻤﺤﺐ اﻟﺘﻲ ﻣﻦ أﺟﻠﮭﺎ وﺛﻖ اﻟﻤﺤﺒﻮب ﻓﯿﻐﯿﺮھﺎ. وﻛﻞ ھﺬه اﻟﻮﺟﻮه ﻣﻦ أﺳﺒﺎب اﻟﺴﻠﻮ واﻟﺘﺼﺒﺮ ،وﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺐ اﻟﻨﺎﺳﻲ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻮﺟﮫ اﻟﻤﻨﻘﺴﻢ إﻟﻰ ھﺬه اﻷﻗﺴﺎم اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﻦ اﻟﻐﻀﺎﺿﺔ واﻟﺬم واﺳﺘﺤﻘﺎق اﺳﻢ اﻟﻠﻮم واﻟﻐﺪر ﻏﯿﺮ ﻗﻠﯿﻞ ،وإن ﻟﻠﯿﺄس ﻟﻌﻤﻼً ﻓﻲ اﻟﻨﻔﻮس ﻋﺠﯿﺒﺎً .وﺛﻠﺠﺎً ﻟﺤﺮ اﻷﻛﺒﺎد ﻛﺒﯿﺮاً .وﻛﻞ ھﺬه اﻟﻮﺟﻮه اﻟﻤﺬﻛﻮرة أوﻻً وآﺧﺮاً ﻓﺎﻟﺘﺄﻧﻲ ﻓﯿﮭﺎ واﺟﺐ ،واﻟﺘﺮﺑﺺ ﻋﻠﻰ ِأھﻠﮭﺎ ﺣﺴﻦ ،ﻓﯿﻤﺎ ﯾﻤﻜﻦ ﻓﯿﮫ اﻟﺘﺄﻧﻲ وﯾﺼﺢ ﻟﺪﯾﮫ اﻟﺘﺮﺑﺺ ،ﻓﺈذا اﻧﻘﻄﻌﺖ اﻷﻃﻤﺎع واﻧﺤﺴﻤﺖ اﻵﻣﺎل ﻓﺤﯿﻨﺌﺬ ﯾﻘﻮم اﻟﻌﺬر.
وﻟﻠﺸﻌﺮاء ﻓﻦ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ ﯾﺬﻣﻮن ﻓﯿﮫ اﻟﺒﺎﻛﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻣﻦ ،ﺗﻮﯾﺜﻨﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺜﺎﺑﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺬات .وھﺬا ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﺴﻠﻮ .وﻟﻘﺪ أﻛﺜﺮ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ھﺎﻧﺊ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﺎب واﻓﺘﺨﺮ ﺑﮫ ،وھﻮ ﻛﺜﯿﺮاً ﻣﺎ ﯾﺼﻒ ﻧﻔﺴﮫ ﺑﺎﻟﻐﺪر اﻟﺼﺮﯾﺢ ﻓﻲ أﺷﻌﺎره ،ﺗﺤﻜﻤﺎً ﺑﻠﺴﺎﻧﮫ واﻗﺘﺪاراً ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻮل ،وﻓﻲ ﻣﺜﻞ ھﺬا أﻗﻮل ﺷﻌﺮاً ،ﻣﻨﮫ: ﺨل ﻫﺫﺍ ﻭﺒﺎﺩﺭ ﺍﻟﺩﻫﺭ ﻭﺃﺭﺤـل
ﻓﻲ ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺭﺒﻰ ﻤﻁﻲ ﺍﻟﻘﻔﺎﺭ
ﻭﺍﺤﺩﻫﺎ ﺒﺎﻟﺒﺩﻴﻊ ﻤﻥ ﻨﻐﻤـﺎﺕ ﺍل
ﻤﻭﺩ ﻜﻴﻤﺎ ﺘﺤﺙ ﺒﺎﻟـﻤـﺯﻤـﺎﺭ
ﺇﻥ ﺨﻴﺭﺍﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﻗﻭﻑ ﻋﻠﻰﺍﻟـﺩﺍ
ﺭ ﻭﻗﻭﻑ ﺍﻟﺒﻨـﺎﻥ ﺒـﺎﻷﻭﺘـﺎﺭ
ﻭﺒﺩﺃ ﺍﻟﻨﺭﺠﺱ ﺍﻟﺒﺩﻴﻊ ﻜـﺼـﺏ
ﺤﺎﺌﺭ ﺍﻟﻁﺭﻑ ﻤﺎﺌﻼﹰ ﻜﺎﻟﻤـﺩﺍﺭ
ﻟﻭﻨﻪ ﻟﻭﻥ ﻋﺎﺸﻕ ﻤـﺴـﺘـﻬـﺎﻡ
ﻭﻫﻭ ﻻ ﺸﻙ ﻫﺎﺌﻡ ﺒﺎﻟـﺒـﻬـﺎﺭ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وﻣﻌﺎذ اﷲ أن ﯾﻜﻮن ﻧﺴﯿﺎن ﻣﺎدرس ﻟﻨﺎ ﻃﺒﻌﺎً ،وﻣﻌﺼﺒﺔ اﷲ ﺑﺸﺮب اﻟﺮاح ﻟﻨﺎ ﺧﻠﻘﺎً ،وﻛﺴﺎد اﻟﮭﻤﺔ ﻟﻨﺎ ﺻﻔﺔ ،وﻟﻜﻦ ﺣﺴﺒﻨﺎ ﻗﻮل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،وﻣﻦ أﺻﺪق ﻣﻦ اﷲ ﻗﯿﻼً ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮاء) :أﻟﻢ ﺗﺮ أﻧﮭﻢ ﻓﻲ ﻛﻞ واد ﯾﮭﯿﻤﻮن .وأﻧﮭﻢ ﯾﻘﻮﻟﻮن ﻣﺎ ﻻ ﯾﻔﻌﻠﻮن(. ﻓﮭﺬه ﺷﮭﺎدة اﷲ اﻟﻌﺰﯾﺰ اﻟﺠﺒﺎر ﻟﮭﻢ ،وﻟﻜﻦ ﺷﺬوذ اﻟﻘﺎﺋﻞ ﻟﻠﺸﻌﺮ ﻋﻦ ﻣﺮﺗﺒﺔ اﻟﺸﻌﺮ ﺧﻄﺄ .وﻛﺎن ﺳﺒﺐ ھﺬه اﻷﺑﯿﺎت أن ﺣﻔﻨﻲ اﻟﻌﺎﻣﺮﯾﺔ ،إﺣﺪى ﻛﺮاﺋﻢ اﻟﻤﻈﻔﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ اﺑﻦ أﺑﻲ ﻋﺎﻣﺮ ،ﻛﻠﻔﺘﻨﻲ ﺻﻨﻌﺘﮭﺎ ﻓﺄﺣﺒﺒﺘﮭﺎ ،وﻛﻨﺖ أﺟﻠﮭﺎ ،وﻟﮭﺎ ﻓﯿﮭﺎ ﺻﻨﻌﺔ ﻓﻲ ﻃﺮﯾﻘﺔ اﻟﻨﺸﯿﺪ واﻟﺒﺴﯿﻄﺮاﺋﻘﺔ ﺟﺪا .وﻟﻘﺪ أﻧﺸﺪﺗﮭﺎ ﺑﻌﺾ إﺧﻮاﻧﻲ ﻣﻦ أھﻞ اﻷدب ﻓﻘﺎل ﺳﺮوراً
ﺑﮭﺎ:
ﯾﺠﺐ
أن
ﺗﻮﺿﻊ
ھﺬه
ﻓﻲ
ﺟﻤﻠﺔ
ﻋﺠﺎﺋﺐ
اﻟﺪﻧﯿﺎ.
ﻓﺠﻤﯿﻊ ﻓﺼﻮل ھﺬا اﻟﺒﺎب ﻛﻤﺎ ﺗﺮى ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ :ﻣﻨﮭﺎ ﺛﻼﺛﺔ ھﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺐ ،اﺛﻨﺎن ﻣﻨﮭﺎ ﯾﺬم اﻟﺴﺎﻟﻲ ﻓﯿﮭﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ وﺟﮫ ،وھﻤﺎ اﻟﻤﻠﻞ واﻻﺳﺘﺒﺪال ،وواﺣﺪ ﻣﻨﮭﺎ ﯾﺬم اﻟﺴﺎﻟﻲ ﻓﯿﮫ وﻻ ﯾﺬم اﻟﻤﺘﺼﺒﺮ ،وھﻮ اﻟﺤﯿﺎء ﻛﻤﺎ ﻗﺪﻣﻨﺎ .وأرﺑﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺒﻮب ،ﻣﻨﮭﺎ واﺣﺪ ﯾﺬم اﻟﻨﺎي ﻓﯿﮫ وﻻ ﯾﺬم اﻟﻤﺘﺼﺒﺮ ،وھﻮ اﻟﮭﺠﺮ اﻟﺪاﺋﻢ .وﺛﻼﺛﺔ ﻻ ﯾﺬم اﻟﺴﺎﻟﻲ ﻓﯿﮭﺎ ﻋﻠﻰ أي وﺟﮫ ﻛﺎن ﻧﺎﺳﯿﺎً أو ﻣﺘﺼﺒﺮاً ،وھﻲ اﻟﻨﻔﺎر واﻟﺠﻔﺎء واﻟﻐﺪر .ووﺟﮫ ﺛﺎﻣﻦ وھﻮ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ،وھﻮ اﻟﯿﺄس إﻣﺎ ﺑﻤﻮت أو ﺑﯿﻦ أو آﻓﺔ ﺗﺰﻣﻦ .ﻓﻲ ھﺬه ﻣﻌﺬور. وﻋﻨﻲ أﺧﺒﺮك أﻧﻲ ﺟﺒﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻃﺒﯿﻌﺘﯿﻦ ﻻ ﯾﮭﻨﺌﻨﻲ ﻣﻌﮭﻤﺎ ﻋﯿﺶ أﺑﺪاً ،وإﻧﻲ ﻷﺑﺮم ﺑﺤﯿﺎﺗﻲ ﺑﺎﺟﺘﻤﺎﻋﮭﻤﺎ وأود اﻟﺘﺜﺒﺖ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻲ أﺣﯿﺎﻧﺎً ﻷﻓﻘﺪھﺎ أﻧﺎ ﺑﺴﺒﺒﮫ ﻣﻦ اﻟﻨﻜﺪ ﻣﻦ أﺟﻠﮭﻤﺎ ،وھﻤﺎ :وﻓﺎء ﻻ ﯾﺸﻮﺑﮫ ﺗﻠﻮن ﻗﺪ اﺳﺘﻮت ﻓﯿﮫ اﻟﺤﻀﺮة واﻟﻌﯿﺐ ،واﻟﺒﺎﻃﻦ واﻟﻈﺎھﺮ ،ﺗﻮﻟﺪه اﻷﻟﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻌﺰف ﺑﮭﺎ ﻧﻔﺴﻲ ﻋﻤﺎ درﺑﺘﮫ ،وﻻ ﺗﺘﻄﻠﻊ إﻟﻰ ﻋﺪم ﻣﻦ ﺻﺤﺒﺘﮫ ،وﻋﺰة ﻧﻔﺲ ﻻﺗﻘﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻀﯿﻢ ،ﻣﮭﺘﻤﺔ ﻷﻗﻞ ﻣﺎ ﯾﺮد ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻣﻦ ﺗﻐﯿﺮ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﻤﻌﺎرف ﻣﺆﺛﺮة ﻟﻠﻤﻮت ﻋﻠﯿﮫ .ﻓﻜﻞ واﺣﺪة ﻣﻦ ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﺴﺠﯿﺘﯿﻦ ﺗﺪﻋﻮ إﻟﻰ ﻧﻔﺴﮭﺎ وإﻧﻲ ﻷﺟﻔﻰ ﻓﺄﺣﺘﻤﻞ ،وأﺳﺘﻌﻤﻞ اﻷﻧﺎة اﻟﻄﻮﯾﻠﺔ ،واﻟﺘﻠﻮم اﻟﺬي ﻻ ﯾﻜﺎد ﯾﻄﯿﻘﮫ أﺣﺪ، ﻓﺈذا أﻓﺮط اﻷﻣﺮ وﺣﻤﯿﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﺗﺼﺒﺮت ،وﻓﻲ اﻟﻘﻠﺐ ﻣﺎ ﻓﯿﮫ وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﮭﺎ: ﻟﻲ ﺤﻠﺘﺎﻥ ﺃﺫﺍﻗﺎﻨﻲ ﺍﻷﺴﻰ ﺠﺭﻋﺎﹰ ﻜﻠﺘﺎﻫﻤﺎ ﺘﻁﺒﻴﻨﻰ ﻨﺤﻭ ﺠﺒﻠـﺘـﻬـﺎ
ﻭﻨﻐﺼﺎ ﻋﻴﺸﻲ ﻭﺍﺴﺘﻬﻠﻜﺎ ﺠﻠﺩﻱ ﻜﺎﻟﺼﻴﺩ ﻴﻨﺸﺏ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺫﺌﺏ ﻭﺍﻷﺴﺩ
ﻭﻓﺎﺀ ﺼﺩﻕ ﻓﻤﺎ ﻓﺎﺭﻗﺕ ﺫﺍ ﻤـﻘﺔ
ﻓﺯﺍل ﺤﺯﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺁﺨﺭ ﺍﻷﺒـﺩ
ﻭﻋﺯﺓ ﻻ ﻴﺤل ﺍﻟﻀﻴﻡ ﺴﺎﺤﺘـﻬـﺎ
ﺼﺭﺍﻤﺔ ﻓﻴﻪ ﺒﺎﻷﻤﻭﺍل ﻭﺍﻟﻭﻟـﺩ
وﻣﻤﺎ ﯾﺸﺒﮫ ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﯿﮫ ،وإن ﻛﺎن أﯾﺲ ﻣﻨﮫ ،أن رﺟﻼً ﻣﻦ إﺧﻮاﻧﻲ ﻛﻨﺖ أﺣﻠﻠﺘﮫ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻲ ﻣﺤﻠﮭﺎ ،وأﺳﻘﻄﺖ اﻟﻤﺆوﻧﺔ ﺑﯿﻨﻲ وﺑﯿﻨﮫ ،وأﻋﺪدﺗﮫ ذﺧﺮاً وﻛﻨﺰاً ،وﻛﺎن ﻛﺜﯿﺮ اﻟﺴﻤﻊ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻗﺎﺋﻞ ،ﻓﺪب ذو اﻟﻨﻤﯿﻤﺔ ﺑﯿﻨﻲ وﺑﯿﻨﮫ ،ﻓﺤﺎﻛﻮا ﻟﮫ وأﻧﺠﺢ ﺳﻌﯿﮭﻢ ﻋﻨﺪه ،ﻓﺎﻧﻘﺒﺾ ﻋﻤﺎ ﻛﻨﺖ أﻋﮭﺪه .ﻓﺘﺮﺑﺼﺖ ﻋﻠﯿﮫ ﻣﺪة ﻓﻲ ﻣﺜﻠﮭﺎ أوب اﻟﻐﺎﺋﺐ، ورﺿﻲ اﻟﻌﺎﺗﺐ ،ﻓﻠﻢ ﯾﺰدد إﻻ اﻧﻘﺒﺎﺿﺎً ﻓﺘﺮﻛﺘﮫ وﺣﺎﻟﮫ.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﺒﺎب اﻟﺜﺎﻣﻦ واﻟﻌﺸﺮون اﻟﻤﻮت ورﺑﻤﺎ ﺗﺰاﯾﺪ اﻷﻣﺮ ورق اﻟﻄﺒﻊ وﻋﻈﻢ اﻹﺷﻔﺎق ﻓﻜﺎن ﺳﺒﺒﺎً ﻟﻠﻤﻮت وﻣﻔﺎرﻗﺔ اﻟﺪﻧﯿﺎ، وﻗﺪ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻵﺛﺎر :ﻣﻦ ﻋﺸﻖ ﻓﻌﻒ ﻓﻤﺎت ﻓﮭﻮ ﺷﮭﯿﺪ .وﻓﻲ ذﻟﻚ ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﮭﺎ: ﻓﺈﻥ ﺃﻫﻠﻙ ﻫﻭﻯ ﺃﻫﻠﻙ ﺸﻬـﻴﺩﺍﹰ ﺭﻭﻯ ﻫﺫﺍ ﻟﻨـﺎ ﻗـﻭﻡ ﺜـﻘـﺎﺕ
ﻭﺇﻥ ﺘﻤﻨﻥ ﺒﻘﻴﺕ ﻗﺭﻴﺭ ﻋـﻴﻥ ﺜﻭﻭﺍ ﺒﺎﻟﺼﺩﻕ ﻋﻥ ﺠﺭﺡ ﻭﻤﻴﻥ
وﻟﻘﺪ ﺣﺪﺛﻨﻲ أﺑﻮ اﻟﺴﺮى ﻋﻤﺎر ﺑﻦ زﯾﺎد ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ ﻋﻤﻦ ﯾﺜﻖ ﺑﮫ ،أن اﻟﻜﺎﺗﺐ اﺑﻦ ﻗﺰﻣﺎن اﻣﺘﺤﻦ ﺑﻤﺤﺒﺔ أﺳﻠﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ،أﺧﻰ اﻟﺤﺎﺟﺐ ھﺎﺷﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ. وﻛﺎن أﺳﻠﻢ ﻏﺎﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﻤﺎل ،ﺣﺘﻰ أﺿﺠﺮه ﻟﻤﺎ ﺑﮫ وأوﻗﻌﮫ ﻓﻲ أﺳﺒﺎب اﻟﻤﻨﯿﺔ .وﻛﺎن أﺳﻠﻢ ﻛﺜﯿﺮ اﻹﻟﻤﺎم ﺑﮫ واﻟﺰﯾﺎرة ﻟﮫ وﻻ ﻋﻠﻢ ﻟﮫ ﺑﺄﻧﮫ أﺻﻞ داﺋﮫ ،إﻟﻰ أن ﺗﻮﻓﻲ أﺳﻔﺎً ودﻧﻔﺎً. ﻗﺎل اﻟﻤﺨﺒﺮ :ﻓﺄﺧﺒﺮت أﺳﻠﻢ ﺑﻌﺪ وﻓﺎﺗﮫ ﺑﺴﺒﺐ ﻋﻠﺘﮫ وﻣﻮﺗﮫ ﻓﺘﺄﺳﻒ وﻗﺎل :ھﻼ أﻋﻠﻤﺘﻨﻲ؟ ﻓﻘﻠﺖ :وﻟﻢ؟ ﻗﺎل :ﻛﻨﺖ واﷲ أزﯾﺪ ﻓﻲ ﺻﻠﺘﮫ وﻣﺎ أﻛﺎد أﻓﺎرﻗﮫ ،ﻓﻤﺎ ﻋﻠﻲ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺿﺮر .وﻛﺎن أﺳﻠﻢ ھﺬا ﻣﻦ أھﻞ اﻷدب اﻟﺒﺎرع واﻟﺘﻔﯿﻦ ،ﻣﻊ ﺣﻆ ﻣﻦ اﻟﻔﻘﮫ واﻓﺮ ،وذا ﺑﺼﺎرة ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ ،وﻟﮫ ﺷﻌﺮ ﺟﯿﺪ ،وﻟﮫ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻷﻏﺎﻧﻲ وﺗﺼﺮﻓﮭﺎ، وھﻮ ﺻﺎﺣﺐ ﺗﺄﻟﯿﻒ ﻓﻲ ﻃﺮاﺋﻖ ﻏﻨﺎء زرﯾﺎب وأﺧﺒﺎره ،وھﻮ دﯾﻮان ﻋﺠﯿﺐ ﺟﺪا. وﻛﺎن أﺣﺴﻦ اﻟﻨﺎس ﺧﻠﻘﺎً وﺧﻠﻘﺎ ،وھﻮ واﻟﺪ أﺑﻲ اﻟﺠﻌﺪ اﻟﺬي ﻛﺎن ﺳﺎﻛﻨﺎً ﺑﺎﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﻗﺮﻃﺒﺔ.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وأﻧﺎ أﻋﻠﻢ ﺟﺎرﯾﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﺮؤﺳﺎء ﻓﻌﺰف ﻋﻨﮭﺎ ﻟﺸﻲء ﺑﻠﻐﮫ ﻓﻲ ﺟﮭﺘﮭﺎ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﯾﻮﺟﺐ اﻟﺴﺨﻂ ،ﻓﺒﺎﻋﮭﺎ .ﻓﺠﺰﻋﺖ ﻟﺬﻟﻚ ﺟﺰﻋﺎً ﺷﺪﯾﺪاً وﻣﺎ ﻓﺎرﻗﮭﺎ اﻟﻨﺤﻮل واﻷﺳﻒ، وﻻ ﺑﺎن ﻋﻦ ﻋﯿﻨﮭﺎ اﻟﺪﻣﻊ إﻟﻰ أن ﺳﻠﺖ ،وﻛﺎن ذﻟﻚ ﺳﺒﺐ ﻣﻮﺗﮭﺎ .وﻟﻢ ﺗﻌﺶ ﺑﻌﺪ ﺧﺮوﺟﮭﺎ ﻋﻨﮫ إﻻ أﺷﮭﺮاً ﻟﯿﺴﺖ ﺑﺎﻟﻜﺜﯿﺮة .وﻟﻘﺪ أﺧﺒﺮﺗﻨﻲ ﻋﻨﮭﺎ اﻣﺮأة أﺛﻖ ﺑﮭﺎ أﻧﮭﺎ ﻟﻘﯿﺘﮭﺎ وھﻲ ﻗﺪ ﺻﺎرت ﻛﺎﻟﺨﯿﻞ ﻧﺤﻮﻻً ورﻗﺔ ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﮭﺎ :أﺣﺴﺐ ھﺬا اﻟﺬي ﺑﻚ ﻣﻦ ﻣﺤﺒﺘﻚ ﻟﻔﻼن؟ ﻓﺘﻨﻔﺴﺖ اﻟﺼﻌﺪاء وﻗﺎﻟﺖ :واﷲ ﻷﻧﺴﯿﺘﮫ أﺑﺪاً ،وإن ﻛﺎن ﺟﻔﺎﻧﻲ ﺑﻼ ﺳﺒﺐ.
وﻣﺎ
ﻋﺎﺷﺖ
ﺑﻌﺪ
ھﺬا
اﻟﻘﻮل
إﻻ
ﯾﺴﯿﺮاً.
وأﻧﺎ أﺧﺒﺮك ﻋﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ أﺧﻲ رﺣﻤﮫ اﷲ ،وﻛﺎن ﻣﺘﺰوﺟﺎً ﺑﻌﺎﺗﻜﺔ ﺑﻨﺖ ﻗﻨﺪ، ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺜﻐﺮ اﻷﻋﻠﻰ أﯾﺎم اﻟﻤﻨﺼﻮر أﺑﻲ ﻋﺎﻣﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻣﺮﻣﻰ وراءھﺎ ﻓﻲ ﺟﻤﺎﻟﮭﺎ وﻛﺮﯾﻢ ﺧﻼﻟﮭﺎ ،وﻻ ﺗﺄﺗﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ ﺑﻤﺜﻠﮭﺎ ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺋﻠﮭﺎ. وﻛﺎﻧﺎ ﻓﻲ ﺣﺪ اﻟﺼﺒﺎ وﺗﻤﻜﻦ ﺳﻠﻄﺎﻧﮫ ﺗﻐﻀﺐ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﮭﻤﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻗﺪر ﻟﮭﺎ ،ﻓﻜﺎﻧﺎ ﻟﻢ ﯾﺰاﻻ ﻓﻲ ﺗﻐﺎﺿﺐ وﺗﻌﺎﺗﺐ ﻣﺪة ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ أﻋﻮام ،وﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺷﻔﮭﺎ ﺣﺒﮫ واﺿﻨﺎھﺎ اﻟﻮﺟﺪ ﻓﯿﮫ واﻧﺤﻠﮭﺎ ﺷﺪة ﻛﻠﻔﮭﺎ ﺑﮫ ﺣﺘﻰ ﺻﺎرت ﻛﺎﻟﺨﯿﺎل اﻟﻤﺘﻮﺳﻢ دﻧﻔﺎً ،ﻻ ﯾﻠﮭﯿﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺪﻧﯿﺎ ﺷﻲء ،وﻻ ﺗﺴﺮ ﻣﻦ أﻣﻮاﻟﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺮﺿﮭﺎ وﺗﻜﺎﺛﺮھﺎ ﺑﻘﻠﯿﻞ وﻻ ﻛﺜﯿﺮ إذا ﻓﺎﺗﮭﺎ اﺗﻔﺎﻗﮫ ﻣﻌﮭﺎ وﺳﻼﻣﺘﮫ ﻟﮭﺎ .إﻟﻰ أن ﺗﻮﻓﻲ أﺧﻲ رﺣﻤﮫ اﷲ ﻓﻲ اﻟﻄﺎﻋﻮن اﻟﻮاﻗﻊ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ ﻓﻲ ﺷﮭﺮ ذي اﻟﻘﻌﺪة ﺳﻨﺔ إﺣﺪى وأرﺑﻌﻤﺎﺋﺔ ،وھﻮ اﺑﻦ اﺛﻨﺘﯿﻦ وﻋﺸﺮﯾﻦ ﺳﻨﺔ ،ﻓﻤﺎ اﻧﻔﻜﺖ ﻣﻨﺬ ﺑﺎن ﻋﻨﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻘﻢ اﻟﺪﺧﯿﻞ واﻟﻤﺮض واﻟﺬﺑﻮل إﻟﻰ أن ﻣﺎﺗﺖ ﺑﻌﺪه ﺑﻌﺎم ﻓﻲ اﻟﯿﻮم اﻟﺬي أﻛﻤﻞ ھﻮ ﻓﯿﮫ ﺗﺤﺖ اﻷرض ﻋﺎﻣﺎً. وﻟﻘﺪ أﺧﺒﺮﺗﻨﻲ ﻋﻨﮭﺎ أﻣﮭﺎ وﺟﻤﯿﻊ ﺟﻮارﯾﮭﺎ أﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮل ﺑﻌﺪه :ﻣﺎ ﯾﻘﻮى ﺻﺒﺮي
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وﯾﻤﺴﻚ رﻣﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ ﺳﺎﻋﺔ واﺣﺪة ﺑﻌﺪ وﻓﺎﺗﮫ إﻻ ﺳﺮوري وﺗﯿﻘﻨﻲ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻀﻤﮫ واﻣﺮأة ﻣﻀﺠﻊ أﺑﺪاً ،ﻓﻘﺪ أﻣﻨﺖ ھﺬا اﻟﺬي ﻣﺎ ﻛﻨﺖ أﺗﺨﻮف ﻏﯿﺮه ،وأﻋﻈﻢ آﻣﺎﻟﻲ اﻟﯿﻮم اﻟﻠﺤﺎق ﺑﮫ.
وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻟﮫ ﻗﺒﻠﮭﺎ وﻻ ﻣﻌﮭﺎ اﻣﺮأة ﻏﯿﺮھﺎ ،وھﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻟﮭﺎ ﻏﯿﺮه ،ﻓﻜﺎن ﻛﻤﺎ ﻗﺪرت .ﻏﻔﺮ اﷲ ﻟﮭﺎ ورﺿﻲ ﻋﻨﮭﺎ.
وأﻣﺎ ﺧﺒﺮ ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ أﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﯾﺤﯿﻰ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﯿﻦ اﻟﺘﻤﯿﻤﻲ، اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﺑﻦ اﻟﻄﻨﺒﻲ .ﻓﺈﻧﮫ ﻛﺎن رﺣﻤﮫ اﷲ ﻛﺄﻧﮫ ﻗﺪ ﺧﻠﻖ اﻟﺤﺴﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺜﺎﻟﮫ أو ﺧﻠﻖ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﻛﻞ ﻣﻦ رآه ،ﻟﻢ أﺷﺪ ﻟﮫ ﻣﺜﻼً ﺣﺴﻨﺎً وﺟﻤﺎﻻ وﺧﻠﻘﺎً وﻋﻔﺔ وﺗﺼﺎوﻧﺎً وأدﺑﺎً وﻓﮭﻤﺎً وﺣﻠﻤﺎً ووﻓﺎء وﺳﺆدداً وﻃﮭﺎرة وﻛﺮﻣﺎً ودﻣﺎﺛﺔ وﺣﻼوة وﻟﺒﺎﻗﺔ وإﻏﻀﺎﻣﻮ ﻋﻘﻼ وﻣﺮوءة ودﯾﻨﺎً ودارﯾﺔ وﺣﻔﻈﺎً ﻟﻠﻘﺮآن واﻟﺤﺪﯾﺚ واﻟﻨﺤﻮ واﻟﻠﻐﺔ، وﺷﺎﻋﺮاً ﻣﻔﻠﻘﺎً ﺣﺴﻦ اﻟﺨﻂ ،وﺑﻠﯿﻐﺎً ﻣﻔﻨﻨﺎً ،ﻣﻊ ﺣﻆ ﺻﺎﻟﺢ ﻣﻦ اﻟﻜﻼم واﻟﺠﺪال، وﻛﺎن ﻣﻦ ﻏﻠﻤﺎن أﺑﻲ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ أﺑﻲ ﯾﺰﯾﺪ اﻷزدي أﺳﺘﺎذي ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺸﺄن ،وﻛﺎن ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ أﺑﯿﮫ اﺛﻨﺎ ﻋﺸﺮ ﻋﺎﻣﺎً ﻓﻲ اﻟﺴﻦ ،وﻛﻨﺖ أﻧﺎ وھﻮ ﻣﺘﻘﺎرﺑﯿﻦ ﻓﻲ اﻷﺳﻨﺎن .وﻛﻨﺎ أﻟﯿﻔﯿﻦ ﻻ ﻧﻔﺘﺮق ،وﺧﺬﻧﯿﻦ ﻻ ﯾﺠﺮي اﻟﻤﺎء ﺑﯿﻨﻨﺎ إﻻ ﺻﻔﺎء ،إﻟﻰ أن أﻟﻘﺖ اﻟﻔﺘﻨﺔ ﺟﺮاﻧﮭﺎ وأرﺧﺖ ﻋﺰ إﻟﯿﮭﺎ ووﻗﻊ اﻧﺘﮭﺎب ﺟﻨﺪ اﻟﺒﺮﺑﺮ ﻣﻨﺎزﻟﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ وﻧﺰوﻟﮭﻢ ﻓﯿﮭﺎ ،وﻛﺎن ﻣﺴﻜﻦ أﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﺑﺒﻼط ﻣﻐﯿﺚ ،وﺗﻘﻠﺒﺖ ﺑﻲ اﻷﻣﻮر إﻟﻰ اﻟﺨﺮوج ﻋﻦ ﻗﺮﻃﺒﺔ وﺳﻜﻦ ﻣﺪﯾﻨﺔ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﻤﺮﯾﺔ ،ﻓﻜﻨﺎ ﻧﺘﮭﺎدى اﻟﻨﻈﻢ واﻟﻨﺜﺮ ﻛﺜﯿﺮاً وآﺧﺮ ﻣﺎ ﺧﺎﻃﺒﻨﻲ ﺑﮫ رﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ درﺟﮭﺎ ھﺬه اﻷﺑﯿﺎت: ﻟﻴﺕ ﺸﻌﺭﻱ ﻋﻥ ﺤﺒل ﻭﺩﻙ ﻫل ﻴﻡ
ﺴﻲ ﺠﺩﻴﺩﺍﹰ ﻟـﺩﻱ ﻏـﻴﺭ ﺭﺜـﻴﺙ
ﻭﺃﺭﺍﻨـﻲ ﺃﺭﻯ ﻤـﺤـﻴﺎﻙ ﻴﻭﻤـﺎﹰ
ﻭﺃﻨﺎﺠﻴﻙ ﻓـﻲ ﺒـﻼﻁ ﻤـﻐـﻴﺙ
ﻓﻠﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻴﺎﺭ ﻴﻨﻬﻀﻬـﺎ ﺍﻟـﺸـﻭ
ﻕ ﺃﻨﺎﻙ ﺍﻟﺒﻠﻁ ﻜﺎﻟﻤﺴـﺘـﻐـﻴﺙ
ﻭﻟﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻠﻭﺏ ﺘﺴﻁـﻴﻊ ﺴـﻴﺭﺍﹰ
ﺴﺎﺭ ﻗﻠﺒﻲ ﺇﻟﻴﻙ ﺴﻴﺭ ﺍﻟﺤـﺜـﻴﺙ
ﻜﻥ ﻜﻤﺎ ﺸﺌﺕ ﻟﻲ ﻓﺈﻨﻲ ﻤـﺤـﺏ
ﻟﻴﺱ ﻟﻲ ﻏﻴﺭ ﺫﻜﺭﻜﻡ ﻤﻥ ﺤﺩﻴﺙ
ﻟﻙ ﻋﻨﺩﻱ ﻭﺇﻥ ﺘﻨﺎﺴـﻴﺕ ﻋـﻬـﺩ
ﻓﻲ ﺼﻤﻴﻡ ﺍﻟﻔﺅﺍﺩ ﻏﻴﺭ ﻨـﻜـﻴﺙ
ﻓﻜﻨﺎ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ إﻟﻰ أن اﻧﻘﻄﻌﺖ دوﻟﺔ ﺑﻨﻲ ﻣﺮوان وﻗﺘﻞ ﺳﻠﯿﻤﺎن اﻟﻈﺎﻓﺮ أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ وﻇﮭﺮت دوﻟﺔ اﻟﻄﺎﻟﺒﯿﺔ وﺑﻮﯾﻊ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺣﻤﻮد اﻟﺤﺴﻨﻲ ،اﻟﻤﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻨﺎﺻﺮ ﺑﺎﻟﺨﻼﻓﺔ ،وﺗﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻗﺮﻃﺒﺔ وﺗﻤﻠﻜﮭﺎ واﺳﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﻗﺘﺎﻟﮫ إﯾﺎھﺎ ﺑﺠﯿﻮش اﻟﻤﺘﻐﻠﺒﯿﻦ واﻟﺜﻮار ﻓﻲ أﻗﻄﺎر اﻷﻧﺪﻟﺲ .وﻓﻲ إﺛﺮ ذﻟﻚ ﻧﻜﺒﻨﻲ ﺧﯿﺮان ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﺮﯾﺔ ،إذ ﻧﻘﻞ إﻟﯿﮫ ﻣﻦ ﻟﻢ ﯾﺘﻖ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﻏﯿﻦ -وﻗﺪ اﻧﺘﻘﻢ اﷲ ﻣﻨﮭﻢ - ﻋﻨﻲ وﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﺤﺎق ﺻﺎﺣﺒﻲ أﻧﺎ ﻧﺴﻌﻰ ﻓﻲ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺪﻋﻮة اﻟﺪوﻟﺔ اﻷﻣﻮﯾﺔ، ﻓﺎﻋﺘﻘﻠﻨﺎ ﻋﻨﺪ ﻧﻔﺴﮫ أﺷﮭﺮاً ﺛﻢ أﺣﺮﺟﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﮭﺔ اﻟﺘﻐﺮﯾﺐ ،ﻓﺼﺮﻧﺎ إﻟﻰ ﺣﺼﻦ اﻟﻘﺼﺮ .وﻟﻘﯿﻨﺎ ﺻﺎﺣﺒﮫ أﺑﻮ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ھﺬﯾﻞ اﻟﺘﺠﯿﺒﻲ ،اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﺑﻦ اﻟﻤﻘﻔﻞ ،ﻓﺄﻗﻤﻨﺎ ﻋﻨﺪه ﺷﮭﻮراً ﻓﻲ ﺧﯿﺮ دار إﻗﺎﻣﺔ ،وﺑﯿﻦ ﺧﯿﺮ أھﻞ وﺟﯿﺮان ،وﻋﻨﺪ أﺟﻞ اﻟﻨﺎس ھﻤﺔ وأﻛﻤﻠﮭﻢ ﻣﻌﺮوﻓﺎً وأﺗﻤﮭﻢ ﺳﯿﺎدة .ﺛﻢ رﻛﺒﻨﺎ اﻟﺒﺤﺮ ﻗﺎﺻﺪﯾﻦ ﺑﻠﻨﺴﯿﺔ ﻋﻨﺪ ﻇﮭﻮر أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ اﻟﻤﺮﺗﻀﻰ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ،وﺳﺎﻛﻨﺎه ﺑﮭﺎ. ﻓﻮﺟﺪت ﺑﺒﻠﻨﺴﯿﺔ أﺑﺎ ﺷﺎﻛﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻮھﺐ اﻟﻌﻨﺒﺮي ﺻﺪﯾﻘﻨﺎ،
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻓﻨﻌﻰ إﻟﻰ أﺑﺎ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﻄﻨﺒﻲ وأﺧﺒﺮﻧﻲ ﺑﻤﻮﺗﮫ رﺣﻤﮫ اﷲ ﺛﻢ أﺧﺒﺮﻧﻲ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺑﻮ اﻟﻮﻟﯿﺪ ﯾﻮﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺮدي وأﺑﻮ ﻋﻤﺮ وأﺣﻤﺪ اﺑﻦ ﻣﺤﺮز، أن أﺑﺎ ﺑﻜﺮ اﻟﻤﺼﻌﺐ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ اﻷزدي ،اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﺑﻦ اﻟﻔﺮﺿﻰ ،ﺣﺪﺛﮭﻤﺎ، وﻛﺎن واﻟﺪ اﻟﻤﺼﻌﺐ ھﺬا ﻗﺎﺿﻲ ﺑﻠﻨﺴﯿﺔ أﯾﺎم أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ اﻟﻤﮭﺪي؛ وﻛﺎن اﻟﻤﺼﻌﺐ ﻟﻨﺎ ﺻﺪﯾﻘﺎً وأﺧﺎً وأﻟﯿﻔﺎً أﯾﺎم ﻃﻠﺒﻨﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻠﻰ واﻟﺪه وﺳﺎﺋﺮ ﺷﯿﻮخ اﻟﻤﺤﺪﺛﯿﻦ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ ﻗﺎﻻ :ﻗﺎل ﻟﻨﺎ اﻟﻤﺼﻌﺐ :ﺳﺄﻟﺖ أﺑﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﮫ ﺑﻦ اﻟﻄﻨﺒﻲ ﻋﻦ ﺳﺒﺐ ﻋﻠﺘﮫ ،وھﻮ ﻗﺪ ﻧﺤﻞ وﺧﻔﯿﺖ ﻣﺤﺎﺳﻦ وﺟﮭﮫ ﺑﺎﻟﻀﻨﻰ ﻓﻠﻢ ﯾﺒﻖ إﻻ ﻋﯿﻦ ﺟﻮھﺮھﺎ اﻟﻤﺨﺒﺮ ﻋﻦ ﺻﻔﺎﺗﮭﺎ اﻟﺴﺎﻟﻔﺔ ،وﺻﺎر ﯾﻜﺎد أن ﯾﻄﯿﺮه اﻟﻨﻔﺲ ،وﻗﺮب ﻣﻦ اﻹﻧﺤﻨﺎء، واﻟﺸﺠﺎ ﺑﺎد ﻋﻠﻰ وﺟﮭﮫ ،وﻧﺤﻦ ﻣﻨﻔﺮدان .ﻓﻘﺎل ﻟﻲ .ﻧﻌﻢ :أﺧﺒﺮك أﻧﻲ ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﺑﺎب داري ﺑﻘﺪﯾﺪ اﻟﺸﻤﺎس ﻓﻲ ﺣﯿﻦ دﺧﻮل ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺣﻤﻮد ﻗﺮﻃﺒﺔ؛ واﻟﺠﯿﻮش واردة ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺠﮭﺎت ﺗﺘﺴﺎرب ﻓﺮأﯾﺖ ﻓﻲ ﺟﻤﻠﺘﮭﻢ ﻓﺘﻰ ﻟﻢ أﻗﺪر أن ﻟﻠﺤﺴﻦ ﺻﻮرة ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺣﺘﻰ رأﯾﺘﮫ ،ﻓﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻠﻲ وھﺎم ﺑﮫ ﻟﺒﻲ ،ﻓﺴﺄﻟﺖ ﻋﻨﮫ ﻓﻘﯿﻞ ﻟﻲ :ھﺬا ﻓﻼن ﺑﻦ ﻓﻼن ،ﻣﻦ ﺳﻜﺎن ﺟﮭﺔ ﻛﺬا ،ﻧﺎﺣﯿﺔ ﻗﺎﺻﯿﺔ ﻋﻦ ﻗﺮﻃﺒﺔ ﺑﻌﯿﺪة اﻟﻤﺄﺧﺬ .ﻓﯿﺌﺴﺖ ﻣﻦ رؤﯾﺘﮫ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ .وﻟﻌﻤﺮي ﯾﺎ أﺑﺎ ﺑﻜﺮ ﻻ ﻓﺎرﻗﻨﻲ ﺣﺒﮫ أو ﯾﻮردﻧﻲ رﻣﺴﻰ. ﻓﻜﺎن ﻛﺬﻟﻚ ،وأﻧﺎ أﻋﺮف ذﻟﻚ اﻟﻔﺘﻰ وأدرﯾﮫ ،وﻗﺪ رأﯾﺘﮫ ﻟﻜﻨﻲ أﺿﺮﺑﺖ ﻋﻦ اﺳﻤﮫ ﻷﻧﮫ ﻗﺪ ﻣﺎت واﻟﺘﻘﻰ ﻛﻼھﻤﺎ ﻋﻨﺪ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ .ﻋﻔﺎ اﷲ ﻋﻦ اﻟﺠﻤﯿﻊ. ھﺬا ﻋﻠﻰ أن أﺑﺎ ﻋﺒﺪ اﷲ ،أﻛﺮم اﷲ ﻧﺰﻟﮫ ،ﻣﻤﻦ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻟﮫ وﻟﮫ ﻗﻂ ،وﻻ ﻓﺎرق اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﻤﺜﻠﻰ؛ وﻻ وﻃﺊ ﺣﺮاﻣﺎً ﻗﻂ؛ وﻻ ﻗﺎرف ﻣﻨﻜﺮاً؛ وﻻ أﺗﻰ ﻣﻨﮭﯿﺎً ﻋﻨﮫ ﯾﺤﻞ ﺑﺪﯾﻨﮫ وﻣﺮوءﺗﮫ؛ وﻻ ﻗﺎرض ﻣﻦ ﺟﻔﺎ ﻋﻠﯿﮫ؛ وﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ ﻃﺒﻘﺘﻨﺎ ﻣﺜﻠﮫ .ﺛﻢ دﺧﻠﺖ أﻧﺎ ﻗﺮﻃﺒﺔ ﻓﻲ ﺧﻼﻓﺔ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺣﻤﻮد اﻟﻤﺄﻣﻮن ﻓﻠﻢ أﻗﺪم ﺷﯿﺌﺎً ﻋﻠﻰ ﻗﺼﺪ أﺑﻲ ﻋﻤﺮو
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﯾﺤﯿﻰ اﻟﺘﻤﯿﻤﻲ أﺧﻲ ﻋﺒﺪ اﷲ رﺣﻤﮫ اﷲ .ﻓﺴﺄﻟﺘﮫ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﮫ وﻋﺰﯾﺘﮫ ﻋﻦ أﺧﯿﮫ وﻣﺎ ﻛﺎن أوﻟﻰ ﺑﺎﻟﺘﻌﺰﯾﺔ ﻋﻨﮫ ﻣﻨﻲ .ﺛﻢ ﺳﺄﻟﺘﮫ ﻋﻦ أﺷﻌﺎره ورﺳﺎﺋﻠﮫ إذ ﻛﺎن اﻟﺬي ﻋﻨﺪي ﻣﻨﮫ ﻗﺪ ذھﺐ ﺑﺎﻟﻨﮭﺐ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺬي ذﻛﺮﺗﮫ ﻓﻲ ﺻﺪر ھﺬه اﻟﺤﻜﺎﯾﺔ ﻓﺄﺧﺒﺮﻧﻲ ﻋﻨﮫ أن ﻟﻤﺎ ﻗﺮﺑﺖ وﻓﺎﺗﮫ وأﯾﻘﻦ ﺑﺤﻀﻮر اﻟﻤﻨﯿﺔ وﻟﻢ ﯾﺸﻚ ﻓﻲ اﻟﻤﻮت دﻋﺎ ﺑﺠﻤﯿﻊ ﺷﻌﺮه وﺑﻜﺘﺒﻲ اﻟﺘﻲ ﻛﻨﺖ ﺧﺎﻃﺒﺘﮫ أﻧﺎ ﺑﮭﺎ ،ﻓﻘﻄﻌﮭﺎ ﻛﻠﮭﺎ ﺛﻢ أﻣﺮ ﺑﺪﻓﻨﮭﺎ .ﻗﺎل أﺑﻮ ﻋﻤﺮو :ﻓﻘﻠﺐ ﻟﮫ :ﯾﺎ أﺧﻲ دﻋﮭﺎ ﺗﺒﻘﻲ .ﻓﻘﺎل :إﻧﻲ أﻗﻄﻌﮭﺎ وأﻧﺎ أدري أﻧﻲ أﻗﻄﻊ ﻓﯿﮭﺎ أدﺑﺎً ﻛﺜﯿﺮاً ،وﻟﻜﻦ ﻟﻮ ﻛﺎن أﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻌﯿﻨﻲ ﺣﺎﺿﺮاً ﻟﺪﻓﻌﺘﮭﺎ إﻟﯿﮫ ﺗﻜﻮن ﻋﻨﺪه ﺗﺬﻛﺮة ﻟﻤﻮدﺗﻲ ،وﻟﻜﻨﻲ ﻻ أﻋﻠﻢ أي اﻟﺒﻼد أﺿﻤﺮﺗﮫ وﻻ أﺣﻲ ھﻮ أم ﻣﯿﺖ .وﻛﺎﻧﺖ ﻧﻜﺒﺘﻲ اﺗﺼﻠﺖ ﺑﮫ وﻟﻢ ﯾﻌﻠﻢ ﻣﺴﺘﻘﺮي وﻻ إﻟﻰ ﻣﺎ آل إﻟﯿﮫ أﻣﺮي ﻓﻤﻦ ﻣﺮاﺋﻲ ﻟﮫ ﻗﺼﯿﺪة ،ﻣﻨﮭﺎ: ﻟﺌﻲ ﺴﺘﺭﺘﻙ ﺒﻁﻭل ﺍﻟﻠﺤـﻭﺩ
ﻓﻭﺠﺩﻱ ﺒﻌﺩﻙ ﻻ ﺴـﺘـﺘـﺭ
ﻗﺼﺩﺕ ﺩﻴﺎﺭﻙ ﻗﺼﺩ ﺍﻟﻤﺸﻭﻕ
ﻭﻟﻠﺩﻫﺭ ﻓﻴﻨﺎ ﻜـﺭﻭﺭ ﻭﻤـﺭ
ﻓﺄﻟﻔﻴﺘﻬﺎ ﻤﻨﻙ ﻗﻔـﺭﺍﹰ ﺨـﻼﺀ
ﻓﺄﺴﻜﺒﺕ ﻋﻴﻨﻲ ﻋﻠﻴﻙ ﺍﻟﻌﺒﺭ
وﺣﺪﺛﻨﻲ أﺑﻮ اﻟﻘﺎﺳﻢ اﻟﮭﻤﺬاﻧﻲ رﺣﻤﮫ اﷲ ﻗﺎل :ﻛﺎن ﻣﻌﻨﺎ ﺑﺒﻐﺪاد أخ ﻟﻌﺒﺪ اﷲ اﺑﻦ ﯾﺤﯿﻰ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ دﺣﻮن اﻟﻌﻘﺒﺔ ،اﻟﺬي ﻋﻠﯿﮫ ﻣﺪار اﻟﻔﺘﯿﺎ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ ،وﻛﺎن أﻋﻠﻢ ﻣﻦ أﺧﯿﮫ وأﺟﻞ ﻣﻘﺪراً ،ﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ أﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ﺑﺒﻐﺪاد ﻣﺜﻠﮫ ،وأﻧﮫ اﺟﺘﺎز ﯾﻮﻣﺎً ﺑﺪرب ﻗﻄﻨﺔ؛ ﻓﻲ زﻗﺎق ﻻ ﯾﻨﻔﺬ .ﻓﺪﺧﻞ ﻓﯿﮫ ﻓﺮأى ﻓﻲ أﻗﺼﺎه ﺟﺎرﯾﺔ واﻗﻔﺔ ﻣﻜﺸﻮﻓﺔ اﻟﻮﺟﮫ، ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﮫ :ﯾﺎ ھﺬا ،إن اﻟﺪرب ﻻ ﯾﻨﻔﺬ ،ﻗﺎل :ﻓﻨﻈﺮ إﻟﯿﮭﺎ ﻓﮭﺎم ﺑﮭﺎ .ﻗﺎل :واﻧﺼﺮف
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
إﻟﯿﻨﺎ ﻓﺘﺰاﯾﺪ ﻋﻠﯿﮫ أﻣﺮھﺎ ،وﺧﺸﻰ اﻟﻔﺘﻨﺔ ﻓﺨﺮج إﻟﻰ اﻟﺒﺼﺮة ﻓﻤﺎت ﺑﮭﺎ ﻋﺸﻘﺎً رﺣﻤﮫ اﷲ ،وﻛﺎن ﻓﯿﻤﺎ ذﻛﺮ ﻣﻦ اﻟﺼﺎﻟﺤﯿﻦ.
ﺣﻜﺎﯾﺔ :ﻟﻢ أزل أﺳﻤﻌﮭﺎ ﻋﻦ ﺑﻌﺒﺾ ﻣﻠﻮك اﻟﺒﺮاﺑﺮ ،أن رﺟﻼ أﻧﺪﻟﺴﯿﺎً ﺑﺎع ﺟﺎرﯾﺔ، ﻛﺎن ﯾﺠﺪ ﺑﮭﺎ وﺟﺪا ﺷﺪﯾﺪا ،ﻟﻔﺎﻗﺔ أﺻﺎﺑﺘﮫ ،ﻣﻦ رﺟﻞ ﻣﻦ أھﻞ ذﻟﻚ اﻟﺒﻠﺪ ،وﻟﻢ ﯾﻈﻦ ﺑﺎﺋﻌﮭﺎ أن ﻧﻔﺴﮫ ﺗﺘﺒﻌﮭﺎ ذﻟﻚ اﻟﺘﺘﺒﻊ .ﻓﻠﻤﺎ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺸﺘﺮي ﻛﺎدت ﻧﻔﺲ اﻷﻧﺪﻟﺴﻲ ﺗﺨﺮج .ﻓﺄﺗﻰ إﻟﻰ اﻟﺬي اﺑﺘﺎﻋﮭﺎ ﻣﻨﮫ وﺣﻜﻤﮫ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﮫ أﺟﻤﻊ وﻓﻲ ﻧﻔﺴﮫ، ﻓﺄﺑﻰ ﻋﻠﯿﮫ ،ﻓﺘﺤﻤﻞ ﻋﻠﯿﮫ ﺑﺄھﻞ اﻟﺒﻠﺪ ﻓﻠﻢ ﯾﺴﻌﻒ ﻣﻨﮭﻢ أﺣﺪ .ﻓﻜﺎد ﻋﻘﻠﮫ أن ﯾﺬھﺐ ورأى أن ﯾﺘﺼﺪى إﻟﻰ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﺘﻌﺮض ﻟﮫ وﺻﺎح ،ﻓﺴﻤﻌﮫ ﻓﺄﻣﺮ ﺑﺈدﺧﺎﻟﮫ ،واﻟﻤﻠﻚ ﻗﺎﻋﺪ ﻓﻲ ﻋﻠﯿﺔ ﻟﮫ ﻣﺸﺮﻓﺔ ﻋﺎﻟﯿﺔ ﻓﻮﺻﻞ إﻟﯿﮫ .ﻓﻤﺎ ﻣﺜﻞ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ أﺧﺒﺮه ﺑﻘﺼﺘﮫ واﺳﺘﺮﺣﻤﮫ وﺗﻀﺮع إﻟﯿﮫ ،ﻓﺮق ﻟﮫ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﺄﻣﺮ ﺑﺈﺣﻀﺎر اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻤﺒﺘﺎع ﻓﺤﻀﺮ، ﻓﻘﺎل ﻟﮫ :ھﺬا رﺟﻞ ﻏﺮﯾﺐ وھﻮ ﻛﻤﺎ ﺗﺮاه وأﻧﺎ ﺷﻔﯿﻌﮫ إﻟﯿﻚ .ﻓﺄﺑﻰ اﻟﻤﺘﺎع وﻗﺎل :أﻧﺎ أﺷﺪ ﺣﺒﺎً ﻟﮭﺎ ﻣﻨﮫ وأﺧﺸﻰ أن ﺻﺮﻓﺘﮭﺎ إﻟﯿﮫ أن أﺳﺘﻐﯿﺚ ﺑﻚ ﻏﺪاً أو أﻧﺎ ﻓﻲ أﺳﻮأ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺘﮫ .ﻓﻌﺮض ﻟﮫ اﻟﻤﻠﻚ وﻣﻦ ﺣﻮاﻟﯿﮫ ﻣﻦ أﻣﻮاﻟﮭﻢ ،ﻓﺄﺑﻰ وﻟﺞ واﻋﺘﺬر ﺑﻤﺤﺒﺘﮫ ﻟﮭﺎ، ﻓﻠﻤﺎ ﻃﺎل اﻟﻤﺠﻠﺲ وﻟﻢ ﯾﺮوا ﻣﻨﮫ اﻟﺒﺘﺔ ﺟﻨﻮﺣﺎً إﻟﻰ اﻹﺳﻌﺎف ﻗﺎل ﻟﻸﻧﺪﻟﺴﻲ :ﯾﺎ ھﺬا ﻣﺎﻟﻚ ﺑﯿﺪي أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺗﺮى ،وﻗﺪ ﺟﮭﺪت ﻟﻚ ﺑﺄﺑﻠﻎ ﺳﻌﻲ ،وھﻮ ﺗﺮاه ﯾﻌﺘﺬر ﺑﺄﻧﮫ ﻓﯿﮭﺎ أﺣﺐ ﻣﻨﻚ وأﻧﮫ ﯾﺨﺸﻰ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﮫ ﺷﺮاً ﻣﻤﺎ أﻧﺖ ﻓﯿﮫ ،ﻓﺎﺻﺒﺮ ﻟﻤﺎ ﻗﻀﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻚ. ﻓﻘﺎل ﻟﮫ اﻷﻧﺪﻟﺴﻲ :ﻓﻤﺎﻟﻲ ﺑﯿﺪك ﺣﯿﻠﺔ؟ ﻗﺎل ﻟﮫ :وھﻞ ھﺎ ھﻨﺎ ﻏﯿﺮ اﻟﺮﻏﺒﺔ واﻟﺒﺬل ،ﻣﺎ ِأﺳﺘﻄﯿﻊ ﻟﻚ أﻛﺜﺮ .ﻓﻠﻤﺎ ﯾﺌﺴﻲ اﻷﻧﺪﻟﺴﻲ ﻣﻨﮭﺎ ﺟﻤﻊ ﯾﺪﯾﮫ ورﺟﻠﯿﮫ واﻧﺼﺐ ﻣﻦ أﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠﯿﺔ إﻟﻰ اﻷرض .ﻓﺎرﺗﺎع اﻟﻤﻠﻚ وﺻﺮخ ،ﻓﺎﺑﺘﺪر اﻟﻐﻠﻤﺎن ﻣﻦ أﺳﻔﻞ ،ﻓﻘﻀﻰ أﻧﮫ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻟﻢ ﯾﺘﺄذ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﻮع ﻛﺒﯿﺮ أذى ،ﻓﺼﻌﺪ ﺑﮫ إﻟﻰ اﻟﻤﻠﻚ ،ﻓﻘﺎل :ﻣﺎذا أردت ﺑﮭﺬا؟ ﻓﻘﺎل :أﯾﮭﺎ اﻟﻤﻠﻚ ،ﻻ ﺳﺒﯿﻞ ﻟﻲ إﻟﻰ اﻟﺤﯿﺎة ﺑﻌﺪھﺎ ﺛﻢ ھﻢ أن ﯾﺮﻣﻲ ﻧﻔﺴﮫ ﺛﺎﻧﯿﺔ ،ﻓﻤﻨﻊ. ﻓﻘﺎل اﻟﻤﻠﻚ :اﷲ أﻛﺒﺮ ،ﻗﺪ ﻇﮭﺮ وﺟﮫ اﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ،ﺛﻢ اﻟﺘﻔﺖ إﻟﻰ اﻟﻤﺸﺘﺮي ﻓﻘﺎل :ﯾﺎ ھﺬا ،إﻧﻚ ذﻛﺮت أﻧﻚ أود ﻟﮭﺎ ﻣﻨﮫ وﺗﺨﺎف أن ﺗﺼﯿﺮ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﺣﺎﻟﮫ ،ﻓﻘﺎل :ﻧﻌﻢ .ﻗﺎل :ﻓﺈن ﺻﺎﺣﺒﻚ ھﺬا أﺑﺪى ﻋﻨﻮان ﻣﺤﺒﺘﮫ وﻗﺬف ﺑﻨﻔﺴﮫ ﯾﺮﯾﺪ اﻟﻤﻮت ﻟﻮﻻ أن اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ وﻗﺎه ،ﻓﺄﻧﺖ ﻗﻢ ﻓﺼﺤﺢ ﺣﺒﻚ وﺗﺮام ﻣﻦ أﻋﻠﻰ ھﺬه اﻟﻘﺼﺒﺔ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺻﺎﺣﺒﻚ ،ﻓﺈن ﻣﺖ ﻓﺒﺄﺟﻠﻚ وإن ﻋﺸﺖ ﻛﻨﺖ أوﻟﻰ ﺑﺎﻟﺠﺎرﯾﺔ ،إذ ھﻲ ﻓﻲ ﯾﺪك وﯾﻤﻀﻲ ﺻﺎﺣﺒﻚ ﻋﻨﻚ ،وإن أﺑﯿﺖ ﻧﺰﻋﺖ اﻟﺠﺎرﯾﺔ ﻣﻨﻚ رﻏﻤﺎً ودﻓﻌﺘﮭﺎ إﻟﯿﮫ ،ﻓﺘﻤﻨﻊ ﺛﻢ ﻗﺎل ،أﺗﺮاﻣﻰ .ﻓﻠﻤﺎ ﻗﺮب ﻣﻦ اﻟﺒﺎب وﻧﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﮭﻮى ﺗﺤﺘﮫ رﺟﻊ اﻟﻘﮭﻘﺮي ،ﻓﻘﺎل ﻟﮫ اﻟﻤﻠﻚ :ھﻮ واﷲ ﻣﺎ ﻗﻠﺖ ،ﻓﮭﻢ ﺛﻢ ﻧﻜﻞ ،ﻓﻠﻤﺎ ﻟﻢ ﯾﻘﺪم ﻗﺎل ﻟﮫ اﻟﻤﻠﻚ :ﻻ ﺗﺘﻼﻋﺐ ﺑﻨﺎ ،ﯾﺎ ﻏﻠﻤﺎن ،ﺧﺬوا ﺑﯿﺪﯾﮫ وأرﻣﻮا ﺑﮫ إﻟﻰ اﻷرض ﻓﻠﻤﺎ رأى اﻟﻌﺰﯾﻤﺔ ﻗﺎل :أﯾﮭﺎ اﻟﻤﻠﻚ ،ﻗﺪ ﻃﺎﺑﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﺑﺎﻟﺠﺎرﯾﺔ .ﻓﻘﺎل ﻟﮫ :ﺟﺰاك اﷲ ﺧﯿﺮاً. ﻓﺎﺷﺘﺮاھﺎ ﻣﻨﮫ ودﻓﻌﮭﺎ إﻟﻰ ﺑﺎﺋﻌﮭﺎ ،واﻧﺼﺮﻓﺎ.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﺒﺎب اﻟﺘﺎﺳﻊ واﻟﻌﺸﺮون ﻗﺒﺢ اﻟﻤﻌﺼﯿﺔ ﻗﺎل اﻟﻤﺼﻨﻒ رﺣﻤﮫ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ :وﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﯾﻄﯿﻌﻮن أﻧﻔﺴﮭﻢ وﯾﻌﺼﻮن ﻋﻘﻮﻟﮭﻢ وﯾﺘﺒﻌﻮن أھﻮاءھﻢ ،وﯾﺮﻓﻀﻮن أدﯾﺎﻧﮭﻢ ،وﯾﺘﺠﻨﺒﻮا ﻣﺎ ﺣﺾ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﯿﮫ ورﺗﺒﮫ ﻓﻲ اﻷﻟﺒﺎب اﻟﺴﻠﯿﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻔﺔ وﺗﺮك اﻟﻤﻌﺎﺻﻲ وﻣﻘﺎرﻋﺔ اﻟﮭﻮى وﯾﺨﺎﻟﻔﻮن اﷲ رﺑﮭﻢ ،وﯾﻮاﻓﻘﻮن إﺑﻠﯿﺲ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺤﺒﮫ ﻣﻦ اﻟﺸﮭﻮة اﻟﻤﻌﻄﯿﺔ ﻓﯿﻮاﻗﻌﻮن اﻟﻤﻌﺼﯿﺔ ﻓﻲ ﺣﺒﮭﻢ .وﻗﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ أن اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ رﻛﺐ ﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎن ﻃﺒﯿﻌﺘﯿﻦ ﻣﺘﻀﺎدﺗﯿﻦ :إﺣﺪاھﻤﺎ ﻻ ﺗﺸﯿﺮ إﻻ ﺑﺨﯿﺮ وﻻ ﺗﺤﺾ إﻻ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﻦ وﻻ ﯾﺘﺼﻮر ﻓﯿﮭﺎ إﻻ ﻛﻞ أﻣﺮ ﻣﺮﺿﻲ، وھﻲ اﻟﻌﻘﻞ ،وﻗﺎﺋﺪه اﻟﻌﺪل.
واﻟﺜﺎﻧﯿﺔ :ﺿﺪ ﻟﮭﺎ ﻻ ﺗﺸﯿﺮ إﻻ إﻟﻰ اﻟﺸﮭﻮات ،وﻻ ﺗﻘﻮد إﻻ إﻟﻰ اﻟﺮدى ،وھﻲ اﻟﻨﻔﺲ ،وﻗﺎﺋﺪھﺎ اﻟﺸﮭﻮة .واﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﯾﻘﻮل) :إن اﻟﻨﻔﺲ ﻷﻣﺎرة ﺑﺎﻟﺴﻮء( .وﻛﻨﻰ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ﻋﻦ اﻟﻌﻘﻞ ﻓﻘﺎل) :إن ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻟﺬﻛﺮى ﻟﻤﻦ ﻛﺎن ﻟﮫ ﻗﻠﺐ أو أﻟﻘﻰ اﻟﺴﻤﻊ وھﻮ ﺷﮭﯿﺪ( .وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ) :وﺣﺒﺐ أﻟﻜﻢ اﻹﯾﻤﺎن وزﯾﻨﮫ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ( .وﺧﺎﻃﺐ أوﻟﻲ اﻷﻟﺒﺎب. ﻓﮭﺎﺗﺎن اﻟﻄﺒﯿﻌﺘﺎن ﻗﻄﺒﺎن ﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎن ،وھﻤﺎ ﻗﻮﺗﺎن ﻣﻦ ﻗﻮى اﻟﺠﺴﺪ اﻟﻔﻌﺎل ﺑﮭﻤﺎ، وﻣﻄﺮﺣﺎن ﻣﻦ ﻣﻄﺎرح ﺷﻌﺎﻋﺎت ھﺬﯾﻦ اﻟﺠﻮھﺮﯾﻦ اﻟﻌﺠﯿﺒﯿﻦ اﻟﺮﻓﯿﻌﯿﻦ اﻟﻌﻠﻮﯾﯿﻦ ﻓﻔﻲ ﻛﻞ ﺟﺴﺪ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﺣﻈﮫ ﻋﻠﻰ ﻗﺪر ﻣﻘﺎﺑﻠﺘﮫ ﻟﮭﻤﺎ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﯾﺮ اﻟﻮاﺣﺪ اﻟﺼﻤﺪ ،ﺗﻘﺪﺳﺖ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
أﺳﻤﺎؤه ﺣﯿﻦ ﺧﻠﻘﮫ وھﯿﺄه .ﻓﮭﻤﺎ ﯾﺘﻘﺎﺑﻼن أﺑﺪاً وﯾﺘﻨﺎزﻋﺎن دأﺑﺎً ،ﻓﺈذا ﻏﻠﺐ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻨﻔﺲ ارﺗﺪع اﻹﻧﺴﺎن وﻗﻤﻊ ﻋﻮارﺿﮫ اﻟﻤﺪﺧﻮﻟﺔ واﺳﺘﻀﺎء ﺑﻨﻮر اﷲ واﺗﺒﻊ اﻟﻌﺪل وإذا ﻏﻠﺒﺖ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﻌﻘﻞ ﻋﻤﯿﺖ اﻟﺒﺼﯿﺮة ،وﻟﻢ ﯾﺼﺢ اﻟﻔﺮق ﺑﯿﻦ اﻟﺤﺴﻦ واﻟﻘﺒﯿﺢ، وﻋﻈﻢ اﻻﻟﺘﺒﺎس وﺗﺮدى ﻓﻲ ھﻮة اﻟﺮدى وﻣﮭﻮاة اﻟﮭﻠﻜﺔ ،وﺑﮭﺬا ﺣﺴﻦ اﻷﻣﺮ واﻟﻨﮭﻲ ،ووﺟﺐ اﻻﻛﺘﻤﺎل ،وﺻﺢ اﻟﺜﻮاب واﻟﻌﻘﺎب ،واﺳﺘﺤﻖ اﻟﺠﺰاء .واﻟﺮوح وأﺻﻞ ﺑﯿﻦ ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﻄﺒﯿﻌﺘﯿﻦ ،وﻣﻮﺻﻞ ﻣﺎ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ،وﺣﺎﻣﻞ اﻻﻟﺘﻘﺎء ﺑﮭﻤﺎ وإن اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻨﺪ ﺣﺪ اﻟﻄﺎﻋﺔ ﻟﻤﻌﺪوم إﻻ ﺑﻄﻮل اﻟﺮﯾﺎﺿﺔ وﺻﺤﺔ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ وﻧﻔﺎذ اﻟﺘﻤﯿﯿﺰ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ اﺟﺘﻨﺎب اﻟﺘﻌﺮض ﻟﻠﻔﺘﻦ وﻣﺪاﺧﻠﮫ اﻟﻨﺎس ﺟﻤﻠﺔ واﻟﺠﻠﻮس ﻓﻲ اﻟﺒﯿﻮت ،وﺑﺎﻟﺤﺮي أن ﺗﻘﻊ اﻟﺴﻼﻣﺔ اﻟﻤﻀﻤﻮﻧﺔ أن ﯾﻜﻮن اﻟﺮﺟﻞ ﺣﺼﻮراً ﻻ أرب ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻨﺴﺎء وﻻ ﺟﺎرﺣﺔ ﻟﮫ ﺗﻌﺒﻨﮫ ﻋﻠﯿﮭﻦ ﻗﺪﯾﻤﺎً .وورد :ﻣﻦ وﻗﻰ ﺷﺮ ﻟﻘﻠﻘﮫ وﻗﺒﻘﺒﮫ وذﺑﺬﺑﮫ ﻓﻘﺪ وﻗﻰ ﺷﺮ اﻟﺪﻧﯿﺎ ﺑﺤﺬاﻓﯿﺮاھﺎ .واﻟﻠﻘﻠﻖ :اﻟﻠﺴﺎن .واﻟﻘﺒﻘﺐ :اﻟﺒﻄﻦ. واﻟﺬﺑﺬب :اﻟﻔﺮج وﻟﻘﺪ أﺧﺒﺮﻧﻲ أﺑﻮ ﺣﻔﺺ اﻟﻜﺎﺗﺐ ھﻮ ﻣﻦ وﻟﺪ روح ﺑﻦ زﻧﺒﺎع اﻟﺠﺬاﻣﻲ ،أﻧﮫ ﺳﻤﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺘﺴﻤﯿﻦ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻔﻘﮫ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﺮواﯾﺔ اﻟﻤﺸﺎھﯿﺮ ،وﻗﺪ ﺳﺌﻞ
ﻋﻦ
ھﺬا
اﻟﺤﺪﯾﺚ
ﻓﻘﺎل:
اﻟﻘﺒﻘﺐ.
اﻟﺒﻄﯿﺦ.
وﺣﺪﺛﻨﺎ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ،ﺛﻨﺎ وھﺐ ﺑﻦ ﻣﺴﺮة وﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ دﻟﯿﻢ ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ وﺿﺎح ﻋﻦ ﯾﺤﯿﻰ ﺑﻦ ﯾﺤﯿﻰ ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ أﻧﺲ ﻋﻦ زﯾﺪ ﺑﻦ أﺳﻠﻢ ﻋﻦ ﻋﻄﺎء اﺑﻦ ﯾﺴﺎر ،أن رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻗﺎل ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ ﻃﻮﯾﻞ) :ﻣﻦ وﻗﺎه اﷲ ﺷﺮ اﺛﻨﺘﯿﻦ دﺧﻞ اﻟﺠﻨﺔ( .ﻓﺴﺌﻞ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻓﻘﺎل) :ﻣﺎ ﺑﯿﻦ ﻟﺤﯿﯿﮫ وﻣﺎ ﺑﯿﻦ رﺟﻠﯿﮫ(. وإﻧﻲ ﻷﺳﻤﻊ ﻛﺜﯿﺮاً ﻣﻤﻦ ﯾﻘﻮل :اﻟﻮﻓﺎء ﻓﻲ ﻗﻤﻊ اﻟﺸﮭﻮات ﻓﻲ اﻟﺮﺟﺎل دون اﻟﻨﺴﺎء
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻓﺄﻃﯿﻞ اﻟﻌﺠﺐ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،وإن ﻟﻲ ﻗﻮﻻً ﻻ أﺣﻮل ﻋﻨﮫ :اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء ﻓﻲ اﻟﺠﻨﻮح إﻟﻰ ھﺬﯾﻦ اﻟﺸﯿﺌﯿﻦ ﺳﻮاه ،وﻣﺎ رﺟﻞ ﻋﺮﺿﺖ ﻟﮫ اﻣﺮأة ﺟﻤﯿﻠﺔ ﺑﺎﻟﺤﺐ وﻃﺎل ذﻟﻚ وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﺛﻢ ﻣﻦ ﻣﺎﻧﻊ إﻻ وﻗﻊ ﻓﻲ ﺷﺮك اﻟﺸﯿﻄﺎن واﺳﺘﮭﻮﺗﮫ اﻟﻤﻌﺎﺻﻲ واﺳﺘﻔﺰه اﻟﺤﺮص وﺗﻐﻮﻟﮫ اﻟﻄﻤﻊ ،وﻣﺎ اﻣﺮأة دﻋﺎھﺎ رﺟﻞ ﺑﻤﺜﻞ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ إﻻ وأﻣﻜﻨﺘﮫ، ﺣﺘﻤﺎً
ﻣﻘﻀﯿﺎً
وﺣﻜﻤﺎً
ﻧﺎﻓﺬا
ﻻ
ﻣﺤﯿﺪ
ﻋﻨﮫ
اﻟﺒﺘﺔ.
وﻟﻘﺪ أﺧﺒﺮﻧﻲ ﺛﻘﺔ ﺻﺪق ﻣﻦ إﺧﻮاﻧﻲ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﻨﻤﺎء ﻓﻲ اﻟﻔﻘﮫ واﻟﻜﻼم اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ وذو ﺻﻼﺑﺔ ﻓﻲ دﯾﻨﮫ ،أﻧﮫ أﺣﺐ ﺟﺎرﯾﺔ ﻧﺒﯿﻠﺔ أدﯾﺒﺔ ذات ﺟﻤﺎل ﺑﺎرع ،ﻗﺎل :ﻓﻌﺮﺿﺖ ﻟﮭﺎ ﻓﻨﻔﺮت ،ﺛﻢ ﻋﺮﺿﺖ ﻓﺄﺑﺖ .ﻓﻠﻢ ﯾﺰل اﻷﻣﺮ ﯾﻄﻮل وﺣﺒﮭﺎ ﯾﺰﯾﺪ ،وھﻲ ﻻ ﺗﻄﯿﻊ اﻟﺒﺘﺔ ،إﻟﻰ أن ﺣﻤﻠﻨﻲ ﻓﺮط ﺣﺒﻲ ﻟﮭﺎ ﻣﻊ ﻋﻤﻲ اﻟﺼﺒﻲ ﻋﻠﻰ أن ﻧﺬرت أﻧﻲ ﻣﺘﻰ ﻧﻠﺖ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺮادي أن أﺗﻮب إﻟﻰ اﷲ ﺗﻮﺑﺔ ﺻﺎدﻗﺔ .ﻗﺎل :ﻓﻤﺎ ﻣﺮت اﻷﯾﺎم واﻟﻠﯿﺎﻟﻲ ﺣﺘﻰ أذﻋﻨﺖ ﺑﻌﺪ ﺷﻤﺎس وﻧﻔﺎر .ﻓﻘﻠﺖ ﻟﮫ :أﻧﺎ ﻓﻼن ،وﻓﯿﺖ ﺑﻌﮭﺪك؟ ﻓﻘﺎل :أي واﷲ، ﻓﻀﺤﻜﺖ. وذﻛﺮت ﺑﮭﺬه اﻟﻔﻌﻠﺔ ﻣﺎ ﻟﻢ ﯾﺰل ﯾﺪاول ﻓﻲ أﺳﻤﺎﻋﻨﺎ ﻣﻦ أن ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﺒﺮﺑﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺎور أﻧﺪﻟﺴﻨﺎ ﯾﺘﻌﮭﺪ اﻟﻔﺎﺳﻖ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ إذا ﻗﻀﻰ وﻃﺮه ﻣﻤﻦ أراد أن ﯾﺘﻮب إﻟﻰ اﷲ ،ﻓﻼ ﯾﻤﻨﻊ ﻣﻦ ذﻟﻚ .وﯾﻨﻜﺮون ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺗﻌﺮض ﻟﮫ ﺑﻜﻠﻤﺔ وﯾﻘﻮﻟﻮن ﻟﮫ :أﺗﺤﺮم رﺟﻼً ﻣﺴﻠﻤﺎً اﻟﺘﻮﺑﺔ.
ﻗﺎل :وﻟﻌﮭﺪي ﺑﮭﺎ ﺗﺒﻜﻲ وﺗﻘﻮل :واﷲ ﻟﻘﺪ ﺑﻠﻐﺘﻨﻲ ﺑﻤﻠﻐﺎً ﻣﺎ ﺧﻄﺮ ﻗﻂ ﻟﻲ ﺑﺒﺎل ،وﻻ ﻗﺪرت أن أﺟﯿﺐ إﻟﯿﮫ أﺣﺪاً.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وﻟﺴﺖ أﺑﻌﺪ أن ﯾﻜﻮن اﻟﺼﻼح ﻓﻲ اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء ﻣﻮﺟﻮداً .وأﻋﻮذ ﺑﺎﷲ أن أﻇﻦ ﻏﯿﺮ ھﺬا ،وإﻧﻲ رأﯾﺖ اﻟﻨﺎس ﯾﻐﻠﻄﻮن ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ ھﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ ،أﻋﻨﻲ اﻟﺼﻼح ،ﻏﻠﻄﺎً ﺑﻌﯿﺪاً واﻟﺼﺤﯿﺢ ﻓﻲ ﺣﻘﯿﻘﺔ ﺗﻔﺴﯿﺮھﺎ أن اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء ھﻲ اﻟﺘﻲ إذا ﺿﺒﻄﺖ اﻧﻀﺒﻄﺖ ،وإذا ﻗﻄﻌﺖ ﻋﻨﮭﺎ اﻟﺬراﺋﻊ أﻣﺴﻜﺖ .واﻟﻔﺎﺳﺪة ھﻲ اﻟﺘﻲ إذا ﺿﺒﻄﺖ ﻟﻢ ﺗﻨﻀﺒﻂ ،وإذا ﺣﯿﻞ ﺑﯿﻨﮭﺎ وﺑﯿﻦ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺘﻲ ﺗﺴﮭﻞ اﻟﻔﻮاﺣﺶ ﺗﺤﯿﻠﺖ ﻓﻲ أن ﺗﺘﻮﺻﻞ إﻟﯿﮭﺎ ﺑﻀﺮوب ﻣﻦ اﻟﺤﯿﻞ .واﻟﺼﺎﻟﺢ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل ﻣﻦ ﻻ ﯾﺪاﺧﻞ أھﻞ اﻟﻔﺴﻮق وﻻ ﯾﺘﻌﺮض إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺎﻇﺮ اﻟﺠﺎﻟﺒﺔ ﻟﻸھﻮاء ،وﻻ ﯾﺮﻓﻊ ﻃﺮﻓﮫ إﻟﻰ اﻟﺼﻮر اﻟﺒﺪﯾﻌﺔ اﻟﺼﻨﻌﺔ ،وﯾﺘﺼﺪى ﻟﻠﻤﺸﺎھﺪ اﻟﻤﺆذﯾﺔ ،وﯾﺤﺐ اﻟﺨﻠﻮات اﻟﻤﮭﻠﻜﺎت واﻟﺼﺎﻟﺤﺎن ﻣﻦ اﻟﺮﺣﺎل واﻟﻨﺴﺎء ﻛﺎﻟﻨﺎر اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﺮﻣﺎد ﻻ ﺗﺤﺮق ﻣﻦ ﺟﺎورھﺎ إﻻ ﺑﺄن ﺗﺤﺮك واﻟﻔﺎﺳﻘﺎن ﻛﺎﻟﻨﺎر اﻟﻤﺸﺘﻌﻠﺔ ﺗﺤﺮق ﻛﻞ ﺷﻲء. وأﻣﺎ اﻣﺮأة ﻣﮭﻤﻠﺔ ورﺟﻞ ﻣﺘﻌﺮض ﻓﻘﺪ ھﻠﻜﺎ وﺗﻠﻔﺎ .وﻟﮭﺬا ﺣﺮم ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ اﻻﻟﺘﺬاذ ﺑﺴﻤﺎع ﻧﻐﻤﺔ اﻣﺮأة أﺟﻨﺒﯿﺔ .وﻗﺪ ﺟﻌﻠﺖ اﻟﻨﻈﺮة اﻷوﻟﻰ ﻟﻚ واﻷﺧﺮى ﻋﻠﯿﻚ وﻗﺪ ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ) :ﻣﻦ ﺗﺄﻣﻞ اﻣﺮأة وھﻮ ﺻﺎﺋﻢ ﺣﺘﻰ ﯾﺮى ﺣﺠﻢ ﻋﻈﺎﻣﮭﺎ ﻓﻘﺪ أﻓﻄﺮ( .وإن ﻓﯿﻤﺎ ورد ﻣﻦ اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﮭﻮى ﺑﻨﺺ اﻟﺘﻨﺰﯾﻞ ﻟﺸﯿﺌﺎً ﻣﻘﻨﻌﺎً .وﻓﻲ إﯾﻘﺎع ھﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ ،أﻋﻨﻲ اﻟﮭﻮى .اﺳﻤﺎً ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎن ،واﺷﺘﻘﺎﻗﮭﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺮب ،وذﻟﻚ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﯿﻞ اﻟﻨﻔﻮس وھﻮﯾﮭﺎ إﻟﻰ ھﺬه اﻟﻤﻘﺎﻣﺎت .وإن اﻟﻤﺘﻤﺴﻚ ﻋﻨﮭﺎ ﻣﻘﺎرع ﻟﻨﻔﺴﮫ ﻣﺤﺎرب ﻟﮭﺎ.
وﺷﻲء أﺻﻔﮫ ﻟﻚ ﺗﺮاه ﻋﯿﺎﻧﺎً ،وھﻮ أﻧﻲ ﻣﺎ رأﯾﺖ ﻗﻂ اﻣﺮأة ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﺗﺤﺲ أن
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
رﺟﻼً ﯾﺮاھﺎ أو ﯾﺴﻤﻊ ﺣﺴﮭﺎ إﻻ وأﺣﺪﺛﺖ ﺣﺮﻛﺔ ﻓﺎﺿﻠﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﮭﺎ ﺑﻤﻌﺰل ،وأﻧﺖ ﺑﻜﻼم زاﺋﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﮫ ﻓﻲ ﻏﻨﯿﺔ ،ﻣﺨﺎﻟﻔﯿﻦ ﻟﻜﻼﻣﮭﺎ وﺣﺮﻛﺘﮭﺎ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ .ورأﯾﺖ اﻟﺘﮭﻤﻢ ﻟﻤﺨﺎرج ﻟﻔﻈﮭﺎ وھﯿﺌﺔ ﺗﻘﻠﺒﮭﺎ ﻻﺋﺤﺎً ﻓﯿﮭﺎ ﻇﺎھﺮاً ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻻ ﺧﻔﺎء ﺑﮫ .واﻟﺮﺟﺎل ﻛﺬﻟﻚ إذا أﺣﺴﻮا ﺑﺎﻟﻨﺴﺎء .وأﻣﺎ إﻇﮭﺎر اﻟﺰﯾﻨﺔ وﺗﺮﺗﯿﺐ اﻟﻤﺸﻲ وإﯾﻘﺎع اﻟﻤﺰح ﻋﻨﺪ ﺧﻄﻮر اﻟﻤﺮأة ﺑﺎﻟﺮﺟﻞ واﺟﺘﯿﺎز اﻟﺮﺟﻞ ﺑﺎﻟﻤﺮأة ﻓﮭﺬا أﺷﮭﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن .واﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﯾﻘﻮل) :وﻗﻞ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﯾﻐﻀﻮا ﻣﻦ أﺑﺼﺎرھﻢ وﯾﺤﻔﻈﻮا ﻓﺮوﺟﮭﻢ( ،وﻗﺎل ﺗﻘﺪﺳﺖ أﺳﻤﺎؤه) :وﻻ ﯾﻀﺮﺑﻦ ﺑﺄرﺟﻠﮭﻦ ﻟﯿﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﯾﺨﻔﯿﻦ ﻣﻦ زﯾﻨﺘﮭﻦ( .ﻓﻠﻮﻻ ﻋﻠﻢ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﺑﺮﻗﺔ إﻏﻤﺎﺿﮭﻦ ﻓﻲ اﻟﺴﻌﻲ ﻹﯾﺼﺎل ﺣﺒﮭﻦ إﻟﻰ اﻟﻘﻠﻮب ،وﻟﻄﻒ ﻛﯿﺪھﻦ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﯿﻞ ﻻﺳﺘﺠﻼب اﻟﮭﻮى ،ﻟﻤﺎ ﻛﺸﻒ اﷲ ﻋﻦ ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺒﻌﯿﺪ اﻟﻐﺎﻣﺾ اﻟﺬي ﻟﯿﺲ وراءه ﻣﺮﻣﻰ ،وھﺬا ﺣﺪ اﻟﺘﻌﺮض ﻓﻜﯿﻒ ﺑﻤﺎ دوﻧﮫ. وﻟﻘﺪ اﻃﻠﻌﺖ ﻣﻦ ﺳﺮ ﻣﻌﺘﻘﺪ اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء ﻓﻲ ھﺬا ﻋﻠﻰ أﻣﺮ ﻋﻈﯿﻢ ،وأﺻﻞ ذﻟﻚ أﻧﻲ ﻟﻢ أﺣﺴﻦ ﻗﻂ ﺑﺄﺣﺪ ﻇﻨﺎ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺸﺄن ،ﻣﻊ ﻏﯿﺮة ﺷﺪﯾﺪة رﻛﺒﺖ ﻓﻲ .وﺣﺪﺛﻨﺎ أﺑﻮ ﻋﻤﺮ وأﺣﻤﺪ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ،ﺛﻨﺎ أﺣﻤﺪ ،ﺛﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ رﻓﺎﻋﺔ ،ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ،ﺣﺪﺛﻨﺎ أﺑﻮ ﻋﺒﯿﺪ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺳﻼم ﻋﻦ ﺷﯿﻮﺧﮫ :أن رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻗﺎل) :اﻟﻐﯿﺮة ﻣﻦ اﻹﯾﻤﺎن( .ﻓﻠﻢ أزل ﺑﺎﺣﺜﺎً ﻋﻦ أﺧﺒﺎرھﻦ ﻛﺎﺷﻔﺎً ﻋﻦ أﺳﺮارھﻦ ،وﻛﻦ ﻗﺪ أﻧﺴﻦ ﻣﻨﻲ ﺑﻜﺘﻤﺎن ،ﻓﻜﻦ ﯾﻄﻠﻌﻨﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻏﻮاﻣﺾ أﻣﻮرھﻦ. وﻟﻮﻻ أن أﻛﻮن ﻣﻨﺒﮭﺎً ﻋﻠﻰ ﻋﻮرات ﯾﺴﺘﻌﺎذ ﺑﺎﷲ ﻣﻨﮭﺎ ﻷوردت ﻣﻦ ﺗﻨﺒﮭﻦ ﻓﻲ اﻟﺴﺮ وﻣﻜﺮھﻦ ﻓﯿﮫ ﻋﺠﺎﺋﺐ ﺗﺬھﻞ اﻷﻟﺒﺎب ،وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف ھﺬا وأﺗﻘﻨﮫ ،وﻣﻊ ھﺬا ﯾﻌﻠﻢ اﷲ وﻛﻔﻰ ﺑﮫ ﻋﻠﻤﺎً أﻧﻲ ﺑﺮيء اﻟﺴﺎﺣﺔ ،ﺳﻠﯿﻢ اﻷدﯾﻢ ،ﺻﺤﯿﺢ اﻟﺒﺸﺮة ،ﻧﻘﻲ اﻟﺤﺠﺰة،
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وإﻧﻲ أﻗﺴﻢ ﺑﺎﷲ أﺟﻞ اﻷﻗﺴﺎم أﻧﻲ ﻣﺎ ﺣﻠﻠﺖ ﻣﺌﺰري ﻋﻠﻰ ﻓﺮج ﺣﺮام ﻗﻂ ،وﻻ ﯾﺤﺎﺳﺒﻨﻲ رﺑﻲ ﺑﻜﺒﯿﺮة اﻟﺰﻧﺎ ﻣﺬ ﻋﻠﻘﺖ إﻟﻰ ﯾﻮﻣﻲ ھﺬا .واﷲ اﻟﻤﺤﻤﻮد ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ واﻟﻤﺸﻜﻮر
ﻓﯿﻤﺎ
ﻣﻀﻰ
واﻟﻤﺴﺘﻌﺼﻢ
ﻓﯿﻤﺎ
ﺑﻘﻲ.
ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺑﻮ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺣﺠﺎف اﻟﻤﻌﺎﻓﺮي ،وإﻧﮫ ﻷﻓﻀﻞ ﻗﺎض رأﯾﺘﮫ ،ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺑﺮاھﯿﻢ اﻟﻄﻠﯿﻄﻠﻲ ﻋﻦ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻤﺼﺮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ اﻟﻌﻼء ﻓﻲ ﻗﻮل اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ) :وأﻣﺎ ﺑﻨﻌﻤﺔ رﺑﻚ ﻓﺤﺪث(. أن ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﯿﻦ ﻓﯿﮫ ﻗﻮﻻ ،وھﻮ أن اﻟﻤﺴﻠﻢ ﯾﻜﻮن ﻣﺨﺒﺮاً ﻋﻦ ﻧﻔﺴﮫ ﺑﻤﺎ أﻧﻌﻢ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﮫ ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ ﻃﺎﻋﺔ رﺑﮫ اﻟﺘﻲ ھﻲ ﻣﻦ أﻋﻈﻢ اﻟﻨﻌﻢ ،وﻻ ﺳﯿﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻔﺘﺮض ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ اﺟﺘﻨﺎﺑﮫ وأﺗﺒﺎﻋﮫ .وﻛﺎن اﻟﺴﺒﺐ ﻓﯿﻤﺎ ذﻛﺮﺗﮫ أﻧﻲ ﻛﻨﺖ وﻗﺖ ﺗﺄﺟﺞ ﻧﺎر اﻟﺼﺒﺎ وﺷﺮة اﻟﺤﺪاﺛﺔ وﺗﻤﻜﻦ ﻏﺮارة اﻟﻔﺘﻮة ﻣﻘﺼﻮراً ﻣﺤﻈﺮاً ﻋﻠﻰ ﺑﯿﻦ رﻗﺒﺎء ورﻗﺎﺋﺐ ،ﻓﻠﻤﺎ ﻣﻠﻜﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﻋﻘﻠﺖ ﺻﺤﺒﺖ أﺑﺎ ﻋﻠﻲ اﻟﺤﺴﯿﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻔﺎس ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ أﺑﻲ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ أﺑﻲ ﯾﺰﯾﺪ اﻷزدي ﺷﯿﺨﻨﺎ وأﺳﺘﺎذي رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ،وﻛﺎن أﺑﻮ ﻋﻠﻲ اﻟﻤﺬﻛﻮر ﻋﺎﻗﻼً ﻋﺎﻣﻼً ﻋﺎﻟﻤﺎً ﻣﻤﻦ ﺗﻘﺪم ﻓﻲ اﻟﺼﻼح واﻟﻨﺴﻚ اﻟﺼﺤﯿﺢ ﻓﻲ اﻟﺰھﺪ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ واﻻﺟﺘﮭﺎد ﻟﻶﺧﺮة ،وأﺣﺴﺒﮫ ﻛﺎن ﺣﺼﻮراً ﻷﻧﮫ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﮫ اﻣﺮأة ﻗﻂ ،وﻣﺎ رأﯾﺖ ﻣﺜﻠﮫ ﺟﻤﻠﺔ ﻋﻠﻤﺎً وﻋﻤﻼً ودﯾﻨﺎً وورﻋﺎً ،ﻓﻨﻔﻌﻨﻲ اﷲ ﺑﮫ ﻛﺜﯿﺮاً وﻋﻠﻤﺖ ﻣﻮﻗﻊ اﻹﺳﺎءة وﻗﺒﺢ اﻟﻤﻌﺎﺻﻲ :وﻣﺎت أﺑﻮ ﻋﻠﻲ رﺣﻤﮫ اﷲ ﻓﻲ اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﺤﺞ.
وﻟﻘﺪ ﺿﻤﻨﻰ اﻟﻤﺒﯿﺖ ﻟﯿﻠﺔ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷزﻣﺎن ﻋﻨﺪ اﻣﺮأة ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﻣﻌﺎرﻓﻲ ﻣﺸﮭﻮرة ﺑﺎﻟﺼﻼح واﻟﺨﯿﺮ واﻟﺤﺰم ،وﻣﻌﮭﺎ ﺟﺎرﯾﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﻗﺮاﺑﺎﺗﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﻼﺗﻲ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻗﺪ ﺿﻤﻨﮭﺎ ﻣﻌﻲ اﻟﻨﺸﺄة ﻓﻲ اﻟﺼﺒﺎ ،ﺛﻢ ﻏﺒﺖ ﻋﻨﮭﺎ أﻋﻮاﻣﺎً ﻛﺜﯿﺮة .وﻛﻨﺖ ﺗﺮﻛﺘﮭﺎ ﺣﯿﻦ أﻋﺼﺮت ووﺟﺪﺗﮭﺎ ﻗﺪ ﺟﺮى ﻋﻠﻰ وﺟﮭﮭﺎ ﻣﺎء اﻟﺸﺒﺎب ﻓﻔﺎض وأﻧﺴﺎب، وﺗﻔﺠﺮت ﻋﻠﯿﮭﺎ ﯾﻨﺎﺑﯿﻊ اﻟﻤﻼﺣﺔ ﻓﺘﺮددت وﺗﺤﯿﺮت ،وﻃﻠﻌﺖ ﻓﻲ ﺳﻤﺎء وﺟﮭﮭﺎ ﻧﺠﻮم اﻟﺤﺴﻦ ﻓﺄﺷﺮﻗﺖ وﺗﻮﻗﺪت ،واﻧﺒﻌﺚ ﻓﻲ ﺧﺪﯾﮭﺎ أزاھﯿﺮ اﻟﺠﻤﺎل ﻓﺘﻤﺖ وأﻋﺘﻤﺖ ،ﻓﺄﺗﺖ ﻛﻤﺎ أﻗﻮل: ﺨﺭﻴﺩﺓ ﺼﺎﻏﻬﺎ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﻤـﻥ ﻨـﻭﺭ
ﺠﻠﺕ ﻤﻼﺤﺘﻬﺎ ﻋﻥ ﻜـل ﺘـﻘـﺩﻴﺭ
ﻟﻭ ﺠﺎﺀﻨﻲ ﻋﻤﻠﻲ ﻓﻲ ﺤﺴﻥ ﺼﻭﺭﺘﻬﺎ
ﻴﻭﻡ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ ﻭﻴﻡ ﺍﻟﻨﻔﺦ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻭﺭ
ﻟﻜﻨﺕ ﺃﺤﻅﻰ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﷲ ﻜﻠﻬـﻡ
ﺒﺎﻟﺠﻨﺘﻴﻥ ﻭﻗﺭﺏ ﺍﻟﺨﺭﺩ ﺍﻟﺤﻭﺭ
وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ أھﻞ ﺑﯿﺖ ﺻﺒﺎﺣﺔ ،وﻗﺪ ﻇﮭﺮت ﻋﻠﻰ ﺻﻮرة ﺗﻌﺠﺰ اﻟﻮﺻﺎف ،وﻗﺪ ﻃﺒﻖ وﺻﻒ ﺷﺒﺎﺑﮭﺎ ﻗﺮﻃﺒﺔ ،ﻓﺒﺖ ﻋﻨﺪھﺎ ﺛﻼث ﻟﯿﺎل ﻣﺘﻮاﻟﯿﺔ وﻟﻢ ﺗﺤﺠﺐ ﻋﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺟﺎري اﻟﻌﺎدة ﻓﻲ اﻟﺘﺮﺑﯿﺔ .ﻓﻠﻌﻤﺮي ﻟﻘﺪ ﻛﺎد ﻗﻠﺒﻲ أن ﯾﺼﺒﻮ وﯾﺜﻮب إﻟﯿﮫ ﻣﺮﻓﻮض اﻟﮭﻮى ،وﯾﻌﺎوده ﻣﻨﺴﻰ اﻟﻐﺰل .وﻟﻘﺪ اﻣﺘﻨﻌﺖ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻣﻦ دﺧﻮل ﺗﻠﻚ اﻟﺪار ﺧﻮﻓﺎً ﻋﻠﻰ ﻟﺒﻲ أن ﯾﺰدھﯿﮫ اﻻﺳﺘﺤﺴﺎن .وﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ھﻲ وﺟﻤﯿﻊ أھﻠﮭﺎ ﻣﻤﻦ ﻻ ﺗﺘﻌﺪى اﻷﻃﻤﺎع إﻟﯿﮭﻦ ،وﻟﻜﻦ اﻟﺸﯿﻄﺎن ﻏﯿﺮ ﻣﺄﻣﻮن اﻟﻐﻮاﺋﻞ .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻻ ﺘﺘﺒﻊ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﺍﻟﻬﻭﻯ
ﻭﺩﻉ ﺍﻟﺘﻌﺭﺽ ﻟﻠﻤﺤﻥ
ﺇﺒﻠﻴﺱ ﺤﻲ ﻟﻡ ﻴﻤـﺕ
ﻭﺍﻟﻌﻴﻥ ﺒﺎﺏ ﻟﻠﻔـﺘـﻥ
وأﻗﻮل: ﻭﻗـﺎﺌل ﻟـﻲ ﻫـﺫﺍ
ﻅﻥ ﻴﺯﻴﺩﻙ ﻏــﻴ ﺎﹰ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺃﻟﻴﺱ ﺇﺒﻠـﻴﺱ ﺤـﻴ ﺎﹰ
ﻓﻘﻠﺕ ﺩﻉ ﻋﻨﻙ ﻟﻭﻤﻲ
وﻣﺎ أورد اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﯿﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺼﺔ ﯾﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﯾﻌﻘﻮب وداود ﺑﻦ إﯾﺸﻰ رﺳﻞ اﷲ ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺴﻼم إﻻ ﻟﯿﻌﻠﻤﻨﺎ ﻧﻘﺼﺎﻧﻨﺎ وﻓﺎﻗﺘﻨﺎ إﻟﻰ ﻋﺼﻤﺘﮫ ،وأن ﺑﻨﯿﺘﻨﺎ ﻣﺪﺧﻮﻟﺔ ﺿﻌﯿﻔﺔ، ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺎ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ وھﻤﺎ ﻧﺒﯿﺎن رﺳﻮﻻن أﺑﻨﺎء أﻧﺒﯿﺎء رﺳﻞ وﻣﻦ أھﻞ ﺑﯿﺖ ﻧﺒﻮة ورﺳﺎﻟﺔ ﻣﺘﻜﺮرﯾﻦ ﻓﻲ اﻟﺤﻔﻆ ﻣﻐﻤﻮﺳﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻮﻻﯾﺔ ،ﻣﺤﻔﻮﻓﯿﻦ ﺑﺎﻟﻜﻼءة، ﻣﺆﯾﺪﯾﻦ ﺑﺎﻟﻌﺼﻤﺔ ،ﻻ ﯾﺠﻌﻞ ﻟﻠﺸﯿﻄﺎن ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ ﺳﺒﯿﻞ وﻻ ﻓﺘﺢ ﻟﻮﺳﻮاﺳﮫ ﻧﺤﻮھﻤﺎ ﻃﺮﯾﻖ وﺑﻠﻐﺎ ﺣﯿﺚ ﻧﺺ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻋﻠﯿﻨﺎ ﻓﻲ ﻗﺮءاﻧﮫ اﻟﻤﻨﺰل ﺑﺎﻟﺠﺒﻠﺔ اﻟﻤﻮﻛﻠﺔ واﻟﻄﺒﻊ اﻟﺒﺸﺮي واﻟﺨﻠﻘﺔ اﻷﺻﻠﯿﺔ ،ﻻ ﺑﺘﻌﻤﺪ اﻟﺨﻄﯿﺌﺔ وﻻ اﻟﻘﺼﺪ إﻟﯿﮭﺎ ،إذ اﻟﻨﺒﯿﻮن ﻣﺒﺮؤون ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺧﺎﻟﻒ ﻃﺎﻋﺔ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻠﻦ ﻟﻜﻨﮫ اﺳﺘﺤﺴﺎن ﻃﺒﯿﻌﻲ ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺲ ﻟﻠﺼﻮر ،ﻓﻤﻦ ذا اﻟﺬي ﯾﺼﻒ ﻧﻔﺴﮫ ﻣﻤﻠﻜﮭﺎ وﯾﺘﻌﺎﻃﻰ ﺿﺒﻄﮭﺎ إﻻ ﺑﺤﻮل اﷲ وﻗﻮﺗﮫ. وأول دم ﺳﻔﻚ ﻓﻲ اﻷرض ﻓﺪم أﺣﺪ اﺑﻨﻲ آدم ﻋﻠﻰ ﺳﺒﺐ اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺴﺎء. ورﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﯾﻘﻮل) :ﺑﺎﻋﺪوا ﺑﯿﻦ أﻧﻔﺎس اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء(. وھﺬه اﻣﺮأة ﻣﻦ اﻟﻌﺮب ﺗﻘﻮل وﻗﺪ ﺣﺒﻠﺖ ﻣﻦ ذي ﻗﺮاﺑﺔ ﻟﮭﺎ ﺣﯿﻦ ﺳﺌﻠﺖ :ﻣﺎ ﺑﺒﻄﻨﻚ ﯾﺎ ھﻨﺪ؟ ﻓﻘﺎﻟﺖ :ﻗﺮب اﻟﻮﺳﺎد وﻃﻮل اﻟﺴﻮاد .وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌﺮاً ،ﻣﻨﮫ: ﻻ ﺘﻠﻡ ﻤﻥ ﻋﺭﺽ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﻟﻤـﺎ
ﻟﻴﺱ ﻴﺭﻀﻰ ﻏﻴﺭﻩ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻤﺤﻥ
ﻻ ﺘﻘﺭﺏ ﻋﺭﻓﺠﺎﹰ ﻤﻥ ﻟـﻬـﺏ
ﻭﻤﺘﻰ ﻗﺭﺒﺘﻪ ﻗـﺎﻤـﺕ ﺩﺤـﻥ
ﺘﺼـﺭﻑ ﺜـﻘﺔ ﻓـﻲ ﺃﺤــﺩ
ﻓﺴﺩ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺠﻤﻴﻌﺎﹰ ﻭﺍﻟـﺯﻤـﻥ
ﺨﻠﻕ ﺍﻟﻨﺴﻭﺍﻥ ﻟﻠﻔﺤـل ﻜـﻤـﺎ
ﺨﻠﻕ ﺍﻟﻔﺤل ﺒﻼ ﺸﻙ ﻟـﻬـﻥ
ﻜل ﺸﻜل ﻴﺘﺸﻬـﻰ ﺸـﻜـﻠـﻪ
ﻻ ﺘﻜﻥ ﻋﻥ ﺃﺤﺩ ﺘﻨﻔﻰ ﺍﻟﻅﻨـﻥ
ﺼﻔﺔ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻤﻥ ﺇﻥ ﺼﻨـﺘـﻪ
ﻋﻥ ﻗﺒﻴﺢ ﺃﻅﻬﺭ ﺍﻟﻁﻭﻉ ﺍﻟﺤﺴﻥ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻭﺴﻭﺍﻩ ﻤـﻥ ﺇﺫﺍ ﺜـﻘـﻔـﺘـﻪ
ﺃﻋﻤل ﺍﻟﺤﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﺨﻠﻊ ﺍﻟﺭﺴﻥ
وإﻧﻲ ﻷﻋﻠﻢ ﻓﺘﻰ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﺼﯿﺎﻧﺔ ﻗﺪ أوﻟﻊ ﺑﮭﻮى ﻟﮫ ،ﻓﺎﺟﺘﺎز ﺑﻌﺾ إﺧﻮاﻧﮫ ﻓﻮﺟﺪه ﻗﺎﻋﺪاً ﻣﻊ ﻣﻦ ﻛﺎن ﯾﺤﺐ ،ﻓﺎﺳﺘﺠﻠﺒﮫ إﻟﻰ ﻣﻨﺰﻟﮫ ،ﻓﺄﺟﺎﺑﮫ إﻟﻰ ﻣﻨﺰﻟﮫ ﺑﺎﻣﺘﺜﺎل اﻟﻤﺴﯿﺮ ﺑﻌﺪه .ﻓﻤﻀﻰ داﻋﯿﮫ إﻟﻰ ﻣﻨﺰﻟﮫ واﻧﺘﻈﺮه ﺣﺘﻰ ﻃﺎل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺘﺮﺑﺺ ﻓﻠﻢ ﯾﺄﺗﮫ .ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اﺟﺘﻤﻊ ﺑﮫ داﻋﯿﮫ ﻓﻌﺪد ﻋﻠﯿﮫ وأﻃﺎل ﻟﻮﻣﮫ ﻋﻠﻰ إﺧﻼﻓﮫ ﻣﻮﻋﺪه، ﻓﺎﻋﺘﺬر وورى .ﻓﻘﻠﺖ أﻧﺎ ﻟﻠﺬي دﻋﺎه :أﻧﺎ أﻛﺸﻒ ﻋﺬره ﺻﺤﯿﺤﺎً ﻣﻦ ﻛﺘﺎب اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ إذ ﯾﻘﻮل) :ﻣﺎ أﺧﻠﻔﻨﺎ ﻣﻮﻋﺪك ﺑﻤﻠﻜﻨﺎ وﻟﻜﻨﺎ ﺣﻤﻠﻨﺎ أوزاراً ﻣﻦ زﯾﻨﺔ اﻟﻘﻮم(. ﻓﻀﺤﻚ ﻣﻦ ﺣﻀﺮ .وﻛﻠﻔﺖ أن أﻗﻮل ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺷﯿﺌﺎً ﻓﻘﻠﺖ: ﻭﺠﺭﺤﻙ ﻟﻲ ﺠﺭﺡ ﺠﺒﺎﺭ ﻓﻼ ﺘﻠـﻡ ﻭﻗﺩ ﺼﺎﺭﺕ ﺍﻟﺨﻴﻼﻥ ﻭﺴﻁ ﺒﻴﺎﻀـﻪ
ﻭﻟﻜﻥ ﺠﺭﺡ ﺍﻟﺤﺏ ﻏﻴﺭ ﺠـﺒـﺎﺭ ﻜﻨﻴﻠﻭﻓﺭ ﺤﻔـﺘـﻪ ﺭﻭﺽ ﺒـﻬـﺎﺭ
ﻭﻜﻡ ﻗﺎل ﻟﻲ ﻤﻥ ﻤﺕ ﻭﺠﺩﺍﹰ ﺒﺤﺒـﻪ
ﻤﻘﺎﻟﺔ ﻤﺤﻠﻭل ﺍﻟـﻤـﻘـﺎﻟﺔ ﺯﺍﺭﻱ
ﻭﻗﺩ ﻜﺜﺭﺕ ﻤﻨﻲ ﺇﻟﻴﻪ ﻤـﻁـﺎﻟـﺏ
ﺃﻟـﺢ ﻋـﻠـﻴﻪ ﺘـــﺎﺭﺓ ﻭﺃﺩﺍﺭﻱ
ﺃﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘـﻭﺍﺌﻲ ﻤـﺎ ﻴﺒـﺭﺩ ﻏـﻠﺔ
ﻭﻴﺫﻫﺏ ﺸﻭﻗﺎﹰ ﻓﻲ ﻀﻠﻭﻋﻙ ﺴﺎﺭﻱ
ﻓﻘﻠﺕ ﻟﻪ ﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﺫﻟﻙ ﻟـﻡ ﺘـﻜـﻥ
ﻋﺩﺍﻭﺓ ﺠﺎﺭ ﻓـﻲ ﺍﻷﻨـﺎﻡ ﻟـﺠـﺎﺭ
ﻭﻗﺩ ﺘﺘﺭﺍﺀﻯ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭ ﺃﻥ ﻟﺩﻱ ﺍﻟﻭﻏﻲ
ﻭﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ﻟﻠـﻤـﻭﺕ ﺴـﻴل ﺒـﻭﺍﺭ
وﻟﻲ ﻛﻠﻤﺘﺎن ﻗﻠﺘﮭﻤﺎ ﻣﻌﺮﺿﺎً ﺑﻞ ﻣﺼﺮﺣﺎً ﺑﺮﺟﻞ ﻣﻦ أﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ﻛﻨﺎ ﻧﻌﺮﻓﮫ ﻛﻠﻨﺎ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﻄﻠﺐ واﻟﻌﻨﺎﯾﺔ واﻟﻮرع وﻗﯿﺎم اﻟﻠﯿﻞ واﻗﺘﻔﺎء آﺛﺎر اﻟﻨﺴﺎك وﺳﻠﻮك ﻣﺬاھﺐ اﻟﻤﺘﺼﻮﻓﯿﻦ اﻟﻘﺪﻣﺎء ﺑﺎﺣﺜﺎً ﻣﺠﺘﮭﺪاً ،وﻗﺪ ﻛﻨﺎ ﻧﺘﺠﻨﺐ اﻟﻤﺰاح ﺑﺤﻀﺮﺗﮫ ،ﻓﻠﻢ ﯾﻤﺾ اﻟﺰﻣﻦ ﺣﺘﻰ ﻣﻜﻦ اﻟﺸﯿﻄﺎن ﻣﻦ ﻧﻔﺴﮫ ،وﻓﺘﻚ ﺑﻌﺪ ﻟﺒﺎس اﻟﻨﺴﺎك ،وﻣﻠﻚ إﺑﻠﯿﺲ ﻣﻦ ﺧﻄﺎﻣﮫ ﻓﺴﻮل ﻟﮫ اﻟﻐﺮور ،وزﯾﻦ ﻟﮫ اﻟﻮﯾﻞ واﻟﺜﺒﻮر ،وأﺟﺮه رﺳﻨﮫ ﺑﻌﺪ إﺑﺎء.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وأﻋﻄﺎه ﻧﺎﺻﯿﺘﮫ ﺑﻌﺪ ﺷﻤﺎس ،ﻓﺨﺐ ﻓﻲ ﻃﺎﻋﺘﮫ وأوﺿﻊ ،واﺷﺘﮭﺮ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ذﻛﺮﺗﮫ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻌﺎﺻﻲ اﻟﻘﺒﯿﺤﺔ اﻟﻮﺿﺮة ،وﻟﻘﺪ أﻃﻠﺖ ﻣﻼﻣﮫ وﺗﺸﺪدت ﻓﻲ ﻋﺬﻟﮫ إذ أﻋﻠﻦ ﺑﺎﻟﻤﻌﺼﯿﺔ ﺑﻌﺪ اﺳﺘﺘﺎر ،إﻟﻰ أن أﻓﺴﺪ ذﻟﻚ ﺿﻤﯿﺮه ﻋﻠﻲ ،وﺧﺒﺜﺖ ﻧﯿﺘﮫ ﻟﻲ ،وﺗﺮﺑﺺ ﺑﻲ دواﺋﺮ اﻟﺴﻮء ،وﻛﺎن ﺑﻌﺾ أﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ﯾﺴﺎﻋﺪه ﺑﺎﻟﻜﻼم اﺳﺘﺠﺮاراً إﻟﯿﮫ ،ﻓﯿﺄﻧﺲ ﺑﮫ وﯾﻈﮭﺮ ﻟﮫ ﻋﺪاوﺗﻲ ،إﻟﻰ أن أﻇﮭﺮ اﷲ ﺳﺮﯾﺮﺗﮫ ،ﻓﻌﻠﻤﮭﺎ اﻟﺒﺎدي واﻟﺤﺎﺿﺮ ،وﺳﻘﻂ ﻣﻦ ﻋﯿﻮن اﻟﻨﺎس ﻛﻠﮭﻢ ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎن ﻣﻘﺼﺪاً ﻟﻠﻌﻠﻤﺎء وﻣﻨﺘﺎﺑﺎً ﻟﻠﻔﻀﻼء ،ورذل ﻋﻨﺪ إﺧﻮاﻧﮫ ﺟﻤﻠﺔ .أﻋﺎذﻧﺎ اﷲ ﻣﻦ اﻟﺒﻼء ،وﺳﺘﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﻛﻔﺎﯾﺘﮫ ،وﻻ ﺳﻠﺒﻨﺎ ﻣﺎ ﺑﻨﺎ ﻣﻦ ﻧﻌﻤﺘﮫ .ﻓﯿﺎ ﺳﻮءﺗﺎه ﻟﻤﻦ ﺑﺪأ ﺑﺎﺳﺘﻘﺎﻣﺔ وﻟﻢ ﯾﻌﻠﻢ أن اﻟﺨﺬﻻن ﯾﺤﻞ ﺑﮫ وأن اﻟﻌﺼﻤﺔ ﺳﺘﻔﺎرﻗﮫ ،ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ ،ﻣﺎ أﺷﻨﻊ ھﺬا وأﻓﻈﻌﮫ .ﻟﻘﺪ دھﻤﺘﮫ إﺣﺪى ﺑﻨﺎت اﻟﺤﺮس، وأﻟﻘﺖ ﻋﺼﺎھﺎ ﺑﮫ أم ﻃﺒﻖ .ﻣﻦ ﻛﺎن ﷲ أوﻻً ﺛﻢ ﺻﺎر ﻟﻠﺸﯿﻄﺎن آﺧﺮاً ،وﻣﻦ إﺣﺪى اﻟﻜﻠﻤﺘﯿﻦ: ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻐﻼﻡ ﻓﻘﺩ ﺤﺎﻨﺕ ﻓﻀـﻴﺤـﺘـﻪ ﻤﺎﺯﺍل ﻴﻀﺤﻙ ﻤﻥ ﺃﻫل ﺍﻟﻬﻭﻯ ﻋﺠﺒﺎﹰ
ﻭﺃﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻤﺴﺘﻭﺭﺍﹰ ﻓﻘـﺩ ﻫـﺘـﻜـﺎ ﻓﺎﻵﻥ ﻜل ﺠﻬﻭل ﻤﻨﻪ ﻗﺩ ﻀﺤـﻜـﺎ
ﺇﻟﻴﻙ ﻻ ﺘﻠﺢ ﺼﺒﺎ ﻫﺎﺌﻤـﺎﹰ ﻜـﻠـﻔـ ﺎﹰ
ﻴﺭﻯ ﺍﻟﺘﻬﺘﻙ ﻓﻲ ﺩﻴﻥ ﺍﻟﻬﻭﻯ ﻨﺴﻜـ ﺎﹰ
ﺫﻭ ﻤﺨﺒﺭ ﻭﻜـﺘـﺎﺏ ﻻ ﻴﻔـﺎﺭﻗـﻪ
ﻨﺤﻭ ﺍﻟﻤﺤﺩﺙ ﻴﺴﻌﻰ ﺤﻴﺙ ﻤﺎ ﺴﻠﻜﺎ
ﻓﺎﻋﺘﻠﺹ ﻤﻥ ﺴﻤﺭ ﺃﻗﻼﻡ ﺒﻨﺎﻥ ﻓﺘـﻲ
ﻜﺄﻨﻪ ﻤﻥ ﻟﺠﻴﻥ ﺼﺒﻎ ﺃﻭ ﺴـﺒـﻜـ ﺎﹰ
ﻴﺎ ﻻﺌﻤﻲ ﺴﻔﻬﺎﹰ ﻓﻲ ﺫﺍﻙ ﻗـل ﻓـﻠـﻡ
ﺘﺸﻬﺩ ﺠﺒﻴﻨﻴﻥ ﻴﻭﻡ ﺍﻟﻤﻠﺘﻘﻰ ﺍﺸﺘﺒـﻜـﺎ
ﺩﻋﻨﻲ ﻭﻭﺭﺩﻱ ﻓﻲ ﺍﻵﺒﺎﺭ ﺃﻁﻠـﺒـﻪ
ﺇﻟﻴﻙ ﻋﻨﻲ ﻜﺫﺍ ﻻ ﺃﺒﺘﻐﻲ ﺍﻟﺒـﺭﻜـﺎ
ﺇﺫﺍ ﺘﻌﻔﻔﺕ ﻋﻑ ﺍﻟﺤﺏ ﻋـﻨـﻙ ﻭﺇﻥ
ﺘﺭﻜﺕ ﻴﻭﻤﺎﹰ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺤﺏ ﻗﺩ ﺘـﺭﻜـﺎ
ﻭﻻ ﺘﺤل ﻤﻥ ﺍﻟﻬﺠﺭﺍﻥ ﻤﻨـﻌـﻘـﺩﺍﹰ
ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻤﺎ ﺤﻠﻠﺕ ﺍﻷﺯﺭ ﻭﺍﻟﺘﻜـﻜـﺎ
ﻭﻻ ﺘﺼﺤﺢ ﻟﻠﺴﻠﻁـﺎﻥ ﻤـﻤـﻠـﻜﺔ
ﺃﻭ ﺘﺩﺨل ﺍﻟﺒﺭﺩ ﻋﻥ ﺇﻨﻔﺎﺫﻩ ﺍﻟﺴﻜﻜـﺎ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻭﻻ ﺒﻐﻴﺭ ﻜﺜﻴﺭ ﺍﻟﻤﺴﺢ ﻴﺫﻫـﺏ ﻤـﺎ
ﻴﻌﻠﻭ ﺍﻟﺤﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻷﺼﺩﺍﺀ ﺇﻥ ﺴﺒﻜـﺎ
وﻛﺎن ھﺬا اﻟﻤﺬﻛﻮر ﻣﻦ أﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ﻗﺪ أﺣﻜﻢ اﻟﻘﺮاءات إﺣﻜﺎﻣﺎً ﺟﯿﺪاً ،واﺧﺘﺼﺮ ﻛﺘﺎب اﻷﻧﺒﺎري ﻓﻲ اﻟﻮﻗﻒ واﻻﺑﺘﺪاء اﺧﺘﺼﺎراً ﺣﺴﻨﺎً أﻋﺠﺐ ﺑﮫ ﻣﻦ رآه ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺮﺋﯿﻦ، وﻛﺎن داﺋﺒﺎً ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺐ اﻟﺤﺪﯾﺚ وﺗﻘﯿﯿﺪه ،واﻟﻤﺘﻮﻟﻲ ﻟﻘﺮاءة ﻣﺎ ﯾﺴﻤﻌﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﯿﻮخ اﻟﻤﺤﺪﺛﯿﻦ ،ﻣﺜﺎﺑﺮاً ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺴﺦ ﻣﺠﺘﮭﺪاً ﺑﮫ .ﻓﻠﻤﺎ اﻣﺘﺤﻦ ﺑﮭﺬه اﻟﺒﻠﯿﺔ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﻐﻠﻤﺎن رﻓﺾ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻌﺘﻨﯿﺎً وﺑﺎع أﻛﺜﺮ ﻛﺘﺒﮫ واﺳﺘﺤﺎل اﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﻛﻠﯿﺔ ،ﻧﻌﻮذ ﺑﺎﷲ ﻣﻦ اﻟﺨﺬﻻن ،وﻗﻠﺖ ﻓﯿﮫ ﻛﻠﻤﺔ وھﻲ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ اﻟﺘﻲ ذﻛﺮت ﻣﻨﮭﺎ ﻓﻲ أول ﺧﺒﺮه ﺛﻢ ﺗﺮﻛﺘﮭﺎ. وﻗﺪ ذﻛﺮ أﺑﻮ اﻟﺤﺴﯿﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﯾﺤﯿﻰ ﺑﻦ إﺳﺤﺎق اﻟﺮوﯾﺪي ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻟﻠﻔﻆ واﻹﺻﻼح :أن إﺑﺮاھﯿﻢ ﺑﻦ ﺳﯿﺎر اﻟﻨﻈﺎم رأس اﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ ،ﻣﻦ ﻋﻠﻮ ﻃﺒﻘﺘﮫ ﻓﻲ اﻟﻜﻼم وﺗﻤﻜﻨﮫ وﺗﺤﻜﻤﮫ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ،ﺗﺴﺒﺐ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺣﺮم اﷲ ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ ﻓﺘﻰ ﻧﺼﺮاﻧﻲ ﻋﺸﻘﮫ ﺑﺄن وﺿﻊ ﻟﮫ ﻛﺘﺎﺑﺎً ﻓﻲ ﺗﻔﻀﯿﻞ اﻟﺘﺜﻠﯿﺚ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ .ﻓﯿﺎ ﻏﻮﺛﺎه ﻋﯿﺎذك ﯾﺎ رب ﻣﻦ ﺗﻮﻟﺞ اﻟﺸﯿﻄﺎن ووﻗﻮع اﻟﺨﺬﻻن .وﻗﺪ ﯾﻌﻈﻢ اﻟﺒﻼء ،وﺗﻜﻠﺐ اﻟﺸﮭﻮة، وﯾﮭﻮن اﻟﻘﺒﯿﺢ وﺑﺮق اﻟﺪﯾﻦ ﺣﺘﻰ ﯾﺮﺿﻰ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﺟﻨﺐ وﺻﻮﻟﮫ إﻟﻰ ﻣﺮاده ﺑﺎﻟﻘﺒﺎﺋﺢ واﻟﻔﻀﺎﺋﺢ ،ﻛﻤﺜﻞ ﻣﺎ دھﻢ ﻋﺒﯿﺪ اﷲ ﺑﻦ ﯾﺤﯿﻰ اﻷزدي اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﺑﻦ اﻟﺤﺰﯾﺮي ،ﻓﺈﻧﮫ رﺿﻲ ﺑﺈھﻤﺎل داره وإﺑﺎﺣﺔ ﺣﺮﯾﻤﮫ واﻟﺘﻌﺮﯾﺾ ﺑﺄھﻠﮫ ﻃﻤﻌﺎً ﻓﻲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺑﻐﯿﺘﮫ ﻣﻦ ﻓﺘﻰ ﻛﺎن ﻋﻠﻘﮫ .ﻧﻌﻮذ ﺑﺎﷲ ﻣﻦ اﻟﻀﻼل وﻧﺴﺄﻟﮫ اﻟﺤﯿﺎﻃﺔ وﺗﺤﺴﯿﻦ آﺛﺎرﻧﺎ وإﻃﺎﺑﺔ أﺧﺒﺎرﻧﺎ ،ﺣﺘﻰ ﻟﻘﺪ ﺻﺎر اﻟﻤﺴﻜﯿﻦ ﺣﺪﯾﺜﺎً ﺗﻌﻤﺮ ﺑﮫ اﻟﻤﺤﺎﻓﻞ، وﺗﺼﺎغ ﻓﯿﮫ اﻷﺷﻌﺎر ،وھﻮ اﻟﺬي ﺗﺴﻤﯿﮫ اﻟﻌﺮب اﻟﺪﯾﻮث .وھﻮ ﻣﺸﺘﻖ ﻣﻦ اﻟﺘﺪﯾﯿﺚ،
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وھﻮ اﻟﺘﺴﮭﯿﻞ .وﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺗﺴﮭﯿﻞ ﻣﻦ ﺗﺴﻤﺢ ﻧﻔﺴﮫ ﺑﮭﺬا اﻟﺸﺄن ﺗﺴﮭﯿﻞ ،وﻣﻨﮫ ﺑﻌﯿﺮ ﻣﺪﯾﺚ .أي ﻣﺬﻟﻞ .وﻟﻌﻤﺮي إن اﻟﻐﯿﺮة ﻟﺘﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﺤﯿﻮان ﺑﺎﻟﺨﻠﻘﺔ ،ﻓﻜﯿﻒ وﻗﺪ أﻛﺪﺗﮭﺎ ﻋﻨﺪﻧﺎ اﻟﺸﺮﯾﻌﺔ ،وﻣﺎ ﺑﻌﺪ ھﺬا ﻣﺼﺎب .وﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖ أﻋﺮف ھﺬا اﻟﻤﺬﻛﻮر ﻣﺴﺘﻮراً إﻟﻰ أن اﺳﺘﮭﻮاه اﻟﺸﯿﻄﺎن وﻧﻌﻮذ ﺑﺎﷲ ﻣﻦ اﻟﺨﺬﻻن .وﻓﯿﮫ ﯾﻘﻮل ﻋﯿﺴﻰ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﻞ اﻟﺤﻮﻻﻧﻲ: ﻴﺎ ﺠﺎﻋﻼﹰ ﺇﺨﺭﺍﺝ ﺤﺭ ﻨﺴﺎﺌﻪ
ﺸﺭﻜﺎ ﻟﺼﻴﺩ ﺠﺂﺫﺭ ﺍﻟﻐﺯﻻﻥ
ﺇﻨﻲ ﺃﺭﻯ ﺸﺭﻜﺎ ﻴﻤﺯﻕ ﺜﻡ ﻻ
ﺘﺤﻅﻰ ﺒﻐﻴﺭ ﻤﺫﻟﺔ ﺍﻟﺤﺭﻤﺎﻥ
وأﻗﻮل أﻧﺎ أﯾﻀﺎً: ﺃﺒﺎﺡ ﺃﺒﻭ ﻤﺭﻭﺍﻥ ﺤـﺭ ﻨـﺴـﺎﺌﻪ
ﻟﻴﺒﻠﻎ ﻤﺎ ﻴﻬﻭﻯ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﺸﺄ ﺍﻟﻔﺭﺩ
ﻓﻌﺎﺘﺒﺘﻪ ﺍﻟﺩﻴﻭﺙ ﻓﻲ ﻗﺒﺢ ﻓﻌـﻠـﻪ
ﻓﺄﻨﺸﺩﻨﻲ ﻤﺴﺘﺒـﺼـﺭ ﺠـﻠـﺩ
ﻟﻘﺩ ﻜﻨﺕ ﺃﺩﺭﻜﺕ ﺍﻟﻤﻨﻲ ﻏﻴﺭ ﺃﻨﻨﻲ
ﻴﻌﻴﺭﻨﻲ ﻗﻭﻤﻲ ﺒﺈﺩﺍﺭﻜﻬﺎ ﻭﺤﺩﻱ
وأﻗﻮل أﯾﻀﺎً: ﺭﺃﻴﺕ ﺍﻟﺤﺯﻴﺭﻯ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﻌﺎﻨـﻲ
ﻗﻠﻴل ﺍﻟﺭﺸﺎﺩ ﻜﺜﻴﺭ ﺍﻟﺴـﻔـﺎﻩ
ﻴﺒﻴﻊ ﻭﻴﺒﺘﺎﻉ ﻋﺭﻀ ﺎﹰ ﺒﻌـﺭﺽ
ﺃﻤﻭﺭ ﻭﺠﺩﻙ ﺫﺍﺕ ﺍﺸﺘـﺒـﺎﻩ
ﻭﻴﺄﺨﺫ ﻤﻴﻤﺎ ﺒﺈﻋﻁـﺎﺀ ﻫـﺎﺀ
ﺃﻻ ﻫﻜﺫﺍ ﻓﻠﻴﻜﻥ ﺫﻭ ﺍﻟﻨﻭﺍﻫﻲ
ﻭﺒﻴﺩل ﺃﺭﻀ ﺎﹰ ﺘﻐﺫﻱ ﺍﻟﻨﺒـﺎﺕ
ﺒﺄﺭﺽ ﺘﺤﻑ ﺒﺸﻭﻙ ﺍﻟﻌﻀﺎﻩ
ﻟﻘﺩ ﺨﺎﺏ ﻓﻲ ﺘﺠﺭﻩ ﺫﻭ ﺍﺒﺘﻴﺎﻉ
ﻤﻬﺏ ﺍﻟﺭﻴﺎﺡ ﺒﻤﺠﺭﻯ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ
وﻟﻘﺪ ﺳﻤﻌﺘﮫ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺠﺎﻣﻊ ﯾﺴﺘﻌﯿﺬ ﺑﺎﷲ ﻣﻦ اﻟﻌﺼﻤﺔ ﻛﻤﺎ ﯾﺴﺘﻌﺎذ ﺑﮫ ﻣﻦ اﻟﺨﺬﻻن.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وﻣﻤﺎ ﯾﺸﺒﮫ ھﺬا أﻧﻲ أذﻛﺮ أﻧﻲ ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ ﻓﯿﮫ إﺧﻮان ﻟﻨﺎ ﻋﻨﺪ ﺑﻌﺾ ﻣﯿﺎﺳﯿﺮ أھﻞ ﺑﻠﺪﻧﺎن ﻓﺮأﯾﺖ ﺑﯿﻦ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﺣﻀﺮ وﺑﯿﻦ ﻣﻦ ﻛﺎن ﺑﺎﻟﺤﻀﺮة أﯾﻀﺎً ﻣﻦ أھﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﺠﻠﺲ أﻣﺮاً أﻧﻜﺮﺗﮫ وﻏﻤﺰاً اﺳﺘﺒﺸﻌﺘﮫ ،وﺧﻠﻮات اﻟﺤﯿﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﯿﻦ، وﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﺠﻠﺲ ﻛﺎﻟﻐﺎﺋﺐ أو اﻟﻨﺎﺋﻢ ،ﻓﻨﺒﮭﺘﮫ ﺑﺎﻟﺘﻌﺮﯾﺾ ﻓﻠﻢ ﯾﻨﺘﺒﮫ ،وﻛﺤﺮﻣﺘﮫ ﺑﺎﻟﺘﺼﺮﯾﺢ ﻓﻠﻢ ﯾﺘﺤﺮك ،ﻓﺠﻌﻠﺖ أﻛﺮر ﻋﻠﯿﮫ ﺑﯿﺘﯿﻦ ﻗﺪﯾﻤﯿﻦ ﻟﻌﻠﮫ ﯾﻔﻄﻦ .وھﻤﺎ ھﺬان: ﺇﻥ ﺇﺨﻭﺍﻨﻪ ﺍﻟﻤﻘﻴﻤﻴﻥ ﺒـﺎﻷﻡ
ﺱ ﺃﺘﻭﺍ ﻟﻠﺯﻨﺎﺀ ﻻ ﻟﻠﻐﻨـﺎﺀ
ﻗﻁﻌﻭﺍ ﺃﻤﺭﻫﻡ ﻭﺃﻨﺕ ﺤﻤﺎﺭ
ﻤﻭﻗﺭ ﻤﻥ ﺒﻼﺩﺓ ﻭﻏﺒـﺎﺀ
وأﻛﺜﺮت ﻣﻦ إﻧﺸﺎدھﻦ ﺣﺘﻰ ﻗﺎل ﻟﻲ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﺠﻠﺲ :ﻗﺪ أﻣﻠﻠﺘﻨﺎ ﻣﻦ ﺳﻤﺎﻋﮭﻤﺎ ﻓﺘﻔﻀﻞ ﺑﺘﺮﻛﮭﻤﺎ أو إﻧﺸﺎد ﻏﯿﺮھﻤﺎ .ﻓﺄﻣﺴﻜﺖ وأﻧﺎ ﻻ أدري أﻏﺎﻓﻞ ھﻮ أم ﻣﺘﻐﺎﻓﻞ. وﻣﺎ أذﻛﺮ أﻧﻲ ﻋﺪت إﻟﻰ ذﻟﻚ اﻟﻤﺠﻠﺲ ﺑﻌﺪھﺎ .ﻓﻘﻠﺖ ﻓﯿﮫ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻨﮭﺎ: ﺃﻨﺕ ﻻ ﺸﻙ ﺃﺤﺴﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻅﻨﺎﹰ
ﻭﻴﻘﻴﻨـﺎﹰ ﻭﻨـﻴﺔ ﻭﻀـﻤـﻴﺭﺍﹰ
ﻓﺎﻨﺘﺒﻪ ﺃﻥ ﺒﻌﺽ ﻤﻥ ﻜﺎﻥ ﺒﺎﻷﻡ
ﺱ ﺠﻠﻴﺴﺎﹰ ﻟﻨﺎ ﻴﻌﺎﻨﻲ ﻜﺒـﻴﺭ ﺍﹰ
ﻟﻴﺱ ﻜل ﺍﻟﺭﻜﻭﻉ ﻓﺎﻋﻠﻡ ﺼﻼﺓ
ﻻ ﻭﻻ ﻜل ﺫﻱ ﻟﺤﺎﻅ ﺒﺼﻴﺭﺍﹰ
وﺣﺪﺛﻨﻲ ﺛﻌﻠﺐ ﺑﻦ ﻣﻮﺳﻰ اﻟﻜﻼذاﻧﻲ ﻗﺎل :ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺳﻠﯿﻤﺎن ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻗﺎل: ﺣﺪﺛﺘﻨﻲ اﻣﺮأة اﺳﻤﮭﺎ ھﻨﺪ ﻛﻨﺖ رأﯾﺘﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺮق ،وﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺣﺠﺖ ﺧﻤﺲ ﺣﺠﺎت ،وھﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﺘﻌﺒﺪات اﻟﻤﺠﺘﮭﺪات ،ﻗﺎل ﺳﻠﯿﻤﺎن :ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻲ :ﯾﺎ ﺑﻦ أﺧﻲ ،ﻻ ﺗﺤﺴﻦ اﻟﻈﻦ ﺑﺎﻣﺮأة ﻗﻂ ﻓﺈﻧﻲ أﺧﺒﺮك ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻲ ﺑﻤﺎ ﯾﻌﻠﻤﮫ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ :رﻛﺒﺖ اﻟﺒﺤﺮ ﻣﻨﺼﺮﻓﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺞ وﻗﺪ رﻓﻀﺖ اﻟﺪﻧﯿﺎ وأﻧﺎ ﺧﺎﻣﺴﺔ ﻧﺴﻮة ،ﻛﻠﮭﻦ ﻗﺪ ﺣﺠﺠﻦ، وﺻﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺐ ﻓﻲ ﺑﺤﺮ اﻟﻘﻠﺰم ،وﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻣﻼﺣﻲ اﻟﺴﻔﯿﻨﺔ رﺟﻞ ﻣﻀﻤﺮ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﺨﻠﻖ ﻣﺪﯾﺪ اﻟﻘﺎﻣﺔ واﺳﻊ اﻷﻛﻨﺎف ﺣﺴﻦ اﻟﺘﺮﻛﯿﺐ ،ﻓﺮأﯾﺘﮫ أول ﻟﯿﻠﺔ ﻗﺪ أﺗﻰ إﻟﻰ إﺣﺪى ﺻﻮاﺣﺒﻲ ﻓﻮﺿﻊ إﺣﻠﯿﻠﮫ ﻓﻲ ﯾﺪھﺎ وﻛﺎن ﺿﺨﻤﺎً ﺟﺪاً .ﻓﺄﻣﻜﻨﺘﮫ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﮭﺎ .ﺛﻢ ﻣﺮ ﻋﻠﯿﮭﻦ ﻛﻠﮭﻦ ﻓﻲ ﻟﯿﺎﻟﻲ ﻣﺘﻮاﻟﯿﺎت ،ﻓﻠﻢ ﯾﺒﻖ ﻟﮫ ﻏﯿﺮھﺎ ،ﺗﻌﻨﻲ ﻧﻔﺴﮭﺎ، ﻗﺎﻟﺖ :ﻓﻘﻠﺖ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ :ﻷﻧﺘﻘﻤﻦ ﻣﻨﻚ .ﻓﺄﺧﺬت ﻣﻮﺳﻰ وأﻣﺴﻜﺘﮭﺎ ﺑﯿﺪي .ﻓﺄﺗﻰ ﻓﻲ اﻟﻠﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﺎري ﻋﺎدﺗﮫ .ﻓﻠﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﻛﻔﻌﻠﮫ ﻓﻲ ﺳﺎﺋﻞ اﻟﻠﯿﺎﻟﻲ ﺳﻘﻄﺖ اﻟﻤﻮﺳﻰ ﻋﻠﯿﮫ ﻓﺎرﺗﺎع وﻗﺎم ﻟﯿﻨﮭﺾ .ﻗﺎﻟﺖ :ﻓﺄﺷﻔﻘﺖ ﻋﻠﯿﮫ وﻗﻠﺖ ﻟﮫ :وﻗﺪ أﻣﺴﻜﺘﮫ :ﻻ زﻟﺖ أو آﺧﺬ ﻧﺼﯿﺒﻲ
ﻣﻨﻚ.
ﻗﺎﻟﺖ
اﻟﻌﺠﻮز:
ﻓﻘﻀﻰ
وﻃﺮه
وأﺳﺘﻐﻔﺮ
اﷲ.
وإن ﻟﻠﺸﻌﺮاء ﻣﻦ ﻟﻄﻒ اﻟﺘﻌﺮﯾﺾ ﻋﻦ اﻟﻜﻨﺎﯾﺔ ﻟﻌﺠﺒﺎ .وﻣﻦ ﺑﻌﺾ ذﻟﻚ ﻗﻮﻟﻲ ﺣﯿﺚ أﻗﻮل: ﺃﺘﺎﻨﻲ ﻭﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺯﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻭ ﻴﺴﻔﻙ
ﻜﻤﺤﺽ ﻟﺠﻴﻥ ﺇﺫ ﻴﻤﺩ ﻭﻴﺴـﺒـﻙ
ﻫﻼل ﺍﻟﺩﻴﺎﺠﻲ ﺍﻨﺤﻁ ﻤﻥ ﺠﻭ ﺃﻓﻘﻪ
ﻓﻘل ﻓﻲ ﻤﺤﺏ ﻨﺎل ﻤﺎ ﻟﻴﺱ ﻴﺩﺭﻙ
ﻭﻜﺎﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺇﻥ ﻜﻨﺕ ﻟﻲ ﻋﻨﻪ ﺴﺎﺌﻼﹰ
ﻓﻤﺎﻟﻲ ﺠﻭﺍﺏ ﻏﻴﺭ ﺃﻨﻲ ﺃﻀﺤـﻙ
ﻟﻔﺭﻁ ﺴﺭﻭﺭﻱ ﺨﻠﺘﻨﻲ ﻋﻨﻪ ﻨﺎﺌﻤـﺎﹰ
ﻓﻴﺎ ﻋﺠﺒ ﺎﹰ ﻤﻥ ﻤﻭﻗﻨﻪ ﻴﺘـﺸـﻜـﻙ
وأﻗﻮل أﯾﻀﺎً ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻨﮭﺎ: ﺃﺘﻴﺘﻨﻲ ﻭﻫﻼل ﺍﻟـﺠـﻭ ﻤـﻁـﻠـﻊ
ﻗﺒﻴل ﻗﺭﻉ ﺍﻟﺘﺴﺎﺭﻱ ﻟﻠـﻨـﻭﺍﻗـﻴﺱ
ﻜﺤﺎﺠﺏ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﻡ ﺍﻟﺸﻴﺏ ﺃﻜـﺜـﺭﻩ
ﻭﺇﺨﻤﺹ ﺍﻟﺭﺠل ﻓﻲ ﻟﻁﻑ ﻭﺘﻘﻭﻴﺱ
ﻭﻻﺡ ﻓﻲ ﺍﻷﻓﻕ ﻗﻭﺱ ﺍﷲ ﻤﻜﺘﺴـﻴﺎﹰ
ﻤﻥ ﻜل ﻟﻭﻥ ﻜﺄﺫﻨﺎﺏ ﺍﻟـﻁـﻭﺍﻭﻴﺱ
وإن ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺒﺪو إﻟﯿﻨﺎ ﻣﻦ ﺗﻌﺎدي اﻟﻤﺘﻮاﺻﻠﯿﻦ ﻓﻲ ﻏﯿﺮ ذات اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻌﺪ اﻷﻟﻔﺔ، وﺗﺪاﺑﺮھﻢ ﺑﻌﺪ اﻟﻮﺻﺎل ،وﺗﻘﺎﻃﻌﮭﻢ ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻮدة ،وﺗﺒﺎﻏﻀﮭﻢ ﺑﻌﺪ اﻟﻤﺤﺒﺔ ،واﺳﺘﺤﻜﺎم
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﻀﻐﺎﺋﻦ وﺗﺄﻛﺪ اﻟﺴﺨﺎﺋﻢ ﻓﻲ ﺻﺪورھﻢ ،ﻟﻜﺎﺷﻔﺎً ﻧﺎھﯿﺎً ﻟﻮ ﺻﺎدف ﻋﻘﻮﻻً ﺳﻠﯿﻤﺔ وآراء ﻧﺎﻓﺬة وﻋﺰاﺋﻢ ﺻﺤﯿﺤﺔ .ﻓﻜﯿﻒ ﺑﻤﺎ أﻋﺪ اﻟﮫ ﻟﻤﻦ ﻋﺼﺎه ﻣﻦ اﻟﻨﻜﺎل اﻟﺸﺪﯾﺪ ﯾﻮم اﻟﺤﺴﺎب وﻓﻲ دار اﻟﺠﺰاء ،وﻣﻦ اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻠﻰ رؤوس اﻟﺨﻼﺋﻖ) :ﯾﻮم ﺗﺬھﻞ ﻛﻞ ﻣﺮﺿﻌﺔ ﻋﻤﺎ أرﺿﻌﺖ وﺗﻀﻊ ﻛﻞ ذات ﺣﻤﻞ ﺣﻤﻠﮭﺎ وﺗﺮى اﻟﻨﺎس ﺳﻜﺎرى وﻣﺎ ھﻢ ﺑﺴﻜﺎرى وﻟﻜﻦ ﻋﺬاب اﷲ ﺷﺪﯾﺪ( .ﺟﻌﻠﻨﺎ اﷲ ﻣﻤﻦ ﯾﻔﻮز ﺑﺮﺿﺎه وﯾﺴﺘﺤﻖ رﺣﻤﺘﮫ. وﻟﻘﺪ رأﯾﺖ اﻣﺮأة ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮدﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﻏﯿﺮ ذات اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ .ﻓﻌﮭﺪﺗﮭﺎ أﺻﻔﻰ ﻣﻦ اﻟﻤﺎء وأﻟﻄﻒ ﻣﻦ اﻟﮭﻮاء وأﺛﺒﺖ ﻣﻦ اﻟﺠﺒﺎل وأﻗﻮى ﻣﻦ اﻟﺤﺪﯾﺪ وأﺷﺪ اﻣﺘﺰاﺟﺎً ﻣﻦ اﻟﻠﻮن ﻓﻲ اﻟﻤﻠﻮن ،وأﻧﻔﺬا اﺳﺘﺤﻜﺎﻣﺎً ﻣﻦ اﻷﻋﺮاض ﻓﻲ اﻷﺟﺴﺎم ،وأﺿﻮأ ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺲ ،وأﺻﺢ ﻣﻦ اﻟﻌﯿﺎن ،وأﺛﻘﺐ ﻣﻦ أﻟﻨﺠﻢ ،وأﺻﺪق ﻣﻦ ﻛﺪر اﻟﻘﻄﺎ وأﻋﺠﺐ ﻣﻦ اﻟﺪھﺮ ،وأﺣﺴﻦ ﻣﻦ اﻟﺒﺮ ،وأﺟﻤﻞ ﻣﻦ وﺟﮫ أﺑﻲ ﻋﺎﻣﺮ ،وأﻟﺬ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻓﯿﺔ وأﺣﻠﻰ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﻰ ،وأدﻧﻰ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺲ ،وأﻗﺮب ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺐ ،وأرﺳﺦ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺶ ﻓﻲ اﻟﺤﺠﺮ ﺛﻢ ﻟﻢ أﻟﺒﺚ أن رأﯾﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻮدة ﻗﺪ اﺳﺘﺤﺎﻟﺖ ﻋﺪاوة أﻓﻈﻊ ﻣﻦ اﻟﻤﻮت ،وأﻧﻔﺬ ﻣﻦ اﻟﺴﮭﻢ ،وأﻣﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﻘﻢ ،وأوﺣﺶ ﻣﻦ زوال اﻟﻨﻌﻢ ،وأﻗﺒﺢ ﻣﻦ ﺣﻠﻮل اﻟﻨﻘﻢ واﻣﻀﻰ ﻣﻦ ﻋﻘﻢ اﻟﺮﯾﺎح ،وأﺿﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﻤﻖ ،وأدﻣﺮ ﻣﻦ ﻏﻠﺒﺔ اﻟﻌﺪو ،وأﺷﺪ ﻣﻦ اﻷﺳﺮ، وأﻗﺴﻰ ﻣﻦ اﻟﺼﺨﺮ ،وأﺑﻐﺾ ﻣﻦ ﻛﺸﻒ اﻷﺳﺘﺎر ،وأﻧﺄى ﻣﻦ اﻟﺠﻮزاء ،وأﺻﻌﺐ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟﺴﻤﺎء ،وأﻛﺒﺮ ﻣﻦ رؤﯾﺔ اﻟﻤﺼﺎب ،وأﺷﻨﻊ ﻣﻦ ﺧﺮق اﻟﻌﺎدات وأﻗﻄﻊ ﻣﻦ ﻓﺠﺄة اﻟﺒﻼء ،وأﺑﺸﻊ ﻣﻦ اﻟﺴﻢ اﻟﺰﻋﺎف؛ وﻣﺎ ﻻ ﯾﺘﻮﻟﺪ ﻣﺜﻠﮫ ﻋﻦ اﻟﺬﺣﻮل واﻟﺘﺮات وﻗﺘﻞ اﻵﺑﺎء وﺳﺒﻲ اﻷﻣﮭﺎت .وﺗﻠﻚ ﻋﺎدة اﷲ ﻓﻲ أھﻞ اﻟﻔﺴﻖ اﻟﻘﺎﺻﺪﯾﻦ ﺳﻮاه، اﻷﻣﯿﯿﻦ ﻏﯿﺮه؛ وذﻟﻚ ﻗﻮﻟﮫ ﻋﺰ وﺟﻞ) :ﯾﺎ ﻟﯿﺘﻨﻲ ﻟﻢ أﺗﺨﺬ ﻓﻼﻧﺎً ﺧﻠﯿﻼً ﻟﻘﺪ أﺿﻠﻨﻲ ﻋﻦ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﺬﻛﺮ ﺑﻌﺪ إذ ﺟﺎءﻧﻲ( .ﻓﯿﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺒﯿﺐ اﻻﺳﺘﺠﺎرة ﺑﺎﷲ ﻣﻤﺎ ﯾﻮرط ﻓﯿﮫ اﻟﮭﻮى. ﻓﮭﺬا ﺧﻠﻒ ﻣﻮﻟﻰ ﯾﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﻗﻤﻘﺎم اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﻤﺸﮭﻮر ،ﻛﺎن أﺣﺪ اﻟﻘﺎﺋﻤﯿﻦ ﻣﻊ ھﺸﺎم ﺑﻦ ﺳﻠﯿﻤﺎن ﺑﻦ اﻟﻨﺎﺻﺮ ،ﻓﻠﻤﺎ أﺳﺮ ھﺸﺎم وﻗﺘﻞ وھﺮب اﻟﺬﯾﻦ وازروه ﻓﺮ ﺧﻠﻒ ﻓﻲ ﺟﻤﻠﺘﮭﻢ وﻧﺠﺎ .ﻓﻠﻤﺎ أﺗﻰ اﻟﻘﺴﻄﻼت ﻟﻢ ﯾﻄﻖ اﻟﺼﺒﺮ ﻋﻦ ﺟﺎرﯾﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﮫ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ ﻓﻜﺮ راﺟﻌﺎً .ﻓﻈﻔﺮ ﺑﮫ أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ اﻟﻤﮭﺪي ،ﻓﺄﻣﺮ ﺑﺼﻠﺒﮫ .ﻓﻠﻌﮭﺪي ﺑﮫ ﻣﺼﻠﻮﺑﺎً ﻓﻲ
اﻟﻤﺮج
ﻋﻠﻰ
اﻟﻨﮭﺮ
اﻷﻋﻈﻢ
وﻛﺄﻧﮫ
اﻟﻘﻨﻔﺬ
ﻣﻦ
اﻟﻨﺒﻞ.
وﻟﻘﺪ أﺧﺒﺮﻧﻲ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻮزﯾﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ اﻟﻠﯿﺚ رﺣﻤﮫ اﷲ أن ﺳﺒﺐ ھﺮوﺑﮫ إﻟﻰ ﻣﺤﻠﺔ اﻟﺒﺮاﺑﺮ أﯾﺎم ﺗﺤﻮﻟﮭﻢ ﻣﻊ ﺳﻠﯿﻤﺎن اﻟﻈﺎﻓﺮ إﻧﻤﺎ ﻛﻦ ﻟﺠﺎرﯾﺔ ﯾﻜﻠﻒ ﺑﮭﺎ ﺗﺼﯿﺮت ﻋﻨﺪ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻛﺎن ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺎﺣﯿﺔ؛ وﻟﻘﺪ ﻛﺎد أن ﯾﺘﻠﻒ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻔﺮة. وھﺬان اﻟﻔﺼﻼن وإن ﻟﻢ ﯾﻜﻮﻧﺎ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ اﻟﺒﺎب ﻓﺈﻧﮭﻤﺎ ﺷﺎھﺪان ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻘﻮد إﻟﯿﮫ اﻟﮭﻮى ﻣﻦ اﻟﮭﻼك اﻟﺤﺎﺿﺮ اﻟﻈﺎھﺮ ،اﻟﺬي ﯾﺴﺘﻮي ﻓﻲ ﻓﮭﻤﮫ اﻟﻌﺎﻟﻢ واﻟﺠﺎھﻞ؛ ﻓﻜﯿﻒ ﻣﻦ اﻟﻌﺼﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﯾﻔﮭﻤﮭﺎ ﻣﻦ ﺿﻌﻔﺖ ﺑﺼﯿﺮﺗﮫ .وﻻ ﯾﻘﻮﻟﻦ اﻣﺮؤ :ﺧﻠﻮت ﻓﮭﻮ وإن اﻧﻔﺮد ﻓﺒﻤﺮأى وﻣﺴﻤﻊ ﻣﻦ ﻋﻼم اﻟﻐﯿﻮب )اﻟﺬي ﯾﻌﻠﻢ ﺧﺎﺋﻨﺔ اﻷﻋﯿﻦ وﻣﺎ ﺗﺨﻔﻲ اﻟﺼﺪور() ،وﯾﻌﻠﻢ اﻟﺴﺮ وأﺧﻔﻰ() ،وﻣﺎ ﯾﻜﻮن ﻣﻦ ﻧﺠﻮى ﺛﻼﺛﺔ إﻻ ھﻮ راﺑﻌﮭﻢ وﻻ ﺧﻤﺴﺔ إﻻ ھﻮ ﺳﺎدﺳﮭﻢ وﻻ أدﻧﻰ ﻣﻦ ذﻟﻚ وﻻ أﻛﺜﺮ إﻻ ھﻮ ﻣﻌﮭﻢ أﯾﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا وھﻮ ﻋﻠﯿﻢ ﺑﺬات اﻟﺼﺪور( .وھﻮ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻐﯿﺐ واﻟﺸﮭﺎدة) ،وﯾﺴﺘﺨﻔﻮن ﻣﻦ اﻟﻨﺎس وﻻ ﯾﺴﺘﺨﻔﻮن ﻣﻦ اﷲ وھﻮ ﻣﻌﮭﻢ( ،وﻗﺎل) :وﻟﻘﺪ ﺧﻠﻘﻨﺎ اﻹﻧﺴﺎن وﻧﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﺗﻮﺳﻮس ﺑﮫ ﻧﻔﺴﮫ وﻧﺤﻦ أﻗﺮب أﻟﯿﮫ ﻣﻦ ﺣﺒﻞ اﻟﻮرﯾﺪ .إذ ﯾﺘﻠﻘﻰ اﻟﻤﻠﺘﻘﯿﺎن ﻋﻦ اﻟﯿﻤﯿﻦ وﻋﻦ اﻟﺸﻤﺎل ﻗﻌﯿﺪ .ﻣﺎ ﯾﻠﻔﻆ ﻣﻦ ﻗﻮل إﻻ ﻟﺪﯾﮫ رﻗﯿﺐ ﻋﺘﯿﺪ(.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وﻟﯿﻌﻢ اﻟﻤﺴﺘﺨﻒ ﺑﺎﻟﻤﻌﺎﺻﻲ .اﻟﻤﺘﻜﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺴﻮﯾﻒ .اﻟﻤﻌﺮض ﻋﻦ ﻃﺎﻋﺔ رﺑﮫ أن إﺑﻠﯿﺲ ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ ﻣﻊ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﻤﻘﺮﺑﯿﻦ ﻓﻠﻤﻌﺼﯿﺔ واﺣﺪة وﻗﻌﺖ ﻣﻨﮫ اﺳﺘﺤﻖ ﻟﻌﻨﺔ اﻷﺑﺪ وﻋﺬاب اﻟﺨﻠﺪ وﺻﯿﺮ ﺷﯿﻄﺎﻧﺎً رﺟﯿﻤﺎً وأﺑﻌﺪ ﻋﻦ رﻓﯿﻊ اﻟﻤﻜﺎن وھﺬا آدم ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﺑﺬﻧﺐ واﺣﺪ أﺧﺮج ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺔ إﻟﻰ ﺷﻘﺎء اﻟﺪﻧﯿﺎ وﻧﻜﺪھﺎ .وﻟﻮﻻ أﻧﮫ ﺗﻠﻘﻰ ﻣﻦ رﺑﮫ ﻛﻠﻤﺎت وﺗﺎب ﻋﻠﯿﮫ ﻟﻜﺎن ﻣﻦ اﻟﮭﺎﻟﻜﯿﻦ .أﻓﺘﺮى ھﺬا اﻟﻤﻐﺘﺮ ﺑﺎﷲ رﺑﮫ وﺑﺈﻣﻼﺋﮫ ﻟﯿﺰداد إﺛﻤﺎً ﯾﻈﻦ أﻧﮫ أﻛﺮم ﻋﻠﻰ ﺧﺎﻟﻘﮫ ﻣﻦ أﺑﯿﮫ آدم اﻟﺬي ﺧﻠﻘﮫ ﺑﯿﺪه وﻧﻔﺦ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ روﺣﮫ وأﺳﺠﺪ ﻟﮫ ﻣﻼﺋﻜﺘﮫ اﻟﺬﯾﻦ ھﻢ أﻓﻀﻞ ﺧﻠﻘﮫ ﻋﻨﺪه؟ أو ﻋﻘﺎﺑﮫ أﻋﺰ ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ ﻋﻘﻮﺑﺘﮫ إﯾﺎه؟ ﻛﻼ ،وﻟﻜﻦ اﺳﺘﻌﺬاب اﻟﺘﻤﻨﻲ واﺳﺘﯿﻄﺎء ﻣﺮﻛﺐ اﻟﻌﺠﺰ وﺳﺨﻒ اﻟﺮأي ﻗﺎﺋﺪة أﺻﺤﺎﺑﮭﺎ إﻟﻰ اﻟﻮﺑﺎل واﻟﺨﺰي ،وﻟﻮ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻋﻨﺪ رﻛﻮب اﻟﻤﻌﺼﯿﺔ زاﺟﺮ ﻣﻦ ﻧﮭﻰ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﻻ ﺣﺎم ﻣﻦ ﻏﻠﯿﻆ ﻋﻘﺎﺑﮫ ﻟﻜﺎن ﻓﻲ ﻗﺒﯿﺢ اﻷﺣﺪوﺛﺔ ﻋﻦ ﺻﺎﺣﺒﮫ وﻋﻈﯿﻢ اﻟﻈﻠﻢ اﻟﻮاﻗﻊ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﻓﺎﻋﻠﮫ أﻋﻈﻢ ﻣﺎﻧﻊ وأﺷﺪ رادع ﻟﻤﻦ ﻧﻈﺮ ﺑﻌﯿﻦ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ واﺗﺒﻊ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﺮﺷﺪ ،ﻓﻜﯿﻒ واﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﯾﻘﻮل) :وﻻ ﯾﻘﺘﻠﻮن اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﺣﺮم اﷲ إﻻ ﺑﺎﻟﺤﻖ وﻻ ﯾﺰﻧﻮن وﻣﻦ ﯾﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﯾﻠﻖ أﺛﺎﻣﺎً ﯾﻀﺎﻋﻒ
ﻟﮫ
اﻟﻌﺬاب
ﯾﻮم
اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ
وﯾﺨﻠﺪ
ﻓﯿﮭﺎ
ﻣﮭﺎﻧﺎً(.
ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻟﮭﻤﺪاﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪ اﻟﻘﻤﺮى ﺑﺎﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﻗﺮﻃﺒﺔ ﺳﻨﺔ إﺣﺪى وأرﺑﻌﻤﺎﺋﺔ .ﺣﺪﺛﻨﺎ اﺑﻦ ﺳﺒﻮﯾﮫ وأﺑﻮ إﺳﺤﺎق اﻟﺒﻠﺨﻲ ﺑﺨﺮاﺳﺎن ﺳﻨﺔ ﺧﻤﺲ وﺳﺒﻌﯿﻦ وﺛﻼﺛﻤﺎﺋﺔ .ﻗﺎﻻ :ﺛﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﯾﻮﺳﻒ :ﺛﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ :ﺛﻨﺎ ﻗﺘﯿﺒﺔ ﺑﻦ ﺳﻌﯿﺪ: ﺛﻨﺎ ﺟﺮﯾﺮ ﻋﻦ اﻷﻋﻤﺶ ﻋﻦ أﺑﻲ واﺋﻞ ﻋﻦ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﺷﺮﺣﺒﯿﻞ ﻗﺎل :ﻗﺎل ﻋﺒﺪ اﷲ وھﻮ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد :ﻗﺎل رﺟﻞ :ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ،أي اﻟﺬﯾﺐ أﻛﺒﺮ ﻋﻨﺪ اﷲ؟ ﻗﺎل) :أن
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺗﺪﻋﻮ ﷲ ﻧﺪا وھﻮ ﺧﻠﻘﻚ( .ﻗﺎل :ﺛﻢ أي؟ ﻗﺎل) :أن ﺗﻘﺘﻞ وﻟﺪك أن ﯾﻄﻌﻢ ﻣﻌﻚ( .ﻗﺎل: ﺛﻢ أي؟ ﻗﺎل) :أن ﺗﺰاﻧﻲ ﺣﻠﯿﻠﺔ ﺟﺎرك( .ﻓﺄﻧﺰل اﷲ ﺗﺼﺪﯾﻘﮭﺎ) :واﻟﺬﯾﻦ ﻻ ﯾﺪﻋﻮن ﻣﻊ اﷲ إﻟﮭﺎً آﺧﺮ وﻻ ﯾﻘﺘﻠﻮن اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﺣﺮم اﷲ إﻻ ﺑﺎﻟﺤﻖ وﻻ ﯾﺰﻧﻮن( .وﻗﺎل ﻋﺰ وﺟﻞ) :اﻟﺰاﻧﯿﺔ واﻟﺰاﻧﻲ ﻓﺎﺟﻠﺪوا ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﻣﺎﺋﺔ ﺟﻠﺪة وﻻ ﺗﺄﺧﺬﻛﻢ ﺑﮭﻤﺎ رأﻓﺔ ﻓﻲ دﯾﻦ اﷲ إن ﻛﻨﺘﻢ ﺗﺆﻣﻨﻮن ﺑﺎﷲ(.
ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻟﮭﻤﺪاﻧﻲ ﻋﻦ أﺑﻲ إﺳﺤﺎق اﻟﺒﻠﺨﻲ واﺑﻦ ﺳﺒﻮﯾﮫ ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﯾﻮﺳﻒ ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﻋﻦ اﻟﻠﯿﺚ ﻋﻦ ﻋﻘﯿﻞ ﻋﻦ اﺑﻦ ﺷﮭﺎب اﻟﺰھﺮي ﻋﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ اﻟﺤﺎرث ﺑﻦ ھﺸﺎم وﺳﻌﯿﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﺴﯿﺐ اﻟﻤﺨﺰوﻣﯿﯿﻦ وأﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮف اﻟﺰھﺮي أن رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻗﺎل) :ﻻ ﯾﺰﻧﻲ اﻟﺰاﻧﻲ ﺣﯿﻦ ﯾﺰﻧﻲ وھﻮ ﻣﺆﻣﻦ( .وﺑﺎﻟﺴﻨﺪ اﻟﻤﺬﻛﻮر إﻟﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﻋﻦ ﯾﺤﯿﻰ ﺑﻦ ﺑﻜﯿﺮ ﻋﻦ اﻟﻠﯿﺚ ﻋﻦ ﻋﻘﯿﻞ ﻋﻦ اﺑﻦ ﺷﮭﺎب ﻋﻦ أﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ وﺳﻌﯿﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﺴﯿﺐ ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﻗﺎل أﻧﻰ رﺟﻞ إﻟﻰ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ وھﻮ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﻘﺎل ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ،إﻧﻲ زﻧﯿﺖ .ﻓﺄﻋﺮض ﻋﻨﮫ .ﺛﻢ رد ﻋﻠﯿﮫ أرﺑﻊ ﻣﺮات .ﻓﻠﻤﺎ ﺷﮭﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﮫ أرﺑﻊ ﺷﮭﺎدات دﻋﺎه اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻓﻘﺎل: أﺑﻚ ﺟﻨﻮن؟ ﻗﺎل :ﻻ .ﻗﺎل ﻓﮭﻞ أﺣﺼﻨﺖ ﻗﺎل :ﻧﻌﻢ .ﻓﻘﺎل اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ: اذھﺒﻮ ﺑﮫ ﻓﺎرﺟﻤﻮه.
ﻗﺎل اﺑﻦ ﺷﮭﺎب :ﻓﺄﺧﺒﺮﻧﻲ ﻣﻦ ﺳﻤﻊ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻗﺎل :ﻛﻨﺖ ﻓﯿﻤﻦ رﺟﻤﮫ ﻓﺮﺟﻤﻨﺎه ﺑﺎﻟﻤﺼﻠﻰ ،ﻓﻠﻤﺎ أذﻟﻘﺘﮫ اﻟﺤﺠﺎرة ھﺮب ﻓﺄدرﻛﻨﺎه ﺑﺎﻟﺤﺮة ﻓﺮﺟﻤﻨﺎه.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺣﺪﺛﻨﺎ أﺑﻮ ﺳﻌﯿﺪ ﻣﻮﻟﻰ اﻟﺤﺎﺟﺐ ﺟﻌﻔﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺠﺎﻣﻊ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ ﻋﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﻤﻘﺮئ ﻋﻦ أﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﻨﺤﺎس ﻋﻦ ﺳﻌﯿﺪ ﺑﻦ ﺑﺸﺮ ﻋﻦ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ راﻓﻊ ﻋﻦ ﻣﻨﺼﻮر ﻋﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﻋﻦ ﺣﻄﺎن ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ اﻟﺮﻗﺎﺷﻲ ﻋﻦ ﻋﺒﺎدة ﺑﻦ اﻟﺼﺎﻣﺖ ﻋﻦ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻗﺎل) :ﺧﺬوا ﻋﻨﻲ ﺧﺬوا ﻋﻨﻲ ،ﻗﺪ ﺟﻌﻞ اﷲ ﻟﮭﻦ ﺳﺒﯿﻼً :اﻟﺒﻜﺮ ﺑﺎﻟﺒﻜﺮ ﺟﻠﺪ ،وﺗﻐﺮﯾﺐ ﺳﻨﺔ ،واﻟﺜﯿﺐ ﺑﺎﻟﺜﯿﺐ ﺟﻠﺪ ﻣﺎﺋﺔ واﻟﺮﺟﻢ .ﻓﯿﺎ ﻟﺸﻨﻌﺔ ذﻧﺐ أﻧﺰل اﷲ وﺣﯿﮫ ﻣﺒﯿﻨﺎً ﺑﺎﻟﺘﺸﮭﯿﺮ ﺑﺼﺎﺣﺒﮫ ،واﻟﻌﻨﻒ ﺑﻔﺎﻋﻠﮫ ،واﻟﺘﺸﺪﯾﺪ ﻟﻤﻘﺘﺮﻓﮫ ،وﺗﺸﺪد ﻓﻲ أﻻ ﯾﺮﺟﻢ إﻻ ﺑﺤﻀﺮة أوﻟﯿﺎﺋﮫ ﻋﻘﻮﺑﺔ رﺟﻤﮫ ،وﻗﺪ أﺟﻤﻊ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن إﺟﻤﺎﻋﺎً ﻻ ﯾﻨﻘﻀﮫ إﻻ ﻣﻠﺤﺪ أن اﻟﺰاﻧﻲ اﻟﻤﺤﺼﻦ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺮﺟﻢ ﺣﺘﻰ ﯾﻤﻮت(. ﻓﯿﺎ ﻟﮭﺎ ﻗﺘﻠﺔ ﻣﺎ أھﻮﻟﮭﺎ ،وﻋﻘﻮﺑﺔ ﻣﺎ أﻓﻈﻌﮭﺎ ،وأﺷﺪ ﻋﺬاﺑﮭﺎ وأﺑﻌﺪھﺎ ﻣﻦ اﻹراﺣﺔ وﺳﺮﻋﺔ اﻟﻤﻮت. وﻃﻮاﺋﻒ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻣﻨﮭﻢ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﺤﺴﻦ واﺑﻦ راھﻮﯾﮫ وداود وأﺻﺤﺎﺑﮫ ﯾﺮون ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻊ اﻟﺮﺟﻢ ﺟﻠﺪ ﻣﺎﺋﺔ ،وﯾﺤﺘﺠﻮن ﻋﻠﯿﮫ ﺑﻨﺺ اﻟﻘﺮآن وﺛﺒﺎت اﻟﺴﻨﺔ ﻋﻦ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ وﺑﻔﻌﻞ ﻋﻠﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﺑﺄﻧﮫ رﺟﻢ اﻣﺮأة ﻣﺤﺼﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﺰﻧﺎ ﺑﻌﺪ أن ﺟﻠﺪھﺎ ﻣﺎﺋﺔ .وﻗﺎل :ﺟﻠﺪﺗﮭﺎ ﺑﻜﺘﺎب اﷲ ورﺟﻤﺘﮭﺎ ﺑﺴﻨﺔ رﺳﻮل اﷲ .واﻟﻘﻮل ﺑﺬﻟﻚ ﻻزم ﻷﺻﺤﺎب اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ،ﻷن زﯾﺎدة اﻟﻌﺪل ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ ،وﻗﺪ ﺻﺢ ﻓﻲ إﺟﻤﺎع اﻷﻣﺔ اﻟﻤﻨﻘﻮل ﺑﺎﻟﻜﺎﻓﺔ اﻟﺬي ﯾﺼﺤﺒﮫ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﻓﺮﻗﺔ وﻓﻲ أھﻞ ﻛﻞ ﻧﺤﻠﺔ ﻣﻦ ﻧﺤﻞ أھﻞ اﻟﻘﺒﻠﺔ ،ﺣﺎﺷﻰ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﯾﺴﯿﺮة ﻣﻦ اﻟﺨﻮارج ﻻ ﯾﻌﺘﺪ ﺑﮭﻢ ،أﻧﮫ ﻻ ﯾﺤﻞ دم اﻣﺮئ ﻣﺴﻠﻢ إﻻ ﺑﻜﻔﺮ ﺑﻌﺪ إﯾﻤﺎن ،أو ﻧﻔﺲ ﺑﻨﻔﺲ ،أو ﺑﻤﺤﺎرﺑﺔ اﷲ ورﺳﻮﻟﮫ ﯾﺸﮭﺮ ﻓﯿﮭﺎ ﺳﯿﻔﮫ وﯾﺴﻌﻰ ﻓﻲ اﻷرض ﻓﺴﺎداً ﻣﻘﺒﻼً
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻋﯿﺮ ﻣﺪﺑﺮ ،وﺑﺎﻟﺰﻧﺎ ﺑﻌﺪ اﻹﺣﺼﺎن .ﻓﺈن ﺣﺪ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ اﷲ ﻣﻊ اﻟﻜﻔﺮ ﺑﺎﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ وﻣﺤﺎرﺑﺘﮫ وﻗﻄﻊ ﺣﺠﺘﮫ ﻓﻲ اﻷرض وﻣﻨﺎﺑﺬﺗﮫ دﯾﻨﮫ ﻟﺠﺮم ﻛﺒﯿﺮ وﻣﻌﺼﯿﺔ ﺷﻨﻌﺎء، واﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﯾﻘﻮل) :إن ﺗﺠﺘﻨﺒﻮا ﻛﺒﺎﺋﺮ ﻣﺎ ﺗﻨﮭﻮن ﻋﻨﮫ ﻧﻜﻔﺮ ﻋﻨﻜﻢ ﺳﯿﺌﺎﺗﻜﻢ() .واﻟﺬﯾﻦ ﯾﺠﺘﻨﺒﻮن ﻛﺒﺎﺋﺮ اﻹﺛﻢ واﻟﻔﻮاﺣﺶ إﻻ اﻟﻠﻤﻢ إن رﺑﻚ واﺳﻊ اﻟﻤﻐﻔﺮة( .وإن ﻛﺎن أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ اﺧﺘﻠﻔﻮا ﻓﻲ ﺗﺴﻤﯿﺘﮭﺎ ﻓﻜﻠﮭﻢ ﻣﺠﻤﻊ ﻣﮭﻤﺎ اﺧﺘﻠﻔﻮا ﻓﯿﮫ ﻣﻨﮭﺎ أن اﻟﺰﻧﺎ ﯾﻘﺪم ﻓﯿﮭﺎ، ﻻ اﺧﺘﻼف ﺑﯿﻨﮭﻢ ﻓﻲ ذﻟﻚ وﻟﻢ ﯾﻮﻋﺪ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﺑﺎﻟﻨﺎر ﺑﻌﺪ اﻟﺸﺮك إﻻ ﻓﻲ ﺳﺒﻊ ذﻧﻮب ،وھﻲ اﻟﻜﺒﺎﺋﺮ :اﻟﺰﻧﺎ أﺣﺪھﺎ ،وﻗﺬف اﻟﻤﺤﺼﻨﺎت أﯾﻀﺎً ﻣﻨﮭﺎ، ﻣﻨﺼﻮﺻﺎً ذﻟﻚ ﻛﻠﮫ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ.
وﻗﺪ ذﻛﺮﻧﺎ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺠﺐ اﻟﻘﺘﻞ ﻋﻠﻰ أﺣﺪ ﻣﻦ وﻟﺪ آدم إﻻ ﻓﻲ اﻟﺬﻧﻮب اﻷرﺑﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم ذﻛﺮھﺎ .ﻓﺄﻣﺎ اﻟﻜﻔﺮ ﻣﻨﮭﺎ ﻓﺈن ﻋﺎد ﺻﺎﺣﺒﮫ إﻟﻰ اﻹﺳﻼم أو ﺑﺎﻟﺬﻣﺔ إن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣﺮﺗﺪاً ﻗﺒﻞ ﻣﻨﮫ ،ودرئ ﻋﻨﮫ اﻟﻤﻮت .وأﻣﺎ اﻟﻘﺘﻞ ﻓﺈن ﻗﺒﻞ اﻟﻮﻟﻲ اﻟﺪﯾﺔ ﻓﻲ ﻗﻮل ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻘﮭﺎء أو ﻋﻔﺎ ﻓﻲ ﻗﻮل ﺟﻤﯿﻌﮭﻢ ﺳﻘﻂ ﻋﻦ اﻟﻘﺎﺗﻞ اﻟﻘﺘﻞ ﺑﺎﻟﻘﺼﺎص .وأﻣﺎ اﻟﻔﺴﺎد ﻓﻲ اﻷرض ﻓﺈن ﺗﺎب ﺻﺎﺣﺒﮫ ﻗﺒﻞ أن ﯾﻘﺪر ﻋﻠﯿﮫ ھﺪر ﻋﻨﮫ اﻟﻘﺘﻞ ،وﻻ ﺳﺒﯿﻞ ﻓﻲ ﻗﻮل أﺣﺪ ﻣﺆاﻟﻒ أو ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻓﻲ ﺗﺮك رﺟﻢ اﻟﻤﺤﺼﻦ ،وﻻ وﺟﮫ ﻟﺮﻓﻊ اﻟﻤﻮت ﻋﻨﮫ اﻟﺒﺘﺔ. وﻣﻤﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﺷﻨﻌﺔ اﻟﺰﻧﺎ ﻣﺎ ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺑﻮ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ :ﺛﻨﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺑﻮ ﻋﯿﺴﻰ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﯾﺤﯿﻰ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﯾﺤﯿﻰ ﺑﻦ ﯾﺤﯿﻰ ﻋﻦ اﻟﻠﯿﺚ ﻋﻦ اﻟﺰھﺮي ﻋﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻋﻦ ﻋﺒﯿﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﯿﺮ :أن ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﺻﺎب ﻓﻲ زﻣﺎﻧﮫ ﻧﺎﺳﺎً ﻣﻦ ھﺬﯾﻞ ،ﻓﺨﺮﺟﺖ ﺟﺎرﯾﺔ ﻣﻨﮭﻢ ﻓﺄﺗﺒﻌﮭﺎ رﺟﻞ ﯾﺮﯾﺪھﺎ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﮭﺎ ﻓﺮﻣﺘﮫ ﺑﺤﺠﺮ ﻓﻘﻀﺖ ﻛﺒﺪه ،ﻓﻘﺎل ﻋﻤﺮ :ھﺬا ﻗﺘﯿﻞ اﷲ ،واﷲ ﻻ ﯾﻮدي
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
أﺑﺪاً. وﻣﺎ ﺟﻌﻞ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻓﯿﮫ أرﺑﻌﺔ ﺷﮭﻮد وﻓﻲ ﻛﻞ ﺣﻜﻢ ﺷﺎھﺪﯾﻦ إﻻ ﺣﯿﺎﻃﺔ ﻣﻨﮫ أﻻ ﺗﺸﯿﻊ اﻟﻔﺎﺣﺸﺔ ﻓﻲ ﻋﺒﺎده ،ﻟﻌﻈﻤﮭﺎ وﺷﻨﻌﺘﮭﺎ وﻗﺒﺤﮭﺎ ،وﻛﯿﻒ ﻻ ﺗﻜﻮن ﺷﻨﯿﻌﺔ وﻣﻦ ﻗﺬف ﺑﮭﺎ أﺧﺎه اﻟﻤﺴﻠﻢ أو أﺧﺘﮫ اﻟﻤﺴﻠﻤﺔ دون ﺻﺤﺔ ﻋﻠﻢ أو ﺗﯿﻘﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻓﻘﺪ أﺗﻰ ﻛﺒﺮة ﻣﻦ اﻟﻜﺒﺎﺋﺮ اﺳﺘﺤﻖ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﻨﺎر ﻏﺪاً ،ووﺟﺐ ﻋﻠﯿﮫ ﺑﻨﺺ اﻟﺘﻨﺰﯾﻞ أن ﺗﻀﺮب ﺑﺸﺮﺗﮫ ﺛﻤﺎﻧﯿﻦ ﺳﻮﻃﺎً.
وﻣﺎﻟﻚ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﯾﺮى أﻻ ﯾﺆﺧﺬ ﻓﻲ ﺷﻲء ﻣﻦ اﻷﺷﯿﺎء ﺣﺪ ﺑﺎﻟﺘﻌﺮﯾﺾ دون اﻟﺘﺼﺮﯾﺢ إﻻ ﻓﻲ ﻗﺬف.
وﺑﺎﻟﺴﻨﺪ اﻟﻤﺬﻛﻮر ﻋﻦ اﻟﻠﯿﺚ ﺑﻦ ﺳﻌﯿﺪ ﻋﻦ ﯾﺤﯿﻰ ﺑﻦ ﺳﻌﯿﺪ ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻋﻦ أﻣﮫ ﻋﻤﺮة ﺑﻨﺖ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ أﻣﺮ أن ﯾﺠﻠﺪ اﻟﺮﺟﻞ ﻗﺎل ﻵﺧﺮ :ﻣﺎ أﺑﻲ ﺑﺰان وﻻ أﻣﻲ ﺑﺰاﻧﯿﺔ. ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ ﻃﻮﯾﻞ وﺑﺈﺟﻤﺎع ﻣﻦ اﻷﻣﺔ ﻛﻠﮭﺎ دون ﺧﻼف ﻣﻦ أﺣﺪ ﻧﻌﻠﻤﮫ أﻧﮫ إذا ﻗﺎل رﺟﻞ ﻵﺧﺮ :ﯾﺎ ﻛﺎﻓﺮ ،أو ﯾﺎ ﻗﺎﺗﻞ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﺣﺮم اﷲ ،ﻟﻤﺎ وﺟﺐ ﻋﻠﯿﮫ ﺣﺪ؛ اﺣﺘﯿﺎﻃﺎً ﻣﻦ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ إﻻ ﯾﺜﺒﺖ ھﺬه اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﺴﻠﻢ وﻻ ﻣﺴﻠﻤﺔ. وﻣﻦ ﻗﻮل ﻣﺎﻟﻚ رﺣﻤﮫ اﷲ أﯾﻀﺎً أﻧﮫ ﻻ ﺣﺪ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم إﻻ واﻟﻘﺘﻞ ﯾﻐﻨﻲ ﻋﻨﮫ وﺑﻨﺴﺨﮫ إﻻ ﺣﺪ اﻟﻘﺬف ،ﻓﺈﻧﮫ إن وﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻗﺪ وﺟﺐ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻘﺘﻞ ﺣﺪ ﺛﻢ ﻗﺘﻞ. ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ) :واﻟﺬﯾﻦ ﯾﺮﻣﻮن اﻟﻤﺤﺼﻨﺎت ﺛﻢ ﻟﻢ ﯾﺄﺗﻮا ﺑﺄرﺑﻌﺔ ﺷﮭﺪاء ﻓﺎﺟﻠﺪوھﻢ ﺛﻤﺎﻧﯿﻦ ﺟﻠﺪة وﻻ ﺗﻘﺒﻠﻮا ﻟﮭﻢ ﺷﮭﺎدة أﺑﺪاً وأوﻟﺌﻚ ھﻢ اﻟﻔﺎﺳﻘﻮن .إﻻ اﻟﺬﯾﻦ ﺗﺎﺑﻮا( .وﻗﺎل
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺗﻌﺎﻟﻰ) :إن اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺮﻣﻮن اﻟﻤﺤﺼﻨﺎت اﻟﻐﺎﻓﻼت اﻟﻤﺆﻣﻨﺎت ﻟﻌﻨﻮا ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ واﻵﺧﺮة وﻟﮭﻢ ﻋﺬاب ﻋﻈﯿﻢ( .وروي ﻋﻦ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ أﻧﮫ ﻗﺎل :اﻟﻐﻀﺐ واﻟﻠﻌﻨﺔ اﻟﻤﺬﻛﻮران ﻓﻲ اﻟﻠﻌﺎن إﻧﮭﻤﺎ ﻣﻮﺟﺒﺘﺎن. ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻟﮭﻤﺪاﻧﻲ ﻋﻦ أﺑﻲ إﺳﺤﺎق ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﯾﻮﺳﻒ ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ،ﻗﺎل :ﺛﻨﺎ ﺳﻠﯿﻤﺎن ﻋﻦ ﺛﻮر ﺑﻦ ﯾﺰﯾﺪ ﻋﻦ أﺑﻲ اﻟﻐﯿﺚ ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ أﻧﮫ ﻗﺎل) :اﺟﺘﻨﺒﻮا اﻟﺴﺒﻊ اﻟﻤﻮﺑﻘﺎت( .ﻗﺎﻟﻮا :وﻣﺎ ھﻦ ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ؟ ﻗﺎل) :اﻟﺸﺮك ﺑﺎﷲ ،واﻟﺴﺤﺮ ،وﻗﺘﻞ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﺣﺮم اﷲ إﻻ ﺑﺎﻟﺤﻖ ،وأﻛﻞ اﻟﺮﺑﺎ ،وأﻛﻞ ﻣﺎل اﻟﯿﺘﯿﻢ ،واﻟﺘﻮﻟﻲ ﯾﻮم وﻗﺬف
اﻟﺰﺣﻒ،
اﻟﻤﺤﺼﻨﺎت
اﻟﻤﺆﻣﻨﺎت(.
اﻟﻐﺎﻓﻼت
وإن ﻓﻲ اﻟﺰﻧﺎ ﻣﻦ إﺑﺎﺣﺔ اﻟﺤﺮﯾﻢ ،وإﻓﺴﺎد اﻟﻨﺴﻞ ،واﻟﺘﻔﺮﯾﻖ ﺑﯿﻦ اﻷزواج اﻟﺬي ﻋﻈﻢ اﷲ أﻣﺮه ،ﻣﺎﻻ ﯾﮭﻮن ﻋﻠﻰ ذي ﻋﻘﻞ أوﻣﻦ ﻟﮫ أﻗﻞ ﺧﻼق ،وﻟﻮ ﻻ ﻣﻜﺎن ھﺬا اﻟﻌﻨﺼﺮ ﻣﻦ اﻹﻧﺴﺎن وأﻧﮫ ﻏﯿﺮ ﻣﺄﻣﻮن اﻟﻐﻠﺒﺔ ﻟﻤﺎ ﺧﻔﻒ اﷲ ﻋﻦ اﻟﺒﻜﺮﯾﻦ وﺷﺪد ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺼﻨﯿﻦ .وھﺬا ﻋﻨﺪﻧﺎ وﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺸﺮاﺋﻊ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ اﻟﻨﺎزﻟﺔ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﺣﻜﻤﺎ ﺑﺎﻗﯿﺎً ﻟﻢ ﯾﻨﺴﺦ وﻻ أزﯾﻞ ،ﻓﯿﺘﺮك اﻟﻨﺎﻇﺮ ﻟﻌﺒﺎده اﻟﺬي ﻟﻢ ﯾﺸﻐﻠﮫ ﻋﻈﯿﻢ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺧﻠﻘﮫ وﻻ ﯾﺤﯿﻒ ﻗﺪرﺗﮫ ﻛﺒﯿﺮ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻋﻮاﻟﻤﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﻈﺮ ﻟﺤﻘﯿﺮ ﻣﺎ ﻓﯿﮭﺎ ،ﻓﮭﻮ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻋﺰ وﺟﻞ) :اﻟﺤﻲ اﻟﻘﯿﻮم ﻻ ﺗﺄﺧﺬه ﺳﻨﺔ وﻻ ﻧﻮم( .وﻗﺎل) :ﯾﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﯾﻠﺞ ﻓﻲ اﻷرض وﻣﺎ ﯾﺨﺮج ﻣﻨﺎ وﻣﺎ ﯾﻨﺰل ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء وﻣﺎ ﯾﻌﺮج ﻓﯿﮭﺎ( .وﻗﺎل) :ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻐﯿﺐ ﻻ ﯾﻌﺰب
ﻋﻨﮫ
ﻣﺜﻘﺎل
ذرة
ﻓﻲ
اﻷرض
وﻻ
ﻓﻲ
اﻟﺴﻤﺎء(.
وإن أﻋﻈﻢ ﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ ﺑﮫ اﻟﻌﺒﺪ ھﺘﻚ ﺳﺘﺮ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻓﻲ ﻋﺒﺎده .وﻗﺪ ﺟﺎء ﻓﻲ ﺣﻜﻢ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﺼﺪﯾﻖ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻓﻲ ﺿﺮﺑﮫ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي ﺿﻢ ﺻﺒﯿﺎ ﺣﺘﻰ أﻣﻨﻰ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺿﺮﺑﺎً ﻛﺎن ﺳﺒﺒﺎً ﻟﻠﻤﻨﯿﺔ .وﻣﻦ إﻋﺠﺎب ﻣﺎﻟﻚ رﺣﻤﮫ اﷲ ﺑﺎﺟﺘﮭﺎد اﻷﻣﯿﺮ اﻟﺬي ﺿﺮب ﺻﺒﯿﺎً ﻣﻜﻦ رﺟﻼً ﻣﻦ ﺗﻘﺒﯿﻠﮫ ﺣﺘﻰ أﻣﻨﻰ اﻟﺮﺟﻞ ،ﺿﺮﺑﮫ إﻟﻰ أن ﻣﺎت ،ﻣﺎ ﯾﻨﺴﻰ ﺷﺪة دواﻋﻲ ھﺬا اﻟﺸﺄن وأﺳﺒﺎﺑﮫ .واﻟﺘﺰﯾﺪ ﻓﻲ اﻻﺟﺘﮭﺎد ،وإن ﻛﻨﺎ ﻻ ﻧﺮاه ﻓﮭﻮ ﻗﻮل ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﯾﺘﺒﻌﮫ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس .وأﻣﺎ اﻟﺬي ﻧﺬھﺐ أﻟﯿﮫ ﻓﺎﻟﺬي ﺣﺪﺛﻨﺎه اﻟﮭﻤﺪاﻧﻲ ﻋﻦ اﻟﺒﻠﺨﻲ ﻋﻦ اﻟﺒﺨﺎري ﻋﻦ اﻟﻔﺮﺑﺮي ﻋﻦ اﻟﺒﺨﺎري ﻗﺎل :ﺛﻨﺎ ﯾﺤﯿﻰ ﺑﻦ ﺳﻠﯿﻤﺎن ،ﺛﻨﺎ اﺑﻦ وھﺐ ﻗﺎل :أﺧﺒﺮﻧﻲ ﻋﻤﺮو أن ﺑﻜﯿﺮاً ﺣﺪﺛﮫ ﻋﻦ ﺳﻠﯿﻤﺎن ﺑﻦ ﯾﺴﺎر ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻋﻦ أﺑﻲ ﺑﺮدة اﻷﻧﺼﺎري ﻗﺎل :ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﯾﻘﻮل) :ﻻ ﯾﺠﻠﺪ ﻓﻮق ﻋﺸﺮة أﺳﻮاط إﻻ ﻓﻲ ﺣﺪ ﻣﻦ ﺣﺪود اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ(.
وﺑﮫ ﯾﻘﻮل أﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ رﺣﻤﮫ اﷲ. وأﻣﺎ ﻓﻌﻞ ﻗﻮم ﻟﻮط ﻓﺸﻨﯿﻊ ﺑﺸﯿﻊ ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ) :أﺗﺄﺗﻮن اﻟﻔﺎﺣﺸﺔ ﻣﺎ ﺳﺒﻘﻜﻢ ﺑﮭﺎ ﻣﻦ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ( .وﻗﺪ ﻗﺬف اﷲ ﻓﺎﻋﻠﯿﮫ ﺑﺤﺠﺎرة ﻣﻦ ﻃﯿﻦ ﻣﺴﻮﻣﺔ .وﻣﺎﻟﻚ رﺣﻤﮫ اﷲ ﯾﺮى ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺎﻋﻞ واﻟﻤﻔﻌﻮل ﺑﮫ اﻟﺮﺟﻢ أﺣﺼﻨﺎ أو ﻟﻢ ﯾﺤﺼﻨﺎ .واﺣﺘﺞ ﺑﻌﺒﺾ اﻟﻤﺎﻟﻜﯿﯿﻦ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺑﺄن اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﯾﻘﻮل ﻓﻲ رﺟﻤﮫ ﻓﺎﻋﻠﯿﮫ ﺑﺎﻟﺤﺠﺎرة :وﻣﺎ ھﻲ ﻣﻦ اﻟﻈﺎﻟﻤﯿﻦ ﺑﺒﻌﯿﺪ .ﻓﻮﺟﺐ ﺑﮭﺬا أﻧﮫ ﻣﻦ ﻇﻠﻢ اﻵن ﺑﻤﺜﻞ ﻓﻌﻠﮭﻢ ﻗﺮﺑﺖ ﻣﻨﮫ واﻟﺨﻼف ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻟﯿﺲ ھﺬا ﻣﻮﺿﻌﮫ .وﻗﺪ ذﻛﺮ أﺑﻮ إﺳﺤﺎق إﺑﺮاھﯿﻢ ﺑﻦ اﻟﺴﺮي أن أﺑﺎ ﺑﻜﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﺣﺮق ﻓﯿﮫ ﺑﺎﻟﻨﺎر .وذﻛﺮ أﺑﻮ ﻋﺒﯿﺪة ﻣﻌﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﻤﺜﻨﻰ اﺳﻢ اﻟﻤﺤﺮق ﻓﻘﺎل :ھﻮ ﺷﺠﺎع ﺑﻦ ورﻗﺎء اﻷﺳﺪي أﺣﺮﻗﮫ ﺑﺎﻟﻨﺎر أﺑﻮ ﺑﻜﺮ اﻟﺼﺪﯾﻖ ﻷﻧﮫ ﯾﺆﺗﻲ ﻓﻲ دﺑﺮه ﻛﻤﺎ ﺗﺆﺗﻰ اﻟﻤﺮأة.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وأن ﻋﻦ اﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻟﻤﺬاھﺐ ﻟﻠﻌﻘﻞ واﺳﻌﺔ ،ﻓﻤﺎ ﺣﺮم اﷲ ﺷﯿﺌﺎً إﻻ وﻗﺪ ﻋﻮض ﻋﺒﺎده ﻣﻦ اﻟﺤﻼل ﻣﺎ ھﻮ أﺣﺴﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺮم وأﻓﻀﻞ ،ﻻ إﻟﮫ إﻻ ھﻮ. وأﻗﻮل ﻓﻲ اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ إﺗﺒﺎع اﻟﮭﻮى ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻮﻋﻆ:
ﺃﻗﻭل ﻟﻨﻔﺴﻲ ﻤﺎ ﻤـﺒـﻴﻥ ﻜـﺤـﺎﻟـﻙ
ﻭﻤﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻻ ﻫﺎﻟﻙ ﻭﺍﺒـﻥ ﻫـﺎﻟـﻙ
ﺼﻥ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﻋﻤﺎ ﻋﺎﺒﻬﺎ ﻭﺍﺭﻓﺽ ﺍﻟﻬﻭﻯ
ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻬﻭﻯ ﻤﻔﺘﺎﺡ ﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤـﻬـﺎﻟـﻙ
ﺭﺃﻴﺕ ﺍﻟﻬﻭﻯ ﺴﻬل ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﻱ ﻟـﺫﻴﺫﻫـﺎ
ﻭﻋﻘﺒﺎﻩ ﻤﺭ ﺍﻟﻁﻌﻡ ﻀﻨﻙ ﺍﻟﻤﺴـﺎﻟـﻙ
ﻓﻤﺎ ﻟﺫﺓ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤـﻭﺕ ﺒـﻌـﺩﻫـﺎ ﻭﻟﻭ ﻋﺎﺵ ﻀﻌﻔﻲ ﻋﻤﺭ ﻨﻭﺡ ﺒﻥ ﻻﻤﻙ ﻓﻼ ﺘﺘـﺒـﻊ ﺩﺍﺭﺍﹰ ﻗـﻠـﻴﻼﹰ ﻟـﺒـﺎﺌﻬـﺎ ﻓﻘﺩ ﺃﻨﺫﺭﺘﻨﺎ ﺒﺎﻟﻔـﻨـﺎﺀ ﺍﻟـﻤـﻭﺍﺸـﻙ ﻭﻤﺎ ﺘﺭﻜﻬﺎ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻫـﻲ ﺃﻤـﻜـﻨـﺕ
ﻭﻜﻡ ﺘﺎﺭﻙ ﺇﻀﻤـﺎﺭﻩ ﻏـﻴﺭ ﺘـﺎﺭﻙ
ﻓﻤﺎ ﺘﺎﺭﻙ ﺍﻵﻤﺎل ﻋـﺠـﺒـﺎﹰ ﺠـﺅﺍﺫﺭﺍﹰ
ﻜﺘﺎﺭ ﻜﻬﺎﺫﺍﺕ ﺍﻟﻀﺭﻭﻉ ﺍﻟﺤـﻭﺍﺸـﻙ
ﻭﻤﺎ ﻗﺎﺒل ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻜـﺎﻥ ﺭﺍﻏـﺒـ ﺎﹰ ﺒﺸﻬﻭﺓ ﻤﺸﺘـﺎﻕ ﻭﻋـﻘـل ﻤـﺒـﺎﺭﻙ ﻷﺠﺩﻯ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﷲ ﺒـﺎﻟـﻔـﻭﺯ ﻋـﻨـﺩﻩ
ﻟﺩﻯ ﺠﻨﺔ ﺍﻟﻔـﺭﺩﻭﺱ ﻓـﻭﻕ ﺍﻷﺭﺍﺌﻙ
ﻭﻤﻥ ﻋﺭﻑ ﺍﻷﻤﺭ ﺒﺎﻟﺫﻱ ﻫﻭ ﻁـﺎﻟـﺏ
ﺭﺃﻯ ﺴﺒﺒﺎﹰ ﻤﺎ ﻓﻲ ﻴﺩﻱ ﻜـل ﻤـﺎﻟـﻙ
ﻭﻤﻥ ﻋﺭﻑ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﻟﻡ ﻴﻌﺹ ﺃﻤـﺭﻩ
ﻭﻟﻭ ﺃﻨﻪ ﻴﻌﻁﻪ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟـﻤـﻤـﺎﻟـﻙ
ﺴﺒﻴل ﺍﻟﺘﻘﻲ ﻭﺍﻟﻨﺴﻙ ﺨﻴﺭ ﺍﻟﻤﺴـﺎﻟـﻙ
ﻭﺴﺎﻟﻜﻬﺎ ﻤﺴﺘﺒﺼـﺭ ﺨـﻴﺭ ﺴـﺎﻟـﻙ
ﻓﻤﺎ ﻓﻘﺩ ﺍﻟﺘﻨﻐﻴﺹ ﻤﻥ ﻋـﺎﺝ ﺩﻭﻨـﻬـﺎ
ﻭﻻ ﻁﺎﺏ ﻋﻴﺵ ﻷﻤﺭﻱ ﻏﻴﺭ ﺴﺎﻟـﻙ
ﻭﻁﻭﺒﻰ ﻷﻗﻭﺍﻡ ﻴﺅﻤـﻭﻥ ﻨـﺤـﻭﻫـﺎ ﺒﺨـﻔﺔ ﺃﺭﻭﺍﺡ ﻭﻟــﻴﻥ ﻋـــﺭﺍﺌﻙ ﻟﻘﺩ ﻓﻘﺩﻭﺍ ﻏل ﺍﻟﻨﻔـﻭﺱ ﻭﻓـﻀـﻠـﻭﺍ ﺒﻌﺯ ﺴﻼﻁـﻴﻥ ﻭﺃﻤـﻥ ﺼـﻌـﺎﻟـﻙ ﻓﻌﺎﺸﻭﺍ ﻜﻤﺎ ﺸﺎﺀﻭﺍ ﻭﻤﺎﺘﻭﺍ ﻜﻤﺎ ﺍﺸﺘﻬﻭﺍ
ﻭﻓﺎﺯﻭﺍ ﺒﺩﺍﺭ ﺍﻟﺨﻠﺩ ﺭﺤﺏ ﺍﻟﻤـﺒـﺎﺭﻙ
ﻋﺼﻭﺍ ﻁﺎﻋﺔ ﺍﻷﺠﺴﺎﺩ ﻓﻲ ﻜـل ﻟـﺫﺓ
ﺒﻨﻭﺭ ﻤﺤل ﻅﻠﻤﺔ ﺍﻟـﻐـﻲ ﻫـﺎﺘـﻙ
ﻓﻠﻭﻻ ﺍﻋﺘﺩﺍﺩ ﺍﻟﺠﺴﻡ ﺃﻴﻘـﻨـﺕ ﺃﻨـﻬـﻡ ﻴﻌﻴﺸﻭﻥ ﻋﻴﺸﺎﹰ ﻤﺜل ﻋﻴﺵ ﺍﻟـﻤـﻼﺌﻙ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻓﻴﺎ ﺭﺏ ﻗﺩﻤﻬﻡ ﻭﺯﺩ ﻓﻲ ﺼﻼﺤـﻬـﻡ
ﻭﺼل ﻋﻠﻴﻬﻡ ﺤﻴﺙ ﺤـﻠـﻭﺍ ﻭﺒـﺎﺭﻙ
ﻭﻴﺎ ﻨﻔﺱ ﺤﺩﻱ ﻻ ﺘﻤﻠـﻲ ﻭﺸـﻤـﺭﻱ ﻟﻨﻴل ﺴﺭﻭﺭ ﺍﻟﺩﻫﺭ ﻓﻴﻤـﺎ ﻫـﻨـﺎﻟـﻙ ﻭﺃﻨﺕ ﻤﺘﻰ ﺩﻤﺭﺕ ﺴﻌﻴﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻬـﻭﻯ ﻋﻠﻤﺕ ﺒﺄﻥ ﺍﻟـﺤـﻕ ﻟـﻴﺱ ﻜـﺫﻟـﻙ ﻓﻘﺩ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻠـﻪ ﺍﻟـﺸـﺭﻴﻌﺔ ﻟـﻠـﻭﺭﻯ ﺒﺄﺒﻴﻥ ﻤﻥ ﺯﻫﺭ ﺍﻟﻨﺠﻭﻡ ﺍﻟـﺸـﻭﺍﺒـﻙ ﻓﻴﺎ ﻨﻔﺱ ﺠﺩﻱ ﻑ ﻓﻲ ﺨﻼﺼﻙ ﻭﺍﻨﻔﺫﻱ ﻨﻔﺎﺫ ﺍﻟﺴﻴﻭﻑ ﺍﻟﻤﺭﻫﻔﺎﺕ ﺍﻟـﺒـﻭﺍﺘـﻙ ﻓﻠﻭ ﺃﻋﻤل ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺘﻔﻜـﺭ ﻓـﻲ ﺍﻟـﺫﻱ
ﻟﻪ ﺨﻠﻘﻭﺍ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺤﻲ ﺒـﻀـﺎﺤـﻙ
اﻟﺒﺎب اﻟﺜﻼﺛﻮن ﻓﻀﻞ اﻟﺘﻌﻔﻒ وﻣﻦ أﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﯾﺄﺗﯿﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﺣﺒﮫ اﻟﺘﻌﻔﻒ ،وﺗﺮك رﻛﻮب اﻟﻤﻌﺼﯿﺔ واﻟﻔﺎﺣﺸﺔ ،وأﻻ ﯾﺮﻏﺐ ﻋﻦ ﻣﺠﺎزاة ﺧﺎﻟﻘﮫ ﻟﮫ ﺑﺎﻟﻨﻌﯿﻢ ﻓﻲ دار اﻟﻤﻘﺎﻣﺔ ،وأﻻ ﯾﻌﺼﻲ ﻣﻮﻻه اﻟﻤﺘﻔﻀﻞ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺬي ﺟﻌﻞ ﻟﮫ ﻣﻜﺎﻧﺎً وأھﻼ ﻷﻣﺮه وﻧﮭﯿﮫ :وأرﺳﻞ إﻟﯿﮫ رﺳﻠﮫ وﺟﻌﻞ ﻛﻼﻣﮫ ﺛﺎﺑﺘﺎً ﻟﺪﯾﮫ ،ﻋﻨﺎﯾﺔ ﻣﻨﮫ ﺑﻨﺎ وإﺣﺴﺎﻧﺎً إﻟﯿﻨﺎ .وإن ﻣﻦ ھﺎم ﻗﻠﺒﮫ وﺷﻐﻞ ﺑﺎﻟﮫ واﺷﺘﺪ ﺷﻮﻗﮫ وﻋﻈﻢ وﺟﺪه ﺛﻢ ﻇﻔﺮ ﻓﺮام ھﻮاه أن ﯾﻐﻠﺐ ﻋﻘﻠﮫ وﺷﮭﻮﺗﮫ ،وأن ﯾﻘﮭﺮ دﯾﻨﮫ ،ﺛﻢ أﻗﺎم اﻟﻌﺪل ﻟﻨﻔﺴﮫ ﺣﺼﻨﺎً ،وﻋﻠﻢ أﻧﮭﺎ اﻟﻨﻔﺲ اﻷﻣﺎرة ﺑﺎﻟﺴﻮء ،وذﻛﺮھﺎ ﺑﻌﻘﺎب اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﻓﻜﺮ ﻓﻲ اﺟﺘﺮاﺋﮫ ﻋﻠﻰ ﺧﺎﻟﻘﮫ وھﻮ ﯾﺮاه ،وﺣﺬرھﺎ ﻣﻦ ﯾﻮم اﻟﻤﻌﺎذ واﻟﻮﻗﻮف ﺑﯿﻦ ﯾﺪي اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻌﺰﯾﺰ اﻟﺸﺪﯾﺪ اﻟﻌﻘﺎب اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ اﻟﺬي ﻻ ﯾﺤﺘﺎج
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
إﻟﻰ ﺑﯿﻨﺔ ،وﻧﻈﺮ ﺑﻌﯿﻦ ﺿﻤﯿﺮه إﻟﻰ اﻧﻔﺮاده ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺪاﻓﻊ ﺑﺤﻀﺮة ﻋﻼم اﻟﻐﯿﻮب )ﯾﻮم ﻻ ﯾﻨﻔﻊ ﻣﺎل وﻻ ﺑﻨﻮن إﻻ ﻣﻦ أﺗﻰ اﷲ ﺑﻘﻠﺐ ﺳﻠﯿﻢ() .ﯾﻮم ﺗﺒﺪل اﻷرض ﻏﯿﺮ اﻷرض واﻟﺴﻤﻮات() .ﯾﻮم ﺗﺠﺪ ﻛﻞ ﻧﻔﺲ ﻣﺎ ﻋﻤﻠﺖ ﻣﻦ ﺧﯿﺮ ﻣﺤﻀﺮاً وﻣﺎ ﻋﻤﻠﺖ ﻣﻦ ﺳﻮء ﺗﻮد ﻟﻮ أن ﺑﯿﻨﮭﺎ وﺑﯿﻨﮫ أﻣﺪاً ﺑﻌﯿﺪاً( .ﯾﻮم )وﻋﻨﺖ اﻟﻮﺟﻮه ﻟﻠﺤﻲ اﻟﻘﯿﻮم وﻗﺪ ﺧﺎل ﻣﻦ ﺣﻤﻞ ﻇﻠﻤﺎً( .ﯾﻮم )ووﺟﺪوا ﻣﺎ ﻋﻤﻠﻮا ﺣﺎﺿﺮاً وﻻ ﯾﻈﻠﻢ رﺑﻚ أﺣﺪاً( .ﯾﻮم اﻟﻄﺎﻣﺔ اﻟﻜﺒﺮى) ،ﯾﻮم ﯾﺘﺬﻛﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺎ ﺳﻌﻰ وﺑﺮزت اﻟﺠﺤﯿﻢ ﻟﻤﻦ ﯾﺮى ﻓﺄﻣﺎ ﻣﻦ ﻃﻐﻰ وآﺛﺮ اﻟﺤﯿﺎة اﻟﺪﻧﯿﺎ ﻓﺈن اﻟﺠﺤﯿﻢ ھﻲ اﻟﻤﺄوى .وأﻣﺎ ﻣﻦ ﺧﺎف ﻣﻘﺎم رﺑﮫ وﻧﮭﻰ اﻟﻨﻔﺲ ﻋﻦ اﻟﮭﻮى ﻓﺈن اﻟﺠﻨﺔ ھﻲ اﻟﻤﺄوى( .واﻟﯿﻮم اﻟﺬي ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﯿﮫ) :وﻛﻞ إﻧﺴﺎن أﻟﺰﻣﻨﺎه ﻃﺎﺋﺮه ﻓﻲ ﻋﻨﻘﮫ وﻧﺨﺮج ﻟﮫ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ﻛﺘﺎﺑﺎً ﯾﻠﻘﺎه ﻣﻨﺸﻮراً اﻗﺮأ ﻛﺘﺎﺑﻚ ﻛﻔﻰ ﺑﻨﻔﺴﻚ اﻟﯿﻮم ﻋﻠﯿﻚ ﺣﺴﯿﺒﺎً( .ﻋﻨﺪھﺎ ﯾﻘﻮل اﻟﻌﺎﺻﻲ :ﯾﺎ وﯾﻠﺘﻲ! ﻣﺎ ﻟﮭﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻻ ﯾﻐﺎدر ﺻﻐﯿﺮة وﻻ ﻛﺒﯿﺮة إﻻ أﺣﺼﺎھﺎ .ﻓﻜﯿﻒ ﺑﻤﻦ ﻃﻮى ﻗﻠﺒﮫ ﻋﻠﻰ أﺣﺮ ﻣﻦ ﺟﻤﺮ اﻟﻐﻀﻰ .وﻃﻮى ﻛﺸﺤﮫ ﻋﻠﻰ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﯿﻒ ،وﺗﺠﺮع ﻏﺼﺼﺎً أﻣﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﻨﻈﻞ ،وﺻﺮف ﻧﻔﺴﮫ ﻛﺮھﺎً ﻋﻤﺎ ﻃﻤﻌﺖ ﻓﯿﮫ وﺗﯿﻘﻨﺖ ﺑﺒﻠﻮﻏﮫ وﺗﮭﯿﺄت ﻟﮫ وﻟﻢ ﯾﺤﻞ دوﻧﮭﺎ ﺣﺎﺋﻞ ،ﻟﺤﺮى أن ﯾﺴﺮ ﻏﺪاً ﯾﻮم اﻟﺒﻌﺚ وﯾﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺮﺑﯿﻦ ﻓﻲ دار اﻟﺠﺰاء وﻋﺎﻟﻢ اﻟﺨﻠﻮد ،وأن ﯾﺄﻣﻦ روﻋﺎت اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ وھﻮل اﻟﻤﻄﻠﻊ ،وأن ﯾﻌﻮﺿﮫ اﷲ ﻣﻦ
ھﺬه
اﻟﻘﺮﺣﺔ
اﻷﻣﻦ
ﯾﻮم
اﻟﺤﺸﺮ.
ﺣﺪﺛﻨﻲ أﺑﻮ ﻣﻮﺳﻰ ھﺎرون ﺑﻦ ﻣﻮﺳﻰ اﻟﻄﺒﯿﺐ ﻗﺎل :رأﯾﺖ ﺷﺎﺑﺎً ﺣﺴﻦ اﻟﻮﺟﮫ ﻣﻦ أھﻞ ﻗﺮﻃﺒﺔ ﻗﺪ ﺗﻌﺒﺪ ورﻓﺾ اﻟﺪﻧﯿﺎ ،وﻛﺎن ﻟﮫ أخ ﻓﻲ اﷲ ﻗﺪ ﺳﻘﻄﺖ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﻣﺆوﻧﺔ اﻟﺘﺤﻔﻆ ،ﻓﺰاره ذات ﻟﯿﻠﺔ وﻋﺰم ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺒﯿﺖ ﻋﻨﺪه ،ﻓﻌﺮﺿﺖ ﻟﺼﺎﺣﺐ اﻟﻤﻨﺰل ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺑﻌﺾ ﻣﻌﺎرﻓﮫ ﺑﺎﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﻣﻨﺰﻟﮫ .ﻓﻨﮭﺾ ﻟﮭﺎ ﻋﻠﻰ أن ﯾﻨﺼﺮف ﻣﺴﺮﻋﺎً.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وﻧﺰل اﻟﺸﺎب ﻓﻲ داره ﻣﻊ اﻣﺮأﺗﮫ ،وﻛﻨﺖ ﻏﺎﯾﺔ اﻟﺤﺴﻦ وﺗﺮﺑﺎً ﻟﻠﻀﯿﻒ ﻓﻲ اﻟﺼﺒﻰ ﻓﺄﻃﺎل رب اﻟﻤﻨﺰل اﻟﻤﻘﺎم إﻟﻰ أن ﻣﺸﻰ اﻟﻌﺴﺲ وﻟﻢ ﯾﻤﻜﻨﮫ اﻻﻧﺼﺮاف إﻟﻰ ﻣﻨﺰﻟﮫ، ﻓﻠﻤﺎ ﻋﻠﻤﺖ اﻟﻤﺮأة ﺑﻔﻮات اﻟﻮﻗﺖ وأن زوﺟﮭﺎ ﻻ ﯾﻤﻜﻨﮫ اﻟﻤﺠﻲء ﺗﻠﻚ اﻟﻠﯿﻠﺔ ﺗﺎﻗﺖ ﻧﻔﺴﮭﺎ إﻟﻰ ذﻟﻚ اﻟﻔﺘﻰ ﻓﺒﺮزت إﻟﯿﮫ ودﻋﺘﮫ إﻟﻰ ﻧﻔﺴﮭﺎ ،وﻻ ﺛﺎﻟﺚ ﻟﮭﻤﺎ إﻻ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ،ﻓﮭﻢ ﺑﮭﺎ ﺛﻢ ﺛﺎب إﻟﯿﮫ ﻋﻘﻠﮫ وﻓﻜﺮ ﻓﻲ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻓﻮﺿﻊ إﺻﺒﻌﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺮاج ﻓﺘﻔﻘﻊ ﺛﻢ ﻗﺎل :ﯾﺎ ﻧﻔﺲ ،ذوﻗﻲ ھﺬا وأﯾﻦ ھﺬا ﻣﻦ ﻧﺎر ﺟﮭﻨﻢ .ﻓﮭﺎل اﻟﻤﺮأة ﻣﺎ رأت ،ﺛﻢ ﻋﺎودﺗﮫ ﻓﻌﺎودﺗﮫ اﻟﺸﮭﻮة اﻟﻤﺮﻛﺒﺔ ﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻌﺎد إﻟﻰ اﻟﻔﻌﻠﺔ اﻷوﻟﻰ. ﻓﺎﻧﺒﻠﺞ
وﺳﺒﺎﺑﺘﮫ
اﻟﺼﺒﺎح
اﺻﻄﻤﺘﮭﺎ
ﻗﺪ
اﻟﻨﺎر.
أﻓﺘﻈﻦ ﺑﻠﻎ ھﺬا ﻣﻦ ﻧﻔﺴﮫ ھﺬا اﻟﻤﺒﻠﻎ إﻻ ﻟﻔﺮط ﺷﮭﻮة ﻗﺪ ﻛﻠﺒﺖ ﻋﻠﯿﮫ؟ أو ﺗﺮى أن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ
ﯾﻀﯿﻊ
ﻟﮫ
اﻟﻤﻘﺎم؟
ﻛﻼ
إﻧﮫ
ﻷﻛﺮم
ﻣﻦ
ذﻟﻚ
وأﻋﻠﻢ.
وﻟﻘﺪ ﺣﺪﺛﺘﻨﻲ اﻣﺮأة أﺛﻖ ﺑﮭﺎ أﻧﮭﺎ ﻋﻠﻘﮭﺎ ﻓﺘﻰ ﻣﺜﻠﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﺴﻦ وﻋﻠﻘﺘﮫ وﺷﺎع اﻟﻘﻮل ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ ،ﻓﺎﺟﺘﻤﻌﺎ ﯾﻮﻣﺎ ﺧﺎﻟﯿﯿﻦ ﻓﻘﺎل :ھﻠﻤﻲ ﻧﺤﻘﻖ ﻣﺎ ﯾﻘﺎل ﻓﯿﻨﺎ .ﻓﻘﺎﻟﺖ :ﻻ واﷲ ﻻ ﻛﺎن ھﺬا أﺑﺪاً .وأﻧﺎ أﻗﺮأ ﻗﻮل اﷲ) :اﻹﺧﻼء ﯾﻮﻣﺌﺬ ﺑﻌﻀﮭﻢ ﻟﺒﻌﺾ ﻋﺪو إﻻ اﻟﻤﺘﻘﯿﻦ(.
ﻗﺎﻟﺖ:
ﻓﻤﺎ
ﻣﻀﻰ
ﻗﻠﯿﻞ
ﺣﺘﻰ
اﺟﺘﻤﻌﺎ
ﺣﻼل.
وﻟﻘﺪ ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺛﻘﺔ ﻣﻦ إﺧﻮاﻧﻲ أﻧﮫ ﺧﻼ ﯾﻮﻣﺎً ﺑﺠﺎرﯾﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﮫ ﻣﻔﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﺒﻰ، ﻓﺘﻌﺮﺿﺖ ﻟﺒﻌﺾ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ،ﻓﻘﺎل ﻟﮭﺎ :ﻛﻼ .إن ﻣﻦ ﺷﻜﺮ ﻧﻌﻤﺔ اﷲ ﻓﯿﻤﺎ ﻣﻨﺤﻰ ﻣﻦ وﺻﺎﻟﻚ اﻟﺬي ﻛﺎن أﻗﺼﻰ آﻣﺎﻟﻲ أن أﺟﺘﻨﺐ ھﻮاي ﻷﻣﺮه وﻟﻌﻤﺮي إن ھﺬا ﻟﻐﺮﯾﺐ ﻓﯿﻤﺎ ﺧﻼ ﻣﻦ اﻷزﻣﺎن ،ﻓﻜﯿﻒ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ھﺬا اﻟﺰﻣﺎن اﻟﺬي ﻗﺪ ذھﺐ ﺧﯿﺮه وأﺗﻰ ﺷﺮه.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وﻣﺎ أﻗﺪر ﻓﻲ ھﺬه اﻷﺧﺒﺎر -وھﻲ ﺻﺤﯿﺤﺔ -إﻻ أﺣﺪ وﺟﮭﯿﻦ ﻻ ﺷﻚ ﻓﯿﮭﻤﺎ :إﻣﺎ ﻃﺒﻊ ﻗﺪ ﻣﺎل إﻟﻰ ﻏﯿﺮ ھﺬا اﻟﺸﺄن واﺳﺘﺤﻜﻤﺖ ﻣﻌﺮﻓﺘﮫ ﺑﻔﻀﻞ ﺳﻮاه ﻋﻠﯿﮫ ﻓﮭﻮ ﻻ ﯾﺠﯿﺐ دواﻋﻲ اﻟﻐﺰل ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺔ وﻻ ﻛﻠﻤﺘﯿﻦ وﻻ ﻓﻲ ﯾﻮم وﻻ ﯾﻮﻣﯿﻦ ،وﻟﻮ ﻃﺎل ﻋﻠﻰ ھﺆﻻء اﻟﻤﻤﺘﺤﻨﯿﻦ ﻣﺎ اﻣﺘﺤﻨﻮا ﺑﮫ ﻟﺠﺎدت ﻃﺒﺎﻋﮭﻢ وأﺟﺎﺑﻮا ھﺎﺗﻒ اﻟﻔﺘﻨﺔ ،وﻟﻜﻦ اﷲ ﻋﺼﻤﮭﻢ ﺑﺎﻧﻘﻄﺎع اﻟﺴﺒﺐ اﻟﻤﺤﺮك ﻧﻈﺮاً ﻟﮭﻢ وﻋﻠﻤﺎً ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺿﻤﺎﺋﺮھﻢ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻌﺎذة
ﺑﮫ
ﻣﻦ
اﻟﻘﺒﺎﺋﺢ،
واﺳﺘﺪﻋﺎء
اﻟﺮﺷﺪ.
ﻻ
إﻟﮫ
إﻻ
ھﻮ.
وإﻣﺎ ﺑﺼﯿﺮة ﺣﻀﺮت ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،وﺧﺎﻃﺮ ﺗﺠﺮد أن ﻗﻤﻌﺖ ﺑﮫ ﻃﻮاﻟﻊ اﻟﺸﮭﻮة ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺤﯿﻦ ،ﻟﺨﯿﺮ أراد اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻟﺼﺎﺣﺒﮫ .ﺟﻌﻠﻨﺎ اﷲ ﻣﻤﻦ ﯾﺨﺎﻓﮫ وﯾﺮﺟﻮه. آﻣﯿﻦ. وﺣﺪﺛﻨﻲ أﺑﻮ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ وﺑﻦ ﻣﻀﺎئ ﻋﻦ رﺟﺎل ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﻣﺮوان ﺛﻘﺎت ﯾﺴﻨﺪون اﻟﺤﺪﯾﺚ إﻟﻰ أﺑﻲ اﻟﻌﺒﺎس اﻟﻮﻟﯿﺪ ﺑﻦ ﻏﺎﻧﻢ أه ذﻛﺮ أن اﻹﻣﺎم ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﺑﻦ اﻟﺤﻜﻢ ﻏﺎب ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻏﺰواﺗﮫ ﺷﮭﻮراً وﺛﻘﻒ اﻟﻘﺼﺮ ﺑﺎﺑﻨﮫ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺬي وﻟﻰ اﻟﺨﻼﻓﺔ ﺑﻌﺪه ورﺗﺒﮫ ﻓﻲ اﻟﺴﻄﺢ وﺟﻌﻞ ﻣﺒﯿﺘﮫ ﻟﯿﻼً وﻗﻌﻮده ﻧﮭﺎراً ﻓﯿﮫ ،وﻟﻢ ﯾﺄذن ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺨﺮوج اﻟﺒﺘﺔ .ورﺗﺐ ﻣﻌﮫ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻟﯿﻠﺔ وزﯾﺮاً ﻣﻦ اﻟﻮزراء وﻓﺘﻰ ﻣﻦ أﻛﺎﺑﺮ اﻟﻔﺘﯿﺎن ﯾﺒﯿﺘﺎن ﻣﻌﮫ ﻓﻲ اﻟﺴﻄﺢ .ﻗﺎل أﺑﻮ اﻟﻌﺒﺎس :ﻓﺄﻗﺎم ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﺪة ﻃﻮﯾﻠﺔ وﺑﻌﺪ ﻋﮭﺪه ﺑﺄھﻠﮫ وھﻮ ﻓﻲ ﺳﻦ اﻟﻌﺸﺮﯾﻦ أو ﻧﺤﻮھﺎ ،إﻟﻰ أن واﻓﻖ ﻣﺒﯿﺘﻲ ﻓﻲ ﻟﯿﻠﺘﻲ ﻧﻮﺑﺔ ﻓﺘﻰ ﻣﻦ أﻛﺎﺑﺮ اﻟﻔﺘﯿﺎن ،وﻛﺎن ﺻﻐﯿﺮاً ﻓﻲ ﺳﻨﮫ وﻏﺎﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﺴﻦ وﺟﮭﮫ .ﻗﺎل أﺑﻮ اﻟﻌﺒﺎس :ﻓﻘﻠﺖ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ :إﻧﻲ أﺧﺸﻰ اﻟﻠﯿﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﮭﻼك ﺑﻤﻮاﻗﻌﮫ اﻟﻤﻌﺼﯿﺔ وﺗﺰﯾﻦ إﺑﻠﯿﺲ وأﺗﺒﺎﻋﮫ ﻟﮫ ﻗﺎل :ﺛﻢ أﺧﺬت ﻣﻀﺠﻌﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﻄﺢ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
اﻟﺨﺎرج وﻣﺤﻤﺪ ﻓﻲ اﻟﺴﻄﺢ اﻟﺪاﺧﻞ اﻟﻤﻄﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺮم أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ،واﻟﻔﺘﻰ ﻓﻲ اﻟﻄﺮف اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﻘﺮﯾﺐ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻠﻊ ﻓﻈﻠﺖ أرﻗﺒﮫ وﻻ أﻏﻔﻞ وھﻮ ﯾﻈﻦ أﻧﻲ ﻗﺪ ﻧﻤﺖ وﻻ ﯾﺸﻌﺮ ﺑﺎﻃﻼﻋﻲ ﻋﻠﯿﮫ .ﻗﺎل :ﻓﻠﻤﺎ ﻣﻀﻰ ھﺰﯾﻊ ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ رأﯾﺘﮫ ﻗﺪ ﻗﺎم واﺳﺘﻮى ﻗﺎﻋﺪاً ﺳﺎﻋﺔ ﻟﻄﯿﻔﺔ ﺛﻢ ﺗﻌﻮذ ﻣﻦ اﻟﺸﯿﻄﺎن ورﺟﻊ إﻟﻰ ﻣﻨﺎﻣﮫ .ﺛﻢ ﻗﺎم ﺑﻌﺪ ﺣﯿﻦ وﻟﺒﺲ ﻗﻤﯿﺼﮫ واﺳﺘﻮﻓﺰ ﺛﻢ ﻧﺰﻋﮫ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﮫ وﻋﺎد إﻟﻰ ﻣﻨﺎﻣﮫ .ﺛﻢ ﻗﺎم اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ وﻟﺒﺲ ﻗﻤﯿﺼﮫ ودﻟﻰ رﺟﻠﯿﮫ ﻣﻦ اﻟﺴﺮﯾﺮ وﺑﻘﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﺳﺎﻋﺔ ﺛﻢ ﻧﺎدى اﻟﻔﺘﻰ ﺑﺎﺳﻤﮫ ﻓﺄﺟﺎﺑﮫ ،ﻓﻘﺎل ﻟﮫ: اﻧﺰل ﻋﻦ اﻟﺴﻄﺢ واﺑﻖ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﯿﻞ اﻟﺬي ﺗﺤﺘﮫ .ﻓﻘﺎم اﻟﻔﺘﻰ ﻣﺆﺗﻤﺮاً ﻟﮫ .ﻓﻠﻤﺎ ﻧﺰل ﻗﺎم ﻣﺤﻤﺪ وأﻏﻠﻖ اﻟﺒﺎب ﻣﻦ داﺧﻠﮫ وﻋﺎد إﻟﻰ ﺳﺮﯾﺮه .ﻗﺎل أﺑﻮ اﻟﻌﺒﺎس :ﻓﻌﻠﻤﺖ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ن اﷲ ﻓﯿﮫ ﻣﺮاد ﺧﯿﺮ. ﺣﺪﺛﻨﺎ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺠﺴﻮر ﻋﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻄﺮف ﻋﻦ ﻋﺒﯿﺪ اﷲ ﺑﻦ ﯾﺤﯿﻰ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻋﻦ ﺣﺒﯿﺐ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻷﻧﺼﺎري ﻋﻦ ﺣﻔﺺ ﺑﻦ ﻋﺎﺻﻢ ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﻋﻦ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ أﻧﮫ ﻗﺎل) :ﺳﺒﻌﺔ ﯾﻈﻠﮭﻢ اﷲ ﻓﻲ ﻇﻠﮫ ﯾﻮم ﻻ ﻇﻞ إﻻ ﻇﻠﮫ :إﻣﺎم ﻋﺎدل؛ وﺷﺎب ﻧﺸﺄ ﻓﻲ ﻋﺒﺎدة اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ؛ ورﺟﻞ ﻗﻠﺒﮫ ﻣﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻤﺴﺠﺪ إذا ﺧﺮج ﻣﻨﮫ ﺣﺘﻰ ﯾﻌﻮد إﻟﯿﮫ؛ ورﺟﻼن ﺗﺤﺎﺑﺎ ﻓﻲ اﷲ اﺟﺘﻤﻌﺎ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ وﺗﻔﺮﻗﺎ ،ورﺟﻞ ذﻛﺮ اﻟﮫ ﺧﺎﻟﯿﺎً ﻓﻔﺎﺿﺖ ﻋﯿﻨﺎه ،ورﺟﻞ دﻋﺘﮫ اﻣﺮأة ذات ﺣﺴﺐ وﺟﻤﺎل ﻓﻘﺎل إﻧﻲ أﺧﺎف اﷲ ،ورﺟﻞ ﺗﺼﺪق ﺻﺪﻗﺔ ﻓﺄﺧﻔﻰ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻌﻠﻢ ﺷﻤﺎﻟﮫ ﻣﺎ ﺗﻨﻔﻖ ﯾﻤﯿﻨﮫ(.
وإﻧﻲ أذﻛﺮ أﻧﻲ دﻋﯿﺖ إﻟﻰ ﻣﺠﻠﺲ ﻓﯿﮫ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﺗﺴﺘﺤﺴﻦ اﻷﺑﺼﺎر ﺻﻮرﺗﮫ وﺗﺄﻟﻒ اﻟﻘﻠﻮب أﺧﻼﻗﮫ ،ﻟﻠﺤﺪﯾﺚ واﻟﻤﺠﺎﻟﺴﺔ دون ﻣﻨﻜﺮ وﻻ ﻣﻜﺮوه ،ﻓﺴﺎرﻋﺖ إﻟﯿﮫ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وﻛﺎن ھﺬا ﺳﺤﺮاً .ﻓﺒﻌﺪ أن ﺻﻠﯿﺖ اﻟﺼﺒﺢ وأﺧﺬت زﯾﻲ ﻃﺮﻗﻨﻲ ﻓﻜﺮ ﻓﺴﻨﺤﺖ ﻟﻲ أﺑﯿﺎت ،وﻣﻌﻲ رﺟﻞ ﻣﻦ إﺧﻮاﻧﻲ ﻓﻘﺎل ﻟﻲ :ﻣﺎ ھﺬا اﻹﻃﺮاق؟ ﻓﻠﻢ أﺟﺒﮫ ﺣﺘﻰ أﻛﻤﻠﺘﮭﺎ ،ﺛﻢ ﻛﺘﺒﺘﮭﺎ ودﻓﻌﺘﮭﺎ إﻟﯿﮫ وأﻣﺴﻜﺖ ﻋﻦ اﻟﻤﺴﯿﺮ ﺣﯿﺚ ﻛﻨﺖ ﻧﻮﯾﺖ .وﻣﻦ اﻷﺑﯿﺎت: ﺃﺭﺍﻗﻙ ﺤﺴﻥ ﻏﻴﺒـﻪ ﻟـﻙ ﺘـﺄﺭﻴﻕ
ﻭﺘﺒﺭﻴﺩ ﺘﻭﺼل ﺴﺭﻩ ﻓﻴﻙ ﺘﺤﺭﻴﻕ
ﻭﻗﺭﺏ ﻤﺯﺍﺭ ﻴﻘﺘﻀﻲ ﻟﻙ ﻓـﺭﻗﺔ
ﻭﺸﻜﺎ ﻭﻟﻭﻻ ﺍﻟﻘﺭﺏ ﻟﻡ ﻴﻙ ﺘﻔﺭﻴﻕ
ﻭﻟﺫﺓ ﻁﻌﻡ ﻤﻌﻘﺏ ﻟﻙ ﻋﻠـﻘـﻤـﺎﹰ
ﻭﺼﺎﺒﺎﹰ ﻭﻓﺴﺢ ﻓﻲ ﺘﻀﺎﻋﻴﻔﻪ ﻀﻴﻕ
وﻟﻮ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﺟﺰاء وﻻ ﻋﻘﺎب وﻻ ﺛﻮاب ﻟﻮﺟﺐ ﻋﻠﯿﻨﺎ إﻓﻨﺎء اﻷﻋﻤﺎر وإﺗﻌﺎب اﻷﺑﺪان وإﺟﮭﺎد اﻟﻄﺎﻗﺔ واﺳﺘﻨﺎد اﻟﻮﺳﻊ واﺳﺘﻔﺮاغ اﻟﻘﻮة ﻓﻲ ﺷﻜﺮ اﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﺬي اﺑﺘﺪأﻧﺎ ﺑﺎﻟﻨﻌﻢ ﻗﺒﻞ اﺳﺘﺌﻘﺎﻟﮭﺎ ،وأﻣﺘﻦ ﻋﻠﯿﻨﺎ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ اﻟﺬي ﺑﮫ ﻋﺮﻓﻨﺎه ،ووھﺒﻨﺎ اﻟﺤﻮاس واﻟﻌﻠﻢ واﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ودﻗﺎﺋﻖ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت ،وﺻﺮف ﻟﻨﺎ اﻟﺴﻤﻮات ﺟﺎرﯾﺔ ﺑﻤﻨﺎﻓﻌﮭﺎ، ودﺑﺮﻧﺎ اﻟﺘﺪﺑﯿﺮ اﻟﺬي ﻟﻮ ﻣﻠﻜﻨﺎ ﺧﻠﻘﻨﺎ ﻟﻢ ﻧﮭﺘﺪ إﻟﯿﮫ ،وﻻ ﻧﻈﺮﻧﺎ ﻷﻧﻔﺴﻨﺎ ﻧﻈﺮه ﻟﻨﺎ، وﻓﻀﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ أﻛﺜﺮ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎت ،وﺟﻌﻠﻨﺎ ﻣﺴﺘﻮدع ﻛﻼﻣﮫ وﻣﺴﺘﻘﺮ دﯾﻨﮫ ،وﺧﻠﻖ ﻟﻨﺎ اﻟﺠﻨﺔ دون أن ﻧﺴﺘﺤﻘﮭﺎ ،ﺛﻢ ﻟﻢ ﯾﺮﺿﻰ ﻟﻌﺒﺎده أن ﯾﺪﺧﻠﻮھﺎ إﻻ ﺑﺄﻋﻤﺎﻟﮭﻢ ﻟﺘﻜﻮن واﺟﺒﺔ ﻟﮭﻢ :ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ) :ﺟﺰاء ﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻌﻤﻠﻮن( .رﺷﺪﻧﺎ إﻟﻰ ﺳﺒﯿﻠﮭﺎ وﻛﺼﺮﻧﺎ وﺟﮫ ﻇﻠﮭﺎ ،وﺟﻌﻞ ﻏﺎﯾﺔ إﺣﺴﺎﻧﮫ إﻟﯿﻨﺎ واﻣﺘﻨﺎﻧﮫ ﻋﻠﯿﻨﺎ ﺣﻘﺎً ﻣﻦ ﺣﻘﻮﻗﻨﺎ ﻗﺒﻠﮫ ،ودﯾﻨﺎً ﻻزﻣﺎً ﻟﮫ ،وﺷﻜﺮﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ أﻋﻄﺎﻧﺎ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻋﺔ اﻟﺘﻲ رزﻗﻨﺎ ﻗﻮاھﺎ ،وأﺛﺎﺑﻨﺎ ﺑﻔﻀﻠﮫ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻀﻠﮫ.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وھﺬا ﻛﺮم ﻻ ﺗﮭﺘﺪي إﻟﯿﮫ اﻟﻌﻘﻮل ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﯿﻔﮫ اﻷﻟﺒﺎب .وﻣﻦ ﻋﺮف رﺑﮫ وﻣﻘﺪار رﺿﺎه وﺳﺨﻄﮫ ھﺎﻧﺖ ﻋﻨﺪه اﻟﻠﺬات اﻟﺬاھﯿﺔ واﻟﺤﻄﺎم اﻟﻔﺎﻧﻲ ،ﻓﻜﯿﻒ وﻗﺪ أﺗﻰ ﻣﻦ وﻋﯿﺪه ﻣﺎ ﺗﻘﺸﻌﺮ اﺳﻤﺎﻋﮫ اﻷﺟﺴﺎد ،وﺗﺬوب ﻟﮫ اﻟﻨﻔﻮس ،وأورد ﻋﻠﯿﻨﺎ ﻣﻦ ﻋﺬاﺑﮫ ﻣﺎ ﻟﻢ ﯾﻨﺘﮫ إﻟﯿﮫ أﻣﻞ ﻓﺄﯾﻦ اﻟﻤﺬھﺐ ﻋﻦ ﻃﺎﻋﺔ ھﺬا اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻜﺮﯾﻢ ،وﻣﺎ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﻟﺬة ذاھﯿﺔ ﻻ ﺗﺬھﺐ اﻟﻨﺪاﻣﺔ ﻋﻨﮭﺎ ،وﻻ ﺗﻔﻨﻰ اﻟﺘﺒﺎﻋﺔ ﻣﻨﮭﺎ ،وﻻ ﯾﺰول اﻟﺨﺰي ﻋﻦ راﻛﺒﮭﺎ ،وإﻟﻰ ﻛﻢ ھﺬا اﻟﺘﻤﺎدي وﻗﺪ أﺳﻤﻌﻨﺎ اﻟﻤﺘﺎدى ،وﻛﺄن ﻗﺪ ﺣﺪا ﺑﻨﺎ اﻟﺤﺎدي إﻟﻰ دار اﻟﻘﺮار ،ﻓﺈﻣﺎ إﻟﻰ ﺟﻨﺔ وإﻣﺎ إﻟﻰ ﻧﺎر ،أﻻ إن اﻟﺘﺜﺒﻂ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻜﺎن ﻟﮭﻮ اﻟﻀﻼل اﻟﻤﺒﯿﻦ ،وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﺃﻗﺼﺭ ﻋﻥ ﻟﻬﻭﻩ ﻭﻋﻥ ﻁﺭﺒـﻪ
ﻭﻋﻑ ﻓﻲ ﺤﺒﻪ ﻭﻓﻲ ﻋﺭﺒـﻪ
ﻓﻠﻴﺱ ﺸﺭﺏ ﺍﻟﻤﺩﺍﻡ ﻫـﻤـﺘـﻪ
ﻭﻻ ﺍﻗﺘﻨﺎﺹ ﺍﻟﻅﺒﺎﺀ ﻤﻥ ﺃﺭﺒـﻪ
ﻗﺩ ﺁﻥ ﻟﻠﻘﻠـﺏ ﺃﻥ ﻴﻔـﻴﻕ ﻭﺃﻥ
ﻴﺯﻴل ﻤﺎ ﻗﺩ ﻋﻼﻩ ﻤﻥ ﺤﺠﺒـﻪ
ﺃﻟﻬﺎﻩ ﻋﻤﺎ ﻋﻬﺩﺕ ﻴﻌـﺠـﺒـﻪ
ﺨﻴﻔﺔ ﻴﻭﻡ ﺘﺒﻠﻰ ﺍﻟﺴـﺭﺍﺌﺭ ﺒـﻪ
ﻴﺎ ﻨﻔﺱ ﺠﺩﻱ ﻭﺸﻤﺭﻱ ﻭﺩﻋـﻲ
ﻋﻨﻙ ﺍﺒﺘﺎﻉ ﺍﻟﻬﻭﻯ ﻋﻠﻰ ﻟﻐﺒـﻪ
ﻭﺴﺎﺭﻋﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﻭﺍﺠﺘﻬﺩﻱ
ﺴﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻼﺹ ﻤﻥ ﻜﺭﺒﻪ
ﻋﻠﻲ ﺃﺤﻅﻰ ﺒﺎﻟﻔﻭﺯ ﻓـﻴﻪ ﻭﺃﻥ
ﺃﻨﺠﻭ ﻤﻥ ﻀﻴﻘﻪ ﻭﻤﻥ ﻟﻬـﺒـﻪ
ﻴﺄﺒﻬﺎ ﺍﻟﻼﻋﺏ ﺍﻟﻤﺠـﺩ ﺒـﻪ ﺍل
ﺩﻫﺭ ﺃﻤﺎ ﺘﺘﻘﻲ ﺸﺒﺎ ﻨـﻜـﺒـﻪ
ﻜﻔﺎﻙ ﻤﻥ ﻜل ﻤﺎ ﻭﻋﻅﺕ ﺒـﻪ
ﻤﺎ ﻗﺩ ﺃﺭﺍﻙ ﺍﻟﺯﻤﺎﻥ ﻤﻥ ﻋﺠﺒﻪ
ﺩﻉ ﻋﻨﻙ ﺩﺍﺭﺍﹰ ﻨﻔﻨﻰ ﻏﻀﺎﺭﺘﻬـﺎ
ﻭﻤﻜﺴﺒ ﺎﹰ ﻻ ﻋﺒﺎﹰ ﺒﻤﻜﺘـﺴـﺒـﻪ
ﻟﻡ ﻴﻀﻁﺭﺏ ﻓﻲ ﻤﺤﻠﻬﺎ ﺃﺤـﺩ
ﺇﻻ ﻨﺒﺎ ﺤﺩﻫﺎ ﺒﻤﻀـﻁـﺭﺒـﻪ
ﻤﻥ ﻋﺭﻑ ﺍﷲ ﺤﻕ ﻤـﻌـﺭﻓﺔ
ﻟﻭﻯ ﻭﺤل ﺍﻟﻔﺅﺍﺩ ﻓﻲ ﺭﻫﺒـﻪ
ﻤﺎ ﻤﻨﻘﻀﻰ ﺍﻟﻤﻠﻙ ﻤﺜل ﺨﺎﻟـﺩﻩ
ﻭﻻ ﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﺘﻘﻰ ﻜﻤﺅﺘﺸﺒـﻪ
ﻭﻻ ﺘﻘﻲ ﺍﻟﻭﺭﻯ ﻜﻔﺎﺴـﻘـﻬـﻡ
ﻭﻟﻴﺱ ﺼﺩﻕ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻤﻥ ﻜﺫﺒﻪ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻓﻠﻭ ﺃﻤﻨﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻌـﻘـﺎﺏ ﻭﻟـﻡ
ﻨﺨﺸﻰ ﻤﻥ ﺍﷲ ﻤﺘﻘﻰ ﻏﻀﺒـﻪ
ﻭﻟﻡ ﻨﺨﻑ ﻨﺎﺭﻩ ﺍﻟﺘﻲ ﺨﻠـﻘـﺕ
ﻟﻜل ﺠﺎﻨﻲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻤﺤﺘﻘـﺒـﻪ
ﻟﻜﺎﻥ ﻓﺭﻀﺎ ﻟـﺯﻭﻡ ﻁـﺎﻋـﺘـﻪ
ﻭﺭﺩ ﻭﻓﺩ ﺍﻟﻬﻭﻯ ﻋﻠﻰ ﻋﻘـﺒـﻪ
ﻭﺼﺤﺔ ﺍﻟﺯﻫﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺒـﻘـﺎﺀ ﻭﺃﻥ
ﻴﻠﺤﻕ ﺘﻔﻨﻴﺩﻨـﺎ ﺒـﻤـﺭﺘـﻘـﺒـﻪ
ﻓﻘﺩ ﺭﺃﻴﻨﺎ ﻓﻌـل ﺍﻟـﺯﻤـﺎﻥ ﺒـﺄﻩ
ﻟﻪ ﻜﻔﻌل ﺍﻟﺸﻭﺍﻅ ﻓﻲ ﺤﻁـﺒـﻪ
ﻜﻡ ﻤﺘﻌﺏ ﻓﻲ ﺍﻹﻟﻪ ﻤﻬـﺠـﺘـﻪ
ﺭﺍﺤﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺭﻴﻪ ﻤﻥ ﺘﻌـﺒـﻪ
ﻭﻁﺎﻟﺏ ﺒﺎﺠﺘـﻬـﺎﺩﻩ ﺯﻫـﺭ ﺍل
ﺩﻨﻴﺎ ﻋﺩﺍﻩ ﺍﻟﻤﻨﻭﻥ ﻋﻥ ﻁـﻠـﺒـﻪ
ﻭﻤﺩﺭﻙ ﻤﺎ ﺍﺒﺘـﻐـﺎﻩ ﺫﻱ ﺠـﺩل
ﺤل ﺒﻪ ﻤﺎ ﻴﺨﺎﻑ ﻤﻥ ﺴـﺒـﺒـﻪ
ﻭﺒﺎﺤﺙ ﺠـﺎﻫـﺩ ﻟـﺒـﻐـﻴﺘـﻪ
ﻓﺈﻨﻤﺎ ﺒﺤﺜﻪ ﻋـﻠـﻰ ﻋـﻁـﺒـﻪ
ﺒﻴﻨﺎ ﺘﺭﻯ ﺍﻟﻤﺭﺀ ﺴﺎﻤﻴﺎﹰ ﻤـﻠـﻜـﺎ
ﺼﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻔل ﻤﻥ ﺫﺭﻯ ﺭﺘﺒﻪ
ﻜﺎﻟﺯﺭﻉ ﻟﻠﺭﺠل ﻓﻭﻗـﻪ ﻋـﻤـل
ﺃﻥ ﻴﻨﻡ ﺤﺴﻥ ﺍﻟﻨﻤﻭ ﻓﻲ ﻗﺼﺒـﻪ
ﻜﻡ ﻗﺎﻁﻊ ﻨﻔﺴﻪ ﺃﺴـﻰ ﻭﺸـﺠـﺎﹰ
ﻓﻲ ﺇﺜﺭ ﺠﺩ ﻴﺠﺩ ﻓـﻲ ﻫـﺭﺒـﻪ
ﺃﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﺫﺍﻙ ﺯﺍﺠـﺭ ﻋـﺠـﺏ
ﻴﺯﻴﺩ ﺫﺍ ﺍﻟﻠﺏ ﻓﻲ ﺤﻠـﻰ ﺃﺩﺒـﻪ
ﻓﻜﻴﻑ ﻭﺍﻟﻨﺎﺭ ﻟـﻠـﻤـﺴـﻲﺀ ﺇﺫﺍ
ﻋﺎﺝ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻡ ﻤﻥ ﻋﻘـﺒـﻪ
ﻭﻴﻭﻡ ﻋﺭﺽ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ ﻴﻔﻀﺤﻪ ﺍل
ﻟﻪ ﻭﻴﺒﺩﻱ ﺍﻟﺨﻔـﻰ ﻤـﻥ ﺭﻴﺒـﻪ
ﻤﻥ ﻗﺩ ﺤﺒﺎﻩ ﺍﻹﻟـﻪ ﺭﺤـﻤـﺘـﻪ
ﻤﻭﺼﻭﻟﺔ ﺒﺎﻟﻤﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﻨـﺸـﺒـﻪ
ﻓﺼﺎﺭ ﻤﻥ ﺠﻬﻠﻪ ﻴﺼـﺭﻓـﻬـﺎ
ﻓﻴﻤﺎ ﻨﻬﻰ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﻜﺘـﺒـﻪ
ﺃﻟﻴﺱ ﻫﺫﺍ ﺃﺤﺭﻯ ﺍﻟﻌـﺒـﺎﺩ ﻏـﺩﺍﹰ
ﺒﺎﻟﻭﻗﻊ ﻓﻲ ﻭﻴﻠﻪ ﻭﻓﻲ ﺤـﺭﺒـﻪ
ﺸﻜﺭﺍﹰ ﻟﺭﺏ ﻟـﻁـﻴﻑ ﻗـﺩﺭﺘـﻪ
ﻓﻴﻨﺎ ﻜﺤﺒل ﺍﻟﻭﺭﻴﺩ ﻓﻲ ﻜـﺜـﺒـﻪ
ﺭﺍﺯﻕ ﺃﻫل ﺍﻟﺯﻤﺎﻥ ﺃﺠﻤﻌـﻬـﻡ
ﻤﻥ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﻋﺠﻤﻪ ﻭﻤﻥ ﻋﺭﺒﻪ
ﻭﺍﻟﺤﻤﺩ ﷲ ﻓـﻲ ﺘـﻔـﻀـﻠـﻪ
ﻭﻗﻤﻌﻪ ﻟﻠﺯﻤـﺎﻥ ﻓـﻲ ﻨـﻭﺒـﻪ
ﺃﺨﺩﻤﻨﺎ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﻟﺴﻤـﺎﺀ ﻭﻤـﻥ
ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻭ ﻤﻥ ﻤﺎﺌﻪ ﻭﻤﻥ ﺸﻬﺒـﻪ
ﻓﺎﺴﻤﻊ ﻭﺩﻉ ﻤﻥ ﻋﺼﺎﻩ ﻨـﺎﺤـﻴﺔ
ﻻ ﻴﺤﻤل ﺍﻟﺤﻤل ﻏﻴﺭ ﻤﺤﺘﻁﺒـﻪ
وأﻗﻮل أﯾﻀﺎً:
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺃﻋﺎﺭﺘﻙ ﺩﻨﻴﺎ ﻤـﺴـﺘـﺭﺩ ﻤـﻌـﺎﺭﻫـﺎ ﻏﻀﺎﺭﺓ ﻋﻴﺵ ﺴﻭﻑ ﻴﺫﻭﻱ ﺍﺨﻀﺭﺍﺭﻫﺎ ﻭﻫل ﻴﺘﻤﻨﻰ ﺍﻟﻤﺤـﻜـﻡ ﺍﻟـﺭﺃﻱ ﻋـﻴﺸﺔ
ﻭﻗﺩ ﺤﺎﻥ ﻤﻥ ﺩﻫﻡ ﺍﻟﻤﻨـﺎﻴﺎ ﻤـﺯﺍﺭﻫـﺎ
ﻭﻜﻴﻑ ﺘﻠﺫ ﺍﻟـﻌـﻴﻥ ﻫـﺠـﻌﺔ ﺴـﺎﻋﺔ
ﻭﻗﺩ ﻁﺎل ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺎﻴﻨﺘﻪ ﺍﻋـﺘـﺒـﺎﺭﻫـﺎ
ﻭﻜﻴﻑ ﺘﻘﺭ ﺍﻟﻨﻔـﺱ ﻓـﻲ ﺩﺍﺭ ﺜـﻘـﻠﺔ
ﻗﺩ ﺍﺴﺘﻴﻘﻨﺕ ﺃﻥ ﻟﻴﺱ ﻓﻴﻬـﺎ ﻗـﺭﺍﺭﻫـﺎ
ﻭﺃﺘﻰ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﺨﺎﻁـﺭ ﻓـﻜـﺭﺓ
ﻭﻟﻡ ﺘﺩﺭ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺃﻴﻥ ﻤـﺤـﺎﺭﻫـﺎ
ﺃﻟﻴﺱ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻌﻲ ﻟﻠﻔـﻭﺯ ﺸـﺎﻏـل
ﺃﻤﺎ ﻓﻲ ﺘﻭﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌـﺫﺍﺏ ﺍﺯﺩﺠـﺎﺭﻫـﺎ
ﻓﺨﺎﺒﺕ ﻨﻔﻭﺱ ﻗـﺎﺩﻫـﺎ ﻟـﻬـﻭ ﺴـﺎﻋﺔ
ﺇﻟﻰ ﺤﺭ ﻨﺎﺭ ﻟﻴﺱ ﻴﻁـﻔـﻲ ﺃﻭﺍﺭﻫـﺎ
ﻟﻬـﺎ ﺴـﺎﺌﻕ ﺤـﺎﺩ ﺤـﺜـﻴﺙ ﻤـﺒـﺎﺩﺭ
ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺭ ﻤﺎ ﺃﻀﺤﻰ ﺇﻟـﻴﻪ ﻤـﺩﺍﺭﻫـﺎ
ﺘﺭﺍﺩ ﻷﻤﺭ ﻭﻫـﻲ ﺘـﻁـﻠـﺏ ﻏـﻴﺭﻩ
ﻭﺘﻘﺼﺩ ﻭﺠﻬﺎﹰ ﻓﻲ ﺴـﻭﺍﻩ ﺴـﻔـﺎﺭﻫـﺎ
ﺃﻤﺴـﺭﻋﺔ ﻓـﻴﻤـﺎ ﻴﺴـﻭﺀ ﻗـﻴﺎﻤـﻬـﺎ
ﻭﻗﺩ ﺃﻴﻘﻨﺕ ﺃ ،ﺍﻟﻌـﺫﺍﺏ ﻗـﺼـﺎﺭﻫـﺎ
ﺘﻌﻁل ﻤﻔﺭﻭﻀﺎﹰ ﻭﺘﻌـﻨـﻲ ﺒـﻔـﻀـﻠﺔ
ﻟﻘﺩ ﺸﻔﻬﺎ ﻁﻐﻴﺎﻨـﻬـﺎ ﻭﺍﻏـﺘـﺭﺍﺭﻫـﺎ
ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﻟﻬﺎ ﻤﻨﻪ ﺍﻟﺒـﻼﺀ ﺴـﻜـﻭﻨـﻬـﺎ
ﻭﻋﻤﺎ ﻟﻬﺎ ﻤﻨﻪ ﺍﻟﻨـﺠـﺎﺡ ﻨـﻔـﺎﺭﻫـﺎ
ﻭﺘﻌﺭﺽ ﻋﻥ ﺭﺏ ﺩﻋﺎﻫﺎ ﻟـﺭﺸـﺩﻫـﺎ
ﻭﺘﺘﺒﻊ ﺩﻨﻴﺎ ﺠـﺩ ﻋـﻨـﻬـﺎ ﻤـﺭﺍﺭﻫـﺎ
ﻓﻴﺄﻴﻬﺎ ﺍﻟـﻤـﻐـﺭﻭﺭ ﺒـﺎﺩﺭ ﺒـﺭﺠـﻌﺔ
ﻓﻠﻠﻪ ﺩﺍﺭ ﻟـﻴﺱ ﺘـﺨـﻤـﺩ ﻨـﺎﺭﻫـﺎ
ﻭﻻ ﺘـﺘـﺨـﻴﺭ ﻓـﺎﻨـﻴﺎﹰ ﺩﻭﻥ ﺨـﺎﻟـﺩ
ﺩﻟﻴل ﻋﻠﻰ ﻤﺤﺽ ﺍﻟﻌﻘﻭل ﺍﺨﺘـﻴﺎﺭﻫـﺎ
ﺃﺘﻌﻠﻡ ﺃﻥ ﺍﻟـﺤـﻕ ﻓـﻴﻤـﺎ ﺘـﺭﻜـﺘـﻪ
ﻭﺘﺴﻠﻙ ﺴﺒﻼﹰ ﻟﻴﺱ ﻴﺨﻔـﻰ ﻋـﻭﺍﺭﻫـﺎ
ﻭﺘﺘﺭﻙ ﺒﻴﻀـﺎﺀ ﺍﻟـﻤـﻨـﺎﻫـﺞ ﻀـﻠﺔ
ﻟﺒﻬﻤﺎﺀ ﻴﺅﺫﻱ ﺍﻟﺭﺠل ﻓﻴﻬﺎ ﻋـﺜـﺎﺭﻫـﺎ
ﺘﺴﺭ ﺒـﻠـﻬـﻭ ﻤـﻌـﻘـﺏ ﺒـﻨـﺩﺍﻤﺔ
ﺇﺫﺍ ﻤﺎ ﺍﻨﻘﻀﻰ ﻻ ﻴﻨﻘﺹ ﻤﺴﺘﺜـﺎﺭﻫـﺎ
ﻭﺘﻔﻨﻰ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﻭﺍﻟﻤـﺴـﺭﺍﺕ ﻜـﻠـﻬـﺎ
ﻭﺘﺒﻘﻰ ﺘﺒﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟـﺫﻨـﻭﺏ ﻭﻋـﺎﺭﻫـﺎ
ﻓﻬل ﺃﻨﺕ ﻴﺎ ﻤﻐﺒﻭﻥ ﻤﺴﺘـﻴﻘـﻅ ﻓـﻘـﺩ
ﺘﺒﻴﻥ ﻤﻥ ﺴﺭ ﺍﻟﺨﻁﻭﺏ ﺍﺴﺘـﺘـﺎﺭﻫـﺎ
ﻓﻌﺠل ﺇﻟﻰ ﺭﻀﻭﺍﻥ ﺭﺒﻙ ﻭﺍﺠـﺘـﻨـﺏ
ﻨﻭﺍﻫﻴﻪ ﺇﺫ ﻗﺩ ﺘـﺠـﻠـﻲ ﻤـﻨـﺎﺭﻫـﺎ
ﻴﺠﺩ ﻤﺭﻭﺭ ﺍﻟﺩﻫﺭ ﻋـﻨـﻙ ﺒـﻼﻋـﺏ
ﻭﺘﻐﺭﻯ ﺒﺩﻨﻴﺎ ﺴـﺎﺀ ﻓـﻴﻙ ﺴـﺭﺍﺭﻫـﺎ
ﻓﻜﻡ ﺃﻤﺔ ﻗﺩ ﻏﺭﻫﺎ ﺍﻟﺩﻫـﺭ ﻗـﺒـﻠـﻨـﺎ
ﻭﻫﺎﺘﻴﻙ ﻤﻨﻬـﺎ ﻤـﻘـﻔـﺭﺍﺕ ﺩﻴﺎﺭﻫـﺎ
ﺘﺫﻜﺭ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻗﺩ ﻤﻀﻰ ﻭﺍﻋﺘـﺒـﺭ ﺒـﻪ
ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺫﻜﻲ ﻟﻠﻌﻘـﻭل ﺍﻋـﺘـﺒـﺎﺭﻫـﺎ
ﺘﺤﺎﻤﻰ ﺫﺭﻫﺎ ﻜـل ﺒـﺎﻍ ﻭﻁـﺎﻟـﺏ
ﻭﻜﺎﻥ ﻀﻤﺎﻨ ﺎﹰ ﻓﻲ ﺍﻷﻋﺎﺩﻱ ﺍﻨﺘﺼﺎﺭﻫﺎ
ﺘﻭﺍﻓﺕ ﺒﺒﻁﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﻨﺸﺕ ﺸﻤﻠﻬـﺎ
ﻭﻋﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺫﻱ ﻤﻠﻜﻪ ﺍﺴـﺘـﻌـﺎﺭﻫـﺎ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻭﻜﻡ ﺭﺍﻗﺩ ﻓﻲ ﻏﻔـﻠﺔ ﻋـﻥ ﻤـﻨـﻴﺔ
ﻤﺸﻤﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺼﺩ ﻭﻫﻭ ﺴﻌـﺎﺭﻫـﺎ
ﻭﻤﻅﻠﻤﺔ ﻗﺩ ﻨـﺎﻟـﻬـﺎ ﻤـﺘـﺴـﻠـﻁ
ﻤﺩﻟﻲ ﺒﺄﻴﺩ ﻋﻨﺩ ﺫﻱ ﺍﻟﻌﺭﺵ ﺜـﺎﺭﻫـﺎ
ﺃﺭﺍﻙ ﺇﺫﺍ ﺤﺎﻭﻟـﺕ ﺩﻨـﻴﺎﻙ ﺴـﺎﻋـﻴﺎﹰ
ﻋﻠﻰ ﺃﻨـﻬـﺎ ﺒـﺎﺩ ﺇﻟـﻴﻙ ﺃﺯﻭﺍﺭﻫـﺎ
ﻭﻓﻲ ﻁﺎﻋﺔ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﻴﻘﻌﺩﻙ ﺍﻟـﻭﻨـﻰ
ﻭﺘﺒﺩﻱ ﺃﻨﺎﺓ ﻻ ﻴﺼـﺢ ﺍﻋـﺘـﺫﺍﺭﻫـﺎ
ﺘﺤﺎﺫﺭ ﺇﺨﻭﺍﻨ ﺎﹰ ﺴﺘﻔﻨﻰ ﻭﺘـﻨـﻘـﻀـﻲ
ﻭﺘﻨﺴﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﺭﺽ ﻋﻠﻴﻙ ﺤﺫﺍﺭﻫـﺎ
ﻜﺄﻨﻲ ﺃﺭﻯ ﻤﻨﻙ ﺍﻟﺘـﺒـﺭﻡ ﻅـﺎﻫـﺭﺍﹰ
ﻤﺒﻴﻨﺎﹰ ﺇﺫﺍ ﺍﻷﻗﺩﺍﺭ ﺤل ﺍﻀﻁـﺭﺍﺭﻫـﺎ
ﻫﻨﺎﻙ ﻴﻘﻭل ﺍﻟﻤﺭﺀ ﻤﻥ ﻟﻲ ﺒﺄﻋـﺼـﺭ
ﻤﻀﺕ ﻜﺎﻥ ﻤﻠﻜﺎﹰ ﻓﻲ ﻴﺩﻱ ﺨـﻴﺎﺭﻫـﺎ
ﺘﻨـﺒـﻪ ﻟـﻴﻭﻡ ﻗـﺩ ﺃﻅـﻠــﻙ ﻭﺭﺩﻩ
ﻋﺼﻴﺏ ﻴﻭﺍﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﺤﺘﻀﺎﺭﻫﺎ
ﺘﺒﺭﺃ ﻓﻴﻪ ﻤـﻨـﻙ ﻜـل ﻤـﺨـﺎﻟـﻁ
ﻭﺇﻥ ﻤﻥ ﺍﻵﻤﺎل ﻓـﻴﻪ ﺍﻨـﻬـﻴﺎﺭﻫـﺎ
ﻓﺄﻭﺩﻋﺕ ﻓﻲ ﻅﻠﻤﺎﺀ ﻀﻨﻙ ﻤﻘـﺭﻫـﺎ
ﻴﻠﻭﺡ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻠﻌـﻴﻭﻥ ﺇﻏـﺒـﺭﺍﺭﻫـﺎ
ﺘﻨﺎﺩﻱ ﻓﻼ ﺘﺩﺭﻱ ﺍﻟﻤﻨـﺎﺩﻱ ﻤـﻔـﺭﺩ ﺍﹰ
ﻭﻗﺩ ﺤﻁ ﻋﻥ ﻭﺠﻪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺨﻤـﺎﺭﻫـﺎ
ﺘﻨـﺎﺩﻱ ﺇﻟـﻰ ﻴﻭﻡ ﺸـﺩﻴﺩ ﻤـﻔــﺯﻉ
ﻭﺴﺎﻋﺔ ﺤﺸﺭ ﻟﻴﺱ ﻴﺨﻔﻰ ﺍﺸﺘﻬﺎﺭﻫـﺎ
ﺇﺫﺍ ﺤﺸﺭﺕ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻭﺤﻭﺵ ﻭﺠﻤـﻌـﺕ
ﺼﺤﺎﺌﻔﻨﺎ ﻭﺇﻨﺜﺎل ﻓﻴﻨﺎ ﺍﻨـﺘـﺜـﺎﺭﻫـﺎ
ﻭﺯﻴﻨﺕ ﺍﻟﺠـﻨـﺎﺕ ﻓـﻴﻪ ﻭﺃﺯﻟـﻔـﺕ
ﻭﺃﺫﻜﻰ ﻤﻥ ﻨﺎﺭ ﺍﻟﺠﺤﻴﻡ ﺍﺴﺘﻌـﺎﺭﻫـﺎ
ﻭﻜﻭﺭﺕ ﺍﻟﺸﻤﺱ ﺍﻟﻤﻨﻴﺭﺓ ﺒﺎﻟﻀـﺤـﻰ
ﻭﺃﺴﺭﻉ ﻤﻥ ﺯﻫﺭ ﺍﻟﻨﺠﻭﻡ ﺇﻨﻜﺩﺍﺭﻫـﺎ
ﻟﻘﺩ ﺠل ﺃﻤﺭ ﻜﺎﻥ ﻤﻨﻪ ﺍﻨﺘـﻅـﺎﻤـﻬـﺎ
ﻭﻗﺩ ﺤل ﺃﻤﺭ ﻜﺎﻥ ﻤﻨﻪ ﺍﻨﺘـﺜـﺎﺭﻫـﺎ
ﻭﺴﻴﺭﺕ ﺍﻷﺠﺒـﺎل ﻭﺍﻷﺭﺽ ﺒـﺩﻟـﺕ
ﻭﻗﺩ ﻋﻁﻠﺕ ﻤﻥ ﻤﺎﻟﻜﻴﻬﺎ ﻋﺸـﺎﺭﻫـﺎ
ﻓﺈﻤﺎ ﻟﺩﺍﺭ ﻟﻴﺱ ﻴﻔﻨـﻰ ﻨـﻌـﻴﻤـﻬـﺎ
ﻭﺇﻤـﺎ ﻟـﺩﺍﺭ ﻻ ﻴﻔـﻙ ﺇﺴـﺎﺭﻫــﺎ
ﺒﺤﻀﺭﺓ ﺠﺒـﺎﺭ ﺭﻓـﻴﻕ ﻤـﻌـﺎﻗـﺏ
ﻓﺘﺤﺼﻰ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﻲ ﻜﺒﺭﻫﺎ ﻭﺼﻐﺎﺭﻫﺎ
ﻭﻴﻨﺩﻡ ﻴﻭﻡ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺠﺎﻨﻲ ﺼـﻐـﺎﺭﻫـﺎ
ﻭﺘﻬﻠﻙ ﺃﻫﻠﻴﻬﺎ ﻫـﻨـﺎﻙ ﻜـﺒـﺎﺭﻫـﺎ
ﺴﺘﻐﺒﻁ ﺃﺠﺴﺎﺩ ﻭﺘﺤـﻴﺎ ﻨـﻔـﻭﺴـﻬـﺎ
ﺇﺫﺍ ﻤﺎ ﺴﺘﻭﻯ ﺇﺴﺭﺍﺭﻫﺎ ﻭﺠﻬـﺎﺭﻫـﺎ
ﺇﺫﺍ ﺤﻔﻬﻡ ﻋﻔـﻭ ﺍﻹﻟـﻪ ﻭﻓـﻀـﻠـﻪ
ﻭﺃﺴﻜﻨﻬﻡ ﺩﺍﺭﺍﹰ ﺤـﻼﻻﹰ ﻋـﻘـﺎﺭﻫـﺎ
ﺴﻴﻠﺤﻘﻬﻡ ﺃﻫل ﺍﻟﻔﺴﻭﻕ ﺇﺫﺍ ﺍﺴـﺘـﻭﻯ
ﺒﺠﻠﺒﺔ ﺴﺒﻕ ﻁﺭﻓﻬـﺎ ﻭﺤـﻤـﺎﺭﻫـﺎ
ﻴﻔﺭ ﺒﻨﻭ ﺍﻟﺩﻨـﻴﺎ ﺒـﺩﻨـﻴﺎﻫـﻡ ﺍﻟـﺘـﻲ
ﻴﻅﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻫل ﺍﻟﺤﻅﻭﻅ ﺍﻗﺘﺼﺎﺭﻫـﺎ
ﻫﻲ ﺍﻷﻡ ﺨﻴﺭ ﺍﻟﺒﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻘـﻭﻗـﻬـﺎ
ﻭﻟﻴﺱ ﺒﻐﻴﺭ ﺍﻟﺒﺫل ﻴﺤﻤﻰ ﺫﻤـﺎﺭﻫـﺎ
ﻓﻤﺎ ﻨﺎل ﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﺤﻅ ﺇﻻ ﻤـﻬـﻴﻨـﻬـﺎ
ﻭﻤﺎ ﺍﻟﻬﻠﻙ ﺇﻻ ﻗﺭﺒﻬﺎ ﻭﺍﻋﺘـﻤـﺎﺭﻫـﺎ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﺘﻬﺎﻓﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﻁﺎﻤﻊ ﺒـﻌـﺩ ﻁـﺎﻤـﻊ
ﻭﻗﺩ ﺒﺎﻥ ﻟﻠﺏ ﺍﻟﺫﻜﻲ ﺍﺨـﺘـﺒـﺎﺭﻫـﺎ
ﺘﻁﺎﻤﻥ ﻟﻐﻤﺭ ﺍﻟﺤﺎﺩﺜـﺎﺕ ﻭﻻ ﺘـﻜـﻥ
ﻟﻬﺎ ﺫﺍ ﺍﻋﺘﻤﺎﺭ ﻴﺠﺘﻨﺒﻙ ﻏـﻤـﺎﺭﻫـﺎ
ﻭﺇﻴﺎﻙ ﺃﻥ ﺘﻐﺘﺭ ﻤﻨﻬـﺎ ﺒـﻤـﺎ ﺘـﺭﻯ
ﻓﻘﺩ ﺼﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﺠﻠﻲ ﻋﻴﺎﺭﻫـﺎ
ﺭﺃﻴﺕ ﻤﻠﻭﻙ ﺍﻷﺭﺽ ﻴﺒـﻐـﻭﻥ ﻫـﺩﺓ
ﻭﻟﺫﺓ ﻨﻔﺱ ﻴﺴﺘﻁـﺎﺏ ﺍﺠـﺘـﺭﺍﺭﻫـﺎ
ﻭﺨﻠﻭﺍ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻘﺼﺩ ﻓﻲ ﻤﺒﺘﻐﺎﺘـﻬـﻡ
ﻟﻤﺘﺒﻌﻪ ﺍﻟﺼﻔﺎﺭ ﺠـﻡ ﺼـﻐـﺎﺭﻫـﺎ
ﻭﺇﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺒـﻐـﻭﻥ ﻨـﻬـﺞ ﺒـﻘـﻴﺔ
ﻤﻜﻴﻥ ﻟﻁﻼﺏ ﺍﻟﺨﻼﺹ ﺍﺨﺘﺼﺎﺭﻫـﺎ
ﻫل ﺍﻟﻌﺯ ﺇﻻ ﻫﻤﺔ ﺼﺢ ﺼـﻭﻨـﻬـﺎ
ﺇﺫﺍ ﺼﺎﻥ ﻫﻤﺎﺕ ﺍﻟﺭﺠﺎل ﺍﻨﻜﺴﺎﺭﻫـﺎ
ﻭﻫـل ﺭﺍﻴﺢ ﺇﻻ ﺍﻤـﺭﺅ ﻤـﺘـﻭﻜـل
ﻗﻨﻭﻉ ﻏﻨﻲ ﺍﻟﻨﻔـﺱ ﺒـﺎﺩ ﻭﻗـﺎﺭﻫـﺎ
ﻭﻴﻠﻘﻰ ﻭﻻﺓ ﺍﻟﻤﻠﻙ ﺨﻭﻓـﺎﹰ ﻭﻓـﻜـﺭﺓ
ﺘﻀﻴﻕ ﺒﻬﺎ ﺫﺭﻋﺎﹰ ﻭﻴﻔﻨﻰ ﺍﺼﻁﺒﺎﺭﻫـﺎ
ﻋﻴﺎﻨﺎﹰ ﺘﺭﻯ ﻫـﺫﺍ ﻭﻟـﻜـﻥ ﺴـﻜـﺭﺓ
ﺃﺤﺎﻁﺕ ﺒﻨﺎ ﻤﺎ ﺇﻥ ﻴﻔﻴﻕ ﺨـﻤـﺎﺭﻫـﺎ
ﻗﺩ ﺒﺭﻫﻥ ﺍﻟﺒﺎﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﺴﻘﻔﻬـﺎ
ﻭﻓﻲ ﻋﻠﻤﻪ ﻤﻌﻤﻭﺭﻫﺎ ﻭﻗـﻔـﺎﺭﻫـﺎ
ﻭﻤﻥ ﻴﻤﺴﻙ ﺍﻷﺠﺭﺍﻡ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﺃﻤـﺭﻩ
ﺒﻼ ﻋﻤﺩ ﻴﺒﻨـﻲ ﻋـﻠـﻴﻪ ﻗـﺭﺍﺭﻫـﺎ
ﻭﻤﻥ ﻗﺩﺭ ﺍﻟﺘﺩﺒﻴﺭ ﻓﻴﻬـﺎ ﺒـﺤـﻜـﻤﺔ
ﻓﺼﺢ ﻟﺩﻴﻬﺎ ﻟـﻴﻠـﻬـﺎ ﻭﻨـﻬـﺎﺭﻫـﺎ
ﻭﻤﻥ ﻓﺘﻕ ﺍﻷﻤﻭﺍﻩ ﻓﻲ ﺼﻔﺢ ﻭﺠﻬﻬـﺎ
ﻓﻤﻨﻬﺎ ﻴﻐﺫﻱ ﺤﺒـﻬـﺎ ﻭﺜـﻤـﺎﺭﻫـﺎ
ﻭﻤﻥ ﺼﻴﺭ ﺍﻷﻟﻭﺍﻥ ﻓﻲ ﻨﻭﺭ ﻨﺒـﺘـﻬـﺎ
ﻓﺄﺸﺭﻕ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺭﺩﻫـﺎ ﻭﺒـﻬـﺎﺭﻫـﺎ
ﻓﻤﻨﻬﻥ ﻤﺨﻀﺭ ﻴﺭﻭﻕ ﺒـﺼـﻴﺼـﻪ
ﻭﻤﻨﻬﻥ ﻤﺎ ﻴﻐﺸﻰ ﺍﻟﻠﺤﺎﻅ ﺍﺤﻤﺭﺍﺭﻫﺎ
ﻭﻤﻥ ﺤﻔﺭ ﺍﻷﻨﻬﺎﺭ ﺩﻭﻥ ﺘـﻜـﻠـﻑ
ﻓﺼﺎﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻡ ﺍﻟﺼﻼﺏ ﺍﻨﻔﺠﺎﺭﻫﺎ
ﻭﻤﻥ ﺭﺘﺏ ﺍﻟﺸﻤﺱ ﺍﻟﻤﻨﻴﺭ ﺃﺒﻴﻀﺎﻀﻬﺎ
ﻏﺩﻭﺍ ﻭﻴﺒﺩﻭ ﺒﺎﻟﻌﺸﻲ ﺍﺼﻔـﺭﺍﺭﻫـﺎ
ﻭﻤﻥ ﺨﻠﻕ ﺍﻷﻓﻼﻙ ﻓﺎﻤﻨﺩ ﺠـﺭﻴﻬـﺎ
ﻭﺃﺤﻜﻤﻬﺎ ﺤﺘﻰ ﺍﺴﺘﻘـﺎﻡ ﻤـﺩﺍﺭﻫـﺎ
ﻭﻤﻥ ﺇﻥ ﺃﻟﻤﺕ ﺒﺎﻟـﻌـﻘـﻭل ﺭﺯﻴﺔ
ﻓﻠﺱ ﺇﻟﻰ ﺤﻲ ﺴﻭﺍﻩ ﺍﻓﺘـﻘـﺎﺭﻫـﺎ
ﺘﺠﺩ ﻜل ﻫﺫﺍ ﺭﺍﺠﻊ ﻨﺤـﻭ ﺨـﺎﻟـﻕ
ﻟﻪ ﻤﻠﻜﻬﺎ ﻤﻨﻘـﺎﺩﺓ ﻭﺍﺌﺘـﻤـﺎﺭﻫـﺎ
ﺃﺒـﺎﻥ ﻟـﻨـﺎ ﺍﻵﻴﺎﺕ ﻓـﻲ
ﻓﺄﻤﻜﻥ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻌﺠﺯ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻗـﺘـﺩﺍﻫـﺎ
ﺃﻨـﺒـﻴﺎﺌﻪ ﻓﺄﻨﻁﻕ ﺃﻓﻭﺍﻫﺎﹰ ﺒﺄﻟـﻔـﺎﻅ ﺤـﻜـﻤﺔ
ﻭﻤﺎ ﺤﻠﻬﺎ ﺇﺜﻐﺎﺭﻫـﺎ ﻭﺃﺘـﻐـﺎﺭﻫـﺎ
ﻭﺃﺒﺭﺯ ﻤﻥ ﺼﻡ ﺍﻟﺤـﺠـﺎﺭﺓ ﻨـﺎﻗﺔ
ﻭﺃﺴﻤﻌﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﻥ ﻤﻨﻬﺎ ﺤﻭﺍﺭﻫـﺎ
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻟﻴﻭﻗﻥ ﺃﻗﻭﺍﻡ ﻭﺘـﻜـﻔـﺭ ﻋـﺼـﺒﺔ
ﺃﺘﺎﻫﺎ ﺒﺄﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﻬـﻼﻙ ﻗـﺩﺍﺭﻫـﺎ
ﺒﻭﺸﻕ ﻟﻤﻭﺴﻰ ﺍﻟﺒﺤﺭ ﺩﻭﻥ ﺘﻜـﻠـﻑ
ﻭﺒﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻷﻤﻭﺍﺝ ﻓﻴﻪ ﺍﻨﺤﺴﺎﺭﻫـﺎ
ﻭﺴﻠﻡ ﻤﻥ ﻨﺎﺭ ﺍﻷﻭﻨـﻭﻕ ﺨـﻠـﻴﻠـﻪ
ﻓﻠﻡ ﻴﺅﺫﻩ ﺇﺤﺭﺍﻗﻬﺎ ﻭﺍﻋـﺘـﺭﺍﺭﻫـﺎ
ﻭﻨﺠﻰ ﻤﻥ ﺍﻟﻁﻭﻓﺎﻥ ﻨﻭﺤ ﺎﹰ ﻭﻗﺩ ﻫﺩﺕ
ﺒﻪ ﺃﻤﺔ ﺃﺒﺩﻯ ﺍﻟﻔﺴـﻭﻕ ﺸـﺭﺍﺭﻫـﺎ
ﻭﻤـﻜـﻥ ﺩﺍﻭﺩﺍﹰ ﺒـﺄﻴﺩ ﻭﺍﺒـﻨـــﻪ
ﻓﺘﻌﺴﻴﺭﻫﺎ ﻤﻠﻘـﻰ ﻟـﻪ ﻭﺒـﺩﺍﺭﻫـﺎ
ﻭﺫﻟـل ﺠـﺒـﺎﺭ ﺍﻟـﺒـﻼﺩ ﻷﻤـﺭﻩ
ﻭﻋﻠﻡ ﻤﻥ ﻁﻴﺭ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺤـﻭﺍﺭﻫـﺎ
ﻭﻓﻀل ﺒـﺎﻟـﻘـﺭﺁﻥ ﺃﻤﺔ ﺃﺤـﻤـﺩ
ﻭﻤﻜﻥ ﻓﻲ ﺃﻗﺼﻰ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻤﻐﺎﺭﻫـﺎ
ﻭﺸﻕ ﻟﻪ ﺒﺩﺭ ﺍﻟﺴـﻤـﺎﺀ ﻭﺨـﺼـﻪ
ﺒﺂﻴﺎﺕ ﺤﻕ ﻻ ﻴﺨـل ﻤـﻌـﺎﺭﻫـﺎ
ﻭﺃﻨﻘﺫﻨﺎ ﻤﻥ ﻜﻔـﺭ ﺃﺭﺒـﺎﺒـﻨـﺎ ﺒـﻪ
ﻭﻜﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻗﻁﺏ ﺍﻟﻬﻼﻙ ﻤﻨﺎﺭﻫـﺎ
ﻓﻤﺎ ﺒﺎﻟﻨﺎ ﻻ ﻨﺘﺭﻙ ﺍﻟـﺠـل ﻭﻴﺤـﻨـﺎ
ﻟﻨﺴﻠﻡ ﻤﻥ ﻨﺎﺭ ﺘﺭﺍﻤـﻰ ﺸـﺭﺍﺭﻫـﺎ
ھﻨﺎ أﻋﺰك اﷲ اﻧﺘﮭﻰ ﻣﺎ ﺗﺬﻛﺮﺗﮫ إﯾﺠﺎﺑﺎً ﻟﻚ ،وﺗﻘﻤﻨﺎً ﻟﻤﺴﺮﺗﻚ ،ووﻗﻮﻓﺎً ﻋﻨﺪ أﻣﺮك. وﻟﻢ أﻣﺘﻨﻊ أن أورد ﻟﻚ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ أﺷﯿﺎء ﯾﺬﻛﺮھﺎ اﻟﺸﻌﺮاء وﯾﻜﺜﺮون اﻟﻘﻮل ﻓﯿﮭﺎ ،ﻣﻮﻓﯿﺎت ﻋﻠﻰ وﺟﻮھﮭﺎ ،وﻣﻔﺮدات ﻓﻲ أﺑﻮاﺑﮭﺎ ،وﻣﻨﻌﻤﺎت اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ ،ﻣﺜﻞ اﻹﻓﺮاط ﻓﻲ ﺻﻔﺔ اﻟﻨﺤﻮل وﺗﺸﺒﯿﮫ اﻟﺪﻣﻮع ﺑﺎﻷﻣﻄﺎر وأﻧﮭﺎ ﺗﺮوي اﻟﺴﻔﺎر وﻋﺪم اﻟﻨﻮم اﻟﺒﺘﺔ ،واﻧﻘﻄﺎع اﻟﻐﺬاء ﺟﻤﻠﺔ ،إﻻ أﻧﮭﺎ أﺷﯿﺎء ﻻ ﺣﻘﯿﻘﺔ ﻟﮭﺎ ،وﻛﺬب ﻻ وﺟﮫ ﻟﮫ وﻟﻜﻞ ﺷﻲء ﺣﺪ ،وﻗﺪ ﺟﻌﻞ اﷲ ﻟﻜﻞ ﺷﻲء ﻗﺪراً .واﻟﻨﺤﻮل ﻗﺪ ﯾﻌﻈﻢ وﻟﻮ ﺻﺎر ﺣﯿﺚ ﯾﺼﻔﻮﻧﮫ ﻟﻜﺎن ﺗﻔﻲ ﻗﻮام اﻟﺬرة أو دوﻧﮭﺎ ،وﻟﺨﺮج ﻋﻦ ﺣﺪ اﻟﻤﻌﻘﻮل .واﻟﺴﮭﺮ ﻗﺪ ﯾﺘﺼﻞ ﻟﯿﺎﻟﻲ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻮ ﻋﺪم اﻟﻐﺬاء أﺳﺒﻮﻋﯿﻦ ﻟﮭﻠﻚ .وإﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ أن اﻟﺼﺒﺮ ﻋﻦ اﻟﻨﻮم أﻗﻞ ﻣﻦ اﻟﺼﺒﺮ ﻋﻦ اﻟﻄﻌﺎم؛ ﻹن اﻟﻨﻮم ﻏﺬاء اﻟﺮوح واﻟﻄﻌﺎم ﻏﺬاء اﻟﺠﺴﺪ ،وإن ﻛﺎﻧﺎ ﯾﺸﺘﺮﻛﺎن ﻓﻲ ﻛﻠﯿﮭﻤﺎ وﻟﻜﻨﺎ ﺣﻜﯿﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻏﻠﺐ .وأﻣﺎ اﻟﻤﺎء ﻓﻘﺪ رأﯾﺖ أن
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
ﻣﯿﺴﻮراً اﻟﺒﻨﺎء ﺟﺎرﻧﺎ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ ﯾﺼﺒﺮ ﻋﻦ اﻟﻤﺎء أﺳﺒﻮﻋﯿﻦ ﻓﻲ ﺣﻤﺎرة اﻟﻘﯿﻆ وﯾﻜﺘﻔﻲ ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﻏﺬاﺋﮫ ﻣﻦ رﻃﻮﺑﺔ.
وﺣﺪﺛﻨﻲ اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺑﻮ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺟﺤﺎف أﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﻌﺮف ﻣﻦ ﻛﺎن ﻻ ﯾﺸﺮب ﺷﮭﺮاً.
اﻟﻤﺎء
وإﻧﻤﺎ اﻗﺘﺼﺮت ﻓﻲ رﺳﺎﻟﺘﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ وﺟﻮد ﺳﻮاھﺎ أﺻﻼ ،وﻋﻠﻰ أﻧﻲ ﻗﺪ أوردت ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻮﺟﻮه اﻟﻤﺬﻛﻮرة أﺷﯿﺎء ﻛﺜﯿﺮة ﯾﻜﺘﻔﻰ ﺑﮭﺎ ﻟﺌﻼ أﺧﺮج ﻋﻦ ﻃﺮﯾﻘﺔ أھﻞ اﻟﺸﻌﺮ وﻣﺬھﺒﮭﻢ ،وﺳﯿﺮى ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ إﺧﻮﻧﻨﺎ أﺧﺒﺎراً ﻟﮭﻢ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻣﻜﻨﯿﺎً ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻦ أﺳﻤﺎﺋﮭﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺷﺮﻃﻨﺎ ﻓﻲ اﺑﺘﺪاﺋﮭﺎ .وأﻧﺎ أﺳﺘﻐﻔﺮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻤﺎ ﯾﻜﺘﺐ اﻟﻤﻠﻜﺎن وﯾﺤﺼﯿﮫ اﻟﺮﻗﯿﺒﺎن ﻣﻦ ھﺬا وﺷﺒﮭﮫ ،اﺳﺘﻐﻔﺎر ﻣﻦ ﯾﻌﻠﻢ أن ﻛﻼﻣﮫ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﮫ .وﻟﻜﻨﮫ إن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻠﻐﻮ اﻟﺬي ﻻ ﯾﺆاﺧﺬ ﺑﮫ اﻟﻤﺮء ﻓﮭﻮ إن ﺷﺎء اﷲ ﻣﻦ اﻟﻠﻤﻢ اﻟﻤﻌﻔﻮ ،وإﻻ ﻓﻠﯿﺲ ﻣﻦ اﻟﺴﯿﺌﺎت واﻟﻔﻮاﺣﺶ اﻟﺘﻲ ﯾﺘﻮﻗﻊ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﻌﺬاب .وﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ﻓﻠﯿﺲ ﻣﻦ اﻟﻜﺒﺎﺋﺮ اﻟﺘﻲ ورد اﻟﻨﺺ ﻓﯿﮭﺎ. وأﻧﺎ أﻋﻠﻢ أﻧﮫ ﺳﯿﻨﻜﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺘﻌﺼﺒﯿﻦ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻟﯿﻔﻲ ﻟﻤﺜﻞ ھﺬا وﯾﻘﻮل :إﻧﮫ ﺧﺎﻟﻒ ﻃﺮﯾﻘﺘﮫ ،وﺗﺠﺎﻓﻰ ﻋﻦ وﺟﮭﺘﮫ ،وﻣﺎ أﺣﻞ ﻷﺣﺪ أن ﯾﻈﻦ ﻓﻲ ﻏﯿﺮ ﻣﺎ ﻗﺼﺪﺗﮫ، ﻗﺎل اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ) :ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﺬﯾﻦ آﻣﻨﻮا اﺟﺘﻨﺒﻮا ﻛﺜﯿﺮاً ﻣﻦ اﻟﻈﻦ إن ﺑﻌﺾ اﻟﻈﻦ إﺛﻢ(. وﺣﺪﺛﻨﻲ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺠﺴﻮري ،ﺛﻨﺎ اﺑﻦ أﺑﻲ دﻟﯿﻢ ،ﺛﻨﺎ اﺑﻦ وﺿﺎح ﻋﻦ ﯾﺤﯿﻰ اﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ أﺑﻲ أﻧﺲ ﻋﻦ أﺑﻲ اﻟﺰﺑﯿﺮ اﻟﻤﻜﻲ ﻋﻦ أﺑﻲ ﺷﺮﯾﺢ اﻟﻜﻌﺒﻲ ﻋﻦ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ أﻧﮫ ﻗﺎل) :إﯾﺎﻛﻢ واﻟﻈﻦ ﻓﺈﻧﮫ أﻛﺬب اﻟﻜﺬب(.
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
وﺑﮫ إﻟﻰ ﻣﺎﻟﻚ ﻋﻦ ﺳﻌﯿﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ اﻟﻤﻘﺒﺮي ﻋﻦ اﻷﻋﺮج ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﻋﻦ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ أﻧﮫ ﻗﺎل) :ﻣﻦ ﻛﺎن ﯾﺆﻣﻦ ﺑﺎﷲ واﻟﯿﻮم اﻵﺧﺮ ﻓﻠﯿﻘﻞ ﺧﯿﺮاً أو ﻟﯿﺼﻤﺖ(.
وﺣﺪﺛﻨﻲ ﺻﺎﺣﺒﻲ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﺤﺎق ،ﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﮫ ﺑﻦ ﯾﻮﺳﻒ اﻷزدي ،ﺛﻨﺎ ﯾﺤﯿﻰ ﺑﻦ ﻋﺎﺋﺬ ،ﺛﻨﺎ أﺑﻮ ﻋﺪي ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﺤﺎق ﺑﻦ اﻟﻔﺮج اﻹﻣﺎم ﺑﻤﺼﺮ ،ﺛﻨﺎ أﺑﻮ ﻋﻠﻲ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻗﺎﺳﻢ ﺑﻦ دﺣﯿﻢ اﻟﻤﺼﺮي ،ﺛﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ زﻛﺮﯾﺎ اﻟﻐﻼﺑﻲ ،ﺛﻨﺎ أﺑﻮ اﻟﻌﺒﺎس ،ﺛﻨﺎ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻋﻦ ﻗﺘﺎدة ﻋﻦ ﺳﻌﯿﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﺴﯿﺐ أﻧﮫ ﻗﺎل :وﺿﻊ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻟﻠﻨﺎس ﺛﻤﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ ﻛﻠﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻣﻨﮭﺎ :ﺿﻊ أﻣﺮ أﺧﯿﻚ ﻋﻠﻰ أﺣﺴﻨﮫ ﺣﺘﻰ ﯾﺄﺗﯿﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻐﻠﺒﻚ ﻋﻠﯿﮫ. وﻻ ﺗﻈﻦ ﺑﻜﻠﻤﺔ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﻓﻲ اﻣﺮئ ﻣﺴﻠﻢ ﺷﺮاً وأﻧﺖ ﺗﺠﺪ ﻟﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺨﯿﺮ ﻣﺤﻤﻼً: ﻓﮭﺬا أﻋﺰك اﷲ أدب اﷲ وأدب رﺳﻮﻟﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ وأدب أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ وﺑﺎﻟﺠﻤﻠﺔ ﻓﺈﻧﻲ ﻻ أﻗﻮل ﺑﺎﻟﻤﺮاﯾﺎة وﻻ أﻧﺴﻚ ﻧﺴﻜﺎً أﻋﺠﻤﯿﺎً .وﻣﻦ أدى اﻟﻔﺮاﺋﺾ اﻟﻤﺄﻣﻮر ﺑﮭﺎ ،واﺟﺘﻨﺐ اﻟﻤﺤﺎرم اﻟﻤﻨﮭﻰ ﻋﻨﮭﺎ ،وﻟﻢ ﯾﻨﺴﻰ اﻟﻔﻀﻞ ﻓﯿﻤﺎ ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ اﻟﻨﺎس ﻓﻘﺪ وﻗﻊ ﻋﻠﯿﮫ اﺳﻢ اﻹﺣﺴﺎن ،ودﻋﻨﻲ ﻣﻤﺎ ﺳﻮى ذﻟﻚ وﺣﺴﺒﻲ اﷲ. واﻟﻜﻼم ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ھﺬا إﻧﻤﺎ ھﻮ ﻣﻊ ﺧﻼء اﻟﺬرع وﻓﺮاغ اﻟﻘﻠﺐ ،وإن ﺣﻔﻆ ﺷﻲء وﺑﻘﺎء رﺳﻢ وﺗﺬﻛﺮ ﻓﺎﺋﺖ ﻟﻤﺜﻞ ﺧﺎﻃﺮي ﻟﻌﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣﻀﻰ ودھﻤﻨﻲ .ﻓﺄﻧﺖ ﺗﻌﻠﻢ أن ذھﻨﻲ ﻣﺘﻘﻠﺐ وﺑﺎﻟﻲ ﻣﮭﺼﺮ ﺑﻤﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ ﻧﺒﻮ اﻟﺪﯾﺎر .واﻟﺨﻼء ﻋﻦ اﻷوﻃﺎن وﺗﻐﯿﺮ اﻟﺰﻣﺎن ،وﻧﻜﺒﺎت اﻟﺴﻠﻄﺎن ،وﺗﻐﯿﺮ اﻹﺧﻮان ،وﻓﺴﺎد اﻷﺣﻮال ،وﺗﺒﺪل اﻷﯾﺎم، وذھﺎب اﻟﻮﻓﺮ ،واﻟﺨﺮوج ﻋﻦ اﻟﻄﺎرف واﻟﺘﺎﻟﺪ ،واﻗﺘﻄﺎع ﻣﻜﺎﺳﺐ اﻵﺑﺎء واﻷﺟﺪاد،
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com
واﻟﻐﺮﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد ،وذھﺎب اﻟﻤﺎل واﻟﺠﺎه ،واﻟﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﺻﯿﺎﻧﺔ اﻷھﻞ واﻟﻮﻟﺪ واﻟﯿﺄس ﻋﻦ اﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ ﻣﻮﺿﻊ اﻷھﻞ ،وﻣﺪاﻓﻌﺔ اﻟﺪھﺮ ،واﻧﺘﻈﺎر اﻷﻗﺪار ﻻ ﺟﻌﻠﻨﺎ اﷲ ﻣﻦ اﻟﺸﺎﻛﯿﻦ إﻻ إﻟﯿﮫ ،وأﻋﺎدﻧﺎ إﻟﻰ أﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻋﻮدﻧﺎ .وإن اﻟﺬي أﺑﻘﻰ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ أﺧﺬ ،واﻟﺬي ﺗﺮك أﻋﻈﻢ ﻣﻦ اﻟﺬي ﺗﺤﯿﻒ .وﻣﻮاھﺒﮫ اﻟﻤﺤﯿﻄﺔ ﺑﻨﺎ وﻧﻌﻤﮫ اﻟﺘﻲ ﻏﻤﺮﺗﻨﺎ ﻻ ﺗﺤﺪ .وﻻ ﯾﺆدي ﺷﻜﺮھﺎ ،واﻟﻜﻞ ﻣﻨﺤﮫ وﻋﻄﺎﯾﺎه ،وﻻ ﺣﻜﻢ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ أﻧﻔﺴﻨﺎ وﻧﺤﻦ ﻣﻨﮫ ،وإﻟﯿﮫ ﻣﻨﻘﻠﺒﻨﺎ ،وﻛﻞ ﻋﺎرﯾﺔ ﻓﺮاﺟﻌﺔ إﻟﻰ ﻣﻌﯿﺮھﺎ .وﻟﮫ اﻟﺤﻤﺪ أوﻻ وآﺧﺮاً وﻋﻮداً وﺑﺪءا وأﻧﺎ أﻗﻮل: ﺠﻌﻠﺕ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻟﻲ ﺤﺼﻨﺎﹰ ﻭﺩﺭﻋﺎﹰ
ﻓﻠﻡ ﺃﻟﻴﺱ ﺜﻴﺎﺏ ﺍﻟﻤﺴﺘـﻀـﺎﻡ
ﻭﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻨﺩﻱ
ﻴﺴﻴﺭ ﺼـﺎﺌﻨـﻲ ﺩﻭﻥ ﺍﻷﻨـﺎﻡ
ﺇﺫﺍ ﻤﺎ ﺼﺢ ﻟﻲ ﺩﻴﻨﻲ ﻭﻋﺭﻀﻲ
ﻓﻠﺴﺕ ﻟﻤﺎ ﺘﻭﻟﻰ ﺫﺍ ﺍﻫﺘـﻤـﺎﻡ
ﺘﻭﻟﻰ ﺍﻷﻤﺱ ﻭﺍﻟﻐﺩ ﻟﺴﺕ ﺃﺩﺭﻱ
ﺃﺃﺩﺭﻜﻪ ﻓﻔﻴﻤﺎ ﺫﺍ ﺍﻏـﺘـﻤـﺎﻡ
ﺟﻌﻠﻨﺎ اﷲ وإﯾﺎك ﻣﻦ اﻟﺼﺎﺑﺮﯾﻦ اﻟﺸﻜﺮﯾﻦ اﻟﺤﺎﻣﺪﯾﻦ اﻟﺬاﻛﺮﯾﻦ .آﻣﯿﻦ آﻣﯿﻦ واﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ وﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻰ ﺳﯿﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ وآﻟﮫ وﺻﺤﺒﮫ وﺳﻠﻢ ﺗﺴﻠﯿﻤﺎً.
ﻣﻨﺘﺪى ﺣﺪﯾﺚ اﻟﻤﻄﺎﺑﻊ ﻣﻮﻗﻊ اﻟﺴﺎﺧﺮ www.alsakher.com
PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com